Professional Documents
Culture Documents
واستمر احلال يف تطبيق املفهوم التقليدي للمالية العامة حىت جاءت احلربان العامليتان األوىل والثانية وما صاحبهما من تداعيات وآثار دفعت
إىل ضرورة إجياد مفهوم آخر للمالية العامة يتماشى واملتطلبات السياسية واالقتصادية واالجتماعية واملالية للدولة ،ويتناسب مع دورها
وأهدافها اجلديدة ،سواء الدولة التدخلية يف ظل النظام الرأمسايل أم الدولة املنتجة يف ظل النظام االشرتاكي ،وبدأت تتمايز املالمح العامة للمالية
التدخلية الرأمسالية من املالمح العامة للمالية االشرتاكية
كانت تشرق وفقا للفكر الذي ساد حىت من تصف القرن 19م بأنه العلم الذي يهتم بدراسة الوسائل اليت حتصل هبا الدولة على اإليرادات
الالزمة لتغطية النفقات العامة فالعلم كان يعرف على هذا النحو هبدف واحد وهو تغطية النفقات العامة وكذلك بوسائل حتقيق هذا اهلدف
أي كيفية توزيع أعباء العامة على خمتلف املواطنني وقد كان الطابع األساسي هلذا العلم آنذاك طابعا قانونيا إذ كان الشاغل الكبري لشارحي
املالية العامة بيان وسائل احلد من نشاط الدولة ومحاية مصاحل األفراد من التدخل احلكومي غري املفيد ولقد كانت دراسة (م.ع) من هذه
الزاوية الضيقة أمرا منتقدا إذ أن الظواهر املالية ،مثلها يف ذلك مثل غريها من الظواهر االجتماعية تتأثر بالعديد من العوامل (اق.س.اج ).إال
أن الوقائع حىت هناية ح ع Iكان البد من شارص (م.ع) إىل البحث عن تعريف جديد ذلك لتعدد موضوعاته وتعدد جوانب دراسته وهكذا
أصبحت (م.ع) بأهنا العلم الذي يبحث يف دراسة األسس اليت ينبين عليها الضرائب واحلصول على إيرادات العامة الالزمة لتأدية اخلدمات
العامة ويبحث كيفية املوازنة بني إيرادات ونفقات الدولة .
المطلب الثاني :المفهوم الحديث لعلم المالية العامة :
تعريف املالية العامة حديثا :بعد أزمة الكساد الكبري ونشوب ح ع IIجعل هذا التعريف قاصرا على اإلملام مبا طرأ على دور الدولة يف احلياة
(ا.ق) من تطور ،فأهداف الدولة مل تعد حمددة باحملافظة على األمن والنظام وإمنا بدأت السلطات العامة يف السعي مباشرة لتحقيق الرفاهية
العامة وتوزيع أفضل للدخل القومي يتميز بتحقيق أكرب قدر من العدالة االجتماعية ولقد لفت تزايد تدخل الدولة يف احلياة االقتصادية أنظار
للماليني ودفعهم إىل الرتكيز على اجلانب االقتصادي يف دراسة الظواهر املالية والبحث عن أفضل األساليب لرتشيد االتفاق لعام وضمان حتقيق
االستخدام األمثل للموارد العامة ،وقد أدى هذا التطور إىل تدعيم العالقة بني علمي االقتصاد واملالية العمة حىت أصبح يتلخص يف :دراسة
االقتصاديات املرافقة واهليئات العامة ولنفصل أكثر فان املالية العامة هي ذلك العلم الذي يشرح المبادئ التي تحكم التنظيم المالي للدولة
والهيئات العامة ويبحث عن وسائل تنفيذ أهداف المرافق بأكثر الأساليب االقتصادية .
1
المطلب الثالث :مصادر المالية العامة
هناك مصادر دستورية ،مصادر تشريعية
املصادر الدستورية :يضع الدستور املبادئ األساسية للضريبة كما هو مقرر يف املادة 04واليت تنص على مساواة اجلميع أمام الضرائب ،
املشاركة يف األعباء العامة حسب املقدرة والضريبة حمددة بقانون األعباء املالية من الضرائب والرسوم وحيدد املدة القصوى الربملان من أجل
املصادقة على قانون املالية
كما يصادق الربملان على قانون املالية يف مدة أقصاها 75يوما اعتبارا من تاريخ اإليداع وإذا جتاوز هذه املدة يصدر قانون املالية بأمر من
رئيس اجلمهورية ( املادة )120كما ينص على أن التصويت على امليزانية من اختصاص الربملان املادة 122كذلك ضمن حسن استعمال
االعتمادات املالية لكل قطاع برقابة الربملان املادة 160ورقابة جملس احملاسبة املادة . 170
املصادر التشريعية :وتتمثل قوانني املالية املصدر األكرب إذ تفصل اإليرادات والنفقات ملا يشبع احلاجات العامة للمجتمع يف كل اجملاالت وما
دامت احلاجات العامة تتقيد يف فرتات قصرية ،يصدر قانون املالية كل سنة على أن يليه قانون مالية تكميلي ملواجهة الظروف املتجددة أما
عمليات التحصيل والصرف فتكون وفقا للقانون املتعلق مبجلس احملاسبة العمومية املؤرخ يف 15أوت 1990ومثة مصدر آخر يتعلق مبجلس
احملاسبة املذكور ملا له من دور فعال يف مراقبة أموال الدولة .
المطلب الرابع :أدوات المالية العامة
يعتمد نظام املالية العامة يف حتقيق أهدفه على عدة أدوات مالية وهي النفقات واإليرادات وامليزانية العامة
النفقات العامة :يقوم النشاط العام من خالل هيئاته (القطاع العام) بتحديد احلاجات العامة ،وال ميكن للقطاع العام أن يليب هذه احلاجيات
إال إذا توفرت السلع واخلدمات الالزمة ويقوم النشاط العام يف مقابل احلصول على هذه السلع واخلدمات بتسديد ما يسمى بالنفقات العامة
اإليرادات العامة :أن تغطية النفقات العامة يتطلب إيرادات عامة واهم مصادر اإليرادات العامة :
.1الدخل الحكومي :ويقصد به املمتلكات العقارية واملنقولة اململوكة من طرف الدولة سواء كانت ملكية عامة أو خاصة فهي أ مالك
الدولة ما خيضع للقانون العام مثل الشوارع واحلدائق .
وقد كانت أمالك الدولة هي املصدر الرئيسي إليرادات الدولة غري أن أمهية هذا العنصر قلت مع التطور االجتماعي وما تبعه من تطور فري
نشاط الدولة إىل األحكام اخلاصة.
.2القروض العامة واإلعانات :تتمثل اإلعانات اخلارجية يف اهلبات واملساعدات اخلارجية اليت تتلقاها الدولة من دول أخرى وغري املقيمني يف
الداخل .
أما القروض العامة فغما أن تكون خارجية تتحصل عليها الدولة من اخلارجية أو داخلية تتحصل علي ها من األفراد يف الداخل .
لقد كانت أمالك الدولة هي املصدر الرئيسي لإليرادات العامة غري أن أمهية هذا العنصر قلت مع التطور االجتماعي وما تبعه من تطور يف
نشاط الدولة .
الضرائب :تعترب مصدرا مهما لإليرادات العامة خلزينة الدولة حيث متثل التحويالت اإلجبارية جلزء من املداخيل والثروات اخلاصة وما حتقق
منفعة عامة.
امليزانية العامة :هي كل خطة مالية متثل تقريرا مفصال لنفقات الدولة وإيراداهتا مدهتا سنة ويصدر سنويا بيئة املوازنة بعد موافقة اهليئة
التشريعية عليها وتعترب بريطانيا أول دولة قامت بتجربة املوازنة لنظامها املايل ومل تقتصر وظيفة املوازنة لتأكيد رقابة السلطات الشعبية على
2
احلسابات العامة فقط ،بل تعدهتا لتمثل أداة لتحقيق التشغيل الكامل واالستقرار االقتصادي وهذا يعين أن املوازنة أو امليزانية حتولت إىل أداة
إلدارة االقتصاد وتوجيهيه ،وعموما ال خالف بني النظم املالية يف هذا الشأن وإمنا يقع اخلالف بينهما يف حتديد حجم األدوات املالية أي
النفقات العامة واإليرادات العامة وأنواعها واألمهية اليت تعطى لكل نوع
فبالنسبة حلجم األدوات املالية فإنه خيتلف من نظام آلخر ومن فرتة إىل أخرى (ضمن نفس النظام ) ،فهو أكثر مشوال يف النظام االشرتاكي منه
يف النظام الرأمسايل ،كما أنه خيتلف من مرحلة إىل أخرى ومن بلد إىل آخر يف هذا النظام ،ففي املنافسة احلرة كان أضيق احلدود مث ازدادت
النفقات واإليرادات العامة كثريا فيما بعد..
المطلب الخامس :أهداف المالية العامة
من الطبيعي أن يكون للنظام املايل للدولة انعكاسا لنظامها االقتصادي واالجتماعي والسياسي حيث أنه يشكل كما أشرنا سابقا جزء منه
وهكذا إذن تتحد أهداف النظام املايل بطبيعته وأهداف النظام االقتصادي للبلد وهلذا ختتلف األهداف املنوط حتقيقها بنظام املالية العامة
باختالف النظم االقتصادية وبصفة عامة ميكن القول بأن اهلدف الضمين للنظام املايل للدول الرأمسالية املتطورة ميثل يف بلوغ أقصى مسامهة يف
احلفاظ على النظام الرأمسايل وتطوره يف ظل الصراعات االجتماعية اليت ينطوي علي ها النظام ،ومن هنا يرى أغلب أساتذة املالية العامة يف
هذه البلدان أن على املالية العامة أن ختدم حتقيق األهداف التالية:
أ -احملافظة على االستقرار االقتصادي
ب -حتقيق العدالة يف توزيع الدخل
ت -حتقيق توزيع أمثل للموارد
ث -دعم النمو االقتصادي
أما اهلدف الرئيسي لنظام املالية العامة يف ضل االشرتاكية هو حتقيق أقصى مسامهة يف إشباع االحتياجات االجتماعية ويف اجناز اخلطط العامة
لتنمية االقتصاد الوطين وهنا تشكل اخلطط املالية جزءا من نظام التخطيط الذي حيكم حياة اجملتمع يف هذه البلدان .
فيما خيص البلدان النامية فإنه ميكن القول بان اهلدف العام جيب أن يتمثل يف حتقيق أكرب مسامهة ممكنة يف اجناز املهام الكربى اليت تواجه هذه
البلدان أي األهداف اليت ترتبط باخلروج من دائرة التخلف والتبعية يف أقل زمن ممكن .
تقوم الدول بتقدمي العديد من اخلدمات احمللية اهلامة اليت تتطلب كثريا من األموال ،و حتتاج تلك اخلدمات و املشاريع إىل
كفاءات بشرية مدربة و مؤهلة تقوم بتحقيقها؛ و حىت ميكن جذهبا و حفزها على العمل و يضمن بقاءها البد من توفري موارد
مالية كافية ،و من املهم معرفة مصدرها أيضا.
و من هنا يتم طرح اإلشكالية التالية :ما املقصود باإليرادات العامة؟ و كيف يتم تقسيمها؟ و من أين يتم احلصول عليها؟
المبحث األول :اإليرادات العامة و تقسيماتها المختلفة:
المطلب األول :مفهوم اإليرادات العامة:
يقصد باإليرادات العامة كأداة مالية ،جمموعة الدخول اليت حتصل عليها الدولة من املصادر املختلفة من أجل تغطية نفقاهتا
العامة و حتقيق التوازن االقتصادي و االجتماعي
اإليرادات العامة هي موارد اقتصادية حتصل عليها الدولة يف شكل تدفقات نقدية من أجل تغطية النفقات العامة هبدف إشباع
احلاجات العامة اجلزء املكمل و الضروري لتمويل اإلنفاق العام.
