You are on page 1of 62

‫لمحة تاريخية عن قبيلة أوالد َحـنـ ِّ ْ‬

‫ـيــن األنصارية‬
‫حقوق النشر‪ :‬هذه مسودة مقال لم يكتمل بعد‪ ،‬فهي للقراءة فقط من أجل إبداء المالحظات البنّاءة من طرف المعنيّين بالموضوع‪،‬‬
‫وال يُسمح بنشرها أو توزيعها أو نقلها أو اإلستشهاد بها أو ببعضها خارج هذا السياق ودون إذن مسبق ومكتوب من المؤلف‬

‫الدكتور محمد المي الياسيني‬


‫أستاذ مشارك في الجغرافيا بجامعة إنديانا اتستيت بالواليات المتحدة‬
‫محاضر وباحث فولبرايت سابقا بجامعة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫أستاذ مساعد في الجغرافيا سابقا بجامعة نواكشوط بموريتانيا‬

‫‪https://www.indstate.edu/cas/faculty/melyassini/‬‬
‫‪mohamed.elyassini@indstate.edu‬‬

‫مقدمة‬

‫ِّين إِيَّاكَ نَعۡ بُدُ َوإِيَّاكَ ن َۡست َ ِع ُ‬


‫ين‬ ‫ٱلر ِح ِيم َم ٰـ ِل ِك يَ ۡو ِم ٱلد ِ‬ ‫ٱلر ۡح َم ٰـ ِن َّ‬ ‫ٱلر ِح ِيم ۡٱل َحمۡ دُ ِ َّّلِلِ َربّ ِ ۡٱلعَ ٰـلَ ِمينَ َّ‬ ‫ٱلر ۡح َم ٰـ ِن َّ‬ ‫"بِ ۡس ِم ٱهللِ َّ‬
‫ضآلِينَ " (سورة الفاتحة ‪)7-1‬؛‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عل ۡي ِه ۡم َو َال ٱل َّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫عل ۡي ِه ۡم غ َۡي ِر ٱل َمغ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ب َ‬ ‫ضو ِ‬ ‫ص َرٲط ٱلذِينَ أنعَمۡ تَ َ‬ ‫يم ِ‬ ‫ص َرٲط ٱل ُم ۡست َ ِق َ‬ ‫ٱه ِدنَا ٱل ِ ّ‬
‫ِى أَنزَ َل‬ ‫ۡ‬ ‫ت َو ۡٱۡل َ ۡر َ‬ ‫" ۡٱل َحمۡ دُ ِ َّّلِلِ ٱلَّذِى َخلَقَ ٱل َّ‬
‫ت َوٱلنُّور" (سورة اۡلنعام ‪)1‬؛ "ٱل َحمۡ دُ ِ َّّلِلِ ٱلَّذ ٓ‬ ‫ض َو َجعَ َل ُّ‬
‫ٱلظلُ َم ٰـ ِ‬ ‫س َم ٰـ َوٲ ِ‬
‫سو َل‬ ‫ٱلر ُ‬‫ب َولَ ۡم يَ ۡجعَل لَّهُ ۥ ِع َو َجا (سورة الكهف ‪)1‬؛ الحمد هلل الذي جعلنا من "ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ َّ‬ ‫ع ۡب ِد ِه ۡٱل ِكت َ ٰـ َ‬ ‫علَ ٰى َ‬ ‫َ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ڪ ِر َوي ُِح ُّل‬ ‫ع ِن ٱل ُمن َ‬ ‫وف َويَن َہ ٰٮ ُه ۡم َ‬‫نجي ِل يَأ ُم ُر ُهم بِٱل َمعۡ ُر ِ‬ ‫ٱإل ِ‬‫ى ٱلذِى يَ ِجدُونَهُ ۥ َمكتُوبًا ِعندَ ُه ۡم فِى ٱلت ۡو َر ٰٮ ِة َو ِ‬ ‫ى ٱۡل ِ ّم َّ‬ ‫ٱلنَّبِ َّ‬
‫ع َّز ُروهُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫عل ۡي ِه ۡمۚ فَٱلذِينَ َءا َمنُوا بِِۦه َو َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫عن ُه ۡم إِصۡ َر ُه ۡم َوٱۡلغل ٰـ َل ٱلتِى َكانَت َ‬ ‫ۡ‬ ‫ض ُع َ‬‫ث َويَ َ‬ ‫ۡ‬
‫عل ۡي ِه ُم ٱل َخبَ ٰـ ٓ ِٕٮ َ‬ ‫َ‬ ‫ت َويُ َح ِ ّر ُم َ‬ ‫َّ‬
‫لَ ُه ُم ٱلط ِيّبَ ٰـ ِ‬
‫نز َل َمعَهُ ۥۤ أ ُ ْولَ ٰـ ٓ ِٕٮكَ ُه ُم ۡٱل ُم ۡف ِل ُحونَ " (سورة اۡلعراف ‪)157‬؛ " ۡٱل َحمۡ دُ ِ َّّلِلِ ٱلَّذِى َهدَ ٰٮنَا‬ ‫ِى أ ُ ِ‬‫ور ٱلَّذ ٓ‬ ‫ص ُروهُ َوٱتَّبَعُواْ ٱلنُّ َ‬ ‫َونَ َ‬
‫شا ٓ ُء" (سورة النور ‪،)35‬‬ ‫ورِۦه َمن يَ َ‬ ‫ٱّلِلُ ِلنُ ِ‬
‫ٱّلِلُ" (سورة اۡلعراف ‪" ،)43‬يَہۡ دِى َّ‬ ‫ال أن َهدَ ٰٮنَا َّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِى ل ۡو َ ٓ‬ ‫ِل َه ٰـذَا َو َما ُكنَّا ِلنَہۡ تَد َ‬
‫ورا فَ َما لهُ ۥ ِمن نُّور" (سورة النور ‪)40‬؛ الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ‬ ‫َ‬ ‫ً۬‬
‫ٱّلِلُ لهُ ۥ نُ ً‬ ‫َ‬ ‫" َو َمن لَّ ۡم يَ ۡجعَ ِل َّ‬
‫باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهد هللا فال مضل له ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬ونشهد أن ال إله‬
‫ِيرا َودَا ِعيًا ِإلَى َّ‬
‫ٱّلِلِ‬ ‫ش ٰـ ِه ً۬دًا َو ُمبَ ّ‬
‫ش ً۬ ًِرا َونَذ ً۬ ً‬ ‫إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬ونشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬أرسله بالحق َ‬
‫يرا‪ ،‬صلى هللا عليه وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬وعلى سائر اۡلنبياء والمرسلين‪ ،‬ومن تبعهم‬ ‫ِبإ ِ ۡذنِِۦه َو ِس َرا ً۬ ًجا ُّمنِ ً۬ ً‬
‫بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد‪:‬‬

‫ت ِمنَّا رابطةُ اۡلنصار ال ُم ْش ِرفة على مكتبة اۡلنصار بزاوية أهل الزريبة بالساقية الحمراء أن نكتب لهم‬ ‫فقد طلب ْ‬
‫ين)‪ .‬وتشجيعا ِمنَّا‬ ‫نبذة تاريخية للتّعريف بقبيلة أوالد َحـ ِنّـيـ ْن اۡلنصارية (المعروفة اليوم باسم أوالد تِي ْد َر ِار ْ‬
‫ُ‬ ‫للمساعي الهادفة إلى إثراء مكتبة اۡلنصار‪ ،‬و ِعل ًما بقول هللا تعالى‪" :‬يَا أَيُّ َها النَّ ُ‬
‫اس إِنَّا َخلَ ْقنَا ُكم ِ ّمن ذَ َكر َوأنثَى‬
‫ير" (الحجرات ‪ ،)13‬وبقو ِل رسول‬ ‫ع ِلي ٌم َخبِ ٌ‬ ‫َّللاِ أَتْقَا ُك ْم ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا ِإ َّن أ َ ْك َر َم ُك ْم ِعندَ َّ‬ ‫َو َج َع ْلنَا ُك ْم ُ‬
‫شعُوبًا َوقَبَائِ َل ِلت َ َع َ‬
‫أر َحا َم ُك ْم" (مسند أحمد)‪ ،‬وبقو ِل الشاعر‪ُ " :‬ك ِن‬ ‫صلُونَ ِب ِه ْ‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ت َ َعلَّ ُموا ِم ْن أ ْن َ‬
‫سا ِب ُك ْم َما ت َ ِ‬
‫س الفَت َى َم ْن يَقُو ُل َكانَ‬ ‫إن ْالفَت َى َم ْن يَقُو ُل َها أنَا ذَا‪ ،‬لَ ْي َ‬‫ب‪َّ ،‬‬ ‫س ِ‬ ‫ع ِن النَّ َ‬
‫ض ُمونُهُ َ‬ ‫ا ْبنَ َم ْن ِشئْتَ وا ْكت َ ِسبْ أدَ َبا‪ ،‬يُ ْغنِيكَ َم ْ‬
‫ظاميّاً"‪ ،‬فقد لبَّينا هذه الدعوة الكريمة رغم انشغالنا بمهام‬ ‫صاميّا ً وال ت َ ُك ْن ِع ِ‬ ‫أ ِبي‪ "،‬وبقول الحكيم‪ُ " :‬ك ْن ِع ِ‬
‫أخري‪ 1.‬فمن الواضح أن القبيلة (وخاصة القبيلة العربية) مازالت حيّة في القرن الواحد والعشرين‪ ،‬وذلك‬
‫‪ 1‬لقد تلقّينا الدعوة من الدكتورة زهرة فعراس‪ ،‬وهي من أعضاء رابطة اۡلنصار بالساقية الحمراء‪ ،‬وقبِلناها رغم انشغالنا بواجبات محاضر "فولبرايت" في جامعة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة للعام الدراسي ‪ ،2012—2011‬باإلضافة إلى انشغالنا بتأليف كتاب "صعود وزوال الصهيونية وإسرائيل في فلسطين‪ :‬من المسألة اليهودية في‬
‫أوروبا إلى الدولة اليهودية في فلسطين واللوبي اليهودي في أميركا" الذي نرجو أن يتقبله مركز اإلمارات للدراسات والبحوث اإلستراتيجية وينشره باللغتين‪ ،‬العربية‬
‫واإلنكليزية ‪ .‬وفي نفس الوقت كنا منشغلين بالتحضير ۡلداء فريضة الحج لعام ‪1432‬هـ‪2011/‬م ‪ ،‬حيث غادرنا دولة اإلمارات العربية المتحدة يوم ‪ 31‬أكتوبر ‪ 2011‬م‬
‫وعُدنا من الممكلة العربية السعودية يوم ‪ 14‬نوفمبر ‪ 2011‬م‪ .‬وبتوصية من شقيقنا أحمد‪ ،‬إمام وخطيب مسجد الشافعي بمدينة أبو ظبي‪ ،‬نزلنا ذهابا وإيابا عند أهل الضيف‬
‫بالمدينة المنورة‪ ،‬حيث استقبلنا يحيى بن محمدُّ بن سيدي محمود—الملقب الضيف— بن أبي بكر بن الطالب علي بن سيدي أحمد بن الطالب علي بن أحمد من بطن أهل‬

‫‪1‬‬
‫ونمو المؤسسات العمومية ومنظمات المجتمع المدني في كل بلد‪ ،‬وعلى‬ ‫ِّ‬ ‫على الرغم من صعود الشعوب‪،‬‬
‫الرغم من كون "القبليّة" (وليست القبيلة) وكل أشكال "الطائفية السياسية" ليست هي الحل للمشاكل‬
‫المعاصرة‪ ،‬بل قد تزيد الطين بلّة‪ .‬ويبدو أن القبيلة تستمد استمراريتها وحيويتها (‪ )1‬من تراجع مرجعية‬
‫الدولة الوطنية في وجه ظاهرت َْي العولمة والفضاءات اإلقليمية‪ )2( ،2‬ومن تنامي الشبكات اإلجتماعية في‬
‫تحول اإلدراك لدى النخب الفكرية العربية من التبعية الذهنية‬
‫عصر المعلومات واإلنترنت‪ )3( ،‬ومن ّ‬
‫للمدرسة اۡلوربية في التحليل الطبقي للمجتمع إلى التبعية الذهنية للمدرسة اۡلمريكية في التحليل العرقي‬
‫‪3‬‬

‫والطائفي للمجتمع (فالناس على دين ملوكهم‪ ،‬والرعية على قلب اۡلمير‪ ،‬كما يُقال)‪ )4( ،‬ومن الشعور بعاطفة‬
‫اۡلخوة العائلية واإلحساس بمبدإ المساواة النظرية والتعلق بضرورة التضامن اإلجتماعي بين أفراد القبيلة في‬ ‫ّ‬
‫عالم تتّس ُع فيه الفجوة بين الفقراء واۡلغنياء‪ )5( ،‬ومن تفاقم مشكلة الهوية الثقافية لدى الشباب الباحثين عبثاً‬
‫توصل إليها‪ ،‬كما يظهر من مراوحة "الربيع العربي"‪ ،‬كما س ّماهُ‬ ‫ضـيّة وبُوصلة ِ‬
‫مر ِ‬
‫عن مرجعية سياسية ْ‬
‫ُرعاتُه‪ 4‬في منظمة حلف شمال اۡلطلسي وت َغنّى به ُحلفاؤُهم من العرب التابعين لهم والذين يرون في النموذج‬
‫الطالب علي من قبيلة أوالد حنّين‪ .‬وكان أبو الضيف يحيى رجال طيبا وظريفا وله أوالد منهم الضيف—وهو الذي رافقنا في سيارته إلى مطار المدينة المنورة بعد عودتنا‬
‫من مكة—وعبد الرحمان وأحمد وأمين وأمير وعبد اإلله وكريم‪ ،‬ومنهم كذلك بنتان لم نتذكر اسميهما‪ .‬وكان والده محمدّ رجال ُمتق ِدّ ًما في السّن ال يُ َم ُّل حديثه وله ثقافة‬
‫عامة واسعة وهو بمثابة عميد للسعوديين المنحدرين من أصول شنقيطية في المدينة المنورة‪ .‬وروى لنا النظم التالي حول نسب أسرته إلى أوالد حنّين‪:‬‬
‫مشهـــــور ْه‬
‫َ‬ ‫غنبــــور ْه وذا له فضائ ُل‬
‫َ‬ ‫ونحنُ أبنا ُء أبي‬
‫وقـــــــاري‬ ‫ِ‬ ‫التيدرار رواهُ ك ُّل كاتب‬
‫ِ‬ ‫ي من بني‬ ‫وهو ول ٌّ‬
‫والبكــــور‬
‫ِ‬ ‫ُزار في المساءِ‬
‫ــــدور ي ُ‬‫ِ‬ ‫زارهُ عند أبي ال ُج‬ ‫َم ُ‬
‫يـــــــــان‬
‫ِ‬ ‫تظهر للع‬
‫ُ‬ ‫وادان أطاللُها‬
‫ِ‬ ‫قريتُنا كوالنُ فــــي‬
‫واۡلوتـــــادُ قو ٌم كرا ٌم قُدّ ٌم أمجــــــــــاد ُ‬
‫ْ‬ ‫أخوالُنا إد َْوبَ ُج‬
‫سبُنا واحدٌ في التعــــــدا ِد إذ تُرفع اۡلنسابُ لألجـــدا ِد‬ ‫نَ َ‬
‫اۡلبـرار‬ ‫ِ‬ ‫لألنصـــار أه ِل الفضائ ِل مــن‬
‫ِ‬ ‫ويرج ُع النسبُ‬ ‫ِ‬
‫ي ِ الهادِي‬ ‫ي ِ الهاشم ّ‬ ‫صلى اإللهُ خال ُق العبــــا ِد على النب ّ‬
‫وعند مغادرتنا المدينة المنورة أوصانا يحيى بن محمدّ بالنزول في مكة المكرمة عند أهل أحمدُ بن محمدُ بن المختار بن سيدي محمود بن اسويدات بن محمد الراظي بن‬
‫المرابط سيدي محمود‪ .‬وأم احمدُ هي توتُّ بنت الضيف أخت محمدّ‪ ،‬والد يحيى‪ .‬وكان عبد الغفور بن احمدُ شابا نبيها وهو الذي استقبلنا عند وصولنا للحرم المكي‬
‫واستضافنا في بيتهم بمكة المكرمة‪ ،‬وساعدنا في بعض اۡلمور المتعلقة بالحج‪ ،‬ورافقنا أثناء طواف القدوم والسعي بين الصفا والمروة‪ ،‬جزاه هللا خيرا‪ .‬وقال لنا إن له من‬
‫اإلخوة محمد (الملقب ولد َّأو ) ومحمود ومحمد اۡلمين وعبد الرحمان وعبد الرحيم وعبد هللا وعبد الغفار‪ ،‬والتقينا بالحاضرين منهم في مكة المكرمة آنذاك‪ .‬وممن لقينا‬
‫عندهم أحمد السالك بن الشيخ بن النَّها ْه (والنهاه لقب للشيخ والقائد عبد هللا بن سيدي محمود الحا ِ ّجي المؤسس الفعلي لمشيخة أو إمارة أهل سيدي محمود في منطقة الركيبة‬
‫وتعرفنا أيضا في بيتهم على أكا ِه من أحفاد النهاه وقد ساعدنا في الوصول إلى مخيمات الموريتانيين بمنى عندما فاتتنا‬ ‫ّ‬ ‫في موريتانيا)‪ ،‬وكان شيّق الحديث وذا ثقافة واسعة‪.‬‬
‫حافلة نقل الحجاج الموريتانيين‪ ،‬جزاه هللا خيرا‪ .‬وكنا قد انس حبنا من حملة الحجاج اإلماراتيين التي ألحقنا بها الدكتور سالم السالم نائب مدير الموارد البشرية بوزارة‬
‫اۡلشغال العامة في اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬مشكورا‪ ،‬والتحقنا بالحجاج الموريتانيين لمساعدة شقيقنا عبد هللا الذي كان يحتاج إلينا نظرا لظروفه الصحية والنفسية‪.‬‬
‫وبهذه المناسبة نتقدم بالشكر للشباب وغيرهم من الحجاج والمسؤولين في "تجمع وكاالت موريتانيا" (بدر للسفريات‪ ،‬شعائر‪ ،‬عرفة‪ ،‬منارة شنقيط) على جهودهم لمساعدة‬
‫بعضهم البعض في ظروف صعبة للغاية من ناحية التنظيم والصحة والسالمة‪ ،‬حيث واجه الكثير منهم خطر الموت الحقيقي في عرفة أثناء ازدحام غير ضروري‬
‫المري‬‫للوصول إلى حافلة لنقل الحجاج من عرفة إلى مزدلفة‪ .‬كما نشكر زميلنا بقسم الجغرافيا في جامعة اإلمارات العربية المتحدة بمدينة العين الدكتور أحمد بن طوق ّ‬
‫المسؤول عن الشؤون اۡلكاديمية للمعيدين وبرنامج التطوير المهني ۡلعضاء هيئة التدريس بالجامعة ‪ ،‬الذي بذل جهدا كبيرا للحصول على تأشيرة حج لنا في آخر لحظة‪،‬‬
‫جزاه هللا خيرا‪ .‬نشكر أيضا زمالءنا اآلخرين في قسم الجغرافيا‪ ،‬وخاصة الدكتور سيف القايدي‪ ،‬رئيس القسم‪ ،‬والدكتورة خولة الكعبي والدكتورة نعيمة الحسيني والدكتور‬
‫محمد بوالح َمام‪ ،‬على اإلستقبال والترحيب‪ .‬نشكر كذلك شقيقنا أحمد‪ ،‬إمام وخطيب مسجد الشافعي‪ ،‬على التوجيهات القيّمة المتعلقة بأداء مناسك الحج‪ .‬وأخيرا وليس‬
‫سف َٰى" على اإلبن هُمام الذي غ ِ ُّر َر به دِينيًّا وت َّم تخويفُه من العالم العربي واإلسالمي فلم يُكتب له السفر معنا لزيارة أهله‬ ‫آخرا‪ ،‬نقول كما قال نبيُّنا يعقوب عليه السالم " َي ٰـٓأ َ َ‬
‫وأقاربه في خمس دول (إسبانيا‪ ،‬المغرب‪ ،‬موريتانيا‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬السعودية)‪ ،‬والدراسة لمدة سنة في إحدى أشهر المدارس الثانوية في منطقة الخليج بمدينة العين (المدينة‬
‫ْـر هذا اۡلمر القاضي اۡلمريكي اليهودي ا ِفّي ِليبْ آ ْدلَرْ‬ ‫النظيفة)‪ ،‬وأداء فريضة الحج‪ ،‬واإلنفتاح على بيئات وثقافات شتّى‪ ،‬وبذلك ضاعت عليه فرصة نادرة‪ .‬وقد تولَّى كِـب َ‬
‫أركْ أ ْيبِلْ ‪ .‬ونقول حسبنا هللا ونعم الوكيل‪ ،‬إنا هلل وإنا إليه راجعون‪ ،‬إنك ال تهدي‬ ‫بالتعاون "اإلسالموفوبي ـ العربوفوبي" مع صديقه وزميله المحامي اۡلمريكي المسيحي ِ‬
‫ي منقلب ينقلبون‪.‬‬
‫من أحببت ولكن هللا يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين‪ .‬وسيعلم الذين ظلموا أ ّ‬
‫‪Mohameden Ould-Mey, “Mauritania between the Hammer of Economic Globalization and the Anvil of Multiparty 2‬‬
‫‪Factionalism,” In Yahia Zoubir and Haizam Amirah-Fernández, eds., North Africa: Politics, Region, and the Limits of‬‬
‫‪Transformation, London: Routledge, 2008, pp. 71-89.‬‬
‫‪Mohameden Ould-Mey, Global Restructuring and Peripheral States: The Carrot and the Stick in Mauritania , Lanham, MD: 3‬‬
‫‪Littlefield Adams Books, 1996, page 97.‬‬
‫‪ 4‬خالل عدوانهم الهمجي وال ُمبيَّت على ليبيا وتدميرها لقطع الطريق على اإلتحاد اإلفريقي الذي كان قاب قوسين أو أدنى من انتزاع العضوية الدائمة في مجلس اۡلمن‬
‫الدولي‪ .‬ففي سنة ‪ 2009‬القى معمر القذافي‪--‬بوصفه الرئيس الدوري لإلتحاد اإلفريقي‪ --‬خطابا أمام الجمعية العامة لألمم المتحدة اقترح فيه إصالح نظام اۡلمم المتحدة‪--‬‬
‫وخاصة النظام الغير ديمقراطي لحق النقض الدولي (الفيتو) المحتكر من طرف اۡلعضاء الخمسة الدائمين لمجلس اۡلمن الدولي (الواليات التحدة‪ ،‬المملكة المتحدة‪ ،‬فرنسا‪،‬‬
‫روسيا‪ ،‬الصين)‪ --‬وقال إنه يجب أن توزع مقاعد مجلس اۡلمن الدولي على التكتالت اإلقليمية أو الفضائية مثل اإلتحاد اإلفريقي واإلتحاد اۡلوربي بدل احتكارها من طرف‬
‫الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية‪ .‬فاإلتحاد اإلفريقي كان في طريقه إلي الحصول على مقعد دائم في مجلس اۡلمن الدولي‪ .‬وكان من شأن هذا التطور التاريخي‬
‫أن يمكن اإلتحاد اإلفريقي من استخدام حق النقض لمنع الحروب الظالمة من نوع حرب حلف شمال اۡلطلسي على ليبيا‪ .‬وحتى يثبت العكس‪ ،‬فإن المؤشرات الحالية‬
‫توحي بأن ما يسمى "الربيع العربي" يمثل في اۡلساس فورة غضب وجهل وجوع ركبتها قوة خارجية بالتعاون مع جماعات غوغائية محلية‪ .‬فهو ليس ثورة اجتماعية أو‬
‫سياسية بالمفهوم التاريخي للكلمة‪ ،‬وإنما هو عرض من أعراض اإلنفجار السكاني الكبير الذي تشهده المنطقة‪ ،‬والبطالة المتفشية في صفوف الشباب إثر إصالحات البنك‬
‫الدولي وصندون النقد الدولي‪ ،‬واإلنفالت اإلعالمي في اإلنترنت وفي الفضائيات العربية المحرضة على الفتنة الطائفية‪ ،‬والفوضى السياسية التي ليست لها بُوصلة محددة‬

‫‪2‬‬
‫"اإلسالمي السني" التركي المسالم إلسرائيل قُدوة لهم ويرون في النموذج "اإلسالمي الشيعي" اإليراني‬
‫المقاوم إلسرائيل خطرا عليهم‪ .‬غير أن الهدف الحقيقي من هذه التسميات والشعارات الطائفية هو لفتُ‬
‫اۡلنظار عن الصراع الحقيقي والحرب المفتوحة على المستوى المحلي واإلقليمي والدولي بين المسالمين‬
‫والمقاومين لدولة إسرائيل في فلسطين‪.‬‬

‫وقد اعتمدنا باۡلساس في كتابة هذه اللمحة التاريخية على ما بين أيدينا َ من مخطوطات (ونس ِ ّميها "مكتبات"‪،)5‬‬
‫ومؤلفات منشورة‪ ،‬وروايات شفهية متواترة وصادرة بشكل مباشر أو غير مباشر عن مكتبة أهل محمد بن‬
‫الخراشي من أوالد موسى‪ ،‬ومكتبة أهل سيدي ه ْيبَه من أهل‬ ‫ّ‬ ‫علي‪ ،‬ومكتبة أهل‬‫عبد هللا من أهل الطالب َ‬
‫يعزى من أوالد‬ ‫اسْتيْله‪ ،‬ومكتبة أهل احمدناه من العُبوبات‪ ،‬ومكتبة أهل العالم من الفعاريس‪ ،‬ومكتبة أهل َّ‬
‫ياسين‪ ،‬وكتاب "الساقية الحمراء ووادي الذهب" لمحمد الغربي‪ ،‬و"كتاب قبائل الصحراء المغربية" لحمداتي‬
‫يعزى" ۡلحمد‬‫ماء العينين‪ ،‬وكتاب "الصحراء الغربية" لعلي الشامي‪ ،‬و"كتاب ال َمعزى في مناقب الشيخ أبي ّ‬
‫يعزى الراحل" لمحمد السوسي‪ ،‬و"كتاب اإلستقصا"‬ ‫الصومعي‪ ،‬وكتاب "رسالة المراحل في مناقب أبي ّ‬
‫ۡلحمد الناصري‪ ،‬وكتاب "ال ِعبَر" لعبد الرحمان بن خلدون‪ ،‬وكتاب "بيوتات فاس الكبرى" الذي شارك في‬
‫باب‪ ،‬و"كتاب التكملة" لمحمد فال بن‬ ‫ي َ‬
‫تأليفه اسماعيل ابن اۡلحمر‪ ،‬وكتاب "تاريخ إدَوعيش" للشيخ سيد َّ‬
‫سانية " لمحمد صالح بن عبد الوهاب‪ ،‬و"كتاب اۡلخبار"‬ ‫باب‪ ،‬وكتاب "الحسوة البيسانية في اۡلنساب الح ّ‬
‫َ‬
‫ي‪ ،‬وكتاب "حياة موريتانيا" للمختار بن حامد‪ ،‬وكتاب "الرسالة الغالوية" لسيد محمد‬ ‫لهارون بن الشيخ سيد ّ‬
‫بن سيد المختار الكنتي‪ ،‬وكتاب "رسالة في نسب إدولحاج الشرقيين" لعبد هللا بن سيدي محمود الحاجي‪،‬‬
‫وكتاب "الشيخ محمد اليدالي" تقديم وتحقيق محمذن ولد باباه‪ ،‬وكتاب "المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوي‬
‫ونوازل وأحكام أهل غرب وجنوب الصحراء" ليحيى ولد البراء‪ ،‬وكتاب "صحراء الملثمين" للناني ولد‬
‫الحسين‪ ،‬وكتابي "المجتمع اۡلهلي الموريتاني" و"تاريخ بالد شنكيطي" لحماه هللا ولد السالم‪ ،‬وكتاب "تاريخ‬
‫موريتانيا القديم والوسيط" للحسين بن محنض‪ ،‬وعدد ال بأس به من المؤلفات لل ُكتّاب اإلسبانيين والفرنسيين‬
‫الذين كانت لهم شبكة واسعة من ال ُمخبرين المحليين الذين كانوا يساعدونهم على عملية "استخراج أسرار‬
‫الماضي" (على حد تعبير اسماعيل حامد‪ ،‬ضابط الترجمة الرئيسي لدي قيادة اۡلركان للجيش الفرنسي‪ )6‬من‬
‫سكان البالد خدمة لمصالح اإلحتالل اإلسباني والفرنسي لشمال وغرب إفريقيا‪.‬‬

‫ونرجو أن يُثير هذا المقال تساؤالت بنّاءة ً وأجوبة مفيدة تكون كافية وشافية لتمحيصه وتوسيعه وتعميقه في‬
‫متطوع (أو‬ ‫ِّ‬ ‫المستقبل حتى يصبح كتابا شامال عن قبيلة أوالد حنّين‪ .‬ومما قد يُس ِ ّهل تلك المهمة أن يقوم فرد‬
‫أفراد) من كل بطن من بطون أوالد حنّين بجمع نبذة موجزة مكتوبة (أو مروية شفهيا) ومشتملة على ما ت َ َي َّ‬
‫سر‬
‫المتطوع‬
‫ِّ‬ ‫من المعلومات حول عدد أفراد البطن كذا‪ ،‬و َمواطنه‪ ،‬وشجرته‪ ،‬وتقاليده‪ ،‬وأعالمه‪ .‬بعد ذلك يقوم‬
‫أو فكر متماسك والتي قد يكون مآلها "صوملة" أو "أفغنة" الدول المقاومة إلسرائيل في المنطقة وتحويلها إلى دويالت فاشلة ومتناحرة ومتأثرة في بنيتها اإلجتماعية‬
‫بالتركيبة العرقية والطائفية للنظام العنصري في إسرائيل‪.‬‬
‫‪ 5‬لقد حصلنا على مخطوطات من مكتبة أهل محمد بن عبد هللا (من أهل الطالب علي) ومكتبة أهل الخراشي (من أوالد موسى) ومكتبة أهل احمدناه (من العُبوبات) بواسطة‬
‫ي في "كتاب اۡلخبار‪ ".‬وحصلنا على مخطوطات من مكتبة أهل العالم (من الفعاريس) بواسطة‬ ‫وذكره هارون بن الشيخ سيد ّ‬
‫َ‬ ‫ما نقله ونشره الكتاب اإلسبانيين‪ ،‬وما نقله‬
‫يعزى (من أوالد ياسين) بواسطة امبارك بن يع ّزى الياسيني‬ ‫الدكتورة زهرة فعراس‪ .‬وحصلنا على مخطوطات من مكتبة أهل سيدي ه ْيبَه (من أهل اسْتيْله) ومكتبة أهل َّ‬
‫ومحمد بن سيدي هيبه ‪ .‬وتشمل هذه المخطوطات أشجار نسب‪ ،‬ومراسيم توقير واحترام وحماية‪ ،‬وقصائد من الشعر الفصيح والشعبي‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬ونشكر كل الذين ساهموا‬
‫من قريب أو من بعيد في هذا البحث‪ .‬ونخص بالذكر أولئك الذين كنا على اتصال بهم أثناء كتابة المقال‪ :‬اإلخوة أحمدّ (كناريا) وأحمد (أبو ظبي) ومحمد علي (نواكشوط)‪،‬‬
‫امباركه السالكه بنت يسلم ومحمد بن يسلم (نواكشوط)‪ ،‬سيدي بن محمد مبارك (أطار)‪ ،‬الحمدان بن الخراشي (كناريا)‪ ،‬محمد بن مسكه وسيدي أحمد بن علي موسى‬
‫(مخيمات الالجئين الصحراويين قرب تيندوف)‪ ،‬محمد المصطفى بن محمد ومحمد بن حبيبي (بوجدور)‪ ،‬زهرة فعراس (الطنطان)‪ ،‬محمدّ بن الضيف ويحي بن الضيف‬
‫باب‬
‫(المدينة المنورة)‪ ،‬حميد الحرشاوي (مدينة موالي بوعزة)‪ ،‬موالي أحمد البوعزاوي (مراكش)‪ ،‬محمد بن عبد العزيز (الرباط)‪ ،‬عبد المولى بابي (بوجدور)‪ ،‬أحمد َ‬
‫الخرشي (العيون)‪ ،‬محمد ع ند هللا السليماني اۡلنصاري بوادي نون وابن عمه عبد هللا يوسف بالجزائر‪ ،‬سيدي ابراهيم الخراشي أحمد العبد بإسبانيا‪ ،‬عبد الجليل الجرجاري‬
‫كال من اإلمام أحمد واۡلستاذ محمد علي واۡلستاذة امباركه السالكه والطالب العسكري سيدي واۡلستاذ أحمد باب على القراءة المتأنية‬ ‫الياسيني بمراكش‪ .‬ونخص بالشكر ًّ‬
‫كال من سالم الحاج وفوزي خضر بمكتبة زايد المركزية في مدينة العين‪ ،‬وكذلك منال وباسل وعبد الرحمان والدكتور عز الدين‬ ‫للمقال والمالحظات القيّمة‪ .‬نشكر كذلك ًّ‬
‫بن زغيبة بمركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في مدينة دبي على الخدمات المكتبية الممتازة والمتميزة بالمهنية والتهذيب‪.‬‬
‫‪Ismail Hamid, ed. and tr., Chroniques de la Mauritanie se´ne´galaise. Nacer Eddine. Texte arabe, traduction et notice . Paris : 6‬‬
‫‪E. Leroux, 1911.‬‬

‫‪3‬‬
‫بإرسال النبذة على عنوان البريد اۡللكتروني المكتوب في بداية هذا المقال‪ .‬حينها سوف نقوم بتحقيق ما جاء‬
‫في تلك المراسالت ثم ننتقي ما نراه مناسبا لموضوعنا‪ .‬وسوف يتمحور هذا المقال حول العناوين التالية‪:‬‬
‫(‪َ )1‬مواطن أوالد حـنّـين‪ )2( ،‬بطون أوالد حنّين‪ )3( ،‬نسب أوالد حنّين‪ )4( ،‬أعالم أوالد حنّين‪.‬‬

‫مواطن أوالد حنـــيــن‬

‫ين) من أكبر قبائل الساحل الصحراوي للمحيط‬ ‫قبيلة أوالد َحـ ِنّ ْ‬
‫ـيـن اۡلنصارية (المعروفة بإسم أوالد تِيد َْر ِار ْ‬
‫اۡلطلسي ال ُمقابِل من جهة الجنوب الشرقي للجزر الخالدات المعروفة باسم جزر الكاناري‪ ،‬وتُعتبر من أول‬
‫القبائل العربية التي استوطنت بالد الساقية الحمراء‪ .‬الجد المؤسس للقبيلة هو حـنّـيـن بن ِسرحان الذي التحق‬
‫ُدرسهم القرآن وعلو َمه‪ ،‬وتزوج فيهم‪ ،‬وعقّب إبن ْي ِه‬ ‫بقبيلة كندوز (بكاف معقودة) وهو شيخ صالح‪ ،‬وكان ي ِ ّ‬
‫ار" (أي "رجل الجبل" أو "أبو‬ ‫لقب "تيدرارين" أو "تِيد َْر ْ‬ ‫ابراهيم وع ِلي‪ .‬وبعد التحاقه بكندوز اتخذ حنّين َ‬
‫الجبل")‪ ،‬وذلك نسبةً إلى الجبل أو المنطقة الجبلية التي جاء منها والتي من المتواتر أنه ترك فيها أوالدًا‪.‬‬
‫وليست لدينا اآلن مصادر تؤكد بشكل قاطع موقع الجبل أو الجبال ال َم ْعنِيّة في لقب حنّين (رجل الجبل)‪.‬‬
‫فالروايات واإلستنتاجات المتداولة حتى اآلن حول هذا "الجبل" تذكر "جبل َودَان" في موريتانيا‪ ،‬و "جبل‬
‫واطن‬
‫ِ‬ ‫َودَّان" في ليبيا‪ ،‬و"جبل دَ َر ْن" في المغرب‪ .‬والبحث عن موقع هذا الجبل قد يتطلب معرفةً أعمق ِل َم‬
‫يعزى‪.‬‬ ‫وديار وأوضاع قبيلة كندوز في القرن الخامس الهجري الذي عاش فيه حنّين بن سرحان‪ ،‬جد أبي ّ‬
‫والراجح في الوقت الحاضر أن هذا اللقب هو الذي اشتق منه إسم القبيلة "أوالد تيدرارين"‪ 7.‬وتذكر بعض‬
‫المصادر أن قبيلة أوالد تيدرارين قبيلة قديمة‪ ،‬ولكن تم تأسيس وجودها في الصحراء على مراحل‪ ،‬وأن أول‬
‫"اۡلنصاري" قبل أن يُعرفوا باسم أوالد تيدرارين‪ 8.‬وفي هذه‬ ‫ِ‬ ‫الوافدين منها قدموا إلى الصحراء تحت إسم‬
‫اللمحة التاريخية اخترنا إسم "أوالد حنّين" كمرادف أوسع من تسمية "أوالد تيدرارين"‪ ،‬وذلك لسببيْن‪ .‬أوال‪،‬‬

‫‪ 7‬وممن ذهب إلى أن "تيدرارين" هو لقب حنّين‪ ،‬ويعني حرفيا "رجل الجبل"‪ ،‬اآلنتروبولوجي اۡلمريكي لويد كابوت ابريكس (‪ .)1960‬وممن ذكر أيضا أن "تيدرارين"‬
‫أوريتا وآندرس إيزكييردو بنيتز (‪ ،)1973‬ولكنهم رجّحوا‬ ‫باريو و فرناندو خوردي ّ‬ ‫هو لقب حنّين‪ ،‬ويعني حرفيا "رجل الجبل"‪ ،‬ك ٌّل من الكتّاب اإلسبانيين خوسي آنريكي دل ّ‬
‫أن يكون إسم "أوال د تيدرارين" مشتقا من إسم "تيدرار" وهو إسم لبئر وحديقة في منطقة "آكط عبد هللا" شمال مدينة الطرفاية وجنوب منطقة "تاكار" في الجنوب المغربي‪.‬‬
‫وهذان التأويالن متقاربان‪ .‬فقد يكون حنّين (تيدرار) أو أوالد حنّين سكنوا تلك المنطقة وحفروا بها بئرا وأطلقوا عليه إسم "تيدرار" كما نرى في حاالت كثيرة‪ ،‬مثل "بئر‬
‫يعزى نفسه وجبل درن وبالذات الجبل المعروف‬ ‫كندوز" الذي يحمل إسم قبيلة كندوز‪ .‬من ناحية أخرى يجب أن ال ننسى أن لقب "رجل الجبل" قد يُعيد إلى اۡلذهان الشيخ أبا َّ‬
‫يعزى)‪ .‬لكن يبدو أن الذاكرة الشعبية تهتم‬ ‫إيرو ّكان" والذي جاء منه َعلِي مِن تيدرارين (و َعلِي مِ ن تيدرارين هذا يجتمع فيه معظم القبيلة وهو إبن أبي َّ‬ ‫باسم "آدرار‪-‬ن‪ُ -‬‬
‫بعالقة حنّين بن سرحان بالجبل الذي جاء منه وترك فيه أوالده (ربما في آدرار الجزائرية) أكثر مما تهتم بعالقة َعلي من تيدرارين بالجبل الذي جاء منه وترك فيه إخوته‪.‬‬
‫ار ْن"‪ ،‬وتعريبُه "د ََر ْن"؛ والصيغة اۡلخيرة هي اإلسم المعروف محليا لسلسلة جبال اۡلطلس‪ ،‬وخاصة جبال‬ ‫فالجبل يس ّمي "آدرار" باللهجات العجمية اۡلمازيغية‪ ،‬وجمعُه "إد َْر ِ‬
‫حرفوهُ إلى إسم "أطلس"‪ ،‬وهو اإلسم الذي اشتهر به جبل "درن" لدى اۡلوربيين‬ ‫اۡلطلس الكبير‪ .‬ويُعتقد أن الفينيقيين هم الذين أوصلوا إسم "آدرار" إلى اإلغريق الذين ّ‬
‫وغيرهم‪ ،‬خاصة في العصور الحديثة‪ .‬و"أطلس" هو أيضا إسم الملك اۡلسطوري لموريتانيا (موريتانيا القيصرية وموريتانيا الطنجية) في عهد اإلستعمار الروماني لشمال‬
‫سطف في الشمال‬ ‫إفريقيا‪ .‬وقد ذهب سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني (‪ )1984‬إلى أن "أوالد تيدرارين" قد تعني "أوالد آدراريْن"‪ :‬آدرار التمر وآدرار ّ‬
‫الموريتاني‪ .‬وكلمة "آدرار" ومشتقاتها موجودة على طول وعرض الشمال اإلفريقي‪ ،‬حيث توجد سلسلة جبلية غرب الصحراء الليبية تحمل إسم "تادرارت"‪ ،‬كما توجد‬
‫"تيدرار ْن"‪ ،‬باإلضافة إلى جبل يقع جنوب وهران شمال غرب الجزائر ويحمل إسم "بودرارن‪".‬‬ ‫ِ‬ ‫تالل في والية إيلـِّيزي شرق الجزائر قرب الحدود التونسية الليبية تحمل إسم‬
‫ويشير العقيد ِجستِنار في ترجمته سنة ‪1953‬م لكتاب "الفوائد الجمة بإسناد عُلوم اۡلمة" للفقيه اۡلديب القاضي أبي زيد السيد عبد الرحمان بن محمد الجزولي التَّ َمنارْ تي‬
‫ال َمغافري (ت ‪1060‬هـ‪1650/‬م) إلى "تادّرت ن أيت تيدرارن" في السهل الواقع إلى الشرق من تيزنيت‪.‬‬
‫‪Lloyd Cabot Briggs, Tribes of the Sahara, Cambridge: Harvard University Press, 1960.‬‬
‫‪Ismael Carnero Ruiz, Vocabulario Geografico-Saharico, Consejo superior de investigaciones cientificas, Instituto de estudios‬‬
‫‪africanos, Madrid, 1955.‬‬
‫‪Jose Enrique Alonso Del Barrio, con la collaboracion de Fernado Jorde Urrutia [ y] Andres Izquierdo Benitez, Las Tribus Del‬‬
‫‪Sahara, Servicio de Publicaciones del Gobierno General de Sahara, 1973.‬‬
‫"اۡلطلس الكبير"‪ ،‬معلمة المغرب‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬من انتاج الجمعية الغربية للتأليف والنشر والترجمة‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطابع سال‪ ،1989/1410 ،‬ص ‪.503-497‬‬
‫أحمد بن خالد الناصري‪ ،‬كتاب اإلستقصا ۡلخبار دول المغرب اۡلقصى‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬تحقيق وتعليق اۡلستاذ أحمد الناصري‪ ،‬أشرف على النشر محمد حجي‪ ،‬ابراهيم‬
‫بوطالب‪ ،‬أحمد التوفيق‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واالتصال‪ ،2001 ،‬ص ‪.11‬‬
‫سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ ،‬مخطوط "العارف التقي الشريف الحسني اإلمام بن سيدي المتقي الوداني الموطني [كذا] وبحاشية نبذة موجزة تزيد‬
‫معرفة في تاريخ وادان منذ سالف اۡلزمان‪ ،‬كتاب وثائقي‪ ،‬قام بجمعه ونشره سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ 1405 ،‬هـ‪1984/‬م‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪“Fawaid al Jamma Bi Isnadi ‘ouloum Al Oumma,” Abouzid Sidi Abderrahman Ben Mohammed Le Jazouli, Le Tamanarti, Le‬‬
‫‪Maghafri, Texte arabe du xvii siècle, traduit par Le Colonel Justinard, Chartres [France], Duran Editeur, 1953, page 115.‬‬
‫‪Jose Enrique Alonso Del Barrio, con la collaboracion de Fernado Jorde Urrutia [ y] Andres Izquierdo Benitez, Las Tribus Del 8‬‬
‫‪Sahara, Servicio de Publicaciones del Gobierno General de Sahara, 1973.‬‬

‫‪4‬‬
‫إن "حنّين" هو اإلسم التاريخي لهذا الرجل‪ ،‬بينما "تيدرارين" هو اللقب الذي أط ِلق عليه خالل الفترة الزمنية‬
‫التي توطن فيها قبيلة كندوز‪ .‬ثانيا‪ ،‬إن تسمية "أوالد حنّين" أوسع وأشمل من تسمية "أوالد تيدرارين" ۡلنها‬
‫سوف تضم ك َّل أوال ِد وأحفاد حنّين بن سرحان السابقين والالحقين لفترة التحاقه بقبيلة كندوز‪.‬‬

‫ويستوطن معظم أفراد قبيلة أوالد حنّين اليوم المناطق الممتدة من مدينة ورأس بوجدور على الساحل اۡلطلسي‬
‫صويرة وبالد الشياظمة وم ّجاط وتِ ْيورار ومدينة مراكش‬ ‫وعيون الساقية الحمراء إلى مدينة أكادير ومدينة ال ّ‬
‫وحوزها‪ .‬ولقبيلة أوالد حنّين فروع صغيرة وعائالت هاجرت بشكل متفاوت من الشمال واستوطنت بعض‬
‫َت‪ .‬وتذكر بعض المصادر أن لقبيلة أوالد‬ ‫المناطق الموريتانية مثل نواذيبو والكبلة وآفطوط الشرقى وت َ َكان ْ‬
‫ان الموريتانية‪ ،‬حيث‬ ‫تيدرارين أو بعضهم تاريخا غير بعيد (أواخر القرن الثامن عشر الميالدي) فى مدينة َودَ ْ‬
‫ال تزال بعض اآلثار المنسوبة إليهم قائمة مثل بقايا القلعة أو الحصن المندثر المعروف باسم "قصر أوالد‬
‫تيدرارين"‪ 9‬ومثل آثار بساتين النخيل التي قيل إنه كان منقوش على عيون الماء بها حرف "الدال" وهو الوسم‬
‫الذي يضعه عامة القبيلة على الجانب اۡليمن من رقاب اإلبل ويُستخدم أحيانا ك ُكنية عامة للقبيلة‪ 10.‬هذا دون‬
‫يعزى‪ ،‬المنتشرين في أنحاء‬ ‫ُوعزا ِويّين وغيرهم من أوالد وأحفاد شيخ المغرب‪ ،‬الشيخ أبي ّ‬ ‫إضافة قبائل الب ّ‬
‫البالد المغربية بما في ذلك بلدتهم التاريخية "موالي بوعزة" الواقعة بين خنيفرة والرباط على طريق وادي‬
‫يعزى المعروف‬ ‫زم‪ .‬فمن المعروف أن قبيلة أوالد حنّين وقبائل البوعزاويين يرفعون نسبهم إلى الشيخ أبي ّ‬
‫يعزى إلى أبي دجانة اۡلنصاري‬ ‫اليوم بموالي بوعزة‪ .‬ومن المعروف كذلك أن أوالد حنّين يرفعون نسب أبي ّ‬
‫الخزرجي رضي هللا عنه‪ ،‬بينما يرفع البوعزاويون نسب موالي بوعزة إلى آل البيت الشرفاء‪ .‬ويَعترف ك ٌّل‬
‫يعزى ويحترمونه‪ ،‬وال يؤثر على تعلقهم بجدهم‬ ‫من أوالد حنّين والبوعزاويين بهذا اإلختالف في نسب أبي ّ‬
‫يعزي في ك ّل من موسم أهل الزريبة في‬ ‫وشيخهم‪ .‬ونشاهد هذا التعلق من خالل الحضور الروحي ۡلبي ّ‬
‫الساقية الحمراء وموسم موالي بوعزة في منطقة وادي تاغيا من بالد زيان في جبال اۡلطلس‪ .‬وقد الحظنا‬
‫هذا التسامح واإلحترام المتبادل من كل الذين لقيناهم من البوعزاويين ومن أوالد حنّين أثناء زيارة قمنا بها‬
‫لبلدة موالي بوعزة ومدينة مراكش في صيف ‪2011‬م‪.‬‬

‫‪ 9‬سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ ،‬مخطوط "العار ف التقي الشريف الحسني اإلمام بن سيدي المتقي الوداني الموطني [كذا] وبحاشية نبذة موجزة تزيد‬
‫معرفة في تاريخ وادان منذ سالف اۡلزمان‪ ،‬كتاب وثائقي‪ ،‬قام بجمعه ونشره سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ 1405 ،‬هـ‪1984/‬م‪ ،‬ص ‪Jose Enrique .27‬‬
‫‪Alonso Del Barrio, con la collaboracion de Fernado Jorde Urrutia [ y] Andres Izquierdo Benitez, Las Tribus Del Sahara, Servicio‬‬
‫‪de Publicaciones del Gobierno General de Sahara, 1973. Lloyd Cabot Briggs, Tribes of the Sahara, Cambridge: Harvard University‬‬
‫‪Press, 1960.‬‬
‫‪ 10‬أحيانا يُشار إلى عموم القبيلة ب ُكنية "الدال" كما في مقطع الشعر الشعبي الحساني التالي الذي يُقدِّم من خالله الطيب ولد المحجوب نصيحة إلى عموم القبيلة بعدم الفرقة‬
‫ع أُلَ ْم َوالْ ** ِبي ِه ْم ُم َ‬
‫والنَا غَانِي ُك ْم **‬ ‫لز َرا ْ‬‫ِين أ ُ ْ‬ ‫اس ا ْب ِذ يكْ ْال َحالْ ** أ ُ َال نِ ْبغِيلَكْ ِش َ‬
‫شي ْْن ا ْكبَالْ ** َوشْكالْ إعُو ْد ا ْفدِخلِي ُك ْم ** والدّ ْ‬ ‫والتشتت‪" :‬ما نِب ِْغ تِ ْشتاتَكْ يالدّالْ ** ِكدَّا ْم النَّ ْ‬
‫َاصحْ ك ْمُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫صنتُ ** ذ ال َجاك ْم بِيه انبِيك ْم ** ن ِ‬‫َاكْ‬ ‫ْ‬ ‫ولْ‬
‫س ا َّ‬ ‫الر ُ‬
‫صارْ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫الْ‬ ‫َع ْن لَ ْعبَا ْد أن ْ‬
‫ِط ِفتْ لِحْ َاللْ ** فِي ُك ْم يَ ِّل َال يِ ْخلِي ُك ْم ** ِو ِّل مِ ْن ِرجْ لِي ُك ْم َال َمالْ ** َما َم ال َم ْس َل توذِيك ْم ** يَن َ‬
‫ْ‬
‫شتَّتْ ِرجْ ِلي ُك ْم ** أ ُ َال زَ ي ْْن ا ْعلِي ُك ْم تِشَّتُّ ** ِكدَّا ْم ا ِّل ما يِ ْبغِي ُك ْم‪ ".‬المحجوب ولد الطيب ولد يارا‪ ،‬ديوان المحجوب‪ ،‬جمع‪ :‬اليزيد السالك‪ ،‬تقديم‪:‬‬ ‫ص ْلتُ ** فِيهَ ِو َّ‬ ‫ف ِْمنَي ْْن ا ْف ِ‬
‫لحبيب عيديد‪ ،‬مركز الدراسات الصحراوية‪ ،‬دار أبي رقراق للنشر والطباعة‪ ،‬الرباط‪ ،2014 ،‬ص ‪.29‬‬
‫ويصف باريس في مقال له ( ‪E. Paris, "Recherches sur l’origine des marques de tribus (Feux)," Bulletin de l’IFAN 15(4):1621-1632,‬‬
‫‪ )1953‬العديدَ من أشكال الوسم (عالمة في جسم البعير يُعرف بها) التي تعتمدها القبائل في الصحراء الكبري‪ .‬ويمكن أن نميز شكال يشبه حرف "الدال" العربية لدى بني‬
‫سليمان في منطقة طرابلس بليبيا كما في الشكل (‪ )V‬ويسمي "الشابور"‪ ،‬ولدى أوالد بِ َّل في الحوض الموريتاني كما في الشكل (‪ ،) VI‬ولدى أوالد سليمان في البرابيش‬
‫في شمال مالي كما في الشكلين (‪ V‬و ‪ ) VI‬ويسمي "اركيزه" او "سيْد"‪ ،‬ولدى أوالد غيالن في البرابيش كما في الشكل (‪ )V‬ويس َّمي "شَيبير‪ ،‬شابور الشرق االوسط"‪،‬‬
‫أروان في شمال مالي كما في شكل َو ْسم أوالد ب ّل إال أن اتجاه حرف "الدال" إلى اۡلسفل‪ .‬ويذكر‬ ‫ولدى أهل حماه هللا من شرفاء تيشيت كما في الشكل (‪ ،)IVI‬ولدى أهل َ‬
‫الضابط الفرنسي هانري مارتن أن وسم أهل محمد سالم وأهل سيدي محمد هو "د" (الدال)‪Henri Martin, Les tribus nomades de l'Ouest et du Nord .‬‬
‫‪ .)mauritanien, du Sahara espagnol et du Sud marocain: (confins algéro-marocains), Paris: CHEAM, 1939‬ويذكر ماكميكائيل ( ‪H. A.‬‬
‫‪MacMichael, Brands Used by the Chief Camel-Owning Tribes of Kordofan: A Supplement to The Tribes of Northern and‬‬
‫‪ )Central Kordofan, Cambridge at the University Press, 1913‬أن الوسميْن المسمييْن "أشبور" و"شلقة" (وهما يشبهان حرف "الدال") يوضعان على‬
‫رقاب وخدود وقوائم اإلبل عند قبائل اۡلعراب من الكبابيش وغيرها في كردفان السودان‪ .‬ويقول بول مارتي ( ‪Paul Marty, Étude sur l’Islam et les Tribus‬‬
‫‪ )du Soudan, Tome Premier, Les Kounta de l’East, Les Berabich, les Iguellad, Paris: Éditions Ernest Leroux, 1920‬إن الوسم العام لقبيلة‬
‫البرابيش هو نوع من "الصليب" علي الجانب اۡليمن من رقاب اإلبل‪ ،‬مع أ ن بعض البطون تكتفي بوضع الجزء اۡلعلي من هذا الصليب [وهو على شكل حرف "الدال"]‪.‬‬
‫ص وسم على أنف البعير من جهة اليمين [وهو على شكل حرف "دال" مفتوحة نحو اۡلسفل) وهو وسم قبيلة بني هالل من‬ ‫وجاء في موسوعة "المأمورة" أن المِ قَ ّ‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪" ،‬المأمورة‪ :‬أكبر موسوعة إبل عربية‪ "،‬الجزء الثاني‪ ،‬مركز الوثائق والبحوث‪ ،‬وزارة شؤون الرئاسة‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪5‬‬
‫ونؤكد هنا على أنه من المعروف في المغرب أن البوعزاويين وغيرهم من أوالد وأحفاد الشيخ أبي ّ‬
‫يعزى‬
‫يُعتبرون شرفاء من ذرية آل بيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وذلك على اۡلقل منذ وصول العلويين إلى‬
‫الحكم في المغرب في النصف الثاني من القرن السابع عشر الميالدي‪ .‬فقد كان السلطان المغربي المولي‬
‫اسماعيل يخاطبهم في رسائله بألقاب مثل "موالي" و"أبناء عمنا" و"زاويتنا‪ ".‬وخاطب أحدهم ب "ابن عمنا‬
‫اۡلرضى موالي محمد بن المرحوم بكرم هللا تعالى موالي محمد أحمد الجناوي [سموا بهذا اإلسم ۡلن جدهم‬
‫تزوج اكناوية]"‪ ،‬وذلك في رسالة بتاريخ ‪ 2‬ربيع الثاني سنة ‪ 1118‬هـ‪ 14/‬يونيو ‪1706‬م‪ .‬وخاطبهم السلطان‬
‫يعزى"‪ ،‬وذلك في رسالة بتاريخ ‪ 2‬ذي الحجة ‪1202‬‬ ‫محمد بن عبد هللا بن اسماعيل ب "أوالد سيدي أبي ّ‬
‫هـ‪ 23/‬سبتمبر ‪ 1788‬م‪ .‬وخاطبهم السلطان عبد الرحمان بن هشام ب "المرابطين إلى الولي اۡلكام سيدي‬
‫يعزى نفعنا هللا به"‪ ،‬وذلك في رسالة بتاريخ ‪ 19‬صفر ‪ 1241‬هـ‪ 30/‬اكتوبر ‪ 1825‬م‪ .‬وخاطبهم السلطان‬ ‫أبي ّ‬
‫محمد بن عبد الرحمان ب "المرابطين اۡلجلة حفدة الولي الصالح الشهير سيدي أبي ّ‬
‫يعزى نفعنا هللا به‪...‬‬
‫رعيا لنسبهم للولي المذكور العارف باهلل المشهور"‪ ،‬وذلك في رسالة بتاريخ ‪ 2‬جمادى اۡلولي ‪ 1287‬هـ‪31/‬‬
‫يعزى دفين‬‫يوليو ‪ 1870‬م‪ .‬وخاطبهم السلطان محمد بن عبد الرحمان ب "حفدة الولي اۡلكبر سيدي أبي ّ‬
‫تاغيا المعروفين باالكناويين"‪ ،‬وذلك في رسالة بتاريخ ‪ 7‬جمادي اۡلولي سنة ‪ 1289‬هـ‪ 13/‬يوليو ‪ 1872‬م‪.‬‬
‫يعزى"‪ ،‬وذلك في رسالة‬ ‫وخاطبهم السلطان الحسن بن محمد ب "الكناويين من حفدة الشيخ الولي سيدي أبي ّ‬
‫بتاريخ ‪ 22‬رمضان ‪ 1296‬هـ‪ 9/‬اسبتمبر ‪ 1879‬م‪ .‬ويقول فِكتور لوبنياك إن هذه الرسائل الستة هي التي‬
‫كانت في "حالة مقبولة" واستطاع هو وأعوانُه قراءتها وتحقيقها من أصل أحد عشر رسالة بحوزة الحاج‬
‫أحمد الكناوي‪ ،‬وهو أبرز شخصية آنذاك في بطن الكناويين الذين يقولون إنهم من ذرية أبي يعزي هم وأهل‬
‫الشيخ وعوام من المهاجرين‪ .‬وهي رسائل من السالطين العلويين (من موالي اسماعيل إلى موالي الحسن)‬
‫‪11‬‬
‫موجهة إلى الوالة أو إلى السكان مباشرة‪.‬‬

‫ويقول محمد السوسي‪ ،‬إمام وخطيب ومرشد المسجد العتيق بالزاوية البوعزاوية لمدة أربعة عشر عاما‪ ،‬إن‬
‫يعزى َمواطن اليوم في موالي بوعزة وسال ومراكش وفاس والشاوية وزعير‬ ‫ۡلوالد وأحفاد الشيخ أبي ّ‬
‫والصحراء وغيرها من النواحي‪ .‬ويرى أن القاطنين منهم حاليا في قرية موالي بوعزة ليسوا كلهم أوالده‪،‬‬
‫وإنما اندمجوا في البوعزاويين وعاشروهم بواسطة المساكنة والمصاهرة وربما ساقهم إلى اإلحتماء بحمى‬
‫الشرفاء البوعزاويين الرغبة في العيش معهم واإلستفادة من اإلنتساب إليهم إذ من عادة القبائل المغربية أن‬
‫ينحاز بعض أفرادها إلى قبيلة معينة لها وزن وشرف تمتاز بهما بين القبائل اۡلخري لتدفع عنهم ظلم‬
‫المعتدين‪ ،‬ومن أجل ذلك اختلطت بعض القبائل بالبوعزاويين‪ ،‬وهذه العادة منتشرة بين القبائل اۡلخرى‪.‬‬
‫ويضيف محمد السوسي أنه يوجد نوع آخر من اإلندماج لدى أهل المغرب وغيرهم من القبائل العربية على‬
‫غرار ما فعله رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بالمهاجرين واۡلنصار حين آخى بينهم‪ .‬واۡلندماج المذكور هو‬
‫أن يأتي شخص فيذبح ذبيحة على شخص معين أو على فخذ معين أو قبيلة معينة ليصبح فردا من أفرادها له‬
‫ما لهم وعليه ما عليهم‪ ،‬وبالتخلق بأفعالهم كأنه فرد منهم حيث يشعر أنه ليس غريبا‪ .‬ويقول إن أهل بلدة‬
‫موالي بوعزة ينقسمون إلى أربعة أفخاذ‪ ،‬وهم‪ )1( :‬البوعزاويون‪ )2( ،‬أيت الشيخ‪ )3( ،‬أيت عزوز‪)4( ،‬‬
‫يعزى منتشرون في كل ناحية من أنحاء‬ ‫العوام‪ .‬وال يخفى على ذوي المعرفة التاريخية أن أحفاد الشيخ أبي ّ‬
‫البالد المغربية‪ .‬ويؤكد محمد السوسي على النسب الشريف للبوعزاويين قائال‪" :‬وال ننسي أن البوعزاويين‬
‫يعزى‪ ،‬الشيخ محمد بن الحاج الطيبي بن أحمد الكناوي المدفون بمراكش‬ ‫الذين ينتسبون إلى حفيد الشيخ أبي ّ‬
‫يعزى وعليها طابع المولي الشريف‪ :‬لهذا بادرنا إلى‬ ‫الحمراء يحملون شجرة مشتملة على نسب جدهم أبي ّ‬
‫إثباتها ضمن السلسلة التي تنتمي إليها النسبة البوعزاوية‪ ".‬ويقول عبد هللا العوينة إن سكان جماعة موالي‬
‫‪12‬‬

‫‪Victor Loubignac, Un saint berbère: Moulay ben Azza, histoire et légende, Hesp éris: archives berbères et bulletin de l'Institut 11‬‬
‫‪des hautes-études marocaines 31, 1944, pp. 15-34.‬‬
‫‪ 12‬محمد احداد االنفكي المجاطي السوسي‪" ،‬رسالة المراحل في مناقب أبي ّ‬
‫يعزى الراحل‪ ،‬المطبعة الرئيسية‪.2000 ،‬‬

‫‪6‬‬
‫سو ِسن‪ ،‬التي تضم ستة‬
‫بوعزة كانوا يزيدون على ‪ 25000‬نسمة سنة ‪1992‬م‪ ،‬وأنهم ينتمون إلى قبيلة بُوحْ ُ‬
‫أفخاذ‪ ،‬أربعة منها من أصل بربري‪ ،‬وإثنان من أصل عربي‪ ،‬وهما‪ :‬البوعزاويون والمباركيون‪ .‬ويذكر‬
‫‪13‬‬

‫محمد حجي أن البوعزاويين موجودون في البوادي والمدن‪ ،‬وبخاصة فاس وسال‪ ،‬وأنهم "ذوو مروءة‬
‫‪14‬‬
‫واستقامة‪ ،‬وفيهم فقهاء وعدول وتجار وحرفيون‪".‬‬

