You are on page 1of 93

‫املوضوع‪:‬‬

‫‪2018‬‬ ‫‪2017‬‬
‫صحبه هه‪.‬‬ ‫هه‬ ‫ه‬
‫صلحى للا حو حسلحم حعلحى نحبهي نحا م حمد‪ ،‬حو حعلحى آله حو ح‬
‫الحمد لل‪ ،‬حو ح‬
‫ﳋﳍﳎﳏﳐﳑﱠ [هود‪]88 :‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﳈﳉﳊ ﳌ‬
‫‪1‬‬

‫‪‬‬
‫تسعى خمتلف الدول إىل حتقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وإىل مواجهة احلاجات املتباينة والكثرية‪ ،‬خاصة ما‬
‫تعلق منها بتوفري حاجات األفراد واملتعلقة باملرافق العامة من تعليم وصحة وأمن ودفاع‪ ،‬إضافة إىل إجناز خمتلف املنشآت‬
‫األساسية والقاعدية اليت تزيد من تطور وازدهار البلد‪.‬‬
‫ومن أجل حتقيق ذلك والوصول إىل األهداف املرجوة تقوم الدول باعتماد موازنة عامة؛ وبالتالي العمل على البحث‬
‫وتأمني خمتلف مصادر اإليرادات لتمويلها‪ ،‬ثم إعادة توجيها يف شكل إنفاق عام لتحقيق االستقرار والتوازن االقتصادي‬
‫واالجتماعي للمجتمع‪.‬‬
‫وتعترب املالية العامة املرآة العاكسة حلالة االقتصاد وظروفه جلميع الدول خالل فرتة زمنية معينة‪ ،‬ويالحظ ذلك من‬
‫خالل ما ميكن أن تلعبه اإليرادات والنفقات باعتبارها أحد موضوعات املالية العامة من دور وتأثري على النشاط االقتصادي‬
‫واالجتماعي للمجتمع‪.‬‬
‫وإذا كان للمالية العامة هذه األهمية والتأثري‪ ،‬فالتساؤل الذي حيضر هنا حول املوضوع الذي تعاجله املالية العامة‪،‬‬
‫واملقصود منها‪ ،‬ومكانها يف نطاق العلوم االجتماعية األخرى‪.‬‬
‫ومن هنا ترتكز هذه املطبوعة على دراسة املالية العامة من خالل الرتكيز على‪:‬‬
‫‪-‬دراسة النفقات العامة اليت تقوم بها الدولة قصد اشباع احلاجات العامة‪ ،‬وبيان تقسيماتها وآثارها االقتصادية واالجتماعية‬
‫النامجة عن القيام باإلنفاق العام‪ ،‬باإلضافة إىل ظاهرة تزايد النفقات العامة‪.‬‬
‫‪-‬دراسة االيرادات العامة السيما يف العصر احلديث اليت تتسم باتساع نطاقها‪ ،‬حيث مل يعد دورها يقتصر على متويل النفقات‬
‫العامة بل أصبح أداة للتوجيه االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وتوجيه االستثمارات وحماربة التضخم وإعادة توزيع الدخل الوطين‪.‬‬
‫‪-‬دراسة األداة اليت تستخدم يف تنفيذ السياسة العامة للدولة عن طريق التنسيق بني النفقات واإليرادات العامة بغرض حتقيق‬
‫التوازن االقتصادي واالجتماعي وحتقيق أهداف اجملتمع؛ وهذا من خالل املوازنة العامة‪.‬‬
‫وعليه فإن حماور هذه املطبوعة تتكون من‪:‬‬
‫‪ -‬الفصل التمهيدي‪ :‬مدخل إىل علم املالية العامة‪،‬‬
‫‪ -‬الفصل األول‪ :‬يتناول النفقات العامة‪،‬‬
‫‪ -‬الفصل الثاني‪ :‬يتناول االيرادات العامة‪،‬‬
‫‪ -‬الفصل الثالث‪ :‬يعاجل املوازنة العامة للدولة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪2‬‬

‫الفصل التمهيدي‬
‫مدخل إىل علم املالية العامة‬

‫متهيد‪:‬‬
‫تتعدد احلاجات والرغبات اليت يسعى كل فرد يف اجملتمع إلشباعها مستغال كل الوسائل املتاحة؛ فإذا تعلقت هذه‬
‫احلاجات بالفرد نفسه مسيت حاجات خاصة‪ ،‬وإذا كانت متعلقة باجملتمع ككل مسيت باحلاجات العامة‪ .‬هذه األخرية تعد‬
‫عملية إشباعها من وظائف الدولة‪ ،‬من خالل امليزانية العامة؛ وهي بذلك تهدف إىل حتقيق أهداف الدولة من خالل القيام‬
‫بوظائف ها العامة وحتقيق مصاحل اجملتمع مستخدمة يف ذلك إيراداتها ونفقاتها العامة كوسائل وأدوات لتحقيق تلك األهداف‪.‬‬
‫متثل احلاجات العامة اليت يتطلب من الدولة إشباعها حمور النشاط املالي واالقتصادي للدولة‪ ،‬عن طريق قيام الدولة‬
‫بالنفقات العامة‪ ،‬مما يستدعي حصول الدولة على إيرادات عامة كافية لتغطية هذه النفقات‪.‬‬
‫وعلى ذلك ينبغي للدولة أن تضع برناجمًا حمددًا يف وثيقة اصطلح على تسميتها امليزانية العامة أو املوازنة العامة‪ ،‬تتضمن‬
‫تقدير تفصيلي إليرادات ونفقات الدولة لفرتة مقبلة‪ ،‬وهي عادة سنة‪.‬‬
‫كما تلعب الد ولة يف أي جمتمع حديث دور املنظم مهما اختلفت درجة التقدم والشكل واهلدف؛ وحتى يتحدد دور‬
‫الدولة يف النشاط االقتصادي البد من وجود سياسة مالية حتدد الدولة من خالهلا أطر عالقتها مع باقي السياسات االقتصادية‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬تتحقق األهداف املرغوبة واملطلوبة واملتفق عليها‪.‬‬
‫وعليه ميكن ختصيص الفصل التمهيدي لدراسة تطور مفهوم املالية العامة‪ ،‬أهمية املالية العامة‪ ،‬وعالقة املالية العامة‬
‫بالعلوم األخرى؛ باعتبارها مواضيع أساسية لعلم املالية العامة‪ .‬كاآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مراحل تطور مفهوم املالية العامة‪،‬‬
‫ثانيًا‪ :‬ماهية املالية العامة‪،‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أوجه التشابه واالختالف بني املالية العامة واخلاصة‪،‬‬
‫وعالقة املالية العامة بالعلوم األخرى‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪3‬‬

‫املبحث األول‪ :‬مراحل تطور مفهوم املالية العامة‬


‫ارتبط تطور مفهوم املالية العامة بظهور وتطور احلضارات واجملتمعات‪ ،‬كما تطورت أهميتها وأهدافها كأحد فروع‬
‫علم االقتصاد تبعًا للتغريات والتطورات االقتصادية واالجتماعية والسياسية اليت تشهدها اجملتمعات والدول‪ ،‬ومبا يتناسب‬
‫واقتصاديات الدولة احلديثة‪.‬‬
‫وميكن توضيح ذلك كاآلتي‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تطور املالية العامة عرب العصور‬
‫نشأت يف هذه الفرتة أنظمة مالية تُسري اإليرادات والنفقات‪ ،‬وتتسم حباجتها للمال للمحافظة على األمن الداخلي‬
‫واالستقرار السياسي‪ ،‬واحلاجة لبناء القالع واحلصون للحماية من العدوان اخلارجي‪.‬‬
‫‪ -1‬خصائص املالية العامة يف العصور الوسطى (األوروبية)‪ :‬ومن خصائص هذه الفرتة ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬كانت سلطة احلاكم يف تلك الفرتة مطلقة وال تفرق بني حاجاته الفردية وحاجات احلكم‪ ،‬وكانت النفقات ال تنفق إال‬
‫لصاحل احلاكم اخلاصة‪،‬‬
‫‪ -‬وعليه مت صياغة أنظمة مالية توفر مصادر اإليرادات وأوجه إنفاقها عن طريق تعليمات وأوامر من احلاكم‪ .‬واليت كانت‬
‫ال تكفي لتلبية حاجاته املتزايدة وللتجهيز اجليش للحروب وقمع الثورات الداخلية‪.‬‬
‫ظهر النظام االقطاعي يف العصور الوسطى (القرن اخلامس)‪ ،‬حيث كانت العالقات االجتماعية واالقتصادية واملالية‬
‫تقوم على أساس التقسيم الطبقي؛ طبقة السادة االقطاعيني وطبقة أصحاب األراضي والفالحني‪ .‬حيث يقوم االقطاعي بتأجري‬
‫األراضي للفالح مقابل ريع عيين أو نقدي‪ ،‬فظهر ما يطلق عليه بالدومني ؛ والذي أوجد سادة مالكني ألراضي من االقطاعني‬
‫كان له أثر يف بداية سياسة إنتاجية ومالية واجتماعية جديدة‪.‬‬
‫وميكن تلخيص أهم مصادر الرئيسية لإليرادات والنفقات هلذه الفرتة كاآلتي‪:‬‬
‫أوجه االنفاق‬ ‫مصادر االيرادات‬
‫‪ -‬االنفاق على حاجات االقطاعيني‬ ‫‪ -‬الدومني‪،‬‬
‫والسادة فقط يف مجيع حاجاتهم‪،‬‬ ‫‪ -‬ضرائب مفروضة على الفالحني يف الدومني مقابل توفري احلماية هلم‪ ،‬جتبى بشكل نقدي أو عيين‪،‬‬
‫‪ -‬االنفاق من أجل احملافظة على األمن‬ ‫واملسؤولية يف جبايتها تضامنية حبيث يساهم من يسكن إقليم أو مقاطعة يف دفع الضريبة‪.‬‬
‫الداخلي وصد الثورات‪،‬‬ ‫‪ -‬ضرائب مفروضة على السادة مقابل منحهم احلق يف استغالل املناجم‪ ،‬الصيد واستغالل الغابات‪،‬‬
‫‪-‬االنفاق على جتهيز اجليش وبناء‬ ‫‪ -‬فرض ضرائب على من يريد مزاولة نشاط‪ ،‬باإلضافة إىل رسوم الزواج‪ ،‬األطفال ورسوم مرور السلع‬
‫القالع واحلصون‪.‬‬ ‫واألفراد عرب االقطاعية‪،‬‬
‫‪ -‬أعمال السخرة‪ ،‬ويقصد األعمال غري املأجورة‪ ،‬حيث يتم ختصيص عدد من األيام يف األسبوع للعمل‬
‫لدى احلاكم دون مقابل‪.‬‬
‫‪ -2‬خصائص املالية العامة يف العصر احلديث‬
‫بعد التطور الذي عرفته اجملتمعات وبداية تشكيل األنظمة والدول‪ ،‬ظهرت خصائص جديدة ميزت اجلانب االقتصادي‬
‫واملالي واالجتماعي والسياسي احلديث‪ ،‬واليت نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬حل حمل ملكية االقطاع امللكية اخلاصة‪،‬‬
‫‪ -‬تعددت موارد الدولة؛ فأصبح هلا حق احتكار إصدار النقود وفرض الضرائب واحلصول على القروض‪،‬‬
‫‪ -‬ازدياد حاجات الدولة اليت جيب االنفاق عليها وارتباطها بعدة أهداف (اقتصادية‪ ،‬مالية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬سياسية‪.)... ،‬‬

‫‪ 1‬العصور الوسطى هي فرتة تارخيية متتد من القرن اخلامس إىل القرن اخلامس عشر امليالدي‪ ،‬حيث أصيبت حضارة أوروبا باالحنطاط‪ ،‬وساد فيها التخلف والرجعية والظلم‬
‫يف أوربا (تسمى أيضًا بالعصور املظلمة)؛ لكنها متثل التطور العلمي والثقايف والعدل يف العامل اإلسالمي‪ .‬بدأت يف أعقاب سقوط اإلمرباطورية الرومانية يف عام ‪476‬م‬
‫وامتدت حتى العصر احلديث املبكر ‪1517‬م‪ .‬كان اإلقطاع هو النظام السائد‪ ،‬حيث كان اإلقطاعي هو السيد املطاع ميتلك القلعة واألرض واملزارع واملراعي والناس‬
‫الذين يعيشون على أرضه كذلك‪ .‬بعدها أدّى التَطوّر التِقَين والثقايف بعد الثورة الصناعية إىل إعادة تشكيل املُجتَمع األوروبي‪ ،‬مما أسدَل السِتَارَ عن العصور الوسطى‬
‫معلنةً بذلك بداية العصر احلديث‪.‬‬
‫‪ 2‬الدومني عبارة قطعة من األرض خيصصها السيد لنفسه من أرض الضيعة‪ ،‬وتزرع بواسطة فالحون أحرار وعبيد على أن تعود الغلة للسيد‪.‬‬
‫‪ 3‬طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬دار صفاء‪ ،‬عمان‪1430 ،‬هـ‪2009/‬م‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.17 -14‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪4‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬تأثري النظام االقتصادي على مفهوم املالية العامة‬


‫للنظام االقتصادي ارتباط وثيق باملالية العامة‪ ،‬ويؤثر كالهما على اآلخر سلبًا وإجيابًا‪ .‬وعليه ميكن ذكر مفهوم‬
‫املالية العامة حسب كل نظام من األنظمة االقتصادية يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬املالية العامة يف اإلسالم‬
‫يعترب حفظ املال مقصدًا من مقاصد الشريعة اإلسالمية اخلمس‪ ،‬وله عدة وظائف اجتماعية واقتصادية‪ ،‬كما يعترب‬
‫وسيلة ال غاية لذلك وضع له اإلسالم ضوابط لكسبه وإنفاقه‪ .‬فأهمية املال يف اإلسالم ليست يف كنزه؛ ولكن تكمن يف‬
‫إنفاقه‪ ،‬وجعله متداوالً بني النّاس لينتفعوا به‪ ،‬ويصل لآلخرين من هلم حق فيه وال يضيق على أفراد اجملتمع باملفهوم االقتصادي‪.‬‬
‫ويعد بيت املال منذ صدر اإلسالم مؤسسة مالية ومصرفية يف آن واحد‪ ،‬إضافة إىل اهتمام فقهاء املسلمني بدراسة‬
‫إيرادات ونفقات بيت املال‪ ،‬كاخلمس واجلزية والزكاة‪ ،‬وأدوات معامالته املالية غري النقود كالسفتجة‪ ،‬والصك وتنظيمها‬
‫مبا يكفل حتقيقه ألهداف التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫ويتبني أن اإلسالم يعمل على أن تكون التنمية االقتصادية على اختالفها تتفق مجيعها على االستفادة من املوارد بأقصى‬
‫درجة مم كنة‪ ،‬شاملة بذلك كل األبعاد الروحية واخللقية واالجتماعية للفرد واجملتمع‪ ،‬مما يؤدي إىل حتقيق أقصى رفاهية‬
‫اقتصادية واجتماعية ممكنة‪ ،‬وبالتالي املنفعة القصوى لألفراد يف الدنيا واآلخرة يف حدود املمكن شرعًا‪.‬‬
‫وقد بني اإلسالم الطرق املشروعة لكيفية حصول الفرد على األموال كي يليب حاجاته وحاجات من هم حوله‪ .‬كما‬
‫يعترب بيت املال املكان الذي تُصب فيه مجيع موارد الدولة اإلسالمية إلنفاقها فيما ينفع اجملتمع وللتعمري وحتقيق التنمية‬
‫االقتصادية الشاملة‪ .‬وقد أنشأ بيت املال بعد هرجة الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومت تثبيت ركائز عمله يف زمن اخلليفة عمر‬
‫بن اخلطاب رضي اهلل عنه بعد اتساع رقعة البالد اإلسالمية وزيادة الفتوحات وكثرة أموال الدولة‪.‬‬
‫ونظرًا التساع موضوع النظام املالي يف اإلسالم‪ ،‬نذكر أهم مصادر متويل اإليرادات باإلضافة إىل أوجه االنفاق املختلفة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬مصادر متويل اإليرادات يف النظام املالي اإلسالمي‬
‫ينطلق توفري املال من مفاهيم ومعايري تكليفية إهلية شرعية‪ ،‬قبل أن تكون وضعية تستند على الرمحة والرأفة دون‬
‫تعسف أو ظلم يف اجلباية أو احلرج يف التكليف يف إطار جمموعة من الضوابط واألحكام‪ .‬وهذا من خالل حصائل متويلية‬
‫غنية يف مواردها قوية يف مصدرها ومستقرة يف ينابيعها‪ ،‬نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬الزكاة‪ :‬هي فريضة وأحد أركان االسالم اخلمسة‪ ،‬وتعترب أحد أهم الدعائم األساسية يف النظام االقتصادي اإلسالمي‪،‬‬
‫وهي فريضة مالية دورية تَجِبُ بشروطها يف مال االنسان املسلم؛ فضالً عن كونها فريضة تعبدية‪ .‬وللزكاة أثر كبري يف‬
‫االقتصاد وتدعو إىل تداول املال وعدم اكتنازه‪ ،‬وهي أداة مالية مساعدة تساهم يف االستقرار النقدي واالقتصادي‪.‬‬
‫ويتوقف ذلك على طرق إعمال هذه األداة املالية أثناء حتصيل اإليرادات من األوعية الزكوية املتنوعة‪ ،‬سواء كانت‬
‫أصوالً رأمسالية أو دخوالً متنوعة متولدة من استغالل هذه األموال‪ ،‬وبالتالي تنمو حصيلة الزكاة بتطور النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫وطريقة التحكم يف مجع وحتصيل وإنفاق الزكاة‪ ،‬له تأثريات إجيابية يف حتقيق االستقرار النقدي الذي يتناسب وطبيعة‬
‫األوضاع االقتصادية السائدة‪ .‬ويف م رحلة االنفاق والتوزيع هلا أهميتها يف املساعدة على التخفيف من حدة االضطرابات النقدية‪.‬‬

‫‪ 1‬اعتمد يف متويل بيت املال على موارد أهمها‪ :‬الزكاة‪ ،‬والغنائم‪ ،‬واخلراج‪ ،‬واجلزية‪ ،‬والعشور‪ .‬غري أنه‪ ،‬حاليًا مل يعد هلا وج ود ويتم االعتماد على الضرائب والرسوم‪ .‬فبعد‬
‫تعرض بيوت أموال املسلمني لظروف طارئة وتكون إيرادات الدولة غري كافية جعلت احلكام يلجئون إىل فرض تلك الضرائب لتجهيز اجليوش أو ملصلحة الدولة عامة‪.‬‬
‫وهذا ما جعل الفقهاء املسلمني ينظرون إىل اجلواز أو عدمه من زاوية الظرو ف الطارئة وكفاية الزكاة يف تغطية هذه النفقات املستجدة حتى مسوها النوائب‪ ،‬أو هل‬
‫فرض هذه الضرائب هو من باب التسلط على أموال الناس من غري وجه حق حتى مساها بعض الفقهاء إتاوات أو ج بايات‪ ،‬وعدوها نوعا من الظلم على وجه القهر والغلبة‪.‬‬
‫و مفهوم الضريبة من وجهة نظر فقهاء الشريعة اإلسالمية هي اقتطاعات مالية تفرضها الدولة يف أموال املمولني‪ -‬املوسرين واألغنياء ‪ -‬من أفراد األمة فوق الزكاة لضرورة‬
‫طارئة مستندة يف ذلك إىل قواعد الشريعة العامة‪ ،‬دون أن يقابل ذلك نفع معني للممول‪ ،‬تستخدمه الدولة يف تغطية النفقات العامة للمواطنني‪ .‬ومتتاز هذه الضرائب بأنها مؤقتة‬
‫بالظروف اليت فرضت من أجلها‪ ،‬وليست تشريعًا دائمًا أصيالً بل هي استثنائية تنتهي بانتهاء الظروف اليت استوجبتها‪ .‬وكونها موقتة بوقت أو ظرف معني تنتهي بانتهائه فهذا‬
‫أهم فرق بني الضريبة عند االقتصاديني والضريبة عند الفقهاء اجمليزين‪.‬‬
‫‪ 2‬طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.103 ،102‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪5‬‬

‫وتأتي أهمية الزكاة باعتبارها أد اة لتوفري السيولة الالزمة لتمويل التنمية؛ فمن جانب الكفاءة التحصيلية متثل وفرة‬
‫احلصيلة مصدراً مهماً للتمويل‪ ،‬وكذا مصدر متويلي دائم ومتجدد ملستحقيها‪ ،‬تتمثل يف استثمار جزء من حصيلتها يف‬
‫مشروعات إنتاجية‪ .‬فكلما كان التحكم يف الزكاة جباية وتوزيعاً؛ كلما كان األثر واضحاً وفعّاالً وذي أثر إجيابي يف‬
‫املتغريات االقتصادية الكلية‪.‬‬
‫‪ -2‬اخلراج‪ :‬ويفرض على األراضي اليت فتحها املسلمون‪.‬‬
‫‪ -3‬عشور التجارة‪ :‬وهي ضرائب عل ى جتارة املسلمني وأهل الذمة وعلى أهل احلرب إذا مروا بتجاراتهم يف أرض املسلمني‪،‬‬
‫وذلك مقابل محاية الدولة اإلسالمية للتجار وجتاراتهم‪ .‬وهي على املسلمني زكاة‪ ،‬وعلى أهل الذمة يف جتارتهم نصف‬
‫العشر من قيمتها من احلول إىل احلول‪ ،‬وأما احملارب فعليه العشر الكامل‪.‬‬
‫‪ -4‬اجلزية‪ :‬وهي مبلغ من املال تفرض على رؤوس أهل الذمة الذين دخلوا حدود بالد املسلمني‪ .‬وال يوجد مقدار حمدد هلا‪ ،‬فقد‬
‫يزيد أو ينقص حسب األوضاع اليت يقدرها خليفة املسلمني‪.‬‬
‫‪ -5‬مخس الغنائم ‪ :‬اليت يتحصل عليها املسلمني من الغنائم يف احلروب والفتوحات؛ وهي هلل ولرسوله ولذوي القربى واليتامى‬
‫واملساكني وابن السبيل‪ ،‬وأربع أمخاس الغنائم الباقية للمقاتلني يف سبيل اهلل الذين حصلوا عليها‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أوجه االنفاق العام يف النظام املالي اإلسالمي‬
‫ينفق املال يف اإلسالم على عدة أوجه‪ ،‬ولكل إنفاق وجه يصرف فيه‪ ،‬وهذا ما مييز اإلسالم عن غريه من النظم حيث حيدد‬
‫اإلسالم أوجه االنفاق قبل أن يرد إليه املال املراد إنفاقه‬
‫ﱡﭐﲑ ﲒ ﲓ ﲔ‬ ‫االنفاق على من هلم حق يف الزكاة اليت فرضها اهلل سبحانه وتعاىل ملستحقيها بقوله ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﲠﱠ [التوبة‪.]60 ،‬‬
‫ﲡ‬ ‫ﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟ‬

‫‪ -‬االنفاق على مرافق الدولة وأمنها‪،‬‬


‫‪ -‬االنفاق خلدمة املصاحل العامة‪،‬‬
‫‪ -‬االنفاق على التنمية والتطوير‪ ،‬واالستثمار يف الصناعة أو التجارة والزراعة وغريها‪،‬‬
‫‪ -‬االنفاق كصدقة ملن هو حباجة إليها من الفقراء واملساكني وابن السبيل ‪....‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬املالية العامة يف النظام الرأمسالي‬
‫متيزت املالية العامة يف هذا النظام مبرحلتني أساسيتني نوجزهما كاآلتي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬مرحلة االقتصاد احلر (مالية الدولة احملايدة)‬
‫ويطلق على هذه املرحلة مفهوم الدولة احلارسة؛ ولقد ساد هذا املفهوم للمالية العامة احملايدة يف القرن السابع عشر‬
‫والثامن عشرن عندما سادت أفكار النظرية الكالسيكية اليت كانت تقوم على أساس ترك النشاط االقتصادي لألفراد‬
‫دون تدخل الدولة‪ .‬مبعنى أنه مل يكن للدولة دور يذكر يف النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫وتقوم الفكرة الرئيسية هلذه املرحلة على إعطاء األفراد الطبيعيني واالعتباريني احلرية يف ممارسة أي نشاط اقتصادي‪،‬‬
‫ويبقى احلافز الوحيد هو حتقيق الرب ح‪ .‬وبهذا يقتصر تدخل الدولة يف احلياة االقتصادية واالجتماعية على الوظائف الرئيسية‬
‫الالزمة من خالل احمل افظة على األمن الداخلي واخلارجي وبناء املرافق العامة اليت حيجم القطاع اخلاص عن القيام بها‪.‬‬
‫وعلى أساس هذه املبادئ قامت املالية العامة يف هذه املرحلة؛ حيث أن التوازن حيدث تلقائيًا عند مستوى التشغيل‬
‫الكامل ملوارد اجملتمع ا إلنتاجية‪ .‬وكان توازن امليزانية غاية أساسية واقتصرت النفقات على احلاجات العامة األساسية ومتثل‬
‫نسبة ضئيلة من الدخل الوطين‪ ،‬ومعظم الضرائب ناجتة عن الضرائب‪.‬‬

‫نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪1‬‬

‫وجّه االقتصاديون التقليديون جانبا من اهتماماتهم حنو دراسة موضوع املالية العامة‪ ،‬متأثرين بفلسفة احلرية االقتصادية اليت حتد من تدخل الدولة يف احلياة االقتصادية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫وجيب أن يقتصر دورها على احلفاظ على األمن والعدالة بالدرجة األوىل؛ فهي كما شبهها آدم مسيث "رجل احلراسة الليلي"‪ .‬وكنتيجة منطقية تعكس فلسفة املذهب‬
‫التقليدي القائم على قانون ساي لألسواق (العرض خيلق الطلب املساوي له)‪ ،‬ومدلول اليد اخلفية آلدم مسيث وبيئة تسود فيها مقومات احلرية االقتصادية واملنافسة التامة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪6‬‬

‫ثانيًا‪ :‬مرحلة التدخل (مالية الدولة املتدخلة)‬


‫عرف النظام الرأمسالي أزمات اقتصادية عجزت املالية احملايدة من حلها خاصة أزمة الكساد العاملي ‪1929‬م‪ ،‬ما أدى‬
‫إىل ضرورة التخلي عن مفهوم املالية احملايدة‪ ،‬وانتشر بدال عنها مفهوم املالية العامة املتدخلة (الدولة املتدخلة)‪ .‬حيث بينت‬
‫النظرية الكينزية بضرورة تد خل الدولة يف النشاط االقتصادي وإقامة بعض املشروعات اليت حترك النشاط االقتصادي من‬
‫الركود ا القتصادي الذي قد حيدث يف أوقات معينة‪ ،‬وذلك عن طريق االنفاق العام باعتباره احملرك للنشاط االقتصادي‪.‬‬
‫وهنا جند أن دور الدولة قد ازداد بشكل كبري‪ ،‬وأصبحت مالية الدولة ذات وزن كبري‪ .‬ودورها يتعدى األمن والدفاع‬
‫حيث مشل تقديم اخلدمات العامة كالتعليم والصحة‪ ،‬ومنح م ساعدات مالية‪ ،‬باإلضافة إىل استغالل املوارد وإنشاء املشاريع‬
‫اإلنتاجية لزيادة ثروة اجملتمع‪ ،‬و احلصول على القروض باإلضافة إىل الضرائب والرسوم والغرامات ومتلك عناصر اإلنتاج‪.‬‬
‫وميكن إبراز أهم املبادئ واالختالفات لكل من املالية العامة احملايدة واملتدخلة من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫مفهوم املالية العامة عند الدولة احلديثة املتدخلة‬ ‫مفهوم املالية العامة عند الدولة التقليدية احلارسة‬
‫للدولة دور متزايد يف النشاط االقتصادي واالجتماعي باإلضافة إىل الوظائف التقليدية للدولة‪.‬‬ ‫تقتصر مهامها على الوظائف اإلدارية وتوفري األمن والعدالة‬
‫كما تعمل على حتقيق التوازن االقتصادي واالجتماعي عن طريق تنمية كافة املرافق‬ ‫والدفاع‪ ،‬مع إقامة بعض املرافق العامة‪ .‬أي أنها حترس‬
‫العامة االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬ ‫النشاط االقتصادي دون أن تتدخل يف اآللية اليت يعمل بها‪.‬‬
‫على ماليتها العامة أن تؤمن التوازن بني إيراداتها ونفقاتها لتحقيق أهداف التنمية االقتصادية‬ ‫حتقيق التوازن الرقمي بني اإليرادات والنفقات اليت حتتاجها‬
‫واالجتماعية‬ ‫الدولة دون أن يكون هلا أثر على توازن اجملتمع من الناحية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‬
‫مبدأ املالية العامة السائد هو التخلي عن احلياد املالي‪ ،‬وإحالل املالية الوظيفية والذي يقر‬ ‫مبدأ املالية العامة السائد هو احلياد املالي؛ أي حتديد اإليرادات‬
‫بضرورة حتديد االنفاق العام املطلوب أوالً والذي حيقق أهداف أكثر من اهلدف املالي‬ ‫اليت ميكن احلصول عليها‪ ،‬للوفاء بالتزامات الدولة ألداء‬
‫فقط‪ .‬وال مانع من أن يتحدد إنفاق أكرب من اإليرادات العامة‪.‬‬ ‫وظيفتها دون احلصول على أكثر من ذلك‪.‬‬
‫تسمح املالية العامة احلديثة حبصول عجز يف اإليرادات العامة العادية عن النفقات املطلوبة على‬ ‫ال تسمح املالية العامة التقليدية حبدوث عجز يف إيراداتها‬
‫أن متوهلا من اإليرادات االستثنائية كالقروض وغريها‬
‫الفرق بني مالية الدولة احلارسة والدولة احلديثة ليس فرقًا يف التعريف؛ بل هو فرق يف املضمون واألثر‪ .‬ألن املالية العامة تقوم على فكرة أساسية هي " نفقات‬
‫عامة جيب تغطيتها "‪.‬‬
‫تتعدى النفقات العادية أهداف حتقيق التوزان الذي تستهدفه املالية العامة يف الدولة احلديثة؛‬ ‫الدولة التقليدية احلارسة تقتصر نفقاتها على الدفاع واألمن‬
‫لذا تقوم بتغطيته ن اإليرادات العادية أو االستثنائية‪ .‬وهنا جند أن كثريًا ما تكون املوازنة‬ ‫والقضاء ‪ ...‬اخل؛ وهذه تقدر ويتم حتصيلها من اإليرادات‬
‫العامة للدولة يف حالة عجز (اإليرادات أقل من النفقات) فيتم تغطيتها من االحتياط أو‬ ‫العادية‬
‫القروض ‪...‬اخل‪.‬‬
‫هدف السياسة املالية والنظام املالي هو إحداث التوازن املالي‪ ،‬والتوازن االقتصادي واالجتماعي‬ ‫هدف السياسة املالية والنظام املالي هو إحداث التوازن املالي‬
‫من خالل التدخل إلنهاء حالة االنكماش او معاجلة التضخم‪ ،‬وإعادة توزيع الدخل‪.‬‬ ‫فقط‪ ،‬وترك التوازن االقتصادي واالجتماعي يتحقق خالل‬
‫يد خفية توفق بني مصاحل األفراد واجملتمع‪.‬‬
‫استخدام الضريبة لتمويل اإليرادات العامة وكذا لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية‪.‬‬ ‫املصدر الرئيسي لإليرادات العامة هي الضرائب‪ ،‬وال ميكن‬
‫مع إمكانية اللجوء إىل اإلصدار النقدي اجلديد يف أوقات الكساد لتمويل التوسع يف االنفاق‬ ‫اللجوء إىل مصار أخرى كاإلصدار النقدي اجلديد أو‬
‫العام‪ ،‬أو إحداث فائض يف املوازنة ملواجهة التضخم يف أوقات الرواج االقتصادي‪ ،‬وقد‬ ‫القروض ألن ذلك تدخل يف منافسة األفراد‪.‬‬
‫يكون ذلك على حساب التوازن احلسابي للميزانية‪.‬‬
‫حتصيل اإليرادات العامة قصد متويل النفقات دون استخدامها‬
‫اعتبار اإليرادات العامة والنفقات العامة أدوات لتحقيق أهداف الدولة املختلفة (االقتصادية‪،‬‬
‫لتحقيق أهداف الدولة االقتصادية واملالية واالجتماعية‬
‫املالية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬السياسية)‬
‫والسياسية‪.‬‬
‫كما يتم استخدام املوازنة العامة ملعاجلة التقلبات االقتصادية قصد حتقيق االستقرار‬
‫استخدام النفقات العامة يف جمال الوظائف األساسية للدولة‬
‫االقتصادي عن طريق ختصيص فائض املوازنة احملقق لتغطية العجز عند حدوثه‪.‬‬
‫وتوفري اخلدمات ذات الطابع االجتماعي (الدفاع الوطين‪،‬‬
‫العدالة‪ ،‬املرافق العامة‪).... ،‬‬
‫كرب حجم املوازنة العامة نظرًا لتعدد مصادر اإليرادات وتعدد أوجه االنفاق العام‪.‬‬ ‫تتساوي اإليرادات العامة مع النفقات العامة ضمن مبدأ التوازن‬
‫ومتتاز بصغر حجمها‪.‬‬

‫وجدت الدولة أنها مسؤولة على كثري من األعمال بعد عجز القطاع اخلاص عن أدائه‪ ،‬وكذا زيادة مستوى رفاهية اجملتمع ومستوى املعيشة والزيادة يف عدد السكان‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫واحملافظة على البيئة والبحث عن مصادر جديدة للطاقة‪ ،‬باإلضافة إىل ضمان االستقرار السياسي والتدخل يف مجيع مناحي احلياة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪7‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬املالية العامة يف النظام االشرتاكي‬


‫يأخذ هذا النظام مببدأ امللكية العامة لوسائل اإلنتاج؛ وبالتالي يقع على عاتق املالية العامة دور أوسع نطاقًا التساع‬
‫القطاع العام‪ ،‬وكذا قيام أجهزة الدولة باجلانب األكرب من النشاط االقتصادي‪ ،‬وعليه السياسات العامة تهيمن عليها الدولة‬
‫وليس القطاع اخلاص‪ .‬فتقوم الدولة مبؤسساتها بالتخطيط يف مجيع احملاالت التجارية واالستثمارية وكذا التعليم والصحة‪،‬‬
‫باإلضافة إىل أسعار السلع واخلدمات اليت حتدد مركزيا فال جمال لنظام السوق يف حتديدها‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ميكن تلخيص أهم خصائص املالية العامة يف االقتصاد االشرتاكي كاآلتي‪:‬‬
‫‪-‬يعترب القطاع العام هو املصدر الرئيسي لإليرادات العامة‪ ،‬وليس الضرائب كون ملكية عناصر اإلنتاج للدولة‪،‬‬
‫‪-‬كرب حجم النفقات االستثمارية يف ميزانية الدولة من أجل احلصول على إيرادات أكرب‪،‬‬
‫‪-‬القروض الداخلية شبه إجبارية‪ ،‬يف حني تتحصل على القروض اخلارجية من الدول اليت تشاركها نفس النظام االشرتاكي‪،‬‬
‫‪-‬تتميز امليزانية العامة بضخامة دورها يف التمويل ويف توزيع وإعادة توزيع الدخول‪،‬‬
‫‪-‬ممارسة الرقابة على خمتلف أوجه النشاط االقتصادي واالجتماعي الذي يطلق عليه التخطيط املالي‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬خصائص املالية العامة يف الدول النّامية‬
‫ظهرت بعد احلرب العاملية الثانية دول متقدمة تتميز بارتفاع ناجتها الوطين بسبب قوة اقتصادها وبتطور قطاعها‬
‫الصناعي وارتفاع مستوى املعيشة‪ ،‬ودول أخرى أطلق عليها تسمية الدول النّامية ليس هلا نظام اقتصادي واضح حيث جيمع بني‬
‫النظام الرأمسالي إىل جانب بعض خصائص النظام االشرتاكي وغريه من النظم‪.‬‬
‫ومتتاز اقتصاديات الدول النّامية باخنفاض مستوى الدخل الفردي نتيجة تدني الدخل الوطين‪ ،‬باإلضافة إىل ضعف‬
‫القطاع الصناعي واالعتماد فقط على الصناعات التحويلية واخلفيفة‪ .‬كما حيتل القطاع الزراعي نسبة كبرية من الناتج‬
‫الوطين لكنه يعرف ضعف يف إنتاجيته‪ ،‬باإلضافة إىل ارتفاع امليل احلدي لالستهالك واخنفاض االستثمار اإلنتاجي‪ ،‬وانتشار‬
‫البطالة‪ ،‬واالعتماد على املساعدات اخلارجية املالية والسلعية‪.‬‬
‫وبشكل عام تهتم املالية العامة يف الدول النامية بدراسة العالقات النقدية بني وحدات النشاط االقتصادي املختلفة‬
‫وتوجيه هذه العالقات حنو حتقيق االستخدام األمثل ملوارد اجملتمع من أجل رفع مساوى املعيشة ورفاهية األفراد‪ .‬حيث تكون‬
‫الدولة مسؤولة بدرجة كبرية عن حتقيق أهداف التنمية وتقوم بالعبء األكرب عن طريق متويل برامج التنمية باستخدام امليزانية‬
‫العامة جبانبيها النفقات وااليرادات يف حتقيق أهداف التنمية‪.‬‬
‫ونظرًا هلذه املميزات وغريها اليت متيز الدول النّامية تأثرت املالية العامة يف هذه الدول‪ ،‬واليت ميكن ذكر أهم‬
‫خصائصها يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪-‬ضعف حجم املوازنة العامة نظرًا لشح مصادر اإليرادات العامة وبالتالي عدم توسع جمال االنفاق العام‪،‬‬
‫‪ -‬العجز املستمر يف املوازنة العامة؛ بسبب سوء استخدام املال العام‪ ،‬وانعدام الرقابة على االنفاق‪،‬‬
‫‪-‬اخنفاض االقتطاع الضرييب‪ ،‬نتيجة ضعف الدخل الفردي‪،‬‬
‫‪-‬االعتماد على القروض اخلارجية‪ ،‬ما يستلزم دفع أقساط القروض وفوائدها الذي يتم على حساب بنود امليزانية وليس على‬
‫املشاريع اإلنتاجية‪،‬‬
‫‪ -‬يتم استخدام النفقات العامة يف اجملاالت االقتصادية األساسية مثل الطرق وامتالك وسائل النقل‪ ،‬ويف اجملاالت االجتماعية‬
‫األساسية كالتعليم والصحة واإلسكان‪.‬‬

‫‪ 1‬طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.34‬‬


‫‪ 2‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،2016 ،‬ص ‪.16‬‬
‫طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.37 ،36‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬تشكل التحصيالت الضريبية نسبة ضعيفة من الناتج الوطين حيث ال تتعدى ‪ % 18‬مقارنة بالدول املتقدمة اليت تفوق نسبة ‪ .% 35‬كما تعتمد الدول النّامية الضرائب غري‬
‫املباشرة (ترتاوح النسبة من ‪ %53‬إىل ‪ ،)% 90‬يف حينت تشكل نسبة ما بني ‪ %29‬إىل ‪%42‬يف الدول املتقدمة واليت تعتمد على الضرائب املباشرة اليت تشكل نسبة‬
‫كبرية من جمموع اإليرادات الضريبية‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪8‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬ماهية املالية العامة‬


‫يرتبط مفهوم املالية العامة بتطور دور الدولة يف النشاط االقتصادي‪ ،‬وعلى القيود املوضوعة على نشاطها‪ ،‬مرتبطًا‬
‫بتحقيق قاعدتي توازن امليزانية واحلياد املالي لنشاط الدولة‪ ،‬مما جعل مفهوم املالية العامة جمرد مفهوم حسابي لنفقات‬
‫الدولة وإيراداتها وخال من أي بعد اقتصادي أو اجتماعي وساد هذا املفهوم التقليدي للمالية العامة عدة قرون إىل غاية أوائل‬
‫القرن العشرين‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مفهوم املالية العامة‬
‫تتكون املالية العامة من كلمتني‪:‬‬
‫املالية‪ :‬تعين الذمة املالية‪ ،‬أي املمتلكات والديون واليت تعين اجلانب الدائن ويتمثل يف املداخيل واإليرادات‪ ،‬بينما يتمثل اجلانب‬
‫املدين يف االلتزامات والديون‪.‬‬
‫العامة‪ :‬تعين مالية السلطات العامة أي الدولة‪ .‬وجتمع هذه املعاني كلمة ميزانية الدولة مبا حتويه من نفقات وإيرادات‪.‬‬
‫يقتصر املفهوم التقليدي لعلم املالية العامة على البعد املالي احلسابي فقط‪ ،‬يف حني أصبح هذا املفهوم يف العصر‬
‫احلديث له أبعاد متعددة بعضها اقتصادية وأخرى اجتماعية ومالية‪ .‬أي تقوم املالية العامة بتحليل حاجات الدولة والوسائل اليت‬
‫تشبع بها هذه احلاجات‪.‬‬
‫واملالية العامة يف معناها احلديث‪ :‬هي دراسة القتصاديات القطاع العام‪ ،‬كما عرفها آخرون مبا يأتي‪ :‬املالية العامة‬
‫هي ذلك العلم الذي يبحث يف نشاط الدولة عندما تستخدم الوسائل واألساليب املالية يف جانب اإليرادات والنفقات لتحقيق‬
‫أهداف تنمية اجملتمع مبختلف اجتاهاته االقتصادية واالجتماعية واملالية‪.‬‬
‫ولتحقيق هذه التنمية حنتاج إىل إنفاق؛ واالنفاق حباجة إىل تأمني إيرادات لتمويله وهذا ما تعمل املالية العامة على‬
‫حتقيقه‪ .‬فاملالية العامة ال خترج عن كونها نشاط الدولة املالي‪ ،‬حيث تتحدد نفقاتها العامة واليت تتماشى مع أهدافها‪ ،‬وتؤمن‬
‫اإليرادات الالزمة هلذا االنفاق سواء عن طريق إيراداتها العادية (كالضرائب والرسوم وإيراداتها من أمالكها اخلاصة ‪ ،)...‬أو‬
‫االستثنائية (كالقروض العامة وغريها)‪.‬‬
‫وعليه تعرف املالية العامة بأنها العلم الذي يهتم ببحث أوجه نفقات الدولة ومصادر إيراداتها لتحقيق خمتلف أهدافها‬
‫املالية واالقتصادية واالجتماعية والسياسية عن طريق املوازنة العامة للدولة‪.‬‬
‫ويعرب اصطالح املالية العامة عن النشاط املالي للدولة‪ ،‬والذي يتمثل يف نفقاتها مبا حتصل عليه من إيراداتها بقصد‬
‫إشباع احلاجات العامة‪ ،‬واليت تتحدد حبسب أيدلوجية اجملتمع ومستوى تقدم الدولة االقتصادي واالجتماعي وطبيعة العالقة‬
‫مع الدول األخرى‪ .‬كما ترتبط املالية العامة أوثق االرتباط مبختلف نواحي احلياة االقتصادية‪ ،‬وتؤثر فيها وتتأثر بها يف اجتاهات‬
‫ختتلف باختالف النظم السياسية واالقتصادية واالجتماعية السائدة يف الدولة‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬مضمون وموضوع املالية العامة‬
‫يقوم علم املالية العامة بدراسة العالقات االقتصادية اليت تنشأ عند قيام الدولة بتوفري وتوزيع واستخدام املوارد النقدية‬
‫قصد القيام باخلدمات العامة‪ .‬حيث تنشأ عالقات اقتصادية بني أفراد اجملتمع وهيئاته يف إنتاج وتوزيع املنتجات واخلدمات‬
‫الالزمة إلشباع حاجاتهم املتغرية واملتنوعة واملتزايدة مع تطور اجملتمع‪ ،‬واليت يتم إشباع بعضها عن طريق النشاط الفردي‪ ،‬وآخر‬
‫يتم إشباعه مجاعيًا من خالل نشاط الدولة كسلطة منظمة‪.‬‬

‫‪ 1‬تطور دور الدولة من دولة حارسة تقتصر وظيفتها على اجلانب اإلداري والعسكري والقضائي إىل دولة متدخلة تعمل لتحقيق التوازن االقتصادي واالجتماعي عن طريق تنمية‬
‫كافة املرافق العامة االقتصادية واالجتماعية‪..‬‬
‫‪ 2‬أي حتقيق التعادل التام بني جانيب إيرادات الدولة ونفقاتها؛ ظنا منهم أن هذا التوازن يضمن حتقيق احلياد املالي للدولة‪.‬‬
‫إن تنفيذ املوازنة العامة جبانب اإليرادات والنفقات يتعني أن ال يرتتب عليه تغريات جوهرية على قرارات األفراد‪ ،‬حيث يتوافق ذلك مع احلياد املالي للدولة اليت ينادي هذا‬ ‫‪3‬‬

‫الفكر بضرورة التمسك بها؛ فتدخل الدولة من خالل الضرائب أو برامج االنفاق يتعني أال يكون له تأثري جوهري على سلوك القطاع اخلاص‪.‬‬
‫‪ 4‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪2009 ،‬م‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫فالدولة احلارسة كان على ماليتها العامة أن تؤمن التوازن الرقمي بني إيراداتها ونفقاتها دون أن يرتتب على ذلك توازن من الناحية االقتصادية أو االجتماعية‪ .‬أما الدولة‬ ‫‪5‬‬

‫احلديثة املتدخلة فتؤمن ماليتها العامة التوازن بني نفقاتها املتزايدة وإيراداتها لتحقيق أهداف التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪9‬‬

‫ولكي تقود الدولة بدورها يف إشباع احلاجات العامة البد من احلصول على إيرادات مالية ميكن إنفاقها لتمويل أداء‬
‫هذه اخلدمات‪ .‬وقيام الدولة بهذه النفقات مرهون حبصوهلا على إيراد مالي هلا‪ ،‬وهذا هو جوهر النشاط املالي للدولة؛ والذي‬
‫ال يقصد لذاته إمنا هو وسيلة للقيام باخلدمات اليت تشيع احلاجات العامة‪.‬‬
‫( ‪Public Finance‬‬ ‫يتعلق النشاط املالي للحكومة باإلنفاق والتحصيل وهو ما يعرف باقتصاديات املالية العامة‬
‫‪ )Economics‬أو املالية العامة (‪ ،)Public Finance‬وأحيانا يعرف باقتصاديات القطاع العام (‪ )Public Sector Economies‬أو‬
‫االقتصاد العام (‪ .)Public Economics‬كما ختتلف معاجلة موضوعات املالية العامة باختالف النظم االقتصادية واالجتماعية؛‬
‫( ‪Private‬‬ ‫فاالقتصاديات الرأمسالية تطلق على هذا العلم اسم املالية العامة متييزا هلا عن مالية األفراد أو املالية اخلاصة‬
‫‪ ) Finance‬اليت يقوم بإعدادها املشروعات أو الوحدات اإلنتاجية اخلاصة أو األفراد‪ .‬بينما يطلق االقتصاد املخطط على هذا‬
‫العلم اسم املالية (‪ )Finance‬حيث ختضع للخطة العامة‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬عناصر املالية العامة‬
‫تسعى املالية العامة إىل حتقيق هدف تلبية احلاجات العامة من خالل تقديم سلع وخدمات عامة إلشباع احلاجات العامة‬
‫للمجتمع‪ .‬وعليه‪ ،‬ميكن ذكر عناصر املالية العامة كاآلتي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬احلاجات العامة‬
‫تعرف احلاجة على أنها كل إشباع يسعى االنسان لتلبيته عن طريق السلع واخلدمات (حاجات فيزيولوجية (مادية)‪،‬‬
‫حاجات نفسية‪ ،‬حاجات ضرورية‪ ،‬حاجات كمالية)‪ ،‬وهي متتاز مبحدوديتها وتعددها‪.‬‬
‫‪ -‬واحلاجات العامة هي تلك احلاجات اليت حيقق إشباعها منفعة عامة وليس منفعة خاصة (فردية)‪،‬‬
‫‪ -‬أما احلاجات اخلاصة؛ فهي تلك احلاجات اليت حيقق إشباعها منفعة تعود باملنفعة على الفرد فقط‪.‬‬
‫وميكن التفرقة بني احلاجات العامة واخلاصة عن طريق بعض املعايري‪ ،‬واليت ميكن تلخيصها كاآلتي‪:‬‬
‫احلاجات اخلاصة‬ ‫احلاجات العامة‬ ‫معيار التفرقة‬
‫هي تلك احلاجات اليت تشبع رغبات الفرد وحتقق‬ ‫هي حاجات تليب رغبات اجملتمع‪ ،‬وهي غري قابلة للتجزئة؛‬
‫منفعة تق على الفرد وخاصة به فقط كاألكل‬ ‫مثل األمن‪ ،‬التعليم‪ ،‬العدالة والصحة‪ ،‬وغريها‪( .‬سواء‬ ‫التعريف‬
‫واللباس‪.‬‬ ‫ساهموا يف متويل نفقاتها أم ال)‪.‬‬
‫يقوم الفرد نفسه بإشباع حاجاته‪ ،‬وكما يقرر‬ ‫تتوىل الدولة عملية إشباع احلاجات العامة‪ ،‬وهي من حتدد‬
‫مصدر عملية اإلشباع‬
‫بنفسه سلم أولوياته‪.‬‬ ‫وترتب األولوية يف عملية اإلشباع‪.‬‬
‫يقوم الفرد باإلنفاق على تلبية حاجاته اخلاصة‬ ‫يقع على عاتق الدولة االنفاق لتلبية احلاجات العامة‪ ،‬ويعتمد‬
‫جهة االنفاق‬
‫وإشباعها حسب حجم دخله‪.‬‬ ‫حجم إشباع احلاجات العامة على حجم االنفاق ودخل الدولة‪.‬‬
‫ينتفع الفرد باحلاجة اخلاصة بقدر ما يستطيع دفعه‬ ‫يستخدم األفراد احلاجات العامة واالنتفاع بها كلُ حسب‬
‫حجم االستهالك‬
‫من مثن للحصول عليها‪.‬‬ ‫حاجته؛ كاالنتفاع باحلدائق والطرقات‪ ،‬والصحة وغريها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اخلدمات العامة‬
‫هي الوسائل النافعة اليت هلا قيمة‪ ،‬وتسهم يف إشباع احلاجات اإلنسانية‪ ،‬واليت يتطلّب توفريها وإنتاجها جمموعة من‬
‫الوسائل املادية‪ .‬وتتميز مبا يأتي‪:‬‬
‫‪-‬قدرتها على إشباع حاجة إنسانية‪،‬‬
‫‪-‬تتوفر مبقدار حمدد‪،‬‬
‫‪-‬هلا قيمة ذاتية وتبادلية‪.‬‬ ‫‪-‬إمكانية حيازتها واالنتفاع بها‪،‬‬

‫إذا اعتربنا مثال احلاجة إىل التعليم حاجة عامة؛ يتعني على الدولة إشباعها‪ ،‬يتطلب ذلك على الدولة أن تقوم ببناء املدارس واملعاهد واجلامعات وجتهيزها بكل متطلبات‬ ‫‪1‬‬

‫اخلدمة التعليمية وتوفري املدرسني واملوظفني هلذه املنشآت التعليمية مع دفع أجورهم ومرتباتهم‪.‬‬
‫‪ 2‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 3‬فهي حمدودة تبعًا للتطور البشرية؛ حيث تطورت من األكل والشرب واللباس إىل العالج‪ ،‬التعليم‪ ،‬العدالة والرتفيه وغريها‪ .‬وهي حمدودة تبعا لإلمكانيات فحاجة الفرد ذو‬
‫الدخل املرتفع ختتلف عن حاجات الدخل املنخفض‪ ،‬كما أن هناك بعض احلاجات ميكنها أم تستبدل بأخرى وتؤدي نفس الرغبة‪.‬‬
‫وتعددت احلاجات لعدة أسباب منها؛ الذوق وتأثري اجملموعات االجتماعية‪ ،‬باإلضافة إىل التقدم التكنولوجي‪ ،‬والدعاية واالشهار وغريها‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪10‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬أهمية املالية العام يف إطار السياسة االقتصادية للدولة‬


‫ترتبط املالية العامة ارتباطًا وثيقًا بالعالقات االقتصادية واالجتماعية والسياسية احمليطة بها؛ وتتضح يف صورة نظام‬
‫مالي معني تتحدد من خالله احلاجات العامة للدولة‪ ،‬كما تتحدد وسائل إشباعها‪ .‬وعليه‪ ،‬ختتلف دور السياسة املالية من دولة‬
‫ألخرى تبعا الختالف النظام االقتصادي‪.‬‬
‫وعليه يقصد بالسياسة املالية للدولة "جمموعة من اإلجراءات والقواعد واألساليب والوسائل واإلجراءات اليت تتخذها الدولة‬
‫إلدارة النشاط املالي هلا بأكرب كفاءة ممكنة‪ ،‬لتحقيق جمموعة من األهداف واالجتماعية والسياسية خالل فرتة معينة"‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مصادر املالية العامة لتمويل السياسة االقتصادية للدولة‬
‫تعرب السياسة املالية عن اخلطة اليت تنتهجها الدولة يف رسم االنفاق العام والعمل على إجياد التدابري والوسائل لتمويله‬
‫كما يظهر ذلك يف املوازنة العامة للدولة‪ .‬ولتحقيق أهدافها تستخدم أدواتها كاآلتي‪:‬‬
‫‪-‬سياسة النفقات العامة‪ :‬حيث تلجأ الدولة إىل زيادة النفقات العامة يف أوقات االنكماش‪ ،‬وبالعكس تقلص حجم النفقات‬
‫العامة يف حالة التضخم‪ ،‬مع جتنب االسراف يف ظل ظاهرة تزايد النفقات العامة‪.‬‬
‫‪-‬سياسة االيرادات‪ :‬تعمل الدولة على زيادة اإليرادات لتغطية مجيع نفقاتها؛ خاصة اإليرادات الضريبية من خالل حتسني أساليب‬
‫التحصيل للحد من التهرب الضرييب‪ ،‬ورفع معدالت الضرائب‪ .‬فعادة ما تلجأ الدولة إىل التقليل من الضرائب يف‬
‫أوقات االنكماش‪ ،‬وبالعكس فإنها تزيد من فرض الضرائب يف حالة التضخم‪.‬‬
‫‪-‬سياسة الدين العام‪ :‬ففي حالة عجز املوازنة تلجأ الدولة إىل إصدار قروض لألفراد (دين داخلي) بهدف املساهمة يف متويل‬
‫امليزانية واستثمار أمواهلم‪ ،‬أو تلجأ إىل الدين اخلارجي من دول أخرى‪ .‬وعليه تلجأ الدولة إىل تقليص الدين العام‬
‫(القروض العامة) إىل احلد األدنى يف حالة االنكماش‪ ،‬وبالعكس تزيد من الدين العام يف أوقات التضخم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهداف وأدوات السياسة املالية للدولة‬
‫تعمل السياسة املالية على تنظيم االنفاق وااليرادات بغرض حتقيق أهداف السياسة االقتصادية للدولة؛ كزيادة حجم‬
‫اإلنتاج وختفيض مستويات البطالة‪ ،‬والعمل على تنويع الصادرات‪ ،‬وكذا تعزيز االستقرار االقتصادي وتدعيم التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ .‬وهذا من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬توزيع الدخل‪ ،‬حيث يعترب توزيع الدخل من أهم األهداف املالية‪ .‬وهلذا تعمل الدولة على تكييف منط توزيع الدخل عن طريق‬
‫إحداث تغيريات يف أنواع ونسب االنفاق وكذا الضرائب اليت حتصل عليها‪.‬‬
‫‪-‬استقرار مستوى األسعار‪ ،‬تلعب السعار دورً ا مهمًا يف حتديد أنواع األنشطة اليت يتجه إليها األفراد‪ ،‬فالنشاط املالي يعمل على‬
‫تغيري العالقة بني القوة الشرائية وكمية السلع واخلدمات ما ينعكس على مستوى األسعار‪ ،‬وميكن التغيري يف‬
‫أسعار خمتلف السلع واخلدمات من أجل التأثري على كمية اإلنتاج‪.‬‬
‫‪-‬مستوى االستهالك‪ ،‬يعترب االستهالك لدى بعض االقتصاديني هو غاية النشاط االقتصادي وهو احملرك له‪ .‬وعليه‪ ،‬تعمل‬
‫السياسة املالية على تكييف سياسة االنفاق وااليرادات من أجل حتديد منط ومستوى االستهالك‪.‬‬
‫‪-‬مستوى التشغيل‪ ،‬يعترب التوظيف الكامل للقوى العاملة وللموارد اإلنتاجية من أهم العوامل احملددة ملستوى معيشة اجملتمع‪،‬‬
‫وعلى السياسة املالية أن تهيأ البيئة الضرورية لتشجيع االستثمار ومنوه‪.‬‬
‫وتهدف السياسة املالية حتقيق التوازن يف العناصر اآلتية‪:‬‬
‫‪-‬التوازن املالي‪ :‬يعين استخدام وسائل الدولة على أحسن وجه‪،‬‬
‫‪-‬التوازن االقتصادي‪ :‬أي الوصول إىل احلجم األمثل لإلنتاج‪،‬‬
‫‪-‬التوازن االجتماعي‪ :‬بأن يصل اجملتمع إىل مستويات من الرفاهية يف حدود إمكانيات اجملتمع‪،‬‬
‫‪-‬التوازن العام‪ :‬بني جمموع االنفاق الوطين والناتج الوطين‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الغفور إبراهيم أمحد‪ ،‬مبادئ االقتصاد واملالية العامة‪ ،‬دار زهران للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2009 ،‬ص‪ ،‬ص ‪.222 ،221‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪11‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬أوجه التشابه واالختالف بني املالية العامة واملالية اخلاصة‬
‫ترتبط املالية العامة بأموال الدولة من حيث اإليرادات والنفقات ضمن موازنة الدولة املرتبطة بأهدافها املختلفة‪ .‬يف حني‬
‫أن املالية اخلاصة ترتبط باألفراد واملشاريع الفردية (يطلق عيها اإلدارة املالية)؛ ويقصد بها العلم الذي يبحث يف اإليرادات‬
‫والنفقات املتعلقة بالقطاع اخلاص ضمن إطار امليزانية العمومية بهدف حتقيق الربح‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أوجه التوافق والتشابه بني املالية العامة واخلاصة‬