اإليرادات العامة :هي جمموع اليت جتبيها من خمتلف املصادر واجلهات لتمويل النفقات العامة واإليفاء باحلاجات العامة.
المطلب الثاني :تطور اإليرادات العامة:
كان مفهوم اإليرادات العامة غري معروف لدى اجلماعات البدائية األوىل ،إذ كان القيام بواجب احلراسة والدفاع عن
اجلماعة هو الوجه الوحيد للحياة املشرتكة بني أفراد القبيلة الواحدة .فلم تكن مثة حاجة إىل اإليرادات العامة ولو لتمويل
احلروب .ولكن هذا الوضع تطور نتيجة متركز بيد حاكم قوي؛
وملا تطور مفهوم الدولة وعظمت وظائفها وازدادت نفقاهتا ،مل تعد إيرادات أمالك احلاكم تكفي لتلبية احلاجات العامة
تلم بالبالد نائبة أو حني
املتزايدة .فكان يتوجه إىل الرعية يطلب العون واملساعدة .وكان ذلك يف صورة تربعات اختيارية حني ّ
يتعلق األمر بالدفاع عن األمة والذود عن كياهنا .ومل تلبث هذه التربعات االختيارية االستثنائية أن صارت فرائض إجبارية
ودائمة نتيجة تناقص اإليرادات اإلقطاعية من جهة ،وعدم استجابة الرعايا لطلبات احلاكم املتزايدة بالتربع من جهة أخرى،
فظهر مفهوم االقتطاعات العامة مورداً أساسياً للدولة تغطي به نفقاهتا وحتقق املنافع العامة .وكان البد من أن يقابل ذلك تبدل
يف مفهوم اإليرادات ،فلم تعد تلك اإليرادات تأيت من أمالك خاصة للحاكم ،وإمنا صارت إيرادات مصدرها الرعية توضع حتت
تصرف جهة عامة تستخدم امتيازاهتا القانونية يف إدارهتا ،فهي بالتايل إيرادات عامة .ويتم توزيع العبء الناجم عنها بني
املكلفني توزيعاً عادالً ووفق مبدأ املساواة .فظهر مفهوم املال العام الذي خيتلف عن مال احلاكم اخلاص .ونشأت جمموعة من
القواعد القانونية تنظم العالقة املالية للدولة مع اآلخرين ،على أساس من االحرتام والسيادة .فكان لزاماً ،نتيجة هذا التطور ،أن
تصبح اإليرادات العامة وسيلة مالية أساسية تستخدمها الدولة لتوفري املال الالزم لتغطية النفقات العامة ،وأداة للتأثري يف احلياة
االقتصادية واالجتماعية وحتقيق أهداف العامة للدولة
المطلب الثالث :تقسيمات اإليرادات العامة:
لقد حاول الكتاب املاليون تقسيم اإليرادات العامة إىل أقسام متعددة يضم كل منها اإليرادات املتشاهبة يف اخلصائص؛
6
من حيث مصدر اإليرادات :تقسم إىل إيرادات أصلية و إيرادات مشتقة ،و بقصد باإليرادات األصلية تلك اليت حتصل عليها
الدولة من ممتلكاهتا ،أما املشتقة فهي تلك اإليرادات اليت حتصل عليها الدولة عن طريق اقتطاع جزء من ثروة اآلخرين؛
من حيث التشابه مع إيرادات القطاع اخلاص :و مثاهلا إيرادات ممتلكات الدولة اخلاصة ،و إيرادات متعلقة بالنشاط العام و ليس
هلا نظري يف إيرادات األفراد و مثاهلا الرسوم و الضرائب و الغرامات املالية ،و يعيب هذا التقسيم أن الدولة و هي بصدد إدارة
ممتلكاهتا اخلاصة تتمتع بسلطات عامة ال يتمتع هبا األفراد ،قد تستعمل الدولة هذه السلطات لتضمن أمثان مبيعاهتا جزء منها
يعترب ضريبة يف الواقع و من مث ال ميكن القول بأن إيرادات ممتلكات الدولة تعترب شبيهة بإيرادات نشاط اإلفراد شبها كامال؛
من حيث سلطة الدولة يف احلصول على اإليرادات :قسمت إىل إيرادات تستند إىل اإلجبار و إيرادات ال تستند إليه؛
· اإليرادات املستندة على اإلكراه :من جانب الدولة يف احلصول على اإليرادات استنادا إىل سيادهتا و تشمل :الضرائب،
الغرامات ،الرسوم ،التعويضات ،القروض اإلجبارية [ إجبار األفراد على التنازل عن جزء من دخوهلم لفرتة معينة].
· اإليرادات اليت ال تستند إىل اإلجبار * :و هي اليت حتصل عليها الدولة من ملكية خاصة هبا ،مثال ذلك :تأجري األراضي
الزراعية اليت متلكها الدولة؛ * اإليرادات اليت حتصل عليها الدولة كمقابل لسلعة أو خدمة تبيعها؛ * القروض اإلجبارية اليت
تستند إىل اإلجبار حيث تعرض الدولة على األفراد إقراضها مبالغ معينة ملواجهة بعض اإلنفاق العام و ملدة معينة ،تلتزم الدولة
بعد انقضائها بردها باإلضافة إىل فائدة معينة يف مواعيد جمددة؛
من حيث دورية اإليرادات العامة :هناك متييز بني اإليرادات العادية و اإليرادات غري العادية ،فالعادية هي اليت حتصل عليها
الدولة سنويا و بصورة دورية كإيرادات ممتلكاهتا اخلاصة و الضرائب و الرسوم ،و دورية اإليراد قد ترجع إىل طبيعة إيرادات
املمتلكات العامة أو للنصوص التشريعية ،أما غري العادية أو االستثنائية فيقصد هبا تلك اليت حتصل عليها الدولة بصورة غري
دورية و غري منتظمة ،بل تلجأ إليها الدولة من وقت آلخر ،كالقروض و اإلصدار النقدي ،و بيع جزء من ممتلكاهتا و بالرغم
من أن هذا التقسيم قد لعب دورا كبريا يف الفكر املايل القدمي إال أنه قد فقد الكثري من أمهيته يف العصر احلايل ،فقد كان الغرض
قدميا هو اللجوء إىل املوارد غري العادية يف الظروف غري العادية كوسيلة تكميلية ،و لكن مع تطور دور الدولة و زيادة النفقات
العامة و اتساعها ،و قصور اإليرادات العامة و حدها منها مواجهة تطور النفقات العامة ،أصبح اللجوء إىل ما يسمى
باإليرادات غري العادية أمرا عاديا و متكررا بالنسبة للدول املتقدمة و النامية على السواء و لذلك مل يعد هلذا التقسيم أمهية
اقتصادية تذكر.
المبحث الثاني :مصادر اإليرادات العامة:
المطلب األول :مصادر اإليرادات العامة من ممتلكات الدولة:
تعترب إيرادات الدولة من ممتلكاهتا أحد مصادر اإليرادات اليت ميكن االعتماد عليها لتمويل النفقات احلكومية ،و ختتلف األمهية
النسبية اليت يتمتع هبا هذا العنصر من دولة إىل أخرى وفقا الختالف الفلسفة االقتصادية اليت تؤمن هبا و درجة تقدمها
االقتصادي؛
و تنقسم إيرادات الدولة من أمالكها إىل عدد من اإليرادات منها:
إيرادات الدومني:
معىن كلمة الدومني ممتلكات الدولة أي األموال العقارية واملنقولة اليت متلكها الدولة واملؤسسات واهليئات العامة ملكية عامة أو
خاصة .ومنها ما خيضع ألحكام القانون العام كالرتع والشوارع وامليادين ومنها ما خيضع ألحكام القانون اخلاص شأنه شأن
املمتلكات اخلاصة مثل األراضي اليت تتوىل احلكومة بيعها أو تأجريها.
فالدومني هو كل مل متتلكه الدولة سواء كانت ملكية عامة أو خاصة و سواء كانت أمواال منقولة أو عقارية و ميكن تقسيم
الدومني وفقا ملعيار النفع إىل الدومني العام و الدومني اخلاص؛
7
أمهية الدومني :
كان الدومني هو املصدر األساسي يف إيرادات الدولة إال أنه قلت أمهيته النسبية مع التطور االجتماعي واستتبعه تطور نشاط
الدولة ؛
إن دومني الدولة كان يف ما مضى دومينا زراعيا بصفة أساسية وأن دخله كان ميثل جانبا هاما من اإليرادات الكلية للدولة .مث
تناقصت أمهية الدومني الزراعي و إيراداته بالنسبة لإليرادات الضريبية حىت مطلع القرن احلايل ،مث تطورت صورة أخرى من
الدومني هي الدومني الصناعي والتجاري واملايل .وأخذت أمهيتها تزداد يف تغذية اإليرادات العامة تبعا الزدياد تدخل الدولة يف
احلياة االقتصادية واضطالعها جبانب كبري من النشاط اإلنتاجي حىت أصبحت تشكل جزءا هاما من اإليرادات العامة وإن بقيت
الضرائب املصدر األول يف تكوين هذه اإليرادات ،السيما يف االقتصاديات الرأمسالية ،وتعتمد أمهية الدومني كمصدر لإليرادات
العامة هبذه البلدان يف املستقبل على سري تطور الدولة يف خمتلف ميادين اإلنتاج فيها ،أما االقتصاديات االشرتاكية فإن دائرة
دومني الدولة تغطي كل أو معظم فروع اإلنتاج الزراعي والصناعي والتجاري واملايل ،وتسهم إيراداته باجلانب األكرب من
اإليرادات العامة؛
و امللكية العامة للدولة هي امللكية اليت ختضع ألحكام القانون العام و ختصص للنفع العام ،مثل :احلدائق العامة ،الطرق...و يتم
االنتفاع هبا جمانا يف أغلب األحيان و لكن يف حاالت معينة تقوم الدولة بفرض بعض الرسوم على دخول بعض احلدائق العامة،
أو رسوم للمرور على بعض الطرق ،و يكون اهلدف من فرض هذه الرسوم ليس حتقيق إيراد بقدر ما هو تنظيم استعمال
األفراد هلذه اخلدمات ،و توفري جزء من األموال لتخصيصها لرفع مستوى خدمات هذه امللكية العامة؛ أما امللكية اخلاصة فإهنا
تشمل كافة أمالك الدولة يف اهليئات العامة ذات الطبيعة االقتصادية ،و ختضع هذه امللكيات للقانون اخلاص
تقسيمات الدومين:
ينقسم الدومني إىل عام و خاص:
الدومين العام:
وهي اليت متلكها الدولة أو األشخاص العامة مثل احلدائق -الغابات -األهنار ،وعادة ال حتصل الدولة على مقابل االنتفاع هبا
إال أنه يف بعض الدول تفرض الرسوم على زيارة احلدائق العامة واملتاحف العامة وغريها ويكون اهلدف من ذلك الرغبة يف
تنظيم استعمال األفراد هلا ،واإليرادات احملصلة من هذه األمالك ال تقل يف الغالب إيرادا كبريا يعول عليه يف االقتصاد القومي؛
الدومين الخاص:
و يقصد به األموال اليت متتلكها الدولة ملكية خاصة و معدة لالستعمال اخلاص و حتقق نفعا عاما للفئة اليت تستخدمها و
بطبيعة احلال فإن استخدام هذه األموال يكون مبقابل و حيقق دخال ميثل مصدرا من مصادر اإليرادات العامة ،و ينقسم الدومني
اخلاص إىل ثالثة أنواع هي[:]...
