Professional Documents
Culture Documents
ملخص:
إن امليزانية العامة للدولة هي تلك الوثيقة الصادرة من سلطة خمتصة يف الدولة ،واليت يتم بواسطتها
أتطري النشاط املايل للدولة ،املتمثل يف حتصيل اإليرادات و صرف النفقات العمومية ،حيث تتضمن بصفة
تقديرية مبالغ تلك اإليرادات و النفقات املتوقعة خالل السنة املالية املعنية هبا ،و اليت تتوخى احلكومة من
خالهلا أيضا حتقيق أهداف اقتصادية و اجتماعية.
يف ظل املستجدات و التطورات اليت تطرأ على احلياة االقتصادية واملالية على املستوى الداخلي أو
الدويل يتوجب على السلطة املختصة(وزارة املالية) يف إعداد امليزانية العامة للدولة مواكبة هذه املستجدات
مبا يتال ءم مع املوارد املالية املتاحة و األعباء املالية اليت تقع على عاتق الدولة يف جمال اإلنفاق العام والذي
أصبح يطلق عليه حاليا يف اجلزائر مبشروع اإلصالح امليزانيايت اجلديد الذي جتسد بصدور القانون العضوي
رقم 15-18املتعلق بقوانني املالية.
كلمات مفتاحية :امليزانية العامة للدولة ،اإليرادات ،النفقات ،اإلصالح امليزانيايت ،القانون
العضوي ،15-18قوانني املالية.
Abstract:
The state’sgeneral budget isthat document issued by a
competentauthority in the state, throughwhich the financialactivity of the
state isframed, represented in the collection of revenues and the
72
اإلصالح امليزانيايت يف اجلزائر
73
سرابح خالد ،بن عتو بن علي
إن امليزانية العامة للدولة هي تلك الوثيقة الصادرة من سلطة خمتصة يف الدولة،واليت يتم بواسطتها
أتطري النشاط املايل للدولة ،املتمثل يف حتصيل اإليرادات و صرف النفقات العمومية ،حيث تتضمن بصفة
تقديرية مبالغ تلك اإليرادات و النفقات املتوقعة خالل السنة املالية املعنية هبا ،و اليت تتوخى احلكومة من
خالهلا أيضا حتقيق أهداف اقتصادية و اجتماعية.
قد تعرقل بعض الظروف و املستجدات على املستوى الوطين أو الدويل كاألزمات االقتصادية و
املالية العاملية و سوء تسيري املال العام حمليا النشاط اإلداري و االقتصادي واالجتماعي للدولة الذي تسعى
لتحقيقه من خالل بعث املشاريع التنموية يف كل جماالت احلياة العامة ،والذي ال يتأتى إال ابالستخدام
األمثل للموارد املالية العمومية و التحكم يف اإلنفاق العام دون إفراط أو تفريط أو ما يطلق عليه "حوكمة
امليزانية".
يف هذا الصدد ابدرت السلطة التنفيذية يف اجلزائر ممثلة يف وزارة املالية إىل اعتماد مشروع إصالح
النظام امليزانيايت ا لذي يهدف إىل عصرنة هذا النظام من خالل االنتقال من ميزانية البنود أو الوسائل إىل
ميزانية الربامج واألهداف سعيا منها إىل إضفاء الشفافية والفعالية يف التسيري املايل الذي يرتكز على النتائج
واألداء(.)les résultats et la performance
تكللت هذه املبادرة بصدور القانون العضوي رقم 415-18الذي تضمنت أحكامه جماالت
وحدود اإلصالح امليزانيايت سواء من حيث إعداد امليزانية العامة أو من حيث تنفيذها.
من هذا املنطلق نطرح اإلشكالية التالية:ما هي مربرات حتديث النظام امليزانيايت يف اجلزائر؟ وماهي
األهداف املرجوة من هذا اإلصالح؟.
ولإلجابة على هذه اإلشكالية سنتطرق يف حبثنا إىل بيان دوافع و مربرات حتديث وعصرنة النظام
امليزانيايت يف اجلزائر(املبحث األول) ،مث حتديد األهداف املرجوة من هذا اإلصالح على ضوء القانون
العضوي 15-18املتعلق بقوانني املالية (املبحث الثاين).