‫وتتمثل يف مراعاة السعر عند االنفاق وحتصيل اإليرادات‪ ،‬احلرص على الفعالية يف التسيري‪ ،‬ونلخصها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬زيادة النفقات العامة جتعل الدولة تهتم بالتكل فة واملردود‪ ،‬ونفس األمر ينطبق على الفرد اخلاص الذي حياول أن يتصرف‬
‫بأقل تكلفة ممكنة‪.‬‬
‫‪ -‬بعد انهيار النظام االشرتاكي وتقليص دور القطاع العام وختلي اخلزينة العمومية عن تدعيم املؤسسات العمومية ذات الطابع‬
‫االقتصادي‪ ،‬وهو ما جتلى يف ظهور املؤسسة العمومية كشركة جتا رية تنشأها الدولة وختضع للقانون التجاري‬
‫(التسجيل‪ ،‬مسك الدفاتر‪ ،‬اإلفالس)؛ وبالتالي‪ ،‬تدخل املنافسة عن طريق شركاتها التجارية مثل املشروعات اخلاصة‪.‬‬
‫‪ -‬مل تعد الفعالية يف التسيري خاصية من خصائص القطاع اخلاص بل امتدت إىل القطاع العام‪ ،‬خاصة مع تطور نظام الرقابة‬
‫م ع احلرص على احرتام النصوص من قبل اهليئة اخلاضعة للرقابة على مراقبة نوعية التسيري والفعالية يف األداء‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أوجه االختالف بني املالية العامة واخلاصة‬


‫وميكن تلخيص أوجه التباين والتفرقة بني املالية العامة واخلاصة يف العناصر اآلتية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬معيار امللكية‪:‬‬
‫تعود امللكية يف املالية العامة للدولة وتهدف خلدمة الصاحل العام باستخدام أجهزة ومؤسسات الدولة املختلفة‪ ،‬يف حني‬
‫اإلدارة املالية فإن املالية خاصة تعود لألفراد أو املؤسسات واملشاريع اخلاصة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬معيار احلجم‪:‬‬
‫تعترب املالية العامة أكرب حجمًا من اإلدارة املالية‪ ،‬لكثرة وتنوع مصادر اإليرادات وكذا تعدد جماالت االنفاق العام‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬معيار جهة وهدف االنفاق‪:‬‬
‫عندما متارس الدولة االنفاق يف املالية العامة من خالل مؤسساتها وأجهزتها املختلفة فإنها تهدف أوال لتحقيق الصاحل‬
‫العام وتلبية احلاجات العامة حتى لو تعارض هذا اهلدف مع حتقيق أقصى ربح ممكن‪ ،‬حيث ميكن للدولة أن تقوم مبشروع‬
‫حيقق نفعًا عامًا بهدف غري رحبي قد يكون اجتماعي أو اقتصادي أو مالي أو سياسي‪.‬‬
‫غري أن اهلدف الرئيسي للنفقة والذي من أجله أنشأت املشروعات اخلاصة هو حتقيق الربح وهو اهلدف الرئيسي لنشاط‬
‫األفراد‪ ،‬واملسؤول عن االنفاق هم املؤسسون‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬معيار مصادر متويل اإليرادات‪:‬‬
‫تتوىل الدولة من خالل مؤسساتها املختلفة البحث عن مصادر اإليرادات العامة؛ حيث حتصل الدولة على إيراداتها‬
‫مبوجب القانون وما تتمتع به من سلطات خاصة ناشئة من سيادتها حيث قد تلجأ إىل اجلرب للحصول على اإليرادات مثل حتصيل‬
‫الضرائب أو القروض االجبارية‪.‬‬
‫أما يف املالية اخلاصة فاملؤسسون أو القائمون على املشروع اخلاص هم املسؤولون عن توفري األموال الالزمة لعملهم‪،‬‬
‫عن طريق بيع منتجاتها وخدماتها وتكون بصورة اختيارية‪.‬‬

‫‪ 1‬يف ظل املالية احملايدة مل يتم التفريق بني املالية العامة واملالية اخلاصة؛ حيث أخضعت مالية الدولة حلماية املالية اخلاصة‪ .‬ومبجيء املالية املتدخلة ميزت بني مالية النشاط‬
‫العام للدولة (املالية العامة) ومالية النشاط اخلاص (املالية اخلاصة) وأصبح معيارًا جوهريا لتحديد طبيعة ودرجة تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي يف اجملتمع‪.‬‬
‫‪ 2‬أنظر‪- :‬طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.20 ،19‬‬
‫‪-‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،2009 ،‬ص‪ ،‬ص ‪.18 ،17‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪12‬‬

‫خامسا‪ :‬معيار املوازنة‪:‬‬


‫يطلق على إعداد اإليرادات والنف قات يف املالية العامة باملوازنة العامة‪ ،‬واليت تعد لسنة مالية مقبلة‪ .‬فتقوم الدولة بتقدير‬
‫نفقاتها أوال الالزمة لسري املر افق العامة وحتقيق أهدافها االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬وبعدها يف مرحلة الحقة تقوم‬
‫بتقدير األوجه اليت حتصل منها على إيرادات كافية ملوجهة هذه النفقات‪.‬‬
‫أما يف املالية اخلاصة فيطلق على الوثيقة اليت تبني الوضع املالي للمشروع بعد انتهاء السنة املالية بامليزانية‪ .‬حيث تقوم‬
‫املشروعات اخلاصة بتقدير حجم إيراداتها أوال من دخول وأرباح‪ ،‬ثم حتدد أوجه إنفاق تلك اإليرادات يف مرحلة ثانية‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬عالقة علم املالية العامة بالعلوم األخرى‬


‫للمالية العامة أهمية اقتصادية واجتماعية وسياسية‪ ،‬كما ترتبط بعالقة هامة مع علوم أخرى تؤثر وتتأثر بها‪ ،‬كما‬
‫تشرتك معها يف أدوات التنفيذ وأدوات التحليل املستخدمة يف كل منها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عالقة علم املالية العامة بعلم االقتصاد‬


‫لعلم املالية العامة عالقة تارخيية وثيقة ومتبادلة بعلم االقتصاد؛ فهي عالقة اجلزء بالكل‪ ،‬يؤثر ويتأثر كل منهما يف‬
‫اآل خر‪ ،‬كما هلما أهداف مشرتكة‪ .‬فقد ازداد االهتمام بدراسة اجلوانب االقتصادية للمالية العامة‪ ،‬كما زاد االهتمام بدراسة‬
‫آثار النفقات وااليرادات العامة على االقتصاد الوطين‪.‬‬
‫وميكن توضيح ذلك من خالل النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬تستخدما املالية العامة أدوات علم االقتصاد يف التحليل املالي كال حتليل احلدي واملرونات املختلفة ونظريات النقود والدورة‬
‫التجارية‪ ،‬كما أن القوانني االقتصادية يتم تطبيقها أيضًا يف املالية العامة‪،‬‬
‫‪ -‬املالية العامة هي وليدة الفكر االقتصادي‪ .‬والظاهرة املالية هي ظاهرة اقتصادية؛ كما أصبحت دراسة املشكالت‬
‫االقتصادية ملختلف مباحث املالية العامة متثل جزء مستقال بذاته يف نطاق علم املالية‪ ،‬وهو ما يطلق عليه علم اقتصاديات‬
‫املالية العامة أو االقتصاد املالي‪.‬‬
‫‪ -‬وتستعمل أدوات املالية العامة كأدوات للتوجيه االقتصادي وفق اهلدف الذي تستهدفه؛ فيمكن للدولة أن تستخدمها للتأثري‬
‫على الدخل الوطين ومستوى النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬كما تتوقف األوضاع االقتصادية يف أية دولة على املالية العامة والعكس؛ حيث يتم استخدام كل من اإليرادات والنفقات‬
‫كأدوات للتأثري يف كثري من األزمات االقتصادية كالتضخم واالنكماش‪،‬‬
‫‪ -‬لعلم املالية العامة واالقتصاد أهداف مشرتكة؛ فاالقتصاد يهدف إىل استغالل املوارد النادرة نسبيًا إلشباع احلاجات البشرية‪،‬‬
‫كذلك جند علم املالية العامة تهدف إىل إشباع احلاجات العامة من خالل االنفاق العام اليت تقوم به الدولة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عالقة علم املالية العامة بعلم القانون‬


‫يرتبط علم املالية العامة بالقانون ارتباطا وثيقًا؛ ذلك أن للقانون دور هام يف تنظيم العالقة املالية بني األفراد والدولة؛‬
‫وميكن تلخيص هذه العالقة يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬يتضمن القانون نصوصًا حتدد صالحيات السلطة التشريعية والتنفيذية يف جمال إعداد املوازنة العامة‪ ،‬املصادقة عليها‬
‫وتنفيذها‪ ،‬وكذا جمال إقرار الضرائب والقروض وغري ذلك‪،‬‬

‫‪ 1‬وهو العلم الذي يدرس الظاهرة العلمية من زاويتها الكلية ويقوم بتحليل ما يطلق عليه التدفقات املالية‪ .‬وهو فرع جديد يدرس خمتلف مباحث علم املالية العامة من وجهة نظر‬
‫اقتصادية حبتة‪ .‬فهذا العلم يبحث يف اآلثار اخلاصة بالعبء الضرييب الكلي على االقتصاد بصفة عامة‪ ،‬أو يف آثار النفقات العامة االستثمارية اليت تنعكس على النمو‬
‫االقتصادي‪ .‬بينما علم املالية يبحث‪ ،‬على وجه اخلصوص‪ ،‬يف الفن املالي للعمليات املالية الفردية ويف القواعد اليت يتم طبقا هلا فرض الضريبة مثال‪ ،‬كما حيدد أيضا‬
‫حق املكلفني يف التظلم أو الطعن يف القرارات املالية والضريبية‪ ،‬ويرسم قواعد الرقابة يف املسائل املالية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن كافة هذه العمليات املالية ال ميكن فهمها ما‬
‫مل توضع يف جوها االقتصادي العام الذي يستطيع وحده أن يضفي عليها مدلوالتها ومعانيها احلقيقية بشكل واضح‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪13‬‬

‫‪ -‬يتدخل القانون يف حتديد جباية الضريبة وأسلوب إنفاقها وكذا اجلزاءات فيمن يتهرب من أدائها واملساهمة يف حتمل أعباء‬
‫الدولة من خالل قانون املالية‪،‬‬
‫‪ -‬يوجد تشريع مالي حيدد كيفية احملافظة على املال العام‪ ،‬ويبني حسن التصرف به‪ ،‬وكذا حماسبة كل من يسيء استخدام‬
‫املال العام‪ .‬كما يوجد القانون اإلداري الذي يهتم حبسن سري املرافق العامة‪،‬‬
‫‪ -‬يظهر هذا االرتباط من خالل اهلدف املشرتك؛ فمن أهداف املالية العامة حتقيق العدالة جلميع األفراد من خالل تلبية احلاجات‬
‫اهلامة جلميع األفراد كاألمن والدفاع والتعليم وتعبيد الطرق‪ ،‬وحماولة توفري توازن بني حاجة الفرد ومصاحل اجملتمع‪،‬‬
‫كما أن من أهداف القانون حتقيق العدالة بني األفراد فيما بينهم وبني األفراد وأجهزة الدولة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عالقة علم املالية العامة بعلم االحصاء‬


‫عالقة املالية العامة باإلحصاء عالقة وثيقة وقوية‪ ،‬كما أن علم املالية العامة يعتمد على علم اإلحصاء اعتماد كليا‪،‬‬
‫وميكن توضيح ذلك من خالل النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬تعتمد أي سياسة مالية بصفة أساسية على البيانات واألرقام اإلحصائية‪ ،‬واليت يتم جتميعها وتبويبها سواء عن الدخول‬
‫وتوزيعها وبيانات االنفاق االستهالكي‪ ،‬واالنفاق االستثماري العام واخلاص‪ ،‬وبيانات الدخل الوطين وتطور مستوى‬
‫األسعار وغريها من البيانات األساسية اليت تعطي صورة واضحة للوضع االقتصادي واملالي واالجتماعي للدولة‪.‬‬
‫‪ -‬يتوقف جناح أية سياسة مالية على مدى توفر البيانات اإلحصائية مع دقتها‪ ،‬وصدقها‪ ،‬حتى ال يستخدم واضعوا السياسة‬
‫املالية بيانات متضاربة وبالتالي التأثري على القرارات والنتائج‪.‬‬
‫‪ -‬كما تعتمد بنود املالية العامة على علم اإلحصاء فتغيري النظام الضرييب يتطلب معرفة بيانات توزيع الدخول على الطبقات‬
‫املختلفة‪ ،‬حجم االستهالك وغريها حتى يتم حتديد املبالغ اخلاصة بالنفقات واإليرادات‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬عالقة علم املالية العامة بعلم احملاسبة‬


‫ترتبط املالية العامة بعلم احملاسبة بعالقة وثيقة؛ وهذا من حيث النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬تبويب امليزانية إىل بنود النفقات واإليرادات خيضع للقواعد احملاسبية اليت توضع يف علم احملاسبة‪،‬‬
‫‪ -‬إعداد املوازنة العامة للدولة وتنفيذها والرقابة عليها حيتاج استخدام النظم احملاسبية الفنية‪،‬‬
‫‪ -‬تقدم امليزانيات (التقديرية‪ ،‬الرقابية‪ ،‬اخلتامية‪ ،‬الربامج‪ )... ،‬علم املالية العامة باملعلومات‪ ،‬وبالتالي االستفادة منها يف رسم‬
‫السياسات املالية واالقتصادية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬عالقة علم املالية العامة بالعلوم السياسية‬


‫عالقة املالية العامة بالعلوم السياسية هي عالقة تبادلية تؤثر عليها وتتأثر بها؛ وميكن توضيح ذلك كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬يؤثر النظام السياسي للدول على نظامها ا ملالي؛ هذا األخري يعكس الوجهات الفكرية للنظام السياسي‪ ،‬ما ينعكس إجيابًا‬
‫أو سلبًا على العالقة بني األفراد ونظام احلكم‪ ،‬وبالتالي تتأثر املالية العامة بالنظم السياسية السائدة يف اجملتمع‪،‬‬
‫‪ -‬إعداد املوازنة العامة يعكس التوجه السياسي لعمل احلكومة املستقبلي‪ ،‬فوجود مؤشرات يف بنود املوازنة العامة لزيادة‬
‫االنفاق على التعليم أو الصحة أو لزيادة القدرة العسكرية مثالً يظهر توجه احلكومة املستقبلي‪،‬‬
‫‪ -‬للمالية العامة تأثري على استقرار األنظمة السياسية؛ ذلك أن أغلب االضطرابات حتدث ألسباب مالية نتيجة لزيادة الضرائب‬
‫والرسوم وارتفاع األسعار وعدم جناح املالية العامة يف حتقيق األهداف االقتصادية واالجتماعية للمجتمع‪،‬‬
‫‪ -‬تتحدد وختضع حجم اإليرادات والنفقات للقرارات وأهداف السلطة السياسية يف الدولة‪ ،‬فإذا كان االجتاه السائد هو‬
‫ختفيف األعباء الضريبية أو العكس أو حتقيق أهدف اجتماعية فإن ذلك سيؤثر على حجم النفقات وااليرادات‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪14‬‬

‫سادسا‪ :‬عالقة علم املالية العامة بعلم إدارة األعمال‬


‫بعد توجه الدولة جمال النشاط اإلنتاجي وإدارة ملكية املشروعات الصناعية والتجارية والزراعية نتيجة مساهمة هذه‬
‫املشروعات جبزء كبري يف موارد الدولة؛ لذا كان من الضروري على الدولة إدارة هذه املشروعات بناء على‪:‬‬
‫‪ -‬أسس اقتصادية حديثة تراعى فيها نظريات إدارة األعمال‪ ،‬حتى ميكن إدارتها بكفاءة عالية دون أن تتحمل امليزانية أعباء‬
‫قد تؤدي لفكرة عدم جناح القطاع العام‪،‬‬
‫‪ -‬حتقيق األهداف باستخدام عناصر اإلنتاج ومنها العنصر البشري للوصول ألفضل النتائج بأقل تكلفة وجهد ممكن‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬عالقة علم املالية العامة بعلم اإلدارة‬


‫تعترب دراسة علم املالية العامة وأدواتها وسيلة لتنفيذ وحتقيق أهداف اإلدارة العامة للدولة‪ .‬وعليه يرتبط على املالية‬
‫العامة بعلم اإلدارة العامة عن طريق‪:‬‬
‫‪ -‬العمليات واإلجراءات اليت تقود بها اإلدارة العامة و اليت هدفها تنفيذ وحتقيق السياسة العامة اليت تنتهجها احلكومة‪،‬‬
‫‪ -‬يتوقف جناح عمل إدارة احلكومة على السياسات املالية واالقتصادية اليت تتبعها املالية العامة وعلى حجم النفقات واإليرادات؛‬
‫وبالتالي‪ ،‬تؤثر على حجم النشاط احلكومي واملهام املطلوب منها أداؤها‪،‬‬
‫‪ -‬يظهر أهمية التقسيم اإلداري وحتديد احملليات املختلفة لتحديد دور كل منها ونصيبها يف امليزانية‪ ،‬وطرق توزيع النفقات‬
‫واإليرادات على الوحدات املختلفة‪،‬‬
‫‪ -‬حتديد منط توزيع اإليرادات والنفقات بني امليزانية املركزية والوحدات احمللية‪.‬‬

‫‪ 1‬ختتص اإلدارة العامة بنشاط السلطة التنفيذية يف الدولة على املستوى املركزي أو احمللي أو اإلقليمي‪ ،‬باإلضافة إىل اهليئات واملؤسسات احلكومية املتخصصة واملستقلة‪.‬‬
‫‪ 2‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.36 ،35‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪15‬‬

‫الفصل األول‬
‫النفقـــات العامــــة‬

‫متهيد‪:‬‬
‫نظرا لتطور مفهوم الدولة وتزايد دورها يف النشاط االقتصادي واالجتماعي زاد االهتمام أكثر بالنفقات العامة‪ ،‬حيث‬
‫أصبحت من أهم أدوات السياسة املالية تأثريًا يف خمتلف اجملاالت االقتصادية‪.‬‬
‫وتهدف دراسة النفقات العامة إىل معرفة أثرها على الفرد يف اجلانب االقتصادي واالجتماعي وبالتالي االسرتشاد بعد‬
‫ذلك يف توجيه وتنفيذ االنفاق العام على النحو الذي حيقق أهداف الدولة االقتصادية واالجتماعية وغريها مع األدوات املالية‬
‫األخرى‪ .‬وعليه سيتم دراسة مفهوم النفقات العامة وتطورها وكذا أهم اآلثار االقتصادية اليت ترتتب عنها‪.‬‬
‫وعليه سيتم ختصيص الفصل األول لدراسة ماهية النفقات العامة من خالل تطورها‪ ،‬وتقديم تعريفها وأركانها وقواعد‬
‫وحدودها‪ ،‬ثم نقدم خمتلف تقسيمات النفقات العامة باإلضافة إىل آثار النفقات العامة على بعض املؤشرات االقتصادية‪ ،‬ثم‬
‫نأتي إىل األسباب احلقيقية والظاهرية لزيادة النفقات العامة؛ وهذا باعتبارها مواضيع أساسية للنفقات العامة‪ .‬ونذكرها‬
‫كاآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬ماهية النفقات العامة‪،‬‬
‫ثانيًا‪ :‬تقسيمات النفقات العامة‪،‬‬
‫ثالثًا‪ :‬آثار النفقات العامة‪،‬‬
‫رابعًا‪ :‬ظاهرة تزايد النفقات العامة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪16‬‬

‫املبحث األول‪ :‬ماهية النفقات العامة‬


‫عرف مفهوم النفقة العامة تطورًا مع تطور مفهوم الدولة‪ ،‬وازدياد دورها االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬فازداد حجمها وتعددت‬
‫أنواعها‪ ،‬وأصبحت أداة أساسية يف توجيه السياسة املالية واالقتصادية للدولة‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تطور مفهوم النفقات العامة‬


‫تط ور مفهوم الدولة من دولة حارسة قائمة على محاية األمن يف الداخل والدفاع عن البلد من االعتداءات اخلارجية‪ ،‬إىل‬
‫دولة متدخلة يف الشؤون املالية واالقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬انعكس بدوره على تطور مفهوم النفقات العامة‪.‬‬
‫أوالً‪ -‬املفهوم التقليدي للنفقة العامة‪:‬‬
‫فل م تكن للنفقات العامة األهمية اليت حتتلها يف الوقت احلاضر؛ فقد أهملت النظرية الكالسيكية التقليدية ‪-‬نسبيًا‪-‬‬
‫موضوع النفقات العامة فجعلتها حيادية‪ ،‬ونادوا بضرورة حصر النفقات العامة وتقييدها يف أضيق احلدود‪ ،‬بعدم إنتاجية‬
‫االنفاق احلكومي‪ ،‬واعتربوه هدرًا للثروة الوطنية‪.‬‬
‫ويف ظل هذا الفكر مل مييز التقليديون بني االنفاق العام واخلاص؛ فاعتربوا أن كال من االنفاق العام واخلاص إنفاقًا‬
‫استهالكيًا غري منتج وتضييعًا للثروة الوطنية‪ ،‬وجيب أن ينحصر يف أضيق احلدود لتقليل االستهالك وزيادة االدخار‪ ،‬لتكوين‬
‫رأس املال وتوجيهه حنو الصناعة والتجارة لزيادة اإلنتاج‪ .‬فاألهمية كانت لكمية النفقات ال لنوعيتها‪ ،‬ألن االنفاق البد منه‬
‫للدولة للقيام مبهامها احليادية فقط‪.‬‬
‫وقد اقتصرت الدراسات املالية التقليدية على التعرض للجوانب القان ونية واإلدارية للنفقة العامة‪ ،‬للتقليل واحلد منها‬
‫بالشكل الذي حيول دون التوسع يف تدبري املوارد املالية (كالضرائب) الالزمة لتغطيتها‪.‬‬
‫ثانيًا‪ -‬املفهوم احلديث للنفقة العامة‪:‬‬
‫بتطور دور الدولة والفكر االقتصادي‪ ،‬وظهور النظرية الكينزية تبني عدم صحة فكرة النفقة احملايدة‪ ،‬وضرورة‬
‫تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي‪ ،‬وأنه البد من وجود آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية ألي نوع من أنواع النفقات العامة‬
‫يف االقتصاد عن طريق أدوات السياسة االقتصادية واملالية لتحقيق أهدافها االقتصادية واالجتماعية وتدعيم التنمية‪.‬‬
‫كما أن دور النفقات العامة يف الدولة احلديثة يقوم على زيادة منو االقتصاد الوطين‪ ،‬ومل يعد مقتصرًا على االحتفاظ‬
‫بالتوازن االقتصادي عالجاً لألزمات‪ ،‬وهذا ما أدى إىل زيادة حجم النفقات العامة وتعددها؛ فأصبحت النفقات العامة أدارة‬
‫رئيسية لتدخل الدولة يف مجيع احملاالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬تعريف النفقات العامة وأركانها‬
‫بعد التعرف على تطور مفهوم النفقات العامة‪ ،‬جيب حتديد أركانها وتعريفها‪ ،‬وهذا يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف النفقة العامة‪:‬‬
‫التعريف السائد لدى االقتصاديني للنفقة العامة على أنها "مبلغ نقدي يقوم بدفعه شخص عام من أجل إشباع حاجات‬
‫عامة"‪ .‬وتعرف أيضا على أنها "جمموع املصروفات اليت تقوم الدولة بإنفاقها يف شكل كمية معينة من املال خالل فرتة زمنية‬
‫معينة‪ ،‬بهدف إشباع حاجات عامة معينة للمجتمع الذي تنظمه هذه الدولة"‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬النفقات العامة هي "مبلغ نقدي يصدر عن الدولة أو شخص معنوي عام‪ ،‬قصد حتقيق منفعة عامة"‪.‬‬
‫ومن هذا التعريف يتبني لنا أن للنفقة العامة ثالثة (‪ )03‬أركان‪ ،‬نذكرها كاآلتي‪:‬‬

‫‪ 1‬حياد تلك النفقات العامة معناه أنه ال تؤثر سياسة االنفاق العام يف توازن االقتصاد‪ ،‬أو يف حتديد اجتاهات منوه أو يف أسلوب توزيع الناتج الوطين‪ ،‬وبالتالي ال يؤثر يف اهليكل‬
‫االقتصادي واالجتماعي للدولة‪ .‬وهلذا كانت تقدر النفقات العامة أوال ثم تؤمن اإليرادات الالزمة هلا‪.‬‬
‫‪ 2‬ولعل فكر ة االقتصادي "ساي" وعبارته املشهور " إن أفضل النفقات أقلها حجمًا" خري دليل على هذا االجتاه‪.‬‬
‫‪ 3‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.55 ،54‬‬
‫‪ 4‬حممود حسني الوادي‪ ،‬زكريا أمحد عزام‪ ،‬مبادئ املالية العامة‪ ،‬دار املسرية‪ ،‬عمان‪ ،2007 ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ 5‬عبد املطلب عبد احلميد‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،2005 ،‬ص ‪.173‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪17‬‬

‫ثانيًا‪ -‬أركان النفقات العامة‪ :‬هذه العناصر الثالثة البد أن تتحقق فيها‪ ،‬وبدونها ال تكون النفقة عامة‪.‬‬
‫‪ -1‬النفقة العامة هي مبلغ نقدي‬
‫يتطلب تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي عن طريق النفقات العامة‪ ،‬واليت تتمتع بطابعها النقدي حيث يتم إنفاقها يف‬
‫صورة تدفقات نقدية‪ ،‬ق صد إشباع احلاجات العامة وكذا احلصول على السلع اخلدمات الالزمة لتسيري املرافق العامة‪،‬‬
‫باإلضافة إىل شراء ما يلزمها من األموال اإلنتاجية للقيام باملشاريع العامة وتقديم املساعدات واملنح واالعانات‪.‬‬
‫ذاك أنه مع التطور واالنتقال من االقتصاد املقايضة أو العيين إىل االقتصاد النقدي‪ ،‬مل يعد مقبوالً كما كان سائدًا‬
‫من قبل أن تدفع الدولة لألفراد مقابالً عينيًا مقابل حصوهلا على السلع واخلدمات‪ .‬فبعد اعتماد الدول للنقود كوسيط للتبادل‬
‫وللحصول على السلع واخلدمات أصبح االنفاق العام (وااليراد العام) يتم يف الغالب بشكل نقدي‪ .‬ومن السهل على السلطة‬
‫التشريعية أن تراقب االنفاق النقدي‪.‬‬
‫ويعترب االنفاق النقدي من أفضل صور االنفاق بناء على دعائم أساسية‪ ،‬نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬استخدام الدولة للنقود يسهل حسب النظام املالي احلديث تقرير الرقابة بصورها املتعددة على النفقات العامة حلسن‬
‫استخدامها‪ .‬عكس االنفاق العيين الذي يصعب رقابته وتقييمه؛‬
‫‪ -‬رغم ما يوفره االنفاق العيين من مزايا عينية‪ ،‬إال أنه يؤدي إىل االخالل مببدأ العدالة واملساوة بني األفراد يف االستفادة من‬
‫نفقات الدولة ويف توزيع األعباء والتكاليف العامة بني األفراد؛‬
‫‪ -‬االنفاق العيين يثري مشاكل إدارية وتنظيمية‪ ،‬وقد يؤدي إىل احملاباة وعدم الدقة‪.‬‬

‫‪ -2‬تصدر النفقة العامة عن الدولة أو شخص معنوي عام‬


‫لكي تعدّ النفقة عامة جيب أن تتم مبعرفة شخص عام يتمتع بالشخصية القانونية املستقلة‪ ،‬وحمكوم بقواعد القانون‬
‫العام أي القانون االداري‪ .‬فالصفة القانونية لآلمر باإلنفاق هي اليت تفرق بني النفقة العامة والنفقة اخلاصة‪.‬‬
‫واستند الفكر املالي معيارين للتمييز بني النفقة العامة واخلاصة؛ األول معيار قانوني إداري‪ ،‬والثاني وظيفي أو موضوعي‪.‬‬
‫‪ -1-2‬املعيار القانوني واإلداري‪:‬‬
‫يعتمد هذا املعيار على الطبيعة القانونية اليت تقوم باإلنفاق؛ وعليه‪ ،‬تعترب نفقة عامة إذا قام بها أشخاص القانون العام‪،‬‬
‫أو األشخاص املعنوية العامة‪ ،‬وهي الدولة واهليئات العامة ا لوطنية واحمللية واملؤسسات العامة‪ ،‬وتعترب نفقة خاصة إذا قام بها‬
‫األفراد والقطاع اخلاص واجلمعيات اخلاصة أو أشخاص القانون اخلاص‪.‬‬
‫ويستند هذا املعيار إىل اختالف طبيعة القانون العام على طبيعة نشاط أشخاص القانون اخلاص‪ ،‬ويرجع ذلك إىل أن‬
‫نشاط القانون العام يهدف إىل حتقيق مصلحة اجملتمع العامة ويعتمد يف ذلك على القوانني والقرارات اإلدارية‪ ،‬يف حني يهدف‬
‫نشاط القانون اخلاص إىل حتقيق املصلحة اخلاصة معتمدًا يف ذلك على التعاقد ومبدأ املساواة بني املتعاقدين‪.‬‬
‫ويعد هذا املعيار غري كاف ومل يواكب التطور الذي حلق باحلياة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬كزيادة تدخل الدولة يف‬
‫أوجه النشاط االقتصادي مثل اإلنتاج والتوزيع‪ .‬وعليه‪ ،‬انهيار األساس الذي يقوم عليه هذا املعيار وهو اختالف نشاط الدولة‬
‫عن نشاط األفراد؛ وبالتالي‪ ،‬مت اللجوء إىل املعيار الثاني وهو املعيار الوظيفي‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ال تعترب الوسائل غري النقدية اليت قد تتبعها الدولة للحصول على ما حتتاجه من منتجات أو منح املساعدات من قبيل النفقات العامة‪ .‬كذلك ال تعترب نفقات عامة‬ ‫‪1‬‬

‫املزايا العينية مثل السكن اجملاني‪ ،‬أو النقدية كاإلعفاء من الضرائب‪ ،‬أو الش رفية كمنح األلقاب واألومسة اليت تقدمها الدولة لبعض القائمني خبدمات عامة أو غريهم‬
‫من األفراد‪( .‬أنظر‪ :‬عاد حشيش ود‪ ،‬مصطفى رشدي‪ ،‬مقدمة يف االقتصاد العام (املالية العامة)‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1998 ،‬ص ‪.)148‬‬
‫‪ 2‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.27 ،26‬‬
‫‪ 3‬وعليه ال تعدّ من النفقات العامة تلك اليت يقوم به شخصية خاصة سواء كانت طبيعية أو اعتبارية وسواء قصد بها إشباع حاجة عامة أو خاصة‪ .‬فالتربعات اليت يقدمها األفراد‬
‫لتعبيد الطرق أو إنشاء اجلسور أو بناء املساجد واملستشفيات ال تعدّ من النفقات العامة‪.‬‬
‫يرجع طابع النفقة العامة إىل الوضع القانوني للمنفق؛ فالنفقة العامة هي اليت يقوم بها الشخص املعنوي العام‪ .‬حيث تهدف طبيعة نشاط أشخاص القانون العام إىل حتقيق‬ ‫‪4‬‬

‫املص لحة العامة باالعتماد على سلطة اجلرب‪ ،‬وبذلك ختتلف على طبيعة أشخاص القانون اخلاص الذي يهدف إىل حتقيق املصلحة اخلاصة باالعتماد على التعاقد‪.‬‬
‫‪ 5‬يتفق هذا املعيار مع الفكر الكالسيكي التقليدي الذي يقرت فيه دور الدولة على األمن الداخلي والعدالة وبعض املرافق العامة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪18‬‬

‫‪ -2-2‬املعيار الوظيفي (املوضوعي)‬


‫يستند هذا املعيار على الطبيعة الوظيفية واالقتصادية للشخص القائم باإلنفاق‪ ،‬ال على الطبيعة القانونية له‪ ،‬أي على أساس‬
‫طبيعة الوظيفة اليت ختصص هلا هذه النفقات‪ .‬وعليه‪ ،‬تعد نفقة عامة فقط تلك اليت تقوم بها الدولة مبوجب سلطتها اآلمرة‬
‫وسيادتها على إقليمها‪ ،‬وبالتالي فال تعترب مجيع النفقات العامة اليت تصدر عن األشخاص العامة نفقات عامة‪.‬‬
‫أما ا لنفقات اليت تقوم بها الدولة أو األشخاص العامة ومتاثل نفقات األفراد فإنها تعترب نفقة خاصة‪ .‬وعلى العكس من‬
‫ذلك تعترب النفقات اليت يقوم بها األشخاص اخلاصة؛ الذين فوضتهم الدول يف استخدام سلطتها اآلمرة نفقات عامة‪ ،‬بشرط‬
‫أن تكون هذه النفقات العامة نتيجة استخدام سلطتها السيادية‪.‬‬
‫وعليه جيب أن يتسع مفهوم النفقات العامة ليشمل مجيع النفقات اليت تصدر عن الدولة‪ ،‬احلكومة املركزية واحمللية‪ ،‬اهليئات‬
‫واملؤسسات العامة وشركات القطاع العام‪ ،‬وهو ما يطلق عليه معيار ملكية األموال املنفقة‪.‬‬
‫‪ -3‬هدف حتقيق منفعة عامة‪:‬‬
‫وهذا املعيار تتمة للمعياري ن السابقني‪ ،‬فال ميكن أن تكون نفقة عامة حتى حتقق نفع عام يعود على الصاحل العام‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬ال ميكن اعتبار تلك النفقة اليت تهدف إشباع حاجات خاصة عود على فئة معينة من األفراد‪ ،‬فإذا مجيع األفراد‬
‫متساوون يف حتمل األعباء العامة كالضرائب وغريها فمن العدل أن يتساووا كذلك يف املنفعة العامة‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬قواعد وضوابط النفقات العامة‬


‫يتم بيان القواعد اليت ختضع هلا هذه النفقات‪ ،‬باإلضافة إىل الضوابط اليت حتكم االنفاق العام كاآلتي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬قواعد النفقات العامة‬
‫ميكن إمجال هذه القواعد واألسس يف ضرورة أن تستهدف النفقات العامة حتقيق أكرب قدر من املنفعة مستعملة يف‬
‫ذلك أداة االقتصاد يف النفقات‪ ،‬مع ضرورة وجود طرق ومناهج للمراقبة املختلفة وااللتزام باختاذ اإلجراءات القانونية املقررة‬
‫عند إجراء اإلنفاق العام‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬قاعدة حتقيق املنفعة القصوى‬
‫يقصد بقاعدة املنفعة حتقيق أكرب منفعة ممكنة؛ إذ ال ميكن تربير النفقة العامة إال حبجم الفوائد املرتتبة عليها‪،‬‬
‫وبذلك فإن قيام الدولة بالنفقات العامة يف جمال معني دون احلصول على منفعة تعود على األفراد‪ ،‬معناه أن تدخل الدولة‬
‫باإلنفاق ال مربر له‪.‬‬
‫كما تهدف النفقات العامة إىل حتقيق أكرب قدر من املنفعة بأقل تكلفة ممكنة‪ ،‬أو حتقيق أكرب رفاهية ألكرب‬
‫عدد ممكن من أفراد اجملتمع‪ .‬عن طريق إعادة توزيع الدخل والثروة بني األفراد يف اجملتمع‪ ،‬حبيث تتسع لتشمل مجيع‬
‫النفقات اليت تؤدي إىل‪:‬‬
‫‪ -‬زيادة الطاقة اإلنتاجية للمجتمع‪ ،‬وزيادة إنتاجية الفرد‪ ،‬وحتسني جودة اإلنتاج‪،‬‬
‫‪ -‬حتقيق أكرب قدر من الرفاهية ألكرب عدد من أفراد اجملتمع‪ ،‬وتقليل التفاوت بني الدخول‪،‬‬
‫‪ -‬مواجهة املخاطر اليت يتعرض هلا األفراد نتيجة التقلبات احلادة يف دخوهلم‪ ،‬من خالل ما تقدمه الدولة من إعانات البطالة‬
‫والعجز والشيخوخة وغريها‪.‬‬

‫يستبعد هذا املعيار جزء كبريًا من نفقات الدولة اليت تدخل ضمن النفقات العامة اليت تقوم بها الدولة من إشباع احلاجات العامة اليت ظهرت إثر تطور الدولة مما يصعب‬ ‫‪1‬‬

‫وحيول دون إمكانية قياس ما يعرف باسم االقتصاد العام‪.‬‬


‫‪ 2‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫األصل يف النفقة العامة أن ختدم الصاحل العام وتليب حاجات عامة؛ مثل احملافظة على األمن‪ ،‬التنمية االقتصادية الشاملة‪ .... ،‬إخل‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬وعليه‪ ،‬فإن حتقيق أكرب قدر من املنفعة يعين يف املقام األول أال توجه النفقة العامة لتحقيق املصاحل اخلاصة لبعض األفراد أو بعض فئات اجملتمع دون البعض اآلخر‪ ،‬ملا‬
‫يتمتعون به من نفوذ سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي‪.‬‬
‫‪ 5‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.66 ،65‬‬
‫‪ 6‬مما جتدر اإلشارة إليه هنا‪ ،‬أنه يصعب إخضاع املنفعة اليت تعود على اجملتمع ملقياس واضح منضبط‪ ،‬ذلك إنه للنفقات العامة آثار متعددة‪ ،‬مما يتعذر معه قياس هذه املنفعة‬
‫أو تقديرها على وجه الدقة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪19‬‬

‫وبوجه عام ميكن القول بأن حتقيق أقصى منفعة لألفراد يتوقف على عاملني‪:‬‬
‫‪ -1‬مقدار الدخل النسيب‪ :‬أي أن نصيب كل فرد من الدخل الوطين؛ فكلما زاد مقدار الدخل النسيب وقل التباين بني دخول‬
‫األفراد‪ ،‬كلما أدى ذلك إىل حتقيق رفاهية األفراد‪ .‬ولتحقيق هذه الرفاهية أو حتقيق أقصى منفعة اجتماعية جيب أن تتجه‬
‫سياسة الدولة يف احلصول على إيرادها ويف إنفاقه حنو العمل على زيادة الدخل الوطين‪ ،‬وتقليل التباين بني دخول األفراد‪.‬‬
‫‪ -2‬طريقة توزيع الدخل الوطين على األفراد‪ :‬فزيادة الدخل الوطين يكون بالعمل على حتسني اإلنتاج بزيادة القوى املنتجة من‬
‫جهة وتنظيم اإلنتاج من جهة أخرى‪ .‬أما تقليل التباين بني دخول األفراد فيكون بنقل القوى الشرائية من األشخاص الذين‬
‫تقل عندهم منفعتهم احلدية إىل األشخاص الذين تزداد لديهم تلك املنفعة‪ ،‬أي من جانب أصحاب الدخول املرتفعة إىل‬
‫أصحاب الدخول احملدودة‪ ،‬هذا من ناحية ومن ناحية أخرى بتقليل التباين بني دخل نفس األشخاص وخباصة أفراد الطبقات‬
‫الفقرية يف األوقات املختلفة حتى جتعل احلياة االقتصادية للمجتمع تعرف أكرب قدر من االستقرار‪.‬‬
‫ولتحقيق قاعدة حتقيق املنفعة القصوى؛ تعتمد ال دولة على املعلومات والبيانات اإلحصائية املتوفرة من أجل حتقيق أقصى‬
‫منفعة ممكنة م عتمدة على االعتبارات االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬ودراسة عميقة ملتطلبات االقتصاد واجملتمع‬
‫واملشكالت اليت يواجهها من أجل توجيه هذه النفقات وفق ما حيققه كل منها من منافع مجاعية باحلجم والنوع‪ ،‬والكم‬
‫والتوقيت املناسبني‪ ،‬مع مراعاة حاجة املناطق اجلغرافية املختلفة وكذا املنفعة اليت تعود على الطبقات االجتماعية املختلفة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬قاعدة االقتصاد يف االنفاق وحسن التدبري‬
‫تقتضي هذه القاعدة االبتعاد عن االسراف والتبذير يف االنفاق فيما ال مربر له‪ ،‬وكذا االبتعاد عن الشح والتقتري؛ فيجب أن‬
‫يتم االنفاق بطريقة رشيدة واقتصادية‪ ،‬وبشكل حيقق أكرب منفعة بأقل نفقة‪ ،‬مع وجود دواعي جدية مربرة لإلنفاق‪.‬‬
‫وميكن إيضاح أهمية هذه القاعدة من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬ضبط النفقات العامة يف شتى القطاعات على أساس مراعاة احلاجات احلقيقية الفعلية‪ ،‬بشكل جيعل الدولة ال تتحمل‬
‫النفقات عامة إال إذا كانت ضرورية متامً ا‪ ،‬وبالقدر الالزم فقط‪ ،‬لتحقيق املصلحة العمومية جلميع األفراد‪ ،‬ويتحملون‬
‫يف نفس الوقت أقل عبء مالي ممكن‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي حدوث االسراف والتبذير يف االسراف يف االنفاق العام إىل ضياع األموال‪ ،‬كان من الضروري استخدامها يف جماالت‬
‫حتقق منافع أكرب وأجدى؛‬
‫‪ -‬التبذير واالسراف يف االنفاق يضعف ا لثقة يف مالية الدولة‪ ،‬ملا قد يسببه من ضياع ألموال ضخمة دون أن تولد أية قيمة‬
‫مضافة أو حتمل أية منفعة‪ ،‬وبالتالي يعطي مربر للمكلفني للتهرب من دفع الضرائب؛‬
‫‪ -‬يتطلب حتقيق هذه القاعدة؛ رقابة مالية صارمة‪ ،‬وجهاز إداري عالي الكفاءة‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬قاعدة املوافقة والرتخيص من السلطة املختصة‬
‫يناءً على هذه القاعدة؛ ال يصرف أي مبلغ من األموال العامة إال بعد موافقة وترخيص من اجلهة أو السلطة املختصة‪،‬‬
‫ضمن حدود اختصاصها الزماني واملكاني‪ .‬من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬احرتام اإلجراءات القانونية يف تنفيذ النفقة العامة حسب التدابري التشريعية القائمة إلجراء االنفاق العام‪،‬‬
‫‪ -‬متابعتها مبختلف أساليب الرقابة‪ ،‬لتحقيق أكرب منفعة وأن تتم باقتصاد دون إسراف أو تبذير‪.‬‬

‫‪ 1‬يتم هذا عن طريق عدة اعتبارات عملية‪ ،‬على أن تأخذ بعني االعتبار درجة النمو االقتصادي لكل دولة على حدة‪.‬‬
‫‪ 2‬يتطلب تطبيق مبدأ "أكرب منفعة بأقل تكلفة" أمرين أساسيني؛ هما‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة حتقيق املنفعة العامة بأقل نفقة ممكنة‪ ،‬وهو ما يعرف مببدأ "الوفر يف االتفاق" الذي يتطلب حساب كل من النفقة واملنفعة‪ ،‬والعمل على رفع املنفعة املرتتبة على‬
‫االنفاق سواء يف نطاق إنتاج السلع املالية أو اخلدمات الشخصية‪ .‬فالوحدة النقد ية احلدية من النفقات العامة ال تكون مربرة إال إذا حققت منفعة مجاعية حدية مساوية‬
‫هلا على األقل؛‬
‫‪-‬ضرورة تساوي املنفعة املرتتبة على النفقة العامة مع التضحية اليت تسببها‪ ،‬أي على التضحية اليت تضيعها على املمولني‪ .‬وهو ما يعرف مببدأ "املنفعة احلدية املتساوية"‪،‬‬
‫ول تطبيق هذا املبدأ على االنفاق العام جيب حتديد احلجم الكلي للنفقات العامة‪ ،‬وكذا توزيعها بني خمتلف االستخدامات‪.‬‬
‫‪ 3‬عكس املالية اخلاصة اليت ال حتتاج إىل إجراءات وموافقة مسبقة‪ ،‬بل يكفي أن تصدر املوافقة ممن ميلك حق االنفاق سواء فرد أو شركة خاصة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪20‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ضوابط النفقات العامة‬


‫للن فقات العامة عدة ضوابط تسرتشد بها الدولة عند قيامها باإلنفاق العام لتحقيق أكرب نفع للمجتمع‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -1‬تعادل املنفعة احلدية للنفقات العامة مع املنفعة احلدية هلذه النفقات إذا ما بقيت يف أيدي األفراد وأنفقت من قبلهم‪ .‬ونالحظ‬
‫أن هذه القاعدة تربر فرض الضرائب بنسبة أعلى على األفراد الذين يعود عليهم نفع أكثر من مشروع معني من مشروعات‬
‫الدولة‪ .‬ومن عيوب هذا الضابط ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬يصعب تقدير وحتديد املنفعة‪،‬‬
‫‪ -‬من الصعب انتفاع كل فرد مبقدار ما يدفع من ضريبة‪،‬‬
‫‪ -‬هذا املبدأ يتجاهل أن للد ولة أهداف أخرى من النفقات غري تقديم اخلدمات لألفراد‪.‬‬
‫‪ .2‬تعادل املنفعة احلدية االجتماعية يف كل وجه من أوجه اإلنفاق مع التكلفة احلدية االجتماعية‪ ،‬ويقصد باملنافع احلدية‬
‫االجتماعية مقدار الكسب الذي يعود على أفراد اجملتمع ككل نتيجة للنشاط احلكومي‪ .‬وأما التكلفة االجتماعية احلدية‬
‫فإنها تبني مقدار ما يضحي به اجملتمع من إنتاج القطاع اخلاص نتيجة قيام الدولة بالنشاط‪ ،‬ويف هذه احلالة جيب أن تتساوى‬
‫املنافع احلدية االجتماعية يف األنشطة احلكومية املختلفة‪ ،‬وكذلك من الضروري أن حيقق كل إنفاق تقوم به الدولة من‬
‫املنفعة ما يساوي على األقل ما ضحى به القطاع اخلاص‪.‬‬
‫هناك معايري اقتصادية تسرتشد بها احلكومات والسلطات يف تقييمها لالستثمارات العامة واالختيار بني هذه‬
‫املشروعات لتقرير أكثرها نفعا حسب أهداف اجملتمع وظروف تنميته‪ ،‬منها حجم املشروع‪ ،‬وكثافة استخدام عنصر من‬
‫عناصر اإلنتاج‪ ،‬باإلضافة إىل العائد االجتماعي للمشروع‪ ،‬ومكن تشجع الدول املشاريع اليت تساعد على توفري العمالت‬
‫األجنبية للبلد‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬حدود النفقات العامة‬


‫يتوقف حتديد حجم النفقات العامة على اعتبارات موضوعية أو جمموعة من العوامل‪ ،‬نوجزها فيما يأتي‪:‬‬
‫‪-1‬دور الدولة يف االقتصاد‬
‫حيدد دور الدولة حجم النفقات العامة وأنواعها وأغراضها واليت تزداد وتتنوع مع اتساع هذا الدور وتطوره‪ .‬فتوسع حجم‬
‫النفقات العامة توسعًا كبريًا‪ ،‬كما اتسعت نسبة النفقات العامة إىل الدخل الوطين كذلك؛ وعليه‪ ،‬ميكن القول أن حجم‬
‫النفقات العامة يعتمد على دور الدولة وتدخلها يف خمتلف أوجه النشاط االقتصادي‪ ،‬فكلما اتسع دور الدولة كلما تزايد‬
‫حجم النفقات العامة والعكس بالعكس‪.‬‬
‫‪-2‬مستوى النشاط االقتصادي‪:‬‬
‫يؤدي ارتفاع مستوى النشاط االقتصادي بالضرورة الرتفاع حجم النفقات العامة‪ ،‬والعكس صحيح؛ مما يعين‪ ،‬وجود‬
‫عالقة طردية بينهما‪ .‬وهذا األمر مالحظ خاصة بعد بداية القرن العشرين يف الدول املتقدمة‪ ،‬حيث أدى منو النشاط االقتصادي‬
‫إىل زيادة النفقات العامة‪ ،‬ومدى حساسيتها للتغريات االقتصادية الدورية‪.‬‬
‫يتحدد حجم االنفاق العام يف ضوء مستوى الطلب الفعلي (الطلب على االستهالك‪ ،‬والطلب على االستثمار) الذي جيب‬
‫أن يتحدد عند املستوى الذي حيقق توازن التشغيل الكامل يف الدول املتقدمة‪ ،‬وعند املستوى الذي يلزم لتحقيق التنمية يف‬
‫الدول النامية‪.‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم عبد اهلل‪ ،‬أنور العجارمة‪ ،‬مبادئ املالية العامة‪ ،‬دار الصفاء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.115 ،114‬‬
‫‪ 2‬سبق لنا حتليل تطور دور الدولة بانتقاله من مرحلة الدولة احلارسة إىل مرحلة الدولة املتدخلة‪ ،‬ثم مرحلة الدولة املنتجة‪.‬‬
‫‪ 3‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.92 ،91‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪21‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬فإن النفقات العامة جيب أن تتحدد عند املستوى الذي حيقق معدالً مالئمًا من التنمية االقتصادية للدول‬
‫النامية‪ ،‬بينما جيب أن يتحدد عند املستوى الذي حيقق التشغيل الكامل للدول املتقدمة مع ضرورة التمييز يف هذه احلالة بيم‬
‫حالتني‪:‬‬
‫‪-‬حالة التشغيل الكامل‪ :‬فالنفقات ال عامة جيب أن تتحدد عند احلد الذي حيتفظ بالطلب الفعلي عند مستوى التشغيل الكامل‬
‫لتفادي موجات التضخم‪ ،‬وما يرتتب عليها من ارتفاع األسعار‪ ،‬وانهيار قيمة النقود؛ أي البد من ضبط النفقات العامة‬
‫لتخفيض الطلب الفعلي‪ ،‬نظرًا لعدم مرونة العرض بالنسبة للزيادة يف الطلب الفعلي يف هذه احلالة‪.‬‬
‫‪ -‬حالة التشغيل الناقص (اجلزئي)‪ :‬جيب أن تعمل النفقات العامة على سد النقص يف الطلب الفعلي‪ ،‬والعمل على رفع مستواه‬
‫إىل املستوى املطلوب لتحقيق التشغيل الكامل‪ ،‬وتسمى هذه السياسة بسياسة دعم القوة الشرائية‪.‬‬
‫‪-3‬التطور التكنولوجي‪:‬‬
‫التغريات اهلائلة واملتسا رعة يف اجلانب التكنولوجي واملعلوماتي أدى لزيادة النفقات العامة مبعدالت كبرية‪ ،‬وأثر على‬
‫التقسيم األمثل للناتج الوطين؛ حيث‪ ،‬أدت كثري من االخرتاعات إىل إنشاء طلب عليها وبالتالي زيادة االنفاق العام وتنشيطه‬
‫بدرجة أكرب‪.‬‬
‫‪-4‬مدى إمكانية الدولة يف احلصول على اإليرادات‪:‬‬
‫يتحدد حجم النفقات العامة مبدى قدرة الدولة يف احلصول على اإليرادات العامة؛ ملا هلا من سلطة يف فرض الضرائب‬
‫وإصدار النقود وكذا االقرتاض‪ ،‬عكس األفراد يف متويل نشاطهم اخلاص‪.‬‬
‫كما تتمتع النفقات العامة هلذه األسباب مبرونة كبرية‪ ،‬وإذا كان اهلدف زيادة حجمها يف ظل ثبات الدخل الوطين‬
‫فإنه جيب عليها التحكم يف عدة اعتبارات اقتصادية واجتماعية وسياسية نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬مستوى الدخل الوطين‪ ،‬ومنط توزيعه بني الفئات االجتماعية املختلفة‪،‬‬
‫‪ -‬اعتبارات احملافظة على القوة اإلنتاجية الوطنية وتنميتها‪،‬‬
‫‪ -‬اعتبارات احملافظة على مستوى املعيشة لألفراد‪،‬‬
‫‪ -‬اعتبارات احملافظة على قيمة النقود‪،‬‬
‫‪-5‬احملافظة على قيمة النقود‪:‬‬
‫يتعني على السلطات احلكومية للدولة عند حتديد حجم النفقات العامة مراعاة أثرها على قيمة النقود؛ ذلك أن زيادة النفقات‬
‫العامة إذا أدت لزيادة الطلب الفعلي عن العرض الكلي زيادة ال يستجيب هلا هذا العرض ستؤدي إىل تدهور قيمة النقود‪ ،‬وهو‬
‫ما يؤثر سلبًا على أصحاب الدخول الثابتة‪ ،‬والدائنني‪ ،‬كما تضر بالتنمية االقتصادية حيث سرتتفع تكلفتها‪.‬‬
‫فقيمة النقود نعترب معيارًا مهمًا يف حتديد حجم النفقات العامة؛ ويتحقق ذلك يف حالتني‪:‬‬
‫‪-‬زيادة الطلب الفعلي عن العرض الكلي يف الدول املتقدمة عن املستوى الالزم لتحقيق التشغيل الكامل‪،‬‬
‫‪-‬زيادة الطلب الف علي عن العرض الكلي يف الدول النامية بشكل يستجيب له العرض لعدم مرونة اجلهاز اإلنتاجي‪.‬‬
‫‪-6‬التغريات السكانية‪:‬‬
‫يعترب تغري التعداد السكاني وهيكل التوزيع العمري باإل ضافة على احلرك السكاني للدولة من بني أهم املتغريات‬
‫واحملددات حلجم االنفاق العام؛ حيث أن التغري يف معدل منو السكان يولد تغريات يف هيكل التوزيع العمري للسكان‪،‬‬
‫وبالتالي ينعكس أثره مباشرة يف االنفاق على التعليم والصحة والسكن والرعاية الصحية‪ .‬كما أن ظهور مدن جديدة‬
‫وسكنات ضمن احلراك السكاني يؤدي بدوره إىل الطلب على اخلدامات العامة‪.‬‬

‫‪ 1‬مثال اخرتاع السيارات أدى لزيادة الطلب على السفر وعلى الطريق السريعة والواسعة‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫‪ 2‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ 3‬حيث ترتفع الطاقة املالية للدولة بارتفاع مستوى الدخل الوطين‪،‬‬
‫‪ 4‬حيث تقلل من قدرة ال دولة يف احلصول على الضرائب غري املباشرة‪ ،‬وكذا من إصدار النقود واالقرتاض‪.‬‬
‫‪ 5‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.94‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪22‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬تقسيمات النفقات العامة‬


‫تتعدد أنواع النفقات العامة‪ ،‬ويزداد تنوعها حسب تزايد وتطور نشاط الدولة وتدخلها يف احلياة العامة االقتصادية‬
‫واالجتماعية لألفراد‪ ،‬لتحقيق األهداف امل رجوة‪ .‬لذا تركزت الدراسات العامة احلديثة على حتليل طبيعة كل من هذه النفقات‬
‫العامة وتقسيماتها تبعًا لوضع كل منها وآثاره وانعكاساته‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أهمية حتديد تقسيمات النفقات العامة‬