· الدومين العقاري:
متلك الدولة أمواال عقارية ،تدر عليها أرباحا تدخل خزينتها وتعترب اإليرادات العامة ،وتشمل هذه اإليرادات بصورة خاصة
اإليرادات الناشئة عن ملكية الدولة لألراضي ولألبنية والغابات واملناجم.
ولقد كان النشاط الزراعي املتعلق باستغالل األراضي من أهم أنواع الدومني اخلاص يف العصور الوسطى ،ويأيت دخل هذا
النوع من الدومني من مثن بيع املنتجات الزراعية ومن األجرة اليت يدفعها املستأجرون؛
وقد بدأ الدومني الزراعي يفقد أمهيته ابتداء من هناية القرن الثامن عشر مع زوال العهد اإلقطاعي وتوغل النظام الرأمسايل؛ وقيام
الدول األوروبية بالتصرف يف األراضي وبيعها لألفراد ألسباب سياسية واقتصادية وسنقدم بعض األمثلة املبينة كيف انتقلت
ملكية األراضي من دولة إىل أخرى فقد باعت فرنسا عام 1853منطقة للويزيانا إىل الواليات املتحدة األمريكية بسبب حاجة
8
فرنسا إىل املال يف ذلك احلني ،وباعت روسيا يف 1868منطقة أالسكا إىل الواليات املتحدة األمريكية ،ولقد ختلت بعض
الدول عن أراضيها على نطاق واسع كما حدث يف كل من كندا وأسرتاليا وبعض الدول يف أمريكا الالتينية وذلك عندما
وجدت حكومات تلك الدول أن يف متلك أراضي مرتامية األطراف ال قدر على استثمارها ،وحىت يف تارخينا العريب اإلسالمي
وأثناء الفتوحات طلب اخلليفة عمر بن اخلطاب من مالك األراضي املفتوحة البقاء فيها مقابل دفع الضريبة؛
ولكن بقي للدول استغالل الغابات نظرا ملا تتطلب من نفقات ضخمة لغرس األشجار وصيانتها وال تكون منتجة إال يف املدة
الطويلة ويرجع اهتمام الدول بالغابات إىل الفوائد الكربى اليت حتققها فهي تعمل على إعاقة السيول ومنع انتشار األتربة وتؤثر
على األحوال املناخية .
كما متتلك الدولة األراضي البور هبدف إصالحها وبصفة عامة فان اإليرادات الناجتة عن األراضي الزراعية ليست غزيرة وال
مرنة أما عن املناجم واحملاجر (الدومني اإلستخراجي ) إن استغالل املناجم واحملاجر ال ختتص به الدولة بصورة عامة يف مجيع
الدول بل خيتلف األمر حبسب اإليديولوجية السائدة يف كل دولة وغالبا ما تأخذ صورة اشرتاك مع الفرد يف استغالل املناجم؛
· الدومين الصناعي والتجاري:
ويضم هذا الدومني خمتلف املشروعات الصناعية والتجارية اليت تقدم هبا الدولة مثلها يف ذلك مثل األفراد ،وتدر أغلب هذه
املشروعات إيرادات مالية تعترب مصدرا من مصادر اإليرادات العامة وقد ازدادت أمهية الدومني الصناعي والتجاري يف الدول
الرأمسالية حتت تأثري املذهب ألتداخلي ،والذي انتشر بعد احلرب العاملية األوىل وخاصة بعد أزمة النشاط الرأمسايل يف الثالثينات
من القرن املاضي ،والذي اقتضى تدخل الدولة يف حياة اجملتمعات االقتصادية واالجتماعية بعد أن كانت حتجم عن ذلك من
قبل حتت تأثري املذهب احلر ؛
ويرجع اتساع تدخل الدولة أساسا إىل اإليديولوجية السائدة فيها ومدى جتسيدها للنشاط االقتصادي الفردي ،كما يرجع إىل
املقارنة بني مزايا االستغالل الفردي مع فرض الضرائب على أرباحه وبني مزايا االستغالل احلكومي واحلصول على كل إرباحه
مع األخذ بعني االعتبار الظروف األخرى بطبيعة احلال .
إن إقامة الدولة للمشروعات الصناعية والتجارية قد يكون هبدف حتقيق أغراض مالية تتمثل يف احلصول على إيرادات للخزانة
العامة ،أو قد تستهدف الدولة من وراء ذلك حتقيق إغراض اجتماعية تتمثل يف توفري خدمة عامة للمواطنني كاخلدمات
الصحية والتعليمية وخاصة لفئات معينة باإلضافة إىل خدمة توريد املياه والكهرباء وأخريا قد تستهدف الدولة من بعض
املشروعات الصناعية حتقيق أهداف هلا عالقة باألمن القومي تتمثل يف خدمة اجملهود احلريب وضمان إنتاج أنواع معينة من
األسلحة واملعدات احلربية؛
إيرادات الدولة من الدومين المالي:
وهو أحدث أنواع الدومني اخلاص ظهورا ويقصد بالدومني املايل حمفظة الدولة من األوراق املالية كاألسهم والسندات اململوكة
هلا واليت حتصل منها على أرباح وفوائد متثل إيرادا ماليا يدخل ضمن دخل أمالك الدولة ،ولقد ازدادت أمهية الدومني املايل يف
الوقت احلاضر باإلضافة إىل حدوث تطور يف مضمونه ،فلم يعد قاصرا على اإليرادات الناجتة عن حق الدولة يف إصدار النقود
بل أصبح يتضمن أساسا األسهم اليت متثل مسامهة الدولة يف مشروعات ذات االقتصاد املختلف (اليت جتمع بني امللكية العامة
وامللكية اخلاصة) كما تسيطر الدولة على بعض املشروعات ذات النفع العام حىت تتمكن من توجيهها إىل ما حيقق الصاحل
العام ،وقد يوجه النقد إىل توجه الدولة الستثمار أمواهلا يف شراء األسهم والسندات نظرا للتقلبات االقتصادية الكبرية اليت
تتعرض هلا سوق األوراق املالية يف بعض األحيان مما يؤثر على إيراد الدولة ويصبح غري ثابت أو مضمون ...إال أن الدولة قد
جتد نفسها مدفوعة إىل ممارسة مثل هذا النشاط املايل لتحقيق هدف سياسي أو مصلحة اقتصادية يكون من شأنه اطمئنان
9
األفراد إىل شراء األسهم والسندات اخلاصة باملشروعات اليت تشارك فيها مما ينتج عليه إجناح حركة التنمية االقتصادية اليت
حتتاج إليها البالد هذا فضال عن فوائد القروض اليت متنحها الدولة إىل اهليئات العامة احمللية وللمؤسسات واملشروعات العامة.
المطلب الثاني :مصادر اإليرادات األخرى:
الضريبة:
تعددت التعاريف اليت أعطاها علماء املالية و املفكرون االقتصاديون للضريبة غري أن هذه التعاريف تنصب يف معني واحد:
" الضريبة هي األداء املايل اإلجباري الذي يدفعه امللزم هبا بصفة نقدية و دون مقابل لتحقيق تغطية النفقات العامة"؛
الرسم:
القرض العام:
مبلغ من املال حتصل عليه الدولة أو أحد هيأهتا العامة من األفراد طبيعيني أو معنويني سواء كانوا داخل البالد أو خارجها.
و هدف الضريبة في تحقيق المنفعة العامة :إن هذه الصفة هي من أبرز عالمات التطور اليت مرت به الضريبة فقد رأى
الفكر التقليدي إن هدف الضريبة األساسي ،بل األوحد يف إيراداهتا املالية ،غري أن الدساتري و القوانني خالل القرنني 18و
، 19منعت استخدام إيرادات الضريبة يف إشباع احلاجات اخلاصة بامللوك و األمراء بل جيب أن ختصص إيرادات الضريبة
لتحقيق املنفعة العامة إال أن احلالف قد قام بني االقتصاديني حول حتديد املنفعة العامة
المطلب الثالث :األساس القانوني للضريبة :ان األساس القانوين للضريبة كان ميثار جدل بني نظريات كثرية انتشرت يف
القرن التاسع منها من قال إن فرض الضريبة يستند إىل العالقة التعاقدية بني الدولة و الفرد و منهم من اعترب فرض الضريبة
واجبا وطنيا ” نظرية التضامن” لذلك سندرس هذه النظريات .
-1النظرية التعاقدية للضريبة :اعترب أصحاب هذه النظرية ،الضريبة عالقة تعاقدية بني الدولة و الفرد و فسر ذلك على
النحو التايل ” الفرد يدفع الضريبة ألنه حيصل على شيء باملقابل فيكون أساس فرض الضريبة عقدا ضمنيا بني الفرد و الدولة،
11
يتم االتفاق على أحكامه بني الدول و األفراد بواسطة ممثلي الشعب ،و السلطة التشريعية” و لكن ليس هذا هو التفسري
الوحيد للعقد .بعضهم اعتربوا الضريبة ” عقد بيع ” تبتاع من الدولة جبزء من ماله اخلدمات املقدمة له من الدولة ،و منهم
اعترب الضريبة ” عقد إيجار ” فالدولة تقدم خدمات و تعد املرافق لألفراد ،و األفراد تدفع هلا الضريبة مقابل هذه اخلدمات و
آخرون نظروا إىل2 الضريبة على أهنا ” عقد تامين ” دافع الضريبة عندما يدفعها ،يؤمن بقسط من ماله على باقية و هناك من
قال على إن الضريبة ” عقد مقايضة ” بني مال املكلف و املنفعة اليت حيصل عليها من الدولة و آخرون قالوا ” الضريبة عقد
شراكه ” معتربين الدولة شركة تقدم خدماهتا العامة لألفراد و تتقاضي مقابل ذلك حصتها من أرباح هذه الشركة .
و الواقع أن النظرية التعاقدية للضريبة ماهي اإلنتاج النظرية الفردية يف تفسري الدولة ،تلك النظريةو اليت نادي هبا كل من
مونتيسكو و آدم مسيث ،و أن التطورات اليت حدثت يف كل العامل مع بداية القرن العشرين ،جعل من النظرية التعاقدية للضريبة
تقدم تفسري يناسب فرتة معنية قد انقضت و حاليا تعرض الضريبة بال مقابل فاملكلف الذي يدفع الضريبة ،ال حيمل على نفع
خاص به بل يدفع الضريبة لكونه عضوا يف اجلماعة السياسية ،و ملا كانت الدولة ضرورة اجتماعية و سياسية و جيب أن تقدم
بتحقيق غايات مادية و معنوية لألفراد و هذه الغايات تتطلب اإلنفاق ،كان للدولة احلق يف أن تطالب رعاياها و القاطنني فيها
باملسامهة بعبء اإلنفاق العام
-2نظرية التضامن االجتماعي :اعترب أصحاب هذه النظرية ،الضريبة عبارة عن تضامن بني اجلماعة االجتماعية اخلاضعة
بسلطة سياسية واحدة ،و هم لذلك يستمدون فكرهتم من التطور التارخيي للضريبة ،حيث كانت الضريبة عبارة عن تضامن
شخصي بني اجلماعات السياسية كالعشرية و القبيلة ،مث أصبحت هبة مالية يدفعها األفراد إىل احلاكم ملساعدته على تنفيذ
بعض املشروعات كاحلروب ،ومن مث من أجل تغطية بعض النفقات العامة ،لتصبح الضريبة مشاركة أو مساعدة ،و أخريا
أصبحت الضريبة فريضة يدفعها اإلفراد كواجب اجتماعي تضامين ،و بذلك الضريبة هي إحدى الطرائق التوزيع األعباء العامة
اليت يتطلبها التضامن االجتماعي بني األفراد .