74
اإلصالح امليزانيايت يف اجلزائر
75
سرابح خالد ،بن عتو بن علي
-التدخالت العمومية.9
إن نفقات التسيري اليت تتضمنها هذه األبواب األربعة توزع يف اجلدول (ب) من امليزانية.10
.2.1.1.2نفقات التجهيز(االستثمار)
هي النفقات ذات الطابع النهائي املخصصة لتنفيذ املخطط الوطين السنوي للتنمية .وهي عبارة عن
االستثمارات ذات الطابع االقتصادي و االجتماعي و اإلداري.
يف اجملال االقتصادي تستخدم أساسا يف الفالحة و الريو إلجناز املنشآت القاعدية يف اجملال اإلداري و
الرتبوي و االجتماعي و الثقايف ،و يف اجملال االجتماعي أصبح السكن يشكل مشكال خطريا اضطر
الدولة للتدخل للتخفيف من حدته ،وترصد االعتمادات املخصصة هلذا الغرض ضمن نفقات
التجهيز،كما ترصد ضمن نفس صنف هذه النفقات االعتمادات املخصصة لتمويل املخططات
البلدية للتنمية(.11)PCD
إن نفقات التجهيز توزع يف اجلدول (ج) من امليزانية العامة للدولةيف ثالثة أبواب هي:
-االستثمارات املنفذة من قبل الدولة.
-إعاانت االستثمار املمنوحة من قبل الدولة.
-النفقات األخرى برأس املال .12
أتسيسا على ما سبق تعد نفقات عمومية ،ابملفهوم التقليدي ،النفقات اليت تنجزها اهليئات العمومية
ابعتبارها أشخاصا معنوية عامة(خاضعة للقانون العام).هذا املفهوم للنفقات العمومية له حمتوى قانوين
ابألساس ،حيث أن الطابع العمومي للنفقات يستمد من الصفة القانونية للهيئات اليت تلتزم هبا ،وهي
اهليئات العمومية ،وليس من غرضها أو املستفيدين منها.
كما يعد هذا املفهوم تقليداي ألنه مستوحى من الفكر التقليدي (أو الكالسيكي) يف جمال املالية
العامة ،والذي يتمحور أساسا حول التفرقة بني النشاط العمومي والنشاط اخلاص ،ومفهوم الدولة
الل يبريالية ،إذ أن هذه األخرية (واهليئات العمومية األخرى) مل تكن مطالبة ابلقيام إال ببعض املهام احملددة و
احملدودة ،اليت خترج بطبيعتها عن دائرة النشاط اخلاص مثل الشرطة ،و القضاء ،و اجليش .فالنفقات
العمومية هبذا املفهوم ،هلا نفس الغرض األساسي و الدائم ،وهو ضمان سري املرافق العامة .ومن مث ،فإن
االهتمام كان منصبا دوما على حجم هذه النفقات (مبالغها) و املوارد الالزمة لتغطيتها .ومبا أن النفقات
العمومية كانت كلها ذات طبيعة إدارية،فإن تصنيفها كان يستند ،بصفة عامة ،إىل الدوائر الوزارية اليت تلتزم
76
اإلصالح امليزانيايت يف اجلزائر
هبا ،13فبالنظر إىل نص املادة 20من القانون العضوي ":1417-84توضع االعتمادات املفتوحة مبوجب
قانون املالية حتت الدوائر الوزارية فيما يتعلق بنفقات التسيري وكذا املتصرفني العموميني الذين يتحملون
مسؤولية العمليات املخططة فيما يتعلق بنفقات االستثمار.
ختصص هذه االعتمادات وتوزع حسب احلاالت على الفصول أو القطاعات اليت تتضمن النفقات
حسب طبيعتها أوغرض استعماهلا وفقا ملدوانت حتدد عن طريق التنظيم".
كما تنص املادة 36من نفس القانون على ما يلي ":حيدد التوزيع بني القطاعات لالعتمادات
املفتوحة واملخصصة للنفقات ذات الطابع النهائي من املخطط السنوي ،مبوجب قانون املالية.16"....15
نستشف من املادتني السابقتني عدم جتانس نفقات التسيري اليت توزع حسب كل دائرة وزارية مع
نفقات التجهيز اليت توزع حسب القطاعات مما ينجر عن سوء التخصيص لنفقات التسيري ونفقات
التجهيز.