‫تعود أهمية حتديد تقسيمات النفقات العامة إىل كونها ختدم أغراضا متعددة؛ نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫‪-‬تسهيل دراسة وإعداد الربامج‪ :‬متثل النفقات العامة جزء من ميزانية الدولة فتدخل ضمن حساباتها‪ ،‬وهي مرتبطة بربامج‬
‫معينة تتوىل األجهزة والوحدات العامة إدارتها؛ حبيث يضمن ترتيب تلك احلسابات من خالل تقسيم النفقات تسهيل عملية‬
‫صياغة وإعداد وتنفيذ هذه الربامج؛‬
‫‪-‬حتقيق الكفاءة والفعالية يف تنفيذ امليزانية‪ :‬حتتاج الدولة يف تنفيذ اخلطة املالية إىل تقسيم النفقات العامة ضمن امليزانية‬
‫العامة للدولة حتى تتمكن اجلهات املسؤولة من تقييم وقياس كفاءة تنفيذ كل الربامج؛‬
‫‪-‬خدمة أغراض احملاسبة واملراجعة واملراقبة واالعتماد؛‬
‫‪-‬تسهل دراسة اآلثار املختلفة لألنشطة العامة ومعرفة تطورها‪ .‬ذلك أن‪ ،‬تقسيم النفقات العامة يسهل التعرف على تكلفة كل‬
‫نشاط وتطور تكلفته وأهميته النسبية باملقارنة باألنشطة األخرى؛‬
‫‪ -‬متكني الربملان والرأي العام من إجراء رقابة فعّالة على اجلانب املالي لنشاط الدولة‪ ،‬وبتقييد احلكومة بإنفاق املبالغ اليت‬
‫مت اعتمادها ضمن املوازنة العامة على النحو الذي مت إقراره وليس يف أوجه أخرى‪.‬‬
‫وال يوجد تقسيم أوحد للنفقات العامة متفق عليه‪ ،‬فتقسيم النفقات العامة يعين دراستها من حيث تركيبها ومضمونها‬
‫وطبيعتها؛ وعليه‪ ،‬جند أن أغلب كتاب املالية العامة أسهبوا يف التقسيمات النظرية العلمية‪ ،‬يف حني أخذت الدول بالتقسيمات‬
‫الوضعية كل حسب ما يالءم حاجته وظروفه املالية ودرجة تطوره اقتصاديا واجتماعيًا‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ميكن التمييز بني نوعني رئيسيني لتبويب النفقات العامة وتقسيماتها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬التقسيم العلمي (املوضوعي) للنفقات العامة‪،‬‬
‫‪ -‬التقسيم الوضعي للنف قات العامة‪ ،‬وفق القوانني املطبقة يف كل دولة‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬التقسيمات العلمية أو املوضوعية للنفقات العامة‬


‫يقصد به تلك التقسيمات اليت تستند إىل معايري علمية وموضوعية‪ ،‬تظهر فيها الطبيعة االقتصادية بشكل كبري‪ ،‬من‬
‫أجل معرفة آثار هذه النفقات على احلياة االقتصادية للمجتمع أي على االقتصاد الوطين وآثاره على بعض القطاعات االقتصادية‬
‫(سُمي أيضًا بالتقسيمات االقتصادية)‪ .‬واحتل هذا التقسيم املكانة األوىل لشموله من ناحية‪ ،‬ولفائدته يف جمال التحليل املالي‬
‫والتعرف على آثار النفقات العامة من ناحية أخرى‪.‬‬
‫وميكن ذكر أهم أنواع التقسيمات العلمية للنفقات العامة فيما يأتي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬التقسيم الوظيفي للنفقات العامة (حسب الغرض منها)‬
‫يعدّ هذا التقسيم للنفقات العامة احلديث نسبيًا‪ ،‬حيث أن مفهوم املالية العامة مل يعد مقصورًا على متويل النفقات‬
‫اإلدارية فقط بل أصبح أداة لتنفيذ سياستها اال قتصادية واالجتماعية واملالية‪ ،‬وهو يقوم على تصنيف النفقات العامة حسب‬
‫الوظائف واخلدمات اليت تقوم بها الدولة يف خمتلف اجملاالت‪.‬‬
‫وعليه ميكن توضيح النفقات العامة حسب هذا التقسيم تبعًا للوظائف كاآلتي‪:‬‬

‫‪ 1‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.34 ،33‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪23‬‬

‫نوع النفقة حسب التقسيم الوظيفي للنفقات العامة‬


‫وهي نفقات مرتبطة بتسيري املرافق العامة للدولة‪ ،‬من رواتب وأجور واملكافآت‪ ،‬كما تشمل نفقات األمن‬ ‫‪-1‬النفقات اإلدارية‬
‫والدفاع والعدالة والتمثيل الدبلوماسي‪ ،‬باإلضافة إىل شراء األجهزة واملعدات جلميع الدوائر واملؤسسات‬
‫احلكومية‪ ... ،‬إخل‪.‬‬
‫وهي نفقات تهدف لتحقيق هدف اقتصادي كاالستثمار يف املشاريع االقتصادية‪ ،‬واالعانات واملنح اليت‬ ‫‪-2‬النفقات االقتصادية‬
‫تستهدف متويل االقتصاد باخلدمات األساسية كالطاقة واملواصالت واملطارات واملوانئ والري‪ ... ،‬إخل‪.‬‬
‫وهي النفقات الالزمة للقيام باخلدمات االجتم اعية حبيث تؤدي لتحقيق التنمية االجتماعية لألفراد؛‬ ‫‪-3‬النفقات االجتماعية‬
‫كالتعليم والصحة والضمان االجتماعي‪ ،‬وكذا املبالغ املمنوحة لألفراد ذات الدخل احملدود‪ ... ،‬إخل‪.‬‬
‫تتضمن النفقات العامة املوجهة لتسديد أقساط الدين العام وخمتلف األوراق والسندات املالية‪.‬‬ ‫‪-4‬النفقات املالية‬
‫حيقق التقسيم الوظيفي للنفقات العامة عدة مزايا‪ ،‬نوجزها يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬يتيح حرية كبرية يف تقسيم النفقات العامة حسب الوظائف واألغراض؛ حيث ميكن وضعها يف أنواع حمدودة كما ميكن‬
‫وضعها يف أنواع متعددة‪،‬‬
‫‪-‬ميكن هذا التقسيم السلطة التشريعية واخلرباء من تتبع تطور النفقات العامة على الوظائف املختلفة‪ ،‬وبالتالي تقدير األهمية‬
‫النسبية لوظائف الدولة‪ ،‬وإجراء املقارنات بني وظائف الدولة الواحدة ومقارنتها مع دول أخرى‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬تقسيمات النفقات العامة حسب دوريتها وانتظامها‬
‫منيز وفق هذا التقسيم بني النفقات العادية وغري العادية (االستثنائية)‪ .‬وميكن توضيحها فيما يأتي‪:‬‬
‫النفقات غري العادية‬ ‫النفقات العادية‬
‫‪-‬هي نفقات ال تتكرر بانتظام وال تتميز بالدورية‪،‬‬ ‫‪-‬هي نفقات تنفق بشكل دوري ومنتظم سنويًا‪،‬‬
‫‪-‬مثال ذلك النفقات االستثمارية الضخمة (بناء السدود واملوانئ)‪،‬‬ ‫‪ -‬ال يعين هذا االنتظام والتكرار ثبات مقدار النفقة أو تكرارها بنفس‬
‫ونفقات املشاكل االجتماعية ومواجهة الكوارث الكبرية‬ ‫احلجم‪،‬‬
‫كالفيضانات والزالزل واحلروب‪،‬‬ ‫‪-‬مثال ذلك االنفاق على الرواتب واألجور ملوظفي الدولة واالنفاق على‬
‫‪ -‬حسب الفكر التقليدي تلجأ الدولة للنفقات غري العادية يف ظروف‬ ‫التعليم‪ ،‬العدالة‪ ،‬الصحة‪ ... ،‬إخل‪،‬‬
‫معينة أدت اللتجاء الدولة ملوارد غري عادية (خاصة القروض أو اإلصدار‬ ‫‪-‬حسب الفكر التقليدي للمالية العامة فإن النفقات العادية للدولة جيب‬
‫النقدي اجلديد) لتغطيتها لعدم كفاية املوارد العادية للميزانية‪.‬‬ ‫تغطيتها بإيرادات عادية (أهمها الضرائب والرسوم)‪،‬‬
‫وهناك معايري للتفرقة بني النفقات العادية والنفقات غري العادية‪ ،‬نوجزها فيما يأتي‪:‬‬
‫النفقات غري العادية‬ ‫النفقات العادية‬ ‫معيار التفرقة‬
‫‪-‬نفقات تتم بشكل عرضي وغري متوقع‪ ،‬وال تتم بشكل‬ ‫‪-‬نفقات تتم بانتظام وبصفة دورية كل سنة بصرف‬
‫النظر عن اختالف قيمتها أو حجمها من ميزانية ألخرى‪ .‬دوري‪.‬‬
‫معيار االنتظام‬
‫وجه انتقاد هلذا التقسيم العتماده على عامل الفرتة الزمنية (السنة) حيث توجد بعض النفقات العامة اليت هلا صفة‬
‫والدورية‬
‫االنتظام والدورية يف املدى الطويل (‪ 5‬سنوات مثال) وليس يف املدى القصري (سنة) مثل مشروعات توليد الكهرباء وإنشاء‬
‫الطرق واملطارات واملوانئ‪ ،‬لذلك استبعد هذا املعيار من الفكر املالي احلديث للتفرقة بني النفقات العادية وغري العادية‪.‬‬
‫هي تلك النفقات اليت ال تعطي دخالً‪.‬‬ ‫‪-‬هي تلك النفقات اليت تعطي دخالً‪.‬‬
‫يطبق هنا (الفكر التقليدي) قواعد املشروع اخلاص على املالية العامة؛ وبذلك يعترب القرض كعنصر أساسي يف امليزانية‬
‫ال لرد قيمة القرض وفوائده (مثل مشروعات االتصاالت والسكك‬
‫غري العادية جيب ختصيصيه بتغطية نفقات تولد دخ ً‬
‫احلديدية) ما أعطى مربرا للجوء للقروض‪.‬‬ ‫معيار توليد الدخل‬
‫يؤدي هذا املعيار لتضيق نطاق النفقات غري العاديةـ؛ ومن ثم‪ ،‬نطاق اللجوء إىل القروض العامة‪ ،‬وفقد هذا املعيار أهميته‬
‫بعد انتهاء الفكر التقليدي وتدور دور الدولة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تفوق فكرة اخلدمة العامة على فكرة الربح والتوسع يف تقديم‬
‫اخلدمات اجملانية‪.‬‬

‫‪ 1‬تزداد أهمية هذا النوع من النفقات يف الدول النامية إلجناز البنية التحتية األساسية للتنمية ولعدم أقبال القطاع اخلاص على االستثمار فيها الرتفاع درجة املخاطرة وعائدها‬
‫وألنها حتتاج لرؤوس أموال ضخمة‬
‫‪ 2‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.84 ،83‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪24‬‬

‫‪-‬هي النفقات اليت تسهم يف تكوين رؤوس األموال العينية‬ ‫‪-‬هي تلك النفقات اليت ال تسهم يف تكوين رؤوس‬
‫(تسمى بالنفقات الرأمسالية أو االستثمارية) وهي اليت قد‬ ‫األموال (تسمى بالنفقات اجلارية) وهي نفقات البد منها‬
‫تعطي دخالً‪ ،‬وقد تكون جمرد نفقات إنتاجية ال تعطي‬ ‫لتسيري املرافق العامة للدولة‪.‬‬
‫دخالً‪.‬‬ ‫معيار املساهمة يف‬
‫التفرقة بني النفقات الرأمسالية النفقات اجلارية هلد عدة مربرات نذكرها كاآلتي‪:‬‬ ‫تكوين رؤوس األموال‬
‫‪-‬النفقات الرأمسالية تربر اللجوء إىل القروض العامة بغرض تغطيتها‪،‬‬ ‫العينية‬
‫‪-‬هذه التفرقة تربر األخذ مبيزانية عادية وأخرى غري عادية يف التطبيق العملي‪،‬‬
‫‪-‬تزداد أهمية النفقات الرأمسالية يف ح الة إعادة البناء والتعمري بعد احلروب‪ ،‬وإقامة البنى األساسية وزيادة اإلنتاج ورفع‬
‫معدالت النمو االقتصادي‪.‬؛ ويف هذه احلاالت يتم ضغط النفقات اجلارية من أجل التوسع يف النفقات الرأمسالية‪.‬‬
‫وميكن توضيح مزايا هذا التقسيم يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬مبا أن النفق ات العامة تتكرر بصورة عادية‪ ،‬ما جيعل احلكومة قادرة على تقديرها بدقة‪ ،‬وبالتالي تدبري ما يلزمها من‬
‫اإليرادات العادية‪ ،‬إيرادات أمالك الدولة‪ ،‬والضرائب والرسوم؛‬
‫‪ -‬أما النفقات غري العادية فهي حسب طبيعتها غري متوقعة‪ ،‬وبالتالي سيتم متويلها باللجوء إىل اإليرادات غري العادية‬
‫كالقروض واإلصدار النقدي اجلديد؛‬
‫فقد هذا التقسيم أهميته يف الوقت احلاضر يف ظل املالية العامة احلديثة؛ فمن النادر أن تلتزم الدول بالقاعدة اخلاصة‬
‫باإليرادات العامة‪ ،‬حيث تلجأ يف كثري من األوقات إىل اإليرادات العامة غري العادية بتمويل العجز يف املوازنة العامة أيًّا كان‬
‫مصدر هذا العجز‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬تقسيم النفقات حسب مشوليتها‬
‫تقسم النفقات العامة حسب نطاق سريانها إىل نفقات حملية ومركزية‪ ،‬وميكن توضيحها وشرحها كاآلتي‪:‬‬
‫النفقات املركزية‬ ‫النفقات احمللية‬
‫‪-‬هي تلك النفقات اليت ختدم مجيع مرافق الدولة ومجيع األفراد بغض‬ ‫‪-‬هي تلك النفقات اليت ختصص خلدمة سكان إقليم أو منطقة معينة دون‬
‫النظر عن مكان سكناهم‪،‬‬ ‫سواها‪ ،‬داخل حدود الدولة وذلك حسب التقسيم اإلداري للدولة‬
‫‪-‬يتوىل عملية االتفاق وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة‪،‬‬ ‫(حمافظة‪ ،‬والية‪ ،‬بلدية‪)... ،‬‬
‫‪-‬يتحمل أعباء هذه النفقات املوازنة العامة للدولة حيث ترد يف موازنتها‬ ‫‪-‬يتوىل عملية االنفاق اهليئات واجملالس احمللية‪،‬‬
‫العامة‪.‬‬ ‫‪-‬تتحمل أعباء هذه النفقات بالدرجة األوىل املوازنة احمللية لٌليم أو البلدية‪،‬‬
‫حيث ترد هذه النفقات يف موازناتهم‪.‬‬
‫وللتمييز بني النفقات احمللية واملركزية وضع كتّاب املالية العامة ثالث معايري للتفرقة بينها‪ ،‬نوجزها فيما يأتي‪:‬‬
‫النفقات العامة املركزية‬ ‫النفقات العامة احمللية‬ ‫معيار التفرقة‬
‫‪-‬تعترب نفقات مركزية إذا وجهت لصاحل جمتمع الدولة‬ ‫‪-‬تعترب نفقات حملية إذا وجهت لصاحل أفراد إقليم أو‬
‫بكامله‪،‬‬ ‫منطقة معينة‪،‬‬
‫معيار‬
‫‪-‬مثل‪ :‬نفقات األمن والدفاع‪ ،‬والبحوث العلمية ‪...‬‬ ‫‪-‬مثال‪ :‬نفقات إيصال الكهرباء واملاء واهلاتف‪... ،‬‬
‫املستفيد من النفقة‬
‫‪ -‬من بني مآخذ هذا املعيار أن النفقات املركزية يعود نفعها إىل كل إقليم أو منطقة من الدولة‪ ،‬كما أن النفقات العامة‬
‫احمللية يعود نفعها على مجيع األفراد يف اجملتمع‪.‬‬
‫تعترب نفقة عامة مركزية إذا حتمل اجملتمع عبئها عن طريق‬ ‫‪-‬تعترب نفقة حملية إذا حتمل عبئها جمتمع اإلقليم أو‬
‫املوازنة العامة للدولة‪.‬‬ ‫املنطقة عن طريق املوازنة احمللية‪.‬‬ ‫معيار‬
‫انتقد هذا املعيار كون كثري من النفقات احمللية متول بإعانات من املوازنة العامة للدولة؛ وهلذا فإن عبء النفقات احمللية‬ ‫حتمل عبء النفقة‬
‫يقع على اجملتمع بكامله‪.‬‬

‫خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.117 ،116‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬تربر املالية العامة احلديثة اللجوء إىل أي نوع من أنواع اإليرادات العامة على ضوء الظروف االقتصادية واالجتماعية واملالية السائدة يف الدولة‪.‬‬
‫طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.125‬‬ ‫‪3‬‬

‫خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.119 ،118‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪25‬‬

‫‪-‬تعترب نفقة عامة مركزية إن وردت يف املوازنة العامة للدولة‪.‬‬ ‫‪-‬تكون نفقة عامة حملية إذا وردت يف موازنة اإلقليمـ‬
‫بغض النظر عن املستفيد منها‪ ،‬ومن يتحمل عبئها‪.‬‬
‫‪-‬يعترب بعض االقتصاديني هذا أفضل معري للتفرقة بني النفقة العامة احمللية واملركزية‪ ،‬فمن الناحية اإلدارية بساعد على‬ ‫معيار‬
‫إجراء املقارنة يف االنفاق على مستوى اإلقليم‪ ،‬وحتديد نصيب الفرد من هذا االنفاق‪ .‬كما يسهل عملية متابعة تطور‬ ‫املوازنة اليت ترد‬
‫االنفاق خالل الفرتات املختلفة ما يساعد السلطة املركزية من حتديد حاجات كل إقليم وأولويات كل إقليم‪.‬‬ ‫فيها النفقة‬
‫‪-‬غ ري أنه انتقد من ناحية أن تبويب النفقات العامة وإدراجها يف املوازنة العامة للدولة واملوازنة احمللية يعتمد على اعتبارات‬
‫تارخيية وسياسية خمتلفة‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬تقسيم النفقات العامة تبعًا لتأثريها على اإلنتاج الوطين‬


‫مت تقسيم النفقات العامة من حيث تأثريها على الدخل الوطين إىل نوعني‪ :‬نفقات عامة حقيقية ونفقات عامة حتويلية‪،‬‬
‫وميكن توضيحها كاآلتي‪:‬‬
‫النفقات العامة التحويلية‬ ‫النفقات العامة احلقيقية‬
‫‪-‬هي عادة تتم دون مقابل‪ ،‬وهي تلك النفقات اليت ال تؤدي بصورة‬ ‫‪-‬يقصد بها النفقات املنتجة اليت تتم مبقايل‪ ،‬وتؤدي النفقات العامة‬
‫مباشرة إىل زيادة اإلنتاج الوطين‪ ،‬سوى أنها حتول القوة الشرائية فيما‬ ‫احلقيقية إىل زيادة االنتاج الوطين‪.‬‬
‫بني األفراد واجلماعات‪ ،‬أي أنها تقوم بإعادة توزيع الدخل الوطين‪.‬‬
‫يعترب تقسيم النفقات العامة إىل نفقات عامة حقيقية وحتويلية على قدر كبري من األهمية‪ ،‬خاصة يف جمال التحليل االقتصادي‪ ،‬والتعرف على‬
‫مستوى الطلب الفعلي‪ .‬كما يساعد الدول اليت ترغب يف اتباع سياسة ضبط النفقات العامة بالتعرف على حصة كل من النفقات احلقيقية‬
‫والتحويلية‪ ،‬والرتكيز على ضغط النفقات العامة التحويلية (خاصة يف الدول النامية اليت عليها رفع مستوى النفقات املنتجة لتحقيق أهداف التنمية‬
‫والتطوير)‪.‬‬
‫للتفرقة بني النفقات العامة احلقيقية والنفقات العامة التحويلية يوجد ثالث معايري‪ ،‬نوضحها كاآلتي‪:‬‬
‫النفقات العامة التحويلية‬ ‫النفقات العامة احلقيقية‬ ‫معيار التفرقة‬
‫‪-‬تكون نفقة عامة حتويلية إذا كانت تتم دون مقابل هلا‪.‬‬ ‫‪-‬تكون النفقة العامة حقيقية إذا حصلت الدولة على‬
‫‪-‬تعترب إعانات اإلنتاج نفقات حتويلية ألنها تتم دون مقابل‪.‬‬ ‫خدمات أو أموال عينية مقابل نفقاتها العامة‪،‬‬ ‫معيار‬
‫‪-‬مثل اخلدمات التعليمية والصحية واالجتماعية‪.‬‬ ‫املقابل املباشر‬
‫يقصد باملقابل املباشر ما حتصل عليه الدولة من األموال املادية أو اخلدمات مقابل نفقاتها العامة‪.‬‬
‫‪-‬النفقات العامة التحويلية هي تلك النفقات اليت ختصص‬ ‫‪-‬تعترب نفقات عامة حقيقية إذا أدت الستخدام الدولة‬
‫للمدفوعات اليت تتم دون مقابل‪ ،‬وال تستلزم االستخدام‬ ‫جلزء من موارد االقتصادية للمجتمع إلنتاج السلع‬
‫املباشر جلزء من موارد اجملتمع‪ ،‬وبالتالي ال تؤدي لزيادة‬ ‫وأداء خدمات بهدف إشباع احلاجات العامة‪ ،‬ما يؤدي‬
‫مباشرة يف اإلنتاج الوطين‪.‬‬ ‫خللق إنتاج جديد وحيدث زيادة مباشرة يف اإلنتاج‬
‫‪-‬مثل إعانات املرض والبطالة واملعاشات واالعانات االقتصادية‬ ‫الوطين فيؤدي خللق دخول لألفراد الذين يتلقون‬ ‫معيار‬
‫اليت تدفع إىل بعض املنتجني لتخفيض أسعار السلع‬ ‫املقابل النقدي من الدولة‪.‬‬ ‫الزيادة املباشرة‬
‫واملنتجات اليت ينتجونها‪ .‬وفوائد الدين العام‪.‬‬ ‫‪-‬مثل النفقات املخصصة للدفاع واخلدمات املدنية‬ ‫يف اإلنتاج الوطين‬
‫والتعليم والقضاء واملواصالت والربيد‪.‬‬
‫يعترب شراء سلع وخدمات سبق إنتاجها قبل شرائها من النفقات العامة احلقيقية وليس التحويلية؛ ألنها تؤدي إىل خلق طلب‬
‫جديد على عوامل اإلنتاج‪ ،‬وبالتالي خلق إنتاج جديد‪ ،‬خاصة إذا مت األخذ بعني االعتبار عنصر التوقع يف طبيعة الطلب‬
‫الفعلي ودوره يف حتديد اإلنتاج‪.‬‬

‫خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.119‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ - :‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.121 -119‬‬ ‫‪2‬‬

‫خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.81 ،80‬‬ ‫‪-‬‬
‫ال يغري من طبيعة النفقات احلقيقية‪ -‬اليت حتصل الدولة على مقابل هلا يف صورة سبع أو خدمات‪-‬قيام الدولة بتوزيع هذه اخلدمات بعد ذلك باجملان كاخلدمات التعليمية‬ ‫‪3‬‬

‫والصحية واالجتماعية؛ إذ تعترب نفقاتها من بني النفقات احلقيقية اليت حصلت عليها الدولة يف مقابلها على كل من خدمات املوردين واملقاولني الذين قاموا بعملية االنشاء‬
‫وتزويدها باملعدات الالزمة هلا وخدمات القائمني عليها كاملعلمني واألطباء واملختصني االجتماعيني‪ .‬فالعربة هي واقعة االنفاق وليست العربة بالتوزيع اجملاني‪ ،‬الذي يعترب‬
‫واقعة أخرى الحقة عليها‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪26‬‬

‫‪-‬النفقات العامة التحويلية هي النفقات اليت تؤد إىل استهالك‬ ‫‪-‬نكون أمام نفقات عامة حقيقية إذا كانت الدولة‬
‫املوارد العينية وعناصر اإلنتاج استهالكا غري مباشر‪،‬‬ ‫(الشخص العام) هي اليت تستخدم وبصورة مباشرة‬
‫‪-‬مثل إعانات البطالة واملرض والشيخوخة والعجز والطفولة‪،‬‬ ‫املوارد العينية وعناصر اإلنتاج‪ ،‬أو ما يعرف‬
‫‪-‬فاألفراد الذين تتحول هذه النفقات حلسابهم للمستفيدين هم‬ ‫باالستهالك احلكومي املباشر‪.‬‬
‫معيار من يقوم‬
‫الذين يقومون باالتفاق وباستهالك جزء من املوارد‬ ‫‪-‬مثل رواتب وأجور املوظفني والعمال‪.‬‬
‫باالستهالك املباشر‬
‫االقتصادية للمجتمع وبيست الدولة‪.‬‬
‫للموارد االقتصادية‬
‫‪ -‬ختتلف األهمية النسبية لكل من النفقات العامة احلقيقية والنفقات العامة التحويلية من دولة ألخرى ومن فرتة ألخرى‬
‫للمجتمع‬
‫حسب املرحلة اليت مير بها االقتصاد الوطين؛‬
‫‪ -‬غالبا ما تشكل النفقات العامة التحويلية النسبة األكرب من إمجالي النفقات العامة؛ ويعود ذلك للعديد من األسباب‬
‫أهمها زيادة األخذ بنظام التأمينات االجتماعية وزيادة اإلعانات االجتماعية‪ ،‬إعانات حتسني مستوى املعيشة‪ ،‬وازدياد‬
‫اللجوء إىل القروض العام‪ ،‬باإلضافة إىل انتشار البطالة وانتشار األزمات االقتصادية؛‬

‫وهناك بعض النفقات ثار حوهلا بعض اجلدل من حيث اعتبارها نفقات حقيقية أم نفقات حتويلية نوضحها كاآلتي‪:‬‬
‫اعتبارها نفقة عامة حتويلية‬ ‫اعتبارها نفقة عامة حقيقية‬ ‫النفقة‬
‫‪-‬ألن أصحاب املعاشات حيصلون عليها دون مقابل‪ ،‬وال تؤدي‬ ‫‪-‬اعترباها دخول مؤجلة؛ حيث أن املرتب الذي حيصل عليه‬ ‫املعاشات‬
‫لزيادة الناتج الوطين‪ ،‬كما أن األفراد هم الذين يستخدمون‬ ‫املوظف أثناء فرتة عمله ال يقابل إال جزء من اخلدمة اليت قدمها‬
‫القوة الشرائية للمعاشات‪.‬‬ ‫للدولة‪ ،‬أما اجلزء اآلخر فإنه حيصل عليه بعد انتهاء خدمته‪.‬‬
‫‪-‬تعترب فوائد الدين العام نفقات حتويلية ملا هلا من تأثري كبري‬ ‫‪-‬ألن االنفاق العام بشقيه االستهالكي واالستثماري حيدث زيادة‬ ‫فوائد‬
‫على إعادة توزيع الدخل الوطين‪( .‬معظم نظم احملاسبة الوطنية‬ ‫يف الناتج الوطين عن طريق زيادة الطلب الفعّال‪.‬‬ ‫الدين العام‬
‫تعترب نفقات فوائد الدين العام نفقات حتويلية)‪.‬‬
‫‪-‬التعويضات اليت تدفعها الدولة ملنكوبي احلرب لتعويضهم‬ ‫‪-‬التعويضات اليت تدفعها الدولة لألفراد لتعويضهم عن أضرار‬ ‫تعويضات‬
‫عما حلق بهم وبأمواهلم من أضرار تعترب تعويضات نفقات‬ ‫إصابتهم بسبب أخذ الدولة جلزء من ممتلكاتهم الستخدامها يف‬ ‫احلروب‬
‫حتويلية ألنها تتم بال مقابل؛ وتستند إىل مبدأ التضامن‬ ‫اجملهود احلربي أو االنشاءات املؤقتة على أراضيهم فإنها تعترب‬
‫االجتماعي‪.‬‬ ‫نفقات حقيقية ألنها تتم مبقابل‪.‬‬
‫تقسيمات النفقات التحويلية‪:‬‬
‫قسمت كتب املالية العامة النفقات العامة التحويلية إىل أنواع خمتلفة تبعا للغرض منها؛ فنجد‪:‬‬
‫‪-1‬النفقات العامة التحويلية املباشرة ‪ :‬هي تلك النفقات اليت تتحول من الدولة إىل املستفيد على شكل دخول نقدية‪ ،‬وتعرف‬
‫بالتحويالت النقدية؛‬
‫‪-2‬النفقات العامة التحويلية غري املباشرة‪ :‬هي نفقات يتلقى املستفيد منها سلعة أو خدمة باجملان أو أن يدفع مثنًا يقل عن تكلفة‬
‫إنتاجها‪ ،‬وتسمى بالتحويالت العينية‪.‬‬
‫كما جند تقسيم آخر للنفقات العامة التحويلية يقسمها إىل ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬النفقات العامة التحويلية االجتماعية‪ :‬تتم بال مقابل‪ ،‬وتهدف إىل رفع مستوى معيشة بعض األفراد‪ ،‬أو الطبقات االجتماعية؛‬
‫مثل اإلعانات النقدية اليت تدفعها الدولة إىل بعض األفراد أو الفئات لتحقيق قدر من التوازن االجتماعي مثل تعويضات‬
‫املرض والعجز والشيخوخة والبطالة وإعانات دعم االستهالك‪.‬‬
‫‪ -2‬النفقات العامة التحويلية االقتصادية‪ :‬وهي إعانات متنح لبعض املشروعات اإلنتاجية‪ ،‬أو لبعض فروع اإلنتاج؛ بهدف ختفيض‬
‫نفقات اإلنتاج‪ ،‬وتصريف املنتجات بأمثان منخفضة أو لرفع معدالت الربح‪.‬‬
‫‪ -3‬النفقات العامة التحويلية املالية‪ :‬وتتعلق بفوائد الدين العام واستهالكه باملفهوم التقليدي‪.‬‬

‫خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.83 ،82‬‬ ‫‪1‬‬

‫خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.122 ،121‬‬ ‫‪2‬‬

‫حت تل النفقات العامة املالية التحويلية نسبة كبرية من إمجالي النفقات التحويلية يف الدول النّامية لتفاقم مشكلة الدين العام يف هذه الدول‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪27‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬التقسيم الوضعي للنفقات العامة (وفق القوانني املطبقة يف كل دولة)‬
‫خيتلف هذا التقسيم عن التقسيمات السابقة؛ ذلك أن كثري من الدول تتبنّى أنواعًا من التقسيمات ختتلف كثريًا عن‬
‫التقسيمات العلمية‪ ،‬ويرجع ذلك إىل اختالف النظام االقتصادي والسياسي واملالي‪ ،‬كما حتكمها اعتبارات سياسية وإدارية‬
‫وتارخيية خمتلفة‪ ،‬وكذا مرحلة التطور اليت متر بها الدول؛ غري أنها‪ ،‬جتمع يف كثري من األحيان بني معايري عديدة‪ ،‬وخباصة‬
‫التقسيمات اإلدارية‪ ،‬والتقسيمات الوظيفية واالقتصادية‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬التقسيم اهليكلي اإلداري‬
‫وخنتصر يف التقسيم على تقسيم النفقات العامة يف االقتصاد اجلزائري‪.‬‬
‫حيث توضع االعتمادات املفتوحة مبوجب قانون املالية‪ ،‬حتت تصرف الدوائر الوزارية فيما يتعلق بنفقات التسيري‪ ،‬وكذا‬
‫املتصرفني العموميني الذين يتحملون مسؤولية العمليات املخططة فيما يتعلق بنفقات االستثمار‪.‬‬
‫ختصص هذه االعتمادات وتوزع حسب طبيعتها أو غرض استعماهلا وفقا ملدونات حتدد عن طريق التنظيم‪.‬‬
‫وتنقسم النفقات العامة حسب القانون رقم ‪ 17-84‬املؤرخ يف ‪ 08‬شوال ‪1414‬هـ املوافق لـ ‪1984 / 07 / 07‬م واخلاص بقوانني‬
‫املالية إىل قسمني‪:‬‬
‫‪ -1‬نفقات التسيري ‪ :‬تندرج فيها االعتمادات املالية املخصصة لكل الدوائر الوزارية‪ ،‬فكل وزارة هلا اعتماد مالي خاص بها‬
‫طبقا لقانون املالية للسنة املعنية‪ .‬وهي تسمح للدولة بتسيري وأداء مهامها والتزاماتها اجلارية‪ .‬كما تتضمن نفقات التسيري‬
‫تغطية األعباء العادية الضرورية لتسيري املصاحل العمومية اليت تسجل اعتماداتها يف امليزانية العامة للدولة‪.‬‬
‫وتتوزع نفقات التسيري على أربعة (‪ )04‬أبواب‪:‬‬
‫‪-‬أعباء الدين العمومي‪ ،‬والنفقات احملسومة من اإليرادات‪،‬‬
‫‪-‬ختصيصات السلطات العمومية‪،‬‬
‫‪-‬النفقات اخلاصة بوسائل املصاحل‪،‬‬
‫‪-‬التدخالت العمومية‪.‬‬
‫يدخل الباب األول والثاني ضمن األعباء املشرتكة يف امليزانية العامة‪ ،‬ويتم تفصيلها وتوزيعها مبقتضى مرسك رئاسي‪ .‬أما‬
‫الباب الثالث والرابع فيتعلقان بالدوائر الوزارية‪ ،‬ويتم توزيعها مبوجب مراسيم التوزيع‪.‬‬
‫‪ -2‬نفقات التجهيز (االستثمار) ‪ :‬توزع على خمتلف القطاعات بهدف زيادة الثروة ورأس املال يف اجملتمع‪ .‬حيث تسجل نفقات‬
‫التجهيزات العمومية ونفقات االستثمارات والنفقات بالرأمسال يف امليزانية العامة للدولة على شكل رخص برامج وتنفذ‬
‫باعتمادات الدفع‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬التقسيم الوظيفي‬
‫يتم تقسي م النفقات العامة إىل عدة جمموعات إنفاقيه خمتلفة‪ ،‬وكل جمموعة تكون مرتبطة بأداء وظيفة حمددة من‬
‫الوظائف اليت تقوم بها الدولة؛ فتقسم عادة الوظائف احلكومية إىل وظيفة الدفاع‪ ،‬وظيفة األمن الداخلي‪ ،‬وظيفة الزراعة‬
‫ووظيفة الصحة‪.‬‬
‫وما جتدر اإلشارة إليه‪ ،‬أنه يتم توزيع النفقات على هذه الوظائف وذلك بغض النظر عن اجلهات اإلدارية اليت ستقوم‬
‫بتأدية هذه النفقات‪ ،‬فالوظيفة الواحدة قد يتم تأديتها من طرف أكثر من جهة إدارية حكومية‪ ،‬فمثال وظيفة الصحة ميكن‬

‫‪ 1‬ذلك أن التقسيمات العلمية غري ملزمة للدول‪ ،‬كما ختتلف درجة اعتماد الدول يف تقسيم النفقات العامة على التقسيمات العلمية يف موازنتها العامة‪.‬‬
‫‪ 2‬املادة ‪ 20‬من القانون رقم ‪ 17-84‬املؤرخ يف ‪ 08‬شوال ‪1414‬هـ املوافق لـ ‪ 07‬جويلية ‪1984‬م واخلاص بقوانني املالية‪.‬‬
‫‪ 3‬املادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 17-84‬املؤرخ يف ‪ 08‬شوال ‪1414‬هـ املوافق لـ ‪ 07‬جويلية ‪1984‬م واخلاص بقوانني املالية‪.‬‬
‫‪ 4‬املادة ‪ 05‬من القانون رقم ‪ 21-90‬املؤرخ يف ‪ 24‬حمرم ‪1411‬هـ املوافق لـ ‪ 15‬أوت ‪ 1990‬املتعلق باحملاسبة العمومية‪,.‬‬
‫‪ 5‬املادة ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 17-84‬املؤرخ يف ‪ 08‬شوال ‪1414‬هـ املوافق لـ ‪ 07‬جويلية ‪1984‬م واخلاص بقوانني املالية‪.‬‬
‫‪ 6‬يتفرع الباب إىل أقسام‪ ،‬والقسم يتجزأ بدوره يتجزأ إىل فصول؛ ويشكل الفصل الوحدة القاعدية واملرجعية األساسية يف توزيع اعتمادات امليزانية‪ .‬كما يرمز للفصل بأربعة‬
‫أرقام‪ ،‬الرقمني األوليني على اليسار يدالن على الفصل‪ ،‬أما الرقم الثالث فللداللة على الباب‪ ،‬والرقم الرابع خيص القسم الثاني‪.‬‬
‫‪ 7‬املادة ‪ 06‬من القانون رقم ‪ 21-90‬املؤرخ يف ‪ 24‬حمرم ‪1411‬هـ املوافق لـ ‪ 15‬أوت ‪ 1990‬املتعلق باحملاسبة العمومية‪,.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪28‬‬

‫أ ن يتم تأديتها من خالل وزارة الصحة‪ ،‬ومن خالل وزارة الرتبية الوطنية (الصحة املدرسية)‪...‬إخل‪ ،‬ومنه فإن حتديد النفقات‬
‫العامة على الربامج الصحية يستلزم حتويل النفقات املتوقعة لكل وزارة على الربامج الصحية‪ ،‬وجمموع املنفق على الربامج‬
‫الصحية وذلك مبختلف اجلهات اإلدارية (الوزارات) ميثل اإلنفاق العام على وظيفة الصحة‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬التقسيم االقتصادي‬
‫يركز التقسيم االقتصادي تقسيم النفقات العامة على املهام واألعمال املختلفة اليت متارسها مجيع إدارات الدولة‪،‬‬
‫بشرط أن يتم توزيعها حسب القطاعات االقتصادية (صناعة‪ ،‬زراعة‪ ،‬خدمات‪...‬إخل)‪.‬‬
‫ويهدف هذا التقسيم إىل التمييز بني النفقات اجلارية والرأمسالية يف الوحدة اإلدارية‪ ،‬فكل وحدة إدارية حتتوي على‬
‫نفقات جارية وعلى نفقات رأمسالية (األثاث‪...‬اخل)‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬آثار النفقات العامة‬


‫بعد تطور دور الدولة‪ ،‬أصبح للنفقات العامة عدة آثار‪ ،‬ميكن ت قسيمها إىل آثار اقتصادية وأخرى اجتماعية‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬اآلثار االقتصادية للنفقات العامة‬
‫يرتتب على النفقات العامة أثار اقتصادية متعددة اجلوانب‪ ،‬نذكر أهمها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أثر النفقات العامة على الدخل الوطين‬
‫يتحدد مستوى الدخل الوطين باإلنفاق؛ فكلما زاد اإلنفاق أدى لزيادة الطلب الكلي الفعال على السلع واخلدمات‪،‬‬
‫مما يؤدي لزيادة اإلنتاج ومن ثم الدخل‪.‬‬
‫الدخل الوطين = االستهالك (اإلنفاق) ‪ +‬االدخار‬
‫حسب كينز؛ يتضح أثر االنفاق العام على الدخل الوطين من فكرة أثر مضاعف االستثمار (‪ ،)Multiplier‬وفكرة‬
‫أثر املعجل (‪ .)Acceleration‬وهو ما نوضحه من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫‪-1‬أثر املضاعف‪ :‬مضمون فكرة املضاعف يوضح أن زيادة اإلنفاق االستثماري تؤدي لزيادة الدخل الوطين‪ ،‬ليس فقط مبقدار‬
‫الزيادة األولية‪ ،‬ولكن مبقادير مضاعفة تتحدد يف ضوء ما يؤدي إليه الزيادة يف االستثمار من توالي االنفاق‬
‫على االستهالك‪ .‬حيث‪:‬‬
‫تؤدي النفقات العامة إىل توزيع الدخول على األفراد (مرتبات‪ ،‬أجور ‪ ،)...‬يتم ختصيص جزء منها لالستهالك واآلخر لالدخار‬
‫(وفقًا للميل احلدي لالستهالك أو امليل احلدي لالدخار)‪ ،‬وبالتالي يؤدي اجلزء املخصص لالستهالك بدوره إىل توزيع دخول‬
‫جديدة تذهب إىل االستهالك واالدخار‪ .‬وهكذا تستمر حركة توزيع الدخول خالل ما يعرف بدورة الدخل‪ .‬ويعرب عن‬
‫املضاعف بالعالقة اآلتية‪:‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬
‫=‬ ‫املضاعف =‬
‫امليل احلدي لالدخار‬ ‫‪ − 1‬امليل احلدي لالستهالك‬

‫مالحظات‪:‬‬
‫‪-‬يزداد املضاعف بزيادة امليل احلدي لالستهالك‪ ،‬وينخفض باخنفاضه‪،‬‬
‫‪-‬خيتلف األثر الذي حيدثه املضاعف باختالف مرونة وتوسع اجلهاز اإلنتاجي‪ ،‬حيث كلما كان اجلهاز اإلنتاجي مرنًا وقادرًا‬
‫على التجاوب للزيادات املتتالية يف االستهالك‪ ،‬أنتج املضاعف أثره بشكل ظاهر وملموس‪.‬‬

‫‪ 1‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.97 -95‬‬
‫يف الدول املتقدمة يتسم االستهالك بطول دورته املتتالية‪ ،‬واإلنتاج على جانب كبري من املرونة‪ .‬عكس الدول النامية فأثر املضاعف بها ضعيف رغم ارتفاع امليل احلدي‬ ‫‪2‬‬

‫لالستهالك لدى األفراد‪ ،‬ويرجع ذلك لعدم مرونة جهازها اإلنتاجي‪ ،‬وعدم قدرته على التجاوب مع الزيادة يف االستهالك‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪29‬‬

‫‪-2‬أثر املعجل‪ :‬مضمون فكرة املعجل يشري إىل زيادة االنفاق أو نقصه على حجم االستثمار أو أثر نسبة التغري يف اإلنتاج على‬
‫االستثمار‪ ،‬حيث تؤدي الزيادة األولية يف االنفاق املؤدية إىل اإلنتاج الوطين إىل إحداث زيادة يف االستثمار بنسبة‬
‫أكرب‪ .‬حيث أن‪:‬‬
‫الزيادة يف االنفاق على السلع وزيادة حجم الدخل الوطين والتشغيل خالل عمليات االستهالك املتتالية الناشئة عن زيادة االنفاق األوىل‬
‫(أثر املضاعف) تؤدي بدورها إىل توسيع الطاقة اإلنتاجية للمنتجني بزيادة طلبهم على االستثمار (شراء اآلالت واملعدات اإلنتاجية ‪.)...‬‬
‫ف يلتقي هنا أثر املضاعف بأثر املعجل ويرتبط به من حيث زيادة حجم اإلنتاج (نتيجة لإلنفاق على السلع االستهالكية) بنسبة أكرب‬
‫من االنفاق األولي (أثر املضاعف)‪ ،‬األمر الذي يؤدي إىل زيادة االستثمار (أثر املعجل‪ ،‬أو االستثمار املولد)‪.‬‬
‫يتم حساب املعجل على أساس النسبة بني التغري يف مقدار االستثمار وبني التغري يف مقدار االنفاق (االستهالك)‪.‬‬
‫ويعرب عنه بالعالقة اآلتية‪:‬‬
‫التغري يف االستثمار‬
‫املعجل =‬
‫التغري يف االستهالك )اإلنفاق(‬

‫مالحظات‪:‬‬
‫‪-‬يتوقف مدى األثر الذي املعجل على معامل رأس املال‪ ،‬الذي يوضح العالقة بني رأس املال واإلنتاج وحيدد معامل رأس املال‬
‫الالزم إلنتاج وحدة واحدة من الناتج‪،‬‬
‫‪-‬خيتلف هذا املعامل من قطاع آلخر؛ ومن ثم‪ ،‬يصبح لكل قطاع املعجل اخلاص به‪،‬‬
‫‪ -‬أثر النفقات العامة على االستثمار من خالل فكرة املعجل يتوق على نوع هذه النفقات‪ ،‬وطبيعة امليل احلدي لالستهالك‬
‫لألفراد املستهلكني‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬تأثري النفقات العامة على اإلنتاج‬
‫يتوقف هذا األثر على دخول الدولة جمال اإلنتاج كمنافس أو موجه للنشاط االقتصادي‪ ،‬وتوزيع موارد اجملتمع على أوجه‬
‫النشاط املختلفة؛ وذلك‪ ،‬عن طريق التأثري على قدرة األفراد على العمل ورغبتهم فيه‪ ،‬وتوزيع املوارد على االستخدامات املختلفة‪.‬‬
‫تتجلى هذه اآلثار يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬تؤدي النفقات الرأمسالية أو اإلنتاجية باإلضافة إىل تكوين رؤوس األموال العينية؛ اليت حتدث زيادة مباشرة يف الدخل‬
‫الوطين اجلاري‪ ،‬تقاس مبقدار االستثمارات اجلديدة‪ ،‬إىل زيادة املقدرة اإلنتاجية الوطنية‪.‬‬
‫‪ . 2‬تؤدي النفقات العامة االجتماعية اليت تتمثل يف النفقات املخصصة إلنتاج اخلدمات العلمية والطبية والثقافية والتعليمية‪،‬‬
‫ونفقات التعليم الفين والتدريب املهين واألحباث العلمية واإلعانات االجتماعية؛ إىل زيادة الناتج الوطين اجلاري وزيادة‬
‫املقدرة اإلنتاجية لرأس املال البشري‪.‬‬
‫‪ . 3‬تساهم اإلعانات االقتصادية املمنوحة للمشروعات إىل رفع أرباحها وبالتالي ارتفاع مقدرتها اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪ . 4‬تؤدي النفقات العامة على الدفاع واألمن والعدالة وحتقيق االستقرار‪ ،‬إىل رفع املقدرة اإلنتاجية الوطنية‪.‬‬
‫‪ . 5‬يؤدي اإلنفاق العام على البنية التحتية كالطرق ووسائل النقل واملواصالت‪ ،‬والطاقة وتلك اليت متول التقدم التكنولوجي؛‬
‫إىل خفض نفقة اإلنتاج‪ ،‬وبالتالي إىل رفع األرباح‪ ،‬وزيادة الناتج الوطين‪.‬‬
‫‪ .6‬تؤدي زيادة النفقات العامة يف جمال مشاريع جديدة إىل استحداث وظائف‪ ،‬واستيعاب بعض العاطلني عن العمل‪.‬‬

‫كما يؤثر االنفاق احلكومي على هيكل اإلنتاج يف االقتصاد الوطين من عدة جوانب أخرى نذكر أهمها كاآلتي‪:‬‬
‫‪-‬اإلنفاق احلكومي على املشرتيات من اإلنتاج اجلاري له تأثري كبري على حجم اإلنتاج ومعدالت منوه‪ ،‬بينما اإلنفاق العام على‬
‫املشرتيات من املخزون ال ميثل زيادة حقيقية يف الناتج الوطين؛‬

‫‪ 1‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.99 ،98‬‬
‫‪ 2‬املخزون السلعي يعترب إنتاج فرتات سابقة وليس إنتاجًا جاريًا‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪30‬‬

‫‪ -‬زيادة توجيه الدولة جلزء من اإلنفاق العام حنو التصنيع احلربي يؤدي لتحويل املوارد املتاحة من معادن وطاقات إنتاجية إىل‬
‫سلع غري قابلة لالستهالك الفردي‪ ،‬مما يؤثر على مستوى إنتاج بقية القطاعات؛ ومن ثم‪ ،‬على قيمة الناتج الوطين‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬تأثري النفقات العامة على االستهالك‬


‫تؤثر النفقات العامة على االستهالك بصورة مباشرة فيما يتعلق بنفقات االستهالك احلكومي أو العام من السلع‬
‫واخلدمات‪ ،‬أو من خالل ما توزعه الدولة على األفراد من إعانات للبطالة واملعاشات أو من خالل اإلنفاق على إنشاء مشاريع‬
‫تستوعب عماال يتقاضون أجورا‪ ،‬تذهب إىل االستهالك‪ ،‬وستتناول كل نوع من هذه النفقات على حدة‪.‬‬
‫نفقات االستهالك لدخول األفراد‬ ‫نفقات االستهالك العام (احلكومي)‬
‫‪ -‬من أهم البنود الواردة يف النفقات العامة هو ما يتعلق‬ ‫‪ -‬يقصد بنفقات االستهالك احلكومي العام ما تقوم به الدولة من شراء سلع‪ ،‬ومهام‬
‫بالدخول مبختلف أشكاهلا من مرتبات وأجور أو معاشات‬ ‫لسري املرافق العامة‪،‬‬
‫اليت تدفعها الدولة ملوظفيها وعماهلا (احلاليني والسابقني)‪.‬‬ ‫‪ -‬من أمثلتها النفقات العامة اليت تدفعها الدولة لصيانة املباني احلكومية وشراء‬
‫‪ -‬تعد هذه النفقات من قبيل النفقات املنتجة ألنها تعترب‬ ‫األجهزة واآلالت واملواد األولية الالزمة لإلنتاج العام أو ألداء الوظائف العامة‪ ،‬والنفقات‬
‫مقابل ملا يؤديه هؤالء األفراد من األعمال وخدمات؛ فتؤدي‬ ‫املتعلقة بامللفات واألوراق واألثاث الالزمة للمصاحل احلكومية والوزارات ‪...‬اخل‪.‬‬
‫مباشرة اىل زيادة االنتاج الكلي‪ ،‬ومن ثم فدخول األفراد‬ ‫‪ -‬ميثل هذا النوع من االستهالك نوعا من حتويل االستهالك من األفراد اىل الدولة؛‬
‫تؤدي اىل زيادة االستهالك الذي يؤدي اىل زيادة االنتاج من‬ ‫فبدال من أن تقدم الدولة لألفراد زيادة يف مرتباتهم لزيادة استهالكهم‪ ،‬تقوم هي‬
‫خالل أثر املضاعف‪.‬‬ ‫باإلنفاق مما يؤدي اىل زيادة هذا االستهالك بطريق غري مباشر‪.‬‬
‫يؤدي زيادة اإلنفاق العام لزيادة حجم االستهالك الكلي سواء كان اإلنفاق استهالكيًا أو استثماريًا؛ حيث‪:‬‬
‫‪ -‬يساعد االنفاق العام على السلع االستهالكية يف زيادة الطلب الكلي على السلع االستهالكية‪ ،‬مما يؤدي بدوره لزيادة‬
‫مشتقة على السلع الرأمسالية الالزمة للتوسع يف إنتاج السلع االستهالكية اليت زاد عليها الطلب (أثر املعجل)؛‬
‫‪-‬أما إذا كان اإلنفاق العام على السلع الرأمسالية‪ ،‬فإنه سيزيد من طاقة اجملتمع اإلنتاجية مما يزيد يف دخول األفراد‪ ،‬وترفع‬
‫بالتالي قدرتهم الشرائية‪ ،‬فيزيد استهالكهم من السلع واخلدمات وترتفع مستوى معيشتهم‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬أثر النفقات العامة على األسعار‬


‫تؤثر النفقات العامة عل ى مستوى األسعار من خالل العوامل املؤثرة على الطلب الكلي والعرض الكلي بطريقة مباشرة‬
‫وغري مباشرة‪ .‬وميكن توضيح ذلك من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫‪-1‬تلعب النفقات العامة دورًا مهما يف استقرار األسعار بني العرض والطلب حلماية املستهلك واملنتج عند سعر عادل للطرفني‪:‬‬
‫‪-‬إذا زاد ال عرض على الطلب‪ ،‬أي وجود فائض عرض فإن احلكومة (اإلنفاق العام) تدخل مشرتية للزيادة يف العرض حتى‬
‫ال تنزل األسعار إىل مستوى يضر مصلة املنتجني الزراعيني‪ ،‬أو أنها تشرتي فائض العرض وتقوم بتخزينه أو تصديره‬
‫للخارج مع منح إعانة للمنتجني ألن أسعار التصدير قد تكون أقل من تكلفة اإلنتاج أو األسعار احمللية‪،‬‬
‫‪ -‬أما يف فرتات نقص عرض املنتجات الزراعية‪ ،‬فإن احلكومة (اإلنفاق العام) تقوم بإخراج جزء من املخزون وطرحه يف‬
‫السوق أو زيادة الواردات للحفاظ على استقرار األسعار‪ ،‬ومنعها من االرتفاع الذي قد يضر مبصلحة املستهلكني‪.‬‬
‫كما قد تتبع بعض السياسات املالية أو االئتمانية اليت تؤدي لالستقرار النسيب يف األسعار‪.‬‬
‫‪ -2‬يف كل احلاالت؛ تتحدد األسعار طبقًا لتفاعل قوى العرض والطلب يف السوق‪ ،‬ويقتصر دور احلكومة (اإلنفاق العام) يف‬
‫التأثري على الطلب والعرض (أو تكلفته)‪ ،‬باإلضافة إىل هناك حاالت تؤثر فيها احلكومة (اإلنفاق العام) يف األسعار‬
‫بصرف النظر عن قوى العرض والطلب يف السوق حيث تقوم احلكومة بتحديد اجلربي لألسعار‪ ،‬كأن تلجأ إىل دعم‬
‫السلع اليت حتدد سعرها عند مستوى منخفض عن تكلفة اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ 1‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ 2‬مثال يف اجلزائر؛ تقنني أسعار اخلبز واحلليب‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪31‬‬

‫خامسًا‪ :‬أثر النفقات العامة على مستوى التوظيف‪:‬‬


‫يرتبط مستوى التوظيف حبجم االنفاق االستثماري‪ ،‬وكل زيادة يف اإلنتاج (يف ظل ثبات عناصر اإلنتاج) تؤدي لزيادة‬
‫حجم التوظيف‪ .‬فحسب نظرية كينز؛ فإن الطلب الفعّال هو احملرك ملستوى الناتج (الدخل) الوطين‪ ،‬وبالتالي يف حالة تدني‬
‫مستوى هذا الطلب سيؤدي إىل اخنفاض مستوى التوظيف‪ ،‬وعلى احلكومة يف هذه احلالة العمل على التأثري على حجم‬
‫االستهالك أو االستثمار‪:‬‬
‫‪ -‬تؤثر يف االستهالك عن طريق دفع تعويضات البطالة للعمال‪ ،‬أو تقديم مزيد من اإلعانات واملساعدات االجتماعية‪ ،‬مما‬
‫يؤثر على املقدرة الشرائية للمستهلكني وزيادة معدالت االستهالك لديهم‪،‬‬
‫‪-‬كما تؤثر يف االستثمار عن طريق تشجيع االستثمار اخلاص‪ ،‬عن طريق دفع إعانات للمنتجني أو إعطائهم بعض املزايا‬
‫اجلمركية والضريبية للمشروعات اجلديدة‪ ،‬كما ميكن أن تقوم احلكومة بنفسها باالستثمار العام لتعويض‬
‫النقص يف االستثمار اخلاص‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬اآلثار االجتماعية للنفقات العامة (اآلثار التوزيعية)‬


‫للنفقات العامة آثار اجتماعية تشمل اآلثار على توزيع الدخل ومستوى املعيشة لألفراد‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬تأثري النفقات العامة على توزيع الدخل‬


‫للتعرف على أثر االنفاق العام على منط الدخل الوطين‪ ،‬البد من حتديد سياسة اإليرادات للدولة‪ ،‬ذلك أن ما قد تنهجه‬
‫الدولة بشأن تقليل التفاوت بني الدخول (مبنح إعانة للطبقة حمدودة الدخل) قد يضيع مفعوله باتباع سياسة لإليرادات معينة‪،‬‬
‫كفرض ضرائب مثال على هذه الطبقات‪ ،‬ولذا البد من التنسيق بني السياسة اإلنفاقية وااليرادية‪ ،‬وقد يكون أثر االنفاق‬
‫العام على منط توزيع الدخل مباشرا أو غري مباشر‪:‬‬
‫‪ -1‬يكون أثر االنفاق العام على منط توزيع الدخل مباشرًا بزيادة القوة الشرائية لدى بعض الوحدات اإلنتاجية عن طريق‬
‫االعانات املباشرة (كرفع أجور العمال بنسب متفاوتة أو عن طريق التحويالت االجتماعية واملساعدات النقدية للفئات‬
‫حمدودة الدخل والفئات الفقرية)‪.‬‬
‫‪ -2‬ويكون أثر االنفاق العام على منط توزيع الدخل غري مباشر عن طريق تزويد فئات كعينة ببعض السلع واخلدمات بثمن‬
‫أقل من مثن تكلفتها‪ ،‬وذلك بدفع إعانات استغالل للمشروعات اليت تنتج هذه السلع واخلدمات‪ ،‬كذلك عندما حيصل‬
‫بعض األفراد على سلعة أو خدمة تؤديها اهليئات العامة بال مقابل أو مبقابل يقل عن مثن تكلفتها‪ ،‬وحيث أن هذه اخلدمات‬
‫واملشاريع تستفيد منها طبقات ذوي الدخل املنخفض‪ ،‬فهي تعمل على حتقيق أهداف العدالة يف توزيع الدخول‪ ،‬حيث متوِّّّل‬
‫هذه النفقات من ضرائب ذوي الدخول املرتفعة ويستفيد منها ذوي الدخول املنخفضة‪.‬‬
‫لسياسة إعادة توزيع الدخل بعض اآلثار اجلانبية‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬قد حتد من االدخار‪ ،‬ألن حتويل جزء من الدخل من الطبقات ذات امليل احلدي لالدخار املرتفع قد تؤدي إىل نقص‬
‫االدخارات الكلية‪ ،‬وبالتالي البد على احلكومة من تعويضه بسياسات مالية ونقدية أخرى؛‬
‫‪-‬يعترب عدم عدالة ت وزيع الدخل من أخطر الظواهر اليت تتميز بها الدول النامية‪ ،‬لذا على هذه الدول العمل على احلد‬
‫من الفوارق بني الدخول باستخدام النفقات العامة أو أدوات أخرى كالضرائب‪.‬‬

