Professional Documents
Culture Documents
جامعة الجزائر3
محاضرات في مقياس
المالية العامة
السنة الجامعية
2021/2020
1
مقدمة :
تعتبر المالية العامة إحدى فروع العلوم االقتصادية التي تدرس النشاطات الحكومية
المتعلقة باقتصاد الدولة ،وهي ذات أبعاد متعددة الرتباطها بمجاالت مختلفة كاالقتصاد،
السياسة ،القانون وعلم االجتماع ...الخ
تتميز المالية العامة بأهميتها في كل االقتصاديات على اختالف درجة تطورها ،وقد
عرفت تطورات وتحوالت عميقة ارتبطت باختالف األدوار المنوطة بالدولة ،كما تعد
إحدى الوسائل التي تلجأ لها مختلف الدول ،لتحقيق أهدافها التنموية واالقتصادية .
سنحاول من خالل هذه المطبوعة تقديم محتوى مقياس المالية العامة بأسلوب سهل
وواضح ،وفق البرنامج الوزاري المعتمد ،باالضافةالى محاولة اسقاط هذه المفاهيم
على المالية العامة في الجزائر .
قسمت هذه المطبوعة ،إلى خمسة محاور رئيسية ،مسبوقة بمقدمة ومنتهية بخاتمة
تناولنا في الفصل األول نشأة وتطور المالية العامة وعالقتها بالعلوم األخرى ،اما
الفصل الثاني فقد خصصناه لدراسة النفقات العمومية والتعرف على ماهيتها وتقسيماتها
واالحاطة بعناصرها المختلفة ،وقد تطرقنا في الفصل الثالث إلى االيرادات العامة ،أما
الفصل الرابع فقد درسنا من خالله الميزانية العامة للدولة في اطار قانون المالية .
وخصصنا الفصل االخير للتوازن االقتصادي واالجتماعي للميزانية العامة للدولة .
نهدف من خالل هذه المطبوعة ان يتمكن الطلبة من تحقيق االهداف التالية :
2
نشأة وتطور المالية العامة وعالقتها الفصل الول:
بالعلوم االخرى
سعت الدولة الحديثة منذ ظهورها إلى تحقيق التنمية االقتصادية و العمل على إيجاد
التوازن االقتصادي و اختلفت هذه األساليب باختالف الرؤية االقتصادية لدور الدولة ،
وهو ماترتب عنه اختالف في تحديد مفهوم ودور المالية العامة .
كا أن علم المالية العامة علم يرتبط بعلوم أخرى ،يؤثر ويتأثر بها ،سنحاول من خالل
هذا الفصل ،االحاطة بمفهوم المالية العامة ،ومراحل تطورها ،وكذا عالقتها بالعلوم
األخرى.
إن لدراسة علم المالية العامة أهمية كبيرة ،بالنسبة لجميع المجتمعات مهما اختلفت
درجة تطورها ،سنحاول من خالل مايلي االحاطة بمفهومها.
بالرغم من وجود اتفاق حول جوهر المالية العامة ،إال أن تحديد مفهومها بدقة يختلف
باختالف الفلسفة والمذهب الفكري الذي يعتمد لتحديد ماهيتها ،إال أن هناك اجماع
حول كونها تتعلق بالنشاط المالي للدولة والهيئات العمومية التابعة لها ،من خالل
االنفاق العمومي ،وااليرادات المحصل عليها ،والتي يتم هيكلتها عن طريق الميزانية
العامة ،في ظل السياسة المالية للدولة والتي تهدف لتحقيق أهداف معينة تندرج ضمن
السياسة العامة للدولة .
1
ينقسم مصطلح المالية العامة إلى قسمين :
-المالية :وتعني الذمة المالية ،أي الممتلكات والديون والتي تعني الجانب
الدائن ،ويتمثل في المداخيل وااليرادات ،والجانب المدين ويتمثل في االلتزامات والديون
.
محمد الصغير بعلي ،يسرى ابو العال ،المالية العامة ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،الجزائر، 2003 ،ص.08 1
3
-العامة :تخص مالية السلطات العامة ،أي االشخاص المعنوية العامة القائمة
والموجودة بالدولة ،ولذا تجمع هذه المعاني كلمة ميزانية الدولة بما تحويه من نفقات
وايرادات.
يشمل تعريف علم المالية العامة دراسة وتحليل المشاكل المتعلقة بتخصيص وتوجيه
الموارد إلشباع الحاجات العامة من خالل ما يسمى بالموازنة العامة للدولة التي تتضمن
1
جانبين هما النفقات العامة واإليرادات العامة.
كما يمكن تعريف المالية العامة بأنها سلوك هيئة التخطيط في اإلدارة الشاملة لالقتصاد
كمنتج وحيد ،وفي توجيه النفقات نحو إشباع الضروريات االقتصادية وااللتزامات
2
السياسية واالجتماعية وتوفير المواد الالزمة لذلك.
يقصد بالمالية العامة بأنها ذلك العلم الذي يدرس تكييف مستويات االنفاق العام
وااليرادات العامة– باستخدام االدوات المالية – في توجيه الحياة االقتصادية لتحقيق
االهداف االقتصادية وغير االقتصادية للدولة في التأثير على نشاط االفراد والجماعات
3
لتحقيق هذه االهداف.
يمكن القول أن المالية العامة هي العلم الذي يتخصص في دراسة كيفية تنظيم النفقات
وااليرادات العامة ،لتحقيق توجهات الدولة فيما يخص أهدافها االقتصادية واالجتماعية،
خالل فترة معينة .
4
وبذلك فإن دراسة المالية العامة يعنى بدراسة المفاهيم التالية:
يرتبط مفهوم الحاجات العامة ارتباطا وثيقا بمفهوم المالية العامة ،ألنه االساس الذي
تعتمد عليه الدولة الستهداف االنشطة والطرق التي تلبي حاجات االفراد.
عبد الحميد عبد المطلب ،اقتصاديات المالية العامة ،الشركة العربية المتحدة للتسويق ،جمهورية مصر العربية، 2010 ، 1
ص .20
محمد حسين الوادي ،المالية العامة والنظام المالي في اإلسالم ،دار المسيرة للنشر والتوزيع و الطباعة ،االردن،2007 ،ص 2
.25
أبو منصف ،مدخل للتنظيم االداري والمالية العامة ،دار المحمدية العامة ،الجزائر، 2004 ،ص.81 3
4محمد خالد المهايني ،محاضرات في المالية العامة ،المعهد الوطني لإلدارة العامة ،سوريا ، 2013 ،ص . 07
4
-2-1الحاجات العامة
ترتبط الحاجات االنسانية بمدى تطور المجتمع وهي في غالبها ذات طابع اجتماعي
واقتصادي فهي تستمد وجودها من المجتمع ذاته.
توجد حاجات ضرورية أساسية للحياة كاألكل والشرب والنوم والملبس ،كما توجد حاجات
المعمرة .
ّ كمالية كالسيارة وبعض أنواع السّلع
غير أن هناك بعض من السلع و الخدمات التي ال يمكن الحصول عليها من خالل
ألية السوق بسبب عدم وجود طريقة تمكن من منع المستهلكين الذين ال يستطيعون دفع
ثمنها من االنتفاع بها ،فالسلع العامة البد أن تستهلك جماعيا ،ويؤدي استهالكها الى
احداث مزايا خارجية ألطراف ثانوية ،ومثال ذلك الدفاع والعدالة والنظام النقدي ،لذلك
1
فاألمن القومي متاح للجميع ،وال يمكن توفيره للفئة التي تدفع ثمنه فقط.
تعرف الحاجات العامة بأنها تلك الحاجات التي تقوم السلطة العامة بإشباعها عن طريق
2
االنفاق العام .
ولفهم معنى الحاجات العامة ال بد من التفريق بينها وبين الحاجات الخاصة .
أ -الحاجات الخاصة :هي الحاجات التي يتولى الفرد أمر إشباعها والتي تترك له
حرية التصرف بها ،مثال ذلك الحاجة الى الغذاء ،الحاجة الى الملبس ،وهذه حاجات
فردية مادية ،وهناك حاجات فردية روحية ،كالحاجة إلى أداء الشعائر الدينية.
-يتفاوت مقدار المنفعة بين المستهلكين لها حسب ما يدفعون المتالكها .
1
Toshihiro Ihori , Principles of Public Finance , Springer Texts in Business and Economics,
Springer 2017 , p 295.
محمد طاقة ،هدي العزاوي ،اقتصاديات المالية العامة ،دار المسيرة ،األردن، 2010 ،ص.15 2
5
ب-الحاجات العامة :هي الحاجات التي يتم إشباعها بصورة جماعية من قبل المجتمع
ككل ،مثال ذلك :الحاجة إلى األمن ،العدالة والدفاع.
يمكن تلخيص الفروقات الموجودة بين السلع العامة والسلع الخاصة في الجدول التالي:
1
تقسم الحاجات العامة بحسب خصائصها وطبيعتها إلى عدة أنواع:
-الحاجات المستحقة :هي تلك الحاجات الحديثة اإلشباع مثل إشباع حاجات اإلسكان
والنقل والتعليم ،و تتحدد نوعية هذه الخدمات وأهميتها حسب المذهب االقتصادي
والسياسي السائد ،إضافة إلى ميول الدولة في التدخل بشكل متزايد في الحياة االقتصادية
واالجتماعية.
-الحاجات االجتماعية :هي عبارة عن الحاجات األساسية التي ترتبط بقيام الدولة
بأدائها ،مثل إشباع حاجات الدفاع واألمن والقضاء والبنية األساسية .
-الحاجات العامة غير القابلة للتجزئة :وهي الحاجات التي ال يمكن تجزئة إشباعها
وتجزئة المنفعة المتولدة عنها بالنسبة لفرد أو مجموعة من األفراد دون البعض اآلخر،
فإشباع الحاجة إلى األمن الداخلي والدفاع الخارجي وإقامة العدالة البد أن يتم بالنسبة
إلى جميع األفراد ككل ال يتجزأ ،ويتميز هذا النوع من الحاجات العامة بالصفات التالية:
✓ إن الكمية المستهلكة من هذه الخدمات تكون متساوية تقريبا بين جميع األفراد؛
✓ هذه الحاجات غير قابلة للتجزئة وال يمكن اقصاء أي فرد من التمتع بمنافع هذه
الخدمات.
-فوزت فرحات ،المالية العامة واالقتصاد المالي ،منشورات الحلبي ،بيروت ، 2003 ،ص .268
-إبراهيم علي عبد هللاا أنور العجارمة ،مبادئ المالية العامة ،دار الصفاء للطباعة والنشر والتوزيع ،عمان ،األردن،2000 ،
ص .107
6
-السلع الفردية التي يقوم النشاط العام بإشباعها :يستطيع القطاع الخاص أن يقوم
بانتاج هذا النوع من السلع والخدمات ،االشباع الحاجات المرتبطة بها ،إال أن النشاط
العام هو من يقوم بانتاجها ،العتبارات متعلقة بالسيادة أو كخيارات استراتيجية مثل
صناعة األسلحة ،صناعة الحديد والصلب ،وغيرها من االنشطة التي تأخذ الدولة على
عاتقها تلبيتها في ظل ما يسمى بالدولة المنتجة أو المتدخلة.
يقصد بالمالية العامة مالية السلطات العمومية أي مالية القطاع الحكومي ،أما المالية
الخاصة يقصد بها مالية األفراد والمشروعات الفردية والشركات.
يترتب على اختالف النشاط الخاص عن النشاط العام وجود فروقات عميقة بين المالية
1
العامة والمالية الخاصة ،يمكن اظهارها في النقاط التالية:
-من حيث الهدف :إن هدف المالية العامة هو تحقيق المصلحة العامة أي أنها ال
تسعى بشكل أساسي إلى تحقيق الربح ،أي أن المنفعة االجتماعية هي هدف المالية
العامة ،أما المالية الخاصة فإن الهدف للنشاط هو تحقيق أقصى ربح ممكن.
-من حيث تحصيل االيرادات :تتمتع الدولة بسلطة االجبار واالكراه ،وهي تقوم بفرض
الضرائب والقروض االجبارية و تقوم باالصدار النقدي الجديد كما تتمتع بحق االستيالء
والتأميم ،وعلى العكس فاألفراد ال يتمتعون بمثل هذه السلطة ويعتمدون في تحصيل
إيراداتهم على الطرق االختيارية كاالتفاق والتعاقد بوصفها وسيلة لبيع منتجاتهم.
-من حيث االسبقية في تقدير االنفاق وااليراد :تتحدد في المالية العامة أوجه االنفاق
أوال ثم يتم البحث عن تدبير الموارد لهذه النفقات ،في حين يتم في المالية الخاصة
تحديد الموارد أوال ،ثم تتحدد النفقات في ضوء ذلك ،والسبب في ذلك أن الدولة بما لها
من سلطة االجبار واالكراه تستطيع الحصول على االيرادات التي تحتاجها ،وهذا على
العكس تماماً بالنسبة لالفراد الذين ال يستطيعون بل وال يحق لهم تحصيل الموارد عن
طريق االجبار .ومن هذا المنطلق يسود مبدأ أولوية النفقات على االيرادات في المالية
العامة بينما يسود مبدأ أولوية االيرادات على النفقات في المالية الخاصة.
-من حيث الملكية :تختلف المالية العامة عن المالية الخاصة من حيث شكل الملكية،
ففي حين تكون ملكية وسائل االنتاج للمجتمع ككل تكون ملكية وسائل االنتاج في
1
https://abu.edu.iq/sites/default/files/courses/law/courses/2/public-finance-financial-
legislation/financial_01.pdf consulté le :26/01/2021
7
المشروعات الخاصة للفرد أو لمجموعة من االفراد ،لهذا فإن الدافع للنشاط يختلف في
كل منهما
✓ لم يعد الهدف التوازن بين النفقات العامة وااليرادات العامة ،بل أصبح الهدف هو
تحقيق التوازن االقتصادي واالجتماعي ولو على حساب التوازن المالي أو الحسابي في
الميزانية العامة؛
✓ االيرادات العامة والنفقات العامة جزءامن الكميات االقتصادية الكلية ،تستعملها الدولة
من أجل التدخل والمساهمة في تحقيق االهداف االقتصادية واالجتماعية والسياسية
الجديدة .إمكانية أخذ الدولة بالميزانية العامة لمعالجة الدورات والتقلبات االقتصادية وذلك
بتخصيص فائض االيرادات المتحقق في سنوات االزدهار لتغطية العجز في سنوات
االنكماش والكساد االقتصادي.
-انخفاض االقتصاد الضريبى حيث ال يشغل اال نسبة ضيئلة من الناتج القومى
االجمالى؛
-تستخدم النفقات العامة العامة فى المجاالت البنيات االساسية كتعبيد الطرق وانشاء
السدود....الخ ؛
-صغر حجم الموازنة العامة مقارنة مع الدول الراسمالية مالية المتقدمة وذلك لضيق
مصادر االيرادات؛
-العجز المستمر فى الموازنة بسبب سوء استخدام المال العام وضعف الرقابة على
االنفاق ،كما أنها تتميز كذلك بـ :
-صغر حجم الميزانية العامة مقارنة بالدول الرأسمالية المتقدمة وذلك لضيق مصادر
االيرادات وبالتالي لعدم التوسع في مجال االنفاق؛
-العجز المستمر في الميزانية العامة ،والذي يعود الكثر من سبب ،منها سوء استخدام
المال العام ،واالعتماد على القروض الخارجية وبالتالي االلتزام بسداد أقساط هذه
القروض والفوائد المترتبة عليها والذي ال يتم من خالل االعتماد على المشاريع االنتاجية
بل على حساب بنود الميزانية العامة.
-1-6-1المظهر القانوني :تستند المالية العامة على خالف المالية الخاصة على
الملكية الجماعية لوسائل اإلنتاج ،جزئية كانت أو كلية كما أن تنظيماتها تختلف في
درجة خضوعها للدولة ،كما تختلف شكل إدارتها وفقا لطبيعة أهدافها أو لظروف إنشاءها
من استغالل مباشر إلى استغالل مالي إلى امتياز يمنح حقه إلى شركات خاصة أو
استقالل مختلط إال أن القاسم المشترك في جميع هذه التنظيمات هو خضوعها لسلطة
الدولة بصورة مباشرة أو غيرمباشرة ،ويتجلى ذلك من خالل تحديد هدفها بواسطة الدولة
وفقا لما يتطلبه أمر إشباع الحاجات العامة حتى ولو تمتع بعضها باالستقالل المالي
1
واإلداري.
-خبابة عبد هللاا " ،أساسيات في اقتصاد المالية العامة ،مؤسسة شباب الجامعة ،االسكندرية،2009 ، 1
ص .16
9
-2-6-1المظهر التنظيمي :تتوقف الضوابط التي تخضع لها المالية العامة ،على
طبيعة الشكل القانوني الذي يحكمها ،فعندما يكون األمر يتعلق بالمرافق العامة وهي
بصدد أن تؤدي خدمات فإنها تعتبر جزءا ال يتج أز من اإلدارة العامة ،ومن ثم تسري
عليها قواعد القانون العام ،أما إذا كنا أمام مجموعة من الوحدات االقتصادية التي تعتبر
بمثابة مراكز إلنتاج السلع والخدمات المادية "المشروعات العامة" فإنها تخضع في
تنظيمها وتسييرها إلى ما تقرره القوانين االقتصادية التي تنظم عمليات اإلنتاج والتوزيع
وفقا لقواعد وأسس ينظمها علم االقتصاد ،وبصفة عامة يقتضي االمر توجيه هذه العملية
في إطار ما يفرضه علم االدارة العامة من ضوابط وحينما يتعلق االمر بالمالية العامة
بمفهومها االنتاجي تخضع لقوانين االقتصاد ،فعلى الدولة أن تلتزم بما هو سائد في
1
عمل االدارة االقتصادية من أصول وقواعد تقرر في هذا الشأن.
فالدولة تسعى لتوفير كافة المستلزمات لتشجيع االنتاج وتوظيف عناصره البشرية
والمادية ،وهذا يستدعي توفير المناخ االمني واالطار القانوني والتشريعي والضرائبي
لتشجيع القطاع الخاص على أداء دوره في تطوير المجتمع ويستدعي من الدولة هنا
توفير ما يسمى برأس المال االجتماعي التحتي ،وتوفير المؤسسات االقتصادية كالبنوك،
محمد جمال ذنيبات ،المالية العامة والتشريع المالي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،االردن ،2003 ،ص28 1
2محمود حسين الوادي ،مبادئ المالية العامة ،دار المسيرة للنشر والتوزيع ،عمان، 2005 ،ص ص .40،38
10
ومؤسسات التمويل والتسويق ونشر التعاونيات االنتاجية واالستهالكية ،ومراقبة القطاع
الخاص حتى ال ينجذب النتاج السلع الكمالية فقط .
• تحقيق اإلستقرار اإلقتصادي :وهذا يعني منع التقلبات في مستويات االنتاج واالسعار،
وكذلك ضمان معدالت تنمية عالمية ،وكل ذلك بهدف تحقيق التوازن االقتصادي الذي
عجز نظام السوق على تحقيقه ،وعلى هذا فإن ذلك يتضمن تحقيق مستوى عالي من
العمالة ،وكذلك استقرار مستويات أسعار السلع والخدمات ،باالضافة إلى تحقيق توازن
في ميزان المدفوعات.
تكتسي المالية العامة في أي بلد أهمية كبيرة يمكن ادراجها فيما يلي:
• تعتبر مراة عاكسة للوضع االقتصادي للدول ،كما يمكن ان تعبر عن التوجهات الفلسفية
والسياسية للدولة؛
• تسهيل الرقابة على مختلف هيئات الدولة؛
• أداة بيد الدولة لتوجيه النشاط االقتصادي؛
• وسيلة لمكافحة االزمات االقتصادية؛
• تحقيق توزيع أمثل للموارد؛
• وسيلة لتحقيق االستقرار االقتصادي.
1
-8-1المصادر االساسية للمالية العامة :تتمثل مصادر المالية العامة فيما يلي:
-المصادر الدستورية :من خالل الدستور الذي يضع المبادئ االساسية للمالية العامة،
فعلى سبيل المثال في الجزائر ينص الدستور في المادة "64مساواة الجميع أمام
الضرائب ،المشاركة في االعباء العامة حسب المقدرة ،الضريبة محددة بقانون وتحدث
االعباء المالية من ضرائب ورسوم بأثر فوري" ،كما تنص المادة " 120إن التصويت
على الميزانية من اختصاص البرلمان.
-المصادر التشريعية :تمثل قوانين المالية المصدر االكبر ،إذ تفصل االيرادات والنفقات
بما يشبع الحاجات العامة للمجتمع في كل الحاالت ومادامت الحاجات العامة تتغير
في فترات قصيرة ،يصدر قانون المالية كل سنة على أن يليه قانون مالية تكميلي
لمواجهة الظروف المستجدة.
11
-2تطور المالية العامة وعالقتها بالعلوم االخرى:
ارتبط تطور المالية العامة باختالف األدوار التي قامت بها الدولة في مختلف مراحل
تطور المجتمعات ،وأصبحت علما ممي از في أسسه وقواعده ،كما أنها ليست بمعزل عن
باقي العلوم االخرى ،لذا سنقوم فيما يلي بالتعرف على تطور هذا العلم ،وعالقته
بالعلوم االخرى.
مرت الدولة بعدة مراحل تطورت معها المالية العامة ،غير أن شكل المالية العامة لم
يتبلور حتى انتهاء القرون الوسطى ،وذلك عندما ازدادت وظائف الدولة وأصبحت
واردات أمالك الحاكم وتبرعات رعيته االختيارية ال تكفي لسداد حاجة الدولة من النفقات
عندئذ لجأت السلطة في سبيل توفير األموال الالزمة لها إلى فرض التكاليف ٍ العامة،
مالمحه المالية علم أعطوا الذين الكتاب أبرز من وكان العامة،
األولى بودان ومونتسكيو وسميث ،وقد تطور علم المالية العامة تبعاً لتطور وظائف
الدولة و تدخلها في الحياة االقتصادية واالجتماعية ،فكانت الغاية من علم المالية العامة
بصيغه التقليدية تتمثل في توفير اإليرادات الالزمة لتغطية نفقات الدولة ،وتوزيع العبء
الناجم بين المكلفين بصورة عادلة ،ووفقاً لمبدأ المساواة ،وكانت المالية العامة وفقاً لهذا
المضمون تخدم الفكر االقتصادي الحد الذي كان سائداً قبل الحرب العالمية األولى،
حيث يجب أن تقتصر الدولة على الحد األدنى من النفقات العامة ،بحسبان أن إنفاقها
عقيم ،وال تجبي من اإليرادات العامة إال قدر حاجتها.
ولكن هذه النظرة التقليدية للمالية العامة تبدلت ،وذلك نتيجة للوقائع االجتماعية والمبادئ
االقتصادية التي تعاقبت على العالم منذ نهاية الحرب العالمية األولى ،ونتيجة المفهوم
الجديد لدور الدولة ،إذ أصبحت مهيمنة على النشاطات االقتصادية ،وتتدخل في الشؤون
االجتماعية وتهتم بالمصلحة العامة وتعمل لها ،وتتدخل ألجلها في مختلف الفعاليات
وتوفر لها شتى الخدمات فتقوم بتوزيع الدخل بصورة عادلة بين الناس ،وتستثمر ثروات
البالد ،وتحافظ على القوة الشرائية للنقد ،وتعمل على زيادة اإلنتاج ،والقضاء على
البطالة ،لذلك اختلف دور المالية العامة وأصبحت وسيلة للتدخل في الحياة االقتصادية
1
وأداة لتحقيق أغراض الدولة االجتماعية.
1
https://www.marefa.org/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8
%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9 consulte le 12/11/2020
12
1-1-2المالية العامة التقليدية:
ساد مفهوم المالية العامة المحايدة في القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر ،وكان
هذا الفكر متزامن مع الفكر الكالسيكي و يركز على الحرية اإلقتصادية و حيادية
الدولة في نفقاتها و إيراداتها ،وقد كان هذا الفكر انعكاس الوضع السياسي آنذاك و
اعتماد الحكام على التجار والمنتجين لتمويل حمالتهم العسكرية عن طريق الدين العام،
والذي رأى فيه الكالسيك تقييد لرأس المال الذي مآله الضياع و تقييد لإلستهالك العام
شأنه شأن تقييد اإلستهالك الخاص الذي هو مهم لدفع قاطرة اإلنتاج و وتوفير مبدأ
تراكم رأس المال على إعتبار أن تدخل الدولة عن طريق الدين العام هو هدر للمال
1
العام الذي كان من الممكن إعادة إنتاجه.
اقتصرت وظائف الدولة فيما مضى على اشباع الحاجات االساسية والضرورية كاالمن
والدفاع ،والعدالة وكل مايتعلق بالسيادة الوطنية ،....مما لم يستدع ضرورة البحث
عن ايرادات جديدة ،كما أن المفهوم التقليدي كان يركز فقط على التوازن الحسابي
(الرقمي ) بين حجم االنفاق وحجم اإليراد.
كان االقتصادي "آدم سميث "يعتقد أن الدولة تحكمها بديهيات ثالث ،اشتقها من طبيعة
2
الدولة تتمثل في ما يلي:
-خلود الدولة :أي أنها ليست كالفرد ذات أجل محدود ،مما يجعل سياستها المالية
مختلف عن السياسة المالية لالفراد؛
أدى تطور دور الدولة واشتراك المؤسسات السيادية في مختلف المجاالت في المجتمع
وتطور التمثيل النيابي ،إلى تغير دور الدولة من الدولة الحارسة إلى الدولة المتدخلة
التي تسعى لتحسين الوضع المعيشي لالفراد ،باالضافة الى االنفاق العسكري بسبب
بوري محي الدين دور السياسة المالية في تحقيق التوازن االقتصادي حالة الجزائر،اطروحة دكتوراة ،علوم اقتصادية ،جامعة 1
13
الحروب ،واالسباب االقتصادية وهو ما أدى لزيادة األعباء المالية على األفراد لتغطية
النفقات الجديدة.
سنتطرق إلى بعض المبادئ التي استعرضها الكالسيك في المالية العامة على النحو
التالي:
✓ الدولة الحارسة و هو إقتصار الدولة على مهام محددة ليس لها عالقة بالتدخل في
النشاط اإلقتصادي من بين هذه القطاعات األمن التعليم ,المرافق العامة .....
✓ حياد المالية العامة :و هو تعطيل الجانب اإلقتصادي للموازنة العامة للدولة ،فال
تتدخل الدولة في الحياة اإلقتصادية عن طريق االيرادات والنفقات .
✓ توازن الميزانية :حرص الكالسيك على توازن في الموازنة العامة راجع إلى أن ذلك
أدعى إلى تجنب البالد للقرض العام و أثاره السلبية على رأس المال و دليل لإلدارة
الرشيدة و القدرة على التمويل السليم لنفقات الدولة .
1
ونستطيع ان نحدد أسس المالية العامة المحايدة بالنقاط اآلتية :
ب .تمثل الضرائب المصدر الرئيس لإليرادات العامة ،فال يتم اللجوء إلى مصادر
أخرى
ت .يتم جباية اإليرادات العامة بهدف تمويل النفقات العامة دون استخدامها لتحقيق
أهداف
ث .تمتاز الموازنة العامة بصغر الحجم وبمبدأ التوازن أي ان تتساوى اإليرادات العامة
مع النفقات العامة.
2
كما حددت المالية التقليدية الحاالت التي يمكن االلتجاء اليها في القروض وهي :
-أن يكون ذلك القرض طويل األجل حتى اليؤدي الى تضخم؛
يونس منصور ميالد ،مبادئ المالية العامة ،ط ، 1منشورات الجامعة المفتوحة ،طرابلس ، 1991 ، 1
ص.7
2
http://www.uoanbar.edu.iq/eStoreImages/Bank/9130.docx consulté le 11/11/2020
14
-العمل على رد القرض باسرع وقت ممكن وان تمول نفقات السداد عن طريق
الضرائب المفروضة على االستهالك وليس على االدخار ،كما رفض التقليديون ايضا
الى التجاء الى االصدار النقدي الجديد النه ايضا يؤدي إلى حدوث التضخم؛
-تفضيل فرض الضرائب على االستهالك عوض فرض الضرائب على االدخار،
انتهت النظرية التقليدية في سعيها على المحافظة على االدخار وزيادته كونه مصدر
التراكم الراسمالي اي تفضيل الضرائب غير المباشرة على الضرائب المباشرة لذلك فقد
فضل التقليديون الضرائب على االستهالك؛
-ضغط الموازنة إلى اقل حجم ممكن ،خلصت النظرية التقليدية إلى ضرورة خفض
الموازنة العامة انفاقا او ايرادا بحيث التشكل إال نسبة بسيطة من الدخل القومي لذا
يجب ان تخضع لقواعد االقتصاد ،ومن األمور التي حملت التقليدين على المطالبة
بضغط الموازنة هو أن النفقات لديهم تمثل تسربا من دائرة االنتاج.
اثبتت أزمة الكساد العالمية سنة ، 1929فشل الفكر الكالسيكي في ايجاد الحلول
للمشاكل االقتصادية ،مما أدى إلى ظهور أفكار اقتصادية أخرى تطالب بتدخل الدولة
،والتركيز على الطلب كآلية لخلق العرض ،وقد ظهر ذلك جليا في فكر االقتصادي
"جون مينارد كينز" في كتابه البطالة العمالة والنقود ،والذي طالب بضرورة لعب الدولة
لدورها.
وركز "كينز" على مفهوم الطلب الكلي والتغيرات فيه كمحدد أساسي للتغيرات التي تحدث
في المستوى التوازني للدخل القومي ،وقد اعتقد "كينز "أن العجز في الطلب الكلي كان
مسؤوال بدرجة كبيرة عن وجود حالة الكساد التي سادت العالم في بداية الثالثينات من
هذا القرن ،وبالتالي فان زيادة معدالت النمو في مكونات الطلب الكلي ستؤدي لزيادة
1
حجم العمالة والتوظف ومن ثم االقتراب من مستوى التوظف الكامل.
-قد ال يتحقق التوازن عند التوظيف الكامل ،اذ من الممكن أن يكون حجم اإلستثمار
الخاص غير كافي للحفاظ على مستوى عال من الدخل و التوظيف؛
محمد فوزي أبو السعود ،مقدمة في االقتصاد الكلي ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية، 2004،ص.176 1
15
-تعتبر االجور النقدية تكلفة ،ومصدر للطلب في نفس الوقت ،وعليه فإن خفض
األجور النقدية يؤدي إلى تخفيض تكاليف أصحاب األعمال ،ولكنه في نفس الوقت
يخفض الطلب على السلع والخدمات ،مما قد يتسبب في زيادة حدة األزمة؛
-يسمح تدخل الدولة بتشجيع الطلب الفعال أوتخفيضه تماشيا مع وضع االقتصاد.
1
وتجدر االشارة إلى وجود مرحلتين لتطور المالية العامة المتدخلة وهما:
أ-المالية العامة المحضرة او المحفزة :يقصد بها مجموعة االجراءات التي تتخذها
الحكومة باستخدام النفقات العامة في مرحلة االنكماش للتحضير لمرحلة االنتعاش ،أي
ان هدف الحكومة في هذه المرحلة هو التحضير لالنتعاش وليس تحقيقه وتتمثل
االجراءات المتخذة من الحكومة باالتي:
* زيادة النفقات العامة بشرط ان ال يؤدي التوسع في اإلنفاق العام إلى التأثير سلبا في
االنفاق الخاص وذلك بأن يتم تمويل الزيادة في االنفاق العام عن طريق مصادر مالية
جديدة كالقروض واالصدار النقدي الجديد؛
*أن يكون حقن االقتصاد القومي بالنفقات العامة عند بدء سياسة االنتعاش بشرط أن
ال يحتاج بعد ذلك الى تدخل الحكومة وذلك اعتمادا على الزيادة األولية في االنفاق
والتي ستؤدي بدورها الى زيادات متتالية عن طريق عمل المضاعف؛
* يتوقف حجم الزيادة المطلوبة باالنفاق العام على طبيعة الظرف االقتصادي القائم
وعلى مدى االنخفاض الفعلي في الطلب الكلي فقد تكون الزيادة محددة او العكس.
إن المالية المحفزة ال تعدو أن تكون عالجا لخلل مؤقت في االقتصاد دون تشكل
سياسة دورية طويلة األجل.
لم تثبت المالية العامة المحفزة فعاليتها أمام التغيرات الدورية الحادة التي قد يتعرض لها
االقتصاد القومي األمر الذي يتطلب سياسة مالية اكثر فاعلية تعتمد االدوات المالية
كافة سواء النفقات العامة او االيرادات العامة لتحقيق التوازن االقتصادي في ظل حالة
التشغيل الكامل فكانت المالية العامة المعوضة والتي يقصد بها مجموعة االجراءات
1
http://www.uoanbar.edu.iq/eStoreImages/Bank/9130.docx consulté le 13/12/2021.
16
التي تتخذها الحكومة باستخدام موازنتها العامة (الضرائب والنفقات) لتحقيق حالة التوازن
االقتصادي وتالفي التغيرات الدورية في االقتصاد سواء أكانت انكماشية او تضخمية.
-عندما يكون االقتصاد في حالة انكماش أي عندما يكون الطلب الفعلي أقل من
مستوى التشغيل الكامل فعلى الحكومة أن تقوم بزيادة القوة الشرائية عن طريق احداث
عجز في موازنتها العامة (العجز المقصود) وذلك عن طريق زيادة نفقاتها العامة أو
خفض الضرائب او كليهما معا؛
-اما عندما يكون االقتصاد القومي في حالة تضخم ،أي عندما يكون الطلب الفعلي
أعلى من مستوى التشغيل الكامل فعلى الحكومة أن تقوم باتخاذ االجراءات الالزمة
النقاص القوة الشرائية الزائدة وذلك عن طريق خفض االنفاق الحكومي او زيادة الضرائب
وفرض ضرائب جديدة او اعتماد كال االجرائين معا.
17
3-1-2-المالية العامة المنتجة :مع ازدياد تدخل الدولة في النشاط االقتصادي و
قيام الثورة البلشيفية في االتحاد السوفياتي سابقا ،و تطور المفاهيم االشتراكية ،انتشر
مفهوم الدولة المنتجة أو االشتراكية ،التي أصبحت تدخالتها في المجال االقتصادي
واالجتماعي على نطاق واسع ،إضافة إلى ملكيتها الواسعة لوسائل االنتاج ،واختفى
تقريبا دور االفراد في النشاط االقتصادي.
1
و أهم ما ميز هذه المرحلة ما يلي:
✓ تغير وظيفـة الدولـة ،حيث اصبحت تسيطر كليا علـى النشـاط اإلقتصادي و اإلجتماعي
فـي الكثيـر من المجتمعـات و اختفـى في هـذا النمـوذج النشـاط الفردي و تراجع بالتالي
الحافز الفردي؛
✓ أصبح المبدأ السائد في مجال المالية العامة للدولة هو الربط الكامل بين التخطيط
المـالي للدولة و التخطيط اإلقتصادي الشامل و أصبح النشاط المالي للدولة جزء ال
يتج أز مـن نشاطها اإلقتصادي و الذي يرتبط ارتباطا كامال بتخطيط اإلقتصـاد القـومي
و توزيـع الدخـل الوطني و إعادة توزيعه و توجيهه نحو مختلف استخداماته؛
✓ إن هدف السياسة المالية والنظام المالي هو محاولة تحقيق عدد من األهداف وتحقيق
التوافق بينهم وهي هدف إحداث التوازن المالي واالقتصادي واالجتماعي وأخي ار هدف
التوازن العام.
the welfare stateعرف االقتصاد تطورات كثيرة ،خصوصا بعد الحرب العالمية
الثانية ،وقد ظهرت أصوات عديدة مطالبة بالتغيير ،وبضرورة تدخل الدولة بشكل أكبر
،تم تطبيق توصيات ويليام بيفريدج William Beveridgeبالتدخل من أجل تحقيق
عبد المطلب عبد الحميد ،السياسات االقتصادية تحليل جزئي وآلي ،مكتبة زهراء الشرق ،القاهرة ، 1997 ،ص.239 1
18
سياسة موازنية نشطة تسعى من خاللها تحقيق الرفاه االجتماعي،للقضاء على الفقر
1
والمعاناة في المجتمع.
2
يمكن تلخيص أبرز وظائف الدولة في ظل دولة الرفاهية في النقاط التالية:
سياسة موازنية نشطة تسعى من خاللها تحقيق الرفاه االجتماعي،للقضاء على الفقر
3
والمعاناة في المجتمع.
-حماية المستهلك؛
-حماية البيئة.
4
هناك ثالثة نماذج لدولة الرفاهية وهي:
• النموذج الليبرالي :الذي تتميز به بريطانيا والذي تكتفي فيه الدولة بتأمين الحد األدنى
من األحتياجات االجتماعية تاركة إلى القطاعات األخرى – المؤسسة اإلنتاجية
والشركات الخاصة مهمة تأمين مايزيد على ذلك الحد األدنى .وبالرغم مما قيل عن
خطة لورد بيفريدج ، - Lord Beveridgeيبقى َّ
أن هذه األخيرة تشكل أساس ذلك
النموذج َّ
ألنه بفرض تغطية للمجتمع بأسره لكنها متوقفة على الضروريات ،وأهمها النظام
الصحي.