.2.1.2تعريف ميزانية النتائج
مت اعتماد ميزانية الربامج أو األهداف ضمن املقاربة اجلديدة لعملية اإلصالح امليزانيايت
املستحدث اليت أوردها القانون العضوي 15-18يف الفقرة الثالثة من املادة 87واليت جاء نصها كما
يلي.... ":تقرير وزاري للمردودية ،توضح من خالله الظروف اليت نفذت فيها الربامج املسجلة يف امليزانية
وكذا مدى بلوغ األهداف املتوقعة اليت يتم قياسها وتتبعها من خالل مؤشرات األداء املرتبطة هبا ،والنتائج
17
احملققة والتفسريات املتعلقة ابلفوارق املعاينة."....
إن هذا االنتقال يف النظام امليزانيايت اجلديد أملته ضرورة االنتقال إىل جودة وفعالية التسيري املايل،
حيث أن ميزانية الوسائل ال تويل اهتماما ابألهداف و العوائد االقتصادية و االجتماعية و اعتبارات كفاءة
اإلنفاق ،و ذلك لكون اإلدارة يف ظل هذه امليزانية هتتم بتفاصيل البنود احملاسبية ،مما يفقدها الرؤية
الصحيحة لتحقيق االسرتاتيجية للسياسة االقتصادية و االجتماعية اليت تسعى امليزانية العامة للدولة
لتحقيقها.وكذلك عدم وجود مقاربة واضحة لتقييم النتائج و حتميل املسؤوليات.
أتسيسا على ما سبق ميكن القول أن ميزانية النتائج أو األهداف هي نظام جديد من أنظمة
امليزانية،تظهر فيه امليزانية ليس مبجرد توزيع النفقات حسب أغراض اإلنفاق و الوحدات اإلدارية املستفيدة
منها ،بل تربط اإلنفاق العمومي مبا ميكن أن حيققه من أهداف حمددة مسبقا يف إطار برانمج واضح و
حمدد زمنيا ،وهذا ما نصت عليه املادة الثانية ( )02من القانون العضوي املتعلق بقوانني املالية كما يلي":
77
سرابح خالد ،بن عتو بن علي
يعد قانون املالية ابلرجوع إىل أتطري و برجمة امليزانية كما هو حمدد يف املادة 05من هذا القانون ،ويساهم
يف جتسيد السياسات العمومية اليت يكون تنفيذها مؤسسا على مبدأ التسيري املتمحور على النتائج ،انطالقا
18
من أهداف واضحة وحمددة وفقا لغاايت املصلحة العامة واليت تكون موضوع تقييم".
من خالل هذه ا ملادة ،فإن ميزانية الربامج و األهداف تقوم على أساس وضع برانمج حمدد
األهدافو اآلجال و االعتمادات املالية املرصدة إلجنازه ،مع إعطاء الفرصة لإلدارة ابختيار البدائل لتحقيق
أهداف الربانمج ،و كذا إجراء عملية تقييم أداء دورية ملقارنة ما مت حتقيقه من أهداف ،ومن مث إقرار
مسؤولية املسريين اإلداريني املكلفني بتنفيذ هذه امليزانية.
.2.2مربرات حتديث وعصرنة النظام امليزانيايت يف اجلزائر
أسفر القانون العضوي 17-84عن عدة اختالالت هيكلية وحماسبية أثر على مسايرة هذا
النظام امليزانيايت على مواكبة التطورات احلاصلة على املستوى الدويل و الوطين يف الظل األزمة االقتصادية
واملالية اليت يشهدها العامل اليوم جراء الركود الذي خلفته جائحة كوروان.
إن هذا الواقع استدعى التفكري يف مجلة من اإلصالحات على املنظومة املالية يف اجلزائر بسبب
عدة عوامل تعترب كمربرات لالنتقال حنو إصالح جديد ميس هيكل امليزانية ومضموهنا.
