You are on page 1of 221

‫جامعة الجزائر‪ 1‬بن يوسف بن خدة‬

‫كلية الحقوق – بن عكنون‬

‫رقابة المطابقة ورقابة التقييم على النفقات‬


‫العمومية‬
‫بين التوافق والتناقض‬

‫مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير في القانون‬


‫فرع‪ :‬الدولة والمؤسسات العمومية‬

‫الطالبة‪ :‬كموش نسيمة‪.‬‬

‫المشرف والمقرر الدكتور‪ :‬محمد الطاهر بوعارة‪.‬‬


‫أعضاء اللجنة ‪:‬‬

‫‪ -‬الدكتور ‪ :‬حرطاني أمين خالد‪.................................‬رئيسا؛‬


‫‪ -‬الدكتور‪ :‬بوعارة محمد الطاهر‪..........................‬مشرفا ومقر ار؛‬
‫‪ -‬الدكتور‪:‬فنينش محمد الصالح‪.................................‬عضوا‪.‬‬

‫السنة الدراسية ‪2013-2012‬‬


‫مقدمة‬

‫تختلف وظيفة الدولة أو مدى تدخلها‪ ،‬باختالف المذاهب السياسية التي تعتنقها كل دولة‪ .‬و‬
‫المذهب السياسي‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬يعكس من الناحية السياسية مجموعة من القيم و األفكار المترابطة أو‬
‫مجموعة من اإليديولوجيات التي تقدم تصو اًر للوجود‪ ،‬أي هو برنامج سياسي يجسد بشكل متكامل جملة‬
‫من اإليديولوجيا ت‪ ،‬و يحدد األهداف و الوسائل الالزمة لنقلها من البنية الفكرية البحتة إلى البنية القانونية‬
‫والحركية في إطار الدولة‪ .‬ومع تطور وظائف الدولة بتطور النظريات االقتصادية‪ ،‬أصبحت الدولة فاعال‬
‫في الحياة االقتصادية بعد أن كان دورها يقتصر على تغطية نفقاتها العمومية المتمثلة في قطاعات‬
‫السيادة كاألمن‪ ،‬القضاء والدفاع‪.‬‬

‫إن هذا التطور في وظائف الدولة فرض على هذه األخيرة إيجاد منهجية ووسائل تمكنها من التدخل‬
‫في الحياة االقتصادية بالخصوص‪ ،‬وقد تحقق ذلك فعال من خالل تحديد السياسة المالية التي أصبحت‬
‫عامال مهما وعنص ار فعاال في الد ارسات االقتصادية والمالية‪ ،‬والمكانة التي تحتلها السياسة المالية اليوم‬
‫في الفكر الحديث لم تحدث طفرة واحدة فقد كان دورها باهتا في العصور القديمة‪ ،‬أما في الفكر التقليدي‬
‫كان مطلوبا منها أن تكون محايدة تماما اتساقا مع طبيعة الفكر السائد آنذاك‪.‬‬

‫وبقي حال السياسة المالية على هذا الوضع إلى أن ظهر في األفق األزمات االقتصادية‪ ،‬وبصفة‬
‫خاصة األزمة العالمية التي اجتاحت العالم سنة ‪ ،9191‬إذ يمكن القول بأن التطور األعظم الذي لحق‬
‫بالسياسة المالية قد نبع من اإلسهام الكبير لالقتصادي الكبير جون ماينرد كينز في مؤلفه" النظرية العامة‬
‫في العمالة والفائدة والنقود"‪ ،‬مع تأكيده على فشل آليات السوق وحدها في عالج المشاكل االقتصادية‬
‫وخاصة مشكلة الكساد العظيم‪ ،‬وما ترتب عليه في الواقع العملي من ضرورة تبني أراء كينز الخاصة‬
‫بتدخل الدولة في النشاط االقتصادي واالنتقال من نطاق الدولة الحارسة إلى نطاق الدولة المتدخلة‬
‫بسياسات مالية مناسبة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ومنذ ذلك الحين اكتسبت السياسة المالية دو ار أكثر أهمية وأصبحت أداة رئيسية من أدوات السياسة‬
‫االقتصادية في توجيه مسار الكيان االقتصادي‪ ،‬ومعالجة ما يتعرض له من هزات وأزمات فضال عن ما‬
‫لها من اثر في التنمية القتصادية وخاصة في الدول السائرة في طريق النمو‪ ،‬وبفضل ذلك التطور الذي‬
‫لحق بالسياسة المالية في النظم المعاصرة أصبح من واجب الدولة ولزاما عليها أن تتدخل في توجيه‬
‫االقتصاد الوطني في كافة نواحيه‪ ،‬وأصبحت السياسة المالية تلعب دو ار جوهريا في تحقيق األهداف التي‬
‫ينشدها االقتصاد‪.‬‬

‫أن تطور‬
‫أن تدخل الدولة في الحياة االقتصادية يفترض مراعاة عدة معايير‪ ،‬كما ّ‬
‫مما سبق اتضح ّ‬
‫الوقائع االقتصادية قد انعكس على تطور علم المالية من علم يهدف إلى تأمين إيرادات عامة لتغطية‬
‫نفقات عامة إلى العلم الذي يبحث في جملة الوسائل المالية التي تستخدمها الدولة لتحقيق أهدافها‬
‫االقتصادية والسياسية واالجتماعية‪ .‬فالنفقات العمومية تؤثر على النشاط االقتصادي وبالتالي تؤثر في‬
‫التوازن االقتصادي‪ ،‬هذا باإلضافة إلى اآلثار التي تحدثها اإليرادات على النشاط االقتصادي ولهذا تصبح‬
‫ثم‬
‫بحد ذاتها‪ ،‬بل هي وسيلة يفترض تفاعلها مع الحالة االقتصادية للبالد‪ ،‬ومن ّ‬
‫ميزانية الدولة ليست غاية ّ‬
‫يصبح على السياسة المالية أن توازن بين ميزانية الدولة بما يتفق ويتالءم مع توازن االقتصاد‪ .‬ومن هنا‬
‫يبرز الدور المعتبر للمالية العمومية باعتبارها الممول الوحيد لكل نشاطات الدولة لتحقيق أقصى مساهمة‬
‫في إشباع االحتياجات بمختلف أنواعها وفي انجاز الخطط والبرامج والسياسات العمومية التي تمس كل‬
‫المجاالت‪ .‬فالمالية العمومية إذن هي العلم الذي يتمثل موضوعه في دراسة القواعد المنظمة للنشاط‬
‫المالي ولألنشطة التي تبذلها الهيئات في سبيل الحصول على الموارد الضرورية النفاقها قصد اشباع‬
‫الحاجات العامة‪ ،‬أما منهجه أو طريقة بحثه فتتمثل في أدواته اإليرادات‪ ،‬النفقات والميزانية‪ .‬ويتحقق ذلك‬
‫من خالل دراسة هذه األدوات منفصلة ومنعزلة عن العوامل اإلقتصادية األخرى أو أنه العلم الذي يدرس‬
‫النفقات العامة واإليرادات العامة وتوجيهها من خالل برنامج معين يوضع لفترة محددة‪ ،‬بهدف تحقيق‬
‫‪1‬‬
‫أغراض الدولة االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد عباس محرزي‪ :‬اقتصاديات المالية العمومية‪ :‬النفقات العمومية‪ ،‬اإليرادات العمومية‪ ،‬الميزانية العامة للدولة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪ ،2005 ،‬ص ‪.34 ،33‬‬

‫‪2‬‬
‫ومما تقدم يمكن القول أن علم المالية هو ذلك العلم الذي يدرس القواعد المنظمة للنشاط المالي‬
‫للهيئات العمومية ومؤسسات الدولة‪ ،‬و هو ذلك النشاط الذي تبذله الهيئات في سبيل الحصول على‬
‫‪1‬‬
‫الموارد الضرورية الالزمة إلنفاقها من أجل الوصول إلى اشباع الحاجات العامة‪.‬‬

‫وتعتبر الميزانية العامة للدولة إحدى أبرز األدوات التي تستخدمها الدول في إطار السياسة المالية‪،‬‬
‫فالميزانية عبارة عن خطة مالية سنوية للحكومة تطرح من خاللها برامجها ومخططاتها التنموية‪ ،‬ومن هنا‬
‫فإن الدولة ملتزمة بالحرص على استعمال الموارد العمومية وتوجيه استخدامها وفقا ألولويات المجتمع‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد على السلطات العمومية أن تحسن اختياراتها في إطار ترشيد اختيارات الميزانية وفق‬
‫متطلبات ومساعي المجتمع‪ .‬وال يخفى علينا في هذا النطاق أن الحرص على ترشيد النفقات العمومية هو‬
‫من أول األولويات التي ينبغي اعتمادها‪.‬‬

‫ولما كان اتساع نشاط اإلدارة تبعة حتمية الزدياد حجم الموارد العمومية مع تطور وظيفة الدولة‪،‬‬
‫فإن إمكانية االنحراف في استعمال الموارد العمومية أمر يطرح بنسبة أكبر خاصة على اعتبار أن ظاهرة‬
‫تزايد النفقات العمومية هي ظاهرة اقتصادية محضة‪.‬‬

‫وبغية التحكم في اإلنفاق وتوجيهه لألغراض التي تخدم المجتمع وفق استعمال عقالني للموارد‬
‫العمومية كان البد من إرساء نظام كفيل بالنظر في االستعمال الحسن لهذه الموارد والتحكم في حجمها‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق برزت الرقابة التي لطالما كانت ركنا من أركان اإلدارة في الدولة الحديثة وتحتل مكانا‬
‫هاما بين التخطيط والتنظيم والتوجيه‪ ،‬ويرتبط كل منهما باآلخر ارتباطا وثيقا‪ ،‬فبدون التخطيط ال توجد‬
‫الرقابة حيث لم يسبق تحديد األهداف المطلوب تحقيقها والعناصر الواجب استخدامها لتحقيق هدف معين‬
‫في زمن محدد‪ ،‬كما أن التنظيم الجيد والتحديد الواضح للسلطات والمسؤوليات يسهل عملية الرقابة‪،‬‬
‫والتوجيه ضروري قبل تنفيذ األعمال المختلفة لتوجيه اإلمكانيات المتاحة نحو تحقيق األعمال المطلوبة‬
‫بكفاءة‪ ،‬والتوجيه السليم يرتبط ارتباطا وثيقا بعملية الرقابة ويساعدها على اكتشاف األخطاء‪ .‬فدور الرقابة‬
‫ال يقف على مجرد المراجعة المستندية‪ ،‬بل يمتد لبحث سالمة التصرفات ويقيم األداء ليقوده إلى الطريق‬
‫‪2‬‬
‫الصحيح‪.‬‬

‫‪ 1‬حسين مصطفى حسين‪ :‬المالية العامة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ ،1995 ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪ 2‬محمود عوف الكفراوي‪ :‬الرقابة المالية ‪ :‬النظرية والتطبيق‪ ،‬مطبعة االنتصار‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬االسكندرية‪ ،2005 ،‬ص ‪.15،14 ،13‬‬

‫‪3‬‬
‫و بالتالي فالرقابة على األموال العمومية تعني التفتيش والمالحظة والمتابعة والتحقيق من االستعمال‬
‫الحسن لإلمكانيات البشرية والمادية والمالية‪ ،‬وكذلك الوثائق والحسابات‪ ،‬واحترام القوانين والتنظيمات‬
‫الموضوعة كمقاييس لعمل المسيرين ومعاقبة المخالفين ‪.‬وال تقف الرقابة عند هذا الحد أي العالج بل‬
‫تتعداه إلى الوقاية‪ ،‬معنى ذلك أن الهدف من الرقابة ليس فقط تسليط العقوبات على المخالفات واألخطاء‬
‫التي يرتكبها الموظفون القائمون على تنفيذ الميزانية‪ ،‬بل أيضا تهدف إلى تقديم النصح لهم لتفادي‬
‫األخطاء ويمكن استخالص مفهوم الرقابة عل األموال العمومية على أنها مالحظة ومتابعة النفقات‬
‫واإليرادات التي يقوم بصرفها وتحصيلها األشخاص الذين خول لهم القانون ذلك‪ ،‬والتحقق من مدى‬
‫مطابقتها للقواعد والمقاييس الموضوعة لتنظيمها‪ ،‬كأن يتأكد من أن االلتزام أو األمر بالصرف الخاص‬
‫بنفقة معينة قد تم صرفه‪ ،‬أو االلتزام به بصفة مطابقة لتنظيمات وقوانين المحاسبة العمومية ‪.‬فالمراقب‬
‫يقيم المسؤولية الملقاة على عاتق مرتكبي األخطاء فيطلب من الجهات المختصة بإيقاع العقوبات الالزمة‪،‬‬
‫أو يقوم هو بذلك إن كان في سلطته ويسهر على عدم تكرار مثل هذه األخطاء‪.‬‬

‫فالرقابة إذا هي وظيفة إدارية تعنى بقياس وتصحيح أساليب األداء‪ ،‬من أجل التأكد من أن أهداف‬
‫المؤسسة وخططها التي وضعت لتحقيق هذه األهداف قد نفذت‪ ،‬وتقرير ما إذا كانت الخطط التي وضعت‬
‫قد تم اعتمادها في التنفيذ‪ ،‬وما إذا كان هناك تقدم فعلي نحو تحقيق األهداف‪ ،‬والتحرك لتصحيح‬
‫االنحرافات واألخطاء‪ .‬كما يمكن تعريفها بأنها‪ :‬مجهود تقوم به الجهات المسئولة يشمل المالحظة‬
‫المستمرة لألداء‪ ،‬وقياس النتائج الفعلية واستخراج مؤشراتها بحيث يمكن مقارنتها بالمعايير الموضوعة‬
‫لتحديد االنحرافات عن األهداف المسطرة‪ ،‬أو توقع حدوت هذه االنحرافات ومعرفة أسبابها‪ ،‬تم تحديد‬
‫انسب التصرفات العالجية والتصحيحية التي تحقق االستخدام األمثل للموارد المتاحة للتنظيم لتحقيق‬
‫أهدافه‪ ،‬كما تساعد على التحقق من أداء األنشطة بالكيفية المحددة لها طبقا لإلجراءات‪ ،‬واألنشطة التي‬
‫تحك م أداء العمل اإلداري العام‪ ،‬وكذلك تمكن من التحقق من أن التنفيذ يسير في اتجاه األهداف الرئيسية‬
‫المحددة‪ .‬أو هي مجهود‪ ،‬عمل تقوم به الجهات المسؤولة يشمل المالحظة و المتابعة المستمرة لألداء‬
‫المالي‪ ،‬وقياس نتائجه الفعلية واستخراج مؤشراتها القياسية لتشخيص االنحرافات عن األهداف المسطرة‪،‬‬
‫ووصف العالج المناسب لتصحيحها‪ .‬يظهر لنا من التعاريف السابقة أنه يمكن التمييز بين نوعين من‬
‫الرقابة‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫_ رقابة المطابقة التي تمارس على كل تصرف أو تسيير لألموال العمومية للنظر في مدى‬
‫مطابقتها للنصوص التشريعية والتنظيمية السارية المفعول‪ ،‬واذا تمت هذه الرقابة بصفة مسبقة فهي تسمح‬
‫بوضع حد للتجاوزات‪ ،‬واذا تمت بصفة ملحقة فإنها تحدد المسؤوليات المترتبة على مرتكبيها‪.‬‬

‫_ رقابة تستند للمبادئ األساسية للتسيير السليم وذلك من خالل تكييف النصوص القانونية حسب‬
‫ظروف تطبيقها‪ .‬هذه الرقابة هي رقابة أداء‪ ،‬تطبق على مختلف أنواع التسيير العمومي كما تسمح‬
‫بمقارنة اإليجابيات والسلبيات‪ ،‬وهي رقابة مؤسسة على مقاييس اقتصادية قائمة على عقلنة استعمال‬
‫الموارد االقتصادية والسياسية والمالية استنادا إلى المعلومات المتوفرة‪ ،‬إذ تسمح بالتأكد من مسايرة‬
‫‪1‬‬
‫التقديرات الميزانية لألهداف المسطرة بحيث يجب أن تكون مضبوطة ومحددة بصفة دقيقة‪.‬‬

‫واذا ما كانت رقابة الفعالية هي موضوع رقابة التسيير التي تهدف إلى معرفة درجة تحقيق‬
‫األهداف فرقابة النجاعة يقصد بها استعمال الوسائل المتاحة بطريقة مثلى مقارنة باألهداف المحققة أي‬
‫رقابة المردودية وهي رقابة بعدية تتم بعد اتخاذ الق اررات‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار برز مفهوم التقييم الذي يعتبر حديثا بالنسبة لإلدارة‪ ،‬ففي فرنسا مثال تم تعريفه‬
‫على أنه برنامج يهدف إلى البحث عما إذا كانت الوسائل القانونية اإلدارية والمالية المسخرة لتنفيذ برامج‬
‫أو سياسة معينة تسمح بتحقيق النتائج والوصول إلى األهداف المحددة لذلك‪ .‬حيث تتميز العملية بالتزام‬
‫الموضوعية‪ ،‬إذ البد أن تكون قاعدة المعطيات والمستندات المستعملة في العملية دقيقة و كافية التخاذ‬
‫الق اررات كما البد من استقاللية األحكام الصادرة وكذا التزام الشفافية‪ ،‬إذ يجب أن تكون طريقة و معايير‬
‫ونتائج التقييم واضحة‪ ،‬لذلك فان وضع نظام التقييم يهدف إلى جعل اإلدارة تعيد النظر كل مرة في طريقة‬
‫تسييرها‪.‬‬

‫وقد ارتبط مفهوم رقابة المال العام بتطور األنظمة المالية واإلدارية للدولة حيت ال يمكن الجزم أن‬
‫رقابة المال العام ارتبطت بظهور الدولة الحديثة بل لها امتدادات في التاريخ‪ ،‬وعلى اعتبار أن الرقابة‬
‫على المالية العمومية في الجزائر حديثة التكوين وتقتبس جل مبادئها من النظام الفرنسي‪ ،‬فإننا سنركز في‬
‫هذه اللمحة التاريخية على تاريخ الرقابة في فرنسا حيث تجد الرقابة جذورها األولى في الحقبة الرومانية‬
‫أين استخدمت ألول مرة الرقابة على الوثائق‪ ،‬الرقابة على صحة ودقة األرقام‪ ،‬إيداع األموال الباقية في‬

‫‪1‬‬
‫‪Francis J Fabre : le contrôle des finances publiques, Paris, 1968, p 8.‬‬

‫‪5‬‬
‫حسابات خاصة‪ ،‬باإلضافة إلى استخدام تقنية توقيف الحسابات‪ 1.‬كما استخدم الملوك الذين حكموا فرنسا‬
‫بعد الحقبة الرومانية قواعد المالية سيما الرقابة على األموال الملكية‪ ،‬حيث شهدت القترة إنشاء الخزينة‬
‫‪2‬‬
‫الملكية في ‪ 30‬مارس ‪.1788‬‬

‫وابتداء من القرن التاسع عشر أدرك المجتمع الليبرالي ضرورة الرقابة وتمكن من معرفة األهمية‬
‫التقنية والسياسية للرقابة على المالية العمومية‪ ،‬لذلك شهدت هذه الفترة ميالد المبادئ األساسية للرقابة‬
‫والمحاسبة العمومية ‪-‬خاصة المتعلقة منها بدور المحاسبين العموميين‪ -‬وخلق أو إنشاء األسالك أو‬
‫مؤسسات الرقابة البعدية‪ .‬فقد أنشأ القنصل األول بموجب القرار المؤرخ في ‪ 27‬سبتمبر ‪ 1801‬و ازرة‬
‫وكذا‬ ‫الخزينة العمومية رفقة مفتشين عامين مكلفين برقابة صناديق القابضين ‪receveurs‬‬
‫الدافعين ‪ .payeurs‬كما تم إنشاء مجلس المحاسبة المكلف بالقضاء المالي بموجب قانون ‪ 16‬سبتمبر‬
‫‪ 1807‬ومرسوم ‪ 28‬سبتمبر من نفس السنة‪ .‬و صدر في سنة ‪ 1808‬مرسوم يحدد مسؤوليات المحاسبين‬
‫العموميين باإلضافة إلى قواعد المحاسبة العمومية‪ .‬وجاء األمر المؤرخ في سبتمبر ‪ 1822‬ليضع المبدأ‬
‫األساسي المتمثل في الفصل بين اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪ .‬نشير إلى أنه خالل هذه الفترة‬
‫لم يكن المحاسبون سوى أمناء صناديق بسطاء لهم سلطة الرقابة على الوثائق المرفقة بملف الدفع‪ .‬إلى‬
‫والذي يؤكد على مسؤولية المحاسب‬ ‫غاية سنة ‪ 1838‬حيث صدر األمر المؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪1838‬‬
‫العمومي‪ .‬ويعود تاريخ أول تقنين خاص بالمحاسبة العمومية إلى سنة ‪ ،1862‬حيث تم إصدار مرسوم‬
‫‪ 31‬ماي من نفس السنة‪ ،‬هذا األخير لم يتم تعديله إال بعد قرن من الزمن بموجب مرسوم ‪ 29‬ديسمبر‬
‫‪ . 1962‬وابتداء من القرن العشرين‪ ،‬اتضح تحكم الدولة في المجال المالي وهذا ما تأكد مع تأسيس رقابة‬
‫االلتزام التي تسمح بالتحقق من العديد من العناصر ال سيما توفر اإلعتمادات‪ .‬وقد وضعت هذه الرقابة‬
‫حيز التنفيذ منذ سنة ‪ 1890‬كآلية داخلية في كل و ازرة‪ ،‬إلى أن صدر القانون المؤرخ في ‪ 10‬أوت ‪1922‬‬
‫‪3‬‬
‫الذي أنشأ وظيفة المراقب المالي الخاضع لسلطة وزير المالية‪.‬‬

‫أما عن تطور الرقابة على المالية العمومية في الجزائر فإن األمر يستدعي اإلشارة إلى تطور‬
‫المحدد آلليات هذه الرقابة‪ ،‬من خالل‬
‫ّ‬ ‫المؤسساتي على اعتبار أن هذا اإلطار هو‬
‫اإلطار السياسي و ّ‬

‫‪ 1‬وتم استخدام هذه التقنيات في عملية الرقابة إبان الحقبة الرومانية وفق ما يبينه نص ‪ )235-193( Callistrate‬بعد الميالد‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Andri BARILAR: les contrôles financiers comptables, administratifs et juridictionnels des finances publiques,‬‬
‫‪LGDG, 2003, p15,16 .‬‬

‫‪3‬‬
‫‪IDEM, p16,17 .‬‬

‫‪6‬‬
‫طبيعة العالقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ال سيما في المجال المالي‪ ،‬لكونه أهم أوجه‬
‫االهتمام لكل من الحكومة والبرلمان‪ ،‬فالنظام السياسي الجزائري لم يكن محدد المعالم واألطر‪ ،‬بل خضع‬
‫لتحوالت عدة‪ ،‬إذ عرفت الجزائر نماذجا مختلفة جاءت مسايرة للظروف التي مرت بها وتكيفا مع ما يعتقد‬
‫أنها تحوالت وتطورات البد من مسايرتها‪ ،‬هذه التحوالت تمت مواكبتها بمجموعة من المعايير القانونية‬
‫وبدرجات متفاوتة وذلك إلعطاء إطار قانوني لعمل مؤسسات الدولة‪ ،‬وتحديد طبيعة ومهام كل مؤسسة أو‬
‫وظيفة‪ ،‬فمرت بذلك المؤسسة التشريعية أو الهيئة المكلفة بالتشريع والرقابة في الجزائر بعدة مراحل‪،‬‬
‫وعرفت نماذجا متباينة من حيث التنظيم والصالحيات تبعا لمقتضيات وظروف إنشائها ولطبيعة النظام‬
‫السياسي ومتطلباته في كل مرحلة‪.1‬‬

‫فبعد االستقالل تبنت الجزائر النهج االشت اركي وسيادة مبدأ وحدة السلطة وتعدد الوظائف‪ ،‬فكان كل‬
‫من الميثاق الوطني والدستور يعتبران الرقابة أم ار ضروريا لتجسيد االختيار االشتراكي الذي تبناه دستور‬
‫‪ 9191‬و ‪ ،9199‬وفي هذا اإلطار أكد دستور ‪ 9199‬على أن وظيفة الرقابة عامل رئيسي في مسيرة‬
‫الثورة‪ ،‬وجاء بمجموعة من المصطلحات التي قد يفهم منها أنها تكريس لدور الرقابة وتتمثل هذه‬
‫المصطلحات في‪ :‬اإلرادة الشعبية‪ ،‬الديقراطية‪ ،‬المشاركة‪ ،‬تسيير الشؤون العامة‪ .‬لكن بالمقابل الحظنا‬
‫محاولة إحداث فصل بين المتالزمين الكالسيكيين وهما الديمقراطية والرقابة‪ ،‬وتعويضهما بمتالزمين آخرين‬
‫هما الرقابة والفعالية‪ ،2‬إلى غاية سنة ‪ ،9191‬حيث االبتعاد عن التوجه االشتركي والميل إلى التوجه‬
‫الليبرالي بصدور دستور ‪1989‬وبعدها دستور‪ 9119‬حيث لم تختلف معالجة الرقابة فيهما عما سبق‪.‬‬

‫وفي سياق التحوالت الراهنة في مجال التسيير العمومي القائم على أسس اقتصادية وتأثيرها على‬
‫المالية العمومية عموما‪ ،‬يبقى مشكل الرقابة مطروحا من عدة جوانب‪ ،‬من حيث تماشي الرقابة مع هذا‬
‫التوجه ومدى قدرتها على التكيف مع التطورات الهائلة التي عرفها هذا المجال‪ .‬فباعتبار أن النشاطات‬
‫المالية للدولة تستحوذ على أهمية قصوى لما لها من تأثير على بقية أوجه نشاط الدولة فإن تضخم أعباء‬
‫الدولة و ما ترتب على ذلك من ديون عمومية أثر على فعالية و كفاءة سير مختلف المرافق و القطاعات‬
‫الحكومية‪ ،‬لهذا السبب صيغت العديد من النظريات التي تمس مختلف جوانب عملية التسيير في القطاع‬
‫العمومي‪ .‬حيث تحت تأثير العديد من العوامل بات من الضروري رفع أداء كفاءة المرافق و القطاعات‬

‫سعيد بوشعير‪ :‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬دار الهدى‪ ،9111 ،‬ط‪ ،9‬ص‪.54‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ :‬حابسة عادل‪ :‬الرقابة البرلمانية للمالية العمومية في الجزائر‪ ،‬مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬كلية الحقوق بن‬
‫عكنون‪ ،9199 ،‬ص ‪.5 ،4،3‬‬

‫‪7‬‬
‫العمومية‪ ،‬فقد عرفت العديد من الدول المتقدمة وحتى النامية تغيي ار جذريا في مستوى تدخل الدولة في‬
‫الحياة االقتصادية و االجتماعية باتجاه التقليص و لكن ذلك أصبح غير كاف بالنظر إلى عدم كفاءة‬
‫القطاع العمومي من حيث مستوى األداء و كفاءة استخدام الموارد المتاحة ‪.1‬‬

‫كما انتشر الفساد المالي‪ ،‬ومحاولة االغتناء السريع وسوء التدبير‪ ،‬والسلوك المالي المنحرف كلما‬
‫برزت أهمية الرقابة الفعالة والصارمة على المال العام من أجل صيانته وتوجيهه لصرفه في األوجه‬
‫المحددة لتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬من هنا تأتي أهمية الموضوع كونه يتناول قضية شكلت محور اهتمام‬
‫الدول على مختلف أحجامها و أشكالها‪ ،‬لمواجهة أخطر الصعوبات التي تواجه األمم‪.‬‬

‫إن أحد أبرز األسباب التي دفعتنا الختيار الموضوع هو دراسة مدى تماشي الرقابة الموضوعة على‬
‫النفقات العامة مع حجم وخصوصية المالية العمومية وهل هي فعالة وتحترم التراخيص المقدمة من‬
‫السلطة التشريعية‪ ،‬باعتباره الهدف األصلي للرقابة‪ .‬ومنها أيضا قلة المراجع المتعلقة بالمالية العمومية‬
‫والمحاسبة العمومية إن لم نقل ندرة تناول هذا الموضوع‪ .‬وهذا بطبيعة الحال لإلثراء ولخلق نقاشات‬
‫ودراسات تخص هذا المجال خاصة مع ما يميز هذا المجال من تطورات سواء في مجال التزايد المستمر‬
‫للنفقات العمومية‪ ،‬أو التطو ارت الحاصلة في المجال المالي والمحاسبي على الصعيدين الداخلي والخارجي‬
‫خاصة‪.‬‬

‫وسنحاول اإلحاطة بالموضوع من خالل طرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫نظام الرقابة القائم في القانون الجزائري على مصطلح المطابقة خاصة يطرح مسألة تحقيق‬
‫الهدف األصلي للرقابة والمتمثل في احترام الرخص المالية وفي نفس الوقت يطرح مسألة النجاعة أو‬
‫التقويم في التسيير العمومي‪ ،‬في حين أصبح اإلعتماد في الدولة الحديثة على رقابة التقييم أمر ال مفر‬
‫منه ‪ ،‬ولهذا تطرح في حقيقة األمر مسألة تكامل أو تناقض شكل الرقابتين‪ :‬رقابة المطابقة ورقابة‬
‫التقييم‪.‬‬

‫لإلجابة على اإلشكالية المطروحة و بهدف اإللمام بمختلف جوانب البحث و تحليل أبعاده‬
‫ومعطياته ستتم الدراسة وفقا للمنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬باعتباره األنسب لهذا النوع من الدراسات‪ ،‬ألنه‬

‫‪1‬‬
‫‪Encyclopedia Universalis , ed Encyclopedia Universalis ,France SA ,2002,Tome 7 ,p 816.‬‬

‫‪8‬‬
‫يقوم على تصوير النتائج التي تم التوصل إليها و ذلك باالعتماد على البيانات و المعلومات الرقمية‬
‫يمكن تحليلها و تفسيرها بغرض اإلجابة عن األسئلة التي يطرحها الباحث‬ ‫المستقاة من مصادر متعددة‬
‫‪1‬‬
‫و هو ما سنحاول الوصول إليه من خالل عرض و تحليل نظام الرقابة في‬ ‫و المشكلة التي يدرسها‬
‫الجزائر‪ ،‬كما استعنا بالمنهج المقارن إلبراز بعض نقاط التشابه واالختالف مع التجارب الدولية خاصة‬
‫التجربة الفرنسية التي استقت الجزائر منها معظم تشريعاتها وتنظيماتها‪.‬‬

‫وقد شمل بحثنا على فصلين يتم من خاللهما اإلجابة على اإلشكالية المطروحة‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬تناولنا في هذا الفصل نظام الرقابة على النفقات العمومية‪ ،‬وذلك من خالل تحليل‬
‫النظام الجزائري للرقابة و دراسة الرقابة على النفقات العمومية من حيث إطارها النظري أوال أين سنسلط‬
‫الضوء على قانون المحاسبة العمومية ‪ ،‬ثم نتناول مفهوم التقييم في المحاسبة العمومية‪ ،‬ثم نتناول اإلطار‬
‫العملي للرقابة كأهدافها و مقوماتها‪ ،‬لنعرج إلى التعرف على طبيعة الرقابة في النظام الرقابي الجزائري من‬
‫خالل تناول الرقابة اإلدارية‪ ،‬الرقابة القضائية وأخي ار الرقابة البرلمانية‪ ،‬حتى نبرز االعتماد الكلي على‬
‫رقابة المطابقة وغياب الرقابة القائمة على التقييم رغم تكريسها في جل النصوص المتعلقة بالرقابة‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬نبرز في هذا الفصل بداية قصور النظام الرقابي القائم على المطابقة وحدها من‬
‫خالل العديد من النقاط‪ ،‬لنصل إلى النظام المثالي للرقابة على النفقات العمومية من خالل دراسة كل‬
‫اإلصالحات التي شرع فيها مؤخ ار في مجال الرقابة على النفقات العمومية مع دراسة اإلصالحات‬
‫المعتمدة في النموذج الفرنسي من خالل دراسة القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية المؤرخ في ‪1‬أوت‬
‫‪ 2001‬وما يقابله في الجزائر وهو المشروع التمهيدي المتعلق بقوانين المالية وتأثيراته على مناخ المالية‬
‫العمومية والرقابة عليها خاصة‪.‬‬

‫‪ 1‬رجاء وحيد دويدري ‪ :‬البحث العلمي أساسياته النظرية و ممارسته العلمية ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق ‪ ،0222 ،‬ص ‪.381‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عرض نظام الرقابة على النفقات العمومية – تحليل النظام الجزائري‪-‬‬

‫وضع القانون الجزائري أسسا لقيام رقابة مشددة مند مطلع ثمانينات القرن الماضي بصدور عدة‬
‫نصوص قانونية‪ 1‬وتعززت ترسانة القوانين المتعلقة بالرقابة على النفقات العمومية بصدور النص األساسي‬
‫الذي ينظم هذه المادة والمتمثل في القانون ‪ 12-09‬المتعلق بالمحاسبة العمومية‪.2‬حيث تناولت هذه‬
‫النصوص الرقابة على النفقات العمومية بالتفصيل‪ ،‬إذ تراقب النفقة على عدة مراحل‪ ،‬وتتناسب شدة‬
‫الرقابة طردا مع قيمة وأهمية النفقة كما هو الحال مع الصفقات العمومية‪ .‬إذن فالتشديد في الرقابة نتيجة‬
‫إيجابية تتمثل في ضمان حسن تسيير األموال العمومية مع تحميل كل طرف مسئولياته كاملة مع تطبيقها‬
‫بكل صرامة‪.‬‬

‫وفي فصلنا هذا سنتناول بالتفصيل أهم المفاهيم المتعلقة بالمحاسبة العمومية الواردة في القانون‬
‫الجزائري باإلضافة إلى تقديم دراسة شاملة لنظام الرقابة مع تناول بالتفصيل اإلطار النظري و المفاهيمي‬
‫للرقابة وكيفية تفعيل النفقة العمومية من خالل التعرض إلى مقومات النظام الرقابي (مبحث أول)‪ ،‬ثم‬
‫سنعرج في المبحث الثاني على دراسة طبيعة الرقابة في النظام الجزائري بتناول مختلف أنواع الرقابة‬
‫والهيئات أو األجهزة المكلفة بها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬نظام الرقابة على النفقات العمومية ودوره في تفعيلها‬

‫تعتبر الرقابة على األموال العمومية عنص ار أساسيا في النظام الديموقراطي‪ ،‬حيث أن الخاضعين‬
‫للضريبة‪ ،‬وعن طريق ممثليهم يسمحون بتحصيل إيرادات الدولة ودفع نفقاتها‪،‬وبالنظر لألهمية البالغة‬
‫لألموال التي تصرفها الدولة التزايد المستمر في النفقات العمومية كان ال بد من وضع نظام رقابة يتماشى‬
‫مع تطور هذه المبالغ حتى يحميها من سوء التسيير والتبديد‪ ،‬ومن هنا نجد أن حسن استعمال األموال‬
‫العمومية يؤدي بالضرورة إلى خلق اقتصاد ذو مكانة معتبرة إن لم نقل ممتازة‪.‬‬

‫ومن خالل هذا المبحث سنتعرض إلى كل ما يتعلق بقانون المحاسبة العمومية من حيث المفهوم‬
‫والمصادر في المطلب األول‪ ،‬ثم نتعرض في المطلب الثاني إلى اإلطار العملي للرقابة على النفقات‬
‫العمومية بالحديث عن أهدافها‪ ،‬نطاقها باإلضافة إلى كيفية التأسيس لنظام رقابي فعال‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يتعلق األمر بالنصوص التالية‪:‬‬
‫القانون ‪ 90-09‬المؤرخ في ‪ 2‬مارس ‪ 2009‬المتعلق بممارسة مهمة المراقبة من قبل المجلس الشعبي الوطني‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫القانون ‪ 90-09‬المؤرخ في أول مارس ‪ 2009‬المتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من طرف مجلس المحاسبة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المرسوم ‪ 05-09‬المؤرخ في أول مارس ‪ 2009‬المتضمن إحداث المفتشية العامة للمالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪2‬‬
‫القانون ‪ 12-09‬المؤرخ في ‪ 20‬أوت ‪ 2009‬يتعلق بالمحاسبة العمومية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪.50‬‬

‫‪10‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لقانون المحاسبة العمومية‬

‫خالل هذا المطلب سنتناول بالدراسة والتفصيل أهم المفاهيم المتعلقة بالمحاسبة العمومية‪ ،‬مصادر‬
‫قانون المحاسبة العمومية ثم نعرج على مشكل رقابة التقييم في المحاسبة العمومية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم المحاسبة العمومية‬

‫سنلقي الضوء في هذا الفرع على المحاسبة العمومية وهذا بتعريفها ثم نتطرق إلى تمييزها عن‬
‫الميادين المجاورة لها ثم نتناول المجاالت التي تطبق عليها هذه المحاسبة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف المحاسبة العمومية‪:‬‬

‫المحاسبة بصفة عامة تعني الكتابات التي تعبر باألرقام عن العمليات الحسابية الخاصة بتنفيذ‬
‫اإليرادات والنفقات بواسطة تقنيات خاصة واجراءات محددة قانونا‪ .‬والقصد من ذلك هو المتابعة المستمرة‬
‫والدائمة للوضعية المالية لمعرفة في كل وقت الرصيد المالي المتوفر واالعتمادات المتبقية في كل بند من‬
‫بنود الميزانية ومبلغ النقود المتوفرة واألثاث والبضائع من جهة ومراقبة استعمالها من جهة أخرى‪.‬‬
‫ف المحاسبة هي علم مالحظة يمكن التعبير عن تسييرها باألرقام‪ ،‬وفرض نفسه كشيء ضروري وحتمي‬
‫على كل المؤسسات التجارية‪ .‬هذه الضرورة فرضت نفسها على الهيئات العمومية بسبب تفاقم مهامها‬
‫وبذلك أصبحت السلطات العمومية مجبرة على وضع قواعد محاسبية لتنفيذ العمليات المالية العمومية‪.‬‬

‫من بين التعريفات التي قدمت للمحاسبة العمومية هو التعريف التقني الذي يقضي بأن قواعد‬
‫‪2‬‬
‫المحاسبة العمومية ‪1‬هي قواعد تقديم الحسابات العمومية‪.‬‬

‫كما أنها لها تعريف إداري فهي قواعد تهدف إلى تقديم الحسابات العمومية والى تنظيم مصالح‬
‫المحاسبين العموميين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يعرفها المرسوم الفرنسي الصادر في ‪ 52‬ماي ‪ 2091‬أنها" مجموعة القواعد المطبقة على تسيير النقود العاملة" حيث النقود العاملة تأخذ مفهوم‬
‫"نقود الدولة والمحافظات والبلديات والمؤسسات العمومية‪ ".‬أو هي قواعد عرض الحسابات العمومية وتنظيم وظيفة المحاسبة العمومية‪ ،‬غير أن هذا‬
‫التعريف ض يق حيث يحصر مدلول المحاسبة العمومية في تقنية عرض حسابات الهيئات العمومية‪ ،‬أو هي قواعد عرض الحسابات العمومية وتنظيم‬
‫وظيفة المحاسبين العموميين‪ .‬المرسوم المؤرخ في ‪ 2091/90/52‬في فرنسا يعرف قواعد المحاسبة العمومية على أنها هي القواعد التي تفرض على‬
‫المحاسبين العموميين واآلمرين بالصرف حتى تقبل أي عملية مالية‪.‬‬
‫أما التعريف القانوني الحالي للمحاسبة العمومية فقد جاء في مرسوم ‪ 2091‬في فرنسا والذي يقضي بأنها مجموعة القواعد التي تحدد واجبات‬
‫ومسؤوليات المحاسبين العموميين واآلمرين بالصرف وهي التي تفرض عليهم حتى يتم قبول العمليات المالية إيرادات ونفقات األعوان الذين يقومون‬
‫بها‪ ،‬وهو يأخذ بعين االعتبار العمليات المالية التي يقومون بها و األشخاص العمومية المستفيدين من هذه العمليات و المادة األولى من القانون‬
‫‪ 12-09‬ذكرت هذا التعريف‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪DI QUAL lino, droit de la comptabilité publique, Paris, Armand colin, 1972.‬‬

‫‪11‬‬
‫وقد عرف المرسوم التنفيذي ‪ 525-02‬المؤرخ في ‪ 7‬سبتمبر ‪ 2002‬الذي يحدد اجراءات‬
‫المحاسبة التي يمسكها اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون وكيفياتها ومحتواها‪ ،‬عرف في المادة‬
‫الثانية منه المحاسبة العمومية على أنها‪ :‬تتمثل المحاسبة الخاصة باإلدارات التابعة للدولة والمجلس‬
‫الدستوري والمجلس الشعبي الوطني ومجلس المحاسبة‪ ،‬والمصالح المزودة بالميزانيات الملحقة‪،‬‬
‫والجماعات االقليمية و المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري في وصف العمليات المالية ومراقبتها‬
‫واطالع سلطات الرقابة والتسيير عليها‪ ،‬وقد أضافت المادة الثالثة من نفس المرسوم على أن هذه‬
‫المحاسبة تتكون من محاسبة إدارية يمسكها اآلمرون بالصرف ومحاسبات يمسكها المحاسبون‬
‫‪1‬‬
‫العموميون‪.‬‬

‫الوارد في المادة األولى من القانون ‪ 12-09‬المؤرخ في‬ ‫إضافة إلى التعريف الكالسيكي‬
‫‪ 2009/90/20‬والمتعلق بالمحاسبة العمومية‪ ،‬فهي األحكام التنفيذية العامة التي يحددها هذا القانون‬
‫والتي تطبق على الميزانيات و العمليات المالية التي تشمل عمليات تنفيذ اإليرادات والنفقات وعمليات‬
‫الخزينة وكذا نظام محاسبتها والخاصة بـالدولة‪ ،‬الجماعات اإلقليمية والهيئات العمومية‪.‬‬

‫فالمحاسبة العمومية هو إسم المحاسبة التي تعمل بها الدولة‪ ،‬اإلدارات العمومية والجماعات‬
‫اإلقليمية لبلد ما من أجل تسجيل اإليرادات والنفقات‪.‬‬

‫وتغطي المحاسبة العمومية في الواقع طائفة واسعة من نظام المحاسبة وهي تخص الدولة‪،‬‬
‫الجماعات اإلقليمية‪ ،‬الهيئات العمومية ذات الطابع اإلداري الوطني أو المحلي‪ ،‬المنظمات الدولية‪.‬‬
‫ومع هذا فإنه توجد بعض الكيانات تخضع لرقابة الجمهور وهذا مثل بعض المؤسسات العمومية‬
‫الصناعية والتجارية‪ ،‬والتي ال تخضع لقواعد المحاسبة العمومية‪ ،‬بل تخضع لقواعد المحاسبة الخاصة أو‬
‫التجارية‪ ،‬هذه المؤسسات رغم ذلك هي خاضعة لرقابة الدولة‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫وقد نصت المادة الثالثة من نفس المرسوم على أن المحاسبات التي تمسك من قبل المحاسبين العموميين تشمل‪:‬‬
‫محاسبة عامة تسمح بمايلي‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫معرفة عمليات الميزانيات وعمليات الخزينة ومراقبتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحديد النتائج السنوية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ب‪ -‬محاسبة خاصة بالموارد القيمية والسندات‪.‬‬
‫ج‪ -‬محاسبة تحليلية تمسك في حينها وتسمح بحساب أسعار الكلفة وتكاليف الخدمات‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وقد شرع في إصالح محاسبة الدولة في فرنسا إصالحا جذريا بموجب القانون العضوي المؤرخ في ‪ 2‬أوت ‪ 1992‬المتعلق بقوانين المالية‬
‫والذي وضع محاسبة للدولة تستمد بعض أحكامها من المعايير المحاسبية للمحاسبة الخاصة وفقا لنص المادة ‪ :59‬مثل منطق األمالك وكذا‬
‫محاسبة السنة ‪ ،‬باإلضافة إلى رصد النفقات واإليرادات ‪،‬وهذا ما يعني توضيح أو تعيين ممتلكات الدولة ‪.‬وهذا ما يسمح في نهاية المطاف بتحليل‬
‫مختلف السياسات العامة من قبل البرلمان والمواطن ‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن األسلوب المحاسبي المعتمد ما يزال يعود إلى منطق الصندوق‪.‬المادة ‪.10‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -1‬تكييف قواعد المحاسبة العمومية‪:‬‬

‫يعتبر التشريع في مجال المالية العمومية جزءا من القانون العام‪ ،‬ينقسم إلى ثالثة أقسام وهي‪:‬‬

‫القانون الميزاني‪ :‬يتعلق بدراسة القواعد المطبقة على إعداد‪ ،‬تقديم والتصويت على‬ ‫‪-‬‬
‫الميزانية العامة للدولة‪ ،‬ثم عمليات التنفيذ و الرقابة على ميزانية الدولة و مختلف الهيئات العمومية‪.‬‬

‫القانون الجبائي‪ :‬يتضمن القانون الجبائي عرض القواعد الجبائية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫قانون المحاسبة العمومية‪ :‬يهتم قانون المحاسبة العمومية بدراسة الهيئات و القواعد‬ ‫‪-‬‬
‫األساسية التي يتم إعداد ها من أجل ضمان السير الحسن للمرافق العمومية وهذا عن طريق توفير وسائل‬
‫مالية‪ ،‬كما يهتم بالقواعد المطبقة في تنفيذ مختلف الميزانيات العمومية‪.‬‬

‫يمكن تكييف قواعد المحاسبة العمومية على أنها قواعد قانونية وتقنية تطلق على وصف‪ ،‬تنفيذ و‬
‫الرقابة على العمليات المالية للهيئات العمومية‪.‬‬

‫‪ 1-1‬قواعد قانونية‪:‬‬

‫تعتبر المحاسبة العمومية علما للمالحظة والذي بإمكانه أن يعبر عن تسيير ما باألرقام‪ ،‬وقد‬
‫أصبحت المحاسبة العمومية اليوم ضرورة على الهيئات‪ ،‬المصالح والجماعات العمومية بالنظر إلى‬
‫التطور المعتبر في مهامها‪.‬‬

‫ومن هنا فإنه من واجب السلطات العمومية إعداد مجموعة من قواعد المحاسبة التي تطبق على‬
‫تنفيذ العمليات المالية‪ .‬وهي تلك المتعلقة بالترخيص الميزاني وتنفيذ العمليات المالية للهيئات العمومية‬
‫ومراقبتها‪.‬‬

‫تهدف قواعد المحاسبة العمومية إلى تحديد تنظيم متعلق بالمحاسبين العموميين كما تهدف إلى‬
‫تحديد الواجبات والمسؤوليات التي تقع على كل من اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي‪ .‬وتفرض على‬
‫هؤالء القواعد الخاصة بها‪.‬‬

‫‪ 2-1‬قواعد تقنية‬

‫قواعد المحاسبة العمومية هي قواعد تقديم الحسابات العمومية وهذا يبرز من خالل ما تتبعه‬
‫الهيئات العمومية التي تخضع للمحاسبة العمومية ومثال ذلك مدونة حسابات الدولة و مخطط محاسبة‬
‫الدولة‪ .‬إذن هي تلك القواعد التي تهدف إلى بيان أو وصف العمليات المالية للهيئات العمومية وعرض‬
‫الحسابات المتعلقة بها وتكون في أغلب األحيان محددة في مجموعة من التعليمات الصادرة عن و ازرة‬
‫المالية‪.‬‬
‫‪ 3-1‬قواعد شكلية أو إجرائية‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫باعتبار أن قواعد المحاسبة العمومية تتضمن طرق ووسائل التنفيذ فإنها بذلك تعتبر قواعد شكلية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك فإن المحاسبة العمومية لها عقوبات خاصة بها‪ ،‬حيث أنها تختلف عن قواعد القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬بحيث أن األعمال غير الشرعية في القانون اإلداري تبطل والهيئات العمومية مسؤولة أمام‬
‫األشخاص المتضررين‪ ،‬أما في المحاسبة العمومية األعمال غير الشرعية ال يمكن إبطالها على األقل‬
‫عندما تتعلق باألشخاص خارج اإلدارة الذين ليس عليهم تحمل أخطاء داخلية ال يمكنهم منعها أو حتى‬
‫معرفتها‪.‬‬

‫من جهة أخرى فإن قواعد المحاسبة العمومية هي قواعد داخلية للهيئات العمومية أما قواعد‬
‫القانون اإلداري فهي قواعد تطبق على العالقات بين اإلدارة والمواطن‪.‬‬

‫كما أن قواعد المحاسبة العمومية خاضعة للمسؤولية التأديبية‪ ،‬إضافة إلى المسؤولية الشخصية‬
‫والمالية التي يقضي بها مجلس المحاسبة‪.‬‬

‫‪ -2‬انتشار قواعد المحاسبة العمومية‪:‬‬

‫نظ ار لألهمية البالغة للمحاسبة العمومية نجدها تحتل مكانة معتبرة سواء على مستوى مختلف‬
‫القوانين العضوية كما أن قواعدها متواجدة على جميع مستويات التسلسل الهرمي للقواعد القانونية‪.‬‬

‫‪ 1-2‬القوانين الوضعية‪:‬‬

‫يدخل قانون المحاسبة العمومية في العديد من القوانين الوضعية اليوم‪ ،‬إذ امتدت قواعد المحاسبة‬
‫العمومية إلى القانون الدولي إضافة إلى القوانين الداخلية للبلدان‪.‬‬

‫‪ 1-1-2‬القانون الدولي‪:‬‬

‫يعرف القانون الدولي عددا قليال من األحكام العامة فيما يتعلق بالمالية العامة أو باألخص الديون‬
‫العمومية وطرق تسديدها و حتى تنفيذها‪ ،‬وهذا من خالل معاهدات القروض مثل القواعد العامة للبنك‬
‫العالمي‪ .‬إال أننا نجد أن هناك العديد من المعايير الدولية التي أصبحت واجبة التطبيق في مجال‬
‫المحاسبة العمومية وهذا طبعا يدخل في إطار إصالح المحاسبة العمومية على المستوى الدولي و كذا‬
‫التسيير العمومي الجديد وهذه المعايير سيتم تناولها في إطار الفصل الثاني من هذا البحث‪.‬‬

‫إضافة إلى هذا نجد على المستوى الدولي العديد من المنظمات الدولية للرقابة مثل االنتوساي‬
‫‪ ،1INTOSAI‬والتي تمتلك العديد من الفروع سواء على المستوى القاري أو العربي‪ ،‬إذ على المستوى‬
‫القاري نجد أن الجزائر عضو في اآلفروساي و على مستوى الوطن العربي نجد األرابوساي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫تمثل المنظمة الدولية لألجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة ( اإلنتوساي ‪) The International Organisation of Supreme‬‬
‫‪Audit Institutions INTOSAI‬منظمة مركزية للرقابة المالية الخارجية العامة‪ ,‬وتقدم لألجهزة العليا منذ ‪ 09‬سنة إطا ار وهيكال لتبادل المعلومات‬

‫‪14‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن المنظمات الدولية تعمل على تحصيل المستحقات من أعضائها لتغطية‬
‫نفقاتها‪ ،‬وهي بذلك تطبق قواعد المحاسبة العمومية من أجل تحصيل هذه اإليرادات وانفاقها‪.‬‬

‫‪ 2-1-2‬القانون الدستوري‪:‬‬

‫يتضمن الدستور الجزائري قواعد موجودة في إعالن حقوق اإلنسان في مادتيه ‪ 20‬و ‪ ،120‬كما‬
‫أنه يتضمن قواعد التصويت على ميزانية الدولة ويؤسس للتعاون بين مجلس المحاسبة والسلطات‬
‫العمومية‪ .‬وقد أخذت الجزائر بهذه القواعد كسائر القوانين التي تطبقها والتي استلهمتها من النصوص‬
‫الفرنسية إذ أن دستور فرنسا المؤرخ في ‪ 0‬أكتوبر ‪ 2000‬و بالتحديد المادة ‪ 07‬تحدد األشكال التي يجب‬
‫أن يتم بها التصويت في ميزانية الدولة ويحدد أو يؤسس للتعاون بين مجالس المحاسبة والسلطات‬
‫العمومية‪.‬‬

‫التسلسل الهرمي القوانين‪:‬‬ ‫‪2-2‬‬

‫إن قواعد المحاسبة العمومية هي في الحقيقة قواعد تدخل ضمن مجال التنظيم أي المراسيم وذلك‬
‫ألنها ال تدخل ضمن مجال القانون الذي نص عليه الدستور باإلضافة إلى ما هو خارج عن إطار المادة‬
‫‪ 211‬من الدستور‪.‬‬

‫‪ 1-2-2‬القانون العضوي والقانون العادي‪:‬‬

‫في انتظار قانون عضوي خاص بقوانين المالية‪ ،‬يبقى القانون ‪ 27-00‬المتعلق بقوانين المالية‬
‫هو القانون الذي يتضمن قواعد خاصة باإليرادات والنفقات وعمليات الخزينة‪ .‬باإلضافة إلى القانون ‪-09‬‬
‫‪ 12‬المعدل والمتمم خاصة بقوانين المالية‪ ،‬غير أننا نشير في هذا النطاق إلى شيء هام هو أن المحاسبة‬

‫والخبرات من أجل تحسين وتطوير الرقابة المالية العامة على المستوى الدولي‪ ,‬وكذلك تطوير الخبرات الفنية والعلمية كرد لإلعتبار والنفوذ لألجهزة‬
‫العليا للرقابة في كل دولة من دول المنظمة على أسس تطبيق الشعار القائل ' أن تبادل الخبرات يستفيد منها الجميع '‪ .‬حيث أن تبادل التجارب‬
‫والنتائج واآلراء بين أعضاء اإلنتوساي في هذه المجاالت تمثل ضمانات لمواصلة التطوير المستمر للرقابة المالية العامة‪ .‬منظمة اإلنتوساي هي‬
‫مؤسسة مستقلة غير حكومية ذات سيادة وليس لها اتجاهات سياسية ولها مركز استشاري خاص في المجلس االقتصادي واالجتماعي باألمم المتحدة‬
‫تم تأسيس اإلنتوساي عام ‪ 2005‬بمبادرة من قبل الرئيس السابق للجهاز األعلى الكوبي السيد ‪ /‬إيميليو فرنانديث كاموس‪ .‬ولقد اجتمع آنذاك ‪50‬‬
‫جها از رقابيا لعقد المؤتمر األول لإلنتوساي في كوبا‪ ،‬حاليا فيبلغ عدد أعضاء اإلنتوساي ‪ 200‬عضوا كامال وأربعة آجهزة أعضاء منتسبة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة الرابعة عشرة من إعالن حقوق االنسان‪:‬‬
‫لكل الوطنيين الحق في أن يراقبوا أموال الضريبة سواء كانت المراقبة بأنفسهم أو بواسطة نوابهم‪ .‬ولهم أيضاً البحث عن الوجوه التي تنفق فيها‬
‫وتعيين مدة جبايتها‪.‬‬
‫المادة الخامسة عشرة‪ :‬للهيئة الحاكمة والمحكومة الحق في أن تسأل كل موظف عمومي عن إرادته وأعماله وأن تناقشه الحساب فيها‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫العمومية ال تدخل في مجال القانون الذي نص عليه الدستور سواء على مستوى المادة ‪ 211‬أو في‬
‫متفرقاته‪ ،‬وبالتالي يعتبر هذا القانون غير دستوري‪.1‬‬

‫أما عن القوانين التي تطبق في مجال المحاسبة العمومية فهي القانون المتعلق بمجلس المحاسبة‬
‫وهو األمر ‪ ،19-00‬وقوانين المالية السنوية ومثال ذلك المادة ‪ 200‬من قانون المالية لسنة ‪2000‬‬
‫المتعلقة بمسؤولية المحاسبين العموميين‪.‬‬

‫يجدر التذكير إلى أنه بعد مرسوم ‪ 2009‬فإن أول النصوص التي نظمت العمليات المالية هي‬
‫‪2‬‬
‫قوانين المالية ابتداء من ‪ 2095‬ومراسيم ‪ 100-90‬و‪.199-90‬‬

‫‪ 2-2-2‬المراسيم أو التنظيم‪:‬‬

‫يمثل مجمل قواعد المحاسبة العمومية‪ ،‬حيث أن نصوص التطبيق هي التي تحدد العالقات‬
‫الداخلية باإلدارة ومجمل قواعد المحاسبة العمومية‪.‬‬

‫‪ 3-2‬االجتهاد القضائي‪:‬‬

‫يعمل االجتهاد القضائي على تفسير القواعد المبهمة والمختلف فيها إذ أن القواعد القانونية عندما‬
‫تكون غير واضحة أو غير دقيقة أو موضوع نزاع‪ ،‬فإن االجتهاد القضائي هو الذي يفسرها‪ ،‬غير أن‬
‫القاضي اإلداري قليال ما يفصل في مواضيع المحاسبة العمومية بالرغم من كونها قواعد قانون عام بسبب‬
‫خصوصيتها التي تتطلب قاضي مختص هو قاضي مجلس المحاسبة‪.‬‬

‫إال أننا كما نعلم بالنسبة لالجتهاد القضائي في الجزائر يكاد يكون منعدما في كل الميادين سواء‬
‫المتعلقة منها بالقانون العام أو القانون الخاص‪ ،‬فما بالك بقواعد المحاسبة العمومية التي تمتاز بنوع من‬
‫الخصوصية الفائقة التي ال تسمح للقاضي اإلداري بالفصل فيها‪.‬‬

‫من خالل كل التعريفات السابقة يمكن القول أن المحاسبة العمومية هي "مجموعة القواعد القانونية‬
‫والتقنية المطبقة على تنفيذ ميزانيات الهيئات العمومية وبيان عملياتها المالية وعرض حساباتها ومراقبتها‬
‫والمحددة اللتزامات ومسؤوليات اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪".‬‬

‫فقانون المحاسبة العمومية هو أساسا مجموعة من القواعد التي تنطبق على تنفيذ ورقابة تنفيذ‬
‫النفقات و اإليرادات التي تم رصدها في قانون المالية السنوي ومن خصوصية هذا القانون هو أنه يحاول‬
‫أن يعايش بين قواعد قديمة متعلقة بتنفيذ ورقابة قانون المالية األساسي مع كيفيات التسيير المالي التي‬

‫‪1‬‬
‫على مستوى و ازرة المالية اليوم هناك بعض الجهود التي ترمي إلى محاولة اقتراح نص تن ظيمي شامل متعلق بالمحاسبة العمومية‪ ،‬غير أن‬
‫اإلشكال الواقع هو تعدد النصوص التنظيمية المطبقة لهذا النص‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المرسوم ‪ 100-90‬المـؤرخ في ‪ 20‬أكتـوبـر سنـة ‪ 2090‬المتضمن تحديد التزامات المحاسبين و مسؤولياتهم والمرسوم ‪ 199-90‬المؤرخ في ‪20‬‬
‫أكتوبر سنة ‪ 2090‬والمتضمن تحديد شروط تعيين المحاسبين العموميين‬

‫‪16‬‬
‫استمدت من الشركات الخاصة‪ ،‬وهذه الترتيبات الجديدة للتسيير المالي تميل أساسا إلى إصالح رقابة تنفيذ‬
‫قانون المالية السنوي وهو قانون في طريق اإلصالح‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تمييز المحاسبة العمومية عن ميادين مجاورة لها‪:‬‬

‫إن الخوض في العمليات المالية سواء من قبل األفراد أو من قبل المؤسسات يؤدي بالضرورة إلى‬
‫الخوض في الحديث عن محاسبة تطبق من أجل معرفة نتائج هذه العمليات المالية‪ ،‬وهذا بطبيعة الحال‬
‫من أجل معرفة المركز المالي أو الوضعية المالية لهذا الفرد أو الشركة‪ ،‬فالمحاسبة إذن تطبق من طرف‬
‫الكل‪ ،‬غير أن الشيء المختلف هو الطريقة أو الهدف‪.‬‬

‫المحاسبة العمومية والمحاسبة الخاصة‬ ‫‪-1‬‬

‫إن العمليات المالية ليست حك ار على الدولة أو المؤسسات العمومية‪ ،‬فالمؤسسات الخاصة و‬
‫األفراد أيضا لهم عملياتهم المالية‪ .‬غير أن قواعد التنفيذ‪ ،‬الوصف و الرقابة في العمليات المالية للشركات‬
‫واألفراد هي المحاسبة التجارية أو المحاسبة الخاصة بصفة عامة‪.‬‬

‫‪1-1‬الفوارق‪:‬‬
‫أ‪ -‬من حيث االهتمامات‪:‬‬

‫تهدف المحاسبة العمومية إلى التحقق من شرعية العمليات المالية أما المحاسبة الخاصة فتهدف‬
‫إلى معرفة نتائج هذه العمليات‪.‬‬

‫في المحاسبة العمومية‪ ،‬ال تأتي معظم اإليرادات من التبرعات لكن يتم تحصيلها عن طريق‬
‫اإلخضاع أي بالقوة‪ ،‬باستخدام أساليب السلطة العامة‪ ،‬التي تمول األهداف المسطرة من قبل السلطات‬
‫العمومية‪ .‬معظم قواعد المحاسبة العمومية تحدد اإلجراءات الواجب إتباعها و الرقابة المطبقة ليكون‬
‫تحصيل اإليرادات ودفع النفقات مطابقا للقوانين وخصوصا قانون المالية السنوي‪.‬‬

‫ونتيجة لهذه العمليات‪ ،‬ال تهدف المؤسسات العمومية إلى تحقيق الربح‪ ،‬ولكن لضمان بعض‬
‫المصالح ذات المنفعة العامة‪ .‬في المفهوم القديم للمالية العامة‪ ،‬ينبغي أن تكون الموارد المطلوبة في حدود‬
‫الميزنية متوازنة‪ .‬أما في المفهوم الحديث‪،‬‬
‫ا‬ ‫المهام المسندة إليها وهذا ما يعني أنه من الواجب أن تكون‬
‫فيمكننا البحث عن وجود فائض أو عجز وهذا فقط من أجل استعماله كوسيلة من وسائل السياسة‬
‫االقتصادية‪ ،‬في إطار الصالحيات الجديدة للسلطة العامة‪.‬‬

‫وعلى العكس من ذلك فإن إيرادات الشركات تأتي من المبالغ المدفوعة من قبل الزبائن في مقابل‬
‫البضائع المسلمة أو الخدمات المقدمة والفشل في إنتاج السلع أو سير الخدمات تعقبها على الفور خسائر‬

‫‪17‬‬
‫من جراء فقدان اإليرادات‪ .‬فما يهم الخواص والمستثمرين ليس بالدرجة األولى احترام القانون وانما تحقيق‬
‫األرباح‪.‬‬

‫عموما هدف المحاسبة العمومية يتجلى في معرفة ما إذا كانت العمليات المالية مطابقة للقوانين‬
‫واألنظمة المعمول بها أما المحاسبة الخاصة فتهدف إلى معرفة ما إذا كانت العمليات المالية مربحة أو‬
‫مكلفة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬من حيث مجال التطبيق‪:‬‬

‫تطبق قواعد المحاسبة العمومية على أشخاص القانون العام أما المحاسبة الخاصة فمجال تطبيقها‬
‫هو األشخاص الطبيعية والمعنوية التابعة للقانون الخاص‪.‬‬

‫ولقد رأينا أن المحاسبة العمومية كانت في البداية محاسبة أموال‪ .‬أما المحاسبة الخاصة فبدأت‬
‫على شكل محاسبة المقبوضات والمدفوعات‪ ،‬ثم تطورت إلى األصول والخصوم‪.‬‬

‫‪ 2-1‬تقريب المحاسبة العمومية من المحاسبة الخاصة‪:‬‬

‫تتجه المحاسبة العمومية إلى حساب التكاليف وتحديد النتائج أما المحاسبة الخاصة فيفرض عليها‬
‫خضوع كتابتها إلى المخطط الوطني للمحاسبة ‪ PCN‬والى رقابة محافظ الحسابات‪.‬‬

‫تلتقي المحاسبة العمومية والمحاسبة الخاصة في العديد من النقاط يمكن ذكرها فيما يلي كال هما‬
‫عبارة عن تقنية تسمح ببيان العمليات المالية ومراقبة حركة القيم كما يعمل كالهما على بلوغ األهداف‬
‫المسطرة من طرف المؤسسة وضع وتوفير كل الظروف الحسنة واإلمكانيات إلجراء عمليات المراقبة من‬
‫قبل األشخاص المكلفين و االحتفاظ ببيانات العمليات المالية التي تقوم بها المؤسسة‪.‬‬

‫أ‪ -‬تقارب األهداف ‪:‬‬

‫الهدف الرئيسي للمحاسبة العمومية ال ينحصر فقط في التحقق من مطابقة العمليات المالية بل‬
‫هو واحد من المهام المنوطة بالمحاسبة العمومية حسب نص المادة ‪ 00‬من مرسوم ‪ 10‬ديسمبر ‪2091‬‬
‫التي تنص على أن المحاسبة العمومية بالمعنى التقني "تهدف إلى وصف ومراقبة وتسيير" ‪ ،‬كما أنها‬
‫منظمة من أجل تسهيل حساب التكلفة والمردود للخدمات وتحديد النتائج السنوية‪ .‬فاألهداف األساسية‬
‫للمحاسبة العمومية يمكن تلخيصها في حماية األموال العمومية‪ ،‬ضمان احترام ترخيصات الميزانية وترشيد‬
‫النفقات العمومية‪.‬ومن جانبها‪ ،‬فإن المحاسبة الخاصة اتخذت خطوة نحو رقابة المطابقة‪ ،‬وهذا بموجب‬

‫‪18‬‬
‫وتقديم تقرير للمساهمين عن‬ ‫التزام محافظ الحسابات في الشركات بالتحقق ورقابة دقة السجالت‬
‫‪1‬‬
‫المخالفات المكتشفة‪ ،‬وكان آخرها بموجب المادة ‪ 155‬الفقرة الثانية من قانون ‪ 10‬يوليو ‪.2099‬‬

‫مسك الحسابات‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫أما فيما يتعلق بمسك الحسابات من الناحية القانونية هنك تباعد بين المحاسبة العمومية‬
‫والمحاسبة الخاصة‪ ،‬أما من الناحية التقنية فهناك تقارب ويبرز ذلك من خالل بعض القواعد كالمسك‬
‫المزدوج مثل المخطط المحاسبي الوطني في المحاسبة الخاصة ومدونة حسابات الدولة و المخطط‬
‫المحاسبي للدولة والفروع المتعلقة بكل واحد منها‪.‬‬

‫المحاسبة العمومية و المحاسبة الوطنية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫المحاسبة الوطنية نظام محاسبي دولي يهدف إلى تقييم النشاط االقتصادي القومي لكل بلد كما‬
‫أنها تعمل على ضبط العالقة بين البلد و المنظمات الدولية إما لتحديد اشتراكاتها أو إمكانية إقراضها‪.‬‬
‫فالعالقة بين المحاسبتين تهدف إلى تقدير العمليات اإلدارية و إدخالها في تقييم القدرات االقتصادية للبلد‪.‬‬
‫أما النظام المحاسبي و حسابات الدولة فهو نظام تقني يهدف إلى تنظيم العمليات في إطار محاسبي‬
‫معين لتسهيل االنتقال إلى المستوى المركزي لتجميع اإلحصائيات المالية التي تساهم في تحضير قانون‬
‫المالية‪ ،‬فهناك تكامل بين نظام المحاسبة العمومية و حسابات الدولة مع العلم إن األول (نظام المحاسبة‬
‫العمومية) أوسع من الثاني إلى جانب أن المحاسبة العمومية تأخذ بعين االعتبار حسابات الخزينة لتحديد‬
‫الناتج الداخلي الخام وال يمكن تصور وجود إطار دون تنظيم حسابات الدولة لتحديد الناتج الداخلي الخام‪.‬‬
‫والنظام المحاسبي يمكن من تحديد العالقة بين كل أعوان المحاسبة العمومية خاصة األمرين بالصرف و‬
‫المحاسبين العموميين وهذه العالقة نوعان‪:‬‬

‫أفقيا‪ :‬تحدد عالقة اآلمر بالصرف و المحاسب العمومي مع المراقب المالي وكذلك هؤالء األعوان‬
‫و هيئات المراقبة‪.‬‬

‫عموديا‪ :‬تتمثل في عمليات التركيز التي على تمر على مستويين‪ :‬المستوى المحلي( أمناء‬
‫الخزائن البلدية أو الوالئية) والمستوى المركزي الذي يتم لديه تجميع وتركيز العمليات التي جرت على‬
‫المستوى المحلي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قانون ‪ 10‬يوليو ‪ 2099‬الخاص بالشركات التجارية‬

‫‪19‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مجال تطبيق المحاسبة العمومية‬

‫فيما يتعلق بمجال تطبيق المحاسبة العمومية‪ 1‬فقد تطرقت المادة األولى إلى سرد المؤسسات‬
‫الخاضعة لنظام المحاسبة العمومية‪ 2‬وهذا ما نجده في الجانب العضوي‪،‬أما الجانب المادي فيتعلق‬
‫بالعمليات التي تطبق عليها هذه القواعد‪:‬‬

‫الجانب العضوي‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ويتعلق بالهيئات الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية وهي تلك المذكورة على سبيل الحصر في‬
‫المادة األولى من قانون المحاسبة العمومية وهي الدولة والمجلس الدستوري والمجلس الشعبي الوطني‬
‫ومجلس المحاسبة والجماعات اإلقليمية وكذا المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‪.‬‬

‫فبالنسبة للدولة والجماعات المحلية‪ ،‬فجميع األنشطة المالية للجماعات المحلية تخضع لقواعد‬
‫المحاسبة العمومية‪ ،‬سواء كانت إدارية أو ذات طابع صناعي وتجاري‪ ،‬شريطة أن تمارس من قبل‬
‫الجماعات المحلية نفسها وليس من قبل الشركات التي هي فيها حاملة األسهم‪.‬‬

‫‪ -2‬الجانب المادي‪:‬‬

‫وهو المتعلق بالعمليات المالية والمحاسبية الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية والناتجة عن تنفيذ‬
‫الميزانيات العمومية وهي‪:‬‬

‫‪-‬تنفيذ اإليرادات والنفقات‪.‬‬

‫‪-‬تسيير الممتلكات‪.‬‬

‫‪-‬انجاز عمليات الخزينة‪.‬‬

‫‪-‬مسك المحاسبة‪.‬‬

‫ومن هنا نجد أن جميع أنشطة الدولة تقع ضمن نطاق المحاسبة العمومية‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫النظام القانوني الذي تعمل في ظله‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أما عن الهيئات العمومية الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية‪ ،‬في المرسوم الصادر في ‪ 10‬ديسمبر ‪ 2091‬المادة األولى وهي الدولة‪،‬‬
‫الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية الوطنية والمحلية‪.‬‬
‫وكثي ار ما يشار إلى الدولة في قوانين وأنظمة المحاسبة العمومية تحت تسميات خاصة ‪ :‬سلطات الضرائب ‪ ،‬وكمدير للصندوق ‪ ،‬الدافع‪ ،‬هو‬
‫الخرزينة‪ .‬و ال ننسى أن هذه األسماء تتوافق مع خدمات بسيطة وقابلة لتجزئة الدولة ‪ ،‬وليس كهيئة مستقلة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وفي العهد االستعماري كانت السلطات المحلية المعترف بها في الدستور عام ‪( 2000‬المادة ‪ )71‬واإلدارات والبلديات واألقاليم التي قانون ‪1‬‬
‫مارس ‪( 2001‬مادة ‪ ) 00‬وأضاف المناطق ‪ ،‬هذه الهيئات هي التي تخضع لقواعد المحاسبة العمومية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫إال أن هناك بعض الهيئات ال تطبق القانون الميزاني وغير خاضعة لقواعد المحاسبة العمومية‪،‬‬
‫إال أنها تخضع لرقابة الدولة كما هو عليه الحال بالنسبة للمؤسسات ذات الطابع الصناعي والتجاري والتي‬
‫ليس لها محاسب عمومي‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نقص معتبر في مصادر قانون المحاسبة العمومية في الجزائر‬

‫ذكرنا سابقا أن المحاسبة العمومية جزء من التشريع المالي‪ ،‬وقانون المحاسبة العمومية في‬
‫الجزائر يتميز على غرار القانون الميزاني بثأثره الكبير بالقانون الفرنسي‪ ،‬إذ أن الجزائر المستعمرة عرفت‬
‫نظام محاسبة عمومية شبيه بالنظام الفرنسي وبعد االستقالل تم العمل بالنصوص الفرنسية المتعلقة بهذا‬
‫الشأن ما عدا ما يتعارض منها مع السيادة الوطنية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الخضوع لنظام رقابي خاص أوجبه االحتالل الفرنسي‬


‫اعترف المجتمع اليبرالي خالل القرن التاسع عشر باألهمية التقنية والسياسية للرقابة‪ .‬وكانت‬
‫الرقابة ع لى تنفيذ الميزانية في هذه الفترة من اختصاص اإلدارة‪ ،‬إذ كانت تمارس الرقابة على النفقات‬
‫‪2‬‬
‫الملتزم بها تحت إشراف وزير المالية المكلف بعملية الرقابة العامة‪.‬‬

‫أول ميزانية للجزائر المستعمرة ظهرت في نص يعود تاريخه إلى عام ‪ 2050‬الذي يقر ميزانية‬
‫عامة للمصالح اإلستعمارية في الجزائر و في أول أوت ‪ 2000‬أنشأت المفاوضيات المالية (جمعيات‬
‫المفاوضيات المالية ‪ (، )2000-2000‬الجمعية المالية الجزائرية ‪( ،)2009 -2000‬لجمعية الجزائرية‬
‫‪)2009-2007‬‬

‫وفي عام ‪ 2052‬أعترف للجزائر بالشخصية المالية بالرغم من كون ميزانيتها تقترب من‬
‫الميزانيات المحلية سواء في تكوينها أو شكلها‪ ،‬و في ‪ 19‬سبتمبر ‪ 2007‬ألغيت المفاوضيات المالية و‬
‫أنشئ المجلس الجزائري الذي يقر ميزانية عامة تشمل ميزانية الجنوب التي كانت مستقلة عن األحكام‬
‫التنظيمية والقانونية اإلدارية إال أنه يفتقر إلى الممارسة الكاملة للسيادة المالية‪.‬‬
‫أما الرقابة على اآلمرين بالصرف‪ ،‬فكانت من اختصاص مجلس االنضباط في مجال الميزانية‬
‫والمالية‪.‬‬
‫في حين أن الرقابة القضائية الممارسة على المحاسب العمومي‪ ،‬فكانت من اختصاص مجلس‬
‫المحاسبة في باريس‪ ،‬ومن ذلك فإن ميزانية الجزائر اعتبرت بمثابة ميزانية جماعة محلية ال مركزية ألنها‬
‫كانت تابعة للسلطة المركزية الفرنسية وذلك حتى االستقالل‪ .‬وهذا ما يبرز من خالل أول نص في‬

‫‪1‬‬
‫‪ERIC OLIVA : Finances publiques, ed Sirey, Dalloz , 2001 , Paris p319.‬‬
‫‪2‬‬
‫ويرجع أصل المحاسبة العمومية في الجزائر إلى المرسوم الفرنسي المؤرخ في ‪ 31‬ماي‪ 1862‬المتضمن التنظيم العام للمحاسبة العمومية في‬
‫فرنسا‪ ،‬إذ خضعت الجزائر إلى السيطرة الفرنسية وبالتالي في انتظار نص خاص بالجزائر طبق االستعمار هذا النص على الجزائر‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الميدان المالي و المحاسبي و هو مرسوم ‪ 2009‬المتضمن النظام المالي للجزائر‪ ،1‬والذي بقي ساري‬
‫المفعول إلى ما بعد االستقالل من خالل القانون ‪ 207-91‬المؤرخ في ‪ 52‬ديسمبر ‪ ،2091‬نذكر أنه‬
‫منذ عام ‪ ، 2009‬والدستور يشير إلى معالجة المسائل المتعلقة بالميزانية والمحاسبة في الدولة لنوع جديد‬
‫من األعمال القانونية وهو القانون العضوي‪ ،‬حيث نجد أن القانون المطبق في فرنسا كان أمر ‪ 1‬يناير‬
‫‪.22000‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬محاوالت تأطير المحاسبة العمومية بعد االستقالل‬
‫واجهت الجزائر غداة االستقالل العديد من المشاكل من بينها نقص الخبرة ونقص الموظفين‬
‫المؤهلين لضمان التسيير الحسن لألموال العمومية و فراغ قانوني الذي من أجله لجأت الجزائر العتماد‬
‫النصوص القانونية السابقة ماعدا تلك التي تمس بالسيادة الوطنية نظ ار للحاجة الماسة إلى الرقابة على‬
‫النفقات العمومية‪ .‬و بالتالي كان قرار ‪ 2009‬المتضمن التنظيم المالي للجزائر هو المطبق من أجل‬
‫تنظيم العمليات المالية المتعلقة باإليرادات والنفقات العمومية وذلك طبقا ألحكام القانون رقم ‪207-91‬‬
‫المؤرخ في ‪ 52‬ديسمبر ‪ 2091‬المتضمن استمرار العمل بالتشريع الفرنسي ماعدا األحكام التي تتعارض‬
‫مع السيادة الوطنية الجزائرية‪.‬‬

‫أما النصوص التشريعية التي كانت من بين المصادر التي اعتمدتها الجزائر في مجال المحاسبة‬
‫‪4‬‬
‫العمومية قوانين المالية المصادق عليها منذ ‪ 2‬جانفي ‪ 2095‬والمراسيم رقم ‪ 3100-90‬و‪199-90‬‬
‫المؤرخة في ‪ 20‬أكتوبر ‪ 2090‬التي تشكل أول النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بتنفيذ العمليات‬
‫المالية وتطبيق المسؤوليات المتعلقة بالمحاسب العمومي واآلمر بالصرف‪.‬‬

‫حملت فترة التقنين المتعلق بالمجال المالي العديد من المالحظات الهامة‪ .‬حيث عرفت جدول‬
‫زمني إلعداد قانوني خاص‪ ،‬واذا أبصرنا عن قرب مسار التقنين نجد أن النصوص المتعلقة بالرقابة‬
‫العمومية هي التي سبقت كثي ار النصوص المتعلقة بنظام قوانين المالية و المحاسبة العمومية‪ .‬مع أنه من‬
‫المنطقي جدا البدء بالتقنين عن طريق إعداد النصوص التي تحدد النظام الميزاني والمالي للدولة وهيئاتها‬
‫العمومية‪.‬‬
‫وهذا ما يدفع إلى القول بغياب اإلطار القانوني لهذه المادة على األرجح في القانون الجزائري‪.‬‬
‫وهذا ال يعني إهمال االهتمامات المتعلقة بالرقابة ولكن ترتيب األولويات حسب الجدول الزمني الذي‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم ‪ 2025-09‬المؤرخ في ‪ 25‬نوفمبر ‪ 2009‬المتضمن التنظيم العام لإلدارة العمومية‪ ،‬المتعلق بالنظام المالي للجزائر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫األمر ‪ 91-00‬المؤرخ في ‪ 1‬جانفي ‪ 2000‬المتعلق بقوانين المالية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 100-90‬المؤرخ في ‪ 20‬جمادى الثانية عام ‪ 2500‬الموافق ‪ 20‬أكتوبر سنة ‪ 2090‬والمتضمن تحديد التزامات المحاسبين‬
‫ومسؤولياتهم‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 199-90‬المؤرخ في ‪ 20‬جمادى الثانية عام ‪ 2500‬الموافق ‪ 20‬أكتوبر سنة ‪ 2090‬والمتضمن تحديد شروط تعيين المحاسبين‬
‫العموميين‪،‬‬

‫‪22‬‬
‫أختير والذي أدى إلى إعداد نصوص مشكوك فيها‪ .‬فهل حقيقة هناك حاجة ماسة تعبر عن ضرورة وضع‬
‫األدوات المتعلقة بالرقابة حيز التنفيذ؟ يمكن الجزم بهذه الضرورة مسبقا وهذا بديهي بالنظر إلى الكم‬
‫الهائل للعمليات المالية التي تسطر والتي تنفذ كل سنة‪ .‬لكن في الحقيقة ال يظهر أن هذا هو السبب‬
‫الرئيسي‪ ،‬بل هناك أسباب أخرى دفعت إلى اللجوء إلى هذا التأطير وهي أساسا أن عملية وضع المقاييس‬
‫كانت منذ البداية تتبع مسار تطبيق الدستور حيث تكريس مشروعية سياسية عن طريق الرقابة الشعبية‪ .‬أم‬
‫هل ترتيب األولويات الذي تم اختياره فيما يتعلق بإعداد النصوص المتعلقة بالمالية العمومية يستحق كل‬
‫هذا االهتمام ‪ .‬النصوص الدستورية أثبتت فعال أهمية هذا الجانب إذ كرست الرقابة في الدستور الجزائري‬
‫كوظيفة دستورية منصوص عليها في الباب الثاني المعنون السلطة وتنظيمها‪ ،‬في الفصل الخامس "وظيفة‬
‫المراقبة"‪.1.‬‬
‫و تنحصر مهمة الرقابة في التحري في الظروف التي يتم فيها استخدام وتسيير الوسائل البشرية‬
‫والمادية من طرف األجهزة اإلدارية واالقتصادية للدولة وكذا تدارك النقص والتقصير واالنحراف والتمكين‬
‫من قمع االختالس وكل األعمال اإلجرامية ضد الثروة الوطنية‪ ،‬وبالتالي ضمان تسيير البالد في إطار‬
‫النظام‪ ،‬الوضوح والمنطق‪ .‬وتستهدف المراقبة أخي ار التحقق من التطابق بين أعمال اإلدارة و التشريع و‬
‫أوامر الدولة‪ .‬كما تضمن دستور ‪ 2079‬الرقابة الالحقة التي كرستها المادة ‪ 209‬والتي تنص على إنشاء‬
‫مجلس محاسبة مكلف بالرقابة الالحقة لجميع النفقات العمومية للدولة والحزب والمجموعات المحلية‬
‫والجهوية والمؤسسات االشتراكية بجميع أنواعها‪.‬‬
‫كما تستهدف الرقابة ضمان التسيير الحسن ألجهزة الدولة في نطاق احترام الميثاق الوطني‬
‫والدستور وقوانين البالد نشير إلى أن الرقابة فيما بعد أصبحت مطابقة للميثاق الوطني الذي تم االستفتاء‬
‫عليه في سنة ‪ .2079‬حيث اهتم الميثاق الوطني بتطوير مهمة الرقابة إذ اعتبر أن المراقبة تشكل عنص ار‬
‫أساسيا في المسيرة الثورية‪ ،‬وهي تعبر عن إرادة الثورة في تسيير البالد ضمن نطاق النظام‪ ،‬الوضوح‬
‫والرشاد‪ ،‬وفي السهر على وقايتها من النقائص‪ ،‬القصور واالنحرافات‪.‬‬
‫وقد كرس الميثاق الوطني رقابة المطابقة بحذافيرها إذ زيادة على الرقابة التي اختص بها النهج‬
‫االشتراكي بحكم أن الدولة هي المالكة والمتحكمة في التسيير المالي واالقتصادي لثروات البالد‪ ،‬نص‬

‫‪1‬‬
‫‪Mohamed Taher BOUARA: L’évolution de loi de finances en droit Algérien, thèse de doctorat d’Etat en‬‬
‫‪droit, université d’alger 2006, p 511,323.‬‬
‫إذ تطرقت المادة ‪ 200‬إلى الحديث عن الرقابة الشعبية بمفهومها العام والتي يمارسها الشعب عن طريق ممثليه في المؤسسات المنتخبة‪ ،‬ثم جاءت‬
‫المادة ‪ 209‬لتشير إلى الرقابة السياسية التي تمارسها األجه زة القيادية للحزب والدولة وذلك طبقا للميثاق الوطني وألحكام الدستور وتضيف المادة ان‬
‫األشكال األخرى للرقابة على جميع المستويات والقطاعات تمارس في إطار األحكام الخاصة بهذا الشأن والواردة في الدستور‪ .‬أما المادة ‪207‬‬
‫فتحدثت عن قانون ضبط الميزانية‪ .‬وجاءت المادة ‪ 200‬للحديث عن لجان المجلس الشعبي الوطني الشعبي وأخي ار المادة ‪ 200‬التي تضمنت رقابة‬
‫المجلس الشعبي الوطني على المؤسسات االشتراكية بجميع أنواعها‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الميثاق على أن الرقابة تمتد إلى تطبيق القوانين وتوجيهات الدولة وتعليماتها تطبيقا حقيقيا‪ ،‬وتسهر على‬
‫احترام أصول االنضباط والشرعية وتحارب البيروقراطية وشتى أنواع التباطؤ اإلداري‪.1.‬‬
‫وقد تضمن الميثاق الوطني كل العناصر التي تعلل تأسيس الوظيفة الدستورية للرقابة‪ ،‬ولكن من‬
‫الضروري اإلشارة إلى أن الميثاق الوطني يستعمل مصطلحات موجزة وواضحة‪ .‬و بذلك نجد أن الميثاق‬
‫يذكر ببعض المبادئ التي من السهل جدا مماثلتها لتلك التي تحكم الرقابة الشعبية في مدلولها الليبرالي‪.‬‬
‫وقد ظلت هذه االصطالحات متواجدة على مستوى الخطاب الذي كان يتسم بميل كبير إلى التفكير‬
‫االشتراكي‪ ،‬وهذا ما يعني أن الميثاق الوطني قد حدد بعض النقاط المماثلة للتفكير الليبرالي والتي البد من‬
‫تأطيرها‪.2‬‬
‫وتطبيقا ألحكام الدستور والميثاق الوطني فإن سنة ‪ 2009‬كانت حافلة من الناحية القانونية إذ‬
‫شهدت في البداية المصادقة ألول مرة على قانون ضبط الميزانية تطبيقا لنص المادة ‪ 207‬من الدستور‬
‫بموجب القانون ‪ ،3 91-09‬كما شهدت نفس السنة صدور مجموعة من النصوص القانونية التي تؤطر‬
‫‪4‬‬
‫الرقابة وبالتحديد في أول مارس وضمن نفس العدد من الجريدة الرسمية وهو العدد العاشر للسنة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫الذي تضمن العديد من‬ ‫وبعد أن تم تنظيم الجانب المتعلق بالرقابة‪ ،‬صدر القانون ‪27-00‬‬
‫القوا عد التي تحكم المحاسبة العمومية والذي يعد اإلطار القانوني األساسي الذي ينظم المجال المالي‬
‫والميزاني للدولة‪ ،‬والذي تم تعديله فيما بعد بالعديد من النصوص وهي عادة قوانين المالية سواء السنوية‬
‫منها أو التكميلية‪.‬‬

‫وقد زادت أهمية الرقابة على المالية العمومية في الجزائر منذ التحوالت االقتصادية التي شهدتها‬
‫الدولة نهاية الثمانينات باالبتعاد عن تكريس المنهج االشتراكي ليميل نحو كفة النظام الليبرالي وهذا ما ألزم‬
‫الزيادة في النفقات العمومية قصد السيطرة على البرامج الضخمة التي ميزت االقتصاد الوطني في تلك‬
‫الفترة وما بعدها (سياسات التعديل الذاتي والهيكلي‪ ،‬إعادة جدولة الديون‪ ،‬تطهير المؤسسات‪،‬‬
‫ا لخوصصة‪ )...‬وهي نفس الظروف التي أحدثت تغيرات على مستوى المنظومة الرقابية بموجب القانون‬

‫‪1‬‬
‫الميثاق الوطني‪ ،‬ص‪ 025‬من الجريدة الرسمية رقم ‪ 92‬لسنة ‪.2079‬‬
‫‪2‬‬
‫‪BOUARA M T Op-cit , p 310.‬‬
‫كما يرى الدكتور أن أسبقية النصوص المتعلقة بالرقابة على تلك التي تؤطر النظام المالي والميزاني تجد تبريرها في الميثاق الوطني وهذا استنادا‬
‫إلى ما نص عليه الدستور في المادة ‪ 9‬حيث الميثاق الوطني هو المصدر األساسي لسياسة األمة و قوانين الدولة‪ ،‬و هو المصدر اإليديولوجي‬
‫والسياسي المعتم ــد لـمؤسسات الــحزب و الدولة على جميع المستويات‪ .‬كما أن الميثاق الوطني مرجع أساسي ألي تأويل ألحكام الدستور‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫القانون ‪ 91-09‬المؤرخ في ‪ 0‬فيفري ‪ 2009‬يتضمن ضبط الميزانية لسنة ‪.2070‬‬
‫‪4‬‬
‫يتعلق األمر بالنصوص التالية‪:‬‬
‫القانون ‪ 90-09‬المؤرخ في ‪ 2‬مارس ‪ 2009‬المتعلق بممارسة مهمة المراقبة من قبل المجلس الشعبي الوطني‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫القانون ‪ 90-09‬المؤرخ في أول مارس ‪ 2009‬المتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من طرف مجلس المحاسبة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المرسوم ‪ 05-09‬المؤرخ في أول مارس ‪ 2009‬المتضمن إحداث المفتشية العامة للمالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪5‬‬
‫القانون ‪ 27-00‬المؤرخ في ‪ 27‬جويلية ‪ 2000‬المتعلق بقوانين المالية ‪،‬عدد ‪.28‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ 01-88‬المؤرخ في ‪12‬جانفي ‪ 1988‬والمتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادي‪،‬‬
‫حيث تم تعديل القانون ‪ 27-00‬بموجب قوانين عادية عدة وذلك لغرض تكييفه مع مختلف التغيرات‬
‫الحاصلة‪ ،‬بدءا بما جاء به القانون رقم‪ 90-00 :‬والذي جاء في إطار اإلصالحات االقتصادية والسياسية‬
‫الجادة والتي تولدت عن أزمة طالت مدتها وتفاقمت تداعياتها وذلك في خضم جملة من القوانين الخاصة‬
‫باإلصالح االقتصادي‪ ،‬وكان الهدف من ذلك هو تنقية قانون رقم‪ 27-00 :‬من كل المصطلحات‬
‫والمفاهيم التي ترمز إلى التسيير االشتراكي أو التخطيط‪ ،‬إذ تم استبدال بعض المصطلحات بأخرى‪ ،‬كذكر‬
‫عبارة "البرامج" بدل "العمليات المخططة" واستبدال مصطلح "االستثمارات العمومية" بمصطلح "التجهيزات‬
‫العمومية" و"النفقات برأسمال" كما جاء ذلك أيضا استجابة للتغير الحاصل في تسيير المؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية ومحاولة فصلها أو إبعادها عن قواعد المالية العمومية التقليدية واعطائها استقاللية أكثر‪،‬‬
‫يقرر ويرخص لموارد‬
‫وتقليص دور الدولة‪ ،‬وعلية أصبح قانون المالية ليس النص القانوني الوحيد الذي ّ‬
‫وأعباء الدولة‪.1‬‬

‫حيث أصبحت هذه األخيرة متمتعة باالستقاللية والخضوع لرقابة محافظي الحسابات ‪.‬‬

‫ومع صدور دستور ‪ 2000‬اختلفت طريقة المعالجة الدستورية للرقابة‪ ،‬إذ تم إزاحة وظيفة الرقابة‬
‫التي كرست في ‪ 2079‬لتكون الرقابة إلى جانب المؤسسات االستشارية في الفصل األول من الباب‬
‫الثالث المعنون الرقابة والمؤسسات االستشارية‪ .‬الرقابة الشعبية وكذا الرقابة الدستورية ورقابة مجلس‬
‫‪2‬‬
‫المحاسبة‪.‬‬

‫وغير بعيد عن صدور دستور ‪ 2000‬جاء النص القانوني المرجعي المعتمد اليوم القانون ‪-09‬‬
‫‪ 312‬والنصوص التطبيقية التي جاءت تطبيقا له الذي يعتبر حاليا النص المرجعي األساسي للمحاسبة‬
‫العمومية‪ .‬وبعدها بقليل صدر القانون ‪ 32-90‬المتعلق بمجلس المحاسبة وسيره حيث جرد هذا األخير‬
‫من صالحياته القضائية ومن مراقبة المؤسسات العمومية االقتصادية والمؤسسات العمومية ذات الطابع‬
‫الصناعي والتجاري‪ .‬وبعد حوالي سنتين صدر المرسوم التنفيذي ‪ 78-92‬المحدد الختصاصات المفتشية‬
‫العامة للمالية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ben Aissa Saïd: L’autonomie des EPE et les finances, R.A.S.J.E.P. n° 1, mars 1989,‬‬
‫‪PP. 178-179.‬‬
‫‪2‬‬
‫جاءت المادة ‪ 200‬من دستور ‪ 2000‬تتضمن الرقابة الشعبية عن طريق المجالس المنتخبة‪ ،‬ثم المادة ‪ 209‬تتحدث عن قانون ضبط الميزانية ‪،‬‬
‫ثم المادة ‪ 202‬تتعلق بالجان التي يمكن لمجلس الشعبي الوطني أن يؤسسها‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 201‬على ضرورة النظر في ظروف استـخدام‬
‫الوسائل الـمادية واألموال العمومية وتسييرها من قبل أجهزة الرقابة والتـحقيق في تطابق العمل التنفيذي مع الدستور ‪ ،‬أما المادة ‪ 299‬فقد نصت‬
‫على الرقابة البعدية لمجلس المحاسبة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫القانون ‪ 12-09‬المؤرخ في ‪ 20‬أوت ‪ 2009‬يتعلق بالمحاسبة العمومية المعدل والمتمم ‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪.35‬‬

‫‪25‬‬
‫ولم تختلف المعالجة في الدستور الحالي أي دستور ‪ 2009‬المعدل إذ خصص الفصل األول من‬
‫الباب الثالث المعنون بالرقابة والمؤسسات االستشارية حيث كرس نفس المبادئ السابقة ‪.1‬‬

‫ومجمال نستطيع القول بأن هذه النصوص وان كانت مستوحاة من تشريعات بعض الدول‬
‫المعاصرة فإنها شكلت القاعدة األساسية للقيام بعملية الرقابة على النفقات العمومية في الجزائر‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مشكل التقييم في المحاسبة العمومية‬

‫أساسيا من عناصر التنظيم اإلداري في الدولة الحديثة‪ ،‬لذا البد‬


‫ً‬ ‫عنصر‬
‫ًا‬ ‫تعتبر الرقابة المالية العليا‬
‫لإلدارة المكلفة بتنفيذها من أن تستند إلى التخطيط الدقيق في تنفيذها لألعمال الموكلة إليها‪ ،‬وأن تتابع‬
‫تنفيذ خططها‪ ،‬وتعمل على تقويم أدائها‪ ،‬للحكم على مدى سالمة أعمالها‪ .‬حيث أن التخطيط والمتابعة‬
‫وتقويم األداء عناصر هامة من عناصر العملية اإلدارية التي تهدف إلى ضمان تحقيق األهداف‪ ،‬وترشيد‬
‫استخدام الموارد المتاحة‪ ،‬والموازنة بين الغايات والوسائل واإلمكانيات‪ ،‬وتحقيق اقتصاديات العمل وتطوير‬
‫نظام الرقابة‪ ،‬وتصحيح مساراته‪.‬‬

‫إذا كان مفهوم الرقابة واسعا ويختلف تعريفه باختالف مجال استعماله‪ ،‬فإن مفهومه محدود في‬
‫المجال المالي ويتعدى ذلك من حيث مراقبة التسيير‪ ،‬أي رقابة الفعالية والمردودية‪ .‬وقد ركزت األنظمة‬
‫االقتصادية الرأسمالية واالشتراكية على رقابة الشرعية والنظامية‪ ،‬أما في الوقت الحالي فقد تعدت أوجه‬
‫الرقابة لتشمل التقييم‪.‬‬

‫وما يدفعنا للتساؤل خاصة فيما يتعلق برقبة التقييم هو غيابها عن الواقع بالرغم من توفر‬
‫النصوص التي اعتمدتها حتى في عهد الدولة االشتراكية‪ .‬وفيما يلي سنحاول إعطاء بعض المفاهيم‬
‫المتعلقة بالتقييم ثم نمر إلى الحديث عن رقابة التقييم في الجزائر بين تكريسها على مستوى النصوص‬
‫القانونية والتنظيمية وغياب ممارستها على أرض الواقع‪,‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬محاولة تعريف مفهوم التقييم ومدى ارتباطه بفعالية النفقة العمومية‬

‫كانت الرقابة على النفقات العمومية فيما سبق تعتمد عادة على نظامية العمليات المالية بغية‬
‫تحاشي الغش واالحتيال والتأكد من مطابقة العمليات للتراخيص المالية و عادة ما كانت تسند رقابة‬
‫مطابقة القوانين ونظامية التسيير المالي والمحاسبي إلى المؤسسات العليا للرقابة على المالية العمومية‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫إن دستور ‪ 2009‬الذي يضمن التغيير الجوهري فيما يتعلق بازدواجية السلطة التشريعية لم يحدث تغييرات تمس مجال المحاسبة العمومية حيث‬
‫نصت المادة ‪ 200‬على الرقابة الشعبية عن طريق المجالس المنتخبة‪ ،‬ثم جاءت المادة ‪ 299‬لتحتوي على عرض عن استعمال االعتماد المالية‬
‫التي أقرها البرلمان للسنة المالية‪ ،‬كما جاءت نفس المادة في فقرتها الثانية للحديث التصديق على قانون ضبط الميزانية‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 292‬التي تضمنت اللجوء إلى إنشاء لجان مختصة على مستوى غرفتي البرلمان تهدف إلى التحقيق في القضايا ذات المصلحة العامة‪،‬‬
‫ونصت المادة ‪ 291‬على الرقابة اإلدارية والدستورية كما تضمنت المادة ‪ 279‬الرقابة الممارسة من قبل مجلس المحاسبة وهي الرقابة البعدية ألموال‬
‫الدولة والجماعات اإلقليمية والمرافق العمومية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫كما أن المشرع الجزائري مكانة هامة لرقابة المطابقة‪ ،‬حيث كرسها في مختلف الدساتير والقوانين‬
‫والتنظيمات المتعلقة بمجال المحاسبة العمومية‪ .‬ورغم التطور الحاصل في مجال الرقابة على النفقات‬
‫العمومية التي أصبحت شيئا فشيئا تمتد إلى فعالية التسيير المالي العمومي‪ 1‬وسداد النفقة ونوعية الخدمات‬
‫المقدمة‪ ،‬إال أن هذا المفهوم يبقى قليال إن لم نقل غائبا على مستوى الممارسات القانونية في الجزائر‪.‬‬

‫وسنحاول خالل هذه الفقرة ان نعطي مفهوما حول رقابة التقييم‪ ،‬ونشير إلى أنه من اجتهادنا‬
‫الخاص‪ ،‬ألن التقييم كرقابة لم يحض بتعريف دقيق وانما هو نتيجة لقراءة وتحليل لعدة نصوص قانونية‪،‬‬
‫استخرجنا من خاللها بعض العوامل التي تشكل جزء من رقابة التقييم التي هي واسعة النطاق ومن‬
‫االستحالة إيجاد تعريف دقيق لها‪.‬‬

‫تعريف التقييم‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫إن العديد من الدول أصبحت تلجأ حاليا إلى أسلوب الرقابة التقييمية خاصة مع زيادة حجم‬
‫النفقات العمومية وتدخل الدولة بواسطة أنواع السياسة االقتصادية‪ ،‬فالتقييم يقصد به تقييم النشاط‬
‫واكتشاف مواقع ضعفه ومواقع قوته بتقدير مختلف أوجهه‪ ،‬ثم تقديم نتائج هذا التقييم إلى الهيئات المراقبة‬
‫مرفوقا باقتراحات وارشادات‪ ،‬ثم تقديم هذا التقييم إلى السلطات المعنية‪.‬‬

‫و نظ ار لغياب تعريف في المراجع الجزائرية فإننا سنحاول تقديم أهم التعريفات التي جاءت بها‬
‫المصادر الفرنسية‪ .‬ومن أهمها التعريف الذي جاء في تقرير لجنة التخطيط لمجلس األمة الفرنسي لسنة‬
‫‪ :21995‬تقييم السياسات العامة يهدف إلى إصدار حكم‪ ،‬إبداء رأي أو توصية حول مسار طموح وصارم‬
‫من أجل معرفة أحسن للنشاط العمومي‪.‬‬

‫يسمح التقييم بتقدير نتائج النشاط العمومي من أجل ضمان حسن استعمال األموال العمومية‪،‬‬
‫وعليه فالتقييم متعدد المجاالت ويمكنه االستعانة بالكفاءات الخارجية كعلماء النفس‪ ،‬االقتصاديين‬
‫ومختصي األنتربولوجيا‪ ،‬آخذا بعين االعتبار التنوع الموجود في النشاط العمومي‪.‬‬

‫التقييم هو إصدار حكم حول قيمة السياسة العامة ‪.‬‬

‫أول تعريف رسمي للتقييم صدر في مرسوم ‪ 11‬جانفي ‪ 2009‬المتعلق بالتقييم‪:‬‬

‫تقييم السياسة العامة هو النظر فيما إذا كانت اإلمكانيات القانونية واإلدارية والمالية المتاحة تسمح‬
‫‪3‬‬
‫بإحداث اآلثار المتوقعة وبتحقيق األهداف المسطرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ERIC oliva : Op-cit, p 321, 322.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪C. Waline , P.Desrousseaux , B. Pellé : Contrôle et évaluation des finances publiques, La Documentation‬‬
‫‪française, 2009, p11.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪IDEM, p 11.‬‬

‫‪27‬‬
‫يرتكز هذا التعريف على قياس قدرة الوسائل العمومية الموفرة للوصول إلى األهداف المسطرة‪ ،‬و‬
‫في هذه النظرة التقييم هو قبل كل شيء هو حكم على نجاعة نشاط عمومي‪.‬‬

