You are on page 1of 38

‫جامعة ابن زهر‬

‫المدرسة العليا للتكنولوجيا‬


‫العيون‬
‫مسلك تقنيات القانون‬

‫المالية العامة‬

‫األستاذ‪ :‬دمحم سالم بونعاج‬

‫السنة الجامعية‪9191-9102 :‬‬

‫‪1‬‬
‫تــــقـــديـــــــــــــم‬

‫لقد أصبحت السياسات العمومية أكثر تركيزا على المالية العامة‪ ،‬وذلك ما يفسر الحديث‬
‫عن "الحكامة المالية العامة‪ ".‬يتعلق األمر هنا بدراسة مالية الدولة التي تعتبر ‪ -‬نحن‬
‫المواطنين ‪ -‬الممولين لها من خالل الضرائب التي تدفعها ومختلف الرسوم‪ .‬لقد أدت مختلف‬
‫األزمات التي كانت تضرب كل مرة االقتصاد الوطني إلى اختالل في التوازنات المالية‪،‬‬
‫حيث عرفت النفقات واإليرادات تطورا متعاكسا من خالل الزيادة في اإلنفاق العام و‬
‫انخفاض اإليرادات‪ ،‬وهو ما يصطلح عليه في علم االقتصاد بظاهرة "أثرالمقص‪ . " 1‬وعلى‬
‫سبيل المثال فقد سجل رصيد الميزانية تدهورا كبيرا سنة ‪ 1122‬بسبب سياق اتسم باعتدال‬
‫الموارد الجبائية وضغط تصاعدي على النفقات‪ .‬مما حتم على الحكومة اعتبارا من سنة‬
‫‪ 1122‬اتخاذ إجراءات الحتواء الزيادة في النفقات بالتركيز على نفقات المقاصة والتحويالت‬
‫المخصصة للمقاوالت والمؤسسات العمومية‪.‬‬
‫و قد عرفت المالية عجزا كبيرا‪ ،‬وكان الحل األسهل هو االقتراض‪ ،‬وهو يتزايد أيضا بشكل‬
‫كبير‪ .‬وهكذا‪ ،‬انتقل الدين العمومي للمغرب الذي يشمل مديونية الخزينة العامة والمؤسسات‬
‫العمومية والجماعات الترابية من ‪ %21‬من الناتج الداخلي الخام سنة ‪ 1122‬إلى ‪% 21.1‬‬
‫سنة ‪ ،1122‬ومن المنتظر أن يواصل في منحى تصاعدي‪.2‬‬
‫ويعتبر الدين العمومي من أخطر اإلشكاالت المالية والتدبيرية التي تواجهها الدول‬
‫والحكومات بشكل عام وهو من المؤشرات الدالة على عدم قدرة الحكومات على تعبئة موارد‬
‫مالية إضافية تستجيب لتطور نفقات الدولة‪.‬‬
‫يشير مصطلح المالية العامة إلى مالية الدولة‪ ،‬ومالية الجماعات الترابية (الجماعات‬
‫والعماالت واألقاليم والجهات)‪ ،‬فضال عن مالية المنظمات التي تعنى بالحماية االجتماعية كما‬
‫هو الحال في فرنسا‪ .‬والمالية العامة هي أيضا هي أيضا مختلف الموارد والنفقات لكل هذه‬
‫المكونات والتي يمكن أن نعير عنها بمصطلح " المال العام"‬
‫تتشكل الموارد أساسا من الضرائب (الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على‬
‫الشركات والضريبة على الدخل ) وموارد غير ضريبة وغيرها من الموارد‪.‬‬
‫ويمثل استخدام األموال العامة ما يسمى باإلنفاق العام‪ .‬وهو يشمل على سبيل المثال‪،‬‬
‫نفقات الدولة (الجامعات‪ ،‬وما إلى ذلك)‪ .‬والجماعات الترابية (تمويل المسبح البلدي‪ ،‬وما إلى‬
‫ذلك) ‪ ،‬ونفقات منظمات الضمان االجتماعي (تعويضات األدوية التي يحددها الطبيب)‪ .‬إلخ‪.‬‬
‫وتحتل المالية العامة مكانة خاصة تميزها عن غيرها‪ ،‬مما تطلب إرساء قواعد رقابة‬
‫صارمة لضمان استخدامها السليم‪ .‬فال ينبغي إهدار األموال العامة أو إختالسها‪ .‬ولهذا‬
‫الغرض توجد أجهزة إدارية وقضائية وغيرهما مكلفة بمراقبة انتظام العمليات التي يقوم بها‬
‫القطاع العام (المفتشية العامة للمالية والمجلس األعلى للحسابات‪.)...‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬في مجال التدبير المالي‪ ،‬ظاهرة "أثر المقص" يتطور فيها حجم المنتجات والنفقات للشركة بطريقة متعاكسة‪.‬وغالبا مايكون التمثيل المبياني‬
‫لها على شكل صورة مقص ‪.‬‬
‫‪ -2‬بورايت السعدية‪ :‬محاضرات في المالية العامة‪ ،‬كلية الحقوق بجامعة القاضي عياض مراكش‪،‬السنة الجامعية ‪8102/8102‬‬

‫‪2‬‬
‫وإذا كان من البديهي أن القرار السياسي يخص ممثلي المواطنين‪ .‬فيجب اعتماد ميزانية‬
‫الدولة من قبل البرلمان‪ ،‬وبالمثل‪ ،‬يجب اعتماد ميزانية "ميزانية الجماعات الترابية من قبل‬
‫مجالس هذه الجماعات ‪.‬‬
‫لقد بدأ مسلسل إصالح المالية العامة في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي بعد‬
‫حدوث األزمة االقتصادية التي كان من نتائجها المباشرة حدوث أزمة مالية عامة‪ .‬فزاد‬
‫اإلنفاق العام دون أن يواكبه زيادة اإليرادات الحكومية حتى صارت ظاهرة دولية‪ .‬وبدأ‬
‫إصالح المالية العامة في البلدان المتقدمة وال زال مستمرا حتى اليوم في البلدان النامية‬
‫والناشئة‪.‬‬
‫إن ما يميز االصالحات الراهنة للمالية العامة هو استلهامها في تدبيرها للمرافق العمومية‬
‫لألساليب السائدة في القطاع الخاص‪.‬وهو ما يصطلح عليه بالتدبير العمومي الحديث " ‪La‬‬
‫‪ "nouvelle gestion publique‬باللغة الفرنسية أو " ‪"New public management‬‬
‫باللغة االنجليزية‪ .‬وتجدر اإلشارة أن هذا اإلصالح متعدد الجوانب ويخص جميع بلدان‬
‫العالم‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬جاء إصالح المالية العامة بالمغرب بإصدار ترسانة مهمة من القوانين‬
‫بعد اإلصالح الدستوري لسنة ‪ .1122‬ويتعلق األمر على وجه الخصوص بالقانون التنظيمي‬
‫لقانون المالية رقم ‪ 221-22‬والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية (القانون رقم ‪222.21‬‬
‫المتعلق بالجماعات ورقم ‪ 221.21‬المتعلق بالعماالت واألقاليم والقانون رقم ‪222.21‬‬
‫المتعلق بالجماعات )‪.‬‬
‫ال شك أن القانون التنظيمي لقانون المالية ‪ 221 -22‬والذي يعتبر بمثابة دستور المالية قد‬
‫جاء بمجموعة من المستجدات لم يتضمنها القانون التنظيمي السابق ‪ .2..2‬من بينها تبويب‬
‫الميزانية والبعد الجهوي للقانون التنظيمي لقانون المالية و مبدأ صدقية الميزانية وتحويل‬
‫االعتمادات والمحاسبة العامة والميزانياتية وغيرها‪ .‬وإذا كان من المنطقي القول هذا القانون‬
‫يمثل منعطفا كبيرا على مستوى تدبير المالية العامة على وجه الخصوص والشأن العام بصفة‬
‫عامة‪ ،‬فإن تنزيله الفعلي على أرض الواقع يبقى المحك الحقيقي لبلوغ األهداف المتوخاة من‬
‫هذا اإلصالح‪.‬‬
‫والدراسة موضوع المالية العامة ارتاينا أن نقسم هذا العمل إلى قسمين ‪:‬‬
‫‪ -‬القسم األول يتعلق باإلطار العام للمالية العامة‪،‬‬
‫القسم الثاني تم تخصيصه إلعداد قانون المالية ومراقبة تنفيذه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪3‬‬
‫القسم األول ‪ :‬اإلطار العالم للمالية العامة‬

‫في هذا القسم سنحاول أن نقارب المالية العامة من خالل استجالء مختلف جوانبها‬
‫بالتركيز على مختلف مراحل تطورها في ارتباطها بمفهوم الدولة‪.‬‬
‫كما أن تأصيل مفهوم المالية العامة سيساعد ال محالة على اإلحاطة بها وتبديد الغموض‬
‫الذي قد يعتريها ‪ .‬وهذا لن يكون كافيا دون البحث عن عالقتها بمختلف العلوم وخاصة أننا‬
‫نعلم أن المالية العامة تستدعي مختلف التخصصات لفهمها‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬لن يسع لنا‬
‫المجال لدراسة مختلف العلوم‪ ،‬بل سنقتصر على أهمها وما نرى فيه فائدة لدراستنا ويخدم‬
‫الجانب البيداغوجي في ذات الوقت‪.‬‬
‫وإذا كان هذا هو الحال بالنسبة للفصل األول من هذا القسم‪ ،‬فإن الفصل الثاني سيكون أقل‬
‫عمومية من خالل التركيز على القانون التنظيمي لقانون المالية رقم ‪ 221-22‬الذي هو‬
‫بمثابة دستور للمالية ( ‪ )La petite constitution‬كما يصطلح عليه في اللغة الفرنسية ‪.‬‬
‫فهو سيمكنن ا من دراسة قانون المالية على ضوء مقتضياته‪ .‬إذ أن الركائز التي ينبني عليها‬
‫هذا القانون تبين بوضوح التوجهات العامة للسياسات المالية العامة التي لم تعد في ظل هذه‬
‫المعطيات تتأثر بالمعطى السياسي كما كان سابقا‪ .‬بل إن التيار الجارف الذي يتمثل في‬
‫اإليديولوجية النيوليبرالية يحمل كل ما يجده في طريقه وال يترك هامشا للحرية للسياسي‬
‫بمفهومه التقليدي‪.‬‬
‫وقد جاءت هذه الركائز التي تتمثل في تعزيز نجاعة التدبير العمومي و البرمجة المتعددة‬
‫السنوات وتدبير البرامج والتدبير الميزانياتي المرتكز حول النتائج والتبويب الجديد القائم‬
‫على البرامج والبعد الجهوي ‪ ...‬إلخ لترسيخ الحكامة الديموقراطية‪ ،‬وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن هذا‬
‫التدفق المفاهيمي الجديد لم يكن نابعا من الفاعلين السياسيين في البالد وإنما هي مفاهيم کونية‬
‫عابرة للحدود وال تحمل من حيث الظاهر أي طابع سياسي‪ .‬وهو ما حذا بعدد من المفكرين‬
‫عن التساؤل عن ما إذا ستكون نهاية الديموقراطية مع التنامي السريع لإليديولوجية‬
‫النيوليبرالية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬المالية العامة نشأتها وتطورها‬

‫في هذا الفصل‪ ،‬سنتطرق إلى نشأة المالية العامة وتطورها حتى اصبحت علما قائم الذات‪.‬‬
‫كما أن التحوالت التي عرفتها لم تكن لتحدث عن معزل مفهوم الدولة الذي عرف بدوره‬
‫تحوالت عميقة ابتداء من الدولة الحارسة ومرورا بالدولة التدخلية ودولة الرفاه وانتهاء‬
‫بالدولة المقاولة‪.‬‬
‫وقد عرفت المالية العامة بالمغرب بدورها تطورا كبيرا جاء كتنيجة حتمية للتحوالت‬
‫التي طرأت على مفهوم الدولة والتي تمخض عنها إصالحات كبيرة مست مختلف القطاعات‬
‫العمومية‪ ،‬وقد جاء اإلصالح األخير للمالية العامة ليواكب اإلصالح الدستوري الذي غالبا ما‬
‫يتبعه إصالح مالي يتوج بإصدار قانون تنظيمي لقانون المالية‪.‬‬
‫كما أن هذا اإلصالح تأثر بدوره بالسياق الراهن الذي أصبحت فيه العولة واقعا ال يمكن‬
‫تجاهله‪ .‬ومن هذا المنطلق‪ ،‬أصبح إصالح المالية العامة بالمغرب تحت رحمة سيل عارم من‬
‫المفاهيم الجديدية التي تفتقد إلى الطعم السياسي‪ . )Des notions apolitiques( .‬وهو ما‬
‫انعكس على السياسات العمومية المتبعة والتي لم يكن لها من خيار سوى التناغم مع التوجه‬
‫الليبرالي الجديد )‪.(Néolibéralisme‬‬
‫وحتى يتسنى لنا إلقاء الضوء على مختلف جوانب المالية العامة‪ ،‬سنتطرق في مبحث‬
‫أول لنشأة وتطور المالية العامة ثم نركز في المبحث الثاني على مفهوم المالية العامة‬
‫وعالقتها بالعلوم األخرى‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬نشأة وتطور المالية العامة‬
‫الستجالء مختلف جوانب المالية العامة سيكون من المفيد أن نتطرق لمختلف المراحل‬
‫الساسية التي ساهمت في تطورها وبجعلها تتبلور بشكل يضفي عليها الصبغة العلمية‪ .‬وإذا‬
‫كانت المالية العامة قد عرفت تطورات عبر مختلف المراحل التاريخية المختلفة (المطلب‬
‫األول) فإن التطور الحديث للمالية العامة (المطلب الثاني) يشكل منعطفا كبيرا على مستوى‬
‫المقاربات التي تتناولها بالدرس والتحليل‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬المراحل األولى لنشأة قواعد المالية العامة‬
‫ال شك أن تدبير المالية العامة عرف مقاربات متعددة وتطورا ملحوظا خالل السنوات‬
‫القليلة الماضية‪ .‬وقد جاءت هذه التطورات في إطار مسلسل اإلصالح الذي عرفته المالية‬
‫العامة ومختلف آليات التدبير الميزانياتي الذي فرضته التطورات السياسة واالقتصادية‬
‫واالجتماعية المتسارعة في ظل العولمة السائدة‪.‬‬
‫وقبل أن يتبلور مفهوم المالية العامة في شكله الحالي‪ ،‬ال شك أنه قطع عدة مراحل كباقي‬
‫العلوم األخرى‪ ،‬بدءا من العصور القديمة التي لم تعرف من المالية العامة إال بعض القواعد‬
‫البسيطة والمتناثرة والتي تشكلت في ما بعد وتطورت وكانت أساس المالية العامة كما هو‬
‫متعارف عليها اليوم‪.‬‬
‫وقد عرفت المالية العامة تطورا كبيرا اقترن بمراحل تاريخية محددة ترتبط ارتباطا وثيقا‬
‫بوالدة ونشأة مفهوم الدولة وكذا الوظائف التي تقوم بها خالل كل مرحلة من تلك المراحل‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫فمن البديهي أنه ال وجود لمالية الدولة قبل وجود الدولة ذاتها‪ ،‬وقبل هذا الوجود كانت هناك‬
‫تجم عات عامة اتخذت شكال معينا من أشكال التجمع كانت لها ماليتها نظمتها كل جماعة‬
‫بحسب ظروفها الخاصة الخاضعة لألعراف والقواعد المنظمة لتلك لجماعة‪ .‬فقد كانت الدول‬
‫القديمة‪ ،‬البابلية في العراق و الفرعونية بمصر واإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬تلجأ إلى فرض‬
‫الجزية على الشعوب المغلوبة‪ ،‬وإلى عمل األرقاء للحصول على موارد تنفق منها على‬
‫مرافقها العامة‪ ،‬وقد عرفت مصر الفرعونية الضرائب المباشرة وغير المباشرة على‬
‫المعامالت التجارية و نقل ملكية األراضي‪ .‬كما عرفت اإلمبراطورية الرومانية أيضا أنواعا‬
‫‪.3‬‬
‫معينة من الضرائب كالضريبة على عقود البيع والضريبة على التركات‬
‫أما خالل المرحلة الممتدة من العصور الوسطى وإلى حدود القرن التاسع عشر فقد ظل‬
‫مفهوم المالية مستعصيا على الفكر البشري‪ ،‬إذ لم يستطع التمييز بين المال العام والمال‬
‫الخاص‪ ،‬وبقيت المالية العامة ردحا من الزمن مندمجة مع مالية الحاكم الخاصة وال يمكن‬
‫تمييزها عنهما‪ .‬وكان هذا الغموض يؤدي في كثير من األحيان إلى استيالء الدولة على أموال‬
‫الخواص وأمالكهم واستخدام األفراد في القيام ببعض األعمال العامة مجانا۔‬
‫أما عن المالية العامة في اإلسالم فقد عرفت تطورا ملحوظا خاصة مع ظهور الدولة‬
‫اإل سالمية حيث أصبح الحديث عن بيت مال المسلمين‪ .‬وقد نظم الخليفة عمر بن الخطاب‬
‫بيت المال ووضع هارون الرشيد قواعد مالية مستقرة في الجباية و اإلنفاق‪.‬غير أن تلك‬
‫المالية لم تكن محددة األبواب من نفقات وموارد ‪ ،‬وكانت موارد الدولة اإلسالمية تعتمد على‬
‫تبرعات الصحابة لإلنفاق منها على الفقراء والمساكين‪ .‬ويمكن إجمال مختلف الموارد في‬
‫الزكاة و الغنائم والفيء والجزية‪. 4‬‬
‫أما البوادر الفعلية لتشكيل المالية العامة فقد تزامنت مع الحركات الشعبية والتطور‬
‫الصناعي وخاصة الثورة الصناعية في إنجلترا والثورة الفرنسية اللتين كان لهما األثر األكبر‬
‫في ذلك‪ .‬وقد بدأت توضع له مؤلفات مثل کتاب آدم سميث‪« 5‬ثروة األمم»‪ ،‬و «روح‬
‫‪.6‬‬
‫القوانين» (‪ )De lesprit des lois‬لمونتسيكو‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التطور الحديث للمالية العامة‬
‫وإذا كانت المالية العامة قد عرفت تطورات عبر مختلف المراحل التاريخية‪ ،‬فإن‬
‫التحوالت التي عرفتها في ظل العولمة كانت سريعة جدا وأثرت في مفهومها الذي اتخذ‬
‫أبعادا أخرى تتميز بالتداخل بين مختلف المجاالت والعمليات التي أصبح فيها دور كبير‬
‫للفاعلين على المستويين الوطني والدولي‪.‬‬
‫غير أن اإللمام بالمالية العامة واإلحاطة بها ظل يعتمد على بعد واحد کان ذو صبغة‬
‫قانونية في مرحلة أولى وأضحى اليوم له بعد اقتصادي وتدبيري‪ .‬ويتجلى هذا من خالل‬
‫خضوع قراري االنفاق واستخالص الموارد لمجموعة من المتغيرات الطارئة التي ال يمكن‬