‫‪ 1‬استخدام النفقات العامة كوسيلة لتحقيق مستوى التوظيف الكامل يتضمن االعرتاف بوجود نسبة من البطالة (االختيارية) قد ترتاوح ما بني ‪ %4 – 3‬من القوة العاملة‪ .‬وبصفة‬
‫عامة؛ يزيد اإلنفاق العام يف فرتات الكساد‪ ،‬ويقل يف فرتات التضخم حتى ال يؤدي لزيادة حدة التضخم وسرعة انهيار اإلنتاج فينقلب التضخم إىل كساد‪.‬‬
‫‪ 2‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ 3‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ 4‬عن طريق التوسع يف اإلنفاق على اخلدمات التعليمية والصحية والسكنية اجملانية‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪32‬‬

‫ثانيًا‪ :‬آثار النفقات العامة على مستوى املعيشة لألفراد‬


‫يُسهم اإلنفاق العام يف حتقيق رفاهية اجملتمع ورفع مستوى املعيشة‪ ،‬وهذا من خالل االنفاق خاصة على اخلدمات‬
‫التعليمية والصحية والغذائية‪ ،‬كما أصبحت النفقات العامة على هذه اخلدمات االجتماعية يشكل نسبة كبرية من اإلنفاق‬
‫العام باعتباره مسؤولية وطنية وأحد أهداف التنمية؛ حيث‪:‬‬
‫‪-‬يعترب اإلنفاق على تلك اخلدمات مبثابة االستثمار البشري املنتج‪ ،‬الذي يؤدي لزيادة إنتاجية األفراد مثل رفع املستوى التعليمي‬
‫لألفراد‪،‬‬
‫‪-‬تع مل الرعاية واخلدمات الصحية على احتفاظ األفراد بالنشاط والقوة من أجل رفع معدالت أداء عملهم‪،‬‬
‫‪-‬حتسني مستوى املعيشة بزيادة اإلنفاق العام يعترب أحد الوس ائل املستعملة للحد من الفوارق بني فئات اجملتمع املختلفة‪.‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬ظاهر تزايد النفقات العامة‬


‫تعد ظاهرة تزايد اإلنفاق العام من أهم الظواهر اليت اسرتعت انتباه االقتصاديني مع زيادة الدخل الوطين‪ ،‬أي هناك‬
‫عالقة طردية حبتة فيما بينهما‪ .‬وجند ظاهرتني أساسيتني يف تزايد االنفاق العام‪ ،‬نوجزهما كاآلتي‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬األسباب الظاهرية لتزايد اإلنفاق العام‬


‫هي عوامل أدت إىل زيادة املبالغ املالية املخصصة لإلنفاق العام دون الزيادة إضافية أو حقيقية يف احلاجات العامة‪ .‬وترجع‬
‫األسباب الظاهرية إىل ثالث عوامل أساسية‪ ،‬نذكرها كاآلتي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تدهور قيمة النقود‬
‫يقصد به اخنفاض قيمة النقود الشرائية مما يؤدي إىل نقص مقدار السلع واخلدمات اليت ميكن احلصول عليها بنفس‬
‫العدد من الوحدات النقدية اليت كان ميكن احلصول عليها من قبل‪ .‬وهناك عالقة ما بني قيمة النقود والنفقات العامة؛‬
‫فاخنفاض قيمة النقود يؤدي إىل زيادة النفقات العامة‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬‬
‫وهذه الظاهرة تفسر لنا ارتفاع أمثان السلع واخلدمات فيرتتب على تدهور قيمة النقود زيادة النفقات ملواجهة هذا‬
‫التدهور‪ ،‬وتظهر الزيادة الظاهرية يف رقم النفقات‪ .‬فالدولة تدفع عدد من وحدات النقد أكرب مما كانت تدفع من ذي قبل‬
‫للحصول على نفس املقدار من السلع واخلدمات‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اختالف طرق احملاسبة املالية‬
‫واملقصود بذلك االختالف يف الوسائل املعتمدة حلسابات احلكومة املالية‪ ،‬وقد اعتمدت طريقتان‪:‬‬
‫‪ -‬األوىل؛ تدعى أسلوب املوازنة الصافية اليت تقوم بها اإلدارات احلكومية خبصم نفقاتها من إيراداتها‪ ،‬وإدراج املبلغ الناتج يف‬
‫املوازنة العامة‪،‬‬
‫‪ -‬الطريقة الثانية ؛ وتسمى املوازنة اإلمجالية‪ ،‬وهي املستعملة حديثًا‪ ،‬فتعمد احلكومة على إدراج أرقام النفقات العامة‬
‫واإليرادات يف املوازنة العامة مما يؤدي إىل تضخم رقم النفقات العامة‪ ،‬وهذا ميثل زيادة ظاهرية يف النفقات العامة‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬زيادة التعداد السكاني‬
‫تؤدي الزيادة السكانية إىل الزيادة يف النفقات العامة؛ ألن الدولة عليها تلبية احلاجات العامة لألفراد من أمن وتنمية‬
‫وتعليم وغريها‪ ،‬وعليه كلما زاد عدد السكان توجب ختصيص مبالغ مالية إضافية تالئم هذه الزيادة‪.‬‬

‫‪ 1‬أول من لفت للظاهرة تزايد النفقات العامة االقتصادي األملاني (فاجنر‪ )1892 ،‬بعد أن قام بدراسة متعلقة بالنفقات العامة وتزايدها من منظور تارخيي اقتصادي مالي؛ حيث‬
‫استنتج أن النفقات العامة كانت حمدودة يف ظل وظيفة الدولة التقليدية‪ ،‬ومن خالل الوظيفة االنتاجية تعاظم دور الدولة وتداخلها يف احلياة االقتصادية والتقدم الفين‬
‫ازدادت لغرض اجتماعي‪ ،‬أما من الناحية االجتماعية أرجع (فاجنر) تزايد النفقات العامة على زيادة يف حجم النفقات العامة لغرض اجتماعي‪.‬‬
‫االرتفاع املستمر يف أسعار السلع واخلدمات يؤدي إىل اخنفاض قيمة النقود وقوتها الشرائية؛ وعليه‪ ،‬احلصول على نفس الكمية من السلع واخلدمات بعد ارتفاع أسعارها‬ ‫‪2‬‬

‫(اخنفاض القوة الشرائية للنقود) يعين زيادة املبالغ املخصصة لإلنفاق العام‪.‬‬
‫‪ 3‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬الوجيز يف املالية العامة‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2000 ،‬ص ‪.64‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪33‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬زيادة مساحة إقليم الدولة‬


‫هذه الزيادة تكون رقمية فقط دون أن تكون زيادة حقيقة‪ ،‬إذ ال توجد زيادة يف املنافع واخلدمات العامة املقدمة إىل‬
‫األفراد فتوسع مساحة إقليم نتيجة للضم أو أي سبب أخر هو توسيع يف اخلدمات نفسها ملواجهة الطلب املتزايدة من السكان‬
‫الذين انضموا إىل الدولة‪ ،‬مبعنى أن السكان األصليني يف اإلقليم ال تصيبهم هذه الزيادة‪ ،‬وإمنا املساحة اجلديدة اليت أضيفت‬
‫إىل الدولة ومن فيها من سكان هم الذين يستفيدون من هذا اإلنفاق‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬األسباب احلقيقية لزيادة النفقات العامة‬
‫وتعرف األسباب احلقيقة بأنّها تلك األسباب اليت تؤدي إىل زيادة يف رقم النفقات العامة يصاحبها زيادة يف حجم وكمية‬
‫اخلدمات العامة (أي زيادة املنفعة العامة)‪ ،‬فتطور دور الدولة وتداخلها يف كافة جوانب احلياة أدى إىل زيادة النفقات العامة‬
‫نتيجة لزيادة احلاجات العامة املقدمة لألفراد وحتسني نوعيتها‪.‬‬
‫وميكن ذكر أهم األسباب املؤدية إىل هذه الزيادة فيما يأتي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أسباب إدارية‬
‫نتيجة لتوسع دور الدولة‪ ،‬وازدياد التدخل يف احلياة االقتصادية ازدادت املرافق اإلدارية العامة أدى إىل زيادة أعداد‬
‫املوظفني وضرورة توفري مستلزمات العمل اإلداري مبا يواكب هذا التزايد مما يفسر لنا الزيادة الواضحة يف اإلنفاق‪ .‬كما‬
‫أن التطوير والتحديث والتدريب يف العمل اإلداري حيتاج إىل زيادة اإلنفاق العام‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أسباب مالية‬
‫بسبب حتول األفكار االقتصادية والتوجه حنو تنويع الدولة ملواردها املالية‪ ،‬واللجوء إىل االقرتاض سواء الداخلي أو‬
‫اخلارجي‪ ،‬فقد أصبحت عملية تسديد الدولة لديونها متثل رقمًا مهمًا من النفقات العامة‪.‬‬
‫كما أدى تدخل الدولة يف احلياة االقتصادية؛ من خالل التدخل حلل املشكالت واألزمات االقتصادية‪ ،‬والعمل على‬
‫حتقيق التوزان العام لالقتصاد وما يتخلل ذلك من اتباع إجراءات وسياسات مالية ونقدية معينة‪ ،‬تتطلب نفقات مالية متزايدة‬
‫ما يعين زيادة يف حجم النفقات العامة‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أسباب اقتصادية‬
‫من أهم األسباب االقتصادية اليت تؤدي إىل الزيادة املستمرة يف النفقات العامة هي زيادة الدخل الوطين وتغري دور الدولة‬
‫والتنافس االقتصادي الدولي‪ ،‬كاآلتي‪:‬‬
‫التنافس االقتصادي الدولي‬ ‫التطور الفعلي للدولة‬ ‫زيادة الدخل الوطين‬
‫أدى التنافس االقتصادي الدولي إىل زيادة يف‬ ‫‪ -‬إذا كان ذلك يف صورة حقيقية تتحمل الدولة‬ ‫‪ -‬تؤدي زيادة ما تقطعه الدولة من الدخل يف‬
‫حجم النفقات العامة فالزيادة يف النفقات‪:‬‬ ‫مسؤولية حتقيق التوازن االقتصادي عند مستوى‬ ‫صورة أعباء عامة وإن مل تكن بالضرورة‬
‫‪ -‬تكون أما يف صورة دعم املشروعات الوطنية‬ ‫التشغيل الكامل ففي حالة الركود والكساد‬ ‫زيادة يف حجم الضرائب أو رفع أسعارها‪،‬‬
‫لتشجيعها على التصدير واملنافسة‪،‬‬ ‫تلجأ الدولة إىل زيادة يف حجم النفقات العامة‬ ‫‪ -‬إن هذه الزيادة يف الدخل تعين زيادة يف‬
‫‪ -‬أو صورة إعانات لتمكني املشروعات‬ ‫وزيادة حجم اإلعانات من أجل رفع مستوى الطلب‬ ‫موارد الدولة وبالتالي زيادة النفقات العامة‪.‬‬
‫الوطنية من الصمود‪.‬‬ ‫الكلي للتوازن‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬أسباب اجتماعية‬
‫مع تطور دور الدولة وتدخلها يف احلياة االقتصادية واالجتماعية؛ أصبح هدفها ال يتمثل فقط يف رفع مستوى الدخل بل‬
‫يف كيفية إعادة توزيعه لتحقيق العدالة االجتماعية وتوفري اخلدمات الصحية والتعليمية‪ .‬وبسبب ميل األفراد يف الوقت احلديث‬
‫لرتكيز السكن يف املدن واملراكز الصناعية‪ ،‬أدى إىل زيادة النفقات العامة املخصصة للخدمات التعليمية والصحية والثقافية‬
‫والكهرباء واملاء اخل‪ .‬وميكن ذكر أسباب أخرى للزيادة كما يأتي‪:‬‬

‫‪ 1‬يف وقتنا احلالي؛ مل تعد الدول تبسط نفوذها من خالل االحتالل والسيطرة املباشرة ألراضي الغري وإن استعيض عنه بالسيطرة االقتصادية والسياسية‪.‬‬
‫‪ 2‬عادل أمحد حشيش‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،1992 ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪ 3‬غري أن اإلنفاق العام يف هذا اجملال يكون أكرب خاصة يف ظل انتشار التسيب اإلداري واالختالسات والرشاوي‪ ،‬والذي يكون على حساب أموال الدولة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪34‬‬

‫‪ -1‬زيادة عدد السكان‪ :‬تؤدي زيادة السكان اجلدد إىل زيادة يف اإلنفاق العام نتيجة لتوسع دور الدولة يف خدماتهم ملواجهة‬
‫زيادة السكان اجلدد‪.‬‬
‫‪ -2‬منو الوعي االجتماعي‪ :‬أدى انتشار التعليم إىل تعزيز فكرة الوعي االجتماعي مما صاحبها تزايد يف مطالب األفراد أكثر‬
‫مما سبق مثل أن يطلبوا تأمني أنفسهم ضد البطالة والفقر‪.‬‬
‫الفرع اخلامس‪ :‬أسباب سياسية‬
‫انعكس انتشار كثري من املبادئ واألفكار السياسية على نفقات الدولة وأدى إىل زيادتها‪ ،‬حيث أصبحت كثري من‬
‫الدول تنفق الكثري من األموال بل وختصص جزء من النفقات العامة ضمن املوازنة العامة للدولة من أجل حتقيق أهداف سياسية‬
‫داخلية وخارجية‪ .‬وميكن أن نذكر منها فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬انتشار املبادئ احلضارية‪ :‬يرتتب على انتشار مبادئ احلضارية وخروج األفراد من حالة العزلة وكذا اإلسراف إىل زيادة‬
‫مسؤولية الدولة اجتاه األفراد وبالتالي زيادة النفقات‪.‬‬
‫‪ -2‬زيادة نفقات التمثيل اخلارجي‪ :‬أدى تطور العالقات الدولية يف اآلونة األخرية إىل اتساع مدى التمثيل الدبلوماسي من جهة‪،‬‬
‫وتطور دور الدولة يف املنظمات الدولية واإلقليمية من جهة أخرى فضال عن واجبات التعاون بني الدول أدى إىل هذه‬
‫الزيادة يف النفقات العامة‪.‬‬
‫الفرع السادس‪ :‬أسباب عسكرية‬
‫أدى انتشار احلروب منذ أواخر القرن التاسع عشر إىل زيادة ختصيص بنود من املوازنة العامة لإلنفاق على التسلح‪،‬‬
‫وجتهيز اجليش بأفضل املعدات وزيادة املنتسبني إليه‪ ،‬إذ غالبا ما تصل النفقات العامة إىل نصف موازنة الدول وخاصة يف‬
‫أوقات احلروب‪ .‬وميكن تلخيص ظاهرة زيادة النفقات ألسباب عسكرية إىل ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬زيادة التوترات والصراعات بني الدول ألسباب سياسية واقتصادية واسرتاتيجية‪،‬‬
‫‪ -‬انتشار استخدام األسلحة احلديثة ذات التكاليف املرتفعة‪،‬‬
‫‪ -‬يتميز اإلنفاق احلربي بسرية األمر مما يؤدي إىل زيادة اإلنفاق‪،‬‬
‫‪ -‬اختالف إسرتاتيجية الدفاع احلديثة عن التقليدية‪ ،‬فلم تعد مقتصرة عن التسلح بل متتد إىل العمل االستخباراتي‪ ،‬ووضع‬
‫خطط الدفاع إىل خارج احلدود‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪35‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫اإليـــرادات العامـــــة‬

‫متهيد‪:‬‬
‫ترتب على التغري يف طبيعة دور الدولة اتساع يف وظائف ها‪ ،‬فقد أصبحت تشمل مجيع النواحي االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية‪ ،‬القيام باملشاريع العمرانية الكربى‪ ،‬والعمل على حتسني شروط املعيشة‪ ،‬ونشر العلم وحفظ الصحة العامة‪ ،‬كما‬
‫أصبحت مسؤولة عن التوازن االقتصادي‪ ،‬وحتقيق معدل مرتفع من النمو ويف إعادة توزيع الدخل الوطين؛ هذا االتساع‪ ،‬نتج‬
‫عنه ظاهرة تزايد النفقات العامة‪ ،‬وتطور يف حجم اإليرادات العامة وتعدد أنواعها وأغراضها‪ ،‬فاإليرادات التقليدية مل تعد‬
‫كافية لتغطية النفقات العامة اليت ال تتوقف عن الزيادة‪.‬‬
‫كما أن دور اإليرادات العامة مل يعد مقصوراً على متويل النفقات العامة‪ ،‬بل أصبح باإلضافة إىل ذلك أداة من أدوات‬
‫التوجيه االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬كتشجيع األنشطة االقتصادية املرغوب فيها أو احلد من تلك األنشطة غري املرغوبة‪ ،‬وتوجيه‬
‫االستثمارات وحماربة التضخم‪ ،‬وحتقيق إعادة يف توزيع الدخل الوطين‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬خنصص الفصل ا لثاني من املطبوعة لدراسة اإليرادات العامة؛ وهذا من خالل دراسة ماهية اإليرادات العامة من‬
‫خالل تقديم تعريفها وخمتلف تقسيمات اإليرادات العامة‪ ،‬ثم خمتلف مصادر اإليرادات العامة من ضرائب ورسوم ودومني‪،‬‬
‫باإلضافة إىل القروض العامة واإلصدار النقدي اجلديد‪ .‬وهذا باعتبارها مواضيع أساسية لإليرادات العامة‪.‬‬
‫واليت نذكرها كاآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬ماهية اإليرادات العامة‪،‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مصادر اإليرادات العامة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪36‬‬

‫املبحث األول‪ :‬ماهية اإليرادات العامة‬


‫شغلت اإليرادات العامة العديد من املفكرين املاليني منذ أقدم العصور‪ ،‬بل ال نبالغ إذا قلنا إنها سبقت يف هذه األهمية‬
‫نظرية النفقات العامة‪ .‬وقد اختلفت هذه األهمية من عصر إىل أخر إىل أن وصلت إىل الشكل أو الدور الذي تقوم به اإليرادات‬
‫العامة اآلن‪ ،‬فحاجة الدولة إىل املال تزداد ازديادًا كبريًا كلما اتسعت مهامها‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تعريف اإليرادات العامة‬
‫نقدم تعريف ماهية اإليرادات العامة‪ ،‬ثم نستعرض التقسيمات املختلفة لإليرادات العامة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف اإليرادات العامة‬
‫تعترب اإليرادات العامة جزء رئيسي من مفهوم املالية العامة‪ .‬لذلك جند عدة تعاريف ملصطلح اإليرادات العامة ( ‪Public‬‬
‫‪ ،)Revenues‬من بينها التعاريف اآلتية‪:‬‬
‫التعريف األول‪ :‬اإليرادات العامة أداة مالية‪ ،‬تتمثل يف جمموعة الدخول اليت حتصل عليها الدولة من املصادر املختلفة من أجل‬
‫تغطية نفقاتها العامة وحتقيق التوازن االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫التعريف الثاني‪ :‬اإليرادات العامة هي جمموع األموال اليت جتبيها الدولة من خمتلف املصادر واجلهات لتمويل النفقات العامة‬
‫وسد احلاجات العامة‪.‬‬
‫التعريف الثالث‪ :‬قيام الدولة مبهامها وذلك عن طريق إنفاقها الذي يغطى باإليرادات العامة‪ ،‬وهي األموال اليت حتصل عليها‬
‫الدولة من خمتلف املصادر كالضرائب والرسوم وعائدات أمالك الدولة والقروض العامة‪.‬‬
‫ومن هذه التعريفات السابقة؛ يتضح لنا تطور مفهوم اإليرادات العامة يف العامل‪ ،‬كما تعددت أنواع ومصادر اإليرادات‬
‫العامة مع ازدياد وظائف الدولة وتدخلها يف الشؤون االقتصادية واالجتماعية‪ .‬فاإليرادات العامة هي الوسيلة املالية اليت متكن‬
‫الدولة من تنفيذ سياستها العامة‪ ،‬واألداة اليت توزع األعباء العامة وفقاً ملبدأ العدالة واملساواة‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬تقسيمات اإليرادات العامة‬
‫توجد تقسيمات خمتلفة لإليرادات العامة‪ ،‬وهي يف احلقيقة تقسيمات نظرية علمية‪ ،‬فضالً عن وجود تقسيمات وضعية‬
‫تسري عليها الدول طبقاً العتبارات إدارية ووظيفية وتارخيية وأحياناً اقتصادية ومالية‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬اإليرادات األصلية واإليرادات املشتقة‬
‫اإليرادات املشتقة‬ ‫اإليرادات األصلية‬
‫هي اليت حتصل عليها الدولة عن طريق اقتطاعها من دخول األفراد‪،‬‬ ‫هي اليت حتصل عليها الدولة مباشرة باعتبارها شخصاً قانونياً له حق التملك‬
‫ومن أمثلتها‪ :‬الضرائب والرسوم والقروض والغرامات واإلتاوات‪.‬‬ ‫ودون أن تقتطعها من دخول األفراد‪ ،‬ومن أهمها إيرادات أمالك الدولة‪.‬‬
‫وترجع هذه التفرقة إىل العصور الوسطى حيث تنازل امللوك (السلطة املركزية) عن حق فرض الضرائب ألمراء اإلقطاع واالعتماد على إيرادات‬
‫أمالك الدولة (كما سبق أن ذكرنا ذلك من قبل)‪ ،‬ولكن بانتهاء عصور اإلقطاع اسرتدت السلطة املركزية حقها يف فرض الضرائب‪ ،‬واليت زاد‬
‫االلتجاء إليها‪ ،‬وبذلك تالشت التفرقة بني اإليرادات األصلية واإليرادات املشتقة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬اإليرادات العادية واإليرادات غري العادية‬
‫اإليرادات غري العادية‬ ‫اإليرادات العادية‬
‫هي تلك اإليرادات اليت ال تتكرر دورياً يف املوازنة العامة‪ ،‬فهي إيرادات‬ ‫هي تلك اإليرادات اليت تتكرر دورياً يف املوازنة العامة‪ ،‬وهي تتضمن‬
‫غري منتظمة أو غري دورية (استثنائية)‪ ،‬ومن أمثلتها‪ :‬القروض العامة‬ ‫إيرادات أمالك الدولة (الدومني) والضرائب والرسوم‪.‬‬
‫واإلصدار النقدي والغرامات‪.‬‬
‫تعرض هذا التقسيم للعديد من االنتقادات‪ ،‬كان من أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬أنها تؤدى إىل توسع الدولة يف االلتجاء إىل اإليرادات غري العادية ملواجهة ما حيدث من عجز يف املوازنة العامة بسبب النفقات غري العادية‪.‬‬
‫‪ -‬كما أنها تفرقة غري مفيدة يف الوقت احلالي‪ ،‬وذلك بعد تدخل الدولة الواسع وتطور دورها االقتصادي واالجتماعي؛ ومن ثم‪ ،‬زيادة االلتجاء إىل‬
‫القروض العامة واإلصدار النقدي ملقابلة النفقات العامة العادية وخدمة الدين العام‪.‬‬

‫‪ 1‬رانيا حممود العمارة‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ 1436 ،‬هـ‪ 2015 /‬م‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.32 ،31‬‬
‫‪ 2‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.87‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪37‬‬

‫ثالثًا‪ :‬إيرادات االقتصاد العام واإليرادات الشبيهة بإيرادات االقتصاد اخلاص‪:‬‬


‫اإليرادات الشبيهة بإيرادات القطاع اخلاص‬ ‫إيرادات االقتصاد العام‬
‫هي تلك اليت حتصل عليها الدولة من ممارستها نشاطاً‬ ‫هي تلك اإليرادات اليت حتصل عليها الدولة مبا هلا من سلطة سيادية‪ ،‬لذلك يطلق عليها‬
‫مياثل النشاط اخلاص ومن أمثلتها إيرادات أمالك‬ ‫اإليرادات السيادية‪ .‬وتشمل الضرائب والرسوم والقروض اإلجبارية والغرامات واستيالء‬
‫الدولة والقروض االختيارية واإلعانات‪.‬‬ ‫الدولة على األموال اليت ال وراث هلا‪ ،‬واإلصدار النقدي اجلديد‪.‬‬
‫يواجه هذا التقسيم مشكلة عدم وجود فاصل حمدد بني اإليرادات املشابهة لالقتصاد العام وإيرادات االقتصاد اخلاص‪ ،‬فالدولة كسلطة عامة‬
‫تتمتع يف استغالهلا للمشروعات العامة الصناعية والزراعية والتجارية بسلطات ال يتمتع بها األفراد‪.‬‬
‫وبالتالي تنعكس هذه السلطات على فرض أمثان ملبيعاتها اليت تتضمن يف معظم األحوال ربح حقيقي‪ ،‬فيفقد هذا التقسيم حجيته القانونية‪ ،‬وذلك‬
‫على الرغم من أن العديد من الدول تأخذ به للفصل بني اإليرادات السيادية واإليرادات الناجتة عن نشاطها االقتصادي‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬اإليرادات اإلجبارية واإليرادات االختيارية‬
‫اإليرادات االختيارية‬ ‫االيرادات اإلجبارية‬
‫إذا مت احلصول على اإليرادات العامة من أفراد اجملتمع اختيارياً‪ ،‬فإننا‬ ‫هذا اإلجبار (أو اإلكراه) يكون من جانب الدولة على األفراد مبناسبة‬
‫نكون بصدد إيرادات اختيارية وهي تشمل القروض االختيارية وإيرادات‬ ‫حصوهلا على بعض اإليرادات العامة‪ ،‬حيث تستخدم سلطتها السيادية‪.‬‬
‫أمالك الدولة واملنح واإلعانات‪.‬‬ ‫ومن أمثلته الضرائب والرسوم والغرامات‪.‬‬
‫يواجه هذا التقسيم مشكلة عدم وجود فاصل حمدد بني اإليرادات املشابهة لالقتصاد العام وإيرادات االقتصاد اخلاص‪ ،‬فالدولة كسلطة عامة‬
‫تتمتع يف استغالهلا للمشروعات العامة الصناعية والزراعية والتجارية بسلطات ال يتمتع بها األفراد‪.‬‬
‫وبالتالي تنعكس هذه السلطات على فرض أمثان ملبيعاتها اليت تتضمن يف معظم األحوال ربح حقيقي‪ ،‬فيفقد هذا التقسيم حجيته القانونية‪ ،‬وذلك‬
‫على الرغم من أن العديد من الدول تأخذ به للفصل بني اإليرادات السيادية واإليرادات الناجتة عن نشاطها االقتصادي‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬إيرادات املوازنة العامة يف اجلزائر‬


‫تتضمن موارد املوازنة العامة للدولة اجلزائرية ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬اإليرادات ذات الطابع اجلبائي‪،‬‬
‫‪ -‬حاصل الغرامات‪،‬‬
‫‪ -‬مداخيل األمالك التابعة للدولة‪،‬‬
‫‪ -‬مقابل اخلدمات املؤداة واألتاوى‪،‬‬
‫‪ -‬املساعدات واهلدايا واهلبات‪،‬‬
‫‪ -‬تسديد رأس املال والقروض والتسبيقات اليت توافق عليها الدولة على امليزانية العامة والفوائد املرتتبة عنها‪،‬‬
‫‪ -‬اإليرادات املختلفة للميزانية اليت ينص القانون على حتصيلها‪،‬‬
‫‪ -‬مداخيل املساهمات املالية للدولة املرخص بها قانونًا‪،‬‬
‫‪ -‬احلصص املستحقة للدولة يف أرباح مؤسسات القطاع العام‪ ،‬احملسوبة واحملصلة وفقًا للشروط احملددة يف التشريع‬
‫اجلاري العمل‪.‬‬
‫كما تعترب الوالية مسؤولة عن تسيري وسائلها املالية‪ ،‬اليت تتكون من‪ :‬حصيلة اجلباية بالرسوم‪ ،‬مداخيل ممتلكاتها‪،‬‬
‫اإلعانات والقروض‪ .‬كما تعترب البلدية مسؤولة عن تسيري املالية اخلاصة‪ ،‬واملتمثلة يف‪ :‬حصيلة املوارد اجلبائية والرسوم‪،‬‬
‫مداخيل ممتلكاتها‪ ،‬اإلعانات والقروض‪.‬‬

‫صفة اإلجبار أو اإلكراه من الدولة هنا تفهم أنها تهدف إىل القيام باألعباء العامة‪ ،‬وأن يتحمل معها هذه األعباء أفراد اجملتمع‪ ،‬وليس ذلك على سبيل القهر‪ .‬حيث يتحمل‬ ‫‪1‬‬

‫كل فرد نصيب مساهمته يف هذه األعباء ط بقًا ملقدرته املالية والتكليفية ألداء اخلدمات العامة؛ وبالتالي‪ ،‬تكون املساهمة هنا آتية من اعتبارات اجتماعية وسياسية‬
‫تتمثل يف التضامن يف حتمل األعباء العامة من كافة أفراد اجملتمع حتى ولو كانت هذه املساهمة إجبارية‪.‬‬
‫‪ 2‬املادة رقم ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 17-84‬املؤرخ يف ‪1984-07-07‬م‪ ،‬واملتعلق بقوانني املالية‪.‬‬
‫‪ 3‬املادة رقم ‪ 132‬من قانون الوالية‪ ،‬رقم ‪ 09-90‬املؤرخ يف ‪1990-04-07‬م‪.‬‬
‫‪ 4‬املادة رقم ‪ 146‬من قانون البلدية‪ ،‬رقم ‪ 08-09‬املؤرخ يف ‪1990-04-07‬م‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪38‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬مصادر اإليرادات العامة‬


‫نظرًا ألن الفكر املالي مل يتفق على تقسيم حمدد لإليرادات‪ ،‬لذلك حناول الرتكيز على التقسيمات العلمية املختلفة‪،‬‬
‫حيث القاسم املشرتك بينها هو مشوهلا ملصادر اإليرادات العامة واملتمثلة يف أمالك الدولة (الدومني)‪ ،‬الضرائب‪ ،‬الرسوم‪،‬‬
‫القروض العامة‪ ،‬اإلصدار النقدي اجلديد‪ .‬ونشري إليها من خالل النقاط اآلتية‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬الضرائب‬


‫تعد الضرائب من أقدم وأهم مصادر ا إليرادات العامة‪ ،‬وقد مثلت الضريبة خالل مراحل طويلة أساس الدراسات‬
‫املالية‪ ،‬وال يرجع ذلك لكونها تعد مصدراً رئيسياً من مصادر اإليرادات العامة فقط‪ .‬ولكن ألهميتها يف الدور الذي تلعبه‬
‫لتحقيق أغراض السياسة املالية‪ ،‬وكذلك ملا تثريه من مشكالت فنية واقتصادية متعلق بفرضها أو بآثارها‪.‬‬
‫ونظام الضريبة نظام قديم منذ العصور األوىل‪ ،‬وقد كانت الضريبة جترب على األفراد يف صورة عينية إىل السلطة‬
‫العامة كنوع من املشاركة يف تغطية النفقات العامة‪ .‬أما اعتماد الدولة على الضريبة يف العصور احلديثة فإنه يكاد يكون‬
‫اعتماداً كلياً‪ ،‬لتغطية نفقاتها العامة‪ .‬وتثري الضريبة مسائل قانونية وفنية عديدة كما أنها يرتتب عليها آثار اقتصادية عديدة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التنظيم القانوني للضريبة‬
‫نتعرض للقواعد القانونية العامة اليت حتكم الضريبة‪ ،‬وذلك من حيث تعريفها وخصائصها‪ ،‬أساس فرض الضريبة‪،‬‬
‫أغراض الضريب ة‪ ،‬التفرقة بني الضريبة وبعض اإليرادات العامة األخرى‪ ،‬القواعد األساسية اليت حتكم الضريبة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف وخصائص الضريبة‬
‫‪ -1‬تعريف الضريبة‪ :‬هناك مفاهيم وتعاريف خمتلفة ومتقاربة ميكن حصر جمملها فيما يأتي‪:‬‬
‫التعريف األول‪ :‬تعرف الضريبة بأنها اقتطاع مالي يدفعها الفرد جربًا إىل الدولة‪ ،‬أو إحدى هيئاتها العامة واحمللية بصورة نهائية‪،‬‬
‫مساهمة منه يف التكاليف واألعباء العامة‪ ،‬دون أن يعود عليه نفع خاص مقابل دفع الضريبة‪.‬‬
‫التعريف الثاني ‪ :‬الضريبة عبارة عن اقتطاع نقدي جربي‪ ،‬تفرضه الدولة على املكلفني‪ ،‬وفقًا لقدراتهم بطريقة نهائية وبال‬
‫مقابل‪ ،‬قصد تغطية األعباء العامة وحتقيق أهداف الدولة املختلفة‪.‬‬
‫‪-2‬خصائص الضريبة‪:‬‬
‫من ا لتعاريف السابقة للضريبة تتضح لنا خصائص الضريبة‪ ،‬واليت نوضحها كاآلتي‪:‬‬
‫‪-1-2‬الضريبة فريضة مالية‪:‬‬
‫فالضريبة استقطاع مالي من ثروة أو دخل األشخاص الطبيعيني أو املعنويني‪ ،‬أي جيب جبايتها من األفراد يف صورة مال‪ ،‬سواء‬
‫كان االقتطاع يتم يف شكل نقدي أو عيين‪.‬‬
‫فمن خالل النظم االقتصادية القدمية‪ ،‬كانت الضريبة تفرض وحتصل يف صورة عينية خاصة يف العصر اإلقطاعي حيث‬
‫القطاع الزراعي وأهميته‪ ،‬فقد كان اإلنفاق العام يتم يف صورة عينية عن طريق اقتطاع جزء من احملصول ويلتزم األفراد‬
‫أو عن طريق إلزامهم بالقيام بعمل معني بدون مقابل أو جمانًا‪.‬‬
‫‪ -2-2‬الضريبة فريضة جربية‪ :‬فالدولة هي اجلهة الوحيدة املخولة بفرض الضريبة ويتم ذلك بالقانون وبصفة جربية‪ ،‬مبعنى أن‬
‫املكلف ليس حرًا يف دفعها من عدمه ولكنه ملزم وجمرب بالدفع‪.‬‬
‫‪ -3-2‬الضريبة تدفع دون مقابل‪ :‬وبدون منفعة خاصة؛ فاملكلف بالضريبة يقوم بأدائها على أساس مساهمة منه يف التكاليف‬
‫واألعباء العامة باعتباره عضوا يف اجملتمع‪ ،‬وليس باعتباره مموال للضرائب‪ .‬كما أن فرض وحتديد مقدار الضريبة ال‬
‫يتوقف على ما يعود مباشرة على امل مول من نفع خاص؛ بل‪ ،‬يتوقف على مقدرته التكليفية‪ ،‬أي أن األعباء الضريبية‬
‫للممولني تتفاوت تبعًا ملقدرتهم املالية ودخوهلم املختلفة‪.‬‬

‫‪ 1‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.133 ،132‬‬
‫‪ 2‬وعليه ‪ ،‬يبدو منطقيا بأنه يساهم يف تغطية أعباء الدولة اليت حتمي األفراد ومتنحهم خدمات عامة مثل األمن والدفاع والعدالة وغريها من اخلدمات العامة‪ .‬وبالتالي ال توجد‬
‫عالقة بني ما يدفعه املكلف للدولة من ضرائب‪ ،‬وما حيصل عليه من منفعة من اإلنفاق العام الذي تقوم به الدولة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪39‬‬

‫‪ -4-2‬الضريبة تدفع بصورة نهائية‪ :‬يدفع األفراد الضريبة للدولة بشكل نهائي‪ ،‬كما أن الدولة ال تلتزم برد قيمتها أو بدفع‬
‫أي فوائد عنها‪ .‬فاملمول ليس له احلق يف اسرتداد املبلغ الذي دفعه للخزينة العامة (حتى ومل تقم الدولة بإنفاقها)‪،‬‬
‫طاملا كان ربط وحتصيل الضريبة قد مت وفقًا لإلجراءات القانونية‪.‬‬
‫‪ -5-2‬الضريبة متكن الدولة من حتقيق النفع العام‪ :‬تعد الضريبة من أهم مصادر اإليرادات العامة على اإلطالق‪ ،‬ولذا فإنها‬
‫متكن الدولة من حتقيق أهدافها خصوصا النفع العام‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الواقعة املنشئة للضريبة‬
‫يقصد بالواقعة املنشئة للضريبة بأنها واقعة متلك الشخص الطبيعي أو املعنوي (كاهليئات واملؤسسات واجلمعيات‬
‫والشركات واملصاحل ذات الشخصية املعنوية أو من كان يف حكمه للعرصة)‪.‬‬
‫ويعرفها أخرون (الواقعة أو التصرف املوجب حلصول الدولة على الضريبة من املكلف)‪.‬‬
‫فدين الضريبة ال يتحقق بذمة شخص ما جملرد صدور قانون الضريبة؛ وإمنا‪ ،‬يتطلب األمر حتى ينشأ ذلك أن يتحقق‬
‫بالنسبة له الشرط الذي حدده قانون الضريبة‪ ،‬وهو ما يعرف "بالواقعة املنشئة للضريبة"؛ واليت تتمثل حبصول الدخل يف نهاية‬
‫السنة املالية بالنسبة للضريبة على رأس املال وعبور السلعة للحدود بالنسبة للضريبة اجلمركية‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬االنعكاس الضرييب‬
‫يعرف انعكاس الضريبة بـأنه عملية نقل املكلف للعبء الضرييب إىل شخص آخر‪ ،‬والذي قد ينقلها إىل غريه‪.‬‬
‫حيث يتم التمييز بني‪:‬‬
‫‪-‬املكلف القانوني‪ :‬هو الذي تتحقق عليه الضريبة ويتم حتصيلها‪،‬‬
‫‪ -‬املكلف احلقيقي‪ :‬هو الذي يتحمل دفع الضريبة فعليًا بعد أن تنعكس عليه وتستقر عنده‪.‬‬
‫ويأخذ شكلني هما‪ :‬انعكاس الضريبة إىل األمام‪ ،‬وانعكاس الضريبة إىل اخللف‪ ،‬وسيتم توضيح ذلك كاآلتي‪:‬‬
‫انعكاس الضريبة إىل اخللف‬ ‫انعكاس الضريبة إىل األمام‬ ‫البيان‬
‫‪-‬هو الشكل الذي ينتقل فيه العبء الضرييب من الشخص التالي‬ ‫‪-‬هو الشكل الذي ينتقل فيه العبء الضرييب من‬
‫إىل الشخص األول (الشخص يف املرحلة السابقة)‪،‬‬ ‫الشخص األول إىل الشخص الذي يليه يف مرحلة تالية‪،‬‬
‫املفهوم‬
‫‪-‬مثال‪ ،‬انتقال الضريبة من العامل إىل رب العمل‪ ،‬أو من املستهلك‬ ‫‪-‬مثال‪ ،‬انتقال الضريبة من املنتج إىل املستهلك‪ ،‬أو من‬
‫إىل املنتج‪.‬‬ ‫البائع إىل املشرتي‪ ،‬أو من رب العمل إىل العامل‪.‬‬
‫‪-‬ختفيض أسعار املشرتيات من قبل املكلف أو مقدرة العامل على‬ ‫‪-‬رفع أسعار املنتج من قبل املكلف أو ختفيض أجر‬
‫رفع أجرة فيتحمل رب العمل ذلك‪،‬‬ ‫العامل من قبل رب العمل‪،‬‬
‫‪-‬حيدث يف فرتات الركود االقتصادي‪،‬‬ ‫‪-‬حيدث يف فرتات االزدهار االقتصادي‪،‬‬ ‫مظاهره‬
‫‪-‬حالة عدم استطاعة رفع سعر املنتجات لتغطية العبء الضرييب‪،‬‬ ‫‪-‬حالة الضرائب غري املباشرة؛ مثل ضرائب اإلنتاج أو‬ ‫أو كيفية انتقاله‬
‫فيضطر دافع الضريبة للضغط بتخفيض أسعار املواد األولية أو‬ ‫املبيعات‪.‬‬
‫أجور العمال‪.‬‬
‫‪-‬االنعكاس الضرييب الكلي‪ :‬عندما يقوم املكلف بنقل املبلغ اإلمجالي للضريبة اليت دفعها على اآلخرين‪،‬‬
‫حاالته‬
‫‪ -‬االنعكاس الضرييب اجلزئي‪ :‬ف ي حالة نقل جزء من املبلغ الضرييب إىل اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -‬بعض الضرائب قابلة لالنعكاس الضرييب؛ خاصة الضرائب غري املباشرة‪ ،‬مثل ضرائب اإلنتاج‪ ،‬وضرائب االستهالك‪،‬‬
‫والضرائب اجلمركية‪،‬‬
‫معايري فهم‬
‫‪ -‬بعض الضرائب هلا صعوبة كبرية يف انعكاسها الضرييب (نقل عبئها)؛ مثل الضرائب على اإليراد العام اليت تستقر على‬
‫االنعكاس‬
‫املكلف القانوني‪،‬‬
‫الضرييب‬
‫‪-‬بعض الضرائب غري قابلة لالنعكاس الضرييب‪ ،‬والذي يتحمل عبئها بالشكل النهائي هو املكلف القانوني مثل ضرائب‬
‫الدخل وضرائب األجور‪.‬‬

‫‪ 1‬هذا ما مييز الضريبة عن القرض العام‪ ،‬حيث تلتزم الدولة قانونًا برد مبلغه للمقرضني دون فوائد منه‪.‬‬
‫‪ 2‬يتوىل القانون الذي يقرر فرض ضريبة معينة إىل حتديد القواعد العامة هلا‪ ،‬أي الشروط العامة الالزمة لتطبيق الضريبة‪.‬‬
‫‪ 3‬طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.96 -93‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪40‬‬

‫رابعًا‪ :‬أهداف الضريبة‬


‫مع تطور دور الدولة وزيادة نشاطاتها وتدخلها يف احلياة االقتصادية؛ تطورت أهداف وأغراض الضريبة‪ .‬حيث صارت‬
‫تفرض لتحقيق عدة أهداف أهمها اهلدف التمويلي (تعترب مصدرًا مهمًا لإليرادات)‪ ،‬باإلضافة إىل بعض األهداف األخرى‬
‫االقتصادية واملالية واالجتماعية والسياسية‪.‬‬
‫وميكن تلخيصها يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬الغرض املالي‪ :‬يعين احلصول على أموال لتغطية النفقات العامة‪ ،‬وبذلك يتم تعبئة املوارد املالية بصورة تضمن الوفاء‬
‫بااللتزامات جتاه األفراد أي متويل اخلدمات العامة وكذا وتوجيهها إىل املشروعات اليت حتقق أغراض التنمية‪ ،‬وتشجيع‬
‫املدخرات واالستثمارات‪،‬‬
‫‪-‬باإلضافة إىل الغرض املالي‪ ،‬للضريبة أغراض سياسية واقتصادية واجتماعية‪:‬‬
‫‪-2‬اهلدف السياسي؛ ففي اجلانب الداخلي متثل الضريبة أداة يف أيدي السلطة احلاكمة يف مواجهة باقي فئات اجملتمع‪ .‬أما يف‬
‫اجلانب اخلارجي‪ ،‬فهي أداة من أدوات السياسة اخلارجية‪ ،‬مثل استخدام الرسوم اجلمركية واإلعفاءات واالمتيازات‬
‫الضريبية لتسهيل التجارة مع بعض الدول‪ ،‬أو رفع الرسوم للحد من التجارة مع دول أخرى‪.‬‬
‫‪-3‬اهلدف االقتصادي ؛ يتمثل يف حتقيق االستقرار االقتصادي وختفيض الضرائب يف فرتة االنكماش لزيادة االنفاق‪ ،‬وزيادة‬
‫الضرائب يف فرتة التضخم المتصاص القوة الشرائية‪ .‬كما أنها تستخدم كنشاط اقتصادي حيقق التنمية االقتصادية‬
‫للدولة يف منح ه إعفاءات ضريبية لتشجيع نشاط اقتصادي حيقق مصاحل اقتصادية للدولة‪ .‬من ضمنها‪:‬‬
‫‪ -‬التقليل من حدة الضغوط التضخمية‪ ،‬واحملافظة على قيمة النقد (نتيجة ازدياد العرض النقدي على العرض السلعي)‪،‬‬
‫‪ -‬محاية الصناعات واملنتجات الوطنية‪ ،‬وتغطية العجز يف ميزان املدفوعات‪،‬‬
‫‪ -‬احلد من استهالك بعض املواد الكمالية (املستوردة)‪ ،‬وتشجيع ملشروعات باإلعفاء من الضرائب (كلي أو جزئي)‪،‬‬
‫‪ -‬جيب اختيار الضرائب اليت يتضمنها اهليكل الضرييب حبيث ال تؤثر على كفاءة نظام السوق‪.‬‬
‫‪-4‬الغرض االجتماعي؛ حيث تعمل الضرائب على إعادة توزيع الدخل الوطين لصاحل الطبقات الضعيفة عن طريق‬
‫اإلعفاءات الضريبية اليت متنحها الدولة لبعض الفئات االجتماعية‪ .‬كما تساهم الضريبة يف احملافظة على‬
‫الصحة العمومية عن طريق فرض ضرائب منخفضة على السلع الضرورية‪ ،‬واملساهمة يف حل مشكلة السكن‬
‫بتشجيع املستثمرين يف قطاع اإلسكان مثل اإلعفاء من الضرائب‪ ،‬بينما تفرض ضرائب مرتفعة على السلع‬
‫املضرة بالصحة كالتبغ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القواعد األساسية يف الضريبة‬
‫تعين جمموعة القواعد العامة اليت حتكم الضريبة‪ ،‬وهي جمموعة املبادئ واألسس اليت يتعني على املشرع إتباعها‬
‫ومراعاتها عند وضع قواعد نظام ضرييب يف الدولة‪ ،‬ومن بني أهم هذه القواعد ما يأتي‪:‬‬

‫‪ 1‬ا قتصر دور الدولة كحارسة يف الفكر املالي التقليدي؛ وبالتالي‪ ،‬كان الغرض من الضريبة غرضًا ماليًا حبتًا من أجل حتقيق إيراد مالي ملواجهة نفقاتها احملدودة لتسيري‬
‫املرافق العامة‪ ،‬دون أن يكون له أثر يف القرارات االقتصادية لألفراد و توزيع دخوهلم‪ .‬كما ختتلف دورها حبسب طبيعة النظام االقتصادي ودرجة النمو االقتصادي للدولة‪.‬‬
‫‪ 2‬أنظر‪ - :‬رانيا حممود عمارة‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.108 ،107‬‬
‫‪-‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.137 -135‬‬
‫‪-‬طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.51- 48‬‬
‫‪ 3‬اهلدف املالي هو اهلدف الوحيد للضريبة وفق الفكر املالي التقليدي‪ ،‬حيث ما حتققه الضريبة من أهداف اجتماعية واقتصادية مل يكن مقصودًا حبد ذاته‪.‬‬
‫‪ 4‬حتقيق هدف معني من خالل الضريبة جيب أال يكون على حساب األهداف األخرى للمجتمع؛ فمثالً استخدام اإلعفاءات الضريبية لزيادة االستثمارات جيب أال يكون على‬
‫حساب عدالة توزيع الدخل يف اجملتمع‪.‬‬
‫‪ 5‬يعرف هذا بـ"احلياد الضرييب" ؛ أي يف حالة عدم القدرة على حتقيق عدم تأثري الضريبة على كفاءة السوق‪ ،‬إلنه جيب العمل أن يكون أثر الضرائب على قوى السوق عند‬
‫أدنى مستوى له‪.‬‬
‫‪ 6‬هناك قواعد أخرى لكنها تدخل ضمن املذكورة‪ ،‬مثل‪ :‬االستقرار‪ ،‬املرونة‪ ،‬الوضوح‪ ،‬الوفرة‪ ،‬القدرة على الدفع‪... ،‬اخل‪.‬‬
‫‪ 7‬أنظر‪ - :‬رانيا حممود عمارة‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.115 -110‬‬
‫‪-‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.134‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪41‬‬

‫‪ -1‬قاعدة العدالة‪ :‬ال بد أن تكون الضريبة عادلة من حيث مساهمة املكلفني يف دفع الضرائب كل حسب مقدرته ومبا‬
‫يتناسب مع حجم دخله‪ .‬حيث يتم توزيع العبء املالي العام على أفراد اجملتمع كل حسب استطاعته قصد حتقيق‬
‫العدالة يف توزيع األعباء العامة على األفراد‪.‬‬
‫‪ -2‬قاعدة املالءمة‪ :‬حيث جيب أن تراعي التشريعات الضريبية تنظم الضريبة بصورة تتناسب وتالءم ظروف املكلفني بها‪ ،‬أي‬
‫البد أن جتبى الضريبة يف الوقت والطريقة اليت تالئم املكلف‪ ،‬حتى ال تثقل على املكلف وال تؤدي إىل التهرب الضرييب‪.‬‬
‫‪ -3‬قاعدة اليقني‪ :‬مبعنى أن تكون الضريبة واضحة من حيث املقدار وموعد الدفع وكيفية الدفع‪ .‬حبيث حتدد بقانون يوضح‬
‫قيمة الضريبة‪ ،‬وأسس احتسابها والواقعة املنشأة للضريبة واملصروفات الواجب خصمها‪ ،‬ومعيار السداد حبيث تربط‬
‫على قواعد حمددة توضح التزامات املكلف جتاه اخلزينة العم ومية من جهة تقيد اجلهة اإلدارية بالقانون دون ترك‬
‫فرصة للتعسف يف التقدير‪.‬‬
‫‪ -4‬قاعدة االقتصاد يف النفقات‪ :‬مراعاة هذه القاعدة يضمن للضريبة فعاليتها كمورد هام تعتمد عليه الدولة‪ .‬مبعنى أنه ما‬
‫يصرف من نفقات وتكاليف من أجل حتصيل الضريبة (مثل نفقات أجور املوظفني‪ ،‬وسائل االتصال والنقل‪ )... ،‬جيب‬
‫أن تكون ضئيلة ومتدنية وتتم بأسهل وأيسر الطرق ال تكلف اإلدارة املالية مبالغ كبرية‪ ،‬فزيادة أجهزة إدارية‬
‫وتوظيف عدد كبري من املوظفني خمالف لقاعدة االقتصاد‪ ،‬حيث قد تتجاوز حصيلة الضريبة ذاتها‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التنظيم الفنّي للضريبة‬
‫يعرف التنظيم الفين بأنه جمموع القواعد واألنظمة واإلجراءات املتعلقة بفرض الضريبة‪ ،‬واليت تظهر من خالل حتديد‬
‫وعاء الضريبة ومعدهلا وحتصيلها‪.‬‬
‫‪ -1‬وعاء الضريبة‪:‬‬
‫يعرف بأنه املادة اليت ختضع للضريبة‪ ،‬وهو الشيء أو اجملال اخلاضع للضريبة أو حمل الضريبة نفسها‪ ،‬وبيان أسلوب‬
‫الوصول إليها وطرق تقديرها‪ .‬وقد تكون هذه املادة أمواالً (رأس مال‪ ،‬دخل) أو تصرفًا أو نشاطً معينًا أو أشخاصًا‪ .‬وبالتالي‬
‫فإن املادة الضريبية تعين العنصر االقتصادي الذي خيضع للضريبة‪ ،‬وتشكل املادة اخلاضعة للضريبة مصدر الضريبة‪.‬‬
‫حتديد وعاء الضريبة خيضع ألسلوبني‪:‬‬
‫‪-‬التحديد الكيفي لوعاء الضريبة؛ حيث يتم االعتماد على الظروف الشخصية للمكلف عند فرض الضريبة‪ ،‬حيث‬
‫تتطلب التفرقة بني عينية الضريبة وشخصية الضريبة‪.‬‬
‫‪-‬التحديد الكمي لوعاء الضريبة؛ هنا يتوقف حجم احلصيلة الضريبية على طريقة حتديد الوعاء الضرييب أو تقدير‬
‫قيمة الدخل اخلاضع للضريبة‪ ،‬وهذا باستخدام عدة أسس منها‪:‬‬
‫‪-‬طريقة املظاهر اخلارجية‪،‬‬
‫‪ -‬طريقة التقدير اجلزايف‪،‬‬
‫‪-‬طريقة التقدير املباشر‪،‬‬
‫‪-‬التقدير بواسطة اإلدارة الضريبية‪.‬‬

‫أثارت هذه القاعدة جدال بني مفكري املالية حيث مرت مبراحل؛ فقد مت ربط بداية بني حتقيق العدالة وبني الضريبة النسبية‪ ،‬واليت مبقتضاها يتحدد سعر نسيب للضريبة‬ ‫‪1‬‬

‫من دخل الفرد (مثالً ‪ %10‬من دخ ل الفرد)‪ ،‬غري أن هذا املبدأ تعرض للنقد حيث تضر بأصحاب الدخل احملدود وبالتالي ال حتقق مبدأ العدالة واملساواة‪ .‬ما دفع علماء‬
‫املالية لرتك فكرة الضريبة النسبية واللجوء إىل الض ريبة التصاعدية؛ حيث تفرض بنسب تتغري بتغري قيمة املادة اخلاضعة للضريبة (الدخل) (مثالً سعر الضريبة ‪،% 10‬‬
‫‪ %20 ،%15‬على دخول األشخاص الدخل األقل يأخذ السعر األقل والدخل األكثر يأخذ السعر األكثر)‪ .‬وبالتالي‪ ،‬حتقق الضريبة التصاعدية قدرًا من العدالة واملساواة‬
‫بني املكلفني بها‪.‬‬
‫‪ 2‬أنظر‪ - :‬خباية عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫‪ -‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.134 ،133‬‬
‫‪ 3‬يقصد بعينية الضريبة؛ أن الضريبة تفرض على الدخل بغض النظر عن شخصية املكلف أو ظروفه العائلية أو االجتماعية‪ .‬أما شخصية الضريبة‪ ،‬معناها أن الضريبة تفرض‬
‫على الدخل أخذة بعني اال عتبار املركز الشخصي والظروف الشخصية للمكلف (املركز االجتماعي‪ ،‬مصدر الدخل‪ ،‬املركز املالي)‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪42‬‬