و هكذا فنظرية التضامن االجتماعي هي األكثر مطابقة للواقع ألن الضريبة ال تقوم على أساس عقد بني الدولة و الفرد بل
تقوم على أساس ما للدولة من سلطة مبعثا التضامن االجتماعي و الرغبة يف احلياة املشرتك
المطلب الرابع :أهداف الضرائب:
تفرض الضريبة على األفراد من اجل حتقيق أعراض و أهداف معنية مالية و اقتصادية و اجتماعية و سياسية و قد تطورت
هلذه األهداف بتطور دور الدولة و ميكن حصرها على النحو التايل :
-1الهدف المالي :يتمثل اهلدف املايل لضريبة يف كوهنا تعترب من أهم املوارد املالية اليت تعتمد عليها الدولة لتغطية نفقاهتا
العامة ،ة لتحقيق هلذا الغرض يشرتط وفرة حصيلة الضريبة ،أي أن يكون مردود الضريبة كبريا و بقدر كايف لتغطية احتياجات
االتفاق العام .
-2الهدف االقتصادي :و يتمثل يف حتقيق االستقرار عرب الدورة االقتصادية عن طريق ختفيض الضرائب أثناء فرتة الركود و
اإلنكماش و زيادهتا أثناء فرتة التضخم من أجل احلفاظ على القدرة الشرائية ،كما تستخدم الضريبة لتشجيع نشاط و قطاع
اقتصادي معني مبنحة فرتة إعفاء ضريبة معني .
-3الهدف االجتماعي :تستخدم الضريبة إلعادة توزيع الدخل الوطين الفائدة الفئات الفقرية حمدودة الدخل فاإلجراءات
الضريبة تساهم يف حتقيق العدالة االجتماعية و ذلك بزيادة القدرة الشرائية للفئات حمدودة الدخل و تقليص اهلوة بني هذه
الفئات وتلك اليت هلا مداخيل مرتفعة .
-4الهدف السياسي :يسمح النظام الضرييب لدولة بتحقيق أهداف سياسية معنية مثل حتقيق التوازن اجلهوي
المبحث الثاني :التنظيم الفني للضرائب
12
المطلب األول :القواعد األساسية للضرائب
يقصد باملبادئ العامة اليت حتكم الضريبة جمموعة قواعد و أسس اليت يتعني على املشروع إتباعها و مراعاهتا عن وضع أسس
النظام الضرييب يف الدولة و تتلخص فيما يلي :
-1قاعدة العدالة :على مواطين كل دولة أن مياطموا يف نفقات احلكومة قدرها ميكن قدراهتم التكليفية ،مبعىن تناسبا مع
الدخل ،الذين يتمتعون به حتت محاية الدولة .
متاثل نفقة احلكومة ،اجتاه أفراد نفس األمة ،مصاريف اإلدارة اجتاه املالك يف ملكية كبرية الذين جيدون أنفسهم جمربين مجيعا
على مسامهة يف هذه املصاريف تناسبا مع الفائدة اليت يتمتعون هبا يف هذه امللكية .
-2قاعدة اليقين :جيب أن تكون الضريبة أو جزء منها الذي يلزم كل فرد بدفعها ،أن تكون يقينتة و ليست عشوائية .
فالفرتة ،النمط ،حجم الدفع كل هذا جيب أن تكون واضحا و دقيقا سواء للمكلف بالضريبة أو بالنسبة لكل دفع آخر .
-3قاعدة المالئمة :جيب أن حتصل كل ضريبة يف الفرتة و حسب النمط الذي ميكن تراه األكثر مالئمة للمكلف بالضريبة
” و ذلك عند حصوله على دخله ”.
-4قاعدة االقتصادي في النفقة :جيب أن حتصل كل الضريبة بطريقة جتعل ،أقل حجم ممكن من النقود خيرج من أيادي
الشعب مقارنة مبا جيب أن يرد إىل اخلزينة العمومية
هذه هي القواعد األربعة األوىل تتعلق بتوزيع الضريبة ،فلهي قاعدة نظرية مت انتقادها يف الكثري من األحيان.
أما القواعد الثالث األخرى :فهي قواعد تطبيقية ،ممالة من طرف احلس اجليد و تطبيقها ال يتضمن الكثري من الصعوبات .
باختصار فإن هذه القواعد تسمح ب :
– املساواة أمام الضريبة (قاعدة العدالة)
– أن الضريبة تكون يقينية و ليست غامضة أو غري معقولة (قاعدة اليقني)
– أن يتم حتصيل الضريبة يف الفرتة حسب النمط الذي يالئم مجيع املواطنني (قاعدة املالئمة)
– أن تكون املوارد املالية اليت جتنيها الدولة من الضريبة أكرب من تلك اليت استعملت يف حتصيلها
المطلب الثاني :الوعاء الضريبة
يقصد يه املادة اخلاضعة للضريبة ،و يتم حتديد وعاء الضريبة األسلوبني التحديد الكيفي لوعاء الضريبة ،التحديد الكمي لوعاء
الضريبة .
* التحديد الكيفي لوعاء الضريبة : عند حتديد وعاء الضريبة يتم أخذ يعني االعتبار الظروف الشخصية للفرد و اليت تتمثل يف
:
– مركزه العائلي و االجتماعي :فيستبعد من الضريبة اجلزء من الدخل املتعلق بإشباع احلاجات الضرورية للفرد و عائلته .
– مصدر الدخل :تفرض الضريبة و ختتلف حسب مصدر الدخل إذا كان عمال أو رأمسال
– المركز المالي :متيز الضريبة يف املعاملة بني املركز املايل لكل مكلف هبا من حيث حجم دخله
* التحديد الكمي لوعاء الضريبة : تستخدم عدة طرق لتقدير قيمة املادة اخلاضعة للضريبة
– طريقة المظاهر الخارجية :تعتمد إدارة الضرائب عند حتديد وعاء الضريبة على بعض املظاهر اخلارجية اليت تتعلق باملكلف
هبا كأن تقدر دخله على أساس القيمة اإلجيارية ملنزله .
– طريقة التقرير الجزافي :تقوم هذه الضريبة على أساس حتديد دخل املكلف بالضريبة حتديد جزافيا استناد إىل بعض
املؤشرات مثل رقم األعمال الذي يعد دليال على ربح التاجر و عدد عمل ساعات الطبيب يعد دليال على دخله .
– طريقة التقدير المباشرة :يتم حتديد وعاء املادة اخلاضعة للضريبة بصورتني :
13
إما بالتصريح أو عن طريق التقدير املباشر بواسطة اإلدارة بالنسبة للتصريح يتم من طرف املكلف بالضريبة ،و حتتفظ اإلدارة
حبقها يف رقابة هذا التصريح و تعديله يف حالة وجود غش أو خطأ و قد يصدر التصريح الذي يقدم لإلدارة عن شخص آخر
غري املكلف بالضريبة شريطة أن تكون هناك رابطة قانونية بينهما كعالقة دائن و مدين .
– التقدير بواسطة إدارة الضرائب : خيول القانون لإلدارة تقدير وعاء املال أو املادة اخلاضعة للضرائب بصفة مباشرة و
تسمى هذه الطريقة بالتفتيش اإلداري مثل مناقشة املكلف بالضريبة أو فحص دفاتره و سجالته احملاسبية و قد أعطى القانون
للمكلف بالضريبة حق الطعن يف صحة تقدير اإلدارة وفقا لقواعد و إجراءات حمددة
المطلب الثالث :أنواع الضرائب
تنقسم إىل عدة أنواع ختتلف باختالف الزاوية اليت ينظر إليها منها :
-1من حيث تحمل العب :تتكون إما مباشرة أو غير مباشرة .
أ -الضرائب المباشرة :هي كل اقتطاع قائم مباشرة على األشخاص أو على املمتلكات ،و الذي يتم حتصيله بواسطة قوائم
أمسية ،و اليت تنتقل مباشرة من املكلف بالضريبة إىل اخلزينة العمومية
-1مزايا ضريبة المباشرة :ومن مزايا و عيوهبا نذكر
– ثبات حصيلتها :إذ تفرض على عناصر تتمتع بالثبات النسيب
– مرونتها :باإلمكان زيادة حصيلة هذا النوع من الضرائب كلما اقتضت احلاجة و ذلك يرفع سعر الضريبة .
– عدالتها :و ذلك من خالل توزيع األعباء الضريبة وفقا ملقدرة املكلفني على الدفع .
– قلة تكاليف جبايتها :حيث أهنا تفرض على عناصر يسهل حصرها و بالتايل لسنا حباجة إىل وقت و جهد كبريين للوصول
إليها .
– أشعار المواطنين بواجبهم :إذ يتحدد شروط دفنها و مواعيد الدفع مبا يتفق و ظروف املمول.
-2عيوب الضريبة :
– بطء حصيلتها و مرور فرتة بني استحقاق الضريبة و توريدها للخزانة .
– ضخامة العبء الضرييب بدفع املكلف إىل التهوب الضرييب
ب -الضرائب غير مباشر :فهي تقع يف معظم األحيان على عناصر االستهالك أو اخلدمات املؤداة و بالتايل يتم تسديدها،
طريقة غري مباشرة ،من طرف الشخص الذي يود استهالك هذه األشياء أو استعمال اخلدمات اخلاضعة للضريبة ،مثل الضرائب
على الواردات ،لصنع ،البيع ،النقل……..اخل
-3مزايا الضريبة غير مباشرة :
-1مرونتها ز ارتفاع حصيلتها التساع نطاقها إذ تشمل اإلنتاج ،االستهالك املبيعات كما يساهم كافة املواطنني يف أدائها
جانب سهولة دفعها دون أن يشعر املواطن .
-2السرعة حتصيلها و تدفقها املستمر خالل السنة املتعلقة هبا ،ألن اإلنفاق تتداول بطريقة مستمر ملدة سنة
عيوب الضريبة غير مباشرة :
-1عدم عدالتها ألن عبء الضرائب مباشرة بشكل عام أكرب على ذوي الدخول الصغرية منه على ذوي الدخول املرتفعة،
حيث خيصص الفقراء بنسبة أكرب من دخلهم على االستهالك ،كما أن حصيلة الضرائب يستطيع الرتكيز على السلع
الضرورية .
-2ارتفاع تكاليف جبايتها – كي جتيب الضرائب غري مباشرة حباجة إىل إجراءات تقدير و مراقبة و نفقات حتصيل ..اخل
14
-3من حيث المادة الخاضعة للضريبة :
أ -الضريبة على األشخاص :املقصود بالضريبة على األشخاص تلك الضريبة اليت يكون مطردها الشخص ذاته و هي من
أقدم الضرائب يف التاريخ ،و عرفتها احلضارات كافة و كان يطلق عليها سابقا ” الضريبة على الرؤوس ” و طبقها العرب
حتت اسم ” الجزية“
ب -الضريبة على األموال :فهي الضريبة اليت تفرض على املال ذاته أو ما يطلق عليها ضريبة رأس املال حيث تصيب
العقارات حبد ذاهتا و ليس إيرادها و األموال بذاهتا و ليس ناجتها .
