You are on page 1of 49

‫حمـــاضرات مادة‬

‫قانـــون امليــزانية‬
‫الموسم الجامعي‪0202-0202 :‬‬

‫إعداد‪ :‬أنس بلـــحاج‬


‫تنسيق‪ :‬عبد الغفور موزريك‬
‫مادة قانون الميزانية مادة غنية‪ ،‬ألنها تعطي للطالب رؤية متعددة األبعاد للظاهرة القانونية‪ .‬فالظاهرة‬
‫القانونية ال يمكن معالجتها من زاوية معينة‪ ،‬وقانون الميزانية يندرج في إطار مادة كبرى تسمى قانون المالية‬
‫العامة‪.‬‬

‫المالية العامة‪ :‬هي فرع قانوني يندرج في إطار القانون العام‪ ،‬وال يمكن أن نعالجه في معزل عن باقي‬
‫الفروع القانونية األخرى‪ ،‬فال يمكن مثال أن نعالج المالية العامة بمعزل عن القانون الدستوري أو عن القانون‬
‫اإلداري أو عن قواعد القانون الخاص‪ ،...‬فال نكاد نجد فرعا قانونيا إال والمالية العامة متصلة به‪ ،‬كما أن جميع‬
‫معامالتنا اليومية مرتبطة بالمالية العامة‪ .‬لهذا فهي تعطينا آليات وتقنيات جد مهمة ينبغي أن نستعملها في حياتنا‬
‫اليومية وفي حياتنا العملية‪ ،‬فكلنا نشتري األدوات والماء والكهرباء‪ ،...‬وهذا يفرض علينا التعامل مع المالية‬
‫العامة بشكل يومي‪ ،‬لدى فعندما ندرس قانون الميزانية نتعامل مع المالية العامة بوعي‪.‬‬

‫المالية العامة‪ :‬هي دراسة مجموع األنشطة التي تهدف إلى الحصول على األموال واستعمال هذه‬
‫األموال‪ .‬والحصول على األموال يعني البحث على كيفية الحصول على األموال‪ .‬وبذلك فالمالية العامة تعالج‬
‫موضوعين أساسيين‪ ،‬الموضوع األول هو استخالص األموال‪ ،‬والموضوع الثاني هو إنفاق هذه األموال‪.‬‬

‫المالية العامة مكونة من مصطلحين‪ ،‬المصطلح األول (المالية) يشير إلى المال‪ ،‬والمصطلح الثاني‬
‫(العامة) تشير إلى الشخص المعنوي العام‪ .‬فعندما نقول مالية عامة نعني بذلك مالية الشخص المعنوي العام‪،‬‬
‫والمتجسدة في مالية الدولة‪ ،‬الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫نح ن في هذه المادة سندرس المالية العامة للدولة فقط‪ ،‬ومالية الجماعات الترابية سندرسها في السداسي‬
‫الخامس في تخصص القانون العام‪ ،‬أما مالية المؤسسات العمومية فال تدرس في الجامعة‪.‬‬

‫مالية‪ :‬المال له أهمية على جميع المستويات (الفرد‪ ،‬الدولة‪ ،‬العالم) وكلما زادت كمية المال الذي بحوزتك اتسعت‬
‫بذلك دائرة االستقالل‪ ،‬فالمال يمكن أن يؤدي إلى االستقالل وقلة المال تؤدي إلى التبعية‪ .‬المال كذلك له أهمية في‬
‫عالقة اإلنسان بربه‪ ،‬فمن له مال يستطيع مثال أن يحج والعكس صحيح‪ ،‬كذلك المال له أهمية بالنسبة للدولة فبقدر‬
‫ما يكون للدولة من أموال بقدر ما تكون مستقلة‪ ،‬وعلى العكس بقدر ما تكون الدولة محتاجة من أموال بقدر ما‬
‫تقترض وتتبع إلمالءات أو شروط معينة‪ .‬لذا سنجد أنه في فترة ما قبل الحماية‪ ،‬عندما تم استعمار المغرب‬
‫استعمارا اقتصاديا‪ ،‬سببه كون المغرب دخل في ديون مع فرنسا‪ ،‬وعندما عجز عن سداد ديونه‪ ،‬بسطت هذه‬
‫األخيرة حمايتها على المغرب‪ ،‬هنا يظهر البعد المالي حاضرا‪ .‬كذلك على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬عندما‬
‫يكون لها مداخيل وأموال كافية‪ ،‬تستطيع االستقالل عن إمالءات وتوجيهات الدولة‪.‬‬

‫عامة ‪ :‬نعني بها مالية الشخص المعنوي العام (الدولة‪ ،‬الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية)‪.‬‬

‫الظاهرة المالية مثل صندوق له بابين‪ ،‬الباب األول تدخل منه األموال (الموارد العامة)‪ ،‬والباب الثاني‬
‫تخرج منه األموال (النفقات العامة)‪.‬‬

‫ما سندرسه خالل هذه المادة يتمحور حول عنصرين أساسين هما الموارد العامة (من أين تأتينا وكيف‬
‫تصرف؟) والنفقات العامة (من أين تأتينا وكيف تصرف؟)‪.‬‬

‫لكن قبل ذلك يجب أن نعلم أنه ال يمكن أن نفصل الدخل عن النفقة‪ ،‬فكل واحد منهما مرتبط باآلخر‪ ،‬فبقدر ارتفاع‬
‫مداخيلنا ترتفع نفقاتنا‪ ،‬كما أنه بقدر انخفاض مداخيلنا تنخفض نفقاتنا سواء على مستوى األفراد أو على مستوى‬
‫الدولة‪.‬‬

‫إذن دائ ما هناك عالقة جدلية بين ما ندخله إلى الصندوق وما نخرجه منه‪ ،‬فمثال أموال الضرائب التي تدخل‬
‫خزينة الدولة‪ ،‬تصرفها هذه األخيرة بعد ذلك في مجموعة من األنشطة اإلدارية واالقتصادية واالجتماعية‪ ...‬ومن‬
‫بين أهم أوجه الصرف هي نفقات الموظفين‪ ،‬وأثناء هذه العملية لإلنفاق تحرك المداخيل‪ ،‬ألنها تؤدي لهؤالء‬
‫األشخاص رواتبهم (والتي تعتبر نفقات)‪ ،‬وتقتطع لهم من رواتبهم الضريبة على الدخل (وهي موارد)‪ ،‬ثم هؤالء‬
‫الموظفين عندما يستلمون رواتبهم يقومون باإلنفاق‪ ،‬وبذلك هم يساهمون في مداخيل الدولة‪ ،‬فهم يؤدون على كل‬
‫ما يستهلكونه الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬فبقدر ما تصرف الدولة بقدر ما تغدي المداخيل‪ ،‬فهذه العملية‬
‫الدورية بين المداخيل والنفقات هي جوهر دراستنا في هذه السنة‪.‬‬

‫وينبغي أن نعرف أن المالية العامة عرفت تطورات مهمة‪ ،‬فهي لم تبقى جامدة‪ ،‬فقد كانت في فترة ما في بدايات‬
‫علم المالية العامة ظهرت بشكل تقليدي وكانت تسمى مالية تقليدية‪ ،‬وبعد ذلك تطورت إلى مالية حديثة ألن‬
‫الدولة عرفت متغيرات‪ .‬وهنا ينبغي أن نفهم هذه المسألة بشكل مهم جدا‪ ،‬ألن أول محور في المادة كله يتوقف‬
‫على هذه الفكرة‪ ،‬وأول محور في المادة هو مبادئ الميزانية‪ ،‬والذي سيستغرق أكثر من ثلث الحصص‪ .‬كما قلنا‬
‫فالمالية العامة تطورت من مالية تقليدية إلى مالية حديثة‪ ،‬أي من مالية وفق قواعد وضوابط تقليدية إلي مالية‬
‫تحكمها ضوابط أكثر مرونة‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هو السبب في تطور المالية العامة من مالية تقليدية إلى مالية حديثة؟‬
‫الجواب‪ :‬السبب في ذلك هو تطور الدولة‪ ،‬فالدولة تطورت من دولة ليبرالية إلى دولة تدخلية‪ ،‬وهذا‬
‫التطور كانت وراءه أسباب‪ .‬فالدولة الليبرالية كانت ال تتدخل في األنشطة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬دورها‬
‫يقتصر فقط على القيام باألنشطة اإلدارية‪ ،‬وهو القيام بتغطية مصاريف األمن والجيش والقضاء‪ ،‬وكانت تعتبر‬
‫أنه من الخطوط الحمراء هو تدخلها في األنشطة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مثال التدخل في التعليم والصحة هو‬
‫من اختصاص الخواص والتي تعتبر أنشطة اجتماعية‪.‬‬

‫لكن عندما وقعت الحرب العالمية األولى واألزمة االقتصادية لسنة ‪ 9191‬والحرب العالمية الثانية‪ ،‬هنا خرجت‬
‫أوروبا من الحربين بدمار شامل‪ ،‬فكان على الدول األوروبية أن تعيد إعمار أوروبا‪ .‬هنا من هو المكلف‬
‫باإلعمار؟ بطبيعة الحال هم الخواص‪ ،‬والخواص ليقوموا بعملية تشييد وبناء الطرق والبنية التحتية يحتاجون إلى‬
‫أموال مهمة والتي ليست لهم القدرة في الحصول عليها‪ ،‬هنا اضطرت الدولة أن تتحول من دولة ليبرالية إلى‬
‫دولة تدخلية تتدخل في األنشطة االقتصادية واالجتماعية وأصبحت الدولة مستثمرا وأصبحت تتدخل في الصحة‬
‫وفي التعليم وتشيد مصانع وظهرت مجموعة من المؤسسات العمومية التي ستغطي هذه األنشطة بالنسبة للدولة‪،‬‬
‫وهذا ال تطول الذي حصل في شكل الدولة أثر على المالية العامة‪ ،‬ألنه في مرحلة الدولة الليبرالية ظهرت‬
‫مجموعة من القواعد‪ ،‬هذه القواعد كانت تعتبرها الدولة الليبرالية تامة وجامدة وال تتغير‪ ،‬لكن عندما جاءت‬
‫الدولة التدخلية لم تسعفها تلك القواعد في التطبيق‪ ،‬آنذاك وقع إشكال لذا الدولة التدخلية‪ ،‬لهذا حاولت أن تلين تلك‬
‫القواعد وتغيرها‪ ،‬هذا التغيير ال يعني إلغاء تلك القواعد التقليدية وإنما إضفاء نوع من االستثناءات والتليينات‬
‫لتساعد تلك المبادئ على التطبيق‪.‬‬

‫من هنا ينبغي أن نفهم أن المبادئ التي سندرسها في المحور األول ظهرت في الدولة الليبرالية‪ ،‬وعندما‬
‫جاءت الدولة التدخلية أضفت عليها استثناءات‪ ،‬بمعنى يمكننا أن نطبق القاعدة والمبدأ‪ ،‬كما يمكن أال نطبقهما عند‬
‫وجود استثناءات‪.‬‬

‫فمثال في الدولة الليبرالية كانت هناك خصائص تطبع الميزانية‪:‬‬

‫‪ – 2‬ميزانية ضعيفة وصغيرة‪ :‬ألن الدولة كانت تغطي فقط اإلدارة والجيش واألمن والقضاء‪ ،‬وبالتالي‬
‫ال تحتاج ميزانية كبيرة‪ .‬أما الدولة التي تغطي باإلضافة إلى ذلك األنشطة االقتصادية (مثال االستثمار)‬
‫واالجتماعية (مثال التعليم‪ ،‬الصحة والتشغيل) تحتاج ميزانية كبيرة‪ .‬فالمغرب مثال دولة تدخلية بدليل أنها تملك‬
‫مصانع‪ ،‬وتتدخل في الفوسفاط‪ ،‬االتصاالت‪ ،‬السكك الحديدية‪ ،‬البنية التحتية‪ ،‬المطارات والموانئ وغيرا‪ .‬فيما‬
‫كانت تمنع فلسفة الدولة الليبرالية ممارس مثل هذه األنشطة من طرف الدولة‪.‬‬

‫‪ – 0‬الحياد المالي‪ :‬معنى الدولة المحايدة هو أنها ال تتدخل نهائيا ال بواسطة النفقة أي ال تنفق على‬
‫األنشطة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وال تتدخل بواسطة الدخل‪ .‬ألن الدولة توجه األنشطة االقتصادية واالجتماعية‬
‫بواسطة المداخيل‪ ،‬كيف ذلك؟ يكون ذلك مثال عندما تعطي الدولة إعفاءات ضريبية لقطاعات معينة (مثال‬
‫السياحة‪ ،‬العقار‪ ،‬الفالحة‪ )...‬فينتج عن ذلك أن رؤوس األموال ستتوجه إلى تلك القطاعات المستفيدة من‬
‫اإلعفاءات‪ ،‬مثل هذه الممارسات كانت ممنوعة في الدولة الليبرالية‪.‬‬

‫‪ – 3‬التوازن‪ :‬أي التوازن بين الموارد والنفقات‪ ،‬فالدولة الحارسة كانت تهتم كما سبق القول بالجيش‬
‫والقضاء واإلدارة‪ ،‬وخالل بحثها عن األموال‪ ،‬عندما تصل إلى قدر األموال التي ستغطي تلك النفقات اإلدارية‬
‫تتوقف‪ ،‬وذلك حتى تحافظ على التوازن بين الموارد والنفقات‪ ،‬معنى ذلك هو أن الدولة الليبرالية كانت ترفض‬
‫العجز (ألنه سيؤدي إلى االقتراض) وترفض الفائض ( ألنه سيؤدي إلى تجميد جملة من الموارد وهي بذلك تحرم‬
‫الخواص من تلك الموارد)‪ ،‬هذا المنطق كان ينسجم مع المرحلة التاريخية آنذاك‪ .‬لكن عندما جاءت الحرب‬
‫العالمية األولى واألزمة االقتصادية والحرب العالمية الثانية خلخلت ذلك المنطق‪ ،‬ألن هذا المنطق ال يمكن‬
‫تطبيقه مع الدولة التدخلية‪ ،‬فهذه األخيرة تحتاج أمواال كثيرة‪ ،‬تعترف بالعجز والفائض وتتدخل بواسطة النفقة‬
‫والدخل إلى غير ذلك‪.‬‬

‫وبالتالي بمفهوم المخالفة فالدولة التدخلية لها ميزانية كبيرة‪ ،‬عدم الحياد المالي وعدم التوازن‪.‬‬

‫كما قلنا سابقا‪ ،‬في الدولة الليبرالية ظهرت مجموعة من المبادئ‪ ،‬وفي الدولة التدخلية ظهرت مجموعة من‬
‫االستثناءات‪ .‬لهذا سندرس في أول محور مجموعة المبادئ‪ ،‬وسندرس في كل مبدأ استثناءات كثيرة (مبدأ‬
‫التوازن‪ ،‬مبدأ التخصيص‪.)...‬‬

‫مالحظة‪ :‬ينبغي أن نعرف مسألة أساسية‪ ،‬هي أن هذه المادة جد مترابطة وبالتالي حضور جميع الدروس مهم‬
‫جدا للتوفق فيها‪ ،‬وذلك راجع لكون هذه المادة تشتمل على جانب تقني يتم فهمه من خالل مواكبة الدروس‪ ،‬ألن‬
‫كل حصة تبنى على الحصة التي قبلها‪ ،‬وبالتالي فأول مفتاح لفهم المادة هو فهم الترابط بين الدروس‪ ،‬وثاني‬
‫مفتاح هو ضبط المفاهيم‪.‬‬

‫الظاهرة المالية لها ثالث مكونات‪:‬‬

‫‪ – 9‬النفقات العامة‪.‬‬

‫‪ – 9‬الموارد العامة‪.‬‬

‫‪ – 3‬الميزانية العامة (هي تجميع الموارد العامة مع النفقات العامة)‪.‬‬

‫تعريف تقني للنفقات العامة‪ :‬هي عملية استعمال االعتمادات من طرف شخص عمومي بقصد إشباع حاجات‬
‫عامة‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما الذي يميز بين النفقة العامة والنفقة الخاصة؟‬

‫التعريف السالف الذكر يتكون من ثالث كلمات مفاتيح أساسية وهي‪:‬‬


‫‪ – 9‬االعتمادات؛ ‪ – 9‬الشخص العمومي (وهو ما يميز النفقة العامة عن النفقة الخاصة)؛ ‪– 3‬الحاجات العامة‬
‫(وهي مجموع الحاجات الخاصة‪ ،‬بمعنى إن استهدفت النفقة حاجة خاصة فهي ليست نفقة عامة)‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ماذا نقصد باستعمال االعتمادات؟‬

‫تعريف االعتماد‪ :‬هو تأهيل لإلنفاق‪ ،‬أو بعبارة أخرى هو ترخيص أولي لإلنفاق‪ ،‬بمعنى أن ذلك التأهيل‬
‫أو الترخيص هو الذي يسمح لك بأن تنفق‪.‬‬

‫هنا يجب عدم الخلط بين االعتماد والنفقة‪ .‬فاالعتماد ليس بالضرورة نفقة‪ ،‬قد يصبح ذلك االعتماد نفقة وقد ال‬
‫يصبح نفقة‪ ،‬ذلك الرقم الوارد في الميزانية في سطر ما‪ ،‬فمثال عندما نجد في ميزانية ما في إطار شراء المعدات‬
‫أو السيارات أو البنزين مبلغ أربعون ألف درهم‪ ،‬هذا المبلغ يعني أن الشخص الذي أعد الميزانية اقترح هذا‬
‫المبلغ كاعتماد وليس كمال‪ ،‬ألننا ينبغي أن نفرق بين وجود االعتماد ووجود األموال‪ ،‬فتوفر األموال ال يعني‬
‫توفر االعتماد‪ ،‬كما أن توفر االعتماد ال يعني توفر األموال‪.‬‬

‫وعندما انتقل مقترح أربعون ألف إلى التصويت صوت الجهاز المكلف بالتصويت على هذا المبلغ‪ ،‬ألنه قد‬
‫يصوت عليها أو يلغيها أو يضيف إليها‪ ،‬فعندما يصوت من له أهلية التصويت ‪-‬وهو البرلمان‪ -‬نقول لك أنت‬
‫كقطاع وزاري لك أربعون ألف درهم من أجل شراء سيارة‪ .‬وعند بداية السنة المالية يمكنك تحريك االعتماد‬
‫ويصبح نفقة‪ ،‬كما قد ال يحرك االعتماد وال يصبح نفقة‪ ،‬وفي نهاية السنة يلغى االعتماد‪.‬‬

‫وبذلك يعتبر االعتماد شرط أساسي لإلنفاق‪ ،‬لكن ال يعني إقرار االعتماد أنه سيتبعه إنفاق‪ .‬كما ال ينبغي أن نقول‬
‫أن االعتماد هو مورد‪ ،‬فقد تكون لدينا اعتمادات لكن ليست لدينا موارد‪ ،‬فمثال قد يكون قطاع وزاري معين له‬
‫اعتماد لتشييد مطار ‪ ،‬لكن حسابه في الخزينة ال يوفر ذلك المبلغ‪ ،‬فهل بإمكان ذلك القطاع الوزاري أن يشيد‬
‫المطار؟ الجواب هو ال‪ ،‬ألنه ليست لديه أموال في حسابه‪ .‬لهذا ينبغي عدم الخلط بين توفر االعتماد وتوفر‬
‫األموال‪ ،‬فتوفر االعتماد كما قلنا هو توفر األهلية أو الرخصة لإلنفاق‪ ،‬أما توفر األموال فهو عندما تكون لك‬
‫أموال مادية في حسابك في الخزينة‪.‬‬

‫عند بداية السنة‪ ،‬تكون االعتمادات مسطرة في الميزانية‪ ،‬لكن ال يمكن للقطاعات الوزارية منذ شهر يناير‬
‫أن تطالب وزارة المالية بتوفير األموال المقررة في الميزانية‪ ،‬ألن خزينة الدولة تكون فارغة مع بداية السنة‪،‬‬
‫وبالتالي فالدولة لها تقنيات من أجل أن تضبط التوازن‪ ،‬وهنا ينبغي أن نفهم لماذا المشرع وضع بعض التواريخ‬
‫المعي نة الستخالص األموال؟ مثال الضريبة على السيارات يتم استخالصها في أواخر شهر يناير‪ ،‬ألن الدولة‬
‫تعرف أن الخزينة فارغة في بداية السنة‪ ،‬وأنه في نهاية شهر يناير ينبغي أن تؤدي نفقات الموظفين‪ .‬وبالتالي‬
‫هناك قواعد يتم توظيفها لضمان التوازن بين اإلدخال واإلخراج في اآلن نفسه‪ ،‬لكي ال تتوقف الدولة‪ ،‬ألن الدولة‬
‫ال يمكنها أن تتوقف‪.‬‬
‫عندما يكون لدينا اعتماد‪ ،‬يتم ترجمته إلى مال وذلك في حالة تحريكه من طرف اآلمر بالصرف‪ ،‬أما في‬
‫حالة عدم تحريكه ال يترجم‪.‬‬

‫مثال وزارة الصحة لديها اعتماد بقيمة ستة ماليير لشراء اللقاح‪ ،‬ورغم ذلك ال يمكنها أن تشتري ذلك اللقاح في‬
‫بداية السنة‪ ،‬ألن خزينة الدولة فارغة‪ ،‬وبعد أن تمتلئ الخزينة من خالل استخالص أموال الضريبة على‬
‫السيارات والضريبة على الدخل ومخالفات السير وغيرها‪ ،‬كما يمكن للدولة استخالص األموال من خالل فتح‬
‫اقتراضات للخواص والمتمثلة في سندات الخزينة التي سيشتريها الخواص‪ ،‬أو مثال االقتراض من البنك الدولي‪،‬‬
‫عند ذلك يؤذن لوزارة الصحة بتحريك االعتماد واقتناء اللقاح‪ ،‬أما أن يتم تحريك االعتماد والخزينة فارغة‪ ،‬هنا‬
‫تتورط الدولة بإشكال المبالغ اإلضافية (غرامات التأخير)‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هو المحدد لقيمة االعتماد؟‬

‫جواب‪ :‬هو الحاجات‪ .‬فثال نجد في كل وزارة نشر البرنامج التوقعي الذي يساعد في حصر قيمة االعتمادات‪.‬‬

‫هنا قاعدة سندرسها في باب المبادئ‪ ،‬وهي قاعدة عدم التخصيص‪ ،‬والتي تعني عدم تخصيص مورد‬
‫لنفقة‪ ،‬بمعنى يمنع على قطاع وزاري أن يستفيد من مداخيله‪ .‬فمثال وزارة العدل رغم أنها تستخلص رسوما‬
‫قضائية إال أنها ال تستفيد منها‪ ،‬بل تحول مداخيلها لخزينة الدولة تحت إشراف الحكومة‪ ،‬أما وزارة العدل فتبقى‬
‫أداة أو وسيلة الستخالص األموال‪ .‬وبذلك فكل المداخيل المتأتية من قطاع وزاري معين ال تخصص لهذا‬
‫القطاع‪ ،‬وإنما تدخل في كتلة الموارد‪ .‬لكن قاعدة عدم التخصيص شأنها شأن باقي القواعد تشوبها استناءات‪،‬‬
‫فبعض القطاعات تستفيد من مداخيلها بشكل كلي أو جزئي‪.‬‬

‫في نهاية السنة المالية تكون بعض االعتمادات المالية قد ألغيت وبعضها تحولت إلى نفقات‪ ،‬هذا في‬
‫النفقات‪ ،‬أما في الموارد فيكون بعض منها قد ترجم إلى نفقات والبعض منها قد يرحل إلى السنة الموالية‪ ،‬وما‬
‫يرحل هو ما يندرج في إطار نفقات االستثمار‪ ،‬بمعنى يمكن أن نرحل موردا يندرج في إطار االستثمار أما في‬
‫إطار التسيير يمنع الترحيل إال في حالة إذا ما حركنا االلتزام قبل نهاية السنة‪ .‬هذا االختالف بين الترحيل في‬
‫إطار التسيير وفي إطار االستثمار راجع لكون نفقات االستثمار مرتبطة ببنية وتجهيزات‪.‬‬