‫أما التعريف الثاني في القانون الفرنسي فقد ورد في مرسوم ‪ 20‬نوفمبر ‪ 2000‬المنشأ للمجلس‬
‫الوطني للتقييم الفرنسي و الذي جاء بتعريف جديد للتقييم بنصه على أن تقييم سياسة عمومية يهدف‬
‫لتثمين نجاعة هذه السياسة ‪ ،‬بمقارنة نتائجها بأهدافها المقررة‪ ،‬و بالوسائل المستخدمة‪.‬‬

‫و يمنح هذا التعريف للتقييم إمكانية معالجة مسألة أكثر اتساعا و أكثر شموال ‪ ،‬حيث يكتشف‬
‫آثار سياسة عمومية ‪ ،‬بدون تقييد االستقصاء عن النجاعة الفورية لهذه السياسة ‪ ،‬مع اهتمام حول فعالية‬
‫الوسائل‪.‬‬

‫و مفهوم التقييم يتعلق حديثا باإلدارة‪ ،‬فقد عرف كذلك في فرنسا على أنه برنامج يهدف إلى‬
‫البحث عما إذا كانت الوسائل القانونية اإلدارية والمالية المسخرة لتنفيذ برامج أو سياسة معينة تسمح‬
‫بتحقيق النتائج والوصول إلى األهداف المحددة لذلك ‪ .‬حيث تتميز العملية بـالتزام الموضوعية‪ ،‬إذ البد أن‬
‫تكون قاعدة المعطيات والمستندات المستعملة في العملية دقيقة و كافية التخاذ الق اررات‪ ،‬كذلك استقاللية‬
‫األحكام الصادرة‪ .‬وأخي ار التزام الشفافية‪ ،‬إذ يجب أن تكون طريقة و معايير ونتائج التقييم واضحة‪ ،‬لذلك‬
‫فإن وضع نظام التقييم يهدف إلى جعل اإلدارة تعيد النظر كل مرة في طريقة تسييرها‪.1‬‬

‫فالتقييم أو رقابة النجاعة تقوم على تحليل المعطيات والمعلومات المتعلقة بموضوع التقييم من‬
‫أجل إصدار حكم يتعلق بمدى فائدته أو فعاليته وتحديد مسؤولية األعوان المتدخلين‪ .‬وفي حقيقة األمر ال‬
‫يوجد تعريف موحد لمفهوم التقييم‪.2‬‬

‫المعايير األساسية للتقييم‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫من بين المعايير األساسية للتقييم نجد‪:3‬‬

‫‪ 1-2‬التجانس بين التصور والتطبيق‬

‫يجب أن تكون األهداف متجانسة فيما بينها والوسائل القانونية والبشرية والمالية المتاحة متوافقة‬
‫مع هذه األهداف‪.‬‬

‫‪ 2-2‬تحقيق األهداف المسطرة‪ :‬إلى أي مدى يمكن أن يحصل التوافق بين التطور الحاصل‬
‫في الواقع االجتماعي واألهداف المسطرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Bennacer El Baz: stratégie de changement, contrôle et évaluation de l action administrative, mode et‬‬
‫‪finalités, Annales IEDF P94‬‬
‫‪2‬‬
‫الحلقة الدراسية الجهوية المنظمة من قبل المفتشية العامة للمالية يومي ‪ 28‬و ‪ 29‬جويلية ‪ 2002‬حول تقييم السياسات العمومية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪C. Waline , P.Desrousseaux , B. Pellé, op-cit, p83.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ 1-1‬الفعالية ‪ :‬تحقيق األهداف المسطرة باستخدام الوسائل المتاحة‬

‫‪ 5-1‬النجاعة‪ :‬تحقيق األهداف المسطرة بأقل تكاليف‪.‬‬

‫‪ 0-1‬التأثير (الواقعية)‪ :‬ماهي النتائج العامة وثأثيرها على المجتمع وهل تعود عليه هذه النتائج‬
‫بالفائدة‪.‬‬

‫‪ 0-1‬الدقة‪ :‬أن تكون األهداف المعلنة مترجمة لطبيعة المشاكل المزمع حلها‬

‫التمييز بين الرقابة القائمة على التقييم وتقييم السياسات العمومية‬ ‫‪-3‬‬

‫يختلف تقييم السياسات العمومية عن مختلف أشكال الرقابة سواء رقابة المالئمة أو رقابة التسيير‬
‫و أيضا عن أعمال التدقيق‪ .‬فالرقابة و التدقيق تعتمد على ضوابط داخلية للنظام المحلل ( قواعد‬
‫محاسبية‪ ،‬قانونية‪ ،‬تسييرية)‪ ،‬على عكس التقييم الذي يحاول االعتماد على وجهة نظر أساسا خارجية‬
‫إلدراك أثار وقيمة النشاط العمومي‪.‬‬

‫إن التفريق بين التقييم الرقابة له تبعات تطبيقية‪:‬‬

‫فمن المفيد مشاركة المستخدمين في ميدان الرقابة في التقييم غير أن هذا األخير يحتاج إلى‬
‫العديد من المؤهالت األخرى‪ .‬كما يجب التفرقة بين كل من الخطوات المتبعة في الرقابة و التقييم ألن هذا‬
‫األخير متحرر في اقتراباته واجراءاته من احترام بعض األشكال المفروضة على أعمال الرقابة كما أنه‬
‫يشترط تعاونا وثيقا مع الفاعلين في السياسة محل التقييم‪.‬‬

‫إن عصرنة المالية العمومية اليوم تتطلب تطور وظيفتين‪ :‬الرقابة التي تقيم نوعية التسيير لدى‬
‫اآلمر بالصرف من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى تقييم النفقات العمومية‪ .‬حيث أن رقابة نوعية التسيير تتم‬
‫على مستوى رئيس الهيئة أو مديرها‪ ،‬أما تقييم السياسات العمومية فهو يفرض استقاللية ومنهجية خاصة‪.‬‬
‫ويمكن القول أنه حتى وان كانت شبكة المحاسبين في وضعية متميزة لتعبئة المعلومات المتعلقة باإلجابة‬
‫على التساؤالت المتعلقة بفعالية المسيرين وكذا فعالية النفقة العمومية ‪ ،‬فإنها ال يمكن ان تعطي إجابات‬
‫‪1‬‬
‫للتساؤالت على كل األصعدة‪.‬‬

‫وما نحن اليوم بصدد دراسته هو الرقابة القائمة على التقييم أي تلك التي تهدف إلى الوصول إلى‬
‫تحقيق األهداف بأقل تكلفة أو بمعنى آخر تهتم دراستنا بالرقابة المبنية على فعالية النفقة العمومية سواء‬
‫منها الرقابة أو تقييم السياسات العمومية‪ .‬اي تلك الرقابة التي تستند إلى المبادئ األساسية للتسيير السليم‬
‫وذلم من خالل تكييف النصوص القانونية حسب ظروف تطبيقها‪ ،‬وتطبق هذه الرقابة على مختلف أنواع‬

‫‪1‬‬
‫‪BARILARI André: les contrôles financiers comptables, administratifs et juridictionnels des finances publiques,‬‬
‫‪LGDG, 2003,p 137.‬‬

‫‪29‬‬
‫التسيير العمومي‪ ،‬كما تسمح بمقارنة اإليجابيات والسلبيات وتمتد إلى تقييم طرق التسيير حيث تسمح‬
‫بتفادي أخطاء التسيير لتحسينه واكتساب الوصول إلى عتبة التسيير السليم‪ .‬وضمن هذا اإلطار تدخل‬
‫رقابة المالءمة التي تؤسس على مقاييس اقتصادية إذ تقوم على عقلنة استعمال الموارد االقتصادية‬
‫والسياسات المالية استنادا إلى المعلومات المتوفرة‪ ،‬كما تسمح بالتأكد من مسايرة اختيارات الميزانية‬
‫لألهداف المسطرة ‪ ،‬حيث يجب أن تكون هذه األهداف مضبوطة ودقيقة‪.‬‬

‫كما يطلق البعض مصطلح الرقابة الموضوعية والتي يقصد بها بالمراقبة التقييمية وهي تلك التي‬
‫تقوم بتقييم النشاط الحكومي للتعرف على مدى تحقيق أهداف الموازنة ومن ثم مدى تحقيق أهداف‬
‫السياسة االقتصادية عامة والسياسة المالية خاصة‪.‬وللقيام بهذه المراقبة يستدعي األمر وضع معايير‬
‫وتتخذ أساسا للتقييم‪ .‬ويتمثل مضمون هذا النوع من المراقبة في مراجعة حسابات التكاليف واألعمال‬
‫ومقارنتها بالتكاليف النمطية‪ ،‬ومراجعة نتائج األعمال والعائد منها مقارنة بما كان مستهدفا‪ .‬ومما سبق‬
‫يتضح أن فعالية هذا النوع من المراقبة تكون في حالة استخدام موازنة األداء‪ ،‬أي تترجم األعمال‬
‫‪1‬‬
‫الحكومية إلى وحدات عمل صغيرة ومحددة مع قياس تكلفتها التقديرية‪.‬‬

‫فرقابة التقييم التي البد وأن توضح حتى يتضح مجال الدراسة هي التي ال تكتفي بالنظر في‬
‫مطابقة القوانين واألنظمة المعمول بها بل تتعداها إلى النظر في فعالية النفقة العمومية‪ .‬ومن هذا المنطلق‬
‫نخلص إلى أن رقابة نوعية التسيير أو رقابة المالءمة أو األداء أو الفعالية هي كلها أسماء تجسد الرقابة‬
‫القائمة على التقييم‪ ،‬وهذه الرقابة تقوم على الفعالية‪ ،‬النجاعة واالقتصاد وقد نصت المادة ‪ 69‬من األمر‬
‫المتعلق بمجلس المحاسبة على هذه العناصر‪ 2‬وسنتطرق إلى كل هذه العناصر بالتفصيل حينما نتناول‬
‫نطاق الرقابة في الفرع الثاني من المطلب الثاني‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن المشرع لم يضع تعريفا خاصا بهذا النوع من الرقابة إال أنه أوجدها على كل‬
‫مستوى النصوص القانونية المتعلقة بهذا الشأن‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬رقابة التقييم في وجود النصوص وغياب الممارسة‬

‫نظ ار للتطور الحاصل في مهام اإلدارة والتزايد المستمر في النفقة العمومية الناجم عن توسع وتعقد‬
‫متطلبات المجتمع‪ ،‬أصبح من الضروري فحص ومراجعة األنشطة التي تنفذها الجهات الخاضعة للرقابة‪،‬‬

‫‪ 1‬دراوسي مسعود‪ :‬السياسة المالية ودورها في تحقيق التوازن االقتصادي‪ ،‬حالة الجزائر‪ ،2004-1990 :‬رسالة دكتوراه في العلوم االقتصادية‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،2005،‬ص ‪.210‬‬
‫‪2‬‬
‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ : 69‬يراقب مجلس المحاسبة نوعية تسيير الهيئات والمصالح العمومية المذكورة في المواد من ‪ 7‬إلى ‪ 10‬من هذا‬
‫األمر‪ ،‬وبهذه الص فة يقيم شروط استعمال هذه الهيئات والمصالح الموارد والوسائل المادية واألموال العمومية وتسييرها على مستوى الفعالية والنجاعة‬
‫واالقتصاد بالرجوع إلى المهام واألهداف والوسائل المستعملة‪ .‬نشير إلى أن هذه المادة ذكرت فقط على سبيل الحصر بما أنها تختص برقابة نوعية‬
‫ال تسيير‪ ،‬ألن العديد من النصوص التي جاءت قبلها كرست رقابة التقييم بما في ذلك الميثاق الوطني لسنة ‪1976‬رغم تبنيه النهج االشتراكي‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫وهذا لتشخيص السياسات والنظم وادارة العمليات‪ ،‬وذلك من خالل مقارنة اإلنجازات بالخطط والنتائج‬
‫باألهداف‪ ،‬والممارسة بالسياسة بغاية كشف االنحرافات وحاالت التبذير واإلسراف وسوء استعمال الموارد‬
‫المتاحة‪ ،‬وتحديد أسبابها واقتراح اإلجراءات التصحيحية‪ ،‬وذلك في سبيل توجيه النفقة نحو تحقيق فاعلية‬
‫وكفاءة واقتصاد أو توفير أكبر وهذا ما نلمسه من مفهوم التقييم‪.‬‬

‫تاريخيا تعتبر رقابة المطابقة هي أول رقابة ظهرت‪ ،‬وكانت تمارس قبليا من طرف المراقب المالي‬
‫وبعديا من طرف مجلس المحاسبة‪ .‬كان الهدف من إرساء هذه الرقابة هو التحقق من أن تنفيذ النفقات‬
‫واإليرادات العمومية تم بطريقة قانونية أي مطابقا للقواعد القانونية المطبقة (قواعد المحاسبة العمومية)‪.‬‬
‫وفي حالة وجود مخالفات فإن الرقابة تتدخل لمنع تنفيذ هذه العملية (رقابة سابقة) أو إقحام مسؤولية العون‬
‫العمومي(رقابة بعدية أو الحقة)‪.‬‬

‫وقد كرس المشرع الجزائري رقابة التقييم ضمن النصوص المتعلقة بهذا الشأن إذ على الرغم من‬
‫أن معالجتها القانونية كانت منذ سنة ‪ 1976‬حيث أن الميثاق الوطني لنفس السنة واثر تناوله للمراقبة ‪،‬‬
‫نص على أن"‪ ...‬المطلوب من المراقبة هو االهتمام بالظروف التي يتم فيها استخدام وتسيير الوسائل‬
‫البشرية والمادية الموضوعة تحت تصرف األجهزة اإلدارية واالقتصادية للدولة‪ ،‬تمكينا لها من القيام‬
‫المحددة لها‪ .‬وعلى المراقبة أن تستكشف التنظيم السيء للعمل‪ ،‬واالستعمال السيء لطاقة االنتاج‬
‫والتضخيم المفرط للتكاليف‪ ،‬وعدم الصرامة في العمل داخل اإلدارات والمؤسسات‪ ،‬كما عليها أن تتأكد‬
‫من حسن استعمال الموارد المادية والوسائل المالية‪ ،‬ومن التوزيع المنطقي لإلطارات‪ ،‬ومن مقاييس‬
‫المردودية وتطبيق التقنيات الحديثة‪ 1"....‬مع أن التوجه في هذه الفترة من الزمن كان اشتراكيا إال أن‬
‫ذلك لم يمنع من وجود رقابة تقييمية إلى جانب رقابة المطابقة بطبيعة الحال‪ ،‬بل أن النص المذكور أعاله‬
‫تاله النص المتعلق برقابة المطابقة‪.‬‬

‫والنصوص المتعلقة بهذا اإلطار كثيرة كما هو الحال بالنسبة للمادة ‪ 69‬من األمر ‪20-95‬‬
‫المتعلق بمجلس المحاسبة التي سبق الحديث عنها‪ .‬وقبلها نص المادة الثالثة من المرسوم التنفيذي ‪78-‬‬
‫‪ 92‬الذي يحدد اختصاصات المفتشية العامة للمالية التي نصت على مجال عمل المفتشية العامة للمالية‪،‬‬
‫حيث يمتد إلى الدراسات والتحاليل المالية واالقتصادية لتقدير فعالية التسيير ونجاعته‪.‬‬

‫عموما النصوص كثيرة في هذا اإلطار وما طرحناه هنا هو على سبيل المثال ال الحصر ألننا‬
‫سنعالج كل هيئة رقابية على حدة وسنتناول مختلف الرقابات التي نص عليها القانون أو التنظيم الذي‬
‫تخضع له‪ .‬ولكن المثير في هذا المجال هو التأطير القانوني والتنظيمي لهذه الرقابة والعناية بها زمن غير‬
‫أن هذا لم يكن ليجسدها في الممارسة العملية إال ناد ار ‪ ،‬وهذا ما يبعث إلى طرح العديد من التساؤالت‬

‫‪1‬‬
‫الميثاق الوطني لسنة ‪ 1976‬ص ‪.913‬‬

‫‪31‬‬
‫المتعلقة بهذا المجال‪ ،‬هل أن ممارستها تشكل عبئا على الهيئات أم أن استبعاد تطبيقها مفتعل وغير‬
‫مرغوب فيه؟‬

‫حتى نتمكن من إرساء هذا النوع من الرقابة ووضعه حيز التنفيذ أصبحت الحاجة ملحة إلى إيجاد‬
‫وخلق مؤسسات وأجهزة تتولى القيام بهذه المهمة‪ ،‬إذ ال بد أن تكون هذه األجهزة مستقلة عن اإلدارة‬
‫ومتعددة الميادين واالختصاصات‪ ،‬ألن الهيئات المتواجدة حاليا مازالت مقيدة بالممارسات التقليدية للرقابة‬
‫وخاضعة خضوعا تاما للسلطة التنفيذية‪ ،‬وبعيدة تماما عن قياس اآلداء‪ ،‬الفعالية‪ ،‬والمردودية أو النجاعة‬
‫في اإلدارة العمومية‪ .‬فرقابة المردودية ال تتم فقط على العمليات المالية فقط وانما تتم على مجمل نشاطات‬
‫القطاع العمومي ومن بينها التنظيم واإلدارة‪ ،‬مما يبعث إلى القول بأن هذه الهيئات غير مؤهلة للقيام‬
‫بمهمة التقييم وابداء أحكام وآراء سديدة عن السياسات المتبعة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلطار العملي للرقابة على النفقات العمومية‬

‫يكمن اإلطار العملي للرقابة في إبراز مكانة الرقابة ضمن النظام المالي للدولة‪ .‬إذ تعتبر الرقابة‬
‫على المالية العمومية العنصر الثالث لنظام المالية العمومية‪ ،‬وهي تحتل في قانون المالية مكانة جد‬
‫‪1‬‬
‫هامة بالنظر إلى المبالغ التي تميز نشاطات الهيئات العمومية ‪ .‬ال يخفى علينا أن الهدف األساسي‬
‫للرقابة هو التأكد من احترام الترخيص الميزانية‪ ،‬الشرعية القانونية والمحاسبية للنفقة‪ .‬وانتشار الوعي‬
‫المتعلق بتدهور وضعية المالية العمومية وكذا ضرورة استرجاع مكانتها أدى إلى ظهور أهداف جديدة هي‬
‫‪2‬‬
‫احترام التوازن المقرر في قانون المالية وقياس فعالية النفقة العمومية‪.‬‬

‫ومن هنا ارتأينا ضرورة تناول أهمية الرقابة‪ ،‬وحتى نتمكن من استخالص كل النتائج التي أسفرت‬
‫عنها الرقابة وكل األهمية التي استخلصت البد من وجود نطاق معين أو امتداد محدد تتناوله الرقابة أي‬
‫المسائل التي تنظر فيها الرقابة‪ ،‬ثم في األخير المبادئ أو المقومات التي تقوم عليها حتى تضمن‬
‫فعاليتها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أهداف الرقابة على المالية العمومية‬

‫ومن هذا المنطلق نجد أن هذه الرقابة تعمل على تحقيق أهداف فنية أو تقنية وتقليدية أما على‬
‫المدى الطويل فإن لها أهدافا استراتيجية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ERIC OLIVA, opcit , p319‬‬
‫‪2‬‬
‫‪BLANCHARD_ DIGNAC Christophe: Le contrôle de l’exécution des lois de finances : enjeux et perspectives,‬‬
‫‪RFFP, n°59, 1997, p 51.‬‬

‫‪32‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األهداف التقليدية و الفنية للرقابة‬

‫إن الهدف األساسي الذي تعمل الرقابة من أجله هو ضمان احترام التراخيص المقدمة من قبل‬
‫السلطة التشريعية وكذا الحرص على االستعمال األمثل للموارد العمومية أي التحقق من أن اإلنفاق تم‬
‫وفقاً لما هو مقرر له طبقاً للخطط الموضوعة وأن الموارد تم تحصيلها كما هو مقرر وأنها استخدمت‬
‫أفضل استخدام‪.‬‬

‫فبال نظر إلى الناحية التقليدية المرجوة من الرقابة هي شرعية العمليات المالية من أجل تفادي‬
‫االحتيال والتحقق من مطابقة العمليات للتراخيص الميزانية‪.1‬‬

‫ضمان احترام ترخيصات الميزانية‬ ‫‪-1‬‬

‫تعتبر األموال العمومية من إيرادات ونفقات وسيلة غير مباشرة لتدخل الدولة في مجاالت متعددة‪،‬‬
‫وطبعا يجب أن تكون هذه األموال مرخصة من طرف السلطة التشريعية حتى تقوم الحكومة بتنفيذها ‪.‬لكن‬
‫أثناء أداء هذه األخيرة لمهامها قد ترتكب أخطاء عن قصد أو غير قصد‪ ،‬مما يستدعي ضرورة مراقبتها‪،‬‬
‫وان كان هدف المراقبة األساسي هو أن يكون عمل السلطة التنفيذية وفق المسار الذي رخصته لها‬
‫السلطة التشريعية‪ ،‬أي التسيير الحسن لألموال العمومية و ترشيد استعمالها‪.‬‬

‫فالرقابة تسمح بمتابعة تنفيذ الميزانية وتقييم اآلداء في الوحدات للتأكد من أن التنفيذ يسير وفق‬
‫التراخيص الممنوحة من قبل السلطة التشريعية‪ ،‬وكذلك التأكد من أن االنفاق تم وفقا لما هو مقرر له وأن‬
‫األعمال تتم على النحو المطلوب ويتم استخدام األموال العامة في األغراض المخصصة لها دون اسراف‬
‫‪2‬‬
‫أو انحراف و الكشف عما يقع في هذا الصدد من مخالفات‪.‬‬

‫تزويد السلطة التشريعية في الدولة بالمعلومات والتقارير السليمة والمؤكدة وذلك بغرض تحققها من‬
‫تطبيق ما وافقت عليه فيما يتعلق بالميزانية وهو ما يعنى استخدام االعتمادات في األوجه التي خصصت‬
‫لها‪ ،‬وجباية اإليرادات حسب األنظمة واللوائح الصادرة‬

‫ونظ ار ألهمية الجهاز الرقابي فقد ارتأينا أن نتطرق إلى األهداف التي يرمي إليها على مختلف‬
‫النواحي ماليا اقتصاديا و سياسي‬

‫‪1‬‬
‫‪ERIC OLIVA , opcit , p311‬‬
‫‪2‬‬
‫عوف محمود الكفراوي‪ :‬الرقابة المالية النظرية والتطبيق‪،‬مطبعة االنتصار‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ، 1990 ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪33‬‬
‫األهداف التقنية أو الفنية للرقابة‬ ‫‪-2‬‬

‫الهدف الفني للرقابة يكمن في التأكد من أن عملية تحصيل اإليرادات ودفع النفقات تم بطريفة‬
‫قانونية وغير مخافة لألحكام التشريعية والتنظيمية المؤطرة لتنفيذها‪.‬ومن هنا نرى أن هذه األهداف تتحقق‬
‫بجملة من التقنيات هي‪:‬‬

‫إبداء رأى فني محايد عن مدى صحة األوضاع المالية ونتائج أعمال الوحدات المشمولة‬ ‫‪-‬‬
‫بالرقابة على أن يكون هذا الرأي مدعماً بأدلة وقرائن إثبات قوية حول مدى صحة حقيقة المركز المالي‬
‫ومدى صحة نتائج األعمال في نهاية الفترة‪.‬‬

‫تشجيع االلتزام بالسياسات والق اررات اإلدارية والتأكد من حسن تطبيقها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫التأكد من دقة البيانات المحاسبية وسالمة وصحة القيود واألرقام المثبتة بالدفاتر‬ ‫‪-‬‬
‫والسجالت ومدى إمكانية االعتماد عليها في إعداد المعلومات والتقارير النهائية ومن ثم اتخاذ الق اررات‪.‬‬

‫اكتشاف األخطاء وحاالت الغش والعمل على تقليل فرص ارتكابها من خالل تقييم فعالية‬ ‫‪-‬‬
‫نظم الرقابة المالية الداخلية للوحدات وتدعيم هذه النظم والرفع من كفاءتها في تحقيق عناصر الرقابة‬
‫والضبط الداخلي‪.‬‬

‫التحقق من إتباع نظم وأساليب حديثة في التخطيط والتنظيم ومتابعة التنفيذ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫لتأكد من كفاية األنظمة وتحديد سلطات ومسئوليات العاملين بالوحدات المشمولة بالرقابة‬ ‫‪-‬‬
‫ومراعاة التسلسل اإلداري بما يحقق حسن انسياب المعلومات بشكل سليم وخلق مناخ تعاوني بين األفراد‬
‫والعاملين ‪.‬‬

‫اكتشاف الممارسات والمبادرات اإلبداعية لتشجيعها ورعايتها ومكافأة القائمين على ذلك‬ ‫‪-‬‬
‫كنوع من الحافز‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األهداف اإلستراتيجية‬

‫تتمثل األهداف اإلستراتيجية للرقابة في العديد من المجالت وهي‪:‬‬

‫في المجال االقتصادي واالجتماعي‬ ‫‪-1‬‬

‫إن البرامج اإلنمائية االقتصادية واالجتماعية بعد المصادقة عليها من قبل البرلمان تشكل إطار‬
‫البرامج االستثمارية وأداة توجيهية فعالة لكافة أعمال الدولة‪ ،‬وهذا ينبع من مبدأ أن المالية العامة أداة من‬
‫أدوات السياسة االقتصادية واالجتماعية‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Pierre LALUMIERE : les finances publiques , Armand colin-collection,7e Edition ; Paris, 1983, p18.‬‬

‫‪34‬‬
‫والدولة من خالل برامجها اإلنمائية السنوية أو المتعددة السنوات تحاول تكثيف مجهوداتها بغية‬
‫التطور االقتصادي واالجتماعي للبلد من أجل إشباع حاجات المواطن وتحسين ظروف معيشته‪.‬‬

‫التجهيز وتحدد المبالغ المخصصة لتنفيذ جل‬ ‫وتحتوى هذه البرامج اإلنمائية على برامج‬
‫العمليات والفترة الزمنية و أجهزة الرقابة التي بإمكانها مراقبة وضمان مدى مطابقة التنبؤات المالية مع‬
‫األهداف المرجوة والمسطرة في البرامج اإلنمائية‪ ،‬وعادة ما ترجع صالحيات المراقبة والتحقيق في هذا‬
‫الميدان‪ ،‬إلى البرلمان والهيئات التابعة للو ازرات المكلفة بالمالية باإلضافة إلى السلطات الوصية‪.‬‬

‫في المجال المالي‬ ‫‪-2‬‬

‫إن الهدف المالي للراقبة هو ضمان تسيير حسن واستعمال سليم وعقالني لالعتمادات الممنوحة‪،‬‬
‫ولتحقيق هذا الهدف وضع المشرع العديد من القواعد القانونية و التنظيمية لضمان احترام إجازة الميزانية‬
‫من جهة‪ ،‬والبحث عن مواضع الخلل التي تؤدي إلى المساس باألموال العمومية و األخطاء المرتكبة عند‬
‫تنفيذ الميزانية من طرف األعوان المكلفين من جهة أخرى ‪.‬فعند وجود أخطاء أو تجاوزات يتم إحالة‬
‫مرتكبيها على السلطات المختصة في تقرير العقوبات‪. 1‬‬

‫يمكن القول أن الرقابة في جانبها المالي ترمي إلى الحفاظ على الممتلكات بما يضمن حماية‬
‫المال العام والحفاظ على حقوق األطراف ذات العالقة بالوحدة محل الرقابة وكذلك زيادة الفعالية بما يمكن‬
‫من تحسين األداء وزيادة اإلنتاجية واقتراح أفضل السبل لتحقيق األهداف التي ترمي إليها البرامج‬
‫والسياسات االقتصادية الموضوعة ‪.‬‬

‫في المجال اإلداري‬ ‫‪-5‬‬

‫من الناحية اإلدارية تهدف الرقابة إلى محاربة البيروقراطية و التباطؤ اإلداري ومختلف أشكال‬
‫السلوك التي تؤدي إلى إهانة المواطن و المساس بمصالحه‪ ،‬كما أن الهدف من الرقابة‪ ،‬كذلك هو التحقيق‬
‫في الظروف التي يتم فيها استخدام الوسائل البشرية و المادية من طرف األجهزة اإلدارية واالقتصادية‬
‫للدولة ‪.‬وبذلك يقوم الجهاز الرقابي بضمان السير الحسن والسليم للمصالح اإلدارية ألداء مهامها على‬
‫أحسن وجه‪ 2‬وبالتالي محاربة النقص والتقصير وسوء التنظيم و غياب الصرامة في العمل على مستوى‬
‫اإلدارات والمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫كما أن الرقابة تقوم بتقديم االقتراحات والمعلومات الالزمة إلعادة التنظيم الجيد حتى تكون‬
‫مردودية أداء العمل على أكمل وجه‪.‬‬

‫‪1‬عبد الكريم صادق بركات‪ ،‬يونس احمد البطريق‪ ،‬حامد عبد المجيد الدراز‪:‬المالية العامة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪ 1986 ،‬ص‪. 448‬‬
‫‪2‬‬
‫حسين مصطفى حسين‪:‬المالية العامة ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ، 1995‬ص‪. 85‬‬

‫‪35‬‬
‫في المجال السياسي‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫إن الهدف السياسي من الرقابة على األموال العمومية سواء من طرف الهيئات التابعة للسلطة‬
‫التنفيذية أو تلك الخارجية عن إدارتها والممارسة من طرف هيئات دستورية قائمة بذاتها يتمثل في جانبين‪:‬‬

‫‪ 1-4‬على المستوى الداخلي للرقابة‪:‬‬

‫وهنا تحاول الحكومة أن تعطي صورة حسنة عن تنفيذها للميزانية‪ ،‬وذلك بمحاولة تجنب وقوعها‬
‫في األخطاء حتى تكون حصيلتها السنوية المقدمة مطابقة للتقديرات‪ ،‬عمال بمبدأ المراقبة الذاتية‪.‬‬

‫‪ 2-4‬على المستوى الخارجي للرقابة‪:‬‬

‫وهي تلك التي تقوم بها أجهزة غير تابعة للحكومة كالبرلمان و مجلس المحاسبة‪ ،‬و الهدف منها‬
‫تقويم سياسة الحكومة لتحقيق نمو اقتصادي واجتماعي‪ .‬وتمكين السلطات من الخوض في سياسات مالية‬
‫أو اقتصادية على المدى المتوسط والطويل ترى أنها من شأنها تحسين المستوى االقتصادي للبالد‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق الرقابة على النفقات العمومية‬

‫تقوم الرقابة في العادة على شرعية العمليات المالية بهدف تفادي الغش والتأكد من مطابقة هذه‬
‫العمليات للتراخيص الميزانية‪ ،‬لكن هذه الرقابة تطورت شيئا فشيئا لتشمل الفعالية في التسيير المالي‬
‫العمومي‪ ،‬غير أنها في أغلب األحيان تضم الجانبين أي الرقابة على الشرعية وكذا الفعالية‪.1‬‬

‫إن ميزانية الدولة في الحقيقة هي تتشكل من إيردات تجمعها الدولة من دافعي الضريبة وهم‬
‫بطبيعة الحال المواطنون الذين يدفعونها و هم يسمحون بإعادة توزيع هذه اإليرادات عن طريق المصادقة‬
‫على قانون الميزانية السنوي‪ ،‬حيث تمنح السلطة التشريعية ترخيصا ماليا للسلطة التنفيذية‪ ،‬وهذا عن‬
‫طريق الممثلين في البرلمان ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الشرعية‬

‫إن قولنا بالشرعية هو يعني القانونية‪ ،‬فالمدلول القانوني للرقابة على األموال العمومية هو الرقابة‬
‫التي تقوم بها هيئات يتم إنشاؤها بقانون أو تنظيم أو أي نص قانوني آخر‪ ،‬وتحدد اختصاصاتها بموجب‬
‫ذلك النص القانوني‪ ،‬وتهدف إلى مطابقة العمل ذي اآلثار المالية للقانون أو بمعنى أدق مطابقته لمختلف‬
‫القواعد القانونية التي تحكمه سواء ما كان منها داخالً في إطار الشكل القانوني‪ ،‬أي أن يكون العمل‬
‫المالي مطابقاً للتصرف القانوني‪ ،‬أو ما كان منها داخالً في إطار الموضوع القانوني‪ ،‬وهي التي تنظر في‬
‫طبيعة التصرف وفحواه ومكوناته‪ ،‬ويتم بموجب هذا النوع من الرقابة رقابة التصرف المالي من حيث‬
‫النفقات أو اإليرادات العامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ERIC OLIVA, Op.cit, P321,322 .‬‬

‫‪36‬‬
‫فعملية تحصيل اإليرادات و صرف النفقات ال يمكن أن تتم إال بعد موافقة قانونية مسبقة وال يمكن‬
‫تنفيذها إال من طرف شخص مؤهل قانونا‪.‬‬

‫‪ - 1‬عملية تنفيذ النفقات واإليرادات يجب أن تكون مجازة قانونا‪:‬‬

‫فكل تنفيذ لنفقة أو إيراد يجب أن تتوفر على إجازة قانونية حيث تمثل شرط أساسي الزم لتنفيذها‬
‫ويجب أن يأخذ بعين االعتبار ثالث جوانب هي‪:‬‬

‫‪ 2-2‬الجانب السياسي‪ :‬إذا يجب موافقة البرلمان علي الميزانية و بالتالي توفر رخصة صرف‬
‫النفقات المرصودة وتحصيل اإليرادات‪.‬‬

‫الجانب المالي‪ :‬يجب أن ال يتعدى اإلنفاق سقف محدد مسبقا و هذا للحفاظ علي‬ ‫‪1-2‬‬
‫التوازن المالي‪ .‬كما نضيف هنا تقديم الميزانية في وثيقة واحدة ووفق مقاييس شكلية محددة كما أنها‬
‫تخضع لمبادئ حازمة‪ :‬التوازن‪ ،‬السنوية‪ ،‬التخصص‪ ،‬الشمولية و مبدأ الوحدة‪.‬‬

‫‪ 5-2‬الجانب اإلداري‪ :‬يجب تهيئة الشروط الالزمة لمنع كل تبذير أو سوء استعمال من طرف‬
‫أعوان االدارة المكلفين بتنفيذ الميزانية‬

‫و لتجنب أن تفقد هذه اإلجازة معانيها بسبب عدم احترام هذه الجوانب فان تنفيذ الميزانية أخضع‬
‫لعدة إجراءات صارمة تخص طرق التنفيذ مدته وألعوان المكلفين بذلك‪.‬‬

‫‪ - 2‬عملية تنفيذ الميزانية تكون من طرف أشخاص مؤهلين قانونا‪:‬‬

‫فتنفيذ الميزانية ال يجب أن يكون مجا از قانونا فقط بل يجب أن يكلف بها أشخاص مؤهلون‬
‫مكلفون بتنفيذ العمليات المالية هما األمر بالصرف والمحاسب العمومي وفي هذا الموضوع تنص المادة‬
‫‪1‬‬
‫‪ 20‬من القانون ‪ 12-09‬المتعلق بالمحاسبة العمومية‪.‬‬

‫غير أن ما يعاب على هذا النوع من الرقابة هو أنها تهدر الوقت وتكاليفها عالية‪ .‬زيادة على هذا‬
‫فهي ال تعكس الشفافية بما أنها ال تعلم دافع الضريبة بنتائج هذه الرقابة‪ .‬فمجلس المحاسبة ال يقوم بنشر‬
‫‪2‬‬
‫تقاريره‪ ،‬على األقل من أجل خلق نقاش عام وخلق نوع من الضغط المعنوي على السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫كما يرتبط بموضوع المدلول القانوني للرقابة المالية الحديث عن مبدأ الشرعية والذي يعد‬
‫األساس القانوني للرقابة على اإلدارة بالوحدات‪ ...‬وهذا المبدأ يعني خضوع اإلدارة في جميع تصرفاتها‬

‫‪1‬واآلمر بالصرف والمحاسب العمومي هما جزء من التنظيم اإلداري‪ ،‬لكن مفصوالن عن بعضهما والعالقة التي تربطهما تكون تكاملية أثناء أداء‬
‫مهامهما ‪ .‬ومن بين اآلليات التي تسير وفقها الرقابة هو وقوع الرقابية الذاتية التي تحصل نتيجة لمبدأ التمييز بين اآلمر بالصرف والمحاسب‬
‫العمومي‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الدكتور الطيب السعيد‪ :‬فعالية المرفق العمومي‪ ،‬دروس مقدمة لقسم الماجستير فرع الدولة والمؤسسات العمومية‪ ،‬سنة ‪.1997-1999‬‬

‫‪37‬‬
‫وأعمالها ألحكام القانون بمعناه الواسع‪ ،‬فاإلدارة ال تستطيع القيام بأي عمل قانوني أو مادي إال وفقاً‬
‫للقانون ووفقاً لإلجراءات الشكلية المحددة فيه‪ ،‬تحقيقاً لألهداف التي يتوخاها‪.‬‬

‫وتبدو أهمية مبدأ الشرعية في مجال الرقابة المالية في كونه أهم الضمانات الممنوحة لألفراد‬
‫في مواجهة السلطة العامة‪ ،‬فهذا المبدأ يحمى األفراد من تجاوزات اإلدارة العامة وتعدياتها على حقوقهم‬
‫على خالف ما يجيزه القانون وبمقتضى هذا المبدأ يستطيع األفراد مراقبة اإلدارة في أدائها لوظائفها‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ما سبق فإن أهمية مبدأ الشرعية تبرز أيضاً في سندها القانوني للجهات المكلفة بالعمل‬
‫الرقابي حيث ينص مضمونه إلى قيام السلطة التشريعية في الدولة بتزويد الوحدات واألجهزة الرقابية‬
‫بالضمانات الالزمة التي تضمن لها الخيار واالطمئنان في عملها وعدم التأثر بالتيارات السياسية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬النظامية ‪régularité‬‬

‫المقصود من النظامية هو‪:‬‬

‫نظامية عملية التسيير‪ :‬في هذا اإلطار يجب التحقق من مدى مطابقة التصرف المالي‬ ‫‪-2‬‬
‫مع اإلجازة الميزانية والقوانين والتنظيمات‪ ،‬و موافقة العملية المالية مع اإلجازة الميزانية إذ أن احترام هذه‬
‫اإلجازة يعني احترام مبدأ سنوية االعتمادات والتخصيص القانوني للعملية وسقف االعتمادات‪.‬‬

‫فاحترام اإلجازة الميزانية تكون العتمادات ال تتجاوز مدة استعمالها سنة ميالدية‪ ،‬وعمليات اإلنفاق‬
‫المنصبة على اعتمادات مفتوحة صالحة فقط للسنة التي تم فيها إجازتها وبعد انتهاء المدة‪ ،‬ال يسمح بأي‬
‫نفقة دون فتح اعتمادات جديدة والمادة ‪ 25‬من القانون ‪17/84‬المتعلق بقوانين المالية تنص على‬
‫االعتمادات الضرورية لنفقات التسيير يجب أن تبرر سنويا وبالمجاميع وال تعطي أي حق الستعمالها في‬
‫السنة المقبلة‪ .‬إذا فاالعتمادات المفتوحة مقبولة لسنة واحدة فقط وال يمكن أن تمدد لسنة أخرى‪.1‬‬

‫كما أن احترام مبدأ التخصيص القانوني هو شرط أساسي لنظامية العمل المالي فالقانون‪27-00‬‬
‫المتعلق بقوانين المالية نص على أن االعتمادات المفتوحة تخصص بفصول أو قطاعات حسب الحالة‬
‫‪2‬‬
‫تجمع حسب طبيعتها وتوجهاتها طبقا لمدونات محددة بواسطة التنظيم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لكن هذا المبدأ ال يطبق بصفة مطلقة‪ ،‬فهناك استثناءات في بعض األحيان كما هو الحال بالنسبة لبرامج التجهيز التي تتعدى عدة سنوات وقد‬
‫نصت عليها المادة السادسة من القانون ‪ 12-09‬المتعلق بالمحاسبة العمومية‪ ،‬فإجازات البرامج تطبق على نفقات التجهيزات العمومية واإلنفاق‬
‫االستثماري و اإلنفاق في رأس المال فتدون في الميزانية العامة للدولة في شكل إجازات البرامج‪ ،‬وتنفد بواسطة اعتمادات للدفع‪ ،‬واجازات البرامج‬
‫تشكل الحد األعلى لنفقات اآلمرين بالصرف التي يمكنهم االلتزام بها لتنفيذ االستثمارات المخططة وتبقى صالحة دون تحديد مدتها إلى غاية إلغائها‬
‫واعتمادات الدفع تمثل المبالغ السنوية التي يجب أن يأمر بصرفها واصدارها بشكل حواالت لتغطية االلتزامات المتعاقد عليها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 19‬من القانون‪ 27-00‬المؤخ في ‪ 27‬جويلية ‪ 2000‬المتعلق بقوانين المالية‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫موافقة عملية اإلنفاق للقوانين والتنظيمات‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫عملية اإلنفاق يجب أن تكون موافقة للقوانين واللوائح وعند التنفيذ يجب احترام النظم المطبقة في‬
‫هذا المجال والنصوص المتعددة التي تحتوي على قواعد تنفيذ العمليات المالية تكون مرتبطة أكثر بشكلية‬
‫التنفيذ ومثالنا على ذلك بعض العمليات المالية كالتعويضات األساسية و التكميلية للموظفين‪ ،‬القواعد‬
‫المطبقة لمصاريف التنقالت‪ ،‬نظام مساعدات الدولة للقطاع االجتماعي…الخ‪.‬‬

‫انتظام وصحة القيود المحاسبية‪:‬‬ ‫‪-5‬‬

‫تنفيذ العمليات المالية تتطلب من األعوان المكلفين بذلك مسك دفاتر محاسبية وهي تعتبر عملية‬
‫قانونية‪ ،‬فاآلمر بالصرف الذي ينفذ العمليات المالية بمرحلتها اإلدارية ال بد أن يمسك محاسبة لاللتزامات‬
‫وأخرى للحواالت المصدرة‪ ،‬بينما المحاسب العمومي ال بد له من مسك محاسبة خاصة بدخول وخروج‬
‫األموال ويجب أن تكون القيود المحاسبية مقدمة بكل صدق وأمانة وتنظيم محكم‪ 1‬و األعوان المكلفون‬
‫بتنفيذ العمليات المالية ال بد لهم أن يحترموا التعليمات المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية‪.‬‬

‫وعليه يمكن القول بطريقة أخرى أن الشرعية هي رقابة آلية على مدى مطابقة النفقة للقوانين‬
‫واألنظمة المعمول بها‪ ،‬دون التطرق إلى المالءمة‪.‬‬

‫وبهذا فإن القانون في الجزائر أعتمد فرضية أن النفقة مطابقة لمعايير المالءمة كقاعدة عامة‬
‫وكأصل في التعامل‪ ،‬وهذا يعتبر امتيا از لآلمر بالصرف‪ ،‬ألن النظر في المالءمة يعتبر تدخال في‬
‫صالحياته‪ ،‬وعليه فهذه الحالة تعطي الصفة الشكلية ألجهزة الرقابة السابقة‪ ،‬وتعتبر كنقطة تضاف إلى‬
‫اآلمر بالصرف في مواجهة الطابع المانع لرقابتها‪.‬‬

‫فالرقابة إذن تشتمل على النظر في نظامية النفقات وهذا من أجل تفادي أخطار التعسف أو‬
‫االنزالق التي من الممكن أن تقع‪ ،‬غير أننا ال ننفي بتاتا اإلساءة في تطبيق القانون التي تقع والتي تؤدي‬
‫إلى العديد من االنحرافات على تنوع طبيعتها‪ .‬وفي نظام شبيه بنظامنا البد من توسيع الشكلية وهذا‬
‫بالنظر إلى نقص الوقائع وتعديد الهيئات المكلفة بالرقابة سواء السلمية‪ ،‬الوصائية‪ ،‬المفتشيات‪ ،‬هيئات‬
‫‪2‬‬
‫قضائية‪ ،‬وهذا من أجل التحكم في الحلقة المفرغة للبيروقراطية التي ستنتهي بتغذية الرقابة في حد ذاتها‪.‬‬

‫إن أهم ما يعيب هذه الرقابة هو صعوبة فهم القواعد القانونية وهذا يعود إلى ‪:‬‬

‫تدخل الدولة المتصاعد الذي يولد بطبيعة الحال تضخما في النصوص التشريعية‬ ‫‪-‬‬
‫والتنظيمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم التنفيذي ‪ 525-02‬المؤرخ في ‪ 97‬سبتمبر ‪ 2002‬المتعلق باجراءات تسخير االمرين بالصرف و المحاسبين العموميين‪.‬‬
‫‪2‬الدكتور الطيب السعيد‪ :‬المرجع السابق ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫عدم استعداد الموظفين وكذا المتخصصين في القانون الذين ال يتقنون التحكم في إعداد‬ ‫‪-‬‬
‫النصوص القانونية المكثفة و المرنة أو المتغيرة و المعقدة‪.‬‬

‫دقة النصوص إلى حد أن النصوص تكون دقيقة و تدخل تفصيالت يجعلها تتعارض‬ ‫‪-‬‬
‫أحيانا مع‬

‫الواقع أو بعيد عنه‪ ،‬حيث يفقد القانون قوة التكيف‪.‬‬

‫عدم استقرار النصوص وفي كثير من األحيان التعارض بين أحكامها‬ ‫‪-‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬فعالية التسيير‬

‫تتمثل الفعالية في تحقيق األهداف التي تم تعيينها مسبقا‪ ،‬فهي إذن تعبر عن العالقة بين‬
‫األهداف والنتائج‪.‬‬

‫لتحقيق الفعالية في التسيير يجب اخذ التقنيات الالزمة من استعمال جيد للوسائل حتى تتوافق مع‬
‫األهداف التي حددها القانون ‪،‬فهدف التسيير العمومي هو تلبية الحاجيات الجماعية للمجتمع وهذا ال‬
‫يكون إال بتنظيم أحسن االستعمال لالعتمادات المالية مع األهداف المرجوة منها‪.‬‬

‫نشير إلى أن الفعالية تختلف في اإلدارة الحديثة عنها في اإلدارة التقليدية‪ ،‬إذ في هذه األخيرة‬
‫تعتبر الفعالية هي استهالك االعتمادات الممنوحة‪ ،‬وبرجوعنا إلى أصل العملية نجد أن الو ازرات المنفقة‬
‫تسعى دوما إلى الحصول على الحد األكبر من االعتمادات في مواجهة و ازرة المالية‪.‬‬

‫وبالتالي نكون أمام حالة رقابة شرعية األعمال وكذا رقابة المطابقة للنفقات والنتيجة ال تؤخذ بعين‬
‫االعتبار ألن المواطن بعيد‪ .‬ومن هذا المنطلق البد من القول أنه ليس من الضروري انهاء أو حذف‬
‫الشرعية الشكلية لكن البد من تخفيفها‪ ،‬تليينها وتبسيطها حتى ال تصبح القاعدة القانونية في حد ذاتها هي‬
‫الهدف بل هي التي توضع من أجل الوصول إلى الهدف‪.‬‬

‫إن فعالية التسيير تفرض التفرقة بين فعالية المؤسسات االقتصادية و الفعالية في المرفق‬
‫العمومي ‪.‬إذ أنهما مختلفان تماما‪ ،‬فمفهوم فعالية التسيير في المؤسسات االقتصادية يعني الربح والفائدة‬
‫ويتطلب هذا استعمال تقنيات تسييرية ومراقبة الفعالية في المؤسسات هي مراقبة التسيير الذي ينصب على‬
‫تقييم اختيارات الوسائل بالمقارنة مع التكاليف المتحملة‪ ،‬وتحليل التكاليف الختيار أحسن توليفة ممكنة بين‬
‫الوسائل المالية المستعملة‪ ،‬واألهداف المسطرة أو المحققة‪ ،‬وهنا يجب التفريق بين المردودية التي تعني‬
‫تحقيق األهداف المسطرة بواسطة الوسائل المتاحة والفعالية التي تعني تحقيق األهداف المسطرة بأقل‬
‫تكاليف‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫بينما مفهوم الفعالية في المرافق العامة فهو مختلف اختالفا جوهريا‪ ،‬ألن مفهوم الربح منعدم تماما‬
‫ومفهوم الفعالية للتسيير العمومي مرتبط بالمنفعة العامة المقدمة من المرفق العام كما أن مفهوم الفعالية‬
‫مرتبط بالحاجات العامة وذلك بالبحث عن موازنة بين الغايات والنتائج المحصل عليها‪ ،1‬ومن هذا‬
‫المنظور فمفهوم الفعالية في اإلدارة العمومية ينصب على البحث عن أثر برنامج أو سياسة معينة على‬
‫المجتمع وذلك بمعرفة مدى تحقيقها لألهداف المرجوة‪ .‬إن اإلدارة التي تعمل لتحقيق أهداف معينة ال‬
‫يجب أن تكتفي بالنتائج المحققة لكن أن تبحث هل هذه النتائج كافية أو مناسبة بالمقارنة مع الوسائل‬
‫المستعملة‪ ،‬وبالتالي فمفهوم الفعالية في التسيير العمومي يتطلب تحديد مفهوم التحكم في اإلدارة‪ ،‬وذلك‬
‫بتحديد درجة الكفاية والفعالية للتسيير المالي لإلدارة العمومية‪ .‬والكفاية تعني تحديد هل اإلدارة سيرت‬
‫واستعملت الوسائل المادية والبشرية بطريقة اقتصادية لتحقيق األهداف‪ ،‬وبالتالي فالكفاية هي مرادفة‬
‫لإلنتاجية التي تسمح بقياس المردودية النهائية‪ ،‬ثم أن البحث عن توازن بين األهداف المسطرة والنتائج‬
‫المتحصل عليها صعبة للغاية خاصة عندما تكون درجة المنفعة العامة صعبة التقييم‪ ،‬وانه من الصعب‬
‫معرفة ما إذا كانت النتائج المتوخاة قد تحصلنا عليها فعال ‪.‬إن صعوبة التقييم الكمي للنتائج المتحصل‬
‫عليها في غياب معايير كافية لذلك يشكل أحد أهم الصعوبات في البحث على الفعالية في التسيير‬
‫العمومي‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬المردودية‬

‫وتتمثل في المحافظة على األموال وكذا استعمال االعتمادات بطريقة دقيقة ومضبوطة‪ ،‬وهنا‬
‫يصعب تحديد المعايير التي تقاس من خاللها المردودية‪ ،‬وذلك لطبيعة الخدمات التي تقدمها مصالح‬
‫الرقابة السابقة‪ ،‬لهذا يمكن االعتماد على معيار تكاليف الرقابة وكذا حجم نتائج العمل من خالل عقلنة‬
‫اإلنفاق العمومي و منع حاالت التبذير‪ ،‬وهذا يتوقف على التواجد الفعال للمسيرين والموظفين‪.‬‬

‫إن مصطلح المردودية هو مصطلح مالي محض‪ ،‬فاإلدارة المالية مطالبة بتحقيق ربح على األقل‬
‫لتحقيق التوازن في حساباتها‪ ،‬وهذا طبعا من الممكن تحققه في بعض األنشطة شريطة إدخال بعض‬
‫‪2‬‬
‫التعديالت الضرورية في القوانين األساسية‪.‬‬

‫‪1‬صالح رويلى‪ :‬اقتصاديات المالية العامة ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬ص‪10‬‬


‫‪ 2‬يصعب إذن التحدث عن المردودية في االدارة العمومية أو باألخص في المرفق العمومي‪ ،‬إذ من الصعب جدا أن نتكلم عن المردودية في مجال‬
‫العدالة أو الضمان االجتماعي أو التربية‪ ،‬إلال أن منطق المناج منت ال يتردد في ادخال هذا المصطلح في اإلدارة وباألخص في النشاطات ذات‬
‫الطابع التجاري مثل النقل‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬المياه‪ ،...‬حيث أن المواطن ال يدفع سوى التكاليف زيادة على ضريبة الطابع‪ .‬وما يصعب أكثر هو حساب‬
‫التكاليف إلذ من الصعب جدا تحديد تكاليف خدمة معينة كساعة تد ريس في الجامعة او استمارة أو التنظيم‪ ،‬اجراء ‪ .‬وليس هذا فحسب بل في بعض‬
‫الحاالت يتم تقسيم النفقات في شكل االعباء المشتركة‪ ،‬وهنا من جهة أخرى بعض النفقات التي تكون فيها التكلفة غير واضحة أو غير مباشرة ‪،‬‬
‫وباألخص حينما يتعلق األمر بتقييم الوقت الضائع أو التغيب‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمردود المصالح الجبائية ‪ ،‬فهنا ال نتحدث عن ربح مالي ولكن نتحدث عن تحقيق نسبة كبيرة من تحصيل الضرائب‪ ،‬فالمردودية هنا‬
‫تقترب في معناها من اآلداء والذي يمكن أن نحسنه عن طريق التوظيف‪ ،‬التحديث‪ ،‬التكوين أو تخصيص األجور‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫و لضمان تقديم الخدمات العامة تقوم الدولة بتسخير وسائل هامة خاصة اعتمادات مالية ضخمة ‪.‬‬
‫و رغم كون هذه الخدمات العمومية غير معنية بقوانين المنافسة الحرة لكنها قد تكلف غاليا في حالة ما‬
‫إذا كان هناك سوء تسيير‪ ،‬واذا اختفت الرقابة يعني ذلك غياب آليات تضمن استعمال رشيد للوسائل‪ .‬إن‬
‫التسيير الجيد لألموال العمومية يستلزم قياس التكاليف والمردودية وتستلزم بالضرورة القيام بالمقارنة بين‬
‫التكاليف و المردودية‪.‬‬

‫ودراسة هذه التكاليف ضرورية لتقدير مردودية المرافق العامة وحث المسيرين على استعمال‬
‫الموارد بصفة مثلى خاصة إذا كانت الدولة تعاني من مشاكل مالية وقياس المردودية للمؤسسات العمومية‬
‫يقودنا إلى قياس المردودية لإلدارات العمومية وقياسها لمؤسسات ذات طابع صناعي وتجاري‪.‬‬

‫قياس التكاليف و المردودية في المرافق العامة واإلدارات العمومية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫إن قياس التكاليف و المردودية في المرافق العامة صعب التحقيق نظ ار لكون الخدمات المقدمة ال‬
‫يمكن قياس تكلفتها بدقة بل يكون ذلك بصفة تقديرية‪ ،‬ورغم كون هذا التقييم ال يعطي بصفة دقيقة تكاليف‬
‫الخدمات المقدمة ورغم كون النتائج المحصل عليها غير كافية لكنها تعتبر مهمة حيث تسمح للمسيرين‬
‫باستعمال الوسائل بصفة مثلى وبالتالي تحسين تسيير المرافق العامة‪.‬‬

‫و لقياس تكلفة مصلحة معينة يجب حساب كل ما يكلفه تسيير المرفق لمدة سنة وهناك ثالث‬
‫مفاهيم للتكلفة هي‪:‬‬

‫‪ 2-2‬التكلفة الداخلية ‪:‬‬

‫وتأخذ بعين االعتبار فقط تكاليف النفقات المتعلقة مباشرة بسير المصلحة‪ ،‬أي كافة نفقات‬
‫المستخدمين وجزء من نفقات المنقوالت والعقارات‪.‬‬

‫‪ 2-1‬التكلفة الخاصة بالتسيير‪:‬‬

‫تشمل النفقات الداخلية ونفقات التسيير‪ ،‬مثال بالنسبة لمصلحة الطرقات والجسور فإنه تضاف لها‬
‫تكاليف صيانة الطرقات‪.‬‬

‫‪ 3-1‬التكاليف الشاملة أو الكلية‬

‫وتشمل باإلضافة إلى ما سبق باقي التكاليف مثل نفقات التحويل‪ ،‬كمنح المجاهدين وأرامل‬
‫الشهداء وأهم ما تركز عليه الرقابة هو تكاليف التسيير‪ 1‬مع العلم أن تكلفة المصالح الخارجية تتضمن‬
‫باإلضافة إلى تكاليفها جزء من تكلفة اإلدارة المركزية‪ ،‬أي السلطة الوصية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Fabre.F.J.:Le contrôle des finances publique ,Paris,PUF ,1968p 67.‬‬

‫‪42‬‬
‫كما أنه ال يمكن معرفة عالقة التكلفة بالمردودية إال إذا قمنا بحساب‪:‬‬

‫‪-‬تكلفة العون أي العالقة بين التكلفة والوظيفة بمتوسط عدد المستخدمين‪.‬‬

‫‪-‬السعر المرجعي أي تكلفة تنفيذ وحدة من الخدمة المؤداة‪.‬‬

‫‪-‬المردودية أي عدد العمليات من نوع معين والتي يتكلف بها عون لمدة سنة‬

‫واذا كان تحديد التكلفة الخاصة بكل عون ممكنة فإن تحديد السعر المرجعي و المردودية من‬
‫الصعب بماكان‪ ،‬فهل يمكن تجزئة كل وظيفة إلى عدد من العمليات الملموسة والمتجانسة وسهلة‬
‫اإلحصاء ؟‬

‫أما فيما يخص قياس التكاليف و المردودية في المرافق العمومية ذات طابع صناعي وتجاري فال‬
‫يمثل صعوبة كبيرة كونها تضع منتوجات وتقدم خدمات وبالتالي فمن السهل معرفة وبدقة تكلفة المنتوجات‬
‫والخدمات باإلضافة لكون هذه المرافق مزودة بمحاسبة عامة ومحاسبة تحليلية لالستغالل مما يسهل‬
‫تحديد أسعار البيع للمنتجات والخدمات المقدمة‪.‬‬

‫البحث على أقل تكلفة ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫إن البحث على أقل تكلفة يستلزم القضاء على التبذير واالستعمال األمثل للوسائل المتاحة للمرفق‬
‫العام‪،‬‬

‫ويتمثل ذلك في جانبين‪:‬‬

‫‪ 1-2‬القضاء على عوامل التبذير‪:‬‬

‫إن آثار التبذير متعددة و تظهر على عدة مستويات وهي عادة ناتجة عن اإلهمال في المرافق‬
‫العامة‪ .‬ففي مجال المستخدمين مثال ‪:‬أثر التبذير هو زيادة عدد العمال على االحتياجات‪ ،‬والزيادة في‬
‫تصنيف رتبهم‪ ،‬وخلق وظائف غير مبررة و تظهر آثار التبذير عادة في االستعمال المفرط للسيارات‬
‫اإلدارية خاصة خارج أوقات العمل‪ ،‬كذلك استعمال الهاتف ألغراض شخصية‪.‬‬

‫‪ 2-2‬االستعمال األمثل للوسائل‪:‬‬

‫إن المرافق العمومية مزودة بوسائل هامة لكن من الضروري‪ ،‬استعمالها بصفة مثلى‪ ،‬وهوما‬
‫يظهر عند إبرام عقود التزود بالمنتجات والتجهيزات وعقود العمل حيث يجب على المرافق العامة أن‬
‫تستعمل كفاءات األعوان من إمكانيات الدراسة‪ ،‬االقتراحات والتفاوض للحصول على أفضل األسعار‬
‫وأحسن النوعيات للتجهيزات والخدمات المقدمة من الموردين‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التأسيس لنظام رقابي فعال‬

‫إن بناء نظام للرقابة على النفقات العمومية يستوجب توفير جملة من المقومات أو المبادئ التي‬
‫تقوم عليها هذه الرقابة حتى تضمن فعاليتها وعدم خضوعها للسلطة التنفيذية ومن خالل هذا الفرع سيتم‬
‫تناول شروط فعالية الرقابة(الفقرة األولى) و السبل التي تمكن من الردع من خالل تعزيز االجراءات‬
‫الردعية والجزائية (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط فعالية الرقابة‬

‫إن نظام الرقابة المسبقة الحالي المعتمد على تعدد أجهزة الرقابة وتنوعها‪ ،‬من الناحية‬
‫النظرية‪ ،‬يعد كرغبة من المشرع إلعطاء األهمية إلى الطابع الوقائي‪ ،‬وتدعيمها قصد عقلنة النفقات وحسن‬
‫استغالل األموال العمومية في تنمية االقتصاد والنهوض به‪.‬‬

‫ففيما تتضمن الرقابة السابقة مكنزما للمتابعة و الوقف في حالة عدم إعطاء التأشيرة‪ ،‬فإن الرقابة‬
‫الالحقة تختلف حسب قدرتها على اكتشاف المخالفات واظهارها لسوء التسيير وعدم فعالية التكلفة ليس‬
‫فقط إلعطاء حلول وانما للسماح بتطبيق كل االقتراحات والفرضيات الممكنة والتي تسمح بالحفاظ على‬
‫المال العام‪.‬‬

‫أما من الناحية العملية‪ ،‬فيعاني من بعض النقائص والراجعة أساسا لعدم تدعيم هذا النظام‬
‫بمجموعة من التدابير والوسائل المساعدة على تدارك هذا النقص‪ .‬ومن اجل فعالية أكثر نجد من‬
‫الضروري االهتمام بالعناصر التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬االستقاللية‪:‬‬

‫إن قولنا للفحص يعني النظر وهو ما يستلزم وجد كيان خارجي بالنسبة لموضوع المالحظة‬
‫وبالتالي نفترض استقاللية هذا الكيان عن الشيء المالحظ‪ ،‬وقد تم تبني هذا المبدأ منذ ‪ 2779‬في فرنسا‬
‫حيث نصت الصحيفة الملكية على أن تدخالت الملك ومراقبه تكون مستقلة مطلقا‪.‬‬

‫فاستقاللية المصالح اإلدارية المراقبة ليست ناتجة عن الشرعية التي يعطيها االنتخاب كما هو‬
‫الحال بالنسبة للرقابة البرلمانية‪ ،‬كما أنها ليست ناتجة عن القانون األساسي للقاضي أو ضمانات قانونية‬
‫ودستورية كما هو الحال بالنسبة للرقابة القضائية لمجلس المحاسبة‪ ،‬بل إن استقاللية أسالك الرقابة‬
‫اإلدارية عن المصالح التي تتم الرقابة عليها هو نتيجة لتموضعها في السلطة اإلدارية خارج السلم اإلداري‬
‫‪1‬‬
‫للهيئة موضوع الرقابة‪.‬‬

‫وتعتبر االستقاللية من بين القيم التي تم إدماجها في ميثاق أخالقيات مهنة مصالح الرقابة الداخلية‪ ،‬هذه المبادئ كلها مشتركة بالنسبة لكل أشكال‬
‫الرقابة والتدقيق أينما كانت في المجال الخاص أو العام‪ ،‬حيث ينص مشروع المقاييس العلمية ‪ ISO‬لنوعية التدقيق على المبادئ التالية‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫فمن الضروري تدعيم استقاللية هيئات الرقابة وابعادها عن كل الضغوطات إلى أقصى حد‬
‫ممكن‪ ،‬وفصلها عن سلطة اآلمر بالصرف‪ ،‬ألن كل جمع بين الرقابة والتنفيذ يؤدي إلى طغيان التنفيذ‬
‫وامتصاص الرقابة‪ ،‬وبدون التمتع بهذا االستقالل ال يمكن لهيئات الرقابة أن تحافظ على موضوعيتها‬
‫وتجردها وحرية التعبير عن رأيها‪ ،‬ونعتقد أن اإلدارة الجزائرية قد توصلت إلى ضمان نوع من االستقالل‬
‫لهذه الهيئات‪.‬‬

‫ف إذا كانت وحدة العمل ضرورية عند اآلمر بالصرف‪ ،‬فإن التنوع في مجال الرقابة‪ ،‬قد يكون‬
‫منسجما‪ ،‬وال شك أن نوعا من التنسيق بين أجهزة الرقابة السابقة والالحقة يؤدي إلى تطويرها وتحسينها‬
‫عن طريق تبادل المعلومات والخبرة واألساليب المختلفة‪.‬‬

‫كما أنه ليس من الضروري أن تقف الرقابة في وجه اآلمر بالصرف موقف الخصم المعارض‪ ،‬وال‬
‫أن يقف هذا األخير الموقف نفسه‪ ،‬فإذا تجابهت الجهتان ووقف كل منهما موقف العداء لآلخر أدى ذلك‬
‫إلى تجميد نشاط كل منهما‪ ،‬لذلك يجب أن يحدد نطاق كل منهما بعناية ودقة بحيث ال يحصل طغيان‬
‫‪1‬‬
‫سلطة على أخرى‪.‬‬

‫واألهم هو إعطاء الرقابة بعدا لرقابة تفاعلية خاصة بالمالءمة‪ ،‬ولو في حدود معينة‪ ،‬تهتم‬
‫باالستعمال االقتصادي األمثل لألموال العمومية في إطار الغايات اإلنمائية التي رسمتها الدولة‪ ،‬خاصة‬
‫ونحن في مرحلة المخطط االقتصادي الخماسي لدعم التنمية‪ ،‬والذي بلغت قيمته اإلجمالية ‪ 00‬مليار‬
‫دوالر‪ ،‬لذلك يجب أن تجد هذه النفقات طريقها إلى إنتاج قيمة مضافة لالقتصاد الوطني‪.‬‬

‫غير أن مجال الرقابة السابقة قد يتقلص ليتركه أمام الرقابة الالحقة التي ستأخذ حي از هاما‪،‬‬
‫خاصة بعد ظهور الحديث عن نظام جديد في العمل اإلداري والتمثل في التسيير المتمحور حول النتائج‪،‬‬
‫والذي يعتمد على" نتائج قابلة للتقدير تستجيب ألهداف محددة مسبقا وبالنظر إلى العمل المقدم‪ .‬هذا‬
‫النظام يمارس في سياق من الشفافية والمرونة والمسئولية بخصوص الوسائل المستعملة لبلوغ األهداف‬
‫والنتائج المرجوة أي أن المسير اإلداري يضع أهداف محددة ويسعى إلى تحقيقها وفق الوسائل المتاحة‪،‬‬
‫وال يسأل إال على مدى تحققها وبهذا يتسع مجال اآلمر بالصرف مما يستلزم وجوبا تقلص دور الرقابة‬

‫أخالقيات المهنة كأساس للمهنية‪ :‬الثقة‪ ،‬االندماج والتحفظ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫التمثيل الجزئي وضرورة تقديم تقارير صادقة ومحددة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الوعي المهني و اتخاذ الوضعية الحذرة ودقيقة في مجال التدقيق‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫االستقاللية أساس عدم التحيز وموضوعية نتائج التدقيق‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫‪1‬‬
‫ضرورة وجود دالئل أي أساس منطقي للوصول إلى نتائج مقنعة وصحيحة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫من الواجب على الرقابة عدم التدخل في السير العادي لإلدارة وذلك في الظروف العادية‪ ،‬إذ ال يمكن أ ن تتجاهل الرقابة ‪ ،‬في مثل هذه الحالة‪،‬‬
‫أولوية العمل والتنفيذ‪ ،‬فالعمل والتنفيذ يمكن أن يتما بدون رقابة‪ ،‬مع التحفظ لذلك‪ ،‬في حين انه ال يمكن تصور رقابة بدون عمل وتنفيذ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫السابقة‪ ،‬غير أن هذه ال تزال مجرد دراسات‪ ،‬وليس بالضرورة نجاحه في دول أخرى متقدمة يعني نجاح‬
‫التجربة في الجزائر‪ ،‬فالعتبارات خاصة تميز الوسائل البشرية والمادية الجزائرية ال يمكن في الوقت الراهن‬
‫تطبيق هذا النظام‪.‬‬

‫أخير إن عمل اآلمر بالصرف يحضى بمكافأة معنوية ومادية على نجاحه‪ ،‬وفي نظره ونظر‬
‫‪-‬و ا‬
‫الغير فان النجاح ينسب دائما إليهم رغم أن القائمين بالرقابة شاركوا في صناعته‪ ،‬من هنا نرى ضرورة‬
‫تعزيز موظفي هيئات الرقابة من الناحية المعنوية و القانونية والمادية‬

‫‪ -2‬مرجعية الرقابة‬

‫إذ ا أردنا الوصول إلى تحقيق رقابة ناجعة وتطويرها فال بد من أن تمتلك الهيئة موضوع الرقابة‬
‫القواعد‪ ،‬اإلجراءات وكذا التنظيم الذي يفترض أن يكون معدا سلفا‪ ،‬كما يفترض وجود تعريفا واضحا‬
‫للمهام واألهداف المتعلقة بالهيئة‪ .‬وهذا ما وضحه صف الخبراء المحاسبين في فرنسا إذ يعتبر أن الرقابة‬
‫‪1‬‬
‫الداخلية تظهر عن طريق التنظيم واإلجراءات الخاصة بكل نشاط تقوم به المؤسسة لضمان استم ارريتها‪.‬‬

‫يمكن إثبات هذا الشرط في النطاق اإلداري وعلى مستوى رقابة المطابقة عن طريق الضرورة‬
‫القانونية لتوفر النصوص التي تعرف أو تحدد المهام و التنظيم الذي يكون أساسا من طريق األنظمة وكذا‬
‫‪2‬‬
‫طريقة التنفيذ المحددة عن طريق التعليمات والمناشير‪.‬‬

‫ليس والمقصود هنا تقييم مدى دقة وحسن اختيار األهداف فقط‪ ،‬وانما توجيه االنتقادات للسلطة‬
‫الوصية‪ .‬كما أنه من الضروري أن تحاط المرجعية بنظام معلومات خاص حيث يتم مراقبة المصداقية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تعزيز اإلجراءات الردعية والعقوبات‬

‫تعتبر هذه النقطة من أهم مقومات الرقابة على النفقات العمومية إذ من الواجب إحاطة الرقابة‬
‫بجملة من العقوبات التي تفيد في ردع كل من يحاول العبث باألموال العمومية‪ .‬وتختلف هذه االجراءات‬
‫بحسب نوع الرقابة إما سابقة أو الحقة والهيئة التي تمارسها‪ ،‬ومن أجل هذا يمكن القول أن لعملية الرقابة‬
‫في حذ ذاتها هي نوع من اإليجابية‪ ،‬وينجم عنها مجموعة من النتائج أو التبعات ‪.‬‬

‫‪ -1‬التبعات اإلدارية‪:‬‬

‫أيا كانت مستويات الرقابة اإلدارية‪ ،‬فإنها عند إتمام مهام الرقابة الموكلة لها ملزمة بإعداد تقرير‬
‫يوجه للسلطة التي تخضع لها‪ .‬فالق اررات التي تتخذها السلطة اإلدارية نابعة من النتائج التي وضحتها‬

‫‪1‬‬
‫‪BARILARI André, op-cit, p 79-80.‬‬

‫‪2‬‬
‫ومع التطور الحاصل في مجال المالية العامة في فرنسا‪ ،‬فإن القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في فرنسا حيث تم التوجه إلى مقاييس‬
‫الفعالية‪ ،‬ف إن المرجعية هنا بال شك في حاجة إلى المزيد من التطور و الثراء‪ ،‬وهذا بالنسبة لألهداف المحددة التي البد للمصالح من مراقبتها‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫تقارير الرقابة‪ ،‬وبالتالي ال يمكن اعتبار األسالك المكلفة بالرقابة هي المسؤولة عن التبعات التي تتخذها‬
‫السلطات‪.‬‬

‫كما أن التمييز بين التدقيق والنتائج غير مفصول فيه‪ ،‬ذلك ألنه أوال إعداد النتائج أو الخالصات‬
‫في حد ذاته هو عنصر يمكن أن يطرح نتائج إيجابية‪ ،‬ولكن باإلضافة إلى ذلك فإن مجمل أسالك الرقابة‬
‫تنظم متابعة ل لحماي ة وأخي ار ألنه في إطار تسيير عمومي حديث‪ ،‬فإن التدقيق والنتائج تلعب دو ار‬
‫هماما في تحديد الوضعي الكائنة للمصالح التي بإمكانها اتخاذ الق اررات اإلستراتيجية‪.‬‬

‫‪ 1-1‬اآلثار اإليجابية لوضع النتائج‪:‬‬

‫بعيدا عن ميدان العمل الواسع الذي يفرض توفير المعلومات المطلوبة من قبل المفتشين‬
‫والتخوفات التي تثيرها تدخالتهم‪ ،‬فإن للرقابة العديد من الفوائد على المصلحة المراقبة‪.‬‬

‫فب إمكان الرقابة أن توضح نقاط الضعف والقوة‪ ،‬ومن هذا المنطلق فإن الترحيب بالرقابة يسمح‬
‫للهيئة المراقبة باالعتماد على الوضعية الكائنة واالقتراحات التي بوسع الرقابة أن تضعها وتحددها قصد‬
‫أخذها بعين االعتبار للقضاء على سوء التسيير الناجم عن نشاطاتها ووسائلها‪.‬‬

‫في ا لواقع تشكل بعثات الرقابة غالبا الفرصة الوحيدة للهيئة المراقبة التي تسمح لها بمعرفة بعض‬
‫العناصر التي تخص وضعيتها والتي قد ال تصلها بالقنوات المعتادة للمعلومات‪ .‬كما أنها فرصة أيضا‬
‫إليجاد روابط تمكنها من أن تشكل بصفة واضحة االقتراحات والتصحيحات التي ال يمكن أن ضرورتها إال‬
‫على أرض الميدان‪.‬‬

‫كما أن الحوار مع المفتشين الذين يمتلكون مرجعية خارجية بوسعه أن يرفع من الوعي المتعلق‬
‫بالتطور‪.‬‬

‫‪ 2-1‬المتابعة من قبل أسالك الرقابة‪:‬‬

‫تسهر المصالح المكلفة بالرقابة على تقديم تقريرها للسلطات التي سيرسل إليها التقرير ويمكنها‬
‫فيما بعد أن تكون مشاركة في التفكير فيما سيتبع‪ .‬وفي جميع األحوال فإنه سيتم تنظيم متابعة شكلية‬
‫دورية خاصة من قبل المفتشين العامين المكلفين وهذا في إطار تنظيم عدة أسالك‪ ،‬وفي إطار العالقات‬
‫التي تربط مصلحة الرقابة مع الهيئات التي تمت رقابتها‪.‬‬

‫وفي إطار السير نحو تسيير عمومي يميل إلى البحث عن الفعالية فإن الرقابة تتدخل كعنصر‬
‫للتحكيم في المصالح التي تسير وفق التوقيت الرباعي‪ :‬التشخيص‪ ،‬تحديد األهداف‪ ،‬وضع مخطط العمل‬
‫ورقابة االنجازات‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ -2‬التبعات القضائية‪ ،‬التأديبية والجزائية‪:‬‬

‫إن المالحظات التي تستخرجها الرقابة من خالل الفحص والتي تتجسد في التقرير الذي يرسل إلى‬
‫الوزراء المعنيين بهدف إخطار مجلس المحاسبة‪ ،‬هذا ما سيتم عالجه في الرقابة القضائية‪.‬‬

‫كما أن هذه المالحظات بإمكانها أن تعطي للسلطة المكلفة بتسيير المستخدمين صالحية إقرار‬
‫تبعات تأديبية كالعقوبات بكل أنواعها انطالقا من اإلنذار إلى الفصل أو التسريح‪ ،‬بعد األخذ برأي اللجان‬
‫اإلدارية المختصة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫كما أنه يمكن أن يكون لهذه الرقابة تبعات جزائية‪:‬‬

‫هناك العديد من الجرائم والجنح التي نص عليها القانون الجزائري والتي تم استحداثها بموجب‬
‫قوانين سايرت المنحى الذي تعيشه البالد‪ ،‬إذ نرى تفشي ظاهرة الفساد بأنواعها‪ ،‬ومن هذه الظواهر نرى‬
‫ظاهرة الرشوة‪ 2‬حيث تشكل المعلومات التي جمعتها أسالك الرقابة اإلدارية المنبع الذي يستقي منه القضاء‬
‫الجزائي حتى يتمكن من إقرار الجنحة أو جريمة الرشوة أو استغالل النفوذ من قبل األشخاص التي‬
‫تمارس وظائف عمومية‪ .‬وقد نصت المادتين ‪ 219‬و‪ 217‬من قانون العقوبات على جريمة الرشوة التي‬
‫يقترفها المرتشي‪ ،‬والمادة ‪ 10‬و‪ 10‬من القانون ‪ 3 92-99‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫في فرنسا المادة ‪ 09‬من قانون اإلجراءات الجزائية تنص على أن كل سلطة أو ضابط عمومي أو موظف أثناء ممارسته لوظائفه يتلقى‬
‫معلومات حول جن حة أو جريمة فهو ملزم بإبالغ وكيل الجمهورية دون أن يتعلق األمر بأجل محدود ‪ ،‬و إرسال كل المعلومات المتعلقة بالقضية‬
‫إلى القاضي إن النص صريح حيث يضم حتى موظفي الرقابة عند أدائهم لمهامهم‪ .‬والمالحظ من عبارات هذه المادة أن التصريح بالجريمة أو‬
‫الجنحة ال يتطلب شكلية معينة وانما فقط مراسلة مرفوقة بالوثائق الضرورية السيما تقرير الرقابة أو التفتيش الذي يثبت وقوع الجريمة أو الجنحة‪.‬‬
‫نشير إلى أن مهمة التصريح بالجنحة أو الجريمة تقع على عاتق مسؤول المصلحة أو المفتشين في حد ذاتهم وفي كل األحوال فإن مسؤولية‬
‫التصريح تقع على عاتقهم والمصلحة ليس لها سوى إرشادهم إلى الطرق التقنية المعتادة للتصريح دون أن تعارض عن اإلخطار بالجريمة‪ ،‬بل على‬
‫السلطات السلمية التأكد من التحاليل المقدمة من قبل المفتشين و التأكد من أنها تخلص إلى وجود الجريمة أو الجنحة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫جريمة الرشوة هي جريمة تختص في ا التجار بأعمال الوظيفة العامة أو الخدمة العامة وهي تستلزم وجود شخصين موظف عام أو قاضي أو‬
‫عامل أو مستخدم يطلب أو يقبل عطية أو وعد بعطية أو يتلقى هبة أو هدية أو أية منافع أخرى مقابل قيامه بعمل أو امتناعه عن عمل من أعمال‬
‫وظيفته سواء كان مشروعا أو غير مشروع وان كان خارجا عن اختصاصاته الشخصية إال أن من شأن وظيفته أن تسهل له أداءه أو كان من‬
‫الممكن أن تسهله له ‪ .‬يسمى هذا الموظف مرتشيا وصاحب المصلحة راشيا إذا قبل آداء ما يطلبه الموظف أو تقدم بالعطاء فقبله الموظف‪.‬‬
‫أما عن موقف التشريع الجزائري من جريمة الرشوة فقد أخد القانون الجزائري باالتجاه الذي يجعل من جريمة الرشوة جريمتين مستقلتين‪ ،‬فإرادة المشرع‬
‫واضحة في التمييز بين جريمة الراشي والمرتشي ‪،‬حيث ينص القانون في المادة ‪ 219‬و‪ 217‬من قانون العقوبات الجزائري على جريمة الرشوة التي‬
‫يقترفها المرتشي و في المادة ‪ 210‬من نفس القا نون على جريمة الرشوة التي يقترفها الراشي وان لم يدكر كلمة الراشي صراحة‪ .‬ان تمييز المشرع‬
‫الجزائري بين بين الجريمتين يمنع الراشي الدي يقدم أو يعرض الرشوة دون أن تلقى تلك الحالة قبوال من الموظف من االفالت من العقاب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫القانون ‪ 92-99‬المؤرخ في ‪ 19‬فبراير ‪ 1999‬يتعلق بالوقاية من الفساد وكافحته ‪ ،‬عدد ‪.20‬‬
‫بعد مصادقة الجزائر على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 210-90‬المؤرخ في ‪ ،1990/90/20‬كان لزاما‬
‫عليها تعديل تشريعاتها الداخلية لتتالءم وهذه االتفاقية‪ ،‬خاصة في ظل عجز قانون العقوبات الجزائري والقوانين ذات الصلة في هذا المجال القمع‬
‫والحد من الفساد‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫أما جريمة إساءة استغالل الوظيفة وهي جريمة جديدة استخدمها المشرع الجزائري بمقتضى المادة‬
‫‪ 55‬من قانون مكافحة الفساد وهي تعتبر صورة من صور جريمة المتاجرة بالنفوذ المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ 210‬من قانون العقوبات التي ألغيت بموجب المادة ‪ 51‬من القانون ‪ .92-99‬كما استحدث هذا‬
‫القانون جريمة إخالل الموظف العمومي بالتزام اإلبالغ عن تعارض المصالح التي نصت عليها المادة‬
‫‪ 50‬من قانون الفساد‪ .‬إضافة إلى جريمة عدم التصريح أو التصريح الكاذب بالممتلكات وفقا للمادة ‪59‬‬
‫من نفس القانون‪.‬‬

‫إن مجال الصفقات العمومية هو مجال ذو طبيعة خاصة وحساسة وقد خص المشرع هذا المجال‬
‫بقوانين خاصة تهدف إلى حماية والحفاظ على األموال العمومية كجنحة إبرام صفقات مشبوهة مخالفة‬
‫للتشريع المعمول به طبقا للمادة ‪ 19‬من القانون ‪ 92- 99‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪.‬‬

‫كما تضمن المرسوم الرئاسي ‪ 1159-29‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية قسما لمكافحة‬
‫الفساد حيث نصت المادة ‪ 99‬على إصدار مرسوم تنفيذي يتضمن مدونة أدبيات وأخالقيات المهنة في‬
‫مجال الصفقات العمومية تحدد فيه حقوق وواجبات األعوان العموميين عند مراقبة وابرام وتنفيذ صفقة‬
‫عمومية أو عقد أو ملحق‪.‬‬

‫يمكن استعمال المالحظات التي تقدمها مصالح الرقابة في ثالثة أبعاد‪:‬‬

‫البعد التنظيمي‪ :‬عندما توضع التصحيحات المقترحة حيز التنفيذ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫بعد تسيير الموارد البشرية وذلك بإضافة البعد التأديبي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫البعد الجزائي‪ :‬وذلك عن طريق إخطار المحكمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إعتماد رقابة المطابقة من قبل كل هيئات الرقابة‬

‫لطالما اعتبرت الرقابة على تنفيذ الميزانية ضرورة جوهرية وهذا من أجل ضمان الشرعية المالية‬
‫وهذا يعني مطابقة التنفيذ اإلداري والمحاسبي لقواعد القانون من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى احترام التراخيص‬
‫الميزانية المقدمة من البرلمان‪ .‬وهذه هي األهداف التي تعطي اليوم تناسقها لكيفيات متنوعة للرقابة على‬
‫‪2‬‬
‫تنفيذ الميزانية‪.‬‬

‫وسواء كان زمن تدخل هذه الرقابات سابقا‪ ،‬آنيا أو الحقا ‪ ،‬فإنها مصنفة بحسب الهياكل التي‬
‫تمارسها إذ نجد الرقابة اإلدارية التي نتناولها في المطلب األول‪ ،‬الرقابة القضائية ونعالجها في المطلب‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم الرئاسي ‪ 159-29‬المؤرخ في ‪ 97‬أكتوبر ‪ 1929‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬جريدة رسمية رقم ‪.00‬‬

‫‪2‬‬
‫‪M.BOUVIER, M. ESCLASSAN, J. LASSALE: finances publiques, 5eme édition, LGDG,p 392.‬‬

‫‪49‬‬
‫الثاني‪ ،‬وأخي ار الرقابة البرلمانية ونتطرق إليها في المطلب الثالث‪ ،‬وكل نوع من هذه األنواع يعمل من أجل‬
‫هدف واحد‪ ،‬ولكن لكل نوع منها مهمة أو وظيفة خاصة وتسير وفق كيفيات خاصة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬رقابة إدارية مكثفة‬

‫إن تطبيق قوانين المالية يقتضي فرض تأطير و رقابة معمقة من قبل العديد من المصالح‬
‫واألسالك اإلدارية للرقابة وكل هذه الرقابات تابعة لو ازرة المالية‪ .‬غير أن دراسة هذه الرقابة يمكن من‬
‫معرفة طبيع ة هذه الرقابات التي تختلف عن بعضها سواء من حيث كيفية تطبيقها أو من حيث نظرتها‬
‫المختلفة‪ ،‬بحيث يمكن أن نميز بين الرقابة القبلية والرقابة‬

‫يبدو جليا أن مجال الرقابة السابقة يملك حي از ضيقا مقارنة بالرقابة الالحقة التي ستأخذ حي از‬
‫هاما‪،‬خاصة بعد ظهور الحديث عن نظام جديد في العمل اإلداري والتمثل في التسيير المتمحور حول‬
‫النتائج‪،‬والذي يعتمد على" نتائج قابلة للتقدير تستجيب ألهداف محددة مسبقا وبالنظر إلى العمل المقدم‪.‬‬
‫هذا النظام يمارس في سياق من الشفافية والمرونة والمسئولية بخصوص الوسائل المستعملة لبلوغ‬
‫األهداف والنتائج المرجوة"‪.1‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الرقابة المسبقة‬

‫يقصد بالرقابة المالية المسبقة تلك الرقابة التي تستهدف ضمان سالمة التصرفات المالية‪،‬‬
‫والكشف الكامل لالنحرافات أي مدى مطابقتها للقوانين والتنظيمات المعمول بها‪ ،‬وذلك قبل صرفها‪ .‬ومن‬
‫هذا التعريف يمكن لنا أن نخرج بعنصرين تعريفيين لهذا النوع من الرقابة ‪:‬‬

‫‪-‬ضمان سالمة التصرفات المالية ‪ :‬فأجهزة الرقابة القبلية التي أحدثتها الدولة ‪ ،‬تهدف إلى ضمان‬
‫تطابق هذه التصرفات مع القوانين والتنظيمات وبالتالي تجنب كل انحراف يبدد األموال العمومية سواء‬
‫بقصد أو عن غير قصد(جهل بالقانون ‪ ، )...‬فهي إحدى وسائل حراسة وحفظ األموال العمومية‪ ،‬وهذا‬
‫من شأنه أن يؤدي إلى عقالنية أكثر في ترشيد اإلنفاق العمومي‪.‬‬

‫‪-‬رقابة ما قبل اإلنفاق ‪ :‬أي أنها تحقق أهدافها قبل حدوث األثر المالي ‪ ،‬أي تمنع وقوع الخطأ‬
‫‪، ،‬إذن فهي رقابة وقائية تمنع حدوث أي خلل‪ ،‬وليس من مهامها اإلجراءات العقابية‪ ،‬عكس الرقابة‬
‫الالحقة التي هي رقابة عالجية ‪ ،‬حيث يكون الخلل المالي قد حدث ‪ ،‬ودوره يتمثل في تسوية األوضاع‬
‫ومعاقبة المتسببين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Séminaire de Josée Champigny, Initiation à la budgétisation par programme axée sur les résultats, ministère‬‬
‫‪des finances, 28 mai 2005.p.3‬‬

‫‪50‬‬
‫تنفذ النفقة العمومية عبر أربعة مراحل‪ :‬االلتزام‪ ،‬التصفية‪ ،‬األمر بالدفع‪ ،‬الدفع‪ ،‬هذه المراحل‬
‫تجيب على ضرورة وظيف ية وقانونية كما تسمح في ذات الوقت بتوضيح دور األعوان الثالث المتدخلين‬
‫في مختلف األطوار ‪ :‬المراقب المالي‪ ،‬اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي‪.‬‬

‫وتحدد مسؤولية كل عون على أساس مبدأين ‪ :‬التمييز بين المالءمة والشرعية من جهة ومن جهة‬
‫أخرى الفصل بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي والمسؤولية الشخصية للمحاسب‪.‬‬

‫عن الهدف من وراء وضع هذه األعوان والمبادئ هو ضمان مطابقة النفقة العمومية للتراخيص‬
‫الميزانية وللقواعد التي تحكم النشاط العمومي‪ ،‬هذا النوع من الرقابة هو الرقابة السابقة وأهمية هذه الرقابة‬
‫هي ميزة أساسية في المالية العامة الفرنسية‪.1‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مراحل اجراء النفقة‬

‫نظريا‪ ،‬هذه المراحل هي نفسها بالنسبة لتحصيل اإليرادات ( التصفية‪ ،‬االمر بالصرف والتنفيذ‬
‫المحاسبي)‪ .‬في هذه المرحلة نقوم بعرض اإلجراءات من جانب النفقات أما فيما يتعلق باإليرادات فإننا‬
‫سوف نتطرق إلى الخصوصية التي تتميز بها في تنفيذها بالتعرض إلى مبدأ الفصل بين اآلمر بالصرف‬
‫والمحاسب العمومي بهدف تثمين المبدأ بالنسبة لميدان النفقات وكذا اإليرادات‪.‬‬

‫‪1-1‬اإللتزام‪:‬‬

‫االلتزام هو عملية ضرورية من أجل فتح مجال إلى إخراج مبلغ مالي من الخزينة لصالح دائن‬
‫لإلدارة‪ ،‬وتهدف محاسبة االلتزامات إلى تحديد ما ألتزم بدفعه من المبلغ بالنسبة إلى البرامج المأذون بها‬
‫في أي لحظة و كذلك معرفة إعتمادات الدفع و مبلغ األرصدة ‪ ،‬وقد عرف القانون ‪ 12-09‬في مادته‬
‫‪ 20‬اإللتزام بأنه ‪ ":‬يعد االلتزام اإلجراء الذي يتم بموجبها إثبات نشوء الدين"‪ 2‬سواء كان هذا الدين على‬
‫عاتق الدولة أو جماعاتها المحلية و المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري ‪ ،‬ويكون االلتزام غالبا‬
‫بمبادرة من مسؤول المصلحة اإلدارية و الذي تنسب إليه صفة اآلمر بالصرف ‪ ،‬و ينشأ االلتزام بقرار‬
‫فعلي لآلمر بالصرف و يكون على ورقة مكتوبة تثبت و تمثل تعهد من اآلمر بالصرف للنفقة ‪ ،‬مثال‬
‫تحرير صفقة عمومية أو سند طلب ‪ ،‬أو مقرر تعيين موظف ‪.... ،‬‬

‫و إذا كان اإللتزام له أساس تعاقدي يجب كذلك موافقة الدائن على نفس الوثيقة ‪ ،‬ومن هنا يمكننا‬
‫التفرقة بين االلتزام القانوني و االلتزام المحاسبي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪BARILARI André: opcit, p 21 .‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 10‬من مرسوم ‪ 10‬ديسمبر ‪ :2091‬هو اإلجراء الذي عن طريقه تنشئ الهيئة العمومية أو تثبت التزاما ينجر عن طريقه عبء أو نفقة‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫أ‪-‬الجانب القانوني‪:‬‬

‫إن التعريف المذكور أعاله ال يكفي لجعل الدولة مدينة‪ ،‬فمن الضروري أيضا أن يكون الدائن قد‬
‫حقق التزاماته‪ .‬إن النص هنا يبدأ بتحرير االلتزام ولكن االلتزام في الحقيقة ال يكون إال بعد استكمال‬
‫الشروط المتعلقة بطبيعة العملية‪.‬‬

‫إن االلتزام ينتج بعد قيام المسؤول العمومي بإجراء محدد كالتوقيع على سند طلبية‪ ،‬ولكن في‬
‫بعض الحاالت يبدأ االلتزام في حالة اجتماع األحكام التشريعية واألحكام التنظيمية ( االستفادة من بعض‬
‫الريوع‪ )..‬وفي الحالة األخيرة هناك التقاء القاعدتين القانونيتين (ترقية موظف مثال)‪ .‬ولهذا استعمل النص‬
‫باللغة الفرنسية المصطلحين‪.‬‬

‫هو النشاط القانوني الذي بموجبه تم خلق االلتزام الذي تقوم به اإلدارة ويمكن لاللتزام القانوني أن‬
‫ينشأ نتيجة لعمل إرادي أو غير إرادي للدولة وااللتزام اإلرادي ناتج خصوصا عن عقد كالصفقة العمومية‪،‬‬
‫نظام قانوني‪ :‬األجور والتعويضات‪ ،‬قرار قضائي‪ :‬الفوائد واألضرار التي تتسبب فيها اإلدارة‪ ،‬قرار انفرادي‪:‬‬
‫مثل تعيين مستخدم أو منح إعانة‪...‬‬

‫وعليه فااللتزام يكون ناتجا عن عمل آخر إذ ال يمكن أن ينشأ من حد ذاته فمثال تعيين مستخدم‬
‫يهدف في األساس إلى ضمان سير المصالح العمومية وليس الهدف منه هو دفع اجر المستخدم أي‬
‫االلتزام بنفقة المستخدم المعين‪.‬‬

‫أما االلتزام غير اإلرادي فيكون ناتجا عن عمل خارج عن إرادة اإلدارة مثال ذلك‪:‬‬
‫األضرار الناتجة من حادث وقع بسبب سيارة تابعة لإلدارة تجعل بذلك الدولة مسؤولة عن الحادث دون أن‬
‫تريد ذلك‪.‬‬

‫ب‪ -‬الجانب المحاسبي‪:‬‬

‫و يتمثل في إعداد بطاقة االلتزام من طرف اآلمر بالصرف‪ ،‬يسجل فيها مبلغ اإلعتماد لنفقة‬
‫معينة‪ ،‬وهذه التفرقة تسمح بمقارنة اإلعتمادات المفتوحة في الميزانية مع المبالغ الملتزم بها فعال‪ .‬أي هو‬
‫تخصيص االعتمادات المالية من أجل إنجاز نفقة معينة ناتجة عن التزام قانوني أو بعبارة أخرى هو‬
‫‪1‬‬
‫التجسيد المادي لاللتزام القانوني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫تنص المادة ‪ 07‬من مرسوم ‪ 10‬ديسمبر ‪ :2091‬وفقا لألحكام الخاصة المتعلقة باالعتمادات التقييمية‪ ،‬فإن االلتزامات محددة سواء بمبلغ‬
‫تراخيص البرامج المأذون بها بموجب قانون المالية" من الواضح أن االمتثال لهذا الحد أمر ضروري لتجنب التجاوزات التي قد تحصل في إطار‬
‫تنفيذ الميزانية‪ ،‬وسوف تثقل إمكانيات الميزانيات الالحقة ‪.‬والمادة ‪98‬تنص على‪ ":‬يتم تعقب االلتزامات الواردة في محاسبة اآلمرين بالصرف‬
‫الرئيسيين والثانويين في حدود التفويضات الممنوحة لهم " والمسك الجيد لهذه المحاسبة يمكن من تقييم إمكانية التزامات إضافية‪ ،‬وااللتزام هنا يعتبر‬
‫نوا من التقديرات شبه السنوية‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ويجب أن يخضع ملف االلتزام إلى تأشيرة المراقب المالي قبل إمضائه من طرف اآلمر بالصرف‪،‬‬
‫ويبقى هذا االلتزام قابل لتنفيذ إلى غاية نهاية السنة المالية‪ ،‬وعندئذ يسقط االلتزام الغير متبوع بأمر الدفع‬
‫و ليس لآلمر بالصرف الحق في المطالبة بإعتمادات جديدة بعد نهاية سنة االلتزام‪ ،‬لكن له الحق و‬
‫الحرية المطلقة بالنسبة لتنفيذ االلتزام أو االمتناع عنه‪.‬‬

‫واإللتزام المحاسبي عبارة عن إعداد بطاقة االلتزام من طرف اآلمر بالصرف وذلك في نسختين‪،‬‬
‫نسخة ترسل إلى المراقب المالي والثانية تبقى على مستوى مصالح الهيئة المنشئة لاللتزام‪ .‬وتقوم عملية‬
‫االلتزام بالنفقات العمومية على الوثيقة القاعدية المتمثلة في بطاقة االلتزام التي يقوم بتحريرها اآلمر‬
‫‪1‬‬
‫بالصرف المؤهل قانونا للقيام بذلك بالنسبة لكل عملية والمرفقة بالوثائق التي تثبت النفقة‪.‬‬

‫‪ 1-2‬التصفية‪:‬‬

‫نصت عليها المادة ‪ 19‬من القانون ‪ 12-09‬المتعلق بالمحاسبة العمومية‪ :‬تسمح التصفية‬
‫بالتحقيق على أساس الوثائق المحاسبية وتحديد المبلغ الصحيح للنفقات العمومية‪ .‬و كذلك المواد ‪20‬‬
‫و‪ 59‬من نفس القانون وبالتالي فإن التصفية هي العملية التي يتم من خاللها إثبات وتأكيد وقوع الدين‬
‫على عاتق الدولة بتحديد الم بلغ الدقيق نقدا أي تحويل االعتماد إلى طبيعة سيولة ودلك اعتمادا على‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لنفقات التسيير‪ :‬في هذا المجال تكون بطاقة االلتزام مرفقة بسندات الطلب الفاتورة الشكلية التي تبين تفاصيل المقتنيات‪ ،‬األشغال أو‬
‫الخدمات المعنية وكذا األسعار الوحدوية والمبالغ اإلجمالية الموافقة‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لنفقات التجهيز‪ :‬إن بطاقات االلتزام الخاصة بعمليات التجهيز ترفق بوثائق تتعلق بوضعية األشغال ومختلف الفواتير المتعلقة باقتناء‬
‫مستلزمات العمليات باالستعانة بالمعلومات المذكورة في مواضيع الصفقات‪.‬‬
‫ويتم تحديد شكل بطاقة االلتزام عن طريق قرار من وزير المالية وتتضمن بطاقة االلتزام المعلومات التالية‪:‬‬
‫‪-‬دمغة الجهة المنفذة لاللتزام‪ :‬الو ازرة‪ ،‬المديرية او المصلحة‬
‫‪ -‬الرقم التسلسلي لبطاقة االلتزام‪ ،‬السنة‬
‫‪ -‬اآلمر بالصرف وصفته‬
‫‪ -‬طبيعة النفقة‪.‬‬
‫‪ -‬الباب‪ ،‬المادة‪ ،‬الفقرة‪.‬‬
‫‪ -‬مبلغ عملية االلتزام‪.‬‬
‫‪ -‬الرصيد القديم والرصيد الجديد‪.‬‬
‫‪ -‬خانة خاصة بمالحظات المصلحة‪.‬‬
‫‪ -‬خانة خاصة بوضع تأشيرة المراقب المالي‪.‬‬
‫ويتم غلق عملية االلت ازم بالنسبة لنفقات التسيير في اليوم العاشر من شهر ديسمبر للسنة المعنية‪ .‬ويتم تمديد هذا األجل إلى ‪ 19‬ديسمبر بالنسبة‬
‫نفقات التجهيز واالستثمار‪،‬النفقات المنفذة من طرف وكالء الدفع‪ ،‬النشاطات المتعلقة بالحياة المهنية للموظفين وأجور المستخدمين المؤقتين‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫الوثائق االثباتية المتاحة لدى اآلمر بالصرف الذي يقوم هو بنفسه بعملية التصفية أو يوكل العملية إلى‬
‫‪1‬‬
‫عون موضوع تحت سلطته المباشرة‪.‬‬

‫فالمالحظ في هذه المادة أنها التعطي لنا معنى التصفية و لكن الهدف منها ‪.‬‬

‫و يمكن تعريف عملية التصفية على أنها اإلجراء الثاني الموضوع تحت مسؤولية اآلمر بالصرف‬
‫بهدف إثبات وجود دين عمومي على عاتق الدولة لصالح دائن معين ‪ ،‬وللتصفية بعد كبير يتمثل في أنها‬
‫تسمح ب ـ ـ ـ ـ ـ‪:‬‬

‫‪ -‬اإلثبات بصفة نهائية وجود دين عمومي ‪ ،‬فيجب على اآلمر بالصرف التحقق من أن السند‬
‫أو الخدمات التي طلبتها اإلدارة كانت محل إلتزام مسبق و تحصلت عليها اإلدارة فعال ‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد نوعية وكمية السلع المشتراة و مقارنتها و محتوى ملف اإللتزام ‪.‬‬

‫‪ -‬تصفية النزعات بين اإلدارة و الممون في ما يتعلق بعملية تنفيذ اإللتزام و يجب التحقق من‬
‫صحة العملية وصالحية المشتريات قبل االنطالق في عملية الدفع ‪.‬‬

‫‪ -‬التأكد من شرعية اإلنفاق و نزاهته ‪ ،‬فاآلمر بالصرف له دراية أكثر من غيره بشرعية النفقة ألن‬
‫لديه المعلوما ت والمعطيات التي قد ال توجد في الملف و هذا يؤدي إلى فكرة النزاهة ‪ ،‬لذلك يجب على‬
‫اآلمر بالصرف أن يطلب مساعدة المختصين في المجال المعني ‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد المبلغ الفعلي و النهائي للنفقة و المقارنة بين المبلغ المطلوب من طرف الممون ‪،‬‬
‫والمبلغ الفعلي للنفقة ‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد الدائن الفعلي‪ ،‬و التحقق من طبيعة الممون المستحق لالستفادة من الدفع ‪ ،‬عند انتهاء‬
‫هذه العملية يحرر اآلمر بالصرف األمر بالدفع ‪.‬‬

‫ويبرر الفصل بين عملية االلتزام بالنفقة وتصفيتها بأن العديد من النفقات ال يمكن تحديد مبلغها‬
‫الدقيق عند القيام بعملية االلتزام حيث يكتفي اآلمر بالصرف في المرحلة األولى بتقدير المبلغ التقريبي‬
‫ألن المبلغ الدقيق ال يمكن تحديده إال بعد أداء الخدمة‪.‬‬

‫وتتضمن تصفية النفقات العمومية في معظم األحيان‪:‬‬

‫_ التأكد من أداء الخدمة ‪.‬‬

‫_ التحديد الدقيق لمبلغ النفقة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫تنص المادة ‪ 59‬من مرسوم ‪ 10‬ديسمبر ‪ 2091‬على أن الهدف من التصفية هو فحص حقيقة الدين و تحديد مبلغ النفقة‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫_ فحص الوثائق الثبوتيه‬

‫أ‪ -‬فحص الوثائق الثبوتية‪ :‬تشكل الوثائق الثبوتية‪:‬‬

‫تشكل الوثائق الثبوتية جزء من ملف التصفية المتكون من عدة عناصر‪ ،‬ومن الضروري أن‬
‫تستجيب هذه الوثائق لطبيعة النفقة التي تم حساب مبلغها‪.1‬‬