‫‪ -2‬معدل أو سعر الضريبة‪:‬‬


‫يقصد به العالقة أو النسبة بني مبلغ الضريبة واملادة اخلاضعة هلا‪ ،‬وهو النسبة املئوية أو املبلغ احملدد الذي تفرضه‬
‫التشريعات الضريبية على املادة اخلاضعة للضريبة‪ ،‬وتكون هذه النسب ثابتة أو قد تتغري كذلك املبلغ الضرييب‪.‬‬
‫عرف النظام الضرييب صورًا متعددة لسعر الضريبة‪ ،‬حيث يقوم حتديد معدل الضريبة من قبل السلطات العامة قصد‬
‫تغطية أعبائها‪ ،‬وتعد عملية حتديد هذا املعدل كثرية التعقيد الرتباطها بعدة عوامل اقتصادية‪ ،‬ومالية‪ ،‬وسياسية واجتماعية‪.‬‬
‫‪ -3‬حتصيل الضريبة‪:‬‬
‫يقصد به جمموع العمليات واإلجراءات اليت تهدف إىل نقل دين الضريبة من ذمة املكلفني إىل اخلزينة العامة وفقًا‬
‫للقواعد قانونية‪ ،‬والضريبة املطبقة يف هذا الصدد‪ .‬وتعترب أهم املراحل اليت متر بها الضريبة؛ ألن أي إخفاق يف التحصيل‬
‫يعترب ضياع للجهود والتكاليف اليت أنفقت من أجل الضريبة؛ ويتم حتصيل الضريبة بعدة طرق منها‪:‬‬
‫‪ -‬التوريد املباشر؛ بعد حدوث الواقعة املنشأة للضريبة‪ ،‬يتم حتديد مقدار الضريبة‪ ،‬وبعدها تقوم اإلدارة الضريبية بإبالغ‬
‫دفع الضريبة مبقدارها ومواعيد وخطوات دفعها‪ ،‬ويكون الوفاء أما مباشرة دفعة واحدة أو على شكل دفعات‪.‬‬
‫‪-‬األقساط املقدمة ؛ يدفع املمول أقساط دورية خالل السنة املالية طبقًا إلقرار يقدمه عن دخله املتوقع وحسب قيمة الضريبة‬
‫املستحقة عن السنة املاضية‪ ،‬على أن تتم التسوية النهائية للضريبة بعد تسويتها زيادة أو نقصانًا‪.‬‬
‫‪-‬احلجز من املنبع ؛ يلزم القانون شخصًا ثالثًا بتحصيل الضريبة من املمول وتوريدها إىل اخلزينة العامة‪ .‬وتتميز بـ‪ :‬سهولة‬
‫وسرعة التحصيل‪ ،‬استحالة التهرب من الضريبة‪ ،‬ال يشعر بها املمول يف أإلب األحيان وجيهل مقدارها‪ ،‬اخنفاض‬
‫النفقات اجلبائي ة‪ ،‬تدفق اإليرادات اجلبائية بصفة مستمرة خالل السنة املالية‪.‬‬
‫‪-4‬الطاقة الضريبية والضغط الضرييب‬
‫‪-1-4‬مفهوم الضغط الضرييب ‪ :‬يستخدم لدراسة التوزيع الفعلي للضرائب على األفراد‪ ،‬ومدى مطابقته ملبادئ العدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وحساب العبء املباشر وغري املباشر الذي يتحمله الفرد يف فئات الدخل املختلفة‪ .‬وحيسب الضغط‬
‫الضرييب حبساب متوسط نصيب الفرد من جمموع الضرائب واملقارنة بينه وبني متوسط دخل الفرد‪.‬‬
‫‪-2-4‬مفهوم الطاقة الضريبية‪ :‬غرضها دراسة الضغط الضرييب على اجملتمع ككل‪ ،‬ومعرفة مدى حتمل األفراد للضرائب‬
‫وإمكانية التوسع يف فرض ضرائب جديدة‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬أنواع الضرائب‬
‫تعددت أنواع الضرائب واختلفت صورها الفنية نتيجة لتطور مفهوم الضريبة وتطور دور الدولة يف النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫حيث تنقسم الضرائب إىل عدة أنواع ختتلف باختالف الزاوية اليت ينظر عليها‪ ،‬نوجزها فيما يأتي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬من حيث حتمل عبء الضريبة‬
‫‪-1‬التقسيم إىل ضرائب مباشرة وغري مباشرة‬
‫تنقسم الضرائب من حيث حتمل عبء الضريبة إىل ضرائب مباشرة وغري مباشرة‪.‬‬
‫‪ -1-1‬الضرائب املباشرة‪ :‬الضر ائب املباشرة هي تلك اليت تفرض إما على الدخل أو رأس املال؛ ولقد عرف بعض الكتاب‬
‫الضرائب املباشرة بأنها الضريبة اليت تفرض على عناصر تتمتع نسبيًا بالدوام واالستقرار مثل ضريبة كسب‬
‫العمل‪ ،‬ضريبة األرباح التجارية والصناعية والضريبة العقارية‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر‪ - :‬خباية عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪ -‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫يقصد بقواعد حتصيل الضريبة القواعد القانونية اليت حددها التشريع الضرييب جلباية الضريبة؛ من حيث‪ :‬الواقعة املنشئة للضريبة‪ ،‬طرق حتصيل الضريبة‪ ،‬وضمانات‬ ‫‪2‬‬

‫حتصيل الضريبة‪.‬‬
‫سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.199‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.167‬‬
‫يعترب هذا التقسيم من أهم التقسيمات على اإلطالق؛ كما هناك شبه إمجاع على أن الضرائب املباشرة هي ضرائب على الدخل والثروة‪ ،‬بينما الضرائب غري املباشرة هي‬ ‫‪5‬‬

‫ضرائب على التداول واإلنفاق‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪43‬‬

‫‪ -2-1‬الضرائب غري املباشرة‪ :‬ويطلق عليها اسم ضرائب اإلنفاق‪ ،‬وذلك لكونها تفرض على الدخل مبناسبة إنفاقه‪ ،‬لذا فهي‬
‫تصيب الدخل بطريقة غري مباشرة‪ ،‬حيث أنه من املمكن نقل عبئها ودافع الضريبة هو الذي يتحملها مثل‬
‫الضرائب اجلمركية‪ ،‬الضرائب على اإلنفاق‪ ،‬والضريبة على التداول‪ ،‬الضرائب على رقم األعمال‪ ،‬ضريبة‬
‫املبيعات‪.‬‬
‫ويتوقف على درجة مرونة العرض والطلب على السلعة حمل الضريبة ونوع العنصر اخلاضع ومدى توافر أو انعدام املنافسة‪.‬‬
‫‪-2‬معايري التفرقة بني الضرائب املباشرة وغري املباشرة‪:‬‬
‫توجد عدة معايري للتفرقة بني الضرائب املباشرة وغري املباشرة؛ وفقًا للخصائص املشرتكة بني أنواع الضرائب املباشرة‬
‫من جهة‪ ،‬وأنواع الضرائب غري املباشرة من جهة أخرى‪ .‬وميكن توضيح ذلك كاآلتي‪:‬‬
‫الضريبة غري املباشرة‬ ‫الضريبة املباشرة‬ ‫املفهوم‬ ‫املعيار‬
‫‪-‬يتم حتصيلها بنا ًء على جداول معدة سابقًا‬ ‫‪-‬إذا كانت حتصل وف ًق جلداول يبني فيها‬ ‫‪-‬يقوم على أساس اإلدارة‬ ‫املعيار‬
‫مبناسبة وقوع وقائع‪،‬‬ ‫اسم املكلف ومقدار الدخل اخلاضع‬ ‫املالية املكلفة بالتحصيل‬ ‫القانوني‬
‫‪-‬مثل تسليم البائع للمشرتي سلعة‪ ،‬أو عند‬ ‫للضريبة‪،‬‬ ‫أو معيار‬
‫إنتاج سلعة‪ ،‬كالضرائب على السلع‬ ‫‪-‬مثل الضرائب على الدخل وعلى رأس املال‪.‬‬ ‫التحصيل‬
‫االستهالكية كالسكر‪.‬‬ ‫‪-‬إذا مت تقديرها وفرضها بنا ًء على اتصال‬
‫‪-‬فرض الضريبة دون أية عالقة مباشرة بني‬ ‫مباشر بني إدارة الضرائب واملكلف‪.‬‬
‫املكلف واإلدارة الضريبية‬
‫‪-‬وتعترب غري مباشرة إذا كانت تفرض على‬ ‫تعترب مباشرة إذا كان حمل الضريبة يتميز‬ ‫يعين مدى ثبات واستقرار‬ ‫معيار الثبات‬
‫وقائع تتميز باالنقطاع وعدم الثبات‪،‬‬ ‫بالثبات واالستقرار‪،‬‬ ‫املادة اخلاضعة للضريبة‪.‬‬ ‫واالستقرار‬
‫‪-‬مثل اقتناء بعض السلع‬ ‫‪-‬مثل متلك الثروة والدخل‪ ،‬الضريبة‬
‫العقارية‪ ،‬ونشاط معني أو احلصول على دخل‬
‫دوري متجدد‪.‬‬
‫‪-‬تعترب غري مباشرة إذا مت نقل عبء الضريبة‬ ‫‪ -‬تعتري مباشرة إذا حتملها املكلف نهائيًا؛ أي‬ ‫يعين من يتحمل الضريبة‪،‬‬ ‫املعيار‬
‫من مكلف إىل آخر‪ ،‬أي خيتلف املمول‬ ‫يتحمل العبء الضرييب املمول االمسي أول‬ ‫ويستند هذا املعيار على‬ ‫االقتصادي‬
‫االمسي أو القانوني عن املمول الفعلي‬ ‫القانوني (املمول احلقيقي)‬ ‫إمكانية نقل العبء الضرييب‬ ‫أو معيار‬
‫احلقيقي‪.‬‬ ‫‪ -‬حبيث ال ميكن التخلص منها أو نقل عبئها‬ ‫من عدمه من شخص املكلف‬ ‫نقل العبء‬
‫‪-‬مثل الضريبة على اإلنتاج أو االستهالك‪،‬‬ ‫إىل املمول آخر تربطه به عالقة اقتصادية‪،‬‬ ‫القانوني إىل شخص آخر‬ ‫الضرييب‬
‫الضرائب اجلمركية‪.‬‬ ‫‪ -‬مثل الضريبة العامة على اإليراد أو ضريبة‬ ‫تربطه به عالقة اقتصادية‪.‬‬
‫الدخل‪ ،‬الضريبة على رأس املال‪.‬‬
‫‪-3‬مزايا وعيوب الضرائب املباشرة وغري املباشرة‪:‬‬
‫ميكن أن نعدد مزايا وعيوب للضرائب املباشرة وغري املباشرة من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫الضرائب غري املباشرة‬ ‫الضرائب املباشرة‬ ‫البيان‬
‫‪-‬تعترب أكثر مالئمة بالنسبة للمكلف ألنها تكون نسبة قليلة‬ ‫‪-‬ثبات حصيلتها؛ ذلك أنها ترض على عناصر تتمتع بالثبات‬
‫‪-‬مرونتها واتساع حصيلتها؛ نظرا التساع نطاقها حيث تشمل‬ ‫النسيب ليست سريعة التغري‪ .‬لذا يتم االعتماد عليها كمصدر‬
‫اإلنتاج‪ ،‬االستهالك‪ ،‬املبيعات‪،‬‬ ‫أساسي لإليرادات العامة‬
‫املزايا‬
‫‪-‬بساهم كافة األفراد يف أدائها‪،‬‬ ‫‪-‬مرونتها؛ حيث باإلمكان زيادة حصيلتها كلما اقتضت‬
‫‪-‬سهولة دفعها دون أن يشعر الفرد من وطأتها‪،‬‬ ‫احلاجة عند طريق معدل الضريبة‪.‬‬
‫‪-‬باإلمكان رفع سعرها ما ميكن من زيادة حصيلتها‪،‬‬

‫‪ 1‬تقسيم الضرائب إىل مباشرة وغري مباشرة يعترب تقسيم عام‪ ،‬وتتعدد املعايري املستخدمة هلذا التقسيم‪.‬‬
‫‪ 2‬هذه املعايري هلا عدة انتقادات؛ ألنها ليس منضبطة وجامعة للتفريق بني الضرائب املباشرة وغري املباشرة يف بعض احلاالت‪ .‬وأنه من غري الالزم االعتماد على معيار نظري واحد‬
‫للتمييز بني هذين النوعني ن الضرائب‪.‬‬
‫‪ 3‬أنظر‪- :‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.150 -146‬‬
‫‪-‬طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.58 -56‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪44‬‬

‫‪-‬السرعة يف حتصيلها وتدفقها املستمر خالل السنة املالية املتعلقة‬ ‫‪-‬عدالتها؛ من خالل توزيع األعباء الضريبية وفقا الستطاعة‬
‫بها ألن عملية اإلنفاق والتداول تستمر على املدار السنة‪،‬‬ ‫املكلفني على الدفع‪.‬‬
‫‪ -‬تعترب من أهم األدوات يف توجيه النشاط اإلنتاجي واالستثماري‬ ‫‪ -‬قلة تكاليف جبايتها؛ مبا أنها تفرض على عناصر ظاهرة‬
‫يف االقتصاد الوطين‪.‬‬ ‫ويسهل حصرها فهي ال حتتاج إىل وقت وجهد كبريين‪.‬‬
‫‪-‬املالئمة يف دفعها؛ يتم حتديد شروط ومواعيد دفعها مبا يتفق‬
‫وظروف املمول‪.‬‬
‫‪-‬تعترب من األدوات الفعالة يف إعادة توزيع الدخل والثروة بني‬
‫فئات اجملتمع‪،‬‬
‫‪-‬عدم عدالتها؛ ألنها تتنافى مع مبدأ املقدرة على الدفع‪ ،‬حيث ال‬ ‫‪-‬بطء حصلتها؛ حيث تكون فرتة بني استحقاق الضريبة‬
‫متيز بني دافعها ذو دخل منخفض ودخل مرتفع‪( .‬إال أن بعض‬ ‫وتوريدها للخزينة‪.‬‬
‫الدول تفرض ضرائب عالية على السلع الكمالية وضرائب أقل‬ ‫‪-‬سهولة التهرب الضرييب أو الغش يف اإلقرارات املقدمة بسبب‬
‫على السلع الضرورية)‪.‬‬ ‫ضخامة العبء الضرييب؛ يدفع املكلف بها إىل التهرب من‬
‫‪-‬يف الغالب تستتبع حصيلة الضرائب الرتكيز على السلع‬ ‫دفعها‪.‬‬
‫العيوب‬
‫الضرورية مقارنة بالسلع الكمالية‪،‬‬ ‫‪-‬عدم املالئمة للمكلف‪ ،‬كونه يدفع مبالغ مالية كبرية عند‬
‫‪ -‬تساعد يف زيادة قوى التضخم ألنها تزيد من سعر السلعة‪،‬‬ ‫نهاية كل سنة‪،‬‬
‫‪-‬ارتفاع تكاليف جبايتها؛ حيث حتتاج إىل إجراءات تقدير‬ ‫‪-‬آثارها السلبية والعكسية على العمل واالدخار‪.‬‬
‫ومراقبة ونفقات حتصيل‪ ،..،‬قد تؤدي هذه الرقابة إىل عرقلة‬
‫اإلنتاج يف حد ذاته‪.‬‬
‫‪-4‬أمثلة للضرائب املباشرة وغري املباشرة يف اجلزائر‪:‬‬
‫ومن أمثلة الضرائب املباشرة حسب ما نص عليه القانون الضرييب اجلزائري على سبيل الذكر‪:‬‬
‫أ‪-‬الرسم على النشاط املهين (‪ :)TAP‬وهي ضريبة تفرض على رأس املال‪ ،‬املتأتي عن طريق التجارة‪ ،‬بأنواعها املختلفة‪ ،‬سواء‬
‫كانت خدماتية أم شراء واعادة البيع أم على االنتاج واملهن احلرة‪.‬‬
‫ب‪-‬الضريبة على الدخل اإلمجالي‪ :‬وهي تتنوع بتعدد األشخاص والدخول‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪-‬الضريبة على الدخل اإلمجالي على األرباح التجارية والصناعية (‪ :)IRG/BIC‬وهي ضريبة تفرض على األرباح العائدة من‬
‫األعمال التجارية والصناعية‪.‬‬
‫‪ -‬الضريبة على الدخل اإلمجالي على األرباح غري التجارية (‪ :)IRG/BNC‬وهي ضريبة تفرض على األرباح العائدة من املهن‬
‫احلرة كاحملاماة ومكاتب الدراسات والعيادات الطبية اخلاصة‪ ...‬وغريها‪.‬‬
‫‪ -‬الضريبة على الدخل اإلمجالي على الدخل العقاري (‪ :)IRG/RF‬وهي ضريبة تفرض على الدخول اليت جينيها أصحابها من‬
‫إجيار العقارات املبنية وغري املبنية‪ ،‬سواء كانت حمالت جتارية أو حمالت سكنية‪ ،‬أو أراضي زراعية ‪ ...‬وغريها‪.‬‬
‫‪-‬الضريبة على الدخل اإلمجالي على األجور (‪ :)IRG/Salaire‬وهي ضريبة تفرض على كل أجر يأخذه العامل سواء كان‬
‫يعمل يف القطاع العام أو القطاع اخلاص‪ ،‬مع مراعاة بعض األجور اليت قد أعفاها القانون من هذه الضريبة إذا مل‬
‫تبلغ النصاب القانوني احملدد (األجر الوطين األدنى املضمون ‪.)SMING‬‬
‫‪-‬الضريبة على أرباح الشركات (‪ :)IBS‬وهي ضريبة تفرض على األرباح العائدة من األعمال التجارية والصناعية واخلدماتية‬
‫اليت متارسها األشخاص املعنوية اخلاصة‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬من حيث املادة اخلاضعة للضريبة‬


‫تنقسم الضرائب من حيث املادة اخلاضعة للضريبة إىل ضرائب على األموال وضرائب على األشخاص‪.‬‬
‫‪ -1‬الضرائب على األشخاص‪ :‬وتفرض على األفراد وذلك اعتبارًا لوجودهم يف الدولة وحتت رعايتها‪ ،‬حيث كان هذا النظام‬
‫هو السائد سابقا‪ ،‬ولكن مع التطور االجتماعي‪ ،‬تطور مفهوم الضرائب فأصبح ينصب على ما ميلكه الفرد‪.‬‬

‫‪ 1‬كانت تصيب الشخص بعينه‪ ،‬وكان يطلق عليها ضريبة الرؤوس‪ ،‬كما كانت تفرض على األشخاص مقابل احلماية اليت توفرها هلم الدولة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪45‬‬

‫متتاز بوفرتها وبسهولة جبايتها وحتديد سعرها‪ .‬كما هلا انتقادات وجهت هلا كعدم عدالتها ألنها تصيب مجيع األفراد بال‬
‫استثناء سواء األغنياء أو الفقراء‪.‬‬
‫‪ -2‬الضرائب على األموال ‪ :‬اجتهت الدول إىل األخذ بالضرائب على األموال بسبب االنتقادات املوجهة إىل الضرائب على‬
‫األشخاص‪ ،‬إذ أصبحت الثروة هي وعاء الضريبة يف النظم املالية املعاصرة وعناصر الثروة كل من الدخل ورأس‬
‫املال‪ .‬حيث تفرض الضريبة على املمتلكات واألشياء اليت ميتلكها األفراد سواء كانت أمواال منقولة أو‬
‫عقارية‪.‬‬
‫متتاز بعدالتها ألنها تصيب حجم األموال اليت ميلكها املكلف‪ ،‬لكن لديها بعض العيوب مثل صعوبة حصر أموال الشخص‬
‫الحتساب الضريبة وإمكانية التهرب الضرييب‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬من حيث الواقعة املنشأة الضريبة‬
‫حيث أن االلتزام بالضريبة يكون مبجرد توفر تلك الظروف الشخصية واملوضوعية اليت تؤدي إىل االلتزام بالضريبة‪.‬‬
‫‪ -1‬واقعة متلك رأس مال‪ :‬حيث ميتلك الوارث قدرا من املال عن طريق الوراثة‪ ،‬وبالتالي ينشأ من واقع التملك فرض ضريبة‬
‫الرتكات‪ ،‬كما أنها تفرض يف عند حدوث واقعة الوفاة وانتقال هذه الرتكة إىل الورثة‪.‬‬
‫‪ -2‬واقعة االنتاج‪ :‬بعد حتديد املشرع الضرييب السلع اليت تفرض عليها الضريبة فإنه يقوم بتحديد املرحلة اليت حتصل عندها‬
‫الضريبة فإجراء عملية التصنيع تنشأ تعهد بدفع الضريبة حيث تفرض الضريبة على السلع اليت تنتج بكميات‬
‫كبرية وذلك من أجل ضمان غزارة احلصيلة الضريبية‪.‬‬
‫‪ -3‬واقعة االستهالك‪ :‬حيث تفرض الضريبة يف هذه احلالة على أساس إنفاق الفرد لدخله من أجل االستهالك‪ ،‬حيث تفرض‬
‫هنا الضريبة عندما حيصل الفرد على السلع واخلدمات اليت حيتاج إليها‪.‬‬
‫‪ -4‬واقعة حتقق الدخل‪ :‬حيث مبجرد حتقق الدخل ينشأ االلتزام بدفع الضريبة‪ ،‬فالدخل ينجم عن طريق خدمة يقدمها الفرد‬
‫أو سلعة ينتجها ومنه نالحظ أن املصادر األساسية للدخل هي العمل ورأس املال والعمل ورأس املال معا‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬من حيث حتديد وعاء الضريبة‬
‫تنقسم إىل ضريبة وحيدة وضريبة متعددة‪.‬‬
‫‪ -1‬نظام الضريبة الواحدة‪ :‬يقتصر على عنصر واحد فقط من العناصر احملتمل أن ختضع للضريبة‪ .‬فالضريبة املوحدة هي‬
‫النظام الذي تعتمد الدولة فيه على ضريبة واحدة فقط أو على ضريبة رئيسية واحدة للحصول على ما يلزمها من‬
‫موارد مالية‪ .‬ومن أمثلة ذلك األنظمة الضريبية اليت تقتصر فرض الضريبة على الدخل أو اإلنفاق أو الناتج‪.‬‬
‫يتسم هذا النظام بالبساطة والعدالة وسهولة أدائها واقتضائها‪ ،‬وقلة نفقاتها‪ ،‬كونها تتفادي املصاحل اإلدارية يف حتصيلها‪.‬‬
‫غري أنه هلا بعض العيوب منها‪:‬‬
‫‪ -‬لديها حصيلة قليلة ألنها تصيب نشاطًا معينًا من األنشطة االقتصادية وبالتالي ال ميكنها مقابلة الزيادة الكبرية‬
‫يف النفقات العامة‪،‬‬
‫‪-‬كما لديها أسعار عالية وعليه يزيد التهرب الضرييب‪.‬‬
‫‪ -‬ليست منطقية وال عادلة؛ ألنها تفرض على طبقة واخدة دون بقية الطبقات‪.‬‬
‫‪ -2‬نظام الضريبة املتعددة‪ :‬هي اعتماد الدولة على أنواع متعددة وخمتلفة من الضرائب اليت خيضع هلا املكلفون‪ .‬حيث تفرض‬
‫عدة ضرائب على الشخص وتتنوع بتنوع موارده وممتلكاته ونشاطه‪ .‬حيث هي احلالة األكثر شيوعًا وذلك من‬
‫الناحية التطبيقية يف غالبية الدول‪ ،‬ويعترب هذا النظام أكثر قدرة على حتقيق أهداف اجملتمع وأكثر توافقا مع‬
‫الدور احلديث للدولة يف النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫‪ 1‬يقصد بالدخل‪ :‬ما حيصل عليه الفرد بصفة دورية ومستمرة من مصدر معني؛ يتمثل يف ملكيته لوسائل اإلنتاج أو يف عمله أو فيهما معًا‪.‬‬
‫أما رأس املال‪ :‬فهو جمموع ما ميلكه الشخص من قيم استعمالية يف حلظة زمنية معينة‪ ،‬ويستوي يف ذلك أن تأخذ الشكل العيين ألرض أو عقار أو مبنى أو سلع إنتاجية أو‬
‫سلع استهالكية أو أوراق مالية (أسهم وسندات) أو مبلغ من‪ .‬النقود‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪46‬‬

‫ومن مزايا نظام الضريبة املتعددة‪:‬‬


‫‪ -‬هذا النظام يوزع عبء الضرائب؛ فيقل شعور املمول بوطأة ما يدفعه بل قد خيفف عليه بعض هذا العبء‪،‬‬
‫‪-‬تعد أكثر مالئمة من الضريبة املوحدة حيث تفرض بأسعار معتدلة يسهل على املمول إجياد املبالغ املطلوبة هلا‪،‬‬
‫‪ -‬باإلضافة إىل ذلك؛ فإن هذا النظام يقلل من حاالت التهرب من دفع الضريبة إضافة لكونه أكثر من حيث التحصيل‪.‬‬
‫‪-‬كما أن خطأ السلطات املالية يف نظام الضريبة املوحدة يعد أشد وطأة على املكلف بها نظرًا جلسامتها‪ ،‬يف حني يف ظل‬
‫الضرائب املتعددة فإن األخطاء يصلح بعضها بعضًا‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬من حيث معدل أو سعر الضريبة‬
‫وميكن تقسيم الضرائب من حيث السعر إىل ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬الضريبة النسبية والضريبة التصاعدية‪:‬‬
‫‪ -1-1‬الضريبة النسبية‪ :‬هي عبارة عن نسبة مئوية ثابتة تفرض على املادة اخلاضعة للضريبة‪ ،‬حيث ال تتغري بتغري قيمتها‪ .‬أي‬
‫هي اليت تفرض بسعر واحد ال يتغري مهما اختلفت قيمة الوعاء اخلاضع هلا‪ ،‬ومهما تباينت ظروف املكلفني بدفعها‪،‬‬
‫مثل الضريبة على األرباح التجارية والصناعية‪...‬إخل‪ ،‬أي أنه ال يتغري سعر الضريبة بتغري قيمة املادة اخلاضعة للضريبة‪.‬‬
‫ميتاز هذا األسلوب بالعدالة والسهولة‪ ،‬كما تزداد حصيلتها النسبية بنفس ازدياد نسبة كمية املادة اخلاضعة هلا‪ ،‬كما تؤثر‬
‫على االدخار واالستثمار عن طريق هروب رؤوس األموال إىل اخلارج كما هو احلال بالنسبة للضرائب التصاعدية‪.‬‬
‫‪ -2-1‬الضريبة التصاعدية‪ :‬تفرض بنسب خمتلفة باختالف قيمة املادة اخلاضعة للضريبة‪ ،‬حيث أنها ترتفع بارتفاع قيمة املادة‬
‫اخلاضعة هلا والعكس صحيح‪ .‬أي تزداد احلصيلة الضريبية التصاعدية بنسبة أكرب من زيادة قيمة املادة اخلاضعة هلا‪.‬‬
‫متتاز هذه الضرائب بتحقيق العدالة واملساواة بني األفراد‪ ،‬كما تساهم يف إعادة توزيع الدخل‪ ،‬لذا تستخدمه معظم التشريعات‬
‫الضريبية يف الدول خاصة اليت تراعي العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫وميكن حتقيق الضريبة التصاعدية بعدة طرق‪:‬‬
‫أ ‪ -‬التصاعد بالطبقات (التصاعد اإلمجالي)‪ :‬ويكون ذلك بأن يقسم املشرع الضرييب وعاء الضريبة إىل طبقات وحيدد لكل‬
‫طبقة سعرًا خاصًا يزداد تبعًا بالوعاء من طبقة إىل أخرى‪ .‬كتقسيم دخول املمولني إىل طبقات وترتيب ترتيبًا تصاعديًا‬
‫وبعدها تفرض عليها الضرائب بشكل متزايد‪.‬‬
‫على الرغم مما مييز هذه الطريقة من بساطة؛ إال أنه يعاب عليها أن معدل الضريب يعرف قفزة قياسية مبجرد االنتقال من‬
‫طبقة ألخرى‪ ،‬حيث صاحب الدخل بلحق به الضرر بسبب زيادة بسيطة يف دخله‪ ،‬وهذا إجحاف يف حق املكلف‪،‬‬
‫مما يدفعه إىل عدم التصريح بالزيادة يف دخله‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التصاعد بالشرائح‪ :‬وفقا هلذه الطريقة يقسم دخل املكلف إىل عدة شرائح أو أجزاء‪ ،‬حبيث يفرض على كل شرحية‬
‫ضريبة بسعر معني‪ ،‬ويرتفع السعر بارتفاع الشرائح إىل أعلى‪ ،‬ويف هذا األسلوب ال ينظر إىل الدخل اإلمجالي بل يقسم‬
‫الدخل إىل عدة شرائح‪ ،‬كل شرحية تعامل معاملة خاصة ويف النهاية خيضع الدخل لعدة أسعار وفقا ملا حيتويه من شرائح‪.‬‬
‫وهذا األسلوب يتالفى عيوب التصاعدية بالطبقات‪ ،‬فال تطبق الضريبة على الدخل كله مبعدل واحد‪ ،‬وإمنا تطبق عليه‬
‫معدالت م تعددة بعدد شرائح املادة اخلاضعة للضريبة‪ ،‬حبيث تتفادى االنتقال املفاجئ يف سعر الضريبة من شرحية ألخرى‪.‬‬
‫لذلك تعترب التصاعد بالشرائح من أكثر األساليب املستخدمة يف تطبيق الضريبة‪.‬‬
‫‪-2‬الضريبة التوزيعية والضريبة القياسية‪:‬‬
‫‪-1-2‬الضريبة التوزيعية‪ :‬يقصد بها تلك الضريبة اليت حتدد الدولة فيها إمجالي املبلغ الذي تريد حتصيله مقدمًا ثم يوزع على‬
‫املكلفني حسب املناطق اجلغرافية على أساس نصيب كل إقليم من أقاليم الدولة من هذه الضريبة‪ .‬طبق هذا النوع‬
‫من الضرائب يف املاضي لكن حاليًا مت التحلي عنه يف مجيع الدول‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر‪ - :‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.142 ،141‬‬
‫طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.82 -80‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪47‬‬

‫‪-2-2‬الضريبة القياسية‪ :‬يقصد بها تلك الضريبة اليت حيدد التشريع الضرييب سعرها إما بشكل نسبة معينة من املادة‬
‫اخلاضعة للضريبة‪ ،‬أو يف شكل مبلغ على كل وحدة من هذه الوحدات دون حتديد إلمجالي حصتها‪.‬‬
‫تتميز بتغري حصيلتها مع تغري املادة اخلاضعة للضريبة وحسب الظروف االقتصادية‪ ،‬وتتميز كذلك بعدالتها حيث تراعي‬
‫الظروف الشخصية للمكلفني بها‪ .‬غري أنها تتطلب إدارة مالية عالية الكفاءة بسبب تهرب بعض املكلفني من أدائها‪.‬‬
‫الفرع اخلامس‪ :‬مظاهر تواجه النظم الضريبية‬
‫سنحاول توضيح بعض املظاهر باختصار‪ ،‬مثل مفهوم االزدواج الضرييب‪ ،‬باإلضافة إىل التهرب والغش الضرييب‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االزدواج الضرييب‬
‫يعرف بأنه؛ فرض الضريبة ألكثر من مرة على نفس الشخص أو نفس املال‪ .‬أو هو خضوع املال نفسه ألكثر من مرة‬
‫لضريبة من النوع نفسه للشخص نفسه يف الفرتة الزمنية نفسها‪.‬‬
‫‪ -1‬عناصر االزدواج الضرييب‪ :‬وعليه؛ جيب توفر مخسة عناصر لتقرير ما إذا كان هناك ازدواج ضرييب أم ال؛ وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬فرض الضريبة مرتني أو أكثر على نفس الشخص‪،‬‬
‫ب‪ -‬فرض الضريبة مرتني أو أكثر على نفس املال‪،‬‬
‫ت‪ -‬فرض نفس الضريبة أو ضريبة مشابهة هلا‪،‬‬
‫ث‪ -‬فرض الضريبة مرتني أو أكثر يف نفس املدة‪،‬‬
‫ج‪ -‬فرض الضريبة بواسطة سلطتني ماليتني خمتلفتني‪.‬‬
‫‪-2‬شروط االزدواج الضرييب‪ :‬جيب أن يتوفر ما يأتي‪:‬‬
‫أ‪-‬وحدة الضريبة؛ يشرتط لوجود ازدواج ضرييب أن تفرض ضريبتان من نوع واحد‪ ،‬كالضريبة على الدخل اإلمجالي على‬
‫األرباح التجارية والصناعية‪.‬‬
‫ب‪-‬وحدة املمول؛ ويعين أن يكون الشخص الذي فرضت عليه الضريبتان هو الشخص نفسه‪.‬‬
‫ت‪-‬وحدة املادة اخلاضعة للضريبة؛ يشرتط أن يكون وعاء الضريبة يف مرات فرضها واحدا‪ ،‬كأن تفرض اجلزائر ضريبة على‬
‫دخل األسهم والسندات األجنبية اليت ميلكها األجانب الفرنسيون املقيمني يف اجلزائر‪ ،‬وتفرض فرنسا عليهم ضريبة‬
‫على الدخل نفسه‪.‬‬
‫ث‪-‬وحدة املدة؛ وهو فرض ضريبتان يف املدة نفسها‪ ،‬أي يف عام ‪2017‬؛ فإذا اختلفت السنة مل نكن أمام ازدواج ضرييب‪.‬‬
‫‪-3‬أنواع االزدواج الضرييب‪:‬‬
‫أ‪-‬االزدواج الضرييب الداخلي؛ حيث تفرض احلكومة املركزية إحدى الضرائب‪ ،‬ثم تتبعها إدارة حملية بفرض نفس الضريبة‬
‫على مادة معينة أو عندما تفرض ضريبتني أو أكثر على نفس املادة أكثر من مرة يف املدة نفسها‪.‬‬
‫ب‪-‬االزدواج الضرييب اخلارجي ؛ يقع عندما تقوم دولتان أو أمثر بفرض نفس الضريبة أو ضرائب مشابهة على نفس الوعاء‬
‫ونفس الشخص‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬التخلص من العبء الضرييب‬
‫مبا أن الضريبة متثل عبئًا على املكلف بها‪ ،‬خاصة وأنه ال تعود عليه مبقابل خاص وكذا إحساسه بثقل عبئها‪ ،‬فإن‬
‫هذا وغريه يدفعه بكل الطرق إىل حماولة التخلص منها؛ إما بنقل عبئها إىل شخص آخر أو التخلص من عبئها بصورة جزئية‬
‫أو كلية‪ .‬ويكون ذلك من خالل طريقتني‪:‬‬
‫‪-1‬جتنب الضريبة‪ :‬هو التخلص من الضريبة كليًا أو جزئيًا دون خمالفة أو انتهاك ألحكام القانون املالي من الناحية الشكلية‬
‫حيث يتخلص املكلف من دفع الضريبة دون ارتكاب أي خمالفة لنصوصه‪ ،‬أو عن طريق االستفادة من ثغرات القانون‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪:‬‬

‫‪ 1‬هناك عدة أسباب أدت وساعدت على التوسع والنمو غري العادي للظاهرة؛ وبالتالي‪ ،‬وجدت عدة طرق ملكافحة ظاهرة التهرب الضرييب‪ ،‬إال أنها ال متنع من التهرب وتقضي‬
‫عليه غري أنها ننكن أن حتد من انتشاره‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪48‬‬

‫‪ -‬عندما يتصرف املكلف تصرف سليب رغبة منه يف عدم دفع الضريبة‪ ،‬كأن ال يقوم بعملية البيع أو الشراء‪،‬‬
‫‪-‬توجيه النشاط االقتصادي إىل أوجه النشاط املعفاة من الضريبة‪ ،‬أو املفروض عليها أقل سعر‪،‬‬
‫‪ -‬قيام أشخاص بتوزيع ثروتهم على الورثة عن طريق اهلبة كي يتجنب اخلضوع لضريبة الرتكات‪.‬‬
‫‪-‬حيدث التجنب الضرييب دوليًا الختالف النظم الضريبية بني الدول‪ ،‬مثل شركات جتعل مركزها يف دول ال تفرض‬
‫ضرائب مرتفعة على أرباح الشركات‪.‬‬
‫‪-2‬التهرب الضرييب ‪ :‬ويقصد به حماولة املمول التالعب حبجم وعاء الضريبة عن طريق إخفاء بعض عناصر املادة اخلاضعة‬
‫للضريبة‪ ،‬والتهرب من دفع الضرائب املستحقة عليه كليةً أو جزئيًا‪ .‬أي أن املمارسات اليت تتم هنا خترج عن إطار‬
‫القانون وحدوده‪ ،‬وبالتالي هي ممارسات غري مشروعة‪.‬‬
‫‪ -1-2‬الفرق بني التهرب والتجنب الضرييب‪ :‬يظهر جوهر الفرق بينهما يف أن التهرب الضرييب يفرتض حتقق الواقعة املنشأة‬
‫للضريبة بالفعل‪ ،‬إال أن املكلف يتهرب من دفعها كليًا أو جزئيًا باالستفادة من اإلعفاءات الضريبية وثغرات القانون‬
‫والنقص الذي يعرتي نصوصه‪.‬‬
‫‪-2-2‬التهرب الضرييب والغش الضرييب‪ :‬قد يتحول التهرب الضرييب إىل غش ضرييب (التهرب الضرييب غري املشروع)؛‬
‫فالغش الضرييب يعد تصرفا غري مشروع ألنه يستخدم طرق احتيالية (تدليسية) من جانب املكلف قصد التخلص‬
‫من عبء الضريبة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪-‬االمتناع عن تقدير اإلقرار الضرييب‪ ،‬أو تعمد الكذب يف اإلقرار‪،‬‬
‫‪-‬تقديم بيانات غري صحيحة عن قيمة الوعاء الضرييب أو حقيقة املركز املالي للمكلف‪،‬‬
‫‪-‬مسك مبحتوى دفاتر صورية يف مواجهة مصلحة الضرائب‪.‬‬
‫‪-‬مقارنة بني التهرب والغش الضرييب‪:‬‬
‫الغش الضرييب‬ ‫التهرب الضرييب‬
‫‪-‬تتجه فيه إرادة املكلف حنو ختفيف أو إسقاط العبء‬ ‫‪-‬إرادة املكلف متجهة حنو ختفيف العبء الضرييب‪ ،‬باستعمال‬
‫الضرييب‪ ،‬ملنه يستعمل طرقا غري مشروعة عن طريق التدليس‬ ‫طرق مشروعة‪،‬‬
‫واالحتيال؛ وعليه يرتتب عليه خمالفات قانونية‪،‬‬ ‫‪-‬وعليه التهرب الضرييب بهذه الصورة يتوفر فيه العنصر‬
‫‪-‬وعليه يتوفر العنصر املعنوي والعنصر املادي‪.‬‬ ‫املعنوي (سوء النية) دون العنصر املادي (احليل التدليسية)‪.‬‬
‫ال جيب اخللط بني مفهوم التهرب الضرييب والغش الضرييب؛ فاألول ميثل العام والثاني اخلاص‪ ،‬فالغش الضرييب ميثل حالة‬
‫خاصة من حاالت التهرب الضرييب هي حالة التهرب من الضريبة عن طريق انتهاك القانون‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر‪ - :‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.208‬‬
‫‪-‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.185‬‬
‫‪ 2‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.210 ،209‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪49‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬الرسوم‬


‫تعترب الرسوم من اإليرادات العامة السيادية‪ ،‬واليت تدخل خزانة الدولة بشكل دوري ومنتظم‪ ،‬وتستخدم حصيلتها يف‬
‫متويل النشاط العام وحتقيق املنافع العامة‪ ،‬وحتصل الدولة على إيراداتها من الرسوم مقابل اخلدمات اخلاصة اليت تؤديها‬
‫مرافقها العامة لإلفراد‪ ،‬وذلك من خالل النشاط العام الذي يقوم به املرفق العام‪.‬‬
‫وسنقوم بدراسة الرسوم من خالل النقاط اآلتية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف وخصائص وتقسيمات الرسوم‪:‬‬
‫‪ -1‬تعريف الرسوم‪ :‬تعرف بأنها مبلغ نقدي يدفعه الفرد جرباً إىل الدولة‪ ،‬أو أحد األشخاص العامة‪ ،‬مقابل انتفاعه خبدمة‬
‫تؤديها له‪ ،‬ويقرتن النفع اخلاص الذي يعود على الفرد بالنفع العام الذي يعود على اجملتمع كله‪ .‬فالرسوم حتدد قيمتها‬
‫بقانون‪ ،‬وتدفع مقابل خدمات خاصة تؤديها املرافق العامة‪ ،‬وهدف املرافق العامة هو حتقيق النفع العام‪.‬‬
‫‪-2‬خصائص الرسوم‪:‬‬
‫من خالل التعريف يتضح لنا أن الرسوم تتميز باخلصائص اآلتية‪:‬‬
‫البيان‬ ‫اخلصائص‬
‫‪ -‬الرسم هو مبلغ من النقود يدفعه الفرد مقابل احلصول على خدمة خاصة من إحدى إدارات أو مرافق الدولة‪ ،‬وهذا ما‬ ‫‪ -1‬الرسم‬
‫يتفق مع االقتصاد احلديث كاقتصاد نقدي‪ ،‬يقوم على استخدام النقود يف املعامالت واملبادالت‪ ،‬كما أن الدولة تقوم‬ ‫يدفع نقداً‬
‫بتحصيل إيراداتها وجتري نفقاتها يف صورة نقدية‪.‬‬
‫‪ -‬الرسم يدفع جرباً بواسطة الفرد مقابل احلصول على اخلدمة اخلاصة اليت يتلقاها من جانب أحد املرافق واهليئات‬ ‫‪-2‬الرسم‬
‫العامة للدولة‪.‬‬ ‫يدفع جرباً‬
‫‪-‬يتمثل عنصر اجلرب يف حرية واستقالل الدولة وهيئاتها العامة يف وضع النظام القانوني املتعلق بالرسم من حيث حتديد‬
‫مقداره وطريقه حتصيله‪،‬‬
‫‪ -‬على عنصر اجلرب ضرورة موافقة السلطة التشريعية بالدولة على فرض الرسم‪.‬‬
‫‪-‬الرسوم تفرض قواعد قانونية هلا صفة اإللزام جترب األفراد على دفعها للحصول على اخلدمة من الدولة وهيئاتها العامة‪.‬‬
‫‪ -‬آثار عنصر اجلرب يف الرسوم جدالً كبريًا يف الفكر املالي‪ ،‬فقد ذهب البعض للقول بأن عنصر اجلرب ال يظهر عند‬
‫دفع الرسم‪ ،‬ألنه يدفع مبناسبة حصول الفرد على خدمة معينة من الدولة وهيئاتها العامة‪ ،‬والقاعدة العامة هي أن‬
‫الشخص حر يف طلب اخلدمة من عدمها‪.‬‬
‫‪ -‬قد جيد األفراد أنفسهم ملزمني بقاعدة قانونية تفرض عليهم دفع رمساً مقابل احلصول على خدمة ما‪ ،‬واملثال لذلك‬
‫حالة التطعيم اإلجباري والتعليم اإللزامي‪ ،‬فهنا ال يكون للفرد حرية يف طلب اخلدمة من عدمها‪ ،‬وإمنا هو جمرب على‬
‫طلبها ودفع الرسم املقرر عنها‪.‬‬
‫‪ -‬يف حاالت أخري ال يلزم القانون األفراد بطلب خدمات معينة‪ ،‬ولكن يضطر األفراد عمالً لطلب هذه اخلدمات وإال‬
‫تعرضت مصاحلهم وحقوقهم للضياع‪ ،‬واملثال لذلك مالك العقار مضطر حفاظاً حلقوقه أن يقوم بتسجيل ملكيته يف‬
‫الشهر العقاري ويدفع رسوم عن هذه اخلدمة على الرغم أن القانون ال يلزمه بهذا التسجيل‪ ،‬لكنه حيافظ على حقه‬
‫من أي تعدي عليه بهذا التسجيل‪ ،‬فهو إجبار فعلي أو واقعي‪،‬‬
‫‪-‬أيضا عنصر االختيار ال يتوافر يف احلصول على خدمة مقابل دفع رسم عنها يف حالة احتكار السلطة العامة لتقديم‬
‫هذه اخلدمة‬
‫‪-‬الفرد يدفع الرسم مقابل احلصول على خدمة خاصة من جانب أحد املرافق العامة‪،‬‬ ‫‪-3‬الرسم‬
‫ال تتواله إحدى اهليئات العامة لصاحل الفرد قبل الرسوم القضائية ورسوم التوثيق‪،‬‬
‫‪ -‬وقد تكون هذه اخلدمة عم ً‬ ‫يدفع مقابل‬
‫نفع خاص‬

‫‪ 1‬تستخدم الدولة سلطاتها العامة يف حتصيلها‪.‬‬


‫‪ 2‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪,132‬‬
‫‪ 3‬رانيا حممود عمارة‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ 4‬مصطفى حسين مصطفى‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.194-191‬‬
‫‪ 5‬عنصر االختيار يقتصر فقط على طلب اخلدمة أو عدم طلبها‪ ،‬فإذا اختار الشخص طلب اخلدمة فإن دفع الرسم يصبح إجبارياً‪ ،‬وفضالً عن هذا فإن عنصر االختيار يف طلب‬
‫اخلدمة قد خيتفي عمالً أو قانوناً يف بعض احلاالت‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪50‬‬

‫‪ -‬وقد تكون اخلدمة امتيازاً خاصاً مينح لفرد معني‪ ،‬مثل احلصول على بطاقة التعريف الوطنية أو جواز السفر أو‬ ‫مقرتن‬
‫رخصة السياقة‪،‬‬ ‫بالنفع العام‬
‫‪ -‬إال أن هذا النفع اخلاص الذي يعود على الفرد دافع الرسم يقرتن بنفع عام على اجملتمع كله من تنظيم العالقة بني‬
‫الفرد واإلدارة‪.‬‬
‫‪ -‬مثال الرسوم القضائية اليت يدفعها املتقاضون مقابل احلصول على خدمة مرفق القضاء يرتتب عليها حتقيق نفع خاص‪،‬‬
‫متمثل يف احلصول منهم على حقه وعدم املنازعة فيه بعد ذلك وهذا يعود على اجملتمع ككل بالنفع العام املتمثل يف‬
‫استقرار احلقوق وتوفري العدالة‪ .‬كذلك خدمات الصحة والتعليم وغريها‪.‬‬

‫‪-3‬تقسيم الرسوم‪:‬‬
‫تتنوع الرسوم وختتلف باختالف التكوين االقتصادي واالجتماعي للدولة‪ ،‬وميكن تقسيمها على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪-1-3‬رسوم اقتصادية‪ :‬موجودة يف كل م ا له عالقة بالنشاط االقتصادي‪ ،‬وهي كثرية‪ ،‬ومن أمثلتها رسوم الربيد‪ ،‬واهلاتف‬
‫واملاء‪ ،‬ورسوم األسواق وغريها‪.‬‬
‫‪-2-3‬رسوم إدارية‪ :‬وهي كثري كذلك؛ مثل‪ ،‬رسوم التسجيل العقاري‪ ،‬رسم التعليم‪ ،‬رسم جواز السفر‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫‪-3-3‬رسوم قضائية‪ :‬وهي الرسوم اليي يدفعها األفراد يف حال النزاعات واليت يقوم القضاء بالفصل فيها‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬تقدير وفرض الرسوم‬
‫ال توجد قاعدة عامة حتكم سلوك الدولة يف حتديد أو تقدير الرسم الواجب دفعه؛ وبالتالي‪ ،‬ميكن النظر إىل حتديد‬
‫سعر الرسم وفقاً لعدة اعتبارات منها‪:‬‬
‫‪ -‬نفقة اخلدمة‪،‬‬
‫‪-‬املنفعة اليت تعود على دافع الرسم من اخلدمة‪،‬‬
‫‪-‬واألهداف اليت يبغى اجملتمع حتقيقها من تقديم اخلدمة حمل الرسم‪.‬‬
‫ويعترب الرسم هو نتيجة لتفاعل هذه العوامل مجيعها‪ ،‬والدولة عموماً يف تقديرها لقيمة الرسم تضع يف سياستها املالية‬
‫اعتبارين أساسيني وهما‪ :‬الرغبة يف حتقيق إيراد عام للدولة‪ ،‬وحتقيق املصلحة العامة وتنظيم أدائها‪ .‬فإذا أرادت الدولة حتقيق‬
‫إيراد كبري‪ ،‬كانت قيمة الرسوم كبرية تفوق نفقات اخلدمات اليت تتحملها الدولة‪ ،‬بينما تكون قيمة الرسوم أقل أو تتناسب‬
‫مع تكلفة أداء اخلدمات إذا كانت اعتبارات املصلحة العامة هي األوىل بالنسبة للدولة‪.‬‬
‫فالدولة ال تهدف هنا مجع إيراد مالي؛ وإمنا توزع نفقات املرافق القائمة بأدائها بني األفراد املنتفعني بها عن طريق دفع‬
‫الرسوم وبني اجملتمع ككل‪ ،‬وذلك عن طريق فرض الضرائب وفى نفس الوقت حتاول الدولة تشجيع األفراد على هذه‬
‫اخلدمات برسوم قليلة للنهوض باجملتمع من كافة النواحي التعليمية والصحية‪.‬‬
‫وقد يتساوى الرسم مع مستوى تغطية نفقات املرافق العامة اليت تقدم اخلدمة؛ وذلك ألن‪ ،‬الغرض األساسي من إنشاء‬
‫املرافق هو املصلحة العامة هو املصلحة العامة وليس حتقيق الربح‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ال يلزم أن تزيد إيراداته عن نفقاته‪ ،‬وال يلزم أن‬
‫يتحقق هذا التناسب بالنسبة لكل شخص يستفيد من اخلدمة‪ ،‬وإمنا يكفي أن تتناسب تكاليف املرفق مع حصيلة الرسوم‬
‫املقروضة على االنتفاع بها‪.‬‬
‫وأخرياً قد يتحدد سعر الرسم بأكثر من نفقة اخلدمة املقدمة وهنا يكون غرض الدولة الرغبة يف احلد من إقبال‬
‫األفراد على طلب اخلدمة أو احلصول على إيراد مالي (مثل رسوم التوثيق اإلشهار العقاري وإجراءات السفر)‪.‬‬

‫‪ 1‬رانيا حممود عمارة‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.85 ،84‬‬
‫‪ 2‬فرسوم التعليم واخلدمات الصحية ال متثل إال قيمة رمزية إذا ما مت مقارنتها بتكاليف اخلدمات اخلاصة اليت حيصل عليها الفرد الذي يدفع الرسم‪ ،‬ألنها خدمات يرتتب‬
‫عليها نفع عام بشكل كبري على اجملتمع إىل جانب النفع اخلاص لدافعها‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪51‬‬

‫ثالثًا‪ :‬الفرق بني الرسم واإليرادات األخرى‬


‫يوجد أوجه التشابه واالختالف بني كال من الرسم والثمن العام واإلتاوة والضريبة ميكن تلخيصها كاآلتي‪:‬‬
‫‪-1‬أوجه التشابه واالختالف بني الرسم والثمن العام‪:‬‬
‫تعريف الثمن العام‪ :‬هو مبلغ من النقود يدفعه الفرد مقابل احلصول على منتجات املشروعات الصناعية والتجارية واململوكة‬
‫للدولة‪ ،‬وبالتالي يتشابه الرسم مع الثمن العام يف بعض اجلوانب وخيتلف يف جوانب أخرى‪ .‬وهو ما نوضحه كاآلتي‪:‬‬
‫أوجه االختالف‬ ‫أوجه التشابه‬
‫‪-‬الرسم خيتلف عن الثمن العام من حيث طبيعة املقابل أو املشروع الذي يقدم املقابل‪ ،‬فالرسم‬ ‫‪-‬كالهما مبلغ نقدي يدفع مبناسبة احلصول على‬
‫يدفع مبناسبة احلصول على خدمة ذات طابع إداري يؤدى مرفق عام‪،‬‬ ‫مقابل معني يتمثل يف اخلدمة اليت يقدمها املرفق‬
‫‪ -‬أما الثمن العام فيدفع مبناسبة احلصول على سلعة أو خدمة يقدمها مشروع عام جتارى أو‬ ‫العام‪ ،‬يف حالة الرسم‪،‬‬
‫صناعي‪ ،‬كذلك اخلدمة اليت تعود على دافع الرسم تعترب ذات نفع خاص أي جانب النفع‬ ‫‪-‬وفى احلصول على سلعة أو خدمة معينة من‬
‫العام للمجتمع‪.‬‬ ‫منتجات املشروعات العامة يف حالة الثمن العام‪،‬‬
‫‪-‬بينما يعترب الثمن العام مقابالً للنفع اخلاص الذي حيصل عليه الفرد من السلعة أو اخلدمة‬ ‫‪-‬كما أن قواعد تقدير كل منها واحدة ومتشابهة‬
‫اليت تبيعها الدولة‪ ،‬كذلك يدفع الثمن العام اختيارياً بواسطة مشرتى السلع اليت ينتجها‬ ‫حلد كبري فكالهما يكون مساوي أو أكرب أو‬
‫املشروع اململوك للدولة‪،‬‬ ‫أقل من تكاليف اخلدمة أو السلطة‪.‬‬
‫‪-‬بينما يدفع الرسم على سبيل اإلجبار‪،‬‬ ‫‪-‬يرى البعض أن كالهما يتشابهان يف أنهما ميثالن‬
‫‪-‬كما أن الثمن العام يتحدد بقرارات وفق ظروف ومعطيات اقتصادية ووفقاً لقوانني العرض‬ ‫يف ضريبة مسترتة أو مقنعة يف حالة زيادة سعر كل‬
‫والطلب يف ظل املنافسة الكاملة أو قوانني االحتكارات املالية‪،‬‬ ‫منها زيادة كبرية على نفقة إنتاج السلعة أو اخلدمة‪.‬‬
‫‪-‬بينما ال يفرض الرسم إال بقانون أو بناء على قانون‪.‬‬
‫‪-‬الثمن العام له أهميته يف العصر احلديث نتيجة لزيادة تدخل الدولة يف احلياة االقتصادية‬
‫والقيام باملشروعات التجارية والصناعية‪،‬‬
‫‪-‬بعكس الرسم الذي فقد أهميته حديث ًا كمصدر من مصادر اإليرادات العامة‪.‬‬

‫‪ -2‬أو جه التشابه واالختالف بني الرسم واإلتاوة (أو مقابل التحسني)‬


‫تعريف اإلتاوة‪ :‬مبلغ من النقود تقتضيه الدولة وهيئاتها العامة احمللية جرباً من أصحاب العقارات (اليت ترتفع قيمتها الرأمسالية)‬
‫نتيجة لتنفيذ أحد مشروعات األشغال العامة مثل إنشاء اجلسور أو توصيل املياه والكهرباء إىل القرى أو مد خطوط‬
‫املواصالت العامة‪.‬‬
‫فاإلتاوة أو مقابل التحسني‪ :‬هي مبلغ من املال حتدده الدولة ويدفعه بعض األفراد طبقة مالك العقارات نظري عمل عام قصد به‬
‫املصلحة العامة‪ ،‬فعاد عليهم بنفع خاص متثل يف ارتفاع القيمة االمسية الرأمسالية لعقاراتهم‪.‬‬
‫وميكن اختصار أوجه واالختالف كاآلتي‪:‬‬
‫أوجه االختالف‬ ‫أوجه التشابه‬
‫‪-‬الرسم يدفع نظري خدمة عامة‪،‬‬ ‫‪-‬كالهما (اإلتاوة والرسم) إلزامية تدفع نقداً‪،‬‬
‫‪ -‬يف حني أن اإلتاوة تدفع نظري عمل عام‪،‬‬ ‫‪-‬وكالهما يدفع مقابل خدمة حتقق منفعة خاصة‬
‫‪-‬اإلتاوة ال تفرض أال على فئة معينة من املواطنني (أصحاب العقارات الرأمسالية)‪،‬‬ ‫تعود على الفرد وحتقق منفعة عامة للمجتمع‬
‫‪-‬بينما يفرض الرسم على فرد يطلب االنتفاع باخلدمة املفروض عليها الرسم‪.‬‬ ‫ككل‪.‬‬
‫‪ -‬اإلتاوة ال تفرض أال مرة واحدة‪،‬‬
‫أما الرسم فتتعدد حاالت دفعه بتعدد احلصول على نفس اخلدمة املفروض عليها الرسم‪،‬‬

‫‪ 1‬رانيا حممود عمارة‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪ 2‬فهو نفع عام لتحسني أحوال املواطنني الصحية واألمنية‪ ،‬وفى نفس الوقت تعود هذه املشروعات بالنفع اخلاص على أصحاب العقارات املبنية يف هذه املناطق‪ ،‬فرتفع من قيمتها‬
‫وسعرها نتيجة للتحسينات اليت أضافتها الدولة يف هذه املناطق‪ ،‬وبالتالي فمن املنطقي أن حتصل الدولة على مقابل هلذه املنافع اليت أدتها لطبقة املالك العقاريني وهي ما‬
‫يستحقه باإلتاوة أو مقابل التحسني‪.‬‬
‫‪ 3‬رانيا حممود عمارة‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.87‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪52‬‬