• النموذج التعاوني :الشائع في فرنسا وألمانيا الذي يعتمد على مؤسسات تديرها وتمولها
أطراف العالقة أإلنتاجية ممثلة بالنقابات العمالية وبنقابات أرباب العمل ،وتعتمد على
الدخل الذي يحققه األجراء داخل المؤسسة اإلنتاجية .وال تتدخل فيه الدولة مباشرة سوى
في تأمين االحتياجات غير المرتبطة بالعمل واإلنتاج مثل إعانة األُسر بحسب عدد
األوالد ،وإعانة الشرائح األكثر فق ار.
1
https://www.nationalarchives.gov.uk/cabinetpapers/alevelstudies/welfare-state.htm
consulté le 13/11/2020
2عبد المجيد قدي ،المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية ،دراسة تحليلية تقييميه ،ديوان المطبوعات الجامعية الجامعية،
الجزائر، 2005 ،ص. 21
3
https://www.nationalarchives.gov.uk/cabinetpapers/alevelstudies/welfare-state.htm
consulté le 13/11/2020
4
https://political-encyclopedia.org consulté le 14/12/2020.
19
• النموذج االجتماعي الديمقراطي :الذي تلعب فيه الدولة دو اًر محورياً مباش ار في تأمين
المخاطر االجتماعية ،من خالل سياسة ضريبية فعالة (اعتماد الضريبة التصاعدية)،
ومن خالل إعادة توزيع الثروة من أجل تأمين حد أقصى من تغطية الحاجات االجتماعية
الناجمة عن البطالة والمرض والشيخوخة وحاالت العسر والفقر المختلفة .وتنتمي الدول
األسكندنافية إلى هذا النمط.
تعتبر المالية العامة من العلوم االجتماعية ،التي ترتبط بعلوم أخرى ،كالقانون ،علم
االجتماع .....الخ
1-2-2-المالية العامة واالقتصاد :يهدف علم االقتصاد إلى حل مشكلة الندرة ،
أي البحث عن أفضل الوسائل إلشباع الحاجات االنسانية المتعددة ،من الموارد الطبيعية
المحدودة ،وكذلك االمر بالنسبة للمالية العامة التي تبحث عن أفضل الوسائل إلشباع
الحجات العامة من الموارد المالية المتاحة والتي غالبا ماتكون محدودة.
لالشارة فإن المالية العامة كانت جزء من علم االقتصاد ،فقد قسم "ادم سميث" مؤلفه
إلى خمسة أجزاء تناول في الجزء االخير المالية العامة ،كما أن "ريكاردو" قد اطلق
على مؤلفة "االقتصاد السياسي والضرائب" ،وتبعه مؤلفون اخرون ،غير أن المالية
العامة انفصلت تدريجيا عن علم االقتصاد نظ ار ألهميتها وأصبحت موضوع دراسة
1
مستقل.
يسمح علم االحصاء بتحديد الرؤية الصحيحة للظواهر المالية التي تتم دراستها ،والتعبير
عنها بشكل أرقام وأشكال بيانية أو منحنيات ،وعلم االحصاء يساهم في إجراء التوقعات
للنفقات وااليرادات وتتبع تطورها.
فيمكن القول أن علم االحصاء يساهم في رسم السياسة الكلية للدولة ،اذ يسمح بتوفير
الدراسات االحصائية حول الدخل القومي ،وتوزيع الثروة ،ونمط االستهالك ....إلخ.
محمود رياض عطية ،الموجز في المالية العامة ،دار المعارف ،مصر ،1969،ص .10 1
20
-3-2-2المالية العامة والقانون :لعلم القانون عالقة بالمالية العامة فهو األداة
التنظيمة األساسية لتطبيق علم المالية العامة وهو ما يسمى بالتشريعات المالية.
من أهم التشريعات المالية " التشريع الضريبي " الذي يهتم بتنظيم القواعد واالحكام
المتعلقة بالضرائب.
التشريع المالي فرع من فروع القانون العام وله عالقة بكل من القانون اإلداري والقانون
الدستوري بحيث يوجد الكثير من النصوص المالية في الدستور ،كما أن الكثير من
المفردات المالية العامة محكومة بقواعد دستورية مثال "فرض الضريبة وإلغائها ال يتم
إال بنص دستوري.
من جهة أخرى فإن العديد من عمليات الدفع والتحصيل لهيئات ومؤسسات الدولة،
باإلضافة إلى القروض والضرائب ،تخضع لموافقة السلطة التشريعية ويحددها الدستور.
أما بالنسبة لعلم االجتماع ،تبرز العالقة من خالل األبحاث التي تدرس الجانب
االجتماعي للضريبة بالتعمق أكثر في األنظمة الضريبية ،ودراسة اآلثار التي يعكسها
1
الهيكل االجتماعي والسياسي ،فالنظام االجتماعي يوثر في النظام المالي.
يمكن القول أن السياسة المالية ،انعكاس للنظام االجتماعي وأداة هامة من أدوات تحقيق
أهداف هذا النظام ،ومن جانب آخر تبرز المالية العامة كأداة من أدوات النظام السياسي
يستخدمها لتحقيق أهدافه ،فاإلي اردات والنفقات العامة تختلف باختالف النظام السياسي
القائم في الدولة ،واختالف األغارض التي يهدف إليها ،وتمارس المالية العامة تأثي ار
هاما في األنظمة السياسية من خالل دراسات التاريخ السياسي وأسباب الثروات التي
كانت تعود ألسباب مالية.
محمد عباس محرزي ،اقتصاديات المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2005،ص .36 1
21
1-3مفهوم شفافية المالية العامة :تعني الشفافية المالية توفير المعلومات الموثوقة
واآلنية المتعلقة بالنشاطات واإلجراءات والق اررات والسياسات التي تتخذها الدولة
ومؤسساتهاالمختلفة وضمان الوصول إليها ،كما يقصد بشفافية المالية العامة اطالع
الجمهور على هيكل القطاع الحكومي ووظائفه والنوايا التي تستند إليها السياسات المالية
وحسابات القطاع العام والتوقعات ،ويتضمن هذا التعريف إتاحة الوصول للمعلومات
المطلوبة عن األنشطة الحكومية سواء التي الخاصة بالمالية العامة تتم داخل أو خارج
القطاع الحكومي .
وتشـترط الشـفافية تـوفر المعلومـات الدقيقـة في مواقيتهـا بحيـث تتصـف بالشـمول والوضـوح
والحداثـة ،وإفسـاح المجال أمام الجميع لإلطالع على هذه المعلومات الضرورية والموثقة،
وهو ما يتطلب أن تنشر بعلنية ودورية من اجـلتوســيع دائ ـرة المشــاركة والرقابــة والمحاســبة
ومحاص ـرة الفســاد مــن جهــة ،والمســاعدة علــى اتخــاذ الق ـ اررات الصــالحة في 1السياسـة
العامـة مـن جهـة أخـرى ،مـا يمكـن المـواطنين وأسـواق المـال مـن تقيـيم الوضـع المـالي
الحكـومي بدقـة ومـن حساب التكلفة والعائد من األنشطة الحكومية بما يحمله ذلك من
مضامين اقتصادية واجتماعية حالية ومستقبلية.
-2-3أهداف شفافية المالية العامة :تهددف الشفافية المالية إلى تحقيق ما يلي:
22
❖ تستفيد الحكومات األكثر شفافية من زيادة قدرتها للوصول إلى أسواق رأس المال الدولية،
فازدياد رقابة المجتمع المدني واألسواق الدولية يشجع الحكومات على إتباع سياسات
اقتصادية سليمة ويحقق لها مزيد من االستقرار المالي
❖ تفيد شفافية المالية العامة في إبراز المخاطر المحتملة التي تكتنف آفاق المالية العامة.
مما يقود إلى إجراءات مبكرة وسلسلة على مستوى المالية العامة لمواجهة األوضاع
االقتصادية المتغيرة ومن ثم الحد من تواتر وقوع األزمات وتخفيف حدتها.1
2
-3-3ميثاق شفافية المالية العامة:
يتسم ميثاق شفافية المالية العامة الذي أعده صندوق النقد الدولي ،وعدله في 2008
،بالطابع الطوعي .ويتضمن إطا ار شامال لشفافية المالية العامة ويركز على وضوح
األدوار والمسؤوليات ،وتوخي الشفافية في عمليات إعداد الموازنة ،وإتاحة المعلومات
لالطالع العام ،وضمانات الموضوعية .
كما أصدرت منظمة التعاون والتنمية في الميدان االقتصادي "أفضل الممارسات المعنية
بشفافية الموازنة " في سنة ، 2001بغرض استخدامها كأداة مرجعية ،وهي تؤيد اإلفصاح
الكامل عن جميع المعلومات المتعلقة بالمالية العامة في الوقت المناسب وبطريقة
منتظمة ،وتتضمن مجموعة من أفضل الممارسات في المجاالت المعنية بأهم تقارير
إعداد الموازنة ،والمعلومات المحددة التي يتعين اإلفصاح عنها ،وجودة البيانات ،ونزاهتها
وال تزال األهداف األصلية المتوخاة عند إعداد برنامج شفافية المالية العامة سارية
المفعول في الوقت الحالي وقد ارتكزت عليها تعديالت الميثاق والدليل في سنة .2008
تقتضي شفافية المالية العامة توفير معلومات شاملة وموثوقة بشأن أنشطة الحكومة في
الماضي والحاضر والمستقبل ،وسوف يؤدي توفير هذه المعلومات إلى إضفاء طابع
المعرفة على الق اررات المتعلقة بالسياسة االقتصادية وتحسين نوعيتها .وتسهم شفافية
المالية العامة في تسليط الضوء على المخاطر المحتملة آلفاق المالية العامة ،مما يؤدي
إلى استجابة سياسة المالية العامة في وقت مبكر وبسالسة أكبر لألوضاع االقتصادية
المتغيرة ،وبالتالي تقليص احتمال حدوث األزمات والحد من شدتها.
تعد شفافية المالية العامة هدفا مناسبا لجميع البلدان ،وبالتالي يشير الميثاق إلى
الممارسات السليمة التي يمكن للبلدان تطبيقها بغض النظر عن مستوياتها االقتصادية،
1
http://www.imf.org/external/arabic/np/exr/facts/pdf/fiscala.pdf consulte le 15/02/2021
2
https://www.imf.org/external/np/fad/trans/ara/manuala.pdf consulté le 12/02/2021.
23
ويعتبر هذا الميثاق أحد المعايير المالية اإلثني عشرة المتعارف عليها في المجتمع
الدولي وتُعد بشأنها تقارير مراعاة المعايير والمواثيق (ROSCs.وباإلضافة إلى شفافية
المالية العامة ،وضع الصندوق معايير تشمل البيانات وشفافية السياسات النقدية والمالية،
باعتبارها جزءا ال يتج أز من أهدافه المتعلقة بالرقابة ،ويعد تقيد البلد العضو بمعايير
الشفافية مكمال لعملية الرقابة ،وهو ما يستتبع إجراء عمليات الرصد وعقد المشاورات
مع سلطات البلدان حول مجموعة كبيرة من السياسات االقتصادية بغية تقييم جوانب
الض ْعف االقتصادية.
َ
1
-4-3المالية العامة في ظل جائحة كورونا
ويتعين على الحكومات أن تضمن تزويد أجهزتها بما يلزم لتلبية المتطلبات الجديدة
والتصدي للتحديات الناشئة من حيث:
-دعم تقديم الخدمات الصحية الطارئة بما فيها توفير خدمات الرعاية الصحية
مباشرة،وشراء اإلمدادات والمعدات ،وتوفير الموارد البشرية الالزمة لمراقبة تفشي مرض
فيروس كوروناواحتوائه وتخفيف آثاره؛
-ضمان اإلستمرار في توفير الخدمات العامة الضرورية التي قد تقع تحت ضغوط
أثناء فترة تفشي المرض؛
-تطبيق تدابير جديدة في المالية العامة ،تشمل آليات دعم مختلفة( لمساعدة مؤسسات
العمال واألفراد الذين يمرون بمصاعب اقتصادية؛
سانديب ساكسينا ،وميشيل ستون ،إعداد نظم اإلدارة المالية العامة لمواجهة تحديات االستجابة لحالة الطوارئ صندوق النقد 1
-2-4-3نظم إدارة المالية العامة :ينبغي أن تكون قادرة على دعم أهداف المالية
العامة ،سواء في إيجاد مدخرات تعوض زيادة اإلنفاق المرتبطة بجائحة كوفيد، 19-أو
إعداد حزم استجابة مالية وتوفيرها لدعم النشاط اإلقتصادي
كما يجب أن تحدد اإلطار القانوني للتمويل اإلضافي من الموازنة ينبغي أن يحدد وزراء
المالية آليات اإلستجابة لحاالت الطوارئ المتاحة تحت تصرفهم لتلبية الطلبات غير
المتوقعة.
معظم البلدان لديها أداة واحدة أو أكثر من األدوات التالية لمواجهة اإلنفاق الطارئ
،ويتعين مراعاة الوضوح في تحديد الطلبات ذات األولوية على مخصصات الطوارئ بما
يضمن أن تظل هذه األموال غير مرهونة ومتوافرة لتلبية اإلحتياجات ذات األولوية
القصوى .من جهة أخرى تسمح المخصصات بإنفاق مبالغ تتجاوز تلك الواردة في
الموازنة عند حدوث ظروف معينة ،وذلك عادة في ظل آلية اعتماد مبسطة مثل موافقة
رئيس دولة ،ويمكنها كذلك السماح بمواصلة اإلنفاق إذا لم يتسن تمرير الموازنة السنوية،
إعادة تحديد النفقات ذات األولوية من خالل إعادة تخصيص اإلعتمادات ومناقلتها يمكن
أن يتيح الحيز الالزم إلستيعاب المتطلبات اإلضافية .ويتوقع عادة إعادة ترتيب
األولويات وإعادة تخصيص اإلعتمادات بشفافية ضمن اإلطار القانوني لمناقلة
اإلعتمادات ،كما يلجأ إلى الموازنات التكميلية ،إذا لم يتسن توفير الموارد الجديدة
الالزمة في حدود الصالحيات المفوضة للجهاز التنفيذي أو ضمن إجمالي اعتمادات
1
الموازنة المتاحة .يستدعي اتخاذ إجراء وقائي ،كموافقة مجلس النواب .
1
https://www.pefa.org/sites/pefa/files/resources/downloads/2020002207ARAara002_Main%20
text.pdf consulté le 1/1/2021
25
الفصل الثاني :النفقات العامة
يعتبر االنفاق العام اداة مهمة تستخدمها الدولة من أجل تحقيق أهداف المجتمع وإشباع
الحاجات العامة.
نظ ار لتطور مساهمة الدولة في الحياة االقتصادية واالجتماعية ،تزايد االهتمام بالنفقات
العامة وتنوع مجاالت تدخلها بقصد إشباع مختلف حاجيات االفراد .
فهي تعد إحدى أهم وسائل السياسة المالية تأثي ار في النشاط االقتصادي والحياة
االجتماعية.
كما يمكن تعريف التفقات العامة على أنها تلك المبالغ المالية التي تقوم السلطة العمومية
2
(الحكومة والجماعات المحلية( بصرفها بقصد تحقيق منفعة عامة.
كما يمكن تعريف النفقات العامة على انها تلك الرخص أو االغلفة المالية الممنوحة من
3
طرف الدولة قصد صرفها على السلطات العمومية.
4
للنفقة العامة ثالثة أركان تتمثل فيما يلي:
أعاد حمود القيسي المالية العامة والتشريع الضريبي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع،األردن ، 2015،ص 1
.361
محرزي محمد عباس ،اقتصاديات المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الطبعة الرابعة ،الجزائر، 2
، 2010ص. 55
3حسين مصطفى حسين ،المالية العامة ،الطبعة الخامسة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،2006،
ص.86
سعيد عبد العزيز عثمان ،المالية العامة مدخل تحليلي معاصر ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر، 4
، 2008ص .462
26
•أن تكون النفقة العامة كم من المال؛
➢ النفقة العامة مبلغ نقدي :ان لكون االنفاق العام على شكل نقدي عدة مزايا تتمثل فيما
1
يلي:
إن التعامل النقدي أسهل من التعامل العيني سواء بالنسبة لألفراد او للدولة بالمقارنة
مع الصعوبات التي تنشأ عن نظام المقايضة البدائي؛
سهولة أجراء الرقابة البرلمانية واإلدارية على األنفاق النقدي للدولة وصعوبة ذلك في
حالة اإلنفاق العيني؛
ان اإلنفاق النقدي يتيح فرصة أكبر للمساواة بين األفراد في االستفادة من النفقات العامة
وفي تحمل األعباء العامة التي تفرضها الدولة وعليه فإن الوسائل غير النقدية التي
تستخدمها الدولة ال يمكن عدها انفاقا عاما مثل تقديم سكن مجاني للموظف او اعفاؤه
من الضرائب وغيرها.
➢ تصدر النفقة من جهة عامة :قد يحدث االلتباس بين النفقة العامة وبين النفقة الخاصة
2
،لذا يتم االعتماد على معيارين للتأكد من هذا الركن .
يرتكز المعيار االول على الجهة التي يصدر عنها االنفاق وهو مايطلق عليه اسم
المعيار القانوني ،ويعتمد المعيار الثاني على الوظيفة التي تؤديها النفقة العامة ،وهو
ما يطلق عليه المعيار الوظيفي أو الموضوعي .
أ -المعيار القانوني واإلداري:أي الطبيعة القانونية للجهة التي تقوم باالنفاق إذا كانت عامة
أو خاصة ،فالنفقات العامة هي التي يقوم بها أي شخص يخضع للقانون العام أو
شخص معنوي عام ،وهي الدولة والهيئات العامة التابعة لها .أما النفقات الخاصة إذا
قام بها االفراد والمؤسسات الخاصة بغض النظر الى ما تهدف اليه .
غير أن هذا المعيار لم يعد كافيا للتمييز بين النفقات العامة والخاصة ،الختالف
االساس الذي يقوم عليه ،باعتبار وجود بعض الهيئات الخاصة والمختلطة التي تقوم
باعمال تهدف من ورائها تحقيق النفع العام معتمدة على ما تفرضه الدولة من سلطات.
العبيدي سعيد علي ،اقتصاديات المالية العامة ،دار دجلة ،ط ،1عمان ،األردن ،ص ،2011ص.56 1
أعاد حمود القيسي المالية العامة والتشريع الضريبي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع،األردن ،2015،ص ص.38،37 2
27
ب -المعيار الوظيفي أو الموضوعي( :ويسمى أيضا المعيار االجتماعي) ،ويستند إلى
الطبيعة الوظيفية واالقتصادية للشخص الذي يقوم باالنفاق وليس على الطبيعة القانونية
للشخص القائـم به ،وبناء على ذلك تعتبر جميع النفقات العامة التي تصدر عن
االشخاص العامة نفقات عامة ،بل تعد كدلك النفقات التي تقوم بها الدولة بموجب
سلطتها االمرة وسيادتها على اقليمها ،اما النفقات التي تقوم بها الدولة او االشخاص
العامة ،وتماثل نفقات االفراد فانها تعتبر نفقة خاصة ،وعلى العكس من ذلك تعتبر
النفقات التي تقوم بها االشخاص الخاصة الذين فوضتهم الدولة في استخدام سلطتها
االمرة نفقات عامة ،بشرط ان تكون نتيجة استخدام سلطتها السيادية .
يتم استبعاد جزء كبير من نفقات الدولة وخاصة نفقات المشروعات االقتصادية من عداد
النفقات العامة من جهة وادخال نفقات بعض الجهات الخاصة والمختلطة التي تنازلت
الدولة لها عن بعض سلطاتها اآلمرة ضمن اطار النفقات العامة من جهة أخرى.
➢ الهدف من النفقة تحقيق منفعة عامة :حاول المفكرون االقتصاديون التوصل إلى معيار
يقيس المنفعة العامة ،وقد ترك األمر لتقدير السلطات التشريعية في الدول ذات النظم
البرلمانية ،أو السلطة السياسية .
1
توجد عدة مبررات للنفقات العامة حددها موسقراف سنة 1995في ثالث وظائف هي:
➢ قاعدة المنفعة :تعني قاعدة المنفعة القصوى ،تهدف النفقات العامة ،إلى تحقيق أكبر
قدر من المنفعة بأقل تكلفة ممكنة ،أو تحقيق أكبر رفاهية ألكبر عدد ممكن من أفراد
المجتمع.
1
François Escalle : maitriser les finances publiques : pourquoi, comment ? Edition
Economica, 2005, P 205.
28
ال يمكن تبرير النفقة العامة إال بحجم الفوائد المترتبة عليها ،وبذلك فإن قيام الدولة
بالنفقات العامة في ميدان معين دون الحصول على منفعة تعود على األفراد منها يعني
أن هذه النفقات المبرر لها.
➢ قاعدة االقتصاد :وجوب االقتصاد في اإلنفاق العام وعدم التبذير ،وال يقصد باالقتصاد
في النفقة التقتير في النفقة أي الشح في اإلنفاق ،ولكن يقصد به إنفاق ما يلزم إنفاقه
مهما بلغ مقداره على األمور الضرورية ،واالبتعاد عن اإلنفاق على ما هو خالف ذلك.
إال أن نفقات الدولة في المشاريع االستثمارية من خالل خلق مؤسسات عامة ذات طابع
صناعي وتجاري ومؤسسات اقتصادية ،تعود بالنفع على الخزينة العامة وبالتالي ينبغي
اإلكثار منها.
➢ قاعدة الترخيص :ويقصد بها أن ال يصرف أي مبلغ من األموال العامة ،أو أن يحصل
االرتباط بصرفه إال إذا سبق موافقة الجهة المختصة المختصة بالتشريع ،ضمن حدود
اختصاصها الزماني والمكاني.
1
للنفقات العامة صور متعددة تتمثل فيما يلي:
-األجور والرواتب والدفعات التقاعدية :تعرف األجور والرواتب والمبالغ النقدية التي
تقدمها الدولة لألفراد العاملين في أجهزتها المختلفة بأنها ثمن للخدمات التي يقدمونها،
وعلى الدولة أن تراعي أسس معينة عند تحديد هذه المرتبات.
-القيام بمشتريات الدولة وتنفيذ األشغال العامة :وتمثل ائتمان األدوات والمعدات واآلالت
التي تقوم الدولة بشرائها أو تخصيصها إلشباع الحاجات العامة ،وتبرز هنا بعض
التساؤالت منها من هي السلطة التي تقوم بعملية اإلشراف على الشراء ،فقد تكون
السلطة المركزية أو عن طريق سلطات ال مركزية متعددة حسب المواد المطلوبة والخبرة
التي تحتاجه؛
أما تنفيذ األشغال العامة ،فتكون عن طريق المقاولين بعد اإلعالن عن المناقصات
بشروط معينة ،ويقدم الراغبون بتنفيذ عروضهم للتعاقد على األشغال العامة ،أو تقوم
الدولة في حاالت معينة وخصوصا إن كانت تبغي السرية في تنفيذ األشغال وذلك
1محمد طاقة ،هدى العزاوي ،اقتصاديات المالية العامة ،دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة ،عمان ، .2007 ،ص ص
.51،49
29
لخصوصيتها باالتصال و االتفاق مع مقاولين معنيين دون أن تعلن مسبقا عن طبيعة
العمل الذي تقوم به؛
-المنح واإلعانات العينية :وهي تلك النفقات التي تتحملها الدولة عند توفيرها لبعض
السلع والخدمات مجانا أو بأثمان منخفضة إلى فئات إجتماعية معينة أو هيئات عامة
وخاصة دون أن يقابله تيار من السلع والخدمات ،كالتعليم ،الخدمات الصحية أو دعم
بعض المنتجات بتوفير كميات معينة من السلع التموينية مجانا أو بسعر أقل من سعرها
الحقيقي لبعض الفئات ،وتشمل أيضا ما تمنحه الدولة كذلك للعالم الخارجي من سلع
كهبات ،ويمكن تقسيمها إلى :
✓ اإلعانات الداخلية :هي مبالغ نقدية تقدمها الدولة إلى الهيئات العامة المحلية لمساعدتها
على القيام بواجباتها ،أو تغطية العجز المالي في ميزانيتها ....إلخ .
✓ المنح واإلعانات الدولية :وتتخذ اإلعانات الممنوحة للعالم الخارجي أشكاال متعددة ،
كأن تكون مرتبطة بمشروع ،وتكون المعونة الخارجية مشروطة بشروط معينة أو غير
مشروطة مثل اإلعانات المقدمة إلى الدول الصديقة أو الشقيقة.
-سداد الدولة ألصول وفوائد القروض العامة :تشكل القروض العامة سواء
كانت داخلية أو خارجية عبئا على الميازنة العامة للدولة لما تتطلبه من تحميلها قيمة
الفوائد السنوية وتسديد المبلغ األصلي المقترض نهاية الفترة الزمنية المحددة في شروط
إصدار القرض العام ،وتسعى الدولة إلى التخلص من عبء ديونها العامة ( أيا كان
نوع هذه القروض وآجالها ) ،وذلك بتخصيص الموارد المالية الكافية لتغطيتها .
-1-3-1تعريف ترشيد اإلنفاق العام :يقصد بترشيد النفقة العامة انتهاج الحكومة
لطائفة من السياسات واالجراءات االنفاقية التي يترتب عليها تحقيق التوافق بين متطلبات
التغيير زيادة أو نقصانا في معدالت نمو النفقة العامة من جهة ،وتحقيق معدالت النمو
االقتصادي واالجتماعي المستهدف من جهة أخرى ،ومن ثم فإن ترشيد النفقة العامة
1
التعني بالضرورة تقليص معدالت االنفاق العام.
يشير ترشيد اإلنفاق العام إلى العمل على زيادة فعالية اإلنفاق بالقدر الذي يمكن معه
زيادة قدرة اإلقتصاد القومي على تمويل ومواجهة التزاماته الداخلية والخارجية مع القضاء
على مصدر التبديد إلى أدنى حد ممكن .لذا فإن ترشيد اإلنفاق العام ال يقصد به
حامد عبد المجيد دراز ،سميرة ابراهيم ايوب ،مبادئ المالية العامة ،الدار الجامعية ،االسكندرية ،مصر،2002 ،ص.315 1
30
ضغطه ولكن يقصد به الحصول على أعلى إنتاجية عامة ممكنة بأقل قدر ممكن من
1
اإلنفاق واإلسراف.
يمكن تعريف ترشيد النفقات العامة على أنها االستخدام األمثل و التوجيه األنسب
للنفقات،نحو أفضل المخارج من أجل تحقيق أكبر منفعة ،دون مبالغة أو تقصير.
-2-3-1أهداف ترشيد اإلنفاق العام :يهدف ترشيد النفقات العامة إلى تحقيق جملة
2
من األهداف تتمثل في :
✓ تحسين طرق اإلنتاج الحالية ،و تطوير نظم اإلدارة و الرقابة ،و إدخال االساليب التقنية؛
✓ مراجعة هيكلية للمصروفات و ذلك بتقليص حجم المصروفات التي ال تحقق مردودية
كبيرة؛
✓ محاربة اإلسراف و التبذير و كافة مظاهر و أشكال سوء استعمال السلطة و المال
العام؛
✓ التحديد الدقيق لحجم االنفاق العام االمثل :وذلك بتضييق المجال بين السقف االعلى،
والحد االدنى لإلنفاق ،مع تقييد تقديرات المصروفات في حدود االتزامات الفعلية؛
✓ توجيه النفقات العمومية نحو النفع العام :بمعنى ضرورة أن تكون النفقة العامة الشباع
حاجات عامة و ليس لمصالح خاصة ببعض االفراد أو الفئات التي لها نفوذ في الدولة،
و دعم برامج ومشاريع مشاركة القطاع الخاص في تقديم الخدمات ومساهمته في التنمية؛
لعاطل عياش ،نوي سميحة ،آلية ترشيد االنفاق العام من أجل تحقيق التنمية البشرية المستدامة في الجزائر ،ورقة بحثية في 1
مؤتمر تقييم برامج االستثمارات العامة و انعكاساتهاعلى االتتشغيل و االستثمار في الجزائر ،جامعة سطيف ، 1مارس 2013
،ص .05
شعبان فرج،الحكم الراشد كمدخل حديث لترشيد اإلنفاق العام و الحد من الفقر -دراسة حالة الجزائر ،2000،2010،أطروحة 2
دكتوراه ،كلية العلوم االقتصادية ،تخصص نقود ومالية ،جامعة الجزائر ، 2012 ،3ص .8
31
✓ إتباع مبدأ االولوية :واال اتجهت االموال إلى مجاالت و مشروعات أقل أهمية؛
✓ الحرص على ضمان الجودة و الرفع من المردودية :بحيث ينبغي أن تعكس المردودية
النتيجة التي تترتب عن النفقة العامة ،أي المردودية االقتصادية و االجتماعية للنفقة
العامة؛
✓ التحديد الدقيق لوقت و مقدار النفقة :أي أن تكون النفقة في حدود الوضع االمثل لها،
و أن يتم االنفاق في الوقت المناسب دون تقديم أو تأخير؛
✓ توافر المعلومات المالية الالزمة عن الموارد المالية المتوقعة وعن أوجه االنفاق المختلفة؛
تطورت النفقات العامة بتطور الدور الذي تقوم به الدولة ،وهو ماسنستعرضه فيما يلي:
في هذه المرحلة كان تدخل الدولة في الحياة االقتصادية واالجتماعية في أضيق الحدود
،واقتصر بالتالي غرض النفقات العامة على ضمان سير المرافق األساسية ،التي
تشبع الحاجات االجتماعية ،فلم يعطي التقليديون أهمية تذكر للنفقات العامة ،وكانوا
1
يركزون على إجراءات اإلنفاق العام ومراقبته.
ب -مرحلة الدولة المتدخلة :بتزايد دور الدولة ،ازدادت أهمية النفقات العامة ،من
أجل تلبية حاجات المجتمع المتزايدة وتحسين مستوى معيشة االفراد ،وقد نادى "جون
مينارد كينز ّ Keynes Meynard Jeanبضرورة زيادة الطلب الفعال في حالة الكساد
،من خالل النفقات العامة ،من خالل التأثير في الطلب االستهالكي والطلب
االستثماري.
ج-مرحلة الدولة المنتجة :تقوم هذه المرحلة على اإلنتاج والتوزيع ،كما تحدده الخطة
العامة االقتصادية واالجتماعية ،التي لها صفة اإللزام ،حيث أصبحت الكمية المالية
التي في حوزة الدولة تتطابق إلى حد كبير مع الدخل القومي
زينب عوض هللاا ،مبادئ المالية العامة ،الدار الجامعية للطباعة والنشر،بيروت ،1998 ،ص .23 1
32
1
واإلنفاق والناتج القومي.
تتعدد تقسيمات النفقات العامة باختالف المعيار الذي يتم اعتماده للتقسيم ،سنستعرض
فيما يلي بعضا من هذه األنواع:
يقوم التقسيم الوظيفي للنفقات العامة حسب طبيعة الوظائف التي تقوم بها الدولة و التي
تبين حجم نشاط الحكومة من خالل أوجه إنفاقها المختلفة ،و قد جمع االقتصاديون
على التفريق بين ثالثة وظائف أساسية هي :الوظيفة اإلدارية ،الوظيفة االقتصادية ،
2
الوظيفة االجتماعية ،و بذلك نميز بين ثالث أنواع من النفقات:
و تجمع النفقات التي تخص إدارة المرافق العامة و الضرورية لقيام الدولة بوظائفها و
تضم نفقات الدفاع ،األمن ،العدالة ،األجور ،و ما في حكمها للعاملين بالدولة و يدخل
ضمن
تجمع النفقات التي تهدف إلى تلبية األغراض االجتماعية للدولة ،من الحاجات العامة
التي تشبع الجانب االجتماعي للمواطنين ،من تأمين إمكانيات التعليم و الصحة و
إعانة الفئات المحرومة في المجتمع و المحدودة الدخل و إعانة البطالين ،بحيث توجه
النفقات االجتماعية نحو قطاعات التعليم ،الصحة ،النقل ،السكن و تمثل نفقات
التعليم أهم بنود النفقات االجتماعية ،كونها تساهم في تقدم و رقي المجتمعات في كل
من البلدان المتقدمة و النامية على حد سواء .
تمثل مجموع النفقات التي تنفقها الدولة بغرض بلوغ أهداف اقتصادية مثل المشاركة في
تتوزع النفقات العامة حسب دوريتها إلى نوعين :نفقات عادية و أخرى غير عادية .
تمثل النفقات العادية تلك النفقات التي تتجدد كل فترة معينة من الزمن أي أنها تتمتع
باالنتظام و الدورية ،أما ما عدا ذلك فهي تعتبر نفقات غيرعادية.
➢ النفقات العادية:
تتمتع النفقات العادية بدوريتها كونها تتجدد كل فترة ،هذا ما يسهل تقديرها تقدي ار قريبا
من الصحة من طرف الدولة .
تتجسد النفقات العادية في ما تنفقه الدولة لسير مرافق الدفاع الخارجي في وقت السلم
،وما تتطلبه مرافق األمن الداخلي و القضاء و التعليم و غيرها من المرافق في األحوال
العادية ،و يمكن لهذه النفقات العادية أن تختلف بين سنة و أخرى ،ألنها يمكن أن
تعرف زيادة أو نقصان عما درج لها و يمكن معالجة الزيادة بالتوفير في نفقات عادية
أخرى ،مما ال يخرج بالنفقات في مجموعها عما قدر لها.
تمثل النفقات العامة التي لم يكن من المتوقع حدوثها و هي ال تحدث بصفة دورية أي
أنها ال تتكرر بصورة عادية منتظمة ،و لكن قد تضطر الدولة في ظروف معينة القيام
بها ،كاإلنفاق على الحروب و على اإلعانات التي تقدمها الدولة للمنكوبين في حالة
الحوادث الزلزال و الكوارث الطبيعية ،أما إذا ظلت هذه األحداث االستثنائية لفترة طويلة
فهي تندرج ضمن النفقات العادية.
يمكن التمييز بين النفقات العادية و النفقات غير العادية من حيث مصدر تمويل هذه
النفقات ،فغالبا ما تسدد النفقات غير العادية من إيرادات غير عادية من خالل االقتراض
،أما النفقات العادية ،فتسددها اإليرادات العادية و أهمها الضرائب.
34
يعتمد تقسيم النفقات إلى قومية ومحلية إلى معيار نطاق سريان النفقة العامة ،ومدى
استفادة األفراد منها:
➢ النفقات القومية ( المركزية ) :هي تلك التي ترد في ميزانية الدولة وتتولى الحكومة
المركزية القيام بها مثل نفقة الدفاع والقضاء واألمن ،فهي نفقات ذات طابع قومي.
➢ النفقات المحلية أو اإلقليمية :تقوم بها الواليات ،أو مجالس الحكم المحلي كمجالس
المحافظات والمدن والقرى ،وترد في ميزانية هذه الهيئات مثل توزيع الماء والكهرباء
1
والمواصالت داخل اإلقليم أو المدينة.
د-التقسيم بحسب عالقتها باقتصاد السوق :يعتمد هذا التقسيـم على مدى ارتباط
وعالقة النفقة من عدمه باقتصاد السوق ،وذلك إلى أربعة أقسام :
➢ نفقات مستقلة عن طبيعة النظام االقتصادي :هي النفقات الضرورية لوجود الدولة من
أمثلة ذلك النفقات الخاصة بالوظائف االساسية للدولة ،والتي من خاللها يتـم المحافظة
على كيانها واستق اررىا الداخلي والخارجي.
➢ نفقات ضرورية لقيام اقتصاد السوق :هي النفقات التي تشكل جزء من نفقات االنتاج
ومن أمثلة ذلك نفقات الخدمات االدارية العامة الضرورية لقياـم المشروعات الخاصة،
والتي تحصل عليها مقابل مدفوعات تمثل جزء من نفقات إنتاجها.
➢ نفقات مكملة القتصاد السوق :هي النفقات المخصصة الشباع الحاجات العامة من
بعض السلع والخدمات التي يقدمها السوق ،ومن أمثلة ذلك نفقات التعميـروالصحة
...الخ .
✓ .نفقات مخصصة لقوى السوق :تمثل النفقات المخصصة لتصبح االختالالت السلبية
الناجمة عن تطبيق اقتصاد السوق ،ومن أمثلة ذلك النفقات المعدة إلنتاج بعض السلع
أو الخدمات التي يحجـم الخواص على القياـم بها ،والنفقات المقدمة للصناعات ذات
2
الوفرات الخارجية لزيادة إنتاجها.
ه-تقسيم النفقات العامة تبعا لتأثيرها في اإلنتاج الوطني :يمكن تقسيم النفقات العامة
وفقا لتأثيرها في اإلنتاج القومي إلى نوعين هما :
سوزي عدلي ناشد ،أساسيات المالية العامة ،الطبعة األولى ،منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان، 2008 ،ص.45 1
2عبد المجيد قدي ،المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر، 2005 ،ص .182
35
عدالة و كذا المرافق العامة ،باإلضافة إلى القيام بالدور الحديث للدولة في النشاط
اإلقتصادي فكافة المشتريات الحكومية من سلع وخدمات الزمة إلعداد و تجهيز جيش
قوي ،المحافظة على األمن واقامة الطرق ،إقامة المستشفيات وتشغيلها ،إقامة وتسيير
وتشغيل المدارس والجامعات ...الخ ،جميعها تعد نفقات حكومية حقيقية كما أنها تعد
1
دخوال ألصحابها مقابل ما قدموه للدولة من سلع و خدمات إنتاجية.