‫أضرين عبد النبی‪ ،‬قانون الميزانية في ضوء القانون التنظيمي للمالية ‪ 311-31‬ونصوصه التطبيقية‪( / Serie textes ed . EMALIV ،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ "juridiques‬العدد ‪ ،612 ،9‬ص ‪ 3‬وما يليها‪.‬‬
‫‪-4‬المرجع نفسه‬
‫‪ -5‬آدم سميث (‪ )3291 - 3261‬فيلسوف أخالقي وعالم اقتصاد اسكتلندي يعد مؤسس علم االقتصاد الكالسيكي ومن رواد االقتصاد السياسي‪ .‬اشتهر بكتابيه‬
‫الكالسيكيين‪" :‬نظرية المشاعر األخالقية" (‪ ،)3279‬وكتاب "بحث في طبيعة ثروة األمم وأسبابها " (‪)3222‬‬
‫‪ -6‬شارل لوي دي سيكوندا المعروف باسم مونتيسكيو (بالفرنسية‪ ،)3277 -3269( Montesquieu :‬فيلسوف فرنسي‪ ،‬صاحب نظرية فصل السلطات‬
‫الذي تعتمده غالبية األنظمة حاليا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫التحكم فيها من قبيل النمو االقتصادي والمطالب االجتماعية إضافة إلى السياق العالمي الذي‬
‫أصبح يشهد تحوالت كبيرة ومتسارعة تنطوي على كثير من المخاطر‪.‬‬
‫كل هذه المسائل ساهمت بشكل كبير في التطور الحديث للمالية العامة‪ .‬وما يميز هذه‬
‫المرحلة هو سيادة مقاربتين متعارضتين‪ ،‬تتجلى األولى في المقاربة الكالسيكية المستمدة من‬
‫تقليد قانوني وديموقراطي يغلب فيه عامل الكفاءة السياسية في تنظيم وعمل السلطة المالية‬
‫من خالل إعطاء دور أكبر للمنتخبين؛ وقد نتج عن تطابق مفهوم المالية العامة مع التشريع‬
‫المالي الحرص على مشروعية العمليات الميزانياتية دون اعتبار فعالية التدبير‪.‬‬
‫أما المقاربة الثانية‪ ،‬وهي حديثة العهد‪ ،‬فهي تجعل من المنطق التدبيري أساسا لها‬
‫وتعطي األولوية للمتطلبات االقتصادية من خالل تغليب عامل الخبرة التقنية لدى أصحاب‬
‫القرار‪.7‬‬
‫إن التعارض بين هاتين المقاربتين سيحتد أكثر مع أزمة دولة الرفاهية ( ‪providence‬‬
‫‪ )Etat‬من خالل ارتفاع األصوات التي تنادي بالفعالية عوض االقتصار على التطبيق‬
‫الصارم للمشروعية والتمسك بالتطبيق الحرفي للقانون دون استحضار البعد التدبيري‪.‬‬
‫ومن نتائج تراجع دولة الرفاهية ضرورة تخفيض العجز المالي وبالتالي ضرورة التحكم‬
‫في النفقات‪ ،‬مما أدى إلى انفتاح التدبير العمومي على ثقافة نجاعة األداء ( ‪la‬‬
‫‪.)performance‬‬
‫وقد تأثرت المالية العامة بشكل مباشر بالتغيرات التي طرأت على مفهوم االقتصاد ‪ -‬أي‬
‫تحريره ‪ -‬انطالقا من النصف الثاني لسنوات ‪ .2.21‬وقد كانت المفاهيم االقتصادية في‬
‫صلب التغيرات التي جاءت نتيجة لالنتقادات التي تم توجيهها للتفسيرات الكينيزية التي تدافع‬
‫عن مفهوم الدولة التدخلية ‪ .‬وقد شملت هذه التغيرات القانون العام في شموليته حيث تأثر‬
‫بدوره بشكل مباشر بالنموذج االقتصادي الجديد الذي أدى إلى االنسحاب التدريجي للدولة من‬
‫تسييرها للمرافق العامة والنهوض بالقطاع الخاص والتعاقد ‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬بدأ الفرق بين‬
‫الدائرتين العمومية والخاصة في التقلص‪ ،‬وأصبح التمييز بينهما يفقد شيئا فشيئا معناه‬
‫التقليدي‪ .‬مما أدى إلى إعادة النظر في اإلطار المفاهيمي القائم‪.8‬‬
‫‪ .‬وفي النهاية‪ ،‬ظهرت مفاهيم جديدة من قبيل الحكامة و الفعالية والتجاعة والشفافية في‬
‫التدبير المالي‪ .‬وأصبحت إشكالية حكامة المالية العامة تنصب على نوع العالقة بين ما هو‬
‫سياسي وما هو تدبيري ‪ -‬بعبارة أخرى‪ ،‬أصبح االهتمام منصبا أكثر على الجوانب التقنية‬
‫عوض الرهان على المبادرة البرلمانية كما كان الحال سابقا‪ .‬وبهذا تم االنتقال من أسلوب‬
‫التدبير المالي بالوسائل إلى التدبير المرتكز على النتائج‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المالية العامة‪ ،‬مفهومها وعالقتها بالعلوم األخرى‬


‫في هذا المبحث سنتطرق لمفهوم المالية العامة (المطلب األول) وعالقتها بالعلوم األخرى‬
‫(المطلب الثاني ) ‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪- M Bouvier, Science des finances publiques : le quiproquo, in Revue Française de Finances‬‬
‫‪Publiques N°133-2014. Cf. Egalement. Les ambiguïtés fatales du droit public financier, in Revue‬‬
‫‪Française de Publiques N 122-2013.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪- NICAISE MEDE Finances publiques .Espace UEMOA/UMOA.Le Harmattan ) Senegal(.2016.pp.18 et s‬‬

‫‪7‬‬
‫‪9‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم المالية العامة‬
‫ال شك أن موضوع المالية العامة ينصب على دراسة النفقات العامة والموارد العامة ويعمل‬
‫على توجيهها بغرض تحقيق أغراض اقتصادية واجتماعية وسياسية‪.‬‬
‫وتتميز المالية بمجموعة من الخصائص تتجلى في سعيها إلى تحقيق المصلحة العامة‪،‬‬
‫وبهذا فهي تبقى اختصاصا محفوظا للسلطة العامة التي غالبا ما تسيرها بقواعد القانون العام‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد ال بد من تمييزها عن المالية الخاصة التي ينصب موضوعها على‬
‫الثروة التي يتصرف فيها األفراد والشركات وتخضع لقواعد القانون الخاص‪( .‬للمزيد من‬
‫المعلومات‪ ،‬أنظر الجدول التالي)‪.‬‬
‫والمالية العامة هي ذلك العلم الذي يسعى إلى تحقيق الحاجة العامة التي تتمثل في‬
‫الطلب الجماعي على السلع والمنتجات والخدمات وإشباعها عن طريق الميزانية العامة‪.‬‬
‫وهذا يستلزم توفر موارد عامة كافية لتغطيتها‪.‬‬
‫والمالية العامة فرع من فروع القانون العام وينصب موضوعها على دراسة القواعد‬
‫والعمليات المتعلقة باألموال العامة‪ .‬فالترکيز على كونها فرعا من فروع القانون العام يجد‬
‫تعليله في إمكانية دراستها انطالقا من الزاويتين االقتصادية والقانونية‪.‬‬
‫فالمالية العامة من الناحية االقتصادية تعتبر ثروة (‪ ،)Richesse‬وهذا ما يجعل دراستها‬
‫تدخل ضمن اختصاصات العلم الذي يدرس الثروة وسلوك اإلنسان وتعامله معها‪ ،‬أي أن‬
‫األمر يتعلق بالعلوم االقتصادية‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فإن هناك فرعا من العلوم االقتصادية يتخذها‬
‫موضوعا لدراسته من منطلق اعتبار هذه الثروة سيولة نقدية واعتمادات وضعت رهن إشارة‬
‫السلطات العمومية‪.‬‬
‫أما الجانب الثاني فيظهر من كون المالية العامة وسيلة عمل السلطات العمومية‪ .‬وبالتالي‬
‫يستوجب هذا إخضاعها لقواعد قانونية خاصة تمكن الدولة من امتالك ثروة بكمية وافرة‬
‫(القواعد الضريبية) وتنظيم حركتها (قواعد الخزينة العامة) واستعمالها وفقا لإلرادة الشعبية‬
‫والمصلحة العامة (قواعد الميزانية)‪10‬۔‬
‫جدول توضيحي يبين الفرق بين المالية العامة والمالية الخاصة‬
‫المالية الخاصة‬ ‫المالية العامة‬ ‫أبرز أوجه االختالف‬
‫‪ -‬تحقيق المصلحة الخاصة‬ ‫‪ -‬تحقيق المصلحة العامة وإشباع‬ ‫من حيث األهداف‬
‫‪ -‬الربح يعد أوليتها‬ ‫الحاجات العامة‬
‫‪ -‬ال تهدف إلى تحقيق الربح‪،‬‬
‫‪ -‬تحصل على مواردها عن‬ ‫‪ -‬تتمتع الدولة بسلطة اإللزام واإلكراه‬ ‫من حيث تحصيل الموارد‬
‫طريق االختيار والتعاقد‬ ‫واألمر و على وسائل القسر واإلجبار‬

‫‪9‬‬
‫‪ .‬كلمة مال (اسم) و جمعها ‪ :‬أموال‪ .‬و المال ‪ :‬كل ما ي ملكه الفرد أو تملکه الجماعة من متاع ‪ ،‬أو عروض تجارة ‪ ،‬أو عقار أو نقود ‪ ،‬أو حيوان‪،‬‬
‫و رجل مال ‪ :‬ذو مال ‪ -‬بيت المال ‪ :‬خزينة الدولة ‪ ،‬توظيف المال ‪ :‬استثماره ‪ ،‬خرج فالن إلى ماله ‪ :‬إلى ضياعه أو إبله کرائم األموال ‪ :‬خيارها‪،‬‬
‫المال المتقول ‪ :‬الشيء المملوك الذي يمكن نقله كالبضائع واألثا والسيارات‪ ،‬المال غير المنقول ‪ ( :‬االقتصاد ) الشيء المملوك الذي ال يمكن نقله‬
‫کاألبنية والعقارات مال الدولة ‪ /‬المال العام ‪ :‬ما تملكه الدولة‪ ،‬ذو مال ‪ :‬غني‪ ،‬رأس المال ‪ ( :‬االقتصاد) جملة المال المستثمر في عمل ما‪ ،‬ويقابلها‬
‫الدخل الذي ينتج منها‪ ،‬تجميد األمو ال ‪ ( :‬االقتصاد ) إجراء تلجأ إله الدول أو المصارف ‪ .‬ال تفرج بمقتضاه عن األرصدة المالية وتوقف سيولتها‬
‫وانتقالها وتقيد حرية السح ب منها ‪ ،‬غسيل األموال ‪ ( :‬االقتصاد ) تحويل أموال غير مشروعة ( ناتجة عن تجارة المخدرات أو السالح أو الجنس)‬
‫إلى أموال مشروعة بتحويلها إلى البنوك ودخولها في أرقام دفترية يمكن سحبها أو تحويلها عبر القنوات المشروعة الستثمارها في أعمال اقتصادية‬
‫مسموح بها ‪ ،‬أمين المال ‪ :‬المسؤول عن المصاريف والمداخيل في جمعية أو‪.‬مؤسسة‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪- Paul Marie Gaudemet & Joel Molinier. Finances publiques. Editions Montchrestienu. 1983, pp.19 et s.‬‬

‫‪8‬‬
‫وبيع منتجاتها‬
‫‪ -‬دخل الفرد يحده مقدار‬ ‫‪ -‬إنفاق السلطات العامة هو الذي‬ ‫من حيث تحديد اإلنفاق‬
‫نفقاته ألن دخله محدود‬ ‫يحدد الموارد ألن الدولة‬
‫تستطيع بما لها من سيادة‬
‫وسلطان أن ترفع من مواردها‬
‫عن طريق الزيادة في أسعار‬
‫الضرائب أو اللجوء إلى‬
‫االقتراض‬
‫‪ -‬تتمتع بمسؤولية ورقابة أوسع المسؤولية والرقابة تكون ذاتية‬ ‫من حيث المسؤولية‬
‫وكل إخالل بها ال يترتب عليها‬ ‫وكل إخالل تترتب عنه‬ ‫والرقابة‬
‫إال اإلفالس‬ ‫عقوبات زجرية تخضع‬
‫لرقابات متعددة ‪ :‬رقابة سابقة‬
‫وبينية والحقة ورقابة من‬
‫سلطات مختلفة‪ ،‬تشريعية‬
‫وإدارية وقضائية وغيرها‬
‫تكون النفقات في حدود الموارد‬ ‫‪ -‬تقوم الدولة أوال بتقدير النفقات‬ ‫من حيث التوازن المالي‬
‫المتوفرة فيتحقق التوازن من‬ ‫التي يتعين عليها صرفها لسير‬
‫خالل تبعية والنفقات للموارد‪.‬‬ ‫المرافق العامة‪،‬‬
‫‪ -‬يتحقق التوازن عن طريق‬
‫تبعية الموارد النفقات‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المفهوم التقليدي للمالية العامة أو مفهوم المالية العامة في إطار الدولة الحارسة‬
‫من منظور الفكر االقتصادي الليبرالي تعكس المالية العامة طبيعة الدولة والدور‬
‫المنوط بها كسلطة عمومية‪ .‬فهي من هذا المنطلق ال تنفق إال بالقدر الذي يتالءم وممارستها‬
‫الختصاصاتها السيادية (األمن‪ ،‬الدفاع ‪،‬العدالة‪ ،‬الشؤون الخارجية‪ )...‬وتنأى بنفسها عن‬
‫الحياة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬بعدم تنصيب نفسها فاعال فيها والتزام الحياد في هذا الشأن‪،‬‬
‫وتسهر كذلك على ضمان التوازن بين الموارد والنفقات‪.‬‬
‫وهنا تطبق قاعدة التوازن التي تنسب إلى كاستون جيز‪ )Gaston Jeze(11‬عندما قال "‬
‫هناك نفقات تجب تغطيتها" ‪II y a des dépenses, il faut les couvrir‬‬
‫فالميزانية حسب هذا التوجه يجب أال تتحمل االختالل في توازنها‪ ،‬سواء أكان بسبب وجود‬
‫فائض فيها أو بسبب وجود عجز فيها ‪.‬‬
‫ف عجز الميزانية يستدعي اللجوء إما إلى إصدار مزيد من النقود دون مراعاة لكمية إنتاج‬
‫السلع والخدمات مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم الذي تكون عواقبه وخيمة على االقتصاد‬

‫‪11‬‬
‫‪- Gaston jeze et Edgard Allix cités par J. Perreau Pradier, l'équilibre budgétaire, Paris, Domat-‬‬
‫‪Montchrestien,1934‬‬

‫‪9‬‬
‫برمته‪ ،‬وإما اللجوء إلى تمويله عن طريق المديونية التي يجب تسديدها في وقت الحق‪ ،‬وهذا‬
‫يعني ما معناه أن قرض اليوم هو ضريبة الغد‪.‬‬
‫كما يجب أن ال تعرف الميزانية فائضا‪ ،‬ألن الفائض في الميزانية ال يعكس مجرد ضعف‬
‫في تقدير الموارد والنفقات‪ ،‬وإنما يمكن تفسيره بمثابة قرار أصدرته الدولة لخصم جزء من‬
‫الثروة الوطنية وتجميدها في الحسابات العمومية مما يؤدي إلى توقيف سيولتها وحركيتها‪،‬‬
‫وبالتالي حرمان السوق من الرواج‪ .‬فلو احتفظ الفاعلون االقتصاديون من منتجين ومستهلكين‬
‫للسلع والخدمات بتلك الثروة وتصرفوا فيها لساعدوا في الحفاظ على النظام االقتصادي‬
‫‪.12‬‬
‫وحيويته‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬المفهوم الحديث للمالية العامة‬
‫إلبراز المفهوم الحديث للمالية العامة سنتطرق تباعا لمفهومها من منظور الدولة التدخلية‬
‫والحكامة الديموقراطية‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم المالية العامة في إطار الدولة التدخلية‬
‫لقد عرفت البنيات السياسية واالقتصادية خالل بداية القرن العشرين تحوالت عميقة تحت‬
‫وطأة الحروب واألزمات االقتصادية واالختالالت المالية‪ .‬وكان من أثارها المباشرة أن‬
‫تراجعت الفلسفة الليبرالية أمام اديولوجيات وسياسات تعطي للدولة دورا أكبر في تدبير‬
‫الشأن العام‪ .‬و بطبيعة الحال‪ ،‬فإن تزايد أختصاصات الدولة وتوسعها انعكس بشكل كبير‬
‫وجلي على قطاع المالية العامة‪ .‬وكان من الطبيعي أن يتعارض المفهوم الحديث للمالية‬
‫العامة في كثير من جوانبه مع الفترة التي ساد خاللها الفكر الليبرالي‪.‬‬
‫وأصبحت المالية من منطلق هذا المفهوم الحديث الذي اكتسبته تعني العلم الذي يدرس‬
‫األنشطة التي تقوم بها الدولة باللجوء إلى توظيف تقنيات خاصة تسمى بالتقنيات المالية‪.‬‬
‫وبهذا لم تعد التكاليف العمومية تتسم بالمحدودية كما كان عليه الحال من قبل‪ ،‬بل أصبحت‬
‫تتدخل بشكل متزايد في تمويل األنشطة االقتصادية‪ ،‬كما أن الموارد المالية لم تعد تقتصر‬
‫على المصادر الجبائية وبالتالى لم تهدف لضمان اشتغال المرافق العمومية األساسية فقط‪.‬‬
‫كما أن المالية العامة لم تعد محايدة أو مستقلة‪ ،‬بل أصبحت في المقابل مندمجة في‬
‫مجموع النسيج االقتصادي وتلعب دورا محوريا تعتمد عليه الدولة في تنزيل سياستها‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫في هذا السياق‪ ،‬أصبحنا نشهد تزايدا مستمرا في حجم النفقات العمومية التي تعتبر إحدى‬
‫القواعد األساسية للمالية العامة‪ ،‬وهذا يجد تفسيره في توسع تدخالت الدولة في الحياة‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ .‬وقد شملت هذه الظاهرة غالبية البلدان التي تبنت هذا التوجه‬
‫الجديد‪.13‬‬
‫ولتغطية هذه النفقات‪ ،‬أصبحت الدولة الحديثة تعتمد على تقنيات جديدة وتلجأ إلى‬
‫االقتطاعات االجبارية‪ .‬وبما أن الضريبة لم تعد تتميز بالحيادية فقد أصبحت من بين الوسائل‬
‫األساسية لتوجيه االقتصاد‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪- NICAISE MEDE. Finances publiques, op. cit. pp. 50‬‬
‫‪13‬‬
‫‪- BELOUCHI Mohamed. Finances publiques, Edition El Joussour, Oujda, 2007, pp. 2 et s.‬‬