‫ب‪ -‬التأكد من أداء الخدمة‪:‬‬

‫إن قاعدة أداء الخدمة تعني أن الدولة ال تقوم بالدفع المسبق بل تقوم بالدفع عندما يقوم الدائن‬
‫بتنفيذ الخدمة التي تكون عل عاتقه‪ ،‬فمثال نجد أنه بالنسبة لمستخدمي الدولة يتم دفع مرتبه شهريا وال‬
‫يمكن أن يتم تسديد المرتب عند بداية الشهر‪ ،‬كما أن التاجر الذي قامت الدولة بالتعامل معه ال تقوم‬
‫بتسديد المبلغ إال بعد تمام عملية تسليم السلعة‪ .‬وبالتالي فإن التأكد من أداء الخدمة يعني بالنسبة للدولة‬
‫ضمان أن الخدمة تمت وأن السلع تم الحصول عليها وفق عملية االلتزام‪ ،‬ويتم إثبات أداء الخدمة من‬
‫‪2‬‬
‫خالل وثائق اإلثبات المتاحة‪.‬‬

‫ج‪ -‬تحديد المبلغ الدقيق للدفع‪:‬‬

‫هذه العملية تعني الحساب الدقيق لمبلغ الدين الواقع على عاتق الدولة و التأكد من صحة‬
‫استحقاقه أي أنه لم يسقط بدفع سابق أو بالتقادم الرباعي ‪.‬‬

‫‪ 3-1‬األمر بالصرف‪:‬‬

‫األمر بالصرف هو المرحلة األخيرة من الجانب اإلداري وتعرفه المادة ‪ 12‬من القانون ‪12- 09‬‬
‫بأنه" يعد األمر بالصرف أو تحرير الحواالت اإلجراء الذي يأمر بموجبه دفع النفقات العمومية"‪.‬‬

‫فاألمر بالصرف‪ 3‬هو األمر الذي يعطيه اآلمر بالصرف للمحاسب العمومي لتنفيذ الدفع بالنسبة‬
‫لعملية كانت محل التزام وتصفية سابقتين‪.‬‬

‫يقوم اآلمر بالصرف بإعطاء األمر بالصرف للمحاسب العمومي الذي يقوم بعملية الدفع‪ ،‬ويتمثل‬
‫األمر بالدفع أو بالصرف في إصدار وثيقة مكتوبة تسمى األمر بالدفع أو حوالة الدفع حسب صفة‬

‫‪1‬‬
‫في فرنسا تم إعداد مدونة طبقا لنص المادة ‪ 210‬من مرسوم ‪ 10‬ديسمبر ‪ ،2099‬أما المدونة الحالية فهي محددة في منشور الوزير المكلف‬
‫بالميزانية المؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ 2000‬بالنسبة لنفقات الدولة ‪ ،‬أما المتعلقة بالجماعات اإلقليمية ففي سنة ‪.2001‬‬
‫‪2‬‬
‫إال أنه يمكن الخروج عن قاعدة أداء الخدمة بال نسبة لبعض النفقات والمتمثلة في اإلعانات وبعض التعويضات‪ ،‬التسبيقات المقدمة إلى‬
‫المستخدمين عندما يتعلق األمر بمصاريف المهمة وكذا التسبيقات التي تمنحها الدولة بالنسبة للصفقات العمومية حيث يتم دفع جزء من مبلغ الصفقة‬
‫في شكل تسبيق قبل االنطالق في عملية األشغال‪ ،‬واالشتراكات المختلفة التي تقوم بها الدولة مثل اشتراكات اإلشهار أو االشتراك في المجالت‪.‬‬

‫‪3‬المادة ‪ 52‬من مرسوم ‪ 10‬ديسمبر ‪ 2091‬تعرف األمر بالصرف‪ :‬األمر بالصرف هو اإلجراء اإلداري الذي يعطي وفقا لنتائج التصفية أمر دفع‬
‫الدين الخاص بالهيئة العمومية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫وطبيعة اآلمر بالصرف فاآلمر بالصرف الرئيسي يقوم بإصدار األمر بالدفع أما اآلمر بالصرف الثانوي‬
‫فيقوم بتحرير حوالة الدفع‪ .‬إال أنه في الكثير من الحاالت يتم إجراء عملية التصفية و األمر بالدفع في آن‬
‫‪1‬‬
‫واحد‪ ،‬ولكن في أحيان أخرى تنفد العمليتين بصفة مستقلة‪.‬‬

‫ونجد أن عملية الدفع المتعلقة بالنفقات العمومية قد نصت عليها المادة ‪ 12‬من القانون ‪09‬ـ‪12‬‬
‫المتعلق بالمحاسبة العمومية‪ :‬يعد األمر بالصرف أو تحرير الحواالت اإلجراء الذي يأمر بموجبه دفع‬
‫‪2‬‬
‫النفقات العمومية‪.‬‬

‫ولآلمر بالصرف السلطة التقديرية في مجال األمر بالصرف حيث يبقى يتحكم في العملية ما لم‬
‫يقدم حوالة الدفع إلى المحاسب العمومي‪ ،‬فيمكنه تحديد آجال الدفع مباشرة بعد التصفية ‪.‬‬

‫بعد إصدار األمر بالصرف يرسل الملف إلى المحاسب العمومي ليقوم باإلجراءات المحاسبية‬
‫الالزمة ‪.‬‬

‫‪ 4-1‬الدفع ‪:‬‬

‫بعد اإلجراءات اإلدارية الثالث السابقة التي يقوم بها اآلمر بالصرف ‪ ,‬تأتي مرحلة الدفع وهي‬
‫اإلجراء األخير وينفرد بها المحاسب العمومي‪ ،‬ويتمثل هذا اإلجراء في إصدار سندات لفائدة الدائنين‬
‫فتتحرر اإلدارة بموجبها من دينها‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 11‬من القانون ‪ " 12-09‬يعد الدفع اإلجراء الذي‬
‫يتم بموجبه إبراء الدين العمومي "‪.‬‬

‫ويعد الدفع‪ 3‬المرحلة األخيرة لتنفيذ النفقة يقوم بها المحاسب العمومي ومن مميزاتها‪:‬‬

‫أ‪ -‬عملية قانونية‪:‬‬

‫حيث أن المحاسب العمومي ال يعتبر عونا بسيطا للتنفيد وهو غير تابع لآلمر بالصرف‪ ،‬ويتمثل‬
‫العمل القانوني في قيام المحاسب العمومي بالرقابة عل شرعية األمر بالدفع قصد دفع مسؤوليته‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫إن األمر بالدفع أو حوالة الدفع يتم إصدارها باسم الدائن المباشر للدولة ولمصلحته و يجب أن يحرر وفق للتنظيم المعمول به ويتضمن المعلومات‬
‫التالية‪ :‬التطبيق الذي تمت فيه العملية‪ ،‬الباب‪ ،‬المادة‪ ،‬الفقرة‪ ،‬ا لوثائق االثباتية المبررة للنفقة‪ ،‬تحديد الدائن المباشر للدولة‪ ،‬موضوع النفقة‪ ،‬تاريخ أو‬
‫وقت أداء الخدمة‪ ،‬تحديد مبلغ الحوالة باألرقام والحروف وكدا الرقم التسلسلي للحواالت أو أوامر الدفع و تاريخ تحريرها أو االمضاء عليها و تأشيرة‬
‫المراقب المالي‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫إال هناك بعض األنواع من النفقات يتم دفعها دون الحاجة إلى إصدار أمر مسبق بالدفع‪ ،‬يكون األمر بالدفع في أربعة نسخ يتم االحتفاظ بنسخة‬
‫في األرشيف أما النسخ الباقية فيتم إرسالها إلى الخزينة العمومية‪ .‬ويشترط في األمر بالصرف أن يكون مكتوبا ومحر ار على نموذج وثيقة صادرة عن‬
‫و ازرة المالية تحتوي على البيانات التالية ‪ :‬تعيين السنة المالية‪ ،‬الفصل‪ ،‬المادة‪ ،‬السطر الميزاني‪ ،‬توقيع اآلمر بالصرف المعتمد لدى المحاسب‬
‫العمومي‪ ،‬تأشيرة المراقب المالي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 55‬من مرسوم ‪ 2091‬تعرف الدفع على أنه اإلجراء الذي يحرر الهيئة من الدين‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫ب‪ -‬عملية مادية‬

‫حيث أن المحاسب العمومي قبل قيامه بدفع المبلغ نقدا يتأكد من أن الدائن الذي يريد استفاء حقه‬
‫‪1‬‬
‫هو المذكور في األمر بالدفع ثم يقوم بدفع المبلغ وتعتبر العملي عمال ماديا‪.‬‬

‫وبعد عملية الدفع يرسل المحاسبون العموميون لآلمرين بالصرف نسخة من األمر بالصرف‬
‫أو حالة الدفع عليها تأشيرة التسديد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األعوان الثالث‬

‫إن الفاعل الرئيسي للنفقة العمومية هو اإلدارة المسئولة بالمهمة والتي خصصت لها ميزانية‬
‫معينة‪ ،‬وبالتالي هي التي تقوم بقرار اإلنفاق باحثة في ذلك عن الفعالية القصوى (تحقيق األهداف) و‬
‫النجاعة (تحقيق األهداف بأقل التكاليف الوسائل المادية والمالية)‪.‬‬

‫أما الفاعلين اآلخرين فهما مكلفان بمهمة الرقابة‪ ،‬فالمراقب المالي مكلف برقابة االلتزامات أما‬
‫المحاسب العمومي فهو مكلف بالرقابة المالية ورقابة الدفع‪.‬‬

‫هاتين المرحلتين من الرقابة لهما صفة رقابة مسبقة ( قبل الدفع)‪ ،‬نظامية ومنسقة وهي مدمجة‬
‫في عملية اإلنفاق‪.‬‬

‫‪ -1‬اآلمر بالصرف‪:‬‬

‫اآلمر بالصرف كما تعرفه المادة ‪ 15‬من القانون ‪ " 12-09‬يعد اآلمر بالصرف في مفهوم هذا‬
‫القانون كل شخص يؤهل إلى تنفيذ العمليات المشارة إليها في المواد ‪،19 ،20 ،27 ،29‬و‪" 12‬و هذه‬
‫العمليات هي ‪ :‬اإلثبات ‪،‬التصفية ‪ ،‬اإللتزام و األمر بالدفع ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وقبل قبول أي نفقة يجب على المحاسب العمومي التحقق من ‪:‬‬
‫‪ -‬مطابقة العملية مع القوانين واألنظمة المعمول بها ‪.‬‬
‫‪ -‬صفة اآلمر بالصرف أو المفوض له ‪.‬‬
‫‪ -‬شرعية عملية تصفية النفقات وتوفر اإلعتمادات الالزمة ‪.‬‬
‫‪ -‬أن الديون لم تسقط آجالها أو أنها محل معارضة‪.‬‬
‫‪ -‬الطابع اإلبرائي للدفع أي المستفيد من النفقة هو الشخص المسموح له قانونيا من استالم المبلغ ‪.‬‬
‫‪ -‬تأشيرات عمليات المراقبة التي نصت عليها القوانين واألنظمة المعمول بها‪.‬‬
‫‪ -‬الصحة القانونية للمكسب اإلبرائي‪ ،‬أي التأكد من صحة الدفع وأن الشخص هو نفسه المعني بالنفقة وهو الذي له صفة اإلمضاء‪.‬‬
‫‪ -‬التأكد من وجود المخزون المالي الكافي لتغطية النفقات‬
‫كما ي جب على المحاسب العمومي أن يحترم اآلجال القانونية للدفع وذلك حسب المرسوم التنفيذي ‪ 09-05‬حيث يجب على المحاسب العمومي أن‬
‫يحول األوامر بالصرف إلى حواالت الدفع في أجل أقصى ‪ 29‬أيام من تاريخ إستالمها‪ ،‬ويتم حسابها إبتداءا من شهر إصدارها وفي حالة عدم‬
‫مطابقة األمر ب الصرف أو محاولة الدفع لألحكام التشريعية و التنظيمية المعمول بها يقوم المحاسب العمومي بإبالغ اآلمر بالصرف كتابيا رفضه‬
‫الدفع‪.‬‬ ‫حوالة‬ ‫أو‬ ‫بالصرف‬ ‫األمر‬ ‫تسلمه‬ ‫تاريخ‬ ‫من‬ ‫إبتداءا‬ ‫يوما‬ ‫‪19‬‬ ‫أقصاه‬ ‫أجل‬ ‫في‬ ‫للدفع‬ ‫القانوني‬

‫‪57‬‬
‫وتعرف المادة الثانية من المرسوم التنفيذي‪07‬ـ‪ 190‬اآلمر بالصرف‪ " :‬يعتبر آم ار بالصرف حسب‬
‫مفهوم هذا المرسوم الموظف المعين قانونا في منصب مسؤول تسيير الوسائل المالية والبشرية و المادية‬
‫الذي تفوض له السلطة وفقا للمواد ‪ 10 ، 19‬و‪ 10‬من القانون رقم ‪ 12/09‬المؤرخ في ‪ 20‬أوت ‪2009‬‬
‫المتعلق بالمحاسبة العمومية‪ ،‬و يكون معتمدا قانونا طبقا للتنظيم الجاري به العمل"‬

‫و عليه يمكن تعريف اآلمر بالصرف على أنه كل شخص تابع للدولة أو جماعة محليه أو هيئة‬
‫عمومية و له األهلية في اإللتزام بالدي ن و تصفيته و األمر بدفعه‪ ،‬أو هو كل شخص مؤهل قانونيا لتنفيد‬
‫عمليات تتعلق بأموال الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‪.‬‬

‫و اآلمر بالصرف هو شخص معين أو منتخب لتولي وظيفة أو منصب يدخل ضمن ممارسة‬
‫العمليات المشار إليها سابقا (اإللتزام‪ ،‬التصفية‪ ،‬األمر بالدفع) و تزول صفة اآلمر بالصرف بمجرد زوال‬
‫هذه الوضعية‪.‬‬

‫و يجب اعتماد اآلمر بالصرف لدى المحاسب العمومي المكلف باإليرادات و النفقات الذي يأمر‬
‫بتنفيدها‪.‬‬

‫هو الذي يمتلك قرار يسمح له باستعمال الميزانية المخصصة له‪ ،‬وهو إذن المسؤول عن هذه‬
‫الميزانية‪ .‬وبالتالي هو الذي يعود له أمر تحصيل اإليرادات ودفع النفقات‪.‬‬

‫اآلمر بالصرف هو كل شخص يؤهل قانونا (عن طريق التعيين أو عن طريق االنتخاب) وباسم‬
‫الدولة أو الجماعات المحلية‪ ،‬أو إحدى المؤسسات العمومية‪ ،‬لتنفيذ عمليات على االيرادات والنفقات‪.‬‬
‫وحسب المادة ‪ 10‬من القانون ‪ " 12-09‬يكون اآلمر بالصرف ابتدائيون أو أساسيون و إما آمرون‬
‫بالصرف ثانويون"‪:‬‬

‫وقد عرفه جي دو فو كما يلي " يعتبر آم ار بالصرف عموميا لإليرادات والنفقات كل شخص له‬
‫صفة بإسم الدولة أو الجماعات المحلية أو هيئة عمومية إلبرام تصرف أو إثبات أو تصفية حق أو دين‬
‫واألمر بتحصيل هذا الحق أو تسديد الدين الناشئ "‬

‫وقد عرفه ‪ "1ANDRE Paysant‬اآلمرون بالصرف هم إداريون لهم باإلضافة إلى وظيفتهم‬
‫األساسية وهي التسيير‪ ،‬حق القيام بوظيفة مالية أخرى مما يجعلهم ينتمون إلى هيكل خاص يختلف‬
‫باختالف أصنافهم أساسيون وثانويون"‪.‬‬

‫و قد صنف القانون ‪ 12-09‬في مادته رقم ‪ 10‬اآلمرون بالصرف إلى ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أستاذ محاضر شرفي بجامعة باريس ‪PANTHEON- SORBONNE 2‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ 1-1‬اآلمرون بالصرف اإلبتدائيون أو الرئيسيون‪:‬‬

‫وهم الذين يصدرون أوامر بالدفع لفائدة الدائنين وأوامر اإليرادات ضد المدنيين‪ ،‬وأوامر تفويض‬
‫اإلعتمادات لفائدة اآلمرين بالصرف الثانويين‬

‫وحسب المادة ‪ 19‬من قانون المحاسبة العمومية فإن اآلمرون بالصرف األساسيون هم ‪:‬‬

‫‪ -‬المسؤولون المكلفون بالتسيير المالي للمجلس الدستوري والمجلس الشعبي الوطني ومجلس‬
‫المحاسبة ثم وقع تعديل وأضيف مسؤولي تسيير مجلس األمة ومجلس الدولة ‪.‬‬

‫‪ -‬الوزراء ‪.‬‬

‫‪ -‬الوالة عندما يتصرفون لحساب الوالية ‪.‬‬

‫‪ -‬رؤساء المجالس الشعبية البلدية عندما يتصرفون لحساب البلديات ‪.‬‬

‫‪ -‬المسؤولون المعنيون قانونيا على المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري ‪.‬‬

‫‪ -‬المسؤولون المعنيون قانونا على مصالح الدوالة المستفيدة من ميزانية ملحقة ‪ ,‬وقد يكون اآلمر‬
‫بالصرف معين أو منتخب ‪.‬‬

‫‪ 2-1‬اآلمرون بالصرف الثانويون‪:‬‬

‫وهم الذين يصدرون حواالت الدفع لفائدة الدائنين في حدود اإلعتمادات المفوضة وأوامر تحصيل‬
‫اإليرادات ضد المدينين حسب المادة ‪ 7‬من المرسوم التنفيذي ‪ ،525-02‬فهم مسؤولون بصفتهم رؤساء‬
‫المصالح غير الممركزة على عمليات تنفيذ الميزانية‪.‬‬

‫فاآلمر بالصرف الثانوي هو سلطة غير ممركزة مكلفة بالقيام بهذه الوظيفة ولها الصفة القانونية‬
‫في إطار جغرافي معين لتنفيذ بعض العمليات المالية مع إبعاد كل إستعمال للمال " فله إذن صالحية‬
‫تنفيذ عمليات اإلنفاق ولكن تحت إشراف اآلمر بالصرف الرئيسي‪ ،‬وهو مسؤول عن العمليات التي ينفذها‪.‬‬

‫‪ 3-1‬اآلمرون بالصرف المفوضون‪:‬‬

‫ونقصد هنا تفويض التوقيع أي أن اآلمرين بالصرف األساسيين أو الثانويين لم يتخلوا عن سلطة‬
‫اإلعتمادات مادام المفوضون لم يمضوا التزاما بنفقة‪ ،‬ويكون التفويض للموظفين المرسمين العاملين تحت‬
‫سلطتهم المباشرة وذلك في حدود الصالحيات المخولة لهم قانونا وتحت مسؤوليتهم‬

‫‪ 4-1‬اآلمرون بالصرف المستخلفون‪:‬‬

‫وهؤالء ال يتدخلون إال بصفة استثنائية لتعويض اآلمرين بالصرف المختصين في حالة غيابهم أو‬
‫حدوث مانع لهم‪ ،‬ويقوم بتعيينهم اآلمر بالصرف مع تبليغ المحاسب العمومي‬

‫‪59‬‬
‫اآلمر بالصرف الوحيد‪ :‬هذه الصفة يأخذها الوالي في حالة تنفيذ عمليات التجهيز غير الممركزة‬
‫والمسجلة باسمه‪ ،‬ولكن في نطاق عمليات التجهيز القطاعية‪ ،‬يعتبر آمر بالصرف وحيد ألنه يمثل جميع‬
‫اآلمرين بالصرف اإلبتدائيين أي الوزراء‪.‬‬

‫‪ -2‬المحاسب العمومي‪:‬‬

‫‪ 1-2‬تعريفه‪:‬‬

‫المحاسب العمومي طبقا لقانون المحاسبة العمومية‪ ،‬المادة ‪ 55‬منه‪ ،‬هو كل شخص يعين قانونا‬
‫للقيام بالعمليات التالية‪:1‬‬

‫‪-‬تحصيل اإليرادات ودفع النفقات ‪ ،‬بالقيام بالمرحلتين المذكورتين في المادتين ‪ 20‬و‪11‬‬

‫‪-‬ضمان حراسة األموال أو السندات أو القيم أو األشياء أو المواد المكلف بها‪.‬‬

‫‪-‬تداول األموال والسندات والقيم والممتلكات والعائدات والمواد‪،‬‬

‫‪-‬حركة الحسابات الموجودة‪.‬‬

‫يمارس المحاسب العمومي تجدر اإلشارة أن كل شخص يقوم بهذه العمليات دون أن يكون معينا‬
‫قانونا‪ ،‬يعتبر محاسبا فعليا أو شبه محاسب ‪،‬وذلك حسب المادة ‪ 02‬من القانون نفسه‪ ،‬وهذا األخير‬
‫يخضع لنفس التزامات ومسئوليات المحاسب العمومي‪ ،‬كما يخضع لنفس الرقابة ونفس العقوبات المطبقة‬
‫على المحاسب العمومي طبقا ألحكام المادة ‪ 00‬من القانون ‪.12-09‬‬

‫يعين المحاسب العمومي من طرف الوزير المكلف بالمالية ويخضعون لسلطته‪ ،‬حسب المادة ‪50‬‬
‫من قانون المحاسبة العمومية‪ ،12-09‬وذلك حسب الشروط القانونية الخاصة بكل صنف من أصناف‬
‫المحاسبين‪.‬‬

‫‪ 2-2‬األصناف القانونية لهم ‪:‬‬

‫المحاسبون العموميون هم إما رئيسيون أو ثانويون ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المحاسبون الرئيسيون‪: 2‬‬

‫ويثبتون حسب الشروط التي يحددها الوزير المكلف بالمالية توافق كتاباتهم المحاسبية مع كتابات‬
‫اآلمرين بالصرف المحاسبية سواءا فيما يخص أوامر تحصيل اإليرادات الصادرة أو المحصلة أو أوامر‬
‫بالصرف أو بالتحويل الصادرة و المقبولة لإلنفاق‪.1‬‬

‫‪1‬حددت المادة ‪ 22‬من المرسوم الفرنسي المؤرخ في ‪ 52‬ديسمبر ‪ 2091‬مهام المحاسب العمومي‬
‫‪2‬المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 525-02‬مؤرخ في ‪ 97‬سبتمبر‪ ، 2002‬و المتعلق بتحديد إجراءات المحاسبة التي يمسكها اآلمرون‬
‫بالصرف والمحاسبون العموميون و كيفياتها ومحتواها‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪2‬‬
‫ثانيا‪ :‬المحاسبون الثانويون‬

‫يعملون على مستوى القاعدة وهم‪:‬‬

‫‪ -‬أمناء الخزينة في البلدية‪،‬‬

‫‪-‬أمناء خزائن القطاعات الصحية والمراكز اإلستشفائية الجامعية‪،‬‬

‫‪-‬قابضو الضرائب‪،‬‬

‫‪-‬قابضو أمالك الدولة‪،‬‬

‫‪-‬قابضو الجمارك‪،‬‬

‫‪ -‬محافظو الرهون‪.‬‬

‫ويوجدون تحت سلطة وزير المالية وهم مكلفون بتحصيل الضرائب والرسوم ومختلف اإليرادات‬
‫باإلضافة إلى كل العقوبات بشروطها المحدودة في قانون الضرائب‪ ،‬قانون األمالك الوطنية ومختلف‬
‫القوانين والتنظيمات‪.‬‬

‫لقد خص المشرع الجزائري تنفيذ النفقات العمومية بمرحلتين‪ ،‬األولى إدارية يختص بها اآلمر‬
‫بالصرف‪ ،‬حيث تتدخل أولى هيئات الرقابة في هذه المرحلة لمراقبة االلتزامات‪ ،‬وهي أولى مراحل النفقة‪،‬‬
‫ثم تليها التصفية ثم األمر بالدفع‪ .‬أما المرحلة الثانية فهي محاسبية ويختص بها المحاسب العمومي الذي‬
‫يعتبر الهيئة الرقابية الثانية‪ ،‬وهو المراقب والمنفذ في آن واحد‪.‬‬

‫‪ 4-2‬المجاالت التي يتدخل فيها المحاسب العمومي‪:‬‬

‫قبل قبوله الدفع يجب على المحاسب العمومي إعادة الرقابة على األمر بالدفع‪ 3‬أو حوالة الدفع‬
‫بنفس طريقة المراقب المالي‪ ،‬لكن مع إضافة رقابة خاصة به فالمحاسب العمومي هو أيضا أمين‬
‫الصندوق‪ ،‬وعليه فإنه يقوم بالرقابة باعتباره مدققا لصحة األمر بالدفع وباعتباره أمينا للصندوق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وهم حسب نص المادة ‪ 52‬من المرسوم التنفيذي ‪ : 525-02‬العون المحاسبي المركزي للخزينة‪ ،‬أمين الخزينة المركزي‪ ،‬أمين الخزينة الرئيسي‪،‬‬
‫أمين الخزينة الوالئية و العون المحاسبي المركزي للميزانيات الملحقة‪ :‬كان موجود على مستوى و ازرة البريد والمواصالت وهو موظف فيها لكن يعين‬
‫من طرف وزير المالية وهو يتكلف فقط بتركيز الحسابات الخاصة بالميزانية الملحقة بإعتبار أنه ليس له صندوق‪ ،‬وهو غير موجود حاليا بعد إلغاء‬
‫الميزانية الملحقة للبريد والمواصالت وهم الذين لهم قدرة تجميع العمليات المالية للمحاسبين الثانويين‬
‫‪2‬المادة‪ 91‬من المرسوم التنفيذي‪ 01-95‬مؤرخ في ‪ 27‬ذي القعدة عام ‪ 2015‬الموافق ‪ 20‬يناير ‪ ،1995‬تعدل وتتمم المادة ‪ 51‬من المرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 525-02‬مؤرخ في ‪ 97‬سبتمبر‪، 2002‬والمتعلق بتحديد إجراءات المحاسبة التي يمسكها اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون و‬
‫كيفياتها ومحتواها‪.‬‬
‫‪3‬تنص المادتين ‪ 21‬و‪ 25‬من المرسوم المؤرخ في ‪ 10‬ديسمبر ‪ 2091‬علي رقابة األمر بالدفع التي يمارسها المحاسب العمومي في فرنسا‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪1‬‬
‫أوال‪ :‬باعتباره مدققا‬

‫التأكد من صفة اآلمر بالصرف‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫على المحاسب العمومي أن يراقب صحة توقيع اآلمر بالصرف المعتمد لديه‪ ،‬وبموجب ذلك فعلى‬
‫المحاسب العمومي تلقي قرار التسمية لآلمرين بالصرف ووثيقة إمضائه هو ومفوضه أو نائبه‪ ،‬إضافة إلى‬
‫نموذج من إمضائه‪ ،‬وفي هذا اإلطار يقارن اإلمضاء الموجود على األوراق الثبوتية مع اإلمضاء المودع‬
‫لديه في النموذج‪.‬‬

‫توفر اإلعتمادات ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫التحقق من صحة تخصيص أو ادراج النفقة بالنسبة للفصل والمادة التي توافق طبيعة وموضوع‬
‫النفقة‪ ،‬كما على المحاسب العمومي التحقق من تغطية االعتمادات المتوفرة للنفقة المزمع دفعها وعليه‬
‫يجب أن يحيط علما بكل ما يتعلق بهذه االعتمادات من مراسيم وق اررات توزيع االعتمادات وكل الق اررات‬
‫المعدلة لالعتمادات (تحويل‪ ،‬نقل‪ ،‬قوانين تكميلية‪ ،‬أوامر بتخصيص االعتمادات‪...‬الخ)‬

‫شرعية عملية التصفية‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫يتم ذلك من خالل رقابة ثبوت أداء الخدمة ‪:‬حيث تعتبر الخدمة المنجزة هو سبب قيام النفقة ‪:‬‬
‫فال يعقل صرف نفقة دون مقابل‪ ،‬وفي هذا الصدد يجب على المحاسب العمومي مراقبة تأشيرة اآلمر‬
‫بالصرف "أداء الخدمة" على األوراق الثبوتية‪ ، 2‬كما عليه أن يتأكد من شرعية التصفية والتأكد من وجود‬
‫كل األوراق الثبوتية وكذا صحتها‪ 3‬أي التأكد من البيانات كالتوقيع وسريانه‪ ،‬التاريخ‪...،‬‬

‫عدم سقوط الديون بالتقادم الرباعي‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫والتقادم هو وسيلة اكتساب أو سقوط لحق الدائنين بعد مرور أربع سنوات ‪ ،‬حسب الشروط‬
‫المحددة في القانون ‪ ،‬فالتقادم هنا بمثابة إعفاء من التزام الدولة‪ ،‬وعليه فالبد على المحاسب العمومي أن‬
‫يتابع االلتزامات المتقادمة وكذا متابعة كل ما يط أر عليها في اآلجال (انقطاع‪ ،‬تعليق)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Lino Di Qual. , op cit ,P .40.‬‬

‫‪2‬‬
‫تم إعداد مدونة للوثائق الثبوتية منذ ‪ 2091‬في فرنسا خاصة بالقطاع المحلي ومن شور صادر عن الوزير المكلف بالميزانية بتاريخ ‪ 21‬أفريل‬
‫‪ 2000‬الذي نشر في الجريدة الرسمية المؤرخة في ‪ 9‬ماي ‪ 2000‬جيث حدد الوثائق الثبوتية بالنسبة لنفقات الدولة‪ ،‬و في الجزائر هناك مشروع‬
‫منشور قيد اإلعداد يتعلق بهذا المجال‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫كما أن الشكل الموحد في الوثائق الثب وتية الذي قد يطلبه المحاسب العمومي ضروري في نظام يعتمد على التمييز بين المطابقة والشرعية‪ ،‬إذ‬
‫تعرف المطابقة أساسا بوجود وتطابق الوثائق الثبوتية‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫تأشيرات عمليات المراقبة السابقة‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫كل األوامر بالصرف الموضوعة لدى المحاسب العمومي يجب أن تكون مدعمة بتأشيرات‬
‫مسبقة‪ ،‬سواء تأشيرة المراقب المالي‪ 1‬أو لجنة الصفقات العمومية‪ ،‬على أنه تجب مراقبة ما إذا كان اآلمر‬
‫بالصرف قد تغاضى أو تجاوز عن المراقب أو لجنة الصفقات‪ ،‬في هذه الحالة يجب أن يتأكد من تأشيرة‬
‫األخذ بالحسبان‪.‬‬

‫مطابقة عملية اإلنفاق للقوانين والتنظيمات المعمول بها ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫وتترجم بالتحقق من كل الوثائق التي تبرر حوالة الدفع أو األمر بالدفع‪ ،‬ومن أهم هذه الوثائق‬
‫الفاتورات والتي يجب أن تكون مطابقة ألحكام المرسوم التنفيذي ‪ 590-00‬المحدد للمحتويات القانونية‬
‫للفاتورة حيث يجب ‪:‬‬

‫‪-‬أن تكون من نسخة أصلية‪.‬‬

‫‪-‬أن تحتوي على المعلومات التالية ‪:‬إسم ولقب المستفيد‪،‬النشاط‪ ،‬العنوان‪ ،‬الحساب‬
‫الجاري‪،‬رقم الحساب التجاري‪ ،‬الرقم الجبائي‪ ،‬رقم الفاتورة‪ ،‬إمضاء المستفيد أو المقاول‪ ،‬المبلغ اإلجمالي‬
‫باألرقام واألحرف‪.‬‬

‫ونشير إلى أنه إذا كانت النفقة متعلقة بصفقة عمومية‪ ،‬وحتى تكون قانونية يجب أن يحتوي‬
‫الملف على عالقات عامة تخص المؤسسة المنفذة للصفقة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ثانيا‪ :‬باعتباره أمينا للصندوق‬

‫إن رقابة المحاسب العمومي باعتباره أمينا للصندوق تتمثل قي تيقنه وتأكده من أن دفع النفقة ال‬
‫يمكن بحال من أن يكون محل خالف فيما بعد من طرف الدائن‪.‬‬

‫وبصفته المكلف بعملية الدفع فإن المحاسب العمومي يمارس مهامه المتعلقة بشرعية األمر‬
‫بالدفع‪ ،‬وبهذه الصفة هو يقوم بتقييم هذه الشرعية من وجهة النظر الميزانية والمحاسبية وليس من جانب‬
‫المطابقة لألحكام التشريعية والتنظيمية وهذا ما يجعله قاضيا للشرعية‪.3‬‬

‫هذه الرقابة تشمل نقاطا هامة نذكرها‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫نصت المادة ‪ 99‬من قانون ‪ 29‬أوت ‪ 2011‬المتعلق بتنظيم الرقابة على النفقات الملتزم بها في فرنسا على أن أي أمر بالدفع ال يحمل تأشيرة‬
‫المراقب المالي هو ملغى ودون قيمة لدى المحاسب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Op cit, p45.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CHOUVEL François : finances publiques, 9eme édition, Gualino éditeur, 2006, p180.‬‬

‫‪63‬‬
‫عدم وجود معارضة للدفع‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫تتمثل في معارضة دائن لشخص آخر دائن للدولة‪ ،‬ولقد نص القانون الخاص أن الدائنين غير‬
‫المدفوع لهم‪ ،‬يمكنهم تقديم معارضة للدفع لدى المحاسب العمومي المختص‪ ،‬حيث يمكن أن تكون‬
‫المعارضة إما حج از على الحساب أو إشعار حائز لدى الغير "‪.1 "ATD‬‬

‫الصحة القانونية للمكسب االبرائي‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫أي على المحاسب العمومي تأمين أن الدفع يكون للدائن الحقيقي للدولة أو إلى من ينوب عنه‬
‫قانونا (وكالة ‪،‬نيابة‪ )...،‬وعليه مراقبة الوثائق الضرورية‪.‬‬

‫الطابع اإلبرائي للدفع‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ال يمكن تنفيذ النفقة إال بدفع المبالغ وتسليمها إلى الدائن الحقيقي‪ ،‬وفي هذا الصدد يجب على‬
‫المحاسب العمومي التأكد من أنه يدفع المبلغ إلى الدائن أو من ينوب عنه‪ ،‬وفي حالة التسوية لشخص‬
‫آخر غير الدائن الحقيقي‪ ،‬فإن التنظيم يحدد الطرق والوسائل التي يمكن من خاللها استرداد المبالغ‬
‫ودفعها ألصحابها‪.‬‬

‫‪ 5-2‬آثار رقابة المحاسب العمومي‪.‬‬

‫إن رقابة المحاسب العمومي تنتهي إما بحالة من الحالتين ‪ :‬إما قبول الدفع واما رفضه‪ ، 2‬وكما‬
‫رأينا سابقا أن لرقابة المراقب المالي حدود ‪،‬كذلك األمر بالنسبة لرقابة المحاسب العمومي‪.‬‬

‫عندما نتحدث عن آثار أو نتائج رقابة المحاسب العمومي فإننا تقصد الجزاءات التي يتخذها هذا‬
‫األخير اتجاه األمر بالدفع أو حوالة الدفع الواردة إليه من طرف اآلمر بالصرف بخصوص نفقة ما‪.‬‬

‫قبول الدفع‪ :‬إن المحاسب العمومي وبعد التأكد منن قانونية وشرعية النفقة‪ ،‬وبعد أن يسقط‬
‫عليها الرقابة السابقة الخاصة به‪ ،‬وذلك بالتحقق من جميع الشروط الواردة في القانون ‪ 12-09‬التعلق‬

‫‪1‬‬
‫ففي الحالة األولى يمكن فيها للضمان االجتماعي‪ ،‬البنوك ‪،‬أو إحدى اإلدارات العمومية واإلقليمية أن تطلب وقف حساب الدائن في انتظار‬
‫صدور حكم قضائي‪ ،‬ويجب على المحاسب العمومي التأكد من وثائق الهيئات المقدمة لإلعراض قصد الحجز قبل صرف النفقة‪ ،‬أي التأكد من‬
‫صحة دائنية الحاجز‪.‬‬
‫أما اإلشعار الحائز لدى الغير "‪"ATD‬فهي وثيقة يتقدم بها المحاسبون العموميون الثانويون‪ ،‬خاصة قابضي الضرائب‪ ،‬وعلى المحاسب العمومي قبل‬
‫الدفع أن يتأكد من عدم وجود هذه المعارضة‪ ،‬واذا وجدت فإنه يقتطع ذلك المبلغ مباشرة ويضعه في حساب مؤقت قبل أن يحوله إلى المحاسب‬
‫العمومي الثانوي المكلف‪.‬‬

‫‪2‬طبقا لنص المادة ‪ 57‬من مرسوم ‪ 10‬ديسمبر ‪ 2091‬فإن اآل مر بالصرف بإمكانه اللجوء إلى التظلم أو الطعن بتجاوز السلطة أمام القاضي‬
‫اإلداري في فرنسا‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫بالمحاسبة العمومية‪ ،‬بعد كل ذلك فهو ملزم بدفع وتسديد النفقات الشرعية‪ ،‬وذلك بناء على نص المادة‬
‫‪ 57‬من القانون نفسه‪.‬‬

‫رفض الدفع‪ :‬إن النفقات التي ال تحقق الشروط الواردة في المادتين ‪ 59، 50‬أو ال تستوفي‬
‫البعض منها فإن مصيرها هو الرفض‪ ،‬أي أن المحاسب يمتنع عن دفع مبلغ النفقة‪ ،‬ويقوم بإعالم وابالغ‬
‫اآلمر بالصرف بهذا القرار مع تبيان أسباب عدم التسديد‪.‬‬

‫بعد عملية الرفض يجد اآلمر بالصرف نفسه أمام خيارين‪ :‬إما تصحيح األخطاء والمخالفات بعد‬
‫تلقيه مقرر المحاسب العمومي بالرفض‪ ،‬واما اللجوء إلى وسيلة قانونية هي عملية التسخير والتي تعتبر‬
‫حد من حدود رقابة المحاسب العمومي‪.‬‬

‫إن التسخير هي وسيلة قانونية اختصها المشرع لآلمر بالصرف قصد صرف نظر المحاسب عن‬
‫رفضه للدفع حسب نص المادة ‪ 07‬من قانون المحاسبة العمومية ‪ ،‬حيث يقوم اآلمر بالصرف بعد تلقيه‬
‫لقرار الرفض بالكتابة إلى المحاسب طالبا منه التنازل وصرف النظر عن قرار رفضه الدفع ‪ ،‬وذلك تحت‬
‫المسئولية الكاملة لآلمر بالصرف‪.‬‬

‫ودور المحاسب في هذه الحالة بعد تلقيه لقرار التسخير ‪ ،‬يتمثل في رفع تقرير إلى وزير المالية‬
‫خالل ‪ 20‬يوما من تاريخ إرسال قرار التسخير ‪ ،‬حيث يوضح فيه األسباب التي أدت إلى رفض الدفع‬
‫‪1‬‬
‫ويرفق ذلك بالوثائق المحاسبية‪.‬‬

‫‪ -3‬المراقب المــــالي‬

‫هو مصلحة رقابية مكلفة بالرقابة المسبقة للنفقات التي يلتزم بها والتي تطبق على ميزانيات‬
‫المؤسسات واإلدارات التابعة للدولة‪ ،‬الميزانيات الملحقة‪ ،‬وعلى الحسابات الخاصة بالخزينة‪ ،‬وميزانيات‬
‫الواليات ‪ ،‬وميزانيات البلديات‪ ،‬وميزانيات البلديات‪ ،‬وميزانيات المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‪،‬‬
‫وميزانيات المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني‪ ،‬وميزانيات المؤسسات العمومية ذات‬
‫الطابع اإلداري المماثلة‪.2‬‬

‫‪1‬وحسب المادة ‪ 00‬من قانون المحاسبة العمومية فإن على كل محاسب أن يرفض االمتثال للتسخير إذا كان الرفض معلال بعدم توفر االعتمادات‬
‫الملية ماعدا بالنسبة للدولة‪ ،‬عدم توفر أموال الخزينة‪ ،‬انعدام إثبات أداء الخدمة‪ ،‬طابع النفقة غير االبرائي وانعدام تأشيرة مراقبة النفقات الموظفة‪ ،‬أو‬
‫تأشيرة لجنة الصفقات المؤهلة إذا كان ذلك منصوصا عليه في التنظيم المعمول به‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 1‬من المرسوم التنفيذي ‪ 570-90‬المؤرخ في ‪ 29‬نوفمبر‪ 1990‬يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي رقم ‪ 020-01‬المؤرخ في ‪ 20‬نوفمبر‬
‫‪ 2001‬والمتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها‪ .‬ونشير في هذا اإلطار أن الرقابة المسبقة على النفقات الملتزم بها أصبحت تمس كل‬
‫اإلدارات العمومية التي لم تكن خاضعة من قبل وذكرت نفس المادة أن إجراءات توسيع الرقابة السابقة على البلديات يتم تنفيذها تدريجيا وفقا‬
‫لرزنامة تحدد من طرف الوزيرين المكلفين على التوالي بالميزانية والجماعات المحلية‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫حيث يشرف المراقب المالي‪ 1‬كما تنص عليه المادة ‪ 0‬الفقرة ‪ 2‬من المرسوم التنفيذي ‪020-01‬‬
‫المؤرخ في ‪ 20‬نوفمبر سنة ‪ 2001‬المتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها المعدل والمتمم‪ ،‬على‬
‫الرقابة السابقة لتنفيذ النفقات بمساعدة مجموعة من المراقبين الماليين المساعدين‪ .‬يعينه الوزير المكلف‬
‫بالمالية من بين المفتشين الرئيسيين في الميزانية أو الموظفين الذين لهم رتبة مساوية على أن يمتع ب‪0‬‬
‫سنوات أقدمية في مصالح الو ازرة المكلفة بالمالية‪.‬‬

‫‪ 1-3‬دور المراقب المالي‪:‬‬

‫يعمل المراقب المالي في اإلدارة التي يعين بها كمراقب‪ ،‬كمستشار وكمخبر وهذا ما أكدته المادة‬
‫‪ 00‬من القانون ‪.21-90‬‬

‫دوره كمراقب‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫يتدخل المراقب المالي في مجال تنفيذ النفقات العمومية طبقا للمادة ‪ 00‬فقرة ‪ 1،2‬و‪ 5‬إذ يعتمد‬
‫دوره على السهر على صحة توظيف النفقات بالنظر إلى التشريع المعمول به‪ ،‬كما يتحقق من توفر‬
‫االعتمادات ويثبت صحة النفقات بوضع تأشيرة على الوثائق الخاصة بالنفقات أو تعليل رفض التأشيرة‬
‫عند االقتضاء‪.‬‬

‫تعتمد رقابة المراقب المالي على كل الوثائق الثبوتية التي تشكل ملف النفقة ومجال هذه الرقابة‬
‫هو اإلدراج الحسن للنفقة‪ ،‬تقييم النفقة المقدمة‪ ،‬احترام القواعد التي تحكم مجال النفقة وأخي ار توفر‬
‫االعتمادات الكافية‪ ،‬وقد أدرجت ضمن المادة الثانية من المرسوم ‪ 020-01‬المتعلق بالرقابة السابقة على‬
‫النفقات العمومية مادة ‪ 1‬مكرر‪ ،‬حيث أضافت هذه األخيرة رقابة النفقات الملتزم بها في شكلها الالحق‬
‫على ميزانيات المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني وعلى ميزانيات مراكز البحث‬
‫والتنمية والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي والمؤسسات العمومية ذات الطابع‬
‫الصناعي والتجاري والمؤسسات العمومية االقتصادية عندما تكلف بعملية ممولة من ميزانية الدولة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫إن دراسة رقابة المراقب المالي تستدعي النظر في تطور اإلطار القانوني لوظيفة المراقب المالي إذ تم النص عل هذه الوظيفة ألول مرة بموجب‬
‫المرسوم ‪ 2059/09‬المؤرخ في ‪ 25‬نوفمبر ‪ 2009‬تم بموجبه تنصيب جهات للرقابة "مصالح" على المستوى الوطني‪ .‬واستمر العمل به إلى غاية‬
‫‪ 2090‬حيث أصبح عددها ‪ 25‬مصلحة على المستوى الوطني‪ .‬ثم مرسوم سنة ‪ 2075‬المتضمن إنشاء المجلس التنفيذي الذي أحدث قرار بموجبه‬
‫يشترط في المراقب المالي التخصص في الميدان (شهادة ليسانس)‪ .‬ثم في سنة ‪ 2005‬صدرت تعليمة و ازرية مؤرخة في ‪ 92‬جوان ‪ 2005‬التي‬
‫أحدثت تنظيما جديدا للمراقب المالي‪ .‬و أخي ار المرسوم التنفيذي ‪ 020-01‬المؤرخ في ‪ 20‬جمادى األولى عام ‪ 2025‬الموافق ‪ 20‬نوفمبر سنة‬
‫‪ 2001‬المتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها والذي عدل بموجب المرسوم التنفيذي ‪ 570-90‬المؤرخ في ‪ 29‬نوفمبر ‪.1990‬‬
‫أما في فرنسا فقد تم احداث منصب المراقب المالي بموجب قانون ‪ 19‬ديسمبر ‪ ،2009‬حيث فرض هذا القانون على كل و ازرة مسك محاسبة‬
‫االلتزامات وهذا بعد عدة قضايا بعدم ا وضع البرلمان في استحالة المعارضة على التصويت على نفقات إضافية موجهة إلى تغطية نفقات قد دفعت‬
‫مسبقا‪ ،‬وشيئا فشيئا توسعت صالحيات المراقب المالي إال أنه كان تابعا للو ازرة التي يعمل بها حيث كان يعين من قبل الوزير المنفق وبعدها أصبح‬
‫يعين باالشتراك من طرف الوزير المعني مع وزير المالية ( قانون ‪ 59‬مارس ‪ )2091‬وبعدها أصبح يعين من قبل وزير المالية وحده ( قانون ‪21‬‬
‫أوت‪ )2020‬ويخضع لسلطة واحدة (قانون ‪ 59‬أفريل ‪.)2012‬‬

‫‪66‬‬
‫إن وظيفة المراقب المالي‪ 1‬محددة بموجب المرسوم التنفيذي ‪ 020-01‬المعدل والمتمم‪،‬‬
‫حيث يقوم المراقب المالي بتأشير الق اررات‪ ،‬والوثائق التي تتضمن التزامات بنفقات عمومية من طرف‬
‫‪2‬‬
‫اآلمر بالصرف‪ .‬والمجاالت التي يحددها المرسوم السابق الذكر جاءت في المواد ‪.7، 9 ، 0‬‬

‫حسب المادة ‪ 15‬من المرسوم التنفيذي ‪ 020-01‬المتعلق بالرقابة السابقة للنفقات الملتزم بها‪،‬‬
‫فإن المراقب المالي مكلف إلى جانب الصالحيات والمهام المخولة إليه بـ‪:‬‬

‫‪ -‬مسك سجالت تدوين التأشيرات ومذكرات الرفض‪.‬‬

‫‪-‬مسك محاسبة التعداد الميزاني‪.‬‬

‫‪-‬مسك محاسبة االلتزامات بالنفقات‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم نصائح لآلمر بالصرف في المجال المالي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يعتبر المراقب المالي في فرنسا مكلفا بوظيفتين أساسيتين هما أوال برمجة تنفيذ الميزانية‪ ،‬إذ باعتباره يقوم بوضع التأشيرة على الوثيقة السنوية‬
‫لبرمجة الميزانية االبتدائية‪ ،‬حيث هو عمل واجب على كل كل الو ازرات قبل بداية السنة المالية‪ ،‬وثانيا متابعة تنفيذ الميزانية إذ يقوم بالتأشير على‬
‫مشاريع التعديل في توزيع االعتمادات الموجه إلى الوقاية من انحراف التوازن في المي ازنية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫فحسب المادة ‪ 0‬فإن الق اررات المتضمنة التزاما بالنفقات والمبينة فيما يلي تخضع مسبقا قبل التوقيع عليها إلى تأشيرة المراقب المالي‪:‬‬
‫‪ -‬مشاريع ق اررات التعيين والترسيم والق اررات التي تخص الحياة المهنية للموظفين ومستوى المرتبات للمستخدمين باستثناء الترقية في الدرجة‪.‬‬
‫‪ -‬مشاريع الجداول االسمية التي تعد عند قفل كل سنة مالية‬
‫‪ -‬مشاريع الجداول األصلية األولية التي تعد عند فتح االعتمادات وكذا الجداول األصلية المعدلة خالل السنة المالية‪.‬‬
‫‪ -‬مشاريع الصفقات العمومية والمالحق‪.‬‬
‫وتضيف المادة ‪:9‬‬
‫تخضع لتأشيرة المراقب المالي أيضا االلتزامات بنفقات التسيير والتجهيز أو االستثمار‪.‬‬
‫كما أضافت المادة ‪ 7‬المعدلة‪ :‬يخضع أيضا لتأشيرة المراقب المالي‪:‬‬
‫‪ -‬كل التزام مدعم بسندات الطلب و الفاتورات الشكلية والكشوف أو مشاريع العقود‪ ،‬عندما ال يتعدى المبلغ المستوى المحدد من قبل التنظيم المتعلق‬
‫الصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬كل مشروع مقرر يتضمن مخصصات ميزانياتية وكذا تفويض وتعديل االعتمادات المالية‪.‬‬
‫‪ -‬كل التزام يتعلق بتسديد المصاريف والتكاليف الملحقة وكذا النفقات التي تصرف عن طريق الوكاالت والمثبتة بفاتورات نهائية‪.‬‬
‫و تنص المادة ‪ 90‬من المرسوم التنفيذي ‪ 020-01‬على أن االلتزامات والعقود المذكورة آنفا تخضع إجباريا لتأشيرة المراقب المالي وذلك بعد التحقق‬
‫من العناصر التالية‪:‬‬
‫‪-‬صفة اآلمر بالصرف‬
‫‪-‬مطابق االلتزام للقوانين والتنظيمات المعمول بها‪.‬‬
‫‪ -‬توفر االعتمادات أو المناصب المالية‪.‬‬
‫‪-‬التخصيص القانوني للنفقة‪.‬‬
‫‪-‬مطابقة مبلغ االلتزام للعناصر المبينة في الوثيقة المرفقة‪.‬‬
‫‪-‬وجود التأشيرات أو اآلراء المسبقة التي نص عليها التنظيم المعمول به مثلما هو الحال بالنسبة للصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫إن محاسبة االلتزامات تهدف إلى تحديد مبلغ االلتزام بالنفقات المنفذة ومبلغ األرصدة المتوفرة‬
‫وذلك طبقا للمادة ‪ 17‬من المرسوم التنفيذي ‪ 020-01‬المعدل والمتمم‪ ،‬فدور محاسبة االلتزامات بالنسبة‬
‫لنفقات التسيير بوصف‪:‬‬

‫‪-‬االعتمادات المفتوحة أو المخصصة حسب األبواب والمواد‪،‬‬

‫‪-‬ارتباط االعتمادات ‪،‬‬

‫‪-‬تحويل االعتمادات‪،‬‬

‫‪-‬التفويضات باالعتمادات التي تمنح لآلمرين بالصرف الثانويين‪،‬‬

‫‪-‬االلتزام بالنفقات التي تمت‪،‬‬


‫‪1‬‬
‫‪-‬األرصدة المتوفرة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لنفقات التجهيز‪ ،‬فإن محاسبة االلتزامات التي يمسكها المراقب المالي في هذا المجال‬
‫طبقا لمقرر البرنامج أو تفويض ترخيص البرنامج‪ ،‬المبلغة له من السلطة المؤهلة‪ ،‬بالنسبة لكل قطاع‬
‫فرعي من مدونة االستثمارات العمومية وبالنسبة لكل عملية الجوانب اآلتية‪:‬‬

‫الترخيصات بالبرامج المفردة‪ ،‬وعند االقتضاء‪ ،‬إعادة التقييم والتخفيضات المتتالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫االلتزامات المنفذة‪،‬‬ ‫‪-‬‬


‫‪2‬‬
‫األرصدة المتوفرة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫نشير إلى أن القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في فرنسا حمل المراقب المالي المسؤولية‬
‫على مهام الرقابة المالية‪ ،‬و في الجزائر استحدثت مسؤولية المراقب المالي بموجب المادة ‪ 11‬من المرسوم‬
‫التنفيذي ‪ 570-90‬المذكور سابقا والذي يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي ‪ ،020-02‬هذه المادة التي عدلت‬
‫المادة ‪ 52‬حيث نصت على أن المراقب المالي مسؤول شخصيا عن سير مجموع المصالح الخاضعة‬
‫لسلطته وعلى التأشيرات التي يمنحها وعلى مذكرات الرفض التي يبلغها‪.‬‬

‫ب ـ دوره كمستشار‪:‬‬

‫في هذا اإلطار ووفقا للفقرة الرابعة من المادة ‪ 00‬من القانون ‪ 27-00‬يقوم المراقب المالي بتقديم‬
‫‪3‬‬
‫نصائح لآلمر بالصرف في المجال المالي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 10‬من المرسوم التنفيذي ‪ 020-01‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 10‬من المرسوم التنفيذي ‪ 020-01‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫في هذا اإلطار يقوم المراقب المالي بإبداء آرائه وتوجيهاته المعللة طبعا لآلمر بالصرف حول‪:‬‬
‫مشاريع القوانين‪ ،‬المراسيم‪ ،‬المقررات‪ ،‬العقود‪ ،‬التدابير والق اررات التي تخضع للتوقيع المزدوج مع وزير المالية والتي يبدي حولها آراءه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪68‬‬
‫وقد وضع المراقب المالي في األصل كوسيلة لدى وزير المالية من أجل وضع حد للزيادة في‬
‫النفقات لمختلف الو ازرات‪ ،‬و قد أعطى هذا الميكانيزم ‪ -‬رأي المراقب المالي – أعطى نتائج مختلفة جدا‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالمناقشات المعمقة مع الوزرات المنفقة‪ ،‬فإن المراقب المالي يسعى إليجاد اتفاق‬
‫مع الوزير المنفق‪ ،‬حيث يصبح هو المدافع و المحامي عن الوزير المنفق أمام وزير المالية وليس ناظر‬
‫لوزير المالية‪ .‬وهذا التطور برز في مقولة ‪ " M.Lalumière‬نحو تسيير مشترك حقيقي للنشاط المالي‬
‫‪1‬‬
‫للوزير"‪.‬‬

‫ج‪-‬دوره كمخبر‪:‬‬

‫يقوم المراقب المالي طبقا لما تنص عليه المادة ‪ 10‬من المرسوم التنفيذي ‪ 020-01‬بارسال‬
‫للوزير المكلف بالمالية حاالت دورية معدة إلعالم المصالح المختصة بتطور االلتزام بالنفقات وبالتعداد‬
‫الميزانياتي‪.‬‬

‫كما يرسل المراقب المالي في نهاية كل سنة مالية إلى الوزير المكلف بالميزانية على سبيل‬
‫العرض‪ ،‬تقري ار يستعرض فيه شروط التنفيذ والصعوبات التي لقيها إن وجدت في مجال تطبيق التشريع‬
‫والتنظيم والنقائص التي الحظها في تسيير األموال العمومية‪ ،‬وكذا كل االقتراحات التي من شأنها ظروف‬
‫‪2‬‬
‫تنفيذ الميزانية‪.‬‬

‫‪ 2-3‬تقييم نشاط المراقب المالي‪:‬‬

‫يرى العديد من النقاد أن هذا النوع من الرقابة‪:‬‬

‫يبطئ النشاط اإلداري من دون أية فائدة‪ ،‬فهي رقابة شكلية ال تغطي معظم النفقات‬ ‫‪-‬‬
‫المدرجة في الحسابات الخاصة للخزينة‪ ،‬نفقات الميزانية العامة التي تدفع من دون أمر بالدفع‪ ،‬وكذا‬
‫اإليرادات الجبائية و إيرادات أمالك الدولة‪.‬‬

‫كما أن هذه الرقابة تضمن لوزير المالية نوع من العلو التي لم يعترف بها ال الدستور أو‬ ‫‪-‬‬
‫القوانين والتنظيمات التي جاءت في هذا اإلطار‪.‬‬

‫االقتراحات التي تتعلق بمجال الميزانية‪ ،‬طلبات االعتمادات اإلضافية التي تقدم من طرف الوزير المعين لديه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ERIC OLIVA : Op-cit p 339.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 10‬من المرسوم التنفيذي ‪.020-01‬‬
‫إن المراقب المالي في فرنسا يقوم باعداد تقرير يستعرض فيه كل النتائج السابقة لكل فصل من فصول الميزانية ولكل بند من بنود اإليرادات‪ ،‬كما‬
‫يستعرض كل اقتراحاته ‪.‬ويرسل هذا التقرير إلى الوزير المعني‪ ،‬وزير المالية‪ ،‬إلى مجلس المحاسبة و إلى لجان المالية بالبرلمان‪ .‬كما بإمكانه‬
‫إعطاء معلومات بعد أخذ تسريح من وزير المالية المقررين الخاصين للمجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة حول تنفيذ الميزانية ‪ ،‬كما يعلمهم‬
‫بالوضعية السنوية و الوضعية الخاصة بثالث أشهر الخاصة بمحاسبة النفقات المستعملة أو الملتزم بها التي يمسكها‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫كما أن هناك من يؤيد هذه الرقابة ويقولون‪:‬‬

‫إن الرقابة البعدية غير كافية وتكون متأخرة خاصة إن تعلق األمر بشرعية العمليات‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وصعبة جدا بالنسبة لرقابة نوعية التسيير بسبب غياب المؤشرات الخاصة بالنتائج‪.‬‬

‫يمكن بموجب هذه الرقابة سد الفجوات حين معرفة المخالفات التي تقع وامكانية‬ ‫‪-‬‬
‫تصحيحها‪.1‬‬

‫كما أن علو وزير المالية يرجع خاصة إلى دوره في إعداد وتنفيذ الميزانية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وقد أثبتت هذه الرقابة فعاليتها ‪ :‬حيث تم تفادي الوقوع في األخطاء الكبرى واالبتعاد عن‬ ‫‪-‬‬
‫تجاوز االعتمادات‪ ،‬وهذا بفضل هذا النوع من الرقابة التي ال تكلف كثي ار كما أنها مقبولة لدى اإلدارات‬
‫التي تتم رقابتها‪.‬‬

‫‪ 3-3‬النتائج المترتبة عن رقابة االلتزام‪:‬‬

‫بعد الفحص الذي يجريه المراقب المالي فإنه إما يقوم بوضع التأشيرة و بالتالي إتمام باقي‬
‫المراحل المتعلقة بإجراء النفقة كما بإمكانه أن يمتنع عن وضع التأشيرة ويرفض االلت ازم بالنفقة وذلك‬
‫عندما ال تتوفر الشروط المذكورة في المدة ‪ 90‬من المرسوم التنفيذي ‪ ،020-01‬ويكون مصير االلتزام‬
‫إما الرفض المؤقت أوالرفض النهائي حسب نص المادة ‪ 29‬من المرسوم السابق‪:‬‬

‫الرفض المؤقت‪ :‬يكون في الحاالت التالية‪:2‬‬

‫‪-‬اقتراح التزام مشوب بمخالفات للتنظيم قابلة للتصحيح‪.‬‬

‫‪-‬انعدام او نقصان الوثائق الثبوتية المطلوبة‪.‬‬

‫‪-‬نسيان بيان هام في الوثائق المرفقة‪.‬‬

‫الرفض النهائي ‪:‬ويبرر باألسباب التالية‪:3‬‬

‫‪-‬عدم مطابقة اقتراح االلتزام للقوانين والتنظيمات المعمول بها‬

‫‪-‬عدم توفر االعتمادات أو المناصب المالية‪.‬‬

‫‪-‬عدم احترام اآلمر بالصرف للمالحظات المدونة في مذكرة الرفض المؤقت‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وقد ثبت هذا في فرنسا سنة ‪ 2079‬حيث تم انشاء الرقابة المالية المحلية وفي ‪ 2009‬أين تم إصالح الرقابة المالية على مستوى عدم التمركز‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 22‬من المرسوم التنفيذي ‪ 020-01‬المؤرخ في ‪ 20‬نوفمبر ‪ 2001‬المعدل والمتمم والمتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 21‬من المرسوم التنفيذي ‪. 020-01‬‬

‫‪70‬‬
‫ويجب في كل الحاالت اطالع اآلمر بالصرف على كل أسباب الرفض‪ ،1‬وبعد الرفض النهائي‬
‫يكون اآلمر بالصرف أمام حالتين‪:‬‬

‫‪-‬إما أن يتنازل عن االلتزام بالنفقة‪.‬‬

‫‪-‬إما أن يؤكد رأيه ويلجأ إلى وسيلة قانونية وهي عملية التغاضي‪.‬‬

‫عند تقديم قرار الرفض النهائي من طرف المراقب المالي لآلمر بالصرف‪ ،‬و إذا رأى هذا األخير‬
‫ضرورة صرف النفقة يمكن له أن يتجاوز رفض المراقب المالي‪ ،‬وذلك تحت مسئوليته بمقرر معلل يعلم‬
‫به وزير المالية‪ ،‬ويرسل الملف الذي يكون موضوع التغاضي إلى وزير المعني حسب الحالة‪.2‬‬

‫ويكمن دور المراقب المالي في هذه الحالة في إرسال نسخة من ملف االلتزام الذي كان موضوع‬
‫التغاضي مرفقا بتقرير مفصل إلى الوزير المكلف بالميزانية والذي يقوم بدوره بإرسال نسخة منها إلى أجهزة‬
‫الرقابة الالحقة‪.3‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مبدأي الفصل بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي – التمييز بين الشرعية‬
‫والمالءمة‬

‫تخضع المحاسبة العمومية إلى مبادئ خاصة تميزها عن غيرها من المحاسبات‪ .‬و الهدف من‬
‫هذه المبادئ هو البحث عن التسيير السليم ألموال الدولة وتفدي كل االنحرافات التي قد تحصل‪ .‬فمبدأ‬
‫الفصل بين اآلمر بالصرف و المحاسب العمومي هو مبدأ في غاية األهمية وسنتناوله في البداية ثم‬
‫نتطرق إلى مبدأ التمييز بين الشرعية والمالءمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يقوم المراقب المالي بإعداد نسختين من قرار الرفض المؤقت يحتفظ لنفسه بنس خة ويرسل الثانية لآلمر بالصرف ‪ ،‬أما في حالة الرفض النهائي‬
‫فيقوم بإعداد أربع نسخ‪ ،‬حيث يرسل الثالثة للمديرية العامة للميزانية بو ازرة المالية والنسخة الرابعة للمديرية الجهوية للميزانية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 22‬من المرسوم التنفيذي ‪. 020-01‬‬
‫‪3‬‬
‫المادتين ‪ 12‬و‪ 11‬من نفس المرسوم‪.‬‬
‫إن التغاضي أو صرف النظر كما يسميه البعض يعتبر حقا قانونيا في يد اآلمر بالصرف‪ ،‬وهو حق ليس بالمطلق بل هو مقيد حسب نص‬
‫المادة‪ 20‬من المرسوم ‪ 020-01‬حيث تنص على ‪" :‬ال يمكن حصول التغاضي المنصوص عليه في المادة ‪ 20‬أعاله‪ ،‬في حالة رفض نهائي يعلن‬
‫عنه بالنظر لما يأتي‪:‬‬
‫‪-‬صفة اآلمر بالصرف‪،‬‬
‫‪-‬عدم توفر االعتمادات أو انعدامها‪،‬‬
‫‪-‬انعدام التأشيرات أو اآلراء المسبقة المنصوص عليها في التنظيم المعمول به‪،‬‬
‫‪-‬انعدام الوثائق الثبوتية التي تتعلق بااللتزام‪،‬‬
‫‪-‬التخصيص غير القانوني اللتزام ‪ ،‬بهدف إخفاء إما تجاو از االعتمادات واما تعديال لها أو تجاو از لمساعدات مالية في الميزانية‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ -1‬مبدأ الفصل بين المحاسب العمومي واآلمر بالصرف‪:‬‬

‫يعتبر هذا المبدأ من الركائز األساسية التي تعتمد عليها الرقابة على المالية العمومية وقد نصت‬
‫المواد ‪ 07 ،09 ،00‬من القانون ‪ 12-09‬على التنافي بين وظيفتي اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي‪.‬‬

‫يهدف مبدأ الفصل بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي إلى وضع أعمال األول تحت رقابة‬
‫الثاني‪ ،‬ولكن بإمكان اآلمر بالصرف أن يتأكد من أوامره إذا كانت هذه األخيرة قانونية ونظامية كما‬
‫بإمكانه أن يتأكد من أن العمليات تم تنفيذها من قبل المحاسب كما هو منصوص عليها قانونيا‪ ،‬أي‬
‫‪1‬‬
‫فمرسوم‬ ‫ويعود تاريخ هذا المبدأ إلى النصوص القديمة الفرنسية والمتعلقة بالمحاسبة العمومية‬
‫‪ 2091‬يعتمد هذا المبدأ بوضعه للعمليات التي يقوم بها اآلمر بالصرف واألخرى التي هي من اختصاص‬
‫المحاسب العمومي‪ ،‬كما يحدد المسؤولية التي تقع على عاتق كل منهما‪.‬‬

‫‪ 1-1‬النتائج المترتبة على هذا المبدأ‪:‬‬

‫من النتائج المترتبة على هذا المبدأ مفهوم المحاسب الفعلي الذي نصت عليه المادتان ‪ 02‬و‪01‬‬
‫من القانون ‪09‬ـ‪ 12‬و الفصل بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي له نتيجتين‪:‬‬

‫أوال فإن الشخص الذي ليست له صفة المحاسب العمومي والذي يقوم بإجراء العمليات المسند‬
‫‪2‬‬
‫لهذا األخير فإنه يجر نفسه إلى متابعات جزائية‪.‬‬

‫ثانيا فإن هذا الشخص يعتبر " محاسبا فعليا" وهذا مفهوم قادم من االجتهاد القضائي جاء بها‬
‫مجلس المحاسبة ومجلس الدولة الفرنسي في القانون المؤرخ في ‪ 15‬فيفري ‪.2095‬‬

‫‪ 2-1‬االستثناءات الواردة على المبدأ‪:‬‬

‫إن بعض النفقات الطارئة أو نظ ار لطبيعتها االستثنائية ( مساعدات استثنائية‪ ،‬وكاالت التسبيق‬
‫‪...‬أو مبالغ ال تتعدى سقف معين يمكن لهذه النفقات أن تخرج عن اإلجراءات المعتادة لصرف النفقات‬
‫وتدفع من طرف بعض الموظفين المؤهلين ونقصد هنا وكاالت التسبيق‪ .3‬يعين الوكالء المحاسبين بقرار‬
‫وزاري ويقدمون تقاريرهم للسلطة التي هم خاضعون لها و يخضعون لرقابة المحاسب العمومي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ونجد أول من نص على هذا المبدأ هو أمر ‪ 20‬سبتمبر‪ 2011‬حيث نص على تنافي وظائف اإلدارة واألمر بالصرف مع وظائف المحاسب‪،‬‬
‫ومن خالل هذا نجد أن هذا المبدأ يعود وضعه إلى حقبة زمنية بعيدة وهذا ما يدل على أهميته‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مصطلح المحاسب الفعلي أو ‪ comptable de fait‬جاء من االجتهاد القضائي الفرنسي لمجلس المحاسبة ومجلس الدولة حيث نصت المادة‬
‫‪ 60XI‬من قانون ‪15‬فيفري ‪ 2095‬أن هذا الشخص زيادة على المتابعة الجزائية التي يخضع لها ‪ ،‬فإنه يخضع أيضا في حالة عدم مطابقة‬
‫العمليات التي يقوم بها للقوانين والتنظيمات السارية المفعول إلى كل العقوبات التي تطبق على المحاسب العمومي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫للمزيد من التفصيل في هذا المجال أنظر المرسوم التنفيذي رقم ‪ 108-93‬المؤرخ في ‪ 5‬ماي ‪ 1993‬يحدد كيفيات إحداث وكاالت اإليرادات‬
‫والنفقات وتنظيمها وسيرها‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ 3-1‬مسؤولية اآلمر بالصرف ‪:‬‬

‫اآلمر بالصرف مسؤول مدنيا وجزائيا على صيانة واستعمال الممتلكات المكتسبة من األموال‬
‫العمومية‪ ،‬وبهذه الصفة فهو مسؤول شخصيا على مسك جرد الممتلكات المنقولة والعقارية المكتسبة أو‬
‫المخصصة لهم‪ ،‬كما أنه مسؤول على اإلثباتات الكتابية التي يسلمها وعلى األفعال والنشاطات الالشرعية‬
‫واألخطاء التي يرتكبوها والتي ال يمكن أن تكتشفها المراقبة الحسابية للوثائق وذلك في حدود األحكام‬
‫الثانوية المقررة في هذا المجال طبقا للمادتين ‪ 52‬و‪ 51‬من القانون ‪. 12-09‬‬

‫فبالنسبة للحكومة‪ ،‬فيتعلق األمر بالمسؤولية السياسية كما يمكن إقحام المسؤولية الجزائية علي كل‬
‫وزير بالنسبة لألعمال التي قام بها أثناء تأدية مهامه‪ ،1‬كما أن المادة ‪ 20‬من اإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان تنص على أن كل عون عمومي مسؤول عن األعمال التي يؤديها أثناء تأدية مهامه‪.‬‬

‫نشير إلى أنه طبقا للمادة التاسعة من مرسوم ‪ 10‬ديسمبر ‪ 2091‬فإن اآلمر بالصرف في فرنسا‬
‫‪2‬‬
‫يتحملون مسؤولية تأديبية أمام مجلس االنضباط في مجال الميزانية‪.‬‬

‫‪ 4-1‬مسؤولية المحاسب العمومي‪:‬‬

‫إن المحاسب العمومي باعتباره يشغل منصبا هاما وحساسا فهو مسئول شخصيا وماليا‪ 3‬عن‬
‫جميع المهام الملقاة على عاتقه‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 02‬من قانون المحاسبة العمومية‪" :‬تطبق‬
‫مسؤولية المحاسب العمومي الشخصية والمالية على جميع عمليات القسم الذي يديره مند تاريخ تنصيبه‬
‫إلى تاريخ انتهاء مهامه‪".‬وقد تناولت المواد من ‪ 50‬إلى ‪ 05‬من القانون ‪09‬ـ‪ 12‬المسؤولية المتعلقة‬
‫بالمحاسب العمومي‪.‬‬

‫كما أنه مسئول عن عمل الغير‪ ،‬كالمحاسب الذي سبقه في حالة عدم تقديم أية تحفظات أو‬
‫مالحظات خالل مدة ثالثة أشهر من تنصيبه وذلك حسب المادة ‪ 29‬من المقرر الوزاري الصادر عن‬
‫و ازرة االقتصاد مؤرخ في ‪ 2002/92/29‬المتعلق بتنصيب المحاسب العمومي‪.‬‬

‫كذلك فهو مسئول عن المحاسب الفعلي عند قيامه ببعض العمليات ‪ ،‬كما يتحمل أيضا مسئولية‬
‫بالتضامن مع الوكالء في حالة عدم اكتشافهم للمخالفات المالية في العمليات التي قاموا بها‪ ،‬وهذا‬
‫حسب نص المادة ‪ 00‬من القانون ‪.12-09‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 90‬من الدستور الفرنسي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أسس وأ ةينازيملا لاجم يف طابضنالا سلجم ‪ la cour de discipline budgétaire‬بالقانون المؤرخ في ‪ 52‬جويلية ‪2095‬‬
‫ووسعت اختصاصاته ليشمل حتى المنتخبين المحليين في ‪.2005‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 20‬من المرسوم الفرنسي المؤرخ في ‪ 52‬ديسمبر ‪ 2091‬تنص على المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسب العمومي‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫أما كيف تثار مسئولية المحاسب‪ ،‬فإن الجهات المختصة في إقامتها تتمثل في وزير المالية أو‬
‫مجلس المحاسبة حسب المادة ‪ 09‬من قانون المحاسبة العمومية في حالة ارتكاب أخطاء مالية أو‬
‫تجاوزات في تسيير األموال العمومية‪.‬‬

‫يجب على المحاسب العمومي الذي تثبت مسئوليته عليه أن‪:‬‬

‫‪-‬يسدد من أمواله الخاصة مبلغا يساوي البواقي الحسابية المكلف بها المادة ‪ 95‬من المرسوم‪-02‬‬
‫‪ 521‬المؤرخ في ‪ 7‬سبتمبر ‪ ،12002‬وفي حالة عدم تغطية باقي معين يقيد في حساب تسبيق‪ ،‬قصد‬
‫إرجاع التوازن للمحاسبة‪.‬‬

‫‪-‬يرسل تقرير مفصل إلى وزير المالية‪،‬‬

‫ومجلس المحاسبة يتخذ ق ار ار مؤقتا يتضمن الوضعية‪ ،‬ويرسل إلى المحاسب العمومي لتبرير‬
‫الوضعية‪ ،‬وفي حالة عدم قدرة المحاسب تبرير األخطاء والتجاوزات التي وقع فيه فتقوم مسئوليته‬
‫الشخصية والمالية عن كل ذلك‪ .‬ومن ناحية أخرى فإنه ونظ ار ألهمية وصعوبة وظيفة المحاسب العمومي‬
‫فقد منح المشرع الجزائري حماية واسعة له‪ ،‬والمتمثلة في مجموعة االمتيازات التي يتمتع بها‪:‬‬

‫‪-‬يشترط عليه قبل تسلمه لوظيفته القيام باكتتاب تأمين يخصه حسب اإلجراءات المنصوص‬
‫عليها في المرسوم التنفيذي‪ 521-02‬يكون شخصيا ويغطي جميع المخاطر المتعلقة بمسئوليته والمرتبطة‬
‫بالمهام المنصوص عليه في المادة ‪ 55‬من قانون المحاسبة العمومية‪ ،‬سواء تعلقت بفعله الشخصي أو‬
‫بفعل الغير‪.‬‬

‫‪-‬تعد باطلة كل عقوبة سلطت عليه أثبتت أن األوامر التي رفض تنفيذها كانت من شانها أن‬
‫تحمله المسئولية المالية والشخصية‪.2‬‬

‫‪-‬إمكانية اإلعفاء الجزئي طبقا لحكام المادة ‪ 70‬من المرسوم ‪ 19-00‬المتعلق بمجلس المحاسبة‪،‬‬
‫وذلك بالنظر إلى الظرف التي حدث فيها النقص‪.‬‬

‫‪-‬إبراء رجائي في حالة رفض طلبه باإلعفاء الجزئي وذلك بتوجيه طلب إلى وزير المالية يطلب‬
‫منه إلغاء أو تخفيض المبلغ المالي الملقى عليه‪ ،‬ويجب على وزير المالية قبل تقرير اإلعفاء الرجائي أن‬
‫يستشير لجنة المنازعات ‪.‬وفي كل الحاالت تتحمل ميزانية الهيئة المعنية مبلغ اإلعفاء الجزئي أو اإلبراء‬
‫الرجائي كما نصت عليه المادة ‪ 21‬من المرسوم التنفيذي‪. 521-02‬‬

‫‪1‬المرسوم التنفيذي ‪ 521-02‬المؤرخ في ‪ 7‬سبتمبر ‪ 2002‬يحدد شروط األخذ بمسؤولية المحاسبين العموميين ‪ ،‬إجراءات مراجعة باقي الحسابات‬
‫وكيفيات اكتتاب تأمين يغطي مسؤولية المحاسبين العموميين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 50‬من القانون‪ 12-09‬المتعلق بالمحاسبة العمومية و المادة ‪ 21/00‬من القانون ‪ 19-00‬المتعلق بمجلس المحاسبة‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ -2‬مبدأ التمييز بين المطابقة والمالءمة‪:‬‬

‫يعتبر مبدأ التمييز بين المطابقة والمالءمة مبدأ لصيقا بالمبدأ السابق‪ ،‬فالرقابة السابقة التي تتم‬
‫على مستوى االلتزام والدفع هي محصورة في المطابقة‪ .‬ومن األجدر أن تكون المطابقة معرفة بقواعد‬
‫عامة موضوعية حيث على اآلمر بالصرف أن يحترمها بالضرورة ألنه موضوع رقابة سابقة‪ ،‬إذ تشكل‬
‫ضمانا أو دعما بالنسبة له‪ .‬فالنظامية الموجودة في الرقابة السابقة تؤدي إلى إيجاد نوع من الالمسؤولية‪،‬‬
‫حيث أن المراقب المالي أو المحاسب العمومي ليس بإمكانهما االعتراض منح التأشيرة أو الدفع بسبب‬
‫عدم المالءمة‪ ،‬إذ ال ينجم عن هذا االعتراض سوى النزاعات التي تؤدي في مجملها شل اإلدارة واحداث‬
‫غموض عام حول هذا المفهوم‪.‬‬

‫إن إمكانية نشوب النزاعات بين األعوان غير مستبعد كلية حتى بعد التمييز بين المطابقة‬
‫والمالءمة‪ ،‬إذ أن القاعدة القانونية يكون معناها في بعض األحيان غير واضح يترك المجال لمواقف و‬
‫‪1‬‬
‫آراء متباعدة وهذا ما بوسعه دعم االختالفات والتناقضات‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬رقابة لجان الصفقات‬

‫لقد أولى القانون والتنظيم المعمول به حاليا أهمية كبيرة إلى الصفقات العمومية‪ ،‬وذلك‬
‫بالنظر إلى أهميتها المالية ودورها في التنمية واالقتصاد الوطني‪ ،‬حيث خص لها أحكاما وتدابير قانونية‬
‫من أجل ضمان رقابة صارمة تسمح ببلوغ فعالية وفاعلية أكثر في تسيير األموال العمومية‪.‬‬

‫إن الصفقات العمومية حسب المادة ‪ 229‬من المرسوم الرئاسي ‪ 2159-29‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية تخضع للرقابة قبل دخولها حيز التنفيذ وبعده‪.‬‬

‫وتتولى الرقابة على الصفقات العمومية العديد من اللجان‪ ،3‬نشير إلى أننا سنتناول فقط الرقابة‬
‫الخارجية‪ 4‬للصفقات‪ ،‬والتي نصت عليها المادة ‪219‬من المرسوم الرئاسي المذكور أعاله التي تنص على‬

‫‪1‬‬
‫القاضي اإلداري في فرنسا هو الذي يحدد المفهوم من القاعدة القانونية إذ يمارس مهامه على نطاق أوسع من المطابقة هو ما يعرف بالشرعية‪.‬‬
‫أثار الفقه الفرنسي إشكالية التمييز بين المطابقة الشكلية والشرعية‪ ،‬وجاء التنظيم العام للمحاسبة العمومية ص ‪ 20‬للتأكيد على هذا التمييز كما أن‬
‫التقنين العام للجماعات اإلقليمية في المادة ‪ 2727‬الفقرة ‪ 1‬أكد أن المحاسب ال يمكنه تعليق عملية الدفع على مالحظته المتعلقة بمالءمة الق اررات‬
‫التي يتخذها اآلمر بالصرف‪ .‬غير أ ن مجلس المحاسبة الفرنسي يفرض على المحاسب التأكد ليس فقط من أداء الخدمة بل من حسن أدائها للمنفعة‬
‫العامة ومن خالل فحص المنفعة العامة وتطور مفهومها بإمكاننا أن نقول أن الحدود بين المطابقة والمالءمة يمكن أن تتطور‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المرسوم الرئاسي ‪ 159-29‬المؤرخ في ‪ 97‬أكتوبر ‪ 1929‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬جريدة رسمية رقم ‪.00‬‬
‫‪3‬‬
‫نص المرسوم الرئاسي ‪ 159-29‬على إحداث لجنة للصفقات لدى المصلحة المتعاقدة تكلف بالرقابة القبلية للصفقات العمومية في المادة ‪،210‬‬
‫وجاءت المادة ‪ 201‬لتحدث اللجان الوطنية للصفقات‪ ،‬حيث قسمها إلى ثالثة لجان بعد أن كان الحديث عن لجنة واحدة هي اللجنة الوطنية‬
‫للصفقات العمومية والتي نصت عليها المادة ‪ 255‬من المرسوم الرئاسي ‪ 109-91‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية الملغى بموجب المرسوم‬
‫الرئاسي الجديد‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫بالتوازي مع الرقابة الخارجية هناك الرقابة الداخلية وقد نصت عليها المواد من ‪ 219‬إلى ‪ 210‬من المرسوم الرئاسي‪ ،‬وهي رقابة مشروع االلتزام‬
‫كون الشخص المرشح ألن تلتزم الدولة معه يكون كنتيجة لهذه الرقابة‪ ،‬والتي تعتبر رقابة قبل دخول الصفقة حيز التنفيذ‪ ،‬وهي غير مستقلة عن‬

‫‪75‬‬
‫أن الغاية من هذه الرقابة هي التحقق من مطابقة الصفقات المعروضة على الهيئات الخارجية‪ ،‬كما تهدف‬
‫إلى التحقق من مطابقة التزام المصلحة المتعاقدة للعمل المبرمج بكيفية نظامية‪.‬‬

‫‪ -1‬أنواع لجان الصفقات‬

‫إن تحديد اختصاص كل لجنة يعتمد على عنصر مالي وهو مبلغ الصفقة‪ ،‬حيث لكل لجنة مجال‬
‫مالي تختص به‪ ،‬وهنا نجد اللجان الوطنية للصفقات العمومية‪ ،‬اللجان الو ازرية‪ ،‬اللجان الوالئية‪ ،‬اللجان‬
‫البلدية ولجان المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ 1-1‬اللجان الوطنية للصفقات العمومية‪:‬‬

‫نصت المادة ‪ 201‬من المرسوم الرئاسي ‪ 159-29‬على إحداث اللجان الوطنية للصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬حيث أحدث اللجان التالية‪:‬‬

‫اللجنة الوطنية لصفقات األشغال والتي تتولى الفصل في صفقات األشغال التي يفوق‬ ‫‪-‬‬
‫مبلغها ‪ 999.999.999‬دينار‪.‬‬

‫اللجنة الوطنية لصفقات اللوازم والتي تتولى دراسة صفقات اللوازم التي يفوق‬ ‫‪-‬‬
‫مبلغها‪ 209.999.999‬دينار‪.‬‬

‫اللجنة الوطنية لصفقات الدراسات والخدمات وتقوم بالنظر والفصل في صفقات الخدمات‬ ‫‪-‬‬
‫التي يتجاوز مبلغها ‪ 299.999.999‬دينار‪ ،‬وصفقات الدراسات التي يتعدى مبلغها ‪99.999.999‬‬
‫دينار‪.‬‬

‫وتتمثل مهام اللجان الوطنية للصفقات في المساهمة في تنظيم الصفقات العمومية ومراقبة صحة‬
‫إجراءات إبرام الصفقات العمومية‪.1‬‬

‫كما تتولى هذه اللجان رقابة مدى قانونية إجراء الصفقات العمومية‪ ،‬وتعمل في مجال التنظيم‬
‫‪1‬‬
‫على اقتراح أي اجراء من شأنه أن يحسن ظروف ابرام الصفقات العمومية‪.‬‬

‫المصلحة المتعاقدة‪ .‬هاته الرقابة تقوم بها اللجنتين‪ :‬لجنة فتح األظرفة ولجنة تقييم العروض‪ .‬حيث تكون رقابة فتح األظرفة رقابة تعنى بالناحية‬
‫الشكلية دون الدخول إلى الناحية الموضوعية التي هي من اختصاص لجنة تقييم العروض‪ ،‬وهذه األخيرة رقابتها موضوعية تقنية‪ ،‬وتعلن عن المتعامل‬
‫الفائز والذي يعد مؤهال ألن تلتزم المصلحة المتعا قدة في مواجهته كأي التزام عادي‪ ،‬وهذا االلتزام يخضع إلى الرقابة المسبقة للجنة الصفقات العمومية‬
‫والتي تعد رقابة خارجية مسبقة على هذا االلتزام‪ ،‬كما نشير إلى أنه إلى جانب هذين النوعين من الرقابة فقد أحدث المشرع نوعا آخر وهو الرقابة‬
‫الوصائية المنصوص عليها المادة ‪ 227‬التي تضمنت الحديث عن الرقابات الثالث التي تخضع لها الصفقات العمومية والمادة ‪ 217‬التي أبرزت‬
‫الغاية من رقابة الوصاية وهي التحقق من مطابقة الصفقات التي تبرمها المصلحة المتعاقدة ألهداف الفعالية واالقتصاد‪ ،‬والتأكد من كون العملية التي‬
‫هي موضوع الصفقة تدخل فعال في إطار البرامج و األسبقيات المرسومة للقطاع‪ ،‬وفي هذا اإلطار تقوم المصلحة المتعاقدة بإعداد تقرير تقييمي عن‬
‫ظروف إنجاز المشروع وكلفته اإلجمالية وتتم مقارنته مع الهدف المسطر أصال‪ ،‬ويرسل هذا التقرير إلى السلطات الوصية وهيئات الرقابة الخارجية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 205‬من المرسوم الرئاسي ‪. 159-29‬‬

‫‪76‬‬
‫أما عن تشكيل كل لجنة فقد تضمنت المواد على التوالي ‪ 202 ،209 ،200‬تشكيل اللجنة‬
‫الوطنية لصفقات األشغال‪ ،‬اللجنة الوطنية لصفقات اللوازم واللجنة الوطنية لصفقات الدراسات والخدمات‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫المادتين ‪ 200‬و ‪ 200‬من نفس المرسوم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫تتكون اللجنة الوطنية لصفقات األشغال طبقا للمادة ‪ 200‬من المرسوم الرئاسي ‪ 159-29‬من‪:‬‬
‫وزير المالية أو ممثله رئيسا‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير المالية (قسم الصفقات العمومية)‪ ،‬نائبا للرئيس‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الدفاع الوطني‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الداخلية والجماعات المحلية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الشؤون الخارجية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثالن (‪ )1‬عن وزير المالية ( المديرية العامة للمحاسبة والمديرية العامة للميزانية)‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير العدل‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل الموارد المائية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير النقل‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير األشغال العمومية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير التجارة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير السكن والعمران‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية االستثمار‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل الوزير الوصي عن المصلحة المتعاقدة عندما تكون هذه المصلحة غير ممثلة في اللجنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وتضم اللجنة الوطنية لصفقات اللوازم األعضاء اآلتي ذكرهم‪:‬‬
‫وزير المالية أو ممثله رئيسا‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير المالية (قسم الصفقات العمومية)‪ ،‬نائبا للرئيس‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الدفاع الوطني‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الداخلية والجماعات المحلية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الشؤون الخارجية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثالن (‪ ) 1‬عن وزير المالية ( المديرية العامة للمحاسبة والمديرية العامة للميزانية)‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير التربية الوطنية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير العدل‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير التجارة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير التعليم العالي والبحث العلمي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير التكوين والتعليم المهنيين‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الصحة والسكان واصالح المستشفقيات‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية االستثمار‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل الوزير الوصي عن المصلحة المتعلقدة عندما تكون هذه المصلحة غير ممثلة في اللجنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وبالنسبة للجنة الوطنية لصفقات الدراسات والخدمات‪ ،‬فهي تضم‪:‬‬
‫وزير المالية أو ممثله رئيسا‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير المالية (قسم الصفقات العمومية)‪ ،‬نائبا للرئيس‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الدفاع الوطني‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الداخلية والجماعات المحلية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الشؤون الخارجية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثالن (‪ ) 1‬عن وزير المالية ( المديرية العامة للمحاسبة والمديرية العامة للميزانية)‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪77‬‬
‫‪ 2-1‬اللجان الوزارية للصفقات العمومية‪:1‬‬

‫كل و ازرة تشكل لجنة للصفقات العمومية على مستواها‪ ،‬تتولى هذه اللجان البث في الصفقات التي‬
‫تعقدها الو ازرة تتكون اللجنة الو ازرية للصفقات العمومية من الوزير المعني أو ممثله رئيسا‪ ،‬ممثال عن‬
‫المصلحة المتعاقدة وممثال عن وزير التجارة وممثلين مختصين عن وزير المالية من المديرية العامة‬
‫للميزانية والمديرية العامة للمحاسبة طبقا لنص المادة ‪ 255‬من المرسوم الرئاسي ‪ ،159-29‬تقوم هذه‬
‫اللجان بدراسة والتأشير على مشاريع الصفقات التي تبرمها اإلدارة المركزية‪.‬‬

‫‪ 3-1‬لجان المؤسسات العمومية‪:‬‬

‫وقد حصر المرسوم الرئاسي ‪ 159 -29‬المؤسسات المعنية بتشكيل هذه اللجنة في المادة الثانية‬
‫منه وهي‪:‬‬

‫مراكز البحث والتنمية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المؤسسات العمومية الخصوصية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي‪ ،‬الثقافي والمهني‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتقني‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجارية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المؤسسات العمومية االقتصادية (عندما تكون بصدد انجاز مشروع ممول من طرف‬ ‫‪-‬‬
‫الدولة سواء جزئيا أو كليا وبمساهمة مؤقتة أو نهائية)‪.‬‬

‫و حددت المادة ‪ 250‬أعضاء هذه اللجنة‪ ،2‬كما أشارت نفس المادة إلى أن هذه اللجان تختص‬
‫بدراسة الصفقات التي ال يتعدى مبلغها السقف المحدد للجان الوطنية المذكورة سابقا‪.‬‬

‫ممثل وزير الموارد المائية‪،‬‬ ‫‪-‬‬


‫ممثل وزير النقل‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير األشغال العمومية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير التجارة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير التعليم العالي والبحث العلمي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير السكن والعمران‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية االستثمار‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل الوزير الوصي عن المصلحة المتعاقدة عندما تكون هذه المصلحة غير ممثلة في اللجنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ونشير إلى أن إذا ما تم إدماج دوائر و ازرية‪ ،‬فإن الوزير المعني يقوم بتعيين ممثل واحد وهذا ينطبق على اللجان الثالث‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 255‬من المرسوم الرئاسي ‪.159-29‬‬
‫‪2‬‬
‫تتشكل لجان الصفقات لهذه الهيئات من‪:‬‬
‫ممثل السلطة الوصية‪ ،‬رئيسا‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪78‬‬
‫‪ 3-1‬اللجان الوالئية للصفقات العمومية‪:‬‬

‫نصت عليها المادة ‪ 259‬من المرسوم الرئاسي‪ ،‬تختص هذه اللجنة بدراسة مشاريع الصفقات التي‬
‫تبرمها الوالية والمصالح غير الممركزة للدولة والتي يتجاوز مبلغها السقف المحدد للجان الوطنية‪ .‬كما‬
‫تتولى الفصل في مشاريع الصفقات التي تبرمها البلدية والمؤسسات العمومية المحلية التي يساوي مبلغها‬
‫أو يفوق ‪ 09.999.999‬دينار بالنسبة لصفقات انجاز األشغال أو اقتناء اللوازم و ‪ 19.999.999‬دينار‬
‫بالنسبة لصفقات الدراسات أو الخدمات‪.‬‬

‫تتشكل الجنة الوالئية للصفقات العمومية من الوالي أو ممثله رئيسا‪ ،‬ثالث ممثين للمجلس‬
‫الشعبي الوالئي‪ ،‬المدير الوالئي لألشغال العمومية‪ ،‬المدير الوالئي للري‪ ،‬المدير الوالئي للسكن والتجهيزات‬
‫العمومية‪ ،‬مدير المصلحة التقنية الوالئية المعنية بالخدمة‪ ،‬المدير الوالئي للتخطيط وتهيئة اإلقليم‪ ،‬المدير‬
‫الوالئي للتجارة األمين خزينة الوالية والمراقب المالي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ 4-1‬اللجان البلدية للصفقات العمومية‪:‬‬

‫تتولى اللجنة البلدية للصفقات العمومية دراسة مشاريع الصفقات التي تبرمها البلدية التي ال تتعدى‬
‫سقف المبلغ المحدد للصفقات التي تدرس على مستوى اللجنة الوالئية‪.‬‬

‫تتشكل هذه اللجنة من رئيس المجلس الشعبي البلدي أو ممثله رئيسا‪ ،‬منتخبين عن المجلس‬
‫الشعبي البلدي‪ ،‬ممثل عن المصلحة التقنية المعنية بالخدمة و بطبيعة الحال ممثال عن المصلحة‬
‫المتعاقدة وممثلين عن وزير المالية‪.‬‬

‫‪ 4-1‬لجنة صفقات المؤسسة العمومية المحلية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية‬
‫الوطنية ذات الطابع اإلداري غير المذكور في القائمة المنصوص عليها في المادة ‪:134‬‬

‫تتولى هذه اللجان المنصوص عليها في المادة ‪ 250‬دراسة مشاريع الصفقات التي ال يتعدى‬
‫سقفها المبلغ المحدد للصفقات التي تدرس على مستوى اللجنة الوالئية‪.‬‬

‫أما عن تشكيل اللجنة فهي تضم ممثال عن السلطة الوصية رئيسا‪ ،‬المدير العام أو مدير‬
‫المؤسسة‪ ،‬ممثل منتخب يمثل مجلس الجماعة اإلقليمية المعنية‪ ،‬ممثلين عن الوزير المكلف بالمالية‬
‫وممثل المصلحة التقنية المعنية بالخدمة‪.‬‬

‫المدير العام أو مدير المؤسسة أو الشركة‪،‬‬ ‫‪-‬‬


‫ممثل وزير التجارة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل وزير السكن والعمران‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 211‬من المرسوم الرئاسي ‪91‬ـ‪.109‬‬

‫‪79‬‬
‫نصت عليها المادة ‪ 210‬من قانون الصفقات‪ ،‬خالل ‪ 19‬يوما لها مهمة البث في الصفقة ومنح‬
‫التأشيرة أو رفضها ابتداء من يوم إيداع الملف لدى كتابة اللجنة‪.‬‬

‫‪-2‬آليات رقابة لجان الصفقات العمومية‪:‬‬

‫إن رقابة هذه اللجان تمارس على مشاريع‪ :‬دفتر شروط الصفقة‪ ،‬مشروع الصفقة‪ ،‬حالة ملحق‬
‫لصفقة‪ ،‬حالة الطعن‪ ،‬الصفقة التصحيحية‪ .‬ولن نتطرق إلى مراقبة مشروع دفتر الشروط ‪،‬ألنه مشروع‬
‫التزام لم يثبت هوية المتعامل الذي سيلتزم معه مستقبال‪.‬‬

‫‪ 1-2‬مراقبة مشروع الصفقة‪ :‬تتم بمراقبة وفحص مدى صحة وتوفر الوثائق التالية‪:‬‬

‫‪-‬كفالة التعهد‪ ،‬التصريح باالكتتاب‪ ،‬دفتر الشروط الخاصة‪ ،‬الكشف الوصفي‪ ،‬جدول األسعار‪،‬‬
‫الكشف الكمي (خالصة)‬

‫‪-‬الملف اإلداري للمتعامل الفائز وكذا الوثائق الجبائية والشبه الجبائية ‪،‬‬

‫‪-‬ملف المناقصة أو االستشارة‬

‫‪-‬البطاقة التحليلية والتقرير التقديمي‪،‬‬

‫‪-‬قرار التمويل(تسجيل العملية‪،‬او إعادة التقييم)‪.‬‬

‫‪ 2-2‬المراقبة في حالة ملحق للصفقة‪:‬‬

‫‪-‬مشروع الملحق والصفقة األصلية‪-‬البطاقات التحليلية‪،‬‬

‫‪-‬مقرر إعادة التقييم‪،‬‬

‫‪-‬األوامر ببدء الخدمة الخاصة باالنطالق‪،‬التوقف‪،‬االستئناف‪.‬‬

‫‪ 3-2‬المراقبة في حالة تقديم الطعون‪:‬‬

‫‪-‬ملف المناقصة (اإلعالن‪ ،‬االختيار)‪،‬‬

‫‪-‬دفاتر الشروط (الملف التقني والمالي) للمتعامل المختار‪،‬‬

‫‪-‬الوثائق الجبائية والشبه الجبائية وكذا مشرع الصفقة للمتعامل المختار‪،‬‬

‫‪-‬رسالة الطعن للمترشح الطاعن‪.‬‬

‫‪ 4-2‬المراقبة في حالة الصفقة التصحيحية‪:‬‬

‫‪-‬مشروع الصفقة‪،‬ملف المناقصة‪ ،‬سندات الطلب او الفواتير ‪ ،‬البطاقات التقديمية والتحليلية‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫هذه المراقبة يكلف بها أحد األعضاء بها من طرف مكتب الصفقات العمومية‪،‬والذي يعرض نتائج‬
‫رقابته كمقرر للجنة‪ ،‬والتي تجتمع لتعطي رأيها ‪ .‬إن دراسة هذه العناصر من طرف اللجنة المختصة يتوج‬
‫إما بمنح التأشيرة أو رفض منحها‪.‬‬

‫‪-3‬نتائج الرقابة الخارجية وحدودها‪:‬‬

‫تبث اللجان السالف ذكرها في الملفات وتنهي عملها إما بمنح التأشيرة أو رفض منحها‪ ،‬إذ تتوج‬
‫الرقابة التي تمارسها لجنة صفقات المصلحة المتعاقدة بمنح التأشيرة أو رفضها خالل عشرين (‪ )19‬يوما‬
‫ابتداء من تاريخ إيداع الملف الكامل لدى كتابة هذه اللجنة‪.1‬‬

‫‪ 1-3‬منح التأشيرة‪:‬‬

‫إن منح التأشيرة معناه أن الصفقة صحيحة وقابلة للتنفيذ‪ ،‬ويمكن إن تكون هذه األخيرة مرفقة‬
‫بتحفظات موقفة أو غير موقفة‪. 2‬‬

‫وتعرض الصفقة على المراقب المالي لكي تلتزم كنفقة‪ ،‬وذلك قبل البدء في تنفيذها‪ .‬ويجب تنفيذ‬
‫الصفقة أو ملحقها المؤشرين خالل ثالثة (‪ )5‬أشهر من تاريخ منح التأشيرة‪ ،‬واذا انقضت هذه المهلة تقدم‬
‫الصفقة أو الملحق من جديد إلى اللجنة المختصة قصد الدراسة‪.‬‬

‫‪ 2-3‬رفض منح التأشيرة‪:‬‬

‫طبقا ألحكام المادة ‪290‬من المرسوم الرئاسي ‪ 159-29‬يمكن للجنة أن ترفض منح التأشيرة‬
‫شريطة أن يكون الرفض معلال‪ ،‬وتعد مخالفة التشريع و‪/‬أو التنظيم المعمول بهما سببا لرفض التأشيرة‪.‬‬

‫في حالة الرفض يمكن للوزير أو مسؤول الهيئة الوطنية المستقلة‪ ،‬الوالي‪ ،‬رئيس المجلس الشعبي‬
‫البلدي‪ ،‬كل على حسب اختصاصه أن يتجاوز الرفض وذلك بقرار معلل تسلم نسخة منه إلى وزير‬
‫المكلف بالمالية بالنسبة للوزراء و مسؤولو الهيئات الوطنية‪ ،‬والى السلطات الوصية بالنسبة للوالة ورؤساء‬
‫المجالس الشعبية البلدية‪ ،‬كما تسلم نسخة من مقرر التجاوز إلى الوزير المكلف بالمالية ولجنة الصفقات‬
‫المعنية ومجلس المحاسبة طبقا ألحكام المادة ‪ 279‬من المرسوم الرئاسي ‪.159-29‬‬

‫في حالة رفض اللجان الوطنية للصفقات منح التأشيرة‪ ،‬فيمكن للوزير المعني أو مسؤول الهيئة‬
‫الوطنية المستقلة بناء على تقرير من المصلحة المتعاقدة أن يتجاوز هذا الرفض بقرار معلل ترسل نسخة‬
‫منه إلى وزير المالية ومجلس المحاسبة والى اللجنة الوطنية للصفقات المعنية‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 202‬من المرسوم الرئاسي ‪.159-29‬‬
‫‪ 2‬موقفة عندما تتصل بموضوع الصفقة‪ ،‬وغير موقفة عندما تتصل بالشكل حسب المادة ‪ 290‬من المرسوم الرئاسي ‪.159-29‬‬
‫‪3‬المادة ‪ 272‬من المرسوم الرئاسي ‪.159-29‬‬

‫‪81‬‬
‫إن مقرر التجاوز يجب أن يتم في اجل تسعين ‪ 09‬يوما من تاريخ الرفض ومهما يكن من أمر‬
‫فال يمكن التجاوز في حالة رفض التأشيرة ألسباب عدم مطابقة األحكام التشريعية طبقا ألحكام المادة‬
‫‪ 271‬من المرسوم نفسه‪.‬‬

‫إلى جانب الرقابة المدمجة في إجراءات تنفيذ النفقات العمومية والتي تمثل طابع التدخل بطريقة‬
‫آلية وسابقة‪ ،‬هناك رقابات بعدية أو الحقة وضعت تحت سلطة السلطة التنفيذية و المسؤولين المكلفين‬
‫بتنفيذ الميزانية‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬رقابة المفتشية العامة للمالية‬

‫أنشأت المفتشية العامة للمالية بموجب المرسوم ‪ 052-09‬المؤرخ في األول من مارس ‪،2009‬‬
‫هذا األخير عرفها في مادته األولى بأنها "هيئة مراقبة‪ ،‬توضع تحت السلطة المباشرة لوزير المالية"‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫استمر تطبيق هذا المرسوم إلى غاية ‪ 11‬فيفري ‪ ،2001‬تاريخ إصدار المرسوم التنفيذي ‪70-01‬‬
‫المحدد الختصاصات المفتشية العامة للمالية‪ ،‬حيث تم بمقتضاه إلغاء أحكام المواد من ‪ 1‬إلى ‪ 51‬من‬
‫المرسوم السابق‪ .‬واليوم المرسوم ‪ 1714-90‬المؤرخ في ‪ 9‬سبتمبر ‪ 1990‬هو النص الحالي المؤطر‬
‫لصالحيات المفتشية العامة للمالية حيث تم بموجبه إلغاء أحكام المرسوم التنفيذي ‪.70-01‬‬