‫فمثال نريد بناء مطار بقيمة ستون مليار درهم بين سنتي ‪ 9299‬و ‪ ،9292‬بمعنى كل سنة لدينا في الميزانية إثنا‬
‫عشر مليار درهم‪ ،‬غير أنه في سنة ‪ 9299‬تم صرف عشر مليارات فقط‪ ،‬وبالتالي بقي لدينا ملياران لم يتم‬
‫إنفقهما في تلك السنة‪ ،‬لذلك في السنة التي تليها سيكون لدينا في الميزانية أربعة عشر مليار عوض إثنا عش‪ ،‬ألنه‬
‫في حالة ما إذا تم إلغاء الملياري ن اللذين لم يتم إنفاقهما في السنة األولى‪ ،‬سيتم إلغاؤها من المشروع االستثماري‬
‫ككل وبالتالي ذلك المطار لن يكتل في البناء‪.‬‬
‫تذكير بأهم النقاط التي تم التطرق لها في الحصة األولى‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫** تعريف المالية العامة‪ :‬هي األنشطة التي تهدف إلى الحصول على األموال ثم إستعمال‪/‬توظيف هذه األموال‪.‬‬

‫** المالية مثل الصندوق الذي له بابان‪ ،‬الباب األول تدخل منه الموارد العامة والباب الثاني تخرج منه النفقات‪.‬‬

‫** المالية العامة عرفت تطورات عدة‪ ،‬فعندما ظهرت كانت بشكل تقليدي‪ ،‬وبعد ذلك تطور مفهوم المالية العامة‬
‫من مالية وفق قواعد تقليدية إلى مالية حديثة تتميز بنوع من المرونة‪ ،‬والسبب في ذلك هو تطور الدولة وتحولها‬
‫من دولة حارسة إلى دولة متدخلة‪ ،‬حيث كانت الدولة في السابق عبارة عن دولة ليبرالية ال تتدخل في األنشطة‬
‫االقتصادية واالجتماعية (تتدخل فقط في المسائل اإلدارية‪ ،‬الجيش‪ ،‬القضاء‪ ،‬األمن‪ ،)... ،‬لكن بعد الحرب‬
‫العالمية الثانية وتخرب الدول و تدهور البنيات التحتية‪ ،‬اضطرت الدولة إلى أن تتحول من دولة ليبرالية إلى دولة‬
‫متدخلة‪ ،‬تشيد المصانع وتستثمر في العديد من المجاالت االقتصادية واالجتماعية (الصحة‪ ،‬التعليم‪.)... ،‬‬

‫** خصائص الدولة الليبرالية‪:‬‬

‫‪ – 9‬ميزانية ضعيفة‪.‬‬

‫‪ – 9‬الحياد المالي (أي أن الدولة ال تنفق على األنشطة االقتصادية)‪.‬‬

‫‪ – 3‬التوازن بين مداخيل الدولة ونفقاتها‪.‬‬

‫** تعريف مفهوم النفقة العامة‪ :‬هي عملية استعمال االعتمادات من طرف شخص عمومي بقصد إشباع‬
‫حاجات عامة‪.‬‬

‫** تعريف االعتماد‪ :‬هو تأهيل أو ترخيص أولي لإلنفاق‪ ،‬يكون سنويا‪ ،‬إذا تم استعماله يحول إلى نفقة‪ ،‬وإال قد‬
‫يلغى مع نهاية السنة أو يرحل إلى السنة المقبلة أو يتم تحويله إلى إلتزام بهدف الحفاظ عليه من اإللغاء‪.‬‬
‫بداية المحاضرة الثانية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫سؤال‪ :‬ما هي الموارد؟‬

‫الجواب‪ :‬أوال النفقات تحتاج إلى موارد‪ ،‬هذه الموارد تأخذ شكال نقديا‪ ،‬بمعنى ال تأخذ شكال عينيا‪ ،‬أي أن الذي‬
‫يؤديها يفعل ذلك بالعملة الوطنية (الدرهم)‪ .‬وهنالك قائمة كبيرة من المداخيل‪ ،‬وهي موارد تحصلها الدولة بطريقة‬
‫طوعية‪ ،‬وفي حالة امتنع الشخص تلجأ إلى األداء الجبري وفق قواعد وإجراءات‪ .‬وتتمثل هذه الموارد فيما يلي‪:‬‬

‫‪ – 2‬الضرائب والرسوم‪ :‬الضرائب أداء جبري يؤديه المواطن بصفة نهائية وبدون مقابل‪ ،‬أما الرسوم فهي أداء‬
‫بمقابل‪ .‬والفرق ب ين الضريبة والرسم هو أن هذا األخير يغطي خدمة معينة تقوم بها الدولة‪ ،‬فمثال عندما تريد‬
‫االستفادة من الحالة المدنية تؤدي درهمان لالستفادة من رسم الوالدة أو من النسخة الكاملة وذلك نظير استفادتك‬
‫من الخدمة‪ ،‬أما الضريبة فتؤديها بدون مقابل‪ ،‬نحن هنا نتحدث عن المقابل المباشر‪ ،‬أما المقابل غير المباشر‬
‫فنستفيد منه وذلك عندما تشيد الدولة البنية التحتية والطرق واألمن وغيرها‪.‬‬

‫‪ - 0‬حصيلة الغرامات‪ :‬كل من قام بمخالفة أو جريمة ما فهو يؤدي غرامة‪.‬‬

‫‪ – 3‬األجور عن الخدمات المقدمة‪ :‬مثال عندما تذهب لمستشفى عمومي من أجل االستفادة من الخدمة‬
‫االستشفائية يطالبك من هو في االستقبال بأداء مبلغ معين مقابل تلك الخدمة‪ .‬إال أن األجر ال يغطي قيمة الخدمة‬
‫لكنه يعبر عن أجور عن الخدمات المقدمة‪.‬‬

‫‪ – 4‬أموال المساعدات والهبات والوصايا‪ :‬فالخواص أو دول أخرى قد تقدم مساعدات للدولة بشكل عيني أو‬
‫نقدي‪ ،‬أو قد تقدم وصايا (في حدود الثلث)‪.‬‬

‫‪ – 5‬دخول األمالك العامة والخاصة‪ :‬فالدولة تتوفر على أمالك عامة جوية وبرية وبحرية‪ ،‬فالدولة لها أراضي‬
‫تقوم بكرائها‪ ،‬لها غابات تقوم ببيع منتوجها‪ ،‬كذلك لها أمالك تقوم بالترخيص باحتاللها المؤقت بمقابل‪.‬‬

‫‪ – 6‬حصيلة بيع المنقوالت والغرامات‪ :‬الدولة قد تبيع منقوالت أو عقارات‪ ،‬هذه المنقوالت قد تكون في شكل‬
‫متالشيات والتي يتم بيعها للخواص‪ ،‬وكذلك العقارات‪ ،‬فالدولة قد تبيع أمالك خاصة لها وريعها يدخل في قائمة‬
‫الموارد‪.‬‬

‫‪ – 7‬حصيلة االستغالالت‪ ،‬األتاوى وحصص األرباح وكذلك الموارد والمساهمات المتأتية من المؤسسات‬
‫العمومية والمقاوالت العمومية أو الشركات العمومية وشركات االقتصاد المختلط‪ :‬فالدولة لها مؤسسات عامة‬
‫مثل المكتب الوطني للسكك الحديدية‪ ،‬المكتب الشريف للفوسفاط‪ ،‬بريد المغرب‪ ،‬البنك الشعبي‪ ،‬لها أيضا مساهمة‬
‫في اتصاالت المغرب وغيرها‪ .‬هذه المؤسسات والشركات تدر مداخيل في شكل أرباح تعد من أهم مداخيل‬
‫الدولة‪.‬‬
‫‪ – 8‬المبالغ المرجعة من القروض والتسبيقات والفوائد المترتبة عليها‪ :‬الدولة يمكن أن تقرض أشخاص‬
‫القانون الخاص أو أشخاص القانون العام بمقابل‪ ،‬هذا المقابل هو عبارة عن فوائد والتي تعبر عن مداخيل للدولة‪.‬‬

‫‪ – 9‬حصيلة االقتراضات‪ :‬الدولة يمكنها أن تقترض‪ ،‬سواء اقتراض داخلي من الخواص أو عبر فتح سندات‬
‫للعموم لشرائها‪ ،‬أو اقتراض خارجي من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو البنك األوروبي أو البنك‬
‫اإلفريقي للتنمية وغيرها‪ ،‬كل تلك االقتراضات تعبر عن مداخيل للدولة‪.‬‬

‫‪ – 22‬الحصائل المختلفة‪.‬‬

‫تجميع الموارد مع النفقات يعطينا الميزانية العامة‪ ،‬وكلما كانت الموارد أكبر من النفقات نكون أمام فائض‪ ،‬وكلما‬
‫كانت النفقات أكبر من الموارد نكون أمام عجز‪ ،‬وإذا كان هناك تساوي بين الموارد والنفقات نكون أمام توازن‪.‬‬

‫في الحصة السابقة تطرقنا إلى الفرق بين المالية الخاصة والمالية العامة‪ .‬المالية الخاصة هي مالية الخواص‪ ،‬أما‬
‫المالية العامة فهي مالية الدولة أو مالية الجماعات الترابية أو مالية المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ ‬أوجه التشابه بين المالية العامة والمالية الخاصة‪:‬‬

‫‪ -‬كالهما تحتاج إلى المال‪.‬‬

‫‪ -‬امتالك األموال يظهر قوة الشخص أو حريته‪ ،‬أي من يمتلك األموال تكون له قوة‪ ،‬ومن ال يمتلكها يكون‬
‫ضعيفا سواء بالنسبة للدولة أو للفرد‪.‬‬

‫‪ ‬أوجه االختالف بين المالية العامة والمالية الخاصة‪:‬‬

‫‪ - 2‬على مستوى اإلنفاق‪:‬‬

‫‪ -‬الدولة تستهدف خدمة الصالح العام‪ ،‬أما المالية الخاصة فتستهدف خدمة الصالح الخاص‪.‬‬

‫** الفرد يقدر مداخيله أوال بينما الدولة تقدر نفقاتها أوال‪ ،‬ألن الدولة تقوم بحساب نفقاتها أوال ثم تبحث عن‬
‫الموارد التي ستسد تلك النفقات‪ ،‬وهو ما يسمى بقاعدة أسبقية النفقات بالنسبة للدولة‪.‬‬

‫‪ – 0‬على مستوى الموارد‪:‬‬

‫‪ -‬الدولة تستعمل امتيازات السلطة العامة للحصول على مواردها‪ ،‬أما الفرد فال يمكنه ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬الدولة يمكنها استخالص مواردها بشكل مباشر أو ما يسمى بالتدبير المباشر‪ ،‬بمعنى إذا لم يؤدي شخص‬
‫ما ضرائب معينة يمكن للدولة أن تلجأ إلى قواعد التحصيل الجبري‪ ،‬وأن تقوم بإنذار الشخص ثم حجز‬
‫أمواله وبيعها‪ ،‬وفي حالة لم يكن له ما يباع أو ما يحجز‪ ،‬تقوم بإيداعه في إطار مسطرة اإلكراه البدني‪،‬‬
‫بمعنى أن الدولة تستعمل سلطتها المباشرة دون الرجوع إلى القضاء‪.‬‬
‫بخالف ذلك‪ ،‬الفرد عندما يكون دائنا ليس بإمكانه استعمال امتيازات من هذا القبيل بقدر ما يمكنه أن‬
‫يعود إلى القضاء لكي يحكم له باستخالص أمواله أو حجز ممتلكات شخص ما إلى غير ذلك‪.‬‬

‫** المادة سنعالجها من خالل خمسة محاور‪:‬‬

‫المحور األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي والتاريخي للميزانية‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬مبادئ الميزانية‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬وضع مشروع قانون المالية‪.‬‬

‫المحور الرابع‪ :‬المصادقة على مشروع قانون المالية‪.‬‬

‫المحور الخامس‪ :‬تنفيذ الميزانية ومراقبتها‪.‬‬

‫المحور األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي والتاريخي للميزانية‪.‬‬

‫من خالل هذا المحور سنحاور أن نفهم كيف ظهر مفهوم الميزانية وكيف تطور مع الوقت‪ ،‬ثم مفهوم الميزانية‬
‫وفق الشكل التالي‪:‬‬

‫‪ -‬تطور الميزانية في التاريخ؛‬

‫‪ -‬مفهوم الميزانية؛‬

‫‪ -‬خصائص الميزانية؛‬

‫‪ -‬أهمية الميزانية وطبيعتها القانونية‪.‬‬

‫‪ -‬تطور الميزانية في التاريخ‪:‬‬

‫ينبغي أن نعرف أن الميزانية عرفت تطورات‪ ،‬والميزانية بمفهومها الحديث هي من وضع إنجلترا‪ ،‬أي‬
‫أن قواعد الميزانية وضعتها إنجلترا‪ ،‬ثم بعد ذلك جاءت فرنسا ووضعت لها أسسا علمية‪ ،‬ثم انتقلت الميزانية إلى‬
‫مجموعة من الدول‪.‬‬

‫النقاش الذي كان في الميزانية‪ ،‬كيف تبلورت وتطورت؟ لمعرفة سبب ذلك يجب أن نعود إلى التاريخ‪،‬‬
‫تاريخ تطورها في فرنسا و إنجلترا‪ ،‬كذلك في القرون الوسطى وفي القرن الخامس عشر والسادس عشر‪ ،‬آنذاك‬
‫كانت الملكية مطلقة‪ ،‬أي أن الملك كان يتحكم وينفق ويستخلص دون رقيب وال حسيب‪ ،‬واستمر هذا الوضع إلى‬
‫أن وقعت عدة ثورات في إنجلترا وفرنسا في وجه الملكية التي كانت تمثل وجها كبيرا لالستبداد‪ ،‬وكانت‬
‫الض ريبة والمالية العامة سببا مباشرا في هذا التطور‪ ،‬ألن أهم سبب لقيام الثورات كان هو الضريبة‪ ،‬فالملك كان‬
‫يفرض ضرائب بدون حسيب وال رقيب‪ ،‬نتج عنه ثورات من طرف الشعوب‪ ،‬والتي طالبت من خالل ممثليها أال‬
‫تفرض أي ضريبة إال بعد أن يوافق عليها هؤالء الممثلون‪ ،‬بعد ذلك تم تكريس هذا المقتضى‪ ،‬بمعنى أنه تم قبول‬
‫أال تفرض أي ضريبة إال بعد أن يقبلها ممثلوا الشعب‪ ،‬بعد ذلك طالبوا أال تنفق تلك الضرائب إال بعد أن يقبلها‬
‫ممثلوا الشعب أيضا‪ ،‬وتم تكريس تلك القاعدة كذلك‪ .‬ثم بعد ذلك قالوا أن تلك الموافقة سواء بالنسبة لفرض‬
‫الضريبة أو إنفاقها ال ينبغي أن تستمر إلى ما ال نهاية‪ ،‬لهذا قالوا بأن تلك الموافقة يجب أن تكون بصفة دورية أي‬
‫سنوية‪ ،‬وهنا ظهر مبدأ السنوية‪.‬‬

‫هذا السياق التاريخي والتطور التاريخي هو الذي يوضح لنا لماذا نجد حاليا أن المجال المالي اختصاص‬
‫برلماني ولماذا نجد في المغرب أن القانون المالي هو اختصاص حصري للبرلمان‪ ،‬ألنه يعرف أن هذه المسألة‬
‫كانت هي النقطة التي أفاضت الكأس في السابق في أوروبا وساهمت في إسقاط مجموعة من الملوك وساهمت‬
‫في ثورات‪ ،‬لهذا تم تكريسها في مجموعة من الدساتير لصالح البرلمان‪ .‬هذا النقاش ساهم في ظهور نظام‬
‫دستوري سمي بالنظام البرلماني‪ ،‬فالنظام البرلماني سبب ظهوره هي الضريبة‪.‬‬

‫‪ -‬تعريف الميزانية‪:‬‬

‫عمل توقعي يعبر عن برنامج مالي‪ ،‬تجيزه وتصادق عليه السلطة التشريعية لمدة سنة لكي يمكن السلطة‬
‫التنفيذية من القيام بوظائفها في مختلف المجاالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬أين توجد هذه الميزانية؟ بمعنى آخر إن أردت أن أطلع عليها أين أجدها؟‬

‫الجواب‪ :‬يمكن االطالع على الميزانية في قانون المالية وبالضبط في الجزء المخصص للميزانية العامة‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هو الفرق بين الميزانية والقانون المالي؟‬

‫مالحظة‪ :‬لفهم مادة الميزانية بشكل أوضح‪ ،‬من األفضل االطالع على أحد نماذج قانون المالية‪.‬‬

‫عند االطالع على أحد نماذج قانون المالية نجد أن الجزء األول يعبر عن المعطيات العامة للتوازن‬
‫المالي‪ ،‬والتوازن المالي هو أحد المبادئ األساسية للقانون المالي‪ ،‬وهو مقسم إلى بابين‪ :‬الباب األول متعلق‬
‫باألحكام العامة للموارد‪ ،‬والباب الثاني متعلق باألحكام العامة للنفقات‪.‬‬

‫الجواب‪ :‬الميزانية هي القسم الحسابي من قانون المالية وهي تشكل جزءا من القانون المالي‪ ،‬وفي ذلك القسم‬
‫الحسابي سنجد كل موارد ونفقات الدولة‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ماذا يوجد في القسم التشريعي من قانون المالية؟‬

‫الجواب‪ :‬نجد ف يه معطيات قانونية مرتبطة بالميزانية‪ ،‬بمعنى أن تلك المعطيات هي التي تفصل بعض المسائل‬
‫التي ذكرت بشكل عام في الميزانية‪ .‬فقد نجد في المستوى األول تعديال للمدونة العامة للضرائب‪ ،‬هذه المدونة‬
‫التي تتضمن مجموعة من الضرائب مثل الضريبة على الشركات وعلى الدخل وعلى القيمة المضافة وعلى‬
‫التسجيل وعلى الرسم السنوي وعلى الرسوم الخصوصية على السيارات ورسوم التنبر‪ ،‬هذه الضرائب والرسوم‬
‫سنويا تعرف تعديالت تشريعية‪ ،‬وبالتالي يتم تعديل ذلك على المستوى التشريعي لقانون المالية‪ .‬يعدل المشرع‬
‫كذلك مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة‪ .‬فالمستوى التشريعي من قانون المالية مرتبط بالمستوى الحسابي‬
‫(الميزانية)‪.‬‬

‫‪ -‬خصائص الميزانية‪:‬‬

‫‪ – 2‬الميزانية عمل توقعي‪ :‬أي أن تلك األرقام الواردة في القسم الحسابي تعبر عن توقعات ألنها تتعلق بالسنة‬
‫الموالية‪ ،‬وهذا التوقع ليس ارتجاليا وإنما مؤسس ومبني على إحصائيات وأرقام ومرجعية‪ .‬فمثال بالنسبة لنفقات‬
‫الموظفين يسهل توقعها‪ ،‬ألن الدولة تعرف كتلة الموظفين‪ ،‬وعدد الموظفين الذين سيتم توظيفهم في السنة المقبلة‪،‬‬
‫وعدد الموظفين اللذين سيحالون على التقاعد‪ ،‬وعدد الموظفين اللذين سينتقلون من رتبة إلى رتبة أو من درجة‬
‫إلى درجة‪ ،‬ومن خالل حساب هذه المعطيات يمكن استنتاج كتلة األجور في المغرب‪ .‬وبالتالي فالتوقع هو آلية‬
‫لتجاوز االرتباك واالرتجال‪ ،‬ألن التوقع يعطي نظرة تقريبية حول كمية اإلنفاق وكمية االستخالص‪ .‬لهذا عندما‬
‫نقرأ المادة ‪ 3‬القانون التنظيمي للمالية نجد ما يلي‪" :‬يتوقع قانون المالية للسنة‪ ،‬لكل سنة مالية‪."...‬‬

‫‪ – 0‬الميزانية خطة مالية‪ :‬فالميزانية تعبر عن خطة أو تخطيط لما ننفقه ونستخلصه في خالل السنة الجارية‬
‫والسنوات الموالية‪ ،‬فمثال يظهر التخطيط من خالل بعض نفقات االستثمار‪ ،‬ألن هذه النفقات تعبر عن نفقات‬
‫ممتدة في الزمن عما يزيد عن السنة‪ ،‬كذلك من مظاهر التخطيط هو أن أصبح من الوثائق الالزم إعدادها‬
‫والمرافقة للقانون المالي هي ما يسمى "البرمجة الميزانياتية" والتي تعني أن يتم برمجة موارد ونفقات الدولة‬
‫لمدة ثالث سنوات‪.‬‬

‫‪ – 3‬الميزانية تعبر عن إجازة‪ :‬أي الرخصة‪ ،‬وهذه اإلجازة يرخص بها البرلمان‪ ،‬أي أن البرلمان هو الذي‬
‫يصوت على القانون المالي‪ ،‬فالحكومة تعد الميزانية‪ ،‬والبرلمان يصوت عليها‪ ،‬ثم تقوم الحكومة بتنفيذ تلك‬
‫االعتمادات والموارد وفق ما صوت عليه البرلمان‪.‬‬

‫‪ - 4‬الميزانية تعبر عن أهداف الدولة االقتصادية واالجتماعية والمالية وغيرها‪ :‬ألن األرقام الواردة في‬
‫الميزانية هي ترجمة لمشاريع ولمخططات ذات طابع اقتصادي‪ ،‬اجتماعي ومالي وغيرها‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ماهي أهمية الميزانية؟‬

‫الجواب‪ :‬للميزانية أهمية مالية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬اجتماعية وسياسية‪.‬‬

‫فبالنسبة لألهمية المالية فالميزانية جوهرها مالي تتمثل في المداخيل والنفقات‪ ،‬وهذه المداخيل مردودها‬
‫المالي ينعكس على النفقات‪ ،‬فبقدر ما تكون للدولة مداخيل كبيرة بقدر ما تكون لها أريحية في اإلنفاق‪.‬‬
‫أما األهمية السياسية للميزانية فتتجلى في كونها تعبر عن صراع سياسي بين السلطة التشريعية والسلطة‬
‫التنفيذية ألن الميزانية تعدها الحكومة ويصوت عليها البرلمان‪ ،‬والبرلمان قبل أن يصوت‪ ،‬يقوم بنقد ودحض‬
‫بعض اختيارات السلطة التنفيذية‪ ،‬فالسلطة التشريعية تريد أن تحد السلطة التنفيذية‪ ،‬كما أن هذه األخيرة تريد أن‬
‫تمرر مقتضيات على السلطة التشريعية‪ ،‬وهذا ما يعبر عن صراع بين السلطتين‪ .‬كذلك عالقة الحكومة مع‬
‫البرلمان هي عالقة مراقبة‪ ،‬فالبرلمان له آليات رقابية للتعرض على أوجه صرف المال العام من طرف الحكومة‬
‫ولمراقبة مدى احترامها لمقتضيات القانون المالي‪ .‬كذلك تعتبر الميزانية أداة للضغط على الحكومة (نحن هنا‬
‫نتحدث عل ما ينبغي أن يكون‪ ،‬لكن في الواقع‪ ،‬الحكومة هي التي تضغط على البرلمان‪ ،‬فعندما نرى االمتيازات‬
‫المقررة للحكومة في الدستور نجد أنها هي التي تضغط على البرلمان)‪.‬‬