‫وفي إطار هذا البحث قمنا (أنا وشقيقي اۡلستاذ محمد علي) بزيارة لزاوية موالي بوعزة بإقليم خنيفرة يوم‬
‫تعرفنا على أربعة رجال هم مقدَّمو الزاوية‬
‫ليلتي الجمعة والسبت‪ .‬وقد ّ‬
‫ْ‬ ‫الخميس ‪ 30‬يونيو ‪ ،2011‬حيث بتنا‬
‫وتعرفنا كذلك‬
‫ّ‬ ‫المكلفون بإدارتها‪ :‬حميد الحرشاوي ولكبير العسراوي والشرقي الصدراوي وعباس بالعربي‪.‬‬
‫على إمام وخطيب مسجد جماعة موالي بوعزة‪ ،‬واسمه عمر أيت قاسي‪ .‬وكانوا كلهم طيبين ومتفهمين‬
‫لمهمتنا‪ .‬وتناولنا معهم طعام العشاء وناقشنا أمورا عامة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫يعزى إلى آل‬‫أوال‪ :‬ضرورة اعتراف ك ّل من أوالد حنّين والبوعزاويين بأن اختالفَهم حول نسب الشيخ أبي ّ‬
‫البيت أو إلى اۡلنصار ال يجب أن يُؤثر على عالقاتهم وتسامحهم فيما بينهم وتعلقهم المشترك ب َجدّهم وشيخهم‪.‬‬
‫ي للت ّ ّ‬
‫عرف‬ ‫بعض الجهد المعرف ّ‬
‫َ‬ ‫ومما يساعد على ذلك أن يُبحث هذا الموضوع بهدوء‪ ،‬وأن يبذل كل طرف‬
‫على الطرف اآلخر‪ ،‬وخاصة من خالل قراءة ودراسة هذه النبذة التاريخية والمساهمة الجادة في تمحيصها‬
‫وتوسيعها وتعميقها لتكون كتابا شامال للجميع‪.‬‬

‫يعزى (مارس—إبريل) إلى موسم ثقافي ديني‪ ،‬بعيدا عن‬ ‫ثانيا‪ :‬دراسة إمكانية تطوير موسم زيارة الشيخ أبي ّ‬
‫كل ما قد يصفه البعض (بحق أو بغير حق) بالشعوذة والدروشة والشرك‪ ،‬وكلها منافية قلبا وقالبا لروح‬
‫الصوفية البوعزاوية المؤسسة على أسمى معاني التوحيد باهلل سبحانه وتعالى‪ .‬وهذا يحتاج إلى دراسة شرعية‬
‫وثقافية ولُ ِ‬
‫وج ْستِيّة (المتعلقة بأمور التخطيط واإلدارة والتموين)‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإلهتمام بالتكوين الشرعي والمهني لمزيد من اۡلئمة والدعاة البوعزاويين المؤهلين والقادرين على‬
‫التصدي للتحديات المذكورة أعاله والتغلب عليها بالتي هي أحسن‪ .‬وهذا يتطلب التمسك بالكتاب والسنة مع‬
‫حدّ أدنى من اإلنفتاح على مذاهب وعقائد وديانات اآلخرين للتمكن من اإلستقامة والتوازن في عصر‬
‫التحوالت الكبيرة والمعلومات الغزيرة والمواصالت السريعة‪.‬‬
‫ّ‬

‫رابعا‪ :‬ربط عالقات أوسع وأعمق بين (‪ )1‬البوعزاويين في موالي بوعزة‪ )2( ،‬وأهل الطريقة البوعزاوية‬
‫في مراكش‪ )3( ،‬وزاوية أهل الزريبة في الساقية الحمراء‪ .‬وقد تكون أول خطوة في هذا االتجاه هي تبادل‬
‫ي طرف‪.‬‬ ‫الزيارات أثناء مواسم الزيارات المعروفة والمعلن عنها من أ ّ‬

‫يعزى (المتوفى سنة ‪572‬هـ‪1175/‬م) لدى الهيئات الحكومية‬ ‫خامسا‪ :‬تسجيل تراث وآثار الشيخ أبي ّ‬
‫المسؤولة عن التراث الوطني واۡلوقاف اإلسالمية‪ ،‬وذلك تمهيدا لتسجيلها لدى منظمة اۡلمم المتحدة للتربية‬
‫والعلم والثقافة‪ ،‬واعتبارها جزءا من التراث الوطني واإلنساني الذي يستوجب العناية والحماية‪ .‬وهذا يتطلب‬
‫قدرا من الدراسة والتنسيق بين كل اۡلطراف المعنية على المستوى البوعزاوي وعلى المستوى الحكومي‪.‬‬ ‫ً‬

‫أن أبا يعزى "يتّس ُع" للجميع‪ ،‬سواء كانوا من البوعزاويين أو من أوالد حنّين أو من‬
‫سادسا‪ :‬التفكير مليًّا في ّ‬
‫غيرهم‪ .‬فقد كان أبو ّ‬
‫يعزى وليا من أولياء هللا الصالحين الذين آمنوا وكانوا يتقون‪ .‬وعلى هذا اۡلساس فهو‬
‫عبد هللا العوينة‪" ،‬بوعزة"‪ ،‬معلمة المغرب‪ ،‬الجزء ‪ ،6‬مطابع سال‪ ،‬الرباط‪ ،1992/1413 ،‬ص ‪.1793-1791‬‬ ‫‪13‬‬

‫محمد حجي‪" ،‬البوعزاوي"‪ ،‬معلمة المغرب‪ ،‬الجزء ‪ ،6‬مطابع سال‪ ،‬الرباط‪ ،1992/1413 ،‬ص ‪.1788‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪7‬‬
‫جد الصالحين وبريء من الطالحين‪ .‬وللتأكد من ذلك ما علينا سوى إلقا ُء نظرة تأ ّملية على التنوع البديع‬
‫سكان ُ‬
‫وز ّوار بلدة موالي بوعزة‪.‬‬ ‫ل ُ‬

‫يعزى على المستويين المحلي والدولي‪ ،‬وذلك على‬ ‫سابعا‪ :‬العمل المشترك على إعادة إحياء ثقافة الشيخ أبي ّ‬
‫أساس نموذج استقامته في اتباع كتاب هللا وسنة رسوله‪ ،‬وتصوفه الجاد في ربط الشريعة بالحقيقة والظاهر‬
‫وريادته في قضايا كبيرة ته ُّم العالم المعاصر‪ ،‬مثل جهاد النفس وتربيتها‪ ،‬وصداقة البيئة والحفاظ‬
‫بالباطن‪ِ ،‬‬
‫ضى ثالثا وأربعين عاما من عمره وهو يتأمل ملكوت السماوات واۡلرض‬ ‫عليها‪ .‬ومن ذلك أن أبا ّ‬
‫يعزى ق َ‬
‫ويتجول في البراري والسواحل والجبال مفترشا اۡلرض وملتحفا السماء‪ ،‬ال يأوي إلى معمور حتى اسودّ لونه‬ ‫ّ‬
‫وتشققت قدماه‪ ،‬قبل أن يستقر ويبني مسجده في منطقة جبل درن ويعكف على تربية الصالحين من خالل‬
‫تجربته الميدانية في التأمل والسياحة والعبادة والتصوف‪ .‬ومما ُروي عنه في تمسكه بالتجربة الميدانية قوله‪:‬‬
‫يعزى عن "المعرفة" في‬ ‫"أنفع الكالم‪ :‬ما كان إشارة عن مشاهدة أو إخبارا عن شهود‪ 15".‬ويقول الشيخ أبو ّ‬
‫مغيب‪ ...‬المعرفة شمس‬‫ُ‬ ‫ب وشمس القلوب ليس لها‬ ‫تغر ُ‬
‫رسالته "رسالة التصوف"‪" :‬شمس النهار بالليل ُ‬
‫وعند ظهور الشمس ال ُحكم للنجم ۡلن معرفة الحق شهودُهُ وشهودُهُ ال يكون معه غيرهُ إذ محا ٌل ۡلن تشهدَهُ‬
‫ضعف والمعرفة علم وضدها جهل والمعرفة حياة وضدها ممات‬ ‫وتشهدَ معه سواهُ‪ ...‬المعرفة قوة وضدها َ‬
‫والمعرفة شمس وضدها ظـُلمة والمعرفة قدرة باهلل وضدها عجز‪ .‬وهذه اۡلوصاف مهما ظهر أحدها بطل‬
‫‪16‬‬
‫اآلخر‪".‬‬

‫وأثناء زيارتنا لمسجد موالي بوعزة سمح لنا مقدّمو الزاوية‪ ،‬مشكورين‪ ،‬بتصوير القبة الرائعة التي انتهى‬
‫السلطان موالي إسماعيل من بنائها على ضريح الشيخ أبي يعزى سنة ‪1102‬هـ‪1691-1690/‬م‪ ،‬والتي يُقال‬
‫قررنا زيارة بعض‬ ‫إنه أمر بإعادة بنائها سبع مرات قبل أن يصل البناء إلى الشكل الذي يرضى عنه‪ .‬وعندما ّ‬
‫يعزى في الجبل أرسل معنا مقدَّمو الزاوية رجال إسمه بوشعيب ومعه صديق له‪ ،‬وهما اللذان ّ‬
‫دالنا‬ ‫آثار أبي ّ‬
‫مشيًا على اۡلقدام—عبر وادي تاغية العميق وجباله الوعرة—على مكان آثار خرائب "الخلوة" التي كان‬
‫الشيخ أبو يعزى يتعبّد فيها منقطعا عن الناس في بعض اۡلوقات‪ .‬وفي طريقنا إلى "الخلوة" الحظنا الغياب‬
‫التام ۡلي بنية تحتية أساسية أو تجهيزات مدنية (من طرق‪ ،‬نقل‪ ،‬ماء‪ ،‬مأوى‪ ،‬الخ) قد تساعد حتى "أولي‬
‫العزم" من الزوار على الوصول إلى هذا المكان التاريخي الذي يعود إلى أكثر من ‪ 800‬سنة‪ .‬فمن الواضح‬
‫أن الطريق بين المسجد والخلوة ما زال كما كان أيام أبي ّ‬
‫يعزى‪.‬‬

‫وبعد عودتنا من بلدة موالي بوعزة قمنا بزيارة الزاوية البوعزاوية الواقعة بين سيدي بلعباس وسيدي غانم‬
‫بمدينة مراكش‪ ،‬حيث التقينا بالشاب موالي أحمد الذي قال لنا إن والده الشيخ الحاج موالي المختار‬
‫البوعزاوي هو المقدّم الحالي للطريقة البوعزاوية في مراكش وأنه يوجد خارج المدينة في إطار رحلة أو‬
‫زيارة‪ .‬وقد ر ّحب بنا موالي أحمد‪ ،‬وكان شابا ذا أدب وتهذيب‪ ،‬وسمح لنا‪ ،‬مشكورا‪ ،‬بالتقاط صور من‬
‫أضرحة أجداده داخل مباني الزاوية ومن شجرة نسب البوعزاويين وهي منقوشة على لوحة رخامية جميلة‪.‬‬
‫وحصلنا على نسخة من رسالة جامعية مؤلفة عن الزاوية البوعزاوية في مراكش‪ .‬بعد ذلك صح َبنا موالي‬
‫عر ْفناهُ على بعض رجال أوالد ياسين من أوالد حنّين (ومنهم الجياللي بن‬
‫أحمد إلى السوق بمراكش حيث َّ‬
‫امبارك الياسيني) الذين يملكون بعض المحالت التجارية المتخصصة في جلب مواد الصناعة التقليدية من‬
‫شتى بقاع الصحراء الكبرى وبيعها للسواح الذين يتقاطرون باستمرار على مراكش‪ .‬ويُذكر أن أهل الزاوية‬

‫‪" 15‬سلوة اۡلنفاس ومحادثة اۡل كياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس‪ "،‬تأليف شيخ اإلسالم الشريف أبي عبد هللا محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني [‪،]1345-1274‬‬
‫الجزء اۡلول‪ ،‬تحقيق عبد هللا الكامل الكتاني‪ ،‬حمزة بن محمد الطيب الكتاني‪ ،‬محمد حمزة بن علي الكتاني‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2004 ،‬ص ‪.189-186‬‬
‫‪The Way of Abu Madyan: Doctrinal and Poetic Works of Abu Madyan Shuayb ibn al-Husayn al-Ansari c. 509/115-116— 16‬‬
‫‪594/1198, edited and translated with introduction and notes by Vincent J. Cornell, The Islamic Texts Society, Golden Palm‬‬
‫‪Series, 1996.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪17‬‬
‫البوعزاوية في مراكش لعبوا دورا هاما في مقاومة اإلستعمار الفرنسي للمغرب‪ ،‬وربما دفعوا ثمنا لذلك‪.‬‬
‫وبخصوص الزاوية اۡلولى والزاوية الثانية تقول رئيسة رابطة الطريقة البوعزاوية عائشة البوعزاوي والتي‬
‫تحضر أطروحة دكتوراه حول "دور الفكر الصوفي في نشر ثقافة التسامح"‪" :‬علينا أن نفرق بين الزاوية‬
‫البوعزاوية اۡلولى الموجودة في اۡلطلس المغربي بالقرب من مدينة الخنيفرة والتي تضم ضريح أبي يعزي‬
‫والثانية الموجودة بمراكش التي تضم ضريح حفيده الشيخ محمد بن الطيب البوعزاوي‪ ،‬وعليه الزاوية‬
‫البوعزاوية هي طريقة أصيلة‪ ،‬ليست مختلطة بطريقة أخرى‪ ،‬وال تعد امتدادا للشاذلية أو غيرها‪ ،‬وإنما هي‬
‫طريقة مباشرة من الشيخ أبي يعزي لدينا ورد ووظيفة للعوام وأخرى خاصة‪ ،‬وهناك أيضا قصيدة السيف‬
‫لصاحبها الشيح محمد بن الطيب البوعزاوي التي تشكل الفرق في اختتام الورد والوظيفة‪ .‬وهذه القصيدة‬
‫‪18‬‬
‫مميزة جدا وهامة من القيمة المعرفية والصوفية لدى أهل الطريقة‪".‬‬

‫ويزعم بعض الفرنسيين أن اهتمام العلويين بالزاوية البوعزاوية جاء أصال في إطار صراع العلويين مع‬
‫الزاوية الدالئية الصنهاجية التي تقع على بعد ‪ 100‬كلم من موالي بوعزة‪ ،‬والتي كان شيخها سيد محمد الحاج‬
‫هو السلطان الفعلي للمغرب شمال اۡلطلس وصاحب نفوذ كبير على الشيوخ الروحيين والقادة العسكريين‬
‫لقبائل اۡلطلس المتوسط وشرقي اۡلطلس الكبير‪ .‬وكان الدالئيون قد هزموا العلويين في بداية أمرهم سنة‬
‫يعول على‬ ‫‪1646‬م عندما افتتحوا سجلماسا وفعلوا فيها "اۡلفاعيل العظيمة‪ 19".‬ولم يكن موالي رشيد العلوي ّ‬
‫القوة العسكرية وحدها لهزيمة الزاوية الدالئية‪ 20.‬وقد انتهت المرحلة اۡلولى من هذا الصراع بمعركة بطن‬
‫واد الرمان الفاصلة بين الدالئيين والعلويين في أوائل سنة ‪1079‬هـ‪1668/‬م‪ ،‬حيث انهزم الدالئيون وتبعهم‬
‫الرشيد إلى أن نزل على أبواب مدينة الدالء فبايعوه ودفعوا له بعض المال ومكث الرشيد في الدالء شهرا‬
‫ونصف شهر من ‪ 8‬محرم إلى ‪ 22‬صفر ‪1079‬هـ‪ 17/‬يونيو إلى ‪ 30‬يوليو ‪1668‬م‪ .‬ويقول محمد حجي إن‬
‫الرشيد "استولى على ما كان في عاصمة الدالئيين من مال وذخيرة وخيل وسالح‪ ،‬وأخذ ما في الخزائن من‬
‫الكتب والوثائق‪ ،‬وما في الحظائر من الماشية والدواب‪ ،‬ولم يترك للدالئيين إال ما ال غنى لهم عنه‪ ،‬وأمرهم‬
‫بالرحيل إلى فاس‪ ،‬ثم أعمل المعاول والفؤوس في مباني المدينة‪ ،‬وهدم ما استطاع أن يهدمه منها وتركها‬
‫خرابا موحشة‪ .‬ثم صعد إلى الزاوية القديمة وفعل بها ما فعل بالزاوية الحديثة‪ .‬وكانت مبانيها أقل متانة‬
‫وصالبة‪ ،‬فهدمها كلها وطمس معالمها‪ ،‬وتركها قاعا صفصفا كأن لم تغنَ باۡلمس‪ ،‬ولم يترك منها إال القبتين‬
‫المشيدتين على ضريح الشيخ أبي بكر الدالئي وابنه محمد في جوف المسجد‪ 21 ".‬بعد هذا ب ِعقد من الزمن ثار‬
‫أحمد الدالئي على السلطان اسماعيل حيث دخل المغرب في أوائل ‪ 1677/1088‬وقصد الدالء وهناك التفّت‬
‫حوله قبائل اۡلطلس المتوسط وهزموا المخازنية ومن معهم من اۡلعراب المناصرين للعلويين‪ .‬وبعث‬
‫السلطان اسماعيل بجيش من ثالثة آالف فارس فهزمه أحمد الدالئي ونهب محلته وخيله‪ ،‬ثم بعث السلطان‬
‫بمحلة أخري ولقيت نفس المصير‪ .‬بعد ذلك جهز السلطان حملة أكبر وزحف إلى الدالئيين في ‪ 5‬صفر‬
‫‪1089‬هـ‪ 30/‬مارس ‪1678‬م وانتصر عليهم بعد أن مات من رماة فاس ‪ 400‬ومن الدالئيين ‪ ،3000‬ثم أمر‬

‫‪Gaston Deverdun, Marrakech des Origines à 1912, Volume 1, Rabat: Editions Techniques Nord -Africaines, 1959, page 271, 17‬‬
‫‪576.‬‬
‫عالل الخديمي‪" ،‬البوعزاوي‪ ،‬محمد بن الطيب"‪ ،‬معلمة المغرب‪ ،‬الجزء ‪ ،6‬مطابع سال‪ ،‬الرباط‪ ،1992/1413 ،‬ص ‪.1790-1789‬‬
‫‪ 18‬رئيسة رابطة الطريقة البوعزاوية عائشة البوعزاوي لـ"الفجر الثقافي"‪ :‬ثقافة التسامح الصوفية هي ربيع اۡلمة العربية‪ ،‬حاورتها‪ :‬هاجر قويدري‪ ،‬الفجرــ يومية‬
‫جزائرية مستقلة‪ 30 ،‬يناير ‪2012‬م‪http://www.al-fadjr.com/ar/culture/204235.html ،‬‬
‫‪ 19‬أحمد بن خالد الناصري‪ ،‬كتاب اإلستقصا ۡلخبار دول المغرب اۡلقصى‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬تحقيق وتعليق اۡلستاذ أحمد الناصري‪ ،‬أشرف على النشر محمد حجي‪،‬‬
‫ابراهيم بوطالب‪ ،‬أحمد التوفيق‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واالتصال‪ ،2001 ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪Victor Loubignac, Un saint berbère: Moulay ben Azza, histoire et légende, Hespéris: archives berbères et bulletin de l'Institut 20‬‬
‫‪des hautes-études marocaines 31, 1944, pp. 15-34.‬‬
‫‪D. Jacques-Meunié, Le Maroc Saharien du XVIe Siècle à 1670, Volume 2, Librairie Klincksieck, 1982, pages 719-720.‬‬
‫‪ 21‬محمد حجي‪ ،‬الزاوية الدالئية ودورها الديني والعلمي والسياسي‪ ،‬طبعة ثانية موسعة ومنقحة‪1409 ،‬هـ‪1988/‬م‪ ،‬ص ‪252‬ـ‪.254‬‬

‫‪9‬‬
‫السلطان أن ت ُق َ‬
‫طع رؤوس ‪ 700‬منهم وبعث بها إلى فاس‪ .‬وعندها لجأ أحمد الدالئي إلى جبال أيت يسري‬
‫‪22‬‬
‫الوعرة في اۡلطلس المتوسط إلى أن توفي بتاريخ ‪ 21‬محرم ‪ 23/1091‬فبراير‪.1680‬‬

‫وحول سياسة السلطان المولى إسماعيل المتمثلة في تشييد اۡلضرحة الفخمة على قبور اۡلولياء الصالحين من‬
‫يعزى ومن ِحهم وذريت َهم ظهائر التوقير واإلحترام والتحرير من الوظائف المخزنية كما‬ ‫أمثال الشيخ أبي ّ‬
‫سنرى الحقا في موضوع أوالد حنّين‪ ،‬يقول محمد الناصري‪" :‬واتخذ المولى إسماعيل لتثبيت قواعد السياسة‬
‫التي اختطها المولى الرشيد تدابير اقتضتها مجاراة الرأي العام‪ ،‬والتقرب إلى العامة‪ ،‬فشيد اۡلضرحة الفخمة‬
‫على قبور الصالحين‪ ،‬وجرى على سنن الملوك السعديين في زيارتها‪ ،‬وتقديم الذبائح لها‪ ،‬وأغضى عن إقامة‬
‫المواسم الشعبية لها‪ ،‬وتألف الشيوخ الصادقين بالتكريم وذريتهم بمنحهم ظهائر التحرير من الوظائف‬
‫المخزنية والتوقير واإلحترام‪ .‬ولم يتعرض لهم في الجوالن لجمع الفتوحات والزيارات في الحواضر‬
‫والبوادي‪ .‬وأغدق العطايا على أتباع الصلحاء‪ ،‬وجعل من جميع من ذُكر طبقة قوية يعتمد عليها العرش‬
‫العلوي في الوفاء واإلخالص‪ ،‬وتستند لها الدولة في حل اۡلزمات التي تعرض‪ ،‬ويكون لها بها معرفة‬
‫واختصاص‪ ،‬من السعي في إصالح ذات البين بين القبائل‪ ،‬والتدخل بالشفاعات بين اۡلقارب المتشاحنين‪،‬‬
‫وتسوية ما يقطع الرحم من المشاكل‪ ،‬وغير ذلك من المسائل‪ .‬وضبَط هذه اإلمتيازات الممنوحة لتلك الطبقة‪،‬‬
‫حظ له فيها شرعا؛ ونصب العلماء للمحافظة على العقيدة الصحيحة‬ ‫وأحاطها بالحذر واإلحتياط‪ ،‬لتمييز من ال ّ‬
‫اإلسالمية‪ ،‬على مذهب اۡلشعري‪ ،‬والدفاع عن مذهب مالك؛ وألزم القضاة بالجري عليه في أحكامهم‪ ،‬وبسط‬
‫يدهم في محاكمة المتصوفة ذوي المقاالت‪ ،‬وأرباب اۡلحوال المخالفة لظاهر الشريعة‪ .‬وقد نجحت هذه‬
‫السياسة الرشيدة نجاحا باهرا في القضاء على الفوضى التي تخبَّط المغرب فيها منذ وفاة المنصور السعدي‬
‫إلى والية المولى الرشيد‪ ،‬نحو السبعين سنة‪ .‬فاستكمل المغرب وحدته على عهد المولى اسماعيل واستتب‬
‫‪23‬‬
‫اۡلمن فيه‪ ،‬من حدوده البحرية الشمالية والغربية إلى تخوم البالد السودانية‪".‬‬

‫وبعد الحديث عن مواطن بعض البوعزاويين الذين لقيناهم‪ ،‬نعود إلى حديثنا عن ديار ومواطن أوالد حنّين في‬
‫الساقية الحمراء وغيرها‪ .‬فقد الحظ محمد الغربي في كتابه "الساقية الحمراء ووادي الذهب" أن أوالد حنّين‬
‫متمسكون بمواطنهم منذ ال ِقدم و"ال يغيّرون أماكن سكناهم إال نادرا‪ .‬ولذلك فإن منطقة (بوجدور) تعتبر‬
‫موطنا لهم منذ عهد بعيد‪ ...‬ويتميزون بميزة خاصة وهي طول أعمارهم‪ ،‬ومنذ عهد قريب مات أحد أعيانهم‬
‫(محمد بن البشير بابي[‪ )]24‬عن سن تناهز ‪ 130‬سنة‪ 25".‬وربما تعود هذه الميزة إلى أن أرض أوالد حنّين‬
‫كانت من أغنى مناطق الساحل زراعة ورعيا وصيدا‪ ،‬مما أدى الحقا إلى تكالب القبائل اۡلخرى عليها‪ .‬ومما‬
‫يميزهم أيضا ارتباطهم القوي بأرضهم‪ ،‬وكذلك "بحثهم عن الحالل وهروبهم من الحرام وانزواؤهم على‬
‫أنفسهم‪ 26".‬وقد جاء في إحصائيات وتقديرات الحكومة اإلستعمارية اإلسبانية ما يُظهر أن معدل أعمار أفراد‬
‫قبيلة أوالد حـنّـين أعلى من معدل أعمار جيرانهم من القبائل اۡلخرى في أوائل السبعينات من القرن العشرين‪،‬‬
‫أعمارهم على ‪ 75‬سنة تُمثـ ُل ‪ 1.77‬من قبيلة أوالد حـنّـين‪ 1.58 ،‬من قبيلة‬
‫ُ‬ ‫حيث ّ‬
‫أن النسبة المئوية للذين تزيد‬
‫العروسيين‪ 1.39 ،‬من قبيلة الزركيين‪ 1.36 ،‬من قبيلة أيت لحسن‪ 1.25 ،‬من قبيلة اركيبات الشرق‪0.97 ،‬‬
‫من قبيلة اركيبات الساحل‪ 0.31 ،‬من قبيلة أوالد الدليم‪ 27.‬ويقول الدكتور حمداتي ماء العينين إن أوالد حنّين‬

‫‪ 22‬محمد حجي‪ ،‬الزاوية الدالئية ودورها الديني والعلمي والسياسي‪ ،‬طبعة ثانية موسعة ومنقحة‪1409 ،‬هـ‪1988/‬م‪ ،‬ص ‪261‬ـ‪.263‬‬
‫‪ 23‬أحمد بن خالد الناصري‪ ،‬كتاب اإلستقصا ۡلخبار دول المغرب اۡلقصى‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬تحقيق وتعليق اۡلستاذ أحمد الناصري‪ ،‬أشرف على النشر محمد حجي‪،‬‬
‫ابراهيم بوطالب‪ ،‬أحمد التوفيق‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واالتصال‪ ،2001 ،‬ص ‪141‬؛ (محمد الناصري في مخطوط "تصحيح الصفحة اۡلولى من تاريخ المغرب‬
‫الكبير")‪.‬‬
‫ّاره بن سيد ابراهيم بن محمد بن الطالب علي‪.‬‬
‫‪ 24‬البشير (الملقب بابي بتفخيم الباءين) بن محمد بن البشير بن مي َ‬
‫‪ 25‬محمد الغربي‪" ،‬الساقية الحمراء ووادي الذهب"‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬دار الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬التاريخ‪ ،]1965[ ،‬ص ‪.129-128‬‬
‫‪ 26‬الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين‪" ،‬كتاب قبائل الصحراء المغربية— أصولها‪ ،‬جهادها‪ ،‬ثقافتها‪ "،‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط‪1419 ،‬هـ‪1998/‬م‪ ،‬ص ‪.151-147‬‬
‫‪Jose Enrique Alonso Del Barrio, con la collaboracion de Fernado Jorde Urrutia [ y] Andres Izquierdo Benitez, Las Tribus Del 27‬‬
‫‪Sahara, Servicio de Publicaciones del Gobierno General de Sahara, 1973‬‬

‫‪10‬‬
‫يكونون اآلن‬ ‫"قبيلة ترفع نسبها إلى اۡلنصار‪ ،‬وهي تسكن في منطقة ’إيمريكلي‘ بادية مدينة أبي الجذور التي ّ‬
‫جل سكانها‪ ،‬وهم من أقدم السكان في المنطقة‪ ،‬بحيث تواصلت إقامتهم من عهد الدولة السعدية [من أوائل‬
‫القرن ‪ 16‬م إلى حوالي منتصف القرن ‪ 17‬م]‪ ،‬إذ مدفن صلحائهم وأوليائهم بالمكان المعروف ’ب [أهل]‬
‫الزريبة‘ قرب مركز ’المسيد‘ [المسجد] على بعد حوالي ثمانين كلم شمال أبي الجذور‪ ،‬تواصلت المعلومات‬
‫عنه من ذلك التاريخ حتى اآلن مع حكايات شفوية ترجع تاريخهم بنفس المنطقة الى عهد الموحدين كغيرهم‬
‫من بني حسان‪ 28".‬كما ذكر عبد المولى بابي في رسالة "بوجدور وأحوازها" أن قبيلة أوالد حنّين لها‬
‫ف‬‫"حضور ضارب" في تاريخ المنطقة‪ ،‬وهي القبيلة "اۡلكثر تواجدا" في إقليم بوجدور حاليا‪ ،‬وأنها "ت ُصنَّ ُ‬
‫‪29‬‬
‫ضمن قبائل الزوايا التي تحمل السالح وال تنهب‪".‬‬

‫ي حيث يقول في الدفتر العاشر‬ ‫وممن أشار بوضوح إلى مواطن وديار أوالد حـنّـين‪ ،‬هارون بن الشيخ سيد َّ‬
‫من النسق اۡلول من كتابه "كتاب اۡلخبار"‪" :‬وقبيلة أوالد تيدرارين المذكورة من أوفر قبائل الساحل حتى‬
‫قيل إنه كان باستطاعة المسافر أن يسافر من غير حاجة ِإلى زاد من حاشية البحر اۡلخضر من حومة الداخلة‬
‫إلى مراكش يصبح ويقيل ويبيت في أحيائهم‪ 30".‬وقد أورد هارون ذكرهم في سياق حديثه عن سفر جدّه‬
‫أيام‬
‫مر بمواطن وديار أوالد تيدرارين وهو مسافر آنذاك إلى المغرب‪ ،‬وذلك َ‬ ‫ي الكبير الذي ّ‬‫الشيخ سيد ّ‬
‫السلطان المغربي المولى عبد الرحمان المتوفي سنة ‪1276‬هـ‪1859/‬م‪ .‬يقول هارون‪" :‬وفي طريق الشيخ‬
‫مر بقبيلة أوالد تيدرارين في أرض الساحل‪ ،‬في أرضهم التي يتوطنون من قديم الزمان‪".‬‬ ‫ي المتر َجم َّ‬
‫سيد ّ‬
‫وجاء في مرقون "جزء أوالد تيدرارين" من موسوعة "حياة موريتانيا" للمختار بن حامد‪" :‬تمتد مواطن‬
‫أوالد تيدرارين اليوم من شمال الداخله إلى مراكش ونواحيها‪ .‬ويتمركز أغلب الذين يسكنون الساقية الحمراء‬
‫ووادي الذهب منهم في منطقة بوجدور ولمسيد (حيث زريبة بوغنبور) و ِل ْباليَة [الالم الثانية مفخمة] والعيون‬
‫الطرفاية مع وجود البعض منهم في الداخله ولكويره ونواذيبو‪ 31".‬وممن أشار أيضا إلى هذا المعنى‬ ‫ْ‬ ‫إلى‬
‫الحسين بن محنض في كتابه "تاريخ موريتانيا القديم والوسيط"‪ ،‬حيث يقول‪" :‬وأوالد تيدرارين قبيلة كبيرة‬
‫انتشرت من الساحل (الشمال الغربي الشنقيطي) إلى اكليميم‪ ،‬وشغلت مختلف مناطق الساقية الحمراء ووادي‬
‫الذهب‪ 32".‬وتذكر المصادر اإلسبانية أن مدينة الداخلة التي يمر قربها مدار السرطان تمثل الحدود الجنوبية‬
‫باب الخرشي‪" :‬قبيلة أوالد تيدرارين‬ ‫ۡلوالد تيدرارين والحدود الشمالية ۡلوالد الدليم‪ 33.‬وجاء في بحث أحمد َ‬
‫إحدى القبائل الصحراوية‪ ،‬التي تأسست في منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب‪ ،‬وأقامت بها مراكز‬
‫حضارية وزوايا إسالمية لنشر الثقافة اإلسالمية وخاصة بمنطقة الساحل المحاذي للمحيط اۡلطلسي أو البحر‬
‫اۡلخضر الممتد من شمال إفني حتى النخيلة وأماسين جنوب الداخلة بوادي الذهب‪ ،‬وأهم تلك المراكز بوجدور‬
‫وزاوية سيدي هيبة في تيورار ولمسيد [المسجد] الذي توجد به مقابر أجدادهم ابتداء بالجد المؤسس واۡلب‬
‫الكبير حنين بن سرحان‪ ،‬ويتوالى أبناءه من بعده وأحفاده إلى يومنا هذا‪ 34".‬وقد ذكر اآلنتروبولوجي‬

‫الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين‪" ،‬كتاب قبائل الصحراء المغربية— أصولها‪ ،‬جهادها‪ ،‬ثقافتها‪ "،‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط‪1419 ،‬هـ‪1998/‬م‪ ،‬ص ‪.151-147‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪ 29‬عبد المولى بابي‪" ،‬بوجدور وأحوازها من القرن التاسع عشر حتى مطلع القرن الحادي والعشرين‪ ،‬مقاربة سوسيو‪-‬تاريخية‪ "،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الماستر‪ ،‬إشراف الدكتور خالد بن الصغير‪ ،‬جامعة الحسن الثاني—المحمدية—الدار البيضاء‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬ماستر المجال الحضري في‬
‫المغرب‪ :‬التاريخ والخصوصيات‪ ،‬السنة الجامعية ‪2010/2009‬م‪ .‬عبد المولى بابي‪" ،‬المقاومة الصحراوية لإلستعمار اإلسباني—نموذج المجاهد محمد‬
‫بن عبد هللا‪ ،‬مشروع نهاية الدراسة لنيل اإلجازة‪ ،‬إشراف الدكتور عبد الحميد احساين‪ ،‬جامعة الحسن الثاني—المحمدية—الدار البيضاء‪ ،‬كلية اآلداب‬
‫والعلوم اإلنسانية‪ ،‬مسلك التاريخ والحضارة‪ ،‬السنة الجامعية ‪2008/2007‬م‪1429/1428/‬هـ‪).‬‬
‫ي‪ ،‬بوتِلميت‪ ،‬موريتانيا‪.‬‬
‫باب بن هارون‪ ،‬مكتبة أهل الشيخ سيد َّ‬ ‫ي‪" ،‬كتاب اۡلخبار‪ "،‬مخطوط بحوزة َ‬ ‫‪ 30‬هارون بن الشيخ سيد َّ‬
‫المي بن عبد هللا الياسيني (‪2001-1897‬م) رحمة هللا عليه نسخة من ذلك المرقون‪ ،‬وقال لنا إنه‬ ‫ْ‬ ‫‪ 31‬المحتار بن حامد‪ ،‬جزء أوالد تيدرارين‪ ،‬مرقون‪ .‬وكانت عند الوالد‬
‫أخذها مرة وسلمها للعالمة محمد فال بن عبد هللا (المشهور ب ابّاه) شيخ محظرة النباغية بموريتانيا لإلطالع عليها؛ وبعد اإلطالع عليها كتب العالمة ابّاه المالحظة التالية‬
‫على النسخة اۡلصلية لذلك المرقون‪" :‬الحمد هلل وقفت علي هذه النبذة المجموعة في نسب قبيلة تيدرارين وما تفرع من بطونها في المغرب وموريتانيا فوجدته من أجمع ما‬
‫وقفت عليه في أنساب القبائل وأشده استقصاء لماض وحاضر‪ ،‬كتبه محمد فال بن عبد هللا‪".‬‬
‫‪ 32‬الحسين بن محنض‪" ،‬تاريخ موريتانيا القديم والوسيط"‪ ،‬الجزء اۡلول‪2010 ،‬م‪ ،‬ص ‪.264‬‬
‫‪Ismael Carnero Ruiz, Vocabulario Geografico-Saharico, Consejo superior de investigaciones cientificas, Instituto de estudios 33‬‬
‫‪africanos, Madrid, 1955, page 164.‬‬
‫باب الخرشي؛ وكان قد تناول فيه بعض الجوانب الطبيعية والبشرية للصحراء الغربية‪.‬‬ ‫‪ 34‬بحث على شكل كتاب لم ي ْ‬
‫ُعنون بعدُ‪ ،‬أرسله لنا‪ ،‬مشكورا‪ ،‬اۡلستاذ أحمد َ‬

‫‪11‬‬
‫اۡلمريكي لويد كابوت ابريكس أنه قام بدراسة "سكان الصحراء اإلسبانية" والمناطق المجاورة على أنهم‬
‫سكان "بيض في اۡلساس وأغلبهم بدو"‪ ،‬وأنهم من الناحية الجسمية والثقافية يعتبرون "نتاج اختالط بين‬
‫العرب والبربر [‪"]35‬؛ وقال إنه اختار قبيلة أوالد تيدرارين "كنموذج للدراسة" ۡلنه يبدو أنهم "اۡلقل تأثرا"‬
‫بالمؤثرات اۡلجنبية الحديثة‪ ،‬وأنهم "ينحدرون من جدّ واحد" هو ح ِنّين المعروف أيضا باسم "تيدرارين"‬
‫‪36‬‬
‫والتي تعني حرفيا "رجل الجبل‪".‬‬

‫بطون أوالد حـنـين‬

‫ط ُق باللهجة اۡلعرابية‪ 37‬المحلية "ا ْع ِل")‪)2( ،‬‬ ‫علي (ويُ ْن َ‬ ‫بطون أوالد ح ِنّين خمسة وعشرين‪ )1( :‬أهل الطالب َ‬
‫يس")‪ )5( ،‬أهل ا ْست َ ْيلهَ‬ ‫ار ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِين")‪ )4( ،‬الفعاريس (وت ُ ْنط ُق " ِلفعَ ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ط ُق "يَ ّ‬‫أوالد موسى‪ )3( ،‬أوالد ياسين (ويُ ْن َ‬
‫ش ْي ِك ْر" بكاف معقودة)‪)8( ،‬‬ ‫ط ُق "بُو َ‬ ‫ش ْي ِق ْر (و يُ ْن َ‬ ‫(وإسمه سيدي أحمد)‪ )6( ،‬أوالد اسماعيل‪ )7( ،‬أوالد بُو َ‬
‫ْس")‪ )10( ،‬أهل‬ ‫ط ُق " ِلدَاد َ‬ ‫سه (وت ُ ْن َ‬ ‫الت" براء وياء ساكنتين ومشدّدتين)‪ )9( ،‬اليَدَا ْد َ‬ ‫"الر َح ْيّ ْ‬
‫ط ُق ْ ّ‬ ‫الرحيالت (وت ُ ْن َ‬
‫ع ِلي‪ )14( ،‬أهل‬ ‫ط ُق "اسْليْمان")‪ )12( ،‬أوالد الغازى‪ )13( ،‬أوالد َ‬ ‫ات‪ )11( ،‬أوالد سليمان (و يُ ْن َ‬ ‫اب َْر ْي ْه َم ْ‬
‫صنُ ِب ْ‬
‫ات"‬ ‫ط ُق "ا ْ ّ‬ ‫صنوبات (وت ُ ْن َ‬ ‫ات")‪ )17( ،‬ال ّ‬ ‫ط ُق " ِل ْعبُبَ ْ‬ ‫الحاج‪ )15( ،‬أهل أحمد ِم ْس َكـه ‪ )16( ،‬العبوبات (وت ُ ْن َ‬
‫ط ُق " ِل ْمنَا ْبهَ")‪)20( ،‬‬ ‫َات")‪ )19( ،‬المنابهة (وت ُ ْن َ‬ ‫س ْين ْ‬‫ط ُق "لِحْ َ‬ ‫بصاد ساكنة ومشددة)‪ )18( ،‬الحسينات (وت ُ ْن َ‬
‫صوا ِلح"‬ ‫ط ُق "ا ْ ّ‬ ‫صوالح (وت ُ ْن َ‬ ‫ات")‪ )22( ،‬ال ّ‬ ‫ط ُق " ِلفَّ ْي َك ْ‬ ‫ير")‪ )21( ،‬الفيكات (وت ُ ْن َ‬ ‫َاص ْ‬‫ط ُق " ِل ْمن ِ‬‫المناصير (وت ُ ْن َ‬
‫ْ‬
‫ط ُق "ادّعانين"‬ ‫ْدات" بميم مفخمة)‪ )24( ،‬الدّعانين (وت ُ ْن َ‬ ‫ط ُق "لِحْ َمي ْ‬ ‫بصاد ساكنة ومشدّدة)‪ )23( ،‬الحميدات (وت ُ ْن َ‬
‫ط ُق بباء ساكنة‪ ،‬وقيل بباء مفتوحة)‪.‬‬ ‫بدال ساكنة ومشددة)‪ )25( ،‬أوالد بوسحاب (و يُ ْن َ‬

‫صا ْم‪ ،‬و يُقال إنها تعني الجامع‪ ،‬وهي‬ ‫ع ِلي ِل ْع َ‬


‫ارين الملقب َ‬ ‫ويجتمع معظم بطون أوالد حنّين عند َ‬
‫ع ِلي ِم ْن تِيد َْر ْ‬
‫شدّها على ظهر البعير‪ .‬ومن ألقابه‬ ‫ص ُم‘ أو يحفظ الخيمة المطوية على أثاثها و َي ُ‬ ‫كناية عن الحبل الذي ’ َي ْع ِ‬
‫ع ِلي العصام حيث‬ ‫ع ِلي‪ ،‬وهو إبن أبي َي َع َّزى بن ابراهيم بن ح ِنّين بن سرحان‪ .‬وقد اشتهر بلقب َ‬ ‫أيضا سيدي َ‬
‫ُور‪ ،‬وأوالد بوسحاب‪،‬‬ ‫غ ْنب ْ‬
‫عزى الملقب مربي اليتامى‪ ،‬وهو جد أوالد سيد أحمد بو َ‬ ‫يجتمع فيه ك ٌّل من (‪ )1‬يَ ّ‬
‫ش جد ال َمقا ِلشة‬‫ع ِلي‪ ،‬والعبوبات‪ )2( ،‬ياسين جد أوالد سليمان والدعانين وأهل ابريهمات‪ُ )3( ،‬مـ ْقـ ِل ْ‬ ‫وأوالد َ‬
‫وهم الصنوبات والصوالح وأهل أحمد ِم ْس َكه‪ ،‬وأهل الحاج‪ ،‬والمنابهة‪ )4( ،‬الغازي جد أوالد الغازي‪ .‬ويجتمع‬
‫يعزى جد‬‫اس وإسمه ّ‬ ‫أغلب أوالد حنّين الحاليين في أوالد سيدي أحمد بوغنبور‪ ،‬وهم سبعة‪ )1( :‬فَ ْع َر ْ‬
‫الفعاريس‪ )2( ،‬ياسين جد أوالد ياسين‪ )3( ،‬عبد هللا جد أوالد موسى وأوالد بوشيقر‪ )4( ،‬ابراهيم جد أوالد‬
‫ع ِلي جد اهل الطالب علي (وكتب له‬ ‫اسماعيل‪ )5( ،‬عبد الرحمان جد أهل ا ْست َ ْيلَه والرحيّالت‪ )6( ،‬الطالب َ‬
‫باب الخرشي‪،‬‬ ‫إخوته الرئاسة التامة عليهم)‪ )7( ،‬عمر‪ ،‬وقيل إنه لم يعقب‪ .‬وهناك تقسيم آخر قام به أحمد َ‬
‫وهو عضو في رابطة اۡلنصار‪ ،‬وذكر فيه أن هناك ثالثة وعشرين فخذا منحدرة من البطون العشرة التالية‪:‬‬

‫‪ 35‬يرى اآلنتروبولوجي بول توبينار أن "العنصر اۡلوروبي" ينقسم إلى قسمين رئيسيين‪ :‬النوع االوروبي اۡلشقر (عيون زرق‪ ،‬شعر أسبط‪ ،‬بشرة وردية خفيفة تصبح‬
‫كلها مثل الطوب اۡلحمر عند تعرضها للشمس‪ ،‬رأس اۡلنف يمتد قليال إلى أبعد من المنخارين)‪ ،‬والنوع اۡلوروبي البنـِّي (عيوم سود‪ ،‬شعر أسود‪ ،‬بشرة معتدلة تصبح‬
‫برونزية عند تعرضها للشمس)‪ .‬النوع البربري‪ :‬قامته فوق المتوسط‪ ،‬متوازن‪ ،‬أقل ذبوال وأكثر عضالت من العربي‪ ،‬وأقل جماال من العربي‪ .‬بشرته فاتحة عند المولد‬
‫ثم تصبح برونزية مع التعرض للهواء‪ .‬شعره أسود وأسبط‪ ،‬وفيه وفرة‪ .‬لون العينين داكن بنـّي‪ ،‬وجهه أقل طوال وشكله البيضاوي أقل انتظاما من العربي‪ .‬جبهته‬
‫مستقيمة وتنحدر في أسفلها‪ ،‬واۡلنف يغوص بعمق عند جذوره وبه انحدار دون أن يكون معقوفا وأحيانا يكون منحرفا في مقدمته ثم يرتفع عند أساسه ُمظهرا المناخير‪.‬‬
‫اۡلذنان منفصلتان تماما عن الرأس‪ .‬لديه ميل إلى البدانة‪ .‬النوع العربي‪ :‬يبدو الرأس بيضاوي الشكل تماما بالنسبة للناظر إليه من أعلى‪ ،‬الوجه طويل وبيضاوي الشكل‬
‫بانتظام‪ .‬تبدأ البشرة فاتحة وتصبح برونزية مع التعرض للهواء‪ .‬شعر الرأس واللحية المع وأسود كالفحم مع وضوح لحدود منبته‪ .‬العيو ن سود‪ ،‬وفتحة العين لوزية‬
‫الشكل والرموش طويلة وسوداء‪ .‬الجبهة غير مرتفعة جدا‪ ،‬اۡلنف منحني‪ ،‬الذقن منحسر‪ ،‬وكلها تعطي شكل دائري أكثر منه مستقيم‪ .‬اۡلنف منغمس نوعا ما عند جذره‬
‫بحيث تصبح الجبهة وجذر اۡلنف علي نفس المستوي تقريبا‪ .‬اۡلنف معقوف كمنقا ر العقاب‪ .‬عظام الخد غير بارزة‪ ،‬الفم صغير‪ ،‬اۡلسنان بيض وعمودية‪ .‬شكل اآلذان‬
‫جيد وهي صغيرة وقريبة من الراس‪ .‬القامة دون المتوسط قليال في الجزيرة العربية وفوق المتوسط قليال في الجزائر‪ .‬العربي ذابل ومتعصب‪ ،‬الرقبة في وضع جيد فوق‬
‫المناكب‪ ،‬يميل الى السمنة‪Dr. Paul Topinard, Athropology, London, Chapman and Hall, 1878, pages 461-465. .‬‬
‫‪Lloyd Cabot Briggs, Tribes of the Sahara, Cambridge: Harvard University Press, 1960 . 36‬‬
‫سان‪ .‬يقول إبن المنظور اإلفريقي في "لسان العرب‪" "،‬اۡلَعْراب‬ ‫‪ 37‬في هذا البحث "اللهجة اۡلعرابية المحلية" تعني "اللهجة الحسّانية" المنسوبة إلى أعراب بني ح ّ‬
‫ساكنو البادية من العَ َرب الذين ال يقيمون في اۡل َ ْم ِ‬
‫صار‪ ،‬وال يدخلونها إِالَّ لحاجة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫المقالشة‪ ،‬أوالد سيدي ياسين بن علي لعصام‪ ،‬اليدادسة‪ ،‬العبوبات‪ ،‬أوالد سيدي أحمد بوغنبور‪ ،‬الحسينات‪،‬‬
‫‪38‬‬
‫يــــار‪.‬‬
‫َ‬ ‫أوالد علي‪ ،‬أوالد بوسحاب‪ ،‬أوالد الغازي‪ ،‬أهل‬

‫ومن المعروف عند أوالد تيدرارين أن جدّهم حـنّـين بن سرحان عقّب ذرية أخرى ال شك فيها‪ ،‬إال أنها غير‬
‫معروفة بدقة في الوقت الحاضر‪ .‬فعالوة على أنه من المتواتر أن حنّين كانت له ذرية قبل أن يلتحق بقبيلة‬
‫كندوز ويستوطن فيها‪ ،‬فإن ذريته من كندوز ال تنحصر فقط في قبيلة أوالد تيدرارين الحالية أو حتى قبائل‬
‫البوعزاويين الحاليين‪ .‬فقد حدثنا اۡلستاذ محمد علي أنه التقى مساء الجمعة من يوم ‪ 21‬يونيو ‪ 2002‬م في‬
‫مدينة ا ْفدَي ِْر ْك الموريتانية بالسالك بن محمد سالم بن أحمد بن محمد بن لعبيد بن ابراهيم بن احميميد بن لزغم‬
‫بن أحمد بن البح بن ياسين بن سيد أحمد بوغنبور‪ .‬وذكر أن السالك حدّثه في يوم آخر أن حنّين بن سرحان‬
‫ع ِلي هاجر‬‫ع ِلي‪ ،‬وأن َ‬
‫قدِم إلى قبيلة كندوز في إطار جمع الزكاة أو الجزية وأنه عقب فيهم إبنين هما إبراهيم و َ‬
‫بعد أن قتلت قبيلة كندوز إبنيْه التوأمين وهما أول ما وجد من الذرية‪ ،‬وأنه استقر في اۡلراضي الجزائرية‬
‫الحالية وأن له ذرية هناك معروفة اليوم بأبناء حنّين‪ .‬وذكر السالك بن محمد سالم أن هذه المعلومات أخذها‬
‫عن والده‪ ،‬وعن حماد بن سالم‪ ،‬وعن بابي بن محمد بن البشير‪ .‬وقد أكد لنا سيدي أحمد بن ع ِلي موسى‬
‫الموساوي أثناء محادثة هاتفية يوم ‪ 24‬ديسمبر‪/‬كانون اۡلول ‪2011‬م أنه سمع نفس الرواية من حمادي بن‬
‫سالم العالوي‪ .‬وأضاف أن ذرية حنّين هذه معروفة باسم "زاوية علي بن حنّين‪ ".‬وقال محمد بن الخراشي‬
‫بن مسكه (الذي كان جالسا إلى جانب سيدي أحمد بن علي موسى أثناء المكالمة الهاتفية) إن هذه الزاوية قد‬
‫تكون في مكان ما من والية آدرار الجزائرية‪ .‬وبعد أيام اتصل بنا محمد بن الخراشي بن مسكه الموساوي‪،‬‬
‫مشكورا‪ ،‬وأخبرنا أنه قيل له إن "زاوية حنّين" تقع في والية غردايه في الوسط الشمالي الجزائري‪.‬‬

‫وعلى الرغم من ثقتنا الكبيرة في كل الرواة المذكورين أعاله‪ ،‬وعلى الرغم من أن "حنّين" إسم علم وإسم‬
‫نادر‪ ،39‬ستبقى هذه الرواية غير كاملة ما لم يتم االتصال بهذه المجموعة الجزائرية المنتسبة إلى حنّين‬
‫والتعرف عليها وعلى هويتها‪ .‬وقد اتصلنا بالسفارة الجزائرية في أبو ظبي لتحديد موقع "زاوية حنّين" في‬ ‫ّ‬
‫الجزائر‪ ،‬فأحالتنا السفارة إلى القنصلية الجزائرية في دبي‪ ،‬وأحالتنا اۡلخيرة إلى "كوكل" واإلنترنت‪ .‬وتعجبنا‬
‫من ذلك‪ ،‬وسوف نتابع بحث الموضوع بوسائل أخرى إن شاء هللا‪ .‬هناك مصادر أخرى تذكر "زاوية‬
‫"أولف العرب" الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مدينة آدرار عاصمة والية آدرار الجزائرية‬ ‫َح ْينُ ْ‬
‫ون" بمدينة ْ‬
‫على الطريق الرابط بين مدينة ر ّكان أو رقّان غربا ومدينة عين صالح شرقا‪ .‬وتوجد زاوية أخرى معروفة‬
‫باسم "زاوية الشيخ سيدي علي بن حنيني" اۡلنصاري بمدينة "زاجلو مرابطين" الواقعة على الطريق بين‬
‫مدينة آدرار ومدينة ر ّكان‪ .‬وقد اطلعنا على أخبار زاوية سيدي علي بن حنيني من عدة مصادر مكتوبة‬
‫وأكدها لنا أيضا محمد عند هللا السليماني اۡلنصاري نائب رئيس جمعية اۡلنصار أوالد تيدرارين بمدينة‬
‫اكليميم بوادي نون بالمغرب بعد أن أكدها له ابن عمه أحمد عبد هللا يوسف بالجزائر‪ .‬وكل هذا ما زال يحتاج‬
‫زاويتي َحيْنون بمدينة أولف وسيدي علي بن حنيني بمدينة‬
‫ْ‬ ‫ي من‬‫إلى مزيد من البحث لمعرفة ما إذا كانت ۡل ّ‬
‫زاجلو عالقة بتاريخ حنّين بن سرحان أوأوالده وأحفاده‪.‬‬

‫باب الخرشي؛ وكان قد تناول فيه بعض الجوانب الطبيعية والبشرية للصحراء الغربية‪.‬‬ ‫بحث على شكل كتاب لم ي ْ‬
‫ُعنون بعدُ‪ ،‬أرسله لنا‪ ،‬مشكورا‪ ،‬اۡلستاذ أحمد َ‬ ‫‪38‬‬

‫نطلع على اإلسم "حنّين" أو إسم قريب منه إال في إسم "زاوية علي بن حنيني" في بلدة زاجلو بوالية آدرار الجزائرية‪ ،‬أو في روايات‬ ‫‪ 39‬حتى اآلن لم ّ‬
‫الكاتب السوداني الطيب صالح‪ ،‬خاصة في رواية "عرس الزين‪ ".‬ويقول الدكتور أحمد مصطفى الحسين منصور من قسم العلوم السياسية بجامعة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة " إن حنين [النون اۡلولى غير مشددة بقوة حسب نطقه] شخصية نمطية لرجل صالح وولي من أولياء هللا ويتكرر هذا النمط في‬
‫كثير من قرى السودان" (رسالة بالبريد اۡللكتروني يوم ‪ 5‬يونيو ‪ 2012‬م من الدكتور أحمد مصطفى الحسين منصور‪ ،‬إجابة على سؤالي حول ما إذا كان‬
‫"الشيخ حنّين" شخصية حقيقية تاريخية أم شخصية أسطورية نمطية)‪ .‬وجاء في كتاب‪" :‬بيوتات فاس الكبرى"‪ ،‬الذي شارك في تأليفه اسماعيل بن‬
‫اۡلحمر‪" :‬ومنهم بيت بني َحنين بفتح الحاء المهملة وكسر النون‪ ،‬وهم من العرب من كنانة‪ ،‬بيت فقه وثروة‪ ،‬ولهم زقاق بفاس أحدثوا به رحا يقال له‬
‫ميزاب [كذا] ابن حنين وكانوا أهل جمال وحسن‪ ،‬منهم الفقيه الشاعر أبو الطيب سعيد ابن حنين‪ ،‬توفي بفاس سنة ثالث وسبعين وأربعمئة ودفن في‬
‫داره"‪ .‬وجاء أيضا في نفس الكتاب‪" :‬ومنهم بيت َحنُّون بفتح الحاء المهملة‪ ،‬وهم من البربر‪ ،‬بيت فقه وثروة‪ ،‬منهم الفقيه العدل يحيا بن حنون‪".‬‬

‫‪13‬‬
‫ومن الذين يرفعون نسبهم أيضا إلى حـنّـين بن سرحان‪ ،‬الرئيس الموريتاني الثاني‪ ،‬العقيد المصطفى بن محمد‬
‫السالك (المعروف أيضا باسم المصطفى بن َوالت َه)‪ ،‬وهو رجل قد بلغنا أنه معروف بورعه واستقامته قبل‬
‫وبعد شغله منصب رئيس الجمهورية اإلسالمية الموريتانية‪ .‬فقد جاء في رسالة بخطه ما يلي‪" :‬بسم هللا‬
‫الرحمن الرحيم والصالة والسالم على أشرف المرسلين‪ ،‬سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه أجمعين—فمن‬
‫كاتبه‪ ،‬الفقير إلى ربه‪ ،‬والمشير إلى نفسه بعد خطه‪ ،‬المنتمي بعد آبائه إلى جدّه حـنّـين‪ ،‬وداخ ٌل معه في تلك‬
‫عروك بن أودي بن حسان]‪ ،‬ومع‬ ‫[كذا] اإلنتماء عدة عائالت وفروع من قبيلته [الجعافرة من أوالد داود بن ّ‬
‫صله قاطعه —مصمم العزم إن شاء هللا‬ ‫مو ّ‬
‫اإلعتراف ’يا أسفا لذالك‘ بعجزه عن التقدم اآلن ببراهنه كافيه ّ‬
‫على البحث عن ذالك—نتشرف كل الشرف بما سيربطنا بالجماعات المحظوظة التي وصلت على تحقيق‬
‫نسبها وانتسابها لحـنّـين العظيم الذي ال محاله يربط بيننا‪ ،‬وسيتحقق ذالك إن شاء هللا وهو ولي التوفيق‪ ،‬كتب‬
‫بتاريخ ‪ 18[ 18-4-93‬إبريل‪/‬نيسان سنة ‪ ]1993‬الميالدي‪[ ،‬توقيع] المصطفى بن والته‪ 40".‬لقد توفي‬
‫المرحوم والمغفور له بإذن هللا الرئيس الموريتاني السابق العقيد المصطفى بن محمد السالك‬
‫اس بالعاصمة الفرنسية‬ ‫ال دَ ْك َر ْ‬
‫(‪1936‬ــ‪2012‬م) يوم ‪ 18‬ديسمبر ‪2012‬م (‪ 5‬صفر ‪1434‬هـ) في مستشفى فَ ْ‬
‫باريس‪ ،‬وأعلنت موريتانيا الحداد لمدة ثالثة أيام بهذه المناسبة‪ .‬ونقل جثمان المصطفى بن محمد السالك إلى‬
‫موريتانيا حيث صلى عليه اآلالف في مسجد ابن عباس بالعاصمة نواكشوط‪ .‬وقد أشار العديد من المعلقين‬
‫والمعزين إلى استقامة وصالح وزهد وحسن خلق هذا الرجل الذي كان له الفضل حقيقة وفوق كل اعتبار في‬
‫إنقاذ موريتانيا وإنهاء الحرب بين اۡلشقاء الموريتانيين والصحراويين عام ‪ 1978‬م‪ .‬اللهم ارحم السلف وبارك‬
‫في الخلف‪ .‬وقد حدثنا سيدي أحمد بن على موسى الموساوي (‪ 24‬ديسمبر ‪2011‬م)‪ ،‬وهو أحد الذين كانوا مع‬
‫المصطفى بن والته عند ما كتب إعالنه عن انتسابه إلى حنّين‪ ،‬فقال‪ :‬عندما سمع الرئيس المصطفى بن والته‬
‫أن َوسْم أوالد تيدرارين هو "الدال" تع ّجب وعلّق على ذلك بالقول‪ :‬ما كنت على علم أن هناك من يشترك‬
‫معنا في وسم "الدال" على اإلبل‪ .‬وال شك أن رابطة الوسم المشترك تدُ ُّل أحيانا على رابطة قوية‪ .‬وجاء في‬
‫ارتِ ْن‪" :‬إن أوالد داوود تمتعوا في نهاية القرن الخامس‬ ‫رواية رواها لنا بول مارتي عن آلفرد جورج بول َم ْ‬
‫عشر بنفوذ في كل إقليم تامنـتـيـت‪ ،‬وشيدوا ح ّماما لإلستخدام العام‪ ،‬وس ّكوا عملة‪ ...‬وأقرباؤهم هم أوالد داوود‬
‫أودي بن‬
‫ْ‬ ‫ي "الداودات" الثالثة المنسوبين إلى‬ ‫المقيمون في تيكرارين‪ ".‬وال ندري في الوقت الحاضر أ ّ‬
‫‪41‬‬

‫حسان‪ ،‬هو المعني في هذا النص؛ هل هم أوالد داود عروك (الذي ينتسب إليه الجعافرة)‪ ،‬أم أوالد داود‬
‫محمد‪ ،‬أم أوالد داود عمران؟‬

‫ويقول إبراهيم الحاج محمود بن عبد هللا الياسيني الملقب "ولد َري ِْريَّه" إن أجداد حنّين‪ ،‬بمن فيهم محمد بن ُك ْ‬
‫لي‬
‫(واسمه أوس) اۡلنصاري‪ ،‬القادمين من تونس استوطنوا قصور تيكرارين (ومعناها الثكنات العسكرية) قبل‬
‫تاريخهم في قبيلة كندوز وفي مدينة ودان‪ .‬ومما يُذكر أن إقليم توات (قيل إن اإلسم مشتق من "اإلتاوات"‪،‬‬
‫وتشمل المكس والجبايات والمغرم والزكاة واۡلعشار) وقصور تيكرارين‪ ،‬التي يقول إبن خلدون إنها تنتهي‬
‫إلى ثالثمائة أو أكثر‪ ،‬كانت مشهورة بازدهارها في القرون الوسطى‪ ،‬حتى قيل إنها كانت ملجأ "الملوك‬
‫المغلوبين" في القديم والحديث على أرضهم وممالك سلطانهم يلجؤون إليها لبعدها عن منال الجيوش‬
‫حف بها من جميع الجهات من عروق الرمل ومهامه القفر التي تضل بها القطا وتغمرها بحار‬ ‫والعساكر بما ّ‬
‫الرمل‪ .‬ففي سنة ‪ 1274‬م جاء الهادي بن أحمد بن عبد هللا بن محمد بن علي بن عبد هللا بن العباس من‬
‫خراسان‪ ،‬وهو إبن عم الخليفة (في حينه) المعتصم‪ ،‬فنزل في تيكرارين حيث توجد له ذرية اليوم (‪1690‬م)‪.‬‬

