Professional Documents
Culture Documents
تختلف وظيفة الدولة أو مدى تدخلها ،باختالف المذاهب السياسية التي تعتنقها كل دولة .و
المذهب السياسي ،في الحقيقة ،يعكس من الناحية السياسية مجموعة من القيم و األفكار المترابطة أو
مجموعة من اإليديولوجيات التي تقدم تصو اًر للوجود ،أي هو برنامج سياسي يجسد بشكل متكامل جملة
من اإليديولوجيا ت ،و يحدد األهداف و الوسائل الالزمة لنقلها من البنية الفكرية البحتة إلى البنية القانونية
والحركية في إطار الدولة .ومع تطور وظائف الدولة بتطور النظريات االقتصادية ،أصبحت الدولة فاعال
في الحياة االقتصادية بعد أن كان دورها يقتصر على تغطية نفقاتها العمومية المتمثلة في قطاعات
السيادة كاألمن ،القضاء والدفاع.
إن هذا التطور في وظائف الدولة فرض على هذه األخيرة إيجاد منهجية ووسائل تمكنها من التدخل
في الحياة االقتصادية بالخصوص ،وقد تحقق ذلك فعال من خالل تحديد السياسة المالية التي أصبحت
عامال مهما وعنص ار فعاال في الد ارسات االقتصادية والمالية ،والمكانة التي تحتلها السياسة المالية اليوم
في الفكر الحديث لم تحدث طفرة واحدة فقد كان دورها باهتا في العصور القديمة ،أما في الفكر التقليدي
كان مطلوبا منها أن تكون محايدة تماما اتساقا مع طبيعة الفكر السائد آنذاك.
وبقي حال السياسة المالية على هذا الوضع إلى أن ظهر في األفق األزمات االقتصادية ،وبصفة
خاصة األزمة العالمية التي اجتاحت العالم سنة ،9191إذ يمكن القول بأن التطور األعظم الذي لحق
بالسياسة المالية قد نبع من اإلسهام الكبير لالقتصادي الكبير جون ماينرد كينز في مؤلفه" النظرية العامة
في العمالة والفائدة والنقود" ،مع تأكيده على فشل آليات السوق وحدها في عالج المشاكل االقتصادية
وخاصة مشكلة الكساد العظيم ،وما ترتب عليه في الواقع العملي من ضرورة تبني أراء كينز الخاصة
بتدخل الدولة في النشاط االقتصادي واالنتقال من نطاق الدولة الحارسة إلى نطاق الدولة المتدخلة
بسياسات مالية مناسبة.
1
ومنذ ذلك الحين اكتسبت السياسة المالية دو ار أكثر أهمية وأصبحت أداة رئيسية من أدوات السياسة
االقتصادية في توجيه مسار الكيان االقتصادي ،ومعالجة ما يتعرض له من هزات وأزمات فضال عن ما
لها من اثر في التنمية القتصادية وخاصة في الدول السائرة في طريق النمو ،وبفضل ذلك التطور الذي
لحق بالسياسة المالية في النظم المعاصرة أصبح من واجب الدولة ولزاما عليها أن تتدخل في توجيه
االقتصاد الوطني في كافة نواحيه ،وأصبحت السياسة المالية تلعب دو ار جوهريا في تحقيق األهداف التي
ينشدها االقتصاد.
أن تطور
أن تدخل الدولة في الحياة االقتصادية يفترض مراعاة عدة معايير ،كما ّ
مما سبق اتضح ّ
الوقائع االقتصادية قد انعكس على تطور علم المالية من علم يهدف إلى تأمين إيرادات عامة لتغطية
نفقات عامة إلى العلم الذي يبحث في جملة الوسائل المالية التي تستخدمها الدولة لتحقيق أهدافها
االقتصادية والسياسية واالجتماعية .فالنفقات العمومية تؤثر على النشاط االقتصادي وبالتالي تؤثر في
التوازن االقتصادي ،هذا باإلضافة إلى اآلثار التي تحدثها اإليرادات على النشاط االقتصادي ولهذا تصبح
ثم
بحد ذاتها ،بل هي وسيلة يفترض تفاعلها مع الحالة االقتصادية للبالد ،ومن ّ
ميزانية الدولة ليست غاية ّ
يصبح على السياسة المالية أن توازن بين ميزانية الدولة بما يتفق ويتالءم مع توازن االقتصاد .ومن هنا
يبرز الدور المعتبر للمالية العمومية باعتبارها الممول الوحيد لكل نشاطات الدولة لتحقيق أقصى مساهمة
في إشباع االحتياجات بمختلف أنواعها وفي انجاز الخطط والبرامج والسياسات العمومية التي تمس كل
المجاالت .فالمالية العمومية إذن هي العلم الذي يتمثل موضوعه في دراسة القواعد المنظمة للنشاط
المالي ولألنشطة التي تبذلها الهيئات في سبيل الحصول على الموارد الضرورية النفاقها قصد اشباع
الحاجات العامة ،أما منهجه أو طريقة بحثه فتتمثل في أدواته اإليرادات ،النفقات والميزانية .ويتحقق ذلك
من خالل دراسة هذه األدوات منفصلة ومنعزلة عن العوامل اإلقتصادية األخرى أو أنه العلم الذي يدرس
النفقات العامة واإليرادات العامة وتوجيهها من خالل برنامج معين يوضع لفترة محددة ،بهدف تحقيق
1
أغراض الدولة االقتصادية واالجتماعية والسياسية.
1محمد عباس محرزي :اقتصاديات المالية العمومية :النفقات العمومية ،اإليرادات العمومية ،الميزانية العامة للدولة ،ديوان المطبوعات الجامعية،
الطبعة الثانية ،2005 ،ص .34 ،33
2
ومما تقدم يمكن القول أن علم المالية هو ذلك العلم الذي يدرس القواعد المنظمة للنشاط المالي
للهيئات العمومية ومؤسسات الدولة ،و هو ذلك النشاط الذي تبذله الهيئات في سبيل الحصول على
1
الموارد الضرورية الالزمة إلنفاقها من أجل الوصول إلى اشباع الحاجات العامة.
وتعتبر الميزانية العامة للدولة إحدى أبرز األدوات التي تستخدمها الدول في إطار السياسة المالية،
فالميزانية عبارة عن خطة مالية سنوية للحكومة تطرح من خاللها برامجها ومخططاتها التنموية ،ومن هنا
فإن الدولة ملتزمة بالحرص على استعمال الموارد العمومية وتوجيه استخدامها وفقا ألولويات المجتمع.
وفي هذا الصدد على السلطات العمومية أن تحسن اختياراتها في إطار ترشيد اختيارات الميزانية وفق
متطلبات ومساعي المجتمع .وال يخفى علينا في هذا النطاق أن الحرص على ترشيد النفقات العمومية هو
من أول األولويات التي ينبغي اعتمادها.
ولما كان اتساع نشاط اإلدارة تبعة حتمية الزدياد حجم الموارد العمومية مع تطور وظيفة الدولة،
فإن إمكانية االنحراف في استعمال الموارد العمومية أمر يطرح بنسبة أكبر خاصة على اعتبار أن ظاهرة
تزايد النفقات العمومية هي ظاهرة اقتصادية محضة.
وبغية التحكم في اإلنفاق وتوجيهه لألغراض التي تخدم المجتمع وفق استعمال عقالني للموارد
العمومية كان البد من إرساء نظام كفيل بالنظر في االستعمال الحسن لهذه الموارد والتحكم في حجمها.
ومن هذا المنطلق برزت الرقابة التي لطالما كانت ركنا من أركان اإلدارة في الدولة الحديثة وتحتل مكانا
هاما بين التخطيط والتنظيم والتوجيه ،ويرتبط كل منهما باآلخر ارتباطا وثيقا ،فبدون التخطيط ال توجد
الرقابة حيث لم يسبق تحديد األهداف المطلوب تحقيقها والعناصر الواجب استخدامها لتحقيق هدف معين
في زمن محدد ،كما أن التنظيم الجيد والتحديد الواضح للسلطات والمسؤوليات يسهل عملية الرقابة،
والتوجيه ضروري قبل تنفيذ األعمال المختلفة لتوجيه اإلمكانيات المتاحة نحو تحقيق األعمال المطلوبة
بكفاءة ،والتوجيه السليم يرتبط ارتباطا وثيقا بعملية الرقابة ويساعدها على اكتشاف األخطاء .فدور الرقابة
ال يقف على مجرد المراجعة المستندية ،بل يمتد لبحث سالمة التصرفات ويقيم األداء ليقوده إلى الطريق
2
الصحيح.
1حسين مصطفى حسين :المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1995 ،ص .4
2محمود عوف الكفراوي :الرقابة المالية :النظرية والتطبيق ،مطبعة االنتصار ،الطبعة الثالثة ،االسكندرية ،2005 ،ص .15،14 ،13
3
و بالتالي فالرقابة على األموال العمومية تعني التفتيش والمالحظة والمتابعة والتحقيق من االستعمال
الحسن لإلمكانيات البشرية والمادية والمالية ،وكذلك الوثائق والحسابات ،واحترام القوانين والتنظيمات
الموضوعة كمقاييس لعمل المسيرين ومعاقبة المخالفين .وال تقف الرقابة عند هذا الحد أي العالج بل
تتعداه إلى الوقاية ،معنى ذلك أن الهدف من الرقابة ليس فقط تسليط العقوبات على المخالفات واألخطاء
التي يرتكبها الموظفون القائمون على تنفيذ الميزانية ،بل أيضا تهدف إلى تقديم النصح لهم لتفادي
األخطاء ويمكن استخالص مفهوم الرقابة عل األموال العمومية على أنها مالحظة ومتابعة النفقات
واإليرادات التي يقوم بصرفها وتحصيلها األشخاص الذين خول لهم القانون ذلك ،والتحقق من مدى
مطابقتها للقواعد والمقاييس الموضوعة لتنظيمها ،كأن يتأكد من أن االلتزام أو األمر بالصرف الخاص
بنفقة معينة قد تم صرفه ،أو االلتزام به بصفة مطابقة لتنظيمات وقوانين المحاسبة العمومية .فالمراقب
يقيم المسؤولية الملقاة على عاتق مرتكبي األخطاء فيطلب من الجهات المختصة بإيقاع العقوبات الالزمة،
أو يقوم هو بذلك إن كان في سلطته ويسهر على عدم تكرار مثل هذه األخطاء.
فالرقابة إذا هي وظيفة إدارية تعنى بقياس وتصحيح أساليب األداء ،من أجل التأكد من أن أهداف
المؤسسة وخططها التي وضعت لتحقيق هذه األهداف قد نفذت ،وتقرير ما إذا كانت الخطط التي وضعت
قد تم اعتمادها في التنفيذ ،وما إذا كان هناك تقدم فعلي نحو تحقيق األهداف ،والتحرك لتصحيح
االنحرافات واألخطاء .كما يمكن تعريفها بأنها :مجهود تقوم به الجهات المسئولة يشمل المالحظة
المستمرة لألداء ،وقياس النتائج الفعلية واستخراج مؤشراتها بحيث يمكن مقارنتها بالمعايير الموضوعة
لتحديد االنحرافات عن األهداف المسطرة ،أو توقع حدوت هذه االنحرافات ومعرفة أسبابها ،تم تحديد
انسب التصرفات العالجية والتصحيحية التي تحقق االستخدام األمثل للموارد المتاحة للتنظيم لتحقيق
أهدافه ،كما تساعد على التحقق من أداء األنشطة بالكيفية المحددة لها طبقا لإلجراءات ،واألنشطة التي
تحك م أداء العمل اإلداري العام ،وكذلك تمكن من التحقق من أن التنفيذ يسير في اتجاه األهداف الرئيسية
المحددة .أو هي مجهود ،عمل تقوم به الجهات المسؤولة يشمل المالحظة و المتابعة المستمرة لألداء
المالي ،وقياس نتائجه الفعلية واستخراج مؤشراتها القياسية لتشخيص االنحرافات عن األهداف المسطرة،
ووصف العالج المناسب لتصحيحها .يظهر لنا من التعاريف السابقة أنه يمكن التمييز بين نوعين من
الرقابة:
4
_ رقابة المطابقة التي تمارس على كل تصرف أو تسيير لألموال العمومية للنظر في مدى
مطابقتها للنصوص التشريعية والتنظيمية السارية المفعول ،واذا تمت هذه الرقابة بصفة مسبقة فهي تسمح
بوضع حد للتجاوزات ،واذا تمت بصفة ملحقة فإنها تحدد المسؤوليات المترتبة على مرتكبيها.
_ رقابة تستند للمبادئ األساسية للتسيير السليم وذلك من خالل تكييف النصوص القانونية حسب
ظروف تطبيقها .هذه الرقابة هي رقابة أداء ،تطبق على مختلف أنواع التسيير العمومي كما تسمح
بمقارنة اإليجابيات والسلبيات ،وهي رقابة مؤسسة على مقاييس اقتصادية قائمة على عقلنة استعمال
الموارد االقتصادية والسياسية والمالية استنادا إلى المعلومات المتوفرة ،إذ تسمح بالتأكد من مسايرة
1
التقديرات الميزانية لألهداف المسطرة بحيث يجب أن تكون مضبوطة ومحددة بصفة دقيقة.
واذا ما كانت رقابة الفعالية هي موضوع رقابة التسيير التي تهدف إلى معرفة درجة تحقيق
األهداف فرقابة النجاعة يقصد بها استعمال الوسائل المتاحة بطريقة مثلى مقارنة باألهداف المحققة أي
رقابة المردودية وهي رقابة بعدية تتم بعد اتخاذ الق اررات.
وفي هذا اإلطار برز مفهوم التقييم الذي يعتبر حديثا بالنسبة لإلدارة ،ففي فرنسا مثال تم تعريفه
على أنه برنامج يهدف إلى البحث عما إذا كانت الوسائل القانونية اإلدارية والمالية المسخرة لتنفيذ برامج
أو سياسة معينة تسمح بتحقيق النتائج والوصول إلى األهداف المحددة لذلك .حيث تتميز العملية بالتزام
الموضوعية ،إذ البد أن تكون قاعدة المعطيات والمستندات المستعملة في العملية دقيقة و كافية التخاذ
الق اررات كما البد من استقاللية األحكام الصادرة وكذا التزام الشفافية ،إذ يجب أن تكون طريقة و معايير
ونتائج التقييم واضحة ،لذلك فان وضع نظام التقييم يهدف إلى جعل اإلدارة تعيد النظر كل مرة في طريقة
تسييرها.
وقد ارتبط مفهوم رقابة المال العام بتطور األنظمة المالية واإلدارية للدولة حيت ال يمكن الجزم أن
رقابة المال العام ارتبطت بظهور الدولة الحديثة بل لها امتدادات في التاريخ ،وعلى اعتبار أن الرقابة
على المالية العمومية في الجزائر حديثة التكوين وتقتبس جل مبادئها من النظام الفرنسي ،فإننا سنركز في
هذه اللمحة التاريخية على تاريخ الرقابة في فرنسا حيث تجد الرقابة جذورها األولى في الحقبة الرومانية
أين استخدمت ألول مرة الرقابة على الوثائق ،الرقابة على صحة ودقة األرقام ،إيداع األموال الباقية في
1
Francis J Fabre : le contrôle des finances publiques, Paris, 1968, p 8.
5
حسابات خاصة ،باإلضافة إلى استخدام تقنية توقيف الحسابات 1.كما استخدم الملوك الذين حكموا فرنسا
بعد الحقبة الرومانية قواعد المالية سيما الرقابة على األموال الملكية ،حيث شهدت القترة إنشاء الخزينة
2
الملكية في 30مارس .1788
وابتداء من القرن التاسع عشر أدرك المجتمع الليبرالي ضرورة الرقابة وتمكن من معرفة األهمية
التقنية والسياسية للرقابة على المالية العمومية ،لذلك شهدت هذه الفترة ميالد المبادئ األساسية للرقابة
والمحاسبة العمومية -خاصة المتعلقة منها بدور المحاسبين العموميين -وخلق أو إنشاء األسالك أو
مؤسسات الرقابة البعدية .فقد أنشأ القنصل األول بموجب القرار المؤرخ في 27سبتمبر 1801و ازرة
وكذا الخزينة العمومية رفقة مفتشين عامين مكلفين برقابة صناديق القابضين receveurs
الدافعين .payeursكما تم إنشاء مجلس المحاسبة المكلف بالقضاء المالي بموجب قانون 16سبتمبر
1807ومرسوم 28سبتمبر من نفس السنة .و صدر في سنة 1808مرسوم يحدد مسؤوليات المحاسبين
العموميين باإلضافة إلى قواعد المحاسبة العمومية .وجاء األمر المؤرخ في سبتمبر 1822ليضع المبدأ
األساسي المتمثل في الفصل بين اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين .نشير إلى أنه خالل هذه الفترة
لم يكن المحاسبون سوى أمناء صناديق بسطاء لهم سلطة الرقابة على الوثائق المرفقة بملف الدفع .إلى
والذي يؤكد على مسؤولية المحاسب غاية سنة 1838حيث صدر األمر المؤرخ في 31ماي 1838
العمومي .ويعود تاريخ أول تقنين خاص بالمحاسبة العمومية إلى سنة ،1862حيث تم إصدار مرسوم
31ماي من نفس السنة ،هذا األخير لم يتم تعديله إال بعد قرن من الزمن بموجب مرسوم 29ديسمبر
. 1962وابتداء من القرن العشرين ،اتضح تحكم الدولة في المجال المالي وهذا ما تأكد مع تأسيس رقابة
االلتزام التي تسمح بالتحقق من العديد من العناصر ال سيما توفر اإلعتمادات .وقد وضعت هذه الرقابة
حيز التنفيذ منذ سنة 1890كآلية داخلية في كل و ازرة ،إلى أن صدر القانون المؤرخ في 10أوت 1922
3
الذي أنشأ وظيفة المراقب المالي الخاضع لسلطة وزير المالية.
أما عن تطور الرقابة على المالية العمومية في الجزائر فإن األمر يستدعي اإلشارة إلى تطور
المحدد آلليات هذه الرقابة ،من خالل
ّ المؤسساتي على اعتبار أن هذا اإلطار هو
اإلطار السياسي و ّ
1وتم استخدام هذه التقنيات في عملية الرقابة إبان الحقبة الرومانية وفق ما يبينه نص )235-193( Callistrateبعد الميالد.
2
Andri BARILAR: les contrôles financiers comptables, administratifs et juridictionnels des finances publiques,
LGDG, 2003, p15,16 .
3
IDEM, p16,17 .
6
طبيعة العالقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ال سيما في المجال المالي ،لكونه أهم أوجه
االهتمام لكل من الحكومة والبرلمان ،فالنظام السياسي الجزائري لم يكن محدد المعالم واألطر ،بل خضع
لتحوالت عدة ،إذ عرفت الجزائر نماذجا مختلفة جاءت مسايرة للظروف التي مرت بها وتكيفا مع ما يعتقد
أنها تحوالت وتطورات البد من مسايرتها ،هذه التحوالت تمت مواكبتها بمجموعة من المعايير القانونية
وبدرجات متفاوتة وذلك إلعطاء إطار قانوني لعمل مؤسسات الدولة ،وتحديد طبيعة ومهام كل مؤسسة أو
وظيفة ،فمرت بذلك المؤسسة التشريعية أو الهيئة المكلفة بالتشريع والرقابة في الجزائر بعدة مراحل،
وعرفت نماذجا متباينة من حيث التنظيم والصالحيات تبعا لمقتضيات وظروف إنشائها ولطبيعة النظام
السياسي ومتطلباته في كل مرحلة.1
فبعد االستقالل تبنت الجزائر النهج االشت اركي وسيادة مبدأ وحدة السلطة وتعدد الوظائف ،فكان كل
من الميثاق الوطني والدستور يعتبران الرقابة أم ار ضروريا لتجسيد االختيار االشتراكي الذي تبناه دستور
9191و ،9199وفي هذا اإلطار أكد دستور 9199على أن وظيفة الرقابة عامل رئيسي في مسيرة
الثورة ،وجاء بمجموعة من المصطلحات التي قد يفهم منها أنها تكريس لدور الرقابة وتتمثل هذه
المصطلحات في :اإلرادة الشعبية ،الديقراطية ،المشاركة ،تسيير الشؤون العامة .لكن بالمقابل الحظنا
محاولة إحداث فصل بين المتالزمين الكالسيكيين وهما الديمقراطية والرقابة ،وتعويضهما بمتالزمين آخرين
هما الرقابة والفعالية ،2إلى غاية سنة ،9191حيث االبتعاد عن التوجه االشتركي والميل إلى التوجه
الليبرالي بصدور دستور 1989وبعدها دستور 9119حيث لم تختلف معالجة الرقابة فيهما عما سبق.
وفي سياق التحوالت الراهنة في مجال التسيير العمومي القائم على أسس اقتصادية وتأثيرها على
المالية العمومية عموما ،يبقى مشكل الرقابة مطروحا من عدة جوانب ،من حيث تماشي الرقابة مع هذا
التوجه ومدى قدرتها على التكيف مع التطورات الهائلة التي عرفها هذا المجال .فباعتبار أن النشاطات
المالية للدولة تستحوذ على أهمية قصوى لما لها من تأثير على بقية أوجه نشاط الدولة فإن تضخم أعباء
الدولة و ما ترتب على ذلك من ديون عمومية أثر على فعالية و كفاءة سير مختلف المرافق و القطاعات
الحكومية ،لهذا السبب صيغت العديد من النظريات التي تمس مختلف جوانب عملية التسيير في القطاع
العمومي .حيث تحت تأثير العديد من العوامل بات من الضروري رفع أداء كفاءة المرافق و القطاعات
سعيد بوشعير :النظام السياسي الجزائري ،دار الهدى ،9111 ،ط ،9ص.54 1
2
:حابسة عادل :الرقابة البرلمانية للمالية العمومية في الجزائر ،مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير في القانون ،كلية الحقوق بن
عكنون ،9199 ،ص .5 ،4،3
7
العمومية ،فقد عرفت العديد من الدول المتقدمة وحتى النامية تغيي ار جذريا في مستوى تدخل الدولة في
الحياة االقتصادية و االجتماعية باتجاه التقليص و لكن ذلك أصبح غير كاف بالنظر إلى عدم كفاءة
القطاع العمومي من حيث مستوى األداء و كفاءة استخدام الموارد المتاحة .1
كما انتشر الفساد المالي ،ومحاولة االغتناء السريع وسوء التدبير ،والسلوك المالي المنحرف كلما
برزت أهمية الرقابة الفعالة والصارمة على المال العام من أجل صيانته وتوجيهه لصرفه في األوجه
المحددة لتحقيق المصلحة العامة ،من هنا تأتي أهمية الموضوع كونه يتناول قضية شكلت محور اهتمام
الدول على مختلف أحجامها و أشكالها ،لمواجهة أخطر الصعوبات التي تواجه األمم.
إن أحد أبرز األسباب التي دفعتنا الختيار الموضوع هو دراسة مدى تماشي الرقابة الموضوعة على
النفقات العامة مع حجم وخصوصية المالية العمومية وهل هي فعالة وتحترم التراخيص المقدمة من
السلطة التشريعية ،باعتباره الهدف األصلي للرقابة .ومنها أيضا قلة المراجع المتعلقة بالمالية العمومية
والمحاسبة العمومية إن لم نقل ندرة تناول هذا الموضوع .وهذا بطبيعة الحال لإلثراء ولخلق نقاشات
ودراسات تخص هذا المجال خاصة مع ما يميز هذا المجال من تطورات سواء في مجال التزايد المستمر
للنفقات العمومية ،أو التطو ارت الحاصلة في المجال المالي والمحاسبي على الصعيدين الداخلي والخارجي
خاصة.
نظام الرقابة القائم في القانون الجزائري على مصطلح المطابقة خاصة يطرح مسألة تحقيق
الهدف األصلي للرقابة والمتمثل في احترام الرخص المالية وفي نفس الوقت يطرح مسألة النجاعة أو
التقويم في التسيير العمومي ،في حين أصبح اإلعتماد في الدولة الحديثة على رقابة التقييم أمر ال مفر
منه ،ولهذا تطرح في حقيقة األمر مسألة تكامل أو تناقض شكل الرقابتين :رقابة المطابقة ورقابة
التقييم.
لإلجابة على اإلشكالية المطروحة و بهدف اإللمام بمختلف جوانب البحث و تحليل أبعاده
ومعطياته ستتم الدراسة وفقا للمنهج الوصفي التحليلي ،باعتباره األنسب لهذا النوع من الدراسات ،ألنه
1
Encyclopedia Universalis , ed Encyclopedia Universalis ,France SA ,2002,Tome 7 ,p 816.
8
يقوم على تصوير النتائج التي تم التوصل إليها و ذلك باالعتماد على البيانات و المعلومات الرقمية
يمكن تحليلها و تفسيرها بغرض اإلجابة عن األسئلة التي يطرحها الباحث المستقاة من مصادر متعددة
1
و هو ما سنحاول الوصول إليه من خالل عرض و تحليل نظام الرقابة في و المشكلة التي يدرسها
الجزائر ،كما استعنا بالمنهج المقارن إلبراز بعض نقاط التشابه واالختالف مع التجارب الدولية خاصة
التجربة الفرنسية التي استقت الجزائر منها معظم تشريعاتها وتنظيماتها.
وقد شمل بحثنا على فصلين يتم من خاللهما اإلجابة على اإلشكالية المطروحة:
الفصل األول :تناولنا في هذا الفصل نظام الرقابة على النفقات العمومية ،وذلك من خالل تحليل
النظام الجزائري للرقابة و دراسة الرقابة على النفقات العمومية من حيث إطارها النظري أوال أين سنسلط
الضوء على قانون المحاسبة العمومية ،ثم نتناول مفهوم التقييم في المحاسبة العمومية ،ثم نتناول اإلطار
العملي للرقابة كأهدافها و مقوماتها ،لنعرج إلى التعرف على طبيعة الرقابة في النظام الرقابي الجزائري من
خالل تناول الرقابة اإلدارية ،الرقابة القضائية وأخي ار الرقابة البرلمانية ،حتى نبرز االعتماد الكلي على
رقابة المطابقة وغياب الرقابة القائمة على التقييم رغم تكريسها في جل النصوص المتعلقة بالرقابة.
الفصل الثاني :نبرز في هذا الفصل بداية قصور النظام الرقابي القائم على المطابقة وحدها من
خالل العديد من النقاط ،لنصل إلى النظام المثالي للرقابة على النفقات العمومية من خالل دراسة كل
اإلصالحات التي شرع فيها مؤخ ار في مجال الرقابة على النفقات العمومية مع دراسة اإلصالحات
المعتمدة في النموذج الفرنسي من خالل دراسة القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية المؤرخ في 1أوت
2001وما يقابله في الجزائر وهو المشروع التمهيدي المتعلق بقوانين المالية وتأثيراته على مناخ المالية
العمومية والرقابة عليها خاصة.
1رجاء وحيد دويدري :البحث العلمي أساسياته النظرية و ممارسته العلمية ،دار الفكر ،دمشق ،0222 ،ص .381
9
الفصل األول :عرض نظام الرقابة على النفقات العمومية – تحليل النظام الجزائري-
وضع القانون الجزائري أسسا لقيام رقابة مشددة مند مطلع ثمانينات القرن الماضي بصدور عدة
نصوص قانونية 1وتعززت ترسانة القوانين المتعلقة بالرقابة على النفقات العمومية بصدور النص األساسي
الذي ينظم هذه المادة والمتمثل في القانون 12-09المتعلق بالمحاسبة العمومية.2حيث تناولت هذه
النصوص الرقابة على النفقات العمومية بالتفصيل ،إذ تراقب النفقة على عدة مراحل ،وتتناسب شدة
الرقابة طردا مع قيمة وأهمية النفقة كما هو الحال مع الصفقات العمومية .إذن فالتشديد في الرقابة نتيجة
إيجابية تتمثل في ضمان حسن تسيير األموال العمومية مع تحميل كل طرف مسئولياته كاملة مع تطبيقها
بكل صرامة.
وفي فصلنا هذا سنتناول بالتفصيل أهم المفاهيم المتعلقة بالمحاسبة العمومية الواردة في القانون
الجزائري باإلضافة إلى تقديم دراسة شاملة لنظام الرقابة مع تناول بالتفصيل اإلطار النظري و المفاهيمي
للرقابة وكيفية تفعيل النفقة العمومية من خالل التعرض إلى مقومات النظام الرقابي (مبحث أول) ،ثم
سنعرج في المبحث الثاني على دراسة طبيعة الرقابة في النظام الجزائري بتناول مختلف أنواع الرقابة
والهيئات أو األجهزة المكلفة بها.
تعتبر الرقابة على األموال العمومية عنص ار أساسيا في النظام الديموقراطي ،حيث أن الخاضعين
للضريبة ،وعن طريق ممثليهم يسمحون بتحصيل إيرادات الدولة ودفع نفقاتها،وبالنظر لألهمية البالغة
لألموال التي تصرفها الدولة التزايد المستمر في النفقات العمومية كان ال بد من وضع نظام رقابة يتماشى
مع تطور هذه المبالغ حتى يحميها من سوء التسيير والتبديد ،ومن هنا نجد أن حسن استعمال األموال
العمومية يؤدي بالضرورة إلى خلق اقتصاد ذو مكانة معتبرة إن لم نقل ممتازة.
ومن خالل هذا المبحث سنتعرض إلى كل ما يتعلق بقانون المحاسبة العمومية من حيث المفهوم
والمصادر في المطلب األول ،ثم نتعرض في المطلب الثاني إلى اإلطار العملي للرقابة على النفقات
العمومية بالحديث عن أهدافها ،نطاقها باإلضافة إلى كيفية التأسيس لنظام رقابي فعال.
1
يتعلق األمر بالنصوص التالية:
القانون 90-09المؤرخ في 2مارس 2009المتعلق بممارسة مهمة المراقبة من قبل المجلس الشعبي الوطني. -
القانون 90-09المؤرخ في أول مارس 2009المتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من طرف مجلس المحاسبة. -
المرسوم 05-09المؤرخ في أول مارس 2009المتضمن إحداث المفتشية العامة للمالية. -
2
القانون 12-09المؤرخ في 20أوت 2009يتعلق بالمحاسبة العمومية ،جريدة رسمية عدد .50
10
المطلب األول :اإلطار المفاهيمي لقانون المحاسبة العمومية
خالل هذا المطلب سنتناول بالدراسة والتفصيل أهم المفاهيم المتعلقة بالمحاسبة العمومية ،مصادر
قانون المحاسبة العمومية ثم نعرج على مشكل رقابة التقييم في المحاسبة العمومية.
سنلقي الضوء في هذا الفرع على المحاسبة العمومية وهذا بتعريفها ثم نتطرق إلى تمييزها عن
الميادين المجاورة لها ثم نتناول المجاالت التي تطبق عليها هذه المحاسبة.
المحاسبة بصفة عامة تعني الكتابات التي تعبر باألرقام عن العمليات الحسابية الخاصة بتنفيذ
اإليرادات والنفقات بواسطة تقنيات خاصة واجراءات محددة قانونا .والقصد من ذلك هو المتابعة المستمرة
والدائمة للوضعية المالية لمعرفة في كل وقت الرصيد المالي المتوفر واالعتمادات المتبقية في كل بند من
بنود الميزانية ومبلغ النقود المتوفرة واألثاث والبضائع من جهة ومراقبة استعمالها من جهة أخرى.
ف المحاسبة هي علم مالحظة يمكن التعبير عن تسييرها باألرقام ،وفرض نفسه كشيء ضروري وحتمي
على كل المؤسسات التجارية .هذه الضرورة فرضت نفسها على الهيئات العمومية بسبب تفاقم مهامها
وبذلك أصبحت السلطات العمومية مجبرة على وضع قواعد محاسبية لتنفيذ العمليات المالية العمومية.
من بين التعريفات التي قدمت للمحاسبة العمومية هو التعريف التقني الذي يقضي بأن قواعد
2
المحاسبة العمومية 1هي قواعد تقديم الحسابات العمومية.
كما أنها لها تعريف إداري فهي قواعد تهدف إلى تقديم الحسابات العمومية والى تنظيم مصالح
المحاسبين العموميين.
1
يعرفها المرسوم الفرنسي الصادر في 52ماي 2091أنها" مجموعة القواعد المطبقة على تسيير النقود العاملة" حيث النقود العاملة تأخذ مفهوم
"نقود الدولة والمحافظات والبلديات والمؤسسات العمومية ".أو هي قواعد عرض الحسابات العمومية وتنظيم وظيفة المحاسبة العمومية ،غير أن هذا
التعريف ض يق حيث يحصر مدلول المحاسبة العمومية في تقنية عرض حسابات الهيئات العمومية ،أو هي قواعد عرض الحسابات العمومية وتنظيم
وظيفة المحاسبين العموميين .المرسوم المؤرخ في 2091/90/52في فرنسا يعرف قواعد المحاسبة العمومية على أنها هي القواعد التي تفرض على
المحاسبين العموميين واآلمرين بالصرف حتى تقبل أي عملية مالية.
أما التعريف القانوني الحالي للمحاسبة العمومية فقد جاء في مرسوم 2091في فرنسا والذي يقضي بأنها مجموعة القواعد التي تحدد واجبات
ومسؤوليات المحاسبين العموميين واآلمرين بالصرف وهي التي تفرض عليهم حتى يتم قبول العمليات المالية إيرادات ونفقات األعوان الذين يقومون
بها ،وهو يأخذ بعين االعتبار العمليات المالية التي يقومون بها و األشخاص العمومية المستفيدين من هذه العمليات و المادة األولى من القانون
12-09ذكرت هذا التعريف.
2
DI QUAL lino, droit de la comptabilité publique, Paris, Armand colin, 1972.
11
وقد عرف المرسوم التنفيذي 525-02المؤرخ في 7سبتمبر 2002الذي يحدد اجراءات
المحاسبة التي يمسكها اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون وكيفياتها ومحتواها ،عرف في المادة
الثانية منه المحاسبة العمومية على أنها :تتمثل المحاسبة الخاصة باإلدارات التابعة للدولة والمجلس
الدستوري والمجلس الشعبي الوطني ومجلس المحاسبة ،والمصالح المزودة بالميزانيات الملحقة،
والجماعات االقليمية و المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري في وصف العمليات المالية ومراقبتها
واطالع سلطات الرقابة والتسيير عليها ،وقد أضافت المادة الثالثة من نفس المرسوم على أن هذه
المحاسبة تتكون من محاسبة إدارية يمسكها اآلمرون بالصرف ومحاسبات يمسكها المحاسبون
1
العموميون.
الوارد في المادة األولى من القانون 12-09المؤرخ في إضافة إلى التعريف الكالسيكي
2009/90/20والمتعلق بالمحاسبة العمومية ،فهي األحكام التنفيذية العامة التي يحددها هذا القانون
والتي تطبق على الميزانيات و العمليات المالية التي تشمل عمليات تنفيذ اإليرادات والنفقات وعمليات
الخزينة وكذا نظام محاسبتها والخاصة بـالدولة ،الجماعات اإلقليمية والهيئات العمومية.
فالمحاسبة العمومية هو إسم المحاسبة التي تعمل بها الدولة ،اإلدارات العمومية والجماعات
اإلقليمية لبلد ما من أجل تسجيل اإليرادات والنفقات.
وتغطي المحاسبة العمومية في الواقع طائفة واسعة من نظام المحاسبة وهي تخص الدولة،
الجماعات اإلقليمية ،الهيئات العمومية ذات الطابع اإلداري الوطني أو المحلي ،المنظمات الدولية.
ومع هذا فإنه توجد بعض الكيانات تخضع لرقابة الجمهور وهذا مثل بعض المؤسسات العمومية
الصناعية والتجارية ،والتي ال تخضع لقواعد المحاسبة العمومية ،بل تخضع لقواعد المحاسبة الخاصة أو
التجارية ،هذه المؤسسات رغم ذلك هي خاضعة لرقابة الدولة.2
1
وقد نصت المادة الثالثة من نفس المرسوم على أن المحاسبات التي تمسك من قبل المحاسبين العموميين تشمل:
محاسبة عامة تسمح بمايلي: أ-
معرفة عمليات الميزانيات وعمليات الخزينة ومراقبتها. -
تحديد النتائج السنوية. -
ب -محاسبة خاصة بالموارد القيمية والسندات.
ج -محاسبة تحليلية تمسك في حينها وتسمح بحساب أسعار الكلفة وتكاليف الخدمات.
2
وقد شرع في إصالح محاسبة الدولة في فرنسا إصالحا جذريا بموجب القانون العضوي المؤرخ في 2أوت 1992المتعلق بقوانين المالية
والذي وضع محاسبة للدولة تستمد بعض أحكامها من المعايير المحاسبية للمحاسبة الخاصة وفقا لنص المادة :59مثل منطق األمالك وكذا
محاسبة السنة ،باإلضافة إلى رصد النفقات واإليرادات ،وهذا ما يعني توضيح أو تعيين ممتلكات الدولة .وهذا ما يسمح في نهاية المطاف بتحليل
مختلف السياسات العامة من قبل البرلمان والمواطن .ومع ذلك ،فإن األسلوب المحاسبي المعتمد ما يزال يعود إلى منطق الصندوق.المادة .10
12
-1تكييف قواعد المحاسبة العمومية:
يعتبر التشريع في مجال المالية العمومية جزءا من القانون العام ،ينقسم إلى ثالثة أقسام وهي:
القانون الميزاني :يتعلق بدراسة القواعد المطبقة على إعداد ،تقديم والتصويت على -
الميزانية العامة للدولة ،ثم عمليات التنفيذ و الرقابة على ميزانية الدولة و مختلف الهيئات العمومية.
قانون المحاسبة العمومية :يهتم قانون المحاسبة العمومية بدراسة الهيئات و القواعد -
األساسية التي يتم إعداد ها من أجل ضمان السير الحسن للمرافق العمومية وهذا عن طريق توفير وسائل
مالية ،كما يهتم بالقواعد المطبقة في تنفيذ مختلف الميزانيات العمومية.
يمكن تكييف قواعد المحاسبة العمومية على أنها قواعد قانونية وتقنية تطلق على وصف ،تنفيذ و
الرقابة على العمليات المالية للهيئات العمومية.
1-1قواعد قانونية:
تعتبر المحاسبة العمومية علما للمالحظة والذي بإمكانه أن يعبر عن تسيير ما باألرقام ،وقد
أصبحت المحاسبة العمومية اليوم ضرورة على الهيئات ،المصالح والجماعات العمومية بالنظر إلى
التطور المعتبر في مهامها.
ومن هنا فإنه من واجب السلطات العمومية إعداد مجموعة من قواعد المحاسبة التي تطبق على
تنفيذ العمليات المالية .وهي تلك المتعلقة بالترخيص الميزاني وتنفيذ العمليات المالية للهيئات العمومية
ومراقبتها.
تهدف قواعد المحاسبة العمومية إلى تحديد تنظيم متعلق بالمحاسبين العموميين كما تهدف إلى
تحديد الواجبات والمسؤوليات التي تقع على كل من اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي .وتفرض على
هؤالء القواعد الخاصة بها.
2-1قواعد تقنية
قواعد المحاسبة العمومية هي قواعد تقديم الحسابات العمومية وهذا يبرز من خالل ما تتبعه
الهيئات العمومية التي تخضع للمحاسبة العمومية ومثال ذلك مدونة حسابات الدولة و مخطط محاسبة
الدولة .إذن هي تلك القواعد التي تهدف إلى بيان أو وصف العمليات المالية للهيئات العمومية وعرض
الحسابات المتعلقة بها وتكون في أغلب األحيان محددة في مجموعة من التعليمات الصادرة عن و ازرة
المالية.
3-1قواعد شكلية أو إجرائية:
13
باعتبار أن قواعد المحاسبة العمومية تتضمن طرق ووسائل التنفيذ فإنها بذلك تعتبر قواعد شكلية،
باإلضافة إلى ذلك فإن المحاسبة العمومية لها عقوبات خاصة بها ،حيث أنها تختلف عن قواعد القانون
اإلداري ،بحيث أن األعمال غير الشرعية في القانون اإلداري تبطل والهيئات العمومية مسؤولة أمام
األشخاص المتضررين ،أما في المحاسبة العمومية األعمال غير الشرعية ال يمكن إبطالها على األقل
عندما تتعلق باألشخاص خارج اإلدارة الذين ليس عليهم تحمل أخطاء داخلية ال يمكنهم منعها أو حتى
معرفتها.
من جهة أخرى فإن قواعد المحاسبة العمومية هي قواعد داخلية للهيئات العمومية أما قواعد
القانون اإلداري فهي قواعد تطبق على العالقات بين اإلدارة والمواطن.
كما أن قواعد المحاسبة العمومية خاضعة للمسؤولية التأديبية ،إضافة إلى المسؤولية الشخصية
والمالية التي يقضي بها مجلس المحاسبة.
نظ ار لألهمية البالغة للمحاسبة العمومية نجدها تحتل مكانة معتبرة سواء على مستوى مختلف
القوانين العضوية كما أن قواعدها متواجدة على جميع مستويات التسلسل الهرمي للقواعد القانونية.
1-2القوانين الوضعية:
يدخل قانون المحاسبة العمومية في العديد من القوانين الوضعية اليوم ،إذ امتدت قواعد المحاسبة
العمومية إلى القانون الدولي إضافة إلى القوانين الداخلية للبلدان.
1-1-2القانون الدولي:
يعرف القانون الدولي عددا قليال من األحكام العامة فيما يتعلق بالمالية العامة أو باألخص الديون
العمومية وطرق تسديدها و حتى تنفيذها ،وهذا من خالل معاهدات القروض مثل القواعد العامة للبنك
العالمي .إال أننا نجد أن هناك العديد من المعايير الدولية التي أصبحت واجبة التطبيق في مجال
المحاسبة العمومية وهذا طبعا يدخل في إطار إصالح المحاسبة العمومية على المستوى الدولي و كذا
التسيير العمومي الجديد وهذه المعايير سيتم تناولها في إطار الفصل الثاني من هذا البحث.
إضافة إلى هذا نجد على المستوى الدولي العديد من المنظمات الدولية للرقابة مثل االنتوساي
،1INTOSAIوالتي تمتلك العديد من الفروع سواء على المستوى القاري أو العربي ،إذ على المستوى
القاري نجد أن الجزائر عضو في اآلفروساي و على مستوى الوطن العربي نجد األرابوساي.
1
تمثل المنظمة الدولية لألجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة ( اإلنتوساي ) The International Organisation of Supreme
Audit Institutions INTOSAIمنظمة مركزية للرقابة المالية الخارجية العامة ,وتقدم لألجهزة العليا منذ 09سنة إطا ار وهيكال لتبادل المعلومات
14
ومن جهة أخرى فإن المنظمات الدولية تعمل على تحصيل المستحقات من أعضائها لتغطية
نفقاتها ،وهي بذلك تطبق قواعد المحاسبة العمومية من أجل تحصيل هذه اإليرادات وانفاقها.
2-1-2القانون الدستوري:
يتضمن الدستور الجزائري قواعد موجودة في إعالن حقوق اإلنسان في مادتيه 20و ،120كما
أنه يتضمن قواعد التصويت على ميزانية الدولة ويؤسس للتعاون بين مجلس المحاسبة والسلطات
العمومية .وقد أخذت الجزائر بهذه القواعد كسائر القوانين التي تطبقها والتي استلهمتها من النصوص
الفرنسية إذ أن دستور فرنسا المؤرخ في 0أكتوبر 2000و بالتحديد المادة 07تحدد األشكال التي يجب
أن يتم بها التصويت في ميزانية الدولة ويحدد أو يؤسس للتعاون بين مجالس المحاسبة والسلطات
العمومية.
إن قواعد المحاسبة العمومية هي في الحقيقة قواعد تدخل ضمن مجال التنظيم أي المراسيم وذلك
ألنها ال تدخل ضمن مجال القانون الذي نص عليه الدستور باإلضافة إلى ما هو خارج عن إطار المادة
211من الدستور.
في انتظار قانون عضوي خاص بقوانين المالية ،يبقى القانون 27-00المتعلق بقوانين المالية
هو القانون الذي يتضمن قواعد خاصة باإليرادات والنفقات وعمليات الخزينة .باإلضافة إلى القانون -09
12المعدل والمتمم خاصة بقوانين المالية ،غير أننا نشير في هذا النطاق إلى شيء هام هو أن المحاسبة
والخبرات من أجل تحسين وتطوير الرقابة المالية العامة على المستوى الدولي ,وكذلك تطوير الخبرات الفنية والعلمية كرد لإلعتبار والنفوذ لألجهزة
العليا للرقابة في كل دولة من دول المنظمة على أسس تطبيق الشعار القائل ' أن تبادل الخبرات يستفيد منها الجميع ' .حيث أن تبادل التجارب
والنتائج واآلراء بين أعضاء اإلنتوساي في هذه المجاالت تمثل ضمانات لمواصلة التطوير المستمر للرقابة المالية العامة .منظمة اإلنتوساي هي
مؤسسة مستقلة غير حكومية ذات سيادة وليس لها اتجاهات سياسية ولها مركز استشاري خاص في المجلس االقتصادي واالجتماعي باألمم المتحدة
تم تأسيس اإلنتوساي عام 2005بمبادرة من قبل الرئيس السابق للجهاز األعلى الكوبي السيد /إيميليو فرنانديث كاموس .ولقد اجتمع آنذاك 50
جها از رقابيا لعقد المؤتمر األول لإلنتوساي في كوبا ،حاليا فيبلغ عدد أعضاء اإلنتوساي 200عضوا كامال وأربعة آجهزة أعضاء منتسبة.
1
المادة الرابعة عشرة من إعالن حقوق االنسان:
لكل الوطنيين الحق في أن يراقبوا أموال الضريبة سواء كانت المراقبة بأنفسهم أو بواسطة نوابهم .ولهم أيضاً البحث عن الوجوه التي تنفق فيها
وتعيين مدة جبايتها.
المادة الخامسة عشرة :للهيئة الحاكمة والمحكومة الحق في أن تسأل كل موظف عمومي عن إرادته وأعماله وأن تناقشه الحساب فيها.
15
العمومية ال تدخل في مجال القانون الذي نص عليه الدستور سواء على مستوى المادة 211أو في
متفرقاته ،وبالتالي يعتبر هذا القانون غير دستوري.1
أما عن القوانين التي تطبق في مجال المحاسبة العمومية فهي القانون المتعلق بمجلس المحاسبة
وهو األمر ،19-00وقوانين المالية السنوية ومثال ذلك المادة 200من قانون المالية لسنة 2000
المتعلقة بمسؤولية المحاسبين العموميين.
يجدر التذكير إلى أنه بعد مرسوم 2009فإن أول النصوص التي نظمت العمليات المالية هي
2
قوانين المالية ابتداء من 2095ومراسيم 100-90و.199-90
2-2-2المراسيم أو التنظيم:
يمثل مجمل قواعد المحاسبة العمومية ،حيث أن نصوص التطبيق هي التي تحدد العالقات
الداخلية باإلدارة ومجمل قواعد المحاسبة العمومية.
3-2االجتهاد القضائي:
يعمل االجتهاد القضائي على تفسير القواعد المبهمة والمختلف فيها إذ أن القواعد القانونية عندما
تكون غير واضحة أو غير دقيقة أو موضوع نزاع ،فإن االجتهاد القضائي هو الذي يفسرها ،غير أن
القاضي اإلداري قليال ما يفصل في مواضيع المحاسبة العمومية بالرغم من كونها قواعد قانون عام بسبب
خصوصيتها التي تتطلب قاضي مختص هو قاضي مجلس المحاسبة.
إال أننا كما نعلم بالنسبة لالجتهاد القضائي في الجزائر يكاد يكون منعدما في كل الميادين سواء
المتعلقة منها بالقانون العام أو القانون الخاص ،فما بالك بقواعد المحاسبة العمومية التي تمتاز بنوع من
الخصوصية الفائقة التي ال تسمح للقاضي اإلداري بالفصل فيها.
من خالل كل التعريفات السابقة يمكن القول أن المحاسبة العمومية هي "مجموعة القواعد القانونية
والتقنية المطبقة على تنفيذ ميزانيات الهيئات العمومية وبيان عملياتها المالية وعرض حساباتها ومراقبتها
والمحددة اللتزامات ومسؤوليات اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين".
فقانون المحاسبة العمومية هو أساسا مجموعة من القواعد التي تنطبق على تنفيذ ورقابة تنفيذ
النفقات و اإليرادات التي تم رصدها في قانون المالية السنوي ومن خصوصية هذا القانون هو أنه يحاول
أن يعايش بين قواعد قديمة متعلقة بتنفيذ ورقابة قانون المالية األساسي مع كيفيات التسيير المالي التي
1
على مستوى و ازرة المالية اليوم هناك بعض الجهود التي ترمي إلى محاولة اقتراح نص تن ظيمي شامل متعلق بالمحاسبة العمومية ،غير أن
اإلشكال الواقع هو تعدد النصوص التنظيمية المطبقة لهذا النص.
2
المرسوم 100-90المـؤرخ في 20أكتـوبـر سنـة 2090المتضمن تحديد التزامات المحاسبين و مسؤولياتهم والمرسوم 199-90المؤرخ في 20
أكتوبر سنة 2090والمتضمن تحديد شروط تعيين المحاسبين العموميين
16
استمدت من الشركات الخاصة ،وهذه الترتيبات الجديدة للتسيير المالي تميل أساسا إلى إصالح رقابة تنفيذ
قانون المالية السنوي وهو قانون في طريق اإلصالح.
إن الخوض في العمليات المالية سواء من قبل األفراد أو من قبل المؤسسات يؤدي بالضرورة إلى
الخوض في الحديث عن محاسبة تطبق من أجل معرفة نتائج هذه العمليات المالية ،وهذا بطبيعة الحال
من أجل معرفة المركز المالي أو الوضعية المالية لهذا الفرد أو الشركة ،فالمحاسبة إذن تطبق من طرف
الكل ،غير أن الشيء المختلف هو الطريقة أو الهدف.
إن العمليات المالية ليست حك ار على الدولة أو المؤسسات العمومية ،فالمؤسسات الخاصة و
األفراد أيضا لهم عملياتهم المالية .غير أن قواعد التنفيذ ،الوصف و الرقابة في العمليات المالية للشركات
واألفراد هي المحاسبة التجارية أو المحاسبة الخاصة بصفة عامة.
1-1الفوارق:
أ -من حيث االهتمامات:
تهدف المحاسبة العمومية إلى التحقق من شرعية العمليات المالية أما المحاسبة الخاصة فتهدف
إلى معرفة نتائج هذه العمليات.
في المحاسبة العمومية ،ال تأتي معظم اإليرادات من التبرعات لكن يتم تحصيلها عن طريق
اإلخضاع أي بالقوة ،باستخدام أساليب السلطة العامة ،التي تمول األهداف المسطرة من قبل السلطات
العمومية .معظم قواعد المحاسبة العمومية تحدد اإلجراءات الواجب إتباعها و الرقابة المطبقة ليكون
تحصيل اإليرادات ودفع النفقات مطابقا للقوانين وخصوصا قانون المالية السنوي.
ونتيجة لهذه العمليات ،ال تهدف المؤسسات العمومية إلى تحقيق الربح ،ولكن لضمان بعض
المصالح ذات المنفعة العامة .في المفهوم القديم للمالية العامة ،ينبغي أن تكون الموارد المطلوبة في حدود
الميزنية متوازنة .أما في المفهوم الحديث،
ا المهام المسندة إليها وهذا ما يعني أنه من الواجب أن تكون
فيمكننا البحث عن وجود فائض أو عجز وهذا فقط من أجل استعماله كوسيلة من وسائل السياسة
االقتصادية ،في إطار الصالحيات الجديدة للسلطة العامة.
وعلى العكس من ذلك فإن إيرادات الشركات تأتي من المبالغ المدفوعة من قبل الزبائن في مقابل
البضائع المسلمة أو الخدمات المقدمة والفشل في إنتاج السلع أو سير الخدمات تعقبها على الفور خسائر
17
من جراء فقدان اإليرادات .فما يهم الخواص والمستثمرين ليس بالدرجة األولى احترام القانون وانما تحقيق
األرباح.
عموما هدف المحاسبة العمومية يتجلى في معرفة ما إذا كانت العمليات المالية مطابقة للقوانين
واألنظمة المعمول بها أما المحاسبة الخاصة فتهدف إلى معرفة ما إذا كانت العمليات المالية مربحة أو
مكلفة.
ب -من حيث مجال التطبيق:
تطبق قواعد المحاسبة العمومية على أشخاص القانون العام أما المحاسبة الخاصة فمجال تطبيقها
هو األشخاص الطبيعية والمعنوية التابعة للقانون الخاص.
ولقد رأينا أن المحاسبة العمومية كانت في البداية محاسبة أموال .أما المحاسبة الخاصة فبدأت
على شكل محاسبة المقبوضات والمدفوعات ،ثم تطورت إلى األصول والخصوم.
تتجه المحاسبة العمومية إلى حساب التكاليف وتحديد النتائج أما المحاسبة الخاصة فيفرض عليها
خضوع كتابتها إلى المخطط الوطني للمحاسبة PCNوالى رقابة محافظ الحسابات.
تلتقي المحاسبة العمومية والمحاسبة الخاصة في العديد من النقاط يمكن ذكرها فيما يلي كال هما
عبارة عن تقنية تسمح ببيان العمليات المالية ومراقبة حركة القيم كما يعمل كالهما على بلوغ األهداف
المسطرة من طرف المؤسسة وضع وتوفير كل الظروف الحسنة واإلمكانيات إلجراء عمليات المراقبة من
قبل األشخاص المكلفين و االحتفاظ ببيانات العمليات المالية التي تقوم بها المؤسسة.
الهدف الرئيسي للمحاسبة العمومية ال ينحصر فقط في التحقق من مطابقة العمليات المالية بل
هو واحد من المهام المنوطة بالمحاسبة العمومية حسب نص المادة 00من مرسوم 10ديسمبر 2091
التي تنص على أن المحاسبة العمومية بالمعنى التقني "تهدف إلى وصف ومراقبة وتسيير" ،كما أنها
منظمة من أجل تسهيل حساب التكلفة والمردود للخدمات وتحديد النتائج السنوية .فاألهداف األساسية
للمحاسبة العمومية يمكن تلخيصها في حماية األموال العمومية ،ضمان احترام ترخيصات الميزانية وترشيد
النفقات العمومية.ومن جانبها ،فإن المحاسبة الخاصة اتخذت خطوة نحو رقابة المطابقة ،وهذا بموجب
18
وتقديم تقرير للمساهمين عن التزام محافظ الحسابات في الشركات بالتحقق ورقابة دقة السجالت
1
المخالفات المكتشفة ،وكان آخرها بموجب المادة 155الفقرة الثانية من قانون 10يوليو .2099
أما فيما يتعلق بمسك الحسابات من الناحية القانونية هنك تباعد بين المحاسبة العمومية
والمحاسبة الخاصة ،أما من الناحية التقنية فهناك تقارب ويبرز ذلك من خالل بعض القواعد كالمسك
المزدوج مثل المخطط المحاسبي الوطني في المحاسبة الخاصة ومدونة حسابات الدولة و المخطط
المحاسبي للدولة والفروع المتعلقة بكل واحد منها.
المحاسبة الوطنية نظام محاسبي دولي يهدف إلى تقييم النشاط االقتصادي القومي لكل بلد كما
أنها تعمل على ضبط العالقة بين البلد و المنظمات الدولية إما لتحديد اشتراكاتها أو إمكانية إقراضها.
فالعالقة بين المحاسبتين تهدف إلى تقدير العمليات اإلدارية و إدخالها في تقييم القدرات االقتصادية للبلد.
أما النظام المحاسبي و حسابات الدولة فهو نظام تقني يهدف إلى تنظيم العمليات في إطار محاسبي
معين لتسهيل االنتقال إلى المستوى المركزي لتجميع اإلحصائيات المالية التي تساهم في تحضير قانون
المالية ،فهناك تكامل بين نظام المحاسبة العمومية و حسابات الدولة مع العلم إن األول (نظام المحاسبة
العمومية) أوسع من الثاني إلى جانب أن المحاسبة العمومية تأخذ بعين االعتبار حسابات الخزينة لتحديد
الناتج الداخلي الخام وال يمكن تصور وجود إطار دون تنظيم حسابات الدولة لتحديد الناتج الداخلي الخام.
والنظام المحاسبي يمكن من تحديد العالقة بين كل أعوان المحاسبة العمومية خاصة األمرين بالصرف و
المحاسبين العموميين وهذه العالقة نوعان:
أفقيا :تحدد عالقة اآلمر بالصرف و المحاسب العمومي مع المراقب المالي وكذلك هؤالء األعوان
و هيئات المراقبة.
عموديا :تتمثل في عمليات التركيز التي على تمر على مستويين :المستوى المحلي( أمناء
الخزائن البلدية أو الوالئية) والمستوى المركزي الذي يتم لديه تجميع وتركيز العمليات التي جرت على
المستوى المحلي.
1
قانون 10يوليو 2099الخاص بالشركات التجارية
19
الفقرة الثالثة :مجال تطبيق المحاسبة العمومية
فيما يتعلق بمجال تطبيق المحاسبة العمومية 1فقد تطرقت المادة األولى إلى سرد المؤسسات
الخاضعة لنظام المحاسبة العمومية 2وهذا ما نجده في الجانب العضوي،أما الجانب المادي فيتعلق
بالعمليات التي تطبق عليها هذه القواعد:
ويتعلق بالهيئات الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية وهي تلك المذكورة على سبيل الحصر في
المادة األولى من قانون المحاسبة العمومية وهي الدولة والمجلس الدستوري والمجلس الشعبي الوطني
ومجلس المحاسبة والجماعات اإلقليمية وكذا المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري.
فبالنسبة للدولة والجماعات المحلية ،فجميع األنشطة المالية للجماعات المحلية تخضع لقواعد
المحاسبة العمومية ،سواء كانت إدارية أو ذات طابع صناعي وتجاري ،شريطة أن تمارس من قبل
الجماعات المحلية نفسها وليس من قبل الشركات التي هي فيها حاملة األسهم.
-2الجانب المادي:
وهو المتعلق بالعمليات المالية والمحاسبية الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية والناتجة عن تنفيذ
الميزانيات العمومية وهي:
-تسيير الممتلكات.
-مسك المحاسبة.
ومن هنا نجد أن جميع أنشطة الدولة تقع ضمن نطاق المحاسبة العمومية ،بغض النظر عن
النظام القانوني الذي تعمل في ظله.
1
أما عن الهيئات العمومية الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية ،في المرسوم الصادر في 10ديسمبر 2091المادة األولى وهي الدولة،
الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية الوطنية والمحلية.
وكثي ار ما يشار إلى الدولة في قوانين وأنظمة المحاسبة العمومية تحت تسميات خاصة :سلطات الضرائب ،وكمدير للصندوق ،الدافع ،هو
الخرزينة .و ال ننسى أن هذه األسماء تتوافق مع خدمات بسيطة وقابلة لتجزئة الدولة ،وليس كهيئة مستقلة.
2
وفي العهد االستعماري كانت السلطات المحلية المعترف بها في الدستور عام ( 2000المادة )71واإلدارات والبلديات واألقاليم التي قانون 1
مارس ( 2001مادة ) 00وأضاف المناطق ،هذه الهيئات هي التي تخضع لقواعد المحاسبة العمومية.
20
إال أن هناك بعض الهيئات ال تطبق القانون الميزاني وغير خاضعة لقواعد المحاسبة العمومية،
إال أنها تخضع لرقابة الدولة كما هو عليه الحال بالنسبة للمؤسسات ذات الطابع الصناعي والتجاري والتي
ليس لها محاسب عمومي.1
ذكرنا سابقا أن المحاسبة العمومية جزء من التشريع المالي ،وقانون المحاسبة العمومية في
الجزائر يتميز على غرار القانون الميزاني بثأثره الكبير بالقانون الفرنسي ،إذ أن الجزائر المستعمرة عرفت
نظام محاسبة عمومية شبيه بالنظام الفرنسي وبعد االستقالل تم العمل بالنصوص الفرنسية المتعلقة بهذا
الشأن ما عدا ما يتعارض منها مع السيادة الوطنية.
أول ميزانية للجزائر المستعمرة ظهرت في نص يعود تاريخه إلى عام 2050الذي يقر ميزانية
عامة للمصالح اإلستعمارية في الجزائر و في أول أوت 2000أنشأت المفاوضيات المالية (جمعيات
المفاوضيات المالية (، )2000-2000الجمعية المالية الجزائرية ( ،)2009 -2000لجمعية الجزائرية
)2009-2007
وفي عام 2052أعترف للجزائر بالشخصية المالية بالرغم من كون ميزانيتها تقترب من
الميزانيات المحلية سواء في تكوينها أو شكلها ،و في 19سبتمبر 2007ألغيت المفاوضيات المالية و
أنشئ المجلس الجزائري الذي يقر ميزانية عامة تشمل ميزانية الجنوب التي كانت مستقلة عن األحكام
التنظيمية والقانونية اإلدارية إال أنه يفتقر إلى الممارسة الكاملة للسيادة المالية.
أما الرقابة على اآلمرين بالصرف ،فكانت من اختصاص مجلس االنضباط في مجال الميزانية
والمالية.
في حين أن الرقابة القضائية الممارسة على المحاسب العمومي ،فكانت من اختصاص مجلس
المحاسبة في باريس ،ومن ذلك فإن ميزانية الجزائر اعتبرت بمثابة ميزانية جماعة محلية ال مركزية ألنها
كانت تابعة للسلطة المركزية الفرنسية وذلك حتى االستقالل .وهذا ما يبرز من خالل أول نص في
1
ERIC OLIVA : Finances publiques, ed Sirey, Dalloz , 2001 , Paris p319.
2
ويرجع أصل المحاسبة العمومية في الجزائر إلى المرسوم الفرنسي المؤرخ في 31ماي 1862المتضمن التنظيم العام للمحاسبة العمومية في
فرنسا ،إذ خضعت الجزائر إلى السيطرة الفرنسية وبالتالي في انتظار نص خاص بالجزائر طبق االستعمار هذا النص على الجزائر.
21
الميدان المالي و المحاسبي و هو مرسوم 2009المتضمن النظام المالي للجزائر ،1والذي بقي ساري
المفعول إلى ما بعد االستقالل من خالل القانون 207-91المؤرخ في 52ديسمبر ،2091نذكر أنه
منذ عام ، 2009والدستور يشير إلى معالجة المسائل المتعلقة بالميزانية والمحاسبة في الدولة لنوع جديد
من األعمال القانونية وهو القانون العضوي ،حيث نجد أن القانون المطبق في فرنسا كان أمر 1يناير
.22000
الفقرة الثانية :محاوالت تأطير المحاسبة العمومية بعد االستقالل
واجهت الجزائر غداة االستقالل العديد من المشاكل من بينها نقص الخبرة ونقص الموظفين
المؤهلين لضمان التسيير الحسن لألموال العمومية و فراغ قانوني الذي من أجله لجأت الجزائر العتماد
النصوص القانونية السابقة ماعدا تلك التي تمس بالسيادة الوطنية نظ ار للحاجة الماسة إلى الرقابة على
النفقات العمومية .و بالتالي كان قرار 2009المتضمن التنظيم المالي للجزائر هو المطبق من أجل
تنظيم العمليات المالية المتعلقة باإليرادات والنفقات العمومية وذلك طبقا ألحكام القانون رقم 207-91
المؤرخ في 52ديسمبر 2091المتضمن استمرار العمل بالتشريع الفرنسي ماعدا األحكام التي تتعارض
مع السيادة الوطنية الجزائرية.
أما النصوص التشريعية التي كانت من بين المصادر التي اعتمدتها الجزائر في مجال المحاسبة
4
العمومية قوانين المالية المصادق عليها منذ 2جانفي 2095والمراسيم رقم 3100-90و199-90
المؤرخة في 20أكتوبر 2090التي تشكل أول النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بتنفيذ العمليات
المالية وتطبيق المسؤوليات المتعلقة بالمحاسب العمومي واآلمر بالصرف.
حملت فترة التقنين المتعلق بالمجال المالي العديد من المالحظات الهامة .حيث عرفت جدول
زمني إلعداد قانوني خاص ،واذا أبصرنا عن قرب مسار التقنين نجد أن النصوص المتعلقة بالرقابة
العمومية هي التي سبقت كثي ار النصوص المتعلقة بنظام قوانين المالية و المحاسبة العمومية .مع أنه من
المنطقي جدا البدء بالتقنين عن طريق إعداد النصوص التي تحدد النظام الميزاني والمالي للدولة وهيئاتها
العمومية.
وهذا ما يدفع إلى القول بغياب اإلطار القانوني لهذه المادة على األرجح في القانون الجزائري.
وهذا ال يعني إهمال االهتمامات المتعلقة بالرقابة ولكن ترتيب األولويات حسب الجدول الزمني الذي
1
المرسوم 2025-09المؤرخ في 25نوفمبر 2009المتضمن التنظيم العام لإلدارة العمومية ،المتعلق بالنظام المالي للجزائر.
2
األمر 91-00المؤرخ في 1جانفي 2000المتعلق بقوانين المالية.
3
المرسوم رقم 100-90المؤرخ في 20جمادى الثانية عام 2500الموافق 20أكتوبر سنة 2090والمتضمن تحديد التزامات المحاسبين
ومسؤولياتهم.
4
المرسوم رقم 199-90المؤرخ في 20جمادى الثانية عام 2500الموافق 20أكتوبر سنة 2090والمتضمن تحديد شروط تعيين المحاسبين
العموميين،
22
أختير والذي أدى إلى إعداد نصوص مشكوك فيها .فهل حقيقة هناك حاجة ماسة تعبر عن ضرورة وضع
األدوات المتعلقة بالرقابة حيز التنفيذ؟ يمكن الجزم بهذه الضرورة مسبقا وهذا بديهي بالنظر إلى الكم
الهائل للعمليات المالية التي تسطر والتي تنفذ كل سنة .لكن في الحقيقة ال يظهر أن هذا هو السبب
الرئيسي ،بل هناك أسباب أخرى دفعت إلى اللجوء إلى هذا التأطير وهي أساسا أن عملية وضع المقاييس
كانت منذ البداية تتبع مسار تطبيق الدستور حيث تكريس مشروعية سياسية عن طريق الرقابة الشعبية .أم
هل ترتيب األولويات الذي تم اختياره فيما يتعلق بإعداد النصوص المتعلقة بالمالية العمومية يستحق كل
هذا االهتمام .النصوص الدستورية أثبتت فعال أهمية هذا الجانب إذ كرست الرقابة في الدستور الجزائري
كوظيفة دستورية منصوص عليها في الباب الثاني المعنون السلطة وتنظيمها ،في الفصل الخامس "وظيفة
المراقبة".1.
و تنحصر مهمة الرقابة في التحري في الظروف التي يتم فيها استخدام وتسيير الوسائل البشرية
والمادية من طرف األجهزة اإلدارية واالقتصادية للدولة وكذا تدارك النقص والتقصير واالنحراف والتمكين
من قمع االختالس وكل األعمال اإلجرامية ضد الثروة الوطنية ،وبالتالي ضمان تسيير البالد في إطار
النظام ،الوضوح والمنطق .وتستهدف المراقبة أخي ار التحقق من التطابق بين أعمال اإلدارة و التشريع و
أوامر الدولة .كما تضمن دستور 2079الرقابة الالحقة التي كرستها المادة 209والتي تنص على إنشاء
مجلس محاسبة مكلف بالرقابة الالحقة لجميع النفقات العمومية للدولة والحزب والمجموعات المحلية
والجهوية والمؤسسات االشتراكية بجميع أنواعها.
كما تستهدف الرقابة ضمان التسيير الحسن ألجهزة الدولة في نطاق احترام الميثاق الوطني
والدستور وقوانين البالد نشير إلى أن الرقابة فيما بعد أصبحت مطابقة للميثاق الوطني الذي تم االستفتاء
عليه في سنة .2079حيث اهتم الميثاق الوطني بتطوير مهمة الرقابة إذ اعتبر أن المراقبة تشكل عنص ار
أساسيا في المسيرة الثورية ،وهي تعبر عن إرادة الثورة في تسيير البالد ضمن نطاق النظام ،الوضوح
والرشاد ،وفي السهر على وقايتها من النقائص ،القصور واالنحرافات.
وقد كرس الميثاق الوطني رقابة المطابقة بحذافيرها إذ زيادة على الرقابة التي اختص بها النهج
االشتراكي بحكم أن الدولة هي المالكة والمتحكمة في التسيير المالي واالقتصادي لثروات البالد ،نص
1
Mohamed Taher BOUARA: L’évolution de loi de finances en droit Algérien, thèse de doctorat d’Etat en
droit, université d’alger 2006, p 511,323.
إذ تطرقت المادة 200إلى الحديث عن الرقابة الشعبية بمفهومها العام والتي يمارسها الشعب عن طريق ممثليه في المؤسسات المنتخبة ،ثم جاءت
المادة 209لتشير إلى الرقابة السياسية التي تمارسها األجه زة القيادية للحزب والدولة وذلك طبقا للميثاق الوطني وألحكام الدستور وتضيف المادة ان
األشكال األخرى للرقابة على جميع المستويات والقطاعات تمارس في إطار األحكام الخاصة بهذا الشأن والواردة في الدستور .أما المادة 207
فتحدثت عن قانون ضبط الميزانية .وجاءت المادة 200للحديث عن لجان المجلس الشعبي الوطني الشعبي وأخي ار المادة 200التي تضمنت رقابة
المجلس الشعبي الوطني على المؤسسات االشتراكية بجميع أنواعها.
23
الميثاق على أن الرقابة تمتد إلى تطبيق القوانين وتوجيهات الدولة وتعليماتها تطبيقا حقيقيا ،وتسهر على
احترام أصول االنضباط والشرعية وتحارب البيروقراطية وشتى أنواع التباطؤ اإلداري.1.
وقد تضمن الميثاق الوطني كل العناصر التي تعلل تأسيس الوظيفة الدستورية للرقابة ،ولكن من
الضروري اإلشارة إلى أن الميثاق الوطني يستعمل مصطلحات موجزة وواضحة .و بذلك نجد أن الميثاق
يذكر ببعض المبادئ التي من السهل جدا مماثلتها لتلك التي تحكم الرقابة الشعبية في مدلولها الليبرالي.
وقد ظلت هذه االصطالحات متواجدة على مستوى الخطاب الذي كان يتسم بميل كبير إلى التفكير
االشتراكي ،وهذا ما يعني أن الميثاق الوطني قد حدد بعض النقاط المماثلة للتفكير الليبرالي والتي البد من
تأطيرها.2
وتطبيقا ألحكام الدستور والميثاق الوطني فإن سنة 2009كانت حافلة من الناحية القانونية إذ
شهدت في البداية المصادقة ألول مرة على قانون ضبط الميزانية تطبيقا لنص المادة 207من الدستور
بموجب القانون ،3 91-09كما شهدت نفس السنة صدور مجموعة من النصوص القانونية التي تؤطر
4
الرقابة وبالتحديد في أول مارس وضمن نفس العدد من الجريدة الرسمية وهو العدد العاشر للسنة.
5
الذي تضمن العديد من وبعد أن تم تنظيم الجانب المتعلق بالرقابة ،صدر القانون 27-00
القوا عد التي تحكم المحاسبة العمومية والذي يعد اإلطار القانوني األساسي الذي ينظم المجال المالي
والميزاني للدولة ،والذي تم تعديله فيما بعد بالعديد من النصوص وهي عادة قوانين المالية سواء السنوية
منها أو التكميلية.
وقد زادت أهمية الرقابة على المالية العمومية في الجزائر منذ التحوالت االقتصادية التي شهدتها
الدولة نهاية الثمانينات باالبتعاد عن تكريس المنهج االشتراكي ليميل نحو كفة النظام الليبرالي وهذا ما ألزم
الزيادة في النفقات العمومية قصد السيطرة على البرامج الضخمة التي ميزت االقتصاد الوطني في تلك
الفترة وما بعدها (سياسات التعديل الذاتي والهيكلي ،إعادة جدولة الديون ،تطهير المؤسسات،
ا لخوصصة )...وهي نفس الظروف التي أحدثت تغيرات على مستوى المنظومة الرقابية بموجب القانون
1
الميثاق الوطني ،ص 025من الجريدة الرسمية رقم 92لسنة .2079
2
BOUARA M T Op-cit , p 310.
كما يرى الدكتور أن أسبقية النصوص المتعلقة بالرقابة على تلك التي تؤطر النظام المالي والميزاني تجد تبريرها في الميثاق الوطني وهذا استنادا
إلى ما نص عليه الدستور في المادة 9حيث الميثاق الوطني هو المصدر األساسي لسياسة األمة و قوانين الدولة ،و هو المصدر اإليديولوجي
والسياسي المعتم ــد لـمؤسسات الــحزب و الدولة على جميع المستويات .كما أن الميثاق الوطني مرجع أساسي ألي تأويل ألحكام الدستور.
3
القانون 91-09المؤرخ في 0فيفري 2009يتضمن ضبط الميزانية لسنة .2070
4
يتعلق األمر بالنصوص التالية:
القانون 90-09المؤرخ في 2مارس 2009المتعلق بممارسة مهمة المراقبة من قبل المجلس الشعبي الوطني. -
القانون 90-09المؤرخ في أول مارس 2009المتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من طرف مجلس المحاسبة. -
المرسوم 05-09المؤرخ في أول مارس 2009المتضمن إحداث المفتشية العامة للمالية. -
5
القانون 27-00المؤرخ في 27جويلية 2000المتعلق بقوانين المالية ،عدد .28
24
01-88المؤرخ في 12جانفي 1988والمتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادي،
حيث تم تعديل القانون 27-00بموجب قوانين عادية عدة وذلك لغرض تكييفه مع مختلف التغيرات
الحاصلة ،بدءا بما جاء به القانون رقم 90-00 :والذي جاء في إطار اإلصالحات االقتصادية والسياسية
الجادة والتي تولدت عن أزمة طالت مدتها وتفاقمت تداعياتها وذلك في خضم جملة من القوانين الخاصة
باإلصالح االقتصادي ،وكان الهدف من ذلك هو تنقية قانون رقم 27-00 :من كل المصطلحات
والمفاهيم التي ترمز إلى التسيير االشتراكي أو التخطيط ،إذ تم استبدال بعض المصطلحات بأخرى ،كذكر
عبارة "البرامج" بدل "العمليات المخططة" واستبدال مصطلح "االستثمارات العمومية" بمصطلح "التجهيزات
العمومية" و"النفقات برأسمال" كما جاء ذلك أيضا استجابة للتغير الحاصل في تسيير المؤسسات العمومية
االقتصادية ومحاولة فصلها أو إبعادها عن قواعد المالية العمومية التقليدية واعطائها استقاللية أكثر،
يقرر ويرخص لموارد
وتقليص دور الدولة ،وعلية أصبح قانون المالية ليس النص القانوني الوحيد الذي ّ
وأعباء الدولة.1
حيث أصبحت هذه األخيرة متمتعة باالستقاللية والخضوع لرقابة محافظي الحسابات .
ومع صدور دستور 2000اختلفت طريقة المعالجة الدستورية للرقابة ،إذ تم إزاحة وظيفة الرقابة
التي كرست في 2079لتكون الرقابة إلى جانب المؤسسات االستشارية في الفصل األول من الباب
الثالث المعنون الرقابة والمؤسسات االستشارية .الرقابة الشعبية وكذا الرقابة الدستورية ورقابة مجلس
2
المحاسبة.
وغير بعيد عن صدور دستور 2000جاء النص القانوني المرجعي المعتمد اليوم القانون -09
312والنصوص التطبيقية التي جاءت تطبيقا له الذي يعتبر حاليا النص المرجعي األساسي للمحاسبة
العمومية .وبعدها بقليل صدر القانون 32-90المتعلق بمجلس المحاسبة وسيره حيث جرد هذا األخير
من صالحياته القضائية ومن مراقبة المؤسسات العمومية االقتصادية والمؤسسات العمومية ذات الطابع
الصناعي والتجاري .وبعد حوالي سنتين صدر المرسوم التنفيذي 78-92المحدد الختصاصات المفتشية
العامة للمالية.
1
Ben Aissa Saïd: L’autonomie des EPE et les finances, R.A.S.J.E.P. n° 1, mars 1989,
PP. 178-179.
2
جاءت المادة 200من دستور 2000تتضمن الرقابة الشعبية عن طريق المجالس المنتخبة ،ثم المادة 209تتحدث عن قانون ضبط الميزانية ،
ثم المادة 202تتعلق بالجان التي يمكن لمجلس الشعبي الوطني أن يؤسسها ،كما نصت المادة 201على ضرورة النظر في ظروف استـخدام
الوسائل الـمادية واألموال العمومية وتسييرها من قبل أجهزة الرقابة والتـحقيق في تطابق العمل التنفيذي مع الدستور ،أما المادة 299فقد نصت
على الرقابة البعدية لمجلس المحاسبة.
3
القانون 12-09المؤرخ في 20أوت 2009يتعلق بالمحاسبة العمومية المعدل والمتمم ،الجريدة الرسمية عدد .35
25
ولم تختلف المعالجة في الدستور الحالي أي دستور 2009المعدل إذ خصص الفصل األول من
الباب الثالث المعنون بالرقابة والمؤسسات االستشارية حيث كرس نفس المبادئ السابقة .1
ومجمال نستطيع القول بأن هذه النصوص وان كانت مستوحاة من تشريعات بعض الدول
المعاصرة فإنها شكلت القاعدة األساسية للقيام بعملية الرقابة على النفقات العمومية في الجزائر.
إذا كان مفهوم الرقابة واسعا ويختلف تعريفه باختالف مجال استعماله ،فإن مفهومه محدود في
المجال المالي ويتعدى ذلك من حيث مراقبة التسيير ،أي رقابة الفعالية والمردودية .وقد ركزت األنظمة
االقتصادية الرأسمالية واالشتراكية على رقابة الشرعية والنظامية ،أما في الوقت الحالي فقد تعدت أوجه
الرقابة لتشمل التقييم.
وما يدفعنا للتساؤل خاصة فيما يتعلق برقبة التقييم هو غيابها عن الواقع بالرغم من توفر
النصوص التي اعتمدتها حتى في عهد الدولة االشتراكية .وفيما يلي سنحاول إعطاء بعض المفاهيم
المتعلقة بالتقييم ثم نمر إلى الحديث عن رقابة التقييم في الجزائر بين تكريسها على مستوى النصوص
القانونية والتنظيمية وغياب ممارستها على أرض الواقع,
الفقرة األولى :محاولة تعريف مفهوم التقييم ومدى ارتباطه بفعالية النفقة العمومية
كانت الرقابة على النفقات العمومية فيما سبق تعتمد عادة على نظامية العمليات المالية بغية
تحاشي الغش واالحتيال والتأكد من مطابقة العمليات للتراخيص المالية و عادة ما كانت تسند رقابة
مطابقة القوانين ونظامية التسيير المالي والمحاسبي إلى المؤسسات العليا للرقابة على المالية العمومية،
1
إن دستور 2009الذي يضمن التغيير الجوهري فيما يتعلق بازدواجية السلطة التشريعية لم يحدث تغييرات تمس مجال المحاسبة العمومية حيث
نصت المادة 200على الرقابة الشعبية عن طريق المجالس المنتخبة ،ثم جاءت المادة 299لتحتوي على عرض عن استعمال االعتماد المالية
التي أقرها البرلمان للسنة المالية ،كما جاءت نفس المادة في فقرتها الثانية للحديث التصديق على قانون ضبط الميزانية.
أما المادة 292التي تضمنت اللجوء إلى إنشاء لجان مختصة على مستوى غرفتي البرلمان تهدف إلى التحقيق في القضايا ذات المصلحة العامة،
ونصت المادة 291على الرقابة اإلدارية والدستورية كما تضمنت المادة 279الرقابة الممارسة من قبل مجلس المحاسبة وهي الرقابة البعدية ألموال
الدولة والجماعات اإلقليمية والمرافق العمومية.