‫ويمكن القول بأن المفتشية العامة للمالية هي هيئة رقابية دائمة تقع تحت السلطة المباشرة لوزير‬
‫المالية‪ ،‬يتمثل دورها أساسا في مراقبة التسيير المالي والمحاسبي لمصالح الدولة والجماعات اإلقليمية‬
‫وكذلك جميع المؤسسات والهيئات الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية‪ ،‬كما تمارس المفتشية مهام الرقابة‬
‫على كل من‪:‬‬

‫المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫هيئات الضمان االجتماعي التابعة للنظام العام واإلجباري وكذا كل الهيئات ذات الطابع‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعي والثقافي التي تستفيد من مساعدة الدولة والهيئات العمومية‬

‫كل مؤسسة عمومية أخرى مهما كان نظامها القانوني‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫اعتمد التنظيم الفرنسي على رقابة سلمية شملت كل اإلدارات المالية إذ هناك مفتشيات على مستوى كل مديرية عامة‪ ،‬باإلضافة إلى مهمة التدقيق‬
‫والتقييم للمديرية العامة للمحاسبة العمومية والتي أصبحت حاليا المديرية العامة للمالية العمومية باإلضافة إلى وجود مصالح و ازرية للرقابة مثل‬
‫الشؤون االجتماعية وكذا المجلس العام للجسور و الطرقات‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المرسوم التنفيذي ‪09‬ـ‪ 05‬المؤرخ في ‪ 92‬مارس ‪ 2009‬يتضمن إحداث المفتشية العامة للمالية‪ ,‬جريدة رسمية عدد ‪.29‬‬
‫‪3‬‬
‫المرسوم التنفيذي ‪01‬ـ‪ 70‬المؤرخ في ‪ 11‬فيفري ‪ 2001‬يحدد اختصاصات المفتشية العامة للمالية‪ ،‬جريدة رسمية رقم ‪.20‬‬
‫‪4‬‬
‫المرسوم التنفيذي ‪ 171-90‬المؤرخ في ‪ 9‬سبتمبر ‪ 1990‬يحدد صالحيات المفتشية العامة للمالية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪.09‬‬

‫‪82‬‬
‫وجاء المرسوم التنفيذي ‪ 09-90‬المؤرخ في ‪ 11‬فبراير ‪ 1990‬يحدد شروط وكيفيات رقابة‬
‫وتدقيق المفتشية العامة للمالية لتسيير المؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬جاء هذا المرسوم ليضع أسسا‬
‫حديثة قائمة على مقاييس دولية للتدخل ومراقبة المؤسسات العمومية االقتصادية‪.‬‬

‫و تتميز المفتشية العامة للمالية بمجال تدخل واسع ووسائل محدودة مع تدخالت ذات نوعية‬
‫وتقنيات تدخل صارمة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تنظيم المفتشية العامة للمالية‬

‫سنتناول في هذا اإلطار التنظيم المركزي للمفتشية العامة للمالية ثم نتطرق إلى المفتشيات‬
‫الجهوية للمالية‪.‬‬

‫التنظيم المركزي للمفتشية العامة للمالية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫جاء المرسوم التنفيذي رقم‪ 175-90‬ليضع التنظيم المركزي للمفتشية العامة للمالية بعدما كان‬
‫حيث تتوفر على رئيس المفتشية العامة للمالية‪ 2‬الذي‬ ‫‪1‬‬
‫تنظيمها بموجب المرسوم التنفيذي ‪51-01‬‬
‫يخضع للسلطة المباشرة لوزير المالية وعدد من الهياكل والوحدات المختصة في الرقابة‪:‬‬

‫‪ 1-1‬الهياكل العملية للرقابة والتدقيق والتقييم‪:‬‬

‫يديرها (‪ )90‬مراقبون عامون للمالية‪ 3‬موضوعون تحت سلطة رئيس المفتشية العامة للمالية‪ ،‬وقد‬
‫حددت المادة ‪ 9‬مجال االختصاصات القطاعية لكل مراقب عام‪ .‬واشتملت المادة ‪ 7‬لتحديد مهام المراقبون‬
‫العامون للمالية واتي تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫اقتراح البرامج الرقابية القطاعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تأطير‪ ،‬متابعة واالشراف على عمليات الرقابة ‪ ،‬التدقيق‪ ،‬التقييم والخبرة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المصادقة على المذكرات المنهجية للتدخل والتقارير‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫السهر على احترام القواعد التي تحكم االجراء التناقضي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫السهر على تطبيق القواعد العامة لتنفيذ رقابة المفتشية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اقتراح كل اجراء من شأنه تحسين فعالية الممارسة الرقابية للمفتشية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اعداد الحصائل والتلخيصات القطاعية الدورية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم التنفيذي ‪ 51-01‬المؤرخ في ‪ 19‬جانفي ‪ 2001‬يتعلق بتنظيم الهياكل المركزية للمفتشية العامة للمالية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪.99‬‬
‫‪2‬المادة ‪ 7‬من المرسوم التنفيذي ‪.51-01‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 0‬من المرسوم التنفيذي ‪ 175-90‬المؤرخ في ‪ 99‬سبتمبر ‪ 1990‬يتضمن تنظيم الهياكل المركزية للمفتشية العامة للمالية‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫انجاز كل دراسة وتحليل لملفات خاصة موكلة للمفتشية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 2-1‬الوحدات العملية‪:‬‬

‫تدار الوحدات العملية من قبل مديري البعثات الذي يبلغ عددهم (‪ )19‬ومن أهم اختصاصاتهم‬
‫اقتراح عمليات الرقابة للوحدات العملية والسهر على إدارتها وتحضيرها ومتابعتها حتى النهاية‪ ،‬كما‬
‫يضمنون تنسيقا قطاعيا مع جميع الهياكل الجهوية للمفتشية العامة‪.‬‬

‫ويمارس المكلفون بالتفتيش مهامهم تحت سلطة مديري البعثات‪ ،‬حيث يبلغ عددهم (‪ ،)59‬وهم‬
‫مكلفون بإدارة‪ ،‬تنظيم‪ ،‬متابعة وقيادة فرق الرقابة‪.‬‬

‫‪ 3-1‬هياكل الدراسات‪ ،‬التقييس واإلدارة والتسيير‬

‫وتتشكل مما يأتي‪:‬‬

‫مديرية البرنامج والتحاليل والتلخيص‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مديرية المناهج و التقييس واالعالم اآللي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مديرية إدارة الوسائل‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المصالح الخارجية للمفتشية العامة للمالية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫تتمثل المصالح الخارجية للمفتشية العامة للمالية في المفتشيات الجهوية استنادا لنص المادة ‪1‬‬
‫من المرسوم التنفيذي ‪ ،1 274-08‬هذه األخيرة تتولى تنفيذ البرنامج السنوي للمفتشية العامة للمالية في‬
‫مجال الرقابة والتقييم‪ ،‬حيث تتولى تنفيذ البرنامج السنوي للرقابة والتدقيق والتقييم والخبرة المنوط بالمفتشية‬
‫العامة اللمالية والتكفل خارج البرنامج بطلبات الرقابة الصادرة عن السلطات المؤهلة‪ ،‬وقد تم تحديد مقرات‬
‫هذه المديريات الجهوية بموجب المادة الثانية من نفس المرسوم‪.2‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اختصاصات و طبيعة رقابة المفتشية العامة للمالية‬

‫تتميز المفتشية العامة للمالية بمجال رقابة واسع وصالحيات واسعة النطاق تمتد إلى رقابة الفعالية‬
‫وتقييم السياسات العمومية ومن خالل هذه الفقرة ستنطرق إلى هذه النقاط بالتفصيل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم التنفيذي ‪ 274-08‬المؤرخ في ‪06‬سبتمبر ‪ 2008‬يحدد تنظيم المفتشيات الجهوية للمفتشية العامة للمالية‪ ،‬عدد ‪.50‬‬
‫‪2‬‬
‫يتعلق األمر بالمفتشيات التالية‪ :‬األغواط‪ ،‬تلم سان‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬سطيف‪ ،‬سيدي بلعباس‪ ،‬عنابة‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬مستغانم ووهران‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫إختصاصات المفتشية العامة للمالية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫حددت المادة الثانية من المرسوم التنفيذي ‪ 171-90‬اختصاصات المفتشية العامة للمالية‪،1‬‬


‫حيث تنص على أنه " تمارس رقابة المفتشية العامة للمالية على التسيير المالي والمحاسبي لمصالح‬
‫الدولة‪ ،‬الجماعات اإلقليمية‪ ،‬وكذا الهيئات و األجهزة والمؤسسات الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية‪.‬‬

‫وتمارس الرقابة أيضا على الهيئات التالية‪:‬‬

‫المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫هيئات الضمان االجتماعي التابعة للنظام العام واالجباري وكذا كل الهيئات ذات الطابع‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعي والثقافي والتي تستفيد من مساعدات الدولة أو الهيئات العمومية‪.‬‬

‫كل مؤسسة عمومية أخرى مهما كان نظامها القانوني‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫كما تضيف المادة الثالثة من نفس المرسوم أن المفتشية العامة للمالية تراقب استعمال الموارد التي‬
‫جمعتها الهيئات أو الجمعيات مهما كانت أنظمتها القانونية‪ ،‬بمناسبة حمالت تضامنية‪ ،‬والتي تطلب الهبة‬
‫العمومية خصوصا من أجل دعم القضايا االنسانية واالجتماعية والعلمية والتربوية والثقافية والرياضية‪.‬‬
‫يمكن أيضا أن تمارس رقابتها على كل شخص معنوي آخر يستفيد من المساعدة المالية من الدولة أو‬
‫جماعة محلية أو هيئة عمومية بصفة تساهمية أو في شكل إعانة أو قرض أو تسبيق أو ضمان‪.‬‬

‫وقد وسع هذا المرسوم من مجال تدخل المفتشية العامة للمالية حيث أصبحت تمس كل‬
‫المؤسسات العمومية والخاصة وهذا اقتداء بما حصل في فرنسا كما ذكرنا فيما سبق‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن هناك صالحيات أخرى خولت للمفتشية بموجب نصوص أخرى‪.2‬‬

‫‪1‬فيما يتعلق بالمفتشية العامة للمالية في فرنسا ‪ ،‬فالمواد ‪ 99،92‬و‪ 200‬من مرسوم ديسمبر ‪ 2091‬ص‪ 90‬أشارت إلى أن رقابتها تمتد إلى كل‬
‫المحاسبين‪ ،‬والمادة ‪ 200‬من نفس المرسوم تؤكد امتداد مجالها إلى محاسبي المؤسسات العمومية ذات الطابع الوطني‪ ،‬أما المادة ‪ 110‬فتضيف‬
‫محاسبي المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري وكذا الوكالء المحاسبين لوكاالت التسبيق والتحصيل طبقا للمادة ‪ 99‬من قانون ‪15‬‬
‫فيفري ‪ 2095‬و المرسوم المؤرخ في ‪ 10‬ماي ‪ ،2090‬كما تقوم بالرقابة على كل محاسبي الخزينة العمومية‪ ،‬أما بالنسبة لآلمرين بالصرف فهم‬
‫أيضا خاضعون لرقابتها حسب المادتين ‪ 00‬و‪ 99‬من مرسوم ‪ ، 2091‬كما أن المادة ‪ 52‬من األمر المؤرخ في ‪ 15‬سبتمبر ‪ 2000‬المتعلق‬
‫باألحكام العامة ذات الطابع المالي تنص على أن كل الهيئات غير الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية والتي تستفيد من إعانات من الدولة خاصة‪،‬‬
‫تخضع لرقابة المفتشية العامة للمالية‪.‬كما أن نفس النص ينص على أن الشركات‪ ،‬النقابات‪ ،‬أو المؤسسات التي تستفيد من مساهمات في شكل‬
‫مساهمات في رأس المال‪ ،‬تسبيقات‪ ،‬قروض‪ ،‬أو ضمان الفوائد ‪ ،‬كلها تدخل في مجال اختصاص المفتشية‪ .‬وقد تم توسيع مجال اختصاص‬
‫المفتشية بصدور القانون المؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ 2009‬المتضمن مختلف األحكام ذات الطابع االقتصادي والمالي بموجب المادة ‪ 05‬منه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫يتعلق األمر بالنصوص التالية‪:‬‬
‫ـ األمر ‪ 11-09‬المؤرخ في ‪ 0‬جويلية ‪ 2009‬المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤووس األموال من والى الخارج‪.‬‬
‫ـ المرسوم التنفيذي ‪ 109-07‬المؤرخ في ‪ 20‬جويلية ‪ 2007‬المتضمن شروط وكيفيات تعيين بعض األعوان المؤهلين لمعاينة مخالفة التشريع‬
‫والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤووس األموال من والى الخارج‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫و يخول للمفتشين في إطار تنفيذ تدخالت المفتشية العامة للمالية‪ ،‬الصالحيات التالية‪:1‬‬

‫مراقبة تسيير الصناديق ومراجعة األموال والقيم والسندات والمواد والموجودات من أي نوع‬ ‫‪-‬‬
‫التي يحوزها المسيرون أو المحاسبون‪.‬‬

‫التحصل على كل مستند أو وثيقة تبريرية ضرورية لفحوصهم بما في ذلك التقارير التي‬ ‫‪-‬‬
‫تعدها أي هيئة رقابية أو أي خبرة خارجية‪.‬‬

‫تقديم أي طلب معلومات شفويا أو كتابيا‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫القيام في األماكن بأي بحث واجراء أي تحقيق ‪ ،‬بغرض رقابة التصرفات أو العمليات‬ ‫‪-‬‬
‫المسجلة في المحاسبات‪.‬‬

‫اإلطالع على السجالت والمعطيات أيا كان شكلها‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫التيقن من صحة المستندات المقدمة وصدق المعطيات والمعلومات األخرى المبلغة‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫القيام في عين المكان بأي فحص بغرض التيقن من صحة وتمام التقييد المحاسبي‬ ‫‪-‬‬
‫ألعمال التسيير ذات التأثير المالي و عند االقتضاء معاينة حقيقة الخدمة المنجزة‪.‬‬

‫وبهذه الصفة تمارس المفتشية حق مراجعة جميع العمليات التي أجراها المحاسبون العموميون‬
‫ومحاسبو الهيئات الخاضعة لرقابة المفتشية‪.‬‬

‫ويمارس المفتشون أعمالهم وفقا لشروط وقواعد معينة حددها المرسوم التنفيذي ‪ 091-02‬المؤرخ‬
‫في ‪ 12‬ديسمبر ‪ 2002‬والمتضمن القانون األساسي الخاص بموظفي المفتشية العامة للمالية‪ ،‬وفي هذا‬
‫االطار يستفيد هؤالء من عدة امتيازات‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫يزود المفتشون ببطاقة تفويض الوظيفة التي تثبت صفتهم وتبرر تدخالتهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫يعمل مسؤولو المصالح أو الهيئات المراقبة على توفير ظروف العمل الالزمة ألداء‬ ‫‪-‬‬
‫المفتشين مهامه‪3‬م‪ ،‬حيث يجب عليهم‪:4‬‬

‫ـ المرسوم التنفيذي ‪ 107-07‬المؤرخ في ‪ 20‬جويلية ‪ 2007‬الذي يضبط أشكال محاضر معاينة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف‬
‫وحركة رؤووس األموال من والى الخارج‪.‬‬
‫ـ القرار الوزاري المشترك رقم ‪ 50‬المؤرخ في ‪ 1‬ديسمبر ‪ 1992‬الذي يؤهل المفتشية العامة للمالية لمعاينة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين‬
‫بالصرف وحركة رؤووس األموال من والى الخارج‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 6‬من المرسوم التنفيذي ‪. 272-08‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 0‬من المرسوم التنفيذي ‪ 091 -02‬المؤرخ في ‪ 12‬ديسمبر ‪ 2002‬يتضمن القانون األساسي الخاص بموظفي المفتشية العامة للمالية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪15‬من المرسوم التنفيذي ‪. 272-08‬‬
‫‪ 0‬المادة ‪17‬من المرسوم التنفيذي ‪. 272-08‬‬

‫‪86‬‬
‫تقديم األموال والقيم التي بحوزتهم واطالعهم على كل الدفاتر أو الوثائق أو التبريرات أو‬ ‫‪-‬‬
‫المستندات المطلوبة‪.‬‬

‫اإلجابة عن المطالب المقدمة في شأن المعلومات دون تأخير‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫إبقاء المحادثين في المناصب طيلة مدة المهمة‬ ‫‪-‬‬

‫وال يمكنهم التخلص من االلتزمات المنصوص عليها أعاله بدافع احترام الطريق السلمي والسر‬
‫المهني أو الطابع السري للوثائق المطلوب االطالع عليها أو العمليات التي تجري عليها المراقبة‪.‬‬

‫وفي المقابل‪ ،‬هناك واجبات على المفتشين االلتزام بها‪:‬‬

‫أداء اليمين أمام مجلس القضاء قبل مباشرة أعمالهم‪.1‬‬ ‫‪-‬‬

‫القيام بكل مهمة قد تسند إليهم في إطار صالحيات تقويم التسيير المالي والمحاسبي‬ ‫‪-‬‬
‫للمصالح والجماعات والهيئات التي تمارسها المصلحة ومراقبته‪.‬‬

‫تأدية مهامهم بكل موضوعية‪ ،‬وبناء استنتاجاتهم على وقائع ثابتة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المحافظة على السر المهني‪ ،‬السيما عدم تبليغ الوقائع التي يعاينوها أثناء تدخالتهم إال‬ ‫‪-‬‬
‫للسلطات أو الجهات القضائية المختصة‪.‬‬

‫تجنب كل تدخل في تسيير اإلدارات أو الهيئات المراقبة‪ ،‬وذلك باالمتناع عن كل عمل أو‬ ‫‪-‬‬
‫أمر من شأنهما اختصام صالحيات المسيرين‪ ،‬مع مراعاة األحكام التنظيمية المعمول بها‪.2‬‬

‫طبيعة تدخالت المفتشية العامة للمالية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫تتدخل المفتشية العامة للمالية إما عن طريق الرقابة الدائمة التي تمارسها وفقا لبرنامجها السنوي‬
‫أو بطلب من السلطات والهيئات المؤهلة‪.‬‬

‫الرقابة الدائمة‪:‬‬ ‫‪1-2‬‬

‫تقوم المفتشية العامة للمالية في هذا اإلطار دوريا برقابة موسعة وبتفتيش مصالح اإلدارات‬
‫والهيئات الموضوعة تحت سلطة أو وصاية الوزير المكلف بالمالية‪ ،‬وكذا بتقرير نشاط وفعالية المصالح‬
‫الرقابية التابعة له‪ .3‬كما تقوم المفتشية العامة للمالية بالرقابة الدائمة في حالة القيام بعمليات الفحص‬
‫والمراقبة الدورية في إطار تنفيذ البرنامج السنوي‪ ،‬حيث تحدد عمليات الرقابة للمفتشية في برنامج سنوي‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 0‬من المرسوم التنفيذي ‪ 091 -02‬المؤرخ في ‪ 12‬ديسمبر ‪ 2002‬يتضمن القانون األساسي الخاص بموظفي المفتشية العامة للمالية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 0‬من المرسوم التنفيذي ‪.091 -02‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 11‬من المرسوم التنفيذي ‪.272-08‬‬

‫‪87‬‬
‫يعد ويعرض على الوزير المكلف بالمالية خالل الشهرين األولين من السنة‪ .‬و يتم تحديد هذا البرنامج‬
‫حسب األهداف المحددة وتبعا لطالبات أعضاء الحكومة أو الهيئات والمؤسسات المؤهلة‪.1‬‬

‫وتتمثل تدخالت المفتشية العامة للمالية في‪:2‬‬

‫تقييم آداءات أنظمة الميزانية‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫التقييم االقتصادي والمالي لنشاط شامل أو قطاعي أو فرعي أو لكيان اقتصادي‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫التدقيق أو الدراسات أو التحقيقات أو الخبرات ذات الطابع االقتصادي والمالي‬ ‫‪-‬‬


‫والمحاسبي‪،‬‬

‫تقييم شروط تسيير واستغالل المصالح العمومية من طرف المؤسسات االمتيازية‪ ،‬مهما‬ ‫‪-‬‬
‫كان نظامها‪.‬‬

‫كما يمك ن للمفتشية العامة للمالية أن تقوم بتقييم شروط تنفيذ السياسات العمومية وكذا النتائج‬
‫المتعلقة بها‪ ،‬وهذه مهمة جديدة منحها لها المرسوم التنفيذي ‪ 272-08‬حيث في هذا اإلطار تقوم‬
‫المفتشية بمايلي‪:‬‬

‫القيام بالدراسات والتحاليل المالية واالقتصادية من أجل تقدير فاعلية وفعالية إدارة وتسيير‬ ‫‪-‬‬
‫الموارد المالية والوسائل العمومية األخرى‪.‬‬

‫اجراء دراسات مقارنة وتطويرية لمجموعات قطاعات أو ما بين قطاعات‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫تقييم تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية وكذا تلك المتعلقة بالتنظيم الهيكلي‪ ،‬وذلك من‬ ‫‪-‬‬
‫ناحية تناسقها وتكيفها مع االهداف المحددة‪.‬‬

‫تحديد مستوى االنجازات مقارنة مع األهداف المحددة‪ ،‬والتعرف على نقائص التسيير‬ ‫‪-‬‬
‫وعوائقه وتحليل أسباب ذلك‪.‬‬

‫إن قراءة بسيطة لهذه المهام تثبت أن هناك تقدم واضح في مهام المفتشية‪ ،‬حيث يظهر جليا ميل‬
‫السلطات العمومية إلى ضرورة وضع رقابة التقييم حيز التنفيذ من جهة ومن جهة أخرى تبرز نيتها في‬
‫ضرورة وضع سياسات عمومية وتقييمها‪.‬‬

‫وجاءت المادة ‪ 5‬لتوضح مهام المفتشية العامة للمالية إذ تتمثل تدخالتها في مهام الرقابة‪،‬‬
‫التدقيق‪ ،‬التقييم‪ ،‬التحقيق والخبرة‪ ،‬حيث تقوم بما يلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 13‬من المرسوم التنفيذي ‪.272-08‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 4‬من المرسوم التنفيذي ‪.272-08‬‬

‫‪88‬‬
‫سير الرقابة الداخلية وفعالية هياكل التدقيق الداخلي‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫التسيير المالي والمحاسبي وتسيير األمالك‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫إبرام الصفقات والطلبات العمومية وتنفيذها‬ ‫‪-‬‬

‫دقة المحاسبات وصدقها وانتظامها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مستوى االنجازات مقارنة مع األهداف‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫شروط تعبئة الموارد المالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تسيير اعتمادات الميزانية واستعمال وسائل السير‬ ‫‪-‬‬

‫شروط منح واستعمال المساعدات واإلعانات التي تقدمها الدولة والجماعات اإلقليمية‬ ‫‪-‬‬
‫والهيئات والمؤسسات العمومية‪،‬‬

‫تطابق النفقات المسددة مع األهداف المتبعة بطلب الهبة العمومية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وقد تم استحداث مهمة أخرى أدخلت ضمن صالحيات المفتشية العامة للمالية‪ ،‬فبعد أن نص‬
‫عليها القانون ‪ 92-00‬المؤرخ في ‪ 21‬جانفي ‪ 2000‬والمتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية في المادة ‪ 02‬منه‪ ،‬دخلت حيز التنفيذ في ‪ 11‬فيفري ‪ 2001‬وذلك بصدور المرسوم التنفيذي‬
‫‪1‬‬
‫الذي يؤهل المفتشية العامة للمالية للتقويم االقتصادي للمؤسسات العمومية االقتصادية‪ .‬وتنص‬ ‫‪70-01‬‬
‫المادة األولى من هذا المرسوم على أن " تؤهل المفتشية العامة للمالية للقيام بالتقويم االقتصادي‬
‫للمؤسسات العمومية االقتصادية "‪ ،‬ويطال هذا التقييم االقتصادي طرق استغالل هذه المؤسسات بعيدا عن‬
‫كل عمل أو تدخل مباشر في إدارتها وتسييرها‪.‬‬

‫وكما ذكرنا سابقا فإن تسيير المؤسسات العمومية االقتصادية صار خاضعا لرقابة المفتشية‬
‫بموجب المرسوم التنفيذي ‪ 09-90‬المذكور سابقا‪ .‬جاء هذا المرسوم ليضع أسسا حديثة قائمة على‬
‫مقاييس دولية للتدخل ومراقبة المؤسسات العمومية االقتصادية‪.‬ويأتي هذا التوسع ضمن مجاالت‬
‫اختصاص المفتشية كحتمية فرضت على السلطات العمومية لمواكبة التطورات االقتصادية الحاصلة من‬
‫جهة وبغية تحاشي الفساد الواقع والذي يمس كبريات المؤسسات في الجزائر من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪ 2-2‬الرقابة الظرفية‪:‬‬

‫يقصد بالرقابة الظرفية هي تلك التي تمارسها المفتشية العامة للمالية خارج برنامجها المحدد سنويا‬
‫وما يميز هذه الرقابة هو أنا تتم أثناء تنفيذ قانون المالية للسنة على عكس الرقابة الدائمة التي تتم بعد‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم التنفيذي ‪ 70-01‬المؤرخ في ‪ 11‬فبراير ‪ 2001‬يؤهل المفتشية العامة للمالية للتقويم االقتصادي للمؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية رقم ‪.20‬‬

‫‪89‬‬
‫اقفال السنة المالية وهذا ما يجعلها رقابة بعدية‪ ،‬ومن هنا يمككنا القول أن المفتشية العامة للمالية تتدخل‬
‫إما أثناء تنفيذ قانون المالية السنوي أو بعد تنفيذه‪ ،‬وتكون هذه الرقابة خاضعة لشروط محددة يمكن‬
‫حصرها فيمايلي‪:‬‬

‫غير مبرمجة مسبقا ضمن البرنامج السنوي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫بطلب من أعضاء الحكومة أو الهيئات والمؤسسات المؤهلة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وهذا النوع من التدخل لم يتم اإلشارة إليه ضمن المرسوم التنفيذي المحدد لصالحيات المفتشية‬
‫العامة للمالية إال ضمن الفقرة الثالثة من المادة ‪ 13‬والتي تنص " غير أنه يمكن القيام بعمليات الرقابة‬
‫خارج البرنامج بطلب من السلطات والجهات المذكورة في الفقرة أعاله"‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن هذا النوع من التدخالت لم يتم التطرق إليه إال لمرة واحدة في المرسوم‬
‫التنفيذي‪ ،‬إال أننا لمسناه في الكثير من المرات ضمن عمل وتدخالت المفتشية‪ ،‬حيث وجدنا العديد من‬
‫هذه التدخالت من هذا النوع ال سيما تدخالتها على مستوى شركة سوناطراك‪ ،‬المؤسسة الوطنية للتلفزة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬رقابة مجلس المحاسبة‬

‫يقوم النظام الديمقراطى على فكرة التوازن بين سلطات الحكم‪ ،‬التشريعية والتنفيذية والقضائية‪،‬‬
‫حتى ال تجور إحداها على األخرى‪ ،‬وتستأثر بالسلطة‪ ،‬وبالتالي تهدد مصالح المجتمع وتؤثر سلبيا على‬
‫نظام الحكم‪ .‬ومن أجل تكريس هذا المبدأ‪ ،‬كان البد على المؤسس الدستوري أن يجعل الرقابة القضائية‬
‫متميزة باالستقاللية التامة عن السلطتين الباقيتين‪.‬‬

‫وتعتبر الرقابة القضائية على تنفيذ قانون المالية من قبيل الرقابة الخارجية وتتمثل خصوصيتها‬
‫في أنها رقابة بعدية‪ ،‬وهذا يعني أنها تتم بعد إقفال العمليات المتعلقة بتنفيذ قوانين المالية‪.1‬‬

‫أسس مجلس المحاسبة‪ 1‬بموجب المادة ‪ 209‬من دستور ‪ 2079‬ثم نصت عليه المادة ‪ 299‬من‬
‫دستور ‪ 2000‬وأخي ار المادة ‪ 279‬من دستور ‪ ،2009‬حيث تنص هذه األخيرة على أنه" يؤسس مجلس‬

‫‪1‬‬
‫‪CHOUVEL François : Op.cit, p 187‬‬
‫تمارس الرقابة القضائية في فرنسا من قبل مجلس المحاسبة ومجلس االنضباط في مجال الميزانية والمالية‪ ،‬هذين الهيئتين لهما تشكيلتين مختلفتين‪،‬‬
‫اختصاصات مختلفة‪ ،‬ورقابة مكملة لبعضها‪ ،‬بحيث أنهما ال يقومان بمقاضاة نفس األشخاص وال يصدران نفس العقوبات‪ .‬فمجلس االنضباط في‬
‫مجال الميزانية والمالية يستطيع مقاضاة اآلمرين بالصرف _ماعدا الذين لهم صفة المحاسبين الفعليين باعتبار هذا من مجاالت اختصاص مجلس‬
‫المحاسبة_ الذين ال يخضعون سوى لرقابة نوعية التسيير‪ .‬قام المشرع الفرنسي باستحداث هذه الهيئة القضائية بعد أن رأى أن اآلمرين بالصرف ال‬
‫يخضعون إال لرقابة نوعية التسيير‪ ،‬وقد تم تأسيس هذه الهيئة بموجب قانون ‪ 10‬سبتمبر ‪ ،2000‬وتم تقنين صالحياتها منذ ‪ 2000‬في الكتاب‬
‫المالية ‪ ،‬ويقوم هذا المجلس تقدم تقري ار سنويا ملحقا بتقرير مجلس المحاسبة‪ ،‬وبدأت الهيئة بنشر هذا التقرير منذ‬ ‫الثالث من تقنين ‪juridiction‬‬
‫‪.2000‬‬

‫‪90‬‬
‫المحاسبة‪ ،‬يكلف بالرقابة البعدية ألموال الدولة والجماعات اإلقليمية والمرافق العمومية"‪ ،‬وقد خضع مجلس‬
‫المحاسبة إلى العديد من القوانين حيث نظم في البداية بالقانون ‪09‬ـ‪ ،2 90‬الذي منحه اختصاصات إدارية‬
‫وقضائية لممارسة رقابة شاملة على الجماعات العمومية والمرافق والمؤسسات والهيئات التي تسير األموال‬
‫‪3‬‬
‫الذي حصر مجال‬ ‫العمومية أو تستفيد منها‪ ،‬مهما يكن وضعها القانوني‪ .‬ثم جاء القانون ‪32-90‬‬
‫تدخل مجلس المحاسبة إذ استثنى المؤسسات العمومية االقتصادية والمرافق العمومية ذات الطابع‬
‫‪4‬‬
‫الذي وسع من‬ ‫الصناعي والتجاري‪ ،‬كما جرد من صالحياته القضائية‪ .‬أخي ار جاء األمر ‪00‬ـ‪19‬‬
‫مجاالت اختصاص مجلس المحاسبة ليشمل رقابة كل األموال العمومية مهما كان الوضع القانوني‬
‫لمسيري هذه األموال أو المستفيدين منها‪ ،‬كما أعاد هذا األمر الصالحيات القضائية لمجلس المحاسبة ‪،5‬‬
‫وقد تم تعديل هذا األمر بموجب األمر ‪ 02-10‬المؤرخ في ‪ 26‬أوت ‪. 2010‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الرقابة القضائية لمجلس المحاسبة‬

‫يتولى مجلس المحاسبة مهمة الرقابة البعدية على األموال العمومية‪ ،‬هذه الرقابة التي تتميز بنوع‬
‫من االستقاللية عن السلطة الت نفيذية التي تتولى تنفيذ الميزانية العامة للدولة حتى تضمن الحياد‬
‫والموضوعية الكافية للحفاظ على األموال العمومية‪ ،‬ولهذا الهدف نجد أن مجلس المحاسبة أعطيت له‬
‫تشكيلة خاصة إذ بتمتعه بصالحيات قضائية إلى جانب الصالحيات اإلدارية‪ ،‬يستوجب توفر أسالك‬
‫خاصة للقيام بهذه الوظيفة القضائية من جهة ومن جهة أخرى ال بد من معرفة مجال عمله أو‬
‫اختصاصاته بالنظر للرقابة التي ستطبق على هذا المجال‪.‬‬

‫من االختصاصات التي أسندت لمجلس المحاسبة هي رقابة مطابقة الحسابات‪ ،‬والمقاضاة حول‬
‫المخالفات الموجودة وكذا رقابة نوعية التسيير‪.‬‬

‫تناولت المواد من ‪ 7‬إلى ‪ 21‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬الهيئات التي تخضع لرقابة مجلس المحاسبة‪:‬‬

‫‪-‬مصالح الدولة والجماعات اإلقليمية‪ ،‬المؤسسات والمرافق والهيئات العمومية باختالف أنواعها‪،‬‬
‫التي تسري عليها قواعد المحاسبة العمومية‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫مجلس المحاسبة في فرنسا هو هيئة تعود جذورها إلى العصور الوسطى‪ ،‬حيث تم تأسيس غرفة الحسابات التي تم تنظيمها بموجب أمر من‬
‫فيليب الخامس في ‪ ، 2520‬وقد أضيفت لها غرف الحسابات التي كانت تتواجد ببروفانس ونظ ار لكثرة العمل لديها تم حذفها كلية سنة ‪ 2702‬في‬
‫الثورة‪ .‬أسس مجلس المحاسبة الحالي بموجب القانون المؤرخ في ‪ 29‬سبتمبر ‪ 2097‬وأعيد تنظيمه بالقانون المؤرخ في ‪ 11‬جوان ‪. 2097‬‬
‫‪2‬‬
‫القانون ‪09‬ـ‪ 90‬المؤرخ في ‪ 2‬مارس ‪ 2009‬يتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من طرف مجلس المحاسبة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪29‬‬
‫‪3‬‬
‫القانون ‪09‬ـ‪ 51‬المؤرخ في ‪ 0‬ديسمبر ‪ 2009‬يتعلق بمجلس المحاسبة وسيره ‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪.29‬‬
‫‪4‬‬
‫األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المؤرخ في ‪ 27‬جويلية ‪ 2000‬يتعلق بمجلس المحاسبة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪.50‬‬
‫‪5‬‬
‫المادة ‪ 5‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬تنص على أن مجلس المحاسبة مؤسسة تتمتع باختصاص إداري و قضائي في ممارسة المهام الموكلة إليه‪ ،‬وهو‬
‫يتمتع باالستقالل الضروري ضمانا للموضوعية والحياد والفعالية في أعماله‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫المادة ‪ 7‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪-‬المرافق العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري والمؤسسات والهيئات العمومية التي تمارس‬
‫نشاطا صناعيا أو تجاريا أو ماليا والتي تكون أموالها أو مواردها أو رؤوس أموالها كلها ذات طابع‬
‫عمومي‪.1‬‬

‫وقد استثني من رقابة مجلس المحاسبة بنك الجزائر بموجب التعديل الجديد الذي جاء به األمر‬
‫‪ 02-10‬المؤرخ في ‪ 26‬أوت‪. 2010‬‬

‫‪-‬تسيير الشركات والمؤسسات والهيئات مهما يكن وضعها القانوني التي تملك فيها الدولةأو‬
‫الجماعات االقليمية أو المؤسسات أو الشركات أو الهيئات العمومية األخرى بصفة مشتركة أو فردية‬
‫‪2‬‬
‫مساهمة بأغلبية في رأس المال أو سلطة قرار مهيمنة‪.‬‬

‫‪-‬تسيير األسهم العمومية في المؤسسات والمرافق والهيئات العمومية مهما كانت وضعيتها‬
‫القانونية على أن يكون للدولة أو الجماعات اإلقليمية أو المرافق أو الهيئات العمومية فيها قسط من رأس‬
‫‪3‬‬
‫المال‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-‬الهيئات التي تسير النظم اإلجبارية للتأمين والحماية االجتماعيين‪.‬‬

‫‪ -‬مراقبة استعمال المساعدات المالية الممنوحة من الدولة أو الجماعات المحلية أو المرافق‬


‫العمومية أو من أي هيئة أخرى خاضعة للمحاسبة العمومية‪.5‬‬

‫‪ -‬مراقبة استعمال الموارد التي تجمعها الهيئات التي تلجأ إلى التبرعات العمومية من أجل دعم‬
‫‪6‬‬
‫القضايا اإلنسانية‪ ،‬االجتماعية والعلمية‪.‬‬

‫و باعتبار مجلس المحاسبة قاضي الحسابات فإنه يقوم بتسليط العقوبات على المحاسبين وليس‬
‫من صالحياته تصحيح هذه الحسابات‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وعلى هذا األساس فإن مجلس المحاسبة يقوم بإصدار أحكامه اعتبا ار من عناصر مادية‬
‫موضوعية واضحة في الحسابات وليس بإمكانه أخذ بعين االعتبار الظروف الخاصة التي من الممكن أن‬
‫تبعد مسؤولية المحاسب مثلما يفعل وزير المالية في اإلبراء الرجائي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة‪ 8‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 8‬مكرر من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 9‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫المادة ‪10‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫المادة ‪ 11‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫المادة ‪12‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مراجعة حسابات اآلمرين بالصرف و المحاسبين العموميين‪:‬‬

‫نص األمر ‪ 19-00‬في المادة ‪ 70‬أن مجلس المحاسبة يراجع حسابات المحاسبين العموميين‬
‫ويصدر أحكاما بشأنها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫على أنه "يجب على اآلمرين بالصرف الرئيسيين‬ ‫كما نصت المادة الثانية من المرسوم ‪09‬ـ‪09‬‬
‫والثانويين وعلى المحاسبين العموميين التابعين لمصالح الدولة والجماعات االقليمية ومختلف المؤسسات‬
‫والهيئات العمومية الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية أن يودعوا حساباتهم االدارية وحسابات التسيير‬
‫لدى كتابة ضبط مجلس المحاسبة في أجل أقصاه ‪ 59‬يوليو من السنة الموالية للميزانية المقفلة"‬

‫واستنادا إلى هذه األحكام فإن هذين العونين للمحاسبة العمومية ملزمان بتقديم حساباتهما لدى‬
‫مجلس المحاسبة‪.‬‬

‫وتعتبر مراجعة الحسابات من بين أهم الصالحيات المخولة لمجلس المحاسبة حيث يقوم بالتدقيق‬
‫في صحة العمليات المادية الموصوفة فيها ومدى مطابقتها مع األحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة‬
‫عليها‪.3‬‬

‫وتتم عملية المراجعة بعد قيام رئيس الغرفة المختصة بتعيين مقرر يكلف هذا األخير بإجراء‬
‫التدقيقات في الحسابات والوثائق الثبوتية المرتبطة بها‪ .‬وبعبارة أخرى يمكن القول أن هذه العملية تتجلى‬
‫في التحقق من أن العمليات المنجزة خالل السنة المالية قد تمت بطريقة صحيحة وكذا التأكد من أنها‬
‫مبررة وذلك باالستناد إلى الوثائق الثبوتية المرتبطة بها‪ ،‬ومن هنا يمكن القول بأنها تعني التحقق صحة‬
‫المحاسبة التي يمسكها المحاسب العمومي‪ ،‬وكذا إمكانية تحميله المسؤولية في حالة التأكد من وجود‬
‫مخالفات أو نقص‪ .‬ويعتبر إجراء مراجعة الحسابات إجراء كتابيا وحضوريا وهذا لضمان الحياد عند اتخاذ‬
‫الق اررات‪ ،‬وللمحاسب كذلك الحق في الدفاع عن نفسه أي تبرير المخالفات المسجلة على عاتقه خالل مدة‬
‫محددة في التنظيم المعمول به‪.‬‬

‫التأكد من مطابقة حساب التسيير‬ ‫‪-‬‬

‫التاكد من وجود الوثائق الثبوتية المرتبطة بهذا الحساب‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫التحقق من صحة المبالغ والمجاميع الموجودة في الحساب‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫وقد أقر مجلس الدولة الفرنسي في ‪ 19‬نوفمبر ‪ 2002‬أن مجلس المحاسبة يقوم باألخذ بعين االعتبار العناصر المادية للحسابات التي يقوم‬
‫برقابتها سوى المالحظات التي تتعلق بالسلوكات الشخصية المحاسبين‪ .‬كما أقر قانون ‪ 15‬فيفري ‪ 2095‬في مادته ‪ 99‬أن مجلس المحاسبة‬
‫باعتباره قاضي الحسابات فبإمكانه تطبيق المسؤولية الشخصية والمالية على المحاسبين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المرسوم التنفيذي ‪09‬ـ‪ 09‬المؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ 2009‬يحدد األحكام المتعلقة بتقديم الحسابات إلى مجلس المحاسبة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪.99‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 70‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫مراقبة مطابقة وتجانس المبالغ التي حملت في حساب التسيير مع الحساب اإلداري‬ ‫‪-‬‬
‫والميزانية األولية فيما يتعلق باالذونات المفتوحة‪.‬‬

‫التأكد من صحة العمليات المالية وكذا تقييم شروط حيازة أموال الخزينة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وعلى المقرر أن يدون في تقرير كتابي عند نهاية عملية التدقيقي كل المعاينات والمالحظات‬
‫‪1‬‬
‫واالقتراحات المعللة بالردود الواجب تخصيصها‪.‬‬

‫وبعد اتمام التقرير يرسل من طرف رئيس الغرفة إلى الناظر العام لتقيم استنتاجاته كتابيا ثم‬
‫يعرض الملف للمداولة للنظر والبث فيه بقرار نهائي إذا لم تسجل أية مخالفة على مسؤولية المحاسب‬
‫وبقرار مؤقت في الحاالت األخرى‪ ،‬في هذه الحالة يتم تبليغ القرار المؤقت إلى المحاسب الذي عليه الرد‬
‫في أجل محدد بشهر من تاري خ التبليغ‪ .‬بعدها يقوم رئيس الغرفة بعد استالم اإلجابات أو عند انقضاء‬
‫األجل مقر ار مراجعا يكلف بتقديم االقتراحات للفصل نهائيا في تسيير المحاسب المعني يتم بعدها إرسال‬
‫الملف إلى الناظر العام الذي يقوم بإعداد استنتاجاته الكتابية والشفوية التي يتم التداول بشأنها إلصدار‬
‫القرار النهائي بأغلبية األصوات‪.‬‬

‫وينصب فحوى القرار في مسؤولية المحاسب العمومي الشخصية والمالية وبإمكانه أن يحتج بالقوة‬
‫القاهرة أو يثبت بأنه لم يرتكب الخطأ أو اإلهمال في ممارسته لوظيفته‪ .‬كما بإمكانه أن يحمل المسؤولية‬
‫الشخصية والمالية للوكالء أو األعوان الموضوعين تحت سلطته أو رقابته طبقا للتشريع المعمول به‪.‬‬

‫كما أن مجلس المحاسبة يبث في حسابات األشخاص الذين يصرح أنهم محاسبون فعليون‪ ،2‬إذ‬
‫يصدر بشأنها أحكاما حسب نفس الشروط والجزاءات المقررة لحسابات المحاسبين العموميين‪ .‬كما يعاقب‬
‫مجلس المحاسبة هؤالء األشخاص بغرامات مالية يتم تحديدها حسب المبالغ محل التهمة ومدة حيازتها أو‬
‫تداولها إضافة إلى توقيع متابعات قضائية طبقا للمادة ‪ 17‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬رقابة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية‪:‬‬

‫طبقا لنص المادة ‪ 07‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم فإن مجلس المحاسبة يتأكد من احترام‬
‫قواعد االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية‪ ،3‬إذ يقوم المجلس بتحميل المسؤولية ألي مسؤول أو‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 70‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 09‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫تعتبر مخالفات لقواعد االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية في مفهوم هذا القانون تلك الحاالت المنصوص عليها في المادة ‪ 00‬من‬
‫‪00‬ـ‪ 19‬وهي خرق األحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بتنفيذ اإليرادات والنفقات‪ ،‬استعمال أموال الدولة في غير األهداف الممنوحة ألجلها‪ ،‬االلتزام‬
‫بالنفقات من دون توف ر الصفة أو السلطة أو دون توفر االعتمادات أو تجاوز الترخيصات الخاصة أو خرق القواعد المطبقة في مجال الرقابة القبلية‪،‬‬
‫الرفض غير المؤسس للتأشيرات‬

‫‪94‬‬
‫عون تابع للهيئة الخاضعة لرقابة المجلس عن األخطاء المرتكبة في هذا المجال‪ ،‬وللمجلس في هذا الشأن‬
‫‪1‬‬
‫أن يعاقب بغرامات ال تتعدى المرتب السنوي اإلجمالي الذي يتقاضاه العون المعني عند ارتكابه المخالفة‪.‬‬

‫كما تشير المادة ‪ 02‬من نفس األمر إلى أن مجلس المحاسبة يختص بمعاقبة كل مسؤول أو‬
‫عون أو ممثل أو قائم باإلدارة في هيئة خاضعة لرقابته ثبت أنه خرق حكما من األحكام التشريعية أو‬
‫التنظيمية أو تجاهل التزاماته لكسب امتياز مالي أو عيني غير مبرر لصالحه أو لغيره على حساب الدولة‬
‫أو هيئة عمومية وفي هذه الحالة يكون مبلغ الغرامة ضعف المبلغ المقرر في المادة ‪.89‬‬

‫وتعد مخافات لقواعد االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية‪ ،‬األخطاء أو المخالفات التي‬
‫جاء سردها في المادة ‪ 88‬من األمر‪.2‬‬

‫وتطبيقا للمادة ‪ 00‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم فإنه في حال ما إذا كشفت التحقيقات التي‬
‫تجريها الغرفة المختصة أن المخالفة المرتكبة تدخل في مجال تطبيق أحكام المادة ‪ 00‬من هذا األمر فان‬
‫رئيس الغرفة يرسل تقري ار مفصال إلى الناظر العام‪ ،‬هذا األخير الذي بعد تلقيه كل المعلومات اإلضافية‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 00‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫نصت المادة ‪ 88‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم أنه تعتبر مخالفات لقواع د االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية األخطاء أو المخالفات‬
‫اآلتي ذكرها عندما تكون خرقا صريحا لألحكام التشريعية والتنظيمية التي تسري على استعمال وتسيير األموال العمومية أو الوسائل المادية وتلحق‬
‫ضر ار بالخزينة العمومية أو بهيئة عمومية‪ .‬ويمكن في هذا اإلطار أن يعاقب المجلس على‪:‬‬
‫‪ .2‬خرق األحكام التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بتنفيذ اإليرادات والنفقات‪.‬‬
‫‪ .1‬استعمال االعتمادات أو المساعدات المالية التي تمنحها الدولة والجماعات االقليمية والمؤسسات العمومية أو الممنوحة بضمان منها‬
‫ألهداف غير األهداف التي منحت من أجاها صراحة‪.‬‬
‫‪ .5‬االلتزام بالنفقات دون توفر الصفة أو السلطة أو خرقا للقواعد المطبقة في مجال الرقابة القبلية‪.‬‬
‫‪ .0‬االلتزام بالنفقات دون توفر االعتمادات أو تجاوز الترخيصات الخاصة بالميزانية‪.‬‬
‫‪ .0‬خصم نفقة بصفة غير قانونية من أجل إخفاء‪ ،‬إما تجاو از ما في االعتمادات واما تغيي ار للتخصيص األصلي لاللتزامات أو القروض‬
‫المصرفية الممنوحة لتحقيق عمليات محددة‪.‬‬
‫‪ .9‬تنفيذ عمليات النفقات الخارجة بشكل واضح عن هدف أو مهمة الهيئات العمومية‪.‬‬
‫‪ .7‬الرفض غير المؤسس للتأشيرات أو العراقيل الصريحة من طرف هيئات الرقابة القبلية أو التأشيرات الممنوحة خارج الشروط القانونية‪.‬‬
‫‪ .0‬عدم احترام األحكام القانونية أو التنظيمية المتعلقة بمسك المحاسبات وسجالت الجرد واالحتفاظ بالوثائق والمستندات الثبوتية‪.‬‬
‫‪ .0‬التسيير الخفي لألموال أو القيم أو الوسائل أو األمالك العامة‪.‬‬
‫‪ .29‬كل تهاون يترتب عنه عدم دفع حاصل اإليرادات الجبائية أو شبه الجبائية التي كانت موضوع اقتطاع من المصدر في اآلجال‪ ،‬ووفق‬
‫الشروط التي أقرها التشريع المعمول به‪.‬‬
‫‪ .22‬التسبب في إلزام الدولة أو الجماعات اإلقليمية أو الهيئات العمومية بدفع غرامة تهديدية أو تعويضات مالية نتيجة عدم التنفيذ الكلي أو‬
‫الجزئي أو بصفة متأخرة ألحكام القضاء‪.‬‬
‫‪ .21‬االس تعمال التعسفي لإلجراء القاضي بمطالبة المحاسبين العموميين بدفع النفقات على أسس غير قانونية أو تنظيمية‪.‬‬
‫‪ .25‬أعمال التسيير التي تتم باختراق قواعد إبرام وتنفيذ العقود التي ينص عليها قانون الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫‪ .20‬عدم احترام القوانين التي تخضع لها عمليات بيع األمالك العمومية التي لم تعد صالحة لالستعمال أو المحجوزة من طرف اإلدارات‬
‫والهيئات العمومية‪.‬‬
‫‪ .20‬تقديم وثائق مزيفة أو خاطئة إلى مجلس المحاسبة أو إخفاء مستندات عنه‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫التي يطلبها عند االقتضاء من الغرفة القطاعية المختصة أنه ال مجال للمتابعات‪ ،‬يقوم بحفظ الملف‬
‫بموجب قرار معلل قابل لإللغاء أمام تشكيلة خاصة تتكون من رئيس غرفة ومستشارين اثنين من مجلس‬
‫المحاسبة ويطلع رئيس الغرفة المعنية بذلك‪.‬‬

‫أما إذا قرر المتابعة فإنه يقوم بتحرير استنتاجاته كتابيا ويرسل الملف إلى رئيس غرفة االنضباط‬
‫في مجال الميزانية والمالية قصد فتح تحقيق‪ .‬وفي هذه الحالة يعين رئيس غرفة االنضباط في مجال‬
‫الميزانية والمالية مقر ار يكلف بالتحقيق في الملف‪ ،1‬ويكون التحقيق حضوريا‪ .‬حيث بإمكان الشخص‬
‫المتابع االستعانة بمحام أو بشخص يختاره‪ 2.‬وفي الختام يتم تحرير التقرير مصحوبا باالستنتاجات ويرسل‬
‫إلى رئيس الغرفة قصد تبليغه للناظر العام‪.3‬‬

‫وهنا نجد أن الناظر العام يقوم إما بحفظ الملف في حالة اتضح أنه ال مجال للمتابعة ويتم تبليغ‬
‫هذا القرار إلى رئيس غرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية ومسؤول اإلدارة أو الهيئة المعنية‬
‫والى العون محل المتابعة‪ .‬و إما إحالة الملف على غرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية‬
‫بعدها يقوم رئيس الغرفة بتعيين قاضي مقرر مكلف بالملف كما يقوم رئيس الغرفة بتحديد تاريخ الجلسة‬
‫ويعلم لرئيس مجلس المحاسبة والناظر العام بذلك بعدها يتم استدعاء الشخص المعني برسالة موصى‬
‫عليها مع إشعار باالستيالم‪.4‬‬

‫و بإمكان الشخص المتابع أو محاميه أو مساعده االطالع على الملف المتعلق به لدى كتابة‬
‫الضبط في مجلس المحاسبة ويمكنه أيضا تقديم مذكرة دفاعية‪ .5‬وأخي ار يتم عقد الجلسة من طرف تشكيلة‬
‫المداولة لغرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية المكونة طبقا ألحكام المادة ‪ 51‬من هذا األمر‬
‫باستثناء القاضي المكلف بالتحقيق بمساعدة كاتب الضبط والناظر العام‪ ،‬حيث يتم البت في الملف‬
‫بأغل بية األصوات في جلسة علنية تختتم بقرار يوقعه رئيس الجلسة‪ ،‬المقرر وكاتب الضبط ويكتسي هذا‬
‫القرار الطابع التنفيذي الذي يتم تبليغه إلى الناظر العام والشخص المعني وكذا وزير المالية والسلطة‬
‫‪6‬‬
‫السلمية والوصية التي يخضع لها العون المعني‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 94‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 09‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 97‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫أنظر المواد ‪ 97‬و‪ 98‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫المادة ‪ 99‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫أنظر المادة ‪ 100‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم للمزيد من التفاصيل‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬رقابة نوعية التسييرـ‬

‫يكلف مجلس المحاسبة في ممارسة الصالحيات اإلدارية المخولة له‪ ،‬برقابة نوعية تسيير الهيئات‬
‫والمصالح العمومية‪ ،‬وبهذه الصفة يقيم شروط استعمال الموارد والوسائل المادية واألموال العمومية‬
‫وتسييرها على مستوى الفعالية والنجاعة واالقتصاد بالرجوع إلى المهام واألهداف والوسائل المستعملة‪ .‬كما‬
‫يقيم مجلس المحاسبة قواعد تنظيم وعمل الهيئات الخاضعة لرقابته ويتأكد من وجود آليات واجراءات‬
‫‪1‬‬
‫رقابية داخلية موثوقة ويقدم كل التوصيات التي يراها مالئمة لتحسين الفعالية‪.‬‬

‫هذه الرقابة ليست ذات طبيعة قضائية‪ ،‬حيث ال يتم توقيع عقوبات‪ ،‬بل يتم وضع المالحظات أو‬
‫المعاينات التي يتم فيما بعد تبليغها لإلدارة‪ ،‬للبرلمان أو إلى الرأي العام‪ ،‬وتتم هذه الرقابة ليس فقط في‬
‫فحص بسيط للمطابقة بل تقوم بتقدير نوعية هذا التسيير‪ ،‬إذ تتأكد من االستعمال الشرعي وأيضا من‬
‫‪2‬‬
‫االستعمال الحسن لألموال العمومية‪.‬‬

‫فمهمة الرقابة على اآلمرين بالصرف ليست له الصبغة القضائية‪ ،‬تم تطور هذه الرقابة تدريجيا‬
‫إلى رقابة التسيير‪ ،‬حيث باإلمكان التدخل لتحسين التسيير‪ ، 3‬ومن هنا فإننا نجد أن التقارير التي يعدها‬
‫مقررو مجلس المحاسبة ال تتم فقط على المطابقة وانما تتعداها إلى األخطاء أو اختيارات التسيير‪ ،‬أي‬
‫مسألة المالءمة‪ ،‬حيث يتم النظر ليس فقط إجراء فحص محاسبي بل إجراء محاسبة إدارية إن صح‬
‫التعبير أي إجراء تدقيق صارم في التنظيم والتسيير والنظر في الفعالية حيث قياس مدى تحقيق األهداف‬
‫المقررة بالنظر إلى النتائج‪ ،‬النجاعة أي استعمال أقل تكاليف‪ ،‬االقتصاد هو استعمال أقل تكلفة مع تحقيق‬
‫الجودة والكمية المطلوبة في الوقت المناسب‪ ،‬وهذا يخص الموارد المالية والبشرية و يتم من خالل تحديد‬
‫الحاجيات وشروط االستعمال العقالني للموارد‪.4‬‬

‫ترتكز رقابة نوعية التسيير على مراقبة الكفاءة‪ ،‬الفعالية واالقتصاد في أداء الهيئات الخاضعة‬
‫للرقابة وهذا النوع من الرقابة ال يعني مراجعة مظاهر معينة من اإلدارة فحسب بل إنه يراقب اإلدارة بجميع‬
‫أوجه نشاطاتها‪ ،‬ومن ذلك فإن هذه الرقابة تهدف إلى التأكد من أن جميع اإلجراءات تتم وفقا للق اررات‬
‫والسياسات العمومية وأن األهداف المقررة تتحقق شكل فعال واقتصادي وبكفاءة عالية‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 90‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Guy Durand : Finances publiques, LGDJ, p83.‬‬
‫‪3‬‬
‫وقد تبنى اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمواطن هذا المبدأ إذ يفرض على األعوان العموميين تقديم حسابات لإلدارات‪ ،‬كما تبنى قانون ‪11‬‬
‫جوان ‪ 2097‬في فرنسا هذا المبدأ كما أوضح أن مجلس المحاسبة يضمن حسن استعمال اإلعتمادات‪ ،‬األموال والقيم المسيرة من طرف مصالح‬
‫الدولة ومن طرف األشخاص المعنوية التابعة للقانون العام‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Note méthodologique de contrôle de qualité de gestion, numéro 2, 1996, la cour des comptes, p7.‬‬
‫‪5‬‬
‫المجلة اإلفريقية للمراجعة الشاملة‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬األفروساي‪ ،2007 ،‬ص‪.1‬‬

‫‪97‬‬
‫كما أنه في هذا اإلطار يقوم مجلس المحاسبة بمراقبة شروط منح واستعمال اإلعانات‬
‫والمساعدات المالية التي منحتها الدولة والجماعات اإلقليمية والمرافق والهيئات العمومية الخاضعة لرقابة‬
‫المجلس‪ ،‬وتهدف هذه الرقابة إلى التأكد من مدى توفر الشروط المطلوبة لمنح هذه المساعدات ومطابقة‬
‫استعمالها مع الغايات التي منحت من أجلها‪ .‬كما يراقب المجلس الهيئات المستفيدة بقصد اتخاذها‬
‫الترتيبات الالزمة قصد الحد من اللجوء إلى هذه المساعدات‪.‬‬

‫وفي الواقع عرفت رقابة نوعية التسيير في اإلدارات تجسيدا جزئيا إن لم نقل منعدما حيث أنه‬
‫بالنسبة للو ازرات لم تتجسد أصال حيث يكتفي المجلس بالرقابة في كيفية تنفيذ الميزانية رغم محاولة بعض‬
‫القضاة تحليل بعض العناصر في إطار نوعية التسيير‪.‬‬

‫إال أن هذا لم يمنع من وجود بعض المحاوالت لتجسيدها وهذا ما قام به المجلس في ‪ 2000‬على‬
‫الو از ارت وتتناول المواضيع التالية‪:‬‬

‫رقابة نوعية تسيير حظيرة سيارات الو ازرات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫رقابة نوعية تسيير التعويضات المدفوعة في وضعيات استثنائية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫رقابة نوعية تسيير مصاريف المهام‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫على العموم يمكن القول أن المجلس لم يستطع تجسيد رقابة نوعية تسيير على اإلدارات العمومية‬
‫بسبب عدة عراقيل وصعوبات تواجه تقييم الفعالية‪ ،‬النجاعة واالقتصاد في هذه اإلدارات‪ ،‬كما أنه من‬
‫الصعب تطبيقها بالنظر لغياب معايير واضحة قابلة للتطبيق على جميع القطاعات‪.‬‬

‫أما عن النتائج التي تترتب عن رقابة نوعية التسيير‪ 1‬فإننا نجد أنها جد محدودة‪ ،‬إذ يكتفي‬
‫المجلس بإعداد تقارير يحتوي على المعاينات والمالحظات و التقييمات‪ ،‬ترسل هذه التقارير فيما بعد إلى‬
‫مسؤولي المصالح والهيئات المعنية لتقديم إجاباتهم في أجل يحدده مجلس المحاسبة‪ .‬وأخي ار يصدر‬
‫المجلس مذكرة التقييم التي تتضمن تقييمه النهائي الذي يشمل كل التوصيات واالقتراحات التي تهدف إلى‬
‫تحسين فعالية ومردودية تسيير المصالح والهيئات المراقبة ليتم إرسالها إلى مسؤوليها وكذا كل الوزراء‬

‫‪1‬‬
‫إذ ا أردنا أن نقارن بين نتائج هذه الرقابة مع ما هو معمول به في فرنسا نجد أن النتائج ترسل إلى السلطات اإلدارية في شكل مراسلة من قبل‬
‫رؤساء الغرف أي الغرف الجهوية أو من الوكيل العام كما ترسل إلى الو ازرات وهنا يجب الرد على كل المالحظات ‪ ،‬وفي هذه الحالة إن كانت‬
‫مسؤولية اآلمرين بالصرف تقحم فإن مجلس المحاسبة بوساطة الوكيل العام يرفعها إلى مجلس االنضباط في مجال الميزانية والمالية وان اقتضى‬
‫األمر إلى المحاكم القمعية كما بإمكان مجلس المحاسبة إعالم لجان المجالس المحلية وكذا لجان التحقيق على مستوى البرلمان‪ .‬وأخي ار يقوم مجلس‬
‫المحاسبة بإعداد تقرير سنوي الذي يتضمن كل المالحظات التي أوضحتها الغرف الجهوية للحسابات‪ ،‬هذا التقرير كان في البداية يرسل إلى‬
‫السلطة التنفيذية وبعد ‪ 2051‬أصبح يرسل إلى البرلمان بهدها صار ينشر في الجريدة الرسمية ابتداء من سنة ‪ ،2050‬حيث يتم إعداد هذا التقرير‬
‫من قبل لجنة مشكلة من الرئيس األول‪ ،‬الوكيل العام ورؤساء الغرف والمقرر العام ‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫والسلطات اإلدارية المعنية‪ .‬ونعيب في هذا المجال عدم إلزامية التوصيات وكذا عدم متابعة هذه‬
‫التوصيات من قبل المجلس‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تقييم رقابة مجلس المحاسبة‬

‫بالرغم من أن النصوص القانونية أوضحت عن ضرورة إرساء رقابة قائمة على التقييم إلى جانب‬
‫التأكد من مطابقة القوانين واألنظمة السارية المفعول‪ ،‬غير أن مجلس المحاسبة يبدو بعيدا عن هذه‬
‫األدوار المناطة به‪ ،‬وفيما يلي سنتناول التفصيل فيما يتعلق بقييم بسيط لعمل مجلس المحاسبة باإلضافة‬
‫إلى الحديث عن طرق الطعن في ق اررات هذا األخير‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬انحصار الرقابة في المطابقة واالبتعاد تماما عن التقييم‬

‫إن التشريع المتعلق بمجلس المحاسبة منح هذا األخير العديد من الصالحيات الرقابية المبنية‬
‫على التقييم والتي تهدف إلى تشجيع االستعمال الفعال والصارم للموارد والوسائل المادية واألموال العمومية‬
‫و ترقية إجبارية تقديم الحسابات وتطوير شفافية تسيير المالية العمومية‪ ،‬كما يساهم في تعزيز الوقاية‬
‫ومكافحة جميع أشكال الغش والممارسات غير القانونية أو غير الشرعية التي تشكل تقصي ار في‬
‫األخالقيات وفي واجب النزاهة أو الضارة باألمالك واألموال العمومية‪ ،‬حيث يشارك مجلس المحاسبة على‬
‫الصعيد اإلقتصادي والمالي في تقييم فعالية النشاطات و المخططات والبرامج و اإلجراءات المتخذة من‬
‫طرف السلطات العمومية بغرض تحقيق أهداف ذات منفعة وطنية و التي تقوم بها بصفة مباشرة أو غير‬
‫مباشرة مؤسسات الدولة أو المرافق العمومية الخاضعة لرقابته‪.1‬‬

‫ولتطبيق الصالحيات الممنوحة للمجلس وضعت لديه آليات للكشف أو التوضيح عما الحظ من‬
‫مخالفات أو تجاوزات والتي سيترجمها حسب الحالة في الوثائق التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬مذكرة التقييـم‪:‬‬

‫عقب مراقبة نوعية التسيير يضبط مجلس المحاسبة تقييمه النهائي ويصدر كل التوصيات و‬
‫اإلقتراحات بغرض تحسين فعالية و مردود تسيير المصالح و الهيئات المعنية و يرسلها إلى مسئوليها‬
‫والوزراء و إلى السلطات اإلدارية المعنية‪.‬‬

‫‪ -2‬رسالة رئيس الغرفة‪:‬‬

‫تطلع مسؤولي المصالح والهيئات التي خضعت للرقابة بمالحظات مجلس المحاسبة المتعلقة‬
‫بالوضعيات أو بالوقائع أو الحـاالت أو المخالفات التي تلحق ضر ار بالخزينة العمومية أو بأمالك الهيئات‬

‫‪1‬‬
‫أنظر المواد ‪ 13‬و ‪ 72‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫و المؤسسات العمومية الخاضعة لرقابته بغرض إتخاذ التدابير التي يتطلبها التسيير السليـم لألموال‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪-3‬التقرير المفصل ‪:‬‬

‫سجل فيه الوقائع التي يمكن وصفها وصفا جزائيا ‪ ،‬والتي يالحظها المجلس أثناء ممارسة رقابته‪.‬‬
‫يبلغ الناظر العام هذا التقرير إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا مصحوبا بمجمل الملف‪.‬‬
‫‪-4‬التقرير التقييمي حول المشروع التمهيدي لقانون ضبط الميزانية‪:‬‬

‫ترسل الحكومة هذا التقرير بعد أن يقوم بإعداده مجلس المحاسبة إلى الهيئة التشريعية بغرفتيها‬
‫مرفوقا بمشروع القانون المرتبط به‪.‬‬

‫‪-5‬التقرير السنــوي‪:‬‬

‫يعد مجلس المحاسب ــة تقري ار سنويا يرسله إلى رئيس الجمهورية‪ .‬يبين التقرير السنوي أهــم‬
‫المعاينات والمالحظات والتقييمات الناجمة عن أشغال تحريات مجلس المحاسبة مرفقة بالتوصيات التي‬
‫يرى أنه يجب تقديمها و كذلك ردود المسؤولين والممثلين القانونيين و السلطات الوصية المعنية المرتبطة‬
‫بذلك‪.‬‬
‫ينشر هذا التقرير كليا أو جزئيا في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪.‬‬
‫يرسل مجلس المحاسبة نسخة منه إلى الهيئة التشريعية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من هذا إال أن هذه الهيئة تبقى بعيدة عن تحقيق ما هو مرجو منها‪ ،‬فالقول‬
‫باستقالليتها مرتبط بعدة عوامل تشكك في هته االستقاللية حيث أن مجمل مسؤوليها يعينون بموجب‬
‫مرسوم رئاسي وهو الشأن بالنسبة لقضاة المجلس وهذا ما يمس بهذه االستقاللية‪.‬‬

‫إننا اليوم نستطيع القول أن المفتشية العامة للمالية أبدت بعض التجاوب فيما يتعلق برقابة‬
‫التقييم‪ ،‬على عكس الهيئة المستقلة والمكرسة دستوريا‪ ،‬بالرغم من منحها العديد من االمتيازات أثناء‬
‫ممارسة عملها الرقابي‪ ،‬ومنها حق االطالع وسلطة التحري والتي من خاللها منح المشرع للمجلس كل‬
‫الحرية والتسهيالت التي من شأنها تسهيل رقابة العمليات المالية والمحاسبية واالزمة لتقييم تسيير المصالح‬
‫‪1‬‬
‫والهيئات الخاضعة لرقابته‪.‬‬

‫ونشير في هذا اإلطار إلى أن الرقابة العليا للمالية العمومية تطورت بشكل ملحوظ في العشريات‬
‫األخيرة‪ .‬حيث تم التوجه من رقابة مكرسة كلية للنظر في صحة العمليات المالية والمحاسبية إلى رقابة‬
‫قائمة على النتائج ‪ ،‬وهذه قفزة نوعية وتقدم معتبر في دور المؤسسات العليا للرقابة على المالية العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وردت العديد من األحكام المتعلقة بحق االطالع وسلطة التحري ضمن الفصل األول من الباب الثالث وفصلت في هذا األمر المواد من ‪ 55‬إلى‬
‫‪ 68‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫فهناك العديد من التجارب التي توضح أن المؤسسات العليا للرقابة على المالية العمومية قد استثمرت في‬
‫مجال رقابة األداء حتى قبل أن تصبح مؤهلة لذلك‪ 1.‬إن هذا التطور الحادث في مجال الرقابة على‬
‫النفقات العمومية لم يجد صداه في الجزائرحيث أننا اليوم نجد أن هذه الهيئة وكأنها اليوم في سبات‬
‫عميق‪ ،‬إذ رغم تبني الحكومة العديد من المشاريع الضخمة في مختلف الميادين وشروعها في العديد من‬
‫اإلصالحات وما هو مرتبط بها من نفقات إضافية والتي تقدر بماليير الدوالرات ‪ ،‬غير أن مجلس‬
‫المحاسبة لم يذكر لنا في يوم أنه تدخل لتقييم التسيير الخاص بأي مشروع أو سياسة قادتها السلطة‬
‫التنفيذية‪.‬‬

‫إن هذه الظاهرة اليوم تبعث إلى العديد من التساؤالت المتعلقة بهذا الشأن‪ ،‬فهل هي رغبة‬
‫السلطات العمومية‪ 2‬في إبقاء هذه المؤسسة مهمشة ودون فاعلية تذكر أم أن هذا األمر يعود إلى ضعف‬
‫التأطير والتكوين في هذا المجال‪ ،‬وعلى العموم كال السببين ساهم في الحول دون الوصول إلى الهدف‬
‫المنتظر من هذه الهيئة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬طرق الطعن في ق اررات مجلس المحاسبة‪:‬‬

‫يمكن الطعن في ق اررات مجلس المحاسبة وفقا لما جاء به األمر ‪ 19-00‬فباإلمكان طلب‬
‫المراجعة‪ ،‬االستئناف وأخي ار الطعن‪.‬‬

‫‪ -1‬المراجعة‪:‬‬

‫ق اررات مجلس المحاسبة قابلة للمراجعة‪ ،‬حيث يمكن تقديم طلب المراجعة من المتقاضي المعني‬
‫أو السلطة السلمية أو الوصية التي يخضع لها أو من قبل الناظر العام استنادا للمادة ‪ 291‬من القانون‬
‫‪ .19-00‬وتكون المراجعة في حالة األخطاء‪ ،‬اإلغفال أو التزوير‪ ،‬االستعمال المزدوج أو ظهور عناصر‬
‫جديدة تبين ذلك‪.‬‬

‫وتكون المراجعة تلقائية من قبل الغرفة أو الفرع الذي أصدر القرار‪.‬‬

‫يوجه طلب المراجعة إلى رئيس مجلس المحاسبة في أجل أقصاه سنة واحدة من تاريخ تبليغ‬
‫القرار‪ ،‬مرفوقا بالوقائع واألسباب التي استند إليها صاحب الطلب إلى جانب المستندات والوثائق الثبوتية‪.‬‬
‫وتتم دراسة الطلب من طرف الغرفة أو الفرع الذي صدرت عنه‪ ،‬بعدها يتم تعيين قاضي مختص من قبل‬

‫‪1‬‬
‫‪HAMIDI DAOUDI : la rénovation du contrôle supérieur des finances publiques –les pratiques exemplaires-,‬‬
‫‪revue IDARA n° 37 , 2009, p7.‬‬
‫‪2‬‬
‫يرى الكثير من النقاد أن مجلس المحاسبة اليوم همش برغبة من السلطات العمومية منذ سنة ‪ 1999‬حيث صرح البعض أن هذه الهيئة أحيلت‬
‫على فترة الشيخوخة منذ هذه السنة‪ ،‬بعد أن تم تهميشها وتجاهلها‪ ،‬حيث رفضت السلطات العمومية نشر التقارير السنوية للمجلس في الجريدة‬
‫الرسمية بالرغم من أنها إجراء قانوني ملزم‪ ،‬كما تم تجميد القانون األساسي لقضاة المجلس‪ .‬وقد ذكرت نقابات مجلس المحاسبة في العديد من‬
‫المناسبات الوضعية الكارثية للمجلس‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫رئيس الغرفة يكلف بالنظر في الطلب ومدى صحته‪ ،‬يبلغ الملف بعد دراسته إلى الناظر العام الذي يدون‬
‫مالحظاته واستنتاجاته ويتم بعدها تحديد تاريخ الجلسة التي يشارك فيها صاحب الطلب‪.1‬‬

‫‪-2‬االستئناف‪:‬‬

‫يمكن كذلك لق اررات مجلس المحاسبة أن تكون محل استئناف‪ ،‬فبموجب المادة ‪ 297‬من األمر‬
‫‪00‬ـ‪ ،19‬فإن ق اررات مجلس المحاسبة قابلة لالستئناف من قبل المتقاضي المعني أو سلطته السلمية أو‬
‫الوصية أو الناظر العام في أجل أقصاه شهر واحد من تاريخ تبليغ القرار محل الطعن‪ .‬ويتم إيداع‬
‫عريضة االستئناف من قبل المعني أو ممثله القانوني لدى كتابة ضبط مجلس المحاسبة حيث ترفق‬
‫العريضة بعرض دقيق ومفصل للوقائع والدفوع المستند إليها‪ .‬وهنا يبرز الفرق بين المراجعة واالستئناف إذ‬
‫بينما لالستئناف أثر موفق لتنفيذ القرار موضوع الطعن‪ ،‬فإن المراجعة ليس لها هذا األثر‪.‬‬

‫ويتم دراسة الملف من قبل كل الغرف مجتمعة ما عدا الغرفة التي صدر عنها ويتم الفصل فيه‬
‫بموجب قرار‪ .‬ويتم تعيين مقرر من قبل رئيس مجلس المحاسبة‪ ،‬يقوم هذا المقرر بإعداد تقرير يتضمن‬
‫كل اقتراحاته‪ ،‬يسلمه على الناظر العام الذي يدون استنتاجاته الكتابية ليعيده إلى رئيس المجلس‪ ،‬هذا‬
‫األخير يحدد تاريخ الجلسة ويبلغ المستأنف بذلك‪ ،‬وتتم المداولة في هذا االستئناف ويتم اتخاذ القرار‬
‫بأغلبية األصوات‪.‬‬

‫‪ -3‬الطعن بالنقض‪:‬‬

‫يمكن أن تكون ق اررات مجلس المحاسبة الصادرة عن تشكيلة كل الغرف مجتمعة قابلة للطعن‬
‫بالنقض‪ 2‬أمام مجلس الدولة وهذا منذ صدور القانون ‪ 92-00‬المؤرخ في ‪ 59‬ماي ‪ 2000‬والمتعلق‬
‫بتنظيم وصالحيات مجلس الدولة‪ ،‬ويكون هذا الطعن طبقا لقانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬إذ يتم الطعن بطلب‬
‫من الشخص المعني أو ممثله القانوني أو بطلب من الوزير المكلف بالمالية أو السلطة السلمية أو‬
‫الوصية أو من طرف الناظر العام‪.3‬‬

‫في األخير نقول أنه ف ي نظام يعتمد على الفصل بين السلطات ال بد من وجود هيئة عليا مستقلة‬
‫تضمن الرقابة على كل هذه السلطات‪ ،‬هذا هو الدور الذي من المفروض أن يلعبه مجلس المحاسبة‬
‫باعتباره يمتلك صالحيات قضائية وأخرى إدارية‪ ،‬ومن هنا وبالنظر إلى كل ما تناولناه خالل هذا البحث‬
‫فإن الرق ابة التي يقوم بها مجلس المحاسبة هي رقابة مالية تتضمن المطابقة وكذا رقابة تقييمية ويظهر‬
‫هذا خاصة من خالل رقابة نوعية التسيير التي ال تكتفي بالمطابقة بل تتعداها إلى النظر في المالءمة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 290‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 229‬من األمر ‪00‬ـ‪ 19‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 152‬وما يليها من القانون ‪09‬ـ‪ 15‬المؤرخ في ‪ 20‬أوت ‪ 2009‬المتضمن تعديل قانون اإلجراءات المدنية‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫ومن هنا يجدر بنا القول بأن هذه الرقابة بإمكانها أن تكون فعالة أكثر إذا ما تخلصت من العيوب التي‬
‫تشوبها اليوم على رأسها غياب معايير هذا النوع من الرقابة التي يمكن تطبيقها‪ ،‬فالتسيير األمثل لموارد‬
‫الهيئات اإلدارية يصطدم في الغالب بعدم مرونة التنظيم اإلداري وعلى سبيل المثال فإن قانون الوظيف‬
‫العمومي ال يسمح بالتصرف في تعداد المستخدمين والكتلة األجرية‪ ،‬عكس المؤسسات االقتصادية التي‬
‫تحضي بحرية التحكم في المستخدمين وتكاليفهم وذلك عن طريق تقليص التعداد أو تخفيض األجور‪.1‬‬

‫يعمل مجلس المحاسبة من أجل تحقيق أهداف من بينها تشجيع االستعمال الفعال والصارم‬
‫للموارد والوسائل المادية واألموال العمومية‪ .‬وكذا ترقية إجبارية تقديم الحسابات وتطوير شفافية تسيير‬
‫المالية العمومية ومن هنا غير أنه في مجال الرقابة اإلدارية نجد أن مجلس المحاسبة ال يتخذ ق اررات‬
‫ملزمة وانما يتخذ توصيات غير ملزمة‪ .‬وهذا ال يسمح له بتحقيق هذه األهداف التي تشكل أهم أهداف‬
‫على مستوى أي نظام للرقابة على النفقات العمومية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى نجد أن هذه الهيئة رغم تمتعها باالستقاللية وباعتبارها هيئة عليا إال أنها غير‬
‫مستقرة تماما إذ غالبا ما يشن قضاة مجلس المحاسبة اإلضرابات التي تؤدي إلى تعطيل العديد من المهام‬
‫المسندة إلى هذه الهيئة‪.‬‬

‫كذلك فيما يتعلق بإعداد التقرير السنوي‪ ،‬نجد أن مجلس المحاسبة لم يقم بإعداد هذا التقرير سوى‬
‫لمرة واحدة فقط هي في ‪ 2000‬ويعتبر هذا التقرير وثيقة هامة إذ يبين كل المعاينات والمالحظات‬
‫والتقييمات الناجمة عن أشغال وتحريات مجلس المحاسبة رفقة اآلراء والمقترحات التي يرى من الواجب أن‬
‫يقدمها وكذا آراء وردود المسؤولين‪.‬‬

‫يساعد مجلــس المحاسبة الحكومة و الغرفتين التشريعيتين (المجلس الشعبي الوطني ـ مجلــس‬
‫األمــة ) في تنفيذ قوانين المالية‪ .‬يمكنه أن يستدعى من طرف رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو‬
‫رئيس المجموعة البرلمانية لدراسة الملفات ذات األهمية الوطنية‪ .‬يمكنه أن يستشار في المشاريع التمهيدية‬
‫للقوانين المتضمنة ضبط الميزانية و في المشاريع التمهيدية للنصوص المتعلقة باألموال العمومية‪ .‬يراقب‬
‫شروط استعمال وتسيير أموال الدولة و يقيم البرامج و السياسات العمومية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬رقابة برلمانية غير فاعلة‬

‫تسند الرقابة السياسية على المالية العمومية إلى البرلمان‪ ،‬هذا األخير ليس مكلفا فقط بالترخيص‬
‫لتحصيل اإليرادات وصرف النفقات بل مكلف أيضا بالرقابة على تنفيذها‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫مجلة الرقابة المالية الصادرة عن المجموعة العربية لألجهزة العليا للرقابة‪ ،‬العدد ‪ ،50‬سنة ‪ ،2000‬صفحة ‪.15‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Guy Durand : Finances publiques, LGDJ, p78.‬‬

‫‪103‬‬
‫في مخطط الرقابات على تنفيذ قانون المالية فإن الرقابة السياسية التي تمارس من قبل البرلمان‬
‫هي ا لتي تأخذ المرتبة األولى باعتبارها هي التي ترخص بتنفيذ عمليات اإليرادات والنفقات وسيرها ثم‬
‫االنتقال إلى اإلقرار بتنفيذ الميزانية‪ .‬وقد ظلت الرقابة البرلمانية مميزة بطابعها الشكلي لمدة طويلة وما‬
‫تزال كذلك اليوم‪.1‬‬

‫هدف الرقابة السياسية هو ضمان االستعمال األمثل لألموال العمومية وهذا طبقا للمواد ‪،00 ،09‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ 255 ،00‬و‪ 250‬من دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وكذا القانون العضوي ‪00‬ـ‪91‬‬
‫حيث تعتمد هذه الرقابة على الوسائل الموضوعة تحت تصرف البرلمان للرقابة وكذا اآلثار الناتجة عن‬
‫هذه الرقابة‪.‬‬

‫وعلى الرغم من وجود م ؤهالت دستورية واضحة‪ ،‬نرى أن الرقابة البرلمانية ال تحتل تلك المكانة‬
‫المنتظرة منها بل نستطيع القول أنها محيت تماما وعوضت برقابة إدارية على مختلف أنواعها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وسائل الرقابة البرلمانية‬

‫تعد الرقابة البرلمانية الحقيقية على تنفيذ الميزانية العامة ضرورة الزمة ألنها تحقق السيادة الشعبية‬
‫والتوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية‪ ،‬وترفع مستوى الحكم وتحافظ على المال العام من اإلسراف‬
‫والتبذير والسرقة ‪ ،‬فهي تمارس باسم الشعب مصدر كل السلطات ‪ ،‬فالشعب متحمل عبء تمويل الميزانية‬
‫العامة ومن حقه أن يراقب تنفيذ الموازنة العامة وفقاً لما أقره الدستور والقوانين واألنظمة سارية المفعول‪.‬‬

‫و يمتك البرلمان العديد من الوسائل الرقابية التي تسمح له بمتابعة تنفيذ الميزانية العامة للدولة‪،‬‬
‫لكن هذه الوسائل ال تستعمل في حقيقة األمر بجدية‪ .‬فالوسائل التي باإلمكان استعمالها كثيرة ومتاحة لكن‬
‫في حقيقة األمر هناك غياب تام لإلرادة السياسية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬لجان التحقيق كوسيلة للتحري البرلماني‬

‫إن سلطة التحقيق والتفتيش التي يمتلكها البرلمان في المجال المالي يفترض أن تكون من أهم‬
‫الوسائل التي تمكنه من ممارسة مهمة الرقابة هذه‪ ،‬ألنها تمكنه من تسليط الضوء على حقيقة تسيير‬
‫األموال العمومية‪ ،‬وذلك من خالل اطّالع ممثلي الشعب بأنفسهم على ما هو واقع في نطاق الجهاز‬
‫المؤسس الدستوري التحقيق البرلماني واكتفى بتحديد‬
‫ّ‬ ‫الحكومي ورصد أي مخالفات أو تجاوزات‪ .‬ولم يعرف‬
‫نطاقه‪ ،‬وهو ما يستشف من خالل قراءتنا للمادة ‪ 292‬من دستور ‪ ،32009‬ويقصد بالتحقيق البرلماني‬

‫‪1‬‬
‫عرفت الرقابة البرلمانية في فرنسا هي األخرى بطابعها الشكلي لمدة طويلة‪ ،‬لكنها في األعوام األخيرة تطورت مع وجود رغبة واضحة في استعادة‬
‫البرلمان لسلطاته المتعلقة بالرقابة على الميزانية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫القانون ‪00‬ـ‪ 91‬المؤرخ في ‪ 0‬مارس ‪ 2000‬يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة وكذا العالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة‪،‬‬
‫جريدة رسمية عدد ‪.15‬‬
‫‪3‬‬
‫أي وقت لجان تحقيق في قضايا ذات مصلحة عامة‪.‬‬
‫كل غرفة من البرلمان‪ ،‬في إطار اختصاصاتها‪ ،‬أن تنشئ في ّ‬
‫تنص المادة ‪ : 292‬يمكن ّ‬

‫‪104‬‬
‫رغبة السلطة التشريعية في اإلطالع على معلومات عن السلطة التنفيذية تتيح لها ممارسة صالحيتها مثل‬
‫تكليف لجنة من أعضائها بجمع المعلومات وتقديم تقرير تتخذه هذه السلطة على ضوئه القرار المناسب‪.‬‬

‫وحق السلطة التشريعية بتعين لجنة إلجراء تحقيق برلماني يأتي من الفكرة القائلة بأن كل سلطة‬
‫تشريعية مدعوة للفصل في قضية ما‪ ،‬يجب عليها أن تتزود بالمعلومات الكافية عن هذه القضية سواء‬
‫نص الدستور على التحقيق البرلماني أم لم ينص‪.‬‬

‫والهدف من استخدام التحقيق البرلماني الـتأكد من سير األعمال في مصالح الدولة وتوضيح‬
‫بعض القضايا التي تهم الرأي العام‪ ،‬وتثير التساؤل عما إذا كان ثمة تصرفات مشبوهة تستتبع مسؤولية‬
‫الو ازرة السياسية‪.1‬‬

‫و بالرجوع إلى الفقه فإننا نجد عدة تعريفات قدمت له وذلك من زوايا مختلفة ومن أهم هذه‬
‫التعريفات أنه‪" :‬وسيلة رقابية متعددة األطراف غير مقصورة كالسؤال على طرفيه وال فردية الطلب‬
‫كاالستجواب‪ ،‬وانما تتجاوز ذلك إلى البرلمان ككل من ناحية والجهاز الحكومي الذي يتقصى الحقائق عن‬
‫شأن يتعلق به‪ ،‬أو يتحرى عما وقع في نطاقه من مخالفات أو تجاوزات‪ ،‬من ناحية أخرى تعكس بذلك‬
‫رغبة البرلمان في أن يتوصل بنفسه إلى تلك الحقائق بإجراء تحقيق يستقصي من خالله ما يريد من‬
‫‪2‬‬
‫المعلومات الالزمة كي يقرر ما يشاء في شأن يدخل في نطاق االختصاص الحكومي‪.‬‬

‫فلجان التحقيق كوسيلة من الرقابة البرلمانية الفعالة ليست بحاجة إلى نص يقررها على اعتبار‬
‫أنها تستمد وجودها من الوظيفة التشريعية والرقابية للبرلمان‪ ،‬ألنها مرتبطة بنشاط النظام البرلماني كما هو‬
‫الشأن في بريطانيا و فرنسا‪ ،‬كما أكدت المحكمة العليا هذه الحق للكونغرس األمريكي ضمن وظائفه‬
‫الدستورية‪ ،‬في حين نجد أنظمة أخرى أكدت هذا الحق من خالل النص عليه صراحة في نصوصها‬
‫األساسية كما هو الشأن بالنسبة للجزائر‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫قائد محمد طربوش ‪ :‬السلطة التشريعية في الدول العربية ذات النظام الجمهوري‪ ،‬المؤسسة الجامعية لدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬طبعة أولى سنة‬
‫‪ ،2000‬ص‪.577‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد باهي أبو يونس‪ ،‬الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة في النظامين المصري والكويتي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،1991 ،‬‬
‫ص‪.290‬‬

‫‪3‬‬
‫إن هذه المهمة يجب أن توكل إلى مقرري اللجان الدائمة لكل من غرفتي البرلمان الذين يقومون بمتابعة تنفيذ وتسيير االعتمادات المخصصة‬
‫لكل و ازرة حسب تخصصهم‪ ،‬غير أننا ال نجد ذلك في النظم الداخلية للغرفتين وال في القانون العضوي ‪ ،91-00‬وذلك على خالف ما هو موجود‬
‫في فرنسا‪ ،‬أين يمنح القانون الداخلي للجمعية الوطنية طبقا للمادة ‪ 209‬منه لكل من المقررين الخاصين للجنة المالية باألخص إمكانية تحرير‬
‫تقارير استعالمية على طول السنة‪ ،‬ومجموعة من األسئلة حول التسيير المالي وتقييد االعتمادات التي ستيجل في قانون المالية‪ ،‬أو ما هو موجود‬
‫في بريطانيا أين تكتسي هذه اللجان أهمية بالغة في رقابة الجهاز الحكومي عن قرب‪ ،‬وتمثل لجنة المالية أهم لجان البرلمان التي تسهر على رقابة‬
‫النشاط الحكومي‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫إن التحقيق البرلماني هو الوسيلة األنسب التي تم ّكن البرلمان من الوقوف على حسن سير‬
‫األجهزة اإلدارية‪ ،‬من هذا المنطلق تتضح لنا األهداف المتوخاة من التحقيق البرلماني‪ ،‬والتي تتلخص‬
‫أساسا في إتاحة الفرصة ألعضاء البرلمان للتعرف على مدى انتظام سير مرفق من المرافق العامة أو‬
‫إدارة أو مصلحة عامة‪ ،‬والوقوف على أوجه التقصير أو االنحراف في المرافق وذلك بالوقوف على هذه‬
‫الحقيقة بنفسه إذا لم يقتنع بالمعلومات التي تقدمها الحكومة‪.‬‬

‫إن لجوء أعضاء البرلمان في النظام السياسي الجزائري إلى إنشاء لجان برلمانية للتحقيق حتى‬
‫يتمكنوا من الوصول إلى الحقائق بأنفسهم في مناسبتين‪ ،‬األولى عقب رد الحكومة على موضوع باستجواب‬
‫موجه لها من طرف أعضاء إحدى غرفتي البرلمان‪ ،‬والمناسبة الثانية في قضية ذات أهمية وطنية‪.‬‬

‫فالتحقيق هو وسيلة لتوسيع نطاق هذه العالقة واالستقصاء لدى كل األطراف المعنية باختالف‬
‫صفاتهم‪ ،‬وذلك عقب تفحص اإلجابات الحكومية التي لم تكن مقنعة‪.1‬‬

‫وعليه تعتبر هذه الوسيلة حاف از ألعضاء الحكومة بالحرص وايالء العناية الالزمة حين اإلجابة‬
‫على األسئلة أو االستجواب لتفادي تفاقم المسالة‪.‬‬

‫إن إنشاء هذه اللجان ال يتعلق أو يقتصر على استجواب الحكومة بل يمكن تحريك هذا اإلجراء‬
‫في أي وقت وبمناسبة أي قضية تمس بالمصلحة العامة بمفهومها الواسع‪ ،‬لكن السؤال المطروح هو‬
‫كيفية تحديد مفهوم المصلحة العامة وكذا الجهة التي من شأنها تكييف قضية ما على أنها تكتسي طابع‬
‫المصلحة العامة من عدمها‪.2‬‬

‫إن االحتمال الذي يمكن تصوره هو أن طابع المصلحة العامة يقع ضمن اختصاص مكتبي‬
‫غرفتي البرلمان‪ ،‬باعتبارهما يشرفان تقليديا على القبول من حيث الشكل لإلجراءات الواجب القيام بها‪.‬‬

‫إن الصياغة التي جاء بها الدستور ‪ 2009‬والتي فتحت المجال إلنشاء لجان التحقيق يصطدم‬
‫بمانع بارز ورد في القانون العضوي المحدد للعالقة بين الحكومة وغرفتي البرلمان‪ ،‬والذي نص في مادته‬
‫‪ 70‬على أنه ال يمكن إنشاء لجان تحقيق حول موضوع ال يزال محل نظر لدى الجهات القضائية‬
‫المختصة‪ .‬إن المبادرة بإنشاء لجان التحقيق هو حق مكرس دستوريا لكل من نواب المجلس الشعبي‬

‫‪1‬‬
‫نص النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني على أنه يمكن أن ينتهي االستجواب في حالة عدم اقتناع المجلس برد الحكومة إلى تكوين لجنة‬
‫تحقيق‪ ،‬وهو ما حدث بالفعل عقب عدم اقتناع النواب برد ممثل الحكومة على موضوع االستجواب المتضمن االعتداء على بعض نواب المجلس‬
‫الشعبي الوطني عند احتجاجهم على سير عملية االنتخابات المحلية التي جرت سنة ‪ ،2007‬وجاء في نص الالئحة المتضمنة طلب تشكيل لجنة‬
‫لردها الذي لم يكن مقنعا فإننا نطالب بتشكيل لجنة‬
‫تحقيق في عملية االعتداء على النواب مايلي‪..." :‬وبعد استجواب الحكومة واالستماع ّ‬
‫تحقيق‪ ،"...‬الجريدة الرسمية لمداوالت المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬رقم ‪ ،10‬المؤرخة في ‪.2007/22/10‬‬
‫‪ 2‬نصت المادة ‪ 90‬فقرة ‪ 91‬من القانون ‪ 90/09‬المؤرخ في ‪ 92‬مارس ‪ 2009‬المتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من قبل المجلس الشعبي الوطني‬
‫على أنه‪" :‬يقصد بالقضية ذات ا لمصلحة العامة كل قضية تعني من حيث أهميتها بصفة مباشرة أو غير مباشرة مصالح المجموعة الوطنية‬
‫والمواطن‪ ،‬طبقا لمبادئ الميثاق الوطني‪".‬‬

‫‪106‬‬
‫الوطني وأعضاء مجلس األمة في نطاق اختصاصهما‪ ،‬إذ نص دستور ‪ 2009‬في هذا اإلطار على‬
‫أنه‪":‬يمكن لكل غرفة من البرلمان في إطار اختصاصاتها أن تنشئ في أي وقت لجان تحقيق في قضايا‬
‫ذات مصلحة عامة‪ ".1‬وهو األمر الذي أكدت عليه معظم النظم الداخلية للمجالس النيابية التي عرفها‬
‫النظام السياسي الجزائري مع مالحظة اختفاء هذا الحق في النظام الداخلي للمجلس الوطني االنتقالي‬
‫على الرغم من أن دستور ‪ 2000‬كان ساريا في تلك الفترة‪.2‬‬

‫إن اإلجراءات المعمول بها حاليا في مجال إنشاء لجان التحقيق البرلماني تتسم بالبساطة إذا ما‬
‫قارناها مع تلك اإلجراءات الواردة في القانون رقم ‪ 90-09‬المؤرخ في ‪ 92‬مارس ‪ 2009‬المتعلق‬
‫بممارسة وظيفة المراقبة من قبل المجلس الشعبي الوطني‪ ،3‬ويمكن تلخيص هذه اإلجراءات فيما يلي‪:‬‬

‫تشكيل لجان التحقيق البرلماني‬ ‫‪-1‬‬

‫بناء على ما جاء في دستور ‪ 2009‬وطبقا للقانون العضوي ‪ 91-00‬المؤرخ في ‪ 91‬ماس‬


‫‪ 2000‬المحدد لتنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة وعملهما وكذا العالقات الوظيفية بينهما‬
‫وبين الحكومة‪ ،‬فإنه يتم إنشاء لجنة التحقيق من قبل المجلس الشعبي الوطني أو مجلس األمة بالتصويت‬
‫على اقتراح الئحة يودعها لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني أو مجلس األمة ويوقعها على األقل ‪19‬‬
‫نائبا أو ‪ 19‬عضوا من مجلس األمة‪.‬‬

‫إن هذا الشرط يهدف أساسا كما أشار إليه نواب المعارضة خالل جلسة مناقشة مشروع القانون‬
‫العضوي ‪ 91-00‬على منع المعارضة من ممارسة وظيفتها‪ ،‬وحقها في الرقابة والتحري‪ ،‬فال يمكن أن‬
‫يأخذ نواب األغلبية المبادرة بالتصويت على الئحة إنشاء لجنة للتحقيق حول عمل الحكومة التي‬
‫يساندونها‪ ،‬فإنشاء لجنة تحقيق يصطدم بظاهرة األغلبية التي ستوقف كل مبادرة تصب في هذا االتجاه‪،‬‬
‫لتجاوز ذلك اقترح السيد عبد السالم علي راشدي نائب بالمجلس الشعبي الوطني إعطاء كل مجموعة‬
‫برلمانية على األقل كل سنة الحق في تقرير إنشاء لجنة تحقيق أو أن يتفق سبع (‪ )7/2‬أعضاء المجلس‬
‫إنشاء لجنة تحقيق دون اللجوء إلى التصويت‪ ،‬هذه التقنية تقترب من تلك التي اقترحتها المجموعة‬
‫البرلمانية االشتراكية الفرنسية والتي بمقتضاها يطلب سنويا رئيس كل مجموعة برلمانية تسجيل اقتراح‬
‫الئحة في جدول األعمال يرمي إلى إنشاء لجنة تحقيق‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 292‬من دستور ‪.2009‬‬
‫‪2‬‬
‫عادل حابسة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪3‬‬
‫المواد من ‪ 21‬إلى ‪ 20‬من القانون ‪ 90-09‬المؤرخ في ‪ 92‬مارس ‪ 2009‬المتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من قبل المجلس الشعبي الوطني‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫كسير سليم‪ :‬البرلمان وقوانين المالية‪ ،‬رسالة ماجستير في القانون العام‪ ،‬فرع اإلدارة و المالية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ، 1992‬ص ‪.70‬‬

‫‪107‬‬
‫‪-2‬التعيين والعضوية في لجان التحقيق البرلماني‬

‫أكد القانون العضوي المحدد للعالقة بين غرفتي البرلمان والحكومة على تعيين أعضاء لجان‬
‫التحقيق من طرف غرفتي البرلمان‪ ،‬حسبما جاء في المادة ‪ 70‬والتي تنص على مايلي‪" :‬تعين كال‬
‫الغرفتين من بين أعضائها لجنة تحقيق حسب نفس الشروط التي تعين بها أعضاء اللجان الدائمة في‬
‫النظام الداخلي لكليهما‪ ".‬لكن التساؤل يثار حول عدد أعضاء هذه اللجان ؟ جرت التقاليد البرلمانية في‬
‫النظم السياسية المقارنة على تحديد الحد األقصى لعدد أعضاء لجان التحقيق وعلى هذا األساس حدد‬
‫النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني لسنة ‪ 2077‬الحد األقصى ألعضاء لجنة التحقيق بعشرة نواب‬
‫على األكثر(المادة ‪ ،)250‬في حين حدد النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني لسنة ‪ 2000‬ب ‪20‬‬
‫نائبا‪ ،‬أما القانون الداخلي للمجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة وكذا القانون العضوي المنظم للعالقة‬
‫بين غرفتي البرلمان والحكومة فلم يتطرق إلى هذا األمر وتم االكتفاء باإلشارة إلى أن التعيين يتم بنفس‬
‫الكيفية التي يعين بها أعضاء اللجان الدائمة في كال الغرفتين‪.1‬‬

‫وهو ما يجعلنا نستنتج بأن العدد يمكن أن يكون في حدود الحد األقصى للجان البرلمانية الدائمة‬
‫التي تدخل في مجال اختصاصها الموضوع المتعلق بالتحقيق‪ ،‬فإذا كان التحقيق مثال يتعلق بموضوع‬
‫مالي فإن الحد األقصى الذي يمكن تصوره هو الحد األقصى لعدد أعضاء لجنة المالية والميزانية للمجلس‬
‫الشعبي الوطني والمقدرة ب‪ 09‬نائبا‪.2‬‬

‫هذا وقد جرت الممارسة البرلمانية في الجزائر سواء في عهد الحزب الواحد أو في ظل التعددية‬
‫على قلة عدد أعضاء لجان التحقيق‪ .‬إن هذا العدد حسب رأينا يجب أن يتناسب و حجم الوقائع المراد‬
‫التحقيق بشأنها وكذا اتساع دائرة التحقيق‪.‬‬

‫أما العضوية فيها فقد أكدت النصوص القانونية صراحة اقتصارها على أعضاء البرلمان لكي‬
‫يستمد التحقيق صفة من يقوم به‪ ،‬دون أن يمنع ذلك استعانتهم بخبراء ومختصين لتسهيل عملهم واعطاء‬
‫البعد العملي لتدخلهم‪ ،‬لكن الملفت لالنتباه في هذا اإلطار هو استبعاده المبادرين بالئحة إنشاء لجنة‬
‫التحقيق من العضوية فيها‪ ،3‬هذا االستبعاد من شأنه أن يمنع النواب المبادرين بالئحة تشكيل لجنة‬
‫التحقيق من المساهمة في التحقيق على الرغم أنهم األدرى بخصوص التحقيق ومالبساته‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 290‬من القانون ‪ 91-00‬المحدد للعالقة بين غرفتي البرلمان والحكومة‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 50‬من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني ‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 02‬من القانون ‪ 91-00‬المحدد للعالقة بين غرفتي البرلمان والحكومة تنص على ‪ ":‬ال يعين في لجنة تحقيق النواب أو أعضاء مجلس‬
‫األمة الذي وقعوا الالئحة المتضمنة إنشاء هذه اللجنة‪".‬‬

‫‪108‬‬
‫بمجرد تحديد أعضائها تشرع اللجنة في وضع اإلطار التنظيمي لسيرها وذلك بانتخاب مكتبها‬
‫المكون من رئيس ‪،‬نائب رئيس ومقرر واعداد نظامها الداخلي وجدول أعمالها‪.1‬‬

‫‪ -3‬سلطات لجان التحقيق البرلماني‪:‬‬

‫بإمكان لجان التحقيق أن تستمع إلى أي شخص وأن تعاين أي مكان وأن تطلع على أية معلومة‬
‫أو وثيقة ترى أن لها عالقة بموضوع التحقيق‪ ،‬كما لها الحق أيضا في استدعاء كل شخص ترى بأن‬
‫هناك أهمية يقدمها للتحقيق عند االستماع إليه و تقديم شهادته‪ .‬يرسل بذلك رئيس المجلس الشعبي‬
‫الوطني أو رئيس مجلس األمة حسب الحالة إلى الوزير األول طلب االستماع إلى أعضاء الحكومة ويتم‬
‫باالتفاق معه ضبط برنامج االستماع إلى هؤالء األعضاء‪ ،‬كما يمكن أيضا توجيه االستدعاءات إلى‬
‫إطارات المؤس سات واإلدارات العمومية مرفقا ببرنامج المعاينات وذلك عن طريق السلطة السلمية التي‬
‫يتبعونها‪ .‬هذا ويعد عدم االمتثال أمام لجنة التحقيق تقصي ار جسيما يدون في التقرير وتتحمل السلطة‬
‫السلمية المعنية كامل مسؤولياتها‪.2‬‬

‫على الرغم من تأكيد القانون على ضرورة االمتثال أمام لجنة التحقيق إال أن لجان التحقيق ليس‬
‫من صالحياتها تقرير العقوبات وال حتى تحريك الدعوى الجزائية‪ ،‬ألن هذه الصالحية تعود إلى رئيس‬
‫المجلس‪ ،‬األمر الذي قد يؤدي إلى إضعاف موقف اللجنة‪ ،3‬هذا وقد أثبتت الممارسة البرلمانية بأن لجان‬
‫التحقيق التي أنشأها المجلس الشعبي الوطني قد واجهت بعض الرفض من طرف بعض الهيئات‬
‫واألشخاص في تقديم بعض الوثائق أو حتى المثول أمامها‪.4‬‬

