Professional Documents
Culture Documents
تمهيد:
يرتبط علم المالية العامة بين االقتصاد والسياسة ،فهو يؤثر بذلك على المجتمع باعتباره انعكاس
لالتجاهات االقتصادية والسياسية واالجتماعية التي تعتبر مسلك للتطور الحاصل في المجتمعات ،خاصة
في ظل سيادة نظام العولمة وما صاحبها من تغيرات في النظم والعالقات الدولية وبروز مفاهيم جديدة
كالخوصصة...فما كان على هذا العلم إال التطور والبحث عن سبل ووسائل حديثة تتماشى مع هذه
المستجدات.
1
المبحث األول :ماهية المالية العامة
اليوجد مفهوم محدد ومتفق عليه للمالية العامة ألسباب تتصل باختالف وجهات النظر
بخصوصها ،والختالف دورها رغم أن هناك اتفاقا على جوهر المالية العامة.
-1إن المفهوم الضيق أو التقليدي للمالية العامة هو علم الوسائل التي تستطيع الدولة بواسطته
الحصول على الموارد الالزمة لتغطية نفقاتها العامة ،عن طريق توزيع االعباء بين المواطنين ،وهذا
التعريف ساد عند االقطاعيين التقليديين حين كان دور الدولة االمن والجيش ،حيث سميث الدولة أنداك
بالدولة الحارسة.
أما المفهوم الواسع الحديث للمالية العامة فإنه يمتد ويتسع ليعني كافة النشاطات المالية المتعلقة
ّ -2
بإيراداتها ونفقاتها ،والتي تتضمنها ميزانية الدولة في إطار السياسة المالية المشتقة من السياسة
االقتصادية ،وبذلك فإن المالية العامة تتضمن أي نشاط مالي للدولة سواء من قبل هيئاتها العامة التي
تمارس نشاطاتها اإلدارية واالقتصادية منتجة ،سلعية ،أو خدمية ،وتؤدي بذلك دو ار اجتماعيا ،أو
من خالل التعريف الواسع نستنتج عدة عناصر أساسية تكون في مجموعها مضمون دراسة المالية
العامة:
تحديد الوسائل واألدوات التي بموجبها يتم توفير الموارد إلشباع حاجات المجتمع؛
2
تحديد تأثير نشاط الدولة على االقتصاد القومي ككل.
ترتبط الحاجات االنسانية في شكلها وخصائصها ومضمونها بالمرحلة التي بلغها المجتمع في تطوره
ودرجة حضارته ،فهي ذات طابع اجتماعي واقتصادي فهي تستمد وجودها من المجتمع ذاته ،وتتأثر به
وبمختلف األوضاع السائدة فيه ،ويمكن تعريفها بأنها تلك الحاجات التي تقوم السلطة العامة بإشباعها عن
لكل إنسان حاجات تتوزع ما بين حاجات فطرية أو فسيولوجية ،وأخرى مكتسبة أو اجتماعية ،من
بين هذه الحاجات ما قد يكون حيويا لإلنسان ويلزم اشباعها حتى يحفظ عليه كيانه المادي ويستمر في
وجوه ككائن حي ،فالحاجات االنسانية تتوقف في شكلها ومضمونها وخصائصها على المرحلة التي بلغها
الحاجات الفردية يستطيع الفرد أن يتولى اشباعها بنفسه ،وبالتالي يترك له حرية التصرف اتجاهها
كقاعدة عامة ،أما الحاجات الجماعية فيلزم اشباعها بصورة جماعية بالنسبة لسائر أفراد المجتمع ،بالنظر
إلى أن هؤالء االفراد يشعرون بالحاجة إليها مجتمعين حيث تتميز االكثرية منها بعدم قابليتها للتجزئة أو
3
الجدول ( :)1-الفرق بين السلع الخاصة والعامة
_1الهدف:
الفرد يقوم بتوزيع إنفاقه على مختلف المنتجات بحيث تتساوى المنافع الحدية النفاقه رغبة في
مضاعفة إشباعه الكلي من دخله المحدد .أما الدولة فتحاول أن توزع إنفاقها بحيث تتساوى المنافع
_2األسلوب:
4
إن االختالف في كيفية وأسلوب أحداث الميزانية بين نوعي المالية يعود باألساس إلى الدخل الفردي
فهو محدود حيث يحدد مقدار ما ستطيع إنفاقه ،بخالف دخل الدولة حيث تتمتع بسلطات مالية كبيرة
تفوق أساسا على المقدرة المالية القومية ،وبهذا فإنفاقها هو الذي يحدد مقدار ما يجب أن تحصله من
إيرادات.