-4من حيث تحديد الوعاء الضريبي :
أ -الضريبة الواحدة :منذ أن دخلت حيز التنظيم ،و أصبحت جزءا من السياسة املالية و السياسة االقتصادية ،ومنذ أن
اعتربت مصدرا ماليا ال ميكن جتاهله ،لتغطية النفقات العامة ،منذ ذلك احلني أخذ الدارسون على دراسة التنظيم الفين للضريبة
فهل تفرض ضريبة وحيدة .
– تراعي حالة املكلف الشخصية لكوهنا توجد األعباء الضريبة و بالتايل يستطيع املكلف التحقيق عن أعبائها عليه.
– نفقات الضريبة الوحيدة قليلة :فهي ضريبة بسيطة ،تسمح باالقتصاد يف حتقيقها و رقابتها و جبايتها ،و هي بذلك سهلة
التنظيم ،واألقل إزعاجا للمكلف .
ب -الضريبة المتعددة :يف نظام الضرائب املتعددة يتم فرض أكثر من ضريبة أساسية واحدة على أنواع متعددة من الدخول
و األموال ،وكلما زادت حاجة الدولة إىل املال ،تزداد أنواع الضرائب املفروضة ،وهنا النظام خيتلف تطبيقية باختالف الدولة
و درجة تطورها .
– الضرائب املتعددة أكثر مراعاة احلالة املكلف النعمية ،ألن املكلف يدفع الضريبة على أكثر من وعاء ضرييب دون أن يشعر
بدفعها و خباصة تلك اليت يدفعها من مثن السلع اخلدمات.
– الضرائب املتعددة ،حتد من ظاهرة التهرب الضرييب ففي نظام الصربية الوحيدة إذا ما مت هترب ضرييب ستكون النتيجة سيئة
-5من حيث السعر :و تنقسم إلى:
الضريبة النسبية :هي تلك الضرائب اليت يبقي سعرها ثابت تغيري املادة اخلاضعة للضريبة ،كأن تفرض ضريبة على الدخل
بسعر % 10فهذا السعر ينطبق على مجيع الدخول كبرية كانت أم صغرية
الضريبة التصاعدية :و هي تلك الضرائب اليت يزداد سعرها بازدياد املادة اخلاضعة للضريبة ،فتالحظ أن معدل الضريبة يزيد
كلما ازداد املبلغ اخلاضع للضريبة و بالتايل تزيد حصيلة الضريبة ،هذا النوع من الضريبة تستخدمه معظم التشريعات الضريبة،
خاصة اليت تراعي العدالة االجتماعية ،فتمتاز الضرائب التصاعدية بتحقيق العدالة و املساواة الن أصحاب الدخول العالية
يتحملون عبئا أكرب من أصحاب الدخول املتدنية كما تؤدي إىل إعادة توزيع الدخل الثروة و عدم متركزها بتدفئة قليلة من
أفراد اجملتمع .
أشكال الضرائب التصاعدية :
أ -التصاعد بالطبقات :حسب هذه الطريقة يقسم املكلفون إىل عدد معين من الطبقات حبيث تدفع كل طبقة سعر ضرييب
معني ،و يزداد معدل الضريبة كلما زاد دخل املكلف و دخل يف طبقة أعلى هذه الطريقة على الرغم مما مييزها من بساطة ،إال
أن فيها عيبا جوهريا ألن صاحب الدخل قد يلحق به الضرر أحيانا بسبب زيادة بسيطة جدا يف دخله.
ب -التصاعد بالشرائح :حسب هذه الطريقة تنقسم املادة اخلاضعة للضريبة إىل شرائح يطبق على كل منها سعر معني يرتفع
باالنتقال من شرحية إىل أخرى و هذا األسلوب يتالىف العيب السابق ،فال تطبق الضريبة على الدخل كله مبعدل واحد و إمنا
تطبق عليه معدالت بعدد شرائح املادة اخلاضعة للضريبة و تعترب التصاعد بالشرائح من أكثر األساليب املستخدمة يف تطبيق
15
الضريبة .
الجباية بطريقة لصق الطابع :حيث تستويف الضريبة عن طريق استعمال ورقة مدفوعة من فئات خمتلفة أو إلصاق طوابع
خاصة منفصلة .
المبحث الثالث :اآلثار االقتصادية للضريبة
المطلب األول :أثر الضريبة على االستهالك و االدخار:
إن فرص الضرائب يؤدي بشكل عام إىل ختفيض االستهالك ،و خاصة استهالك أصحاب الدخول احملدودة ،ألن اقتطاع جزء
من دخوهلم على شكل ضرائب حيد من قوهتم الشرائية ألن الدخل املعد لإلنفاق سوف ينخفض ،نالحظ هذا جليا يف الدول
النامية ،حيث تدىن الدخول و اقتطاع جزء كبري من الدخل لإلنفاق االستهالكي ،إذ تصل هذه النسبة يف بعض هذه الدول إىل
% 90كما أن االستهالك األغنياء يتأثر من الضرائب بنسبة ضئيلة .
إىل جانب اثر الضرائب االستهالك يوجد أثر على االدخار ،و لكن املتضرر من ذلك هم األغنياء ألن بإمكاهنم أن يقتطعوا
جزء من دخلهم على شكل ادخار ،فزيادة الضرائب يؤدي إىل ختفيض ادخارهم إما الفقراء تأثرهم يكون قليل جدا ،لن
ادخارهم منخفض جدا
المطلب الثاني :أثر الضريبة على اإلنتاج :تؤثر يف اإلنتاج بالنقصان ،كذلك يتأثر اإلنتاج نتيجة تأثري الضرائب يف عرض
16
الطلب رؤوس املوال اإلنتاجية.
فعرض رؤوس املوال اإلنتاجية يتوقف على االدخار واالستثمار .و كما رأينا من قبل فإن الضرائب تؤدي إىل االدخار وقلة
رؤوس األموال اإلنتاجية ،فإنه يتأثر مبقدار الربح احملقق ،فإذا كان فرض الضريبة يؤدي إىل تقليل الربح ،فبطبيعة احلال يقل
الطلب عليها أما إذا زاد الربح فإن الطلب يزيد عليها و كذلك فإن فرض الضريبة قد يؤدي إىل انتقال عناصر اإلنتاج األخرى
قليلة العبء الضرييب ،مما يؤثر على النشاط االقتصادي.
المطلب الثالث :أثر الضريبة على األسعار :يرتتب على إن الضريبة تقتطع جزء من دخول األفراد إن يقل الطلب على سلع
و خدمات معينة من جانب هؤالء األفراد ،و بالتايل يؤدي ذلك إىل اخنفاض أسعار هذه السلع ،بشرط أال تدخل الدولة
حصيلة الضريبة يف جمال التداول ،مبعىن أن تستخدمها الدولة يف تسديد قروض خارجية مثال ،و تكوين احتياطي معين ،فإن تيار
اإلنفاق النقدي يقل و بالتايل يقل الطلب و تنخفض األسعار و خاصة يف فرتات التضخم ،أما يف فرتات االنكماش ،حيث
تلجأ الدولة إىل تقليل االقتطاع الضرييب من الدخول اإلفراد ،رغبة منها يف تشجيع اإلنفاق ،مما يؤدي إىل حدوث حالة من
االنتعاش و زيادة يف الطلب الكلي الفعال أما إذا استخدمت الدولة تلك احلصيلة يف جمال التداول كشراء سلع و خدمات أو
دفع رواتب العمال أو مبالغ مستحقة للموردين أو املقاولني ،فإن هؤالء يستخدمون هذه املبالغ يف زيادة الطلب على السلع و
اخلدمات مما يؤدي إىل عدم اخنفاض األسعار .
المطلب الرابع :أثر الضريبة توزيع الدخل :
و قد ينتج على الضريبة أن يعاد توزيع الدخل و الثروة بشكل غري عادل ،صاحل الطبقات غري الغنية على حساب الفئات
الفقرية ،و حيدث هذا بالنسبة للضرائب غري مباشرة ،باعتبارها أشد عبئا على الفئات الفقرية ،أما الضرائب املباشرة فهي تؤثر
على الطبقات الغنية و مستوى االدخار ،كما أوضحنا من قبل .
و مما هو جدير بالذكر ،أن الطريقة اليت تستخدم هبا الدولة احلصيلة الضريبة تؤثر على منط التوزيع ،فإذا أنفقت الدولة هذه
احلصيلة يف شكل نفقات حتويليه أو ناقلة ،مبعىن حتويل الدخول من طبقات اجتماعية معنية إىل طبقات أخرى دون أية زيادة يف
الدخل ،حبيث تستفيد منها الفئات الفقرية ،فإن هذا يؤدي إىل تقليل التفاوت بني الدخول
17
هبا و دفع فوائد عنها حىت يتم الرد كذلك جند أن الضريبة ال ختتص حصيلتها لغرض معني ،أما القرض فاألصل فيه ان ختتص
حصيلة لغرض حمدد حيدده القانون الذي جيربه.
و مع ذلك فإن هناك أوجه تشابه بني القرض و الضريبة ،فكالمها البد أن يصدر بقانون و كالمها يلقي هبيئة على األفراد يف
النهاية.
و نسارع إىل بيان أن الفكر املايل قد كشف عن حدوث تقارب بني القرض العام و الضريبة ،ذلك ان الدولة تلجأ إىل إصدار
قرض عام إجباري يلتزم به املواطنون باالكتئاب فيه ،كما ان الدولة تتجاهل احلروب ،و ملواجهة عجز املوازنة العامة و
القروض العام يف كل هذا إمنا يقرتب من الضريبة يف مساهتا ،كما جند أن الضريبة تتطور بشكل يقرهبا من القرض العام من
حيث خصائصه فقد ختتص حصيلة بعض أنواع الضرائب لتمويل أنواع معينة من النفقات العامة.
المطلب الثاني :أسباب اللجوء إلى القرض الغادر:
و تسلك الدولة هذا السبيل عادة يف حالتني أساسيتني:
األوىل :حينما تصل الضرائب إىل حدها األقصى و ذلك بلوغ املعدل الضرييب حجمه املمثل ،املمر الذي يعين أن املقدرة
التكليفية القومية تكون قد استنفذت ،حبيث ال يصح للدولة أن تلجا إىل املزيد من الضرائب و اإلرادات إىل تدهور النشاط
االقتصادي و مستوى املعيشة.
الثانية :يف احلاالت اليت يكون فيها الضرائب ردود فعل عنيفة لدى املكلفني ،حىت و قبل حتقيق احلالة السابقة ،و هو ما يعين أن
الضرائب باإلضافة إىل حدودها االقتصادية ،هناك حدود أخرى من طبيعة نفسية تضع قيدا على قدرة الدولة يف االستعانة هبا،
و يف مثل هذا األحوال يشكل القرض وسيلة يف يد الدولة لتجميع املدخرات اليت ال تستطيع الضرائب احلصول عليها ،و بالتايل
فإن عبء متويل النشاط العام يف أبعادها املتعددة ،يصبح موزعني جانبيني من األفراد ،املقرضني و املمولني بدال من كونه قاصرا
على فئة ممويل الضرائب و حدهم ،و يف احلالتني املتقدمتني ال تقتصر أمهية القروض العامة على كوهنا موردا غري منتظم
يستخدم يف متويل النفقات العامة ،بل أهنا متثل من الناحيتني النظرية و التطبيقية أداة من أدوات السياسة املالية ( بل و السياسة
االقتصادية باملعىن الواسع ) ،أي أداة من أدوات التوجيه االقتصادي ،ينبغي استخدامها بعناية فائقة خلدمة األغراض االقتصادية
للدولة يف ضوء عالقتها مبستوى الدخل الوطين ،و مدى التأثري الذي متارسه بالنسبة له.