.1.2.2مربرات اإلصالح املتعلقة بشكل امليزانية
يشكل هيكل امليزانية العامة للدولة يف القانون 17-84قسمني ،أحدمها ميثل اجلانب اإلجيايب املتمثل يف
قسم اإليرادات،و اآلخر ميثل اجلانب السليب املتمثل يف قسم النفقات .و يف القانون اجلزائري تظهر امليزانية
العامة يف قوانني املالية بثالث جداول ،تتمثل يف كل من اجلدول"أ" املتعلق ابإليرادات ،و اجلدول"ب"
املتعلق بنفقات التسيري ،و أخريا اجلدول "ج" املتعلق بنفقات التجهيز ،حيث تنص املادة 06من القانون
17-84السالف الذكر على مايلي " :تتشكل امليزانية العامة للدولة من اإليرادات والنفقات العمومية
النهائية للدولة احملددة سنواي مبوجب قانون املالية و املوزعة وفق األحكام التشريعية و التنظيمية املعمول
هبا".19
إن خاصية عدم التجانس اليت تظهر يف هيكل امليزانية وابألخص يف اجلدول "ب" املتضمن
نفقات التسيري و اجلدول "ج" املتضمن نفقات التجهيز مما قد يؤدي إىل سوء التخصيص بني نفقات
اجلدولني ،هذه االزدواجية يف امليزانية" "Dualité du budgetاستدركها املشرع اجلزائري بتخصيص
جدول واحد يضم موارد الدولة و أعبائها بنص املادة 03من القانون 15-18كما يلي ":حيدد قانون
78
اإلصالح امليزانيايت يف اجلزائر
املالية ابلنبة لسنة مالية طبيعة ومبلغ وختصيص موارد وأعباء الدولة ،20"...وهبذا يكون املشرع قد أفضى
طابع الشفافية والوضوح على هيكلة وثيقة امليزانية العامة.
من بني املربرات الداعية إىل اعتماد هذا اإلصالح امليزانيايت و املتعلق بشكل امليزانية اجلديدة هو
نقص الشفافية يف وثيقة امليزانية اليت تقدمها السلطة التنفيذية ممثلة يف وزارة املالية إىل السلطة التشريعية من
أجل املصادقة عليها ،ويعترب حق الربملان يف اعتماد مشروع امليزانية العامة من أقوى حقوق السلطة
التشريعية ،إذ عن طريق إجازته هلذا املشروع يستطيع مراقبة أعمال السلطة التنفيذية بشكل فعال يف مجيع
اجملاالت،21وعلية فإن النظام املتعلق بواثئق امليزانية اجلديدة يسهل على أعضاء الربملان حتديد العناصر
املكونة لتصنيفات إيرادات الدولة ،وكذلك التصنيفات املتعلقة أبعباء ميزانية الدولة.
فقد حدد املرسومني التنفيذيني 22353-20و 23354-20على التوايل هذه التصنيفات حىت
تكون وثيقة امليزانية العامة سهلة و يتيسر االطالع على مضموهنا من طرف أعضاء الربملان.
.2.2.2مربرات اإلصالح املتعلقة مبضمون امليزانية
لقد مشل إصالح النظام امليزانيايت جوانب عديدة مست مضمون امليزانية العامة للدولة ،سنتناول
أبرزها كما يلي:
.1.2.2.2من حيث دورة امليزانية العامة
ختتص دورة امليزانية العامة سابقا يف اجلزائر من حيث تطبيقها مبدة سنة واحدة أو اثين عشر
شهرا ،وختتلف الدول يف حتديد بداية و هناية هذه املدة ،واجلدير ابلذكر أن قاعدة السنوية يف امليزانية العامة
جتد جذورها التارخيية يف مبد أ سنوية الضريبة الذي اعتمد بشكل واسع يف الضرائب املباشرة بشكل عام
وضريبة الدخل بشكل خاص ،ومنه انتقل إىل امليزانية العامة للدولة ،حبيث أصبحت الدول أتخذ مدة
السنة أساسا حلساابهتا و التعرف على موقفها املايل ،24فهذه املدة ال تسمح بوضع تقديرات أقرب للواقع،
و ذلك عكس إذا كانت مدة امليزانية مت إعدادها ألكثر من سنة ،حيث يصعب تقدير مبالغ امليزانية ،و