‫‪10‬‬
‫وإذا كان من المعروف أن المالية العامة هي بمثابة قانون إداري متخصص قبل أن تصبح‬
‫علما مستقال بذاته وفرعا من فروع القانون العام‪ ،‬فإن هذه الوضعية اختلت بسبب أن المالية‬
‫أصبحت بمثابة المحرك الرئيسي لنموذج الحكامة ‪ ،‬بل وساهمت في تآكل القانون اإلداري‬
‫وتراجعه‪.‬‬
‫يقول غاستون جيز عند حديثه عن مجال تطبيق المالية العامة‪" ،‬أنها‪ ،‬في بعدها القانوني‪،‬‬
‫لم تكن تنفصل في البداية عن القانون اإلداري ‪ .‬حيث لم يتم إدخال التشريع المالي كمادة‬
‫مستقلة وقائمة الذات في برامج اإلجازة في الحقوق بفرنسا إال بموجب مرسوم صادر في ‪11‬‬
‫يوليو ‪ ، 222.‬وبطبيعة الحال‪ ،‬إذا كانت المالية العامة قد اكتسبت استقالليتها بقوة القانون‪،‬‬
‫فإنها ال تزال مرتبطة بشكل كبير بالقانون اإلداري ‪.‬‬
‫كما نجد أيضا أن ذات التوجه يأخذ به جورج فيدل‪ ،‬حيث يرى أن عالقة التقارب بين‬
‫هذين الفرعين من القانون العام تتجسد في الهوية المشتركة للقواعد التي تحكم الموضوع في‬
‫كال التخصصين‪ ،‬وبذلك يستنتج أن القانون المالي العام هو قانون إداري متخصص‪ .‬وفي‬
‫السياق الحالي الذي أ صبحت تسود فيه األيديولوجية النيوليبرالية‪ ،‬لم يعد هناك مجال للتمييز‬
‫بين المالية العامة والتدبير العمومي الحديث‪ ،‬حيث صارا معا يشكالن مفهومين مترادفين‬
‫ضمن مقاربة اقتصادية ليبرالية ورأسمالية‪ .‬ومن هذا المنطلق‪ ،‬يمكن القول إن المالية العامة‬
‫والتدبيرالعمومي الجديد يتفاعالن في إطار عالقة جدلية تشكل فيها المالية نموذجا للمقاربة‬
‫التدبيرية الحديثة والتي أصبحت بدورها تهيمن على مجال المالية العامة‪.14‬‬
‫أما المغرب فقد حاول أن يتبنى هذا التوجه منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي من‬
‫خالل إطالق إصالحات سياسية ومالية‪ ،‬وقطاعية واقتصادية بهدف تسريع وتيرة التنمية‬
‫السوسيو‪-‬اقتصادية للبالد‪.‬‬
‫وفي سياق يتسم بن درة الموارد المالية‪،‬وأمام تزايد حاجيات السكان‪ ،‬باشر المغرب‬
‫إصالحات هيكلية تروم تدعيم الحكامة الجيدة‪ ،‬وتنمية الرأسمال البشري وتعزيز آليات‬
‫التضامن والتماسك االجتماعي و المجالي‪.‬‬
‫و قد توج دستور ‪ 1122‬هذه اإلصالحات عبر إرساء مبدأ الحكامة الجيدة و مأسسة مبادئ‬
‫الشفافية و المحاسبة والمساءلة‪.‬‬
‫أما في ما يتعلق بخصوص المالية العمومية‪ ،‬فقد كرس القانون التنظيمي لقانون المالية‬
‫لسنة ‪ 2..2‬التدبير الميزانياتي القائم على الوسائل و الذي ال يسلط الضوء على النتائج‬
‫والكلفة الفعلية لتنفيذ السياسات العمومية‪.‬‬
‫لذا كان من الضروري إصالح القانون التنظيمي لقانون المالية الذي بفضله انخرط‬
‫المغرب في دينامية إصالح أنظمة المالية العمومية‪ ،‬إسوة بعدد من الدول الرائدة في هذا‬
‫المجال‪ ،‬والمتمثل أساسا في اعتماد التدبير الميزانياتي القائم على النتائج ‪.‬‬
‫وقد کرست أحكام القانون التنظيمي الجديد رقم ‪ 221-22‬لقانون المالية محاور‬
‫اإلصالحات التي تمت مباشرتها منذ سنة ‪ ،1112‬كما بلورت هذه األحكام قواعد تدبيرية تحد‬
‫من النقائص التي كانت تعتري القانون التنظيمي السابق‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪-M. THEVENET. «Finance et management: Domination ou soumission », Revue française de‬‬
‫‪gestion – N 198-199/2009, p.174. [En ligne), URL: https://www.cairn.info/revue-francaise-de-gestion-‬‬
‫‪2009-8-page-173.htm‬‬

‫‪11‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬علم المالية العامة ‪ /‬والعلوم األخرى‬
‫قبل أن نتطرق إلى العالقة التي يمكن أن تجمع بين المالية العامة والعلوم األخرى ‪ ،‬ال بد من‬
‫اإلجابة في البداية على السؤال المتعلق بالصفة العلمية للمالية العامة‪.‬‬
‫وتعتبر الضريبة المورد الرئيسي للميزانية‪ ،‬وهي تغطي في غالب األحيان أكثر من ثلثي‬
‫الميزانية العامة وتشكل حوالي خمس الناتج الداخلي الخام (الضغط الجبائي)‪.‬‬
‫أما في ما يتعلق بانعكاستها على المستوى االجتماعي‪ ،‬فإنها تظهر من خالل اعتماد‬
‫السعر التصاعدي للضريبة توخيا لتحقيق العدالة االجتماعية عن طريق تحميل األغنياء عبئا‬
‫ضريبيا أكبر من العبئ الذي يتحمله ذوي الدخل المحدود‪.‬‬
‫أما على المستوى االقتصادي‪ ،‬فإن تأثيرها يظهر عبر اعتماد مجموعة من اإلجراءات‬
‫التي تصب في صالح القطاع الخاص‪ ،‬وذلك من خالل االمتيازات واإلعفاءات الجبائية التي‬
‫تمنح له بغرض تشجيع االستثمارات التي يقوم بها وتوجيهه في ذات الوقت نحو القطاعات‬
‫والمناطق التي ترى الدولة حاجتها في تلك االستثمارات‪.‬‬
‫إضافة إلى وسائل التمويل التي ذكرنا‪ ،‬فإن الدولة تلجأ أيضا إلى تقنية االقتراض التي‬
‫كانت استثنائية في ظل المالية التقليدية لتمويل نفقاتها‪ .‬وسواء تعلق األمر بالقروض الداخلية‬
‫أو الخارجية‪ ،‬فإنه ال بد من توجيهها نحو االستثمار حتى يتسنى تسديدها الحقا‪ ،‬کما رأينا‬
‫سابقا‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال‪ ،‬سواء تعلق األمر بالدول المتقدمة أو الدول النامية‪ ،‬فإن اللجوء إلى‬
‫االقتراض كان وال زال يلعب دورا مهما في ضبط التوازنات المالية بها‪ .‬وقد أسفرت هذه‬
‫الوضعية الجديدة على بروز نماذج مالية تختلف فيما بينها في طرق معالجة القضايا‬
‫االجتماعية‪ .‬ف منذ نهاية الحرب العالمية الثانية‪ ،‬نجد أن جميع البلدان المتقدمة بما فيها‬
‫مجموعة السبع الحالية (‪ )G715‬قد لجأت إلى االستدانة بدرجات متفاوتة لتعويض جزء من‬
‫نفقاتها العامة‪ .‬وقد تفاحشت هذه الظاهرة بشكل كبير خاصة مع األزمة االقتصادية والمالية‬
‫التي عرفها العالم سنة ‪ . 1112‬ويكفي هنا أن نتذكر حالة اليونان وإسبانيا والبرتغال‬
‫‪...16‬‬
‫وإيرالندا وغيرها‬
‫أما المغرب فإنه قد عرف بفعل تزايد المديونية خالل الثمانينات وتفاقم العجز‬
‫الميزانياتي‪ ،‬حيث‪ ،‬لم يعد‪ ،‬في مقدوره تسديد الديون التي تراكمت عليه‪ .‬والواقع أن المغرب‬
‫لم ينفرد بهذه الوضعية التي طالت جل ما يعرف حاليا بالدول الناشئة‪ ،‬وخاصة في جنوب‬
‫شرق آسيا وأميركا ا لالتينية‪ .‬وقد كانت النتيجة التي تمخضت عن هذه الوضعية هي تطبيق‬
‫برنامج التقويم الهيكلي ‪ Programme )PAS ) d ' ajustement structure‬في صيف‬
‫عام ‪ 2.22‬بعد اتفاق مع صندوق النقد الدولي ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مفهوم المالية العامة و الحكامة الديموقراطية‬

‫‪15‬‬
‫‪ ..‬مجموعة بلدان السبع هي مجموعة للتشاور والشراكة االقتصادية تتكون من سبع دول كانت منذ ‪ 5791‬تعتبر من أكبر القوى االقتصادية‬
‫العالية بهيمنتها على الثلثين من الثروة العالمية وحوالي ‪ % 51‬سنة ‪ .9157‬وهي تتكون من ألمانيا وكندا والواليات المتحدة األمريكية وفرنسا‬
‫والمملكة المتحدة وإيطاليا واليابان‪.‬‬
‫‪16 . Jean-Marie Monnier, la contrainte budgétaire publique et ses transformations In : Sous la direction de jean-‬‬
‫‪Marie Monnier, Finances publiques, 4éme édition, la documentation Francaise, 2018, p.9‬‬

‫‪12‬‬
‫لقد تطرقنا سابقا إلى إشكالية حكامة المالية العامة التي تنصب على نوع العالقة بين ما هو‬
‫سياسي وما هو تدبيري‪ .‬فبعد االنتقادات التي تم توجيهها للنموذج الكينيزي بدأ االنتقال‬
‫تدريجا من أسلوب التدبير المالي بالوسائل إلى التدبير المرتكز على النتائج‪ .‬وأصبح مفهوم‬
‫الحكامة يهيمن على الخطاب على مستوى السياسات العمومية ‪ ،‬ومن بينها على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬المالية العامة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬تمت إعادة النظر في الطرح الذي كان يربط مفهوم الدولة بمفهوم سيادة‬
‫القانون وعلى أولوية تطبيق القانون اإلداري لشرعنة عمل السلطات العمومية ‪ .‬كما أن افتقاد‬
‫النموذج اإل داري الكالسيكي العقالنية في تدبير اإلدارة العمومية أثار تناقضا بين مفهوم‬
‫الدولة في الشكل الذي وصفناه وبين مجموعة من المفاهيم الجديدة التي أصبحت تتكتل في‬
‫بناء أيديولوجي قائم الذات والمتمثل في إيديولوجية التدبير العمومي الحديث‬
‫‪)L ' idéologie manageriale(17‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬المالية العامة علم قائم الذات‬
‫لكي يتسنى التأكيد على أن المالية العامة علم قائم الذات‪ ،‬ال بد من الرجوع الى‬
‫التعريف الذي أعطاه الالند )‪ (André Lalande‬لمفهوم العلم في مؤلفه " ‪vocabulaire‬‬
‫‪"de philosophie‬أنه مجموعة من المعارف واألبحاث التي يوجد بينها مايكفي من‬
‫القواسم المشتركة ودرجة العمومية‪ ،‬ويكون بإمكان المهتمين بها الحصول على استنتاجات‬
‫متطابقة ناتجة عن عالقات موضوعية‪ .‬على ضوء هذا التعريف يمكن القول إن المالية‬
‫العامة علم قائم الذات ألن المعارف المتعلقة بها والمتوفرة في الوقت الراهن تستجيب إلى‬
‫تعريف الالند‪.‬‬
‫فالقاسم المشترك بينها يتجلى من خالل تركيزها على مفهوم "العمليات التي تنصب على‬
‫األموال العمومية"‪ .‬كما أنها بلغت مستوى كافيا من العمومية لعدم اقتصارها فقط على‬
‫الدراسات المونوغرافية المحضة أو على تحليل عمليات مالية محددة من قبيل نظام الضريبة‬
‫على القيمة المضافة أو مسطرة تنفيذ النفقات ‪ ،‬بل تعدت هذا المستوى وبلغت مستوى‬
‫النظرية المالية‪ .‬وبطبيعة الحال فإن هذه النظرية المالية لم يكن أن تتحقق لوال وجود عالقات‬
‫موضوعية بين ظواهر مالية تمكن عدد من الباحثين العاملين في مجالها من التوصل إلى‬
‫استنتاجات متطابقة تؤدي بدورها إلى اكتشاف قوانين مالية حقيقية من منطلق علمي وتقني‬
‫للكلمة ( كما هو الحال بالنسبة لقوانين العلوم البحتة) وليس من منطلق قانوني بالمفهوم‬
‫الوضعي كما هو الحال بالنسبة "للقوانين السياسية ‪".‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬عالقة علم المالية بالعلوم األخرى‬


‫إن الحديث عن عالقة المالية العامة بالعلوم األخرى يبرز مدى محوريتها وتأثيرها فيها‬
‫مثلما تتأثر بدورها بها‪ .‬فإذا كانت المالية العامة تعد مظهرا من المظاهر االجتماعية فهي‬
‫ترتبط بمختلف المظاهر االجتماعية األخرى التي تتمثل في مختلف العلوم من اقتصاد‬

‫‪17 .Saddougui Mohammed. Le droit administratif à l'épreuve de la gouvernance publique. Actes du colioque‬‬
‫‪5éme rencontre de Dakar sur le droit administratif, Faculté des sciences juridiques et politiques, cheikh Anta‬‬
‫‪Diop, Dakar, les 10/11/12 juillet 2019, p.13.‬‬