المطلب الثالث :طبيعة القرض العام
أوال :الطبيعة القانونية للقرض العام:
يعترب بعض الفقهاء القرض عمال تشريعيا ينظمه القانون ،أو عمال من أعمال املبايعة ،لكن غالبية الفقهاء يعتربونه عقدا من
العقود اإلدارية تسري عليه كافة القواعد واألحكام اليت تسري على العقود ،فهو يقوم على الرضا وتقابل اإلجياب من جانب
الدولة املقرتضة من ناحية و القبول من جانب املكتبيني من ناحية أخرى ،كما انه يرتتب حقوقا و التزامات لكل من الطرفني
املتعاقدين ال جيوز املساس هبا ،حقيقة تتطلب املبادئ الدستورية يف الدول الدميقراطية وجوب موافقة ممثلي الشعب على إصدار
القرض ،مبعىن أنه ال جيوز للحكومة عقد قرض إال مبوافقة اجمللس التشريعي ،أو بعبارة أخرى البد من قانون إلصدار القرض،
إال أنه من الواضح أن حق الربملان يف إصدار القروض يعترب نتيجة منطقية حلقه يف قرض الضرائب ،ألنه إذا أجري للحكومة
االلتجاء إىل االقرتاض دون موافقة الربملان لعمدت احلكومة إىل االلتجاء لالقرتاض يف كل مرة يرفض فيها الربملان فرض
ضرائب جديدة.
ثانيا :الطبيعة االقتصادية للقرض العام
خيص كالمنا يف هذا اجملال القروض العامة الداخلية و خيص يف إطار هذه األخرية القروض اليت توجد مصدر تغطيتها يف خمتلف
األفراد سواء انتقلت هذه املدخرات إىل الدولة من األفراد مباشرة أو بواسطة البنوك و هيئات التأمني ،و من مث ال يتعلق ما
18
سنقوله بشأن الطبيعة االقتصادية للقرض العام بالقروض اليت جند مصدر تغطيتها عن طريق ( )2اإلضافة إىل كمية النقود
املوجودة يف التداول سواء أكانت نقود أو ودائع أي انه ال يتعلق باالقرتاض التضخمي.
هذا و قد تار اجلدل حول الطبيعة االقتصادية للقرض العام ،فالبعض يرى أن القرض العام ال يتمثل استقطاب تقوم به الدولة و
يتحدله االقتصاد القومي ،و ذلك على أساس أن الدولة تقوم بدفع فوائد القرض طيلة حياته و مبلغ أصله عندما حيني موعد
الوفاء به ،و ينصب رأي آخر إىل أن القرض العام ميثل إسقاطا باهضا التكاليف من جهة نظر االقتصاد القومي ،إذ باإلضافة إىل
العبء الذي يتحمله االقتصاد متمثال يف أصل الدين يوجد ما يزيد ثقال يف صورة فوائد تلتزم الدولة بدفها ،و ينتهي هذا الرأي
إىل أن الدين العام يعترب إفقار لالقتصاد القومي ،و بالتايل يتعني عدم اللجوء إليه على سبيل االستثناء البحث ،و هذا يف الوقت
الذي يعتربه البعض إثراء االقتصاد القومي و ينصح صانعي السياسة املالية بالتوسع يف االقرتاض العام.
المبحث الثاني :أنواع القروض العامة
ميكن تقسيم القروض العامة من حيث صورها و أنواعها إىل تقسيمات ختتلف باختالف املعيار الذي يستند إليه التقسيم ،فمن
ناحية مصدر القرض املكاين ميكن تقسيم القروض إىل داخلية و خارجية و من ناحية احلرية يف االكتئاب ميكن تقسيمها إىل
قروض إجبارية و قروض اختيارية ،و من ناحية توقيت القرض ميكن التمييز بني القروض املؤبدة و القروض املؤقتة.
المطلب األول :ن ناحية مصدر القرض المكاني ( القروض الداخلية و الخارجية )
* القروض الداخلية:
القرض الداخلي هو قرض يتم االكتتاب يف سنداته أشخاص طبيعيون أو إعتباريون داخل الدولة ( بصرف النظر عن جنسية
املقرضني ) أي عندما يكون السوق املايل الذي يعقد فيه القرض داخل الدولة ،و يستلزم عقد القرض توافر املدخرات الوطنية
اليت تزيد عن حاجة السوق الداخلي لإلستثمارات اخلاصة بالقدر الذي يكفي لتحويلها لتغطية مبلغ القرض ،و تطلق على
القرض الداخلي هبذا املفهوم أحيانا اسم القرض الوطين أحيانا و ذلك إشارة إىل الغرض القومي الذي يستخدم القرض يف
حتقيقه كان يكون ضروريا ملواجهة نفقات احلرب ،أو لتمويل مشروعات التعمري و إعادة البناء عقب الكوارث الطبيعية و
احلربية أو يكون اهلدف منه هو ختليص الدولة من عبئ دين عام خارجي .و تتمتع احلكومة بدرجة كبرية من احلرية يف حتديد
شروط القرض الداخلي فقد متنح امتيازات متنوعة لتشجيع الناس على االكتتاب يف سنداته ،و يتم ذلك يف ضوء درايتها
الكاملة بظروف اجملتمع اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا ،و تكون لدى احلكومة فرصة كانت مزاياه املادية ضئيلة
* القروض الخارجية:
فاملكتتبني فيه سنداته هم األشخاص الطبيعيون أو االعتباريون الذين يقيمون خارج الدولة ،و من مث فإن االكتئاب فيه يطرح يف
السوق املايل اخلارجي .فالدولة يف هذه احلالة تتوجه إىل املدخرات األجنبية يف دولة أخرى ،أو تلجأ إىل مؤسسة من مؤسسات
التمويل الدويل إلقراضها ،و غالبا ما يتطلب عقد القرض اخلارجي أن تقدم الدولة بعض الضمانات و املزايا فضال عن الفوائد
املنصوص عليها لتشجيع األفراد و املؤسسات املالية على االكتتاب يف سنداهتا.
و تتجه الدولة إىل عقد القروض اخلارجية بصفة عامة حيث ال تكون هناك مدخرات أو رؤوس أموال وطنية كافية للقيام
باملشروعات اإلنتاجية الضرورية ،و من مث ترى الدولة االستعانة برؤوس األموال األجنبية على أن تستخدمها هي بنفسها ال
أصحاهبا األجانب يف عملية التنمية االقتصادية و إمنا لعدم كفاية حصيلة الدولة من العمالت األجنبية لتغطية العجز يف ميزان
املدفوعات.
و قد يتحول القرض اخلارجي إىل قرض داخلي أو العكس ،تقوم الدولة بتحويل القرض اخلارجي إىل قرض داخلي عند حتسن
ظروفها و أوضاعها االقتصادية قبل حلول أجله و ذلك بقيام الدولة أو مواطنيها بشراء سندات القرض من الدائنني املقيمني يف
19
اخلارج و من الناحية العكسية ميكن أن يتحول القرض الداخلي إىل قرض خارجي إذا ما حتولت ملكية السندات من األشخاص
املقيمني يف الداخل إىل ملكية أشخاص ينتمون إىل دولة أخرى .
و هكذا جند أن القرض الداخلي ال يشكل عبئا حقيقيا يشارك يف إعادة توزيع القوة الشرائية بني فئات اجملتمع ،أما القرض
اخلارجي فإنه يعمل بشكل مباشر على زيادة القوة الشرائية للمجتمع ،و لكنه يشكل عبئ حقيقي عليه ،ذلك أن اجملتمع إمنا
يلتزم برد هذا القرض و دفع فوائده إىل من اكتتب يف سنداته ،و هذا العبئ الذي يلقي به االقرتاض من اخلارج على تأهل
اجملتمع إمنا يتحمله اجليل الذي يقوم بسداد الدين.
المطلب الثاني :من ناحية ( الحرية في االكتتاب ) لقروض االختيارية و اإلجبارية
* القروض االختيارية:
األصل يف القروض العامة أن تكون اختيارية ،و يقصد بالقروض االختيارية أن يكون األفراد أحرارا يف االكتتاب يف سندات
القرض أو عدم االكتتاب فيه .
المطلب الثالث :من ناحية توقيت القرض
أوال :القروض المؤبدة :يكون القرض مؤبدا إذا كانت الدولة ال تلتزم بالوفاء به خالل مدة معينة مع التزامها بدفع فوائده إىل
حيث الوفاء ،و الصفة املقدمة هنا مقررة لصاحل الدولة دون املقرضني (الدائنني ) إذا جيوز هلا يف أي وقت الوفاء بالقرض املؤيد
بدون أن يكون من دق هؤالء االعرتاض على هذا و طلب استمرار القرض و جتهل فوائده.
و حينما يكون القرض مؤبدا ،تتمتع الدولة بقدر كبري من اختيار الوقت املالئم للتسوية و كأن تتحني فرصة وجود فائض يف
امليزانية تستخدمه يف الوفاء أو ترقب أحوال السوق املالية و تتبع مسار و اجتاه سعر الفائدة للتخلص من جزء من الدين يف
ظروف مواتية من وجهة نظرها أن القروض املؤبدة تشكل خطورة يف نفس الوقت بالنظر إىل اهنا ال تلزم الدولة بالسداد يف
أجل معني مما يغري ذلك احلكومات املتعاقبة على عدم تسويتها ،و تكون النتيجة ان ترتاكم الديون على الدولة و تزداد أعبائها
مما قد يقضي يف النهاية إىل سوء األحوال املالية يف الدولة.
ثانيا :القروض المؤقتة ( القابل لالستهالك )
فتلزم الدولة به يف وقت حمدد ،طبقا للقواعد املتفق عليها يف قانون اإلصدار كأن حتدد التزامها بالرد بعد 5سنوات أو 10
سنوات أو يف حدود تقع بني تارخيني حمددة كأن تلتزم الدولة نفسها بسداد القرض مابني 8إىل 10سنوات من تاريخ
إصداره و ميكن تقيم القروض املؤقتة من حيث مدهتا إىل:
-1ترويض قصرية االجل.
-2قروض متوسطة األجل.
-3قروض طويلة األجل.
القروض قصرية األجل :تدفع يف هناية فرتة قصرية ال تزيد عن السنة و هي قروض تصدرها الدولة لسد عجز نقدي ( ينتج عن
سبق اإلنفاق عند اإليراد من الناحية الزمنية يف ميزانية متوازنة ) األمر الذي يلزم معه االقرتاض حلني حتصيل اإليرادات اليت
تغطي هذا اإلنفاق يف امليزانية ،و يف هذه احلالة تصدر الدولة ما يعرف بأذونات اخلزانة العامة .أو لسد عجز مال ( و هو
زيادة حقيقية يف النفقات عن اإليرادات )ترى الدولة تغطيته عن طريق إصدار قرض لفرتة قصرية نظرا لعدم مناسبة الظروف
السائدة يف السوق املايل إلصدار قرض ذي فرتة متوسطة أو طويلة.
يف هذه احلالة تصدر الدولة ما تعرف بأذونات اخلزانة غري العادية ،و يطلق على هذه القروض الدين السائر)2( .
اما القروض املتوسطة و طويلة األجل:
20
فإنه ال يوجد من فاصل و دقيق بينهما من حيث املدى الزمين لكل منهما ،و إن كان ميكن القول بصفة عامة أن القروض
املتوسطة ترتاوح مدهتا من 1إىل 5سنوات و ان القروض الطويلة تسدد يف هناية فرتة طويلة نسبيا من 5سنوات األكثر و
يطلق على النوعني األخريين من القروض إصطالح الدين املثبت.