26
كما أن المشرع الجزائري مكانة هامة لرقابة المطابقة ،حيث كرسها في مختلف الدساتير والقوانين
والتنظيمات المتعلقة بمجال المحاسبة العمومية .ورغم التطور الحاصل في مجال الرقابة على النفقات
العمومية التي أصبحت شيئا فشيئا تمتد إلى فعالية التسيير المالي العمومي 1وسداد النفقة ونوعية الخدمات
المقدمة ،إال أن هذا المفهوم يبقى قليال إن لم نقل غائبا على مستوى الممارسات القانونية في الجزائر.
وسنحاول خالل هذه الفقرة ان نعطي مفهوما حول رقابة التقييم ،ونشير إلى أنه من اجتهادنا
الخاص ،ألن التقييم كرقابة لم يحض بتعريف دقيق وانما هو نتيجة لقراءة وتحليل لعدة نصوص قانونية،
استخرجنا من خاللها بعض العوامل التي تشكل جزء من رقابة التقييم التي هي واسعة النطاق ومن
االستحالة إيجاد تعريف دقيق لها.
إن العديد من الدول أصبحت تلجأ حاليا إلى أسلوب الرقابة التقييمية خاصة مع زيادة حجم
النفقات العمومية وتدخل الدولة بواسطة أنواع السياسة االقتصادية ،فالتقييم يقصد به تقييم النشاط
واكتشاف مواقع ضعفه ومواقع قوته بتقدير مختلف أوجهه ،ثم تقديم نتائج هذا التقييم إلى الهيئات المراقبة
مرفوقا باقتراحات وارشادات ،ثم تقديم هذا التقييم إلى السلطات المعنية.
و نظ ار لغياب تعريف في المراجع الجزائرية فإننا سنحاول تقديم أهم التعريفات التي جاءت بها
المصادر الفرنسية .ومن أهمها التعريف الذي جاء في تقرير لجنة التخطيط لمجلس األمة الفرنسي لسنة
:21995تقييم السياسات العامة يهدف إلى إصدار حكم ،إبداء رأي أو توصية حول مسار طموح وصارم
من أجل معرفة أحسن للنشاط العمومي.
يسمح التقييم بتقدير نتائج النشاط العمومي من أجل ضمان حسن استعمال األموال العمومية،
وعليه فالتقييم متعدد المجاالت ويمكنه االستعانة بالكفاءات الخارجية كعلماء النفس ،االقتصاديين
ومختصي األنتربولوجيا ،آخذا بعين االعتبار التنوع الموجود في النشاط العمومي.
تقييم السياسة العامة هو النظر فيما إذا كانت اإلمكانيات القانونية واإلدارية والمالية المتاحة تسمح
3
بإحداث اآلثار المتوقعة وبتحقيق األهداف المسطرة.
1
ERIC oliva : Op-cit, p 321, 322.
2
C. Waline , P.Desrousseaux , B. Pellé : Contrôle et évaluation des finances publiques, La Documentation
française, 2009, p11.
3
IDEM, p 11.
27
يرتكز هذا التعريف على قياس قدرة الوسائل العمومية الموفرة للوصول إلى األهداف المسطرة ،و
في هذه النظرة التقييم هو قبل كل شيء هو حكم على نجاعة نشاط عمومي.
أما التعريف الثاني في القانون الفرنسي فقد ورد في مرسوم 20نوفمبر 2000المنشأ للمجلس
الوطني للتقييم الفرنسي و الذي جاء بتعريف جديد للتقييم بنصه على أن تقييم سياسة عمومية يهدف
لتثمين نجاعة هذه السياسة ،بمقارنة نتائجها بأهدافها المقررة ،و بالوسائل المستخدمة.
و يمنح هذا التعريف للتقييم إمكانية معالجة مسألة أكثر اتساعا و أكثر شموال ،حيث يكتشف
آثار سياسة عمومية ،بدون تقييد االستقصاء عن النجاعة الفورية لهذه السياسة ،مع اهتمام حول فعالية
الوسائل.
و مفهوم التقييم يتعلق حديثا باإلدارة ،فقد عرف كذلك في فرنسا على أنه برنامج يهدف إلى
البحث عما إذا كانت الوسائل القانونية اإلدارية والمالية المسخرة لتنفيذ برامج أو سياسة معينة تسمح
بتحقيق النتائج والوصول إلى األهداف المحددة لذلك .حيث تتميز العملية بـالتزام الموضوعية ،إذ البد أن
تكون قاعدة المعطيات والمستندات المستعملة في العملية دقيقة و كافية التخاذ الق اررات ،كذلك استقاللية
األحكام الصادرة .وأخي ار التزام الشفافية ،إذ يجب أن تكون طريقة و معايير ونتائج التقييم واضحة ،لذلك
فإن وضع نظام التقييم يهدف إلى جعل اإلدارة تعيد النظر كل مرة في طريقة تسييرها.1
فالتقييم أو رقابة النجاعة تقوم على تحليل المعطيات والمعلومات المتعلقة بموضوع التقييم من
أجل إصدار حكم يتعلق بمدى فائدته أو فعاليته وتحديد مسؤولية األعوان المتدخلين .وفي حقيقة األمر ال
يوجد تعريف موحد لمفهوم التقييم.2
يجب أن تكون األهداف متجانسة فيما بينها والوسائل القانونية والبشرية والمالية المتاحة متوافقة
مع هذه األهداف.
2-2تحقيق األهداف المسطرة :إلى أي مدى يمكن أن يحصل التوافق بين التطور الحاصل
في الواقع االجتماعي واألهداف المسطرة.
1
Bennacer El Baz: stratégie de changement, contrôle et évaluation de l action administrative, mode et
finalités, Annales IEDF P94
2
الحلقة الدراسية الجهوية المنظمة من قبل المفتشية العامة للمالية يومي 28و 29جويلية 2002حول تقييم السياسات العمومية.
3
C. Waline , P.Desrousseaux , B. Pellé, op-cit, p83.
28
1-1الفعالية :تحقيق األهداف المسطرة باستخدام الوسائل المتاحة
0-1التأثير (الواقعية) :ماهي النتائج العامة وثأثيرها على المجتمع وهل تعود عليه هذه النتائج
بالفائدة.
0-1الدقة :أن تكون األهداف المعلنة مترجمة لطبيعة المشاكل المزمع حلها
التمييز بين الرقابة القائمة على التقييم وتقييم السياسات العمومية -3
يختلف تقييم السياسات العمومية عن مختلف أشكال الرقابة سواء رقابة المالئمة أو رقابة التسيير
و أيضا عن أعمال التدقيق .فالرقابة و التدقيق تعتمد على ضوابط داخلية للنظام المحلل ( قواعد
محاسبية ،قانونية ،تسييرية) ،على عكس التقييم الذي يحاول االعتماد على وجهة نظر أساسا خارجية
إلدراك أثار وقيمة النشاط العمومي.
فمن المفيد مشاركة المستخدمين في ميدان الرقابة في التقييم غير أن هذا األخير يحتاج إلى
العديد من المؤهالت األخرى .كما يجب التفرقة بين كل من الخطوات المتبعة في الرقابة و التقييم ألن هذا
األخير متحرر في اقتراباته واجراءاته من احترام بعض األشكال المفروضة على أعمال الرقابة كما أنه
يشترط تعاونا وثيقا مع الفاعلين في السياسة محل التقييم.
إن عصرنة المالية العمومية اليوم تتطلب تطور وظيفتين :الرقابة التي تقيم نوعية التسيير لدى
اآلمر بالصرف من جهة ،ومن جهة أخرى تقييم النفقات العمومية .حيث أن رقابة نوعية التسيير تتم
على مستوى رئيس الهيئة أو مديرها ،أما تقييم السياسات العمومية فهو يفرض استقاللية ومنهجية خاصة.
ويمكن القول أنه حتى وان كانت شبكة المحاسبين في وضعية متميزة لتعبئة المعلومات المتعلقة باإلجابة
على التساؤالت المتعلقة بفعالية المسيرين وكذا فعالية النفقة العمومية ،فإنها ال يمكن ان تعطي إجابات
1
للتساؤالت على كل األصعدة.
وما نحن اليوم بصدد دراسته هو الرقابة القائمة على التقييم أي تلك التي تهدف إلى الوصول إلى
تحقيق األهداف بأقل تكلفة أو بمعنى آخر تهتم دراستنا بالرقابة المبنية على فعالية النفقة العمومية سواء
منها الرقابة أو تقييم السياسات العمومية .اي تلك الرقابة التي تستند إلى المبادئ األساسية للتسيير السليم
وذلم من خالل تكييف النصوص القانونية حسب ظروف تطبيقها ،وتطبق هذه الرقابة على مختلف أنواع
1
BARILARI André: les contrôles financiers comptables, administratifs et juridictionnels des finances publiques,
LGDG, 2003,p 137.
29
التسيير العمومي ،كما تسمح بمقارنة اإليجابيات والسلبيات وتمتد إلى تقييم طرق التسيير حيث تسمح
بتفادي أخطاء التسيير لتحسينه واكتساب الوصول إلى عتبة التسيير السليم .وضمن هذا اإلطار تدخل
رقابة المالءمة التي تؤسس على مقاييس اقتصادية إذ تقوم على عقلنة استعمال الموارد االقتصادية
والسياسات المالية استنادا إلى المعلومات المتوفرة ،كما تسمح بالتأكد من مسايرة اختيارات الميزانية
لألهداف المسطرة ،حيث يجب أن تكون هذه األهداف مضبوطة ودقيقة.
كما يطلق البعض مصطلح الرقابة الموضوعية والتي يقصد بها بالمراقبة التقييمية وهي تلك التي
تقوم بتقييم النشاط الحكومي للتعرف على مدى تحقيق أهداف الموازنة ومن ثم مدى تحقيق أهداف
السياسة االقتصادية عامة والسياسة المالية خاصة.وللقيام بهذه المراقبة يستدعي األمر وضع معايير
وتتخذ أساسا للتقييم .ويتمثل مضمون هذا النوع من المراقبة في مراجعة حسابات التكاليف واألعمال
ومقارنتها بالتكاليف النمطية ،ومراجعة نتائج األعمال والعائد منها مقارنة بما كان مستهدفا .ومما سبق
يتضح أن فعالية هذا النوع من المراقبة تكون في حالة استخدام موازنة األداء ،أي تترجم األعمال
1
الحكومية إلى وحدات عمل صغيرة ومحددة مع قياس تكلفتها التقديرية.
فرقابة التقييم التي البد وأن توضح حتى يتضح مجال الدراسة هي التي ال تكتفي بالنظر في
مطابقة القوانين واألنظمة المعمول بها بل تتعداها إلى النظر في فعالية النفقة العمومية .ومن هذا المنطلق
نخلص إلى أن رقابة نوعية التسيير أو رقابة المالءمة أو األداء أو الفعالية هي كلها أسماء تجسد الرقابة
القائمة على التقييم ،وهذه الرقابة تقوم على الفعالية ،النجاعة واالقتصاد وقد نصت المادة 69من األمر
المتعلق بمجلس المحاسبة على هذه العناصر 2وسنتطرق إلى كل هذه العناصر بالتفصيل حينما نتناول
نطاق الرقابة في الفرع الثاني من المطلب الثاني.
وعلى الرغم من أن المشرع لم يضع تعريفا خاصا بهذا النوع من الرقابة إال أنه أوجدها على كل
مستوى النصوص القانونية المتعلقة بهذا الشأن.
نظ ار للتطور الحاصل في مهام اإلدارة والتزايد المستمر في النفقة العمومية الناجم عن توسع وتعقد
متطلبات المجتمع ،أصبح من الضروري فحص ومراجعة األنشطة التي تنفذها الجهات الخاضعة للرقابة،
1دراوسي مسعود :السياسة المالية ودورها في تحقيق التوازن االقتصادي ،حالة الجزائر ،2004-1990 :رسالة دكتوراه في العلوم االقتصادية،
جامعة الجزائر ،2005،ص .210
2
تنص الفقرة األولى من المادة : 69يراقب مجلس المحاسبة نوعية تسيير الهيئات والمصالح العمومية المذكورة في المواد من 7إلى 10من هذا
األمر ،وبهذه الص فة يقيم شروط استعمال هذه الهيئات والمصالح الموارد والوسائل المادية واألموال العمومية وتسييرها على مستوى الفعالية والنجاعة
واالقتصاد بالرجوع إلى المهام واألهداف والوسائل المستعملة .نشير إلى أن هذه المادة ذكرت فقط على سبيل الحصر بما أنها تختص برقابة نوعية
ال تسيير ،ألن العديد من النصوص التي جاءت قبلها كرست رقابة التقييم بما في ذلك الميثاق الوطني لسنة 1976رغم تبنيه النهج االشتراكي.
30
وهذا لتشخيص السياسات والنظم وادارة العمليات ،وذلك من خالل مقارنة اإلنجازات بالخطط والنتائج
باألهداف ،والممارسة بالسياسة بغاية كشف االنحرافات وحاالت التبذير واإلسراف وسوء استعمال الموارد
المتاحة ،وتحديد أسبابها واقتراح اإلجراءات التصحيحية ،وذلك في سبيل توجيه النفقة نحو تحقيق فاعلية
وكفاءة واقتصاد أو توفير أكبر وهذا ما نلمسه من مفهوم التقييم.
تاريخيا تعتبر رقابة المطابقة هي أول رقابة ظهرت ،وكانت تمارس قبليا من طرف المراقب المالي
وبعديا من طرف مجلس المحاسبة .كان الهدف من إرساء هذه الرقابة هو التحقق من أن تنفيذ النفقات
واإليرادات العمومية تم بطريقة قانونية أي مطابقا للقواعد القانونية المطبقة (قواعد المحاسبة العمومية).
وفي حالة وجود مخالفات فإن الرقابة تتدخل لمنع تنفيذ هذه العملية (رقابة سابقة) أو إقحام مسؤولية العون
العمومي(رقابة بعدية أو الحقة).
وقد كرس المشرع الجزائري رقابة التقييم ضمن النصوص المتعلقة بهذا الشأن إذ على الرغم من
أن معالجتها القانونية كانت منذ سنة 1976حيث أن الميثاق الوطني لنفس السنة واثر تناوله للمراقبة ،
نص على أن" ...المطلوب من المراقبة هو االهتمام بالظروف التي يتم فيها استخدام وتسيير الوسائل
البشرية والمادية الموضوعة تحت تصرف األجهزة اإلدارية واالقتصادية للدولة ،تمكينا لها من القيام
المحددة لها .وعلى المراقبة أن تستكشف التنظيم السيء للعمل ،واالستعمال السيء لطاقة االنتاج
والتضخيم المفرط للتكاليف ،وعدم الصرامة في العمل داخل اإلدارات والمؤسسات ،كما عليها أن تتأكد
من حسن استعمال الموارد المادية والوسائل المالية ،ومن التوزيع المنطقي لإلطارات ،ومن مقاييس
المردودية وتطبيق التقنيات الحديثة 1"....مع أن التوجه في هذه الفترة من الزمن كان اشتراكيا إال أن
ذلك لم يمنع من وجود رقابة تقييمية إلى جانب رقابة المطابقة بطبيعة الحال ،بل أن النص المذكور أعاله
تاله النص المتعلق برقابة المطابقة.
والنصوص المتعلقة بهذا اإلطار كثيرة كما هو الحال بالنسبة للمادة 69من األمر 20-95
المتعلق بمجلس المحاسبة التي سبق الحديث عنها .وقبلها نص المادة الثالثة من المرسوم التنفيذي 78-
92الذي يحدد اختصاصات المفتشية العامة للمالية التي نصت على مجال عمل المفتشية العامة للمالية،
حيث يمتد إلى الدراسات والتحاليل المالية واالقتصادية لتقدير فعالية التسيير ونجاعته.
عموما النصوص كثيرة في هذا اإلطار وما طرحناه هنا هو على سبيل المثال ال الحصر ألننا
سنعالج كل هيئة رقابية على حدة وسنتناول مختلف الرقابات التي نص عليها القانون أو التنظيم الذي
تخضع له .ولكن المثير في هذا المجال هو التأطير القانوني والتنظيمي لهذه الرقابة والعناية بها زمن غير
أن هذا لم يكن ليجسدها في الممارسة العملية إال ناد ار ،وهذا ما يبعث إلى طرح العديد من التساؤالت
1
الميثاق الوطني لسنة 1976ص .913
31
المتعلقة بهذا المجال ،هل أن ممارستها تشكل عبئا على الهيئات أم أن استبعاد تطبيقها مفتعل وغير
مرغوب فيه؟
حتى نتمكن من إرساء هذا النوع من الرقابة ووضعه حيز التنفيذ أصبحت الحاجة ملحة إلى إيجاد
وخلق مؤسسات وأجهزة تتولى القيام بهذه المهمة ،إذ ال بد أن تكون هذه األجهزة مستقلة عن اإلدارة
ومتعددة الميادين واالختصاصات ،ألن الهيئات المتواجدة حاليا مازالت مقيدة بالممارسات التقليدية للرقابة
وخاضعة خضوعا تاما للسلطة التنفيذية ،وبعيدة تماما عن قياس اآلداء ،الفعالية ،والمردودية أو النجاعة
في اإلدارة العمومية .فرقابة المردودية ال تتم فقط على العمليات المالية فقط وانما تتم على مجمل نشاطات
القطاع العمومي ومن بينها التنظيم واإلدارة ،مما يبعث إلى القول بأن هذه الهيئات غير مؤهلة للقيام
بمهمة التقييم وابداء أحكام وآراء سديدة عن السياسات المتبعة.
يكمن اإلطار العملي للرقابة في إبراز مكانة الرقابة ضمن النظام المالي للدولة .إذ تعتبر الرقابة
على المالية العمومية العنصر الثالث لنظام المالية العمومية ،وهي تحتل في قانون المالية مكانة جد
1
هامة بالنظر إلى المبالغ التي تميز نشاطات الهيئات العمومية .ال يخفى علينا أن الهدف األساسي
للرقابة هو التأكد من احترام الترخيص الميزانية ،الشرعية القانونية والمحاسبية للنفقة .وانتشار الوعي
المتعلق بتدهور وضعية المالية العمومية وكذا ضرورة استرجاع مكانتها أدى إلى ظهور أهداف جديدة هي
2
احترام التوازن المقرر في قانون المالية وقياس فعالية النفقة العمومية.
ومن هنا ارتأينا ضرورة تناول أهمية الرقابة ،وحتى نتمكن من استخالص كل النتائج التي أسفرت
عنها الرقابة وكل األهمية التي استخلصت البد من وجود نطاق معين أو امتداد محدد تتناوله الرقابة أي
المسائل التي تنظر فيها الرقابة ،ثم في األخير المبادئ أو المقومات التي تقوم عليها حتى تضمن
فعاليتها.
ومن هذا المنطلق نجد أن هذه الرقابة تعمل على تحقيق أهداف فنية أو تقنية وتقليدية أما على
المدى الطويل فإن لها أهدافا استراتيجية.
1
ERIC OLIVA, opcit , p319
2
BLANCHARD_ DIGNAC Christophe: Le contrôle de l’exécution des lois de finances : enjeux et perspectives,
RFFP, n°59, 1997, p 51.
32
الفقرة األولى :األهداف التقليدية و الفنية للرقابة
إن الهدف األساسي الذي تعمل الرقابة من أجله هو ضمان احترام التراخيص المقدمة من قبل
السلطة التشريعية وكذا الحرص على االستعمال األمثل للموارد العمومية أي التحقق من أن اإلنفاق تم
وفقاً لما هو مقرر له طبقاً للخطط الموضوعة وأن الموارد تم تحصيلها كما هو مقرر وأنها استخدمت
أفضل استخدام.
فبال نظر إلى الناحية التقليدية المرجوة من الرقابة هي شرعية العمليات المالية من أجل تفادي
االحتيال والتحقق من مطابقة العمليات للتراخيص الميزانية.1
تعتبر األموال العمومية من إيرادات ونفقات وسيلة غير مباشرة لتدخل الدولة في مجاالت متعددة،
وطبعا يجب أن تكون هذه األموال مرخصة من طرف السلطة التشريعية حتى تقوم الحكومة بتنفيذها .لكن
أثناء أداء هذه األخيرة لمهامها قد ترتكب أخطاء عن قصد أو غير قصد ،مما يستدعي ضرورة مراقبتها،
وان كان هدف المراقبة األساسي هو أن يكون عمل السلطة التنفيذية وفق المسار الذي رخصته لها
السلطة التشريعية ،أي التسيير الحسن لألموال العمومية و ترشيد استعمالها.
فالرقابة تسمح بمتابعة تنفيذ الميزانية وتقييم اآلداء في الوحدات للتأكد من أن التنفيذ يسير وفق
التراخيص الممنوحة من قبل السلطة التشريعية ،وكذلك التأكد من أن االنفاق تم وفقا لما هو مقرر له وأن
األعمال تتم على النحو المطلوب ويتم استخدام األموال العامة في األغراض المخصصة لها دون اسراف
2
أو انحراف و الكشف عما يقع في هذا الصدد من مخالفات.
تزويد السلطة التشريعية في الدولة بالمعلومات والتقارير السليمة والمؤكدة وذلك بغرض تحققها من
تطبيق ما وافقت عليه فيما يتعلق بالميزانية وهو ما يعنى استخدام االعتمادات في األوجه التي خصصت
لها ،وجباية اإليرادات حسب األنظمة واللوائح الصادرة
ونظ ار ألهمية الجهاز الرقابي فقد ارتأينا أن نتطرق إلى األهداف التي يرمي إليها على مختلف
النواحي ماليا اقتصاديا و سياسي
1
ERIC OLIVA , opcit , p311
2
عوف محمود الكفراوي :الرقابة المالية النظرية والتطبيق،مطبعة االنتصار ،الطبعة الثالثة ، 1990 ،ص .20
33
األهداف التقنية أو الفنية للرقابة -2
الهدف الفني للرقابة يكمن في التأكد من أن عملية تحصيل اإليرادات ودفع النفقات تم بطريفة
قانونية وغير مخافة لألحكام التشريعية والتنظيمية المؤطرة لتنفيذها.ومن هنا نرى أن هذه األهداف تتحقق
بجملة من التقنيات هي:
إبداء رأى فني محايد عن مدى صحة األوضاع المالية ونتائج أعمال الوحدات المشمولة -
بالرقابة على أن يكون هذا الرأي مدعماً بأدلة وقرائن إثبات قوية حول مدى صحة حقيقة المركز المالي
ومدى صحة نتائج األعمال في نهاية الفترة.
تشجيع االلتزام بالسياسات والق اررات اإلدارية والتأكد من حسن تطبيقها. -
التأكد من دقة البيانات المحاسبية وسالمة وصحة القيود واألرقام المثبتة بالدفاتر -
والسجالت ومدى إمكانية االعتماد عليها في إعداد المعلومات والتقارير النهائية ومن ثم اتخاذ الق اررات.
اكتشاف األخطاء وحاالت الغش والعمل على تقليل فرص ارتكابها من خالل تقييم فعالية -
نظم الرقابة المالية الداخلية للوحدات وتدعيم هذه النظم والرفع من كفاءتها في تحقيق عناصر الرقابة
والضبط الداخلي.
التحقق من إتباع نظم وأساليب حديثة في التخطيط والتنظيم ومتابعة التنفيذ. -
لتأكد من كفاية األنظمة وتحديد سلطات ومسئوليات العاملين بالوحدات المشمولة بالرقابة -
ومراعاة التسلسل اإلداري بما يحقق حسن انسياب المعلومات بشكل سليم وخلق مناخ تعاوني بين األفراد
والعاملين .
اكتشاف الممارسات والمبادرات اإلبداعية لتشجيعها ورعايتها ومكافأة القائمين على ذلك -
كنوع من الحافز.
إن البرامج اإلنمائية االقتصادية واالجتماعية بعد المصادقة عليها من قبل البرلمان تشكل إطار
البرامج االستثمارية وأداة توجيهية فعالة لكافة أعمال الدولة ،وهذا ينبع من مبدأ أن المالية العامة أداة من
أدوات السياسة االقتصادية واالجتماعية.1
1
Pierre LALUMIERE : les finances publiques , Armand colin-collection,7e Edition ; Paris, 1983, p18.
34
والدولة من خالل برامجها اإلنمائية السنوية أو المتعددة السنوات تحاول تكثيف مجهوداتها بغية
التطور االقتصادي واالجتماعي للبلد من أجل إشباع حاجات المواطن وتحسين ظروف معيشته.
التجهيز وتحدد المبالغ المخصصة لتنفيذ جل وتحتوى هذه البرامج اإلنمائية على برامج
العمليات والفترة الزمنية و أجهزة الرقابة التي بإمكانها مراقبة وضمان مدى مطابقة التنبؤات المالية مع
األهداف المرجوة والمسطرة في البرامج اإلنمائية ،وعادة ما ترجع صالحيات المراقبة والتحقيق في هذا
الميدان ،إلى البرلمان والهيئات التابعة للو ازرات المكلفة بالمالية باإلضافة إلى السلطات الوصية.
إن الهدف المالي للراقبة هو ضمان تسيير حسن واستعمال سليم وعقالني لالعتمادات الممنوحة،
ولتحقيق هذا الهدف وضع المشرع العديد من القواعد القانونية و التنظيمية لضمان احترام إجازة الميزانية
من جهة ،والبحث عن مواضع الخلل التي تؤدي إلى المساس باألموال العمومية و األخطاء المرتكبة عند
تنفيذ الميزانية من طرف األعوان المكلفين من جهة أخرى .فعند وجود أخطاء أو تجاوزات يتم إحالة
مرتكبيها على السلطات المختصة في تقرير العقوبات. 1
يمكن القول أن الرقابة في جانبها المالي ترمي إلى الحفاظ على الممتلكات بما يضمن حماية
المال العام والحفاظ على حقوق األطراف ذات العالقة بالوحدة محل الرقابة وكذلك زيادة الفعالية بما يمكن
من تحسين األداء وزيادة اإلنتاجية واقتراح أفضل السبل لتحقيق األهداف التي ترمي إليها البرامج
والسياسات االقتصادية الموضوعة .
من الناحية اإلدارية تهدف الرقابة إلى محاربة البيروقراطية و التباطؤ اإلداري ومختلف أشكال
السلوك التي تؤدي إلى إهانة المواطن و المساس بمصالحه ،كما أن الهدف من الرقابة ،كذلك هو التحقيق
في الظروف التي يتم فيها استخدام الوسائل البشرية و المادية من طرف األجهزة اإلدارية واالقتصادية
للدولة .وبذلك يقوم الجهاز الرقابي بضمان السير الحسن والسليم للمصالح اإلدارية ألداء مهامها على
أحسن وجه 2وبالتالي محاربة النقص والتقصير وسوء التنظيم و غياب الصرامة في العمل على مستوى
اإلدارات والمؤسسات العمومية.
كما أن الرقابة تقوم بتقديم االقتراحات والمعلومات الالزمة إلعادة التنظيم الجيد حتى تكون
مردودية أداء العمل على أكمل وجه.
1عبد الكريم صادق بركات ،يونس احمد البطريق ،حامد عبد المجيد الدراز:المالية العامة ،الدار الجامعية ،بيروت 1986 ،ص. 448
2
حسين مصطفى حسين:المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ، 1995ص. 85
35
في المجال السياسي: -4
إن الهدف السياسي من الرقابة على األموال العمومية سواء من طرف الهيئات التابعة للسلطة
التنفيذية أو تلك الخارجية عن إدارتها والممارسة من طرف هيئات دستورية قائمة بذاتها يتمثل في جانبين:
وهنا تحاول الحكومة أن تعطي صورة حسنة عن تنفيذها للميزانية ،وذلك بمحاولة تجنب وقوعها
في األخطاء حتى تكون حصيلتها السنوية المقدمة مطابقة للتقديرات ،عمال بمبدأ المراقبة الذاتية.
وهي تلك التي تقوم بها أجهزة غير تابعة للحكومة كالبرلمان و مجلس المحاسبة ،و الهدف منها
تقويم سياسة الحكومة لتحقيق نمو اقتصادي واجتماعي .وتمكين السلطات من الخوض في سياسات مالية
أو اقتصادية على المدى المتوسط والطويل ترى أنها من شأنها تحسين المستوى االقتصادي للبالد.
تقوم الرقابة في العادة على شرعية العمليات المالية بهدف تفادي الغش والتأكد من مطابقة هذه
العمليات للتراخيص الميزانية ،لكن هذه الرقابة تطورت شيئا فشيئا لتشمل الفعالية في التسيير المالي
العمومي ،غير أنها في أغلب األحيان تضم الجانبين أي الرقابة على الشرعية وكذا الفعالية.1
إن ميزانية الدولة في الحقيقة هي تتشكل من إيردات تجمعها الدولة من دافعي الضريبة وهم
بطبيعة الحال المواطنون الذين يدفعونها و هم يسمحون بإعادة توزيع هذه اإليرادات عن طريق المصادقة
على قانون الميزانية السنوي ،حيث تمنح السلطة التشريعية ترخيصا ماليا للسلطة التنفيذية ،وهذا عن
طريق الممثلين في البرلمان .
إن قولنا بالشرعية هو يعني القانونية ،فالمدلول القانوني للرقابة على األموال العمومية هو الرقابة
التي تقوم بها هيئات يتم إنشاؤها بقانون أو تنظيم أو أي نص قانوني آخر ،وتحدد اختصاصاتها بموجب
ذلك النص القانوني ،وتهدف إلى مطابقة العمل ذي اآلثار المالية للقانون أو بمعنى أدق مطابقته لمختلف
القواعد القانونية التي تحكمه سواء ما كان منها داخالً في إطار الشكل القانوني ،أي أن يكون العمل
المالي مطابقاً للتصرف القانوني ،أو ما كان منها داخالً في إطار الموضوع القانوني ،وهي التي تنظر في
طبيعة التصرف وفحواه ومكوناته ،ويتم بموجب هذا النوع من الرقابة رقابة التصرف المالي من حيث
النفقات أو اإليرادات العامة.
1
ERIC OLIVA, Op.cit, P321,322 .
36
فعملية تحصيل اإليرادات و صرف النفقات ال يمكن أن تتم إال بعد موافقة قانونية مسبقة وال يمكن
تنفيذها إال من طرف شخص مؤهل قانونا.
فكل تنفيذ لنفقة أو إيراد يجب أن تتوفر على إجازة قانونية حيث تمثل شرط أساسي الزم لتنفيذها
ويجب أن يأخذ بعين االعتبار ثالث جوانب هي:
2-2الجانب السياسي :إذا يجب موافقة البرلمان علي الميزانية و بالتالي توفر رخصة صرف
النفقات المرصودة وتحصيل اإليرادات.
الجانب المالي :يجب أن ال يتعدى اإلنفاق سقف محدد مسبقا و هذا للحفاظ علي 1-2
التوازن المالي .كما نضيف هنا تقديم الميزانية في وثيقة واحدة ووفق مقاييس شكلية محددة كما أنها
تخضع لمبادئ حازمة :التوازن ،السنوية ،التخصص ،الشمولية و مبدأ الوحدة.
5-2الجانب اإلداري :يجب تهيئة الشروط الالزمة لمنع كل تبذير أو سوء استعمال من طرف
أعوان االدارة المكلفين بتنفيذ الميزانية
و لتجنب أن تفقد هذه اإلجازة معانيها بسبب عدم احترام هذه الجوانب فان تنفيذ الميزانية أخضع
لعدة إجراءات صارمة تخص طرق التنفيذ مدته وألعوان المكلفين بذلك.
فتنفيذ الميزانية ال يجب أن يكون مجا از قانونا فقط بل يجب أن يكلف بها أشخاص مؤهلون
مكلفون بتنفيذ العمليات المالية هما األمر بالصرف والمحاسب العمومي وفي هذا الموضوع تنص المادة
1
20من القانون 12-09المتعلق بالمحاسبة العمومية.
غير أن ما يعاب على هذا النوع من الرقابة هو أنها تهدر الوقت وتكاليفها عالية .زيادة على هذا
فهي ال تعكس الشفافية بما أنها ال تعلم دافع الضريبة بنتائج هذه الرقابة .فمجلس المحاسبة ال يقوم بنشر
2
تقاريره ،على األقل من أجل خلق نقاش عام وخلق نوع من الضغط المعنوي على السلطة التنفيذية.
كما يرتبط بموضوع المدلول القانوني للرقابة المالية الحديث عن مبدأ الشرعية والذي يعد
األساس القانوني للرقابة على اإلدارة بالوحدات ...وهذا المبدأ يعني خضوع اإلدارة في جميع تصرفاتها
1واآلمر بالصرف والمحاسب العمومي هما جزء من التنظيم اإلداري ،لكن مفصوالن عن بعضهما والعالقة التي تربطهما تكون تكاملية أثناء أداء
مهامهما .ومن بين اآلليات التي تسير وفقها الرقابة هو وقوع الرقابية الذاتية التي تحصل نتيجة لمبدأ التمييز بين اآلمر بالصرف والمحاسب
العمومي.
22
الدكتور الطيب السعيد :فعالية المرفق العمومي ،دروس مقدمة لقسم الماجستير فرع الدولة والمؤسسات العمومية ،سنة .1997-1999
37
وأعمالها ألحكام القانون بمعناه الواسع ،فاإلدارة ال تستطيع القيام بأي عمل قانوني أو مادي إال وفقاً
للقانون ووفقاً لإلجراءات الشكلية المحددة فيه ،تحقيقاً لألهداف التي يتوخاها.
وتبدو أهمية مبدأ الشرعية في مجال الرقابة المالية في كونه أهم الضمانات الممنوحة لألفراد
في مواجهة السلطة العامة ،فهذا المبدأ يحمى األفراد من تجاوزات اإلدارة العامة وتعدياتها على حقوقهم
على خالف ما يجيزه القانون وبمقتضى هذا المبدأ يستطيع األفراد مراقبة اإلدارة في أدائها لوظائفها.
وباإلضافة إلى ما سبق فإن أهمية مبدأ الشرعية تبرز أيضاً في سندها القانوني للجهات المكلفة بالعمل
الرقابي حيث ينص مضمونه إلى قيام السلطة التشريعية في الدولة بتزويد الوحدات واألجهزة الرقابية
بالضمانات الالزمة التي تضمن لها الخيار واالطمئنان في عملها وعدم التأثر بالتيارات السياسية.
نظامية عملية التسيير :في هذا اإلطار يجب التحقق من مدى مطابقة التصرف المالي -2
مع اإلجازة الميزانية والقوانين والتنظيمات ،و موافقة العملية المالية مع اإلجازة الميزانية إذ أن احترام هذه
اإلجازة يعني احترام مبدأ سنوية االعتمادات والتخصيص القانوني للعملية وسقف االعتمادات.
فاحترام اإلجازة الميزانية تكون العتمادات ال تتجاوز مدة استعمالها سنة ميالدية ،وعمليات اإلنفاق
المنصبة على اعتمادات مفتوحة صالحة فقط للسنة التي تم فيها إجازتها وبعد انتهاء المدة ،ال يسمح بأي
نفقة دون فتح اعتمادات جديدة والمادة 25من القانون 17/84المتعلق بقوانين المالية تنص على
االعتمادات الضرورية لنفقات التسيير يجب أن تبرر سنويا وبالمجاميع وال تعطي أي حق الستعمالها في
السنة المقبلة .إذا فاالعتمادات المفتوحة مقبولة لسنة واحدة فقط وال يمكن أن تمدد لسنة أخرى.1
كما أن احترام مبدأ التخصيص القانوني هو شرط أساسي لنظامية العمل المالي فالقانون27-00
المتعلق بقوانين المالية نص على أن االعتمادات المفتوحة تخصص بفصول أو قطاعات حسب الحالة
2
تجمع حسب طبيعتها وتوجهاتها طبقا لمدونات محددة بواسطة التنظيم.
1
لكن هذا المبدأ ال يطبق بصفة مطلقة ،فهناك استثناءات في بعض األحيان كما هو الحال بالنسبة لبرامج التجهيز التي تتعدى عدة سنوات وقد
نصت عليها المادة السادسة من القانون 12-09المتعلق بالمحاسبة العمومية ،فإجازات البرامج تطبق على نفقات التجهيزات العمومية واإلنفاق
االستثماري و اإلنفاق في رأس المال فتدون في الميزانية العامة للدولة في شكل إجازات البرامج ،وتنفد بواسطة اعتمادات للدفع ،واجازات البرامج
تشكل الحد األعلى لنفقات اآلمرين بالصرف التي يمكنهم االلتزام بها لتنفيذ االستثمارات المخططة وتبقى صالحة دون تحديد مدتها إلى غاية إلغائها
واعتمادات الدفع تمثل المبالغ السنوية التي يجب أن يأمر بصرفها واصدارها بشكل حواالت لتغطية االلتزامات المتعاقد عليها.
2
المادة 19من القانون 27-00المؤخ في 27جويلية 2000المتعلق بقوانين المالية.
38
موافقة عملية اإلنفاق للقوانين والتنظيمات: -1
عملية اإلنفاق يجب أن تكون موافقة للقوانين واللوائح وعند التنفيذ يجب احترام النظم المطبقة في
هذا المجال والنصوص المتعددة التي تحتوي على قواعد تنفيذ العمليات المالية تكون مرتبطة أكثر بشكلية
التنفيذ ومثالنا على ذلك بعض العمليات المالية كالتعويضات األساسية و التكميلية للموظفين ،القواعد
المطبقة لمصاريف التنقالت ،نظام مساعدات الدولة للقطاع االجتماعي…الخ.
تنفيذ العمليات المالية تتطلب من األعوان المكلفين بذلك مسك دفاتر محاسبية وهي تعتبر عملية
قانونية ،فاآلمر بالصرف الذي ينفذ العمليات المالية بمرحلتها اإلدارية ال بد أن يمسك محاسبة لاللتزامات
وأخرى للحواالت المصدرة ،بينما المحاسب العمومي ال بد له من مسك محاسبة خاصة بدخول وخروج
األموال ويجب أن تكون القيود المحاسبية مقدمة بكل صدق وأمانة وتنظيم محكم 1و األعوان المكلفون
بتنفيذ العمليات المالية ال بد لهم أن يحترموا التعليمات المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية.
وعليه يمكن القول بطريقة أخرى أن الشرعية هي رقابة آلية على مدى مطابقة النفقة للقوانين
واألنظمة المعمول بها ،دون التطرق إلى المالءمة.
وبهذا فإن القانون في الجزائر أعتمد فرضية أن النفقة مطابقة لمعايير المالءمة كقاعدة عامة
وكأصل في التعامل ،وهذا يعتبر امتيا از لآلمر بالصرف ،ألن النظر في المالءمة يعتبر تدخال في
صالحياته ،وعليه فهذه الحالة تعطي الصفة الشكلية ألجهزة الرقابة السابقة ،وتعتبر كنقطة تضاف إلى
اآلمر بالصرف في مواجهة الطابع المانع لرقابتها.
فالرقابة إذن تشتمل على النظر في نظامية النفقات وهذا من أجل تفادي أخطار التعسف أو
االنزالق التي من الممكن أن تقع ،غير أننا ال ننفي بتاتا اإلساءة في تطبيق القانون التي تقع والتي تؤدي
إلى العديد من االنحرافات على تنوع طبيعتها .وفي نظام شبيه بنظامنا البد من توسيع الشكلية وهذا
بالنظر إلى نقص الوقائع وتعديد الهيئات المكلفة بالرقابة سواء السلمية ،الوصائية ،المفتشيات ،هيئات
2
قضائية ،وهذا من أجل التحكم في الحلقة المفرغة للبيروقراطية التي ستنتهي بتغذية الرقابة في حد ذاتها.
إن أهم ما يعيب هذه الرقابة هو صعوبة فهم القواعد القانونية وهذا يعود إلى :
تدخل الدولة المتصاعد الذي يولد بطبيعة الحال تضخما في النصوص التشريعية -
والتنظيمية.
1
المرسوم التنفيذي 525-02المؤرخ في 97سبتمبر 2002المتعلق باجراءات تسخير االمرين بالصرف و المحاسبين العموميين.
2الدكتور الطيب السعيد :المرجع السابق .
39
عدم استعداد الموظفين وكذا المتخصصين في القانون الذين ال يتقنون التحكم في إعداد -
النصوص القانونية المكثفة و المرنة أو المتغيرة و المعقدة.
دقة النصوص إلى حد أن النصوص تكون دقيقة و تدخل تفصيالت يجعلها تتعارض -
أحيانا مع
عدم استقرار النصوص وفي كثير من األحيان التعارض بين أحكامها -
تتمثل الفعالية في تحقيق األهداف التي تم تعيينها مسبقا ،فهي إذن تعبر عن العالقة بين
األهداف والنتائج.
لتحقيق الفعالية في التسيير يجب اخذ التقنيات الالزمة من استعمال جيد للوسائل حتى تتوافق مع
األهداف التي حددها القانون ،فهدف التسيير العمومي هو تلبية الحاجيات الجماعية للمجتمع وهذا ال
يكون إال بتنظيم أحسن االستعمال لالعتمادات المالية مع األهداف المرجوة منها.
نشير إلى أن الفعالية تختلف في اإلدارة الحديثة عنها في اإلدارة التقليدية ،إذ في هذه األخيرة
تعتبر الفعالية هي استهالك االعتمادات الممنوحة ،وبرجوعنا إلى أصل العملية نجد أن الو ازرات المنفقة
تسعى دوما إلى الحصول على الحد األكبر من االعتمادات في مواجهة و ازرة المالية.
وبالتالي نكون أمام حالة رقابة شرعية األعمال وكذا رقابة المطابقة للنفقات والنتيجة ال تؤخذ بعين
االعتبار ألن المواطن بعيد .ومن هذا المنطلق البد من القول أنه ليس من الضروري انهاء أو حذف
الشرعية الشكلية لكن البد من تخفيفها ،تليينها وتبسيطها حتى ال تصبح القاعدة القانونية في حد ذاتها هي
الهدف بل هي التي توضع من أجل الوصول إلى الهدف.
إن فعالية التسيير تفرض التفرقة بين فعالية المؤسسات االقتصادية و الفعالية في المرفق
العمومي .إذ أنهما مختلفان تماما ،فمفهوم فعالية التسيير في المؤسسات االقتصادية يعني الربح والفائدة
ويتطلب هذا استعمال تقنيات تسييرية ومراقبة الفعالية في المؤسسات هي مراقبة التسيير الذي ينصب على
تقييم اختيارات الوسائل بالمقارنة مع التكاليف المتحملة ،وتحليل التكاليف الختيار أحسن توليفة ممكنة بين
الوسائل المالية المستعملة ،واألهداف المسطرة أو المحققة ،وهنا يجب التفريق بين المردودية التي تعني
تحقيق األهداف المسطرة بواسطة الوسائل المتاحة والفعالية التي تعني تحقيق األهداف المسطرة بأقل
تكاليف.
40
بينما مفهوم الفعالية في المرافق العامة فهو مختلف اختالفا جوهريا ،ألن مفهوم الربح منعدم تماما
ومفهوم الفعالية للتسيير العمومي مرتبط بالمنفعة العامة المقدمة من المرفق العام كما أن مفهوم الفعالية
مرتبط بالحاجات العامة وذلك بالبحث عن موازنة بين الغايات والنتائج المحصل عليها ،1ومن هذا
المنظور فمفهوم الفعالية في اإلدارة العمومية ينصب على البحث عن أثر برنامج أو سياسة معينة على
المجتمع وذلك بمعرفة مدى تحقيقها لألهداف المرجوة .إن اإلدارة التي تعمل لتحقيق أهداف معينة ال
يجب أن تكتفي بالنتائج المحققة لكن أن تبحث هل هذه النتائج كافية أو مناسبة بالمقارنة مع الوسائل
المستعملة ،وبالتالي فمفهوم الفعالية في التسيير العمومي يتطلب تحديد مفهوم التحكم في اإلدارة ،وذلك
بتحديد درجة الكفاية والفعالية للتسيير المالي لإلدارة العمومية .والكفاية تعني تحديد هل اإلدارة سيرت
واستعملت الوسائل المادية والبشرية بطريقة اقتصادية لتحقيق األهداف ،وبالتالي فالكفاية هي مرادفة
لإلنتاجية التي تسمح بقياس المردودية النهائية ،ثم أن البحث عن توازن بين األهداف المسطرة والنتائج
المتحصل عليها صعبة للغاية خاصة عندما تكون درجة المنفعة العامة صعبة التقييم ،وانه من الصعب
معرفة ما إذا كانت النتائج المتوخاة قد تحصلنا عليها فعال .إن صعوبة التقييم الكمي للنتائج المتحصل
عليها في غياب معايير كافية لذلك يشكل أحد أهم الصعوبات في البحث على الفعالية في التسيير
العمومي.
وتتمثل في المحافظة على األموال وكذا استعمال االعتمادات بطريقة دقيقة ومضبوطة ،وهنا
يصعب تحديد المعايير التي تقاس من خاللها المردودية ،وذلك لطبيعة الخدمات التي تقدمها مصالح
الرقابة السابقة ،لهذا يمكن االعتماد على معيار تكاليف الرقابة وكذا حجم نتائج العمل من خالل عقلنة
اإلنفاق العمومي و منع حاالت التبذير ،وهذا يتوقف على التواجد الفعال للمسيرين والموظفين.
إن مصطلح المردودية هو مصطلح مالي محض ،فاإلدارة المالية مطالبة بتحقيق ربح على األقل
لتحقيق التوازن في حساباتها ،وهذا طبعا من الممكن تحققه في بعض األنشطة شريطة إدخال بعض
2
التعديالت الضرورية في القوانين األساسية.
41
و لضمان تقديم الخدمات العامة تقوم الدولة بتسخير وسائل هامة خاصة اعتمادات مالية ضخمة .
و رغم كون هذه الخدمات العمومية غير معنية بقوانين المنافسة الحرة لكنها قد تكلف غاليا في حالة ما
إذا كان هناك سوء تسيير ،واذا اختفت الرقابة يعني ذلك غياب آليات تضمن استعمال رشيد للوسائل .إن
التسيير الجيد لألموال العمومية يستلزم قياس التكاليف والمردودية وتستلزم بالضرورة القيام بالمقارنة بين
التكاليف و المردودية.
ودراسة هذه التكاليف ضرورية لتقدير مردودية المرافق العامة وحث المسيرين على استعمال
الموارد بصفة مثلى خاصة إذا كانت الدولة تعاني من مشاكل مالية وقياس المردودية للمؤسسات العمومية
يقودنا إلى قياس المردودية لإلدارات العمومية وقياسها لمؤسسات ذات طابع صناعي وتجاري.
إن قياس التكاليف و المردودية في المرافق العامة صعب التحقيق نظ ار لكون الخدمات المقدمة ال
يمكن قياس تكلفتها بدقة بل يكون ذلك بصفة تقديرية ،ورغم كون هذا التقييم ال يعطي بصفة دقيقة تكاليف
الخدمات المقدمة ورغم كون النتائج المحصل عليها غير كافية لكنها تعتبر مهمة حيث تسمح للمسيرين
باستعمال الوسائل بصفة مثلى وبالتالي تحسين تسيير المرافق العامة.
و لقياس تكلفة مصلحة معينة يجب حساب كل ما يكلفه تسيير المرفق لمدة سنة وهناك ثالث
مفاهيم للتكلفة هي:
وتأخذ بعين االعتبار فقط تكاليف النفقات المتعلقة مباشرة بسير المصلحة ،أي كافة نفقات
المستخدمين وجزء من نفقات المنقوالت والعقارات.
تشمل النفقات الداخلية ونفقات التسيير ،مثال بالنسبة لمصلحة الطرقات والجسور فإنه تضاف لها
تكاليف صيانة الطرقات.
وتشمل باإلضافة إلى ما سبق باقي التكاليف مثل نفقات التحويل ،كمنح المجاهدين وأرامل
الشهداء وأهم ما تركز عليه الرقابة هو تكاليف التسيير 1مع العلم أن تكلفة المصالح الخارجية تتضمن
باإلضافة إلى تكاليفها جزء من تكلفة اإلدارة المركزية ،أي السلطة الوصية.
1
Fabre.F.J.:Le contrôle des finances publique ,Paris,PUF ,1968p 67.
42
كما أنه ال يمكن معرفة عالقة التكلفة بالمردودية إال إذا قمنا بحساب:
-المردودية أي عدد العمليات من نوع معين والتي يتكلف بها عون لمدة سنة
واذا كان تحديد التكلفة الخاصة بكل عون ممكنة فإن تحديد السعر المرجعي و المردودية من
الصعب بماكان ،فهل يمكن تجزئة كل وظيفة إلى عدد من العمليات الملموسة والمتجانسة وسهلة
اإلحصاء ؟
أما فيما يخص قياس التكاليف و المردودية في المرافق العمومية ذات طابع صناعي وتجاري فال
يمثل صعوبة كبيرة كونها تضع منتوجات وتقدم خدمات وبالتالي فمن السهل معرفة وبدقة تكلفة المنتوجات
والخدمات باإلضافة لكون هذه المرافق مزودة بمحاسبة عامة ومحاسبة تحليلية لالستغالل مما يسهل
تحديد أسعار البيع للمنتجات والخدمات المقدمة.
إن البحث على أقل تكلفة يستلزم القضاء على التبذير واالستعمال األمثل للوسائل المتاحة للمرفق
العام،
إن آثار التبذير متعددة و تظهر على عدة مستويات وهي عادة ناتجة عن اإلهمال في المرافق
العامة .ففي مجال المستخدمين مثال :أثر التبذير هو زيادة عدد العمال على االحتياجات ،والزيادة في
تصنيف رتبهم ،وخلق وظائف غير مبررة و تظهر آثار التبذير عادة في االستعمال المفرط للسيارات
اإلدارية خاصة خارج أوقات العمل ،كذلك استعمال الهاتف ألغراض شخصية.
إن المرافق العمومية مزودة بوسائل هامة لكن من الضروري ،استعمالها بصفة مثلى ،وهوما
يظهر عند إبرام عقود التزود بالمنتجات والتجهيزات وعقود العمل حيث يجب على المرافق العامة أن
تستعمل كفاءات األعوان من إمكانيات الدراسة ،االقتراحات والتفاوض للحصول على أفضل األسعار
وأحسن النوعيات للتجهيزات والخدمات المقدمة من الموردين.
43
الفرع الثالث :التأسيس لنظام رقابي فعال
إن بناء نظام للرقابة على النفقات العمومية يستوجب توفير جملة من المقومات أو المبادئ التي
تقوم عليها هذه الرقابة حتى تضمن فعاليتها وعدم خضوعها للسلطة التنفيذية ومن خالل هذا الفرع سيتم
تناول شروط فعالية الرقابة(الفقرة األولى) و السبل التي تمكن من الردع من خالل تعزيز االجراءات
الردعية والجزائية (فقرة ثانية).
إن نظام الرقابة المسبقة الحالي المعتمد على تعدد أجهزة الرقابة وتنوعها ،من الناحية
النظرية ،يعد كرغبة من المشرع إلعطاء األهمية إلى الطابع الوقائي ،وتدعيمها قصد عقلنة النفقات وحسن
استغالل األموال العمومية في تنمية االقتصاد والنهوض به.
ففيما تتضمن الرقابة السابقة مكنزما للمتابعة و الوقف في حالة عدم إعطاء التأشيرة ،فإن الرقابة
الالحقة تختلف حسب قدرتها على اكتشاف المخالفات واظهارها لسوء التسيير وعدم فعالية التكلفة ليس
فقط إلعطاء حلول وانما للسماح بتطبيق كل االقتراحات والفرضيات الممكنة والتي تسمح بالحفاظ على
المال العام.
أما من الناحية العملية ،فيعاني من بعض النقائص والراجعة أساسا لعدم تدعيم هذا النظام
بمجموعة من التدابير والوسائل المساعدة على تدارك هذا النقص .ومن اجل فعالية أكثر نجد من
الضروري االهتمام بالعناصر التالية :
-1االستقاللية:
إن قولنا للفحص يعني النظر وهو ما يستلزم وجد كيان خارجي بالنسبة لموضوع المالحظة
وبالتالي نفترض استقاللية هذا الكيان عن الشيء المالحظ ،وقد تم تبني هذا المبدأ منذ 2779في فرنسا
حيث نصت الصحيفة الملكية على أن تدخالت الملك ومراقبه تكون مستقلة مطلقا.
فاستقاللية المصالح اإلدارية المراقبة ليست ناتجة عن الشرعية التي يعطيها االنتخاب كما هو
الحال بالنسبة للرقابة البرلمانية ،كما أنها ليست ناتجة عن القانون األساسي للقاضي أو ضمانات قانونية
ودستورية كما هو الحال بالنسبة للرقابة القضائية لمجلس المحاسبة ،بل إن استقاللية أسالك الرقابة
اإلدارية عن المصالح التي تتم الرقابة عليها هو نتيجة لتموضعها في السلطة اإلدارية خارج السلم اإلداري
1
للهيئة موضوع الرقابة.
وتعتبر االستقاللية من بين القيم التي تم إدماجها في ميثاق أخالقيات مهنة مصالح الرقابة الداخلية ،هذه المبادئ كلها مشتركة بالنسبة لكل أشكال
الرقابة والتدقيق أينما كانت في المجال الخاص أو العام ،حيث ينص مشروع المقاييس العلمية ISOلنوعية التدقيق على المبادئ التالية:
44
فمن الضروري تدعيم استقاللية هيئات الرقابة وابعادها عن كل الضغوطات إلى أقصى حد
ممكن ،وفصلها عن سلطة اآلمر بالصرف ،ألن كل جمع بين الرقابة والتنفيذ يؤدي إلى طغيان التنفيذ
وامتصاص الرقابة ،وبدون التمتع بهذا االستقالل ال يمكن لهيئات الرقابة أن تحافظ على موضوعيتها
وتجردها وحرية التعبير عن رأيها ،ونعتقد أن اإلدارة الجزائرية قد توصلت إلى ضمان نوع من االستقالل
لهذه الهيئات.
ف إذا كانت وحدة العمل ضرورية عند اآلمر بالصرف ،فإن التنوع في مجال الرقابة ،قد يكون
منسجما ،وال شك أن نوعا من التنسيق بين أجهزة الرقابة السابقة والالحقة يؤدي إلى تطويرها وتحسينها
عن طريق تبادل المعلومات والخبرة واألساليب المختلفة.
كما أنه ليس من الضروري أن تقف الرقابة في وجه اآلمر بالصرف موقف الخصم المعارض ،وال
أن يقف هذا األخير الموقف نفسه ،فإذا تجابهت الجهتان ووقف كل منهما موقف العداء لآلخر أدى ذلك
إلى تجميد نشاط كل منهما ،لذلك يجب أن يحدد نطاق كل منهما بعناية ودقة بحيث ال يحصل طغيان
1
سلطة على أخرى.
واألهم هو إعطاء الرقابة بعدا لرقابة تفاعلية خاصة بالمالءمة ،ولو في حدود معينة ،تهتم
باالستعمال االقتصادي األمثل لألموال العمومية في إطار الغايات اإلنمائية التي رسمتها الدولة ،خاصة
ونحن في مرحلة المخطط االقتصادي الخماسي لدعم التنمية ،والذي بلغت قيمته اإلجمالية 00مليار
دوالر ،لذلك يجب أن تجد هذه النفقات طريقها إلى إنتاج قيمة مضافة لالقتصاد الوطني.
غير أن مجال الرقابة السابقة قد يتقلص ليتركه أمام الرقابة الالحقة التي ستأخذ حي از هاما،
خاصة بعد ظهور الحديث عن نظام جديد في العمل اإلداري والتمثل في التسيير المتمحور حول النتائج،
والذي يعتمد على" نتائج قابلة للتقدير تستجيب ألهداف محددة مسبقا وبالنظر إلى العمل المقدم .هذا
النظام يمارس في سياق من الشفافية والمرونة والمسئولية بخصوص الوسائل المستعملة لبلوغ األهداف
والنتائج المرجوة أي أن المسير اإلداري يضع أهداف محددة ويسعى إلى تحقيقها وفق الوسائل المتاحة،
وال يسأل إال على مدى تحققها وبهذا يتسع مجال اآلمر بالصرف مما يستلزم وجوبا تقلص دور الرقابة
45
السابقة ،غير أن هذه ال تزال مجرد دراسات ،وليس بالضرورة نجاحه في دول أخرى متقدمة يعني نجاح
التجربة في الجزائر ،فالعتبارات خاصة تميز الوسائل البشرية والمادية الجزائرية ال يمكن في الوقت الراهن
تطبيق هذا النظام.
أخير إن عمل اآلمر بالصرف يحضى بمكافأة معنوية ومادية على نجاحه ،وفي نظره ونظر
-و ا
الغير فان النجاح ينسب دائما إليهم رغم أن القائمين بالرقابة شاركوا في صناعته ،من هنا نرى ضرورة
تعزيز موظفي هيئات الرقابة من الناحية المعنوية و القانونية والمادية
-2مرجعية الرقابة
إذ ا أردنا الوصول إلى تحقيق رقابة ناجعة وتطويرها فال بد من أن تمتلك الهيئة موضوع الرقابة
القواعد ،اإلجراءات وكذا التنظيم الذي يفترض أن يكون معدا سلفا ،كما يفترض وجود تعريفا واضحا
للمهام واألهداف المتعلقة بالهيئة .وهذا ما وضحه صف الخبراء المحاسبين في فرنسا إذ يعتبر أن الرقابة
1
الداخلية تظهر عن طريق التنظيم واإلجراءات الخاصة بكل نشاط تقوم به المؤسسة لضمان استم ارريتها.
يمكن إثبات هذا الشرط في النطاق اإلداري وعلى مستوى رقابة المطابقة عن طريق الضرورة
القانونية لتوفر النصوص التي تعرف أو تحدد المهام و التنظيم الذي يكون أساسا من طريق األنظمة وكذا
2
طريقة التنفيذ المحددة عن طريق التعليمات والمناشير.
ليس والمقصود هنا تقييم مدى دقة وحسن اختيار األهداف فقط ،وانما توجيه االنتقادات للسلطة
الوصية .كما أنه من الضروري أن تحاط المرجعية بنظام معلومات خاص حيث يتم مراقبة المصداقية.
تعتبر هذه النقطة من أهم مقومات الرقابة على النفقات العمومية إذ من الواجب إحاطة الرقابة
بجملة من العقوبات التي تفيد في ردع كل من يحاول العبث باألموال العمومية .وتختلف هذه االجراءات
بحسب نوع الرقابة إما سابقة أو الحقة والهيئة التي تمارسها ،ومن أجل هذا يمكن القول أن لعملية الرقابة
في حذ ذاتها هي نوع من اإليجابية ،وينجم عنها مجموعة من النتائج أو التبعات .
-1التبعات اإلدارية:
أيا كانت مستويات الرقابة اإلدارية ،فإنها عند إتمام مهام الرقابة الموكلة لها ملزمة بإعداد تقرير
يوجه للسلطة التي تخضع لها .فالق اررات التي تتخذها السلطة اإلدارية نابعة من النتائج التي وضحتها
1
BARILARI André, op-cit, p 79-80.
2
ومع التطور الحاصل في مجال المالية العامة في فرنسا ،فإن القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في فرنسا حيث تم التوجه إلى مقاييس
الفعالية ،ف إن المرجعية هنا بال شك في حاجة إلى المزيد من التطور و الثراء ،وهذا بالنسبة لألهداف المحددة التي البد للمصالح من مراقبتها.
46
تقارير الرقابة ،وبالتالي ال يمكن اعتبار األسالك المكلفة بالرقابة هي المسؤولة عن التبعات التي تتخذها
السلطات.
كما أن التمييز بين التدقيق والنتائج غير مفصول فيه ،ذلك ألنه أوال إعداد النتائج أو الخالصات
في حد ذاته هو عنصر يمكن أن يطرح نتائج إيجابية ،ولكن باإلضافة إلى ذلك فإن مجمل أسالك الرقابة
تنظم متابعة ل لحماي ة وأخي ار ألنه في إطار تسيير عمومي حديث ،فإن التدقيق والنتائج تلعب دو ار
هماما في تحديد الوضعي الكائنة للمصالح التي بإمكانها اتخاذ الق اررات اإلستراتيجية.
بعيدا عن ميدان العمل الواسع الذي يفرض توفير المعلومات المطلوبة من قبل المفتشين
والتخوفات التي تثيرها تدخالتهم ،فإن للرقابة العديد من الفوائد على المصلحة المراقبة.
فب إمكان الرقابة أن توضح نقاط الضعف والقوة ،ومن هذا المنطلق فإن الترحيب بالرقابة يسمح
للهيئة المراقبة باالعتماد على الوضعية الكائنة واالقتراحات التي بوسع الرقابة أن تضعها وتحددها قصد
أخذها بعين االعتبار للقضاء على سوء التسيير الناجم عن نشاطاتها ووسائلها.
في ا لواقع تشكل بعثات الرقابة غالبا الفرصة الوحيدة للهيئة المراقبة التي تسمح لها بمعرفة بعض
العناصر التي تخص وضعيتها والتي قد ال تصلها بالقنوات المعتادة للمعلومات .كما أنها فرصة أيضا
إليجاد روابط تمكنها من أن تشكل بصفة واضحة االقتراحات والتصحيحات التي ال يمكن أن ضرورتها إال
على أرض الميدان.
كما أن الحوار مع المفتشين الذين يمتلكون مرجعية خارجية بوسعه أن يرفع من الوعي المتعلق
بالتطور.
تسهر المصالح المكلفة بالرقابة على تقديم تقريرها للسلطات التي سيرسل إليها التقرير ويمكنها
فيما بعد أن تكون مشاركة في التفكير فيما سيتبع .وفي جميع األحوال فإنه سيتم تنظيم متابعة شكلية
دورية خاصة من قبل المفتشين العامين المكلفين وهذا في إطار تنظيم عدة أسالك ،وفي إطار العالقات
التي تربط مصلحة الرقابة مع الهيئات التي تمت رقابتها.
وفي إطار السير نحو تسيير عمومي يميل إلى البحث عن الفعالية فإن الرقابة تتدخل كعنصر
للتحكيم في المصالح التي تسير وفق التوقيت الرباعي :التشخيص ،تحديد األهداف ،وضع مخطط العمل
ورقابة االنجازات.
47
-2التبعات القضائية ،التأديبية والجزائية:
إن المالحظات التي تستخرجها الرقابة من خالل الفحص والتي تتجسد في التقرير الذي يرسل إلى
الوزراء المعنيين بهدف إخطار مجلس المحاسبة ،هذا ما سيتم عالجه في الرقابة القضائية.
كما أن هذه المالحظات بإمكانها أن تعطي للسلطة المكلفة بتسيير المستخدمين صالحية إقرار
تبعات تأديبية كالعقوبات بكل أنواعها انطالقا من اإلنذار إلى الفصل أو التسريح ،بعد األخذ برأي اللجان
اإلدارية المختصة.
1
كما أنه يمكن أن يكون لهذه الرقابة تبعات جزائية:
هناك العديد من الجرائم والجنح التي نص عليها القانون الجزائري والتي تم استحداثها بموجب
قوانين سايرت المنحى الذي تعيشه البالد ،إذ نرى تفشي ظاهرة الفساد بأنواعها ،ومن هذه الظواهر نرى
ظاهرة الرشوة 2حيث تشكل المعلومات التي جمعتها أسالك الرقابة اإلدارية المنبع الذي يستقي منه القضاء
الجزائي حتى يتمكن من إقرار الجنحة أو جريمة الرشوة أو استغالل النفوذ من قبل األشخاص التي
تمارس وظائف عمومية .وقد نصت المادتين 219و 217من قانون العقوبات على جريمة الرشوة التي
يقترفها المرتشي ،والمادة 10و 10من القانون 3 92-99المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.
1
في فرنسا المادة 09من قانون اإلجراءات الجزائية تنص على أن كل سلطة أو ضابط عمومي أو موظف أثناء ممارسته لوظائفه يتلقى
معلومات حول جن حة أو جريمة فهو ملزم بإبالغ وكيل الجمهورية دون أن يتعلق األمر بأجل محدود ،و إرسال كل المعلومات المتعلقة بالقضية
إلى القاضي إن النص صريح حيث يضم حتى موظفي الرقابة عند أدائهم لمهامهم .والمالحظ من عبارات هذه المادة أن التصريح بالجريمة أو
الجنحة ال يتطلب شكلية معينة وانما فقط مراسلة مرفوقة بالوثائق الضرورية السيما تقرير الرقابة أو التفتيش الذي يثبت وقوع الجريمة أو الجنحة.
نشير إلى أن مهمة التصريح بالجنحة أو الجريمة تقع على عاتق مسؤول المصلحة أو المفتشين في حد ذاتهم وفي كل األحوال فإن مسؤولية
التصريح تقع على عاتقهم والمصلحة ليس لها سوى إرشادهم إلى الطرق التقنية المعتادة للتصريح دون أن تعارض عن اإلخطار بالجريمة ،بل على
السلطات السلمية التأكد من التحاليل المقدمة من قبل المفتشين و التأكد من أنها تخلص إلى وجود الجريمة أو الجنحة.
2
جريمة الرشوة هي جريمة تختص في ا التجار بأعمال الوظيفة العامة أو الخدمة العامة وهي تستلزم وجود شخصين موظف عام أو قاضي أو
عامل أو مستخدم يطلب أو يقبل عطية أو وعد بعطية أو يتلقى هبة أو هدية أو أية منافع أخرى مقابل قيامه بعمل أو امتناعه عن عمل من أعمال
وظيفته سواء كان مشروعا أو غير مشروع وان كان خارجا عن اختصاصاته الشخصية إال أن من شأن وظيفته أن تسهل له أداءه أو كان من
الممكن أن تسهله له .يسمى هذا الموظف مرتشيا وصاحب المصلحة راشيا إذا قبل آداء ما يطلبه الموظف أو تقدم بالعطاء فقبله الموظف.
أما عن موقف التشريع الجزائري من جريمة الرشوة فقد أخد القانون الجزائري باالتجاه الذي يجعل من جريمة الرشوة جريمتين مستقلتين ،فإرادة المشرع
واضحة في التمييز بين جريمة الراشي والمرتشي ،حيث ينص القانون في المادة 219و 217من قانون العقوبات الجزائري على جريمة الرشوة التي
يقترفها المرتشي و في المادة 210من نفس القا نون على جريمة الرشوة التي يقترفها الراشي وان لم يدكر كلمة الراشي صراحة .ان تمييز المشرع
الجزائري بين بين الجريمتين يمنع الراشي الدي يقدم أو يعرض الرشوة دون أن تلقى تلك الحالة قبوال من الموظف من االفالت من العقاب.
3
القانون 92-99المؤرخ في 19فبراير 1999يتعلق بالوقاية من الفساد وكافحته ،عدد .20
بعد مصادقة الجزائر على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب المرسوم الرئاسي رقم 210-90المؤرخ في ،1990/90/20كان لزاما
عليها تعديل تشريعاتها الداخلية لتتالءم وهذه االتفاقية ،خاصة في ظل عجز قانون العقوبات الجزائري والقوانين ذات الصلة في هذا المجال القمع
والحد من الفساد.
48
أما جريمة إساءة استغالل الوظيفة وهي جريمة جديدة استخدمها المشرع الجزائري بمقتضى المادة
55من قانون مكافحة الفساد وهي تعتبر صورة من صور جريمة المتاجرة بالنفوذ المنصوص عليها في
المادة 210من قانون العقوبات التي ألغيت بموجب المادة 51من القانون .92-99كما استحدث هذا
القانون جريمة إخالل الموظف العمومي بالتزام اإلبالغ عن تعارض المصالح التي نصت عليها المادة
50من قانون الفساد .إضافة إلى جريمة عدم التصريح أو التصريح الكاذب بالممتلكات وفقا للمادة 59
من نفس القانون.
إن مجال الصفقات العمومية هو مجال ذو طبيعة خاصة وحساسة وقد خص المشرع هذا المجال
بقوانين خاصة تهدف إلى حماية والحفاظ على األموال العمومية كجنحة إبرام صفقات مشبوهة مخالفة
للتشريع المعمول به طبقا للمادة 19من القانون 92- 99المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته.
كما تضمن المرسوم الرئاسي 1159-29المتضمن تنظيم الصفقات العمومية قسما لمكافحة
الفساد حيث نصت المادة 99على إصدار مرسوم تنفيذي يتضمن مدونة أدبيات وأخالقيات المهنة في
مجال الصفقات العمومية تحدد فيه حقوق وواجبات األعوان العموميين عند مراقبة وابرام وتنفيذ صفقة
عمومية أو عقد أو ملحق.
لطالما اعتبرت الرقابة على تنفيذ الميزانية ضرورة جوهرية وهذا من أجل ضمان الشرعية المالية
وهذا يعني مطابقة التنفيذ اإلداري والمحاسبي لقواعد القانون من جهة ،ومن جهة أخرى احترام التراخيص
الميزانية المقدمة من البرلمان .وهذه هي األهداف التي تعطي اليوم تناسقها لكيفيات متنوعة للرقابة على
2
تنفيذ الميزانية.
وسواء كان زمن تدخل هذه الرقابات سابقا ،آنيا أو الحقا ،فإنها مصنفة بحسب الهياكل التي
تمارسها إذ نجد الرقابة اإلدارية التي نتناولها في المطلب األول ،الرقابة القضائية ونعالجها في المطلب
1
المرسوم الرئاسي 159-29المؤرخ في 97أكتوبر 1929يتضمن تنظيم الصفقات العمومية ،جريدة رسمية رقم .00
2
M.BOUVIER, M. ESCLASSAN, J. LASSALE: finances publiques, 5eme édition, LGDG,p 392.
49
الثاني ،وأخي ار الرقابة البرلمانية ونتطرق إليها في المطلب الثالث ،وكل نوع من هذه األنواع يعمل من أجل
هدف واحد ،ولكن لكل نوع منها مهمة أو وظيفة خاصة وتسير وفق كيفيات خاصة.
إن تطبيق قوانين المالية يقتضي فرض تأطير و رقابة معمقة من قبل العديد من المصالح
واألسالك اإلدارية للرقابة وكل هذه الرقابات تابعة لو ازرة المالية .غير أن دراسة هذه الرقابة يمكن من
معرفة طبيع ة هذه الرقابات التي تختلف عن بعضها سواء من حيث كيفية تطبيقها أو من حيث نظرتها
المختلفة ،بحيث يمكن أن نميز بين الرقابة القبلية والرقابة
يبدو جليا أن مجال الرقابة السابقة يملك حي از ضيقا مقارنة بالرقابة الالحقة التي ستأخذ حي از
هاما،خاصة بعد ظهور الحديث عن نظام جديد في العمل اإلداري والتمثل في التسيير المتمحور حول
النتائج،والذي يعتمد على" نتائج قابلة للتقدير تستجيب ألهداف محددة مسبقا وبالنظر إلى العمل المقدم.
هذا النظام يمارس في سياق من الشفافية والمرونة والمسئولية بخصوص الوسائل المستعملة لبلوغ
األهداف والنتائج المرجوة".1
يقصد بالرقابة المالية المسبقة تلك الرقابة التي تستهدف ضمان سالمة التصرفات المالية،
والكشف الكامل لالنحرافات أي مدى مطابقتها للقوانين والتنظيمات المعمول بها ،وذلك قبل صرفها .ومن
هذا التعريف يمكن لنا أن نخرج بعنصرين تعريفيين لهذا النوع من الرقابة :
-ضمان سالمة التصرفات المالية :فأجهزة الرقابة القبلية التي أحدثتها الدولة ،تهدف إلى ضمان
تطابق هذه التصرفات مع القوانين والتنظيمات وبالتالي تجنب كل انحراف يبدد األموال العمومية سواء
بقصد أو عن غير قصد(جهل بالقانون ، )...فهي إحدى وسائل حراسة وحفظ األموال العمومية ،وهذا
من شأنه أن يؤدي إلى عقالنية أكثر في ترشيد اإلنفاق العمومي.
-رقابة ما قبل اإلنفاق :أي أنها تحقق أهدافها قبل حدوث األثر المالي ،أي تمنع وقوع الخطأ
، ،إذن فهي رقابة وقائية تمنع حدوث أي خلل ،وليس من مهامها اإلجراءات العقابية ،عكس الرقابة
الالحقة التي هي رقابة عالجية ،حيث يكون الخلل المالي قد حدث ،ودوره يتمثل في تسوية األوضاع
ومعاقبة المتسببين.
1
Séminaire de Josée Champigny, Initiation à la budgétisation par programme axée sur les résultats, ministère
des finances, 28 mai 2005.p.3
50
تنفذ النفقة العمومية عبر أربعة مراحل :االلتزام ،التصفية ،األمر بالدفع ،الدفع ،هذه المراحل
تجيب على ضرورة وظيف ية وقانونية كما تسمح في ذات الوقت بتوضيح دور األعوان الثالث المتدخلين
في مختلف األطوار :المراقب المالي ،اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي.
وتحدد مسؤولية كل عون على أساس مبدأين :التمييز بين المالءمة والشرعية من جهة ومن جهة
أخرى الفصل بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي والمسؤولية الشخصية للمحاسب.
عن الهدف من وراء وضع هذه األعوان والمبادئ هو ضمان مطابقة النفقة العمومية للتراخيص
الميزانية وللقواعد التي تحكم النشاط العمومي ،هذا النوع من الرقابة هو الرقابة السابقة وأهمية هذه الرقابة
هي ميزة أساسية في المالية العامة الفرنسية.1
نظريا ،هذه المراحل هي نفسها بالنسبة لتحصيل اإليرادات ( التصفية ،االمر بالصرف والتنفيذ
المحاسبي) .في هذه المرحلة نقوم بعرض اإلجراءات من جانب النفقات أما فيما يتعلق باإليرادات فإننا
سوف نتطرق إلى الخصوصية التي تتميز بها في تنفيذها بالتعرض إلى مبدأ الفصل بين اآلمر بالصرف
والمحاسب العمومي بهدف تثمين المبدأ بالنسبة لميدان النفقات وكذا اإليرادات.
1-1اإللتزام:
االلتزام هو عملية ضرورية من أجل فتح مجال إلى إخراج مبلغ مالي من الخزينة لصالح دائن
لإلدارة ،وتهدف محاسبة االلتزامات إلى تحديد ما ألتزم بدفعه من المبلغ بالنسبة إلى البرامج المأذون بها
في أي لحظة و كذلك معرفة إعتمادات الدفع و مبلغ األرصدة ،وقد عرف القانون 12-09في مادته
20اإللتزام بأنه ":يعد االلتزام اإلجراء الذي يتم بموجبها إثبات نشوء الدين" 2سواء كان هذا الدين على
عاتق الدولة أو جماعاتها المحلية و المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري ،ويكون االلتزام غالبا
بمبادرة من مسؤول المصلحة اإلدارية و الذي تنسب إليه صفة اآلمر بالصرف ،و ينشأ االلتزام بقرار
فعلي لآلمر بالصرف و يكون على ورقة مكتوبة تثبت و تمثل تعهد من اآلمر بالصرف للنفقة ،مثال
تحرير صفقة عمومية أو سند طلب ،أو مقرر تعيين موظف .... ،
و إذا كان اإللتزام له أساس تعاقدي يجب كذلك موافقة الدائن على نفس الوثيقة ،ومن هنا يمكننا
التفرقة بين االلتزام القانوني و االلتزام المحاسبي.
1
BARILARI André: opcit, p 21 .
2
المادة 10من مرسوم 10ديسمبر :2091هو اإلجراء الذي عن طريقه تنشئ الهيئة العمومية أو تثبت التزاما ينجر عن طريقه عبء أو نفقة.
51
أ-الجانب القانوني:
إن التعريف المذكور أعاله ال يكفي لجعل الدولة مدينة ،فمن الضروري أيضا أن يكون الدائن قد
حقق التزاماته .إن النص هنا يبدأ بتحرير االلتزام ولكن االلتزام في الحقيقة ال يكون إال بعد استكمال
الشروط المتعلقة بطبيعة العملية.
إن االلتزام ينتج بعد قيام المسؤول العمومي بإجراء محدد كالتوقيع على سند طلبية ،ولكن في
بعض الحاالت يبدأ االلتزام في حالة اجتماع األحكام التشريعية واألحكام التنظيمية ( االستفادة من بعض
الريوع )..وفي الحالة األخيرة هناك التقاء القاعدتين القانونيتين (ترقية موظف مثال) .ولهذا استعمل النص
باللغة الفرنسية المصطلحين.
هو النشاط القانوني الذي بموجبه تم خلق االلتزام الذي تقوم به اإلدارة ويمكن لاللتزام القانوني أن
ينشأ نتيجة لعمل إرادي أو غير إرادي للدولة وااللتزام اإلرادي ناتج خصوصا عن عقد كالصفقة العمومية،
نظام قانوني :األجور والتعويضات ،قرار قضائي :الفوائد واألضرار التي تتسبب فيها اإلدارة ،قرار انفرادي:
مثل تعيين مستخدم أو منح إعانة...
وعليه فااللتزام يكون ناتجا عن عمل آخر إذ ال يمكن أن ينشأ من حد ذاته فمثال تعيين مستخدم
يهدف في األساس إلى ضمان سير المصالح العمومية وليس الهدف منه هو دفع اجر المستخدم أي
االلتزام بنفقة المستخدم المعين.
أما االلتزام غير اإلرادي فيكون ناتجا عن عمل خارج عن إرادة اإلدارة مثال ذلك:
األضرار الناتجة من حادث وقع بسبب سيارة تابعة لإلدارة تجعل بذلك الدولة مسؤولة عن الحادث دون أن
تريد ذلك.
و يتمثل في إعداد بطاقة االلتزام من طرف اآلمر بالصرف ،يسجل فيها مبلغ اإلعتماد لنفقة
معينة ،وهذه التفرقة تسمح بمقارنة اإلعتمادات المفتوحة في الميزانية مع المبالغ الملتزم بها فعال .أي هو
تخصيص االعتمادات المالية من أجل إنجاز نفقة معينة ناتجة عن التزام قانوني أو بعبارة أخرى هو
1
التجسيد المادي لاللتزام القانوني.
1
تنص المادة 07من مرسوم 10ديسمبر :2091وفقا لألحكام الخاصة المتعلقة باالعتمادات التقييمية ،فإن االلتزامات محددة سواء بمبلغ
تراخيص البرامج المأذون بها بموجب قانون المالية" من الواضح أن االمتثال لهذا الحد أمر ضروري لتجنب التجاوزات التي قد تحصل في إطار
تنفيذ الميزانية ،وسوف تثقل إمكانيات الميزانيات الالحقة .والمادة 98تنص على ":يتم تعقب االلتزامات الواردة في محاسبة اآلمرين بالصرف
الرئيسيين والثانويين في حدود التفويضات الممنوحة لهم " والمسك الجيد لهذه المحاسبة يمكن من تقييم إمكانية التزامات إضافية ،وااللتزام هنا يعتبر
نوا من التقديرات شبه السنوية.
52
ويجب أن يخضع ملف االلتزام إلى تأشيرة المراقب المالي قبل إمضائه من طرف اآلمر بالصرف،
ويبقى هذا االلتزام قابل لتنفيذ إلى غاية نهاية السنة المالية ،وعندئذ يسقط االلتزام الغير متبوع بأمر الدفع
و ليس لآلمر بالصرف الحق في المطالبة بإعتمادات جديدة بعد نهاية سنة االلتزام ،لكن له الحق و
الحرية المطلقة بالنسبة لتنفيذ االلتزام أو االمتناع عنه.
واإللتزام المحاسبي عبارة عن إعداد بطاقة االلتزام من طرف اآلمر بالصرف وذلك في نسختين،
نسخة ترسل إلى المراقب المالي والثانية تبقى على مستوى مصالح الهيئة المنشئة لاللتزام .وتقوم عملية
االلتزام بالنفقات العمومية على الوثيقة القاعدية المتمثلة في بطاقة االلتزام التي يقوم بتحريرها اآلمر
1
بالصرف المؤهل قانونا للقيام بذلك بالنسبة لكل عملية والمرفقة بالوثائق التي تثبت النفقة.