‫‪13‬‬
‫وسياسة وقانون ومحاسبة وإحصاء وغيرها ‪ .‬وإذا كانت المالية العامة توجد في قلب السياسة‬
‫العمومية‪ ،‬فإنها تخضع للقانون الذي تمنح منه محتوى المفاهيم التي تتشكل منها‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬المالية العامة والقانون‬
‫هناك عالقة وثيقة تربط بين علم المالية العامة والقانون‪ .‬فالقانون هو األداة التنظيمية‬
‫األساسية‪ ،‬التي يلجأ إليها المشرع لوضع القواعد الملزمة‪ ،‬التي يجب السير على هداها‪ ،‬في‬
‫مختلف المبادئ ومنها ميدان المالية العامة‪ ،‬فالقانون يحول الجوانب النظرية للمالية العامة‬
‫كالنفقات العامة والضرائب إلى قواعد قانونية قابلة للتطبيق‪.‬‬
‫ويطلق تعبير التشريع المالي‪ ،‬على مجموعة القوانين واألحكام والقواعد التي تتبعها الدولة‬
‫في إدارة شؤونها المالية والمتعلقة بالموارد العامة والنفقات العامة والميزانية العامة‪ .‬ومن‬
‫أهم فروع التشريع المالي‪ ،‬ما يطلق عليه التشريع الضريبي‪ ،‬الذي يختص بتنظيم القواعد‬
‫واألحكام المتعلقة بالضرائب المختلفة‪.‬‬
‫والتشريع المالي هو فرع من فروع القانون العام‪ ،‬وتربطه صالته واضحة بكل من القانون‬
‫الدستوري واإلداري‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬المالية العامة وعلم االقتصاد‬
‫إن العالقة بين علم المالية العامة وعلم االقتصاد قديمة ومترابطة‪ .‬ومن المعروف أن‬
‫علم االقتصاد ظهر لدراسة المشكلة االقتصادية‪ ،‬وهي مشكلة الندرة‪ ،‬والبحث في كيفية إشباع‬
‫الحاجات اإلنسانية‪ ،‬ومن خالل االستغالل األمثل للموارد االقتصادية المتاحة‪ .‬ويهدف علم‬
‫المالية العامة إلى إشباع الحاجات العامة من خالل دراسة الموارد العامة ذات الحجم‬
‫المحدود‪ ،‬والبحث عن االستخدام السليم لهذه الموارد العامة المحدودة‪ ،‬في تقديم أفضل‬
‫الخدمات‪ .‬فالعالقة بين المالية العامة واالقتصاد‪ ،‬هي عالقة الخاص بالعام‪ ،‬أو عالقة الجزء‬
‫بالكل‪ .‬فهي عالقة تبادلية‪ ،‬يؤثر كل منهما في اآلخر‪ .‬وتتأكد هذه العالقة‪ ،‬إذا ما عرفنا أن‬
‫العالقات المالية‪ ،‬التي تنشأ بمناسبة قيام الدولة بنشاطها‪ ،‬تعكس في الواقع عالقات اقتصادية‪.‬‬
‫فالظاهرة المالية هي في حقيقة األمر ظاهرة اقتصادية‪ ،‬وذلك ألن المتغيرات (الكميات)‬
‫المالية‪ ،‬وهي الموارد العامة والنفقات العامة ليست إال متغيرات (كميات) اقتصادية تؤثر في‬
‫االقتصاد الوطني وتتأثر به‪ .‬وهو ما يعني قيام عالقة تبادلية بين المتغيرات االقتصادية‬
‫والمتغيرات المالية‪ .‬ويترتب على ذلك نتيجتان هامتان‪.‬‬
‫أولها‪ :‬ضرورة خضوع التحليل المالي للتحليل االقتصادي‪ ،‬فالسياسة المالية يجب أن تتحدد‪،‬‬
‫مثل أي سياسة أخرى‪ ،‬بما يترتب عليها من آثار‪ ،‬وهو ما يجب معه إخضاع السياسة المالية‬
‫للتحليل االقتصادي‪ ،‬واالعتماد عليه (أي التحليل االقتصادي) في دراسة آثار المتغيرات‬
‫المالية‪ ،‬وفي ضبطها‪ ،‬وتحديد نطاقها‪ ،‬وغرضها‪.‬‬
‫ويتفرع عن ذلك النتائج الهامة التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يحدد التحليل االقتصادي حجم المتغيرات المالية‪ ،‬وغرض السياسة المالية‪ ،‬في‬
‫ضوء الوضع االقتصادي مقدرا" بمستوى الطلب الفعلي"‪،‬‬
‫ب‪ -‬أن يقدم التحليل االقتصادي ‪ -‬للنظرية المالية والسياسة المالية‪ -‬أدوات التحليل التي‬
‫يمكن االعتماد عليها ‪-‬واستخدامها‪ -‬سواء في مجال الرفاهية‪ ،‬أم في مجال التشغيل والدخل‬
‫الوطني‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أن تشكل السياسة المالية والسياسة االقتصادية معا" وحدة واحدة‪ ،‬وأال يقوم بينهما أي‬
‫تعارض‪ ،‬وأن يقوم بينهما وحدة الهدف‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬المالية العامة وعلم السياسة‪.‬‬
‫العالقة بين المالية العامة والسياسة هي عالقة تأثير متبادل‪ ،‬فالنظام السياسي يؤثر في‬
‫المالية العامة ويضفي عليها طابعه‪ ،‬وكذلك تتأثر المالية العامة بالنظام السياسي وتعكس‬
‫اتجاهاته‪ .‬وتعد في الوقت نفسه‪ ،‬أداة من األدوات التي يستخدمها النظام السياسي التحقيق‬
‫أهدافه‪ .‬فالموارد العامة والنفقات العامة تختلف كما "ونوعا"‪ ،‬تبعا" الختالف النظام السياسي‬
‫القائم في الدولة‪ ،‬واختالف األغراض التي يهدف إليها‪ .‬فهي تختلف كذلك تبعا "لما إذا كانت‬
‫الدولة بسيطة أو مركبة مستقلة أو خاضعة لغيرها من الدول‪ .‬كما تعكس الميزانية العامة‬
‫األهداف السياسية التجاهات نظام الحكم في الدولة‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة ‪ :‬المالية العامة وعلم االجتماع‬
‫إن العالقة بين علم المالية وعلم االجتماع‪ ،‬عالقة قوية واضحة‪ ،‬فهنالك تأثير متبادل بينهما‬
‫ومن المعروف أن الكميات أو المتغيرات المالية‪ ،‬الموارد العامة والنفقات العامة تحدث آثارا"‬
‫اجتماعية‪ ،‬عند انتقالها من وإلى الدولة‪ ،‬سواء أقصدت الدولة تحقيق هذه اآلثار أم لم تقصد‪،‬‬
‫وسواء أتمت هذه الكميات المالية في ظل المالية العامة التقليدية المحايدة (‪ ،‬أم تمت في ظل‬
‫المالية العامة المتدخل الوظيفية المعوضة‪ ،‬في الدول الرأسمالية أو ذات االقتصاديات الموجه‪.‬‬
‫فالنظام االجتماعي يؤثر في النظام المالي ويحدد مساره‪ ،‬والنظام المالي انعكاس للنظام‬
‫االجتماعي‪ ،‬وأداة هامة من أدوات تحقيق أهداف هذا النظام ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬عناصر المالية العامة‬
‫يقصد بعناصر المالية العامة كل من النفقات (الفقرة األولى) والموارد (الفقرة الثانية )‬
‫والميزانية العامة (الفقرة الثالثة)‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬النفقات العامة ‪:‬‬
‫تقوم الدولة بهدف إشباع الحاجات العامة وتحقيق منفعة عامة بصرف وإنفاق مبالغ مالية‬
‫تدعی "نفقات عامة" سواء كان ذلك إلنتاج سلع وخدمات أو من خالل توزيع دخول تحويلية‬
‫داخلية أو خارجية لتحقيق أهداف اجتماعية أو اقتصادية كمساعدة األسر محدودة الدخل‬
‫بهدف إعادة توزيع الدخل الوطني وتصحيح االختالالت في الدخول أو من خالل اإلعانات‬
‫التي تقدم بصورة مباشره أو غير مباشرة لألفراد أو بعض وحدات االقتصاد الخاص‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الموارد العامة‬
‫وهي مصادر التمويل التي البد منها لتغطية النفقات العامة وبالتالي لتدبير الموارد‬
‫المالية الالزمة لإلنفاق العام ‪ ،‬وتحصل الدولة على هذه الموارد أساسا من الدخل الوطني في‬
‫حدود ما تسمح به المالية العامة أو من الخارج عند عدم كفاية هذه الطاقة لمواجهة متطلبات‬
‫اإلنفا ق العام ‪ ،‬وقد تعددت أنواع الموارد العامة ‪ ،‬إال أن الجانب األعظم منها يستمد من ثالثة‬
‫مصادر أساسية هي على التوالي موارد الدولة من أمالكها الخاصة ومشروعاتها االقتصادية‬
‫باإلضافة إلى ما تحصل عليه من رسوم نظير تقديم الخدمات العامة ثم تأتي بعد ذلك الموارد‬

‫‪15‬‬
‫السيادية وفي مقدمتها الضرائب‪ ،‬أما المصدرالثالث فهو االئتمان ويمثل القروض المحلية‬
‫والخارجية‪.18‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الميزانية العامة للدولة‪ ،‬تعريفها وتطورها‬
‫لإلحاطة بمفهوم الميزانية‪ ،‬نقوم بتأصيله بداية (أ) وثم نبرز مميزاته (ب) ونتعرض وفي‬
‫األخير لتطوره (ج)‬
‫أ‪ -‬تأصيل المفاهيم ‪ :‬الميزانية ‪ /‬الميزانية العامة‪/‬ميزانية الدولة ‪/‬قانون المالية‬
‫تعريف الميزانية‬
‫الميزانية هي الوثيقة التي يقرر ويؤذن بموجبها‪ ،‬بالنسبة لكل سنة مالية‪ ،‬في مجموع موارد‬
‫وتحمالت الدولة‪.‬‬
‫وهي تنظيم مالي يقابل بين الموارد العامة والنفقات العامة ويحدد العالقة بينهما ويوجههما‬
‫معا لتحقيق السياسة المالية للدولة ‪ ،‬وبمعنى آخر فهي بمثابة البيان المالي لالقتصاد العام‬
‫وعالقته باالقتصاد الوطني ويعتبر خطة مالية تظهر بوثيقة الميزانية التي هي تقدير تفصيلي‬
‫للموارد والنفقات لفترة مقبلة والتي هي عادة لمدة سنة واحدة‪ ،‬ويجري إقرارها من قبل‬
‫السلطة التشريعية‪.‬‬
‫تعريف الميزانية العامة‬
‫تتضمن مجموع موارد وتكاليف الدولة باستثناء تلك المخصصة لميزانيات مرافق‬
‫الدولة المسيرة بصورة وميزانيات الحسابات الخصوصية للخزينة ( الفصل الثالث‬
‫من القانون التنظيمي ‪ 221.22‬لقانون المالية)‬
‫تعريف ميزانية الدولة‬
‫تتضمن المكونات التالية (الميزانية العامة‪ ،‬مصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪،‬‬
‫والحسابات الخصوصية للخزينة )‬
‫تعريف قانون المالية يتضمن شقين‪ :‬شق حسابي‪ ،‬يتمثل في ميزانية الدولة بمختلف‬
‫مكوناتها‪ ،‬وشق قانوني يتمثل في المساطر التي تستهدف تنظيم كافة أوجه النشاط‬
‫المالي للدولة‪.‬‬
‫ب‪ -‬خصائص الميزانية‪.‬‬
‫ت تميز الميزانية عن باقي األعمال التشريعية‪ ،‬فهي عمل توقعي لبرنامج سنة قادمة‪ ،‬تنفذه السلطة‬
‫التنفيذية من خالل خطة مالية ترخصه وتأذن به السلطة التشريعية‪ ،‬تحقيقا لألهداف االقتصادية‬
‫واالجتماعية للدولة‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫ج ‪ -‬تاريخ الميزانية المغربية‬
‫يعود تاريخ أول ميزانية مغربية‪ ،‬بناء على التعريف العصري لهذا المصطلح‪ ،‬إلى سنة ‪،0201‬‬
‫غير أن هذا ال يعني أن المغرب عاش على إيقاع الفراغ فيما يتعلق بالتسيير المالي قبل هذا التاريخ‪.‬‬

‫مجلس األمناء ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬دمحم خالد المهايني‪ ،‬محاضرات في المالية العامة ‪،‬المعهد الوطني لإلدارة العامة الدورة التحضيرية ‪ 1122،‬ص ‪.‬‬
‫‪ - 19‬وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬قانون المالية والميزانية‪،‬‬
‫‪16‬‬
‫تم تشكيل مجلس األمناء في عهد موالي سليمان (‪ ،)0299-0929‬حي كان يخضع لتوجيهات‬
‫أمين األمة‪ ،‬الذي كان يقوم آنذاك بدور وزير المالية‪ .‬وقد كان أمين األمة يتوصل بتقارير المداخيل من‬
‫طرف "أمين الدخل" وبتقارير من "أمين الخرج"‪ ،‬المكلف بإنجاز النفقات وكذلك بتقارير من أمين‬
‫الحسابات المكلف بمراقبة المحاسبات التي يقدمها مختلف األمناء‪ .‬وقد كان يتم تقديم جميع الحسابات‬
‫للسلطان‪ ،‬الذي كان يحولها إلى "البنيقة" التي كانت تقوم حينها بدور "المجلس األعلى للحسابات" ‪.‬‬
‫كانت هناك ثال وحدات مختلفة‪:‬‬
‫بيت مال المسلمين الذي كانت توضع به األموال المتأتية من مختلف المصادر ذات الطابع الديني‬
‫وخصوصا الزكاة واألعشار‪ ،‬دار الدخل (الخزينة العامة)‪ ،‬والتي كانت تتوصل بمنتجات األمالك‪،‬‬
‫المتمثلة في المساهمات اإلدارية التي ليس لها طابع ديني‪ .‬خزينة السلطان‪ ،‬التي كانت تضم الهدايا التي‬
‫يتوصل بها السلطان‪.‬‬
‫الميزانية والقوى االستعمارية‪.‬‬
‫خالل نهاية القرن الماضي‪ ،‬كان المغرب محط أطماع القوى االستعمارية األوروبية‪ ،‬حي شرعت‬
‫هذه القوى‪ ،‬تحت ذريعة مراقبة المديونية‪ ،‬منذ سنة ‪ 0211‬في التدخل في الشؤون المالية للمغرب لصالح‬
‫حاملي شهادات االقتراض برسم هذه السنة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬صارت لدى هذه القوى سلطة قبض بعض‬
‫المداخيل مثل مداخيل الجمارك وحقوق األبواب وأسواق الموانئ وذلك قصد ضمان السير الجيد لقسم‬
‫الديون‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬شرعت فرنسا في اتخاذ القرارات بصفة مباشرة‪ .‬وشيئا فشيئا‪ ،‬ومع اقتراب قوات‬
‫االحتالل الفرنسي‪ ،‬كانت تتكفل السلطة العسكرية بقبض المداخيل بما في ذلك تلك التي لها طابع ديني‪،‬‬
‫كما كانت تقوم بالتكفل بالنفقات في المناطق التي وقعت تحت سيطرتها‪ ،‬وذلك منذ سنة ‪ 0219‬بجهة‬
‫وجدة وانطالقا من سنة ‪ 0212‬بجهة الشاوية‪.‬‬
‫أولى الميزانيات المغربية‬
‫تم وضع أول ميزانية سنة ‪ ، 0201‬وكانت خاصة بمنطقة الشاوية فقط‪ ،‬ثم توسع النظام بعد ذلك‬
‫ليصل إلى جهة مكناس شهر دجنبر من سنة ‪ ،0209‬والرباط وفاس ومراکش شهر يناير ‪ 0201‬ثم إلى‬
‫إقليم تادلة خالل شهر يوليوز من نفس السنة‪ .‬وقد كان من بين أول الخدمات التي قامت بها اإلدارة العامة‬
‫للمالية‪ ،‬التي تم إنشاؤها في يوليوز ‪ ،0201‬هو وضع الميزانية العامة للمملكة الشريفة لسنة ‪-0201‬‬
‫‪ ، 0201‬وقد تكونت هذه الميزانية من توقعات النفقات والمداخيل المتعلقة بكل من المغرب الشرقي‬
‫والمغربي الغربي وكذلك الديون التي تمت إضافتها لتوقعات نفقات الخدمات اإلدارية المركزية‪.‬‬
‫النفقات‪ 91..01.199 :‬فرنك‬
‫المداخيل ‪ 09..12.191 :‬فرنك‬
‫جدير بالذكر أنه منذ سنة ‪ 0211‬استقرت السنة المالية على مدى فترة طويلة (حتى سنة ‪) 0221‬‬
‫وظلت متماشية مع السنة التقويمية ‪.‬‬
‫موارد زنفقات ميزانية ‪9102‬‬ ‫‪.‬‬
‫الموارد المالية لميزانية ‪ 9102‬ومصادرها ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫مبلغه بماليير الدراهم‬ ‫الموارد‬
‫‪ 992..9‬مليار درهم‬ ‫المداخيل الضريبية‬
‫‪ 21.12‬مليار درهم‬ ‫مداخيل الحسابات الخصوصية‬
‫‪ 9..91‬مليار درهم‬ ‫اإلقتراضات‬
‫‪ 91.20‬مليار درهم‬ ‫المداخيل غير الضريبية‬
‫‪ 9.20‬مليار درهم‬ ‫مداخيل مرافق الدولة المسيرة بطريقة غير مستقلة‬

‫‪17‬‬
‫‪ 109.19‬مليار درهم‬ ‫رصيد الميزانية‬
‫نفقات ميزانية ‪9191‬‬
‫مبلغها بماليير الدراهم‬ ‫النفقات‬
‫‪ 901..9‬مليار درهم‬ ‫نفقات التسيير‬
‫‪ 21.11‬مليار درهم‬ ‫نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة‬
‫‪ 12.90‬مليار درهم‬ ‫استهالك الدين العمومي‬
‫‪ 92.11‬مليار درهم‬ ‫نفقات الفوائد والعموالت المتعلقة بالدين العمومي‬
‫‪ 9.20‬مليار درهم‬ ‫نفقات مرافق الدولة المسيرة بطريقة مستقلة‬
‫‪ 111.11‬مليار درهم‬ ‫المجموع‬

‫‪18‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫قانون المالية على ضوء مقتضيات القانون التنظيمي لقوانين المالية‬