ذلك ابلنظر للتغري املستمر للظروف االقتصادية اليت تبىن عليها تلك التقديرات ،فغياب االطار امليزانيايت
املتعدد السنوات أثر على اإلطار االسرتاتيجي الذي ميكن من تسجيل النفقات حسب منطق أولويتها،
وابلتايل ال يسمح للسلطة التنفيذية استشراف واختاذ احللول املناسبة حسب املتطلبات املالية املستجدة،
وهذا ما أكدته املادة 04من املرسوم التنفيذي رقم 25335-20كما يلي ":يهدف اإلطار امليزانيايت
املتوسط املدى إىل:
79
سرابح خالد ،بن عتو بن علي
80
اإلصالح امليزانيايت يف اجلزائر
و تتلخص ميزانية الربانمج( )LE PROGRAMMEاملوكلة إىل املسريين اإلداريني لتنفيذها فيما
يلي:
ـ اسرتاتيجيةسياسة عامةتتضمن:
ـ جمموعة متناسقة من اإلجراءات والتدابري لصاحل هذه االسرتاتيجية Un ensemble cohérent de
dispositifs et de mesures au service de cette stratégie
ـ ـ حتقيق أهداف حمددة تقاس مبؤشرات األداء Poursuivant des objectifs spécifiques,
mesurés par des indicateurs de performance
ـ موارد كافية
des moyens adéquats
ـ خاضع ملسؤولية موظفي الدولة
Placé sous la responsabilité d’agents de l’Etat
.3أهداف اإلصالح امليزانيايت اجلديد
تتطلب حوكمة امليزانية العامة تسيريا قائما على ترشيد اإلنفاق العام ،وذلك من خالل مقارنة
البياانت املالية و املعطيات امليدانية وتقييم مدى مطابقتها للقوانني والتنظيم والقواعد احملاسبية املتعارف
عليها واألهداف احلكومية املخطط هلا .وتتجسد هذه الغاية إبجراء فحوصات موضوعية مستقلة قائمة
على أساس اقتفاء أثر املعطيات و املعلومات يف دورة سري العمليات املالية داخل نظام اهليئة اخلاضعة
للرقابة .وب لورة تلك الفحوصات بشكل تقارير أو عقوابت على املخالفني لتلك القواعد و األهداف من
خالل إقرار املسؤولية اإلدارية واجلزائية ملواجهة كل أشكال الفساد اإلداري واملايل ،وعليه تنص املادة 26
من املرسوم التنفيذي 28414-92على ما يلي ":تعد املصاحل املختصة ،التابعة للوزير املكلف ابمليزانية،
تقريرا ملخصا عاما يوزع على جمموع اإلدارات املعنية ومؤسسات الدولة".
.1.3الرقابة كآلية حملاربة الفساد
إن امليزانية العامة للدولة أصبحت من أهم العوامل املؤثرة يف توجيه االقتصاد الوطين ،إذ تعترب
مبثابة تقديرات أو توقعات لنشاط السلطات التنفيذية يف اجملال املايل ملا ستنفقه أو تتحصل عليه
مستقبال ،فهي ليست ترمجة عن حدث فعلي قائم ولكنها تقدير ملا ينتظر إجراؤه من أحداث مستقبلية عن
اإلنفاق واجلباية إن ممت تنفيذها على أمت ما ُخطط له ،وصودق عليه مبوجب قوانني مالية ،كل نفقة لغايتها
81
سرابح خالد ،بن عتو بن علي
وحصل،وعلى هذا تعددت أنواع الرقابة لضمان حسن التنفيذ واألداء واحلفاظ على املال وكل إيراد إال ُ
العام ،لذا وجب التصدي لظاهرة الفساد املايل بكل أشكاله.
.1.1.3دور أجهزة الرقابة يف مكافحة الفساد املايل
29
هو محاية املال العام وتعزيز الشفافية وحتميل املسؤولية لقد اهلدف من إصدار القانون 01-06
للمسؤولني الذين يسيئون إدارة هذا املال.
فقد نصت املادة األوىل من هذا القانون على ذلك كما يلي ":يهدف هذا القانون إىل ما أييت:
-دعم التدابري الرامية إىل الوقاية من الفساد ومكافحته.
-تعزيز النزاهة و املسؤولية و الشفافية يف تسيري القطاعني العام واخلاص.