✓ النف قات التحويلية :تمثل النفقات التي تنفقها الدولة لنقل الدخل من فئة اجتماعية إلى
أخرى لتحقيق أهداف معينة ليست دائما اقتصادية ،مثالها اإلعانات االجتماعية أو
إعانات البطالة.
فالنفقات التحويلية تقود إلى إعادة توزيع الدخل القومي بين أفراد المجتمع دون أن تلزم
المستفيد بتقديم أي سلع أو خدمة ،فالنفقات التحويلية ال تقود إلى تغيير متدفق الدخل
اإلجمالي بل تكتفي بنقل القوةّ للسلطات العامة وهذا يعني انتقال القدرة الشرائية من فئة
2
اجتماعية ميسورة إلى فئة اجتماعية معسورة ،لهذا يطلق عليها بـ"الناقلة".
✓ التبويب اإلداري للنفقات العامة في الجزائر :تصنف النفقات العامة إداريا وفق معيارين
هما:
-التبويب حسب الو ازرات :وهو القاعدة التي تصنف على أساسها موازنة التسيير في
الجزائر ،وفيه يتم وضع اعتمادات نفقات التسيير تحت تصرف الدوائر الو ازرية.
-التبويب بحسب طبيعة اإلعتمادات :حيث توزع اإلعتمادات حسب الحاالت على
الفصول أو القطاعات.
✓ التبويب الوظيفي للنفقات العامة في الجزائر :وفي هذا اإلطار تقسم الوظائف في
الجزائر إلى أربع مجموعات كبيرة منها واحدة تجمع النفقات غير القابلة للتخصيص
وهي:
1سعيد عبد العزيز عثمان ،المالية العامة ،مدخل تحليلي معاصر ،الدار الجامعية ،بيروت، 2008،ص ص 470
2نوزاد عبد الرحمن الهيتي ،منجد عبد اللطيف الخشالي ،المدخل الحديث في اقتصاديات المالية العامة "دار المناهج ،عمان،
األردن ،2005 ،ص 37
لعمارة جمال ،منهجية الموازنة العامة في الجزائر ،دار الفجر للنشر والتوزيع ،القاهرة الطبعة األولى ،2004 ،ص .40 3
36
-الخدمات العامة :وتضم اإلدارة العامة ،العدل ،الشرطة ،الدفاع.
✓ التبويب االقتصادي للنفقات العامة في الجزائر :وهو التبويب الذي يحظى بأهمية كبيرة
بالنظر إلى التأثير الكبير للنفقات العامة على االقتصاد ،ووفقا لذلك تقسم النفقات إلى:
✓ التبويب المالي للنفقات العامة في الجزائر :وفقا لهذا التبويب يمكن التمييز بين:
-النفقات النهائية :وهي تمثل حركة دخول وخروج األموال بدون مقابل وتمثل كذلك
الحق المشترك في توزيع األموال العامة.
-النفقات المؤقتة وعمليات الخزينة :ترتبط بالعمليات المؤقتة المتعلقة بالخزينة أو القطاع
المصرفي ،فهي تمثل جزء حركة األموال الخارجة من الصناديق العمومية بصفة مؤقتة.
-النفقات االفتراضية أو الضمانات :وهي التي تتعلق بعمليات إنفاق أو قروض تتعهد
الدولة بالقيام بها إذا تحققت بعض الظروف.
تعتمد الجزائر على تقسيم النفقات إلى نفقات التسيير ونفقات التجهيز على النحو التالي:
• نفقات التسيير :هي األموال المخصصة لتغطية األعباء المادية الضرورية لتسيير
المصالح العمومية وتعتبر دورية في الميزانية كل سنة ،وال يقصد بالتكرار ثبات مقدار
النفقة كل سنة ،فقد تتغير قيمتها بالزيادة أو النقصان ،ومثال ذلك مرتبات وأجور
الموظفين التي ال تعرف الثبات كل سنة .
وقد تم تعريفها على انها تلك النفقات التي تخصص للنشاط العادي والطبيعي للدولة،
والتي تسمح بتسيير نشاطات الدولة ،و التطبيق الالئق للمساهمات الجارية "،النفقات
التي تدفع من أجل المصالح العمومية االدارية ،أي أن مهمتها تضمن استم اررية سير
مصالح الدولة من الناحية االدارية ،حيث أن نفقات التسيير تشمل على نفقات
المستخدمين ونفقات المعدات.
37
تقسم نفقات التسيير في أربعة أبواب ،توجد أبواب تتكون من سبع فقرات و كل فقرة
يمكن أن تضم تسعة و تسعين فصال و عدد المواد التي يشملها الفصل غير محددة
ويمكن أن يقسم البند إلى فروع ،نفقات الباب االول و الثاني ممثلة في ميزانية االعباء
المشتركة المسيرة من طرف و ازرة المالية ،أما الباب الثالث و الرابع نجدهما تقريبا في
كل الميزانيات في مختلف الو ازرات .
-أعباء الدين العمومي والنفقات المحسومة من اإليرادات :يشمل هذا الباب االعتمادات
الضرورية للتكفل بأعباء الدين العمومي باإلضافة إلى األعباء المختلفة المحسومة من
اإليرادات.
القسم الثاني :الدين الداخلي ،الدين غير الثابت (دين عائم) ،فوائد سندات الخزينة.
القسم الثالث :الديون الخارجية ،وهو خاص بالعقود التي تبرم بين المؤسسات الجزائرية
و المؤسسات األجنبية.
-النفقات الخاصة بوسائل المصالح :تشمل كل االعتمادات التي توفر لجميع المصالح
ووسائل التسيير المتعلقة بالموظفين والمعدات وتضم (أجور المستخدمين ،المنح
38
والمعاشات ،النفقات اإلجتماعية ،تسيير المصالح ،الصيانة ،إعانات التسيير ،نفقات
مختلفة.
-التدخالت العمومية :تتعلق بنفقات التحويل التي هي بدورها تقسم بين مختلف أصناف
التحويالت حسب األهداف المختلفة لعملياتها ،وتتمثل غيما يلي:
• نفقات التجهيز :هي نفقات تتعلق بالتجهيزات العمومية وأشغال المنشآت األساسية
الكبرى االقتصادية اإلدارية واالجتماعية ،تهدف من خاللها الدولة إلى تكوين رؤوس
أموال بقصد تنمية الثروة الوطنية توزع حسب المخطط اإلنمائي السنوي.
ترد نفقات التجهيز في الجدول -ج -من ميزانية الدولة لكل سنة وتكون موزعة حسب
مختلف القطاعات االقتصادية ،وتشكل على شكل رخص برنامج وتنفذ باعتماد دفع.
تصنف نفقات التجهيز حسب معيارين ،وهما التصنيف االقتصادي ،والتصنيف حسب
التسيير كما يلي:
oالتصنيف االقتصادي :تنص المادة 35من قانون المالية 17 -84المتعلق بقوانين
المالية هلى مايلي:
تجمع اإلعتمادات المفتوحة بالنسبة للميزانية العامة وفقا للمخطط اإلنمائي السنوي
لتغطية نفقات االستثمار الواقعة على عاتق الدولة في ثالثة أبواب وهي:
39
1
-2إعانات االستثمار الممنوحة من قبل الدولة.
oتصنيف نفقات التجهيز حسب تسييرها :تصنف نفقات التجهيز العمومي حسب الجهة
المكلفة بتسييرها إلى ثالثة أصناف:
✓ النفقات المتعلقة بالتجهيزات العمومية الممركزة :
مما يعني أنها تتضمن مشاريع كبرى ذات بعد وطني ،التي تكون موضوع مقررات
يتخذها الوزراء المختصون باسمهم وباسم المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري
الموضوعة تحت وصايتهم وكذا المؤسسات التي تتمتع بالطابع المالي واإلدارات
المتخصصة غير انه يمكن أن يتخذ وزير المالية مق ار بشان اإلدارات المتخصصة
والمؤسسات التي تتمتع باالستقالل المالي عند الحاجة .و تنفذ هذه البرامج إما من قبل
الو ازرة المعنية أو المؤسسات التي تقع تحت وصايتها ،مثل الوكالة الوطنية للسدود
بالنسبة لمشاريع الري الكبرى.
1ا لجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد، 51المادة ، 5من المرسوم التنفيذي رقم 227-98المؤرخ في 13جويلية
، 1998يتعلق بنفقات الدولة للتجهيز.
40
يخضع برنامج التجهيز العمومي التابع لمخططات التنمية البلدي ) (PCDلرخصة
برنامج شاملة حسب الوالية يبلغها الوزير المكلف بالمالية بعد التشاور مع الوزير المكلف
بالجماعات اإلقليمية ،ويتمحور هذا البرنامج حول األعمال ذات األولوية في التنمية
ومنها على الخصوص التزويد بالماء الشروب والتطهير والطرق والشبكات وفك العزلة،و
يعد هذا البرنامج المصالح التقنية المحلية المعنية ثم يوزع طبقا للقانون حسب األبواب
وبلديات الوالية مع تفضيل البلديات المحرومة السيما في المناطق الواجب ترقيتها حيث
تبلغ اعتمادات الدفع المخصصة لمخططات التنمية البلدية بصورة شاملة بموجب مقرر
من الوزير المكلف بالمالية حسب اإلجراءات المقررة ويكلف الوالي بعد استشارة المصالح
الوالئية المختصة بتوزيع هذه االعتمادات حسب األبواب والبلديات مع مراعاة توجيهات
التنمية وأولويتها.
oالتصنيف الوظيفي :تصنيف نفقات التجهيز حسب التصنيف الوظيفي كما يلي:
✓ العناوين :تقسم نفقات التجهيز إلى ثالث عناوين(أبواب) وهي :
-اإلستثمارات التي تنفذ من طرف الدولة وتتمثل في النفقات التي تستند على أمالك
الدولة أو على المنظمات العمومية ،إعانات اإلستثمار الممنوحة من قبل الدولة ،النفقات
األخرى برأسمال .
✓ الفصول والمواد :تقسم القطاعات إلى قطاعات فرعية وفصول ومواد حيث يتصور
بطريقة أكثر وضوح ودقة وذلك حسب مختلف النشاطات االقتصادية التي تمثل هدف
41
برنامج اإلستثمار ،حيث أن كل عملية تكون مركبة من قطاع وقطاع فرعي وفصل
ومادةً،
-القطاع : 242الصلب؛
-تسهيل صياغة واعداد البرامج :حيث أن حسابات الدولة مرتبطة ببرامج معينة تتولى
االجهزة والهيئات العامة تسييرها ،فيجب ترتيب تلك الحسابات بطريقة يسهل معها
اعداد هذه البرامج؛
-تحقيق الكفاءة والفعالية في تنفيذ الميزانية :حيث أن كفاءة تنفيذ الخطة المالية
للدولة يتطلب ضرورة تقسيم الميزانية حتى يمكن قياس كفاءة تنفيذ كل البرامج؛
-تسهيل دراسة االثار المختلفة لالنشطة العامة المختلفة ومعرفة تطورها ،حيث إن
تقسيم النفقات العامة يسهل التعرف على تكلفة كل نشاط وتطورات تلك التكلفة وأهميتها
النسبية بالمقارنة باالنشطة االخرى؛
-تمكين البرلمان والرأي العام من إجراء رقابة فعالة على الدور المالي للدولة ،يجعل
الحكومة تقوم بإنفاق المبالغ المالية في السبل التي قررها وليس في أوجه أخرى.
لقد عرف حجم اإلنفاق العام تطو ار كبي ار ،كنتيجة لزيادة تدخل الدولة في الحياة
االقتصادية بهدف إقامة توازن اقتصادي و اجتماعي و دفع عجلة النمو ،حيث أن من
أكثر الظواهر التي شغلت اهتمام االقتصاديين هي ظاهرة تزايد النفقات العامة مع زيادة
الدخل القومي.
1محرزي محمد عباس،اقتصاديات المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ، 2015،ص.65
42
-1-3تعريف ظاهرة تزايد النفقات العامة:
أشار االقتصادي االلماني" أدولف فاغنر" إلى ظاهرة زيادة النفقات العامة ،من خالل
تحليل التطور المالي في عدد من الدول األوروبية في القرن التاسع عشر ،بعد تقييم
حجم النفقات العامة في هذه الدول بعد الحرب العالمية الثانية ،و برهنت دراسته على
وجود عالقة بين زيادة النفقات العامة و نمو الناتج الوطني ،و هو ما يعرف بالقانون
العام للتطور االقتصادي و أطلق عليه " قانون التزايد المستمر للنشاط الحكومي" .و
أثبتت دراسة فاغنر أن النشاط الحكومي ينمو بمعدل أكبر من معدل الزيادة في النمو
االقتصادي.
وفسر ذلك بأن نمو و تطور الدولة يؤدي إلى اتساع قاعدة التزاماتها و خدماتها اتجاه
أفراد المجتمع و هذا ما يصاحبه نمو في حجم اإلنفاق العام بغض النظر عن النمو
االقتصادي ،و هذا ما اظهرته المتابعة االحصائية لتطور اإلنفاق العام في العديد من
الدول بعد الحرب العالمية الثانية ،حيث عرف حجم النفقات العامة تزايد كبير بغض
النظر عن درجة النمو .
وحسب قانون "فاغنر" ،فإنه تتواجد ثالثة عوامل تزيد من دور الحكومة في النشاط
• يرتبط التوسع في اإلنفاق الحكومي بتطور المهام اإلدارية للدولة ،و يفسر ذلك على
أساس إحالل النشاط العام للنشاط الخاص ،باإلضافة إلى ارتفاع الكثافة السكانية
والتوسع العمراني ،مما يؤدي إلى زيادة تدخل الدولة و بالتالي زيادة النفقات على
التنظيم االقتصادي ؛
• تدخل الدولة من خالل زيادة اإلنفاق على التعليم و الصحة ،باالضافة إلى توفير السلع
و الخدمات الثقافية والترفيهية ،حيث أشار فاغنر إلى أن مرونة الدخل للطلب على
هذه السلع الكمالية هي أكبر من الوحدة ؛
• التطور التكنولوجي واالستثمار المطلوب في العديد من األنشطة بحيث يساهم في زيادة
االحتكار الدولة مما يزيد من نفقاتها ؛
و ماتجدر االشارة الية أن هناك قيود لتوسع نفقات الدولة فالنسبة بين اإلنفاق الحكومي
والدخل القومي ال يمكن اجتيازها بشكل دائم ،و هذا ما يتطلب أن يكون هناك توازن
في نفقات الفرد لتغطية رغباته المتعددة.
43
من جهة أخرى و-حسب ماتوصل اليه فاجنر -فانه من االجدر تحديد سقف لنسبة
النفقات العامة من الدخل القومي ،غير أن المحاوالت السابقة لوضع األرقام المطلقة
لإلنفاق أو لتحديد الحد األعلى كنسبة إلى الدخل القومي ،كانت غير ناجحة .
حيث أن ارتفاع حجم النفقات العامة ال يرافقه بالضرورة زيادة المنافع العامة الناجمة
عليها و قد ال ينتج عنها زيادة التكاليف العامة على األفراد ،ألنه يمكن أن تكون الزيادة
في حجم النفقات العامة زيادة ظاهرية فقط ال يتبعها مضاعفة المنفعة الحقيقية لها.
الحقيقة للنفقات العامة ،التي البد أن يتبعها زيادة المنفعة الحقيقية و ارتفاع حجم
التكاليف العامة بنسبة معينة .
و للتحقق من حجم المنفعة المترتبة عن زيادة النفقات العامة البد من تحليل و دراسة
زيادة اإلنفاق العام بين أسباب ظاهرية و أسباب حقيقية الن األرقام المتعلقة باإلنفاق
العام ال تعكس األثر الحقيقي للنفقة العامة ،حيث أن الزيادة الظاهرية تكتفي بزيادة
األرقام المعبرة عن اإلنفاق العمومي ،و ال تأتي بزيادة في حصة الفرد من كمية السلع
و الخدمات ،و في المقابل الزيادة الحقيقية في النفقات العامة البد أن توافق بين زيادة
حجم اإلنفاق العام و زيادة فعلية في نصيب الفرد من استهالك للسلع و الخدمات العامة
،بحيث تمثل هذه المنفعة إنتاجية اإلنفاق العمومي .
إن الزيادة الظاهرية في النفقات العامة هي النفقات التي ال ينتج عنها زيادة في المنفعة
الحقيقية ،أي زيادة في نصيب الفرد من الخدمات التي تقدمها الدولة ،و تتمثل األسباب
1
التي تؤدي إلى هذه الزيادة في:
يظهر انخفاض النقود من خالل انخفاض القوة الشرائية لوحدة النقد من السلع و الخدمات
1أنظر :عدة اسماء ،اثر االنفاق العمومي على النمو االقتصادي في الجزائر ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة
وهران ، 2تخصص اقتصاد دولي ،2016/2015،ص ص .54،49
أحمد عبد السميع عالم" ،المالية العامة :المفاهيم والتحليل االقتصادي والتطبيق" ،مكتبة الوفاء القانونية ،اإلسكندرية،2012،
ص ص.68-60
44
و التي تعود إلى ارتفاع المستوى العام لألسعار ،ولمعالجة هذه الظاهرة تقوم الدولة
بزيادة حجم إنفاقها و ذلك بهدف التمسك بنفس مستوى خدماتها إلشباع الحاجات العامة
،وفي هذه الحالة ال تمثل هذه الزيادة النقدية للنفقات العامة زيادة حقيقية لها و المعبرة
عن تطور نشاط الدولة ،لذا لتحديد منفعة اإلنفاق العام يتعين مراعاة التغيير في
المستوى العام لألسعار خالل فترات زمنية متفاوتة .
✓ اختالف طرق المحاسبة المالية ( اختالف طرق إعداد الميزانية العامة( :
مع إتباع مبدأ وحدة ،أو عمومية الميزانية العامة الذي ينص على وجوب ظهور كافة
نفقات الدولة و إيراداتها ،أصبحت تجمع نفقات الدولة في ميزانية واحدة بعدما كانت
توجه بعض اإليرادات التي كانت تقوم بتحصيلها بعض اإلدارات و المصالح لتغطية
نفقاتها مباشرة ،و من ثم لم تكن تعبر عن حقيقة اإليرادات و النفقات في الميزانية العامة
للدولة ،حيث كانت النفقات العامة الواردة في الميزانية غالبا أقل من حقيقتها وبالتالي
فإن ظهور نفقات عامة ضمن ميزانية الدولة كانت تنفق فيما قبل و لم تكن تظهر.
فهذه الزيادة في النفقات العامة في هذه الحالة تعد زيادة ظاهرية تطلبتها إجراءات تغيير
طرق المحاسبة المالية في الميزانية الحديثة.
قد يؤدي زيادة مساحة إقليم دولة معينة أو ارتفاع عدد سكانها إلى زيادة ظاهرية في
النفقات العامة ،حيث يترتب عن هذه الحالة تدخل الدولة عن طريق زيادة إنفاقها بهدف
تغطية حاجات هؤالء األفراد و مثال ذلك قيام الدولة باحتالل دولة أخرى ،أو استرداد
جزء من إقليمها ،إال أن هذه الزيادة ظاهرية بسبب عدم نشوء زيادة في المنفعة العامة
أو االرتفاع في األعباء العامة على األفراد دون مقابل فعلي.
و من الواضح أن متوسط نصيب الفرد من النفقات العامة في هذه الحاالت ،إذا تأثر
بالزيادة فإن الزيادة تكون حقيقية ،أما إذا تزايد اإلنفاق لمجرد مواجهة التوسع الكائن في
مساحة الدولة أو زيادة عدد السكان ،دون أن يمس السكان األصليين فهنا تكون الزيادة
في اإلنفاق العمومي مجرد زيادة ظاهرية.
بحيث يمثل عامل تدهور قيمة النقود من أهم العوامل التي تسبب الزيادة الظاهرية في
النفقات العامة ،خاصة بعد اعتماد مبدأ وحدة أو عمومية الميزانية من طرف كافة
اقتصاديات الدول المتقدمة و المتخلفة على السواء ،باإلضافة إلى أن أي زيادة في
45
مساحة الدولة أو في عدد سكانها سيشكل عبئا إضافيا على الدولة ،كونها تتحمل هذه
الزيادة عن طريق مضاعفة نسبة الضرائب على المواطنين.
-3-3السباب الحقيقية لتزايد النفقات العامة :يقصد بها تلك العوامل التي تؤدي إلى
زيادة فعلية للنفقات العامة المصحوبة بتحسن مستوى الخدمات والمنافع المقدمة أي
1
المعطيات المؤدية إلى تحقيق منفعة فعلية .وتتمثل هذه األسباب فيمايلي:
✓ السباب االقتصادية :إن أهم األسباب االقتصادية لظاهرة الزيادة في النفقات العامة
يرجع إلى زيادة الدخل القومي وتطور الفلسفة االقتصادية السائدة والتوسع في
المشروعات العامة والمنافسة االقتصادية .
زيادة الدخل القومي :تعتبر زيادة الدخل القومي عامل هام في الزيادة الحقيقية لإلنفاق
وتعتبر الزيادة في اإلنفاق نتيجة منطقية لنمو الدخل القومي ،إذ يمكن تشبيه النفقات
العامة بالنسبة للدولة بالنفقات الكمالية للفرد التي تزداد بارتفاع الدخل فكلما ارتفع مستوى
الدخل كلما زادت إيرادات الدولة الالزمة لتمويل النفقات المتزايدة .
تطور الفلسفة االقتصادية السائدة :ترتب على تدخل الدولة ازدياد في نشاطها فقامت
بالعديد من المشروعات في القطاعات المختلفة سواء كان ذلك لسد نقص نتيجة عدم
قيام األفراد بالنشاط أو السيطرة على القوى االقتصادية بتأميمها للبنوك والشركات.
من هذا يتضح أن التغير في الفلسفة االقتصادية قد أدى إلى التوسع والزيادة في النفقات
العامة.
التوسع في المشروعات العامة :أصبحت الدولة تقوم ببعض المشروعات التي كانت
أصال من أعمال القطاع الخاص وتقوم الدولة بهذا النشاط إما لعجز القطاع الخاص
عن إدارة هذا النشاط أو لضمان تشغيل هذه المشروعات الحيوية وتتكبد الدولة في سبيل
تسيير هذه المشروعات نفقات كبيرة وذلك نتيجة أجور العاملين أو ثمن اآلالت وبعضا
من هذه المشروعات ال يحقق إيرادات تكفي لتغطية النفقات
أنظر :عدة اسماء ،اثر االنفاق العمومي على النمو االقتصادي في الجزائر ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم 1
46
المنافسة االقتصادية :قد تقوم الدولة بمنح بعض الصناعات الوطنية منح مالية حتى
تستطيع هذه الصناعات أن تنافس السلع األجنبية كذلك قد تقرر الدولة إعفاءات ضريبية
للصناعات الوطنية للمساهمة في نمو هذه الصناعات نظ ار لصعوبة الظروف التي تمر
بها هذه الصناعات.
✓ السباب السياسية :يمكن إرجاع الزيادة في النفقات العامة إلى تطور الفلسفة السياسية
سواء في الداخل نتيجة انتشار المبادئ الديمقراطية ونمو مسؤولية الدولة في الخارج
نتيجة شعور الدولة بواجب التضامن الدولي .
انتشار مبادئ الديمقراطية :أدى انتشار هذه المبادئ إلى وصول ممثلي الشعب إلى
السلطة فاستخدمت الطبقة الحاكمة القانون لصالحها فوضعت التشريعيات لتحسين حالها
وقد ترتب عن ذلك ازدياد اإلنفاق لتحسين مركز الطبقة الفقيرة ورفع مستواها والعمل
على زيادة الدخل وعدالة توزيعه..
نمو مسؤولية الدولة :تغير النظرة إلى الدولة فهي ليست سلطة آمرة فقط بل هي مجموعة
من المرافق العامة الموجهة لخدمة الجمهور فيشارك الجميع بذلك في تحمل عبء
المخاطر المترتبة على سير المرافق العامة وقد ساعد على نمو مسؤولية الدولة ضغط
الرأي العام وكتابات رجال القانون..
-نفقات الدولة في الخارج ؛أدى نمو العالقات الدولية إلى ازدياد النفقات العامة فقد زادت
أهمية التمثيل الدبلوماسي وارتفعت إلى النفقات المعتمدة لتدعيمه كذلك ازدادت نفقات
اشتراك الدول في المنظمات الدولية.
✓ السباب المالية :
1
لقد ازدادت النفقات العامة في العديد من الدول تحت تأثير عدة عوامل منها:
-سهولة لجوء الدولة إلى القروض خاصة الداخلية ،لما لها من امتيازات السلطة العامة؛
وجود فائض في اإليرادات؛ الخروج على بعض القواعد التقليدية للمالية العامة مثل قاعدة
وحدة الميزانية.
السباب اإلدارية: ✓
لقد أدى تطور وظيفة الدولة وانتقالها من دولة حارسة إلى دولة متدخلة ،إلى
تضخم الجهازاإلداري وازدياد هيئاته ومؤسساته وارتفاع عدد الموظفين والعاملين به،
األمر الذي أدى إلى زيادة النفقات العامة لمواجهة تكاليف إقامة المؤسسات اإلدارية
بعلي محمد الصغير ،يسرى أبو العالء ،المالية العامة ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،الجزائر، 2003 ،ص ص .49،48 1
47
الجديدة ودفع مرتبات أجور الموظفين؛ كما يزيد من اإلنفاق العام وارتفاع معدالته سوء
التنظيم اإلداري والبطالة المقنعة.
-4-3اآلثار االقتصادية للنفقات العامة :يترتب على النفقات العامة آثار اقتصادية
متعددة الجوانب تتمثل فيما يلي :
✓ اآلثار على اإلنتاج :يميز في آثار اإلنفاق العام على اإلنتاج بين آثار تتحقق في
المدى القصير وأخرى تتحقق في المدى الطويل .
بالنسبة لآلثار على المدى القصير ترتبط آثار اإلنفاق العام بتحقيق التوازن واالستقرار
االقتصاديين عبر الدورات عن طريق التأثير على الطلب الكلي الفعال في االقتصاد
والحيلولة دون قصوره أو تقلب مستواه ،أما فيما يتعلق بالمدى الطويل تختلف آثار
اإلنفاق العام على اإلنتاج والدخل تبعا لطبيعة هذا اإلنفاق .فاإلنفاق على المرافق
التقليدية كالدفاع الخارجي واألمن الداخلي وإقامة العدالة وان لم تبد له عالقة مباشرة
باإلنتاج ،إال انه يهيئ الظروف التي ال غنى عنها لقيامه ،حيث يؤدي اختالل األمن
وانتقاء الحماية إلى عدم اطمئنان المنتجين على استثمار أعمالهم مما يعيق سير اإلنتاج
في مختلف ميادينه .كما يؤثر اإلنفاق على التعليم والصحة العامة والتأمينات
االجتماعية ضد المرض والعجز والشيخوخة والبطالة على اإلنتاج من خالل تأثيره على
قدرة األفراد ورغبتهم في العمل واالدخار .وكذلك يلعب اإلنفاق العام دو ار فعاال في توجيه
الموارد اإلنتاجية المتاحة إلى فروع النشاط المرغوبة عن طريق التأثير على معدالت
الربح فيها بضمان حد أدنى من األرباح أو سد العجز في ميزانية المشروع خالل فترة
معينة وتقديم بعض اإلعانات المالية كإعانات اإلنشاء والتوسع والتصدير .
✓ اآلثار على التوزيع :يؤثر اإلنفاق العام في توزيع الدخل القومي بطريقتين:
-يتمتع األفراد بخدمات عامة غير قابلة للتجزئة في حين يتحمل األغنياء نسبة اكبر
من تمويل هذا اإلنفاق فيعتبر هذا نقل للدخول من أصحاب الدخول الكبيرة إلى أصحاب
الدخول الصغيرة .
أما اآلثار غير المباشرة للنفقات العامة على االستهالك فيمكن أن تتحقق من خالل
زيادة الطلب االستهالكي لألفراد والجهات المختلفة في االقتصاد والذي يتحقق نتيجة
الزيادة في الدخول التي تحصل عليها والناجمة عن النفقات العامة سواء تلك التي يتم
استخدامها لإلنفاق على قيام الدولة بنشاطاتها الجارية ،أو أشغالها العامة ،أو أوجه
اإلنفاق األخرى المتصلة بإقامتها للبنية التحتية أو المشروعات اإلنتاجية ،وكذلك الزيادة
في الدخول التي تتحقق نتيجة اإلعانات ،خاصة إذا تم األخذ باالعتبار أن الفئات
واألفراد الذين يحصلون على مثل هذه اإلعانات عن طريق النفقات التحويلية يكون
ميلهم الحدي لالستهالك مرتفع ،وهو األمر الذي سيرفع الطلب االستهالكي ،ويرتفع
معه حجم االستهالك وزيادته.
✓ آثار النفقات العامة على السعار :إذا كان المحدد الرئيسي لألسعار يرجع إلى قوى
العرض والطلب ،فهي محصلتها ،إال أن تدخل السلطة العامة بطريق مباشر أو غير
مباشر من حيث سياستها في اإلنفاق العام ،من شانه التأثير على مستوى األسعار،
وهو األمر الذي لم يعد مقتص ار على الظروف االستثنائية والطارئة فقط وإنما أصبح
وسيلة ثابتة للتنظيم االقتصادي يترتب على اإلنفاق العام في المشروعات اإلنتاجية زيادة
السلع مما ينجم عنه انخفاض األسعار ،إما توجيه اإلنفاق العام إلى المجاالت
1
االستهالكية فهو يؤدي إلى زيادة أسعارها نظ ار لزيادة الطلب عليها.
أنظر :بعلي محمد الصغير ،يسرى أبو العالء ،المالية العامة ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،الجزائر، 2003 ،ص 1
ص.49،48
-علي محمد الصغير ،يسرى أبو العالء ،مرجع سبق ذكره ،ص ص.41،39
-فليح حسن خلف ،المالية العامة ،مرجع سبق ذكره ،ص ص .141،140
49
-2-4-3اآلثار غير االقتصادية للنفقات العامة:
✓ أثر المضاعف :المضاعف هو المعامل العددي الذي يبين عدد مرات الزيادة في الدخل
الناتجة عن الزيادة في االنفاق الحكومي و عادة ما تكون الزيادة في االنتاج و الدخل
أكبرمن الزيادة في االنفاق .
يتبع أثر المضاعف الميل الحدي لالستهالك ،فهو مرتفع لدى الفئات المتوسطة
ومنخفض لدى الفئات ذات الدخل المرتفع ،و يكون المضاعف ضعيف التأثير في
البلدان النامية .
،حيث يتبع ✓ أثر المعجل :يظهر اثر زيادة االنفاق أو نقصه على جحم االستثمار
الزيادات المتتالية في الطلب على السلع االستهالكية زيادة في االستثمار ،ويعبر عن
العالقة بينهم بمبدأ المعجل.
50
الفصل الثالث :االيرادات العامة
تعتبر اإليرادات العامة والنفقات العامة أداتان مهمتان من أدوات السياسة المالية ألي
دولة ،وهما عنصرين متكاملين ومرتبطين ،فأي إنفاق عام ال يمكن للدولة القيام به
لتحقيق أهدافها المختلفة يتطلب توفير الموارد الضرورية لتغطيته.
يقصد باإليرادات العامة كأداة مالية ،مجموعة الدخول التي تحصل عليها الدولة من
المصادر المختلفة من أجل تغطية نفقاتها العامة و تحقيق التوازن االقتصادي
1
واالجتماعي.
تمثل االيرادات العامة مجموع األموال التي تحصل عليها الدولة سواء بصفتها السيادية
أو من أنشطتها و أمالكها الذاتية أو من مصادر خارجية (قروض داخلية أو خارجية)،
أو مصادر تضخمية لتغطية النفقات العامة خالل فترة زمنية معينة ،وذلك للوصول إلى
2
تحقيق عدد من األهداف االقتصادية و االجتماعية و المالية.
يمكن القول أن االيرادات العامة هي االموال التي تحصل عليها الدولة من مصادر
مختلفة من أجل تغطية النفقات العامة ،وبالتالي اشباع الحاجات العامة .
-2-1تطور االيرادات العامة:تطورت اإليرادات العامة بتطور دور الدولة وتغير نوع
وحجم تدخالتها في االقتصاد ومختلف الجوانب االجتماعية ،فال يقتصر دورها على
تزويد الخزينة العمومية باألموال الالزمة لتغطية اإلنفاق العام الالزم لقيام الدولة بوظائفها
األساسية ،بل إلى جانب كونها أداة للحصول على األموال العامة فهي تعتبر وسيلة
هامة من أدوات السياسة المالية تستخدمها الدولة للتأثير على مختلف مجاالت النشاط
االقتصادي واالجتماعي.
عبد المطلب عبد الحميد،السياسات االقتصادية،التحليل الجزئي و الكلي ،مكتبة زهراء الشرق ،القاهرة ،مصر 2
،1997،ص.262
51
ظل مفهوم اإليرادات العامة غير معروف لدى الجماعات البدائية األولى ،إذ كان القيام
بواجب الحراسة والدفاع عن الجماعة هو الوجه الوحيد للحياة المشتركة بين أفراد القبيلة
الواحدة ،فلم تكن ثمة حاجة إلى اإليرادات العامة ولو لتمويل الحروب.
لكن هذا الوضع تطور نتيجة تمركز السلطة بيد حاكم قوي ،وفي األصل كان الحاكم
مسؤوالً عن إيجاد اإليرادات الالزمة لتلبية رغباته وقيامه بواجباته ،ذلك ألنه السيد المطلق
التصرف باألموال الموجودة ضمن حدود بالده ،يمنحها حيناً للمقربين والحاشية ،ويحتفظ
بها عموماً لالستفادة من ريعها وإيراداتها ،وكان نتيجة لذلك ،كل إيراد يأتي من هذه
الملكية إنما هو إيراد التاج ،ينفقه على تصريف أمور الدولة وتلبية حاجاتها .لم تعرف
الممالك والحضارات القديمة المؤسسات القانونية والسياسية التي تفرق بين شخصية
الحاكم وشخصية الدولة ،فكانت الملكية العامة ،ملكية أميرية تعود لشخص األمير،
وكان مال الحاكم هو مال الدولة وخزينة الدولة هي خزينة الحاكم الخاصة.
لم تساعد هذه النظرة في إيجاد مفهوم لإليرادات العامة يختلف عن إيرادات الحاكم
الخاصة،فكانت النظرية الغالبة حين انتشر نظام اإلقطاع في القرون الوسطىّ ،
أن
األرض هلل عز وجل يستخلف عليها أولياء األمر فتكون لهم ويوزعون أقاليمها بين أمراء
األجناد عندهم ،ويوزع األمير إقليمه بين تابعيه ،والتابع يوزع مقاطعته بين مختاريه،
والمختار يوزعها بين جماعته وهكذا .
مع ضعف عهد اإلقطاع توحدت المقاطعات ،لكن هذا التطور لم يغير النظرة إلى مفهوم
اإليرادات العامة ،حتى إن بعض الملوك كانوا ّيدعون أن أراضي الدولة جميعها ملك
لهم يتصرفون بها وفق رغباتهم ،وبقيت اإليرادات العامة تعتمد أساساً على األمالك
العامة ،أو ما كان يعرف بأمالك الحاكم الخاصة أو األمالك .وجد العرب المسلمون
في الكتاب والسنة قواعد أساسية تحدد أنواع اإليرادات العامة ومصادرها ،كما اقتبسوا ما
كان معموالً به في البالد المفتوحة ،حتى توصلوا إلى تنظيم ديوان الخراج في عهد
الخليفة "عمر بن الخطاب" ولما تطور مفهوم الدولة وعظمت وظائفها وازدادت نفقاتها،
لم تعد إيرادات أمالك الحاكم تكفي لتلبية الحاجات العامة المتزايدة ،فكان يتوجه إلى
الرعية يطلب العون والمساعدة ،وكان ذلك في صورة تبرعات اختيارية حين ّ
تلم بالبالد
نائبة أو حين يتعلق األمر بالدفاع عن األمة والذود عن كيانها ،ولم تلبث هذه التبرعات
االختيارية االستثنائية أن صارت فرائض إجبارية ودائمة نتيجة تناقص اإلي اردات
اإلقطاعية من جهة ،وعدم استجابة الرعايا لطلبات الحاكم المتزايدة بالتبرع من جهة
52
أخرى ،فظهر مفهوم االقتطاعات العامة مورداً أساسياً للدولة تغطي به نفقاتها وتحقق
المنافع العامة.
كان البد من أن يقابل ذلك تبدل في مفهوم اإليرادات ،فلم تعد تلك اإليرادات تأتي من
أمالك خاصة للحاكم ،وإنما صارت إيرادات مصدرها الرعية توضع تحت تصرف جهة
عامة تستخدم امتيازاتها القانونية في إدارتها ،فهي بالتالي إيرادات عامة ،ويتم توزيع
العبء الناجم عنها بين المكلفين توزيعاً عادالً ووفق مبدأ المساواة ،فظهر مفهوم المال
العام الذي يختلف عن مال الحاكم الخاص.
نشأت مجموعة من القواعد القانونية تنظم العالقة المالية للدولة مع اآلخرين ،على أساس
من السلطة والسيادة ،فكان لزاماً نتيجة هذا التطور ،أن تصبح اإليرادات العامة وسيلة
مالية أساسية تستخدمها الدولة لتوفير المال الالزم لتغطية النفقات العامة ،وأداة للتأثير
1
في الحياة االقتصادية واالجتماعية وتحقيق أهداف الدولة العامة.