‫إذا كان الدستور هو القانون األسمى لتنظيم الدولة‪ ،‬فإن القانون التنظيمي هو دستور‬
‫المالية العامة‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن قانون المالية سيكون مؤطرا بهذين القانونين حسب‬
‫تراتبيتهما )المبح األول)‪ .‬وبناء على مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية فإن‬
‫القانون التنظيمي لقانون المالية رقم ‪ 01.011‬يرتكز على مجموعة من المستجدات التي‬
‫ينفرد بها عن سابقيه من القوانين التنظيمية التي كانت تصدر بمناسبة اإلصالحات‬
‫الدستورية التي عرفها المغرب‪ .‬ويتعلق األمر بتعزيز نجاعة أداء التدبير العمومي والبرمجة‬
‫متعددة السنوات وتدبير البرامج و التدبير الميزانياتي المرتكز حول النتائج و التبويب‬
‫الميزانياتي الذي عرف تعديالت قصد االنتقال من المقاربة المعيارية للنفقات إلى هيكلة‬
‫ميزانياتية قائمة على البرامج ومشاريع مع التركيز على البعد الجهوي (المبح الثاني)‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬اإلطار القانوني لقانون المالية‬
‫يتم إعداد مشروع قانون المالية للسنة باالستناد إلى مجموعة من المقتضيات القانونية‬
‫المنصوص عليها في الدستور وفي القانون التنظيمي لقانون المالية‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬المقتضيات الدستورية‪.‬‬
‫ينص دستور ‪ 9100‬في فصله ‪ 12‬على أن يتحمل كل على قدر استطاعته‪ ،‬التكاليف‬
‫العمومية‪ ،‬التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها‪ .‬ويتعلق األمر بالخصوص بالضرائب التي‬
‫يلزم أن يؤديها كل مكلف بها في إطار ما يفرضه التشريع الضريبي الجاري به العمل‪.‬‬
‫كما أن الدستور في فصله ‪ ،11‬يحمل الجميع‪ ،‬بصفة تضامنية‪ ،‬وبشكل يتناسب مع‬
‫الوسائل التي يتوفرون عليها‪ ،‬التكاليف التي تتطلبها تنمية البالد‪ ،‬وكذا تلك الناتجة عن‬
‫األعباء الناجمة عن اآلفات والكوار الطبيعية التي تصيب البالد‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يأتي إحدا صندوق التكافل العائلي إلعانة بعض الشرائح من المجتمع‬
‫التي تعيش حالة الهشاشة‪ ،‬ومن بينها األرامل والمطلقات المعوزة‪ ،‬وقد تمت المصادقة عليه‬
‫في قانون المالية لسنة ‪ 9100‬و اعتماد ‪ 0.1‬مليون درهم كمجموع الموارد المالية التي‬
‫تخصص للصندوق ويكون مصدرها مداخيل الرسوم القضائية‪ .‬وفي شتنبر ‪ 9102‬وبعد‬
‫الكوار التي ألمت بعدد من المناطق‪ ،‬سارعت الحكومة في إطار يكرس مبدأ التضامن‬
‫الوطني المنصوص عليه في دستور المملكة في الفصل ‪ 11‬إلى إحدا رسم شبه ضريبي‬
‫يسمي "رسم التضامن ضد الوقائع الكارثية" لفائدة صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية‪.‬‬
‫ويتعلق الفصالن ‪ 12‬و ‪ 29‬من الدستور بتداول كل من المجلس الوزاري الذي‬
‫يرأسه الملك في التوجهات العامة لقانون المالية‪ ،‬ويتداول مجلس الحكومة الذي يرأسه‬
‫رئيس الحكومة في مشروع قانون المالية‪.20‬‬
‫‪20‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 57‬من الدستور على‪ :‬يتداول المجلس الوزاري في القضايا والنصوص التالية ‪:‬‬
‫التوجهات االستراتيجية لسياسة الدولة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مشاريع مراجعة الدستور‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مشاريع القوانين التنظيمية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫التوجهات العامة لمشروع قانون المالية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مشاريع القوانين اإلطار المشار إليها في الفصل ‪( 95‬الفقرة الثانية) من هذا الدستور‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪19‬‬
‫أما الفصول ‪ .2‬و‪ 91‬و‪ 99‬من الدستور فهي تحدد الشروط القانونية لتقديم‬
‫مشروع قانون المالية للسنة وتعديله واإلجراءات المتخذة في حالة عدم التصويت عليه‬
‫والمسؤولية المشتركة للحكومة والبرلمان للحفاظ على توازن مالية الدولة وكذا قانون‬
‫التصفية‪.21‬‬
‫‪ -‬مشروع قانون العفو العمال‬
‫‪ -‬مشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري‬
‫‪ -‬إعالن حالة الحصار‬
‫‪ -‬إشهار الحرب‬
‫‪ -‬مشروع المرسوم المشار إليه في الفصل ‪ 515‬من هذا الدستور‬
‫‪ -‬التعيين باقتراح من رئيس الحكومة‪ ،‬وبمبادرة من الوزير المعنى‪ ،‬في الوظائف المدنية التالية‪ :‬والي ينك المغرب‪ ،‬والسفراء والوالة والعمال‪،‬‬
‫والمسؤولين عن اإلدارات المكلفة باألمن الداخلي‪ ،‬والمسؤولين عن المؤسسات والمقاوالت العمومية االستراتيجية‪ .‬وتحدد بقانون تنظيمي الئحة هذه‬
‫المؤسسات والمقاوالت االستراتيجية‪.‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 79‬من دستور ‪ 9155‬على‪ :‬يتداول مجلس الحكومة‪ ،‬تحت رئاسة رئيس الحكومة‪ ،‬في القضايا والنصوص التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬السياسة العامة للدولة قبل عرضها على المجلس الوزاري‪،‬‬
‫‪ -‬السياسات العمومية‪،‬‬
‫‪ -‬السياسات القطاعية‪،‬‬
‫‪ -‬طلب الثقة من مجلس النواب‪ ،‬قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها‪،‬‬
‫‪ -‬القضايا الراهنة المرتبطة بحقوق اإلنسان وبالنظام العام‪،‬‬
‫‪ -‬مشاريع القوانين‪ ،‬ومن بينها مشروع قانون المالية‪ ،‬قبل إيداعها بمكتب مجلس النواب‪ ،‬دون إخالل باألحكام الواردة في الفصل ‪ 57‬من‬
‫هذا الدستور‪،‬‬
‫‪-‬مراسيم القوانين؛‬
‫‪ -‬مشاريع المراسيم التنظيمية‪،‬‬
‫‪ -‬مشاريع المراسيم المشار إليها في الفصول ‪( 51‬الفقرة الثانية) و‪ 55‬و‪( 91‬الفقرة الثالثة ) من هذا الدستور‪،‬‬
‫‪ -‬المعاهدات واالتفاقيات الدولية قبل عرضها على المجلس الوزاري‪،‬‬
‫‪ -‬تعيين الكتاب العا مين‪ ،‬ومديري اإلدارات المركزية باإلدارات العمومية‪ ،‬ورؤساء الجامعات والعمداء‪ ،‬ومديري المدارس والمؤسسات العليا‪.‬‬
‫وللقانون التنظيمي المشار إليه في الفصل ‪ 57‬من هذا الدستور‪ ،‬أن يتمم الئحة الوظائف التي يتم التعيين فيها في مجلس الحكومة‪ .‬ويحدد هذا القانون‬
‫التنظيمي‪ ،‬على وجه الخصوص مبادئ ومعايير التعيين في هذه الوظائف‪ ،‬ال سيما منها مبادئ تكافؤ الفرص واالستحقاق والكفاءة والشفافية‪ .‬يطلع‬
‫رئيس الحكومة الملك على خالصات مداوالت مجلس الحكومة‪.‬‬
‫‪ - -21‬ينص الفصل ‪ 56‬من دستور ‪ 9155‬على أن "جلسات مجلسي البرلمان عمومية‪ ،‬وينشر محضر مناقشات الجلسات العلمة برمته في الجريدة‬
‫الرسمية للبرلمان‪.‬‬
‫لكل من المجلسين أن يعقد اجتماعات سرية‪ ،‬بطلب من رئيس الحكومة‪ ،‬أو بطلب من ثلث أعضائه‪.‬‬
‫جل سات لجان البرلمان سرية‪ ،‬ويحدد النظام الداخلي لمجلسي البرلمان الحاالت والضوابط التي يمكن أن تتعقد فيها اللجان بصفة علنية ‪.‬‬
‫يعقد البرلمان جلسات مشتركة بمجلسيه‪ ،‬وعلى وجه الخصوص في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪-‬افتتاح الملك للدورة التشريعية في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر‪ ،‬واالستماع إلى الخطب الملكية الموجهة للبرلمان‪،‬‬
‫‪ -‬المصادقة على مراجعة المستور وفق أحكام الفصل ‪،595‬‬
‫‪ -‬االستماع إلى التصريحات التي يقدمها رئيس الحكومة‪،‬‬
‫‪-‬عرض مشروع قانون المالية المستوي؛‬
‫‪-‬اإلستماع إلى خطب رؤساء الدول والحكومات األجنبية‬
‫كما يمكن لرئيس الحكومة أن يطلب من رئيسي مجلسي النواب والمستشارين تعقد اجتماعات مشتركة للبرلمان‪ ،‬لالستماع إلى بيانات تتعلق بقضايا‬
‫تكتسي طابعا وطنيا هاما‪.‬‬
‫تنعقد االجتماعات المشتركة برئاسة رئيس مجلس النواب‪ ،‬ويحدد النظام الداخلي للمجلسين كيفيات وضوابط انعقادها‪.‬‬
‫عالوة على الجلسات المشتركة‪ ،‬يمكن للجان الدائمة للبرلمان‪ ،‬إن تعقد اجتماعات مشتركة لالستماع إلى بيانات تتعلق بقضايا تكتسي طبعا وطنيا‬
‫هاما‪ ،‬وذلك وفق ضوابط يحددها النظامان الداخليان للمجلسين‪.‬‬
‫‪ .‬أما الفصل ‪ 91‬فينص على أن "يصدر قانون المالية‪ ،‬الذي يودع باألسبقية لدى مجلس النواب‪ ،‬بالتصويت من قبل البرلمان‪ ،‬وذلك طبق الشروط‬
‫المنصوص عليها في قانون تنظيمي‪ ،‬ويحدد هذا القانون التنظيمي طبيعة المعلومات والوثائق والمعطيات الضرورية لتعزيز المناقشة البرلمانية حول‬
‫مشروع قانون المالية ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬القانون التنظيمي للمالية‬
‫نظرا لألهمية الكبيرة التي يكتسبها القانون التنظيمي لقانون المالية فقد تم اعتباره بمثابة‬
‫دستور للمالية‪ .‬وتتجلى هذه األهمية العالقة التالزمية القائمة بين المراجعة الدستورية‬
‫وإقرار قانون تنظيمي جديد للمالية (الفرع األول)‪ .‬ويشكل القانون ‪ 011-01‬منعطفا كبيرا‬
‫في تطور المالية العامة بالمغرب (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬القانون التنظيمي للمالية دستور مالي للدولة‬
‫يشكل القانون التنظيمي لقانون المالية تتويجا ألحكام الدستور‪ .‬و يرتبط إصالحه‬
‫ارتباطا عضويا باإلصالح الدستوري‪ .‬ويظهر هذا من خالل نشأة و تطور القانون التنظيمي‬
‫للمالية بالمغرب‪:‬‬
‫• القانون التنظيمي األول لقانون المالية ‪02.1‬‬
‫شکل صدور أول دستور للمملكة بتاريخ ‪ 01‬دجنبر ‪ 02.9‬مستهال لسلسلة من‬
‫اإلصالحات األساسية على مستوى اإلطار القانوني المؤطر لميزانية الدولة‪ .‬و کرس الفصل‬
‫‪ 11‬من هذا النص الدستوري مبدأ الترخيص الميزانياتي الذي يضطلع به البرلمان عبر‬
‫تصويته على قانون المالية‪.‬‬
‫وقد شكل دستور ‪ 02.9‬مرجعا العتماد عدد من النصوص القانونية التي تهم مالية‬
‫الدولة‪ ،‬و خاصة الظهير الشريف رقم ‪ 0 . .1 .19.‬الصادر في ‪ 90‬جمادی الثانية‬
‫‪ 2( 0121‬نونبر ‪ )02.1‬بشأن القانون التنظيمي للمالية‪ .‬و الذي يعتبر بمثابة أول دستور‬
‫مالي للدولة‪.‬‬
‫وقد كرس الترابط بين قوانين المالية و المخططات المعتمدة من طرف البرلمان‪ ،‬و‬
‫الفصل بين القواعد والمبادئ الميزانياتية والمالية وتلك المتعلقة بالمحاسبة العامة و نظام‬
‫الصفقات العمومية‪.‬‬
‫القانونان التنظيميان للمالية لسنتي ‪ 0291‬و ‪0299‬‬
‫نجم عن إعالن حالة االستثناء سنة ‪ 02.1‬حل البرلمان‪ ،‬مما نتج عنه عودة ظهور‬
‫الميزانيات بدون ترخيص برلماني خالل هذه الفترة‪ .‬تمخض عن اعتماد دستور ‪0291‬‬
‫صدور الظهير الشريف رقم ‪ 0.91.919‬بتاريخ فاتح شعبان ‪ 1( 0121‬أكتوبر ‪)0291‬‬

‫‪ -‬يصوت البرلمان مرة واحدة على نفقات التجهيز التي يتطلبها‪ ،‬في مجال التنمية‪ ،‬إنجاز المخططات التنموية اإلستراتيجية‪ ،‬والبرامج متعددة‬
‫السنوات‪ ،‬التي تعدها الحكومة وتطلع عليها البرلمان‪ ،‬وعندما يوافق على تلك النفقات‪ ،‬يستمر مفعول الموافقة تلقائيا على النفقات طيلة مدة هذه‬
‫المخططات والبرامج‪ ،‬وللحكومة وحدها الصالحية لتقديم مشاريع قوانين ترمي إلى تغيير ما تمت الموافقة عليه في اإلطار المذكور‪ - .‬إذا لم يتم‬
‫في نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية أو لم يصدر األمر بتنفيذه‪ ،‬بسبب إحالته إلى المحكمة الدستورية‪ ،‬تطبيقا للفصل ‪ 019‬من‬
‫الدستور‪ ،‬فإن الحكومة تفتح بمرسوم االعتمادات الالزمة لسير المرافق العمومية‪ ،‬والقيام بالمهام المنوطة بها‪ ،‬على أساس ماهو مقترح في‬
‫الميزانية المعروضة على الموافقة ‪.‬‬
‫‪ -‬و يسترسل العملية في هذه الحالة‪ ،‬باستخالص المداخيل طبقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجارية عليها‪ ،‬باستثناء المداخيل المقترح إلغاؤها‬
‫في مشروع قانون المالية‪ ،‬أما المداخيل التي ينص المشروع المتكور على تخفيض مقدارها‪ ،‬فتستخلص علي أساس المقدار الجديد المقترح ‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 9.‬ويتعلق بعرض الحكومة سنويا على البرلمان‪ ،‬قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية‪ ،‬خالل السنة الثانية التي تلي كل سنة تنفيذ‬
‫هذا القاتون‪ .‬ويتضمن قانون التصفية حصيلة ميزانيات التجهيز التي انتهت مدة نفاذها‪.‬‬
‫‪ -‬أما الفصل ‪ 99‬فين ص على " يسهر البرلمان والحكومة على الحفاظ على توازن مالية الدولة‪ .‬وللحكومة أن ترفض‪ ،‬بعد بيان األسباب‪،‬‬
‫المقترحات والتعديالت التي يتقدم بها أعضاء البرلمان‪ ،‬إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية‪ ،‬أو إلى إحدا‬
‫تكليف عمومي‪ ،‬أو الزيادة في تكليف موجود‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫بمثابة القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬وتمخض عن اعتماد دستور ‪ 0299‬صدور الظهير رقم‬
‫‪ 0.99.9.1‬بتاريخ ‪ 2‬شعبان ‪ 1( 0129‬اكتوبر ‪ )0299‬بمثابة القانون التنظيمي للمالية‪.‬‬
‫القانون التنظيمي لقانون المالية لسنة ‪0222‬‬
‫تمخض عن اعتماد دستور ‪ 9‬اکتوبر ‪ 022.‬إصدار القانون التنظيمي رقم ‪9.22‬‬
‫لقانون المالية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.22.012‬صادر في ‪ 9‬شعبان‬
‫‪ 9.( 0102‬نوفمبر ‪ .)0222‬كما وقع تغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم ‪ 9.22‬بالقاتون‬
‫التنظيمي رقم ‪ 01.11‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.11.021 .‬بتاريخ ‪ 01‬من‬
‫محرم ‪ 02( 0190‬أبريل ‪ ،)9111‬و الذي تم بموجبه إحدا الفصل الثال المكرر‬
‫المتعلق بمصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪.‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪01.011‬‬
‫استلزم اعتماد الدستور الجديد سنة ‪ 9100‬إصالح القانون التنظيمي رقم ‪ 9.22‬لقانون‬
‫المالية ليتماشى مع المبادئ الدستورية الجديدة المؤطرة للمالية العمومية‪.‬‬
‫وقد تمخض عن اعتماد دستور ‪ 9100‬القانون التنظيمي رقم ‪ 011-01‬لقانون المالية‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.01..9‬بتاريخ ‪ 01‬شعبان ‪ 011.‬الموافق ل‪9‬‬
‫يونيو ‪.9101‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬القانون التنظيمي لقانون المالية رقم ‪31.311‬‬
‫يهدف القانون التنظيمي رقم ‪011-01‬لقانون المالية إلى ‪:‬‬
‫‪ -‬تعزيز دور قانون المالية ليشكل األداة الرئيسية لتنزيل السياسات العمومية‬
‫واالستراتيجيات القطاعية‪ ،‬مما سيمكن من ضمان استدامة التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية والتوزيع العادل لثمار النمو والمحافظة على التوازن المالي للبالد‪،‬‬
‫‪ -‬تقوية الفعالية والنجاعة وانسجام السياسات العمومية وتحسين الخدمة المقدمة‬
‫للمواطنين وكذا تمتين مسؤولية المدبرين العموميين ‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين استدامة المالية العمومية‪ ،‬والمقروئية الميزانياتية‪ ،‬وتقوية شفافية المالية‬
‫العمومية‪ ،‬وتقوية دور البرلمان في المناقشة الميزانياتية ومراقبة وتقييم السياسات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬اعتماد منهجية التدرج في تفعيل القانون ‪31.311‬‬
‫إن دخول أحكام القانون التنظيمي رقم ‪ 01 - 011‬لقانون المالية حيز التنفيذ بدأت سنة‬
‫‪ ،910.‬وهي ال زالت مستمرة إلى حدود ‪ ،9191‬أي على مدى ‪ 1‬سنوات‪ .‬فتطبيقا للمادة‬
‫‪ .2‬من القانون التنظيمي لقانون المالية المتعلقة بدخول أحكام القانون التنظيمي ‪01.011‬‬
‫ابتداء من فاتح يناير ‪ ، 910.‬فإن األحكام التي دخلت حيز التنفيذ أو ستدخل هي كما‬
‫يوضحه الجدول التالي ‪:‬‬
‫السنة المالية مواد القانون التنظيمي لقانون المالية المقتضيات التي دخلت أو ستدخل حيز التنفيذ‬
‫‪ -‬الجدول الزمني الجديد للدراسة والتصويت على‬ ‫‪910.‬‬
‫مشروع قانون المالية ‪.‬‬
‫‪ -‬قانون المالية المعدل ومشروع قانون التصفية‬
‫‪ -‬تقليص عدد أصناف الحسابات المرصدة ألمور‬
‫‪22‬‬
‫خصوصية واعتماد القواعد الجديدة المؤطرة‬
‫إلحداثها واستعمالها‪.‬‬
‫‪ -‬إدراج القواعد الجديدة إلحدا واستعمال مرافق‬
‫الدولة المسيرة بصورة مستقلة‬
‫‪ -‬إرفاق مشروع قانون المالية بتقارير جديدة تتعلق‬
‫بالمذكرة حول التوزيع الجهوي لالستثمار والمذكرة‬
‫حول النفقات المتعلقة بالتكاليف المشتركة‪.‬‬
‫‪ -‬إحدا الفصل الجديد للمتعلق بالتسديدات‬
‫والتخفيضات واإلرجاعات الضريبية‪.‬‬
‫‪ -‬إرفاق قانون التصفية بالتقرير حول الموارد‬
‫المرصدة للجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ -‬منع منح ترخيصات بالتزام مقدما بالنسبة لنفقات‬
‫التسيير من الميزانية العامة‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد محدودية اعتمادات نفقات الموظفين‬ ‫المادة ‪( 12‬الفقرة األول)‬ ‫‪9109‬‬
‫المفتوحة برسم قانون المالية‬
‫‪ -‬الهيكلة الميزانياتية الجديدة للميزانية العامة ومرافق‬ ‫المادة ‪( 10‬فقرة ‪ )9‬و‪( 12‬بند‪)9‬‬ ‫‪9102‬‬
‫الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪.‬‬ ‫و‪12‬و‪11‬و‪10‬و‪( .1‬فقرة ‪)9‬‬
‫‪ -‬والحسابات المرصدة ألمور خصوصية المواد‬
‫‪. 11 - 12 - 12‬‬
‫‪ -‬إغناء المحاسبة الميزانباتية عبر مسك‬
‫المحاسبة العامة المادة ‪10‬‬
‫‪ -‬إيداع مشاريع نجاعة األداء باللجان البرلمانية‬
‫المعنية رفقة مشاريع ميزانيات القطاعات‬
‫الوزارية المادة " ‪" 12‬‬
‫‪ -‬اعتماد البرمجة الميزانياتية لثال سنوات‬ ‫‪ 1‬و ‪( 19‬د) و ‪( 12‬الفقرة األخيرة)‬ ‫‪9102‬‬
‫‪ -‬إدراج مساهمات الدولة في إطار أنظمة‬ ‫‪ 01‬و ‪( 10‬الفقرتين ‪ 1‬و ‪ ) 1‬و ‪..‬‬ ‫‪9191‬‬
‫االحتياط االجتماعي والتقاعد ضمن فصل نفقات‬ ‫(الفقرة ‪ 0‬و ‪ 1‬و ‪)1‬‬
‫الموظفين المادة ‪01‬‬
‫‪ -‬مسك محاسبة تحليل التكاليف المادة ‪10‬‬
‫‪ -‬التصديق على مطابقة حسابات الدولة للقانون‬
‫وصدقيتها من طرف المجلس األعلى للحسابات‬
‫المادة ‪10‬‬
‫‪ -‬إرفاق مشروع قانون التصفية المتعلق بتنفيذ‬
‫قانون المالية بالتقرير السنوي حول نجاعة‬
‫األداء وتقرير افتحاص نجاعة األداء المادة ‪...‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬ركائز ومبادئ القانون التنظيمي للمالية‬