‫‪ -‬درجة اإلكراه يف اإلتاوة أكرب من درجة اإلكراه يف حالة الرسم‪ ،‬فال يستطيع أحد أن‬
‫يتجنب دفع اإلتاوة‪.‬‬
‫‪-‬أما الرسم فقد ميتنع الفرد عن طلب اخلدمة واالنتفاع بها‪،‬‬
‫‪-‬احلد األقصى لإلتاوة هو مقدار املنفعة اخلاصة اليت عادت علي مالك العقار (زيادة‬
‫رأمسالية يف العقار)‪،‬‬
‫‪ -‬يف حني أن احلد األقصى للرسم هو نصيب الفرد من تكاليف اخلدمة‪.‬‬
‫‪-3‬أوجه التشابه واالختالف بني الرسم والضريبة‪:‬‬
‫ميكن توضيح أوجه التشابه واالختالف بني الرسم والضريبة كاآلتي‪:‬‬
‫أوجه االختالف‬ ‫أوجه التشابه‬
‫‪ -‬الرسم يفرض مقابل خدمة معينة يطلبها الفرد وحيصل منها على نفع خاص يشبع حاجاته مباشرة باإلضافة‬ ‫‪ -‬يتشابه كل من الرسم‬
‫للنفع العام الذي يعود على اجملتمع بصورة غري مباشرة‪.‬‬ ‫والضريبة يف عنصر اإلجبار‪،‬‬
‫‪-‬أما الضريبة كأهم مصادر اإليرادات العامة فهي تفرض بدون مقابل مساهمة من الفرض يف تغطية جانب من‬
‫النفقات العامة‪،‬‬
‫‪ -‬حتديد مقدار الرسم يتم عادة على أساس قيمة اخلدمة اليت حيصل عليها الفرد‪،‬‬
‫‪-‬بينما حتديد مقدار الضريبة يتم على أساس املقدرة التكليفية أو املالية لدافع الضريبة‪ ،‬وهذا هو االختالف‬
‫الواضح بني الرسم والضريبة‪.‬‬
‫‪ -‬الرسم يفرض بناء على قانون يف صورة قرارات أو لوائح إدارية‪،‬‬
‫‪-‬أما الضريبة ال تفرض إال بقانون يصدر من السلطة التشريعية نظر خلطورة هذه األداة‪.‬‬

‫‪-4‬أوجه التشابه واالختالف بني الرسم والغرامة‪:‬‬


‫تعرف الغرامة؛ بأنها مبلغ من املال تقره الدولة على أي شخص خيالف القانون واألنظمة النافذة‪ ،‬مثل خمالفة بناء أو إشارة‬
‫مرور‪ ... ،‬اخل‪ .‬وميكن توضيح أوجه التشابه واالختالف بني الرسم والغرامة كاآلتي‪:‬‬
‫أوجه االختالف‬ ‫أوجه التشابه‬
‫‪ -‬الغرامة تدفع بسبب خمالفات‪ ،‬والقيام بتصرفات حيظرها القانون والنظم العامة‪ ،‬أما الرسم فيدفع دون وقع‬ ‫‪ -‬يتشابه كل من الرسم‬
‫خمالفة للقانون‪،‬‬ ‫والغرامة يف عنصر اإلجبار‪،‬‬
‫‪-‬الغرامة تدفع دون أن يطلبها الشخص‪ ،‬الرسم يدفع مقابل خدمة يطلبها الشخص‪،‬‬
‫‪-‬الغرامة ال تعود بالنفع املباشر على الفرد (مبثابة عقاب)‪ ،‬أما الرسم فبعود بالنفع املباشر على الفرد‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬إيرادات أمالك الدولة (الدومني)‬


‫يعترب الدومني العام واخلاص من إيرادات الدولة االقتصادية‪ ،‬وسنوضح كل ما يتعلق بالدومني يف النقط اآلتية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف الدومني‬
‫يقصد بالدومني كل ما متتلكه الدولة سواء كانت ملكية عامة أو خاصة‪ ،‬وسواء كانت أمواالً عقارية أو منقولة‪ .‬ومثال‬
‫ذلك الطرق العامة‪ ،‬املطارات‪ ،‬املوانئ‪ ،‬احلدائق العامة‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫وميكن تقسيم الدومني وفقاً ملعيار النفع إىل الدومني العام واخلاص‪ ،‬ويتم توضيحه كاآلتي‪:‬‬
‫الدومني اخلاص ‪The private Domain‬‬ ‫الدومني العام ‪The public Domain‬‬ ‫البيان‬
‫وهو األموال اليت متتلكها الدولة ملكية خاصة ومعدة‬ ‫ويقصد به األموال اليت متتلكها الدولة أو األشخاص العامة‬ ‫تعريف‬
‫لالستعمال اخلاص‪ ،‬وحتقق نفعاً خاصاً للفئة اليت‬ ‫وتكون معدة لالستعمال العام‪ ،‬وحتقق نفعاً عاماً‪ ،‬ومن ثم‬
‫تستخدمها‪ ،‬ومن ثم ختضع ألحكام القانون اخلاص‪،‬‬ ‫ختضع ألحكام القانون العام‪ ،‬فال حيوز بيعها أو التصرف فيها‬
‫واستخدام هذه األموال يكون مبقابل وحيقق دخالً ميثل‬ ‫أو يتملكها األفراد ولو عن طريق التقادم‪.‬‬
‫مصدرًا من مصادر اإليرادات العامة‪.‬‬

‫‪ 1‬سوزي عدلي الناشد‪ ،‬الوجيز يف املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.95 -91‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪53‬‬

‫األراضي الزراعية اليت متلكها الدولة وغريها من‬ ‫الطرق العامة‪ ،‬املطارات‪ ،‬املوانئ‪ ،‬احلدائق العامة‪ ،‬املصاحل‬ ‫أمثلة هلذه األموال‬
‫العقارات‪ ،‬املشروعات التجارية والصناعية واألوراق‬ ‫العامة‪ ،‬الوزارات وغريها من األموال األخرى‪.‬‬
‫املالية اليت متتلكها الدولة‬
‫يتم استخدام هذه املمتلكات من جانب اجلمهور باجملان‪،‬‬ ‫االستخدام‬
‫ولكن يف بعض األحيان تفرض الدولة يف حاالت معينة رسوماً‬
‫ضئيلة مقابل االنتفاع بها‪.‬‬
‫اهلدف من هذا النوع من اإليرادات هو احلصول على‬ ‫أن تفرض الدولة يف بعض األحيان رسوم على دخول احلدائق‬ ‫الغرض‬
‫إيرادات للخزانة العامة وعلى الرغم من خضوع هذا‬ ‫العامة واملطارات واملوانئ واملستشفيات‪ ،‬وذلك بغرض تنظيم‬
‫الدومني ألحكام القانون اخلاص‪.‬‬ ‫استعمال هذه املمتلكات أو على األقل تغطية بعض النفقات‬
‫العامة أو صيانتها‪.‬‬
‫هناك نصوص ًا خاصة متعلقة به حلمايته مثل عدم جواز‬ ‫لكن هذه الرسوم املفروضة ال جتعل الدومني العام مصدراً‬ ‫مالحظات‬
‫متلكه بالتقادم أو كسب أي حقوق عينية عليها مبضي‬ ‫لإليرادات العامة‪ ،‬إذ أنه مال عام معه لالستخدام العام‪،‬‬
‫املدة‪.‬‬ ‫فالغرض منه تقديم خدمات عامة وليس احلصول على أموال‬
‫للخزانة العامة‪ ،‬وبالتالي خيرج من نطاق دراستنا هنا احلديث‬
‫عن إيرادات ممتلكات الدولة (الدومني العام)‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬أشكال الدومني اخلاص‬


‫يوجد أشكال ثالثة للدومني اخلاص تتمثل يف الدومني العقاري‪ ،‬الدومني الصناعي والتجاري‪ ،‬الدومني املالي‪ ،‬نتعرض‬
‫هلم بشي من اإلجياز من خالل النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬أمالك الدولة العقارية (الدومني العقاري)‬
‫تتكون أمالك الدولة العقارية من األراضي الزراعية ومن الغابات اململوكة للدولة ولغريها من األشخاص العامة‪،‬‬
‫وكذلك من املناجم واحملاجر‪ ،‬وأخرياً من البحريات املستعملة كمصايد األمساك‪ ،‬وتساهم هذه املمتلكات يف حتقيق املورد‬
‫املالي الذي حيققه الدومني العقاري بأكمله‪.‬‬
‫وميكن توضيحها كاآلتي‪:‬‬
‫املناجم واحملاجر (الدومني االستخراجي)‬ ‫الغابات‬ ‫أراضي الدولة الزراعية (الدومني الزراعي)‬ ‫البيان‬
‫ختتلف نظم متلك واستغالل املناجم واحملاجر‬ ‫استغالل الدولة للغابات‬ ‫من أهم مصادر الدخل الذي تعتمد عليه‬ ‫التعريف‬
‫من دولة ألخرى‪ ،‬فيمكن أن ميتلك الفرد‬ ‫يعترب أكثر فائدة من‬ ‫احلكومات يف متويل نفقاتها‪ ،‬وظلت حمتفظة‬
‫املناجم ويستغلها استغالال مباشراً‪ ،‬ويستغلها‬ ‫استغالهلا بواسطة النشاط‬ ‫بأهميتها حتى القرن السابع عشر‪ ،‬ولكن مع زوال‬
‫البعض اآلخر عن طريق االمتياز‪.‬‬ ‫أن‬ ‫حيث‬ ‫اخلاص‪،‬‬ ‫عهد اإلقطاع بدأت احلكومات يف التخلص من‬
‫معظم الدول متيل إىل استغالل املناجم بنفسها‬ ‫اإلشراف االقتصادي من‬ ‫أراضيها الزراعية عن طريق بيعها لألفراد‪.‬‬
‫ملا هلذه الثروات الطبيعية من صلة وثيقة‬ ‫جانب الدولة ال يكلفها‬
‫باالقتصاد القومي‪ ،‬وكذلك ألن هذا اجملال‬ ‫الكثري‪،‬‬
‫حيتاج إىل أحدث طرق اإلنتاج الفنية‪.‬‬
‫يف الوقت احلالي حتاول بعض الدول االحتفاظ‬ ‫كما أن تنمية الغابات ال‬ ‫فقد الدومني الزراعي أهميته كمصدر لإليرادات‬ ‫األهمية‬
‫مبلكية املناجم واحملاجر‪،‬‬ ‫إنتاجية‬ ‫فنون‬ ‫تستلزم‬ ‫العامة‪ ،‬واحلقيقة أنه يف الواقع ال ميكن االعتماد‬
‫وترك أمر استغالهلا لألفراد مع اإلشراف‬ ‫معقدة‪ ،‬لذلك فإن الدولة‬ ‫على إيرادات األراضي اململوكة للدولة كإيراد‬
‫عليهم وإلزامهم بدفع عائد للدولة طبقاً للعقد‬ ‫وحدها هي اليت تستطيع‬ ‫أساسي للميزانية العامة يف العصور احلديثة‪ ،‬وذلك‬
‫املربم بينهما‪ ،‬وتهدف الدولة من هذا اإلشراف‬ ‫جتميد استثماراتها يف‬ ‫مع زيادة النفقات العامة واليت تستلزم االعتماد على‬
‫إىل محاية الثروة املعدنية وفقاً لقواعد حمددة‬ ‫هذا اجملال فرتة طويلة من‬ ‫إيرادات غزيرة ومرنة‪ ،‬وال تتوافر هاتان الصفتان يف‬
‫ومتفق عليها مسبقاً‪.‬‬ ‫الزمن‪.‬‬ ‫اإليرادات الناجتة عن عقارات الدولة‪.‬‬

‫‪ 1‬رانيا حممود عمارة‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.52 -44‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪54‬‬

‫‪ -2‬أمالك الدولة التجارية والصناعية (الدومني التجاري والصناعي)‬


‫يقصد بهذه األمالك املشروعات التجارية والصناعية اليت متلكها الدولة‪ ،‬ويتمثل اإليراد الذي حتصل عليه الدولة يف‬
‫احلصيلة الصافية لبيع منتجات وخدمات هذه املشروعات‪.‬‬
‫ونتيجة لزيادة تدخل الدولة يف خمتلف جماالت النشاط االقتصادي‪ ،‬فقد ترتب على ذلك متلك الدولة ملرافق عامة‬
‫صناعية وجتارية متارس من خالهلا نشاطها مثلها يف ذلك األفراد واملشروعات اخلاصة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يتحدد نطاق املشروعات‬
‫العامة يف دولة معينة‪ ،‬مبجموعة من االعتبارات السياسية واالقتصادية‪ ،‬فكلما زاد تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي‪،‬‬
‫كلما اتسع نطاق هذه املشروعات والعكس صحيح‪.‬‬
‫‪ -1-2‬أهداف واعتبارات قيام الدولة باملشروعات العامة‬
‫هدف املشروع العام هو حتقيق الربح فال جيب أن يكون هذا الربح هو املسري الوحيد لسياسة املشروع من حيث األسعار‬
‫أو نطاق اإلنتاج‪ ،‬بل جيب أن يتماشى ذلك مع أهداف الدولة املتعددة من نشاطها‪ ،‬واليت ميكن أن يكون من ضمنها احلد من‬
‫استهالك بعض السلع من اجل هدف ادخاري عام ملزم لعملية التنمية‪.‬‬
‫وتفضل الدولة اللجوء إىل املشروعات العامة بدل تركها للقطاع اخلاص‪ ،‬لعدة اعتبارات نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫اهلدف من إنشاءها‬ ‫االعتبارات االقتصادية‬ ‫االعتبارات املالية اخلاصة‬
‫تفادى االحتكارات‪ ،‬فمشروعات الغاز والكهرباء والنقل واملياه والسلع‬ ‫إقامة العديد من املشروعات املفيدة‬ ‫حصوهلا على أرباح مباشرة بدالً‬
‫الضرورية خاصة الغذائية‪ ،‬كلها مشروعات متثل خدمات أساسية‬ ‫للمجتمع وفى نفس الوقت ال‬ ‫من تركها لألفراد مثل احتكار‬
‫لكل اجملتمع فلو مت تركها للقطاع اخلاص ألدى ذلك للحد من إنتاجها‬ ‫يستطيع القطاع اخلاص القيام بها‬ ‫معظم دول العامل لتجارة الدخان‬
‫ورفع أمثان منتجاتها واحتكارها وهذا يتعارض مع مصلحة االقتصاد‬ ‫ألنها ال حتقق له عائداً أو ربح‬ ‫هذا‬ ‫ويتخلص‬ ‫والكربيت‪،‬‬
‫القومي‪ ،‬فتضطر الدولة إىل أن تقوم بهذه املشروعات بنفسها ضماناً‬ ‫كايف يشجعه على القيام بها‬ ‫األسلوب يف االحتكارات املالية‪.‬‬
‫حلسن استخدام هذه املوارد وتقديم هذه اخلدمات العامة بأمثان‬
‫منخفضة يستفيد منها مجيع املواطنني‪.‬‬

‫‪ -2-2‬إيرادات أمالك الدولة التجارية والصناعية‬


‫قيام الدولة بهذه املشروعات وبصرف النظر عن االعتبارات اليت تضعها الدولة للقيام بها ميثل بالنسبة للدولة إيرادات‬
‫كبرية‪ ،‬وهذه اإليرادات تتمثل يف صوريتني أساسيتني وهي الثمن العام‪ ،‬االحتكار املالي‪ ،‬نوضحها كاآلتي‪:‬‬
‫االحتكار املالي ‪fiscal monopoly‬‬ ‫الثمن العام ‪public price‬‬ ‫البيان‬
‫‪ -‬انفراد الدولة مبلكية أو استغالل فرع معني من فروع اإلنتاج بقصد‬ ‫مثن السلع واخلدمات اليت تنتجها وتقدمها املشروعات‬ ‫التعريف‬
‫احلصول على موارد تفوق ما ميكن أن حتصل عليه لو تركت هذا الفرع‬ ‫العامة ذات الطبيعة االقتصادية‪ ،‬وذلك مقارنة بينه‬
‫للقطاع اخلاص واكتفت بفرض ضرائب على دخله‪.‬‬ ‫وبني الثمن اخلاص الذي ميثل مثن منتجات‬
‫‪ -‬االحتكار املالي للدولة ال ميكن بأي حال من األحوال أن يشمل كافة‬ ‫املشروعات اخلاصة‪.‬‬
‫أنواع السلع الضرورية وغري الضرورية االستهالكية منها واالستثمارية‪،‬‬
‫ألنه ال ميكن تصور أن تقوم الدولة باستغالل حاجة األفراد لسلع ضرورية‬
‫وترفع مثنها من أجل حتقيق أقصى ربح ممكن‪.‬‬
‫حتى يستطيع االحتكار املالي أن حيقق الغرض منه‪ ،‬جيب علي الدولة أن‬ ‫يتحدد الثمن العام وفقاً للتنافس بني املشروعات العامة‬ ‫شروطه‬
‫ختتار موضوعا أو نشاطاً الحتكارها سلعاً ذات طلب غري مرن‪ ،‬وذلك‬ ‫واخلاصة‪ ،‬وذلك طبقاً للقواعد االقتصادية وقوانني‬
‫خوفاً من اخنفاض الطلب عليها لو رفعت أمثانها إىل حد كبري مما يضيع‬ ‫العرض والطلب يف ظل سوق املنافسة والوصول‬
‫الغرض من هذا االحتكار‪.‬‬ ‫ألقصي ربح ممكن‪ ،‬ولكن يف بعض األحوال قد‬
‫تقوم املشروعات العامة على أساس احتكاري‪.‬‬

‫‪ 1‬اخلدمات األساسية كاملواصالت والنقل والطاقة ومشروعات الصناعات الثقيلة خاصة يف الدول اليت متر باملراحل األوىل للتنمية فتقوم الدولة بهذه املشروعات‪ ،‬وقد حتاول‬
‫أن تشجع القطاع اخلاص عليها مع تقديم مساعدات له حتى يستطيع القيام بها‪ ،‬فهي مشروعات حتتاج إىل رؤوس أموال ضخمة ال تقدر عليها األفراد‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪55‬‬

‫‪-‬قد يكون اهلدف من االحتكار هو تقديم السلع الضرورية‬ ‫فتمنع الدولة رؤوس األموال اخلاصة من الدخول يف‬ ‫أهدافه‬
‫للمستهلكني بأسعار يف مقدرة كافة فئات الشعب املختلفة وخاصة‬ ‫مثل هذه املشروعات فنكون يف هذه احلالة بصدد‬
‫ذوي الدخول املنخفضة أو احملدودة‪ ،‬وتقوم الدولة بهذا االحتكار منعاً‬ ‫احتكار عام قانوني‪ ،‬أو تؤدى ظروف اإلنتاج إىل‬
‫الجتاه املشروعات اخلاصة إىل رفع أسعارها لعلمها مبدى احتياج األفراد‬ ‫االحتكار الفعلي للسوق فنكون هنا بصدد احتكار‬
‫هلا باعتبارها سلع ضرورية استهالكية‪.‬‬ ‫عام فعلى‪.‬‬
‫‪-‬ال تسعى إىل حتقيق إيراد مالي‪ ،‬ولكن جمرد محاية األفراد وتيسري‬
‫استهالكهم للسلع الضرورية‪ ،‬واليت من أمثلتها‪ :‬اخلبز‪ ،‬املاء‪،‬‬
‫الكهرباء‪ ،‬وسائل املواصالت‪ ،‬فالدولة هنا ال تسعى مطلق ًا إىل حتقيق‬
‫الربح‪.‬‬
‫‪ -‬يف بعض األحيان قد تتحمل خسارة كدعم أو إعانات تقدمها الدولة‬
‫هلذه املشروعات من ميزانيتها العامة أي من حصيلة الضرائب‪ ،‬ولكنها‬
‫تهدف إىل هدف أمسى من مجيع حصيلة اإليرادات أال وهو حتقيق‬
‫أغراض اجتماعية ونفع للمواطنني كافة‪.‬‬
‫‪-‬تهدف الدولة من ذلك االحتكار احلصول على إيرادات وال ميكن‬
‫وصف هذه اإليرادات االحتكارية بأنها ضريبة‪.‬‬
‫االحتكار املالي املتعلق بالدولة ال خيتلف كثرياً عن االحتكار اخلاص‬ ‫سواء كان االحتكار قانونياً أو فعلياً‪ ،‬فانه ميكن‬ ‫أساليب‬
‫باملشروعات اخلاصة‪ ،‬ففي احلالتني يسعى احملتكر إىل التوازن لتحقيق‬ ‫أن تتعدد أساليب حتديد األمثان العامة وفقاً لتعدد‬ ‫حتديده‬
‫أقصى ربح ممكن‪.‬‬ ‫األهداف اليت تسعى الدولة إىل حتقيقها من‬
‫هناك من يرى أن الثمن يف حالة االحتكار املالي يتحدد عند مستوى أعلى‬ ‫احتكارها‬
‫من املستوى الذي يتحدد عنده الثمن يف حالة االحتكار اخلاص‪.‬‬ ‫للسوق (هل هي أهداف مالية أم اقتصادية أم تفادى‬
‫االحتكارات أم اعتبارات املصلحة العامة كما سبق‬
‫أن ذكرنا من قبل)‪.‬‬

‫‪-3‬الدومني املالي‪:‬‬
‫‪ -1-3‬تعريف الدومني املالي‪ :‬يعترب من أحدث أنواع الدومني اخلاص‪ ،‬ويقصد بالدومني املالي للدولة‪ :‬احملفظة املالية للدولة‬
‫واإليرادات اليت تدرها هذه احملفظة من أسهم وسندات مملوكة للدولة واليت حتصل منها إيراد مالي يتمثل يف‬
‫األرباح والفوائد ومتثل إيراداً للخزانة العامة‪.‬‬
‫‪-2-3‬أهميته‪ :‬ازدادت أهميته يف العصر احلديث وتطور تطوراً كبرياً فلم يعد قاصراً على حق الدولة يف إصدار النقود‪،‬‬
‫ولكنه اتسع ليشمل األسهم واليت متثل مساهمة الدولة يف املشروعات االقتصادية العامة‪ ،‬أو عن طريق قيام الدولة‬
‫باستثمار أمواهلا عن طريق شراء سندات ذات فائدة مرتفعة‪ ،‬وهذا يؤدى إىل إشراف الدولة على القطاع اخلاص من‬
‫أجل حتقيق املصلحة العامة‪.‬‬
‫كما تسعى الدولة من خالل الدومني املالي ليس فقط حتقيق إيرادات مالية وإمنا أيضاً حتقيق أغراض سياسية‬
‫واقتصادية معينة‪ ،‬الن شرائها لألسهم والسندات يشجع األفراد على شراء األسهم والسندات اخلاصة باملشروعات اليت تشارك‬
‫فيها الدولة‪ ،‬فيؤدى ذلك إىل جناح حركه التنمية االقتصادية بالدولة‪.‬‬
‫كذلك قد تسمح بعض الدول لبعض املمولني بسداد نسبة معينة من بعض الضرائب يف شكل سندات حمددة‪ ،‬فيرتتب‬
‫على ذلك زيادة يف ممتلكات الدولة من األوراق املالية‪ ،‬أو يف شكل آخر يتمثل يف منح قروض بفوائد معينة عنها سواء قدمتها‬
‫الدولة لألفراد أو للهيئات العامة احمللية واملؤسسات العامة‪ ،‬مما يساعد ذلك على زيادة إيرادات الدولة وهو غرض أساسي يف‬
‫زيادة احلصيلة ومتويل النفقات العامة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪56‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬القروض العامة‬


‫تعترب القروض العامة من مصادر اإليرادات غري العادية للدولة‪ ،‬وهو من اإليرادات االئتمانية‪ ،‬فقد حتتاج الدولة إىل‬
‫تغطية نفقاتها املتزايدة‪ ،‬بعد استنفاذ كافة إيراداتها العادية‪ .‬فتلجأ إىل اقرتاض املبالغ اليت حتتاجها لتستكمل بها إيراداتها‬
‫العادية‪ ،‬فتلجأ إىل اقرتاض املبالغ اليت حتتاجها لتستكمل بها إيراداتها العادية املتحصلة من الدومني والرسوم والضرائب‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف القروض العامة‬
‫يقصد بالقروض العامة‪ :‬مبالغ من النقود حتصل عليها الدولة من الغري (أفراد أو مصارف‪ ،‬مؤسسات مالية حملية أو‬
‫دولية) وتتعهد بردها ودفع فائدة عنها وفقاً لشروط معينة ينص عليها عقد القرض‪.‬‬
‫كما أن القروض العامة اليت متول عن طريق القروض تقع يف الواقع على عاتق األجيال احلاضرة‪ ،‬غري انه لو استخدمت‬
‫حصيلة القروض يف أعمال إنشائية ينتج عنها زيادة الدخل يف املستقبل وبتحصيل املبالغ الالزمة من الدخل اإلضايف لسد الدين‪.‬‬
‫وللقروض العامة وظيفة أخرى يف النظام املالي احلديث وهي‪ ،‬تنظيم إصدار أوراق النقد وضبط حجم االئتمان‪ ،‬فبعض‬
‫الدول تلجأ إىل إحالل سندات الدين العام حمل الذهب كغطاء لإلصدار‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬فروقات القرض العام بني الدول النامية واملتقدمة‬
‫القرض العام يف الدول املتقدمة‬ ‫القرض العام يف الدول النامية‬
‫من مصلحة احلكومة أن تلجأ إىل القروض العامة يف حالة الكساد‬ ‫تتسم بقلة االدخار واستخدام استثمارات غري منتجة يف بناء املساكن الفاخرة‬
‫فتخفف احلكومة من أعباء الضرائب واللجوء إىل القروض ملوازنة‬ ‫أو يف شراء اجملوهرات من الذهب والفضة‪ ،‬ولعالج ذلك جيب أن يتم استخدام‬
‫ميزانيتها‪ ،‬فتقوم بأعمال إنشائية جديدة بقصد زيادة القوة الشرائية‬ ‫هذه األموال عن طريق اللجوء لالقرتاض احلكومي وال يرتك االستثمار‬
‫املتداولة مما يؤدى إىل االنتعاش والعودة حلاله الرخاء‪.‬‬ ‫اخلاص منفرداً‪ ،‬وذلك بإنشاء الصناعات األساسية الضرورية مثل إقامة‬
‫املواصالت والطاقة مما يكون بذلك فرصة للتقدم االقتصادي‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أوجه التشابه واالختالف بني القرض العام والضريبة‬
‫هناك ارتباطاً وثيقاً بني القروض العامة والضريبة‪ ،‬ألن كل قرض ال بد أن يؤدى وقت السداد إىل زيادة أعباء الضرائب‪.‬‬
‫أوجه االختالف‬ ‫أوجه التشابه‬
‫‪-‬الضريبة تدفع بصفة نهائية فال تلتزم الدولة بردها مرة أخرى إىل دافعيها‪،‬‬ ‫‪-‬يتشابه القرض مع الضريبة يف أن كليهما ال بد وأن يصدر بقانون‪،‬‬
‫كما ال تلتزم بدفع فوائد عنها‪،‬‬ ‫‪-‬كليهما إيراد عام حتصل عليه الدولة ويتحمل األفراد بعبئهما‪،‬‬
‫‪-‬بينما القرض واجب السداد ويدر فائدة‪ ،‬وتلتزم الدولة برد املبالغ اليت‬ ‫فالقرض واجب السداد وقيام الدولة بسداد القرض أو الوفاء به ميثل‬
‫حصلت عليها على سبيل القرض ودفع فوائد هذه املبالغ حتى يتم ردها‪،‬‬ ‫شكالً من أشكال اإلنفاق العام يتطلب تدبري املوارد املالية الالزمة‬
‫‪-‬الضريبة فريضة إجبارية يلتزم األفراد بدفعها للدولة‪ ،‬يف حني أن القرض‬ ‫لتمويل هذا اإلنفاق‪.‬‬
‫قائم على فكرة االختيار واإلتقان بني الدولة ومقرضيها‪،‬‬ ‫‪ -‬غالباً ما يتحمل دافعوا الضرائب أعباء اإليرادات العامة الالزمة‬
‫‪ -‬الضريبة ال ختصص لإلنفاق على غرض معني بينما خيصص القرض‬ ‫ملواجهة أعباء القروض العامة واملتمثلة يف سداد اإلقساط والفوائد‪،‬‬
‫لغرض معني حيدده قانون إصداره‪،‬‬ ‫وهذا يعنى أن دافعي الضرائب هم الذين يتحملون يف النهاية عبء‬
‫‪ -‬الدولة ميكنها أن حتصل على القرض من اخلارج خبالف للضريبة‪.‬‬ ‫القروض العامة‪.‬‬
‫أوجه التقارب بني القرض العام والضريبة‬
‫فالدولة قد تلجأ إىل إصدار قرض إجباري يلتزم املواطنني باالكتتاب فيه‪ ،‬كما أنها قد تعقد قرضاً مؤبداً ال تلتزم فيه بالسداد خالل مدة معينة‪،‬‬
‫وهنا يقرتب القرض من الضريبة‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إىل أن الدولة قد تتجاهل قاعدة ختصيص القرض لغرض معني خاصة القروض اليت تعقدها ملواجهة عجز املوازنة العامة‪ ،‬أو القيام‬
‫مبشروع إنتاجي قومي مثل مرتو اإلنفاق وفى هذا يقرتب القرض من الضريبة‪.‬‬

‫ﲪ ﲬﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ‬
‫ﲫ‬ ‫ﱡﭐ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ‬ ‫‪ 1‬يعترب حترمي الراب من أبلغ صور االعجاز التشريعي يف اإلسالم‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫ﲳ ﲴﲵ ﱠ [البقرة‪ .]279 ،278 ،‬ومن الناحية الشرعية‪ ،‬ال فرق بني الربا والفائدة؛ فالفائدة أصلها ربوي‪ ،‬فهي جمرد وسيلة من وسائل التحايل على الربا‪ ،‬وهي‬
‫الرتمجة احلديثة لكلمة الربا‪ ،‬أو البديل اللفظي هلا‪ .‬للربا خماطر على الدول واألفراد الذين يتعاملون بالربا بكافة صوره القدمية واحلديثة‪ .‬فعلى مر التاريخ االقتصادي‬
‫ارتبط سعر الفائدة باالضطرابات االقتصادية‪ .‬كما أن لسعر الفائدة أثرًا على سلوك املستهلكني واملستثمرين؛ لذلك ال يستطيع أحد أن ينكر أن الفائدة هي أحد أهم‬
‫عوامل التضخم يف البالد؛ وبالتالي‪ ،‬فهي ال تعاجله بل تزيد من حدته‪.‬‬
‫‪ 2‬رانيا حممود عمارة‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.56‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪57‬‬

‫رابعًا‪ :‬أنواع وتقسيمات القروض العامة‪ :‬تنقسم إىل عدة أنواع حبسب وجهة النظر إليها‪ ،‬وهذا على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪-1‬القروض الداخلية والقروض اخلارجية‬
‫يعتمد هذا النوع من القروض على جنسية املكتتبني يف القروض‪.‬‬
‫القروض اخلارجية (األجنبية)‬ ‫القروض الداخلية (الوطنية)‬ ‫البيان‬
‫هي القروض اليت تصدرها الدولة خارج حدودها اإلقليمية‪،‬‬ ‫هي القروض اليت تصدرها الدولة داخل حدودها‬ ‫التعريف‬
‫ويكتتب فيها األفراد أو اهليئات اخلاصة أو العامة األجنبية‪.‬‬ ‫اإلقليمية‪ ،‬ويكتتب فيها املواطنني أو املقيمني على‬
‫وقد تكون القروض اخلارجية عن طريق االقرتاض من املنظمات‬ ‫إقليم الدولة‪.‬‬
‫واملؤسسات الدولية‪.‬‬
‫يف عقد القرض اخلارجي الدولة ال تلجأ إليه إال إذا مل تتوافر رؤوس‬ ‫لكي ينعقد عقد القرض الداخلي‪ ،‬البد من توافر‬ ‫االنعقاد عقد‬
‫األموال الوطنية وعجزها عن متويل االستثمارات املختلفة‬ ‫املدخرات الوطنية الكافية لتغطية مبلغ القرض وذلك‬ ‫القرض‬
‫واملشروعات اإلنتاجية الضرورية لالقتصاد الوطين‪،‬‬ ‫وفقاً للشروط واملزايا اليت تشجع املواطنني على‬
‫وقد تلجأ الدولة إلي القرض اخلارجي ملواجهة العجز يف ميزان‬ ‫اإلقبال عليه واالكتتاب فيه‪.‬‬
‫مدفوعاتها يف حالة نقص حصيلتها من العمالت األجنبية‪.‬‬
‫‪-‬القروض اخلارجية فإنها تؤثر على الثروة الوطنية بالزيادة أو‬ ‫‪ -‬القروض الداخلية ال تؤثر على الثروة الوطنية‬
‫النقص‪ ،‬فإصدارها يعد زيادة للثروة الوطنية حيث ينتقل جزء من‬ ‫بالزيادة أو النقص‪ ،‬وإمنا تنقل جزءاً من هذه الثروة‬
‫ثروة البالد األخرى إىل الدولة‪،‬‬ ‫من األفراد املكتتبني يف القرض إىل الدولة أو‬
‫أما سداد القروض وفوائدها يؤدى إىل نقص الثروة الوطنية فينتقل‬ ‫العكس‪ ،‬فهي إعادة توزيع جزء من الثروة الوطنية‬
‫جزء منها من الدولة إىل الدول األخرى‪.‬‬ ‫لصاحل األفراد‪.‬‬
‫‪-‬أما القرض اخلارجي فإنه يعفى اجليل احلاضر من عبء هذا‬ ‫‪ -‬يقوم القرض الداخلي بتحميل االقتصاد الوطين‬
‫االدخار‪.‬‬ ‫عبء االدخار الذي ميثله‪ ،‬أي عبء احلرمان من‬
‫االستهالك فيشكل عبئ ًا على أفراد اجليل احلاضر‪.‬‬ ‫أوجه االختالف‬
‫‪ -‬أما القروض اخلارجية فإنها تؤدى إىل حتسن يف سعر الصرف‬ ‫‪-‬ال تؤثر القروض الداخلية اليت تعقد بالعملة الوطنية‬
‫وحالة ميزان املدفوعات يف الدولة املقرتضة‪ ،‬وحيدث العكس عند‬ ‫على سعر الصرف أو ميزان املدفوعات سواء عند‬
‫سداد أقساطها وفوائدها‪.‬‬ ‫إصدارها أو عند سداد أقساطها وفوائدها‪.‬‬
‫‪ -‬قد يؤدى القرض اخلارجي على خالف القرض الداخلي‪ ،‬إىل تدخل الدول األجنبية املقرضة يف الشئون الداخلية للدولة‬
‫املقرتضة أو قد تفرض شروط معينة ال تتفق مع سياسة الدولة املالية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫وإذا مل تستطع الدولة الوفاء بالتزاماتها املالية املرتتبة على القرض اخلارجي‪ ،‬فقد يؤدى هذا إىل التدخل العسكري من‬
‫الدولة املقرضة للضغط على الدولة املقرتضة يف الوفاء بالتزاماتها‪.‬‬
‫‪ -2‬القروض االختيارية والقروض اإلجبارية‬
‫يستند هذا النوع من القروض إىل طريقة أو شكل العقد‪ ،‬أو باألصح إىل مدى حرية األفراد يف االختيار بني االكتتاب‬
‫أو عدم االكتتاب يف القرض العام‪ .‬واألصل يف القرض العام أن يكون اختيارياً‪ ،‬وهذا يعنى أن يكون القرض حمل تفاوض‬
‫واتفاق بني الدولة ومقرضيها‪ ،‬فيكون لألفراد حرية االكتتاب يف سندات القرض ملا حتققه من مزايا ودون أية ضغوط‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد تلجأ الدولة يف إصدار قروض إجبارية وذلك ألسباب كثرية من بينها‪:‬‬
‫أ‪ -‬دعم قدرتها على متويل اإلنفاق وقت احلروب واألزمات االقتصادية واملالية‪.‬‬
‫ب‪ -‬الرغبة يف امتصاص جزء من القوة الشرائية الزائدة عن حاجة السوق‪ ،‬كعالج ملعدل التضخم وحماربة منها لتخفيضه‬
‫وحفاظاً على النمو االجتماعي واالقتصادي‪.‬‬
‫ج‪ -‬ضعف ثقة األفراد يف السياسة االقتصادية واملالية للحكومة نتيجة لعدم االستقرار السياسي واالقتصادي فال يقبل أحد‬
‫على االكتتاب االختياري يف سندات القرض‪.‬‬
‫وأحيانا تصدر الدولة قرضاً اختيارياً ثم حتوله بعد ذلك لقرض إجباري‪ ،‬وذلك من خالل تأجيل موعد سداده دون أن‬
‫تأخذ موافقة املقرضني على هذا التأجيل‪.‬‬

‫‪ 1‬رانيا حممود عمارة‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.62 -57‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪58‬‬

‫‪-3‬القروض الدائمة والقروض املؤقتة‬


‫يعتمد هذا النوع من القروض على مدة القرض‪:‬‬
‫‪-1-3‬القروض الدائمة‪ :‬القروض اليت ال تكون الدولة ملتزمة برد قيمتها خالل مدة معينة‪ ،‬فالدولة هلا حرية اختيار الوقت‬
‫املناسب لسداد ال قرض دون أن يكون حق لألفراد املكتتبني يف االعرتاض أو طلب استمرار القرض واحلصول على فوائده‪.‬‬
‫فقد ختتار الدولة فرصة وجود فائض يف امليزانية فتقوم بالوفاء بالقرض‪ ،‬أو لو ارتفع سعر الفائدة يف السوق فينخفض معه‬
‫سعر سندات القرض‪ ،‬فتحاول الدولة شراء هذه السندات بسعر أقل من أسعار اإلصدار فتتخلص من جزء من الدين‪.‬‬
‫أما إذا اخنفض سعر الفائدة يف السوق فريتفع سعر سندات القرض‪ ،‬فتقوم الدولة يف هذه احلالة بإصدار قرض جديد‬
‫بفائدة أقل وتستخدم حصيلته يف الوفاء بالقرض املؤبد‪ ،‬وتسمي هذه العملية بتبديل الدين‪.‬‬
‫وتكمن خطورة القروض الدائمة يف تراكم الديون وزيادة أعباء الفوائد املدفوعة عنها يف حالة عدم الوفاء بها مما يتسبب يف‬
‫حدوث آثار اقتصادية سيئة مضرة باالستقرار االقتصادي يف الدولة‪.‬‬
‫‪ -2-3‬القروض املؤقتة‪ :‬فهي تلك القروض اليت تلتزم الدولة بردها يف تاريخ معني وطبقاً للقواعد املتفق عليها يف قانون اإلصدار‪.‬‬
‫وتنقسم القروض املؤقتة إىل قروض قصرية ومتوسطة وطويلة األجل على النحو اآلتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬القروض قصرية األجل (الدين العائم)‪ :‬فهي القروض اليت تعقدها الدولة ملدة ال جتاوز سنتني‪ ،‬وهي تلجأ إليها ملواجهة العجز‬
‫املالي الذي تواجهه نتيجة لعدم توازن اإليرادات العامة مع النفقات العامة بشكل مؤقت‪.‬‬
‫ومن أهم صور هذا النوع‪ :‬أذونات اخلزانة‪ ،‬وهي نوع من السندات اليت تصدرها الدولة ملدة قصرية قد ال تتجاوز عدة أشهر‪،‬‬
‫وذلك ملواجهة العجز املومسي يف امليزانية خاصة التأخري يف حصيلة الضرائب املباشرة‪ .‬وتقوم الدولة متمثلة يف حكومتها‬
‫من أجل تغطية هذا العجز‪ ،‬بإصدار هذه األذون وتقدمها للبنك املركزي أو البنوك التجارية أو اجلمهور مقابل احلصول‬
‫على قيمتها‪ ،‬وعند مجع حصيلة اإليرادات تقوم الدولة بسداد قيمة هذه األذونات للمكتتبني فيها‪.‬‬
‫ب ‪ -‬القروض متوسطة وطويلة األجل (القروض املثبتة)‪ :‬تلجأ إليها الدولة لتمويل مشروعات التنمية االقتصادية واالستثمارية أو‬
‫لتمويل نفقات الدفاع واحلروب‪ ،‬أو لعالج العجز اجلوهري يف املوازنة العامة‪ ،‬وهو عجز دائم غري مومسي‪ ،‬وتعقد‬
‫احلكومة هذه القروض ملدة تزيد عن سنة‪ ،‬فالقروض املتوسطة ترتاوح مدتها بني أكثر من سنة إىل مخس سنوات‪،‬‬
‫أما القروض طويلة األجل فهي اليت تزيد عن مخس سنوات‪.‬‬
‫‪ -4‬القروض التضخمية والقروض غري التضخمية‪:‬‬
‫‪-1-4‬القروض غري التضخمية‪ :‬هي تلك القروض اليت جتد مصدرها النهائي اليت تغطي منه يف مدخرات األفراد واهليئات‬
‫اخلاصة‪ ،‬ويف هذه احلالة حتصل الدولة علي جزء من القوة الشرائية السابق وجودها يف التداول لدي األفراد‪.‬‬
‫‪ -2-4‬القروض التضخمية‪ :‬فهي تلك القروض اليت يكون مصدرها متمثالً يف قوة شرائية جديدة تضاف إلي القوة الشرائية‬
‫املوجودة يف التداول‪ ،‬فتصبح هذه القروض خالقة للنقود شأنها يف ذلك شأن االئتمان اخلاص‪.‬‬
‫ويتكون املكتتبون يف القرض العام من‪ :‬البنك املر كزي والبنوك األخرى‪ ،‬فيمثل شراء سندات القروض العامة فرصة للبنك‬
‫املركزي لزيادة النقود املتداولة‪ ،‬بينما متثل بالنسبة للبنوك التجارية فرصة خللق الودائع‪ :‬أي زيادة النقود املصرفية‪ ،‬ويف‬
‫هذه األحوال نكون بصدد اقرتاض تضخمي ينشأ قوة شرائية جديدة‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬التنظيم الفين للقروض العامة‬
‫يتمثل التنظيم الفين للقروض العامة يف جمموعة من اإلجراءات والتنظيمات الفنية اليت يتعني اختاذها منذ بداية التفكري‬
‫يف إصدار القروض وحتى سداد هذه القروض‪.‬‬
‫وتضم هذه اإلجراءات‪ :‬عمليات إصدار القروض والشروط واألساليب احملددة لذلك‪ ،‬ثم عمليات ختفيف شروط‬
‫القروض وتبديلها‪ ،‬وأخرياً عمليات سداد هذه القروض يف املواعيد والشروط احملددة سلفاً‪،‬‬
‫ونتناول هذه املوضوعات الثالثة من خالل النقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪ 1‬مصطفى حسين مصطفى‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون سنة نشر‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.465-463‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪59‬‬

‫‪ -1‬شروط إصدار القروض العامة واألساليب احملددة له‪:‬‬


‫يقصد بإصدار القروض العامة‪ :‬العملية اليت حتصل الدولة مبقتضاها على مبالغ مالية تعد من اإليرادات العامة عن‬
‫طريق ما تطرحه من سندات للقروض العامة‪ ،‬وتدعو األفراد إىل االكتتاب (أي الشراء)‪ ،‬وذلك طبقاً للشروط والقواعد‬
‫القانونية اليت ينص عليها قانون إصدار القرض العام‪.‬‬
‫‪-1-1‬شروط إصدار القروض العامة‪ :‬من أهم هذه شروط إصدار القرض العام‪:‬‬
‫‪ -‬تعهد الدولة برد وسداد هذه القروض وفوائدها احملددة يف مواعيد معينة‪.‬‬
‫‪-‬نظراً خلطورة هذه القروض وأهميتها‪ ،‬فإنها تتطلب صدور قانون من السلطة التشريعية باملوافقة عليها‪ ،‬واحلكمة من ذلك‬
‫تكمن يف قياس خدمة القرض العام على الضرائب كمصدر من مصادر اإليرادات العامة‪.‬‬
‫‪ -‬طاملا أن الضرائب تفرض بقانون‪ ،‬فأنه جيب أن تصدر القروض كذلك بقانون‪ ،‬وفى نفس الوقت صدور القروض بقانون‬
‫يعنى رقابة السلطة التشريعية على الشؤون املالية للحكومة واحلد من إسرافها يف اللجوء إىل القروض العامة‪.‬‬
‫‪-‬كذلك فإن ثقة األفراد االئتمان والقروض تزيد طاملا أن السلطة التشريعية توافق على ذلك‪،‬‬
‫‪ -‬موافقة السلطة التشريعية على القرض‪ ،‬تسمح للحكومة أن تتقدم هلذه السلطة وتطالب بفرض ضرائب جديدة أو زيادة‬
‫معدالت الضرائب القائمة حتى تستطيع الوفاء بالتزاماتها وسداد فوائد القرض‪.‬‬
‫‪-‬عندما تنوى احلكومة إصدار قرض ما‪ ،‬جيب عليها أن حتدد مبلغ القرض‪ ،‬سعر اإلصدار‪ ،‬سعر الفائدة‪ ،‬شكل السندات‬
‫املصدرة‪ ،‬طريقة االكتتاب‪،‬‬
‫‪-‬أخرياً املزايا والضمانات اليت تقررها لتشجيع األفراد على االكتتاب يف سندات القرض العام‪،‬‬
‫‪-2-1‬الشروط احملددة إلصدار القروض العامة‬
‫أ‪ -‬قيمة القرض العام (مقدار القرض)‪ :‬يقصد بهذه القيمة املبلغ الذي يصدر به القرض أو مقدار القرض‪ ،‬لكن يوجد نوعني‬
‫من القروض وهي‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬القروض احملددة القيمة‪ :‬وهي القروض اليت تقوم الدولة بتحديد املبلغ الذي تصدر به القروض‪ ،‬وإصدار السندات‬
‫يف حدود هذا املبلغ فقط‪ ،‬واألصل يف القرض أن يكون حمدد املقدار‪ ،‬حيث يتم النص على هذا املقدار يف القانون‬
‫اخلاص بإصدار القرض‪ ،‬وبالتالي يتوقف االكتتاب هنا عند تغطية مقدار القرض‪.‬‬
‫أما النوع الثاني فهي القروض غري حمددة القيمة‪ :‬وهذه القروض ال تتضمن حتديداً للمبلغ املطلوب االكتتاب به‪ ،‬وإمنا‬
‫تكتفي الدولة بتحديد مدة االكتتاب‪ ،‬وتقبل كل ما يتقدم به األفراد من طلبات االكتتاب خالل هذه املدة‪.‬‬
‫ب‪ -‬سعر اإلصدار‪ :‬وهو عبارة عن القيمة اليت تصدر بها سندات القرض‪ ،‬وقد يكون إصدار سندات القرض العام بسعر‬
‫التعادل أو بسعر أقل من سعر التعادل أو يكون اإلصدار جبائزة سداد‪.‬‬
‫ج ‪ -‬سعر الفائدة‪ :‬تلتزم الدولة بدفع فائدة معينة متثل نسبة مئوية من أصل القرض حلاملي سنداته‪ ،‬وتراعى الدولة عند حتديد‬
‫سعر الفائدة عن القرض (سعر الفائدة السائد يف السوق) ‪ ،‬فالقرض صورة من صور توظيف األموال‪ ،‬وصاحب رأس املال‬
‫يبحث دائماً عن أفضل وجوه استثمار ماله‪.‬‬

‫‪ 1‬تلجأ الدولة إىل القروض غري حمددة املقدار أو القيمة‪ ،‬عندما ختشى من عدم القدرة على تغطية القرض بالكامل فيؤدى ذلك إىل زعزعة الثقة بأوضاعها املالية‪ ،‬أو إذا‬
‫كانت الدولة تهدف إىل امتصاص جزء كبري من القوة الشرائية املوجودة يف يد األفراد ويصعب عليها تقدير هذا اجلزء مقدماً‪ .‬وأخرياً تلجأ الدولة هلذا النوع إذا كانت‬
‫يف حاجة ملحة ملبالغ ضخمة لتعرضها لظروف طارئة أو صعبة‪.‬‬
‫‪ 2‬ويقصد بسعر التعادل‪ :‬السعر الرمسي الذي يصدر به السند واملبني عليه والذي تتعهد الدولة برده عند سداد القرض‪،‬‬
‫‪ 3‬توجد تفرقة مهمة بني سعر الفائدة االمسي وسعر الفائدة احلقيقي‪ ،‬فسعر الفائدة االمسي هو سعر الفائدة املبني يف سندات القرض‪ ،‬أي أن الفائدة تنسب إىل مبلغ القرض‬
‫املعرتف به من الدولة والذي تتعهد برده‪ .‬أما سعر الفائدة احلقيقي فيختلف تبعاً ملا إذا كان إصدار القرض قد مت بسعر التعادل أو بأقل من سعر التعادل‪ ،‬فإذا صدر‬
‫القرض بسعر التعادل فان سعر الفائدة األمسى هنا يكون مساوياً بسعر الفائدة احلقيقي‪ ،‬أما إذا كان اإلصدار عند سعر أقل من سعر التعادل‪ ،‬فان سعر الفائدة األمسى‬
‫يكون أقل من سعر الفائدة احلقيقي‪.‬‬
‫‪ 4‬على الدولة أن تبحث حالة السوق املالية وحتدد سعر الفائدة على هذا األساس حتى ال جتعل املقرضني يرتددون يف شراء سندات القرض العام‪ ،‬وبالتالي جيب على الدولة أن‬
‫تقدم هلم مزايا أخرى تعوضهم عن الفرق بني أسعار سنداتها وأسعار السندات اخلاصة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪60‬‬

‫‪ -2‬طرق إصدار القرض العام‪:‬‬


‫تلجأ الدولة إلصدار القرض العام عن طريق أربع طرق لالكتتاب يف سندات القرض العام وهي االكتتاب العام املباشر‪،‬‬
‫االكتتاب العام باملزاد‪ ،‬االكتتاب ا ملصريف (البيع للبنوك)‪ ،‬وأخرياً االكتتاب يف سوق األوراق املالية (البورصة)‪.‬‬
‫‪-1-2‬االكتتاب العام املباشر‪ :‬فهذه الطريقة هي األكثر طرق شيوعاً حالياً‪ ،‬فتقوم الدولة عن طريق بنكها املركزي والبنوك‬
‫التجارية بطرح سندات القرض مباشرة على اجلمهور وبيعها بنفسها إىل من يريد االكتتاب وحتدد املدة والشروط‬
‫والقيمة واملزايا للمكتتبني‪ .‬وهذه الطريقة تتميز بقلة نفقات اإلصدار‪ ،‬كما متتاز بقدرة الدولة على الرقابة واإلشراف‬
‫على عملية إصدار القرض دون حدوث مضاربة‪ .‬ولكن قد يعيبها هو أن الدولة قد ال تستطيع تغطية القرض بالكامل‪،‬‬
‫أو ال تصدره وفقاً لشروط السوق لعدم درايتها بسندات البنوك األخرى‪.‬‬
‫‪ -2-2‬االكتتاب العام باملزاد‪ :‬فتقوم الدولة بطرح سندات القرض العام على اجلمهور يف مزاد عام‪ ،‬وحتدد حداً أدنى لقيمة‬
‫السند وال تبيع فعالً أال ملن يدفع مثناً أعلى حتى يتم تغطية قيمة القرض بالكامل‪.‬‬
‫‪ -3-2‬االكتتاب املصريف (البيع للبنوك)‪ :‬فتقوم الدولة ببيع سندات القرض العام إىل عدة بنوك ثم تصرفها مبعرفتها‬
‫وحلسابها‪ ،‬وتقوم البنوك بهذه العملية نظري حصوهلا على مبلغ ميثل الفرق بني املبلغ األمسى للقرض واملبلغ الذي تدفعه‬
‫للحكومة عند شرائها لسنداته وهو أقل دائماً من مبلغ القرض االمسي‪.‬‬
‫‪ -4-2‬اإلصدار يف سوق األوراق املالية (البورصة)‪ :‬وتقوم الدولة بعرض سندات القرض يف البورصة‪ ،‬ومعنى ذلك أن السعر‬
‫الذي تبيع به الدولة سندات القرض ال يتحدد مبعرفة ذاتها‪ ،‬وإمنا يتم هذا التحديد وفقا لألسعار املدرجة يف البورصة‪،‬‬
‫أي سعر األقفال يف اليوم الذي يتم فيه البيع‪.‬‬
‫‪-3‬مزايا إصدار القروض العامة‬
‫تلجأ الدولة إىل منح بعض املزايا والضمانات اليت من شأنها ترغيب األفراد حتى يزيد إقباهلم على االكتتاب يف سندات‬
‫القرض العام‪( ،‬وقد ذكرنا بعضها من قبل)‪ ،‬مثل الفائدة اليت تدفعها الدولة ألصحاب السندات وإصدار القرض بسعر أقل‬
‫من سعر التعادل أو إصداره جبائزة سداد‪.‬‬
‫ولكن توجد مزايا أخرى تقررها الدولة لتشجيع األفراد على االكتتاب يف القروض العامة من بينها‪:‬‬
‫‪ -‬تقرير إعفاءات وامتيازات ضريبية‪ :‬فتعفى الدولة الفوائد أو السندات من الضرائب‪ ،‬وذلك سواء أثناء اإلصدار أو يف املستقبل‪،‬‬
‫أو تقوم الدولة باستخدام سندات القرض العام يف سداد بعض أنواع الضرائب‪.‬‬
‫‪ -‬تقرير امتيازات قانونية‪ :‬مثل عدم قابلية السندات للتقادم أو احلجز سداداً للديون‪.‬‬
‫‪ -‬مكافأة السداد‪ :‬اليت تتم بالنسبة لكل السندات وتكون منخفضة القيمة‪.‬‬
‫‪ -‬ضمانات ضد تقلبات نقدية‪ :‬يعترب تأمني املقرض ضد خطر التضخم من أهم الضمانات اليت تقدمها الدولة ألصحاب رؤوس‬
‫األموال تشجيعاً هلم على إقراضها‪ ،‬ومحاية هلم من خطر ارتفاع األسعار واخنفاض القوة الشرائية للنقود‪.‬‬
‫‪-‬بيع السندات بالتقسيط‪ :‬فقد تقرر الدولة بيع سندات القرض العام بالتقسيط‪ ،‬فتتسمح للمكتتبني بدفع املبالغ اليت اكتتبوا‬
‫بها على دفعات متعددة‪ ،‬وبذلك تشجع صغار املدخرين على االكتتاب يف السندات العامة وحتقق الدولة بذلك نوعاً من‬
‫تكوين املدخرات وتوزيع حصيلة القرض على فرتة زمنية معينة قد تستفيد من هذه األموال عندما حتتاج إليها‪.‬‬

‫‪ 1‬لكن قد يتعرض صغار املدخرين إىل املضاربة اليت تلجأ إليها البنوك عند أعادة طرح هذه السندات‪ ،‬وبالتالي جيب على الدولة أال تلجأ إىل هذه الطريقة إال يف األحوال اليت‬
‫ال تستطيع تغطية القرض بالكامل‪.‬‬
‫‪ 2‬ال حيبذ اخلرباء التجاء الدولة إىل هذه الطريقة ملا حييط بها من خماطر تقلبات البورصة‪ ،‬وبالتالي جيب على الدولة أن تلجأ هلذه الطريقة يف حالة بيع سندات القرض العام‬
‫إذا كان املبلغ املطلوب اقرتاضه حمدوداً‪.‬‬
‫‪ 3‬مصطفى حسين مصطفى‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.476 -474‬‬
‫‪ 4‬تقوم الدولة باحلفاظ على القيمة احلقيقة للقرض خالل الفرتة ما بني إصدار القرض وسداده‪ ،‬فرتبط الدولة قيمة السند ببعض العمالت األجنبية الثابتة أو بالذهب وترد هذه‬
‫املبالغ على أساس العملة األجنبية أو الذهب وذلك عند سداد القرض‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪61‬‬