‫إن القاعدة العامة في الممارسة البرلمانية الجزائرية تقتضي أن يكون التحقيق محاطا بالسرية وهو‬
‫ما أشارت إليه المادة ‪ 01‬من القانون العضوي ‪ 91-00‬ذلك أنه يتعين على أعضاء لجنة التحقيق أن‬
‫يتقيدوا بالسرية في تحرياتهم ومعامالتهم ومناقشاتهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عادل حابسة‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.138‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 05‬من القانون ‪. 91-00‬‬
‫‪3‬‬
‫على خالف القانون ‪ 91-00‬المحدد للعالقة بين غرفتي البرلمان والحكومة فإن القانون ‪ 90-09‬المتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من قبل‬
‫المجلس الشعبي الوطني حدد بدقة اإلجراءات المتبعة في حالة عدم االمتثال أو رفض اإلدالء بشهادته للجان التحقيق حيث جاء في المادة ‪ 17‬منه‬
‫أو الذي يرفض اإلدالء بشهادته يعاقب ‪ ،‬باستثناء األحكام المتعلقة بالكتمان التام‬ ‫فقرة ‪ 5‬و ‪":0‬أن الشخص الذي ال يمثل بدون مبرر مشروع‬
‫ألسرار الدفاع الوطني وحدها وفقا للمادة ‪ 07‬من قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬وفي حالة اإلدالء بشهادة الزور أو إغراء أو ترهيب الشهود تطبق‬
‫أحكام المادتين ‪ 150‬و ‪ 159‬من قانون العقوبات"‪ .‬كما أشارت المادة ‪ 10‬من نفس القانون على أنه‪":‬كل شخص يقوم بترهيب نائب‪ ،‬عضو لجنة‬
‫التحقيق أو مراقبة أو يمارس الضغط عليه لجعله يتراجع من إجراء التحقيق أو ما يحمله على تغيير مضمون معانيه‪".‬‬
‫أما المادة ‪ 10‬من القانون ‪ 90-00‬دائما فقد حددت اإلجراءات العملية لتفعيل هذه العقوبات إذ جاء فيها ‪ ":‬تباشر الدعوى القضائية في الحاالت‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 17‬و ‪ 10‬أعاله من قبل رئيس المجلس الشعبي الوطني بناءا على طلب مكتوب من رئيس لجنة التحقيق أو المراقبة‪".‬‬
‫‪ -4‬عمار عباسي ‪ :‬الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة في النظام الدستوري الجزائري‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪ ، 1999 ،‬ص ‪.210‬‬

‫‪109‬‬
‫إن هذه القاعدة ال تجد تطبيقا لها في عدة دول السيما في الواليات المتحدة األمريكية أين يحضى‬
‫عمل لجان التحقيق باإلشهار الواسع وخير مثال على ذلك قضية (‪ )Watergate‬التي عملت تحت أعين‬
‫وأنظار إعالميين من المستمعين والمشاهدين‪ ،‬كذلك الحال بالنسبة لفرنسا إذ أن الجلسات المخصصة‬
‫لالستماع تكتسي طابع الواقعية والشفافية إذ أن المادة ‪ 92/201‬من النظام الداخلي للجمعية الوطنية‬
‫الفرنسية ترخص بالبث التلفزيوني ألشغال لجان التحقيق و ذلك لضمان إشهار واسع ألشغالها وكذا‬
‫السماح للمواطن بأن يكون شاهد عيان على مدى الرقابة البرلمانية‪ ،‬فاستناد اللجنة على الرأي العام من‬
‫شأنه تشكيل وسيلة ضغط على السلطة التنفيذية‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬قانون ضبط الميزانية كآلية للرقابة الالحقة‬

‫تتم الرقابة بعد تنفيذ قانون المالية عن طريق قانون ضبط الميزانية‪2‬وهو وسيلة سياسية ذات أهمية‬
‫بالغة حيث يقوم البرلمان بالحكم في سياسة الحكومة‪ .‬وقد أقر الدستور الجزائري في المادة ‪ 299‬من‬
‫‪ " 2009‬تقدم الحكومة لكل غرفة من البرلمان عرضا عن استعمال االعتمادات المالية التي‬ ‫دستور‬
‫أقرها لكل سنة مالية وتختتم السنة المالية فيما يخص البرلمان بالتصويت على قانون يتضمن تسوية‬
‫ميزانية السنة المالية المعنية من قبل كل غرفة من البرلمان"‪.‬‬

‫ومع تطور صالحيات البرلمان‪ ،‬فإن التصويت على الميزانية عرف نوعا من الالمباالة حيث‬
‫أصبح تقليدا وشكلية سنوية تم إفراغها من محتواها األصلي‪.‬‬

‫وقد نصت المادة الخامسة من القانون ‪ 27-00‬على أنه يشكل قانون ضبط الميزانية الوثيقة التي‬
‫يثبت بمقتضاها تنفيذ قانون المالية وعند االقتضاء قوانين المالية التكميلية أو المعدلة الخاصة بكل سنة‬
‫‪3‬‬
‫مالية‪.‬‬

‫‪-1‬سليم كسير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.70‬‬


‫‪2‬‬
‫تعود أصول قانون ضبط الميزانية إلى المادة ‪ 20‬من التصريح بالحقوق المؤرخ في ‪ 19‬أوت ‪ ،2700‬هذا النص الذي طالما كانت الرغبة في‬
‫تطبيقه حيث في تلك الحقبة غياب روح الرقابة على اإلنفاق‪ ،‬حيث كان المبدأ السائد هو الخضوع للضريبة ‪، consentement à l’impôt‬‬
‫وكذلك غياب المبادئ التي تحكم الميزانية‪ :‬الوحدة‪ ،‬الشمولية‪ ... ،‬وقد تم تطبيق هذا النص في ‪ 20‬ماي ‪ 2020‬التي تبنى قانونا خاصا يقدم للغرف‬
‫قبل القانون السنوي للمالية وأن يتضمن تقديم الحسابات السنوية‪ ،‬أين عرف قانون ضبط الميزانية النور‪ .‬وقانون ضبط الميزانية في فرنسا اليوم تنص‬
‫عليه المادة الثانية من أمر ‪ 1‬جانفي ‪ 2000‬وتنص المادة ‪ 57‬من القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية المؤخ في ‪ 2‬أوت ‪ 1992‬على الهدف‬
‫من قانون ضبط الميزانية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫بمقارنة المادة الخامسة من القانون ‪00‬ـ‪ 27‬مع ما جاء في أمر ‪ 1‬جانفي ‪ 2000‬الفرنسي فإن النص الفرنسي يبرز أكثر أهمية حيث يوضح ان‬
‫األهمية من قانون ضبط الميزانية ‪« la loi de règlement constate les résultats financiers de chaque année civile et‬‬
‫‪approuve les différences entre les résultats et les prévisions de la loi de finances de l’année, complétée la cas‬‬
‫» ‪échéant, par des lois de finance rectificatives‬‬
‫كما أن المادة ‪ 57‬تنص‪« …arrêter le montant définitif des recettes et des dépenses du budget auquel elle se :‬‬
‫» …‪rapporte‬‬

‫‪110‬‬
‫يشكل قانون ضبط الميزانية النوع الثالث لقوانين المالية‪ ،1‬يحمل هذا القانون العديد من األوجه‬
‫الخاصة إذ من جهة يسمح بإعطاء أو وقف مبلغ اإليرادات والنفقات المحددة في الميزانية‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى فإن القانون يصحح التعديالت المتعلقة باالعتمادات والتي تنفذ خالل السنة بدون رخصة مسبقة أي‬
‫حالة تجاوز االعتمادات‪ ،‬أو إلغاء االعتمادات الذي لم يتم األخذ به‪ ،‬وأخي ار فإن قانون ضبط الميزانية‬
‫يحدد نتائج كل العمليات المتعلقة بتنفيذ قانون المالية وكذا عمليات الخزينة حيث يرخص بنقلها إلى‬
‫الحساب العام لكشوفات الخزينة‪.2‬‬

‫إن أهمية قانون ضبط الميزانية تكمن في التعرف على النتائج المالية المتعلقة بكل سنة مدنية‬
‫وتبين الفرق بين النتائج والتقديرات الذي كانت في قانون المالية السنوي أو التكميلي في بعض األحيان‪،‬‬
‫أو بمعنى آخر الهدف من قانون ضبط الميزانية هو معاينة المبلغ النهائي والفعلي لإليرادات المحصل‬
‫عليها وأوامر اإلنفاق المسجلة في نفس السنة‪ ،‬السماح بنقل نتائج السنة إلى الحساب الدائم لكشوفات‬
‫الخزينة‪ ،‬تعيين العجز أو الفائض الناتج عن الفرق بين اإليرادات والنفقات للميزانية العامة‪ ،‬األرباح أو‬
‫الخسائر المعاينة في تنفيذ الحسابات الخاصة للخزينة‪ ،‬األرباح والخسائر المعاينة في تسيير عمليات‬
‫الخزينة‪.3‬‬

‫غير أنه ولألسف قانون ضبط الميزانية الذي يمكن البرلمان من رقابة أفعال الحكومة من خالل‬
‫المصادقة عليه لم يتم إعداده في الجزائر سوى مرتين كانت في ‪ 2000‬و‪ ،2007‬وهذا ما يسمح لنا‬
‫بالقول بانعدام رقابة الحقة برلمانية على المالية العمومية‪.‬‬

‫و مع التغيير الذي ط أر على تنظيم اإلدارة المركزية بو ازرة المالية‪ 4‬فإنه تم استحداث مدرية فرعية‬
‫مكلفة بإعداد مشروع قانون ضبط الميزانية على مستوى مديرية التنظيم والتنفيذ المحاسبي للميزانيات‬
‫بالمديرية العامة للمحاسبة‪ ،‬قامت هذه المديرية الفرعية بإعداد مشروع قانون ضبط الميزانية لسنة ‪1990‬‬

‫يبرز النص الفرنسي األهمية من وضع قانون ضبط الميزانية إذ يوضح إمكانية إجراء المقارنة واثبات وجد الفرق بين النتائج والتقديرات‪ ،‬عكس‬
‫النص الجزائري الذي ال يوض ح هذه األهمية رغم أنه مستوحى من النص الفرنسي‪ .‬أما النص الثاني فيصرح بالقول أن قانون ضبط الميزانية يحدد‬
‫المبلغ الحقيقي لإليرادات والنفقات للميزانية التي يتعلق بها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫المادة الثانية من القانون ‪00‬ـ‪.27‬‬
‫‪2‬‬
‫‪M.BOUVIER, M. ESCLASSAN, J. LASSALE: Op.cit., p 428.‬‬
‫‪3‬‬
‫يتم إعداد قانون ضبط الميزانية في فرنسا من قبل الحكومة يمساعدة مجلس المحاسبة ألن المادة ‪ 59‬أمر ‪ 2000‬تنص على أن قانون ضبط‬
‫الميزانية يتضمن كل الملحقات من بينها تقرير مجلس المحاسبة والتصريح العام بالمطابقة‪ ،‬كما أن النص ذاته يؤكد أن هذا القانون يتم إيداعه‬
‫وتوزيعه قبل نهاية السنة التي تلي سنة تنفيذ الميزانية‪ ،‬وقد تم احترام هذا األجل منذ ‪ 2099‬لكن في الواقع ال يتم مناقشة هذا القانون مباشرة بعد‬
‫إيداعه وانما يتم ذلك في دورة الربيع أي بعد مناقشة قانون المالية السنوي للسنة المقبلة وهذا غير محبذ من قبل الكثير ألنه من أجل استخراج‬
‫النقائص و العبر المفيدة وتطبيقها في السنة المالية الحلية والمقبلة البد من تقديم أجل إيداع هذا القانون لدى البرلمان‪ .‬يبقى القول أن التصويت‬
‫على قانون ضبط الميزانية هو تصويت شكلي و البرلمانيين ال يستعملونه كأداة حقيقية للرقابة‪ .‬يبقى القول أن التصويت على قانون ضبط الميزانية‬
‫هو تصويت شكلي و البرلمانيين ال يستعملونه كأداة حقيقية للرقابة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 590-97‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 1997‬يتضمن تنظيم اإلدارة المركزية في و ازرة المالية‪ ،‬جريدة رسمية عدد‪.70‬‬

‫‪111‬‬
‫الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني ‪ ،‬يوم الخميس ‪ 19‬جانفي ‪ 1922‬في جلسة عامة ترأسها عبد‬
‫العزيز زياري رئيس المجلس بحضور أعضاء من الحكومة‪.‬‬

‫ويبقى القول أن هذه الخطة إيجابية رغم علمنا بمستوى البرلمانيين الذين أبدا ليس في إمكانهم‬
‫التحكم في هذه المادة باعتبارها تحتاج إلى مختصين في هذا المجال الذي تتقنه السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫يعتبر االستجواب البرلماني للحكومة أكثر شدة وقوة من األسئلة الكتابية والشفوية‪ ،‬ألنه يتضمن‬
‫سؤال مصحوب باتهام ونقد وحساب للحكومة عن تصرفاتها في قضية من قضايا الساعة الوطنية وفي‬
‫نطاق تطبيق برنامجها المصادق عليه من طرف البرلمان الذي يعد ميثاقا وعقدا سياسيا بين البرلمان‬
‫والحكومة‪.‬‬

‫واألساس الدستوري لالستجواب كرسته المادة ‪" 255‬يمكن أعضاء البرلمان استجواب الحكومة في‬
‫إحدى قضايا الساعة‪ .‬وقد تطرقت أحكام المادتان ‪ 97 ،90‬من القانون العضوي ‪ 91-00‬المذكور سابقا‬
‫على ضبط اإلجراءات القانونية والتفصيلية لممارسة الوسيلة كما يحدد النظامين الداخليين لغرفتي البرلمان‬
‫أكثر تفصيل في تحديد الشكليات واإلجراءات الداخلية لتطبيق أحكام هذه المواد‪.‬‬

‫يمكن ألعضاء البرلمان بغرفتيه توجيه األسئلة الشفوية أو الكتابية إلى الحكومة ويمكن الجواب‬
‫عن السؤال الكتابي كتابيا خالل أجل أقصاه ‪ 59‬يوم وتتم اإلجابة عن األسئلة الشفوية وفقا للضوابط‬
‫واإلجراءات المقررة في أحكام المواد ‪ 09 ،70‬من القانون العضوي رقم ‪.91/00‬‬

‫وتعتبر هذه الوسيلة أكثر الوسائل الرقابية البرلمانية ممارسة وتطبيقا في النظم البرلمانية المقارنة‬
‫وفي البرلمان الجزائري وذلك لألسباب والمبررات الموضوعية ‪.‬‬

‫ويمكن توجيه األسئلة الشفوية كل ‪ 20‬يوم خالل دورتي البرلمان العاديتين أما األسئلة الكتابية‬
‫فيمكن توجيهها في أي وقت إلى أحد أعضاء الحكومة وهذا وفقا لإلجراءات التي نصت عليها المادة ‪79‬‬
‫من القانون ‪.91-09‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬محدودية الرقابة البرلمانية‬

‫تظهر أهمية الرقابة بوضوح من خالل تنفيذ النصوص الدستورية والقانونية المختلفة والتي تحدد‬
‫العالقة بين الرقابة البرلمانية وهيئاتها من جهة وسلطات الدولة الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬وتهدف الرقابة البرلمانية إلى تحقيق المشروعية في عملية تنفيذ الميزانية والتوافق مع نصوص‬
‫الدستور‪ ،‬القوانين واألنظمة المعمول بها‪ ،‬إال أن المالحظ هو أن دور البرلمان في مراقبة تنفيذ ميزانية‬
‫الدولة يبقى محدودا وهو ما سنتعرض له من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫‪112‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬غياب تام للجان التحقيق البرلماني‬

‫إن األصل في الرقابة البرلمانية هو اتساع نطاقها ليشمل كافة عمل السلطة التنفيذية سواء كانت‬
‫سياسية أو إدارية‪ ،‬انطالقا م ن هذا األساس فقد أكدت النصوص القانونية المنظمة للجان التحقيق على أن‬
‫البرلمان ينشئ في إطار اختصاصاته وفي أي وقت لجان التحقيق في القضايا ذات المصلحة العامة‪ ،‬لكن‬
‫المالحظة التي تثار بهذا الشأن هو إرادة المؤسس الدستوري في نص المادة ‪ 202‬من دستور ‪2009‬‬
‫والمشرع في المادة ‪ 79‬من القانون العضوي ‪ 91-00‬حصر نطاق اللجان البرلمانية في اختصاصات‬
‫البرلمان‪ .‬ومن هنا تبرز بعض الحدود الموضوعة على عملية التحقيق البرلماني‪.‬‬

‫حصر مجال تدخل لجان التحقيق البرلماني وسلطاتها‬ ‫‪-1‬‬

‫ينصب التحقيق البرلمان على األجهزة اإلدارية والمصالح والهيئات العمومية إلى جانب‬
‫األشخاص المعنوية التي تسير المرافق العمومية‪ ،‬دون أن يشترط الركن الشرعي في موضوعه أي ال‬
‫يشترط في التحقيق أن يكون هناك مخالفة للقواعد القانونية السارية في الدولة كما هو الشأن في التحقيقات‬
‫القضائية‪ ،‬ألن الهدف من التحقيق ليس بالضرورة تجريم السلطة التنفيذية بل يمكن أن يكون وراء ذلك مد‬
‫البرلمان بالمعلومات الضرورية حول موضوع التحقيق إذ لم تتمكن الحكومة من توفير هذه المعلومات أو‬
‫نظ ار لعدم اقتناع البرلمان بما تم تقديمه‪ ،‬وعلى هذا األساس فانه يمكن للجنة التحقيق أن تستمع ألي‬
‫شخص أو تعاين أي مكان وأن تطلع على أية معلومة أو وثيقة ترى أن لها عالقة بموضوع التحقيق‪.1‬‬

‫إن هذا الحق يصطدم بالقيود التي أوردتها المادة ‪ 00‬من القانون ‪ 91-00‬المحدد للعالقة بين‬
‫غرفتي البرلمان والحكومة‪ .2‬إذ تم استبعاد الوثائق التي تكتسي طابع سريا واستراتيجيا وبالتالي فان عملية‬
‫التحقي ق ال تنصب على بعض المواضيع التي لها عالقة بالدفاع الوطني والمصالح الحيوية لالقتصاد‬
‫الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي‪.‬‬

‫إن هذه النقطة كانت محل انتقاد واستفسار من قبل النواب بمناسبة مناقشة قانون ‪91-00‬‬
‫واعتبروا بأن هناك نية للحكومة في وضع العراقيل المختلفة للمجلس واعاقته عن أداء مهمته الرقابية‪.‬فإذا‬
‫كان استبعاد مجال الدفاع الوطني فهذا مقبول أما المصالح الحيوية لالقتصاد الوطني و أمن الدولة‬
‫الداخلي والخارجي فيشكل إخراجها من مجال تدخل لجان التحقيق تقليصا لسلطات البرلمان في رقابة‬
‫‪3‬‬
‫الحكومة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عادل حابسة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪ 91-00‬المحدد للعالقة بين غرفتي البرلمان والحكومة على‪":‬يخول للجنة التحقيق االطالع على أية‬ ‫‪ -2‬تنص المادة ‪ 00‬من القانون العضوي‬
‫وثيقة وأخذ نسخ منها ما عدا تلك التي تكتسي طابعا سريا أو استراتيجيا يهم الدفاع الوطني والمصالح الحيوية لالقتصاد الوطني وأمن الدولة الداخلي‬
‫والخارجي‪ .‬يجب أن تكون االستثناءات الواردة في الفقرة األولى مبررة و معللة من طرف الجهات المعنية‪".‬‬
‫‪3‬‬
‫عادل حابسة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.140‬‬

‫‪113‬‬
‫هذه واعتبر مقران آيت العربي في تدخله أثناء مناقشة القانون العضوي ‪ 91-00‬على أن أعضاء‬
‫لجنة التحقيق عقالء مثل أعضاء الحكومة تماما يمكنهم تقدير المسائل اإلستراتيجية والوثائق التي يمكن‬
‫االطالع عليها وأخذ نسخ منها دون المساس بمصالح البالد ويمكن أن توكل لهم سلطة تقدير مدى‬
‫خطورة الوثيقة ومنع تسريبها ونشرها حفاظا على مصالح البالد‪.1‬‬

‫‪ -2‬العائق البسيكولوجي و اإلجرائي‬

‫ويبرز من تركيبة النظام السياسي نفسه سواءا في ظل التعددية أو في عهد األحادية الحزبية‬
‫فخالل مرحلة الحزب الواحد كان يتولد لدى النواب شعور بالخوف من امكانية مضايقة الحكومة في حالة‬
‫اللجوء الى تشكيل لجنة تحقيق‪ ،‬هذه الحكومة التي يفترض فيهم مساندتها‪ ،‬على اعتبار أن التحقيق‬
‫البرلماني وعلى العكس من االسئلة‪ ،‬يعتبر اشارة بعدم مساندة الحكومة‪ ،‬ومن هنا يمكن تفسير عزوف‬
‫النواب عن تشكيل لجان التحقيق ولعل اكبر دليل هو مالحظة كيف أن المبادرة بتشكيل لجان للتحقيق‬
‫خالل مرحلة التعددية كانت من طرف نواب المعارضة‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس لم تشهد الممارسة البرلمانية في الجزائر تشكيل أي لجنة للتحقيق في عهد‬
‫المجلس الوطني التأسيسي وكذا في فترة المجلس الوطني في ظل دستور ‪ .2095‬في حين تم تشكيل أربع‬
‫لجان للتحقيق خالل الفترات التشريعية الثالث للمجلس الشعبي الوطني و الممتدة من ‪ 2077‬الى ‪،2002‬‬
‫حيث يظهر وأن العائق البسيكولوجي قد تدنى وتطور معه تصرف النواب تطو ار محسوسا‪ .‬ففي الوقت‬
‫الذي لم تنشأ فيه أية لجنة تحقيق أو مراقبة في فترة حكم الرئيس "هواري بومدين" إال أنه بعد وصول‬
‫الرئيس " الشاذلي بن جديد" إلى الحكم تحرر النواب أكثر‪ ،‬وبادروا بتشكيل أربع لجان للتحقيق في قضايا‬
‫وطنية هامة‪.‬‬

‫إال أنه تبين بأن لجوء النواب لتشكيل لجان للتحقيق خاصة قبل ‪ ،2000‬كان الهدف منه محاولة‬
‫تبرئة ذمة الحكومة وتلميع صورة النظام السياسي القائم أكثر منه تنوي ار ال أري العام ومد البرلمان‬
‫بالمعلومات الكافية لمراقبة الحكومة‪ .‬إذ كانت تنشأ لجان للتحقيق بهدف تدعيم السياسة العامة للحكومة‪،‬‬
‫عوض البحث عن إثبات مسؤوليتها السياسية وفي هذا اإلطار فقد تم تشكيل لجنتي التحقيق في قضيتي‬
‫"الباسو وتسيير الشركة الوطنية لألشغال البحرية" في إطار سياسة الحكومة الرامية لمحاربة الرشوة وسوء‬
‫التسيير في القطاع االشتراكي‪.‬‬

‫ولم تكتف السلطة التنفيذية بهذا بل أنها أقحمت نفسها مع مكتب المجلس الشعبي الوطني حتى‬
‫في تعيين أعضاء لجان التحقيق ولو بصفة غير مباشرة‪ ،‬ويتعلق األمر هنا بالنواب المحققين األعضاء‬
‫في لجنتي قضيتي "الباسو وتسيير الشركة الوطنية لالشغال البحرية "‪ ،‬األمر الذي قلل من فعالية نتائج‬

‫‪ -1‬عقيلة خرباشي‪ ،‬العالقة الوظيفية بين الحكومة والبرلمان‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪ ،2007،‬ص‪.200‬‬

‫‪114‬‬
‫التحقيق‪ ،‬وهو ما حاول بعض النواب التذكير به خالل مناقشة النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني‬
‫لسنة ‪.2007‬‬

‫ومن ثم فالسلطة التنفيذية كانت تدفع إلى إنشاء لجان التحقيق وتساهم في اختيار تركيبتها‬
‫العددية‪ ،‬هذا التدخل المزدوج حال دون شك في فعالية لجان التحقيق وتحقيقها لهدفها الرقابي‪ ،‬فتحولت‬
‫إلى مساند ومبرر لسياسة الحكومة‪ ،‬عكس ما هو عليه الحال في النظم البرلمانية العريقة والنظام السياسي‬
‫للواليات المتحدة األمريكية أين تلعب لجان التحقيق دو ار بار از في إعالم النواب وكذا الرأي العام‪ .‬وفي هذا‬
‫اإلطار فقد أكد تقرير لجنة التحقيق في قضية الباسو على مساندة المجلس الشعبي الوطني بكل وضوح‬
‫لسياسة الحكومة‪ ،‬وتدعيمه دون تحفظ لجهود القيادة السياسية الرامية إلى تثمين سعر المحروقات وخاصة‬
‫منها الغاز الطبيعي‪.‬‬

‫‪-3‬عدم نشر تقارير لجان التحقيق‪:‬‬

‫من خالل قراءة المواد المتعلقة بنشر تقارير لجان التحقيق البرلمانية والتي تضمنتها النظم الداخلية‬
‫للمجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة وكذا القانون العضوي المحدد للعالقة بين الحكومة وغرفتي‬
‫البرلمان يتضح لنا بأن هذه النصوص وضعت بطريقة من شأنها أن تحول دون نشر تقارير لجان‬
‫التحقيق‪ .‬خاصة إذا تعلق األمر بتلك التقارير التي يمكن أن تدين الحكومة القائمة‪ ،‬كما هو الشأن‬
‫بالخصوص لتقرير لجنة التحقيق في التجاوزات التي عرفتها االنتخابات المحلية لسنة ‪ 2007‬و التي كان‬
‫يمكن لنشر تقريرها آن يورط الحكومة القائمة ويطعن في تشكيلة مجلس األمة الذي كان يتكون ثلثي‬
‫أعضائه من منتخبين في المجالس الشعبية البلدية و الوالئية المعنية بالتزوير‪.‬‬

‫في هذا اإلطار جاء في القانون العضوي المحدد للعالقة بين الحكومة وغرفتي البرلمان على أنه‬
‫يمكن أن يقرر المجلس الشعبي الوطني أو مجلس األمة نشر التقرير كليا أو جزئيا بناء على اقتراح من‬
‫مكتبه ورؤساء المجموعات البرلمانية بعد رأي الحكومة‪ ،‬ويتم البت في ذلك بأغلبية األعضاء الحاضرين‬
‫إثر عرض موجز يقدمه مقرر لجنة التحقيق ويبين فيه الحجج المؤيدة أو المعارضة لنشر التقرير كليا أو‬
‫جزئيا ويمكن للغرفتين عند االقتضاء فتح مناقشة في جلسة مغلقة بخصوص نشر التقرير‪.‬‬

‫ويظهر من هذا النص أن غرفتي البرلمان ال تملكان السيادة في نشر التقرير الذي أعدته لجانهما‬
‫للتحقيق‪ ،‬على اعتبار أن الحكومة يجب أن تستشار قبل النشر‪ .‬نقول هذا على الرغم من أنه يظهر من‬
‫خالل صياغة النص أن رأي الحكومة غير ملزم وانما تستشار على اعتبار أنها طرفا في التحقيق‪.‬‬

‫نقول هذا ألن الصياغة األصلية لهذا النص من القانون العضوي‪ ،‬كانت تقضي بأنه ال يمكن‬
‫نشر تقارير لجان التحقيق إال بعد األخذ برأي الحكومة‪ ،‬األمر الذي أدى بأحد النواب إلى التساؤل " أين‬

‫‪115‬‬
‫هي مصداقية المجلس أو مصداقية الشعب إن كنا تحت وصاية الحكومة بحيث يفرض علينا انتظار‬
‫اإلشارة منها لنتحرك"‪.‬‬

‫مما سبق يتبين لنا أن الحكومة وعلى الرغم من أن رأيها حول نشر التقرير من عدمه يعتبر رأيا‬
‫استشاريا ال يلزم الغرفة المعنية بالتحقيق من الناحية القانونية إال أنه من الناحية الواقعية يعتبر رأيا ملزما‬
‫خاصة عندما تكون أغلبية المجلس مساندة للحكومة وبالتالي فالحكومة ستوافق على نشر التقرير متى‬
‫كان يخدم مواقفها ويبرر سياسته‪ ،‬وتعترض عليه متى كان من شان نتائجه أن تضايقها وتؤثر على‬
‫مكانتها في مواجهة الرأي العام‪ .‬كما يبدو غريبا أن البرلمان يبذل جهودا مضنية من أجل إنشاء لجنة‬
‫تحقيق وبعد ذلك يتردد في نشر تقريرها ونتائج تحرياتها على الرغم من أن النموذج الفرنسي الذي تأثر به‬
‫واضعو النظم الداخلية للبرلمان الجزائري انتقد انتقادا الذعا من طرف الفقهاء ومن ثم يثور التساؤل عن‬
‫سبب التحفظ من النشر إذا كانت لجنة التحقيق أو حتى المجلس في مجموعه ليس بإمكانه أن يصدر‬
‫ق اررات بل مجرد توصيات‪ .‬من ثم فمصير تقرير اللجنة يتوقف على المتابعة التي تنوي الحكومة إعطاءها‬
‫له‪ .‬فبعد إعالمها بنتائج لجان التحقيق تبقى الحكومة حرة في العمل بتنفيذها أو رفضها‪ ،‬وقد أثبتت‬
‫الممارسة البرلمانية في الجزائر كيف أن الحكومة لم تأخذ بتوصيات لجان التحقيق فقد أوصت لجنة‬
‫التحقيق في قضية الباسو بإنشاء جهاز مختص في اقتراح التصحيحات الواجب األخذ بها بناءا على‬
‫تطور سوق الطاقة للحفاظ على مصالح الدولة الجزائرية‪ ،‬وعلى الرغم من أهمية هذه التوصية إال أنها لم‬
‫تؤخذ بعين االعتبار في حينها‪.‬‬

‫وعلى الرغم من كل الدالئل تبين قلة فعالية لجان التحقيق في النظام الجزائري إال أن هذا لم يمنع‬
‫من وجود بعض التأثيرات الجانبية لنتائج تقارير بعض لجان التحقيق من خالل ما يمكن تسريبه للصحافة‬
‫التي بدورها تن قل التقارير إلى المواطن مما يستوجب تدخل الهيئات المختصة لحل المشكل الذي حققت‬
‫فيه لجنة التحقيق من أجل تهدئة الرأي العام‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬انعدام الرقابة البرلمانية الالحقة‬

‫قبل تنفيذ الحكومة لقانون المالية يوجب القانون منحها ترخيصا من البرلمان الذي يصدر حال‬
‫موافقته على قانون المالية ما يصطلح عليه "الترخيص المالي " وال يجب أن يتوقف دور البرلمان على‬
‫منح الترخيص للحكومة بل يجب ممارسة دوره في رقابة عملية التنفيذ للتأكد من مدى مطابقة التنفيذ‬
‫للشكل الذي ارتضاه ممثلي الشعب خاصة وان الجزء الكبير من إيرادات الدولة يدفعها الشعب من مداخيله‬
‫وهذه الرقابة تعبر في األخير عن رغبة البرلمان في التأكد من احترام الحكومة للرخصة التي منحها لها‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫يعتبر قانون المالية وميزانية الدولة السنوية مرآة عاكسة وترجمة مالية للنشاط العام واألعمال‬
‫الحكومية واإلدارية في الدولة خالل السنة المالية وتجسيد وبلورة ذلك في قيم وأرقام اقتصادية ومالية في‬
‫مجال تحديد اإليرادات العامة والنفقات العامة التي تتكون منها ميزانية الدولة‪.‬‬

‫اعتبر القانون ‪ 190-09‬أن الرقابة البرلمانية تحتل مكانة هامة بالنظر إلى ما تتوفر عليه من‬
‫آليات للرقابة السابقة والمعاصرة والالحقة‪ ،‬فالرقابة السابقة تكون أثناء التصويت على قانون المالية‪،‬‬
‫والمعاصرة عن طريق االستجواب واألسئلة الموجهة للحكومة‪ ،‬وعن طريق لجان التحقيق ‪ ،‬أما الالحقة‬
‫‪2‬‬
‫فهي عن طريق قانون ضبط الميزانية‪.‬‬

‫يصادق البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة وسبعون يوما من تاريخ إيداعه طبقا‬
‫للمادة ‪ 219‬من الدستور‪ ،‬و في حالة عدم المصادقة عليه في اآلجال المحددة سابقا يصدر رئيس‬
‫الجمهورية مشروع الحكومة بأمر وفصلت الضوابط واإلجراءات المحددة في المادة ‪ 00‬من القانون‬
‫العضوي ‪ 91/00‬وزادت وضوحا هذه الضوابط واإلجراءات التفصيلية والتقنية الداخلية داخل كل غرفة من‬
‫غرفتي البرلمان القانونين الداخليين للمجلس الشعبي الوطني و مجلس األمة‪.‬‬

‫نذكر أن التعديالت التي تط أر عل مشروع قانون المالية هي واحدة من بين أهم الصالحيات التي‬
‫تتمتع بها السلطة التشريعية ممثلة بنوابها‪ ،‬حيث أن التعديل في حد ذاته إجراء يضاف على مشروع قانون‬
‫الملية‪ ،‬غير أنه اشترط لتحقيق ذلك التعديل أن ال ينصب مضمونه على الزيادة في النفقات العامة أو‬
‫تخفيض اإليرادات العامة إال إذا كان ذلك مستندا على تدابير من شأنها الزيادة في إيرادات الدولة أو‬
‫توفير مبالغ مالية لتغطية زيادة النفقات المقترحة‪ ،3‬فإذا جاءت التعديالت مخالفة لهذه اإلجراءات كان‬
‫‪4‬‬
‫لرئيس المجلس الحق في رفض إيداعها‪.‬‬

‫إن الممارسة التشريعية اليوم عاجزة عن رقابة الترخيص المالي الذي تمنحه سنويا للسلطة التنفيذية‬
‫فعلى الرغم من وجود اآلليات التي تراقب غير أن الممارسة غائبة عن الواقع‪ ،‬وعلى سبيل المثال نضيف‬

‫‪1‬‬
‫القانون ‪ 90-09‬المؤرخ في ‪ 92‬مارس ‪ 2009‬يتعلق بممارسة وظيفة الرقابة من قبل المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪.29‬‬
‫‪2‬‬
‫بن داود ابراهيم‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العامة بين الشريعة اإلسالمية والتشريع الجزائري‪ ،‬بحث ماجستير كلية الحقوق‪ ،‬بن عكنون‪،1995 ،‬‬
‫ص ‪. 227‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 212‬من الدستور‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫بن داود براهيم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬

‫‪117‬‬
‫اللجان المتخصصة‪ ،‬من بين هذه اللجان نجد لجنة المالية والميزانية ‪1‬وهي المختصة بكل ما يتعلق‬
‫‪2‬‬
‫بالمالية‪.‬‬

‫طبقا للمادة ‪ 20‬من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني فإن لجنة المالية والميزانية هي من‬
‫بين اللجان الدائمة بالمجلس‪ ،‬فهي الطرف المقابل للحكومة في عملية التفاوض مع وزير المالية عند‬
‫تحضير الميزانية‪ . 3‬وتعتبر هذه اللجنة من أكبر الجان عضوية حيث تتشكل من ‪ 59‬إلى ‪ 09‬عضوا‪،‬‬
‫انية‪ ،‬وبالقانون‬
‫ولها مكانتها البارزة على مستوى الجهاز التشريعي إذ هي مكلفة بالمسائل المتعلّقة بالميز ّ‬
‫الجمركي‪ ،‬وبالعملة‪ ،‬وبالقروض‪ ،‬وبالبنوك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الجبائي و‬
‫ّ‬ ‫وبالنظامين‬
‫ّ‬ ‫العضوي المتعلق بقوانين المالية‪،‬‬
‫مختصين وذوي خبرة لالستعانة بهم في أداء‬
‫ّ‬ ‫وبالتّأمينات‪ ،‬وبالتّأمين‪ 4.‬يمكن لهذه اللجنة أن تدعو أشخاصا‬
‫‪5‬‬
‫مهامها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومن جهة أخرى فإن لجنة المالية على مستوى المجلس تمتلك وسائل إعالمية بحكم عالقاتها‬
‫المميزة مع مجلس المحاسبة‪.6‬‬

‫الهدف من رقابة البرلمان لتنفيذ الحكومة للميزانية يعود أساسه كما ذكرنا إلى التأكد من احترام‬
‫الرخصة الممنوحة للحكومة من طرف البرلمان في جباية اإليرادات وصرف النفقات وهو ما يقتضي أن‬
‫تقدم الحكومة للهيئة التشريعية عقب كل إقفال للسنة المالية حساب ختامي تبين فيه ما تم تحصيله فعال‬
‫من إيرادات وما تم صرفه من نفقات ومقارنته مع ما ورد في الميزانية العامة التي تم عرضها سابقا على‬
‫ممثلي الشعب‪.‬‬

‫فالمؤسس الدستوري وفي المادة ‪ 299‬من الدستور يوجب على الحكومة أن تقدم عرضا لكال‬
‫غرفتي البرلمان عن استخدام االعتمادات المالية لكل سنة مالية ولكن التجربة تثبت أن هذه الرقابة مهملة‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 20‬من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني الصادر في ‪ 59‬جويلية ‪ 1999‬عدد ‪ .09‬أما على مستوى مجلس األمة فهناك لجنة‬
‫الشؤون االقتصادية والمالية المنصوص عليها في المادة ‪ 29‬من النظام الداخلي لمجلس األمة المؤرخ في ‪.1999/22/10‬‬
‫‪2‬‬
‫بالنسبة لمقرري لجنة المالية في فرنسا فإنهم بإمكانهم استنادا إلى أمر ‪ 1‬جانفي ‪ 2000‬مراقبة على الوثائق وفي عين المكان استعمال‬
‫االعتمادات واستجواب الوزراء حول تسييرهم حتى يتمكنوا من إعداد تقاريرهم‪ .‬ويكون التقرير ثريا بالمعلومات المتعلقة بتنفيذ الميزانية من قبل الوزير‬
‫المعني‪ ،‬ومن أجل إتمام هذا التقرير يمكن للبرلمانيين أن يحدثوا لجان التحقيق أو الرقابة المالية في أي موضوع يتعلق بالمالية‪.‬كما بإمكان المراقبين‬
‫التابعين لغرفتي البرلمان أن يحصلوا على كل المعلومات الضرورية من مجلس المحاسبة عن طريق وساطة رئيس المجلس أو طلب التقارير‬
‫المتعلقة بتنفيذ قوانين المالية‪ ،‬لكن حتى في فرنسا هذه الوسائل ال تستعمل إلى قليال ومن طرف أقلية فقط من البرلمانيين‪ .‬وقد نص القانون العضوي‬
‫المتعلق بقوانين المالية المؤرخ في ‪ 2‬أوت ‪ 1992‬في المادة ‪ 07‬أن هذه اللجان تراقب تنفيذ قوانين المالية كما تقوم بإجراء أي تقييم كل مسألة تتعلق‬
‫بالمالية العمومية ‪ ،‬كما بإمكانها التدخل في عين المكان أو على أساس الوثائق في كل مسألة ترى أنها مهمة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫بن داود براهيم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪4‬‬
‫المادة ‪ 15‬من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫المادة ‪ 05‬النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫في هذا المجال أي ضمن ما يتعلق بعالقة البرلمان بمجلس المحاسبة فإن الدستور الفرنسي أسند إلى مجلس المحاسبة مهمة مساعدة البرلمان‬
‫والحكومة في الرقابة على تنفيذ قوانين المالية في المادة ‪ 07‬الفقرة األخيرة‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫أشد اإلهمال من طرف الجهازين وأن الحكومة لم تقدم هذا العرض للبرلمان مع أن النص الدستوري‬
‫السابق يفيد الوجوب ال االختيار‪ .‬كما أن عرض الحكومة لما قامت به بشان الميزانية السابقة عند إقفال‬
‫السنة المالية له دور مهم من خالل االعتماد عليه في دراسة قانون المالية الموالي ويساعد ممثلي الشعب‬
‫لمعرفة مدى صحة تقديرات الحكومة بالنسبة للسنة المالية المنقضية‪.‬‬

‫مما سبق نجد أن عضو البرلمان ال يجد األساس الواقعي الذي يستند إليه في اقتراح رفع أو‬
‫تخفيض نفقة أو إيراد معين أو ما شابه ذلك ‪ ،‬وهذا حتما يؤدي إلى أن تكون المناقشة شكلية و سطحية ال‬
‫سند ل ها وال مرجع وبهذا يستحيل عليه أن يقيم مدى تنفيذ قانون المالية للسنة السابقة وتنفيذ االعتمادات‬
‫‪1‬‬
‫الواردة فيه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بن داود براهيم ‪ :‬المرجع السابق ص‪.210‬‬

‫‪119‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬حتمية تدعيم رقابة المطابقة برقابة التقييم‬

‫إن نظام الرقابة الحالي المعتمد على تعدد أجهزة الرقابة وتنوعها‪ ،‬من الناحية النظرية‪ ،‬يعد كرغبة‬
‫من المشرع إلعطاء األهمية إلى الطابع الوقائي‪ ،‬وتدعيمها قصد عقلنة النفقات وحسن استغالل األموال‬
‫العمومية في تنمية االقتصاد والنهوض به‪.‬‬

‫أما من الناحية العملية‪ ،‬فيعاني من بعض النقائص والراجعة أساسا لعدم تدعيم هذا النظام‬
‫بمجموعة من التدابير والوسائل المساعدة على تدارك هذا النقص‪.‬‬

‫وبما أن الرقابة اليوم في العديد من الدول لم تعد تقتصر على المطابقة بل أصبحت هيئات الرقابة‬
‫مطالبة بتجاوز الرقابة الكالسيكية والخوض في غمار التقييم على كل المستويات‪ .‬ويكمن البعد الرقابي‬
‫في النظر في الشرعية والنظامية ورقابة الكفاءة والفعالية واالقتصاد في التصرف المالي ويبقى كل جهاز‬
‫للرقابة أن يقوم بتحديد أولويته باالعتماد على كل حالة بمفردها‪ ،‬ويعتمد القانون الجزائري على مبدأ‬
‫الترخيص إذا الرقابة يجب أن تتيقن من أن تنفيذ قانون المالية يحترم الترخيص البرلماني الشيء الذي‬
‫ال يمكن أن يتم إال انطالقا من جهاز يعمل على مراقبة شرعية النفقة‪ ،‬ومطابقتها للقانون ومن هنا‬
‫يبرز التكامل والتوافق بين رقابتي المطابقة والتقييم‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬قصور النظام الرقابي المعتمد على المطابقة‬

‫إنه من األصح التحدث عن الرقابات عوض القول بالرقابة على النفقات العمومية‪ ،‬وهذا بالنظر‬
‫إلى أن الرقابة التي كانت تمارس في القرن التاسع عشر كانت رقابة واحدة أساسية‪ ،‬واليوم نالحظ تعدد‬
‫الرقابات والتي تمارس من قبل العديد من المؤسسات على كل من يتدخل في تسيير األموال العمومية‪.‬‬
‫وقد تعددت الرقابات في آن واحد مع اختالف التدخل المباشر أو غير المباشر للدولة في الحياة اإلدارية‪،‬‬
‫االقتصادية أو االجتماعية ‪.1‬‬

‫ولكن رغم هذا التنوع في الرقابات الموضوعة على األموال العمومية غير أنها فشلت إلى حد كبير‬
‫في منع التالعب واالحتيال والنهب الذي ال ينفتئ يترك األموال العمومية‪ .‬ومن خالل هذا المبحث ستناول‬
‫الحديث عن إثبات القصور الذي يظهر على مستوى النظام الرقابي القائم على التقييم وذلك بالتطرق إلى‬
‫إبراز ضعف أداء األجهزة الرقابية (مطلب أول) و نتطرق إلى الحديث عن عدم اعتماد أدوات الفعالية‬
‫والنجاعة (مطلب ثاني)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪PAYSANT André : Opcit, p335.‬‬

‫‪021‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ضعف آداء األجهزة الرقابية‬

‫وبالرغم من تعدد الهيئات المكلفة بالرقابة واختالف نوعية الرقابة التي تمارسها على الموارد‬
‫العمومية‪ ،‬نجدها تفتقر إلى الفعالية بل حتى أنها ال تمتد حتى إلى مطابقة حقيقية بل شكلية ال ترتقي إلى‬
‫تطلعات المواطن إذ تلعب السلطة التنفيذية بمختلف الوسائل القانونية المتاحة لها زيادة على أنه حتى‬
‫المصادقة على قانون المالية هي مصادقة شكلية ورسمية فحسب‪ .‬ومن خالل هذا الفرع سنتناول نقائص‬
‫رقابة المطابقة التي اعتمدها النظام الجزائري‪ .‬فنتطرق إلى عيوب الرقابة السابقة ثم نتطرق إلى الرقابة‬
‫الالحقة لنبرز قصور رقابة المطابقة عن تحقيق الفعالية في تسيير الموارد العمومية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬غياب التقييم يبعث إلى رقابة آلية كالسيكية ال تساير التطورات الحاصلة‬

‫تعتبر الرقابة على المالية العمومية ضرورة ديموقراطية‪ ،‬ولهذا الغرض فإنها ال بد أن ترقى إلى‬
‫مستوى تطلعات المواطنين‪ .‬حيث أن الرقابة تتم على تسيير األموال العمومية ليس فقط من أجل اجتناب‬
‫أو الوقاية من االختالس أو معاقبة الفاعلين‪ ،‬بل التحقق وضمان أن استعمالها هو مطابق تماما للق اررات‬
‫التي تم اتخاذها من قبل الهيئات الشرعية التي تعبر عن سيادة المواطنين‪ 1.‬وأكثر من ذلك البد من تنفيذ‬
‫هته الق اررات بأقل تكلفة ممكنة حتى يتم الحفاظ على المال العام واستعماله في أغراض أخرى بالنظر إلى‬
‫التزايد المستمر في النفقات العمومية‪ .‬وخالل هذا الفرع سنتطرق إلى النقائص المسجلة على مستوى‬
‫الرقابة القبلية ثم الرقابة البعدية لنصل إلى الحديث عن نتائج ذلك‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬نقائص الرقابة القبلية‬

‫و إن أردنا التحدث عن تصنيف الرقابة في النظام الجزائري ودراسة مدى فعاليتها في تقييم‬
‫التسيير الحسن للموارد العمومية‪ ،‬نقول أنها ما تزال تفتقر إلى العديد من المعايير حتى تثبت فعاليتها‪،‬‬
‫فالرقابة السابقة الممارسة أساسا من قبل المراقب المالي والمحاسب العمومي هي في حقيقة األمر رقابة‬
‫وقائية وتحمل في ذات الوقت العديد من المزايا والعيوب‪ .‬فهي تنفذ في بداية عملية اإلنفاق العمومي‪ ،‬وهذا‬
‫ما يمكنها من استخراج المخالفات والقضاء عليها قبل أن تصبح العملية نهائية‪ ،‬غير أن هذا النوع من‬
‫الرقابة يؤدي إلى تعطيل النشاط اإلداري إذا ما تم التعمق في إجراءات اإلنفاق‪ ،‬وهذا ما يدفع إلى تحويل‬
‫المسؤولية التي كانت على عاتق المسير إلى المراقب المالي أو المحاسب العمومي‪ .‬واذا لم نرد تعطيل‬
‫النشاط المالي فإن الرقابة القبلية سوف تكون سطحية ودون فائدة‪.‬‬

‫مما سبق ذكره فإن للمحاسب العمومي دور صمام األمان أمام األوامر وحواالت الدفع التي ثبتت‬
‫صحتها عند المراقب المالي‪ ،‬وبالتالي فرقابته هنا تكون سطحية وغير معمقة إذا ما قورنت برقابة هذا‬
‫األخير‪ ،‬ألن المحاسب العمومي عمله محاسبي بالدرجة األولى ورقابته تكون في هذا الباب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪André BARILARI, op.cit p 13, 14.‬‬

‫‪020‬‬
‫كما أن البعض يقول بأن هذه الرقابة تدعم البيروقراطية و تعطل العمل اإلداري ‪ ،‬ذلك ألنها في‬
‫بعض األحيان تكون السبب في تأخير تنفيذ النفقات جراء الرفض نتيجة أخطاء شكلية ولو كانت لعمليات‬
‫حسابية بسيطة‪ ،‬هذا بعد علمنا بطبيعة الحال أننا أمام نفقات عمومية ومال عام ‪ ،‬وال يجوز بحال من‬
‫األحوال التهاون في رقابته حتى ولو تطلب ذلك وقتا وجهدا‪ ،‬ألن المصلحة العامة فوق كل مصلحة‬
‫أخرى‪.‬‬

‫إن اقتصار الرقابة على الشرعية فقط ال يعتبر أم ار هينا ‪ ،‬فهو مهم جدا ‪ ،‬وذلك من اجل احترام‬
‫القوانين واألنظمة ‪ ،‬حتى وان كانت هذه الرقابة على الورق‪ ،‬وعليه يجب المطالبة برقابة أقوى تضمن‬
‫فعالية النفقة دون التقليل من أهمية الرقابة على الشرعية أو المطابقة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬سلبيات الرقابة البعدية‬

‫قبل الخوض في تفاصيل الرقابة البعدية وما يشبها ال بد أن نذكر في هذا الجانب أن الرقابة‬
‫اآلنية هي التي تمارس من قبل اإلدارة وكذا من قبل البرلمان‪ ،1‬فتلك التي يمارسها المحاسب العمومي ال‬
‫تخص النظر في المالءمة مع أن النظام الفرنسي منذ زمن بعيد أكد على ضرورة التأكد ليس فقط من‬
‫آداء الخدمة بل حتى من حسن آدائها للمنفعة العمومية وبالتالي أمكن القول أن مسألة المطابقة يمكن أن‬
‫تتطور على حساب المالءمة فهذه الرقابة من السهل أن تكون فعالة إذا تم تحديد مفهوم دقيق لمصطلح‬
‫المنفعة العمومية‪ ،‬حتى يتم اجتناب الخالفات ووضع حد لكل من صالحيات المحاسب العمومي واآلمر‬
‫بالصرف‪.‬‬

‫ونشير إلى الرقابة البعدية حتى وان كان أننا سوف نتناول كل ما يتعلق بسلبياتها‪ ،‬فإننا‬
‫نقول أنها غائبة وال تمارس بفعالية ‪ ،‬فمجلس المحاسبة ال يخوض في رقابة التقييم التي منحها له‬
‫القانون والبرلمان بدوره يعجز عن رقابة الجهاز التنفيذي لعدم تمكنه من المادة على خالف‬
‫الحكومة‪ ،‬كما أنه ال يستعمل الوسيلة األكثر أهمية والمتمثلة في قانون ضبط الميزانية‪ ،‬وربما يعود‬
‫ذلك إلى عدم االستقرار الحكومي الذي ميز الساحة السياسية الوطنية إذ تعاقبت عدة حكومات‬

‫تقدمنا في الفصل األول بالحديث عن الرقابة القبلية المدمجة في اجراءات النفقة وهي باألخص رقابة آنية يعتمدها المحاسب العمومي ‪ .‬والجدير‬ ‫‪1‬‬

‫بالذكر أنه من الممكن الوصف الرقابة التي تمارس من قبل أعوان و ازرة المالية مثل مفتشيات المصالح وكذا مختلف أسالك الرقابة على مستوى كل‬
‫الو ازرات‪ .‬كما أشرنا في الرقابة البرلمانية إللى الرقابة اآلنية والتي تمارس بطبيعة الحال من قبل البرلمان وخاصة تلك التي تتعلق بمقرري لجنة‬
‫المالية والذين بامكانهم متابعة تطبيق قانون المالية ‪،‬كما بوسعهم النظر في استعمال االعتمادات المتاحة لمختلف الو ازرات وهذا بالنظر في الوثائق‬
‫أو في بالتنقل إلى عين المكان‪.‬‬

‫‪022‬‬
‫خالل الفترة الزمنية السابقة‪ ،‬مما يفقد قانون ضبط الميزانية أثره الرقابي المتعلق أساسا بإثارة‬
‫مسؤولية الحكومة ومساءلة المسؤولين الحقيقيين عن عملية التنفيذ‪.1‬‬
‫وبما أن الرقابة البعدية تأتي بعد التنفيذ فإنها تسمح بتقييم الشرعية أو نوعية التسيير‪ ،‬وكذا توقيع‬
‫عقوبات على كل من وقع في المخالفات أو في سوء التسيير‪ ،‬ويظهر لنا صعوبة تنفيذ هذا النوع من‬
‫الرقابة نظريا بالرجوع إلى الكم الهائل من الهيئات المسيرة التي سيتم رقابتها‪ ،‬وكذلك النقص النسبي في‬
‫الوسائل المادية التي تمتلكها هياكل الرقابة باالضافة إلى الزمن المتأخر الذي تتدخل فيه‪.‬‬

‫مما سبق دراسته نالحظ أن الهيئات التي تمارس الرقابة البعدية في الجزائر ال تنظر سوى في‬
‫‪2‬‬
‫مطابقة التنفيذ مع القوانين واألنظمة سارية المفعول‪ ،‬ما عدا مجلس المحاسبة الذي يمكننا أن نعتبر نسبيا‬
‫أنه يقوم برقابة نوعية التسيير التي نص عليها األمر ‪ ،02-59‬غير أن النصوص القانونية لم تمتد إلى‬
‫إعطاء معايير لمفهوم حسن التسيير حتى تتمكن من استخالص النقائص وهذا ما يحول دون وضع هذه‬
‫الرقابة حيز التنفيذ‪.‬‬

‫إن أي رقابة تهدف إلى التأكد من أن شيئا ما هو على الحالة التي ينبغي أن يكون عليها بمقارنته‬
‫بقاعدة معينة‪ ،‬هذه القاعدة يمكن أن تكون قاعدة قانونية‪ ،‬وبالتالي نكون أمام رقابة المطابقة‪،‬كما أن هذه‬
‫القاعدة يمكن أن تكون مجموعة من المبادئ التي تضمن التسيير الحسن‪ ،‬وهنا نكون بصدد الرقابة على‬
‫نوعية التسيير‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مظاهر تؤكد قصور األداء الرقابي‬

‫ال يصعب أبدا الحديث عن المظاهر التي تخص التالعب باألموال العمومية‪ ،‬ذلك ألنها منتشرة‬
‫بشدة ومنها‪:‬‬

‫‪-1‬الفساد المالي‪:‬‬

‫إن أول دليل على ضعف آداء األجهزة الرقابية هو انتشار الفساد المالي‪ ،‬وهذا يؤكد ضعف‬
‫وسائل الرقابة وعدم نجاحها في السيطرة إلى حد كبير في الفساد الحاصل على مستوى اإلدارات العمومية‬
‫أو المرافق أو اإلدارات التي تستفيد من مساعدات مالية من الدولة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Luc.Saidj : La loi de règlement et le développement du contrôle parlementaire de la restauration à nos jours,‬‬
‫‪Revue Française des Finances Publiques, n° 51, 1995, p 177.‬‬
‫‪2‬‬
‫القول بالنسبية هنا مرتبط بالقول ان رقابة نوعية التسيير في الجزائر غائبة وهذا راجع إلى غياب البعد القانوني الذي يؤطر هذا النوع من الرقابة‪،‬‬
‫إذ من الصعب جدا رقابة هيئة معينة والتمكن من تقييم التسيير السائد في الهيئة من دون معرفة معايير التسيير الراشد إن صح القول‪ .‬كما أن‬
‫غياب اإلرادة السياسية التي تدفع إلى إرساء هذا النوع من الرقابة وهذا ما ساعد السلطة التنفيذية على اغتنام هذه الوضعية باعتبارها دوما هي التي‬
‫تقوم بإعداد النصوص القانونية‪ .‬كما أن التنفيذ الحقيقي لهذه الرقابة يستدعي تغيي ار في التقنيات الميزانية والتقنيات المحاسبية بحساب التكلفة و كذا‬
‫تكييف القانون األساسي للوظيفة العمومية (حيث إمكانية توقيع العقوبات على كل من ال يتصرف بمبدأ الفعالية الواجب عليه) ‪.‬‬

‫‪021‬‬
‫تعتبر ظاهرة الفساد اإلداري والمالي من الظواهر الخطيرة التي تواجه البلدان وعلى األخص الدول‬
‫النامية وما لها من تأثير كبير على عملية البناء والتنمية االقتصادية والتي تنطوي على تدمير االقتصاد‬
‫والقدرة المالية واإلدارية وبالتالي عجز الدولة على مواجهة تحديات إعمار أو إعادة أعمار وبناء البنى‬
‫التحتية الالزمة لنموها ‪.‬‬

‫الفساد المالي هو االنحرافات المالية ومخالفة األحكام والقواعد المعتمدة حالياً في تنظيمات الدولة‬
‫(إدارياً) ومؤسساتها مع مخالفة ضوابط وتعليمات الرقابة المالية‪ ،‬كما هو سوء استخدام النفوذ العام لتحقيق‬
‫أرباح خاصة‪ .‬أو هو خروج عن القانون والنظام العام وعدم االلتزام بهما من أجل تحقيق مصالح سياسية‬
‫واقتصادية واجتماعية للفرد أو لجماعة معينة‪ .‬أو إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق كسب خاص‪.1‬‬

‫وقد تحدثنا فيما سبق عن القوانين التي سنتها الجزائر في هذا اإلطار والهادفة إلى محاربة هذه‬
‫‪2‬‬
‫الظاهرة وهي قوانين مكافحة الفساد‪ .‬والمقصود من الفساد هو استخدام النفوذ العام لتحقيق منافع خاصة‬

‫‪ -2‬تفاقم اختالالت التسيير المالي‬

‫لعل من أبرز ما يوضح تفاقم اختالالت التسيير المالي هو اعتماد قوانين المالية التكميلية‪ ،‬حيث‬
‫أن هذه األخيرة من المفروض أن تكون استثنائية‪ ،‬لكنها أصبحت في القانون الجزائري أم ار عاديا إذ ال‬
‫يمكن الحديث عن قانون المالية للسنة‪ ،‬بل فقد ذلك القانون صفة السنوية ليطغى طابع القانون التكميلي‬
‫الذي أصبح اليوم ضرورة بالنسبة للسلطة التنفيذية حتى تتمكن من تحويل االعتمادات التي سبق وأن تم‬
‫رصدها لحساب قطاع على آخر‪.‬‬

‫إن الحديث عن قانون المالية التكميلي يضطر بنا إلى الحديث عن ظروف استثنائية وقعت خالل‬
‫السنة وأدت إلى اختالل التوازن الميزاني بشكل كبير غير أن المالحظ هو أن ميزانية الدولة اليوم ال تعرف‬
‫كل هذا االختالل‪ ،‬وهذا نتيجة ارتفاع إيراداتها التي تتشكل أصال من إيرادات نفطية وهذا نتيجة الرتفاع‬
‫أسعار البترول‪.‬‬

‫‪ 1‬ويتجلى الفساد المالي من خالل عدة مظاهر منها‪ :‬الرشوة‪ ،‬المحسوبية‪ ،‬المحاباة‪ ،‬الوساطة‪ ،‬االبتزاز والتزوير‪ ،‬نهب المال العام عن طريق التهريب‬
‫والسوق السوداء‪ ،‬فساد يتقاطع مع األنظمة والقوانين المتعلقة بنظام العدالة وحقوق الملكية والتسهيالت المصرفية واالئتمانات وكذلك التمويل‬
‫الخارجي‪...‬إلخ‪.‬‬

‫فساد النظام االقتصادي هو انعكاس للفساد السياسي وذلك معروف في التجارب أين توجد سلطة لها هدف ضيق يتمثل في الريع (النهب في‬
‫‪2‬‬

‫التعبير الشعبي) وتكرس وضعاً يغيب فيه األمن والقضاء وحماية الملكية والحرية االقتصادية مما يرفع تكاليف األنشطة االقتصادية ويقتل الحوافز‬
‫اإليجابية التي تشجع األفراد على مضاعفة جهودهم في مراكمة اإلنتاج والمع رفة وفي تشغيل موارد البالد من المال والعمل‪ ،‬فيسود اقتصاد الكفاف‬
‫ويبقى فقط قلة المستثمرين الذين يتذللون للسلطة وال يمارسون إال أنشطة محدودة ترضى عنها أو تشارك فيها وهو وضع ملموس أيضاً في بالدنا‪.‬‬

‫‪021‬‬
‫وغالبا ما نجد أن قانون المالية التكميلي صاد ار بأمر رئاسي مرتقب ما بين دورتي البرلمان‪ .‬هذا‬
‫ما تقرر وما تحول بحكم التكرار إلى عادة لجأت إليها السلطة في حاالت استثنائية قاهرة لكنها تحولت‬
‫بمرور الوقت إلى عادة تلجأ إليها لتمرير غالبية الق اررات الصعبة‪ ،‬بل وحددت الحكومات المتعاقبة‬
‫بموجبها التوجهات االقتصادية خارج إطار شرعية البرلمان بغرفتيه‪ ،‬هذه الهيئة التي دخلت في عطلة‬
‫مفتوحة إذا ما استثنينا جلسات األسئلة الشفوية التي أصبحت اليوم تعبر عن شكلية مؤكدة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬صعوبة التحكم في المادة‬

‫بالنظر للخلفية العلمية للدراسة ودراسة واقع الحال المعاش في الدولة فإنه يمكن تلخيص‬
‫المشكالت التي تجابه أجهزة الرقابة المالية في غياب التنسيق في وضع القوانين واألنظمة المتعلقة بالرقابة‬
‫على النفقا ت العمومية وهذا ما خلق في بعض األحيان تداخال وتك ار ار في مهام الرقابة الممارسة من قبل‬
‫األعوان و الهيئات المكلفة بالرقابة‪ ،‬وأحيانا أخرى نجد إشكاالت والعديد من التأويالت التي تخص تفسير‬
‫قاعدة ما من القواعد القانونية المتعلقة بهذا الشأن وهذا نتيجة فراغ في كل النصوص ربما‪ .‬وباإلضافة إلى‬
‫هذا فإن النصوص القانونية ال تكفل االستقاللية التامة ألعوان وهيئات الرقابة قصد حمايتهم من الضغوط‬
‫التي قد تمارسها عليهم السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬نصوص تخلق التداخل أحيانا وفراغا أحيانا أخرى‬

‫باإلضافة إلى كون الرقابة على النفقات العمومية رقابة مطابقة فإن ما يعيبها أيضا هو النصوص‬
‫القانونية والتنظيمية التي تشوبها العديد من العيوب والتي تخلق عائقا أمام أجهزة الرقابة‪ .‬إذ كثي ار ما نلمس‬
‫ضعف هذه القوانين‪ ،‬قدمها وعجزها عن مواكبة التطورات الحديثة في مجال الرقابة المالية‪ ،‬بحيث لم يعد‬
‫قادر على تلبية متطلبات الرقابة المالية على األجهزة الحكومية‪ ،‬والتي شهدت نقلة نوعية كبيرة‬
‫هذا القانون ا‬
‫في الفترة األخيرة في مجاالت تنظيمها المالي ووسائل الرقابة على أموالها‪ ،‬وذلك على الرغم من‬
‫المحاوالت غير المجدية لتعديل القانون المطبق بما يتالءم مع هذه التطو ارت‪.‬‬

‫كما نجد أن هذه النصوص تكرس تداخل اختصاصات أجهزة الرقابة المالية الداخلية والخارجية‬
‫مع بعضها البعض‪ ،‬األمر الذي يحتم إعادة النظر في النصوص القانونية والتنظيمية لهذه الهيئات إلزالة‬
‫التداخل فيما بينها‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى نالحظ أن ما يربك أجهزة الرقابة المالية الخارجية هو كثرة القوانين واألنظمة‬
‫والتعليمات المالية واإلدارية المعمول بها في الجهة الحكومية الواحدة‪ ،‬وهذا األمر قد تطرقنا إليه في‬
‫الفصل األول من هذا البحث‪ ،‬فعدم التمكن من المادة يبعث على إصدار العديد من النصوص في كل مرة‬
‫لتدارك النقص أو الفراغ المالحظ في القواعد القانونية‪.‬‬

‫‪021‬‬
‫كما أننا نلمس في التأطير القانوني الخاص بالمحاسبة العمومية قصور وسائل المساءلة في‬
‫المخالفات المالية‪ ،‬حيث تقتصر صالحية أجهزة الرقابة المالية الداخلية والخارجية ماعدا مجلس‬
‫المحاسبة‪ 1‬بالنسبة للمخالفات المالية واإلدارية في الكشف فقط عن هذه المخالفات ولفت النظر إليها‬
‫والمطالبة‪ ،‬بمعالجتها‪ ،‬دون أن يكون هنالك حق قانوني مباشر لهذه األجهزة في مساءلة ومحاكمة‬
‫الموظفين عما يرتكبون من مخالفات – فقط يرفع األمر إلى القضاء وتبعية ذلك من االنتظار الطويل‬
‫ضمن القضايا في المجاالت األخرى‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬غياب نصوص خاصة تكفل حقوق أعوان الرقابة‬

‫هناك العديد من األسباب التي كانت وراء قصور النظام الرقابي الجزائري ومن بينها أنه ال يقوم‬
‫على مبادئ أو مقومات حقيقية بل ليس سوى وسيلة تابعة للسلطة التنفيذية إذ ال تتمنع أجهزة الرقابة‬
‫المالية بميزة االستقالل التام عن السلطات التشريعية والتنفيذية‪ ،‬وهذا ما بإمكانه إعاقة العمل الرقابي من‬
‫خالل‪:‬‬

‫نجد أن معظم القوانين ال توضح الحقوق القانونية للمراقبين التي تتعلق بأداء‬ ‫‪-‬‬
‫مهامهم‪ ،‬وال تضمن استقالليتهم‪ ،‬كما ال تحميهم من ضغوطات الهيئات محل الرقابة وهذا يمكن‬
‫هؤالء من فرض سيطرتهم و يجعل مسار الرقابة يبتعد عن منحاه الطبيعي ليصبح تابعا لهذه‬
‫الهيئات‪ .‬إذ تكفل هذه الحقوق لموظفي أجهزة الرقابة المالية حصانات تكفل أداءهم لما يعهد إليهم‬
‫به من مهام بحرية مهنية تامة وغير متجاوزة‪ .‬لذا نرى أنه من الضروري إعداد نص خاص‬
‫بالمراقبين يكفل هم الحق في ممارسة مهامهم بكل حرية‪ ،‬ودون ضغوط نظ ار لطبيعة مهامهم‪ ،‬كما‬
‫يتضمن هذا النص كيفية الترقي انطالقا من رتب واضحة كما أن مفهوم المسؤولية على األعوان‬
‫‪2‬‬
‫المكلفين بالرقابة يحتم على المشرع أن يمتع المراقبين باستقاللية أثناء أدائهم لوظيفتهم‪.‬‬

‫زيادة على ذلك نالحظ غياب المفهوم العلمي ألهمية نظام الحوافز في شأن رفع‬ ‫‪-‬‬
‫الروح المعنوية لألعوان المكلفين بالرقابة على مستوى هيئات الرقابة المالية ومن ثم تحسين كفاءة‬
‫األداء والمقصود من الحوافز هنا هي حوافز عن األداء وليس حوافز األعياد أو ما في حكمها‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى عدم االهتمام أيضاً بتحفيز الوحدات الحكومية محل الرقابة من خالل توجيه‬

‫‪1‬‬
‫نستثني من هذا مجلس المحاسبة الذي يقوم برقابة قضائية عن طريق قضاة إداريين تابعين لمجلس المحاسبة‪ ،‬هذه الرقابة تمكنه من متابعة‬
‫مرتكبي المخالفات المالية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫في هذا الشأن ال نلمس نص خاص بالمراقبين الماليين إذ نجد فقط المرسوم المتعلق بالنفقات الملتزم بها‪.‬على عكس ما هو عليه الحال في فرنسا‬
‫إذ نجد نص خاص بالمراقبين الماليين هو المرسوم رقم ‪ 18-95‬بتاريخ ‪ 8595-28-02‬المتعلق بالنظام الخاص بالمراقبين الماليين ‪.‬‬

‫‪021‬‬
‫رسائل تطري على سالمة أدائها وما إلى ذلك ولعل مرد ذلك ضعف إدارات هذه األجهزة في‬
‫المطالبة بتحسين مستحقات التابعين لها وكذلك عدم اهتمام و ازرة المالية بأهمية الدور الذي يلعبه‬
‫هؤالء في المحافظة على المال العام ومن ثم رفع امتيازاتهم المالية‪.‬‬

‫تواجه الرقابة المالية الخارجية صعوبة تتعلق بضعف أجهزة الرقابة المالية‬ ‫‪-‬‬
‫الداخلية في الو ازرات والدوائر الحكومية‪ ،‬مما يتسبب في حدوث كثير من األخطاء المالية‪ ،‬األمر‬
‫الذي يدفعها إلى اعتماد في كثير من األحيان على موظفي الرقابة المالية الخارجية الكتشاف هذه‬
‫األخطاء والتحري عن أسبابها‪ .‬وفي ذلك إضافة إلى األعباء الملقاة على عاتق جهاز الرقابة‬
‫المالية الخارجية‪ .‬وغير خفي أنه بخالف ما يثار مؤخ اًر من اهتمام بمناحي الرقابة المالية الداخلية‬
‫لم يكن للدولة ممثلة في سلطتها التشريعية سابق اهتمام علمي كافي بفاعلية هذه األجهزة ودورها‬
‫في المحافظة على المال العام‪ ،‬لذلك لم تهتم أيضاً الدوائر والوحدات الحكومية بتفعيل دور أجهزة‬
‫الرقابة المالية الداخلية مطلقاً‪.‬‬

‫عدم تعاون بعض الوحدات والجهات التنفيذية مع أجهزة الرقابة المالية واستمرار‬ ‫‪-‬‬
‫التسيب والهدر في المال العام بالرغم من كثرة عدد االستيضاحات الموجهة لبعض الجهات‬
‫وتكرارها وعدم البت فيها وعدم الرد على مالحظات واستيضاحات المراقبين الماليين‪ .‬وذلك على‬
‫الرغم من أن قوانين الرقابة المالية الخاصة بهذه األجهزة تلزم الجهات الخاضعة للرقابة باإلجابة‬
‫على استيضاحات المراقبين الماليين الممثلين لهذه األجهزة وذلك خالل فترة محددة‪ ،‬إال أن‬
‫نصوص هذه القوانين لم تحدد الجزاء في حالة عدم استجابة هذه الدوائر بالرد على استيضاحاتها‪،‬‬
‫وهذا ما يبعث على القول بعدم الفعالية‪.‬‬

‫أخي اًر تداخل وتعارض الوالء السياسي مع االختصاصات المهنية البحتة لعمل‬ ‫‪-‬‬
‫أجهزة الرقابة المالية‪ ،‬فالوالء السياسي في بيئة العمل وتطبيقاته المهنية ينتقص من قدر النزاهة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عدم اعتماد أدوات الفعالية‬

‫تعتمد الرقابة الفعالة على العديد من التقنيات واألساليب التي تمكنها من تحقيق األهداف المرجوة‪،‬‬
‫واالبتعاد عن العمل بهذه التقنيات وانتهاج هذه السياسات سيدفع دون شك إلى ابراز النقص والضعف في‬
‫الوصول إلى هذه األهداف‪ .‬ومن هذه التقنيات ترشيد اختيارات الميزانية واجراء تقييم للسياسات العمومية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬غياب تام لمفهوم ترشيد النفقات العمومية‬

‫حتى تتمكن النفقات العامة من تحقيق اآلثار واألهداف المنتظرة منها في تلبية مثلى للحاجات‬
‫العامة‪ ،‬فإن ذلك يتطلب تحقيق أكبر حجم ممكن من المنفعة‪ ،‬مستعملة في ذلك أداة االقتصاد في النفقات‬
‫مع األخذ في الحسبان أهمية وضرورة وجود طرق ومناهج للرقابة التي تضمن توجيه النفقات العامة نحو‬

‫‪021‬‬
‫األبواب ذات المصلحة الشاملة ألفراد الشعب دون تبذيرها في غير تلك المصلحة‪ .‬واذا تم احترام هذه‬
‫‪1‬‬
‫القواعد بشكل دقيق فذلك سيقودنا إلى حالة من اإلنفاق الرشيد‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬عدم تطبيق مبدأ ترشيد اختيارات الميزانية‬

‫يعد اإلنفاق العام أداة من أدوات السياسة المالية التي تستخدمها الدولة والهيئات المتفرعة عنها‬
‫لبلوغ أهدافها‪ ،‬والوسيلة التي تتيح للحكومة تنفيذ برامجها االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وممارسة دورها التدخلي‬
‫في مختلف مجاالت الحياة‪ .‬و لقد ازدادت أهمية النفقة العامة بازدياد الحاجات المجتمعية التي تلبيها‪،‬‬
‫بحيث أصبحت لها آثار واضحة على مجريات الحياة داخل الدولة وانعكاسات على األسعار‪ ،‬اإلنتاج‪،‬‬
‫االستهالك‪ ،‬التشغيل‪ ،‬واعادة توزيع الدخل القومي‪.‬‬

‫واذا كانت الدولة بعكس األفراد‪ ،‬ونظ ار لما لها من سيادة وسلطان على البالد والعباد‪ ،‬تقوم‬
‫بتحصيل ما يلزم من اإليرادات العامة لتغطية نفقاتها‪ ،‬بناء على قاعدة "أولوية النفقات على اإليرادات" فإن‬
‫تعدد وظائف الدولة‪ ،‬وتزايد حجم اإلنفاق العام‪ ،‬ومحدودية الموارد‪ ،‬جعل من الضروري الحفاظ على‬
‫الموارد العامة من التبذير واإلسراف‪ ،‬وسوء التدبير عموما‪ ،‬األمر الذي أضحى معه "ترشيد اإلنفاق‬
‫العمومي" مطلبا أساسيا سواء في الدول المتقدمة أو الدول النامية التي هي أحوج ما تكون إليه لتحقيق‬
‫اإلقالع المنشود والتنمية الشاملة‪.‬‬

‫ففي الجزائر أصبحت شعارات "العقلنة والترشيد‪ ،‬في مجال تدبير األموال العمومية" يتردد على‬
‫األلسن سواء من طرف الحكومات المتعاقبة‪ ،‬أو في قبة البرلمان‪ ،‬أو من طرف األحزاب السياسية‪ ،‬السيما‬
‫مع األزمة العالمية التي يعيشها المجتمع الدولي‪.‬‬

‫يقول الدكتور ميالد يونس‪" :2‬المقصود بترشيد اإلنفاق العام هو أن تحقق النفقات العامة األهداف‬
‫المحددة للدولة‪ ،‬وذلك باستخدامها على أحسن وجه ممكن والحيلولة دون إساءة استعمالها أو تبذيرها في‬
‫غير أغراض المنفعة العامة"‪.‬‬

‫ويقول الدكتور حنين محمد‪" :3‬ترشيد النفقة العامة يعني قيام اإلدارات المكلفة باإلنفاق باتخاذ‬
‫مجموعة من التدابير من أجل تأهيل النفقة العامة لتحقيق المنفعة بأقل التكاليف الممكنة‪ ،‬مع مراعاة جودة‬
‫الخدمات والسلع بكيفية تؤدي إلى رفع مردودية النفقة العامة‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد عباس محرزي‪ :‬اقتصاديات المالية العامة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2111‬ص‪.41‬‬
‫‪ 2‬أستاذ مشارك بكلية القانون جامعة الفاتح‪ ،‬طرابلس‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪ -‬أكدال – الرباط‬

‫‪021‬‬
‫أما في المالية اإلسالمية فإن أقرب مفهوم للترشيد في اإلنفاق سواء الخاص أو العام هو مفهوم‬
‫‪1‬‬
‫القوامة في اإلنفاق‪.‬‬

‫المقصود بترشيد النفقات العامة هو تحقيق أكبر نفع للمجتمع عن طريق رفع كفاءة هذا اإلنفاق‬
‫إلى أعلى درجة ممكنة والقضاء على أوجه اإلسراف والتبذير ومحاولة تحقيق التوازن بين النفقات العامة‬
‫وأقصى ما يمكن تدبيره من الموارد العادية للدولة‪.‬‬

‫أنه ليست من المصلحة تتجه النفقات العامة نحو التزايد بال حدود‪ ،‬وانما تقتضي المصلحة بأن‬
‫تصل النفقات إلى حجم معين ال تزيد عنه وهو ما يطلق عليه ( الحجم األمثل للنفقات العامة) وهذا‬
‫األخير هو ذلك الحجم الذي يسمح بتحقيق أكبر قدر من الرفاهية ألكبر عدد من المواطنين‪ ،‬وذلك في‬
‫حدود أقصى ما يمكن تدبيره من الموارد العادية للدولة‪.‬‬

‫لقد حاول بعض الكتاب وضع معايير يمكن على أساسها تحديد الحجم األمثل لإلنفاق‪ ،‬وأمام‬
‫االختالف حول هذه المعايير‪ ،‬فإنه من األفضل‪ ،‬وضع بعض المبادئ العامة واألساسية التي ال غنى ألي‬
‫جهاز إداري عن إتباعها والتقيد بها لتحقيق الترشيد‪ .‬فترشيد النفقات العامة‪ 2‬ال يتحقق بمجرد رفع‬
‫الشعارات‪ ،‬و بمحض الصدفة‪ ،‬وانما هو سلوك واع مدروس‪ ،‬مبني على مبادئ وقواعد مضبوطة ولو‬
‫نسبيا يسخر أفضل اآلليات والتقنيات التي أفرزتها التجارب اإلنسانية‪ .‬لذا فإن ترشيد النفقات العمومية‬
‫‪3‬‬
‫يتطلب االلتزام بالضوابط التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫مسألة ترشيد النفقات العمومية ال تعني االعتماد على سياسة تقشفية تقوم مثال على التقليص في مناصب الشغل‪ ،‬حذف بعض الميزانيات‪ ،‬النقص‬
‫في اعتمادات التسيير‪ ،‬ولكن الترشيد عبارة عن خطة عمل واستراتيجية تهدف إلى تحقيق المشاريع المبرمجة وفق جودة محددة وبأقل تكلفة يعني‬
‫الفعالية وما يمكن التأكيد عليه هو أن عملية الترشيد في اإلنفاق مرتكز قوي تنبني عليه الديموقراطية من خالل تطوير القدرات الرقابية واستخدام‬
‫ميزانيات أكثر تطو ار اعتمادا على النم اذج الغربية كفرنسا التي أطلقت خالل السنوات القليلة الماضية برنامج ميزاني جديد يكرس مفاهيم جديدة كدعم‬
‫البعد المحلي للميزانية‪ ،‬الوضوح والشفافية في تنفيذ البرامج وصرف االعتمادات وكذلك تبسيط اإلجراءات القانونية والتنظيمية في مرحلة التنفيذ‪.‬‬
‫وغيرها من المستجدات القيمة التي تساعد على توفير الجو المالئم لنشر قيم الديموقراطية فال يمكن الحديث عن إصالح سياسي دون أن يكون‬
‫هناك إصالح مالي ميزاني‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وترشيد اإلنفاق في معناه االصطالحي مشتق من كلمة الرشد االقتصادي‪ ،‬والرشد االقتصادي في مفهومه اإلسالمي هو حسن التعامل مع األموال‬
‫كسباً وأنفاقاً‪ ،‬بمعني ترشيد اإلنفاق العام وترشيد اإليرادات العامة‪ .‬وبذلك عندما نعرف الرشد االقتصادي في اإلنفاق فهو حسن تصرف الحكومة في‬
‫إنفاق األموال‪ ،‬والرشد يضاده السفه‪ ،‬كما أنه يتنافى مع التبذير من جهة‪ ،‬والتقتير من جهة أخرى‪ ،‬بمعنى أن الزيادة أو النقص عن وضع االعتدال‬
‫هي عدم رشد أو سفه‪ ،‬كما يتضمن ترشيد اإلنفاق إتباع مبدأ األهميات النسبية والترتيب التفاضلي السليم‪ ،‬بحيث يقدم األهم على المهم‪ .‬إن ترشيد‬
‫اإلنفاق يتضمن ضبط النفقات‪ ،‬واحكام الرقابة عليها‪ ،‬والوصول بالتبذير واإلسراف إلى الحد األدنى‪ ،‬وتالفي النفقات غير الضرورية‪ ،‬وزيادة الكفاية‬
‫اإلنتاجية‪ ،‬ومحاولة االستفادة القصوى من الموارد االقتصادية والبشرية المتوفرة‪.‬‬

‫‪024‬‬
‫تحقيق المنفعة العامة‪:‬‬ ‫‪-8‬‬

‫إذا كانت النفقة العامة تهدف إلى إشباع حاجة عامة‪ ،‬وبالتالي تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬فإنها ال‬
‫يمكن أن تكون مبررة إال بمقدار ما تحققه من نفع للمجتمع وهذا ما يقتضي عدم صرفها لتحقيق المصالح‬
‫الخاصة لبعض األفراد‪ ،‬أو المجموعات أو فئات المجتمع‪ ،‬دون البعض اآلخر‪ ،‬ألسباب سياسية أو‬
‫اجتماعية‪.‬‬
‫ذلك أن التزام اإلدارات المكلفة باإلنفاق بتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬يعتبر وليد تضحيات جسام‪ ،‬قدمت في‬
‫‪1‬‬
‫سبيله‪.‬‬

‫ويقصد بقاعدة المنفعة أن يكون الهدف من النفقات العامة دائما في ذهن القائمين به‪ ،‬تحقيق أكبر‬
‫منفعة ممكنة‪ ،‬وتعتبر هذه القاعدة قديمة في الفكر االقتصادي ومحل إجماع بين أغلب منظري المالية‬
‫‪2‬‬
‫العامة‪.‬‬

‫لذا ينبغي الحرص أشد ما ينبغي على االلتزام بتحقيق المنفعة العامة‪ ،‬بل والمنفعة العامة‬
‫القصوى‪ ،‬وهذا ما يقتضي مراعاة المبادئ التي تأتي فيما بعد‪.‬‬

‫االقتصاد في التكلفة‬ ‫‪-0‬‬

‫هذا االقتصاد الذي يرتبط بتحقيق المنفعة العامة ارتباطا عضويا‪ ،‬بحيث أنه كلما انخفضت تكلفة‬
‫النفقة العامة إال وتحقق النفع العام بكيفية أكثر‪ ،‬لكن ذلك ال يعني التقتير إلى حد التقشف‪ ،‬بل يعني حسن‬
‫التدبير واالبتعاد عن إسراف أو تبذير األموال العامة في مجاالت غير مفيدة‪.‬‬

‫وترتبط هذه القاعدة بموضوع النفقة‪ ،‬حيث أن هذه األخيرة‪ ،‬بديهيا‪ ،‬تأخذ الزيادة كلما نقصت‬
‫النفقات إلى أقل حجم ممكن لذا وجب على السلطات العمومية االحتياط من التبدير لما قد يسببه ذلك من‬
‫ضياع ألموال ضخمة دون أن تولد أية قيمة مضافة أو تحمل أية منفعة‪ ،‬إلى جانب كل هذا فإن عدم‬
‫اقتصاد السلطات للمبالغ المالية الموضوعة تحت تصرفها في إطار الميزانية العامة للدولة يدفع إلى بروز‬
‫مظاهر سلبية في المجتمع من بينها اندثار ثقة الشعب في مؤسسات الدولة و اتساع رقعة التهرب والغش‬
‫‪3‬‬
‫الضريبي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫فالصراع التاريخي الذي شهدته إنجلت ار وفي فترة الحقة فرنسا والذي أدى إلى ظهور ما يعرف اآلن‪" ،‬بالميزانية العامة" كان القصد منه إلزام‬
‫المكلف باإلنفاق بتحقيق المصلحة العامة‪ .‬فقد جاء في دستور عام ‪ 8952‬الفرنسي انه‪" :‬ال يمكن فرض أية ضريبة إال في سبيل المصلحة العامة‪.‬‬
‫ولجميع المواطنين الحق في أن يسهموا بفرض الضرائب ويراقبوا استعمالها ويطلبوا بيانات عنها"‪ .‬وبالتالي فال معنى للميزانية العامة وال اإلجراءات‬
‫التي تمر بها؛ إذا لم يتم االلتزام أصال بالهدف والغاية التي وجدت من أجلها‪ ،‬وهي "تحقيق المنفعة العامة"‬
‫‪ 2‬محمد عباس محرزي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ 3‬محمد عباس محرزي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 97‬‬

‫‪011‬‬
‫وهو ما يستلزم بالضرورة االبتعاد عن النفقات غير المنتجة‪ ،‬أو التي تكون إنتاجيتها ضعيفة‪ ،‬كما‬
‫يقتضي تحديد أولويات لإلنفاق العام بحسب األهمية النسبية للخدمات المراد تقديمها‪ ،‬فسد الحاجة في‬
‫مجال الماء الصالح للشرب أولى من بناء مركبات رياضية‪ ،‬وبناء مستشفيات وتشغيل المعطلين وتأمين‬
‫حياتهم وحياة عائالتهم أولى من السهر على بناء وصيانة مالعب الكولف واإلنفاق بسخاء على بعض‬
‫المدربين‪ ...‬وان كان ذلك ال يعني طبعا أن المركبات الرياضية‪ ،‬واألدوات الترفيهية عديمة الفائدة؛ لكن‬
‫المقصود هو أن توظف النفقة باقتصاد لتحقيق أهم األهداف وأكثرها ملحاحية لتحقيق التنمية‪.‬‬

‫الحرص على الرفع من المردودية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫بحيث ينبغي أن تعكس المردودية النتيجة التي تترتب عن النفقة العامة‪ ،‬أي المردودية االقتصادية‬
‫واالجتماعية للنفقة العامة‪ ،‬فينبغي أن تكون المردودية جيدة تعكس قيمة األموال التي صرفتها الدولة من‬
‫أجل توفير السلع والخدمات‪.‬‬

‫فالحرص على جودة الخدمات والسلع‪ ،‬يمكن من تجنب المصاريف اإلضافية الكثيرة التي تثقل‬
‫كاهل الدولة‪ ،‬وتغني عن أعمال الترميم المتكررة والمتتابعة وعن تكاليفها‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك فإن‬
‫المردودية االجتماعية للنفقة تنطوي على تحويل النفقات العامة االجتماعية قصد محاربة ظاهرة الفقر‪...‬‬
‫فكل مصلحة ينبغي أن تبحث عن أعلى درجة من الفعالية مقابل أقل تكلفة ممكنة "فما دمنا ال نستطيع‬
‫اإلنفاق أكثر فإنه ينبغي اإلنفاق بشكل أفضل"‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االبتعاد عن انتهاج التقنيات واأل نظمة الخاصة بالترشيد‬

‫جرى العمل في عدد من الدول على إخضاع تنفيذ الميزانية العامة لنظام مراقبة يهدف أساسا إلى‬
‫التأكد من صحة وسالمة النفقة بالنسبة للقوانين و األنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬ونظ ار ألن هذه الرقابة‬
‫كانت تنصرف أساسا إلى مراقبة شرعية النفقة‪ ،‬وال تمتد إلى تقييم تكلفتها وتحليل أهدافها ومعرفة‬
‫مردوديتها‪ ،‬األمر الذي أدى إلى نتائج سلبية فيما يتعلق بترشيد النفقات‪ ،‬نظ ار لكل هذا‪ ،‬ظهرت عدة‬
‫تجارب أجنبية حاولت تفادي هذا القصور من خالل إنشاء أنظمة خاصة للترشيد أبرزها‪:‬‬

‫‪-1‬نظام التخطيط والبرامج للميزانية العامة‪:‬‬

‫‪ 1-1‬ظهور ونشأة هذا النظام‪:‬‬

‫في سنة ‪ 8552‬تم تشكيل جمعية خاصة «‪ »Larand corporation‬ممولة من طرف سالح‬
‫الجو األمريكي‪ ،‬وتتكون من فريق متعدد االختصاصات‪ :‬مختصون في الرياضيات‪ ،‬اإلعالميات‪ ،‬العلوم‬
‫االجتماعية‪ ،‬االقتصادية‪" ..‬هذه الجمعية كلفت بدراسات دقيقة ومنتظمة لمصلحة اإلدارة المكلفة بالدفاع‬
‫في «‪ »MAC NAMARA‬فظهر نظام التخطيط والبرامج للميزانية ‪ .PPBS‬وهو ما أثار إعجاب الرئيس‬
‫جونسون بالنتائج المحصل عليها مما أدى به إلى مد هذه الدراسات إلى كل اإلدارات المدنية‪.‬‬
‫‪010‬‬
‫‪ 2-1‬تكوين هذا النظام‪:‬‬

‫يتكون هذا النظام من مجموعة من العناصر يمكن إجمال أهمها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد األهداف والبرامج بدقة بغية تحديد األولويات‪ ،‬ومن تم تحديد المبالغ التي تتطلبها‬
‫المنجزات‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة البرامج البديلة قصد التوصل إلى البرامج التي يمكن أن تحقق بكيفية أفضل األهداف المنشودة‪:‬‬
‫"اختيار البديل األفضل"‪.‬‬

‫دراسة التكاليف التي يتطلبها إنجاز األهداف ومقارنتها مع النتائج المحصل عليها‪.‬‬
‫توفير نظام متكامل للمعلومات يمكن من إمداد متخذ القرار بالمعلومات الالزمة في الوقت المناسب‪.‬‬
‫إال أنه منذ سنة ‪ 8592‬أصبح األمريكان يطبقون "التسيير باألهداف" باالعتماد على أهداف يضعها‬
‫المسيرون؛ ويحدد المساعدون التابعون لهم النتائج الممكن الحصول عليها‪ ،‬محددة من حيث الحيز الزمني‬
‫الالزم لتحقيقها‪ ،‬بأرقام دقيقة‪.‬‬

‫هذا النظام بدوره عوض بنظام جديد يطلق عليه نظام الميزانية على أساس الصفر منذ ‪8595‬‬
‫يستند هذا النظام على ترتيب األهداف حسب األولوية بشكل تسلسلي قبل أي شروع في تنفيذ الميزانية‪،‬‬
‫ويمكن تفكيك هذه المنهجية إلى ثالث مراحل‪:‬‬

‫أ‪ -‬يطلب من كل مسؤول تقسيم نشاطه إلى مهام ال يمكن االستغناء عنها ومهام تكميلية مقترحة‪.‬‬
‫ب‪ -‬اقتراح الوسائل المرغوب فيها لكل مهمة‪.‬‬

‫ج‪ -‬تعليل طلبات الميزانية‪ ،‬وترتيب المهام التي يقترح القيام بها حسب األولوية‪ ،‬وتقييمها من‬
‫خالل الكلفة‪ ،‬المردودية التقنية مع ذكر الحلول البديلة‪.‬‬

‫وهذه المناهج كان لها دور كبير في ترشيد النفقات العامة‪ ،‬والتربية على ضرورة االستعمال‬
‫األفضل للمال العام‪.‬‬

‫‪ -2‬نظام ترشيد اختيارات الميزانية‪:‬‬

‫هذا النظام يستدعي أوال اختيار األهداف‪ ،‬ثم اختيار الوسائل وأخي ار مراقبة النتائج‪.‬‬

‫‪ 1-2‬اختيار األهداف‪:‬‬

‫‪ -‬وذلك بتحديد الهدف بدقة من حيث مداه‪ ،‬فمفهوم الهدف مفهوم مركب مثال (الهدف على‬
‫المدى القصير‪-‬تأمين الدخول المدرسي في ظروف جيدة‪ ،‬هو وسيلة إلى هدف على المدى البعيد وهو‬
‫دمقرطة التعليم)‬

‫‪012‬‬
‫‪ -‬انتقاء األهداف‪ :‬يتم بناء على معايير‪ ،‬فأي جهاز إداري ال يستطيع تحقيق أهدافه كلها دفعة‬
‫واحدة وفي وقت واحد‪ ،‬إن عليه أن يحدد األولويات واألعمال المستعجلة ويرتبها بدقة‪.‬‬

‫‪ 2-2‬اختيار الوسائل‪:‬‬

‫وهنا يتم المرور بمرحلتين‪:‬‬

‫أ‪-‬إحصاء وتعداد الوسائل‪:‬‬

‫وهنا يستلزم تحديد كل الحلول الممكنة‪ ،‬مع التأكيد على ضرورة أن يتم ذلك بمهارة‪ ،‬وشيء من‬
‫واالختراع‪.‬‬ ‫الجسارة‬
‫ب‪-‬اختيار وانتقاء الوسائل‪:‬‬

‫وال بد هنا من االعتماد على نقطتين مهمتين‪:‬‬

‫تحديد الكمية‪ :‬فكل شيء ينبغي أن يكون مرقما‪ ،‬ومحددا بدقة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الشمولية‪ :‬والمقصود هنا بالشمولية أن تكون كل أبعاد المشكل الذي يسعى لحله‬ ‫‪-‬‬
‫مستوعبة‪ ،‬وتختار الوسائل المناسبة بناء على المنهجية المشهورة‪-‬الكلفة‪/‬المردودية التقنية‪.‬‬
‫‪.Coût/avantage‬‬
‫ويوضع في النهاية البرنامج الذي يشير إلى مجموع الوسائل الضرورية لتحقيق الهدف المبرمج‪.‬‬

‫ج‪ -‬مراقبة النتائج‪:‬‬

‫وغرض الرقابة هو تقدير مدى درجة تحقق األهداف‪ ،‬فيتم تسجيل الفوارق وتحليلها‪.‬‬

‫إن هذا النظام يحدد األهداف‪ ،‬ويحصى الوسائل‪ :‬يحلل األنظمة‪ ،‬ويبرمج النفقات ويراقب النتائج‪،‬‬
‫بناء على تقنيات المحاسبة التحليلية‪ ،‬والوسائل الحديثة لتتبع لوحات القيادة "األمر الذي ُي َحسن من‬
‫مردودية وجودة النفقة العامة‪ .‬ويؤدي بالتالي إلى االبتعاد عن النفقات غير المنتجة‪.‬‬
‫ال شك أن ترشيد النفقات العامة يتطلب القضاء على جميع أوجه اإلسراف والتبذير المذكورة سابقا‬
‫وغيرها وباألخص تشديد الرقابة بمختلف أنواعها على النفقات العامة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬غياب تام لتقييم السياسات العمومية‬

‫إن التحوالت التي عرفها مفهوم الدولة‪ ،‬خالل مراحل تطورها‪ ،‬ساهمت بشكل كبير في إعادة‬
‫صياغة دورها الذي لم يعد ينحصر في إشباع الحاجات األساسية للمجموعات االجتماعية‪ ،‬بقدر ما أصبح‬
‫نشاطها الرئيسي يتجه نحو تحقيق تنمية شاملة ومستديمة لهذه المجموعات‪ ،‬وفي هذا السياق احتلت‬
‫السياسات العامة – كأداة لتدخل الدولة في مختلف القطاعات – مكانة متقدمة في إستراتيجيتها التنموية‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم تقييم الساسات العمومية‬

‫وتطرح مسألة تدخل الدولة‪ ،‬بواسطة السياسات العمومية لتنظيم وتدبير قضية معينة أو قطاع‬
‫محدد‪ ،‬إشكالية أساسية تتعلق بانتقال قضية مجتمعية إلى المستوى السياسي‪ ،‬وكذلك بالشروط التي تصبح‬
‫فيها الرهانات الجماعية موضوعا لسياسة عامة تتطلب تعبئة موارد بشرية وتقنية ومالية‪ ،‬أي كيف يمكن‬
‫لسلطة سياسية ما أن تنظر لقضية معينة بأنها تستدعي تدخال عاما في ظل تنامي صراعات المصالح‬
‫والصعوبات االجتماعية والتطلعات من كل األنواع‪.‬‬

‫إن البحث عن تحقيق الفعالية يستدعي اللجوء إلى تقييم نشاطات الدولة‪ ،‬وباألخص تلك التي‬
‫‪1‬‬
‫تمت ترجمتها إلى أهداف ووسائل والمقصود بها السياسات العمومية‪.‬‬

‫لقد أثبتت التجارب السياسية حتى اآلن أن إدراج قضية مجتمعية في األجندة السياسية للسلطات‬
‫الع مومية كانت وطنية أو محلية‪ ،‬يكون إما نتيجة مبادرة الفاعلين السياسيين‪ ،‬عندما يتعلق األمر بقضايا‬
‫قد يؤدي رفض تحمل أعبائها في لحظة معينة إلى اإلضرار بشرعيتهم السياسية‪ ،‬فال يمكن لحكومة مثال‬
‫أن تتجاهل بشكل مستمر حركة إضراب على الصعيد الوطني‪ ،‬واما نتيجة وجود مطالب جماعية انتقلت‬
‫إلى مستوى المطلب السياسي المنظم‪ ،‬بفعل وجود دعم منظم ومتنام من طرف الفاعلين االجتماعيين‪،‬‬
‫كالجمعيات والنقابات أو غيرها من الحركات االجتماعية المنظمة‪ ،‬حين ذاك يمكن للسلطة أن تأخذ هذه‬
‫المطالب في الحسبان ما لم يكن هناك إجماع سلبي لدى األجهزة التقريرية بهدف منع وصول قضية‬
‫خطيرة أو حساسة إلى األجندة السياسية‪.‬‬

‫غير أن المرحلة األهم في السياسات العمومية تبقى هي مرحلة التدخل‪ ،‬ويتعلق األمر بصيرورة‬
‫اإلعداد والتنفيذ والتقويم‪ ،‬حيث يتأثر االستخدام الملموس للسياسات العامة بعدد من المعطيات‪ ،‬كالتحديد‬
‫الدقيق للقضا يا التي يراد التدخل فيها أو تدبيرها‪ ،‬والموارد المتوفرة بشكل طاقة بشرية ومادية وسيناريوهات‬
‫الحلول التي يمكن تصورها‪ ،‬وفرص النجاح التي توفرها الظروف أثناء لحظة التدخل‪ ،‬وكذلك بمدى القبول‬
‫أو الدعم االجتماعي لها‪.‬‬

‫إن تقييما موضوعيا للسياسات العمومية بالجزائر يسمح لنا بتشخيص أفضل ألسباب عدم فعاليتها‬
‫والمتمثلة على وجه التحديد في غياب استراتيجية واضحة للسياسات العامة والمركزية المفرطة وغياب‬
‫التقويم والمتابعة باإلضافة إلى ضعف البعد التشاركي‪.‬‬

‫‪-‬غياب استراتيجية واضحة‬

‫‪-‬المركزية المفرطة‬

‫‪1‬‬
‫‪Jacques FONTANEL : Evaluation des politiques publiques, OPU, 2005, p 28.‬‬

‫‪011‬‬
‫إذا كان تدبير المجال الترابي في الماضي قد جاء كاستجابة إلرادة التأطير السياسي‪/‬األمني‪ ،‬أكثر‬
‫مما شكل انشغاال بمالءمة التدبير العمومي مع ضرورات التنمية المحلية‪ ،‬فإنه لم يعد من المقبول اليوم‬
‫أن تقوم الدولة المركزية بإدارة كل شيء بنفسها‪ ،‬بما في ذلك تدبير السياسات العمومية‪ ،‬بل لقد بات خيار‬
‫الالمركزية وتحرير قدرة المبادرة اإلدارية لدى المنتخبين المحليين مدخال ال غنى عنه لتحقيق أهداف‬
‫التنمية‪ ،‬وذلك من خالل إعادة تحديد دور السلطات المركزية في اتجاه انتقال مزيد من الصالحيات‬
‫واالختصاصات لفائدة الجماعات المحلية والهيئات الالمركزية‪ ،‬لكن السؤال الذي يطرح هنا يتعلق بما إذا‬
‫كانت الدولة المتمركزة والمتشبعة بالتدبير البيروقراطي مهيأة لتبني تصور ترابي مندمج للسياسات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫وفي نفس السياق لم يكن البعد التشاركي حاض ار في صيرورة إعداد وتنفيذ السياسات العمومية ببالدنا‪،‬‬
‫ذلك أن عدم إشراك المواطنين واستشارتهم في المشاريع التنموية التي تعنيهم بالدرجة األولى جعل كثي ار‬
‫من هذه المشاريع إنجازات غير مكتملة‪ ،‬أو اتضح فيما بعد أنها ال تناسب الحاجيات الحقيقية للمعنيين‬
‫بها‪ ،‬إن التدبير الجيد للسياسات العمومية ينبغي أن يرتكز أساسا على الدعم الذي يمكن أن تحظى به من‬
‫طرف الفئات االجتماعية المعنية بها ومدى قابليتها للمساهمة في تنفيذها‪.‬‬

‫و الزال موضوع تقي يم السياسات العمومية لم يجد موضعا ثابتا ومعترفا به في المشهد اإلداري‬
‫والعلمي الوطني‪ ،‬ذلك أن اعتماد المؤشرات الكمية واإلحصائية ومقارنة النتائج المحصل عليها باألهداف‬
‫المعلنة ال يأخذ في الحسبان تقويم الفوائد االجتماعية واآلثار الحقيقية لسياسة عمومية معينة‪ ،‬ومدى‬
‫مالءمتها الحتياجات المواطنين وانتظا ار تهم‪ ،‬بل إن واقع تدبير السياسات العمومية في الجزائر يكشف لنا‬
‫أن عددا من المشاريع والبرامج كانت غير منتجة (في التعليم خصوصا )وكان باإلمكان إعادة صياغتها‬
‫وتوجيهها في الوقت المناسب لو كانت تتوفر على هياكل وبنيات للتقويم‪ ،‬ونفس الشيء ينطبق على‬
‫مشاريع اإلصالح اإلداري التي باتت في حاجة ماسة لتقييم حقيقي ينطلق من مدى فعاليتها ومالءمتها‪،‬‬
‫وليس من استطالعات الرأي التي تجريها الو ازرة المعنية‪.‬‬