‫المي الياسيني رحمه هللا وذلك بعد اطالعه على نبذة‬


‫ْ‬ ‫‪ 40‬رسالة بحوزة المؤلف‪ ،‬وقد كتبها المصطفى بن والته لسيدي أحمد بن علي موسى الموساوي ومحمد مبارك بن‬
‫عن تاريخ أوالد تيدرارين‪ .‬وقبيْل سفرنا من نواكشوط إلى أبو ظبي يوم فاتح رمضان ‪ 1432‬هـ بلغنا أن المصطفى بن والته قدم إلى نواكشوط من داخل البالد وحاولنا‪،‬‬
‫بواسطة سيدي بن محمد مبارك‪ ،‬الذي له معرفة ببعض أحفاد المصطفى‪ ،‬أن نلتقي معه لمعرفة ما إذا كان له تعليق على ما كتبه سنة ‪ 1993‬م وما إذا كانت له معلومات‬
‫صل أو تُؤكد ما كتبه‪ ،‬ولكن لألسف لم يساعدنا الحظ على مقابلته‪.‬‬
‫جديدة تُف ِ ّ‬
‫‪" 41‬القبائل البيضانية في الحوض والساحل الموريتاني وقصة االحتالل الفرنسي للمنطقة"‪ ،‬تأليف بول مرتي‪ ،‬تعريب الدكتور محمد محمود ودّادي‪ ،‬جمعية الدعوة‬
‫االسالمية العالمية‪ ،‬بنغازي‪ ،‬ليبيا‪ 1369 ،‬من وفاة الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ 2001 ،‬مسيحي‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪42‬‬
‫وقد لجأ إليها أبو ح ّم المريني من بني زيان ملوك المغرب االوسط ‪ ،‬ولجأ إليها المولى أبو العباس السعدي‪.‬‬
‫ُستشف من رواية آلفريد جورج بول مارتن التالية أن منطقة توات وتيكورارين وغيرها من الواحات في‬ ‫ُّ‬ ‫وي‬
‫ّ‬
‫الجنوب الجزائري الحالي كانت تمثل ملتقى طرق للكثير من الهجرات العربية القادمة من كل الجهات‪.‬‬

‫يروي لنا آلفريد جورج بول مارتن أن سنة ‪ 984‬م تمثل أول قدوم عرب مهاجرين إلى الواحات وهم أسر من‬
‫اكدوا هو‬
‫اكدوا‪ 43‬حيث كانوا في أسفل توات في اتجاه ركان وتادمايت‪ ،‬وأن أول قصر شيدته قبيلة ّ‬ ‫قبيلة ّ‬
‫تاوريرت‪ .‬وبعد سقوط الدولة العبيدية في النصف الثاني من القرن العاشر حصلت أول هجرة عربية إلى‬
‫واحات الصحراء‪ ،‬كما يصفها لنا الحاج أحمد بن يوسف التينيالني وهو يكتب في مطلع القرن السابع عشر‪،‬‬
‫حيث يقول إن مجموعة من العرب هربوا إلى توات حيث وجدوا الملجأ فاستوطنوها وتملكوا اۡلرض وشيدوا‬
‫البنيان و أنشأوا الفقارات للري وأسسوا عددا كبيرا من القصور في أكثر من ألف قرية‪ .‬ويقول إن بعض‬
‫قبائل بني هالل (من المهارزة من عامر) وصلوا واحات الصحراء سنة ‪ 1120‬م‪ ،‬ثم جاءت بعد ذلك "قبائل‬
‫كثيرة" كان بعضها قد أتى أصال من المشرق في عهد عقبة [بن نافع]‪ ،‬ومن هذه القبائل السنانبه [أو الصنانبه]‬
‫الذين جاء أجدادهم من العراق‪ ،‬وبطون من أوالد‪-‬بن‪-‬سليم‪ ،‬وأوالد‪-‬بن‪-‬صادوق‪ .‬وعندما خلف عبدُ المؤمن‬
‫إبنَ تومرت سنة ‪ 1130‬م‪ ،‬بعث إبنه أبو يوسف إلى الصحراء فجاء إلى المبروك ثم استدعى جميع القبائل في‬
‫كورارة وقرأ عليهم رسالة من أبيه‪ ،‬وكان في كورارة قبائل أوالد سليم‪ ،‬أوالد بن هالل‪ ،‬أوالد مهرس‬
‫(امهارزة)‪ ،‬اخنافسة‪-‬أوالد‪-‬اسليمان وأوالد محمد‪ .‬وفي سنة ‪ 1134‬م جاءت قبيلة أوالد حسين من درعة‬
‫ونزلوا في لوديّا‪ ،‬ثم جاءت قبيلة ذكوان من اغدامس؛ وفي سنة ‪ 1146‬م جاء أوالد بن يدر ونزلوا في ي ُّكو‪ .‬ثم‬
‫جاءت قبيلة ميمون الهاللية وأسسوا قصرا ال يبعد كثيرا عن تاوريرت‪ ،‬ومنه اشتق اسم "تنميمون" أو‬
‫"ت ّميمون"‪ ،‬وأصبح لهم عدد وقوة وثروة‪ .‬وفي سنة ‪ 1391‬م جاء عريب وتجكانت وكثير من أعراب حسان‬
‫ونزلوا في آحنت واستدعوا وجهاء تيديكلت وتوات وابرموا معهم معاهدة دون عدوان‪ .‬اۡلعراب—خاصة‬
‫ذوي عبيد هللا—يأتون كل شتاء إلى توات وتمنتيت‪ .‬ثم يضيف الكاتب‪ ،‬وفي سنة ‪ 1460‬م جاء "ع ُّمنا" سيد‬
‫محمد بن الوافي ليستقر بزاوية كنتا‪ ،‬وفي السنة التالية جاء المرابطون من أسرة سيدنا و"ج ِدّنا" الشيخ المختار‬
‫ليسنكوا في جازلو‪ .‬وفي سنة ‪ 1464‬م جاء أوالد داوود من بالد آزدجير ونزلوا قرب إينزكمير‪ ،‬وفي السنة‬
‫التالية جاء من تيشيت الشيخ بونوار بن مبارك من اوالد الدليم‪ .‬لكن كل هؤالء ارتحلوا إلى أزواد سنة ‪1469‬‬
‫‪44‬‬
‫م بعدما طردتهم المجاعة‪.‬‬

‫ويذكر سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الوداني أن قبيلة الرعيان تشكلت أصال لحماية مدينة ودان من‬
‫اإلعتداءات الخارجية والسهر على أمنها الداخلي وذلك بُعيد وفاة أحد مؤسسي المدينة وهو الحاج علي بن‬
‫يحي بن عمر‪ ،‬إبن أخي أبي بكر بن عمر وأخو عثمان بن يحي بن عمر‪ .‬يقول سيدي محمد بن عابدين‬
‫سيدي‪" :‬وقد برز أربعة رجال هم إبغطاط والدهموش وتنمز وجعفر وأخذوا على عواتقهم مهمة اۡلمن‬
‫وحماية الحاضرة الحديثة ورعاية أبناء الحاج أعْلي الذين تربوا يتامى في حضانة أمهم وكفالة الحاج يعقوب‬
‫والحاج عثمان وفي ظل رعاية إبغطاط ودهموش وتنمز وجعفر ومنها اشتق اسم الرعيان ۡلنهم كانوا يقومون‬
‫على رعاية وحماية حاضرة وادان عسكريا وحتى يوم قريب ولم يقتصر همهم على القضايا العسكرية بل‬
‫كانوا يشاركون بأدوار في مظاهر الحياة اۡلخرى‪ ،‬وفي وادان شارع كان معروف[ا] بشارع الرعيان ۡلن‬
‫جميع الدورالتي توجد على حافتيه ال يسكنها إال الرعيان‪ ،‬وهذا الشارع هو الذي يمتد من سفح الجبل وحتى‬

‫‪ " 42‬مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفا" ۡلبي فارس عبد العزيز الفشتالي‪ ،‬دراسة وتحقيق الدكتور عبد الكريم كريم‪ ،‬استاذ التاريخ الحديث بكلية اآلداب والعلوم‬
‫االنسانية‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،]1972[ ،‬مطبوعات وزارة االوقاف والشؤون االسالمية والثقافية‪ ،‬ص ‪A. G. P. [Alfred-Georges-Paul] Martin, .73‬‬
‫‪Les Oasis Sahariennes—Gourara, Touat, Tidikelt, Paris Augustin Challamel, Editeur, Tome I, 1908, page 100.‬‬
‫ي التي ذكر محمذن ولد باباه في حديثه عن أوالد رزك وظلم "كدول‪".‬‬ ‫‪ 43‬الحظ التشابه بين إسم قبيلة اكدوا هذه وقبيلة إ ْكد ََو ْ‬
‫‪A. G. P. [Alfred-Georges-Paul] Martin, Les Oasis Sahariennes—Gourara, Touat, Tidikelt, Paris Augustin Challamel, Editeur, 44‬‬
‫‪Tome I, 1908, pages 58, 61-62, 77, 79, 115, 117, 122.‬‬

‫‪15‬‬
‫أعلى قمة فيه وهو أحد الشوارع الرئيسية بالمدينة ويوجد في الناحية الشمالية منها وهنا تظهر أهمية دور‬
‫الرعيان المنوط بهم حيث أنهم كانوا يختصون بحي يتميزون بهم [كذا] دون من سواهم من الناس بمدينة‬
‫وادان‪ 45".‬وقد يتساءل الباحث‪ :‬هل "جعفر" المذكور هو جد قبيلة الجعافرة المنتسبة إلى أعراب لوديّات‬
‫الذين كانت لهم هيمنة على ودان ونواحيه في عهد السعديين؟‬

‫وعن الجعافرة يروي لنا محمد صالح بن عبد الوهاب الناصري في كتابه "الحسوة البيسانية في اۡلنساب‬
‫ي بن حسان له ثالثة أوالد‪ :‬عروق بن أودي ورزق بن أودي ومغفر بن‬ ‫الحسانية" أن أحمد المعروف بأودَ ْ‬
‫أودي‪ .‬فولد عروق ثالثة‪ :‬يونس بن عروق وداود بن عروق وعقبة بن عروق‪ .‬فمن يونس‪ :‬رحمون وزعيم‬
‫ويعيش وغيرهم‪ ،‬ومن داود‪ :‬الجعافرة وعلوش وزيد وغيرهم‪ ،‬ومن عقبة‪ :‬بوكار ومزوك ويي وياسين‬
‫ي‬
‫وغيرهم‪ .‬ويذكر محمد فال بن باب في "كتاب التكملة" (وهي تكملة لكتاب "تاريخ إدوعيش" للشيخ سيد ّ‬
‫‪46‬‬

‫باب) أن "من بني أودي بن حسان بِلّ ْه بن داود وإخوته بُوفا ْيدَه‪ ،‬وطلحه ونخله ومنصور‪ ،‬وداود هذا هو جد‬
‫داودات‪ ،‬عرب آمور وهم عرفا اليوم عند أهل الحوض داود عروك [بكاف معقودة] وداود بن عمران هم‬
‫داود امحمد‪ .‬فأما أوالد بلّه فمعلومون في تيشيت وغيرها‪ .‬وأوالد بوفايده في الحوض زوايا‪ ،‬وأوالد نخلة‬
‫وأوالد منصور معلومون في الحوض‪ ،‬وليسوا أوالد منصور بن عبد هللا [الذين في البراكنة]‪ .‬ومن بني أودي‬
‫مزوك‪،‬‬‫يطه‪ ،‬وأوالد زعيم‪ ،‬ولكشارات‪ ،‬ورزك‪ ،‬وأوالد ّ‬ ‫أوالد زين‪ ،‬وأوالد م ّمو‪ ،‬وأوالد يونس‪ ،‬وأوالد ّ‬
‫سكاكنه وياسين بيائين وعقبه‪ ،‬ورحمون جد الرحامين‪ ،‬ومنهم الزبيرات‪ ،‬ويقال‬ ‫وأوالد عايد‪ ،‬والجعافره‪ ،‬وال ّ‬
‫لهم عرب الركيطه‪ .‬ولع ّل لكشرات هم أوالد آكشار المعروفون من أهل القبلة‪ ".‬وقد قام أحمد ولد الحسن‬
‫‪47‬‬

‫بتوضيح بعض الغموض حول "داودات" المذكورين في "كتاب التكملة"‪ ،‬وذلك باعتماده هو والمختار بن‬
‫حامد رواية محمد صالح بن عبد الوهاب في "الحسوة البيسانية في اۡلنساب الحسانية‪ ".‬يقول أحمد ولد‬
‫الحسن‪" :‬الحاصل مما أورده ابن عبد الوهاب في الحسوة واعتمده ابن حامد ان في ذرية أودي بن حسان‬
‫ثالثة رجال يس ّمى كل منهم داود وتتفرع منه قبائل يتطلب توضيحها الشكل التالي‪[ :‬أوال]‪ ،‬داود بن عروك‬
‫بن أودي بن حسان وأهم فروع ذريته أوالد زيد والجعافرة وأوالد علّوش‪ ،‬فهؤالء هم داود عروك‪[ .‬ثانيا]‪،‬‬
‫داود بن امح ّمد بن عثمان بن مغفر بن أودي بن حسان‪ ،‬وأه ّم فروع ذريته أوالد نخلة وأوالد بوفايده وأوالد‬
‫منصور وأوالد طلحة وأوالد بله‪ .‬فهؤالء هم داود امح ّمد‪[ .‬ثالثا]‪ ،‬داود بن عمران بن عثمان بن مغفر بن‬
‫أودي بن حسان وذريته هم داودات‪ 48".‬ومن المالَ َحظ أنه توجد اختالفات بين "كتاب التكملة" وكتاب‬
‫"الحسوة" فيما يخص أنساب القبائل الحسانية‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬نالحظ أن نص "كتاب التكملة" لم يذكر‬
‫قبيلة الرحاحلة في شجرة بني حسان‪ ،‬بينما ذكرها كتاب "الحسوة"‪ ،‬وعلى ذلك اۡلساس ربما أضيفت في‬
‫تحقيق "كتاب التكملة‪ ".‬لكن ال خالف بين "كتاب التكملة" وكتاب "الحسوة" حول نسب الجعافرة إلى داود‬
‫بن عروك بن أودي بن حسان‪ ،‬وهو ما تم تأكيده أيضا في تحقيق "كتاب التكملة‪".‬‬

‫وفي سياق الحديث عن تاريخ مدينة َودان وتحصيناتها‪ ،‬يروي لنا الحسين بن محنض رواية (لم يتضح لنا‬
‫مصدرها) تتحدث عن محلة مرابطية قديمة بنت قلعة حصينة بمدينة ودان‪ .‬فيقول‪" :‬تروي الرواية أن هذه‬
‫القلعة كانت على شكل دائرة تمتد من الجبل غربا لتنتهي عند سفحه شرقا‪ ،‬وبلغ سمك حائط السور حوالي متر‬

‫‪ 45‬سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ ،‬مخطوط "العارف التقي الشريف الحسني اإلمام بن سيدي المتقي الوداني الموطني [كذا] وبحاشية نبذة موجزة تزيد‬
‫معرفة في تاريخ وادان منذ سالف اۡلزمان‪ ،‬كتاب وثائقي‪ ،‬قام بجمعه ونشره سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ 1405 ،‬هـ‪1984/‬م‪.‬‬
‫‪" 46‬توطئة عامة" لـ "كتاب فتح الوهاب علي ا لحسوة البيسانية في اۡلنساب الحسانية ومحمد صالح ولد عبد الوهاب" (تحقيق وإشراف الزاوية العلمية والثقافية للعالمة‬
‫محم صالح وعبد الوهاب‪ ،‬عن مكتب الزاوية الحسن ولد ابراهيم ولد صالح ولد الرشيد‪ ،‬حقق بتاريخ ‪ 1414‬هجرية – الموافق ‪ 1993‬م‪ ،‬الطبعة اۡلولي‪ ،‬المطبعة الجديدة‪،‬‬
‫انواكشوط)‪.‬‬
‫‪ 47‬محمد فال بن باب العلوي‪" ،‬كتاب التكملة في تاريخ إمارتي البراكنة والترارزة"‪ ،‬تحقيق اۡلستاذ أحمد ولد الحسن‪ ،‬المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات‪،‬‬
‫بيت الحكمة‪[ ،‬تونس]‪ ،1986 ،‬ص ‪25‬ـ‪.26‬‬
‫‪ 48‬محمد فال بن باب العلوي‪" ،‬كتاب التكملة في تاريخ إمار تي البراكنة والترارزة"‪ ،‬تحقيق اۡلستاذ أحمد ولد الحسن‪ ،‬المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات‪،‬‬
‫بيت الحكمة‪[ ،‬تونس]‪ ،1986 ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪16‬‬
‫ونصف بينما بلغ ارتفاعه أربعة أمتار في اۡلماكن التي ال أبواب بها وضعف ذلك في المواضع التي فيها‬
‫أبواب‪ ،‬وكان لسور هذه القلعة أربعة أبواب الباب الشرقي (ويدعى باب المبروك) وهو أضخمها‪ ،‬وكان‬
‫مخصصا للقوافل القادمة من الشرق ومن الجنوب الشرقي‪ ،‬والباب الغربي (ويدعى باب الكصبة)‪،‬‬
‫وهومخصص للقوافل القادمة من التكرور أو من الشاطئ‪ ،‬أما البابان الشمالي والجنوبي فكانا مخصصين‬
‫لسكان القلعة ومواشيهم‪ .‬وكانت أبواب القلعة تحت حراسة دائمة من قبل حرس أشداء مسلحين لهم زي‬
‫خاص‪ .‬ولكل باب طبل يقرع قرعا خاصا عند اإلفتتاح وعند اإلغالق‪ .‬وحمت هذه القلعة ودان طيلة قرون‬
‫من أي غزو خارجي وستنبثق عن هذا العسكر قبائل كبارتيل وتركز وأوالد تيدرارين‪ 49".‬وال شك أن الجملة‬
‫اۡلخيرة تحتاج إلى مزيد من التوضيح والتوثيق وخاصة التوقيت‪ ،‬حيث أن مارمول—الذي كان مرافقا للقوات‬
‫المغربية أثناء حملة السعديين سنة ‪ 1544-1543‬م—يقول إن "ودان بلدة كبيرة ليست لها أسوار" وأنها تدين‬
‫بالوالء ۡلعراب لوديّات‪ ،‬المهيمنين على الصحراء من حولها‪ 50.‬وإذا كانت مالحظة مارمول دقيقة‪ ،‬فهذا‬
‫يشير إلى أنه إذا كان "قصر أوالد تيدرارين" يمثل حصنا أو قلعة في ودان فربما يكون تشييدُه الحقا وليس‬
‫سابقا للفترة السعدية‪ .‬يقول شوقي أبو خليل في كتابه "وادي المخازن‪ :‬معركة الملوك الثالثة—القصر‬
‫الكبير" إنه نظرا التاساع رقعة الدولة فقد أقام السعديون الكثير من المحطات في مختلف أرجاء البالد‪ ،‬يحميها‬
‫حراس مقيمون‪ ،‬وال يبعد بعضها عن بعض إال بمسافة عشرين كيلومترا‪ ،‬وتتوفر بهذه المحطات المؤن‬
‫‪51‬‬
‫الضرورية للمسافرين والقوافل المارة عبر القرى والبوادي‪.‬‬

‫ويقول محمد بن الحسن في كتابه "القبائل واۡلرياف المغربية في العصر الوسيط" إن هناك روايات‬
‫وتفسيرات عدة لكلمة "قصور" (اكصور‪ ،‬باللهجة اۡلعرابية المحلية) ‪ .‬فقد تعني آثار الخرائب‪ ،‬أو قصور‬
‫اۡلمراء‪ ،‬أوقالع وحصون ذات موضع استراتيجي ووظيفة دفاعية‪ .‬ويرجح الكاتب أن هذا التفسير اۡلخير‬
‫أقرب لفهم ظاهرة القصور كمجموعة من المنازل القائمة حول حصن أوقلعة أو محاطة بسور لحمايتها من‬
‫هجمات البدو‪ 52.‬ويذكر ضابط الترجمة الفرنسي مارتن أنه قدم إلى منطقة الواحات جنوب الجزائر سنة‬
‫‪ 1904‬ولمدة شهور طويلة كان ينتقل من قصر الى قصر يستجوب السكان ويفتش الدور القديمة والصناديق‬
‫العتيقة‪ .‬والحظ مارتن أن السكان يتمركزون في قرى أو قصور‪ ،‬وأن بعض العائالت قد تكون لها قصبات‪،‬‬
‫وأن بعض القصور يسكنها البربر‪ ،‬وبعضها يسكنها العرب‪ ،‬وكل القصور فيها سودان‪ .‬والحظ أنه عندما‬
‫يزداد عدد السكان تكون للقصر (عربيا كان أو بربريا) قصبة‪ .‬إذا كانت القصبة بربرية فإن سكان القصر‬
‫يتكونون من مختلف الشرائح االجتماعية وتكون القصبة في العادة غير مسكونة بل مخصصة لمخازن‬
‫التموين والغذاء وتكون ملجأ في حالة الطوارئ مثل هجوم معادي‪ ،‬فهي ميدان عمومي‪ .‬وعلى العكس من‬
‫هذا تكون القصبة في القصور العربية ملكية خاصة ۡلسرة أو تحالف أسري يحكمون القصر ويسكنون داخل‬
‫القصبة‪ 53.‬وقد ميّز ابراهيم حركات في كتابه "السياسة والمجتمع في العصر السعدي" بين "الدشور"‬
‫و"القصور"‪ ،‬حيث قال "والدشور عبارة عن تجمعات سكنية من القش والطين‪ ،‬وهي مفتوحة أي غير‬
‫‪54‬‬
‫مسورة‪ ،‬أما القصور فهي قرى محصنة تنتشر شرقا وجنوبا‪.‬‬

‫‪ 49‬الحسين بن محنض‪" ،‬تاريخ موريتانيا القديم والوسيط"‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،2010 ،‬ص ‪.158‬‬
‫‪ 50‬مارمول‪" ،‬إفريقيا لمارمول كرفجال"‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ترجمة عن الفرنسية‪ ،‬محمد حجي‪ ،‬محمد زنيبر‪ ،‬محمد االخضر‪ ،‬احمد التوفيق‪ ،‬احمد بن جلون‪ ،‬الربياط‪ ،‬مكتبة‬
‫المعارف‪Pierre Bonte, “Arabes, Berberes, Bavur: Lutte s de classement et identities ‘ethniques’ au sahara,” In Pratiques et .1984 ،‬‬
‫‪Strategies Identitaires au Sahara, 24-27 Fevrier 1999, Rabat, Publications de l’Institut des Etudes Africaines, Universite‬‬
‫‪mohammed V, 2001, Serie: Colloques et Séminaires (5), pp. 53-84.‬‬
‫‪ 51‬شوقي أبو خليل‪" ،‬وادي المخازن‪ :‬معركة الملوك الثالثة—القصر الكبير"‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،1988 ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ 52‬محمد بن الحسن‪ ،‬أستاذ بالجامعة التونسية‪ ،‬في كتابه "القبائل واۡلرياف المغربية في العصر الوسيط" (دار الرياح اۡلربع للنشر‪ ،‬تونس‪ ،1986 ،‬ص ‪.)187 ،185‬‬
‫‪A. G. P. [Alfred-Georges-Paul] Martin, Les Oasis Sahariennes—Gourara, Touat, Tidikelt, Paris Augustin Challamel, Editeur, 53‬‬
‫‪Tome I, 1908.‬‬
‫‪ 54‬ابراهيم حركات‪" ،‬السياسة والمجتمع في العصر السعدي"‪ ،‬نشر وتوزيع دار الرشاد الحديثة‪ ،‬الدار البيضاء‪1408 ،‬هـ‪1987/‬م‪ ،‬ص ‪.239‬‬

‫‪17‬‬
‫ومن ال ُكتاب الودانيين المعاصرين َمن ذكر "قصر أوالد تيدرارين" بودان‪ ،‬ومنهم من لم يذكره‪ .‬فالرواية التي‬
‫رواها لنا سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ 55‬حول "قصر أوالد تيدرارين" في ودان تثير أسئلة‬
‫واضحة وتنم عن اهتمام بالغ بالموضوع لكنها توحي بنوع من التحفّظ الذكي والحذِر حوله‪ .‬أما محمد اۡلمين‬
‫نسي أو تجاهل موضوع "قصر أوالد تيدرارين" في ودان‪ ،‬إذ من غير المعقول أن ال يكون‬ ‫َ‬ ‫بن الكتاب‪ 56‬فقد‬
‫على علم به‪ .‬وربما يعود هذا التجاهل وذاك التحفظ إلى اإلعتقاد (الصحيح‪ ،‬ربما) بأن أوالد تيدرارين ليسوا‬
‫في اۡلصل من أهل البلدة‪ ،‬فقد قدموا إلى ودان بشكل غير متوقع (ربما في الفترة السعدية) وارتحلوا كذلك‬
‫عثر على وثيقة عند أحد إيدَ َولحاج الذين يسكنون‬
‫بشكل مفاجئ في أواخر القرن الثامن عشر الميالدي‪ ،‬حيث ُ‬
‫ان يعود تاريخها إلى ‪ 1182‬هـ (‪ 1769/1768‬م) تتضمن وكالة أحد أوالد تيدرارين يُدعى الحاج أحمد‬ ‫َودَ ْ‬
‫الصغير لصديقه الطالب امحمد بن الحسين من إيدولحاج على أراضيه المتبقية في ودان وذلك بمناسبة‬
‫رحيله‪ 57.‬بعد ذلك ربما اختلطت في أذهان بعض أوالد تيدرارين وغيرهم رواية قدوم حنّين بن سرحان من‬
‫منطقة جبلية (يُفترض أنها ودَان موريتانيا) بالتاريخ الحقيقي إلقامة أوالد تيدرارين فترة من الزمن في مدينة‬
‫ودَان‪ ،‬فتعذر الوصول إلى الحقيقة وتشعبت الروايات والحكايات التي تثير الحيرة أحيانا‪ .‬وعلى هذا اۡلساس‬
‫فإن سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني كان ُم ِحقًّا وحذِرا عندما كتب أن تاريخ أوالد تيدرارين في‬
‫ودان "محاط ببعض الغموض"‪ ،‬حيث ال يُعرف من أين جاؤوا إلى ودان‪ ،‬وال متى أقاموا به‪ ،‬وما هي أهدافهم‬
‫فيه‪ ،‬ومتى ذهبوا عنه ولماذا‪ .‬وال بأس أن نستشهد بكامل الفقرة التي كتبها ابن عابدين سيدي وجعل عنوانها‬
‫"آمكونه"‪:‬‬

‫"توجد آمكونه على رأس جبل يقع على ضفة وادي وادان الجنوبية وهو جبل صغير تحيط به الرمال من كل‬
‫ناحية ويطل على بطحاء وادان ويقابل مدينة وادان على الضفة الثانية والجبل نفسه يسمى أكنَـ ِنّي ْذ وتقول‬
‫الرواية أن [كذا] الجبل كان يسكنه أوالد تيدرارين—أي أوالد آدراريْن آدرار سطف وآدرار الشرقي أي أن‬
‫هذه القبيلة كانت تسكن آدرار الشرقي وآدرار سطف وهو الغربي‪ ،‬ولكن تاريخهم محاط ببعض الغمور[ض]‬
‫حيث أني لم أتمكن من معرفة هويتهم الكاملة وال أعرف من أين جاؤوا وال متى أقاموا هناك وما هي أهدافهم‬
‫كانت ويروى أنه وقعت بينهم حرب أدت إلى نهايتهم هناك ولكن ال أعرف أيضا تاريخ هذه الحرب وال‬
‫أسبابها ويضرب المثل بانتفائهم ويقال "يخليكم خليت آمكونه" وتوجد لهم في سفح هذا الجبل حدائق وتقع‬
‫غربي الجبل‪ ،‬وذكر لي أحد الحاجيين أنه عثر على وثائق بعضها يتعلق بالحاج أحمد التيدراريني وكلها تتعلق‬
‫بالحدائق المذكورة وفي هذا داللة على أنهم كانوا يرتبطون بالحاجيين ارتباطا وثيقا وال أدل على ذلك من‬
‫مجاورتهم لهم ووثائقهم المودعة عندهم‪ .‬ولم تكن لهم عالقة سيئة بالحاجيين وتوجد منهم أسرة تقيم اآلن‬
‫بالسعودية وأمهم من الحاجيين وفي ذلك داللة على ارتباطهم بالحاجيين‪ ،‬ونجد رواية أخرى تقول إنهم انتفوا‬
‫بسبب صاعقة نزلت عليهم من السماء ولم يبق لهم من أثر هناك إال الحدائق أما ديارهم فقد أقام عليها‬
‫المستعمر الفرنسي دياره ومكاتبه عند ما دخل وادان وقد استنفد كل حجارتها في بناياته المحدودة وذلك ۡلن‬
‫‪58‬‬
‫القرية كانت صغيرة وقليلة البناء‪".‬‬

‫وذكر محمد اۡلمين بن الكتاب في كتابه "ودان‪ :‬التأسيس والمؤسسون وهجراتهم" (وهو باللغة الفرنسية) أن‬
‫"كوالنا وتِفتيل وتافرالَّ وتامكونة كانت قري تسكنها قبائل من مسوفة ولمتونة تحمل نفس اإلسم عند ما جاء‬

‫‪ 55‬سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ ،‬مخط وط "العارف التقي الشريف الحسني اإلمام بن سيدي المتقي الوداني الموطني [كذا] وبحاشية نبذة موجزة تزيد‬
‫معرفة في تاريخ وادان منذ سالف اۡلزمان‪ ،‬كتاب وثائقي‪ ،‬قام بجمعه ونشره سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ 1405 ،‬هـ‪1984/‬م‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪Mohamed Lemine Ould El Kettab, Ouadane: sa fondation, ses fondateurs et leurs mouvements migratoires, Nouakchott, 2003 . 56‬‬
‫‪ 57‬من وثيقة ملحقة برسالة‪ :‬المصطفى بن أحمدان‪" ،‬مساهمة في تاريخ وادان"‪ ،‬لنيل شهادة اإلجازة الجامعية المتريز‪ ،‬المدرسة العليا للتعليم‪ ،‬نواكشوط‪ ،‬موريتانيا‪،‬‬
‫‪ ،1985-1984‬ص ‪.34‬‬
‫‪ 58‬سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ ،‬مخطوط "العارف التقي الشريف الحسني اإلمام بن سيدي المتقي الوداني الموطني [كذا] وبحاشية نبذة موجزة تزيد‬
‫معرفة في تاريخ وادان منذ سالف اۡلزمان‪ ،‬كتاب وثائقي‪ ،‬قام بجمعه ونشره سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ 1405 ،‬هـ‪1984/‬م‪ ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪18‬‬
‫الحجاج الثالثة سنة ‪ 1142‬م من آغمات التي كانت عاصمة لمملكة مصمودية إلى حد بناء يوسف بن تاشفين‬
‫لمدينة مراكش‪ 59".‬وأشار إلى أن ودان لعب دورا أساسيا في تجارة القوافل الصحراوية وتجارة المحيط‬
‫اۡلطلسي‪ ،‬وأنه في عهد السعديين (محمد الشيخ وأحمد المنصور الذهبي) دخلت الحمالت العسكرية المغربية‬
‫ضد مملكة السونغاي مدينة ودان "دون أن تبقى فيها طويال" وذلك في سنوات ‪ 1544‬و ‪ 1584‬و ‪ 1591‬م‪.‬‬
‫وقال إن المغاربة لم يريدوا احتالل مدينة ودان وال اإلستيالء على منجم الملح بكدية الجلد القريب منها والذي‬
‫بقي في أيدي كنتا في ودان‪ .‬ولم يذكر محمد اۡلمين ولد الكتّاب في كتابه عن ودان أي شئ عن تاريخ قبيلة‬
‫أوالد تيدرارين في ودان وال عن "قصر أوالد تيدرارين" في ودان‪ ،‬الذي تحدث عنه سيدي محمد بن عابدين‬
‫سيدي الحاجي الواداني‪ ،‬والذي استخدم الفرنسيون بقايا خرائبه من الحجارة لبناء ديارهم ومكاتبهم عندما‬
‫دخلوا ودان في أوائل القرن العشرين‪ .‬ولم يذكر كذلك ما أشار إليه إبن عابدين سيدي من روابط قوية‬
‫وعالقات مودة بين إدولحاج وأوالد حنّين‪ ،‬ومن ذلك ما أفصح عنه محمد اۡلمين بن الكتّاب الحاجي الوداني‬
‫(وليس هو مؤلف كتاب "ودان‪ :‬التأسيس والمؤسسون وهجراتهم") من خالل الشعر الشعبي الذي كان يمدح‬
‫فيه أوالد بوغنبور من أوالد تيدرارين وينسبهم إلى اۡلنصار‪ ،‬كما سنرى الحقا‪.‬‬

‫نسب أوالد حـنـين‬

‫سابة والمؤرخين والعامة أنهم ينتسبون إلى الخزرج من بني قيلة‬ ‫من المتواتر عند أوالد حنّين وغيرهم من الن ّ‬
‫ين بن سرحان بن عبد الوليد بن الحسن بن محمد بن ُكـلَ ْي بن‬ ‫‪60‬‬ ‫اۡلنصار‪ ،‬حيث أن ال َجد المؤسس للقبيلة هو ح ِنّ ْ‬
‫أبى دجانة اۡلنصارى الخزرجى رضى هللا عنه‪ .‬وقبل الحديث عن نسب أوالد حنّين إلى اۡلنصار‪ ،‬سوف‬
‫يفتخر‬
‫ُ‬ ‫نُقدم كلمة عن اۡلنصار‪ ،‬وخاصة في العهد النبوي‪ ،‬وعن بعض أعالمهم‪ ،‬وخاصة أبي دجانة الذي‬
‫ويعتز أوالد حنّين كثيرا باإلنتساب إليه‪ .‬فقد جاءت تسمية "اۡلنصار" من القرآن العظيم‪ ،‬حيث أثنى هللا‬ ‫ُّ‬
‫ونوه بإيمانهم باهلل ورسوله‪ ،‬وأشاد بإيوائهم إلخوتهم المهاجرين‪ ،‬وث ّمن دورهم‬ ‫سبحانه وتعالى على اۡلنصار‪ّ ،‬‬
‫في انتصار اإلسالم على الشرك‪ ،‬ورضي عنهم ورضوا عنه‪ ،‬وأعد لهم جنات تجري تحتها اۡلنهار خالدين‬
‫ار َوٱلَّذِينَ ٱت َّ َبعُو ُهم‬ ‫ص ِ‬ ‫س ٰـ ِبقُونَ ۡٱۡل َ َّولُونَ ِمنَ ۡٱل ُم َه ٰـ ِج ِرينَ َو ۡٱۡلَن َ‬ ‫"وٱل َّ‬ ‫فيها أبدا‪ ،‬ذلك الفوز العظيم‪ .‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫ۡ‬ ‫ً۬‬ ‫ۡ‬
‫عدَّ لَ ُه ۡم َجنَّ ٰـ ً۬ت ت َۡج ِرى ت َۡحت َ َها ٱۡل َ ۡن َه ٰـ ُر َخ ٰـ ِلدِينَ فِي َہا ٓ أ َ َبدًاۚ ذَٲلِكَ ٱلفَ ۡو ُز‬ ‫ع ۡنهُ َوأ َ َ‬
‫ضواْ َ‬ ‫ع ۡن ُہ ۡم َو َر ُ‬ ‫ى َّ‬
‫ٱّلِلُ َ‬ ‫س ٰـ ً۬ن َّر ِ‬ ‫ِبإ ِ ۡح َ‬
‫ض َ‬
‫ع ِة‬‫سا َ‬ ‫ار ٱلَّذِينَ ٱت َّ َبعُوهُ فِى َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ۡ‬
‫ى َوٱل ُم َه ٰـ ِج ِرينَ َوٱۡلَن َ‬ ‫ۡ‬ ‫علَى ٱلنَّ ِب ِ ّ‬ ‫اب َّ‬
‫ٱّلِلُ َ‬ ‫ۡٱل َع ِظي ُم" (التوبة ‪ .)100‬وقال تعالى‪" :‬لَّقَد ت َّ َ‬
‫وف َّر ِحي ً۬ ٌم" (التوبة ‪ .)117‬وقال‬ ‫علَ ۡي ِه ۡمۚ ِإنَّهُ ۥ ِب ِه ۡم َر ُء ً۬ ٌ‬ ‫يق ِ ّم ۡن ُه ۡم ث ُ َّم ت َ‬
‫َاب َ‬ ‫وب فَ ِر ً۬‬ ‫ڪادَ َي ِزي ُغ قُلُ ُ‬‫ۡٱلعُ ۡس َر ِة ِم ۢن َبعۡ ِد َما َ‬
‫ص ُر ٓواْ أ ُ ْولَ ٰـ ٓ ِٕٮكَ‬
‫ٱّلِلِ َوٱلَّذِينَ َء َاوواْ َّونَ َ‬ ‫س ِبي ِل َّ‬ ‫تعالى‪ِ " :‬إ َّن ٱلَّذِينَ َءا َمنُواْ َوهَا َج ُرواْ َو َج ٰـ َهدُواْ ِبأَمۡ َوٲ ِل ِه ۡم َوأَنفُس ِِہ ۡم فِى َ‬
‫ٱّلِلِ َوٱلَّذِينَ‬ ‫س ِبي ِل َّ‬ ‫"وٱلَّذِينَ َءا َمنُواْ َوهَا َج ُرواْ َو َج ٰـ َهدُواْ ِفى َ‬ ‫ضۚ ً۬" (ااۡلنفال ‪ ً۬ .)72‬وقال تعالى‪َ :‬‬ ‫ض ُہ ۡم أ َ ۡو ِل َيا ٓ ُء َبعۡ ً۬‬ ‫َبعۡ ُ‬
‫"وٱلَّذِينَ تَبَ َّو ُءو‬ ‫ً۬‬ ‫ً۬‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ص ُر ٓواْ أ ْولَ ٰـ ٓ ِٕٮكَ ُه ُم ٱل ُم ۡؤ ِمنُونَ َحقًّاۚ لَّ ُهم َّم ۡغ ِف َرة ٌ َو ِر ۡز ٌق َك ِري ً۬ ٌم" (اۡلنفال ‪ .)74‬وقال تعالى‪َ :‬‬ ‫َء َاوواْ َّونَ َ‬

‫‪Mohamed Lemine Ould El Kettab, Ouadane: sa fondation, ses fondateurs et leurs mouvements migratoires, Nouakchott, 2003. 59‬‬
‫وقد وصلتني رسالة بالبريد اۡللكتروني يوم ‪ 29‬يناير ‪ 2017‬م من الدكتور محمد عبد هللا الشريف رئيس قسم الصناعات الغذائية بكلية العلوم الهندسية والتقنية في جامعة‬
‫سبها بليبيا يقول فيها إن ما لفت انتباهه في مقال "لمحة تاريخية عن قبيلة أوالد حنّين اۡلنصارية" هو ِذ كر "قرية كوالن بودان بموريتانيا‪ ".‬وذكر أنه ينتسب إلى اۡلشراف‬
‫اۡلدارسة بمدينة ودان الليبية وأن جدهم يسمى محمد وكنيته "كوالن" وأنه قدم إلى ليبيا منذ حوالي ‪ 600‬سنة تقريبا‪ .‬وذكر أن لهم عالقة باۡلشراف القالقمة في موريتانيا‬
‫وأن لهم أقارب في وادان الموريتانية وهم أحفاد سيدي محمد المدعو الكوالني‪ .‬وطلب مني إضافة المالحظة التالية ‪" :‬ومدينة كوالن اسستها قديما قبيله بربريه تدعى‬
‫كوالنه وهي مندمجه مع الجنس االفريقي وبينهم مصاهره وقد عاش فيها باالضافه الى اخواننا االنصار السيد الشريف عيسى بن عثمان بن اسماعيل بن عبدالوهاب بن‬
‫يوسف بن سعيد بن عامر بن يحي بن عبدالرحمن بن احمد بن المولى االمام ادريس االزهر بن المولى االمام ادريس االكبر‪ .‬وقد خلف ذريته فيها والزال بعضهم يقيمون‬
‫بمدينة وادان المجاورة لها وهناك فرع منهم يعيش في مدينة ودان الليبية وفرع ثالث في جنوب المملكة المغربية" [في مدينة طاطا]‪ .‬وذكر أن نسب جدهم ورد في عدة‬
‫كتب منها كتاب النسب الشريف لمؤلفه سيدي ابي العباس احمد ابن الشيخ المرحوم عبدهللا البكري‪.‬‬
‫ي هذا اإلسم من خط علي بن احمد بن محمد من فخذ العبوبات في شهر ابريل من سنة ‪1941‬م؛ إال أن‬ ‫"عبد الوليد"‪ ،‬هكذا نقل هارون بن الشيخ سيد ّ‬
‫‪60‬‬

‫ميكل مولينا اإلسباني نقل إسم "عبد الراقد" (بدال من "عبد الوليد") من وثائق رئيس القبيلة عبد هللا بن الخراشي بن محمد من فخذ أهل الطالب علي في‬
‫شهر ديسمبر من سنة ‪1952‬م‪ .‬وأخيرا‪ ،‬كتب محمد عند هللا السليماني اۡلنصاري إسم "عبد الملك" (بدال من إسم "عبد الوليد") ولم نطلع على سند ذلك‬
‫بعد‪ .‬ومهما يكن فإن "عبد الوليد" و"عبد الراقد" من اۡلسماء الملفتة لإلنتباه‪ ،‬حيث أن اإلسم الواقع بعد "عبد" غالبا ما يكون من أسماء هللا الحسنى خاصة‬
‫ي (وقد تكون بحوزة بعض‬ ‫في البالد التي تدين بمذاهب أهل السنة؛ وال يزال البحث متواصال للحصول على الوثيقة التي نقل منها هارون بن الشيخ سيد ّ‬
‫العبوبات) والوثيقة التي نقل منها ميكل مولينا (وقد تكون بحوزة بعض أهل الطالب علي‪ ،‬أو بحوزة بعض الدوائر الحكومية في المغرب)‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ً۬‬
‫ُوره ِۡم َحا َجةً ِ ّم َّما ٓ أُوتُواْ َويُ ۡؤثِ ُرونَ َ‬
‫علَ ٰ ٓى‬ ‫صد ِ‬‫َّار َوٱ ۡ ِإلي َم ٰـنَ ِمن قَ ۡب ِل ِه ۡم ي ُِحبُّونَ َم ۡن هَا َج َر إِلَ ۡي ِہ ۡم َو َال يَ ِجدُونَ فِى ُ‬
‫ٱلد َ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ٌ‬ ‫ً۬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ش َّح نَف ِسِۦه فأ ْول ٰـ ٓ ِٕٮكَ ُه ُم ٱل ُمف ِل ُحونَ " (الحشر ‪.)9‬‬ ‫صةۚ َو َمن يُوقَ ُ‬ ‫صا َ‬‫أَنفُس ِِہ ۡم َول ۡو َكانَ بِ ِہ ۡم َخ َ‬
‫َ‬

‫وجاء في صحيح البخاري‪ ،‬باب حب اۡلنصار من اإليمان‪ ،‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"اۡلنصار ال يحبهم إال مؤمن وال يبغضهم إال منافق‪ ،‬فمن أحبهم أحبه هللا‪ ،‬ومن أبغضهم أبغضه هللا‪ ".‬وجاء‬
‫في مسند أحمد أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬إن اۡلنصار عيبتي التي أويت إليها‪ ،‬فاقبلوا من‬
‫محسنهم‪ ،‬واعفوا عن مسيئهم‪ ،‬فإنهم قد أدوا الذي عليهم‪ ،‬وبقي الذي لهم ‪ ".‬وجاء أيضا في مسند أحمد عن‬
‫أبي سعيد الخدري قال‪( :‬لما أعطى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا في قريش‬
‫وقبائل العرب ولم يكن في اۡلنصار منها شيء‪ ،‬وجد هذا الحي من اۡلنصار في أنفسهم‪ ،‬حتى كثرت فيهم‬
‫القالة‪ ،‬حتى قال قائلهم‪ :‬لقي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قومه‪ ،‬فدخل عليه سعد بن عبادة فقال‪ :‬يا رسول‬
‫هللا إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت‪ ،‬قسمت في قومك وأعطيت‬
‫عطايا عظاما ً في قبائل العرب ولم يكن في هذا الحي من اۡلنصار شيء‪ ،‬قال‪ :‬فأين أنت من ذلك يا سعد قال‪:‬‬
‫يا رسول هللا ما أنا إال امرؤ في قومي وما أنا من ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة‪ ،‬قال‪ :‬فخرج‬
‫سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة‪ ،‬قال‪ :‬فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا‪ ،‬وجاء آخرون فردهم‪،‬‬
‫فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال‪ :‬قد اجتمع لك هذا الحي من اۡلنصار‪ ،‬قال‪ :‬فأتاهم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫فحمد هللا وأثنى عليه بالذي هو له أهل‪ ،‬ثم قال‪" :‬يا معشر اۡلنصار ما قالة بلغتني عنكم ووجدة وجدتموها في‬
‫أنفسكم؟ ألم آتكم ضالالً فهداكم هللا؟ وعالة فأغناكم هللا؟ وأعداء فألف هللا بين قلوبكم؟ قالوا‪ :‬بل هللا ورسوله‬
‫أمن وأفضل‪ ،‬قال‪ :‬أال تجيبونني يا معشر اۡلنصار؟ قالوا‪ :‬وبماذا نجيبك يا رسول هللا؟ هلل و لرسوله المن‬
‫والفضل‪ ،‬قال‪ :‬أما وهللا لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصدقتم‪ ،‬أتيتنا مكذبا ً فصدقناك‪ ،‬ومخذوالً فنصرناك‪ ،‬و طريدا ً‬
‫فآويناك‪ ،‬وعائالً فأغنيناك‪ ،‬أوجدتم في أنفسكم يا معشر اۡلنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ً ليسلموا‬
‫ووكلتكم إلى إسالمكم‪ ،‬أفال ترضون يا معشر اۡلنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول هللا ‪-‬‬
‫في رحالكم‪ ،‬فو الذي نفس محمد بيده‪ ،‬لوال الهجرة لكنت امرءا ً من اۡلنصار‪ ،‬ولو سلك الناس ِشعبا ً وسلكت‬
‫اۡلنصار ِشعبا ً لسلكتُ شعب اۡلنصار‪ ،‬اللهم ارحم اۡلنصار‪ ،‬وأبناء اۡلنصار‪ ،‬وأبناء أبناء اۡلنصار"‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم‪ ،‬و قالوا‪ :‬رضينا برسول هللا قسْما ً و حظاً‪ ،‬ثم انصرف رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه و سلم وتفرقنا‪".‬‬

‫سان بن ثابت في رثائه للنبي صلى هللا عليه وسلم إلى عمق هذه العالقة بين‬
‫وكما سنرى الحقا‪ ،‬يشير ح ّ‬
‫اۡلنصار والنبي الكريم‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬

‫ب في سواء ال َمل َحد‬ ‫بعد ال ُمغَيَّ ِ‬ ‫ورهط ِه‬


‫ِ‬ ‫يا َو ْي َح أنصار النبي‬
‫سودا ً وجو ُههم كلون اإلثْ ِمد‬ ‫ْ‬
‫فأصبحت‬ ‫ضاقت باۡلنصار البالدُ‬
‫وفضو ُل ِنعمتِه بنا لم يُج َح ِد‬ ‫ولقد ولَدْناه ‪ ،‬وفينا ُ‬
‫قبرهُ‬
‫أنصاره في كل ساعة َمشه ِد‬ ‫َ‬ ‫وهللاُ أكرمنا به وهدى به‬
‫والطيبون على المبارك أحم ِد‬ ‫ف بعرشه‬ ‫صلى اإلله ومن ي ُح ُّ‬

‫ويذكر أبو الفرج اۡلصبهاني في كتاب "اۡلغاني" أنه عند ما قال حاجب معاوية "اۡلنصار بالباب"‪ ،‬قال‬
‫عمرو بن العاص‪ :‬ما هذا اللقب‪ ،‬يعني لقب اۡلنصار‪ ،‬الذي جعلوه نسبا‪ ..‬فقال معاوية ناد من كان بالباب من‬
‫اۡلوس والخزرج‪ ،‬فدخل اۡلنصار يتقدمهم النعمان بن البشير وهو يقول‪:‬‬

‫اۡلنصار‬
‫ِ‬ ‫نسب نجيب به سوى‬ ‫يا سعدُ ال تجب النداء‪ ،‬فما لنا‬

‫‪20‬‬
‫أثقل به نسبا على الكفـــــــــار‬ ‫نسب تخيره اإلله لقومنــــــــا‬
‫يوم القليب هم وقود النــــــــار‬ ‫أن الذين ثووا ببدر منكـــــــم‬

‫فتراجع معاوية عن غيّه وترضى النعمان وقضى حوائج اۡلنصار‪.‬‬

‫وينتسب اۡلوس والخزرج إلى قبيلة اۡلزد‪ ،‬ويجتمعون مع أمهم "قيلة" عند عامر ماء السماء‪ .‬فهما‬
‫إبنا حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس البطريق بن‬
‫ثعلبة البهلول بن مازن بن اۡلزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهالن بن سبأ بن يشجب بن‬
‫يعرب بن قحطان‪ .‬وقد عقب اۡلوس ولدا واحدا بينما عقب الخزرج خمسة أوالد‪ ،‬ولهذا كان الخزرج‬
‫أكثر عددا من اۡلوس‪ ،‬فصار الناس يُطلقون إسم الخزرج على الفريقين اۡلوس والخزرج‪ .‬ومما‬
‫يشير إلى كثرة الخزرج مقارنة باۡلوس أنه لما قام بضع وسبعون من اۡلنصار بمبايعة رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم ليلة العقبة الثانية‪ ،‬اختاروا اثني عشر نقيبا‪ ،‬تسعة من الخزرج وثالثة من اۡلوس‪.‬‬
‫وكانت راية اۡلنصار في اإلسالم مع سعد بن عبادة بن د ُليم وكان أمير الخزرج في الجاهلية‬
‫واإلسالم‪ ،‬وكان مشهورا بالكرم وحسن الضيافة‪ 61.‬ومن أعظم الحروب الثالثة الكبرى التي عرفها‬
‫العرب في الجاهلية حرب بُعاث (وهو اسم حصن) بين اۡلوس والخزرج‪ ،‬وكانت مدمرة مثلما كانت‬
‫حرب البسوس بين بكر وتغلب‪ ،‬وحرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان‪ .‬ومن شعراء حرب بُعاث‬
‫حسان بن ثابت الخزرجي وقيس بن الخطيم اۡلوسي‪ .‬ويوم بعاث كان لألوس على الخزرج وقتل فيه‬
‫رئيس اۡلوس خضير بن سماك اۡلشهلي‪ ،‬ورئيس الحزرج عمرو بن النعمان‪ .‬وبعد هذه الحرب‬
‫من هللا على اۡلنصار بأن ألف هللا بين قلوبهم عند ما بايعوا رسول هللا صلى‬‫المدمرة والعداء الشديد ّ‬
‫وآو ْوهُ في المدينة‪ ،‬فكانوا أول قبيلة أسلمت على يد رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫هللا عليه وسلم بالعقبة َ‬
‫وسلم‪ .‬وجاهدوا معه حتى فُتحت مكة وانتصر اإلسالم في شبه الجزيرة العربية‪ .‬وينقل لنا ابن سعد‬
‫في "الطبقات الكبرى" أنه لما قبض رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لم يكن يجمع القرآن من أصحابه‬
‫غير أربعة نفر كلهم من اۡلنصار‪ ،‬وأن من بين هؤالء من خرج الحقا (في خالفة عمر بن الخطاب)‬
‫إلى حمص ودمشق وفلسطين ليعلم أهل الشام القرآن‪ .‬ويقول الدكتور محمد عزب دسوقي في كتابه‬
‫"القبائل العربية في بالد الشام منذ ظهور االسالم إلى نهاية العصر االموي" إن اۡلنصار من اۡلوس‬
‫ص ِفّين مع علي بن أبي طالب دون معاوية بن أبي سفيان الذي لم يكن معه‬ ‫والخزرج كانوا في حرب ِ‬
‫منهم سوي رجلين هما‪ :‬النعمان بن بشير بن سعد اۡلنصاري و َمسلمة بن ُمخَلد اۡلنصاري‪ .‬واستشهد‬
‫على ذلك بأن قيس بن سعد بن عبادة قال‪" :‬وأما معاوية فوهللا لو اجتمعت عليه العرب قاطبة لقاتلتْه‬
‫مستدرجا بغرور؟! أين‬
‫َ‬ ‫اۡلنصار‪ ...‬يا نعمان هل ترى مع معاوية إال طليقا أو أعرابيا أويمانيا‬
‫‪62‬‬
‫المهاجرون واۡلنصار والتابعون باحسان الذين رضي هللا عنهم؟!"‬

‫وقد دفع اۡلنصار ثمنا باهظا بسبب انحيازهم إلى جانب علي ضد معاوية‪ .‬يقول ابن خلدون إن اۡلنصار‬
‫سوا فيمن درس من اۡلمم" في أعقاب يوم ال َح َّرة (حرة بني زهرة) سنة ‪ 63‬هـ عندما استلحمهم جنود يزيد‬
‫"دَ َر ُ‬
‫بن معاوية بقيادة مسلم بن عقبة المري من غطفان‪ .‬ويقال إنه قتِل في ذلك اليوم سبعون بدريا من المهاجرين‬
‫واۡلنصار‪" ،‬وكانت إحدى ال ُكبر التي أتاها يزيد"‪ ،‬ومنها قتل الحسين بن علي رضي هللا عنهما‪ .‬وجاء في‬
‫"تاريخ اإلسالم" للذهبي أن جميع من أصيب من قريش واۡلنصار يوم الحرة ثالثمائة وستة رجال‪ .‬وتذهب‬

‫‪ 61‬أحمد الجدع‪" ،‬نسب اۡلنصار اۡلوس والخزرج"‪ ،‬دار الضياء‪ ،‬عمان‪ ،‬اۡلردن‪ ،2001 ،‬ص ‪ .16‬ثامر عبد الحسن العامري‪" ،‬موسوعة العشائر العراقية"‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني‪ ،‬دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪ ،1992 ،‬الطبعة اۡلولي‪ ،‬ص ‪.242-235‬‬
‫‪ 62‬الدكتور محمد عزب دسوقي‪" ،‬القبائل العربية في بالد الشام منذ ظهور اإلسالم الى نهاية العصر اۡلموي"‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ .1998 ،‬وقد ذكر الطبري‬
‫في "تاريخ الرسل والملوك" أنه عندما اجتمع اۡلنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة استبقهم عمر بن الخطاب فبايع أبا بكر‪" ،‬فقالت اۡلنصار‪ ،‬أو بعض‬
‫اۡلنصار‪ ،‬ال نبايع إال عليا ً‪ ".‬وقد قيل إن عليا بن أبي طالب كان أكثر المهاجرين قبوال لدى اۡلنصار‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫مصادر أخرى إلى أنه قتل يوم الحرة من ح َملة القرآن سبع مائة‪ .‬وذكر القرطبي في تفسيره للقرآن قول‬
‫الشاعر في يوم الحرة‪" :‬أال تِلكم اۡلنصار تبكي سراتها‪ ،‬وأشجع تبكي معقل بن سنان‪ ".‬وهكذا أُجبِر اۡلنصار‬
‫على الهجرة من دار الهجرة‪ ،‬وهي المركز الحضري اۡلول في شبه الجزيرة العربية آنذاك‪ .‬وخالل المراحل‬
‫اۡلولى من التاريخ اإلسالمي هاجر الكثير من العرب حتى قيل إنه لم يبق في شبه الجزيرة العربية إال الذين ال‬
‫يستطيعون حيلة وال يهتدون سبيال‪ .‬وبما أن اۡلنصار هم في اۡلساس من عرب اۡلمصار‪ ،‬فربما اختار أغلبهم‬
‫الهجرة إلى العراق والشام ومصر والمغرب واۡلندلس على حياة الترحال في بادية شبه الجزيرة العربية‪.‬‬
‫وهكذا تفرق اۡلنصار في اۡلمصار‪ .‬وذكر يونس الشيخ ابراهيم السامرائي في كتابه "القبائل العراقية" أن‬
‫عشيرة الخزرج واۡلوس انتشروا في اۡلقطار وتفرقوا كثيرا‪ ،‬فال تُعرف لهم مجموعة كبيرة‪ 63.‬وقد أشار إلى‬
‫البعض من ذلك ياسر بن حميد بن حامد آل عبد الوهاب اۡلنصاري في كتابه "تاريخ قبائل اۡلنصار في سائر‬
‫تطرق إلى منازل اۡلنصار حديثا وذكر أشهر العائالت المقيمة اليوم في مناطق‬
‫البلدان واۡلقطار"‪ ،‬حيث َّ‬
‫الحجاز(مثل الشيوخ اۡلنصار‪ ،‬وبركات‪ ،‬وآل الشعاب‪ ،‬وآل أبو الجود‪ ،‬وآل عبد الغفار‪ ،‬وخيري‪ ،‬وبركات‬
‫الفضلي‪ ،‬وبيت عابد)‪ ،‬ونجد (مثل آل الشريدة‪ ،‬وآل عبيد‪ ،‬والجامع‪ ،‬وآل عبد القادر)‪ ،‬وجيزان (مثل النماز‪،‬‬
‫‪64‬‬
‫والشرواني)‪ ،‬واليمن‪ ،‬والخليج العربي‪ ،‬والعراق‪ ،‬والشام‪ ،‬ومصر‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫ي الحظنا من‬ ‫وبعد وصولنا إلى دولة اإلمارات العربية المتحدة في فاتح رمضان ‪ 1432‬هـ‪ ،‬قمنا ببحث أ ّ ّول ّ‬
‫خالله انتشارا كبيرا للقبائل اۡلنصارية في دولة اإلمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان‪ ،‬وخاصة قبائل النعيم‬
‫الكبيرة (آل بوشامس وآل بوخريبان)‪ 65‬والساعدة‪ 66‬والزريقيين (وأحيانا تُنطق على قاعدة "القلب المكاني"‪:‬‬
‫الرزيقيين) وغيرهم‪ 67.‬ويبدو أنهم اشتهروا في الغالب بالعلم والصالح واإلصالح بين الناس‪ .‬ومن أشهرهم‬

‫‪ 63‬يونس الشيخ ابراهيم السامرائي‪" ،‬القبائل العراقية" الجزء اۡلول‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مصححة ومنقحة‪ ،‬مكتبة الشرق الجديد‪ ،‬بغداد‪.1989 ،‬‬
‫‪ 64‬ياسر بن حميد بن حامد آل عبد الوهاب اۡلنصاري‪" ،‬تاريخ قبائل اۡلنصار في سائر البلدان واۡلقطار"‪ ،‬مكة المكرمة‪1431/8/1 ،‬هـ‪،‬‬
‫‪ ،Abuomar994@hotmail.com‬نسخة ألكترونية‪ ،‬أرسلها لي المؤلف—مشكورا—يوم ‪ 28‬مايو ‪ 2012‬م‪ .‬ثم تحدثت معه هاتفيا وهو في مكة‬
‫المكرمة‪.‬‬
‫الريكي‪ ،‬في كتاب "لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب"‪ ،‬درسه وحققه وعلق عليه أ‪.‬د‪ .‬عبد هللا الصالح‬ ‫‪ 65‬يقول حسن بن جمال بن أحمد ِ ّ‬
‫العثَيمين‪ ،‬دارة الملك عبد العزيز‪ ،‬الرياض‪1426 ،‬هـ‪2005/‬م [وقع الفراغ من تحرير هذا الكتاب ‪1233‬هـ‪1817/‬م]‪" :‬وأما قبيلة النُّعَيْم فهي قبيلة كبيرة‬
‫تبلغ عددا ً عشرين ألفا أكثرهم بدو يسكنون قبلة عن الب َُريْمي"‪" ،‬ونُعَيْم ترجع نسبا إلى قحطان"‪ ،‬ص ‪ .269‬ويقول ماجد سبَّر في كتابه "القبائل‬
‫والصراعات السياسية والقبلية اإلمارات قطر البحرين المنطقة الشرقية‪ ،‬في تقارير الضباط المعتمدين البريطانيين‪ ،‬القرنين الثامن عشر والتاسع عشر‪"،‬‬
‫سنّة من مدرسة الحنابلة"‪،‬‬ ‫ترجم قسما من نصوص الوثائق صخر الحاج حسين‪ ،‬بيت الوراق للطباعة والنشر والتوزيع‪2010 ،‬م ‪" :‬وفي عمان فإن النعيم ُ‬
‫سنّة المالكيين"‪ ،‬ص ‪ .31‬وإلى قبيلة النعيم ينتسب الحكام الحاليين إلمارة عِجمان في دولة اإلمارات‬ ‫ص ‪" ،30‬والنعيم في البحرين وقطر هم من ال ُّ‬
‫العربية المتحدة‪.‬‬
‫‪ 66‬وم ّمن لقينا منهم اۡلخ العزيز مكتوم سعيد الساعدي من البريمي بسلطنة عمان‪ ،‬يوم اۡلربعاء ‪ 30‬مايو ‪ 2012‬في مدينة العين‪.‬‬
‫‪ 67‬تشير المراجع التالية إلى جوانب هامة من جغرافية وتاريخ ونسب ونفوذ قبائل اۡلنصار بالمنطقة‪ ،‬وخاصة قبائل النعيم‪ :‬ماجد سبَّر‪" ،‬القبائل و‬
‫الصراعات السياسية والقبلية‪ :‬اإلمارات‪ ،‬قطر‪ ،‬البحرين‪ ،‬المنطقة الشرقية في تقارير الضباط و المعتمدين البريطانيين‪ :‬القرنيين الثامن عشر و التاسع‬
‫المطوع‪" ،‬الجواهر والآللي في‬ ‫ّ‬ ‫عشر"‪ ،‬ترجم قسما من نصوص الوثائق صخر الحاج حسين‪ ،‬بغداد‪ :‬شركة دار الوراق‪ 2010 ،‬م؛ عبد هللا بن صالح‬
‫تاريخ عمان الشمالي"‪ ،‬حققه وقدم له الدكتور فالح حنظل‪ ،‬الطبعة اۡلولى‪1414 ،‬هـ‪1994/‬م‪ ،‬مطبوعات مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي؛‬
‫الدكتورة فاطمة الصايغ‪" ،‬اإلمارات العربية المتحدة من القبيلة إلى الدولة"‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬العين‪2000 ،‬؛ محمد سليمان الطيب‪" ،‬قبائل دولة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪ :‬عن أنسابها وفروعها وديارها وأعالمها‪ ،‬الدار الوطنية الجديدة للنشر والتوزيع‪ ،‬الخبر‪ ،‬المملكة العربية السعودية"؛ حميد بن‬
‫سلطان بن حميد الشامِ سي‪"،‬نقل اۡلخبار في وفيّات المشايخ وحوادث هذه الديار"‪ ،‬كتاب يبحث في تاريخ وتراث اإلمارات العربية وعمان والخليج‬
‫العربي‪ ،‬مراجعة فالح حنظل‪ ،‬الطبعة اۡلولى‪1406 ،‬هـ‪1986/‬م؛ خالد بن محمد القاسمي‪" ،‬التاريخ الحديث والمعاصر لدولة اإلمارات العربية المتحدة"‪،‬‬
‫القسم اۡلول‪ ،‬الطبعة اۡلولى ‪1998‬م‪1419-‬هـ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1999‬م‪1420-‬هـ‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اسكندرية؛ بترسون‪" ،‬القبائل والسياسة في‬
‫شرقي شبه الجزيرة العربية"‪ ،‬ترجمة حسين علي اللبودي ومراجعة محمود ابو العال‪ ،‬قسم الجغرافيا والجمعية الجغرافية الكويتية‪ ،‬جامعة الكويت‪،‬‬
‫‪1399/1979‬؛ سالم بن حمود السّيابي‪" ،‬إسعاف اۡلعيان في أنساب أهل عمان"‪ .‬من ناحية أخرى وردت إشارات عابرة أو مالحظات في هوامش‬
‫بعض المصادر تشير إلى انتساب النعيم لقبيلة اۡلزد الحالية تارة‪ ،‬وإلى بني هاشم تارة أخرى؛ انظر علي بن سالم البادي‪" ،‬ترنيمة ال ُحداة في نسب وتاريخ‬
‫قبيلة البداة"‪ ،‬تقديم الشيخ د‪ .‬طارق بن صقر النعيمي وسعادة أ‪ .‬علي بن محمد المطروشي‪ ،‬الطبعة الثانية‪2010 ،‬م‪ .‬وقد بعث لي—مشكورا—نسختين‬
‫صرح لجريدة قديمة أنه ينتسب إلى‬ ‫من كتابه في مايو ‪2012‬م‪ .‬وتحدثت معه هاتفيا وهو في دولة قطر‪ ،‬وذكر لي أن والد حاكم إمارة عجمان الحالي ّ‬
‫الخزرج‪ ،‬وقال لي إنه ينوي نشر هذا التصريح قريبا‪ .‬واست شهد بما ذكره الشيخ المؤرخ السيابي في كتابه "العنوان عن تاريخ عمان" حيث يقول "اعلم‬
‫أن النعيم وآل بوشامس قبيلة واحدة‪ ...‬وهم قوم من اۡلنصار‪ " .‬وذكر أن المؤرخ عمران بن العويس الشامسي قال له إن آل بوشامس "من مازن من‬
‫اۡلزد‪ ،‬وبالتحديد من الخزرج‪ ،‬وهذا ما توارثوه وما يعرفونه‪ ".‬ومع أن علي بن سالم البادي أكد على أن "النسب المشهور للنعيم هو الخزرج"‪ ،‬وأن هذا‬