‫‪-4‬طرق انقضاء األعباء املالية للقروض العامة أو التخفيف منها‬


‫‪ -‬يتم انقضاء القرض العام برد قيمته إىل املكتتبني فيه‪ ،‬وبالتالي ينطبق على القروض العامة القاعدة القانونية اخلاصة بوجوب‬
‫التخلص من الديون بالوفاء بها طاملا كان ذلك ممكناً‪.‬‬
‫‪ -‬ويتم ختفيف الدين العام إما بالوفاء به‪ ،‬أو بتخفيض سعر الفائدة املقررة عليه‪.‬‬
‫وميكن إمجال طرق انقضاء الدين العام يف أربع طرق رئيسية وهي الوفاء‪ ،‬التثبيت‪ ،‬التبديل وأخرياً االستهالك‪ .‬ونوضح‬
‫هذه الطرق األربعة على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1-4‬الوفاء‪ :‬يقصد بالوفاء رد قيمة القرض بأكمله إىل املكتتبني فيه‪ ،‬وال يتصور انقضاء القرض بواسطة الوفاء به إال‬
‫بالنسبة للقروض احملددة املبلغ‪ ،‬وذلك لكي تتمكن الدولة من تدبري سدادها من مواردها العادية‪ ،‬وبالتالي‬
‫يصبح مستحيل عمالً الوفاء بالقروض الضخمة دفعة واحدة‪ ،‬فيتم استهالكها على عدة سنوات‪.‬‬
‫‪ -2-4‬التثبيت‪ :‬ويقصد به الدولة بتحويل القرض قصري األجل‪ ،‬عندما حيل أجله إىل قرض متوسط أو طويل األجل‪ .‬ويتم التثبيت‬
‫عن طريق إصدار قرض متوسط أو طويل األجل بنفس مبلغ القرض القصري األجل‪ ،‬مع السماح حلملة سندات‬
‫هذه القرض األخري باالكتتاب يف القرض اجلديد عن طريق تقديم أذونات اخلزانة اليت ميلكونها‪ ،‬وذلك يف‬
‫احلدود اليت يقبل فيها أصحاب السندات االكتتاب يف القرض اجلديد‪ ،‬أما إذا مل يرغب حاملوا السندات قصرية‬
‫األجل‪ ،‬فالدولة تكون ملزمة برد قيمة القرض‪.‬‬
‫والتثبيت قد يكون اختيارياً أو إجبارياً‪:‬‬
‫‪ -‬اختيارياً‪ :‬إذا مسح حلاملي أذون اخلزانة باالختيار بني احلصول على قيمة القرض وبني حتويلها إىل قروض متوسط أو طويلة‬
‫األجل‪ ،‬هنا تقدم الدولة مزايا للمقرضني القدامى تعوضهم عن اسرتداد قيمة القرض مثل رفع سعر الفائدة‪.‬‬
‫‪ -‬إجبارياً‪ :‬إذا ألزمت الدولة حاملي أذون اخلزانة على االكتتاب بسنداتهم يف القرض اجلديد متوسط أو طويل األجل‪ ،‬وذلك‬
‫لعدم قدرتها على رد قيمة القرض‪ ،‬مما يقلل من ثقة األفراد بها‪ ،‬وبالتالي ال تلجأ الدولة هلذا التثبيت اإلجباري إال يف‬
‫حاالت الضرورة القصوى‪.‬‬
‫‪ - 3-3‬التبديل‪ :‬يقصد بتبديل أو حتويل القرض العام‪ ،‬إحالل قرض جديد بسعر فائدة منخفض حمل قرض قديم بسعر فائدة‬
‫مرتفع‪ ،‬وهذا التجديد يف الدين‪ ،‬يرتتب عليه ختفيف عبء خدمة الدين على اخلزانة العامة‪ ،‬وبذلك حيدث‬
‫توفري يف الوقت واملال واجلهد‪ .‬وجند نوعني من تبديل القرض العام‪:‬‬
‫‪ -‬إجباري‪ :‬إذا قامت الدولة بتخفيض سعر الفائدة دون موافقة الدائنني وهذا النوع من التبديل قد يضر بالسمعة املالية‬
‫للدولة ويضعف ثقة املقرضني معها‪،‬‬
‫‪ -‬اختياري‪ :‬حيث تعلن الدولة رغبتها يف ختفيض سعر الفائدة‪ ،‬ويكون حلاملي أذونات اخلزانة (القروض قصرية األجل)‬
‫حرية االختيار بني قبول ختفيض الفائدة وتبديل القرض أو اسرتداد قيمة القرض األصلي والتبديل قد يكون‬
‫متكافئاً أو مع دفع الفرق أو دون التكافؤ‪.‬‬
‫‪ -4-3‬استهالك القرض العام‪ :‬ويعترب استهالك القرض العام من أكثر الطرق الفنية شيوعاً النقضاء القروض العامة‪ ،‬خاصة‬
‫القروض متوسطة وطويلة األجل‪ .‬ويقصد به رد قيمة القرض بصورة تدرجيية إىل املكتتبني فيه‪ ،‬ويرتتب على‬
‫ذلك إيقاف الفائدة املقررة عليه‪ ،‬أي ختفيض العبء املالي على اخلزانة العامة‪ ،‬وبانتهاء هذه الفرتة تكون الدولة‬
‫قد أكملت سداد القرض‪ .‬ويكون استهالك القرض العام إما اختياريً أو إجباريًا‪.‬‬
‫‪ -‬إجبارياً‪ :‬بالنسبة للقروض املؤقتة اليت حتدد الدولة هلا ميعاداً تلتزم فيه بسدادها‪ ،‬فيتم االستهالك يف صورة أقساط سنوية‬
‫حمددة‪ ،‬وتدفع الدولة القسط حلاملي السندات ويتضمن فيه الفائدة السنوية‪.‬‬

‫‪ 1‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.314 -311‬‬
‫‪ 2‬فعلى احلكومة أن تقرر بعض املزايا حتى تضمن جناح عملية التبديل مثل إعفاء القرض اجلديد من الضرائب أو منح مكافأة مالية ملن يقبل التبديل أو رفع سعر الفائدة عن‬
‫سعر السوق أو حتديد مدة قصرية لرد القرض لو كان القرض غري حمدد املدة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪62‬‬

‫وقد يتم االستهالك عن طريق القرعة فتخرج بعض السندات سنوياً بالقرعة ثم تسدد قيمتها االمسية بالكامل حلامليها‪.‬‬
‫‪ -‬اختيارياً‪ :‬عندما يكون للدولة احلق أن تقوم بسداد القرض يف الوقت املناسب بالنسبة هلا خاصة يف القروض املؤبدة غري‬
‫حمددة امليعاد‪ ،‬فتحدد الدولة أجل هذا الرد‪.‬‬
‫وقد حيدث ذلك بالنسبة للقروض طويلة األجل أو ذات األجلني‪ ،‬فتلتزم الدولة برد القرض يف أجل معني‪ ،‬ولكنها‬
‫حتتفظ لنفسها حبق الرد يف تاريخ سابق عليه‪ .‬وتعترب هذه الطريقة حالً وسطاً بني االستهالك اإلجباري احملدد األجل‬
‫واالستهالك االختياري غري حمدد األجل‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬اآلثار االقتصادية للقروض العامة‬
‫حتدث القروض العامة آثاراً اقتصادية عديدة ختتلف باختالف نوع القرض‪ ،‬والفرتة الزمنية وآثارها عند إصدارها حتى‬
‫استهالكها‪ ،‬وتتوقف هذه اآلثار على قدرة الدولة على االقرتاض‪.‬‬
‫وحناول أن تتعرض هلذه النقاط بشيء من اإلجياز من خالل النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬اآلثار االقتصادية للقروض العامة يف مرحلة إصدارها‪:‬‬
‫‪ - 1-1‬آثار القروض الداخلية‪:‬‬
‫‪ -‬متثل القروض الداخلية اقتطاع من القوة الشرائية املوجودة حتت تصرف األفراد‪ ،‬وبالتالي فإنها ميكن أن حتث آثار‬
‫انكماشية تنعكس على الناتج واالستهالك القومي فتؤثر على االدخار واالستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬ويظهر هذا التأثري من خالل تدخل الدولة يف هذه القروض وهذا يعين منافستها للقطاع اخلاص فيما يتعلق باالدخار املعد‬
‫لالستثمار‪ ،‬ويؤدي هذا التنافس إىل ارتفاع سعر الفائدة وهذا يؤثر على القدرة يف االستثمار‪،‬‬
‫‪ -‬ميثل فرص استثمار جديدة ألصحاب الدخول املرتفعة فيحدوا من استهالكهم وزيادة مدخراتهم‪ ،‬هذا باإلضافة إىل أنه‬
‫ميكن أن خيتفي هذا االنكماش لو استخدمت الدولة هذه القروض العامة يف متويل عمليات استثمارية فتزيد إنتاجها‬
‫على االستثمار اخلاص‪ ،‬كما أن القروض العامة قد تشجع عملية التداول النقدي عن طريق التوسع يف االئتمان‬
‫املصريف(السندات)‪.‬‬
‫‪-2-1‬آثار القروض اخلارجية‪:‬‬
‫‪ -‬أما بالنسبة للقروض اخلارجية فهي متثل قوة شرائية جديدة‪ ،‬ميكن أن تؤدي إلي زيادة الناتج القومي وتقوية الباعث‬
‫على االستثمار لدي القطاع اخلاص‪ ،‬وكذلك تعمل علي حتسني ميزان املدفوعات حاليت العجز والفائض‪.‬‬
‫‪ -2‬اآلثار االقتصادية للقروض العامة يف مرحلة إنفاقها‪:‬‬
‫‪ -‬حيدث للقروض العامة عند إنفاقها نوع من اآلثار التوسعية اليت ميكن أن تعوض االنكماش الذي حدث عند إصدارها‪.‬‬
‫وعليه البد أن ختصص حصيلة القرض لتمويل نفقات عامة استثمارية منتجة‪ ،‬هلا آثار اجيابية على االستثمار اخلاص‪،‬‬
‫ألنها تساهم يف تكوين رؤوس األموال العينية فتزيد من املقدرة اإلنتاجية الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬ميكن أن حتدث بعض النفقات العامة االستهالكية هذه اآلثار االجيابية‪ ،‬وذلك عندما ختصص حصيلة القرض لتغطية‬
‫نفقات تعليمية أو صحية أو ثقافية أو حتى تقديم إعانات اقتصادية للمشروعات اخلاصة‪.‬‬
‫‪ -‬رفع معدل أرباح هذه املشروعات فتزيد مقدرتها اإلنتاجية‪ ،‬كل ذلك يؤثر اجيابياً على الناتج الوطين‪ ،‬أيضاً ميكن أن‬
‫حتدث زيادة يف الدخل القومي عن طريق التأثري على الطلب الفعلي‪.‬‬
‫‪-3‬اآلثار االقتصادية للقروض العامة عند انقضائها‪:‬‬
‫‪- 1-3‬بالنسبة للقروض الداخلية‪:‬‬
‫‪ -‬تعمل هذه القروض على تشجيع املدخرات اخلاصة واالستثمار اخلاص وذلك إذا مت متويل القرض العام وفوائده من الضرائب‬
‫غري املباشرة واحلد من االستهالك وتوجيه هذه املبالغ لالدخار واالستثمار‪.‬‬

‫‪ 1‬عاطف صدقي‪ ،‬حممد الرزاز‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.340-337‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪63‬‬

‫فهي ال متثل عبئاً على االقتصاد الوطين يف جمموعه‪ ،‬ألنها تقتصر على حتويل جزء من القوة الشرائية املتاحة داخل الدولة‬ ‫‪-‬‬
‫الواحدة من اخلزانة العامة إىل األفراد‪ ،‬فتزداد القوة الشرائية لديهم‪ ،‬مما يكون بذلك له آثراً كبرياً على إعادة توزيع‬
‫الدخل القومي لصاحل الفئات املكتتبة يف القروض‪.‬‬
‫‪-2-3‬أما بالنسبة للقروض اخلارجية‪:‬‬
‫‪ -‬يزيد علي دفع فوائدها واستهالكها‪ ،‬زيادة األعباء املالية ألنها تدفع لعمالت أجنبية‪ ،‬أي ينتقل جزء من الثروة الوطنية إىل‬
‫اخلارج‪ ،‬األمر الذي حيدث معه آثار انكماشية على الناتج الوطين والدخل الوطين‪،‬‬
‫‪ -‬لكي خترج الدولة من هذا املأزق عليها بزيادة صادراتها ونقص وارداتها وهو أمر يصعب تنفيذه يف الدولة النامية‪.‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬اإلصدار النقدي اجلديد‬
‫تضطر الدولة يف بعض الظروف إىل اإلصدار النقدي اجلديد‪ ،‬ملواجهة نفقاتها املتزايدة وعجز امليزانية‪ ،‬وذلك بعد‬
‫استنفاذ كافة املصادر اإليرادي ة العادية واالئتمانية‪ ،‬فتقوم بإصدار كمية جديدة من النقود وطرحها يف التداول‪ ،‬ويعرف‬
‫ذلك بالتضخم املالي أو التمويل عن طريق التضخم‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف اإلصدار النقدي اجلديد‬
‫يتمثل اإلصدار النقدي اجلديد كأسلوب للتمويل العام يف خلق كمية إضافية من النقود‪ ،‬وتستطيع الدولة أن تقوم‬
‫بذلك إذا كانت هي اليت تتولي عملية اإلصدار عن طريق بنكها املركزي‪ ،‬أما إذا كانت جهة اإلصدار مستقلة‪ ،‬فإن الدولة‬
‫حتصل على النقود اجلديدة يف صورة قرض تتعهد برده فيما بعد‪.‬‬
‫كذلك تستطيع الدولة أن تصل إىل خلق كمية إضافية من النقود عن طريق االئتمان الذي متنحه البنوك التجارية‪.‬‬
‫ويطلق على هذا اإلصدار النقدي اجلديد بالتمويل التضخمي أو التمويل بالتضخم‪ ،‬فهو عبء إضايف على دخول وثروات األفراد‬
‫نتيجة الرتفاع األمثان واخنفاض قيمة النقود‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مربرات اللجوء إىل اإلصدار النقدي اجلديد‬
‫تضع الدول الراغبة يف اللجوء إىل هذا األسلوب بعض املربرات اليت نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫‪-‬يعترب حافزًا على االستثمار؛ ذلك أن اإلصدار النقدي اجلديد يؤدي إىل ضعف القوة الشرائية للنقود‪ ،‬وبالتالي ارتفاع األمثان‪.‬‬
‫مما يؤدي إىل زيادة أرباح والتوسع يف االستثمار القائم وظهور فرص جديد لالستثمار‪،‬‬
‫‪ -‬اإلصدار النقدي اجلديد يعترب وسيلة ضرورية لتمويل االستثمار العام واحلصول على الوسائل الالزمة لربامج التنمية‪ ،‬حيث‬
‫يقو اإلصدار النقدي اجلديد بتكوين اد خار إجباري لتمويل مشروعات إنتاجية هلا أثر على معدالت التنمية‪.‬‬
‫غري أن هذه املربرات مل حتقق األهداف املرجوة‪ ،‬وعادت بنتائج تضخمية على االقتصاد؛ ذلك أن سهولة اللجوء إليه من‬
‫طرف الدولة عند عجز املوازنة واللجوء إىل طرق التمويل األخرى كثريا ما يؤدي إىل اختالل التوازن االقتصادي والنقدي‪،‬‬
‫باإلضافة إىل عدم عدالته يف توزيع العبء بني خمتلف الفئات االجتماعية‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬الفكر االقتصادي والتمويل التضخمي‬


‫اختلفت نظرة الفكر االقتصادي إىل هذا األسلوب التمويلي أو التمويل التضخمي أو التضخم املالي حبسب كل من موقف‬
‫كل فكر اقتصادي على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪-1‬موقف الفكر التقليدي‪ :‬أقامت النظرية التقليدية حتليلها االقتصادي على أساس افرتاض أن العامل يسوده حالة من التشغيل‬
‫الكامل‪ ،‬وبالتالي يلعب العرض هنا دوراً أساسياً‪ ،‬فهو خيلق الطلب املساوي له‪ .‬فالدخل ينفق يف شراء أموال االستهالك وأموال‬
‫االستثمار‪ ،‬أي يتحول كل ادخار إىل استثمار‪ ،‬وبالتال ي حيدث دائماً توازن تلقائي بني الطلب الكلي والعرض الكلي‪ ،‬ولو‬
‫حدث بالفرض حالة عدم توازن فهي تكون حالة مؤقتة تنتهي تلقائياً‪.‬‬

‫‪ 1‬يؤدي اإلصدار النقدي اجلديد إىل اخنفاض قيمة النقود‪ ،‬مما يشكل عبئًا إضافيًا على دخول وثروات األفراد‪.‬‬
‫‪ 2‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.325 ،324‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪64‬‬

‫وبناء على هذا التأسيس‪ ،‬رفضت النظرية التقليدية أسلوب متويل النفقات العامة عن طريق اإلصدار اجلديد ألنه يؤدي‬
‫إىل عجز بامليزانية وزيادة يف اإلنفاق النقدي والتضخم‪ ،‬مما يتبع معه ختفيض قيمة النقود وتعطيل جهاز الثمن عن القيام‬
‫بوظيفته يف توجيه اإلنتاج‪ ،‬وهو ما يفقد األفراد ثقتهم بالنقود فينخفض ادخارهم النقدي‪.‬‬
‫وقد يؤدي هذا التضخم أيضاً إىل هروب رؤوس األموال الوطنية لالستثمار يف اخلارج وإحجام رؤوس األموال األجنبية‬
‫عن االستثمار يف الداخل‪ ،‬فيحدث عجز مبيزان املدفوعات لزيادة الواردات عن الصادرات‪.‬‬
‫‪ -2‬موقف الفكر احلديث‪:‬‬
‫عند الفكر احلديث الطلب هو الذي خيلق العرض‪ ،‬وميكن أن يكون أقل منه‪ ،‬فعند كينز الطلب الفعلي ال يرتفع‬
‫تلقائياً إىل املستوي الالزم لتحقيق التش غيل الكامل‪ ،‬وال بد من تدخل الدولة عن طريق زيادة النفقات العامة‪ ،‬وذلك لتنشيط‬
‫الطلب والوصول حلالة التشغيل الكامل‪ ،‬وهذا يتطلب أن تقوم الدولة باإلصدار النقدي اجلديد‪.‬‬
‫والتجاء الدول الرأمسالية املتقدمة هلذا األسلوب ال يعرضها للتضخم؛ ألنها ببساطة متلك جهازاً إنتاجياً مرناً‪ ،‬تتوفر فيه‬
‫طاقات معطلة نتيجة لنقص الطلب الفعلي‪.‬‬
‫لذلك فارتفاع هذا الطلب يؤدي إىل تشغيل هذه الطاقات ووصول االقتصاد الوطين ملستوي التشغيل الكامل؛ وبالتالي‪،‬‬
‫جيب وقف استخدام هذا األسلوب عندما يصل االقتصاد الوطين إىل حد التشغيل الكامل‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬أسلوب التمويل التضخمي يف الدول النامية‬
‫اختلف االقتصاديون حول مدى مالئمة أسلوب التمويل التضخمي يف الدول النامية‪ ،‬وذلك من أجل حتقيق االستثمارات‬
‫الالزمة لعملية التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وميكن توضيح ذلك من خالل العناصر اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬تشغيل املوارد والتمويل التضخمي‪:‬‬
‫يذهب أنصار هذا األسلوب إىل القول بأنه توجد موارد اقتصادية معطلة يف الدول النامية‪ ،‬وبالتالي جيب أن تلجأ الدولة‬
‫لتمويل جزء من االستثمارات لتشغيل هذه املوارد فيزيد دعمها الناتج الوطين وميتص القوة الشرائية اجلديدة‪ ،‬دون حدوث‬
‫سلبيات التضخم‪ .‬بينما يرد معارضي التضخم على ذلك بقوهلم أن هذا يصلح يف الدول املتقدمة حيث الطاقات اإلنتاجية الكبرية‬
‫واجلهاز اإلنتاجي املرن‪ ،‬ولكن ال يصلح يف الدول النامية حيث أن طاقتها اإلنتاجية ضعيفة وجهازها اإلنتاجي غري مرن بشكل‬
‫يسمح باستيعاب زيادة الطلب‪ ،‬فتحدث فجوات تضخمية كبرية‪.‬‬
‫‪ -2‬التمويل التضخمي واالدخار واالستثمار‪:‬‬
‫يذهب أنصار التضخم للقول بأنه يساعد على تكوين املدخرات وإعادة توزيع الدخل لصاحل أصحاب الدخول املتغرية‬
‫اليت متيل لالدخار (الطبقة الغنية) ويف غري صاحل أصحاب الدخول الثابتة اليت ينخفض لديها هذا امليل (الطبقة الفقرية)‪،‬‬
‫وكذلك فإن ارتفاع األسعار يشجع رجال األعمال على االستثمار فريتفع معه معدل النمو‪.‬‬
‫ويرد على ذلك املعارضون أن هذه احلجة تتنايف مع سياسة ضرورة إعادة توزيع الدخل القومي يف صاحل الطبقات حمدودة‬
‫الدخل‪ ،‬وقد تزيد الدخول وال يزيد االستثمارات‪ ،‬حيث تتجه هذه الزيادة إىل تكوين املخزون وأعمال املضاربة دون االستثمار‪،‬‬
‫كما أن الدول النامية خاصة ال توجه استثماراتها إال إىل خدمة عملية التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -3‬التمويل التضخمي وحركات رؤوس األموال‪:‬‬
‫يري أنصار التضخم أن ارتفاع األسعار يف الدول النامية يشجع رؤوس األموال األجنبية على االنتقال إليها‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إىل تنشيط عملية التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫بينما يري املعارضون‪ ،‬أن التضخم مينع دخول رؤوس األموال األجنبية إىل هذه الدول اليت تعاني منه‪ ،‬حيث خيشى‬
‫أصحابها من اآلثار السلبية للتضخم وعجز ميزان املدفوعات وزيادة الواردات ونقص الصادرات‪.‬‬
‫وبوجه عام‪ ،‬جيب اللجوء إىل هذا األسلوب (اإلصدار النقدي اجلديد) يف حدود معينة‪ ،‬وكوسيلة تكميلية ملصادر‬
‫التمويل املختلفة‪ ،‬ولفرتة حمدودة ويتضمن عمليات استثمارية دون استهالكية‪ ،‬حتى يتم تاليف اآلثار السيئة اليت تنتج عنه‪.‬‬

‫‪ 1‬عاطف صدقي‪ ،‬حممد الرزاز‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.348-346‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪65‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫املوازنة العامة للدولة‬

‫متهيد‪:‬‬
‫تعترب املوازنة العامة للدولة يف العصر احلديث أداة فعالة الختاذ القرارات احلكومية‪ ،‬واليت يف حسبانها العوامل‬
‫املختلفة من اقتصادية وسياسية واجتماعية‪ ،‬وبالتالي فإن امليزانية العامة ليست جمرد إجراءات وأساليب إدارية وفنية فقط‪،‬‬
‫وإمنا هي وسيلة رئيسية من وسائل تنفيذ السياسة العامة للدولة‪.‬‬
‫كما أوىل علماء املالية املعاصرين أهمية كبرية للموازنة العامة للدولة‪ ،‬وتوالت الدراسات اليت حتاول اإلحاطة مبختلف‬
‫جوانبها الق انونية أو املالية أو االجتماعية‪...‬اخل‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬سيتم ختصيص هذا الفصل للدراسة مفهوم املوازن ة العامة وأنواعها باإلضافة إىل قواعد املوازنة العامة‪ ،‬ثم ننتقل‬
‫إىل مراحل إعداد وحتضري املوازنة العامة ثم تنفيذها والرقابة عليها‪ .‬وهذا باعتبارها مواضيع أساسية للموازنة العامة‪.‬‬
‫وعليه سيتم تناول املوازنة العامة من خالل العناصر اآلتية‪.‬‬
‫أوالُ‪ :‬ماهية املوازنة العامة‪،‬‬
‫ثانيًا‪ :‬قواعد املوازنة العامة‪،‬‬
‫ثالثًا‪ :‬دورة املوازنة العامة للدولة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪66‬‬

‫املبحث األول‪ :‬ماهية املوازنة العامة‬


‫أدى توسع دور الدولة يف احلياة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتطور مستوى املعيشة حاليا إىل تغيريات مهمة يف مفهوم ومهام‬
‫وطبيعة املوازنة‪ .‬وميكن دراستها من خالل العناصر اآلتية‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مفهوم املوازنة العامة‬
‫هي مبثابة البيان املالي لالقتصاد العام وعالقته باالقتصاد الوطين‪ ،‬ويعترب خطة مالية تظهر بوثيقة امليزانية اليت هي‬
‫تقدير تفصيلي لإليرادات والنفقات لفرتة مقبلة هي سنة يف املعتاد مت الرتخيص من السلطة التشريعية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مصطلح املوازنة العامة‬
‫مصطلح املوازنة العامة (العربي) يقابله يف اللغة اإلجنليزية كلمة (‪ )Budget‬اليت اشتقت أصال من الكلمة الفرنسية‬
‫القدمية (‪ ،)Bougette‬وتعين احلقيبة اجللدية الصغرية‪ ،‬وقد جاء من انكلرتا بعد عدة تطورات إىل أن وصل إىل املفهوم‬
‫احلديث الشائع حاليا باعتباره إجازة تقدير للنفقات واإليرادات العامة‪.‬‬
‫أما يف اللغة العربية فإن كلمة املوازنة تأخذ معان عدة منها املعادلة واملقابلة واحملاذاة واملساواة‪ ،‬فقد جاء يف لسان‬
‫العرب‪ :‬وزنت بني الشيئني موازنة ووزانا‪ ،‬وهذا يوازن هذا إذا كان على زنته أو كان حماذيه‪...‬ووازنة‪ ،‬عادله وقابله‪ .‬وجاء يف‬
‫املعجم الوسيط‪ :‬وازن بني الشيئني موازنة‪ ،‬ووزانا‪ :‬ساوي وعادل ‪ ...‬وتوازن الشيئان‪ :‬تساويا يف الوزن‪.‬‬
‫وكان التعبري الشائع إىل وقت قريب هو امليزانية العامة‪ ،‬ولكن مت استبداله لدى معظم الدول والكتاب بالتعبري املوازنة‬
‫العامة الذي يقابله يف اللغة اإلنكليزية (‪.)Budget‬‬
‫يعترب هذا االصطالح أشد ارتباطا بالدولة‪ ،‬وأكثر داللةً على التوازن املطلوب بني النفقات واإليرادات اللذين يؤلفان‬
‫املوازنة العامة‪ .‬ومتيزً ا هلا عن تعبري امليزانية العمومية والذي يقابله اصطالحا (‪ )Balance sheet‬يف اللغة اإلنكليزية‪ ،‬والذي‬
‫يعد أكثر التصاقًا باملشروع اخلاص‪ .‬فضالً على أن كلمة املوازنة أقرب إىل الصواب من كلمة امليزانية من الناحية اللغوية‬
‫فكالهما مشتق من الفعل وزن‪ ،‬لكن الداللة االقتصادية واملالية لكل منهما ختتلف عن األخرى‪ .‬وعليه‪ ،‬يعد مصطلح املوازنة‬
‫العامة األقرب إىل الدولة والشخص املعنوي‪ ،‬أما القطاع اخلاص فاستعمال مصطلح امليزانية أقرب وأدق‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نشأة مفهوم املوازنة (امليزانية) العامة‬
‫يعتقد الكثري أن فكرة املوازنة العامة حديثة كما يعتقد معظم املفكرين املعاصرين‪ ،‬وامنا تعود إىل عقود قدمية‬
‫حيث أشار القرآن الكريم يف سورة يوسف؛ إىل أن النيب يوسف عليه السالم‪ ،‬وضع ميزانية عامة إلدارة الشؤون االقتصادية‬
‫ﱨ ﱪﱫﱬ ﱭﱮ ﱯﱰ ﱱﱲ ﱳﱴﱵﱶﱷ‬
‫ﱩ‬ ‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱤ ﱥﱦﱧ‬ ‫واالجتماعية ملصر يف ذلك الوقت‪:‬‬
‫ﱻﱽﱾﱿﲀﲁﱠ ‪(.‬يوسف‪.)56 ،55 ،‬‬
‫ﱼ‬ ‫ﱸ ﱹﱺ‬
‫غري أن امليزانية ال عامة اليت عرفت يف تلك احلقبة الزمنية املاضية‪ ،‬شكلها بسيط مقارنة مبا هي عليه يف الوقت‬
‫احلاضر‪ ،‬ويرى معظم املفكرين املعاصرين أن فكرة امليزانية العامة كمفهوم علمي حديث ارتبط ارتباطا وثيقا بوجود الدولة‬
‫احلديثة‪ ،‬القائمة على مبدأ الفصل بني السلطات‪ :‬السلطة التنفيذية‪ ،‬والسلطة التشريعية‪ ،‬والسلطة القضائية‪ .‬ولذلك فإن أول‬
‫ظهور للميزانية العامة مبفهومها احلديث كان يف إجنلرتا‪ ،‬وانتقلت فكرة امليزانية العامة من إجنلرتا إىل الدول األوروبية‬
‫األخرى‪ ،‬وإىل الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬ثم انتقلت فكرة امليزانية العامة والتطورات اليت أدخلت عليها إىل الدول األخرى‪.‬‬
‫وبعد نهاية احلرب العاملية الثانية‪ ،‬أصبح مبدأ تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي هو الغالب بعدما ساد لفرتة من الزمن‬
‫فكر احليادية املالية ‪ ،‬حيث كانت األزمة العاملية الكربى من القرن املاضي هي املعول الذي انهار حتت ضرباته مبدأ احلرية‬
‫االقتصادية‪ ،‬ووجدت الدولة نفسها مضطرة للتدخل يف الشؤون االقتصادية‪ ،‬وكان لذلك انعكاساته على املالية العامة بصفة‬
‫عامة وعلى امليزانية بصفة خاصة فقد استبدلت املالية احليادية باملالية املتدخلة‪ ،‬فلم يعد هناك حديث عن حياد امليزانية‪ ،‬بل‬
‫أصبحت أداة من أدوات السياس ة املالية تلجأ إليها الدولة لتحقيق أهداف السياسة االقتصادية‪.‬‬

‫‪ 1‬إذ استعملت هذه الكلمة ألول مرة يف العصور الوسطى لتدل على احلقيبة اجللدية اليت كان حيملها وزير اخلزانة اإلنكليزي عندما كان يذهب إىل جملس العموم وخيرج‬
‫منها الوثائق املتعلقة بنفقات وإيرادات الدولة أثناء إلقاء بيانه أمام هذا اجمللس عن السنة املالية القادمة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪67‬‬

‫وعليه؛ انتقل االهتمام من احلفاظ على توازن جانيب اإليرادات والنفقات يف امليزانية السنوية إىل التوازن االقتصادي‬
‫واالجتماعي لالقتصاد الوطين ككل وليس التوازن املالي واحلسابي للميزانية‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن التوازن السنوي مل يعد‬
‫أمرا تلتزم الدولة بتنفيذه إذ أن املالية العامة احلديثة توجه جل اهتماماتها إىل ما يسمى بالتوازن الدوري‪ ،‬وكنتيجة هلذه‬
‫األفكار احلديثة وغريها فقد طرأ على قواعد امليزانية كثري من التعديل والتطوير لتالئم االجتاهات اجلديدة يف املالية العامة‪.‬‬
‫وأخريا حتولت املوازنة العامة من جمرد وثيقة حماسبية ورقابية على املالية إىل أداة لإلدارة االقتصادية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تعريف املوازنة العامة‬
‫هناك عدة تعريفات؛ نذكر بعضها كاآلتي‪:‬‬
‫التعريف األول‪ :‬املوازنة العامة هي تقدير مفصل للنفقات العامة واإليرادات العامة عن فرتة مالية مستقبلية غالبًا ما تكون سنة‪.‬‬
‫وهي أداة رئيسية للحكومة تستخدمها يف سياستها املالية لتحقيق الرفاهية والنمو االقتصادي والعدالة االجتماعية‪.‬‬
‫التعريف الثاني ‪ :‬املوازنة العامة هي اخلطة السنوية للقطاع العام اليت حتدد اإليرادات املتوقع حتصيلها وتقديرات اإلنفاق العام‬
‫الضروري لتحقيق األهداف اليت تسعى إليها السطلة العامة من القيام بنشاطها االقتصادي خالل السنة القادمة‪.‬‬
‫التعريف الثالث‪ :‬بالنسبة للقانون اجلزائري فقد مت تعريف امليزانية العامة يف املادة (‪ )3‬من القانون ‪ 90‬أوت ‪ ،1990‬بأنها‪:‬‬
‫الوثيقة اليت تقدر للسنة املالية جمموع اإليرادات والنفقات اخلاصة بالتسيري واالستثمار منها نفقات التجهيز العمومي‬
‫والنفقات بالرأمسال وترخص بها‪.‬‬
‫وعليه؛ فاملوازنة العامة للدولة هي بيان تعدادي تقديري للنفقات واإليرادات خالل مدة مقبلة تقدر عادة بسنة‪ ،‬مقسمة‬
‫إىل تقسيمات يف أبواب وفصول وبنود وغريها‪ ،‬وهي اخلطة املالية للدولة لتحقيق أهداف التنمية االقتصادية والعدالة االجتماعية‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬الطبيعة القانونية للموازنة العامة (املوازنة عمل قانوني إداري)‬
‫مت تفسري قوانني املوازنة على أنها عمل إداري لكونها عمال تعده السلطة التنفيذية‪ ،‬وبني قانون املوازنة الذي هو عمل‬
‫تشريعي شكال‪ ،‬ألن دراسته وإقراره يتم وفق األصول املتبعة يف دراسة بقية القوانني وإقرارها‪ .‬ومن الناحية املوضوعية فهي‬
‫عمل إداري‪ ،‬ألنها ال حتتوي على أية قاعدة عامة جديدة تعطي للحكومة أي سلطة أو حق مل يكن هلا مبقتضى القوانني‬
‫السابقة‪ ،‬فاإليرادات اليت حتصلها احلكومة والنفقات اليت يؤذن هلا بإنفاقها كلها ناجتة عن قوانني سابقة‪.‬‬
‫فهذا الرأي ينظر إىل املوازنة من زاويتني‪:‬‬
‫‪-‬فاملوازنة من الناحية الشكلية تعترب قانونا ألنها متر بذات اإلجراءات اليت مير بها القانون العادي وتصدر عن السلطة‬
‫التشريعية للقوانني العادية فهي قانون من حيث املظهر اخلارجي‪،‬‬
‫‪ -‬أما من الناحية املوضوعية فهي عمل إداري ألنها تتضمن ختمينا وتقديرا احتماليا للنفقات واإليرادات اليت تتطلبها املرافق‬
‫ال عامة‪ ،‬وهي ال حتتوي على قواعد عامة ملزمة كما هي طبيعة القانون من الناحية املوضوعية‪.‬‬
‫وأخريا جند رأي ثالث يرى‪:‬‬
‫‪ -‬أن املوازنة جتمع بني العمل التشريعي واإلداري أقرب إىل الصواب ألن إقرارها يعود إىل السلطة التشريعية فهي إذن قانون من‬
‫ناحية الشكل تقر بشكل قانوني حسب األصول ولكن ليس هلا طبيعة القانون ألن غايتها اختاذ السلطة التنفيذية‬
‫قرارات مالية متعلقة بالتحصيل واإلنفاق ملدة سنة‪.‬‬
‫وبذلك يتألف (قانون املوازنة) من نصوص قانونية حتدد اعتمادات املوازنة وتقدير إيرادات الدولة ونفقاتها‪ ،‬فتتميز‬
‫صرف االعتمادات وحتصيل اإليرادات‪ ،‬ويلحق بها جداول تفصيلية لتوزيع األرقام اإلمجالية على وفق أنواع التصنيف املتبعة‪،‬‬
‫ويفضل أال حت توي املوازنة السنوية على نصوص ال عالقة له باألحكام األساسية للموازنة العامة‪ ،‬مع أن بعض التجارب تشري‬
‫إىل مرافقة مشروع بعض التعديالت الضريبية‪.‬‬

‫‪ 1‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.223‬‬
‫‪ 2‬اجلريدة الرمسية رقم ‪ ،35‬املادة ‪ 03‬من القانون ‪ 21-91‬املؤرخ يف ‪ 15‬أوت ‪1990‬م‪ ،‬واملتعلق باحملاسبة العمومية‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪68‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬خصائص وطبيعة املوازنة العامة‬


‫بعد ذكر التعاريف املختلفة للموازنة العامة‪ ،‬سيتم ذكر أهم خصائص وطبيعة املوازنة العامة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬خصائص املوازنة العامة‬
‫ميكن حتديد أهم العناصر واملقومات اليت يعتمد عليها مفهوم املوازنة العامة كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬العنصر املالي (املوازنة العامة تنبؤ وتقدير)‪ :‬املوازنة العامة عبارة عن جدول تقديري لإليرادات الواجب حتصيلها‪ ،‬والنفقات‬
‫اليت يلزم القيام بإنفاقها خالل فرتة مستقبلية‪ .‬وتعترب الدقة يف التقديرات عامال مهما يف كسب ثقة اجملتمع والسلطة‬
‫التشريعية‪ ،‬هلذا عند تقدير كل من اإليرادات والنفقات العامة البد من وضع تقديرات للوضع االقتصادي‬
‫واالجتماعي املتوقع أن يكون خالل نفس الفرتة؛ والذي يعد مبثابة برنامج احلكومة يف الفرتة القادمة‪ ،‬حبيث‬
‫يعكس سياستها يف كافة اجملاالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬وذلك من خالل ما تنصرف إليه أوجه‬
‫اإلنفاق واإليرادات املختلفة‪.‬‬
‫‪-2‬العنصر القانوني (اعتماد التقديرات)‪ :‬تعد املوازنة العامة مبثابة خطة عمل احلكومة لفرتة الحقة‪ ،‬غري أنها تبقى يف شكل‬
‫مشروع أو اقرتاح مبوازنة غري قابلة للتنفيذ؛ إال بعد قبوهلا من طرف النواب يف املؤسسات الدستورية‪ .‬أي أن املوازنة‬
‫العامة تصدر مبوافقة السلطة التشريعية واعتمادها وإصدار قانون بذلك (قانون املالية يف اجلزائر)‪.‬‬
‫‪ -3‬املوازنة العامة ترخيص وإجازة‪ :‬يعترب صدور قانون اعتماد املوازنة العامة للدولة ترخيصا لكل جهة يف حدود اختصاصها؛‬
‫باستخدام االعتمادات املقررة هلا يف األغراض املخصصة من أجلها‪ ،‬اعتبارا من أول السنة املالية‪ ،‬وتكون هذه اجلهات‬
‫مسؤولة عن اختاذ اإلجراءات الالزمة لتنفيذ مي ا زينتها وحتقيق األهداف احملددة هلا‪.‬‬
‫‪ -4‬املوازنة العامة توجيه‪ :‬تعترب املوازنة العامة مبثابة توجيه للسياسات العامة للدولة حنو حتقيق األهداف االقتصادية‬
‫واالجتماعية اليت تعمل الدولة على حتقيقها؛ ويتم ذلك‪ ،‬عن طريق تضمن املوازنة العامة خطة بالربامج واألنشطة اليت‬
‫حتقق من خالهلا الدولة أفضل النتائج االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ -5‬املوازنة العامة خطة مالية شاملة‪ :‬تعترب املوازنة العامة للدولة الربنامج املالي للخطة عن سنة مالية مقبلة؛ لتحقيق أهداف‬
‫حمددة‪ ،‬وذلك يف إطار اخلطة العامة للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وطبقا للسياسة العامة للدولة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬طبيعة املوازنة العامة‬
‫من خالل التعاريف خمتلفة للموازنة العامة‪ ،‬ميكن أن نستنتج أن هذه األخرية ميكن أن تأخذ أكثر من صفة أو‬
‫طبيعة‪ ،‬ختتلف باختالف وجهات نظر الباحثني ملفهوم املوازنة العامة‪ ،‬من طبيعة مالية أو اقتصادية أو سياسية أو غريها‪:‬‬
‫‪ -1‬املفهوم احملاسيب للموازنة ‪ :‬ميكن القول أن امليزانية العامة ذات طبيعة حماسبية‪ ،.‬ذلك أنها متثل أرقاما حسابية تشمل‬
‫االعتمادات املخصصة واملتوقع إن فاقها واإليرادات املتوقع حتصيلها خالل فرتة زمنية قادمة عادة ما تكون سنة‪ .‬ولذا‬
‫تتعامل احملاسبة مع هذا املفهوم بالتسجيل وإظهار النتائج‪ ،‬وفق ما تتطلّبه التقسيمات الواردة يف املوازنة العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬مفهوم املوازنة املالي‪ :‬هي التعبري املالي عن أهداف احلكومة املراد حتقيقها (اقتصادية‪ ،‬مالية‪ ،‬اجتماعية‪ ،)... ،‬والظاهرة‬
‫ببنود امليزانية سواء يف جانب النفقات أو اإليرادات‪ ،‬إما من ناحية األرقام املالية الواردة فيها أو من ناحية تفاصيل مصادر‬
‫اإليرادات وأوجه اإلنفاق‪.‬‬
‫‪ -3‬املفهوم الرقابي للموازنة ‪ :‬تعترب األداة الرقابية للسلطة التشريعية ملراقبة أعمال السلطة التنفيذية من خالل االلتزام‬
‫باالعتمادات املخصصة كمًا لصرفها لألنواع احملددة وضمن الفرتة املخصصة هلا‪ ،‬للتأكد من حتقيق األهداف‬
‫املطلوبة‪ ،‬وال يهتم املفهوم الرقابي للموازنة بالتخطيط وإعداد الربامج‪.‬‬

‫يتم صياغة التقدير والتنبؤات اخلاصة بالنفقات واإليرادات عن طريق حتليل السياسات االقتصادية واملالية للدولة وكذلك عن طريق مقارنة املوازنات السابقة للدولة‪..‬‬ ‫‪1‬‬

‫فاملوازنة العامة ال تعترب نهائية إال بعد اعتمادها من السلطة التشريعية‪ ،‬وبعدها يعود األمر إىل السلطة التنفيذية (احلكومة) مرة أخرى‪ ،‬فتقوم بتنفيذ بنود املوازنة العامة‬ ‫‪2‬‬

‫باإلنفاق والتحصيل يف احلدود اليت صدرت بها إجازة هذه السلطة قصد حتقيق األهداف‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪69‬‬

‫‪ -4‬املفهوم السياسي للموازنة‪ :‬يعكس اجمللس النيابي فلسفة السياسة يف إدارة احلكم من الناحية االقتصادية واالجتماعية‬
‫لتحقيق أهدافه من خالل املوازنة العامة؛ إ ذ تعد األرقام من خالل الوحدات وتناقش مع السلطة التنفيذية وفق الضوابط‬
‫والتعليمات املعدة سلفاً‪ ،‬واملوجهة إلعداد مشروع املوازنة يف ضوء السياسة العامة اليت ترغب بها احلكومة‪.‬‬
‫‪ -5‬املفهوم القانوني للموازنة‪ :‬تعترب املوازنة العامة للدولة قانون؛ ألنها متر بنفس اإلجراءات اليت مير بها تشريع أي قانون‪،‬‬
‫ومشوهلا على أحكام قانونية تنظم مالية الدولة‪ ،‬كما أن معظم القوانني تتضمن أسس وقواعد إعداد املوازنة العامة‬
‫للدولة من حيث اإلعداد إىل التشريع وتصدر أرقامها مبوجب قانون املالية السنوي‪.‬‬
‫‪ -6‬املفهوم التخطيطي للموازنة‪ :‬تغري مفهوم الدولة من الدولة احلارسة إىل الدولة املنظمة‪ ،‬وممارستها ملختلف األنشطة‬
‫االقتصادية لتحقيق توازن حقي قي لالقتصاد الوطين‪ ،‬أثر على مفهوم امليزانية التقليدي وأصبح ينظر إليها كأداة‬
‫أساسية للتخطيط‪ ،‬وأصبح هناك ربط بني التقديرات وبني حتقيق األهداف وأصبحت املهمة اجلديدة هو التحليل‬
‫لألرقام بضوء السياسات العامة‪ ،‬ودعم التخطيط على املستوى الوطين‪..‬‬
‫‪-7‬املفهوم االقتصادي للموازنة‪ :‬يعد التحول املشار إليه يف املفهوم التخطيطي لتدخل الدولة املباشر يف النشاط االقتصادي‬
‫لغرض حتفيز االقتصاد برفع معدالت النمو وحتقيق االستقرار االقتصادي ‪ ،‬فأصبحت املوازنة العامة األداة اليت‬
‫بواسطتها يتحكم يف التضخم أو الكساد االقتصادي‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أنواع املوازنة العامة والتمييز بينها وبني مسميات مشابهة هلا‬
‫من التعريفات السابقة للموازنة العامة يتضح أنها ختتلف وتتميز عن موازنات تشبهها يف التسمية‪ ،‬كما تنقسم املوازنة‬
‫العامة لعدة أنواع؛ وهذا نتيجة للنشاطات املالية الواسعة اليت تقوم فيها‪ ،‬وكذا الوثائق املالية اليت قد تتفق مع املوازنة العامة‬
‫يف بعض اجلوانب وقد ختتلف عنها يف جوانب أخرى‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬متييز املوازنة العامة عن مسميات تشابهها‪ :‬وميكن توضيح ذلك فيما يأتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬ميزانية املشاريع‬
‫تضع كل من املشاريع العامة واخلاصة ميزانية تنظم حساباتها املالية‪ ،‬وحتديد فيها مقدار موجودات املشاريع‬
‫ومتطلباتها يف تاريخ معني نتيجة لعملية متت يف مدة زمنية سابقة‪ .‬يف حني املوازنة العامة ختتص يف سنة مالية قادمة إىل جانب‬
‫أنها تعتم دها السلطة التشريعية‪ ،‬يف حني أن ميزانية املشاريع ال حتتاج إىل هذه املوافقة كي تعد نافذة‪.‬‬
‫كما تتضمن ميزانية املشاريع أو للمنشأة أرصدة املوجودات (األصول) واملطلوبات (اخلصوم)‪ ،‬بينما تتضمن املوازنة‬
‫العامة للدولة النفقات واإليرادات العامة املتوقعة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬املوازنة الوطنية‬
‫وبقصد بها التقدير الكمي املتوقع للنشاط االقتصادي الكلي (العام واخلاص) يف تعامالته الداخلية واخلارجية خالل‬
‫مدة سنة قادمة‪ .‬إال أن االختالف يظهر يف املوازنة العامة ليست تقديرا كميًا‪ ،‬وإمنا تقدير رقمي متوقع لإلنفاق واإليراد العام‬
‫للحكومة فقط دون القطاع اخلاص كما يف املوازنة الوطنية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬احلسابات الوطنية‬
‫وهي دراسة للنشاط االقتصادي للدولة عن مدة زمنية سابقة من خالل دراسة حسابات الدخل الوطين‪ .‬ويكمن االختالف‬
‫يف املدة الزمنية فهذه الوثيقة ختتص بسنة مالية سابقة‪ ،‬عكس املوازنة العامة اليت متتد ملدة سنة مالية مستقبلية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬احلساب اخلتامي‬
‫يتضمن عرض لنتائج تنفيذ املوازنة العامة للدولة‪ ،‬وهو بهذا الوصف جزء من أعمال املوازنة العامة‪ .‬إال أن االختالف‬
‫يظهر يف أن احلساب اخلتامي يكون للسنة املالية سابقة وليس القادمة‪.‬‬
‫كما أن احلساب اخلتامي ال يتضمن توقعات مستقبلية‪ ،‬وإمنا نتائج تلك التوقعات بعد حدوثها‪ ،‬فهو كشف باألرقام‬
‫الفعلية املتحققة لت قديرات املوازنة بعد سنة من تنفيذها‪ .‬أي مبعنى هو الوجه الفعلي للوجه التقديري للموازنة العامة‪ ،‬وتستخدم‬
‫األرقام الفعلية للحساب اخلتامي كإحدى الوسائل يف حتضري نفقات وإيرادات السنة القادمة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪70‬‬

‫خامسًا‪ :‬املوازنة العامة واملوازنة النقدية‬


‫املوازنة النقدية كشف حسابي ي تضمن إيرادات الدولة املتوقعة خالل فرتة زمنية قادمة تهدف الدولة من خالل هذه‬
‫املوازنة ترشيد استخدام مواردها من النقد األجنيب الذي يتميز بالندرة لضمان حسن استخدامها هلذا النقد‪ ،‬ومن خالل ذلك‬
‫يتضح الفارق بني املوازنة النقدية وموازنة الدولة حيث تهتم هذه األخرية بإيرادات الدولة ونفقاتها كاملة‪.‬‬
‫كما أن املوازنة النقدية تعهدها األجهزة النقدية كالبنك املركزي‪ ،‬يف حني املوازنة العامة تعدها السلطة التنفيذية‪،‬‬
‫وتصادق عليها السلطة التشريعية‪ ،‬ومع ذل ك فكالهما أرقام تقديرية‪ .‬ولكنهما خيتلفان يف أن أرقام املوازنة العامة تكون‬
‫با لعملة احمللية وحتتص بالنشاط احلكومي (هيئات عامة‪ ،‬قطاع عام)‪ ،‬أما املوازنة النقدية فتكون بالعملة األجنبية وختتص‬
‫بالنشاط احلكومي والقطاع اخلاص‪ .‬كما يالحظ وجود االرتباط بني املوازنة العامة واملوازنة النقدية ألن جزءً من نفقات‬
‫اجلهاز احلكومي والقطاع العام جيب أن يكون متوافرًا بالعمالت األجنبية‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬املوازنة العامة وميزان املدفوعات‬
‫ميزان املدفوعات هو جدول يعرض عمليات التبادل االقتصادي والتجاري واملالي بني بلد ما والبلدان األخرى‪ ،‬خالل فرتة‬
‫معينة تكون سنة واحدة‪ .‬وحيتوي على عدة حسابات هي‪ :‬امليزان التجاري (االسترياد والصادرات) وحساب املدفوعات‬
‫التحويلية‪ ،‬وحساب اخلدمات‪ ،‬وحساب رأس املال‪ .‬ومن خالل ذلك يتضح اختالف ميزان املدفوعات عن املوازنة العامة‪.‬‬
‫كما يعكس ميزان املدفوعات حركة النشاط االقتصادي للدولة مع العامل اخلارجي وملدة سابقة ودون حاجة للعرض‬
‫على جملس النواب‪ ،‬فإن ا ملوازنة العامة تهتم بعرض إيرادات الدولة ونفقاتها لفرتة زمنية قادمة‪ ،‬ويتطلب األمر العمل بها ونفاذها‬
‫للمصادقة من قبل هيئة النواب‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أنواع املوازنات العامة‬
‫تتنوع املوازنات العامة للدولة على اختالف املذاهب االقتصادية اليت تتبناها إىل أربعة أنواع كما يأتي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬موازنة البنود‬
‫يطلق عليها أيضًا املوازنة التقليدية أو موازنة الرقابة‪ .‬ومتثل موازنة البنود الصورة األوىل للموازنة العامة مبفهومها العلمي‬
‫احلديث ومازالت تطبقها غالبية دول العامل‪ ،‬فهي مطبقة بشكل واسع يف الدول النامية‪.‬‬
‫وتعرف موازنة البنود بأنها الطريقة اليت يتم فيها حصر مجيع اإليرادات وأوجه اإلنفاق بوثيقة واحدة‪ ،‬لتتم الرقابة على مصادر‬
‫اإليرادات وأوجه اإلنفاق من قبل السلطة التشريعية وحماسبة السلطة التنفيذية عن أية جتاوزات مل تعتمد‪.‬‬
‫ويطلق عليها أيضا املوازنة اخلطية ألنه يتم تبويب النفقات إىل جمموعات ثم بنود ومواد حسب هدف اإلنفاق‪ ،‬ألنه يتم‬
‫تبويب النفقات العامة إىل جمموعات ثم إىل بنود ومواد حسب هدف اإلنفاق‪.‬‬
‫وهلذا تبنى على صنفني هما‪:‬‬
‫‪ .1‬التصنيف على أساس الوزارات واملصاحل احلكومية (التقسيم اإلداري)؛ حيث تقسم النفقات العامة تبعا للجهات اإلدارية‬
‫فيخصص لكل وزارة فصل معني‪ ،‬ويقسم كل فصل إىل عدد معني من الفروع‪.‬‬
‫‪ .2‬التصنيف على أساس نوع املصروف؛ حيث تقسم النفقات العامة إىل بنود خمتلفة حسب غرض من اإلنفاق مثل الرواتب‬
‫واألجور واملصروفات العامة األخرى‪.‬‬
‫وللموازنة التقليدية مزايا وعيوب نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫العيـــوب‬ ‫الـمـــزايا‬
‫‪-‬تطبيق مبدأ املركزية يف إدارة املال العام‪ ،‬أدى إىل التشدد يف عملية االنفاق واحلصول على األموال‬ ‫‪-‬تنظم استخدام املال العام‪ ،‬أو جبايته‪،‬‬
‫العامة‪،‬‬ ‫تتم مراقبة السطلة التنفيذية من طرف‬
‫‪ -‬التعليمات بالتقيد احلريف بالتعليمات والقواعد (خوفا من الوقوع يف أخطاء)‪ ،‬والتشدد يف الرقابة على‬ ‫السلطة التشريعية يف إدارة بنود املوازنة‪،‬‬
‫املال العام أدى إىل التقليل من روح املبادرة واالبداع‪،‬‬ ‫‪-‬االعتماد على التشريع القانوني يف‬
‫‪-‬إغفال جانب اإلجناز يف العمل‪ ،‬ذلك أنها بينت األهداف فيه‪ ،‬فهي حددت مثال الكم ومل حتدد النوع‬ ‫استخدام املال العام‪.‬‬
‫بدقة‪ ،‬مما يعترب هدر للمال العام‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪71‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موازنة الربامج واألداء‬


‫ميكن تعريف موازنة الربامج واألداء؛ بأنها املوازنة اليت تبني األسباب واألهداف اليت تطلب من أجلها االعتمادات‬
‫وتكاليف الربامج املقرتحة لتحقيق هذه األهداف وبيانات لقياس مدى تقدم العمل بالنسبة لكل برنامج‪.‬‬
‫تقوم موازنة الربامج واألداء على معرفة حجم النتائج لألعمال احلكومية ومقارنتها بالتكلفة املالية والزمنية واجلهد‬
‫اإلنساني واملوارد الالزمة إلجناز تلك األ عمال‪ .‬كما حتافظ موازنة األداء على مبدأ الرقابة على االنفاق العام بالرتكيز على‬
‫رقابة نتائج األهداف املوضوعة بدالً من الرتكيز على رقابة أوجه اإلنفاق العام‪.‬‬
‫ويقوم أسلوب اإلعداد ملوازنة الربامج على‪:‬‬
‫‪-‬تقسيم العمل احلكومي لعدد من الربامج‪،‬‬
‫‪-‬تقسيم الربامج لعدد من األنشطة‪،‬‬
‫‪-‬حتديد اهلدف العام لكل برنامج على حدة‪،‬‬
‫‪-‬حتديد مجيع األهداف اليت تتفرع عن اهلدف العام‪،‬‬
‫‪-‬قياس أداء كل نشاط بشكل دقيق‪.‬‬
‫وملوازنة الربامج واألداء بعض اإلجيابيات‪ ،‬نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫‪-‬تبسط وتسهل عمل السطلة الرقابية من خالل التقارير اليت تطلع عليها‪،‬‬
‫‪-‬استخدام املوازنة العامة خلدمة التنمية والتخطيط االقتصادي‪،‬‬
‫‪ -‬سهولة حتديد األهداف العامة للدولة‪ ،‬وقياس مدى جناح الذي حققته‪،‬‬
‫‪ -‬سهولة املتابعة واملراقبة للموازنة العامة؛ وبالتالي‪ ،‬املساعدة على سهولة اختاذ القرار وتصحيح االحنرافات‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬موازنة التخطيط والربجمة‬


‫تعد هذه املوازنة أحد أهم متطلبات اإلدارة العلمية احلديثة‪ ،‬فهي متثل خطة عمل للمستقبل ومرشدًا ملا تسعى اإلدارة‬
‫إىل حتقيقه‪ .‬وتقوم موازنة التخطيط والربجمة على التحديد املسبق جلميع األهداف‪ ،‬ومن ثم اختيار األهداف املراد حتقيقها‬
‫وتعيني الربامج الالزمة للوصول إىل هذه األهداف‪ .‬وعليه تساعد هذه املوازنة على حتديد السياسات املستقبلية العامة للدولة‬
‫االقتصادية منها واملالية واالجتماعية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مزايا وعيوب موازنة الربجمة والتخطيط‬
‫ميكن اختصار مزايا وعيوب موازنة الربجمة والتخطيط كاآلتي‪:‬‬
‫العيوب‬ ‫الـمــــزايا‬
‫‪-‬يصعب تطبيقها يف اجملاالت اليت تكون فيها األهداف غري قابلة للقياس الكمي (مثال‪ :‬من‬ ‫‪-‬جتمع بني التخطيط والرقابة واحملاسبة‪ ،‬وهي‬
‫الصعب قياس املنفعة عند القيام مبشروع متنزه)‪،‬‬ ‫من أهم الوظائف الرئيسية للموازنة العامة‪،‬‬
‫‪-‬يصعب اختيار األهداف والربامج الالزمة لكل هدف‪ ،‬ومبا أن لكل منها عيوب قد يؤدي إىل‬ ‫تساعد على تنفيذ الربامج واخلطط التنموية‪،‬‬
‫اختالف وجهات النظر‪ ،‬وبالتالي إضاعة تامتا واجلهد والوقت‪،‬‬ ‫‪-‬منكن من قياس املنفعة املتحققة من كل‬
‫‪-‬نظرا لتداخل خمتلف األجهزة احلكومية يصعب حتديد عمل كل جهاز حكومي على حدة‬ ‫نشاط‪،‬‬
‫مبعزل عن األجهزة األخرى‪.‬‬ ‫‪-‬تقيس املدخالت واملخرجات لكل نشاط‪.‬‬