‫فتقييم السياسات العمومية في الجزائر هو من ضمن أبرز انشغاالت السلطات العمومية التي‬
‫‪1‬‬
‫تمكن من حساب التأثيؤ االقتصادي واالجتماعي للسياسات الموضوعة حيز التنفيذ‪.‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬إنه ال حاجة للتذكير بأن تقييم السياسات العمومية ببالدنا أصبح اليوم مطلبا مجتمعيا‬
‫ملحا‪ ،‬ومدخال حقيقيا إلرساء قواعد حكم راشد محليا ووطنيا‪ ،‬ذلك أن السلطات العمومية بحاجة للتوفر‬
‫على مؤشرات حقيقية تسمح بعقلنة عملها وتدبير وسائلها بشكل أمثل‪ ،‬وتمكن من تقييم اآلثار الحقيقة‬
‫لبرامجها وسياساتها التنموية‪.‬‬

‫‪ 1‬الحلقة الدراسة الجهوية المنظمة من قبل المفتشية العامة للمالية يومي ‪28‬و ‪ 29‬جويلية ‪ 2002‬حول تقييم السياسات العمومية‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫إن عدم استقرار الخيارات الحكومية نتيجة كثرة التعديالت الو ازرية وتغيير الحكومات‪ ،‬يعطي‬
‫االنطباع بوجود نظام تقريري يجسد رد الفعل أكثر من الفعل‪ ،‬ويبدو بالفعل أن السياسات العمومية‬
‫المعتمدة ال تعمر طويال‪ ،‬الشيء الذي يجعل اإلصالحات المنجزة تبدو كما لو كانت ذات طبيعة ظرفية‬
‫وليست هيكلية هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن ارتفاع عدد الوزراء داخل نفس التركيبة الحكومية‪،‬‬
‫يجعل وضع وتنفيذ السياسات العمومية أكثر تعقيدا‪ ،‬ذلك أنه بالرغم من كون السياسة العامة تتميز بأنها‬
‫سياسة قطاعية‪ ،‬فإن موضوعها هو إدارة «عدم تطابق» هذا القطاع مع محيطه أي مع باقي القطاعات‬
‫األخرى‪ ،‬األمر الذي يتطلب من السياسات الحكومية وضع استراتيجية واضحة وشاملة ال تنظر لسياسة‬
‫قطاعية معينة إال في عالقتها مع ما يجري في باقي القطاعات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حسابات التخصيص الخاص كمجسد للسياسات العمومية‬

‫كقاعدة عامة‪ ،‬تعتمد الدولة على الميزانية العامة كوسيلة لتنفيذ مختلف سياساتها‪ ،‬غير أن ما‬
‫الحظناه من خالل النظام الميزاني الجزائري هو أن العديد من هذه السياسات‪ ،‬لكي ال نقول جلها‪،‬‬
‫أصبحت تنفذ عن طريق حسابات التخصيص الخاص التي تعرفها المادة ‪ 95‬من القانون ‪ 89/18‬المتعلق‬
‫بقوانين المالية بأنها تلك العمليات الممولة بموارد خاصة‪ ،‬حيث أن هذه األخيرة عرفت تزايدا مستم ار‬
‫تماشيا مع كثافة و أهمية اإلصالحات التي عرفتها الجزائر‪ ،‬مما يدفعنا للقول أن الجزائر قد فضلت‬
‫استعمال هذه األداة ‪ -‬أي حسابات التخصيص الخاص ‪ -‬كوسيلة للتدخل في الميدان االقتصادي و‬
‫االجتماعي للبالد عوض الميزانية العامة للدولة‪ .‬في حين أانه يفترض اللجوء إليها استثناء لتنفيذ عمليات‬
‫مالية للدولة ذات طبيعة خاصة ال يمكن إدراجها ضمن عمليات الميزانية‪ .‬فلقد انتقلت حسابات‬
‫التخصيص الخاص من مجرد استثناء عن الميزانية العامة للدولة لتصبح أداة مفضلة من طرف‬
‫المسؤولين لتنفيذ السياسات العمومية‪.‬‬

‫النظام القانوني لحسابات التخصيص الخاص‬ ‫‪-1‬‬

‫برزت أهمية حسابات التخصيص الخاص في الجزائر من خالل اإلصالحات االقتصادية التي‬
‫أعقبت األزمة االقتصادية التي أثرت بشدة على المناخ المالي والميزاني‪.‬‬

‫إن الفكرة األساسية لحسابات التخصيص الخاص‪ 1‬تقوم على أساس القيام بتخصيص إيرادات‬
‫لتغطية نفقات غير موجهة لحاجات عمومية عادية ودائمة تلتزم بها السلطات العمومية‪.‬‬

‫ظهرت العديد من المحاوالت لتقنين حسابات التخصيص الخاص في فرنسا نذكر منها القانون ‪ 8589/25/05‬الذي نص على المراقبة‬
‫‪1‬‬

‫الدورية للحسابات في كل ثالثة أشهر مع إرسال وضعيتها للبرلمان‪ .‬و أشار قانون ‪ 8508/28/22‬في مادته ‪ 28‬إلى أن حسابات التخصيص‬
‫يرخص بها و تنفذ طبقا للقوانين و التنظيمات المعمول بها فيما يخص إيرادات و نفقات الميزانية العامة للدولة‪ ،‬غير أن الترخيص التشريعي كان‬
‫على المبدأ فقط و لكن تنفيذها في كل سنة يتم دون ترخيص‪ .‬وظهر عدد من اإلصالحات التي أفضت إلى إضفاء الطابع القانوني على حسابات‬
‫التخصيص الخاص و إدماجها في قانون المالية‪ ،‬و أصبحت شيئا فشيئا تخضع إلى قواعد الميزانية مع المحافظة على خصوصيتها و يندرج ذلك‬

‫‪011‬‬
‫بدأت تظهر تجاوزات عن هذه الفكرة في بداية الخمسينات حين قامت الدولة تمويل بعض‬
‫العمليات المالية االقتصادية واالجتماعية عن طريق حسابات خاصة بالخزينة في شكل قروض مما أدى‬
‫وهكذا يبدو‬ ‫إلى زيادة العبء على الخزينة وتبذير األموال‪ ،‬خاصة في ظـل غياب رقابة البرلمان‬
‫جليا أن حسابات التخصيص الخاص قد عرفت انحرافا عن األساس النظري لظهورها وهو االرتباط بين‬‫ً‬
‫‪1‬‬
‫اإليرادات والنفقات‪.‬‬

‫وقد تضمنت المادة ‪ 92‬من القانون ‪ 89-18‬المؤرخ في ‪29‬جويلية ‪ 8518‬المتعلق بقوانين‬


‫المـالية أنه " تقرر عمليات الحسابات الخاصة بالخزينة و يتم تنفيذها في نفس الشروط المطبقة على‬
‫عمليات الميزانية العامة للدولة " ‪،‬كما تنص المادة ‪ 51‬من القانون ‪ 89/18‬على أنه من بين الملحقات‬
‫التفسيرية المرفقة بقانون المالية للسنة نجد قائمة الحسابات الخاصة بالخزينة بما فيها حسابات التخصيص‬
‫الخاص و تبين مبلغ اإليرادات و النفقات و المكشوفات المقرر لهذه الحسابات عند المصادقة على قانون‬
‫المالية من طرف البرلمــان‪.‬‬

‫كما تم تعريفها سابقا فإن حسابات التخصيص الخاص تسجل العمليات الممولة بواسطة الموارد‬
‫الخاصة على اثر إصدار حكم في قانون المالية استنادا لنص المادة ‪ 95‬من القانون ‪ 89-18‬تعتبر هذه‬
‫الحسابات استثناء لقاعدة عدم تخصيص الموارد لذلك يتم اللجوء إليها في ظروف استثنائية من أجل‬
‫تحقيق غايات معنية‪.‬‬

‫غير أن واقع التسيير الميزاني يبين غير ذلك إذ أن استعمال حسابات التخصيص الخاص في‬
‫تزايد مستمر ال يعكس على اإلطالق استثناء لقاعدة معمول بها في المالية العمومية‪.‬‬

‫وقد جيء بتعريف جديد لحسابات التخصيص الخاص و الذي يجسد مفهوم البرنامج والتسيير عن‬
‫طريق األهداف مما يسمح بتقييم فعالية العمليات المنفذة عن طريق حسابات التخصيص الخاص في‬
‫قانون المالية لسنة ‪ ،0222‬حيث ينص في المادة ‪ 98‬منه" حسابات التخصيص الخاص تمثل برامج‬
‫عمل معد من طرف اآلمرين بالصرف المعنيين‪ ،‬حيث يحدد لكل حساب األهداف المسطرة والمنتظرة وكذا‬

‫ضمن اإلصالحات القانونية التي تمت منذ سنة ‪ 8581‬إلى غاية ‪ 8595‬و تجسدت ميدانيا من خالل تخفيض عدد الحسابات خاصة عن طريق‬
‫قانوني ‪5‬جانفي ‪ 8581‬و ‪ 1‬مارس ‪ 8585‬إما بإلغاء العديد من الحسابات أو القيام بإدماجها‪ ،‬كما شملت اإلصالحات تقوية الرقابة على حسابات‬
‫التخصيص الخاص و ترجع فكرة الرقابة إلى كون عملياتها تمس الذمة المالية للــدولة‪ ،‬و ذلك من خالل إخضاعها إلى اإلجراءات المطبقة على‬
‫الميزانية العامة للدولة لتفعيل رقابة البرلمان سواء على الحسابات من حيث المبدأ بالنسبة لإليرادات و النفقات أو من حيث الحجم كما قال األستاذ‬
‫قوزار أنه ال يمكن فتحها إال بترخيص من البرلـمان ‪ .‬استهدفت اإلصالحات اإلجراءات التي تمر بها الحسابات‪ ،‬فلقد كان الطابع األساسي لها هو‬
‫خرق مبدأ الوحدة و الوضوح و الخروج عن مبادئ التقرير و التصويت السنوي المطبق على الميزانية العامة للدولة‪ ،‬فظهرت ضرورة اإلصالح و‬
‫إخضاعها إلى قواعد الميزانية و هذا ما جاء في المــادة ‪ 08‬من األمر ‪ 20 /95‬التي تنص على أن الحسابات الخاصة بالخزينة مقررة و مرخص‬
‫بها و منفذة ضمن نفس الشروط المطبقة على الميزانية العامة لدولة‪.‬‬
‫‪ 1‬حابسة عادل‪ :‬الرقابة البرلمانية للمالية العمومية في الجزائر‪ ،‬مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬كلية الحقوق بن عكنون‪،‬‬
‫‪ ،2100‬ص ‪.11‬‬

‫‪011‬‬
‫أجال اإلنجاز" ويضيف في الفقرة الثالثة منها أن "حسابات التخصيص الخاص تكون محل متابعة ومراقبة‬
‫من طرف وزير المالية و اآلمرين بالصرف المعنيين "‬

‫من خالل هذه المادة يمكن أن نستخرج الميزات الجديدة لحسابات التخصيص الخاص والتي‬
‫تتمثل في ‪:‬‬

‫‪ -‬تعبر عن برنامج محدد‪.‬‬

‫‪ -‬لها أهداف معينة و أجال إنجاز محددة‪.‬‬

‫‪ -‬يجب متابعة و مراقبة تنفيذ البرنامج من طرف المسيرين المعنيين‪.‬‬

‫من خالل هذه العناصر نستنتج أن المفهوم الجديد لحسابات التخصيص الخاص يقترب كثي ار‬
‫من عناصر اإلصالحات المرجوة من النظام الميزاني المعمول به في عدة دول‪ ،‬وبهذا فان حسابات‬
‫التخصيص الخاص تسمح أكثر من النظام الميزانية المعمول بها حاليا في الجزائر بتجسيد وتقييم فعالية‬
‫‪1‬‬
‫النشاط العمومي( السياسات العمومية )‪.‬‬

‫دورها في تنفيذ السياسات العمومية‬ ‫‪-2‬‬

‫تعرف السياسات العمومية بأنها مجموعة من البرامج أو التدابير تتخذ في إطار محيط اجتماعي‪،‬‬
‫اقتصادي‪ ،‬ومؤسساتي و تتحقق عند تنفيذها منجزات و نتائج و آثار‪ .‬كما يمكن تعريفها على أنها‬
‫مجموعة من النشاطات والبرامج المنفذة من سلطة أو عدة سلطات عمومية لمعالجة حاالت تعتبر‬
‫إشكالية‪ ،‬ولقد استعملت حسابات التخصيص الخاص كأداة لتنفيذ السياسات العمومية وأبرزها يظهر في‬
‫المجال االقتصادي حيث رافقت اإلصالحات االقتصادية خاصة بعد أزمة ‪ ،8515‬بدأ بإصالح‬
‫المؤسسات في سنة ‪ ،8511‬حيث ظهرت إرادة سياسية حقيقية في تبني إصالحات فعالة خاصة مع‬
‫مجيء الحكومة الجديدة و التي نادت بضرورة تبني اقتصاديات السوق الحر‪.‬‬

‫و جسدت هذه األخيرة من خالل منظومة قانونية متكاملة – قوانين ‪ – 8511‬خاصة منها القانون‬
‫‪ 28-11‬المؤرخ في ‪ 0‬جانفي ‪ 8511‬و المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الجزائرية‪ ,‬و‬
‫الذي أهم ما جاء به هو عزل المؤسسة عن مالكها و هي الدولة‪ .‬فأصبحت للمؤسسة العمومية شخصية‬
‫معنوية و مالية مستقلة عن الدولة‪ ،‬و مؤسسة تحكمها القواعد التجارية‪ ،‬و التي أصبحت تسمى بموجب‬
‫هذا القانون بالمؤسسات العمومية االقتصادية‪.‬‬

‫و قد انشىء في هذا اإلطار حساب التخصيص الخاص رقم‪ 220-298 :‬المسمى "صندوق‬
‫تطبيق استقاللية المؤسسات العمومية" بموجب القانون رقم ‪ 25-11‬و المتعلق بقانون المالية لسنة‬

‫‪ 1‬حابسة عادل‪ :‬الرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11،11‬‬

‫‪011‬‬
‫‪ ،8515‬و المطبق بالمرسوم التنفيذي ‪ 828-52‬المؤرخ في ‪ 09‬مارس ‪ 8552‬والمتعلق بإجراء العمليات‬
‫المالية الموجهة إلى المساهمات اإلضافية في شكل راس مال والمخصصة لفائدة المؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية خالل عملية انتقالها إلى االستقاللية‪.‬‬

‫ومن أجل تحقيق أكثر لقواعد استقاللية للمؤسسات العمومية‪ ,‬قامت الدولة بالتخلي عن ديونها‬
‫المترتبة على المؤسسات العمومية و ذلك من خالل المرسوم التنفيذي رقم ‪ 828-52‬المؤرخ في ‪09‬‬
‫مارس ‪ 8552‬و المتعلق بتحويل ديون الخزينة المترتبة على المؤسسات العمومية إلى قيم منقولة و‬
‫تجميدها و يبين شروط إصدارها‪ .‬وقد تم غلق هذا الحساب بموجب قانون المالية لسنة ‪ ( 0222‬المادة‬
‫‪.)82‬‬

‫لكن نظ ار لالختالالت المالية التي عرفتها المؤسسات العمومية آنذاك بسبب تسييرها اإلداري و‬
‫تميزها بانعدام الرأس المال االجتماعي و الديون الخانقة‪ ،‬كان ال بد أوال و قبل كل شيء إعادة التوازنات‬
‫المالية لهذه األخيرة من خالل التطهير المالي و ذلك للسماح للمؤسسة بالنهوض من جديد ضمن شروط‬
‫تسمح لها بالتنافسية و مواجهة األسواق األجنبية‪.‬‬

‫و في هذا اإلطار تم تدعيم سياسة مرافقة المؤسسات العمومية للتوجه لتحقيق أكثر الستقاللية‬
‫المؤسسات العمومية بحساب تخصيص ثان و المتمثل في الصندوق رقم‪ 220-252 :‬المسمى" صندوق‬
‫تطهير المؤسسات العمومية " المنشئ بموجب المادة ‪ 95‬و ‪ 882‬من القانون رقم ‪ 25-52‬و المؤرخ في‬
‫‪ 88‬ديسمبر ‪ 8552‬المتعلق بقانون المالية لسنة ‪ .8558‬و الذي حدد سيره بموجب المرسوم التنفيذي‬
‫‪ 99-58‬المؤرخ في ‪ 85‬مارس ‪.8558‬‬

‫و في سنة ‪ 8558‬و نتيجة لتطبيق برامج التعديالت الهيكلية المفروضة من طرف المؤسسات‬
‫المالية الدولية ‪ -‬اتفاقية ستاند باي‪ ،-‬التي تمثلت كإجراء ال مفر منه لتجاوز أزمة المديونية ومحاولة‬
‫الرجوع إلى التوازنات الكبرى‪ ،‬بسبب االختناق المالي الذي وصلت إليه الجزائر أواخر سنة ‪ .8558‬أصبح‬
‫من الضروري تطبيق سياسة الميزانية و التي تهدف إلى التقليل من اإلنفاق العمومي‪ ،‬فكان لزاما على‬
‫الدولة الجزائرية التخلي عن كل إنفاق من شانه زيادة العجز في ميزانيتها‪ ،‬و من بين اإلجراءات التي‬
‫اتخذتها في هذا اإلطار هو حل كل المؤسسات غير اإلستراتيجية و التي تتميز باختالالت مالية كبيرة‪ .‬و‬
‫في هذا اإلطار تم إنشاء صندوق التخصيص الخاص رقم ‪ 220-295‬المتعلق بـ" تصفية المؤسسات‬
‫العمومية" بموجب قانون المالية لسنة ‪ - 8558‬المادة ‪-898‬‬

‫و لدعم سياسة الخوصصة هته تم فتح حساب التخصيص الخاص رقم ‪ 220-212‬المسمى‬
‫"اإليرادات المحصلة من عملية الخوصصة" بموجب قانون المالية لسنة ‪.8559‬‬

‫‪014‬‬
‫كما استعملت حسابات التخصيص الخاص في مجال الفالحة انطالقا من محاوالت اإلصالح في‬
‫الميدان الفالحي‪ ،‬منذ استرجاع األراضي الزراعية االستعمارية غداة االستقالل‪ ،‬وتمهيدا للدخول في‬
‫دينامكية االقتصاد العالمي‪ ،‬أطلقت الحكومة منذ سنة ‪ 0222‬مخططا وطنيا للتنمية الفالحية‪ ،‬كما‬
‫تمّ إنشاء الصندوق الوطني للتنمية الفالحية بموجب قانون المالية لسنة ‪ 8511‬واختص بكل النفقات‬
‫المتعلقة بتشجيع وترقية المنتجات الحيوانية والنباتية‪ .‬ويتم تمويل هذا الصندوق عن طريق تخصيصات‬
‫ميزانية الدولة‪ ،‬وقد بلغ رصيده بتاريخ ‪ 8559/80/28‬حوالي ‪ 8.105.998.002.24‬دينار‪.‬‬

‫وقد تلقى هذا الصندوق ما يقارب ‪ 222.222.222.22‬دج من تخصيصات الميزانية خالل‬


‫السداسي األول من سنة ‪.8555‬‬

‫باإلضافة إلى إنشاء صندوق تعويض الثورة الزراعية بموجب قانون المالية لسنة ‪ 8511‬وصندوق‬
‫ضمان اإلنتاج الزراعي بموجب المادة ‪ 18‬من قانون المالية لسنة ‪ 8550‬ويتعلق بكل اإلعانات الخاصة‬
‫‪1‬‬
‫بتحقيق التوازن بين السعر األدنى المرجعي للمنتجات الزراعية والمردودية الزراعية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬صعوبة رقابة حسابات التخصيص الخاص‬

‫إن المالحظ في كيفية استعمال حسابات التخصيص الخاص أن هناك تجاوزات تتناقض وفكرة‬
‫تحقيق وقياس الفعالية‪ ،‬ففي غياب حدود وشروط لفتح حسابات التخصيص الخاص أصبح معظم الوزراء‬
‫يلجؤون إلى استخدامها كوسيلة مفضلة لتسيير قطاعهم‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى إنشاء بعض الحسابات بدون‬
‫هدف واضح‪ ،‬وال تعبر عن برنامج واضح المعالم‪.‬‬

‫كما تم انشاء العديد من الحسابات من بينها صندوق استصالح األراضي عن طريق االمتياز الذي أنشئ بموجب قانون المالية لسنة ‪،8551‬‬
‫‪1‬‬

‫والذي غيرت تسميته الحقا ليصبح "صندوق التنمية الريفية واستصالح األراضي عن طريق االمتياز" وذلك سنة ‪. 0220‬‬
‫صندوق تطوير وحماية الصحة الحيوانية والنباتية‪:‬‬
‫أنشئ هذا الحساب عن طريق دمج حسابين سابقين‪ ,‬بموجب قانون المالية لسنة ‪ ,0228‬ويخص هذا الحساب النفقات المتعلقة بتنمية الصحة‬
‫الحيوانية والوقاية من أجل الحفاظ على الثروة النباتية‪.‬‬
‫صندوق مكافحة التصحر وتنمية وتطوير السهوب‪:‬‬
‫أنشئ هذا الحساب سنة ‪ 0220‬ويتعلق بمكافحة التصحر وتنمية وتطوير السهوب‪.‬‬
‫صندوق تنمية الهضاب العليا‪:‬‬
‫أن صندوق تنمية الهضاب العليا أنشأ عن طريق القانون رقم ‪ 00-22‬المؤرخ في ‪ 01‬ديسمبر ‪ 0222‬المتضمن قانون المالية لسنة ‪.0228‬‬
‫و كان الهدف من إنشاء هذا الصندوق هو التمويل الكلي أو الجزئي لبرامج و مشاريع الهياكل القاعدية للتنمية و كذا دعم االستثمار اإلنتاجي في‬
‫الهضاب العليا‬
‫‪.‬الصندوق الخاص لتطوير مناطق الجنوب‪:‬‬
‫بموجب المادة ‪ 19‬من القانون ‪ 20/59‬الـمؤرخ في ‪ 28‬ديسمبر ‪ 8559‬المتضمن قانون المالية لسنة ‪.8551‬‬

‫‪011‬‬
‫من المالحظ كذلك أن بعض الحسابات تفتح في قوانين المالية‪ ،‬دون أن يتبعها إصدار نصوص‬
‫تنظيمية تطبيقية توضح كيفية تنفيذها واستعمالها‪ ،‬إال بعد مرور فترة طويلة وهذا ما يؤدي إلى عدم‬
‫تنفيذها‪ ،‬وبالتالي تجميد األموال المخصصة لها‪.1‬‬

‫كما ال يوجد اختالف بين إجراءات تنفيذ نفقات الميزانية العامة للدولة‪ ،‬وتلك المستخدمة في تنفيذ‬
‫حسابات التخصيص الخاص ( فقط فيما يخص تمديد الباقي)‪ ،‬وبالتالي نسجل غياب المرونة المطلوبة‪.‬‬

‫وكذلك األمر بالنسبة للرقابة إذ ال توجد إجراءات خاصة تسمح بمتابعة ورقابة تسيير حسابات‬
‫التخصيص الخاص بصورة أكثر فعالية‪ ،‬خاصة وان تسيير العديد من هذه الحسابات يعود إلى اختصاص‬
‫الهيئات ذات التسيير الخاص التي تتمتع باالستقاللية مما يجعل الرقابة أكثر صعوبة‪ ،‬خاصة مع غياب‬
‫االتصال على جميع المستويات‪ ،‬هذا ما يعرقل تحقيق األهداف المسطرة خاصة إذا كانت أهدافا ذات‬
‫طابع أفقي‪.‬‬

‫ولكن من جهة أخرى فإن حسابات التخصيص الخاص تضمنت سياسات ذات أهمية بالغة التأثير‬
‫على الجانب االقتصادي واالجتماعي للبالد‪ ،‬تجسدت في شكل برامج ومخططات ذات أهداف محددة‪.‬‬

‫وأهم هذه البرامج‪ :‬برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي الذي يستجيب أكثر لمطلب الفعالية‪ ،‬باعتباره‬
‫يقوم على أساس أهداف مسطرة على المدى المتوسط وكذا إستراتيجية واضحة وآجال محددة‪.‬‬

‫غير أ نه ومع النتائج االيجابية المحققة كتحقيق نسبة نمو اقتصادي بلغت ‪ %5‬وكذا فتح مناصب‬
‫شغل وبناء منشئات قاعدية هامة إال أن سوء تسيير البرنامج حال دون تحقيق األهداف المرسومة بصفة‬
‫شاملة‪ .‬إذ أن نسبة كبيرة من األموال التي خصصت للبرنامج تم استهالكها مؤخ ار بصفة عشوائية لكي ال‬
‫تلغى مع نهاية البرنامج‪.‬‬

‫باإلضافة إلى هذا فان ضعف الرقابة واجراءات المتابعة بصفة صارمة وكذا الدراسات الكاملة‬
‫حول المشاريع المختارة والوسائل والطرق المستعملة لتنفيذها حال دون تحقيق الفعالية المرجوة‪ .‬وفي هذا‬
‫السياق نذكر أن مجلس المحاسبة في تقريره لسنة ‪ 19952‬انتقد كيفية تسيير الحسابات الخاصة بالخزينة‪،‬‬
‫حيث ذكر " ضعف تسيير العمليات المتعلقة بالحسابات الخاصة للخزينة بحيث ال تتم متابعتها وتصفيتها‬
‫كما يرام وهذا سواء فيما يخص حسابات التخصيص الخاص أو حسابات القروض والتسبيقات"‪ ،‬كما‬
‫يضيف "أبرزت عمليات التدقيق المتتالية التي قام بها مجلس المحاسبة عدة نقائص وعيوب تم اخطارها‬

‫أفضل مثال لهذه الحالة‪" ،‬الصندوق الوطني للسكن "‪ .‬إذ استفاد هذا الصندوق خالل العشر سنوات األخيرة من ‪ 011‬مليون دينار على شكل‬ ‫‪-1‬‬
‫تخصيصات من الميزانية أي بنسبة ‪ %12,44‬حيث كلف الصندوق الوطني للسكن " ‪ "CNL‬بتسييرها غير أن غياب برنامج خـاص للتنفيذ‪ ،‬منع‬
‫هذه األخيرة من استعمال هذه المبالغ‪ .‬وكذلك فان هذه المبالغ كانت توظف على مستوى المؤسسات المالية المتخصصة ما بين ‪ 0441‬و ‪2111‬‬
‫وقد أنتجت هذه التوظيفات مليارين دينار جزائري من الفوائد‪.‬‬
‫‪ 2‬تقرير مجلس المحاسبة لسنة ‪1995‬المنشور في الجريدة الرسمية رقم ‪ 76‬لسنة ‪.1997‬‬

‫‪010‬‬
‫إلى المصالح المعنية (ضعف التنظيم‪ ،‬تعدد الحسابات‪ ،‬تباين المحاسبات‪ ،‬أخطاء‪ )...‬إن أهمية الرصيد‬
‫السلبي الوارد في حسابات التخصيص الخاص بمبلغ ‪ 37‬مليار دج والديون العالقة الواردة في حساب‬
‫القروض والتسبيقات بمبلغ ‪ 377‬مليار دج (مجمعة إلى ديسمبر ‪ )1993‬تعكس قلة االهتمام بتطهير هذه‬
‫العمليات‪.‬‬

‫وقد أشار المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي لدى زيارته للجزائر في مارس ‪ 0225‬وان كان‬
‫قد اعترف بالنتائج اإليجابية التي تم التوصل إليها‪ ،‬فإنه أشار إلى ضرورة العمل على تحقيق فعالية‬
‫وشفافية النظام المالي الجزائري واعادة االعتبار لدور البرلمان واعالم الجمهور‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نحو نظام أمثل لرقابة النفقات العمومية‬

‫الهدف األساسي الذي تسعى إليه الدولة من خالل وضع نظام لرقابة النفقات العمومية هو تحقيق‬
‫التحكم في اإلنفاق من جهة وحماية األموال العمومية من التبذير والتالعب من جهة أخرى‪ .‬إال أن ذلك ال‬
‫ينحصر في توجيه النفقات وتوزيعها على القطاعات بحسب األولويات المسطرة فحسب‪ ،‬وانما يتعداه إلى‬
‫البحث عن الوسائل والطرق التي تجعل من النفقة العمومية ذات مردودية أكثر‪ ،‬ولكن التساؤل الذي يطرح‬
‫نفسه هنا هو‪ :‬ما هي الطريقة السليمة المبنية على األسس العلمية لحساب هذه المردودية؟‬

‫إن مردودية مجلس المحاسبة مثال على المؤسسات واإلدارات العمومية ليست لها طبيعة مادية‬
‫وبالتالي هي غير قابلة للتعداد الرقمي‪ ،‬وانما تتجلى في طبيعة اجتماعية تترجم في حماية األموال‬
‫العمومية‪.‬‬

‫وسنتناول خالل هذا المبحث الوسائل والطرق التي بإمكانها تعزيز الرقابة وتحقيق الفعالية المرجوة‬
‫من النفقة العمومية وهذا من خالل تناول رقابة التقييم كأسلوب البد منه (المطلب األول) والتطرق إلى‬
‫اآلليات الجديدة التي اعتمدها النظام الجزائري بغية تحقيق فعالية النفقة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬رقابة التقييم أسلوب البد منه‬

‫إن تبني التقييم في الرقابة على النفقات العمومية يستدعي كل سلطة من السلطات إلى ممارسة‬
‫مهامها بكل شفافية والتزام‪ ،‬حتى تتمكن كل سلطة من الحرص على القيام بواجباتها ووضع حد السلطات‬
‫األخرى التي قد تتجاوز الصالحيات الموكلة لها‪.‬‬

‫ويعد تقييم نتائج العمل اإلداري و تقييم السلطات العمومية واحد من األهداف التي يرتكز عليها‬
‫تجديد المرفق العمومي‪.1‬‬

‫‪ 1‬الحلقة الدراسية الجهوية المنظمة من قبل المفتشية العامة للمالية يومي ‪ 01‬و ‪ 05‬جويلية ‪ 0220‬حول تقييم السياسات العمومية‪.‬‬

‫‪012‬‬
‫وبغية وضع نظام رقابي فعال قائم على المطابقة ومعتمدا على تقييم الفعالية ال بد من تعزيز‬
‫الرقابة البرلمانية‪ ،‬كما أنه من الضروري خلق تعاون بين البرلمان ومجلس المحاسبة لوضع رقابة شاملة‬
‫وذات فعالية‪ ،‬كما سنتناول في هذا الصدد اإلصالحات الجديدة التي دعمت رقابة التقييم إلى جانب‬
‫المطابقة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تفعيل الدور الرقابي للبرلمان‬

‫تطرقنا للحديث في الفصل األول من هذا البحث إلى الحديث عن الرقابة البرلمانية التي ال تتعدى‬
‫أن تكون شكلية سواء منها القبلية‪ ،‬اآلنية أو الالحقة‪ .‬وهذا واضح ويبرز من خالل العديد من الظواهر‬
‫التي باتت اليوم تجعل السلطة التشريعية فارغة من محتواها‪ .‬ونذكر على سبيل المثال المصادقة الشكلية‬
‫على قوانين المالية‪ ،‬إضافة إلى العديد من الظواهر التي تزيد في فقدان هذه السلطة لهيبتها ‪ .‬ومن هنا‬
‫ارتأينا ضرورة الحديث عن السبل التي يمكن من خاللها للبرلمان أن يضمن االستعمال الحسن لألموال‬
‫العمومية‪ ،‬وهذا يتجلى من خالل المحافظة على المفهوم الحقيقي للرخصة المالية واحترامها‪ ،‬وكذا استعادة‬
‫سلطة التشريع في المجال المالي تكريس التعاون بين البرلمان ومجلس المحاسبة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تكريس المعنى الحقيقي للترخيص المالي‪:‬‬

‫نتحدث دوما عن الرقابة وعن وسائلها‪ ،‬كما نقول أنه من الضروري وضع حد لتالعبات السلطة‬
‫التنفيذية فيما يتعلق بتبديد األموال العمومية‪ ،‬لكن الهدف األصلي للرقابة ال يتم التحدث عنه‪ .‬الترخيص‬
‫المالي الذي يمنحه البرلمان‪ ،‬هل حقيقة تحترم السلطة التنفيذية هذه الرخصة؟‬

‫طبعا اإلجابة واضحة وتتضح أكثر من خالل إلقاء نظرة في بعض الجرائد الرسمية التي تحمل‬
‫معظمها مراسيم تحويل االعتمادات‪.‬‬

‫إن تنفيذ الميزانية يبتعد أكثر فأكثر عن تطبيق رخصة البرلمان‪ ،‬وهذا سواء من خالل مراسيم‬
‫التحويل أو ق اررات النقل التي تمارسها السلطة التنفيذية خالل السنة‪ .‬في حين أنه من المفترض أن تكون‬
‫الرقابة على تطبيق قوانين المالية الممارسة من قبل البرلمان تحتل المرتبة األولى‪ ،‬حيث أنه هو من أقر‬
‫‪1‬‬
‫ورخص بتطبيق عمليات اإليرادات والنفقات‪ ،‬ويتابع سيرها ومن ثمة يقيم التطبيق النهائي للميزانية‪.‬‬

‫إن الرخصة المالية هي نتيجة ومكسب لسيرورة تاريخية تميزت بدايتها باستبداد العرش في فرض‬
‫الضرائب واالكتفاء باإلنفاق العمومي المخصص لحمايته من الغزو األجنبي مكتفيا عند حدود مفهوم‬

‫‪1‬‬
‫‪Michel Bouvier, Marie Christine Esclassan, Jean- Pierre Lassale : op.cit. p 424 .‬‬

‫‪011‬‬
‫الدولة الحارسة‪ ،1‬لذا البد أن تحرص السلطة التشريعية على رقابة هذه الرخصة وعدم التفريط في هذا‬
‫الحق بتفعيل كل الوسائل التي تمتلكها‪.‬‬

‫عمليا تتولى المديرية العامة للميزانية بالتعاون مع المديرية العامة للمحاسبة متابعة تنفيذ الميزانية‪،‬‬
‫حي ث يتم تسجيل كل التحويالت وتوزيع االعتمادات وأي حركة تط أر عليها‪ ،‬وكذا استهالك كل و ازرة‪ ،‬وهذا‬
‫ما يسمح بمقارنة هذه المعطيات طوال السنة مع اإليرادات من أجل إعداد الرصيد المتوقع التنفيذ‪.‬‬

‫غير أن المالحظ هو أن هذا الرصيد يكون في بعض األحيان بعيدا كل البعد عن الرصيد المتوقع‬
‫في قانون المالية‪ ،‬حيث تتخذ الحكومة تدابير إدارية تقضي بتعديل الوضع كإلغاء االعتمادات أو تحويلها‪.‬‬

‫ويظهر جليا أن الحكومة تفضل استعمال التنظيم كوسيلة أولى لتعديل االعتمادات الميزانية وهذا‬
‫ما يخرجها عن دائرة رقابة البرلمان‪ ،‬األمر الذي يثير العديد من االنتقادات حيث أن هذا اإلجراء يؤدي‬
‫إلى تجريد االعتمادات من بعض مدلوالتها وأهدافها‪ ،‬ومن أجل ضمان وضوح أكبر ومتابعة فعلية لمسار‬
‫االعتمادات‪ ،‬يظهر من الضروري أن يكون التقديم الشكلي والمادي لقانون المالية متطابقا إلى حد كبير‬
‫مع قانون ضبط الميزانية‪ ،‬على الرغم من أن الممارسة لم تفرز سوى قانون أو اثنين لضبط الميزانية‪ ،‬غير‬
‫أن هذا ال يمنع من احترام الترخيص المالي السابق‪.‬‬

‫كما نضيف في هذا اإلطار قوانين المالية التكميلية أو التعديلية التي أصبحت عادة وكأن قانون‬
‫المالية السنوي فقد طابع السنوية‪ ،‬إذ تتحجج الحكومة بأسباب وهمية بغية إدخال تعديالت جوهرية في‬
‫قانون المالية السنوي‪ ،‬واألدهى من ذلك أنها عادة ما تختار فترة عطلة البرلمان لتمرر ق اررات وسيايات‬
‫ضخمة تستبعد فيها السلطة المختصة بالتشريع ليتم إصدارها بأوامر‪ .‬وبواسطة هذه القوانين نقول أن‬
‫الترخيص المالي الذي سبق وأن منحه البرلمان يفقد معناه‪ ،‬إذ يمس قانون المالية التكميلي ليس فقط‬
‫جانب اإلي رادات والنفقات‪ ،‬بل يتعداه إلى سن قوانين وتعديل أخرى وهذا ما يمس بمصداقية الجهاز‬
‫التشريعي خاصة إذا علمنا أنه من المستحيل أن يرفض البرلمان الموافقة على هذا القانون إذ وفقا للمادة‬
‫‪ 808‬من الدس تور التي لم يسمح بمناقشة األوامر بل تطرقت إلى مفهوم الموافقةـ فإما أن توافق أو ال‬
‫توافق‪.‬‬

‫هذا التوجه السياسي بات اليوم يثير الكثير من األسئلة عن مهام المؤسسة التشريعية وعن التقاليد‬
‫الديمقراطية التي تحتكم فيها السلطة التنفيذية إلى السلطة التشريعية‪ ،‬ومن المفارقات أن تقاليدنا الديمقراطية‬
‫تحولت إلى مفاهيم مقلوبة حيث باتت السلطة التشريعية تستجدي عطف الحكومة‪ ،‬وعليه أصبح بمقدور‬
‫أي وزير رمي اإلجابة الشفوية وهذا أضعف ما يمكن للبرلمان القيام به عندنا في وجه النواب وتعنيف‬
‫السائل واتهامه بالمزايدة الحزبية والسياسة ''السياسوية'' على حد تعبير بعض المسؤولين عندنا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Luc Saidj: la loi de règlement et le développement du contrôle parlementaire de la restauration à nos jours,‬‬
‫‪RFFP, N°51, 1995, p171.‬‬

‫‪011‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬استعادة سلطة التشريع في المجال المالي‪:‬‬

‫إن مكانة السلطة التشريعية اليوم ال توحي أبدا بتكريس ديمقراطي‪ ،‬إذ تفتقر إلى مقومات هذه‬
‫األخيرة نظ ار ألنها حقيقة تمتلك وسائل دستورية غير أن الممارسة لم تسمح لها بتجسيد هذه الوسائل‪.‬‬

‫فقد أقر الدستور التشريع من قبل البرلمان لكن الواقع يقول غير ذلك‪ ،‬فقد انفردت السلطة التنفيذية‬
‫في التشريع المالي وفرضت ما يحلو لها‪ ،‬كما تمكنت من تمرير بوسائل قانونية كل ما تريد‪.‬‬

‫وحتى خارج نطاق المالية العمومية نجد أن السلطة التنفيذية تمرر الق اررات االقتصادية الكبرى‬
‫خارج اإلطار التشريعي بواسطة األوامر‪ ،‬المراسيم والتعليمات والتوصيات أفرغت الممارسة السياسية من‬
‫قيمها وبعدها الحقيقي‪ ،‬وهذا ما يمس بمصداقية تلك الق اررات ويهز ثقة الشركاء في المنتديات االقتصادية‪،‬‬
‫ألنه ال أحد يمكن أن يعلم طبيعة التوجه االقتصادي للحكومة التي تتبنى ق اررات اقتصادية بشكل انفرادي‬
‫بعيدا عن النقاش العام في الداخل وفي الفضاءات اإلعالمية والسياسية والتشريعية مما يدعو إلى القلق‬
‫لدى أكثر من طرف‪.1‬‬

‫إن نجاعة النظام الرقابي اليوم تستدعي الوقوف عند هذا الجهاز وضرورة النظر في مستوى آدائه‬
‫الذي ال أصبح أكثر من ضئيل‪ ،‬لذا البد من تفعيل دوره عن طريق تعزيز استقالليته‪ ،‬وهذا األمر ال يمكن‬
‫أن يتحقق إال من خالل إجراءات جذرية تتعلق في بعضها بطبيعة القانون االنتخابي الذي يجب أن يؤمن‬
‫نزاهة االنتخابات التشريعية بما يتيح للشعب حسن اختيار ممثليه ومحاسبتهم في صناديق االقتراع الحقاً‪.‬‬

‫إذ البد من إشراك السلطة التشريعية في عملية إعداد ومناقشة الميزانية العامة أو باألحرى قوانين‬
‫المالية باإلضافة إلى تفعيل الرقابة خالل تنفيذ الميزانية‪ ،‬والرقابة البعدية المتمثلة في قانون ضبط‬
‫الميزانية‪ .‬وهذا يتم من خالل تطوير وتفعيل عمل اللجان النيابية سواء منها الدائمة أو لجان التحقيق‬
‫بحيث تكون لديها سلطة حقيقية إلحالة قضايا الفساد التي تكشفها األجهزة الرقابية والتي تعرضها في‬
‫تقاريرها المقدمة للجنة‪ ،‬إلى القضاء مباشرة‪ .‬كما ينبغي أن تكون لديها سلطة استجواب رئيس الوزراء‬

‫في هذا النطاق يجدر بنا الحديث عن قوانين المالية التكميلية التي أصبحت عادة وفقدت طابع السنوية‪ ،‬واألدهى من ذلك أنها تمرر خالل فترة‬ ‫‪1‬‬

‫عطلة البرلمان أي بوا سطة أوامر مما يزيد الطين بلة إذ ال يتم حتى مناقشتها على مستوى البرلمان‪ ،‬إضافة إلى أنها تحمل تغييرات جوهرية في‬
‫قانون المالية السنوي مثلما حدث مع قانون المالية التكميلي لسنة ‪ 0221‬أين تم إحداث الضريبة المتعلقة باقتناء السيارات ‪ ،‬إذ لم يتمكن البرلمان‬
‫من منع هذ ه القاعدة التي حملها هذا القانون التكميلي ألنه صدر بأمر رئاسي وتمت المصادقة عليه في الدورة الموالية للبرلمان ولكن كما نعلم ال تتم‬
‫المصادقة على األوامر مادة بمادة بل تتم المصادقة عليها جملة أي كاملة‪ .‬كما أن قوانين المالية التكميلية تحمل العديد من القواعد التي تمس‬
‫المجال االقتصادي والتي تحدث تغييرات جوهرية فيها مثلما هو الحال مع قوانين االستثمار ‪ ،‬إذ يذكر الكثير من المستثمرين أنهم يمسكون بطونهم‬
‫عندما يسمعون قروب صدور قانون المالية التكميلي ‪ ،‬كما أنهم ينتقدون دور البرلمان من هذه الممارسات التي تمس بشرعية الجهاز التشريعي‪ .‬إذ‬
‫أن قوانين المالية التكميلية تمس في الكثير من األحيان باالمتيازات الممنوحة في القانون األساسي الخاص باالستثمار أو األحكام التي أوردها قانون‬
‫المالية السنوي‪ ،‬وهذا ما يبعث على عدم االستقرار وهروب المستثمرين‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫وأعضاء حكومته وتقديم اقتراحات بشأنهم للمناقشة واتخاذ الق اررات في مجلس الشعب‪ ،‬وليس مجرد‬
‫استيضاح بعض األمور منهم‪.‬‬

‫ويفتقد البرلمان اليوم لحقه في التشريع المالي أيضا من خالل إلزام مالية الدولة بمجموعة من‬
‫االلتزامات السابقة للقوانين المالية عن طريق إبرام الحكومة لعقود برامج مع المؤسسات والشركات وطنية‬
‫كانت أو أجنبية تتعهد بمقتضاها الحكومة بالتزامات مالية ضخمة على عدة سنوات ويصبح معها البرلمان‬
‫في حالة إذعان يصادق فقط على المخصصات السنوية لهذه العقود‪ .‬باإلضافة إلى ''غياب أي دوره في‬
‫مرحلة التفاوض السابق على توقيع االتفاقيات والبرامج والعقود الملزمة لمالية الدولة‪ ،‬وعدم االنطالق من‬
‫أي توجيهات أو تفويض محدد من ممثلي الشعب يحدد خارطة طريق تحكم المفاوضات التي تباشرها‬
‫الحكومة‪ ،‬مما يؤدي إلى إلزام الدولة بمقتضيات اقتصادية وتجارية ذات أثر جسيم على سيرها ودون أن‬
‫‪1‬‬
‫يكون للبرلمان كلمة في ذلك‪.‬‬

‫إن الممارسة السياسية اليوم ومع انتشار الفساد المالي الذي مس كل القطاعات البد لها أن تذهب‬
‫بعيدا في مجال الرقابة على استعمال األموال العمومية ال بد للبرلمان من مراقبة األداء للسلطة التنفيذية‬
‫كما أنه من الضروري تقييم السياسات العمومية‪ .‬من خالل إحداث لجنة لتقييم السياسات العمومية من‬
‫داخل مجلس النواب‪ .‬كما أنه من الضروري أيضا خلق نوع من التعاون بين السلطة التشريعية وهيئات‬
‫الرقابة خاصم منها مجلس المحاسبة وهذا ما سنتطرق إليه في النقطة القادمة‪ ،‬حتى يتمكن النواب من‬
‫التحكم ولو جزئيا في مجال المالية العمومية حتى ال تتكمن الحكومة من تمرير قوانينها بسهولة نتيجة‬
‫ضعف الجهاز التشريعي الذي ال يملك اإلطارات التي تتحكم في المالية العمومية‪.‬‬

‫إن السلطة التشريعية اليوم ال تعبر عن سلطة حقيقية بل ليست سوى جهاز مذعن لق اررات السلطة‬
‫التنفيذية فالبرلمان الذي ال يضع حدودا لتالعبات الحكومة ال يعتبر ذا نجاعة‪ .‬إن الوسيلة الوحيدة اليوم‬
‫التي يستطيع البرلمان من خاللها اليوم الوقوف في وجه الفساد القائم هو كسب تأييد الشعب‪ ،‬حتى يتمكن‬
‫من الحصول على المصداقية الكافية للضغط على الحكومة من خالل نقاشات علنية يسمع فيها النواب‬
‫آرائهم ومقترحاتهم من أجل تعزيز مكانته كسلطة قائمة بذاتها‪ .‬فضال عن ذلك ال بد من تعزيز التوجه نحو‬
‫الشفافية واحترام المعايير الدولية المعتمدة في المجال‪.‬‬

‫وكذا تحجيم دور المعارضة الذي ال نن كر أنه يأتي بما بإمكانه إظهار العيوب والمخالفات التي ترتكبها السلطة التنفيذية خاصة في المجال‬
‫‪1‬‬

‫االقتصادي والمالي‪ .‬لذا من الواجب ضمان حق المعارضة في المراقبة على المال العام والتأكيد على حرمة المس بالمال العام وخضوع المتصرفين‬
‫فيه للرقابة والمحاسبة‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫إن تحقيق اإلصالح المالي هو في آخر المطاف رهين بإصدار القانون العضوي المتعلق بقوانين‬
‫المالية للمالية بما يسهم في إصالح وتدعيم رقابة المؤسسة البرلمانية في مختلف مراحل إعداد وتنفيذ‬
‫وتقييم المالية العمومية‪ ،‬وبالتالي منح الفرصة للسادة النواب والمستشارين للمساهمة القبيلة في النقاش‬
‫الذي يبتدئ منذ شهر ماي من كل سنة‪ ،‬كما أنه من الضرورة االنتقال من ثقافة الحكومة كفاعل وحيد في‬
‫الحقل المالي العمومي (مقاربة تقليدية في التسيير العمومي) إلى ثقافة ومقاربة الحكامة الشاملة التي‬
‫تشرك كل الفاعلين المؤسساتيين وهي الوضعية المثلى في التسيير العصري‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تعزيز العالقة بين البرلمان ومجلس المحاسبة‬

‫إن الميزانية العامة للدولة ال يمكن لها أن تطبق أو تنفذ ما لم تحصل على اعتماد وموافقة‬
‫البرلمان‪ ،‬هذا االعتماد يأتي في شكل قانون المالية الذي يعد عمال تشريعيا يصدر سنويا هدفه تنظيم‬
‫وتسيير الوسائل المالية واعطاء الحكومة الحق في صرف النفقات وتحصيل اإليرادات‪ ،‬فقانون المالية هو‬
‫الكل الذي يحدد المصادر واأل عباء العامة للدولة واألهداف المتوخاة من خاللها‪ ،‬باإلضافة إلى احتوائه‬
‫ألحكام تتعلق بمجاالت مالية أخرى‪ ،‬في حين أن الميزانية هي الجزء‪ ،‬إذ يقتصر فقط على تحديد هذه‬
‫المصادر واألعباء بصفة دقيقة‪.1‬‬

‫وفي ظل تشابك وتوسيع وتعقيد الملفات المالية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ونظ ار لعدم تحكم‬
‫البرلمان في مادة المالية العمومية بالنظر إلى مستوى البرلمانيين وعدم اختصاصهم‪ ،‬هناك حاجة إلى قيام‬
‫هيئات تتمتع بالكفاءات والخبرات والطاقات البشرية والتي يجب أن تكون إلى جانب البرلمان‪ ،‬لتكون قادرة‬
‫على تزويد أعضاء البرلمان بالمعلومات والتقارير‪ ،‬كي يتمكن هذا العضو البرلماني من تحسين ممارسة‬
‫الخلية الكبرى في‬
‫ّ‬ ‫دوره التشريعي والرقابي‪ ،‬كي يكون أكثر فعالية وأكثر كفاءة في مستوى مراقبة ومحاسبة‬
‫الدولة‪ ،‬أي السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫نذكر أنه داخل الهيئة التشريعية فإن اللجان البرلمانية تلعب دو ار مهما في عملية سن القوانين‬
‫باعتبارها مخابر تشريعية حقيقية نظ ار للدور األصيل الذي تلعبه في دراسة النصوص المحالة عليها‪،‬‬
‫حيث تقوم بمهمة فنية تنحصر أساسا في تحليل مشاريع واقتراحات النصوص القانونية وتسجيل‬
‫المالحظات واالقتراحات عليها‪ .2‬فبالرغم من الدور المهم الذي تلعبه هذه اللجان في تحضير المناقشة‬
‫العامة لمشروع قانون المالية‪ ،‬حيث تصاغ مختلف آراؤها في شكل تقارير تهدف بالدرجة األولى إلى‬
‫إعالم البرلمانيين بالتفاصيل التي يتضمنها نص المشروع‪ ،‬كما تتولى مهمة إعداد التعديالت المقترحة‬

‫نبيل أ مالو‪ :‬خصوصية قانون المالية والقانون العضوي في النظام القانوني الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،2111 ،‬ص‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.11‬‬

‫نبيل أمالو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.000‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪011‬‬
‫والتي يجب أن تكون معللة‪ .1‬فحتى وان كانت تتكون من أعضاء وان كانوا يتحكمون في مادة المالية‬
‫العمومية إال أنهم يبقون عاجزين أمام تفوق الجهاز التنفيذي و أمام تعقد مشروع قانون المالية وطابعه‬
‫التقني‪ ،‬ومن هنا تبرز ضرورة وجود هيئة تساند البرلمان في أداء مهامه المتعلقة بالمالية بالخصوص‪.‬‬

‫إن طبيعة الرقابة التي يمارسها مجلس المحاسبة تختلف تماما عن تلك التي يمارسها البرلمان‪،‬‬
‫حيث أن مجلس المحاسبة هو قاض الحسابات بالنسبة لآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪ ،‬أي بعد‬
‫انتهاء فترة تنفيذ الميزانية‪ ،‬أي رقابة بعدية‪ ،‬في حين أن البرلمان هو من يمنح الترخيص المالي لتنفيذ‬
‫الميزانية‪ .‬إ ن االستيعاب الواضح والدقيق لالقتراح المالي الذي تقدمه الحكومة للبرلمان والذي يأخذ شكل‬
‫مشروع قانون المالية‪ ،‬وكذا النتائج التي تنجر عن تطبيقه في الواقع ال تكون إال من خالل تمكنه من‬
‫الوصول إلى المعلومات الضرورية‪ ،‬كما أن درايته ستكون حتما مصد ار لسلطته‪ ،2‬لذلك فالحصول على‬
‫نظام للمعلومات موثوق فيه هو من أحد العوامل المؤثرة تأثي ار كبي ار على سير المناقشات في البرلمان وهذا‬
‫الدور يرجع تنفيذه لمجلس المحاسبة‪.‬‬

‫إن الحديث عن مجلس المحاسبة والبرلمان هو موضوع صعب للغاية‪ ،‬إذ يمتد الموضوع إلى‬
‫العالقات التي تربط هاتين المؤسستين رغم االختالف الكبير بينهما‪ ،‬إذ من جهة نجد أن البرلمان يأتي‬
‫عن طريق االنتخاب ومن جهة أخرى مجلس المحاسبة الذي يعتبر هيئة عليا لها اختصاصات قضائية‬
‫إلى جانب االختصاصات اإلدارية‪ .‬فالعالقة بينها تتسم منذ بعيد الزمن ببصمة التحفظ المتبادل من‬
‫‪3‬‬
‫الطرفين‪.‬‬

‫إن دور المساعدة التي يقوم بها مجلس المحاسبة يمكن أن يتخذ عدة أشكال منها‪:‬‬

‫القيام بتحقيقات لصالح البرلمان وهذا بطلب من هذا األخير‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫دراسة قوانين ضبط الميزانية ومتابعة مدى التنفيذ الفعلي لقانون المالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تقديم التقرير السنوي للبرلمان إلعالمه بالوضعية العامة للمالية العمومية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫كما يمكن أن يتدخل مجلس المحاسبة لتقييم السياسات العمومية في إطار مناقشة‬ ‫‪-‬‬
‫المالية العمومية‪.‬‬

‫عبد الغفور معاد‪ ،‬ميزانية الدولة للتجهيز منذ سنة ‪ ،1998‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬ص ‪.24‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪(J.P)Lassale: la loi organique et l’équilibre constitutionnel des pouvoirs, revue française des fiances‬‬
‫‪2‬‬

‫‪publiques,Paris ,1998, p.20.21.‬‬


‫‪3‬‬
‫‪PHILIP SEAUIN: La cours des comptes et le parlement, revue française des fiances publiques, n° 59, 1997,‬‬
‫‪p7.‬‬

‫‪011‬‬
‫إن مقاربة متعددة السنوات تقتضي تصو ار دقيقا اللتزامات الدولة‪ ،‬حيث من الممكن تطوير‬
‫محاسبة خاصة باالستثمارات صحيحة ومضبوطة وموحدة‪ ،‬حتى يتمكن البرلمان من إعادة النظر في‬
‫تطور االستثمارات خالل السنة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تكريس التوافق بين رقابة المطابقة ورقابة التقييم ضمن اإلصالحات الجديدة‬

‫سبق وأن قلنا أن الرقابة اليوم في العديد من الدول لم تعد تقتصر على المطابقة بل تعدتها إلى‬
‫رقابة فعالية النفقة العمومية‪ .‬ويكمن البعد الرقابي في النظر في الشرعية والنظامية ورقابة الكفاءة والفعالية‬
‫واالقتصاد في التصرف المالي ويبقى كل جهاز للرقابة أن يقوم بتحديد أولويته باالعتماد على كل حالة‬
‫بمفردها‪ ،‬ويعتمد القانون الجزائري على مبدأ الترخيص إذا الرقابة يجب أن تتيقن من أن تنفيذ قانون المالية‬
‫يحترم الترخيص البرلماني الشيء الذي ال يمكن أن يتم إال انطالقا من جهاز يعمل على مراقبة شرعية‬
‫النفقة‪ ،‬ومطابقتها للقانون ومن هنا يبرز التكامل بين رقابتي المطابقة والتقييم‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إدخال رقابة التقييم ضمن صالحيات المفتشية العامة للمالية‬

‫تعتبر المفتشية العامة للمالية من بين أهم الهيئات الرقابية في الجزائر على الرغم من أنها تابعة‬
‫لسلطة وزير المالية وهذا ما يمس نوعا ما باستقاللية هذه الهيئة من ضغوط السلطة التنفيذية‪ ،‬ومع‬
‫التعديل الجديد الذي ط أر على اختصاصات هذه الهيئة بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 090-21‬المؤرخ‬
‫في ‪ 5‬سبتمبر ‪ 0221‬يحدد صالحيات المفتشية العامة للمالية‪ ،‬جاء هذا النص بالعديد األحكام المتعلقة‬
‫بالرقابة على النفقات العمومية‪ ،‬حيث اعتمد ألول مرة تقييم شروط تنفيذ السياسات العمومية وكذا النتائج‬
‫المتعلقة بها‪.‬‬

‫ونشير إلى أن المفتشية العامة للمالية كانت قد بادرت بتقييم السياسات العمومية بعد تنظيمها‬
‫لحلقة د ارسية جهوية يومي ‪ 01‬و ‪ 05‬جويلية ‪ 0220‬جمعت مختصين و مفتشين جزائريين وفرنسيين مع‬
‫نظرائهم المغربيين و التونسيين ‪ .‬تهدف إلى تحسيس مجموع الفاعلين ألهمية تقييم السياسات العمومية‪،‬‬
‫واعطاء مجموعة من المعلومات لمفتشي المالية حول هذا المفهوم الجديد ‪،‬و تجلية العناصر التطبيقية‬
‫‪1‬‬
‫القادرة على المشاركة في إرساء هذه الممارسة على أسس مهنية‬

‫و ترجع أول التجارب إلى سنة ‪ 0228‬و المتعلقة بميادين‪:‬‬


‫‪1‬‬

‫ديون البلديات‬ ‫‪-‬‬


‫ديون المستشفيات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫البرنامج الوطني لتنمية الفالحة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تشغيل الشباب‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪014‬‬
‫واثر هذا اللقاء اعتبرت المفتشية العامة للمالية أن تقييم السياسات العمومية في الجزائر هو في‬
‫مرحلة (التمتمة) (‪ )balbutiement‬لكن الضرورة استدعت القيام به كما يقام به اآلن‪ .‬واستعرضت‬
‫المفتشية بصفتها جهاز رقابة حكومي البعض من تدخالتها الخاصة بتقييم السياسات العمومية و التي‬
‫تتمثل في بعض التدخالت المتعلقة خصوصا بقطاعات المحروقات‪ ،‬الفالحة‪ ،‬التربية‪ ،‬الصحة و النشاط‬
‫اإلجتماعي‪..‬‬

‫يمكن اعتبار الحلقة الدراسية الجهوية حول تقييم السياسات العمومية بمثابة حجر الزاوية في‬
‫تطور مفهوم التقييم لدى المفتشية العامة للمالية الجزائرية فقد مكنها من االضطالع على تجارب الدول‬
‫المغاربية و خصوصا التطورات النظرية التي عرفها الموضوع من خالل التجربة الفرنسية و هذا ما يمكن‬
‫إظهاره من خالل معطيات موجودة في وثيقة وزعت على المفتشين لتحضير حول الموضوع و التي من‬
‫بين ما تناولته مهمة تقييم السياسات العمومية هي عملية واسعة تمس عينات معينة لمجال التدخل على‬
‫المستوى الوطني و تهدف لتثمين‪:‬‬

‫التوافق ‪ :‬مدى توافق العمليات مع النصوص السارية المفعول ‪.‬‬

‫النجاعة‪ :‬مدى تحقيق األهداف المحددة‪.‬‬

‫فعالية العالقة بين اإلنجازات و التكاليف المالية و هل نستطيع تحقيق أفضل من ذلك‪.‬‬

‫التعرف على نقاط النظام و محاولة تقويته‪.‬‬

‫التقييم الموضوعي و الحيادي المسؤولين المكلفين بإنجاز البرنامج‪.‬‬

‫األثر على المستفيدين‪.‬‬

‫اإلستم اررية عبر الزمن كالتوظيف و التعاقد‪.‬‬

‫وبعيدا عن هذه الحلقة الدراسية جاء النص الجديد الذي يحدد صالحيات المفتشية العامة للمالية‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 090-21‬المؤرخ في ‪ 5‬سبتمبر ‪ 0221‬ليتبنى صراحة مهام التقييم ومن ضمنها‬
‫تقييم السياسات العمومية ضمن المادة الرابعة حيث جعلها من ضمن مجال تدخل المفتشية العامة للمالية‬
‫ولم يعتبرها مهمة ومن اجل النظر فيها كلفت المفتشية باآلتي‪:‬‬

‫القيام بالدراسات والتحاليل المالية واالقتصادية من أجل تقدير فاعلية وفعالية إدارة‬ ‫‪-‬‬
‫وتسيير الموارد المالية والوسائل العمومية األخرى‪.‬‬

‫و في سنة ‪ 0220‬قامت المفتشية بالشروع في تقييم نظام المساعدات الممنوحة من الدولة لتوفير السكن للمواطنين‪ .‬و للقيام بهذا االختصاص يجب‬
‫على كل الفاعلين تقاسم اصطالحات و مراجع منهجية واالبتعاد عن التقوقع في إجراءات جامدة‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫اجراء دراسات مقارنة وتطويرية لمجموعات قطاعات أو ما بين قطاعات‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫تقييم تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية وكذا تلك المتعلقة بالتنظيم الهيكلي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وذلك من ناحية تناسقها وتكيفها مع االهداف المحددة‪.‬‬

‫تحديد مستوى االنجازات مقارنة مع األهداف المحددة‪ ،‬والتعرف على نقائص‬ ‫‪-‬‬
‫التسيير وعوائقه وتحليل أسباب ذلك‪.‬‬

‫وفي هذا السياق يمكن القول أن رقابة التقييم تتجلى من خالل هذه المهام والتي تتناسب مع ما‬
‫هو آت من اصالحات تتعلق بالمالية العمومية ‪ ،‬حيث وكأن التاريخ يعيد نفسه إذ نالحظ صدور أو‬
‫تعديل النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالرقابة قبل صدور النص األساسي الذي يؤطرها‪ ،‬وهذا‬
‫يبرز ابتداء من سنة ‪ 2008‬إلى ‪ 2010‬حيث خالل هذه الفترة ظهرت العديد من التعديالت التي تعزز‬
‫مهام الرقابة على النفقات العمومية‪ ،‬في حين انه من الضروري أوال وضع إطار قانوني خاص بالمالية‬
‫العمومية عن طريق إصدار القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية ‪ ،‬ومن ثمة وضع النصوص الرقابية‬
‫المالئمة‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تفعيل رقابة التقييم لدى مجلس المحاسبة‬

‫باعتبار مجلس المحاسبة هو الهيئة العليا للرقابة على المالية العمومية‪ ،‬فبإمكاننا القول أنه وحده‬
‫القادر على فرض رأيه وق اررات على السلطة التنفيذية باعتباره مستقال عنها‪ ،‬غير أن هذا األخير لم‬
‫يمارس هذه المهمة إال قليال رغم أنها مكرسة في األمر ‪ 20_95‬المتعلق بمجلس المحاسبة المعدل‬
‫والمتمم‪ .‬فمع وجود عدد هائل من المؤسسات واإلدارات العمومية أو بصيغة أخرى مجال تدخل مجلس‬
‫المحاسبة واسع جدا بالنظر إلى حجم هذه الهيئة‪ .‬صحيح أن مجلس المحاسبة يقوم برقابة التقييم غير أنه‬
‫ال يعترف بتقييم السياسات العمومية وال يعتبرها من صالحياته وقد جاء هذا الرأي إثر تأويله لنص المادة‬

‫‪ 1‬يتعلق األمر النصوص التي درسناها في هذا المجال واآلتي ذكرها حسب تاريخ صدورها‪:‬‬
‫‪ -‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 090-21‬المؤرخ في ‪ 5‬سبتمبر ‪ 0221‬يحدد صالحيات المفتشية العامة للمالية‪.‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 273-21‬المؤرخ في ‪ 5‬سبتمبر ‪ 0221‬يتضمن تنظيم الهياكل المركزية للمفتشية العامة للمالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 274-21‬المؤرخ في ‪ 5‬سبتمبر ‪ 0221‬يحدد تنظيم المفتشيات الجهوية للمفتشية العامة للمالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 96-09‬المؤرخ في ‪ 22‬سبتمبر ‪ 2009‬يحدد شروط وكيفيات رقابة وتدقيق المفتشية العامة للمالية لتسيير‬ ‫‪-‬‬
‫المؤسسات العمومية االقتصادية‪.‬‬
‫المرسوم التنفيذي ‪ 111-14‬المؤرخ في ‪ 01‬نوفمبر ‪ 2114‬يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي ‪ 101-42‬المؤرخ في ‪ 01‬نوفمبر ‪0442‬‬ ‫‪-‬‬
‫المتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها‬
‫المرسوم الرئاسي ‪ 211-01‬المؤرخ في ‪ 11‬أكتوبر ‪ 2101‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬جريدة رسمية رقم ‪.11‬‬ ‫‪-‬‬
‫األمر ‪ 02-10‬المؤرخ في ‪26‬أوت ‪ 2010‬يعدل ويتمم األمر ‪20-95‬المؤرخ في ‪ 17‬جويلية ‪1995‬والمتعلق بمجلس المحاسبة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪010‬‬
‫‪ 15‬من األمر ‪ ،1 20-95‬حيث عرض مجلس المحاسبة بعض النقاط المختلفة التي تناولت مجهودات‬
‫بذلت‪ ،‬وتصريح بعدم تدخل األجهزة العليا للرقابة في التقييم‪.‬‬

‫نصت المادة ‪ " : 15‬تستثني رقابة مجلس المحاسبة أي تدخل في إدارة وتسيير الهيئات التي‬
‫تخضع لرقابته وأية إعادة نظر في صحة وجدوى السياسات وأهداف البرامج التي سطرتها السلطات‬
‫اإلدارية أو مسؤولو الهيئات التي تمت مراقبتها"‬

‫إن التشريع ينص على أن التراجع عن سياسة معينة هو من اختصاص السلطات اإلدارية أو‬
‫مسئولي الهيئات المراقبة‪ .‬فحتى لو كان المجلس يستطيع أن يشارك في نشاط تقييمي‪ ،‬فإنه ال يمكنه أن‬
‫يجعل السلطات العمومية تتراجع عن اختياراتها‪ ،‬و لو علمنا أن من بين أهم إمتيازات التقييم هو إعطاء‬
‫حكم ذو قيمة حول سداد األهداف فإن المشرع قيد هذا االختصاص‪.‬‬

‫إن رأي مجلس المحاسبة مخيب لآلمال فهو لم يسلك مسلك نظرائه في مختلف الدول‬
‫فمجلس المحاسبة الفرنسي و رغم تواجد نظام كبير للتقييم في فرنسا و رغم تخلفه عن نظرائه في باقي‬
‫العالم على غرار التجارب الرائدة في هذا المجال ومنها تلك الممارسة في الدول األنجلوسكسونية كالواليات‬
‫المتحدة االمريكية وبريطانيا‪،‬إال أنه خطى خطوات كبيرة في هذا المجال‪ ،‬كذلك أن القول بعدم اهتمام‬
‫الهيئات العليا للرقابة بتقييم السياسات العمومية أمر فيه الكثير من المغالطة فهو يخالف جميع الكتابات و‬
‫التقارير اللتي تحث على إعطاء دور أكبر لهذه الهيئات و خصوصا مجلس المحاسبة الذي يتميز بميزة‬
‫االستقاللية و تنوع اختصاصات قضاته‪ ،‬غير أن القول بأن أجهزة الرقابة ال ينبغي أن تحتكر التقييم فهذا‬
‫صحيح ألن التقييم يشترط التعدد‪.‬‬

‫إن مجلس الحاسبة الجزائري قرر عدم المجازفة في تقييم السياسات العمومية و هذا ربما يكون‬
‫لعدم وجود ممارسة سابقة للتقييم في الجزائر ولصعوبة هذا االختصاص‪ ،‬فقد اختار عدم القيام بمحاوالت‬
‫في ذلك و اعتبر القيام بذلك مغالطة‪ ،‬وهو بالتالي يرهن ممارسة التقييم على خلق نظام مؤسساتي و‬
‫قانوني ‪ ،‬لكن لماذا لم يتحمل مجلس المحاسبة المسؤولية و يتولى المبادرة بوضع الخطوات األولى للتقييم‬
‫في الجزائر و التي هي بأمس الحاجة إليها‪.‬‬

‫غير أن رأينا الشخصي يمكن أن يتبنى تقييم السياسات العمومية من قبل المجلس استنادا للمادة‬
‫‪72‬من األمر ‪ 20-95‬والتي ولو ضمنيا يمكن أن نفهم منها أن مجلس المحاسبة بإمكانه الخوض في‬
‫أعمال التقييم للسياسات العمومية من خالل تقييم فعالية األعمال والمخططات والبرامج والتدابير التي‬

‫‪ 1‬يأتي استعراض هذا الرأي لمجلس المحاسبة خالل الحلقة الدراسية الجهوية حول تقييم السياسات العمومية التي نظمتها المفتشية العامة للمالية‬
‫يومي ‪ 01‬و ‪ 05‬جويلية ‪.0220‬‬

‫‪012‬‬
‫قامت بها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مؤسسات الدولة أو الهيئات العمومية الخاضعة لرقابته والتي‬
‫بادرت بها السلطات العمومية على المستويين االقتصادي والمالي بغية تحقيق أهداف المصلحة الوطنية‪.‬‬

‫ومع أن األمر‪ 20-95‬تم تعديله بموجب األمر ‪ 02-10‬المؤرخ في ‪ 26‬أوت ‪ ،2010‬غير أن هذا‬
‫التعديل لم يخص بالتوضيح في هذا المجال‪ ،‬وهذا ما يدفعنا للقول أن المشرع يتعمد أحيانا خلق بعض‬
‫الثغرات التي تخلق بدورها العديد من النقاشات حول تفسير القواعد القانونية‪ ،‬خصوصا في هذا اإلطار‬
‫بالذات‪ ،‬أي في وجود هيئة مستقلة للرقابة العليا والتي بإمكانها يوما ما أن تظهر تجاوزات أو تالعبات من‬
‫قبل السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫وفي المقابل يرى مجلس المحاسبة أنه من الضروري التطرق إلى هذا االختصاص الجديد و‬
‫التحضير للقيام به‪ ،‬و للقيام بذلك و ضع برنامج تكوين لصالح القضاة و التأطير و ذلك بتنظيم حلقات‬
‫دراسية ومنتديات بالتعاون مع نظرائهم الفرنسيين و مكتب المراجعة العامة للكيبك‪.‬‬

‫المجلس قام بتكوين موارد بشرية متميزة موجهة للتخصص أكثر في التطبيقات التقييمية‪ ،‬هذا‬
‫التكوين تمحور خصوصا حول مناهج و إشكاليات التقييم‪ ،‬و قد خص هذا التكوين ثمانية قضاة و ذلك‬
‫على مستوى معهد اإلدارة العمومية بفرنسا و بتربصات في كندا على مستوى مكتب المراجعة العامة‪.‬‬

‫كما وضع مجلس المحاسبة أربع فرق و كلفها بالتفكير حول تنظيم ومنهجة نحو اختصاص تقييم‬
‫السياسات العمومية‪ .‬وباإلضافة إلى الموارد البشرية فقد كون مجلس المحاسبة مكتبة خاصة بهذا‬
‫الموضوع‪.‬‬

‫إن مجلس المحاسبة يقوم بأعمال رقابة ذات طبيعة تقييمية منذ ‪ 8559‬و يعتمد فيها على معايير‬
‫سداد من بينها‪:‬‬

‫القيمة المالية للبرنامج‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫فائدة البرنامج‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫األخطار المتعلقة بتنفيذ البرنامج‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫االهتمام بتقدمها عبر نقاشات السلطات اإلدارية و مقاالت الصحافة و الرأي‬ ‫‪-‬‬
‫العام‪.‬‬

‫كما أن المجلس يرى أن أجهزة و مؤسسات التقييم ال ينبغي لها أن تغامر في تقييم السياسات‬
‫العمومية إال بحذر كبير‪ ،‬ألنهم لم يعدوا للقيام بهذه المهمة‪ ،‬و ال يجب لهم أن يطالبوا باحتكار التقييم‪ .‬و‬
‫لو كان من الضروري للقيام بالتقييم بالمعنى التام للمصطلح‪ ،‬تقييم يكون مساعدا لق اررات السلطات‬
‫العمومية‪ ،‬ينبغي أن يكون ذلك من جهات غير أجهزة الرقابة‪ .‬فأجهزة الرقابة تقوم فقط برقابة المالئمة و‬

‫‪011‬‬
‫التي تتضمن بعض العناصر التقييمية‪ .‬يجب على أجهزة و مؤسسات الرقابة أن تعد نفسها للقيام بتقييم‬
‫السياسات العمومية‪ ،‬حيث يمكنها في المستقبل التعاون مع مؤسسات أخرى في هذه المهمة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التطورات الجديدة الخاصة بنظام الرقابة في إطار التوجه نحو التسيير العمومي‬
‫القائم على أسس اقتصادية‪:‬‬

‫يقوم التسيير العمومي على مجموعة من الوظائف المتداخلة والمتزامنة ( تتمثل في التخطيط‪،‬‬
‫التنظيم‪ ،‬التوجيه‪ ،‬الرقابة ) التي اختلف علماء اإلدارة في تحديدها و يجدر بنا أن نشير إلى أن التقسيم‬
‫السائد لوظائف التسيير و المتمثل في ( تخطيط‪ ،‬تنظيم‪ ،‬توجيه‪ ،‬رقابة ) ما هو إال حصيلة تراكم‬
‫المعارف والممارسات العلمية و أن هذا التقييم و هذه التجربة و تناولها ضمن تسلسل معين يهدف إلى‬
‫‪1‬‬
‫تسهيل دراستها ألنه كما سبق الذكر فإن هذه الوظائف متداخلة و متزامنة‪.‬‬

‫بن عيسى ليلى‪ :‬أهمية التسيير العمومي الجديد في قطاع التعليم العالي‪ :‬دراسة جامعة محمد خيضر – بسكرة‪ ،-‬مذكرة ماجستير في علوم‬ ‫‪1‬‬

‫التسيير‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،2006 ،‬ص‪.19‬‬


‫فوظيفةةة التخطةةيط الوظيفــة تحتــل موقعــا ذا أهميــة خاصــة بــين الوظــائف األخــرى‪ ،‬و ذلــك ألن التســيير الفعــال هــو الــذي يبــدأ عملــه عــادة بــالتخطيط و‬
‫الــذي يعتبــر وســيلة هادفــة لتطبيــق السياســات و بصــفة خاصــة التعــرض للق ـ اررات اإلقتصــادية التــي تــؤثر علــى المــدى الطويــل فــي واقــع المجتمعــات‬
‫باإلضافة إلى أن التخطيط يساعد على عملية إتخاذ القرارت و ذلك في حالة تقييم البديالت التي تعترض الدولة للوقوف على أثار السياسات‪.‬‬
‫و يعـرف جـورج تيــري التخطـيط علــى أنـه‪ ":‬االختيــار المـرتبط بالحقــائق ووضـع و إسـتخدام الفــروض المتعلقـة بالمســتقبل عنـد تصــور و تكـوين األنشــطة‬
‫المقترحة و التي يعتقد بضرورتها لتحقيـق النتـائج المنشـودة‪ ".‬أمـا وظيفةة التنظةيم ‪:‬هـذه الوظيفـة ال تقـل أهميـة عـن وظيفـة التخطـيط‪ ،‬فقـد أطلـق بعـض‬
‫علماء اإلدارة العامة علم التنظيم على علـم التسـيير العمـومي نظـ ار ألهميـة التنظـيم فـي إطـار العمليـة اإلداريـة علـى اعتبـار أن التنظـيم هـو حلقـة الـربط‬
‫بين جميع مراحل التسيير من تخطيط‪ ،‬توجيه و رقابة‪.‬يثير تعريف وظيفـة التنظـيم اإلداري خالفـا بـين علمـاء اإلدارة العامـة‪ ،‬و ذلـك الخـتالف المنطلـق‬
‫الفكــري المســتند عليــه فــي تعريــف التنظــيم‪ ،‬فهنــاك مــن يعــرف التنظــيم انطالقــا مــن التنظــيم الرســمي‪ ‬و الجهــاز اإلداري ( هيكلــه‪ ،‬تصــميمه‪ )...‬فيــتم‬
‫التعريــف انطالقــا مــن تحديــد المهــام اإلداريــة ‪ ،‬اإلج ـراءات و القواعــد الرســمية إذ يعــرف التنظــيم وفقــا لهــذا المنطلــق علــى أنــه‪" :‬عمليــة إداريــة أساســية‬
‫تقتضي دراسة هيكـل اإلدارة و أهـدافها و مهامهـا و مسـؤولياتها وأسـاليب و طـرق العمـل فيهـا‪ ،‬و ذلـك بهـدف تمكينهـا مـن تقـديم الخـدمات التـي أوجـدت‬
‫مـن أجلهـا بأقـل تكلفــة ممكنـة و أقصـر وقـت و أكبــر فعاليـة " أمـا عــن وظيفةة التوجيةه ‪:‬هنــاك مـن يعتبـر التوجيـه عنصــر مكمـل للعمليـة التســييرية‪ ،‬و‬
‫و مـن يتلقـى هـذا التـأثير‪ ،1‬فهـو وظيفـة‬ ‫هناك من يعتبره محورها‪،‬ألنه يمثل عملية اجتماعيـة سـلوكية مسـتمرة نسـبيا بـين مـن يمـارس التـأثير القيـادي‬
‫تســييرية خاصــة بالمســتويات العليــا متمثلــة فــي إصــدار األوامــر و تحديــد الســلطات و المســؤوليات و القواعــد و إجـراءات العمــل ‪ ،‬و بمعنــى آخــر هــي‬
‫العمل على توفير بيئة عمل مناسـبة علـى ضـوء فهـم طبيعـة سـلوك و تصـرفات األفـراد داخـل التنظـيم ‪.‬وأخيـ ار وظيفةة الرقابةة التـي نحـن بصـدد د ارسـة‬
‫جـزء منهـا حيـث تعتبـر الرقابـة وظيفـة ضـرورية فـي جميـع مسـتويات التسـيير‪ ،‬تقـوم علـى أدوات و أسـاليب كميـة و وصـفية يـتم مـن خاللهـا التحقـق مــن‬
‫مدى تحقيق األهداف و السياسات العمومية هو مخطط و إذا كـان هنـاك خطـأ مـا فيجـب تصـحيحه فـي الوقـت المناسـب‪ ،‬لـذا ال تعنـي الرقابـة تصـحيح‬
‫األخطاء و إنما تعني على وجه الدقة تصحيح مسار العمل لرفع الكفاءة و الفعالية‪.‬‬
‫و قد عرفها هنري فايول بأنها " تنطوي على التحقق عما إذا كان كل شيء يحدث طبقـا للخطـة الموضـوعة و التعليمـات الصـادرة و المبـادئ المحـددة‬
‫و أن غرضها هو اإلشارة إلى نقاط الضعف و األخطاء بقصد معالجتها و منع تكرار حدوثها‬

‫‪011‬‬
‫الفرع األول‪ :‬امكانية تطبيق قواعد التسيير الخاص على التسيير العمومي‬

‫بما أن التسيير العمومي يستعمل األموال العمومية فإنه يتطلب صرامة أكبر وهو ما يفرض وضع‬
‫أنظمة داخلية للرقابة على كل المستويات في القطاع العمومي‪ .‬وتستند هذه الرقابة على احترام القاعدة‬
‫القانونية‪ ،‬حيث أن خرق القاعدة القانونية يكلف الهيئة في بعض األحيان أمواال طائلة‪ .‬غير أن الرقابة‬
‫التي تكمن في احترام القاعدة القانونية كما سبق لنا القول غير كافية لوحدها بل البد من البحث عن‬
‫تحقيق األهداف المسطرة وفقا للوسائل المستعملة للوصول إلى النتائج المرجوة مما يضمن الفعالية‬
‫‪1‬‬
‫والنجاعة زيادة على تحقيق األهداف المبرمجة بأقل التكاليف‪.‬‬

‫إن الحديث عن التقييم في القطاع العمومي يفرض دون شك الحديث عن الفعالية التي أضحت‬
‫اليوم هدفا من قبل كل الحكومات بغية تحقيق انفاق عمومي يشبع حاجات الكل ولكن وفق سياسة انفاق‬
‫حكيم يبتعد عن التبذير واالسراف واالحتيال‪ ،‬كما يهدف إلى الحد من التصاعد الذي تعرفه النفقات‬
‫العم ومية ولو بشكل جزئي‪ .‬هذه األهداف إذن توحي بأنها شبيهة جدا بتلك التي تخص المؤسسات‬
‫االقتصادية التي وبهدف الربح تطبق رقابة التسيير‪ .‬فهل من الممكن حقيقة تطبيق هذه الرقابة على‬
‫القطاع العموميرغم ما يتميز به هذا األخير من خصوصيات واختالفات في الغايات والوسائل؟‬
‫‪2‬‬
‫وهو علم قائم بذاته هدفه التحكم في‬ ‫إن رقابة التسيير هو في حقيقة األمر مصطلح انجليزي‬
‫التسيير‪ ،‬فهي مرحلة تسمح لتنظيم معين بالحصول على نظرة حوله تضمن له الصحة والديمومة‪.‬‬

‫تتمثل الرقابة التي تمارس قبل النشاط أو الرقابة القبلية في تحديد الوسائل الضرورية لتحقيق‬
‫األهداف المسطرة‪ ،‬أما الرقابة اآلنية أي أثناء النشاط فتتمثل في قياس النتائج المحققة عبر الزمن‬
‫ومقارنتها مع ما كان منتظ ار و تحديد االجراءات التصحيحية‪ .‬أما فيما يخص الرقابة البعدية أي بعد‬
‫ممارسة النشاط فتتمثل في مرحلة تحليل النتائج أين تقوم رقابة التسيير بشرح أسباب الفوارق بين التقديرات‬
‫والنتائج المحققة والتي من خاللها ستتمكن المؤسسة من تحسين أدواتها التقديرية وبالتالي ضمان الفعالية‬
‫‪3‬‬
‫في المستقبل‪ .‬إذا العالقة بين الوسائل‪ ،‬األهداف والنتائج هي قاعدة رقابة التسيير‪.‬‬

‫إن هذه المقاربة تتماشى وأهداف المؤسسة الخاصة التي تعتمد رقابة التسيير‪ ،‬غير أن تحويل‬
‫وسائل رقابة التسيير من المؤسسات الخاصة إلى التنظيمات العمومية ال يمكن مبدئيا تكييفها نظ ار‬
‫لخصوصية هذه التنظيمات‪ .‬ومن خالل ما يلي سنبرز أن كان في اإلمكان فعال تطبيق القواعد المتعلقة‬
‫بالرقابة على المالية الخاصة على القطاع العمومي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Michel CHARPENTIER, Philipe GRANDJEAN, secteur public et contrôle de gestion pratiques, enjeux et‬‬
‫‪limites, éditions d’organisation, Paris, p 21,22,23.‬‬
‫‪ 2‬رقابة التسيير هي ترجمة للمصطلح االنجليزي ‪management control‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Michel CHARPENTIER, Philipe GRANDJEAN :Op-cit , p 2,3.‬‬

‫‪011‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬االختالفات الموجودة بين القطاع العمومي والقطاع الخاص‬

‫نظ ار لالختالف الكبير بين القطاعين ال نجزم باستحالة تطبيق رقابة التسيير على مستوى القطاع‬
‫العمومي لكننا نعترف بوجود صعوبة في ذلك‪ ،‬ويبرز هذا من خالل العديد من النقاط وهذا ألن القطاع‬
‫العمومي له خصوصياته التي تميزه عن القطاع الخاص‪،‬حيث يظهر االختالف عامة على مستوى‪:‬‬
‫الغايات‪ ،‬طبيعة عالقتهما بالمحيط ‪ ،‬طبيعة إنتاجهما ونظام اتخاذ القرار في كل منهما‪ .‬وفيما يلي‬
‫سنتناول هذه النقاط بالتفصيل‪.‬‬

‫الغايات‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫سبق وأن تطرقنا في الفصل األول إلى التمييز بين المحاسبة العمومية والمحاسبة الخاصة وقد‬
‫ذكرنا أن الغاية في المؤسسة الخاصة هي تحقيق الربح‪ ،‬أما أهداف المرفق العمومي فهي تحقيق توازن‬
‫الميزانية‪ ،‬ففي المؤسسة الخاصة تتغلب األهداف الداخلية‪ ،‬بينما أهداف التنظيمات العمومية هي خارجية‬
‫بالدرجة األولى وخاصة على مستوى الهيئات المركزي‪ ،‬إذ نتفق جميعا على أن أهداف المؤسسة الخاصة‬
‫‪1‬‬
‫واضحة ويمكن قياسها وهو ليس الحال بالنسبة للقطاع العمومي‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك فإن التنظيمات العمومية لها وظيفة اجتماعية تتجاوز بصفة واسعة توفير الخدمة‪،‬‬
‫إذ المبادئ التي تقوم عليها المؤسسة العمومية هو هام جدا‪ ،‬سواء في مجال االهتمام بنوعية التعليم في‬
‫المؤسسات الجامعية‪ ،‬مفهوم المرفق العام في الجماعات المحلية أو نوعية المعالجة في المستشفيات‪...‬‬
‫إلى غير ذلك‪.‬‬

‫أن قياس النتائج المحصل عليها من طرف المرفق العام سيكون أكثر تعقيدا من قياس مردودية‬
‫المنتوج أو قطاع النشاط في المؤسسة الخاصة‪ ،‬ورغم هذه الصعوبات في تقييم النتائج ‪ ،‬فإنه بإمكان رقابة‬
‫التسيير الكشف عن األخطاء المرتكبة في المؤسسة العمومية وبالتالي المساهمة في تصحيحها‪.‬‬

‫طبيعة اإلنتاج‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫معظم الهيئات العمومية ال تقدم للمرتفقين سلعا مادية بل خدمات‪ ،‬وتعريف هذه األخيرة يطرح‬
‫بعض الصعوبات‪ ،‬األمر الذي ال نجده مطروحا بالنسبة للسلع المادية حيث أن مشكل الكمية يجد الحل‬
‫ببساطة‪ ،‬لكن بالنسبة للخدمات اإلدارية فسواء لبي أم لم يلب معدل الحاجة المطلوبة‪،‬فإننا نجد عدة‬
‫تقديرات لها‪ ،‬غالبا ما تكون مبنية على الذاتية‪ ،‬لذا فإن محاولة وضع مؤشرات للنوعية تعد من النقاط‬
‫األساسية في تشكيل أنظمة التسيير العمومي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪IDEM ,p 11.12.‬‬
‫‪Jerome DEPUIS : le contrôle de gestion dans les organisations publiques, PUF, PARIS, 1991, p11,12.‬‬

‫‪011‬‬
‫طبيعة العالقة بين المؤسسة العمومية ومحيطها‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫توجه الخدمات التي يقدمها القطاع العام إلى جمهور متنوعأ وهذا ألن الموارد المالية هي األخرى‬
‫متنوعة‪.‬‬

‫فإذا كان البعض مرتبط بتقديم الخدمة للمرتفق والتي يدفع ثمنها‪ ،‬فإن الكثير منها تأتي عن طريق‬
‫ميكانيزمات جماعية بدون عالقة مباشرة مع الخدمات المقدمة للجمهور‪ ،‬وهذا ما يختلف عن المؤسسات‬
‫الخاصة والتي تتحصل على أهم مواردها من بيع السلع والخدمات للزبائن كما أن انتاج هذه المؤسسات ال‬
‫يمكن أن يؤكده المستهلكون‪ ،‬فمجانية المنتوج وأحيانا حتى اجبارية االستهالك يفسران صعوبة ترجمة‬
‫مؤشرات االستهالك من طرف المسؤولين‪ .‬وأن عدم رضى المرتفق ال يظهر بالضرورة بالرجوع إلى الدعوة‬
‫للمنافسة عن طريق استهالك خدمة أخرى‪.‬‬

‫من جهة أخرى فإنه لدى المؤسسة الخاصة ارتفاع الطلب يعد عنص ار إيجابيا تكون اإليرادات‬
‫االضافية تسمح بتحسين النتيجة المالية بينما في المؤسسة العمومية فإن الطلب المرتفع ال يترجم‬
‫بالضرورة وجود موارد مالية جديدة ‪ ،‬إذ ال شيئ يضمن تلبيتها‪ ،‬لكنه يبرر ارتفاع إيرادات الميزانية الخاصة‬
‫بها عن طريق اإلعانات أو عن طريق الجباية‪.‬‬

‫إن التنظيمات المالية يمكن أن تعتبر ناد ار كتنظيمات مستقلة تماما‪ ،‬فال بد من األخذ بعين‬
‫االعتبار أنها تنتمي لمجموع القطاع العام الذي يفرض عليها عدة عراقيل‪ :‬قواعد المحاسبة العمومية‪،‬‬
‫قانون الصفقات العمومية‪ ،‬نظام الوظيفة العمومية ‪ ،‬فهذا األخير يتجه أكثر نحو حماية الموظفين وليس‬
‫نحو حاجات الماناجمنت‪.‬‬

‫إن مدونة الميزانية تتميز بالجمود الذي يتترجم بغياب التعويض المحتمل بين أصناف الوسائل‪،‬‬
‫من جهة أخرى الميزانية تتوقف مع تكاليف الوسائل بينما المؤسسة الخاصة تهتم أكثر بتكاليف األنشطة‪.‬‬

‫نظام اتخاذ القرار‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫إلن التنظيمات العمومية تتميز بتبعيتها للسلطة السياسية‪ ،‬إن اتخاذ القرار ال يكون فقط بالمقارنة‬
‫مع أهداف التنظيم ولكن مع األخذ بعين االعتبار تأثيرها على الرأي العام والمنتخبين‪.‬‬

‫فاألهداف العامة ليست واضحة دوما فمن الصعب تحديد السياسة التي ترتبط بأهداف المسيرين‬
‫أو تقييم النتائج المحصل عليها‪.‬‬

‫إن هذه التبعية عرقلة الستم اررية التسيير ووجود قواعد واضحة‪ ،‬هذا ما يدفع بالتنظيمات العمومية‬
‫للبحث عن حلول مرضية بدل حلول مناسبة‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫ال بد للتنظيمات العمومية أن تجد تبري ار أمام الرأي العام (نوعية الخدمة‪ ،‬جباية معقولة‪ )..‬والبد‬
‫من إثبات أن طريقة تسيير أموالهم عقال نية‪.‬‬

‫وسائل التسيير تؤدي إلى تقوية انشغال المناجمنت‬ ‫تجديد‬ ‫و إعادة‬ ‫إن الجهود المبذولة‬
‫العمومي‪ :‬ماذا نعمل من أجل تسيير وتطوير التنظيم العمومي حسب ما نهدف إليه؟ هذا هو الدافع إلى‬
‫تطبيق رقابة التسيير‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬نظام رقابة التسيير في التنظيمات العمومية‬

‫إن أي نظام لرقابة التسيير في تنظيم ما يعرف بثالثة عناصر ‪:‬‬

‫أهداف التنظيم والتي تنظم وتهيكل بها نشاطاتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وسيلة القياس ورقابة الفوارق والتي تسمح بتحديد وضع التنظيم مقارنة بأهدافه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫سلسلة من االجراءات التصحيحية التي تسمح بتسوية الوضعية عندما يصبح‬ ‫‪-‬‬
‫الفرق معتب ار مقارنة بالهدف المسطر‪.‬‬

‫فالتنظيمات العمومية تشكل صنفا من الوحدات حيث تتعدد األهداف وهذا ما‬ ‫‪-‬‬
‫يفرض نوعين من المصاعب‪ :‬فهل وضوح األهداف ممكن في التنظيمات العمومية؟ ورغم‬
‫اختالف األهداف بين التنظيمات العمومية والمؤسسات الخاصة‪ ،‬هل يمكننا استعمال نفس أدوات‬
‫القياس ونفس اإلجراءات التصحيحية؟‬

‫توضيح األهداف‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫يصعب في الميدان الفصل بين األهداف الظاهرية واألهداف الخفية وهذا لكون األولى توضع‬
‫في الواجهة إلخفاء الثانية‪ ،‬األمر الذي يجعل الرقابة صعبة التحقيق‪ ،‬إن األهداف الظاهرية سهلة‬
‫التوضيح‪.‬‬

‫تحقيق الخدمات كما وكيفا وبصفة كافية بهدف تغطية الطلب‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المشاركة في تحديد سياسة عمومية في المجال االقتصادي‪ ،‬االجتماعي والثقافي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الحد من كافة الخدمة المقدمة وعدم البحث عن تعظيم الربح‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫إن األهداف الواضحة للتنظيمات العمومية هي خارجية بالضرورة والتي يظهر عن طريقها‬
‫ثالثة فاعلين هم المرتفقين‪ ،‬المنتخبين والملزمون بدفع الضرائب‪ .‬فالتنظيم العمومي ال يهتم بالمجال‬
‫االقتصادي‪ ،‬إن نقص الوسائل‪ ،‬تعقد العمليات‪ ،‬المنافسة األكثر حيوية في القطاع الخاص تضع‬

‫‪011‬‬
‫حدودا بين مجال تدخل كل من القطاع الخاص والتنظيم العمومي‪ ،‬هذا ما يتطلب من هذا األخير‬
‫األخذ بعين االعتبار بعدا جديدا في مجال تحسين أدائه‪.‬‬

‫بالفعل‪ ،‬إن نظام المحاسبة العمومية يهتم أكثر بالميزانية مقارنة بالنتائج وهذا ما يجعل المسير‬
‫يهتم بالدرجة األولى بضمان التوازن العام أكثر من تحسين الفعالية‪.‬‬

‫كما أن المستفيدين من خدمات التنظيمات العمومية يشكلون عائقا أكثر من كونهم زبائن‪،‬‬
‫وهذا ما يدعو إلى التساؤل‪ :‬هل المرفق العام في خدمة الجمهور؟‬

‫إن رقابة التسيير توجه للبحث عن أكثر عقالنية اقتصادية وهذا ما يتجاهله المسيرون نظ ار‬
‫لعدم انشغالهم بهذا الهدف‪.‬‬

‫كما أنه البد من توفر الشفافية في تقديم وجمع المعلومات المتعلقة بالنشاطات‪ ،‬التكاليف‬
‫والنتائج وهذا ما يوضح غياب وسائل التسيير ويسمح بظهور عوائق تقابل وجودها‪.‬‬

‫رقابة التسيير كأداة التخاذ القرار‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫إن اتخاذ القرار يعني بالدرجة االولى المنتخبين‪ ،‬فوضع مجموعة من المؤشرات يسمح للمنتحبين‬
‫باللجوء إلى التحكيم بالموازاة مع معرفة معمقة للنشاطات والسياسات و كل البرامج‪.‬‬

‫إن قياس التكلفة من طرف المستفيد من الخدمة العمومية يسمح للمنتخبين باألخذ بعين االعتبار‬
‫أن التوفيق بين التكلفة والخدمة غير كاف‪.‬‬

‫إن محدودية الوسائل التي تواجه متخذي القرار من أجل تحسين الميزانيات ال تسمح بالتوزيع‪ .‬إن‬
‫هذه الوسائل هي مصدر الحوار بين المنتخبين والمسيرين ولكن فعاليتها تكون بعدم تمركز المسؤوليات‪،‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك فإن تحقيق النشاطات العمومية البد أن يؤدي إلى مجموعة من التغيرات في المحيط‪.‬‬

‫إن قياس المجهودات المبذولة في نشاط ما يسمح بمراقبة النتائج مع الوسائل المتوفرة‪ ،‬إذا البد من‬
‫استعمال النتائج من أجل إعادة تشغيل الوسائل للحصول بنفس الوسائل على مستوى خدمة أعلى وتحسين‬
‫نوعيتها وذلك دون الزيادة في التكاليف‪.‬‬

‫إن اإلجراءات التصحيحية الموضوعة انطالقا من النتائج لن تكون مفيدة إال إذا كانت مؤشرات‬
‫الفعالية محددة ومعروفة من طرف متخذي القرار أنفسهم‪ ،‬وفيما يخص تقنيات التقييم فإن وسائل رقابة‬
‫التسيير تسمح باقتراح االختيارات الممكنة لتحديد وتقييم عدد معين من التكاليف‪.‬‬

‫إن تسيير التنظيم العمومي يكون حول المحاور التالية‪:‬‬

‫‪014‬‬
‫أوال فعالية رقابة التسيير في التنظيم العمومي ترتكز على نوعية األدوات التي يتوفر عليها‬
‫الممارسون ( المديرون‪ ،‬رؤساء المصالح‪ )...‬لممارسة المسؤوليات الموكلة إليهم‪ .‬فالرقابة الممركزة ال‬
‫يمكن ان تعوض عدم كفاية هذه الوسائل‪.‬‬

‫ثانيا البعد االستراتيجي لرقابة التسيير يسمح باتخاذ الق اررات الضرورية لتحديد وتعديل األهداف‬
‫‪1‬‬
‫من جهة ومعالجة الفوارق من جهة أخرى‪.‬‬

‫رهانات رقابة التسيير في ميدان القطاع العمومي‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫إن ضرورة رقابة التسيير ليست جديدة‪ ،‬إن ادخال سياسة عقلنة أو ترشيد اختيارات الميزانية كانت‬
‫‪2‬‬
‫أول محاولة ألدخال تقنيات تسيير المؤسسة الخاصة في التسيير العمومي‪.‬‬

‫إن أهم الرهانات التي تواجهها رقابة التسيير في ميدان القطاع العمومي تتمثل في‪:‬‬

‫‪ 1-3‬التحكم في النفقات العمومية‪:‬‬

‫أي من أين يأتي العجز العمومي؟‬

‫ال يمكن أن يكون هذا العجز من الهيئات العمومية ألنها مقيدة بقاعدة التوازن الميزاني‪ ،‬لكن قد‬
‫يكون عدم التوازن متعمدا أحيانا تلجأ إليه الدولة والجماعات المحلية إلى تطبيق سياسة ما‪ .‬فأصل العجز‬
‫هو ذلك الفارق غير المتحكم فيها بين اإلعتمادات المفتوحة و اإلعتمادات المستهلكة إلى جانب توسع‬
‫نفقات التسيير على حياب نفقات التجهيز التي بإمكانها تحقيق التوازن اإلقتصادي لكن بالرغم من ذاك‬
‫يبقى التحكم في النفقات العمومية من حسن التقدير‪.‬‬

‫‪ 2-3‬نشاط اإلدارة ‪:‬‬

‫لقد تطور النشاط اإلداري من نشاط إداري محض يعقد على نموذج وحيد التنظيم يشمل كل‬
‫اإلقليم إلى نشاط خدماتي يعنى باالستجابة للمتطلبات المعتددة للمرتفقين فالقطاع العمومي يعرف حاليا‬
‫تطو ار في نشاطه وتعقدا كما عرفته المؤسسات اإلقتصادية من قبل وهذا التطور يمثل تحديا للقطاع‬
‫العمومي‪.‬‬

‫‪ 3-3‬إصالح العالقة‪ :‬أهداف‪/‬وسائل ‪ /‬نتائج‪:‬‬

‫إن كل ما سبق قوله يدور حول هذه العالقة التي يجب أن تكون منظمة وكمية ومهيكلة‪ .‬فتحديد‬
‫األهداف والوسائل هي بدون شك أصعب خطوة‪ ،‬فاألهداف العامة يجب تجزئتها إلى أهداف فرعية أو‬

‫‪1‬‬
‫‪JEROME DEPUIS : op-cit, p 11-16.‬‬
‫‪ 2‬ويعود أصل هذه السياسة إلى ‪ PPBS‬والتي تعني ‪ planing programing budgeting system‬هذه السياسة جاء بها وزير االقتصاد‬
‫الفرنسي بغرض تقليص النفقات العمومية ‪ ،‬فالدور المفروض على هذه السياسة هو توفير نظام كامل للمعلومات يسمح بربط األهداف والوسائل‬
‫وتحقيق أكبر إنتاجية للمصالح العمومية ومازالت هذه األهداف تحظى باألهمية إلى يومنا هذا‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫جزئية ‪ .‬كما يجب أن تكون واضحة ومتسلسلة وكمية‪ ،‬كما أن الربط بين األهداف والوسائل يطرح مشكل‬
‫االنتاجية التي ال تقييمها على مستوى المرفق العمومي‪ .‬كما أن النجاعة المطلقة ال يمكن إيجادها بل هي‬
‫نسبية ويجب البحث عنها‪ .‬فمنهج االدارة كان األكثر استعماال من طرف السلطة العمومية وفقا للتوجيهات‬
‫الحكومية‪ ،‬فهي تبحث عن تحقيق األهداف دون الربط االجباري بين هذه األخيرة والوسائل المستعملة‬
‫لتحقيقها بينما منهج التسيير إلى تحقيق األهداف بواسطة البحث عن التنسيق بينها وبين الوسائل ومراقبة‬
‫التسيير تمدد من منهج التسيير بواسطة خلق عالقة بين األهداف والوسائل لتحقيق أهداف أحسن‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬صعوبات تطبيق رقابة التسيير في القطاع العمومي‬

‫إن وسائل رقابة التسيير للقطاع الخاص تمثل وسائل فقط وال تعتبر حلوال قابلة للتطبيق في‬
‫القطاع العموم‪ ،‬إذ أن الخصوصيات التي يتميز بها هذا األخير تؤدي إلى إيجاد صعوبات في تطبيق‬
‫وسائل رقابة التسيير للقطاع الخاص‪ 1.‬كما أن تطبيق هذه الرقابة يحده عدم توفير أو تحديد األهداف‬
‫الكمية و القابلة للقياس‪.‬‬

‫وهناك حد آخر يتعلق بالمرافق العامة وهو مرتبط بالبعد مابين ما هو سياسي – الذي يحدد هدف‬
‫‪2‬‬
‫التنظيم – والجمهور – المتحصل على الخدمة‪ ،-‬فما هو الهدف المفضل‪ ،‬الهيئة الوصية أو المرتفقين‪.‬‬

‫وهناك بعض العراقيل فيما يخص التسيير العمومي للوسائل‪ ،‬فوسائل التسيير العمومي تأتي من‬
‫الضرائب واالقتطاعات اإلجبارية وليس من البيع كما هو الحال بالنسبة للمؤسسات الخاصة‪ ،‬فهي تغطى‬
‫عن طريق إجراءات القوة العمومية‪ ،‬تمول أهدافا عامة محددة من طرف السلطات العمومية‪ ،‬فالمستفيدون‬
‫والملزمون بالضرائب في المرافق العمومية‪ ،‬ليسوا نفس األشخاص‪ ،‬فليس هناك ارتبط مباشر بين أصل‬
‫الوسائل واستعماالتها‪.‬‬