‫‪22‬‬
‫في هذا المجال أسرة الفقيه الشاعر الشيخ محمد الخزرجي (‪1338‬هـ‪1919/‬م‪1425--‬هـ‪2004/‬م) بن الشيخ‬
‫أحمد بن الشيخ حسن بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد هللا بن أحمد بن هالل من عشيرة بني زريق‬
‫من بني الحارث من قبيلة الخزرج اۡلنصارية‪ 68.‬وأخوال الشيخ محمد الخزرجي هم آل بو فالس‪ ،69‬كما أن‬
‫له خؤوالت في قبائل المزاريع‪ ،‬و آل بو حمير‪ ،‬والشحوح‪ ،‬واۡلوس من اۡلنصار‪ .‬وقد تولى وظيفة القضاء‬
‫في أبوظبي سنة ‪1379‬هـ‪1959/‬م‪ ،‬وتدرج في الوظائف حتى مرت عليه مدة من الزمن وهو وزير ۡلربع‬
‫وزارات في وقت واحد‪ ،‬وتولى منصب وزير العدل واۡلوقاف قرابة عشرين سنة‪ .‬وكان صديقا حميما مقربا‬
‫للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ 70.‬ومن الذين التقينا بهم من أسرة‬
‫الشيخ محمد الخزرجي نجلُه الدكتور الشيخ أحمد الخزرجي الحامل لقب ْي "خادم اآلثار النبوية الشريفة"‬
‫و"أمير اۡلنصار"‪ ،‬والحاصل على شهادة الدكتوراه سنة ‪1996‬م بقسم الدراسات العربية واإلسالمية في‬
‫جامعة أكستر البريطانية‪ .‬وقد قال عنه الشاعر المستشار محمد عبد الرحمن آل معاوية‪:‬‬

‫"قول قوي ومتواتر عندهم"‪ ،‬فقد رجح انتساب النعيم إلى قبيلة اۡلزد‪ ،‬حيث قال في الهامش في الصفحة ‪" :80‬وقول الخزرج ال يستطيع أي باحث‬
‫منصف في قبيلة النعيم أن يغفل عنه‪ ،‬و لكن الذي أراه أن القول بأنهم من بني نعم من الحدان بن شمس أقرب للصواب‪ ،‬فالباحث عبيد بن راشد بن عبيد بن‬
‫مفتاح بالركن الشامسي الذي يعكف حاليا على إعداد كتاب عن قبيلة النعيم والشوامس قد أطلعني مشكورا على بعض المخطوطات وبعض الكتابات القوية‬
‫التي تؤيد هذا القول‪ ".‬ويقول الشيخ فرحان عبد العزيز المسلط ["أمير قبائل الجبور في سوريا والعراق والمملكة العربية السعودية‪ ،‬وعموم أرجاء‬
‫الوطن"] في كتابه "أنساب القبائل العربية وفق المصادر التاريخية" (دار الشجرة للنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ 2002 ،‬م)‪" :‬إن عشائر النعيم كثيرة الفروع‬
‫والمن ازل‪ ،‬وهي متوزعة في كل مكان من بالد الشام في قضاء حمص وسلمية‪ ،‬وفي محافظة حلب‪ ،‬في أقضية الباب ومنبج وجبل سمعان وجسر الشغور‬
‫وفي الفرات بالرقة ويقطن قسم منهم في دمشق وأقضية دمشق والجوالن والقنيطرة‪ ،‬ولهم أتباع كثر في العراق في كركوك‪ ،‬وبوادي الموصل‪ ،‬وهم من‬
‫اۡلشر اف الهاشميين وفي نظر البدو هم من السادة ويقسمون إلى حضر أهل زرع وإلى رحل أهل ضرع‪ ".‬ص ‪ .381‬هـ‪ ./‬ومن المالحظ أن الشيخ‬
‫كال من آل سعود وآل صباح وآل خليفة‬ ‫فرحان عبد العزيز المسلط لم يُشر في كتابه إلى مصادره عن عشائر النعيم‪ .‬وعلى نفس المنوال نسب الكاتب ًّ‬
‫إلى عنزة ص ‪ .349‬هـ‪ ./‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ِي اآلبا ُء"‪ .‬وقال أيضا‪" :‬فإن زريقا من بني الحارث الذي لهم في‬ ‫ن‬
‫َ َ‬‫ْ‬ ‫ت‬‫م‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫باب‬‫ح‬‫ُ‬ ‫ال‬ ‫وإلى‬ ‫ورافع‪،‬‬ ‫عوف‬ ‫بن‬ ‫عمرو‬ ‫إلى‬ ‫"إني‬ ‫‪ 68‬يقول الشيخ محمد الخزرجي‪:‬‬
‫عمان موكب وجالل"‪ .‬دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬اللجنة العليا للتراث والتاريخ‪" ،‬ديوان فضيلة الشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن الشيخ حسن‬
‫الخزرجي"‪ ،‬الطبعة اۡلولى‪1419 ،‬هـ‪1998/‬م‪ ،‬أشرف على طبعه ومراجعته حسن بن سالمة فرح‪ ،‬ص ‪.190 ،19‬‬
‫‪ 69‬وهم الذين ورد نسبهم إلى اۡلزد في كتاب "نقل اۡلخبار في وفيّات المشايخ وحوادث هذه الديار" (تأليف حميد بن سلطان بن حميد الشامِ سي‪ ،‬كتاب‬
‫يبحث في تاريخ وتراث اإلمارات العربية وعمان والخليج العربي‪ ،‬مراجعة فالح حنظل‪ ،‬الطبعة اۡلولى‪1406 ،‬هـ‪1986/‬م)‪ .‬يقول الشيخ محمد‬
‫ي إذا انتمى‪ ،‬فأبوهُ عمرو ذو العال المقدا ُم"‪ .‬دولة اإلمارات‬‫ي اۡلب َّ‬ ‫ت‪ ،‬في كل محمدة لهم أعال ُم‪ ..‬إن الفالس َّ‬ ‫الخزرجي‪" :‬أخوالي الغُ ُّر الكرام و َمن س َم ْ‬
‫العربية المتحدة‪ ،‬اللجنة العليا للتراث والتاريخ‪" ،‬ديوان فضيلة الشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن الشيخ حسن الخزرجي"‪ ،‬الطبعة اۡلولى‪،‬‬
‫‪1419‬هـ‪1998/‬م‪ ،‬أشرف على طبعه ومراجعته حسن بن سالمة فرح‪ ،‬ص ‪.190 ،19‬‬
‫‪ 70‬وقد جاء في وصف الشيخ محمد آل هالل الخزرجي للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة اإلمارات العربية المتحدة أنه كان "ذو همة عالية‬
‫وعبقرية فذة‪ ،‬يحب اإلحسان ويرتاح إلى الجميل‪ ،‬سليم القلب قوي الشكيمة جلد مهاب غير هياب‪ ،‬متواضع كأنه أحد أفراد شعبه‪ ،‬لم تطغه المادة‪ ،‬ولم‬
‫تعصف به رياح الرئاسة‪ ،‬الحياء صفته‪ ،‬والكرم خلقه‪ ،‬والمحمدة غايته‪ ،‬واإليثار هدفه‪ ،‬والمعروف سبيله‪ ،‬له المآثر الشامخة واآلثار القائمة‪ ".‬وقد أشار‬
‫الشيخ محمد الخزرجي في قصيدته التي مطلعها "يا بارق الشرق قد حركت أشجاني فطار نومي ولم يحلل بأجفاني"‪ ،‬أشار إلى أن آل نهيان شيوخ‬
‫ي حالحل من قحطان مسكنه في منبت الذروة‬ ‫قبيلة بني ياس وشيوخ دولة اإلمارات العربية المتحدة ينتسبون إلى كهالن من قحطان عند ما قال‪" :‬ح ٌّ‬
‫وجيزان "‪ .‬ويؤيد الشيخ محمد الخزرجي ما ذكره صاحب كتاب "المنتخب في ذكر‬ ‫ِ‬ ‫ومكرمةً فرعُ الملوك لنجران‬
‫ُ‬ ‫س َم ْوا مجدا ً‬
‫العليا لكهالن‪ ..‬بنو هالل َ‬
‫قبائل العرب" من أن بني ياس قبيلة واحدة (ال قبائل متحالفة) ترجع في نسبها إلى بني ياس بطن من حبشيَّةَ من خزاعةَ من اۡلزد‪ .‬ويقول إن رمز‬
‫"صبيان أوالد زايد" جاء من تقارب نسب الدواسر (من داسر من ذرية زايد من بني وداعة من اۡلزد) وخزاعة وهما من كهالن‪ .‬الشيخ محمد بن أحمد‬
‫بن الشيخ الحسن‪" ،‬العادات والتقاليد في دولة اإلمارات العربية المتحدة"‪ ،‬طبع على نفقة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة حفظه هللا‪ ،‬الطبعة الثانية‪ 1983 ،‬م — ‪ 1404‬هـ‪ ،‬ص ‪3‬ــ‪ .4‬دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬اللجنة العليا للتراث والتاريخ‪،‬‬
‫"ديوان فضيلة الشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن الشيخ حسن الخزرجي"‪ ،‬الطبعة اۡلولى‪1419 ،‬هـ‪1998/‬م‪ ،‬أشرف على طبعه ومراجعته حسن بن سالمة‬
‫فرح‪ ،‬ص ‪ .248‬من ناحية أخرى جاء في رسالة بعنوان "قليعات بني زريق" موجهة إلى "سعادة السيد أحمد بن زكريا اۡلنصاري المحترم"‪ :‬أن جزيرة‬
‫القسم "كانت تابعة لعمان ويقطن فيها من القبائل العربية الكماليون وهم من ذرية عمرو بن عوف‪ ،‬وبنو تميم والقواسم وآل بو معين وهم حكامها وزعاب‬
‫والرميثات من بني ياس وآل سعد والبالبيل وآل اليماني والسادة ومنهم المدني وبعض النباهنة" [وفي هذا السياق اتصلتُ هاتفيا بالدكتور محمد بن حبيب‬
‫الكمالي الخزرجي رئيس محكمة الشارقة‪،‬االستئناف‪ ،‬رقم الهاتف‪ ،0503344444 :‬يوم ‪ 7‬يونيو ‪ ،2012‬فوجدتُ أن تيلفونه كان مغلقا‪ .‬ثم اتصلتُ‬
‫بالشيخ احمد بن الشيخ عبد الرحمان الكمالي‪ ،‬عجمان‪ ،‬رقم الهاتف‪ ،0506334458 :‬وتحدثتُ معه هاتفيا وقال لي إن أسرة الكماليين التي ينتمي إليها هو‬
‫والدكتور محمد حبيب المذكور أعاله يُعتبرون من ذرية عبد الر حمان بن عوف من بني زهرة من قريش]‪ .‬دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬اللجنة العليا‬
‫للتراث والتاريخ‪" ،‬كلمات لها تاريخ وحدث"‪ ،‬الطبعى اۡلولى‪ ،‬سنة ‪1414‬هـ‪1993/‬م‪ ،‬للشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن الشيخ حسن الخزرجي‪ ،‬ص ‪-107‬‬
‫‪.110‬‬

‫‪23‬‬
‫‪71‬‬
‫نشأت في كنف الشيخ العظيم علـــى حسن الخالق وما بدلت تبديـــــــال‪".‬‬

‫ويقول ثامر عبد الحسن العامري إن قسما كبيرا من عشيرة الخزرج انتقل إلى الشام فأطلق عليهم هناك إسم‬
‫"الغساسنة"‪ ،‬والبعض اآلخر توجه صوب العراق‪ ،‬ليتوزع بين محافظتي نينوى وديالي وقضاء بلد وناحية‬
‫الضلوعية وقضاء الفارس وبغداد والفلوجة‪ ،‬أما نخوة الخزرج‪ ،‬فهي "سنا عيس"‪ ،‬وهي نخوة شمر أيضا‪.‬‬
‫ويذكر الشيخ محمد الخزرجي‪" :‬ففي العراق الخزرج واۡلوس قليل عددهم رفيع مقامهم‪ .‬وهناك قبيلة في‬
‫العراق اسمها الخزرج كثيرة العدد وهم بطن من قضاعة‪ 72".‬ويقول الشيخ ماجد ناصر الزبيدي إن عشيرة‬
‫الخزرج في العراق تتكون من اۡلفخاذ التالية‪ :‬المعامير وفيهم رئاستهم (قضاء الفارس)‪ ،‬البو حيدر (منطقة‬
‫الضلوعية)‪ ،‬أهل شطيطة (بلد وقضاء الفارس)‪ ،‬الحمامدة (قضاء الفارس)‪ ،‬الرحاحلة (بغداد وديالي وقضاء‬
‫الفارس)‪ ،‬الفرج (محافظة ديالي وقضاء الفارس)‪ ،‬البوسيان أو البوهالل (محافظة بغداد وقضاء الفارس)‪،‬‬
‫البوسليمان (ضواحي قضاء الفارس وبابل)‪ ،‬البوصافي (قضاء الفارس)‪ ،‬البيانيين (بغداد وقضاء الفارس)‪،‬‬
‫البوشلش (بعقوبة)‪ ،‬النزارات (النجف اۡلشرف)‪ ،‬بيت الصفار (الموصل)‪ ،‬الشنادلة (اليوسفية)‪ ،‬الكركجية‬
‫(الموصل)‪ ،‬الجوابر (محافظة بغداد)‪ ،‬البويوسف (محافظة ديالي)‪ ،‬الكرنة (بغداد)‪ ،‬النواعيس (ديالي)‪،‬‬
‫ِب ثامر عبد الحسن العامري رؤسا َء عشيرة الخزرج‬ ‫الجاللوة (ديالي)‪ ،‬العبد هللا (البوسياب (ديالي)‪ 73.‬ويَنس ُ‬
‫ع ِلي خان (جد العربان) بن منيف بن جنديل‪ ،‬كما يُقدم بعض التفاصيل حول البطون‬ ‫في العراق إلى َ‬
‫"المنتسبة" والبطون "المتفرعة" عن عشيرة الخزرج‪ .‬ويقول إن أفخاذ عشيرة الخزرج اۡلكثر في بغداد‬
‫‪74‬‬

‫هي‪ :‬الجوابر‪ ،‬النواعس‪ ،‬العبد هللا‪ ،‬الكرنة‪ ،‬البو سليمان؛ واۡلكثر في ديالي هي‪ :‬البو سيف‪ ،‬البو حجي‪ ،‬العبد‬
‫هللا‪ ،‬البو محمد‪ ،‬البو سيدي‪ ،‬البو حيدر‪ ،‬الجاللوة‪ ،‬البو سعيدة‪ ،‬التركي‪ 75.‬ومن الجدير بالذكر أن عشيرة‬
‫الخزرج في العراق تضم أتباع المذهب السني وأتباع المذهب الشيعي‪ .‬ولم نعثر حتى اآلن على قبيلة عربية‬
‫كبيرة تحمل إسم "الخزرج" غير التي في العراق‪ .‬وممن كنّا على اتصال بهم من عشيرة الخزرج في العراق‬
‫في إطار هذا البحث الدكتور محمد هادي المنصور في بغداد‪ .‬وكنا قد سألناه عما إذا كان ۡلبي دجانة‬
‫اۡلنصاري الخزرجي ذرية معروفة اليوم في العراق‪ .‬وحتى اآلن ما زالت اۡلوضاع اۡلمنية في العراق‬
‫تحول دون متابعة هذا الموضوع‪.‬‬

‫أبو دجانة صاحب سيف رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬صحابي مشهور واسمه سماك بن خرشة وقيل سماك‬
‫بن أوس بن خرشة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن‬
‫الخزرج اۡلكبر‪ .‬شهد بدرا وأ ُحدا مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وقاتل قتاال شديداً‪ ،‬وأعطاه رسول هللا‬
‫شجاعة‪ ،‬وكان‬ ‫صلَّى هللا عليه وسلَّم يومئذ سيفا ً فأعطاه حقَّه‪ .‬كان يعصب رأسه بعصابة حمراء شعارا ً له بال َّ‬
‫َّ‬
‫"إن هذه لمشية يبغضها هللا إال في هذا الموطن‪".‬‬ ‫يتبختر عند الحرب‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫وعن معركة يوم أحد‪ ،‬يقول إبن خلدون في "تاريخ إبن خلدون"‪" :‬وأعطى عليه السالم سيفه إلى أبي دجانة‬
‫شةَ من بني سا ِعدة‪ ،‬وكان شجاعا ً بطالً يختال عند الحرب‪ ...‬ووصل العدو إلى رسول هللا صلى‬ ‫سماك بن خ َْر َ‬

‫‪ 71‬نشكر اۡلخ أحمد المي الياسيني‪ ،‬إمام مسجد الشافعي في مدينة أبو ظبي‪ ،‬على ترتيب اللقاء مع أمير اۡلنصار‪ ،‬بتاريخ ‪ 4‬مايو ‪ 2012‬م‪ .‬كما نشكر‬
‫الدكتور أحمد الخزرجي على المعلوما ت القيمة والمراجع والمصادر التي ساعدتني في هذه النقطة بالذات من بحثي‪ ،‬وخاصة المعلومات الواردة في‬
‫"نبذة من حياة سيدي الوالد الشيخ محمد الخزرجي"‪ ،‬والتي أرسلها لي بالبريد اۡللكتروني يوم ‪ 26‬مايو ‪ 2012‬م‪.‬‬
‫‪ 72‬دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬اللجنة العليا للتراث والتاريخ‪" ،‬كلمات لها تاريخ وحدث"‪ ،‬الطبعى اۡلولى‪ ،‬سنة ‪1414‬هـ‪1993/‬م‪ ،‬للشيخ محمد بن‬
‫الشيخ أحمد بن الشيخ حسن الخزرجي‪ ،‬ص ‪.120‬‬
‫‪ 73‬الشيخ ماجد ناصر الزبيدي‪" ،‬معجم العشائر العراقية" (الجزء اۡلول‪ ،‬دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ 1426 ،‬هـ‪ 2005/‬م‪ ،‬ص ‪.)470-467‬‬
‫‪ 74‬يقول ثامر عبد الحسن العامري إن العشائر المتفرعة (أي التي ليست منها نسبا) من عشيرة الخزرج‪ ،‬هي‪ :‬عشيرة عبدة وزكاريط ‪ ،‬وعشيرة الغرير‪ ،‬وعشيرة ساعدة‬
‫المعروفة (السواعد)‪ ،‬وعشيرة آل زيرج (االزرك)‪ ،‬وعشيرة الكرنة ‪ .‬ويشير أيضا إلى أن عشيرة الرحاحلة من تفرعات الخزرج وتنتسب في اۡلصل إلى عشائر جليحة‬
‫[جيم عراقية] التي تنتسب إلى عشائر كندة‪ .‬ثامر عبد الحسن العامري‪" ،‬موسوعة العشائر العراقية"‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪ ،1992 ،‬الطبعة‬
‫اۡلولي‪ ،‬ص ‪ . 242-235‬ثامر عبد الحسن العامري‪" ،‬موسوعة العشائر العراقية"‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪ ،1992 ،‬الطبعة اۡلولي‪ ،‬ص ‪،177‬‬
‫‪.182‬‬
‫‪ 75‬ثامر عبد الحسن العامري‪" ،‬موسوعة العشائر العراقية"‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪ ،1992 ،‬الطبعة اۡلولي‪ ،‬ص ‪.242-235‬‬

‫‪24‬‬
‫ع َميْر صاحب اللواء دونه حتى قتل‪ ،‬وجرح رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬ ‫هللا عليه وسلم‪ .‬وقاتل مصعب بن ُ‬
‫في وجهه‪ ،‬وكسرت رباعيتُة اليمنى السفلى بحجر‪ ،‬وهشمت البيضة في رأسه‪ ...‬وأكبت الحجارة على رسول‬
‫ومص‬
‫ّ‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم حتى سقط من بعض حفر هنالك‪ ،‬فأخذ علي بيده‪ ،‬واحتضنه طلحة‪ ،‬حتى قام‪.‬‬
‫الم ْغفَر في وجهه صلى هللا‬ ‫ق ِ‬ ‫الدم من جرحه مالك بن سنان الخدري والد أبي س ِعيد‪ ،‬ونشبت َح ْلقَتان من َحلَ ِ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فانتزعهما أبو عبيدة بن ال َجراح وعض عليهما فندرت ثنايتاه فصار أهتم‪ .‬ولحق المشركون‬
‫وكر دونه نفر من المسلمين فقتلوا كلهم‪ .‬وكان آخرهم عمار بن يزيد بن‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ّ ،‬‬
‫ض المشركين وأبو دجانة يقي النبي صلى هللا عليه وسلم بظهره وتقع فيه‬ ‫السكن‪ .‬ثم قاتل طلحة حتى أجْ َه َ‬
‫ۡ‬
‫س ٱلقَ ۡو َم‬ ‫ۡ‬ ‫ً۬‬ ‫ُ‬
‫س ۡسك ۡم قَ ۡر ٌح فَقَد َم َّ‬ ‫النبل فال يترك‪ ".‬وقد أشار القرآن العظيم إلى مصيبة يوم أحد بقوله تعالى‪" :‬إِن يَمۡ َ‬
‫َّ‬
‫ٱّلِلُ َال ي ُِحبُّ ٱلظ ٰـ ِل ِمينَ "‬ ‫ش َہدَآ َءۗ َو َّ‬‫ٱّلِلُ ٱلَّذِينَ َءا َمنُواْ َويَت َّ ِخذَ ِمن ُك ۡم ُ‬
‫اس َو ِليَعۡ لَ َم َّ‬‫قَ ۡر ً۬ ٌح ِ ّم ۡثلُهُ ۥۚ َوتِ ۡلكَ ۡٱۡلَيَّا ُم نُدَا ِولُ َها بَ ۡينَ ٱلنَّ ِ‬
‫علَ ٰ ٓى‬ ‫س ُلۚ أَفَإِيْن َّماتَ أ َ ۡو قُتِ َل ٱنقَلَ ۡبت ُ ۡم َ‬ ‫سو ً۬ ٌل قَ ۡد َخلَ ۡت ِمن قَ ۡب ِل ِه ُّ‬
‫ٱلر ُ‬ ‫"و َما ُم َح َّمدٌ إِ َّال َر ُ‬‫(آل عمران ‪ ،)140‬وقوله تعالى‪َ :‬‬
‫ڪ ِرينَ " (آل عمران ‪ .)144‬شارك أبو‬ ‫ٱّلِلُ ٱل َّ‬
‫ش ٰـ ِ‬ ‫سيَ ۡج ِزى َّ‬ ‫ً۬‬
‫ٱّلِلَ ش َۡيـاۗ َو َ‬ ‫ع ِقبَ ۡي ِه فَلَن يَ ُ‬
‫ض َّر َّ‬ ‫علَ ٰى َ‬ ‫أ َ ۡعقَ ٰـبِ ُك ۡمۚ َو َمن يَنقَ ِل ۡب َ‬
‫دجانة في معركة اليمامة أيام حروب الردة‪ ،‬وشارك في قتل مسيلمة الكذاب‪ ،‬وقيل إن أبا دجانة استشهد‬
‫يومئذ‪ ،76‬وقيل إنه استشهد يوم صفين مع علي بن أبي طالب رضي هللا عنهما‪ .‬وذكر الواقدي في كتاب‬
‫"فتوح الشام" أن العباس بن مرداس السلمي وأبا دجانة اۡلنصاري كانا من بين اۡلمراء الذين أرسلهم عمرو‬
‫الم ْنيَا المصرية الحالية)‪ .‬ولما استدعى عمرو‬ ‫بن العاص من مصر إلى الصعيد لفتح مدينة البهنسا (بمحافظة ِ‬
‫بن العاص العباس بن مرداس السلمي وأ ّمره على خمسمائة فارس وسلمه الراية توجه العباس وهو يقول‪:‬‬

‫أنا العـبـاس ذو رأي قـويـــــم معي سادات آل بني سـلـيـــم‬


‫أدل بهم حماة البغـي لـمـــــــا ترى الهيجاء كالليل البهـيـــم‬
‫وسيفي ماضي الحدين أضحى ۡلهل الشرك والموت العميم‬
‫به أفني الطغاة بكـــــــل أرض وأقـتـل كـل أفـاك أثـيــــــــم‬
‫ونحن بنو سلـيم خـير قــــــوم هدينا للصراط المسـتـقـيــــم‬

‫ولما استدعى عمرو بن العاص أبا دجانة اۡلنصاري وأ ّمره على خمسمائة فارس وسلمه الراية توجه أبو‬
‫دجانة وهو يقول‪:‬‬

‫جهرا ً ۡلهل الكفر والطغيــان‬ ‫أسير باسم الواحد الـمـنــــان‬


‫بكل هندي مبـيد الـجــــــــان‬ ‫أذيقهم ضربا ً علـى اۡلبــــدان‬
‫صلى عليه الملـك الـديـــــان[؟]‬ ‫أنصر دين مصطفى العدناني‬
‫ما ناح قمري على اۡلغصان‬ ‫وآله والصحـب واإلخـــــوان‬

‫ويقول الواقدي لقد دُفن بمدينة البهنسا خمسة آالف من الصحابة والتابعين‪ ،‬من بينهم "إبن أبي دجانة‬
‫اۡلنصاري"‪ ،‬ولم يذكر اسمه‪ .‬وبعد افتتاح مدينة البهنسا أقام خالد بن الوليد ومن معه بها شهرا ً كامالً‪ ،‬ثم‬
‫أخرج ُخمس الغنائم وأرسله لعمرو بن العاص ومن معه من المسلمين وهو نازل بمصر على قدر سهامهم‪،‬‬
‫وقال له "أرسل ال ُخمس مع أبي نعيم اۡلنصاري والفضل بن فضالة وأبي دجانة إلى عمر بن الخطاب وهو‬
‫بالمدينة‪ ".‬فأين هذا من أبي دجانة صاحب سيف رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الذي قيل إنه استشهد في‬
‫اليمامة في عهد أبي بكر الصديق رضي هللا عنه‪ ،‬وقيل في صفين في عهد علي بن أبي طالب رضي هللا عنه؟‬
‫ويقول محمد بن سعد في "الطبقات الكبرى" إن أ َّم أبي دجانة هي حزمة بنت حرملة من بني سليم بن‬

‫أحمد الجدع‪" ،‬نسب اۡلنصار اۡلوس والخزرج"‪ ،‬دار الضياء‪ ،‬عمان‪ ،‬اۡلردن‪ ، 2001 ،‬ص‪.263‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪25‬‬
‫منصور‪ ،‬وإنه كان له من الولد خالد‪ ،‬وأمه من بني سليم كذلك‪ .‬وقال "وۡلبي دجانة عقب اليوم بالمدينة‬
‫وبغداد"‪ ،‬وهو الذي كنا سألنا عنه الدكتور محمد هادي المنصور‪ .‬ويقول كل من إبن اۡلثير في كتاب "أسد‬
‫الغابة" وإبن حجر العسقالني في كتاب "اۡلصابة في معرفة الصحابة" إن خالد بن أبي دجانة اۡلنصاري كان‬
‫من الذين شهدوا صفين من الصحابة‪ .‬وهذه الروايات المختلفة تطرح تساؤالت عدة وتحتاج إلى التأكد من‬
‫لي" (وقيل‬‫مكان وزمان وفاة أبي دجانة‪ ،‬ومعرفة عدد أوالده ومكان وزمان وفاتهم‪ ،‬ومعرفة ما إذا كان " ُك ْ‬
‫اسمه أوس) الوارد في شجرة أوالد حنّين هو إبن أبي دجانة أم من أوالد أوالده أو حفدته‪ ،‬ومعرفة ما إذا كان‬
‫محمد بن أوس بن ثابت اۡلنصاري الذي دخل المغرب (قيل مع عقبة نافع وقيل مع موسى بن نصير) كفاتح‬
‫لي الوارد في شجرة أوالد حنّين‪ .‬وفي الوقت الحاضر ال نملك أجوبة كافية وشافية لهذه‬ ‫هو محمد بن ُك ْ‬
‫التساؤالت مع أننا أطلعنا على عدد ال بأس به من المصادر كالتي ذكرنا سابقا‪ ،‬وغيرها مثل "جذوة المقتبس‬
‫في ذكر والة اۡلندلس" للحميدي (‪419‬ــ‪487‬هـ)‪ ،‬و"معالم اإليمان في معرفة أهل القيروان‪ "،‬لمصنفه أبي‬
‫زيد عبد الرحمان بن محمد اۡلنصاري اۡلسيدي الدباغ (‪696-605‬هـ)‪ .‬ويقول الدكتور أحمد الخاني إن أبا‬
‫دجانة "بطل لم ينصفه المؤرخون‪ 77".‬وربما يكون سبب ذلك انحيازه القوي لعلي بن أبي طالب ضد معاوية‬
‫بن أبي سفيان‪ ،‬حيث صار البعض من أتباع المذهب الشيعي يعُدّونه من "رواد التشيّع اۡلوائل" في حياة‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (انظر مثال‪" ،‬كتاب هوية التشيع" للوائلي)‪ .‬وللحديث بقية إن شاء هللا‪ .‬ومن‬
‫أبرز اۡلعالم اآلخرين لألنصار‪:‬‬

‫أنس بن مالك بن النضر‪ ،‬أبو حمزة اۡلنصاري الخزرجي النجاري‪ ،‬صاحب رسول هللا وخادمه إلى أن قبض‪،‬‬
‫دعا له النبي بالبركة في المال والولد وطول العمر‪ ،‬أحد المكثرين من الرواية عنه‪ ،‬روى له الجماعة‪ ،‬شهد‬
‫الحديبية وعمرة القضاء والحج والفتح وحنينا‪ ،‬وقيل شهد خيبر‪ ،‬استعمله أبو بكر على صدقة البحرين‪.‬‬

‫البراء بن عازب بن الحارث بن عدي‪ ،‬أبو عمارة اۡلنصاري الخزرجي‪ ،‬صحابي قائد من أصحاب الفتوح‪،‬‬
‫أسلم صغيرا وغزا مع رسول هللا خمس عشرة غزوة‪ ،‬استصغره النبي يوم بدر وشهد أحدا‪ ،‬أمره عثمان على‬
‫الري‪ ،‬وشهد مع علي الجمل وصفين والنهروان‪ ،‬وله في الصحيحين ‪ 305‬حديث‪ ،‬وروى له الجماعة‪ ،‬ت ‪71‬‬
‫هـ [االصابة‪ ،‬أسد الغابة‪ ،‬تهذيب التهذيب‪ ،‬اۡلعالم]‪.‬‬

‫جابر بن عبد هللا بن عمرو بن حرام‪ ،‬أبو عبد هللا اۡلنصاري الخزرجي السلمي‪ ،‬صحابي إبن صحابي‪ ،‬شهد‬
‫العقبة والمشاهد كلها إال بدرا وأحدا‪ ،‬أحد المكثرين من الرواية عن النبي‪ ،‬روى له الجماعة‪ ،‬وكانت له في‬
‫أواخر أيامه حلقة بالمسجد النبوي ويؤخذ فيها العلم‪ ،‬كف بصره قبل موته‪ ،‬ت ‪ 78‬هـ‪.‬‬

‫الحباب بن المنذر بن الجموح بن زيد بن حرام‪ ،‬أبو عمرو اۡلنصاري الخزرجي السلمي‪ ،‬شهد بدرا وكان لواء‬
‫الخزرج معه وأشار على النبي فيها‪ ،‬وشهد المشاهد كلها‪ ،‬وشهد سقيفة بني ساعدة‪ ،‬توفي في خالفة عمر‬
‫وليس له عقب‪.‬‬

‫خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة‪ ،‬أبو أيوب اۡلنصاري الخزرجي‪ ،‬من بني النجار‪ ،‬صحابي جليل‪ ،‬شهد العقبة‬
‫وسائر المشاهد‪ ،‬وكان شجاعا صابرا تقيا محبا للغزو والجهاد‪ ،‬نزل النبي في بيته شهرا بعد الهجرة حتى‬
‫بنيت بيوته‪ ،‬وشهد غزو القسطنطينية ومرض فأوصى أن يوغل به في أرض العدو‪ ،‬فلما توفي دفن في أصل‬
‫حصن القسطنطينية‪ .‬له ‪ 155‬حديثا‪ ،‬روى له الجماعة‪ ،‬ت ‪ 52‬هـ‪.‬‬

‫‪ 77‬الدكتور أحمد الخاني‪ ،‬أبو دجانة صاحب س يف رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( ،‬للناشئين) سلسلة قصص‪ :‬أبطال من مدرسة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬الطبعة‬
‫اۡلولى‪ ،‬الرياض‪1424 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫زيد بن ثابت بن الضحاك‪ ،‬اۡلنصاري الخزرجي‪ ،‬من أكابر الصحابة كاتب الوحي وقدوة الفرضيين‪ ،‬روى له‬
‫الجماعة‪ ،‬ولد في المدينة ونشأ بمكة‪ ،‬وهاجر مع النبي‪ ،‬تفقه في الدين فكان رأسا في القضاء والفتيا والقراءة‬
‫والفرائض‪ ،‬وأحد الذين جمعوا القرآن في عهد النبي‪ ،‬كتب المصحف ۡلبي بكر ثم لعثمان‪ ،‬ت ‪ 45‬هـ‪.‬‬

‫عبادة بن دُليم بن حارثة بن أبي خزيمة‪ ،‬أبو ثابت اۡلنصاري الخزرجي‪ ،‬صحابي جليل‪ ،‬روى له‬ ‫سعد بن ُ‬
‫أصحاب السنن‪ ،‬سيد الخزرج وأحد اۡلمراء اۡلشراف في الجاهلية واإلسالم‪ ،‬شهد العقبة وأحدا والخندق‪،‬‬
‫واختلف في شهوده بدرا‪ ،‬ت ‪ 14‬هـ‪ .‬جاء في "الطبقات الكبرى" أنه كان يكتب بالعربية‪ ،‬ويحسن العوم‬
‫والرمي‪ ،‬ويقال له الكامل‪ ،‬وكان مشهورا بالجود هو وأبوه وجده وولده‪ .‬كان يُرسل إلى رسول هللا صلى هللا‬
‫صحفة كل ليلة‪ .‬وكان يقول‪ :‬اللهم ارزقني ماال‪ ،‬فال تصلُح الفعال إال بالمال‪ .‬وكان له أطم ينادي‬‫عليه وسلم ب ُ‬
‫عليه ك ّل يوم من أحب الشحم واللحم فليأت أطم دُليم بن حارثة‪.‬‬

‫سعد بن معاذ بن النعمان بن امريء القيس‪ ،‬أبو عمر اۡلنصاري اۡلوسي‪ ،‬صحابي كبير القدر‪ ،‬روى له‬
‫البخاري‪ ،‬من اۡلبطال‪ ،‬سيد اۡلوس وحامل لوائهم يوم بدر‪ ،‬وشهد أحدا وثبت فيها‪ ،‬وكان من أطول الناس‬
‫مي بسهم يوم الخندق فمات من أثر جرحه‪ ،‬حكم في مواليه بني قريظة بحكم هللا‪ ،‬ت ‪ 5‬هـ‪.‬‬
‫وأعظمهم حيلة‪ُ ،‬ر َ‬

‫عبادة بن الصامت بن قيس‪ ،‬أبو الوليد اۡلنصاري الخزرجي‪ ،‬من سادات الصحابة‪ ،‬ومن الموصوفين‬
‫بالورع‪ ،‬أحد النقباء بالعقبة‪ ،‬وأحد من جمعوا القرآن زمن النبي‪ ،‬شهد بدرا والمشاهد كلها‪ ،‬وآخى النبي بينه‬
‫وبين أبي مرثد الغنوي‪ ،‬وهو أول من ولي القضاء بفلسطين‪ ،‬له ‪ 181‬حديثا‪ ،‬اتفق مسلم والبخاري على ستة‬
‫منها‪ ،‬روى له الجماعة‪ ،‬ت ‪ 34‬هـ‪.‬‬

‫عبد هللا بن رواحة بن ثعلبة أبو محمد‪ ،‬اۡلنصاري الخزرجي‪ ،‬صحابي أحد النقباء‪ ،‬شهد العقبة وبدرا‬
‫والمشاهد كلها إال الفتح‪ۡ ،‬لنه قتل يوم مؤتة شهيدا وكان أحد اۡلمراء الثالثة‪ ،‬واستخلفه النبي على المدينة في‬
‫إحدى غزواته‪ ،‬روى له البخاري والنسائي وابن ماجة‪ ،‬ت ‪ 8‬هـ‪.‬‬

‫عبادة بن دُليم بن حارثة‪ ،‬أبو عبد الملك اۡلنصاري الخزرجي‪ ،‬صحابي وال‪ ،‬من دهاة العرب‬
‫قيس بن سعد بن ُ‬
‫وذوي الرأي والمكيدة في الحرب‪ ،‬كان من أهل النجدة وأحد اۡلجواد المشهورين‪ ،‬شرطة النبي‪ ،‬استعمله علي‬
‫على مصر‪ ،‬وكان على مقدمته يوم صفين‪ ،‬ثم كان مع الحسن بن علي حتى صالح معاوية‪ ،‬له ‪ 16‬حديثا روى‬
‫له الجماعة‪ ،‬ت ‪ 60‬هـ‪.‬‬

‫محمد بن َمسْلمة بن سلمة بن حريش‪ ،‬أبو عبد هللا اۡلنصاري الخزرجي الحارثي‪ ،‬صحابي جليل من فضالء‬
‫الصحابة‪ ،‬روى له الجماعة‪ ،‬شهد المشاهد كلها‪ ،‬أحد الذين قتلوا كعب بن اۡلشرف‪ ،‬واستخلفه الرسول على‬
‫المدينة في بعض غزواته‪ ،‬اعتزل الفتنة واتخذ سيفا من خشب‪ ،‬ت ‪ 42‬هـ‪.‬‬

‫النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة‪ ،‬أبو عبد هللا اۡلنصاري الخزرجي‪ ،‬أمير وخطيب وشاعر من أجالء‬
‫الصحابة‪ ،‬له وۡلبويه صحبة‪ ،‬روى له الجماعة‪ ،‬وهو أول مولود ولد لألنصار بعد الهجرة‪ ،‬له ‪ 124‬حديثا‪،‬‬
‫وشهد صفين مع معاوية‪ ،‬ولي إمارة الكوفة وحمص وقضاء دمشق‪ ،‬ت ‪ 65‬هـ‪.‬‬

‫أسماء بنت يزيد‪ ،‬أم سلمة اۡلنصارية اۡلوسية اۡلشهلية‪ ،‬صحابية جليلة مجاهدة‪ ،‬من أخطب نساء العرب ومن‬
‫ذوات الشجاعة واإلقدام‪ ،‬كان يقال لها‪ :‬خطيبة النساء‪ ،‬بايعت رسول هللا وروت عنه أحاديث صالحة‪،‬‬

‫‪27‬‬
‫وشهدت اليرموك وقتلت تسعة من الروم بعمود خبائها‪ ،‬وروت ‪ 18‬حديثا‪ ،‬روى لها البخاري في اۡلدب‬
‫وأصحاب السنن‪ ،‬ت ‪ 30‬هـ‪.‬‬

‫أم َح َرام بنت ِم ْلحان مالك بن خالد بن زيد اۡلنصارية‪ ،‬يقال‪ :‬إسمها الغميصاء أو الرميصاء‪ ،‬خالة أنس بن‬
‫مالك روى لها الجماعة إال الترمذي‪ ،‬وخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت في بعض غزوات البحر‪،‬‬
‫‪78‬‬
‫فقصتها بغلتها فماتت‪ ،‬ودفنت بقبرص [تهذيب التهذيب]‪.‬‬

‫حسان بن ثابت بن المنذر‪ ،‬أبو الوليد االنصاري الخزرجي‪ ،‬شاعر النبي‪ ،‬وأحد المخضرمين الذين أدركوا‬
‫الجاهلية واإلسالم‪ ،‬عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في اإلسالم‪ ،‬لم يشهد مع النبي مشهدا لعلة أصابته‪،‬‬
‫روى له الجماعة والترمذي‪ .‬فهو شاعر اۡلنصار في الجاهلية وشاعر النبي في عهد النبوة وشاعر اليمن كلها‬
‫في اإلسالم‪ .‬وقيل أجمعت العرب واتفقت على أن أشعر أهل المدر أهل يثرب وعلى أن أشعر أهل يثرب‬
‫حسان بن ثابت‪ ،‬واعتبروه مؤسس الشعر االسالمي‪ .‬وجاء في صحيح مسلم (كتاب فضائل الصحابة رضي‬
‫هللا تعالى عنهم‪ ،‬باب فضائل حسان بن ثابت‪ ،‬رضي هللا عنه) عن عائشة رضي هللا عنها‪ ،‬أن رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم قال "اهجوا قريشا‪ .‬فإنه أشد عليهم من رشق بالنبل" فأرسل إلى ابن رواحة فقال "اهجهم"‬
‫فهجاهم فلم يرض‪ .‬فأرسل إلى كعب بن مالك‪ .‬ثم أرسل إلى حسان بن ثابت‪ .‬فلما دخل عليه‪ ،‬قال حسان‪ :‬قد‬
‫آن لكم أن ترسلوا إلى هذا اۡلسد الضارب بذنبه‪ .‬ثم أدلع لسانه فجعل يحركه‪ .‬فقال‪ :‬والذي بعثك بالحق!‬
‫ۡلفرينهم بلساني فري اۡلديم‪ .‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "ال تعجل‪ .‬فإن أبا بكر أعلم قريش‬
‫بأنسابها‪ .‬وإن لي فيهم نسبا‪ .‬حتى يلخص لك نسبي" فأتاه حسان‪ .‬ثم رجع فقال‪ :‬يا رسول هللا! قد لخص لي‬
‫نسبك‪ .‬والذي بعثك بالحق! ۡلسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين‪ .‬قالت عائشة‪ :‬فسمعت رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم يقول لحسان "إن روح القدس ال يزال يؤيدك‪ ،‬ما نافحت عن هللا ورسوله‪".‬‬

‫قال حسان بن ثابت يمدح رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ويهجو أبا سفيان‪:‬‬

‫إلى عذراء منزلها خـــــــال ُء‬ ‫فالجــــــوا ُء‬


‫عفت ذات اۡلصابع ِ‬
‫س والسمــــاء‬ ‫الروام ُ‬
‫ِ‬ ‫تُعفّــيها‬ ‫قفــــــر‬
‫ٌ‬ ‫ديار من بني الحسحاس‬
‫خالل مروجها نَ َع ٌم وشــــــاء‬ ‫وكانت اليزال بها أنـــــــــــيـس‬
‫ُؤرقني إذا ذهب ال ِعشـــــــاء‬ ‫ي ّ‬ ‫ولكن َم ْن لطيـــــــــف‬ ‫ْ‬ ‫فدع هذا‪،‬‬
‫فليس لقلبه منها شفـــــــــــاء‬ ‫ش ْعثا َء التي قد تيّمتْـــــــــــــــــهُ‬‫ِل َ‬
‫يكون ِمزا ُجها عس ٌل ومـــــاء‬ ‫كأن سبيئةً مـــــــــــن بيت رأس‬ ‫ّ‬
‫ص َرهُ ال َجنـــــــاء‬‫من التّفّاح َه َّ‬ ‫غــــــــض‬
‫ّ‬ ‫على أنيابها‪ ،‬أو َ‬
‫ط َع َم‬
‫الراح ال ِفــــــــداء‬ ‫ف ُه ّن لطيّ ِ‬
‫ب ّ‬ ‫إذا ما اۡل ْش ِرباتُ ذُكرن يو ًمــــــا‬
‫ث أو ِلحـــــــاء‬ ‫إذا ما كان َم ْغ ٌ‬ ‫نولّيها المالمة‪ ،‬إن ألـ َ ْـمنـــــــــــا‬
‫وأ ْسدًا ما يُنهن ُهنا اللّقــــــــــاء‬ ‫ونشربُها فتتر َكنا ُملــــــــــــــو ًكا‬
‫تثير النقع‪ ،‬موعدها كــــــداء‬ ‫عد ِْمنا خيلنا‪ ،‬إن لم تروهــــــــــا‬ ‫َ‬
‫على أكتافها اۡلَسل ِ ّ‬
‫الظمــــاء‬ ‫ّ‬
‫يُبارين اۡلعنة ُمصــــــــــــعدات‬
‫لط ُمهن بال ُخ ُمر النســــــــاء‬ ‫تُ ِ ّ‬ ‫تظ ّل جيادنا متـــــــــــــــمطرات‬
‫وكان الفتح‪ ،‬وانكشف الغطاء‬ ‫فإما تُعرضوا عنّا اعتمرنـــــــــا‬

‫‪ 78‬اإلمام يوسف القرضاوي‪ ،‬فقه الجهاد‪ :‬دراسة مقارنة ۡلحكامه وفلسفته في ضوء القرآن والسنة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ .2009 ،‬لقد اطلعنا أخيرا على‬
‫الطبعة الثالثة لهذا الكتاب في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث فوجدنا الئحة "اۡلعالم" فيها مختلفة كثيرا عن الئحة "اۡلعالم" الواردة في الطبعة اۡلولى لسنة ‪2009‬‬
‫والتي اعتمدنا عليها أساسا في ِسيّر هؤالء الصحابة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫يُ ِعز هللا فيه من يشــــــــــــاء‬ ‫وإالّ‪ ،‬فاصبروا لجالد يــــــــــوم‬
‫وروح القُدُس ليس له ِكفــــاء‬ ‫وجبري ٌل أمين هللا فينــــــــــــــــا‬
‫الحق إن نف َع البـــــــالء‬ ‫َّ‬ ‫يقو ُل‬ ‫وقال هللا‪ :‬قد أرسلــــــــــتُ عبدا‬
‫فقلتم‪ :‬ال نقوم وال نشـــــــــاء‬ ‫شهدْتُ به‪ ،‬فقوموا صدّقـــــــوهُ!‬
‫عرضتُها اللقـاء‬ ‫اۡلنصار‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ه ُم‬ ‫سرتُ جنــــــــــدا‬ ‫وقال هللا‪ :‬قد ي ّ‬
‫سبابٌ ‪ ،‬أو قتال‪ ،‬أو هجـــــــاء‬ ‫لنا في كل يوم من معـــــــــــــدّ‬
‫ونضرب حين تختلط الدمــاء‬ ‫فنُح ِك ُم بالقوافي من هجانـــــــــا‬
‫ف ن َِخبٌ هَــــــــواء‬ ‫جو ٌ‬ ‫فأنتَ ُم َّ‬ ‫أال أبلغ أبا سفيان ع ِنّــــــــــــــي‬
‫وعبدُ الدار سادتُها اإلمـــــــاء‬ ‫بأن سيوفنا تركتْك عبــــــــــــدًا‬ ‫َّ‬
‫وعند هللا في ذاك الجـــــــزاء‬ ‫هجوتَ محمدا‪ ،‬فأجبتُ عنـــــــه‬
‫لخير ُكما ال ِفـــــــــدا ُء‬
‫ِ‬ ‫فشر ُكما‬‫ُّ‬ ‫أتهجوه‪ ،‬ولست له بكــــــــــفء‬
‫أمينَ هللا‪ِ ،‬شيمتُه الوفــــــــــاء‬ ‫برا‪ ،‬حنيفًـــــــــا‬ ‫مبار ًكا‪ًّ ،‬‬
‫هجوت َ‬
‫ص ُره ســــــــواء‬ ‫ويمدحهُ‪ ،‬وين ُ‬ ‫فمن يهجو رسول هللا منكــــــــم‬
‫ل ِعرض محمد منك ْم ِوقـــــــاء‬ ‫فإن أبي ووالدَه و ِعرضــــــــــي‬ ‫ّ‬
‫إن قتلهم شفـــــــــــاء‬ ‫ُجذ ْي َمةَ‪ّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تثقفن بنو لـــــــــــــــــــؤ ّ‬ ‫فإ ّما‬
‫ففي أظفارنا منهم دِمـــــــــــاء‬ ‫معشر نصروا علينـــــــا‬ ‫ٌ‬ ‫أُولئك‬
‫وحلف بني قريظة منا بَـــــراء‬ ‫ُ‬ ‫ث بن أبي ضـرار‬ ‫وحلف الحار ِ‬
‫وبحري ال تُكدِّره الـــــــــــدِّالء‬ ‫لساني صارم ال عيب فيــــــــه‬

‫وقال يمدح رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬

‫وأجم َل منك لم تلد النسا ُء‬ ‫وأحسنَ منك لم تر قط عيني‬


‫كأنك ُخلقتَ كما تشــــــا ُء‬ ‫مبرأ ً من كل عيـــــب‬
‫ُخلقتَ ّ‬

‫وقال يرثي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬

‫منير‪ ،‬وقد تعفو الرسوم وته َمـــدُ‬ ‫ٌ‬ ‫بطيبة رس ٌم للرسول ومعهـــــــــــــــــدُ‬
‫منبر الهادي الذي كان يَص َعد‬ ‫بها ُ‬ ‫محي اآليات من دار ُحرمــــــــة‬ ‫وال ت ْن ِ‬
‫ورب ٌع له فيه مصلًّى ومسجـــــــد‬ ‫وواض ُح آيات‪ ،‬وباقي معالــــــــــــــــم‬
‫نور يُستضا ُء‪ ،‬ويوقَــــــــد‬ ‫من هللا ٌ‬ ‫بها ُح ُجراتٌ كان ينزل وسْطهـــــــــــا‬
‫ي منها ت َ َجــــــــدَّد‬ ‫أتاها ال ِبلى‪ ،‬فاآل ُ‬ ‫معال ُم لم تُطمس على العهد آيُـــــــــــها‬
‫لحــــد‬ ‫وقبرا به واراه في الت ُّ ْرب ُم ِ‬ ‫عرفتُ بها رسم الرسول وعهـــــــــدَهُ‬
‫ومثْالها من ال َجفن تُس ِعـــد‬ ‫عيون‪ِ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ت‬‫ظ ِللتُ بها أبكي الرسولَ‪ ،‬فأسعــــــدَ ْ‬
‫لها ُمحْ صيًا نفسي‪ ،‬فنفسي تَبَلَّـــــد‬ ‫ت َذ َّك ُر آال َء الرسول‪ ،‬ومـــــــــــــا أرى‬
‫ت ِآلالء الرسول تُعـــــــــــــدِّد‬ ‫فظلَّ ْ‬ ‫ُمفَ َّجعَةٌ قد شفَّها فَ ْقدُ أحمـــــــــــــــــــد‬
‫بعض ما فيه تَحْ َمـــــــد‬ ‫َ‬ ‫ولكن نفسي‬ ‫ّ‬ ‫عشيـــــــــــره‬
‫َ‬ ‫َت من كل أمر‬ ‫وما بَلغ ْ‬
‫على طلل القبر الذي فيه أحمـــــــد‬ ‫العين ُجهدهـــــا‬ ‫ُ‬ ‫أطلتُ ُوقوفا ِ‬
‫تذرف‬
‫ثوى فيها الرشيد المســـــــــدَّد‬ ‫بالدٌ َ‬ ‫قبر الرسول‪ ،‬وبــوركتْ‬ ‫فبور ْكتَ ‪ ،‬يا َ‬
‫ِ‬
‫عليه بنا ٌء من صفيح‪ ،‬منَضَّـــــــــــد‬ ‫وبوركَ لحدٌ منك ُ‬
‫ض ِ ّمن ط ِيّبًــــــــــــا‬
‫عليه‪ ،‬وقد غارت بذلك أَسعُـــــــــــد‬ ‫ب أيد وأعيُـــــــــــــنٌ‬ ‫ت َهي ُل عليه ْ‬
‫التر َ‬

‫‪29‬‬
‫ســــــــــــد‬ ‫عشيّة علّ ْوهُ الثرى‪ ،‬ال يُو َّ‬ ‫لقد غيّبوا ِحلما و ِعلما ورحمــــــــــةً‬
‫ضـــــد‬‫ظهور‪ ،‬وأع ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َت منهم‬ ‫وقد و َهن ْ‬ ‫وراحوا بحزن ليس فيهم نبيـــــــــهم‬
‫ومن قد ب َكته فالناس أك َمـــــــــــــــد‬ ‫ْ‬ ‫يُب ُّكون من تبكي السماوات يو َمـــــــه‬
‫رزيةَ يوم مات فيه محمــــــــــــــــد‬ ‫لت يوما رزيةُ هــــــــــــالك‬ ‫عدَ ْ‬‫وهل َ‬
‫ُنجــــــــــد‬‫يغور وي ِ‬ ‫ُ‬ ‫وقد كان ذا نور‪،‬‬ ‫نزل الوحي عنهــــــــــــم‬ ‫تقطع فيه َم ِ‬ ‫َّ‬
‫ويُن ِقذُ من هول الخزايا ويُر ِشـــــــــد‬ ‫يَدُ ُّل على الرحمن من يَقتدي بـــــــــه‬
‫صدق‪ ،‬إن يُطيعوه يسعَـــــــدوا‬ ‫علّ ُم ِ‬ ‫ُم ِ‬ ‫الحق جـــــــــــــاهدا‬ ‫َّ‬ ‫إمام لهم يهديه ُم‬
‫وإن يُحسنوا‪ ،‬فاهلل بالخير أجـــــــــود‬ ‫عذرهـــــــــم‬ ‫الزالت‪ ،‬يَقبل ُ‬ ‫عفو عن ّ‬ ‫ٌّ‬
‫تيسير ما يَت َشــــــــــــــــدَّد‬ ‫ُ‬ ‫فمن عندِه‬ ‫ِ‬ ‫أمر لم يقوموا بحمــــــــــده‬ ‫وإن ناب ٌ‬
‫صــــــــــــــد‬ ‫دلي ٌل به ن ْهج الطريقة يُق َ‬ ‫فبَيْنا ُه ُم في نعمة هللا بينهــــــــــــــــ ْم‬
‫حريص على أن يستقيموا ويهتــــدوا‬ ‫عزيز عليه أن يَ ِحيدوا عن الهــــــدى‬ ‫ٌ‬
‫إلى كنف يحنو عليهم ويم ِهــــــــــــــد‬ ‫عطوف عليهم‪ ،‬ال يُثنِّي جنا َحـــــــــه‬
‫صـــــد‬ ‫إلى نورهم سه ٌم من الموت ُم ْق ِ‬ ‫فبينا ه ُم في ذلك النو ِر‪ ،‬إذ غــــــــدا‬
‫سالت ويَح َمـــــــــــــد‬ ‫فن المر َ‬ ‫يُبَ ِ ّكي ِه َج ُ‬ ‫فأصبح محمودًا إلى هللا راجعـــــــــا‬
‫لغيب ِة ما كانت من الوحي ِ ت َ ْع َهـــــــــــد‬ ‫الحرم وحشا بقاعهـــــا‬ ‫وأمست بالد ْ‬ ‫ْ‬
‫ط وغ َْرقَـــــــــــــــــــــد‬ ‫فقيدٌ‪ ،‬يُب ِ ّكي ِه بَال ٌ‬ ‫قفارا سوى معمورةِ اللحد ضافَهـــــا‬
‫خال ٌء له فيه مقا ٌم ومقعــــــــــــــــــــــد‬ ‫فالموحشات ل ِف ْقـــــــــــــده‬ ‫ِ‬ ‫ومسجدُه‪،‬‬
‫وعرصات‪ ،‬ورب ٌع‪ ،‬ومو ِلـــــــــد‬ ‫ْ‬ ‫ديار‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫أوحشـــــــت‬ ‫وبالجمرة الكبري له ث ّم‬
‫الدهر دم َعك يَج َمـــــــــــد‬ ‫َ‬ ‫أعرفَ ْن ِك‬ ‫وال ِ‬ ‫عبـــــــــــرة ً‬ ‫عين َ‬ ‫فبَ ِ ّكي رسو َل هللا يا ُ‬
‫على الناس منها ساب ٌغ يَت َغ ّمــــــــــــــــد‬ ‫لك ال تبكينَ ذا ال ِنّ ْع َم ِة التـــــــــي‬ ‫وما ِ‬
‫الدهر يو َجــــــــــــــد‬ ‫َ‬ ‫ل ِفق ِد الذي ال مثْلُه‬ ‫فجودي عليه بالدموعِ وأ ْع ِولــــــــــي‬
‫وال ِمثلُه‪ ،‬حتى القيام ِة‪ ،‬يُفقَـــــــــــــــــد‬ ‫وما فقَدَ الماضون مث َل محمــــــــــــد‬
‫وأقرب منه نائال‪ ،‬ال يُن َّكـــــــــــــــــــــد‬ ‫َ‬ ‫ف وأوفى ذ ّمةً بعدَ ذ ّمــــــــــــــــة‬ ‫ع َّ‬ ‫أ َ‬
‫ضن ِمعطا ٌء‪ ،‬بما كان يُتْ ِلـــــــــــــــد‬ ‫َّ‬ ‫إذا‬ ‫للطريف وتالـــــــــــــــــد‬ ‫ِ‬ ‫وأبذ َل منه‬
‫ُســـــــــــــــــــــود‬
‫َّ‬ ‫وأكرم َجدّاً‪ ،‬أبطحيّا ً ي‬ ‫َ‬ ‫وأكرم َحيّا ً في البيوت‪ ،‬إذا انتمــــــى‬ ‫َ‬
‫شيَّـــــــــــــــــــــد‬ ‫عز شاهقات‪ ،‬ت ُ َ‬ ‫دعائم ّ‬ ‫َ‬ ‫وأمن َع ذِروات‪ ،‬وأثبتَ في العلـــــــى‬
‫زن‪ ،‬فالعودُ أ ْغ َيـــــــــــد‬ ‫ُ ِ‬ ‫م‬‫ال‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫غدا‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ود‬ ‫ع‬
‫و ُ‬ ‫وأثبتَ فرعا في الفروع و َمنبِـــــــــتا ً‬
‫أكرم الخيراتِ‪ ،‬ربٌّ ُم َم َّجـــــــــــد‬ ‫ِ‬ ‫على‬ ‫َر َباهُ وليدا‪ ،‬فاستت َّم تما َمــــــــــــــــــهُ‬
‫محبوس‪ ،‬وال الرأي يُ ْفنَـــــــــد‬ ‫ٌ‬ ‫فال العل ُم‬ ‫تناهت َوصاة ُ المسلمين بكفّـــــــــــــه‬ ‫ْ‬
‫عازب العقل ُم ْب َعـــــــــد‬ ‫ُ‬ ‫الناس‪ ،‬إال‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫أقول‪ ،‬وال يُلفَى لقولي عائـــــــــــــبٌ‬
‫لعلّي به في جنة الخلد أَخلُـــــــــــــــــد‬ ‫وليس هوائي نازعا عن ثنائــــــــــــه‬
‫وم أسعى وأج َهــــــــــد‬ ‫وفي نيل ذاك الي ِ‬ ‫ــــــوارهُ‬
‫َ‬ ‫مع المصطفى أرجو بذاك ِج‬

‫وقال يرثي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬

‫لت مآقيها ب ُكحْ ل اۡلر َمــــــــــــــــــــــــ ِد‬‫ُك ِح ْ‬ ‫ما با ُل عينِك ال تنام كأنمــــــــــــــــــا‬
‫صى ال ت َ ْبعُـــــــــــــــ ِد‬‫ئ الح َ‬ ‫وط َ‬
‫خير َمن ِ‬‫يا َ‬ ‫ي ِ أصبح ثاويـــــــــا ً‬ ‫جزَ عا ً على ال َمه ِد ّ‬
‫غ ِيّبْتُ قبلك في بقيع الغرقـــــــــــــــــــــــــد‬ ‫ُ‬ ‫ب ل ْهفي ليتنــــــــــي‬ ‫وجهي يقيكَ الت ُّ ْر َ‬
‫ي ال ُمهت َـــــــــــــــــــدِي‬‫في يو م االثنين النب ُّ‬ ‫بأبي وأمي من شهدْتُ وفات َــــــــــــــهُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ف نفسي ليتني لم أولـــــــــــــــــــــــد‬ ‫يا ل ْه َ‬ ‫فظ ِللت بعد وفاته متبَ ِلّـــــــــــــــــــــدا ً‬