‫تتمثل هذه الركائز في ‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعزيز نجاعة أداء التدبير العمومي‬

‫‪23‬‬
‫يعتمد القانون التنظيمي على مقاربة شمولية ومندمجة لتدبير المالية العمومية المرتكزة‬
‫على النتائج‪ .‬وتهدف هذه األخيرة إلى تعزيز الفعالية والتجاعة و انسجام السياسات‬
‫العمومية ‪ ،‬وتحسين جودة الخدمة العمومية المقدمة للمواطنين وكذلك تعزيز مسؤولية‬
‫المدبرين‪.‬‬
‫ب‪ -‬البرمجة متعددة السنوات‪.‬‬
‫ينص القانون التنظيمي لقانون المالية على إعداد قانون المالية للسنة استنادا إلى‬
‫برمجة ميزانياتية لثال سنوات‪ .‬وتهدف هذه البرمجة الميزانياتية إلى‪:‬‬
‫‪ -‬دعم استدامة السياسات العمومية وضمان توافق أثرها الميزانيات المستقبلي مع‬
‫اإلمكانيات المالية للدولة واإلطار الماکرو اقتصادي‪،‬‬
‫‪ -‬تدعيم فعالية تخصيص الموارد الميزانياتية مع تعزيز الترابط بين االستراتيجيات‬
‫القطاعية والميزانية السنوية‪،‬‬
‫‪ - -‬تحسين ظروف إعداد قانون المالية عبر تأطير إعداده على مدى ثال سنوات‬
‫أخذا بعين االعتبار ضرورة الحفاظ على التوازنات األساسية‪،‬‬
‫‪ -‬تقديم رؤية أفضل للمدبرين لتدبير برامجهم من خالل تمكينهم من آليات تتبع نجاعة‬
‫النفقات العمومية‪.‬‬
‫تحين‪ ،‬كل سنة‪ ،‬البرمجة الميزانياتية لثال سنوات التي أقرها القانون التنظيمي لقانون‬
‫المالية الجديد‪ .‬وهكذا فإن معطيات السنة األولى من هذه البرمجة تطابق معطيات‬
‫مشروع قانون المالية بينما تكون معطيات السنتان الثانية و الثالثة ذات طابع إخباري مع‬
‫توخي الواقعية في اعتمادها‪ .‬ويروم التحيين السنوي للبرمجة الميزانياتية لثال سنوات‬
‫تبيان الفوارق المحتملة بالمقارنة مع التوقعات األصلية‪.‬‬
‫وتهم البرمجة الميزانياتية لثال سنوات كل من ميزانيات القطاعات الوزارية‬
‫والمؤسسات العمومية والمقاوالت العمومية الخاضعة لوصايتها والمستفيدة من موارد‬
‫مرصدة أو إعانات من الدولة‪.‬‬
‫تدرج توقعات النفقات المنبثقة من البرمجة الميزانياتية لثال سنوات في مشاريع نجاعة‬
‫األداء‪ ،‬وذلك لضمان إنسجامها مع أهداف نجاعة األداء والحد من تعدد الوثائق الميزانياتية‪.‬‬
‫ج‪ -‬تدبير البرامج‬
‫البرامج الميزانياتية ‪ :‬تنزيل االستراتيجيات القطاعية في برامج‬
‫يعتبر تحديد أستراتيجية الوزارة خطوة مسبقة لتحديد البرامج وصياغة األولويات‬
‫واألهداف المتوخى تحقيقها‪ .‬وتوفر االستراتيجية التوجهات الرئيسية والبرامج واألهداف‬
‫الضرورية لتنفيذها خالل السنوات المقبلة‪.‬‬
‫‪ /‬األبعاد الثالثة للبرنامج‬
‫يجب أن يوفق كل برنامج بين األبعاد الثالثة التالية‪:‬‬
‫‪ -‬البعد الميزانياتي‪ :‬يرتبط كل برنامج باعتمادات مخصصة لسياسة عمومية محددة‪.‬‬
‫‪ -‬الب عد التدبيري‪ :‬يروم اإلصالح الميزانياتي أيضا وضع أسس تنظيمية جديدة لقيادة‬
‫سياسة عمومية أو وظائف المساندة‪ .‬وهكذا‪ ،‬يحدد كل مسؤول برنامج بالتشاور مع‬

‫‪24‬‬
‫الهيئات التنفيذية‪ ،‬اإلجراءات التدبيرية المزمع إتباعها لتحقيق األهداف المرتبطة‬
‫ببرنامجه‪.‬‬
‫‪ -‬البعد المرتبط بنجاعة أداء العمل العمومي‪ :‬تمثل البرامج إطار تقديم وقيادة منهجية‬
‫األداء الجديدة‪.‬‬
‫المبادئ المتبعة عند وضع البرامج ‪:‬‬
‫البرنامج الوزاري ‪ :‬تؤكد المادة ‪ 12‬من القانون التنظيمي لقانون المالية على أن‬
‫البرنامج عبارة عن مجموعة متناسقة من المشاريع أو العمليات التابعة لنفس القطاع‬
‫الوزاري‪ ."...‬وعليه فالبرامج وزارية وال يمكن أن تكون بين وزارية‪.‬‬
‫يجب أن يتسم تنفيذ البرنامج بالسهولة‪ ،‬ال يجب وضع البرنامج بمنهجية تحليلية‬
‫وفق مقاربة المحاسبة التحليلية ( أجرموظف يحتسب ضمن برنامج واحد فقط)‪.‬‬
‫يجب أن توضع البرامج بعقالنية‪ :‬فكلما تم اعتماد عدد محدود من البرامج كلما‬
‫أصبحت االعتمادات مهمة وتعززت مرونة التدبير التي سيستفيد منها المدبرون‪.‬‬
‫كما أن وضع عدد محدود من البرامج سيمكن من تقليل التكاليف الناجمة عنها‬
‫(تأشيرات أقل‪ ،‬صفقات عمومية أقل‪ ،‬تحويالت االعتمادات قليلة‪ ،‬معالجة فواتير‬
‫قليلة‪)...،‬‬
‫تسجيل االعتمادات ضمن األصناف الرئيسية للنفقات (الموظفون واألعوان‬
‫والمعدات والنفقات المختلفة‪ ،‬واالستثمار) بحي يتم دائما احترام المبادي المرتبطة‬
‫بطبيعة النفقات‪ .‬وهكذا‪ ،‬وعلى سبيل المثال يجب أن يتم تسجيل جميع االعتمادات‬
‫المتعلقة بتكاليف الموظفين في الفصل المخصص للموظفين‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التبويب الميزانياتي‬
‫أ‪ -‬تبويبات الموارد (دخول حيز التنفيذ ‪ 0‬يناير ‪) 910.‬‬
‫المادة ‪ 19‬من القانون التنظيمي لقانون المالية ‪" :‬تقدم موارد الميزانية العامة في فصول‬
‫منقسمة‪ ،‬إن اقتضى الحال إلى اقتضى الحال إلى مصالح وطبيعة الموارد‪ ،‬وتقدم موارد كل‬
‫مرفق من مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة مجمعة بحسب القطاعات الوزارية أو‬
‫المؤسسات التابعة لها هذه المرافق‪.‬‬
‫وتقدم موارد الحسابات الخصوصية للخزينة بحسب كل خصوصي داخل كل صنف من‬
‫الحسابات "‪.‬‬
‫ب‪ -‬تبويب النفقات (دخول حيز التنفيذ ‪ 0‬يناير ‪.) 9102‬‬
‫ينص القانون التنظيم لقانون المالية الجديد على تعديل التبويب الميزانياتي قصد االنتقال من‬
‫المقاربة المعيارية للنفقات الى هيكلة ميزانياتية قائمة على البرامج ومشاريع مع التركيز‬
‫على البعد الجهوي‪.‬‬
‫بخصوص البرمجة الميزانياتية‪ ،‬يتمحور التبويب الجديد المتعلق بالنفقات‪ ،‬بحسب‬
‫القانون التنظيمي لقانون المالية‪ ،‬حول العناصر التالية ‪ :‬الباب ‪ -‬الفصل ‪ -‬البرنامج ‪ -‬الجهة‬
‫‪ -‬المشروع أو العملية‪.‬‬
‫أما بشان تنفيد الميزانية‪ ،‬فإن التبويب الميزانياتي الجديد المتعلق بالنفقات يتمحور حسب‬
‫القانون التنظيمي لقانون المالية‪ ،‬حول العناصر التالية ‪:‬الباب‪ .‬الفصل‪ -‬البرنامج ‪ -‬الجهة ‪-‬‬
‫‪25‬‬
‫المشروع أو العملية‪ .‬و (تقدم االنجازات على مستوى السطر للبرلمان في إطار مشروع‬
‫قانون التصفية حسب المادة ‪ 12‬من القانون التنظيمي لقانون المالية )‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن هذه الهيكلة الجديدة تهم مختلف مكونات ميزانية الدولة (الميزانية‬
‫العامة‪ ،‬مصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة و الحسابات الخصوصية للخزينة)‪.‬‬
‫البرنامج هو مجموعة منسجمة من العمليات والمشاريع التي تخص نفس الوزارة ‪،‬‬
‫والتي يتم ربطها بأهداف مرفقة بمؤشرات لقياس النتائج وبالموارد المخصصة لتحقيق‬
‫األهداف‪ .‬ومن أمثلة ذلك‪ :‬برنامج إصالح الطرق القروية‪ ،‬برنامج مكافحة الفقر واالقصاء‬
‫والتهميش‪ :‬برنامج تطوير التعليم األولي‪ ،‬برنامج تثمين الموارد المائية والمحافظة عليها‪...‬‬
‫إلخ‪.‬‬

‫البرنامج‬

‫مؤشرات‬
‫قياس‬
‫الموارد‬
‫النتائج‬
‫االهداف‬

‫الهدف هو الغاية التي يراد تحقيقها خالل فترة محددة من خالل إنجاز البرنامج‪،‬‬
‫وعند إعداد األهداف يجب أن يكون عدد األهداف محدودا‪ ،‬ثالثة أهداف لكل‬
‫برنامج على األكثر‪ ،‬وان تعير األهداف عن المكونات األساسية للبرنامج‪ ،‬وأن‬
‫تتسم بالوضوح وسهولة الفهم‪ ،‬وأن تكون قابلة للقياس بواسطة مؤشرات مرقمة ‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ ،‬تطوير جودة التعليم المدرسي‪ ،‬وتحسين عرض العالجات‬
‫الصحية‪ ،‬وتعزيز السالمة الطرقية‪ ،‬ودعم إدماج الشباب في سوق الشغل‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫هيكلة فصول الميزانية‬

‫حاليا‬ ‫سابقا‬
‫البرنامج‬ ‫المادة‬
‫الجهة‬ ‫الفقرة‬
‫المشروع‬ ‫السطر‬

‫‪26‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬المبادئ األساسية لإلطار القانوني للمالية العامة ومنطق التدبير‬
‫بالنتائج‬
‫تنبني المالية العامة على مجموعة من المبادئ األساسية التي تدخل في تشكيل إطارها القانوني‬
‫(المطلب األول) وأصبح تدبيرها بعد اإلصالحات التي مست المالية تعتمد على منطق النتائج (المطلب‬
‫الثاني) ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬المبادئ األساسية الكالسيكية‬
‫تتأسس المالية العامة على مجموعة من المبادئ التي تتحكم في إطارها القانوني‪ .‬ولعل أهم المبادئ‬
‫الكالسيكية المتداولة تتلخص في مبادئ السنوية و الوحدة و الشمولية وتخصص االعتمادات والتوازن‬
‫الميزانياتي‪ .‬وقد انضاف اليها بمناسبة إصالح القانون التنظيمي القانون المالية مبدأ الصدقية‪..‬‬
‫وإذا كانت هذه المبادئ تخص السياق المالي المغربي الذي عادة ما يكون مستوحى من نظيره‬
‫الفرنسي وتخص المراحل القبلية إلعداد واعتماد الميزانية‪ ،‬فإننا نجد أنظمة مالية أخرى تتأسس على‬
‫مبادئ أخرى تتعلق بالمراحل الالحقة العتماد الميزانية‪ .‬حي نجد أن العديد من الدول األنجلوسكسونية‬
‫قد أدرجت قواعد في تشريعاتها المتعلقة بشكل خاص (و ليس حصريا) بالمرحلة الالحقة العتماد‬
‫الميزانية ‪ .‬وهي تركز على وجه الخصوص على مبادئ المساءلة والشفافية واالستقرار ونجاعة األداء‪،‬‬
‫وكذا إلزامية الحكومة على توفير المعلومات الكافية عن الميزانية وخاصة ما يحتاجه المشرع حول‬
‫تصفية الميزانية‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬يتضح أنه باالضافة إلى المبادئ الكالسيكية الخمسة المذكورة‪ ،‬تنضاف إليها مبادئ‬
‫خمسة أخرى تتحكم في المراحل الالحقة للميزانية وتؤطر قوانين المالية ضمن سياقات أخرى‪.22‬‬
‫وبطبيعة الحال‪ ،‬سنركز على المبادئ الكالسيكية التي يتأسس عليها اإلطار القانوني للميزانية في حالة‬
‫المغرب‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مبدأ السنوية واالستثناءات الواردة عليه‬
‫سنتطرق أوال إلى تعريف مبدأ السنوية (الفقرة األولى) ثم نکشف بعد ذلك عن االستثناءات الواردة عليه‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تعريف مبدأ السنوية‬
‫يهدف هذا المبدأ إلى إلزام الحكومة بالمثول أمام البرلمان بصفة دورية لتأكيد الترخيصات الممنوحة لها‬
‫فيما يخص التصرف في المال العام أو لتقديم حصيلة المنجزات‪ .‬تبتدئ السنة المالية في فاتح يناير‬
‫وتنتهي في ‪ 10‬ديسمبر من نفس السنة‪ .‬مبدئيا‪ ،‬ال تصح أية نفقة بعد هذا التاريخ إال إذا جاء قانون جديد‬
‫ليعطي للحكومة ترخيصا جديدا۔‬
‫ويجد مبدأ السنوية تبريره في العوامل التالية ‪:‬‬
‫السنة هي المدة المثلى لتحديد االنفاق واإليرادات العامة‪.‬‬
‫‪ -‬تعد السنة هي الفترة المثلى إلعداد الميزانية العامة ألنها تسمح بتغطية جميع العوامل‬
‫الموسمية التي تؤثر في تدفق الموارد والنفقات العامة وتمكن من وضع تقديرات تتميز‬
‫بالصدقية‪.‬‬
‫إذا زادت المدة عن السنة ‪:‬‬
‫‪ -‬يصير من الصعب أن تتحقق التوقعات التي بنيت عليها الميزانية ألن التكهن بالتقلبات‬
‫السياسية واالقتصادية خالل فترة أطول يكون صعبا أيضا ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪- . OCDE. Revue de l'OCDE sur la gestion budgétaire (Numero spécial), VOL.4 – N° 3. 2004. p.152.‬‬
‫‪(En ligne) www.oecd.org‬‬