‫كما أن تحديد النتائج يتطلب وضع وسائل للقياس‪ ،‬فكيف يمكن قياس النتائج؟‬

‫فكيف يمكن مثال قياس نجاعة مصلحة االستعجاالت االستشفائية أو منتوج ثانوية ما؟‬

‫فالصعوبات التي تخص وسائل القياس هي‪:‬‬

‫تتمثل في متابعة النشاط فمن أجل قياس النتائج البد من ضبطها ومتابعتها‬ ‫‪-‬‬

‫والثانية تتمثل في المحاسبة‪ ،‬فرغم االصالحات العمومية وتحديث أنظمة‬ ‫‪-‬‬


‫المعلومات‪ ،‬فإن الوسائل التي يتوفر عليها إطار التسيير في القطاع العمومي أقل تحديدا وأقل‬
‫مرونة من تلك التي يستفيد منها مراقب التسيير في القطاع الخاص‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Michel CHARPENTIER, Philipe GRANDJEAN :Op-cit , p 65.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪IDEM, p 50,51.‬‬

‫‪010‬‬
‫والثالثة تتمثل في تعدد المهام التي تتطلب تحديد األهداف القابلة للقياس بالسبة‬ ‫‪-‬‬
‫لكل مهمة‪ ،‬ففعالية رقابة التسيير ترتكز على نوعية الوسائل الموضوعة على كل مستويات القرار‬
‫والتسيير‪.‬‬

‫إن هذه الصعوبات البد أن تواجه بتكييف وسائل رقابة تسيير للقطاع الخاص مع‬ ‫‪-‬‬
‫غاية ثقافة وهيكلة المرفق العمومي‪.‬‬

‫لقد أصبحت رقابة التسيير في القطاع العمومي موضوع الساعة بالنسبة لهذه الهياكل كونها مجبرة‬
‫على مواجهة رهانات االنفتاح على المحيط ومواجهة العراقيل الميزانية والمالية‪ ،‬لذا فهي مجبرة على إدخال‬
‫تقنيات حديثة كانت أثبتت نتائج إيجابية في المؤسسات الخاصة لكن مقابلة (مناهج القطاع الخاص‪/‬‬
‫القطاع العام) يعتبر خطأ كب ار يقود حتما إلى الفشل‪ ،‬إذا البد من الفهم الحقيقي والكامل لخصوصيات‬
‫الق طاع العام وبذلك يجب اعتبار رقابة التسيير كأداة لتوجيه هياكل القطاع العمومي لتحديد إلى أين نتجه‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫بأي وتيرة وبأي تكلفة؟‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إصالحات قيد اإلنجاز‬

‫تعتبر و ازرة المالية في قلب االصالحات االقتصادية التي شرعت فيها السلطات العمومية في‬
‫السنوات األخيرة ‪ ،‬وهذا عن طريق االصالحات المالية التي هي على عاتق و ازرة المالية‪ ،‬حيث أكد وزير‬
‫المالية السيد كرم جودي في لقاء مع جريدة أن هذه االصالحات كسياسة عامة تهدف إلى زيادة الفعالية‪،‬‬
‫والجودة في الخدمات المالية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المخطط المحاسبي الجديد للدولة‬

‫المحاسبة العمومية مفهوم يشمل مجموع القواعد القانونية والقواعد التقنية التي يتم تطبيقها خالل‬
‫مراقبة ومتابعة العمليات المالية والميزانية الخاصة بالدولة ومؤسساتها‪.‬‬

‫فالمحاسبة العمومية تلعب دو ار حيويا في إرساء نظام معلومات يساهم في خلق تسيير نزيه‬
‫وشفاف للمال العام‪.‬‬

‫لذا م ن الواجب أن تتميز المحاسبة العمومية بمصداقية وذلك بوصفها من جهة مصدر للمعلومات‬
‫ومن جهة ثانية وسيلة لتقييم نشاط الدولة ومدى فعاليته‪.‬‬

‫وبالنسبة للمحاسبة العمومية في الجزائر‪ ،‬فهي من أحدث مورثات الفترة االستعمارية فيما يتعلق‬
‫األمر بالقواعد القانونية التي حددها بصفة أساسية القانون ‪ 08-52‬المتعلق بالمحاسبة العمومية وكذا‬
‫القانون ‪ 89-18‬المتعلق بقوانين المالية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Michel CHARPENTIER, Philipe GRANDJEAN :Op-cit , p 11.‬‬

‫‪012‬‬
‫أما بالنسبة للقواعد التقنية التي نعني بها اإلطار المحاسبي الحالي أي مدونة حسابات الخزينة‪،‬‬
‫والمحددة من خالل التعليمة العامة لسنة ‪ 8559‬الصادرة عن و ازرة المالية‪.‬‬

‫فالمدونة الحالية تعتبر امتدادا لمدونة حسابات الخزينة الفرنسية لسنة ‪ .8528‬وتجدر اإلشارة إلى‬
‫أن المحاسبة العامة للخزينة تهدف إلى‪:‬‬

‫تحديد حركة األموال وعمليات التسوية التي تجري بين المحاسبين العموميين‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تحديد عمليات الخزينة بما فيها عمليات الصندوق‪ ،‬القيم المنقولة‪ ،‬تسيير األموال‬ ‫‪-‬‬
‫المودعة لدى الخزينة‪.‬‬

‫تحديد نتائج تنفيذ الميزانية وعمليات الخزينة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تحديد حالة ديون الدولة والقروض التي منحتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪-1‬دواعي اللجوء إلى اإلصالح‬

‫هناك العديد من الدوافع التي جعلت الدولة تلجأ إلى إعادة النظر في النظام المالي في الجزائر‬
‫على العموم والنظام الخاص بالمحاسبة العمومية على األخص‪ ،‬وما يهمنا نحن هو الجانب المتعلق‬
‫بالمحاسبة العمومية ومنها‪:‬‬

‫‪ 1-1‬نقائص مدونة حسابات الخزينة‬

‫يخضع التقييد المحاسبي للعمليات المالية الخاصة باألموال العمومية – من حيث جوانبه‬
‫التقنية– إلى مدونة حسابات الخزينة الصادرة في التعليمة العامة لو ازرة المالية سنة ‪ .8559‬خضعت لعدة‬
‫المتغيرات اإلقتصادية وكذا المتطلبات الجديدة لنشاط المالي والمحاسبي للدولة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تعديالت من أجل تكييفها مع‬
‫لكن وبالرغم من التعديالت بقي اإلطار المحاسبي للدولة عاج از عن تأدية الدور المنوط به‪ ،‬نظ ار لعدة‬
‫نقائص هي‪:‬‬

‫‪ 1-1-1‬قصور المدونة على إعطاء نظرة شاملة حول ذمة الدولة‪:‬‬

‫حيث تقتصر عملية التقييد المحاسبي في إطار المحاسبة الحالية للدولة على تسجيل عمليات‬
‫الصندوق أي العمليات الخاصة بتحصيل اإليرادات ودفع النفقات المدرجة ضمن تنفيذ قانون المالية ‪ ،‬فمدونة‬
‫حسابات الخزينة تخدم فكرة محاسبة الصندوق مهملة بذلك أهم عناصر ذمة الدولة من أمالك عقارية‬
‫من‬ ‫ومنقولة‪ ،‬حقوق الدولة وديونها ‪ ،‬التي تتم متابعتها خارج اإلطار المحاسبي ‪extra-comptable‬‬
‫طرف مختلف المصالح المعنية ‪ .‬األمر الذي يترتب عنه سوء التسيير لهذه العناصر من ذمة الدولة نظ ار‬
‫لصعوبة التحكم في المعطيات الخاصة بالقيمة الحقيقية لها وكذا تطورها ‪ .‬و لعل أحسن مثال على ذلك هو‬

‫‪011‬‬
‫حقوق الدولة لدى المؤسسات العمومية التي تتميز بغياب نظرة شاملة على مبالغها و منحنى تطورها نظ ار‬
‫لعدم أخذها بعين اإلعتبار ضمن اإلطار المحاسبي الحالي ‪.‬‬

‫‪ 2-1-1‬جمود ترقيم حسابات المدونة ‪:‬‬

‫إن ترقيم حسابات المدونة نظام تنقصه المرونة فاإلعتماد على الترقيم الخطي أثر سلبا على تجانس‬
‫التكيف مع التعديالت المتكررة التي تفرضها العمليات الجديدة أو‬
‫ّ‬ ‫و وحدة المدونة ‪ ،‬نظ ار لمحدوديته في‬
‫التغير في النشاطات الممارسة من طرف الدولة ‪ .‬إلى جانب هذا فإن عناوين الحسابات تتميز – في كثير‬
‫من األحيان – بعدم دقتها و عدم تناسبها مع محتوى و طبيعة العمليات التي تكون موضوع التقييد المحاسبي‬
‫فبالرغم من اإلضافات العديدة التي عرفتها وال تزال تعرفها مدونة حسابات الخزينة مست تجانس ووحدة هذه‬
‫األ خيرة‪ ،‬حيث أن الترقيم الذي تخضع له يبقى محدودا أمام التعديالت التي يفرضها التغيير في نشاط الدولة‬
‫وتبينها العمليات الجديدة‪.‬‬

‫‪ 3-1-1‬صعوبة تركيز المعلومات المحاسبية بسبب سوء تنظيم اإلطار المحاسبي الحالي ‪:‬‬

‫فهذا األخير ال يتماشى مع التقنيات المحاسبية الجديدة لمعالجة المعلومات ‪ ،‬التي تتطلب وجود‬
‫نظام لإلعالم اآللي يسهر على تركيز مختلف المعطيات المحاسبية المتواجدة عبر كل مراكز التسجيل‬
‫المحاسبي‪ .‬بل إن عملية التركيز – في غالب األحيان‪ -‬ال تتم في اآلجال المناسبة ‪ ،‬مما يسب تأخر في‬
‫حصر المعلومات و إتخاذ الق اررات ‪ .‬وهو ما يقف حاج از أمام تجسيد سياسة عقلنة النفقات العمومية وكذا‬
‫التسيير العصري للمالية العمومية ‪.‬‬

‫‪ 4-1-1‬تعقيد وصعوبة إستغالل النتائج و الوثائق المحاسبية‪:‬‬

‫إن مجمل الوثائق المحاسبية المعتمدة في إطار تطبيق المدونة الحالية تتميز بتعقيدها وعدم سهولة‬
‫إستغاللها‪ .‬و لعل السبب الرئيسي في ذلك هو اإلعتماد على الحسابات العامة التي تلخص مجمل العمليات‬
‫المنفذة دون التطرق إلى تفاصيلها‪ ،‬أي دون إعطاء معلومات دقيقة على مختلف تقسيمات هذه العمليات‪.‬‬
‫األمر الذي يصعب من عملية التحليل والمقارنة ‪.‬إلى جانب تميز هذه الوثائق بطابعها الجزئي و التقليدي‪،‬‬
‫حيث ال تستجيب إلى المتطلبات المحاسبية الجديدة السيما في مجال معرفة ذمة الدولة‪.‬‬

‫إلى جانب هذه النقائص نضيف مشكل عدم وضوح عناوين الحسابات وغياب الحسابات المماثلة‬
‫لحساب االستغالل وحساب الميزانية‪ ،‬فالنظام الحالي يصعب إدماجه ضمن المحاسبة الوطنية‪ ،‬كما أنه يعاب‬
‫عليه نظرته المحدودة‪ ،‬بعيدة عن نظرة تهتم بإرساء سياسة لترشيد النفقات العمومية‪ ،‬لذا فقد اعتبر إصالح‬
‫المحاسبة العمومية كمحور هام ضمن برنامج عمل و ازرة المالية الذي يجب عليه أن يوفر مصداقية‬
‫المحاسبة العمومية لتصبح مصد ار موثوقا للمعلومات يسمح بقديم وتقدير نشاطات الدولة‪ ،‬ذمتها‪ ،‬نفقاتها‬

‫‪011‬‬
‫وايراداتها كأي محاسبة لمؤسسة عادية بفضل مخطط محاسبي جديد للدولة يشبه إلى حد ما مخطط محاسبة‬
‫المؤسسة االقتصادية أو ما يسمى بالمخطط المحاسبي الوطني‪.‬‬

‫لذا اعتبرت المحاسبة العمومية كمحور هام في برنامج و ازرة المالية‪ ،‬فقد بدأ العمل فيها من طرف‬
‫المديرية العامة للمحاسبة ابتداء من سبتمبر ‪ 8559‬وتكفلت بتجسيد معالمها لجنة تقنية مكونة من إطارات‬
‫من نفس المديرية ويتمثل عملهم في‪:‬‬

‫حصر وجمع النصوص والوثائق التقنية المتعلقة بالمحاسبة العمومية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تشخيص النظام المحاسبي الحالي على مستوى الهيئات التي تحكمها قواعد‬ ‫‪-‬‬
‫المحاسبة العمومية‪.‬‬

‫تحديد المحاور الكبرى إلصالح محاسبة الدولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫هذه الخطوات قامت بها اللجنة التقنية بمساعدة خبراء من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي‬
‫وكذا مديرية المحاسبة العمومية الفرنسية‪.‬‬

‫وتم في خطوة أولى استبعاد وجود تغيير في القواعد القانونية واإلطار المحاسبي للهيئات العمومية‬
‫ذات الطابع اإلداري ومن جهة أخرى التركيز على إصالح المحاسبة العمومية كخطوة أولى لمشروع‬
‫اإلصالح‪.‬‬

‫‪ 2-1‬ضرورة االستجابة لمستجدات و المعايير الدولية‪:‬‬

‫إلى جانب النقائص التي تشوب اإلطار المحاسبي الحالي ‪ ،‬فإن هذا األخير أثبت عجزه على‬
‫التكيف ومسايرة التغيرات السيما اإلقتصادية منها سواء على الساحة الوطنية أو الدولية ‪.‬‬

‫فمع توجه الجزائر نحو إقتصاد السوق‪ ،‬أصبح على الدولة التعامل كعون اقتصادي يلتزم بكل القواعد‬
‫واآلليات التي تحكم األعوان األخرى‪ .‬لتخضع بذلك إلى قانون العرض والطلب‪ ،‬القانون التجاري ‪....‬الخ ‪.‬‬
‫فالتكيف مع هذه المتغيرات الجديدة‪ ،‬فرض على الدولة تغيير نظامها المحاسبي من أجل توفير جهاز يضمن‬
‫قياس المردودية و الفعالية‪ .‬وهو ماال توفره مدونة الحسابات الحالية لقصورها على إعطاء نظرة متكاملة على‬
‫وضعية ذمة الدولة وتطورها‪.‬‬

‫إلى جانب ذلك‪ ،‬فإن دخول الجزائر في اتفاقيات وعالقات مع عدة دول و منظمات دولية‪ ،‬مثل‬
‫البنك العالمي و صندوق النقد الدولي‪ ،‬وضعها أمام حتمية االستجابة إلى المعايير الدولية في مجال‬
‫المحاسبة العمومية‪ ،‬التي – المعايير الدولية ‪ -‬تعمل على إيجاد لغة تخاطب موحدة تسمح بإجراء مقارنات‬
‫بين مختلف الدول‪ .‬و هو ما ال يسمح به اإلطار المحاسبي الحالي نظ ار لصعوبة إدماج محاسبة الدولة‬
‫ضمن المحاسبة الوطنية التي تعد أحد أهم وسائل المقارنة الدولية‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫فأمام كل هذه الضرورات من جهة‪ ،‬وكذا الدور الحيوي الذي تلعبه المحاسبة العمومية في توفير‬
‫نظام إعالمي فعـال يكون مصد ار إلتخاذ الق اررات في تسيير األموال العمومية من جهة ثانية‪ ،‬برزت ضرورة‬
‫إصالح محاسبة الدولة‪ .‬التي أصبحت أحد أولويات برنامج و ازرة المالية ‪.‬‬

‫وعليه فإن إصالح اإلطار المحاسبي للدولة يهدف إلى ترشيد و عقلنة تسيير األموال العمومية و كذا‬
‫إعطاء صورة واضحة و متكاملة لنشاط الدولة ‪ .‬وذلك من خالل‪:‬‬

‫‪ -‬توفير المعلومات الدقيقة التي يمكن اإلعتماد لتحكم في مجموع نشاطات الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬وضع أداة فعالة لمراقبة كيفية استعمال المال العام‪.‬‬

‫‪ -‬توفير الوثائق و المعلومات و التحاليل في اآلجال المناسبة ألصحاب القرار‪.‬‬

‫‪ -‬معرفة ذمة الدولة من خالل كل مركباتها‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد تكاليف الخدمات التي تقدمها الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد النتائج السنوية و تقييم فعالية نشاط اإلدارة‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم المعلومات التي تسمح بالقيام بعملية المقارنة الوطنية و الدولية‪.‬‬

‫‪ -2‬االنتقال من محاسبة الصندوق إلى محاسبة الذمة‬

‫إن المحاسبة العمومية هي اإلطار العام الذي يتم من خالله تحضير‪ ،‬تنفيذ و مراقبة العمليات‬
‫الميزانية والمالية‪ :‬للدولة‪ ،‬المجلس الدستوري‪ ،‬المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬مجلس األمة‪ ،‬الميزانية الملحقة‪،‬‬
‫الجماعات اإلقليمية و الهيئات العمومية ذات الطابع اإلداري‪ .‬فهي تشمل مجموع القواعد القانونية والتقنية‬
‫التي تهدف إلى تحقيق هذه المهام والصالحيات‪.‬‬

‫في الجزائر‪ ،‬تحكم المحاسبة العمومية نصوص تشريعية وتنظيمية تضم كل هذه القواعد‪ .‬فالقانون‬
‫‪ 89/18‬المتعلق بقوانين المالية وقانون ‪ 08/52‬المتعلق بالمحاسبة العمومية يشكالن المصدر األساسي‬
‫للقواعد التي تسير األموال العمومية‪ .‬إذ حددت مبادئ الميزانية ومواردها وتخصيصاتها‪ ،‬إلى جانب‬
‫اإلجراءات والمتدخلين في إعدادها تنفيذها ومراقبتها‪ .‬وبالمقابل تستمد القواعد التقنية من التعليمة العامة لسنة‬
‫‪ 8559‬الصادرة عن و ازرة المالية والمتعلقة بمحاسبة الدولة‪ ،1‬حيث حددت مدونة حسابات الخزينة الحالية‪،‬‬
‫المستوحاة من المدونة الفرنسية لسنة ‪ .8528‬إذ تعتمد هذه األخيرة على فكرة محاسبة الصندوق‪ ،‬لتقتصر‬
‫بذلك على التقيد المحاسبي للعمليات المالية للدولة ( العمليات الميزانية ‪،‬عمليات الخزينة)‪ ،‬حقوق الدولة‬
‫وديونها و كذا حركات األموال وعمليات التسوية التي تجري بين المحاسبين العموميين‪.‬‬

‫‪ 1‬تجدر اإلشارة هنا إلى أن هذه التعليمة تشمل فقط األموال العمومية التابعة للدولة – اإلدارات المركزية ‪ -‬حيث تخضع محاسبة الجماعات المحلية إلى‬
‫التعليمة الوزارية ‪ ، w1/ w2‬الميزانيات الملحقة إلى المخطط العام الوطني لسنة ‪، 0411‬أما الهيئات اإلدارية العمومية فتخضع لقواعد خاصة ‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫إن إعتماد المدونة على هذا األساس جعلها قاصرة على تقديم نظرة شاملة على نشاط الدولة السيما‬
‫من ناحية ذمتها‪ .‬إلى جانب عدم مسايرتها للمعايير الدولية المعمول بها حاليا‪ .‬األمر الذي استلزم إيجاد‬
‫بديل لإلطار المحاسبي الحالي‪ ،‬والمتمثل في مشروع المخطط المحاسبي للدولة الذي سيشكل مرجعا‬
‫للحسابات التي سيستعملها المحاسبون العموميون لمسك حساباتهم‪.‬‬

‫إن تبني مبدأ الحقوق المثبتة كان نتيجة حتمية لرغبة الدولة في االنتقال من محاسبة الصندوق إلى‬
‫محاسبة الذمة ‪ .‬وذلك ألخذ نظرة شاملة على حقوق الدولة المحصلة و غير المحصلة ‪.‬يقصد بالحقوق‬
‫المثبتة "النواتج أو اإليرادات المثبتة منذ ظهور الحق"‪ .1‬أي مجموع الحقوق المستحقة التي تكون محل لألمر‬
‫بالتحصيل يكرس حق الدائن العمومي‪ .‬فهي بذلك تقابل عمليات االقتراض في المحاسبة الخاصة‪.‬‬

‫ومن أجل تحديد هذه النتيجة في نهاية السنة‪ ،‬تم إنشاء حسابات خاصة تضمن للعون المحاسبي‬
‫المركزي للخزينة االنتقال من النتيجة المالية إلى نتيجة الذمة‪.2‬‬

‫وعليه فإن الفكرة األساسية لإلطار المحاسبي الجديد هو اإلنتقال من محاسبة الصندوق إلى محاسبة‬
‫الذمة‪ .‬هذا االنتقال الذي سيتم في اإلطار القانوني المعمول به حاليا يخضع إلى المبادئ العامة للمحاسبة‬
‫والمتمثلة في ‪:‬‬

‫‪ -‬مبدأ الحذر ‪ :‬الذي يتطلب التدقيق الموضوعي و المنطقي للعمليات المحاسبية ‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ ثبات اإلجراءات ‪ :‬الذي يهدف إلى تسهيل عملية المقارنة ‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ االستقاللية ‪ :‬الذي يفترض أن تحديد نتائج السنة ال يأخذ بعين اإلعتبار سوى نواتج‬
‫وتكاليف هذه السنة ‪.‬‬

‫فتطبيق هذه المبادئ ‪ ،‬تنفيذها بحسن نية واحترام الشرعية في تنفيذ العمليات يضمن الحصول على‬
‫صورة حقيقية لوضعية تداول األموال العمومية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪DGC , Instruction générale sur la comptabilité de l’Etat Tome 1 , annexe 04 : Modalités de comptabilisation des‬‬
‫‪droits constatés . P 1 .‬‬
‫الصنف السادس " التكاليف " ‪ :‬التي تسجل نوعين من العمليات ‪:‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -‬عمليات االنتقال من حسابات النفقات المسجلة في ‪ :‬حسابات تنفيذ قانون المالية للحساب‬
‫" نفقات التسيير " حسابات الميزانية ‪:‬االستثمارات السلفات‪ ،‬التسبيقات و المساهمات‪.‬‬
‫‪ -‬عمليات خارج المي ازنية المسجلة مباشرة في هذا الصنف‪.‬‬
‫الصنف السابع " النواتج " ‪ :‬التي تستعمل لالنتقال من حسابات اإليرادات المسجلة‪:‬‬
‫‪ -‬ح‪ " 52 /‬إيرادات الميزانية " بالنسبة لإليرادات المحصلة ‪.‬‬
‫‪ -‬ح‪ " 21 /‬إيرادات قابلة للتحصيل " بالنسبة لإليرادات غير المحصلة ‪.‬‬
‫الصنف التاسع " تنفيذ قانون المالية " ‪ :‬المتمثلة في ‪ - :‬ح‪ " 51 /‬نتيجة تنفيذ قانون المالية "‪.‬‬

‫‪ -‬ح‪ " 55 /‬تصور نتيجة تنفيذ قانون المالية "‪.‬‬


‫‪011‬‬
‫‪ 1-2‬الحسابات الخاصة بة ‪ :‬االستثمارات‪ ،‬اإلهتالكات‪ ،‬المخزونات‪.‬‬
‫‪ 1-1-2‬اإلستثمارات‪:‬‬

‫مجرد تصور نظري لغياب فائدة عملية للمعلومات‬


‫إن فكرة التقييد المحاسبي لالستثمارات كانت ّ‬
‫المحاسبية حول ما تملكه الدولة‪ .‬وكذا استحالة وضع نظام محاسبي لهذه الممتلكات بسبب‪:‬‬

‫‪ -‬عدم إمكانية إحصاء كل الممتلكات العقارية و المنقولة التي تحوزها الدولة‪ ،‬لغياب سجالت الجرد‬
‫وكذا الوثائق والمعلومات الضرورية لتنفيذ ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬غياب مقياس لتحديد قيمة بعض هذه الممتلكات‪ .‬فملكية الدولة ال تقتصر على األمالك الخاصة‪،‬‬
‫بل تتعداها إلى األمالك العمومية – سواء الطبيعية أو االصطناعية – التي يصعب بل يستحيل تحديد قيمتها‬
‫الحقيقية‪.‬‬

‫إن هذه األسباب‪ ،‬لم تمنع من التفكير في وضع تقنيات محاسبية لتقييد استثمارات الدولة‪ ،‬مشابهة‬
‫لتلك الموجودة في النظام التقليدي للمحاسبة الخاصة‪ .‬وهو ما تجسد في حسابات مشروع المخطط‪ ،‬إذ‬
‫أدرجت ضمن الصنف ‪ " 20‬اإلستثمارات " حسابات رئيسية تسمح بتسجيل كل االستثمارات المادية (‬
‫المباني‪ ،‬األراضي‪ ،‬المنشئات الصناعية ‪...‬الخ ) و المعنوية ( التراخيص‪ ،‬الماركات ‪....‬الخ ) ضمن‬
‫المحاسبة العامة للدولة‪.‬‬

‫لكن التوصل إلى إدراج هذه االستثمارات في محاسبة الدولة‪ ،‬ال يمنع من ظهور بعض المشاكل‪ .‬من‬
‫أهمها‪:‬‬

‫أ‪ -‬المعالجة المحاسبية لالستثمارات السنوات السابقة‪ :1‬فالممتلكات العقارية و المنقولة المقتناة أو‬
‫المبنية خالل السنوات السابقة لتطبيق المخطط المحاسبي للدولة تطرح مشكل تحديد قيمتها الحقيقية‪ ،‬الذي‬
‫يرجع لـ‪:‬‬

‫‪-‬عدم تسجيل هذه الممتلكات على مستوى المحاسبة العامة للدولة كونها محاسبة صندوق‪.‬‬

‫‪-‬عدم توفر جرد شامل لكل هذه االستثمارات من طرف المديرية العامة لألمالك الوطنية‪.‬‬

‫ولحل هذا المشكل تم االكتفاء بتسجيل ممتلكات الدولة انطالقا من تاريخ دخول مشروع المخطط‬
‫حيز التطبيق‪.‬‬

‫ب‪ -‬طريقة التقييد المحاسبي لالستثمارات المتنازل عليها‪ :‬تطرح عملية التخلي عن االستثمارات‬
‫سواء كان ذلك بمقابل أو بدون مقابل – مشكل في عملية التسجيل بسبب تعقيد عمليات التنازل و توزعها‬
‫على عدة إدارات ‪ ،‬األمر الذي يصعب تركيز كل المعلومات المتنازل عنها بصفة نهائية و فعلية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪J.F. BETHIER , Comment l’Etat tient ses comptes , BORDAS , Paris , 1990. P 142 .‬‬

‫‪011‬‬
‫‪ 2-1-2‬اإلهتالكات‪:‬‬

‫إن إدراج حسابات االستثمارات ضمن مشروع المخطط المحاسبي للدولة ‪ ،‬يستلزم وضع تقنية للتقييد‬
‫المحاسبي إلهتالكاتها‪ .‬هذا اإلهتالك الذي يضمن في إطار المحاسبة الخاصة وظيفتين‪:‬‬

‫‪ -‬وظيفة مالية‪ :‬يعمل من خاللها اإلهتالك على تحميل تكاليف االستثمارات على عدة سنوات بما‬
‫ال يأثر على القدرة التمويلية للمؤسسة‪ .‬كما يسمح بزيادة طاقة التمويل الذاتي من خالل المبالغ المحتفظ بها‬
‫في الحسابات الخاصة بمؤونات اإلهتالك ‪.‬‬

‫‪ -‬وظيفة اقتصادية‪ :‬تسمح بتحديد و متابعة القيمة االقتصادية لالستثمارات عبر مختلف سنوات‬
‫اإلستعمال‪ .‬بالنسبة للدولة ‪ ،‬فإن اإلهتالك ال يلعب وظيفته المالية‪ ،‬وذلك لعدة أسباب منها‪:‬‬

‫‪ -‬أسباب مالية‪ :‬تتمثل في تعارض مبدأ اإلهتالك مع المبادئ الكبرى للميزانية‪ .‬فمبدأ السنوية‬
‫الوارد في المادة ‪ 25‬من قانون ‪ 89/18‬التي تنص ‪":‬تتشكل الميزانية العامة للدولة من اإليرادات النفقات‬
‫للدولة المحددة سنويا بموجب قانون المالية"‪ .‬أي أن صالحية رخص اإلعتمادات ال تتعدى سنة واحدة هي‬
‫سنة تنفيذ قانون المالية المصادق عليه‪ .‬لذا ال يمكن تسجيل إعتمادات لتغطية نفقات السنوات القادمة‪ .‬إلى‬
‫جانب هذا ‪ ،‬فإن مبدأ عدم التخصيص ال يسمح باإلحتفاظ بمبالغ مالية من أجل شراء أو تجديد إستثمارات‬
‫معينة بذاتها‪.‬‬

‫‪ -‬أسباب سياسية‪ :‬إلى جانب األسباب المذكورة سالفا‪ ،‬فإن تطبيق مبدأ اإلهتالك يصعب من‬
‫الرقابة البرلمانية على تنفيذ قانون المالية‪ .‬فتعارض هذا المبدأ مع سنوية قانون المالية ألغى الهدف الجوهري‬
‫لهذه الصفة – السنوية – و المتمثل في توفير كل المعلومات المالية واالقتصادية بكل وضوح و بساطة من‬
‫أجل تسهيل عملية اتخاذ القرار على أعضاء البرلمان أثناء عملية التصويت ‪ .‬لكن وجود هذه األسباب‪ ،‬لم‬
‫يمنع مبدأ اإلهالك من إن يلعب دوره االقتصادي‪ .‬حيث يوفر للدولة المعلومات المحاسبية حول القيمة‬
‫االقتصادية لمختلف ممتلكاتها من خالل الحساب الرئيسي "إهتالكات االستثمارات"‪.‬األمر الذي يسمح بتجنيد‬
‫اإلعتمادات الضرورية لصيانة هذه الممتلكات ضمن الحساب " مؤونات إهتالكات االستثمارات "‪.‬‬

‫‪ 2-8-0‬المخزونات ‪:‬‬

‫تماشيا مع ما هو موجود في المخطط المحاسبي الوطني ‪ ،‬أدرجت حسابات المخزونات ضمن‬


‫الصنف ‪ " 22‬حسابات المخزونات والعالقات الداخلية " تحت الحساب الرئيسي ‪" 25‬المخزونات"‪.‬‬

‫تعمل هذه الحسابات – كما هو معروف في المحاسبة الخاصة – على تسجيل السلع و المواد‬
‫األولية المستهلكة خالل سنة النشاط الحالية‪ ،‬بما يضمن استخراج نتيجة حقيقية للنشاط السنوي و تحديد‬
‫الكميات الفعلية المتواجدة في مخازن المؤسسة‪.‬‬

‫‪014‬‬
‫لكن هذا الطرح يختلف بالنسبة للدولة‪ .‬وفقا لمبدأ السنوية‪ ،‬فإن مشتريات الدولة من السلع لسنة‬
‫النشاط الحالية‪ ،‬يجب أن تستهلك في هذه المدة‪ ،‬أي يفترض عدم وجود مخزون في نهاية السنة‪ ،‬هذا من‬
‫جهة‪ .‬ومن جهة ثانية ‪ ،‬فإن الدولة ال تستطيع أن تفرض على المكلفين بالضريبة دفع مستحقاتهم في آجال‬
‫دقيقة‪ ،‬بما يسمح لها من توفير األموال لتكوين هذه المخزونان ‪.‬‬

‫كل هذا‪ ،‬يجعل من الحسابات الخاصة بالمحزونات مجرد وسيلة لتسجيل التدفقات المالية الموجهة‬
‫لشراء السلع و المواد األولية‪ ،‬دون تحديد التغيرات في كمية هذه المحزونات من سنة إلى أخرى‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تحديث أنظمة الميزانية‬

‫شرعت الجزائر في العديد من اإلصالحات الكبرى والتي فرضتها الظروف الدولية الراهنة والتي‬
‫تهدف إلى إدخال آليات اقتصاد السوق وجعل االستثمارات المنتجة المحرك األساسي للتنمية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى تركيز نشاطات الدولة حول المهام األساسية من أجل رفع فعالية تدخل الدولة‪.‬‬

‫ومن بين اإلصالحات التي شرعت فيها الدولة هو ذلك الذي يتعلق بتحديث أنظمة الميزانية حيث‬
‫أن النظام الميزاني الحالي يتميز بالعديد من النقائص‪ .‬هذا النظام الجديد يهدف إلى تنفيذ النفقات‬
‫العمومية في ظل الشفافية‪ ،‬الفعالية والسرعة في تنفيذها وقد خصص لهذا البرنامج ظرفا ماليا يقدر بـ ‪81‬‬
‫مليون دوالر‪.‬‬

‫دواعي اللجوء إلى تحديث أنظمة الميزانية‬ ‫‪-1‬‬

‫يرجع األمر بالنسبة لتبني هذه االصالحات إلى ضرورة التغيير بعد أن أثبت النظام الحالي عدم‬
‫قدرته على تحقيق الفعالية في تسيير موارد الدولة وبعد أن أظهر العديد من النقائص ومن بينها‪:‬‬

‫غياب تخطيط ميزاني متعدد السنوات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫يتم تسيير النفقات على أساس اإلمكانيات المتاحة وليس على أساس النتائج‬ ‫‪-‬‬
‫المرسومة‪.‬‬

‫صعوبة الحصول على الوثائق المتعلقة بالميزانية وصعوبة فهمها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫رقابة مسبقة قائمة على مطابقة النفقة دون النظر في مدى فعاليتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تأخر الرقابة الالحقة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫غياب مساءلة المسيرين‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫نظام معلومات غير فعال بالنظر إلى االستعمال المحدود لإلعالم اآللي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪011‬‬
‫وباإلضافة إلى هذا صرح المدير العام للمحاسبة السابق السيد جحدو محمد على هامش الملتقى‬
‫الذي تم عقده على مستوى و ازرة المالية يوم ‪ 80‬أكتوبر ‪ 0225‬أن النظام الميزاني الحالي يتسم بعدة‬
‫نقائص من أهمها غياب نظرة على المدى المتوسط‪ ،‬ازدواجية الميزانية بين ميزانية التسيير وميزانية‬
‫التجهيز وكذا غياب نظام معلومات حول التسيير الميزاني‪.‬‬

‫محتوى مشروع تحديث أنظمة الميزانية‬ ‫‪-2‬‬

‫يشمل مشروع تحديث أنظمة الميزانية على العديد من التغييرات التي تمس جانب إعداد وتنفيذ‬
‫ميزانية الدولة‪ ،‬وهذه الجوانب تمس‪:‬‬

‫الجزء األول‪:‬‬

‫‪ :Budgétisation‬والمقصود هنا هو ادخال البرنامج كوحدة أساسية في الميزانية‬ ‫‪-‬‬


‫تحل محل األبواب والقطاعات‪ ،‬حيث أنه يمثل وحدة تخصيص االعتمادات‪ ،‬كما أنه هو وحدة‬
‫تنفيذ الميزانية‪ .‬باإلضافة إلى إقامة تسيير ميزاني قائم على برامج قائمة على النتائج وكذا اعتماد‬
‫التسيير المتعدد السنوات‪.‬‬

‫تجديد مسار النفقة‪ :‬وهذا عن طريق وضع إطار على المدى المتوسط خاص‬ ‫‪-‬‬
‫بالنفقات‪ ،‬وكذا تصنيف نفقات الميزانية‪ ،‬إعداد ميزانية موحدة تشمل كل النفقات‪.‬‬

‫تعزيز قدرات التقييم لو ازرة المالية‬ ‫‪-‬‬

‫الجزء الثاني‪:‬‬

‫نظام المعلومات ‪ :‬ويعد دعامة أساسية لدعم اإلصالح ويتعلق األمر هنا بـالنظام‬ ‫‪-‬‬
‫المدمج للتسيير الميزاني ‪ .système intégré de gestion budgétaire SIGB‬و يتضمن‬
‫بناء منظومة معلوماتية قوية وآمنة جدا‪ ،‬ألنها تضمن تبادل معلومات دقيقة وخطيرة و استراتيجية‬
‫عن ميزانية الدولة‬

‫نشير في هذا اإلطار أن اإلصالح الجاري هو عملية طويلة تحتاج إلى العديد من الموارد مع‬
‫القليل من النتائج التي تبرز على المدى القصير كما أن المرور من اإلدارة المسيرة إلى اإلدارة المصححة‬
‫صعب التحقيق‪ ،‬غير أن هذا المشروع الذي يحمل في طياته ميزانية األداء هو محفز حقيقي إلى بعث‬
‫إصالحات عميقة تخص التسيير العمومي‪.‬‬

‫‪010‬‬
‫وقد أكد السيد زموري‪ 1‬أن أساس السياسة الجديدة وادخال الوحدة الجديدة للميزانية والتي تتمثل في‬
‫البرنامج والتسيير القائم على النتائج هو هدف النفقة‪ ،‬وألجل هذا احتوى اإلصالح على تعيين مسؤول‬
‫مسير للبرنامج حتى يتم تعيين المسؤوليات‪.‬‬

‫كما أن اإلصالح احتوى على التسيير المتعدد السنوات حيث أن كل و ازرة مكلفة بإعداد مشروع‬
‫ميزانية السنة وتقديرات ثالث سنوات وحصيلة سنتين تسبق السنة المالية الجديدة‪.‬‬

‫األهداف المتعلقة باعتماد تحديث أنظمة الميزانية‬ ‫‪-3‬‬

‫وألجل تغطية النقائص المذكورة سابقا جاءت مبادرة الحكومة باإلصالح المعتمد في هذا المشروع‬
‫الذي يقوم على إدخال تغييرات على مستوى إعداد‪ ،‬توزيع ورقابة ميزانية الدولة وكذا إعادة هيكلة مسار‬
‫النفقة العمومية)‪ . Restructuration du Circuit de la Dépense (RCD‬والهدف من هنا هو‬
‫تغيير مسار أو مراحل تنفيذ النفقة العمومية‪ ،‬تعزيز الرقابة وايصال العمليات إلى المستوى المركزي بسرعة‬
‫أكبر وتحقيق أكثر مصداقية للعمليات المحاسبية‪ .‬وأضاف السيد جحدو أن أهم عائق في وجه النظام‬
‫الحالي هو عدم فعالية نظام المعلومات المي ازنياتي وهذا الذي باإلمكان تحسينه عن طريق اإلصالح أو ما‬
‫يسمى بتحديث أنظمة الميزانية‪ .‬وكنتيجة لهذا فإن هذا المشروع من شأنه أن يقلص من توسعات الميزانية‪،‬‬
‫إعادة تكييف المخطط المحاسبي للدولة وخلق ميزانية موحدة تشمل نفقات التسيير والتجهيز معا‪ ،‬وهذا‬
‫يعني أن برنامجا واحدا يشمل تقييم جانبي التسيير والتجهيز‪.‬‬

‫ويهدف المشروع الذي نحن بصدد الحديث عنه إلى تحقيق‪:‬‬

‫الشفافية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫التحديث‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المساءلة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫خلق نظام معلومات واضح يقوم حول النتائج‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تقوية قدرات التحليل والتقدير على مستوى و ازرة المالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تقديم الوثائق الميزانية في أحسن صورة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫نشير إلى أن المشروع يقوم بإعداده مكتب الدراسات الفرنسي ‪ GIP-ADETEF‬وقد أوضحت‬
‫السيدة ‪ CHAUVIN1‬أن عملية إعادة هيكلة مسار النفقة العمومية له أهداف عديدة من بينها أنه يرمي‬
‫إلى التطور نحو تحقيق فعالية إدارية‪ ،‬السرعة في تنفيذ النفقة العمومية و تحسين التسيير‪.‬‬

‫‪ 1‬رئيس قسم على مستوى المديرية العامة للميزانية بوزارة المالية‪.‬‬

‫‪012‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التجربة الفرنسية وآثارها على مسار الرقابة في النظام الجزائري‬

‫مما الشك فيه أن النموذج الفرنسي يعتبر‪ -‬تاريخيا وتقليديا ‪ -‬مرجعية أساسية للتشريع والتنظيم‬
‫المالي واإلداري في الجزائر وهذا من أبرز العوامل التي تدفع إلى دراسة التجربة الفرنسية حيث أن كل‬
‫النصوص القانونية الجزائرية مستوحاة منها وخصوصا تلك المتعلقة منها بالمالية العمومية بالنظر إلى‬
‫حساسية هذا المجال‪ .‬وقد شهد مناخ المالية العمومية في فرنسا نقلة نوعية‪ ،‬إذ اختلف االمر تماما على‬
‫ما كان عليه في السابق بصدور القانون العضوي المؤرخ في ‪ 8‬أوت ‪ 0228‬المتعلق بقوانين المالية‪ .‬ومن‬
‫خالل هذا المطلب سنتناول بالدراسة التجربة الفرنسية بدراسة محتوى القانون العضوي المذكور آنفا وما‬
‫انجر عنه في مجال الرقابة على المالية العمومية‪ ،‬ثم نقوم بإسقاط هذه التجربة على مسار الرقابة في‬
‫النظام الجزائري‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬دراسة موجزة لمناخ المالية العمومية في فرنسا بعد صدور القانون العضوي‬
‫المتعلق بقوانين المالية‬

‫إن اإلطار الخاص بالميزانية في فرنسا الذي تضمنه األمر المؤرخ في ‪ 0‬جانفي ‪ 8595‬والذي‬
‫قسم ميزانية الدولة إلى ‪ 181‬فصال وعلى الرغم من وجود جهود حقيقية ترمي إلى توحيده منذ حوالي‬
‫عشر سنوات‪ ،‬إال أنه يشكل إطا ار جامدا وقليل المساءلة‪ .‬ومن هنا نجد أن الرقابة التي تم العمل بها في‬
‫ظل هذا القانون كانت تميل إلى المطابقة أكثر منها إلى الفعالية‪ .‬حيث أن تقديم الميزانية ال يفرض على‬
‫المسيرين تقديم تقرير يوضح بدقة النتائج مقارنة بالوسائل المتاحة‪ ،‬وهنا يقتصر دور البرلمان على دراسة‬
‫كمية قائمة على حجم اإلعتمادات ونسبة تطورها واستهالكها ‪.2‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلطار الجديد للمالية العمومية المتضمن في القانون العضوي المؤرخ في ‪1‬‬
‫أوت ‪2001‬‬

‫وقد جاء القانون العضوي المؤرخ في ‪ 8‬أوت ‪ 0228‬ليعيد تنظيم كل ما يتعلق بالمالية العمومية‪،‬‬
‫غير أنه بطبيعة الحال تم ادخاله حيز التنفيذ تدريجيا ولعل من بين األسباب التي دفعت لهذا األمر هي‬
‫تمكين عناصر نظام الرقابة سواء المحاسبية‪ ،‬اإلدارية أو القضائية من التأقلم والتطور حتى تساير هذا‬
‫التغير‪.‬‬

‫يضم هذا النص ‪ 51‬مادة‪ ،‬حيث عرف اإلطار العام الذي تندرج ضمنه قوانين المالية وكذا‬
‫كيفيات إعدادها‪ ،‬اعتمادها وتنفيذها‪ ،‬وهذا عن طريق تحديد هدفين رئيسيين هما من جهة تدعيم وتقوية‬

‫‪ 1‬رئيسة المشروع على مستوى مكتب الدراسات الفرنسي‪. GIP-ADETEF‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ANDRE BARILARI : Op-cit ,p 141.‬‬

‫‪011‬‬
‫الشفافية في تقديم المعلومات الخاصة بالميزانية ومجال الترخيص البرلماني ومن جهة أخرى التأسيس‬
‫لمسؤولية فعلية للمسيرين عن طريق رقابة أدائهم ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫تعزيز الشفافية في التسيير المالي‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫عزز القانون الشفافية في التسيير المالي و كذلك الشفافية في مجال الترخيص البرلماني من‬
‫خالل‪:‬‬

‫‪le débat d’orientation‬‬ ‫أسس القانون نقاشا حول التوجه الميزاني‬ ‫‪-‬‬
‫)‪.budgétaire(DOB‬‬

‫أثرى التقرير االقتصادي والمالي الماحق بمشروع قانون المالية السنوي حيث‬ ‫‪-‬‬
‫تضمن نظرة متعددة السنوات كما أضاف له تقري ار يشمل كل االقتطاعات اإلجبارية وتطورها‪.‬‬

‫وسع مجال اختصاص قانون المالية حيث أنهى النظام المتعلق بالرسوم شبه‬ ‫‪-‬‬
‫الجبائية و أسس تقييما إليرادات وأعباء الخزينة‪.‬‬

‫عمل على تحسين مستوى تقديم المعلومات للبرلمان‪ ،‬خاصة حول وضعية ذمة‬ ‫‪-‬‬
‫الدولة وماليتها وكذلك وضع طرق أخرى إلعالم لجنة المالية‪.‬‬

‫أكد على ضرورة التمييز بين الميزانية والحسابات الخاصة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫دعم حقوق البرلمان أثناء مناقشة الميزانية حيث أبرز القواعد المتعلقة بالتصويت‬ ‫‪-‬‬
‫وحق التعديل‪ ،‬كما وسع سلطات لجان المالية في ما يتعلق باالستعالمات وكذا مساعدة مجلس‬
‫المحاسبة‪.‬‬

‫كما أدخل القانون الهدف المتمثل في مساءلة المسيرين و رقابة األداء كقاعدة إلصالحات جذرية‬
‫في التسيير العمومي‪ .‬وهذا بإحداث مصطلح "برنامج" وتوجيه النقاش المتعلق بالميزانية إلى رقابة فعالية‬
‫النفقة‪.‬‬

‫مصطلح برنامج ميزاني‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ابتداء من إعداد مشروع قانون المالية لسنة ‪ 0225‬لم يعد هناك استخدام للنفقات حسب طبيعتها‬
‫وانما تم استبدالها بالنفقات حسب البرنامج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪IDEM, p142.‬‬

‫‪011‬‬
‫وقد تم تعريف مصطلح البرنامج ضمن المادة ‪ 9‬من القانون العضوي‪ " :‬يشتمل البرنامج على‬
‫اإليرادات الموجهة لتنفيذ نشاط أو مجموعة من النشاطات المتقاربة التابعة لنفس الو ازرة والتي تشترك في‬
‫نفس الهدف من أجل تحقيق المنفعة العمومية وكذا النتائج المرتقبة و الخاضعة للتقييم"‪.1‬‬

‫وتشكل مجموعة من البرامج ما يسمى بالمهمة التي تساهم في تنفيذ السياسات العمومية المرسومة‬
‫والتي ترجع إلى مصلحة أو العديد من المصالح التابعة لو ازرة واحدة أو للعديد من الو ازرات‪ .‬ويتم‬
‫التصويت في البرلمان على المهمات‪ .‬وهذا طبقا لنص المادة ‪ 82‬من القانون العضوي التي تنص على‬
‫أن مناقشة اعتمادات الميزانية العامة يجب أن يكون بمناقشة المهام )‪.(missions‬‬

‫وهكذا يتم تخصيص االعتمادات وفقا للبرامج‪ ،‬أما تقديم اإلعتمادات حسب األبواب ‪ Titre‬يصبح‬
‫ذا طابع ارشادي فحسب‪ ،‬واالعتمادات المفتوحة في كل برنامج هي اعتمادات محدودة‪ .‬ونشير إلى أنه‬
‫على مستوى كل برنامج يملك المسير حرية شبه مطلقة في إعادة توزيع هذه االعتمادات على األبواب‪،‬‬
‫ماعدا ما يتعلق منها بالمستخدمين التي ليس بإمكانه أبدا أن يتصرف فيها ألنها محددة بالسقف الموضوع‬
‫لها‪ ،‬وهذا ما يعرف باالستهالكية غير المتساوية ‪ . la fongibilité asymétrique‬وباإلضافة إلى ذلك‬
‫يوجد سقف الستعمال محدود لكل و ازرة‪.‬‬

‫في حين أن المادة ‪ 80‬من القانون العضوي تنص على بعض من المرونة خالل السنة حيث أنه‬
‫يمكن نقل االعتمادات بين البرامج في السنة مسموح في حدود ‪ %0‬من إعتمادات البرنامج‪ ،‬كما أن نقل‬
‫االعتمادات من سنة إلى سنة يمكن العمل به مع ضرورة احترام وحدة البرامج طبقا للمادة ‪ 89‬من القانون‬
‫العضوي‪.‬‬

‫البرامج والتسيير حسب األهداف‬ ‫‪-3‬‬

‫نص القانون العضوي على أن مشروع قانون المالية للسنة يضم مجموعة من المالحق باإلضافة‬
‫إلى المشروع السنوي لألداء لكل برنامج‪ ،‬حيث يوضح هذا األخير النشاطات التي تشكل البرنامج‪،‬‬
‫التكاليف المشتركة‪ ،‬األهداف الموضوعة‪ ،‬النتائج المتحصل عليها والمرتقبة للسنوات المقبلة والتي تم‬
‫حسابها عن طريق معايير أو معامالت محددة يكون فيها االختيار مبررا‪.‬‬

‫كما يتم إلحاق قانون ضبط الميزانية بتقارير سنوية لألداء توضح بالنسبة لكل برنامج الفرق‬
‫المسجل بالنسبة للتوقعات أو التقديرات في قوانين المالية المعنية‬

‫كما يتم مقارنة االنجازات المالحظة في قانون ضبط المالية األخير مع األهداف‪ ،‬النتائج المرتقبة‬
‫والمتحصل عليها‪ ،‬المعامالت والتكاليف المشتركة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Un programme regroupe les crédits destinés à mettre en œuvres une action ou un ensemble cohérent d’action‬‬
‫‪relevant d’un même ministère et auquel sont associés les objectifs précis, en fonction de finalités d’intérêt‬‬
‫‪général ainsi que les résultats attendus et faisant l’objet d’évaluation.‬‬

‫‪011‬‬
‫البرامج كمفتاح للعبور إلى التسيير العمومي الجديد‬ ‫‪-4‬‬

‫جاء القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية لتطوير ميزانية تميزت بهيكل مبني على طبيعة‬
‫الوسائل وتتم رقابتها باعتماد المطابقة إلى ميزانية جديدة يكون هيكلها مبنيا على أهداف السياسات وييم‬
‫رقابتها بالنظر إلى النتائج المتحصل عليها‪.‬‬

‫حيث أن الحكومة ملزمة بتحديد مجموعة من النشاطات المتناسقة ضمن مهام الدولة ‪ ،‬كما أنها‬
‫ملزمة باإلعالن عن األهداف المرتبطة بكل مهمة‪ ،‬باالضافة إلى أنها ملزمة بتخصيص اعتمادات من‬
‫الميزانية لكل برنامج ‪ ،‬مع ترك المسؤولية أمام العون المسؤول عن البرنامج ليمثل العالقة بين النتائج‬
‫والوسائل‪ .‬ويتميز البرنامج بـ‪:‬‬

‫تناسق مضمونه‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫توفر المطلب الضروري المتمثل في األهداف‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫شمولية الوسائل‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫مساءلة العون المسؤول‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وبال تالي يشكل البرنامج عقدا حقيقيا لألداء الذي يقود ويربط عناصر التسيير العمومي الجديد‬
‫وهذا بمنحه كل المعاني‪ :‬تعميم رقابة التسيير في الوحدات العملياتية‪ ،‬تحقيق التجانس بين هذه األخيرة في‬
‫نفس الشبكة من خالل نظام تحكم وتوجيه يخدم األهداف التي تحفظ المسؤولية على مستوى كل المكونات‬
‫خاصة مستوى عدم التمركز‪.‬‬

‫من الواضح أن اإلطار الجديد المتعلق بالمالية يفرض إعادة النظر في بنية الرقابة على المالية‬
‫العمومية من أجل توجيهها نحو مساءلة المسيرين و حساب األداء والفعالية‪.‬‬

‫تطورات نظام الرقابة على النفقات العمومية بعد صدور القانون العضوي‬ ‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫المتعلق بقوانين المالية‬

‫في ظل هذا التغير في هيكلة الميزانية‪ ،‬هل يمكن حقيقة تطوير الرقابة؟‬

‫يتم تحليل النفقة بالنظر إلى الهدف منها‪ ،‬إلى األعوان المسؤولين عن تنفيذها والى وجهتها‬
‫الجغرافية وكذا إلى البرنامج المرتبطة به‪.‬‬

‫إن تطور وتغير محتوى قانون المالية يفرض تطور مختلف مكونات نظام الرقابة على النفقات‬
‫العمومية‪ ،‬حيث أن الرقابة اإلدارية سوف تأخذ بعين االعتبار مسألة األداء في حين أن الرقابة القضائية‬
‫ستدخل مسألة المصادقة على الحسابات العمومية‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫نحو التخفيف الرقابة المحاسبية‪:1‬‬ ‫‪-1‬‬

‫يهدف القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية إلى مساءلة األمر بالصرف حول فعالية النفقة‬
‫العمومية عن طريق الشمولية التي جسدتها البرامج التي تتماشى مع األهداف والنتائج‪ .‬وهذا يفترض‬
‫تخفيف سلسلة الرقابة على النفقة العمومية‪.‬‬

‫حيث أن التطور مس الرقابة المالية ودور المحاسبين العموميين‪.‬‬

‫‪ 1-1‬تطور رقابة االلتزامات‬

‫بما أن رقابة االلتزامات تقتصر على التأكد من عدم اجتياز السقف الممنوح للبرنامج‪ ،‬فإن هذه‬
‫الوظيفة أصبحت مدمجة ضمن الرقابة اآللية لبرنامج اإلعالم اآللي ‪ ACCORD‬وهو برنامج تم الشروع‬
‫في العمل به حيث يضمن هذا األخير وحدة وتناسق مراحل النفقة منذ أن يقوم اآلمر بالصرف بحجز‬
‫المعلومات على مستوى هذا البرنامج‪ ،‬حيث يمكننا تصور أنه في حالة ما إذا قام اآلمر بالصرف بتمرير‬
‫التزام يفوق مبلغه السقف المحدد للبرنامج‪ ،‬فإن البرنامج ‪ accord‬سوف يجمد أية نفقة إضافية‪ ،‬كما يقوم‬
‫بتحذير المحاسب‪ ،‬كما يدفع إلى تدخل الرقابة الخارجية ‪ ،‬حتى يسمح لوزير المالية وللمسؤول عن‬
‫البرنامج بالتدخل‪ ،‬ومن هنا يمكن القول أن االلتزام المحاسبي سوف يختفي‪.‬‬

‫أما بالنسبة للرقابة المالية فإنه يمكن القول أنها ال تتدخل سوى على مستوى مرحلة تقديم تأشيرة‬
‫عامة أو شاملة حول مشروع استعمال االعتمادات‪ ،‬وهذا يشبه ما يتم العمل به على مستوى عدم التمركز‪.‬‬

‫وتأسست الرقابة المالية بعد إلحاح واستعجال من قبل البرلمانيين بهدف تفادي االنحرافات‬
‫الحاصلة في تنفيذ الميزانية المصادق عليها وصرف االعتمادات و اللجوء إلى االعتمادات اإلضافية التي‬
‫تضع البرلمان أمام األمر الواقع‪ ،‬خاصة وأن النفقة تم صرفها‪ ،‬خاصة وأن البرلمان غير قادر على تسليط‬
‫عقوبات على اآلمرين بالصرف‪ ،‬فالمرسوم المؤرخ في ‪ 08‬ماي ‪ 8550‬ال ينص سوى عن المسؤولية‬
‫األخالقية والتأديبية لآلمرين بالصرف ويهمل مسؤوليتهم المدنية وهذا استنادا إلى رأي مجلس الدولة المؤرخ‬
‫في ‪ 08‬جويلية ‪ .8119‬وبمناسبة مناقشة قانون ‪ 8500‬الذي ذهب إلى تقوية سلطات المراقب المالي‬
‫اقترحت اللجنة المالية لمجلس األمة إقحام المسؤولية المدنية للوزراء والمسيرين الذين يخرقون أحكام هذا‬
‫القانون‪ ،‬كما أضافت إلى الوزراء وكتاب الدولة العقوبات المتعلقة بسوء استعمال السلطة‪.‬‬

‫إن هذه النبذة التاريخية تبين أن الرقابة المالية جاءت كضرورة للتحكم الجيد بالمالية العمومية‪ ،‬من‬
‫‪2‬‬
‫جهة ومن جهة أخرى كرد على التساؤل المطروح حول المسؤولية الشخصية للمسيرين والوزراء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ANDRE BARILARI : op-cit p 149, 150.‬‬
‫ومن هذا المنطلق لم يهمل القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية هذه الرقابة بل قام بتعديل معالمها حيث يمكن االتفاق بين المسير والمراقب‬
‫‪2‬‬

‫المالي حول أساليب وكيفيات الرقابة‪ .‬ومن هنا يتم القضاء كليا على التكرار المتواجد في مهام الرقابة بين المراقب المالي والمحاسب العمومي‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫‪ 2-1‬التطورات الحاصلة على مستوى رقابة المحاسب العمومي‪:‬‬

‫في هذا اإلطار تمت بلورة العديد من األفكار النظرية بهدف تحقيق الفصل بين مهام المحاسب‬
‫والدافع )‪ ،(payeur‬وهذا اعتبا ار من أن القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية كرس ووسع مهام‬
‫المحاسب‪ ،‬كما حافظ على وحدة هذه المهام على مستوى العناصر المدمجة في شبكة الخزينة العمومية‬
‫حيث أن التجارب هي قيد اإلنجاز‪.‬‬

‫‪ 1-2-1‬الفصل بين مهام المحاسب العمومي والدافع‬

‫يمكننا تصور أنه داخل نظام متكامل‪ ،‬الثنائية المتمثلة في المحاسب العمومي واآلمر بالصرف‬
‫يمكن القضاء عليها‪ ،‬ومن هذا المنطلق فإنه من الممكن أيضا أن يطرح أمر تفكك مهام الدافع‬
‫والمحاسب‪.‬‬

‫وأخذا بهذ ه الفرضية فإن المحاسبة التي يمسكها اآلمر بالصرف تنجم عن الق اررات المتخذة من‬
‫المنبع وتترجم في نظام ‪ accord‬حيث تكون مرجعا‪ .‬وهنا كل األعوان لهم القدرة على التدخل‪ .‬كما نشير‬
‫إلى أن هذه المحاسبة يتم التدقيق فيها حتى يتم كشف األخطاء الممكن وقوعها‪.‬‬

‫كما أنه من الضروري الحفاظ على وحدة محاسبة الدولة‪ ،‬كما أنه يجب على الخزينة العمومية أن‬
‫تضع المقاييس الخاصة بهذا المجال‪ ،‬كما عليها أن تقوم بعملية تركيز ودمج المعلومات‪.‬‬

‫ولكن وألهداف أمنية المتواجدة في كل الهيئات‪ ،‬فإنه الدفع ال يجب أن يكون تحت المسؤولية‬
‫المباشرة لآلمر بالصرف كما أنه ال بد من الحفاظ على مبدأ وحدة الصندوق‪ .‬إن المعالجة المباشرة‬
‫لألموال ال يجب أن تقتصر إالّ على الدافع‪ .‬وهذا ما يسمح بوجود مسؤولية خاصة وشخصية على عملية‬
‫الدفع‪.‬‬

‫إن وجود مصادقتين على نفس العملية من قبل شخصين مختلفين‪ ،‬يؤدي إلى اعتبار أن هذه‬
‫الرقابة متبادلة تفرض توقيعين وعلى المستوى الدولي هو نموذج قاعدي في القطاع العام أكثر منه في‬
‫القطاع الخاص يضمن إجراء مختلف المعامالت المالية بأمان‪.‬‬

‫إن الدافع الذي ال يكون هو المحاسب يتأكد من الوثائق الثبوتية‪ ،‬كما يتأكد من توفر اإلعتمادات‬
‫الكافية بالرجوع إلى محاسبة اآلمر بالصرف‪ ،‬حيث أن عمله ال يؤدي إلى إضعاف االستقاللية الالزمة‬
‫لآلمر بالصرف‪ ،‬كما أن هذه الرقابة ال تميل إلى إضعاف فعالية هذا األخير‪ .‬بل على العكس تماما ألن‬
‫مهامه تخفف من مهام اآلمر بالصرف‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫إن هذا التنظيم المعتمد على االستعانة بمصادر خارجية ال يؤدي إلى تمديد آجال‪ ،‬ذلك ألن‬
‫اآلمر بالصرف يجب أن يكون ملتزما بتنفيذ عملياته في اآلجال المحددة كما عليه أن يحرص على أن‬
‫التنفيذ سيكون في األجل المحدد ألن هذا يعتبر من ضمن المعايير المتعلقة بالتنفيذ الحسن لمهامه‪.‬‬

‫وتتكيف المصادقة الثانية في كل الهيئات المرجعية في كيفياتها مع الرهانات والمخاطر‪ .‬وهذا‬


‫يبعث إلى إرساء رقابات يخضع مداها وكثافتها إلى مقاييس موضوعة بطريقة عقالنية‪ .‬وهذا تبعا لطبيعة‬
‫النفقات‪ ،‬للوسائل التقنية المستعملة ‪ ،‬لمقتضيات الزمن في تنفيذ المهمة ورهاناتها‪ ،‬على الهيئة أن تضع‬
‫العناصر القاعدية التي تخضع لرقابة دورية والتي تمارس الرقابة فيها على أساس االختبار‪.‬‬

‫ومن هنا نقول أنه ينبغي تصميم مخطط للرقابة يتماشى مع كل نوع من أنواع النفقات‪ ،‬حيث‬
‫يكون هذا المخطط موضوع نقاش بين الدافع و الهيئة المسؤولة عن المهمة التي نفذت النفقة في إطارها‪،‬‬
‫ويكون هذا المخطط موضوع تنقيح دوري يتماشى مع تطور محتواها‪.1‬‬

‫تكريس وتوسيع المهام المحاسبية من قبل القانون العضوي المتعلق بقوانين‬ ‫‪2-2-1‬‬
‫المالية‪:‬‬

‫كرس القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية فصال خاصا بالمهمة المحاسبية‪ ،‬حيث نص على‬
‫العمل بثالت محاسبات‪ :‬محاسبة إيرادات ونفقات الميزانية‪ ،‬محاسبة عامة لمجموع هذه العمليات‪،‬‬
‫ومحاسبة موجهة لتحليل تكلفة كل النشاطات الملتزم بها على مستوى البرنامج وهذا طبقا لنص الفقرتين‬
‫األولى والثانية من المادة ‪ 09‬من القانون العضوي‪.‬‬

‫إن منطق محاسبة السنة المالية يؤدي إلى إعطاء أهمية أوال لعمليات الصندوق حتى يتم تقييد‬
‫الحقوق وااللتزامات في الحسابات بدء من لحظة أخذها قيمة معينة‪.‬‬

‫إن المادة ‪ 28‬من القانون العضوي تسند للمحاسب كل المجال المتعلق بالمحاسبة‪ ،‬حيث تنص‬
‫المادة ‪ :‬يكلف المحاسبون العموميون بمسك واعداد حسابات الدولة‪ ،‬كما يتأكدون من صحة التسجيالت‬
‫المحاسبية واحترام اإلجراءات‪.‬‬

‫كما أن المحاسب العمومي يضمن احترام المبادئ المحاسبية و يتأكد أيضا من صرامة االجراءات‬
‫المتبعة في تسجيل حقوق والتزامات الدولة وكذا قدرتها على ضمان اإلعالم المحاسبي الدقيق والشامل ‪:‬‬
‫صالحية الوثائق الثبوتية‪ ،‬دقة التقييم المتعلق بكل العمليات المتعلقة بنهاية السنة المالية‪ ،‬وعلى مدار‬
‫السنة‪ ،‬دقة التسجيالت على مستوى األصول والخصوم‪.‬‬

‫يمكن القول أنه حتى إن لم تسر األمور على هذا المنوال الذي رسمه القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية ‪ ،‬فإن هناك العديد من األهداف‬
‫‪1‬‬

‫الموضوعة من قبل الهيئات من هذا النوع‪ ،‬خاصة نمطية الرقابة وطابعها المتميز بالشراكة التي تبقى كضروريات تشترك فيها كل التطورات التي‬
‫يمكن تصورها‪.‬‬

‫‪014‬‬
‫وفي هذا النطاق شرعت مديرية المحاسبة العمومية في تطوير وتحديث الرقابة على النفقات‬
‫عوضا عن التنظيم الحديث الذي يعتمد رقابات متماثلة‪ ،‬حيث تكون أحكام الرقابة متناسبة ومتوافقة مع‬
‫األخطار والرهانات المالية‪.‬‬

‫‪ 3-2-1‬النظرة الجديدة للرقابة على النفقات‪:‬‬

‫من أجل تحقيق المطالب الجديدة في إطار تنفيذ القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية‪ ،‬تم‬
‫اقتراح توجهين أساسيين‪ :‬وضع رقابة سلمية وتشاركية وكذا وضع تنظيم محاسبي جديد‪.‬‬

‫وضع رقابة سلمية وتشاركية‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫يمارس المحاسب العمومي في الرقابة السلمية الرقابة على الوثائق‪ ،‬حيث يكون مقيدا بالتنظيم‬
‫المعمول به‪ ،‬غير أنه يصنف هذه الوثائق وفقا طبيعة النفقة وممارسات اآلمر بالصرف‪ .‬فتصبح الرقابة‬
‫النظامية والشاملة استثناء وقاعدة للخبرة المستهدفة التي يمكن أن تمارس على عينة متغيرة الكثافة و‬
‫مكملة أيضا ببعض التحقيقات البعدية‪ ،‬والهدف منها هو تقليص آجال الدفع وتسهيل االجراءات دون‬
‫إهمال التحكم في األخطار‪.‬‬

‫تتطلب الرقابة التشاركية وهذا عن طريق مسار التدقيق المسبق تقدي ار حول مصداقية مجموع‬
‫االجراءات الموضوعة حيز التنفيذ داخل سلسلة النفقة‪ .‬وعندما يتم التدقيق من التأكد من ضمان أمن‬
‫االجراءات أو أن االحتياطات الالزمة قد اتخذت من أجل هذه األخيرة ‪ ،‬في هذه الحالة يقوم المحاسب‬
‫بتخفيف تدخله ويركز على احترام االجراءات التي وضعها التدقيق‪ .‬تسمح الرقابة التشاركية بالذهاب بعيدا‬
‫في إطار إلغاء الرقابة السابقة‪.‬‬

‫إن هذه التوجهات تفرض وجود مشاورات بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي من أجل وضع‬
‫مرجع محاسبي داخلي وكذا دليل داخلي لإلجراءات‪ .‬إن هاتين الوثيقتين ستسمحان تحت مسؤولية‬
‫المحاسب العمومي بتدقيق احترام القواعد المحاسبية واحترام االجراءات التي ال يجب خلطها مع الرقابة‬
‫السلمية لآلمر بالصرف أو مع رقابة التسيير التي ليست من مسؤولية المحاسب العمومي‪ .‬إن هذه النظرة‬
‫ستكون من ضمن العناصر التي تسمح لمجلس المحاسبة من أجل تنفيذ المهمة التي أوكلتها المادة ‪91‬‬
‫من القانون العضوي والتي تنص على التوجه إلى "رقابة الرقابة"‪.‬‬

‫إن هذه الممارسات ال يمكن أن تعطي أثرها اإليجابي إال إذا كانت المسؤولية الشخصية والمالية‬
‫للمحاسب واضحة بالنسبة لقاضي الحسابات‪ .‬لذلك فإنه من األرجح التمييز بين حاالت تنفيذ النفقة بطريقة‬
‫غير صحيحة و مدى احترام مخطط الرقابة الموضوع حيز التنفيذ من قبل المحاسب‪ .‬ويكون الوضع‬
‫مخت لفا إذا كان مخطط الرقابة معدا من قبل سلطة أعلى مستوى من المحاسب أي عن طريق التنظيم أو‬

‫‪011‬‬
‫إذا كان المخطط معدا من قبل المحاسب بنفسه‪ .‬و تقييم مالءمة مخطط الرقابة يكون في الحالة الثانية‬
‫واحدا من عناصر التقييم‪.‬‬

‫تنظيم محاسبي جديد‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫إن إعداد حسابات الدولة هو من اختصاصات و ازرة المالية‪ .‬ومن أجل تنفيذ هذه المهام من‬
‫الضروري أن تضم الو ازرة شبكة من المحاسبين العموميين الواقعين تحت سلطتها‪.‬‬

‫وهذا ما يسمح بالحفاظ على الوحدة المالية للدولة‪ ،‬توحيد الممارسات‪ ،‬تسهيل التعامل مع مجلس‬
‫المحاسبة وضمان حرفية العمليات‪.‬‬

‫غير أن اعتماد محاسبة السنة التي توسع مهام المحاسب وتخلق تداخال مع مهام اآلمر بالصرف‬
‫يمكن أن يبرر إحداث محاسبين متخصصين تابعين لشبكة الخزينة العمومية على المستوى المركزي على‬
‫األقل على مستوى الو ازرات التي تحتل أكثر أهمية‪ .‬هذا الخيار ال يؤدي بالضرورة إلى توسيع وظيفة أمين‬
‫الصند وق التي من الممكن أن تظل ممركزة ألهداف تتعلق باقتصاديات من الحجم الكبير و من أجل تلبية‬
‫مطالب تسيير خزينة الدولة‪ .‬هذه الوظيفة يمكن أن تكون مزدوجة لدى المحاسبين العموميين الواقعين على‬
‫رأس الشبكة على عكس المحاسبين على مستوى الو ازرات‪.‬‬

‫إلى أنه على مستوى المصالح الخارجية للدولة‪ ،‬يظل أمين الخزينة العام هو المحاسب الرئيس‬
‫وأمين الصندوق بالنسبة للمصالح الخارجية من أجل تفادي تقسيم غير فعال لوظيفة المحاسب العمومي‬
‫واعتبا ار من الدور األساسي الذي يلعبه الوالي‪.‬‬

‫إن التطرق لهذه اآلفاق ال يأتي إال في إطار اكتشافها‪ ،‬فاإلدارات المعنية تحاول إيجاد اتفاق فيما‬
‫بينها يمكنها من الوصول إلى نظام متوازن ومن جهة أخرى ال يمكن أن نحكم مسبقا على الق اررات‬
‫والنتائج التي تخرج بها السلطات العمومية‪ .‬وما يمكن على األرجح الوصول إليه هو أن هذا اإلطار‬
‫الجديد سيوضع حيز التنفيذ بعد العديد من التجارب وعن طريق مسار تدريجي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫تطور الرقابة اإلدارية نحو أحسن قياس لألداء‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫سبق وأن تعرضنا للطابع المركزي للبرامج في األحكام التي نص عليها القانون العضوي‪ .‬وهذا ما‬
‫دفع اللجنة ما بين الو ازرات إلصالح الدولة في ‪ 89‬نوفمبر ‪ 0228‬إلى اتخاذ قرار انشاء اللجنة ما بين‬
‫‪2‬‬
‫الو ازرات للتدقيق في البرامج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ANDRE BARILARI, op_cit, p155, 156,157.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Le comité interministériel d’audit des programmes.‬‬

‫‪010‬‬
‫‪ 1-2‬الحاجة إلى رقابة خاصة بالبرامج‪:‬‬

‫إن الطابع المركزي للبرامج يفرض عند تنفيذها العديد من معايير النوعية التي ال تقبل الجدل‪.‬‬
‫على الرغم من أن فحص شروط تنفيذها ال بد أن يتم في إطار مم الموضوعية‪ ،‬الحيادية والمصداقية‪.‬‬

‫في حقيقة األمر‪ ،‬إن التصديق على النوعية وكذا ضمان المصداقية والموضوعية يجب أن يتم‬
‫تنفيذه من قبل هيئة تدقيق خارجية عن المصالح المكلفة بإعداد مشاريع البرامج و تنفيذها‪ .‬إال أن مجلس‬
‫المحاسبة مكلف وفقا للمادة ‪ 91‬من القانون العضوي ال يتدخل إال الحقا بعد إخطار البرلمان و بعد تنفيذ‬
‫البرامج‪ .‬إال أنه بالنظر إلى مسؤولية الحكومة في هيكلة البرامج‪ ،‬فإن رقابة النوعية بجب أن توضع قبل‬
‫تقديم البرامج أو نتائجها للبرلمان‪.‬‬

‫وبالنظر إلى وضعية الرقابة حيث تكون في نفس الوقت خارجية بالنسبة لمنفذي البرامج و داخلية‬
‫بالنسبة للحكومة‪ ،‬فهي تمثل في الواقع مجال اختصاص المفتشيات العامة واألسالك المماثلة لها‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن هذا النوع من الرقابة يستلزم معرفة المجال المعني بالرقابة وكذا مقاربة متعددة‬
‫المجاالت‪ .‬واللجنة ما بين الو ازرات للتدقيق في البرامج تجد مبرر إنشائها في الجمع بين الخصائص‬
‫المشار إليها سابقا مع احترافية على أعلى مستوى في تقنيات التدقيق‪ ،‬جامعة بذلك بين نشاط المفتشيات‬
‫العامة واألسالك العليا للرقابة‪.‬‬

‫ومهمة هذه اللجنة هي اقتراح برمجة التدقيق‪ ،‬تحديد الطرق المتجانسة والمناسبة‪ ،‬و قيادة‬
‫العمليات وكذا تقييم النتائج‪.‬‬

‫أشار القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية إلى كيفيتين للتدقيق‪:‬‬

‫‪ 8-8-0‬التدقيق األولي‪ :‬الذي يعتبر أول تدخل تقوم به اللجنة وذلك أثناء تقديم البرنامج أمام‬
‫مديرية الميزانية‪ ،‬وكذلك في كل مرة يقدم فيها برنامج جيد أو تعديالت لبعض البرامج‪ ،‬وتعتمد هذه الرقابة‬
‫على المشروع السنوي لألداء حسب المادة ‪ 98‬من القانون العضوي‪ .‬والهدف من هذا التدقيق هو التحقق‬
‫من تنفيذ معايير الجودة لبرنامج ما‪.‬‬

‫‪ 0-8-0‬تدقيق االنجاز‪ :‬ويقصد به التحقق من شروط اإلنجاز السنوي البرامج‪.‬‬

‫ويتم هذا الفحص اعتمادا على التقارير السنوية لألداء وفقا لنص المادة ‪ 98‬من القانون العضوي‬
‫وكذا اعتمادا على مشاريع التقارير السنوية لألداء تطبيقا للمادة ‪ 98‬من نفس القانون‪.‬‬

‫وتستخدم المالحظات المقدمة حول النتائج المحققة كعناصر في مناقشات الميزانية‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫التحقق من مصداقية النتائج باألرقام من جهة ومن جهة أخرى ضمان موضوعية المالحظات المقدمة‬

‫‪012‬‬
‫حول الفوارق الموج ودة بين األهداف والنتائج مع األخذ بعين االعتبار كل عناصر التحليل المستمدة من‬
‫تقيم عمل منفذي البرامج‪.‬‬
‫الواقع‪ .‬وهذه الرقابة في حد ذاتها ال تعتبر أحكاما ّ‬
‫تطور الرقابة الممارسة من قبل مجلس المحاسبة‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫جاء القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية المؤرخ في ‪ 8‬أوت ‪ 0228‬لوضع كيفيات جديدة‬
‫خاصة بمجلس المحاسبة ودوره في مساعدة البرلمان وبالتالي نالحظ تطو ار في عمل مجلس المحاسبة في‬
‫هذا المجال‪ ،‬كما أن الخصائص القضائية لمجلس المحاسبة يمكن أن تكون هي أيضا موضوع تطور‬
‫بالنظر إلى تطور دور المحاسب العمومي‪.‬‬

‫تضمن القانون العضوي في الباب الخامس فصال حول "الرقابة"‪ ،‬هذا الفصل يتضمن مادة حول‬
‫سلطات الرقابة الممنوحة للجان المكلفة بالمالية على مستوى المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة‪ ،‬كما‬
‫تضمن موادا حول تدخل مجلس المحاسبة بدعم من هذه اللجان‪.‬‬

‫لقد صمم دور مجلس المحاسبة من قبل محرري القانون العضوي لفائدة البرلمان‪ .‬كما أن المجلس‬
‫الدستوري ذكر باستقاللية القضاء و الفصل بين المهام وفرض رقابة على بعض األحكام األولية‪.‬‬

‫‪ 1-3‬الدور المركزي لرقابة لجان المالية على مستوى المجلس الشعبي الوطني ومجلس‬
‫‪1‬‬
‫األمة‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 99‬من القانون العضوي أن لجان المالية التابعة للمجلس الشعبي الوطني و مجلس‬
‫األمة تتابع وتراقب تنفيذ قوانين المالية‪ ،‬كما بإمكانها تقييم كل المسائل المتعلقة بالمالية العمومية‪ .‬وأسندت‬
‫هذه المهمة إلى رؤساء هذه اللجان وكذا المقررين العامين‪ ،‬باإلضافة إلى المقررين الخاصين عندما يتعلق‬
‫األمر بمجال اختصاصهم‪ .‬لهذا الغرض بإمكان كل هؤالء إجراء تحقيقات سواء في الوثائق أو في عين‬
‫المكان‪ ،‬كما بامكانهم اجراء كل اللقاءات التي يجدونها مهمة‪.‬‬

‫إن كل المعلومات والوثائق ذات الطابع المالي واإلداري التي يطلبها أعضاء اللجان السالف‬
‫ذكرهم من الواجب أن تعطى لهم ومن ضمنها التقارير المعدة من قبل الهيئات والمصالح المكلفة بالرقابة‬
‫ما عدا تلك المواضيع ذات الطابع السري المتعلقة بالدفاع الوطني واألمن الداخلي والخارجي للدولة ‪.‬‬

‫أضف إلى ذلك أنه عندما يقرر رئيس لجنة أو المقرر العام لهذه اللجنة التابعة ألي غرفة من‬
‫البرلمان أن لقاء شخصية ما هو ضروري‪ ،‬فإن هذه الشخصية عليها الخضوع‪ ،‬كما أنه غير مقيد بالسر‬
‫المهني ماعدا ما ذكرناه في الفقرة السابقة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ANDRE BARILARI : op-cit, p158,159.‬‬

‫‪011‬‬
‫وقد أتمت أحكام المادة ‪ 95‬المادة التي نحن بصدد الحديث عنها وهي المادة ‪ 99‬والتي تنص‬
‫على توقيع عقوبات في حالة عدم الرد حيث تنص " في إطار مهمة الرقابة والتقييم فإنه إن لم يتم تقديم‬
‫المعلومات المطلوبة والقول بضرورة إعطاء مهلة وهذا بالنظر لصعوبة جمع المعلومات المطلوبة‪ ،‬فإن‬
‫رئيس اللجنة سواء تلك المتواجدة على مستوى المجلس الشعبي الوطني أو مجلس األمة بإمكانه عن‬
‫طريق تقديم طعن للجهات القضائية المختصة‪ ،‬قصد توقيف هذه العقبات ومعاقبة المتسببين فيها‪.‬‬

‫وحملت المادة ‪ 59‬من القانون العضوي إجراء جديدا يهدف إلى ضمان ممارسة حق االتصال‬
‫للجان المالية والتي دخلت حيز التنفيذ في األول من جانفي ‪ ،2002‬كما أضافت مصطلح مهمة الرقابة‬
‫‪1‬‬
‫والتقييم‪.‬‬

‫كما تضيف المادة ‪ 52‬من القانون العضوي أنه على الحكومة اإلجابة على كل المالحظات ‪:‬‬
‫"عندما ينتج عن مهمة الرقابة والتقييم مالحظات مقدمة للحكومة‪ ،‬فإنه على هذه األخيرة الرد في ظرف‬
‫شهرين‪".‬‬

‫وزيادة على سلطات التحقيق التي تم توسيعها‪ ،‬فإن رئيس اللجنة‪ ،‬المقررين والمقررين الخاصين‬
‫على مستوى اللجنتين‪ ،‬قد حظوا بمساعدة أكبر من قبل مجلس المحاسبة الذي نالحظ أن دوره في دعم‬
‫البرلمان قد تم تعزيزه أيضا‪.‬‬

‫‪ 3-3‬مهمة مساعدة البرلمان الموكلة لمجلس المحاسبة‪:‬‬

‫نصت المادة ‪ 91‬من القانون العضوي‪:‬‬

‫"مهمة مساعدة البرلمان الموكلة لمجلس المحاسبة بموجب الفقرة األخيرة من المادة ‪ 89‬من‬
‫الدستور تضم‪:‬‬

‫‪ -8‬ضرورة اإلجابة على طلبات المساعدة المصاغة من قبل الرئيس أو المقرر العام للجنة‬
‫المكلفة بالمالية لكال المجلسين في إطار مهام الرقابة والتقييم المنصوص عليها في المادة‬
‫‪،99‬‬

‫‪ -0‬جراء كل التحقيقات التي تقدمت بطلبها اللجنتين المكلفتين بالمالية لدى المجلسين‪ ،‬والتي‬
‫تخص تسيير المصالح أو الهيئات التي تراقبها‪ .‬و نتائج هذه التحقيقات البد من أن تبلغ في‬
‫أجل ثمانية أشهر بعد صياغة الطلب من قبل اللجنة المعنية‪ ،‬التي تشرف على نشرها‪.‬‬

‫‪ -2‬إيداع تقرير أولي رفقة التقرير المذكور في المادة ‪ 81‬المتعلق بنتائج تنفيذ السنة المالية‬
‫المنصرمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪C. Waline , P.Desrousseaux , B. Pellé :Op-cit, 375.‬‬

‫‪011‬‬
‫‪ -8‬إيداع تقرير برفقة إيداع مشروع قانون ضبط الميزانية‪ ،‬يتعلق بنتائج تنفيذ السنة المالية‬
‫المنصرمة وكذا الحسابات المساعدة ‪ comptes associés‬والذي يحلل تنفيذ اإلعتمادات‬
‫حسب المهمات والبرامج‪.‬‬

‫‪ -9‬المصادقة على نظامية‪ ،‬صدق ودقة حسابات الدولة‪ .‬وهذه المصادقة يتم إلحاقها بمشروع‬
‫قانون ضبط الميزانية ومرفوقة بتقرير التحقيقات التي تم إجراؤها‪.‬‬

‫‪ -5‬إيداع تقرير رفقة إيداع كل مشاريع قوانين المالية التي تخص حركة اإلعتمادات التي تمت‬
‫عن طريق اإلدارة‪ .‬والتي طلب مشروع قانون المالية المصادقة عليها‪.‬‬

‫والتقارير المذكورة في الفقرة ‪ 8 ،2‬و‪ 5‬تكون مرفوقة بأجوبة الوزراء المعنيين"‪.‬‬

‫يتضح من تحرير هذه المادة إرادة المشرع في إعطاء مجلس المحاسبة دو ار مهما لمساعدة‬
‫البرلمان‪ .‬وهذه اإلرادة أصبحت واضحة جدا من خالل الفقرتين األولى والثانية من المادة ‪ ،91‬حيث أكدت‬
‫ضرورة التزام مجلس المحاسبة باالجاية على طلبات المساعدة والتحقيق وهذا في آجال محددة ( تسعة‬
‫أشهر على األكثر)‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ 4-3‬المجلس الدستوري و استقاللية مجلس المحاسبة‪:‬‬

‫إن التحرير األولي للقانون العضوي كان يحوي حكما أكثر إلزاما‪ ،‬حيث كان نص الفقرة األولى‬
‫كاآلتي‪" :‬قبل إنهاء برنامج الرقابة‪ ،‬يقوم مجلس المحاسبة بإرسال المشروع إلى الرئيسي والمقررين العامين‬
‫للجان المكلفة بالمالية على مستوى المجلس الوطني ومجلس األمة‪ .‬وهذه األخيرة لها مهلة ‪ 89‬يوما من‬
‫أجل تحرير الرد‪ ،‬وكذلك بالنسبة لطلبات التحقيق المنصوص عليها في الفقرة الثانية"‪ .‬وقد تم حذف هذه‬
‫الفقرة‪.‬‬

‫بعدما تناول المجلس الدستوري التذكير بالمادة ‪ 58‬من الدستور والمبادئ األساسية التي تقوم‬
‫عليها قوانين الجمهورية والتي ألزمت استقاللية الجهات القضائية واالعتراف بالطابع المميز لمهامها‪ ،‬يرى‬
‫أن مجلس المحاسبة هو هيئة للقضاء اإلداري‪ ،‬ومنه يرى أنه إذا كانت وظيفة مجلس المحاسبة‬
‫المنصوص عليها في القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية والتي ال تدخل ضمن اختصاصاته‬
‫القضائية والمتمثلة في إجراء التحقيقات لفائدة البرلمان والتي قد تدفع إلى اكتشاف بعض المخالفات التي‬
‫بدورها تؤدي إلى تنفيذ اإلجراءات القضائية‪ ،‬ومن هنا يعتبر المجلس الدستوري الفقرة األولى من المادة‬
‫‪ 91‬غير مطابقة للدستور‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ANDRE BARILARI, op-cit, p 160, 161.‬‬

‫‪011‬‬
‫وبما أنه لم يعدل الفقرات الباقية فإنه أخذ الحيطة من اإلقرار بأنه على السلطات المختصة في‬
‫مجلس المحاسبة أن تضمن عدم اإلخالل بالتوازن بين االختصاصات القضائية واالختصاصات األخرى‪،‬‬
‫خاصة إزاء اآلجال المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة ‪.91‬‬

‫واذا كانت البنود ‪ 2،8‬و ‪ 5‬تدخل في إطار الدور التقليدي لمجلس المحاسبة فإن البند الخامس‬
‫يبدو جيدا ومحتواه الفت‪ .‬ومن اآلن فصاعدا على مجلس المحاسبة "إثبات نظامية‪ ،‬صدق ودقة حسابات‬
‫الدولة"‪.‬‬

‫‪ 5-3‬دور مجلس المحاسبة في المصادقة على حسابات الدولة‪:‬‬

‫يتطلب الدور الجديد الممنوح لمجلس المحاسبة نوعا من التوضيح على مستوى المصطلحات‪:‬‬
‫النظامية أو االنتظام ‪ ،régularité‬الصدق ‪ sincérité‬والدقة ‪.fédélité‬‬

‫وقد تطرقت المادة ‪ 09‬من القانون العضوي إلى نفس المصطلحات حيث نصت على " يجب أن‬
‫تكون حسابات الدولة نظامية‪ ،‬صادقة وتعطي صورة دقيقة عن ذمتها ووضعيتها المالية"‪.‬‬

‫إن مصطلح النظامية هو مطابقة القوانين وهو مصطلح تقليدي‪ .‬أما الدقة فإنها تفرض على‬
‫الحسابات أن تصف كل العمليات التي يجب وصفها واعطاء كل المعلومات الضرورية لتقييم الوضعية‬
‫بطريقة موضوعية‪.‬‬

‫كما أعطى المجلس الدستوري جزء من تعريف مصطلح الصدق في ق ارره المؤرخ في ‪ 09‬جويلية‬
‫‪ 0228‬إزاء المادة ‪ 20‬الذي ينص‪ :‬يتم تقييم الصدق بالرجوع إلى المعلومات المتاحة والتقديرات المستمدة‬
‫منها‪ ".‬اعتبر المجلس أنه توجد معنيين لهذا المصطلح‪ :‬بالنسبة لقوانين المالية السنوية أو التكميلية‬
‫المقصود من الصدق هو غياب نية اإلخالل بالخطوط العريضة للتوازن الميزاني‪ .‬أما في قانون ضبط‬
‫الميزانية فإنه يقصد به دقة الحسابات‪.‬‬

‫إن دقة الحسابات تفترض أن كل العمليات قد تم أخذها بعين االعتبار و أن تكون مدرجة في‬
‫الحسابات التي تتوافق مع مميزاتها وأن تكون تقييماتها صحيحة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لحسابات الد ولة فإن القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية نص على ثالث أنواع‬
‫من المحاسبات‪:‬‬

‫محاسبة إيرادات ونفقات الميزانية‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫محاسبة عامة لمجموع العمليات‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫محاسبة موجهة لتحليل تكاليف مختلف النشاطات التي اتخذتها البرامج‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وتقوم المحاسبة العامة على إثبات الحقوق وااللتزامات‪.‬‬


‫‪011‬‬
‫واعتبا ار من أهمية الوظيفة الملقاة على عاتقه بالنظر إلى التعريف المقدم لحسابات الدولة و‬
‫مفاهيم النظامية‪ ،‬الصدق والدقة‪ ،‬فإن مجلس المحاسبة لن يكون في مقدوره طبعا إجراء رقابة شاملة‪.‬‬
‫وعمل مجلس المحاسبة في إطار المصادقة على الحسابات هو في حقيقة األمر يدخل في نطاق "رقابة‬
‫الرقابة"‪ .‬في حين أننا نعلم أن مجلس المحاسبة بإمكانه أخذ عينات واجراء الرقابة تتعلق بنظامية‪ ،‬صدق‬
‫ودقة الحسابات‪ ،‬لكن المجلس يريد معاينة الرقابة الداخلية والخارجية وتقييم مصداقيتها إزاء متطلبات‬
‫المصادقة على الحسابات‪.‬‬

‫وفي إطار برنامج ‪ ،ACCORD‬فإن المسير الذي هو اآلمر بالصرف يشرع في تقييد الكتابات‬
‫المتعلقة بالحقوق وااللتزامات‪ ،‬كما يشارك في عمليات الجرد وفي تحضير الوثائق التلخيصية و يقدم‬
‫المعلومات الضرورية الخاصة بالتسيير خارج الميزانية‪ .‬أما المحاسب العمومي فيقوم بإعداد سجالت‬
‫اليومية‪ ،‬الميزانيات و القرارات المحاسبية‪ ،‬و تقييد الكتابات المعقدة ( العقارات‪ ،‬الجرد‪ ،‬مخزونات‪،‬‬
‫االهتالكات) كما عليه إعداد الحسابات السنوية‪ .‬و المحور األول الذي تقوم عليه الرقابة يكون على‬
‫المحاسب العمومي حيث أخضع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية المحاسب إلى السهر على‬
‫"نظامية‪ ،‬صدق ودقة صورة الذمة والوضعية المالية للدولة"‪ .‬ويبقى المحاسبون العموميون مسؤولون عن‬
‫‪1‬‬
‫االجتهاد المنصوص عليه في المرسوم المؤرخ في ‪ 05‬ديسمبر ‪.8550‬‬

‫وباإلضافة إلى رقابة المحاسب العمومي نجد الرقابة الداخلية‪ ،‬رقابة أسالك الرقابة للمديريات‬
‫المعنية‪ ،‬التدقيق ألسالك الرقابة الو ازرية أو ما بين الو ازرات‪ ،‬والتي ال بد على مجلس المحاسبة من أن‬
‫يأخذها بعين االعتبار في تدخالتها الرقابية‪.‬‬

‫‪ 6-3‬الدور القضائي لمجلس المحاسبة‪:‬‬

‫مادامت المسؤولية الواقعة على المحاسب العمومي قائمة‪ ،‬فإن الدور القضائي لمجلس المحاسبة‬
‫لن يتغير مع التطورات الحاصلة‪.‬‬

‫غير أن تقييم الحسابات تطور بالنظر إلى العديد من األسباب‪:‬‬

‫تطور المحاسبة‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫زيادة المتطلبات الضرورية المتعلقة بمسك المحاسبة‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫تطور طرق تنفيذ الرقابة المحاسبية‪ ،‬الرقابة التشاركية والسلمية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫‪IDEM, p 161,162.‬‬

‫‪011‬‬
‫وعموما تطرح مسألة المصادقة على الحسابات تساؤالت جديدة‪ .‬وتفرض المصادقة على‬
‫الحسابات توحيد مجموعة األحكام المتعلقة بالرقابة على المالية العمومية‪ :‬الرقابة المحاسبية‪ ،‬اإلدارية و‬
‫رقابة الجهات القضائية المالية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إسقاط التجربة الفرنسية على النظام الرقابي الجزائري‬

‫يأتي مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في خضم اإلصالحات التي شرعت فيها‬
‫السلطات العمومية في العديد من المجاالت خاصة المتعلقة منها بالمالية العمومية‪ ،‬حيث حرصت الدولة‬
‫على تحديث وعصرنة هذا الجانب بالذات من أجل تكريس مبادى الحكم الراشد وتجسيد الشفافية في‬
‫تسيير الموارد العمومية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى الحاجة توفير اإلطار القانوني المالئم للمالية العمومية‬
‫حيث أن القانون ‪ 89-18‬المتعلق بقوانين المالية لم يعد يواكب التطورات الحاصلة في المجال المالي‪.‬‬
‫حيث ينتظر أن يسمح هذا القانون العضوي بتعزيز صالحيات السلطة التشريعية ومجلس المحاسبة في‬
‫المجال المالي‪ ،‬وهذا من أجل إرساء رقابة برلمانية فاعلة وتقييم السياسة المنتهجة والتأ ّكد من صرف المال‬
‫العام وتحقيق البرامج المسطرة في إطار قانون المالية وما يرصده من إعتمادات مالية لكافة القطاعات‪.‬‬

‫من جهة أخرى نصت المادة ‪ 802‬من الدستور أن البرلمان يشرع بقوانين عضوية في مجاالت‬
‫عديدة ومنها القانون المتعلق بقوانين المالية‪ .‬وبما أن القانون الحالي يعود إلى سنة ‪ 8518‬لم يعد يواكب‬
‫التطورات كما أن مشروع القانون العضوي لقوانين المالية يعد دعامة أساسية بالنسبة للجانب المالي وما‬
‫يتعلق به من إصالحات جوهرية لكل القوانين ذات الصلة وذلك في إطار عصرنة الميزانية وحسن تسييرها‬
‫بما يحقق النجاعة في طرق اإلنفاق بالمتابعة الجادة والوضوح الالزم‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المحاور الكبرى المتعلقة باإلصالح في المشروع التمهيدي للقانون العضوي‬
‫المتعلق بقوانين المالية‬

‫حمل المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية صورة مغايرة تماما لما كانت‬
‫عليه في القانون ‪ ،89-18‬هذه الصورة حملت مزجا بين التجربة الفرنسية وبعض األفكار أو المقترحات‬
‫ذات الصبغة الوطنية‪ ،‬حيث جاء القانون ليضع إطا ار جيدا للمالية العمومية يحرص على االستعمال‬
‫األمثل للموارد العمومية في جو تطبعه الشفافية وتحقيق النجاعة في تسيير هذه الموارد‪.‬‬

‫ومن بعض ما حمله عرض األسباب المتعلق بهذا المشروع هو ضرورة التطابق مع الدستور‬
‫ومبادئ الحكم الراشد‪ ،‬وعلى هذا األساس فهو جاء طبقا لنص المادة ‪ 123‬من الدستور‪ ،‬كما أنه جاء‬
‫إلرساء مبادئ الحكم الراشد عن طريق إصالح الدولة وعصرنة المالية العمومية مع األخذ بعين االعتبار‬
‫المحاور الكبرى لإلصالح الميزاني التي شرع فيها من قبل‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫وقد كشف وزير المالية كريم جودي أن مسار إصالح الميزانية الذي باشرته السلطات العمومية‬
‫من خالل القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية يشكل محو ار رئيسيا في إصالح هياكل الدولة الهادف‬
‫إلى التحكم الدقيق في النفقات العمومية والحد من اإلسراف وهدر المال العام‪ .‬ومن بين المحاور الكبرى‬
‫لإلصالح التي احتواها هذا المشروع نجد‪:‬‬

‫تسيير قائم على النتائج بدل الوسائل‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫نصت المادة الثانية من المشروع التمهيدي على تطبيق مبدأ التسيير القائم على النتائج وهذا‬
‫ابتداء من أهداف محددة مسبقا والتي تتماشى و المنفعة العمومية‪ .‬كما تطرقت المادة الخامسة في تعريفها‬
‫لقانون المالية السنوي إلى أن تنفيذ برامج الدولة يكون وفق أهداف محددة ونتائج منتظرة وتكون خاضعة‬
‫للتقييم‪ ،‬من خالل تحليلنا للمادة نجد أنها اعتمدت هذا األسلوب في التسيير‪.‬‬

‫إن تنفيذ الميزانيات العمومية وفق مقاربة «التسيير القائم على النتائج» تتيح هامشا أكبر من‬
‫المشاركة في وضع السياسة المالية والتخطيط لها والرفع من أدائها‪.‬‬

‫ويعرف هذا األسلوب على أنه الوسيلة التي تسمح برفع الفعالية ومسؤولية التسيير وهذا بإشراك‬
‫األطراف األساسية في تحديد النتائج بحساب األخطار ومتابعة التطور الحاصل إلى غاية التوصل إلى‬
‫النتائج المبرمجة‪ ،‬مع أخذ الدروس المستفادة من ق اررات التسيير و عالقتها بالمردودية‪.‬‬

‫ومنهم من يعرف التسيير القائم على النتائج‪ 1‬على أنه إستراتيجية أو طريقة للتسيير تختارها‬
‫تطبيقها هيئة معينة من أجل الحرص على أن إجراءاتها‪ ،‬إنتاجها وخدماتها تساهم في تحقيق النتائج التي‬
‫تم تحديدها مسبقا‪ .‬حيث يسمح هذا النوع من التسيير بإعطاء إطار متجانس للتخطيط وكذا تسيير‬
‫استراتيجي يسمح بتحسين التكوين والمسؤولية‪ .‬كما أنه إستراتيجية واسعة جدا للتسيير تهدف إلى إدخال‬
‫العديد من التغيرات الهامة في طريقة التسيير للهيئات‪ ،‬وذلك بالتركيز على تحسين األداء و تحقيق‬
‫النتائج‪ .‬وهذا يمر بتحديد النتائج الواقعية‪ ،‬متابعة مراحل االنجاز‪ ،‬إدخال كل المعلومات المستخرجة من‬
‫ق اررات التسيير وتقديم المعلومات المتعلقة باألداء‪.‬‬

‫‪ 1‬يرجع مفهوم التسيير القائم على النتائج إلى ‪ )0229-8525( Peter Drucker‬الرائد في المناجمنت‪ ،‬الذي أصدر الكتاب ‪« Managing for‬‬
‫» ‪ . results‬والذي ا ختفى إلى غاية نهاية الثمانينات‪ ،‬وعاد هذا المبدأ في المقدمة في سنوات التسعينات‪ .‬حيث كانت الحكومة الكندية أول من‬
‫أخذ بهذه الطريقة في بداية سنة ‪ 8552‬في إطار اصالحات بالغة األهمية في القطاع العمومي والتي كانت تهدف إلى تطوير نموذج تسيير‬
‫للمشاريع قائم على المساهمة والمسؤولية‪.‬‬
‫كما أخذت المنظمات الدولية مثل البنك العالمي‪ ،‬منظمة األمم المتحدة بتبني هذه الطريقة بهدف تقديم ق اررات حول النتائج المتوصل إليها‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 0229‬أخذ أعضاء المجتمع التطور )‪ (pays partenaires et donateurs‬بإعالن باريس‪ ،‬وهذه سجلت ضمن األوقات الحاسمة في‬
‫التفكير الدولي حول فعالية المساعدة للتطور‪ .‬حيث أبرز إعالن باريس إرادة المجتمع في األخذ بالتسيير القائم على النتائج‪.‬‬

‫‪014‬‬
‫وحسب إعالن باريس فإن التسيير القائم على النتائج ‪ :‬تقويم التسيير على النتائج يعني التسيير‬
‫ووضع حيز التنفيذ المساعدة بالتركيز على النتائج المرسومة‪ ،‬وهذا باستعمال المعلومات المتاحة من أجل‬
‫تحسين عملية اتخاذ القرار‪.‬‬

‫ومن هنا نجد أن التسيير القائم على النتائج هو مقاربة ترتكز بصفة منهجية على النتائج‪ ،‬أكثر‬
‫من تحقيق النشاطات المحددة وهذا بترشيد استعمال الموارد البشرية والمالية‪.‬‬

‫فمبدأ التسيير القائم على النتائج يقوم إذن على التحديد القبلي لألهداف والنتائج المتوخاة وضرورة‬
‫بلوغها والقياس القبلي ألداء السياسات وتقييم تأثير بلوغ النتائج المحددة على الناس ومتابعة تفعيلها‬
‫ودراسة تأثيراته‪ ,‬وال تتطلب هذه الطريقة سوى تحفيز مجموع المستخدمين بالمؤسسات العمومية وانخراطهم‬
‫في استراتيجية اإلصالح بل أيضا التوفر على كفاءات بشرية قادرة على قيادة إصالح طرق تدبير المالية‬
‫العمومية‪.‬‬
‫ونعلم أن الدول الحديثة نجحت في القيام بعمل تنموي جماعي بأقل تكلفة ممكنة‪ ،‬غير أن الدول النامية‬
‫ليس بإمكانها فعل ذلك‪ ،‬هذه القدرات تتضمن الكفايات السياسية والقانونية والمؤسساتية والبشرية‬
‫واالجتماعية وكذلك التقنية‪ .‬حيث بينت الدراسات التي أجرتها هيئات دولية كمؤسسة البنك العالمي أن‬
‫ممارسة سياسة عمومية جيدة ليست كافية لوحدها لضمان نجاعة النفقات العمومية إذا لم تكن األنظمة‬
‫المؤسساتية تشجع على ذلك‪ ،‬سواء على مستوى السياسة المالية العامة أو على مستوى األولويات‬
‫واالستراتيجيات واإلجراءات‪.‬‬