‫‪30‬‬
‫ْــــــــــــــــــــــود‬
‫َ‬ ‫س َّم اۡلس‬‫صبّحتُ َ‬ ‫يا ليتني ُ‬ ‫أأُقي ُم بعدك بالمدينة بينهـــــــــــــــــم؟‬
‫في روحة من يومنا أو في غـــــــــــــــــــد‬ ‫أو َح َّل أمر هللا فينا عاجـــــــــــــــــالً‬
‫كريم المحتِـــــــــــــــــــــد‬ ‫َ‬ ‫َمحْ ضا ً ضرائبُه‬ ‫فتقوم ساعتنا فنلقى طيِّبــــــــــــــــــــا ً‬ ‫َ‬
‫سع ِد اۡلسعُــــــــــــــــــــــد‬ ‫صنَةً ب َ‬ ‫َولدتْهُ ُمح َ‬ ‫كرهــــــــــــــــا‬ ‫بارك بِ ُ‬‫يا بِ ْك َر ِآمنَةَ ال ُم ِ‬
‫المبار ِك يَهتــــــــــــــــــــدي‬ ‫َ‬ ‫للنور‬
‫ِ‬ ‫َم ْن يُهدَ‬ ‫كلّهــــــــــــــا‬
‫نورا ً أضا َء على البريَّة ِ‬
‫ســـــــــــــــــــــــد‬ ‫في جنة ت َثني عيونَ ال ُح َّ‬ ‫يا ربّ ِ فاجم ْعنا معا ً ونبِيَّنــــــــــــــــــا‬
‫ســـــــــــــــــؤْ دَد‬
‫يا ذا الجالل وذا العُال وال ُّ‬ ‫ردوس فاكتُبْها لنــــــــــــــا‬ ‫في جنَّ ِة ال ِف ْ‬
‫ي مح ّمـــــــــــــــــــــــد‬ ‫إال ب َكيْتُ على النب ّ‬ ‫وهللاِ أسم ُع ما بقيتُ بها ِلــــــــــــــــــك‬
‫ب في سواء ال َمل َحـــــــــــــــــــــد‬ ‫بعد ال ُمغَيَّ ِ‬ ‫ورهطـــــــــــــ ِه‬
‫ِ‬ ‫يا َو ْي َح أنصار النبي‬
‫ْ‬
‫سودا ً وجو ُههم كلون اإلث ِمــــــــــــــــــــــد‬ ‫ْ‬
‫فأصبحــــــت‬ ‫ضاقت باۡلنصار البالدُ‬
‫وفضو ُل نِعمتِه بنا لم يُج َحـــــــــــــــــــــــد‬ ‫قبــــــــــــــــــــــرهُ‬
‫ُ‬ ‫ولقد ولَدْناهُ‪ ،‬وفينا‬
‫أنصاره في كل ساعة َمشهـــــــــــــــــــــد‬ ‫َ‬ ‫وهللاُ أكرمنا به وهدى بــــــــــــــــــــه‬
‫والطيبون على المبارك أحمــــــــــــــــــــ ِد‬ ‫ف بعرشــــــــــــه‬ ‫صلى اإلله ومن ي ُح ُّ‬

‫وقال عندما فقد بصره‪:‬‬

‫نـــــــــــــــــــــور‬
‫ُ‬ ‫ففي لساني وقلبي منهما‬ ‫نورهمـــــــــــــا‬
‫ي َ‬ ‫إن يأخ ِذ هللاُ من عيْن َّ‬
‫‪79‬‬
‫مأثـــــــــــــــور‬
‫ُ‬ ‫وفي فمي صار ٌم كالسيف‬ ‫غيـــــــــــر ذي َرذَل‬
‫ُ‬ ‫ي‪ ،‬وعقل‬ ‫قلبٌ ذك ٌّ‬

‫وقال يفتخر بالعرب العاربة من القحطانيين على العرب المستعربة من العدنانيين‪:‬‬

‫نفـــــــــــــــــر‬
‫ِ‬ ‫أبينا‪ ،‬فصرتم معربين ذوي‬ ‫ت َ َعلَّ ْمت ُ ْم من منطق الشيخ يعــــــــــــرب‬
‫‪80‬‬
‫كالم‪ ،‬وكنتم كالبهائم في القفـــــــــــــــــــر‬ ‫وكنتم قديما ما لكم غير عجمـــــــــــــة‬

‫بعد هذه الكلمة عن اۡلنصار في العهد النبوي‪ ،‬وتنويه القرآن والسنة بإيمانهم باهلل‪ ،‬وإيوائهم لرسول هللا صلى‬
‫ي‬
‫ي خزرج ّ‬ ‫هللا عليه وسلم‪ ،‬نعود إلى نسب أوالد حنّين إلى اۡلنصار‪ .‬يتمسك أوالد حنّين بشجرة نسب أنصار ّ‬
‫ويتداولونها بينهم شفهيا وكتابيا‪ ،‬والكثير منهم يحفظ تسلسلها عن ظهر قلب‪ .‬وقد أطلع كل من اآلنتروبولوجي‬
‫ي على وثائق مخطوطة في مكتبة محمد بن‬ ‫اإلسباني كارو باروخا والمؤرخ الموريتاني هارون بن الشيخ سيد ّ‬
‫عبد هللا‪ ،‬وهو "كبير"‪ 81‬قبيلة أوالد حنّين آنذاك‪ ،‬تؤكد هذا النسب اۡلنصاري الخزرجي‪ .‬يقول خوليو كارو‬
‫اطلع عليها في مكتبة محمد بن عبد هللا يوم ‪ 5‬ديسمبر‬ ‫باروخا إن شجرة نسب سيدي أحمد بوغنبور التي ّ‬
‫‪ 1952‬تحمل تصديق السلطان المغربي موالي اسماعيل الذي حكم المغرب ما بين ‪ 1672‬و‪ 1727‬م‪ .‬ويذكر‬
‫باروخا وثائق أخري ومراسيم توقير واحترام وحماية مكتوبة لكل من الطالب علي بن سيدي أحمد بوغنبور‬

‫‪ 79‬حسان بن ثابت‪ ،‬ديوان حسان بن ثابت اۡلنصاري‪ "،‬شرحه وضبط نصوصه وقدم له الدكتور عمر فاروق الطبّاع‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪.1993‬‬
‫‪ 80‬عبد الوهاب بن منصور‪ ،‬قبائل المغرب‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬جائزة المغرب ‪ ،1968‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط‪1388 ،‬هـ‪1968/‬م‪ ،‬ص ‪.345‬‬
‫‪ 81‬تذكر بعض ال مصادر أن شيوخ أوالد تيدرارين ال يحملون لقب "شيخ" كما هي الحال عند قبائل الصحراء اۡلخري‪ ،‬وإنما يحملون لقب "كبير" كما هي الحال في‬
‫القصور الصحراوية في منطقة توات وتيكرارين‪ .‬وتذكر مصادر أخرى أن كل قصر من قصور منطقة الواحات في كورارا وتوات وتيديكلت يخضع لحكم "جماعة"‬
‫يحمل رئيسها لقب "كبير"‪:‬‬
‫‪Henri Martin, Les tribus nomades de l'Ouest et du Nord mauritanien, du Sahara espagnol et du Sud marocain: (confins algéro-‬‬
‫‪marocains), Paris: CHEAM, 1939.‬‬
‫‪A. G. P. [Alfred-Georges-Paul] Martin, Les Oasis Sahariennes—Gourara, Touat, Tidikelt, Paris Augustin Challamel, Editeur,‬‬
‫‪Tome I, 1908.‬‬
‫‪Maurice Adrien, 1879-1914, D'une rive à l'autre du Sahara, Cortier, E. Larose, Paris, 1908, page 56.‬‬

‫‪31‬‬
‫بتاريخ ‪ 1092‬هـ‪ 1681/‬م‪ ،‬ومحمد بن الطالب علي بن سيدي أحمد بوغنبور بتاريخ ‪ 1126‬هـ‪ 1715/‬م‪،‬‬
‫والبشير بن ميّارة المولود حوالي ‪ 1790‬م‪ 82.‬وفي معرض حديثه عن "مكتبات الصحراء" يقول مدير المعهد‬
‫الدولي لآلنتروبولوجيا آ ِت ّ ْيليُو قوديو إنه كان له الشرف بأن استقبلته جماعة أوالد تيدرارين سنة ‪ 1978‬م في‬
‫عرف على وثائق تاريخية محفوظة بشكل جيّد‪ ،‬ومن ضمنها أصول ظهائر‬ ‫مدينة بوجدور‪ ،‬وأعطوه فرصة للت ّ ّ‬
‫(مراسيم ملك المغرب) في القرن التاسع عشر محفوظة داخل أغلفة من جلد اإلبل‪ 83.‬ونالحظ مما اطلعنا‬
‫عليه من هذه المراسيم أن السالطين العلويين يخاطبون أوالد حنّين ب "أوالد بوغنبور وأهل تدرارين"‪،‬‬
‫عهد لهم من‬ ‫ويصفونهم بأنهم "من جملة الزوايا المحروسين المرابطين الموقّرين"‪ ،‬ويُ ِق ّرونهم "على ما ُ‬
‫التوقير واإلحترام والحمل على كاهل المبرة واإلنعام"‪ 84.‬وباستثناء ألقاب الشرف التي وردت في رسالة‬
‫واحدة من موالي اسماعيل إلى البوعزاويين‪ ،‬نالحظ أن خطاب العلويين ۡلوالد حنّين ال يختلف كثيرا عن‬
‫خطابهم للبوعزاويين الذي ذكرنا سابقا ("المرابطين إلى الولي اۡلكام سيدي أبي ّ‬
‫يعزى نفعنا هللا به"‪،‬‬
‫يعزى نفعنا هللا به‪ ...‬رعيا لنسبهم للولي المذكور‬ ‫"المرابطين اۡلجلة حفدة الولي الصالح الشهير سيدي أبي ّ‬
‫يعزى"‪" ،‬حفدة الشيخ الولي سيدي أبي ّ‬
‫يعزى")‪.‬‬ ‫العارف باهلل المشهور"‪" ،‬حفدة الولي اۡلكبر سيدي أبي ّ‬

‫ويبدو أن العالقة بين أوالد حنّين والعلويين كانت عالقة متميّزة‪ ،‬حيث لم نطلع حتى اآلن على هذا العدد من‬
‫مراسيم التوقير واإلحترام والحماية وتزكية اۡلنساب—المتسلسل من بداية حكم العلويين في القرن السابع‬
‫ي من القبائل الكبرى‬ ‫عشر الميالدي إلى حكم الفرنسيين واإلسبانيين في القرن العشرين للبالد—بحوزة أ ّ‬
‫المجاورة ۡلوالد حنّين‪ ،‬وخاصة قبائل الزركيين وأيتوس وأيت لحسن والركيبات والعروسيين وأوالد الدليم‬
‫وأوالد بسبع‪ .‬ويبدو أيضا أن عالقة العلويين مع أوالد حنّين في الصحراء كانت متزامنة مع عالقة العلويين‬
‫يعزى وانتصارهم على انتفاضة الزاوية الدالئية‬ ‫مع البوعزاويين في منطقة جبل درن وبنائهم لضريح أبي ّ‬
‫حملة) السلطان موالي اسماعيل على‬ ‫الصنهاجية سنة ‪1089‬هـ‪1678/‬م‪ .‬وهي متزامنة كذلك مع زيارة (أو ْ‬
‫منطقة ودَان سنة ‪1090‬هـ‪1679/‬م‪ ،‬بُعيد انتصار حلفائه المغافرة من أعراب المعقل على انتفاضة الزوايا في‬
‫القبلة سنة ‪1674‬م‪ .‬وتذكر بعض المصادر أن المغافرة وغيرهم من أعراب المعقل استقبلوا السلطان موالي‬
‫اخناثة فتزوجها وهي أم موالي عبد هللا بن‬ ‫اسماعيل في هذه الجولة وبايعوه‪ ،‬وأهداه الشيخ بكار البركنّي إبنته ْ‬
‫صب بعض شيوخ المغافرة (مثل‬ ‫موالي اسماعيل‪ .‬وتقول نفس المصادر إن السلطان موالي اسماعيل ربما ن ّ‬
‫هدِّي التروزي وهنُّون االمباركي) ثم كلَّف إبن أخيه أحمد بوساطة بين حسان وإدوعيش‪ .‬وال يُستبعد أن‬
‫‪85‬‬

‫يكون السلطان موالي اسماعيل التقى بسيدي أحمد بوغنبور في هذه الفترة‪ ،‬حيث تكون العالقة بينهما قد‬
‫اطلع عليها اآلنتروبولوجي اإلسباني‬ ‫تأسست بتصديق الوثيقة اۡلولى المكتوبة لسيدي أحمد بوغنبور والتي ّ‬
‫باروخا في مكتبة محمد بن عبد هللا يوم ‪ 5‬ديسمبر ‪ 1952‬م‪ ،‬وقال إنها تحمل تصديق السلطان المغربي موالي‬
‫ع ِلي‪،‬‬
‫اسماعيل‪ ،‬دون أن يذكر تاريخها‪ .‬ولكنه ذكر تاريخ الوثيقة الثانية (‪1092‬هـ‪1681/‬م) المكتوبة للطالب َ‬
‫وهو إبن سيدي أحمد بوغنبور‪ .‬ويمكن أن نستنج أن سيدي أحمد بوغنبور كان هو شيخ أو كبير أوالد حنّين‬
‫إلى حد تنصيب إبنه الطالب علي سنة ‪1092‬هـ‪1681/‬م‪ .‬ونظرا لتزامن هذه العالقة المتميزة بين أوالد حنّين‬
‫والعلويين في الصحراء‪ ،‬وبين العلويين والبوعزاويين في منطقة جبال درن‪ ،‬فسوف نقدم فقرة موجزة عن‬
‫حكم موالي اسماعيل‪ ،‬عساها تساعد على فهم تلك الفترة التاريخية والسياق العام لتلك العالقة‪.‬‬

‫‪Julio Caro Baroja, Estudios saharianos, Madrid: Ediciones Júcar, 1990, 1955, pages 135-137. 82‬‬
‫‪Attilio Gaudio, “Manuscrits du Sahara et du Sahel Ignorés ou en Péril de Disparition, ” In Les Bibliothèques du 83‬‬
‫‪Désert: Recherches et études sur un millénaire d’écrits, Actes des Colloques du CIRSS (1995-2000), réunis et presentés par‬‬
‫‪Attilio Gaudio, Institut International d’Antropolgie, Paris, 2002, pages 9-19, page 13.‬‬
‫ي في بوتلميت‪.‬‬ ‫‪ 84‬مكتبة أهل محمد بن عبد هللا من أهل الطالب علي في بوجدور؛ مكتبة أهل ّ‬
‫يعزي من أوالد ياسين في مراكش؛ مكتبة أهل الشيخ سيد ّ‬
‫‪85‬‬
‫‪Tony Hodges, Western Sahara: the Roots of a Desert War, Westport, Connecticut: Lawrence Hill & Company, 1983.‬‬
‫‪Odette du Puigaudeau, Le Passé Maghrebin de la Mauritanie, Rabat: Ministère d’Etat chargé des Affaires Islamiques, 1962.‬‬
‫‪Chantal de La Véronne, 1974, Vie de Moulay Isma`ïl, roi de Fès et de Maroc d’après Joshep de León 1708-1728, Paris:‬‬
‫‪Librairies orientaliste Paul Geuthner, pp. 19-22.‬‬

‫‪32‬‬
‫لقد لعب السلطان موالي اسماعيل دورا كبيرا في توحيد المغرب وتحرير بعض أراضيه من اإلحتالل‬
‫اۡلوروبي‪ .‬وقد وصفه المؤرخون المسيحيون بالقسوة والعنف واإلستبداد وسفك الدماء‪ .‬وواجه موالي‬
‫اسماعيل تحديات داخلية وخارجية‪ ،‬منها تمرد من داخل اۡلسرة العلوية استمر أربعة عشر عاما بقيادة أحمد‬
‫بن محرز الذي انضم إليه بعض إخوة موالي اسماعيل المتمردين مثل الحران وهاشم وأحمد‪ .‬وعندما تمكنت‬
‫قوات من زرارة من قتل إبن محرز سنة ‪1096‬هـ تالشت هذه الجبهة لتفسح المجال أمام تمردات أخرى قادها‬
‫أبناء موالي اسماعيل نفسه‪ .‬ومن ذلك ثورة إبنه موالي محمد العالم التي انتهت بإلقاء القبض عليه بعد عامين‬
‫ضى موالي اسماعيل على‬ ‫من االقتتال ثم نُ ِفّذ فيه حكم قطع اليد والرجل من خالف ومات متأثرا بجراحه‪ .‬وق َ‬
‫ثورة إبنه موالي أبو نصر (الذي ثار في السوس سنة ‪ 1123‬هـ) عندما تمكنت قوة من أوالد الدليم من‬
‫اغتياله سنة ‪1125‬هـ‪ .‬وقد واجه موالي اسماعيل ثورة الزاوية الدالئية الصنهاجية فهزمهم‪ .‬وفي نفس الوقت‬
‫تمكن موالي اسماعيل من استرجاع ميناء المهدية من اإلسبان سنة ‪ 1092‬هـ‪ 1681/‬م (بعد احتالل يعود إلى‬
‫‪ 1023‬هـ‪ 1614/‬م)‪ ،‬واسترجاع طنجة من اإلنجليز سنة ‪ 1095‬هـ‪ 1684/‬م‪ ،‬واسترجاع اۡلعراش من‬
‫اإلسبان سنة ‪ 1101‬هـ‪ 1689/‬م (بعد احتالل يعود إلى سنة ‪ 1019‬هـ‪ 1610/‬م)‪ ،‬واسترجاع آسيال سنة‬
‫‪ 1102‬هـ‪ 1691/‬م‪ .‬وقد واجه موالي اسماعيل معارضة قوية من فقهاء المغرب عندما طلب موافقتهم على‬
‫تحويل "عبيد البخاري" (وهم أحرار من السود) إلى عبيد للدولة‪ ،‬فكتب إلى قاضي وعلماء فاس سنة ‪1108‬‬
‫هـ يلومهم على معارضتهم‪ ،‬وفي النهاية أجبرهم على الموافقة على "ديوان العبيد" سنة ‪ 1108‬هـ‪ .‬وعندما‬
‫مات موالي اسماعيل يوم ‪ 28‬رجب ‪ 1139‬هـ‪ 21/‬مارس ‪ 1727‬م كان عدد هؤالء العبيد قد وصل إلى‬
‫‪ ،150000‬منها ‪ 80000‬موزعة على ‪ 76‬حصنا داخل المغرب والباقي في الموضع المعروف بالمحلة من‬
‫مشرع الرملة من أعمال سال‪ .‬وفي سنة ‪ 1130‬هـ صرف موالي اسماعيل جميع أوالده من الخدمة واستثنى‬
‫من ذلك موالي أحمد الذهبي حاكم تادله ۡلنه قضى عشرين عاما في الحكم دون ثورة منه أو عليه‪ .‬وهكذا‬
‫حصل استقرار في المغرب خالل العقد اۡلخير من حكم موالي اسماعيل الذي دام ‪ 57‬عاما‪ 86.‬وقد جاء في‬
‫وصف السفير الفرنسي في المغرب لموالي اسماعيل سنة ‪1693‬هـ ما يلي‪" :‬إنه بين الثامنة واۡلربعين‬
‫والخمسين من العمر‪ ،‬أسمر البشرة أسود الشعر بدا عليه الشيب‪ ،‬متوسط القامة مستطيل المحيا‪ ،‬غائر‬
‫الوجنتين غائر العينين أسودهما‪ ،‬تبرق منهما النار‪ ،‬صغير اۡلنف أقني الذقن في حدة‪ ،‬غليظ الشفتين جميل‬
‫شكل الفم"‪ 87.‬وقال البعض إن مآل عبيد البخاري مع أوالد موالي اسماعيل من بعده مثل مآل الترك مع أوالد‬
‫‪88‬‬
‫المعتصم بن الرشيد العباسي "في كونهم استبدوا عليهم‪ ،‬وصاروا يولون ويعزلون ويقتلون ويستحيون‪".‬‬

‫والظاهر حتى اآلن من العالقة بين العلويين وأوالد حنّين أنها مبنية أساسا على أن أوالد حنّين "من جملة‬
‫الزوايا المحروسين المرابطين الموقّرين‪ ".‬وهي سياسة علوية مبنية على تألف الشيوخ الصادقين بالتكريم‬
‫وذريتهم بمنحهم ظهائر التحرير من الوظائف المخزنية والتوقير واإلحترام والحماية‪ .‬وال نعرف في الوقت‬
‫الراهن ما إذا كانت فيه رابطة بين عالقة العلويين مع البوعزاويين وعالقة العلويين مع أوالد حنّين‪ ،‬مع أننا ال‬
‫نستبعد ذلك‪ .‬وال نستبعد أيضا أن يكون للنسب اۡلنصاري دور في العالقة بين أوالد حنّين والعلويين‪ .‬يقول‬
‫محمد الغربي في كتابه "الساقية الحمراء ووادي الذهب"‪" :‬يميل النسابون المغاربة والصحراويون إلى‬
‫اعتبار قبيلة أوالد تدرارين من اۡلنصار‪ ،‬ينتسبون إلى أحد الصحابة اۡلجالء الذين قدموا مع عقبة بن نافع‬
‫لفتح المغرب‪ .‬وحرصا منهم على هذه الصفة البارزة فإنهم يتقيدون بشعائر الدين يظهرون الصالح ويعزفون‬

‫‪Numéro spécial publié à l'occasion du troisième centenaire de l'accession au trône de Moulay Ismaël, Rabat, Éditions 86‬‬
‫‪techniques nord-africaines, Hespéris-Tamuda, Supplément 1962.‬‬
‫‪" 87‬معلمة الغرب"‪ ،‬الجزء الثاني‪1410 ،‬هـ‪1989/‬م‪ ،‬ص ‪.444‬‬
‫‪ 88‬أحمد بن خالد الناصري‪ ،‬كتاب اإلستقصا ۡلخبار دول المغرب اۡلقصى‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬تحقيق وتعليق اۡلستاذ أحمد الناصري‪ ،‬أشرف على النشر محمد حجي‪،‬‬
‫ابراهيم بوطالب‪ ،‬أحمد التوفيق‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واالتصال‪ ،2001 ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪33‬‬
‫عن حمل السالح‪ ،‬بل إنهم يميلون إلى عدم اإلختالط بغيرهم‪ 89".‬ويقول الدكتور حمداتي ماء العينين "أما‬
‫الشيء الذي عليه اإلجماع أن أبناء تيدرارين ُوجدوا بالمنطقة في الفترة اۡلولى التي استقر فيها المعاقلة [قبائل‬
‫سان جزءا منها]‪ ،‬وأنهم إذا لم يتيسر لنا الحصول على شجرة نسبهم إلى أحد‬ ‫بني معقل التي تشكل قبائل ح ّ‬
‫جذوع أولئك العرب فإنهم من اۡلصل العربي الذي ال جدال فيه‪ ،‬وأن نسبتهم إلى اۡلنصار هي ثابتة بتواتر‬
‫الروايات الشفوية‪ ،‬وذلك يؤكد ما أشرتُ إليه في المبحث الخاص بالمعاقلة عندما قلتُ ‪ :‬إن كثيرا من بني‬
‫عمومتهم في الجزيرة العربية سافر معهم أو التحق بهم واندمج فيهم‪ ،‬فاختفى أصله العربي فيهم‪ 90".‬ويقول‬
‫أيضا إنه إذا لم تكن هجرة أوالد حنّين الى المغرب قد تمت عن طريق اندماجهم في المعاقلة وقدومهم معهم‪،‬‬
‫فيمكن أن يكون ذلك تم حسب ما ذهب إليه المختار بن حامد من أن بعض القبائل تكونت من نسل أفراد قدموا‬
‫من أجل الجهاد زمن المرابطين وقبلهم‪ ،‬وأن من هذه الطبقة من ينتسب إلى اۡلنصار‪ .‬ثم يضيف الدكتور‬
‫حمداتي ماء العينين‪" :‬فإذا صح هذا فتكون نسبة أبناء تيدرارين ال جدال فيها لألنصار‪ ،‬ويؤيده أن أبناء‬
‫‪91‬‬
‫تيدرارين ما انصهروا انصهار ذوبان في إحدى المجموعات القوية من صنهاجة أو المعقل بكل فروعها‪".‬‬

‫وقديما حصل الكثير من اإلندماج القبلي الذي يشير إليه الدكتور حمداتي ماء العينين‪ ،‬وخاصة بين عرب‬
‫اۡلمصار وأعراب البوادي المجاورة‪ .‬ومن ذلك التداخل التاريخي لقرون عديدة بين اۡلنصار وأعراب‬
‫المدينة‪ ،‬وخاصة بني سليم بن منصور الذين دخل معهم أعراب بنو هالل إلى الشمال اإلفرقي عبر مصر‬
‫والذين كانت تربطهم عالقات خؤولة ومصاهرة خاصة مع أبي دجانة الذي ينتسب إليه أوالد حنّين‪ .‬وكما‬
‫أشرنا سابقا‪ ،‬ذكر محمد بن سعد في كتابه "الطبقات الكبرى" أن أ َّم أبي دجانة هي حزمة بنت حرملة من بني‬
‫زغب من بني سليم بن منصور من أعراب المدينة‪ ،‬وأن أ َّم ابنه خالد هي آمنة بنت عمرو بن اۡلجش من بني‬
‫بهز من بني سليم بن منصور كذلك‪ .‬وذكرمايكل ليكر أمثلة عديدة من الروابط الجغرافية والتاريخية‬
‫وعالقات المصاهرة بين أعراب بني سليم وأهل المدينة من الخزرج واۡلوس‪ .‬ومن ذلك أنه عندما جاء جيش‬
‫حرة بني سليم‪ .‬وعندما تم‬
‫بني أمية بقيادة بشر بن أرطأة وهو أحد قواد معاوية إلى المدينة لجأ أهلها إلى ّ‬
‫إجالء بني عبد اۡلشهل من المدينة قبل الهجرة فروا إلى أرض بني سليم‪ .‬وفي العصر الجاهلي كان الخزرج‪،‬‬
‫وكانت تعني اۡلوس والخزرج‪ ،‬وبنو سليم يعبدون صنما يدعى "خميس"؛ وقيل إن عبد المطلب بن هاشم قال‪:‬‬
‫"أبلغ بني الن ّجار إن جئتهم أني منهم وابنهم والخميس"‪ .‬وقد استوطن بعض بني سليم المدينة بحيث أن ذرية‬
‫كعب بن ظفر بن الحارث بن بهثة اندمجت في اۡلنصار حتى إنهم زعموا أن جدهم ظفر كان في الحقيقة ظفر‬
‫بن الخزرج‪ .‬هذه الرواية محفوظة في أنساب بني سليم في حين ال يوجد أي أثر لهذه المجموعة عند‬
‫اۡلنصار‪ .‬واستوطن فرع آخر (من بني الحارث المذكور) المدينة قبل مجيئ اۡلوس والخزرج‪ .‬واستوطن‬
‫بطن ثالث من بني سليم—وهو بنو ذكوان المدينة‪ .‬ويتعايش اۡلنصار وبنو سليم في العديد من المواقع شرق‬
‫‪92‬‬
‫وجنوب شرق المدينة مثل وادي الرمة‪.‬‬

‫وجاء في "تاريخ ابن خلدون" أن من بني سليم‪ ،‬بنو زغبة بن مالك بن بهثة‪ ،‬وكانوا بين الحرمين ثم انتقلوا إلى‬
‫المغرب‪ .‬وذكر محمد بن أحمد الكانوني العبدي في كتابه "أسفي وما إليه قديما وحديثا" نقال عن ابن أبي‬
‫زرع الفاسي (اۡلنس المطرب بروض القرطاس‪ ،‬ص ‪ )240-239‬أن اۡلعراب الذين دخلوا المغرب بلغوا‬
‫شمال افريقيا سنة ‪ 443‬هـ‪ ،‬ولما دالت الدولة للسلطان الموحدي عبد المؤمن في المغرب‪ ،‬نقل إلى المغرب‬
‫االقصي ألفا من كل قبيلة من اۡلعراب بعيالهم وأبنائهم وذلك سنة ‪ 555‬هـ‪ .‬وذكر نقال عن إبن اۡلثير‬
‫(الكامل‪ ،‬ج ‪ ،11‬ص ‪ )70‬أنه في صفر من سنة ‪ 550‬هـ هزمت عساكر عبد المؤمن اۡلعراب فتركوا جميع‬

‫‪ 89‬محمد الغربي‪" ،‬الساقية الحمراء ووادي الذهب"‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬دار الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬التاريخ‪ ،]1965[ ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪ 90‬الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين‪" ،‬كتاب قبائل الصحراء المغربية—أصولها‪ ،‬جهادها‪ ،‬ثقافتها‪ "،‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط‪1419 ،‬هـ‪1998/‬م‪ ،‬ص ‪.151-147‬‬
‫‪ 91‬الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين‪" ،‬كتاب قبائل الصحراء المغربية— أصولها‪ ،‬جهادها‪ ،‬ثقافتها‪ "،‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط‪1419 ،‬هـ‪1998/‬م‪ ،‬ص ‪.151-147‬‬
‫‪Michael Lecker, The Banu Sulaym: A Contribution to the Study of early Islam, Institute of Asian and African Studies, The 92‬‬
‫‪Hebrew University of Jerusalem, 1989.‬‬

‫‪34‬‬
‫ما لهم من أهل ومال‪ ،‬فأخذ الموحدون جميع ذلك فقسم عبد المؤمن الغنائم على عساكره وترك النساء واۡلوالد‬
‫وأمر بصيانتهم‪ ،‬فلما وصلوا مراكش أنزلهم في المساكن الفسيحة وأحسن إليهم وأمر إبنه محمدا أن يكاتب‬
‫أمراء اۡلعراب من هالل وزغبة وعدي وقرة ورياح وغيرهم فسارعوا إلى مراكش فرد إليهم نساءهم‬
‫وأوالدهم‪ ،‬وبذلك استرق قلوبهم واستعان بهم على والية ولده محمد للعهد‪ .‬وعند ما أوقع يعقوب المنصور‬
‫بأعراب إفريقيا نقل جمهورهم إلى العديد من المناطق داخل المغرب اۡلقصى‪ ،‬ولم ينقل بني سليم بن منصور‬
‫‪93‬‬
‫ۡلنهم لم يقاتلوه وذلك سنة ‪ 574‬هـ‪.‬‬

‫وذكر عبد الحميد خالدي في كتاب "الوجود الهاللي السليمي في الجزائر" أن الدراسات التاريخية القديمة‬
‫أثبتت أن بني سليم‪ ،‬كانوا أكثر من الهالليين عددا‪ ،‬وانضمت إليهم جماعات شتي من القيسية والسبئية‪ ،‬مثل‬
‫فزارة من القيسية‪ ،‬والمعقل من اليمنية‪ 94.‬ويقول عبد الوهاب بن منصور في كتابه "قبائل المغرب" إن نسب‬
‫ي مجهول عند الجمهور‪ ،‬حيث يعدهم نسابو العرب من بطون هالل‬ ‫قبائل المعقل الداخلين إلى المغرب خف ّ‬
‫وهو غير صحيح‪ .‬ويدّعون هم أنهم من آل البيت من ذرية جعفر بن أبي طالب‪ ،‬وهو ادعاء غير سليم ۡلن‬
‫الطالبيين والهاشميين يُعدون من عرب اۡلمصار وليسوا أعرابا‪ .‬ورجح إبن خلدون أن يكون أعراب المعقل‬
‫يمنيين‪ۡ ،‬لن من هؤالء بطنين يسمى كل واحد منهما بالمعقل على ما ذكره ابن الكلبي وغيره‪ ،‬أحدهما من‬
‫قضاعة واآلخر من مذحج‪ ،‬والغالب أن المعقل من هذا البطن اۡلخير‪ .‬وأضاف عبد الوهاب أن ممن انضاف‬
‫ُعرف محمذن بن باباه بني حسان بأنهم "مجموعات العرب من بني‬ ‫إلى المعقل من غير نسبهم بنو سليم‪ 95.‬وي ّ‬
‫سليم ومعقل" التي وصلت الصحراء الغربية قادمة من الصعيد المصري عبر شمال إفريقيا‪ 96.‬وجاء في‬
‫الوزان الفاسي المعروف بجان ليون اإلفريقي أن بني سليم فرع من‬ ‫كتاب "وصف إفريقيا" للحسن بن محمد َّ‬
‫فروع قبائل المعقل وأنهم يسكنون قرب نهر درعة ويتنقلون عبر الصحراء‪ ،‬وأنهم أثرياء يذهبون كل سنة‬
‫ببضائعهم إلى تمبكتو‪ ،‬وأن لهم ممتلكات عديدة وأراضي للحرث بدرعة وعددا وافرا من اإلبل‪ ،‬ويبلغ عددهم‬
‫نحو أربعة آالف فارس‪ 97.‬وذكر مارمول في كتاب "إفريقيا لمارمول كرنفال" أن أعراب بني سليم كانوا‬
‫يبسطون سلطانهم على مدينة بني صبيح قبل أن تصبح هذه المدينة خاضعة لملوك الشرفاء الذين وضعوا فيها‬
‫حامية من الجنود المسلحين بالبنادق ومن الرماة‪ ،‬تحت قيادة الوالي المقيم بها‪ ،‬باسم ملك مراكش‪ 98.‬وجاء في‬
‫مذكرة قدمها العقيد آصانصيو أمام المؤتمر السابع لمعهد الدراسات العليا المغربية أن انهيار المرابطين في‬
‫القرن ‪ 11‬م تزامن مع تش ّكل قبائل الشعانبة وطرود من صلب قبائل بني سليم‪ 99.‬ويقول عاتق بن غيث‬
‫ـزة من سليم بن منصور‪،‬‬ ‫ع ّ‬‫البالدي في كتابه "معجم القبائل العربية المتفقة اسما المختلفة نسبا أو ديارا" إن َ‬
‫كانوا بإفريقية‪ 100.‬ويقول مر ِسيَى في كتاب "توطن العرب إلفريقيا الشمالية" (وهو باللغة الفرنسية) إن قبيلة‬
‫‪101‬‬
‫ع ّزة من القبائل ذات اۡلصول غير المحددة المتحالفة مع بني سليم بن منصور‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪ 93‬محمد بن أحمد الكانوني العبدي‪" ،‬أسفي وما إليه قديما وحديثا" ‪ ،‬تحقيق عالل ركوك‪ ،‬الرحالي الرضواني‪ ،‬محمد الظريف‪ ،‬محمد السعيدي الرجراجي‪ ،‬وتقديم محمد‬
‫بنشريفة‪ ،‬مطبعة ‪.2005 ،Rabat Net Maroc‬‬
‫‪ 94‬عبد الحميد خالدي‪" ،‬الوجود الهاللي السليمي في الجزائر"‪ ،‬دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫‪ 95‬عبد الوهاب بن منصور‪" ،‬قبائل المغرب"‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬جائزة المغرب ‪ ،1968‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط‪1388 ،‬هـ‪1968/‬م‪.‬‬
‫‪" 96‬الشيخ محمد اليدالي‪ :‬نصوص من التاريخ الموريتاني (شيم الزوايا‪ ،‬أمر الولي ناصر الدين‪ ،‬رسالة النصيحة)"‪ ،‬تقديم وتحقيق محمذن ولد باباه‪ ،‬المؤسسة الوطنية‬
‫للترجمة والتحقيق والدراسات‪ ،‬بيت الحكمة‪[ ،‬تونس]‪ ،1990 ،‬ص ‪.61‬‬
‫الوزان الفاسي المعروف بجان ليون اإلفريقي‪" ،‬وصف إفريقيا"‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬ترجمه عن الفرنسية محمد حجي ومحمد اۡلخضر من جامعة‬ ‫‪ " 97‬الحسن بن محمد َّ‬
‫السّربون بباريس‪ ،‬منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر‪ ،‬الرباط‪ 1980 ،‬م‪ 1400 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ 98‬مارمول‪" ،‬إفريقيا لمارمول كرنفال"‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ترجمة عن الفرنسية‪ ،‬مح مد حجي‪ ،‬محمد زنيبر‪ ،‬محمد االخضر‪ ،‬احمد التوفيق‪ ،‬احمد بن جلون‪ ،‬الربياط‪ ،‬مكتبة‬
‫المعارف‪.1984 ،‬‬
‫‪Études, Notes et Documents sur le Sahara Occidental, presents au VIIème Congrès de l ’Institut des Hautes-Etudes 99‬‬
‫‪Marocaines, Rabat, 30 Mai 1930, Librairies E. Larose, Paris, 1930.‬‬
‫‪ 100‬عاتق بن غيث البالدي‪" ،‬معجم القبائل العربية (المتفقة اسما المختلفة نسبا أو ديارا)"‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار النفائس‪.2002 ،‬‬
‫‪E. Mercier, Histoire de l’établissement des Arabes dans l’Afrique septentrionale, Constantine: imprimerie de la Marle, 1875. 101‬‬

‫‪35‬‬
‫إن هذا الحديث عن بني سليم ال يعني بالضروروة أن أوالد حنّين أو بعضهم قد تكون لهم عالقة ببني سليم أو‬
‫العكس‪ .‬إنما هو تساؤل وارد عن مصير فرع المعقل المسمى بني سليم وعن بقية بني سليم الذين ذكرت‬
‫بعض المصادر أنهم كانوا في الصحاري التي يشملها المجال الجغرافي لهذا البحث‪ .‬وهل تربطهم عالقة‬
‫بأوالد حـنّـين على ضوء عالقتهم التاريخية مع أبي دجانة الذي ينتسب إليه أوالد حنّين؟ ومن الروايات‬
‫المتداولة عند بعض أوالد حـنـين والتي رواها لنا الحمدان بن بلخير بن عبد هللا بن الخراشي الموساوي أن‬
‫ع ِلي وهو الجد الرابع لسيدي أحمد بوغنبور قضى زمنا في الحوض في قبيلة أوالد ب ّل وتزوج فيهم‬ ‫باب َ‬
‫َ‬
‫‪102‬‬
‫وترك فيهم إبنه الولي الصالح سيدي ياسين الذي التحق بأبيه بعد ذلك في الساحل هو وأمه مالوكت‬
‫البالوية‪ ،‬وقد جاء معهما من منطقة الحوض أو أزواد أحمد بن يداس جد اليدادسة وهم اليوم بطن كبير من‬
‫أوالد حنّين‪ 103.‬ويذكر بول مارتي قبيلة تسمى "يادّاس" في جهة الحوض من موريتانيا‪ ،‬قد تكون هي التي‬
‫جاء منها أحمد بن يداس‪ .‬يقول مارتي‪" :‬يادّاس‪ ...‬ينحدرون من اۡلنصار أصحاب النبي محمد [صلعم]‬
‫وجدهم يادّاس كان يقطن في تشيت ثم والتة‪ ،‬وبعدها انتقل إلى أوالد محمد حيث تزوج منهم‪ ،‬ونمت فيهم‬
‫أرومته‪ .‬وقد ذهب بعض من نسله إلى البرابيش وانضموا إليهم‪ ،‬وكونوا فيهم مخيما يادّاسيا ضمن فخذ ركان‪،‬‬
‫كما ذهب البعض اآلخر وانضم لكنتة أزواد‪ ،‬بل وذهب آخرون وانضموا إلى كنتة دنّك (حوض النيجر‬
‫اۡلوسط) ورئيسهم الحالي هو المامي بن علي بن محمد بن المختار بن بكار بن قار بن يادّاس‪ ،‬ويقع ضريح‬
‫يادّاس وأوالده الثالثة اۡلوائل في والتة‪ .‬ويشملون أربعة بطون هي أهل مانة وأهل داوود ميمون وأهل‬
‫الحسن وأهل الطفيل‪ 104".‬وكتب حماه هللا ولد السالم‪" :‬ياداس‪ :‬ذرية (اعلي) العصام الجد المؤسس للفرع‬
‫اۡلنصاري من اتحادية أوالد تيدرارين‪ .‬ويعرفون هناك ب اليدادسة‪ ،‬ومنهم بطون في أوالد محمد في‬
‫الحوض وفي أزواد وفي النيجر‪ 105".‬وجاء ذكر قبيلة يداس أيضا في "الحسوة البيسانية في اۡلنساب‬
‫الحسانية" لمحمد بن عبد الوهاب‪ ،‬حيث قال إنهم كانوا إلى جانب أوالد بوفايدة في معركة كسارى‬
‫‪1124‬هـ‪1712/‬م التي انهزم فيها أوالد بوفايدة بفعل دعم سودان أهل ذلك البلد في ذلك الزمان ۡلعدائهم من‬
‫‪106‬‬
‫أوالد امبارك‪ .‬وذكر أنه يُقال إن يداس يومئذ ستمائة فارس‪.‬‬

‫وممن ذكر أن أوالد حنين كانوا يُعد ُّون ضمن التحالف القبلي المعروف باسم تكنة‪ ،‬علي الشامي حيث ذكر في‬
‫كتابه "الصحراء الغربية" أنه "في بداية القرن السادس عشر تقريبا وفي منطقة تدعى تاراجيجت‪ ،‬الواقعة‬
‫قرب أغادير‪ ،‬تشكل تحالف يضم ‪ 12‬قبيلة من القبائل المحاربة لمواجهة تحالف آخر يضم قبائل السماليل‪.‬‬
‫الحلف العسكري‪-‬القبلي المناوئ للسماليل أطلق عليه إسم تكنة ويضم كال من االزرقيين‪ ،‬أوالد تيدرارين‪،‬‬
‫العروسيين‪ ،‬آية الحسن‪ ،‬آية موسى وعلي‪ ،‬آية الخمس‪ ،‬ازوافيط‪ ،‬آية أوس‪ ،‬آية حماد‪ ،‬أوالد بوعشرة وآية‬
‫مسعود‪ ...‬أسفرت حرب التكنة‪-‬السماليل عن تصفية السماليل والتحاق ما بقي منهم بالقبائل اۡلخرى‪ ،‬وعن‬

‫‪ 102‬وقد أشار محمد عند هللا اۡلنصاري في بريد ألكتروني بتاريخ الثاني من مايو ‪ 2015‬م إلى أن "تما لوكت" هي أم سيدي ياسين الكبير بن علي لعصام‬
‫وليست أم سيدي ياسين الجد الرابع لسيدي أحمد بوغنبور ‪ ،‬كما أشار إلى أن سيدي ياسين الكبير هو جد عشائر أوالد سليمان وأهل ابريهات وأن الدعانين‬
‫فخذ أو "عرش" من أوالد سليمان ‪ .‬وأضاف أنه قبل ظهور سيدي أحمد بوغنبور كانت زعامة القبيلة في أوالد سليمان‪ .‬ونشير هنا إلى أن بعض المصادر‬
‫تذكر قصرا يحمل إسم "قصر ملوكة" في منطقة القصور في والية آدرار الجزائرية التي بها أيضا ك ّل من "زاوية حيْنون" في مدينة ْ‬
‫"أولف العرب"‬
‫و"زاوية سيدي علي بن حنيني" اۡلنصاري في مدينة "زاجلو مرابطين‪ ".‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ي‪ ،‬بوتلميت‪ ،‬موريتانيا‪.‬‬
‫ي‪ ،‬كتاب اۡلخبار‪ ،‬مكبة أهل الشيخ سيد ّ‬
‫‪ 103‬هارون بن الشيخ سيد ّ‬
‫‪Miguel Molina Campuzano, Contribución al estudio del censo de población del Sahara español, Consejo Superior de‬‬
‫‪Investigaciones Científicas, Instituto de Estudios Africanos, Madrid, 1954, page 59.‬‬
‫‪" 104‬القبائل البيضانية في الحوض والساحل الموريتاني وقصة اإلحتالل الفرنسي للمنطقة"‪ ،‬تأليف بول مرتي‪ ،‬تعريب الدكتور محمد محمود ودّادي‪ ،‬جمعية الدعوة‬
‫االسالمية العالمية‪ ،‬بنغاوي‪ ،‬ليبيا‪ 1369 ،‬من وفاة الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ 2001 ،‬مسيحي‪ ،‬ص ‪.80-79‬‬
‫شرببه الكبرى بين أوالد الناصر ودولة ابدوكل‬
‫‪ 105‬الدكتور حماه هللا ولد السالم‪" ،‬تاريخ بالد شنكيطي (موريتانيا) من العصور القديمة إلى حرب ِ ّ‬
‫اللمتونية"‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،2010 ،‬ملحق‪/‬معجم قبائل البيضان‪ ،‬رقم ‪ ،199‬ص ‪.441‬‬
‫‪" 106‬توطئة عامة" لـ "كتاب فتح الوهاب علي الحسوة البيسانية في اۡلنساب الحسانية ومحمد صالح ولد عبد الوهاب" (تحقيق وإشراف الزاوية العلمية والثقافية للعالمة‬
‫محم صالح وعبد الوهاب‪ ،‬عن مكتب ا لزاوية الحسن ولد ابراهيم ولد صالح ولد الرشيد‪ ،‬حقق بتاريخ ‪ 1414‬هجرية – الموافق ‪ 1993‬م‪ ،‬الطبعة اۡلولي‪ ،‬المطبعة الجديدة‪،‬‬
‫انواكشوط)‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫انقسام في صفوف التحالف المنتصر‪ :‬آية الجمال وآية بلال [كذا]‪ 107".‬ويقول محمد المختار السوسي في‬
‫كتابه "المعسول" إن قبائل تكنه من عرب بني هالل الذين تتابعت رحالتها من توات إلى وادي نون‪ ،‬وذكر‬
‫أوالد تيدرارين ضمن أيت الجمل من قبائل تكنه‪ 108.‬ويشير جان مرسر في كتابه "الصحراء االسبانية" إلى‬
‫أن أوالد تيدرارين كانوا يُعدُّون من الشرفاء‪ ،‬وأن الزركيين‪ ،‬وهم القبيلة القيادية واۡلكثر "تحضرا" في‬
‫يشير إلى مكانة أوالد تيدرارين عند‬
‫ُ‬ ‫المنطقة‪ ،‬استمروا في معاملة أوالد تيدرارين كشرفاء صالحين‪ 109.‬ومما‬
‫س َّن بن اد َْويْهي وهو من أشهر شعراء الزركيين‪ .‬فعند ما‬ ‫قبيلة الزركيين وغيرها من قبائل تكنة ما يقوله ح َّ‬
‫قررت جماعة من أهله أن ينحروا ناقة صدقة هلل عند مدفن اۡلولياء والصالحين من أوالد حنّين عند مسجد‬
‫أهل الزريبة ولكن على بعد مسافة إلى الشمال منه ليشركوا في ثواب هذه الصدقة بعض اۡلولياء والصالحين‬
‫اآلخرين المدفونين عند فُ ْم الواد (أي مصب وادي الساقية الحمراء)‪ ،‬قال ح َّ‬
‫س َّن بن اد َْويْهي مقطع الشعر‬
‫الشعبي التالي (ومعناه أنه عندما ما َل بعض جماعته إلى أن ينحروا بعيدا إلى الشمال—ويسمونه "الت َّ ْل"‬
‫باللهجة اۡلعرابية المحلية—من مدفن أهل الزريبة‪ ،‬فإنه هو متشبث بإهل الزريبة وخاصة أوالد وأحفاد الولي‬
‫الصالح سيدي أحمد بوغنبور‪ ،‬فعراس واستيْله وياسين وعبد هللا)‪:‬‬

‫ف ال َّل َما نِـــــــــتّــــــ َّل‬


‫َراجِ َ‬ ‫ــت هَا ِذ ْالـ َمــيْـــ َل‬ ‫ـــن ِخ ْ‬
‫ــلــ ِك ْ‬ ‫َو ْكـــتِ ْ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ــيـــن أيَـــ َعــبـــــْدَ ال َّل‬ ‫يَـيَــا ِس‬ ‫ـــوك اسْـــت َــيْـــ َل‬ ‫ُ‬
‫اس أ ُخ ْ‬ ‫يَـــفَـــ ْع َ‬
‫ـــر ْ‬

‫وفي مطلع القرن العشرين كانت اتحادية قبائل تكنة مكونة من ‪ 8000‬إلى ‪ 10000‬أسرة بعضها مستقر‬
‫وبعضها رحل‪ .‬وتنتشر قراهم جنوب اۡلطلس الصغير في وادي نون و الواحات الغربية لجبل باني وبين‬
‫وادي نون وأسفل وادي درعة‪ ،‬كما يتجاوز رحلهم الساقية الحمراء جنوبا ومن المحيط غربا إلى نواحي‬
‫تيندوف شرقا ويقعون بين الحماية الفرنسية في الشمال واإلسبانية في الجنوب‪ .‬والزركيين منهم كانوا‬
‫ينتجعون خاصة بين درعة ورأس بوجدور‪ ،‬ومن بطونهم اشتوكه وال ِك ّرح و أيت سعيد‪ ،‬ومن بطون اشتوكه‬
‫فخذ كندوز وهم ليسوا منهم نسبا وهم مع أهل أحمد بن سعيد‪ 110.‬ويُعتقد أن كندوز هؤالء هم من بقايا كندوز‬
‫الذين تزوج فيهم حنّين بن سرحان في القرن الخامس الهجري‪ .‬ويذكر محمد حنداين في "معلمة المغرب"‬
‫تحت مادة " ْشتوكة" أن قبيلة "اشتوكة" قبيلة كبيرة تستقر وسط سهل سوس‪ ،‬ما بين نهري سوس وماسة‪ ،‬وأنه‬
‫إيعزا"‪ 111.‬ويقول مصطفى ناعمي إن اتحادية تكنة‬‫قد انضافت إليها قبائل أخري‪ ،‬منها قبيلة تُس ّمى "أيت ّ‬
‫تتكون من ‪ 14‬قبيلة‪ ،‬تمثل في مجملها قوة عسكرية حقيقية حيث (‪ )1‬تراقب تجارة قوافل الجنوب على محور‬
‫تاجاوست—وادان—تاودني—تمبكتو‪ )2( ،‬تسير المبادالت التجارية مع الوكاالت اۡلوروبية‪ )3( ،‬تعقد‬
‫معاهدات سالم وتحالف مع إمارات آدرار‪ )4( ،‬تعلن حمايتها على قبائل الزوايا بالصحراء‪ .‬فـحتي أواخر‬
‫القرن التاسع عشر نجد أوالد بسبع والعروسيين وأوالد تيدرارين بالساحل تحت الحماية الفعلية لتكنة‪ .‬ونجد‬
‫الركيبات داخل الصحراء تحت حماية أيت لحسن وآزوافيط خاصة‪ 112.‬وذكر أيضا أن شيخ قبيلة الزركيين‬
‫ع ِلي‬
‫بتو ّجهه على رأس ‪ 500‬فارس لحماية َ‬‫حمو أسعيد لبَّي نداء السلطان اسماعيل العلوي سنة ‪ 1720‬م َ‬
‫شنظورة أمير الترارزة من هجمات قبائل أخرى مثل البراكنه‪ ،‬وبقايا أوالد رزك‪ ،‬وخاصة أوالد الدليم الذين‬
‫قتلوا أمير الترارزة أعمر آكج ِيّل بن هدي بن أحمد من دمان وهو يسقي إبله عند آ ْكليل شمال نواكشوط سنة‬

‫‪ 107‬علي الشامي ‪ ،‬الصحراء الغربية ‪-‬عقدة التجزئة في المغرب العربي‪ ،‬دار الكلمة‪ ،‬بيروت‪ ،1980 ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ 108‬محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬الجزء ‪ ،19‬مطبعة النجاح‪ ،‬الدار البيضاء‪1383 ،‬هـ‪1963/‬م‪ ،‬ص ‪.273‬‬
‫‪John Mercer, Spanish Sahara, London: George Allen & Unwin Ltd, 1976 109‬‬
‫‪F. de la Chapelle, Les Tekna du Sud Marocain: Etude géographique, historique et sociologique , Paris: Publications du 110‬‬
‫‪Comité de l’Afrique Francaise, 1934.‬‬
‫‪ 111‬محمد حنداين‪ ،‬مادة "اشكوكة‪" ،‬معلمة المغرب"‪ ،‬من انتاج الجمعية الغربية للتألليف والنشر والترجمة‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطابع سال‪ ،2002/1423 ،‬الجزء‬
‫‪ ،16‬ص ‪.5302-5301‬‬
‫‪ 112‬مصطفى ناعمي‪" ،‬الصحراء من خالل بالد تكنة‪ :‬تاريخ العالقات التجارية والسياسية‪ "،‬منشورات عكاظ‪ ،‬تحت إشراف المعهد الجامعي للبحث العلمي‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪ ،1988‬ص ‪.134‬‬

‫‪37‬‬
‫‪1114‬هـ‪1703/‬م‪ .‬وبالمقابل استمر أمراء الترارزة في دفع سبعة من اإلبل سنويا لشيوخ الزركيين كعادة‬
‫‪113‬‬
‫استمرت إلى حدود ‪ 1930‬م‪.‬‬

‫من جهة أخرى نجد العديد من الروايات الشفهية التي تعبِّر في جوهرها عن عالقات ُودّية متم ِيّزة بين قبائل‬
‫أوالد تيدرارين والعروسيين والركيبات‪ .‬ويبدو أن هذه الروايات مبنية من الناحية العملية على عالقات حسن‬
‫الجوار‪ ،‬ومن الناحية النظرية على افتراض عالقات طيبة كانت قائمة بين َمن يس ِ ّميهم الناس في الساحل " ِسي ْد‬
‫الر ْدفَه"‪ :‬سيد أحمد بوغنبور وسيد أحمد العروسي وسيد أحمد الركيبي‪ ،‬حتى وإن كنّا ال نجد ما يؤكد‬ ‫أ َح ْم ْ‬
‫دات ِ ّ‬
‫أن هؤالء اۡلولياء الصالحين الثالثة معاصرون لبعضهم البعض‪ .‬ومما يرمز لتلك العالقات الودية ما ذكرتهْ‬
‫يروون رواية تقول إن جدهم سيد أحمد العروسي قدم من تونس‬ ‫الكاتبة صوفي كاراتيني من أن العروسيين ُ‬
‫برفقة سيد أحمد بوغنبور جد أوالد تيدرارين‪ ،‬حسب الرواية التالية‪ :‬لقد غادر سيد أحمد العروسي تونس‬
‫صحبة سيد أحمد بوغنبور‪ .‬وبينما هما في طريقهما اعتقلهما السلطان وسجنهما‪ .‬لكن هللا كان بعونهما حيث‬
‫حلّقا بهما فوق‬ ‫عقاب واختطفهما من زنزانتيْهما وطار بهما ماسكا بطوق حزاميهما‪ .‬وبقي الطائر ُم ِ‬ ‫جاء ُ‬
‫المدينة لمدة ثمانية أيام قبل أن يبتعد‪ .‬وعندما وصل بهما فوق الساقية الحمراء (أي إلى مكان ال يُخشى عليهما‬
‫فيه) إنقطع حزام الرجلين ووجدا نفسيهما على اۡلرض‪ .‬وهكذا سكنا في هذا المكان الذي حدده هللا لهما‪.‬‬
‫وهناك التقيا بسيد أحمد الركيبي وربطتهم الصداقة‪ 114.‬ويُذكر في هذا السياق أن من اۡلدعية المشهورة عند‬
‫ع ِلي ِمن تيدرارين من‬ ‫أوالد حنّين في المناسبات الدينية وخاصة ليلة الجمعة الدعاء التالي‪" :‬اللهم ارحم أوالد َ‬
‫تونس الخ ْ‬
‫َظ َره إلى النّ َخ ْيلَه وأ َما ِسين‪".‬‬
‫ْ ‪115‬‬

‫ويذكر الخليل النحوي في كتابه "بالد شنقيط‪ :‬المنارة والرباط" أنه "يُعتقد أن قبيلة أوالد تيدرارين‬
‫الصحراوية منتسبة إلى صحابي أنصاري قدم مع عقبة [بن نافع]‪ 116".‬وإلى مثل ذلك ذهب المؤرخ والنسابة‬
‫حماه هللا ولد السالم حيث كتب‪" :‬أوالد تيدرارين (أبناء الجبل ْين‪ :‬آدرار التمر وآدرار سطف)‪ ،‬اتحادية قبلية‬
‫موطنها القديم مجاالت حول ’ودان‘ ثم انتقلت إلى الساقية الحمراء‪ ،‬ونواتها الرئيسية تجمع قاده رجل من بني‬
‫جابر بن عبد هللا من ذرية الصحابي أبي دجانة اۡلنصاري‪ 117".‬وفي سياق حديثه عن الهجرات العربية إلى‬
‫شمال إفريقيا يُم ِيّز حماه هللا ولد السالم ضمنيا بين هجرة "عرب اۡلمصار" وهجرة "أعراب البوادي"‪ ،‬ويرى‬
‫أنه كان فيه تساوق بين الهجرتين‪ .‬وصنّف قبائل البصاديين‪ ،‬والتاكاطيين‪ ،‬والخطاطيين‪ ،‬والتيدراريين على‬
‫أنها من مجموعات "عرب اۡلمصار" التي سايرت هجرة قبائل المعقل‪ 118.‬وقد أشار أحمد الناصري إلى أن‬
‫بقايا عرب الفتوحات اإلسالمية اۡلولى لبالد المغرب كانوا يستوطنون "اۡلمصار دون البادية‪ ،‬ويسكنون‬
‫القصور دون الخيام‪ ،‬فلم تكن العرب تسكن المغرب يومئذ بقبائلهم وخيامهم‪ ،‬وال استوطنوه بأحيائهم وحللهم‪،‬‬
‫كما هو شأنهم اليوم‪ ...‬فكانت الخيمة بأرض المغرب معدومة رأسا‪ ...‬وإنما كان يسكن الجمهور منهم‬
‫بالمداشر وكهوف الجبال‪ .‬واستمر الحال على ذلك إلى أواسط المائة الخامسة (الحادية عشرة ميالدية)‪،‬‬

‫‪ 113‬ممصطفى ناعمي في الجزء اۡلول من "معلمة المغرب" تحت مادة "إزركيين" (من انتاج الجمعية الغربية للتألليف والنشر والترجمة‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطابع سال‪،‬‬
‫‪ ،1989/1410‬ص ‪ .)340-339‬محمد فا ل بن باب العلوي‪" ،‬كتاب التكملة في تاريخ إمارتي البراكنة والترارزة"‪ ،‬تحقيق اۡلستاذ أحمد ولد الحسن‪ ،‬المؤسسة الوطنية‬
‫للترجمة والتحقيق والدراسات‪ ،‬بيت الحكمة‪[ ،‬تونس]‪ ،1986 ،‬ص ‪.42 ،40‬‬
‫‪Sophie Caratini, Les Rgaybat, territoire et Société (1610-1934), Tome I, Paris, Éditions L’Harmattan, 1989, page 44 and note 114‬‬
‫‪20 on page 58).‬‬
‫‪ 115‬المحتار بن حامد‪ ،‬جزء أوالد تيدرارين‪ ،‬مرقون‪.‬‬
‫‪ 116‬الخليل النحوي‪" ،‬بالد شنقيط‪ :‬المنارة والرباط‪ "،‬المنظمة العربية للثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪ ،1987 ،‬ص ‪.30‬‬
‫شرببه الكبرى بين أوالد الناصر ودولة ابدوكل‬
‫‪ 117‬الدكتور حماه هللا ولد السالم‪" ،‬تاريخ بالد شنكيطي (موريتانيا) من العصور القديمة إلى حرب ِ ّ‬
‫اللمتونية"‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،2010 ،‬ملحق‪/‬معجم قبائل البيضان‪ ،‬رقم ‪ ،36‬ص ‪.417-416‬‬
‫‪ 118‬كتاب "الرسالة الغالوية"‪ ،‬تأليف الشيخ سيد محمد الخليفة بن الشيخ سيد المختار الكنتي الوافي و"رسالة في نسب إدولحاج الشرقيين"‪ ،‬تأليف عبد هللا بن سيدي‬
‫محمود الحاجي‪ ،‬تحقيق حماه هللا ولد السالم‪ ،‬منشورات معهد الدراسات االفريقية‪ ،2003 ،‬سلسلة‪ :‬نصوص ووثائق (‪ ،)12‬المملكة المغربية‪ ،‬جامعة محمد الخامس—‬
‫السويسي‪ ،‬معهد الدراسات االفريقية)‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫فدخلت العرب أرض افريقية‪ ،‬واستوطنوها بحللهم وخيامهم‪ 119".‬وعن المجموعتين العربيتين اللتين ذكرهما‬
‫البكري—الهنيهين (قرب غانة) والفامان (قرب تكرور)—يقول الحسين ولد الناني إنه يميل إلى أن أسالفهم‬
‫وصلوا في النصف الثاني من القرن السابع الميالدي تحت قيادة عقبة بن نافع‪ 120.‬وممن قام بتصنيف قبائل‬
‫الساحل على أساس "اۡلصل العرقي" موريس باربيي حيث أشار إلى أنه توجد في الصحراء "اإلسبانية"‬
‫حوالي عشرون قبيلة‪ ،‬غير أن القبائل الرئيسية منها ثمانية‪ :‬الركيبات‪ ،‬الزركيين‪ ،‬أوالد الدليم‪ ،‬أوالد‬
‫تيدرارين‪ ،‬العروسيين‪ ،‬أيت لحسن‪ ،‬أهل ماء العينين‪ ،‬ويكـّوت‪ .‬وذكر أن بعض هذه القبائل ينتمي إلى‬
‫المجموعة البربرية الصنهاجية‪ ،‬وبعضها ينتمي إلى أصول عربية‪-‬بربرية مختلطة‪ ،‬وأن القبائل الثالثة—‬
‫‪121‬‬
‫العروسيين‪ ،‬وأوالد تيدرارين‪ ،‬وأوالد الدليم ‪—،‬ينتمون إلى أعراب المعقل‪.‬‬