1-2التصفية:
نصت عليها المادة 19من القانون 12-09المتعلق بالمحاسبة العمومية :تسمح التصفية
بالتحقيق على أساس الوثائق المحاسبية وتحديد المبلغ الصحيح للنفقات العمومية .و كذلك المواد 20
و 59من نفس القانون وبالتالي فإن التصفية هي العملية التي يتم من خاللها إثبات وتأكيد وقوع الدين
على عاتق الدولة بتحديد الم بلغ الدقيق نقدا أي تحويل االعتماد إلى طبيعة سيولة ودلك اعتمادا على
1
-بالنسبة لنفقات التسيير :في هذا المجال تكون بطاقة االلتزام مرفقة بسندات الطلب الفاتورة الشكلية التي تبين تفاصيل المقتنيات ،األشغال أو
الخدمات المعنية وكذا األسعار الوحدوية والمبالغ اإلجمالية الموافقة.
-بالنسبة لنفقات التجهيز :إن بطاقات االلتزام الخاصة بعمليات التجهيز ترفق بوثائق تتعلق بوضعية األشغال ومختلف الفواتير المتعلقة باقتناء
مستلزمات العمليات باالستعانة بالمعلومات المذكورة في مواضيع الصفقات.
ويتم تحديد شكل بطاقة االلتزام عن طريق قرار من وزير المالية وتتضمن بطاقة االلتزام المعلومات التالية:
-دمغة الجهة المنفذة لاللتزام :الو ازرة ،المديرية او المصلحة
-الرقم التسلسلي لبطاقة االلتزام ،السنة
-اآلمر بالصرف وصفته
-طبيعة النفقة.
-الباب ،المادة ،الفقرة.
-مبلغ عملية االلتزام.
-الرصيد القديم والرصيد الجديد.
-خانة خاصة بمالحظات المصلحة.
-خانة خاصة بوضع تأشيرة المراقب المالي.
ويتم غلق عملية االلت ازم بالنسبة لنفقات التسيير في اليوم العاشر من شهر ديسمبر للسنة المعنية .ويتم تمديد هذا األجل إلى 19ديسمبر بالنسبة
نفقات التجهيز واالستثمار،النفقات المنفذة من طرف وكالء الدفع ،النشاطات المتعلقة بالحياة المهنية للموظفين وأجور المستخدمين المؤقتين.
53
الوثائق االثباتية المتاحة لدى اآلمر بالصرف الذي يقوم هو بنفسه بعملية التصفية أو يوكل العملية إلى
1
عون موضوع تحت سلطته المباشرة.
فالمالحظ في هذه المادة أنها التعطي لنا معنى التصفية و لكن الهدف منها .
و يمكن تعريف عملية التصفية على أنها اإلجراء الثاني الموضوع تحت مسؤولية اآلمر بالصرف
بهدف إثبات وجود دين عمومي على عاتق الدولة لصالح دائن معين ،وللتصفية بعد كبير يتمثل في أنها
تسمح ب ـ ـ ـ ـ ـ:
-اإلثبات بصفة نهائية وجود دين عمومي ،فيجب على اآلمر بالصرف التحقق من أن السند
أو الخدمات التي طلبتها اإلدارة كانت محل إلتزام مسبق و تحصلت عليها اإلدارة فعال .
-تحديد نوعية وكمية السلع المشتراة و مقارنتها و محتوى ملف اإللتزام .
-تصفية النزعات بين اإلدارة و الممون في ما يتعلق بعملية تنفيذ اإللتزام و يجب التحقق من
صحة العملية وصالحية المشتريات قبل االنطالق في عملية الدفع .
-التأكد من شرعية اإلنفاق و نزاهته ،فاآلمر بالصرف له دراية أكثر من غيره بشرعية النفقة ألن
لديه المعلوما ت والمعطيات التي قد ال توجد في الملف و هذا يؤدي إلى فكرة النزاهة ،لذلك يجب على
اآلمر بالصرف أن يطلب مساعدة المختصين في المجال المعني .
-تحديد المبلغ الفعلي و النهائي للنفقة و المقارنة بين المبلغ المطلوب من طرف الممون ،
والمبلغ الفعلي للنفقة .
-تحديد الدائن الفعلي ،و التحقق من طبيعة الممون المستحق لالستفادة من الدفع ،عند انتهاء
هذه العملية يحرر اآلمر بالصرف األمر بالدفع .
ويبرر الفصل بين عملية االلتزام بالنفقة وتصفيتها بأن العديد من النفقات ال يمكن تحديد مبلغها
الدقيق عند القيام بعملية االلتزام حيث يكتفي اآلمر بالصرف في المرحلة األولى بتقدير المبلغ التقريبي
ألن المبلغ الدقيق ال يمكن تحديده إال بعد أداء الخدمة.
1
تنص المادة 59من مرسوم 10ديسمبر 2091على أن الهدف من التصفية هو فحص حقيقة الدين و تحديد مبلغ النفقة.
54
_ فحص الوثائق الثبوتيه
تشكل الوثائق الثبوتية جزء من ملف التصفية المتكون من عدة عناصر ،ومن الضروري أن
تستجيب هذه الوثائق لطبيعة النفقة التي تم حساب مبلغها.1
إن قاعدة أداء الخدمة تعني أن الدولة ال تقوم بالدفع المسبق بل تقوم بالدفع عندما يقوم الدائن
بتنفيذ الخدمة التي تكون عل عاتقه ،فمثال نجد أنه بالنسبة لمستخدمي الدولة يتم دفع مرتبه شهريا وال
يمكن أن يتم تسديد المرتب عند بداية الشهر ،كما أن التاجر الذي قامت الدولة بالتعامل معه ال تقوم
بتسديد المبلغ إال بعد تمام عملية تسليم السلعة .وبالتالي فإن التأكد من أداء الخدمة يعني بالنسبة للدولة
ضمان أن الخدمة تمت وأن السلع تم الحصول عليها وفق عملية االلتزام ،ويتم إثبات أداء الخدمة من
2
خالل وثائق اإلثبات المتاحة.
هذه العملية تعني الحساب الدقيق لمبلغ الدين الواقع على عاتق الدولة و التأكد من صحة
استحقاقه أي أنه لم يسقط بدفع سابق أو بالتقادم الرباعي .
3-1األمر بالصرف:
األمر بالصرف هو المرحلة األخيرة من الجانب اإلداري وتعرفه المادة 12من القانون 12- 09
بأنه" يعد األمر بالصرف أو تحرير الحواالت اإلجراء الذي يأمر بموجبه دفع النفقات العمومية".
فاألمر بالصرف 3هو األمر الذي يعطيه اآلمر بالصرف للمحاسب العمومي لتنفيذ الدفع بالنسبة
لعملية كانت محل التزام وتصفية سابقتين.
يقوم اآلمر بالصرف بإعطاء األمر بالصرف للمحاسب العمومي الذي يقوم بعملية الدفع ،ويتمثل
األمر بالدفع أو بالصرف في إصدار وثيقة مكتوبة تسمى األمر بالدفع أو حوالة الدفع حسب صفة
1
في فرنسا تم إعداد مدونة طبقا لنص المادة 210من مرسوم 10ديسمبر ،2099أما المدونة الحالية فهي محددة في منشور الوزير المكلف
بالميزانية المؤرخ في 21أفريل 2000بالنسبة لنفقات الدولة ،أما المتعلقة بالجماعات اإلقليمية ففي سنة .2001
2
إال أنه يمكن الخروج عن قاعدة أداء الخدمة بال نسبة لبعض النفقات والمتمثلة في اإلعانات وبعض التعويضات ،التسبيقات المقدمة إلى
المستخدمين عندما يتعلق األمر بمصاريف المهمة وكذا التسبيقات التي تمنحها الدولة بالنسبة للصفقات العمومية حيث يتم دفع جزء من مبلغ الصفقة
في شكل تسبيق قبل االنطالق في عملية األشغال ،واالشتراكات المختلفة التي تقوم بها الدولة مثل اشتراكات اإلشهار أو االشتراك في المجالت.
3المادة 52من مرسوم 10ديسمبر 2091تعرف األمر بالصرف :األمر بالصرف هو اإلجراء اإلداري الذي يعطي وفقا لنتائج التصفية أمر دفع
الدين الخاص بالهيئة العمومية.
55
وطبيعة اآلمر بالصرف فاآلمر بالصرف الرئيسي يقوم بإصدار األمر بالدفع أما اآلمر بالصرف الثانوي
فيقوم بتحرير حوالة الدفع .إال أنه في الكثير من الحاالت يتم إجراء عملية التصفية و األمر بالدفع في آن
1
واحد ،ولكن في أحيان أخرى تنفد العمليتين بصفة مستقلة.
ونجد أن عملية الدفع المتعلقة بالنفقات العمومية قد نصت عليها المادة 12من القانون 09ـ12
المتعلق بالمحاسبة العمومية :يعد األمر بالصرف أو تحرير الحواالت اإلجراء الذي يأمر بموجبه دفع
2
النفقات العمومية.
ولآلمر بالصرف السلطة التقديرية في مجال األمر بالصرف حيث يبقى يتحكم في العملية ما لم
يقدم حوالة الدفع إلى المحاسب العمومي ،فيمكنه تحديد آجال الدفع مباشرة بعد التصفية .
بعد إصدار األمر بالصرف يرسل الملف إلى المحاسب العمومي ليقوم باإلجراءات المحاسبية
الالزمة .
4-1الدفع :
بعد اإلجراءات اإلدارية الثالث السابقة التي يقوم بها اآلمر بالصرف ,تأتي مرحلة الدفع وهي
اإلجراء األخير وينفرد بها المحاسب العمومي ،ويتمثل هذا اإلجراء في إصدار سندات لفائدة الدائنين
فتتحرر اإلدارة بموجبها من دينها ،حيث تنص المادة 11من القانون " 12-09يعد الدفع اإلجراء الذي
يتم بموجبه إبراء الدين العمومي ".
ويعد الدفع 3المرحلة األخيرة لتنفيذ النفقة يقوم بها المحاسب العمومي ومن مميزاتها:
حيث أن المحاسب العمومي ال يعتبر عونا بسيطا للتنفيد وهو غير تابع لآلمر بالصرف ،ويتمثل
العمل القانوني في قيام المحاسب العمومي بالرقابة عل شرعية األمر بالدفع قصد دفع مسؤوليته.
1
إن األمر بالدفع أو حوالة الدفع يتم إصدارها باسم الدائن المباشر للدولة ولمصلحته و يجب أن يحرر وفق للتنظيم المعمول به ويتضمن المعلومات
التالية :التطبيق الذي تمت فيه العملية ،الباب ،المادة ،الفقرة ،ا لوثائق االثباتية المبررة للنفقة ،تحديد الدائن المباشر للدولة ،موضوع النفقة ،تاريخ أو
وقت أداء الخدمة ،تحديد مبلغ الحوالة باألرقام والحروف وكدا الرقم التسلسلي للحواالت أو أوامر الدفع و تاريخ تحريرها أو االمضاء عليها و تأشيرة
المراقب المالي.
2
إال هناك بعض األنواع من النفقات يتم دفعها دون الحاجة إلى إصدار أمر مسبق بالدفع ،يكون األمر بالدفع في أربعة نسخ يتم االحتفاظ بنسخة
في األرشيف أما النسخ الباقية فيتم إرسالها إلى الخزينة العمومية .ويشترط في األمر بالصرف أن يكون مكتوبا ومحر ار على نموذج وثيقة صادرة عن
و ازرة المالية تحتوي على البيانات التالية :تعيين السنة المالية ،الفصل ،المادة ،السطر الميزاني ،توقيع اآلمر بالصرف المعتمد لدى المحاسب
العمومي ،تأشيرة المراقب المالي.
3
المادة 55من مرسوم 2091تعرف الدفع على أنه اإلجراء الذي يحرر الهيئة من الدين.
56
ب -عملية مادية
حيث أن المحاسب العمومي قبل قيامه بدفع المبلغ نقدا يتأكد من أن الدائن الذي يريد استفاء حقه
1
هو المذكور في األمر بالدفع ثم يقوم بدفع المبلغ وتعتبر العملي عمال ماديا.
وبعد عملية الدفع يرسل المحاسبون العموميون لآلمرين بالصرف نسخة من األمر بالصرف
أو حالة الدفع عليها تأشيرة التسديد.
إن الفاعل الرئيسي للنفقة العمومية هو اإلدارة المسئولة بالمهمة والتي خصصت لها ميزانية
معينة ،وبالتالي هي التي تقوم بقرار اإلنفاق باحثة في ذلك عن الفعالية القصوى (تحقيق األهداف) و
النجاعة (تحقيق األهداف بأقل التكاليف الوسائل المادية والمالية).
أما الفاعلين اآلخرين فهما مكلفان بمهمة الرقابة ،فالمراقب المالي مكلف برقابة االلتزامات أما
المحاسب العمومي فهو مكلف بالرقابة المالية ورقابة الدفع.
هاتين المرحلتين من الرقابة لهما صفة رقابة مسبقة ( قبل الدفع) ،نظامية ومنسقة وهي مدمجة
في عملية اإلنفاق.
-1اآلمر بالصرف:
اآلمر بالصرف كما تعرفه المادة 15من القانون " 12-09يعد اآلمر بالصرف في مفهوم هذا
القانون كل شخص يؤهل إلى تنفيذ العمليات المشارة إليها في المواد ،19 ،20 ،27 ،29و" 12و هذه
العمليات هي :اإلثبات ،التصفية ،اإللتزام و األمر بالدفع .
1
وقبل قبول أي نفقة يجب على المحاسب العمومي التحقق من :
-مطابقة العملية مع القوانين واألنظمة المعمول بها .
-صفة اآلمر بالصرف أو المفوض له .
-شرعية عملية تصفية النفقات وتوفر اإلعتمادات الالزمة .
-أن الديون لم تسقط آجالها أو أنها محل معارضة.
-الطابع اإلبرائي للدفع أي المستفيد من النفقة هو الشخص المسموح له قانونيا من استالم المبلغ .
-تأشيرات عمليات المراقبة التي نصت عليها القوانين واألنظمة المعمول بها.
-الصحة القانونية للمكسب اإلبرائي ،أي التأكد من صحة الدفع وأن الشخص هو نفسه المعني بالنفقة وهو الذي له صفة اإلمضاء.
-التأكد من وجود المخزون المالي الكافي لتغطية النفقات
كما ي جب على المحاسب العمومي أن يحترم اآلجال القانونية للدفع وذلك حسب المرسوم التنفيذي 09-05حيث يجب على المحاسب العمومي أن
يحول األوامر بالصرف إلى حواالت الدفع في أجل أقصى 29أيام من تاريخ إستالمها ،ويتم حسابها إبتداءا من شهر إصدارها وفي حالة عدم
مطابقة األمر ب الصرف أو محاولة الدفع لألحكام التشريعية و التنظيمية المعمول بها يقوم المحاسب العمومي بإبالغ اآلمر بالصرف كتابيا رفضه
الدفع. حوالة أو بالصرف األمر تسلمه تاريخ من إبتداءا يوما 19 أقصاه أجل في للدفع القانوني
57
وتعرف المادة الثانية من المرسوم التنفيذي07ـ 190اآلمر بالصرف " :يعتبر آم ار بالصرف حسب
مفهوم هذا المرسوم الموظف المعين قانونا في منصب مسؤول تسيير الوسائل المالية والبشرية و المادية
الذي تفوض له السلطة وفقا للمواد 10 ، 19و 10من القانون رقم 12/09المؤرخ في 20أوت 2009
المتعلق بالمحاسبة العمومية ،و يكون معتمدا قانونا طبقا للتنظيم الجاري به العمل"
و عليه يمكن تعريف اآلمر بالصرف على أنه كل شخص تابع للدولة أو جماعة محليه أو هيئة
عمومية و له األهلية في اإللتزام بالدي ن و تصفيته و األمر بدفعه ،أو هو كل شخص مؤهل قانونيا لتنفيد
عمليات تتعلق بأموال الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري.
و اآلمر بالصرف هو شخص معين أو منتخب لتولي وظيفة أو منصب يدخل ضمن ممارسة
العمليات المشار إليها سابقا (اإللتزام ،التصفية ،األمر بالدفع) و تزول صفة اآلمر بالصرف بمجرد زوال
هذه الوضعية.
و يجب اعتماد اآلمر بالصرف لدى المحاسب العمومي المكلف باإليرادات و النفقات الذي يأمر
بتنفيدها.
هو الذي يمتلك قرار يسمح له باستعمال الميزانية المخصصة له ،وهو إذن المسؤول عن هذه
الميزانية .وبالتالي هو الذي يعود له أمر تحصيل اإليرادات ودفع النفقات.
اآلمر بالصرف هو كل شخص يؤهل قانونا (عن طريق التعيين أو عن طريق االنتخاب) وباسم
الدولة أو الجماعات المحلية ،أو إحدى المؤسسات العمومية ،لتنفيذ عمليات على االيرادات والنفقات.
وحسب المادة 10من القانون " 12-09يكون اآلمر بالصرف ابتدائيون أو أساسيون و إما آمرون
بالصرف ثانويون":
وقد عرفه جي دو فو كما يلي " يعتبر آم ار بالصرف عموميا لإليرادات والنفقات كل شخص له
صفة بإسم الدولة أو الجماعات المحلية أو هيئة عمومية إلبرام تصرف أو إثبات أو تصفية حق أو دين
واألمر بتحصيل هذا الحق أو تسديد الدين الناشئ "
وقد عرفه "1ANDRE Paysantاآلمرون بالصرف هم إداريون لهم باإلضافة إلى وظيفتهم
األساسية وهي التسيير ،حق القيام بوظيفة مالية أخرى مما يجعلهم ينتمون إلى هيكل خاص يختلف
باختالف أصنافهم أساسيون وثانويون".
1
أستاذ محاضر شرفي بجامعة باريس PANTHEON- SORBONNE 2
58
1-1اآلمرون بالصرف اإلبتدائيون أو الرئيسيون:
وهم الذين يصدرون أوامر بالدفع لفائدة الدائنين وأوامر اإليرادات ضد المدنيين ،وأوامر تفويض
اإلعتمادات لفائدة اآلمرين بالصرف الثانويين
وحسب المادة 19من قانون المحاسبة العمومية فإن اآلمرون بالصرف األساسيون هم :
-المسؤولون المكلفون بالتسيير المالي للمجلس الدستوري والمجلس الشعبي الوطني ومجلس
المحاسبة ثم وقع تعديل وأضيف مسؤولي تسيير مجلس األمة ومجلس الدولة .
-الوزراء .
-المسؤولون المعنيون قانونيا على المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري .
-المسؤولون المعنيون قانونا على مصالح الدوالة المستفيدة من ميزانية ملحقة ,وقد يكون اآلمر
بالصرف معين أو منتخب .
وهم الذين يصدرون حواالت الدفع لفائدة الدائنين في حدود اإلعتمادات المفوضة وأوامر تحصيل
اإليرادات ضد المدينين حسب المادة 7من المرسوم التنفيذي ،525-02فهم مسؤولون بصفتهم رؤساء
المصالح غير الممركزة على عمليات تنفيذ الميزانية.
فاآلمر بالصرف الثانوي هو سلطة غير ممركزة مكلفة بالقيام بهذه الوظيفة ولها الصفة القانونية
في إطار جغرافي معين لتنفيذ بعض العمليات المالية مع إبعاد كل إستعمال للمال " فله إذن صالحية
تنفيذ عمليات اإلنفاق ولكن تحت إشراف اآلمر بالصرف الرئيسي ،وهو مسؤول عن العمليات التي ينفذها.
ونقصد هنا تفويض التوقيع أي أن اآلمرين بالصرف األساسيين أو الثانويين لم يتخلوا عن سلطة
اإلعتمادات مادام المفوضون لم يمضوا التزاما بنفقة ،ويكون التفويض للموظفين المرسمين العاملين تحت
سلطتهم المباشرة وذلك في حدود الصالحيات المخولة لهم قانونا وتحت مسؤوليتهم
وهؤالء ال يتدخلون إال بصفة استثنائية لتعويض اآلمرين بالصرف المختصين في حالة غيابهم أو
حدوث مانع لهم ،ويقوم بتعيينهم اآلمر بالصرف مع تبليغ المحاسب العمومي
59
اآلمر بالصرف الوحيد :هذه الصفة يأخذها الوالي في حالة تنفيذ عمليات التجهيز غير الممركزة
والمسجلة باسمه ،ولكن في نطاق عمليات التجهيز القطاعية ،يعتبر آمر بالصرف وحيد ألنه يمثل جميع
اآلمرين بالصرف اإلبتدائيين أي الوزراء.
-2المحاسب العمومي:
1-2تعريفه:
المحاسب العمومي طبقا لقانون المحاسبة العمومية ،المادة 55منه ،هو كل شخص يعين قانونا
للقيام بالعمليات التالية:1
يمارس المحاسب العمومي تجدر اإلشارة أن كل شخص يقوم بهذه العمليات دون أن يكون معينا
قانونا ،يعتبر محاسبا فعليا أو شبه محاسب ،وذلك حسب المادة 02من القانون نفسه ،وهذا األخير
يخضع لنفس التزامات ومسئوليات المحاسب العمومي ،كما يخضع لنفس الرقابة ونفس العقوبات المطبقة
على المحاسب العمومي طبقا ألحكام المادة 00من القانون .12-09
يعين المحاسب العمومي من طرف الوزير المكلف بالمالية ويخضعون لسلطته ،حسب المادة 50
من قانون المحاسبة العمومية ،12-09وذلك حسب الشروط القانونية الخاصة بكل صنف من أصناف
المحاسبين.
ويثبتون حسب الشروط التي يحددها الوزير المكلف بالمالية توافق كتاباتهم المحاسبية مع كتابات
اآلمرين بالصرف المحاسبية سواءا فيما يخص أوامر تحصيل اإليرادات الصادرة أو المحصلة أو أوامر
بالصرف أو بالتحويل الصادرة و المقبولة لإلنفاق.1
1حددت المادة 22من المرسوم الفرنسي المؤرخ في 52ديسمبر 2091مهام المحاسب العمومي
2المادة 02من المرسوم التنفيذي رقم 525-02مؤرخ في 97سبتمبر ، 2002و المتعلق بتحديد إجراءات المحاسبة التي يمسكها اآلمرون
بالصرف والمحاسبون العموميون و كيفياتها ومحتواها.
60
2
ثانيا :المحاسبون الثانويون
-قابضو الضرائب،
-قابضو الجمارك،
-محافظو الرهون.
ويوجدون تحت سلطة وزير المالية وهم مكلفون بتحصيل الضرائب والرسوم ومختلف اإليرادات
باإلضافة إلى كل العقوبات بشروطها المحدودة في قانون الضرائب ،قانون األمالك الوطنية ومختلف
القوانين والتنظيمات.
لقد خص المشرع الجزائري تنفيذ النفقات العمومية بمرحلتين ،األولى إدارية يختص بها اآلمر
بالصرف ،حيث تتدخل أولى هيئات الرقابة في هذه المرحلة لمراقبة االلتزامات ،وهي أولى مراحل النفقة،
ثم تليها التصفية ثم األمر بالدفع .أما المرحلة الثانية فهي محاسبية ويختص بها المحاسب العمومي الذي
يعتبر الهيئة الرقابية الثانية ،وهو المراقب والمنفذ في آن واحد.
قبل قبوله الدفع يجب على المحاسب العمومي إعادة الرقابة على األمر بالدفع 3أو حوالة الدفع
بنفس طريقة المراقب المالي ،لكن مع إضافة رقابة خاصة به فالمحاسب العمومي هو أيضا أمين
الصندوق ،وعليه فإنه يقوم بالرقابة باعتباره مدققا لصحة األمر بالدفع وباعتباره أمينا للصندوق.
1
وهم حسب نص المادة 52من المرسوم التنفيذي : 525-02العون المحاسبي المركزي للخزينة ،أمين الخزينة المركزي ،أمين الخزينة الرئيسي،
أمين الخزينة الوالئية و العون المحاسبي المركزي للميزانيات الملحقة :كان موجود على مستوى و ازرة البريد والمواصالت وهو موظف فيها لكن يعين
من طرف وزير المالية وهو يتكلف فقط بتركيز الحسابات الخاصة بالميزانية الملحقة بإعتبار أنه ليس له صندوق ،وهو غير موجود حاليا بعد إلغاء
الميزانية الملحقة للبريد والمواصالت وهم الذين لهم قدرة تجميع العمليات المالية للمحاسبين الثانويين
2المادة 91من المرسوم التنفيذي 01-95مؤرخ في 27ذي القعدة عام 2015الموافق 20يناير ،1995تعدل وتتمم المادة 51من المرسوم
التنفيذي رقم 525-02مؤرخ في 97سبتمبر، 2002والمتعلق بتحديد إجراءات المحاسبة التي يمسكها اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون و
كيفياتها ومحتواها.
3تنص المادتين 21و 25من المرسوم المؤرخ في 10ديسمبر 2091علي رقابة األمر بالدفع التي يمارسها المحاسب العمومي في فرنسا.
61
1
أوال :باعتباره مدققا
على المحاسب العمومي أن يراقب صحة توقيع اآلمر بالصرف المعتمد لديه ،وبموجب ذلك فعلى
المحاسب العمومي تلقي قرار التسمية لآلمرين بالصرف ووثيقة إمضائه هو ومفوضه أو نائبه ،إضافة إلى
نموذج من إمضائه ،وفي هذا اإلطار يقارن اإلمضاء الموجود على األوراق الثبوتية مع اإلمضاء المودع
لديه في النموذج.
التحقق من صحة تخصيص أو ادراج النفقة بالنسبة للفصل والمادة التي توافق طبيعة وموضوع
النفقة ،كما على المحاسب العمومي التحقق من تغطية االعتمادات المتوفرة للنفقة المزمع دفعها وعليه
يجب أن يحيط علما بكل ما يتعلق بهذه االعتمادات من مراسيم وق اررات توزيع االعتمادات وكل الق اررات
المعدلة لالعتمادات (تحويل ،نقل ،قوانين تكميلية ،أوامر بتخصيص االعتمادات...الخ)
يتم ذلك من خالل رقابة ثبوت أداء الخدمة :حيث تعتبر الخدمة المنجزة هو سبب قيام النفقة :
فال يعقل صرف نفقة دون مقابل ،وفي هذا الصدد يجب على المحاسب العمومي مراقبة تأشيرة اآلمر
بالصرف "أداء الخدمة" على األوراق الثبوتية ، 2كما عليه أن يتأكد من شرعية التصفية والتأكد من وجود
كل األوراق الثبوتية وكذا صحتها 3أي التأكد من البيانات كالتوقيع وسريانه ،التاريخ...،
والتقادم هو وسيلة اكتساب أو سقوط لحق الدائنين بعد مرور أربع سنوات ،حسب الشروط
المحددة في القانون ،فالتقادم هنا بمثابة إعفاء من التزام الدولة ،وعليه فالبد على المحاسب العمومي أن
يتابع االلتزامات المتقادمة وكذا متابعة كل ما يط أر عليها في اآلجال (انقطاع ،تعليق).
1
Lino Di Qual. , op cit ,P .40.
2
تم إعداد مدونة للوثائق الثبوتية منذ 2091في فرنسا خاصة بالقطاع المحلي ومن شور صادر عن الوزير المكلف بالميزانية بتاريخ 21أفريل
2000الذي نشر في الجريدة الرسمية المؤرخة في 9ماي 2000جيث حدد الوثائق الثبوتية بالنسبة لنفقات الدولة ،و في الجزائر هناك مشروع
منشور قيد اإلعداد يتعلق بهذا المجال.
3
كما أن الشكل الموحد في الوثائق الثب وتية الذي قد يطلبه المحاسب العمومي ضروري في نظام يعتمد على التمييز بين المطابقة والشرعية ،إذ
تعرف المطابقة أساسا بوجود وتطابق الوثائق الثبوتية.
62
تأشيرات عمليات المراقبة السابقة: -
كل األوامر بالصرف الموضوعة لدى المحاسب العمومي يجب أن تكون مدعمة بتأشيرات
مسبقة ،سواء تأشيرة المراقب المالي 1أو لجنة الصفقات العمومية ،على أنه تجب مراقبة ما إذا كان اآلمر
بالصرف قد تغاضى أو تجاوز عن المراقب أو لجنة الصفقات ،في هذه الحالة يجب أن يتأكد من تأشيرة
األخذ بالحسبان.
وتترجم بالتحقق من كل الوثائق التي تبرر حوالة الدفع أو األمر بالدفع ،ومن أهم هذه الوثائق
الفاتورات والتي يجب أن تكون مطابقة ألحكام المرسوم التنفيذي 590-00المحدد للمحتويات القانونية
للفاتورة حيث يجب :
-أن تحتوي على المعلومات التالية :إسم ولقب المستفيد،النشاط ،العنوان ،الحساب
الجاري،رقم الحساب التجاري ،الرقم الجبائي ،رقم الفاتورة ،إمضاء المستفيد أو المقاول ،المبلغ اإلجمالي
باألرقام واألحرف.
ونشير إلى أنه إذا كانت النفقة متعلقة بصفقة عمومية ،وحتى تكون قانونية يجب أن يحتوي
الملف على عالقات عامة تخص المؤسسة المنفذة للصفقة.
2
ثانيا :باعتباره أمينا للصندوق
إن رقابة المحاسب العمومي باعتباره أمينا للصندوق تتمثل قي تيقنه وتأكده من أن دفع النفقة ال
يمكن بحال من أن يكون محل خالف فيما بعد من طرف الدائن.
وبصفته المكلف بعملية الدفع فإن المحاسب العمومي يمارس مهامه المتعلقة بشرعية األمر
بالدفع ،وبهذه الصفة هو يقوم بتقييم هذه الشرعية من وجهة النظر الميزانية والمحاسبية وليس من جانب
المطابقة لألحكام التشريعية والتنظيمية وهذا ما يجعله قاضيا للشرعية.3
1
نصت المادة 99من قانون 29أوت 2011المتعلق بتنظيم الرقابة على النفقات الملتزم بها في فرنسا على أن أي أمر بالدفع ال يحمل تأشيرة
المراقب المالي هو ملغى ودون قيمة لدى المحاسب.
2
Op cit, p45.
3
CHOUVEL François : finances publiques, 9eme édition, Gualino éditeur, 2006, p180.
63
عدم وجود معارضة للدفع: -
تتمثل في معارضة دائن لشخص آخر دائن للدولة ،ولقد نص القانون الخاص أن الدائنين غير
المدفوع لهم ،يمكنهم تقديم معارضة للدفع لدى المحاسب العمومي المختص ،حيث يمكن أن تكون
المعارضة إما حج از على الحساب أو إشعار حائز لدى الغير ".1 "ATD
أي على المحاسب العمومي تأمين أن الدفع يكون للدائن الحقيقي للدولة أو إلى من ينوب عنه
قانونا (وكالة ،نيابة )...،وعليه مراقبة الوثائق الضرورية.
ال يمكن تنفيذ النفقة إال بدفع المبالغ وتسليمها إلى الدائن الحقيقي ،وفي هذا الصدد يجب على
المحاسب العمومي التأكد من أنه يدفع المبلغ إلى الدائن أو من ينوب عنه ،وفي حالة التسوية لشخص
آخر غير الدائن الحقيقي ،فإن التنظيم يحدد الطرق والوسائل التي يمكن من خاللها استرداد المبالغ
ودفعها ألصحابها.
إن رقابة المحاسب العمومي تنتهي إما بحالة من الحالتين :إما قبول الدفع واما رفضه ، 2وكما
رأينا سابقا أن لرقابة المراقب المالي حدود ،كذلك األمر بالنسبة لرقابة المحاسب العمومي.
عندما نتحدث عن آثار أو نتائج رقابة المحاسب العمومي فإننا تقصد الجزاءات التي يتخذها هذا
األخير اتجاه األمر بالدفع أو حوالة الدفع الواردة إليه من طرف اآلمر بالصرف بخصوص نفقة ما.
قبول الدفع :إن المحاسب العمومي وبعد التأكد منن قانونية وشرعية النفقة ،وبعد أن يسقط
عليها الرقابة السابقة الخاصة به ،وذلك بالتحقق من جميع الشروط الواردة في القانون 12-09التعلق
1
ففي الحالة األولى يمكن فيها للضمان االجتماعي ،البنوك ،أو إحدى اإلدارات العمومية واإلقليمية أن تطلب وقف حساب الدائن في انتظار
صدور حكم قضائي ،ويجب على المحاسب العمومي التأكد من وثائق الهيئات المقدمة لإلعراض قصد الحجز قبل صرف النفقة ،أي التأكد من
صحة دائنية الحاجز.
أما اإلشعار الحائز لدى الغير ""ATDفهي وثيقة يتقدم بها المحاسبون العموميون الثانويون ،خاصة قابضي الضرائب ،وعلى المحاسب العمومي قبل
الدفع أن يتأكد من عدم وجود هذه المعارضة ،واذا وجدت فإنه يقتطع ذلك المبلغ مباشرة ويضعه في حساب مؤقت قبل أن يحوله إلى المحاسب
العمومي الثانوي المكلف.
2طبقا لنص المادة 57من مرسوم 10ديسمبر 2091فإن اآل مر بالصرف بإمكانه اللجوء إلى التظلم أو الطعن بتجاوز السلطة أمام القاضي
اإلداري في فرنسا.
64
بالمحاسبة العمومية ،بعد كل ذلك فهو ملزم بدفع وتسديد النفقات الشرعية ،وذلك بناء على نص المادة
57من القانون نفسه.
رفض الدفع :إن النفقات التي ال تحقق الشروط الواردة في المادتين 59، 50أو ال تستوفي
البعض منها فإن مصيرها هو الرفض ،أي أن المحاسب يمتنع عن دفع مبلغ النفقة ،ويقوم بإعالم وابالغ
اآلمر بالصرف بهذا القرار مع تبيان أسباب عدم التسديد.
بعد عملية الرفض يجد اآلمر بالصرف نفسه أمام خيارين :إما تصحيح األخطاء والمخالفات بعد
تلقيه مقرر المحاسب العمومي بالرفض ،واما اللجوء إلى وسيلة قانونية هي عملية التسخير والتي تعتبر
حد من حدود رقابة المحاسب العمومي.
إن التسخير هي وسيلة قانونية اختصها المشرع لآلمر بالصرف قصد صرف نظر المحاسب عن
رفضه للدفع حسب نص المادة 07من قانون المحاسبة العمومية ،حيث يقوم اآلمر بالصرف بعد تلقيه
لقرار الرفض بالكتابة إلى المحاسب طالبا منه التنازل وصرف النظر عن قرار رفضه الدفع ،وذلك تحت
المسئولية الكاملة لآلمر بالصرف.
ودور المحاسب في هذه الحالة بعد تلقيه لقرار التسخير ،يتمثل في رفع تقرير إلى وزير المالية
خالل 20يوما من تاريخ إرسال قرار التسخير ،حيث يوضح فيه األسباب التي أدت إلى رفض الدفع
1
ويرفق ذلك بالوثائق المحاسبية.
-3المراقب المــــالي
هو مصلحة رقابية مكلفة بالرقابة المسبقة للنفقات التي يلتزم بها والتي تطبق على ميزانيات
المؤسسات واإلدارات التابعة للدولة ،الميزانيات الملحقة ،وعلى الحسابات الخاصة بالخزينة ،وميزانيات
الواليات ،وميزانيات البلديات ،وميزانيات البلديات ،وميزانيات المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري،
وميزانيات المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني ،وميزانيات المؤسسات العمومية ذات
الطابع اإلداري المماثلة.2
1وحسب المادة 00من قانون المحاسبة العمومية فإن على كل محاسب أن يرفض االمتثال للتسخير إذا كان الرفض معلال بعدم توفر االعتمادات
الملية ماعدا بالنسبة للدولة ،عدم توفر أموال الخزينة ،انعدام إثبات أداء الخدمة ،طابع النفقة غير االبرائي وانعدام تأشيرة مراقبة النفقات الموظفة ،أو
تأشيرة لجنة الصفقات المؤهلة إذا كان ذلك منصوصا عليه في التنظيم المعمول به.
2
المادة 1من المرسوم التنفيذي 570-90المؤرخ في 29نوفمبر 1990يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي رقم 020-01المؤرخ في 20نوفمبر
2001والمتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها .ونشير في هذا اإلطار أن الرقابة المسبقة على النفقات الملتزم بها أصبحت تمس كل
اإلدارات العمومية التي لم تكن خاضعة من قبل وذكرت نفس المادة أن إجراءات توسيع الرقابة السابقة على البلديات يتم تنفيذها تدريجيا وفقا
لرزنامة تحدد من طرف الوزيرين المكلفين على التوالي بالميزانية والجماعات المحلية.
65
حيث يشرف المراقب المالي 1كما تنص عليه المادة 0الفقرة 2من المرسوم التنفيذي 020-01
المؤرخ في 20نوفمبر سنة 2001المتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها المعدل والمتمم ،على
الرقابة السابقة لتنفيذ النفقات بمساعدة مجموعة من المراقبين الماليين المساعدين .يعينه الوزير المكلف
بالمالية من بين المفتشين الرئيسيين في الميزانية أو الموظفين الذين لهم رتبة مساوية على أن يمتع ب0
سنوات أقدمية في مصالح الو ازرة المكلفة بالمالية.
يعمل المراقب المالي في اإلدارة التي يعين بها كمراقب ،كمستشار وكمخبر وهذا ما أكدته المادة
00من القانون .21-90
يتدخل المراقب المالي في مجال تنفيذ النفقات العمومية طبقا للمادة 00فقرة 1،2و 5إذ يعتمد
دوره على السهر على صحة توظيف النفقات بالنظر إلى التشريع المعمول به ،كما يتحقق من توفر
االعتمادات ويثبت صحة النفقات بوضع تأشيرة على الوثائق الخاصة بالنفقات أو تعليل رفض التأشيرة
عند االقتضاء.
تعتمد رقابة المراقب المالي على كل الوثائق الثبوتية التي تشكل ملف النفقة ومجال هذه الرقابة
هو اإلدراج الحسن للنفقة ،تقييم النفقة المقدمة ،احترام القواعد التي تحكم مجال النفقة وأخي ار توفر
االعتمادات الكافية ،وقد أدرجت ضمن المادة الثانية من المرسوم 020-01المتعلق بالرقابة السابقة على
النفقات العمومية مادة 1مكرر ،حيث أضافت هذه األخيرة رقابة النفقات الملتزم بها في شكلها الالحق
على ميزانيات المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني وعلى ميزانيات مراكز البحث
والتنمية والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي والمؤسسات العمومية ذات الطابع
الصناعي والتجاري والمؤسسات العمومية االقتصادية عندما تكلف بعملية ممولة من ميزانية الدولة.
1
إن دراسة رقابة المراقب المالي تستدعي النظر في تطور اإلطار القانوني لوظيفة المراقب المالي إذ تم النص عل هذه الوظيفة ألول مرة بموجب
المرسوم 2059/09المؤرخ في 25نوفمبر 2009تم بموجبه تنصيب جهات للرقابة "مصالح" على المستوى الوطني .واستمر العمل به إلى غاية
2090حيث أصبح عددها 25مصلحة على المستوى الوطني .ثم مرسوم سنة 2075المتضمن إنشاء المجلس التنفيذي الذي أحدث قرار بموجبه
يشترط في المراقب المالي التخصص في الميدان (شهادة ليسانس) .ثم في سنة 2005صدرت تعليمة و ازرية مؤرخة في 92جوان 2005التي
أحدثت تنظيما جديدا للمراقب المالي .و أخي ار المرسوم التنفيذي 020-01المؤرخ في 20جمادى األولى عام 2025الموافق 20نوفمبر سنة
2001المتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها والذي عدل بموجب المرسوم التنفيذي 570-90المؤرخ في 29نوفمبر .1990
أما في فرنسا فقد تم احداث منصب المراقب المالي بموجب قانون 19ديسمبر ،2009حيث فرض هذا القانون على كل و ازرة مسك محاسبة
االلتزامات وهذا بعد عدة قضايا بعدم ا وضع البرلمان في استحالة المعارضة على التصويت على نفقات إضافية موجهة إلى تغطية نفقات قد دفعت
مسبقا ،وشيئا فشيئا توسعت صالحيات المراقب المالي إال أنه كان تابعا للو ازرة التي يعمل بها حيث كان يعين من قبل الوزير المنفق وبعدها أصبح
يعين باالشتراك من طرف الوزير المعني مع وزير المالية ( قانون 59مارس )2091وبعدها أصبح يعين من قبل وزير المالية وحده ( قانون 21
أوت )2020ويخضع لسلطة واحدة (قانون 59أفريل .)2012
66
إن وظيفة المراقب المالي 1محددة بموجب المرسوم التنفيذي 020-01المعدل والمتمم،
حيث يقوم المراقب المالي بتأشير الق اررات ،والوثائق التي تتضمن التزامات بنفقات عمومية من طرف
2
اآلمر بالصرف .والمجاالت التي يحددها المرسوم السابق الذكر جاءت في المواد .7، 9 ، 0
حسب المادة 15من المرسوم التنفيذي 020-01المتعلق بالرقابة السابقة للنفقات الملتزم بها،
فإن المراقب المالي مكلف إلى جانب الصالحيات والمهام المخولة إليه بـ:
1
يعتبر المراقب المالي في فرنسا مكلفا بوظيفتين أساسيتين هما أوال برمجة تنفيذ الميزانية ،إذ باعتباره يقوم بوضع التأشيرة على الوثيقة السنوية
لبرمجة الميزانية االبتدائية ،حيث هو عمل واجب على كل كل الو ازرات قبل بداية السنة المالية ،وثانيا متابعة تنفيذ الميزانية إذ يقوم بالتأشير على
مشاريع التعديل في توزيع االعتمادات الموجه إلى الوقاية من انحراف التوازن في المي ازنية.
2
فحسب المادة 0فإن الق اررات المتضمنة التزاما بالنفقات والمبينة فيما يلي تخضع مسبقا قبل التوقيع عليها إلى تأشيرة المراقب المالي:
-مشاريع ق اررات التعيين والترسيم والق اررات التي تخص الحياة المهنية للموظفين ومستوى المرتبات للمستخدمين باستثناء الترقية في الدرجة.
-مشاريع الجداول االسمية التي تعد عند قفل كل سنة مالية
-مشاريع الجداول األصلية األولية التي تعد عند فتح االعتمادات وكذا الجداول األصلية المعدلة خالل السنة المالية.
-مشاريع الصفقات العمومية والمالحق.
وتضيف المادة :9
تخضع لتأشيرة المراقب المالي أيضا االلتزامات بنفقات التسيير والتجهيز أو االستثمار.
كما أضافت المادة 7المعدلة :يخضع أيضا لتأشيرة المراقب المالي:
-كل التزام مدعم بسندات الطلب و الفاتورات الشكلية والكشوف أو مشاريع العقود ،عندما ال يتعدى المبلغ المستوى المحدد من قبل التنظيم المتعلق
الصفقات العمومية.
-كل مشروع مقرر يتضمن مخصصات ميزانياتية وكذا تفويض وتعديل االعتمادات المالية.
-كل التزام يتعلق بتسديد المصاريف والتكاليف الملحقة وكذا النفقات التي تصرف عن طريق الوكاالت والمثبتة بفاتورات نهائية.
و تنص المادة 90من المرسوم التنفيذي 020-01على أن االلتزامات والعقود المذكورة آنفا تخضع إجباريا لتأشيرة المراقب المالي وذلك بعد التحقق
من العناصر التالية:
-صفة اآلمر بالصرف
-مطابق االلتزام للقوانين والتنظيمات المعمول بها.
-توفر االعتمادات أو المناصب المالية.
-التخصيص القانوني للنفقة.
-مطابقة مبلغ االلتزام للعناصر المبينة في الوثيقة المرفقة.
-وجود التأشيرات أو اآلراء المسبقة التي نص عليها التنظيم المعمول به مثلما هو الحال بالنسبة للصفقات العمومية.
67
إن محاسبة االلتزامات تهدف إلى تحديد مبلغ االلتزام بالنفقات المنفذة ومبلغ األرصدة المتوفرة
وذلك طبقا للمادة 17من المرسوم التنفيذي 020-01المعدل والمتمم ،فدور محاسبة االلتزامات بالنسبة
لنفقات التسيير بوصف:
-تحويل االعتمادات،
أما بالنسبة لنفقات التجهيز ،فإن محاسبة االلتزامات التي يمسكها المراقب المالي في هذا المجال
طبقا لمقرر البرنامج أو تفويض ترخيص البرنامج ،المبلغة له من السلطة المؤهلة ،بالنسبة لكل قطاع
فرعي من مدونة االستثمارات العمومية وبالنسبة لكل عملية الجوانب اآلتية:
الترخيصات بالبرامج المفردة ،وعند االقتضاء ،إعادة التقييم والتخفيضات المتتالية. -
نشير إلى أن القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في فرنسا حمل المراقب المالي المسؤولية
على مهام الرقابة المالية ،و في الجزائر استحدثت مسؤولية المراقب المالي بموجب المادة 11من المرسوم
التنفيذي 570-90المذكور سابقا والذي يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي ،020-02هذه المادة التي عدلت
المادة 52حيث نصت على أن المراقب المالي مسؤول شخصيا عن سير مجموع المصالح الخاضعة
لسلطته وعلى التأشيرات التي يمنحها وعلى مذكرات الرفض التي يبلغها.
ب ـ دوره كمستشار:
في هذا اإلطار ووفقا للفقرة الرابعة من المادة 00من القانون 27-00يقوم المراقب المالي بتقديم
3
نصائح لآلمر بالصرف في المجال المالي.
1
المادة 10من المرسوم التنفيذي 020-01المعدل والمتمم.
2
المادة 10من المرسوم التنفيذي 020-01المعدل والمتمم.
3
في هذا اإلطار يقوم المراقب المالي بإبداء آرائه وتوجيهاته المعللة طبعا لآلمر بالصرف حول:
مشاريع القوانين ،المراسيم ،المقررات ،العقود ،التدابير والق اررات التي تخضع للتوقيع المزدوج مع وزير المالية والتي يبدي حولها آراءه. -
68
وقد وضع المراقب المالي في األصل كوسيلة لدى وزير المالية من أجل وضع حد للزيادة في
النفقات لمختلف الو ازرات ،و قد أعطى هذا الميكانيزم -رأي المراقب المالي – أعطى نتائج مختلفة جدا.
أما فيما يتعلق بالمناقشات المعمقة مع الوزرات المنفقة ،فإن المراقب المالي يسعى إليجاد اتفاق
مع الوزير المنفق ،حيث يصبح هو المدافع و المحامي عن الوزير المنفق أمام وزير المالية وليس ناظر
لوزير المالية .وهذا التطور برز في مقولة " M.Lalumièreنحو تسيير مشترك حقيقي للنشاط المالي
1
للوزير".
ج-دوره كمخبر:
يقوم المراقب المالي طبقا لما تنص عليه المادة 10من المرسوم التنفيذي 020-01بارسال
للوزير المكلف بالمالية حاالت دورية معدة إلعالم المصالح المختصة بتطور االلتزام بالنفقات وبالتعداد
الميزانياتي.
كما يرسل المراقب المالي في نهاية كل سنة مالية إلى الوزير المكلف بالميزانية على سبيل
العرض ،تقري ار يستعرض فيه شروط التنفيذ والصعوبات التي لقيها إن وجدت في مجال تطبيق التشريع
والتنظيم والنقائص التي الحظها في تسيير األموال العمومية ،وكذا كل االقتراحات التي من شأنها ظروف
2
تنفيذ الميزانية.
يبطئ النشاط اإلداري من دون أية فائدة ،فهي رقابة شكلية ال تغطي معظم النفقات -
المدرجة في الحسابات الخاصة للخزينة ،نفقات الميزانية العامة التي تدفع من دون أمر بالدفع ،وكذا
اإليرادات الجبائية و إيرادات أمالك الدولة.
كما أن هذه الرقابة تضمن لوزير المالية نوع من العلو التي لم يعترف بها ال الدستور أو -
القوانين والتنظيمات التي جاءت في هذا اإلطار.
االقتراحات التي تتعلق بمجال الميزانية ،طلبات االعتمادات اإلضافية التي تقدم من طرف الوزير المعين لديه. -
1
ERIC OLIVA : Op-cit p 339.
2
المادة 10من المرسوم التنفيذي .020-01
إن المراقب المالي في فرنسا يقوم باعداد تقرير يستعرض فيه كل النتائج السابقة لكل فصل من فصول الميزانية ولكل بند من بنود اإليرادات ،كما
يستعرض كل اقتراحاته .ويرسل هذا التقرير إلى الوزير المعني ،وزير المالية ،إلى مجلس المحاسبة و إلى لجان المالية بالبرلمان .كما بإمكانه
إعطاء معلومات بعد أخذ تسريح من وزير المالية المقررين الخاصين للمجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة حول تنفيذ الميزانية ،كما يعلمهم
بالوضعية السنوية و الوضعية الخاصة بثالث أشهر الخاصة بمحاسبة النفقات المستعملة أو الملتزم بها التي يمسكها.
69
كما أن هناك من يؤيد هذه الرقابة ويقولون:
إن الرقابة البعدية غير كافية وتكون متأخرة خاصة إن تعلق األمر بشرعية العمليات، -
وصعبة جدا بالنسبة لرقابة نوعية التسيير بسبب غياب المؤشرات الخاصة بالنتائج.
يمكن بموجب هذه الرقابة سد الفجوات حين معرفة المخالفات التي تقع وامكانية -
تصحيحها.1
كما أن علو وزير المالية يرجع خاصة إلى دوره في إعداد وتنفيذ الميزانية. -
وقد أثبتت هذه الرقابة فعاليتها :حيث تم تفادي الوقوع في األخطاء الكبرى واالبتعاد عن -
تجاوز االعتمادات ،وهذا بفضل هذا النوع من الرقابة التي ال تكلف كثي ار كما أنها مقبولة لدى اإلدارات
التي تتم رقابتها.
بعد الفحص الذي يجريه المراقب المالي فإنه إما يقوم بوضع التأشيرة و بالتالي إتمام باقي
المراحل المتعلقة بإجراء النفقة كما بإمكانه أن يمتنع عن وضع التأشيرة ويرفض االلت ازم بالنفقة وذلك
عندما ال تتوفر الشروط المذكورة في المدة 90من المرسوم التنفيذي ،020-01ويكون مصير االلتزام
إما الرفض المؤقت أوالرفض النهائي حسب نص المادة 29من المرسوم السابق:
1
وقد ثبت هذا في فرنسا سنة 2079حيث تم انشاء الرقابة المالية المحلية وفي 2009أين تم إصالح الرقابة المالية على مستوى عدم التمركز.
2
المادة 22من المرسوم التنفيذي 020-01المؤرخ في 20نوفمبر 2001المعدل والمتمم والمتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها.
3
المادة 21من المرسوم التنفيذي . 020-01
70
ويجب في كل الحاالت اطالع اآلمر بالصرف على كل أسباب الرفض ،1وبعد الرفض النهائي
يكون اآلمر بالصرف أمام حالتين:
-إما أن يؤكد رأيه ويلجأ إلى وسيلة قانونية وهي عملية التغاضي.
عند تقديم قرار الرفض النهائي من طرف المراقب المالي لآلمر بالصرف ،و إذا رأى هذا األخير
ضرورة صرف النفقة يمكن له أن يتجاوز رفض المراقب المالي ،وذلك تحت مسئوليته بمقرر معلل يعلم
به وزير المالية ،ويرسل الملف الذي يكون موضوع التغاضي إلى وزير المعني حسب الحالة.2
ويكمن دور المراقب المالي في هذه الحالة في إرسال نسخة من ملف االلتزام الذي كان موضوع
التغاضي مرفقا بتقرير مفصل إلى الوزير المكلف بالميزانية والذي يقوم بدوره بإرسال نسخة منها إلى أجهزة
الرقابة الالحقة.3
الفقرة الثالثة :مبدأي الفصل بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي – التمييز بين الشرعية
والمالءمة
تخضع المحاسبة العمومية إلى مبادئ خاصة تميزها عن غيرها من المحاسبات .و الهدف من
هذه المبادئ هو البحث عن التسيير السليم ألموال الدولة وتفدي كل االنحرافات التي قد تحصل .فمبدأ
الفصل بين اآلمر بالصرف و المحاسب العمومي هو مبدأ في غاية األهمية وسنتناوله في البداية ثم
نتطرق إلى مبدأ التمييز بين الشرعية والمالءمة.
1
يقوم المراقب المالي بإعداد نسختين من قرار الرفض المؤقت يحتفظ لنفسه بنس خة ويرسل الثانية لآلمر بالصرف ،أما في حالة الرفض النهائي
فيقوم بإعداد أربع نسخ ،حيث يرسل الثالثة للمديرية العامة للميزانية بو ازرة المالية والنسخة الرابعة للمديرية الجهوية للميزانية.
2
المادة 22من المرسوم التنفيذي . 020-01
3
المادتين 12و 11من نفس المرسوم.
إن التغاضي أو صرف النظر كما يسميه البعض يعتبر حقا قانونيا في يد اآلمر بالصرف ،وهو حق ليس بالمطلق بل هو مقيد حسب نص
المادة 20من المرسوم 020-01حيث تنص على " :ال يمكن حصول التغاضي المنصوص عليه في المادة 20أعاله ،في حالة رفض نهائي يعلن
عنه بالنظر لما يأتي:
-صفة اآلمر بالصرف،
-عدم توفر االعتمادات أو انعدامها،
-انعدام التأشيرات أو اآلراء المسبقة المنصوص عليها في التنظيم المعمول به،
-انعدام الوثائق الثبوتية التي تتعلق بااللتزام،
-التخصيص غير القانوني اللتزام ،بهدف إخفاء إما تجاو از االعتمادات واما تعديال لها أو تجاو از لمساعدات مالية في الميزانية.
71
-1مبدأ الفصل بين المحاسب العمومي واآلمر بالصرف:
يعتبر هذا المبدأ من الركائز األساسية التي تعتمد عليها الرقابة على المالية العمومية وقد نصت
المواد 07 ،09 ،00من القانون 12-09على التنافي بين وظيفتي اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي.
يهدف مبدأ الفصل بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي إلى وضع أعمال األول تحت رقابة
الثاني ،ولكن بإمكان اآلمر بالصرف أن يتأكد من أوامره إذا كانت هذه األخيرة قانونية ونظامية كما
بإمكانه أن يتأكد من أن العمليات تم تنفيذها من قبل المحاسب كما هو منصوص عليها قانونيا ،أي
1
فمرسوم ويعود تاريخ هذا المبدأ إلى النصوص القديمة الفرنسية والمتعلقة بالمحاسبة العمومية
2091يعتمد هذا المبدأ بوضعه للعمليات التي يقوم بها اآلمر بالصرف واألخرى التي هي من اختصاص
المحاسب العمومي ،كما يحدد المسؤولية التي تقع على عاتق كل منهما.
من النتائج المترتبة على هذا المبدأ مفهوم المحاسب الفعلي الذي نصت عليه المادتان 02و01
من القانون 09ـ 12و الفصل بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي له نتيجتين:
أوال فإن الشخص الذي ليست له صفة المحاسب العمومي والذي يقوم بإجراء العمليات المسند
2
لهذا األخير فإنه يجر نفسه إلى متابعات جزائية.
ثانيا فإن هذا الشخص يعتبر " محاسبا فعليا" وهذا مفهوم قادم من االجتهاد القضائي جاء بها
مجلس المحاسبة ومجلس الدولة الفرنسي في القانون المؤرخ في 15فيفري .2095
إن بعض النفقات الطارئة أو نظ ار لطبيعتها االستثنائية ( مساعدات استثنائية ،وكاالت التسبيق
...أو مبالغ ال تتعدى سقف معين يمكن لهذه النفقات أن تخرج عن اإلجراءات المعتادة لصرف النفقات
وتدفع من طرف بعض الموظفين المؤهلين ونقصد هنا وكاالت التسبيق .3يعين الوكالء المحاسبين بقرار
وزاري ويقدمون تقاريرهم للسلطة التي هم خاضعون لها و يخضعون لرقابة المحاسب العمومي.
1
ونجد أول من نص على هذا المبدأ هو أمر 20سبتمبر 2011حيث نص على تنافي وظائف اإلدارة واألمر بالصرف مع وظائف المحاسب،
ومن خالل هذا نجد أن هذا المبدأ يعود وضعه إلى حقبة زمنية بعيدة وهذا ما يدل على أهميته.
2
مصطلح المحاسب الفعلي أو comptable de faitجاء من االجتهاد القضائي الفرنسي لمجلس المحاسبة ومجلس الدولة حيث نصت المادة
60XIمن قانون 15فيفري 2095أن هذا الشخص زيادة على المتابعة الجزائية التي يخضع لها ،فإنه يخضع أيضا في حالة عدم مطابقة
العمليات التي يقوم بها للقوانين والتنظيمات السارية المفعول إلى كل العقوبات التي تطبق على المحاسب العمومي.
3
للمزيد من التفصيل في هذا المجال أنظر المرسوم التنفيذي رقم 108-93المؤرخ في 5ماي 1993يحدد كيفيات إحداث وكاالت اإليرادات
والنفقات وتنظيمها وسيرها.
72
3-1مسؤولية اآلمر بالصرف :
اآلمر بالصرف مسؤول مدنيا وجزائيا على صيانة واستعمال الممتلكات المكتسبة من األموال
العمومية ،وبهذه الصفة فهو مسؤول شخصيا على مسك جرد الممتلكات المنقولة والعقارية المكتسبة أو
المخصصة لهم ،كما أنه مسؤول على اإلثباتات الكتابية التي يسلمها وعلى األفعال والنشاطات الالشرعية
واألخطاء التي يرتكبوها والتي ال يمكن أن تكتشفها المراقبة الحسابية للوثائق وذلك في حدود األحكام
الثانوية المقررة في هذا المجال طبقا للمادتين 52و 51من القانون . 12-09
فبالنسبة للحكومة ،فيتعلق األمر بالمسؤولية السياسية كما يمكن إقحام المسؤولية الجزائية علي كل
وزير بالنسبة لألعمال التي قام بها أثناء تأدية مهامه ،1كما أن المادة 20من اإلعالن العالمي لحقوق
اإلنسان تنص على أن كل عون عمومي مسؤول عن األعمال التي يؤديها أثناء تأدية مهامه.
نشير إلى أنه طبقا للمادة التاسعة من مرسوم 10ديسمبر 2091فإن اآلمر بالصرف في فرنسا
2
يتحملون مسؤولية تأديبية أمام مجلس االنضباط في مجال الميزانية.
إن المحاسب العمومي باعتباره يشغل منصبا هاما وحساسا فهو مسئول شخصيا وماليا 3عن
جميع المهام الملقاة على عاتقه ،وهو ما نصت عليه المادة 02من قانون المحاسبة العمومية" :تطبق
مسؤولية المحاسب العمومي الشخصية والمالية على جميع عمليات القسم الذي يديره مند تاريخ تنصيبه
إلى تاريخ انتهاء مهامه".وقد تناولت المواد من 50إلى 05من القانون 09ـ 12المسؤولية المتعلقة
بالمحاسب العمومي.
كما أنه مسئول عن عمل الغير ،كالمحاسب الذي سبقه في حالة عدم تقديم أية تحفظات أو
مالحظات خالل مدة ثالثة أشهر من تنصيبه وذلك حسب المادة 29من المقرر الوزاري الصادر عن
و ازرة االقتصاد مؤرخ في 2002/92/29المتعلق بتنصيب المحاسب العمومي.
كذلك فهو مسئول عن المحاسب الفعلي عند قيامه ببعض العمليات ،كما يتحمل أيضا مسئولية
بالتضامن مع الوكالء في حالة عدم اكتشافهم للمخالفات المالية في العمليات التي قاموا بها ،وهذا
حسب نص المادة 00من القانون .12-09
1
المادة 90من الدستور الفرنسي.
2
أسس وأ ةينازيملا لاجم يف طابضنالا سلجم la cour de discipline budgétaireبالقانون المؤرخ في 52جويلية 2095
ووسعت اختصاصاته ليشمل حتى المنتخبين المحليين في .2005
3
المادة 20من المرسوم الفرنسي المؤرخ في 52ديسمبر 2091تنص على المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسب العمومي.
73
أما كيف تثار مسئولية المحاسب ،فإن الجهات المختصة في إقامتها تتمثل في وزير المالية أو
مجلس المحاسبة حسب المادة 09من قانون المحاسبة العمومية في حالة ارتكاب أخطاء مالية أو
تجاوزات في تسيير األموال العمومية.
-يسدد من أمواله الخاصة مبلغا يساوي البواقي الحسابية المكلف بها المادة 95من المرسوم-02
521المؤرخ في 7سبتمبر ،12002وفي حالة عدم تغطية باقي معين يقيد في حساب تسبيق ،قصد
إرجاع التوازن للمحاسبة.
ومجلس المحاسبة يتخذ ق ار ار مؤقتا يتضمن الوضعية ،ويرسل إلى المحاسب العمومي لتبرير
الوضعية ،وفي حالة عدم قدرة المحاسب تبرير األخطاء والتجاوزات التي وقع فيه فتقوم مسئوليته
الشخصية والمالية عن كل ذلك .ومن ناحية أخرى فإنه ونظ ار ألهمية وصعوبة وظيفة المحاسب العمومي
فقد منح المشرع الجزائري حماية واسعة له ،والمتمثلة في مجموعة االمتيازات التي يتمتع بها:
-يشترط عليه قبل تسلمه لوظيفته القيام باكتتاب تأمين يخصه حسب اإلجراءات المنصوص
عليها في المرسوم التنفيذي 521-02يكون شخصيا ويغطي جميع المخاطر المتعلقة بمسئوليته والمرتبطة
بالمهام المنصوص عليه في المادة 55من قانون المحاسبة العمومية ،سواء تعلقت بفعله الشخصي أو
بفعل الغير.
-تعد باطلة كل عقوبة سلطت عليه أثبتت أن األوامر التي رفض تنفيذها كانت من شانها أن
تحمله المسئولية المالية والشخصية.2
-إمكانية اإلعفاء الجزئي طبقا لحكام المادة 70من المرسوم 19-00المتعلق بمجلس المحاسبة،
وذلك بالنظر إلى الظرف التي حدث فيها النقص.
-إبراء رجائي في حالة رفض طلبه باإلعفاء الجزئي وذلك بتوجيه طلب إلى وزير المالية يطلب
منه إلغاء أو تخفيض المبلغ المالي الملقى عليه ،ويجب على وزير المالية قبل تقرير اإلعفاء الرجائي أن
يستشير لجنة المنازعات .وفي كل الحاالت تتحمل ميزانية الهيئة المعنية مبلغ اإلعفاء الجزئي أو اإلبراء
الرجائي كما نصت عليه المادة 21من المرسوم التنفيذي. 521-02
1المرسوم التنفيذي 521-02المؤرخ في 7سبتمبر 2002يحدد شروط األخذ بمسؤولية المحاسبين العموميين ،إجراءات مراجعة باقي الحسابات
وكيفيات اكتتاب تأمين يغطي مسؤولية المحاسبين العموميين.
2
المادة 50من القانون 12-09المتعلق بالمحاسبة العمومية و المادة 21/00من القانون 19-00المتعلق بمجلس المحاسبة.
74
-2مبدأ التمييز بين المطابقة والمالءمة:
يعتبر مبدأ التمييز بين المطابقة والمالءمة مبدأ لصيقا بالمبدأ السابق ،فالرقابة السابقة التي تتم
على مستوى االلتزام والدفع هي محصورة في المطابقة .ومن األجدر أن تكون المطابقة معرفة بقواعد
عامة موضوعية حيث على اآلمر بالصرف أن يحترمها بالضرورة ألنه موضوع رقابة سابقة ،إذ تشكل
ضمانا أو دعما بالنسبة له .فالنظامية الموجودة في الرقابة السابقة تؤدي إلى إيجاد نوع من الالمسؤولية،
حيث أن المراقب المالي أو المحاسب العمومي ليس بإمكانهما االعتراض منح التأشيرة أو الدفع بسبب
عدم المالءمة ،إذ ال ينجم عن هذا االعتراض سوى النزاعات التي تؤدي في مجملها شل اإلدارة واحداث
غموض عام حول هذا المفهوم.
إن إمكانية نشوب النزاعات بين األعوان غير مستبعد كلية حتى بعد التمييز بين المطابقة
والمالءمة ،إذ أن القاعدة القانونية يكون معناها في بعض األحيان غير واضح يترك المجال لمواقف و
1
آراء متباعدة وهذا ما بوسعه دعم االختالفات والتناقضات.
لقد أولى القانون والتنظيم المعمول به حاليا أهمية كبيرة إلى الصفقات العمومية ،وذلك
بالنظر إلى أهميتها المالية ودورها في التنمية واالقتصاد الوطني ،حيث خص لها أحكاما وتدابير قانونية
من أجل ضمان رقابة صارمة تسمح ببلوغ فعالية وفاعلية أكثر في تسيير األموال العمومية.
إن الصفقات العمومية حسب المادة 229من المرسوم الرئاسي 2159-29المتضمن تنظيم
الصفقات العمومية تخضع للرقابة قبل دخولها حيز التنفيذ وبعده.
وتتولى الرقابة على الصفقات العمومية العديد من اللجان ،3نشير إلى أننا سنتناول فقط الرقابة
الخارجية 4للصفقات ،والتي نصت عليها المادة 219من المرسوم الرئاسي المذكور أعاله التي تنص على
1
القاضي اإلداري في فرنسا هو الذي يحدد المفهوم من القاعدة القانونية إذ يمارس مهامه على نطاق أوسع من المطابقة هو ما يعرف بالشرعية.
أثار الفقه الفرنسي إشكالية التمييز بين المطابقة الشكلية والشرعية ،وجاء التنظيم العام للمحاسبة العمومية ص 20للتأكيد على هذا التمييز كما أن
التقنين العام للجماعات اإلقليمية في المادة 2727الفقرة 1أكد أن المحاسب ال يمكنه تعليق عملية الدفع على مالحظته المتعلقة بمالءمة الق اررات
التي يتخذها اآلمر بالصرف .غير أ ن مجلس المحاسبة الفرنسي يفرض على المحاسب التأكد ليس فقط من أداء الخدمة بل من حسن أدائها للمنفعة
العامة ومن خالل فحص المنفعة العامة وتطور مفهومها بإمكاننا أن نقول أن الحدود بين المطابقة والمالءمة يمكن أن تتطور.
2
المرسوم الرئاسي 159-29المؤرخ في 97أكتوبر 1929يتضمن تنظيم الصفقات العمومية ،جريدة رسمية رقم .00
3
نص المرسوم الرئاسي 159-29على إحداث لجنة للصفقات لدى المصلحة المتعاقدة تكلف بالرقابة القبلية للصفقات العمومية في المادة ،210
وجاءت المادة 201لتحدث اللجان الوطنية للصفقات ،حيث قسمها إلى ثالثة لجان بعد أن كان الحديث عن لجنة واحدة هي اللجنة الوطنية
للصفقات العمومية والتي نصت عليها المادة 255من المرسوم الرئاسي 109-91المتضمن تنظيم الصفقات العمومية الملغى بموجب المرسوم
الرئاسي الجديد.
4
بالتوازي مع الرقابة الخارجية هناك الرقابة الداخلية وقد نصت عليها المواد من 219إلى 210من المرسوم الرئاسي ،وهي رقابة مشروع االلتزام
كون الشخص المرشح ألن تلتزم الدولة معه يكون كنتيجة لهذه الرقابة ،والتي تعتبر رقابة قبل دخول الصفقة حيز التنفيذ ،وهي غير مستقلة عن
75
أن الغاية من هذه الرقابة هي التحقق من مطابقة الصفقات المعروضة على الهيئات الخارجية ،كما تهدف
إلى التحقق من مطابقة التزام المصلحة المتعاقدة للعمل المبرمج بكيفية نظامية.
إن تحديد اختصاص كل لجنة يعتمد على عنصر مالي وهو مبلغ الصفقة ،حيث لكل لجنة مجال
مالي تختص به ،وهنا نجد اللجان الوطنية للصفقات العمومية ،اللجان الو ازرية ،اللجان الوالئية ،اللجان
البلدية ولجان المؤسسات العمومية.
نصت المادة 201من المرسوم الرئاسي 159-29على إحداث اللجان الوطنية للصفقات
العمومية ،حيث أحدث اللجان التالية:
اللجنة الوطنية لصفقات األشغال والتي تتولى الفصل في صفقات األشغال التي يفوق -
مبلغها 999.999.999دينار.
اللجنة الوطنية لصفقات اللوازم والتي تتولى دراسة صفقات اللوازم التي يفوق -
مبلغها 209.999.999دينار.
اللجنة الوطنية لصفقات الدراسات والخدمات وتقوم بالنظر والفصل في صفقات الخدمات -
التي يتجاوز مبلغها 299.999.999دينار ،وصفقات الدراسات التي يتعدى مبلغها 99.999.999
دينار.
وتتمثل مهام اللجان الوطنية للصفقات في المساهمة في تنظيم الصفقات العمومية ومراقبة صحة
إجراءات إبرام الصفقات العمومية.1
كما تتولى هذه اللجان رقابة مدى قانونية إجراء الصفقات العمومية ،وتعمل في مجال التنظيم
1
على اقتراح أي اجراء من شأنه أن يحسن ظروف ابرام الصفقات العمومية.
المصلحة المتعاقدة .هاته الرقابة تقوم بها اللجنتين :لجنة فتح األظرفة ولجنة تقييم العروض .حيث تكون رقابة فتح األظرفة رقابة تعنى بالناحية
الشكلية دون الدخول إلى الناحية الموضوعية التي هي من اختصاص لجنة تقييم العروض ،وهذه األخيرة رقابتها موضوعية تقنية ،وتعلن عن المتعامل
الفائز والذي يعد مؤهال ألن تلتزم المصلحة المتعا قدة في مواجهته كأي التزام عادي ،وهذا االلتزام يخضع إلى الرقابة المسبقة للجنة الصفقات العمومية
والتي تعد رقابة خارجية مسبقة على هذا االلتزام ،كما نشير إلى أنه إلى جانب هذين النوعين من الرقابة فقد أحدث المشرع نوعا آخر وهو الرقابة
الوصائية المنصوص عليها المادة 227التي تضمنت الحديث عن الرقابات الثالث التي تخضع لها الصفقات العمومية والمادة 217التي أبرزت
الغاية من رقابة الوصاية وهي التحقق من مطابقة الصفقات التي تبرمها المصلحة المتعاقدة ألهداف الفعالية واالقتصاد ،والتأكد من كون العملية التي
هي موضوع الصفقة تدخل فعال في إطار البرامج و األسبقيات المرسومة للقطاع ،وفي هذا اإلطار تقوم المصلحة المتعاقدة بإعداد تقرير تقييمي عن
ظروف إنجاز المشروع وكلفته اإلجمالية وتتم مقارنته مع الهدف المسطر أصال ،ويرسل هذا التقرير إلى السلطات الوصية وهيئات الرقابة الخارجية.
1
المادة 205من المرسوم الرئاسي . 159-29
76
أما عن تشكيل كل لجنة فقد تضمنت المواد على التوالي 202 ،209 ،200تشكيل اللجنة
الوطنية لصفقات األشغال ،اللجنة الوطنية لصفقات اللوازم واللجنة الوطنية لصفقات الدراسات والخدمات.2
1
المادتين 200و 200من نفس المرسوم.
2
تتكون اللجنة الوطنية لصفقات األشغال طبقا للمادة 200من المرسوم الرئاسي 159-29من:
وزير المالية أو ممثله رئيسا، -
ممثل وزير المالية (قسم الصفقات العمومية) ،نائبا للرئيس، -
ممثل وزير الدفاع الوطني، -
ممثل وزير الداخلية والجماعات المحلية، -
ممثل وزير الشؤون الخارجية، -
ممثالن ( )1عن وزير المالية ( المديرية العامة للمحاسبة والمديرية العامة للميزانية) -
ممثل وزير العدل، -
ممثل الموارد المائية، -
ممثل وزير النقل، -
ممثل وزير األشغال العمومية، -
ممثل وزير التجارة، -
ممثل وزير السكن والعمران، -
ممثل وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية االستثمار، -
ممثل الوزير الوصي عن المصلحة المتعاقدة عندما تكون هذه المصلحة غير ممثلة في اللجنة. -
وتضم اللجنة الوطنية لصفقات اللوازم األعضاء اآلتي ذكرهم:
وزير المالية أو ممثله رئيسا، -
ممثل وزير المالية (قسم الصفقات العمومية) ،نائبا للرئيس، -
ممثل وزير الدفاع الوطني، -
ممثل وزير الداخلية والجماعات المحلية، -
ممثل وزير الشؤون الخارجية، -
ممثالن ( ) 1عن وزير المالية ( المديرية العامة للمحاسبة والمديرية العامة للميزانية)، -
ممثل وزير التربية الوطنية، -
ممثل وزير العدل، -
ممثل وزير التجارة، -
ممثل وزير التعليم العالي والبحث العلمي، -
ممثل وزير التكوين والتعليم المهنيين، -
ممثل وزير الصحة والسكان واصالح المستشفقيات، -
ممثل وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية االستثمار، -
ممثل الوزير الوصي عن المصلحة المتعلقدة عندما تكون هذه المصلحة غير ممثلة في اللجنة. -
وبالنسبة للجنة الوطنية لصفقات الدراسات والخدمات ،فهي تضم:
وزير المالية أو ممثله رئيسا، -
ممثل وزير المالية (قسم الصفقات العمومية) ،نائبا للرئيس، -
ممثل وزير الدفاع الوطني، -
ممثل وزير الداخلية والجماعات المحلية، -
ممثل وزير الشؤون الخارجية، -
ممثالن ( ) 1عن وزير المالية ( المديرية العامة للمحاسبة والمديرية العامة للميزانية)، -
77
2-1اللجان الوزارية للصفقات العمومية:1
كل و ازرة تشكل لجنة للصفقات العمومية على مستواها ،تتولى هذه اللجان البث في الصفقات التي
تعقدها الو ازرة تتكون اللجنة الو ازرية للصفقات العمومية من الوزير المعني أو ممثله رئيسا ،ممثال عن
المصلحة المتعاقدة وممثال عن وزير التجارة وممثلين مختصين عن وزير المالية من المديرية العامة
للميزانية والمديرية العامة للمحاسبة طبقا لنص المادة 255من المرسوم الرئاسي ،159-29تقوم هذه
اللجان بدراسة والتأشير على مشاريع الصفقات التي تبرمها اإلدارة المركزية.
وقد حصر المرسوم الرئاسي 159 -29المؤسسات المعنية بتشكيل هذه اللجنة في المادة الثانية
منه وهي:
المؤسسات العمومية االقتصادية (عندما تكون بصدد انجاز مشروع ممول من طرف -
الدولة سواء جزئيا أو كليا وبمساهمة مؤقتة أو نهائية).
و حددت المادة 250أعضاء هذه اللجنة ،2كما أشارت نفس المادة إلى أن هذه اللجان تختص
بدراسة الصفقات التي ال يتعدى مبلغها السقف المحدد للجان الوطنية المذكورة سابقا.
78
3-1اللجان الوالئية للصفقات العمومية:
نصت عليها المادة 259من المرسوم الرئاسي ،تختص هذه اللجنة بدراسة مشاريع الصفقات التي
تبرمها الوالية والمصالح غير الممركزة للدولة والتي يتجاوز مبلغها السقف المحدد للجان الوطنية .كما
تتولى الفصل في مشاريع الصفقات التي تبرمها البلدية والمؤسسات العمومية المحلية التي يساوي مبلغها
أو يفوق 09.999.999دينار بالنسبة لصفقات انجاز األشغال أو اقتناء اللوازم و 19.999.999دينار
بالنسبة لصفقات الدراسات أو الخدمات.
تتشكل الجنة الوالئية للصفقات العمومية من الوالي أو ممثله رئيسا ،ثالث ممثين للمجلس
الشعبي الوالئي ،المدير الوالئي لألشغال العمومية ،المدير الوالئي للري ،المدير الوالئي للسكن والتجهيزات
العمومية ،مدير المصلحة التقنية الوالئية المعنية بالخدمة ،المدير الوالئي للتخطيط وتهيئة اإلقليم ،المدير
الوالئي للتجارة األمين خزينة الوالية والمراقب المالي.
1
4-1اللجان البلدية للصفقات العمومية:
تتولى اللجنة البلدية للصفقات العمومية دراسة مشاريع الصفقات التي تبرمها البلدية التي ال تتعدى
سقف المبلغ المحدد للصفقات التي تدرس على مستوى اللجنة الوالئية.
تتشكل هذه اللجنة من رئيس المجلس الشعبي البلدي أو ممثله رئيسا ،منتخبين عن المجلس
الشعبي البلدي ،ممثل عن المصلحة التقنية المعنية بالخدمة و بطبيعة الحال ممثال عن المصلحة
المتعاقدة وممثلين عن وزير المالية.
4-1لجنة صفقات المؤسسة العمومية المحلية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية
الوطنية ذات الطابع اإلداري غير المذكور في القائمة المنصوص عليها في المادة :134
تتولى هذه اللجان المنصوص عليها في المادة 250دراسة مشاريع الصفقات التي ال يتعدى
سقفها المبلغ المحدد للصفقات التي تدرس على مستوى اللجنة الوالئية.
أما عن تشكيل اللجنة فهي تضم ممثال عن السلطة الوصية رئيسا ،المدير العام أو مدير
المؤسسة ،ممثل منتخب يمثل مجلس الجماعة اإلقليمية المعنية ،ممثلين عن الوزير المكلف بالمالية
وممثل المصلحة التقنية المعنية بالخدمة.
79
نصت عليها المادة 210من قانون الصفقات ،خالل 19يوما لها مهمة البث في الصفقة ومنح
التأشيرة أو رفضها ابتداء من يوم إيداع الملف لدى كتابة اللجنة.
إن رقابة هذه اللجان تمارس على مشاريع :دفتر شروط الصفقة ،مشروع الصفقة ،حالة ملحق
لصفقة ،حالة الطعن ،الصفقة التصحيحية .ولن نتطرق إلى مراقبة مشروع دفتر الشروط ،ألنه مشروع
التزام لم يثبت هوية المتعامل الذي سيلتزم معه مستقبال.
1-2مراقبة مشروع الصفقة :تتم بمراقبة وفحص مدى صحة وتوفر الوثائق التالية:
-كفالة التعهد ،التصريح باالكتتاب ،دفتر الشروط الخاصة ،الكشف الوصفي ،جدول األسعار،
الكشف الكمي (خالصة)
-الملف اإلداري للمتعامل الفائز وكذا الوثائق الجبائية والشبه الجبائية ،
80
هذه المراقبة يكلف بها أحد األعضاء بها من طرف مكتب الصفقات العمومية،والذي يعرض نتائج
رقابته كمقرر للجنة ،والتي تجتمع لتعطي رأيها .إن دراسة هذه العناصر من طرف اللجنة المختصة يتوج
إما بمنح التأشيرة أو رفض منحها.
تبث اللجان السالف ذكرها في الملفات وتنهي عملها إما بمنح التأشيرة أو رفض منحها ،إذ تتوج
الرقابة التي تمارسها لجنة صفقات المصلحة المتعاقدة بمنح التأشيرة أو رفضها خالل عشرين ( )19يوما
ابتداء من تاريخ إيداع الملف الكامل لدى كتابة هذه اللجنة.1
1-3منح التأشيرة:
إن منح التأشيرة معناه أن الصفقة صحيحة وقابلة للتنفيذ ،ويمكن إن تكون هذه األخيرة مرفقة
بتحفظات موقفة أو غير موقفة. 2
وتعرض الصفقة على المراقب المالي لكي تلتزم كنفقة ،وذلك قبل البدء في تنفيذها .ويجب تنفيذ
الصفقة أو ملحقها المؤشرين خالل ثالثة ( )5أشهر من تاريخ منح التأشيرة ،واذا انقضت هذه المهلة تقدم
الصفقة أو الملحق من جديد إلى اللجنة المختصة قصد الدراسة.