‫‪27‬‬
‫إذا قلت المدة عن السنة ‪. :‬‬
‫‪ -‬فربما تركزت اإليرادات في إحدى الميزانيات وقلت في الميزانية الالحقة لها بسبب سريان‬
‫األولى خالل موسم تتحقق فيه الموارد عکس الثانية‪.‬‬
‫‪ -‬بما أن تحضير الميزانية يتطلب وقتا كافيا ومجهودات كبيرة فإن تغير ميزانية خالل فترات‬
‫متقاربة يكون مرهقا لألجهزة التنفيذية والتشريعية مما سينعكس سلبا على جميع مراحلها‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬االستثناءات الواردة على مبدأ السنوية‬
‫إن التبريرات التي تم بسطها سابقا لترسيخ مبدأ السنوية قد تفضي إلى جعله يتميز بالصرامة وال‬
‫يمكن اإلخالل به مهما كان الحال‪ .‬غير أن القانون التنظيمي لقانون المالية ‪ 011-01‬قد نص على‬
‫البرمجة المتعددة السنوات‪ ،‬قد خففت من إطالقيته وجعلت منه مبدأ نسبيا‪ .‬ورغم أن مبدأ السنوية يبقى‬
‫قائما‪ ،‬إال أن مفهومه أصبح مرنا ويتفاعل مع المفاهيم الجديدة التي وفدت بمناسبة اصالح القانون‬
‫التنظيمي‪.‬‬
‫وفي هذا االطار يمكن القول إن إعداد الميزانية العامة سيبقى في إطار السنوية‪ ،‬غير أن التفكير ال بد‬
‫وأن يتجاوز السنة من خالل البرمجة المتعددة السنوات التي حصرها المشرع في ثال سنوات لكون أن‬
‫وضع الميزانية قد تجاوز منطق الوسائل واصبح يتبنى منطق األهدف والنتائج‪.23‬‬
‫كما أن القانون التنظيمي اعترف بنوع من التعدد في السنوات لبعض النفقات الخصوصية‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 9‬والتي مفادها أنه " يمكن أن تلزم التوازن المالي للسنوات المالية الالحقة‬
‫أحكام معاهدات التجارة واالتفاقيات أو االتفاقات التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة وتلك المتعلقة‬
‫بالضمانات التي تمنحها الدولة وبتدبير شؤون الدين العمومي وكذا الدين العمري وبالترخيصات في‬
‫االلتزام مقدما التي يجب فتح االعتمادات المخصصة لها خالل السنة المالية الموالية‪ ،‬وكذا باعتمادات‬
‫االلتزام وبالبرامج المتعددة السنوات"‪.‬‬
‫غير أن ما يجب التأكيد عليه هو االنتباه إلى عدم الخلط بين البرمجة المتعددة السنوات ومفهوم‬
‫الميزانية‪ .‬ألن هناك من يفسر هذه البرمجة على أنها ميزانية متعددة السنوات وال يجب أيضا أن يفهم أنه‬
‫تم التخلي عن مبدأ السنوية‪.‬‬
‫وللتوضيح‪ ،‬فإن االستثناءات التي عرفها هذا المبدأ‪ ،‬يمكن تلخيصها في النقاط التالية ‪:‬‬
‫الترخيصات التي تتجاوز فترة أكثر من السنة‬
‫‪ -‬ترحيل االعتمادات من سنة إلى أخرى هو في حقيقة األمر هو ترخيص يتم تمديده خارج‬
‫السنة‪ .‬والفائدة من إجازة هذه العملية هي تفادي أن تقدم االدارات على تبذير تلك االعتمادات‬
‫في آخر السنة مخافة منها أن يتم الغاؤها‪ ،‬وبطبيعة الحال فإن اإلدارة المعنية بتلك‬
‫االعتمادات يبقى لها الحق خالل السنة المالية الموالية في استعمال الرصيد غير المستهلك‬
‫من االعتمادات المرحلة‪.‬‬
‫غير أن هذا االستثناء يبقى منحصرا فقط في نفقات االستثمار التي غالبا ما يكون تنفيذها يتطلب‬
‫مدة زمنية متعددة السنوات ‪" .‬وترحل في حدود سقف ‪ %11‬من اعتمادات األداء المفتوحة بميزانية‬
‫االستثمار لكل قطاع وزاري أو مؤسسة برسم السنة المالية‪.24‬‬
‫أما اعتمادات التسيير التي لم يتم استهالكها عند نهاية السنة المالية فإنه يتم الغاؤها‪.‬‬
‫الترخيصات بالبرامج وهي ترخيصات بالنفقات متعددة السنوات‪ .‬فإلى جانب التوقعات‬ ‫‪-‬‬
‫المتعلقة بالسنة المالية فإنه في الواقع تفرض توقعات متعددة السنوات عندما يتعلق األمر‬
‫بمخطط عام ذي صبغة اقتصادية أو مخطط إستثماري خاص (برنامج أشغال کبری مثال)‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪ -‬نجاة العماري‪ ،‬البرمجة المتعددة السنوات في القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬مجلة دفاتر الحكامة‪ ،‬العدد ‪ ،9101 ،9‬ص‪ 91 .‬وما يليها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ : -‬المادة ‪ .1‬من القانون ‪.011-01‬‬

‫‪28‬‬
‫الترخيصات في االلتزام مقدما وهي ترخيصات تسمح لآلمرين بالصرف بااللتزام بنفقات‬ ‫‪-‬‬
‫تمتد على مدى عدة سنوات‪ .‬ويتم أداء المبالغ المستحقة بفتح اعتمادات األداء خالل القوانين‬
‫المالية المتوالية‪.‬‬
‫الترخيصات التي تقل عن فترة أقل من السنة‬
‫في هذه الحالة تصادفنا مشكلتين‪ :‬التأخر في المصادقة عن الميزانية و عدم دقة التوقعات‪ .‬ومن هنا تأتي‬
‫ضرورة هذا النوع من الترخيصات‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة التأخر في المصادقة على الميزانية ‪ ،‬وإذا لم تتم المصادقة مع متم ‪ 10‬دجنبر‪ ،‬فإن‬
‫احترام مبدأ استمرارية المرفق العمومي تفرض نفسها بقوة مما جعل المشرع من خالل‬
‫المادة ‪ 11‬من القانون التنظيمي ‪ 011-01‬يسمح للحكومة أن "تفتح بمرسوم االعتمادات‬
‫الالزمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها على أساس ما هو مقترح‬
‫بالميزانية المعروضة على الموافقة"‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬مبدأ الوحدة واالستثناءات الواردة عليه‬
‫سنتطرق أوال إلى تعريف مبدأ السنوية (الفقرة األولى) ثم نکشف بعد ذلك عن‬
‫االستثناءات الواردة عليه (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تعريف مبدأ وحدة الميزانية‬
‫يستند مبدأ وحدة الميزانية إلى حرص الجهاز التشريعي على التوفر على وثيقة تشمل‬
‫كل المداخيل وكل النفقات لتمكينه من التوفر على رؤية شاملة ومتكاملة بخصوص وضعية‬
‫المالية العمومية‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن نتعرف على دواعي تبني هذا المبدأ‪ ،‬فيمكن إرجاعها إلى عاملين ‪ :‬عامل‬
‫سياسی و عامل اقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬العامل السياسي ‪ :‬قبل اعتماد مبدأ وحدة الميزانية كان دور البرلمان ثانويا وال يعدو‬
‫أن كان عبارة عن " غرفة تسجيل" للميزانية‪ .‬وكانت تعترض السلطة التشريعية‬
‫صعوبات تمنعها من تكوين فكرة شاملة على الميزانية وبالتالي كانت تعقد عليها‬
‫مهمة ترتيب األولويات لإلنفاق العام للدولة‪ .‬فهذه الوضعية كانت في آخر المطاف‬
‫تحرم ممثلي األمة من أي تأثير في القرار المالي أثناء مناقشة قوانين المالية‪.‬‬
‫وقد جاء التأكيد على مبدأ وحدة الميزانية حتى يمارس ممثلو األمة كامل الصالحيات‬
‫المخولة لهم‪.‬‬
‫‪ -‬العامل االقتصادي ‪ :‬إن توفير بيان واحد للميزانية ضمن وثيقة واحدة ال شك أنه‬
‫يجعل من السهل أخذ بعين االعتبار رصيد الميزانية‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬فإن تعدد‬
‫الحسابات قد يجعل التحليل معقدا بل وقد يفضي إلى نتائج خاطئة‪.‬‬
‫فمثال قد يكون في الجزء األول من الميزانية فائض وفي الجزء الثاني عجز‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن تجميع هذين البيانين الحسابيين في وثيقة واحدة يسهل مقروئية الميزانية‪.‬‬
‫غير أن ثبات هذا المبدأ يبقى نسبيا حتى وإن تم تجاوز الصعوبات التي سبق وأن ذكرنا‪.‬‬
‫إذ أنه تم تقوية دور البرلمان دون أن يكون لمبدأ وحدة الميزانية دور في ذلك‪.‬‬
‫وهذا يجعل هذا المبدأ مقارنة بالمبادئ األخرى مبدأ ضعيفا ويفتقد إلى مبررات‬
‫موضوعية لوجوده‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -‬فعلى المستوى القانوني نجد أن القانون التنظيمي لقانون المالية ‪ 011-01‬في مادته‬
‫‪ 19‬التي تنص على أنه ال يجوز في أي من مجلسي البرلمان عرض الجزء الثاني‬
‫من مشروع قانون المالية للسنة للتصويت قبل التصويت على الجزء األول" يعترف‬
‫ضمنيا بطابع االنقسام على مستوى الميزانية‪ ،‬وهذا قد يؤدي إلى إعادة النظر في هذا‬
‫المبدأ‪.‬‬
‫‪ -‬أما على المستوى االقتصادي فإنه باإلمكان أن نرصد مجموعة من التغيرات التي‬
‫ساهمت في انشطار مفهوم الميزانية مست بالتالي مبدأ وحدة الميزانية‪.‬‬
‫ويتعلق األمر هنا بعدد من التقنيات التي استخرجت من الميزانية العامة بنودا من النفقات‬
‫ونقلها إلى فاعلين آخرين‪ .‬فمثال نقل اختصاصات التامين عن المرض التي كانت تضطلع‬
‫بها الدولة إلى وكالة مختصة في هذا الشأن ‪.‬‬
‫كذلك يمكن أن نذكر بعض الميزانيات المستقلة التي أصبح عددها يتزايد والتي تكون‬
‫خارج الميزانية العامة للدولة لكنها تبقى تتلقى مساهمات الدولة‪.‬‬
‫ويتعلق األمر بالجماعات الترابية التي تتمتع باالستقاللية المالية واإلدارية والمؤسسات‬
‫العمومية الوطنية ‪.25‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬االستثناءات الواردة على مبدأ وحدة الميزانية‬
‫عندما أصبح دور النفقة العامة يتعدى الدور التقليدي للدولة بحي أصبحت مطالبة‬
‫بالفعالية في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬لجأت إلى تأسيس مؤسسات عمومية للقيام‬
‫بدور حيوي ومنحها ميزانية خاصة بها حتى تضطلع بمهامها على أحسن وجه‪ .‬وال يمكن‬
‫بطبيعة الحال تفسير هذا التوجه إال بمثابة تراجع عن مبدأ وحدة الميزانية‪.‬‬
‫ونذكر في هذا الباب الحسابات الخصوصية للدولة ومرافق الدولة المسيرة بصفة‬
‫مستقلة‪.‬‬
‫الحسابات الخصوصية للدولة‬ ‫أ‪-‬‬
‫الحسابات الخصوصية للخزينة (‪ )Comptes spéciaux du trésor‬هي مختلف‬
‫المبالغ التي تدخل إلى خزينة الدولة أو تؤدى بواسطتها دون أن تكون لها صفة اإليراد‬
‫الحقيقي (كالضمانات أو الكفاالت التي يدفعها األشخاص ومختلف المبالغ التي تعاد إلى‬
‫أصحابها) أو اإلنفاق الحقيقي (قروض الدولة للجماعات الترابية ومختلف السلفات التي‬
‫تستردها الخزينة بعد انقضاء آجال معينة)‪.‬‬
‫إن مثل هذه المبالغ ال تعتبر نفقات أو إيرادات عامة فعلية ولذا فإن إدراجها في الميزانية‬
‫العامة يؤدي إلى تضخم نفقات وإيرادات الدولة بدون مبرر إضافة إلى أنه يؤدي إلى عدم‬
‫وضوح الميزانية لصعوبة التمييز بين النفقات الفعلية والنفقات غير الفعلية ويين اإليرادات‬
‫الفعلية واإليرادات غير الفعلية‪ .‬ولذلك فإن هذه المبالغ يتم فصلها عن الميزانية العامة‬
‫وتسجل في الحسابات الخاصة للخزينة‪.‬‬
‫تهدف الحسابات الخصوصية للخزينة‪:‬‬

‫‪25 -SINNASAMY (Ch.), Finances publiques, Editions Bréal, 2018, pp.57 et s‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -‬إما إلى بيان العمليات التي ال يمكن إدراجها بطريقة مالئمة في الميزانية العامة نظرا‬
‫لطابعها الخاص أو العالقة سببية متبادلة بين المدخول والنفقة ‪.‬‬
‫‪ -‬وإما إلى بيان عمليات مع االحتفاظ بنوعها الخاص وضمان استمرارها من سنة‬
‫مالية إلى أخرى ‪.‬‬
‫‪ -‬وإما إلى االحتفاظ بأثر عمليات تمتد على ما يزيد عن سنة دون تمييز بين السنوات‬
‫المالية‪.‬‬
‫وترتبط هذه العمليات المحاسبية بتطبيق تشريع أو تنظيم أو التزامات تعاقدية للدولة سابقة‬
‫إلحدا الحساب‪. 26‬‬
‫وتشتمل الحسابات الخصوصية للخزينة على خمسة ‪ 1‬أصناف التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الحسابات المرصدة ألمور خصوصية التي تبين فيها المداخيل المرصدة لتمويل‬
‫صنف معين من النفقات واالستعمال المخصص لهذه المداخيل‪.‬‬
‫‪ -‬حسابات االنخراط في الهيئات الدولية التي تبين فيها المبالغ المدفوعة والمبالغ‬
‫المرجعة برسم مشاركة المغرب في الهيئات الدولية‪ .‬وال يجوز أن تدرج في هذه‬
‫الحسابات إال المبالغ المقرر إرجاعها في حالة االنسحاب‪.‬‬
‫‪ -‬حسابات التمويل التي تبين فيها المبالغ المدفوعة على شكل قروض تتجاوز مدتها‬
‫سنتين أو تسبيقات قابلة لإلرجاع تقل مدتها عن سنتين أو تساويهما ‪ ،‬والتي تدفعها‬
‫الدولة من موارد الخزينة وتمنح من أجل المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬حسابات العمليات النقدية التي تبين حركات األموال ذات األصل النقدي‪.‬‬
‫‪ -‬حسابات النفقات من المخصصات التي تبين عمليات متعلقة بصنف خاص من‬
‫النفقات يتم تمويله من مخصصات الميزانية العامة‪.‬‬
‫ب‪ -‬ومرافق الدولة المسيرة بصفة مستقلة‬
‫تعتبر مرافق للدولة مسيرة بصورة مستقلة مصالح الدولة غير المتمتعة بالشخصية‬
‫االعتبارية والتي تغطى بموارد ذاتية بعض نفقاتها غير المقتطعة من االعتمادات المقيدة في‬
‫الميزانية العامة‪ .‬ويجب أن يهدف نشاط المصالح المذكورة أساسا إلى إنتاج سلع أو تقديم‬
‫خدمات مقابل دفع أجر‪.‬‬
‫تحد مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة بمقتضى قانون المالية الذي تقدر فيه‬
‫مداخيلها ويحدد به المبلغ األقصى للنفقات التي يمكن اقتطاعها من ميزانياتها‪.‬‬
‫يشترط إلحدا مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة إثبات وجود موارد ذاتية متأتية‬
‫من أجور السلع أو الخدمات المؤدى عنها‪ .‬يجب أن تمثل الموارد الذاتية ابتداء من السنة‬
‫المالية الثالثة الموالية إلحدا هذه المرافق‪ ،‬نسبة ثالثين في المائة (‪ )11%‬على األقل من‬
‫إجمالي مواردها المأذون بها برسم قانون المالية للسنة المذكورة‪ ،‬وذلك بالنسبة لمرافق‬
‫الدولة المسيرة بصورة مستقلة المحدثة ابتداء من فاتح يناير‪. 27‬‬

‫‪ -26‬المادة ‪ 91‬من القانون التنظيمي لقانون المالية رقم ‪.11- 01‬‬


‫‪27‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 90‬من القانون التنظيمي لقانون المالية ‪.011-01‬‬

‫‪31‬‬
‫إن المرافق التي تشكل آلية ميزانياتية أساسية لتنفيذ السياسات العمومية وضمان ولوج‬
‫الساكنة لخدمات ذات جودة‪ ،‬وذلك بحكم تموقعها المحلي والجهوي‪ ،‬وبناء على استقالليتها‬
‫المالية وطريقة إدارتها القائمة على تعبئة مداخيلها الذاتية من خالل الخدمات العامة المقدمة‬
‫للمستخدمين‪ ،‬تلعب هذه المرافق دورة أساسيا في تطوير خدمات القرب في المجاالت‬
‫االجتماعية خاصة منها الرعاية الصحية والحماية االجتماعية وكذا التعليم والرياضة‪.‬‬
‫و يوضح توزيع مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة حسب مجاالت تدخلها هيمنة‬
‫المرافق ذات الطابع االجتماعي وخاصة تلك العاملة في مجال الصحة ومجال التعليم‬
‫والتكوين المهني وتكوين األطر‪.28‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬مبدأ الشمولية‬
‫إضافة إلى تضمين مجموع النفقات والمداخيل في وثيقة واحدة‪ ،‬يلزم مبدأ الشمولية أن‬
‫تحتسب وأن تقدم كال المجموعتين منفصلة عن بعضهما‪ .‬وأال تقع مقاصة بين المداخيل‬
‫والنفقات‪.‬‬
‫وينشأ كذلك عن هذا المبدأ عدم تخصيص المداخيل للنفقات‪ ،‬حي ال يجوز استعمال‬
‫مداخيل معينة لتغطية نفقات معينة‪ .‬وبالتالي استعمال مجموع المداخيل لتغطية مجموع‬
‫النفقات ‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬مبدأ تخصيص النفقات‬
‫ينبثق هذا المبدأ من توجس البرلمان من منح الحكومة ترخيصا مطلقا‪ ،‬يتيح لها التصرف‬
‫في االعتمادات المفتوحة بحرية مطلقة‪ .‬واقتصار الترخيص البرلماني على تخصيص‬
‫االعتمادات ( موضوع الترخيص ) لتغطية نفقات محددة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد نجد أن المشرع من خالل القانون التنظيمي قد أكد هذه القاعدة‪ .‬فالمادة‬
‫‪ 09‬تبين أن " تكاليف الدولة تشتمل على‪:‬‬
‫‪ -‬نفقات الميزانية العامة‪.‬‬
‫‪ -‬نفقات ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة ‪.‬‬
‫‪ -‬نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 01‬فتبين أن " الميزانية العامة تشتمل على جزأين يتعلق الجزء األول‬
‫بالموارد ويتعلق الجزء الثاني بالتكاليف‪.‬‬
‫تشتمل موارد الميزانية العامة على الموارد المشار إليها في المادة ‪ 00‬من القانون‬
‫التنظيمي لقانون المالية‪.‬‬
‫تشتمل تكاليف الميزانية العامة على نفقات التسيير ونفقات االستثمار والنفقات المتعلقة‬
‫بخدمة الدين العمومي‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -‬وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬تقرير حول مرافق الدولة المسيرة بصفة مستقلة (ضمن تقارير متعلقة بمشروع قانون المالية لسنة ‪)9102‬‬
‫‪https://www.finances.gov.ma‬‬