‫يظهر الصراع السياسي واألهمية السياسية فمن خالل أن البرلمان يمكنه أن يرفض المصادقة على مشروع‬
‫قانون المالية‪ ،‬لكن الحكومة يمكنها أن تتجاوز سلطة البرلمان في رفض المصادقة‪ ،‬وذلك بأن تفتح اعتمادات‬
‫لحسن سير المرافق العامة‪ ،‬وتنتظر إلى حين أن يصادق البرلمان‪.‬‬

‫والميزانية أيضا لها أهمية اقتصادية واجتماعية لحفظ التوازن االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬فهي تعتبر آلية‬
‫لمواجهة المشاكل وتقليص التفاوتات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وهي كذلك وسيلة من وسائل توزيع الثروة وإنتاج‬
‫القيمة المضافة‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما الطبيعة القانونية للميزانية؟‬

‫الجواب‪ :‬الطبيعة القانونية للميزانية وقع حولها خالف‪ ،‬فهناك من قال أن الميزانية ليست قانونا إنما هي برنامج‬
‫أو وثيقة أو عمل إداري‪ .‬وهناك من قال أنها قانون‪ ،‬على اعتبار أنها يصوت عليها البرلمان وتنشر في الجريدة‬
‫الرسمية‪ .‬وهناك من قال أن الميزانية ال ينبغي أن تدرج داخل القانون المالي‪.‬‬

‫عموما من الناحية الشكلية يمكن أن نعتبر أن الميزانية قانون‪ ،‬ألنها صادرة عن السلطة التشريعية‪،‬‬
‫والبرلمان هو الذي يأذن للحكومة أن تنفق وأن تستخلص‪ .‬ومن الناحية الموضوعية‪ ،‬هي تعبر عن عمل إداري‬
‫مكون من موارد ونفقات‪.‬‬

‫‪ -‬أنواع قوانين المالية‪:‬‬

‫قوانين المالية ثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪ – 2‬قانون المالية للسنة‪ :‬هو قانون مالية توقعي‪ ،‬يكون سنويا (يفتتح في فاتح يناير وينتهي في نهاية دجنبر)‪.‬‬

‫‪ – 0‬قانون المالية التعديلي‪ :‬هو قانون مالية يأتي ليعدل قانون المالية للسنة‪ ،‬بمعنى داخل قانون مالية السنة قد‬
‫تظهر متغيرات تفرض تغيير قانون المالية‪ .‬فمثال في قانون المالية لسنة ‪ ،9292‬عندما وصلنا إلى شهر يوليوز‬
‫اقتنعت الحكومة بأنه ينبغي تعديل قانون المالية‪ ،‬ألنه حدثت متغيرات‪ ،‬هذه المتغيرات حدثت من زاويتين‪،‬‬
‫الزاوية األولى من حيث الموارد‪ ،‬فنحن في ظرفية استثنائية والتي أدت إلى إغالق تام‪ ،‬الشيء الذي أدى إلى‬
‫ضعف الموارد وبالتالي فالضرائب هي األخرى كانت قليلة وليست وفق ما تم توقعه في قانون المالية للسنة‪.‬‬
‫وقانون المالية التعديلي هو أيضا قانون مالية توقعي لكنه ليس سنويا ألنه يفتتح بعد أول يوم من نشره في الجريدة‬
‫الرسمية وينتهي مع نهاية السنة المالية‪ ،‬وبالتالي هو يخرق مبدأ السنوية‪.‬‬

‫‪ – 3‬قانون التصفية‪ :‬بخالف قانون المالية للسنة وقانون المالية التعديلي اللذان يعدان قانونين توقعيين‪ ،‬يعتبر‬
‫قانون التصفية قانونا تنفيذيا‪ ،‬بمعنى أن هذه القوانين تتوقع ولكن التنفيذ يبدأ في قانون المالية للسنة من فاتح يناير‬
‫وينتهي في نهاية دجنبر وفي قانون المالية التعديلي من يوم من نشره في الجريدة الرسمية وينتهي مع نهاية السنة‬
‫المالية‪ .‬بعد ذلك يأتي قانون يبين لنا النتائج الحقيقية لتنفيذ الموارد والنفقات‪ ،‬أي أن قانون التصفية يبين لنا األرقام‬
‫الحقيقية للتنفيذ‪ ،‬و يكون بعد نهاية السنة المالية‪ ،‬بمعنى أنه عندما سننهي قانون المالية لسنة ‪ 9292‬سيبدأ إعداد‬
‫قانون التصفية المتعلق بالسنة المالية ‪ 9292‬والذي نجد فيه األرقام الحقيقية لما استخلصناه وما أنفقناه‪ ،‬واستثناء‪،‬‬
‫هذه السنة سنجد قانونين للتصفية‪ ،‬األول متعلق بقانون المالية للسنة‪ ،‬والثاني متعلق بقانون المالية التعديلي‪ ،‬وهو‬
‫قانون جاء من أجل المراقبة وتحريك المسؤوليات في الشقين سواء تنفيذ النفقات وتنفيذ المداخيل‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫القوانين الثالثة المذكورة أعاله‪ ،‬تمر وجوبا على البرلمان من أجل المصادقة عليها‪ ،‬لكن اإلشكال بالنسبة‬
‫لقانون التصفية‪ ،‬هو أن البرلمانيين ال يهتمون به نهائيا‪ ،‬بل هناك قوانين تصفية صوت عليها سبعة أو ثمانية‬
‫برلمانيين‪ ،‬والمشكل في المغرب هو أن تصل قوانين التصفية لهذا المستوى‪ ،‬وهي أهم من قوانين المالية‪ ،‬وأصل‬
‫هذا اإلشكال هو أن الحكومة تسوق لقانون المالية للسنة المقبلة‪ ،‬وال تذكر نهائيا قوانين التصفية‪ ،‬ألنها ال تريد‬
‫لل نقاش العمومي أن ينشأ حول قوانين التصفية ألن هذه القوانين فيها تحريك المسؤوليات‪ ،‬لهذا تمر مرور الكرام‬
‫كأنها مخفية‪ ،‬فهي تحيلها على البرلمان‪ ،‬وهذا األخير يصوت عليها‪ ،‬وال نجد لها دعاية‪ ،‬وال نجدها حتى بالجريدة‬
‫الرسمية‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬مبادئ الميزانية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مبدأ السنوية‪:‬‬

‫عندما نقرأ قانون المالية نجد أنه بخالف القوانين األخرى يتفرد باالستثناءات‪ ،‬بمعنى ال نكاد نجد شيئا يشترك‬
‫فيه قانون المالية مع القوانين األخرى‪ ،‬ومن أهم هذه الخصوصيات هو أنه قانون مؤقت‪ .‬فال نكاد نجد قانونا‬
‫مؤقتا‪ ،‬فالقاعد القانونية كمبدأ عام توضع لتنفد بغض النظر عن أجل انتهائها‪ ،‬بخالف ذلك‪ ،‬قانون المالية يولد‬
‫على اعتبار أننا نعرف تاريخ انتهاء صالحيته‪ ،‬فهو يولد في فاتح يناير ويموت في نهاية دجنبر‪.‬‬

‫الذي ينبغي أن نعرفه هو أن مبدأ السنوية من المبادئ الكالسيكية‪.‬‬

‫مالحظة مهمة‪:‬‬

‫هناك ستة مبادئ تحكم الميزانية‪ ،‬خمسة منها ظهرت في سياق الدولة الليبرالية‪ ،‬علما أن لكل مبدأ استثناءات‪.‬‬

‫سندرس المبدأ‪ ،‬وندرس أيضا االستثناءات الواردة عليه‪ .‬فمثال عندما سندرس مبدأ السنوية‪ ،‬مبدأ التخصيص‪،‬‬
‫مبدأ الشمول ومبدأ الوحدة‪ ،‬سندرس بالتوازي االستثناءات الواردة على كل مبدأ‪ .‬والغريب في األمر أن هذه‬
‫االستثناءات بعضها يتم تكراره من مبدأ إلى آخر‪ ،‬بمعنى أن نفس االستثناء قد نجده في المبدأ األول والثاني‬
‫والثالث‪ .‬فما الذي يفسره أو يبرره؟‬

‫الذي يفسره هو السياق التاريخي‪ ،‬ألن طبيعة هذه المبادئ ظهرت في سياق الدولة الليبرالية‪ ،‬لكن بسبب الحربين‬
‫العالميتين األولى والثانية‪ ،‬وكذا األزمة االقتصادية‪ ،‬طرح اإلشكال‪ ،‬ألن الدولة اضطرت أن تتدخل وأصبحت‬
‫دولة متدخلة‪ ،‬وعندما أرادت التدخل‪ ،‬أرادت أن تطبق تلك المبادئ وفق نفس المنهجية ونفس المقاربة التي‬
‫ظهرت من خاللها في إطار الدولة الليبرالية ووقع اإلشكال‪ .‬فتلك المبادئ استعصى على الدولة التدخلية تطبيقها‪،‬‬
‫لذلك تم البحث عن طرق وآليات وتقنيات من أجل تطبيق تلك المبادئ‪ ،‬وبالتالي تم البحث عن استثناءات هدفها‬
‫هو أن تكفل المرونة وتمنع الرتابة وتعطي مبادئ بقواعد لينة‪.‬‬

‫لهذا ينبغي أن نفهم أن المبادئ ظهرت في إطار الدولة الليبرالية‪ ،‬واالستثناءات ظهرت في إطار الدولة‬
‫التدخلية‪.‬‬
‫مبدأ السنوية جاء ألجل تجديد الترخيص‪ ،‬فهذا المبدأ له أبعاد‪ ،‬لدى ينبغي أن نفهم مبدأ السنوية بمفهومها‬
‫الشامل‪ ،‬ال أن نفهمه فقط فهما ضيقا‪ ،‬فجل األشخاص يفهمون مبدأ السنوية على أن الميزانية يبدأ تنفيذها في فاتح‬
‫يناير وينتهي في نهاية دجنبر‪ ،‬وهذا رغم كو نه مفهوما معقوال ومنطقيا‪ ،‬إال أنه مفهوم قاصر‪ ،‬ألنه ال يعطينا‬
‫أبعادا للمبدأ‪ .‬أول هذه األبعاد أنه يظهر أوال في اإلعداد‪ ،‬وثانيا في التصويت‪ ،‬وثالثا في التنفيذ ورابعا فيالرقابة‪.‬‬

‫‪ – 2‬اإلعداد‪ :‬من يعد تلك الوثيقة‪ ،‬وضعها على أساس أنها تولد في يناير وتنتهي في دجنبر‪ ،‬بمعنى أنه يضع في‬
‫اعتباره أن تلك التقديرات ينبغي أن تكون سنوية (مبدأ السنوية)‪ ،‬ولكي نحصل على هذه التقديرات السنوية‪،‬‬
‫ينبغي أن نحصل على تقديرات شهرية‪ .‬فمبدأ الزمن حاضر بالضرورة لدى معد الوثيقة‪ .‬فمثال‪ ،‬لو اختار المغرب‬
‫أن يضع ميزانية ثنائية أو ثالثية السنوات‪ ،‬هنا ستتغير تقديرات واضع تلك الوثيقة حيث سيعدها على أساس تلك‬
‫المدة‪ .‬بمعنى أن مبدأ السنوية حاضر من أول نقطة في إعداد مشروع القانون المالي‪.‬‬

‫‪ – 0‬التصويت‪ :‬يظهر مبدأ السنوية كذلك في التصويت‪ ،‬ألن من يصوت على هذه الوثيقة هو البرلمان‪ ،‬وهذا‬
‫األخير يعرف أن هذه الوثيقة ستولد في فاتح يناير وتنتهي في نهاية دجنبر‪ ،‬ثم يعرف أن التقديرات ينبغي أن تأخذ‬
‫بعين االعتبار السنة‪ ،‬وبالتالي عندما يالحظ البرلمان أن هناك تقديرات مبالغ فيها يتدخل ويطالب بالتقديرات‬
‫الحقيقية‪ ،‬ألنها وثيقة ستنفذ في وقت ضيق من السنة‪ ،‬وبالتالي يمكنه أن يحدث ويحذف ويناقش وهو يضع نصب‬
‫أعينه مبدأ السنوية‪.‬‬

‫‪ – 3‬التنفيذ‪ :‬يظهر مبدأ السنوية كذلك في التنفيذ‪ ،‬ألنه ال يمكن تنفيذ هذه الوثيقة بعد انتهاء مدة صالحيتها‪ ،‬أي‬
‫بعد نهاية السنة المالية‪.‬‬

‫‪ – 4‬المراقبة‪ :‬يظهر مبدأ السنوية كذلك في المراقبة‪ ،‬فهناك مؤسسات تراقب‪ ،‬وبالتالي عندما يظهر لها إخالل‬
‫بمبدأ السنوية فهي تتدخل‪ ،‬ألن هناك إخالال بقاعدة جوهرية للميزانية‪ .‬فمثال نعرف أن بعض القطاعات الوزارية‬
‫تشتغل بسندات الطلب‪ ،‬وأحيانا قد تتجاوز مبالغ سندات الطلب المبلغ المسموح به في سقف الميزانية‪ ،‬فيضطر‬
‫القطاع الوزاري أن يغطي هذا الفرق من اعتمادات السنة المقبلة مع المقاول ألجل األداء‪ .‬فهنا عندما يكشف‬
‫المجلس األعلى للحسابات أنه تمت تغطية نفقات في سنة معينة‪ ،‬والحال أن الخدمة قد تمت في سنة سابقة‪ ،‬هنا‬
‫يعترض ألنه تم خرق مبدأ السنوية‪.‬‬

‫لهذا فمبدأ السنوية حاضر في كل مراحل إعداد الميزانية والتصويت عليها وتنفيذها ومراقبتها‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هي المبررات التي ساهمت في إقرار وتكريس مبدأ السنوية؟‬

‫جواب‪ :‬هناك مجموعة من المبررات‪ ،‬سواء التقنية أو السياسية أو االقتصادية أو المالية‪.‬‬

‫‪ – 2‬المبررات المالية‪ :‬مبدأ السنوية يتفق مع مالية األفراد والمؤسسات‪ ،‬فهي تنبني على هذا المبدأ‪ ،‬فالشركات‬
‫تقوم بحساب حصيلتها في إطار السنة‪ .‬وهناك ارتباط بين المؤسسات والمالية العامة على اعتبار أن أرباحها‬
‫تفرض عليها أداء الضريبة على الشركات‪ ،‬وهذه الضريبة تعد من أهم مداخيل الدولة‪ ،‬لهذا فمبدأ السنوية لذا‬
‫الدولة يتفق مع مبدأ السنوية لذا الشركات والمؤسسات‪ .‬كذلك يتوافق هذا المبدأ مع فصول السنة األربعة‪ ،‬إذ أنه‬
‫في فصل كانت هناك فترات ركود وفي فصل آخر هناك فترات ازدهار‪ ،‬فمثال في فصل الصيف تكون الحركة‬
‫التجارية مزدهرة‪ ،‬وفي فصل الخريف تكون الحركة ضعيفة جدا‪ ،‬وبالتالي نستفيد من كل المراحل‪ ،‬سوء كان‬
‫فيها ركود أو ازدهار اقتصادي‪.‬‬

‫‪ – 0‬المبررات التقنية‪ :‬عندما نعد وثيقة لمدة أكثر من السنة‪ ،‬فهذا يطرح صعوبة لألشخاص الذين يعدون هذه‬
‫الوثيقة‪ ،‬ألن هؤالء األشخاص عندما نضع لهم ميزانية طويلة األمد‪ ،‬يصعب عليهم التقدير‪ ،‬ألن الميزانية عبارة‬
‫عن تقديرات للموارد والنفقات‪ ،‬وبالتالي يصعب أن نتنبأ بحجم الموارد والنفقات خالل مدة طويلة‪ .‬فمثال‪ ،‬إذا‬
‫كانت الميزانية ثالثية السنوات‪ ،‬ينبغي على من يعدها أن يضع الميزانية لمدة ثالث سنوات‪ ،‬وتلك المجاميع‬
‫ستكون صعبة جدا‪ ،‬ألنه ال يمكن أن نتوقع جل الموارد والنفقات في ظرف ثالث سنوات ألنها مدة طويلة جدا‪.‬‬

‫‪ – 3‬المبررات االقتصادية‪ :‬االقتصاد ينطوي على الدورة االقتصادية‪ ،‬وهذه األخيرة تعرف فترات ازدهار‬
‫وفترات ركود‪.‬‬

‫‪ – 4‬المبررات السياسية‪ :‬بما أن الميزانية يصوت عليها البرلمان‪ ،‬بالتالي فعند تصويته فهي مناسبة ألجل مراقبة‬
‫الحكومة فيما أنفقته واستخلصته في السنة السابقة وفيما ستنفقه وتستخلصه في السنة المقبلة‪.‬‬

‫فهذه العالقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية تعبر عن صراع بين السلطتين‪ ،‬ألن السلطة تحد السلطة‪،‬‬
‫والسلطة تراقب السلطة‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هي االنتقادات التي وجهت لمبدأ السنوية؟‬

‫جواب‪ :‬هذا المبدأ انتقد ألسباب‪ ،‬فعندما نقول السنوية نعني أنها فترة ضيقة‪ ،‬وهناك بعض العمليات التي تحتاج‬
‫ألكثر من سنة‪ ،‬خصوصا نفقات االستثمار‪ ،‬فعمليات اإلنشاء والتعمير والبنية التحتية تحتاج مدة طويلة وإلى‬
‫اعتمادات ضخمة‪ ،‬لهذا ال يمكن للحكومة أن تلتزم بها في ظرف ضيق داخل سنة‪ ،‬لهذا انتقد هذا المبدأ‪ ،‬ألن‬
‫العمليات ال يمكن أن تدبر بنفس الطريقة‪ ،‬فهناك عمليات يمكن أن تنضبط لمبدأ السنوية‪ ،‬وهناك عمليات أخرى ال‬
‫يمكنها ذلك‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هي االستثناءات الواردة على مبدأ السنوية؟‬

‫جواب‪ :‬هناك نوعان من االستثناءات‪ :‬االستثناءات داخل إطار السنة (تكون مدتها أقل من سنة)‪ ،‬واالستثناءات‬
‫خارج إطار السنة (تكون مدتها أكثر من سنة)‪.‬‬

‫‪ - 2‬االستثناءات داخل إطار السنة‪:‬‬

‫الحالة األولى‪:‬عدم موافقة السلطة التشريعية على مشروع قانون المالية قبل بداية السنة المالية‪:‬‬

‫أي أن البرلمان لم يوافق على مشروع قانون المالية قبل بداية السنة المالية‪ ،‬فآخر أجل للبرلمان لكي يصوت‬
‫على القانون المالي هو ‪ 39‬دجنبر‪ ،‬وبالتالي عندما ال يصوت إال داخل السنة المقبلة‪ ،‬فيكون بذلك قد خرق مبدأ‬
‫السنوية‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬قانون المالية التعديلي‪:‬‬

‫ينبغي أن نفهم مسألة أساسية‪ ،‬أال وهي أن قانون المالية التعديلي ليس مرتبطا بالضرورة بظرف طارئ‪،‬‬
‫فمثال فرنسا نجد أنها تصدر قانونا تعديليا كل سنة‪ ،‬وذلك بدون وجود أي ظرف طارئ أو أي شيء آخر‪ ،‬فاألمر‬
‫يبقى اختيارا للحكومة وتصويتا للبرلمان‪ .‬ومن بين األسباب التي يمكن أن تكون دافعا إلصدار قانون مالية‬
‫تعديلي هو قدوم حكومة مكان الحكومة السابقة‪ ،‬وقد يكون سبب إصدار القانون التعديلي هو فقط إرادة الحكومة‪،‬‬
‫حيث قد يتضح لها أن قانون المالية غير مناسب وبالتالي وجب تغييره‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫قانون المالية التعديلي هو آخر خيار يمكن أن تنهجه الحكومة‪ ،‬ألنه لديها بدائل أخرى يمكنها اللجوء إليها‪،‬‬
‫مثل االعتمادات اإلضافية‪ ،‬بمعنى لها اعتمادات موجودة في القانون المالي الذي يعد مثل شيك على بياض‬
‫للحكومة الذي يزكي قوة اإلنفاق لديها‪ ،‬فمثال كان بإمكان الحكومة اللجوء إلى االعتمادات اإلضافية لتغطية نفقات‬
‫جائحة كورونا‪ ،‬دون اللجوء إلى تعديل قانون المالية‪ .‬وهذه االعتمادات اإلضافية تكون موجودة دائما في كل‬
‫قوانين المالية‪ .‬كما كان بإمكان الحكومة اللجوء إلى بديل آخر أال وهو ما يسمى بالنفقات الطارئة والمخصصات‬
‫اإلحتياطية‪ ،‬فهناك فصل في كل قانون مالي يسمى النفقات الطارئة والمخصصات اإلحتياطية‪ ،‬ويتم فيه ضخ‬
‫ماليير الدراهم‪ ،‬فسنويا نجد فيه عشرون أو ثالثون مليار درهم أو أكثر‪ .‬كما كان بإمكان الحكومة تجميد جزء‬
‫من نفقات االستثمار‪ ،‬وهي إمكانية واردة في القانون التنظيمي لقانون المالية ‪.932.93‬‬

‫بالنسبة لمسألة االقتراض من الخارج‪ ،‬فاألصل هو أن سقفه يكون محددا‪ ،‬إال أن الحكومة هذه السنة استغلت‬
‫مشكل جائحة كورونا وأعدت مرسوما يخول لها أن تقترض من الخارج دون تحديد سقف لالقتراض‪.‬‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬قانون المالية االنتقالي‪:‬‬

‫هو قانون مالية ينقلنا من تاريخ معين إلى تاريخ آخر‪ ،‬فمثال في السنة الموالية‪ ،‬اختارت الحكومة تعديل‬
‫القانون التنظيمي لقانون المالية بحيث أن السنة المالية من اآلن فصاعدا ستبدأ من فاتح يوليوز للسنة المقبلة‬
‫وتنتهي مع نهاية يونيو للسنة التي بعدها‪( ،‬ملحوظة‪ :‬سبق للمغرب أن اعتمد هذا النهج في السابق ما بين سنتي‬
‫‪ 2996‬و‪ ،)0222‬وبالتالي ففي الفترة الممتدة ما بين فاتح يناير و‪ 32‬يونيو تعد الحكومة مشروع قانون مالية‬
‫انتقالي‪ ،‬ينقلنا من فاتح يناير إلى ‪ 32‬يونيو حتى نبدأ في السنة المالية الجديدة‪.‬‬