-تسهيل ودعم التعاون الدويل واملساعدة التقنية من أجل الوقاية من الفساد ومكافحته ،مبا يف
ذلك اسرتداد املوجودات".30
وابعتبار أجنر ائم الفسادسبب يف إهدار املال العام ،فهي تعد من أكرب املشكالت العاملية اليت جتمع
املؤسسات احمللية والدولية على اعتبارها العقبة الرئيسية أما ما لسري احلسن للمرافق اإلدارية واستمرارية تقدي
اخلدمات للمواطنني على أحسن وجه ،وضماان لتكريس الشفافية يف أداء الوظيفة العامة وتسيري املال العام،
أخذ املشرع اجلزائري على عاتقه إعادة النظر يف السياسة املالية مبا يتالءم وترشيد النفقات العمومية.
جاء يف نص املادة 134من األمر 3111-03ما يلي" :تطبق العقوابت السارية على النصب ،على
كل شخص خالف يف تصرفه ،سواء حلسابه اخلاص أو حلساب شخص معنوي ،أحد أحكام املواد 76
و 80و 81من هذا األمر".
وإذ ا كانت األنظمة القانونية جلميع الدول تتضمن النص على الرقابة املالية السابقة على تنفيذ امليزانية
بوجه عام وعلى تنفيذ النفقات العامة بوجه خاص؛ فإهنا ليست جمتمعة على الكيفيات اليت متارس هبا هذه
الرقابة واجلهة اليت تتوالها.
ففي إيطاليا مثال يتوىل الرقابة املالية على تنفيذ النفقات العمومية مندوبون من حمكمة احملاسبات ،ويف
إجنلرتا يراقب االلتزام ابلنفقات العمومية مكتب "املراقب املدقق العام" الذي يقوم مقام حماكم احملاسبات يف
الدول األخرى اليت توجد هبا هذه احملاكم.32
82
اإلصالح امليزانيايت يف اجلزائر
ويف فرنسا ومصر واجلزائر ،فإن مهمة الرقابة السابقة عل تنفيذ النفقات العمومية تعود إىل وزارة املالية
اليت متارسها من خالل ممثلها على مستوى كافة الوزارات واهليئات واملؤسسات العمومية ،والذي تطلق عليه
يف هذه الدول تسمية "املراقب املايل" (.)Le Contrôleur Financier
.2.1.3آليات الرقابة على التسيري املايل
تتولىأجهزة خمتلفة مراقبة التسيير املايل واحملاسيب ملصاحل الدولة ،وهذا وفقا لإلجراءات املنصوص عليها ،ومن
هذه األجهزة املفتشية العامة للمالية اليت حددت صالحياهتا مبوجب املرسوم التنفيذي رقم ،33272-08
حيث نصت املادة 02علىأنه " :متارس رقابة املفتشية العامة للمالية على التسيير املايل واحملاسيب على
مصاحل الدولةواجلماعااتإلقليميةوكذا اهليئات واملؤسسات اخلاضعةلقواعداحملاسبةالعمومية".
إانلعملعلىتنفيذأوصرفالنفقااتلعامةامللتزمبها،يستوجباتباعإجراءاتومراحلقانونية،ومنضمنهاإخضاعهاللرق
ابةاملاليةاملسبقةللمراقباملايل ،أي أن توقيت الرقابة يكون ابلتحديد قبل القيام بعملية صرف النفقة وقبل
االلتزام القانوين هبا ،والذي يطلق عليه البعض "االرتباط ابلنفقة" أوعقدها(،)Engagementوهو عبارة
عن الواقعة املادية أو القانونية اليت ترتب التزاما على عاتق اإلدارة العامة (تعيني موظف أو إبرام صفقة مع
مقاول) ،أي ميالد ووجود دين يف ذمة اإلدارة العامة.
وابلرجوع إىل املرسوم التنفيذي رقم 34374-09جند أن املشرع اجلزائري أسند إىل املراقب املايل
مهمة الرقابة البعدية (الالحقة) على بعض النفقات املتعلقة بعمليات ممولة من ميزانية الدولة ،يتأكد من
خالهلا من سالمة اإلجراءات القانونية اليت حتددها خمتلف القوانني واألنظمة املعمول هبا.