‫‪32‬‬
‫ونجد المادة ‪ 12‬من نفس القانون التنظيمي تبين على أن "نفقات الميزانية العامة تقدم‬
‫داخل األبواب في فصول منقسمة إلى برامج وجهات ومشاريع أو عمليات‪.‬‬
‫وتقدم نفقات كل مرفق من مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة داخل كل فصل في‬
‫برنامج وعند االقتضاء في برامج منقسمة إلى جهات ومشاريع أو عمليات‬
‫وتقدم نفقات كل حساب من الحسابات المرصدة ألمور خصوصية في برنامج وعند‬
‫االقتضاء في برامج منقسمة إلى جهات ومشاريع أو عمليات‪.‬‬
‫ويقرر فيما يرجع لنفقات التسيير عن كل قطاع وزاري أو مؤسسة فصل للموظفين‬
‫واألعوان وفصل للمعدات والنفقات المختلفة‪ .‬ويخصص لنفقات االستثمار فصل عن كل‬
‫قطاع وزاري أو مؤسسة"‪.‬‬
‫هناك بعض التليينات التي دخلت على هذه القاعدة نذكر منها ‪:‬‬
‫‪ -‬الحسابات الخصوصية للخزينة ‪ :‬حسب الفقرة األخيرة من المادة ‪ 1.‬من القانون‬
‫التنظيمي لقانون المالية " تحصر في الجزء الثاني من الميزانية العامة نفقات‬
‫الحسابات الخصوصية للخزينة عن كل حساب"‪ .‬وهي بالتالي ال تظهر في الميزانية‬
‫العامة أي حسب أصناف هذه الحسابات وهي بالتالي ال تقدم في فصول وال حتى‬
‫حسب كل حساب خصوصي ‪ .‬حي تصدر هذه الحسابات في كتلة واحدة وإن كان‬
‫هناك أكثر من حساب خصوصي‪.‬‬
‫‪ -‬الفصول غير المخصصة ‪ :‬ويتعلق األمر بفصلين وهما فصل النفقات الطارئة‬
‫والمخصصات االحتياطية‪ ،‬وفصل التحمالت المشتركة‪.‬‬
‫فتطبيقا للفصل ‪ 19‬من القانون التنظيمي لقانون المالية " يفتح بالباب األول من الميزانية‬
‫العامة‪:‬‬
‫‪ -‬فصل غير مرصد ألي مرفق من المرافق تدرج فيه النفقات الطارئة والمخصصات‬
‫االحتياطية‪ .‬ويمكن أن تباشر اقتطاعات من الفصل المذكور خالل السنة‪ ،‬عن طريق اعتماد‬
‫تكميلي لسد الحاجات المستعجلة أو غير المقررة حين إعداد الميزانية ‪.‬‬
‫‪ -‬فصل تدرج فيه نفقات التسديدات والتخفيضات واإلرجاعات الضريبية‪.‬‬
‫أما التحمالت المشتركة فترتبط عضويا بوزارة المالية لكنها تهم مختلف الوزارات‪ ،‬وهي‬
‫اعتمادات مفتوحة تقوم الحكومة بتفصيلها حسب ما تقتضيه الحاجة‪ .‬وقد نصت المادة ‪11‬‬
‫من القانون التنظيمي من قانون المالية على أنه " يفتح بكل من الباب األول والباب الثاني‬
‫من الميزانية العامة ‪ ،‬فصل تدرج فيه التكاليف المشتركة لتغطية النفقات المتعلقة بها‪ ،‬والتي‬
‫ال يمكن أن تتضمن إال التكاليف التي ال يمكن إدراجها ضمن ميزانيات القطاعات الوزارية‬
‫أو المؤسسات‪.‬‬
‫الفرع الخامس ‪ :‬مبدأ التوازن المالي‬
‫(المواد ‪09 ،11 ،.1 ،12 ،9‬من القانون التنظيمي لقانون المالية )‬
‫تشكل استدامة المالية العمومية عنصرا حاسما لضمان تنمية اجتماعية واقتصادية‬
‫مستدامة‪ .‬وتحقيقا لهذه الغاية‪ ،‬تضمن القانون التنظيمي رقم ‪ 011.01‬لقانون المالية قواعد‬
‫جديدة تروم التحكم في التوازن الميزانياتي ‪.‬‬
‫‪ -‬منع إدراج نفقات التسيير بميزانية االستثمار‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪ -‬تحديد طبيعة النفقات المتعلقة بالتكاليف المشتركة‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد سقف االعتمادات المرحلة في ‪ 30%‬من اعتمادات األداء المفتوحة برسم‬
‫نفقات االستثمار مع إمكانية تخفيض هذا السقف بموجب قانون المالية‪.‬‬
‫‪ -‬نكريس محدودية االعتمادات المفتوحة برسم فصول الموظفين واألعوان‪ ،‬وإدراج‬
‫مساهمات الدولة في إطار أنظمة االحتياط االجتماعي والتقاعد ضمن نفقات‬
‫الموظفين‪.‬‬
‫الفرع السادس ‪ :‬مبدأ الصدقية‬
‫يقترن هذا المبدأ بالصدقية الميزانياتية والصدقية المحاسباتية‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الصدقية المحاسباتية‬
‫يتكلف المحاسبون العموميون بالسهر على احترام المبادئ والقواعد المحاسبية من خالل‬
‫التأكد على الخصوص من احترام صدقية التسجيالت المحاسبية واحترام المساطر وجودة‬
‫الحسابات العمومية‪ .‬كما يتعهد المجلس األعلى للحسابات بالتصديق على مطابقة حسابات‬
‫الدولة للقانون وصدقيتها ‪.‬‬
‫الصدقية الميزانياتية‬
‫تقوم الصدقية الميزانياتية على واقعية الفرضيات التي تم على أساسها إعداد قانون‬
‫المالية‪ ،‬وتقديم قوانين المالية بشكل صادق لمجموع موارد وتكاليف الدولة‪ ،‬وااللتزام بتقديم‬
‫قانون للمالية معدل جراء حدو تغير مهم في أولويات وفرضيات قانون المالية للسنة‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التدبير الميزانياتي المرتكز حول النتائج‬
‫نتطرق تباعا إلى الميزانية المرتكزة على النتائج (الفرع األول) وكذا الوسائل المعتمدة‬
‫لتفعيل " منطق النتائج" (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬الميزانية المرتكزة على النتائج‬
‫يعتبر تكريس التدبير المرتكز على النتائج من خالل القانون التنظيمي لقانون المالية‬
‫تغييرا شامال آلليات العمل العمومي‪ .‬وهكذا فالمنهجية القائمة على النتائج ستحل محل‬
‫التدبير القائم على الوسائل واالنتقال من مقاربة قانونية وتقنية للتدبير اإلداري إلى مقاربة‬
‫قائمة على ثقافة تدبيرية في خدمة المواطنين‪.‬‬
‫ما المقصود بالميزانية المرتكزة على النتائج؟‬
‫تتوخى عملية تحدي الميزانية تفعيل سياسة اقتصادية واجتماعية تستهدف في الوقت نفسه ‪:‬‬
‫‪ -‬تحسين مستوى عيش المواطنين والمواطنات كهدف أسمى للسياسات العامة‪.‬‬
‫مواجهة التحديات بفعل العولمة وانفتاح األسواق لتوفير أسباب المناعة لالقتصاد الوطني‪.‬‬
‫يتمثل إصالح الميزانية في االنتقال‪ ،‬في مجال تدبير الميزانية من منطق الوسائل‬
‫إلى منطق النتائج‪.‬‬
‫منطق الوسائل ‪ :‬األهداف تحدد إنطالقا من الموارد‬

‫منطق الوسائل‬
‫لدينا موارد‬
‫‪34‬‬
‫نحدد أهداف محصورة في إطار الموارد‬

‫نقيم حسب درجة صرف االعتمادات واحترام المساطر‬

‫منطق النتائج ‪ :‬األهداف تحدد انطالقا من الحاجيات واألولويات‬


‫‪ -‬تكمن أهمية االعتماد على منطق النتائج عوض منطق الوسائل في أن يصبح صرف‬
‫االعتمادات وسيلة فقط وليس هدفا۔‬
‫‪ -‬منطق النتائج يمكن من االنتقال من نظرة قطاعية وعمودية للبرامج الى مقاربة‬
‫مندمجة ومتكاملة وأفقية تشرك كل الوزارات والقطاعات‪.‬‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬التنمية القروية تستوجب اعتماد برنامج للتنمية القروية المندمجة‬
‫وهي تهم عدة قطاعات وزارية ‪:‬‬
‫قطاع الفالحة‪ ،‬قطاع التجهيز‪ ،‬قطاع الصحة‪ ،‬قطاع التربية الوطنية‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫إنجاز برنامج التنمية القروية على المستوى المالي سيأخذ بعين االعتبار خصوصية‬
‫االندماج والتكامل وبالتالي‪ ،‬سيكون للبرامج المندمجة تأثير على فعالية النفقات العمومية و‬
‫بالتالي على بنية الميزانية‪.‬‬
‫فبرمجة بناء مدرسة في قرية ما مثال يستوجب أوال مساهمة الوزارة المعنية بالمشروع‬
‫أي وزارة التربية الوطنية‪ ،‬ووزارة التجهيز والجماعة الترابية فصد شق الطريق المؤدية‬
‫لتلك المدرسة وكذا كل القطاعات التي تكون مساهمتها ضرورية لتوفير كلى الشروط‬
‫الضرورية حتى تؤدي المدرسة مهمتها على أحسن وجه‪.‬‬
‫فبناء مدرسة في منطقة نائية ومعزولة دون شق طرق تسهل وصول التالميذ إليها في‬
‫ظروف مالئمة يجعلها دون فائدة‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الوسائل المعتمدة لتفعيل " منطق النتائج"‬
‫يقوم إصالح الميزانية الذي يعتمد منطق النتائج على دعامتين أساسيتين ‪:‬‬
‫‪ -‬اإلطار التنظيمي الذي يعتمد ثال آليات ‪:‬‬
‫‪ -0‬الشمولية االعتمادات ‪ :‬المرونة في تصرف اآلمرين بالصرف ونوابهم في‬
‫االعتمادات الممنوحة لهم مقابل ربط المسؤولية بالمحاسبة ‪.‬‬
‫‪ -9‬التعاقد بين اإلدارة المركزية والمصالح الالممركزة من خالل إبرام عقد (يغطي‬
‫عموما ثال سنوات) بينهما يحدد االلتزامات وتستفيد المصالح الالممركزة من‬
‫تفويض للسلطة في مجال التدبير وتوسيع مجال مبادرات المدبرين‪.‬‬
‫‪ -1‬الشراكات عن طريق إشراك مختلف الفاعلين إلى جانب الدولة إلنجاز مشاريع‬
‫تنموية في إطار الشراكة ‪ .‬من أمثلة الشراكة برنامج التربية غير النظامية الذي‬
‫انطلق سنة ‪ 0229‬وذلك عن طريق إبرام اتفاقيات شراكة بين وزارة التربية‬
‫‪35‬‬
‫الوطنية والمجتمع المدني من جمعيات وتعاونيات وكذلك مع القطاع الخاص لمحاربة‬
‫دور الصفيح‪.‬‬
‫‪ -‬دعامة هيكلية تتمثل في إطار تحليلي للواقع االقتصادي و االجتماعي بإدماج مقاربة‬
‫النوع االجتماعي‪.‬‬

‫لـنـتـذكـر‪:‬‬
‫‪ -3‬ما هي الميزانية؟‬
‫الميزانية أهم أداة بيد الحكومة لبلوغ أهدافها التنموية‪ .‬فهي ترجمة وفية لتوجهاتها بحي‬
‫تعكس‪:‬‬
‫السياسة االقتصادية واالجتماعية المنتهجة ‪.‬‬
‫األولويات المقررة من خالل االعتمادات المرصودة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫المجهود المالي للدولة في تدبير الشأن العام وتنفيذ السياسات القطاعية‪.‬‬
‫" يتوقع قانون المالية للسنة‪ ،‬لكل سنة مالية بمجموع موارد وتكاليف الدولة ‪ ،‬ويقيمها‬
‫وينص عليها ويأذن بها ‪ ،‬وذلك استنادا إلى البرمجة الميزانياتية ‪ .‬تبتدئ السنة المالية في‬
‫فاتح يناير وتنتهي في ‪ 10‬ديسمبر من نفس السنة"‪.‬‬
‫‪ -6‬ما هو اإلطار القانوني للميزانية ؟‬
‫الدستور (دستور ‪ - )9100‬القانون التنظيمي لقانون المالية ‪011-01‬‬
‫‪ -1‬ماهي عناصر الميزانية ؟‬
‫الميزانية تقوم إذن على ‪ 1‬عناصر‪:‬‬
‫التوقع‬
‫و التقييم‬
‫‪ /‬الترخيص‬
‫بالنسبة للموارد والتكاليف خالل سنة واحدة‪.‬‬
‫‪ -4‬ما هي مكونات الميزانية وما العالقة بينها؟‬
‫تشمل الميزانية مكونين مترابطين هما‪:‬‬
‫‪ -‬المداخيل (ما سيتم تحصيله من موارده)‬
‫‪ -‬النفقات (ما سيتم إنفاقه)‪.‬‬
‫العالقة بين المكونين تتمثل في كون الموارد الناتجة عن المداخيل هي التي تستعمل لتمويل‬
‫النفقات‪ .‬يتم تقدير المداخيل انطالقا من الوضع االقتصادي والمالي للبالد وآفاق تطوره‪ ،‬و‬
‫بصفة أدق‪ ،‬انطالقا من نسبة النمو المتوقعة‪ .‬وتشكل (الضرائب المباشرة ) (ضرائب على‬
‫دخل األفراد والشركات وغير المباشرة (ضرائب على االستهالك وعائدات الخوصصة‬
‫واالحتكارات والقروض الدولية والوطنية أهم المداخيل)‪.‬‬
‫أما النفقات فتنقسم‪ ،‬بالنسبة للميزانية العامة‪ ،‬إلى ثال أصناف‪ :‬نفقات التسيير و نفقات‬
‫االستثمار والنفقات المتعلقة بخدمة الدين العمومي‪.‬‬

‫‪ -1‬ما المقصود بعجز الميزانية ؟‬


‫عندما يفوق مبلغ النفقات مبلغ المداخيل تكون الميزانية في عجز حي تضطر الدولة إلى‬
‫االستدانة مما يستلزم تحديد العجز في نسبة مقبولة وفي بعض الظروف‪ ،‬قد تستلزم‬
‫الوضعية المالية أيضا قيام الدولة بمجموعة من التدابير منها مثال الرفع من اسعار الضرائب‬
‫الموجودة أو توسيع وعائها أو خلق ضرائب جديدة لتغطية ذلك العجز‪ ،‬مع ما لذلك من‬
‫انعكاسات مالية واقتصادية واجتماعية‪.‬‬
‫‪ -2‬ما هي المكونات الهيكلية لميزانية الدولة؟‬
‫تشمل ميزانية الدولة أربع مكونات هيكلية هي ‪:‬‬
‫‪ -‬الميزانية العامة ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -‬ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪.‬‬
‫‪ -‬ميزانية الحسابات الخصوصية للخزينة‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬إضافة إلى هذه المكونات التي تتشكل منها ميزانية الدولة‪ ،‬كانت الميزانية‬
‫الملحقة إحدى مكونات ميزانية الدولة‪ .‬وقد تم حذف آخر ميزانية ملحقة بعد تحويل دار‬
‫اإلذاعة والتلفزيون المغربية والمصلحة المستقلة لإلشهار إلى شركة مجهولة اإلسم‪.‬‬
‫‪ -2‬ما هو الدور الذي تؤديه الميزانية ؟‬
‫للدور الذي تؤديه الميزانية ثال أبعاد ‪ :‬مالي ‪ -‬اقتصادي ‪ -‬اجتماعي ‪.‬‬
‫إن طبيعة هذه المهام والرهانات االقتصادية واالجتماعية والمالية تجعل توزيع التكاليف‬
‫الجبائية ورصد الموارد في إطار الميزانية السنوية عملية شائكة‪ ،‬صعبة ومعقدة مما يقتضي‬
‫بلورة إستراتيجية على مستوى السياسة االقتصادية واالجتماعية وكذا على المستوى‬
‫القطاعي‪.‬‬
‫‪ - 6‬ما هي بنية قانون المالية؟‬
‫يشتمل قانون المالية على جزأين ‪:‬‬
‫الجزء الثاني‬ ‫الجزء األول‬
‫المعطيات المرقمة‬ ‫المعطيات العامة للتوازن المالي‬
‫‪ -‬نفقات الميزانية العامة عن كل فصل‬ ‫‪ -‬مقتضيات تتعلق بإحدا وتعديل وحذف موارد‬
‫‪ -‬؛ نفقات ميزانيات مرافق الدولة المسيرة‬ ‫عمومية واستخالصها‪.‬‬
‫بطريقة مستقلة عن كل مصلحة‪.‬‬ ‫‪ -‬تقييم إجمالي لمداخيل الميزانية العامة وميزانيات‬
‫‪ -‬نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة عن كل‬ ‫مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة وأصناف‬
‫حساب‬ ‫الحسابات الخصوصية للخزينة‪.‬‬
‫‪ -‬الحدود القصوى لتكاليف الميزانية العامة عن كل‬
‫باب ولمجموع ميزانيات مرافق الدولة المسيرة‬
‫بصورة مستقلة وللحسابات الخصوصية للخزينة‬
‫عن كل صنف‪.‬‬
‫‪ -9‬ماهي دورة الميزانية ؟‬
‫اإلعداد ‪ /‬المصادقة ‪ /‬التنفيذ ‪ /‬مراقبة التنفيذ‬

‫‪38‬‬

You might also like