و تلجا احلكومة إىل إصدار القروض متوسطة أو طويلة األجل لعالج العجز اجلوهري يف املوازنة العامة أو لتمويل مشروعات
التنمية أو لتمويل نفقات الدفاع و احلروب.
المبحث الثالث :الجوانب الفنية للقروض العامة
يتطلب عقد القروض العامة و الوفاء هبا عدة خطوات فنية تتصل بعملية اإلصدار من حيث شروطها و وسائلها كما تتصل
بانقضاء هذه القروض و نناقش فيما يلي أهم هذه اخلطوات:
المطلب األول :إصدار القروض العامة
عملية إصدار القروض العامة هي عملية حتصل الدولة من خالهلا على قيمة القرض مع تعهدها بردة و دفع فوائده وفقا لشروط
يتفق عليها.
و يثري إصدار القرض العام أنواع ثالثة من املسائل و هي:
- 1شروط اإلصدار :من تعيني املبلغ القرض و سعر الفائدة و سعر اإلصدار و كذلك نوع السندات املصدرة و فئاهتا.
- 2طرق اإلصدار :أو ما يسمى نظام اإلصدار أي طريقة االكتتاب اليت جيدي تبعا هلا إصدار القرض.
-3مزايا و ضمانات القرض العام.
-1شروط اإلصدار:
ا -مقدار القرض ( مبلغ القرض ) :كقاعدة عامة يتم تعيني مقدار القرض بواسطة القانون الذي حيول اهليئة العامة إصدار
القرض ،فإذا ما حدد القانون مقدار القرض مببلغ معني فإن االكتتاب يتوقف عند بلوغ هذا املبلغ ،و لكن يف احلاالت اليت
ختشى فيها الدولة عدم تغطية القرض – األمر الذي يعين انعدام الثقة – عادة ما تلجأ الدولة إىل دعوة األفراد إىل االكتتاب يف
قرض عام غري حمدد املقدار.
كما يف احلالة اليت تزيد فيها الدولة امتصاص جزء من القوة الشرائية لألفراد و كان من الصعب تقدير هذا اجلزء تقديرا كميا
مقدما يف مثل هذه احلاالت حتدد الدولة تارخييا ينتهي االكتتاب هنايته و يتحدد مقدار القرض عند حلول هذا التاريخ.
و إذا ما حددت الدولة مقدار القرض فإن ذلك ال حيول دون ختطي االكتتاب هلذا املقدار إذ عند إقبال اجلمهور على االكتتاب
قد يصل جمموع االكتتاب األفراد إىل ضعف مقدار القرض أو ثالثة أمثاله .و يتم إنقاص نصيب كل مكتتب بنسبة مساوية
لعدد مرات تغطية القرض ،فإذا كان القرض قد ختطى مرتني ،نقص نصيب كل مكتب إىل نصف املبلغ الذي أراد ان يقرضه
للدولة.
ب -سعر الفائدة :و تراعي احلكومة يف تعيني سعر الفائدة حالة السوق املالية و ظروف الطلب على النقود و العرض النقدي،
غري أنه ميكن تقليل سعر الفائدة عن السعر اجلاري يف السوق إذا كان للقرض احلكومي مزايا متيزه عن القروض العادية ،كذلك
تعني احلكومة مواعيد دفع الفوائد اليت تستحق على السندات يف املستقبل ،و قد تدفع فائدة السند مرة واحدة كل سنة و لكن
الغالب أن تدفع على دفعتني مرة كل ستة أشهر.
ج -سعر اإلصدار :إذا كانت القيمة االمسية للسند من سندات القرض ( 100دينار مثال ) ،فقد تبيعه احلكومة عند إصداره
بقيمته اإلمسية ،و حينئذ يقال أن القرض أصدر بسعر التكافؤ ،و لكنها قد تبيعه بأقل من قيمته االمسية أي " خبصم إصدار "
كأن تبيع السند مببلغ ( 90دينار مثال ) ،كما أهنا قد تبيعه بأكثر من قيمته اإلمسية أي بعالوة إصدار " كأن تبيع السند مببلغ
105دينار و واضح أنه احلكومة عندما تقرر السعر الذي تبيع به السندات تأخذ يف احلسبان حالة السوق املالية و حالة توافر
21
األموال الذي ميكن أن تستثمر يف سنداهتا ،كما أن الغرض من بيع السندات " خبصم إصدار " من إغراء اجلمهور املكتتبني،
باإلقبال على االكتتاب إذ أن ذلك يعد مبثابة رفع سعر الفائدة احلقيقي على السندات.
د -نوع السندات للمصدرة و فئاهتا :قد تكون سندات القرض كلها من فئة واحدة كأن تكون القسمة اإلمسية لكل سند (
100دينار ) و لكن قد تعدد فئات السندات املصدرة يف قرض واحد ،فيكون منها ما قيمته اإلمسية ( 10دينار ) و ما قيمته (
100دينار ) و ما قيمته ( 1000دينار مثال ) و ميكن القول أنه ال ينبغي أن تكون فئات السندات صغرية جدا حىت ال يسهل
تداوهلا بني الناس فتحل بذلك حمل النقود ( و قد يؤدي ذلك إىل التضخم ) كما أنه ال تكون فئاهتا عالية جدا فيصعب تداوهلا
يف السوق املالية.
و قد تكون سندات القرض اسمية ،أو لحاملها ،او مختلطة.
* سندات امسية :عندما تشتمل على اسم مالكها و يتم تسجيلها يف سجل خاص بالدين العام ،و هي سندات ال تنتقل ملكيتها
إال بتغيري البيانات الواردة يف هذا اجملال.
* سندات حلاملها :عندما ال تشتمل على اسم مالكها و يتم تداوهلا بالتسليم و تدفع فائدهتا حلائزها.
* سندات خمتلطة :و هي سندات ال يتم نقل ملكيتها إال بإجراءات مماثلة لتلك اإلجراءات املتعلقة بالسندات االمسية ،و لكن
يتم دفع فائدهتا حلائزها كما هو احلال يف السندات حلاملها .
-2طرق اإلصدار ( :طريقة االكتتاب ) أي هي العمليات املادية اليت يتم بواسطتها مجع مقدار القرض من األفراد ،هناك
أربع طرق لإلصدار.
أ -االكتتاب العام :وفقا هلذا األسلوب تقوم الدولة نفسها بطرح سندات القرض العام لالكتتاب فيها مع حتديد بداية و هناية
ميعاد االكتتاب يف القرض و بيان شروطه و مزاياه و يتميز هذا األسلوب بأنه يوفر للدولة قيمة العمولة اليت يتقاضاها الوسطاء
( املصارف ) و بانه يضمن وجود رقابة دقيقة على عملية اإلصدار
من ناحية أخرى يعيب على هذه الطريقة أهنا قد ال تغطي القرض ،و من مث فهي ال تلجأ إىل هذه الطريقة إال يف احلاالت اليت
يكون فيها مقدار القرض صغريا نسبيا أو يف احلاالت اليت تكون فيها مؤكدة من تغطية القرض .و يتوقف جناح أسلوب
اإلصدار املباشر على درجة ثقة املقرضني يف سياسات احلكومة.
ب -االكتتاب املصريف :وفقا هلذا األسلوب تقوم املصارف ( و املؤسسات املالية ) بدور الوسيط يف تغطية القرض ،و تقوم
هذه املصارف بشراء سندات القرض من احلكومة عن طريق املمارسة أو املناقصة ،حينئذ يكون هلذه املصارف احلرية يف إعادة
بيع هذه السندات للجمهور ،مباشرة أو بيعها يف سوق األوراق املالية بالسعر الذي تراه مناسبا.
و مع أن هذا األسلوب إلصدار القرض ميكن الدولة من احلصول على االموال اليت تريدها بسرعة إال أنه يدفع احلكومة إىل بيع
سندات القرض للجهاز املصريف بسعر منخفض حىت تتمكن من حتقيق األرباح.
ج -اإلصدار يف البورصة :مبوجب هذا األسلوب لإلصدار تعرض احلكومة سندات القرض للبيع يف سوق لألوراق املالية لبيعها
باألسعار اليت تراها مناسبة كل يوم ،و يتميز هذا األسلوب بأنه ميكن للحكومة من متابعة تقلبات األسعار يف السوق و بيع
السندات يف الوقت املناسب ،و مع ذلك يعيب هذا األسلوب أنه ال ميكن الدولة من عرض كميات كبرية من السندات حىت ال
تنخفض امثاهنا فتضر مبركزها املايل ،و ترتفع أسعار الفائدة فتزيد من أعباءها.
د -االكتتاب باملزاد :اليت تتبع على األخص يف البلدان االجنلوسكسكونية فتتلخص يف قيام الدولة ،بتحديد سعر الفائدة للقرض
و اعرتاضها بيع سندات القرض بأقل من سعر التكافؤ عندئذ من ميثل احلد األدىن الذي يتقبله ،و لكنها ال تبيع السند فعال إال
لألشخاص الذين يعرضون أمثانا تقارب سعر التكافؤ أو تزيد من هذا السعر ،مثال ذلك أن يكون السعر االمسي للسند 100
22
دينار سعر فائدة ، % 5و أن يكون احلد االدىن الذي يتقبله الدولة مثنا للسند 90دينارا ،و لكنها تطرح السندات أمام
األفراد باملزاد و تبيعها ملن يدفع أعلى مثن يزيد عن 90دينار .
و إذا تغطى القرض أكثر من مرة نبدأ بتخصيص السندات ملن أعطى أعلى سعر مث الذي يليه و هكذا حىت تكتمل تغطية
القرض مرة واحدة ،و تستعمل هذه الطريقة عادة يف أذونات اخلزانة ،و ميكن اعتبار املزايدة يف سعر اإلصدار مناقصة يف سعر
الفائدة.
-3المزايا التي تمنح للمكتتبين:
قد تقوم الدولة لتشجيع األفراد على االكتتاب يف القرض العام مبنح املكتتبني مزايا إضافية ختتلف صورها:
أ -فقد تعمل الدولة على زيادة الضمان للمقرتضني على طريق ختصيص نوع معني من إيرادهتا لدفع فوائد القرض و سداد
قيمته عندما حيل موعد الوفاء به.
ب -كما أهنا قد تسمح للمقرتضني بدفع املبالغ املقرتضة على دفعات متعددة ،على هذا النحو تقوم الدولة بتشجيع صغار
املدخرين ،و تساعد على تكوين املدخرات.
ج -كذلك قد تنجب الدولة املقرتضني خطر اخنفاض قيمة العملة الوطنية يف الفرتة ما بني إصدار القرض و سداده ،فتتعهد بان
تدفع عند السداد – قيمة القرض مقدرا للعملة األجنبية ذات مركز قوي – و على هذا النحو تضمن للمقرض أن إقراضه هلا
لن ينقص يف القدرة الشرائية اليت حتت تصرفه.
د -أخريا قد تعفى الدولة فوائد القرض من بعض الضرائب املفروضة على الدخول األخرى .