طبقا ألحكام المادة 290من المرسوم الرئاسي 159-29يمكن للجنة أن ترفض منح التأشيرة
شريطة أن يكون الرفض معلال ،وتعد مخالفة التشريع و/أو التنظيم المعمول بهما سببا لرفض التأشيرة.
في حالة الرفض يمكن للوزير أو مسؤول الهيئة الوطنية المستقلة ،الوالي ،رئيس المجلس الشعبي
البلدي ،كل على حسب اختصاصه أن يتجاوز الرفض وذلك بقرار معلل تسلم نسخة منه إلى وزير
المكلف بالمالية بالنسبة للوزراء و مسؤولو الهيئات الوطنية ،والى السلطات الوصية بالنسبة للوالة ورؤساء
المجالس الشعبية البلدية ،كما تسلم نسخة من مقرر التجاوز إلى الوزير المكلف بالمالية ولجنة الصفقات
المعنية ومجلس المحاسبة طبقا ألحكام المادة 279من المرسوم الرئاسي .159-29
في حالة رفض اللجان الوطنية للصفقات منح التأشيرة ،فيمكن للوزير المعني أو مسؤول الهيئة
الوطنية المستقلة بناء على تقرير من المصلحة المتعاقدة أن يتجاوز هذا الرفض بقرار معلل ترسل نسخة
منه إلى وزير المالية ومجلس المحاسبة والى اللجنة الوطنية للصفقات المعنية.3
1
المادة 202من المرسوم الرئاسي .159-29
2موقفة عندما تتصل بموضوع الصفقة ،وغير موقفة عندما تتصل بالشكل حسب المادة 290من المرسوم الرئاسي .159-29
3المادة 272من المرسوم الرئاسي .159-29
81
إن مقرر التجاوز يجب أن يتم في اجل تسعين 09يوما من تاريخ الرفض ومهما يكن من أمر
فال يمكن التجاوز في حالة رفض التأشيرة ألسباب عدم مطابقة األحكام التشريعية طبقا ألحكام المادة
271من المرسوم نفسه.
إلى جانب الرقابة المدمجة في إجراءات تنفيذ النفقات العمومية والتي تمثل طابع التدخل بطريقة
آلية وسابقة ،هناك رقابات بعدية أو الحقة وضعت تحت سلطة السلطة التنفيذية و المسؤولين المكلفين
بتنفيذ الميزانية.1
أنشأت المفتشية العامة للمالية بموجب المرسوم 052-09المؤرخ في األول من مارس ،2009
هذا األخير عرفها في مادته األولى بأنها "هيئة مراقبة ،توضع تحت السلطة المباشرة لوزير المالية".
3
استمر تطبيق هذا المرسوم إلى غاية 11فيفري ،2001تاريخ إصدار المرسوم التنفيذي 70-01
المحدد الختصاصات المفتشية العامة للمالية ،حيث تم بمقتضاه إلغاء أحكام المواد من 1إلى 51من
المرسوم السابق .واليوم المرسوم 1714-90المؤرخ في 9سبتمبر 1990هو النص الحالي المؤطر
لصالحيات المفتشية العامة للمالية حيث تم بموجبه إلغاء أحكام المرسوم التنفيذي .70-01
ويمكن القول بأن المفتشية العامة للمالية هي هيئة رقابية دائمة تقع تحت السلطة المباشرة لوزير
المالية ،يتمثل دورها أساسا في مراقبة التسيير المالي والمحاسبي لمصالح الدولة والجماعات اإلقليمية
وكذلك جميع المؤسسات والهيئات الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية ،كما تمارس المفتشية مهام الرقابة
على كل من:
هيئات الضمان االجتماعي التابعة للنظام العام واإلجباري وكذا كل الهيئات ذات الطابع -
االجتماعي والثقافي التي تستفيد من مساعدة الدولة والهيئات العمومية
1
اعتمد التنظيم الفرنسي على رقابة سلمية شملت كل اإلدارات المالية إذ هناك مفتشيات على مستوى كل مديرية عامة ،باإلضافة إلى مهمة التدقيق
والتقييم للمديرية العامة للمحاسبة العمومية والتي أصبحت حاليا المديرية العامة للمالية العمومية باإلضافة إلى وجود مصالح و ازرية للرقابة مثل
الشؤون االجتماعية وكذا المجلس العام للجسور و الطرقات.
2
المرسوم التنفيذي 09ـ 05المؤرخ في 92مارس 2009يتضمن إحداث المفتشية العامة للمالية ,جريدة رسمية عدد .29
3
المرسوم التنفيذي 01ـ 70المؤرخ في 11فيفري 2001يحدد اختصاصات المفتشية العامة للمالية ،جريدة رسمية رقم .20
4
المرسوم التنفيذي 171-90المؤرخ في 9سبتمبر 1990يحدد صالحيات المفتشية العامة للمالية ،جريدة رسمية عدد .09
82
وجاء المرسوم التنفيذي 09-90المؤرخ في 11فبراير 1990يحدد شروط وكيفيات رقابة
وتدقيق المفتشية العامة للمالية لتسيير المؤسسات العمومية االقتصادية ،جاء هذا المرسوم ليضع أسسا
حديثة قائمة على مقاييس دولية للتدخل ومراقبة المؤسسات العمومية االقتصادية.
و تتميز المفتشية العامة للمالية بمجال تدخل واسع ووسائل محدودة مع تدخالت ذات نوعية
وتقنيات تدخل صارمة.
سنتناول في هذا اإلطار التنظيم المركزي للمفتشية العامة للمالية ثم نتطرق إلى المفتشيات
الجهوية للمالية.
جاء المرسوم التنفيذي رقم 175-90ليضع التنظيم المركزي للمفتشية العامة للمالية بعدما كان
حيث تتوفر على رئيس المفتشية العامة للمالية 2الذي 1
تنظيمها بموجب المرسوم التنفيذي 51-01
يخضع للسلطة المباشرة لوزير المالية وعدد من الهياكل والوحدات المختصة في الرقابة:
يديرها ( )90مراقبون عامون للمالية 3موضوعون تحت سلطة رئيس المفتشية العامة للمالية ،وقد
حددت المادة 9مجال االختصاصات القطاعية لكل مراقب عام .واشتملت المادة 7لتحديد مهام المراقبون
العامون للمالية واتي تتمثل فيما يلي:
تأطير ،متابعة واالشراف على عمليات الرقابة ،التدقيق ،التقييم والخبرة. -
1
المرسوم التنفيذي 51-01المؤرخ في 19جانفي 2001يتعلق بتنظيم الهياكل المركزية للمفتشية العامة للمالية ،جريدة رسمية عدد .99
2المادة 7من المرسوم التنفيذي .51-01
3
المادة 0من المرسوم التنفيذي 175-90المؤرخ في 99سبتمبر 1990يتضمن تنظيم الهياكل المركزية للمفتشية العامة للمالية.
83
انجاز كل دراسة وتحليل لملفات خاصة موكلة للمفتشية. -
2-1الوحدات العملية:
تدار الوحدات العملية من قبل مديري البعثات الذي يبلغ عددهم ( )19ومن أهم اختصاصاتهم
اقتراح عمليات الرقابة للوحدات العملية والسهر على إدارتها وتحضيرها ومتابعتها حتى النهاية ،كما
يضمنون تنسيقا قطاعيا مع جميع الهياكل الجهوية للمفتشية العامة.
ويمارس المكلفون بالتفتيش مهامهم تحت سلطة مديري البعثات ،حيث يبلغ عددهم ( ،)59وهم
مكلفون بإدارة ،تنظيم ،متابعة وقيادة فرق الرقابة.
تتمثل المصالح الخارجية للمفتشية العامة للمالية في المفتشيات الجهوية استنادا لنص المادة 1
من المرسوم التنفيذي ،1 274-08هذه األخيرة تتولى تنفيذ البرنامج السنوي للمفتشية العامة للمالية في
مجال الرقابة والتقييم ،حيث تتولى تنفيذ البرنامج السنوي للرقابة والتدقيق والتقييم والخبرة المنوط بالمفتشية
العامة اللمالية والتكفل خارج البرنامج بطلبات الرقابة الصادرة عن السلطات المؤهلة ،وقد تم تحديد مقرات
هذه المديريات الجهوية بموجب المادة الثانية من نفس المرسوم.2
تتميز المفتشية العامة للمالية بمجال رقابة واسع وصالحيات واسعة النطاق تمتد إلى رقابة الفعالية
وتقييم السياسات العمومية ومن خالل هذه الفقرة ستنطرق إلى هذه النقاط بالتفصيل.
1
المرسوم التنفيذي 274-08المؤرخ في 06سبتمبر 2008يحدد تنظيم المفتشيات الجهوية للمفتشية العامة للمالية ،عدد .50
2
يتعلق األمر بالمفتشيات التالية :األغواط ،تلم سان ،تيزي وزو ،سطيف ،سيدي بلعباس ،عنابة ،قسنطينة ،مستغانم ووهران.
84
إختصاصات المفتشية العامة للمالية: -1
هيئات الضمان االجتماعي التابعة للنظام العام واالجباري وكذا كل الهيئات ذات الطابع -
االجتماعي والثقافي والتي تستفيد من مساعدات الدولة أو الهيئات العمومية.
كما تضيف المادة الثالثة من نفس المرسوم أن المفتشية العامة للمالية تراقب استعمال الموارد التي
جمعتها الهيئات أو الجمعيات مهما كانت أنظمتها القانونية ،بمناسبة حمالت تضامنية ،والتي تطلب الهبة
العمومية خصوصا من أجل دعم القضايا االنسانية واالجتماعية والعلمية والتربوية والثقافية والرياضية.
يمكن أيضا أن تمارس رقابتها على كل شخص معنوي آخر يستفيد من المساعدة المالية من الدولة أو
جماعة محلية أو هيئة عمومية بصفة تساهمية أو في شكل إعانة أو قرض أو تسبيق أو ضمان.
وقد وسع هذا المرسوم من مجال تدخل المفتشية العامة للمالية حيث أصبحت تمس كل
المؤسسات العمومية والخاصة وهذا اقتداء بما حصل في فرنسا كما ذكرنا فيما سبق.
تجدر اإلشارة إلى أن هناك صالحيات أخرى خولت للمفتشية بموجب نصوص أخرى.2
1فيما يتعلق بالمفتشية العامة للمالية في فرنسا ،فالمواد 99،92و 200من مرسوم ديسمبر 2091ص 90أشارت إلى أن رقابتها تمتد إلى كل
المحاسبين ،والمادة 200من نفس المرسوم تؤكد امتداد مجالها إلى محاسبي المؤسسات العمومية ذات الطابع الوطني ،أما المادة 110فتضيف
محاسبي المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري وكذا الوكالء المحاسبين لوكاالت التسبيق والتحصيل طبقا للمادة 99من قانون 15
فيفري 2095و المرسوم المؤرخ في 10ماي ،2090كما تقوم بالرقابة على كل محاسبي الخزينة العمومية ،أما بالنسبة لآلمرين بالصرف فهم
أيضا خاضعون لرقابتها حسب المادتين 00و 99من مرسوم ، 2091كما أن المادة 52من األمر المؤرخ في 15سبتمبر 2000المتعلق
باألحكام العامة ذات الطابع المالي تنص على أن كل الهيئات غير الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية والتي تستفيد من إعانات من الدولة خاصة،
تخضع لرقابة المفتشية العامة للمالية.كما أن نفس النص ينص على أن الشركات ،النقابات ،أو المؤسسات التي تستفيد من مساهمات في شكل
مساهمات في رأس المال ،تسبيقات ،قروض ،أو ضمان الفوائد ،كلها تدخل في مجال اختصاص المفتشية .وقد تم توسيع مجال اختصاص
المفتشية بصدور القانون المؤرخ في 21أفريل 2009المتضمن مختلف األحكام ذات الطابع االقتصادي والمالي بموجب المادة 05منه.
2
يتعلق األمر بالنصوص التالية:
ـ األمر 11-09المؤرخ في 0جويلية 2009المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤووس األموال من والى الخارج.
ـ المرسوم التنفيذي 109-07المؤرخ في 20جويلية 2007المتضمن شروط وكيفيات تعيين بعض األعوان المؤهلين لمعاينة مخالفة التشريع
والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤووس األموال من والى الخارج.
85
و يخول للمفتشين في إطار تنفيذ تدخالت المفتشية العامة للمالية ،الصالحيات التالية:1
مراقبة تسيير الصناديق ومراجعة األموال والقيم والسندات والمواد والموجودات من أي نوع -
التي يحوزها المسيرون أو المحاسبون.
التحصل على كل مستند أو وثيقة تبريرية ضرورية لفحوصهم بما في ذلك التقارير التي -
تعدها أي هيئة رقابية أو أي خبرة خارجية.
القيام في األماكن بأي بحث واجراء أي تحقيق ،بغرض رقابة التصرفات أو العمليات -
المسجلة في المحاسبات.
التيقن من صحة المستندات المقدمة وصدق المعطيات والمعلومات األخرى المبلغة، -
القيام في عين المكان بأي فحص بغرض التيقن من صحة وتمام التقييد المحاسبي -
ألعمال التسيير ذات التأثير المالي و عند االقتضاء معاينة حقيقة الخدمة المنجزة.
وبهذه الصفة تمارس المفتشية حق مراجعة جميع العمليات التي أجراها المحاسبون العموميون
ومحاسبو الهيئات الخاضعة لرقابة المفتشية.
ويمارس المفتشون أعمالهم وفقا لشروط وقواعد معينة حددها المرسوم التنفيذي 091-02المؤرخ
في 12ديسمبر 2002والمتضمن القانون األساسي الخاص بموظفي المفتشية العامة للمالية ،وفي هذا
االطار يستفيد هؤالء من عدة امتيازات:
2
يزود المفتشون ببطاقة تفويض الوظيفة التي تثبت صفتهم وتبرر تدخالتهم. -
يعمل مسؤولو المصالح أو الهيئات المراقبة على توفير ظروف العمل الالزمة ألداء -
المفتشين مهامه3م ،حيث يجب عليهم:4
ـ المرسوم التنفيذي 107-07المؤرخ في 20جويلية 2007الذي يضبط أشكال محاضر معاينة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف
وحركة رؤووس األموال من والى الخارج.
ـ القرار الوزاري المشترك رقم 50المؤرخ في 1ديسمبر 1992الذي يؤهل المفتشية العامة للمالية لمعاينة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين
بالصرف وحركة رؤووس األموال من والى الخارج.
1
المادة 6من المرسوم التنفيذي . 272-08
2
المادة 0من المرسوم التنفيذي 091 -02المؤرخ في 12ديسمبر 2002يتضمن القانون األساسي الخاص بموظفي المفتشية العامة للمالية.
3
المادة 15من المرسوم التنفيذي . 272-08
0المادة 17من المرسوم التنفيذي . 272-08
86
تقديم األموال والقيم التي بحوزتهم واطالعهم على كل الدفاتر أو الوثائق أو التبريرات أو -
المستندات المطلوبة.
وال يمكنهم التخلص من االلتزمات المنصوص عليها أعاله بدافع احترام الطريق السلمي والسر
المهني أو الطابع السري للوثائق المطلوب االطالع عليها أو العمليات التي تجري عليها المراقبة.
القيام بكل مهمة قد تسند إليهم في إطار صالحيات تقويم التسيير المالي والمحاسبي -
للمصالح والجماعات والهيئات التي تمارسها المصلحة ومراقبته.
تأدية مهامهم بكل موضوعية ،وبناء استنتاجاتهم على وقائع ثابتة. -
المحافظة على السر المهني ،السيما عدم تبليغ الوقائع التي يعاينوها أثناء تدخالتهم إال -
للسلطات أو الجهات القضائية المختصة.
تجنب كل تدخل في تسيير اإلدارات أو الهيئات المراقبة ،وذلك باالمتناع عن كل عمل أو -
أمر من شأنهما اختصام صالحيات المسيرين ،مع مراعاة األحكام التنظيمية المعمول بها.2
تتدخل المفتشية العامة للمالية إما عن طريق الرقابة الدائمة التي تمارسها وفقا لبرنامجها السنوي
أو بطلب من السلطات والهيئات المؤهلة.
تقوم المفتشية العامة للمالية في هذا اإلطار دوريا برقابة موسعة وبتفتيش مصالح اإلدارات
والهيئات الموضوعة تحت سلطة أو وصاية الوزير المكلف بالمالية ،وكذا بتقرير نشاط وفعالية المصالح
الرقابية التابعة له .3كما تقوم المفتشية العامة للمالية بالرقابة الدائمة في حالة القيام بعمليات الفحص
والمراقبة الدورية في إطار تنفيذ البرنامج السنوي ،حيث تحدد عمليات الرقابة للمفتشية في برنامج سنوي
1
المادة 0من المرسوم التنفيذي 091 -02المؤرخ في 12ديسمبر 2002يتضمن القانون األساسي الخاص بموظفي المفتشية العامة للمالية.
2
المادة 0من المرسوم التنفيذي .091 -02
3
المادة 11من المرسوم التنفيذي .272-08
87
يعد ويعرض على الوزير المكلف بالمالية خالل الشهرين األولين من السنة .و يتم تحديد هذا البرنامج
حسب األهداف المحددة وتبعا لطالبات أعضاء الحكومة أو الهيئات والمؤسسات المؤهلة.1
التقييم االقتصادي والمالي لنشاط شامل أو قطاعي أو فرعي أو لكيان اقتصادي، -
تقييم شروط تسيير واستغالل المصالح العمومية من طرف المؤسسات االمتيازية ،مهما -
كان نظامها.
كما يمك ن للمفتشية العامة للمالية أن تقوم بتقييم شروط تنفيذ السياسات العمومية وكذا النتائج
المتعلقة بها ،وهذه مهمة جديدة منحها لها المرسوم التنفيذي 272-08حيث في هذا اإلطار تقوم
المفتشية بمايلي:
القيام بالدراسات والتحاليل المالية واالقتصادية من أجل تقدير فاعلية وفعالية إدارة وتسيير -
الموارد المالية والوسائل العمومية األخرى.
تقييم تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية وكذا تلك المتعلقة بالتنظيم الهيكلي ،وذلك من -
ناحية تناسقها وتكيفها مع االهداف المحددة.
تحديد مستوى االنجازات مقارنة مع األهداف المحددة ،والتعرف على نقائص التسيير -
وعوائقه وتحليل أسباب ذلك.
إن قراءة بسيطة لهذه المهام تثبت أن هناك تقدم واضح في مهام المفتشية ،حيث يظهر جليا ميل
السلطات العمومية إلى ضرورة وضع رقابة التقييم حيز التنفيذ من جهة ومن جهة أخرى تبرز نيتها في
ضرورة وضع سياسات عمومية وتقييمها.
وجاءت المادة 5لتوضح مهام المفتشية العامة للمالية إذ تتمثل تدخالتها في مهام الرقابة،
التدقيق ،التقييم ،التحقيق والخبرة ،حيث تقوم بما يلي:
1
المادة 13من المرسوم التنفيذي .272-08
2
المادة 4من المرسوم التنفيذي .272-08
88
سير الرقابة الداخلية وفعالية هياكل التدقيق الداخلي، -
شروط منح واستعمال المساعدات واإلعانات التي تقدمها الدولة والجماعات اإلقليمية -
والهيئات والمؤسسات العمومية،
وقد تم استحداث مهمة أخرى أدخلت ضمن صالحيات المفتشية العامة للمالية ،فبعد أن نص
عليها القانون 92-00المؤرخ في 21جانفي 2000والمتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية
االقتصادية في المادة 02منه ،دخلت حيز التنفيذ في 11فيفري 2001وذلك بصدور المرسوم التنفيذي
1
الذي يؤهل المفتشية العامة للمالية للتقويم االقتصادي للمؤسسات العمومية االقتصادية .وتنص 70-01
المادة األولى من هذا المرسوم على أن " تؤهل المفتشية العامة للمالية للقيام بالتقويم االقتصادي
للمؤسسات العمومية االقتصادية " ،ويطال هذا التقييم االقتصادي طرق استغالل هذه المؤسسات بعيدا عن
كل عمل أو تدخل مباشر في إدارتها وتسييرها.
وكما ذكرنا سابقا فإن تسيير المؤسسات العمومية االقتصادية صار خاضعا لرقابة المفتشية
بموجب المرسوم التنفيذي 09-90المذكور سابقا .جاء هذا المرسوم ليضع أسسا حديثة قائمة على
مقاييس دولية للتدخل ومراقبة المؤسسات العمومية االقتصادية.ويأتي هذا التوسع ضمن مجاالت
اختصاص المفتشية كحتمية فرضت على السلطات العمومية لمواكبة التطورات االقتصادية الحاصلة من
جهة وبغية تحاشي الفساد الواقع والذي يمس كبريات المؤسسات في الجزائر من جهة أخرى.
2-2الرقابة الظرفية:
يقصد بالرقابة الظرفية هي تلك التي تمارسها المفتشية العامة للمالية خارج برنامجها المحدد سنويا
وما يميز هذه الرقابة هو أنا تتم أثناء تنفيذ قانون المالية للسنة على عكس الرقابة الدائمة التي تتم بعد
1
المرسوم التنفيذي 70-01المؤرخ في 11فبراير 2001يؤهل المفتشية العامة للمالية للتقويم االقتصادي للمؤسسات العمومية االقتصادية ،جريدة
رسمية رقم .20
89
اقفال السنة المالية وهذا ما يجعلها رقابة بعدية ،ومن هنا يمككنا القول أن المفتشية العامة للمالية تتدخل
إما أثناء تنفيذ قانون المالية السنوي أو بعد تنفيذه ،وتكون هذه الرقابة خاضعة لشروط محددة يمكن
حصرها فيمايلي:
وهذا النوع من التدخل لم يتم اإلشارة إليه ضمن المرسوم التنفيذي المحدد لصالحيات المفتشية
العامة للمالية إال ضمن الفقرة الثالثة من المادة 13والتي تنص " غير أنه يمكن القيام بعمليات الرقابة
خارج البرنامج بطلب من السلطات والجهات المذكورة في الفقرة أعاله".
وعلى الرغم من أن هذا النوع من التدخالت لم يتم التطرق إليه إال لمرة واحدة في المرسوم
التنفيذي ،إال أننا لمسناه في الكثير من المرات ضمن عمل وتدخالت المفتشية ،حيث وجدنا العديد من
هذه التدخالت من هذا النوع ال سيما تدخالتها على مستوى شركة سوناطراك ،المؤسسة الوطنية للتلفزة.
يقوم النظام الديمقراطى على فكرة التوازن بين سلطات الحكم ،التشريعية والتنفيذية والقضائية،
حتى ال تجور إحداها على األخرى ،وتستأثر بالسلطة ،وبالتالي تهدد مصالح المجتمع وتؤثر سلبيا على
نظام الحكم .ومن أجل تكريس هذا المبدأ ،كان البد على المؤسس الدستوري أن يجعل الرقابة القضائية
متميزة باالستقاللية التامة عن السلطتين الباقيتين.
وتعتبر الرقابة القضائية على تنفيذ قانون المالية من قبيل الرقابة الخارجية وتتمثل خصوصيتها
في أنها رقابة بعدية ،وهذا يعني أنها تتم بعد إقفال العمليات المتعلقة بتنفيذ قوانين المالية.1
أسس مجلس المحاسبة 1بموجب المادة 209من دستور 2079ثم نصت عليه المادة 299من
دستور 2000وأخي ار المادة 279من دستور ،2009حيث تنص هذه األخيرة على أنه" يؤسس مجلس
1
CHOUVEL François : Op.cit, p 187
تمارس الرقابة القضائية في فرنسا من قبل مجلس المحاسبة ومجلس االنضباط في مجال الميزانية والمالية ،هذين الهيئتين لهما تشكيلتين مختلفتين،
اختصاصات مختلفة ،ورقابة مكملة لبعضها ،بحيث أنهما ال يقومان بمقاضاة نفس األشخاص وال يصدران نفس العقوبات .فمجلس االنضباط في
مجال الميزانية والمالية يستطيع مقاضاة اآلمرين بالصرف _ماعدا الذين لهم صفة المحاسبين الفعليين باعتبار هذا من مجاالت اختصاص مجلس
المحاسبة_ الذين ال يخضعون سوى لرقابة نوعية التسيير .قام المشرع الفرنسي باستحداث هذه الهيئة القضائية بعد أن رأى أن اآلمرين بالصرف ال
يخضعون إال لرقابة نوعية التسيير ،وقد تم تأسيس هذه الهيئة بموجب قانون 10سبتمبر ،2000وتم تقنين صالحياتها منذ 2000في الكتاب
المالية ،ويقوم هذا المجلس تقدم تقري ار سنويا ملحقا بتقرير مجلس المحاسبة ،وبدأت الهيئة بنشر هذا التقرير منذ الثالث من تقنين juridiction
.2000
90
المحاسبة ،يكلف بالرقابة البعدية ألموال الدولة والجماعات اإلقليمية والمرافق العمومية" ،وقد خضع مجلس
المحاسبة إلى العديد من القوانين حيث نظم في البداية بالقانون 09ـ ،2 90الذي منحه اختصاصات إدارية
وقضائية لممارسة رقابة شاملة على الجماعات العمومية والمرافق والمؤسسات والهيئات التي تسير األموال
3
الذي حصر مجال العمومية أو تستفيد منها ،مهما يكن وضعها القانوني .ثم جاء القانون 32-90
تدخل مجلس المحاسبة إذ استثنى المؤسسات العمومية االقتصادية والمرافق العمومية ذات الطابع
4
الذي وسع من الصناعي والتجاري ،كما جرد من صالحياته القضائية .أخي ار جاء األمر 00ـ19
مجاالت اختصاص مجلس المحاسبة ليشمل رقابة كل األموال العمومية مهما كان الوضع القانوني
لمسيري هذه األموال أو المستفيدين منها ،كما أعاد هذا األمر الصالحيات القضائية لمجلس المحاسبة ،5
وقد تم تعديل هذا األمر بموجب األمر 02-10المؤرخ في 26أوت . 2010
يتولى مجلس المحاسبة مهمة الرقابة البعدية على األموال العمومية ،هذه الرقابة التي تتميز بنوع
من االستقاللية عن السلطة الت نفيذية التي تتولى تنفيذ الميزانية العامة للدولة حتى تضمن الحياد
والموضوعية الكافية للحفاظ على األموال العمومية ،ولهذا الهدف نجد أن مجلس المحاسبة أعطيت له
تشكيلة خاصة إذ بتمتعه بصالحيات قضائية إلى جانب الصالحيات اإلدارية ،يستوجب توفر أسالك
خاصة للقيام بهذه الوظيفة القضائية من جهة ومن جهة أخرى ال بد من معرفة مجال عمله أو
اختصاصاته بالنظر للرقابة التي ستطبق على هذا المجال.
من االختصاصات التي أسندت لمجلس المحاسبة هي رقابة مطابقة الحسابات ،والمقاضاة حول
المخالفات الموجودة وكذا رقابة نوعية التسيير.
تناولت المواد من 7إلى 21من األمر 00ـ 19الهيئات التي تخضع لرقابة مجلس المحاسبة:
-مصالح الدولة والجماعات اإلقليمية ،المؤسسات والمرافق والهيئات العمومية باختالف أنواعها،
التي تسري عليها قواعد المحاسبة العمومية.6
1
مجلس المحاسبة في فرنسا هو هيئة تعود جذورها إلى العصور الوسطى ،حيث تم تأسيس غرفة الحسابات التي تم تنظيمها بموجب أمر من
فيليب الخامس في ، 2520وقد أضيفت لها غرف الحسابات التي كانت تتواجد ببروفانس ونظ ار لكثرة العمل لديها تم حذفها كلية سنة 2702في
الثورة .أسس مجلس المحاسبة الحالي بموجب القانون المؤرخ في 29سبتمبر 2097وأعيد تنظيمه بالقانون المؤرخ في 11جوان . 2097
2
القانون 09ـ 90المؤرخ في 2مارس 2009يتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من طرف مجلس المحاسبة ،جريدة رسمية عدد 29
3
القانون 09ـ 51المؤرخ في 0ديسمبر 2009يتعلق بمجلس المحاسبة وسيره ،جريدة رسمية عدد .29
4
األمر 00ـ 19المؤرخ في 27جويلية 2000يتعلق بمجلس المحاسبة ،جريدة رسمية عدد .50
5
المادة 5من األمر 00ـ 19تنص على أن مجلس المحاسبة مؤسسة تتمتع باختصاص إداري و قضائي في ممارسة المهام الموكلة إليه ،وهو
يتمتع باالستقالل الضروري ضمانا للموضوعية والحياد والفعالية في أعماله.
6
المادة 7من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
91
-المرافق العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري والمؤسسات والهيئات العمومية التي تمارس
نشاطا صناعيا أو تجاريا أو ماليا والتي تكون أموالها أو مواردها أو رؤوس أموالها كلها ذات طابع
عمومي.1
وقد استثني من رقابة مجلس المحاسبة بنك الجزائر بموجب التعديل الجديد الذي جاء به األمر
02-10المؤرخ في 26أوت. 2010
-تسيير الشركات والمؤسسات والهيئات مهما يكن وضعها القانوني التي تملك فيها الدولةأو
الجماعات االقليمية أو المؤسسات أو الشركات أو الهيئات العمومية األخرى بصفة مشتركة أو فردية
2
مساهمة بأغلبية في رأس المال أو سلطة قرار مهيمنة.
-تسيير األسهم العمومية في المؤسسات والمرافق والهيئات العمومية مهما كانت وضعيتها
القانونية على أن يكون للدولة أو الجماعات اإلقليمية أو المرافق أو الهيئات العمومية فيها قسط من رأس
3
المال.
4
-الهيئات التي تسير النظم اإلجبارية للتأمين والحماية االجتماعيين.
-مراقبة استعمال الموارد التي تجمعها الهيئات التي تلجأ إلى التبرعات العمومية من أجل دعم
6
القضايا اإلنسانية ،االجتماعية والعلمية.
و باعتبار مجلس المحاسبة قاضي الحسابات فإنه يقوم بتسليط العقوبات على المحاسبين وليس
من صالحياته تصحيح هذه الحسابات.
1
وعلى هذا األساس فإن مجلس المحاسبة يقوم بإصدار أحكامه اعتبا ار من عناصر مادية
موضوعية واضحة في الحسابات وليس بإمكانه أخذ بعين االعتبار الظروف الخاصة التي من الممكن أن
تبعد مسؤولية المحاسب مثلما يفعل وزير المالية في اإلبراء الرجائي.
1
المادة 8من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
2
المادة 8مكرر من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
3
المادة 9من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
4
المادة 10من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
5
المادة 11من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
6
المادة 12من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
92
الفقرة األولى :مراجعة حسابات اآلمرين بالصرف و المحاسبين العموميين:
نص األمر 19-00في المادة 70أن مجلس المحاسبة يراجع حسابات المحاسبين العموميين
ويصدر أحكاما بشأنها.
2
على أنه "يجب على اآلمرين بالصرف الرئيسيين كما نصت المادة الثانية من المرسوم 09ـ09
والثانويين وعلى المحاسبين العموميين التابعين لمصالح الدولة والجماعات االقليمية ومختلف المؤسسات
والهيئات العمومية الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية أن يودعوا حساباتهم االدارية وحسابات التسيير
لدى كتابة ضبط مجلس المحاسبة في أجل أقصاه 59يوليو من السنة الموالية للميزانية المقفلة"
واستنادا إلى هذه األحكام فإن هذين العونين للمحاسبة العمومية ملزمان بتقديم حساباتهما لدى
مجلس المحاسبة.
وتعتبر مراجعة الحسابات من بين أهم الصالحيات المخولة لمجلس المحاسبة حيث يقوم بالتدقيق
في صحة العمليات المادية الموصوفة فيها ومدى مطابقتها مع األحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة
عليها.3
وتتم عملية المراجعة بعد قيام رئيس الغرفة المختصة بتعيين مقرر يكلف هذا األخير بإجراء
التدقيقات في الحسابات والوثائق الثبوتية المرتبطة بها .وبعبارة أخرى يمكن القول أن هذه العملية تتجلى
في التحقق من أن العمليات المنجزة خالل السنة المالية قد تمت بطريقة صحيحة وكذا التأكد من أنها
مبررة وذلك باالستناد إلى الوثائق الثبوتية المرتبطة بها ،ومن هنا يمكن القول بأنها تعني التحقق صحة
المحاسبة التي يمسكها المحاسب العمومي ،وكذا إمكانية تحميله المسؤولية في حالة التأكد من وجود
مخالفات أو نقص .ويعتبر إجراء مراجعة الحسابات إجراء كتابيا وحضوريا وهذا لضمان الحياد عند اتخاذ
الق اررات ،وللمحاسب كذلك الحق في الدفاع عن نفسه أي تبرير المخالفات المسجلة على عاتقه خالل مدة
محددة في التنظيم المعمول به.
1
وقد أقر مجلس الدولة الفرنسي في 19نوفمبر 2002أن مجلس المحاسبة يقوم باألخذ بعين االعتبار العناصر المادية للحسابات التي يقوم
برقابتها سوى المالحظات التي تتعلق بالسلوكات الشخصية المحاسبين .كما أقر قانون 15فيفري 2095في مادته 99أن مجلس المحاسبة
باعتباره قاضي الحسابات فبإمكانه تطبيق المسؤولية الشخصية والمالية على المحاسبين.
2
المرسوم التنفيذي 09ـ 09المؤرخ في 11جانفي 2009يحدد األحكام المتعلقة بتقديم الحسابات إلى مجلس المحاسبة ،جريدة رسمية عدد .99
3
المادة 70من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
93
مراقبة مطابقة وتجانس المبالغ التي حملت في حساب التسيير مع الحساب اإلداري -
والميزانية األولية فيما يتعلق باالذونات المفتوحة.
التأكد من صحة العمليات المالية وكذا تقييم شروط حيازة أموال الخزينة. -
وعلى المقرر أن يدون في تقرير كتابي عند نهاية عملية التدقيقي كل المعاينات والمالحظات
1
واالقتراحات المعللة بالردود الواجب تخصيصها.
وبعد اتمام التقرير يرسل من طرف رئيس الغرفة إلى الناظر العام لتقيم استنتاجاته كتابيا ثم
يعرض الملف للمداولة للنظر والبث فيه بقرار نهائي إذا لم تسجل أية مخالفة على مسؤولية المحاسب
وبقرار مؤقت في الحاالت األخرى ،في هذه الحالة يتم تبليغ القرار المؤقت إلى المحاسب الذي عليه الرد
في أجل محدد بشهر من تاري خ التبليغ .بعدها يقوم رئيس الغرفة بعد استالم اإلجابات أو عند انقضاء
األجل مقر ار مراجعا يكلف بتقديم االقتراحات للفصل نهائيا في تسيير المحاسب المعني يتم بعدها إرسال
الملف إلى الناظر العام الذي يقوم بإعداد استنتاجاته الكتابية والشفوية التي يتم التداول بشأنها إلصدار
القرار النهائي بأغلبية األصوات.
وينصب فحوى القرار في مسؤولية المحاسب العمومي الشخصية والمالية وبإمكانه أن يحتج بالقوة
القاهرة أو يثبت بأنه لم يرتكب الخطأ أو اإلهمال في ممارسته لوظيفته .كما بإمكانه أن يحمل المسؤولية
الشخصية والمالية للوكالء أو األعوان الموضوعين تحت سلطته أو رقابته طبقا للتشريع المعمول به.
كما أن مجلس المحاسبة يبث في حسابات األشخاص الذين يصرح أنهم محاسبون فعليون ،2إذ
يصدر بشأنها أحكاما حسب نفس الشروط والجزاءات المقررة لحسابات المحاسبين العموميين .كما يعاقب
مجلس المحاسبة هؤالء األشخاص بغرامات مالية يتم تحديدها حسب المبالغ محل التهمة ومدة حيازتها أو
تداولها إضافة إلى توقيع متابعات قضائية طبقا للمادة 17من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
طبقا لنص المادة 07من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم فإن مجلس المحاسبة يتأكد من احترام
قواعد االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية ،3إذ يقوم المجلس بتحميل المسؤولية ألي مسؤول أو
1
المادة 70من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
2
المادة 09من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
3
تعتبر مخالفات لقواعد االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية في مفهوم هذا القانون تلك الحاالت المنصوص عليها في المادة 00من
00ـ 19وهي خرق األحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بتنفيذ اإليرادات والنفقات ،استعمال أموال الدولة في غير األهداف الممنوحة ألجلها ،االلتزام
بالنفقات من دون توف ر الصفة أو السلطة أو دون توفر االعتمادات أو تجاوز الترخيصات الخاصة أو خرق القواعد المطبقة في مجال الرقابة القبلية،
الرفض غير المؤسس للتأشيرات
94
عون تابع للهيئة الخاضعة لرقابة المجلس عن األخطاء المرتكبة في هذا المجال ،وللمجلس في هذا الشأن
1
أن يعاقب بغرامات ال تتعدى المرتب السنوي اإلجمالي الذي يتقاضاه العون المعني عند ارتكابه المخالفة.
كما تشير المادة 02من نفس األمر إلى أن مجلس المحاسبة يختص بمعاقبة كل مسؤول أو
عون أو ممثل أو قائم باإلدارة في هيئة خاضعة لرقابته ثبت أنه خرق حكما من األحكام التشريعية أو
التنظيمية أو تجاهل التزاماته لكسب امتياز مالي أو عيني غير مبرر لصالحه أو لغيره على حساب الدولة
أو هيئة عمومية وفي هذه الحالة يكون مبلغ الغرامة ضعف المبلغ المقرر في المادة .89
وتعد مخافات لقواعد االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية ،األخطاء أو المخالفات التي
جاء سردها في المادة 88من األمر.2
وتطبيقا للمادة 00من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم فإنه في حال ما إذا كشفت التحقيقات التي
تجريها الغرفة المختصة أن المخالفة المرتكبة تدخل في مجال تطبيق أحكام المادة 00من هذا األمر فان
رئيس الغرفة يرسل تقري ار مفصال إلى الناظر العام ،هذا األخير الذي بعد تلقيه كل المعلومات اإلضافية
1
المادة 00من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
2
نصت المادة 88من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم أنه تعتبر مخالفات لقواع د االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية األخطاء أو المخالفات
اآلتي ذكرها عندما تكون خرقا صريحا لألحكام التشريعية والتنظيمية التي تسري على استعمال وتسيير األموال العمومية أو الوسائل المادية وتلحق
ضر ار بالخزينة العمومية أو بهيئة عمومية .ويمكن في هذا اإلطار أن يعاقب المجلس على:
.2خرق األحكام التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بتنفيذ اإليرادات والنفقات.
.1استعمال االعتمادات أو المساعدات المالية التي تمنحها الدولة والجماعات االقليمية والمؤسسات العمومية أو الممنوحة بضمان منها
ألهداف غير األهداف التي منحت من أجاها صراحة.
.5االلتزام بالنفقات دون توفر الصفة أو السلطة أو خرقا للقواعد المطبقة في مجال الرقابة القبلية.
.0االلتزام بالنفقات دون توفر االعتمادات أو تجاوز الترخيصات الخاصة بالميزانية.
.0خصم نفقة بصفة غير قانونية من أجل إخفاء ،إما تجاو از ما في االعتمادات واما تغيي ار للتخصيص األصلي لاللتزامات أو القروض
المصرفية الممنوحة لتحقيق عمليات محددة.
.9تنفيذ عمليات النفقات الخارجة بشكل واضح عن هدف أو مهمة الهيئات العمومية.
.7الرفض غير المؤسس للتأشيرات أو العراقيل الصريحة من طرف هيئات الرقابة القبلية أو التأشيرات الممنوحة خارج الشروط القانونية.
.0عدم احترام األحكام القانونية أو التنظيمية المتعلقة بمسك المحاسبات وسجالت الجرد واالحتفاظ بالوثائق والمستندات الثبوتية.
.0التسيير الخفي لألموال أو القيم أو الوسائل أو األمالك العامة.
.29كل تهاون يترتب عنه عدم دفع حاصل اإليرادات الجبائية أو شبه الجبائية التي كانت موضوع اقتطاع من المصدر في اآلجال ،ووفق
الشروط التي أقرها التشريع المعمول به.
.22التسبب في إلزام الدولة أو الجماعات اإلقليمية أو الهيئات العمومية بدفع غرامة تهديدية أو تعويضات مالية نتيجة عدم التنفيذ الكلي أو
الجزئي أو بصفة متأخرة ألحكام القضاء.
.21االس تعمال التعسفي لإلجراء القاضي بمطالبة المحاسبين العموميين بدفع النفقات على أسس غير قانونية أو تنظيمية.
.25أعمال التسيير التي تتم باختراق قواعد إبرام وتنفيذ العقود التي ينص عليها قانون الصفقات العمومية .
.20عدم احترام القوانين التي تخضع لها عمليات بيع األمالك العمومية التي لم تعد صالحة لالستعمال أو المحجوزة من طرف اإلدارات
والهيئات العمومية.
.20تقديم وثائق مزيفة أو خاطئة إلى مجلس المحاسبة أو إخفاء مستندات عنه.
95
التي يطلبها عند االقتضاء من الغرفة القطاعية المختصة أنه ال مجال للمتابعات ،يقوم بحفظ الملف
بموجب قرار معلل قابل لإللغاء أمام تشكيلة خاصة تتكون من رئيس غرفة ومستشارين اثنين من مجلس
المحاسبة ويطلع رئيس الغرفة المعنية بذلك.
أما إذا قرر المتابعة فإنه يقوم بتحرير استنتاجاته كتابيا ويرسل الملف إلى رئيس غرفة االنضباط
في مجال الميزانية والمالية قصد فتح تحقيق .وفي هذه الحالة يعين رئيس غرفة االنضباط في مجال
الميزانية والمالية مقر ار يكلف بالتحقيق في الملف ،1ويكون التحقيق حضوريا .حيث بإمكان الشخص
المتابع االستعانة بمحام أو بشخص يختاره 2.وفي الختام يتم تحرير التقرير مصحوبا باالستنتاجات ويرسل
إلى رئيس الغرفة قصد تبليغه للناظر العام.3
وهنا نجد أن الناظر العام يقوم إما بحفظ الملف في حالة اتضح أنه ال مجال للمتابعة ويتم تبليغ
هذا القرار إلى رئيس غرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية ومسؤول اإلدارة أو الهيئة المعنية
والى العون محل المتابعة .و إما إحالة الملف على غرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية
بعدها يقوم رئيس الغرفة بتعيين قاضي مقرر مكلف بالملف كما يقوم رئيس الغرفة بتحديد تاريخ الجلسة
ويعلم لرئيس مجلس المحاسبة والناظر العام بذلك بعدها يتم استدعاء الشخص المعني برسالة موصى
عليها مع إشعار باالستيالم.4
و بإمكان الشخص المتابع أو محاميه أو مساعده االطالع على الملف المتعلق به لدى كتابة
الضبط في مجلس المحاسبة ويمكنه أيضا تقديم مذكرة دفاعية .5وأخي ار يتم عقد الجلسة من طرف تشكيلة
المداولة لغرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية المكونة طبقا ألحكام المادة 51من هذا األمر
باستثناء القاضي المكلف بالتحقيق بمساعدة كاتب الضبط والناظر العام ،حيث يتم البت في الملف
بأغل بية األصوات في جلسة علنية تختتم بقرار يوقعه رئيس الجلسة ،المقرر وكاتب الضبط ويكتسي هذا
القرار الطابع التنفيذي الذي يتم تبليغه إلى الناظر العام والشخص المعني وكذا وزير المالية والسلطة
6
السلمية والوصية التي يخضع لها العون المعني
1
المادة 94من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
2
المادة 09من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
3
المادة 97من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
4
أنظر المواد 97و 98من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
5
المادة 99من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
6
أنظر المادة 100من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم للمزيد من التفاصيل.
96
الفرع الثاني :رقابة نوعية التسييرـ
يكلف مجلس المحاسبة في ممارسة الصالحيات اإلدارية المخولة له ،برقابة نوعية تسيير الهيئات
والمصالح العمومية ،وبهذه الصفة يقيم شروط استعمال الموارد والوسائل المادية واألموال العمومية
وتسييرها على مستوى الفعالية والنجاعة واالقتصاد بالرجوع إلى المهام واألهداف والوسائل المستعملة .كما
يقيم مجلس المحاسبة قواعد تنظيم وعمل الهيئات الخاضعة لرقابته ويتأكد من وجود آليات واجراءات
1
رقابية داخلية موثوقة ويقدم كل التوصيات التي يراها مالئمة لتحسين الفعالية.
هذه الرقابة ليست ذات طبيعة قضائية ،حيث ال يتم توقيع عقوبات ،بل يتم وضع المالحظات أو
المعاينات التي يتم فيما بعد تبليغها لإلدارة ،للبرلمان أو إلى الرأي العام ،وتتم هذه الرقابة ليس فقط في
فحص بسيط للمطابقة بل تقوم بتقدير نوعية هذا التسيير ،إذ تتأكد من االستعمال الشرعي وأيضا من
2
االستعمال الحسن لألموال العمومية.
فمهمة الرقابة على اآلمرين بالصرف ليست له الصبغة القضائية ،تم تطور هذه الرقابة تدريجيا
إلى رقابة التسيير ،حيث باإلمكان التدخل لتحسين التسيير ، 3ومن هنا فإننا نجد أن التقارير التي يعدها
مقررو مجلس المحاسبة ال تتم فقط على المطابقة وانما تتعداها إلى األخطاء أو اختيارات التسيير ،أي
مسألة المالءمة ،حيث يتم النظر ليس فقط إجراء فحص محاسبي بل إجراء محاسبة إدارية إن صح
التعبير أي إجراء تدقيق صارم في التنظيم والتسيير والنظر في الفعالية حيث قياس مدى تحقيق األهداف
المقررة بالنظر إلى النتائج ،النجاعة أي استعمال أقل تكاليف ،االقتصاد هو استعمال أقل تكلفة مع تحقيق
الجودة والكمية المطلوبة في الوقت المناسب ،وهذا يخص الموارد المالية والبشرية و يتم من خالل تحديد
الحاجيات وشروط االستعمال العقالني للموارد.4
ترتكز رقابة نوعية التسيير على مراقبة الكفاءة ،الفعالية واالقتصاد في أداء الهيئات الخاضعة
للرقابة وهذا النوع من الرقابة ال يعني مراجعة مظاهر معينة من اإلدارة فحسب بل إنه يراقب اإلدارة بجميع
أوجه نشاطاتها ،ومن ذلك فإن هذه الرقابة تهدف إلى التأكد من أن جميع اإلجراءات تتم وفقا للق اررات
والسياسات العمومية وأن األهداف المقررة تتحقق شكل فعال واقتصادي وبكفاءة عالية.5
1
المادة 90من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
2
Guy Durand : Finances publiques, LGDJ, p83.
3
وقد تبنى اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمواطن هذا المبدأ إذ يفرض على األعوان العموميين تقديم حسابات لإلدارات ،كما تبنى قانون 11
جوان 2097في فرنسا هذا المبدأ كما أوضح أن مجلس المحاسبة يضمن حسن استعمال اإلعتمادات ،األموال والقيم المسيرة من طرف مصالح
الدولة ومن طرف األشخاص المعنوية التابعة للقانون العام.
4
Note méthodologique de contrôle de qualité de gestion, numéro 2, 1996, la cour des comptes, p7.
5
المجلة اإلفريقية للمراجعة الشاملة ،العدد الخامس ،األفروساي ،2007 ،ص.1
97
كما أنه في هذا اإلطار يقوم مجلس المحاسبة بمراقبة شروط منح واستعمال اإلعانات
والمساعدات المالية التي منحتها الدولة والجماعات اإلقليمية والمرافق والهيئات العمومية الخاضعة لرقابة
المجلس ،وتهدف هذه الرقابة إلى التأكد من مدى توفر الشروط المطلوبة لمنح هذه المساعدات ومطابقة
استعمالها مع الغايات التي منحت من أجلها .كما يراقب المجلس الهيئات المستفيدة بقصد اتخاذها
الترتيبات الالزمة قصد الحد من اللجوء إلى هذه المساعدات.
وفي الواقع عرفت رقابة نوعية التسيير في اإلدارات تجسيدا جزئيا إن لم نقل منعدما حيث أنه
بالنسبة للو ازرات لم تتجسد أصال حيث يكتفي المجلس بالرقابة في كيفية تنفيذ الميزانية رغم محاولة بعض
القضاة تحليل بعض العناصر في إطار نوعية التسيير.
إال أن هذا لم يمنع من وجود بعض المحاوالت لتجسيدها وهذا ما قام به المجلس في 2000على
الو از ارت وتتناول المواضيع التالية:
على العموم يمكن القول أن المجلس لم يستطع تجسيد رقابة نوعية تسيير على اإلدارات العمومية
بسبب عدة عراقيل وصعوبات تواجه تقييم الفعالية ،النجاعة واالقتصاد في هذه اإلدارات ،كما أنه من
الصعب تطبيقها بالنظر لغياب معايير واضحة قابلة للتطبيق على جميع القطاعات.
أما عن النتائج التي تترتب عن رقابة نوعية التسيير 1فإننا نجد أنها جد محدودة ،إذ يكتفي
المجلس بإعداد تقارير يحتوي على المعاينات والمالحظات و التقييمات ،ترسل هذه التقارير فيما بعد إلى
مسؤولي المصالح والهيئات المعنية لتقديم إجاباتهم في أجل يحدده مجلس المحاسبة .وأخي ار يصدر
المجلس مذكرة التقييم التي تتضمن تقييمه النهائي الذي يشمل كل التوصيات واالقتراحات التي تهدف إلى
تحسين فعالية ومردودية تسيير المصالح والهيئات المراقبة ليتم إرسالها إلى مسؤوليها وكذا كل الوزراء
1
إذ ا أردنا أن نقارن بين نتائج هذه الرقابة مع ما هو معمول به في فرنسا نجد أن النتائج ترسل إلى السلطات اإلدارية في شكل مراسلة من قبل
رؤساء الغرف أي الغرف الجهوية أو من الوكيل العام كما ترسل إلى الو ازرات وهنا يجب الرد على كل المالحظات ،وفي هذه الحالة إن كانت
مسؤولية اآلمرين بالصرف تقحم فإن مجلس المحاسبة بوساطة الوكيل العام يرفعها إلى مجلس االنضباط في مجال الميزانية والمالية وان اقتضى
األمر إلى المحاكم القمعية كما بإمكان مجلس المحاسبة إعالم لجان المجالس المحلية وكذا لجان التحقيق على مستوى البرلمان .وأخي ار يقوم مجلس
المحاسبة بإعداد تقرير سنوي الذي يتضمن كل المالحظات التي أوضحتها الغرف الجهوية للحسابات ،هذا التقرير كان في البداية يرسل إلى
السلطة التنفيذية وبعد 2051أصبح يرسل إلى البرلمان بهدها صار ينشر في الجريدة الرسمية ابتداء من سنة ،2050حيث يتم إعداد هذا التقرير
من قبل لجنة مشكلة من الرئيس األول ،الوكيل العام ورؤساء الغرف والمقرر العام .
98
والسلطات اإلدارية المعنية .ونعيب في هذا المجال عدم إلزامية التوصيات وكذا عدم متابعة هذه
التوصيات من قبل المجلس.
بالرغم من أن النصوص القانونية أوضحت عن ضرورة إرساء رقابة قائمة على التقييم إلى جانب
التأكد من مطابقة القوانين واألنظمة السارية المفعول ،غير أن مجلس المحاسبة يبدو بعيدا عن هذه
األدوار المناطة به ،وفيما يلي سنتناول التفصيل فيما يتعلق بقييم بسيط لعمل مجلس المحاسبة باإلضافة
إلى الحديث عن طرق الطعن في ق اررات هذا األخير.
إن التشريع المتعلق بمجلس المحاسبة منح هذا األخير العديد من الصالحيات الرقابية المبنية
على التقييم والتي تهدف إلى تشجيع االستعمال الفعال والصارم للموارد والوسائل المادية واألموال العمومية
و ترقية إجبارية تقديم الحسابات وتطوير شفافية تسيير المالية العمومية ،كما يساهم في تعزيز الوقاية
ومكافحة جميع أشكال الغش والممارسات غير القانونية أو غير الشرعية التي تشكل تقصي ار في
األخالقيات وفي واجب النزاهة أو الضارة باألمالك واألموال العمومية ،حيث يشارك مجلس المحاسبة على
الصعيد اإلقتصادي والمالي في تقييم فعالية النشاطات و المخططات والبرامج و اإلجراءات المتخذة من
طرف السلطات العمومية بغرض تحقيق أهداف ذات منفعة وطنية و التي تقوم بها بصفة مباشرة أو غير
مباشرة مؤسسات الدولة أو المرافق العمومية الخاضعة لرقابته.1
ولتطبيق الصالحيات الممنوحة للمجلس وضعت لديه آليات للكشف أو التوضيح عما الحظ من
مخالفات أو تجاوزات والتي سيترجمها حسب الحالة في الوثائق التالية:
-1مذكرة التقييـم:
عقب مراقبة نوعية التسيير يضبط مجلس المحاسبة تقييمه النهائي ويصدر كل التوصيات و
اإلقتراحات بغرض تحسين فعالية و مردود تسيير المصالح و الهيئات المعنية و يرسلها إلى مسئوليها
والوزراء و إلى السلطات اإلدارية المعنية.
تطلع مسؤولي المصالح والهيئات التي خضعت للرقابة بمالحظات مجلس المحاسبة المتعلقة
بالوضعيات أو بالوقائع أو الحـاالت أو المخالفات التي تلحق ضر ار بالخزينة العمومية أو بأمالك الهيئات
1
أنظر المواد 13و 72من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
99
و المؤسسات العمومية الخاضعة لرقابته بغرض إتخاذ التدابير التي يتطلبها التسيير السليـم لألموال
العمومية.
-3التقرير المفصل :
سجل فيه الوقائع التي يمكن وصفها وصفا جزائيا ،والتي يالحظها المجلس أثناء ممارسة رقابته.
يبلغ الناظر العام هذا التقرير إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا مصحوبا بمجمل الملف.
-4التقرير التقييمي حول المشروع التمهيدي لقانون ضبط الميزانية:
ترسل الحكومة هذا التقرير بعد أن يقوم بإعداده مجلس المحاسبة إلى الهيئة التشريعية بغرفتيها
مرفوقا بمشروع القانون المرتبط به.
-5التقرير السنــوي:
يعد مجلس المحاسب ــة تقري ار سنويا يرسله إلى رئيس الجمهورية .يبين التقرير السنوي أهــم
المعاينات والمالحظات والتقييمات الناجمة عن أشغال تحريات مجلس المحاسبة مرفقة بالتوصيات التي
يرى أنه يجب تقديمها و كذلك ردود المسؤولين والممثلين القانونيين و السلطات الوصية المعنية المرتبطة
بذلك.
ينشر هذا التقرير كليا أو جزئيا في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
يرسل مجلس المحاسبة نسخة منه إلى الهيئة التشريعية.
وعلى الرغم من هذا إال أن هذه الهيئة تبقى بعيدة عن تحقيق ما هو مرجو منها ،فالقول
باستقالليتها مرتبط بعدة عوامل تشكك في هته االستقاللية حيث أن مجمل مسؤوليها يعينون بموجب
مرسوم رئاسي وهو الشأن بالنسبة لقضاة المجلس وهذا ما يمس بهذه االستقاللية.
إننا اليوم نستطيع القول أن المفتشية العامة للمالية أبدت بعض التجاوب فيما يتعلق برقابة
التقييم ،على عكس الهيئة المستقلة والمكرسة دستوريا ،بالرغم من منحها العديد من االمتيازات أثناء
ممارسة عملها الرقابي ،ومنها حق االطالع وسلطة التحري والتي من خاللها منح المشرع للمجلس كل
الحرية والتسهيالت التي من شأنها تسهيل رقابة العمليات المالية والمحاسبية واالزمة لتقييم تسيير المصالح
1
والهيئات الخاضعة لرقابته.
ونشير في هذا اإلطار إلى أن الرقابة العليا للمالية العمومية تطورت بشكل ملحوظ في العشريات
األخيرة .حيث تم التوجه من رقابة مكرسة كلية للنظر في صحة العمليات المالية والمحاسبية إلى رقابة
قائمة على النتائج ،وهذه قفزة نوعية وتقدم معتبر في دور المؤسسات العليا للرقابة على المالية العمومية.
1
وردت العديد من األحكام المتعلقة بحق االطالع وسلطة التحري ضمن الفصل األول من الباب الثالث وفصلت في هذا األمر المواد من 55إلى
68من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
100
فهناك العديد من التجارب التي توضح أن المؤسسات العليا للرقابة على المالية العمومية قد استثمرت في
مجال رقابة األداء حتى قبل أن تصبح مؤهلة لذلك 1.إن هذا التطور الحادث في مجال الرقابة على
النفقات العمومية لم يجد صداه في الجزائرحيث أننا اليوم نجد أن هذه الهيئة وكأنها اليوم في سبات
عميق ،إذ رغم تبني الحكومة العديد من المشاريع الضخمة في مختلف الميادين وشروعها في العديد من
اإلصالحات وما هو مرتبط بها من نفقات إضافية والتي تقدر بماليير الدوالرات ،غير أن مجلس
المحاسبة لم يذكر لنا في يوم أنه تدخل لتقييم التسيير الخاص بأي مشروع أو سياسة قادتها السلطة
التنفيذية.
إن هذه الظاهرة اليوم تبعث إلى العديد من التساؤالت المتعلقة بهذا الشأن ،فهل هي رغبة
السلطات العمومية 2في إبقاء هذه المؤسسة مهمشة ودون فاعلية تذكر أم أن هذا األمر يعود إلى ضعف
التأطير والتكوين في هذا المجال ،وعلى العموم كال السببين ساهم في الحول دون الوصول إلى الهدف
المنتظر من هذه الهيئة.
يمكن الطعن في ق اررات مجلس المحاسبة وفقا لما جاء به األمر 19-00فباإلمكان طلب
المراجعة ،االستئناف وأخي ار الطعن.
-1المراجعة:
ق اررات مجلس المحاسبة قابلة للمراجعة ،حيث يمكن تقديم طلب المراجعة من المتقاضي المعني
أو السلطة السلمية أو الوصية التي يخضع لها أو من قبل الناظر العام استنادا للمادة 291من القانون
.19-00وتكون المراجعة في حالة األخطاء ،اإلغفال أو التزوير ،االستعمال المزدوج أو ظهور عناصر
جديدة تبين ذلك.
يوجه طلب المراجعة إلى رئيس مجلس المحاسبة في أجل أقصاه سنة واحدة من تاريخ تبليغ
القرار ،مرفوقا بالوقائع واألسباب التي استند إليها صاحب الطلب إلى جانب المستندات والوثائق الثبوتية.
وتتم دراسة الطلب من طرف الغرفة أو الفرع الذي صدرت عنه ،بعدها يتم تعيين قاضي مختص من قبل
1
HAMIDI DAOUDI : la rénovation du contrôle supérieur des finances publiques –les pratiques exemplaires-,
revue IDARA n° 37 , 2009, p7.
2
يرى الكثير من النقاد أن مجلس المحاسبة اليوم همش برغبة من السلطات العمومية منذ سنة 1999حيث صرح البعض أن هذه الهيئة أحيلت
على فترة الشيخوخة منذ هذه السنة ،بعد أن تم تهميشها وتجاهلها ،حيث رفضت السلطات العمومية نشر التقارير السنوية للمجلس في الجريدة
الرسمية بالرغم من أنها إجراء قانوني ملزم ،كما تم تجميد القانون األساسي لقضاة المجلس .وقد ذكرت نقابات مجلس المحاسبة في العديد من
المناسبات الوضعية الكارثية للمجلس.
101
رئيس الغرفة يكلف بالنظر في الطلب ومدى صحته ،يبلغ الملف بعد دراسته إلى الناظر العام الذي يدون
مالحظاته واستنتاجاته ويتم بعدها تحديد تاريخ الجلسة التي يشارك فيها صاحب الطلب.1
-2االستئناف:
يمكن كذلك لق اررات مجلس المحاسبة أن تكون محل استئناف ،فبموجب المادة 297من األمر
00ـ ،19فإن ق اررات مجلس المحاسبة قابلة لالستئناف من قبل المتقاضي المعني أو سلطته السلمية أو
الوصية أو الناظر العام في أجل أقصاه شهر واحد من تاريخ تبليغ القرار محل الطعن .ويتم إيداع
عريضة االستئناف من قبل المعني أو ممثله القانوني لدى كتابة ضبط مجلس المحاسبة حيث ترفق
العريضة بعرض دقيق ومفصل للوقائع والدفوع المستند إليها .وهنا يبرز الفرق بين المراجعة واالستئناف إذ
بينما لالستئناف أثر موفق لتنفيذ القرار موضوع الطعن ،فإن المراجعة ليس لها هذا األثر.
ويتم دراسة الملف من قبل كل الغرف مجتمعة ما عدا الغرفة التي صدر عنها ويتم الفصل فيه
بموجب قرار .ويتم تعيين مقرر من قبل رئيس مجلس المحاسبة ،يقوم هذا المقرر بإعداد تقرير يتضمن
كل اقتراحاته ،يسلمه على الناظر العام الذي يدون استنتاجاته الكتابية ليعيده إلى رئيس المجلس ،هذا
األخير يحدد تاريخ الجلسة ويبلغ المستأنف بذلك ،وتتم المداولة في هذا االستئناف ويتم اتخاذ القرار
بأغلبية األصوات.
-3الطعن بالنقض:
يمكن أن تكون ق اررات مجلس المحاسبة الصادرة عن تشكيلة كل الغرف مجتمعة قابلة للطعن
بالنقض 2أمام مجلس الدولة وهذا منذ صدور القانون 92-00المؤرخ في 59ماي 2000والمتعلق
بتنظيم وصالحيات مجلس الدولة ،ويكون هذا الطعن طبقا لقانون اإلجراءات المدنية ،إذ يتم الطعن بطلب
من الشخص المعني أو ممثله القانوني أو بطلب من الوزير المكلف بالمالية أو السلطة السلمية أو
الوصية أو من طرف الناظر العام.3
في األخير نقول أنه ف ي نظام يعتمد على الفصل بين السلطات ال بد من وجود هيئة عليا مستقلة
تضمن الرقابة على كل هذه السلطات ،هذا هو الدور الذي من المفروض أن يلعبه مجلس المحاسبة
باعتباره يمتلك صالحيات قضائية وأخرى إدارية ،ومن هنا وبالنظر إلى كل ما تناولناه خالل هذا البحث
فإن الرق ابة التي يقوم بها مجلس المحاسبة هي رقابة مالية تتضمن المطابقة وكذا رقابة تقييمية ويظهر
هذا خاصة من خالل رقابة نوعية التسيير التي ال تكتفي بالمطابقة بل تتعداها إلى النظر في المالءمة،
1
المادة 290من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
2
المادة 229من األمر 00ـ 19المعدل والمتمم.
3
المادة 152وما يليها من القانون 09ـ 15المؤرخ في 20أوت 2009المتضمن تعديل قانون اإلجراءات المدنية.
102
ومن هنا يجدر بنا القول بأن هذه الرقابة بإمكانها أن تكون فعالة أكثر إذا ما تخلصت من العيوب التي
تشوبها اليوم على رأسها غياب معايير هذا النوع من الرقابة التي يمكن تطبيقها ،فالتسيير األمثل لموارد
الهيئات اإلدارية يصطدم في الغالب بعدم مرونة التنظيم اإلداري وعلى سبيل المثال فإن قانون الوظيف
العمومي ال يسمح بالتصرف في تعداد المستخدمين والكتلة األجرية ،عكس المؤسسات االقتصادية التي
تحضي بحرية التحكم في المستخدمين وتكاليفهم وذلك عن طريق تقليص التعداد أو تخفيض األجور.1
يعمل مجلس المحاسبة من أجل تحقيق أهداف من بينها تشجيع االستعمال الفعال والصارم
للموارد والوسائل المادية واألموال العمومية .وكذا ترقية إجبارية تقديم الحسابات وتطوير شفافية تسيير
المالية العمومية ومن هنا غير أنه في مجال الرقابة اإلدارية نجد أن مجلس المحاسبة ال يتخذ ق اررات
ملزمة وانما يتخذ توصيات غير ملزمة .وهذا ال يسمح له بتحقيق هذه األهداف التي تشكل أهم أهداف
على مستوى أي نظام للرقابة على النفقات العمومية.
ومن جهة أخرى نجد أن هذه الهيئة رغم تمتعها باالستقاللية وباعتبارها هيئة عليا إال أنها غير
مستقرة تماما إذ غالبا ما يشن قضاة مجلس المحاسبة اإلضرابات التي تؤدي إلى تعطيل العديد من المهام
المسندة إلى هذه الهيئة.
كذلك فيما يتعلق بإعداد التقرير السنوي ،نجد أن مجلس المحاسبة لم يقم بإعداد هذا التقرير سوى
لمرة واحدة فقط هي في 2000ويعتبر هذا التقرير وثيقة هامة إذ يبين كل المعاينات والمالحظات
والتقييمات الناجمة عن أشغال وتحريات مجلس المحاسبة رفقة اآلراء والمقترحات التي يرى من الواجب أن
يقدمها وكذا آراء وردود المسؤولين.
يساعد مجلــس المحاسبة الحكومة و الغرفتين التشريعيتين (المجلس الشعبي الوطني ـ مجلــس
األمــة ) في تنفيذ قوانين المالية .يمكنه أن يستدعى من طرف رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو
رئيس المجموعة البرلمانية لدراسة الملفات ذات األهمية الوطنية .يمكنه أن يستشار في المشاريع التمهيدية
للقوانين المتضمنة ضبط الميزانية و في المشاريع التمهيدية للنصوص المتعلقة باألموال العمومية .يراقب
شروط استعمال وتسيير أموال الدولة و يقيم البرامج و السياسات العمومية.
تسند الرقابة السياسية على المالية العمومية إلى البرلمان ،هذا األخير ليس مكلفا فقط بالترخيص
لتحصيل اإليرادات وصرف النفقات بل مكلف أيضا بالرقابة على تنفيذها.2
1
مجلة الرقابة المالية الصادرة عن المجموعة العربية لألجهزة العليا للرقابة ،العدد ،50سنة ،2000صفحة .15
2
Guy Durand : Finances publiques, LGDJ, p78.
103
في مخطط الرقابات على تنفيذ قانون المالية فإن الرقابة السياسية التي تمارس من قبل البرلمان
هي ا لتي تأخذ المرتبة األولى باعتبارها هي التي ترخص بتنفيذ عمليات اإليرادات والنفقات وسيرها ثم
االنتقال إلى اإلقرار بتنفيذ الميزانية .وقد ظلت الرقابة البرلمانية مميزة بطابعها الشكلي لمدة طويلة وما
تزال كذلك اليوم.1
هدف الرقابة السياسية هو ضمان االستعمال األمثل لألموال العمومية وهذا طبقا للمواد ،00 ،09
2
255 ،00و 250من دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وكذا القانون العضوي 00ـ91
حيث تعتمد هذه الرقابة على الوسائل الموضوعة تحت تصرف البرلمان للرقابة وكذا اآلثار الناتجة عن
هذه الرقابة.
وعلى الرغم من وجود م ؤهالت دستورية واضحة ،نرى أن الرقابة البرلمانية ال تحتل تلك المكانة
المنتظرة منها بل نستطيع القول أنها محيت تماما وعوضت برقابة إدارية على مختلف أنواعها.
تعد الرقابة البرلمانية الحقيقية على تنفيذ الميزانية العامة ضرورة الزمة ألنها تحقق السيادة الشعبية
والتوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ،وترفع مستوى الحكم وتحافظ على المال العام من اإلسراف
والتبذير والسرقة ،فهي تمارس باسم الشعب مصدر كل السلطات ،فالشعب متحمل عبء تمويل الميزانية
العامة ومن حقه أن يراقب تنفيذ الموازنة العامة وفقاً لما أقره الدستور والقوانين واألنظمة سارية المفعول.
و يمتك البرلمان العديد من الوسائل الرقابية التي تسمح له بمتابعة تنفيذ الميزانية العامة للدولة،
لكن هذه الوسائل ال تستعمل في حقيقة األمر بجدية .فالوسائل التي باإلمكان استعمالها كثيرة ومتاحة لكن
في حقيقة األمر هناك غياب تام لإلرادة السياسية.
إن سلطة التحقيق والتفتيش التي يمتلكها البرلمان في المجال المالي يفترض أن تكون من أهم
الوسائل التي تمكنه من ممارسة مهمة الرقابة هذه ،ألنها تمكنه من تسليط الضوء على حقيقة تسيير
األموال العمومية ،وذلك من خالل اطّالع ممثلي الشعب بأنفسهم على ما هو واقع في نطاق الجهاز
المؤسس الدستوري التحقيق البرلماني واكتفى بتحديد
ّ الحكومي ورصد أي مخالفات أو تجاوزات .ولم يعرف
نطاقه ،وهو ما يستشف من خالل قراءتنا للمادة 292من دستور ،32009ويقصد بالتحقيق البرلماني
1
عرفت الرقابة البرلمانية في فرنسا هي األخرى بطابعها الشكلي لمدة طويلة ،لكنها في األعوام األخيرة تطورت مع وجود رغبة واضحة في استعادة
البرلمان لسلطاته المتعلقة بالرقابة على الميزانية.
2
القانون 00ـ 91المؤرخ في 0مارس 2000يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة وكذا العالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة،
جريدة رسمية عدد .15
3
أي وقت لجان تحقيق في قضايا ذات مصلحة عامة.
كل غرفة من البرلمان ،في إطار اختصاصاتها ،أن تنشئ في ّ
تنص المادة : 292يمكن ّ
104
رغبة السلطة التشريعية في اإلطالع على معلومات عن السلطة التنفيذية تتيح لها ممارسة صالحيتها مثل
تكليف لجنة من أعضائها بجمع المعلومات وتقديم تقرير تتخذه هذه السلطة على ضوئه القرار المناسب.
وحق السلطة التشريعية بتعين لجنة إلجراء تحقيق برلماني يأتي من الفكرة القائلة بأن كل سلطة
تشريعية مدعوة للفصل في قضية ما ،يجب عليها أن تتزود بالمعلومات الكافية عن هذه القضية سواء
نص الدستور على التحقيق البرلماني أم لم ينص.
والهدف من استخدام التحقيق البرلماني الـتأكد من سير األعمال في مصالح الدولة وتوضيح
بعض القضايا التي تهم الرأي العام ،وتثير التساؤل عما إذا كان ثمة تصرفات مشبوهة تستتبع مسؤولية
الو ازرة السياسية.1
و بالرجوع إلى الفقه فإننا نجد عدة تعريفات قدمت له وذلك من زوايا مختلفة ومن أهم هذه
التعريفات أنه" :وسيلة رقابية متعددة األطراف غير مقصورة كالسؤال على طرفيه وال فردية الطلب
كاالستجواب ،وانما تتجاوز ذلك إلى البرلمان ككل من ناحية والجهاز الحكومي الذي يتقصى الحقائق عن
شأن يتعلق به ،أو يتحرى عما وقع في نطاقه من مخالفات أو تجاوزات ،من ناحية أخرى تعكس بذلك
رغبة البرلمان في أن يتوصل بنفسه إلى تلك الحقائق بإجراء تحقيق يستقصي من خالله ما يريد من
2
المعلومات الالزمة كي يقرر ما يشاء في شأن يدخل في نطاق االختصاص الحكومي.
فلجان التحقيق كوسيلة من الرقابة البرلمانية الفعالة ليست بحاجة إلى نص يقررها على اعتبار
أنها تستمد وجودها من الوظيفة التشريعية والرقابية للبرلمان ،ألنها مرتبطة بنشاط النظام البرلماني كما هو
الشأن في بريطانيا و فرنسا ،كما أكدت المحكمة العليا هذه الحق للكونغرس األمريكي ضمن وظائفه
الدستورية ،في حين نجد أنظمة أخرى أكدت هذا الحق من خالل النص عليه صراحة في نصوصها
األساسية كما هو الشأن بالنسبة للجزائر.3
1
قائد محمد طربوش :السلطة التشريعية في الدول العربية ذات النظام الجمهوري ،المؤسسة الجامعية لدراسات والنشر والتوزيع ،طبعة أولى سنة
،2000ص.577
2
محمد باهي أبو يونس ،الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة في النظامين المصري والكويتي ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،1991 ،
ص.290
3
إن هذه المهمة يجب أن توكل إلى مقرري اللجان الدائمة لكل من غرفتي البرلمان الذين يقومون بمتابعة تنفيذ وتسيير االعتمادات المخصصة
لكل و ازرة حسب تخصصهم ،غير أننا ال نجد ذلك في النظم الداخلية للغرفتين وال في القانون العضوي ،91-00وذلك على خالف ما هو موجود
في فرنسا ،أين يمنح القانون الداخلي للجمعية الوطنية طبقا للمادة 209منه لكل من المقررين الخاصين للجنة المالية باألخص إمكانية تحرير
تقارير استعالمية على طول السنة ،ومجموعة من األسئلة حول التسيير المالي وتقييد االعتمادات التي ستيجل في قانون المالية ،أو ما هو موجود
في بريطانيا أين تكتسي هذه اللجان أهمية بالغة في رقابة الجهاز الحكومي عن قرب ،وتمثل لجنة المالية أهم لجان البرلمان التي تسهر على رقابة
النشاط الحكومي.
105
إن التحقيق البرلماني هو الوسيلة األنسب التي تم ّكن البرلمان من الوقوف على حسن سير
األجهزة اإلدارية ،من هذا المنطلق تتضح لنا األهداف المتوخاة من التحقيق البرلماني ،والتي تتلخص
أساسا في إتاحة الفرصة ألعضاء البرلمان للتعرف على مدى انتظام سير مرفق من المرافق العامة أو
إدارة أو مصلحة عامة ،والوقوف على أوجه التقصير أو االنحراف في المرافق وذلك بالوقوف على هذه
الحقيقة بنفسه إذا لم يقتنع بالمعلومات التي تقدمها الحكومة.
إن لجوء أعضاء البرلمان في النظام السياسي الجزائري إلى إنشاء لجان برلمانية للتحقيق حتى
يتمكنوا من الوصول إلى الحقائق بأنفسهم في مناسبتين ،األولى عقب رد الحكومة على موضوع باستجواب
موجه لها من طرف أعضاء إحدى غرفتي البرلمان ،والمناسبة الثانية في قضية ذات أهمية وطنية.
فالتحقيق هو وسيلة لتوسيع نطاق هذه العالقة واالستقصاء لدى كل األطراف المعنية باختالف
صفاتهم ،وذلك عقب تفحص اإلجابات الحكومية التي لم تكن مقنعة.1
وعليه تعتبر هذه الوسيلة حاف از ألعضاء الحكومة بالحرص وايالء العناية الالزمة حين اإلجابة
على األسئلة أو االستجواب لتفادي تفاقم المسالة.
إن إنشاء هذه اللجان ال يتعلق أو يقتصر على استجواب الحكومة بل يمكن تحريك هذا اإلجراء
في أي وقت وبمناسبة أي قضية تمس بالمصلحة العامة بمفهومها الواسع ،لكن السؤال المطروح هو
كيفية تحديد مفهوم المصلحة العامة وكذا الجهة التي من شأنها تكييف قضية ما على أنها تكتسي طابع
المصلحة العامة من عدمها.2
إن االحتمال الذي يمكن تصوره هو أن طابع المصلحة العامة يقع ضمن اختصاص مكتبي
غرفتي البرلمان ،باعتبارهما يشرفان تقليديا على القبول من حيث الشكل لإلجراءات الواجب القيام بها.
إن الصياغة التي جاء بها الدستور 2009والتي فتحت المجال إلنشاء لجان التحقيق يصطدم
بمانع بارز ورد في القانون العضوي المحدد للعالقة بين الحكومة وغرفتي البرلمان ،والذي نص في مادته
70على أنه ال يمكن إنشاء لجان تحقيق حول موضوع ال يزال محل نظر لدى الجهات القضائية
المختصة .إن المبادرة بإنشاء لجان التحقيق هو حق مكرس دستوريا لكل من نواب المجلس الشعبي
1
نص النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني على أنه يمكن أن ينتهي االستجواب في حالة عدم اقتناع المجلس برد الحكومة إلى تكوين لجنة
تحقيق ،وهو ما حدث بالفعل عقب عدم اقتناع النواب برد ممثل الحكومة على موضوع االستجواب المتضمن االعتداء على بعض نواب المجلس
الشعبي الوطني عند احتجاجهم على سير عملية االنتخابات المحلية التي جرت سنة ،2007وجاء في نص الالئحة المتضمنة طلب تشكيل لجنة
لردها الذي لم يكن مقنعا فإننا نطالب بتشكيل لجنة
تحقيق في عملية االعتداء على النواب مايلي..." :وبعد استجواب الحكومة واالستماع ّ
تحقيق ،"...الجريدة الرسمية لمداوالت المجلس الشعبي الوطني ،رقم ،10المؤرخة في .2007/22/10
2نصت المادة 90فقرة 91من القانون 90/09المؤرخ في 92مارس 2009المتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من قبل المجلس الشعبي الوطني
على أنه" :يقصد بالقضية ذات ا لمصلحة العامة كل قضية تعني من حيث أهميتها بصفة مباشرة أو غير مباشرة مصالح المجموعة الوطنية
والمواطن ،طبقا لمبادئ الميثاق الوطني".
106
الوطني وأعضاء مجلس األمة في نطاق اختصاصهما ،إذ نص دستور 2009في هذا اإلطار على
أنه":يمكن لكل غرفة من البرلمان في إطار اختصاصاتها أن تنشئ في أي وقت لجان تحقيق في قضايا
ذات مصلحة عامة ".1وهو األمر الذي أكدت عليه معظم النظم الداخلية للمجالس النيابية التي عرفها
النظام السياسي الجزائري مع مالحظة اختفاء هذا الحق في النظام الداخلي للمجلس الوطني االنتقالي
على الرغم من أن دستور 2000كان ساريا في تلك الفترة.2
إن اإلجراءات المعمول بها حاليا في مجال إنشاء لجان التحقيق البرلماني تتسم بالبساطة إذا ما
قارناها مع تلك اإلجراءات الواردة في القانون رقم 90-09المؤرخ في 92مارس 2009المتعلق
بممارسة وظيفة المراقبة من قبل المجلس الشعبي الوطني ،3ويمكن تلخيص هذه اإلجراءات فيما يلي:
إن هذا الشرط يهدف أساسا كما أشار إليه نواب المعارضة خالل جلسة مناقشة مشروع القانون
العضوي 91-00على منع المعارضة من ممارسة وظيفتها ،وحقها في الرقابة والتحري ،فال يمكن أن
يأخذ نواب األغلبية المبادرة بالتصويت على الئحة إنشاء لجنة للتحقيق حول عمل الحكومة التي
يساندونها ،فإنشاء لجنة تحقيق يصطدم بظاهرة األغلبية التي ستوقف كل مبادرة تصب في هذا االتجاه،
لتجاوز ذلك اقترح السيد عبد السالم علي راشدي نائب بالمجلس الشعبي الوطني إعطاء كل مجموعة
برلمانية على األقل كل سنة الحق في تقرير إنشاء لجنة تحقيق أو أن يتفق سبع ( )7/2أعضاء المجلس
إنشاء لجنة تحقيق دون اللجوء إلى التصويت ،هذه التقنية تقترب من تلك التي اقترحتها المجموعة
البرلمانية االشتراكية الفرنسية والتي بمقتضاها يطلب سنويا رئيس كل مجموعة برلمانية تسجيل اقتراح
الئحة في جدول األعمال يرمي إلى إنشاء لجنة تحقيق.4
1
المادة 292من دستور .2009
2
عادل حابسة :المرجع السابق ،ص .136
3
المواد من 21إلى 20من القانون 90-09المؤرخ في 92مارس 2009المتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من قبل المجلس الشعبي الوطني.