.2.3مسؤولية اآلمرين ابلصرف على تنفيذ امليزانية
مبجرد أن يتم حتديد هذا اإلطار العام من قبل مسؤول الربانمج ،ينظم مسؤول النشاط طريقة
إعداد مشروعه جبميع مصاحله ،من خالل اقرتاح برجمة للعمليات الذي ستكون مرتبطة ابألهداف
واملؤشرات والقيم املستهدفة وامليزانية التقديرية املوافقة.
تسمح املقرتحات املعدة من قبل املصاحل بتفحص املشروع بشكل عام مع مجيع املتدخلني ،مما
يضمن أن األهداف والربجمة املختارة للعمل مناسبة مع اإلطار املعتمد من قبل مسؤول الربانمج.
.1.2.3مهام اآلمرين ابلصرف
نصت املادة 02من املرسوم التنفيذي رقم 35404-20على مهام اآلمر ابلصرف يف امليزانية
اجلديدة كما يلي":العمليات املتعلقة بتسيري وتفويض االعتمادات املالية من اختصاص اآلمرين ابلصرف.
83
سرابح خالد ،بن عتو بن علي
يتوىل اآلمرون ابلصرف برجمة وتوزيع ووضع االعتمادات املالية حتت التصرف ،ويلتزمون ابلنفقات
ويقومون بتصفيتها واألمر بصرفها أو حترير احلواالت"
وعليه يتوىل اآلمر ابلصرف املرحلة اإلدارية املتمثلة يف:
-مرحلة االلتزام ابلنفقة:يقصد اباللتزام ابلنفقة السبب الذي جيعل اإلدارة مدينة مببلغ من النفقات
العمومية جتاه شخص أخر يدعى الدائن ابلنفقة.
-مرحلة تصفية النفقة :و يقصد هبا إثبات أداء دائن اإلدارة ما عليه من خدمة من جهة و كذا حساب
مبلغ النفقة بناء على مقدار تلك اخلدمة.
-مرحلة حترير حوالة الدفع :يقصد حبوالة الدفع الوثيقة اليت يصدرها اآلمر ابلصرف و اليت تبني مبلغ
النفقة ( املطابق للعم ل املنجز) و اسم املستفيد من النفقة ،و إرساهلا للمحاسب العمومي قصد القيام
بدفع مبلغ النفقة للدائن املستفيد منها.
.2.2.3مسؤولية اآلمرين ابلصرف على حسن األداء وتنفيذ الربامج
خول املشرع جمللس احملاسبة صالحية توقيع غرامات مالية ضد اآلمرين ابلصرف ،يف حالة أتخريهم أو
رفضهم تقدي احلساابت واملستندات الثبوتية الالزمة لذلك يف اآلجال احملددة ،ترتاوح ما بني1000دج
و 10.000دج ،وميكن أن تشدد العقوبة يف حالة جتاوز اآلجال اجلديدة املقررة وهذا عن طريق توقيع
إكراه مايل يقدر مبائة 100دج عن كل يوم أتخريه ملدة ال تتجاوز ستني يوما ،وبتجاوز هذه املدة ميكن
أن يكيف موقف اآلمر ابلصرف على أنه عرقلة لسري العدالة ،وتطبق عليه ابلتايل األحكام اليت يقررها
قانون العقوابت،ويطلب جملس احملاسبة من السلطات اإلدارية املعنية تعيني عون جديد يكلف بتقدي
احلساابت بدال منه يف أجل حمدد.
لقد ألزم قانون العضوي 15-18اآلمرين ابلصرف إعداد تقارير دورية عن مدى سري الربامج
املوكلة هلم حتت طائلة توقيع اجلزاءات يف حال أي إخالل بواجباهتم.
.4خامتة:
إن اإلصالح الذي ورد يف القانون العضوي 15-18يعترب جماال لتصحيح كافة االختالالت اليت
عرفها القانون العضوي السابق ،17-84حيث مت عصرنة النظام املايل من خالل اإلصالحات املتعلقة
ابمليزانية العامة للدولة يف اجلزائر يف مجيع جوانبها ،سواء تعلق األمر إبعدادها أو شكلها أو مضموهنا أو
84
اإلصالح امليزانيايت يف اجلزائر
دورهتا وحىت املبادئ اليت حتكمها حىت يتم حتقيق األهداف املرجوة واملتمثلة أساسا يف تسيري نوعي للنشاط
املايل للدولة.