24
المحاضرة الثالثة :مراحل إعداد الموازنة العامة
تستند املوازنة العامة يف اجلزائر عند إعدادها للعديد من املبادئ و القواعد التنظيمية وهي متر باملراحل التالية :
وزارة املالية يف اجلزائر هي اجلهة املختصة هبذه العملية حيث يتم التنسيق بني وزارة املالية و الوزارات األخرى ،حيث تبدأ هذه
املرحلة كما يلي
-عادة على مستوى الوحدات احلكومية الصغرية ،حيث تقوم كل مصلحة مثال بلدية بإعداد تقديراهتا خبصوص ما حتتاج اليه
من نفقات وما تتوقع احلصول عليه من ايرادات خالل السنة املالية اجلديدة
،-مث تقوم كل هيئة أو مصلحة البلديةمثالبإرسال هذه التقديرات اىل الوزارة التابعة هلا (وزارة الداخلية و الجما عات
المحلية ) مثال ،بعد ذلك تتم املراجعة و التنقيح لتم ادراجها يف مشروع متكامل مليزانية الدولة ،
-تقوم وزارة المالية من خاللالمديرية العامة للميزانية ب جمع كافة التقديرات من كل الوزارات ويقوم وزير املالية باعداد
املشروع األول للميزانية و يعرضه على الوزير األول الذي يعرضه بدوره على جملس الوزراء .
-و يف األخري يضبط وزير املالية املشروع النهائي للميزانية الذي سيعرض فيما بعد على اجمللس الشعيب الوطين للمصادقة يف
املرحلة الثانية (املوالية ) .
-2مرحلة اعتماد الموازنة العامة في الجزائر (المصادقة ):حيث يودع مشروع الموازنة العامة و قانون المالية مرفقا
جبميع الوثائق لدى المجلس الشعبي الوطني قبل 30سبتمرب ليمر باملراحل التالية :
أوال :يعرض مشروع الميزانية للمناقشة و التعديل و التصويت على مستوى المجلس الشعبي الوطني في أجل أقصاه
47يوما
25
اذا تمت المصادقة على قانون املالية و املوازنة العامة من طرف اجمللس الوطين يقوم رئيس المجلس الشعبي الوطني
بإرسال النص المصوت عليه إىل مجلس األمة ليتم مناقشته و املصادقة عليه يف أجال 20يوما ،
ثانيا :و بعد ذلك يعرض على مجلس االمة للمناقشة و التعديل و التصويت لمدة 20يوما
26
و يف حالة خالف بني الغرفتني (اجمللس الشعيب الوطين وجملس األمة ) يتم إحالة القضية على اللجنة املتساوية األعضاء للفصل
يف اخلالف بني الغرفتني ملدة 8أيام .و إذا مل يتم التوصل إىل حل اخلالف وحلت السنة اجلديدة يف هذه احلالة نطبق مبدأ
امليزانية أالثين عشر و هو ما يسمح للحكومة بتنفيذ نفقات امليزانية اجلديدة ب مبلغ 1على 12للشهر الواحد مقارنة
بالسنة املاضية بالنسبة لنفقات التسيري و 1على 4للثالثي بالنسبة لنفقات التجهيز ...يتواصل العمل هبذه الطريقة حىت
إعادة مشروع امليزانية للحكومة و تعديله و إعادة اعتماده من طرف السلطة التشريعية مرة أخرى
ـ لقد ثار اخلالف حول قانون املالية العامة إذا ما كان قانون دقيق أم ال ،حيث أنه يقرر فحسب اعتماد الربملان ملبالغ اإليرادات
و النفقات الواردة يف امليزانية.
ـ يعد قانون امليزانية قانونا باملعىن العضوي كونه صادرا عن السلطة املختصة بالتشريع.
ـ إن اعتماد الربملان لإليرادات خيتلف عن اعتماده للنفقات :فاإليرادات تقوم احلكومة بتحصيلها ،لكنها ال تلتزم برقم اإليرادات
املطلوبة بل قد تتعداه ،دون إذن مسبق من الربملان بذلك.
ـ و خيتلف األمر يف اعتماد الربملان للنفقات .فال جيوز أن تكون النفقات أكرب من اإليرادات و ال حيق للدولة اعتماد نفقات
باب معني لباب أخر إال مبوافقة الربملان.
ـ و قد تضطر احلكومة إىل طلب نفقات أخرى غري واردة يف امليزانية و ذلك لنشأة وجه جديد لإلنفاق .و لكن يستوجب هذا
موافقة الربملان .
الفرع الثالث -مرحلة تنفيذ الموازنة العامة و الرقابة عليها في الجزائر :
يتم إسناد هذه املهمة إىل وزارة املالية باعتبارها عضوا من أعضاء السلطة التنفيذية ،ومن أجل التنفيذ اجليد للموازنة العامة يتم
إسناد هذه املهمة لفئتني من املوظفني مها األمر بالصرف مثال املدير يف ثانوية و المحاسب العمومي مثال املقتصد يف
ثانوية ،نعرف األمر بالصرف و احملاسب العمومي كما يلي :
اآلمر بالصرف :هم مدراء اهليئات العمومية أي األشخاص املكلفون بإدارة و تسيري هذه اهليئات ،فهو يقوم بعملية
التعاقد ،تصفية الدين ،حتصيل اإليرادات واألمر بصرف النفقات ،من أجل هذه تنفيذ هذه العمليات عليه تقدمي نسخة من
القرار أو مرسوم تعيينه مرفقة بنموذج توقيعه لدى احملاسب ،لكون هذا األخري أي المحاسب ال يعرتف إال باألوامر املوقعة من
قبل األمر بالصرف .
المحاسب العمومي :هو كل شخص يعني قانونا للقيام بالعمليات اخلاصة بأموال الدولة سواء تعلق األمر بتحصيل االيرادات
و دفع النفقات ،كما يعترب حماسبا عموميا كل من يكلف قانونا مبسك احلسابات اخلاصة باألموال العمومية و حراستها ،
27
-القاعدة األساسية يف إجراءات تنفيذ املوازنة العامة :هي الفصل بني وظائف األمر بالصرف و المحاسب العمومي ،حيث
أن هناك استقاللية سلطة األمر بالصرف عن احملاسب العمومي ،و ال ميكن أن يشغل شخص واحد منصب األمر بالصرف و
احملاسب العمومي في نفس الوقت حيث أن األمر بالصرف يقوم بالتنفيذ اإلداري للميزانية العامة والمحاسب يقوم بالتنفيذ
الفعلي ،املايل و احملاسيب للميزانية.
28
ثانيا :بالنسبة إلجراءات حتصيل اإليرادات :فتتثمل يف العمليات التالية :
تتوىل وزارة املالية مهمة تنفيذ امليزانية عن طريق جتميع اإليرادات من خمتلف املصادر و إيداعها يف اخلزينة العمومية و يتم يف
املقابل اإلنفاق لكن حسب احلدود الواردة يف اعتماد امليزانية.
أ :عمليات حتصيل اإليرادات:
كما ذكرنا سابقا ،ختتلف القيمة القانونية لإليرادات الواردة يف امليزانية عن قيمتها فيما يتعلق بالنفقات.
فإجازهتا للنفقات تعين جمرد الرتخيص للحكومة باإلنفاق يف حدود املبالغ اليت مت اعتمادها.
إجازهتا لإليرادات ،حبيث ال متلك هذه عدم حتصيل جزء منها ،وأال تكون قد ارتكبت خطأ حتاسب عليه أمام السلطة
التشريعية.
و يتم حتصيل اإليرادات العامة بواسطة موظفني خمتصني يف وزارة املالية مباشرة أو تابعني جلهات حكومية تتبع وزارة املالية.
و جيب مراعاة عدة قواعد عامة يف عمليات حتصيل اإليرادات العامة تتمثل يف:
ـ أن يتم حتصيل اإليرادات يف مواعيد معينة وطرق معينة وفقا لنص القانون.
ـ جيب حتصيل مستحقات الدولة فور نشوء حقوقها لدى الغري و قد تضمن املشروع حق الدولة يف حتصيل إيراداهتا يف أسرع
وقت ممكن ،بإعطاء احلكومة حق امتياز على أموال املدين عن سائر الدائنني .كما أعطاها احلق يف إجراء احلجز اإلداري
لتحصيل ديوهنا.
ـ و لضمان دقة و سالمة التحصيل ،فانه من املقرر و وفقا للقواعد التنظيمية ،الفصل يف عمليات التحصيل بني املوظفني
املختصني بتحديد مقدار الضريبة ،و اآلخرين املختصني جببايتها.
اإلثبات :و هي عملية إدارية من اختصاص األمر بالصرف و هو اجراء يتم مبوجبه تكريس حق الدائن العمومي أ-
،
اإلحالة على التحصيل :و تعرف بالتصفية و تسمح بتحديد املبلغ الصحيح للديون الواقعة على املدين لفائدة ب-
الدائن العومي و األمر بتحصيلها ،
التحصيل :و هي عملية من اختصاص المحاسب العمومي حبيث يعترب التحصيل اإلجراء الذي يتم مبوجبه ابراء ت-
الديون العمومية
29
يقصد هبا جمموعة االجراءات االزمة ملتابعة أعمال تنفيذ اخلطط و السياسات املوضوعة بقصد التعرف على أية احنرافات و
معاجلتها يف الوقت املناسب ،و احملافظة على املال العام من عمليات االختالس ،الضيع و سوء االستعمال .بالنسبة ألنواع
الرقابة لدينا :
الرقابة االدارية :و هي رقابة داخلية أي رقابة اهليئة التنفيذية على نفسها يف اجلزائر تتم من خالل أجهزة المفتشين الدائمين
على مستوى الوزارة أو االدارة الوصية و من قبل السلطة املالية املختصة من خالل األجهزة التابعة لوزارة المالية واليت تقوم
بالرقابة املالية على مستويني و مها :
-الرقابة املالية على كل الوزارات و اهليئات العمومية و اجلماعات احمللية و تتم من قبل املراقب و احملاسب العمومي .
-1الرقابة على األجهزة املالية نفسها حبيث تتم من قبل املفتشية العامة للمالية .
يعترب مجلس المحاسبة هيئة عليا رقابية منحت هلا سلطات واسعة يف اجملال املايل ،و ميارس رقابة تتعلق بكل مصاحل الدولة و
اجلماعات االقليمية و املؤسسات و املرافق و اهليئات العمومية باختالف أنواعها اليت ختضع لقواعد احملاسبة العامة.
يقصد هبا الرقابة اليت متارسها السلطة التشريعية على نشاط احلكومة هبدف التحقق من مدى صحة عملية تنفيذ قانون
املالية ،أي أن البرلمان ال يقتصر دوره على مناقشة قانون املالية فقط ،وامنا يتعدى ذلك ملراقبة طرق و حجم االنفاق و جماالته
من خالل توجيه أسئلة شفوية ،كتابية و استجواب أعضاء احلكومة و تشكيل جلان حتقيق اذا تعلق األمر بالقضايا العامة .
كما حيق للربملان االستعانة بأجهزة متخصصة كمجلس المحاسبة ،كما حيق للجان املالية استدعاء ممثلي السلطة التنفيذية من
أجل االستماع و الستفسار عن األمور املالية بصفة عامة ،كما قد تتم عن طريق مناقشة احلساب اخلتامي ،و هي تتم من
خالل مرحلتني :
الرقابة أثناء تنفيذ الموازنة :يتم طلب خمتلف التقارير و الوثائق من خالل لجنة الشؤون المالية و االقتصادية و ال ميكن
ألي جهة االمتناع عن ذلك .
-3الرقابة الالحقة لتنفيذ الموازنة:بعد تنفيذ املوازنة و إعداد احلساب اخلتامي،فيحق للسلطة التشريعية التحقق من صحة
تنفيذ املوازنة مدى مطابقتها ملبادئ احملاسبة العمومية و النصوص التشريعية و املالية املعتمدة ،و يف حالة اكتشاف األخطاء و
المخالفات حيق تحريك المسؤولية السياسية ضد الوزراء عن طريق سحب الثقة من الوزير املعين أو احلكومة بأكملها .
30
31