فاألفراد أو المؤسسات تحصل على إيراداتها بطريقة الجهود المبذول ،أو بيع منتجاتها ،بينما الدولة
تتمتع بمقدرة كبيرة بما تفرضه من رسوم وضرائب واصدار القروض بشتى الوسائل بما لها من
من المعلوم أن الموارد االقتصادية المتاحة ألي مجتمع ال تكفي إلشباع الحاجات الخاصة والعامة
لكافة المجتمع ،وهنا يكمن دور الدولة في كيفية توزيع الموارد االقتصادية المتاحة في المجتمع بين
االستخدامين الرئيسيين ،السلع الخاصة والعامة بحيث تحقق أفضل استخدام ممكن للموارد االقتصادية
بهدف تحقيق التوازن االقتصادي و يتضمن تحقيق مستوى عالي من العمالة ،وكذلك استقرار مستويات
5
-3تحقيق العدالة في توزيع الدخل والثروة بين أفراد المجتمع:
ويرتبط هذا بمستوى الرفاهية االقتصادية ومستوى استهالك السلع والخدمات في المجتمع ،و هو ال
الرقابة الفعالة تعتبر األساس لنجاح أي نظام اقتصادي .فالحكومة أن تتدخل لحماية المستهلك
أي أن األموال ال تنفق لتحقيق منافع شخصية بل توجه للصالح العام وهذا يتطلب أن تقوم الدولة
هذا يتطلب من واضع السياسات الحكومية استخدام أدوات كافية بحيث تكون أكثر من األهداف
_1المظهر التنظيمي:
خضوع المالية العامة لسلطة الدولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة ،ويتجلى ذلك من خالل تحديد
هدفها بواسطة الدولة وفقا لما يتطلبه أمر إشباع الحاجات العامة.
-1المظهر القانوني:
6
تتوقف الضوابط التي تخضع لها المالية العامة على طبيعة الشكل القانوني التي يحكمها ،فعندما
يكون األمر متعلقا بالمرافق العامة وهي بصدد أن تؤدي خدمات عامة ، ،وتسرى عليها أحكام القانون
أما إذ كنا أمام مجموعة من الوحدات االقتصادية فإنها تخضع في تنظيمها القوانين االقتصادية
العامّ ،
-2المصادر الدستورية:
يضع الدستور المبادئ االساسية للمالية العامة ،التي تحكم البلد المعين حيث تحدد المساواة في
-4المصادر التشريعية:
الحاجات العامة تتطور وتتغير في المدى القصير ،يصدر قانون المالية كل عام على أن يليه قانون
االمالية العامة تعتبر احدى الموضوعات االقتصادية التي خضعت لتطور فكري سياسي واقتصادي
عرفت المالية العامة في اإلسالم تطو ار فكريا وسياسيا واقتصاديا ،سنحاول مناقشته في النقاط
التالية:
-1من ناحية األهداف األساسية للمالية العامة في اإلسالم :نجد أن الشريعة اإلسالمية احتوت على
تنظيمات فردية في ذلك الوقت ،فالهدف من دفع الزكاة والضرائب األخرى هو إعادة توزيع الدخل
وتحقيق العدالة االجتماعية ،بما يكفل للمجتمع االستقرار الالزم للقيام باالستثمارات لتنمية ثروة المجتمع.
7
كماأن أغلب األوجه اإلنفاق كانت منصبة على األمور العسكرية والشؤون االجتماعية ولم يكن
-2من ناحية الوسائل المالية المستخدمة لتحقيق األهداف :اتبعت الشريعة اإلسالمية الطرق التالية:
فرضت ضرائب على الدخل (زكاة اإلنتاج الزراعي) وضرائب على رأس المال وعشور التجارة إضافة
إلى الضرائب غير المباشرة ،وبهذا تكون الشريعة اإلسالمية قد احتوت على نظام ضريبي يقارب في
مضمونه الكثير من األنظمة المالية الحديثة.اعتمدت الشريعة اإلسالمية الضريبة الموحدة على
الدخل ،ولم تعتمد الضريبة التصاعدية كما هو معمول به اليوم في أغلب الدول ،بل اعتمدت سع ار
ضريبيا تنازليا.