تعددت في العصر الحديث مصادر اإليرادات العامة ،واختلفت طبيعتها تبعا لنوع الخدمة
العامة التي تقدمها الدولة ،وطريقة تحصيلها ،وكذا الغرض منها.
يقسم البعض اإليرادات العامة بحسب مصدر اإليرادات إلى ايـرادات أصـلية وايـرادات
مشتقة بينما يقسمها البعض تبعاً لمدى استخدام الدولة لسلطتها اآلمـرة فـي التحصـيل
إلـى ايرادات سيادية وايرادات اقتصادية ،وهناك من يلجأ إلى تقسيمها حسب درجة
انتظامهـا إلـى ايرادات عادية وايرادات غير عادية .و هناك من يقسمها إلى ايرادات
ناتجة عن النفع العـام و ايرادات ناتجة عن النفع الخاص ،وهو مايمكن توضيحه فيما
يلي:
-إيرادات أصلية :وهي االيرادات التي تحصل عليها الدولة من أمالكها الخاصة(،
أمالك الدولة ).
1
http://arab-ency.com.sy/overview/189 consulté le 10/11/2020.
53
-إيرادات مشتقة :تحصل عليها الدولة عن طريق اقتطاعها لجزء من أموال األفراد مثل
الضريبة ،الرسوم والغرامات ....الخ
تجدر االشارة إلى أن هذا التقسيم فقد أهميته نظ ار لضآلة حصيلة اإليرادات األصلية
بالمقارنة باإليرادات المشتقة ،على عكس ماكان سائدا في عهود اإلقطاع الغربي حين
كانت إيرادات أمالك الدولة تمثل المصدر الرئيسي لإليرادات العامة ،واختالط إيرادات
أمراء اإلقطاع بإيرادات الدولة على نحو يجعل من الضروري التمييز بين إيرادات
أمالكهم واإليرادات التي تحصل عن طريق اقتطاع جزء من ثروات الخاضعين لهم.
-إيرادات إجبارية :وتسمى أيضا ايرادات سيادية تفرضها السلطة على األفراد بفضل
ماتملكه من سلطة الجبر واالكراه(غ ارمات ،قروض اجبارية )....
-إي اردات اختيارية :وتسمى أيضا ايرادات اقتصادية ،تحصل عليها الدولة عن طريق
االختيار (الرسوم(.
-إي اردات عادية :وهي االيرادات التي تتكرر كل سنة ،اما لطبيعة ممتلكات الدولة
والمتمثلة في دخل الدومين ،أو ألنها تصدر بنصوص تشريعية كالض ارئب ،ويعتمد
عليها في تمويل النفقات .
-غير عادية ،استثنائية :ال تتوفر على صفة الدورية واالنتظام كالقروض واالصدار
النقدي الجديد ،وهي تستخدم لتمويل النفقات العامة االستثنائية ،وال يجوز اللجوء اليها
إال في الحاالت االستثنائية التي ال تكفي فيها االيرادات العادية.
-إيرادات القطاع العام :تحصل عليها بما لها من امتيازات السلطة العامة :ض ارئب،
رسوم ...
-إيرادات شبيهة باالقتصاد الخاص :تحصل عليها الدولة عند ممارستها نشاطا مشابها
لما تقوم به المشاريع الخاصة...
أ -التقسيم االداري لإليرادات :هناك جهة مختصة تتولى تحصيل اإليرادات العامة وليس
إال أن هناك العديد من الو ازرات التي تمول الخزينة العامة بموارد إضافية و خاصـة تلك
التي تقوم باإلشراف على تحصيل ايرادات أمالك الدولة من عقارات ومـن مشـروعات
صناعية وتجارية وتلك التي تحصل الرسوم المقررة عن أداء بعض الخـدمات العامـة
مثـل الخدمات الصحية والتعليمية،وأخي اًر تلك التي تحصل الغرامات المالية المفروضة
على مخالفة للقوانين واللوائح على أن فائدة هذا التقسيم تظل بالرغم من ذلك محدودة
ألنه يوضح نصيب كل ادارات الحكومة في تحصيل الموارد العامة ،فهو ال يبين طبيعة
اإليرادات المحصلة ،كما أنه ال يعكـس كفاءة أو أهمية وحدة حكومية معينه على الوحدات
األخرى ألنها تحصل على ايـرادات أكبـر ،وانما تعكس فقط اختصاصات ومسؤليات كل
وحدة في القيام بجهد التحصيل الملقاة على عاتقها وفقاً للنظام القائم في الدولة.
ب -التقسيم الوظيفي :إن التزام السلطة التنفيذية بمبدأ عدم تخصيص اإليرادات الذي يجبرهـا
علـى عـدم تخصيص نوع من االيرادت العامة لالنفاق على وظيفة من وظائفهما العامـة
،غير أنه من المفيد أن تعرض اإليرادات في الميزانية عرضاً وظيفيـاً حتـى يمكـن االلمـام
بمصادر الموارد العامه المختلفه ونصيب كل منها في الحصيلة االجمالية من إيرادات
الدولـة وفي هذه الحالة تتضمن الميزانية عرضاً لحصيلة ممتلكات الدولة ومشروعاتها و
كذلك حصيلة الرسوم المختلفة ،ثم عرضا لحصيلة كل ضريبة من الضرائب النوعية
المفروضة على الـدخل أو على رأس المال أو على االستهالك ،ولكن هذا التقسيم ال
يخلو من بعض الفوائد فهو يسمح للقائمين بد ارسـة و تحليـل الميزانيـة والتعرف على
مصادر تمويل النفقات العامة وتقييم سياسة الدولة في هذا الخصـوص وتتبـع التطورات
1
التي تحدث من سنة الخرى.
أنظر :تكلى الشريف رمسيس ،األسس الحديثة لعلم مالية الدولة ،دار الفكر العربي ،مصر ،1978 ،ص .88 1
شهاب مجدي محمود،االقتصاد المالي ،االسكندرية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ، 1999،ص .110
-عال محمد عبد محسن الشلة ،محددات االيرادات العامة في فلسطين ،مذكرة ماجستير ،تخصص منازعات ضريبية ،
جامعة النجاح الوطنية ،فلسطين ،2005ص ص .11،9
عبد المولى السيد،المالية العامة ،دار الفكر العربي ،مصر ،1985 ،ص ص . 194،193
55
-3مصادر االيرادات العامة:
يقصد بها في المالية العمومية ممتلكات الدولة ،سواء كانت عامة أو خاصة ،أمواال أو
منقولة ،كان الدومين المصدر األساسي في إيرادات الدولة ،وقد انخفضت أهميته
النسبية مع التطور االجتماعي و تطور نشاط الدولة ،ويمكن تقسيم أمالك الدولة وفقا
1
لمعيار النفع إلى ملكية عامة و خاصة.
✓ الدومين العام :و هي ممتلكات الدولة المخصصة للنفع العام بدون تحقيق أرباح من
ورائها ،وهي التي تخضع للقانون العام و تتكون من الحقوق و األمالك المنقولة و
العقارية التي يستعملها الجميع و الموضوعة تحت تصرف الدولة ،كالمباني و األموال
المخصصة لإلدارات العمومية ،الغابات و السواحل البحرية ،و كذلك الحدائق العمومية،
ويتميز الدومين العام أنه غير قابل للتصرف و ال لإليجار و غير قابل للتقادم.
✓ الدومين الخاص :و يقصد بها الممتلكات الخاصة للدولة التي تستثمرها من أجل تحقيق
فوائض إقتصادية ،و تخضع ألحكام القانون الخاص ولهذا نجد أن الدومين الخاص
ينقسم إلى األجزاء التالية :
-الثمن العام يطلق مصطلح الثمن العام على ثمن السلع والخدمات التي تنتجها وتبيعها
المشروعات العامة الصناعية والتجارية ،وبذلك يمثل الثمن العام المقابل الذي تحصل
عليه الدولة نتيجة قيامها بنشاط صناعي أو تجاري،وهو مقدار األرباح التي تحصل
عليها الدولة نتيجة قيامها ببيع السلع أو الخدمات لألفراد ،سواء في ظل قوانين المنافسة
الكاملة أو في ظل االحتكار الذي تمارسه الدولة بالنسبة لبعض أنواع السلع ،بحيث
تكون لها القدرة على تحديد ثمنها بما يمكنها من الحصول على أكبر قدر من اإليرادات
للخزينة العمومية أرباح المؤسسات الصناعية و التجارية التابعة للدو
-االحتكار الجبائي :احتكار نوع معين من السلع كالتبغ
مجدي محمد شهاب ،أصول االقتصاد العام ، ،دار الجامعة الجديدة،اإلسكندرية ،مصر ،2004 ،ص .270 1
56
الدومين العقاري:يمثل ما تملكه الدولة من مباني و ممتلكات عقارية يمكن أن تحقق
للميزانية العامة للدولة مداخيل مختلفة.
أحيانا بتحقيق إيرادات عن طريق احتكارها بعض
ً اإليرادات الخدماتية :تقوم الدولة
الخدمات األساسية والمهمة لألفراد مثل احتكار نشاط التأمين وخاصة التأمينات
االجتماعية ،ومرجع ذلك لما يقوم به قطاع التأمين من دور مهم على مستوى النشاط
الفردي أو النشاط الجماعي ،وفي حماية رأس المال البشري والمادي والمحافظة عليه.
الدومين المالي :هو كل ما تملكه الدولة من أسهم و سندات ،و التي تحصل منها على
إيراد مالي يتمثل في األرباح و الفوائد.
-2-3ايرادات الضرائب:
تمثل الضرائب أهم أنواع اإليرادات العامة التي تعتمد عليها الدولة لتغطية نفقاتها العامة،
وتجبر الدولة األفراد على المساهمة في أعبائها العامة عن طريق فرض الضرائب عليهم
وفقا لنظام تشريعي ،وترجع أهمية الضرائب إلى الدور الذي تلعبه في تحقيق أهداف
السياسة المالية ،وما ينتج عنها من آثار اقتصادية واجتماعية.
تعرف الضريبة بأنها اقتطاع مالي تقوم به الدولة أو باقي الهيئات العامة عن طريق
الجبر من ثروات األشخاص الطبيعيين أو المعنويين دون تطبيق مقابل خاص بدافعها،
وذلك بغرض تحقيق نفع عام .تعرف الضرائب بأنها فريضة نقدية يدفعها الفرد جب ار أو
إحدى هيئاتها العامة المحلية بصفة نهائية وبدون مقابل مساهمة منه في تحمل التكاليف
1
واألعباء العامة.
كما تعرف على أنها اقتطاع نقدي ،ذو سلطة ،نهائي ،دون مقابل منجز لفائدة الجماعات
2
اإلقليمية(الدولة وجماعات المحلية) أو لصالح الهيئات العمومية اإلقليمية.
غازي حسين عناية ،المالية والتشريع الضريبي ،دار البيان ،األردن ،1998،ص.72 1
2
Raymond Muzellec : finance publiques, Edition Dalloz, 8 ème
Edition ,1993, P 423.
57
✓ الضريبة اقتطاع مالي يتم بصورة نقدية :حيث تطالب الحكومة األفراد بتسليم جزء من
قدرتهم الشرائية من أجل االستخدام العام ،ولجأت الدولة إلى الضريبة النقدية ألنها تحقق
المزايا التالية:
-تحقق عدالة أكبر للفرد حيث يمكن احتساب أعباء المكلف الشخصية؛
• األهداف المالية :تهدف الضريبة إلى تعزيز إيرادات الموازنة من أجل تغطية النفقات
العامة للدولة ،حيث تعد األهداف المالية من األهداف التقليدية للضرائب ،و منه فالهدف
من فرض الضريبة هو توفير الموارد المالية بشكل يضمن الوفاء بااللتزاماتّ اتجاه
األفراد ،و هذا بواسطة تمويل االستثمارات الحكومية و تمويل الخدمات العامة فأساس
1
فرض الضريبة و المحدد لها هو قيام الدولة باإلنفاق من أجل تحقيق المنفعة العامة.
-1عادل فليح ،المالية العامة والتشريع المالي الضريبي ،دار الحامد ،األردن،2003،ص .92
58
• األهداف االقتصادية :تهدف الضرائب إلى تحقيق التوازن االقتصادي ويتم ذلك عن
طريق:
–توجيه الموارد االقتصادية المتاحة نحو القطاعات التي تحددها الدولة وفق
إلستراتيجيات تنموية ؛
– التأثير على معدالت االدخار واالستهالك ،وذلك بفرض ضرائب مرتفعة على
السلع االستهالكية ومنخفضة على الصور المختلفة من االدخار؛
1
األهداف االجتماعية :تتمثل األهداف االجتماعية للضرائب فيما يلي:
-منع تكتل الثروات :تعمل بعض الدول على عدم استحواذ فئة قليلة من المجتمع على
الثروة ،وذلك بفرض ضرائب وبمعدالت مرتفعة على الثـروات ،وعـن طريق المعدل
المتصاعد كما هو مطبق في ألمانيا وفرنسا؛
-توجيه سياسة النسل في الدولة :فالدولة التي ترغب بتشجيع النسـل كبلـدان أوروبا،
تستعمل الضريبة كأداة لإلكثار من عدد السـكان ،وذلـك بتخفـيض معدالت الضريبة،
وفي بعض األحيان إتباع مبدأ اإلعفاء على بعض الـدخول الناشئة عن العمل من
الضريبة ،وبالمقابل الدول الراغبة بتحديد النسـل تقـوم برفع معدل الضرائب على الدخول
والمعدل يزداد بازدياد عدد أفراد األسـرة ،أو تعفي قوانين الضرائب الحد األدنى للمعيشة
من الضريبة كما هو في كـل من الهند والصين ؛
-معالجة أزمة السكن :فقد تستخدم الضريبة كأداة لحل مشـكلة السـكن وذلـك بإعفاء رأس
المال المستثمر في قطاع البناء من الضرائب لفترة زمنية محددة؛
محمود جمام ،النظام الضريبي واثاره على التنمية االقتصادية ،أطروحة دكتوراة ،علوم اقتصادية ،قسنطينة، 1
،2010/2009ص.20
59
-معالجة بعض الظواهر االجتماعية السـيئة :هناك بعض السلع المضرة بصحة المواطن
وتلحق به أض ار ار جسيمة وخطيرة تؤدي به أحيانـا إلـى المـوت ،كالسجائر.
-أهداف سياسية:تستخدم الضريبة كأداة في السياسة الخارجية ،مثل حالة استخدام الرسوم
الجمركية لتسهيل التجارة مع بعض الدول ،تحقيقا لألغراض السياسية ،كتخفيض
الرسوم في حالة الرغبة في تسهيل التجارة ورفع سعرها في حالة الحد من التجارة معها.
وبهذا يتضح أن األغراض التي تهدف الضريبة إلى تحقيقها تتعدد مجاالت نشاط الدولة
في المجتمع المعاصر ولم تعد تقتصر على تحقيق الهدف المالي فقط ،كذلك تستخدم
الضريبة لتحقيق أهداف سياسية تتمثل بتنظيم العالقات بين الدول ،مثل االزدواج
1
الضريبي بين الدول أو عقد اتفاقيات المعاملة بالمثل الخاصة بالهيئات الدبلوماسية .
✓ الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة :تعتبر الضريبة مباشرة إذا تم دفعها مباشرة
من طرف المكلف بالضريبة ،يتحمل عبئها في النهاية من يقوم بتوريدها للخزينة العامة
من أمثلة ذلك ،الضرائب على الدخل اإلجمالي ،الضريبة العقارية ،الضرائب على
األرباح التجارية ،الرسم على النشاط المهني.
أما الضرائب غير المباشرة فهي الضرائب التي تقتطع في أي مرحلة من الدورة
االقتصادية عبر مراحل البيع والشراء ،يدفعها المكلف بطريقة غير مباشرة وتكون في
حالة استهالك السلع والخدمات ،حيث يتم نقل عبئها إلى المستهلك مثل الرسم على
القيم المضافة .
سعود جايد مشكور،عقيل حميد جابر ،مدخل معاصر في المالية العامة،دار المناهج ،األردن ، 2020،ص .67 1
60
ويمكن القول أن الضرائب غير المباشرة تنعلق بالمادة الخاضعة للضريبة بصفة غير
مباشرة ،حيث يستطيع المكلف بها إلقاء عبئها على غيره ،كما أنها تمتاز بسهولة
تحصيلها ألن الفرد يدفعها خالل شراء المكلف سلعة أو تقديم خدمة ،وهذا ال يتطلب
وجود عدد كبير من الموظفين ,باإلضافة إلى صعوبة التهرب من دفعها ،ألنها تدخل
في التركيبية اإلجمالية للسعر و من بين الضرائب نجد الرسم على القيمة المضافة،
الدخل اإلجمالي على اإلستهالك ,رسم الضمان .
–الضريبة الشخصية :وهي تلك التي يتم ربطها باسم شخص طبيعي ،مثل
الضريبة على األفراد.
-الضريبة العينية :يتم ربطها باسم شخص معنوي (اعتباري) ،الضريبة على الشركات.
–الضرائب النسبية :وهي ضريبة تفرض بنسبة ثابتة مهما كانت قيمة الدخل
الخاضع للضريبة وهي ال تحقق العدالة الضريبية لعدم وجود مساواة في التضحية.
يعتبر هذا النوع من الضرائب غير عادل يكون العبء النسبي للضريبة أكبر بالنسبة
للممولين ذوي الدخول المنخفضة عنه بالنسبة لذوي الدخول المرتفعة.
–تصاعدية بالطبقات :حيث تقسم المادة الخاضعة للضريبة إلى عدة طبقات.
–تصاعدية بالشرائح :وفقا لهذه الضريبة يتقسم دخل الشخص الخاضع للضريبة
إلى عدة شرائح ويطبق على كل شريحة نسبة خاصة بها ،وتزداد النسبة بازدياد قيمة
الشريحة ،وعلى ذلك يخضع الدخل لعدة أسعار بقدر ما يحتويه من شرائح.
يعطي نظام الضرائب النوعية للسلطات العامة مرونة في استخدام عدد أكبر من أدوات
السياسة الضريبية يمكن من خاللها زيادة أسعار الضرائب بصورة مرنة على بعض
الدخول دون غيرها ،حسب ماتفرضه الظروف االقتصادية واالجتماعية و السياسية.
الضرائب الموحدة :ويقصد بذلك أن تفرض الضريبة على مصادر الدخول –
مجتمعة بعد منح صاحبها إعفاء واحد فقط.
تمثل الضريبة المصدر الرئيسي لإليرادات العامة في أغلب الدول ،وتعتبر أكثر أداة
تستخدمها الدولة للتدخل في النشاط االقتصادي والتأثير على الحياة االجتماعية،وهو
مايترتب عنه آثار مختلفة ،نستعرض بعضا منها فيمايلي :
إن فرض الضريبة على المداخيل المنخفضة ينجم عنها انخفاض في االستهالك
واإلنتاج مما يؤدي إلى انخفاض الدخل الوطني ومن ثم نقص إيرادات الدولة ،ونجد
نفس األثر في حالة فرض ضرائب غير مباشرة على السلع الكمالية يؤدي انخفاض
االستهالك ،غير أن األثر ال ينعكس على مقدرة األفراد عال اإلنتاج (عدم تأثر اإلنتاج).
إن فرض الضرائب مباشرة كانت أو غير مباشرة تبعا لقواعد معينة فإن ذلك يسمح
للدولة بتوجيه كل من االستهالك واإلنتاج تبعا الحتياجات وظروف االقتصاد الوطني،
1
وذلك من ناحية التأثير الكلي على حجم االستهالك وحجم اإلنتاج.
إن فرض الضرائب المباشرة ذات الصنف التصاعدي تقلل من القدرة على االدخار
،ومن ناحية أخرى فإن فرض الضريبة على القيم المنقولة يؤدي إلى نقص االدخار
أيضا وتقليل استعداد األفراد على االستثمار في الحالتين.
إن فرض ضرائب غير مباشرة على السلع الكمالية يزيد من االدخار،أما في حالة
فرض هذه الضرائب على السلع الضرورية ينقص من االدخار االختياري ،ومن ناحية
أخرى فإن فرض ضريبة على أرباح األسهم في شركات األموال بمعدل أقل من الضريبة
62
المفروضة على األرباح غير الموزعة ،فإن هذا يؤدي حتما إلى تقليل األموال االحتياطية
بمعنى نقص االستثمار الذاتي وفي نفس الوقت يؤدي إلى ارتفاع ،وقد يؤدي هذا إلى
1
زيادة االدخار.
إن فرض الضرائب المباشرة التصاعدية مع توجيه الضريبة إلى الخدمات العامة
فإن النتيجة النهائية هي إعادة توزيع الدخل بطريقة أقرب إلى العدالة (مع التحكم في
ظاهرة التهرب) ،وتكون نفس النتيجة في حالة فرض ضرائب غير مباشرة على السلع
الضرورية ،فهذا يؤدي إلى سوء توزيع الدخل والنتيجة زيادة الفوارق االجتماعية.
-3-3ايرادات الرسـوم:
يمثل الرسم مبلغ نقدي يدفعه الفرد جب ار إلى الدولة أو إلى أحد المؤسسات العمومية،
مقابل منفعة خاصة يحصل عليها إلى جانب منفعة عامة تعود على المجتمع ،أي أنها
مورد مالي تحصل عليه الدولة ممن يكون في حاجة إلى خدمة خاصة تنفرد الدولة
بأدائها ،كالرسوم القضائية وتعد الرسوم من االيرادات غير العادية ،ألنها ال تتكرر
بانتظام في الميزانية العامة .
قسم علماء المالية العامة الرسوم إلى أنواع متعددة ،ويعود هذا االختالف بحسب طبيعة
الخدمة المقدمة،
وبحسب الجهة مانحة الخدمة ،وبذلك نكون امام عدة انواع من الرسوم من اهمها:
الرسوم القضائية :وهي الرسوم التي يدفعها األفراد عند طلب خدمة من مرفق قضائي
أو
من كاتب عدل ،فعندما يقوم الفرد برفع دعوى قضائية عليه ان يدفع رسوم التي تدفع
إما بشكل رسم
محمود حسين الوادي ،زكريا أحمد عزام ،المالية العامة والنظام المالي في اإلسالم ،دار المسيرة للنشر ،عمان ،2000،ص 1
ص .71 ، 68
63
مقطوع أو قد يستوفى بنسبه مئوية من قيمة الدعوى المرفوعة ،أو قد يدفع الرسم لكتاب
العدل وعند ذلك تسمى بالرسوم العدلية ؛
الرسوم اإلدارية :وهي الرسوم المفروضة مقابل تقديم الخدمات االدارية التي تقدمها
بعض الهيئات او المرافق العامة كرسوم البلدية ورسوم الصحة ورسوم البريد وغيرها ؛
الرسوم االمتيازية :وهي الرسوم التي يدفعها االفراد لقاء االنتفاع بخدمات معينة يمتازون
بها عن الغير مثل رسوم رخصة حمل السالح ،أو رسوم رخصة قيادة السيارة ،أو
1
رسوم الحصول على جواز السفر.
✓ الصفة النقدية للرسم :يتم تحصيل الرسم نقداً وذلك بدفع مبلغ نقدي مقابل حصول
الفرد على خدمة خاصة من أحد الهيئات العامة ،فغالبية االقتصادين يجمعون على مثله
مثل إيرادات الدولة األخرى ،أن الرسم يدفع نقداّ في الظروف الطارئة فيمكن أن يأخذ
صورة عينية ،ولكن في الحاالت االعتيادية يكون إال تحصيله في صورة نقدية؛
✓ الصفة الجبرية للرسم :يتضمن الرسم عنصر اإلجبار ،فيقوم الفرد بدفع مبلغ الرسم جب ار
للهيئة العامة ،التي تؤدي له الخدمة عند طلبه لها ،و يأتي عنصر اإلجبار على أساس
استقاللية الدولة وهيئاا العامة األخرى ،في وضع كل األطر القانونية المتعلقة بالرسم
سواء بمقداره أو طريقة تحصيله أو كيفية االستفادة بالخدمة المقدمة كمقابل له؛
✓ يكون الرسم مقابل خدمة خاصة :من النقاط األساسية في تحديد طبيعة الرسم هو
عنصر المقابل ،فالرسم يتحقق بمناسبة طلب الفرد لخدمة معينة من الهيئات العامة،
ومنه تعتبر تلك الخدمة مقابال للرسم ،وما يشترط في الخدمة أن تكون من الخدمات
العامة ،أي ال يقصد ا مجرد تحصيل الرسوم التي تجبى من أجلها ،بل ال بد أن يكون
2
هدفها هو تحقيق المصلحة العامة.
سعود جايد مشكور،عقيل حميد جابر ،مرجع سبق ذكره ،ص .57 1
.محمد إبراهيم الدسوقي "،اقتصاديات المالية العامة" ،دار النهضة العربية ،القاهرة، 2011 ،ص46 2
64
يصدران عن طريق تشريعات قانونية.
كما توجد اختالفات كبيرة بين الرسم والضريبة تتمثل في النقاط التالية:
تدفع الضريبة دون مقابل خدمة معينة خاصة لدافعها ،بينما الرسم يدفع مقابل حصول
الفرد على خدمة معينة؛
تفرض الضريبة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية ومالية ،بينما يتمثل هدف الرسم
في حصول الدولة على إيراد مالي للخزانة العامة؛
تفرض الضريبة ويحدد سعرها بقانون خاص ،لكن الرسم يفرض بقانون ويترك للسلطة
التنفيذية تحديد سعره؛
تفرض الضريبة على أساس الطاقة المالية للفرد ومدى قدرته على تحمل األعباء العامة،
أما الرسم يفرض على أساس تغطية نفقات المرفق الذي يقدم النفع الخاص إلى دافع
الرسم؛
تزايد أهمية الضرائب كمورد لإليرادات العامة ،مقابل تراجع أهمية الرسم كمورد مالي.
-يفرض الرسم بقانون او بناء على قانون بينما يتحدد الثمن العام بقرار اداري من الهيئة
العامة التي تتولى ادارة المشروع الصناعي او التجاري وهي لذلك تملك تعديل الثمن
بقرار اخر تبعا لظروف العرض والطلب واالعتبارات االجتماعية واالقتصادية.
-في حالة الرسم فإن الخدمة التي يحصل عليها دافع الرسم ،تعود عليه بنفع خاص الى
جانب النفع العام الذي يعم المجتمع باسره ،اما في حالة الثمن العام فان النفع الخاص
الذي يعود على دافع الثمن هو الغالب.
-تستقل السلطة العامة بتحديد مقدار الرسم دون تدخل من قبل االفراد اي بادارة الدولة
المنفردة وبقانون ،اما الثمن العام فيتحدد طبقا لقوانين العرض والطلب في حالة المنافسة
الكاملة بين مشروعات االفراد.
-يدفع الرسم جب ار على االفراد سواء كان االجبار قانونيا او معنويا ،اما في حالة الثمن
العام فان عنصر االختيار قائم بالنسبة له فيما عدا حالة تمتع الدولة باحتكار قانوني
او فعلي بالنسبة النتاج السلعة او الخدمة موضوع الثمن.
ايرادات الدولة من االتاوة :تعرف اإلتاوة بأنها مبلغ من المال تحصل عليه الدولة جب ار
من اصحاب العقار الذين استفادوا من زيادة قيمة العقار نتيجة تنفيذ احد المشروعات
العامة ،دون ان يطلب مالك العقار تلك الخدمة او ان يبذل جهدا في ذلك ،كأن تقوم
65
الدولة بأنشاء طريق او تعبيده فتزيد قيمة االرض ،او ان تبني مستشفى او جامعة فتزيد
قيمة االرض المجاورة لها ،ففي هذه الحاالت تلزم السلطات العامة مالك العقار بأداء
فريضة نقدية معينة مقابل ما تحقق له من مزايا وفوائد ،وهذا الحال ال ينطبق في جميع
الدول بل البعض منها مثل دول السوق األوربية المشتركة.
أما بالنسبة للرسم واالتاوة ،فان كل منهما مقابل لخدمه او عمل عام عاد على الفرد
بمنفعة خاصة وفي نفس الوقت عاد على المجتمع بمنفعة عامة تفوق الخاصة.
أوجه الشبه
أوجه االختالف
ان الرسم يدقع مقابل خدمة يطلبها الفرد بمحض ارادته ،أما االتاوة فتدفع بشكل اجباري
من قبل الفرد مالك العقار؛
ان الرسم يدفع مقابل تقديم خدمة خاصة من الدولة ،أما االتاوة فتدفع مقابل تقديم خدمة
عامة
✓ يتكرر دفع الرسم كلما طلب الفرد تقديم الخدمة له ،في حين أن االتاوة تدفع لمرة واحدة
فقط.
-4-3إيرادات الغرامات:
الغرامة عقوبة مالية تفرض على مرتكبي المخالفات القانونية ،فاالصل في الغرامة هو
توقيع الجزاء دون النظر الى حصيلتها كمورد من الموارد المالية ،أي أنه اليمكن اعتبارها
موردا دائما ،ويكون انخفاض قيمتها دليل على مدى نجاح السياسة الردعية للمشرع
المطبقة على المخالفين.
1
66
وكلما وفق المشرع في فرض وتطبيق الغرامات على مرتكبي المخالفات القانونية ،كلما
قلت المخالفات المرتكبة خالل السنة وبالتالي تنخفض حصيلتها المالية ،ومن جهة
اخرى فان ارتفاع حصيلة الغرامات المالية واتخاذها صفة التكرار والدورية ،تدل على
فشل المشرع في فرض الغرامات الرادعة ألنها لم تدفع مرتكبيها الى االقالع عن
المخالفات ،حتى أن بعض العلماء يميل الى اعتبار المبالغ المفروضة في هذه الحالة
ضريبة وليست غرامة.
تعتبر حصيلة الغرامات غير ثابتة ويصعب التنبؤ بها نظ ار الرتباطها بمخالفات قانونية،
ليس من المؤكد حدوثها ،كما أن حصيلة الغرامات غالبا ماتكون منخفضة ،خاصة
إذا تحقق الهدف المرجو من فرض هذه الغرامات والمتمثل في اقالع مرتكبي المخالفات
عنها ،تخوفا من الغرامة.
-5-3اإلعانات :وهي األموال التي يتبرع بها األفراد داخل الدولة و خارجها أو تتبرع
بها الدولة أجنبية وتنقسم الى :
✓ اإلعانات الداخلية (الهبات و الهدايا) :قد تتلقى بعض الحكومات من حين آلخر بعض
الهدايا و التبرعات من مواطنيها ،بغية المساعدة في تمويل النفقات العامة ،و تتميز
هذه الهبات و الهدايا بضآلة الحصيلة ،وعدم ضمان دورياتها ،األمر الذي يجعل من
صعب االستناد إليها كمصدر من المصادر األصلية في تمويل النفقات العامة.
✓ اإلعانات (المعونات) الخارجية :هي كافة التحويالت الدولية التي تتم وفقا لشروط و
قواعد محددة ،مختلفة عن القواعد و األسس المالية التجارية السائدة ،وفقا لظروف
السوق ،وبذلك وهي تتضمن كافة المنح النقدية والعينية ،والقروض الميسرة الرسمية ،
ذات الطابع االقتصادي ،والتي تنطوي على تحويل الموارد من الدول المتقدمة ( والدول
النفطية ) إلى الدول األقل نموا ،بهدف تحقيق التنمية ،و تعديل الهياكل االقتصادية
و االجتماعية فيها.
و ال تمنح اإلعانات الخارجية لتحقيق أهداف إنسانية فقط ،و المتمثلة في مساعدة
الدول التي تواجه كوارث الطبيعية كالزلزال و الفيضانات...الخ ،و إنما قد تمنح بدوافع
سياسية أو عرفية و عقادية ،أو بدوافع اقتصادية.
-6-3ايرادات الدولة من مصادر غير عادية:
تتمثل ايرادات الدولة من مصادر غير عادية في تلك اإليرادات التي تكون بصورة
استثنائية ،لمواجهة نفقات طارئة ،وتتمثل خاصة في القروض العامة واالصدار النقدي.
67
-1-6-3القروض العامة:
تمثل القروض العامة شكال من أشكال اإليرادات العامة ،و تتمثل في مبالغ نقدية
تحصل عليها الدولة من األفراد أو المؤسسات المالية المصرفية ،المحلية واألجنبية
بموجب عقد تتعهد فيه الدولة بسداد القرض و الفوائد المستحقة وفقا لشروط العقد و هذا
لتغطية النفقات العامة للدولة ،إال أن هذه القروض ينجز عنها سلبيات من أهمها خدمة
الدين العام ،و تتمثل عبئا إنفاقيا على عاتق الميزانية العامة للدولة.
ويتم اصدار القرض عن طريق عملية االكتتاب على أن يتضمن عقد القرض العام:
-التثبيت :قيام الدولة بتحويل القرض قصير األجل ،عند تاريخ االستحقاق إلى قرض
متوسط أو طويل األجل ؛
-التبديل :تحويل أو تبديل القرض العام ،واحالل قرض جديد بسعر فائدة منخفض،
محل قرض قديم بسعر فائدة مرتفع ،إما بشكل اختياري أواختياري ،ويشترط لقبول
التبديل أن يثق المقرضين في الدولة ،وأن تكون الفائدة المقترحة للقرض مساوية أو
أعلى من الفائدة الجارية في السوق ،كما يجب أال تكون المدة المقترحة للقرض الجديد
طويلة .
للقروض العامة أنواع متعددة تختلف باختالف المعيار المستخدم لتصنيفها ،من بين
هذه المعايير نذكر:
✓ من حيث المصدر:
-القروض الداخلية والقروض الخارجية :تمثل القروض الداخلية القروض التي تحصل
عليها الدولة من األشخاص الطبيعيين أو االعتباريين المقيمين فوق أراضيها تستطيع
68
الدولة تحديد الشروط التي تراها مناسبة ،حيث تبين المزايا المختلفة للمقترض ،وتحدد
أجل القرض ومعدل الفائدة وكيفية السداد.....
اما القروض الخارجية فهي القروض التي تحصل عليها الدولة من شخص طبيعي أو
اعتباري مقيم خارج البلد أو من حكومات أجنبية ،وتلجأ الدول إلى مثل هذه القروض
عندما ال تكفي اإليرادات الداخلية و المدخرات الوطنية للحصول على األموال التي
تحتاجها سواء لتغطية حاجاتها الداخلية أو
-قروض عامة اختيارية وهي القروض التي يتمتع المكتتب فيها بحرية تامة دون إكراه
أو إجبار،ويكون المحرك األساسي ل عملية االكتتاب هو المزايا التي يمكن أن يحصل
عليها المكتتب في هذه القروض كأسعار الفائدة المرتفعة أو اإلعفاءات
الضريبية......وغيرها .واألصل في القروض العامة أن تكون اختيارية.
أما القروض العامة اإلجبارية فهي القروض التي ال يتمتع المكتتب فيها بأي درجة
من الحرية ،بحيث تجبر الدولة األفراد والمؤسسات باالكتتاب فيها بموجب نصوص
1
قانونية ،إال أنها تلتزم برد أصل القرض ودفع فوائده.
-القروض العمرية:هي القروض المرتبط سدادها بعمر المقرض ،فينتهي أجلها بوفاته،
في مثل هذه القروض ،تكون الدولة ملزمة بتقديم إيراد متفق عليه للمقرض ،مقابل المبالغ
حيا ،وعندما يتوفى المقرض يسقط عن الدولة التزامها اتجاه
التي أقرضها للدولة ،ما دام ً
المقرض وتصبح األموال للدولة.
عثمان سعيد عبد العزيز ،مقدمة في االقتصاد العام ،الدار الجامعية للطباعة والنشر ،بيروت، 1997 ،ص.397 1
69
-القروض المؤقتة :وهي القروض التي تلتزم الدولة بالوفاء بها في ميعاد استحقاقها،
مهما كانت ظروفها االقتصادية والمالية وتنقسم القروض المؤقتة حسب آجال استحقاقها
إلى ثالثة أنواع :
قروض قصيرة األجل :وتعرف هذه القروض بالقروض السائرة أو العائمة ،ويتم إصدارها ❖
لفترة ال تتعدى السنتين في شكل اذونات الخزينة من اجل تغطية العجز الموسمي في
ميزانية الدولة؛
قروض متوسطة االجل :تزيد آجالها عن السنتين وتقل عن عشر سنوات؛ ❖
طويلة األجل :تزيد اجال استحقاقها عن السنتين وتقل عن عشرين عاما ،ويطلق عليها ❖
بالقروض المثبتة.
✓ من حيث قابلية سندات القرض العام للتداول :
حسب معيار قابلية سندات القرض العام يمكن التمييز بين نوعين من القروض العامة:
-قروض قابلة للتداول :هذه القروض تصدر في شكل سندات لحاملها ومن ثم فإنها
تكون قابلة للتداول في األسواق المالية؛
-قروض غير قابلة للتداول :هذه القروض تصدر في شكل سندات اسمية وتسجل في
سجالت خاصة ،كما ينص عقد إصدارها على عدم قابليتها للتحويل من شخص إلى
1
آخر أي عدم قابليتها للتداول.
✓ القروض المثمرة والقروض العقيمة:
-القرض المثمر :هو الذي ينفق على مشروع استثماري يأتي بإيراد ويسدد أصل الدين
مع الفوائد المترتبة عليه ،وهو من أكثر القروض إنتاجية؛
-القرض العقيم :هو الذي ينفق على مشروعات ال تأتي بإيرادات لتسديد القرض
وفوائده،ولكن له فوائد عامة لالقتصاد وللمجتمع.