‫باب وابنُه المؤرخ الكبير هارون‪.‬‬ ‫ي َ‬ ‫وممن يؤكد بقوة على النسب اۡلنصاري ۡلوالد حـنّـين كل من الشيخ سيد ّ‬
‫باب (ت ‪1924‬م) ممن يتحفظ أو يتورع في موضوع‬ ‫ي َ‬ ‫وعلى الرغم من معرفته الواسعة‪ ،‬كان الشيخ سيد ّ‬
‫كتابة اۡلنساب والتاريخ حيث ذكر في تأليفه المعروف ب "تاريخ إدوعيش" أنه لم يكتبه إال "بطلب" من‬
‫الحاكم الفرنسي النقيب جيرار سنة ‪ 1313‬هـ‪ .‬وذكر أنه عند دخول الفرنسيين للبالد كانت الرئاسة والقوة‬
‫العسكرية منذ قرون لمجموعتين‪ :‬إيدوعيش والمغافرة‪ .‬أما أمر مشظوف في الحوض فيعود للقرن ‪13‬‬
‫هـ‪ 19/‬م‪ ،‬وأما أمر أهل سيدي محمود في الركيبة فهو أيضا في القرن ‪13‬هـ‪19/‬م‪ ،‬وهم في الحقيقة فرع من‬
‫إيدوعيش‪ .‬أما تنامي القوة العسكرية ۡلهل الشمال الغربي من الركيبات وأوالد بسبع وغيرهم خالل سنوات‬
‫دخول فرنسا فهو أمر عارض سببه سقوط مدافع الوروار (رشاشات ‪ )1874‬في أيديهم قبل غيرهم من‬
‫البيظان وانشغال أعراب البالد عنهم بدخول الفرنسيين وبتدهور العالقات بينهم‪ .‬وأكد على عمق جذور‬
‫صنهاجة في الزوايا واللحمة‪ ،‬مع أن قبائل من الطبقتين ترتبط بأنساب أخري‪ 122.‬وفي هذا السياق أشار حماه‬
‫هللا ولد السالم إلى أن حرمان الحجاج الشناقطة من حصتهم في أوقاف الحرمين ربما شكل الدافع الرئيسي‬
‫لكتابة اۡلنساب والتحول من النسب الصنهاجي اۡلمومي (كما في "ورقات" أحمد البكاي المتوفى سنة ‪ 920‬هـ‬
‫و"أنساب" والد بن خالنا المتوفى سنة ‪ 1212‬هـ) إلى النسب العربي اۡلبوي في بالد شنقيط منذ القرن الثامن‬
‫عشر الميالدي‪ .‬وذكر أن الشناقطة اتصلوا بمرتضى الزبيدي في نهاية القرن الثاني عشر الهجري (القرن‬
‫الثامن عشر الميالدي) وطلبوا تزكيته ۡلنسابهم‪ .‬وهكذا بدأ الشناقطة بتأليف المصنفات والنّبذ والتقاييد في‬
‫اۡلنساب‪ ،‬حيث ألف الشيخ سيد المختار الكنتي (ت ‪ 1226‬هـ) كتابه المشهور "لبّ االلباب في حقائق‬
‫االنساب‪ ".‬وكتب سيد عبد هللا بن الحاج ابراهيم العلوي (ت ‪ 1233‬هـ) نبذته المعروفة "صحيحة النقل في‬
‫علوية إدوعل وبكرية محمد غ ّل" تعريفا بنسب أهم قبيلتين في مدينة شنقيط‪ .‬وكتب محمد صالح بن عبد‬
‫الوهاب الناصري (ت ‪ 1271‬هـ) "الحسوة البيسانية في علم االنساب الحسانية" بطلب من ابن شيخه عبد هللا‬
‫ابن الحاج ابراهيم العلوي؛ كما كتب مصنفه ’الضائع‘ "تاريخ وأنساب صنهاجة والعرب من غير بني حسان"‬
‫بطلب من صديقه الطالب بن الطالب جدّو رئيس قبيلة اۡلقالل في بالد الحوض آنذاك‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يقول احماه‬
‫هللا ولد السالم‪" ،‬أصبحت أنساب أغلب القبائل الصنهاجية أنسابا عربية ترتفع إلى اليمانيين أو إلى‬
‫‪123‬‬
‫المضريين‪".‬‬

‫‪ 119‬أحمد بن خالد الناصري‪ ،‬كتاب اإلستقصا ۡلخبار دول المغرب اۡلقصى‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬تحقيق وتعليق اۡلستاذ أحمد الناصري‪ ،‬أشرف على النشر محمد حجي‪،‬‬
‫ابراهيم بوطالب‪ ،‬أحمد التوفيق‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واالتصال‪ ،2001 ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ 120‬الناني ولد الحسين‪ ،‬في كتاب "صحراء الملثمين‪ :‬دراسة لتاريخ موريتانيا وتفاعلها مع محيطها اإلقليمي خالل العصر الوسيط من منتصف القرن ‪2‬هـ‪8/‬م الى نهاية‬
‫القرن ‪5‬هـ‪ 11/‬م‪ "،‬تقديم أ‪.‬د‪ .‬محمد حجي‪ ،‬دار المدار االسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،2007 ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪Maurice Barbier, Le conflit du Sahara Occidental, Editions L’Harmattan, Paris, 1982, page 17, Table 2. 121‬‬
‫ي باب‪" ،‬تاريخ إدوعيش"‪ ،‬مخطوط بحوزة المؤلف‪.‬‬ ‫‪ 122‬الشيخ سيد ّ‬
‫‪ 123‬حماه هللا ولد السالم‪" ،‬تحقيق ودراسة" لكتاب "الرسالة الغالوية"‪ ،‬تأليف الشيخ سيد محمد الخليفة بن الكنتي‪ ،‬ت ‪ 1242‬هـ‪ 1826/‬م‪ ،‬منشورات مؤسسة الشيخ مربيه‬
‫ربه إلحياء التراث والتبادل الثقافي‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪.2007 ،‬‬

‫‪39‬‬
‫وربما بلغت هذه البدعة "الحسنة" في صناعة وانتحال اۡلنساب بُغية ترتيب اۡلحساب نهاية المطاف بنشر‬
‫وريقات "أنساب القبائل" لمؤلفها "العالمة" أحمد بن حبت الغالوي (ت ‪1301‬هـ) و"محققها" (‪2010‬م) أحمد‬
‫ص َر َو ۡٱلفُ َؤادَ‬
‫سمۡ َع َو ۡٱلبَ َ‬
‫س لَكَ بِِۦه ِع ۡل ٌمۚ إِ َّن ٱل َّ‬
‫ف َما لَ ۡي َ‬ ‫"و َال ت َۡق ُ‬ ‫خليل أبو المعالي‪ ،‬حيث ت َّم اإللتفاف على قوله تعالى َ‬
‫ع ۡنهُ َم ۡسـُٔو ً۬الً" (اإلسراء ‪ ،)36‬وذلك بترجيح مقولة "الناس مصدقون في أنسابهم" على حديث‬ ‫ُك ُّل أ ُ ْولَ ٰـ ٓ ِٕٮكَ َكانَ َ‬
‫ب َو ُه ۡم يَعۡ لَ ُمونَ " (آل عمران ‪ .)75‬وفي هذا‬ ‫ٱّلِلِ ۡٱل َك ِذ َ‬ ‫"كذب النسابون‪ ".‬ونعوذ باهلل من الذين "يَقُولُونَ َ‬
‫علَى َّ‬
‫باب الخرشي‪" :‬وباعتبار أن كل المصادر التي اعتمدها المؤرخون اۡلجانب هي مصادر‬ ‫المضمار يقول أحمد َ‬
‫شفهية فإنها لم تلتزم جانب الموضوعية والصدق‪ ،‬بل كانت في أحيان كثيرة متحيزة لصالح جهة عن أخرى‬
‫ترجح كفتها وتعلي شأنها وتسئ إلى اآلخرين فيما تريد‪ .‬ولم يبذل المؤرخون اۡلجانب أدنى جهد في سبيل‬
‫استقصاء الحقائق ورفع اللبس بل كانوا ينقلون ما يسمعون‪ .‬ومن اۡلدلة الواضحة على ذلك‪ ،‬ما قام به‬
‫المترجم الذي رافق الباحث اإلسباني بورخا الذي قدم في رحلة استكشافية إلى المنطقة‪ ،‬من تلفيق للحقائق‬
‫وترجمة مغلوطة‪ .‬وقد اعتمد الكثير من الباحثين على تلك المعلومات الخاطئة كمصدر لمؤلفاتهم مما أدى إلى‬
‫تكرار تلك اۡلخطاء في أكثر من مؤلف ولم يعد باإلمكان تداركها وتصحيحها‪ ،‬وما نحن بصدد تقديمه في هذا‬
‫العمل المتواضع إال محاولة لتصحيح تلك اۡلخطاء ونشر بعض الحقائق وإعادة االعتبار لمن أسئ إليهم‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫خاصة أن اۡلنساب تعتبر من أهم اهتمامات العرب في مختلف اۡلزمنة‪".‬‬

‫ي في "كتاب اۡلخبار"‪" :‬وتنتسب قبيلة أوالد تيدرارين إلى اۡلنصار ويجتمع‬ ‫يقول هارون بن الشيخ سيد ّ‬
‫أكثرهم في سيدي أحمد بوغبنبور‪ ...‬ويتمسك أكثرهم بوثائق مصدقة لذلك رأيتها عند أكثرهم عند أهل الطالب‬
‫مؤرخ كتْبُه بآخر شهر هللا جمادى عام اثنين‬ ‫اعل وعند اوالد موسى وعند لعبُبات وقد رأيت بعضها في جلد ّ‬
‫وتسعين وألف ولم يعيِّن كاتبه أي جمادَيَي ِْن‪ ".‬ومن هذه الوثائق المصدقة لنسب أوالد حنّين إلى اۡلنصار ينقل‬
‫لنا هارون نسب علي من تيدرارين الملقب "علي العصام" والملقب "سيدي علي" (كما رأينا سابقا) على‬
‫عزى المغربي بن ابراهيم بن حنّين بن ِسرحان بن عبد الوليد‬ ‫النحو التالي‪" :‬سيدي علي بن تيدرارين بن أبي ي ّ‬
‫باب‬
‫ي َ‬ ‫بن الحسن بن محمد بن ُكلَ ْي بن أبي دجانة اۡلنصاري الخزرجي‪ ".‬ويذكر هارون أن والدَه الشيخ سيد ّ‬
‫زار أوالد تيدرارين وقال لهم أرجوزيّت َه أو قصيدته التي يصفها هارون ب "الفريدة"‪ ،‬والتي َيعتبرها أوالد‬
‫ٱّلِلُ َمث َ ً۬الً َك ِل َم ً۬ةً‬
‫ب َّ‬ ‫ض َر َ‬ ‫ف َ‬ ‫باب فيهم؛ قال تعالى‪" :‬أَلَ ۡم ت ََر َك ۡي َ‬ ‫ي َ‬ ‫ين كلمةً طيبة ولسانَ صدق باق للشيخ سيد َّ‬ ‫حن ّ‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ً۬‬ ‫ش َج َر ً۬ة َ‬ ‫ً۬‬
‫ب َّ‬
‫ٱّلِلُ‬ ‫ض ِر ُ‬ ‫ين ِبإِذ ِن َر ِبّ َهۗا َو َي ۡ‬ ‫ڪلَ َها ُك َّل ِح ِۭ ِ‬‫س َما ٓ ِء (‪ )٢٤‬ت ُ ۡؤتِ ٓى أ ُ‬ ‫ع َها فِى ٱل َّ‬ ‫طيِّ َبة أَصۡ لُ َها ثَابِتٌ َوفَ ۡر ُ‬ ‫ط ِيّ َبةً َك َ‬ ‫َ‬
‫ق ٱۡل َ ۡر ِ‬‫ۡ‬ ‫ً۬‬
‫اس لَ َعلَّ ُه ۡم يَتَذَڪ َُّرونَ (‪َ )٢٥‬و َمث َ ُل َك ِل َمة َخبِيثَة َك َ‬ ‫ۡٱۡلَمۡ ثَا َل ِللنَّ ِ‬
‫ض َما لَ َها ِمن قَ َر ً۬ار‬ ‫ٱجتُث َّ ۡت ِمن فَ ۡو ِ‬ ‫ش َج َرة َخ ِبيثَة ۡ‬
‫شا ٓ ُء‬‫ٱّلِلُ َما َي َ‬ ‫ٱلظ ٰـ ِل ِمينَ ۚ َو َي ۡف َع ُل َّ‬
‫ٱّلِلُ َّ‬‫ُض ُّل َّ‬ ‫ت فِى ۡٱل َحيَ ٰو ِة ٱلد ُّۡنيَا َوفِى ۡٱۡل َ ِخ َرةِۖ َوي ِ‬‫ٱّلِلُ ٱلَّذِينَ َءا َمنُواْ ِب ۡٱلقَ ۡو ِل ٱلثَّا ِب ِ‬
‫(‪ )٢٦‬يُث َ ِبّتُ َّ‬
‫باب "يدعو هللا لهم فيها‬ ‫ي َ‬ ‫(‪ ")٢٧‬سورة إبراهيم ‪ .27-24‬وفي هذه القصيدة‪ ،‬يقول هارون‪ ،‬كان الشيخ سيد ّ‬
‫بالنصر والنجاح ويدعو على أعدائهم ويُثبت نسبهم في اۡلنصار"‪:‬‬

‫أوالد َحـنِّـيـن األنصار‬

‫ـــــار‬
‫ِ‬ ‫ــريــنَ واۡل ْنــ َ‬
‫ص‬ ‫َو ِب ْالــ ُمــ َه ِ‬
‫ــاج ِ‬ ‫َـــــار‬
‫ِ‬ ‫َيا َربَّــنَــا ِبأحْ ــ َمــدَ ْالــ ُم ْ‬
‫ــخــت‬
‫ْـــــــــــــر ِار‬
‫َ‬ ‫ــاء َربّ ِ َواۡلب‬‫َوالنُّــقَــبَ ِ‬ ‫ــار‬ ‫ْ‬
‫واۡلخــيَ ِ‬ ‫اۡلوت َــا ِد‬
‫ب َو ْ‬ ‫ــطــ ِ‬‫َو ْالــقُ ْ‬
‫علَى ا ْستِ ْم َر ِار‬ ‫ْــن َ‬
‫ســال َمــي ِ‬ ‫أز َكـى ال َّ‬ ‫ْ‬ ‫ــن َر ِبّــنَــا ْالــغَــفَّ ِ‬
‫ــار‬ ‫عــلَــيْــ ِهــ ُم ِم ْ‬
‫َ‬
‫اري‬ ‫ص َح ِ‬ ‫ار َوال َّ‬ ‫ص ِ‬‫ص ِـر فِي اۡل ْم َ‬ ‫َّ‬
‫ــاري بِالنـ ْ‬ ‫ارنَا يَا بَ ِ‬
‫ص ِ‬ ‫عــلــى أنــْ َ‬ ‫َ‬ ‫أ ُ ْمــنــن َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ق ْالـ َمـ ْك ُرو ِه واۡل ْش َ‬
‫ــر ِار‬ ‫ــن ُم ْ‬
‫ـطـلَـ ِ‬ ‫ِم ْ‬ ‫ـار‬
‫ص ِ‬ ‫عـلَى َمدى اۡلعْـ َ‬ ‫َواحْ ــفَ ْ‬
‫ــظ ُه ُم َ‬
‫ــــــار‬
‫ِ‬ ‫ـــر َو ْالــبِــ َح‬
‫ت ْالــبَ ِ ّ‬‫ــر َكـــا ِ‬
‫َوبَ َ‬ ‫ــــــاري‬
‫ِ‬ ‫ــوا ِل ْالــ َج‬ ‫ــر َّن في الــنَّ َ‬‫َوآثِ َ‬
‫باب الخرشي؛ وكان قد تناول فيه بعض الجوانب الطبيعية والبشرية للصحراء الغربية‪.‬‬ ‫بحث على شكل كتاب لم ي ْ‬
‫ُعنون بعدُ‪ ،‬أرسله لنا‪ ،‬مشكورا‪ ،‬اۡلستاذ أحمد َ‬ ‫‪124‬‬

‫‪40‬‬
‫ـن في اۡل ْهــلِـيـنَ َوالـذَّ َر ِاري‬ ‫َو ْالــي ُْـم ِ‬ ‫ــاء ْالــ َمــا ِل َواۡلعْــ َم ِ‬
‫ـــار‬ ‫َوفِـي نَــ َم ِ‬
‫ـاري‬ ‫س ِ‬ ‫ــرا ِعي الــ َّ‬ ‫ْ‬
‫َوفي َم َراتِــعِ الــ َم َ‬ ‫ـــار‬
‫ــام َواۡلعْــيَ ِ‬ ‫َو ْالـخَــيْــ ِل َواۡلنــعَ ِ‬
‫ْ‬
‫ـــــــار‬
‫ِ‬ ‫ْأوالدَ تِــيــد َِر ِاريــنَ اۡل ْنــ َ‬
‫ص‬ ‫ـــار‬
‫س َها َوفي اۡلش َج ِ‬ ‫في الـنَّـجْ ِـم َر ْغ ُ‬
‫ــارهَ اۡل ْقـــدَ ِار‬ ‫ْـــــو ِار يَــــ ِقــــيــــ ِهـــــ ُم َمــ َك ِ‬ ‫ــأمــنَـــعِ اۡلس َ‬ ‫ــطــ ُهــ ُم بِ ْ‬ ‫َو ُح ْ‬
‫َّـــار‬
‫ظــا ِلـــم َجــب ِ‬ ‫عــات َ‬ ‫ــن ُكـــ ِّل َ‬ ‫ِم ْ‬ ‫ــــار‬ ‫ــار ِم الــْبَـــت َّ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ــمــ ِه ُم بِالــ َّ‬ ‫َواحْ ِ‬
‫ـار‬ ‫صـا ِل َواإلبْـ َك ِ‬ ‫ــر بِــاآل َ‬ ‫ْ‬
‫ـار في الــ َمــك ِ‬ ‫ْ‬ ‫َو ُكـــ ِّل َحــــا ِســـــد َوكـــ ِّل َجــــ ِ‬
‫ُ‬
‫ْـــــــر ِار‬ ‫َ‬ ‫َـارجِ بِـال إض‬ ‫ُحـسْـنَ ْالـ َمـخ ِ‬ ‫ار‬ ‫ع ِ‬ ‫ضيـق َ‬ ‫ـن ُكـ ِّل ِ‬ ‫ـل لَـ ُهـ ْم ِم ْ‬ ‫َواجْ ـعَ ْ‬
‫ــــــاري‬ ‫ِ‬ ‫ـــرج ُمـــبَ‬ ‫ــاريًـــا بِـــفَ َ‬ ‫ُمـــبَ ِ‬ ‫ـــــاري‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ــرب ط‬ ‫ُ‬
‫ــر ًجــا ِلــكـــ ِّل َك ْ‬ ‫َوفَ َ‬
‫ـــار‬
‫ص ِ‬ ‫ــر َوال َـوال َواإل ْنـتِــ َ‬ ‫ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫َوالــنَّــ ْ‬ ‫ـــو ِار‬ ‫ــج َ‬ ‫ْ‬
‫ــأمــنَــعِ ال ِ‬ ‫ـــن لـــ ُهــ ْم بِ ْ‬ ‫َ‬ ‫َو ُك ْ‬
‫ـــــار‬
‫ِ‬ ‫ــن ُكــ ِّل غَــاد ُمــد ِْجــن َو َ‬
‫س‬ ‫ِم ْ‬ ‫ــار‬
‫اۡلمـط ِ‬ ‫َ‬ ‫ب ْ‬ ‫صــ ِيّــ ِ‬ ‫َواسْـــ ِقـــ ِهـــ ُم بِـ َ‬
‫ـــاء َوالــْفُــ َّج ِ‬
‫ــــار‬ ‫َو َكــيْــ ِد اۡلتْـــ ِقــيَ ِ‬ ‫ْ‬
‫ـــم ِحــ َمــا ُهــ ُم ِمــنَ اۡلكـــــدَ ِار‬ ‫َواحْ ِ‬
‫ـــار‬ ‫ط ِ‬ ‫اۡلو َ‬ ‫ــمـيـ َع َمـا َر َج ْـوا ِمـنَ ْ‬ ‫َج ِ‬ ‫ـــاري‬ ‫ـــوا لَــنَــا يَــا بَ ِ‬ ‫ف َمــا َوفَ ْ‬ ‫َو ْأو ِ‬
‫َـار‬ ‫ــق ِبـاإلقــت ِ‬ ‫ْ‬ ‫ق ال يُــلــ َح ُ‬ ‫ْ‬ ‫الـر ْز ِ‬ ‫َواحْ ــــبُــ ُهــــ ُم يَـــــا َربّ ِ ِبــاإلد َْر ِار في ِ ّ‬
‫ـــــار‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ْ‬
‫َوذاتَ بَــيْــنِــ ِهــ ْم ِمــنَ الخَـ َ‬ ‫ار‬
‫اۡلو َح ِ‬ ‫ُور ُهــ ْم ِمـنَ ْ‬ ‫صـد َ‬ ‫ــظ ُ‬ ‫َواحْ ــفَ ْ‬
‫ـــر ِار‬ ‫ْــط َ‬ ‫ـس اإلض ِ‬ ‫ـن َم ِ ّ‬ ‫َونَـ ِ ّجــ ِهــ ْم ِم ْ‬ ‫ــــــار‬‫ِ‬ ‫ــان ْالــبُــؤْ ِس َوالــدَّ َم‬ ‫ــريَ ِ‬ ‫َو َج َ‬
‫َوقِـــ ِهــ ُم فِـي الــد َِّار تِــي‪َ ،‬والــــد َِّار‬ ‫ــــــــار‬
‫ِ‬ ‫ْــر َر ِبّــ ِهــ ْم َواإل ْفــتِــقَ‬ ‫ِلــغَــي ِ‬
‫اۡلوزَ ِار‬ ‫ــر ْ‬ ‫ــر لَــ ُهــ ْم َكــبَــائِ َ‬ ‫َوا ْغــ ِف ْ‬ ‫ـــــــــــار‬
‫ِ‬ ‫ــر النَّ‬‫ـي َو َح َّ‬ ‫ّ‬
‫ــو ِل َ‬‫تِ ْلكَ ‪ ،‬الــت َّ َ‬
‫َـــار‬ ‫صـغ ِ‬ ‫عـلَـى ِ‬ ‫َوال تُــنَــاقِــ ْشــ ُهــ ْم َ‬ ‫ـر ِار‬ ‫عـلَـى الــتَّـ ْك َ‬ ‫ــف بَــيْــنَـ ُهــ ْم َ‬ ‫َو ِألّ ْ‬
‫ـار‬ ‫َــوا ُهــ ُم ِلإلسْــتِــ ْغـفَ ِ‬ ‫فه َ‬ ‫ــر ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫َوا ْ‬ ‫ــــــار‬ ‫ِ‬ ‫ذُنُــو ِبــ ِهــ ْم َربّ ِ َوال ْالــ ِكــــبَ‬
‫ـــــار‬ ‫ِ‬ ‫ــر اللَّــيْــ ِل َوالــنَّــ َه‬ ‫صــ ِّل َم َّ‬ ‫َو َ‬ ‫ــــر ِار‬ ‫ص َ‬ ‫ـن ُكــ ِّل َمـا َجـن َْـوا ِبـال إ ْ‬ ‫ِم ْ‬
‫ــــار‬ ‫ق َوالــ ِنّــ َج ِ‬ ‫اۡلخــال ِ‬ ‫ــر ْ‬ ‫طــ ِ ّه ِ‬ ‫ُمــ َ‬ ‫صــ ِة َبــنِــي نِــــــزَ ِار‬ ‫عــلَـى ُخــال َ‬ ‫َ‬
‫ـــار‬ ‫َ َ ِ‬ ‫ج‬ ‫ْــر‬ ‫ي‬ ‫َــ‬
‫خ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ِــب‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫َ َ‬ ‫ْــر‬ ‫ي‬ ‫َــ‬ ‫خ‬ ‫ـا‬‫ي‬
‫َ‬ ‫ــار‬ ‫َ ِ‬ ‫ه‬‫ـ‬ ‫ْ‬
‫اۡلط‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ــ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ــيــ‬ ‫ب‬
‫َ ِ‬ ‫ــ‬ ‫س‬ ‫ــي‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ــ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ــا‬ ‫س‬
‫َو َ‬
‫ـــــار‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ب َوالــقَــ َّه‬ ‫َونُــ ْكــت َــةَ الــْ َو َّهــا ِ‬ ‫ي الــ ُجــو ِد َواإل ْقــتِـــــــدَ ِار‬ ‫ْ‬ ‫َو َحــا ِو َ‬
‫‪125‬‬
‫اري هـ‪.‬‬ ‫ط ِ‬ ‫َوأ ْنتَ َحس ِبي ُم ْنت َ َهي ْأو َ‬

‫ونجد التأكيد على هذا النسب اۡلنصاري ۡلوالد حنّين في الكثير من الشعر الشعبي باللهجة اۡلعرابية الحسانية‪.‬‬
‫وقد أشار عبد المولى بابي في رسالة "بوجدور وأحوازها" إلى أن أوالد حنِّين "ات ّسموا" بفصاحة لهجتهم‬
‫اۡلعرابية الحسانية‪ .‬ويقول اآلنتروبولوجي آتِ ّ ْيليُو قوديو إن اۡلدب الصحراوي مكتوب باللهجة [اۡلعرابية]‬
‫سانية ومحفوظ جزئيا عن طريق التداول الشفهي ضمن قصائد طويلة تسمى ِل ْغنَ [على غرار الشعر‬ ‫الح ّ‬
‫النبطي]‪ .‬وذكر أن أكبر شاعر صحراوي معاصر هو ْ ّ‬
‫الر َو ْي ِجل ولد محمد امب ْيريك من أوالد تيدرارين في‬
‫باب ت ُعجبُه‬
‫ي َ‬ ‫ي بقوله‪" :‬وكان الوالد الشيخ سيد َّ‬‫بوجدور‪ .‬وهو ما أشار إليه أيضا هارون بن الشيخ سيد َّ‬
‫‪126‬‬

‫فصاحت ُهم‪ 127".‬وفي هذا السياق نكتفي بذكر المقطعيْن التاليين من هذا النوع من الشعر الشعبي المعروف‬
‫باسم " ِل ْغنَ " (ال ِغناء)‪ .‬يقول سيدي أحمد بن ْامل ْي َحه وهو من قبيلة أوالد حنّين‪:‬‬

‫‪ 125‬مكتبة محمد بن عبد هللا بن محمد بن البشير بن ميّارة بن سيد ابراهيم بن محمد بن الطالب علي بن سيد أحمد بوغنبور‪ .‬مكتبة أهل الشيخ سيديا‪ ،‬بوتِلميت‪ ،‬موريتانيا‪.‬‬
‫‪Attilio Gaudio, “Manuscrits du Sahara et du Sahel Ignorés ou en Péril de Disparition, ” In Les Bibliothèques du Désert: 126‬‬
‫‪Recherches et études sur un millénaire d’écrits, Actes des Colloques du CIRSS (1995-2000), réunis et presentés par Attilio‬‬
‫‪Gaudio, Institut International d’Antropolgie, Paris, 2002, pages 9-19, page 11.‬‬
‫‪ 127‬عبد المولى بابي‪" ،‬بوجدور وأحوازها من القرن التاسع عشر حتى مطلع القرن الحادي والعشرين‪ ،‬مقاربة سوسيو‪-‬تاريخية‪ "،‬رسالة لنيل شهادة الماستر‪ ،‬إشراف‬
‫الدكتور خالد بن الصغير‪ ،‬جامعة الحسن الثاني—المحمدية—الدار البيضاء‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬ماستر المجال الحضري في المغرب‪ :‬التاريخ‬
‫ي‪" ،‬كتاب اۡلخبار"‪ ،‬مكتبة أهل الشيخ سيديا‪ ،‬بوتِلميت‪ ،‬موريتانيا‪.‬‬
‫والخصوصيات‪ ،‬السنة الجامعية ‪2010/2009‬م)‪ .‬هارون بن الشيخ سيد ّ‬

‫‪41‬‬
‫ْ‬
‫الرحمــان‬ ‫ول ال ُم ْل ْك ال َح ْي‬ ‫ُم ْ‬ ‫فات ْال َح ْي ال َمنَّ ْ‬
‫ان‬ ‫ا ْكتِبْ ْ‬
‫سبْــــــــــــــــنَ‬ ‫ِي نَ َ‬‫به َ‬ ‫يَثْ ِر َ‬ ‫ْ‬
‫قحطـان‬ ‫ا ْعلَ َّن ِم ْن با ِ‬
‫ب‬
‫َما ي ْكد ِْر َح ْد إ َكذَّبْـــــــــــــنَ‬ ‫ان‬‫ار ْالعُ ْربَ ْ‬ ‫فِينَ نَا ْم ْ‬
‫أخيَ ِ‬

‫ويقول محمد اۡلمين بن الكتَّاب وهو من فخذ ال ّ‬


‫صيام من قبيلة إيدولحاج‪:‬‬

‫ْ‬
‫عيـــــــــن‬ ‫الرا ِف‬ ‫هللا َّ‬ ‫َرسو ِل ْ‬ ‫صار‬ ‫هللا ا ْع َل ِش ْكر أ ْن ْ‬ ‫بِس ِْم ْ‬
‫ُ‬
‫اخيام الفَض ْْل أبَ ْل الد ْ‬
‫ِّيــــن‬ ‫ْ‬ ‫رار‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫اخيَام ال ِع َّز بِالتــــــــك ْ‬ ‫ْ‬
‫اخيام ْأول ْد تِد َْر ِار ْ‬
‫يــن‬ ‫َ‬ ‫وك ْ‬ ‫ذُ ْ‬ ‫ـــــــرار‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ع ِ ّم لحْ‬ ‫َ‬
‫اخيام أب ِْن َ‬ ‫ْ‬
‫ْـــــــن‬‫ْ‬ ‫عي ْْن ا ْفعَي‬ ‫ع ِ ّم َ‬
‫ْناء َ‬
‫َوب ِ‬ ‫صــار‬‫ْ‬ ‫ُور أ ْن‬‫غ ْنب ْ‬ ‫ـت بُو َ‬ ‫ذ ِ ِّر ِيّ ْ‬
‫ْ‬
‫يـــــــــن‬ ‫ْ‬
‫يُ َح َّم ْر في البَ َّرانِيِّ‬ ‫صفَ ْ‬
‫ـار‬ ‫ْ‬
‫ِوجْ ِه فِي ِه ْم َمـا َكط ا ْ‬
‫ْ‬
‫يــــــــن‬ ‫وم َو ِام‬ ‫َك ْد ْال ِي ْب ُغ ُه َ‬ ‫َربّ ِ ت َ ْع ِطيهم ِم ْن ِل ْع َم ْ‬
‫ــــار‬
‫ْ‬
‫رسليـــــــن‬ ‫خير ال ُم‬ ‫ُمحم ْد ُ‬ ‫تـــــار‬
‫ْ‬ ‫ديث ال ُم ْخ‬ ‫َكافِي ِه ْم َح ْ‬
‫ْ‬
‫ِّيـــــن‬ ‫صار ِإليَ ْو ِم الد‬‫ْ‬ ‫َو ْبنَا لَ ْن ْ‬ ‫اۡلنصــــــــار‬
‫ْ‬ ‫اللَ ُه َّم ار َح ِم‬

‫ومما نقله هارون أيضا من مكتبة محمد بن عبد هللا مرسوم توقير واحترام وحماية كتبه السلطان المغربي موالي‬
‫ّ‬
‫لست بقين من ذي القعدة الحرام عام‬ ‫اسماعيل ۡلوالد حنّين‪ .‬يقول هارون‪" :‬وقد رأيت عندهم ظهر يوم الثالثاء‬
‫تسعة وخمسين وثالثمائة وألف [عام ‪1359‬هـ‪1940/‬م‪ ،‬وليس عام ‪1335‬هـ‪1917/‬م‪ ،‬كما ورد خطأ في الصفحة‬
‫كار ْ‬
‫ت‬ ‫تاو ِ‬
‫‪ 264‬من الجزء اۡلول من كتاب الحسين بن محنض‪" ،‬تاريخ موريتانيا القديم والوسيط"‪ ]2010 ،‬عند ْ‬
‫من أرض الساحل عند محمد بن عبد هللا بن محمد رئيس قومه إذ ذاك في رقعة من جلد بالية ّ‬
‫خطا عليه طابع‬
‫السلطان المولى إسماعيل فيه ِبلًى ال يمكن قراءة ما فيه والظاهر منه ما يأتي‪:‬‬

‫"بسم هللا الرحمـن الرحيم صلى هللا على سيدنا وموالنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما عن أمر عبد هللا‬
‫المتوكل على هللا المستعين باهلل المستغني به ع ّمن سواه أمير المؤمنين المجاهد في سبيل رب العالمين إسماعيل‬
‫بن الشريف الحسني أيده هللا ونصره‪ ...‬ومآثره ‪ ...‬ونظم به شمل الدين وأبقي الخالفة في عقبه إلى يوم الدين‬
‫َي ْست َ ِق ُّر هذا المسطور الكريم والخطاب ال ُم َحت َّ ُم الصميم ال ُم َوفَّ ُق بعون هللا وتأييده المصحوب بتوفيقه وتسديده بيد‬
‫حملته المرابطين‪ 128‬المساكين‪ 129‬المتمسكين‪ ... 130‬السيد محمد بن [الطالب] ع ِلي [بن سيدي أحمد بوغنبور]‬
‫عرف منه بحول هللا تعالى َمن يقف عليه من العرب والبربر وأهل الصحاري كلها أننا َوقَّرناهم‬ ‫وإخوانه َي ُ‬
‫واحترمناهم وعلى كلها المبرة واإلكرام ‪ ...‬وال يُكلَّفون بتكليف وال يُلزمون بمغرم وال وظيف حتى زكاتهم‬
‫وأعشارهم يَتولّون صرفها على أيديهم وال سبب ۡلحد إليهم بسببها فهم من جملة الزوايا المحروسين المرابطين‬
‫الموقَّرين ِب َمسكنتهم واشتغالهم بما يعنيهم وعدم دخولهم في الفضول التي ال تماثلهم وال تليق بمسكنتهم ومن‬
‫زاحمهم في شئ بعد هذا التوقير الذي عقدناه لهم أو طالبهم بشئ أو حام حول حماهم فاهلل ينتقم منه على يد عبده‬

‫‪ 128‬ذكر شامبو ( ‪Guillaume de Champeaux, A Travers les Oasis Sahariennes—Les Spahis Sahariens, Paris: Chapelot et Cie,‬‬
‫‪ )Editeurs, 1902? Page 25-26.‬أن السكان في منطقة توات يعتبرون "الشرفاء" "عربا" و"مرابطين" يتمتعون بسلطة ومكانة دينية كبيرة‪ .‬ويذكر آلفرد جورجز‬
‫بول َمارْ ت ِْن ( ‪A. G. P. (Alfred Georges Paul) Martin (b. 1863), Quatre siècles d'histoire marocaine, au Sahara de 1504 à 1902, au‬‬
‫‪ )Maroc de 1894 à 1912, d'après archives et documentations indigènes, Paris : F. Alcan, 1923‬أنه في دولة الشرفاء يُعفي الشرفاء والزوايا من‬
‫الضرائب‪.‬‬
‫‪ 129‬وقد تعني المسكنة هنا التمسكن أي التخشع والتواضع واإلخبات والخضوع لرب العالمين‪ ،‬وأن ال يكون اإلنسان من الجبارين المتكبرين الظالمين‪ .‬وليس المراد‬
‫ساكِينَ يَ ْع َملُونَ فِي ْالبَحْ ِر"‬ ‫بالمسكنة هنا الفقر الذي استعاذ منه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬وقد استدل البعض على هذا المعنى بقوله تعالى "أَ َّما ال َّ‬
‫سفِينَةُ فَكَانَتْ ِل َم َ‬
‫(الكهف ‪ .)79‬وروى إبن ماجه في سننه عن أبي سعيد الخدري أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول في دعائه‪:‬اللّ ُه َّم أَحْ يِنِي مِ ْسكِينا‪َ ،‬وأمِ تنِي مِ ْسكِينا‪َ ،‬واحْ شرْ نِي فِي ْم َرةِ‬
‫زُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ِين‪ ".‬وهذا الحديث صححه البعض وضعفه البعض‪.‬‬ ‫ْال َم َ‬
‫ساك ِ‬
‫سِكين"‪.‬‬
‫ولعلها "المتن ّ‬ ‫‪130‬‬

‫‪42‬‬
‫والواقف عليه يعمل به والسالم وكتب في العاشر من شعبان المبارك سنة ست وعشرين ومائة وألف‬
‫[‪1126‬هـ‪1714/‬م]‪".‬‬

‫ويضيف هارون "ولفظة اسماعيل مجعولة في الطابع بالذهب ُمدَ َّو ٌر عليها بقوله تعالى ’إنما يريد هللا ليُذهب‬
‫عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا‘ [اۡلحزاب ‪ ...]33‬وفي الرقعة المذكورة موافقة السالطين أبنائه من‬
‫بعده وقد انطمس أكثره وقرأت منه ما لفظه‪ :‬الحمد هلل وعلى ما كانوا عليه من عهد اۡلسالف تركناهم وهللا‬
‫الموفق والسالم‪ ،‬محمد عبد ربه هــ‪ .‬وقد بلغني أن كثيرا من هذا النوع [من الوثائق] في زاوية أهل سيدي َه ْيبَه‬
‫‪131‬‬
‫[من بطن أهل استيله في تيورار]‪".‬‬

‫وقد اطلعنا على بعض الوثائق التي أشار هارون إلى أنها قد تكون موجدوة عند أهل سيدي هيبه في تيورار‪،‬‬
‫وذلك أثناء زيارتنا لبلدة موالي بوعزة والصويرة ومراكش وتيورار وبوحولي‪ 132‬في أوائل يوليو ‪ 2011‬م‪.‬‬
‫يعزى الياسيني في مراكش‪ ،‬وذلك يوم ‪ 7‬يوليو ‪ 2011‬م‪ .‬وقد نزلنا‬ ‫اطلعنا على بعضها بحوزة امبارك بن ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫عنده عدة مرات في بيته في مراكش وفي تيورار‪ .‬وكان مضيافا هو وأوالده عبد الجليل الملقب الجياللي وعبد‬
‫العالي والعربي ومحمد وأحمد (وكان اۡلخير في أكادير ولم نلتق معه) ورضوان وعز الدين (واۡلخير ما زال‬
‫طفال‪ ،‬وقيل لنا إنه إبن خالة إخوته اآلخرين)‪ .‬وتشمل هذه الوثائق مراسيم توقير واحترام وحماية كتبها السالطين‬
‫سي عبد الرحمان بن سيدي هيبَه (من أهل‬ ‫العلويون في المغرب ۡلوالد حنّين‪ .‬وحدثنا محمد وهو أحد أحفاد ال ِ ّ‬
‫سي‬ ‫استيله) في منطقة م ّجاط وت ْيورار يوم ‪ 6‬يوليو ‪ 2011‬م أن هذه الوثائق المذكورة كانت في اۡلصل بحوزة ال ِ ّ‬
‫ع ِلي بن‬ ‫عبد الرحمان بن سيدي هيبه ثم سلمها قبل وفاته إلى عبد الودود بن ّ‬
‫يعزى الذي سلمها بعد ذلك إلى َ‬
‫يعزى الياسيني المذكور‪ .‬وكل وثيقة من هذه الوثائق هي عبارة عن فقرة أو‬ ‫يعزى ومنه آلت إلى امبارك بن ّ‬ ‫ّ‬
‫فقرات مكتوبة أصال على صفحة واحدة من نوع من الورق يتم إلصاقه على جلد مصنوع صناعة دقيقة فيصبح‬
‫ُطوى عند الحاجة كما يُفعل باالصفحة الواحدة من ورق الكتابة‪ .‬وبسبب ال ِبلَى الذي‬ ‫مجلدا صغيرا يُنشر وي َ‬
‫ي‪.‬‬
‫ي ِ فقد ا َّمحت منها بعض الكلمات وكذلك السطور الواقعة عند موضع الط ّ‬ ‫أصاب هذه الوثائق من دوام الط ّ‬
‫ويُال َحظ أن ظهائر التوقير والحماية متشابهة في نصها ومختلفة في تاريخها وفي إسم السلطان الذي أصدرها؛‬
‫وجاء في ظهير منها‪:‬‬

‫"الحمد هلل وحده وصلى هللا على سيدنا محمد وءاله وصحبه كتابنا هذا أسماه هللا وأعز أمره وجعل في الصالحات‬
‫يستقر بيد حملته أوالد بوغنبور وأهل تدرارين ويُعرف منه بحول هللا وقوته وشامل يمنه ومنّـتـه‬ ‫ُّ‬ ‫ونشره‬
‫َ‬ ‫طيَّه‬
‫أننا جدّدنا لهم على ما بأيديهم من ظهير موالنا الوالد طيّب هللا ثراه وظهائر أسالفنا الكرام قدّسهم هللا وأقررناهم‬
‫عهد لهم من التوقير واإلحترام والحمل على كاهل المبرة واإلنعام وال يطالبون بوظيف وال يكلفون‬ ‫على ما ُ‬
‫بتكليف بحيث ال تُخرق عليهم عادة وال يحدث في جانبهم نقص وال زيادة ومن حام حماهم أو رام أذاهم فال‬
‫ووالة أمرنا أن يعمل بمقتضاه وال يتعدّاه والسالم‬‫يلومن إال نفسه تجديدا تاما و[على] الواقف عليه من ُخدّامنا ُ‬
‫َّ‬
‫صدر به أمرنا الشريف المعتز باهلل في ‪ 8‬رجب الفرد الحرام عام ‪[1315‬هـ]‪".‬‬

‫أعالم أوالد حـنـين‬

‫مكتبة محمد بن عبد هللا بن محمد بن البشير بن ميّارة بن سيد ابراهيم بن محمد بن الطالب علي بن سيد أحمد بوغنبور‪ .‬مكتبة أهل الشيخ سيديا‪ ،‬بوتِلميت‪ ،‬موريتانيا‪.‬‬ ‫‪131‬‬

‫وممن التقينا بهم في بوحولي (‪ 6‬يوليو ‪ ) 2011‬ابراهيم بن امبارك بن امريزيك العالوي من أهل بولسان وهو مقدم زاوية أوالد تيدرارين بالشياظمة‪.‬‬ ‫‪132‬‬

‫‪43‬‬
‫وفيما يلي ن ْذكر ثمانية من أبرز اۡلعالم التاريخيين لقبيلة أوالد حنّين‪ .‬فمن المعروف عند جل العلماء أن تاريخ‬
‫الصلحاء واۡلولياء‪ ،‬والعباقرة والعلماء‪ ،‬وأخبار الزعماء والكرماء‪ ،‬من الوسائل التي تصلح القلوب‪ ،‬وخاصة‬
‫قلوب الشباب‪ 133.‬وهؤالء والثمانية هم‪:‬‬

‫حنين بن سرحــــــان (الجـــد المؤسس)‬


‫أبو يَعَزى ذو النـــور (شيخ المغــــرب)‬
‫الفقيه المختـــــــــــار (شيخ القبلـــــــة)‬
‫ور (الولي الصـــالح)‬ ‫سيدي أحمد بو َ‬
‫غ ْنب ْ‬
‫الله العيافــــــــــــــة (صالحة فُـ ْم الواد)‬
‫محمد بن الخراشـــي (صاحب الدولــة)‬
‫المغوار)‬ ‫عبد هللا بــــــن سالم (الفارس ِ‬
‫محمد بـــــن عبد هللا (المجاهد الكبـيـر)‬

‫حـنـيـن بن سرحان (الجد المؤسس)‪ :‬ح ِنّين بن سرحان (الملقب "تيدرارين" أو "تيدرار"—أي "رجل‬
‫الجبل" أو "أبو الجبل") هو الجد المؤسس لقبيلة أوالد حنـّين المعروفة باسم أوالد تيدرارين‪ .‬وهو ح ِنّين بن‬
‫سرحان بن عبد الوليد بن الحسن بن محمد بن ُكـلَ ْى (واسمه أوس) بن أبى دجانة اۡلنصارى الخزرجى رضي‬
‫هللا عنه‪ .‬ويقول إبراهيم الحاج محمود بن عبد هللا االياسيني وغيره إن حنّين بن سرحان من ذرية محمد بن‬
‫لي) اۡلنصاري‪ .‬وقد جاء محمد بن أوس اۡلنصاري مع عقبة بن نافع في واليته الثانية‬ ‫أوس (الملقب ُك ْ‬
‫إلفريقيا حيث وصلت جيوش المسلمين المغرب اۡلقصى واجتمعت برباط شاكر وهوالمس ّمى اليوم بسيدي‬
‫بوشيكر من بالد أحمر بناحية مراكش‪ .‬ويذكر كل من إبن اۡلثير في كتابه "الكامل في التاريخ" وإبن خلدون‬
‫في كتابه "تاريخ إبن خلدون" أن القائد البربري كسيلة وجيشه قتلوا عقبة بن نافع ومعظم من معه من‬
‫المسلمين‪ ،‬وممن نجا من القتل محمد بن أوس اۡلنصاري ونفر يسير معه تم أسرهم ثم خلصهم صاحب قفصة‬
‫وبعث بهم إلى القيروان في تونس الحالية‪ .‬ويذكر إبن عذاري في كتاب "البيان المغرب في أخبار اۡلندلس‬
‫والمغرب" محمد بن أوس اۡلنصاري ضمن الئحة اۡلمراء والوالة بإفريقية لخلفاء بني أمية‪ .‬ويقول لسان‬
‫الدين بن الخطيب في كتاب "أعمال اۡلعالم" إن محمد بن أوس اۡلنصاري "كان من أهل الدين والفضل‪،‬‬
‫معروفا ً بالفقه‪ ".‬وذكر صاحب اإلستقصا خبر أسر محمد بن أوس اۡلنصاري كما يلي‪" :‬وأسر من الصحابة‬
‫يومئذ‪ :‬محمد بن أوس اۡلنصاري‪ ،‬ويزيد بن خلف العبسي‪ ،‬ونفر معهما‪ 134".‬وفي تعليقه على الهامش قال‬
‫ولدُ المؤلف‪ ،‬محمد الناصري في ’تصحيحه‘ إنه لم يقف على أصل هذا الخبر‪ ،‬وإن محمد بن أوس اۡلنصاري‬
‫ليست له صحبة‪ .‬وأضاف أن إبن الناجي نقل في "معالم اإليمان" (ج‪ ،1‬ص ‪ )145‬أن محمد بن أوس‬
‫اۡلنصاري لم يدخل إفريقية إال سنة ‪93‬هـ‪711/‬م‪ 135.‬ومع أن الموضوع قد يحتاج إلى مزيد من البحث‪ ،‬نُذ ّكر‬
‫بنص أصل الخبر كما رواه إبن خلدون في "تاريخ إبن خلدون"‪ ،‬مؤكدين على عبارة الصحابة و"التابعين"‬
‫كما وردت في الخبر‪" :‬وكان كسيلة ملك أروبة والبرانس من البربر قد اضطغن عليه [على عقبة بن نافع]‬
‫بما كان يعامله به من االحتقار‪ ،‬يقال إنه كان يحاصره في كل يوم‪ ،‬ويأمره بسلخ الغنم إذا ذبحت لمطبخه‬
‫فانتهز فيه الفرصة‪ ،‬وأرسل البربر فاعترضوا له في تهودا وقتلوه في ثالثمائة من كبار الصحابة والتابعين‪،‬‬
‫واستشهدوا كلهم‪ .‬وأسر في تلك الوقعة محمد ابن [كذا] أوس اۡلنصاري في نفر فخلصهم صاحب قفصة‪،‬‬
‫وبعث بهم إلى القيروان مع من كان بها من المخلفين والفراري‪".‬‬

‫‪ 133‬محمد السوسي‪ ،‬رسالة المراحل في مناقب أبي يعزي الراحل‪ ،‬المطبعة الرئيسية‪ ،2000 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 134‬أحمد بن خالد الناصري‪ ،‬كتاب اإلستقصا ۡلخبار دول المغرب اۡلقصى‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬تحقيق وتعليق اۡلستاذ أحمد الناصري‪ ،‬أشرف على النشر محمد حجي‪،‬‬
‫ابراهيم بوطالب‪ ،‬أحمد التوفيق‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واالتصال‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2001 ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ 135‬أحمد بن خالد الناصري‪ ،‬كتاب اإلستقصا ۡلخبار دول المغرب اۡلقصى‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬تحقيق وتعليق اۡلستاذ أحمد الناصري‪ ،‬أشرف على النشر محمد حجي‪،‬‬
‫ابراهيم بوطالب‪ ،‬أحمد التوفيق‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واالتصال‪ ،‬الدار البيضاء‪.2001 ،‬‬

‫‪44‬‬
‫ويقول إبراهيم الحاج محمود بن عبد هللا االياسيني إن محمد بن أوس اۡلنصاري جاء إلى إقليم توات‬
‫واستوطن ببلدة هناك يقال لها تيكرارين وعقب عبد الوليد الذي عقب الحسن الذي عقب سرحان الذي عقب‬
‫حنّين‪ .‬وسبقت اإلشارة إلى أن حنّين عقب إبنين هما علي وإبراهيم‪ .‬ف َ‬
‫عقب إبراهي ُم أبا يعزى الذي ينتسب إليه‬
‫أوالد تيدرارين والبوعزاويون‪ ،‬والذي غادر أهله وساح عقودا طويلة في سهول وسواحل وجبال المغرب قبل‬
‫ع ِلي إلى‬
‫ويبني مسجده في منطقة جبل درن‪ .‬وبعد وفاته بقي أوالده في المغرب وهاجر إبنه َ‬ ‫َ‬ ‫يستقر‬
‫َّ‬ ‫أن‬
‫يعزى في زريبة المسجد وأصبح يحمل لقب "بو قبرين"‪ ،‬قبر في موالي‬ ‫الصحراء وبعد ذلك نُقش ۡلبي ّ‬
‫ع ِلي بن‬
‫بوعزة الحالية وقبر في زريبة المسجد على الساحل اۡلطلسي من ناحية بوجدور بالصحراء‪ .‬وعقب َ‬
‫ويعزى‪ ،‬وهم أجداد معظم بطون أوالد تيدرارين‪ .‬وأما‬ ‫ّ‬ ‫ش‬‫يعزى أربعة أوالد‪ ،‬هم‪ :‬الغازي وياسين و ُم ْق ِل ْ‬‫أبي ّ‬
‫ع ِلي بن حنّين فهي غير معروفة بدقة في الوقت الراهن‪ ،‬منها ما قيل إنه يسكن في الجزائر (وذكر‬ ‫ذرية َ‬
‫البعض "زاوية علي بن حنّين") ومنها ما هو ساكن في مناطق أخرى من الصحراء الكبرى‪ ،‬كما رأينا في‬
‫موضوع الجعافرة‪.‬‬

‫وتقول رواية شبه متواترة إن حنّين بن سرحان قدم إلى قبيلة كندوز في إطار جمع الزكاة أو الجزية‪ ،‬وعندما‬
‫أكمل مهمته وغادرهم راجعا إلى أهله‪ ،‬قامت فرقة من كندوز بمالحقته هو ومن معه وشنوا عليهم غارة‬
‫ونهبوهم ورجعوا بحنّين بن سرحان إلى ديارهم‪ .‬ومن بين أعضاء الفرقة التي قامت بهذه العملية أحمد بن‬
‫حسين وهو صهر شيخ قبيلة كندوز التي كان قد التحق بها هربا من بطش أحد سالطين تلك الفترة‪ ،‬وهذا‬
‫حسب رواية مفصلة ومشهورة عند أوالد تيدرارين‪ .‬وأحمد بن حسين هذا هو جد البطن العريق في أوالد‬
‫تيدرارين المعروف اليوم باسم لحسينات‪ .‬وقيل إن المنطقة الجبلية التي جاء منها حنّين هي ودَان في منطقة‬
‫آدرار من موريتانيا الحالية‪ ،‬وقيل أيضا إنها ودّان في ليبيا‪ .‬ويُذكر أن ودّان بلدة في ليبيا تقع على رأس جبل‬
‫صغير على مسافة ‪ 534‬ميال إلى الجنوب من طرابلس‪ .‬و َيذكر محمد عبد الرزاق منّاع أن المؤرخين القدامى‬
‫الثقاة ير ِ ّجحون أن أشراف ودّان في ليبيا ينحدرون من سالالت الصحابة والتابعين وتابعي التابعين الذين‬
‫قدموا إلى شمال إفريقيا أمثال عبد هللا بن أبي سرح وعقبة بن نافع الفهري ورويفع اۡلنصاري وزهير بن قيس‬
‫البلوي‪ 136.‬ومما يُالحظ أن رواية هجوم قبيلة كندوز ال تُبرز بشكل واضح هوية الذين قدموا مع حنّين بن‬
‫سرحان أو الذين ترك فيهم ذريته السابقة لعهده في قبيلة كندوز‪ .‬ومن المتواتر أن حنّين بن سرحان كان ذا‬
‫ُدرس القرآن وعلو َمه في قبيلة كندوز‪ ،‬كما كانت هي حاله مع الذين قدموا به إلى قبيلة‬ ‫علم وصالح وأنه كان ي ِ ّ‬
‫ُستشف من تفاصيل الرواية أن هدف كندوز اۡلساسي من الغارة ربما كان أخذ حنّين بن سرحان‬ ‫ّ‬ ‫كندوز‪ .‬وي‬
‫من القبيلة التي كان يسكن فيها‪ ،‬والتي ال ينتمي إليها نسبا‪ ،‬إذ تؤكد الرواية آنذاك على أنه من ذرية أبي دجانة‬
‫ون شيخ قبيلة كندوز وأنها أخت زوجة أحمد بن‬ ‫اۡلنصاري‪ .‬ويُقال إن حنّين بن سرحان تزوج بنت ا ْب ِل ْك ُر ْ‬
‫حسين المذكور‪ .‬وال ندري بشكل مؤكد ما إذا كانت توجد عالقة بين قبائل كندوز التي قدم عليها حنّين بن‬
‫سرحان وقبائل كندوز التي كانت لها في القديم قوة وهيمنة في الصحراء قبل أن تتراجع وتلتحق بقبيلة‬
‫الزركيين من أيت الجمل من قبائل تكنة وهم أحد أفخاذها اليوم ولكنهم ليسوا منها نسبا‪ .‬وهذه القبائل التكناوية‬
‫ضم أوالد حنّين في مرحلة‬ ‫هي نفسها التي ذكر كل من علي الشامي ومحمد المختار السوسي أنها كانت ت ُ‬
‫معينة من تاريخهم‪ ،‬كما رأينا سابقا‪ ،‬وأنها انتقلت من منطقة توات وتيكرارين بوالية آدرار الجزائرية إلى‬
‫منطقة واد نون بالجنوب المغربي‪ .‬كما ال ندري بشكل دقيق ما إذا كانت توجد عالقة بين بقايا كندوز هؤالء‬
‫الذين من آثارهم بئر كندوز في الساحل‪ ،‬وبلدة "كنادزه" (القنادسة) الواقعة على بعد حوالي عشرة‬
‫ي المذكور في‬ ‫الكوم ّ‬
‫كيلومتلرات إلى الجنوب الغربي‪ 137‬من مدينة بشار بوالية بشار الجزائرية‪ ،‬وكندوز ْ‬
‫"تاريخ إبن خلدون" أيام الموحدين والمرينيين والذي كانت له عالقة بتونس‪ .‬ومعرفة هذه العالقات مهمة‬
‫محمد عبد الرزاق منّاع‪" ،‬اۡلنساب العربية في ليبيا"‪ ،‬مؤسسة ناصر الثقافية‪ ،‬دار الوحدة‪ ،‬ليبيا‪.1975 ،‬‬ ‫‪136‬‬

‫أشكر محمد بن الخراشي بن مسكه الموساوي على مساعدته في تحديد موقع بلدة كنادزه في الجزائر‪.‬‬ ‫‪137‬‬

‫‪45‬‬
‫ۡلن حنّين—بصفته جدّ أبي ّ‬
‫يعزى المتوفى سنة ‪572‬هـ‪1177/‬م—ربما عاش شيخا في أوائل القرن الخامس‬
‫الهجري وأوائل القرن الحادي عشر الميالدي‪.‬‬

‫يعزى وهو جد‬ ‫علي وإبراهيم‪ .‬وعقب ابراهيم أبي ّ‬ ‫وتقول الرواية إن حنّين عقّب من بنت ابلكرون إبنيْن هما َ‬
‫أوالد تيدرارين والبوعزاويين الحاليين‪ .‬أما علي بن حنّين فقد غادر كندوز عندما قتلوا إبن ْي ِه التوأميْن‪ ،‬وكانا‬
‫علي بن حنّين أو عن ذرية حنّين السابقة لعهده في كندوز‪ .‬ويُقال إنه‬ ‫أول ذرية له‪ .‬وال ندري الكثير عن ذرية َ‬
‫أثناء الصراعات التي حصلت بين أوالد حنّين وأوالد حسين وكندوز‪ ،‬وهم أوالد الخاالت‪ ،‬أصبحوا يتنابزون‬
‫باۡللقاب‪ .‬وهكذا أصبح لقب حنّين "تيدرارين" أو "تيدرار"—ومعناها "أبو الجبال" أو "أبو الجبل"‪ ،‬أو‬
‫"رجل الجبال" أو "رجل الجبل"—وذلك نسبة إلى المنطقة الجبلية في ودَان الموريتاني أو ودّان الليبي التي‬
‫جاء منها إلى كندوز‪ .‬وأصبح لقب أحمد بن حسين "آوتي" وهي أيضا تسمية لها عالقة بقصة مجيئه إلى‬
‫كندوز‪ .‬ويُر َّجح أن هذا هو أصل إسم القبيلة أوالد تيدرارين‪ ،‬وعلى هذا اۡلساس اخترنا إسم أوالد حنّين ۡلنه‬
‫إسم وليس لقبا‪ ،‬وۡلنه يشمل كل أوالد وأحفاد حنّين السابقين والالحقين لزمنه في كندوز‪ .‬ويرى بعض ال ُكتاب‬
‫اإلسبانيين‪ 138‬أن إسم أوالد تيدرارين ربما أشت ُ ّق من إسم "تيدرار" وهو إسم مكان بئر وحديقة في منطقة آ ْك ِط‬
‫عبد هللا قرب مدينة الطرفاية المغربية الحالية‪ .‬ويُطلق إسم "آ ْك ِط" على منطقة رملية صغيرة ذات غطاء‬
‫نباتي تقع في منخفض غير عميق وغير متسع‪ ،‬تربته لينة ومحمية من الرياح وبعيدا عن اۡلنظار وهو المكان‬
‫المناسب للمخيم‪ .‬ويُال َحظ أن الغطاء النباتي للتربة الرملية في منطقة آكط عبد هللا أكثر كثافة في الجزء‬
‫المعروف ب "تيدرار" (‪—)Tidrar‬وهي منطقة تقع إلى الشمال من مدينة طرفاية (خط عرض ‪ 27‬درجة‬
‫و‪ 56‬دقيقة شماال وخط طول ‪ 12‬درجة و‪ 55‬دقيقة غربا) وإلى الجنوب من منطقة "تاكار" (‪)Tacar‬‬
‫الساحلية الواقعة بين "الكرعان" ومنطقة آكط عبد هللا‪ .‬وهذا ال يتنافى مع اإلشتقاق السابق (رجل الجبل)‪ ،‬فقد‬
‫يكون حنّين نفسه أو أوالد حنّين سكنوا هذا المكان وأطلق إسمهم عليه‪.‬‬

‫وهناك أمثلة تشير إلى أن قبائل أخرى قد نُسبت إلى أسماء أماكن جغرافية‪ .‬فقد جاء في مذكرة العقيد‬
‫ات" (مفردها‬ ‫"الر ْك َب ْ‬
‫الركيبات‪ ،‬بكاف معقودة) مشتق من تصغير إسم َّ‬ ‫نطق ْ ّ‬
‫آصانصيو أن إسم قبيلة الرقيبات (ت ُ ُ‬
‫"ر ْك َبه"‪ ،‬براء مخففة وكاف معقودة‪ ،‬وتعني المكان المرتفع من السهل) وهو إسم منطقة من "إكيدي" (بكاف‬ ‫َ‬
‫معقودة) الواقع شمال موريتانا وجنوب الجزائر‪ ،‬إلى الجنوب الشرقي من منطقة تيندوف‪ .‬ويذكر النقيب‬
‫الفرنسي "مارتِ ْن" في مذكرة العقيد آصانصيو أن قبيلة الرقيبات سكنت هذه المنطقة‪ ،‬وقال إن بعض أعوانه‬
‫"الركيبات‪ 139".‬وجاء‬ ‫"اركيبات إكيدي" بدل ْ ّ‬ ‫المحليين الذين كانوا َيدُلُّونَهُ على هذه البالد يُس ّمون هذه القبيلة ْ‬
‫في تقرير لدائرة اإلستخبارات البريطانية أن عشائر الدليم العراقية تقول إنها نزحت من أواسط الجزيرة‬
‫العربية من محل فيه عيون وآبار تُعرف باسم الدليمات ومنه اشتق اسمها‪ 140.‬وإذا أخذنا بعين اإلعتبار أن‬
‫الهجرات من شبه الجزيرة العربية كانت في اۡلساس من الجنوب إلى الشمال‪ ،‬فهناك أرض أو منطقة تُس ّمى‬
‫"ال ْدّلَ ْم" [بدال مشددة وساكنة] إلى الجنوب من مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية‪ ،‬قد تكون هي‬
‫اۡلصل لصغة التصغير في ك ّل من "ال ْدّليميات" و"ال ْدّليم"‪ ،‬وهللا أعلم‪ .‬وال يُستبعد أن تكون منطقة "دمان"‬
‫قبيلتي "أوالد دمان"‬‫ْ‬ ‫بناحية اكجوجت ومنطقة "آكشار" إلى الغرب من آدرار في موريتانيا لها عالقة بتسمية‬
‫و"أوالد آكشار"‪ ،‬حيث تذكر بعض المصادر أنه في سنة ‪ 1672‬م أرسل السلطان العلوي في المغرب‬
‫تعزيزات لقبائل اۡلعراب في القبلة ضد الطلبة الثائرين‪ ،‬ثم ساعد بعد ذلك قبائل اۡلعراب في آدرار بمحلة‬

‫‪Ismael Carnero Ruiz, Vocabulario Geografico-Saharico, Consejo superior de investigaciones cientificas, Instituto de 138‬‬
‫‪estudios africanos, Madrid, 1955.‬‬
‫‪Études, Notes et Documents sur le Sahara Occidental, presents au VIIème Congrès de l’Institut des Hautes-Etudes 139‬‬
‫‪Marocaines, Rabat, 30 Mai 1930, Librairies E. Larose, Paris, 1930.‬‬
‫‪ 140‬تقرير سري لدائرة اإلستخبارات البريطانية عن العشائر والسياسة يـبين اۡلحوال اإلجتماعية والسياسية للعشائر العراقية وعالقاتها باالدارة البريطانية‪ ،‬نقله إلى العربية‬
‫الدكتور عبد الجليل الطاهر‪ ،1958 ،‬مطبعة الزهراء‪ ،‬بغداد‪ ،‬شارع المتنبي‪ ،‬ص ‪.68-51‬‬

‫‪46‬‬
‫ضد قبيلة إديشلّي‪ ،‬ويُعتقد أن أحد جنود هذه الحملة توطن رمال "آكشار" وأطلق على ذريته إسم أوالد آكشار‬
‫الموجودين في آدرار‪ ،‬ويقول أوالد غيالن إنهم من ذريته أيضا‪ ،‬ولكن أوالد ع ّمنّي ينفون ذلك‪ 141.‬ويذكر‬
‫مصدر آخر لم نتذكر اسمه في الوقت الحاضر رواية في نفس السياق عن أصل تسمية قبائل "لُودَي ْ‬
‫َّات" نسبة‬
‫إلى أودية كانوا يسكنونها‪ .‬وأكثر من ذلك‪ ،‬فإن تسمية "العرب" مشتقة أصال من نسبتهم إلى أرض تس ّمي‬
‫ّ‬
‫ع َربَة" (وتعني بالعبرية أو العربية القديمة "الصحراء") وهي من أرض تهامة‪ .‬وأخيرا‪ ،‬وليس آخرا‪ ،‬نُذكر‬ ‫" َ‬
‫بأن المزيد من معرفة أخبار حنّين بن سرحان يتطلب المزيد من معرفة أخبار وديار قبيلة كندوز قديما وحديثا‪.‬‬