-3من ناحية التخطيط المالي :لم تكن الخطط المالية وخصوصا الميزانيات التقديرية معروفة في حينها
-4من ناحية المردود االقتصادي واالجتماعي لإلنفاق :لم يكن المردود لإلنفاق معروفا في الشريعة
اإلسالمية ،كما لم تكن السياسة المالية أحد أهم أركان السياسة االقتصادية.
تعتبر المالية العامة وليدة النظام السائد أنداك والمعروف بالدولة الحارسة القائمة على أساس النظام
االقتصادي الحر ،والحرية الفردية .وفيما يلي أهم االهداف والفرضيات الذي بنيت في اطارها:
8
-تفضيل الضرائب على االستهالك والذي يؤدي إلى االدخار:
-خفض الميزانية
يهتم االقتصاد بإشباع الحاجات اإلنسانية خاصة أو عامة ،تهتم المالية العامة بإشباع الحاجات
العامة فحسب ،ومن هنا فالعالقة بين االقتصاد والمالية العامة من الناحية الوظيفية هي عالقة الجزء
(المالية العامة) بالكل (االقتصاد) ،كما ال تتعدى الظاهرة المالية نطاق الظاهرة االقتصادية ،ذلك ألن
الكميات المالية (النفقات واإليرادات العامة) ال تتعدى أن تكون كميات اقتصادية.كما أن السياسة المالية
ترتبط المالية العامة بالقانون حيث تتبلور هدا الترابط من خالل أن القانون هو األداة التنظيمية التي
يستعملها المشرع لوضع القواعد الالزمة في مختلف الميادين ،ومنها الميدان المالي للدولة.
فالدستور يتضمن القواعد االساسية التي تنظم جميع جوانب المالية العامة وتوضح القوانين المالية في
حدودها ،فينظم النفقات العامة والشروط االساسية التي تنظم فرض الضرائب وتحديد القروض ،وتطبيق
الميزانية من قبل السلطة التشريعية ،وطريقة مراقبتها وما يرتبط بذلك من اجراءات وضوابط.
9
المطلب الثالث :عالقة المالية العامة بعلم السياسة
تهتم العلوم السياسية بدارسة نظم الحكم وعالقة السلطات العامة ببعضها البعض وعالقتها باألفراد،
كما أن لألوضاع الدستورية واالدارية في دولة معينة أثرها على ماليتها العامة ،فاإليرادات والنفقات
العامة تختلف حسب النظام القائم في تلك الدولة ،كما يعتبر وضع الميزانية للدولة عمال سياسيا ،كونها
ترجم سياستها من خالل االعتمادات المدرجة في الموازنة ،وبهذا فهي تحدد اتجاهها السياسي والطبقي.
تعتبر العالقة التي تربط المالية بالمحاسبة وطيدة ،إذ يتطلب البحث في كثير من الجوانب المالية
خاصة الضرائب والرسوم االلمام بأصول وقواعد المحاسبة وأسسها قواعدها االصلية.
كما وتستعين المالية العامة باإلحصاء للتحقق من عدة مسائل كتوزيع الثروة بين مختلف شرائح
المجتمع ،والدخل الفردي ،وكيفية توزيع السكان على المنطق الجغرافية المختلفة ،فهذه البيانات تعتبر
ضرورية عند رسم السياسة المالية ألية دولة مهما كانت طبيعة النظام المتبع فيها.
يعتبر علم االجتماع ذلك العلم الذي يهتم ويدرس الظواهر االجتماعية من سلوكيات وتصرفا وأفعال،
المالية العامة لها دو ار مؤثر على مداخيل المجتمع وتحقيق المساوة والعدلة االجتماعية ،والتخفيف
من حدة البطالة الرفع من القدرة الشرائية من خالل توزيع واعادة توزيع للثروة باالعتماد على نسب
10
فالسياسة المالية والنظام المالي لهما تأثير مباشر على الصحة االجتماعية ،اضافة األخذ بعين االعتبار
11