4
كسير سليم :البرلمان وقوانين المالية ،رسالة ماجستير في القانون العام ،فرع اإلدارة و المالية ،جامعة الجزائر ،كلية الحقوق ، 1992ص .70
107
-2التعيين والعضوية في لجان التحقيق البرلماني
أكد القانون العضوي المحدد للعالقة بين غرفتي البرلمان والحكومة على تعيين أعضاء لجان
التحقيق من طرف غرفتي البرلمان ،حسبما جاء في المادة 70والتي تنص على مايلي" :تعين كال
الغرفتين من بين أعضائها لجنة تحقيق حسب نفس الشروط التي تعين بها أعضاء اللجان الدائمة في
النظام الداخلي لكليهما ".لكن التساؤل يثار حول عدد أعضاء هذه اللجان ؟ جرت التقاليد البرلمانية في
النظم السياسية المقارنة على تحديد الحد األقصى لعدد أعضاء لجان التحقيق وعلى هذا األساس حدد
النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني لسنة 2077الحد األقصى ألعضاء لجنة التحقيق بعشرة نواب
على األكثر(المادة ،)250في حين حدد النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني لسنة 2000ب 20
نائبا ،أما القانون الداخلي للمجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة وكذا القانون العضوي المنظم للعالقة
بين غرفتي البرلمان والحكومة فلم يتطرق إلى هذا األمر وتم االكتفاء باإلشارة إلى أن التعيين يتم بنفس
الكيفية التي يعين بها أعضاء اللجان الدائمة في كال الغرفتين.1
وهو ما يجعلنا نستنتج بأن العدد يمكن أن يكون في حدود الحد األقصى للجان البرلمانية الدائمة
التي تدخل في مجال اختصاصها الموضوع المتعلق بالتحقيق ،فإذا كان التحقيق مثال يتعلق بموضوع
مالي فإن الحد األقصى الذي يمكن تصوره هو الحد األقصى لعدد أعضاء لجنة المالية والميزانية للمجلس
الشعبي الوطني والمقدرة ب 09نائبا.2
هذا وقد جرت الممارسة البرلمانية في الجزائر سواء في عهد الحزب الواحد أو في ظل التعددية
على قلة عدد أعضاء لجان التحقيق .إن هذا العدد حسب رأينا يجب أن يتناسب و حجم الوقائع المراد
التحقيق بشأنها وكذا اتساع دائرة التحقيق.
أما العضوية فيها فقد أكدت النصوص القانونية صراحة اقتصارها على أعضاء البرلمان لكي
يستمد التحقيق صفة من يقوم به ،دون أن يمنع ذلك استعانتهم بخبراء ومختصين لتسهيل عملهم واعطاء
البعد العملي لتدخلهم ،لكن الملفت لالنتباه في هذا اإلطار هو استبعاده المبادرين بالئحة إنشاء لجنة
التحقيق من العضوية فيها ،3هذا االستبعاد من شأنه أن يمنع النواب المبادرين بالئحة تشكيل لجنة
التحقيق من المساهمة في التحقيق على الرغم أنهم األدرى بخصوص التحقيق ومالبساته.
108
بمجرد تحديد أعضائها تشرع اللجنة في وضع اإلطار التنظيمي لسيرها وذلك بانتخاب مكتبها
المكون من رئيس ،نائب رئيس ومقرر واعداد نظامها الداخلي وجدول أعمالها.1
بإمكان لجان التحقيق أن تستمع إلى أي شخص وأن تعاين أي مكان وأن تطلع على أية معلومة
أو وثيقة ترى أن لها عالقة بموضوع التحقيق ،كما لها الحق أيضا في استدعاء كل شخص ترى بأن
هناك أهمية يقدمها للتحقيق عند االستماع إليه و تقديم شهادته .يرسل بذلك رئيس المجلس الشعبي
الوطني أو رئيس مجلس األمة حسب الحالة إلى الوزير األول طلب االستماع إلى أعضاء الحكومة ويتم
باالتفاق معه ضبط برنامج االستماع إلى هؤالء األعضاء ،كما يمكن أيضا توجيه االستدعاءات إلى
إطارات المؤس سات واإلدارات العمومية مرفقا ببرنامج المعاينات وذلك عن طريق السلطة السلمية التي
يتبعونها .هذا ويعد عدم االمتثال أمام لجنة التحقيق تقصي ار جسيما يدون في التقرير وتتحمل السلطة
السلمية المعنية كامل مسؤولياتها.2
على الرغم من تأكيد القانون على ضرورة االمتثال أمام لجنة التحقيق إال أن لجان التحقيق ليس
من صالحياتها تقرير العقوبات وال حتى تحريك الدعوى الجزائية ،ألن هذه الصالحية تعود إلى رئيس
المجلس ،األمر الذي قد يؤدي إلى إضعاف موقف اللجنة ،3هذا وقد أثبتت الممارسة البرلمانية بأن لجان
التحقيق التي أنشأها المجلس الشعبي الوطني قد واجهت بعض الرفض من طرف بعض الهيئات
واألشخاص في تقديم بعض الوثائق أو حتى المثول أمامها.4
إن القاعدة العامة في الممارسة البرلمانية الجزائرية تقتضي أن يكون التحقيق محاطا بالسرية وهو
ما أشارت إليه المادة 01من القانون العضوي 91-00ذلك أنه يتعين على أعضاء لجنة التحقيق أن
يتقيدوا بالسرية في تحرياتهم ومعامالتهم ومناقشاتهم.
1
عادل حابسة :المرجع السابق،ص .138
2
المادة 05من القانون . 91-00
3
على خالف القانون 91-00المحدد للعالقة بين غرفتي البرلمان والحكومة فإن القانون 90-09المتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من قبل
المجلس الشعبي الوطني حدد بدقة اإلجراءات المتبعة في حالة عدم االمتثال أو رفض اإلدالء بشهادته للجان التحقيق حيث جاء في المادة 17منه
أو الذي يرفض اإلدالء بشهادته يعاقب ،باستثناء األحكام المتعلقة بالكتمان التام فقرة 5و ":0أن الشخص الذي ال يمثل بدون مبرر مشروع
ألسرار الدفاع الوطني وحدها وفقا للمادة 07من قانون اإلجراءات الجزائية ،وفي حالة اإلدالء بشهادة الزور أو إغراء أو ترهيب الشهود تطبق
أحكام المادتين 150و 159من قانون العقوبات" .كما أشارت المادة 10من نفس القانون على أنه":كل شخص يقوم بترهيب نائب ،عضو لجنة
التحقيق أو مراقبة أو يمارس الضغط عليه لجعله يتراجع من إجراء التحقيق أو ما يحمله على تغيير مضمون معانيه".
أما المادة 10من القانون 90-00دائما فقد حددت اإلجراءات العملية لتفعيل هذه العقوبات إذ جاء فيها ":تباشر الدعوى القضائية في الحاالت
المنصوص عليها في المادة 17و 10أعاله من قبل رئيس المجلس الشعبي الوطني بناءا على طلب مكتوب من رئيس لجنة التحقيق أو المراقبة".
-4عمار عباسي :الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة في النظام الدستوري الجزائري ،دار الخلدونية ،الجزائر ، 1999 ،ص .210
109
إن هذه القاعدة ال تجد تطبيقا لها في عدة دول السيما في الواليات المتحدة األمريكية أين يحضى
عمل لجان التحقيق باإلشهار الواسع وخير مثال على ذلك قضية ( )Watergateالتي عملت تحت أعين
وأنظار إعالميين من المستمعين والمشاهدين ،كذلك الحال بالنسبة لفرنسا إذ أن الجلسات المخصصة
لالستماع تكتسي طابع الواقعية والشفافية إذ أن المادة 92/201من النظام الداخلي للجمعية الوطنية
الفرنسية ترخص بالبث التلفزيوني ألشغال لجان التحقيق و ذلك لضمان إشهار واسع ألشغالها وكذا
السماح للمواطن بأن يكون شاهد عيان على مدى الرقابة البرلمانية ،فاستناد اللجنة على الرأي العام من
شأنه تشكيل وسيلة ضغط على السلطة التنفيذية.1
تتم الرقابة بعد تنفيذ قانون المالية عن طريق قانون ضبط الميزانية2وهو وسيلة سياسية ذات أهمية
بالغة حيث يقوم البرلمان بالحكم في سياسة الحكومة .وقد أقر الدستور الجزائري في المادة 299من
" 2009تقدم الحكومة لكل غرفة من البرلمان عرضا عن استعمال االعتمادات المالية التي دستور
أقرها لكل سنة مالية وتختتم السنة المالية فيما يخص البرلمان بالتصويت على قانون يتضمن تسوية
ميزانية السنة المالية المعنية من قبل كل غرفة من البرلمان".
ومع تطور صالحيات البرلمان ،فإن التصويت على الميزانية عرف نوعا من الالمباالة حيث
أصبح تقليدا وشكلية سنوية تم إفراغها من محتواها األصلي.
وقد نصت المادة الخامسة من القانون 27-00على أنه يشكل قانون ضبط الميزانية الوثيقة التي
يثبت بمقتضاها تنفيذ قانون المالية وعند االقتضاء قوانين المالية التكميلية أو المعدلة الخاصة بكل سنة
3
مالية.
110
يشكل قانون ضبط الميزانية النوع الثالث لقوانين المالية ،1يحمل هذا القانون العديد من األوجه
الخاصة إذ من جهة يسمح بإعطاء أو وقف مبلغ اإليرادات والنفقات المحددة في الميزانية ،ومن جهة
أخرى فإن القانون يصحح التعديالت المتعلقة باالعتمادات والتي تنفذ خالل السنة بدون رخصة مسبقة أي
حالة تجاوز االعتمادات ،أو إلغاء االعتمادات الذي لم يتم األخذ به ،وأخي ار فإن قانون ضبط الميزانية
يحدد نتائج كل العمليات المتعلقة بتنفيذ قانون المالية وكذا عمليات الخزينة حيث يرخص بنقلها إلى
الحساب العام لكشوفات الخزينة.2
إن أهمية قانون ضبط الميزانية تكمن في التعرف على النتائج المالية المتعلقة بكل سنة مدنية
وتبين الفرق بين النتائج والتقديرات الذي كانت في قانون المالية السنوي أو التكميلي في بعض األحيان،
أو بمعنى آخر الهدف من قانون ضبط الميزانية هو معاينة المبلغ النهائي والفعلي لإليرادات المحصل
عليها وأوامر اإلنفاق المسجلة في نفس السنة ،السماح بنقل نتائج السنة إلى الحساب الدائم لكشوفات
الخزينة ،تعيين العجز أو الفائض الناتج عن الفرق بين اإليرادات والنفقات للميزانية العامة ،األرباح أو
الخسائر المعاينة في تنفيذ الحسابات الخاصة للخزينة ،األرباح والخسائر المعاينة في تسيير عمليات
الخزينة.3
غير أنه ولألسف قانون ضبط الميزانية الذي يمكن البرلمان من رقابة أفعال الحكومة من خالل
المصادقة عليه لم يتم إعداده في الجزائر سوى مرتين كانت في 2000و ،2007وهذا ما يسمح لنا
بالقول بانعدام رقابة الحقة برلمانية على المالية العمومية.
و مع التغيير الذي ط أر على تنظيم اإلدارة المركزية بو ازرة المالية 4فإنه تم استحداث مدرية فرعية
مكلفة بإعداد مشروع قانون ضبط الميزانية على مستوى مديرية التنظيم والتنفيذ المحاسبي للميزانيات
بالمديرية العامة للمحاسبة ،قامت هذه المديرية الفرعية بإعداد مشروع قانون ضبط الميزانية لسنة 1990
يبرز النص الفرنسي األهمية من وضع قانون ضبط الميزانية إذ يوضح إمكانية إجراء المقارنة واثبات وجد الفرق بين النتائج والتقديرات ،عكس
النص الجزائري الذي ال يوض ح هذه األهمية رغم أنه مستوحى من النص الفرنسي .أما النص الثاني فيصرح بالقول أن قانون ضبط الميزانية يحدد
المبلغ الحقيقي لإليرادات والنفقات للميزانية التي يتعلق بها.
1
المادة الثانية من القانون 00ـ.27
2
M.BOUVIER, M. ESCLASSAN, J. LASSALE: Op.cit., p 428.
3
يتم إعداد قانون ضبط الميزانية في فرنسا من قبل الحكومة يمساعدة مجلس المحاسبة ألن المادة 59أمر 2000تنص على أن قانون ضبط
الميزانية يتضمن كل الملحقات من بينها تقرير مجلس المحاسبة والتصريح العام بالمطابقة ،كما أن النص ذاته يؤكد أن هذا القانون يتم إيداعه
وتوزيعه قبل نهاية السنة التي تلي سنة تنفيذ الميزانية ،وقد تم احترام هذا األجل منذ 2099لكن في الواقع ال يتم مناقشة هذا القانون مباشرة بعد
إيداعه وانما يتم ذلك في دورة الربيع أي بعد مناقشة قانون المالية السنوي للسنة المقبلة وهذا غير محبذ من قبل الكثير ألنه من أجل استخراج
النقائص و العبر المفيدة وتطبيقها في السنة المالية الحلية والمقبلة البد من تقديم أجل إيداع هذا القانون لدى البرلمان .يبقى القول أن التصويت
على قانون ضبط الميزانية هو تصويت شكلي و البرلمانيين ال يستعملونه كأداة حقيقية للرقابة .يبقى القول أن التصويت على قانون ضبط الميزانية
هو تصويت شكلي و البرلمانيين ال يستعملونه كأداة حقيقية للرقابة.
4
المرسوم التنفيذي رقم 590-97المؤرخ في 10نوفمبر 1997يتضمن تنظيم اإلدارة المركزية في و ازرة المالية ،جريدة رسمية عدد.70
111
الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني ،يوم الخميس 19جانفي 1922في جلسة عامة ترأسها عبد
العزيز زياري رئيس المجلس بحضور أعضاء من الحكومة.
ويبقى القول أن هذه الخطة إيجابية رغم علمنا بمستوى البرلمانيين الذين أبدا ليس في إمكانهم
التحكم في هذه المادة باعتبارها تحتاج إلى مختصين في هذا المجال الذي تتقنه السلطة التنفيذية.
يعتبر االستجواب البرلماني للحكومة أكثر شدة وقوة من األسئلة الكتابية والشفوية ،ألنه يتضمن
سؤال مصحوب باتهام ونقد وحساب للحكومة عن تصرفاتها في قضية من قضايا الساعة الوطنية وفي
نطاق تطبيق برنامجها المصادق عليه من طرف البرلمان الذي يعد ميثاقا وعقدا سياسيا بين البرلمان
والحكومة.
واألساس الدستوري لالستجواب كرسته المادة " 255يمكن أعضاء البرلمان استجواب الحكومة في
إحدى قضايا الساعة .وقد تطرقت أحكام المادتان 97 ،90من القانون العضوي 91-00المذكور سابقا
على ضبط اإلجراءات القانونية والتفصيلية لممارسة الوسيلة كما يحدد النظامين الداخليين لغرفتي البرلمان
أكثر تفصيل في تحديد الشكليات واإلجراءات الداخلية لتطبيق أحكام هذه المواد.
يمكن ألعضاء البرلمان بغرفتيه توجيه األسئلة الشفوية أو الكتابية إلى الحكومة ويمكن الجواب
عن السؤال الكتابي كتابيا خالل أجل أقصاه 59يوم وتتم اإلجابة عن األسئلة الشفوية وفقا للضوابط
واإلجراءات المقررة في أحكام المواد 09 ،70من القانون العضوي رقم .91/00
وتعتبر هذه الوسيلة أكثر الوسائل الرقابية البرلمانية ممارسة وتطبيقا في النظم البرلمانية المقارنة
وفي البرلمان الجزائري وذلك لألسباب والمبررات الموضوعية .
ويمكن توجيه األسئلة الشفوية كل 20يوم خالل دورتي البرلمان العاديتين أما األسئلة الكتابية
فيمكن توجيهها في أي وقت إلى أحد أعضاء الحكومة وهذا وفقا لإلجراءات التي نصت عليها المادة 79
من القانون .91-09
تظهر أهمية الرقابة بوضوح من خالل تنفيذ النصوص الدستورية والقانونية المختلفة والتي تحدد
العالقة بين الرقابة البرلمانية وهيئاتها من جهة وسلطات الدولة الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية من
جهة أخرى ،وتهدف الرقابة البرلمانية إلى تحقيق المشروعية في عملية تنفيذ الميزانية والتوافق مع نصوص
الدستور ،القوانين واألنظمة المعمول بها ،إال أن المالحظ هو أن دور البرلمان في مراقبة تنفيذ ميزانية
الدولة يبقى محدودا وهو ما سنتعرض له من خالل النقاط التالية:
112
الفقرة األولى :غياب تام للجان التحقيق البرلماني
إن األصل في الرقابة البرلمانية هو اتساع نطاقها ليشمل كافة عمل السلطة التنفيذية سواء كانت
سياسية أو إدارية ،انطالقا م ن هذا األساس فقد أكدت النصوص القانونية المنظمة للجان التحقيق على أن
البرلمان ينشئ في إطار اختصاصاته وفي أي وقت لجان التحقيق في القضايا ذات المصلحة العامة ،لكن
المالحظة التي تثار بهذا الشأن هو إرادة المؤسس الدستوري في نص المادة 202من دستور 2009
والمشرع في المادة 79من القانون العضوي 91-00حصر نطاق اللجان البرلمانية في اختصاصات
البرلمان .ومن هنا تبرز بعض الحدود الموضوعة على عملية التحقيق البرلماني.
ينصب التحقيق البرلمان على األجهزة اإلدارية والمصالح والهيئات العمومية إلى جانب
األشخاص المعنوية التي تسير المرافق العمومية ،دون أن يشترط الركن الشرعي في موضوعه أي ال
يشترط في التحقيق أن يكون هناك مخالفة للقواعد القانونية السارية في الدولة كما هو الشأن في التحقيقات
القضائية ،ألن الهدف من التحقيق ليس بالضرورة تجريم السلطة التنفيذية بل يمكن أن يكون وراء ذلك مد
البرلمان بالمعلومات الضرورية حول موضوع التحقيق إذ لم تتمكن الحكومة من توفير هذه المعلومات أو
نظ ار لعدم اقتناع البرلمان بما تم تقديمه ،وعلى هذا األساس فانه يمكن للجنة التحقيق أن تستمع ألي
شخص أو تعاين أي مكان وأن تطلع على أية معلومة أو وثيقة ترى أن لها عالقة بموضوع التحقيق.1
إن هذا الحق يصطدم بالقيود التي أوردتها المادة 00من القانون 91-00المحدد للعالقة بين
غرفتي البرلمان والحكومة .2إذ تم استبعاد الوثائق التي تكتسي طابع سريا واستراتيجيا وبالتالي فان عملية
التحقي ق ال تنصب على بعض المواضيع التي لها عالقة بالدفاع الوطني والمصالح الحيوية لالقتصاد
الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي.
إن هذه النقطة كانت محل انتقاد واستفسار من قبل النواب بمناسبة مناقشة قانون 91-00
واعتبروا بأن هناك نية للحكومة في وضع العراقيل المختلفة للمجلس واعاقته عن أداء مهمته الرقابية.فإذا
كان استبعاد مجال الدفاع الوطني فهذا مقبول أما المصالح الحيوية لالقتصاد الوطني و أمن الدولة
الداخلي والخارجي فيشكل إخراجها من مجال تدخل لجان التحقيق تقليصا لسلطات البرلمان في رقابة
3
الحكومة.
1
عادل حابسة :المرجع السابق ،ص .139
91-00المحدد للعالقة بين غرفتي البرلمان والحكومة على":يخول للجنة التحقيق االطالع على أية -2تنص المادة 00من القانون العضوي
وثيقة وأخذ نسخ منها ما عدا تلك التي تكتسي طابعا سريا أو استراتيجيا يهم الدفاع الوطني والمصالح الحيوية لالقتصاد الوطني وأمن الدولة الداخلي
والخارجي .يجب أن تكون االستثناءات الواردة في الفقرة األولى مبررة و معللة من طرف الجهات المعنية".
3
عادل حابسة :المرجع السابق ،ص .140
113
هذه واعتبر مقران آيت العربي في تدخله أثناء مناقشة القانون العضوي 91-00على أن أعضاء
لجنة التحقيق عقالء مثل أعضاء الحكومة تماما يمكنهم تقدير المسائل اإلستراتيجية والوثائق التي يمكن
االطالع عليها وأخذ نسخ منها دون المساس بمصالح البالد ويمكن أن توكل لهم سلطة تقدير مدى
خطورة الوثيقة ومنع تسريبها ونشرها حفاظا على مصالح البالد.1
ويبرز من تركيبة النظام السياسي نفسه سواءا في ظل التعددية أو في عهد األحادية الحزبية
فخالل مرحلة الحزب الواحد كان يتولد لدى النواب شعور بالخوف من امكانية مضايقة الحكومة في حالة
اللجوء الى تشكيل لجنة تحقيق ،هذه الحكومة التي يفترض فيهم مساندتها ،على اعتبار أن التحقيق
البرلماني وعلى العكس من االسئلة ،يعتبر اشارة بعدم مساندة الحكومة ،ومن هنا يمكن تفسير عزوف
النواب عن تشكيل لجان التحقيق ولعل اكبر دليل هو مالحظة كيف أن المبادرة بتشكيل لجان للتحقيق
خالل مرحلة التعددية كانت من طرف نواب المعارضة.
وعلى هذا األساس لم تشهد الممارسة البرلمانية في الجزائر تشكيل أي لجنة للتحقيق في عهد
المجلس الوطني التأسيسي وكذا في فترة المجلس الوطني في ظل دستور .2095في حين تم تشكيل أربع
لجان للتحقيق خالل الفترات التشريعية الثالث للمجلس الشعبي الوطني و الممتدة من 2077الى ،2002
حيث يظهر وأن العائق البسيكولوجي قد تدنى وتطور معه تصرف النواب تطو ار محسوسا .ففي الوقت
الذي لم تنشأ فيه أية لجنة تحقيق أو مراقبة في فترة حكم الرئيس "هواري بومدين" إال أنه بعد وصول
الرئيس " الشاذلي بن جديد" إلى الحكم تحرر النواب أكثر ،وبادروا بتشكيل أربع لجان للتحقيق في قضايا
وطنية هامة.
إال أنه تبين بأن لجوء النواب لتشكيل لجان للتحقيق خاصة قبل ،2000كان الهدف منه محاولة
تبرئة ذمة الحكومة وتلميع صورة النظام السياسي القائم أكثر منه تنوي ار ال أري العام ومد البرلمان
بالمعلومات الكافية لمراقبة الحكومة .إذ كانت تنشأ لجان للتحقيق بهدف تدعيم السياسة العامة للحكومة،
عوض البحث عن إثبات مسؤوليتها السياسية وفي هذا اإلطار فقد تم تشكيل لجنتي التحقيق في قضيتي
"الباسو وتسيير الشركة الوطنية لألشغال البحرية" في إطار سياسة الحكومة الرامية لمحاربة الرشوة وسوء
التسيير في القطاع االشتراكي.
ولم تكتف السلطة التنفيذية بهذا بل أنها أقحمت نفسها مع مكتب المجلس الشعبي الوطني حتى
في تعيين أعضاء لجان التحقيق ولو بصفة غير مباشرة ،ويتعلق األمر هنا بالنواب المحققين األعضاء
في لجنتي قضيتي "الباسو وتسيير الشركة الوطنية لالشغال البحرية " ،األمر الذي قلل من فعالية نتائج
-1عقيلة خرباشي ،العالقة الوظيفية بين الحكومة والبرلمان ،دار الخلدونية ،الجزائر ،2007،ص.200
114
التحقيق ،وهو ما حاول بعض النواب التذكير به خالل مناقشة النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني
لسنة .2007
ومن ثم فالسلطة التنفيذية كانت تدفع إلى إنشاء لجان التحقيق وتساهم في اختيار تركيبتها
العددية ،هذا التدخل المزدوج حال دون شك في فعالية لجان التحقيق وتحقيقها لهدفها الرقابي ،فتحولت
إلى مساند ومبرر لسياسة الحكومة ،عكس ما هو عليه الحال في النظم البرلمانية العريقة والنظام السياسي
للواليات المتحدة األمريكية أين تلعب لجان التحقيق دو ار بار از في إعالم النواب وكذا الرأي العام .وفي هذا
اإلطار فقد أكد تقرير لجنة التحقيق في قضية الباسو على مساندة المجلس الشعبي الوطني بكل وضوح
لسياسة الحكومة ،وتدعيمه دون تحفظ لجهود القيادة السياسية الرامية إلى تثمين سعر المحروقات وخاصة
منها الغاز الطبيعي.
من خالل قراءة المواد المتعلقة بنشر تقارير لجان التحقيق البرلمانية والتي تضمنتها النظم الداخلية
للمجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة وكذا القانون العضوي المحدد للعالقة بين الحكومة وغرفتي
البرلمان يتضح لنا بأن هذه النصوص وضعت بطريقة من شأنها أن تحول دون نشر تقارير لجان
التحقيق .خاصة إذا تعلق األمر بتلك التقارير التي يمكن أن تدين الحكومة القائمة ،كما هو الشأن
بالخصوص لتقرير لجنة التحقيق في التجاوزات التي عرفتها االنتخابات المحلية لسنة 2007و التي كان
يمكن لنشر تقريرها آن يورط الحكومة القائمة ويطعن في تشكيلة مجلس األمة الذي كان يتكون ثلثي
أعضائه من منتخبين في المجالس الشعبية البلدية و الوالئية المعنية بالتزوير.
في هذا اإلطار جاء في القانون العضوي المحدد للعالقة بين الحكومة وغرفتي البرلمان على أنه
يمكن أن يقرر المجلس الشعبي الوطني أو مجلس األمة نشر التقرير كليا أو جزئيا بناء على اقتراح من
مكتبه ورؤساء المجموعات البرلمانية بعد رأي الحكومة ،ويتم البت في ذلك بأغلبية األعضاء الحاضرين
إثر عرض موجز يقدمه مقرر لجنة التحقيق ويبين فيه الحجج المؤيدة أو المعارضة لنشر التقرير كليا أو
جزئيا ويمكن للغرفتين عند االقتضاء فتح مناقشة في جلسة مغلقة بخصوص نشر التقرير.
ويظهر من هذا النص أن غرفتي البرلمان ال تملكان السيادة في نشر التقرير الذي أعدته لجانهما
للتحقيق ،على اعتبار أن الحكومة يجب أن تستشار قبل النشر .نقول هذا على الرغم من أنه يظهر من
خالل صياغة النص أن رأي الحكومة غير ملزم وانما تستشار على اعتبار أنها طرفا في التحقيق.
نقول هذا ألن الصياغة األصلية لهذا النص من القانون العضوي ،كانت تقضي بأنه ال يمكن
نشر تقارير لجان التحقيق إال بعد األخذ برأي الحكومة ،األمر الذي أدى بأحد النواب إلى التساؤل " أين
115
هي مصداقية المجلس أو مصداقية الشعب إن كنا تحت وصاية الحكومة بحيث يفرض علينا انتظار
اإلشارة منها لنتحرك".
مما سبق يتبين لنا أن الحكومة وعلى الرغم من أن رأيها حول نشر التقرير من عدمه يعتبر رأيا
استشاريا ال يلزم الغرفة المعنية بالتحقيق من الناحية القانونية إال أنه من الناحية الواقعية يعتبر رأيا ملزما
خاصة عندما تكون أغلبية المجلس مساندة للحكومة وبالتالي فالحكومة ستوافق على نشر التقرير متى
كان يخدم مواقفها ويبرر سياسته ،وتعترض عليه متى كان من شان نتائجه أن تضايقها وتؤثر على
مكانتها في مواجهة الرأي العام .كما يبدو غريبا أن البرلمان يبذل جهودا مضنية من أجل إنشاء لجنة
تحقيق وبعد ذلك يتردد في نشر تقريرها ونتائج تحرياتها على الرغم من أن النموذج الفرنسي الذي تأثر به
واضعو النظم الداخلية للبرلمان الجزائري انتقد انتقادا الذعا من طرف الفقهاء ومن ثم يثور التساؤل عن
سبب التحفظ من النشر إذا كانت لجنة التحقيق أو حتى المجلس في مجموعه ليس بإمكانه أن يصدر
ق اررات بل مجرد توصيات .من ثم فمصير تقرير اللجنة يتوقف على المتابعة التي تنوي الحكومة إعطاءها
له .فبعد إعالمها بنتائج لجان التحقيق تبقى الحكومة حرة في العمل بتنفيذها أو رفضها ،وقد أثبتت
الممارسة البرلمانية في الجزائر كيف أن الحكومة لم تأخذ بتوصيات لجان التحقيق فقد أوصت لجنة
التحقيق في قضية الباسو بإنشاء جهاز مختص في اقتراح التصحيحات الواجب األخذ بها بناءا على
تطور سوق الطاقة للحفاظ على مصالح الدولة الجزائرية ،وعلى الرغم من أهمية هذه التوصية إال أنها لم
تؤخذ بعين االعتبار في حينها.
وعلى الرغم من كل الدالئل تبين قلة فعالية لجان التحقيق في النظام الجزائري إال أن هذا لم يمنع
من وجود بعض التأثيرات الجانبية لنتائج تقارير بعض لجان التحقيق من خالل ما يمكن تسريبه للصحافة
التي بدورها تن قل التقارير إلى المواطن مما يستوجب تدخل الهيئات المختصة لحل المشكل الذي حققت
فيه لجنة التحقيق من أجل تهدئة الرأي العام.
قبل تنفيذ الحكومة لقانون المالية يوجب القانون منحها ترخيصا من البرلمان الذي يصدر حال
موافقته على قانون المالية ما يصطلح عليه "الترخيص المالي " وال يجب أن يتوقف دور البرلمان على
منح الترخيص للحكومة بل يجب ممارسة دوره في رقابة عملية التنفيذ للتأكد من مدى مطابقة التنفيذ
للشكل الذي ارتضاه ممثلي الشعب خاصة وان الجزء الكبير من إيرادات الدولة يدفعها الشعب من مداخيله
وهذه الرقابة تعبر في األخير عن رغبة البرلمان في التأكد من احترام الحكومة للرخصة التي منحها لها.
116
يعتبر قانون المالية وميزانية الدولة السنوية مرآة عاكسة وترجمة مالية للنشاط العام واألعمال
الحكومية واإلدارية في الدولة خالل السنة المالية وتجسيد وبلورة ذلك في قيم وأرقام اقتصادية ومالية في
مجال تحديد اإليرادات العامة والنفقات العامة التي تتكون منها ميزانية الدولة.
اعتبر القانون 190-09أن الرقابة البرلمانية تحتل مكانة هامة بالنظر إلى ما تتوفر عليه من
آليات للرقابة السابقة والمعاصرة والالحقة ،فالرقابة السابقة تكون أثناء التصويت على قانون المالية،
والمعاصرة عن طريق االستجواب واألسئلة الموجهة للحكومة ،وعن طريق لجان التحقيق ،أما الالحقة
2
فهي عن طريق قانون ضبط الميزانية.
يصادق البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة وسبعون يوما من تاريخ إيداعه طبقا
للمادة 219من الدستور ،و في حالة عدم المصادقة عليه في اآلجال المحددة سابقا يصدر رئيس
الجمهورية مشروع الحكومة بأمر وفصلت الضوابط واإلجراءات المحددة في المادة 00من القانون
العضوي 91/00وزادت وضوحا هذه الضوابط واإلجراءات التفصيلية والتقنية الداخلية داخل كل غرفة من
غرفتي البرلمان القانونين الداخليين للمجلس الشعبي الوطني و مجلس األمة.
نذكر أن التعديالت التي تط أر عل مشروع قانون المالية هي واحدة من بين أهم الصالحيات التي
تتمتع بها السلطة التشريعية ممثلة بنوابها ،حيث أن التعديل في حد ذاته إجراء يضاف على مشروع قانون
الملية ،غير أنه اشترط لتحقيق ذلك التعديل أن ال ينصب مضمونه على الزيادة في النفقات العامة أو
تخفيض اإليرادات العامة إال إذا كان ذلك مستندا على تدابير من شأنها الزيادة في إيرادات الدولة أو
توفير مبالغ مالية لتغطية زيادة النفقات المقترحة ،3فإذا جاءت التعديالت مخالفة لهذه اإلجراءات كان
4
لرئيس المجلس الحق في رفض إيداعها.
إن الممارسة التشريعية اليوم عاجزة عن رقابة الترخيص المالي الذي تمنحه سنويا للسلطة التنفيذية
فعلى الرغم من وجود اآلليات التي تراقب غير أن الممارسة غائبة عن الواقع ،وعلى سبيل المثال نضيف
1
القانون 90-09المؤرخ في 92مارس 2009يتعلق بممارسة وظيفة الرقابة من قبل المجلس الشعبي الوطني ،الجريدة الرسمية عدد .29
2
بن داود ابراهيم :الرقابة المالية على النفقات العامة بين الشريعة اإلسالمية والتشريع الجزائري ،بحث ماجستير كلية الحقوق ،بن عكنون،1995 ،
ص . 227
3
المادة 212من الدستور.
4
بن داود براهيم :المرجع السابق ،ص .220
117
اللجان المتخصصة ،من بين هذه اللجان نجد لجنة المالية والميزانية 1وهي المختصة بكل ما يتعلق
2
بالمالية.
طبقا للمادة 20من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني فإن لجنة المالية والميزانية هي من
بين اللجان الدائمة بالمجلس ،فهي الطرف المقابل للحكومة في عملية التفاوض مع وزير المالية عند
تحضير الميزانية . 3وتعتبر هذه اللجنة من أكبر الجان عضوية حيث تتشكل من 59إلى 09عضوا،
انية ،وبالقانون
ولها مكانتها البارزة على مستوى الجهاز التشريعي إذ هي مكلفة بالمسائل المتعلّقة بالميز ّ
الجمركي ،وبالعملة ،وبالقروض ،وبالبنوك،
ّ الجبائي و
ّ وبالنظامين
ّ العضوي المتعلق بقوانين المالية،
مختصين وذوي خبرة لالستعانة بهم في أداء
ّ وبالتّأمينات ،وبالتّأمين 4.يمكن لهذه اللجنة أن تدعو أشخاصا
5
مهامها .
ّ
ومن جهة أخرى فإن لجنة المالية على مستوى المجلس تمتلك وسائل إعالمية بحكم عالقاتها
المميزة مع مجلس المحاسبة.6
الهدف من رقابة البرلمان لتنفيذ الحكومة للميزانية يعود أساسه كما ذكرنا إلى التأكد من احترام
الرخصة الممنوحة للحكومة من طرف البرلمان في جباية اإليرادات وصرف النفقات وهو ما يقتضي أن
تقدم الحكومة للهيئة التشريعية عقب كل إقفال للسنة المالية حساب ختامي تبين فيه ما تم تحصيله فعال
من إيرادات وما تم صرفه من نفقات ومقارنته مع ما ورد في الميزانية العامة التي تم عرضها سابقا على
ممثلي الشعب.
فالمؤسس الدستوري وفي المادة 299من الدستور يوجب على الحكومة أن تقدم عرضا لكال
غرفتي البرلمان عن استخدام االعتمادات المالية لكل سنة مالية ولكن التجربة تثبت أن هذه الرقابة مهملة
1
المادة 20من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني الصادر في 59جويلية 1999عدد .09أما على مستوى مجلس األمة فهناك لجنة
الشؤون االقتصادية والمالية المنصوص عليها في المادة 29من النظام الداخلي لمجلس األمة المؤرخ في .1999/22/10
2
بالنسبة لمقرري لجنة المالية في فرنسا فإنهم بإمكانهم استنادا إلى أمر 1جانفي 2000مراقبة على الوثائق وفي عين المكان استعمال
االعتمادات واستجواب الوزراء حول تسييرهم حتى يتمكنوا من إعداد تقاريرهم .ويكون التقرير ثريا بالمعلومات المتعلقة بتنفيذ الميزانية من قبل الوزير
المعني ،ومن أجل إتمام هذا التقرير يمكن للبرلمانيين أن يحدثوا لجان التحقيق أو الرقابة المالية في أي موضوع يتعلق بالمالية.كما بإمكان المراقبين
التابعين لغرفتي البرلمان أن يحصلوا على كل المعلومات الضرورية من مجلس المحاسبة عن طريق وساطة رئيس المجلس أو طلب التقارير
المتعلقة بتنفيذ قوانين المالية ،لكن حتى في فرنسا هذه الوسائل ال تستعمل إلى قليال ومن طرف أقلية فقط من البرلمانيين .وقد نص القانون العضوي
المتعلق بقوانين المالية المؤرخ في 2أوت 1992في المادة 07أن هذه اللجان تراقب تنفيذ قوانين المالية كما تقوم بإجراء أي تقييم كل مسألة تتعلق
بالمالية العمومية ،كما بإمكانها التدخل في عين المكان أو على أساس الوثائق في كل مسألة ترى أنها مهمة.
3
بن داود براهيم :المرجع السابق ،ص .220
4
المادة 15من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني.
5
المادة 05النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني.
6
في هذا المجال أي ضمن ما يتعلق بعالقة البرلمان بمجلس المحاسبة فإن الدستور الفرنسي أسند إلى مجلس المحاسبة مهمة مساعدة البرلمان
والحكومة في الرقابة على تنفيذ قوانين المالية في المادة 07الفقرة األخيرة.
118
أشد اإلهمال من طرف الجهازين وأن الحكومة لم تقدم هذا العرض للبرلمان مع أن النص الدستوري
السابق يفيد الوجوب ال االختيار .كما أن عرض الحكومة لما قامت به بشان الميزانية السابقة عند إقفال
السنة المالية له دور مهم من خالل االعتماد عليه في دراسة قانون المالية الموالي ويساعد ممثلي الشعب
لمعرفة مدى صحة تقديرات الحكومة بالنسبة للسنة المالية المنقضية.
مما سبق نجد أن عضو البرلمان ال يجد األساس الواقعي الذي يستند إليه في اقتراح رفع أو
تخفيض نفقة أو إيراد معين أو ما شابه ذلك ،وهذا حتما يؤدي إلى أن تكون المناقشة شكلية و سطحية ال
سند ل ها وال مرجع وبهذا يستحيل عليه أن يقيم مدى تنفيذ قانون المالية للسنة السابقة وتنفيذ االعتمادات
1
الواردة فيه.
1
بن داود براهيم :المرجع السابق ص.210
119
الفصل الثاني :حتمية تدعيم رقابة المطابقة برقابة التقييم
إن نظام الرقابة الحالي المعتمد على تعدد أجهزة الرقابة وتنوعها ،من الناحية النظرية ،يعد كرغبة
من المشرع إلعطاء األهمية إلى الطابع الوقائي ،وتدعيمها قصد عقلنة النفقات وحسن استغالل األموال
العمومية في تنمية االقتصاد والنهوض به.
أما من الناحية العملية ،فيعاني من بعض النقائص والراجعة أساسا لعدم تدعيم هذا النظام
بمجموعة من التدابير والوسائل المساعدة على تدارك هذا النقص.
وبما أن الرقابة اليوم في العديد من الدول لم تعد تقتصر على المطابقة بل أصبحت هيئات الرقابة
مطالبة بتجاوز الرقابة الكالسيكية والخوض في غمار التقييم على كل المستويات .ويكمن البعد الرقابي
في النظر في الشرعية والنظامية ورقابة الكفاءة والفعالية واالقتصاد في التصرف المالي ويبقى كل جهاز
للرقابة أن يقوم بتحديد أولويته باالعتماد على كل حالة بمفردها ،ويعتمد القانون الجزائري على مبدأ
الترخيص إذا الرقابة يجب أن تتيقن من أن تنفيذ قانون المالية يحترم الترخيص البرلماني الشيء الذي
ال يمكن أن يتم إال انطالقا من جهاز يعمل على مراقبة شرعية النفقة ،ومطابقتها للقانون ومن هنا
يبرز التكامل والتوافق بين رقابتي المطابقة والتقييم.
إنه من األصح التحدث عن الرقابات عوض القول بالرقابة على النفقات العمومية ،وهذا بالنظر
إلى أن الرقابة التي كانت تمارس في القرن التاسع عشر كانت رقابة واحدة أساسية ،واليوم نالحظ تعدد
الرقابات والتي تمارس من قبل العديد من المؤسسات على كل من يتدخل في تسيير األموال العمومية.
وقد تعددت الرقابات في آن واحد مع اختالف التدخل المباشر أو غير المباشر للدولة في الحياة اإلدارية،
االقتصادية أو االجتماعية .1
ولكن رغم هذا التنوع في الرقابات الموضوعة على األموال العمومية غير أنها فشلت إلى حد كبير
في منع التالعب واالحتيال والنهب الذي ال ينفتئ يترك األموال العمومية .ومن خالل هذا المبحث ستناول
الحديث عن إثبات القصور الذي يظهر على مستوى النظام الرقابي القائم على التقييم وذلك بالتطرق إلى
إبراز ضعف أداء األجهزة الرقابية (مطلب أول) و نتطرق إلى الحديث عن عدم اعتماد أدوات الفعالية
والنجاعة (مطلب ثاني).
1
PAYSANT André : Opcit, p335.
021
المطلب األول :ضعف آداء األجهزة الرقابية
وبالرغم من تعدد الهيئات المكلفة بالرقابة واختالف نوعية الرقابة التي تمارسها على الموارد
العمومية ،نجدها تفتقر إلى الفعالية بل حتى أنها ال تمتد حتى إلى مطابقة حقيقية بل شكلية ال ترتقي إلى
تطلعات المواطن إذ تلعب السلطة التنفيذية بمختلف الوسائل القانونية المتاحة لها زيادة على أنه حتى
المصادقة على قانون المالية هي مصادقة شكلية ورسمية فحسب .ومن خالل هذا الفرع سنتناول نقائص
رقابة المطابقة التي اعتمدها النظام الجزائري .فنتطرق إلى عيوب الرقابة السابقة ثم نتطرق إلى الرقابة
الالحقة لنبرز قصور رقابة المطابقة عن تحقيق الفعالية في تسيير الموارد العمومية.
الفرع األول :غياب التقييم يبعث إلى رقابة آلية كالسيكية ال تساير التطورات الحاصلة
تعتبر الرقابة على المالية العمومية ضرورة ديموقراطية ،ولهذا الغرض فإنها ال بد أن ترقى إلى
مستوى تطلعات المواطنين .حيث أن الرقابة تتم على تسيير األموال العمومية ليس فقط من أجل اجتناب
أو الوقاية من االختالس أو معاقبة الفاعلين ،بل التحقق وضمان أن استعمالها هو مطابق تماما للق اررات
التي تم اتخاذها من قبل الهيئات الشرعية التي تعبر عن سيادة المواطنين 1.وأكثر من ذلك البد من تنفيذ
هته الق اررات بأقل تكلفة ممكنة حتى يتم الحفاظ على المال العام واستعماله في أغراض أخرى بالنظر إلى
التزايد المستمر في النفقات العمومية .وخالل هذا الفرع سنتطرق إلى النقائص المسجلة على مستوى
الرقابة القبلية ثم الرقابة البعدية لنصل إلى الحديث عن نتائج ذلك.
و إن أردنا التحدث عن تصنيف الرقابة في النظام الجزائري ودراسة مدى فعاليتها في تقييم
التسيير الحسن للموارد العمومية ،نقول أنها ما تزال تفتقر إلى العديد من المعايير حتى تثبت فعاليتها،
فالرقابة السابقة الممارسة أساسا من قبل المراقب المالي والمحاسب العمومي هي في حقيقة األمر رقابة
وقائية وتحمل في ذات الوقت العديد من المزايا والعيوب .فهي تنفذ في بداية عملية اإلنفاق العمومي ،وهذا
ما يمكنها من استخراج المخالفات والقضاء عليها قبل أن تصبح العملية نهائية ،غير أن هذا النوع من
الرقابة يؤدي إلى تعطيل النشاط اإلداري إذا ما تم التعمق في إجراءات اإلنفاق ،وهذا ما يدفع إلى تحويل
المسؤولية التي كانت على عاتق المسير إلى المراقب المالي أو المحاسب العمومي .واذا لم نرد تعطيل
النشاط المالي فإن الرقابة القبلية سوف تكون سطحية ودون فائدة.
مما سبق ذكره فإن للمحاسب العمومي دور صمام األمان أمام األوامر وحواالت الدفع التي ثبتت
صحتها عند المراقب المالي ،وبالتالي فرقابته هنا تكون سطحية وغير معمقة إذا ما قورنت برقابة هذا
األخير ،ألن المحاسب العمومي عمله محاسبي بالدرجة األولى ورقابته تكون في هذا الباب.
1
André BARILARI, op.cit p 13, 14.
020
كما أن البعض يقول بأن هذه الرقابة تدعم البيروقراطية و تعطل العمل اإلداري ،ذلك ألنها في
بعض األحيان تكون السبب في تأخير تنفيذ النفقات جراء الرفض نتيجة أخطاء شكلية ولو كانت لعمليات
حسابية بسيطة ،هذا بعد علمنا بطبيعة الحال أننا أمام نفقات عمومية ومال عام ،وال يجوز بحال من
األحوال التهاون في رقابته حتى ولو تطلب ذلك وقتا وجهدا ،ألن المصلحة العامة فوق كل مصلحة
أخرى.
إن اقتصار الرقابة على الشرعية فقط ال يعتبر أم ار هينا ،فهو مهم جدا ،وذلك من اجل احترام
القوانين واألنظمة ،حتى وان كانت هذه الرقابة على الورق ،وعليه يجب المطالبة برقابة أقوى تضمن
فعالية النفقة دون التقليل من أهمية الرقابة على الشرعية أو المطابقة.
قبل الخوض في تفاصيل الرقابة البعدية وما يشبها ال بد أن نذكر في هذا الجانب أن الرقابة
اآلنية هي التي تمارس من قبل اإلدارة وكذا من قبل البرلمان ،1فتلك التي يمارسها المحاسب العمومي ال
تخص النظر في المالءمة مع أن النظام الفرنسي منذ زمن بعيد أكد على ضرورة التأكد ليس فقط من
آداء الخدمة بل حتى من حسن آدائها للمنفعة العمومية وبالتالي أمكن القول أن مسألة المطابقة يمكن أن
تتطور على حساب المالءمة فهذه الرقابة من السهل أن تكون فعالة إذا تم تحديد مفهوم دقيق لمصطلح
المنفعة العمومية ،حتى يتم اجتناب الخالفات ووضع حد لكل من صالحيات المحاسب العمومي واآلمر
بالصرف.
ونشير إلى الرقابة البعدية حتى وان كان أننا سوف نتناول كل ما يتعلق بسلبياتها ،فإننا
نقول أنها غائبة وال تمارس بفعالية ،فمجلس المحاسبة ال يخوض في رقابة التقييم التي منحها له
القانون والبرلمان بدوره يعجز عن رقابة الجهاز التنفيذي لعدم تمكنه من المادة على خالف
الحكومة ،كما أنه ال يستعمل الوسيلة األكثر أهمية والمتمثلة في قانون ضبط الميزانية ،وربما يعود
ذلك إلى عدم االستقرار الحكومي الذي ميز الساحة السياسية الوطنية إذ تعاقبت عدة حكومات
تقدمنا في الفصل األول بالحديث عن الرقابة القبلية المدمجة في اجراءات النفقة وهي باألخص رقابة آنية يعتمدها المحاسب العمومي .والجدير 1
بالذكر أنه من الممكن الوصف الرقابة التي تمارس من قبل أعوان و ازرة المالية مثل مفتشيات المصالح وكذا مختلف أسالك الرقابة على مستوى كل
الو ازرات .كما أشرنا في الرقابة البرلمانية إللى الرقابة اآلنية والتي تمارس بطبيعة الحال من قبل البرلمان وخاصة تلك التي تتعلق بمقرري لجنة
المالية والذين بامكانهم متابعة تطبيق قانون المالية ،كما بوسعهم النظر في استعمال االعتمادات المتاحة لمختلف الو ازرات وهذا بالنظر في الوثائق
أو في بالتنقل إلى عين المكان.
022
خالل الفترة الزمنية السابقة ،مما يفقد قانون ضبط الميزانية أثره الرقابي المتعلق أساسا بإثارة
مسؤولية الحكومة ومساءلة المسؤولين الحقيقيين عن عملية التنفيذ.1
وبما أن الرقابة البعدية تأتي بعد التنفيذ فإنها تسمح بتقييم الشرعية أو نوعية التسيير ،وكذا توقيع
عقوبات على كل من وقع في المخالفات أو في سوء التسيير ،ويظهر لنا صعوبة تنفيذ هذا النوع من
الرقابة نظريا بالرجوع إلى الكم الهائل من الهيئات المسيرة التي سيتم رقابتها ،وكذلك النقص النسبي في
الوسائل المادية التي تمتلكها هياكل الرقابة باالضافة إلى الزمن المتأخر الذي تتدخل فيه.
مما سبق دراسته نالحظ أن الهيئات التي تمارس الرقابة البعدية في الجزائر ال تنظر سوى في
2
مطابقة التنفيذ مع القوانين واألنظمة سارية المفعول ،ما عدا مجلس المحاسبة الذي يمكننا أن نعتبر نسبيا
أنه يقوم برقابة نوعية التسيير التي نص عليها األمر ،02-59غير أن النصوص القانونية لم تمتد إلى
إعطاء معايير لمفهوم حسن التسيير حتى تتمكن من استخالص النقائص وهذا ما يحول دون وضع هذه
الرقابة حيز التنفيذ.
إن أي رقابة تهدف إلى التأكد من أن شيئا ما هو على الحالة التي ينبغي أن يكون عليها بمقارنته
بقاعدة معينة ،هذه القاعدة يمكن أن تكون قاعدة قانونية ،وبالتالي نكون أمام رقابة المطابقة،كما أن هذه
القاعدة يمكن أن تكون مجموعة من المبادئ التي تضمن التسيير الحسن ،وهنا نكون بصدد الرقابة على
نوعية التسيير.
ال يصعب أبدا الحديث عن المظاهر التي تخص التالعب باألموال العمومية ،ذلك ألنها منتشرة
بشدة ومنها:
-1الفساد المالي:
إن أول دليل على ضعف آداء األجهزة الرقابية هو انتشار الفساد المالي ،وهذا يؤكد ضعف
وسائل الرقابة وعدم نجاحها في السيطرة إلى حد كبير في الفساد الحاصل على مستوى اإلدارات العمومية
أو المرافق أو اإلدارات التي تستفيد من مساعدات مالية من الدولة.
1
Luc.Saidj : La loi de règlement et le développement du contrôle parlementaire de la restauration à nos jours,
Revue Française des Finances Publiques, n° 51, 1995, p 177.
2
القول بالنسبية هنا مرتبط بالقول ان رقابة نوعية التسيير في الجزائر غائبة وهذا راجع إلى غياب البعد القانوني الذي يؤطر هذا النوع من الرقابة،
إذ من الصعب جدا رقابة هيئة معينة والتمكن من تقييم التسيير السائد في الهيئة من دون معرفة معايير التسيير الراشد إن صح القول .كما أن
غياب اإلرادة السياسية التي تدفع إلى إرساء هذا النوع من الرقابة وهذا ما ساعد السلطة التنفيذية على اغتنام هذه الوضعية باعتبارها دوما هي التي
تقوم بإعداد النصوص القانونية .كما أن التنفيذ الحقيقي لهذه الرقابة يستدعي تغيي ار في التقنيات الميزانية والتقنيات المحاسبية بحساب التكلفة و كذا
تكييف القانون األساسي للوظيفة العمومية (حيث إمكانية توقيع العقوبات على كل من ال يتصرف بمبدأ الفعالية الواجب عليه) .
021
تعتبر ظاهرة الفساد اإلداري والمالي من الظواهر الخطيرة التي تواجه البلدان وعلى األخص الدول
النامية وما لها من تأثير كبير على عملية البناء والتنمية االقتصادية والتي تنطوي على تدمير االقتصاد
والقدرة المالية واإلدارية وبالتالي عجز الدولة على مواجهة تحديات إعمار أو إعادة أعمار وبناء البنى
التحتية الالزمة لنموها .
الفساد المالي هو االنحرافات المالية ومخالفة األحكام والقواعد المعتمدة حالياً في تنظيمات الدولة
(إدارياً) ومؤسساتها مع مخالفة ضوابط وتعليمات الرقابة المالية ،كما هو سوء استخدام النفوذ العام لتحقيق
أرباح خاصة .أو هو خروج عن القانون والنظام العام وعدم االلتزام بهما من أجل تحقيق مصالح سياسية
واقتصادية واجتماعية للفرد أو لجماعة معينة .أو إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق كسب خاص.1
وقد تحدثنا فيما سبق عن القوانين التي سنتها الجزائر في هذا اإلطار والهادفة إلى محاربة هذه
2
الظاهرة وهي قوانين مكافحة الفساد .والمقصود من الفساد هو استخدام النفوذ العام لتحقيق منافع خاصة
لعل من أبرز ما يوضح تفاقم اختالالت التسيير المالي هو اعتماد قوانين المالية التكميلية ،حيث
أن هذه األخيرة من المفروض أن تكون استثنائية ،لكنها أصبحت في القانون الجزائري أم ار عاديا إذ ال
يمكن الحديث عن قانون المالية للسنة ،بل فقد ذلك القانون صفة السنوية ليطغى طابع القانون التكميلي
الذي أصبح اليوم ضرورة بالنسبة للسلطة التنفيذية حتى تتمكن من تحويل االعتمادات التي سبق وأن تم
رصدها لحساب قطاع على آخر.
إن الحديث عن قانون المالية التكميلي يضطر بنا إلى الحديث عن ظروف استثنائية وقعت خالل
السنة وأدت إلى اختالل التوازن الميزاني بشكل كبير غير أن المالحظ هو أن ميزانية الدولة اليوم ال تعرف
كل هذا االختالل ،وهذا نتيجة ارتفاع إيراداتها التي تتشكل أصال من إيرادات نفطية وهذا نتيجة الرتفاع
أسعار البترول.
1ويتجلى الفساد المالي من خالل عدة مظاهر منها :الرشوة ،المحسوبية ،المحاباة ،الوساطة ،االبتزاز والتزوير ،نهب المال العام عن طريق التهريب
والسوق السوداء ،فساد يتقاطع مع األنظمة والقوانين المتعلقة بنظام العدالة وحقوق الملكية والتسهيالت المصرفية واالئتمانات وكذلك التمويل
الخارجي...إلخ.
فساد النظام االقتصادي هو انعكاس للفساد السياسي وذلك معروف في التجارب أين توجد سلطة لها هدف ضيق يتمثل في الريع (النهب في
2
التعبير الشعبي) وتكرس وضعاً يغيب فيه األمن والقضاء وحماية الملكية والحرية االقتصادية مما يرفع تكاليف األنشطة االقتصادية ويقتل الحوافز
اإليجابية التي تشجع األفراد على مضاعفة جهودهم في مراكمة اإلنتاج والمع رفة وفي تشغيل موارد البالد من المال والعمل ،فيسود اقتصاد الكفاف
ويبقى فقط قلة المستثمرين الذين يتذللون للسلطة وال يمارسون إال أنشطة محدودة ترضى عنها أو تشارك فيها وهو وضع ملموس أيضاً في بالدنا.
021
وغالبا ما نجد أن قانون المالية التكميلي صاد ار بأمر رئاسي مرتقب ما بين دورتي البرلمان .هذا
ما تقرر وما تحول بحكم التكرار إلى عادة لجأت إليها السلطة في حاالت استثنائية قاهرة لكنها تحولت
بمرور الوقت إلى عادة تلجأ إليها لتمرير غالبية الق اررات الصعبة ،بل وحددت الحكومات المتعاقبة
بموجبها التوجهات االقتصادية خارج إطار شرعية البرلمان بغرفتيه ،هذه الهيئة التي دخلت في عطلة
مفتوحة إذا ما استثنينا جلسات األسئلة الشفوية التي أصبحت اليوم تعبر عن شكلية مؤكدة.
بالنظر للخلفية العلمية للدراسة ودراسة واقع الحال المعاش في الدولة فإنه يمكن تلخيص
المشكالت التي تجابه أجهزة الرقابة المالية في غياب التنسيق في وضع القوانين واألنظمة المتعلقة بالرقابة
على النفقا ت العمومية وهذا ما خلق في بعض األحيان تداخال وتك ار ار في مهام الرقابة الممارسة من قبل
األعوان و الهيئات المكلفة بالرقابة ،وأحيانا أخرى نجد إشكاالت والعديد من التأويالت التي تخص تفسير
قاعدة ما من القواعد القانونية المتعلقة بهذا الشأن وهذا نتيجة فراغ في كل النصوص ربما .وباإلضافة إلى
هذا فإن النصوص القانونية ال تكفل االستقاللية التامة ألعوان وهيئات الرقابة قصد حمايتهم من الضغوط
التي قد تمارسها عليهم السلطة التنفيذية.
باإلضافة إلى كون الرقابة على النفقات العمومية رقابة مطابقة فإن ما يعيبها أيضا هو النصوص
القانونية والتنظيمية التي تشوبها العديد من العيوب والتي تخلق عائقا أمام أجهزة الرقابة .إذ كثي ار ما نلمس
ضعف هذه القوانين ،قدمها وعجزها عن مواكبة التطورات الحديثة في مجال الرقابة المالية ،بحيث لم يعد
قادر على تلبية متطلبات الرقابة المالية على األجهزة الحكومية ،والتي شهدت نقلة نوعية كبيرة
هذا القانون ا
في الفترة األخيرة في مجاالت تنظيمها المالي ووسائل الرقابة على أموالها ،وذلك على الرغم من
المحاوالت غير المجدية لتعديل القانون المطبق بما يتالءم مع هذه التطو ارت.
كما نجد أن هذه النصوص تكرس تداخل اختصاصات أجهزة الرقابة المالية الداخلية والخارجية
مع بعضها البعض ،األمر الذي يحتم إعادة النظر في النصوص القانونية والتنظيمية لهذه الهيئات إلزالة
التداخل فيما بينها.
ومن جهة أخرى نالحظ أن ما يربك أجهزة الرقابة المالية الخارجية هو كثرة القوانين واألنظمة
والتعليمات المالية واإلدارية المعمول بها في الجهة الحكومية الواحدة ،وهذا األمر قد تطرقنا إليه في
الفصل األول من هذا البحث ،فعدم التمكن من المادة يبعث على إصدار العديد من النصوص في كل مرة
لتدارك النقص أو الفراغ المالحظ في القواعد القانونية.
021
كما أننا نلمس في التأطير القانوني الخاص بالمحاسبة العمومية قصور وسائل المساءلة في
المخالفات المالية ،حيث تقتصر صالحية أجهزة الرقابة المالية الداخلية والخارجية ماعدا مجلس
المحاسبة 1بالنسبة للمخالفات المالية واإلدارية في الكشف فقط عن هذه المخالفات ولفت النظر إليها
والمطالبة ،بمعالجتها ،دون أن يكون هنالك حق قانوني مباشر لهذه األجهزة في مساءلة ومحاكمة
الموظفين عما يرتكبون من مخالفات – فقط يرفع األمر إلى القضاء وتبعية ذلك من االنتظار الطويل
ضمن القضايا في المجاالت األخرى.
هناك العديد من األسباب التي كانت وراء قصور النظام الرقابي الجزائري ومن بينها أنه ال يقوم
على مبادئ أو مقومات حقيقية بل ليس سوى وسيلة تابعة للسلطة التنفيذية إذ ال تتمنع أجهزة الرقابة
المالية بميزة االستقالل التام عن السلطات التشريعية والتنفيذية ،وهذا ما بإمكانه إعاقة العمل الرقابي من
خالل:
نجد أن معظم القوانين ال توضح الحقوق القانونية للمراقبين التي تتعلق بأداء -
مهامهم ،وال تضمن استقالليتهم ،كما ال تحميهم من ضغوطات الهيئات محل الرقابة وهذا يمكن
هؤالء من فرض سيطرتهم و يجعل مسار الرقابة يبتعد عن منحاه الطبيعي ليصبح تابعا لهذه
الهيئات .إذ تكفل هذه الحقوق لموظفي أجهزة الرقابة المالية حصانات تكفل أداءهم لما يعهد إليهم
به من مهام بحرية مهنية تامة وغير متجاوزة .لذا نرى أنه من الضروري إعداد نص خاص
بالمراقبين يكفل هم الحق في ممارسة مهامهم بكل حرية ،ودون ضغوط نظ ار لطبيعة مهامهم ،كما
يتضمن هذا النص كيفية الترقي انطالقا من رتب واضحة كما أن مفهوم المسؤولية على األعوان
2
المكلفين بالرقابة يحتم على المشرع أن يمتع المراقبين باستقاللية أثناء أدائهم لوظيفتهم.
زيادة على ذلك نالحظ غياب المفهوم العلمي ألهمية نظام الحوافز في شأن رفع -
الروح المعنوية لألعوان المكلفين بالرقابة على مستوى هيئات الرقابة المالية ومن ثم تحسين كفاءة
األداء والمقصود من الحوافز هنا هي حوافز عن األداء وليس حوافز األعياد أو ما في حكمها،
ومن جهة أخرى عدم االهتمام أيضاً بتحفيز الوحدات الحكومية محل الرقابة من خالل توجيه
1
نستثني من هذا مجلس المحاسبة الذي يقوم برقابة قضائية عن طريق قضاة إداريين تابعين لمجلس المحاسبة ،هذه الرقابة تمكنه من متابعة
مرتكبي المخالفات المالية.
2
في هذا الشأن ال نلمس نص خاص بالمراقبين الماليين إذ نجد فقط المرسوم المتعلق بالنفقات الملتزم بها.على عكس ما هو عليه الحال في فرنسا
إذ نجد نص خاص بالمراقبين الماليين هو المرسوم رقم 18-95بتاريخ 8595-28-02المتعلق بالنظام الخاص بالمراقبين الماليين .
021
رسائل تطري على سالمة أدائها وما إلى ذلك ولعل مرد ذلك ضعف إدارات هذه األجهزة في
المطالبة بتحسين مستحقات التابعين لها وكذلك عدم اهتمام و ازرة المالية بأهمية الدور الذي يلعبه
هؤالء في المحافظة على المال العام ومن ثم رفع امتيازاتهم المالية.
تواجه الرقابة المالية الخارجية صعوبة تتعلق بضعف أجهزة الرقابة المالية -
الداخلية في الو ازرات والدوائر الحكومية ،مما يتسبب في حدوث كثير من األخطاء المالية ،األمر
الذي يدفعها إلى اعتماد في كثير من األحيان على موظفي الرقابة المالية الخارجية الكتشاف هذه
األخطاء والتحري عن أسبابها .وفي ذلك إضافة إلى األعباء الملقاة على عاتق جهاز الرقابة
المالية الخارجية .وغير خفي أنه بخالف ما يثار مؤخ اًر من اهتمام بمناحي الرقابة المالية الداخلية
لم يكن للدولة ممثلة في سلطتها التشريعية سابق اهتمام علمي كافي بفاعلية هذه األجهزة ودورها
في المحافظة على المال العام ،لذلك لم تهتم أيضاً الدوائر والوحدات الحكومية بتفعيل دور أجهزة
الرقابة المالية الداخلية مطلقاً.
عدم تعاون بعض الوحدات والجهات التنفيذية مع أجهزة الرقابة المالية واستمرار -
التسيب والهدر في المال العام بالرغم من كثرة عدد االستيضاحات الموجهة لبعض الجهات
وتكرارها وعدم البت فيها وعدم الرد على مالحظات واستيضاحات المراقبين الماليين .وذلك على
الرغم من أن قوانين الرقابة المالية الخاصة بهذه األجهزة تلزم الجهات الخاضعة للرقابة باإلجابة
على استيضاحات المراقبين الماليين الممثلين لهذه األجهزة وذلك خالل فترة محددة ،إال أن
نصوص هذه القوانين لم تحدد الجزاء في حالة عدم استجابة هذه الدوائر بالرد على استيضاحاتها،
وهذا ما يبعث على القول بعدم الفعالية.
أخي اًر تداخل وتعارض الوالء السياسي مع االختصاصات المهنية البحتة لعمل -
أجهزة الرقابة المالية ،فالوالء السياسي في بيئة العمل وتطبيقاته المهنية ينتقص من قدر النزاهة.
تعتمد الرقابة الفعالة على العديد من التقنيات واألساليب التي تمكنها من تحقيق األهداف المرجوة،
واالبتعاد عن العمل بهذه التقنيات وانتهاج هذه السياسات سيدفع دون شك إلى ابراز النقص والضعف في
الوصول إلى هذه األهداف .ومن هذه التقنيات ترشيد اختيارات الميزانية واجراء تقييم للسياسات العمومية.
حتى تتمكن النفقات العامة من تحقيق اآلثار واألهداف المنتظرة منها في تلبية مثلى للحاجات
العامة ،فإن ذلك يتطلب تحقيق أكبر حجم ممكن من المنفعة ،مستعملة في ذلك أداة االقتصاد في النفقات
مع األخذ في الحسبان أهمية وضرورة وجود طرق ومناهج للرقابة التي تضمن توجيه النفقات العامة نحو
021
األبواب ذات المصلحة الشاملة ألفراد الشعب دون تبذيرها في غير تلك المصلحة .واذا تم احترام هذه
1
القواعد بشكل دقيق فذلك سيقودنا إلى حالة من اإلنفاق الرشيد.
يعد اإلنفاق العام أداة من أدوات السياسة المالية التي تستخدمها الدولة والهيئات المتفرعة عنها
لبلوغ أهدافها ،والوسيلة التي تتيح للحكومة تنفيذ برامجها االقتصادية واالجتماعية ،وممارسة دورها التدخلي
في مختلف مجاالت الحياة .و لقد ازدادت أهمية النفقة العامة بازدياد الحاجات المجتمعية التي تلبيها،
بحيث أصبحت لها آثار واضحة على مجريات الحياة داخل الدولة وانعكاسات على األسعار ،اإلنتاج،
االستهالك ،التشغيل ،واعادة توزيع الدخل القومي.
واذا كانت الدولة بعكس األفراد ،ونظ ار لما لها من سيادة وسلطان على البالد والعباد ،تقوم
بتحصيل ما يلزم من اإليرادات العامة لتغطية نفقاتها ،بناء على قاعدة "أولوية النفقات على اإليرادات" فإن
تعدد وظائف الدولة ،وتزايد حجم اإلنفاق العام ،ومحدودية الموارد ،جعل من الضروري الحفاظ على
الموارد العامة من التبذير واإلسراف ،وسوء التدبير عموما ،األمر الذي أضحى معه "ترشيد اإلنفاق
العمومي" مطلبا أساسيا سواء في الدول المتقدمة أو الدول النامية التي هي أحوج ما تكون إليه لتحقيق
اإلقالع المنشود والتنمية الشاملة.
ففي الجزائر أصبحت شعارات "العقلنة والترشيد ،في مجال تدبير األموال العمومية" يتردد على
األلسن سواء من طرف الحكومات المتعاقبة ،أو في قبة البرلمان ،أو من طرف األحزاب السياسية ،السيما
مع األزمة العالمية التي يعيشها المجتمع الدولي.
يقول الدكتور ميالد يونس" :2المقصود بترشيد اإلنفاق العام هو أن تحقق النفقات العامة األهداف
المحددة للدولة ،وذلك باستخدامها على أحسن وجه ممكن والحيلولة دون إساءة استعمالها أو تبذيرها في
غير أغراض المنفعة العامة".
ويقول الدكتور حنين محمد" :3ترشيد النفقة العامة يعني قيام اإلدارات المكلفة باإلنفاق باتخاذ
مجموعة من التدابير من أجل تأهيل النفقة العامة لتحقيق المنفعة بأقل التكاليف الممكنة ،مع مراعاة جودة
الخدمات والسلع بكيفية تؤدي إلى رفع مردودية النفقة العامة.
1محمد عباس محرزي :اقتصاديات المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الطبعة الثانية ،2111ص.41
2أستاذ مشارك بكلية القانون جامعة الفاتح ،طرابلس.
3
أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية -أكدال – الرباط
021
أما في المالية اإلسالمية فإن أقرب مفهوم للترشيد في اإلنفاق سواء الخاص أو العام هو مفهوم
1
القوامة في اإلنفاق.
المقصود بترشيد النفقات العامة هو تحقيق أكبر نفع للمجتمع عن طريق رفع كفاءة هذا اإلنفاق
إلى أعلى درجة ممكنة والقضاء على أوجه اإلسراف والتبذير ومحاولة تحقيق التوازن بين النفقات العامة
وأقصى ما يمكن تدبيره من الموارد العادية للدولة.
أنه ليست من المصلحة تتجه النفقات العامة نحو التزايد بال حدود ،وانما تقتضي المصلحة بأن
تصل النفقات إلى حجم معين ال تزيد عنه وهو ما يطلق عليه ( الحجم األمثل للنفقات العامة) وهذا
األخير هو ذلك الحجم الذي يسمح بتحقيق أكبر قدر من الرفاهية ألكبر عدد من المواطنين ،وذلك في
حدود أقصى ما يمكن تدبيره من الموارد العادية للدولة.
لقد حاول بعض الكتاب وضع معايير يمكن على أساسها تحديد الحجم األمثل لإلنفاق ،وأمام
االختالف حول هذه المعايير ،فإنه من األفضل ،وضع بعض المبادئ العامة واألساسية التي ال غنى ألي
جهاز إداري عن إتباعها والتقيد بها لتحقيق الترشيد .فترشيد النفقات العامة 2ال يتحقق بمجرد رفع
الشعارات ،و بمحض الصدفة ،وانما هو سلوك واع مدروس ،مبني على مبادئ وقواعد مضبوطة ولو
نسبيا يسخر أفضل اآلليات والتقنيات التي أفرزتها التجارب اإلنسانية .لذا فإن ترشيد النفقات العمومية
3
يتطلب االلتزام بالضوابط التالية:
1
مسألة ترشيد النفقات العمومية ال تعني االعتماد على سياسة تقشفية تقوم مثال على التقليص في مناصب الشغل ،حذف بعض الميزانيات ،النقص
في اعتمادات التسيير ،ولكن الترشيد عبارة عن خطة عمل واستراتيجية تهدف إلى تحقيق المشاريع المبرمجة وفق جودة محددة وبأقل تكلفة يعني
الفعالية وما يمكن التأكيد عليه هو أن عملية الترشيد في اإلنفاق مرتكز قوي تنبني عليه الديموقراطية من خالل تطوير القدرات الرقابية واستخدام
ميزانيات أكثر تطو ار اعتمادا على النم اذج الغربية كفرنسا التي أطلقت خالل السنوات القليلة الماضية برنامج ميزاني جديد يكرس مفاهيم جديدة كدعم
البعد المحلي للميزانية ،الوضوح والشفافية في تنفيذ البرامج وصرف االعتمادات وكذلك تبسيط اإلجراءات القانونية والتنظيمية في مرحلة التنفيذ.
وغيرها من المستجدات القيمة التي تساعد على توفير الجو المالئم لنشر قيم الديموقراطية فال يمكن الحديث عن إصالح سياسي دون أن يكون
هناك إصالح مالي ميزاني.
2
وترشيد اإلنفاق في معناه االصطالحي مشتق من كلمة الرشد االقتصادي ،والرشد االقتصادي في مفهومه اإلسالمي هو حسن التعامل مع األموال
كسباً وأنفاقاً ،بمعني ترشيد اإلنفاق العام وترشيد اإليرادات العامة .وبذلك عندما نعرف الرشد االقتصادي في اإلنفاق فهو حسن تصرف الحكومة في
إنفاق األموال ،والرشد يضاده السفه ،كما أنه يتنافى مع التبذير من جهة ،والتقتير من جهة أخرى ،بمعنى أن الزيادة أو النقص عن وضع االعتدال
هي عدم رشد أو سفه ،كما يتضمن ترشيد اإلنفاق إتباع مبدأ األهميات النسبية والترتيب التفاضلي السليم ،بحيث يقدم األهم على المهم .إن ترشيد
اإلنفاق يتضمن ضبط النفقات ،واحكام الرقابة عليها ،والوصول بالتبذير واإلسراف إلى الحد األدنى ،وتالفي النفقات غير الضرورية ،وزيادة الكفاية
اإلنتاجية ،ومحاولة االستفادة القصوى من الموارد االقتصادية والبشرية المتوفرة.
024
تحقيق المنفعة العامة: -8
إذا كانت النفقة العامة تهدف إلى إشباع حاجة عامة ،وبالتالي تحقيق المصلحة العامة ،فإنها ال
يمكن أن تكون مبررة إال بمقدار ما تحققه من نفع للمجتمع وهذا ما يقتضي عدم صرفها لتحقيق المصالح
الخاصة لبعض األفراد ،أو المجموعات أو فئات المجتمع ،دون البعض اآلخر ،ألسباب سياسية أو
اجتماعية.
ذلك أن التزام اإلدارات المكلفة باإلنفاق بتحقيق المصلحة العامة ،يعتبر وليد تضحيات جسام ،قدمت في
1
سبيله.
ويقصد بقاعدة المنفعة أن يكون الهدف من النفقات العامة دائما في ذهن القائمين به ،تحقيق أكبر
منفعة ممكنة ،وتعتبر هذه القاعدة قديمة في الفكر االقتصادي ومحل إجماع بين أغلب منظري المالية
2
العامة.
لذا ينبغي الحرص أشد ما ينبغي على االلتزام بتحقيق المنفعة العامة ،بل والمنفعة العامة
القصوى ،وهذا ما يقتضي مراعاة المبادئ التي تأتي فيما بعد.
هذا االقتصاد الذي يرتبط بتحقيق المنفعة العامة ارتباطا عضويا ،بحيث أنه كلما انخفضت تكلفة
النفقة العامة إال وتحقق النفع العام بكيفية أكثر ،لكن ذلك ال يعني التقتير إلى حد التقشف ،بل يعني حسن
التدبير واالبتعاد عن إسراف أو تبذير األموال العامة في مجاالت غير مفيدة.
وترتبط هذه القاعدة بموضوع النفقة ،حيث أن هذه األخيرة ،بديهيا ،تأخذ الزيادة كلما نقصت
النفقات إلى أقل حجم ممكن لذا وجب على السلطات العمومية االحتياط من التبدير لما قد يسببه ذلك من
ضياع ألموال ضخمة دون أن تولد أية قيمة مضافة أو تحمل أية منفعة ،إلى جانب كل هذا فإن عدم
اقتصاد السلطات للمبالغ المالية الموضوعة تحت تصرفها في إطار الميزانية العامة للدولة يدفع إلى بروز
مظاهر سلبية في المجتمع من بينها اندثار ثقة الشعب في مؤسسات الدولة و اتساع رقعة التهرب والغش
3
الضريبي.
1
فالصراع التاريخي الذي شهدته إنجلت ار وفي فترة الحقة فرنسا والذي أدى إلى ظهور ما يعرف اآلن" ،بالميزانية العامة" كان القصد منه إلزام
المكلف باإلنفاق بتحقيق المصلحة العامة .فقد جاء في دستور عام 8952الفرنسي انه" :ال يمكن فرض أية ضريبة إال في سبيل المصلحة العامة.
ولجميع المواطنين الحق في أن يسهموا بفرض الضرائب ويراقبوا استعمالها ويطلبوا بيانات عنها" .وبالتالي فال معنى للميزانية العامة وال اإلجراءات
التي تمر بها؛ إذا لم يتم االلتزام أصال بالهدف والغاية التي وجدت من أجلها ،وهي "تحقيق المنفعة العامة"
2محمد عباس محرزي :المرجع السابق ،ص .95
3محمد عباس محرزي :المرجع السابق ،ص . 97
011
وهو ما يستلزم بالضرورة االبتعاد عن النفقات غير المنتجة ،أو التي تكون إنتاجيتها ضعيفة ،كما
يقتضي تحديد أولويات لإلنفاق العام بحسب األهمية النسبية للخدمات المراد تقديمها ،فسد الحاجة في
مجال الماء الصالح للشرب أولى من بناء مركبات رياضية ،وبناء مستشفيات وتشغيل المعطلين وتأمين
حياتهم وحياة عائالتهم أولى من السهر على بناء وصيانة مالعب الكولف واإلنفاق بسخاء على بعض
المدربين ...وان كان ذلك ال يعني طبعا أن المركبات الرياضية ،واألدوات الترفيهية عديمة الفائدة؛ لكن
المقصود هو أن توظف النفقة باقتصاد لتحقيق أهم األهداف وأكثرها ملحاحية لتحقيق التنمية.
بحيث ينبغي أن تعكس المردودية النتيجة التي تترتب عن النفقة العامة ،أي المردودية االقتصادية
واالجتماعية للنفقة العامة ،فينبغي أن تكون المردودية جيدة تعكس قيمة األموال التي صرفتها الدولة من
أجل توفير السلع والخدمات.
فالحرص على جودة الخدمات والسلع ،يمكن من تجنب المصاريف اإلضافية الكثيرة التي تثقل
كاهل الدولة ،وتغني عن أعمال الترميم المتكررة والمتتابعة وعن تكاليفها .وباإلضافة إلى ذلك فإن
المردودية االجتماعية للنفقة تنطوي على تحويل النفقات العامة االجتماعية قصد محاربة ظاهرة الفقر...
فكل مصلحة ينبغي أن تبحث عن أعلى درجة من الفعالية مقابل أقل تكلفة ممكنة "فما دمنا ال نستطيع
اإلنفاق أكثر فإنه ينبغي اإلنفاق بشكل أفضل".
جرى العمل في عدد من الدول على إخضاع تنفيذ الميزانية العامة لنظام مراقبة يهدف أساسا إلى
التأكد من صحة وسالمة النفقة بالنسبة للقوانين و األنظمة الجاري بها العمل ،ونظ ار ألن هذه الرقابة
كانت تنصرف أساسا إلى مراقبة شرعية النفقة ،وال تمتد إلى تقييم تكلفتها وتحليل أهدافها ومعرفة
مردوديتها ،األمر الذي أدى إلى نتائج سلبية فيما يتعلق بترشيد النفقات ،نظ ار لكل هذا ،ظهرت عدة
تجارب أجنبية حاولت تفادي هذا القصور من خالل إنشاء أنظمة خاصة للترشيد أبرزها:
في سنة 8552تم تشكيل جمعية خاصة « »Larand corporationممولة من طرف سالح
الجو األمريكي ،وتتكون من فريق متعدد االختصاصات :مختصون في الرياضيات ،اإلعالميات ،العلوم
االجتماعية ،االقتصادية" ..هذه الجمعية كلفت بدراسات دقيقة ومنتظمة لمصلحة اإلدارة المكلفة بالدفاع
في « »MAC NAMARAفظهر نظام التخطيط والبرامج للميزانية .PPBSوهو ما أثار إعجاب الرئيس
جونسون بالنتائج المحصل عليها مما أدى به إلى مد هذه الدراسات إلى كل اإلدارات المدنية.
010
2-1تكوين هذا النظام:
يتكون هذا النظام من مجموعة من العناصر يمكن إجمال أهمها فيما يلي:
-تحديد األهداف والبرامج بدقة بغية تحديد األولويات ،ومن تم تحديد المبالغ التي تتطلبها
المنجزات.
-دراسة البرامج البديلة قصد التوصل إلى البرامج التي يمكن أن تحقق بكيفية أفضل األهداف المنشودة:
"اختيار البديل األفضل".
دراسة التكاليف التي يتطلبها إنجاز األهداف ومقارنتها مع النتائج المحصل عليها.