‫الحالة الرابعة‪ :‬االعتمادات اإلضافية‪:‬‬

‫هي اعتمادات تفتحها الحكومة بإذن من البرلمان بعد أن يكون القانون المالي ساري المفعول‪ ،‬فالحكومة تعمل‬
‫على أخذ رخصة ضمنية داخل القانون المالي من أجل االستفادة من اعتمادات إضافية‪ ،‬فمثال بالرجوع للفقرة‬
‫األولى من المادة ‪ 92‬من قانون المالية لسنة ‪ 9292‬نجد ما يلي‪" :‬طبقا للمادة ‪ 62‬من القانون التنظيمي ‪232.23‬‬
‫لقانون المالية‪ ،‬يؤذن للحكومة‪ ،‬في حالة ضرورة ملحة وغير متوقعة ذات مصلحة وطنية‪ ،‬أن تفتح اعتمادات‬
‫إضافية بمراسيم أثناء السنة"‪ ،‬وبالتالي فالحكومة أخذت مسبقا اإلذن من البرلمان لالستفادة من اعتمادات‬
‫إضافية داخل القانون المالي‪ ،‬فالحكومة عندما أعدت مشروع القانون المالي‪ ،‬وضعت مادة بصفة كأنها مخفية‬
‫تضمن من خاللها االستفادة من اعتمادات إضافية‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫عندما نقول اعتمادات إضافية‪ ،‬فهذا يعني تعديل للقانون المالي‪ ،‬بمعنى أنه كانت لدينا اعتمادات أصلية‬
‫وأضفنا اعتمادات إضافية‪ ،‬وخصوصية هذا التعديل للقانون المالي‪ ،‬هو أنه يتم بدون الرجوع إلى البرلمان‪ ،‬بل‬
‫الحكومة مطالبة فقط بإخبار اللجان البرلمانية‪ .‬واألخطر في االعتمادات اإلضافية هو أن المراسيم التي تصدر‬
‫من أجل فتح هذه االعتمادات‪ ،‬ال يتم المصادقة عليها من طرف البرلمان إال في قانون المالية للسنة الموالية‪،‬‬
‫فكيف يعقل أن اعتمادات سبق وأن نفذت في السنة الماضية‪ ،‬يصادق عليها البرلمان في السنة الموالية؟ فالسؤال‬
‫المطروح هو ما دور البرلمان من هذه المصادقة؟ هو فقط سيزكي األمر‪ ،‬ألنه ال يمكنه أن يغير شيئا وقع في‬
‫الماضي‪ .‬إذن هذه االعتمادات اإلضافية التي يمكن أن تكون مضمرة في القانون المالي للسنة‪ ،‬تكون مؤطرة‬
‫بمقتضى القانون التنظيمي لقانون المالية‪ ،‬هذا األخير أحال على الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 02‬من دستور ‪9299‬‬
‫بناءا على قانون اإلذن‪ ،‬ألن المادة ‪ 92‬من القانون المالي لسنة ‪ 9292‬تقول "يؤذن للحكومة‪ ،"...‬بمعنى أن هناك‬
‫قانون اإلذن‪ ،‬أين هو قانون اإلذن هنا؟ قانون اإلذن هو المادة ‪ 62‬من القانون التنظيمي ‪ 232.23‬لقانون‬
‫المالية‪ ،‬لذا يجب التمييز بين القانون الذي يأذن‪ ،‬وبين العمل الذي يأتي طبقا لقانون اإلذن‪ ،‬هذا العمل يتمثل في‬
‫فتح اعتمادات إضافية طبقا للمادة ‪ 92‬من القانون المالي لسنة ‪ 9292‬التي جاءت طبقا لقانون اإلذن‪ ،‬الذي بدوره‬
‫أحال على الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 02‬من دستور ‪.9299‬‬
‫‪ - 9‬االستثناءات خارج إطار السنة‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬الترخيصات في البرامج‪:‬‬

‫الترخيصات في البرامج مرتبطة بنفقات االستثمار‪ ،‬هذه النفقات تحتاج إلى مدة طويلة وإلى موارد وأموال‬
‫كثيرة جدا والتي يصعب على الدولة أن تلتزم بها في ظرف سنة (هذا ال يعني أن كل نفقات االستثمار تخرق مبدأ‬
‫السنوية)‪ ،‬لهذا يتم تقسيمها إلى نوعين من االعتمادات‪:‬‬

‫اعتمادات األداء )‪ (Crédits de paiement‬واعتمادات االلتزام )‪.(Crédits d’engagement‬‬

‫‪ ‬اعتمادات األداء‪ :‬هي مجموع االعتمادات التي يمكن صرفها في إطار السنة‪ ،‬بمعنى هي تحترم مبدأ السنوية‪.‬‬
‫‪ ‬اعتمادات االلتزام‪ :‬هي مبلغ االعتمادات للمشروع ككل‪ ،‬بمعنى أنها ال تنضبط لمبدأ السنوية‪.‬‬
‫‪ ‬الترخيصات في البرامج ال تخضع لمبدأ السنوية‪ ،‬ألنها مرتبطة بنفقات االستثمار‪ ،‬على عكس ذلك‪ ،‬نفقات‬
‫التسيير خاضعة لمبدأ السنوية‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫بالنسبة العتمادات األداء المتعلقة باالستثمار‪ ،‬فإن الرصيد السنوي الذي لم يتم إنفاقه داخل السنة‪ ،‬يتم ترحيله‬
‫إلى السنة الموالية‪.‬‬
‫‪ ‬تذكير بأهم ما ورد في المحاضرة السابقة‪:‬‬
‫في الحصة السابقة بدأنا بدراسة أول مبدأ من مبادئ الميزانية‪ ،‬أال وهو مبدأ السنوية‪ ،‬ثم تطرقنا لالستثناءات الواردة‬
‫على هذا المبدأ‪ ،‬وهذه االستثناءات تنقسم إلى قسمين‪ :‬استثناءات داخل إطار السنة‪ ،‬واستثناءات خارج إطار السنة‪.‬‬

‫‪ - 2‬االستثناءات داخل إطار السنة‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬عدم موافقة السلطة التشريعية على مشروع قانون المالية قبل بداية السنة المالية‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬قانون المالية التعديلي‪.‬‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬قانون المالية االنتقالي‪.‬‬

‫الحالة الرابعة‪ :‬االعتمادات اإلضافية‪.‬‬

‫‪ - 0‬االستثناءات خارج إطار السنة‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬الترخيصات في البرامج‪.‬‬

‫‪ ‬بداية المحاضرة الرابعة‪:‬‬


‫بقي لنا االستثناء الثاني من االستثناءات خارج إطار السنة‪ ،‬أال وهو ترحيل االعتمادات‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬ترحيل االعتمادات‪:‬‬

‫األصل أنه ينبغي احترام االعتمادات المفتوحة في الميزانية‪ ،‬أي أنه ال ينبغي أن نغير االعتمادات المفتوحة في‬
‫الميزانية من مكان إلى مكان‪ ،‬ألن هذا التغيير يؤثر على طبيعة الترخيص البرلماني‪ ،‬باعتبار أن التصويت على قانون‬
‫المالية هو اختصاص برلماني‪ ،‬ففي حالة ما إذا غيرنا االعتمادات فإنا نخلخل تلك األسطر الميزانياتية‪ .‬لكن أحيانا قد ال‬
‫يتمكن قطاع وزاري معين من صرف االعتمادات المفتوحة داخل إطار السنة‪ ،‬وبالتالي يمكنه أن يرحل تلك االعتمادات‬
‫من سنة مالية إلى سنة مالية موالية‪ .‬هذا الترحيل هو تحويل في الزمن‪ ،‬بمعنى أنه يختلف عن تحويل االعتمادات‪ .‬وهناك‬
‫ثالث حاالت لترحيل االعتمادات من سنة مالية إلى سنة مالية موالية‪:‬‬

‫‪ -2‬ترحيل اعتمادات األداء‪:‬‬

‫كما سبق وأن قلنا سابقا ‪ ،‬فإن مجموعة من نفقات االستثمار ال تخضع لمبدأ السنوية ألنها تحتاج لمدة طويلة وأموال‬
‫كبيرة لتغطيتها‪.‬‬
‫واعتمادات األداء هي تلك المبالغ التي تلتزم بها الحكومة في إطار السنة‪ ،‬ومجموع اعتمادات األداء تكون لنا اعتمادات‬
‫االلتزام في إطار نفقات االستثمار‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ما لم نستهلكه من اعتمادات األداء في إطار نفقات االستثمار يتم ترحيله إلى‬
‫السنة الموالية لكي يتم االستفادة منه وإضافته إلى اعتمادات األداء للسنة الموالية‪ .‬لكن اعتمادات األداء المتعلقة بالتسيير‬
‫تخضع لمبدأ السنوية‪.‬‬

‫‪ -0‬ترحيل رصيد الحسابات الخصوصية للخزينة‪:‬‬

‫الحسابات الخصوصية للخزينة هي مكون من مكونات ميزانية الدولة‪ ،‬لكن هذا المكون وجد لكي يستفيد من عدة‬
‫استثناءات‪ ،‬بمعنى أن هذا المكون جاء الستيعاب االستثناءات غير االعتيادية التي ال يمكن إدراجها بطريقة سلسة في‬
‫الميزانية‪ .‬لهذا جاء المشرع وقدم أهداف هذه الحسابات بأنها حسابات تتضمن عمليات ال يمكن إدراجها بطريقة ما في‬
‫الميزانية‪ ،‬وبالتالي يتم إدراجها في الحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬وهي التي تسميها الصحافة بالصناديق السوداء كناية‬
‫على صعوبة مراقبتها‪.‬‬

‫تتكون الحسابات الخصوصية للخزينة من شقين‪ :‬شق دائن (الموارد)‪ ،‬وشق مدين (النفقات)‪ ،‬فعندما نطرح الموارد‬
‫والنفقات‪ ،‬ونجد فائضا (بمعنى أن الموارد أكثر من النفقات)‪ ،‬فذلك الفائض يرحل إلى السنة الموالية‪ ،‬لهذا نجد أن‬
‫الحسابات الخصوصية وجدت دائما لكي تخرق المبادئ‪.‬‬

‫‪ -3‬ترحيل أموال المساهمات والهبات‪:‬‬

‫سبق وأن تطرقنا إلى هذه األموال في إطار قائمة المداخيل‪ ،‬فهناك نوع من المداخيل يسمى أموال الهبات والوصايا‪،‬‬
‫وهي أموال يقدمها الواهب أو الوصي إلى الدولة لتغطية برنامج أو مشروع معين‪ ،‬بمعنى أن الدافع لهذا الواهب أو‬
‫الموصي هو صرف أمواله في برنامج محدد بالذات‪ ،‬لذلك فما لم يتم صرفه في سنة معينة من أموال المساهمات‬
‫والهبات‪ ،‬يمكن أن يرحل إلى السنة الموالية احتراما إلرادة الواهب أو الوصي‪ ،‬ألنه ينبغي أن يبقى في إطار المشروع‬
‫المخصص له‪ ،‬لهذا فهي نفقات مخصصة بطبيعتها لمجال معين‪.‬‬

‫المبدأ الثاني‪ :‬مبدأ الوحدة‪:‬‬


‫يعتبر مبدأ الوحدة من المبادئ البسيطة وغير المعقدة‪ .‬وينص هذا المبدأ على أن يتم تجميع مختلف عمليات المالية‬
‫العمومية في وثيقة واحدة‪ .‬والمقصود بعميات المالية العمومية هي مختلف عمليات اإلنفاق وعمليات االستخالص‪ .‬أي‬
‫أنه ال ينبغي أن يكون تعدد في الميزانيات‪ ،‬بمعنى أال يكون لكل قطاع وزاري مالية مستقلة‪ ،‬بل يجب أن تجمع كل تلك‬
‫الميزانيات في ميزانية واحدة‪ .‬وقد وجد هذا المبدأ لعدة أسباب‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أن قراءة وثيقة واحدة تمكننا من معرفة القطاعات التي تحضى باألولوية‪ ،‬بمعنى أننا عندما نقرأ تلك الوثيقة ونقارن‬
‫بين االعتمادات‪ ،‬ونجد أن وزارة الصحة والداخلية والتعليم تستهلك أكبر االعتمادات‪ ،‬هنا نقول أن هذه القطاعات تحضى‬
‫باألولوية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬كذلك من أهم مبر رات هذا المبدأ هو أنه يمكننا من معرفة الوضع المالي للدولة‪ ،‬هل الدولة في حالة عجز أم فائض‬
‫أم توازن‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مبدأ الوحدة يسهل الرقابة‪ ،‬ألن السلطة التي تراقب‪ ،‬عندما تقرأ وثيقة واحدة‪ ،‬يسهل عليها المقارنة ومراقبة‬
‫المجاالت التي يوجد فيها اعتمادات كبيرة واعتمادات أقل‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬قراءة وثيقة واحدة يمكننا كذلك من معرفة محتويات الميزانية‪ ،‬والمقارنة بين تلك المحتويات‪.‬‬

‫لكن اإلشكال المطروح‪ ،‬هو أن عمليات المالية العمومية ليست من نفس الطبيعة‪ ،‬فهناك عمليات ذات طابع إداري يسهل‬
‫إدراجها في الوثيقة‪ ،‬وهناك عمليات تحتاج أنظمة محاسبية خاصة يصعب إدراجها بطريقة سهلة في الميزانية‪ .‬لهذا انتقد‬
‫مبدأ الوحدة من طرف بعض الفقه‪ ،‬ألن القول بوثيقة واحدة وبفلسفة واحدة فيه إجحاف‪ ،‬ألن النفقات والموارد مختلفة‬
‫وطبيعتها متعددة‪ .‬لهذا حاول الفقهاء تهيئة مبدأ الوحدة من خالل وضع ميزانية عامة تستوعب ثالث مستويات‪ ،‬تتمثل في‬
‫األنشطة العادية‪ ،‬حسابات خصوصية تستوعب األنشطة الخاصة‪ ،‬وميزانيات ملحقة تستوعب أنشطة ذات طابع خاص‬
‫تتعلق بالعمليات التي تهدف إلى إنتاج سلع أو تقديم خدمات مقابل أجر‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬إذا كانت وثيقة الميزانية واحدة‪ ،‬فهل هناك استثناءات على هذه الوثيقة؟‬

‫جواب‪ :‬لإلجابة على هذا السؤال ال بد أوال أن نجيب عن سؤال آخر أساسي‪ ،‬وهو‪ :‬ما هي الميزانيات التي ال توجد في‬
‫وثيقة الميزانية؟‬

‫هناك نوعان من الميزانيات التي ال توجد في وثيقة الميزانية‪ ،‬وهي التي تسمى بالميزانيات المستقلة‪ ،‬وهذه‬
‫الميزانيات المستقلة‪ ،‬هي ميزانيات الجماعات الترابية وميزانيات المؤسسات العمومية‪ .‬وما دام أن للجماعات الترابية‬
‫والمؤسسات العمومية شخصية معنوية عامة‪ ،‬إال ولها استقالل مالي وإداري‪ ،‬الشيء الذي يفرض أن تكون لها ميزانية‬
‫تقوم ببلورتها وإعدادها والتصويت عليها ثم تنفيذها‪ ،‬وهذه الميزانيات ال تكون مندرجة في القانون المالي للدولة‪ .‬أي أننا‬
‫إذا أردنا أن نبحث عن ميزانية جماعة الرباط أو ميزانية مؤسسة محمد الخامس أو المكتب الشريف للفوسفاط فلن نجدها‬
‫في قانون المالية‪ ،‬وبالتالي فميزانياتها مستقلة وال تخضع لمبدأ الوحدة‪ ،‬ألن هذا المبدأ يهم فقط ميزانية مؤسسات الدولة‬
‫(وزارات وبرلمان ومندوبيات سامية‪.)...‬‬

‫مالحظة‪ :‬رغم أن للجماعات الترابية والمؤسسات العمومية ميزانية مستقلة عن ميزانية الدولة‪ ،‬إال أنه في قانون المالية‬
‫نجد بعض القواعد المرتبطة بهذا المستوى‪ ،‬فمثال هناك حساب خصوصي يسمى حصة الجماعات الترابية من الضريبة‬
‫على القيمة المضافة‪ ،‬فالجماعات الترابية تستفيد من ‪ 30%‬من هذه الضريبة‪ ،‬وهذه الضريبة هي دخل من مداخيل الدولة‪،‬‬
‫بمعنى أن ذلك الحساب الخصوصي وجد لكي يتم فيه ضخ ‪ 30%‬من الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬رغم ذلك هذا ال‬
‫يعني أن ميزانية الجماعات الترابية مندرجة ضمن قانون المالية‪.‬‬

‫المبدأ الثالث‪ :‬مبدأ التخصيص‪:‬‬

‫مالحظة‪ :‬ينبغي عدم الخلط بين التخصيص وقاعدة عدم التخصيص التي تعد قاعدة في مبدأ الشمول والتي تعني عدم‬
‫تخصيص دخل لنفقة‪.‬‬

‫عندما نتحدث على مبدأ التخصيص‪ ،‬فإننا نتحدث فقط عن مجال اإلنفاق‪ ،‬وال يهمنا مجال الموارد‪ ،‬لذلك نقول فقط مبدأ‬
‫تخصيص االعتمادات أو تخصيص النفقات‪.‬‬

‫مبدأ التخصيص يعني أن يتم تخصيص االعتمادات ما أمكن من السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية‪ ،‬بمعنى أننا نعطي‬
‫وحدات صغيرة وال نعطي وحدات كبيرة‪ ،‬مثال‪ ،‬لو صوت البرلمان على ميزانية المغرب (التي تمثل أكثر من ‪ 022‬مليار‬
‫درهم) بصفة إجمالية‪ ،‬بمعنى أنه لم يخصص مجاالت وأوجه اإلنفاق‪ ،‬هنا يمكن للحكومة أن تنفق ‪ 022‬مليار درهم على‬
‫هواها وكيفما تريد‪ ،‬لكن في الواقع هذه الممارسة غير سليمة‪ ،‬فال يمكن للبرلمان أن يصوت على ‪ 022‬مليار درهم‬
‫لتتصرف فيها الحكومة بصفة عشوائية‪ ،‬لهذا يتم التخصيص‪.‬‬

‫كيف يتم هذا التخصيص؟ يتم التخصيص بتقسيم ‪ 022‬مليار درهم مثال إلى مستويات وكل مستوى يتم تقسيمه أيضا إلى‬
‫مستويات‪ ،‬وكل مستوى داخل المستوى يتم تقسيمه إلى مستويات‪ ،‬وكل مستوى داخل المستوى داخل المستوى يتم تقسيمه‬
‫إلى مستويات‪ ،‬وهكذا ننتقل من ‪ 022‬مليار درهم إلى وحدات ونفقات صغيرة‪ .‬فثال لو كان لك ابن‪ ،‬وأعطيته ‪ 922‬درهم‬
‫دون أن تخصص له أوجه إنفاقها‪ ،‬فإنه سينفقها كيفما شاء‪ .‬لكن لو حددت له أوجه اإلنفاق وقلت له أن ينفق ‪ 02‬درهما‬
‫لشراء كتاب‪ ،‬و‪ 92‬درهما للغذاء‪ ،‬و‪ 92‬دراهم لتعبئة الهاتف‪ ،‬وهكذا‪ ،‬إلى أن تخصص له جميع المبلغ‪ ،‬هنا ستكون حرية‬
‫االبن ضيقة‪ ،‬ألنه ال يستطيع ينفق إال وفق ما خصصته له‪ .‬فالبرلمان يحدد أرقام معينة لإلنفاق‪ ،‬ال ينبغي للحكومة‬
‫تجاوزها وال خرقها‪ ،‬وب التالي ال يمكنها في سطر مالي متعلق بشراء السيارات أن تصرفه في نفقة راتب موظف مثال‪.‬‬

‫فكما رأينا في قانون المالية‪ ،‬هناك ثالث مستوى لإلنفاق‪:‬‬


‫‪ – 9‬نفقات الميزانية العامة؛‬

‫‪ – 9‬نفقات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة؛‬

‫‪ – 3‬نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة‪.‬‬

‫‪ –2‬نفقات الميزانية العامة‪ :‬هذه النفقات مقسمة إلى ثالث أبواب‪ :‬الباب األول‪ :‬نفقات التسيير؛ الباب الثاني‪ :‬نفقات‬
‫االستثمار؛ الباب الثالث‪ :‬نفقات الدين العمومي‪.‬‬

‫بالنسبة للباب األول فهو مقسم إلى فصلين‪ :‬الفصل األول‪ :‬نفقات الموظفين واألعوان؛ الفصل الثاني‪ :‬نفقات المعدات‬
‫والنفقات المختلفة‪.‬‬

‫بالرجوع إلى قانون المالية نجد أن الباب األول المتعلق بنفقات التسيير يحتوي على قطاعات وزارية ومؤسسات‪ ،‬داخل‬
‫كل قطاع وزاري نجد فصلين‪ :‬فصل يتعلق بنفقات الموظفين واألعوان؛ وفصل يتعلق بنفقات المعدات والنفقات المختلفة‪.‬‬
‫ونجد أرقام الفصول على يمين الجدول‪ ،‬وكل فصل مقسم إلى جهات (‪ 99‬جهة)‪ ،‬وكل جهة مقسمة إلى برامج‪ ،‬وكل‬
‫برنامج مقسم إلى مشاريع أو عمليات‪ ،‬وكل مشروع أو عملية مقسم إلى أسطر ميزانياتية‪.‬‬

‫وبالتالي نجد أن ‪ 022‬مليار مثال مقسمة إلى ثالث أقسام كبرى‪ :‬مثال ‪ 322‬ميار درهم مخصصة للميزانية العامة‪ ،‬و‪92‬‬
‫مليار درهم مخصصة لمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪ ،‬و‪ 92‬مليار درهم مخصصة للحسابات الخصوصية‬
‫للخزينة‪ .‬وبالتالي فنفقات موظف معين تكون في السطر‪ ،‬ألن السطر هو آخر مستوى من مستويات التخصيص‪.‬‬

‫‪ -‬االستثناءات الواردة على مبدأ التخصيص‪:‬‬


‫‪ - 2‬االعتمادات التي ال تقدم في الفصول‪ :‬الفصول نجدها على الجهة اليمنى من الجدول أعاله على الجهة اليمنى‪ .‬وهذه‬
‫االعتمادات هي نفقات نجدها في جدول النفقات المتعلق بمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة وتسمى ب"الرمز"‪ ،‬كما‬
‫هو مبين في الجدول أسفله‪:‬‬
‫نجدها في جدول النفقات المتعلق بنفقات الحسابات الخصوصية للخزينة وتسمى ب"الرقم"‪ ،‬كما هو مبين في الجدول‬
‫أسفله‪:‬‬

‫لهذا فكل ما هو مقدم في فصول فهو يخضع لمبدأ التخصيص‪ ،‬وعلى العكس ما ال يقدم في فصول فهو ال يخضع‬
‫لمبدأ التخصيص ‪ ،‬لكن هذا المعيار من التصنيف يمكن النظر إليه من زاوية التقسيم إلى أبواب وفصول ومشاريع‬
‫وعمليات وأسطر ميزانياتية‪ ،‬لكن هذا ال يعني أن هذه المبالغ (المذكورة في الرمز أو الرقم) غير مفصلة‪ ،‬ألنه يستحيل أن‬
‫نجد نفقات غير مفصلة‪ ،‬مثال في الجدول أعاله‪ ،‬نجد أن نفقات "حصة الجماعات الترابية من حصيلة الضريبة على القيمة‬
‫المضافة" تبلغ أكثر من ‪ 32‬مليار درهم‪ ،‬ومن المستحيل أن يكون هذا المبلغ الكبير غير مفصل‪ ،‬ألن ‪ 32‬مليار درهم‬
‫تشكل تقريبا ‪ 9%‬من ميزانية الدولة‪ ،‬فال يمكن أن نجد حساب خصوصي بهذا الشكل‪ ،‬ولكن نقول أنه يعبر عن تليين‬
‫للمبدأ‪ ،‬أي تقديم المبدأ في قالب أخف‪ .‬لهذا‪ ،‬فالحسابات الخصوصية تقدم في أصناف‪ ،‬فمثال الصنف األول يسمى‬
‫الحسابات المرصدة ألمور خصوصية‪ ،‬والصنف الثاني يسمى حساب االنخراط في الهيئات الدولية‪ ،‬والصنف الثالث هو‬
‫حساب العمليات النقدية‪ ،‬والصنف الرابع هو حساب التمويل‪ ،‬ثم الصنف الخامس هو حساب النفقات من المخصصات‪.‬‬
‫هذه األصناف الخمسة تعتبر تليينا لمبدأ التخصيص‪ .‬كذلك ميزانيات ‪( SEGMA‬أي مرافق الدولة المسيرة بصورة‬
‫مستقلة) فهي مقدمة وفق "الرمز" والتي تعتبر كذلك تليينا لمبدأ التخصيص‪.‬‬

‫‪ – 0‬الفصول غير المخصصة‪ ( :‬تندرج فيها نفقات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪ ،‬ونفقات الحسابات الخصوصية‬
‫للخزينة)‪ :‬هي فصول غير مخصصة ألي وجه من أوجه اإلنفاق‪ ،‬وهي فصالن‪:‬‬