✓ تسمح القروض الخارجية بجلب عملة صعبة تمكن الدولة من الوفاء بإلتزاماتها في حالة
نقص العملة الصعبة في إحتياطاتها المالية و تفادي األزمات إال أنه بالمقابل يترتب
أما في ما يتعلق بالقروض الداخلية ،فيجب التمييز بين ما إذا كانت هذه التمويالت
من األفراد أو من القطاع البنكي أو من البنك المركزي فاآلثار المترتبة من إكتتاب
األفراد في القرض تؤدي دو ار إجابيا من إدخال هذه األموال إلى الدورة اإلقتصادية
باإلضافة إلى التأثير على حجم الكتلة النقدية المتواجدة في السوق ،وبالنظر إلى
التأثيرات االيجابية لتمويل األفراد فإننا قد نجد العكس بالنسبة لتمويل القطاع البنكي فهو
عبارة عن تعطيل لقدرة البنوك من تمويل القطاع االستثماري عن طريق رهن األموال
في اإلكتتاب العام و من جهة أخرى رفع أسعار الفائدة للمستثمرين مما يؤدي إلى
إحجامهم عن اإلستثمار ،أما تأثير البنك المركزي في حالة تمويله لالكتتاب فهو تمويل
للكتلة النقدية؛1
تعمل القروض العامة على تشجيع األفراد على اإلدخار ،و تقليل الميل لإلستهالك ،
غير أنه في فترات التضخم قد يحدث العكس ،فقد يؤدي إصدار القروض العامة إلى
ارتفاع الميل الحدي لإلستهالك ،إلحساس األفراد بأن القيمة الحقيقية لهذه القروض
سوف تنخفض نتيجة انخفاض القدرة الشرائية للنقودن لذلك سيمتنعون عن اإلكتتاب فيها
و يتوجهون إلى اإلستهالك بشكل أكبر؛
إذا كانت مصادر القروض العامة من مدخرات األفراد المكتنزة فإن ذلك سوف يؤدي
إلى زيادة الطلب الفعلي و بالتالي زيادة معدالت النمو اإلقتصادي و اإلقتراب من
مستويات التشغيل التشغيل الكامل ،أما إذا كانت مصادر هذه القروض مدخرات األفراد
و المؤسسات العامة غير المصرفية المستثمرة ،سوف تؤدي إلى تغيير الجهة التي تقوم
باإلستثمار فقط ،أما إذا كانت مصادر هذه القروض هي المصرف المركزي و المصارف
بوري محي الدين،دور السياسة النقدية في تحقيق التوازن االقتصادي ،علوم اقتصادية ،تحليل مالي ،جامعة 1
بلعباس ،2018/2017،ص.68
71
التجارية األخرى فإن ذلك سوف يؤدي إلى آثار انكماشية ألن هذه المؤسسات تستطيع
1
خلق قوة شرائية جديدة .
-2-6-3اإلصدار النقدي:
قد تلجأ الدولة لتمويل نفقاتها عن طريق ما تحتاج إليه من أوراق نقدية ،فالدولة بما لها
من سلطة السيادة تستطيع إصدار األوراق النقدية و إعطائها قوة إبراء الديون ،إال أن
هذه الطريقة لها أخطار تضخمية في النشاط االقتصادي و بالتالي ضعف القدرة الشرائية
2
للمجتمع و ارتفاع مستوى العام لألسعار.
فعندما تقوم البنوك المركزية بإصدار المزيد من النقود تنخفض القوة الشرائية لتلك النقود
،فيقوم األفراد بانفاقها مما يؤدي إلى تغذية جانب الطلب .من ناحية أخرى فان زيادة
عرض النقود يؤدي إلى انخفاض معدالت الفائدة ،وهو ما يساعد على تشجيع الطلب.
ولذلك يطلق على الزيادة في عرض النقود في المجتمع على أنها ضريبة التضخم.
يعتبر اللجوء إلى اإلصدار النقدي غير محبذ في أغلب الدول ،إال في حاالت استثنائية
،ألنه يتسبب في تدهور قيمة العملة ،وبالتالي يتسبب في مشاكل تضخمية.
حسب المادة 11من القانون 17 /84الخاص بقانون المالية ،تتضمن موارد الميزانية
العامة للدولة ما يلي :
1محمد الدندشي ،فراس السراج ،القروض العامة أداة لتمويل العجز في الموازنة العامة ،الجامعة المستنصرية ،مجلة كلية
الحقوق ،بغداد ،العراق ،2008،ص. 22
عبد الكريم صادق بركات ،يونس أحمد البطريق ،حامد عبد المجيد ،المالية العامة ،الدار الجامعية،االسكندرية ،1986 ،ص 2
.180
72
❖ المدفوعات التي تقوم بها صناديق المساهمة بصدد تسيير حافظة األسهم التي تسندها
لها الدولة .
ال تبوب اإليرادات العامة في الجزائر وفق األهداف التي تحققها كما هو الشأن بالنسبة
للنفقات العامة ،وإنما تبوب وفق طرق تحصيلها ،وهو ما ينسجم مع التبويب القانوني
1
إلى جانب التبويب ذو الطابع المالي واالقتصادي.
✓ التبويب القانوني :يسند هذا المعيار على أساس استخدام الجماعات العمومية للقوة
العمومية من عدمها أثناء تحصيل إيراداتها اللجوء إلى التدابير اآلمرة والناهية التي
تحتكرها.
✓ التبويب المالي :وفيه يمكن التمييز بين نوعين من اإليرادات:
اإليرادات العامة النهائية :هي األموال التي تدخل خزينة الدولة بصفة نهائية ،دون أن
تتبعها تكلفة أو تعويض.
اإليرادات العامة المؤقتة :هي تلك األموال ذات الطبيعة المؤقتة الواجب ردها أو
تعويضها ،والتي ينتج عنها تكاليف مثل دفع فوائد القروض ،سندات الدولة...الخ.
✓ التبويب االقتصادي :يرتبط هذا التبويب بطبيعة الثروة التي تم فرض الضريبة عليها ،
ويجب االشارة الى أن الجزائر قد اعتمدت -قبل إصالح -1991على الضرائب على
الدخل ،الضرائب على رأس المال والضرائب على االستهالك (النفقة) ,أما بعد إصالح
1991أصبح تبويب الضرائب يعتمد على الضرائب المباشرة (ضرائب على الدخل
اإلجمالي ،ضرائب على أرباح الشركات) ،التسجيل و الطابع ،الرسوم المختلفة على
األعمال (الرسم على القيمة المضافة ،الرسم الداخلي على االستهالك...الخ) ،والضرائب
غير المباشرة.
• الموارد اإلجبارية :هي تلك األموال التي تحصل عليها الدولة إجباريا دون مقابل ،حيث
تعتبر المداخيل الجبائية من أهم مكوناتها ،باإلضافة إلى الغرامات ،و حصة الدولة
المستحقة من أرباح مؤسسات القطاع العمومي ،وهو ماسنوضحه في ما يلي:
اإليرادات ذات الطابع الجبائي :تحتوي على جميع الضرائب و الرسوم ،حيث نجدها
مصنفة كما يلي:
لعمارة جمال ،منهجية الموازنة العامة في الجزائر ،مرجع سبق ذكره ،ص.42 1
73
-الضرائب المباشرة :وهي ضرائب يتولى دفعها المكلفون مباشرة دون غيرهم ،كالضريبة
على األجور و الفوائد المتأتية من القروض .
-حقوق التسجيل و الطابع :و هي تلك الضرائب التي يدفعها المكلف على بعض العقود
القانونية و تخص جميع الوثائق الموجهة للعقود المدنية والقضائية مثل:
حقوق التسجيل لرؤوس األموال المحمولة للتسجيل؛ ❖
عقود الزواج و الطالق؛ ❖
جواز السفر و رخصة السياقة ،بطاقة التعريف الوطنية؛ ❖
-الضرائب على األعمال :تسمى أيضا بالرسم على رقم األعمال و هي ضرائب غير
مباشرة تفرض على رقم األعمال في كل مرحلة من مراحل اإلنتاج و التوزيع .
-الضرائب غير المباشرة :هي ضرائب تعنى بعمليتي التداول و اإلنفاق ،يدفعها شخص
و يتحملها شخص آخر كمستهلك أخير ،فهي تفرض على جميع المواد االستهالكية
المستثناة من الرسم على رقم األعمال مثل الذهب ،الكحول والخمور .
-الضرائب الجمركية :هي ضريبة تخص عمليات التجارة الخارجية تفرض على السلع
التي تجتاز حدود الدولة بمناسبة استيرادها أو تصديرها ،ويفرض هذا النوع من الضرائب
بأسلوبين إما على أساس نسبة مئوية من قيمة السلعة ويطلق عليها اسم "الضريبة
النوعية" ،أو على أساس مقدار معين من وزن السلعة أو عددها أو حجمها و تسمى
"بالضريبة النوعية "
-الجباية البترولية :بعد تأميم المحروقات في الجزائر ،وإعادة تقييم البترول نتيجة إرتفاع
سعره ،ازداد ارتباط االقتصاد الجزائري بعائدات النفط ،واصبحت الجباية البترولية
المصدر االساسي في تمويل الميزانية العامة للدولة.
األسواق النفطية على مستوى بالتقلبات التي تحدث تتأثر أسعار المحروقات
والنقدية،والتي بدورها ترتبط بمتغيرات عدة ،كاالستقرار السياسي في البلد وكل الدول
التي تكون طرفا في البيع أو الشراء ،وكذلك بنتائج المفاوضات بشأن أسعار البترول
وعقود الغاز التي تجريها الجزائر مع زبائنها.
تمثل الجباية البترولية ضريبة تدفع على أساس الحصول على ترخيص من قبل الدولة
الستغالل باطن األرض الذي هو ملوك لها أساسا ،حيث تتكون هذه الجباية من
عنصرين أساسيين هما :
74
ضريبة مباشرة على األرباح الناتجة عن النشاطات البترولية المتعلقة بالبحث و
االستغالل و النقل.
-الحصة المستحقة للدولة من أرباح المؤسسات العمومية تحدد هذه الحصة ب 50
%بالنسبة للمؤسسات التي تنشط في قطاع الخدمات ،و نسبة % 15بالنسبة للمؤسسات
المنتجة للسلع من األرباح الصافية و ذلك بعد اقتطاع حصة اشتراكات العمال.
✓ الغرامات :الغرامة هي إلزام مالي يقع على عاتق المحكوم عليه بناءا على حكم قضائي
جزائي لصالح الخزينة ،حيث تنشئ عالقة مديونية بين الدولة و المحكوم عليه الذي
يترتب عليه الدين ،حيث يبقى مدينا بمبلغ الغرامة إلى غاية تسديدها و ابراء ذمته
المالية منه.
• الموارد االختيارية :وتسمى الموارد االرادية تضم االشتراكات أو الضرائب المدفوعة
إراديا من قبل األشخاص جراء حصولهم على سلع و خدمات من قبل الدولة .
تعرف بالمادتين 18و 17من الدستور الجزائري " بأنها أمالك الدولة التي تشتمل
األمالك الوطنية األمالك والحقوق المنقولة والعقارية التي تحوزها الدولة وجماعاتها
اإلقليمية في شكل أمالك خاصة وعمومية
75
تقسم أمالك الدولة العامة إلى امالك عمومية طبيعية واصطناعية :
ت ـش ـت ـمـل األمالك الــوطـ ـن ـيــة ال ـعـ ـمــوم ـيــة االصطناعية :خصوصا على ما يأتي:
هي تلك األمالك التابعة للدولة أساسا و معدة لإلستعمال الخاص و يكون للمرخص لهم
بإستعمالها الحق في المنفعة .
العقارات والمنقوالت المختلفة األنواع غير المصنفة في األمالك الوطنية العمومية التي ❖
تملكها ؛
الحقوق والقيم المنقولة التي اقتنتها أو حققتها الدولة والجماعات المحلية في إطار ❖
القانون؛
الحقوق الناجمة عن تجزئة حق الملكية التي تؤول إلى الدولة و الوالية و البلدية و إلى ❖
األمالك ومصالحها و مؤسساتها العمومية ذات الطابع اإلداري؛
األمالك التي ألغي تخصيصها أو تصنيفها في األمالك الوطنية العمومية التي تعود ❖
إليها ؛
األمالك المحولة بصفة غير شرعية من األمالك الوطنية التابعة للدولة و الوالية و ❖
البلديةالتي استولي عليها أو شغلت دون حق و من غير سند وتم استردادها بطرق
قانونية.
جميع البنيات و األراضي غير المصنفة في األمالك الوطنية العمومية التي ملكتها ❖
الدولة و خصصتها لمرافق عمومية وهيئات إدارية سواء أكانت تتمتع باالستقالل المالي
أم لم تكن كذلك ،و جميع البنيات و األراضي غير المصنفة في األمالك الوطنية
77
العمومية التي اقتنتها الدولة أو آلت إليها و ,لهاإلى مصالحها أو هيئاتهااإلدارية أو
امتلكتها أو أنجزته ا و بقيت ملكلها؛
العقارات ذات االستعمال السكني أو المهني أو التجاري و كذلك المحالت التجارية التي ❖
بقيت ملكا للدولة ؛
األراضي الجرداء غير المخصصة التي بقيت ملكا للدولة؛ ❖
األمالك المخصصة لو ازرة الدفاع الوطني التي تمثل وسائل الدعم. ❖
األمتعة المنقولة و العتاد الذي تستعمله مؤسسات الدولة و إدا ار تها و مصالحها و ❖
المنشآت العمومية ذات الطابع اإلداري فيها ؛
األمالك المخصصة أو التي تستعملها البعثات الدبلوماسية و مكاتب القنصليات ❖
المعتمدة في الخارج ؛
األمالك التي تعود إلى الدولة عن طريق الهبات و الوصايا و التركات التي ال وارث ❖
لها و األمالك الشاغرة و األمالك التي ال مالك لها و حطام السفن و الكنوز؛
األمالك المحجوزة أو المصادرة التي اكتسبتها الخزينة نهائيا ؛ ❖
الحقوق و القيم المنقولة التي اقتنتها أو حققتها الدولة و تمثل مقابل قيمة الحصص أو ❖
التزويدات ,التي تقدمها للمؤسسات العمومية و كذلك الحقوق و القيم المنقولة؛
األراضي الفالحية أو ذات الوجهة الفالحية و األراضي الرعوية التي تملكها الدولة ؛ ❖
السندات و القيم المنقولة التي تمثل مقابل قيمة األمالك و الحقوق المختلفة األنواع ❖
التي تقدمها الدولة بغية المساهمة في تكوين الشركات
-5تقدير اإليرادات :يبرز تقدير اإليرادات العامة صعوبات تقنية خاصة بتوقع المبالغ
المتوقع تحصيلها ،اذ أن التنبؤ بالمتغيرات االقتصادية ،التي قد تط أر على االقتصاد
الوطني من أجل تحديد مصادر اإليرادات المختلفة في السنة المالية المقبلة ،يتطلب
الدقة ،ويتم تقديرها باستخدام عدة طرق وهي :
✓ التقدير اآللي :تقوم السلطة التقديرية بتقدير اإليراد المتوقع الحصول عليه ،وتستند على
قاعدة السنة قبل األخيرة إذ يتم تقدير اإليرادات على أساس نتائج آخر ميزانية نفذت،
مع إضافة نسبة مئوية على آخر موازنة نفذت.
✓ طريقة إضافة الزيادات :على أساس متوسط الزيادات التي حدثت في اإليرادات العامة
خالل الخمس سنوات السابقة ،وتتميز بتحديد حجم اإليرادات والنفقات بصورة تحفظية،
إال أنه يعاب على هذه الطريقة أن الحياة االقتصادية ال تسير في اتجاه ثابت ،فغالبا ما
78
ما تعرف فترات من الكسا د واالنتعاش من فترة إلى أخرى ،وبالتالي من الصعب استخدام
هذه الطريقة في تحديد حجم اإليرادات.
✓ التقدير المباشر :تقوم هذه الطريقة على التوقع أو التنبؤ باتجاهات کل مصدر من
مصادر اإليرادات العامة ،على حدى وتقدير حصيلته المتوقعة بناء على هذه الدراسة
المباشرة ،بحيث تطلب السلطة المختصة من كل مؤسسة في القطاع العام أن يتوقع
حجم مبيعاته وإيراداته العامة للسنة المالية المقبلة ،على أن يكون لكل و ازرة أو هيئة
حكومية تقدير ما تتوقع الحصول عليه من إيرادات في شكل رسوم أو ضرائب.
اذا كانت طريقة التقدير المباشر تمثل أفضل الطرق لتقدير اإليرادات ٕفإن السلطة
المختصة يجب عليها االسترشاد بعدة أمور لكي تصل إلى تقديرات قريبة جدا من الواقع،
تتمثل في مبلغ اإليرادات الفعلية السابق تحصيلها ،ومستوى النشاط االقتصادي المتوقع
والمتغيرات المنتظرة في التشريع الضريبي مع مراعاة عدم المبالغة في التقدير حتى يكون
1
أقرب للواقع.
79
الفصل الرابع :الميزانية العامة للدولة
تعتبر الميزانية العامة من أهم التنظيمات المالية ،فهي المرآة العاكسة لسياسة الدولة ،
وأحوالها االقتصادية ،االجتماعية ،كما أن اعدادها يتطلب خبرة ودقة ،لما يمكن أن
تحدثه من آثار على الهيكل االقتصادي للبلد.
إن تنظيم المالية العامة في الدول الغربية على األسس والمبادئ المتعارف عليها اليوم
جاء نتيجة لتطور الحياةّ وإسراف بعض الحكام في تحصيل الضرائب وإرهاق الشعوب
أو التضييق عليهم ،مما أدى إلى تنامي االحتجاج والغضب الشعبي في شكل ثورات
تسعى إلى وضع حد لسلطة الحاكم في فرض الضرائب وفي طريقة جبايتها و إنفاقها،
مما أدى إلى نشوء حق الشعب في مناقشة محتويات الموازنة العامة واعتمادها ،وقد
كان لهذا أثر على ظهور الموازنة العامة وتطورها في الدول األوروبية .
إن مدى ارتباط مفهوم الموازنة العامة بتاريخ الضرائب وأوجه اإلنفاق من جهة ،وبالتمثيل
النيابي ودوره في الموافقة على فرض الضرائب وحقه في مراقبة أوجه اإلنفاق من جهة
1
ثانية ،يعطينا فكرة عن جذور هذا المصطلح التي تمتد إلى العصور الماضية.
ظلت البالد الغربية إلى غاية بداية القرن الثامن عشر جاهلة للمفهوم الشائع اليوم
للموازنة العامة حيث كانت الدول األوروبية طوال الفترة السابقة ال تفصل المالية العامة
للدولة عن المالية الخاصة للحاكم ،بل كانت األموال تختلط في خزانة واحدة بحيث
تعتبر اإليرادات والنفقات العامة من األموال الخاصة للحاكم ،فقد كان الحاكم ح ار في
إنفاق وجباية األموال حسب حاجاته لعدم وجود ضوابط ولم يكن يحتاج للموافقة على
طريقة تحصيل االيرادات ودفع النفقات ،باعتباره المسؤول األول للرقابة على اإلنفاق
والجباية.
1ناظم محمد الشمري ،محمد موسى الشروق ،مدخل في علم االقتصاد ،دار زهران للطباعة والنشر،عمان ،األردن2000 ،
،ص .45
80
ففي القرون الوسطى ،في انجلترا ،كان الملك ح ار في اإلنفاق كيفما يشاء عندما كان
يغطي نفقات المملكة من عائدات أمالك التاج الخاصة ،كما كان يحق له أن يفرض
على الشعب ضرائب استثنائية تزول بزوال الحاجة إليها بعد موافقة ممثلي األمة .
ونتيجة لتضخم نفقات الدولة وزيادة على ذلك أعباء األموال من أفراد الشعب بسبب
تزايد الحاجة لألموال وخاصة في أوقات الحروب وبفعل اإلسراف في اإلنفاق ،اضطر
الملك إلى االستعانة بالضرائب أكثر من ذي قبل ،وحاول مرات عديدة أن يتجاهل ممثلي
األمة ،فرد عليه البرلمان بتقرير عدم قانونية كل ضريبة تجبى دون موافقته وكان أن
نتج عن ذلك إصدار الملك شارل األول وألول مرة في سنة" "1628وثيقة إعالن
الحقوق ، Rights Of Billحيث قرر فيها ضرورة موافقة ممثلي الشعب على ما
يجبى ،وقد أخذت البرلمانات المتعاقبة ترفع من درجة معارضتها إلطالق حرية الملك
في اإلنفاق والجباية بغية تحديد سلطاته ،مما اضطر الملك وليام الثالث إلى إصدار
"دستور الحقوق" في عام 1688حيث تقرر المبدأ الشهير"ال ضرائب بغير تمثيل" ،أي
عدم قانونية أي ضريبةُ تحصل دون موافقة البرلمان الذي يحدد مقدارها ومواعيدها
وكيفية تحصيلها ،وهكذا تأكد حق البرلمان في اعتماد الضرائب.
وكان البرلمان يناقش الملك في الضرائب الجديدة ويستفسر عن أسبابها ،ولقد نتج عن
حق البرلمان في الموافقة على فرض الضرائب وجبايتها حقه في متابعة أوجه نفقات
حصيلتها ،واقتصر في بداية األمر على متابعة النفقات االستثنائية التي تجبى من أجلها
الضرائب غير العادية وامتد هذا الحق إلى مناقشة مختلف النفقات العامة ،حيث أن
عرض قسم كبير من النفقات العامة على البرلمان لمناقشتها قبل تنفيذها لم يتحقق اال
بعد ثورة 1688في انجلترا ،حيث اكتسب البرلمان سنة 1837سلطة مطلقة وحرية
تامة في مناقشة جميع النفقات.
أما في فرنسا ،فقد مرت الموازنة العامة بنفس المراحل التي مرت بها في انجلترا ،حيث
ظهرت الموازنة بشكلها الواضح إثر الثورة الفرنسية ،ففي سنة 1789أصدرت الجمعية
الفرنسية التأسيسية ق ار ار من خالل "وثيقة اإلنسان" التي جاء فيها"من حق الشعب مباشرة
81
أو بواسطة ممثليه أن يتأكد من ضرورة الضرائب بحرية ويراقب تطبيقها ويقرر أساسها
ونسبتها وطريقة جبايتها وأن يوافق عليها" ،حيث تم إلغاء االمتيازات والحقوق اإلقطاعية
التي كان يستفيد منها األمراء والنبالء ،و عدم قانونية كل ضريبة ال تفرضها السلطة
التشريعية،وفرض رقابة على كيفية إنفاق المال العام ،وهكذا أخذت الميزانية شكلها
النهائي وأصبح من الضروري موافقة المجالس النيابية عليهاأو السلطة التشريعية،وتال
ذلك دستور 1793الذي نص على أنه اليمكن فرض أي ضريبة إال في سبيل
المصلحة العامة ،ولجميع المواطنين أن يسهموا في فرض الضرائب ويراقبوا استعمالها
ويطلبوا بيانات عنها.
يمكن القول ،أن الفضل في تنظيم الموازنة العامة للدولة يرجع للدستور الفرنسي لسنة
، 1795فأصبحت السلطة التشريعية تأذن بالجباية واإلنفاق معا وال تعطي هذا اإلذن
ألكثر من سنة ،كما تم تنظيم عملية مراقبة اإلنفاق العمومي والتخفيف من آثار التعسف
واإلسراف ،حيث نص على إنشاء هيئة مكونة من خمسة محافظين للخزينة الوطنية
يوافق عليهم البرلمان لمراقبة اإليرادات وإصدار األوامر بالصرف كما أُنشأت هيئة ثانية
ال تقل أهمية عن األولى وتتكون من خمسة محافظين للمحاسبة الوطنية دورها إشعار
تشريعي بالتجاوزات التي يمكن أن تحدث ،باإلضافة إلى استحداث حساب عام يشمل
جميع نفقات وجميع إيرادات الجمهورية .
أما دستور 1814فيرجع له الفضل في اقتباس ما كان يتميز به النظام في إنجلت ار
وتكيفه مع النظام الفرنسي ،فأكد موافقة البرلمان على الضريبة والمساواة في الضرائب،
ثم جاء دستور 1830فأضاف فكرة االستثناء عن قاعدة الوحدة ،وهكذا نجد أنه من
الناحية التاريخية تعتبر إنجلت ار هي األولى في معرفة فكرة الموازنة الحديثة ،وتلتها فرنسا
وبعد ذلك انتشرت إلى باقي دول العالم.
وهكذا تأكد حق البرلمان في اعتماد الضرائب ،ولم يلبث هذا الحق أن شمل بقية اإليرادات
األخرى وانتقل من انجلت ار وفرنسا إلى غيرهما من الدول.
يتضح من هذا العرض لنشأة الموازنة العامة في الغرب ،أن الموازنة العامة كعنصر من
عناصر مالية الدولة قد نشأت فك ار متأخرة عن الممارسة الفعلية لعنصري علم المالية
العامة اآلخرين وهما النفقات العامة و اإليرادات العامة ،وبالتالي فإن فكرة الموازنة
82
العامة قد نشأت لضبط عمليات اإلنفاق وجباية اإليراد الالزم له ولفصل مالية الدولة
1
عن مالية الحاكم .
تمثل الميزانية العامة للدولة وثيقة تصب في قالب مالي قوامه األهداف واألرقام ،أما
األهداف فتعبر عما تعتزم الدولة القيام به من برامج ومشروعات خالل فترة زمنية محددة
مقبلة ،أما األرقام فتعبر عما تعتزم الدولة انفاقه على هذه األهداف ،وما تتوقع تحصيله
من موارد من مختلف مصادر اإليراد خالل الفترة الزمنية المنوه عنها والتي تحدد عادة
2
بسنة.
كما أنها خطة لتحقيق برامج مرتبطة بأهداف محددة فترة زمنية معينة ،تشتمل على
تقدير للنفقات المحتملة مع الموارد المتوفرة و عادة ما تقارن بفترة أوفترات سابقة.
3
كما يقصد بها ،أنها تنظيم مالي يقابل بين االيرادات العامة والنفقات العامة ويحدد
العالقة بينهما ويوجهها معا لتحقيق السياسة المالية للدولة ،فهي بمثابة البيان المالي
لالقتصاد العام وعالقته باالقتصاد القومي ويعتبر خطة مالية تظهر بوثيقة الموازنة التي
هي تقدير تفصيلي لإليرادات والنفقات لفترة مقبلة والتي هي عادة لمدة سنة واحدة ،
4
ويجري إقرارها من قبل السلطة التشريعية.
أنظر :شباب سهام ،أثر تقلبات اسعار النفط على الموازنة العامة للدولة ،أطروحة دكتوراة ،تخصص تسيير المالية العامة 1
،2019/2018،ص ص.6،3
-لعمارة جمال ،تطور فكرة الموازنة العامة للدولة ،مجلة العلوم اإلنسانية ،العدد األول ،جامعة محمد خيضر بسكرة ،الجزائر،
، 2001ص. 101
-حسن عواظة ،المالية العامة ،الطبعة السادسة ،دار النهضة العربية ،بيروت، 1983 ،ص . 6
-خالد شحادة الخطيب ،أحمد زهير شامية" ،أسس المالية العامة" ،الطبعة الثالثة ،دار وائل للنشر ،عمان، 2007 ،ص
. 269
-عبد اللطيف قطيش ،الموازنة العامة للدولة ،الطبعة األولى ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان، 2005 ،ص. 08
- lalumiere Pierre, Les Finances Publiques, Armand Colin, Paris, 1986, p32.
مصطفى الفار ،اإلدارة المالية العامة ،دار أسامة للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى ،عمان ،األردن، 2008 ،ص.24 2
3
Gary Bandy, Financial Management and Accounting in the Public Sector, Routledge; 1
edition, 2011,p 33
محمد خالد المهايني ،محاضرات في المالية العامة ،المعهد الوطني لإلدارة الدورة التحضيرية ،سوريا ، 2013،ص.9 4
83
تعتبر الميزانية العامة وثيقة هامة مصادق عليها من طرف البرلمان تهدف إلى تقدير
النفقات الضرورية إلشباع الحاجات العامة ٬واإليرادات لتغطية هذه النفقات عن فترة
1
مقبلة عادة ما تكون سنة.
الميزانية العامة تعتبر كعمل من أعمال التنبؤ والتفويض للنفقات وااليرادات لسنة مدنية
2
تقدر بسنة.
عرف المشرع الجزائري الميزانية العامة وذلك حسب المادة 3من قانون 21-90
المتعلق بالمحاسبة العمومية بأنها ":الوثيقة التي تقدر للسنة المدنية مجموع اإليرادات
والنفقات الخاصة بالتسيير واالستثمار ٬ومنها نفقات التجهيز العمومي والنفقات برأسمال
وترخص بها" كما عرفها القانون 84 -17المتضمن قوانين المالية بأنها ":وثيقة تشريعية
يتم بواسطتها تقدير وتأشير سنويا النفقات واإليرادات النهائية للدولة بهدف السماح للسير
الحسن للمصالح وتجسيد أهداف المخطط السنوي للتنمية"
و انطالقا من هذه التعاريف يمكن القول أن الميزانية العامة للدولة وثيقة محاسبية
،قانونية ،مالية ،سياسية ،تقديرية عن النفقات و اإليرادات لفترة مقبلة سنة ،و التي
تعبـر في صورة أرق ـ ــام عن النشاط اإلداري و االقتصادي و االجتماعي للدولة.
وما تجدر اإلشارة إليه هو أن الميزانية العامة والموازنة العامة يستخدمان بشكل مترادف
ويؤديان نفسّ المعنى في مؤلفات وكتب المالية العامة ،فمصطلح الموازنة العامة يقابله
اصطالح BUDGETباللغة اإلنجليزية وهي تقدير نفقات وإيرادات الدولة لسنة مالية
قادمة .بينما مصطلح الميزانية مرتبط بالمنشآت والشركات والمؤسسات(SHEET ،
BALANCEهي عبارة عن كشف للمركز المالي للشركة أو المنشأة في لحظة زمنية
معينة ،وتحتوي على موجودات ومطلوبات الشركة في تاريخ معين ،غير اننا سنستخدم
مصطلح الميزانية العامة للدولة وهو المصطلح المستخدم في الجزائر.
محمد عباس محرزي ،اقتصاديات المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،بن عكنون ،الجزائر ،2003 ،ص .383 1
2
François Deruel, Jacques Buisson, Finances Publiques : Budget et pouvoir financier, 13ème
édition, éd. Economica Paris, 2001, P 90.
عبد هللاا الطاهر ،مقدمة في اقتصاديات المالية العامة ،الطبعة األولى ،المملكة العربية السعودية ،1988 ،ص ص 3
.308،306
84
✓ الميزانية العامة نظرة توقعية مستقبلية :تعتبر الميزانية العامة سجال يتضمن توقعات
السلطة التنفيذية لما ستنفقه أو ستحصله من مبالغ خالل مدة زمنية محددة تقدر عادة
بسنة واحدة ،وتعكس الموازنة بما تحتوي من نفقات وإيرادات والمبالغ المرصودة لكل
منهما ،برنامج عمل الحكومة في الفترة المستقبلية على الصعيد السياسي واالقتصادي
واالجتماعي؛
✓ الميزانية العامة مرتبطة بفترة معينة :ال يمكن تقدير النفقات و اإليرادات العامة لفترة
مطلقة ،غير محددة ببداية ونهاية ،وبناء على كون الموازنة العامة تقديرية فتلك الفترة
تكون فترة مستقبلية ،وهي غالبا ماتقدر بسنة.
✓ الميزانية العامة تعبير عن أهداف الدولة :تنطوي الميزانية العامة للدولة على عملية
مستمرة ذات طابع اقتصادي تتضمن تيارات متدفقة من األنشطة االقتصادية يعتبر فيها
الحاضر امتدادا للماضي ،ويعد فيها المستقبل استم ار ار للحاضر ،وهي تعبر عن ماتم
انجازه سابقا ،وماتصبو الدولة لتحقيقه مستقبال؛
✓ إجازة السلطة التشريعية :يقصد باعتماد السلطة التشريعية للموازنة العامة ،موافقة
السلطة التشريعية القتراحات الحكومة حول النفقات واإليرادات العامة لسنة مستقبلية
والموافقة عليها ،وبالتالي ال تعتبر الموازنة العامة نهائية إال إذا تمت اجازنها والمصادقة
عليها من طرف السلطة التشريعية.
✓ الميزانية هي الخطة المالية األساسية للدولة:تعد احدى خطط الدولة االساسية القصيرة
األجل لتنفيذ برامجها االقتصادية طويلة األجل ،فهي خطة فرعية تعمل ضمن اطار
المالية العامة للدولة ،وتهدف إلى تحقيق احدى مراحل خطتها العامة ،فتكون الخطة
العامة بمثابة البنيان العام الذي يوجه ويرشد البنيان التفصيلي المتمثل بالموازنة العامة،
فتقديراتها تبنى على أساس وتوقعات الخطة العامة،وهدف الموازنة تحقيق الغايات التي
تتوخاها الخطة العامة في سنة معينة ،ومن هنا تنشأ ضرورة التوافق واالنسجام بين
1
الخطة االقتصادية للدولة والموازنة العامة لها.
يمكن تقسيم قواعد الميزانية إلى قواعد تشريعية ،قواعد ادارية تنفيذية وقواعد تتعلق بطرق
عرض الميزانية العامة للدولة.
محمد خير العكام ،المالية العامة ،الجامعة االفتراضية السورية ،سوريا ،2018 ،ص ص .279،278 1
85
-1-4-1القواعد التشريعية إلعداد الميزانية العامة للدولة :تخص العالقة القائمة
بين السلطة التنفيذية المكلفة بتحضير وتنفيذ الميزانية من جهة والسلطة التشريعية
الممثلة للشعب ،والتي لها حق إجازة الميزانية.
تتمثل القواعد التشريعية في قاعدة سنوية الميزانية ،وحدة الميزانية ،عمومية الميزانية
1
ووحدة الميزانية ،وهو ماسنتطرق إليه فيما يلي:
أسس هذا المبدأ ألول مرة سنة ،1814إذ تعد تقديرات الموازنة العامة عن مدة زمنية
2
محددة تكون عادة سنة.
يعني هذا المبدأ أن يتم التوقع و الترخيص للنفقات و اإليرادات بصفة دورية منتظمة
كل عام و يعني هذا المبدأ أيضا أن الميزانية يجب أن تقرر باعتماد سنوي من السلطة،
حيث يرجع هذا المبدأ إلى اعتبارات سياسية وتتمثل في أن مبدأ الميزانية يضمن دوام
رقابة السلطة التشريعية على أنشطة السلطة التنفيذية ،أما االعتبارات المالية فتتمثل في
أن فترة السنة هي الفترة التي تمارس خاللها أغلب األنشطة االقتصادية.
لهذا المبدأ أسس معينة ال تنطبق بالضرورة مع بداية السنة الميالدية ،فهي تختلف من
دولة ألخرى كما هو الحال في الجزائر ،فرنسا ،وسوريا ،تبدأ من 01جانفي إلى 31
ديسمبر ،أما في بعض الدول تبدأ من 01أفريل كما هو الحال في إنجلت ار وألمانيا أو
في جويلية كما في الواليات المتحدة األمريكية و ذلك لألسباب التالية :
➢ غالبية الحسابات العامة والخاصة تحدد بسنة مثل الحسابات الدخل القومي؛
➢ فترة السنة تتناسب مع الدورة اإليرادات العامة التي تتمثل الضرائب السنوية أهم
مصادرها؛
➢ فترة السنة تساعد على وضع تقديرات أدق مما لو كانت الفترة أكثر من سنة؛
أنظر: 1
-حسن عواضة ،عبد الرؤوف قطيش ،المالية العامة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،ط ،2013 ،1ص .87
-عادل أحمد حشيش ،أساسيات المالية العامة ،دار النهضة العربية للطباعة و النشر ،بيروت ، 1992 ،ص .280
-محمد طاقة ،هدى العزاوي ،اقتصاديات المالية العامة ،دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة ،عمان ،2007 ،ص
.173
-ندنيدي يحي ،المالية العمومية ،دار الخلدونية ،الطبعة الثانية،الجزائر ،2014 ،ص ص .174 ،171
عدنان حسين الخياط ،مهدي سهر الجبوري ،واثق علي المرسومي ،اقتصاديات الموازنة العامة ،الجزء األول ،دار األيام 2
،عمان،2016 ،ص.16
86
➢ تحديد الفترة بأقل من سنة ال يتناسب مع وقت تحصيل اإليرادات التي تكون أغلبها
موسمية؛
➢ الفترة أقل من سنة إيراداتها قليلة؛
➢ إعداد الميزانية يتطلب جهدا كبيرة وقتا طويال التى يتيسر إعدادها ألي فترة أقل من
سنة.
لالشارة هناك استثناءات لقاعدة سنوية الميزانية العامة في الجزائر تتمثل في:
عمليات البرامج الخاصة بالتجهيز؛ ❖
ترحيل االعتمادات؛ ❖
االعتمادات الشهرية؛ ❖
الميزانية المؤقتة؛ ❖
االعتمادات التكميلية. ❖
يقصد بمبدأ وحدة الميزانية أن تدرج جميع النفقات و جميع اإليرادات في وثيقة واحدة
حتى يسهل معرفة مركزها المالي ،وتتمكن أجهزة الرقابة المختلفة من مراقبة تصرفات
الدولة المالية ومطابقتها لألهداف المحددة واالعتمادات الواردة في الميزانية كما وافقت
عليها السلطة التشريعية .