توفير نظام متكامل للمعلومات يمكن من إمداد متخذ القرار بالمعلومات الالزمة في الوقت المناسب.
إال أنه منذ سنة 8592أصبح األمريكان يطبقون "التسيير باألهداف" باالعتماد على أهداف يضعها
المسيرون؛ ويحدد المساعدون التابعون لهم النتائج الممكن الحصول عليها ،محددة من حيث الحيز الزمني
الالزم لتحقيقها ،بأرقام دقيقة.
هذا النظام بدوره عوض بنظام جديد يطلق عليه نظام الميزانية على أساس الصفر منذ 8595
يستند هذا النظام على ترتيب األهداف حسب األولوية بشكل تسلسلي قبل أي شروع في تنفيذ الميزانية،
ويمكن تفكيك هذه المنهجية إلى ثالث مراحل:
أ -يطلب من كل مسؤول تقسيم نشاطه إلى مهام ال يمكن االستغناء عنها ومهام تكميلية مقترحة.
ب -اقتراح الوسائل المرغوب فيها لكل مهمة.
ج -تعليل طلبات الميزانية ،وترتيب المهام التي يقترح القيام بها حسب األولوية ،وتقييمها من
خالل الكلفة ،المردودية التقنية مع ذكر الحلول البديلة.
وهذه المناهج كان لها دور كبير في ترشيد النفقات العامة ،والتربية على ضرورة االستعمال
األفضل للمال العام.
هذا النظام يستدعي أوال اختيار األهداف ،ثم اختيار الوسائل وأخي ار مراقبة النتائج.
1-2اختيار األهداف:
-وذلك بتحديد الهدف بدقة من حيث مداه ،فمفهوم الهدف مفهوم مركب مثال (الهدف على
المدى القصير-تأمين الدخول المدرسي في ظروف جيدة ،هو وسيلة إلى هدف على المدى البعيد وهو
دمقرطة التعليم)
012
-انتقاء األهداف :يتم بناء على معايير ،فأي جهاز إداري ال يستطيع تحقيق أهدافه كلها دفعة
واحدة وفي وقت واحد ،إن عليه أن يحدد األولويات واألعمال المستعجلة ويرتبها بدقة.
2-2اختيار الوسائل:
وهنا يستلزم تحديد كل الحلول الممكنة ،مع التأكيد على ضرورة أن يتم ذلك بمهارة ،وشيء من
واالختراع. الجسارة
ب-اختيار وانتقاء الوسائل:
تحديد الكمية :فكل شيء ينبغي أن يكون مرقما ،ومحددا بدقة. -
الشمولية :والمقصود هنا بالشمولية أن تكون كل أبعاد المشكل الذي يسعى لحله -
مستوعبة ،وتختار الوسائل المناسبة بناء على المنهجية المشهورة-الكلفة/المردودية التقنية.
.Coût/avantage
ويوضع في النهاية البرنامج الذي يشير إلى مجموع الوسائل الضرورية لتحقيق الهدف المبرمج.
وغرض الرقابة هو تقدير مدى درجة تحقق األهداف ،فيتم تسجيل الفوارق وتحليلها.
إن هذا النظام يحدد األهداف ،ويحصى الوسائل :يحلل األنظمة ،ويبرمج النفقات ويراقب النتائج،
بناء على تقنيات المحاسبة التحليلية ،والوسائل الحديثة لتتبع لوحات القيادة "األمر الذي ُي َحسن من
مردودية وجودة النفقة العامة .ويؤدي بالتالي إلى االبتعاد عن النفقات غير المنتجة.
ال شك أن ترشيد النفقات العامة يتطلب القضاء على جميع أوجه اإلسراف والتبذير المذكورة سابقا
وغيرها وباألخص تشديد الرقابة بمختلف أنواعها على النفقات العامة.
إن التحوالت التي عرفها مفهوم الدولة ،خالل مراحل تطورها ،ساهمت بشكل كبير في إعادة
صياغة دورها الذي لم يعد ينحصر في إشباع الحاجات األساسية للمجموعات االجتماعية ،بقدر ما أصبح
نشاطها الرئيسي يتجه نحو تحقيق تنمية شاملة ومستديمة لهذه المجموعات ،وفي هذا السياق احتلت
السياسات العامة – كأداة لتدخل الدولة في مختلف القطاعات – مكانة متقدمة في إستراتيجيتها التنموية.
011
الفقرة األولى :مفهوم تقييم الساسات العمومية
وتطرح مسألة تدخل الدولة ،بواسطة السياسات العمومية لتنظيم وتدبير قضية معينة أو قطاع
محدد ،إشكالية أساسية تتعلق بانتقال قضية مجتمعية إلى المستوى السياسي ،وكذلك بالشروط التي تصبح
فيها الرهانات الجماعية موضوعا لسياسة عامة تتطلب تعبئة موارد بشرية وتقنية ومالية ،أي كيف يمكن
لسلطة سياسية ما أن تنظر لقضية معينة بأنها تستدعي تدخال عاما في ظل تنامي صراعات المصالح
والصعوبات االجتماعية والتطلعات من كل األنواع.
إن البحث عن تحقيق الفعالية يستدعي اللجوء إلى تقييم نشاطات الدولة ،وباألخص تلك التي
1
تمت ترجمتها إلى أهداف ووسائل والمقصود بها السياسات العمومية.
لقد أثبتت التجارب السياسية حتى اآلن أن إدراج قضية مجتمعية في األجندة السياسية للسلطات
الع مومية كانت وطنية أو محلية ،يكون إما نتيجة مبادرة الفاعلين السياسيين ،عندما يتعلق األمر بقضايا
قد يؤدي رفض تحمل أعبائها في لحظة معينة إلى اإلضرار بشرعيتهم السياسية ،فال يمكن لحكومة مثال
أن تتجاهل بشكل مستمر حركة إضراب على الصعيد الوطني ،واما نتيجة وجود مطالب جماعية انتقلت
إلى مستوى المطلب السياسي المنظم ،بفعل وجود دعم منظم ومتنام من طرف الفاعلين االجتماعيين،
كالجمعيات والنقابات أو غيرها من الحركات االجتماعية المنظمة ،حين ذاك يمكن للسلطة أن تأخذ هذه
المطالب في الحسبان ما لم يكن هناك إجماع سلبي لدى األجهزة التقريرية بهدف منع وصول قضية
خطيرة أو حساسة إلى األجندة السياسية.
غير أن المرحلة األهم في السياسات العمومية تبقى هي مرحلة التدخل ،ويتعلق األمر بصيرورة
اإلعداد والتنفيذ والتقويم ،حيث يتأثر االستخدام الملموس للسياسات العامة بعدد من المعطيات ،كالتحديد
الدقيق للقضا يا التي يراد التدخل فيها أو تدبيرها ،والموارد المتوفرة بشكل طاقة بشرية ومادية وسيناريوهات
الحلول التي يمكن تصورها ،وفرص النجاح التي توفرها الظروف أثناء لحظة التدخل ،وكذلك بمدى القبول
أو الدعم االجتماعي لها.
إن تقييما موضوعيا للسياسات العمومية بالجزائر يسمح لنا بتشخيص أفضل ألسباب عدم فعاليتها
والمتمثلة على وجه التحديد في غياب استراتيجية واضحة للسياسات العامة والمركزية المفرطة وغياب
التقويم والمتابعة باإلضافة إلى ضعف البعد التشاركي.
-المركزية المفرطة
1
Jacques FONTANEL : Evaluation des politiques publiques, OPU, 2005, p 28.
011
إذا كان تدبير المجال الترابي في الماضي قد جاء كاستجابة إلرادة التأطير السياسي/األمني ،أكثر
مما شكل انشغاال بمالءمة التدبير العمومي مع ضرورات التنمية المحلية ،فإنه لم يعد من المقبول اليوم
أن تقوم الدولة المركزية بإدارة كل شيء بنفسها ،بما في ذلك تدبير السياسات العمومية ،بل لقد بات خيار
الالمركزية وتحرير قدرة المبادرة اإلدارية لدى المنتخبين المحليين مدخال ال غنى عنه لتحقيق أهداف
التنمية ،وذلك من خالل إعادة تحديد دور السلطات المركزية في اتجاه انتقال مزيد من الصالحيات
واالختصاصات لفائدة الجماعات المحلية والهيئات الالمركزية ،لكن السؤال الذي يطرح هنا يتعلق بما إذا
كانت الدولة المتمركزة والمتشبعة بالتدبير البيروقراطي مهيأة لتبني تصور ترابي مندمج للسياسات
العمومية.
وفي نفس السياق لم يكن البعد التشاركي حاض ار في صيرورة إعداد وتنفيذ السياسات العمومية ببالدنا،
ذلك أن عدم إشراك المواطنين واستشارتهم في المشاريع التنموية التي تعنيهم بالدرجة األولى جعل كثي ار
من هذه المشاريع إنجازات غير مكتملة ،أو اتضح فيما بعد أنها ال تناسب الحاجيات الحقيقية للمعنيين
بها ،إن التدبير الجيد للسياسات العمومية ينبغي أن يرتكز أساسا على الدعم الذي يمكن أن تحظى به من
طرف الفئات االجتماعية المعنية بها ومدى قابليتها للمساهمة في تنفيذها.
و الزال موضوع تقي يم السياسات العمومية لم يجد موضعا ثابتا ومعترفا به في المشهد اإلداري
والعلمي الوطني ،ذلك أن اعتماد المؤشرات الكمية واإلحصائية ومقارنة النتائج المحصل عليها باألهداف
المعلنة ال يأخذ في الحسبان تقويم الفوائد االجتماعية واآلثار الحقيقية لسياسة عمومية معينة ،ومدى
مالءمتها الحتياجات المواطنين وانتظا ار تهم ،بل إن واقع تدبير السياسات العمومية في الجزائر يكشف لنا
أن عددا من المشاريع والبرامج كانت غير منتجة (في التعليم خصوصا )وكان باإلمكان إعادة صياغتها
وتوجيهها في الوقت المناسب لو كانت تتوفر على هياكل وبنيات للتقويم ،ونفس الشيء ينطبق على
مشاريع اإلصالح اإلداري التي باتت في حاجة ماسة لتقييم حقيقي ينطلق من مدى فعاليتها ومالءمتها،
وليس من استطالعات الرأي التي تجريها الو ازرة المعنية.
فتقييم السياسات العمومية في الجزائر هو من ضمن أبرز انشغاالت السلطات العمومية التي
1
تمكن من حساب التأثيؤ االقتصادي واالجتماعي للسياسات الموضوعة حيز التنفيذ.
وأخيرا ،إنه ال حاجة للتذكير بأن تقييم السياسات العمومية ببالدنا أصبح اليوم مطلبا مجتمعيا
ملحا ،ومدخال حقيقيا إلرساء قواعد حكم راشد محليا ووطنيا ،ذلك أن السلطات العمومية بحاجة للتوفر
على مؤشرات حقيقية تسمح بعقلنة عملها وتدبير وسائلها بشكل أمثل ،وتمكن من تقييم اآلثار الحقيقة
لبرامجها وسياساتها التنموية.
1الحلقة الدراسة الجهوية المنظمة من قبل المفتشية العامة للمالية يومي 28و 29جويلية 2002حول تقييم السياسات العمومية.
011
إن عدم استقرار الخيارات الحكومية نتيجة كثرة التعديالت الو ازرية وتغيير الحكومات ،يعطي
االنطباع بوجود نظام تقريري يجسد رد الفعل أكثر من الفعل ،ويبدو بالفعل أن السياسات العمومية
المعتمدة ال تعمر طويال ،الشيء الذي يجعل اإلصالحات المنجزة تبدو كما لو كانت ذات طبيعة ظرفية
وليست هيكلية هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإن ارتفاع عدد الوزراء داخل نفس التركيبة الحكومية،
يجعل وضع وتنفيذ السياسات العمومية أكثر تعقيدا ،ذلك أنه بالرغم من كون السياسة العامة تتميز بأنها
سياسة قطاعية ،فإن موضوعها هو إدارة «عدم تطابق» هذا القطاع مع محيطه أي مع باقي القطاعات
األخرى ،األمر الذي يتطلب من السياسات الحكومية وضع استراتيجية واضحة وشاملة ال تنظر لسياسة
قطاعية معينة إال في عالقتها مع ما يجري في باقي القطاعات.
كقاعدة عامة ،تعتمد الدولة على الميزانية العامة كوسيلة لتنفيذ مختلف سياساتها ،غير أن ما
الحظناه من خالل النظام الميزاني الجزائري هو أن العديد من هذه السياسات ،لكي ال نقول جلها،
أصبحت تنفذ عن طريق حسابات التخصيص الخاص التي تعرفها المادة 95من القانون 89/18المتعلق
بقوانين المالية بأنها تلك العمليات الممولة بموارد خاصة ،حيث أن هذه األخيرة عرفت تزايدا مستم ار
تماشيا مع كثافة و أهمية اإلصالحات التي عرفتها الجزائر ،مما يدفعنا للقول أن الجزائر قد فضلت
استعمال هذه األداة -أي حسابات التخصيص الخاص -كوسيلة للتدخل في الميدان االقتصادي و
االجتماعي للبالد عوض الميزانية العامة للدولة .في حين أانه يفترض اللجوء إليها استثناء لتنفيذ عمليات
مالية للدولة ذات طبيعة خاصة ال يمكن إدراجها ضمن عمليات الميزانية .فلقد انتقلت حسابات
التخصيص الخاص من مجرد استثناء عن الميزانية العامة للدولة لتصبح أداة مفضلة من طرف
المسؤولين لتنفيذ السياسات العمومية.
برزت أهمية حسابات التخصيص الخاص في الجزائر من خالل اإلصالحات االقتصادية التي
أعقبت األزمة االقتصادية التي أثرت بشدة على المناخ المالي والميزاني.
إن الفكرة األساسية لحسابات التخصيص الخاص 1تقوم على أساس القيام بتخصيص إيرادات
لتغطية نفقات غير موجهة لحاجات عمومية عادية ودائمة تلتزم بها السلطات العمومية.
ظهرت العديد من المحاوالت لتقنين حسابات التخصيص الخاص في فرنسا نذكر منها القانون 8589/25/05الذي نص على المراقبة
1
الدورية للحسابات في كل ثالثة أشهر مع إرسال وضعيتها للبرلمان .و أشار قانون 8508/28/22في مادته 28إلى أن حسابات التخصيص
يرخص بها و تنفذ طبقا للقوانين و التنظيمات المعمول بها فيما يخص إيرادات و نفقات الميزانية العامة للدولة ،غير أن الترخيص التشريعي كان
على المبدأ فقط و لكن تنفيذها في كل سنة يتم دون ترخيص .وظهر عدد من اإلصالحات التي أفضت إلى إضفاء الطابع القانوني على حسابات
التخصيص الخاص و إدماجها في قانون المالية ،و أصبحت شيئا فشيئا تخضع إلى قواعد الميزانية مع المحافظة على خصوصيتها و يندرج ذلك
011
بدأت تظهر تجاوزات عن هذه الفكرة في بداية الخمسينات حين قامت الدولة تمويل بعض
العمليات المالية االقتصادية واالجتماعية عن طريق حسابات خاصة بالخزينة في شكل قروض مما أدى
وهكذا يبدو إلى زيادة العبء على الخزينة وتبذير األموال ،خاصة في ظـل غياب رقابة البرلمان
جليا أن حسابات التخصيص الخاص قد عرفت انحرافا عن األساس النظري لظهورها وهو االرتباط بينً
1
اإليرادات والنفقات.
كما تم تعريفها سابقا فإن حسابات التخصيص الخاص تسجل العمليات الممولة بواسطة الموارد
الخاصة على اثر إصدار حكم في قانون المالية استنادا لنص المادة 95من القانون 89-18تعتبر هذه
الحسابات استثناء لقاعدة عدم تخصيص الموارد لذلك يتم اللجوء إليها في ظروف استثنائية من أجل
تحقيق غايات معنية.
غير أن واقع التسيير الميزاني يبين غير ذلك إذ أن استعمال حسابات التخصيص الخاص في
تزايد مستمر ال يعكس على اإلطالق استثناء لقاعدة معمول بها في المالية العمومية.
وقد جيء بتعريف جديد لحسابات التخصيص الخاص و الذي يجسد مفهوم البرنامج والتسيير عن
طريق األهداف مما يسمح بتقييم فعالية العمليات المنفذة عن طريق حسابات التخصيص الخاص في
قانون المالية لسنة ،0222حيث ينص في المادة 98منه" حسابات التخصيص الخاص تمثل برامج
عمل معد من طرف اآلمرين بالصرف المعنيين ،حيث يحدد لكل حساب األهداف المسطرة والمنتظرة وكذا
ضمن اإلصالحات القانونية التي تمت منذ سنة 8581إلى غاية 8595و تجسدت ميدانيا من خالل تخفيض عدد الحسابات خاصة عن طريق
قانوني 5جانفي 8581و 1مارس 8585إما بإلغاء العديد من الحسابات أو القيام بإدماجها ،كما شملت اإلصالحات تقوية الرقابة على حسابات
التخصيص الخاص و ترجع فكرة الرقابة إلى كون عملياتها تمس الذمة المالية للــدولة ،و ذلك من خالل إخضاعها إلى اإلجراءات المطبقة على
الميزانية العامة للدولة لتفعيل رقابة البرلمان سواء على الحسابات من حيث المبدأ بالنسبة لإليرادات و النفقات أو من حيث الحجم كما قال األستاذ
قوزار أنه ال يمكن فتحها إال بترخيص من البرلـمان .استهدفت اإلصالحات اإلجراءات التي تمر بها الحسابات ،فلقد كان الطابع األساسي لها هو
خرق مبدأ الوحدة و الوضوح و الخروج عن مبادئ التقرير و التصويت السنوي المطبق على الميزانية العامة للدولة ،فظهرت ضرورة اإلصالح و
إخضاعها إلى قواعد الميزانية و هذا ما جاء في المــادة 08من األمر 20 /95التي تنص على أن الحسابات الخاصة بالخزينة مقررة و مرخص
بها و منفذة ضمن نفس الشروط المطبقة على الميزانية العامة لدولة.
1حابسة عادل :الرقابة البرلمانية للمالية العمومية في الجزائر ،مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير في القانون ،كلية الحقوق بن عكنون،
،2100ص .11
011
أجال اإلنجاز" ويضيف في الفقرة الثالثة منها أن "حسابات التخصيص الخاص تكون محل متابعة ومراقبة
من طرف وزير المالية و اآلمرين بالصرف المعنيين "
من خالل هذه المادة يمكن أن نستخرج الميزات الجديدة لحسابات التخصيص الخاص والتي
تتمثل في :
من خالل هذه العناصر نستنتج أن المفهوم الجديد لحسابات التخصيص الخاص يقترب كثي ار
من عناصر اإلصالحات المرجوة من النظام الميزاني المعمول به في عدة دول ،وبهذا فان حسابات
التخصيص الخاص تسمح أكثر من النظام الميزانية المعمول بها حاليا في الجزائر بتجسيد وتقييم فعالية
1
النشاط العمومي( السياسات العمومية ).
تعرف السياسات العمومية بأنها مجموعة من البرامج أو التدابير تتخذ في إطار محيط اجتماعي،
اقتصادي ،ومؤسساتي و تتحقق عند تنفيذها منجزات و نتائج و آثار .كما يمكن تعريفها على أنها
مجموعة من النشاطات والبرامج المنفذة من سلطة أو عدة سلطات عمومية لمعالجة حاالت تعتبر
إشكالية ،ولقد استعملت حسابات التخصيص الخاص كأداة لتنفيذ السياسات العمومية وأبرزها يظهر في
المجال االقتصادي حيث رافقت اإلصالحات االقتصادية خاصة بعد أزمة ،8515بدأ بإصالح
المؤسسات في سنة ،8511حيث ظهرت إرادة سياسية حقيقية في تبني إصالحات فعالة خاصة مع
مجيء الحكومة الجديدة و التي نادت بضرورة تبني اقتصاديات السوق الحر.
و جسدت هذه األخيرة من خالل منظومة قانونية متكاملة – قوانين – 8511خاصة منها القانون
28-11المؤرخ في 0جانفي 8511و المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الجزائرية ,و
الذي أهم ما جاء به هو عزل المؤسسة عن مالكها و هي الدولة .فأصبحت للمؤسسة العمومية شخصية
معنوية و مالية مستقلة عن الدولة ،و مؤسسة تحكمها القواعد التجارية ،و التي أصبحت تسمى بموجب
هذا القانون بالمؤسسات العمومية االقتصادية.
و قد انشىء في هذا اإلطار حساب التخصيص الخاص رقم 220-298 :المسمى "صندوق
تطبيق استقاللية المؤسسات العمومية" بموجب القانون رقم 25-11و المتعلق بقانون المالية لسنة
011
،8515و المطبق بالمرسوم التنفيذي 828-52المؤرخ في 09مارس 8552والمتعلق بإجراء العمليات
المالية الموجهة إلى المساهمات اإلضافية في شكل راس مال والمخصصة لفائدة المؤسسات العمومية
االقتصادية خالل عملية انتقالها إلى االستقاللية.
ومن أجل تحقيق أكثر لقواعد استقاللية للمؤسسات العمومية ,قامت الدولة بالتخلي عن ديونها
المترتبة على المؤسسات العمومية و ذلك من خالل المرسوم التنفيذي رقم 828-52المؤرخ في 09
مارس 8552و المتعلق بتحويل ديون الخزينة المترتبة على المؤسسات العمومية إلى قيم منقولة و
تجميدها و يبين شروط إصدارها .وقد تم غلق هذا الحساب بموجب قانون المالية لسنة ( 0222المادة
.)82
لكن نظ ار لالختالالت المالية التي عرفتها المؤسسات العمومية آنذاك بسبب تسييرها اإلداري و
تميزها بانعدام الرأس المال االجتماعي و الديون الخانقة ،كان ال بد أوال و قبل كل شيء إعادة التوازنات
المالية لهذه األخيرة من خالل التطهير المالي و ذلك للسماح للمؤسسة بالنهوض من جديد ضمن شروط
تسمح لها بالتنافسية و مواجهة األسواق األجنبية.
و في هذا اإلطار تم تدعيم سياسة مرافقة المؤسسات العمومية للتوجه لتحقيق أكثر الستقاللية
المؤسسات العمومية بحساب تخصيص ثان و المتمثل في الصندوق رقم 220-252 :المسمى" صندوق
تطهير المؤسسات العمومية " المنشئ بموجب المادة 95و 882من القانون رقم 25-52و المؤرخ في
88ديسمبر 8552المتعلق بقانون المالية لسنة .8558و الذي حدد سيره بموجب المرسوم التنفيذي
99-58المؤرخ في 85مارس .8558
و في سنة 8558و نتيجة لتطبيق برامج التعديالت الهيكلية المفروضة من طرف المؤسسات
المالية الدولية -اتفاقية ستاند باي ،-التي تمثلت كإجراء ال مفر منه لتجاوز أزمة المديونية ومحاولة
الرجوع إلى التوازنات الكبرى ،بسبب االختناق المالي الذي وصلت إليه الجزائر أواخر سنة .8558أصبح
من الضروري تطبيق سياسة الميزانية و التي تهدف إلى التقليل من اإلنفاق العمومي ،فكان لزاما على
الدولة الجزائرية التخلي عن كل إنفاق من شانه زيادة العجز في ميزانيتها ،و من بين اإلجراءات التي
اتخذتها في هذا اإلطار هو حل كل المؤسسات غير اإلستراتيجية و التي تتميز باختالالت مالية كبيرة .و
في هذا اإلطار تم إنشاء صندوق التخصيص الخاص رقم 220-295المتعلق بـ" تصفية المؤسسات
العمومية" بموجب قانون المالية لسنة - 8558المادة -898
و لدعم سياسة الخوصصة هته تم فتح حساب التخصيص الخاص رقم 220-212المسمى
"اإليرادات المحصلة من عملية الخوصصة" بموجب قانون المالية لسنة .8559
014
كما استعملت حسابات التخصيص الخاص في مجال الفالحة انطالقا من محاوالت اإلصالح في
الميدان الفالحي ،منذ استرجاع األراضي الزراعية االستعمارية غداة االستقالل ،وتمهيدا للدخول في
دينامكية االقتصاد العالمي ،أطلقت الحكومة منذ سنة 0222مخططا وطنيا للتنمية الفالحية ،كما
تمّ إنشاء الصندوق الوطني للتنمية الفالحية بموجب قانون المالية لسنة 8511واختص بكل النفقات
المتعلقة بتشجيع وترقية المنتجات الحيوانية والنباتية .ويتم تمويل هذا الصندوق عن طريق تخصيصات
ميزانية الدولة ،وقد بلغ رصيده بتاريخ 8559/80/28حوالي 8.105.998.002.24دينار.
باإلضافة إلى إنشاء صندوق تعويض الثورة الزراعية بموجب قانون المالية لسنة 8511وصندوق
ضمان اإلنتاج الزراعي بموجب المادة 18من قانون المالية لسنة 8550ويتعلق بكل اإلعانات الخاصة
1
بتحقيق التوازن بين السعر األدنى المرجعي للمنتجات الزراعية والمردودية الزراعية.
إن المالحظ في كيفية استعمال حسابات التخصيص الخاص أن هناك تجاوزات تتناقض وفكرة
تحقيق وقياس الفعالية ،ففي غياب حدود وشروط لفتح حسابات التخصيص الخاص أصبح معظم الوزراء
يلجؤون إلى استخدامها كوسيلة مفضلة لتسيير قطاعهم ،وهذا ما يؤدي إلى إنشاء بعض الحسابات بدون
هدف واضح ،وال تعبر عن برنامج واضح المعالم.
كما تم انشاء العديد من الحسابات من بينها صندوق استصالح األراضي عن طريق االمتياز الذي أنشئ بموجب قانون المالية لسنة ،8551
1
والذي غيرت تسميته الحقا ليصبح "صندوق التنمية الريفية واستصالح األراضي عن طريق االمتياز" وذلك سنة . 0220
صندوق تطوير وحماية الصحة الحيوانية والنباتية:
أنشئ هذا الحساب عن طريق دمج حسابين سابقين ,بموجب قانون المالية لسنة ,0228ويخص هذا الحساب النفقات المتعلقة بتنمية الصحة
الحيوانية والوقاية من أجل الحفاظ على الثروة النباتية.
صندوق مكافحة التصحر وتنمية وتطوير السهوب:
أنشئ هذا الحساب سنة 0220ويتعلق بمكافحة التصحر وتنمية وتطوير السهوب.
صندوق تنمية الهضاب العليا:
أن صندوق تنمية الهضاب العليا أنشأ عن طريق القانون رقم 00-22المؤرخ في 01ديسمبر 0222المتضمن قانون المالية لسنة .0228
و كان الهدف من إنشاء هذا الصندوق هو التمويل الكلي أو الجزئي لبرامج و مشاريع الهياكل القاعدية للتنمية و كذا دعم االستثمار اإلنتاجي في
الهضاب العليا
.الصندوق الخاص لتطوير مناطق الجنوب:
بموجب المادة 19من القانون 20/59الـمؤرخ في 28ديسمبر 8559المتضمن قانون المالية لسنة .8551
011
من المالحظ كذلك أن بعض الحسابات تفتح في قوانين المالية ،دون أن يتبعها إصدار نصوص
تنظيمية تطبيقية توضح كيفية تنفيذها واستعمالها ،إال بعد مرور فترة طويلة وهذا ما يؤدي إلى عدم
تنفيذها ،وبالتالي تجميد األموال المخصصة لها.1
كما ال يوجد اختالف بين إجراءات تنفيذ نفقات الميزانية العامة للدولة ،وتلك المستخدمة في تنفيذ
حسابات التخصيص الخاص ( فقط فيما يخص تمديد الباقي) ،وبالتالي نسجل غياب المرونة المطلوبة.
وكذلك األمر بالنسبة للرقابة إذ ال توجد إجراءات خاصة تسمح بمتابعة ورقابة تسيير حسابات
التخصيص الخاص بصورة أكثر فعالية ،خاصة وان تسيير العديد من هذه الحسابات يعود إلى اختصاص
الهيئات ذات التسيير الخاص التي تتمتع باالستقاللية مما يجعل الرقابة أكثر صعوبة ،خاصة مع غياب
االتصال على جميع المستويات ،هذا ما يعرقل تحقيق األهداف المسطرة خاصة إذا كانت أهدافا ذات
طابع أفقي.
ولكن من جهة أخرى فإن حسابات التخصيص الخاص تضمنت سياسات ذات أهمية بالغة التأثير
على الجانب االقتصادي واالجتماعي للبالد ،تجسدت في شكل برامج ومخططات ذات أهداف محددة.
وأهم هذه البرامج :برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي الذي يستجيب أكثر لمطلب الفعالية ،باعتباره
يقوم على أساس أهداف مسطرة على المدى المتوسط وكذا إستراتيجية واضحة وآجال محددة.
غير أ نه ومع النتائج االيجابية المحققة كتحقيق نسبة نمو اقتصادي بلغت %5وكذا فتح مناصب
شغل وبناء منشئات قاعدية هامة إال أن سوء تسيير البرنامج حال دون تحقيق األهداف المرسومة بصفة
شاملة .إذ أن نسبة كبيرة من األموال التي خصصت للبرنامج تم استهالكها مؤخ ار بصفة عشوائية لكي ال
تلغى مع نهاية البرنامج.
باإلضافة إلى هذا فان ضعف الرقابة واجراءات المتابعة بصفة صارمة وكذا الدراسات الكاملة
حول المشاريع المختارة والوسائل والطرق المستعملة لتنفيذها حال دون تحقيق الفعالية المرجوة .وفي هذا
السياق نذكر أن مجلس المحاسبة في تقريره لسنة 19952انتقد كيفية تسيير الحسابات الخاصة بالخزينة،
حيث ذكر " ضعف تسيير العمليات المتعلقة بالحسابات الخاصة للخزينة بحيث ال تتم متابعتها وتصفيتها
كما يرام وهذا سواء فيما يخص حسابات التخصيص الخاص أو حسابات القروض والتسبيقات" ،كما
يضيف "أبرزت عمليات التدقيق المتتالية التي قام بها مجلس المحاسبة عدة نقائص وعيوب تم اخطارها
أفضل مثال لهذه الحالة" ،الصندوق الوطني للسكن " .إذ استفاد هذا الصندوق خالل العشر سنوات األخيرة من 011مليون دينار على شكل -1
تخصيصات من الميزانية أي بنسبة %12,44حيث كلف الصندوق الوطني للسكن " "CNLبتسييرها غير أن غياب برنامج خـاص للتنفيذ ،منع
هذه األخيرة من استعمال هذه المبالغ .وكذلك فان هذه المبالغ كانت توظف على مستوى المؤسسات المالية المتخصصة ما بين 0441و 2111
وقد أنتجت هذه التوظيفات مليارين دينار جزائري من الفوائد.
2تقرير مجلس المحاسبة لسنة 1995المنشور في الجريدة الرسمية رقم 76لسنة .1997
010
إلى المصالح المعنية (ضعف التنظيم ،تعدد الحسابات ،تباين المحاسبات ،أخطاء )...إن أهمية الرصيد
السلبي الوارد في حسابات التخصيص الخاص بمبلغ 37مليار دج والديون العالقة الواردة في حساب
القروض والتسبيقات بمبلغ 377مليار دج (مجمعة إلى ديسمبر )1993تعكس قلة االهتمام بتطهير هذه
العمليات.
وقد أشار المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي لدى زيارته للجزائر في مارس 0225وان كان
قد اعترف بالنتائج اإليجابية التي تم التوصل إليها ،فإنه أشار إلى ضرورة العمل على تحقيق فعالية
وشفافية النظام المالي الجزائري واعادة االعتبار لدور البرلمان واعالم الجمهور.
الهدف األساسي الذي تسعى إليه الدولة من خالل وضع نظام لرقابة النفقات العمومية هو تحقيق
التحكم في اإلنفاق من جهة وحماية األموال العمومية من التبذير والتالعب من جهة أخرى .إال أن ذلك ال
ينحصر في توجيه النفقات وتوزيعها على القطاعات بحسب األولويات المسطرة فحسب ،وانما يتعداه إلى
البحث عن الوسائل والطرق التي تجعل من النفقة العمومية ذات مردودية أكثر ،ولكن التساؤل الذي يطرح
نفسه هنا هو :ما هي الطريقة السليمة المبنية على األسس العلمية لحساب هذه المردودية؟
إن مردودية مجلس المحاسبة مثال على المؤسسات واإلدارات العمومية ليست لها طبيعة مادية
وبالتالي هي غير قابلة للتعداد الرقمي ،وانما تتجلى في طبيعة اجتماعية تترجم في حماية األموال
العمومية.
وسنتناول خالل هذا المبحث الوسائل والطرق التي بإمكانها تعزيز الرقابة وتحقيق الفعالية المرجوة
من النفقة العمومية وهذا من خالل تناول رقابة التقييم كأسلوب البد منه (المطلب األول) والتطرق إلى
اآلليات الجديدة التي اعتمدها النظام الجزائري بغية تحقيق فعالية النفقة (المطلب الثاني).
إن تبني التقييم في الرقابة على النفقات العمومية يستدعي كل سلطة من السلطات إلى ممارسة
مهامها بكل شفافية والتزام ،حتى تتمكن كل سلطة من الحرص على القيام بواجباتها ووضع حد السلطات
األخرى التي قد تتجاوز الصالحيات الموكلة لها.
ويعد تقييم نتائج العمل اإلداري و تقييم السلطات العمومية واحد من األهداف التي يرتكز عليها
تجديد المرفق العمومي.1
1الحلقة الدراسية الجهوية المنظمة من قبل المفتشية العامة للمالية يومي 01و 05جويلية 0220حول تقييم السياسات العمومية.
012
وبغية وضع نظام رقابي فعال قائم على المطابقة ومعتمدا على تقييم الفعالية ال بد من تعزيز
الرقابة البرلمانية ،كما أنه من الضروري خلق تعاون بين البرلمان ومجلس المحاسبة لوضع رقابة شاملة
وذات فعالية ،كما سنتناول في هذا الصدد اإلصالحات الجديدة التي دعمت رقابة التقييم إلى جانب
المطابقة.
تطرقنا للحديث في الفصل األول من هذا البحث إلى الحديث عن الرقابة البرلمانية التي ال تتعدى
أن تكون شكلية سواء منها القبلية ،اآلنية أو الالحقة .وهذا واضح ويبرز من خالل العديد من الظواهر
التي باتت اليوم تجعل السلطة التشريعية فارغة من محتواها .ونذكر على سبيل المثال المصادقة الشكلية
على قوانين المالية ،إضافة إلى العديد من الظواهر التي تزيد في فقدان هذه السلطة لهيبتها .ومن هنا
ارتأينا ضرورة الحديث عن السبل التي يمكن من خاللها للبرلمان أن يضمن االستعمال الحسن لألموال
العمومية ،وهذا يتجلى من خالل المحافظة على المفهوم الحقيقي للرخصة المالية واحترامها ،وكذا استعادة
سلطة التشريع في المجال المالي تكريس التعاون بين البرلمان ومجلس المحاسبة.
نتحدث دوما عن الرقابة وعن وسائلها ،كما نقول أنه من الضروري وضع حد لتالعبات السلطة
التنفيذية فيما يتعلق بتبديد األموال العمومية ،لكن الهدف األصلي للرقابة ال يتم التحدث عنه .الترخيص
المالي الذي يمنحه البرلمان ،هل حقيقة تحترم السلطة التنفيذية هذه الرخصة؟
طبعا اإلجابة واضحة وتتضح أكثر من خالل إلقاء نظرة في بعض الجرائد الرسمية التي تحمل
معظمها مراسيم تحويل االعتمادات.
إن تنفيذ الميزانية يبتعد أكثر فأكثر عن تطبيق رخصة البرلمان ،وهذا سواء من خالل مراسيم
التحويل أو ق اررات النقل التي تمارسها السلطة التنفيذية خالل السنة .في حين أنه من المفترض أن تكون
الرقابة على تطبيق قوانين المالية الممارسة من قبل البرلمان تحتل المرتبة األولى ،حيث أنه هو من أقر
1
ورخص بتطبيق عمليات اإليرادات والنفقات ،ويتابع سيرها ومن ثمة يقيم التطبيق النهائي للميزانية.
إن الرخصة المالية هي نتيجة ومكسب لسيرورة تاريخية تميزت بدايتها باستبداد العرش في فرض
الضرائب واالكتفاء باإلنفاق العمومي المخصص لحمايته من الغزو األجنبي مكتفيا عند حدود مفهوم
1
Michel Bouvier, Marie Christine Esclassan, Jean- Pierre Lassale : op.cit. p 424 .
011
الدولة الحارسة ،1لذا البد أن تحرص السلطة التشريعية على رقابة هذه الرخصة وعدم التفريط في هذا
الحق بتفعيل كل الوسائل التي تمتلكها.
عمليا تتولى المديرية العامة للميزانية بالتعاون مع المديرية العامة للمحاسبة متابعة تنفيذ الميزانية،
حي ث يتم تسجيل كل التحويالت وتوزيع االعتمادات وأي حركة تط أر عليها ،وكذا استهالك كل و ازرة ،وهذا
ما يسمح بمقارنة هذه المعطيات طوال السنة مع اإليرادات من أجل إعداد الرصيد المتوقع التنفيذ.
غير أن المالحظ هو أن هذا الرصيد يكون في بعض األحيان بعيدا كل البعد عن الرصيد المتوقع
في قانون المالية ،حيث تتخذ الحكومة تدابير إدارية تقضي بتعديل الوضع كإلغاء االعتمادات أو تحويلها.
ويظهر جليا أن الحكومة تفضل استعمال التنظيم كوسيلة أولى لتعديل االعتمادات الميزانية وهذا
ما يخرجها عن دائرة رقابة البرلمان ،األمر الذي يثير العديد من االنتقادات حيث أن هذا اإلجراء يؤدي
إلى تجريد االعتمادات من بعض مدلوالتها وأهدافها ،ومن أجل ضمان وضوح أكبر ومتابعة فعلية لمسار
االعتمادات ،يظهر من الضروري أن يكون التقديم الشكلي والمادي لقانون المالية متطابقا إلى حد كبير
مع قانون ضبط الميزانية ،على الرغم من أن الممارسة لم تفرز سوى قانون أو اثنين لضبط الميزانية ،غير
أن هذا ال يمنع من احترام الترخيص المالي السابق.
كما نضيف في هذا اإلطار قوانين المالية التكميلية أو التعديلية التي أصبحت عادة وكأن قانون
المالية السنوي فقد طابع السنوية ،إذ تتحجج الحكومة بأسباب وهمية بغية إدخال تعديالت جوهرية في
قانون المالية السنوي ،واألدهى من ذلك أنها عادة ما تختار فترة عطلة البرلمان لتمرر ق اررات وسيايات
ضخمة تستبعد فيها السلطة المختصة بالتشريع ليتم إصدارها بأوامر .وبواسطة هذه القوانين نقول أن
الترخيص المالي الذي سبق وأن منحه البرلمان يفقد معناه ،إذ يمس قانون المالية التكميلي ليس فقط
جانب اإلي رادات والنفقات ،بل يتعداه إلى سن قوانين وتعديل أخرى وهذا ما يمس بمصداقية الجهاز
التشريعي خاصة إذا علمنا أنه من المستحيل أن يرفض البرلمان الموافقة على هذا القانون إذ وفقا للمادة
808من الدس تور التي لم يسمح بمناقشة األوامر بل تطرقت إلى مفهوم الموافقةـ فإما أن توافق أو ال
توافق.
هذا التوجه السياسي بات اليوم يثير الكثير من األسئلة عن مهام المؤسسة التشريعية وعن التقاليد
الديمقراطية التي تحتكم فيها السلطة التنفيذية إلى السلطة التشريعية ،ومن المفارقات أن تقاليدنا الديمقراطية
تحولت إلى مفاهيم مقلوبة حيث باتت السلطة التشريعية تستجدي عطف الحكومة ،وعليه أصبح بمقدور
أي وزير رمي اإلجابة الشفوية وهذا أضعف ما يمكن للبرلمان القيام به عندنا في وجه النواب وتعنيف
السائل واتهامه بالمزايدة الحزبية والسياسة ''السياسوية'' على حد تعبير بعض المسؤولين عندنا.
1
Luc Saidj: la loi de règlement et le développement du contrôle parlementaire de la restauration à nos jours,
RFFP, N°51, 1995, p171.
011
الفقرة الثانية :استعادة سلطة التشريع في المجال المالي:
إن مكانة السلطة التشريعية اليوم ال توحي أبدا بتكريس ديمقراطي ،إذ تفتقر إلى مقومات هذه
األخيرة نظ ار ألنها حقيقة تمتلك وسائل دستورية غير أن الممارسة لم تسمح لها بتجسيد هذه الوسائل.
فقد أقر الدستور التشريع من قبل البرلمان لكن الواقع يقول غير ذلك ،فقد انفردت السلطة التنفيذية
في التشريع المالي وفرضت ما يحلو لها ،كما تمكنت من تمرير بوسائل قانونية كل ما تريد.
وحتى خارج نطاق المالية العمومية نجد أن السلطة التنفيذية تمرر الق اررات االقتصادية الكبرى
خارج اإلطار التشريعي بواسطة األوامر ،المراسيم والتعليمات والتوصيات أفرغت الممارسة السياسية من
قيمها وبعدها الحقيقي ،وهذا ما يمس بمصداقية تلك الق اررات ويهز ثقة الشركاء في المنتديات االقتصادية،
ألنه ال أحد يمكن أن يعلم طبيعة التوجه االقتصادي للحكومة التي تتبنى ق اررات اقتصادية بشكل انفرادي
بعيدا عن النقاش العام في الداخل وفي الفضاءات اإلعالمية والسياسية والتشريعية مما يدعو إلى القلق
لدى أكثر من طرف.1
إن نجاعة النظام الرقابي اليوم تستدعي الوقوف عند هذا الجهاز وضرورة النظر في مستوى آدائه
الذي ال أصبح أكثر من ضئيل ،لذا البد من تفعيل دوره عن طريق تعزيز استقالليته ،وهذا األمر ال يمكن
أن يتحقق إال من خالل إجراءات جذرية تتعلق في بعضها بطبيعة القانون االنتخابي الذي يجب أن يؤمن
نزاهة االنتخابات التشريعية بما يتيح للشعب حسن اختيار ممثليه ومحاسبتهم في صناديق االقتراع الحقاً.
إذ البد من إشراك السلطة التشريعية في عملية إعداد ومناقشة الميزانية العامة أو باألحرى قوانين
المالية باإلضافة إلى تفعيل الرقابة خالل تنفيذ الميزانية ،والرقابة البعدية المتمثلة في قانون ضبط
الميزانية .وهذا يتم من خالل تطوير وتفعيل عمل اللجان النيابية سواء منها الدائمة أو لجان التحقيق
بحيث تكون لديها سلطة حقيقية إلحالة قضايا الفساد التي تكشفها األجهزة الرقابية والتي تعرضها في
تقاريرها المقدمة للجنة ،إلى القضاء مباشرة .كما ينبغي أن تكون لديها سلطة استجواب رئيس الوزراء
في هذا النطاق يجدر بنا الحديث عن قوانين المالية التكميلية التي أصبحت عادة وفقدت طابع السنوية ،واألدهى من ذلك أنها تمرر خالل فترة 1
عطلة البرلمان أي بوا سطة أوامر مما يزيد الطين بلة إذ ال يتم حتى مناقشتها على مستوى البرلمان ،إضافة إلى أنها تحمل تغييرات جوهرية في
قانون المالية السنوي مثلما حدث مع قانون المالية التكميلي لسنة 0221أين تم إحداث الضريبة المتعلقة باقتناء السيارات ،إذ لم يتمكن البرلمان
من منع هذ ه القاعدة التي حملها هذا القانون التكميلي ألنه صدر بأمر رئاسي وتمت المصادقة عليه في الدورة الموالية للبرلمان ولكن كما نعلم ال تتم
المصادقة على األوامر مادة بمادة بل تتم المصادقة عليها جملة أي كاملة .كما أن قوانين المالية التكميلية تحمل العديد من القواعد التي تمس
المجال االقتصادي والتي تحدث تغييرات جوهرية فيها مثلما هو الحال مع قوانين االستثمار ،إذ يذكر الكثير من المستثمرين أنهم يمسكون بطونهم
عندما يسمعون قروب صدور قانون المالية التكميلي ،كما أنهم ينتقدون دور البرلمان من هذه الممارسات التي تمس بشرعية الجهاز التشريعي .إذ
أن قوانين المالية التكميلية تمس في الكثير من األحيان باالمتيازات الممنوحة في القانون األساسي الخاص باالستثمار أو األحكام التي أوردها قانون
المالية السنوي ،وهذا ما يبعث على عدم االستقرار وهروب المستثمرين.
011
وأعضاء حكومته وتقديم اقتراحات بشأنهم للمناقشة واتخاذ الق اررات في مجلس الشعب ،وليس مجرد
استيضاح بعض األمور منهم.
ويفتقد البرلمان اليوم لحقه في التشريع المالي أيضا من خالل إلزام مالية الدولة بمجموعة من
االلتزامات السابقة للقوانين المالية عن طريق إبرام الحكومة لعقود برامج مع المؤسسات والشركات وطنية
كانت أو أجنبية تتعهد بمقتضاها الحكومة بالتزامات مالية ضخمة على عدة سنوات ويصبح معها البرلمان
في حالة إذعان يصادق فقط على المخصصات السنوية لهذه العقود .باإلضافة إلى ''غياب أي دوره في
مرحلة التفاوض السابق على توقيع االتفاقيات والبرامج والعقود الملزمة لمالية الدولة ،وعدم االنطالق من
أي توجيهات أو تفويض محدد من ممثلي الشعب يحدد خارطة طريق تحكم المفاوضات التي تباشرها
الحكومة ،مما يؤدي إلى إلزام الدولة بمقتضيات اقتصادية وتجارية ذات أثر جسيم على سيرها ودون أن
1
يكون للبرلمان كلمة في ذلك.
إن الممارسة السياسية اليوم ومع انتشار الفساد المالي الذي مس كل القطاعات البد لها أن تذهب
بعيدا في مجال الرقابة على استعمال األموال العمومية ال بد للبرلمان من مراقبة األداء للسلطة التنفيذية
كما أنه من الضروري تقييم السياسات العمومية .من خالل إحداث لجنة لتقييم السياسات العمومية من
داخل مجلس النواب .كما أنه من الضروري أيضا خلق نوع من التعاون بين السلطة التشريعية وهيئات
الرقابة خاصم منها مجلس المحاسبة وهذا ما سنتطرق إليه في النقطة القادمة ،حتى يتمكن النواب من
التحكم ولو جزئيا في مجال المالية العمومية حتى ال تتكمن الحكومة من تمرير قوانينها بسهولة نتيجة
ضعف الجهاز التشريعي الذي ال يملك اإلطارات التي تتحكم في المالية العمومية.
إن السلطة التشريعية اليوم ال تعبر عن سلطة حقيقية بل ليست سوى جهاز مذعن لق اررات السلطة
التنفيذية فالبرلمان الذي ال يضع حدودا لتالعبات الحكومة ال يعتبر ذا نجاعة .إن الوسيلة الوحيدة اليوم
التي يستطيع البرلمان من خاللها اليوم الوقوف في وجه الفساد القائم هو كسب تأييد الشعب ،حتى يتمكن
من الحصول على المصداقية الكافية للضغط على الحكومة من خالل نقاشات علنية يسمع فيها النواب
آرائهم ومقترحاتهم من أجل تعزيز مكانته كسلطة قائمة بذاتها .فضال عن ذلك ال بد من تعزيز التوجه نحو
الشفافية واحترام المعايير الدولية المعتمدة في المجال.
وكذا تحجيم دور المعارضة الذي ال نن كر أنه يأتي بما بإمكانه إظهار العيوب والمخالفات التي ترتكبها السلطة التنفيذية خاصة في المجال
1
االقتصادي والمالي .لذا من الواجب ضمان حق المعارضة في المراقبة على المال العام والتأكيد على حرمة المس بالمال العام وخضوع المتصرفين
فيه للرقابة والمحاسبة.
011
إن تحقيق اإلصالح المالي هو في آخر المطاف رهين بإصدار القانون العضوي المتعلق بقوانين
المالية للمالية بما يسهم في إصالح وتدعيم رقابة المؤسسة البرلمانية في مختلف مراحل إعداد وتنفيذ
وتقييم المالية العمومية ،وبالتالي منح الفرصة للسادة النواب والمستشارين للمساهمة القبيلة في النقاش
الذي يبتدئ منذ شهر ماي من كل سنة ،كما أنه من الضرورة االنتقال من ثقافة الحكومة كفاعل وحيد في
الحقل المالي العمومي (مقاربة تقليدية في التسيير العمومي) إلى ثقافة ومقاربة الحكامة الشاملة التي
تشرك كل الفاعلين المؤسساتيين وهي الوضعية المثلى في التسيير العصري.
إن الميزانية العامة للدولة ال يمكن لها أن تطبق أو تنفذ ما لم تحصل على اعتماد وموافقة
البرلمان ،هذا االعتماد يأتي في شكل قانون المالية الذي يعد عمال تشريعيا يصدر سنويا هدفه تنظيم
وتسيير الوسائل المالية واعطاء الحكومة الحق في صرف النفقات وتحصيل اإليرادات ،فقانون المالية هو
الكل الذي يحدد المصادر واأل عباء العامة للدولة واألهداف المتوخاة من خاللها ،باإلضافة إلى احتوائه
ألحكام تتعلق بمجاالت مالية أخرى ،في حين أن الميزانية هي الجزء ،إذ يقتصر فقط على تحديد هذه
المصادر واألعباء بصفة دقيقة.1
وفي ظل تشابك وتوسيع وتعقيد الملفات المالية واالقتصادية واالجتماعية ،ونظ ار لعدم تحكم
البرلمان في مادة المالية العمومية بالنظر إلى مستوى البرلمانيين وعدم اختصاصهم ،هناك حاجة إلى قيام
هيئات تتمتع بالكفاءات والخبرات والطاقات البشرية والتي يجب أن تكون إلى جانب البرلمان ،لتكون قادرة
على تزويد أعضاء البرلمان بالمعلومات والتقارير ،كي يتمكن هذا العضو البرلماني من تحسين ممارسة
الخلية الكبرى في
ّ دوره التشريعي والرقابي ،كي يكون أكثر فعالية وأكثر كفاءة في مستوى مراقبة ومحاسبة
الدولة ،أي السلطة التنفيذية.
نذكر أنه داخل الهيئة التشريعية فإن اللجان البرلمانية تلعب دو ار مهما في عملية سن القوانين
باعتبارها مخابر تشريعية حقيقية نظ ار للدور األصيل الذي تلعبه في دراسة النصوص المحالة عليها،
حيث تقوم بمهمة فنية تنحصر أساسا في تحليل مشاريع واقتراحات النصوص القانونية وتسجيل
المالحظات واالقتراحات عليها .2فبالرغم من الدور المهم الذي تلعبه هذه اللجان في تحضير المناقشة
العامة لمشروع قانون المالية ،حيث تصاغ مختلف آراؤها في شكل تقارير تهدف بالدرجة األولى إلى
إعالم البرلمانيين بالتفاصيل التي يتضمنها نص المشروع ،كما تتولى مهمة إعداد التعديالت المقترحة
نبيل أ مالو :خصوصية قانون المالية والقانون العضوي في النظام القانوني الجزائري ،مذكرة ماجستير ،جامعة الجزائر ،كلية الحقوق ،2111 ،ص. 1
.11
011
والتي يجب أن تكون معللة .1فحتى وان كانت تتكون من أعضاء وان كانوا يتحكمون في مادة المالية
العمومية إال أنهم يبقون عاجزين أمام تفوق الجهاز التنفيذي و أمام تعقد مشروع قانون المالية وطابعه
التقني ،ومن هنا تبرز ضرورة وجود هيئة تساند البرلمان في أداء مهامه المتعلقة بالمالية بالخصوص.
إن طبيعة الرقابة التي يمارسها مجلس المحاسبة تختلف تماما عن تلك التي يمارسها البرلمان،
حيث أن مجلس المحاسبة هو قاض الحسابات بالنسبة لآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين ،أي بعد
انتهاء فترة تنفيذ الميزانية ،أي رقابة بعدية ،في حين أن البرلمان هو من يمنح الترخيص المالي لتنفيذ
الميزانية .إ ن االستيعاب الواضح والدقيق لالقتراح المالي الذي تقدمه الحكومة للبرلمان والذي يأخذ شكل
مشروع قانون المالية ،وكذا النتائج التي تنجر عن تطبيقه في الواقع ال تكون إال من خالل تمكنه من
الوصول إلى المعلومات الضرورية ،كما أن درايته ستكون حتما مصد ار لسلطته ،2لذلك فالحصول على
نظام للمعلومات موثوق فيه هو من أحد العوامل المؤثرة تأثي ار كبي ار على سير المناقشات في البرلمان وهذا
الدور يرجع تنفيذه لمجلس المحاسبة.
إن الحديث عن مجلس المحاسبة والبرلمان هو موضوع صعب للغاية ،إذ يمتد الموضوع إلى
العالقات التي تربط هاتين المؤسستين رغم االختالف الكبير بينهما ،إذ من جهة نجد أن البرلمان يأتي
عن طريق االنتخاب ومن جهة أخرى مجلس المحاسبة الذي يعتبر هيئة عليا لها اختصاصات قضائية
إلى جانب االختصاصات اإلدارية .فالعالقة بينها تتسم منذ بعيد الزمن ببصمة التحفظ المتبادل من
3
الطرفين.
إن دور المساعدة التي يقوم بها مجلس المحاسبة يمكن أن يتخذ عدة أشكال منها:
دراسة قوانين ضبط الميزانية ومتابعة مدى التنفيذ الفعلي لقانون المالية. -
تقديم التقرير السنوي للبرلمان إلعالمه بالوضعية العامة للمالية العمومية. -
كما يمكن أن يتدخل مجلس المحاسبة لتقييم السياسات العمومية في إطار مناقشة -
المالية العمومية.
عبد الغفور معاد ،ميزانية الدولة للتجهيز منذ سنة ،1998مذكرة ماجستير ،جامعة الجزائر ،كلية الحقوق ،ص .24 -1
(J.P)Lassale: la loi organique et l’équilibre constitutionnel des pouvoirs, revue française des fiances
2
011
إن مقاربة متعددة السنوات تقتضي تصو ار دقيقا اللتزامات الدولة ،حيث من الممكن تطوير
محاسبة خاصة باالستثمارات صحيحة ومضبوطة وموحدة ،حتى يتمكن البرلمان من إعادة النظر في
تطور االستثمارات خالل السنة.
الفرع الثاني :تكريس التوافق بين رقابة المطابقة ورقابة التقييم ضمن اإلصالحات الجديدة
سبق وأن قلنا أن الرقابة اليوم في العديد من الدول لم تعد تقتصر على المطابقة بل تعدتها إلى
رقابة فعالية النفقة العمومية .ويكمن البعد الرقابي في النظر في الشرعية والنظامية ورقابة الكفاءة والفعالية
واالقتصاد في التصرف المالي ويبقى كل جهاز للرقابة أن يقوم بتحديد أولويته باالعتماد على كل حالة
بمفردها ،ويعتمد القانون الجزائري على مبدأ الترخيص إذا الرقابة يجب أن تتيقن من أن تنفيذ قانون المالية
يحترم الترخيص البرلماني الشيء الذي ال يمكن أن يتم إال انطالقا من جهاز يعمل على مراقبة شرعية
النفقة ،ومطابقتها للقانون ومن هنا يبرز التكامل بين رقابتي المطابقة والتقييم.
الفقرة األولى :إدخال رقابة التقييم ضمن صالحيات المفتشية العامة للمالية
تعتبر المفتشية العامة للمالية من بين أهم الهيئات الرقابية في الجزائر على الرغم من أنها تابعة
لسلطة وزير المالية وهذا ما يمس نوعا ما باستقاللية هذه الهيئة من ضغوط السلطة التنفيذية ،ومع
التعديل الجديد الذي ط أر على اختصاصات هذه الهيئة بموجب المرسوم التنفيذي رقم 090-21المؤرخ
في 5سبتمبر 0221يحدد صالحيات المفتشية العامة للمالية ،جاء هذا النص بالعديد األحكام المتعلقة
بالرقابة على النفقات العمومية ،حيث اعتمد ألول مرة تقييم شروط تنفيذ السياسات العمومية وكذا النتائج
المتعلقة بها.
ونشير إلى أن المفتشية العامة للمالية كانت قد بادرت بتقييم السياسات العمومية بعد تنظيمها
لحلقة د ارسية جهوية يومي 01و 05جويلية 0220جمعت مختصين و مفتشين جزائريين وفرنسيين مع
نظرائهم المغربيين و التونسيين .تهدف إلى تحسيس مجموع الفاعلين ألهمية تقييم السياسات العمومية،
واعطاء مجموعة من المعلومات لمفتشي المالية حول هذا المفهوم الجديد ،و تجلية العناصر التطبيقية
1
القادرة على المشاركة في إرساء هذه الممارسة على أسس مهنية
014
واثر هذا اللقاء اعتبرت المفتشية العامة للمالية أن تقييم السياسات العمومية في الجزائر هو في
مرحلة (التمتمة) ( )balbutiementلكن الضرورة استدعت القيام به كما يقام به اآلن .واستعرضت
المفتشية بصفتها جهاز رقابة حكومي البعض من تدخالتها الخاصة بتقييم السياسات العمومية و التي
تتمثل في بعض التدخالت المتعلقة خصوصا بقطاعات المحروقات ،الفالحة ،التربية ،الصحة و النشاط
اإلجتماعي..
يمكن اعتبار الحلقة الدراسية الجهوية حول تقييم السياسات العمومية بمثابة حجر الزاوية في
تطور مفهوم التقييم لدى المفتشية العامة للمالية الجزائرية فقد مكنها من االضطالع على تجارب الدول
المغاربية و خصوصا التطورات النظرية التي عرفها الموضوع من خالل التجربة الفرنسية و هذا ما يمكن
إظهاره من خالل معطيات موجودة في وثيقة وزعت على المفتشين لتحضير حول الموضوع و التي من
بين ما تناولته مهمة تقييم السياسات العمومية هي عملية واسعة تمس عينات معينة لمجال التدخل على
المستوى الوطني و تهدف لتثمين:
فعالية العالقة بين اإلنجازات و التكاليف المالية و هل نستطيع تحقيق أفضل من ذلك.
وبعيدا عن هذه الحلقة الدراسية جاء النص الجديد الذي يحدد صالحيات المفتشية العامة للمالية
المرسوم التنفيذي رقم 090-21المؤرخ في 5سبتمبر 0221ليتبنى صراحة مهام التقييم ومن ضمنها
تقييم السياسات العمومية ضمن المادة الرابعة حيث جعلها من ضمن مجال تدخل المفتشية العامة للمالية
ولم يعتبرها مهمة ومن اجل النظر فيها كلفت المفتشية باآلتي:
القيام بالدراسات والتحاليل المالية واالقتصادية من أجل تقدير فاعلية وفعالية إدارة -
وتسيير الموارد المالية والوسائل العمومية األخرى.
و في سنة 0220قامت المفتشية بالشروع في تقييم نظام المساعدات الممنوحة من الدولة لتوفير السكن للمواطنين .و للقيام بهذا االختصاص يجب
على كل الفاعلين تقاسم اصطالحات و مراجع منهجية واالبتعاد عن التقوقع في إجراءات جامدة.
011
اجراء دراسات مقارنة وتطويرية لمجموعات قطاعات أو ما بين قطاعات، -
تقييم تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية وكذا تلك المتعلقة بالتنظيم الهيكلي، -
وذلك من ناحية تناسقها وتكيفها مع االهداف المحددة.
تحديد مستوى االنجازات مقارنة مع األهداف المحددة ،والتعرف على نقائص -
التسيير وعوائقه وتحليل أسباب ذلك.
وفي هذا السياق يمكن القول أن رقابة التقييم تتجلى من خالل هذه المهام والتي تتناسب مع ما
هو آت من اصالحات تتعلق بالمالية العمومية ،حيث وكأن التاريخ يعيد نفسه إذ نالحظ صدور أو
تعديل النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالرقابة قبل صدور النص األساسي الذي يؤطرها ،وهذا
يبرز ابتداء من سنة 2008إلى 2010حيث خالل هذه الفترة ظهرت العديد من التعديالت التي تعزز
مهام الرقابة على النفقات العمومية ،في حين انه من الضروري أوال وضع إطار قانوني خاص بالمالية
العمومية عن طريق إصدار القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية ،ومن ثمة وضع النصوص الرقابية
المالئمة.1
باعتبار مجلس المحاسبة هو الهيئة العليا للرقابة على المالية العمومية ،فبإمكاننا القول أنه وحده
القادر على فرض رأيه وق اررات على السلطة التنفيذية باعتباره مستقال عنها ،غير أن هذا األخير لم
يمارس هذه المهمة إال قليال رغم أنها مكرسة في األمر 20_95المتعلق بمجلس المحاسبة المعدل
والمتمم .فمع وجود عدد هائل من المؤسسات واإلدارات العمومية أو بصيغة أخرى مجال تدخل مجلس
المحاسبة واسع جدا بالنظر إلى حجم هذه الهيئة .صحيح أن مجلس المحاسبة يقوم برقابة التقييم غير أنه
ال يعترف بتقييم السياسات العمومية وال يعتبرها من صالحياته وقد جاء هذا الرأي إثر تأويله لنص المادة
1يتعلق األمر النصوص التي درسناها في هذا المجال واآلتي ذكرها حسب تاريخ صدورها:
-المرسوم التنفيذي رقم 090-21المؤرخ في 5سبتمبر 0221يحدد صالحيات المفتشية العامة للمالية.
المرسوم التنفيذي رقم 273-21المؤرخ في 5سبتمبر 0221يتضمن تنظيم الهياكل المركزية للمفتشية العامة للمالية. -
المرسوم التنفيذي رقم 274-21المؤرخ في 5سبتمبر 0221يحدد تنظيم المفتشيات الجهوية للمفتشية العامة للمالية. -
المرسوم التنفيذي رقم 96-09المؤرخ في 22سبتمبر 2009يحدد شروط وكيفيات رقابة وتدقيق المفتشية العامة للمالية لتسيير -
المؤسسات العمومية االقتصادية.
المرسوم التنفيذي 111-14المؤرخ في 01نوفمبر 2114يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي 101-42المؤرخ في 01نوفمبر 0442 -
المتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها
المرسوم الرئاسي 211-01المؤرخ في 11أكتوبر 2101يتضمن تنظيم الصفقات العمومية ،جريدة رسمية رقم .11 -
األمر 02-10المؤرخ في 26أوت 2010يعدل ويتمم األمر 20-95المؤرخ في 17جويلية 1995والمتعلق بمجلس المحاسبة. -
010
15من األمر ،1 20-95حيث عرض مجلس المحاسبة بعض النقاط المختلفة التي تناولت مجهودات
بذلت ،وتصريح بعدم تدخل األجهزة العليا للرقابة في التقييم.
نصت المادة " : 15تستثني رقابة مجلس المحاسبة أي تدخل في إدارة وتسيير الهيئات التي
تخضع لرقابته وأية إعادة نظر في صحة وجدوى السياسات وأهداف البرامج التي سطرتها السلطات
اإلدارية أو مسؤولو الهيئات التي تمت مراقبتها"
إن التشريع ينص على أن التراجع عن سياسة معينة هو من اختصاص السلطات اإلدارية أو
مسئولي الهيئات المراقبة .فحتى لو كان المجلس يستطيع أن يشارك في نشاط تقييمي ،فإنه ال يمكنه أن
يجعل السلطات العمومية تتراجع عن اختياراتها ،و لو علمنا أن من بين أهم إمتيازات التقييم هو إعطاء
حكم ذو قيمة حول سداد األهداف فإن المشرع قيد هذا االختصاص.
إن رأي مجلس المحاسبة مخيب لآلمال فهو لم يسلك مسلك نظرائه في مختلف الدول
فمجلس المحاسبة الفرنسي و رغم تواجد نظام كبير للتقييم في فرنسا و رغم تخلفه عن نظرائه في باقي
العالم على غرار التجارب الرائدة في هذا المجال ومنها تلك الممارسة في الدول األنجلوسكسونية كالواليات
المتحدة االمريكية وبريطانيا،إال أنه خطى خطوات كبيرة في هذا المجال ،كذلك أن القول بعدم اهتمام
الهيئات العليا للرقابة بتقييم السياسات العمومية أمر فيه الكثير من المغالطة فهو يخالف جميع الكتابات و
التقارير اللتي تحث على إعطاء دور أكبر لهذه الهيئات و خصوصا مجلس المحاسبة الذي يتميز بميزة
االستقاللية و تنوع اختصاصات قضاته ،غير أن القول بأن أجهزة الرقابة ال ينبغي أن تحتكر التقييم فهذا
صحيح ألن التقييم يشترط التعدد.
إن مجلس الحاسبة الجزائري قرر عدم المجازفة في تقييم السياسات العمومية و هذا ربما يكون
لعدم وجود ممارسة سابقة للتقييم في الجزائر ولصعوبة هذا االختصاص ،فقد اختار عدم القيام بمحاوالت
في ذلك و اعتبر القيام بذلك مغالطة ،وهو بالتالي يرهن ممارسة التقييم على خلق نظام مؤسساتي و
قانوني ،لكن لماذا لم يتحمل مجلس المحاسبة المسؤولية و يتولى المبادرة بوضع الخطوات األولى للتقييم
في الجزائر و التي هي بأمس الحاجة إليها.
غير أن رأينا الشخصي يمكن أن يتبنى تقييم السياسات العمومية من قبل المجلس استنادا للمادة
72من األمر 20-95والتي ولو ضمنيا يمكن أن نفهم منها أن مجلس المحاسبة بإمكانه الخوض في
أعمال التقييم للسياسات العمومية من خالل تقييم فعالية األعمال والمخططات والبرامج والتدابير التي
1يأتي استعراض هذا الرأي لمجلس المحاسبة خالل الحلقة الدراسية الجهوية حول تقييم السياسات العمومية التي نظمتها المفتشية العامة للمالية
يومي 01و 05جويلية .0220
012
قامت بها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مؤسسات الدولة أو الهيئات العمومية الخاضعة لرقابته والتي
بادرت بها السلطات العمومية على المستويين االقتصادي والمالي بغية تحقيق أهداف المصلحة الوطنية.
ومع أن األمر 20-95تم تعديله بموجب األمر 02-10المؤرخ في 26أوت ،2010غير أن هذا
التعديل لم يخص بالتوضيح في هذا المجال ،وهذا ما يدفعنا للقول أن المشرع يتعمد أحيانا خلق بعض
الثغرات التي تخلق بدورها العديد من النقاشات حول تفسير القواعد القانونية ،خصوصا في هذا اإلطار
بالذات ،أي في وجود هيئة مستقلة للرقابة العليا والتي بإمكانها يوما ما أن تظهر تجاوزات أو تالعبات من
قبل السلطة التنفيذية.
وفي المقابل يرى مجلس المحاسبة أنه من الضروري التطرق إلى هذا االختصاص الجديد و
التحضير للقيام به ،و للقيام بذلك و ضع برنامج تكوين لصالح القضاة و التأطير و ذلك بتنظيم حلقات
دراسية ومنتديات بالتعاون مع نظرائهم الفرنسيين و مكتب المراجعة العامة للكيبك.
المجلس قام بتكوين موارد بشرية متميزة موجهة للتخصص أكثر في التطبيقات التقييمية ،هذا
التكوين تمحور خصوصا حول مناهج و إشكاليات التقييم ،و قد خص هذا التكوين ثمانية قضاة و ذلك
على مستوى معهد اإلدارة العمومية بفرنسا و بتربصات في كندا على مستوى مكتب المراجعة العامة.
كما وضع مجلس المحاسبة أربع فرق و كلفها بالتفكير حول تنظيم ومنهجة نحو اختصاص تقييم
السياسات العمومية .وباإلضافة إلى الموارد البشرية فقد كون مجلس المحاسبة مكتبة خاصة بهذا
الموضوع.
إن مجلس المحاسبة يقوم بأعمال رقابة ذات طبيعة تقييمية منذ 8559و يعتمد فيها على معايير
سداد من بينها:
االهتمام بتقدمها عبر نقاشات السلطات اإلدارية و مقاالت الصحافة و الرأي -
العام.
كما أن المجلس يرى أن أجهزة و مؤسسات التقييم ال ينبغي لها أن تغامر في تقييم السياسات
العمومية إال بحذر كبير ،ألنهم لم يعدوا للقيام بهذه المهمة ،و ال يجب لهم أن يطالبوا باحتكار التقييم .و
لو كان من الضروري للقيام بالتقييم بالمعنى التام للمصطلح ،تقييم يكون مساعدا لق اررات السلطات
العمومية ،ينبغي أن يكون ذلك من جهات غير أجهزة الرقابة .فأجهزة الرقابة تقوم فقط برقابة المالئمة و
011
التي تتضمن بعض العناصر التقييمية .يجب على أجهزة و مؤسسات الرقابة أن تعد نفسها للقيام بتقييم
السياسات العمومية ،حيث يمكنها في المستقبل التعاون مع مؤسسات أخرى في هذه المهمة.
المطلب الثاني :التطورات الجديدة الخاصة بنظام الرقابة في إطار التوجه نحو التسيير العمومي
القائم على أسس اقتصادية:
يقوم التسيير العمومي على مجموعة من الوظائف المتداخلة والمتزامنة ( تتمثل في التخطيط،
التنظيم ،التوجيه ،الرقابة ) التي اختلف علماء اإلدارة في تحديدها و يجدر بنا أن نشير إلى أن التقسيم
السائد لوظائف التسيير و المتمثل في ( تخطيط ،تنظيم ،توجيه ،رقابة ) ما هو إال حصيلة تراكم
المعارف والممارسات العلمية و أن هذا التقييم و هذه التجربة و تناولها ضمن تسلسل معين يهدف إلى
1
تسهيل دراستها ألنه كما سبق الذكر فإن هذه الوظائف متداخلة و متزامنة.
بن عيسى ليلى :أهمية التسيير العمومي الجديد في قطاع التعليم العالي :دراسة جامعة محمد خيضر – بسكرة ،-مذكرة ماجستير في علوم 1
011
الفرع األول :امكانية تطبيق قواعد التسيير الخاص على التسيير العمومي
بما أن التسيير العمومي يستعمل األموال العمومية فإنه يتطلب صرامة أكبر وهو ما يفرض وضع
أنظمة داخلية للرقابة على كل المستويات في القطاع العمومي .وتستند هذه الرقابة على احترام القاعدة
القانونية ،حيث أن خرق القاعدة القانونية يكلف الهيئة في بعض األحيان أمواال طائلة .غير أن الرقابة
التي تكمن في احترام القاعدة القانونية كما سبق لنا القول غير كافية لوحدها بل البد من البحث عن
تحقيق األهداف المسطرة وفقا للوسائل المستعملة للوصول إلى النتائج المرجوة مما يضمن الفعالية
1
والنجاعة زيادة على تحقيق األهداف المبرمجة بأقل التكاليف.
إن الحديث عن التقييم في القطاع العمومي يفرض دون شك الحديث عن الفعالية التي أضحت
اليوم هدفا من قبل كل الحكومات بغية تحقيق انفاق عمومي يشبع حاجات الكل ولكن وفق سياسة انفاق
حكيم يبتعد عن التبذير واالسراف واالحتيال ،كما يهدف إلى الحد من التصاعد الذي تعرفه النفقات
العم ومية ولو بشكل جزئي .هذه األهداف إذن توحي بأنها شبيهة جدا بتلك التي تخص المؤسسات
االقتصادية التي وبهدف الربح تطبق رقابة التسيير .فهل من الممكن حقيقة تطبيق هذه الرقابة على
القطاع العموميرغم ما يتميز به هذا األخير من خصوصيات واختالفات في الغايات والوسائل؟
2
وهو علم قائم بذاته هدفه التحكم في إن رقابة التسيير هو في حقيقة األمر مصطلح انجليزي
التسيير ،فهي مرحلة تسمح لتنظيم معين بالحصول على نظرة حوله تضمن له الصحة والديمومة.
تتمثل الرقابة التي تمارس قبل النشاط أو الرقابة القبلية في تحديد الوسائل الضرورية لتحقيق
األهداف المسطرة ،أما الرقابة اآلنية أي أثناء النشاط فتتمثل في قياس النتائج المحققة عبر الزمن
ومقارنتها مع ما كان منتظ ار و تحديد االجراءات التصحيحية .أما فيما يخص الرقابة البعدية أي بعد
ممارسة النشاط فتتمثل في مرحلة تحليل النتائج أين تقوم رقابة التسيير بشرح أسباب الفوارق بين التقديرات
والنتائج المحققة والتي من خاللها ستتمكن المؤسسة من تحسين أدواتها التقديرية وبالتالي ضمان الفعالية
3
في المستقبل .إذا العالقة بين الوسائل ،األهداف والنتائج هي قاعدة رقابة التسيير.
إن هذه المقاربة تتماشى وأهداف المؤسسة الخاصة التي تعتمد رقابة التسيير ،غير أن تحويل
وسائل رقابة التسيير من المؤسسات الخاصة إلى التنظيمات العمومية ال يمكن مبدئيا تكييفها نظ ار
لخصوصية هذه التنظيمات .ومن خالل ما يلي سنبرز أن كان في اإلمكان فعال تطبيق القواعد المتعلقة
بالرقابة على المالية الخاصة على القطاع العمومي.
1
Michel CHARPENTIER, Philipe GRANDJEAN, secteur public et contrôle de gestion pratiques, enjeux et
limites, éditions d’organisation, Paris, p 21,22,23.
2رقابة التسيير هي ترجمة للمصطلح االنجليزي management control
3
Michel CHARPENTIER, Philipe GRANDJEAN :Op-cit , p 2,3.
011
الفقرة األولى :االختالفات الموجودة بين القطاع العمومي والقطاع الخاص
نظ ار لالختالف الكبير بين القطاعين ال نجزم باستحالة تطبيق رقابة التسيير على مستوى القطاع
العمومي لكننا نعترف بوجود صعوبة في ذلك ،ويبرز هذا من خالل العديد من النقاط وهذا ألن القطاع
العمومي له خصوصياته التي تميزه عن القطاع الخاص،حيث يظهر االختالف عامة على مستوى:
الغايات ،طبيعة عالقتهما بالمحيط ،طبيعة إنتاجهما ونظام اتخاذ القرار في كل منهما .وفيما يلي
سنتناول هذه النقاط بالتفصيل.
الغايات: -1
سبق وأن تطرقنا في الفصل األول إلى التمييز بين المحاسبة العمومية والمحاسبة الخاصة وقد
ذكرنا أن الغاية في المؤسسة الخاصة هي تحقيق الربح ،أما أهداف المرفق العمومي فهي تحقيق توازن
الميزانية ،ففي المؤسسة الخاصة تتغلب األهداف الداخلية ،بينما أهداف التنظيمات العمومية هي خارجية
بالدرجة األولى وخاصة على مستوى الهيئات المركزي ،إذ نتفق جميعا على أن أهداف المؤسسة الخاصة
1
واضحة ويمكن قياسها وهو ليس الحال بالنسبة للقطاع العمومي.
إضافة إلى ذلك فإن التنظيمات العمومية لها وظيفة اجتماعية تتجاوز بصفة واسعة توفير الخدمة،
إذ المبادئ التي تقوم عليها المؤسسة العمومية هو هام جدا ،سواء في مجال االهتمام بنوعية التعليم في
المؤسسات الجامعية ،مفهوم المرفق العام في الجماعات المحلية أو نوعية المعالجة في المستشفيات...
إلى غير ذلك.
أن قياس النتائج المحصل عليها من طرف المرفق العام سيكون أكثر تعقيدا من قياس مردودية
المنتوج أو قطاع النشاط في المؤسسة الخاصة ،ورغم هذه الصعوبات في تقييم النتائج ،فإنه بإمكان رقابة
التسيير الكشف عن األخطاء المرتكبة في المؤسسة العمومية وبالتالي المساهمة في تصحيحها.
معظم الهيئات العمومية ال تقدم للمرتفقين سلعا مادية بل خدمات ،وتعريف هذه األخيرة يطرح
بعض الصعوبات ،األمر الذي ال نجده مطروحا بالنسبة للسلع المادية حيث أن مشكل الكمية يجد الحل
ببساطة ،لكن بالنسبة للخدمات اإلدارية فسواء لبي أم لم يلب معدل الحاجة المطلوبة،فإننا نجد عدة
تقديرات لها ،غالبا ما تكون مبنية على الذاتية ،لذا فإن محاولة وضع مؤشرات للنوعية تعد من النقاط
األساسية في تشكيل أنظمة التسيير العمومي.
1
IDEM ,p 11.12.
Jerome DEPUIS : le contrôle de gestion dans les organisations publiques, PUF, PARIS, 1991, p11,12.
011
طبيعة العالقة بين المؤسسة العمومية ومحيطها: -3
توجه الخدمات التي يقدمها القطاع العام إلى جمهور متنوعأ وهذا ألن الموارد المالية هي األخرى
متنوعة.
فإذا كان البعض مرتبط بتقديم الخدمة للمرتفق والتي يدفع ثمنها ،فإن الكثير منها تأتي عن طريق
ميكانيزمات جماعية بدون عالقة مباشرة مع الخدمات المقدمة للجمهور ،وهذا ما يختلف عن المؤسسات
الخاصة والتي تتحصل على أهم مواردها من بيع السلع والخدمات للزبائن كما أن انتاج هذه المؤسسات ال
يمكن أن يؤكده المستهلكون ،فمجانية المنتوج وأحيانا حتى اجبارية االستهالك يفسران صعوبة ترجمة
مؤشرات االستهالك من طرف المسؤولين .وأن عدم رضى المرتفق ال يظهر بالضرورة بالرجوع إلى الدعوة
للمنافسة عن طريق استهالك خدمة أخرى.
من جهة أخرى فإنه لدى المؤسسة الخاصة ارتفاع الطلب يعد عنص ار إيجابيا تكون اإليرادات
االضافية تسمح بتحسين النتيجة المالية بينما في المؤسسة العمومية فإن الطلب المرتفع ال يترجم
بالضرورة وجود موارد مالية جديدة ،إذ ال شيئ يضمن تلبيتها ،لكنه يبرر ارتفاع إيرادات الميزانية الخاصة
بها عن طريق اإلعانات أو عن طريق الجباية.
إن التنظيمات المالية يمكن أن تعتبر ناد ار كتنظيمات مستقلة تماما ،فال بد من األخذ بعين
االعتبار أنها تنتمي لمجموع القطاع العام الذي يفرض عليها عدة عراقيل :قواعد المحاسبة العمومية،
قانون الصفقات العمومية ،نظام الوظيفة العمومية ،فهذا األخير يتجه أكثر نحو حماية الموظفين وليس
نحو حاجات الماناجمنت.
إن مدونة الميزانية تتميز بالجمود الذي يتترجم بغياب التعويض المحتمل بين أصناف الوسائل،
من جهة أخرى الميزانية تتوقف مع تكاليف الوسائل بينما المؤسسة الخاصة تهتم أكثر بتكاليف األنشطة.
إلن التنظيمات العمومية تتميز بتبعيتها للسلطة السياسية ،إن اتخاذ القرار ال يكون فقط بالمقارنة
مع أهداف التنظيم ولكن مع األخذ بعين االعتبار تأثيرها على الرأي العام والمنتخبين.
فاألهداف العامة ليست واضحة دوما فمن الصعب تحديد السياسة التي ترتبط بأهداف المسيرين
أو تقييم النتائج المحصل عليها.
إن هذه التبعية عرقلة الستم اررية التسيير ووجود قواعد واضحة ،هذا ما يدفع بالتنظيمات العمومية
للبحث عن حلول مرضية بدل حلول مناسبة.