‫أوال‪ :‬فصل النفقات الطارئة والمخصصات االحتياطية‪ :‬هو فصل يتضمن اعتمادات‪ ،‬ال يتم تخصيصها ألي وجه من أوجه‬
‫اإلنفاق لسبب أساسي‪ ،‬وهو بما أن القانون المالي قانون توقعي‪ ،‬ففي حالة إذا ما لم نتنبأ لبعض النفقات‪ ،‬ووقعت مستجدات‬
‫أو متغيرات طارئة‪ ،‬يمكن أن ننفق من هذا الفصل‪ .‬لهذا في كل قانون مالي‪ ،‬يتم إدراج فصل يسمى فصل النفقات‬
‫الطارئة‪ ،‬وتدرج فيه مبالغ ألجل تغطية بعض النفقات التي قد ال يتم توقعها‪.‬‬

‫بالرجوع لقانون المالية نجد أن النفقات الطارئة والمخصصات االحتياطية خصص لها مبلغ ‪ 9‬مليار و‪ 022‬مليون درهم‪،‬‬
‫وهو حساب يتم اللجوء إليه ل تغطية نفقات غير متوقعة‪ ،‬ونظرا لكون النفقات الطارئة التي تم تخصيصها في قانون المالية‬
‫لسنة ‪ 9292‬كانت ضئيلة‪ ،‬اضطرت الحكومة إلى تعديل قانون المالية‪.‬‬

‫وإذا ما رجعنا إلى الجدول أعاله‪ ،‬نجد أن النفقات الطارئة غير تابعة ألي قطاع وزاري‪ ،‬بمعنى أنه يمكن أن تستفيد منها‬
‫كل القطاعات الوزارية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬فصل التحمالت المشتركة (أو النفقات المشتركة)‪ :‬تتكون من فصلين يرتبطان عضويا بوزارة االقتصاد والمالية‪،‬‬
‫الفصل األول اسمه "التكاليف المشتركة" كما هو مبين بالجدول أسفله‪ ،‬ويندرج في نفقات التسيير لوزارة االقتصاد‬
‫والمالية‪ .‬هذه التكاليف المشتركة يتم من خاللها تغطية بعض النفقات المشتركة بين عموم المواطنين‪ ،‬مثال نفقات دعم‬
‫المواد الغدائية األساسية كما يالحظ أن وزارة االقتصاد والمالية بخالف باقي القطاعات الوزارية األخرى‪ ،‬تخرق مبدأ‬
‫الفصلين (أي الموظفون واألعوان ‪ +‬المعدات والنفقات المختلفة) حيث تحتوي على أربعة فصول‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فنجده في نفقات االستثمار‪ ،‬مدمجة مع وزارة االقتصاد والمالية كما هو مبين بالجدول أسفله‪ ،‬ولكن ال‬
‫ينبغي أن نفهم أن وزارة االقتصاد والمالية هي المستفيد منها‪ ،‬بل يمكن أن يستفيد منها الكل‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬

‫ال ينبغي الخلط بين االعتمادات اإلضافية وبين الفصول غير المخصصة‪ .‬ذلك أن االعتمادات اإلضافية تعتبر بمثابة‬
‫رخصة للحكومة تفتحها بإذن من البرلمان بعد أن يكون القانون المالي ساري المفعول‪ ،‬يتم التنصيص عليها في القانون‬
‫المالي للسنة‪ ،‬ويمكن اللجوء إليها بعد استيفاء االعتمادات األصلية‪ ،‬كما أنه يمكن االكتفاء باالعتمادات األصلية فقط‪ .‬أما‬
‫الفصول غير المخصصة هي اعتمادات منصوص عليها في شق الميزانية‪ ،‬لكن أوجه إنفاقها غير مفصلة‪ ،‬كما أن‬
‫الفصول غير المخصصة ال تحتاج إلى قانون اإلذن‪ ،‬فهي موجودة أصال‪ ،‬بخالف االعتمادات اإلضافية التي تستوجب‬
‫قانون اإلذن‪.‬‬

‫ملحوظة‪:‬‬

‫اآلمر بالصرف للتحمالت المشتركة هو وزير االقتصاد والمالية‪ ،‬لكن هذا ال يعني أن وزارة المالية هي التي تستفيد‬
‫منها فقط‪ ،‬مثال ذلك ما يسمى "الدين العمري" الذي يتم تغطيته من خالل اعتمادات التحمالت المشتركة‪.‬‬

‫من اإلشكاالت التي تطرحها الفصول غير المخصصة ‪ ،‬هي أنه بمجرد أن يصوت عليها البرلمان‪ ،‬تصبح للحكومة السلطة‬
‫التقديرية المطلقة الختيار أوجه إنفاقها‪ ،‬وهذا ما ينتج عنه غموض كبير في أوجه هذا اإلنفاق‪.‬‬

‫هناك فرق بين االعتمادات اإلضافية واالعتمادات التكميلية‪ ،‬فهذه األخيرة تعتبر آلية لتحريك المخصصات االحتياطية‪،‬‬
‫كما أنها ال تحتاج لقانون اإلذن‪.‬‬

‫**في الحصة المقبلة سنرى فصل نفقات التسديدات والتخفيضات واإلرجاعات الضريبية‪ ،‬ثم نعرج على االستثناء الثالث‬
‫واألخير على مبدأ التخصيص‪ ،‬أال وهو تغيير المبالغ المرصودة‪ ،‬ثم نمر إلى المبدأ الرابع‪ :‬مبدأ الشمول‪.‬‬
‫االستثناءات الواردة على مبدأ التخصيص‪:‬‬
‫‪ - 1‬االعتمادات التي ال تقدم في الفصول‪.‬‬
‫‪ - 2‬الفصول غير المخصصة‪.‬‬
‫‪ - 3‬تغيير المبالغ المرصودة‪ :‬يعد هذا االستثناء من أخطر االستثناءات الواردة على مبدأ التخصيص‪ ،‬ألنه يخلخل ما جاء‬
‫به البرلمان‪ ،‬فالبرلمان سبق له أن صوت على أبواب وفصول وبرامج ومشاريع وعمليات وأسطر ميزانياتية في شكل‬
‫معين‪ .‬فعندما نحول من مجال إلى مجال‪ ،‬فهذا يخلخل ما صوت عليه البرلمان‪ ،‬وبالتالي هذا يشكك في مضمون الترخيص‬
‫البرلماني‪.‬‬
‫وبالرجوع للفصل ‪ 54‬من القانون التنظيمي للمالية نجد أنه ينص على ما يلي‪" :‬ال يجوز تحويل االعتمادات ما بين‬
‫الفصول‪ .‬يمكن القيام بتحويالت لالعتمادات داخل نفس البرنامج وما بين البرامج داخل نفس الفصل‪ ،‬وفق الشروط‬
‫وحسب الكيفيات المحددة بنص تنظيمي"‪ ،‬ومنه نستنتج أن المشرع منع التحويل في الفصول واألبواب (أي في الفصول‬
‫فما فوق)‪ ،‬أما في الفصول فما تحت فيمكن التحويل وفق مسطرة حددها النص التنظيمي‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫القانون المالي فيما يتعلق بتخصيص االعتمادات‪ ،‬يكشف لنا فقط إلى حدود الفصول‪ ،‬فهو ال يبين لنا البرامج‬
‫والمشاريع والعمليات واألسطر الميزانياتية‪ .‬ألن ما ينشر في القانون المالي هو في الحقيقة شكل مختصر للقانون المالي‪،‬‬
‫وما تبقى من التفاصيل (البرامج والمشاريع والعمليات واألسطر الميزانياتية) فهي تبقى في القانون المالي األصلي الذي‬
‫ربما يتجاوز ألف صفحة‪.‬‬
‫المبدأ الرابع‪ :‬مبدأ الشمول (شمولية الميزانية أو عمومية الميزانية)‪:‬‬
‫يقصد بمبدأ الشمول أن يتم إدراج مختلف الموارد والنفقات في وثيقة واحدة دون مقاصة ودون تخصيص‪.‬‬
‫عندما يتم التصويت والمصادقة على الميزانية‪ ،‬فذلك بمثابة إذن من السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية لتحصيل الموارد‬
‫وصرف النفقات‪ ،‬وتكون عملية التحصيل والصرف في اآلن نفسه‪ ،‬لكن ينبغي أن تكون في وثيقة واحدة‪ ،‬على أساس أن‬
‫تسجل كل عملية صرف في شق النفقات وكل عملية تحصيل في شق الموارد‪ ،‬وذلك دون أن نقوم بإجراء المقاصة أو‬
‫التخصيص‪.‬‬
‫عملية المقاصة بين المداخيل والنفقات‪ ،‬وكذا عملية تخصيص الموارد للنفقات هما عمليتان ممنوعتان‪ .‬والسبب في هذا‬
‫المنع‪ ،‬هو أنه استنادا لمبدأ الشمول يتم اختالط الدخل بالنفقة‪ .‬وعندما يقع تداخل بين الدخل والنفقة نقوم بفصلهم عن‬
‫بعضهم إعماال لقاعدة عدم التخصيص وعدم المقاصة‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫ال يمكن أن نعرف مبدأ الشمول دون الجمع بين الدخل والنفقة‪ ،‬ألن هذ المبدأ ينص على قاعدة عدم التخصيص التي‬
‫تعني عدم تخصيص دخل لنفقة‪ ،‬وينص على قاعدة عدم المقاصة التي تعني عدم المقاصة بين المداخيل والنفقات‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬ما هو سبب منع التخصيص ومنع المقاصة؟‬
‫الجواب‪ :‬سبب م نع التخصيص ومنع المقاصة هو وجود مجموعة من العمليات التي يتداخل فيها الدخل مع النفقة‪ ،‬ألن‬
‫هناك نفقات ترتب موارد‪ ،‬وهناك موارد تستوجب نفقات‪ .‬ومعنى النفقات التي ترتب موارد هو أنه في بعض األحيان ننفق‬
‫ابتداء على أساس أن تخرج النفقة‪ ،‬ثم بعد ذلك تلك النفقة ترتب مداخيل‪ ،‬مثال إدارة عمومية أو شركة تشتري تجهيزات‪،‬‬
‫وبعد أن تستعملها لسنوات‪ ،‬تريد بعد ذلك استبدالها فتقوم ببيعها‪ .‬وهذه العملية كانت في البداية نفقة وبعد ذلك أصبحت‬
‫دخال‪ .‬ففي هذه الحال‪ ،‬هل يمكن من خالل تلك الموارد التي تأتت عن طريق بيع التجهيزات المتالشية أن نشتري بها‬
‫تجهيزات أخرى في نفس المجال؟ هذه العملية ممنوعة استنادا لقاعدة عدم المقاصة‪.‬‬
‫كذلك معنى الموارد التي تستوجب نفقات‪ ،‬فالدولة لها مجموعة من الموارد‪ ،‬هذه الموارد تستخلص‪ ،‬يتم استخالصها من‬
‫طرف إدارات تتكون من موظفين وتحتاج مجموعة من المعدات والمتطلبات‪ ،‬فهل يم كن لهذه الإلدارة المكلفة بتحصيل‬
‫الموارد أن تسقط التكاليف التي تحتاجها وتعطي للدولة الباقي؟ ال يمكنها ذلك‪ ،‬ألنها ستتعارض مع قاعدة عدم تداخل‬
‫الموارد والنفقات‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬ما هو مضمون عدم التخصيص ومضمون عدم المقاصة؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫‪ ‬عدم التخصيص‪ :‬هو عدم تخصيص دخل لنفقة‪ ،‬أي يمنع مثال أن نخصص مداخيل الضريبة على الشركات أو‬
‫الضريبة على القيمة المضافة لقطاع معين‪ ،‬وهذا المنطق ممنوع ألسباب كثيرة أهمها هو أنه عندما نخصص مداخيل‬
‫لنفقات (مع العلم بأن المداخيل محدودة والنفقات ال متناهية) ستبقى لنا آالف النفقات دون تغطية‪ .‬لهذا ينبغي أن نجمع‬
‫مختلف الموارد ثم نخصصها على كل القطاعات‪ .‬أضف إلى ذلك‪ ،‬أنه إذا خصصنا مداخيل لنفقات معينة‪ ،‬فإننا سنجد‬
‫قطاعات غنية وأخرى فقيرة‪.‬‬
‫‪ ‬عدم المقاصة‪ :‬حق المقاصة في القانون الخاص هو حق منظم في إطار قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وهذا الحق يفيد أنه‬
‫عندما يكون شخص ما دائنا ومدينا للشخص نفسه‪ ،‬فيمكن أن نقوم بالمقاصة بين الديون‪ ،‬والباقي (المدرك) يعطى‬
‫للشخص الذي له أفضلية في الدين‪ .‬فمثال شخص يريد بيع هاتف لشخص آخر يريد بيع ساعة‪ ،‬فهنا يمكن أن نقوم‬
‫بالمقاصة‪ .‬فهذه المقاصة المسموح بها في إطار المعامالت في القانون الخاص‪ ،‬في مجال المالية ممنوعة (تمنع المقاصة‬
‫بين المداخيل والنفقات) ‪ ،‬فمثال‪ ،‬يمنع على وزارة معينة أن تبيع متالشيات وتشتري بمداخيلها تجهيزات أخرى‪ ،‬فالمداخيل‬
‫المتأتية عن طريق بيع المتالشيات تدخل في خانة المداخيل‪ ،‬وتختلط مع كل المداخيل‪ ،‬وبعد ذلك إن أرادت الوزارة‬
‫نفقات‪ ،‬يتم الرجوع إلى الميزانية للنظر في إمكانية وجود اعتمادات‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫قاعدة عدم المقاصة ال توجد عليها استثناءات‪ ،‬فاالستثناءات الواردة على مبدأ الشمول تخص فقط قاعدة عدم التخصيص‪.‬‬
‫االستثناءات الواردة على مبدأ الشمول‪:‬‬
‫هناك مجموعة من االستثناءات‪ ،‬أهمها ثالث استثناءات‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ – 1‬الحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬وميزانية مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪:‬‬
‫قاعدة عدم التخصيص تطبق على المكون األول في الميزانية (أي الميزانية العامة)‪ ،‬وال تطبق على باقي المكونات‬
‫(أي الحسابات الخصوصية للخزينة ومرافق ‪ ،)SEGMA‬بمعنى أن مواردها مخصصة لنفقاتها‪ .‬فعندما نطلع على‬
‫الحسابات الخصوصية نجد أنها حسابات بها جانب دائن وجانب مدين‪ ،‬وذلك الجانب الدائن به مجموعة من المداخيل‪،‬‬
‫وتلك المداخيل مخصصة لنفقات‪ ،‬مثال عندما نقول "صندوق كوفيد ‪ "11‬باعتباره حسابا خصوصيا‪ ،‬تلك الموارد التي تم‬
‫جمعها‪ ،‬كنا نعرف مسبقا أنها مخصصة لنوع معين من النفقات‪ .‬وفيما يتعلق بمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪ ،‬نجد‬
‫أن المشرع عرفها بأنها مرافق غير متمتعة بالشخصية المعنوية‪ ،‬وتغطي بموارد ذاتية جزءا من نفقاتها‪ ،‬وهذا يعد‬
‫تخصيصا (أي خرقا لقاعدة عدم التخصيص)‪ ،‬مثل المراكز االستشفائية واألحياء الجامعية والمراكز الجهوية لالستثمار‪.‬‬
‫‪ – 2‬أموال المساهمات والهبات‪:‬‬
‫هي تلك الموارد المتأتية من خالل أشخاص أو مؤسسات أو جمعيات أو منظمات دولية‪ .‬فالواهب أو المساهم عندما‬
‫يقدم تلك المساهمة فهو يحدد بالمقابل وجه إنفاق تلك المساهمات‪ ،‬وبالتالي هي موارد مخصصة لنفقات‪.‬‬
‫‪ – 3‬إعادة إقرار االعتماد‪:‬‬
‫تقنية جاء القانون التنظيمي للمالية بها ‪ ،‬وتقضي إعادة استعمال االعتماد في نفس المجال الذي حصص له ابتداء‪.‬‬
‫بمعنى أنه أحيانا قد تخرج نفقات بغير سند قانوني‪ ،‬فمثال لو كانت هناك نفقة خرجت بأكثر مما هو مسطر‪ ،‬مثال لو أبرمنا‬
‫صفقة ب‪ 04‬مليون درهم وأخرجنا خطأ ‪ 044‬مليون درهم‪ ،‬فعند هذه الحالة تقوم الدولة بإعادة إدخال األموال‪ ،‬بمعنى أنها‬
‫توجه للشخص المستفيد من تلك األموال أمرا بإدخال تلك األموال من خالل نهج مساطر التحصيل الجبري‪ .‬وبما أن تلك‬
‫األموال خرجت من شق النفقات‪ ،‬فإن تحصيلها يدخل في شق الموارد احتراما لقاعدة عدم التخصيص‪ ،‬وبعد ذلك ينبغي‬
‫إعادة إقرارها في نفس الغرض الذي خصصت له‪.‬‬
‫المبدأ الخامس‪ :‬مبدأ التوازن‪:‬‬
‫ونعني به التوازن المالي أو التوازن الحسابي‪ .‬ومبدأ التوازن هو مبدأ يقضي بأن تكون الميزانية متوازنة في جزأيها‬
‫(توازن بين الموارد والنفقات)‪ ،‬وهو توازن حسابي ومالي‪ ،‬وهذا التوازن ليس هدفا في حد ذاته‪ ،‬ولكنه تقنية لكي تتجنب‬
‫الدولة العجز وتتجنب الفائض‪ .‬وهذا المبدأ يذكرنا بما درسناه في السابق حول تحول الدولة من دولة ليبرالية إلى دولة‬
‫تدخلية‪ ،‬فالدولة الليبرالية كانت ال تقبل العجز والفائض‪ ،‬بعكس الدولة التدخلية‪ .‬كذلك كان التوازن المالي في إطار الدولة‬
‫الليبرالية غاية وهدفا في حد ذاته‪ ،‬بخالف الدولة التدخلية التي اعتبرت التوازن المالي وسيلة لتحقيق غاية أسمى أال وهو‬
‫تحقيق التوازن االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫في الواقع يمكن أن يكون التوازن المالي مصطنعا‪ .‬فمثال في المغرب‪ ،‬عندما نتطرق إلى بنية الميزانية‪ ،‬نجد مثال أن‬
‫الموارد تصل إلى ‪ 004‬مليار درهم‪ ،‬والنفقات كذلك تصل إلى ‪ 004‬مليار درهم (يظهر مبدئيا وجود توازن بين الموارد‬
‫والنفقات) ل كنه في الحقيقة توازن مصطنع‪ ،‬ألنه بالرجوع إلى بنية الموارد نجدها تحتوي على ‪ 04‬أو ‪ 044‬مليار درهم‬
‫عبارة عن قروض‪ ،‬وبالتالي لكي نحسب التوازن بمصداقية‪ ،‬يجب عدم احتساب تلك ‪ 04‬أو ‪ 044‬مليار درهم‪ ،‬آنذاك‬
‫سيظهر لنا وجود عجز حاد‪ .‬وهذا ما تأكد في السنوات األخيرة‪ ،‬حيث يقترض المغرب ما بين ‪ 04‬إلى ‪ 044‬مليار درهم‬
‫بشكل سنوي‪ ،‬وهذا أمر خطير جدا‪ ،‬فقد وصل المغرب إلى أرقام قياسية من االقتراض واالستدانة‪ .‬كذلك يمكن أن يكون‬
‫التوازن المالي مصطنعا من خالل تحجيم الموارد أو تحجيم النفقات‪ .‬فالتوازن الحقيقي ينبغي أن تظهر آثاره على‬
‫المجتمع‪ ،‬من خالل توفير الخدمات االقتصادية واالجتماعية (تعليم جيد‪ ،‬صحة جيدة‪.)...‬‬
‫نظم المشرع مبدأ التوازن في العديد من النصوص القانونية‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ – 1‬الدستور‪:‬‬
‫في الفصل ‪" :77‬يسهر البرلمان والحكومة على الحفاظ على توازن مالية الدولة‪ .‬وللحكومة أن ترفض‪ ،‬بعد بيان األسباب‪،‬‬
‫المقترحات والتعديالت التي يتقدم بها أعضاء البرلمان‪ ،‬إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية‪،‬‬
‫أو إلى إحداث تكليف عمومي‪ ،‬أو الزيادة في تكليف موجود"‪ .‬بمعنى أن تحقيق التوازن مسؤولية ملقاة على عاتق البرلمان‬
‫والحكومة‪ ،‬وهي قاعدة جديدة لم تكن في الدستور السابق‪ .‬كما للحكومة أن ترفض أي اقتراح يهدف إلى تخفيض الموارد أو زيادة‬
‫التكاليف‪ ،‬وذلك تحت ذريعة الحفاظ على التوازن المالي‪.‬‬

‫‪ – 2‬القانون التنظيمي للمالية ‪:13..13‬‬


‫● في المادة األولى‪" :‬يحدد قانون المالية‪ ،‬بالنسبة لكل سنة مالية‪ ،‬طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد وتكاليف الدولة وكذا‬
‫التوازن الميزانياتي والمالي الناتج عنها‪".‬‬
‫● المادة ‪" :24‬ألجل الحفاظ على توازن مالية الدولة المنصوص عليه في الفصل ‪ 77‬من الدستور‪ ،‬ال يمكن أن تتجاوز حصيلة‬
‫االقتراضات مجموع نفقات االستثمار وسداد أصول الدين برسم السنة المالية‪ ".‬وإذا ما أردنا تطبيق هذه القاعدة على القانون المالي‬
‫لسنة ‪ ،2424‬نجد أن نفقات االستثمار تفوق ‪ 70‬مليار درهم‪ ،‬وأصول الدين تبلغ أكثر من ‪ 77‬مليار درهم‪ ،‬أي المجموع هو أكثر‬
‫من ‪ 001‬مليار درهم‪ ،‬وكما هو مشار إليه في الجدول أسفله (أنظر المادة ‪ 02‬من قانون المالية لسنة ‪.)2424‬‬
‫بمعنى أن الرخصة الممنوحة للحكومة حسب منطوق المادة ‪ 24‬من القانون التنظيمي للمالية كبيرة جدا‪ ،‬وهذا يتم إقراره‬
‫بذريعة التوازن‪ .‬لكن في الحقيقة إذا كان الهدف هو تحقيق التوازن‪ ،‬يجب تضييق سقف االقتراضات‪.‬‬
‫● المادة ‪" :7‬يمكن أن تلزم التوازن المالي للسنوات المالية الالحقة أحكام معاهدات التجارة واالتفاقيات أو االتفاقات التي‬
‫تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة وتلك المتعلقة بالضمانات التي تمنحها الدولة وبتدبير شؤون الدين العمومي وكذا‬
‫الدين العمري وبالترخيصات في االلتزام مقدما التي يجب فتح االعتمادات المخصصة لها خالل السنة المالية الموالية‪،‬‬
‫وكذا باعتمادات االلتزام وبالبرامج متعددة السنوات"‪ .‬وبالتالي فالمادة ‪ 7‬تنص على مجموعة من المقتضيات تلزم التوازن‬
‫المالي للسنوات المالية الالحقة‪ ،‬بمعنى أن هنالك أحكام تلزم السنوات المالية الالحقة‪ ،‬وهي الترخيصات في البرامج‪،‬‬
‫واعتمادات األداء‪ ،‬والدين العمومي‪ ،‬والدين العمري وغيرها من المسائل التي تلزم السنوات المالية الالحقة‪.‬‬
‫بالرجوع إلى قانون المالية لسنة ‪ ،2424‬نجد أن عنوان الجزء األول منه هو "المعطيات العامة للتوازن المالي" (أنظر‬
‫الصفحة ‪ ،)2‬ومن خالل هذا العن وان نالحظ أن المشرع أراد تحقيق التوازن المالي من خالل الموارد العمومية والنفقات‬
‫العمومية‪ .‬وباالطالع على الصفحة ‪ ،07‬نجد الباب الثالث معنون ب"أحكام تتعلق بتوازن موارد وتكاليف الدولة" والذي‬
‫يشتمل على جدول يعطينا ملخصا لحجم الموارد والنفقات‪.‬‬
‫المبدأ السادس‪ :‬مبدأ صدقية الميزانية (صدق الميزانية)‪:‬‬
‫يعد هذا المبدأ بخالف المبادئ الخمسة السابقة مبدأ جديدا‪ ،‬ظهر ألول مرة في إطار المحاسبة الخاصة‪ .‬وهو مبدأ يفيد‬
‫أن الميزانية يجب أن تقدم بصورة صادقة‪ .‬وقد ظهر ألول مرة في فرنسا سنة ‪ 2440‬بشكله القانوني (أي في إطار القانون‬
‫التنظيمي لقانون المالية سنة ‪ 2440‬بفرنسا) ‪ ،‬ولكن هو ليس من ابتداع المشرع‪ ،‬ولكنه من ابتداع المجلس الدستوري‬
‫الفرنسي‪ .‬والمقصود بصدق الميزانية أن تكون األرقام الواردة في الميزانية صحيحة وصادقة‪ ،‬والفرضيات المنصوص‬
‫عليها في القانون المالي يجب أن تكون صادقة‪ ،‬فالفرضيات تعبر عن أرقام‪ ،‬هذه األرقام يجب أن تكون واقعية أو قريبة‬
‫من الواقع‪ ،‬كما أن التوقعات يجب أن تكون قريبة من الحقيقة‪ ،‬فرغم أن القانون المالي قانون توقعي‪ ،‬إال أن هذا التوقع‬
‫يجب أن ينبني على مرجعية‪ .‬فمثال لو أرادت الدولة تشييد مطار‪ ،‬وبينت الدراسة المالية أنها تحتاج ‪ 24‬مليار درهم‪،‬‬
‫ووزارة التجهيز باعتبارها الوزارة المكلفة بتشييد هذا المطار‪ ،‬تطالب ب ‪ 14‬مليار درهم‪ ،‬هنا نقول أن هناك خرقا لمبدأ‬
‫الصدق‪ .‬كذلك من مظاهر مبدأ الصدق‪ ،‬هو الصدق المحاسبي‪ ،‬والتي تعني أن يكون هناك صدق في المحاسبة العمومية‪،‬‬
‫وصدق في تسجيل عمليات المالية العمومية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مشروع قانون المالية‪:‬‬
‫يمر قانون المالية من أربعة مراحل‪:‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬إعداد مشروع قانون المالية؛‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬التصويت على مشروع قانون المالية؛‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬تنفيذ قانون المالية؛‬