يستند هذا المبدأ على اعتبارين أساسيين أولهما االعتبار المالي و يتمثل في أن وحدة
الميزانية من شأنه تحقيق الوضوح و النظام في عرض الميزانية ،أما االعتبار السياسي
فيتجسد في أن وحدة الميزانية تساعد السلطة التشريعية في مباشرة رقابتها على النفقات
و اإليرادات العامة.
يترتب على مبدأ وحدة الميزانية قاعدة أخرى هي عدم تخصيص اإليرادات ،أي عدم
تخصيص إيراد معين لمواجهة نفقة معينة .وهناك استثناءات واردة على مبدأ وحدة
الميزانية من بينها:
• الميزانيات الملحقة :إذ تجيز المادة 44من القانون 17- 84المتعلق بقوانين المالية
اللجوء للميزانيات الملحقة لكن بنفس القواعد المقررة إلقرار الميزانية موافقة البرلمان؛
الميزانيات غير العادية ( االستثنائية ) :لمواجهة نفقات مرتبطة بظروف استثنائية •
والميزانية االستثنائية غالبا ما تمول بمصادر استثنائية كالقروض؛
87
الميزانية المستقلة :تضع الكثير من الدول ميزانيات مستقلة لألشخاص المعنوية •
المتمتعة باالستقالل اإلداري سواء كانت تجارية أم إدارية أم إقليمية ،إذ أن االستقالل
اإلداري لتلك األشخاص ال فائدة منه إذا لم يتوج باستقالل مالي بإعداد ميزانياتها وتحديد
نفقاتها دون إشراف من قبل وزير المالية ،وان المصادقة على التقديرات المتعلقة بنفقاتها
ومداخيلها ال يتم من قبل البرلمان بل من قبل األجهزة المحددة في القانون المنظم لهذه
الهيئات ،وهذه الهيئات تتحمل العجز في الميزانية دون أن يؤثر ذلك على ميزانية الدولة
؛
• حسابات الخزينة :تتمثل وظيفة الخزينة في جمع إيرادات وصرف النفقات المسجلة في
قانون المالية والتنسيق بين هاتين العمليتين ،غير أن التنسيق ليس أم ار سهال ،ذلك أن
الخزينة قد تتحصل على مبالغ نقدية ال يمكن اعتبارها إيرادات وتقوم بصرف نفقات
تعود إليها الحقا ،كإقراض الموظفين أموال إلنجاز سكنات أو شراء سيارات على أن
يتم إرجاعها على دفعات ،أو أن تقوم الدولة بشراء سلعة لتقوم ببيعها بسعر أعلى وهذه
العمليات ال يمكن اعتبارها إيرادات وال نفقات .
يجب أن تظهر في وثيقة الميزانية تقديرات النفقات و تقديرات اإليرادات دون أي مقاصة
بين االثنين.
فالمي ازنية شاملة لكل النفقات واإليرادات العامة ،إذ تندرج فيها جميع الموارد قبل ان
توجه لمختلف النفقات ومبدأ الشمول يعتمد أساسا على أن تشمل المي ازنة على النفقات
و االيرادات بطرفيها ،بمعنى النفقات منفصلة عن االيرادات ، ،وال بد أن تظهر بكل
مبالغها بدون استثناء ،أي دون اقتطاع او إنقاص ،فهذا المبدأ يركز على المضمون،
وجاء هذا المبدأ للتخلص من آثار النظام المالي القديم الذي كان يعتمد على اقتطاع
بعض التكاليف من االيرادات ،وبالتالي ال بد للحكومة عند اعدادها للموازنة عدم قيامها
بالمقارنة بين النفقات و االيرادات العامة ،ولكن يتعين عليها إظهار وتبيان كل االيرادات
والنفقات ،فانتهاج هذا المبدأ يؤدي إلى فاعلية أكبر للرقابة المالية من قبل السلطة
التشريعية ،وذلك يتيح للبرلمان أن يكون على وضوح من أمره عند التصويت على
الموازنة ،فهو يخضعها لتحليل معمق ،لذا هناك الكثير من مفكري العلوم المالية الذين
1
يعتبرون مبدأ الشمول أساسي جدا لتسهيل الرقابة من قبل السلطة التشريعية.
نصت المادة 68من القانون 17-84على انه :ال يتحقق مبد أ الشمولية اال اذا
اجتمعت قاعدتين االولى عدم تخصيص االيرادات و الثانية الناتج الخام و ليس الصافي
أي عدم وجود المقاصة بين ايرادات و نفقات كل وحدة.
-مبدأ عدم التخصص :أساس هذه القاعدة هو عدم تخصيص إيراد معين من أجل
تغطية نفقة معينة ،بمعنى ان تقوم الحكومة بتغطية جميع النفقات بجميع االيرادات،
فتخصيص ايراد معين لنفقة معينة يفقد الموازنة العامة مرونتها زيادة إلى ذلك يؤدي إلى
االسراف ،إذا كان حجم االيراد المخصص لالنفاق العام كبير قد يخل بأداء الخدمة إذا
كان حجم االيراد يقل عن النفقات الالزمة للخدمة ،فأساس هذه الخدمة يبن لنا كيفية
لعمارة جمال ،أساسيات الموازنة العامة للدولة ،دار الفجر للنشر والتوزيع ،القاهرة،2004 ،ص . 83 1
89
توزيع االيراد للدولة على نفقاتها فهي تعارض بتخصيص ايراد معين ،ولكن تستوجب
تجميع االيرادات ثم توزيعها على جميع اوجه االنفاق وذلك حسب الخطة المالية للدولة
والتي تتماشى مع االوضاع االقتصادية و االجتماعية للدولة ،وهذه القاعدة تساعد في
تحقيق بين جميع النفقات دون الميل لنفقة على حساب لنفقة على حساب أخرى ،فهذه
القاعدة ترمي لتوجيه إجمالي االيرادات العامة من أجل تمويل إجمالي النفقات العامة
بصورة متوازنة.
✓ في حالة القروض المشروطة التي تقدم للدولة من قبل جهات معينة ،تشترط تخصيصها
لإلنفاق على مشروع معين ،وهي حالة تمويل بنوك التنمية العالمية للبنية االساسية في
الدول النامية؛
✓ في حالة تخصيص الحكومة مورد لسداد قرض عام داخلي ،وذلك تشجيعا لمواطنين
على االكتتاب على القرض؛
✓ في حالة المبالغ التي تخصصها الحكومة لبعض المؤسسات التي استقلت ميزانيتها عن
1
الميزانية العامة الدولة ،كالمرافق العامة للدولة ،والمؤسسات االقتصادية.
✓ ميزانية الدول اإلتحادية :كالواليات المتحدة األمريكية و سويس ار التي تعتمد في بعض
وارداتها على ما تدفعه لها أو تحصله لحسابها حكومات الواليات ،فإن هذه الواردات
تقيد صافية في الموازنة اإلتحادية وتقيد جبايتها في موازنات الواليات المنظمة على
2
أساس قاعدة الشمول.
تساوي جملة النفقات مع اإليرادات ،إال أن قاعدة التوازن قد تختل نتيجة للظروف التي
قد تمر بها الدولة كالحروب و غيرها ،مما يؤدي إلى حدوث عجز يتم معالجته بعدة
طرق كاالقتراض مثال .
وتجدر االشارة الى أنه في ظل الفكر المالي التقليدي كان ينظر إلى توازن الميزانية
على أنه تساوي نفقات الدولة العادية مع إيراداتها العادية وبالتالي كان ال يمكن أن
يحدث عجز في الميزانية ،كما رفض وجود فائض في الميزانية ،أي زيادة اإليرادات
العامة العادية عن النفقات العامة العادية ،ألن وجود فائض يعني أن هناك تعسفا من
لعمارة جمال ،أساسيات الموازنة العامة للدولة ،مرجع سبق ذكره ،ص.93 1
حسن عواضة ،عبد الرؤوف قطيش ،المالية العامة :الموازنة ،نفقاتها ،وارداتها ،ضرائب ورسوم ،القروض ،ااإلصدار النقدي، 2
الخزينة ،دراسة مقارنة ،منشو رات الحلبي الحقوقية ،لبنان ،2013،ص .66
90
جانب الحكومة في فرض الضرائب ،ومن ناحية أخرى فإن وجود عجز في الميزانية
العامة قد يعرقل النشاط االقتصادي وذلك بدفعه نحو االنكماش حيث يقل مستوى النفقات
العامة عن مستوى اإليرادات العامة التي تمثل اقتطاع من دخول األفراد ،باإلضافة إلى
ذلك فإن وجود فائض في الميزانية العامة قد يدفع السلطة التشريعية إلى المطالبة بزيادة
النفقات العامة ألغراض سياسية.
أما في ظل الفكر المالي الحديث ،فقد كان مسموحا بوجود عجز في الميزانية العامة
للدولة ،في حدود ال ينتج عنها آثار اقتصادية ومالية سلبية ،أي البحث في نسبة العجز
المالئمة التي تتماشى مع الخطة الموضوعة إلحداث التوازن االقتصادي والحفاظ عليه،
والعمل على تمويله من خالل استخدام مصادر غير تضخمية.
-2-4-1قواعد ادارية تنفيذية :ترتكز القواعد اإلدارية على العالقة الداخلية بين
المستويات المختلفة للسلطة التنفيذية وطريقة أدائها لنشاطها ،تتمثل هذه القواعد االدارية
فيما يلي:
✓ تنظيم ذو اتجاهين :من أجل ضمان تدفق المقترحات بين مختلف مستويات التنفيذ إلى
سلطات تخطيط الميزانية ،ثم تدفق ق اررات السلطات العليا من سلطات الميزانية إلى
جهات التنفيذ ،ويجب أن يتم تدفق المقترحات إلى أعلى ،وتدفق الق اررات إلى أسفل،
بسرعة ومرونة .
✓ تحديد المسؤوليات على كافة مستويات السلطة التنفيذية :وذلك تطبيقا للمبدأ اإلداري :
" ال اختصاص بدون مسؤولية".
91
تعدد إجراءات الميزانيات المختلفة بما يتفق مع اختالف طبيعة نشاط الجهات التنفيذية
المختلفة :إذ يجب أن يتم العمل بطرق تتناسب مع طبيعة كل جهاز .
✓ حسن التصرف واإلدارة الرشيدة :يتعين على جهات التنفيذ أن تحسن استخدام اعتماد
الميزانية بالشكل الذي يحقق السير الحسن للمرافق العمومية ،دون افراط أوتقصير.
✓ مرونة التنفيذ :ويقصد بذلك حسن التصرف وترشيد اتخاذ الق اررات ،باألخذ بعين
االعتبار كل المتغيرات االقتصادية الداخليةوالخارجية.
✓ كفاءة اإلدارة :يشترط كفاءة القائمين على إعداد الميزانية ،واتخاذ القرار الملزم والمنشئ
للدين على الخزينة ،وتحديد حجم هذا الدين واإلذن بالدفع ،واألعوان المكلفين بالتأشير
على السجالت الحسابية واإلحصائية ،أو إعداد التقارير الدورية عن تنفيذ الميزانية.
✓ نظام سليم للسجالت والتقارير :وهو مايسهل عمل الرقابة على المال العام .
-3-4-1قواعد تتعلق بطرق عرض الميزانية العامة للدولة :تهتم هذه القواعد بطريقة
عرض الميزانية العامة للدولة ،بما يتناسب مع شفافيتها ،تتمثل هذه المبادئ في :
✓ قاعدة وضوح الميزانية :حتى تسهل االمور على كل من البرلمان المصالح المعنية
بتنفيذها يجب أن تعرض كافة البنود المتعلقة بااليرادات أو النفقات وفق أسس وقواعد
معروفة ومعلومة مع شرط أن تتسم بالبساطة والوضوح وأن ال يتغير هذا االساس من
سنة إلى أخرى.
بعبارة أخرى جيب أن تكون الميزانية مبوبة بطريقة مفهومة وواضحة و متناسقة لتجنب
كل ما من شأنه أن يضفي عليها الغموض أو االبهام لذاجتد كافة العمل تعتمد على
نظام واحد من سنة ألخرى يتماشى والنظام المحاسبي وال نغيره اال بموجب القانون .
كما أن هذا المبدأ من شأنه أن يساعد على قراءة البيانات التي تحتوي عليها الميزانية
من جهة ومقارنة بيانات السنوات السابقة ألنها مبوبة بنفس الكيفية .
✓ قاعدة دقة الميزانية:إذ أن أي انحراف بين البيانات المتوقعة والبيانات الحقيقية من شأنه
أن يؤثر على الدولة في المجال المالي واالقتصادي،ألن الحكومة قد بنت برامجها على
توقعات خاطئة ،االمر الذي سيجرها إلى إعادة التقدير حتى تقترب إلى الحقيقة ,ولكن
بناءا على مبدأ االذن المسبق ستضطر الحكومة من جديد إلى تقديم هذهً التقديرات
الجديدة للبرلمان للمصادقة عليها ألنه كما جاء تعريف الميزانية على أنها تقدير
وترخيص في نفس الوقت.
92
لذا يجب أن تراعي الميزانية الدقة في التقدير لكل من االيرادات و النفقات ,وهذه
الدقة تترجم في بعض االحيان علي أنها عالمة صدق على توجيهات السلطة التنفيذية
وسياستها.
✓ قاعدة مرونة الميزانية العامة :بما أن الميزانية مجرد توقع البيانات مهما كانت دقيقة
فإنها تكون مضبوطة بشكل قاطع وحتى تتكيف مع التغيرات التي يمكن أن تحدث فيجب
أن تتميز بنوع من المرونة وهذا لتدارك ما لم يكن في الحسبان وأن النفقات يتم بناء
على قوانين في الماضي بينماااليرادات تتخذ بما سيقع مستقبال كما يجب توفير نوع
من التشريعات المجدد لإلنفاق حتى ال ترجع الحكومة إلى البرلمان لتصحيح كل كبيرة
وصغيرة لذا نجد أن قوانين المالية لبعض الدول تعمل على تحويل ونقل االعتمادات
داخل الباب الواحد؛
✓ قاعدة علنية الميزانية :تعرف هذه القاعدة كذلك " مبدأ النشر " وأساسها يرجع إلى
الدولة الدميقراطية وإلى الصراع بين السلطة وأفراد المجتمع ,حيث ال تكفي أن تعرض
الميزانية علي البرلمان وإن كان هو الممثل للشعب بل يجب أن يكون الرأي العام على
اطالع على المراحل وإعدادها وكذلك تنفيذها ،بل علنية مناقشتها من طرف البرلمان.
من مزايا عالنيتها نجد أنها تعطى الفرصة لكل المعنيين والمختصين من االدالء بآرائهم
باالضافة إلى أنها تمكن أعضاء البرلمان من تحضير تدخالتهم في فترة مناقشتها زيادة
على أنها تسمح للرأي العام من معرفة برنامج الحكومة للسنة المقبلة وخاصة وأنه هو
المعني بالدرجة االولى بها ألنه هو الخاضع للضريبة إضافة إلى ذلك هو المستفيد من
1
االنفاق العمومي وكذا زيادة ثقة المواطن في كل من الحكومة والبرلمان.
✓ -الناحية اإلقتصادية:
الدول ،كما انها تسمح بإدارة وتوجيه اإلقتصاد القومي ،فالميزانية ال تعتبر مجرد
أرقام وكميات كما كانت في المفهوم التقليدي ،بل لها أثار في كل من حجم اإلنتاج
1حامد دراز ،يونس بطريق ـ مبادئ المالية العامة ـ الدار الجامعية للنشر والتوزيع ،بيروت ، 2004 ،ص.9
93
القومي ومستوى النشاط اإلقتصادي ،بكافة فروعه وقطاعاته ،فالميزانية العامة تؤثر
وتتأثر بهذه القطاعات اإلقتصادية ،فغالبا ما تستخدم الدولة الميزانية العامة ومحتوياتها
"النفقات
فالعالقة وثيقة بين النشاط المالي للدولة "الميزانية" واألوضاع اإلقتصادية بكل ظواهرها
من تضخم وانكماش وانتعاش ...بحيث يصبح من المتعذر فصل عن الخطة اإلقتصادية
وخاصة بعد أن أصبحت الموازنة أداة مهمة من أدوات تحقيق أهداف الخطة اإلقتصادية.
✓ من الناحية السياسية:
يشكل إعداد الميزانية واعتمادها مجاال حساسا من الناحية السياسية ٬حيث تعتبر
وسيلة ضغط يستعملها البرلمان على الحكومة سواء من حيث تعديلها أو حتى رفضها
حتى تضطر الحكومة إلتباع نهج سياسي معين ٬تحقيقا لبعض األهداف السياسية
واإلجتماعية.
✓ من الناحية اإلجتماعية
تعتبر الميزانية أهم وسيلة لتحقيق إصالحات هيكلية ذات انعكاسات اجتماعية ،ذلك
بالحديث عن الوظيفة التوزيعية للميزانية العامة التي تهدف إلى تصحيح الفوارق
االجتماعية وتحقيق الترابط االجتماعي .
إن أهمية الميزانية اإلجتماعية تتعلق بمفاهيم العدالة اإلجتماعية وتقليل الفوارق بين
الطبقات والرخاء اإلجتماعي ٬حيث تعكس األهداف التي تضعها الحكومة في مجال
الرخاءاإلجتماعي ٬مدى إهتمامها باإلرتقاء بالخدمات التعليمية،وتقديم التعليم المجاني
في مختلف مراحله وتطور الخدمات الصحية ومد شبكات الماء وإيصال
الكهرباء...وغيرها من الخدمات.
كذلك في مجال إعادة توزيع الدخل القومي ،حيث تكشف السياسة الضريبية فيما إذا
كانت الحكومة تسعى لتقليل الفوارق بين دخول األفراد وذلك من خالل الضرائب
التصاعدية وتحقيق العدالة اإلجتماعية.
94
ينشأ العجز في الميزانية نتيجة لزيادة حجم النفقات عن حجم اإليرادات وهو يحدث
بطريقتين:
-العجز المنظم اإلرادي :تلجأ اليه الدول المتقدمة و التي تعاني اقتصاداتها من حالة
الركود نتيجة النخفاض الطلب الكلي ،فتلجأ إلى زيادة نفقاتها من أجل تشجيع الطلب
اإلجمالي على السلع و الخدمات.
صعوبة التحكم في حجم النفقات العامة خاصة ذات الطابع اإلجتماعي؛ ❖
عدم دقة التنبؤات المالية التي تقوم بها السلطة المختصة بإعداد الميزانية؛ ❖
ضعف الحصيلة الجبائية العادية للدولة؛ ❖
ثقل عبء الديون العمومية على ميزانية الدولة نتيجة للتطهير المالي أو خسائر الصرف ❖
التي تتحملها الخزينة العامة.
-العجز الجاري :وهو ذلك العجز الذي يعبر عن الفرق بين االنفاق العام الجاري
واإليرادات العامة الجارية .
-العجز األساسي :يستند هذا المفهوم على استبعاد دفع فوائد الديون المستحقة ،ألن
هذه الديون تتعلق بالعمليات الماضية وليست الحالية .
-العجز التشغيلي :هو ذلك العجز الذي يمثل متطلبات االفتراض الحكومي والقطاع
العام مخصوما منه الجزء الذي دفع من فوائد من اجل تصحيح التضخم ،وذلك من
خالل معامل التصحيح النقدي ويحتوي سعر الفائدة المدفوع للدائنين جزءا من النقود
لتعويضهم عن الخسائر الناجمة نتيجة الرتفاع االسعار ،فمعظم الدول تعاني من
معدالت التضخم ،لذا يشترط الدائنون ربط قيم ديونهم وفوائدها بالتغيرات في االسعار،
الن التضخم يعمل على تخفيض القيم الحقيقية للديون القائمة ،وغالبا ما ال تكون الفوائد
1
التي تدفع في تغطية خسائر انخفاض القيمة الحقيقية للديون كافية.
-العجز الشامل :يعبر العجز الشامل عن ذلك العجز الذي يتعلق بالحكومة المركزية
والجماعات المحلية ومؤسسات القطاع العام.
1عبد الحميد عبد المطلب ،السياسات ااإلقتصادية على مستوىاالقتصاد القومي ،مجموعة النيل العربية للنشر ،القاهرة ،
، 2003ص . 77
95
-العجز المقصود ( المنظم ) :وهو يتمثل بسلسلة إجراءات تتخذها الحكومة عند تعرض
االقتصاد إلى أزمة كساد اقتصادي ناتجة عن تدهور في حجم الطلب الفعال مما يدفع
الحكومة إلى زيادة انفاقها وتخفيض ضرائبها فيتولد العجز المقصود ،ويعبر عنه أيضا
بالعجز المقدر ويمكن حدوثه في االقتصاد اإلسالمي الذي قد يواجه بعض الظروف
الطارئة التي تحتاج لزيادة النفقات العامة لسدها مما قد تعجز معه اإليرادات العامة
العادية عند تغطيتها.
-العجز الهيكلي :ظهر هذا المفهوم ألول مرة سنة ، 1944من طرف االقتصادي
بيفريدج ،الذي استمد أفكاره من المدرسة الكنزية ،يتمثل هذا العجز في عدم ويليام
قدرة معدالت نمو االيرادات العامة على مواكبة تطور معدالت نمو النفقات العامة ،
بمعنى أنه عجز دائم يستبعد أثر العوامل المؤقتة أو العارضة التي تكون مؤثرة على
1
العجز المالي ،ويلجأ إلى إعادة دفع عجلة االقتصاد عن طريق تشجيع الطلب الفعال.
-1-2الميزانية التقليدية :هي النموذج األول للموازنة العامة بمفهومها الحديث ،و
تعتبر أقدم أنواع الموازنات و أكثرها انتشارا ،فهي مطبقة على نطاق واسع في الدول
النامية.
✓ التقسيم االداري :و هو االسلوب التقليدي في اعداد الميزانية ،الو ازرة ،المصالح ،الهيئات،
االدارات ....حيث تساهم كل وحدة في تحديد ايراداتهاو نفقاتها ،غير أن هذا النوع من
الميزانية غير كاف و ال يعكس مطلقا كفاءة الوحدات اإلدارية.
✓ التقسيم الوظيفي :أي تصنيف النفقات العامة و تبويبها في مجموعات متجانسة لوظيفة
معينة من وظائف الدولة فالمعيار هوالخدمة الفعلية بغض النظر عن الوحدة التي تنفذه،
مثال :صحة مدرسية :حسب التقسيم االداري توضع مع و ازرة التربية ،أما التقسيم
الوظيفي فتدرج مع و ازرة الصحة .
1
Eric Devaux, Finances publiques, Bréal Edition, 2002, p 17.
96
الصور انتشا ار في دول العالم على الرغم من االنتقادات التي وجهت إليها ،حيث بدأ
العمل بها سنة 1921في الواليات المتحدة األمريكية لتكون موازنة تنفيذية شاملة
1
وبتصنيف وظيفي اقتصادي للتمييز بين النفقات الجارية والرأسمالية.
• ضعف الرقابة على الصرف على الرغم من كثرة االجراءات الروتينية والتركيز على
االجراءات الشكلية والقانونية ؛
• ضعف تقييم األداء للجهات المنفذة للمشاريع ,اذ يتم التركيز على النفقات المصروفات
دون االهتمام بالمشاريع التي يتم الحصول عليها وبذلك من الصعب قياس كفاءة استخدام
الموارد اإلقتصادية خصوصا وان المشاريع تباع ألكثر من مرة .وقد تخلت أمريكا ودول
عديدة عن اسلوب موازنة البنود منذ فتره طويلة ؛
-2-1-2موازنة الرقابة :وهي الميزانية التي يتم بموجبها تحديد النفقات العامة
الضرورية لعمل واستمرار المرافق العامة ،وتحديد اإليرادات التي ينبغي تحصيلها لتغطية
النفقات.
-3-1-2الموازنة المتزايدة :تعتمد على نفقات السنة السابقة عند تقدير نفقات السنة
القادمة ،مع زيادة صغيرة في معدالتها ،لتغطية نفقات الزيادات المتوقعة في الحاجات
الحكومية.
أنظر :سعيد عبد العزيز عثمان" ،مقدمة في االقتصاد العام" ،الجزء األول ،الدار الجامعية للطباعة والنشر ،بيروت2003، 1
،ص.195
-جمال لعمارة ،أساسيات الموازنة العامة للدولة ،دار الفجر للنشر والتوزيع ،مصر ، 2004 ،ص .175
علي خليل سليمان اللوزي" ،المالية العامة" ،دار زهران للنشر و التوزيع ،عمان ،األردن ،1999،ص.301 2
97
الصفرية :األساس الذي تقوم عليه هذه الموازنة ،هو توفير المال الالزم
ّ -3-2الموازنة
تم إنفاقه سابقا و بشكل فعلي على تلكلتمويل البرامج دون األخذ بعين االعتبار لما ّ
البرامج ،من هنا نبدأ من نقطة الصفر و كأن تلك البرامج لم تكن موجودة ،استخدم هذا
النوع من الموازنات في أمريكا منذ سنة 1973بشكل بدأ به القطاع الخاص ،واألسلوب
المتبع لتطبيقها هو الجمع بين بدائل األعمال الجديدة و القديمة ،و اختيار أفضلها و
1
بنفس الوقت استبعاد السيئ.
1طارق الحاج ،المالية العامة ، ،دار صفاء للنشر و التوزيع ،عمان ،الطبعة األولى ،1999 ،ص ص .157، 149
2جمال لعمارة ،أساسيات الموازنة العامة للدولة ،مرجع سبق ذكره ،ص.186
98
الحكومي من خالل البرامج ،وبذلك فهي تجمع بين األبعاد الثالثة للموازنة (تخطيط،
1
تنفيذ ،رقابة).
-6-2الميزانية التعاقدية :تعتبر الموازنة التعاقدية الشكل الحديث للميزانية الناتج عن
عمليات إصالح وتطوير الموازنة العامـة للدولة ولقد كانت أول محاولة لتطبيق الموازنة
التعاقدية في و ازرة المالية النيوزلندية سنة .1996
إعداد الموازنة العامة للدولة يتم على أساس نظام العقود أو الصفقات ،بين جهة منفذة
(شركات أجنبية ،شركات محلية أو شركات القطاع العام)ّ والحكومة المركزية أو
الفدرالية ،أي أن الدولة تطرح مشاريعها أمام الجهات المنفذة لغرض التعاقد معهم على
تنفيذ تلك المشاريع بأقل تكلفة ممكنة و بأعلى منفعة يتم الحصول عليها ،على أن
2
يأخذ بعين االعتبار عنصر الوقت في تنفيذ المشاريع ويمكن قياس ذلك كميا.
تشمل دورة حياة الميزانية على أربعة مراحل متتالية ومتداخلة ،تعبر عن تداخل
المسؤوليات بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ،سنحاول من خالل ماسيأتي
التعرف على هذه المراحل مع اسقاطها عل الجزائر.
-1-3مرحلةإعداد الميزانية العامة :تشكل مرحلة التحضير األساس الذي تقوم عليه
الميزانية ،حيث يتم في هذه المرحلة وضع تقديرات للنفقات العامة والموارد العامة لفترة
مستقبلية ،على صيغة مشروع الميزانية ،تتولى اإلدارات الحكومية اعدادها ،في بصفتها
جزءا من الجهاز التنفيذي في الدولة.
-2-3اعتماد الميزانية العامة للدولة :في المرحلة الثانية يخضع مشروع الميزانية مع
المقترحات لدراسة السلطة التشريعية ومناقشتها ،تمهيدا للتصديق على المقترحات
وبالتالي التصديق على مشروع الميزانية ،تتم هذه المرحلة وفق عدد من الخطوات تتمثل
3
في ما يلي :
،2003ص ص.104،102
99
-1-2-3المناقشة :بعد إيداع مشروع قانون المالية مرفقا بجميع الوثائق المرتبطة به
إلى مكتب رئيس المجلس الشعبي الوطني ،يقوم هذا األخير طبقا للقانون بإحالته إلى
اللجنة البرلمانية المختصة بقطاع المالية والميزانية والتخطيط ،حيث تقوم بدراسته
ومناقشته مع ممثل الحكومة (وزير المالية) ويكون ذلك عبر ثالث مراحل :
➢ مرحلة المناقشة العامة :يعرض مشروع الميزانية العامة للمناقشة العامة في البرلمان
ويتعلق األمر بكافة البنود الواردة في الميزانية}
➢ مرحلة المناقشة التفصيلية :يتم تكوين لجنة فنية مختصة تتكون من عدد محدود من
األعضاء المتخصصين من أجل مناقشة مشروع الميزانية لتقوم بعدها بوضع تقرير
يتضمن المالحظات و التعديالت التي تم ادخالها؛
➢ مرحلة المناقشة النهائية :عند اإلنتهاء من دراسة مشروع قانون المالية من قبل اللجنة
المالية تقوم بتوزيع التقرير التمهيدي على النواب .
أما في الجزائر ،يستند البرلمان في التعديالت المطلوبة على مايقره الدستور بحيث:
-يوقع التعديل من قبل جميع النواب المقدمين له ويودع في أجل 24ساعة بداية من
تاريخ الشروع في المناقشة.
كما ان الدستور قد قيد البرلمان من حيث اإلختصاص الزمني في المصادقة على قانون
المالية حيث يصادق البرلمن على قانون المالية في مدةأقصاها خمسةوسبعون يوما من
تاريخ ايداعه.
100
-3-3مرحلة تنفيذ الميزانية العامة :يتم خالل هذه المرحلة وضع بنود الميزانية حيز
التنفيذ و تطبيق محتوياتها ،وتتولى الحكومة بواسطة أجهزتها المتعددة وتحت إشراف
و ازرة المالية أو الخزينة العامة ،عمليات تنفيذ الميزانية العامة وصرف النفقات التي تم
رصدها في الميزانية ،ومن ثم فإن عملية تنفيذها ما هي إال بداية مرحلة جديدة تدخل
فيها حيز التطبيق العملي عند كل مستوى من مستويات التنفيذ.
تعتبر مرحلة تنفيذ الميزانية من أدق مراحل الميزانية ،إذ تشمل جميع المعامالت المالية
للدولة ،وتمس نشاطات كل أفراد المجتمع ،سواء من حيث مساهمتهم في تمويل الميزانية
من خالل دفعهم للضرائب والرسوم ،أو من حيث استفادتهم من النفقات العامة بصورة
مباشرة أو غير مباشرة.
✓ االلتزام االجراء الذي يتم بموجبه اثبات نشوء الدين على الهيئة العمومية.
✓ التصفية :يتم من خالل هذه العملية التحقق من وجود الدين وضبط مبلغ النفقة.
✓ المر بالصرف :عبارة عن اقرار إداري يعطى بموجبه األمر إلى المحاسب العمومي،
المخصص لدفع النفقة ،واألمر بالصرف هو اختصاص مطلق لآلمرين بالصرف .
القانون 21/90المؤرخ في 1990/08/15المتعلق بالمحاسبة العمومية المتعلق بالمحاسبة العمومية ،الجريدة الرسمية 1
35الصادرة في .1990/08/15
101
تمثل المراحل السابقة المرحلة االدارية .
✓ الدفع :هو االجراء الذي يتم بموجبه إبراء الدين العمومي ،وهو المرحلة المحاسبية
في تنفيذ النفقات العمومية.
-4-3مرحلة الرقابة على الميزانية العامة :تعد الرقابة المرحلة األخيرة التي تمر بها
الميزانية العامة للدولة ،و هي عبارة عن مجموعة من اإلجراءات و التدابير التي يقاس
على أساسها مدى التطبيق الفعلي للخطط الموضوعة ،و التأكد من أن التنفيذ قد تم
على أحسن وجه وفقا للسياسة التي رسمتها السلطة التنفيذية ،وتمت إجا از من طرف
السلطة التشريعية ،و ذلك من أجل ضمان تحقيق المنفعة العامة.
تنقسم هذه الرقابة إلى عدة أنواع باختالف المعيار المستخدم للتقسيم ،فحسب الجهة التي
تمارس الرقابة يتطلب تقسيمها إلى رقابة إدارية تقوم بها مصالح الحكومة ،ورقابة سياسية
تقوم بها السلطة التشريعية ،رقابة مستقلة أو قضائية تقوم بهاهيئة مستقلة كما تقسم من
حيث التوقيت الزمني إلى :رقابة سابقة على التنفيذ و رقابة الحقة ،ومن حيث نوعية
1
الرقابة فهي تقسم إلى رقابة حسابية ورقابة اقتصادية.
• الرقابة اإلدارية:
تقوم بها السلطة التنفيذية ،فقد يقوم بها الرؤساء على مرؤوسهم أو موظف و ازرة المالية
على الو ازرات األخرى ،ويطلق عليها بالرقابة الداخلية وهي بدورها تنقسم إلى رقابة سابقة
ورقابة الحقة.
• الرقابة البرلمانية:
تسمى رقابة خارجية وهي مهمة هيئات مستقلة غير خاضعة للسلطة التنفيذية وتشمل
رقابة قضائية ورقابة تشريعة.
أنظر :الطاهر الجنابي ،علم المالية العامة والتشريع المالي ،دار الكتب للطباعة والنشر ،بغداد ،العراق ،دون سنة النشر، 1
ص .117
-محمد الصغير بعلي ،مرجع سابق ،ص ص 101، 100
-فاطمة فوقة ،حوكمة الحسابات الخاصة للخزينة كمدخل لترشيد الموازنة العامة للدولة في الجزائر ،أطروحة دكتوراه ،علوم
اقتصادية ،محاسبة ،مالية وبنوك ،جامعة حسيبة بن بوعلي ،الشلف ،الجزائر ،2017 ،ص ص .129،119
102
قد تتم الرقابة عن الميزانية العامة عن طريق هيئة مستقلة عن الهيئة التنفيذية والتشريعية
كاستقالل القضاء ويوضع لها نظام خاص كما هو الحال بالنسبة لمجلس المحاسبة ،وال
1
تستطيع أي جهة أن تتدخل في عمله أو توقفه.
إن الطابع التقديري للميزانية العامة ،والظروف الطارئة والمستعجلة التي قد تحدث ،قد
يؤدي الى وجود اختالفات بين ماهو مخطط وماحقق ولتصحيح هذه االنحرافات يتم
اتباع اجراءات معينة حسب الحالة :
أ-خطأ في تقدير االيرادات :في مرحلة التنفيذ قد يحدث أال تطابق االيرادات المحصلة
االيرادات المتوقعة اما بالزيادة أو النقصان
.نقص االيراد الفعلي عن المقدر :إذا تبين خالل السنة المالية أن التحصيالت أقل من •
التقديرات ،فيمكن تفادي العجز في االيرادات بعدة طرق أهمها :سد العجز باستعمال
"مال االحتياط" إن وجد ،أو حذف بعض االعتمادات عند الضرورة ،أو إحداث موارد
جديدة إما بزيادة الضرائب أو القروض.
• زيادة االيراد الفعلي عن المقدر :إذا كانت هناك زيادة في االيرادات الفعلية عن االيرادات
المتوقعة عند اعداد الميزانية العامة ،يتم تحويل الفائض إلى االموال االحتياطية .
ب-خطأ في تقدير النفقات العامة :يختلف وضع االختالل بالزيادة أو النقصان ،في
النفقات العامة عما هو عليه الحال بالنسبة لاليرادات العامة ،فإن أخطاء التقدير في
النفقات العامة ال تعوض ببعضها البعض ،بمعنى أن االعتمادات الواردة في باب معين
ال يمكن تحويلها إلى باب آخر ،اال بموافقة السلطة التشريعية ،تنفيذا لمبدا تخصيص
االعتمادات :
• فقد يحدث خطأ في تقدير النفقات يكتشف في وقت التنفيذ ،بحيث يقل االعتماد
المخصص لباب معين عن المصروف الفعلي .وفي هذه الحالة تلجأ السلطة المختصة
من خالل و ازرة المالية إلى السلطة التشريعية لموافقتها على اعتماد إضافي لتغطية هذا
العجز وبشروط معقدة.
• في حالة فائض في االعتماد المخصص لغرض معين ،فإنه ال يجوز استخدام هذا
الوفر في تغطية غرض آخر ،ويلغى في نهاية السنة المالية ،وال يدرج في الميزانية
2
الجديدة ،إذا لم تكن هناك حاجة لها االعتماد في السنة القادمة.
1خليفي عيسى ،هيكل الموازنة العامة للدولة ،الطبعة األولى ،دار النفائس للنشر والتوزيع ،عمان، 2010 ،ص ص.43،42
أنظر لعمارة جمال ،أساسيات الموازنة العامة للدولة ،مرجع سبق ذكره ،ص.154 2
103
-4مراحل إعدادالميزانية العامة للدولة في الجزائر:
تختلف طرق تحضير الميزانية العامة من دولة ألخرى كما تختلف الجهات التي تقوم
بتحضيرها ،لكن في معظم دول العالم توكل هذه المهمة إلى السلطة التنفيذية وذلك
ألنها األكثر معرفة بالمقدرة المالية لالقتصاد الوطني ،بفضل األجهزة اإلحصائية
المختلفة التي تشرف عليها و التي توفر لها البيانات و التقديرات الضرورية ،كما أنها
تتولى إدارة وحدات القطاع العام مما يسمح لها تحديد الحاجات العامة و األولويات
االجتماعية لعدم خضوعها لالعتبارات المحلية و اإلقليميـة التي تؤثر على أعضاء
المجالس الممثلة للشعب ،و من ثم فإنه يتم تكليف السلطة التنفيذية الممثلة في و ازرة
المالية بإعـداد و تحضير الميزانية على نحو مالئم للظروف االقتصادية التي تمر بها
كل دولة.
طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 54/95و حسب المادة 06من هذا المرس ــوم ،فإن
1
وزيـ ــر الماليـ ــة مكلـف في ـم ـ ــا يخص الميزانية بما يلي:
المرسوم التنفيذي 54/95المؤرخ في 15فيفري 1995المحدد لصالحيات وزير المالية ،الجريدة الرسمية بتاريخ 9مارس 1
المادة 1من المرسوم 55/95المؤرخ في فيفري ، 1995المتعلق بتنظيم اإلدارة المركزية في و ازرة المالية. 1
105
-اقتراح إجراءات و قواعد تسيير ميزانية الدولة و بالخصوص آليات و قواعد تحديد و
توزيع االعتمادات و رخص البرامج؛
-ضمان متابعة تنفيذ و مراقبة و تسيير الميزانية طبقا للقوانين و التنظيمات السائدة،
و االتصال بالوزراء المعنيين بالتعديالت و توزيع في الميزانية حسب اإلجراءات المناسبة
و في حدود االعتمادات المصوت عليها؛
-السهر على إعداد حصائل تقسيم نتائج البرامج الموضوعة في إطار ميزانية الدولة؛
-تحضير المشروع األولي لقانون الميزانية حسب األحكام الموضوعة لهذه الغاية و
وفقا للدستور و القوانين السائدة.
تشارك إلى جانب وزير المالية مجموعة من الهياكل ،خاصة في هذه العملية تتمثل في:
✓ رئيس الجمهورية:
يتجسد دوره في مرحلة التحكيم الميزانياتي ،كما يشارك في اجتماعات مجلس الوزراء
عندما يحال مشروع الميزانية إليه من أجل المصادقة عليه ،وله الحرية التامة والكاملة
في تعديله.
106
يظهر تدخل رئيس الحكومة من خالل تحديد برنامجه السياسي عبر التوجيهات التي
تسجل في إطار الميزانية وفي هذا السياق أصبحت ميزانية الدولة عمال سياسيا وطبيعة
خاصة ،ومنه فإن رئيس الحكومة هو صاحب السلطة والمحرك األول لعملية تحضير
الميزانية .
كما يستعين وزير المالية بهيئات مختصة معينة مثل بنك الجزائر ومندوب التخطيط
وهذه المشاركة تقتصر على تقديم معطيات حول مجمعات االقتصاد الكلي.
من جهة أخرى ،فإن هناك تناسق دائم بين السلطة التشريعية والتنفيذية ،والحقيقة
أن السلطة التشريعية ال تتدخل في عملية إعداد مشروع الميزانية العامة للدولة ،ولكن
بإمكانها أن تشارك في مشاريع واقتراحات القوانين بشرط أن تكون هذه االقتراحات معللة
وموقعة من طرف عشرين نائبا ويجب أن يحرر نصها في شكل مواد مرفقة بعرض
1
األسباب.
يقرر مكتب المجلس قبول هذه االقتراحات وفق اإلجراءات واألحكام المنصوص عليها
في الدستور و القانون والنظام الداخلي ،كما له الحق في تقديم تعديالت على المشاريع
2
والقوانين المقترحة من طرف الحكومة.
-3-4مراحل التحضير.
تمتد المرحلة اإلدارية لتحضير الميزانية العامة للدولة من 01جانفي إلى غاية 30
ديسمبر ،وفق رزنامة تطبيقية تحضر من طرف المصالح المختصة على مستوى و ازرة
المالية ويمكن تقسيمها إلى المراحل التالية :
107
تستمر هذه المرحلة بنقطة االنطالق إلعداد مشروع الميزانية العامة للدولة كونها
تهدف لوضع الميزانية في إطارها االقتصادي ،وتتعلق هذه المرحلة بإعداد وثيقتين
أساسيتين هما:
أما المديرية العامة للميزانية ،وبعد االطالع على التوجيهات العامة ونتائج مجلس
الحكومة تعد تقري ار حول النفقات التي تؤخذ في السنة المقبلة.
هي عبارة عن منشور تعده مصالح المديرية العامة للميزانية يصاغ اعتمادا على
تعليمات وزير المالية وتوجيهات الحكومة وبرنامجها بتصور الخطوط العريضة لسياسة
الميزانية وذلك بالتركيز على أولويات اقتصاد الدولة والغالف المالي المتاح لكل قطاع
والذي يلتزم به المكلفون بتحضير الميزانية.
تمثل مذكرة التوجيه ،خالصة األعمال األولية للتوجيه الميزانياتي حيث يقوم إطارات
المديرية العامة ،برسم الخطوط العريضة لسياسة الميزانية التي تعتمدها الحكومة خالل
السنة المقبلة ،وهذه األعمال تخضع لتقييم وزير المالية والذي يحدد بعد فحصها ودراستها
التوجيهات الضرورية التي يجب األخذ بها في مذكرة التوجيه الذي يشمل قسمين
مختلفين:
-القسم األول :هو عبارة عن مجموعة التوجيهات والتوصيات التي تؤطر عملية تحضير
الميزانية العامة للدولة.
-القسم الثاني :هو عبارة عن جداول نموذجية لمألها من طرف اإلدارات المعنية.
✓ اقتراحات الميزانية:
108
يتكفل كل آمر بالصرف بعد تلقيه مذكرة التوجيه بتحضير احتياجاته من النفقات
عن طريق إعداد اقتراحات الميزانية والتي تدرس بعد تحويلها إلى مديرية الميزانية.
هي المرحلة التي يتم فيها إعداد اقتراحات على مستوى كل دائرة و ازرية ،حيث تتكفل
مديرية التخطيط بتحضير الميزانية عن طريق جمع وحصر كل الوثائق الخاصة بها
والمتعلقة بالتجهيز فقط ،أما بالنسبة لميزانية التسيير فإن مديرية اإلدارة العامة هي التي
تقوم بتحضيرها على مستوى كل قسم وزاري.
تشتمل طلبات االعتمادات المحضرة من طرف كل و ازرة ،على تقرير شامل حول
اإلثباتات ومصادرها من النصوص التشريعية والتنظيمية وهذا من أجل السماح لو ازرة
المالية التحقق من صحة تأسيس هذه الطلبات.
في الوقت الذي تقوم الو ازرات بتحضير اقتراحاتهم تعمل المديرية العامة للميزانية
على جمع كل الوثائق التي تسمح لها بتقسيم طلبات االعتمادات المقدمة من طرف
الو ازرات ،الحالة المحاسبية للسنة السابقة ،آراء وتقارير المراقبين الماليين ،وحاالت
االلتزامات المتعلقة بالنفقات إلى تاريخ 1جوان من السنة الجارية .
تسمح دراسة االقتراحات باعتماد سقف محدد العتمادات الدفع ورخص البرامج ،ولهذا
يتوصل غالبا إلى طلب تخفيض المبالغ المخصصة للو ازرة،وإعادة دراسة مشاريعها على
ضوء المالحظات التي أبدتها المديرية العامة للميزانية ،فتقوم بتقليص األعباء الميزانياتية
التي اقترحتها ،وهذا ما يسمى بأخطار تقييم النفقات العمومية وهي نوعان:
109
-أخطار متعلقة بالتقييم المرتفع :غالبا مايقوم المسيرون بتضيخم طلبات النفقات ،لكن
الخطورة تكمن في التبذير أو رفض للمشروع تماما في بعض الحاالت.
-أخطار متعلقة بالتقييم المنخفض :بحيث قد يتم طلب اعتمادات أقل من االحتياجات
الحقيقية ،وهذا راجع لسوء تقدير الظروف اإلقتصادية كالتضخم ،أو ألن هدف المسيرين
من وراء هذا التقييم هو استعمال مصالح الميزانية من خالل أرقام مقبولة ثم المطالبة
بإعادة تقييم المشروع عند انطالقه.
هي المرحلة التي تتم فيها مفاوضات وتحكيمات بين ممثلي الو ازرات والوالة من
جهة ،وممثلي و ازرة المالية من جهة أخرى ،إضافة إلى مناقشات تتم على مستوى
الحكومة.
يلتقي ممثلي الو ازرات المنفقة والوالة مع ممثلي مديرية الميزانية في اجتماع التحكيم
التي تجري وفق رزنامة تحضر من طرف مصالح المديرية العامة للميزانية ترسل للجهات
المعنية عن طريق " "Télégrapheيحدد التاريخ والساعة.
يتم عقد اجتماعات تبدأ من 1جوان إلى 30جوان من كل سنة ،ولكن هذه القاعدة ال
تطبق دائما بسبب الظروف غير المتوقعة التي تط أر فجأة والتي تؤدي إلى التغيير.
الرزنامة: ❖
تنظم لقاءات في حصص تقسم حسب قطاعات الواليات بمعدل 4واليات يوميا
باألخذ بعين االعتبار أهمية القطاع ،حيث يمكن أن تطول مدة الحصص بالنسبة
للقطاعات اإلستراتيجية ،أن حصص التحكيم يترأسها إطارات مديرية الميزانية الذين
يسيرون القطاعات ،هذا من جهة ،ومن جهة أخرى تمثل الو ازرات المنفقة بمدراء
التخطيط أو مدراء الوسائل واإلدارة ،أما الواليات فيمثلها المدراء التنفيذيون المعنيون
بالبرامج محل التحكيم وال يحضر ممثلوا الواليات إال الحصص الخاصة ببرامج التجهيز
العمومي دون ميزانية التسيير.
110
تعليل كل التعديالت والطلبات المقترحة؛
مدى أهمية النفقة بصفة عامة في برنامج الحكومة والتدابير المتعلقة باألولويات.
وفي ختام كل اجتماع يستخرج ملف تحكيم يلخص نتائج المناقشات ،حيث يسجل
فيه نقاط اتفاق ونقاط اختالف ،ويتم إعداد جدول يتكون من عمودين :األول خاص
بالمشاريع والنفقات المقترحة ،والثاني بالمشاريع والنفقات المأخوذة ،لترفع هذه المناقشات
إلى وزير المالية والوزراء المنفقون.
تستعمل الملخصات التي تحضرها مصالح المديرية العامة للميزانية كأساس لوزير
المالية ،حتى يباشر في التحكيمات الميزانياتية والتي تتم بينه وبين الوزراء المنفقون في
بداية شهر جويلية حسب رزنامة يحدد فيها التاريخ والساعة التي يجري فيها االجتماع.
تسمح هذه المناقشات للوزراء بإتمام طلبات االعتمادات التي لم تؤخذ بعين االعتبار
في التحكيم األولي نظ ار لكونهم أكثر دراية بالمجال من ممثليهم ،خاصة فيما يتعلق
بتوافق المشاريع المقترحة مع برنامج الحكومة فتسمح هذه المناقشات بتعريف وتقديم
أولويات وتبرير نقط الخالف التي طرحت في التحكيم السابق.
يباشر وزير المالية على مستوى مصالحه بعد انتهاء أعمال التحكيم ما بين الو ازرات
والواليات ملخصات الميزانية انطالقا من نتائج االجتماعات باعتباره المسؤول التقني
عن تحضير وإعداد الميزانية العامة للدولة والذي يندرج ضمن مشروع قانون المالية.
ينم إيداع لدى مصالح الحكومة مشروع الميزانية الذي يتم إعداده من طرف المصالح
المختصة لو ازرة المالية ليتم بعد ذلك تحديد تاريخ دراسة المشروع على مستوى الحكومة.
تقدم مصالح رئيس الحكومة مشروع الميزانية للسنة المعنية أين يقوم وزير المالية
بعرض مطول حول توازنات االقتصاد الكلي والظروف التي أنجز فيها المشروع ،خاصة
بمعايير تخصيص موارد وكيفية إجراء التحكيمات لينشط بعد ذلك االجتماع أين يفتح
مجال المناقشة ألعضاء الحكومة الذين يسعون ويحاولون دائما الدفاع عن مواقفهم،
وفي نهاية االجتماع يعطي وزير المالية التدابير الالزمة ،إما قرار اقتراحات أعضاء
111
الحكومة وإما اتخاذ تعديالت مناسبة حول محتوى مشروع الميزانية ،بعد ذلك تقدم لوزير
المالية مجموع الق اررات المتخذة في مجلس الحكومة ويقوم بإعطاء األمر لمصالحه
بتطبيق التغييرات التي تم عرضها ليحال مشروع الميزانية السبق من جديد لدى مصالح
الحكومة والتي ترفعه لمصالح رئاسة الحكومة.
يتم برمجة اجتماع مجلس الوزراء عند استقبال مشروع الميزانية ليتم دراسته وتحليله
من طرف رئيس الجمهورية ،وهنا يتولى رئيس الحكومة عرض الخطوط العريضة
لمحتوى مشروع الميزانية ،أما وزير المالية فيقدم التدابير المطلوبة والتي اختارها للسياسة
الميزانياتية المعتمدة في إطار مشروع قانونه وكذا مستويات اإليرادات والنفقات ويطلب
من رئيس الجمهورية يمكن للوزراء اآلخرين التدخل في النقاش.
ال يمكن اعتماد وتنفيذ الميزانية إال من خالل قوانين المالية ،ألن إجازتها من طرف
السلطات التشريعية يكون في شكل قانون ،وهذا تطبيقا لما جاء في الدستور" :يشرع
البرلمان في الميادين....التصويت على ميزانية الدولة.....إحداث الضرائب والجبايات
1
والرسوم والحقوق المختلفة وتحديد أساسها ونسبها.
وهذه اإلجازة من البرلمان شرع في تطبيقها ابتداء من ،1978سنة تنصيب أول
مجلس شعبي وطني (في إطار استعمال مؤسسات الدولة :المجالس البلدية ،المجالس
2
الوالئية ،المجلس الشعبي الوطني ) حيث كان في السابق من اختصاص مجلس الثورة.
قانون المالية هو مجموعة القواعد التي تنظم مالية الدولة من حيث إيراداتها ونفقاتها
وطرق تحصيلها ،كما ينظم إنفاق اإليرادات على المرافق التي تختص بها الدولة...
ويترجم األهداف االقتصادية والمالية واالجتماعية والسياسية للحكومة في كل مرحلة.
2
Ben maarouf abd el Kader, introduction à l'économie des finances publiques, université
d'Alger, 1983, pp11-12
112
بموجب قانون المالية يتم الترخيص بدفع النفقات وتحصيل اإليرادات ولهذا يتميز
بخصائص معينة تميزه عن باقي القوانين العادية وهي:
• قانون المالية عملية سياسية :هذا القانون ال يعتبر عملية تشريعية لوحدها وإنما يعبر
عن النظام المالي للدولة وبالتالي سياسة اقتصادية.
• خاصية اإلجازة :إن مشروع قانون المالية الذي تحضره الحكومة تحت إشراف و ازرة
المالية ال يكون قابال للتنفيذ إال إذا طالب بذلك البرلمان و أصدره رئيس الجمهورية.
قانون المالية عملية سنوية و ضرورية :يوضع قانون المالية لسنة واحدة حسب المادة •
03من قانون 17-84لكن يمكن أن تط أر على هذا المبدأ استثناءات قد تحدث كأن
يجعل قانون المالية يمتد ألكثر من سنة و عندها قانون المالية القادم يكون أقل من
سنة.
خاصية التقدير :هو عملية تقدير ألنه يتضمن تقديرات فيما يخص النفقات و بالتالي •
تقديرات الموارد لتغطية هذه النفقات.
2-5أنواع قانون المالية :حدد القانون 17-84المتعلق بقوانين المالية ،طبيعة مختلف
قوانين المالية األخرى التي تحكم الميزانية العامة للدولة وهي :قانون المالية السنوي،
قانون المالية التكميلي والمعدل ،و قانون ضبط الميزانية.
إن الهدف من وضع هذه القوانين يرجع إلى أن الميزانية العامة للدولة قد ال تنقذ كما
نصت عليه القوانين التي أقرتها ،ومنه حتى يبقى المجلس الشعبي هو السلطة التي لها
الحق في التشريع ،فقد وجدت بعض هذه القوانين لتدارك االختالل الوارد وأخرى لترصد
الحسابات الختامية.
✓ قانون المالية السنوي :يسمى قانون المالية االبتدائي أو األولي ،تنص المادة 3من
قانون 17-84المعدلة بالقانون "05-88على مايلي :يقدر ويرخص قانون المالية
للسنة مجمل موارد الدولة أعبائها ،وكذا الوسائل المالية األخرى المخصصة لتسيير
المرافق العمومية ،كما أنه يقدر ويرخص النفقات الموجهة للتجهيزات العمومية وكذا
النفقات بالرأسمال".
يعتبر قانون المالية السنوي منطلق السياسة المالية لسنة كاملة يتم إصداره قبل بداية
السنة ،ويتم االعتماد عليه طوال السنة ما لم تحدث ظروف ومعطيات جديدة تحتم
تعديله أو تكميله.
113
وإن كان هذا القانون هو الذي يقدر الميزانية ويجيزها إال أنه من ناحية المضمون
والشكل يختلف عنها فهو أعم وأشمل من الميزانية العامة للدولة (الميزانية جزء منه) ال
يحدد حجم الموارد فحسب بل هو الذي يحدد طبيعتها ومبلغها ،باإلضافة إلى كيفية
تحصيلها وحسابها تطبيقا لما جاء في القانون العضوي " ،يمكن لقوانين المالية ،دون
سواها ،النص على األحكام المتعلقة بوعاء ونسب وكيفيات تحصيل أنواع الضرائب وكذا
اإلعفاء الجبائي".
ونفس الشيء بالنسبة ألعباء النفقات بموجب هذا القانون يتم تخصيص االعتمادات
وذلك بتقسيمها إلى نفقات التسيير واالستثمار ،وتعدد األعباء األخرى من قروض
وتسبيقات ،كما أنه وبناء عليه يتم تبويب بيانات الميزانية حتى تتماشى ومبدأ وضوح
الميزانية لتسهيل تنفيذها.
يميز مشروع قانون المالية بين األحكام التشريعية الدائمة واألحكام ذات الطابع المؤقت
وبعد كل حكم يقترح دون تحديد مدة تطبيقية صراحة حكما ذات طابع دائم"( ,)1ويرفق
قانون المالية حسب المادة 02من قانون رقم 24 -89التي تعدل المادة 68من
القانون رقم 17 -84المؤرخ في 07يوليو 1984المتعلق بقوانين المالية ويتم كما
يلي:
• تقرير تفسيري للتوازن االقتصادي والمالي والنتائج المحصل عليها وآفاق المستقبل مبر از
على الخصوص وضعية تقديرات اإليرادات بالعملة الصعبة المحررة بالدينار ومشروع
توزيعها على النفقات.
• ملحقات تفسيرية تبين خاصة ما يلي:
أ -/التقييمات حسب كل صنف من أصناف الضرائب السيما تلك المتعلقة باإلجراءات
الجدية وبصفة عامة تقديرات الحوا صل الناتجة عن موارد أخرى.
ب -/توزيع نفقات التسيير لمصالح الدولة حسب كل فصل ويكون مرفقا عند االقتضاء
بتقييم حول تطور تكاليف خدمات.
ج -/توزيع النفقات ذات الطابع النهائي للمخطط السنوي حسب كل قطاع.
د -/إلغاء توزيع رخص تمويل االستثمارات المخططة للمؤسسات العمومية حسب كل
قطاع.
هـ -/قائمة الحسابات الخاصة للخزينة تبين مبلغ اإليرادات والنفقات والمكشوفات المقررة
لهذا الحساب.
114
و -/القائمة الكاملة للرسوم شبه الجبائية.
يمكن أن يحدث خالل السنة أي خلل أثناء تنفيذ الميزانية ،عدم توازن بين اإليرادات
والنفقات نتيجة بروز متغيرات غير متوقعة من شأنها التأثير على البيانات التقديرية،
كأن يقل حجم مجمل اإليرادات الفعلية أو ارتفاع حجم مجمل النفقات الفعلية مقارنة بما
كان متوقعا قبل الشروع في تنفيذ الميزانية العامة.
وهذا الخلل قد يحدث نتيجة تغير بعض المعطيات االقتصادية أو االجتماعية أو حتى
الطبيعية ،وفي هذه الحالة وبناء على القانون المتعلق بقوانين المالية ،يجب أن تلجأ
الحكومة إلى اتخاذ نفس اإلجراءات الخاصة بقانون المالية السنوي ،من خالل وضع
مشروع قانون مالية معدل تماشيا مع المتغيرات الجديدة ،ثم عرضه من جديد على
السلطات التشريعية ،حيث نص القانون صراحة على ذلك بـ "يمكن لقوانين المالية
التكميلية أو المعدلة دون سواها إتمام أحكام قانون المالية للسنة ،أو تعديلها خالل السنة
1
الجارية".
كما أن هناك طريقة ثانية الستدراك الوضع ،وهو أن تدخل الحكومة هذه التعديالت
بصفة مباشرة عن طريق استعمالها للسلطة التنفيذية ،لتعرض فيما بعد على البرلمان
للمصادقة عليها في مدة ثالثة أشهر ،حيث تكون الحكومة مجبرة على تقديم تقريرات
اقتصادية ،اجتماعية ومالية مفصلة للبرلمان.
يقدم القانون في شكل أقل حجما ،بسبب أنه قد ال يتضمن أحكام جبائية على اإلطالق
وإن وجدت فهي قليلة بحكم أن القانون ال يتطرق ،إال لما تغير منه ،كما أن كل مواده
تترجم تغير المبالغ المثبتة في جداول الميزانية العامة (أ،ب،ج) ومنذ سنة 1984إلى
غاية عامنا هذا ،نالحظ صدور قانون المالية التكميلي بصورة متكررة ،بسبب عدم
استقرار أسعار البترول من جهة وعدم استقرار االوضاع االقتصادية واالجتماعية من
جهة أخرى.
وهكذا تكون قوانين المالية التكميلية هي التي تتمم أحكام قانون المالية السنوي ،بينما
قوانين المالية المعدلة هي التي عن طريقها يتم إجراء وإدخال التعديالت على القانون
2
االبتدائي (السنوي) وفي هاذين القانونين خروج وتكييف لقاعدتي سنوية ووحدة للميزانية.
حسن عواضة ،المالية العامة :الموازنة للنفقات والواردات العمومية ،دار النهضة العربية ،بيروت 1978ص .106 2
115
✓ قانون ضبط الميزانية :تنص المادة 05من القانون 17/84المتعلق بقوانين المالية
على مايلي" :يشكل قانون ضبط الميزانية الوثيقة التي بمقتضاها يتم تنفيذ قانون المالية
وعند االقتضاء قوانين المالية التكميلية أو المعدلة الخاصة بكل سنة مالية" ،أي التاكد
من تطابق اإلنجازات مع التوقعات ،فهو التعبير عن ماتم انفاقه وتحصيله فعال ،على
عكس قانون المالية المـبني علـى التوقعات المستقبيلة ،وبالتالي فهو أحد أوجه الرقابة
على كيفية إنجاز الحكومة للترخيصات الممنوحة لها مـن طـرف السلطة التشريعية حيث
تقدم الحكومة للمجلس الشعبي الوطني عرضا عن استعمال اإلعتمادات المالية التي
أقرها لكل سـنة ،وتختتم السنة المالية فيما يخص المجلس الشعبي الوطني بالتصويت
على قانون يتضمن تسوية ميزانية السنة المعينة.
ويجب أن يكون مشروع قانون ضبط الميزانية مرفقا بما يلي :
-تقرير تفسيري يبرز شروط تنفيذ الميزانية العامة للدولة للسنة المعتبرة؛
-جدول تنفيذ االعتمادات المصوت عليها ورخص تمويل االستثمارات المخططة .
ويتدعم المشروع فضال عن ذلك بتقرير مجلس المحاسبة.
يقر قانون ضبط الميزانية حسب المادة 77من القانون 17/84حساب نتائج السنة
المشتمل على :
أ -الفائض أوالعجز الناتج عن الفرق الواضح بين اإليرادات والنفقات؛
ب -النتائج المثبتة في تنفيذ الحسابات الخاصة للخزينة؛
ت -نتائج تسيير عمليات الخزينة.
-3-5الهيكل العام لقانون المالية السنوي :يعتمد قانون المالية السنوي في إصداره
على الدستور وعلى القانون 17/84المتعلق بقوانين المالية وكذا رأي مجلس الدولة
ومصادقة البرلمان ،وهو يتضمن:
❖ أحكام تمهيدية
❖ الجزء األول الخاص بطرق التوازن المالي ووسائله،ويحتوي على كافة االقتراحات
المتعلقة بتحصيل الموارد العمومية وكذا على السبل والموارد والوسائل الكفيلة بضمان
التوازنات المالية التي اقرها المخطط اإلنمائي السنوي ".
❖ الفصل األول :أحكام تتعلق بتنفيذ الميزانية والعمليات المالية للخزينة
❖ الفصل الثاني :أحكام جبائية
❖ القسم األول :الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة
116
❖ القسم الثاني:التسجيل
❖ القسم الثالث:الطابع
❖ القسم الرابع :الرسوم على رقم األعمال
❖ القسم الخامس :الضرائب غير المباشرة
❖ القسم السادس :أحكام جبائية مختلفة
❖ الفصل الثالث :أحكام أخرى تتعلق بالموارد
❖ القسم األول :أحكام جمركية
❖ القسم الثاني :أحكام تتعلق بأمالك الدولة
❖ القسم الثالث :جباية بترولية
❖ القسم الرابع :أحكام مختلفة
❖ الفصل الرابع :الرسوم شبه الجبائية
❖ الجزء الثاني الخاص بالميزانية والعمليات المالية للدولة فيتضمن المبلغ اإلجمالي
االعتمادات المطبقة في إطار الميزانية العامة للدولة بشأن نفقات التسيير واالستثمارات
العمومية ،كما يقترح فيه المبلغ اإلجمالي للنفقات بالرأسمال وكما يقترح في هذا الجزء:
-األحكام المختلفة المطبقة على العمليات المالية للدولة التي ال تنصب إال على
المحتويات التي ينص عليها هذا القانون.
لم يظهر في تاريخ الحضارات القديمة أي أثر للموازنة العامة للدولة ،وكانت خزينة
الملك أو االمبراطور هي خزينة عامة وخاصة بآن واحد ،وكانت إيراداتها من الضرائب
والرسوم والحسبات إضافة إلى أمالك الملك الخاصة ،وكان اإلنفاق العام يقوم على
أساس مبدأ السخرة أو من خزينة الملك .فالحضارات اليونانية والفارسية ومن بعدها
الرومانية كانت تقوم على هذه األعراف والتقاليد المالية ،لكن اإلسالم وما تاله من
حضارات قد طورت المفاهيم المالية وظهرت لديها مهنة المحاسبة وتنظيم المال (جباية
وإنفاقاً) .
يعد بيت مال المسلمين أول خزينة عامة في التاريخ ،وتعد عملية تنظيم المال في دواوين
خاصة ،مثل ديوان الزكاة ،ديوان الخراج ؛ديوان الفيء أول محاولة إلعداد موازنة عامة
للدولة.
لقد تأسس بيت مال المسلمين عام 14هـ736/م في زمن الخليفة عمر بن الخطاب،
حيث حدد المتخصصون بأمور المال مصادر اإليرادات ،واستناداً إلى ذلك حدد أمير
المؤمنين أصول الصرف ومقداره أي حدد المرتبات للمهاجرين واألنصار وآل الرسول
وزوجاته ،وحدد رواتب الجند وما تبقى تم رصده لألعمال اإلنشائية والعسكرية وغيرها،
وظهر توازن الموازنة ألول مرة في التاريخ.
أما في زمن الدول العباسية فقد استقرت األمور السياسية والعسكرية وظهرت الحركة
العمرانية وتطورت المعارف والعلوم ،ووجدت بيانات مالية أيام الخليفة المعتضد باهلل
118
عام 297هـ814/م توضح وجود موازنة سنوية وضعها الخليفة .وتم تفريغ هذه الموازنة
إلى أشهر ثم إلى أيام ،وكانت الدولة تعمل بمبدأ توازن الموازنة.
لم تتطرق النظريات االقتصادية في القرون الوسطى أو في عصر النهضة األوربية إلى
مبدأ توازن الموازنة ألنه لم تظهر خزينة عامة ولم تظهر موازنة عامة ،بل استمرت أوربا
في ظل الحكم الملكي اإلقطاعي بالدمج بين خزينة الملك والخزينة العامة حتى القرن
التاسع عشر ،وكانت التقديرات التي يقوم بها المخططون الماليون ال تتعدى سوى
تقديرات لخزينة الملك.
يضاف إلى ذلك أن بريطانيا أول دولة قامت بالفصل بين خزينة الملك والخزينة العامة،
وهي التي أعطت السلطة التشريعية صالحية مناقشة الموازنة العامة وصالحية إقرارها.
لم يتعرض الكتاب والمفكرون االقتصاديون في المذهب التجاري لمبدأ توازن الموازنة،
وإنما تحدثوا عن الضريبة الموحدة على الريع الصافي ،وكانت الزراعة النشاط اإلنتاجي
الوحيد بحسب وجهة نظرهم الذي يقدم مادة جديدة للمجتمع،إلى أن جاء أصحاب المدرسة
التقليدية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وتحدثوا عن هذا المبدأ االقتصادي
والمالي المهم في دراساتهم.
ظهرت هذه النظرية في الفكر االقتصادي التقليدي وكان آدم سميث قد مهد السبيل
لظهورها في كتابه "ثروة األمم" الذي نشر عام ،1776وكان بمنزلة المرجع ألفكار
المدرسة التقليدية التي أسس لها ،وقد تحدث سميث في كتابه عن قواعد فرض الضرائب
ومبادئه ،وضرورة التوافق بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة.
قدم االقتصاديون التقليديون أمثال آدم سميث ،ديفيد ريكاردو ،جون استيوارت ميل
،جيمس ميل ،جون باتسيت ساي وغيرهم بعض األسس النظرية لمبدأ توازن
الموازنة أهمها:
✓ يعد اإلنفاق العام إنفاقاً عقيماً :ألنه يحول األموال من االستثمار في يد المنتجين إلى
المؤسسات الحكومية التي تنفقه في المجاالت الخدمية التي ال تدر دخالً ،لكنها ضرورية
لسير المصالح العامة ،لذلك عدها بعضهم (ش اًر ال بد منه).
119
وقد أسس هؤالء لهذه الفكرة من خالل اعتقادهم أن الحكومة ال تقوم باألعمال اإلنتاجية
وال ينبغي لها القيام بهذه األعمال ألن القطاع الخاص هو الذي يدخر ويستثمر وينتج
فيؤدي باالقتصاد لالنتقال إلى حالة التشغيل الكامل .وعندما تزيد الدولة إنفاقها أو تزيد
اقتطاع الضرائب فإن هذا يؤثر في حالة التشغيل ويؤدي إلى انخفاض العرض وظهور
البطالة ومن ثم الركود االقتصادي.
✓ تعرقل المالية العامة تكوين رأس المال:يسعى كل منتج إلى زيادة إنتاجه ومن ثم زيادة
دخله فيزداد االدخار وبما أن أصحاب الدخول المرتفعة يزداد لديهم الميل الحدي لالدخار
لذلك سوف تتوجه غالبية هذه المدخرات لالستثمار ،أي سوف يزداد االستثمار ،ويزداد
معدل النمو ويزداد حجم التشغيل إلى أن يصل االقتصاد إلى التشغيل الكامل للموارد
اإلنتاجية والعمالة ،إن اقتطاع الضرائب بهدف تمويل اإلنفاق العام سوف يؤثر في
المدخرات لدى القطاع الخاص وسوف ينخفض حجم االستثمار ومن ثم سيؤدي ذلك
إلى نقص التشغيل.
يرى التقليديون أن زيادة حجم االستقطاع الضريبي بهدف تمويل اإلنفاق العام سوف
يؤثر في كفاءة استخدام األموال في االقتصاد الوطني ويؤثر في اإلبداع ألنهم يعدون
المنظم قائد عملية التقدم االقتصادي وهو المبدع وهو الذي يعمل بأفكاره التي تقود
االقتصاد نحو النمو والتطور ،أي إن العمل الخاص والقطاع الخاص هو الذي يقود
االقتصاد الوطني نحو النمو والتقدم وال مكان في هذه النظرية ألي دور للدولة (القطاع
العام) في هذا المجال.
وإذا أرادت الدولة االقتطاع وتمويل اإلنفاق العام فيمكن لها اللجوء إلى الضرائب غير
المباشرة التي ال تؤثر في المنظمين وفي مدخراتهم التي تتوجه لالستثمار ،ويروا أن
تخفيض الضرائب أو االعتماد على الضرائب غير المباشرة سوف يخفف من حجم
اإلنفاق العام ويساعد على تحقيق توازن الموازنة بدالً من حصول العجز أو الفائض
ألن كليهما يؤثر في األموال والمدخرات الخاصة.
✓ العجز أو الوفر في الموازنة يعد إخالالً في التوازن المالي:إن زيادة حجم النفقات العامة
سوف يؤدي إلى حصول العجز في الموازنة العامة ،لذلك يركز التقليديون على ضرورة
تخفيض النفقات العامة ،ألن عجز الموازنة سوف يدفع الحكومة إلى االقتراض من
القطاع الخاص أو اللجوء إلى اإلصدار النقدي ،وكالهما سوف يؤثر في مستوى األسعار
ويؤدي إلى التضخم.
120
أما إذا تحقق الوفر في الموازنة فإنه يشجع الحكومة على زيادة اإلنفاق وزيادة حجم
التبذير ،األمر الذي يؤثر في كفاءة األموال وفعاليتها في القطاع الخاص ،لذلك يروا
ضرورة توخي الدقة والحذر عند إعداد الموازنة والسيما النفقات ألن زيادتها سوف تؤدي
إلى زيادة الضرائب ،وبالمقابل فإن زيادة الضرائب إلى أكثر من النفقات العامة سوف
يحقق الوفر الذي يشجع بدوره على التبذير.
لقد تعرضت أفكار االقتصاديين التقليديين بخصوص توازن الموازنة للعديد من
االنتقادات؛ ألنها بنيت على مشاهدات وآراء ظهرت في بداية انطالقة االقتصاد
الرأسمالي أي في مطلع القرن التاسع عشر ،ولم تكن اآللة الصناعية قد وصلت إلى
أوج تطورها ،لذلك فإن هذه األفكار كانت غير صائبة ،لدرجة أنه يستحيل تطبيق مبدأ
توازن الموازنة في تلك الظروف .استناداً إلى ذلك يالحظ أن النظرية تعرضت للعديد
من االنتقادات وأهمها:
✓ لم يكن االدخار في بداية النهضة الصناعية كافياً لتمويل االستثمار ،وكثي اًر ما كان
نقص األموال ،لذلك ركز التقليديون على ضرورة تخفيض الضرائب المستثمر يعاني َ
المباشرة على الرأسماليين بهدف توجيهها لالستثمار ومن ثم زيادة حجم اإلنتاج.
أما في الظروف الراهنة فقد أصبحت المدخرات كافية ،بل فائضة عن حاجة المستثمرين
لذلك يجب زيادة الضرائب والسيما الضرائب المباشرة ،ليس لتمويل الموازنة فحسب ،بل
لتحقيق العدالة االجتماعية أيضاً ،أي زال مبرر تخفيض الضرائب لدعم المستثمرين
وتحقيق التوازن في الموازنة العامة.
✓ نظر التقليديون إلى اإلنفاق العام على أنه إنفاق عقيم ينبغي حصره في أضيق الحدود،
وقد أثبتت التجارب العملية وآراء المدرسة الكينزية أن النفقات العامة تؤدي إلى زيادة
الطلب الكلي في االقتصاد ،فإذا كان اإلنتاج مرناً فإن زيادة الطلب سوف تؤدي إلى
زيادة اإلنتاج ومن ثم زيادة الدخول ورفع مستوى النمو االقتصادي.
إضافة إلى ذلك تقوم الدولة بمشاريع القاعدة األساسية وهي مشاريع ضرورية لمساعدة
المنتجين وتشجيع اإلنتاج ،وتعطي آثا اًر إيجابية في اإلنتاج والمنتجين ،فكيف نطلق
عليها مقولة اإلنفاق العقيم ،أي لم يميز التقليديون بين النفقات اإلدارية والنفقات اإلنتاجية
أو االستثمارية.
121
✓ إن وجود النفقات التحويلية (وهي مساعدات اجتماعية للفقراء والمحتاجين) سوف يزيد
الطلب ويشجع على االستهالك وهذا ما يريده المستثمرون ،فكيف ننظر لهذه النفقات
على أنها عقيمة .وظهرت آثارها اإليجابية في االقتصاد من جهة ،وأصبحت ضرورية
للعدالة االجتماعية من جهة أخرى ،أي أكدت هذه األفكار بطالن أسس النظرية
االقتصادية التقليدية في مجال ضرورات الحفاظ على مبدأ التوازن المالي.
✓ إذا توافرت المدخرات وكانت تفوق حاجة المستثمرين هذا يعني (بطالة في التوظيف)،
فإذا كانت الدولة بحاجة إلى هذه األموال ،وقامت باستثمارها في مجاالت إنتاجية أو
خدمية سوف تدر ألصحابها دخوالً (سعر الفائدة) ،وسوف تؤدي إلى تشجيع اإلنتاج
والمنتجين عن طريق زيادة الطلب الكلي ،ويمكن أن تجنب االقتصاد الدخول في حالة
الركود ،ألنه إذا تعطلت المدخرات هذا يعني وجود حالة التشاؤم وسوف يدخل االقتصاد
في الركود ،فاالستثمار الحكومي لهذه المدخرات سوف يدفع االقتصاد باالتجاه المعاكس
للحفاظ على حالة التوازن.