011
ال بد للتنظيمات العمومية أن تجد تبري ار أمام الرأي العام (نوعية الخدمة ،جباية معقولة )..والبد
من إثبات أن طريقة تسيير أموالهم عقال نية.
وسائل التسيير تؤدي إلى تقوية انشغال المناجمنت تجديد و إعادة إن الجهود المبذولة
العمومي :ماذا نعمل من أجل تسيير وتطوير التنظيم العمومي حسب ما نهدف إليه؟ هذا هو الدافع إلى
تطبيق رقابة التسيير.
وسيلة القياس ورقابة الفوارق والتي تسمح بتحديد وضع التنظيم مقارنة بأهدافه. -
سلسلة من االجراءات التصحيحية التي تسمح بتسوية الوضعية عندما يصبح -
الفرق معتب ار مقارنة بالهدف المسطر.
فالتنظيمات العمومية تشكل صنفا من الوحدات حيث تتعدد األهداف وهذا ما -
يفرض نوعين من المصاعب :فهل وضوح األهداف ممكن في التنظيمات العمومية؟ ورغم
اختالف األهداف بين التنظيمات العمومية والمؤسسات الخاصة ،هل يمكننا استعمال نفس أدوات
القياس ونفس اإلجراءات التصحيحية؟
يصعب في الميدان الفصل بين األهداف الظاهرية واألهداف الخفية وهذا لكون األولى توضع
في الواجهة إلخفاء الثانية ،األمر الذي يجعل الرقابة صعبة التحقيق ،إن األهداف الظاهرية سهلة
التوضيح.
تحقيق الخدمات كما وكيفا وبصفة كافية بهدف تغطية الطلب. -
إن األهداف الواضحة للتنظيمات العمومية هي خارجية بالضرورة والتي يظهر عن طريقها
ثالثة فاعلين هم المرتفقين ،المنتخبين والملزمون بدفع الضرائب .فالتنظيم العمومي ال يهتم بالمجال
االقتصادي ،إن نقص الوسائل ،تعقد العمليات ،المنافسة األكثر حيوية في القطاع الخاص تضع
011
حدودا بين مجال تدخل كل من القطاع الخاص والتنظيم العمومي ،هذا ما يتطلب من هذا األخير
األخذ بعين االعتبار بعدا جديدا في مجال تحسين أدائه.
بالفعل ،إن نظام المحاسبة العمومية يهتم أكثر بالميزانية مقارنة بالنتائج وهذا ما يجعل المسير
يهتم بالدرجة األولى بضمان التوازن العام أكثر من تحسين الفعالية.
كما أن المستفيدين من خدمات التنظيمات العمومية يشكلون عائقا أكثر من كونهم زبائن،
وهذا ما يدعو إلى التساؤل :هل المرفق العام في خدمة الجمهور؟
إن رقابة التسيير توجه للبحث عن أكثر عقالنية اقتصادية وهذا ما يتجاهله المسيرون نظ ار
لعدم انشغالهم بهذا الهدف.
كما أنه البد من توفر الشفافية في تقديم وجمع المعلومات المتعلقة بالنشاطات ،التكاليف
والنتائج وهذا ما يوضح غياب وسائل التسيير ويسمح بظهور عوائق تقابل وجودها.
إن اتخاذ القرار يعني بالدرجة االولى المنتخبين ،فوضع مجموعة من المؤشرات يسمح للمنتحبين
باللجوء إلى التحكيم بالموازاة مع معرفة معمقة للنشاطات والسياسات و كل البرامج.
إن قياس التكلفة من طرف المستفيد من الخدمة العمومية يسمح للمنتخبين باألخذ بعين االعتبار
أن التوفيق بين التكلفة والخدمة غير كاف.
إن محدودية الوسائل التي تواجه متخذي القرار من أجل تحسين الميزانيات ال تسمح بالتوزيع .إن
هذه الوسائل هي مصدر الحوار بين المنتخبين والمسيرين ولكن فعاليتها تكون بعدم تمركز المسؤوليات،
باإلضافة إلى ذلك فإن تحقيق النشاطات العمومية البد أن يؤدي إلى مجموعة من التغيرات في المحيط.
إن قياس المجهودات المبذولة في نشاط ما يسمح بمراقبة النتائج مع الوسائل المتوفرة ،إذا البد من
استعمال النتائج من أجل إعادة تشغيل الوسائل للحصول بنفس الوسائل على مستوى خدمة أعلى وتحسين
نوعيتها وذلك دون الزيادة في التكاليف.
إن اإلجراءات التصحيحية الموضوعة انطالقا من النتائج لن تكون مفيدة إال إذا كانت مؤشرات
الفعالية محددة ومعروفة من طرف متخذي القرار أنفسهم ،وفيما يخص تقنيات التقييم فإن وسائل رقابة
التسيير تسمح باقتراح االختيارات الممكنة لتحديد وتقييم عدد معين من التكاليف.
014
أوال فعالية رقابة التسيير في التنظيم العمومي ترتكز على نوعية األدوات التي يتوفر عليها
الممارسون ( المديرون ،رؤساء المصالح )...لممارسة المسؤوليات الموكلة إليهم .فالرقابة الممركزة ال
يمكن ان تعوض عدم كفاية هذه الوسائل.
ثانيا البعد االستراتيجي لرقابة التسيير يسمح باتخاذ الق اررات الضرورية لتحديد وتعديل األهداف
1
من جهة ومعالجة الفوارق من جهة أخرى.
إن ضرورة رقابة التسيير ليست جديدة ،إن ادخال سياسة عقلنة أو ترشيد اختيارات الميزانية كانت
2
أول محاولة ألدخال تقنيات تسيير المؤسسة الخاصة في التسيير العمومي.
إن أهم الرهانات التي تواجهها رقابة التسيير في ميدان القطاع العمومي تتمثل في:
ال يمكن أن يكون هذا العجز من الهيئات العمومية ألنها مقيدة بقاعدة التوازن الميزاني ،لكن قد
يكون عدم التوازن متعمدا أحيانا تلجأ إليه الدولة والجماعات المحلية إلى تطبيق سياسة ما .فأصل العجز
هو ذلك الفارق غير المتحكم فيها بين اإلعتمادات المفتوحة و اإلعتمادات المستهلكة إلى جانب توسع
نفقات التسيير على حياب نفقات التجهيز التي بإمكانها تحقيق التوازن اإلقتصادي لكن بالرغم من ذاك
يبقى التحكم في النفقات العمومية من حسن التقدير.
لقد تطور النشاط اإلداري من نشاط إداري محض يعقد على نموذج وحيد التنظيم يشمل كل
اإلقليم إلى نشاط خدماتي يعنى باالستجابة للمتطلبات المعتددة للمرتفقين فالقطاع العمومي يعرف حاليا
تطو ار في نشاطه وتعقدا كما عرفته المؤسسات اإلقتصادية من قبل وهذا التطور يمثل تحديا للقطاع
العمومي.
إن كل ما سبق قوله يدور حول هذه العالقة التي يجب أن تكون منظمة وكمية ومهيكلة .فتحديد
األهداف والوسائل هي بدون شك أصعب خطوة ،فاألهداف العامة يجب تجزئتها إلى أهداف فرعية أو
1
JEROME DEPUIS : op-cit, p 11-16.
2ويعود أصل هذه السياسة إلى PPBSوالتي تعني planing programing budgeting systemهذه السياسة جاء بها وزير االقتصاد
الفرنسي بغرض تقليص النفقات العمومية ،فالدور المفروض على هذه السياسة هو توفير نظام كامل للمعلومات يسمح بربط األهداف والوسائل
وتحقيق أكبر إنتاجية للمصالح العمومية ومازالت هذه األهداف تحظى باألهمية إلى يومنا هذا.
011
جزئية .كما يجب أن تكون واضحة ومتسلسلة وكمية ،كما أن الربط بين األهداف والوسائل يطرح مشكل
االنتاجية التي ال تقييمها على مستوى المرفق العمومي .كما أن النجاعة المطلقة ال يمكن إيجادها بل هي
نسبية ويجب البحث عنها .فمنهج االدارة كان األكثر استعماال من طرف السلطة العمومية وفقا للتوجيهات
الحكومية ،فهي تبحث عن تحقيق األهداف دون الربط االجباري بين هذه األخيرة والوسائل المستعملة
لتحقيقها بينما منهج التسيير إلى تحقيق األهداف بواسطة البحث عن التنسيق بينها وبين الوسائل ومراقبة
التسيير تمدد من منهج التسيير بواسطة خلق عالقة بين األهداف والوسائل لتحقيق أهداف أحسن.
إن وسائل رقابة التسيير للقطاع الخاص تمثل وسائل فقط وال تعتبر حلوال قابلة للتطبيق في
القطاع العموم ،إذ أن الخصوصيات التي يتميز بها هذا األخير تؤدي إلى إيجاد صعوبات في تطبيق
وسائل رقابة التسيير للقطاع الخاص 1.كما أن تطبيق هذه الرقابة يحده عدم توفير أو تحديد األهداف
الكمية و القابلة للقياس.
وهناك حد آخر يتعلق بالمرافق العامة وهو مرتبط بالبعد مابين ما هو سياسي – الذي يحدد هدف
2
التنظيم – والجمهور – المتحصل على الخدمة ،-فما هو الهدف المفضل ،الهيئة الوصية أو المرتفقين.
وهناك بعض العراقيل فيما يخص التسيير العمومي للوسائل ،فوسائل التسيير العمومي تأتي من
الضرائب واالقتطاعات اإلجبارية وليس من البيع كما هو الحال بالنسبة للمؤسسات الخاصة ،فهي تغطى
عن طريق إجراءات القوة العمومية ،تمول أهدافا عامة محددة من طرف السلطات العمومية ،فالمستفيدون
والملزمون بالضرائب في المرافق العمومية ،ليسوا نفس األشخاص ،فليس هناك ارتبط مباشر بين أصل
الوسائل واستعماالتها.
كما أن تحديد النتائج يتطلب وضع وسائل للقياس ،فكيف يمكن قياس النتائج؟
فكيف يمكن مثال قياس نجاعة مصلحة االستعجاالت االستشفائية أو منتوج ثانوية ما؟
تتمثل في متابعة النشاط فمن أجل قياس النتائج البد من ضبطها ومتابعتها -
1
Michel CHARPENTIER, Philipe GRANDJEAN :Op-cit , p 65.
2
IDEM, p 50,51.
010
والثالثة تتمثل في تعدد المهام التي تتطلب تحديد األهداف القابلة للقياس بالسبة -
لكل مهمة ،ففعالية رقابة التسيير ترتكز على نوعية الوسائل الموضوعة على كل مستويات القرار
والتسيير.
إن هذه الصعوبات البد أن تواجه بتكييف وسائل رقابة تسيير للقطاع الخاص مع -
غاية ثقافة وهيكلة المرفق العمومي.
لقد أصبحت رقابة التسيير في القطاع العمومي موضوع الساعة بالنسبة لهذه الهياكل كونها مجبرة
على مواجهة رهانات االنفتاح على المحيط ومواجهة العراقيل الميزانية والمالية ،لذا فهي مجبرة على إدخال
تقنيات حديثة كانت أثبتت نتائج إيجابية في المؤسسات الخاصة لكن مقابلة (مناهج القطاع الخاص/
القطاع العام) يعتبر خطأ كب ار يقود حتما إلى الفشل ،إذا البد من الفهم الحقيقي والكامل لخصوصيات
الق طاع العام وبذلك يجب اعتبار رقابة التسيير كأداة لتوجيه هياكل القطاع العمومي لتحديد إلى أين نتجه،
1
بأي وتيرة وبأي تكلفة؟
تعتبر و ازرة المالية في قلب االصالحات االقتصادية التي شرعت فيها السلطات العمومية في
السنوات األخيرة ،وهذا عن طريق االصالحات المالية التي هي على عاتق و ازرة المالية ،حيث أكد وزير
المالية السيد كرم جودي في لقاء مع جريدة أن هذه االصالحات كسياسة عامة تهدف إلى زيادة الفعالية،
والجودة في الخدمات المالية.
المحاسبة العمومية مفهوم يشمل مجموع القواعد القانونية والقواعد التقنية التي يتم تطبيقها خالل
مراقبة ومتابعة العمليات المالية والميزانية الخاصة بالدولة ومؤسساتها.
فالمحاسبة العمومية تلعب دو ار حيويا في إرساء نظام معلومات يساهم في خلق تسيير نزيه
وشفاف للمال العام.
لذا م ن الواجب أن تتميز المحاسبة العمومية بمصداقية وذلك بوصفها من جهة مصدر للمعلومات
ومن جهة ثانية وسيلة لتقييم نشاط الدولة ومدى فعاليته.
وبالنسبة للمحاسبة العمومية في الجزائر ،فهي من أحدث مورثات الفترة االستعمارية فيما يتعلق
األمر بالقواعد القانونية التي حددها بصفة أساسية القانون 08-52المتعلق بالمحاسبة العمومية وكذا
القانون 89-18المتعلق بقوانين المالية.
1
Michel CHARPENTIER, Philipe GRANDJEAN :Op-cit , p 11.
012
أما بالنسبة للقواعد التقنية التي نعني بها اإلطار المحاسبي الحالي أي مدونة حسابات الخزينة،
والمحددة من خالل التعليمة العامة لسنة 8559الصادرة عن و ازرة المالية.
فالمدونة الحالية تعتبر امتدادا لمدونة حسابات الخزينة الفرنسية لسنة .8528وتجدر اإلشارة إلى
أن المحاسبة العامة للخزينة تهدف إلى:
تحديد حركة األموال وعمليات التسوية التي تجري بين المحاسبين العموميين. -
تحديد عمليات الخزينة بما فيها عمليات الصندوق ،القيم المنقولة ،تسيير األموال -
المودعة لدى الخزينة.
هناك العديد من الدوافع التي جعلت الدولة تلجأ إلى إعادة النظر في النظام المالي في الجزائر
على العموم والنظام الخاص بالمحاسبة العمومية على األخص ،وما يهمنا نحن هو الجانب المتعلق
بالمحاسبة العمومية ومنها:
يخضع التقييد المحاسبي للعمليات المالية الخاصة باألموال العمومية – من حيث جوانبه
التقنية– إلى مدونة حسابات الخزينة الصادرة في التعليمة العامة لو ازرة المالية سنة .8559خضعت لعدة
المتغيرات اإلقتصادية وكذا المتطلبات الجديدة لنشاط المالي والمحاسبي للدولة.
ّ تعديالت من أجل تكييفها مع
لكن وبالرغم من التعديالت بقي اإلطار المحاسبي للدولة عاج از عن تأدية الدور المنوط به ،نظ ار لعدة
نقائص هي:
حيث تقتصر عملية التقييد المحاسبي في إطار المحاسبة الحالية للدولة على تسجيل عمليات
الصندوق أي العمليات الخاصة بتحصيل اإليرادات ودفع النفقات المدرجة ضمن تنفيذ قانون المالية ،فمدونة
حسابات الخزينة تخدم فكرة محاسبة الصندوق مهملة بذلك أهم عناصر ذمة الدولة من أمالك عقارية
من ومنقولة ،حقوق الدولة وديونها ،التي تتم متابعتها خارج اإلطار المحاسبي extra-comptable
طرف مختلف المصالح المعنية .األمر الذي يترتب عنه سوء التسيير لهذه العناصر من ذمة الدولة نظ ار
لصعوبة التحكم في المعطيات الخاصة بالقيمة الحقيقية لها وكذا تطورها .و لعل أحسن مثال على ذلك هو
011
حقوق الدولة لدى المؤسسات العمومية التي تتميز بغياب نظرة شاملة على مبالغها و منحنى تطورها نظ ار
لعدم أخذها بعين اإلعتبار ضمن اإلطار المحاسبي الحالي .
إن ترقيم حسابات المدونة نظام تنقصه المرونة فاإلعتماد على الترقيم الخطي أثر سلبا على تجانس
التكيف مع التعديالت المتكررة التي تفرضها العمليات الجديدة أو
ّ و وحدة المدونة ،نظ ار لمحدوديته في
التغير في النشاطات الممارسة من طرف الدولة .إلى جانب هذا فإن عناوين الحسابات تتميز – في كثير
من األحيان – بعدم دقتها و عدم تناسبها مع محتوى و طبيعة العمليات التي تكون موضوع التقييد المحاسبي
فبالرغم من اإلضافات العديدة التي عرفتها وال تزال تعرفها مدونة حسابات الخزينة مست تجانس ووحدة هذه
األ خيرة ،حيث أن الترقيم الذي تخضع له يبقى محدودا أمام التعديالت التي يفرضها التغيير في نشاط الدولة
وتبينها العمليات الجديدة.
3-1-1صعوبة تركيز المعلومات المحاسبية بسبب سوء تنظيم اإلطار المحاسبي الحالي :
فهذا األخير ال يتماشى مع التقنيات المحاسبية الجديدة لمعالجة المعلومات ،التي تتطلب وجود
نظام لإلعالم اآللي يسهر على تركيز مختلف المعطيات المحاسبية المتواجدة عبر كل مراكز التسجيل
المحاسبي .بل إن عملية التركيز – في غالب األحيان -ال تتم في اآلجال المناسبة ،مما يسب تأخر في
حصر المعلومات و إتخاذ الق اررات .وهو ما يقف حاج از أمام تجسيد سياسة عقلنة النفقات العمومية وكذا
التسيير العصري للمالية العمومية .
إن مجمل الوثائق المحاسبية المعتمدة في إطار تطبيق المدونة الحالية تتميز بتعقيدها وعدم سهولة
إستغاللها .و لعل السبب الرئيسي في ذلك هو اإلعتماد على الحسابات العامة التي تلخص مجمل العمليات
المنفذة دون التطرق إلى تفاصيلها ،أي دون إعطاء معلومات دقيقة على مختلف تقسيمات هذه العمليات.
األمر الذي يصعب من عملية التحليل والمقارنة .إلى جانب تميز هذه الوثائق بطابعها الجزئي و التقليدي،
حيث ال تستجيب إلى المتطلبات المحاسبية الجديدة السيما في مجال معرفة ذمة الدولة.
إلى جانب هذه النقائص نضيف مشكل عدم وضوح عناوين الحسابات وغياب الحسابات المماثلة
لحساب االستغالل وحساب الميزانية ،فالنظام الحالي يصعب إدماجه ضمن المحاسبة الوطنية ،كما أنه يعاب
عليه نظرته المحدودة ،بعيدة عن نظرة تهتم بإرساء سياسة لترشيد النفقات العمومية ،لذا فقد اعتبر إصالح
المحاسبة العمومية كمحور هام ضمن برنامج عمل و ازرة المالية الذي يجب عليه أن يوفر مصداقية
المحاسبة العمومية لتصبح مصد ار موثوقا للمعلومات يسمح بقديم وتقدير نشاطات الدولة ،ذمتها ،نفقاتها
011
وايراداتها كأي محاسبة لمؤسسة عادية بفضل مخطط محاسبي جديد للدولة يشبه إلى حد ما مخطط محاسبة
المؤسسة االقتصادية أو ما يسمى بالمخطط المحاسبي الوطني.
لذا اعتبرت المحاسبة العمومية كمحور هام في برنامج و ازرة المالية ،فقد بدأ العمل فيها من طرف
المديرية العامة للمحاسبة ابتداء من سبتمبر 8559وتكفلت بتجسيد معالمها لجنة تقنية مكونة من إطارات
من نفس المديرية ويتمثل عملهم في:
تشخيص النظام المحاسبي الحالي على مستوى الهيئات التي تحكمها قواعد -
المحاسبة العمومية.
هذه الخطوات قامت بها اللجنة التقنية بمساعدة خبراء من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي
وكذا مديرية المحاسبة العمومية الفرنسية.
وتم في خطوة أولى استبعاد وجود تغيير في القواعد القانونية واإلطار المحاسبي للهيئات العمومية
ذات الطابع اإلداري ومن جهة أخرى التركيز على إصالح المحاسبة العمومية كخطوة أولى لمشروع
اإلصالح.
إلى جانب النقائص التي تشوب اإلطار المحاسبي الحالي ،فإن هذا األخير أثبت عجزه على
التكيف ومسايرة التغيرات السيما اإلقتصادية منها سواء على الساحة الوطنية أو الدولية .
فمع توجه الجزائر نحو إقتصاد السوق ،أصبح على الدولة التعامل كعون اقتصادي يلتزم بكل القواعد
واآلليات التي تحكم األعوان األخرى .لتخضع بذلك إلى قانون العرض والطلب ،القانون التجاري ....الخ .
فالتكيف مع هذه المتغيرات الجديدة ،فرض على الدولة تغيير نظامها المحاسبي من أجل توفير جهاز يضمن
قياس المردودية و الفعالية .وهو ماال توفره مدونة الحسابات الحالية لقصورها على إعطاء نظرة متكاملة على
وضعية ذمة الدولة وتطورها.
إلى جانب ذلك ،فإن دخول الجزائر في اتفاقيات وعالقات مع عدة دول و منظمات دولية ،مثل
البنك العالمي و صندوق النقد الدولي ،وضعها أمام حتمية االستجابة إلى المعايير الدولية في مجال
المحاسبة العمومية ،التي – المعايير الدولية -تعمل على إيجاد لغة تخاطب موحدة تسمح بإجراء مقارنات
بين مختلف الدول .و هو ما ال يسمح به اإلطار المحاسبي الحالي نظ ار لصعوبة إدماج محاسبة الدولة
ضمن المحاسبة الوطنية التي تعد أحد أهم وسائل المقارنة الدولية.
011
فأمام كل هذه الضرورات من جهة ،وكذا الدور الحيوي الذي تلعبه المحاسبة العمومية في توفير
نظام إعالمي فعـال يكون مصد ار إلتخاذ الق اررات في تسيير األموال العمومية من جهة ثانية ،برزت ضرورة
إصالح محاسبة الدولة .التي أصبحت أحد أولويات برنامج و ازرة المالية .
وعليه فإن إصالح اإلطار المحاسبي للدولة يهدف إلى ترشيد و عقلنة تسيير األموال العمومية و كذا
إعطاء صورة واضحة و متكاملة لنشاط الدولة .وذلك من خالل:
-توفير المعلومات الدقيقة التي يمكن اإلعتماد لتحكم في مجموع نشاطات الدولة.
إن المحاسبة العمومية هي اإلطار العام الذي يتم من خالله تحضير ،تنفيذ و مراقبة العمليات
الميزانية والمالية :للدولة ،المجلس الدستوري ،المجلس الشعبي الوطني ،مجلس األمة ،الميزانية الملحقة،
الجماعات اإلقليمية و الهيئات العمومية ذات الطابع اإلداري .فهي تشمل مجموع القواعد القانونية والتقنية
التي تهدف إلى تحقيق هذه المهام والصالحيات.
في الجزائر ،تحكم المحاسبة العمومية نصوص تشريعية وتنظيمية تضم كل هذه القواعد .فالقانون
89/18المتعلق بقوانين المالية وقانون 08/52المتعلق بالمحاسبة العمومية يشكالن المصدر األساسي
للقواعد التي تسير األموال العمومية .إذ حددت مبادئ الميزانية ومواردها وتخصيصاتها ،إلى جانب
اإلجراءات والمتدخلين في إعدادها تنفيذها ومراقبتها .وبالمقابل تستمد القواعد التقنية من التعليمة العامة لسنة
8559الصادرة عن و ازرة المالية والمتعلقة بمحاسبة الدولة ،1حيث حددت مدونة حسابات الخزينة الحالية،
المستوحاة من المدونة الفرنسية لسنة .8528إذ تعتمد هذه األخيرة على فكرة محاسبة الصندوق ،لتقتصر
بذلك على التقيد المحاسبي للعمليات المالية للدولة ( العمليات الميزانية ،عمليات الخزينة) ،حقوق الدولة
وديونها و كذا حركات األموال وعمليات التسوية التي تجري بين المحاسبين العموميين.
1تجدر اإلشارة هنا إلى أن هذه التعليمة تشمل فقط األموال العمومية التابعة للدولة – اإلدارات المركزية -حيث تخضع محاسبة الجماعات المحلية إلى
التعليمة الوزارية ، w1/ w2الميزانيات الملحقة إلى المخطط العام الوطني لسنة ، 0411أما الهيئات اإلدارية العمومية فتخضع لقواعد خاصة .
011
إن إعتماد المدونة على هذا األساس جعلها قاصرة على تقديم نظرة شاملة على نشاط الدولة السيما
من ناحية ذمتها .إلى جانب عدم مسايرتها للمعايير الدولية المعمول بها حاليا .األمر الذي استلزم إيجاد
بديل لإلطار المحاسبي الحالي ،والمتمثل في مشروع المخطط المحاسبي للدولة الذي سيشكل مرجعا
للحسابات التي سيستعملها المحاسبون العموميون لمسك حساباتهم.
إن تبني مبدأ الحقوق المثبتة كان نتيجة حتمية لرغبة الدولة في االنتقال من محاسبة الصندوق إلى
محاسبة الذمة .وذلك ألخذ نظرة شاملة على حقوق الدولة المحصلة و غير المحصلة .يقصد بالحقوق
المثبتة "النواتج أو اإليرادات المثبتة منذ ظهور الحق" .1أي مجموع الحقوق المستحقة التي تكون محل لألمر
بالتحصيل يكرس حق الدائن العمومي .فهي بذلك تقابل عمليات االقتراض في المحاسبة الخاصة.
ومن أجل تحديد هذه النتيجة في نهاية السنة ،تم إنشاء حسابات خاصة تضمن للعون المحاسبي
المركزي للخزينة االنتقال من النتيجة المالية إلى نتيجة الذمة.2
وعليه فإن الفكرة األساسية لإلطار المحاسبي الجديد هو اإلنتقال من محاسبة الصندوق إلى محاسبة
الذمة .هذا االنتقال الذي سيتم في اإلطار القانوني المعمول به حاليا يخضع إلى المبادئ العامة للمحاسبة
والمتمثلة في :
-مبدأ الحذر :الذي يتطلب التدقيق الموضوعي و المنطقي للعمليات المحاسبية .
-مبدأ ثبات اإلجراءات :الذي يهدف إلى تسهيل عملية المقارنة .
-مبدأ االستقاللية :الذي يفترض أن تحديد نتائج السنة ال يأخذ بعين اإلعتبار سوى نواتج
وتكاليف هذه السنة .
فتطبيق هذه المبادئ ،تنفيذها بحسن نية واحترام الشرعية في تنفيذ العمليات يضمن الحصول على
صورة حقيقية لوضعية تداول األموال العمومية .
1
DGC , Instruction générale sur la comptabilité de l’Etat Tome 1 , annexe 04 : Modalités de comptabilisation des
droits constatés . P 1 .
الصنف السادس " التكاليف " :التي تسجل نوعين من العمليات :
2
-عمليات االنتقال من حسابات النفقات المسجلة في :حسابات تنفيذ قانون المالية للحساب
" نفقات التسيير " حسابات الميزانية :االستثمارات السلفات ،التسبيقات و المساهمات.
-عمليات خارج المي ازنية المسجلة مباشرة في هذا الصنف.
الصنف السابع " النواتج " :التي تستعمل لالنتقال من حسابات اإليرادات المسجلة:
-ح " 52 /إيرادات الميزانية " بالنسبة لإليرادات المحصلة .
-ح " 21 /إيرادات قابلة للتحصيل " بالنسبة لإليرادات غير المحصلة .
الصنف التاسع " تنفيذ قانون المالية " :المتمثلة في - :ح " 51 /نتيجة تنفيذ قانون المالية ".
-عدم إمكانية إحصاء كل الممتلكات العقارية و المنقولة التي تحوزها الدولة ،لغياب سجالت الجرد
وكذا الوثائق والمعلومات الضرورية لتنفيذ ذلك.
-غياب مقياس لتحديد قيمة بعض هذه الممتلكات .فملكية الدولة ال تقتصر على األمالك الخاصة،
بل تتعداها إلى األمالك العمومية – سواء الطبيعية أو االصطناعية – التي يصعب بل يستحيل تحديد قيمتها
الحقيقية.
إن هذه األسباب ،لم تمنع من التفكير في وضع تقنيات محاسبية لتقييد استثمارات الدولة ،مشابهة
لتلك الموجودة في النظام التقليدي للمحاسبة الخاصة .وهو ما تجسد في حسابات مشروع المخطط ،إذ
أدرجت ضمن الصنف " 20اإلستثمارات " حسابات رئيسية تسمح بتسجيل كل االستثمارات المادية (
المباني ،األراضي ،المنشئات الصناعية ...الخ ) و المعنوية ( التراخيص ،الماركات ....الخ ) ضمن
المحاسبة العامة للدولة.
لكن التوصل إلى إدراج هذه االستثمارات في محاسبة الدولة ،ال يمنع من ظهور بعض المشاكل .من
أهمها:
أ -المعالجة المحاسبية لالستثمارات السنوات السابقة :1فالممتلكات العقارية و المنقولة المقتناة أو
المبنية خالل السنوات السابقة لتطبيق المخطط المحاسبي للدولة تطرح مشكل تحديد قيمتها الحقيقية ،الذي
يرجع لـ:
-عدم تسجيل هذه الممتلكات على مستوى المحاسبة العامة للدولة كونها محاسبة صندوق.
-عدم توفر جرد شامل لكل هذه االستثمارات من طرف المديرية العامة لألمالك الوطنية.
ولحل هذا المشكل تم االكتفاء بتسجيل ممتلكات الدولة انطالقا من تاريخ دخول مشروع المخطط
حيز التطبيق.
ب -طريقة التقييد المحاسبي لالستثمارات المتنازل عليها :تطرح عملية التخلي عن االستثمارات
سواء كان ذلك بمقابل أو بدون مقابل – مشكل في عملية التسجيل بسبب تعقيد عمليات التنازل و توزعها
على عدة إدارات ،األمر الذي يصعب تركيز كل المعلومات المتنازل عنها بصفة نهائية و فعلية.
1
J.F. BETHIER , Comment l’Etat tient ses comptes , BORDAS , Paris , 1990. P 142 .
011
2-1-2اإلهتالكات:
إن إدراج حسابات االستثمارات ضمن مشروع المخطط المحاسبي للدولة ،يستلزم وضع تقنية للتقييد
المحاسبي إلهتالكاتها .هذا اإلهتالك الذي يضمن في إطار المحاسبة الخاصة وظيفتين:
-وظيفة مالية :يعمل من خاللها اإلهتالك على تحميل تكاليف االستثمارات على عدة سنوات بما
ال يأثر على القدرة التمويلية للمؤسسة .كما يسمح بزيادة طاقة التمويل الذاتي من خالل المبالغ المحتفظ بها
في الحسابات الخاصة بمؤونات اإلهتالك .
-وظيفة اقتصادية :تسمح بتحديد و متابعة القيمة االقتصادية لالستثمارات عبر مختلف سنوات
اإلستعمال .بالنسبة للدولة ،فإن اإلهتالك ال يلعب وظيفته المالية ،وذلك لعدة أسباب منها:
-أسباب مالية :تتمثل في تعارض مبدأ اإلهتالك مع المبادئ الكبرى للميزانية .فمبدأ السنوية
الوارد في المادة 25من قانون 89/18التي تنص ":تتشكل الميزانية العامة للدولة من اإليرادات النفقات
للدولة المحددة سنويا بموجب قانون المالية" .أي أن صالحية رخص اإلعتمادات ال تتعدى سنة واحدة هي
سنة تنفيذ قانون المالية المصادق عليه .لذا ال يمكن تسجيل إعتمادات لتغطية نفقات السنوات القادمة .إلى
جانب هذا ،فإن مبدأ عدم التخصيص ال يسمح باإلحتفاظ بمبالغ مالية من أجل شراء أو تجديد إستثمارات
معينة بذاتها.
-أسباب سياسية :إلى جانب األسباب المذكورة سالفا ،فإن تطبيق مبدأ اإلهتالك يصعب من
الرقابة البرلمانية على تنفيذ قانون المالية .فتعارض هذا المبدأ مع سنوية قانون المالية ألغى الهدف الجوهري
لهذه الصفة – السنوية – و المتمثل في توفير كل المعلومات المالية واالقتصادية بكل وضوح و بساطة من
أجل تسهيل عملية اتخاذ القرار على أعضاء البرلمان أثناء عملية التصويت .لكن وجود هذه األسباب ،لم
يمنع مبدأ اإلهالك من إن يلعب دوره االقتصادي .حيث يوفر للدولة المعلومات المحاسبية حول القيمة
االقتصادية لمختلف ممتلكاتها من خالل الحساب الرئيسي "إهتالكات االستثمارات".األمر الذي يسمح بتجنيد
اإلعتمادات الضرورية لصيانة هذه الممتلكات ضمن الحساب " مؤونات إهتالكات االستثمارات ".
2-8-0المخزونات :
تعمل هذه الحسابات – كما هو معروف في المحاسبة الخاصة – على تسجيل السلع و المواد
األولية المستهلكة خالل سنة النشاط الحالية ،بما يضمن استخراج نتيجة حقيقية للنشاط السنوي و تحديد
الكميات الفعلية المتواجدة في مخازن المؤسسة.
014
لكن هذا الطرح يختلف بالنسبة للدولة .وفقا لمبدأ السنوية ،فإن مشتريات الدولة من السلع لسنة
النشاط الحالية ،يجب أن تستهلك في هذه المدة ،أي يفترض عدم وجود مخزون في نهاية السنة ،هذا من
جهة .ومن جهة ثانية ،فإن الدولة ال تستطيع أن تفرض على المكلفين بالضريبة دفع مستحقاتهم في آجال
دقيقة ،بما يسمح لها من توفير األموال لتكوين هذه المخزونان .
كل هذا ،يجعل من الحسابات الخاصة بالمحزونات مجرد وسيلة لتسجيل التدفقات المالية الموجهة
لشراء السلع و المواد األولية ،دون تحديد التغيرات في كمية هذه المحزونات من سنة إلى أخرى.
شرعت الجزائر في العديد من اإلصالحات الكبرى والتي فرضتها الظروف الدولية الراهنة والتي
تهدف إلى إدخال آليات اقتصاد السوق وجعل االستثمارات المنتجة المحرك األساسي للتنمية ،باإلضافة
إلى تركيز نشاطات الدولة حول المهام األساسية من أجل رفع فعالية تدخل الدولة.
ومن بين اإلصالحات التي شرعت فيها الدولة هو ذلك الذي يتعلق بتحديث أنظمة الميزانية حيث
أن النظام الميزاني الحالي يتميز بالعديد من النقائص .هذا النظام الجديد يهدف إلى تنفيذ النفقات
العمومية في ظل الشفافية ،الفعالية والسرعة في تنفيذها وقد خصص لهذا البرنامج ظرفا ماليا يقدر بـ 81
مليون دوالر.
يرجع األمر بالنسبة لتبني هذه االصالحات إلى ضرورة التغيير بعد أن أثبت النظام الحالي عدم
قدرته على تحقيق الفعالية في تسيير موارد الدولة وبعد أن أظهر العديد من النقائص ومن بينها:
يتم تسيير النفقات على أساس اإلمكانيات المتاحة وليس على أساس النتائج -
المرسومة.
رقابة مسبقة قائمة على مطابقة النفقة دون النظر في مدى فعاليتها. -
نظام معلومات غير فعال بالنظر إلى االستعمال المحدود لإلعالم اآللي. -
011
وباإلضافة إلى هذا صرح المدير العام للمحاسبة السابق السيد جحدو محمد على هامش الملتقى
الذي تم عقده على مستوى و ازرة المالية يوم 80أكتوبر 0225أن النظام الميزاني الحالي يتسم بعدة
نقائص من أهمها غياب نظرة على المدى المتوسط ،ازدواجية الميزانية بين ميزانية التسيير وميزانية
التجهيز وكذا غياب نظام معلومات حول التسيير الميزاني.
يشمل مشروع تحديث أنظمة الميزانية على العديد من التغييرات التي تمس جانب إعداد وتنفيذ
ميزانية الدولة ،وهذه الجوانب تمس:
الجزء األول:
تجديد مسار النفقة :وهذا عن طريق وضع إطار على المدى المتوسط خاص -
بالنفقات ،وكذا تصنيف نفقات الميزانية ،إعداد ميزانية موحدة تشمل كل النفقات.
الجزء الثاني:
نظام المعلومات :ويعد دعامة أساسية لدعم اإلصالح ويتعلق األمر هنا بـالنظام -
المدمج للتسيير الميزاني .système intégré de gestion budgétaire SIGBو يتضمن
بناء منظومة معلوماتية قوية وآمنة جدا ،ألنها تضمن تبادل معلومات دقيقة وخطيرة و استراتيجية
عن ميزانية الدولة
نشير في هذا اإلطار أن اإلصالح الجاري هو عملية طويلة تحتاج إلى العديد من الموارد مع
القليل من النتائج التي تبرز على المدى القصير كما أن المرور من اإلدارة المسيرة إلى اإلدارة المصححة
صعب التحقيق ،غير أن هذا المشروع الذي يحمل في طياته ميزانية األداء هو محفز حقيقي إلى بعث
إصالحات عميقة تخص التسيير العمومي.
010
وقد أكد السيد زموري 1أن أساس السياسة الجديدة وادخال الوحدة الجديدة للميزانية والتي تتمثل في
البرنامج والتسيير القائم على النتائج هو هدف النفقة ،وألجل هذا احتوى اإلصالح على تعيين مسؤول
مسير للبرنامج حتى يتم تعيين المسؤوليات.
كما أن اإلصالح احتوى على التسيير المتعدد السنوات حيث أن كل و ازرة مكلفة بإعداد مشروع
ميزانية السنة وتقديرات ثالث سنوات وحصيلة سنتين تسبق السنة المالية الجديدة.
وألجل تغطية النقائص المذكورة سابقا جاءت مبادرة الحكومة باإلصالح المعتمد في هذا المشروع
الذي يقوم على إدخال تغييرات على مستوى إعداد ،توزيع ورقابة ميزانية الدولة وكذا إعادة هيكلة مسار
النفقة العمومية) . Restructuration du Circuit de la Dépense (RCDوالهدف من هنا هو
تغيير مسار أو مراحل تنفيذ النفقة العمومية ،تعزيز الرقابة وايصال العمليات إلى المستوى المركزي بسرعة
أكبر وتحقيق أكثر مصداقية للعمليات المحاسبية .وأضاف السيد جحدو أن أهم عائق في وجه النظام
الحالي هو عدم فعالية نظام المعلومات المي ازنياتي وهذا الذي باإلمكان تحسينه عن طريق اإلصالح أو ما
يسمى بتحديث أنظمة الميزانية .وكنتيجة لهذا فإن هذا المشروع من شأنه أن يقلص من توسعات الميزانية،
إعادة تكييف المخطط المحاسبي للدولة وخلق ميزانية موحدة تشمل نفقات التسيير والتجهيز معا ،وهذا
يعني أن برنامجا واحدا يشمل تقييم جانبي التسيير والتجهيز.
الشفافية. -
التحديث. -
المساءلة. -
نشير إلى أن المشروع يقوم بإعداده مكتب الدراسات الفرنسي GIP-ADETEFوقد أوضحت
السيدة CHAUVIN1أن عملية إعادة هيكلة مسار النفقة العمومية له أهداف عديدة من بينها أنه يرمي
إلى التطور نحو تحقيق فعالية إدارية ،السرعة في تنفيذ النفقة العمومية و تحسين التسيير.
012
المطلب الثاني :التجربة الفرنسية وآثارها على مسار الرقابة في النظام الجزائري
مما الشك فيه أن النموذج الفرنسي يعتبر -تاريخيا وتقليديا -مرجعية أساسية للتشريع والتنظيم
المالي واإلداري في الجزائر وهذا من أبرز العوامل التي تدفع إلى دراسة التجربة الفرنسية حيث أن كل
النصوص القانونية الجزائرية مستوحاة منها وخصوصا تلك المتعلقة منها بالمالية العمومية بالنظر إلى
حساسية هذا المجال .وقد شهد مناخ المالية العمومية في فرنسا نقلة نوعية ،إذ اختلف االمر تماما على
ما كان عليه في السابق بصدور القانون العضوي المؤرخ في 8أوت 0228المتعلق بقوانين المالية .ومن
خالل هذا المطلب سنتناول بالدراسة التجربة الفرنسية بدراسة محتوى القانون العضوي المذكور آنفا وما
انجر عنه في مجال الرقابة على المالية العمومية ،ثم نقوم بإسقاط هذه التجربة على مسار الرقابة في
النظام الجزائري.
الفرع األول :دراسة موجزة لمناخ المالية العمومية في فرنسا بعد صدور القانون العضوي
المتعلق بقوانين المالية
إن اإلطار الخاص بالميزانية في فرنسا الذي تضمنه األمر المؤرخ في 0جانفي 8595والذي
قسم ميزانية الدولة إلى 181فصال وعلى الرغم من وجود جهود حقيقية ترمي إلى توحيده منذ حوالي
عشر سنوات ،إال أنه يشكل إطا ار جامدا وقليل المساءلة .ومن هنا نجد أن الرقابة التي تم العمل بها في
ظل هذا القانون كانت تميل إلى المطابقة أكثر منها إلى الفعالية .حيث أن تقديم الميزانية ال يفرض على
المسيرين تقديم تقرير يوضح بدقة النتائج مقارنة بالوسائل المتاحة ،وهنا يقتصر دور البرلمان على دراسة
كمية قائمة على حجم اإلعتمادات ونسبة تطورها واستهالكها .2
الفقرة األولى :اإلطار الجديد للمالية العمومية المتضمن في القانون العضوي المؤرخ في 1
أوت 2001
وقد جاء القانون العضوي المؤرخ في 8أوت 0228ليعيد تنظيم كل ما يتعلق بالمالية العمومية،
غير أنه بطبيعة الحال تم ادخاله حيز التنفيذ تدريجيا ولعل من بين األسباب التي دفعت لهذا األمر هي
تمكين عناصر نظام الرقابة سواء المحاسبية ،اإلدارية أو القضائية من التأقلم والتطور حتى تساير هذا
التغير.
يضم هذا النص 51مادة ،حيث عرف اإلطار العام الذي تندرج ضمنه قوانين المالية وكذا
كيفيات إعدادها ،اعتمادها وتنفيذها ،وهذا عن طريق تحديد هدفين رئيسيين هما من جهة تدعيم وتقوية
011
الشفافية في تقديم المعلومات الخاصة بالميزانية ومجال الترخيص البرلماني ومن جهة أخرى التأسيس
لمسؤولية فعلية للمسيرين عن طريق رقابة أدائهم .
1
تعزيز الشفافية في التسيير المالي: -1
عزز القانون الشفافية في التسيير المالي و كذلك الشفافية في مجال الترخيص البرلماني من
خالل:
le débat d’orientation أسس القانون نقاشا حول التوجه الميزاني -
).budgétaire(DOB
أثرى التقرير االقتصادي والمالي الماحق بمشروع قانون المالية السنوي حيث -
تضمن نظرة متعددة السنوات كما أضاف له تقري ار يشمل كل االقتطاعات اإلجبارية وتطورها.
وسع مجال اختصاص قانون المالية حيث أنهى النظام المتعلق بالرسوم شبه -
الجبائية و أسس تقييما إليرادات وأعباء الخزينة.
عمل على تحسين مستوى تقديم المعلومات للبرلمان ،خاصة حول وضعية ذمة -
الدولة وماليتها وكذلك وضع طرق أخرى إلعالم لجنة المالية.
دعم حقوق البرلمان أثناء مناقشة الميزانية حيث أبرز القواعد المتعلقة بالتصويت -
وحق التعديل ،كما وسع سلطات لجان المالية في ما يتعلق باالستعالمات وكذا مساعدة مجلس
المحاسبة.
كما أدخل القانون الهدف المتمثل في مساءلة المسيرين و رقابة األداء كقاعدة إلصالحات جذرية
في التسيير العمومي .وهذا بإحداث مصطلح "برنامج" وتوجيه النقاش المتعلق بالميزانية إلى رقابة فعالية
النفقة.
ابتداء من إعداد مشروع قانون المالية لسنة 0225لم يعد هناك استخدام للنفقات حسب طبيعتها
وانما تم استبدالها بالنفقات حسب البرنامج.
1
IDEM, p142.
011
وقد تم تعريف مصطلح البرنامج ضمن المادة 9من القانون العضوي " :يشتمل البرنامج على
اإليرادات الموجهة لتنفيذ نشاط أو مجموعة من النشاطات المتقاربة التابعة لنفس الو ازرة والتي تشترك في
نفس الهدف من أجل تحقيق المنفعة العمومية وكذا النتائج المرتقبة و الخاضعة للتقييم".1
وتشكل مجموعة من البرامج ما يسمى بالمهمة التي تساهم في تنفيذ السياسات العمومية المرسومة
والتي ترجع إلى مصلحة أو العديد من المصالح التابعة لو ازرة واحدة أو للعديد من الو ازرات .ويتم
التصويت في البرلمان على المهمات .وهذا طبقا لنص المادة 82من القانون العضوي التي تنص على
أن مناقشة اعتمادات الميزانية العامة يجب أن يكون بمناقشة المهام ).(missions
وهكذا يتم تخصيص االعتمادات وفقا للبرامج ،أما تقديم اإلعتمادات حسب األبواب Titreيصبح
ذا طابع ارشادي فحسب ،واالعتمادات المفتوحة في كل برنامج هي اعتمادات محدودة .ونشير إلى أنه
على مستوى كل برنامج يملك المسير حرية شبه مطلقة في إعادة توزيع هذه االعتمادات على األبواب،
ماعدا ما يتعلق منها بالمستخدمين التي ليس بإمكانه أبدا أن يتصرف فيها ألنها محددة بالسقف الموضوع
لها ،وهذا ما يعرف باالستهالكية غير المتساوية . la fongibilité asymétriqueوباإلضافة إلى ذلك
يوجد سقف الستعمال محدود لكل و ازرة.
في حين أن المادة 80من القانون العضوي تنص على بعض من المرونة خالل السنة حيث أنه
يمكن نقل االعتمادات بين البرامج في السنة مسموح في حدود %0من إعتمادات البرنامج ،كما أن نقل
االعتمادات من سنة إلى سنة يمكن العمل به مع ضرورة احترام وحدة البرامج طبقا للمادة 89من القانون
العضوي.
نص القانون العضوي على أن مشروع قانون المالية للسنة يضم مجموعة من المالحق باإلضافة
إلى المشروع السنوي لألداء لكل برنامج ،حيث يوضح هذا األخير النشاطات التي تشكل البرنامج،
التكاليف المشتركة ،األهداف الموضوعة ،النتائج المتحصل عليها والمرتقبة للسنوات المقبلة والتي تم
حسابها عن طريق معايير أو معامالت محددة يكون فيها االختيار مبررا.
كما يتم إلحاق قانون ضبط الميزانية بتقارير سنوية لألداء توضح بالنسبة لكل برنامج الفرق
المسجل بالنسبة للتوقعات أو التقديرات في قوانين المالية المعنية
كما يتم مقارنة االنجازات المالحظة في قانون ضبط المالية األخير مع األهداف ،النتائج المرتقبة
والمتحصل عليها ،المعامالت والتكاليف المشتركة.
1
Un programme regroupe les crédits destinés à mettre en œuvres une action ou un ensemble cohérent d’action
relevant d’un même ministère et auquel sont associés les objectifs précis, en fonction de finalités d’intérêt
général ainsi que les résultats attendus et faisant l’objet d’évaluation.
011
البرامج كمفتاح للعبور إلى التسيير العمومي الجديد -4
جاء القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية لتطوير ميزانية تميزت بهيكل مبني على طبيعة
الوسائل وتتم رقابتها باعتماد المطابقة إلى ميزانية جديدة يكون هيكلها مبنيا على أهداف السياسات وييم
رقابتها بالنظر إلى النتائج المتحصل عليها.
حيث أن الحكومة ملزمة بتحديد مجموعة من النشاطات المتناسقة ضمن مهام الدولة ،كما أنها
ملزمة باإلعالن عن األهداف المرتبطة بكل مهمة ،باالضافة إلى أنها ملزمة بتخصيص اعتمادات من
الميزانية لكل برنامج ،مع ترك المسؤولية أمام العون المسؤول عن البرنامج ليمثل العالقة بين النتائج
والوسائل .ويتميز البرنامج بـ:
وبال تالي يشكل البرنامج عقدا حقيقيا لألداء الذي يقود ويربط عناصر التسيير العمومي الجديد
وهذا بمنحه كل المعاني :تعميم رقابة التسيير في الوحدات العملياتية ،تحقيق التجانس بين هذه األخيرة في
نفس الشبكة من خالل نظام تحكم وتوجيه يخدم األهداف التي تحفظ المسؤولية على مستوى كل المكونات
خاصة مستوى عدم التمركز.
من الواضح أن اإلطار الجديد المتعلق بالمالية يفرض إعادة النظر في بنية الرقابة على المالية
العمومية من أجل توجيهها نحو مساءلة المسيرين و حساب األداء والفعالية.
تطورات نظام الرقابة على النفقات العمومية بعد صدور القانون العضوي الفقرة الثانية:
المتعلق بقوانين المالية
في ظل هذا التغير في هيكلة الميزانية ،هل يمكن حقيقة تطوير الرقابة؟
يتم تحليل النفقة بالنظر إلى الهدف منها ،إلى األعوان المسؤولين عن تنفيذها والى وجهتها
الجغرافية وكذا إلى البرنامج المرتبطة به.
إن تطور وتغير محتوى قانون المالية يفرض تطور مختلف مكونات نظام الرقابة على النفقات
العمومية ،حيث أن الرقابة اإلدارية سوف تأخذ بعين االعتبار مسألة األداء في حين أن الرقابة القضائية
ستدخل مسألة المصادقة على الحسابات العمومية.
011
نحو التخفيف الرقابة المحاسبية:1 -1
يهدف القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية إلى مساءلة األمر بالصرف حول فعالية النفقة
العمومية عن طريق الشمولية التي جسدتها البرامج التي تتماشى مع األهداف والنتائج .وهذا يفترض
تخفيف سلسلة الرقابة على النفقة العمومية.
بما أن رقابة االلتزامات تقتصر على التأكد من عدم اجتياز السقف الممنوح للبرنامج ،فإن هذه
الوظيفة أصبحت مدمجة ضمن الرقابة اآللية لبرنامج اإلعالم اآللي ACCORDوهو برنامج تم الشروع
في العمل به حيث يضمن هذا األخير وحدة وتناسق مراحل النفقة منذ أن يقوم اآلمر بالصرف بحجز
المعلومات على مستوى هذا البرنامج ،حيث يمكننا تصور أنه في حالة ما إذا قام اآلمر بالصرف بتمرير
التزام يفوق مبلغه السقف المحدد للبرنامج ،فإن البرنامج accordسوف يجمد أية نفقة إضافية ،كما يقوم
بتحذير المحاسب ،كما يدفع إلى تدخل الرقابة الخارجية ،حتى يسمح لوزير المالية وللمسؤول عن
البرنامج بالتدخل ،ومن هنا يمكن القول أن االلتزام المحاسبي سوف يختفي.
أما بالنسبة للرقابة المالية فإنه يمكن القول أنها ال تتدخل سوى على مستوى مرحلة تقديم تأشيرة
عامة أو شاملة حول مشروع استعمال االعتمادات ،وهذا يشبه ما يتم العمل به على مستوى عدم التمركز.
وتأسست الرقابة المالية بعد إلحاح واستعجال من قبل البرلمانيين بهدف تفادي االنحرافات
الحاصلة في تنفيذ الميزانية المصادق عليها وصرف االعتمادات و اللجوء إلى االعتمادات اإلضافية التي
تضع البرلمان أمام األمر الواقع ،خاصة وأن النفقة تم صرفها ،خاصة وأن البرلمان غير قادر على تسليط
عقوبات على اآلمرين بالصرف ،فالمرسوم المؤرخ في 08ماي 8550ال ينص سوى عن المسؤولية
األخالقية والتأديبية لآلمرين بالصرف ويهمل مسؤوليتهم المدنية وهذا استنادا إلى رأي مجلس الدولة المؤرخ
في 08جويلية .8119وبمناسبة مناقشة قانون 8500الذي ذهب إلى تقوية سلطات المراقب المالي
اقترحت اللجنة المالية لمجلس األمة إقحام المسؤولية المدنية للوزراء والمسيرين الذين يخرقون أحكام هذا
القانون ،كما أضافت إلى الوزراء وكتاب الدولة العقوبات المتعلقة بسوء استعمال السلطة.
إن هذه النبذة التاريخية تبين أن الرقابة المالية جاءت كضرورة للتحكم الجيد بالمالية العمومية ،من
2
جهة ومن جهة أخرى كرد على التساؤل المطروح حول المسؤولية الشخصية للمسيرين والوزراء.
1
ANDRE BARILARI : op-cit p 149, 150.
ومن هذا المنطلق لم يهمل القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية هذه الرقابة بل قام بتعديل معالمها حيث يمكن االتفاق بين المسير والمراقب
2
المالي حول أساليب وكيفيات الرقابة .ومن هنا يتم القضاء كليا على التكرار المتواجد في مهام الرقابة بين المراقب المالي والمحاسب العمومي.
011
2-1التطورات الحاصلة على مستوى رقابة المحاسب العمومي:
في هذا اإلطار تمت بلورة العديد من األفكار النظرية بهدف تحقيق الفصل بين مهام المحاسب
والدافع ) ،(payeurوهذا اعتبا ار من أن القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية كرس ووسع مهام
المحاسب ،كما حافظ على وحدة هذه المهام على مستوى العناصر المدمجة في شبكة الخزينة العمومية
حيث أن التجارب هي قيد اإلنجاز.
يمكننا تصور أنه داخل نظام متكامل ،الثنائية المتمثلة في المحاسب العمومي واآلمر بالصرف
يمكن القضاء عليها ،ومن هذا المنطلق فإنه من الممكن أيضا أن يطرح أمر تفكك مهام الدافع
والمحاسب.
وأخذا بهذ ه الفرضية فإن المحاسبة التي يمسكها اآلمر بالصرف تنجم عن الق اررات المتخذة من
المنبع وتترجم في نظام accordحيث تكون مرجعا .وهنا كل األعوان لهم القدرة على التدخل .كما نشير
إلى أن هذه المحاسبة يتم التدقيق فيها حتى يتم كشف األخطاء الممكن وقوعها.
كما أنه من الضروري الحفاظ على وحدة محاسبة الدولة ،كما أنه يجب على الخزينة العمومية أن
تضع المقاييس الخاصة بهذا المجال ،كما عليها أن تقوم بعملية تركيز ودمج المعلومات.
ولكن وألهداف أمنية المتواجدة في كل الهيئات ،فإنه الدفع ال يجب أن يكون تحت المسؤولية
المباشرة لآلمر بالصرف كما أنه ال بد من الحفاظ على مبدأ وحدة الصندوق .إن المعالجة المباشرة
لألموال ال يجب أن تقتصر إالّ على الدافع .وهذا ما يسمح بوجود مسؤولية خاصة وشخصية على عملية
الدفع.
إن وجود مصادقتين على نفس العملية من قبل شخصين مختلفين ،يؤدي إلى اعتبار أن هذه
الرقابة متبادلة تفرض توقيعين وعلى المستوى الدولي هو نموذج قاعدي في القطاع العام أكثر منه في
القطاع الخاص يضمن إجراء مختلف المعامالت المالية بأمان.
إن الدافع الذي ال يكون هو المحاسب يتأكد من الوثائق الثبوتية ،كما يتأكد من توفر اإلعتمادات
الكافية بالرجوع إلى محاسبة اآلمر بالصرف ،حيث أن عمله ال يؤدي إلى إضعاف االستقاللية الالزمة
لآلمر بالصرف ،كما أن هذه الرقابة ال تميل إلى إضعاف فعالية هذا األخير .بل على العكس تماما ألن
مهامه تخفف من مهام اآلمر بالصرف.
011
إن هذا التنظيم المعتمد على االستعانة بمصادر خارجية ال يؤدي إلى تمديد آجال ،ذلك ألن
اآلمر بالصرف يجب أن يكون ملتزما بتنفيذ عملياته في اآلجال المحددة كما عليه أن يحرص على أن
التنفيذ سيكون في األجل المحدد ألن هذا يعتبر من ضمن المعايير المتعلقة بالتنفيذ الحسن لمهامه.
ومن هنا نقول أنه ينبغي تصميم مخطط للرقابة يتماشى مع كل نوع من أنواع النفقات ،حيث
يكون هذا المخطط موضوع نقاش بين الدافع و الهيئة المسؤولة عن المهمة التي نفذت النفقة في إطارها،
ويكون هذا المخطط موضوع تنقيح دوري يتماشى مع تطور محتواها.1
تكريس وتوسيع المهام المحاسبية من قبل القانون العضوي المتعلق بقوانين 2-2-1
المالية:
كرس القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية فصال خاصا بالمهمة المحاسبية ،حيث نص على
العمل بثالت محاسبات :محاسبة إيرادات ونفقات الميزانية ،محاسبة عامة لمجموع هذه العمليات،
ومحاسبة موجهة لتحليل تكلفة كل النشاطات الملتزم بها على مستوى البرنامج وهذا طبقا لنص الفقرتين
األولى والثانية من المادة 09من القانون العضوي.
إن منطق محاسبة السنة المالية يؤدي إلى إعطاء أهمية أوال لعمليات الصندوق حتى يتم تقييد
الحقوق وااللتزامات في الحسابات بدء من لحظة أخذها قيمة معينة.
إن المادة 28من القانون العضوي تسند للمحاسب كل المجال المتعلق بالمحاسبة ،حيث تنص
المادة :يكلف المحاسبون العموميون بمسك واعداد حسابات الدولة ،كما يتأكدون من صحة التسجيالت
المحاسبية واحترام اإلجراءات.
كما أن المحاسب العمومي يضمن احترام المبادئ المحاسبية و يتأكد أيضا من صرامة االجراءات
المتبعة في تسجيل حقوق والتزامات الدولة وكذا قدرتها على ضمان اإلعالم المحاسبي الدقيق والشامل :
صالحية الوثائق الثبوتية ،دقة التقييم المتعلق بكل العمليات المتعلقة بنهاية السنة المالية ،وعلى مدار
السنة ،دقة التسجيالت على مستوى األصول والخصوم.
يمكن القول أنه حتى إن لم تسر األمور على هذا المنوال الذي رسمه القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية ،فإن هناك العديد من األهداف
1
الموضوعة من قبل الهيئات من هذا النوع ،خاصة نمطية الرقابة وطابعها المتميز بالشراكة التي تبقى كضروريات تشترك فيها كل التطورات التي
يمكن تصورها.
014
وفي هذا النطاق شرعت مديرية المحاسبة العمومية في تطوير وتحديث الرقابة على النفقات
عوضا عن التنظيم الحديث الذي يعتمد رقابات متماثلة ،حيث تكون أحكام الرقابة متناسبة ومتوافقة مع
األخطار والرهانات المالية.
من أجل تحقيق المطالب الجديدة في إطار تنفيذ القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية ،تم
اقتراح توجهين أساسيين :وضع رقابة سلمية وتشاركية وكذا وضع تنظيم محاسبي جديد.
يمارس المحاسب العمومي في الرقابة السلمية الرقابة على الوثائق ،حيث يكون مقيدا بالتنظيم
المعمول به ،غير أنه يصنف هذه الوثائق وفقا طبيعة النفقة وممارسات اآلمر بالصرف .فتصبح الرقابة
النظامية والشاملة استثناء وقاعدة للخبرة المستهدفة التي يمكن أن تمارس على عينة متغيرة الكثافة و
مكملة أيضا ببعض التحقيقات البعدية ،والهدف منها هو تقليص آجال الدفع وتسهيل االجراءات دون
إهمال التحكم في األخطار.
تتطلب الرقابة التشاركية وهذا عن طريق مسار التدقيق المسبق تقدي ار حول مصداقية مجموع
االجراءات الموضوعة حيز التنفيذ داخل سلسلة النفقة .وعندما يتم التدقيق من التأكد من ضمان أمن
االجراءات أو أن االحتياطات الالزمة قد اتخذت من أجل هذه األخيرة ،في هذه الحالة يقوم المحاسب
بتخفيف تدخله ويركز على احترام االجراءات التي وضعها التدقيق .تسمح الرقابة التشاركية بالذهاب بعيدا
في إطار إلغاء الرقابة السابقة.
إن هذه التوجهات تفرض وجود مشاورات بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي من أجل وضع
مرجع محاسبي داخلي وكذا دليل داخلي لإلجراءات .إن هاتين الوثيقتين ستسمحان تحت مسؤولية
المحاسب العمومي بتدقيق احترام القواعد المحاسبية واحترام االجراءات التي ال يجب خلطها مع الرقابة
السلمية لآلمر بالصرف أو مع رقابة التسيير التي ليست من مسؤولية المحاسب العمومي .إن هذه النظرة
ستكون من ضمن العناصر التي تسمح لمجلس المحاسبة من أجل تنفيذ المهمة التي أوكلتها المادة 91
من القانون العضوي والتي تنص على التوجه إلى "رقابة الرقابة".
إن هذه الممارسات ال يمكن أن تعطي أثرها اإليجابي إال إذا كانت المسؤولية الشخصية والمالية
للمحاسب واضحة بالنسبة لقاضي الحسابات .لذلك فإنه من األرجح التمييز بين حاالت تنفيذ النفقة بطريقة
غير صحيحة و مدى احترام مخطط الرقابة الموضوع حيز التنفيذ من قبل المحاسب .ويكون الوضع
مخت لفا إذا كان مخطط الرقابة معدا من قبل سلطة أعلى مستوى من المحاسب أي عن طريق التنظيم أو
011
إذا كان المخطط معدا من قبل المحاسب بنفسه .و تقييم مالءمة مخطط الرقابة يكون في الحالة الثانية
واحدا من عناصر التقييم.
إن إعداد حسابات الدولة هو من اختصاصات و ازرة المالية .ومن أجل تنفيذ هذه المهام من
الضروري أن تضم الو ازرة شبكة من المحاسبين العموميين الواقعين تحت سلطتها.
وهذا ما يسمح بالحفاظ على الوحدة المالية للدولة ،توحيد الممارسات ،تسهيل التعامل مع مجلس
المحاسبة وضمان حرفية العمليات.
غير أن اعتماد محاسبة السنة التي توسع مهام المحاسب وتخلق تداخال مع مهام اآلمر بالصرف
يمكن أن يبرر إحداث محاسبين متخصصين تابعين لشبكة الخزينة العمومية على المستوى المركزي على
األقل على مستوى الو ازرات التي تحتل أكثر أهمية .هذا الخيار ال يؤدي بالضرورة إلى توسيع وظيفة أمين
الصند وق التي من الممكن أن تظل ممركزة ألهداف تتعلق باقتصاديات من الحجم الكبير و من أجل تلبية
مطالب تسيير خزينة الدولة .هذه الوظيفة يمكن أن تكون مزدوجة لدى المحاسبين العموميين الواقعين على
رأس الشبكة على عكس المحاسبين على مستوى الو ازرات.
إلى أنه على مستوى المصالح الخارجية للدولة ،يظل أمين الخزينة العام هو المحاسب الرئيس
وأمين الصندوق بالنسبة للمصالح الخارجية من أجل تفادي تقسيم غير فعال لوظيفة المحاسب العمومي
واعتبا ار من الدور األساسي الذي يلعبه الوالي.
إن التطرق لهذه اآلفاق ال يأتي إال في إطار اكتشافها ،فاإلدارات المعنية تحاول إيجاد اتفاق فيما
بينها يمكنها من الوصول إلى نظام متوازن ومن جهة أخرى ال يمكن أن نحكم مسبقا على الق اررات
والنتائج التي تخرج بها السلطات العمومية .وما يمكن على األرجح الوصول إليه هو أن هذا اإلطار
الجديد سيوضع حيز التنفيذ بعد العديد من التجارب وعن طريق مسار تدريجي.
1
تطور الرقابة اإلدارية نحو أحسن قياس لألداء: -2
سبق وأن تعرضنا للطابع المركزي للبرامج في األحكام التي نص عليها القانون العضوي .وهذا ما
دفع اللجنة ما بين الو ازرات إلصالح الدولة في 89نوفمبر 0228إلى اتخاذ قرار انشاء اللجنة ما بين
2
الو ازرات للتدقيق في البرامج.
1
ANDRE BARILARI, op_cit, p155, 156,157.
2
Le comité interministériel d’audit des programmes.
010
1-2الحاجة إلى رقابة خاصة بالبرامج:
إن الطابع المركزي للبرامج يفرض عند تنفيذها العديد من معايير النوعية التي ال تقبل الجدل.
على الرغم من أن فحص شروط تنفيذها ال بد أن يتم في إطار مم الموضوعية ،الحيادية والمصداقية.
في حقيقة األمر ،إن التصديق على النوعية وكذا ضمان المصداقية والموضوعية يجب أن يتم
تنفيذه من قبل هيئة تدقيق خارجية عن المصالح المكلفة بإعداد مشاريع البرامج و تنفيذها .إال أن مجلس
المحاسبة مكلف وفقا للمادة 91من القانون العضوي ال يتدخل إال الحقا بعد إخطار البرلمان و بعد تنفيذ
البرامج .إال أنه بالنظر إلى مسؤولية الحكومة في هيكلة البرامج ،فإن رقابة النوعية بجب أن توضع قبل
تقديم البرامج أو نتائجها للبرلمان.
وبالنظر إلى وضعية الرقابة حيث تكون في نفس الوقت خارجية بالنسبة لمنفذي البرامج و داخلية
بالنسبة للحكومة ،فهي تمثل في الواقع مجال اختصاص المفتشيات العامة واألسالك المماثلة لها.
باإلضافة إلى أن هذا النوع من الرقابة يستلزم معرفة المجال المعني بالرقابة وكذا مقاربة متعددة
المجاالت .واللجنة ما بين الو ازرات للتدقيق في البرامج تجد مبرر إنشائها في الجمع بين الخصائص
المشار إليها سابقا مع احترافية على أعلى مستوى في تقنيات التدقيق ،جامعة بذلك بين نشاط المفتشيات
العامة واألسالك العليا للرقابة.
ومهمة هذه اللجنة هي اقتراح برمجة التدقيق ،تحديد الطرق المتجانسة والمناسبة ،و قيادة
العمليات وكذا تقييم النتائج.
8-8-0التدقيق األولي :الذي يعتبر أول تدخل تقوم به اللجنة وذلك أثناء تقديم البرنامج أمام
مديرية الميزانية ،وكذلك في كل مرة يقدم فيها برنامج جيد أو تعديالت لبعض البرامج ،وتعتمد هذه الرقابة
على المشروع السنوي لألداء حسب المادة 98من القانون العضوي .والهدف من هذا التدقيق هو التحقق
من تنفيذ معايير الجودة لبرنامج ما.
ويتم هذا الفحص اعتمادا على التقارير السنوية لألداء وفقا لنص المادة 98من القانون العضوي
وكذا اعتمادا على مشاريع التقارير السنوية لألداء تطبيقا للمادة 98من نفس القانون.
وتستخدم المالحظات المقدمة حول النتائج المحققة كعناصر في مناقشات الميزانية ،وبالتالي فإن
التحقق من مصداقية النتائج باألرقام من جهة ومن جهة أخرى ضمان موضوعية المالحظات المقدمة
012
حول الفوارق الموج ودة بين األهداف والنتائج مع األخذ بعين االعتبار كل عناصر التحليل المستمدة من
تقيم عمل منفذي البرامج.
الواقع .وهذه الرقابة في حد ذاتها ال تعتبر أحكاما ّ
تطور الرقابة الممارسة من قبل مجلس المحاسبة: -3
جاء القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية المؤرخ في 8أوت 0228لوضع كيفيات جديدة
خاصة بمجلس المحاسبة ودوره في مساعدة البرلمان وبالتالي نالحظ تطو ار في عمل مجلس المحاسبة في
هذا المجال ،كما أن الخصائص القضائية لمجلس المحاسبة يمكن أن تكون هي أيضا موضوع تطور
بالنظر إلى تطور دور المحاسب العمومي.
تضمن القانون العضوي في الباب الخامس فصال حول "الرقابة" ،هذا الفصل يتضمن مادة حول
سلطات الرقابة الممنوحة للجان المكلفة بالمالية على مستوى المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة ،كما
تضمن موادا حول تدخل مجلس المحاسبة بدعم من هذه اللجان.
لقد صمم دور مجلس المحاسبة من قبل محرري القانون العضوي لفائدة البرلمان .كما أن المجلس
الدستوري ذكر باستقاللية القضاء و الفصل بين المهام وفرض رقابة على بعض األحكام األولية.
1-3الدور المركزي لرقابة لجان المالية على مستوى المجلس الشعبي الوطني ومجلس
1
األمة:
تنص المادة 99من القانون العضوي أن لجان المالية التابعة للمجلس الشعبي الوطني و مجلس
األمة تتابع وتراقب تنفيذ قوانين المالية ،كما بإمكانها تقييم كل المسائل المتعلقة بالمالية العمومية .وأسندت
هذه المهمة إلى رؤساء هذه اللجان وكذا المقررين العامين ،باإلضافة إلى المقررين الخاصين عندما يتعلق
األمر بمجال اختصاصهم .لهذا الغرض بإمكان كل هؤالء إجراء تحقيقات سواء في الوثائق أو في عين
المكان ،كما بامكانهم اجراء كل اللقاءات التي يجدونها مهمة.
إن كل المعلومات والوثائق ذات الطابع المالي واإلداري التي يطلبها أعضاء اللجان السالف
ذكرهم من الواجب أن تعطى لهم ومن ضمنها التقارير المعدة من قبل الهيئات والمصالح المكلفة بالرقابة
ما عدا تلك المواضيع ذات الطابع السري المتعلقة بالدفاع الوطني واألمن الداخلي والخارجي للدولة .
أضف إلى ذلك أنه عندما يقرر رئيس لجنة أو المقرر العام لهذه اللجنة التابعة ألي غرفة من
البرلمان أن لقاء شخصية ما هو ضروري ،فإن هذه الشخصية عليها الخضوع ،كما أنه غير مقيد بالسر
المهني ماعدا ما ذكرناه في الفقرة السابقة.
1
ANDRE BARILARI : op-cit, p158,159.
011
وقد أتمت أحكام المادة 95المادة التي نحن بصدد الحديث عنها وهي المادة 99والتي تنص
على توقيع عقوبات في حالة عدم الرد حيث تنص " في إطار مهمة الرقابة والتقييم فإنه إن لم يتم تقديم
المعلومات المطلوبة والقول بضرورة إعطاء مهلة وهذا بالنظر لصعوبة جمع المعلومات المطلوبة ،فإن
رئيس اللجنة سواء تلك المتواجدة على مستوى المجلس الشعبي الوطني أو مجلس األمة بإمكانه عن
طريق تقديم طعن للجهات القضائية المختصة ،قصد توقيف هذه العقبات ومعاقبة المتسببين فيها.
وحملت المادة 59من القانون العضوي إجراء جديدا يهدف إلى ضمان ممارسة حق االتصال
للجان المالية والتي دخلت حيز التنفيذ في األول من جانفي ،2002كما أضافت مصطلح مهمة الرقابة
1
والتقييم.
كما تضيف المادة 52من القانون العضوي أنه على الحكومة اإلجابة على كل المالحظات :
"عندما ينتج عن مهمة الرقابة والتقييم مالحظات مقدمة للحكومة ،فإنه على هذه األخيرة الرد في ظرف
شهرين".
وزيادة على سلطات التحقيق التي تم توسيعها ،فإن رئيس اللجنة ،المقررين والمقررين الخاصين
على مستوى اللجنتين ،قد حظوا بمساعدة أكبر من قبل مجلس المحاسبة الذي نالحظ أن دوره في دعم
البرلمان قد تم تعزيزه أيضا.
"مهمة مساعدة البرلمان الموكلة لمجلس المحاسبة بموجب الفقرة األخيرة من المادة 89من
الدستور تضم:
-8ضرورة اإلجابة على طلبات المساعدة المصاغة من قبل الرئيس أو المقرر العام للجنة
المكلفة بالمالية لكال المجلسين في إطار مهام الرقابة والتقييم المنصوص عليها في المادة
،99
-0جراء كل التحقيقات التي تقدمت بطلبها اللجنتين المكلفتين بالمالية لدى المجلسين ،والتي
تخص تسيير المصالح أو الهيئات التي تراقبها .و نتائج هذه التحقيقات البد من أن تبلغ في
أجل ثمانية أشهر بعد صياغة الطلب من قبل اللجنة المعنية ،التي تشرف على نشرها.
-2إيداع تقرير أولي رفقة التقرير المذكور في المادة 81المتعلق بنتائج تنفيذ السنة المالية
المنصرمة.
1
C. Waline , P.Desrousseaux , B. Pellé :Op-cit, 375.
011
-8إيداع تقرير برفقة إيداع مشروع قانون ضبط الميزانية ،يتعلق بنتائج تنفيذ السنة المالية
المنصرمة وكذا الحسابات المساعدة comptes associésوالذي يحلل تنفيذ اإلعتمادات
حسب المهمات والبرامج.
-9المصادقة على نظامية ،صدق ودقة حسابات الدولة .وهذه المصادقة يتم إلحاقها بمشروع
قانون ضبط الميزانية ومرفوقة بتقرير التحقيقات التي تم إجراؤها.
-5إيداع تقرير رفقة إيداع كل مشاريع قوانين المالية التي تخص حركة اإلعتمادات التي تمت
عن طريق اإلدارة .والتي طلب مشروع قانون المالية المصادقة عليها.
يتضح من تحرير هذه المادة إرادة المشرع في إعطاء مجلس المحاسبة دو ار مهما لمساعدة
البرلمان .وهذه اإلرادة أصبحت واضحة جدا من خالل الفقرتين األولى والثانية من المادة ،91حيث أكدت
ضرورة التزام مجلس المحاسبة باالجاية على طلبات المساعدة والتحقيق وهذا في آجال محددة ( تسعة
أشهر على األكثر).
1
4-3المجلس الدستوري و استقاللية مجلس المحاسبة:
إن التحرير األولي للقانون العضوي كان يحوي حكما أكثر إلزاما ،حيث كان نص الفقرة األولى
كاآلتي" :قبل إنهاء برنامج الرقابة ،يقوم مجلس المحاسبة بإرسال المشروع إلى الرئيسي والمقررين العامين
للجان المكلفة بالمالية على مستوى المجلس الوطني ومجلس األمة .وهذه األخيرة لها مهلة 89يوما من
أجل تحرير الرد ،وكذلك بالنسبة لطلبات التحقيق المنصوص عليها في الفقرة الثانية" .وقد تم حذف هذه
الفقرة.
بعدما تناول المجلس الدستوري التذكير بالمادة 58من الدستور والمبادئ األساسية التي تقوم
عليها قوانين الجمهورية والتي ألزمت استقاللية الجهات القضائية واالعتراف بالطابع المميز لمهامها ،يرى
أن مجلس المحاسبة هو هيئة للقضاء اإلداري ،ومنه يرى أنه إذا كانت وظيفة مجلس المحاسبة
المنصوص عليها في القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية والتي ال تدخل ضمن اختصاصاته
القضائية والمتمثلة في إجراء التحقيقات لفائدة البرلمان والتي قد تدفع إلى اكتشاف بعض المخالفات التي
بدورها تؤدي إلى تنفيذ اإلجراءات القضائية ،ومن هنا يعتبر المجلس الدستوري الفقرة األولى من المادة
91غير مطابقة للدستور.
1
ANDRE BARILARI, op-cit, p 160, 161.
011
وبما أنه لم يعدل الفقرات الباقية فإنه أخذ الحيطة من اإلقرار بأنه على السلطات المختصة في
مجلس المحاسبة أن تضمن عدم اإلخالل بالتوازن بين االختصاصات القضائية واالختصاصات األخرى،
خاصة إزاء اآلجال المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة .91
واذا كانت البنود 2،8و 5تدخل في إطار الدور التقليدي لمجلس المحاسبة فإن البند الخامس
يبدو جيدا ومحتواه الفت .ومن اآلن فصاعدا على مجلس المحاسبة "إثبات نظامية ،صدق ودقة حسابات
الدولة".
يتطلب الدور الجديد الممنوح لمجلس المحاسبة نوعا من التوضيح على مستوى المصطلحات:
النظامية أو االنتظام ،régularitéالصدق sincéritéوالدقة .fédélité
وقد تطرقت المادة 09من القانون العضوي إلى نفس المصطلحات حيث نصت على " يجب أن
تكون حسابات الدولة نظامية ،صادقة وتعطي صورة دقيقة عن ذمتها ووضعيتها المالية".
إن مصطلح النظامية هو مطابقة القوانين وهو مصطلح تقليدي .أما الدقة فإنها تفرض على
الحسابات أن تصف كل العمليات التي يجب وصفها واعطاء كل المعلومات الضرورية لتقييم الوضعية
بطريقة موضوعية.
كما أعطى المجلس الدستوري جزء من تعريف مصطلح الصدق في ق ارره المؤرخ في 09جويلية
0228إزاء المادة 20الذي ينص :يتم تقييم الصدق بالرجوع إلى المعلومات المتاحة والتقديرات المستمدة
منها ".اعتبر المجلس أنه توجد معنيين لهذا المصطلح :بالنسبة لقوانين المالية السنوية أو التكميلية
المقصود من الصدق هو غياب نية اإلخالل بالخطوط العريضة للتوازن الميزاني .أما في قانون ضبط
الميزانية فإنه يقصد به دقة الحسابات.
إن دقة الحسابات تفترض أن كل العمليات قد تم أخذها بعين االعتبار و أن تكون مدرجة في
الحسابات التي تتوافق مع مميزاتها وأن تكون تقييماتها صحيحة.
أما بالنسبة لحسابات الد ولة فإن القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية نص على ثالث أنواع
من المحاسبات:
محاسبة موجهة لتحليل تكاليف مختلف النشاطات التي اتخذتها البرامج. -
وفي إطار برنامج ،ACCORDفإن المسير الذي هو اآلمر بالصرف يشرع في تقييد الكتابات
المتعلقة بالحقوق وااللتزامات ،كما يشارك في عمليات الجرد وفي تحضير الوثائق التلخيصية و يقدم
المعلومات الضرورية الخاصة بالتسيير خارج الميزانية .أما المحاسب العمومي فيقوم بإعداد سجالت
اليومية ،الميزانيات و القرارات المحاسبية ،و تقييد الكتابات المعقدة ( العقارات ،الجرد ،مخزونات،
االهتالكات) كما عليه إعداد الحسابات السنوية .و المحور األول الذي تقوم عليه الرقابة يكون على
المحاسب العمومي حيث أخضع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية المحاسب إلى السهر على
"نظامية ،صدق ودقة صورة الذمة والوضعية المالية للدولة" .ويبقى المحاسبون العموميون مسؤولون عن
1
االجتهاد المنصوص عليه في المرسوم المؤرخ في 05ديسمبر .8550
وباإلضافة إلى رقابة المحاسب العمومي نجد الرقابة الداخلية ،رقابة أسالك الرقابة للمديريات
المعنية ،التدقيق ألسالك الرقابة الو ازرية أو ما بين الو ازرات ،والتي ال بد على مجلس المحاسبة من أن
يأخذها بعين االعتبار في تدخالتها الرقابية.
مادامت المسؤولية الواقعة على المحاسب العمومي قائمة ،فإن الدور القضائي لمجلس المحاسبة
لن يتغير مع التطورات الحاصلة.
1
IDEM, p 161,162.
011
وعموما تطرح مسألة المصادقة على الحسابات تساؤالت جديدة .وتفرض المصادقة على
الحسابات توحيد مجموعة األحكام المتعلقة بالرقابة على المالية العمومية :الرقابة المحاسبية ،اإلدارية و
رقابة الجهات القضائية المالية.