‫إن المقاربة المتعلقة بالتسيير القائم على النتائج التي تزعم الجزائر تطبيقها‪ ،‬هي فكرة منبثقة عن‬
‫القانون الفرنسي وهي اليوم تحضى بتطبيق في بلدان المغرب العربي‪ .‬فتعميم المقاربة الجديدة في التسيير‬
‫المالي التي تتم في أفق تعويض منطق الوسائل بمنطق النتائج‪ ،‬وتسريع وتيرة الالمركزية وتنمية ثقافة‬
‫الشراكة وادماج مقاربة النوع والتزام الشفافية تجاه الرأي العام ونجاعة األنظمة الضريبية‪ ،‬كلها عوامل‬
‫للتطور واالصالح المتواصل‪.‬‬

‫هذه االصالحات مطروحة بإلحاح العتبارات متعددة‪ ،‬منها ما هو داخلي يهم ضرورة تلبية‬
‫احتياجات المواطنين في إطار دولة الحق والقانون‪ ،‬ومنها ما هو مرتبط بالمناخ الدولي واكراه المنظمات‬
‫الدولية وتحرير االقتصاد‪ .‬كما يأتي تمسك الجزائر بهذا المبدأ نتيجة عدة عوامل ‪ ،‬منها تلك المرتبطة‬
‫بالسياق الدولي المطبوع بأزمة عالمية خانقة‪ ،‬إضافة إلى تبني سياسة اإلصالح نتيجة تفشي عدة مظاهر‬
‫كضعف المراقبة والرشوة والبيروقراطية والتبذير‪ ،‬وهدر المال العام‪..‬‬

‫‪041‬‬
‫ومن النتائج التي تهدف لها هذه المنهجية في التسيير هي يمكن اعتبارها وسيلة للتصور والتسيير‬
‫القائم على التخطيط‪ .‬كما تعتمد من أجل ذلك على مجموعة من األهداف‪ ،‬العمليات والنتائج والتدابير‬
‫التي تم تحديدها مسبقا‪ .‬كما بإمكان هذه الطريقة من تقدير وتسيير األخطار والفرضيات‪.‬‬

‫كما تسمح هذه المنهجية بضمان أن المشروع قابل لإلنجاز و مستمر " حيث أن العمليات التابعة‬
‫له والمهام تناسب القدرة ووجود الفاعلين على هذا المستوى والذين يأخذون بعين االعتبار كل المعوقات‬
‫الخارجية غير المتوقعة‪.‬‬

‫وبصفة عامة يعطي التسيير القائم على النتائج نظرة واضحة حول أهداف أي مشروع‪ ،‬ومعرفة‬
‫في أي الظروف من الممكن أن يتم الوصول إلى هذه األهداف‪.‬‬

‫ويأتي اعتماد هذا األسلوب التسيير المرتكز على األهداف والنتائج كبديل للتدبير القائم على‬
‫استهالك الوسائل‪ ،‬حيث ان القانون السابق ‪ 89-18‬ال يتناسب مع التغيرات الجارية وال يؤطرها‪.‬‬

‫ويستند منهج التسيير القائم على النتائج في تطبيقه على العديد من المبادئ‪:‬‬

‫‪ 1-1‬البساطة‪simplicité :‬‬

‫يعتبر التسيير القائم على النتائج طريقة للتسيير البسيط والذي بإمكانه السماح لألطراف اآلخذة به‬
‫أن تقوم بتحديد وانجاز نتائج واقعية‪ .‬حيث أن أفضل استراتيجية هي تلك المفهومة والتي من السهل‬
‫تطبيقها‪.‬‬

‫‪ 2-1‬التعلم من خالل العمل‪apprendre par action :‬‬

‫إن التجارب الميدانية القائمة على المحاوالت واألخطاء هي عنصر أساسي في تطوير قدرات‬
‫هيئة ما‪ ،‬حيث تسمح بتحسين تسيير المشاريع‪ .‬ضف إلى ذلك فإن التسيير القائم على النتائج يمكن‬
‫وضعه حيز التنفيذ بالتكرار‪ ،‬حيث يتم مراجعة االستراتيجيات بالنظر إلى التجارب و الدروس المستفادة‪.‬‬
‫وتسمح هذه الطريقة لألطراف الفاعلة من رفع مستوى خبرتها واالستفادة من التجارب السابقة أثناء انجاز‬
‫المشاريع‪ .‬كما تسمح بتحسيس الفاعلين فيها وبالتالي تحسين آدائهم الذي سيكون أكثر فاعلية‪ .‬ومن هنا‬
‫نعتبر أنها عملية احتراف متواصلة وقابلة للتطور‪.‬‬

‫‪ 3-1‬منهجية قابلة للتكيف‪une méthodologie adaptable :‬‬

‫يمكن استعمال التسيير القائم على النتائج في العديد من المجاالت والعديد من الجوانب المتعلقة‬
‫بتسيير المشاريع‪ ،‬كما يمكن إدراج هذا األسلوب ضمن المشاريع التي وجدت مسبقا‪.‬‬

‫‪ 4-1‬الشراكة‪le partenariat :‬‬

‫‪040‬‬
‫من أجل أن يكون التسيير القائم على النتائج المتوقعة فعاال‪ ،‬يجب أن تكون النتائج المنتظرة‬
‫محددة ومصادق عليها من قبل األطراف العاملة أو أصحاب المصلحة في المشروع‪ ،‬عن طريق عملية‬
‫بناء توافقي ‪ ،consensuel‬هذه العملية تخلق الشعور بامتالك األطراف للمشروع وهذا ما يعزز عزيمتهم‬
‫على العمل أكثر والرقابة وكذا يعمل على رفع الجودة‪ ،‬الفعالية واستم اررية المشاريع ‪.‬‬

‫‪ 5-1‬المساءلة (تقسيم المسؤوليات)‪la redevabilité :‬‬

‫إن أحسن وسيلة لمساءلة األط ارف المعنية هي التحديد والمصادقة الجماعية على عملية اتخاذ‬
‫القرار وتحديد المسؤوليات الخاصة بكل طرف بوضوح‪ .‬ومن هنا نجد أن المشاركة هي العنصر األساسي‬
‫في المساءلة عند وضع المشروع حيز التنفيذ‪.‬‬

‫‪ 6-1‬الشفافية‪:‬‬

‫ال بد من أن تكون الشفافية متوفرة في مختلف أطوار انجاز المشروع‪ .‬حيث أن النتائج المتوقعة‬
‫والمؤشرات المتعلقة بها يجب أن تكون محددة بوضوح من أجل تسهيل قياس النتائج‪ .‬ويمكن استعمال‬
‫المعلومات التي تم جمعها عن طريق وضع حيز التنفيذ إطار لقياس األداء ‪( cadre de mesure de‬‬
‫)‪ la performance‬يمكن استعمالها في إعداد التقارير واثرائها والتي هي بدورها ذات أهمية بالغة في‬
‫تكوين وفعالية عملية اتخاذ القرار‪ .‬وهذا سواء بالنسبة للمالحظات اإليجابية والسلبية‪.‬‬

‫تكريس الشفافية في التسيير المالي‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫بما أن التشريع الجزائري يستمد روحه من التشريع الفرنسي فهو يسير على خطاه‪ ،‬وبما أن القانون‬
‫العضوي المتعلق بقوانين المالية في فرنسا جاء لتعزيز الشفافية‪ ،‬فإن المشروع التمهيدي لقانون العضوي‬
‫ال متعلق بقوانين المالية في الجزائر جاء من أجل تكريس نوع من الشفافية التي كانت غائبة‪ ،‬وهذا يبرز‬
‫من خالل العديد من النقاط منها‪:‬‬

‫‪ 1-2‬البنية الجديدة لقانون المالية في المشروع التمهيدي‪:‬‬

‫جاء مشروع القانون العضوي ليعيد النظر في هيكلة قوانين المالية عامة بما فيها الميزانية العامة‬
‫للدولة التي أظهرت شكال مغاي ار تماما عما كانت عليه في السابق‪ ،‬وهذا لتحقيق الشفافية في التسيير من‬
‫جهة وكذا تكييف اإلصالحات الجارية والتمكن من وضعها حيز التنفيذ‪.‬‬

‫‪ 1-1-2‬إعادة هيكلة قانون المالية ‪:‬‬

‫جاء المشروع التمهيدي المتعلق بقوانين المالية ليضع مالية الدولة في إطار قانوني مناسب يسمح‬
‫بتسيير موارد الدولة في إطار من الشفافية ورشادة في صرف المال العام‪ ،‬وتجسيدا لهذه الشفافية أوضح‬

‫‪042‬‬
‫المشروع التمهيدي البنية الجديدة لقانون المالية ضمن الباب الثالث المتعلق بتقديم وتحضيرو التصويت‬
‫على قوانين المالية‪ ،‬حيث جاءت المادة ‪ 17‬منه بالتقسيم اآلتي‪:‬‬
‫الجزء األول‪ :‬يشمل األحكام المتعلقة بتحصيل اإليرادات العمومية وكذا الطرق والوسائل التي‬
‫تضمن انجاز مهام الدولة والتي تسمح بضمان التوازنات المالية الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬وهو يحدد‪:‬‬
‫بالنسبة للميزانية العامة‪ ،‬مبلغ رخص االلتزامات واعتمادات الدفع لكل و ازرة وهيئة‬ ‫‪-‬‬
‫عمومية‪.‬‬
‫مبلغ رخص االلتزامات واعتمادات الدفع لكل حساب من حسابات التخصيص‬ ‫‪-‬‬
‫الخاص‪.‬‬
‫سقف الحسابات على المكشوف المطبقة على الحسابات التجارية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجزء الثالث‪ :‬يضم‪:‬‬
‫رخصة منح ضمانات الدولة وتحديد نظامها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫رخصة التكفل بديون الغير وتحديد نظامها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫األحكام المتعلقة بوعاء الضريبة‪ ،‬نسبته‪ ،‬وكيفيات تحصيل جميع الضرائب‬ ‫‪-‬‬
‫باختالف أنواعها والتي ال تؤثر في التوازن الميزاني الذي تم تحديده في الجزء األول‪.‬‬
‫كل حكم يتعلق بإعالم البرلمان ورقابته التي تتم على تسيير مالية الدولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كل حكم متعلق بمحاسبة الدولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجزء الرابع‪ :‬يضم الجداول التالية‪:‬‬
‫الجدول "أ" المتعلق باإليرادات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجدول "ب" المتعلق باالعتمادات المفتوحة للسنة والموزعة حسب كل و ازرة أو‬ ‫‪-‬‬
‫هيئة عمومية‪ ،‬وحسب البرامج‪ ،‬التي تبين رخص االلتزام واعتمادات للدفع المفتوحة‪.‬‬
‫الجدول "ج" يوضح قائمة الحسابات الخاصة بالخزينة حسب كل صنف‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجدول"د" يوضح التوازن الميزاني والمالي واالقتصادي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يبين قائمة الضرائب المخصصة للدولة‪ ،‬وتلك المخصصة‬ ‫الجدول "ه"‬ ‫‪-‬‬
‫للصندوق المشترك للجماعات المحلية والمخصصة للجماعات االقليمية‪.‬‬
‫الجدول "و" المتعلق بالرسوم شبه الجبائية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجدول "ز" المتعلق باالقتطاعات اإلجبارية غير الجبائية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجدول "ح" يوضح التقديرات والتخفيضات الجبائية المسماة " النفقات الجبائية"‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪041‬‬
‫إن هذا التقسيم سيسمح بإعطاء أكبر كم ممكن من الحسابات حول مكونات الميزانية‬
‫ومحتوى قانون المالية بصفة عامة‪.‬‬

‫‪ 2-1-2‬هيكلة جديدة للميزانية‪:‬‬

‫شمل المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية على تغيير جذري في هيكلة‬
‫الميزانية العامة للدولة حيث لم يعد هناك ميزانية للتسيير وأخرى التجهيز‪.‬‬

‫إن اإلصالح ا لمباشر من أجل تحديث نظم الميزانية يستلزم توحيد ميزانيات التسيير واالستثمار‬
‫تحت حساب وحيد‪ ،‬سيترجم هذا التوحيد من خالل التخصص الجديد الذي ينص على وضع برنامج‬
‫عوض القطاعات واألبواب‪ ،‬لذا سيتم تعديل نظام المدونات عن طريق التنظيم‪.1‬‬
‫وقد جاءت المادة ‪ 01‬من مشروع القانون العضوي لتحدد الهيكلة الجديدة للميزانية حيث تضم‪:‬‬
‫التصنيف حسب النشاط‪ ،‬المكون من برامج وأقسامها الفرعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التصنيف حسب الطبيعة االقتصادية للنفقات المكون من أصناف النفقات‬ ‫‪-‬‬
‫وأقسامها الفرعية‪.‬‬
‫التصنيف حسب الوظائف الكبرى للدولة المكون من تعيين القطاعات المكلفة‬ ‫‪-‬‬
‫بتحقيق األهداف حسب الوظيفة‪.‬‬
‫التصنيف حسب الهيئات اإلدارية المكون من توزيع االعتمادات على الو ازرات‬ ‫‪-‬‬
‫والمؤسسات العمومية‪.‬‬
‫وقد أضافت المادة ‪ 09‬من المشروع التمهيدي حيث عرفت أعباء الميزانية المصنفة حسب‬
‫طبيعتها االقتصادية حيث تضم‪:‬‬
‫نفقات المستخدمين‬ ‫‪-‬‬
‫نفقات تسيير المصالح‬ ‫‪-‬‬
‫نفقات التحويل‬ ‫‪-‬‬
‫الدين العمومي‬ ‫‪-‬‬
‫نفقات العمليات المالية‬ ‫‪-‬‬
‫ونشير إلى أن هذا التقسيم هو الذي نصت عليه المادة ‪ 00‬في فقرتها الثانية حيث ذكرت أنه يتم‬
‫تخصيص االعتمادات حسب البرنامج أو حسب التخصيص‪ .‬كما أضافت الفقرة إلى أنه يتم تقديم‬
‫االعتمادات في شكل أبواب تتضمن النفقات حسب طبيعتها والتي نصت عليها المادة ‪ 09‬أو حسب‬
‫وجهتها إن اقتضى األمر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عادل حابسة ‪ :‬المرجع السابق ص ‪.169‬‬

‫‪041‬‬
‫وتضيف المادة أن مجموع البرامج تشكل وتقسيماتها إلى برامج فرعية وعمليات محفظة برامج‬
‫توضع تحت مسؤولية الوزير أو المسؤول عن المؤسسة العمومية‪ ،‬ويساهم البرنامج وتقسيماته في تطبيق‬
‫سياسة عمومية محددة‪.‬‬

‫يتضمن البرنامج مجموع االعتمادات المالية التي تساهم في انجاز مهمة خاصة تتعلق بمصلحة‬
‫أو عدة مصالح تابعة لنفس الو ازرة أو الهيئة العمومية وتكون محددة أو معرفة بمجموعة متناسقة من‬
‫األهداف‪.‬‬
‫‪ 2-2‬أحكام متعلقة بحسابات التخصيص الخاص‪:‬‬
‫حمل المشروع التمهيدي المتعلق بقوانين المالية بطبيعة الحال أحكاما تتعلق بحسابات التخصيص‬
‫الخاص التي هي صنف من بين أصناف الحسابات الخاصة بالخزينة‪ .‬ومن بين األحكام التي تضمنها‬
‫بخصوص هذه الحسابات هو تقليص التمويل الموجه لها من ميزانية الدولة وكذا أحكام أخرى تتعلق‬
‫بتقديمها ضمن قانون المالية وأحكام تناولت متابعة هذه الحسابات وهذا ما يمنح فرصة رقابتها واضفاء‬
‫نوع من الشفافية في تسيير هذه الحسابات‪.‬‬
‫تقليص التمويل الموجه لحسابات التخصيص الخاص‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫طبقا ألحكام المادة ‪ 55‬من القانون ‪ 71-98‬فإن حسابات التخصيص الخاص تمول من موارد‬
‫خاصة‪ ،‬غير أنها اليوم لم تعد كذلك ألنها تمول بنسبة كبيرة جدا من ميزانية الدولة إن لم نقل تمويل كلي‪،‬‬
‫خاصة بعدما صار اللجوء إليها كبي ار باعتبارها تشارك في تنفيذ السياسات العمومية للدولة‪ .‬وألجل العودة‬
‫إلى تحقيق الغاية التي أنشأت من أجلها فإن حسابات التخصيص الخاص في هذا المشروع حضيت بنوع‬
‫من التحديد في تمويلها حيث نصت المادة ‪ 89‬من المشروع على أنه يمكن تخصيص مبلغ من ميزانية‬
‫الدولة لتكملة الموارد الخاصة بحسابات التخصيص الخاص في حدود ‪ %02‬من مبلغ الموارد المحصلة‬
‫خالل السنة المالية السابقة‪.‬‬
‫غير أن نفس المادة أضافت أن بعض الحسابات وبالنظر إلى أهميتها االقتصادية واالجتماعية‬
‫وأولوية المهمة التي تنجزها‪ ،‬فيمكن أن تمول دون حد من إيرادات الميزانية‪ ،‬وهذا ما يدفع إلى طرح العديد‬
‫من التساؤالت في هذا اإلطار ألن فتح هذه الثغرة سيسمح فيما بعد باعتبار أي حساب من حسابات‬
‫التخصيص الخاص ضمن هذه الفئة وبالتالي اإلفالت أو االبتعاد عن التمويل المحدود والعودة إلى ما‬
‫كان عليه الحال في السابق‪.‬‬

‫متابعة حسابات التخصيص الخاص من خالل المادة ‪ 84‬ومن خالل بروزها‬ ‫‪-‬‬
‫في الجدول"ج"‬
‫حملت المادة ‪ 89‬من المشروع التمهيدي العديد من األحكام المتعلقة بحسابات التخصيص‬
‫الخاص حيث فرضت هذه المادة أن يتم تحديد برنامج لكل حساب وهذا البرنامج في مفهومه هو ذلك‬

‫‪041‬‬
‫الذي نصت عليه المادة ‪ 00‬حيث عرفت البرنامج على أنه مجموع االعتمادات المالية التي تساهم في‬
‫انجاز مهمة خاصة تتعلق بمصلحة أو عدة مصالح تابعة لنفس الو ازرة أو الهيئة العمومية وتكون محددة‬
‫أو معرفة بمجموعة متناسقة من األهداف‪.‬‬
‫فكل حساب البد وأن يتضمن الهدف من إنشائه و المدة الالزمة لتحقيق هذا الهدف‪ ،‬ومن هنا‬
‫نجد أن حسابات التخصيص الخاص ما هي إال برامج‪.‬‬
‫أما في مجال رقابتها فإن المادة تشير إلى أن متابعة وتقييم هذه الحسابات يتم بالتعاون بين وزير‬
‫المالية والوزير المعني‪ ،‬كما أنه سيتم إعداد مدونة تشمل النفقات واإليرادات التي يجرونها‪.‬‬
‫كما سيسمح الجدول "ج" بمتابعة األموال التي تصرف في هذه الحسابات ومتابعة تطورها بعدما‬
‫كانت ال تظهر ضمن قانون المالية‪.‬‬
‫‪ 3-2‬زيادة الوثائق المرفقة بمشروع قانون المالية‪.‬‬

‫في واقع األمر نص القانون ‪ 71-98‬على العديد من الوثائق التي يجب إلحاقها بقانون المالية‬
‫للسنة بموجب المادة ‪ 59‬منه‪ ،‬غير أن الممارسة العملية أثبتت تقاعس الحكومة في هذا المجال‪ ،‬إذ غالبا‬
‫ما تعزف هذه األخيرة عن هذا اإلجراء‪ .‬بالرغم من أهميته‪ ،‬حيث تغيب المصادر أو القنوات الرسمية‬
‫المنتجة والموزعة للمعلومات وتبقى الصحافة الوسيلة الوحيدة سواء بالنسبة للطالب أو األستاذ أو‬
‫المتخصص في المجال المالي للحصول على معلومات تتعلق بالميزانية العامة للدولة‪.1‬‬

‫والمالحظ على مستوى المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية أنه حمل وثيقة‬
‫جديدة ضمن الوثائق التي ترفق بمشروع قانون المالية السنوي والتي وردت في نص المادة ‪ 18‬وهي‬
‫تقرير حول الوضع الراهن واآلفاق االقتصادية ‪ ،‬االجتماعية والمالية على المدى المتوسط والذي يبرز‬
‫بالخصوص التوازنات التقديرية االقتصادية والمالية‪.‬‬

‫كما أضاف وثيقة جديدة تتمثل في تقرير أولويات التخطيط الذي يتم إعداده من قبل كل الوزراء و‬
‫مسؤولي الهيئات العمومية المكلفة بتسيير حافظة البرامج الموزعة من قبل اإلدارة المركزية‪ ،‬المصالح‬
‫الخارجية والهيئات العمومية الواقعة تحت الوصاية المكلفة بتنفيذ كل البرنامج أو جزء منه‪ .‬وكل برنامج‬
‫يضم توزيع االعتمادات حسب أبواب النفقات‪ ،‬األهداف المحددة‪ ،‬النتائج المنتظرة وتقييمها‪.‬‬

‫‪ 8-2‬منع إدراج أحكام غير واردة في قانون المالية‪:‬‬

‫عادة ما تحمل قوانين المالية أحكاما تتعلق بميادين خارجة عن نطاق المالية‪ ،‬وقد انتشرت‬
‫هذه الظاهرة في السنوات األخيرة‪ ،‬إذ لوحظ مؤخ ار اعتمادها لتعديل العديد من النصوص التشريعية وهذا ما‬

‫‪1‬‬
‫‪Yahia Denideni : La pratique du système budgétaire de l’Etat en Algérie, OPU, Alger, 2002, P. 199.‬‬

‫‪041‬‬
‫سمي بانحرافات الميزانية‪ 1‬أو ‪ ،les cavaliers budgétaires‬وقد تناولت المادة الثامنة من المشروع‬
‫التمهيدي النص على أنه ال يمكن إدراج ضمن قانون المالية أية أحكام ال تتعلق بموضوع هذه القوانين‪.‬‬
‫غير أن المادة لم تحدد بوضوح هذا المفهوم بالتالي التخوف في المستقبل من ادخال أحكام يتم التبرير‬
‫على أنها تدخل في إطار قوانين المالية‪.‬‬

‫‪ 5-2‬إلغاء األعباء المشتركة‪:‬‬

‫يقصد باألعباء المشتركة مجموع اعتمادات الميزانية العامة والتي ال يتم توزيعها على الو ازرات‬
‫بالنظر إلى طابعها العام‪ .‬أو بعبارة أخرى هي نفقات مشتركة بين مصالح الدولة ( ديون‪ ،‬أجور‪،)...‬‬
‫حيث يمكن اعتبار أنها تشكل ميزانية لوحدها ويتم تسييرها من قبل المديرية العامة للميزانية على مستوى‬
‫و ازرة المالية‪ ،‬فهي نفقات مشتركة بين كل الو ازرات إذ تتعلق بالخصوص بالمديونية العمومية وبعض‬
‫النفقات مثل المنح واألجور ونفقات السلطات العمومية (رئاسة الجمهورية والبرلمان)‪ .‬وعادة ما تبرز في‬
‫قانون المالية أو في ميزانية الدولة على مستوى الجدول "ب" بعد المجموع الفرعي لنفقات التسيير‬
‫الموضحة حسب القطاعات‪.‬‬
‫وبالنظر إلى حجمها الكبير بالنسبة لميزانية الدولة‪ 2‬ولعدم شفافية محتواها‪ ،‬فإن المشروع التمهيدي‬
‫للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية لم يشر إلى هذا النوع من التكاليف‪ ،‬وعلى األرجح يمكن أن يتم‬
‫إدراجها ضمن أحد البرامج‪.‬‬
‫التسيير المتعدد السنوات‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫يعتبر مبدأ السنوية عنص ار أساسيا في تسيير مالية الدولة ذلك أنه يسمح بضمان المراجعة السنوية‬
‫من قبل البرلمان إليرادات ونفقات الدولة‪ ،‬رغم أن النشاط العمومي يتطلب أفقا أوسع وهذا يعود إلى أنه‬
‫عادة ما تكون اإلصالحات الهيكلية غير ممكنة االنجاز في فترة تقل عن السنة‪ .‬وبالمثل فإن اإلستراتيجية‬
‫المالية هي بطبيعتها متعددة السنوات نظ ار لديناميكية العمل‪ .‬وبالتالي من الضروري خلق إطار متعدد‬
‫السنوات لتحسين التحكم في تسيير المالية العمومية حيث يسمح هذا بارشاد المسيرين العموميين إلى‬
‫الوسائل التي هي بحوزتهم‪.‬‬
‫المقاربة متعددة السنوات في إطار هذا المشروع التمهيدي تعتمد على ميزانية الب ارمج المدرجة‬
‫ضمن نفقات متوسطة المدى‪ ،‬حيث يقتضي األفق متعدد السنوات ميزانية متعددة السنوات‪ ،‬وتكون عادة‬

‫‪1‬‬
‫يقصد بانحرافات الميزانية هي األحكام التشريعية التي ليست في مكانها في إطار قوانين المالية‪ .‬وتثير انحرافات الميزانية العديد من االنتقادات‬
‫والرفض من قبل المختصين ألنها تؤدي إلى تضخيم قوانين المالية وكذل تدفع إلى نقاش ال يمكن تور نهايته على مستوى البرلمان‪ .‬والهدف من‬
‫منعها هو الحفاظ على وحدة الميزانية‪.‬‬

‫وقد تضمن تقرير مجلس المحاسبة لسنة ‪ 1995‬انتقادا لالستعمال الكبير ل لتكاليف المشتركة‪ ،‬حيث نص" عدم مراعاة قواعد القانون المالي في‬ ‫‪2‬‬

‫تنفيذ ميزانية التسيير وال سيما التقديرات والعمليات المتعلقة بالتكاليف المشتركة التي أصبح تزايدها يبعث على القلق (‪ 35‬إلى ‪ % 40‬من اعتمادات‬
‫التسيير)‬

‫‪041‬‬
‫للسنوات الثالث أو األربع الموالية‪ .‬لذا فإن البعد المتعدد السنوات ليس أساسيا فقط من ناحية وضوح‬
‫الرؤية على المدى المتوسط بل أيضا من حيث اتخاذ القرار الذي يرتكز على تقديرات تتعدى السنة‬
‫‪1‬‬
‫الواحدة‪.‬‬
‫وكرس التسيير المتعدد السنوات ضمن المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية‬
‫صراحة بموجب الفقرة األخيرة من المادة ‪ 18‬والتي تنص على أن الوثائق المرفقة بمشروع قانون المالية‬
‫يتم إعدادها وادخالها في الميزانية وفقا للبرامج ( الوحدة التي يتم التصويت عليها) ووفقا لمبدأ التسيير‬
‫القائم على النتائج‪ ،‬كما أن االدراج عن طريق برامج له طابع سنوي ومتعدد السنوات‪.‬‬
‫وقد حوى القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في فرنسا العناصر األساسية للتسيير المتعدد‬
‫السنوات والذي يوفر إطا ار إلعداد والمصادقة على قوانين المالية‪ ،‬لكنها محدودة المنظور‪ .‬ففي الواقع إن‬
‫إعداد وتنفيذ الميزانية يتم في إطار سنوي إن لم نقل شبه سنوي‪ ،‬بالنظر إلى الحركة الكبيرة لألموال خالل‬
‫السنة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لألهداف التي يمكن تحصيلها من وراء هذا التسيير نجد‪:‬‬

‫‪ 1-3‬تسيير المالية العمومية للدولة بتحقيق أكثر فعالية‪:‬‬

‫والهدف من البرمجة المتعددة السنوات للمالية العمومية هو تحقيق أكثر فعالية‪ ،‬فبالنسبة لفرنسا‬
‫نجد أنها مرغمة على انتهاج هذا األسلوب من أجل تنفيذ التزاماتها مع الدول األوربية باعتبارها جزء من‬
‫اإلتحاد األوربي‪ .‬حيث أن اندماج المالية العمومية هو ضرورة معترف بها من قبل الجميع‪ ،‬ومن خالل‬
‫درس التجارب الخارجية نجد أن البرمجة الشاملة التي تتم على المدى المتوسط هي أكثر فعالية من‬
‫سلسلة من الق اررات السنوية‪ ،‬حيث تخلق الظروف التي تسمح بإعداد إستراتيجية متناسقة للتحكم في‬
‫المالية العمومية‪ .‬كما تساهم إلى حد كبير في تحقيق الهدف المتمثل في إعادة التوازن إلى الحسابات‬
‫العمومية‪.‬‬

‫إن إدراج السياسة المالية في إطار متعدد السنوات يسمح بـ‪:‬‬

‫تحقيق الهدف المتمثل في الوصول إلى توازن الحسابات بكل أمان‪ ،‬مع االلتزام‬ ‫‪-‬‬
‫الجماعي بضرورة النجاح ورسم المسار الواجب اتخاذه من أجل ذلك‪.‬‬

‫تحسين التحكم في المالية العمومية‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫تحديد األولويات المتعلقة بالميزانية بوضوح من قبل الحكومة الحكومة‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫تسهيل تنفيذ اإلصالحات الهيكلية بسهولة أكبر‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 1‬عادل حابسة‪ :‬المرجع السابق ص ‪.167‬‬

‫‪041‬‬
‫‪ 2-3‬زيادة مساءلة المسيرين وتحقيق أفضل تحكم في نفقات الدولة‬

‫إن التسيير المتعدد السنوات يسمح بإبراز كل سياسات الحكومة وتنفيذها ثم في األخير تقييمها‬
‫وبالتالي مساءلة القائمين عليها‪ ،‬حيث صرح الوزير األول الفرنسي‪ "1‬إن مفهوم ظرف االعتمادات لثالث‬
‫سنوات سيسمح بإعطاء نظرة شاملة حول سياسة الميزانية ‪ ،‬وهذا بما أنها تقوم بإعداد قانون البرمجة لكل‬
‫القطاعات المكلف بها أعضاء الحكومة‪ ".‬إن الميزانية المتعددة السنوات ستسمح أيضا بتحقيق قفزة نوعية‬
‫في الحكم ‪ gouvernance publique‬وفي تسيير المالية العمومية‪ .‬كما أن إدراج التعدد في السنوات‬
‫في اجراءات الميزانية يشكل مرحلة جديدة في تعميق منطق تحديث وعصرنة التسيير العمومي الذي جاء‬
‫به القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في فرنسا‪.‬‬

‫ووضع الميزانية المتعددة السنوات حيز التنفيذ يتبعها بطبيعة الحال زيادة مسؤولية المسيرين الذين‬
‫حازوا على نظرة واسعة في هذه المشاريع وكذا على استعمال واسع للوسائل‪ ،‬في سبيل تحقيق األهداف‬
‫الواضحة والمحددة والمسجلة في الفترة المتعددة السنوات‪.‬‬

‫كما أن القول بالتسيير المتعدد السنوات يعني إجراء جديد يتعلق بالميزانية وطريقة جديدة إلعداد‬
‫الميزانية‪ .‬وبالتالي الحكم في المجال المالي يعتمد اليوم أكثر مما سبق على االلتزام الجماعي لكل القائمين‬
‫على قيادة المالية العمومية‪.‬‬

‫المساءلة ورقابة اآلداء‪:‬‬ ‫‪-8‬‬


‫إن مفهوم البرنامج في المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية أصبح يشكل‬
‫الوحدة الجديدة للميزانية بدل القطاع أو الباب‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن ينسجم مع الرؤية على المدى‬
‫المتوسط‪ ،‬إذ يجمع بين العمليات الخاضعة لنفس الو ازرة والتي تربط بينها األهداف المعنية‪ ،‬التي تسعى‬
‫تقييم هذه النتائج‪ .‬فإصالح النظام‬ ‫لتحقيق منفعة عامة‪ ،‬والوصول إلى النتائج المرجوة مع إمكانية‬
‫الميزاني يهدف إلى إرساء إدارة نتائج عوض إدارة وسائل‪.‬‬
‫انطالقا من هذا األساس أضحى البحث عن مراقبة مدى فعالية النفقات العمومية والتحكم فيها هو‬
‫الهدف المنشود‪ ،‬لهذا الغرض ستعطى للمسيرين حرية أكبر في مجال تسيير هذه النفقات مقابل زيادة‬
‫مسؤولياتهم والزامهم بتقديم تقارير أكثر دقة عن تسييرهم وأدائهم‪ ،‬مما يفرض إرساء منطق شمولي ومرونة‬
‫في نقل االعتمادات وتحويلها‪ ،‬فيصبح بذلك تحويل االعتمادات من قبل المسيرين ممكنا داخل نفس‬
‫البرنامج عن طريق قرار وزاري مشترك فيما يخص النقل من برنامج فرعي إلى آخر‪ ،‬أو قرار مؤسسة‬
‫عمومية عندما يتعلق األمر بالنقل داخل برنامج فرعي‪ ،‬أما النقل من برنامج إلى آخر على مستوى و ازرة‬

‫‪1‬‬
‫‪Circulaire du 11 février 2008 précisant les modalités de lancement de la procédure budgétaire pluriannuelle et‬‬
‫‪adressée à l’ensemble des membres du Gouvernement.‬‬

‫‪044‬‬
‫واحدة يكون عن طريق مرسوم‪ 1‬بناء على تقرير مشترك بين الوزير المعني بالنقل والوزير المكلف بالمالية‪.‬‬
‫أما تحويل االعتمادات ما بين برامج و ازرات مختلفة فيتم بموجب مرسوم بناء على تقرير مشترك بين وزراء‬
‫القطاعات المعنية والوزير المكلف بالمالية‪.2‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تصورات لنظام الرقابة في ظل هذا المشروع‬

‫إن تكييف الرقابة الحالية مع التوجهات الجديدة التي يحملها المشروع التمهيدي للقانون العضوي‬
‫المتعلق بقوانين المالية يتطلب منها أن تحضر األرضية وتتبنى القواعد الجديدة للتسيير مرتكزة على‬
‫المسؤولية الكبيرة للمسيرين العموميين أين يتوجب إعطاء حرية أكبر وال مركزية في اتخاذ الق اررات‬
‫والتخفيف من اإلجراءات ومهلة التنفيذ‪ .‬وال يحصل ذلك إال إذا كانت اإلدارة تعمل بصفتها أداة تنمية‪.‬‬
‫ووظيفة الرقابة تصبح داخلية في التسيير اإلداري‪ ،‬وتصبح مفاهيم مثل تقييم البرامج و مراقبة الجودة و‬
‫المراقبات من الهيئات العليا حول التسيير العمومي تقبل على أنها وسائل عقلنة الستعمال الموارد‬
‫المحدودة للدولة‪ ،‬وتوجيهها لتحقيق أفضل النتائج‪ .‬ويجب اتخاذ عدة إجراءات لتمكين المسيرين العموميين‬
‫من اتخاذ الق اررات و العمل بكل حرية‪ ،‬وهذه اإلجراءات تتمثل في‪:‬‬

‫‪- 1‬طرح المسؤولية على عاتق المسيرين العموميين و التوسيع من صالحياتهم‬

‫‪- 2‬التخفيف من اإلجراءات اإلدارية‬

‫‪- 3‬تدعيم وسائل الرقابة البعدية و التسيير و تقييم العمل اإلداري‬

‫تطور الرقابة نحو قياس اآلداء‬ ‫‪-1‬‬

‫إن أهم ما يميز الرقابة الحالية على النفقات العمومية هو النظر في المطابقة‪ ،‬غير أن الوضع‬
‫يختلف مع التطورات التي حملها مشروع القانون العضوي‪ ،‬إذ يفترض أن يتم التحقق من المطابقة والتأكد‬
‫من الفعالية في تحقيق األهداف المسطرة بالنظر إلى أن مبدأ التسيير قد اختلف إذ بعدما كان التسيير‬
‫قائما على الوسائل أصبح قائما على النتائج وهذا يتطلب التأكد من تحقيق النتائج المنتظرة‪.‬‬

‫حقيقة يهدف مشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية إلى تحسين األداء في‬
‫استعمال األموال العمومية والشفافية في تسييرها حيث يقوم على مبدأ المساءلة‪ ،‬األهداف وتبسيط‬
‫االجراءات الميزانية والمحاسبية وذلك من خالل تغيير مسار النفقة العمومية وهذا بطبيعة الحال بالتوافق‬
‫مع كل االصالحات الجارية حيث تبسيط دائرة تنفيذ النفقة من أجل التسريع في تنفيذها ‪ ،‬تعزيز نوعية‬
‫الرقابة عن طريق الكيفيات المبتكرة وكذا خلق تركيز للعمليات يكون أسرع وأكثر مصداقية‪.‬‬

‫‪ -1‬لم يشر عرض األسباب المتعلق بالمشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية لطبيعة هذا المرسوم‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 12‬من المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية تضع نسبة ‪ % 21‬كنسبة أعلى لعملية النقل أو التحويل من االعتماد‬
‫األصلي‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫وتعرف الرقابة على األداء بأنها الرقابة على استخدام المال العام على أساس معايير االقتصاد‬
‫والكفاية والفعالية‪ ،‬كما عرفت بأنها تلك العملية التي تهدف إلى قياس النشاط المؤدي والوقوف على حقيقة‬
‫نتائجه وبيان ما إذا كان النشاط متفقا في نتائجه مع األهداف التي تسعى لتحقيقها وفيما إذا كان أسلوب‬
‫أداء النشاط ووسائل تحقيق نتائجه تمثل أفضل وأكفأ ما أمكن اتباعه لتحقيق تلك األهداف‪.1‬‬

‫وقد عرفت المنظمة الدولية لألجهزة العليا للرقابة والمحاسبة (االنتوساي) رقابة األداء وفقا إلعالن‬
‫ليما‪ 2‬بشأن المبادئ األساسية للرقابة المالية بأنها ذلك النوع من الرقابة الذي يركز اهتمامه على مراقبة‬
‫األداء‪ ،‬الفعالية‪ ،‬التوفير وكفاءة اإلدارة العامة‪ ،‬وال يهتم بمراقبة مظاهر معينة فقط من اإلدارة بل إنه يراقب‬
‫اإلدارة بجميع أوجه نشاطها ومن ضمنها التنظيم والنظم اإلدارية‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 8515‬صدر إعالن سيدني لتدقيق األداء خالل مؤتمر المنظمة الثاني عشر والذي‬
‫تضمن تعريفا لتدقيق األداء حيث أشار إلى اهتمام ذلك النوع من الرقابة بتقييم اقتصاديات وكفاءة وفعالية‬
‫إدارة القطاع وأن أهداف تدقيق األداء تتضمن مايلي‪:‬‬

‫نوفير قاعدة لتحسين إدارة القطاع العام لجميع الموارد‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تحسين نوعية المعلومات المتعلقة بنتائج إدارة القطاع العام المتوفرة لصانعي‬ ‫‪-‬‬
‫السياسة‪ ،‬المشرعين والمجتمع‪.‬‬

‫تشجيع إدارة القطاع على إدخال وسائل لرفع التقارير الخاصة باألداء‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫توفير تدابير تهدف إلى خلق مسؤولية مناسبة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ووفقا لمعايير التدقيق الصادرة عن األنتوساي والمعتمدة سنة ‪ 8550‬خالل مؤتمر واشنطن‪،‬فإن‬
‫تدقيق األداء يهتم باالقتصاد‪ ،‬الكفاءة والفعالية ويشتمل على‪:‬‬

‫التدقيق على اقتصاد األنشطة اإلدارية حسب مبادئ وممارسات وسياسات‬ ‫‪-‬‬
‫اإلدارة‪.‬‬

‫التدقيق على كفاءة االستفادة من الموارد البشرية والمالية والمصادر األخرى بما‬ ‫‪-‬‬
‫في ذلك فحص نظم المعلومات ومقاييس األداء ومراقبة الترتيبات واالجراءات المتبعة من قبل‬
‫الجهات محل التدقيق بغرض معالجة نقاط الضعف‪.‬‬

‫تدقيق فعالية األداء المتعلق بانجاز أهداف الجهة محل التدقيق وتدقيق األثر‬ ‫‪-‬‬
‫المرجولألنشطة مقارنة باألثر الفعلي‪.‬‬

‫‪ 1‬غسان قلعاوي‪ :‬رقابة األداء‪ ،‬دار كنعان للدراسات والنشر‪ ،‬دمشق‪ ،8551 ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪2‬‬
‫إعالن ليما المبادئ األساسية للرقابة المالية‪ ،‬ترجمة الدكتور طارق الساطي مستشار ديوان المحاسبة في اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪210‬‬
‫ومنه يتضح من التعارف السابقة أن عناصر رقابة األداء هي‪:‬‬

‫االقتصاد‪ :‬ويهتم بتقليل تكلفة الموارد المستخدمة إلى أدنى مستوى ممكن مع أخذ‬ ‫‪-‬‬
‫النوعية أو الجودة المناسبة بعين االعتبار(االنفاق بأقل ما يمكن)‪.‬‬

‫الكفاءة‪ :‬وتهتم بالعالقة مابين مخرجات السلع والخدمات (أو النتائج األخرى)‬ ‫‪-‬‬
‫والموارد التي استخدمت من أجل إنتاجها‪ ،‬كما تحدد ما هو مدى تحقق الحد األقصى من المخرج‬
‫بالنسبة لمدخل معين ـو مدى استخدام الحد األدنى من المدخل للوصول إلى تحقيق مخرج معين‬
‫(االنفاق بصورة سليمة)‪.‬‬

‫الفاعلية‪ :‬وتهتم بالعالقة ما بين النتائج المستهدفة والنتائج الفعلية للمشروعات‬ ‫‪-‬‬
‫والبرامج أو األنشطة األخرى أي تحديد مستوى النجاح الذي بلغته المخرجات من السلع والخدمات‬
‫أو النتائج األخرى في تحقيق أهداف السياسة والنتائج المستهدفة (االنفاق برشاد)‪.‬‬

‫إن الحدود الفاصلة ما بين التوفير والكفاءة والفاعلية ناد ار ما تبدو واضحة بصورة قاطعة‬
‫لذلك فإنه عند القيام برقابة األداء يتم متابعة تلك العناصر كما لو أنها عمل مشترك‪.‬‬

‫إن مهام هيئات الرقابة في ظل المشروع التمهيدي المتعلق بقوانين المالية تنصب في مجملها على‬
‫رقابة األداء حيث يفترض بها أن تعمل على التحقق من انجاز األهداف المرسومة والمنتظر التوصل‬
‫إليها‪ .‬إذ ال يفترض بها النظر في المطابقة فحسب بل البد من أن تعمل على رقابة أداء المسيرين‪.‬‬

‫‪ 1-1‬بالنسبة لمجلس المحاسبة‪:‬‬

‫في هذا النطاق نجد أن مجلس المحاسبة هو الهيئة األولى المسؤولة على هذا النوع من الرقابة إذ‬
‫يت جلى دوره في تقييم تسيير المسيرين وكذا مساءلتهم تبعا لذلك‪ ،‬ومن هنا عليه وضع آليات أو برامج‬
‫للتدخل الرقابي بناء على رقابة األداء حتى التحقق من التسيير الفعال للموارد العمومية وكذا تقييم سياسات‬
‫السلطة التنفيذية وا عالم البرلمان باعتبار أن مجلس المحاسبة هو المختص في مجال الرقابة على النفقات‬
‫العمومية وهو الهيئة الوحيدة العليا والمستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية‪.‬‬

‫حيث أننا نلمس في تصريحات وزير المالية كريم جودي‪ ،‬الذي أشرف على افتتاح المنتدى األول‬
‫حول تسيير الميزانية الذي ينظمه مكتب "ديليوت "لالستشارة والخبرة المالية والتدقيق الفرنسي‪ ،‬أنه هناك‬
‫فعال نية إلرساء رقابة أداء تمكن من قياس مدى فعالية النفقة كما يتعلق األمر بإعادة صياغة نمط تسيير‬
‫الميزانية وترقية ثقافة النجاعة وارساء تسيير أفضل للميزانية بشكل كامل وعلى جميع المستويات التي‬
‫تدخل في إعداد وتسيير وتنفيذ الميزانية العمومية بهدف الوصول إلى نجاعة قياسية في أداء اإلدارات‬
‫العمومية و ضرورة تحقيق كفاءة عالية في تحقيق األهداف المرسومة بأقل تكلفة مالية ممكنة‪ .‬ولمجلس‬
‫المحاسب ة في هذا اإلطار دوره الكبير سواء على مستوى قياس األداء أو على مستوى محاسبة المسيرين‬
‫‪212‬‬
‫باعتبار أن مسؤوليتهم أصبحت ثقيلة بالنظر إلى الحجم الكبير للموارد وكذا الق اررات التي يتخذونها في‬
‫هذا اإلطار‪.‬‬

‫‪ 2-1‬بالنسبة للمفتشية العامة للمالية‪:‬‬

‫تعتبر المفتشية العامة للمادية الوسيلة األساسية للرقابة في إطار إصالحات المالية للدولة‪ ،‬كما أن‬
‫اإلصالحات التي شرعت فيها الدولة والمتعلقة بالمالية والتي جاءت بمراجعة مسار رقابة النفقة العمومية‪،‬‬
‫حيث في الوقت الراهن تعتمد الرقابة على المطابقة للنصوص التشريعية والتنظيمية السارية المفعول‪ ،‬في‬
‫حين أن اإلصالحات المعتمدة ترمي إلى إرساء رقابة قائمة على النتائج المنتظرة مع تخصيص الوسائل‬
‫الالزمة‪.‬‬

‫وهذا يمر باالنتقال من ميزانية الوسائل إلى ميزانية البرامج وادخال األداء‪ ،‬وهذا ما يعطي حرية‬
‫أكبر للمسيرين لكنه في نفس الوقت يحملهم مسؤولية أكبر‪ ،‬وهنا بالخصوص تتدخل أجهزة الرقابة ومن‬
‫ضمنها المفتشية العامة للمالية‪.‬‬

‫إن االشكالية في رقابة النفقة العمومية تتمثل في تحديد المسؤوليات خاصة المتعلقة منها بأخطار‬
‫التسيير‪ ،‬وهذا يعود إلى صعوبة التمييز بين ممارسة التسيير والمخافات الناجمة عنها وكذا سوء فهم‬
‫النصوص القانونية‪.‬‬

‫ومن أجل أن تتمكن المفتشية من إجراء المهام الموكلة لها في ظل االصالحات الجديدة البد لها‬
‫من أن تعطي عناية خاصة بمجال رقابة األداء وتدعيم مستخدميها الذي يظهر عددهم قليال بالنسبة لمهام‬
‫الرقابة التي تمارسها‪.‬‬

‫وكشف ايت سعدي‪ 1‬أن اإلصالحات التي يحملها القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية ستمنح‬
‫صالحيات موسعة للمسؤولين والمتصرفين في تنفيذ البرامج التنموية ما سيمنح أيضا سلطة رقابية واسعة‬
‫وعميقة ومعقدة جدا للمفتشية العامة للمالية التي ستباشر عملية تكوين طويلة األمد وتوظيف كفاءات‬
‫جديدة بإمكانها مسايرة اإلصالحات الجديدة لقطاع الميزانية‪ ،‬ألن خبراء المفتشية سيتحولون من األساليب‬
‫‪2‬‬
‫التقليدية للمراقبة إلى مراقبة نجاعة النفقات العمومية‪ ،‬ما يتطلب كفاءات مختصة وعالية جدا‪.‬‬

‫استرجاع قانون ضبط الميزانية ألهميته المستحقة‬ ‫‪-2‬‬

‫لقد نص القانون ‪ 71/98‬على مشروع قانون تسوية الميزانية للسنة المالية (ن‪ )3-‬مع ضرورة‬
‫إرفاقه بعدد معين من الوثائق وتقرير تقييمي لمجلس المحاسبة‪ ،‬لكن وكما بينا سابقا فإنه لم يتم منذ‬
‫الثمانينات إصدار سوى أربعة قوانين تسوية فقط‪ ،‬وعليه لغرض أخذ هذا األمر بعين االعتبار فقد تم إدراج‬

‫‪ 1‬مستشار لدى وزير المالية‬


‫‪ 2‬جريدة الشروق اليومي الصادرة في ‪ 1‬فبراير ‪. 2114‬‬

‫‪211‬‬
‫حكم جديد ضمن المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية‪ ،‬لمراعاة محاسبة السنة‬
‫المالية بموجب إصالحات الميزانية والمحاسبة المجراة حاليا‪ ،‬وعليه فإنه يتعين على مجلس المحاسبة‬
‫إعداد تقرير يتضمن التصديق على الحسابات بالتزامن مع المشروع المتضمن قانون تسوية الميزانية الذي‬
‫يودع لدى المجلس الشعبي الوطني قبل ‪ 27‬ديسمبر من السنة المعنية بتنفيذ الميزانية‪ ،‬كما حافظ‬
‫‪1‬‬
‫المشروع التمهيدي للقانون العضوي على مبدأ السنة (ن‪.)3-‬‬

‫حيث جاء مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية من أجل إضفاء نوع من الشفافية على‬
‫تسيير الموارد العمومية وينتظر من البرلمان في هذا اإلطار محاسبة الحكومة على تطبيق قوانين المالية‬
‫السنوية وخصوصا التحقق من الوصول إلى النتائج التي رسمت في البداية‪ ،‬وبالتالي ننتظر بطبيعة الحال‬
‫صدور قوانين ضبط الميزانية بصفة منتظمة ودون انقطاع وكذا ننتظر نظر البرلمان ليس فقط في‬
‫المطابقة بل حتى في أداء المسيرين وكذا تقييم تسييرهم وتقييم سياسات الحكومة وأولوياتها التي دفعت إلى‬
‫اختيار أولوية دون أخرى‪ .‬حيث أنه من غير المنطقي أن يطلب من البرلمان في نهاية كل سنة التصويت‬
‫والمصادقة على إعتمادات مالية دون أن ينظر في مصيرها وكيف تم استغاللها وما تم تحقيقه بموجبها‬
‫وما لم يتم تحقيقه‪.‬‬

‫ومن دون شك أن مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية سيحقق قفزة نوعية في مسار‬
‫اإلصالحات االقتصادية والمالية كما يحقق مطلب الهيئة التشريعية التي ما فتئت تؤكد تقديمه أمام النواب‬
‫لمناقشته والمصادقة عليه ليكون سندا قانونيا مالئماً لمتابعة المهمة الرقابية في إطار قانون ضبط‬
‫الميزانية‪.‬‬
‫من جهة أخرى سيضمن هذا المشروع الشفافية في استغالل الميزانية وتعزيز الثقة من خالل معرفة كيف‬
‫وأين صرف المال العام الذي يخصص سنويا لمختلف القطاعات‪.‬‬

‫وكان رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري قد دعا الحكومة خالل افتتاحه‬
‫الدورة الخريفية إلى إيداع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية "ليكون مرجعا أساسيا يوفر اإلطار‬
‫المناسب لمعايير الشفافية في طرائق صرف المال العام وترشيد اإلنفاق وتجسيد آلية الرقابة البرلمانية"‪.2‬‬

‫‪ 1‬عادل حابسة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.175‬‬


‫‪2‬‬
‫تصريح رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري المنشور في جريدة المساء يوم ‪ 0221/25/25‬عدد ‪2929‬‬

‫‪211‬‬
‫الخاتمة‬

‫نناأل مننب تب تضننح ميننت ح ر ريننة ان ن ركرننأل‬ ‫ال يمكننب ننناب منناأل مننب حقم نتحأل رممين راننيي مننا‬
‫تحقمثأل لمتح ح متمي ‪ .‬ت ح ر ض ل ان على ح رمات ح متمي أم نا غ حقهمي ‪،‬‬ ‫حالار ماأل ح مال‬
‫تمب ح ص ب حإلماط نكأل جتح نه‪ ،‬ت ا ي ا مب خالأل هةح ح نمث إ ى إن حت ح منا ئ ح شي ة ح رن رمكن‬
‫أي ا أب ح انن ح م رمن ة ن ح ظنا‬ ‫ما ي ح ت ‪ ،‬كما مات ا رتضيح ح ظا ح ان ح جتحئ ي ترمليله‪ ،‬ت‬
‫ان مطانم أت ان ح ش عي ‪ ،‬غي أ ا المظ ا غ ة ك أب ح صتص ح ما ت ي تح ر ظيمي‬ ‫ح جتحئ ي ه‬
‫ان ائم على ح رميي ‪ ،‬غي أ ها كا ت مارن ة تغي مطنم ‪،‬‬ ‫صت على تجتب يا‬ ‫أت مرى ح متحثي‬
‫ل صننتص ح ما ت ين تح ر ظيمين ح رن رمننا هننةح ح متضننت ‪،‬‬ ‫ت ننأل ح مرصننرح هننةح ح نمننث انني ب ح كن ح كنين‬
‫كنب تب ح منأل نهنا‬ ‫ت ننأل ترجن ت منب منيب لخن‬ ‫تكاب ح مشكأل ير ل نك ح صتص ح ر كث ت تر‬
‫ت تب رجاي ها على أ ض ح تح ح‪.‬‬

‫حال شغاالت ح تط ي هةح صا‬ ‫إب ماا ح مراظ على ح ماأل ح ا تكيري م ح نره راخة حقت تي‬
‫كيري‬ ‫أب ير ك ح ناب مررتما أما ح رم م حط ح امليب ناإل ح ة رم ي رصت ه‬ ‫مب ح ض ت ي تح مرم‬
‫متأل أجهتة ح ان ‪ ،‬ركلررها‪ ،‬أ حءها‪،‬‬ ‫حشرغاأل أجهتة ح ان نأل صا مب ح مر تض أب يررح ماش تط‬
‫ح خ ت ات ح ر ير ض ها ص ف ح ماأل ح ا ‪.‬‬ ‫طني‬
‫تن ما رط ا إ ى رمليأل كأل أ تح ح ان ح ر رما ا على ح رمات ح متمي ‪ ،‬صأل إ ى مص‬
‫عال ارها‪ ،‬رراعلها ترتحت ها‪.‬‬ ‫كأل مجتءحت ح ان‬
‫هةح ح رمليأل رار ع رم ي أه حف ح ظا ح ان ‪ ،‬اه حف هةح حقخي‬ ‫ن حي ‪ ،‬إب مط ح طال‬
‫مميم حقم مب ح امي ح ظ ي ‪ ،‬أما مب‬ ‫ج ح تاائأل ح كريل نرممي ح رائج ح م اتم تهةح‬ ‫ررمثأل‬
‫ت ه ع اص رتحت ه‪ ،‬تهةح ما يامح ا‬ ‫ح تح‬ ‫ل ظا ح ان‬ ‫نإمكا ا تضح خ يط‬ ‫ح امي ح ملي‬
‫نا جت إ ى إمكا ي ح رطت ‪.1‬‬
‫حالجان على مطلنيب أاااييب‪ :‬حجر اب ح مخا رات ت ح‬ ‫اه حف ح ظا ح ان ررمثأل أاااا‬
‫حر اي ‪.‬‬
‫أتال حجر اب ح مخا رات‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪André barilari, op-cit,p 165.‬‬

‫‪205‬‬
‫إب حجر اب ح مخا رات ياخة ن ح خاصا نا ظ إ ى ما ة ح ما ي ح متمي ‪ .‬م ظ ح تأل أم ثت أت‬
‫ح ان على ح رمات ح متمي ‪ ،‬تح ممصت ه ا هت ح رمم مب أب‬ ‫ح ش عي أت ح مطانم‬ ‫أ خلت ن‬
‫ال حمر حمها‪.‬‬ ‫حخأل ح هيئ ر‬ ‫حالج حءحت ح حخلي ح مؤاا‬
‫مخرلر ‪ ،‬ميث يمكب رمليله إ ى‬ ‫ه طني‬ ‫ان ح ظامي‬ ‫إب‬ ‫تعلى مارتب ح الطات ح متمي‬
‫اميب ‪ :‬ح ش عي ح ام تح مطانم ح م ج ي لمتحع ح خاص نا ما ي ح متمي ‪.‬‬
‫ت ح ما تب رخضح ح الطات ح متمي كأل ع اص ح ش عي ح ام ح مطنم عليه ت ح غاي‬ ‫ر‬
‫مب ت حء ة ك ه غاي نيل ‪ ،‬ميث ال يمكب أب ير رن ي أي تايل إال رلك ح ارج عب حالمر ح ح مطل‬
‫لش عي ‪ .‬كأل مخا ر مهما كا ت يجب أب رصمح‪.‬‬ ‫تح ي‬
‫رشمأل‬ ‫إب حقم يخرلف ه ا‪ ،‬هةه ح متحع ح ر‬ ‫ان ح متحع ح خاص نا ما ي ح متمي‬ ‫أما عب‬
‫ان ح ما ي ح متمي‬ ‫ملي‬ ‫حإلج حءحت ح خاص نا رمات تحإلي ح حت تكأل ما ير ل ناقمتحأل ح متمي ‪.‬‬
‫مب‬ ‫ضا ائم على ماب ر رية هةه ح متحع ‪ ،‬تمب ه ا إب ح ان ح ر رر على رطني هةه ح متحع ر‬
‫ح ان ض ت ي تشامل ‪ .‬تمب ه ا رن ت ض ت ة رصمي‬ ‫ح ظا ح ان ‪ ،‬إة ر‬ ‫أن ت حقت تيات‬
‫عمتنات خاص تح خاأل الط مكلر نرت يح هةه ح متنات على مارتب ح ظا ح ان ‪ .‬تم ه إب ح ظا‬
‫ح ان يجب أب يكتب مصمما ضماب كشف مخا رات ح متحع ح مر لم نا ما ي ح متمي ت ر ظي ر رية‬
‫ح متنات ح خاص ‪.2‬‬
‫تكةح تجت ح متنات‬ ‫إب حالنر ا عب ح مخا رات ي ج أيضا عب تجت ح ان تجا نها ح ت ائ‬
‫ت أ األ إتحء كأل ح مالمظات ح مر لم نا مخا رات‪ ،‬ميث يجب‬ ‫تجا نها ح ع ‪ ،‬كما أ ه الن مب تجت‬
‫إب ح ه ف مب ح ش عي تح ر ا ي‬ ‫رك ح ها أت قجأل ح رمليأل م ها‪ .‬تمب هةح ح م طل‬ ‫متحجهرها ررا ي ع‬
‫أل نيب ح ان ترمايب ح ظا حخأل ح هيئ ح م ح ن ‪.‬‬ ‫يجرم اب على ض ت ة خل‬
‫ثا يا‪ :‬ح نمث عب ح ر ا ي ‪:‬‬
‫إب أخة مصطلح ح ر ا ي ه ا ح ممصت م ه هت ح ر ا ي نم اها ح تحاح ح ةي يض ح شاط‪ ،‬ح جاع‬
‫إطا ح مها ح ملماة على عار ح هيئ ت‬ ‫تح جت ة‪ .‬تمب هةح ح م طل ير ح رمم مب أب ح شاط ر‬
‫إطا حقه حف ح م اتم مح ر نئ أ أل لتاائأل‪.‬‬
‫رمت م اي رها‬ ‫نيب ح مما ا ح ر‬ ‫إطا ها ح تاح يمت على ح مما‬ ‫ا نمث عب ح مخا رات‬
‫ح ماأل تحع‬ ‫لمتحع ح ر يجب أب ير ح مأل نها تحمر حمها تح ر ه نطني‬ ‫ح مم‬ ‫تحإلطا ح ما ت‬

‫‪2‬‬
‫‪IDEM, p 166 .‬‬

‫‪206‬‬
‫هةه ح م ج ي ‪ ،‬تمب ه ا ا ان ركتب انيا‬ ‫يا على ح م ح ب أب يم‬ ‫شكلي تمكرتن ‪ .‬تنا را‬
‫إب حقم يخرلف إة أب ح م ح ب نأل أب‬ ‫نا نمث عب ح ر ا ي‬ ‫له ف نا مر ل‬ ‫متضتعي ‪ .‬أما نا ان‬
‫ي ح ب عليه أب يراك مب تجت حقه حف تا ح ها‪ ،‬مكمه الن تأب ير حخأل مناش ة مح ه ف ح هيئ‬
‫حمح ن ‪.‬‬
‫ح ان ح ر رنمث عب ح ر ا ي رخرلف جة يا عب رلك ح ر رنمث عب مطانم ح صتص‬ ‫إب طني‬
‫حخأل‬ ‫ح نمث عب ح ر ا ي ير ض أب ما ب نيب شاط ح ماي‬ ‫ح ما ت ي تح ر ظيمي ‪ ،‬ا ه ف ح مرمثأل‬
‫انرها مح شاط مثا ‪ ،‬ميث أب جا ب كني مب هةه ح خصائص ير تض ها مب نأل‬ ‫ح هيئ ح ر رر‬
‫هةه ح ما ال يمكب لماي أن ح أب ي ف ح م ج ي ح ر يطنمها ح م ح ب‬ ‫ح م ح ب راه ت ت ح ان ‪ ،‬ت‬
‫تعا مب حإلشكاأل‪ ،‬ميث مب ح ممكب أب رت ح ي مب ح مشاكأل نيب ح م ح نيب‬ ‫عليه‪ .‬إب هةه ح ان رخل‬
‫تح ماي يب تأميا ا ر ح إ ى ع رطني ن ض ح ر حمات ح م ح نيب ح ر رممأل صر غي تح ي ‪.‬‬
‫ريج مهم على مارتب هيئات ح ان ‪،‬‬ ‫االخرالف ح تح ح نيب ه ف ح ش عي تح ر ا ي يخل‬
‫ا ان على ح ش عي مب ح ممكب أب ير نليا تن يا‪ ،‬تعلى خالف ة ك إب ح ان على ح ر ا ي ال يمكب‬
‫أب رر إال نصر المم ‪.‬‬
‫ظا رايي‬ ‫إطا‬ ‫ان ح ر ا ي‬ ‫تمب جه أخ ب يمكب ح م مب هةح حإلشكاأل تهةح نتضح‬
‫لن حمج تعمت حقه حف‪ .‬هةح ح ت مب ح رايي يمر رم ي ح مها تحقه حف ح مرتخاة م ها ت رم ي‬
‫إار حريجي كأل تحم ة م ها‪ .‬ميث ير ر جم كأل ح رتجهات ح ر راخة حقت تي تحقه حف ح مماتن إ ى‬
‫مؤش حت يمكب يااها‪ ،‬كما يمكب رم ي مخططات ح مأل ح ر رامح نا مأل على رممي هةه حقه حف‪،‬‬
‫هةه ح ما على أااا هةه ح م ج ي ح ر ركتب على حق أل م ت مب نأل‬ ‫إب ح م ح ن رر‬ ‫تنا را‬
‫‪3‬‬
‫ح ماي يب‪.‬‬
‫ح جتحئ ن ي عب رممي ح ه ف حقااا ح ةي تضح مب‬ ‫ح خرا متأل أب ح ظا ح ان‬ ‫ت‬
‫أجله تهت ان ح خص ح ما ي ح ر يم مها ح ن ماب لالط ح ر ريةي ‪ ،‬ة ك ي ت إ ى عتحمأل ع ة مب ني ها‬
‫لمتح‬ ‫ضماب ح رايي ح مال‬ ‫ان ح مطانم ال ركر‬ ‫م ةحرها‪ .‬إة أب‬ ‫ح ان ح مما ا‬ ‫طني‬
‫رها على ياا ح ر ا ي على خالف ان ح رميي ‪ ،‬هةه حقخي ة ح ر رن ت‬ ‫ح متمي ‪ ،‬تهةح ي ت إ ى ع‬
‫ر ريةها ح الط‬ ‫ح يت كمرمي نا ظ إ ى ح مشا يح ح ر متي ح ضخم ح ر ر ها ح نال تح ر ش عت‬
‫ظأل‬ ‫ررم ث عب ح ان نأل أ جت مصطلما آخ هت ح رميي‬ ‫ر‬ ‫ح ر ريةي ‪ .‬ا ي مب ح تأل ح يت‬

‫‪3‬‬
‫‪Idem, p169 .‬‬

‫‪207‬‬
‫م ها على ح خصتص‪ .‬تج ي نا ةك أب حعرما‬ ‫رشه ها حإل ح ة تح مجاأل ح ما‬ ‫ح رغي حت ح ج ي ة ح ر‬
‫مب‬ ‫حقااا على حعرنا أ ها ر ح ب ح ر خيص ح مم‬ ‫ان ح مطانم ‪ ،‬إة ه‬ ‫ان ح رميي ال ي ر‬
‫ح ن ماب‪.‬‬
‫إب ركييف ح ان ح ما ي مح ح رتجهات ح ج ي ة إل ح ة ررطلب مب هةه حقخي ة أب رمض حق ضي‬
‫تررن ى ح متحع ح ج ي ة لرايي م ركتة على ح ماؤت ي ح كني ة لماي يب ح متمييب أيب يرتجب إعطاء م ي‬
‫حرخاة ح م ح حت ت ح رخريف مب حإلج حءحت تمهل ح ر رية‪ .‬تال يمصأل ة ك إال إةح كا ت‬ ‫أكن تال م كتي‬
‫ح رايي حإل ح ي‪ ،‬ترصنح مراهي مثأل‬ ‫حإل ح ة ر مأل نصررها أ حة ر مي ‪ .‬تتظير ح ان رصنح حخلي‬
‫رميي ح ن حمج ت م ح ن ح جت ة ت ح م ح نات مب ح هيئات ح ليا متأل ح رايي ح متم رمنأل على أ هح تاائأل‬
‫ح مم ت ة ل ت ‪ ،‬ت رتجيهها رممي أ ضأل ح رائج‪ .‬تيجب حرخاة ع ة‬ ‫الار ماأل ح متح‬ ‫عمل‬
‫‪:‬‬ ‫إج حءحت رمكيب ح ماي يب ح متمييب مب حرخاة ح م ح حت ت ح مأل نكأل م ي ‪ ،‬تهةه حإلج حءحت ررمثأل‬
‫‪ -‬ط ح ح ماؤت ي على عار ح ماي يب ح متمييب ت ح رتايح مب صالمياره ‪،‬‬
‫‪ -‬ح رخريف مب حإلج حءحت حإل ح ي ‪،‬‬
‫‪ -‬ر عي تاائأل ح ان ح ن ي ت ح رايي ت رميي ح مأل حإل ح ي‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫باللغة العربية‪:‬‬

‫المواثيق والدساتير‪:‬‬

‫‪ -‬األمر رقم‪ 76-67‬المؤرخ في ‪57‬جويلية‪ 6767‬المتضمم شرمر الميقمال الو‪.‬شي جريمة رمممية دمةة‬
‫‪61‬‬
‫‪ -‬ةمممتور الجمروريممة الج اي ريممة الةيموقرا‪.‬يممة الرم ية لمممشة ‪ ،1963‬الجريممة الرممممية رقممم ‪ 76‬لمممشة‬
‫‪6773‬‬
‫‪ -‬ةمتور الجمرورية الج اي رية الةيموقرا‪.‬ية الر ية لمشة ‪1976‬‬
‫‪ -‬ةمتور الجمرورية الج اي رية الةيموقرا‪.‬ية الر ية لمشة ‪1989‬‬
‫‪ -‬الت ةيل الةمتوري المؤرخ في ‪ 82‬شوفم ر ‪6777‬‬

‫النصوص القانونية والتنظيمية‪:‬‬

‫الرم م ي ال ممو‪.‬شي‬ ‫‪ -‬الق مماشو ال ض مموي‪ 58-77‬الم ممؤرخ ف ممي ‪52‬م ممار ‪ ،6777‬يح ممةة تشا مميم المجلم م‬
‫األمة ودملرما وكذا ال القات الوايفية يشرما و ي الحكومة‪ ،‬دةة ‪15‬‬ ‫ومجل‬
‫‪ -‬األمر رقم ‪ 75-76‬المؤرخ في ‪ 66‬جويلية ‪ 6776‬يتضم تشايم الصفقات ال مومية‪ ،‬دةة‪57‬‬
‫‪ -‬القاشو رقم ‪ 04-80‬المؤرخ في ‪56‬مار ‪ 6725‬يت لل ممارمة وايفمة الرقا مة مم ‪.‬مرم المجلم‬
‫الر ي الو‪.‬شي‪ ،‬دةة‪65‬‬
‫‪ -‬القماشو رقمم‪ 05-80‬الممؤرخ فممي ‪56‬ممار ‪6725‬يت لممل ممارممة وايفمة المراق مة مم ‪.‬مرم مجلم‬
‫المحام ة‪ ،‬دةة‪65‬‬
‫‪ -‬القاشو رقم ‪17-84‬المؤرخ في ‪ 56‬جويلية ‪ 6726‬يت لل قواشي المالية‪ ،‬دةة‪82‬‬
‫مجلم م‬ ‫‪ -‬الق مماشو رق ممم ‪ 01-88‬الم ممؤرخ ف ممي ‪68‬ج مماشفي ‪ 6725‬يتض ممم الت ممةيل الةم ممتوري لت م ممي‬
‫محام ة مكلم مراق ة مالية الةولة والحيب والجمادات المحلية‪ ،‬ص‪63‬‬
‫‪ -‬القاشو رقم‪ 24-89‬المؤرخ في ‪ 36‬ةيمم ر‪ 6727‬ي ةل ويتمم قاشو ‪ ،66-26‬دةة‪56‬‬
‫المحام ة وميره‪ ،‬دةة‪73‬‬ ‫‪ -‬القاشو رقم ‪ 38-75‬المؤرخ في ‪ 56‬ةيمم ر ‪ 6775‬يت لل مجل‬

‫‪209‬‬
‫الم ممةل‬ ‫‪ -‬الق مماشو رق ممم ‪ 86-75‬الم ممؤرخ ف ممي ‪67‬أوت ‪ 6775‬يت ل ممل المحامم م ة ال مومي ممة د ممةة‪37‬‬
‫والمتمم‬
‫المحام ة‪ ،‬دةة‪ ،37‬الم ةل والمتمم‬ ‫‪ -‬األمر رقم‪85-77‬المؤرخ في ‪66‬جويلية ‪ 6777‬يت لل مجل‬
‫المحامم م ة‪،‬‬ ‫‪ -‬األم ممر رق ممم‪83-77‬الم ممؤرخ ف ممي‪87‬أوت‪6777‬يتض ممم الق مماشو األمام ممي لقض مما مجلم م‬
‫دةة‪62‬‬
‫‪ -‬القاشو ‪ 60-60‬المؤرخ في ‪ 06‬ف راير ‪ 0660‬يت لل الوقاية م الفماة وكافحته ‪ ،‬دةة ‪01‬‬

‫‪ -‬المرموم ‪ 062-06‬الممؤرخ في ‪ 01‬أكتمو مر مشمة ‪ 0206‬المتضم تحةية التيامات المحام ي‬


‫وممؤولياترم‬
‫‪ -‬المرسوم ‪ 052-56‬المؤرخ في ‪ 01‬أكتو ر مشة ‪ 0206‬والمتضم تحةية ررو‪ .‬ت يي المحام ي‬
‫ال موميي‬
‫‪ -‬المرم مموم رقمممم ‪ 65-02‬الم ممؤرخ فم ممي ‪ 20‬م ممار ‪ 0802‬يتضم ممم ثح ممةاي المفتر ممية ال ام ممة للماليمممة‬
‫دةة‪02‬‬
‫المحامم ة‬ ‫‪ -‬المرموم الر امي رقم‪ 553-86‬المؤرخ في‪02‬شوفم ر‪ 0886‬يحةة الشاام الةاخلي لمجلم‬
‫دةة‪30‬‬
‫‪ -‬المرموم الر امي ‪ 030-06‬المؤرخ في ‪ 60‬أكتو ر ‪ 0606‬يتضم تشايم الصفقات ال مومية‪،‬‬
‫جرية رممية رقم ‪65‬‬
‫‪ -‬المرم م مموم التشفيم م ممذي ‪ 368-76‬الم م ممؤرخ فمم ممي ‪ 6‬مم م م تم ر ‪ 6776‬يح م ممةة ر م ممرو‪ .‬األخ م ممذ مممم ممؤولية‬
‫المحامم ي ال ممموميي ‪ ،‬ثجمراتات مراج ممة مماقي الحممما ات وكيفيممات اكتتمماب تم مي ي ‪.‬ممي ممممؤولية‬
‫المحام ي ال موميي ‪ ،‬دةة ‪43‬‬
‫‪ -‬المرموم التشفيمذي ‪ 303-20‬الممؤرخ فمي ‪ 60‬مم تم ر ‪ 0220‬المت لمل ماجراتات تممخير االممري‬
‫الصرم و المحام ي ال موميي ‪ ،‬دةة ‪43‬‬
‫‪ -‬المرممموم التشفيممذي ‪ 758 -76‬المممؤرخ فممي ‪ 86‬ةيمممم ر ‪ 6776‬يتضممم القمماشو األمامممي الخمماص‬
‫موافي المفترية ال امة للمالية‬

‫‪ -‬المرموم التشفيذي رقم ‪ 301-60‬المؤرخ في ‪ 05‬شوفم ر ‪ 0660‬يتضم تشايم اإلةار المركيية‬


‫في ويار المالية‪ ،‬جرية رممية دةة‪06‬‬

‫‪210‬‬
‫‪ -‬المرم مموم التشفي ممذي ‪ 000-65‬الم ممؤرخ ف ممي ‪ 0‬مم م تم ر ‪ 0665‬يح ممةة ص ممالحيات المفتر ممية ال ام ممة‬
‫للمالية‪ ،‬جرية رممية دةة ‪66‬‬
‫‪ -‬المرم مموم التشفي ممذي ‪ 003-65‬الم ممؤرخ ف ممي ‪ 60‬مم م تم ر ‪ 0665‬يتض ممم تشا مميم الرياك ممل المركيي ممة‬
‫للمفترية ال امة للمالية‪ ،‬دةة ‪50‬‬
‫‪ 06‬م م تم ر ‪ 2008‬يحممةة تشامميم المفترمميات الجرويممة‬ ‫‪ -‬المرممموم التشفيممذي ‪ 274-08‬المممؤرخ فممي‬
‫للمفترية ال امة للمالية‪ ،‬دةة ‪50‬‬
‫‪ -‬المرممموم التشفيممذي ‪ 20-62‬المممؤرخ فممي ‪ 00‬ف اريممر ‪ 0662‬يحممةة رممرو‪ .‬وكيفيممات رقا ممة وتممةقيل‬
‫المفترية ال امة للمالية لتميير المؤممات ال مومية االقتصاةية ‪،‬دةة‬

‫‪ -‬المرم م مموم التشفي م ممذي رق م ممم ‪ 300-20‬الم م ممؤرخ ف م ممي ‪ 60‬مم م م تم ر‪ 0220‬يت ل م ممل ت ي م ممي المحامم م م ي‬
‫ال موميي وادتماةهم دةة‪13‬‬
‫‪ -‬المرم مموم التشفي ممذي رق ممم ‪ 300-20‬الم ممؤرخ ف ممي ‪60‬مم م تم ر ‪ 0220‬يح ممةة ر ممرو‪ .‬األخ ممذ مم ممؤلية‬
‫المحامم ي ال ممموميي واجمراتات مراج ممة مماقي الحممما ات وكيفيممات ثكتتمماب تم مي ي ‪.‬ممي ممممؤولية‬
‫المحام ي ال موميي دةة‪13‬‬
‫‪ -‬المرممموم التشفي ممذي رق ممم ‪ 303-20‬المممؤرخ ف ممي ‪60‬مم م تم ر‪ 0220‬يحممةة ثجممراتات المحامم م ة الت ممي‬
‫الصرم والمحام و ال موميو وكيفياترا ومحتواها ‪,‬دةة‪13‬‬ ‫يممكرا اآلمرو‬
‫‪ -‬المرممموم التشفيممذي ‪ 131-20‬المممؤرخ فممي ‪62‬شمموفم ر‪ 0220‬المتضممم تشامميم الصممفقات ال موميممة‬
‫دةة‪60‬‬
‫‪ -‬المرموم التشفيذي رقمم‪ 660-20‬الممؤرخ فمي ‪00‬ةيممم ر‪ 0220‬يتضمم القماشو األماممي الخماص‬
‫موافي المفترية ال امة للمالية دةة‪00‬‬
‫‪ -‬المرممموم التشفيممذي رقممم ‪ 05-20‬المممؤرخ فممي ‪00‬فيفممري‪ 0220‬يحممةة ثختصاصممات المفترممية ال امممة‬
‫للمالية دةة‪06‬‬
‫‪ -‬المرموم التشفيذي رقم ‪ 02-20‬المؤرخ في ‪00‬فيفمري ‪ 0220‬يؤهمل المفترمية ال اممة للماليمة للتقمويم‬
‫اإلقتصاةي للمؤممات ال مومية اإلقتصاةيةدةة‪06‬‬
‫‪ -‬المرم مموم التشفي ممذي رق ممم ‪ 30-20‬الم ممؤرخ ف ممي ‪06‬ج مماشفي ‪ 0220‬يت ل ممل تشا مميم الرياك ممل المركيي ممة‬
‫للمفترية ال امة للمالية دةة‪60‬‬
‫‪ -‬المرم مموم التشفي ممذي رق ممم‪ 33-20‬الم ممؤرخ ف ممي ‪06‬ج مماشفي ‪ 0220‬يح ممةة تشا مميم المص ممالح الخارجي ممة‬
‫للمفترية ال امة للمالية ويض ‪ .‬ثختصاصاترم دةة‪60‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ -‬المرموم التشفيذي رقم ‪ 101-20‬المؤرخ في ‪01‬شوفم ر ‪ 0220‬يت لل الرقا ة الما قة للشفقات التي‬
‫يلتيم را‪ ،‬دةة‪ 50‬الم ةل والمتمم‬
‫‪ -‬المرم موم التشفيممذي رقممم ‪ 10-23‬المممؤرخ فممي‪ 60‬فيفممري‪ 0223‬يحممةة أجممال ةفممق الشفقممات وتحصمميل‬
‫األوامر اإليراةات وال ياشات التشفيذية واجراتات ق ول القيم دةة‪62‬‬
‫‪ -‬المرمممموم التشفيمممذي رقمممم ‪ 065-23‬الممممؤرخ فم ممي ‪66‬مممماي ‪ 0223‬يح ممةة كيفيم ممات ثح ممةاي وكم مماالت‬
‫اإليراةات والشفقات وتشايمرا وميرها دةة‪36‬‬
‫‪ -‬المرمممموم التشفيمممذي رقمممم ‪ 61-26‬المم ممؤرخ فم ممي ‪ 06‬فيفم ممري‪ 0226‬يحم ممةة صم ممالحيات وييم ممر الماليم ممة‬
‫دةة‪06‬‬
‫‪ -‬المرمم مموم التشفيم ممذي رقم ممم ‪ 6-20‬المم ممؤرخ فم ممي ‪ 00‬جم مماشفي ‪ 0220‬يحم ممةة األحكم ممام المت لقم ممة تقم ممةيم‬
‫المحام ة دةة‪60‬‬ ‫الحما ات ثلى مجل‬
‫‪ -‬المرموم التشفيذي رقم ‪ 005-20‬المؤرخ في ‪ 00‬جويلية ‪ 0220‬يحةة اإلجراتات المت لقة ماإللتيام‬
‫الصرم وممؤولياترم دةة‪15‬‬ ‫الشفقات ال امة وتشفيذها ويض ‪ .‬صالحيات اآلمري‬
‫‪ -‬المرممموم التشفيممذي رقممم ‪ 000-25‬المممؤرخ فممي ‪ 03‬جويليممة ‪ 0225‬المت لممل شفقممات الةولممة للتجريممي‬
‫دةة‪60‬‬
‫‪ -‬المرم مموم التشفي ممذي رق ممم ‪ 000-60‬الم ممؤرخ ف ممي ‪60‬أفري ممل ‪ 0660‬يتض ممم ثشر ممات خلي ممة اإلم ممت الم‬
‫المالي وتشايمرا ودملرا دةة‪03‬‬
‫األمة المؤرخ في ‪ 00‬أكتو ر ‪ 0222‬دةة ‪51‬‬ ‫‪ -‬الشاام الةاخلي لمجل‬
‫الر ي الو‪.‬شي المؤرخ في ‪ 36‬جويلية ‪ 0666‬دةة‪10‬‬ ‫‪ -‬الشاام الةاخلي للمجل‬

‫الكتب‪:‬‬

‫‪ -‬عوف محمود الكفراوي‪ :‬الرقابة المالية النظرية والتطبيق‪،‬مطبعة االنتصار‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫‪. 8557‬‬

‫احمة ال ‪.‬ريل‪،‬حامة د ة المجية الةراي‪:‬المالية ال امة‪ ،‬الةار‬ ‫‪ -‬د ة الكريم صاةل ركات‪ ،‬يوش‬
‫الجام ية‪ ،‬يروت‪1986،‬‬
‫‪ -‬حمي مص‪.‬فى حمي ‪:‬المالية ال امة ‪،‬ةيوا الم‪ .‬ودات الجام ية ‪1995‬‬
‫‪ -‬صالح رويلى‪ :‬اقتصاةيات المالية ال امة ‪ ،‬ةيوا الم‪ .‬ودات الجام ية‬
‫‪ -‬قا ممة محم ممة ‪.‬ر مموة ا الم ممل‪.‬ة الترم مري ية ف ممي ال ممةول ال ر ي ممة ذات الشا ممام الجمر مموري‪ ،‬المؤمم ممة‬
‫الجام ية لةرامات والشرر والتوييق‪ . ،‬ة أولى مشة ‪0226‬‬

‫‪212‬‬
‫محممرييا اقتصمماةيات الماليممة ال امممة‪ ،‬ةي موا الم‪ .‬ودممات الجام يممة‪ ،‬ال‪ .‬ممة القاشيممة‬ ‫‪ -‬محمممة د مما‬
‫‪0666‬‬
‫‪ -‬غما قل اويا رقا ة األةات‪ ،‬ةار كش ا للةرامات والشرر‪ ،‬ةمرل‪0225 ،‬‬
‫‪ -‬دقيلة خر اريا ال القة الوايفية ي الحكومة و ال رلما ‪ ،‬ةار الخلةوشية‪ ،‬الج اي ر‪0660 ،‬‬
‫‪ -‬محم ممة مماهي أ ممو ي مموش ‪ ،‬الرقا ممة ال رلماشي ممة دل ممى أدم ممال الحكوم ممة ف ممي الشا ممامي المص ممري‬
‫والكويتي‪ ،‬ةار الجام ة الجةية ‪ ،‬اإلمكشةرية‪0660 ،‬‬
‫‪ -‬دمار د امي ا الرقا ة ال رلماشية دلى دمل الحكومة في الشاام الةمتوري الج اي ري‪ ،‬ةار الخلةوشية‪،‬‬
‫الج اي ر‪0660 ،‬‬
‫‪ -‬م ية ور يرا الشاام الميامي الج اي ري‪ ،‬ةار الرةى‪ ،6773 ،‬ال‪ .‬ة القاشية‬

‫رجات وحية ةويةري ا ال حي ال لحي ال لمي أمامياته الشارية و ممارمته ال لمية ‪ ،‬ةار الفكر ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ةمرل‪0666 ،‬‬

‫‪ -‬رسائل الدكتوراه‪:‬‬
‫االقتصاةي‪ ،‬حالة الج اي را‬ ‫‪ -‬ةراومي مم وةا الميامة المالية وةورها في تحقيل التواي‬
‫‪ ،2004-1990‬رمالة ةكتوراه في ال لوم االقتصاةية‪ ،‬جام ة الج اي ر‪2005،‬‬

‫رسائل الماجستير‬

‫أمممالو ش يمملا خصوصممية قمماشو الماليممة و القمماشو ال ضمموي فممي الشاممام القمماشوشي الج اي ممري‪ ،‬مممذكر‬ ‫‪-‬‬
‫ماجمتير‪ ،‬جام ة الج اي ر‪ ،‬كلية الحقول‪8556 ،‬‬
‫‪ -‬رييل يكرياتا كيفية وضق ادتماةات التميير في قاشو المالية‪ ،‬مذكر ماجمتير‪ ،‬فرع اإلةار‬
‫والمالية‪ ،‬جام ة الج اي ر‪ ،‬كلية الحقول‪8558 ،‬‬
‫ةاوة ا راهيما الرقا ة المالية دلى الشفقات ال امة ي الرري ة اإلمالمية والترريق الج اي ري‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫دكشو ‪0663 ،‬‬ ‫حي ماجمتير كلية الحقول‪،‬‬
‫‪ -‬حا مة داةلا الرقا ة ال رلماشية للمالية ال مومية في الج اي ر‪ ،‬مذكر م أجل الحصول دلى رراة‬
‫دكشو ‪0600 ،‬‬ ‫الماجمتير في القاشو ‪ ،‬كلية الحقول‬

‫‪213‬‬
‫محمةا الميياشية ال امة للةولة في ال اإلصالحات االقتصاةية‪ ،‬مذكر ماجمتير‪،‬‬ ‫‪ -‬د ة المؤم‬
‫جام ة الج اي ر‪ ،‬م رة ال لوم االقتصاةية‪6777 ،‬‬
‫‪ -‬د ة ال فور م اة‪ ،‬ميياشية الةولة للتجريي مشذ مشة ‪ ،6772‬مذكر ماجمتير‪ ،‬جام ة الج اي ر‪ ،‬كلية‬
‫الحقول‪8558 ،‬‬
‫‪ -‬كمير مليما ال رلما وقواشي المالية‪ ،‬رمالة ماجمتير في القاشو ال ام‪ ،‬فرع اإلةار و المالية‪،‬‬
‫جام ة الج اي ر‪ ،‬كلية الحقول ‪.8556‬‬
‫ديمى ليلىا أهمية التميير ال مومي الجةية في ق‪.‬اع الت ليم ال اليا ةرامة جام ة محمة‬ ‫‪-‬‬
‫خيضر – مكر ‪ ،-‬مذكر ماجمتير في دلوم التميير‪ ،‬كلية ال لوم االقتصاةية ودلوم التميير‪،‬‬
‫‪2006‬‬

‫المجالت والتقارير‪:‬‬
‫‪ -‬المجلة االفريقية للمراج ة الراملة‪ ،‬ال ةة الخام ‪ ،‬األفروماي‪6776 ،‬‬
‫المحام ة لمشة ‪1995‬المشرور في الجرية الرممية رقم ‪ 76‬لمشة ‪1997‬‬ ‫‪ -‬تقرير مجل‬
‫‪ -‬الحلقة الةرامية الجروية المشامة م ق ل المفترية ال امة للمالية في ‪ 28‬و‪ 29‬جويلية ‪2002‬‬
‫المت لل تقييم الميامات ال مومية‬

‫باللغة الفرنسية‪:‬‬
‫‪OUVRAGES :‬‬

‫‪- BARILARI André: les contrôles financiers comptables, administratifs et‬‬


‫‪juridictionnels des finances publiques, LGDG, 2003.‬‬
‫‪- Bennacer El Baz: stratégie de changement, contrôle et évaluation de l‬‬
‫‪action administrative, mode et finalités, Annales IEDF.‬‬
‫‪- C. Waline , P.Desrousseaux , B. Pellé : Contrôle et évaluation des‬‬
‫‪finances publiques, La Documentation française, 2009.‬‬
‫‪- CHOUVEL François : finances publiques, 9eme édition, Gualino éditeur,‬‬
‫‪2006.‬‬
‫‪- DI QUAL lino, droit de la comptabilité publique, Paris, Armand colin,‬‬
‫‪1971.‬‬
‫‪- Eric Devaut : Finances publiques, Bréal éditions, France, 2002.‬‬
‫‪- ERIC OLIVA : Finances publiques, ed Sirey, Dalloz , 2001 , Paris.‬‬
‫‪- Fabre.F.J.:Le contrôle des finances publique ,Paris,PUF ,1968.‬‬
‫‪214‬‬
- J.F. BETHIER , Comment l’Etat tient ses comptes , BORDAS , Paris ,
1990.
- Jacques FONTANEL : Evaluation des politiques publiques, OPU, 2005.

- Jerome DEPUIS : le contrôle de gestion dans les organisations publiques,


PUF, PARIS, 1991.
- Guy Durand : Finances publiques, LGDJ.
- Maurice Duverger: Les finances publiques, 4ème éd., Presses
universitaire de France, Paris, 1967
- Michel Bouvier, Marie Christine Esclassan, Jean- Pierre Lassale :
Finances publiques, LGDJ., Paris, 2004, 7ème éd.
- Michel CHARPENTIER, Philipe GRANDJEAN, secteur public et
contrôle de gestion pratiques, enjeux et limites, éditions d’organisation,
Paris.
- Pascale Bertoni: Finances Publiques, l’Essentiel du cours, Vuibert, 2001,
3eme édition.
- Pierre Lalumière : Les finances publiques, Librairie Armand Colin, Paris,
7ème édition 1983.
- Yahia Denideni : La pratique du système budgétaire de l’Etat en Algérie,
OPU, Alger, 2002

ARTICLES :
- Benaissa Said, L’autonomie des E.P.E et les finances publiques ,
R.A.S.J.E.P. n° 1, mars 1989
- BLANCHARD_ DIGNAC Christophe: Le contrôle de l’exécution des lois
de finances : enjeux et perspectives, RFFP, n°59, 1997.
- Séminaire de Josée Champigny, Initiation à la budgétisation par
programme axée sur les résultats, ministère des finances, 28 mai 2005.p.3

- HAMIDI DAOUDI : la rénovation du contrôle supérieur des finances


publiques –les pratiques exemplaires-, revue IDARA n° 37 , 2009, p7.
- HAMIDI DAOUDI : La coopération multilatérale et bilatérale entre les
institutions supérieures de contrôle des finances publiques, revue IDARA
n°29 , 2005, p87 .
- PHILIP SEAUIN: La cours des comptes et le parlement, revue française
des fiances publiques, n° 59, 1997, p7.

215
- Bouvier (M.), « Pour une nouvelle gouvernance financière : repenser et
reconstruire les finances publiques de demain », R.F.F.P., n° 87, septembre
2004.
- Bouvier (M.), « Réforme des finances publiques : Réforme de l'Etat », in
revue française de finances publiques, n° 73, (numéro spécial), janvier
2001.
- Brahimi (M.), « Le contrôle exercé par l’Assemblée populaire nationale»,
R.A.S.J.E.P., n° 2, juin 1984.
- Camby (J. P.), « La place des finances publiques dans les préoccupations
parlementaires », R.F.F.P, n° 84, septembre 2004.
- Camby (J. P.), « Droit budgétaire et droit parlementaire », R.F.F.P., n° 79,
septembre 2002.
- Chevauchez (B.), « Transparence budgétaire : où en est-on ? », R.F.F.P.,
n° 80, décembre 2002.
- Denideni) Y(, « la Genèse de la loi organique du 07 juillet 1984 relative
aux lois de finances Algériennes, revue Algérienne des sciences juridiques
et économiques et politiques, 2 ème partie, n° 2, 1999.
- Di Malta (P.), « Le régime juridique des comptes spéciaux du trésor »,
R.F.F.P., n° 32, 1990.
- Ghaouti (S.) et Yanat (A.) , « Le contrôle parlementaire des finances
publiques en Algérie ou la primauté du binôme contrôle / efficacité »,
communication présentée au colloque maghrébin organisé à Tunis du 28
au 30 / 01 / 1988 par le C.M.E.R.A..
- Lassale )J.P): la loi organique et l’équilibre constitutionnel des pouvoirs
RFFP.Paris ,1998
- Saidj )L(: la loi de règlement et le développement du contrôle
parlementaire de la restauration à nos jours, RFFP, N°51, 1995

Thèses
- Mohamed Taher Bouara : l’évolution de loi de finances en droit algérien,
thèse de doctorat , université d’Alger, faculté de droit 2006 .

216
‫فهرس المحتويات‬

‫شكر وعرفان‬
‫المقدمة‪1........................................................................................... :‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عرض نظام الرقابة على النفقات العمومية – تحليل النظام الجزائري‪10................-‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الرقابة على النفقات العمومية ودوره في تفعيلها‪10..................................‬‬
‫المطلب األلو‪ :‬اإلطار المفاهيمي لقانلون المحاسبة العملومية‪11 ........................................‬‬
‫الفرع األلو‪ :‬مفهلوم المحاسبة العملومية‪11.............................................................‬‬
‫الفقرة األلولى تعريف قانلون المحاسبة العملومية‪11.....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية تمييز المحاسبة العملومية عن ميادين مجالورة لها‪17.......................................‬‬
‫الفقرة الثالثة مجا‪ :‬تطبيق المحاسبة العملومية‪20......................................................‬‬
‫الفرع الثاني نقص معتبر في مصادر قانلون المحاسبة العملومية في الجزائر‪21.........................‬‬
‫الفقرة األلولى الخضلوع لنظام مالي لومحاسبي خاص ألوجبه االحتال‪ :‬الفرنسي‪21.......................‬‬
‫الفقرة الثانية محالوالت تأطير المحاسبة العملومية بعد االستقال‪22................................... .:‬‬
‫الفرع الثالث مشك‪ :‬التقييم في المحاسبة العملومية‪26..................................................‬‬
‫الفقرة األلولى محالولة تعريف مفهلوم التقييم لومدى ارتباطه بفعالية النفقة العملومية‪26.....................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬رقابة التقييم في لوجلود النصلوص لوغياب الممارسة‪30...................................‬‬
‫المطلب الثاني اإلطار العملي للرقابة على النفقات العملومية‪32.......................................‬‬
‫الفرع األلو‪ :‬أهداف الرقابة على النفقات العملومية‪32..................................................‬‬
‫الفقرة األلولى األهداف التقليدية لو الفنية للرقابة‪33.....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية األهداف اإلستراتيجية‪34................................................................‬‬
‫الفرع الثاني نطاق الرقابة على النفقات العملومية‪36...................................................‬‬
‫الفقرة األلولى الشرعية‪36.............................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية النظامية‪38.............................................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة فعالية التسيير‪40........................................................................‬‬
‫الفقرة الرابعة المردلودية‪41............................................................................‬‬
‫الفرع الثالث التأسيس لنظام رقابي فعا‪44...........................................................:‬‬
‫الفقرة األلولى شرلوط فعالية الرقابة‪44................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية تعزيز اإلجرااات الردعية لوالعقلوبات‪46...................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إعتماد رقابة المطابقة من قبل كل هيئات الرقابة‪49..................................‬‬
‫المطلب األلو‪ :‬رقابة إدارية مكثفة‪50.................................................................‬‬
‫الفرع األلو‪ :‬الرقابة المسبقة‪50.......................................................................‬‬
‫الفقرة األلولى مراح‪ :‬إجراا النفقة‪51..................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية األعلوان الثالث‪57.......................................................................‬‬
‫مبدأي الفص‪ :‬بين اآلمر بالصرف لوالمحاسب العملومي لو التمييز بين الشرعية‬ ‫الفقرة الثالثة‬
‫لوالمالامة‪71........................................................................................‬‬
‫الفقرة الرابعة رقابة لجان الصفقات‪74................................................................‬‬
‫الفرع الثاني رقابة المفتشية العامة للمالية‪82..........................................................‬‬
‫الفقرة األلولى تنظيم المفتشية العامة للمالية‪83.........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية اختصاصات لوطبيعة رقابة المفتشية العامة للمالية‪84.....................................‬‬
‫المطلب الثاني رقابة مجلس المحاسبة‪90.............................................................‬‬
‫الفرع األلو‪ :‬الرقابة القضائية لمجلس المحاسبة‪91.....................................................‬‬
‫الفقرة األلولى مراجعة حسابات األمرين بالصرف لوالمحاسبين العملوميين‪93.............................‬‬
‫الفقرة الثانية رقابة االنضباط في مجا‪ :‬تسيير الميزانية لوالمالية‪94.....................................‬‬
‫الفرع الثاني رقابة نلوعية التسيير‪97..................................................................‬‬
‫الفرع الثالث تقييم رقابة مجلس المحاسبة‪99..........................................................‬‬
‫الفقرة األلولى انحصار الرقابة في المطابقة لواالبتعاد تماما عن التقييم‪99...............................‬‬
‫الفقرة الثانية طرق الطعن في ق اررات مجلس المحاسبة‪101............................................‬‬
‫المطلب الثالث رقابة برلمانية غير فاعلة‪103.........................................................‬‬
‫الفرع األلو‪ :‬لوسائ‪ :‬الرقابة البرلمانية‪104..............................................................‬‬
‫الفقرة األلولى لجان التحقيق كلوسيلة للتحري البرلماني‪104.............................................‬‬
‫الفقرة الثانية قانلون ضبط الميزانية كآلية للرقابة الالحقة‪110..........................................‬‬
‫الفرع الثاني محدلودية الرقابة البرلمانية‪112...........................................................‬‬
‫الفقرة األلولى غياب تام للجان التحقيق البرلماني‪113..................................................‬‬
‫الفقرة الثانية انعدام الرقابة البرلمانية الالحقة‪116......................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬حتمية تدعيم رقابة المطابقة برقابة التقييم‪120........................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬قصور النظام الرقابي المعتمد على المطابقة‪120.....................................‬‬
‫المطلب األلو‪ :‬ضعف آداا األجهزة الرقابية‪121......................................................‬‬
‫الفرع األلو‪ :‬غياب رقابة التقييم يبعث إلى رقابة آلية كالسيكية ال تساير التطلورات الحاصلة‪121.........‬‬
‫الفقرة األلولى نقائص الرقابة القبلية‪121...............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية سلبيات الرقابة البعدية‪122..............................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة مظاهر تؤكد قصلور اآلداا الرقابي‪123..................................................‬‬
‫الفرع الثاني صعلوبة التحكم في المادة‪125...........................................................‬‬
‫الفقرة األلولى نصلوص تخلق التداخ‪ :‬أحيانا لوفراغا أحيانا أخرى‪125...................................‬‬
‫الفقرة الثانية غياب نصلوص خاصة تكف‪ :‬حقلوق أعلوان الرقابة‪126 ....................................‬‬
‫المطلب الثاني عدم اعتماد أدلوات الفعالية‪127 ......................................................‬‬
‫الفرع األلو‪ :‬غياب تام لمفهلوم ترشيد النفقات العملومية‪127.............................................‬‬
‫الفقرة األلولى عدم تطبيق مبدأ ترشيد اختيارات الميزانية‪128............................................‬‬
‫الفقرة الثانية االبتعاد عن انتهاج التقنيات لو األنظمة الخاصة بالترشيد‪131.............................‬‬
‫الفرع الثاني غياب تام لتقييم السياسات العملومية‪133.................................................‬‬
‫الفقرة األلولى مفهلوم تقييم السياسات العملومية‪134.....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية حسابات التخصيص الخاص كمجسد للسياسات العملومية‪136.............................‬‬
‫الفقرة الثالثة صعلوبة رقابة حسابات التخصيص الخاص‪140..........................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نحو نظام أمثل لرقابة النفقات العمومية‪149.........................................‬‬


‫المطلب األلو‪ :‬رقابة التقييم أسللوب البد منه في‪142..................................................‬‬
‫الفرع األلو‪ :‬تفعي‪ :‬الدلور الرقابي للبرلمان‪143.........................................................‬‬
‫الفقرة األلولى تكريس المعنى الحقيقي للترخيص المالي‪143............................................‬‬
‫الفقرة الثانية استعادة سلطة التشريع في المجا‪ :‬المالي‪145............................................‬‬
‫الفقرة الثالثة تعزيز العالقة بين البرلمان لومجلس المحاسبة‪147........................................‬‬
‫اإلصالحات‬ ‫ضمن‬ ‫التقييم‬ ‫لورقابة‬ ‫المطابقة‬ ‫رقابة‬ ‫بين‬ ‫التلوافق‬ ‫تكريس‬ ‫الثاني‬ ‫الفرع‬
‫الجديدة‪142.........................................................................................‬‬
‫الفقرة األلولى إدخا‪ :‬رقابة التقييم ضمن صالحيات المفتشية العامة للمالية‪149.........................‬‬
‫الفقرة الثانية تفعي‪ :‬رقابة التقييم لدى مجلس المحاسبة‪151............................................‬‬
‫المطلب الثاني التطلورات الجديدة الخاصة بنظام الرقابة في إطار التلوجه نحلو التسيير العملومي القائم‬
‫على أسس اقتصادية‪154 ...........................................................................‬‬
‫الفرع األلو‪ :‬امكانية تطبيق قلواعد التسيير الخاص على التسيير العملومي‪155..........................‬‬
‫الفقرة األلولى االختالفات الملوجلودة بين القطاع العملومي لوالقطاع الخاص‪156..........................‬‬
‫الفقرة الثانية نظام رقابة التسيير في التنظيمات العملومية‪158..........................................‬‬
‫الفقرة الثالثة صعلوبات تطبيق رقابة التسيير في القطاع العملومي‪161..................................‬‬
‫الفرع الثاني إصالحات قيد االنجاز‪162..............................................................‬‬
‫الفقرة األلولى المخطط المحاسبي الجديد للدلولة‪162...................................................‬‬
‫الفقرة الثانية تحديث أنظمة الميزانية‪170.............................................................‬‬
‫المطلب الثاني التجربة الفرنسية لوآثارها على مسار الرقابة في النظام الجزائري‪173.....................‬‬
‫الفرع األلو‪ :‬دراسة ملوجزة لمناخ المالية العملومية في فرنسا بعد صدلور القانلون العضلوي المتعلق‬
‫بقلوانين المالية ‪173...................................................................................‬‬
‫الفقرة األلولى اإلطار الجديد للمالية العملومية المتضمن في القانلون العضلوي المؤرخ في ‪ 1‬ألوت‬
‫‪173......................................................................................... 1001‬‬
‫تطلورات نظام الرقابة على النفقات العملومية بعد صدلور القانلون العضلوي المتعلق بقلوانين‬ ‫الفقرة الثانية‬
‫المالية ‪176..........................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني إسقاط التجربة الفرنسية على النظام الرقابي الجزائري‪188.................................‬‬
‫الفقرة األلولى المحالور الكبرى المتعلقة باإلصالح في المشرلوع التمهيدي للقانلون العضلوي المتعلق بقلوانين‬
‫المالية ‪188..........................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية تصلورات لنظام الرقابة في ظ‪ :‬هذا المشرلوع‪200.........................................‬‬
‫خاتمة‪205..........................................................................................‬‬
‫قائمة المراجع‪209...................................................................................‬‬
‫المالحق‪217........................................................................................‬‬

You might also like