‫يعزى (دفين موالي بوعزة‪ ،‬المغرب‪ ،‬المتوفي سنة ‪572‬هـ‪1177/‬م)‬ ‫أبو يعزى (شيخ المغرب)‪ :‬كان أبو ّ‬
‫شي َخ المغرب اۡلقصى بامتياز‪ ،‬وكان من المؤسسين الكبار للصوفية المغاربية‪ .‬وممن أخذ عنه أبو مدين‬
‫الغوث (دفين تلمسان‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المتوفي سنة ‪594‬هـ‪1197/‬م) الذي أخذ عنه عبد السالم بن مشيش (دفين‬
‫جبل العلم‪ ،‬المغرب‪ ،‬المتوفي سنة ‪625‬هـ‪1227/‬م) الذي أخذ عنه الشاذلي (دفين صحراء عيذاب‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫المتوفي سنة ‪656‬هـ‪1258/‬م) مؤسس الطريقة الشاذلية التي تفرعت عنها طرق صوفية كثيرة‪ 142.‬ويتفق‬
‫يعزى من أشهر اۡلولياء الصالحين وأنه نال‬ ‫المؤرخون والمترجمون والكتاب والعامة في المغرب على أن أبا ّ‬
‫شهرة ال مثيل لها في الصوفية المغربية‪ ،‬حيث كان أشهر ولي في عصره وازدادت شهرته بعد وفاته‪ .‬وهو‬
‫معروف اليوم لدى المغاربة باسم "موالي بوعزة"‪ ،‬وهي أيضا إسم البلدة التي بها زاويته ومسجده وضريحه‪،‬‬
‫عتبر من أشهر اۡلماكن المزارة في المغرب‪ .‬ونسب أبي يعزى‬ ‫وهي من المعالم الدينية والثقافية البارزة‪ ،‬وت ُ ُ‬
‫الذي بيد أوالد حنّين اليوم ومنذ قديم الزمن هو‪ :‬أبو يعزى بن ابراهيم بن حنّين بن سرحان بن عبد الوليد بن‬
‫الحسن بن محمد بن ُكـلَ ْي بن أبى دجانة اۡلنصارى الخزرجى رضى هللا عنه‪ .‬وحتى اآلن لم نعثر على أي‬
‫يعزى إلى أبيه هذا المس ّمى "إبراهيم"‪ ،‬إال كتاب "بيوتات فاس الكبرى‪ "،‬الذي شارك‬ ‫مرجع مغربي ينسب أبا ّ‬
‫في تأليفه اسماعيل بن اۡلحمر‪ ،‬والذي جاء فيه‪" :‬منهم الشيخ العارف باهلل الزاهد الورع المنور أبو يعزا‬
‫يلنور بن ابراهيم الهزميري من هزميرة المستوطنين بفاس بحومة البليدة أخرجه أهل الحومة المذكورة حسدا‬
‫منهم لما يأتي به إليه الزائرون من الهدايا‪ ،‬وعللوا سبب خروجه من عندهم بكونهم يدعون أن أهل البدعة‬
‫يأتون إليه ويضيقون عليهم بين ديارهم وتلحقهم منهم المشقة‪ ،‬وهم كاذبون فيما نسبوا إليه‪ ،‬وإنما حسدوه على‬
‫ما آتاه هللا من فضله‪ ،‬فلما نقموه خرج من فاس واستوطن قرية تاغية من مغراوة المغرب‪ ،‬وكانت وفاته في‬
‫سنة احدا وستين وخمسمئة ودفن بقرية تاغية المذكورة‪ ،‬وهو أحد تالمذة الشيخ اإلمام العالمة المدرس الولي‬
‫الصالح أبي الحسن بن حرزهم‪ ،‬وهو أي ابن حرزهم من ذرية أمير المؤمنين عثمان بن عفان‪ ،‬وكانت وفاته‬
‫في سنة تسع وخمسين وقيل ستين وخمسمئة ودفن خارج باب الفتوح ومن تالمذتهما الشيخ اإلمام العالمة‬
‫المدرس المتقن الورع الزاهد أبو مدين شعيب بن الحسين اۡلنصاري وممن أخذ عن أبي مدين عبد السالم بن‬
‫مشيش الشريف اإلدريسي الحسني المتوفا مغدورا غدره أبو الطواجين الكتامي في عام ست وعشرين وستمئة‬
‫‪143‬‬
‫قاله ابن خلدون ودفن بقمة جبل العلم من بالد غمارة وبني عليه سور من حجارة بال جص‪".‬‬

‫يقول صاحب كتاب "المستفاد من مناقب العُبّاد بمدينة فاس وما يليها من البالد"‪" :‬ومنهم الشيخ أبو يعزي‪،‬‬
‫ع ّمر طويال‪ ،‬زائدا على المائة سنين كثيرة‪ ،‬فيما ذكر‪ .‬شهرته بالمغرب باإلنقطاع‬ ‫واسمه َيلَّنُور [ذو النور]‪ُ .‬‬
‫عن الخلق‪ ،‬وإجابة الدعوة‪ ،‬والفراسة الصادقة الجادة‪ ...‬وكان رحمه هللا‪ ،‬الشي ُخ شي َخ المغرب‪ ،‬وقد كان من‬
‫تعود أكلها‪ ،‬وسكناه بأ ُ ُر ّجان‪ ،‬في‬
‫اۡلبدال‪ .‬وكان ال يأكل شيئا مما يأكله الناس‪ ،‬كان أكله أشياء من الحشيش ّ‬
‫جبل مع أهله وأوالده‪ ،‬ال يجاوره بموضعه أحد من الناس‪ ...‬وكان رحمه هللا‪ ،‬قد حجب نفسه عن الشهوات‪،‬‬

‫‪Odette du Puigaudeau, Le Passé Maghrebin de la Mauritanie, Rabat: (Ministère d ’Etat chargé des Affaires Islamiques, 1962; 141‬‬
‫‪Col Gillier, La Penetration en Mauritanie, 1926, p. 278-79 .‬‬
‫‪ 142‬ابراهيم حركات‪" ،‬السياسة والمجتمع في العصر السعدي" (نشر وتوزيع دار الرشاد الحديثة‪ ،‬الدار البيضاء‪1408 ،‬هـ‪1987/‬م)‪.‬‬
‫‪" 143‬بيوتات فاس الكبرى"‪ ،‬شارك في تأليفه اسماعيل ابن اۡلحمر‪ ،‬دار المنصور للطباعة والوراقة‪ ،‬الرباط‪ ،1972 ،‬ص ‪.66‬‬

‫‪47‬‬
‫وامتنع من اللذات في الدنيا‪ ،‬وهو قادر عليها‪ ،‬والوصول إليها‪ ،‬يطعم الناس اللحم والعسل‪ ،‬وينفرد هو بأكل ما‬
‫تعود أكله‪ .‬شاهدت معيشته‪ ،‬ورأيت الخادم تصنع له ذلك؛ كانت تأخذ قُديْرة صغيرة مثل التي تُصنع لألطفال‪،‬‬
‫شعري‪ ،‬وتخلط ذلك‪ .‬فإذا‬ ‫طبخ ذلك‪ ،‬حفَّنت بيديها حفنة من دقيق البلُّوط ال َّ‬ ‫فتجعل فيها قليال من اللبالب‪ ،‬فإذا ُ‬
‫جاء بعد صالة المغرب‪ ،‬قدّمت إليه ذلك‪ ،‬فأخذ بيده معلقة ولَعَقَ بها ما في القُد ْيرة‪ ،‬فكان يكتفي بذلك‪ .‬ولعمري‬
‫ما كان مجموع ذلك نصف رطل‪ ...‬رأيته بمدينة فاس‪ ،‬وصل إليها‪ ،‬وأنا إذ ذاك صغير‪ ،‬فحملني إليه والدي‬
‫وجر يده على رأسي‪ .‬ثم لما كبرتُ ‪ ،‬سافرتُ إليه إلى موضعه مع جماعة من المريدين‪ .‬وموضع‬ ‫َّ‬ ‫ودعا لي‪،‬‬
‫سكناه على مسافة ثالثة أيام من مدينة فاس‪ ،‬حرسها هللا‪ .‬فما مررنا على موضع في الطريق فيه دار أو‬
‫منزل‪ ،‬إال تلقّونا وقالوا‪ :‬أضياف الشيخ‪ ...‬وشاهدت منه في وقت إقامتي عنده بموضع سكناه‪ ،‬أنه كان إذا‬
‫صلى الصبح في مسجده‪ ،‬اجتمع الناس لقراءة القرآن‪ .‬فإذا فرغ من ذلك دعا اۡلنام‪ ،‬ثم يقول للذي على يمينه‬
‫يعزى‪ ،‬رحمه هللا‪،‬‬‫جوزه لغيره حتى تصل الدولة للشيخ أبي ّ‬ ‫يدعو‪ ،‬ثم الذي يليه كذلك‪ ،‬ومن ال يحسن ذلك يَ ُ‬
‫ويكون فيمن حضر ذلك الجم َع ناس فضالء‪ ،‬وأشياخ من بلدان شتّى‪ ،‬فما يتحرك أحد لدعاء واحد منهم‪ .‬فإذا‬
‫وصلت الدولة للشيخ‪ ،‬وأخذ في الدعاء باللسان الغربي‪ ،144‬بل العجمي‪ ،‬ال يبقي أحد في المسجد إال خشع‬
‫‪145‬‬
‫وحضور قلب ورقَّةٌ ال يوجد مثلها عند دعاء غيره‪".‬‬
‫ُ‬ ‫وبكى‪ ،‬وأخذته حالةٌ شريفة‬

‫ع ِلي حرازم بن العربي براد المغربي الفاسي في كتاب "جواهر المعاني وبلوغ اۡلماني في‬‫ويقول سيدي َ‬
‫فيض سيدي أبي العباس التجاني‪ "،‬ومما هو دا ٌّل على تمام بصيرة الشيخ التجاني وقوة نوره وكمال معرفته‬
‫إخباره عن اۡلولياء الماضين من اۡلكابر وغيرهم كأنه رضي هللا تعالى عنه معاصر لكل من أخبر عنه‪ .‬ومن‬ ‫ُ‬
‫يعزى رضي هللا عنه من كمال معرفته باهلل وقضاء‬ ‫ذلك "إخباره عن الولي الشهير والقطب الكبير سيدي أبي ّ‬
‫حوائج الوافدين عليه وما خصه هللا به من التصريف والمدد القوي للكبير والصغير والضعيف ويقول كل من‬
‫قصده في حاجة تقضى كائنة ما كانت ويحض على زيارته وتعظيمه ومواالته‪ 146".‬ويصف محمد بن جعفر‬
‫بن إدريس الكتاني في كتاب "سلوة اۡلنفاس ومحادثة اۡلكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس" كيفية‬
‫يعزى‪" :‬أن يستغفر الزائر سبع مرات‪ ،‬ثم يقرأ الفاتحة إثنتي عشرة مرة‪ ،‬ثم اإلخالص‬ ‫الدعاء عند زيارة أبي ّ‬
‫كذلك‪ ،‬ثم المعوذتين سبعا سبعا‪ ،‬ثم آية الكرسي مرة‪ ،‬ثم يصلي على النبي صلى هللا عليه وسلم ما شاء‪ ،‬ثم‬
‫يدعو بما شاء‪ 147".‬وجاء في "رسالة في التصوف" ۡلبي ّ‬
‫يعزي‪:‬‬

‫يعزى استنادًا إلى "اللسان الغربي" الذي يتحدث به‪ .‬لكن اللسان الغربي كان لسان الجميع في بالد زيان‪ ،‬وال‬ ‫‪ 144‬ذهب البعض إلى التكهن بالهوية العرقية والقبلية ۡلبي ّ‬
‫يزال كذلك إلى حد ما‪ .‬يقول الحسين إسكان إن منطقة قبائل مصمودة عموما ورجراجة خصوصا حافظت على مصطلحات دينية باۡلمازيغية في العصر الوسيط ال نجد‬
‫نظيرا لها في جهات أخرى من بالد الغرب اإلسالمي‪ ،‬منها على سبيل المثال ال الحصر‪ :‬كوز‪ ،‬اميظير‪( ،‬الرباط)‪ ،‬أمجرا (الفقير) أكُ َّرام (المرابط)‪ ،‬أسرغنن (الشريف)‪،‬‬
‫وكان هذا المصطلح اۡلخير يطلق على بيت المهدي بن تومرت وعلى عدة بيوتات علمية بالمغرب اشتهرت بلقب السرغيني‪ ،‬كما أطلق على بني َع ِلي وهم بطن من قبائل‬
‫المرينيين‪ ،‬حيث جاؤوا من السوس‪ ،‬واندمجوا في عداد قبائلهم‪ .‬فهل هذا الشرف محلي قديم‪ ،‬أم هو الشرف المشرقي االسالمي؟ ويستنتج الكاتب أن عملية اۡلسلمة تمت‬
‫فعال على يد أبناء المنطقة‪ ،‬وتمت بلغة المصامدة المعروفة في المصادر التاريخية ب"اللسان الغربي" وليس بغيرها‪ ،‬فلو تمت باللغة العربية ۡلقصت تلك المصطلحات منذ‬
‫البداية‪ .‬ويقول المؤلف إن هذه المنطقة هي الوحيدة‪-‬حسب علمه‪-‬التي يتم فيها التعليم باۡلمازيغية منذ عهد إبن تومرت إلى يومنا هذا بالمدارس العتيقة السوسية‪ .‬الحسين‬
‫إسكان‪ ،‬مقال "رجراجة رائدة الرباطات بالمغرب الوسيط" [ص‪ ،] 219-209‬منشور في كتاب محمد االسعد‪" ،‬تايخ اقليم آسفي‪ :‬من الحقبة القديمة الى الفترة المعاصرة‪"،‬‬
‫الدار البيضاء‪ :‬منشورات مؤسسة دكالة‪-‬عبدة للثقافة والتنمية [تاريخ النشر؟]‪ .‬يضاف إلى هذا ما ذكره محمد القبلي في كتاب "جذور وامتدادات الهوية واللغة واالصالح‬
‫بالمغرب الوسيط" (دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،2006 ،‬ص ‪ )47 ،29‬من أن استعمال هذه اللغة ثابت في المصادر وفي الحياة اليومية بالمدن‬
‫واۡلرياف على السواء‪ ،‬حيث "كانت معرفة هذه اللغة وممارستُها من بين الشروط المتوخاة في أئمة المساجد بمدينة فاس نفسها أيام الموحدين كما هو معروف‪ ".‬وذكر‬
‫أيضا "أن اآلثار المعاصرة التي وصلتنا عن نشاط ابن تومرت قد نصت على استعماله للغة اۡلمازيغ في نشر الدعوة باۡلطلس وخارج اۡلطلس عن طريق المشافهة‬
‫والتحرير المتصل بنشر المتون العقدية وشرحها للعموم ‪ ...‬مما يؤكد استمرارية الجمع بينها وبين اللغة العربية في نشر التعاليم الدينية الرسمية بعد أن قامت الدولة واستتب‬
‫أمرها بالحواضر واۡلرياف‪".‬‬
‫‪ 145‬أبو عبد هللا محمد بن عبد الكريم التميمي الفاسي (توفي سنة ‪ 603‬أو ‪ 604‬هـ)‪" ،‬المستفاد من مناقب العُبّاد بمدينة فاس وما يليها من البالد"‪ ،‬القسم الثاني‪ :‬النص‬
‫(تحقيق د محمد الشريف‪ ،‬أستاذ بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪ ،‬ص ‪ .)40-28‬وتشير مراجعة من طرف وزارة اۡلوقاف والشؤون اإلسالمية المغربية إلى أن‬
‫كتاب "المستفاد" يُعتبر أقدم نص مناقبي مغربي لكنه في نفس الوقت يثير بعض اإلشكاليات ومنها اختالف الباحثين حول مؤلف الكتاب (هل هو محمد التميمي أو محمد بن‬
‫علي بن عبد الكريم الفندالوي) وحول ضبط عنوان الكتاب وذلك بسبب ضياع مقدمته‪.‬‬
‫‪ 146‬سيدي علي حرازم ابن [كذا] العربي براد المغربي الفاسي‪ ،‬كتاب جواهر المعاني وبلوغ اۡلماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني رضي هللا عنه‪ ،‬الجزء اۡلول‬
‫والجزء الثاني‪ ،‬وبهامشه "كتاب رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم"‪ ،‬لسيدي عمر بن سعيد الفوتي الطوري الكدوي رحمه هللا‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،1981‬ج ‪ ،1‬ص ‪.66-65‬‬
‫‪" 147‬سلوة االنفاس ومحادثة االكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس‪ "،‬تأليف شيخ اإلسالم الشريف أبي عبد هللا محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني [‪-1274‬‬
‫‪ ،] 1345‬الجزء اۡلول‪ ،‬تحقيق عبد هللا الكامل الكتاني‪ ،‬حمزة بن محمد الطيب الكتاني‪ ،‬محمد حمزة بن علي الكتاني‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2004 ،‬ص ‪.189-186‬‬

‫‪48‬‬
‫س َويداهُ‪ .‬فيَشهدُ‬‫وتكون في جميع القلب و ُ‬ ‫ُ‬ ‫"إعلم أن المعرفة هي معرفة الحال وهي التي تأخذ صاحبَها عنه‬
‫صاحبُها موالهُ في كل اۡلحوال في الجمال والجالل‪.‬‬
‫شاهدتُ الجما َل شاهدتُ الجال َل حبيبي ومحبوبي على كل حا ِل‬
‫المتعــــــال‬
‫ِ‬ ‫المتكبر‬
‫ِ‬ ‫فالعارفون فَنُوا ولم يشهــــــدوا شيئا سوى‬
‫ورأوا سواه على الحقيقة هالـكا ً في الحال والماضي واإلستقبا ِل‬
‫ب وشمس القلوب ليس لها مغيبٌ ‪ ،‬من شهد باطن اۡلواني أدرك أسرار المعاني‪ ،‬و من‬ ‫تغر ُ‬ ‫شمس النهار بالليل ُ‬
‫المجيب‪.‬‬
‫َ‬ ‫شهد شمس الحبيب غاب عن البعيد والقريب‪ ،‬ولم يجد إال السمي َع‬
‫ومن شاهدَهُ محا ٌل أن يَشهد معه ِسواهُ ۡلنه ال يراهُ غي ُرهُ‪ .‬وال غَـ َّم عند العارف على التحقيق‪ .‬شاهدتُ الحبي َ‬
‫ب‬
‫ب‪.‬‬
‫بالسر ال ُمغي ِ‬ ‫ِّ‬ ‫بعين قلبِ ِه [و]‬‫ِ‬
‫دم؟‬
‫وصف ال ِق ِ‬
‫ُ‬ ‫ال إله إال هللا يا عجبًا! كيف يظفـ َ ُر الوجود في العدم أ ْم كيف يَثبُتُ الحادث مع من له‬
‫أيضا المعرفة شمس وعند ظهور الشمس ال ُحكم للنجم ۡلن معرفة الحق شهودُهُ وشهودُهُ ال يكون معه غيرهُ إذ‬
‫محا ٌل ۡلن تشهدَهُ وتشهدَ معه سواهُ‪.‬‬
‫اۡلكوان‬
‫ِ‬ ‫َط وجودَ‬ ‫اإليقان لغ َّ‬ ‫ِ‬ ‫نور‬
‫لو أشرقَ ُ‬
‫الوجْ ِد أو الليل أو الباطل مع المعرفة‬ ‫وإذا قـُلنا برؤية شيء من الضَّعف أو العجز أو الجهل أو الذل أو الفقر أو َ‬
‫والعدم‪ .‬وهما ال يجتمعان أبدًا ۡلن العدم شيء لم يكن وهذه اۡلوصاف ال تترت ّب إال على‬ ‫َ‬ ‫فقد أثبتْنا الوجودَ‬
‫العارف‪.‬‬
‫ِ‬ ‫واۡلغيار عند‬
‫ُ‬ ‫الغير‬
‫ُ‬ ‫العدم الذي هو‬
‫﴿قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا﴾‬
‫الحق؟ وشاهدَهُ في كل‬ ‫َّ‬ ‫رف‬ ‫ع َ‬ ‫الفقر أو العجز أو اللي ُل أو الجه ُل عند من َ‬ ‫ُ‬ ‫ب عليه الذ ُّل أو‬ ‫الغير الذي يترت َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫فأين‬
‫ضعفه قادرا في عجزه؟‬ ‫شيء ورجع عزيزا في ذُ ِله غنيا في فقره عالما في جهله قويا في َ‬ ‫ّ‬
‫ص َل البقاء‬
‫الغير فأحرى الباقي َمن َو َ‬ ‫َ‬ ‫سوا ًء كان فانيا أو باقيا‪ .‬إذا كان الفاني ال يشاهد‬ ‫رحمكَ هللا َ‬ ‫وهكذا فافـْ َه ْم ِ‬
‫[و] ِأمنَ من الشقاء صار دائما مسرورا باللقاء‪ .‬وفي هذا المعنى قال بعضهم‪:‬‬
‫ب‬‫فمن كان في دعوى المحبة صادقا تجلت له اۡلنوار من غير َمح َج ِ‬
‫[فيـــــــــــــــــــــــراح في (كذا)] وينزا ُح عنهُ الحجــــــــــــــــــاب‬
‫ب‬
‫تخاطبه اۡلحوال من كل جانـــب‪ ،‬ف َيفه ُم عنها بالضمير وبالقلـــــــ ِ‬
‫ب‬
‫يض من عالم الغي ِ‬ ‫[وت َأتِي ِه] باۡلسرار من ملكوتهـــا‪ ،‬فيأتي عليه الفَ ُ‬
‫ضعف والمعرفة علم وضدها جهل والمعرفة حياة وضدها ممات والمعرفة شمس‬ ‫وأيضا المعرفة قوة وضدها َ‬
‫وضدها ظـُلمة والمعرفة قدرة باهلل وضدها عجز‪ .‬وهذه اۡلوصاف مهما ظهر أحدها بطل اآلخر‪.‬‬
‫﴿قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا﴾‬
‫شك‪ .‬ل َّما وجدنا العلم ارتفع الجهل ولما‬ ‫ت عن الصفات ما في المعان ٌّ‬ ‫شك الذا ِ‬ ‫يا وارد العين! إن حقّ ْقتَ زال ُّ‬
‫الحق فَـقَـدْنا الخَلقَ ‪ .‬والسالم‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وجدنا القوة ارتفع الضَّعف ولما وجدنا‬
‫عم هذا اۡلمر الذي تقول (وهللاُ أعلم)‪" :‬بغيْب ِه معرفة ال ِعلم"! وذلك أن الحال قد يُرفع عن العبد في بعض‬ ‫ِن َ‬
‫الحق وذُ َّر ما َم َّن به عليه‪ .‬فالمطلوب منه في هذا الوقت أن يقف بأدب وال يتن َّحي عن الباب‬ ‫َّ‬ ‫االوقات ِليُ َع ِ ّرفَهُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫الحق بلذي ِذ الخطا ِ‬ ‫ُّ‬ ‫الحجاب ويناجيَهُ‬ ‫ُ‬ ‫حتى يُرفع عنه‬
‫َّ‬
‫ب الجود والوفاء و ُمن علينا بالدخول في‬ ‫ّ‬
‫اللهم موالنا بجاه نبيك المصطفى صل على حبيبك محمد صاح ِ‬
‫‪148‬‬
‫نحن وجميع المسلمين والحمد هلل وكـفى والسالم‪".‬‬ ‫حضرة أهل االصطفاء ُ‬

‫‪ 148‬منقولة من مخطوط موجود في المكتبة العامة في الرباط بالمغرب‪ ،‬ورقم المخطوط هو‪The Way of Abu Madyan: Doctrinal and Poetic .1019D :‬‬
‫‪Works of Abu Madyan Shuayb ibn al-Husayn al-Ansari c. 509/115-116—594/1198, edited and translated with introduction and‬‬
‫‪notes by Vincent J. Cornell, The Islamic Texts Society, Golden Palm Series, 1996.‬‬

‫‪49‬‬
‫يعزى" ۡلحمد التادلي‬ ‫يعزى‪" ،‬كتاب ال َمعزى في مناقب الشيخ أبي ّ‬ ‫ومن أشهر الكتب التي تناولت مناقب أبي ّ‬
‫الصومعي‪ .‬وحول دوافع التأليف يقول الصومعي "وبعد‪ ،‬لما كانت كرامات اۡلولياء معجزات لسيدنا وموالنا‬
‫فم ّمن أكرم بهذا النصيب الوافر وفتح عليه بأعظم‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬إذ نالوا ذلك باتباع بركته ِ‬
‫المفاخر وتواتر عليه عجب العجاب وكبير المآثر‪ ،‬أعجوبة الزمان وحامي الحمى‪ ،‬كبير الشأن‪ ،‬تحفة الدهر‬
‫وغريبة البر والبحر السيد العماد‪ ،‬قطب اۡلقطاب وسيد الزهاد وإمام العارفين واۡلوتاد سيدي أبو ّ‬
‫يعزى‪...‬‬
‫ي بعض اإلخوان [وهو سيدي‬ ‫فقصدت التعريف ببعض مآثره والتنبيه على العشر من مفاخره‪ ...‬فقد ألح عل ّ‬
‫محمد بن عبد الواحد البوعزاوي] ممن ينتسب إلى هذا اإلمام أن أقيّد له ما ص ّح عندنا وبان واتضح من‬
‫كرائمه وما نقل إلينا من مفاخره ومآثره وسلسلته في عدة أشياخه إلى النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ".‬وذكر‬
‫يعزى سنة ‪541‬هـ للتحقيق السياسي‬ ‫الكومي استدعى أبا ّ‬
‫الصومعي أن السلطان المو ّحدي عبد المؤمن بن علي ْ‬
‫ل ّما كثر اجتماع الناس عليه وتوجههم إليه فحبسه مدة بصومعة الجامع الكبير في مراكش ثم سرحه قائال‬
‫ۡلصحابه اتركوه وال سبيل لكم إليه‪ .‬ويقول الصومعي‪" :‬اعلم أن الشيخ أبا مدين له من الشيوخ أبو ّ‬
‫يعزى‬
‫قدوة وتصوفا وخرقة وصحبة‪ ".‬ويقول الشيخ أبو مدين "رأيت أخبار الصالحين من زمن أُويس القرني إلى‬
‫يعزى‪ ،‬ونظرت في كتب التصوف فما رأيت مثل اإلحياء‬ ‫زماننا هذا فما رأيت أعجب من أخبار أبي ّ‬
‫يعزى في المغرب وسيدي عبد القادر‬ ‫للغزالي‪ ".‬ويقال ستة قليل من بلغ مجاهدتهم‪ ،‬وفي مقدمتهم سيدي أبو ّ‬
‫الجيالني في المشرق‪ .‬وذكر الحسن اليوسي في كتابه "المحاضرات في اللغة واۡلدب"‪" ،‬أن ثالثة من‬
‫صلحاء المغرب قد جرب عندهم قضاء الحاجات‪ :‬الشيخ عبد السالم بن مشيش‪ ،‬والشيخ أبو يعزى والشيخ أبو‬
‫يعزى في الكل‪ ،‬نفعنا هللا بهم‬‫سلهام‪ ،‬غير أنهم اختلفوا‪ ،‬فاۡلول في أمور اآلخرة‪ ،‬والثالث في أمور الدنيا‪ ،‬وأبو ّ‬
‫وبأمثالهم‪ .‬وجاء في وصفه أنه كان رجال طويال ونحيفا‪ ،‬قليل الشعر من لحيته‪ ،‬شديد السفعة أو السمرة‬
‫ي اللون بسبب طول تعرض جلده ۡلشعة الشمس وعوامل الطبيعة طيلة سياحته مدة ثالث وأربعين عاما‬ ‫كـَبَ ِد َّ‬
‫في البراري والسواحل والجبال مفترشا اۡلرض وملتحفا السماء‪ .‬وكان يلبس برنسا من الصوف ويضع على‬
‫رأسه شاشية من الدوم‪ .‬وقد بالغ وأطنب الكثير من العامة والخاصة في مواصفات أبي ّ‬
‫يعزى الخَلقية وال ُخلقية‬
‫يعزى‪ :‬لقد "اهتم‬ ‫وفي ثقافته ولغته ومعرفته حتى قال عبد الوهاب بن منصور في معرض تناوله لترجمة أبي ّ‬
‫المؤرخون والمترجمون المغاربة بأخباره كثيرا ودونوا مناقبه‪ ،‬وخصوه بالتأليف‪ ...‬ولكنها أخبار يرفضها‬
‫الشرع وينكرها العقل‪ ،‬وإن دلت على شيء فهي تدل على شطارة مخترعيها‪ ،‬وبالدة مصدقيها‪ .‬ومن اۡلمثلة‬
‫على هذه الشطارة في المبالغات واإلفتراضات الدالة على لون البشرة ما جاء في كتاب "سلوة االنفاس‬
‫ومحادثة االكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس" من أن أبا يعزى "كان ال يراه أحد إال عمي من نور‬
‫‪149‬‬
‫وجهه‪ ،‬وممن عمي عند رؤيته‪ :‬الشيخ أبو مدين‪".‬‬

‫صوه‬
‫ودونوا مناقبه وخ ّ‬
‫يعزى ّ‬ ‫ومن الملفت لإلنتباه أن المؤرخين والمترجمين المغاربة الذين اهتموا بأخبار أبي ّ‬
‫ومن ذلك أن أحمد‬ ‫‪150‬‬
‫بالتأليف ال يعرفون بشكل مؤكد إسم هذا الرجل وال نسبه وال قبيلته وال من أين جاء‪.‬‬
‫‪ 149‬انظر مثال الصفحات ‪ 189-186‬من كتاب "سلوة االنفاس ومحادثة االكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس"‪ ،‬تاليف شيخ االسالم الشريف أبي‬
‫عبد هللا محمد بن جعفر بن ادريس الكتاني [‪ ،]1345-1274‬الجزء اۡل ول‪ ،‬تحقيق عبد هللا الكامل الكتاني‪ ،‬حمزة بن محمد الطيب الكتاني‪ ،‬محمد حمزة بن‬
‫علي الكتاني‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪.2004 ،‬‬
‫‪ 150‬وقد طرحنا بعض التساؤالت بهذا الخصوص على كل من اۡلستاذ محمد بوزيان بنعلي (وهو صاحب نسخة خزائنية وحيدة مبتورة البداية من كتاب‬
‫"المستفاد" بقصر المعيز بمدينة فكيك المغربية) والدكتور محمد الشريف (اۡلستاذ بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بجامعة عبد المالك السعدي بمدينة‬
‫تطوان المغربية)‪ ،‬وذلك في رسالة عبر البريد اۡللكتروني بتاريخ ‪ 10‬يونيو ‪2013‬م موجهة بشكل خاص إلى اۡلستاذ محمد بوزيان بنعلي مع نسخة منها‬
‫للدكتور محمد الشريف جاء فيها‪" :‬الموضوع اۡلساسي الذي أردتُ التواصل معكم حوله يتعلق بإشكالية تحديد نسب وهوية الشيخ أبي يعزى انطالقا من‬
‫تحقيق المعلومات المتداولة بين المنتسبين إليه في الصحاري وخارجها والمعلومات المنقولة أو المستنبطة من كتب المناقب المغريبة قديما وحديثا‪.‬‬
‫فالبوعزاويون في المغرب يعتبرونه منحدرا من الشرفاء اۡلدارسة في المغرب‪ .‬وقبائل أوالد حنّين في الصحاري يعتبرونه من ذرية أبي دجانة‬
‫الخزرجي اۡلنصاري‪ .‬وبعض الباحثين والعامة في المغرب يعتبرونه من قبائل هزميرة من مصمودة‪ .‬والبعض اآلخر استنتج أنه ليس من العرب وال‬
‫من البربر وإنما هو من السودان‪ ،‬وهو ما ذهب إليه الدكتور محمد الشريف وذلك بشكل صريح وربما ۡلول مرة‪ ،‬حيث أن ال ُكتاب السابقين له كان‬
‫عرف قط‬ ‫ُرو عن الشيخ أبي يعزى حسب علمي أنه ّ‬ ‫معظمهم يكتفي بذكر أنه كان كبدي اللون أو أسمر أو شديد السفعة أو أسود‪ ،‬الخ‪ .‬هذا علما بأنه لم ي َ‬
‫بنسبه أو هويته رغم سياحته الطويلة وتوافد الكثير من الناس عليه في مدينة فاس وفي بيته ومسجده بتاغية لمدة عقود طويلة من عمره المديد‪ ،‬ويُعتقد أن‬

‫‪50‬‬
‫التادلي الصومعي ال يعرف بشكل مؤكد نسب أبي يعزى‪ ،‬حيث يقول‪ :‬يُقال إنه أبو يعزى بن عبد هللا‪ ،‬ويقال‬
‫إنه أبو يع زى بن ميمون‪ ،‬ويقال إنه أبو يعزى بن عبد الرحمان‪ .‬كما أن الصومعي ال يعرف بشكل مؤكد قبيلة‬
‫أبي يعزى‪ ،‬حيث يقول‪ :‬يُقال إنه من قبيلة هزميرة‪ ،‬ويقال إنه من قبيلة بني صبيح من هسكورة‪ ،‬ويقال إنه من‬
‫يعزى لهذه‬ ‫مدينة أغمات أيالن التي تُـنسب إلى قبيلة ايالن المصمودية‪ .‬ومما يثير التساؤل حول انتماء أبي ّ‬
‫يعزى في العصور الماضية أو في‬ ‫ي منها عصبية سياسية (بالمفهوم الخلدوني) مع أبي ّ‬ ‫القبائل أنه لم تُظهر أ ٌّ‬
‫الوقت الحاضر‪ .‬ومما زاد الغموض حول نسب أبي يعزى كونه اتخذ ألقابا عدة خالل سياحته الطويلة (بدون‬
‫هدف واضح سوى الصالة ولقاء الزهاد) في المغرب قبل أن يستقر ويبني مسجده في منطقة جبل درن‪ .‬فقد‬
‫روى الصومعي أن أبا يعزى قال إنه أقام خمس عشرة سنة في البراري سائحا ال يأوي إلى معمور‪ ،‬وأقام‬
‫عشرين سنة في الجبال وليس له فيها إسم إال أبو حصيرة‪ ،‬وأقام بالسواحل ثمان عشرة سنة ال إسم له فيها إال‬
‫أبو لكوط [نبات يأكله الفقراء]‪ 151.‬فعلى الرغم مما قيل في البحث عن إسمه‪ ،‬وما كتب حوله "فإنه ما زال‬
‫مجهوال لدى المؤرخين"‪ ،‬ولم يُعرف لدى العامة والخاصة "ۡلنه قد أخفى نفسه على الناس" فعال وذلك في إطار‬
‫التصوف المبني على علم الباطن وجهاد النفس وكسرها وقهرها والزهد في الدنيا والتوكل على هللا ("أَال ِإ َّن‬
‫علَ ْي ِه ْم َوالَ ُه ْم يَحْ زَ نُونَ الَّذِينَ آ َمنُواْ َو َكانُواْ يَتَّقُونَ ‪ "،‬يونس ‪ .)63-62‬ولم نعثر حتى اآلن على‬ ‫أ َ ْو ِليَاء ّ‬
‫َّللاِ الَ خ َْو ٌ‬
‫ف َ‬
‫ي من اۡلعداد الهائلة من عامة الناس وخاصتهم الذين زاروه‬ ‫عرف قط بنفسه ۡل ّ‬ ‫يعزى ّ‬ ‫ي رواية تقول إن أبا ّ‬ ‫أ ّ‬
‫يعزى تزوج في منتصف عمره من أم العز بنت أحمد‬ ‫ولقيّهم خالل عمره المديد‪ .‬وقد ذكر المؤرخون أن أبا ّ‬
‫يعزي وعلي [واۡلخير هو الملقب ’علي العصام‘ و’علي من تيدرارين‘ و’سيدي علي‘]‪.‬‬ ‫غزال وعقب منها إبنيْه ّ‬
‫ولما توفيت أم العز بالمدينة المنورة حزن عليها الشيخ حزنا شديدا‪ ،‬لذا طلب أبوها من الشيخ أن ينكح أختها‬
‫ميمونة‪ ،‬فق ِبل الزواج منها [ويُقول إبراهيم الحاج محمود بن عبد هللا االياسيني إنها هي أم أوالده اۡلربعة‬
‫‪152‬‬
‫اآلخرين]‪.‬‬

‫ذلك ليس من باب الصدفة وإنما هو من باب إخفاء الهوية وكسر النفس لدى بعض أهل الزهد والتصوف في ذلك الزمان‪ .‬ويبدو أن أصل كل أو جل هذه‬
‫اإلشكالية مرتبط سابقا وربما الحقا بما نُسب إلى التميمي في كتاب "المستفاد" الذي حقق الدكتور محمد الشريف قطعة منه مؤخرا‪ ،‬وهو الكتاب الذي يبدو‬
‫أن قدماء ال ُكتاب المغاربة نقلوا منه أو مما بين أيديهم منه بشكل مباشر أو غير مباشر في حديثهم عن أخبار الشيخ أبي يعزى‪ .‬وفي حين ينسب أهل‬
‫ي مصدر مغربي يتفق مع هذا النسب إال ما نُسب إلى ابن اۡلحمر في كتاب بيوتات‬ ‫الصحاري أبا يعزى ۡلبيه إبراهيم بن َح ّنِين‪ ،‬فلم أعثر حتى اآلن على أ ّ‬
‫فاس الكبرى ــ الذي قال البعض إنه نسخة مستحدثة من كتاب "ذكر محاسن فاس في القديم" ــ حيث ذكر الشيخ العارف باهلل الزاهد الورع المنور ابو‬
‫يعزا يلنور بن ابراهيم الهزميري‪ .‬وانطالقا من التحقيق الدقيق الذي قام به الدكتور محمد الشريف لما بين يديه من كتاب المستفاد فإن التميمي قال بنوع‬
‫َـين] عن غيري‪ ".‬إذا سلّم القارئ "بحكايتين" وسلّم خاصة بالحكاية الثانية (التي نُسبت‬‫من التأكيد "وإنما أذكر في هذا الباب ما شاهدتُ أنا منه إال حكا[ـيَـت ِ‬
‫إلى أبي علي وجاء فيها ذكر لون أبي يعزى) وتقبّلها على ِع ّالتها من حيث السياق والتركيب [الجملة "أخبرني أبو علي‪ ،‬حسن بن محمد أنه قال‪ :‬رأيته‬
‫بجامع فاس‪ ،‬فسلمت عليه وجلست إليه" غير سليمة إذا كان فاعل "قال" هو أبو علي‪ ،‬وعندها تكون كلمة "أنه" زائدة و ُمخلة بالمعنى المقصود]‪ ،‬فكيف‬
‫نفهم أن التميمي وهو الشاهد العيان لم يكن هو ال ُمخبر عن وصف اللون الذي ال يمكن أن يفوت شاهد العيان؟ كيف يروي شاهِد العيان لون المشاهَد عن‬
‫مشاهِد آخر؟ وإذا ذهبنا إلى أبعد من ذلك في التفسير الظاهري أو حتى السطحي لما قاله التميمي‪ ،‬فإن لون البشرة ال بد أن يكون مما شاهده التميمي‬
‫وبالتالي ال يجب أن يكون ضمن الحكاية أو الحكايتين اللتين استثناهما ۡلنهما ليستا مما شاهده هو بنفسه‪ .‬وهذه التساؤالت وغيرها تدخل في إطار مسودة‬
‫بحث تجدونه على الرابط التالي‪ . http://faculty.indstate.edu/melyassini/mee%20hanneen.pdf :‬وبما أن الدكتور محمد الشريف ذكر‬
‫في تحقيقه لما بين يديه من كتاب المستفاد أن المخطوط "عبثت اۡلرضة عبثا كبيرا بأطرافه" وأن "أشد ذلك وقع في ترجمة الشيخ أبي يعزى‪ "،‬فإني‪:‬‬
‫أوال أ ود الحصول على نسخة ألكترونية أو ورقية مما بين أيديكم من مخطوط المستفاد أو على اۡلقل ما جاء فيه عن الشيخ أبي يعزى‪ .‬ثانيا أرحب بأي‬
‫تعليق منكم على موضوع نسب وهوية أبي يعزى سواء ما ذكر من ذلك في مسودة المقال المشار إليه أعاله أو ما أنتم على علم به من قبل‪ .‬ثالثا أطلب‬
‫منكم اإلشارة إلى أي مجلة مغربية أو ناشر مغربي قد يكون مهتما بنشر المقال الذكور وذلك لفتح نقاش علمي أو تاريخي أو مناقبي هادئ حول نسب‬
‫وهوية الشيخ أبي يعزى‪ .‬وبما أني على اتصال مع الدكتور الفاضل محمد الشريف فاسمحو لي بأن أبعث له نسخة من هذه المراسلة ليكون على علم بهذا‬
‫الموضوع الذي هو من تخصصه‪ .‬بارك هللا فيكم وجزاكم هللا خيرا ‪ ".‬ونشكر اۡلستاذ محمد بوزيان بنعلي على الرد الفوري واإليجابي الذي جاء فيه‪:‬‬
‫"السالم عليكم ورحمة هللا‪ ،‬وبعد‪ ..‬لقد أعجبتني طريقة عرضكم للموضوع ‪ ،‬وحسنا فعلتم إذ بعثتم بنسخة من هذه التساؤالت الوجيهة لصديقنا الدكتور‬
‫محمد الشريف ‪ ،‬وسأبعث إليكم صورا مما يتعلق بالشيخ أبي يعزى في الموضوع ‪..‬وال أدري ما قاله الدكتور أحمد توفيق فيه ‪ ،‬وهومحقق كتاب التشوف‬
‫البن الزيات‪ ،‬اسعدهللا صباحكم‪ ،‬والسالم "‪ .‬وبما أنه من غير المعقول أن يكون الشيخ أبو يعزى قرشيا وخزرجيا ومصموديا وسودانيا في نفس الوقت‪،‬‬
‫فإن التحقق من هويته ونسبه أمر معقول‪.‬‬
‫‪ 151‬حمد التادلي الصومعي‪" ،‬كتاب المعزي في مناقب الشيخ أبي ّ‬
‫يعزى" (تحقيق علي الجاوي‪ ،‬جامعة ابن زهر‪ ،‬منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬أكادير‪ ،‬سلسلة‬
‫اۡلطروحات والسائل رقم ‪ ،6‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،1996 ،‬ص ‪.)278 ،66-64‬‬
‫‪ 152‬محمد السوسي‪ ،‬رسالة المراحل في مناقب أبي يعزي الراحل‪ ،‬المطبعة الرئيسية‪.2000 ،‬‬

‫‪51‬‬
‫الفقيه المختار (شيخ القبلة)‪ :‬الفقيه المختار من ذرية مقلش بن علي بن أبي يعزى بن ابراهيم بن حنّين بن‬
‫سرحان‪ ،‬فقيه كبير‪ ،‬ينتسب إليه فخذ أهل أحمد مسكه من أوالد حنّين‪ ،‬عالوة على ذرية أخرى تُعد منذ زمن‬
‫قديم ضمن قبيلة إدابلحسن وطنا وخؤولة‪ ،‬وتُعتبر من الشرفاء في موريتانيا‪ ،‬كما هي الحال بالنسبة للبوعزاويين‬
‫عزى ينتسب له الصوالح وأهل أحمد مسكَ‬ ‫ش بن ا ْع ِل بن أبي يَ ّ‬‫ي " ُم ْق ِل ْ‬
‫في المغرب‪ .‬يقول هارون بن الشيخ سيد َّ‬
‫الذين جدّهم سيدي عبد هللا وذريته توطنت مع إداب لحسن من قديم الزمن ۡلنه كان يُقرئهم مختصر الشيخ‬
‫خليل‪ ".‬وقد وقفنا مرة على تقييد للمختار بن حامد كت َب فيه أن الفقيه المختار (المعروف في القبلة بأشفغ أو‬
‫ألفغ المختار) هو "أول" من قدم بنص "مختصر خليل" في الفقه المالكي على منطقة "القبلة"‪ ،‬وتضم اليوم‬
‫معظم المناطق الموريتانية الواقعة ما بين المحيط اۡلطلسي غربا‪ ،‬وتكانت شرقا‪ ،‬وآدرار شماال‪ ،‬ونهر السنغال‬
‫جنوبا‪ .‬وفي هذا السياق يقول يحيى ولد البراء في موسوعته "المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوي ونوازل وأحكام‬
‫أهل غرب وجنوب الصحراء"‪" :‬وذكر هارون بن الشيخ سيديا باب في كتاب اۡلخبار أن رجال فقيها من قبيلة‬
‫أوالد تيدرارين جاء إلى القبلة فسكن في قبيلة إدابلحسن ويسمى اتفغ المختار وقد قدم بنص الشيخ خليل‪ .‬وبالرغم‬
‫من اندراس أثر هذا الرجل رغم وجود بنيه فإننا انطالقا من هذه المعلومة التي حصلنا عليها نستطيع أن نحدد‬
‫فترته ببداية القرن الهجري الحادي عشر‪ .‬فحسب بعض المصادر فقد تزوج بنت محمذن بن أعمر أكداش‪ .‬ومن‬
‫المعروف أن محمذن أحد اۡلربعة اۡلولياء أبناء أعمر بن آش‪ .‬وهم من أهل بداية القرن الحادي عشر الهجري‪.‬‬
‫كما ذكر المختار بن حامد أن حبيب هللا بن يوقب اليعقوبي (بداية القرن الحادي عشر الهجري) كان أول من‬
‫درس خليل بالقبلة‪ 153".‬ويقول الحسين بن محنض‪" :‬ومن الشرفاء اۡلدارسة كذلك‪ :‬أهل أشفغ المختار‬
‫الحسنيين خؤولة ووطنا‪ ،‬قدم أبوهم الشريف أشفغ المختار إلى أرض الكبلة‪ ،‬وكان عالما صالحا‪ ،‬ويقال إنه أول‬
‫من أدخل مختصر خليل إلى أرض الكبلة‪ ،‬فتزوج بنب أحمد بن أعمر بن آش الملقب أحمد الرئيس فكانت له‬
‫ي في "كتاب‬ ‫وباستثناء ما كتبه هارون بن الشيخ سيد ّ‬
‫‪154‬‬
‫منها ذرية معروفة في عداد أوالد أعمر أكداش‪".‬‬
‫اۡلخبار" وما قيّده المختار بن حامد (دون أن يُنشر حتى اآلن‪ ،‬حسب علمنا) وما أشار إليه كل من يحيى ولد‬
‫ي ذكر أو بحث أو تأليف يتناول هذا الفقيه الكبير الذي كان "أول"‬ ‫البراء والحسين بن محنض‪ ،‬فإننا ال نكاد نجد أ َّ‬
‫لقب‬
‫من قدِم بنص مختصر الشيخ خليل بن إسحاق المصري على القبلة‪ ،‬والذي ربما يستحق على هذا اۡلساس َ‬
‫"شيخ شيخ الشيوخ" أو "شيخ القبلة"‪ِ ،‬عل ًما بأن الحق يضيع إذا لم يكن وراءه مطالب‪ .‬ومن أشهر ذرية الفقيه‬
‫المختار في أرض الساحل‪ ،‬سيدي عبد هللا بن الفقيه المختار‪ .‬وفي نسخة سابقة من هذا البحث حصل خلط بين‬
‫سيدي عبد هللا بن الفقيه المختار وسيدي عبد هللا بن ْام َح َّم ْد العبوبي دفين لكراع على الساحل اۡلطلسي من أرض‬
‫الساحل الصحراوي‪ .‬وسيدي عبد هللا بن امحمد العبوبي هو ال ُملقب "فارس اۡلدهم"‪ ،‬واۡلدهم فرسه المشهور‬
‫الذي أنجاه هو ومواله من العدو بوثته المشهورة عند أوالد حنّين‪ .‬فقد سأل مواله عن حال اۡلدهم بعد هذه‬
‫هوى ومدَّ ُكراعه للهواء—وكان ال يريد أن يخبره بموت الفرس—فقال سيدي‬ ‫الوثبة‪ ،‬فقال له مواله‪ :‬اۡلدهم َ‬
‫ْ‬
‫جات‪ .‬أما سيدي عبد هللا بن الفقيه المختار (وهو دفين‬ ‫عبد هللا‪ :‬هذا قُل إنه ْ‬
‫مات‪ ،‬فقال المولى من فُ َّم ْك يا سيدي‬
‫الترتار على بعد ‪ 80‬كلم إلى الجنوب من بوجدور على طريق مدينة الداخلة) فقد حدثنا عنه عدة رجال من أوالد‬
‫تيدرارين (منهم أحمد محمود بن محمدُّ ــ الملقب الفقيه ــ وسالم بركه بن حيموده‪ ،‬وغيرهم) في بوجدور في‬
‫االسبوع اۡلول من رمضان سنة ‪1434‬هـ‪2013/‬م‪ .‬فذكروا أن الفقيه المختار عقب سيدي عبد هللا الذي عقب‬
‫أحمد مسكه وهو جد فخد أهل أحمد مسكه من المقالشة‪ .‬ومن أهل أحمد مسكه ح ّمادي بن أحمد مسكه وهو دفين‬
‫المنحازة على بعد ‪ 26‬كلم إلى الجنوب من بوجدور‪ .‬وقد اشتهر ح ّمادي بن أحمد مسكه بالعلم وكان يُدرس‬
‫مختصر الشيخ خليل في أرض الساحل ومارس مهنة القضاء في أوالد تيدرارين‪ .‬وذكروا أيضا أن أهل محمد‬
‫بن محمد سالم من قبيلة مدلش أخذوا العلم ووسم الدال عن حمادي بن أحمد مسكه بن الفقيه المختار‪.‬‬

‫‪ 153‬يحيى ولد البراء‪" ،‬المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوي ونوازل وأحكام أهل غرب وجنوب الصحراء‪ "،‬المجلد االول‪ ،‬مقدمات تمهيدية‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫الشريف مالي الحسن بن المختار بن الحسن‪ ،‬الطبعة اۡلولى ‪1430‬هـ‪2009/‬م‪ ،‬ص ‪.217‬‬
‫الحسين بن محنض في كتاب "تاريخ موريتانيا القديم والوسيط" الجزء اۡلول‪ ،2010 ،‬ص ‪.254‬‬ ‫‪154‬‬

‫‪52‬‬
‫سيدي أحمد بوغنبور (الولي الصالح)‪ :‬سيدي أحمد بوغنبور من أشهر اۡلولياء والصالحين في الساقية‬
‫الر ْدفَه"‪ ،‬كما أشرنا سابقا‪ ،‬وهم‪:‬‬ ‫الحمراء‪ ،‬فهو حاضر في الذاكرة الشعبية على أنه أحد أبرز " ِسي ْد أ َ َح ْم ْ‬
‫دات ِ ّ‬
‫سيدي أحمد بوغنبور وسيدي أحمد العروسي وسيدي أحمد الركيبي‪ .‬ويُعتبر هؤالء الثالثة اۡلجداد المؤسسين‬
‫لقبائل أوالد تيدرارين والعروسيين والركيبات‪ ،‬على التوالي‪ .‬ويُعتبر بوغنبور أشهر اۡلولياء الصالحين على‬
‫يعزى‪ .‬عاش بوغنبور في القرن الحادي‬ ‫سمعتُه الشيخ أبا ّ‬ ‫االطالق في قبيلة أوالد حنّين‪ ،‬حيث تطمس بركتُه و ُ‬
‫عشر الهجري والقرن السابع عشر الميالدي وربما التقى بالسلطان موالي اسماعيل أثناء جولة هذا اۡلخير في‬
‫بعض المناطق الصحراوية سنة ‪1679‬م‪ .‬وقد بلغت القبيلة أوجها في عهد بوغنبور‪ ،‬حتى أصبح يُعدّ المؤسس‬
‫يعزى بن عبد الرحمان بن سيدي‬ ‫الثاني للقبيلة بعد حنّين بن سرحان‪ .‬وهو سيدي أحمد الملقب بوغنبور بن ّ‬
‫يعزى بن علي بن أبي يعزى بن ابراهيم بن حنّين بن سرحان‪ .‬وقد اتخذ هذا اللقب‬ ‫ع ِلي بن ّ‬
‫باب َ‬
‫ياسين بن َ‬
‫(بوغنبور) ۡلنه كان حاجبا عن الفضول‪ .‬وهو دفين ِل ْمسِي ْد (أي المسجد‪ ،‬باللهجة اۡلعرابية المحلية)‪ ،‬وهو‬
‫"مسجد أهل الزريبة"‪ ،‬ال َم ْدفَن والمزار التاريخي لقبيلة أوالد حـنّـيـن على مسافة أقل من كيلومتريْن من ساحل‬
‫المحيط اۡلطلسي حوالي ثمانين كم إلى الشمال من رأس بوجدور‪ .‬وعلى مقربة من المسجد يوجد ينبوع مياه‬
‫عذبة‪ ،‬يعتبره الناس من بركات وكرامات سيدي أحمد بوغنبور‪ .‬وكثيرا ما يوصف بوغنبور في المصادر‬
‫اإلسبانية على أنه "العالم الفاضل‪ ،‬والرجل المستقيم‪ ،‬والفقيه بامتياز‪ ،‬الذي ينتسب إلى أسرة من اۡلنصار‬
‫(أهل المدينة)"‪ ،‬وأنه قد جمع بين "العمل واإليمان والمعرفة" وبذلك أضفى مجدا على القبيلة‪ ،‬وال تزال‬
‫َكرر في المصادر اإلسبانية روايةٌ تقول إن سيد أحمد بوغنبور من اۡلنصار وإن‬ ‫كراماته مشهورة‪ 155.‬وتَت َّ‬
‫أجداده استوطنوا مصر‪ ،‬وعندما قدم إلى الصحراء تزوج من إمرأة من أوالد تيدرارين وسرعان ما أصبح‬
‫شيخا قائدا لقبيلة أوالد تيدرارين‪ .‬وال نجد صدًى يُذكر لهذه الرواية في الذاكرة الشعبية لقبيلة أوالد حنّين‪.‬‬
‫لكن نجد أحيانا أصداء لها لدى بعض العامة والخاصة من خارج قبيلة أوالد حنّين‪ ،‬حيث يقولون أحيانا إن‬
‫توطن في أوالد تيدرارين‪ .‬وأغلب الظن أن المصادر اإلسبانية تلقّت هذه الرواية من‬ ‫بوغنبور "شريف" ّ‬
‫خارج قبيلة أوالد حنّين‪ ،‬من أصحاب مقولة‪" :‬بوغنبور شريف ساكن في أوالد تيدرارين‪ ".‬وهذه الرواية إن‬
‫دلت على شيء فإنما تدل على جهل الناس لتاريخ أوالد حنّين وعلى تميُّز ومكانة بوغنبور داخل وخارج أوالد‬
‫يعزى الذي يُعتبر شريفا في بالد المغرب‪ .‬تزوج بوغنبور من فاطمة بنت‬ ‫حنّين‪ ،‬وعلى عالقة بوغنبور بأبي ّ‬
‫إعيش من فخد لحسينات من أوالد حنّين وعقب منها سبعة أوالد‪ ،‬يجتمع فيهم اليوم أغلب قبيلة أوالد حنّين‪.‬‬

‫الله العيافة (صالحة ف ْم الوادي)‪ :‬هي العيافة بنت سيدي هيبة من فخذ أهل استيله‪ .‬وهي صالحة مشهورة‬
‫من أوالد حنّين‪ ،‬مدفونة في الجزء الشمالي من مصب (فم الواد) وادي الساقية الحمراء عند البئر أو الحاسي‬
‫الذي تشرب منه مدينة العيون والمس ّمى باسمها "بئرالعيَّافة‪ ".‬ويُقال (وهللا أعلم) إنها عاشت هنالك ‪ 150‬أو‬
‫‪156‬‬
‫‪ 160‬سنة‪ ،‬دون أن يموت أحد من أحفادها في حياتها‪.‬‬

‫ي‬
‫محمد بن الخراشي (صاحب الدولة)‪ :‬اشتهر بالثروة والسخاء والعطاء‪ .‬وقد وصفه هارون بن الشيخ سيد َّ‬
‫في "كتاب اۡلخبار" بأنه "صاحب الدولة المعروفة فقد كان يُخرج في الزكاة مائة ِحقّة ومنائ ُحه ال تُحصى وقد‬
‫نحر أهلها مائة ُحوار في ليلة ليُرئموا أمها ِتها وقد نُهب له مرة ثمانمائة لقحاء‪".‬‬

‫‪Études, Notes et Documents sur le Sahara Occidental, presents au VIIème Congrès de l’Institut des Hautes-Etudes 155‬‬
‫‪Marocaines, Rabat, 30 Mai 1930, Librairies E. Larose, Paris, 1930. Ismael Carnero Ruiz, Vocabulario Geografico-Saharico,‬‬
‫‪Consejo superior de investigaciones cientificas, Instituto de estudios africanos, Madrid, 1955. Juan Bautista Vilar, El Sahara y el‬‬
‫‪hamitismo norteafricano; estudios antropo-histo´ricos saha´rico-magrebies, Madrid: Consejo Superior de Investigaciones‬‬
‫‪Cientificas, 1969.‬‬
‫‪Ismael Carnero Ruiz, Vocabulario Geografico-Saharico, Consejo superior de investigaciones cientificas, Instituto de estudios 156‬‬
‫‪africanos, Madrid, 1955. F. de la Chapelle, Les Tekna du Sud Marocain: Etude géographique, historique et sociologique, Paris:‬‬
‫‪Publications du Comité de l’Afrique Francaise, 1934.‬‬

‫‪53‬‬
‫العالوي أبرز بطل في الحرب الطاحنة التي‬ ‫المغوار)‪ :‬يُعتبر عبد هللا بن سالم ّ‬
‫عبد هللا بن سالم (الفارس ِّ‬
‫دارت رحاها بين أوالد تيدرارين وأوالد الدليم من سنة ‪1305‬هـ‪1887/‬م إلى سنة ‪1313‬هـ‪1895/‬م‪ .‬فقد‬
‫شن الغارات والصوالت من مسافات بعيدة ونصب الكمائن البديعة‪ .‬وقد تمثلت هذه الحرب في‬ ‫فن ِّ‬‫تميّز في ِّ‬
‫سلسلة طويلة من الغارات من مسافات بعيدة‪ ،‬والمعارك الدامية‪ ،‬ونصب الكمائن‪ ،‬والمناوشات ونهب‬
‫الممتلكات‪ ،‬والتمثيل بالقتلى بين الطرفين‪ :‬أوالد الدليم في الجنوب (وادي الذهب) وأوالد حنّين في الشمال‬
‫(الساقية الحمراء)‪ .‬وفي بعض مراحل هذه الحرب انقسمت قبائل الصحراء بين مؤيد ۡلوالد تيدرارين ومؤيد‬
‫ۡلوالد الدليم‪ .‬كما أن السلطان المغربي حاول التدخل‪ ،‬حيث يقول محمد بن عزوز إنه جاء في ظهير للسلطان‬
‫موالي الحسن اۡلول أن محمد بن لحبيب (التدراريني) قد ُولي "والية أهل تدرارين بالصحراء كافة"‪ ،‬وذلك‬
‫بتاريخ ‪ 22‬ربيع الثاني ‪1308‬هـ‪ 5/‬ديسمبر ‪1890‬م‪ 157.‬وقد اطلعنا على نسخة من أصل هذا الظهير بحوزة‬
‫عابدين بن عبد هللا بن عند هللا الياسيني وهو من أحفاد محمد بن لحبيب‪ ،‬وذلك في مدينة بوجدور في أوائل‬
‫رمضان ‪1434‬هـ‪ .‬ومما جاء في الظهير‪" :‬ولّينا عليكم خديمنا اۡلرضى القائد محمد بن لحبيب التدراري‬
‫[كذا] ‪ ...‬ووفق هللا الكل لما فيه رضاه والسالم في ‪ 22‬ربيع الثاني عام ‪[ 1308‬هـ]‪ ".‬وفي رسالة أخرى‬
‫يطلب "محمد بن حبيب التدراريني" من السلطان عبد العزيز (الذي حكم المغرب من ‪1894‬م إلى ‪1908‬م‬
‫وهو التالي للحسن اۡلول المتوفى سنة ‪1894‬م) اإلنعام عليه بدار في الطرفاية ومؤونتها‪ ،‬وبمدفع من عمل‬
‫الروم فيه سبعة عشر‪ ،‬وبكتاب شريف للقبيلة على شأن الوظائف السلطانية‪ ،‬وبقبة‪ ،‬وبايالف للبغلة التي أنعم‬
‫عليه بها سابقا‪ ،‬وبكسوة له وۡلصحابه‪.‬‬