✓ إن زيادة اإلنفاق العام تتزايد مع تزايد عدد السكان والحاجة إلى مزيد من الخدمات
والمساعدات وزيادة البنى التحتية وتحسين ظروف البيئة والمعيشة ،وهذا ما ساد منذ
الحرب العالمية الثانية حتى الوقت الحاضر ،فلو أن الدولة خفضت إنفاقها لحصلت
الكوارث واألمراض التي تفتك بالبشرية ،وظهر التراجع بدالً من التقدم االقتصادي
واالجتماعي.
✓ إذا طبقت الدولة مبدأ توازن الموازنة بأي ثمن فإنه يتوجب عليها في فترات الركود زيادة
الضرائب لكي تحقق هذا التوازن ،وفي فترات الرواج تخفيض الضرائب ،لكن القاعدة
العامة ووجهة نظر المدرسة الكينزية أكدا ضرورة قيام الدولة بزيادة الضرائب في فترات
الرواج لمكافحة التضخم من جهة ،وألن المنتج ال يشعر بثقل هذه الضريبة من جهة
ثانية .أما في حاالت الركود فال يستطيع المنتجون تحمل الضرائب ،فإذا زادت الدولة
الضرائب عليهم فإنهم سوف يتركون الفرع اإلنتاجي مما يؤدي إلى زيادة الركود أو تعمقه
ليتحول إلى الكساد.
إن هذه األفكار تعبر عن صدق التحليل المالي واالقتصادي الذي جاء به معارضو
النظرية التقليدية وأثبتوا قدرة تحليلهم على ظهور اآلثار اإليجابية في قطاعات االقتصاد
الوطني وفروعه ،وزوال اآلثار التي نادى بها أو توقعها التقليديون ،فاألفكار الكينزية
في فترة الحرب العالمية الثانية وما تالها استطاعت أن تزيد اإلنتاج وتزيد االستهالك
مما يؤدي إلى سرعة تصريف اإلنتاج ومن ثم تسريع عمليات إعادة اإلنتاج وانتقال
االقتصاد إلى الرواج المستمر ،بدالً من حصول دورات اقتصادية متتالية (ركودـ،رواج).
122
ويرجع السبب بذلك إلى عدم توازن الموازنة ،وليس لتوازنها ،ألن تدخل الدولة ال يكون
إال من خالل موازنتها ،أي تستطيع تخفيف اآلثار السلبية عندما تزيد إنفاقها العام،
وعندما تستخدم الضرائب التي أصبحت من أهم األدوات المالية واالستثمارية في
الظروف الراهنة.
يقصد بالتوازن المالي للموازنة العامة ،ان تتساوى النفقات العامة العادية فيها مع
االيرادات العامة العادية سنوياً ،فال يكون في الموازنة العامة عجز وال فائض ،أما
التوازن االقتصادي فهو مجموعة التناسبات بين المتغيرات االقتصادية الكلية التي تؤدي
الستقرار المستوى العام لألسعار وزيادة معدل النمو االقتصادي.
يالحظ مما سبق أن التوازن المالي هو أحد جوانب التوازن االقتصادي ،وعنصر فاعل
في تحقيق هذا التوازن ،ومن ثم ال يمكن الفصل بين هذين النوعين ،أو ال يمكن اعتماد
التوازن المالي بغض النظر عن اآلثار االقتصادية لهذا التوازن ،وبالمقابل ال يمكن
االتجاه نحو تحقيق التوازن االقتصادي من دون البحث في اآلثار الناجمة عن تراجع
عنصر المال.
يعتبر هذا المبدأ من المبادىء األساسية فى المالية العامة التقليدية الذى يتعين على
الحكومات مراعاته وااللتزام به لدى إعدادها للميزانية.
إذ يجب أن يكون تقدير إنفاقها بما ال يجاوز إيراداتها العادية (أى إيرادات الدولة من
الدومين والضرائب والرسوم) أى دون عجز (أى زيادة االنفاق على اإليرادات) يضطرها
إلى االلتجاء إلى اإليرادات غير العادية من قروض أو إصدار نقدى جديد لتغطيته ،أو
وجود فائض ال تحسن التصرف فيه وتحمل عبئه لألفراد .ويرتبط هذا المبدأ بالنظرية
االقتصادية التقليدية التى تفترض اتجاه النظم الرأسمالية تلقائياً نحو التوازن المستقر عند
مستوى التشغيل الكامل لموارد المجتمع اإلنتاجية ،وتنتهى إلى ضرورة إبعاد الدولة عن
مجال النشاط االقتصادى واالجتماعى وتركه لألفراد.
123
وفى حالة العجز فإن ذلك يؤدى إلى حدوث التضخم المالى لدى اإلصدار النقدى
لتمويله ،أو االقتراض من األفراد بما فيه من تحميل األجيال القادمة التى تسدد القرض
بأعباء الجيل الحالى فضالً عن أنه يؤدى إلى التقليل من األموال الخاصة المتاحة
لالستثمار.
أما فى حالة الفائض فيعتبر هذا إسرافاً ال مبرر له ،حيث يغرى الحكومات (باإلنفاق)
بال ضرورة ،ويتعذر إلغاءها فيما بعد ،وبالتالى يتحمل األفراد عبئاً ما كان يجب أن
يفرض عليهم.
استناداً الى مبدأ التوازن المالي فإنه يتوجب على معدي الموازنة العامة ،كي ال يختل
التوازن ،ان يتبعوا في حالة االزدهار االقتصادي (حيث تزيد االيرادات العامة) احد
امرين :
-اما زيادة النفقات العامة بنسبة زيادة االيرادات العامة (المتوقعة) .
-او الغاء او تخفيض بعض الضرائب بنفس نسبة زيادة االيرادات العامة (المتوقعة) .
ومن الواضح ان تنفيذ احد هذين االمرين قد يضر باالقتصاد الوطني على المدى البعيد
وال يساعد في العودة الى التوازن االقتصادي ،الن زيادة كميات النفقات العامة في
الموازنة تساعد على زيادة حالة االزدهار ،فترتفع تبعاً لذلك ويحدث التضخم ،كما ان
إلغاء او تخفيض بعض الضرائب قد يؤدي الى عودة قسم من االيرادات العامة (الذي
كان سيقتطع بموجب الضرائب) الى حقل القطاع الخاص ،في الوقت الذي ال يكون
هذا القطاع بحاجة اليه يؤدي ايضاً الى ارتفاع االسعار وحدوث التضخم .
اما في حالة الكساد االقتصادي (حيث تنخفض االيرادات العامة) فانه يتوجب على
المسؤولين عن اعداد الموازنة العامة انطالقاً من مبدأ التوازن المالي للموازنة ان يتبعوا
1
من اجل المحافظة على التوازن المالي احد االمرين :
شاكر عصفور محمد ،اصول الموازنة العامة ،دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة،االردن ، 2012،ص ص . 356،355 1
124
-او زيادة الضرائب .
ومن المعلوم ان تنفيذ احد االمرين قد يضر باالقتصاد الوطني على المدى البعيد ويتنافى
مع المصلحة العامة للبالد ألن تخفيض النفقات العامة في مرحلة الكساد االقتصادي
يؤدي الى ارتفاع نسبة البطالة والى تفاقم األزمة االقتصادية واشتداد حداثتها في الوقت
الذي يتطلب الوضع االقتصادي زيادة في النفقات العامة وتنفيذ العديد من المشاريع
الكبيرة لتأمين العمل للمواطنين وتوفير قوة شرائية جديدة لهم .
كما ان زيادة الضرائب في حالة الكساد االقتصادي تساعد على ازدياد حدة االزمة ،
ألن الضرائب تقطع قسماً من دخول المكلفين وتحولها الى الدولة ،وبذلك تحرم هؤالء
المكلفين من استخدام بعض امكانياتهم المالية التي هي بحاجة ماسة اليها الستخدامها
اما بإنفاقها لشراء سلع وخدمات او باستثمارها .
مما سبق يتـضح ان اتباع سياسة التوازن المالي للموازنة العامة حسب مفهوم الفكر
المالي التقليدي ،تضر احياناً باالقتصاد الوطني على المدى البعيد ،ولذا سمح الفكر
المالي الحديث بالخروج على مبدأ توازن الموازنة السنوي ،اذا كان الهدف هو معالجة
مشكالت االقتصاد الوطني وحل االزمات الطارئة عليه ،واصبح االهتمام بالتوازن الكلي
1
العام والذي يعتبر التوازن المالي احد ركائزه االساسية .
ترفض المالية العامة الحديثة نظرة المالية العامة التقليدية لمبدأ توازن الميزانية وتنظر
لمالية الدولة فى نطاق الحياة االقتصادية للمجتمع ،وتوجه اهتمامها أساساً للتوازن العام
لالقتصاد القومى فى مجموعة ولو أدى ذلك بالتضحية بمبدأ التوازن الحسابى التقليدى.
فقد لفتت األزمات الدورية التى تعاقبت على النظم الرأسمالية السيما أزمة 1929
األنظار -والتى كشف فيها التحليل الكينزى -عن الخطأ الكامن فى هذا المبدأ ،وما
تفرع عنه من القول -باتجاه تلك النظم الرأسمالية تلقائياً نحو التشغيل الكامل ،فقد تبين
1
https://almerja.com/reading.php?idm=126610 consulte le 11/12/2020
125
أن هذا التشغيل الكامل ال يتحقق تلقائياً وإنها توجد فترات من الركود والرخاء نتيجة
لتقلب مستوى التشغيل الكامل فى االقتصاد.
ومتى كان األمر كذلك فالبد أن تخرج المالية العامة وغيرها من أدوات السياسة
االقتصادية عن قواعدها التقليدية لتحقيق التوازن واالستقرار االقتصادى ولذا ظهر فى
المالية العامة الحديثة ما يعرف بنظرية العجز المنظم فى الميزانية ،كوسيلة للتوسع
االقتصادى فى فترات الركود والبطالة وتحقيق فائض ضرورى
وغنى عن البيان ،أن مثل هذا التحليل ينطبق على االقتصاديات الرأسمالية المتقدمة
،التى تملك جها اًز إنتاجياً مرناً ،أما االقتصاديات النامية ،فهى تعانى أصال من عدم
مرونة جهازها اإلنتاجي ،ومن ثم فإن أى توسع فى الطلب النقدى ال يؤدى عندئذ إال
إلى ارتفاع فى األسعار والناتجعند حدوث خلل في التوازن بين العرض والطلب يتعرض
االقتصاد إلى حدوث بطالة ،والتي يمكن القضاء عليها من خالل التمويل بالعجز (
عجز الموازنة) من خالل زيادة اإلنفاق العام بالمقدار الذي يتطلبه تحقيق االستقرار.
وأيضا عندما يتعرض االقتصاد للتضخم فانه باإلمكان القضاء عليه من خالل تحقيق
فائض باإليرادات العامة من خالل زيادة الضرائب وتخفيض اإلنفاق العام بالمقدار الذي
يتطلبه تحقيق االستقرار.1
-2-2التوازن االقتصادي :بعد أن تطور الفكر االقتصادي ،لم يعد ينظر إلى الميزانية
العامة على أنها ميزانية محايدة،بل أصبحت أداة هامة لتحقيق التوازن االقتصادي
واالجتماعي وال يمكن فصل التوازن المالي عن التوازن االقتصادي واالجتماعي ،ويمكن
تحقيق ذلك بطريقتين:
✓ االقتراض من الجمهور عن طريق زيادة سعر الفائدة األمر الذي سيدفع األفراد لالكتتاب
بالقروض العامة؛ فينخفض حجم االدخار المعد لالستثمار وتتوجه المدخرات إلى
القروض العامة فيخفض حجم االستثمار ويحصل الركود في االقتصاد.
ضيف احمد،أثر السياسة المالية على النمو االقتصادي المستديم في الجزائر ،1989/2012اطروحة دكتوراة ،علوم 1
126
✓ إصدار النقود اإلضافية لتمويل عجز الموازنة األمر الذي يؤدي إلى زيادة كميات النقود
فتخفض قيمتها فيرتفع المستوى العام لألسعار ويحصل التضخم.
إن حصول العجز في الموازنة يؤدي إلى التضخم أو الركود ،أي سوف يحصل االختالل
في التوازن االقتصادي القائم بين االدخار واالستثمار ،أو بين العرض والطلب وكالهما
يؤثر في المتغيرات االقتصادية الكلية وفي فعاليتها وعالقتها بعضها ببعض ويؤدي إلى
ظهور المشاكل االقتصادية.
إن اعتماد الحكومة مبدأ التوازن المالي سوف يقودها إلى تخفيض اإلنفاق العام إلى
المستوى الذي تتساوى مع الضرائب ،ومن شروط هذا التوازن تخفيض حجم الضرائب
المباشرة وزيادة حجم الضرائب غير المباشرة ألنها قابلة للزيادة والنقصان بحسب رغبة
الحكومة .إن هذه الفرضية سوف تؤدي إلى النتائج التالية:
✓ انخفاض حجم الطلب الكلي نظ اًر النخفاض حجم الطلب الحكومي الذي يعد جزءاً مهماً
من الطلب الكلي مما يؤدي إلى دخول االقتصاد في حالة الركود.
✓ إن انخفاض حجم اإلنفاق الحكومي سوف يخفض الطلب الحكومي على السلع والخدمات
فينخفض حجم الطلب الكلي األمر الذي يؤدي إلى حدوث الركود.
✓ إن النظرية التقليدية بأن العرض يخلق الطلب الموازي له ،أثبتت خطأها ،ألن زيادة
العرض من دون زيادة الطلب أصبحت مستحيلة ،فالطلب احتل المرتبة األولى والعرض
أصبح تابعاً له.
✓ إن عدم قدرة الطلب على الزيادة ال تؤدي إلى زيادة العرض ويحصل االختالل مما
يؤدي إلى الركود.
✓ إن اعتماد التوازن المالي فترة معينة سوف يقود االقتصاد الوطني إلى حالة الركود
االقتصادي ،أي سوف يختل التوازن االقتصادي وسوف يختل نظام األسعار وتحصل
الفوضى االقتصادية واالضطرابات.
بما أن التوازن االقتصادي يتحقق من خالل التوازن بين العرض والطلب واألجور
واألسعار ،واالدخار واالستثمار واإلنتاج واالستهالك ،واالستيراد والتصدير وغيرها من
127
المتغيرات ،فإن االقتصاد سوف ينتقل من رواج إلى رواج حتى إذا كان الوضع المالي
متوازناً أو غير متوازن؛ ألن المتغيرات االقتصادية تتوازن وتنمو .وهنا يجب النظر إلى
التوازن المالي خالل الدورة االقتصادية ،وهذا ما تحدث عنه كل من جون ماينارد كينز،
وهانس وليرنر ،أن التوازن االقتصادي إذا حقق التوازن المالي خالل الدورة االقتصادية
فهو أفضل من التوازن المالي السنوي من دون التوازن االقتصادي لألسباب التالية:
✓ يحقق التوازن االقتصادي التشغيل الكامل مما يؤدي إلى تشغيل العمال وزوال البطالة
واستثمار الموارد المحلية ومن ثم زيادة معدل النمو االقتصادي.
✓ إذا بلغ االقتصاد مرحلة التشغيل الكامل فإن زيادة الدخول تؤدي إلى زيادة الضرائب،
فالعجز المالي الذي تحقق خالل سنتين أو ثالث سنوات يمكن تغطيته من خالل الفائض
المتحقق في السنوات التالية.
✓ أما اعتماد التوازن المالي بمفرده بغض النظر عن التوازن االقتصادي فإنه لن يؤدي إلى
اآلثار اإليجابية المطلوبة ،أي سوف تزداد اآلثار السلبية تدريجياً إلى أن يصل االقتصاد
إلى الركود.
تبقى السياسة المالية إحدى أهم أدوات السياسة االقتصادية التي من خاللها يتم تحفيز
االقتصاد وزيادة معدل النمو االقتصادي ،أما استخدام المالية لذاتها فإنه لن يؤدي إلى
التحفيز أو زيادة معدل النمو االقتصادي ،بل يحقق التوازن المالي فقط مما يؤدي بعدها
1
إلى الدخول في مرحلة الركود االقتصادي.
تشارك في إعداد هذه التقارير مختلف المستويات التنفيذية على مستوى الو ازرات
والواليات ،وصوالً ألعلى درجات وضع الموازنة الفيدرالية،وعلى الرغم من عدم استمرار
1
http://arab-ency.com.sy/law/detail/164579 consulte le 11/12/2020.
128
تنفيذ تلك اآللية -وعدم االهتمام بإشراك منظمات المجتمع المدني فيها ،إال أنها كانت
بداية إلدراك أثر السياسات المالية على قضايا النوع االجتماعي .تبع ذلك مبادرات
مشابهة في كندا والمملكة المتحدة لقياس عالقة النوع االجتماعي وتحصيل الضرائب.
وب َعيد
كانت القارة األفريقية سباقة في هذا النوع من المبادرات ،ففي جنوب أفريقيا – ُ
سقوط حكومة األبارتهيد ونهاية نظام الفصل العنصري -قامت مجموعات من منظمات
المجتمع المدني واألكاديميين والبرلمانيين – ولمدة أربعة أعوام – بإصدار تقارير سنوية
عن اإلنفاق الحكومي وعالقته بالنوع االجتماعي .وفي عام ،1997قام مشروع التشبيك
التنزاني للنوع االجتماعي ( مؤسسة مجتمع مدني) بالتعاون مع و ازرة المالية بإدراج
النوع االجتماعي كأحد معايير إعداد الموازنة .واستمرت تلك المبادرات حول العالم
للتأثير على عملية صنع القرار إلدراج قضايا النوع االجتماعي داخل الموازنات حتى
1
انتشرت في 42دولة بدرجات متفاوتة من المشاركة والنجاح
يتم تحقيق التوازن االجتماعي للميزانية العامة من خالل تعادل االجور وتكافؤ الفرص.
✓ نظرية تعادل الدخول :يقصد بها تحقق المساواة المطلقة في الدخول بين المواطنين
ويمكن أن تتحقق بواسطة معرفة المعدل الوسطي لدخل الفرد ،ثم قيام الدولة بفرض
ضرائب على المكلفين الذين يتمتعون بدخول كبيرة المتصاص أجزاء الدخول التي
تزيد عن المعدل الوسطي ،ثم تحويل هذه المبالغ إلى المواطنين الذين تقل دخولهم عن
المعدل الوسطي ،وبذلك يتساوى دخل كل واحد منهم على أساس المعدل الوسطي ،
وتتحقؽ المساواة المطبقة بينهم. 2.
وتحقق المساواة المطلقة فيما بينهم يبدو ا سهالً من الناحية النظرية ،اال انه يعتبر من
االمور الصعبة (والمستحيلة) لذا اخذ بعض المفكرين ينادي بتبني الدولة لنظام مالي
يهدف الى النهوض بالطبقات الفقيرة على حساب الطبقات الغنية ،ويكون باالستعانة
بالموازنة العامة (وبالكميات الواردة فيها ـ االيرادات والنفقات) ،فبواسطة الضرائب
التصاعدية على الدخول ،والسيما دخول الطبقات الغنية يمكن اقتطاع اقسام من دخولهم
ثم بإنفاق حصيلتها على الطبقات الفقيرة عن طريق توفير التعليم المجاني والخدمات
1
https://sitcegypt.org/?p=4291 consulté le 10/1/2021.
2خطار شلبي ،العلوم المالية للموازنة،دار الكتاب اللبناني ،بيروت ، 1965 ،ص . 222
129
الصحية لها ،وعن طريق زيادة نسبة النفقات التحويلية في الموازنة العامة (اعانات
الطبقات الفقيرة واعانات المواد االساسية) يم ّكن النهوض بالطبقات الفقيرة وتحسين
مستواها فبواسطة موازنة الدولة يمكن اإلسهام في تقليل الفوارق بين الطبقات والمساعدة
في تحقيق قدر من التوازن االجتماعي.
تركز نظرية تكافؤ الفرص (تعادل الحظوظ) على وجوب تهيئة االمكانيات المادية
والمعنوية لجميع المواطنين بالتساوي ،بحيث تكون المنزلة (المكانة) االجتماعية لكل
فرد مستمدة من كفاءته الشخصية الطبيعية وليس من عناصر خارجية ال دخل للكفاءة
الشخصية بها (كالثروة والملكية الفردية والمحيط االجتماعي والتربية) .
وقد وجد العلماء ان الملكية الفردية (والتفاوت فيها) هي السبب الرئيسي لعدم تعادل
الدخول وللتفاوت االجتماعي ،باعتبار ان الثروة تضفي على صاحبها امكانيات كثيرة
تؤهله النتاج افضل ،وبالتالي لتضخم جديد في الثروة ولزيادة في الدخل كما انها تنتقل
عن طريق اإلرث من شخص الى آخر ومن جيل الى آخر مما يؤدي الى استمرار
التفاوت فيها .
ولعالج الوضع ؛ يرى علماء المالية العامة ضرورة فرض ضرائب عالية على االرث
(التركات) ،وعلى رؤوس األموال (الممتلكات الخاصة) ،ثم استخدام حصيلة ذلك
بواسطة الموازنة العامة لتعميم التعليم المجاني والخدمات الصحية واالجتماعية وتوفير
فرص العمل للعاملين ،فهذا من شأنه أن ُيسهم في التخفيف من حدة التفاوت االجتماعي
بين المواطنين ،ويسهم كذلك في توفير إمكانيات موحدة لجميع المواطنين في جميع
مجاالت الحياة ( اال انه ال يؤدي الى مبدأ تكافؤ الفرص المطلوب) .
يمكن القول ان الموازنة العامة ال تستطيع ان تحقق التوازن االجتماعي في حقلي تعادل
الدخول وتكافؤ الفرص بشكل مطلق ولكنها تسهم في التخفيف من حدة التفاوت
االجتماعي بين المواطنين وفي التقليل من الفوارق بين الطبقات .
130
الخاتمة:
حاولنا من خالل هذه المطبوعة الخاصة بمقياس المالية العامة ،االلمام بالعناصر
االساسية المتعلقة بالمالية العامة ،فقد تطرقنا إلى االطار النظري لدراسة المالية العامة
وعالقتها بالعلوم األخرى ،ثم تناولنا موضوع النفقات العامة وتقسيماتها وكل المفاهيم
األساسية المتعلقة بها ،ثم تم التطرق إلى ماهية االيرادات العامة وتقسيماتها ،ثم
درسنا الميزانية العامة في اطار قانون المالية.
حاولنا من خالل هذه المطبوعة الجمع بين الجانب النظري ومحاولة اسقاطه على
الجزائر ،ليستطيع الطالب اكتساب معرف اكاديمية ،وتطبيقية .
قائمة المراجع:
.1إبراهيم علي عبد هللاا أنور العجارمة ،مبادئ المالية العامة ،دار الصفاء للطباعة والنشر والتوزيع ،عمان،
األردن.2000 ،
.2أبو منصف ،مدخل للتنظيم االداري والمالية العامة ،دار المحمدية العامة ،الجزائر.2004 ،
.3أحمد عبد السميع عالم" ،المالية العامة :المفاهيم والتحليل االقتصادي والتطبيق" ،مكتبة الوفاء القانونية،
اإلسكندرية.2012،
.4أحمد عبد السميع عالم ،المالية العامة :المفاهيم والتحليل االقتصادي والتطبيق ،مكتبة الوفاء القانونية،
اإلسكندرية.2012،
.5اعاد حمود القيسي المالية العامة والتشريع الضريبي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع،األردن.2015،
131
.6بعلي محمد الصغير ،يسرى أبو العالء ،المالية العامة ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،الجزائر.2003 ،
.7جمال لعمارة ،أساسيات الموازنة العامة للدولة ،دار الفجر للنشروالتوزيع ،مصر .2004 ،
.8حامد دراز ،يونس بطريق ـ مبادئ المالية العامة ـ الدار الجامعية للنشر والتوزيع،بيروت.2004،
.9حامد عبد المجيد دراز ،سميرة ابراهيم ايوب ،مبادئ المالية العامة ،الدار الجامعية ،االسكندرية،
مصر2002 ،
.10حسن عواضة ،عبد الرؤوف قطيش ،المالية العامة :الموازنة ،نفقاتها ،وارداتها ،ضرائب ورسوم،
القروض ،اإلصدار النقدي ،الخزينة ،دراسة مقارنة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان.2013،
.11حسن عواضة ،عبد الرؤوف قطيش ،المالية العامة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،ط .2013 ،1
.12حسن عواظة ،المالية العامة ،الطبعة السادسة ،دار النهضة العربية ،بيروت.1983 ،
.13حسين مصطفى حسين ،المالية العامة ،الطبعة الخامسة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.2006،
.14حمد جمال ذنيبات ،المالية العامة والتشريع المالي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،االردن.2003 ،
خالد شحادة الخطيب ،أحمد زهير شامية" ،أسس المالية العامة" ،الطبعة الثالثة ،دار وائل .15
للنشر ،عمان.2007 ،
خبابة عبد هللاا " ،أساسيات في اقتصاد المالية العامة ،مؤسسة شباب الجامعة ،االسكندرية، .16
.2009
خليفي عيسى ،هيكل الموازنة العامة للدولة ،الطبعة األولى ،دار النفائس للنشر والتوزيع ،عمان، .17
.2010
رمضان صديق ،الوجيز في المالية العامة والتشريع الضريبي ،دار النهضة العربية .2016 ، .18
زينب عوض هللاا ،مبادئ المالية العامة ،الدار الجامعية للطباعة والنشر،بيروت.1998 ، .19
سعود جايد مشكور،عقيل حميد جابر ،مدخل معاصر في المالية العامة،دار المناهج ،األردن .20
.2020،
سعيد عبد العزيز عثمان" ،مقدمة في االقتصاد العام" ،الجزء األول ،الدار الجامعية للطباعة .21
والنشر ،بيروت.2003،
سعيد عبد العزيز عثمان ،المالية العامة مدخل تحليلي معاصر ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية، .22
مصر.2008 ،
سعيد عبد العزيز عثمان ،المالية العامة ،مدخل تحليلي معاصر ،الدار الجامعية، .23
بيروت.2008،
132
سوزي عدلي ناشد ،أساسيات المالية العامة ،الطبعة األولى ،منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان، .24
.2008
شهاب مجدي محمود،االقتصاد المالي ،االسكندرية ،دار الجامعة الجديدة للنشر.. 1999، .25
طارق الحاج،المالية العامة ، ،دار صفاء للنشر و التوزيع ،عمان ،الطبعة األولى.1999 ، .26
الطاهر الجنابي ،علم المالية العامة والتشريع المالي ،دار الكتب للطباعة والنشر ،بغداد، .27
العراق ،دون سنة النشر.
عادل أحمد حشيش ،أساسيات المالية العامة ،دار النهضة العربية للطباعة و النشر ،بيروت، .28
1992
عادل فليح ،المالية العامة والتشريع المالي الضريبي ،دار الحامد ،األردن.2003، .29
عبد هللاا الطاهر،مقدمة في اقتصاديات المالية العامة ،الطبعة األولى ،المملكة العربية السعودية، .30
.1988
عبد الحميد عبد المطلب ،اقتصاديات المالية العامة ،الشركة العربية المتحدة للتسويق، .31
جمهورية مصر العربية.2010 ،
عبد الكريم صادق بركات ،يونس أحمد البطريق ،حامد عبد المجيد ،المالية العامة ،الدار .32
الجامعية،االسكندرية1986 ،
عبد اللطيف قطيش ،الموازنة العامة للدولة ،الطبعة األولى ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت، .33
لبنان.2005 ،
عبد المجيد قدي ،المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية ،دراسة تحليلية تقييميه ،ديوان .34
المطبوعات الجامعية الجامعية ،الجزائر.2005 ،
عبد المطلب عبد الحميد ،السياسات االقتصادية تحليل جزئي وآلي ،مكتبة زهراء الشرق، .35
القاهرة.1997 ،
عبد المطلب عبد الحميد،السياسات االقتصادية،التحليل الجزئي و الكلي ،مكتبة زهراء الشرق .36
،القاهرة ،تكلى ,الشريف رمسيس ،األسس الحديثة لعلم مالية الدولة ،دار الفكر العربي ،مصر ،
.1978
عبد المولى السيد،المالية العامة ،دار الفكر العربي،مصر.1985 ، .37
العبيدي سعيد علي ،اقتصاديات المالية العامة ،دار دجلة ،ط ،1عمان ،األردن ،ص.2011 .38
133
عثمان سعيد عبد العزيز ،مقدمة في االقتصاد العام ،الدار الجامعية للطباعة والنشر ،بيروت، .39
.1997
عدنان حسين الخياط ،مهدي سهر الجبوري ،واثق علي المرسومي ،اقتصاديات الموازنة العامة، .40
الجزء األول ،دار األيام ،عمان.2016 ،
عال محمد عبد محسن الشلة ،محددات االيرادات العامة في فلسطين ،مذكرة ماجستير ، .41
تخصص منازعات ضريبية ،جامعة النجاح الوطنية ،فلسطين .2005
علي خليل سليمان اللوزي" ،المالية العامة" ،دار زه ارن للنشر و التوزيع ،عمان ،األردن .42
.1999،
غازي حسين عناية ،المالية والتشريع الضريبي ،دار البيان ،األردن.1998، .43
فوزت فرحات ،المالية العامة واالقتصاد المالي ،منشورات الحلبي ،بيروت.2003 ، .44
قاسم إبراهيم الحسني ،المحاسبة الحكومية والموازنة العامة ،مؤسسة الوراق ،عمان ،األردن، .45
.1999
لعمارةجمال ،منهجية الموازنة العامة في الجزائر ،دار الفجر للنشر والتوزيع ،القاهرة الطبعة .46
األولى.2004 ،
مجدي محمد شهاب ،أصول االقتصاد العام ، ،دار الجامعة الجديدة،اإلسكندرية ،مصر، .47
.2004
محرزي محمد عباس ،اقتصاديات المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الطبعة الرابعة ، .48
الجزائر. 2010 ،
محرزي محمد عباس،اقتصاديات المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.2015، .49
محمد إبراهيم الدسوقي "،اقتصاديات المالية العامة" ،دار النهضة العربية ،القاهرة. .50
محمد الصغير بعلي ،يسرى ابو العال ،المالية العامة ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،الجزائر، .51
.2003
محمد حسين الوادي ،المالية العامة والنظام المالي في اإلسالم،دار المسيرة للنشر والتوزيع و .52
الطباعة ،االردن.2007 ،
محمد خالد المهايني ،محاضرات في المالية العامة ،المعهد الوطني لإلدارة الدورة التحضيرية .53
،سوريا.2013،
محمد خير العكام ،المالية العامة ،الجامعة االفتراضية السورية ،سوريا.2018 ، .54
134
محمد شاكر عصفور ،أصول الميزانية العامة دار المسيرة للنشر والتوزيع .55
والطباعة،االردن 2012،محمد طاقة ،هدى العزاوي ،اقتصاديات المالية العامة ،دار المسيرة للنشر و
التوزيع و الطباعة ،عمان.2007 ،
محمد طاقة ،هدي العزاوي ،اقتصاديات المالية العامة ،دار المسيرة ،األردن.2010 ، .56
محمد عباس محرزي ،اقتصاديات المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،بن عكنون .57
،الجزائر.2003 ،
محمد عباس محرزي ،اقتصاديات المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.2005، .58
محمد فوزي أبو السعود ،مقدمة في االقتصاد الكلي ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية.2004، .59
محمود جمام ،النظام الضريبي واثاره على التنمية االقتصادية ،أطروحة دكتوراة ،علوم اقتصادية .60
،قسنطينة.2010/2009 ،
محمود حسين الوادي ،زكريا أحمد عزام ،المالية العامة والنظام المالي في اإلسالم ،دار المسيرة .61
للنشر ،عمان .2000،
محمود حسين الوادي ،مبادئ المالية العامة ،دار المسيرة للنشر والتوزيع ،عمان.2005 ، .62
محمود حسين الوادي ،مبادئ المالية العامة ،دار المسيرة ،األردن.2015 ، .63
محمود رياض عطية ،الموجز في المالية العامة ،دار المعارف ،مصر.1969، .64
مصطفى الفار ،اإلدارة المالية العامة ،دار أسامة للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى ،عمان، .65
األردن2008 ،
ناظم محمد الشمري ،محمد موسى الشروق ،مدخل في علم االقتصاد ،دار زهران للطباعة .66
والنشر،عمان ،األردن.2000 ،
ندنيدي يحي ،المالية العمومية ،دار الخلدونية ،الطبعة الثانية،الجزائر.2014 ، .67
نوزاد عبد الرحمن الهيتي ،منجد عبد اللطيف الخشالي ،المدخل الحديث في اقتصاديات المالية .68
العامة "دار المناهج ،عمان ،األردن.2005 ،
يونس منصور ميالد ،مبادئ المالية العامة ،ط ، 1منشورات الجامعة المفتوحة ،طرابلس ، .69
.1991
135
.1بوري محي الدين ،دور السياسة المالية في تحقيق التوازن االقتصادي حالة الجزائر،اطروحة دكتوراة،
تخصص علوم اقتصادية ،جامعة جياللي اليابس ،سيدي بلعباس .2018/2017،
.2شباب سهام ،أثر تقلبات اسعار النفط على الموازنة العامة للدولة ،أطروحة دكتوراة ،تخصص تسيير
المالية العامة .2019/2018،
.3شعبان فرج،الحكم الراشد كمدخل حديث لترشيد اإلنفاق العام و الحد من الفقر -دراسة حالة الجزائر
،2000،2010،أطروحة دكتوراه ،كلية العلوم االقتصادية ،تخصص نقود ومالية ،جامعة الجزائر،3
.2012
.4ضيف احمد،أثر السياسة المالية على النمو االقتصادي المستديم في الجزائر ،1989/2012اطروحة
دكتوراة ،علوم اقتصادية ،جامعة الجزائر2015/2014،
.5فاطمة فوقة ،حوكمة الحسابات الخاصة للخزينة كمدخل لترشيد الموازنة العامة للدولة في الجزائر،
أطروحة دكتوراه ،علوم اقتصادية ،محاسبة ،مالية وبنوك ،جامعة حسيبة بن بوعلي ،الشلف ،الجزائر،
.2017
المقاالت والمداخالت:
.1عزازي عماد ،بو عيشاوي مراد،حوكمة الميزانية العامة في الجزائر على ضوء القانون العضوي الجديد
رقم 18/158المتعلق بقوانين المالية ،المجلة الجزائرية للمالية العامة ،المجلد ،10العدد.2020 ،1
.2لعاطل عياش ،نوي سميحة ،آلية ترشيد االنفاق العام من أجل تحقيق التنمية البشرية المستدامة في
الجزائر ،ورقة بحثية في مؤتمر تقييم برامج االستثمارات العامة و انعكاساتهاعلى االتتشغيل و االستثمار
في الجزائر ،جامعة سطيف ، 1مارس .2013
.3لعمارة جمال ،تطور فكرة الموازنة العامة للدولة ،مجلة العلوم اإلنسانية ،العدد األول ،جامعة محمد
خيضر بسكرة ،الجزائر2000،
.4ناجي شايب الركابي ،الموازنة التعاقدية أداة للتنمية في ظل ندرة الموارد االقتصادية ،مجلة كلية بغداد
للعلوم االقتصادية الجامعة ،العدد ، 52العراق .2017،
.5محمد الدندشي ،فراس السراج ،القروض العامة أداة لتمويل العجز في الموازنة العامة ،الجامعة
المستنصرية ،مجلة كلية الحقوق ،بغداد ،العراق.2008.1،
القوانين والمراسيم:
136
الجريدة الرسمية للجمهورية، المتعلق بالمحاسبة العمومية1990/08/15 المؤرخ في21/90 القانون.1
. 51 العدد،الجزائرية
الجريدة، المحدد لصالحيات وزير المالية1995 فيفري15 المؤرخ في54/95 المرسوم التنفيذي.2
.15 عدد1995 مارس9 الرسمية بتاريخ
.المتعلق بتنظيم اإلدارة المركزية في و ازرة المالية، 1995 المؤرخ في فيفري55/95 المرسوم.3
. النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني.4
.يتعلق بنفقات الدولة للتجهيز، 1998 جويلية13 المؤرخ في227-98 المرسوم التنفيذي رقم.5
Ouvrages :
: المواقع اإللكترونية-
1. https://abu.edu.iq/sites/default/files/courses/law/courses/2/public-finance-financial-
legislation/financial_01.pdf
2. https://www.marefa.org/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%
A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9
3. http://www.uoanbar.edu.iq/eStoreImages/Bank/9130.docxc.
4. http://www.uoanbar.edu.iq/eStoreImages/Bank/9130.docx
137
5. https://www.nationalarchives.gov.uk/cabinetpapers/alevelstudies/welfare-state.htmconsulté
le 13/11/2020
6. https://political-encyclopedia.org
7. http://arab-ency.com.sy/overview/189.
8. https://almerja.com/reading.php?idm=126610
9. http://arab-ency.com.sy/law/detail/164579.
10. إعداد نظم اإلدارة المالية العامة لمواجهة تحديات االستجابة لحالة، وميشيل ستون،سانديب ساكسينا
138