‫المرحلة الرابعة‪ :‬مراقبة التنفيذ‪.‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬إعداد مشروع قانون المالية‪:‬‬

‫يتم إعداد مشروع قانون المالية من طرف الحكومة‪ ،‬ويتم التصويت عيه من طرف البرلمان‪ ،‬بعد ذلك يتم تنفيذه من‬
‫طرف الحكومة‪ ،‬ثم يتم مراقبته من طرف البرلمان ومن مؤسسات أخرى‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬لماذا تتكلف الحكومة بإعداد مشروع قانون المالية؟‬

‫الجواب‪ :‬لعدة اعتبارات‪:‬‬

‫‪ - 9‬ألن الحكومة هي صاحبة البرنامج الحكومي‪ .‬فهي عندما تعده‪ ،‬تعرف أن تنفيذه يتم انطالقا من األموال الواردة في‬
‫قوانين المالية المتالحقة على مدار سنوات البرنامج الحكومي؛‬

‫‪ - 9‬ألن الحكومة له ا سياسات عامة تحدد الخطوط العريضة واألولويات‪ ،‬والتي يتم ترجمتها من خالل ما هو مالي؛‬

‫‪ - 3‬ألن الحكومة تتوفر على المعلومات والمعطيات التي تترجمها إلى أرقام (موارد ونفقات)؛‬

‫سنعالج مرحلة إعداد مشروع قانون المالية من خالل ثالثة محاور‪:‬‬

‫المحور األول‪ :‬الجهات المكلفة بالتحضير؛‬

‫المحور الثاني‪ :‬طرق تقدير النفقات والموارد؛‬

‫المحور الثالث‪ :‬هيكلة الميزانية؛‬

‫المحور األول‪ :‬الجهات المكلفة بالتحضير‪:‬‬


‫سنعالج هذا المحور من خالل التطرق للجهات المتدخلة في تحضير القانون المالي‪ ،‬ثم نتطرق للمسطرة التي يتم‬
‫وفقها هذا التحضير‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الجهات المتدخلة في التحضير‪ :‬عندما نتحدث عن التحضير‪ ،‬فإننا نتحدث عن مشروع من اختصاص حكومي‪ .‬ومن‬
‫الناحية العملية‪ ،‬فإن وزير المالية هو األقدر على تحضير مشروع القانون المالي‪ ،‬وذلك بمساعدة باقي الوزراء بصفة‬
‫فردية وجماعية‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬كيف يساعدونه فرديا‪ ،‬وكيف يساعدونه جماعيا؟‬

‫الجواب‪ :‬تتم المساعدة الفردية من خالل أن كل وزارة على حدى‪ ،‬تقوم بإرسال مقترحاتها حول ما تريد أن تنفقه وما تريد‬
‫استخالصه في السنة الموالية‪ .‬كما تتم مساعدة وزير المالية بصفة جماعية‪ ،‬ألن هذا المشروع تشارك الحكومة في‬
‫تحضيره انطالقا من الب رنامج الحكومي‪ ،‬لذا تجتمع الحكومة في البداية لتحديد التوجهات العامة‪ .‬كما تتدخل الحكومة أثناء‬
‫المجلس الوزاري‪ ،‬ألن مشروع القانون المالي يمر من هذا المجلس أثناء مرحلة التحضير‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مسطرة تحضير مشروع قانون المالية‪ :‬يقصد بالمسطرة‪ ،‬المراحل التي يحضر بها هذا المشروع‪ .‬وهذه المسطرة‬
‫تعرف مسارا متوسطا أو طويل األمد‪ ،‬ألن هذا المسار يشارك فيه مجموعة من المتدخلين‪ .‬وخالل مراحل التحضير قد‬
‫يتفق هؤالء المتدخلون‪ ،‬وقد ال يتفقون‪.‬‬

‫يبدأ مسلسل تحضير مشروع قانون المالية في منتصف يونيو من كل سنة‪ ،‬حيث يقدم وزير المالية ظروف تنفيذ القانون‬
‫المالي الحالي‪ ،‬ويقدم التوجهات العامة لمشروع القانون المالي للسنة الموالية‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬يقوم رئيس الحكومة بدعوة‬
‫اآلمرين بالصرف لتقديم مقترحاتهم للوزارات المعنية فيما يتعلق بما يريدون إنفاقه وكذا استخالصه في السنة الموالية‪.‬‬
‫بعد ذلك‪ ،‬تقوم هذه القطاعات بإرسال مقترحاتها إلى مديرية الميزانية‪ .‬وتقوم هذه األخيرة من خالل القطاعات التابعة لها‬
‫بدراسة المقترحات المعروضة عليها‪ ،‬وقد تقوم بقبولها أو رفضها‪ ،‬ففي حالة إذا ما اتفقت مديرية الميزانية مع هذه‬
‫الوزارات على مقترحاتهم يتم إدراجها في مشروع قانون المالية‪ .‬أما في حالة إذا ما اختلفت مديرية الميزانية مع إحدى‬
‫الوزارات حول المقترحات المقدمة‪ ،‬يمكن في هذه الحالة أن تقع اتصاالت شبه رسمية‪ ،‬بين موظفي وزارة االقتصاد‬
‫والمالية وبين هذه الوزارات‪ ،‬بغرض تبديد الخالفات‪ .‬فالوزارات تدافع عن مقترحاتها‪ ،‬بينما مديرية الميزانية مكلفة‬
‫بتحقيق التوازن المالي‪ .‬وفي حالة عدم التوصل إلى حل يرضي الطرفين‪ ،‬تنتقل المفاوضات على مستوى الوزراء‪ ،‬وفي‬
‫حالة عدم حل المشكل‪ ،‬يتم اللجوء إلى رئيس الحكومة لتبديد الخالف‪ ،‬وفي حالة لم يستطع رئيس الحكومة حل المشكل‪،‬‬
‫يتم اللجوء إلى التحكيم الملكي (هذه الحالة استثنائية‪ ،‬ولم يتم اللجوء إليها قط)‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬مديرية الميزانية هي مديرية تابعة لوزارة االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة‪ ،‬تتكون من مجموعة من األقسام‪،‬‬
‫كل قسم يتكون من مجموعة من القطاعات (قطاع الفالحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬الصحة‪.)...‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هي طبيعة الخالفات التي يمكن أن تحدث بين مديرية الميزانية والقطاعات الوزارية؟‬

‫الجواب‪ :‬هذه الخالفات ال تطرح في المداخيل‪ ،‬وإنما في االعتمادات التي تم منحها‪ .‬وتتمثل طبيعة الخالفات في كون‬
‫مديرية الميزانية تحاول تخفيض االعتمادات المخصصة لكل وزارة قصد تحقيق التوازن المالي‪ .‬لكن مع ذلك ال يتحقق‬
‫التوازن‪ .‬فبالرجوع لقانون المالية رقم ‪ 22.92‬للسنة المالية ‪ ،9299‬نجد أن المغرب سيقترض في سنة ‪ 9299‬أكثر من‬
‫‪ 920‬مليار درهم‪ ،‬ومع ذلك يبقى عجز للميزانية بأكثر من ‪ 03‬مليار درهم (أنظر الجدول أسفله)‪ ،‬والواقع أن العجز‬
‫الحقيقي هو ‪ 922‬مليار درهم‪ ،‬والتي تمثل تقريبا قيمة ‪ 40%‬من الموارد‪ ،‬وهذا الرقم يشكل مستويات قياسية من‬
‫االقتراض‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬طرق تقدير النفقات والموارد‪:‬‬

‫من مميزات القانون المالي هو أنه قانون توقعي‪ ،‬أي يتوقع ويقدر ما يمكن أن نستخلصه وما يمكن أن ننفقه في السنة‬
‫المالية‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ماهي آليات التقدير؟‬

‫الجواب‪ :‬آليات التقدير كثيرة جدا‪ ،‬نفصلها كالتالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬طرق تقدير النفقات العامة‪:‬‬

‫هناك نفقات يسهل تقديرها مثل نفقات الموظفين‪ ،‬ألننا نعرف كم من موظف سيحال على التقاعد‪ ،‬وكم هي عدد المناصب‬
‫المالية التي ستفتح في السنة الموالية‪ ،‬وكم من موظف سينتقل من رتبة إلى رتبة‪ ،‬ومن درجة إلى درجة وغيرها من‬
‫األمور األخرى المتعلقة بنفقات الموظفين‪ ،‬كذلك هناك نفقات أخرى تنبني على دراسات متعلقة بالصفقات العمومية‬
‫تعطينا تقديرات حول قيمة الصفقات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬طرق تقدير اإليرادات العامة‪:‬‬

‫بالنسبة للموارد‪ ،‬نجد أنه من أهم طرق التقدير هو ما يسمى‪:‬‬

‫‪ - 2‬بحساب المتغيرات (الزيادات السنوية)‪ :‬بمعنى أننا نقوم بحساب المداخيل لفترة معينة (خمس سنوات مثال)‪ ،‬ثم نقوم‬
‫بحساب المتوسط لنعرف حجم المداخيل الممكن استخالصها في السنة المقبلة‪ ،‬ونضيف المتغيرات‪ ،‬ألنه خالل سنة معينة‪،‬‬
‫نقوم بحساب الزيادات السنوية‪ ،‬كما يمكن أن نسقط أو نضيف ضريبة معينة‪ ،‬مثال‪ ،‬في سنة ‪ ،9299‬تم حساب مبلغ‬
‫المساهمة االجتماعية التضامنية في إطار المداخيل التي ستحصلها الدولة من خالل هذه المساهمات‪ ،‬فالدولة تتوقع بشكل‬
‫قريب من الحقيقة المبلغ اإلجمالي لل مداخيل المتأتية منها‪ ،‬ألنها تعرف عدد الشركات ومستوى دخلهم‪ ،‬وتعرف عدد‬
‫الموظفين الذين يتجاوز دخلهم السقف المحدد الذي على أساسه يتم اقتطاع تلك المساهمة‪.‬‬

‫‪ – 0‬طريقة حسابات السنة الماضية‪ :‬مثال خالل إعداد مشروع القانون المالي لسنة ‪ ،9299‬تكون سنة ‪ 9292‬لم تكتمل‬
‫بعد‪ ،‬وبذلك يتم اعتماد حسابات سنة ‪ 9291‬أو سنة ‪ ،9290‬ألنها تعطينا مؤشرات وأرقام قريبة من الحقيقة‪ ،‬ونضيف‬
‫المتغيرات التي قد تقع في تلك السنة أو التي سطرها القانون المالي‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬هيكلة الميزانية‪:‬‬

‫تتكون ميزانية الدولة من ثالث مكونات‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الميزانية العامة‪:‬‬

‫تتكون الميزانية العامة من شقين‪ ،‬شق الموارد‪ ،‬وشق النفقات‪.‬‬

‫‪ – 2‬موارد الدولة‪( :‬أنظر المادة ‪ 99‬من القانون التنظيمي للمالية ‪.)932.93‬‬

‫‪ – 0‬النفقات العامة‪ :‬تتكون من ثالثة أنواع‪:‬‬

‫أ ‪ -‬نفقات التسيير‪ :‬ترتب هذه النفقات‪ ،‬بالتسيير اليومي للوزارات والقطاعات الحكومية‪( .‬مالحظة‪ :‬ينبغي اإلشارة إلى أن‬
‫نفقات التسيير تشمل كذلك نفقات البرلمان‪ ،‬والمندوبيات السامية‪ ،‬والمحكمة الدستورية ‪ .)...‬وتتكون نفقات التسيير من‬
‫فصلين‪ -9 :‬نفقات الموظفين واألعوان؛ ‪ -9‬المعدات والنفقات المختلفة‪.‬‬

‫‪ ‬نفقات التسيير‪ :‬وتتكون من مجموعة من األمور‪:‬‬


‫‪ -‬مخصصات السلطات العمومية‪ :‬يقصد بالسلطات العمومية السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية؛‬
‫‪ -‬نفقات الموظفين واألعوان والمعدات المرتبطة بتسيير المرافق‪ :‬وتشمل الرواتب‪ ،‬والنفقات التبعية‪ ،‬مثل التقاعد‪،‬‬
‫والحماية االجتماعية وغيرها؛‬

‫‪ -‬النفقات المتعلقة بتدخل الدولة في المجاالت اإلدارية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪ :‬من هذا العنوان‬
‫يظهر لنا شساعة هذا الوجه من اإلنفاق‪ ،‬حيث تشمل خمس مجاالت مهمة وأساسية؛‬

‫‪ -‬النفقات المتعلقة بتنفيذ القرارات واألحكام القضائية الصادرة ضد الدولة‪ :‬وهذه من مستجدات القانون التنظيمي للمالية‬
‫لسنة ‪9292‬؛‬

‫‪ -‬النفقات المتعلقة بالدين العمري؛‬

‫‪ -‬النفقات المتعلقة بالتكاليف المشتركة‪ :‬تتكون من فصلين‪ ،‬أحدهما في التسيير‪ ،‬وثانيهما في االستثمار؛‬

‫‪ -‬النفقات المتعلقة بالتسديدات والتخفيضات واإلرجاعات الضريبية‪ :‬هذه النفقات كذلك من مستجدات القانون التنظيمي‬
‫‪ ، 932.93‬ومعنى هذه النفقات‪ ،‬هو أنه مثال‪ ،‬يمكن لشخص معين أن يكون قد أدى ضريبة معينة‪ ،‬مع أنه غير ملزم بأدائها‬
‫لتشابه األسماء مثال‪ ،‬أو أنه أدى أكثر من الواجب الملزم بأدائه‪ .‬هنا قبل سنة ‪ ،9292‬كانت الدولة تقع في مشكل يتعلق‬
‫بكيفية تغطية النفقات الخاصة بإرجاع األموال لهؤالء األشخاص؛‬

‫‪ -‬النفقات الطارئة والمخصصات االحتياطية‪.‬‬

‫نفقات االستثمار‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫حسب المادة ‪ 90‬من القانون التنظيمي ‪ ،932.93‬فإن نفقات االستثمار هي نفقات توجه باألساس إلنجاز المخططات‬
‫التنموية االستراتيجية والبرامج متعددة السنوات بغية الحفاظ على الثروات الوطنية أو إعادة تكوينها أو تنميتها‪.‬‬

‫‪ ‬نفقات الدين العمومي‪:‬‬


‫ما نقترضه في السنة الماضية‪ ،‬والذي يدخل في شق الموارد‪ ،‬نخرجه هذه السنة في شق النفقات‪ .‬وتنقسم نفقات الدين‬
‫العمومي إلى فوائد وعموالت واستهالكات الدين المتوسط والطويل األجل (المادة ‪ 91‬من ق ت ‪.)932.93‬‬

‫ثانيا‪ :‬مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪:‬‬

‫تعريف مرافق ‪ :SEGMA‬حسب المادة ‪ 99‬من ق ت ‪" :932.93‬تعتبر مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة مصالح‬
‫الدولة غير المتمتعة بالشخصية االعتبارية‪ ،‬والتي تغطي بموارد ذاتية بعض نفقاتها غير المتقطعة من االعتمادات المقيدة‬
‫في الميزانية العامة‪ .‬ويجب أن يهدف نشاط المصالح المذكورة أساسا إلى إنتاج سلع أو تقديم خدمات مقابل دفع أجر"‪.‬‬

‫فهي إذن تحص ل موارد ذاتية من خالل الخدمات التي تقدمها‪ ،‬وتغطي بها جزءا من نفقاتها‪ ،‬أما الباقي فيتم تغطيته من‬
‫الميزانية العامة‪ .‬لكن يبقى الغموض في نوع السلع التي تنتجها هذه المرافق‪.‬‬

‫وتحدث هذه المرافق بمقتضى قانون المالية‪ ،‬كما أنها تلغى بنفس الطريقة التي أحدثت بها (أي بمقتضى قانون المالية)‪.‬‬
‫وعندما يحدثها القانون المالي‪ ،‬يقدر لنا مداخيلها ويحدد لنا المبلغ األقصى لنفقاتها‪ .‬كما أن المشرع اشترط إلحداث مرافق‬
‫‪ SEGMA‬إثبات وجود موارد ذاتية متأتية من أجور السلع أو الخدمات المؤدى عنها‪ .‬كما اشترط أن تمثل هذه الموارد‬
‫الذاتية نسبة ‪ 30%‬من إجمالي مواردها المأذون بها برسم قانون المالية للسنة المالية الثالثة الموالية إلحداث هذه المرافق‪،‬‬
‫ويسري هذا الشرط على مرافق ‪ SEGMA‬المحدثة ابتداء من فاتح يناير ‪.9292‬‬

‫تنقسم نفقات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة إلى جزأين‪ :‬نفقات االستغالل‪ ،‬ونفقات االستثمار‪.‬‬

‫بالرجوع للفقرة الثالثة من المادة ‪ 93‬من ق ت ‪ ،932.93‬نجد العبارة التالية‪" :‬ال يمكن أن تمنح ترخيصات بااللتزام مقدما‬
‫لمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة"‪.‬‬
‫االلتزام المقدم )‪ (l’engagement anticipé‬هو إمكانية أتاحها المشرع للميزانية العامة وكذا للحسابات الخصوصية‬
‫للخزينة‪ ،‬وتكون أثناء مراحل تنفيذ النفقات (‪-9‬االلتزام؛ ‪-9‬التصفية؛ ‪-3‬األمر بالصرف؛ ‪-0‬المرحلة الحسابية)‪ ،‬والمقصود‬
‫بااللتزام المقدم هو إمكانية االلتزام بنفقة معينة هذه السنة‪ ،‬على أساس أن تنفق في السنة الموالية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الحسابات الخصوصية للخزينة‪:‬‬

‫هي حسابات يصعب إدراجها بطريقة سلسة وسهلة في الميزانية العامة‪ ،‬لهذا تم إحداثها لتستوعب مجموعة من‬
‫الخصوصيات‪ .‬ولم يعطها المشرع تعريفا خاصا بها‪ ،‬وإنما اكتفى ببيان أهدافها (أنظر المادة ‪ 92‬من ق ت ‪.)932.93‬‬

‫تهدف الحسابات الخصوصية للخزينة‪:‬‬

‫‪ -‬إما إلى بيان العمليات التي ال يمكن إدراجها بطريقة مالئمة في الميزانية العامة‪ :‬مثال النفقات العسكرية تكتسي نوعا‬
‫من الخصوصية‪ ،‬لهذا يصعب إدراجها في الميزانية العامة‪ .‬كذلك الحساب الخصوصي المسمى "حصة الجماعات من‬
‫الضريبة على القيمة المضافة"‪ ،‬وهو حساب يتم فيه ضخ ‪ 30%‬من الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬ويتم تخصيصها‬
‫للجماعات (وهذا استثناء على قاعدة عدم التخصيص المندرج ضمن مبدأ الشمول)؛‬
‫‪ -‬إما إلى بيان عمليات مع االحتفاظ بنوعها الخاص وضمان استمرارها من سنة مالية إلى أخرى‪ :‬أي أنه يمكن توظيف‬
‫هذه الحسابات الخصوصية من خالل إدراج عمليات مع ضمان ترحيل هذه العمليات من سنة مالية إلى أخرى؛‬
‫‪ -‬إما إلى االحتفاظ بأثر عمليات تمتد على ما يزيد عن سنة دون تمييز بين السنوات المالية‪.‬‬
‫وانطالقا من أهداف الحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬نجد أن هذه الحسابات تخرق مبدأ السنوية والشمول والتخصيص‪.‬‬

‫هناك خمسة أصناف للحسابات الخصوصية (المادة ‪ 90‬من ق ت ‪:)932.93‬‬

‫‪ – 9‬الحسابات ال ُم َر َّ‬
‫صدَة ألمور خصوصية؛‬

‫‪ – 9‬حسابات االنخراط في الهيئات الدولية؛‬

‫‪ – 3‬حسابات التمويل؛‬

‫‪ – 0‬حسابات العمليات النقدية؛‬

‫‪ – 2‬حسابات النفقات من المخصصات‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫بالرجوع لقانون المالية‪ ،‬نجد أن مجموعة من النفقات التي تم إدراجها في الحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬ال تكتسي‬
‫في الواقع أي طابع للخصوصية‪ .‬كما أنه عندما نتحدث عن مفهوم االستثناء‪ ،‬نجد أن القاعدة تقول أن االستثناء ال يقاس‬
‫عليه وال يُتوسع في تفسيره‪ .‬بينما بالرجوع للحسابات الخصوصية للخزينة في المغرب‪ ،‬والتي تعد استثناء‪ ،‬نجد أن هذا‬
‫االستثناء بدأ ينزع نزعة األصل‪ .‬فبالرجوع لقانون المالية لسنة ‪ ،9292‬نجد أن النفقات المخصصة للحسابات الخصوصية‬
‫للخزينة تتجاوز ‪ 12‬مليار درهم‪ ،‬أي ما يعادل ربع ميزانية الدولة تقريبا‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬عندما نقول أن الحسابات الخصوصية عبارة عن استثناء‪ ،‬كان من المفترض على المشرع أن يحدد لها سقفا‬
‫معقوال لإلنفاق (مثال‪ ،‬يجب أال تتجاوز ‪ 7%‬من ميزانية الدولة)‪ ،‬حتى أن القانون التنظيمي للمالية ‪ 932.93‬لم يحدد‬
‫للحسابات الخصوصية سقفا معينا‪ ،‬الشيء الذي أدى إلى أنه في كل سنة‪ ،‬يتم إحداث حسابات خصوصية جديدة‪ ،‬وبالتالي‬
‫يبقى مجموع نفقات هذه الحسابات في ارتفاع مستمر سنة بعد أخرى‪.‬‬
‫كما نالحظ أن هذه الحسابات تأتي في المرتبة الثالثة بعد الميزانية العامة‪ ،‬ومرافق ‪ ،SEGMA‬رغم أن نفقاتها تعد كبيرة‬
‫جدا مقارنة بمرافق ‪ SEGMA‬التي تبلغ نفقاتها ‪ 9‬مليار درهم فقط (أنظر الجدول أسفله)‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫‪ 02‬مليار درهم تقريبا من نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬يتصرف فيها فقط ثالثة آمرين بالصرف (وزير‬
‫الداخلية‪ ،‬وزير االقتصاد والمالية ووزير الفالحة)‪ ،‬وهذا يدل على تهريب للمال العام‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مشروع قانون المالية‪:‬‬
‫يمر قانون المالية من أربعة مراحل‪:‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬إعداد مشروع قانون المالية؛‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬التصويت على مشروع قانون المالية؛‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬تنفيذ قانون المالية؛‬