‫اره (بكاف معقودة وراءيْن مفخمتين‪ ،‬وهي المعروفة‬ ‫ومن أعظم أيام هذه الحرب على أوالد تيدرارين يوم ِل ْك َر َ‬
‫ب "اكرارة عنان") في وسط الصحراء مات منهم أ ْغلَى ِمن ُه ْم بن امبارك بن ابراهيم ال َعالَّوي‪ ،‬قتله سيدي أحمد‬
‫بن الشكاف لخليكي الدليمي وقطع يده من المنكب وجعلها كالسوط يضرب بها اإلبل؛ ويوم قافلة تيندوف حيث‬
‫يرويه لنا الجاسوس الفرنسي كاميل دولس الذي كان يرافق فرقة من أوالد الدليم كان قد خدعهم بأنه مسلم من‬
‫يوصلوهُ إلى المغرب لكي يأتي بالمهر المطلوب‪.‬‬ ‫تركيا وأنه سوف يتزوج بنت شيخ الفرقة ولكنه يحتاج إلى أن ِ‬
‫يقول دولس إن فرقة (يُسمونها "غ ِ َّزي") من أوالد الدليم أغارت على قافلة تجارية ۡلوالد تيدرارين مح ّملة‬
‫يج ْك شماال‪ .‬ويقول إن‬ ‫ْ‬
‫إينال جنوبا إلى ِم ِ‬ ‫بالتمور من تيندوف ومتجهة إلى تيرس‪ ،‬وهي اۡلرض الممتدة من‬
‫الهجوم على القافلة وفظاعة المذبحة والنهب بقيت حاضرة في ذاكرته لمدة طويلة‪ .‬فالقافلة مكونة من ثالثين‬
‫رجال وعشر نساء وعدد من اۡلطفال وثمانية وأربعين من الجمال المحملة بالبضاعة‪ .‬وعندما تم التأكد بواسطة‬
‫كشافيْن من أنها قافلة تجارية ۡلوالد تيدرارين تقرر الهجوم عليها‪ .‬وقام بالهجوم على القافلة ثمانون رجال من‬
‫أوالد الدليم كانوا مسلحين ببنادق مستوردة من السنغال وخناجر مستوردة من المغرب‪ .‬وعندما صار المهاجمون‬
‫على مسافة مائتين أو ثالث مائة متر من القافلة صاح قائد الهجوم (واسمه ابراهيم) "بسم هللا‪ ،‬بسم هللا" وأسرع‬
‫بمركوبه؛ وعندها فعل كل المهاجمين نفس الشيء محدثين ت َج ُّهمات رهيبة وصرخات مرعبة لترويع ضحاياهم‪.‬‬
‫وكانت المقاومة مستحيلة حيث نجد ثالثة مهاجمين مسلحين على كل ضحية‪ .‬وفي غضون عشر دقائق تم قتل‬
‫خمسة وعشري ن من الرجال ذبحا وتمكن خمسة من الهروب على ظهور جمالهم وتم نهب القافلة والنساء‬
‫واۡلطفال‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬يقول دولس‪ ،‬استأنف المهاجمون رحيلهم إلى الشمال وكأن شيئا لم يحدث‪ 158.‬يجب التنبيه‬
‫إلى أننا لم نتمكن حتى اآلن من التأكد من هذه الغارة البشعة على هذه القافلة من أي مصدر آخر‪ .‬وعلى هذا‬
‫اۡلساس فقد تكون غارة "لكراره" المتواترة عند الناس هي نفس غارة "القافلة" التي رواها الجاسوس الفرنسي‬
‫كاميل دولس بطريقته الخاصة إذ أنه قد ال يميّز بين "قافلة" تجارية ومخيم في حالة "رحيل"‪ ،‬وقد ال يكون على‬
‫علم تام بحيثيات الحرب الدائرة آنذاك بين أوالد تيدرارين وأوالد الدليم‪.‬‬

‫‪ 157‬محمد بن عزوز‪ ،‬السيادة المغربية في اۡلقاليم الصحراوية من خالل الوثائق المخزنية‪ ،‬مؤسسة الطباعة والنشر‪ ،]1981[ ،‬ص ‪.150‬‬
‫‪M. Camille Douls, “Cinq mois chez les maures nomades du Sahara occidental, Le Tour Du Monde, 1887, pages 177-224, 158‬‬
‫‪pages 210-211.‬‬

‫‪54‬‬
‫ال (وهو بئر يمثل الحد الفاصل بين وادي الذهب‬ ‫ومن أعظم أيام هذه الحرب على أوالد الدليم يوم ِأريدَ ْ‬
‫والساقية الحمراء) حيث استمرت المعركة دون انقطاع من الصباح إلى الليل وقتِل ‪ 260‬إلى ‪ 280‬من أوالد‬
‫ت (وهي بئر على السفوح الشمالية آلكركر في المنطقة الجنوبية من‬ ‫يم ْ‬
‫الدليم وحلفائهم‪159‬؛ ويوم أحس ْي تا ِك ْرز ِ‬
‫ثأرا لمقتل‬
‫الصحراء) حيث قتِل سيد أحمد بن الشكاف لخليكي الدليمي المذكور‪ ،‬قتله عبد هللا بن سالم العالوي ً‬
‫"أغلى منهم"‪ ،‬وسلخ لحيته بما معها من الجلد وعلقها في عنق فرسه‪ ،‬وأتي بها سوق المولود في أيتوسه‬
‫وسوق آسرير في آزوافيط وسوق اۡلحد في اكليميم في الجنوب المغربي‪ .‬وعند اللقاء كان سيدي أحمد بن‬
‫الشكاف على ظهر جمله وكان عبد هللا بن سالم على ظهر فرسه‪ ،‬فرمى عبد هللا بن سالم فرسه على الجمل‬
‫وتمكن من خطف سيدي أحمد بن الشكاف من على ظهر الجمل بيد واحدة ودلّى يَـدَهُ به وأرخى العنان للفرس‬
‫وصارت تضربه بحوافرها على رأسه حتى مات دون إطالق الرصاص عليه‪ .‬ويشير ك ٌّل من العقيد الفوينتي‬
‫والنقيب مارتن إلى أن الحرب انتهت بهزيمة أوالد الدليم وانتصار أوالد تيدرارين‪ ،‬إلى أن احتل الفرنسيون‬
‫موريتانيا واحتل اإلسبان الصحراء فصار كل منهم يدعم أوالد الدليم الموجودين على الحدود بينهما ضد أوالد‬
‫تيدرارين‪ ،‬وذلك في إطار تنافس فرنسي إسباني لتشجيع قواد أوالد الدليم إلى تسجيل قبائلهم تحت السيادة‬
‫الفرنسية أو اإلسبانية‪ .‬ولكن هذه السياسة الفرنسية اإلسبانية—التي وصفها النقيب مارتن الحقا بأنها سياسة‬
‫‪160‬‬
‫سيئة وغادرة—فشلت في النهاية‪.‬‬

‫ومن أشهر من قُتل من أوالد الدليم في هذه الحرب عبد هللا بن أحمد بن حبيب‪ ،‬وعثمان بن بنان‪ ،‬وعبد الحي‬
‫َيزنية‪ ،‬ومحمد بن باب‪ ،‬وبرك بن أحمد بن أعمر‪ ،‬وابراهيم بن أعمر‪ ،‬واعبيد فال بن البيكم‪ ،‬ومحمد بن‬ ‫ازن ْ‬
‫بن ّ‬
‫ختار‪ ،‬ومحمد الكوري بن علي انبكار‪ ،‬وإبن بوكرن‪ ،‬وأحمد باب بن الخطاط‪ ،‬وعلي بن عثمان‪ ،‬وإبن آمريّك‪،‬‬
‫وإبن النَّد‪ ،‬وكلهم من لودَيْكات؛ ومحمد بن ابراهيم بن الشكاف‪ ،‬وعبد الصمد بن الكوري بن ميشان‪ ،‬وامبيريك‬
‫بن بكار‪ ،‬والديش الشبهاني‪ ،‬وابراهيم بن محمد بن عبد هللا‪ ،‬وسيد أحمد بن ابراهيم‪ ،‬واحنان أو امنان بن‬
‫آفَّيعير‪ ،‬وكلهم من أوالد لخليكه؛ وأحمد بن بوبكر‪ ،‬وإبن ا ْعلَ َّ‬
‫ي‪ ،‬وابن ابَّيْن أحمد‪ ،‬والغيالني بن بكار‪ ،‬وعبد‬
‫القادر بن أحمد بن ابراهيم‪ ،‬وكلهم من أوالد ت َكد ِّي؛ وإبن أحمد زين من أوالد باعمر‪ ،‬وعمر بن امبارك من‬
‫سراحنة‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫ومن أشهر من قُتل من أوالد تيدرارين في هذه الحرب عبد هللا بن سالم‪ ،‬وأخوه أحمد باب‪ ،‬وسيد أحمد بن عبد‬
‫هللا بن سالم‪ ،‬والعالم بن الطيرش‪ ،‬والعبد بن امبارك بن ابراهيم‪ ،‬وكلهم من أوالد علي؛ وعبد الودود بن‬
‫يونس‪ ،‬والعالم بن محمد بن عبد هللا‪ ،‬ومحمد بن علي بن اۡلعمش‪ ،‬وكلهم من أهل الطالب علي؛ ومحمد سالم‬
‫بن أزفاطي‪ ،‬وعبد هللا بن محمد بن الخراشي‪ ،‬وعبد الجليل بن امبيريك بن أحمد عبد هللا‪ ،‬وكلهم من أوالد‬
‫ياسين؛ وابراهيم بن عبد الرحمان بن البخاري‪ ،‬والسايح والمهدي وعبد هللا بنو الشفاك‪ ،‬وكلهم من أهل استيله؛‬
‫والمحفوظ بن علي بن عبد الرحمان‪ ،‬وأخوه اسويد باب‪ ،‬واعليات بن اسويد باب‪ ،‬وكلهم من لحسينات؛ وإبن‬
‫امبيريك‪ ،‬وامبيريك بن ّ‬
‫يعزى‪ ،‬وهما من العبوبات؛ والناجم بن ميّاره‪ ،‬وهو من أوالد موسى‪.‬‬

‫‪Henri Martin, Les tribus nomades de l'Ouest et du Nord mauritanien, du Sahara espagnol et du Sud marocain : (confins 159‬‬
‫‪algéro-marocains), Paris: CHEAM, 1939.‬‬
‫‪Angel Domenech Lafuente, Teniente coronel de infanteria, jefe de la seccion de politica del gobierno politico military de los‬‬
‫‪territories de ifni sahara, Algo sobre Río de Oro, Madrid , 1946.‬‬
‫‪Henri Martin, Les tribus nomades de l'Ouest et du Nord mauritanien, du Sahara espagnol et du Sud marocain: (confins algéro- 160‬‬
‫‪marocains), Paris: CHEAM, 1939.‬‬
‫‪Angel Domenech Lafuente, Teniente coronel de infanteria, jefe de la seccion de politica del gobierno politico military de los‬‬
‫‪territories de ifni sahara, Algo sobre Río de Oro, Madrid , 1946‬‬

‫‪55‬‬
‫علي وأوالد موسى فتصالحوا وكتبوا أن جماعة آل الطالب‬ ‫وبُعيد هذه الحرب حصل خالف بين أهل الطالب َ‬
‫علي وأبناء موسى التيدراريين اصطلحوا مما بينهم من الجنايات الجرحية واۡلنفس العمدية فجعلوا ديتين‪ :‬إبن‬
‫اعلنبطالب وإبن امبيريك بن علي بن سيد أحمد لكل واحد منهما خمسون‪ ،‬خمسة وعشرون بنت لبون وخمس‬
‫وسلب رجل مدفعا ذا زنادين وخنجر وقرن‪ .‬ثم عقدوا‬‫ُ‬ ‫وعشرون جذعا مؤجلتين بثالثة أشهر‪ ،‬وعبد سباعي‬
‫عشَراء‪ ،‬وجنايته عليه وحده؛‬
‫بعد ذلك سدا للذريعة أن من جني على أخيه من الفريقين جميعا فعليه للجماعة ُ‬
‫وأن من ضرب أخاه بعمارة مدفع ولم يُصبه فعليه جذع للجماعة؛ ومن ضرب أخاه بعصا أو خنجر فعليه إبن‬
‫لبون للجماعة‪ ،‬وجنايته عليه وحده؛ ومن س َّل خنجرا على أخيه ولم يُصبه فعليه بيصة‪ 161،‬وإن أصابه فعليه‬
‫وح ٌّق‪ ،‬وهذا على‬
‫عشراء للجماعة‪ ،‬وجنايته عليه أيضا؛ ومن لطم أخاه فاسودّت عينه فعليه نصف بيصة ِ‬
‫الظالم البادي‪ ،‬وإن انتصر المظلوم لنفسه فعليه من الغرامة نصف ما على البادي‪.‬‬

‫محمد بن عبد هللا (المجاهد الكبير)‪ :‬هو محمد بن عبد هللا بن محمد بن البشير بن ميّارة بن سيدي ابراهيم‬
‫بن محمد بن الطالب علي بن سيدي أحمد بوغنبور‪ .‬وكما أشرنا سابقا‪ ،‬فقد زار المؤرخ الموريتاني هارون‬
‫ي مكتبة محمد بن عبد هللا سنة ‪ 1359‬هـ ونقل منها—جزاه هللا خيرا—الكثير من أخبار وتاريخ‬ ‫بن الشيخ سيد َّ‬
‫أوالد حنّين‪ ،‬وخاصة ما َح َوتْهُ من ظهائر التوقير واإلحترام وأشجار النسب وقصائد الشعر المشار إلى بعضها‬
‫"رئيس قومه" آنذاك‪ ،‬وأنه "كان رجال س ِيّدا عارفا بكثير‬
‫ُ‬ ‫في هذا البحث‪ .‬وقد وصفه في "كتاب اۡلخبار" بأنه‬
‫ي‬
‫من اۡلخبار وكان ذا معرفة بالفقه ال بأس بها‪ ".‬ثم أضاف قائال‪" :‬وكتب إليه الشيخ عبد هللا بن الشيخ سيد َّ‬
‫‪162‬‬
‫في ‪ 17‬ذي الحجة عام ‪ 1357‬هـ‪".‬‬

‫وقد قام اۡلستاذ عبد المولى بابي بدراسة قيّمة للمقاومة الصحراوية ضد اإلستعمار اإلسباني والفرنسي واتخذ‬
‫من المجاهد محمد بن عبد هللا نموذجا للمقاومة‪ 163.‬وذكر عبد المولى بابي أن المجاهد محمد بن عبد هللا حفظ‬
‫درس‬ ‫القرآن الكريم في كت ّاب أهله على يد كل من سيدي محمد الكوناني وسيدي أحمد بن حمامة الفياللي‪ ،‬و َ‬
‫ساني‪ ،‬وقد ت ّم تعيينه شيخا عا ًّما للقبيلة‪ ،‬وكان من قادة المقاومة‬
‫الفقه‪ ،‬واشتهر بنظم الشعر الشعبي الح ّ‬
‫الصحراوية ضد اإلستعمار‪ .‬وبعد تح ّكم المستعمر في أهل الصحراء اشتهر محمد بن عبد هللا برفضه‬
‫اإلغراءات المالية المقدَّمة من طرف المستعمر كما اشتهر برفض دفع ضريبة العشر للسلطة اإلسبانية وأفتى‬
‫وفي محمد بن عبد هللا سنة ‪1961‬‬‫بعدم شرعيتها‪ ،‬وبعدها ألغت إسبانيا ضريبة العشرعن قبائل الساحل‪ .‬وقد ت ُ َ‬
‫م في مدينة الطنطان بالجنوب المغربي إثر حادث سيارة يُعتقد أنه من تدبير السلطة اإلستعمارية اإلسبانية في‬
‫الصحراء‪ .‬وقد أشاد الشاعر الشعبي الحساني محمد فاضل بن الخرفي برفض محمد بن عبد هللا لإلغراءات‬
‫ساني جاء فيها‪:‬‬
‫المالية المقدمة من طرف المستعمر‪ ،‬وذلك في قصيدة من الشعر الشعبي الح ّ‬

‫ي ِو ْك َال ْم ْال َع ْ‬
‫ار‬ ‫فَ ْه ِل ال ِدّ ْن َ‬ ‫ت لَ ْخ َبـ ْ‬
‫ار‬ ‫ع ْن ُك ْم ِكثْ ِر ْ‬‫َخ ُّل َ‬
‫ي ُز ْم ِنــــ َّ‬
‫ي‬ ‫يك ْال ِح ِ ّر َّ‬‫أ ِذ ِ‬ ‫ار‬ ‫غ ْنبُور أحْ ـ َر ْ‬ ‫ت بُو َ‬ ‫ِذ ِ ّر ِيّ ْ‬
‫يك ْال ِحـــــ ِ ّر َّ‬
‫ي‬ ‫ا ْف َجا ِنبْ ِذ ْ‬ ‫ار‬‫أ ُ َال ِن َكاعِ ْم َكث َّ ْر لَ ْخ َبـــ ْ‬
‫ي‬ ‫او ا ْز ِكـــــــــ َّ‬ ‫ع ُ‬ ‫ا ِّل ِيدَّ َ‬ ‫ار‬ ‫صـــ ْ‬ ‫ت ل ْن َ‬ ‫ي هَا ِذ ِن ْس ِب ْ‬ ‫ِب َّ‬
‫ِم ْن ِك ِّل ا ْب َال ِد ْالعَ ِطـ َّ‬
‫ي‬ ‫ت يِنــــــْزَ ْ‬
‫ار‬ ‫ا ِّل ِم ْن ُه ْم ِم ِيّ ْ‬
‫فَ ْم ِر الدَّ ِار ْال ِكدَّ ِامـــ َّ‬
‫ي‬ ‫اس‬ ‫ش يِ ْن َكـ ْ‬ ‫عايِ ْ‬ ‫ِو ِّل ِم ْن ُه ْم َ‬
‫صه" ‪ piece/pièce‬تعني "قطعة" من القماش يبلغ طولها ‪ 15‬مترا‪ ،‬وكانت ت ُخاط منها أهم مالباس أهل الصحراء الكبرى‪ ،‬مثل ّ‬
‫دراعة‬ ‫‪ 161‬كلمة "بَ ْي َ‬
‫الرجل وملحفة المرأة‪.‬‬
‫ي‪" ،‬كتاب اۡلخبار"‪ ،‬مكتبة أهل الشيخ سيديا‪ ،‬بوتِلميت‪ ،‬موريتانيا‪.‬‬
‫هارون بن الشيخ سيد ّ‬
‫‪162‬‬

‫‪ 163‬عبد المولى بابي‪ ،‬المقاومة الصحراوية لإلستعمار اإلسباني—نموذج المجاهد محمد بن عبد هللا‪ ،‬مشروع نهاية الدراسة لنيل اإلجازة‪ ،‬إشراف‬
‫الدكتور عبد الحميد احساين‪ ،‬جامعة الحسن الثاني—المحمدية— الدار البيضاء‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬مسلك التاريخ والحضارة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪2008/2007‬م‪1429/1428/‬هـ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫اس ْب ِذي ِك ْال َك ْي ِف َّ‬
‫ي‬ ‫يَا النَّ ِ‬ ‫ار‬‫ِوتْ َمابِي ِه ْم َما ِل ْال ُكفَّـــــ ْ‬
‫ي‬‫اس الت َّ ِلّـــــ َّ‬ ‫َما ِه فِالنَّ ِ‬ ‫اح ْل َحـ ْ‬
‫اس‬ ‫س ِ‬‫َما ِن بِيهَ فِال َّ‬
‫اس ْال ِك ْب ِلــ َّ‬
‫ي‬ ‫َأال ِه فِالنَّ ِ‬ ‫اس‬ ‫َّ‬
‫ش ْر ِك ْم ِن الن ْ‬ ‫َأال ِه فِ ِّل َ‬
‫‪164‬‬

‫نقول قولنا هذا ونستغفر هللا العظيم‪ ،‬إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬

‫ضا ٓلِّينَ ‪.‬‬‫علَ ۡي ِه ۡم َو َال ٱل َّ‬ ‫ب َ‬‫ضو ِ‬ ‫علَ ۡي ِه ۡم غ َۡي ِر ۡٱل َم ۡغ ُ‬ ‫ط ٱلَّذِينَ أ َ ۡنعَمۡ تَ َ‬ ‫ص َرٲ َ‬ ‫يم ِ‬ ‫ص َرٲ َ ۡ‬
‫ط ٱل ُم ۡست َ ِق َ‬ ‫ٱه ِدنَا ٱل ِ ّ‬‫اللهم ۡ‬
‫اللهم أحسن عاقبتنا في اۡلمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب اآلخرة‪.‬‬
‫اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك‪ ،‬و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك‪ ،‬ومن اليقين ما‬
‫تهون به علينا مصائب الدنيا‪ ،‬ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا‪ ،‬واجعله الوارث منا‪ ،‬واجعل ثأرنا‬ ‫ِّ‬
‫على من ظلمنا‪ ،‬وانصرنا على من عادانا‪ ،‬وال تجعل مصيبتنا في ديننا‪ ،‬وال تجعل الدنيا أكبر همنا وال مبلغ‬
‫علمنا‪ ،‬وال تسلط علينا من ال يرحمنا‪.‬‬
‫اللهم ال تدع لنا ذنبا إال غفرته‪ ،‬وال ه ًّما إال فرجته‪ ،‬وال د ْينا إال قضيته‪ ،‬وال حاجة من حوائج الدنيا واآلخرة إال‬
‫قضيتها‪ ،‬يا أرحم الراحمين يا رب العالمين‪.‬‬
‫اللهم اغننا بحاللك عن حرامك‪ ،‬وبطاعتك عن معصيتك‪ ،‬وبفضلك عن من سواك‪.‬‬
‫اللهم إنا نعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء اۡلخالق‪.‬‬
‫اللهم إنا نعوذ بك من علم ال ينفع‪ ،‬وقلب ال يخشع‪ ،‬وعين ال تدمع‪ ،‬ونفس ال تشبع‪ ،‬ودعاء ال يسمع‪.‬‬
‫اللهم اهدنا فيمن هديت‪ ،‬وعافنا فيمن عافيت‪ ،‬وتولنا فيمن توليت‪ ،‬وبارك لنا فيما أعطيت‪ ،‬وقنا واصرف عنا‬
‫شر ما قضيت‪ ،‬فإنك تقضي وال يقضى عليك‪ ،‬إنه ال يذل من واليت‪ ،‬وال يعز من عاديت‪ ،‬تباركت ربنا‬
‫وتعاليت‪.‬‬
‫اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك‪،‬‬
‫اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونح ِفد‪ ،‬نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد‪ ،‬إن عذابك‬
‫بالكافرين ملحق‪.‬‬
‫اللهم إنا نسألك اإلخالص في السر والعالنية‪ ،‬ونسألك العدل في الغضب والرضا‪ ،‬ونسألك القصد في الفقر‬
‫والغنى‪.‬‬
‫اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه‪ ،‬وأرنا الباطل باطال وارزقنا اجتنابه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َّللاُ َوأ ْولَئِكَ ُه ْم أ ْولُوا ْاۡل َ ْل َبا ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫سنَهُ أ ُ ْولَئِكَ الَّذِينَ َهدَا ُه ُم َّ‬ ‫اللهم اجعلنا من الَّذِينَ َي ْست َِمعُونَ ْالقَ ْو َل فَ َيت َّ ِبعُونَ أَحْ َ‬
‫اللهم حرر المسجد اۡلقصى‪--‬أولى القبلتين وثاني البيتين العتيقين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى خاتم‬
‫النبيين والمرسلين‪.‬‬
‫اللهم احفظ بيت المقدس وأكناف بيت المقدس وانصر أهلهما المرابطين الصامدين في وجه الغزاة المعتدين‬
‫وحلفائهم الظالمين وأعوانهم الخائنين‪.‬‬
‫ۡ‬
‫شا ٓ ُءۖ ِب َيدِكَ ٱلخ َۡي ُرۖ‬ ‫شا ٓ ُء َوت ُ ِذ ُّل َمن ت َ َ‬ ‫شا ٓ ُء َوت ُ ِع ُّز َمن ت َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ع ٱل ُملكَ ِم َّمن ت َ َ‬‫ۡ‬ ‫شا ٓ ُء َوت َِنز ُ‬ ‫قُ ِل ٱللَّ ُه َّم َم ٰـلِكَ ٱ ۡل ُم ۡل ِك ت ُ ۡؤ ِتى ٱ ۡل ُم ۡلكَ َمن ت َ َ‬
‫ت َوت ُ ۡخ ِر ُج ٱ ۡل َم ِيّتَ ِمنَ‬ ‫ى ِمنَ ٱ ۡل َم ِيّ ِ‬‫ار ِفى ٱلَّ ۡي ِلۖ َوت ُ ۡخ ِر ُج ٱ ۡل َح َّ‬ ‫ار َوتُو ِل ُج ٱلنَّ َه َ‬ ‫ِير تُو ِل ُج ٱلَّ ۡي َل ِفى ٱلنَّ َه ِ‬ ‫علَ ٰى ُك ِّل ش َۡى ً۬ء قَد ً۬ ٌ‬ ‫ِإنَّكَ َ‬
‫س ً۬‬
‫اب‪.‬‬ ‫شا ٓ ُء بِغ َۡي ِر ِح َ‬‫ىۖ َوت َۡر ُز ُق َمن ت َ َ‬ ‫ٱ ۡل َح ِ ّ‬

‫ٱلر ِحي ُم‬


‫اب َّ‬ ‫س ِمي ُع ۡٱلعَ ِلي ُم‪َ ،‬وت ُ ۡب َ‬
‫علَ ۡينَاۖ ٓ إِنَّكَ أَنتَ ٱلت َّ َّو ُ‬ ‫َربَّنَا تَقَب َّۡل ِمنَّاۖ ٓ إِنَّكَ أَنتَ ٱل َّ‬

‫‪ 164‬عبد المولى بابي‪ ،‬المقاومة الصحراوية لإلستعمار اإلسباني—نموذج المجاهد محمد بن عبد هللا‪ ،‬مشروع نهاية الدراسة لنيل اإلجازة‪ ،‬إشراف‬
‫الدكتور عبد الحميد احساين‪ ،‬جامعة الحسن الثاني—المحمدية— الدار البيضاء‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬مسلك التاريخ والحضارة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪2008/2007‬م‪1429/1428/‬هـ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ً۬‬ ‫ً۬‬
‫اب ٱلنَّ ِ‬
‫ار‬ ‫عذَ َ‬ ‫سنَةً َوقِنَا َ‬ ‫سنَةً َوفِى ۡٱۡل َ ِخ َرةِ َح َ‬ ‫َربَّنَا ٓ َءاتِنَا فِى ٱلد ُّۡنيَا َح َ‬
‫ڪ ٰـ ِف ِرينَ‬ ‫علَى ۡٱلقَ ۡو ِم ۡٱل َ‬ ‫ص ۡرنَا َ‬ ‫ص ۡب ً۬ ًرا َوث َ ِبّ ۡت أ َ ۡقدَا َمنَا َوٱن ُ‬ ‫علَ ۡينَا َ‬ ‫َربَّنَا ٓ أ َ ۡف ِر ۡغ َ‬
‫ۡ‬
‫طأنَاۚ‬ ‫اخ ۡذنَا ٓ إِن نَّسِينَا ٓ أ َ ۡو أ َ ۡخ َ‬ ‫َربَّنَا َال ت ُ َؤ ِ‬
‫علَى ٱلَّذِينَ ِمن قَ ۡب ِلنَاۚ‬ ‫علَ ۡينَا ٓ إِصۡ ً۬ ًرا َك َما َح َم ۡلتَهُۥ َ‬ ‫َربَّنَا َو َال ت َۡح ِم ۡل َ‬
‫علَى ۡٱلقَ ۡو ِم ۡٱل َ‬
‫ڪ ٰـ ِف ِرينَ‬ ‫ص ۡرنَا َ‬ ‫ٱغ ِف ۡر لَنَا َو ۡٱر َحمۡ نَاۚ ٓ أَنتَ َم ۡولَ ٰٮنَا فَٱن ُ‬ ‫عنَّا َو ۡ‬ ‫ف َ‬ ‫ٱع ُ‬ ‫طاقَةَ لَنَا بِِۦهۖ َو ۡ‬ ‫َربَّنَا َو َال ت ُ َح ِ ّم ۡلنَا َما َال َ‬
‫َربَّنَا َال ت ُ ِز ۡغ قُلُوبَنَا بَعۡ دَ إِ ۡذ َهدَ ۡيتَنَا َوه َۡب لَنَا ِمن لَّدُنكَ َر ۡح َمةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ۡٱل َو َّه ُ‬
‫اب‬
‫ف ۡٱل ِميعَادَ‬ ‫ٱّلِلَ َال ي ُۡخ ِل ُ‬ ‫ب فِي ِهۚ إِ َّن َّ‬ ‫اس ِليَ ۡو ً۬م َّال َر ۡي َ‬ ‫ام ُع ٱلنَّ ِ‬ ‫َربَّنَا ٓ إِنَّكَ َج ِ‬
‫ش ٰـ ِهدِينَ‬ ‫سو َل فَٱڪت ُ ۡبنَا َم َع ٱل َّ‬ ‫ۡ‬ ‫ٱلر ُ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ‬
‫َربَّنَا ٓ َءا َمنَّا بِ َما ٓ أنزَ لتَ َوٱتبَعۡ نَا َّ‬‫َ‬
‫ۡ‬
‫على ٱلقَ ۡو ِم ٱل َ‬
‫ڪ ٰـ ِف ِرينَ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ص ۡرنَا َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ٱغ ِف ۡر لَنَا ذُنُوبَنَا َوإِ ۡس َرافَنَا فِ ٓى أمۡ ِرنَا َوث ِبّت أقدَا َمنَا َوٱن ُ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َربَّنَا ۡ‬
‫ً۬‬
‫اب ٱلنَّ ِ‬
‫ار‬ ‫عذَ َ‬ ‫س ۡب َح ٰـنَكَ فَ ِقنَا َ‬ ‫َربَّنَا َما َخلَ ۡقتَ َه ٰـذَا بَ ٰـ ِطالً ُ‬
‫لظ ٰـ ِل ِمينَ ِم ۡن أَن َ‬
‫ص ً۬ار‬ ‫ار فَقَ ۡد أ َ ۡخزَ ۡيتَهُۖۥ َو َما ِل َّ‬ ‫َربَّنَا ٓ ِإنَّكَ َمن ت ُ ۡد ِخ ِل ٱلنَّ َ‬
‫ْ‬
‫إلي َم ٰـ ِن أن َء ِامنُوا ِب َر ِبّ ُك ۡم فَـَٔا َمنَّاۚ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫س ِمعۡ نَا ُمنَا ِد ً۬يًا يُنَادِى ِل ِ‬
‫ۡ‬ ‫َّربَّنَا ٓ ِإنَّنَا َ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫س ِيّـَٔاتِنَا َوت ََوفَّنَا َم َع ٱۡل ۡب َر ِار‬ ‫عنَّا َ‬ ‫ڪ ِفّ ۡر َ‬ ‫ٱغ ِف ۡر لَنَا ذنُوبَنَا َو َ‬ ‫ُ‬ ‫َربَّنَا فَ ۡ‬
‫ف ۡٱل ِمي َعادَ‬ ‫سلِكَ َو َال ت ُ ۡخ ِزنَا يَ ۡو َم ۡٱل ِقيَ ٰـ َم ِةۗ ِإنَّكَ َال ت ُ ۡخ ِل ُ‬ ‫علَ ٰى ُر ُ‬ ‫عدتَّنَا َ‬ ‫َربَّنَا َو َءاتِنَا َما َو َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً۬‬
‫ٱج َعل لنَا ِمن لدُنكَ َو ِليًّا َو ۡ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ‬
‫َربَّنَا ٓ أ َ ۡخ ِر ۡجنَا ِم ۡن َه ٰـ ِذ ِه ٱلقَ ۡريَ ِة ٱلظا ِل ِم أ ۡهل َها َو ۡ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫يرا‬ ‫َص ً‬‫ٱج َعل لنَا ِمن لدُنكَ ن ِ‬
‫ً۬‬
‫ٱلر ِٲزقِينَ‬ ‫اخ ِرنَا َو َءايَةً ِ ّمنكَ ۖ َو ۡٱر ُز ۡقنَا َوأَنتَ خ َۡي ُر َّ‬ ‫ون لَنَا ِعي ً۬دًا ِّۡل َ َّو ِلنَا َو َء ِ‬ ‫س َما ٓ ِء ت َ ُك ُ‬ ‫علَ ۡينَا َما ٓ ِٕٮدَ ً۬ة ً ِ ّمنَ ٱل َّ‬ ‫نز ۡل َ‬ ‫َربَّنَا ٓ أ َ ِ‬
‫سنَا َو ِإن لَّ ۡم ت َۡغ ِف ۡر لَنَا َوت َۡر َحمۡ نَا لَنَ ُكون ََّن ِمنَ ۡٱل َخ ٰـس ِِرينَ‬ ‫ظلَمۡ نَا ٓ أَنفُ َ‬ ‫َربَّنَا َ‬
‫ص ۡب ًرا َوت ََوفَّنَا ُم ۡس ِل ِمينَ‬ ‫ً۬‬ ‫علَ ۡينَا َ‬ ‫ۡ‬
‫َربَّنَا ٓ أ َ ۡف ِرغ َ‬
‫ً۬‬
‫ش ً۬دًا‬ ‫َربَّنَا ٓ َءاتِنَا ِمن لَّدُنكَ َر ۡح َمةً َو َه ِيّ ۡئ لَنَا ِم ۡن أَمۡ ِرنَا َر َ‬
‫سا ٓ َء ۡت ُم ۡستَقَ ً۬ ًّرا َو ُمقَا ً۬ ًما‬ ‫عذَابَ َها َكانَ غ ََرا ًما ِإنَّ َها َ‬ ‫اب َج َهنَّ َمۖ ِإ َّن َ‬ ‫عذَ َ‬ ‫عنَّا َ‬ ‫َربَّنَا ٱصۡ ِر ۡف َ‬
‫ٱج َعلنَا ِلل ُمتَّقِينَ ِإ َما ًما‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ٲجنَا َوذُ ِ ّريَّ ٰـتِنَا قُ َّرة َ أ ۡعي ًُ۬ن َو ۡ‬ ‫َ‬
‫َربَّنَا ه َۡب لَنَا ِم ۡن أ ۡز َو ِ‬
‫ً۬‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ً۬‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬
‫وف َّر ِحي ٌم‬ ‫ٱإلي َم ٰـ ِن َو َال ت َۡج َع ۡل فِى قُلُو ِبنَا ِغالًّ ِللذِينَ َءا َمنُواْ َربَّنَا ٓ ِإنَّكَ َر ُء ٌ‬ ‫س َبقُونَا بِ ِ‬ ‫ٱغ ِف ۡر لَنَا َو ِ ِإل ۡخ َوٲنِنَا ٱلذِينَ َ‬ ‫َربَّنَا ۡ‬

‫س ِلّ ُمواْ ت َۡس ِلي ًما‬ ‫صلُّواْ َ‬


‫علَ ۡي ِه َو َ‬ ‫ى َي ٰـٓأَيُّ َہا ٱلَّذِينَ َءا َمنُواْ َ‬ ‫صلُّونَ َ‬
‫ع َلى ٱلنَّ ِب ۚ ِ ّ‬ ‫ٱّلِلَ َو َم َل ٰـ ٓ ِٕٮ َ‬
‫ڪتَهُ ۥ يُ َ‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫اللهم صل على محمد وعلى آل محمد‪ ،‬كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم‪ ،‬وبارك على محمد وعلى‬
‫آل محمد‪ ،‬كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد‬
‫اللهم آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه َمقَا ً۬ ًما َّم ۡح ُمو ً۬دًا الذي وعدته‪ ،‬إنك التخلف الميعاد‬

‫سلِينَ َو ۡٱل َحمۡ دُ ِ َّّلِلِ َربّ ِ ۡٱل َع ٰـلَ ِمينَ ‪.‬‬


‫علَى ۡٱل ُم ۡر َ‬
‫سلَ ٰـ ٌم َ‬
‫صفُونَ َو َ‬ ‫س ۡب َح ٰـنَ َر ِبّكَ َربّ ِ ۡٱل ِع َّز ِة َ‬
‫ع َّما َي ِ‬ ‫ُ‬

‫المصادر والمراجع العربية‪:‬‬


‫ــ أبو دجانة صاحب سيف رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬الدكتور أحمد الخاني‪( ،‬للناشئين) سلسلة قصص‪ :‬أبطال من مدرسة رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬الطبعة اۡلولى‪ ،‬الرياض‪1424 ،‬هـ‪.‬‬
‫ــ "إزركيين"‪ ،‬معلمة المغرب‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬مصطفى ناعمي‪ ،‬من انتاج الجمعية الغربية للتألليف والنشر والترجمة‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطابع سال‪،‬‬
‫‪.1989/1410‬‬
‫ــ أسفي وما إليه قديما وحديثا ‪ ،‬محمد بن أحمد الكانوني العبدي‪ ،‬تحقيق عالل ركوك‪ ،‬الرحالي الرضواني‪ ،‬محمد الظريف‪ ،‬محمد السعيدي‬
‫الرجراجي‪ ،‬وتقديم محمد بنشريفة‪ ،‬مطبعة ن ْ‬
‫َت المغربية بالرباط‪.2005 ،‬‬
‫ــ إفريقيا لمارمول كرفجال‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬مارمول‪ ،‬ترجمة عن الفرنسية‪ ،‬محمد حجي‪ ،‬محمد زنيبر‪ ،‬محمد االخضر‪ ،‬احمد التوفيق‪ ،‬احمد بن‬
‫جلون‪ ،‬الرباط‪ ،‬مكتبة المعارف‪.1984 ،‬‬
‫ــ "اۡلطلس الكبير"‪ ،‬معلمة الم غرب‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬من انتاج الجمعية الغربية للتألليف والنشر والترجمة‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطابع سال‪.1989/1410 ،‬‬
‫ــ اۡلنساب العربية في ليبيا‪ ،‬محمد عبد الرزاق منّاع‪ ،‬مؤسسة ناصر الثقافية‪ ،‬دار الوحدة‪ ،‬ليبيا‪.1975 ،‬‬
‫ــ "البوعزاوي‪ ،‬محمد بن الطيب"‪ ،‬عالل الخديمي‪ ،‬معلمة المغرب‪ ،‬الجزء ‪ ،6‬مطابع سال‪ ،‬الرباط‪.1992/1413 ،‬‬

‫‪58‬‬
‫ــ "البوعزاوي"‪ ،‬محمد حجي‪ ،‬معلمة المغرب‪ ،‬الجزء ‪ ،6‬مطابع سال‪ ،‬الرباط‪.1992/1413 ،‬‬
‫ــ الرسالة الغالوية‪ ،‬تأليف الشيخ سيد محمد الخليفة بن الشيخ سيد المختار الكنتي الوافي‪ ،‬ورسالة في نسب إدولحاج الشرقيين‪ ،‬تأليف عبد هللا بن‬
‫سيدي محمود الحاجي‪ ،‬تحقيق حماه هللا ولد السالم‪ ،‬منشورات معهد الدراسات االفريقية‪ ،2003 ،‬سلسلة‪ :‬نصوص ووثائق (‪ ،)12‬المملكة المغربية‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس—السويسي‪ ،‬معهد الدراسات االفريقية‪.‬‬
‫ــ الرسالة الغالوية‪ ،‬تأليف الشيخ سيد محمد الخليفة بن الكنتي‪ ،‬ت ‪ 1242‬هـ‪ 1826/‬م‪ ،‬حماه هللا ولد السالم‪" ،‬تحقيق ودراسة" لكتاب‪ ،‬منشورات‬
‫مؤسسة الشيخ مربيه ربه إلحياء التراث والتبادل الثقافي‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪.2007 ،‬‬
‫ــ الزاوية الدالئية ودورها الديني والعلمي والسياسي‪ ،‬محمد حجي‪ ،‬طبعة ثانية موسعة ومنقحة‪1409 ،‬هـ‪1988/‬م‪.‬‬
‫ــ الس اقية الحمراء ووادي الذهب‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬محمد الغربي‪ ،‬دار الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬التاريخ‪.]1965[ ،‬‬
‫ــ السياسة والمجتمع في العصر السعدي‪ ،‬ابراهيم حركات‪ ،‬نشر وتوزيع دار الرشاد الحديثة‪ ،‬الدار البيضاء‪1408 ،‬هـ‪1987/‬م‪.‬‬
‫ــ الشيخ محمد اليدالي‪ :‬نصوص من التاريخ الموريتان ي (شيم الزوايا‪ ،‬أمر الولي ناصر الدين‪ ،‬رسالة النصيحة)‪ ،‬تقديم وتحقيق محمذن ولد باباه‪،‬‬
‫المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات‪ ،‬بيت الحكمة‪[ ،‬تونس]‪.1990 ،‬‬
‫ــ الصحراء الغربية ‪ -‬عقدة التجزئة في المغرب العربي‪ ،‬علي الشامي ‪ ،‬دار الكلمة‪ ،‬بيروت‪.1980 ،‬‬
‫ــ الصحراء من خالل بالد تكنة‪ :‬تاريخ العالقات التجارية والسياسية‪ ،‬مصطفى ناعمي‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬تحت إشراف المعهد الجامعي للبحث‬
‫العلمي‪ ،‬الرباط‪.1988 ،‬‬
‫ــ العارف التقي الشريف الحسني اإلمام بن سيدي المتقي الوداني الموطني [كذا] وبحاشية نبذة موجزة تزيد معرفة في تاريخ وادان منذ سالف‬
‫اۡلزمان‪ ،‬كتاب وثائقي‪ ،‬قام بجمعه ونشره سيدي محمد بن عابدين سيدي الحاجي الواداني‪ 1405 ،‬هـ‪1984/‬م‪.‬‬
‫ــ القبائل البيضانية في الحوض والساحل الموريتاني وقصة االحتالل الفرنسي للمنطقة‪ ،‬تأليف بول مرتي‪ ،‬تعريب الدكتور محمد محمود ودّادي‪،‬‬
‫جمعية الدعوة االسالمية العالمية‪ ،‬بنغاوي‪ ،‬ليبيا‪ 1369 ،‬من وفاة الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ 2001 ،‬مسيحي‪.‬‬
‫ــ القبائل العربية في بالد الشام منذ ظهور اإلسالم الى نهاية العصر االموي‪ ،‬الدكتور محمد عزب دسوقي‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪.1988 ،‬‬
‫ــ القبائل واۡلرياف المغربية في العصر الوسيط‪ ،‬محمد بن الحسن‪ ،‬أستاذ بالجامعة التونسية‪ ،‬دار الرياح اۡلربع للنشر‪ ،‬تونس‪.1986 ،‬‬
‫ــ القبائل والصراعات السياسية والقبلية‪-‬اإلمارات‪-‬قطر‪-‬البحرين‪-‬المنطقة الشرقية‪ ،‬في تقارير الضباط المعتمدين البريطانيين‪ ،‬القرنين الثامن عشر‬
‫والتاسع عشر‪ ،‬ماجد سبَّر‪[ ،‬مطبعة] الوراق‪.2010 ،‬‬
‫ــ القرآن الكريم‪.‬‬
‫ــ المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوي ونوازل وأحكام أهل غرب وجنوب الصحراء‪ ،‬المجلد اۡلول‪ ،‬مقدمات تمهيدية‪ ،‬يحيى ولد البراء‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫الشريف مالي الحسن بن المختار بن الحسن‪ ،‬الطبعة اۡلولى ‪1430‬هـ‪2009/‬م‪.‬‬
‫ــ المستفاد من مناقب العُبّاد بمدينة فاس وما يليها من البالد‪ ،‬القسم الثاني‪ :‬النص‪ ،‬أبو عبد هللا محمد بن عبد الكريم التميمي الفاسي (توفي سنة ‪603‬‬
‫أو ‪ 604‬هـ)‪ ،‬تحقيق د محمد الشريف‪ ،‬أستاذ بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪.‬‬
‫ــ المعسول‪ ،‬الجزء ‪ ،19‬محمد المختار السوسي‪ ،‬مطبعة النجاح‪ ،‬الدار البيضاء‪1383 ،‬هـ‪1963/‬م‪.‬‬
‫ــ المقاومة الصحراوية لإلستعمار اإلسباني—نموذج المجاهد محمد بن عبد هللا‪ ،‬عبد المولى بابي‪ ،‬مشروع نهاية الدراسة لنيل اإلجازة‪ ،‬إشراف‬
‫الدكتور عبد الحميد احساين‪ ،‬جامعة الحسن الثاني—المحمدية— الدار البيضاء‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬مسلك التاريخ والحضارة‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪2008/2007‬م‪1429/1428/‬هـ‪.‬‬
‫ــ الوجود الهاللي السليمي في الجزائر‪ ،‬عبد الحميد خالدي‪ ،‬دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫ــ بالد شنقيط‪ :‬المنارة والرباط‪ ،‬الخليل النحوي‪ ،‬المنظمة العربية للثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪.1987 ،‬‬
‫باب الخرشي؛ وكان قد تناول فيه بعض الجوانب الطبيعية والبشرية‬ ‫ــ بحث على شكل كتاب لم ي ْ‬
‫ُعنون بعدُ‪ ،‬أرسله لنا‪ ،‬مشكورا‪ ،‬اۡلستاذ أحمد َ‬
‫للصحراء الغربية‪.‬‬
‫ــ بوجدور وأحوازها من القرن التاسع عشر حتى مطلع القرن الحادي والعشرين‪ ،‬مقاربة سوسيو‪-‬تاريخية‪ "،‬عبد المولى بابي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الماستر‪ ،‬إشراف الدكتور خالد بن الصغير‪ ،‬جامعة الحسن الثاني—المحمدية—الدار البيضاء‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬ماستر المجال‬
‫الحضري في المغرب‪ :‬التاريخ والخصوصيات‪ ،‬السنة الجامعية ‪2010/2009‬م‪.‬‬
‫ــ "بوعزة"‪ ،‬عبد هللا العوينة‪ ،‬معلمة المغرب‪ ،‬الجزء ‪ ،6‬مطابع سال‪ ،‬الرباط‪.1992/1413 ،‬‬
‫ــ بيوتات فاس الكبرى‪ ،‬شارك في تأليفه اسماعيل ابن اۡلحمر‪ ،‬دار المنصور للطباعة والوراقة‪ ،‬الرباط‪.1972 ،‬‬
‫ي باب مخطوط‪ ،‬بحوزة المؤلف‪.‬‬ ‫ــ تاريخ إدوعيش‪ ،‬الشيخ سيد ّ‬
‫شرببه الكبرى بين أوالد الناصر ودولة ابدوكل اللمتونية"‪ ،‬الدكتور حماه هللا ولد‬ ‫ــ تاريخ بالد شنكيطي‪( ،‬موريتانيا) من العصور القديمة إلى حرب ِ ّ‬
‫السالم‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.2010 ،‬‬
‫ــ تاريخ موريتانيا القديم والوسيط‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬الحسين بن محنض‪2010 ،‬م‪.‬‬
‫ــ تقرير سري لدائرة اإلستخبارات البريطانية عن العشائر والسياسة يـبين اۡلحوال اإلجتماعية والسياسية للعشائر العراقية وعالقاتها باالدارة‬
‫البريطانية‪ ،‬نقله إلى العربية الدكتور عبد الجليل الطاهر‪ ،1958 ،‬مطبعة الزهراء‪ ،‬بغداد‪ ،‬شارع المتنبي‪.‬‬
‫ــ جذور وامتدادات الهوية واللغة واالصالح بالمغرب الوسيط‪ ،‬محمد القبلي‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة االولى‪.‬‬
‫ــ جزء أوالد تيدرارين‪ ،‬مرقون‪ ،‬حياة موريتانيا‪ ،‬المحتار بن حامد‪.‬‬
‫ــ ديوان حسان بن ثابت اۡلنصاري‪ ،‬حسان بن ثابت‪ ،‬شرحه وضبط نصوصه وقدم له الدكتور عمر فاروق الطبّاع‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار القلم للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪.1993 ،‬‬
‫ــ رئيسة رابطة الطريقة البوعزاوية عائشة البوعزاوي لـ"الفجر الثقافي"‪ :‬ثقافة التسامح الصوفية هي ربيع اۡلمة العربية‪ ،‬حاورتها‪ :‬هاجر قويدري‪،‬‬
‫الفجرــ يومية جزائرية مستقلة‪ 30 ،‬يناير ‪2012‬م‪،‬‬
‫ــ رجراجة رائدة الرباطات بالمغرب الوسيط‪ ،‬الحسين إسكان‪ ،‬مقال منشور في كتاب محمد االسعد‪ ،‬تايخ اقليم آسفي‪ :‬من الحقبة القديمة إلى الفترة‬
‫المعاصرة‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬منشورات مؤسسة دكالة‪-‬عبدة للثقافة والتنمية [تاريخ النشر؟]‪.‬‬
‫يعزى الراحل‪ ،‬محمد احداد االنفكي المجاطي السوسي‪ ،‬المطبعة الرئيسية‪2000 ،‬‬ ‫ــ رسالة المراحل في مناقب أبي ّ‬
‫ــ رسالة المصطفى بن والته‪ ،‬مخطوط بحوزة المؤلف‪ 1993 ،‬م‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ــ سلوة االنفاس ومحادثة االكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس‪ ،‬تأليف شيخ اإلسالم الشريف أبي عبد هللا محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني‬
‫الجزء اۡلول‪ ،‬تحقيق عبد هللا الكامل الكتاني‪ ،‬حمزة بن محمد الطيب الكتاني‪ ،‬محمد حمزة بن علي الكتاني‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪.2004 ،‬‬
‫ــ سنن إبن ماجه‪.‬‬
‫ــ صحراء الملثمين‪ :‬دراسة لتاريخ موريتانيا وتفاعلها مع محيطها اإلقليمي خالل العصر الوسيط من منتصف القرن ‪2‬هـ‪8/‬م الى نهاية القرن‬
‫‪5‬هـ‪11/‬م‪ ،‬الناني ولد الحسين‪ ،‬تقديم أ‪.‬د‪ .‬محمد حجي‪ ،‬دار المدار االسالمي‪ ،‬بيروت‪.2007 ،‬‬
‫ــ صحيح البخاري‪.‬‬
‫ــ فقه الجهاد‪ :‬دراسة مقارنة ۡلحكامه وفلسفته في ضوء القرآن والسنة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬اإلمام يوسف القرضاوي‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ .2009 ،‬لقد‬
‫اطلعنا أخيرا على الطبعة الثالثة لهذا الكتاب فوجدنا الئحة اۡلعالم فيها مختلفة كثيرا عن الئحة اۡلعالم التي نقلناها أساسا من الطبعة اۡلولى لهذا‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫ــ قبائل المغرب‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬عبد الوهاب بن منصور‪ ،‬جائزة المغرب ‪ ،1968‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط‪1388 ،‬هـ‪1968/‬م‪.‬‬
‫ــ قبائل دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ :‬عن أنسابها وفروعها وديارها وأعالمه ا‪ ،‬محمد سليمان الطيب‪ ،‬الدار الوطنية الجديدة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ال ُخبر‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪[ ،‬تاريخ النشر؟]‪.‬‬
‫ي‪ ،‬بوتِلميت‪ ،‬موريتانيا‪.‬‬
‫َّ‬ ‫سيد‬ ‫الشيخ‬ ‫أهل‬ ‫مكتبة‬ ‫هارون‪،‬‬ ‫بن‬ ‫باب‬ ‫بحوزة‬ ‫مخطوط‬ ‫ي‪،‬‬‫ــ كتاب اۡلخبار‪ ،‬هارون بن الشيخ سيد َّ‬
‫ــ كتاب اإلستقصا ۡلخبار دول المغرب اۡلقصى‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬أحمد بن خالد الناصري‪ ،‬تحقيق وتعليق اۡلستاذ أحمد‬
‫الناصري‪ ،‬أشرف على النشر محمد حجي‪ ،‬ابراهيم بوطالب‪ ،‬أحمد التوفيق‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واالتصال‪ ،‬الدار البيضاء‪.2001 ،‬‬
‫ــ كتاب التكملة في تاريخ إمارتي البراكنة والترارزة‪ ،‬محمد فال بن باب العلوي‪ ،‬تحقيق اۡلستاذ أحمد ولد الحسن‪ ،‬المؤسسة الوطنية للترجمة‬
‫والتحقيق والدراسات‪ ،‬بيت الحكمة‪[ ،‬تونس]‪.1986 ،‬‬
‫يعزى‪ ،‬أحمد التادلي الصومعي‪ ،‬تحقيق علي الجاوي‪ ،‬جامعة ابن زهر‪ ،‬منشورات كلية اآلداب والعلوم‬ ‫ــ كتاب المعزي في مناقب الشيخ أبي ّ‬
‫اإلنسانية‪ ،‬أكادير‪ ،‬سلسلة اۡلطروحات والسائل رقم ‪ ،6‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪.1996 ،‬‬
‫ــ كتاب جواهر المعاني وبلوغ اۡلماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني رضي هللا عنه‪ ،‬سيدي علي حرازم ابن العربي براد المغربي الفاسي‪،‬‬
‫الجزء االول والجزء الثاني‪ ،‬وبهامشه كت اب رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم‪ ،‬لسيدي عمر بن سعيد الفوتي الطوري الكدوي رحمه‬
‫هللا‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1981 ،‬ج ‪.1‬‬
‫ــ كتاب فتح الوهاب على الحسوة البيسانية في اۡلنساب الحسانية ومحمد صالح ولد عبد الوهاب‪ ،‬تحقيق وإشراف الزاوية العلمية والثقافية للعالمة "‬
‫محم صالح وعبد الوهاب‪ ،‬عن مكتب الزاوية الحسن ولد ابراهيم ولد صالح ولد الرشيد‪ ،‬حقق بتاريخ ‪ 1414‬هجرية – الموافق ‪ 1993‬م‪ ،‬الطبعة‬
‫اۡلولي‪ ،‬المطبعة الجديدة‪ ،‬انواكشوط‪.‬‬
‫ــ كتاب قبائل الصحراء المغربية—أصولها‪ ،‬جهادها‪ ،‬ثقافتها‪ ،‬الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين‪ ،‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط‪1419 ،‬هـ‪1998/‬م‪.‬‬
‫ــ لسان العرب‪ ،‬إبن المنظور اإلفريقي‪.‬‬
‫ــ مساهمة في تاريخ وادان‪ ،‬المصطفى بن أحمدان‪ ،‬رسالة لنيل شهادة اإلجازة الجامعية المتريز‪ ،‬المدرسة العليا للتعليم‪ ،‬نواكشوط‪ ،‬موريتانيا‪،‬‬
‫‪.1985-1984‬‬
‫ــ مسند أحمد‪.‬‬
‫ــ معجم العشائر العراقية‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬الشيخ ماجد ناصر الزبيدي‪ ،‬دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ 1426 ،‬هـ‪ 2005/‬م‪.‬‬
‫ــ معجم القبائل العربية (المتفقة اسما المختلفة نسبا أو ديارا) ‪ ،‬عاتق بن غيث البالدي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار النفائس‪.2002 ،‬‬
‫ــ مكتبات أوالد ح ّنين‪ ،‬بوجدور‪ ،‬الطنطان‪ ،‬تيورار‪ ،‬مراكش‪.‬‬
‫ي‪ ،‬بوتلميت‪.‬‬
‫ــ مكتبة أهل الشيخ سيد َّ‬
‫ــ مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفا‪ۡ ،‬لبي فارس عبد العزيز الفشتالي‪ ،‬دراسة وتحقيق الدكتور عبد الكريم كريم‪ ،‬استاذ التاريخ الحديث بكلية‬
‫اآلداب والعلوم االنسانية‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،]1972[ ،‬مطبوعات وزارة االوقاف والشؤون االسالمية والثقافية‪.‬‬
‫ــ موسوعة العشائر العراقية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ثامر عبد الحسن العامري‪ ،‬دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪ ،1992 ،‬الطبعة اۡلولي‪.‬‬
‫ــ نسب اۡلنصار اۡلوس والخزرج‪ ،‬أحمد الجدع‪ ،‬دار الضياء‪ ،‬عمان‪ ،‬اۡلردن‪.2001 ،‬‬
‫ــ وادي المخازن‪ :‬معركة الملوك الثالثة—القصر الكبير‪ ،‬شوقي أبو خليل‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.1988 ،‬‬
‫الوزان الفاسي المعروف بجان ليون اإلفريقي‪ ،‬ترجمه عن الفرنسية محمد حجي ومحمد اۡلخضر‬ ‫ــ وصف إفريقيا‪ ،‬الجزء اۡلول‪ ،‬الحسن بن محمد َّ‬
‫من جامعة السّربون بباريس‪ ،‬منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر‪ ،‬الرباط‪ 1980 ،‬م‪ 1400 ،‬هـ‪.‬‬

‫المصادر والمراجع األخرى‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪Algo sobre Río de Oro, Angel Domenech Lafuente, Teniente coronel de infanteria, jefe de la seccion de‬‬
‫‪politica del gobierno politico military de los territories de ifni sahara, Madrid , 1946.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Arabes, Berberes, Bavur: Lutte s de classement et identities ‘ethniques’ au sahara, Pierre Bonte, In‬‬
‫‪Pratiques et Strategies Identitaires au Sahara, 24-27 Fevrier 1999, Rabat, Publications de l’Institut des‬‬
‫‪Etudes Africaines, Universite mohammed V, 2001, Serie: Colloques et Séminaires (5), pp. 53-84.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Athropology, Dr. Paul Topinard, London, Chapman and Hall, 1878, pages 461-465.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪A Travers les Oasis Sahariennes—Les Spahis Sahariens, Guillaume de Champeaux, Paris: Chapelot et Cie,‬‬
‫‪Editeurs, 1902? Page 25-26.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Brands Used by the Chief Camel-Owning Tribes of Kordofan: A Supplement to The Tribes of Northern‬‬
‫‪and Central Kordofan, H. A. MacMichael, Cambridge at the University Press, 1913.‬‬

‫‪60‬‬
 Chroniques de la Mauritanie sénégalaise. Nacer Eddine. Texte arabe, traduction et notice. Ismail Hamid,
ed. and tr., Paris: E. Leroux, 1911.
 Cinq mois chez les maures nomades du Sahara occidental, M. Camille Douls, Le Tour Du Monde, 1887,
pages 177-224, pages 210-211.
 Contribución al estudio del censo de población del Sahara español, Miguel Molina Campuzano, Madrid
Consejo Superior de Investigaciones Científicas, Instituto de Estudios Africanos, 1954, page 59.
 D'une rive à l'autre du Sahara, Cortier, Maurice Adrien, 1879-1914, E. Larose, Paris, 1908, page 56.
 El Sahara y el hamitismo norteafricano, Juan Bautista Vilar, estudios antropo-histo´ricos saha´rico-
magrebies, Madrid: Consejo Superior de Investigaciones Cientificas, 1969.
 Estudios saharianos, Julio Caro Baroja, Madrid: Ediciones Júcar, 1990, 1955, pages 135-137.
 Études, Notes et Documents sur le Sahara Occidental, presents au VIIème Congrès de l’Institut des Hautes-
Etudes Marocaines, Rabat, 30 Mai 1930, Librairies E. Larose, Paris, 1930.
 Étude sur l’Islam et les Tribus du Soudan, Tome Premier, Les Kounta de l’East, Les Berabich, les Iguellad,
Paul Marty, Paris: Éditions Ernest Leroux, 1920.
 Fawaid al Jamma Bi Isnadi ‘ouloum Al Oumma, Abouzid Sidi Abderrahman Ben Mohammed Le Jazouli,
Le Tamanarti, Le Maghafri, Texte arabe du xvii siècle, traduit par Le Colonel Justinard, Chartres [France],
Duran Editeur, 1953.
 Global Restructuring and Peripheral States: The Carrot and the Stick in Mauritania, Mohameden Ould-
Mey, Lanham, MD: Littlefield Adams Books, 1996, page 97
 Histoire de l’établissement des Arabes dans l’Afrique septentrionale, E. Mercier, Constantine: imprimerie
de la Marle, 1875.
 Las Tribus Del Sahara, Jose Enrique Alonso Del Barrio, con la collaboracion de Fernado Jorde Urrutia [ y]
Andres Izquierdo Benitez, Servicio de Publicaciones del Gobierno General de Sahara, 1973.
 Le conflit du Sahara Occidental, Maurice Barbier, Editions L’Harmattan, Paris, 1982, page 17, Table 2.
 Le Maroc Saharien du XVIe Siècle à 1670, Volume 2, D. Jacques-Meunié, Librairie Klincksieck, 1982,
pages 719-720.
 Le Passé Maghrebin de la Mauritanie, Odette du Puigaudeau, Rabat: Ministère d’Etat chargé des Affaires
Islamiques, 1962.
 Les Oasis Sahariennes—Gourara, Touat, Tidikelt, A. G. P. [Alfred-Georges-Paul] Martin, Paris Augustin
Challamel, Editeur, Tome I, 1908.
 Les Rgaybat, territoire et Société (1610-1934), Tome I, Sophie Caratini, Paris, Éditions L’Harmattan, 1989,
page 44 and note 20 on page 58).
 Les Tekna du Sud Marocain: Etude géographique, historique et sociologique, F. de la Chapelle, Paris:
Publications du Comité de l’Afrique Francaise, 1934.
 Les tribus nomades de l'Ouest et du Nord mauritanien, du Sahara espagnol et du Sud marocain: (confins
algéro-marocains), Henri Martin, Paris: CHEAM, 1939.
 Manuscrits du Sahara et du Sahel Ignorés ou en Péril de Disparition, Attilio Gaudio, In Les Bibliothèques
du Désert: Recherches et études sur un millénaire d’écrits, Actes des Colloques du CIRSS (1995-2000),
réunis et presentés par Attilio Gaudio, Institut International d’Antropolgie, Paris, 2002, pages 9-19, pages
11, 13.
 Marrakech des Origines à 1912, Volume 1, Gaston Deverdun, Rabat: Editions Techniques Nord-Africaines,
1959, page 271, 576.
 Mauritania between the Hammer of Economic Globalization and the Anvil of Multiparty Factionalism,
Mohameden Ould-Mey, In Yahia Zoubir and Haizam Amirah-Fernández, eds., North Africa: Politics,
Region, and the Limits of Transformation, London: Routledge, 2008, pp. 71-89.
 Numéro spécial publié à l'occasion du troisième centenaire de l'accession au trône de Moulay Ismaël,
Rabat, Éditions techniques nord-africaines, Hespéris-Tamuda, Supplément 1962.
 Ouadane: sa fondation, ses fondateurs et leurs mouvements migratoires, Mohamed Lemine Ould El Kettab,
Nouakchott, 2003.
 Quatre siècles d'histoire marocaine, au Sahara de 1504 à 1902, au Maroc de 1894 à 1912, d'après archives
et documentations indigènes, A. G. P. (Alfred Georges Paul) Martin (b. 1863), Paris : F. Alcan, 1923.
 Recherches sur l’origine des marques de tribus (Feux), E. Paris, Bulletin de l’IFAN 15(4):1621-1632, 1953.
 Spanish Sahara, John Mercer, London: George Allen & Unwin Ltd, 1976.

61
 The Banu Sulaym: A Contribution to the Study of early Islam, Michael Lecker, Institute of Asian and
African Studies, The Hebrew University of Jerusalem, 1989.
 The Way of Abu Madyan: Doctrinal and Poetic Works of Abu Madyan Shuayb ibn al-Husayn al-Ansari c.
509/115-116—594/1198, edited and translated with introduction and notes by Vincent J. Cornell, The
Islamic Texts Society, Golden Palm Series, 1996.
 Tribes of the Sahara, Lloyd Cabot Briggs, Cambridge: Harvard University Press, 1960.
 Un saint berbère: Moulay ben Azza, histoire et légende, Victor Loubignac, Hespéris: archives berbères et
bulletin de l'Institut des hautes-études marocaines 31, 1944, pp. 15-34.
 Vie de Moulay Isma`ïl, roi de Fès et de Maroc d’après Joshep de León 1708-1728, Chantal de La Véronne,
Paris: Librairies orientaliste Paul Geuthner, 1974, pp. 19-22.
 Vocabulario Geografico-Saharico, Ismael Carnero Ruiz, Consejo superior de investigaciones cientificas,
Instituto de estudios africanos, Madrid, 1955.
 Western Sahara: the Roots of a Desert War, Westport, Tony Hodges, Connecticut: Lawrence Hill &
Company, 1983.

62

You might also like