أتسيسا على ما سبق ميكن اقرتاح التوصيات التالية:
-ضرورة تكثيف الدورات التكوينية املتعلقة هبذا اإلصالح يف مجيع اهليئات اإلدارية واملالية.
-إعداد وتفعيل النصوص القانونية اليت جاء هبا القانون العضوي 15-18واليت توضح أهداف
ومربرات هذا اإلصالح امليزانيايت.
-نشر كل املستجدات املتعلقة ابلتسيري امليزانيايت عرب كافة الوسائط االلكرتونية حىت يتسىن
للمتدخلني يف اجملال املايل التعرف على التقنيات املستحدثة يف تنفيذ امليزانية العامة.
85
سرابح خالد ،بن عتو بن علي
86
اإلصالح امليزانيايت يف اجلزائر
87
سرابح خالد ،بن عتو بن علي
اهلوامش:
-1أمحد خلف حسني الدخيل ،املالية العامة من منظور قانوين ،املؤسسة احلديثة للكتاب ،الطبعة األوىل ،طرابلس ،لبنان،2019 ،
ص .191
-2صفوت عبد السالم عوض هللا ،علم املالية العامة ،دار النهضة العربية ،د.ط ،القاهرة ،د.س.ن ،ص.267
-3صفوت عبد السالم عوض هللا ،املرجع نفسه ،ص .268
-4القانون العضوي رقم 15-18املؤرخ يف 22ذي احلجة 1439ه املوافق 02سبتمرب 2018متعلق بقوانني املالية،اجلريدة
الرمسية للجمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية ،عدد ،53صادر يف 02سبتمرب 2018م ،ص .9
-5القانون 21-90املؤرخ يف 14حمرم 1411هـ املوافق 15أوت ،1990يتعلق ابحملاسبة العمومية ،اجلريدة الرمسية للجمهورية
اجلزائرية الدميقراطية الشعبية ،عدد ،35صادر يف 15أوت 1990م ،ص .1131
-6صفوت عبد السالم عوض هللا ،املرجع السابق ،ص .269
-7القانون 17-84املؤرخ يف 08شوال 1404املوافق 07جويلية 1984املتعلق بقوانني املالية،اجلريدة الرمسية للجمهورية
اجلزائرية الدميقراطية الشعبية ،الصادرة يف 11شوال 1404املوافق 10جويلية ،1984العدد ،28ص .1040
-8أعمر حيياوي ،مسامهة يف دراسة املالية العامة " النظرية العامة وفقا للتطورات الراهنة" ،دار هومة ، 2010،ص .46
89
سرابح خالد ،بن عتو بن علي
-32حسن عواضة ،املالية العامة " دراسة مقارنة" ،دار النهضة العربية ،بريوت ،لبنان ،الطبعة ،1973، 03ص.262
-33املرسوم التنفيذي رقم 272 -08املؤرخ يف 6رمضان 1429هـ املوافق 6سبتمرب 2008م ،حيدد صالحيات املفتشية العامة
للمالية ،اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية ،العدد50الصادر يف 7رمضان 1429هـ املوافق 7سبتمرب 2008م،
ص .8
-34املرسوم التنفيذي رقم 374-09املؤرخ يف 28ذي القعدة 1430املوافق 16نوفمرب ،2009يعدل و يتمم املرسوم التنفيذي
رقم 414 -92املؤرخ يف 14نوفمرب 1992واملتعلق ابلرقابة السابقة للنفقات اليت يلتزم هبا ،اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية
الدميقراطية الشعبية ،العدد ، 67الصادرة يف 02ذي احلجة 1430املوافق 19نوفمرب ، 2009ص.ص.7 -3.
-35املرسوم التنفيذي رقم 404 -20املؤرخ يف 14مجادى األوىل 1442ه ـ املوافق 29ديسمرب 2020م حيدد كيفيات تسيري
وتفويض االعتمادات املالية ،اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية ،العدد ، 19الصادرة يف 14مجادى األوىل
1442ه ـ املوافق 29ديسمرب 2020م ،ص .19
90