‫المرحلة الرابعة‪ :‬مراقبة التنفيذ‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬التصويت على مشروع قانون المالية‪:‬‬

‫سنعالج مرحلة التصويت من خالل ثالث مباحث‪:‬‬

‫‪ – 9‬صالحية البرلمان؛‬

‫‪ – 9‬معيقات العمل البرلماني؛‬

‫‪ – 3‬التدخل الملكي على مستوى مشاريع قوانين المالية (فيما يخص مرحلة التصويت والمصادقة)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬صالحيات البرلمان في اعتماد مشروع قانون المالية‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مدة المناقشة والتصويت‪:‬‬

‫عندما يتم إعداد مشروع القانون المالي‪ ،‬يحال باألسبقية على مجلس النواب‪ .‬ويعد هذا اإلجراء من خصوصيات التشريع‪،‬‬
‫حيث أنه ال تحال جميع القوانين األخرى باألسبقية على مجلس النواب‪ .‬ومعنى هذه اإلحالة‪ ،‬هي أن مجلس النواب هو من‬
‫يناقش ويصوت أوال على مشروع قانون المالية‪ ،‬تطبيقا للفصل ‪ 02‬من الدستور‪ .‬لكن ال ينبغي فهم أنه يتم إحالة هذا‬
‫المشروع لوحده‪ ،‬بل يتم إحالة مجموعة من التقا رير تفصل ما جاء مجمال في إطار المشروع‪ ،‬وهذه التقارير هي حوالي‬
‫‪ 23‬تقريرا‪ .‬وتتم هذه اإلحالة على أبعد تقدير في ‪ 92‬أكتوبر من السنة السابقة‪ .‬وعندما يتسلم مكتب مجلس النواب مشروع‬
‫قانون المالية‪ ،‬يحيله هو اآلخر على لجنة المالية بمجلس النواب‪ ،‬وتقوم هذه اللجنة في إطار دراستها للمشروع بطلب‬
‫معلومات إضافية بخصوص المشروع‪ ،‬كما يمكنها استدعاء وزير المالية‪ ،‬وكذا رئيس الحكومة والوزراء لتوضيح بعض‬
‫المقتضيات التي جاءت في المشروع‪ .‬وتقوم لجنة المالية بإبداء رأيها في المشروع (إما تقبله أو ترفضه أو تعدله)‪ ،‬بعد‬
‫ذلك يحال على المجلس للتصويت في إطار الجلسة العامة‪ .‬ثم يحال بعد ذلك على مجلس المستشارين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل تبني المشروع‪:‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هي المدة التي يستغرقها كل مكون من مكونات البرلمان للتصويت على مشروع قانون المالية؟‬

‫الجواب‪ :‬بالرجوع للمادة ‪ 01‬من القانون التنظيمي للمالية ‪ 932.93‬نجد ما يلي‪:‬‬

‫يبت مجلس النواب في مشروع قانون المالية للسنة داخل أجل ‪ 32‬يوما الموالية لتاريخ إيداعه‪.‬‬

‫بعد ذلك‪ ،‬تعرض الحكومة‪ ،‬فور التصويت على المشروع أو انصرام األجل المنصوص عليه في الفقرة السابقة‪ ،‬على‬
‫مجلس المستشارين النص الذي تم إقراره‪ ،‬والذي بدوره يدرس ويناقش المشروع‪ .‬ويبت مجلس المستشارين في المشروع‬
‫داخل أجل ‪ 99‬يوما الموالية لعرضه عليه‪.‬‬

‫بعد ذلك في حالة عدم وجود خالف بين المجلسين‪ ،‬يتم إرسال المشروع لكي يصدر األمر بتنفيذه‪ .‬لكن إذا وقع خالف بين‬
‫مجلس النواب ومجلس المستشارين بخصوص بعض األحكام‪ ،‬يتم إرجاع المشروع بالصيغة المعدلة من طرف مجلس‬
‫المستشارين لمجلس النواب‪ ،‬ويكون لهذا األخير صالحية البت النهائي في مشروع قانون المالية في أجل ال يتعدى ‪ 2‬أيام‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مسطرة التصويت على مشروع قانون المالية‪:‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هي الطريقة التي يتم بمقتضاها التصويت؟‬

‫الجواب‪ :‬تكون طريقة التصويت كالتالي (أنظر المادتين ‪ 29‬و ‪ 23‬من القانون التنظيمي للمالية ‪:)932.93‬‬

‫‪ – 9‬ال ينبغي التصويت على الجزء الثاني من مشروع قانون المالية قبل الجزء األول‪.‬‬

‫تذكير‪ :‬قانون المالية يتكون من جزئين‪ :‬الجزء األول يسمى "المعطيات العامة للتوازن المالي"‪ ،‬والجزء الثاني يسمي‬
‫"وسائل المصالح"‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬إذا تم خالل مرحلة التصويت رفض الجزء األول‪ ،‬فهذا يعد بمثابة رفض لمشروع قانون المالية ككل‪ ،‬وال يتم‬
‫في هذه الحالة مناقشة الجزء الثاني أو التصويت عليه‪.‬‬

‫‪ – 9‬يصوت على أحكام قانون المالية مادة مادة‪ .‬غير أنه يمكن ألحد مجلسي البرلمان إجراء تصويت إجمالي على الجزء‬
‫الثاني بطلب من الحكومة أو من مكتب المجلس‪.‬‬

‫وكما هو معلوم‪ ،‬فالميزانية تنقسم إلى ثالث أقسام (الميزانية العامة‪ ،‬الحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬مرافق ‪.)SEGMA‬‬
‫كيف يتم التصويت على هذه األقسام الثالث المكونة للميزانية؟‬

‫أوال‪ :‬التصويت في إطار المداخيل‪:‬‬

‫بالنسبة للميزانية العامة‪ :‬تصويت إجمالي على المداخيل المتعلقة بالميزانية العامة؛‬

‫بالنسبة لمرافق ‪ :SEGMA‬تصويت إجمالي على المداخيل المتعلقة بمرافق ‪SEGMA‬؛‬

‫بالنسبة للحسابات الخصوصية للخزينة‪ :‬يتم التصويت على كل صنف من األصناف الخمسة المكونة لها (المادة ‪ 20‬من‬
‫القانون التنظيمي للمالية ‪.)932.93‬‬

‫ثانيا‪ :‬التصويت في إطار النفقات‪:‬‬


‫بالنسبة للميزانية العامة‪ :‬التصويت يجري في كل باب من أبواب الميزانية العامة‪ ،‬وعن كل فصل داخل نفس الباب‬
‫(المادة ‪ 22‬من القانون التنظيمي للمالية ‪)932.93‬؛‬

‫تذكير‪ :‬تتكون الميزانية العامة من ثالثة أبواب (نفقات التسيير‪ ،‬نفقات االستثمار‪ ،‬نفقات الدين العمومي)‪ .‬وفي إطار نفقات‬
‫التسيير لدينا فصلين (فصل الموظفون واألعوان وفصل المعدات والنفقات المختلفة)‪ ،‬وفي إطار نفقات االستثمار لدينا‬
‫فصل لكل قطاع وزاري أو مؤسسة‪ ،‬وفي إطار نفقات الدين العمومي لدينا فصلين (فصل فوائد وعموالت الدين وفصل‬
‫استهالكات الدين)‪.‬‬

‫بالنسبة لمرافق ‪ :SEGMA‬تصويت إجمالي على النفقات المتعلقة بمرافق ‪SEGMA‬؛‬

‫بالنسبة للحسابات الخصوصية للخزينة‪ :‬يتم التصويت على كل صنف من األصناف الخمسة المكونة لها (المادة ‪ 20‬من‬
‫القانون التنظيمي للمالية ‪.)932.93‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬معيقات العمل البرلماني‪:‬‬

‫رغم أن المشرع نص على صالحية البرلمان في التصويت على مشروع قانون المالية‪ ،‬إال أن هذا البرلمان يواجه معيقات‬
‫تحد من صالحيته التشريعية في المجال المالي‪ ،‬وبالمقابل‪ ،‬يفيد هذا المعطى تقوية صالحية الحكومة في المجال المالي‪.‬‬

‫تنقسم معيقات العمل البرلماني إلى ثالث مستويات‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إكراهات الحيز الزمني‪:‬‬

‫في حالة لم يتم التصويت على مشروع قانون المالية‪ ،‬أو لم يصدر األمر بتنفيذه بسبب إحالته على المحكمة الدستورية قبل‬
‫نهاية السنة المالية‪ ،‬تتدخل الحكومة عن طريق إصدار مراسيم فتح االعتمادات ضمانا لحسن سير المرافق العامة‪ ،‬وكذا‬
‫تصدر مراسيم الستخالص المداخيل‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حق االقتراح والتعديل‪:‬‬

‫للبرلمان حق اقتراح أو تعديل مضمون مشروع قانون المالية ولكن في حدود معينة‪ ،‬كرسها المشرع في الدستور‪،‬‬
‫فبالرجوع إلى الفصل ‪ 00‬من الدستور نجد ما يلي " يسهر البرلمان والحكومة على الحفاظ على توازن مالية الدولة‪.‬‬
‫وللحكومة أن ترفض‪ ،‬بعد بيان األسباب‪ ،‬المقترحات والتعديالت التي يتقدم بها أعضاء البرلمان‪ ،‬إذا كان قبولها يؤدي‬
‫بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية‪ ،‬أو إلى إحداث تكليف عمومي‪ ،‬أو الزيادة في تكليف موجود"‪ .‬هذا‬
‫الفصل يبين لنا مدى محدودية السلطة الممنوحة للبرلمان‪ ،‬حيث أن الحكومة يمكنها في أي لحظة الدفع بالفصل ‪ 00‬من‬
‫الدستور إذا ما أراد البرلمان خفض أو إحداث أو الزيادة في تكليف عمومي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ما هو دور البرلمان؟‬

‫المطلب الثالث‪ :‬امتيازات الحكومة أثناء المصادقة‪:‬‬

‫‪ – 9‬ال يوجد نص قانوني يلزم الحكومة بإحالة مشروع قانون المالية في وقت محدد‪ .‬فرغم أن المشرع ينص على أن‬
‫مشروع قانون المالية يحال من طرف الحكومة عل مجلس النواب في أجل أقصاه ‪ 92‬أكتوبر‪ ،‬إال أنه يمكن للحكومة أن‬
‫تحيل المشروع حتى شهر دجنبر‪ ،‬فال نجد في القانون نصا يلزم الحكومة بإحالة المشروع قبل تاريخ معين‪ ،‬كما ال نجد‬
‫أثرا يترتب على تأخر الحكومة على إحالة المشروع‪.‬‬

‫‪ – 9‬يمكن للحكومة أن تلزم البرلمان بالتصويت على مشروع قانون المالية بشكل إجمالي‪ ،‬دون الحاجة إلى التصويت‬
‫مادة مادة‪.‬‬
‫‪ – 3‬التصويت بمنح الثقة‪ :‬بمعنى أنه يمكن للحكومة أن تحيل مشروع قانون المالية على البرلمان‪ ،‬وأن تربط مواصلة‬
‫عمله (البرلمان) بالتصويت إيجابا على المشروع‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬فإن الحكومة تضغط على البرلمان‪ ،‬حيث يعتبر رفض‬
‫البرلمان لمشروع قانون المالية بمثابة سحب الثقة من الحكومة‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬قلنا بأن التصويت بمنح الثقة يعتبر امتيازا للحكومة‪ ،‬ألن الحكومة تتوفر على األغلبية‪ ،‬الشيء الذي يضمن لها‬
‫المصادقة على كل مشاريع قوانين المالية‪ ،‬بحكم أن مجموعة من البرلمانيين تابعون لألحزاب المشكلة للحكومة‪ ،‬كما أنها‬
‫تربط التصويت باإليجاب على المشروع بضمان إنجاح البرنامج الحكومي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التدخل الملكي على مستوى مشاريع قوانين المالية (فيما يخص مرحلة التصويت والمصادقة)‪:‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هي سلطة تدخل الملك في مجال المصادقة على مشروع قانون المالية؟‬

‫الجواب‪ :‬هناك إمكانيات دستورية تخول الملك المصادقة على مشروع قانون المالية استنادا إلى الفصل ‪ 09‬من الدستور‪،‬‬
‫ويستفاد ذلك من العبارة التالية "الملك رئيس الدولة وممثلها األسمى‪ ،‬ورمز وحدة األمة‪ ،‬وضامن دوام الدولة‬
‫واستمرارها‪."...‬‬

‫وبالتالي فبما أن الملك هو الممثل األسم ى لألمة‪ ،‬فيمكنه إذن أن ينوب عن البرلمان الذي يعتبر ممثل األمة المباشر‪ .‬كذلك‬
‫يمكن للملك أن يصادق على مشروع قانون المالية في حالة االستثناء استنادا إلى الفصل ‪ 21‬من الدستور‪ .‬فالملك هو‬
‫ضامن السير العادي للمؤسسات الدستورية‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬في حالة االستثناء ال يتم حل البرلمان‪ ،‬لكنه يُعطل‪ .‬إال أن حالة االستثناء لم يشهدها المغرب قط‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬تنفيذ قانون المالية‪:‬‬

‫بعد إعداد مشروع قانون المالية والتصويت عليه وصدور األمر بتنفيذه من طرف الملك بظهير‪ ،‬يتم نشره في الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬بعد ذلك يبدأ تنفيذه ابتداء من فاتح يناير‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬األشخاص المكلفون بتنفيذ قانون المالية‪:‬‬

‫بالرجوع إلى النظام العام للمحاسبة العمومية الصادر سنة ‪ 9120‬والمعدل في مجموعة من السنوات‪ ،‬نجد أنه قد حدد‬
‫األشخاص المكلفون بتنفيذ قانون المالية‪ ،‬والمتمثلون في شخصين‪ ،‬هم اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون‪.‬‬

‫** تعريف اآلمر بالصرف‪" :‬يعتبر آمرا عموميا بالصرف للمداخيل والنفقات كل شخص مؤهل باسم منظمة عمومية‬
‫لرصد أو إثبات أو تصفية أو أمر باستخالص دين أو أدائه" (الفقرة ‪ 9‬من الفصل ‪ 3‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة‬
‫العمومية)‪.‬‬

‫ومن خالل التعريف السابق يتبين لنا أن اآلمر بالصرف يتوفر على األهلية للقيام بهذه المهمة‪ ،‬ويستمد هذه األهلية من‬
‫المنظمة العمومية التي ينتسب إليها‪ .‬ويتمثل اآلمرون بالصرف في الوزراء (بحكم القانون)‪ ،‬ويمكنهم تفويض مهمة األمر‬
‫بالصرف بقرار آلمر ثانوي بالصرف وذلك بعد تأشير وزير االقتصاد والمالية‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬عندما نتحدث عن اآلمر بالصرف فهو نفسه اآلمر بالدخل‪.‬‬

‫ينبغي على اآلمر بالصرف أن يتقيد بمجموعة من القواعد وهي ما يسمى بقواعد االلتزام والتصفية واألمر بالصرف‬
‫وقواعد اإلثبات والتصفية واألمر بالتحصيل‪.‬‬
‫** تعريف المحاسب العمومي‪" :‬يعتبر محاسبا عموميا كل موظف أو عون مؤهل للقيام باسم منظمة عمومية بعمليات المداخيل‬
‫أو النفقات أو تناول السندات إما بواسطة أموال وقيم معهود إليه بها وإما بتحويل داخلي لحسابات وإما بواسطة محاسبين عموميين‬
‫آخرين أو حسابات خارجية للمتوفرات التي يأمر بترويجها أو مراقبتها" (الفقرة ‪ 3‬من الفصل ‪ 3‬من المرسوم الملكي المتعلق‬
‫بالمحاسبة العمومية)‪.‬‬

‫ويتمثل المحاسبون العموميون في الخازن العام والذي يعتبر المحاسب السامي للمملكة في إطار الخزينة العامة للمملكة‪،‬‬
‫وهناك أيضا محاسبون جهويون ومحاسبون إقليميون وقباض وغيرهم‪ .‬كما أن هنالك بعض األشخاص الذين أعطاهم‬
‫المشرع صفة المحاسبين العموميين‪ ،‬وهم قباض اإلدارات الجمركية‪ ،‬وكتاب الضبط بالمحاكم (ألنهم يستخلصون رسوما‬
‫قضائية)‪.‬‬

‫اآلمر بالصرف يتدخل في المرحلة اإلدارية‪ ،‬والمحاسب العمومي يتدخل في المرحلة الحسابية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مبدأ الفصل بين اإلداريين (اآلمرين بالصرف) والمحاسبين (المحاسبون العموميون)‪:‬‬

‫معنى هذا المبدأ‪ ،‬هو أن اآلمر بالصرف يأمر المحاسب العمومي بتنفيذ عمليات المداخيل وعمليات النفقات‪ ،‬إال أنه ليست‬
‫هناك عالقة تسلسلية بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي‪ ،‬فالمحاسب العمومي ينتسب إلى وزارة االقتصاد والمالية‬
‫أما اآلمر بالصرف فينتسب إلى وزارة أخرى‪ ،‬ففي كل قطاع وزاري نجد خزينة وزارية يتواجد بها محاسب عمومي‬
‫ينتسب للخزينة العامة للمملكة‪ ،‬والتي تندرج ضمن اإلدارات المكونة لوزارة االقتصاد والمالية‪.‬‬

‫وتتجلى أهمية الفصل بين مه مة اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي إلى تفادي هدر المال العام‪ ،‬كما يؤدي هذا الفصل‬
‫بين المهمتين إلى الرفع من مردودية عمليات المداخيل وعمليات النفقات‪.‬‬

‫لكن هذا المبدأ السالف الذكر ترد عليه مجموعة من االستثناءات‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ – 2‬النفقات دون أمر سابق بالصرف‪ :‬تحدد هذه النفقات بقرار‪ ،‬كما أن المشرع أعطى إمكانية إنفاقها دون القيام‬
‫باستصدار أمر بالصرف‪ .‬من بين هذه النفقات نجد مثال النفقات المتعلقة بأداء الضرائب والرسوم‪ ،‬كذلك نفقات التأمين‬
‫وغيرها؛‬

‫‪ – 0‬النفقات عن طريق الشساعة أو الوكالة )‪.(La régie‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬مراحل تنفيذ قانون المالية‪:‬‬

‫عند الحديث عن تنفيذ الميزانية يجب تقسيمها إلى جزأين‪ :‬تنفيذ النفقات وتنفيذ الموارد‪ ،‬وكل جزء يتكون من مرحلتين‪،‬‬
‫مرحلة إدارية ومرحلة حسابية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التنفيذ اإلداري والحسابي للنفقات‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التنفيذ اإلداري للنفقات‪:‬‬

‫يبدأ بااللتزام ثم التصفية ثم األمر بالصرف‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االلتزام ‪ :‬يعرفه الفصل ‪ 33‬من المرسوم الملكي المتعلق بالنظام العام للمحاسبة العمومية كالتالي‪" :‬االلتزام هو‬
‫العمل الذي تحدث أو تثبت بموجبه المنظمة العمومية سندا يترتب عنه تحمل"‪ .‬العمل المذكور في التعريف هو عمل‬
‫إداري ألنه يدخل في خانة التنفيذ اإلداري وليس المحاسبي‪ .‬مثال إذا أردنا اإلنفاق يجب قبل ذلك توفر مجموعة من‬
‫الشروط‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬
‫ينبغي أن يتوفر لدينا اعتماد‪ ،‬فال يمكن تحريك االلتزام في غياب االعتماد‪ ،‬ألن المحاسب عندما يراقب االلتزام‪ ،‬سيتأكد‬
‫قبل ذلك من توفر االعتماد‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما الفرق بين إحداث سندات وإثبات سندات؟‬

‫الجواب‪ :‬عندما نتحدث عن إحداث سندات فإننا نكون في إطار التزام اختياري‪ .‬أما عندما نتحدث عن إثبات سندات فإننا‬
‫نكون في إطار التزام إجباري‪ .‬فااللتزام االختياري يكون مثال عندما يتوفر قطاع وزاري معين على اعتماد لشراء سيارة‪،‬‬
‫لكن هذا ال يعني أن هذا القطاع الوزاري مجبر على شراء تلك السيار من خالل تحريك االعتماد‪ .‬أما االلتزام اإلجباري‬
‫فيكون مثال عندما تحكم المحكمة على قطاع وزاري معين بالتعويض‪ ،‬هنا تكون اإلدارة ملزمة بالتعويض‪ ،‬ألن حكم‬
‫المحكمة سند تنفيذي يتم االستناد عليه من اجل االلتزام واألداء‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التصفية‪ :‬وهو التقدير الفعلي للمبلغ الواجب دفعه‪ ،‬والتأكد من حلول استحقاقه‪ ،‬زمن أنه لم يسبق دفعه‪ ،‬أو سقوطه‬
‫بالتقادم‪ ،‬أو تسويته بواسطة المقاصة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األمر بالصرف‪ :‬يقوم به اآلمر بالصرف‪ ،‬وهو العمل اإلداري الذي يأتي طبقا لنتائج التصفية‪ ،‬والذي يأمر بمقتضاه‬
‫اآلمر بالصرف بصرف النفقة‪ .‬يعني أن اآلمر بالصرف يستند إلى وثائق التصفية كي يأمر بصرف النفقة بشكل مكتوب‬
‫ويوقع ويؤشر على األمر بالصرف‪.‬‬

‫فاألمر بالصرف هو عبارة عن وثيقة مكتوبة تتضمن بيانات اآلمر بالصرف وأهليته‪ ،‬هويته‪ ،‬اإلدراج المالي (السطر‬
‫المالي)‪ ،‬سنة الدين‪ ،‬هوية الدائن (المقاولة التي ستستفيد من الدين)‪ ،‬مبلغ الدين ثم موضوع النفقة وتاريخها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التنفيذ الحسابي للنفقات‪:‬‬

‫ويقصد به الدفع الفعلي للمبلغ الصادر به أمر بالدفع إلى صاحب الحق‪ ،‬وبالتالي هو العملية المادية التي من خاللها يعمل‬
‫الجهاز العمومي على تبرئة ذمته من الدين‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هو دور المحاسب العمومي؟‬

‫الجواب‪ :‬يتمثل دور المحاسب العمومي في أداء النفقة‪ ،‬واألداء هو ذلك العمل الذي يبرئ به الجهاز العام ذمته من الدين‪،‬‬
‫ولكن عملية تبرئة الجها ز العمومي من الدين ال يمكن أن تتم قبل الخدمة أو استحقاق الدين‪ ،‬ألن األداء ال يمكن أن يكون‬
‫قبل الخدمة إال في بعض الحاالت االستثنائية التي سمح بها المشرع‪ ،‬مثل نفقات التأمين التي تؤديها الوزارات في بداية‬
‫خدمة التأمين‪ ،‬كذلك نفقات االشتراكات‪.‬‬