يأتي مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في خضم اإلصالحات التي شرعت فيها
السلطات العمومية في العديد من المجاالت خاصة المتعلقة منها بالمالية العمومية ،حيث حرصت الدولة
على تحديث وعصرنة هذا الجانب بالذات من أجل تكريس مبادى الحكم الراشد وتجسيد الشفافية في
تسيير الموارد العمومية من جهة ،ومن جهة أخرى الحاجة توفير اإلطار القانوني المالئم للمالية العمومية
حيث أن القانون 89-18المتعلق بقوانين المالية لم يعد يواكب التطورات الحاصلة في المجال المالي.
حيث ينتظر أن يسمح هذا القانون العضوي بتعزيز صالحيات السلطة التشريعية ومجلس المحاسبة في
المجال المالي ،وهذا من أجل إرساء رقابة برلمانية فاعلة وتقييم السياسة المنتهجة والتأ ّكد من صرف المال
العام وتحقيق البرامج المسطرة في إطار قانون المالية وما يرصده من إعتمادات مالية لكافة القطاعات.
من جهة أخرى نصت المادة 802من الدستور أن البرلمان يشرع بقوانين عضوية في مجاالت
عديدة ومنها القانون المتعلق بقوانين المالية .وبما أن القانون الحالي يعود إلى سنة 8518لم يعد يواكب
التطورات كما أن مشروع القانون العضوي لقوانين المالية يعد دعامة أساسية بالنسبة للجانب المالي وما
يتعلق به من إصالحات جوهرية لكل القوانين ذات الصلة وذلك في إطار عصرنة الميزانية وحسن تسييرها
بما يحقق النجاعة في طرق اإلنفاق بالمتابعة الجادة والوضوح الالزم.
الفقرة األولى :المحاور الكبرى المتعلقة باإلصالح في المشروع التمهيدي للقانون العضوي
المتعلق بقوانين المالية
حمل المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية صورة مغايرة تماما لما كانت
عليه في القانون ،89-18هذه الصورة حملت مزجا بين التجربة الفرنسية وبعض األفكار أو المقترحات
ذات الصبغة الوطنية ،حيث جاء القانون ليضع إطا ار جيدا للمالية العمومية يحرص على االستعمال
األمثل للموارد العمومية في جو تطبعه الشفافية وتحقيق النجاعة في تسيير هذه الموارد.
ومن بعض ما حمله عرض األسباب المتعلق بهذا المشروع هو ضرورة التطابق مع الدستور
ومبادئ الحكم الراشد ،وعلى هذا األساس فهو جاء طبقا لنص المادة 123من الدستور ،كما أنه جاء
إلرساء مبادئ الحكم الراشد عن طريق إصالح الدولة وعصرنة المالية العمومية مع األخذ بعين االعتبار
المحاور الكبرى لإلصالح الميزاني التي شرع فيها من قبل.
011
وقد كشف وزير المالية كريم جودي أن مسار إصالح الميزانية الذي باشرته السلطات العمومية
من خالل القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية يشكل محو ار رئيسيا في إصالح هياكل الدولة الهادف
إلى التحكم الدقيق في النفقات العمومية والحد من اإلسراف وهدر المال العام .ومن بين المحاور الكبرى
لإلصالح التي احتواها هذا المشروع نجد:
نصت المادة الثانية من المشروع التمهيدي على تطبيق مبدأ التسيير القائم على النتائج وهذا
ابتداء من أهداف محددة مسبقا والتي تتماشى و المنفعة العمومية .كما تطرقت المادة الخامسة في تعريفها
لقانون المالية السنوي إلى أن تنفيذ برامج الدولة يكون وفق أهداف محددة ونتائج منتظرة وتكون خاضعة
للتقييم ،من خالل تحليلنا للمادة نجد أنها اعتمدت هذا األسلوب في التسيير.
إن تنفيذ الميزانيات العمومية وفق مقاربة «التسيير القائم على النتائج» تتيح هامشا أكبر من
المشاركة في وضع السياسة المالية والتخطيط لها والرفع من أدائها.
ويعرف هذا األسلوب على أنه الوسيلة التي تسمح برفع الفعالية ومسؤولية التسيير وهذا بإشراك
األطراف األساسية في تحديد النتائج بحساب األخطار ومتابعة التطور الحاصل إلى غاية التوصل إلى
النتائج المبرمجة ،مع أخذ الدروس المستفادة من ق اررات التسيير و عالقتها بالمردودية.
ومنهم من يعرف التسيير القائم على النتائج 1على أنه إستراتيجية أو طريقة للتسيير تختارها
تطبيقها هيئة معينة من أجل الحرص على أن إجراءاتها ،إنتاجها وخدماتها تساهم في تحقيق النتائج التي
تم تحديدها مسبقا .حيث يسمح هذا النوع من التسيير بإعطاء إطار متجانس للتخطيط وكذا تسيير
استراتيجي يسمح بتحسين التكوين والمسؤولية .كما أنه إستراتيجية واسعة جدا للتسيير تهدف إلى إدخال
العديد من التغيرات الهامة في طريقة التسيير للهيئات ،وذلك بالتركيز على تحسين األداء و تحقيق
النتائج .وهذا يمر بتحديد النتائج الواقعية ،متابعة مراحل االنجاز ،إدخال كل المعلومات المستخرجة من
ق اررات التسيير وتقديم المعلومات المتعلقة باألداء.
1يرجع مفهوم التسيير القائم على النتائج إلى )0229-8525( Peter Druckerالرائد في المناجمنت ،الذي أصدر الكتاب « Managing for
» . resultsوالذي ا ختفى إلى غاية نهاية الثمانينات ،وعاد هذا المبدأ في المقدمة في سنوات التسعينات .حيث كانت الحكومة الكندية أول من
أخذ بهذه الطريقة في بداية سنة 8552في إطار اصالحات بالغة األهمية في القطاع العمومي والتي كانت تهدف إلى تطوير نموذج تسيير
للمشاريع قائم على المساهمة والمسؤولية.
كما أخذت المنظمات الدولية مثل البنك العالمي ،منظمة األمم المتحدة بتبني هذه الطريقة بهدف تقديم ق اررات حول النتائج المتوصل إليها.
وفي سنة 0229أخذ أعضاء المجتمع التطور ) (pays partenaires et donateursبإعالن باريس ،وهذه سجلت ضمن األوقات الحاسمة في
التفكير الدولي حول فعالية المساعدة للتطور .حيث أبرز إعالن باريس إرادة المجتمع في األخذ بالتسيير القائم على النتائج.
014
وحسب إعالن باريس فإن التسيير القائم على النتائج :تقويم التسيير على النتائج يعني التسيير
ووضع حيز التنفيذ المساعدة بالتركيز على النتائج المرسومة ،وهذا باستعمال المعلومات المتاحة من أجل
تحسين عملية اتخاذ القرار.
ومن هنا نجد أن التسيير القائم على النتائج هو مقاربة ترتكز بصفة منهجية على النتائج ،أكثر
من تحقيق النشاطات المحددة وهذا بترشيد استعمال الموارد البشرية والمالية.
فمبدأ التسيير القائم على النتائج يقوم إذن على التحديد القبلي لألهداف والنتائج المتوخاة وضرورة
بلوغها والقياس القبلي ألداء السياسات وتقييم تأثير بلوغ النتائج المحددة على الناس ومتابعة تفعيلها
ودراسة تأثيراته ,وال تتطلب هذه الطريقة سوى تحفيز مجموع المستخدمين بالمؤسسات العمومية وانخراطهم
في استراتيجية اإلصالح بل أيضا التوفر على كفاءات بشرية قادرة على قيادة إصالح طرق تدبير المالية
العمومية.
ونعلم أن الدول الحديثة نجحت في القيام بعمل تنموي جماعي بأقل تكلفة ممكنة ،غير أن الدول النامية
ليس بإمكانها فعل ذلك ،هذه القدرات تتضمن الكفايات السياسية والقانونية والمؤسساتية والبشرية
واالجتماعية وكذلك التقنية .حيث بينت الدراسات التي أجرتها هيئات دولية كمؤسسة البنك العالمي أن
ممارسة سياسة عمومية جيدة ليست كافية لوحدها لضمان نجاعة النفقات العمومية إذا لم تكن األنظمة
المؤسساتية تشجع على ذلك ،سواء على مستوى السياسة المالية العامة أو على مستوى األولويات
واالستراتيجيات واإلجراءات.
إن المقاربة المتعلقة بالتسيير القائم على النتائج التي تزعم الجزائر تطبيقها ،هي فكرة منبثقة عن
القانون الفرنسي وهي اليوم تحضى بتطبيق في بلدان المغرب العربي .فتعميم المقاربة الجديدة في التسيير
المالي التي تتم في أفق تعويض منطق الوسائل بمنطق النتائج ،وتسريع وتيرة الالمركزية وتنمية ثقافة
الشراكة وادماج مقاربة النوع والتزام الشفافية تجاه الرأي العام ونجاعة األنظمة الضريبية ،كلها عوامل
للتطور واالصالح المتواصل.
هذه االصالحات مطروحة بإلحاح العتبارات متعددة ،منها ما هو داخلي يهم ضرورة تلبية
احتياجات المواطنين في إطار دولة الحق والقانون ،ومنها ما هو مرتبط بالمناخ الدولي واكراه المنظمات
الدولية وتحرير االقتصاد .كما يأتي تمسك الجزائر بهذا المبدأ نتيجة عدة عوامل ،منها تلك المرتبطة
بالسياق الدولي المطبوع بأزمة عالمية خانقة ،إضافة إلى تبني سياسة اإلصالح نتيجة تفشي عدة مظاهر
كضعف المراقبة والرشوة والبيروقراطية والتبذير ،وهدر المال العام..
041
ومن النتائج التي تهدف لها هذه المنهجية في التسيير هي يمكن اعتبارها وسيلة للتصور والتسيير
القائم على التخطيط .كما تعتمد من أجل ذلك على مجموعة من األهداف ،العمليات والنتائج والتدابير
التي تم تحديدها مسبقا .كما بإمكان هذه الطريقة من تقدير وتسيير األخطار والفرضيات.
كما تسمح هذه المنهجية بضمان أن المشروع قابل لإلنجاز و مستمر " حيث أن العمليات التابعة
له والمهام تناسب القدرة ووجود الفاعلين على هذا المستوى والذين يأخذون بعين االعتبار كل المعوقات
الخارجية غير المتوقعة.
وبصفة عامة يعطي التسيير القائم على النتائج نظرة واضحة حول أهداف أي مشروع ،ومعرفة
في أي الظروف من الممكن أن يتم الوصول إلى هذه األهداف.
ويأتي اعتماد هذا األسلوب التسيير المرتكز على األهداف والنتائج كبديل للتدبير القائم على
استهالك الوسائل ،حيث ان القانون السابق 89-18ال يتناسب مع التغيرات الجارية وال يؤطرها.
ويستند منهج التسيير القائم على النتائج في تطبيقه على العديد من المبادئ:
1-1البساطةsimplicité :
يعتبر التسيير القائم على النتائج طريقة للتسيير البسيط والذي بإمكانه السماح لألطراف اآلخذة به
أن تقوم بتحديد وانجاز نتائج واقعية .حيث أن أفضل استراتيجية هي تلك المفهومة والتي من السهل
تطبيقها.
إن التجارب الميدانية القائمة على المحاوالت واألخطاء هي عنصر أساسي في تطوير قدرات
هيئة ما ،حيث تسمح بتحسين تسيير المشاريع .ضف إلى ذلك فإن التسيير القائم على النتائج يمكن
وضعه حيز التنفيذ بالتكرار ،حيث يتم مراجعة االستراتيجيات بالنظر إلى التجارب و الدروس المستفادة.
وتسمح هذه الطريقة لألطراف الفاعلة من رفع مستوى خبرتها واالستفادة من التجارب السابقة أثناء انجاز
المشاريع .كما تسمح بتحسيس الفاعلين فيها وبالتالي تحسين آدائهم الذي سيكون أكثر فاعلية .ومن هنا
نعتبر أنها عملية احتراف متواصلة وقابلة للتطور.
يمكن استعمال التسيير القائم على النتائج في العديد من المجاالت والعديد من الجوانب المتعلقة
بتسيير المشاريع ،كما يمكن إدراج هذا األسلوب ضمن المشاريع التي وجدت مسبقا.
040
من أجل أن يكون التسيير القائم على النتائج المتوقعة فعاال ،يجب أن تكون النتائج المنتظرة
محددة ومصادق عليها من قبل األطراف العاملة أو أصحاب المصلحة في المشروع ،عن طريق عملية
بناء توافقي ،consensuelهذه العملية تخلق الشعور بامتالك األطراف للمشروع وهذا ما يعزز عزيمتهم
على العمل أكثر والرقابة وكذا يعمل على رفع الجودة ،الفعالية واستم اررية المشاريع .
إن أحسن وسيلة لمساءلة األط ارف المعنية هي التحديد والمصادقة الجماعية على عملية اتخاذ
القرار وتحديد المسؤوليات الخاصة بكل طرف بوضوح .ومن هنا نجد أن المشاركة هي العنصر األساسي
في المساءلة عند وضع المشروع حيز التنفيذ.
6-1الشفافية:
ال بد من أن تكون الشفافية متوفرة في مختلف أطوار انجاز المشروع .حيث أن النتائج المتوقعة
والمؤشرات المتعلقة بها يجب أن تكون محددة بوضوح من أجل تسهيل قياس النتائج .ويمكن استعمال
المعلومات التي تم جمعها عن طريق وضع حيز التنفيذ إطار لقياس األداء ( cadre de mesure de
) la performanceيمكن استعمالها في إعداد التقارير واثرائها والتي هي بدورها ذات أهمية بالغة في
تكوين وفعالية عملية اتخاذ القرار .وهذا سواء بالنسبة للمالحظات اإليجابية والسلبية.
بما أن التشريع الجزائري يستمد روحه من التشريع الفرنسي فهو يسير على خطاه ،وبما أن القانون
العضوي المتعلق بقوانين المالية في فرنسا جاء لتعزيز الشفافية ،فإن المشروع التمهيدي لقانون العضوي
ال متعلق بقوانين المالية في الجزائر جاء من أجل تكريس نوع من الشفافية التي كانت غائبة ،وهذا يبرز
من خالل العديد من النقاط منها:
جاء مشروع القانون العضوي ليعيد النظر في هيكلة قوانين المالية عامة بما فيها الميزانية العامة
للدولة التي أظهرت شكال مغاي ار تماما عما كانت عليه في السابق ،وهذا لتحقيق الشفافية في التسيير من
جهة وكذا تكييف اإلصالحات الجارية والتمكن من وضعها حيز التنفيذ.
جاء المشروع التمهيدي المتعلق بقوانين المالية ليضع مالية الدولة في إطار قانوني مناسب يسمح
بتسيير موارد الدولة في إطار من الشفافية ورشادة في صرف المال العام ،وتجسيدا لهذه الشفافية أوضح
042
المشروع التمهيدي البنية الجديدة لقانون المالية ضمن الباب الثالث المتعلق بتقديم وتحضيرو التصويت
على قوانين المالية ،حيث جاءت المادة 17منه بالتقسيم اآلتي:
الجزء األول :يشمل األحكام المتعلقة بتحصيل اإليرادات العمومية وكذا الطرق والوسائل التي
تضمن انجاز مهام الدولة والتي تسمح بضمان التوازنات المالية الداخلية والخارجية.
الجزء الثاني :وهو يحدد:
بالنسبة للميزانية العامة ،مبلغ رخص االلتزامات واعتمادات الدفع لكل و ازرة وهيئة -
عمومية.
مبلغ رخص االلتزامات واعتمادات الدفع لكل حساب من حسابات التخصيص -
الخاص.
سقف الحسابات على المكشوف المطبقة على الحسابات التجارية. -
الجزء الثالث :يضم:
رخصة منح ضمانات الدولة وتحديد نظامها. -
رخصة التكفل بديون الغير وتحديد نظامها. -
األحكام المتعلقة بوعاء الضريبة ،نسبته ،وكيفيات تحصيل جميع الضرائب -
باختالف أنواعها والتي ال تؤثر في التوازن الميزاني الذي تم تحديده في الجزء األول.
كل حكم يتعلق بإعالم البرلمان ورقابته التي تتم على تسيير مالية الدولة. -
كل حكم متعلق بمحاسبة الدولة. -
الجزء الرابع :يضم الجداول التالية:
الجدول "أ" المتعلق باإليرادات. -
الجدول "ب" المتعلق باالعتمادات المفتوحة للسنة والموزعة حسب كل و ازرة أو -
هيئة عمومية ،وحسب البرامج ،التي تبين رخص االلتزام واعتمادات للدفع المفتوحة.
الجدول "ج" يوضح قائمة الحسابات الخاصة بالخزينة حسب كل صنف. -
الجدول"د" يوضح التوازن الميزاني والمالي واالقتصادي. -
يبين قائمة الضرائب المخصصة للدولة ،وتلك المخصصة الجدول "ه" -
للصندوق المشترك للجماعات المحلية والمخصصة للجماعات االقليمية.
الجدول "و" المتعلق بالرسوم شبه الجبائية. -
الجدول "ز" المتعلق باالقتطاعات اإلجبارية غير الجبائية. -
الجدول "ح" يوضح التقديرات والتخفيضات الجبائية المسماة " النفقات الجبائية". -
041
إن هذا التقسيم سيسمح بإعطاء أكبر كم ممكن من الحسابات حول مكونات الميزانية
ومحتوى قانون المالية بصفة عامة.
شمل المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية على تغيير جذري في هيكلة
الميزانية العامة للدولة حيث لم يعد هناك ميزانية للتسيير وأخرى التجهيز.
إن اإلصالح ا لمباشر من أجل تحديث نظم الميزانية يستلزم توحيد ميزانيات التسيير واالستثمار
تحت حساب وحيد ،سيترجم هذا التوحيد من خالل التخصص الجديد الذي ينص على وضع برنامج
عوض القطاعات واألبواب ،لذا سيتم تعديل نظام المدونات عن طريق التنظيم.1
وقد جاءت المادة 01من مشروع القانون العضوي لتحدد الهيكلة الجديدة للميزانية حيث تضم:
التصنيف حسب النشاط ،المكون من برامج وأقسامها الفرعية. -
التصنيف حسب الطبيعة االقتصادية للنفقات المكون من أصناف النفقات -
وأقسامها الفرعية.
التصنيف حسب الوظائف الكبرى للدولة المكون من تعيين القطاعات المكلفة -
بتحقيق األهداف حسب الوظيفة.
التصنيف حسب الهيئات اإلدارية المكون من توزيع االعتمادات على الو ازرات -
والمؤسسات العمومية.
وقد أضافت المادة 09من المشروع التمهيدي حيث عرفت أعباء الميزانية المصنفة حسب
طبيعتها االقتصادية حيث تضم:
نفقات المستخدمين -
نفقات تسيير المصالح -
نفقات التحويل -
الدين العمومي -
نفقات العمليات المالية -
ونشير إلى أن هذا التقسيم هو الذي نصت عليه المادة 00في فقرتها الثانية حيث ذكرت أنه يتم
تخصيص االعتمادات حسب البرنامج أو حسب التخصيص .كما أضافت الفقرة إلى أنه يتم تقديم
االعتمادات في شكل أبواب تتضمن النفقات حسب طبيعتها والتي نصت عليها المادة 09أو حسب
وجهتها إن اقتضى األمر.
1
عادل حابسة :المرجع السابق ص .169
041
وتضيف المادة أن مجموع البرامج تشكل وتقسيماتها إلى برامج فرعية وعمليات محفظة برامج
توضع تحت مسؤولية الوزير أو المسؤول عن المؤسسة العمومية ،ويساهم البرنامج وتقسيماته في تطبيق
سياسة عمومية محددة.
يتضمن البرنامج مجموع االعتمادات المالية التي تساهم في انجاز مهمة خاصة تتعلق بمصلحة
أو عدة مصالح تابعة لنفس الو ازرة أو الهيئة العمومية وتكون محددة أو معرفة بمجموعة متناسقة من
األهداف.
2-2أحكام متعلقة بحسابات التخصيص الخاص:
حمل المشروع التمهيدي المتعلق بقوانين المالية بطبيعة الحال أحكاما تتعلق بحسابات التخصيص
الخاص التي هي صنف من بين أصناف الحسابات الخاصة بالخزينة .ومن بين األحكام التي تضمنها
بخصوص هذه الحسابات هو تقليص التمويل الموجه لها من ميزانية الدولة وكذا أحكام أخرى تتعلق
بتقديمها ضمن قانون المالية وأحكام تناولت متابعة هذه الحسابات وهذا ما يمنح فرصة رقابتها واضفاء
نوع من الشفافية في تسيير هذه الحسابات.
تقليص التمويل الموجه لحسابات التخصيص الخاص: -
طبقا ألحكام المادة 55من القانون 71-98فإن حسابات التخصيص الخاص تمول من موارد
خاصة ،غير أنها اليوم لم تعد كذلك ألنها تمول بنسبة كبيرة جدا من ميزانية الدولة إن لم نقل تمويل كلي،
خاصة بعدما صار اللجوء إليها كبي ار باعتبارها تشارك في تنفيذ السياسات العمومية للدولة .وألجل العودة
إلى تحقيق الغاية التي أنشأت من أجلها فإن حسابات التخصيص الخاص في هذا المشروع حضيت بنوع
من التحديد في تمويلها حيث نصت المادة 89من المشروع على أنه يمكن تخصيص مبلغ من ميزانية
الدولة لتكملة الموارد الخاصة بحسابات التخصيص الخاص في حدود %02من مبلغ الموارد المحصلة
خالل السنة المالية السابقة.
غير أن نفس المادة أضافت أن بعض الحسابات وبالنظر إلى أهميتها االقتصادية واالجتماعية
وأولوية المهمة التي تنجزها ،فيمكن أن تمول دون حد من إيرادات الميزانية ،وهذا ما يدفع إلى طرح العديد
من التساؤالت في هذا اإلطار ألن فتح هذه الثغرة سيسمح فيما بعد باعتبار أي حساب من حسابات
التخصيص الخاص ضمن هذه الفئة وبالتالي اإلفالت أو االبتعاد عن التمويل المحدود والعودة إلى ما
كان عليه الحال في السابق.
متابعة حسابات التخصيص الخاص من خالل المادة 84ومن خالل بروزها -
في الجدول"ج"
حملت المادة 89من المشروع التمهيدي العديد من األحكام المتعلقة بحسابات التخصيص
الخاص حيث فرضت هذه المادة أن يتم تحديد برنامج لكل حساب وهذا البرنامج في مفهومه هو ذلك
041
الذي نصت عليه المادة 00حيث عرفت البرنامج على أنه مجموع االعتمادات المالية التي تساهم في
انجاز مهمة خاصة تتعلق بمصلحة أو عدة مصالح تابعة لنفس الو ازرة أو الهيئة العمومية وتكون محددة
أو معرفة بمجموعة متناسقة من األهداف.
فكل حساب البد وأن يتضمن الهدف من إنشائه و المدة الالزمة لتحقيق هذا الهدف ،ومن هنا
نجد أن حسابات التخصيص الخاص ما هي إال برامج.
أما في مجال رقابتها فإن المادة تشير إلى أن متابعة وتقييم هذه الحسابات يتم بالتعاون بين وزير
المالية والوزير المعني ،كما أنه سيتم إعداد مدونة تشمل النفقات واإليرادات التي يجرونها.
كما سيسمح الجدول "ج" بمتابعة األموال التي تصرف في هذه الحسابات ومتابعة تطورها بعدما
كانت ال تظهر ضمن قانون المالية.
3-2زيادة الوثائق المرفقة بمشروع قانون المالية.
في واقع األمر نص القانون 71-98على العديد من الوثائق التي يجب إلحاقها بقانون المالية
للسنة بموجب المادة 59منه ،غير أن الممارسة العملية أثبتت تقاعس الحكومة في هذا المجال ،إذ غالبا
ما تعزف هذه األخيرة عن هذا اإلجراء .بالرغم من أهميته ،حيث تغيب المصادر أو القنوات الرسمية
المنتجة والموزعة للمعلومات وتبقى الصحافة الوسيلة الوحيدة سواء بالنسبة للطالب أو األستاذ أو
المتخصص في المجال المالي للحصول على معلومات تتعلق بالميزانية العامة للدولة.1
والمالحظ على مستوى المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية أنه حمل وثيقة
جديدة ضمن الوثائق التي ترفق بمشروع قانون المالية السنوي والتي وردت في نص المادة 18وهي
تقرير حول الوضع الراهن واآلفاق االقتصادية ،االجتماعية والمالية على المدى المتوسط والذي يبرز
بالخصوص التوازنات التقديرية االقتصادية والمالية.
كما أضاف وثيقة جديدة تتمثل في تقرير أولويات التخطيط الذي يتم إعداده من قبل كل الوزراء و
مسؤولي الهيئات العمومية المكلفة بتسيير حافظة البرامج الموزعة من قبل اإلدارة المركزية ،المصالح
الخارجية والهيئات العمومية الواقعة تحت الوصاية المكلفة بتنفيذ كل البرنامج أو جزء منه .وكل برنامج
يضم توزيع االعتمادات حسب أبواب النفقات ،األهداف المحددة ،النتائج المنتظرة وتقييمها.
عادة ما تحمل قوانين المالية أحكاما تتعلق بميادين خارجة عن نطاق المالية ،وقد انتشرت
هذه الظاهرة في السنوات األخيرة ،إذ لوحظ مؤخ ار اعتمادها لتعديل العديد من النصوص التشريعية وهذا ما
1
Yahia Denideni : La pratique du système budgétaire de l’Etat en Algérie, OPU, Alger, 2002, P. 199.
041
سمي بانحرافات الميزانية 1أو ،les cavaliers budgétairesوقد تناولت المادة الثامنة من المشروع
التمهيدي النص على أنه ال يمكن إدراج ضمن قانون المالية أية أحكام ال تتعلق بموضوع هذه القوانين.
غير أن المادة لم تحدد بوضوح هذا المفهوم بالتالي التخوف في المستقبل من ادخال أحكام يتم التبرير
على أنها تدخل في إطار قوانين المالية.
يقصد باألعباء المشتركة مجموع اعتمادات الميزانية العامة والتي ال يتم توزيعها على الو ازرات
بالنظر إلى طابعها العام .أو بعبارة أخرى هي نفقات مشتركة بين مصالح الدولة ( ديون ،أجور،)...
حيث يمكن اعتبار أنها تشكل ميزانية لوحدها ويتم تسييرها من قبل المديرية العامة للميزانية على مستوى
و ازرة المالية ،فهي نفقات مشتركة بين كل الو ازرات إذ تتعلق بالخصوص بالمديونية العمومية وبعض
النفقات مثل المنح واألجور ونفقات السلطات العمومية (رئاسة الجمهورية والبرلمان) .وعادة ما تبرز في
قانون المالية أو في ميزانية الدولة على مستوى الجدول "ب" بعد المجموع الفرعي لنفقات التسيير
الموضحة حسب القطاعات.
وبالنظر إلى حجمها الكبير بالنسبة لميزانية الدولة 2ولعدم شفافية محتواها ،فإن المشروع التمهيدي
للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية لم يشر إلى هذا النوع من التكاليف ،وعلى األرجح يمكن أن يتم
إدراجها ضمن أحد البرامج.
التسيير المتعدد السنوات: -3
يعتبر مبدأ السنوية عنص ار أساسيا في تسيير مالية الدولة ذلك أنه يسمح بضمان المراجعة السنوية
من قبل البرلمان إليرادات ونفقات الدولة ،رغم أن النشاط العمومي يتطلب أفقا أوسع وهذا يعود إلى أنه
عادة ما تكون اإلصالحات الهيكلية غير ممكنة االنجاز في فترة تقل عن السنة .وبالمثل فإن اإلستراتيجية
المالية هي بطبيعتها متعددة السنوات نظ ار لديناميكية العمل .وبالتالي من الضروري خلق إطار متعدد
السنوات لتحسين التحكم في تسيير المالية العمومية حيث يسمح هذا بارشاد المسيرين العموميين إلى
الوسائل التي هي بحوزتهم.
المقاربة متعددة السنوات في إطار هذا المشروع التمهيدي تعتمد على ميزانية الب ارمج المدرجة
ضمن نفقات متوسطة المدى ،حيث يقتضي األفق متعدد السنوات ميزانية متعددة السنوات ،وتكون عادة
1
يقصد بانحرافات الميزانية هي األحكام التشريعية التي ليست في مكانها في إطار قوانين المالية .وتثير انحرافات الميزانية العديد من االنتقادات
والرفض من قبل المختصين ألنها تؤدي إلى تضخيم قوانين المالية وكذل تدفع إلى نقاش ال يمكن تور نهايته على مستوى البرلمان .والهدف من
منعها هو الحفاظ على وحدة الميزانية.
وقد تضمن تقرير مجلس المحاسبة لسنة 1995انتقادا لالستعمال الكبير ل لتكاليف المشتركة ،حيث نص" عدم مراعاة قواعد القانون المالي في 2
تنفيذ ميزانية التسيير وال سيما التقديرات والعمليات المتعلقة بالتكاليف المشتركة التي أصبح تزايدها يبعث على القلق ( 35إلى % 40من اعتمادات
التسيير)
041
للسنوات الثالث أو األربع الموالية .لذا فإن البعد المتعدد السنوات ليس أساسيا فقط من ناحية وضوح
الرؤية على المدى المتوسط بل أيضا من حيث اتخاذ القرار الذي يرتكز على تقديرات تتعدى السنة
1
الواحدة.
وكرس التسيير المتعدد السنوات ضمن المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية
صراحة بموجب الفقرة األخيرة من المادة 18والتي تنص على أن الوثائق المرفقة بمشروع قانون المالية
يتم إعدادها وادخالها في الميزانية وفقا للبرامج ( الوحدة التي يتم التصويت عليها) ووفقا لمبدأ التسيير
القائم على النتائج ،كما أن االدراج عن طريق برامج له طابع سنوي ومتعدد السنوات.
وقد حوى القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في فرنسا العناصر األساسية للتسيير المتعدد
السنوات والذي يوفر إطا ار إلعداد والمصادقة على قوانين المالية ،لكنها محدودة المنظور .ففي الواقع إن
إعداد وتنفيذ الميزانية يتم في إطار سنوي إن لم نقل شبه سنوي ،بالنظر إلى الحركة الكبيرة لألموال خالل
السنة.
أما بالنسبة لألهداف التي يمكن تحصيلها من وراء هذا التسيير نجد:
والهدف من البرمجة المتعددة السنوات للمالية العمومية هو تحقيق أكثر فعالية ،فبالنسبة لفرنسا
نجد أنها مرغمة على انتهاج هذا األسلوب من أجل تنفيذ التزاماتها مع الدول األوربية باعتبارها جزء من
اإلتحاد األوربي .حيث أن اندماج المالية العمومية هو ضرورة معترف بها من قبل الجميع ،ومن خالل
درس التجارب الخارجية نجد أن البرمجة الشاملة التي تتم على المدى المتوسط هي أكثر فعالية من
سلسلة من الق اررات السنوية ،حيث تخلق الظروف التي تسمح بإعداد إستراتيجية متناسقة للتحكم في
المالية العمومية .كما تساهم إلى حد كبير في تحقيق الهدف المتمثل في إعادة التوازن إلى الحسابات
العمومية.
تحقيق الهدف المتمثل في الوصول إلى توازن الحسابات بكل أمان ،مع االلتزام -
الجماعي بضرورة النجاح ورسم المسار الواجب اتخاذه من أجل ذلك.
041
2-3زيادة مساءلة المسيرين وتحقيق أفضل تحكم في نفقات الدولة
إن التسيير المتعدد السنوات يسمح بإبراز كل سياسات الحكومة وتنفيذها ثم في األخير تقييمها
وبالتالي مساءلة القائمين عليها ،حيث صرح الوزير األول الفرنسي "1إن مفهوم ظرف االعتمادات لثالث
سنوات سيسمح بإعطاء نظرة شاملة حول سياسة الميزانية ،وهذا بما أنها تقوم بإعداد قانون البرمجة لكل
القطاعات المكلف بها أعضاء الحكومة ".إن الميزانية المتعددة السنوات ستسمح أيضا بتحقيق قفزة نوعية
في الحكم gouvernance publiqueوفي تسيير المالية العمومية .كما أن إدراج التعدد في السنوات
في اجراءات الميزانية يشكل مرحلة جديدة في تعميق منطق تحديث وعصرنة التسيير العمومي الذي جاء
به القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في فرنسا.
ووضع الميزانية المتعددة السنوات حيز التنفيذ يتبعها بطبيعة الحال زيادة مسؤولية المسيرين الذين
حازوا على نظرة واسعة في هذه المشاريع وكذا على استعمال واسع للوسائل ،في سبيل تحقيق األهداف
الواضحة والمحددة والمسجلة في الفترة المتعددة السنوات.
كما أن القول بالتسيير المتعدد السنوات يعني إجراء جديد يتعلق بالميزانية وطريقة جديدة إلعداد
الميزانية .وبالتالي الحكم في المجال المالي يعتمد اليوم أكثر مما سبق على االلتزام الجماعي لكل القائمين
على قيادة المالية العمومية.
1
Circulaire du 11 février 2008 précisant les modalités de lancement de la procédure budgétaire pluriannuelle et
adressée à l’ensemble des membres du Gouvernement.
044
واحدة يكون عن طريق مرسوم 1بناء على تقرير مشترك بين الوزير المعني بالنقل والوزير المكلف بالمالية.
أما تحويل االعتمادات ما بين برامج و ازرات مختلفة فيتم بموجب مرسوم بناء على تقرير مشترك بين وزراء
القطاعات المعنية والوزير المكلف بالمالية.2
الفقرة الثانية :تصورات لنظام الرقابة في ظل هذا المشروع
إن تكييف الرقابة الحالية مع التوجهات الجديدة التي يحملها المشروع التمهيدي للقانون العضوي
المتعلق بقوانين المالية يتطلب منها أن تحضر األرضية وتتبنى القواعد الجديدة للتسيير مرتكزة على
المسؤولية الكبيرة للمسيرين العموميين أين يتوجب إعطاء حرية أكبر وال مركزية في اتخاذ الق اررات
والتخفيف من اإلجراءات ومهلة التنفيذ .وال يحصل ذلك إال إذا كانت اإلدارة تعمل بصفتها أداة تنمية.
ووظيفة الرقابة تصبح داخلية في التسيير اإلداري ،وتصبح مفاهيم مثل تقييم البرامج و مراقبة الجودة و
المراقبات من الهيئات العليا حول التسيير العمومي تقبل على أنها وسائل عقلنة الستعمال الموارد
المحدودة للدولة ،وتوجيهها لتحقيق أفضل النتائج .ويجب اتخاذ عدة إجراءات لتمكين المسيرين العموميين
من اتخاذ الق اررات و العمل بكل حرية ،وهذه اإلجراءات تتمثل في:
إن أهم ما يميز الرقابة الحالية على النفقات العمومية هو النظر في المطابقة ،غير أن الوضع
يختلف مع التطورات التي حملها مشروع القانون العضوي ،إذ يفترض أن يتم التحقق من المطابقة والتأكد
من الفعالية في تحقيق األهداف المسطرة بالنظر إلى أن مبدأ التسيير قد اختلف إذ بعدما كان التسيير
قائما على الوسائل أصبح قائما على النتائج وهذا يتطلب التأكد من تحقيق النتائج المنتظرة.
حقيقة يهدف مشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية إلى تحسين األداء في
استعمال األموال العمومية والشفافية في تسييرها حيث يقوم على مبدأ المساءلة ،األهداف وتبسيط
االجراءات الميزانية والمحاسبية وذلك من خالل تغيير مسار النفقة العمومية وهذا بطبيعة الحال بالتوافق
مع كل االصالحات الجارية حيث تبسيط دائرة تنفيذ النفقة من أجل التسريع في تنفيذها ،تعزيز نوعية
الرقابة عن طريق الكيفيات المبتكرة وكذا خلق تركيز للعمليات يكون أسرع وأكثر مصداقية.
-1لم يشر عرض األسباب المتعلق بالمشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية لطبيعة هذا المرسوم.
-2المادة 12من المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية تضع نسبة % 21كنسبة أعلى لعملية النقل أو التحويل من االعتماد
األصلي.
211
وتعرف الرقابة على األداء بأنها الرقابة على استخدام المال العام على أساس معايير االقتصاد
والكفاية والفعالية ،كما عرفت بأنها تلك العملية التي تهدف إلى قياس النشاط المؤدي والوقوف على حقيقة
نتائجه وبيان ما إذا كان النشاط متفقا في نتائجه مع األهداف التي تسعى لتحقيقها وفيما إذا كان أسلوب
أداء النشاط ووسائل تحقيق نتائجه تمثل أفضل وأكفأ ما أمكن اتباعه لتحقيق تلك األهداف.1
وقد عرفت المنظمة الدولية لألجهزة العليا للرقابة والمحاسبة (االنتوساي) رقابة األداء وفقا إلعالن
ليما 2بشأن المبادئ األساسية للرقابة المالية بأنها ذلك النوع من الرقابة الذي يركز اهتمامه على مراقبة
األداء ،الفعالية ،التوفير وكفاءة اإلدارة العامة ،وال يهتم بمراقبة مظاهر معينة فقط من اإلدارة بل إنه يراقب
اإلدارة بجميع أوجه نشاطها ومن ضمنها التنظيم والنظم اإلدارية.
وفي عام 8515صدر إعالن سيدني لتدقيق األداء خالل مؤتمر المنظمة الثاني عشر والذي
تضمن تعريفا لتدقيق األداء حيث أشار إلى اهتمام ذلك النوع من الرقابة بتقييم اقتصاديات وكفاءة وفعالية
إدارة القطاع وأن أهداف تدقيق األداء تتضمن مايلي:
تحسين نوعية المعلومات المتعلقة بنتائج إدارة القطاع العام المتوفرة لصانعي -
السياسة ،المشرعين والمجتمع.
تشجيع إدارة القطاع على إدخال وسائل لرفع التقارير الخاصة باألداء. -
ووفقا لمعايير التدقيق الصادرة عن األنتوساي والمعتمدة سنة 8550خالل مؤتمر واشنطن،فإن
تدقيق األداء يهتم باالقتصاد ،الكفاءة والفعالية ويشتمل على:
التدقيق على اقتصاد األنشطة اإلدارية حسب مبادئ وممارسات وسياسات -
اإلدارة.
التدقيق على كفاءة االستفادة من الموارد البشرية والمالية والمصادر األخرى بما -
في ذلك فحص نظم المعلومات ومقاييس األداء ومراقبة الترتيبات واالجراءات المتبعة من قبل
الجهات محل التدقيق بغرض معالجة نقاط الضعف.
تدقيق فعالية األداء المتعلق بانجاز أهداف الجهة محل التدقيق وتدقيق األثر -
المرجولألنشطة مقارنة باألثر الفعلي.
1غسان قلعاوي :رقابة األداء ،دار كنعان للدراسات والنشر ،دمشق ،8551 ،ص .5
2
إعالن ليما المبادئ األساسية للرقابة المالية ،ترجمة الدكتور طارق الساطي مستشار ديوان المحاسبة في اإلمارات العربية المتحدة ،ص .1
210
ومنه يتضح من التعارف السابقة أن عناصر رقابة األداء هي:
االقتصاد :ويهتم بتقليل تكلفة الموارد المستخدمة إلى أدنى مستوى ممكن مع أخذ -
النوعية أو الجودة المناسبة بعين االعتبار(االنفاق بأقل ما يمكن).
الكفاءة :وتهتم بالعالقة مابين مخرجات السلع والخدمات (أو النتائج األخرى) -
والموارد التي استخدمت من أجل إنتاجها ،كما تحدد ما هو مدى تحقق الحد األقصى من المخرج
بالنسبة لمدخل معين ـو مدى استخدام الحد األدنى من المدخل للوصول إلى تحقيق مخرج معين
(االنفاق بصورة سليمة).
الفاعلية :وتهتم بالعالقة ما بين النتائج المستهدفة والنتائج الفعلية للمشروعات -
والبرامج أو األنشطة األخرى أي تحديد مستوى النجاح الذي بلغته المخرجات من السلع والخدمات
أو النتائج األخرى في تحقيق أهداف السياسة والنتائج المستهدفة (االنفاق برشاد).
إن الحدود الفاصلة ما بين التوفير والكفاءة والفاعلية ناد ار ما تبدو واضحة بصورة قاطعة
لذلك فإنه عند القيام برقابة األداء يتم متابعة تلك العناصر كما لو أنها عمل مشترك.
إن مهام هيئات الرقابة في ظل المشروع التمهيدي المتعلق بقوانين المالية تنصب في مجملها على
رقابة األداء حيث يفترض بها أن تعمل على التحقق من انجاز األهداف المرسومة والمنتظر التوصل
إليها .إذ ال يفترض بها النظر في المطابقة فحسب بل البد من أن تعمل على رقابة أداء المسيرين.
في هذا النطاق نجد أن مجلس المحاسبة هو الهيئة األولى المسؤولة على هذا النوع من الرقابة إذ
يت جلى دوره في تقييم تسيير المسيرين وكذا مساءلتهم تبعا لذلك ،ومن هنا عليه وضع آليات أو برامج
للتدخل الرقابي بناء على رقابة األداء حتى التحقق من التسيير الفعال للموارد العمومية وكذا تقييم سياسات
السلطة التنفيذية وا عالم البرلمان باعتبار أن مجلس المحاسبة هو المختص في مجال الرقابة على النفقات
العمومية وهو الهيئة الوحيدة العليا والمستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.
حيث أننا نلمس في تصريحات وزير المالية كريم جودي ،الذي أشرف على افتتاح المنتدى األول
حول تسيير الميزانية الذي ينظمه مكتب "ديليوت "لالستشارة والخبرة المالية والتدقيق الفرنسي ،أنه هناك
فعال نية إلرساء رقابة أداء تمكن من قياس مدى فعالية النفقة كما يتعلق األمر بإعادة صياغة نمط تسيير
الميزانية وترقية ثقافة النجاعة وارساء تسيير أفضل للميزانية بشكل كامل وعلى جميع المستويات التي
تدخل في إعداد وتسيير وتنفيذ الميزانية العمومية بهدف الوصول إلى نجاعة قياسية في أداء اإلدارات
العمومية و ضرورة تحقيق كفاءة عالية في تحقيق األهداف المرسومة بأقل تكلفة مالية ممكنة .ولمجلس
المحاسب ة في هذا اإلطار دوره الكبير سواء على مستوى قياس األداء أو على مستوى محاسبة المسيرين
212
باعتبار أن مسؤوليتهم أصبحت ثقيلة بالنظر إلى الحجم الكبير للموارد وكذا الق اررات التي يتخذونها في
هذا اإلطار.
تعتبر المفتشية العامة للمادية الوسيلة األساسية للرقابة في إطار إصالحات المالية للدولة ،كما أن
اإلصالحات التي شرعت فيها الدولة والمتعلقة بالمالية والتي جاءت بمراجعة مسار رقابة النفقة العمومية،
حيث في الوقت الراهن تعتمد الرقابة على المطابقة للنصوص التشريعية والتنظيمية السارية المفعول ،في
حين أن اإلصالحات المعتمدة ترمي إلى إرساء رقابة قائمة على النتائج المنتظرة مع تخصيص الوسائل
الالزمة.
وهذا يمر باالنتقال من ميزانية الوسائل إلى ميزانية البرامج وادخال األداء ،وهذا ما يعطي حرية
أكبر للمسيرين لكنه في نفس الوقت يحملهم مسؤولية أكبر ،وهنا بالخصوص تتدخل أجهزة الرقابة ومن
ضمنها المفتشية العامة للمالية.
إن االشكالية في رقابة النفقة العمومية تتمثل في تحديد المسؤوليات خاصة المتعلقة منها بأخطار
التسيير ،وهذا يعود إلى صعوبة التمييز بين ممارسة التسيير والمخافات الناجمة عنها وكذا سوء فهم
النصوص القانونية.
ومن أجل أن تتمكن المفتشية من إجراء المهام الموكلة لها في ظل االصالحات الجديدة البد لها
من أن تعطي عناية خاصة بمجال رقابة األداء وتدعيم مستخدميها الذي يظهر عددهم قليال بالنسبة لمهام
الرقابة التي تمارسها.
وكشف ايت سعدي 1أن اإلصالحات التي يحملها القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية ستمنح
صالحيات موسعة للمسؤولين والمتصرفين في تنفيذ البرامج التنموية ما سيمنح أيضا سلطة رقابية واسعة
وعميقة ومعقدة جدا للمفتشية العامة للمالية التي ستباشر عملية تكوين طويلة األمد وتوظيف كفاءات
جديدة بإمكانها مسايرة اإلصالحات الجديدة لقطاع الميزانية ،ألن خبراء المفتشية سيتحولون من األساليب
2
التقليدية للمراقبة إلى مراقبة نجاعة النفقات العمومية ،ما يتطلب كفاءات مختصة وعالية جدا.
لقد نص القانون 71/98على مشروع قانون تسوية الميزانية للسنة المالية (ن )3-مع ضرورة
إرفاقه بعدد معين من الوثائق وتقرير تقييمي لمجلس المحاسبة ،لكن وكما بينا سابقا فإنه لم يتم منذ
الثمانينات إصدار سوى أربعة قوانين تسوية فقط ،وعليه لغرض أخذ هذا األمر بعين االعتبار فقد تم إدراج
211
حكم جديد ضمن المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية ،لمراعاة محاسبة السنة
المالية بموجب إصالحات الميزانية والمحاسبة المجراة حاليا ،وعليه فإنه يتعين على مجلس المحاسبة
إعداد تقرير يتضمن التصديق على الحسابات بالتزامن مع المشروع المتضمن قانون تسوية الميزانية الذي
يودع لدى المجلس الشعبي الوطني قبل 27ديسمبر من السنة المعنية بتنفيذ الميزانية ،كما حافظ
1
المشروع التمهيدي للقانون العضوي على مبدأ السنة (ن.)3-
حيث جاء مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية من أجل إضفاء نوع من الشفافية على
تسيير الموارد العمومية وينتظر من البرلمان في هذا اإلطار محاسبة الحكومة على تطبيق قوانين المالية
السنوية وخصوصا التحقق من الوصول إلى النتائج التي رسمت في البداية ،وبالتالي ننتظر بطبيعة الحال
صدور قوانين ضبط الميزانية بصفة منتظمة ودون انقطاع وكذا ننتظر نظر البرلمان ليس فقط في
المطابقة بل حتى في أداء المسيرين وكذا تقييم تسييرهم وتقييم سياسات الحكومة وأولوياتها التي دفعت إلى
اختيار أولوية دون أخرى .حيث أنه من غير المنطقي أن يطلب من البرلمان في نهاية كل سنة التصويت
والمصادقة على إعتمادات مالية دون أن ينظر في مصيرها وكيف تم استغاللها وما تم تحقيقه بموجبها
وما لم يتم تحقيقه.
ومن دون شك أن مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية سيحقق قفزة نوعية في مسار
اإلصالحات االقتصادية والمالية كما يحقق مطلب الهيئة التشريعية التي ما فتئت تؤكد تقديمه أمام النواب
لمناقشته والمصادقة عليه ليكون سندا قانونيا مالئماً لمتابعة المهمة الرقابية في إطار قانون ضبط
الميزانية.
من جهة أخرى سيضمن هذا المشروع الشفافية في استغالل الميزانية وتعزيز الثقة من خالل معرفة كيف
وأين صرف المال العام الذي يخصص سنويا لمختلف القطاعات.
وكان رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري قد دعا الحكومة خالل افتتاحه
الدورة الخريفية إلى إيداع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية "ليكون مرجعا أساسيا يوفر اإلطار
المناسب لمعايير الشفافية في طرائق صرف المال العام وترشيد اإلنفاق وتجسيد آلية الرقابة البرلمانية".2
211
الخاتمة
نناأل مننب تب تضننح ميننت ح ر ريننة ان ن ركرننأل ال يمكننب ننناب منناأل مننب حقم نتحأل رممين راننيي مننا
تحقمثأل لمتح ح متمي .ت ح ر ض ل ان على ح رمات ح متمي أم نا غ حقهمي ، حالار ماأل ح مال
تمب ح ص ب حإلماط نكأل جتح نه ،ت ا ي ا مب خالأل هةح ح نمث إ ى إن حت ح منا ئ ح شي ة ح رن رمكن
أي ا أب ح انن ح م رمن ة ن ح ظنا ما ي ح ت ،كما مات ا رتضيح ح ظا ح ان ح جتحئ ي ترمليله ،ت
ان مطانم أت ان ح ش عي ،غي أ ا المظ ا غ ة ك أب ح صتص ح ما ت ي تح ر ظيمي ح جتحئ ي ه
ان ائم على ح رميي ،غي أ ها كا ت مارن ة تغي مطنم ، صت على تجتب يا أت مرى ح متحثي
ل صننتص ح ما ت ين تح ر ظيمين ح رن رمننا هننةح ح متضننت ، ت ننأل ح مرصننرح هننةح ح نمننث انني ب ح كن ح كنين
كنب تب ح منأل نهنا ت ننأل ترجن ت منب منيب لخن تكاب ح مشكأل ير ل نك ح صتص ح ر كث ت تر
ت تب رجاي ها على أ ض ح تح ح.
حال شغاالت ح تط ي هةح صا إب ماا ح مراظ على ح ماأل ح ا تكيري م ح نره راخة حقت تي
كيري أب ير ك ح ناب مررتما أما ح رم م حط ح امليب ناإل ح ة رم ي رصت ه مب ح ض ت ي تح مرم
متأل أجهتة ح ان ،ركلررها ،أ حءها، حشرغاأل أجهتة ح ان نأل صا مب ح مر تض أب يررح ماش تط
ح خ ت ات ح ر ير ض ها ص ف ح ماأل ح ا . طني
تن ما رط ا إ ى رمليأل كأل أ تح ح ان ح ر رما ا على ح رمات ح متمي ،صأل إ ى مص
عال ارها ،رراعلها ترتحت ها. كأل مجتءحت ح ان
هةح ح رمليأل رار ع رم ي أه حف ح ظا ح ان ،اه حف هةح حقخي ن حي ،إب مط ح طال
مميم حقم مب ح امي ح ظ ي ،أما مب ج ح تاائأل ح كريل نرممي ح رائج ح م اتم تهةح ررمثأل
ت ه ع اص رتحت ه ،تهةح ما يامح ا ح تح ل ظا ح ان نإمكا ا تضح خ يط ح امي ح ملي
نا جت إ ى إمكا ي ح رطت .1
حالجان على مطلنيب أاااييب :حجر اب ح مخا رات ت ح اه حف ح ظا ح ان ررمثأل أاااا
حر اي .
أتال حجر اب ح مخا رات:
1
André barilari, op-cit,p 165.
205
إب حجر اب ح مخا رات ياخة ن ح خاصا نا ظ إ ى ما ة ح ما ي ح متمي .م ظ ح تأل أم ثت أت
ح ان على ح رمات ح متمي ،تح ممصت ه ا هت ح رمم مب أب ح ش عي أت ح مطانم أ خلت ن
ال حمر حمها. حخأل ح هيئ ر حالج حءحت ح حخلي ح مؤاا
مخرلر ،ميث يمكب رمليله إ ى ه طني ان ح ظامي إب تعلى مارتب ح الطات ح متمي
اميب :ح ش عي ح ام تح مطانم ح م ج ي لمتحع ح خاص نا ما ي ح متمي .
ت ح ما تب رخضح ح الطات ح متمي كأل ع اص ح ش عي ح ام ح مطنم عليه ت ح غاي ر
مب ت حء ة ك ه غاي نيل ،ميث ال يمكب أب ير رن ي أي تايل إال رلك ح ارج عب حالمر ح ح مطل
لش عي .كأل مخا ر مهما كا ت يجب أب رصمح. تح ي
رشمأل إب حقم يخرلف ه ا ،هةه ح متحع ح ر ان ح متحع ح خاص نا ما ي ح متمي أما عب
ان ح ما ي ح متمي ملي حإلج حءحت ح خاص نا رمات تحإلي ح حت تكأل ما ير ل ناقمتحأل ح متمي .
مب ضا ائم على ماب ر رية هةه ح متحع ،تمب ه ا إب ح ان ح ر رر على رطني هةه ح متحع ر
ح ان ض ت ي تشامل .تمب ه ا رن ت ض ت ة رصمي ح ظا ح ان ،إة ر أن ت حقت تيات
عمتنات خاص تح خاأل الط مكلر نرت يح هةه ح متنات على مارتب ح ظا ح ان .تم ه إب ح ظا
ح ان يجب أب يكتب مصمما ضماب كشف مخا رات ح متحع ح مر لم نا ما ي ح متمي ت ر ظي ر رية
ح متنات ح خاص .2
تكةح تجت ح متنات إب حالنر ا عب ح مخا رات ي ج أيضا عب تجت ح ان تجا نها ح ت ائ
ت أ األ إتحء كأل ح مالمظات ح مر لم نا مخا رات ،ميث يجب تجا نها ح ع ،كما أ ه الن مب تجت
إب ح ه ف مب ح ش عي تح ر ا ي رك ح ها أت قجأل ح رمليأل م ها .تمب هةح ح م طل متحجهرها ررا ي ع
أل نيب ح ان ترمايب ح ظا حخأل ح هيئ ح م ح ن . يجرم اب على ض ت ة خل
ثا يا :ح نمث عب ح ر ا ي :
إب أخة مصطلح ح ر ا ي ه ا ح ممصت م ه هت ح ر ا ي نم اها ح تحاح ح ةي يض ح شاط ،ح جاع
إطا ح مها ح ملماة على عار ح هيئ ت تح جت ة .تمب هةح ح م طل ير ح رمم مب أب ح شاط ر
إطا حقه حف ح م اتم مح ر نئ أ أل لتاائأل.
رمت م اي رها نيب ح مما ا ح ر إطا ها ح تاح يمت على ح مما ا نمث عب ح مخا رات
ح ماأل تحع لمتحع ح ر يجب أب ير ح مأل نها تحمر حمها تح ر ه نطني ح مم تحإلطا ح ما ت
2
IDEM, p 166 .
206
هةه ح م ج ي ،تمب ه ا ا ان ركتب انيا يا على ح م ح ب أب يم شكلي تمكرتن .تنا را
إب حقم يخرلف إة أب ح م ح ب نأل أب نا نمث عب ح ر ا ي له ف نا مر ل متضتعي .أما نا ان
ي ح ب عليه أب يراك مب تجت حقه حف تا ح ها ،مكمه الن تأب ير حخأل مناش ة مح ه ف ح هيئ
حمح ن .
ح ان ح ر رنمث عب ح ر ا ي رخرلف جة يا عب رلك ح ر رنمث عب مطانم ح صتص إب طني
حخأل ح نمث عب ح ر ا ي ير ض أب ما ب نيب شاط ح ماي ح ما ت ي تح ر ظيمي ،ا ه ف ح مرمثأل
انرها مح شاط مثا ،ميث أب جا ب كني مب هةه ح خصائص ير تض ها مب نأل ح هيئ ح ر رر
هةه ح ما ال يمكب لماي أن ح أب ي ف ح م ج ي ح ر يطنمها ح م ح ب ح م ح ب راه ت ت ح ان ،ت
تعا مب حإلشكاأل ،ميث مب ح ممكب أب رت ح ي مب ح مشاكأل نيب ح م ح نيب عليه .إب هةه ح ان رخل
تح ماي يب تأميا ا ر ح إ ى ع رطني ن ض ح ر حمات ح م ح نيب ح ر رممأل صر غي تح ي .
ريج مهم على مارتب هيئات ح ان ، االخرالف ح تح ح نيب ه ف ح ش عي تح ر ا ي يخل
ا ان على ح ش عي مب ح ممكب أب ير نليا تن يا ،تعلى خالف ة ك إب ح ان على ح ر ا ي ال يمكب
أب رر إال نصر المم .
ظا رايي إطا ان ح ر ا ي تمب جه أخ ب يمكب ح م مب هةح حإلشكاأل تهةح نتضح
لن حمج تعمت حقه حف .هةح ح ت مب ح رايي يمر رم ي ح مها تحقه حف ح مرتخاة م ها ت رم ي
إار حريجي كأل تحم ة م ها .ميث ير ر جم كأل ح رتجهات ح ر راخة حقت تي تحقه حف ح مماتن إ ى
مؤش حت يمكب يااها ،كما يمكب رم ي مخططات ح مأل ح ر رامح نا مأل على رممي هةه حقه حف،
هةه ح ما على أااا هةه ح م ج ي ح ر ركتب على حق أل م ت مب نأل إب ح م ح ن رر تنا را
3
ح ماي يب.
ح جتحئ ن ي عب رممي ح ه ف حقااا ح ةي تضح مب ح خرا متأل أب ح ظا ح ان ت
أجله تهت ان ح خص ح ما ي ح ر يم مها ح ن ماب لالط ح ر ريةي ،ة ك ي ت إ ى عتحمأل ع ة مب ني ها
لمتح ضماب ح رايي ح مال ان ح مطانم ال ركر م ةحرها .إة أب ح ان ح مما ا طني
رها على ياا ح ر ا ي على خالف ان ح رميي ،هةه حقخي ة ح ر رن ت ح متمي ،تهةح ي ت إ ى ع
ر ريةها ح الط ح يت كمرمي نا ظ إ ى ح مشا يح ح ر متي ح ضخم ح ر ر ها ح نال تح ر ش عت
ظأل ررم ث عب ح ان نأل أ جت مصطلما آخ هت ح رميي ر ح ر ريةي .ا ي مب ح تأل ح يت
3
Idem, p169 .
207
م ها على ح خصتص .تج ي نا ةك أب حعرما رشه ها حإل ح ة تح مجاأل ح ما ح رغي حت ح ج ي ة ح ر
مب حقااا على حعرنا أ ها ر ح ب ح ر خيص ح مم ان ح مطانم ،إة ه ان ح رميي ال ي ر
ح ن ماب.
إب ركييف ح ان ح ما ي مح ح رتجهات ح ج ي ة إل ح ة ررطلب مب هةه حقخي ة أب رمض حق ضي
تررن ى ح متحع ح ج ي ة لرايي م ركتة على ح ماؤت ي ح كني ة لماي يب ح متمييب أيب يرتجب إعطاء م ي
حرخاة ح م ح حت ت ح رخريف مب حإلج حءحت تمهل ح ر رية .تال يمصأل ة ك إال إةح كا ت أكن تال م كتي
ح رايي حإل ح ي ،ترصنح مراهي مثأل حإل ح ة ر مأل نصررها أ حة ر مي .تتظير ح ان رصنح حخلي
رميي ح ن حمج ت م ح ن ح جت ة ت ح م ح نات مب ح هيئات ح ليا متأل ح رايي ح متم رمنأل على أ هح تاائأل
ح مم ت ة ل ت ،ت رتجيهها رممي أ ضأل ح رائج .تيجب حرخاة ع ة الار ماأل ح متح عمل
: إج حءحت رمكيب ح ماي يب ح متمييب مب حرخاة ح م ح حت ت ح مأل نكأل م ي ،تهةه حإلج حءحت ررمثأل
-ط ح ح ماؤت ي على عار ح ماي يب ح متمييب ت ح رتايح مب صالمياره ،
-ح رخريف مب حإلج حءحت حإل ح ي ،
-ر عي تاائأل ح ان ح ن ي ت ح رايي ت رميي ح مأل حإل ح ي.
208
قائمة المراجع
باللغة العربية:
المواثيق والدساتير:
-األمر رقم 76-67المؤرخ في 57جويلية 6767المتضمم شرمر الميقمال الو.شي جريمة رمممية دمةة
61
-ةمممتور الجمروريممة الج اي ريممة الةيموقرا.يممة الرم ية لمممشة ،1963الجريممة الرممممية رقممم 76لمممشة
6773
-ةمتور الجمرورية الج اي رية الةيموقرا.ية الر ية لمشة 1976
-ةمتور الجمرورية الج اي رية الةيموقرا.ية الر ية لمشة 1989
-الت ةيل الةمتوري المؤرخ في 82شوفم ر 6777
الرم م ي ال ممو.شي -الق مماشو ال ض مموي 58-77الم ممؤرخ ف ممي 52م ممار ،6777يح ممةة تشا مميم المجلم م
األمة ودملرما وكذا ال القات الوايفية يشرما و ي الحكومة ،دةة 15 ومجل
-األمر رقم 75-76المؤرخ في 66جويلية 6776يتضم تشايم الصفقات ال مومية ،دةة57
-القاشو رقم 04-80المؤرخ في 56مار 6725يت لل ممارمة وايفمة الرقا مة مم .مرم المجلم
الر ي الو.شي ،دةة65
-القماشو رقمم 05-80الممؤرخ فممي 56ممار 6725يت لممل ممارممة وايفمة المراق مة مم .مرم مجلم
المحام ة ،دةة65
-القاشو رقم 17-84المؤرخ في 56جويلية 6726يت لل قواشي المالية ،دةة82
مجلم م -الق مماشو رق ممم 01-88الم ممؤرخ ف ممي 68ج مماشفي 6725يتض ممم الت ممةيل الةم ممتوري لت م ممي
محام ة مكلم مراق ة مالية الةولة والحيب والجمادات المحلية ،ص63
-القاشو رقم 24-89المؤرخ في 36ةيمم ر 6727ي ةل ويتمم قاشو ،66-26دةة56
المحام ة وميره ،دةة73 -القاشو رقم 38-75المؤرخ في 56ةيمم ر 6775يت لل مجل
209
الم ممةل -الق مماشو رق ممم 86-75الم ممؤرخ ف ممي 67أوت 6775يت ل ممل المحامم م ة ال مومي ممة د ممةة37
والمتمم
المحام ة ،دةة ،37الم ةل والمتمم -األمر رقم85-77المؤرخ في 66جويلية 6777يت لل مجل
المحامم م ة، -األم ممر رق ممم83-77الم ممؤرخ ف ممي87أوت6777يتض ممم الق مماشو األمام ممي لقض مما مجلم م
دةة62
-القاشو 60-60المؤرخ في 06ف راير 0660يت لل الوقاية م الفماة وكافحته ،دةة 01
210
-المرم مموم التشفي ممذي 000-65الم ممؤرخ ف ممي 0مم م تم ر 0665يح ممةة ص ممالحيات المفتر ممية ال ام ممة
للمالية ،جرية رممية دةة 66
-المرم مموم التشفي ممذي 003-65الم ممؤرخ ف ممي 60مم م تم ر 0665يتض ممم تشا مميم الرياك ممل المركيي ممة
للمفترية ال امة للمالية ،دةة 50
06م م تم ر 2008يحممةة تشامميم المفترمميات الجرويممة -المرممموم التشفيممذي 274-08المممؤرخ فممي
للمفترية ال امة للمالية ،دةة 50
-المرممموم التشفيممذي 20-62المممؤرخ فممي 00ف اريممر 0662يحممةة رممرو .وكيفيممات رقا ممة وتممةقيل
المفترية ال امة للمالية لتميير المؤممات ال مومية االقتصاةية ،دةة
-المرم م مموم التشفي م ممذي رق م ممم 300-20الم م ممؤرخ ف م ممي 60مم م م تم ر 0220يت ل م ممل ت ي م ممي المحامم م م ي
ال موميي وادتماةهم دةة13
-المرم مموم التشفي ممذي رق ممم 300-20الم ممؤرخ ف ممي 60مم م تم ر 0220يح ممةة ر ممرو .األخ ممذ مم ممؤلية
المحامم ي ال ممموميي واجمراتات مراج ممة مماقي الحممما ات وكيفيممات ثكتتمماب تم مي ي .ممي ممممؤولية
المحام ي ال موميي دةة13
-المرممموم التشفي ممذي رق ممم 303-20المممؤرخ ف ممي 60مم م تم ر 0220يحممةة ثجممراتات المحامم م ة الت ممي
الصرم والمحام و ال موميو وكيفياترا ومحتواها ,دةة13 يممكرا اآلمرو
-المرممموم التشفيممذي 131-20المممؤرخ فممي 62شمموفم ر 0220المتضممم تشامميم الصممفقات ال موميممة
دةة60
-المرموم التشفيذي رقمم 660-20الممؤرخ فمي 00ةيممم ر 0220يتضمم القماشو األماممي الخماص
موافي المفترية ال امة للمالية دةة00
-المرممموم التشفيممذي رقممم 05-20المممؤرخ فممي 00فيفممري 0220يحممةة ثختصاصممات المفترممية ال امممة
للمالية دةة06
-المرموم التشفيذي رقم 02-20المؤرخ في 00فيفمري 0220يؤهمل المفترمية ال اممة للماليمة للتقمويم
اإلقتصاةي للمؤممات ال مومية اإلقتصاةيةدةة06
-المرم مموم التشفي ممذي رق ممم 30-20الم ممؤرخ ف ممي 06ج مماشفي 0220يت ل ممل تشا مميم الرياك ممل المركيي ممة
للمفترية ال امة للمالية دةة60
-المرم مموم التشفي ممذي رق ممم 33-20الم ممؤرخ ف ممي 06ج مماشفي 0220يح ممةة تشا مميم المص ممالح الخارجي ممة
للمفترية ال امة للمالية ويض .ثختصاصاترم دةة60
211
-المرموم التشفيذي رقم 101-20المؤرخ في 01شوفم ر 0220يت لل الرقا ة الما قة للشفقات التي
يلتيم را ،دةة 50الم ةل والمتمم
-المرم موم التشفيممذي رقممم 10-23المممؤرخ فممي 60فيفممري 0223يحممةة أجممال ةفممق الشفقممات وتحصمميل
األوامر اإليراةات وال ياشات التشفيذية واجراتات ق ول القيم دةة62
-المرمممموم التشفيمممذي رقمممم 065-23الممممؤرخ فم ممي 66مممماي 0223يح ممةة كيفيم ممات ثح ممةاي وكم مماالت
اإليراةات والشفقات وتشايمرا وميرها دةة36
-المرمممموم التشفيمممذي رقمممم 61-26المم ممؤرخ فم ممي 06فيفم ممري 0226يحم ممةة صم ممالحيات وييم ممر الماليم ممة
دةة06
-المرمم مموم التشفيم ممذي رقم ممم 6-20المم ممؤرخ فم ممي 00جم مماشفي 0220يحم ممةة األحكم ممام المت لقم ممة تقم ممةيم
المحام ة دةة60 الحما ات ثلى مجل
-المرموم التشفيذي رقم 005-20المؤرخ في 00جويلية 0220يحةة اإلجراتات المت لقة ماإللتيام
الصرم وممؤولياترم دةة15 الشفقات ال امة وتشفيذها ويض .صالحيات اآلمري
-المرممموم التشفيممذي رقممم 000-25المممؤرخ فممي 03جويليممة 0225المت لممل شفقممات الةولممة للتجريممي
دةة60
-المرم مموم التشفي ممذي رق ممم 000-60الم ممؤرخ ف ممي 60أفري ممل 0660يتض ممم ثشر ممات خلي ممة اإلم ممت الم
المالي وتشايمرا ودملرا دةة03
األمة المؤرخ في 00أكتو ر 0222دةة 51 -الشاام الةاخلي لمجل
الر ي الو.شي المؤرخ في 36جويلية 0666دةة10 -الشاام الةاخلي للمجل
الكتب:
-عوف محمود الكفراوي :الرقابة المالية النظرية والتطبيق،مطبعة االنتصار ،الطبعة الثالثة،
. 8557
احمة ال .ريل،حامة د ة المجية الةراي:المالية ال امة ،الةار -د ة الكريم صاةل ركات ،يوش
الجام ية ،يروت1986،
-حمي مص.فى حمي :المالية ال امة ،ةيوا الم .ودات الجام ية 1995
-صالح رويلى :اقتصاةيات المالية ال امة ،ةيوا الم .ودات الجام ية
-قا ممة محم ممة .ر مموة ا الم ممل.ة الترم مري ية ف ممي ال ممةول ال ر ي ممة ذات الشا ممام الجمر مموري ،المؤمم ممة
الجام ية لةرامات والشرر والتوييق . ،ة أولى مشة 0226
212
محممرييا اقتصمماةيات الماليممة ال امممة ،ةي موا الم .ودممات الجام يممة ،ال .ممة القاشيممة -محمممة د مما
0666
-غما قل اويا رقا ة األةات ،ةار كش ا للةرامات والشرر ،ةمرل0225 ،
-دقيلة خر اريا ال القة الوايفية ي الحكومة و ال رلما ،ةار الخلةوشية ،الج اي ر0660 ،
-محم ممة مماهي أ ممو ي مموش ،الرقا ممة ال رلماشي ممة دل ممى أدم ممال الحكوم ممة ف ممي الشا ممامي المص ممري
والكويتي ،ةار الجام ة الجةية ،اإلمكشةرية0660 ،
-دمار د امي ا الرقا ة ال رلماشية دلى دمل الحكومة في الشاام الةمتوري الج اي ري ،ةار الخلةوشية،
الج اي ر0660 ،
-م ية ور يرا الشاام الميامي الج اي ري ،ةار الرةى ،6773 ،ال .ة القاشية
رجات وحية ةويةري ا ال حي ال لحي ال لمي أمامياته الشارية و ممارمته ال لمية ،ةار الفكر ، -
ةمرل0666 ،
-رسائل الدكتوراه:
االقتصاةي ،حالة الج اي را -ةراومي مم وةا الميامة المالية وةورها في تحقيل التواي
،2004-1990رمالة ةكتوراه في ال لوم االقتصاةية ،جام ة الج اي ر2005،
رسائل الماجستير
أمممالو ش يمملا خصوصممية قمماشو الماليممة و القمماشو ال ضمموي فممي الشاممام القمماشوشي الج اي ممري ،مممذكر -
ماجمتير ،جام ة الج اي ر ،كلية الحقول8556 ،
-رييل يكرياتا كيفية وضق ادتماةات التميير في قاشو المالية ،مذكر ماجمتير ،فرع اإلةار
والمالية ،جام ة الج اي ر ،كلية الحقول8558 ،
ةاوة ا راهيما الرقا ة المالية دلى الشفقات ال امة ي الرري ة اإلمالمية والترريق الج اي ري، -
دكشو 0663 ، حي ماجمتير كلية الحقول،
-حا مة داةلا الرقا ة ال رلماشية للمالية ال مومية في الج اي ر ،مذكر م أجل الحصول دلى رراة
دكشو 0600 ، الماجمتير في القاشو ،كلية الحقول
213
محمةا الميياشية ال امة للةولة في ال اإلصالحات االقتصاةية ،مذكر ماجمتير، -د ة المؤم
جام ة الج اي ر ،م رة ال لوم االقتصاةية6777 ،
-د ة ال فور م اة ،ميياشية الةولة للتجريي مشذ مشة ،6772مذكر ماجمتير ،جام ة الج اي ر ،كلية
الحقول8558 ،
-كمير مليما ال رلما وقواشي المالية ،رمالة ماجمتير في القاشو ال ام ،فرع اإلةار و المالية،
جام ة الج اي ر ،كلية الحقول .8556
ديمى ليلىا أهمية التميير ال مومي الجةية في ق.اع الت ليم ال اليا ةرامة جام ة محمة -
خيضر – مكر ،-مذكر ماجمتير في دلوم التميير ،كلية ال لوم االقتصاةية ودلوم التميير،
2006
المجالت والتقارير:
-المجلة االفريقية للمراج ة الراملة ،ال ةة الخام ،األفروماي6776 ،
المحام ة لمشة 1995المشرور في الجرية الرممية رقم 76لمشة 1997 -تقرير مجل
-الحلقة الةرامية الجروية المشامة م ق ل المفترية ال امة للمالية في 28و 29جويلية 2002
المت لل تقييم الميامات ال مومية
باللغة الفرنسية:
OUVRAGES :
ARTICLES :
- Benaissa Said, L’autonomie des E.P.E et les finances publiques ,
R.A.S.J.E.P. n° 1, mars 1989
- BLANCHARD_ DIGNAC Christophe: Le contrôle de l’exécution des lois
de finances : enjeux et perspectives, RFFP, n°59, 1997.
- Séminaire de Josée Champigny, Initiation à la budgétisation par
programme axée sur les résultats, ministère des finances, 28 mai 2005.p.3
215
- Bouvier (M.), « Pour une nouvelle gouvernance financière : repenser et
reconstruire les finances publiques de demain », R.F.F.P., n° 87, septembre
2004.
- Bouvier (M.), « Réforme des finances publiques : Réforme de l'Etat », in
revue française de finances publiques, n° 73, (numéro spécial), janvier
2001.
- Brahimi (M.), « Le contrôle exercé par l’Assemblée populaire nationale»,
R.A.S.J.E.P., n° 2, juin 1984.
- Camby (J. P.), « La place des finances publiques dans les préoccupations
parlementaires », R.F.F.P, n° 84, septembre 2004.
- Camby (J. P.), « Droit budgétaire et droit parlementaire », R.F.F.P., n° 79,
septembre 2002.
- Chevauchez (B.), « Transparence budgétaire : où en est-on ? », R.F.F.P.,
n° 80, décembre 2002.
- Denideni) Y(, « la Genèse de la loi organique du 07 juillet 1984 relative
aux lois de finances Algériennes, revue Algérienne des sciences juridiques
et économiques et politiques, 2 ème partie, n° 2, 1999.
- Di Malta (P.), « Le régime juridique des comptes spéciaux du trésor »,
R.F.F.P., n° 32, 1990.
- Ghaouti (S.) et Yanat (A.) , « Le contrôle parlementaire des finances
publiques en Algérie ou la primauté du binôme contrôle / efficacité »,
communication présentée au colloque maghrébin organisé à Tunis du 28
au 30 / 01 / 1988 par le C.M.E.R.A..
- Lassale )J.P): la loi organique et l’équilibre constitutionnel des pouvoirs
RFFP.Paris ,1998
- Saidj )L(: la loi de règlement et le développement du contrôle
parlementaire de la restauration à nos jours, RFFP, N°51, 1995
Thèses
- Mohamed Taher Bouara : l’évolution de loi de finances en droit algérien,
thèse de doctorat , université d’Alger, faculté de droit 2006 .
216
فهرس المحتويات
شكر وعرفان
المقدمة1........................................................................................... :
الفصل األول :عرض نظام الرقابة على النفقات العمومية – تحليل النظام الجزائري10................-
المبحث األول :الرقابة على النفقات العمومية ودوره في تفعيلها10..................................
المطلب األلو :اإلطار المفاهيمي لقانلون المحاسبة العملومية11 ........................................
الفرع األلو :مفهلوم المحاسبة العملومية11.............................................................
الفقرة األلولى تعريف قانلون المحاسبة العملومية11.....................................................
الفقرة الثانية تمييز المحاسبة العملومية عن ميادين مجالورة لها17.......................................
الفقرة الثالثة مجا :تطبيق المحاسبة العملومية20......................................................
الفرع الثاني نقص معتبر في مصادر قانلون المحاسبة العملومية في الجزائر21.........................
الفقرة األلولى الخضلوع لنظام مالي لومحاسبي خاص ألوجبه االحتال :الفرنسي21.......................
الفقرة الثانية محالوالت تأطير المحاسبة العملومية بعد االستقال22................................... .:
الفرع الثالث مشك :التقييم في المحاسبة العملومية26..................................................
الفقرة األلولى محالولة تعريف مفهلوم التقييم لومدى ارتباطه بفعالية النفقة العملومية26.....................
الفقرة الثانية :رقابة التقييم في لوجلود النصلوص لوغياب الممارسة30...................................
المطلب الثاني اإلطار العملي للرقابة على النفقات العملومية32.......................................
الفرع األلو :أهداف الرقابة على النفقات العملومية32..................................................
الفقرة األلولى األهداف التقليدية لو الفنية للرقابة33.....................................................
الفقرة الثانية األهداف اإلستراتيجية34................................................................
الفرع الثاني نطاق الرقابة على النفقات العملومية36...................................................
الفقرة األلولى الشرعية36.............................................................................
الفقرة الثانية النظامية38.............................................................................
الفقرة الثالثة فعالية التسيير40........................................................................
الفقرة الرابعة المردلودية41............................................................................
الفرع الثالث التأسيس لنظام رقابي فعا44...........................................................:
الفقرة األلولى شرلوط فعالية الرقابة44................................................................
الفقرة الثانية تعزيز اإلجرااات الردعية لوالعقلوبات46...................................................
المبحث الثاني :إعتماد رقابة المطابقة من قبل كل هيئات الرقابة49..................................
المطلب األلو :رقابة إدارية مكثفة50.................................................................
الفرع األلو :الرقابة المسبقة50.......................................................................
الفقرة األلولى مراح :إجراا النفقة51..................................................................
الفقرة الثانية األعلوان الثالث57.......................................................................
مبدأي الفص :بين اآلمر بالصرف لوالمحاسب العملومي لو التمييز بين الشرعية الفقرة الثالثة
لوالمالامة71........................................................................................
الفقرة الرابعة رقابة لجان الصفقات74................................................................
الفرع الثاني رقابة المفتشية العامة للمالية82..........................................................
الفقرة األلولى تنظيم المفتشية العامة للمالية83.........................................................
الفقرة الثانية اختصاصات لوطبيعة رقابة المفتشية العامة للمالية84.....................................
المطلب الثاني رقابة مجلس المحاسبة90.............................................................
الفرع األلو :الرقابة القضائية لمجلس المحاسبة91.....................................................
الفقرة األلولى مراجعة حسابات األمرين بالصرف لوالمحاسبين العملوميين93.............................
الفقرة الثانية رقابة االنضباط في مجا :تسيير الميزانية لوالمالية94.....................................
الفرع الثاني رقابة نلوعية التسيير97..................................................................
الفرع الثالث تقييم رقابة مجلس المحاسبة99..........................................................
الفقرة األلولى انحصار الرقابة في المطابقة لواالبتعاد تماما عن التقييم99...............................
الفقرة الثانية طرق الطعن في ق اررات مجلس المحاسبة101............................................
المطلب الثالث رقابة برلمانية غير فاعلة103.........................................................
الفرع األلو :لوسائ :الرقابة البرلمانية104..............................................................
الفقرة األلولى لجان التحقيق كلوسيلة للتحري البرلماني104.............................................
الفقرة الثانية قانلون ضبط الميزانية كآلية للرقابة الالحقة110..........................................
الفرع الثاني محدلودية الرقابة البرلمانية112...........................................................
الفقرة األلولى غياب تام للجان التحقيق البرلماني113..................................................
الفقرة الثانية انعدام الرقابة البرلمانية الالحقة116......................................................
الفصل الثاني :حتمية تدعيم رقابة المطابقة برقابة التقييم120........................................
المبحث األول :قصور النظام الرقابي المعتمد على المطابقة120.....................................
المطلب األلو :ضعف آداا األجهزة الرقابية121......................................................
الفرع األلو :غياب رقابة التقييم يبعث إلى رقابة آلية كالسيكية ال تساير التطلورات الحاصلة121.........
الفقرة األلولى نقائص الرقابة القبلية121...............................................................
الفقرة الثانية سلبيات الرقابة البعدية122..............................................................
الفقرة الثالثة مظاهر تؤكد قصلور اآلداا الرقابي123..................................................
الفرع الثاني صعلوبة التحكم في المادة125...........................................................
الفقرة األلولى نصلوص تخلق التداخ :أحيانا لوفراغا أحيانا أخرى125...................................
الفقرة الثانية غياب نصلوص خاصة تكف :حقلوق أعلوان الرقابة126 ....................................
المطلب الثاني عدم اعتماد أدلوات الفعالية127 ......................................................
الفرع األلو :غياب تام لمفهلوم ترشيد النفقات العملومية127.............................................
الفقرة األلولى عدم تطبيق مبدأ ترشيد اختيارات الميزانية128............................................
الفقرة الثانية االبتعاد عن انتهاج التقنيات لو األنظمة الخاصة بالترشيد131.............................
الفرع الثاني غياب تام لتقييم السياسات العملومية133.................................................
الفقرة األلولى مفهلوم تقييم السياسات العملومية134.....................................................
الفقرة الثانية حسابات التخصيص الخاص كمجسد للسياسات العملومية136.............................
الفقرة الثالثة صعلوبة رقابة حسابات التخصيص الخاص140..........................................