‫األداء عملية مادية تتمثل في تسليم أو تحويل األموال للدائن‪ ،‬وهي عملية قانونية تتمثل في مراقبة المحاسب لآلمر‬
‫بالصرف والتأكد من إثبات العمل المنجز‪ ،‬والتأكد من حسابات التصفية‪ ،‬ومن توفر االعتمادات‪ ،‬ومن صفة اآلمر‬
‫بالصرف‪ ،‬ومن التقادم‪.‬‬

‫فالدور األساسي للمحاسب هو المراقبة قبل أداء النفقة وقبل التأشير على االلتزام‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التنفيذ اإلداري والحسابي للمداخيل‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التنفيذ اإلداري للمداخيل‪:‬‬

‫يبدأ باإلثبات ثم التصفية ثم األمر بالدخل‪.‬‬

‫هناك مجموعة من األجهزة (مباشرة وغير مباشرة) التي تحصل الموارد‪ ،‬فاألجهزة المباشرة تتمثل في المديريات التابعة‬
‫لوزارة االقتصاد والمالية (مديرية أمالك الدولة ‪-‬األمالك المخزنية سابقا‪ ،-‬الخزينة العامة‪ ،‬مديرية الضرائب‪ ،)...‬وهناك‬
‫أجهزة غير مباشرة تتمثل في كتابة الضبط بالمحاكم وغيرها‪ .‬ويتم تجميع تلك األموال في كتلة المداخيل‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلثبات‪ :‬تتوفر الدولة على مجموعة من الموارد التي ينبغي عليها أن تثبتها‪ ،‬ويكون هذا اإلثبات حسب النصوص‬
‫القانونية التي تؤطر تلك الموارد‪ .‬فيمكن للدولة إثبات الديون التي لها على كاهل األغيار من خالل الضرائب المنصوص‬
‫عليها في المدونة العامة للضرائب مثال عقو د الكراء التي تبرمها مع األغيار‪ ،‬وكذا من خالل األحكام القضائية التي تكون‬
‫لصالح الدولة‪.‬‬

‫فمثال في إطار الضرائب‪ ،‬كل من قام بتصرف قانوني ينبغي عليه أن يصرح‪ ،‬وبالتالي وضعت كاهل اإلثبات على‬
‫المواطن‪ ،‬وفرضت جزاءات وغرامات على الشخص الذي ال يصرح‪ .‬وباإلضافة إلى التصريح‪ ،‬خولت لإلدارة عملية‬
‫مراقبة األشخاص التي لم تصرح وكذا األشخاص التي صرحت تصريحا ناقصا في إطار عملية المراقبة الضريبية‪ .‬كما‬
‫أن للدولة إمكانية البحث عن مداخيلها لدى كل المتعاملين مع المواطن‪ ،‬دون أن يتذرع ذلك المتعامل مع المواطن بالسلبية‬
‫من خالل التقدير حسب المؤشرات الخارجية إلثبات المداخيل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التصفية‪ :‬التصفية عملية رياضية تقوم الدولة بمقتضاها بحساب مبلغ الدخل‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األمر بالدخل‪ :‬يأتي األمر بالدخل طبقا لحسابات التصفية السالفة الذكر‪ ،‬وبناء على هذه الحسابات يصدر أمر فردي‬
‫أو جماعي من طرف اآلمر بالدخل إلى المحاسب لكي يدخل تلك األموال‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬ال ينبغي أن نفهم أن كل المداخيل يصدر في شأنها أمر بالدخل‪ ،‬وإنما هناك ما يسمى "األداء التلقائي"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التنفيذ الحسابي للمداخيل (االستخالص)‪:‬‬

‫هي العملية المادية التي بمقتضاها يدخل المحاسب األموال لخزينة الدولة‪ ،‬وهي أيضا عملية قانونية ألن المحاسب ال‬
‫يدخل األموال إال بعد أن يراقب مشروعية القبض والتحقق من الوثائق المثبتة‪ .‬ويكون تحصيل األموال بمجموعة من‬
‫الوسائل‪ ،‬فقد يكون التحصيل نقدا‪ ،‬وإما عن طريق شيكات بنكية أو بريدية‪ ،‬وإما عن طريق التحويل للحساب المفتوح‬
‫باسم المحاسب العمومي‪ ،‬أو بواسطة الحجز من المنبع (مثل اقتطاع الضريبة على الدخل الذي يكون من المنبع)‪ ،‬أو‬
‫بواسطة األداء اإللكتروني‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هي االستثناءات الواردة على المسطرة العادية للتنفيذ (سواء تنفيذ النفقات أو المداخيل)؟‬

‫الجواب‪:‬‬

‫‪ ‬بالنسبة لالستثناءات الواردة على تنفيذ النفقات‪:‬‬


‫‪ – 2‬النفقات دون أمر سابق بالصرف‪ :‬مثال شخص يتوفر على حكم قضائي ضد الدولة بتحصيل مبلغ معين‪ ،‬وبالتالي يتم‬
‫أداؤه دون أمر سابق بالصرف‪ ،‬كذلك نفقات التأمين‪ ،‬نفقات االشتراكات‪ .‬هذه األمثلة السالفة الذكر تعتبر استثنائية‪ ،‬حيث‬
‫أنها ال تستدعي االلتزام ثم التصفية ثم األمر بالصرف؛‬

‫‪ – 0‬النفقات المؤدات عن طريق الشساعة (الوكالة)‪.‬‬

‫‪ ‬بالنسبة لالستثناءات الواردة على تنفيذ المداخيل‪:‬‬


‫القباضات التابعة للمديرية العامة للضرائب‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مشروع قانون المالية‪:‬‬

‫المرحلة الرابعة‪ :‬مراقبة تنفيذ الميزانية‪:‬‬

‫ينقسم تدبير المالية العمومية إلى قسمين‪ .‬تدبير الموارد وتدبير النفقات‪.‬‬

‫عندما نتحدث عن إهدار المال العام‪ ،‬فإننا ال نقصد فقط إهدار المال العام في إطار النفقات قط‪ ،‬بل يشمل كذلك شق‬
‫الموارد‪.‬‬

‫بالرجوع للنصوص القانونية المتعلقة بالرقابة‪ ،‬نالحظ أن المشرع ركز الرقابة على النفقات وخففها على الموارد‪.‬‬

‫الهدف األساسي من المراقبة هو الحفاظ على المال العام من سوء التدبير واالختالس والتالعب وغيرها‪.‬‬

‫هناك عدة تقسيمات للمراقبة على التنفيذ‪ ،‬مثال نجد من يميز بين المراقبة في عين المكان والمراقبة في الوثائق‪،‬‬
‫وهناك من يميز الرقابة على أساس الزمن الذي تمارس فيه هذه المراقبة‪ ،‬ففي هذ اإلطار نجد المراقبة السابقة والمراقة‬
‫المواكبة والمراقب ة الالحقة‪ ،‬وهناك كذلك من يميز بين المراقبة حسب طبيعة ونوع الجهاز الذي يمارس الرقابة‪ ،‬فهنا نجد‬
‫المراقبة اإلدارية والمراقبة السياسية والمراقبة القضائية‪.‬‬

‫عندما نتحدث عن المراقبة‪ ،‬فإنه ما دام الجهاز التنفيذي ينفذ‪ ،‬إال وينبغي أن تمارس عليه مجموعة من المراقبات‪.‬‬
‫ونحن في هذا المحور سنعتمد في تقسيمنا للمراقبة على معيار طبيعة ونوع الجهاز الذي يمارس الرقابة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المراقبة اإلدارية‪:‬‬

‫عندما نقول المراقبة اإلدارية فإننا نعني بذلك مراقبة اإلدارة‪ ،‬أي أنها تندرج في إطار السلطة التنفيذية أو ما يسمى‬
‫المراقبة الذاتية‪ ،‬وهناك ثالث أنواع من المراقبة اإلدارية‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المراقبة الداخلية (أو التسلسلية)‪:‬‬

‫وهي التي يمارسها الرؤساء على مرؤوسيهم‪ ،‬ففي إطار الدولة‪ ،‬لدينا تنظيم إداري‪ ،‬يبدأ من المركز إلى المحيط‪،‬‬
‫ويحتوي على سلطة رئاسية‪ ،‬وهو نوع من الرقابة داخل نفس البنية اإلدارية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مراقبة المحاسبين لإلداريين‪:‬‬

‫وهي أهم مراقبة إدارية‪ .‬والمشرع عندما نظم مراقبة المحاسبين على اإلداريين نظمها في شق النفقات فقط‪ ،‬بدليل‬
‫أنه سنة ‪ ،9220‬صدر مرسوم ينظم المراقبة عنوانه "مرسوم مراقبة نفقات الدولة"‪ ،‬زلم يصدر مرسوم مراقة موارد‬
‫الدولة‪ ،‬وهذا يفيد أن فهم تبذير المال العام وسوء استغالله هو فقط في النفقات‪ ،‬وهذا أمر غير صحيح‪.‬‬

‫يمكن تصنيف مراقبة المحاسبين لإلداريين إلى قسمين‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬المراقبة في مرحلة االلتزام‬ ‫‪-‬‬


‫القسم الثاني‪ :‬المراقبة في مرحلة األداء‬ ‫‪-‬‬
‫في اإلدارة‪ ،‬أي نفقة يتدخل فيها اآلمر بالصرف مع المحاسب‪ ،‬فالمحاسب يراقب اآلمر بالصرف في مرحلة االلتزام‬
‫وفي مرحلة األداء‪ .‬وااللتزام هو أول مرحلة من مراحل التنفيذ اإلداري للنفقات‪ ،‬واألمر بالصرف هو ثالث مرحلة من‬
‫مراحل التنفيذ اإلداري للنفقات‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما هي وظائف المحاسب أثناء كل مرحلة؟‬

‫الجواب‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مراقبة المحاسب في مرحلة االلتزام‪ :‬في هذه المرحلة يراقب المحاسب أربعة أمور‪:‬‬

‫‪ - 2‬توفر االعتمادات والمناصب المالية؛‬

‫‪ - 0‬صحة العمليات الحسابية لمبلغ االلتزام‪ :‬بمعنى يتأكد من حساب المبلغ المالي لاللتزام؛‬

‫‪ - 3‬اإلدراج المالي‪ :‬أي إدراج النفقة في سطرها المالي‪ ،‬بمعنى أنه ال يمكن تكييف نفقة في سطر وإدراجها في سطر ثان‪،‬‬
‫فال يمكن مثال شراء السيارات بسطر شراء الوقود؛‬

‫‪ - 4‬التأكد من المشروعية‪ :‬أي كل األحكام ذات الطابع التشريعي والتنظيمي التي تنظم مقترح االلتزام بالنفقات‪ ،‬وهنا‬
‫المشرع حاول أن يلخص مجموعة من النصوص القانونية في سطر واحد أسماه المشروعية‪ ،‬فالمشروعية بمعنى أدق هي‬
‫مختلف النصوص القانونية التي تبين أن مقترح االلتزام مشروع أم ال بالنظر لألحكام التشريعية والتنظيمية‪ ،‬فالمشروعية‬
‫تدخل فيها النصوص القانونية للصفقات‪ ،‬وقواعد القانون الخاص (في اتفاقات القانون العادي)‪ ،‬والقواعد المؤطرة‬
‫للتوظيف (مثال فتح باب الترشيح واالمتحان واإلعالن عن النتائج‪ )...‬وغيرها من النصوص القانونية‪.‬‬

‫الذي يُ ِعد االلتزام هو اآلمر بالصرف‪ ،‬أما المحاسبة فيتأكد من األمور الربعة سالفة الذكر‪ ،‬ثم يؤشر أو يرفض‬
‫التأشير أو يعلقه‪ .‬وقد حدد المشرع مدة التأشير بالنسبة للمحاسب في مرحلة االلتزام في ‪ 92‬أيام بالنسبة للصفقات و ‪ 0‬أيام‬
‫بالنسبة لباقي النفقات‪.‬‬

‫في حالة ما إذا رفض المحاسب التأشير على االلتزام‪ ،‬وتمسك اآلمر بالصرف بمقترح االلتزام‪ ،‬يمكن إحالة األمر‬
‫الخازن العام للمملكة لكي يشر أم بدوره يؤكد رفض التأشير‪ .‬ففي حالة قبول الخازن العام إلحالة الوزير (اآلمر‬
‫بالصرف) يمكنه أن يأمر المحاسب كتابة بالتأشير‪ .‬أما في حالة رفض الخازن العام للمملكة إلحالة الوزير‪ ،‬يمكن للوزير‬
‫إحالة المر إلى رئيس الحكومة‪ .‬ويجوز في هذه الحالة لرئيس الحكومة تجاوز رفض التأشيرة بمقرر‪ ،‬ولكن هناك حاالت‬
‫يمنع فيها على رئيس الحكومة أن يتجاوز رفض المحاسب والخازن العام للتأشير‪ ،‬وهي في حالة عدم توفر االعتمادات أو‬
‫المناصب المالية‪ ،‬أو في حالة عدم التقيد بنص تشريعي‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬االلتزام يكون في البداية عبارة عن مقترح التزام يعده اآلمر بالصرف‪ ،‬وعندما يؤشر عليه المحاسب‬
‫يصبح االلتزام كامال‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مراقبة المحاسب في مرحلة التأشير من اجل األداء‪:‬‬

‫في المرحلة السالفة الذكر كان دور المحاسب مراقبة صحة االلتزام‪ ،‬أما في هذه المرحلة فهو يراقب صحة النفقة‪،‬‬
‫حيث يتأكد من مجموعة من المراقبات‪ ،‬وعند توفرها يؤشر ويحرر النفقة‪ ،‬أي أنه يحولها إلى المستفيد منها‪.‬‬

‫يراقب المحاسب مجموعة من المراقبات‪ ،‬وهي كتالي‪:‬‬

‫‪ – 2‬مراقبة صحة العمليات الحسابية للتصفية (التصفية هي ثاني مرحلة من مراحل تنفيذ النفقات)؛‬

‫‪ – 0‬التأكد من الصفة اإلبرائية للتسديد‪ :‬أي هل فعال أداء تلك النفقة يبرئ ذمة الجهاز العام من الدين‪ .‬ألنه أحيانا يريد‬
‫اآلمر بالصرف تجزيء نفقة‪ ،‬ويقدم في سنة نصف المبلغ‪ ،‬وفي السنة الموالية النصف اآلخر‪ ،‬وهذا الفعل ال يخدم الصفة‬
‫اإلبرائية للتسديد وال يخدم مبدأ السنوية؛‬

‫‪ – 3‬إمضاء اآلمر بالصرف المؤهل أو مفوضيه؛‬

‫‪ – 4‬مراقبة وجود التأشيرة المسبقة بالنسبة لاللتزام (هذه التأشير تكون من طرف المحاسب في مرحلة االلتزام)؛‬

‫‪ – 5‬اإلدالء بالوثائق والمستندات المثبتة للنفقة‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬هناك قرار لوزير االقتصاد والمالية يحدد قائمة الوثائق التي تثبت تلك النفقات‪.‬‬

‫عندما يتأكد المحاسب في مرحلة األداء من هاته المراقبات‪ ،‬نكون أمام عدة سيناريوهات‪:‬‬

‫‪ ‬أول سيناريو‪ :‬إذا لم يعاين المحاسب أي مخالفة يقوم بالتأشيرة على األمر بالصرف وأداء النفقة‪.‬‬

‫‪ ‬ثاني سيناريو‪ :‬إذا عاين المحاسب أثناء المراقبة أية مخالفة فعليه أن يوقف التأشيرة ويرجع األمر باألداء غير‬
‫مؤشر عليه إلى اآلمر بالصرف‪ ،‬ويُرفق معه مذكرة يعلل بموجبها أسباب إيقاف األداء‪ .‬ففي هذه الحالة‪ ،‬إذا طلب‬
‫اآلمر بالصرف من المحاسب التأشير على أداء النفقة على مسؤولية اآلمر بالصرف‪ ،‬فهنا يمكن للمحاسب ان‬
‫يؤشر على مسؤولية اآلمر بالصرف‪ ،‬ويقوم بأداء الدين‪ ،‬وهو ما يسمى "األمر بالتسخير"‪ .‬لكن األمر بالتسخير‬
‫الموجه من طرف اآلمر بالصرف‪ ،‬ليس على المحاسب أن يلزم به دائما‪ ،‬بل يجب عليه رفض االمتثال ألوامر‬
‫التسخير‪ ،‬في الحاالت التالية‪:‬‬
‫عدم وجود االعتمادات أو عدم توفرها أو عدم كفايتها؛‬ ‫‪-‬‬
‫عدم توفر الصفة اإلبرائية للتسديد؛‬ ‫‪-‬‬
‫عدم وجود التأشيرة القبلية لاللتزام حينما تكون هذه التأشيرة مطلوبة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مالحظة‪ :‬التأشيرة من أجل األداء محددة في خمسة أيام بالنسبة للموظفين وخمسة عشر يوما بالنسبة للنفقات األخرى‬
‫تحتسب من تاريخ توصل المحاسب بورقة األمر بالصرف‪.‬‬

‫في مرسوم مراقبة نفقات الدولة‪ ،‬حاول المشرع أن يبتدع ما يسمى المراقبة التراتبية للنفقة‪ ،‬والذي يتميز بوجود ما‬
‫يسمى "المراقبة المخففة"‪ ،‬والتي تعتبر رخصة تصدر بقرار لوزير االقتصاد والمالية شريطة وجود نظام افتحاص‬
‫‪ système d’audite‬داخل اإلدارة‪ ،‬وال يمكن إال بضرورة تقييم كفاءة اآلمر بالصرف‪ ،‬وهذه العملية تقوم بها المفتشية‬
‫العامة للمالية أو الخزينة العامة للملكة أو أي جهاز للتفتيش معتمد من طرف وزير المالية‪.‬‬

‫تقييم الكفاءة التدبيرية لآلمر بالصرف يشمل أربعة جوانب‪:‬‬

‫تقييم كفاءة التدبير المالي؛‬ ‫‪-‬‬


‫تقييم كفاءة تنفيذ النفقات؛‬ ‫‪-‬‬
‫تقييم كفاءة المراقبة الداخلية؛‬ ‫‪-‬‬
‫تقييم كفاءة التدبير المعلوماتي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مراقبة المفتشية العامة للمالية‪:‬‬

‫المفتشية العامة للمالية هي مؤسسة أسست سنة ‪ ،9122‬تقوم بالتفتيش (التفتيش هنا مرتبط بالزجر وتحريك‬
‫المتابعات) وتقوم بالمراقبة على محاسبي الدولة وعلى اآلمرين بالصرف‪ ،‬فهي تراقب صناديق المحاسبين‪ ،‬وصحة‬
‫حساباتهم‪ ،‬وتتأكد من حسن تصرفهم في المال العام‪ .‬وهي تراقب إدارات الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات‬
‫الترابية وكل مرفق يقوم بتسيير المال العام‪.‬‬

‫تجري المفتشية العامة للمالية تحقيقات‪ ،‬حيث من حق المفتشين االطالع على الوثائق والسندات وإجراء التحريات‬
‫وطلب اإليضاحات التي تساعدهم في القيام بوظائفهم التفتيشية‪ .‬ولكن اإلشكال بالنسبة للمفتشية العامة للمالية هو أنها رغم‬
‫كشفها للمخالفات‪ ،‬إال أن الجانب الزجري ضعيف جدا‪ ،‬حتى أن دور المفتشية العامة للمالية ليس ظاهرا بشكل جيد مقارنة‬
‫مع المجلس األعلى للحسابات‪ .‬كما تعيش المفتشية العامة للمالية إكراهات مثل قلة لموارد البشرية‪ .‬كما نلمس عدم وجود‬
‫رغبة لتقوية هذه المؤسسة‪ .‬فتدخالتها تبقى مح دودة‪ ،‬كما أن مجموعة من المؤسسات رفضت استقبال هذه المفتشية للقيام‬
‫بعملية التفتيش‪ ،‬وهذا يؤثر على المناخ العام لتدبير ولحماية المال العام‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المراقبة السياسية‪:‬‬

‫المراقبة السياسية هي المراقبة التي يمارسها البرلمان باعتباره الجهاز التشريعي وباعتباره هو صاحب االختصاص‬
‫األصلي في المجال المالي‪ ،‬ثم يتدخل من الزاوية الثانية وهي الزاوية الرقابية‪ ،‬على اعتبار أنه يراقب عمل الحكومة‬
‫وبإمكانه أن يحرك آليات الرقابة المكفولة دستوريا تجاه الحكومة‪.‬‬

‫هناك ثالث أنواع للمراقبة السياسية‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المراقبة السياسية السابقة على تنفيذ الميزانية‪:‬‬

‫مناقشة البرلمان وتصويته على مشروع القانون المالي هو نوع من الرقابة‪ ،‬ألن نقاشه وتصويته ينبغي أن يكون‬
‫وفق مرجعية ووفق مقارنة مع السنوات الماضية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المراقبة السياسية المزامنة على تنفيذ الميزانية‪:‬‬

‫تتجلى المراقبة السياسية المزامنة على تنفيذ الميزانية فيما يلي‪:‬‬

‫طرح األسئلة الشفوية والكتابية فيما يخص تدبير المال العام؛‬ ‫‪-‬‬
‫تشكيل لجان للتقصي بخصوص مسائل مرتبطة بالمال العام؛‬ ‫‪-‬‬
‫تحريك أدوات سحب الثقة من الحكومة؛‬ ‫‪-‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المراقبة السياسية الالحقة على تنفيذ الميزانية‪:‬‬

‫هذه المراقبة الالحقة تتم عن طريق التصويت على مشروع قانون التصفية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المراقبة القضائية على تنفيذ الميزانية‪:‬‬

‫عندما نتحدث عن المراقبة القضائية فإننا نعني المحاكم المالية (المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية‬
‫للحسابات اإلثنى عشر) ‪ ،‬والتي تعد أكثر مؤسسة فاعلة من بين المؤسسات المالية األخرى‪ .‬وتقوم المحاكم المالية بمراقبة‬
‫حسابات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫وظائف المحاكم المالية‪:‬‬

‫البت في حسابات المحاسبين العموميين‪ :‬فالمحاسبون العموميون يرسلون حساباتهم السنوية إلى المجلس األعلى‬ ‫‪-‬‬
‫للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات لكي تبت في مدى توازنها او وجود فائض أو عجز؛‬
‫مراقبة التسيير‪ :‬تستهدف المحاكم المالية من هذه المراقبة (تجاه الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات‬ ‫‪-‬‬
‫العمومية أو حتى الشركات والمؤسسات التابعة للدولة التي تسير مرافق عامة) إنجاز تقارير حول طريقة‬
‫تسييرهم للموارد والنفقات‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬

‫ال نعني بمراقبة التسيير مراقبة الموارد والنفقات فقط‪ ،‬بل هذه المراقبة تشمل كل تسيير‪ ،‬سواء التسيير اإلداري أو المالي‬
‫أو الممتلكات أو المنقوالت وغيرها‪ ،‬فكل ما يوجد باإلدارة هو عبارة عن أموال‪.‬‬

‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ :‬فالمحاكم المالية عند كشفها لمخالفات سواء لمسؤولين أو لموظفين‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫يمكنها ان تحرك التأديب والعقوبات؛‬
‫مراقبة استخدام األموال العمومية‪ :‬األموال العمومية ال تستفيد منها فقط اإلدارات والوزارات‪ ،‬بل تستفيد منها‬ ‫‪-‬‬
‫مؤسسات أخرى مثل الجمعيات واألحزاب والنقابات‪ .‬وبالتالي فالمحاكم المالية تراقب هذه الموال العمومية‬
‫المستخدمة من هذه المؤسسات؛‬
‫مراقبة التصريح بالممتلكات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

You might also like