‫‪ 1‬من هنا حياول البعض توضيح أوجه االختالف بني موازنة األداء وموازنة الربامج على أساس الربنامج الذي ميثل مستوى تنظيمي أعلى من مستوى األداء‪ .‬وخيتلفان من ناحية‬
‫الزمن؛ فموازنة الربامج تتصل باملستقبل بينما تتناول موازنة األداء باملاضي‪ .‬ومن ناحية اهلدف تسعى الربامج إىل هدف موازنة األداء‪ ،‬فإن األخري تفيد يف اقرتاح التحسينات‬
‫الضرورية لتنفيذ الربامج‪ ،‬ولذا عدها أغلب الكتاب بأنها موازنة الربامج‪ .‬وموازنة األداء تعين حتليل لتكلفة واملنفعة مما يؤدي إىل تضاؤل الفرق بينهما‪.‬‬
‫‪ 2‬طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.151 ،150‬‬
‫املرجع نفسه‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.154 ،153‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬تطبق بعض الدول النامية مثل هذه املوازنة مبا أنها تساعدها على وضع خطط تنموية مثال مخاسية وتنفيذها؛ لكن‪ ،‬تطبيقها منتشر يف الدول املتقدمة كاألوروبية واألمريكية‬
‫ألنها تشرتط دقة ومعرفة كبرية يف األساليب الكمية وحتليل النظم والرياضيات‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪72‬‬

‫ثانيًا‪ :‬العالقة ما بني موازنة الربامج واألداء وموازنة الربجمة والتخطيط‬


‫تفرتق موازنة الربامج وموازنة الربجمة والتخطيط‪ ،‬كما توجد نقاط تقارب بينهما نظرًا لصعوبة الفصل بني هذين‬
‫النوعني من املوازنات باإلضافة أنه ال يوجد فاصل زمين بينهما‪ .‬وميكن توضيح ذلك من خالل اآلتي‪:‬‬
‫نقاط االختالف‬ ‫نقاط التشابه والتقارب‬
‫‪-‬مسؤولية التخطيط والرقابة تقع على عاتق الوحدات التنفيذية يف موازنة األداء‪ ،‬أما يف موازنة الربجمة فتقع‬ ‫‪-‬يركز كل منهما على نتائج‬
‫مسؤولية التخطيط مركزية ومسؤولية الرقابة ال مركزية (تقوم بها الوحدات التنظيمية)‪،‬‬ ‫النشاط احلكومي‪ ،‬بدال من‬
‫‪-‬تركز موازنة األداء على نتائج األعمال (ما مت إجنازه فعالً) أي تركز على العمل الرقابي بالدرجة األوىل‪،‬‬ ‫الرتكيز على بنود االتفاق العام‬
‫أما موا زنة الربجمة فإنها تهتم بالتخطيط لألعمال (ما سيتم إجنازه) وبالتالي تركز على العمل التخطيطي‪،‬‬ ‫كاملوازنة التقليدية‪،‬‬
‫‪-‬تركز موازنة األداء عل كل نشاط يراد حتقيقه وهو هدف حبد ذاته‪ ،‬وبالتالي فإن أهداف موازنة األداء هي‬ ‫‪-‬التداخل الوظيفي والتارخيي‬
‫األنشطة واألعمال حكومية‪ ،‬بينما موازنة الربجمة حتدد اهلدف أوالً ثم ختتار النشاط الالزم للوصول إىل ذلك‬ ‫بينهما‪.‬‬
‫اهلدف بأقل تكلفة ممكنة وبالعمال اجلماعي‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬املوازنة الصفرية‬
‫تقوم املوازنة الصفرية على توفري املال الالزم لتمويل الربامج دون األخذ بعني االعتبار ما مت إنفاقه سابقًا ويشكل فعلي‬
‫على تلك الربامج‪ ،‬ومن هنا تبدأ نقطة الصفر وكأن تلك الربامج مل تكن موجودة‪.‬‬
‫وتبدأ مرحلة إعداد امليزانية ذات األساس الصفري بتحديد األهداف اليت ينبغي على احلكومة أن تسعى لتحقيقها يف‬
‫األجل القصري وبصفة خاصة يف السنة القادمة‪ .‬ثم حتديد أكفأ الربامج اليت ميكنها حتقيق هذه األهداف‪ .‬وتأسيسًا على‬
‫ذلك‪ ،‬فإن امليزانية ذات األساس الصفري تتطلب من كل مدير وحدة أو برنامج أن يقدم تقديرات االعتمادات املطلوبة لوحدته‬
‫إىل إدارة امليزانية على عدة مستويات حتى يتم اختاذ القرار بناءً على مناقشة وحتليل وتقييم هذه البدائل‪.‬‬
‫يرتكز مفهوم املوازنة الصفرية على أساس عناصر أساسية وطرق إلعدادها نوضحها كاآلتي‪:‬‬
‫كيفية إعداد املوازنة الصفرية‬ ‫أسس املوازنة الصفرية‬
‫‪-‬تقوم كل هيئة أو مؤسسة بتحديد أهدافها ضمن السياسة العامة للدولة‪،‬‬ ‫‪-‬افــرتاض مـــوازنة ألي دائــرة أو مؤسـسـة حكوميـــــــة تساوي‬
‫وتعميمها على مجيع املستويات اإلدارية بنقس اهليئة احلكومية‪،‬‬ ‫صفر‪،‬‬
‫‪-‬ثم اختيار اجلهة صاحبة القرارات (غاليًا ما تكون من داخل اهليئة أو املؤسسة‬ ‫‪-‬اإلنفاق لكل دائرة أو مؤسسة يقتصر على ما ميكن حتقيقه‬
‫احلكومية)‪،‬‬ ‫من أهداف مربرة وممكن حتقيقها‪،‬‬
‫‪-‬وبعدها تقوم اجلهة صاحبة القرار بتحديد برامج وأنشطة وأعمال السنة املالية‬ ‫‪-‬التقدير الدفيف لألموال الالزمة لإلنفاق على كل هدف‬
‫املقبلة‪،‬‬ ‫وبأقل تكلفة ممكنة‪،‬‬
‫‪-‬ثم اختيار األهم من الربامج واألعمال لتنفيذه‪ ،‬ثم األعم فاألعم‪ ،‬وهكذا‪،‬‬ ‫‪-‬النظر يف ملوازنة أي هدف أو نشاط يف بداية السنة املالية‬
‫‪-‬تتوىل اإلدارة العليا دراسة املوازنات لكل جهة صاحبة القرار‪ ،‬وتقييمها‬ ‫وكأنها صفر‪ ،‬حتى لو كان هذا اهلدف مستمرًا من سنوات‬
‫واعتمادها أو إلغائها أو إدخال تعديل عليها‪.‬‬ ‫سابقة‪.‬‬

‫‪ 1‬طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.156‬‬


‫‪ 2‬برز نظام موازنة األساس الصفري ‪ (Z.B.B) Zero Base Budgeting‬منذ عام ‪ 1967‬يف إحدى مؤمترات األمم املتحدة الذي عقد يف الدمنارك‪ ،‬ويستخدم يف أمريكا‬
‫منذ ‪.1973‬‬
‫‪ 3‬حامد عبد اجمليد دراز‪ ،‬مسرية إبراهيم أيوب‪ ،‬مبادئ املالية العامة‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2003 ،‬ص‪ ،‬ص ‪.162 ،161‬‬
‫‪ 4‬طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.158 ،157‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪73‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬قواعد املوازنة العامة‬


‫ختضع املوازنة العامة جملموعة من املبادئ أو ما يسمى بالقواعد‪ ،‬وأشهرها أربعة وهو ما مييزها عن غريها من املوازنات‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬قاعدة وحدة املوازنة‬
‫يقصد بوحدة املوازنة أن تدرج كافة نفقات الدولة وإيراداتها يف وثيقة موازنة واحدة‪ ،‬األمر الذي يسهل أكثر معرفة‬
‫املركز املالي للدولة‪ ،‬وكذا حتى تتمكن أجهزة الرقابة املختلفة من مراقبة مالية الدولة خاصة االعتمادات املفتوحة ومدى‬
‫مطابقتها لألهداف‪.‬‬
‫وميكن دراسة هذه القاعدة من خالل العناصر اآلتية‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬غايات قاعدة الوحدة‪ :‬من خالل ثالث غايات رئيسية‪:‬‬
‫‪ -1‬الغاية املالية‪ :‬وضع املوازنة العامة يف وثيقة واحدة يسهل معرفة املركز املالي للدولة‪ ،‬وبالتالي يستطيع الباحثون حتديد‬
‫حاالت العجز والفائض وحساب اجملموع الكلي إليرادات والنفقات العامة‪.‬‬
‫‪-2‬الغاية االقتصادية‪ :‬متكن وحدة املوازنة العامة من دراسة املوازنة بصورة كلية‪ ،‬وبالنتيجة حتديد نسب اإليرادات العامة‬
‫احملققة والنفقات العامة إىل الدخل الوطين‪ ،‬وكذا تبيان درجة تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫‪-3‬الغاية الرقابية‪ :‬تسهل عمل السلطة الرقابية يف احلكم على صحة القرارات املعتمدة من السلطة التنفيذية‪ .‬وذلك باملفاضلة‬
‫بني أوجه اإلنفاق العامة املختلفة وقت واحد ويف وثيقة واحدة‪ ،‬وإال فإن احلكومة إذا ما عرضت املوازنة بصورة جمزئة‬
‫يف حسابات متعددة قد ال تكون هناك إيرادات كافية ملواجهتها مما قد حيمل هذه السلطة على فرض أعباء مالية‬
‫جديدة ملواجهة هذه النفقات الضرورية‪.‬‬
‫وسوف نتطرق إىل االستثناءات الواردة على هذه القاعدة وتطبيقاتها من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االستثناءات على قاعدة وحدة املوازنة‬
‫نظرا لتعدد وظائف الدولة واالجتاه إىل الالمركزية يف إدارة العديد من الوحدات احلكومية واملؤسسات العامة؛ جعل‬
‫اخلروج من هذه القاعدة ووجود استثناءات على وحدة املوازنة العامة‪ ،‬نوضحها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬احلسابات اخلاصة‪ :‬وهي حسابات مفتوحة على قيود اخلزينة‪ ،‬وتتميز بكونها تتحرك خارج إطار املوازنة (مثل احلسابات‬
‫املصرفية)‪ ،‬وهي عبارة عن وسيلة حسابية تسجل مبوجبها أموال تدخل املوازنة العامة نتيجة لبعض النشاطات اليت تقوم‬
‫بها السلطة التنفيذية‪ .‬وهذه األموال ال تعد إيرادات حقيقية كما يف التأمينات اليت يدفعها املقاولون أو املتعهدون إىل‬
‫الدولة ضمانا لقيامهم باألشغال العامة‪ ،‬وهذه التأمينات يفرتض إعادتها إىل أصحابها خالل مدة حمددة‪.‬‬
‫وإىل جانب ذلك ال تعد بعض النفقات اليت خترج من اخلزينة العامة للدولة نفقات عامة حقيقية‪ ،‬كما يف القروض املمنوحة‬
‫ملزارعني والشركات اخلاصة والصناعيني اليت جيب ردها إىل اخلزينة العامة خالل السنة املالية ذاتها اليت صرفت فيها‪.‬‬
‫‪-2‬املوازنة امللحقة‪ :‬تتعلق هذه املوازنات باملؤسسات العامة واليت تتمتع مبوارد خاصة‪ ،‬كما تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن‬
‫شخصية الدولة؛ وتعرف باسم (املؤسسات العامة ذات الطابع االقتصادي)‪ .‬وتتمتع هذه املؤسسات باستقالل مالي‬
‫وذلك بهدف حترير هذه املؤسسات من تطبيق القواعد احلكومية‪ ،‬وإظهار مركزها املالي ونتائج نشاطها وإداراتها‬
‫واحلكم على ندى كفاءتها التجارية وحتقيقها للربح أو اخلسارة‪.‬‬
‫‪ -3‬املوازنات املستقلة‪ :‬هي موازنات املرافق واملصاحل العمومية واهليئات احمللية واملؤسسات اليت تتمتع بالشخصية املعنوية إذ‬
‫مينح االستقالل لتمكني قيامها بوظائفها‪ ،‬وهذا يتطلب أن يكون هلا موازنة مستقلة عن موازنة الدولة خاصة دون‬
‫حاجة إىل نص تشريعي يقرر ذلك‪.‬‬

‫‪ 1‬واملقصود باملوازنة هنا موازنة الدولة وحدها؛ وبالتالي‪ ،‬ال يعد استثناء من هذه القاعدة وجود موازنات عامة أخرى خاصة بأشخاص عامة غري الدولة كموازنة البلديات مثال‪،‬‬
‫حيث أن البلدية شخص عام مستقل عن الدولة وبالتالي فإن له موازنة عامة مستقلة عن موازنتها‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد الباسط على جاسم الزبيدي‪ ،‬املالية العامة واملوازنة العامة للدولة والرقابة على تنفيذها‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2015 ،‬ص ‪.174‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪74‬‬

‫والفرق بني املوازنات امللحقة واملستقلة؛ يتمثل يف مدى استقالل املوازنة عن ميزانية الدولة ومدى رقابة السلطة الرقابية‪.‬‬
‫فاملوازنات امللحقة إذا حققت فائضًا أو عجزًا يف املوازنة فإنه يدرج يف املوازنة العامة للدولة‪ ،‬كما ختضع هذه‬
‫املوازنات للرقابة‪ .‬أما املوازنات املستقلة فإن الفائض أو العجز حيتفظ به دا خل املشروع‪ ،‬كما ال تعرض هذه‬
‫املوازن ات وتناقش مبعرفة السلطة الرقابية‪ ،‬بل مبعرة إدارة املشروع‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن املوازنات املستقلة أكثر استقالالً‬
‫من املوازنات امللحقة‪.‬‬
‫‪-4‬املوازنات غري العادية (موازنة الطوارئ)‪ :‬يتم وضعها ملواجهة حاالت استثنائية غري متكررة‪ ،‬كما يف حاالت الكوارث‬
‫الطبيعية مثل الزالزل و الفيضانات أو إعادة اإلعمار بعد احلرب أو إلقامة مشاريع استثنائية كربى‪ ،‬خاصة بالبنى‬
‫التحتية‪ ،‬وإنشاء السكك احلديدية‪ ،‬ومطارات‪ ،‬وشبكات الري‪... ،‬‬
‫ومن مزايا هذه املوازنة؛ أن إيرادات الدولة العادية ال تتسع للنفقات اليت حتتاجها هذه املشاريع الطارئة‪ ،‬لذا فإن االعتمادات‬
‫املخصصة هلا ال تلغى بانقضاء السنة وإمنا تبقى حلني نفاذها‪ .‬كما أن هذه املوازنة ذات طابع مؤقت مما حيول‬
‫دجمها مع املوازنة العامة للدولة كي ال حيدث خلل يف املوازنة‪ .‬هذا‪ ،‬وإن فكرة االستثنائية هلذه املوازنات قد بدأت‬
‫تضعف بسبب أنها تتكرر يف أغلب الدول نتيجة الستخدامها املتكرر‪.‬‬
‫‪-5‬املوازنة اجلارية وموازنة االستثمار ‪ :‬تلجأ بعض الدول حاليًا إىل تقسيم املوازنة العامة إىل موازنتني فرعيتني هما‪ :‬املوازنة‬
‫اجلارية‪ ،‬وتتضمن خمصصا ت األجور واملرتبات وما يدخل ضمنهما‪ ،‬وخيصص الثاني للنفقات اجلارية‪ .‬أما موازنة‬
‫االستثمار فتتضمن بابني‪ ،‬األول خيصص للنفقات االستثمارية‪ ،‬بينما الثاني للتحويالت الرأمسالية‪.‬‬
‫والغرض من هذا التقسيم دعم املقدرة اإلنتاجية لالقتصاد بطريقة منظمة من خالل استقطاب املوارد املالية املتاحة داخليا‬
‫وخارجيا لدعم النمو أثناء تنفيذ الربامج واملشروعات‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬قاعدة سنوية املوازنة‬


‫جرى العرف املالي على إعداد املوازنة لفرتة سنة‪ ،‬كما يكون التصديق عليها سنويا‪ ،‬وأن يتم تنفيذها خالل مدة سنة‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬يعد مبدأ السنوية من املبادئ الشائعة والراسخة يف التنظيم املالي يف العامل‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مربرات اختيار سنة من الزمن‬
‫وتعد مدة سنة أفضل لتنفيذ املوازنة العامة لعدة أسباب‪:‬‬
‫‪ -1‬تتالءم السنة مع مواعيد صرف النفقات العامة وحتصيل اإليرادات العامة على مدار السنة‪،‬‬
‫‪ -2‬تعد السنوية قاعدة متبعة يف احلسابات املالية وخاصة حسابات الدخل الوطين‪،‬‬
‫‪ -3‬إعداد وحتضري املوازنة يأخذ وقتا طويال وال ميكن إجنازه بأقل من سنة‪ ،‬وبالتالي لو زاد عن السنة يصعب القيام بتقديرات‬
‫دقيقة للنفقات واإليرادات العامة لطول املدة‪ ،‬السيما يف فرتات عدم استقرار النشاط االقتصادي‪،‬‬
‫‪-4‬تقصري السنة املالية إىل أقل من سنة ال يعطي السلطة التنفيذية الوقت الالزم للقيام بواجباتها‪ ،‬وكذا حتضري املوازنة العامة‬
‫للمدة القادمة‪.‬‬
‫إن حتديد بداية السنة املالية ونهايتها يرتبط بالطريقة املتبعة يف قيد احلساب النهائي للسنة املالية؛ فقد تنتهي السنة‬
‫املالية دون أن يتم إنفاق النفقات كافة أو حتصيل اإليرادات كافة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬برزت طريقتان يف قيد احلسابات املتعلقة بالسنة‬
‫املالية بعد انتهائها‪ .‬وهاتان الطريقتان هما‪:‬‬

‫‪ 1‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.232‬‬
‫‪ 2‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬الوجيز يف املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذمره‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.295 -289‬‬
‫‪ 3‬نصت املادة رقم ‪ 03‬من القانون ‪ 17-84‬املتعلق بقوانني املالية على‪ :‬بقر ويرخص قانون املالية للسنة بالنسبة لكل سنة مدنية‪... ،‬‬
‫خيتلف تاريخ بدايتها ونهايتها من بلد آلخر؛ يف اجلزائر تبدأ مع بداية السنة امليالدية (‪ ،)01/01‬يف السعودية مع بداية السنة اهلجرية (‪ 01‬احملرم)‪ ،‬يف الواليات املتحدة‬ ‫‪4‬‬

‫األمريكية يف ‪ 01‬أكتوبر من سنة ميالدية‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪75‬‬

‫‪ -‬طريقة حسابات اخلزانة (األساس النقدي)‪ :‬يف هذه الطريقة ينظر إىل املوازنة على أنها حساب للخزانة‪ ،‬حيث تغلب عليها‬
‫وجهة النظر املالية‪ ،‬ويكون حساب السنة املالية اخلتامي على أساس ما أنفق وما مت حتصيله فعال خالل هذه السنة‬
‫بصرف النظر عن تاريخ نشوء التزام الدولة بالدفع أو تاريخ نشوء حقها يف التحصيل‪.‬‬
‫‪ -‬طريقة حسابات التسوية (أساس االستحقاق)‪ :‬أما يف هذه الطريقة فيتم حساب السنة املالية اخلتامي للدولة على أساس‬
‫املبالغ اليت التزمت احلكومة بدفعها حتى ولو مل يتم دفعها فعال خالل السنة املعينة‪.‬‬
‫وسوف نتطرق إىل االستثناءات الواردة على هذه القاعدة وتطبيقاتها خالل املطلبني اآلتيني‪:‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االستثناءات على قاعدة سنوية املوازنة‬
‫هذا املبدأ ال خيلو من بعض االستثناءات نتيجة لظروف معينة‪ ،‬تقتضي يف بعض األحيان حتديدها لفرتة تزيد أو تقل عن‬
‫سنة‪ ،‬واليت نذكرها كاآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬االستثناءات األقل من سنة‬
‫‪ -1‬االعتمادات اإلضافية (التكميلية)‪:‬‬
‫املوازنة العامة هي تقدير للنفقات واإليرادات لفرتة مقبلة‪ ،‬وبعد التصديق على قانون املوازنة والبدء بالتنفيذ نضطر إىل‬
‫صرف مبالغ جديدة تزيد عما هو مقدر لعدم كفاية التخصيص‪ ،‬كما أنه قد تطرأ ظروف جديدة كاحلروب أو الكوارث‬
‫وغريها تستدعي القيام باإلنفاق الذي مل يكن واردًا أصال يف املوازنة‪ ،‬األمر الذي جيعل املوازنة يف حالة عجز يستدعي األمر‬
‫مواجهته؛ وهنا‪ ،‬تتوجه احلكومة إىل الربملان طالبة املوافقة على اعتمادات إضافية‪.‬‬
‫وعليه تعترب هذه االعتمادات اإلضافية خرق واستثناء ملبدأ السنوية؛ ذلك أن‪ ،‬هذه االعتمادات وهي تتعلق باملدة املتبقية‬
‫من السنة املالية فهي تقدر ملدة تقل عن السنة‪.‬‬
‫‪-2‬املوازنة املؤقتة‪:‬‬
‫حيصل أن تبدأ السنة اجلديدة دون املصادقة على املوازنة اجلديدة ألسباب متعددة؛ كتأخر احلكومة يف إعداد مشروع‬
‫املوازنة‪ .‬وعليه تضطر احلكومة إىل العمل باملوازنة املنتهية أو أن تلتمس من السلطة التشريعية إصدار قانون جييز للحكومة‬
‫العمل ببعض بنود املوازنة اجلديدة حلني املصادقة عليها‪ .‬والقانون األخري إما أن يكون تصديق لنفقات معينة دون إيرادات‪،‬‬
‫وأما أن يتخذ شكل املصادقة على موازنات شهرية شاملة للنفقات واإليرادات معا‪.‬‬
‫علما بأن فرتة نفاذ املوازنات املؤقتة هي ملدة شهر أو شهرين‪ ،‬وال ميكن أن متتد ألكثر من ذلك‪ .‬وختصم االعتمادات‬
‫اليت تقر يف املوازنات املؤقتة من مقدار االعتمادات اليت سيصادق عليها يف املوازنة اجلديدة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬االستثناءات ألكثر من سنة‬
‫‪ -1‬ميزانية الدورة االقتصادية‬
‫تتعاقب على االقتصاديات الرأمسالية تقلبات اقتصادية دورية‪ ،‬تتخذ شكل كساد أو رخاء قد يصاحبه تضخم إذا‬
‫كان الطلب الفعلي يتجاوز حد التشغيل الكامل‪.‬‬
‫وأمام تعاقب هذه الدورات‪ ،‬فكر االقتصاديون بعمل موازنة عامة تستغرق فرتة الدورة‪ ،‬حبيث تقوم الدولة من خالهلا‬
‫بالتدخل لتخفيض الطلب الفعلي إىل احلد الذي يكفي بتشغيل الطاقة اإلنتاجية لالقتصاد بكامله‪ ،‬وذلك منعا لظهور‬

‫‪ 1‬يف حالة تأخر املصادقة على املوازنة بعد ‪ 12/31‬يلجأ إىل منح احلكومة رخص شهرية تتمثل قي ‪ 12/1‬من نفقات السنة املاضية‪ ،‬وأحيانا من مشروع نفقات السنة املقبلة‬
‫حسب طلب احلكومة‪ .‬يف حالة ما إذا كان تاريخ املصادقة على قانون املالية للسنة املعينة ال يسمح بتطبيق أحكامه عند تاريخ أول‬
‫يناير من السنة املالية املعتربة (املادة ‪ 69‬من القانون ‪ ،)17-84‬يواصل مؤقتا تنفيذ إيرادات ونفقات املوازنة العامة للدولة حسب الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لإليرادات طبقا للشروط والنسب وكيفيات التحصيل املعمول بها تطبيقا لقانون املالية السابق‪،‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لنفقات التسيري يف حدود ‪ 12/1‬من مبلغ االعتمادات املفتوحة بالنسبة للميزانية السابقة وذلك شهريا وملدة ثالثة أشهر‪،‬‬
‫‪ -‬بالنسبة العتمادات االستثمار ويف حدود ‪ 4/1‬احلصة املالية املخصصة لكل قطاع وكل مسري كما تنتج عن توزيع اعتمادات الدفع املتعلق باملخطط السنوي للسنة‬
‫املالية السابقة‪،‬‬
‫‪ -‬يواصل ت نفيذ مشاريع امليزانية امللحقة واألحكام ذات الطابع التشريعي واملطبقة على احلسابات اخلاصة باخلزينة‪ ،‬طبقا لألحكام التشريعية والتنظيمية اليت تسريها‬
‫قبل بداية السنة املالية اجلديدة للميزانية‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪76‬‬

‫التضخم‪ .‬ويتحقق ذلك عن طريق العمل لزيادة اإليرادات العامة على النفقات العامة‪ ،‬وتكوين احتياطي يوضع يف صندوق‬
‫خاص‪ ،‬ويف فرتة تقوم الدولة بالتدخل لتنشيط الطلب الفعلي إىل احلد الذي يسمح لتشغيل الطاقة اإلنتاجية عن طريق زيادة‬
‫النفقات العامة حيث متول هذه الزيادة عن طريق الفوائض اليت حققتها الدولة يف فرتة الرخاء‪.‬‬
‫‪ -2‬ميزانية الربامج االقتصادية واالجتماعية (اخلطة االقتصادية)‬
‫أتى نظام التخطيط االقتصادي يف البلدان االشرتاكية ‪-‬بشكل خاص‪ -‬على الكثري مما كان سائدا يف النظام‬
‫االقتصادي احلر‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فقد جرف اندفاعه ذلك إىل مبدأ سنوية املوازنة‪ ،‬ومل يعد يلقى يف ظل هذه األنظمة تلك القداسة‬
‫اليت كانت له فيما سبق‪ .‬ك ما أن األخذ بالتخطيط يف بعض البلدان الرأمسالية (التخطيط الرأمسالي) قد أدى أيضا إىل‬
‫إدخال بعض التعديالت املهمة على هذا املبدأ‪.‬‬
‫فالتخطيط يقوم على حصر املوارد االقتصادية والتنسيق بينها وتوجيهها إىل الوجهة اليت حتقق أهدافا معينة خالل مدة‬
‫زمنية معينة‪ .‬وقد قضى ب ذلك على سلطان القرارات الفردية ليحل هو حملها ويوجهها الوجهة اليت يتحقق بها أهداف اخلطة‪،‬‬
‫فهو الذي حيدد حجم االستثمارات الضرورية لتنمية االقتصاد الوطين ومصادر متويلها املتعددة‪.‬‬
‫كما أنه حيدد حجم االستهالك ومداه؛ ومن ثم‪ ،‬ونظرًا لطول املدة اليت يستلزمها تنفيذ اخلطة (مخس سنوات يف‬
‫الغالب) ووجود مشاريع حكومية كبرية يستغرق إنشاؤها أكثر من عام‪ ،‬فقد أمجع الكتاب على أن مبدأ السنوية هذا قد‬
‫أحلقه التعديل يف إطار حياة اخلطة املمتدة لعدد من السنني‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬قاعدة مشول وعمومية املوازنة‬
‫يقصد بهذه القاعدة أن تظهر مجيع تقديرات النفقات واإليرادات العامة يف وثيقة واحدة‪ ،‬بدون إنقاص أي جزء منهما‬
‫أو إجراء مقاصة بني االثنني‪ .‬وإذا كانت قاعدة وحدة املوازنة كما رأينا تهدف إىل إعداد وثيقة واحدة ملوازنة الدولة؛ فإن قاعدة‬
‫العمومية ته دف إىل أن يسجل يف هذه الوثيقة وبالتفصيل كل تقدير لنفقة أو إيراد دون أن حيدث مقاصة بني نفقات بعض‬
‫املرافق أو اهليئات العامة وبني إيراداته‪ ،‬وهذا يعين أن املوازنة ال تظهر سوى رصيد الفرق بني تقديرات نفقات املرفق وتقديرات‬
‫إيراداته (املوازنة الصافية)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬املبادئ املتفرعة عن قاعدة الشمول‬
‫يتفرع عن هذه القاعدة مبدأين نذكرهما كاآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬عدم جواز إجراء املقاصة بني النفقات واإليرادات‬
‫فمن املعروف أن بعض املؤسسات احلكومية نتيجة ملمارستها لنشاط معني جتاري أو صناعي أو خدمي حتقق من خالله‬
‫إيرادًا معينا تتخذ شكل الرسم أو الضريبة أو الثمن العام‪ .‬ويتحمل مقابل ذلك تكاليف معينة تتخذ صورة األجور واملرتبات‬
‫ومثن املواد األولية املستخدمة يف اإلنتاج‪...‬اخل‪ ،‬وبالنسبة هلذه املؤسسات ميكن إتباع أسلوبني للمحاسبة هي‪:‬‬
‫‪ -1‬أسلوب املوازنة الصافية‪:‬‬
‫إجراء مقاصة بني إيرادات ونفقات كل وحدة‪ ،‬فإذا كانت إيراداتها أكثر من نفقاتها فإن صايف اإليراد يظهر يف حقل‬
‫اإليرادات‪ ،‬وإذا كانت النفقات هي األكثر فإن صايف النفقات يظهر يف حقل النفقات أي تقيد اإليرادات والنفقات يف املوازنة‬
‫العامة صافية‪ ،‬بعد أن حتسم من اإليرادات ما ب ذل يف سبيلها من مصاريف‪ ،‬وأن حيسم من النفقات ما تكون قد أدخلت اإلدارة‬
‫املختصة من ريع إىل اخلزانة‪ ،‬ويطلق على هذا األسلوب بالناتج الصايف‪.‬‬
‫أما من الناحية املالية أنه يسهل التبذير‪ ،‬فإذا أسرفت احلكومة يف نفقات اجلباية يصبح من السهل عليها إخفاء هذه‬
‫النفقات وراء اإليرادات اليت جتبيها وإذا جبت بعض املرافق إيرادات خاصة ال ذكر هلا يف املوازنة يصبح من السهل عليها‬
‫إنفاقها يف أوجه مل يقرها الربملان‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الباسط على جاسم الزبيدي‪ ،‬املالية العامة واملوازنة العامة للدولة والرقابة على تنفيذها‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.184 -179‬‬
‫إن ألسلوب الناتج الصايف سلبيات كثرية نذكر أهمها من الناحية السياسية يؤدي هذا األسلوب إىل إخفاء قسم كبري من اإليرادات والنفقات على الربملان وبذلك فإن هذا‬ ‫‪2‬‬

‫األسلوب ال يساعد على التعرف على حجم النفقات واإليرادات العامة ألن بعضها مل يدرج ضمن جداول املوازنة‪.‬‬
‫‪ 3‬حممد طاقة‪ ،‬بدى العزاوي‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬دار املسرية‪ ،‬عمان‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.176 -174‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪77‬‬

‫‪ -2‬أسلوب املوازنة اإلمجالية‬


‫ومبوجب هذا األسلوب تدرج يف املوازنة إيرادات ونفقات املؤسسة كافة مهما صغرت ويعد هذا األسلوب هو الشائع اآلن‬
‫وقد استقر ألمرين؛ األول سياسي‪ ،‬ويتعلق بإتاحة الفرصة للسلطة التشريعية ملراقبة سري املرفق العام من خالل تتبع نفقاته‬
‫وإيراداته‪ .‬والثاني مالي ويتعلق مبحاربة اإلسراف والتبذير يف اإلنفاق احلكومي‪ ،‬حيث ال يتيح أسلوب املوازنة الصافية معرفة‬
‫حقيقة نفقات املؤسسة واليت قد يبالغ فيها وال سيما إذا كانت إيراداتها كثرية مادامت تلك النفقات ال تظهر يف املوازنة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عدم التخصيص‬
‫ومبقتضى هذه القاعدة ال جيوز ختصيص إيراد معني إلنفاق معني؛ فاإليرادات متثل وحدة واحدة تصب بكاملها يف‬
‫املوازنة العامة وتوجه عن طريقها لتمويل اإلنفاق احلكومي بكامله دون متييز إلنفاق دون آخر‪ .‬ويؤدي إعمال هذه القاعدة إىل‬
‫أحكام الرقابة التشريعية على أوجه اإليراد واإلنفاق‪ ،.‬كما أنها حتد من مطالب الفئات السياسية واالجتماعية بتخصيص‬
‫إيراد معني إلنفاق معني يعود بالفائدة عليها دون سواها فضال عن أنها حتد من إسراف بعض املصاحل العامة يف تقدير نفقات‬
‫إذا ما خصصت هلا موارد معينة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أسباب االعتماد على قاعدة الشمول‪ :‬يستند تفضيل قاعدة مشول املوازنة إىل أسباب عدة أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬يؤدي إتباع مبدأ مشولية املوازنة إىل توضيح كامل جلميع عناصر اإليرادات العامة والنفقات العامة‪ ،‬األمر الذي يسهل‬
‫مهمة السلطة الرقابية يف الوقوف على طبيعة كل نفق ة عامة وحجمها وكل إيراد عام يهم السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫‪-2‬إن تفضيل قاعدة مشولية املوازنة هو تأكيد للرقابة على النفقات العامة كافة وعدم السماح للحكومة بإخفاء أي نوع منها‬
‫وراء التسرت خلف اإليرادات احملصلة بإظهار النفقات العامة بغري حجمها احلقيقي من ناحية‪ ،‬وما ميكن هذه املصاحل أو‬
‫املرافق العامة من جتاوز حجم النفقات العامة من ناحية أخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬إن تطبيق هذا املبدأ يضمن حسن إدارة األموال العامة وحماربة االحنراف‪ ،‬فقد يقوي إظهار اإليرادات الصافية فقط التوسع‬
‫يف بعض النفقات العامة اعتمادا على أنها مبنأى عن الرقابة الستخدامها هلذه األموال‪.‬‬
‫‪-4‬يؤدي إتباع هذا املبدأ إىل ترشيد اإلنفاق احلكومي‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬االستثناءات الواردة على قاعدة الشمول‪ :‬هلذه القاعدة بعض االستثناءات‪ ،‬نذكرها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬عقد قروض خارجية وختصيص حصيلتها لإلنفاق العام على مشروعات التنمية‪،‬‬
‫‪ -‬املوازنات غري العادية‪،‬‬ ‫‪ -‬قبول تربعات وتوجيهها ملصلحة مؤسسة معينة‪،‬‬
‫‪ -‬املوازنة امللحقة‪.‬‬ ‫‪ -‬املوازنة املستقلة‪،‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬قاعدة توازن املوازنة‬
‫يقصد بهذه القاعدة موازنة تقديرات النفقات مع تقديرات اإليرادات‪ ،‬ما يتطلب ختفيض النفقات للتناسب مع اإليرادات‬
‫لتغطية النفقات كل ذلك بهدف حتقيق التوازن وجتنبا حلدوث عجز أو فائض يف املوازنة‪ .‬أي‪:‬‬
‫‪-‬املوازنة يف حالة فائض؛ إذا كانت فإذا كانت إيرادات املوازنة أكرب من نفقاتها‪ ،‬إال العرف املالي يعتربها يف حالة توازن‬
‫خاصة إذا كان الفائض قليل‪،‬‬
‫‪-‬املوازنة يف حالة عجز؛ إذا كانت نفقات املوازنة أكرب من إيراداتها‪ ،‬وهنا تلجأ الدولة لعدة طرق لسد هذا العجز‪.‬‬
‫ونستعرض مفهوم هذه القاعدة يف ظل النظرية املالية التقليدية ويف ظل النظرية املالية احلديثة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أسباب العجز يف املوازنة العامة‬
‫يرجع العجز يف املوازنة العامة إىل أحد األسباب اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬العجز املفروض‪ :‬امليزة األساسية للنفقات العامة هي الزيادة املستمرة من سنة إىل أخرى‪ ،‬وملواجهة هذه الزيادة يف األعباء‬
‫تسعى خمتلف احلكومات إىل زيادة اإليرادات‪ ،‬وتعترب الزيادة يف النفقات ظاهرة عادية ميكن توقعها‬
‫وحسابها وبالتالي معاجلتها‪ ،‬إال أن األعباء والنفقات اليت تطرأ على الدولة يف فرتات األزمات والكوارث واحلروب هي اليت‬
‫تسبب العجز احلقيقي يف امليزانية الذي يؤدي يف بعض احلاالت إىل االختناق‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪78‬‬

‫‪-2‬العجز املقصود‪ :‬التوازن املالي يف الوقت احلاضر غري ضروري؛ بل أصبح تعمد العجز املالي مقصود يف سبيل الوصول إىل‬
‫التوازن االقتصادي‪ ،‬الذي يقصد به أحيانًا أسلوب الدورة االقتصادية‪.‬‬
‫تلجأ الدولة إىل العجز املقصود يف املوازنة عندما تعاني من أزمة اقتصادية‪ ،‬وختشى على اقتصادها من الشلل؛ وبذلك‪،‬‬
‫فهي ختفض من الضرائب وتزيد يف االخنفاض حتى حتدث استثمارات وتنشئ مناصب شغل كبرية وحتافظ على القدرة‬
‫الشرائية لألفراد وتنعش املشاريع غري الفعالة‪ ،‬األمر الذي يسبب عجزًا يف املوازنة؛ إال أنه يكون مقصودًا من طرف احلكومة‬
‫اليت تسعى من ورائه جتاوز األزمة بسالم وحتقيق الرخاء للمجتمع‪ .‬و عندما تتحقق فرتة الرخاء هذه تزيد الدولة من نسبة‬
‫الضرائب وعددها‪ ،‬فرتتفع اإليرادات‪.‬‬
‫وفيما خيص النفقات؛ تكتفي بالضروري دون التوسع يف املشاريع‪ ،‬وهكذا ينتج فائض يف امليزانية يقابل العجز‬
‫املقصود السابق الذكر‪ .‬هذا الشيء الذي ينتج عنه توازن امليزانيات لفرتتي األزمة والرخاء‪ ،‬وتسمى الفرتة (املرحلة) اليت جتمع‬
‫فرتتي األزمة والرخاء "بالدورة االقتصادية"‪ ،‬وي قصد مبيزانيات الدورة االقتصادية التوازن بني فرتة األزمة وفرتة الرخاء‪ ،‬حيث‬
‫يكون يف األوىل العجز ويف الثانية فائض أي (فائض نفقات‪ ،‬فائض إيرادات) وجمموعها يساوي صفر‪ .‬وبذلك تكون صيغة‬
‫"التوازن يف دورة اقتصادية‪:‬‬
‫إيرادات سنوات األزمة ‪ +‬إيرادات سنوات الرخاء = نفقات سنوات األزمة ‪ +‬نفقات سنوات الرخاء"‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬استخدمت الدول املختلفة متويل التنمية عن طريق عجز املوازنة؛ ويتم تغطية هذا العجز عن طريق اإلصدار‬
‫النقدي اجلديد‪ ،‬إال أن يشرتط لنجاح هذه الطريقة أن يستخدم لفرتة مؤقتة (هي فرتة األزمة) لتنشيط الطلب الفعلي؛ وبالتالي‪،‬‬
‫حتقيق التوازن لالقتصاد الكلي هذا من جهة‪ ،‬كما جيب اختاذ إجراءات مالية للتحكم يف التضخم (اإلصدار النقدي)؛‬
‫وبالتالي‪ ،‬احلد من االرتفاع املستمر يف األسعار من جهة أخرى حتى يتحقق التوازن يف الدورة االقتصادية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مبدأ توازن املوازنة يف النظريات املالية‬
‫‪-1‬التوازن يف النظرية التقليدية‪ :‬تعمل النظرية املالية التقليدية على توازن املوازنة‪ ،‬أي عدم االلتجاء إىل القروض أو اإلصدار‬
‫النقدي اجلديد‪ .‬وقد جعلت هذه النظرية من مبدأ التوازن معيارًا للحكم على سالمة السياسة املالية وهدفا هلا‪.‬‬
‫ويفسر ذلك املوقف بأن حتقيق فا ئض يف املوازنة يدفع السلطة التشريعية إىل املطالبة بزيادة النفقات العامة ذات الطابع‬
‫السياسي‪ ،‬كما أنه يعرقل النشاط االقتصادي عن طريق دفعه حنو االنكماش‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالتوازن يف ظل النظرية التقليدية‬
‫يستلزم وجود موازنة عامة بال عجز وبال فائض‪ ،‬أي موازنة عامة تعادل فيها حسابيًا كفة اإليرادات العامة والنفقات العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬توازن املوازنة يف النظرية املالية احلديثة‬
‫برهنت األزمة االقتصادية يف الثالثينات عجز النظرية االقتصادية التقليدية عن طريق حتقيق التوازن االقتصادي‬
‫التلقائي‪ ،‬لذلك جاءت النظرية الكينزية وأكدت ضرورة تدخل الدولة عن طريق زيادة نفقاتها لغرض حتفيز الطلب الفعلي‬
‫وحتقيق التوازن االقتصادي‪ ،‬ودعوتها لتمويل تلك الزيادة عن طريق القروض العامة أو اإلصدار النقدي املالي أو إحداث فائض‬
‫املوازنة العامة يف أوقات التضخم لغرض تقليص الطلب الفعلي لتحقيق التوازن عند التشغيل الكامل‪.‬‬
‫ويعين ذلك أنه ليس املهم أن تكون املوازنة يف حالة فائض أو عجز أو يف حالة توازن؛ بل املهم‪ ،‬هو حتقيق التوازن‬
‫االقتصادي باستخدام املوازنة العامة وسيلة لذلك‪ ،‬ويعين أولوية التوازن االقتصادي بالنسبة للتوازن املالي‪.‬‬
‫كما أن املالية العامة يف النظرية احلديثة مل تعد تنظر إىل العجز يف امليزانية على أنه كارثة مالية حمققة؛ وذلك‪ ،‬يف‬
‫ضوء التطورات املالية االقتصادية اليت متيز القرن احلالي‪ ،‬ولكن ليس معنى ذلك استبعاد فكرة التوازن بل أن يستبدل‬
‫بفكرة التوازن املالي فكرة أوسع منها التوازن االقتصادي العام حتى لو أدى إىل عجز مؤقت يف املوازنة‪.‬‬

‫‪ 1‬حتى تتمكن للدولة ممارسة هذا األسلوب أي أسلوب الدورة االقتصادية؛ ال بد هلا من االحتياط للمستقبل يف حالة الرخاء‪ ،‬وإجياد صندوق أو مؤسسة مالية تودع فيها األموال‬
‫الفائضة الستغالهلا يف فرتات األزمات‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد الباسط حازم الزبيدي‪ ،‬املالية العامة واملوازنة العامة للدولة والرقابة على تنفيذها‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.190 -185‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪79‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬دورة املوازنة العامة‬


‫تعرف دور املوازنة العامة باملراحل املتعاقبة واملتداخلة اليت متر املوازنة العامة‪ ،‬بدءً باإلعداد والتحضري‪ ،‬ثم االعتماد‪،‬‬
‫وبعدها التنفيذ والرقابة‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مرحلة إعداد وحتضري املوازنة العامة‬
‫يقصد بها وضع تقدير النفقات وما يلزمها من إيرادات‪ ،‬وتبدأ عملية تتبع التقديرات للنفقات واإليرادات من أسفل إىل‬
‫أعلى‪ ،‬فتبدأ بالوحدات إىل أن تنتهي بالوزارات‪ ،‬اليت ترفعها إىل وزارة املالية‪ ،‬حيث تقوم األخرية بدراسة املوازنة املرفوعة إليها‬
‫للتأكد من صحة التقديرات‪ ،‬وكذلك صحة األسس اليت بنيت عليها هذه التقديرات‪ ،‬وعدم املغاالة أو النقص يف عناصر‬
‫اإلنفاق أو اإليرادات املقرتحة‪ ،‬ثم تعد املوازنة العامة للدولة وتتوىل عرضها على السلطة التشريعية العتمادها‪ ،‬وتكون مهمة‬
‫السلطة التشريعية هي مناقشة وفحص أوجه اإلنفاق وأوجه اإليرادات‪ ،‬وقد تعتمد مشروع املوازنة على ما هو عليه أو تدخل‬
‫عليه ما تراه من تعديالت‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مهمة حتضري املوازنة العامة‬
‫تقتصر مرحلة حتضري وإعداد املوازنة العامة للدولة على السلطة التنفيذية وحدها‪ ،‬حيث يقع على السلطة التنفيذية‬
‫حتقيق أهداف الدولة ومن أجل ذلك تقوم احلكومة بوضع الربامج والسياسات يف ظل الظروف واأليديولوجيات السائدة من‬
‫أجل حتقيق األهداف املتوخاة منها‪.‬‬
‫وملا كانت مرحلة التحضري واإلعداد للموازنة العامة للدولة ما هي إال ترمجة فنية ومالية لتلك الربامج والسياسات؛‬
‫لذلك‪ ،‬فإن مسؤولية التحضري واإلعداد للموازنة العامة تقع على السلطة التنفيذية ألنها أقدر من السلطة التشريعية على حتضري‬
‫وإعداد امليزانية ملا هلا من أجهزة حكومية وإمكانيات فنية جتعلها قادرة على وضع الربامج والسياسات اليت من شأنها حتقيق‬
‫أهداف اجملتمع‪ .‬إضافة إىل أنها متلك اخلربة الواسعة نتيجة لقيامها بالتحضري واإلعداد ملوازنات األعوام السابقة لذا فإنها دراية‬
‫واسعة مبختلف احلاجات العامة للدولة‪.‬‬
‫وعادة ما تبدأ هذه املرحلة من املستويات الدنيا إىل املستويات العليا‪ ،‬حيث تتوىل كل مصلحة أو هيئة أو مؤسسة عامة‬
‫إعدادها ملا يلزمها من نفقات وما تتوقع أن حتصل عليه من إيرادات خالل السنة املالية املعنية‪ ،‬ثم تتوىل بعد ذلك وحدة تنفيذية‬
‫متخصصة بفحص تقديرات الوحدات احلكومية املختلفة وتنقيحها وتعديلها ثم تنسيقها ووضعها يف مشروع واحد متكامل‬
‫ملوازنة الدولة‪ ،‬ثم يرفع هذا املشروع مع البيان املالي إىل السلطة التشريعية من أجل مناقشتها واعتمادها‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حتديد النفقات وتقديرها‬
‫ال يثري تقدير النفقات أي صعوبات فنية معقدة كما يف عمليات تقدير اإليرادات‪ ،‬وإمنا يتطلب األمر من القائمني عليها‬
‫األمانة والدقة يف تقديرها‪ ،‬ويطلق على املبالغ املقرتحة باملفهوم املالي باالعتمادات‪ .‬ويتم تقدير النفقات العامة بالنظر إىل نوع‬
‫النفقة‪ ،‬ويتم تقسيم النفقات إىل نوعني من حيث التقدير‪:‬‬
‫‪ -1‬النفقات العامة الثابتة أو التحديدية‪ :‬هي النفقات اليت ميكن معرفتها وتقديرها بدقة‪ ،‬حيث تتميز بالثبات النسيب وال‬
‫تتبدل من سنة ألخرى‪ ،‬ومثاهلا أقساط الدين العام والرواتب واألجور‪ ،‬واليت يتم تقديرها عن طريق مراجعة جداول‬
‫األجور والرواتب‪ ،‬وعندما تقدم هذه االعتمادات إىل الربملان يتحقق من مبلغ النفقة والغرض منها‪.‬‬
‫‪ -2‬النفقات العامة املتغرية أو التقديرية‪ :‬وهي تلك النفقات اليت تتغري كل عام‪ ،‬مثل نفقات اإلنشاء والتعمري والصيانة‪ ،‬وأمثان‬
‫شراء املستلزمات اليت حتتاجها الوزارات ودوائرها‪ .‬وهذه النفقات ال يتم حتديدها على وجه التقريب‪ ،‬بل تقدر‬
‫على وجه التخمني املباشر‪ ،‬كونها ال تستند لقاعدة ثابتة؛ فمثال‪ ،‬األسعار تتغري كل سنة لذلك عندما تعرض‬
‫هذه النفقات على الربملان يتحقق من الغرض من النفقة فقط دون مبلغها وكميتها‪ ،‬لذلك تستطيع احلكومة‬
‫جتاوز املبلغ املقدر لالعتماد التقديري مع أخذ موافقة الربملان فيما بعد‪.‬‬

‫‪ 1‬حسني مصطفى حسني‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،2001 ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ 2‬حسين خربوش‪ ،‬حسن البحي‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬الشركة العربية املتحدة‪ ،‬القاهرة‪ ،2013 ،‬ص‪ ،‬ص ‪.182 ،181‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪80‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حتديد اإليرادات العامة وتقديرها‬


‫يقوم حتديد وتقدير اإليرادات العامة عكس تقدير النفقات؛ ذلك أنه يثري صعوبات؛ نظرًا‪ ،‬خلصائص اإليرادات اليت‬
‫تتطلب عند التقدير توقع املتغريات االقتصادية واملالية لتحديد حصيلتها لفرتة سنة مالية قادمة‪.‬‬
‫توجد عدة أساليب لتحديد اإليرادات العامة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬طريقة حسابات السنة قبل األخرية؛ وتتم عن طريق قياس أرقام اإليرادات الفعلية وحجمها للسنة املالية حسابها قبل األخرية‬
‫اليت اختتم‪ ،‬فتتخذ أرقامها لتكون أساسا لتقدير اإليرادات للموازنة اجلديدة‪.‬‬
‫تتميز هذه الطريقة بالبساطة والبعد عن التعقيد والسرعة يف التقدير‪ ،‬لكن يؤخذ عليها عدم الدقة يف التقدير‪ ،‬ألن اإليرادات‬
‫هلا عالقة باألوضاع املالية واالقتصادية املتغرية واملقبلة‪ ،‬حيث تتأثر بالتضخم والكساد‪ ،‬مما يؤدي إىل عدم دقة‬
‫التقديرات ألن عملية التنبؤ باألوضاع املستقبلية تكون صعبة جدًا‪.‬‬
‫‪ -2‬طريقة الزيادة (متوسط الزيادة للسنوات السابقة)؛ يتم التقدير هنا تبعا إليرادات السنة قبل األخرية‪ ،‬مع إضافة متوسط‬
‫زيادة موازنات لسنوات مالية سابقة منتهية ثالث أو أربع سنوات؛ لكن يعاب على هذه الطريقة بأنه ال ميكن إتباعها‬
‫إال يف سنوات االزدهار‪ ،‬حيث تزداد اإليرادات العامة خالل املدة مبعدل متزايد وبصورة مؤكدة‪.‬‬
‫‪ -3‬طريقة التقدير املباشر؛ حيث يستعني املسئولون عن إعداد املوازنة العامة مبختصني يف مجيع الوزارات واهليئات احلكومية‬
‫جبمع املعلومات والبيانات اليت يستطيعون احلصول عليها لتحديد وتقدير اإليرادات املتوقع حصوهلا يف العام القادم‬
‫عن طريق دراسات وحتاليل علمية ومنطقية مع مراعاة الظروف االقتصادية واملالية واالجتماعية‪ ،‬واالسرتشاد بنتائج‬
‫حتصيل اإليرادات للعام اجلاري‪ ،‬واستخدام أدو ات التحليل احلديثة يف اإلحصاء والرياضيات مع التنبؤ باألوضاع‬
‫واملتغريات املستقبلي ة بطريقة موضوعية‪ ،‬للوصول إىل تقديرات أقرب إىل الواقع وأكثر دقة‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬اعتماد املوازنة العامة‬


‫ال يعترب مشروع املوازنة العامة موازنة تلتزم احلكومة بتنفيذها إال بعد اعتماده من السلطة املختصة طبقًا للنظام‬
‫السياسي لكل دولة‪ .‬ذلك أن املوازنة العامة عبارة عن تدفقات مالية يرتتب عليها إعادة توزيع للدخل الوطين احلقيقي على أفراد‬
‫اجملتمع ومتويل مشاريع عامة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية وبالتالي احلرض على اعتماده من طرف هيئات متثل أفراد‬
‫اجملتمع حتى يصبح قابال للتنفيذ‪.‬‬
‫ختتلف مرحلة االعتماد أو التصديق على املوازنة عن مرحلة التحضري واإلعداد؛ فإذا كانت السلطة التنفيذية هي‬
‫املختصة بالتقدير واإلعداد فالسلطة التشريعية هي املختصة باإلجازة والتصديق‪ ،‬وإذا اقرتن إعداد املوازنة وحتضريها بإجازة‬
‫السلطة التشريعية أو اعتمادها تصبح املوازنة قانونا قابل وواجب التنفيذ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مراحل اعتماد مشروع املوازنة العامة‬
‫االعتماد شرط أساسي لوضع املوازنة موضع التنفيذ تطبيقا لقاعدة أسبقية االعتماد على التنفيذ‪ ،‬ومير اعتماد املوازنة‬
‫على ثالث مراحل نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫‪-1‬مرحلة املناقشة‪ :‬يعرض مشروع املوازنة العامة للمناقشة مرفقا جبميع الوثائق املرتبطة به‪ ،‬حيث تنصب جلنة خمتصة بقطاع‬
‫املالية وامليزانية والتخطيط متفرعة من اهليئة النيابية‪ ،‬هذه األخرية تقدم تقريرًا يتضمن مالحظاتها ومقرتحاتها‪ ،‬بعد‬
‫مناقشة مجيع جوانب املوازنة‪ .‬وبعدها يتم عرض هذا التقرير على املناقشة العامة قصد طرح مجيع القضايا املتعلقة‬
‫بالسياسة املالية ومدى االلتزام بها من خمتلف القطاعات‪.‬‬
‫‪-2‬مرحلة التعديل ‪ :‬يتم مناقشة التقرير يف جوانبه التفصيلية‪ ،‬ثم يقدم النواب وأعضاء اللجنة اقرتاح تعديالت تكون مكتوبة‬
‫أمام اللجنة ومناقشتها أمام الوزير القطاع املعين اليت يتم الرد عليها ومناقشتها‪ .‬كما ال يقبل اقرتاح أي قانون مضمونه‬

‫‪ 1‬مثال إذا أردنا تقدير إيرادات موازنة ‪ 2017‬نأخذ بتقديرات موازنة ‪2015‬م كونها سنة مالية منتهية ومقفل حسابها‪ ،‬وليس تقديرات ‪2016‬م كونها مل تنتهي بعد‪.‬‬
‫‪ 2‬مثال؛ لو أردنا تقدير إيرادات سنة ‪ 2017‬حنسب متوسط الزيادات للسنوات املالية السابقة واملنتهية لألعوام ‪ ،2014 ،2013‬و‪2015‬م‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪81‬‬

‫أو تنحيته نتيجة ختفيض املوارد العمومية أو زيادة النفقات العمومية إال إذا كان مرفقًا بتدابري تستهدف الزيادة يف‬
‫إيرادات الدولة‪ ،‬أو توفري مبالغ يف فصل آخر من النفقات العمومية يساوي على األقل املبالغ املقرتح إنفاقها‪.‬‬
‫‪-3‬مرحلة التصويت ‪ :‬يف مرحلة نهائية يكون التصويت على مشروع املوازنة العامة بصورة إمجالية‪ ،‬خالفا ملوازنات اإلدارة‬
‫احمللية اليت يصوت عليها بابًا بابًا وفصالً فصالً ومادة مبادة‪ .‬كما أن القاعدة أن يتم التصويت قبل بداية السنة املدنية‬
‫اجلديدة احرتامًا ملبدأ السنوية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬قرارات اعتماد املوازنة العامة‬
‫هناك ثالث قرارات تصدر بعد املناقشة والتداول‪ ،‬نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬املوافقة واعتماد مشروع املوازنة العامة‪ ،‬يتحول املشروع إىل "قانون املوازنة العامة" ويصبح قابل للتنفيذ‪،‬‬
‫‪ -2‬رفض اعتماد املشروع‪ ،‬هذت اإلجراء له انعكاسات خمتلفة خاصة إذا استمر الرفض إىل نهاية السنة املالية‪،‬‬
‫‪ -3‬املوافقة مع التعديل ‪ ،‬حيث يتم إدخال بعض التعديالت على مشروع املوازنة العامة وبعد قبوله يتم اعتماده‪.‬‬
‫وإذا متت املوافقة يتحول املشروع ليصبح قانونا قابال للتنفيذ‪ ،‬ويكون من حق اهليئة النيابية أن ترفض أو تطلب تعديل‬
‫بنود القانون‪ ،‬وذلك استنادا إىل غالبية الدساتري يف خمتلف الدول‪ ،‬وإذا حدث تأخر يف اعتماد مشروع املوازنة‪ ،‬يتم اعتماد عدة‬
‫إجراءات أو طرق ومنها اعتماد موازنة مؤقتة أو اعتماد مبالغ على احلساب أو العمل باملوازنة العامة القدمية‪ ،‬واليت تقضي بأن‬
‫تسري احلكومة على املوازنة املنتهية إىل أن يتم التصديق على املوازنة اجلديدة‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تنفيذ املوازنة العامة‬
‫يقصد بتنفيذ املوازنة العامة حتصيل اإليرادات العامة وصرف النفقات العامة كما ورد يف قانون املوازنة العامة‪ .‬فبعد‬
‫عملية إعداد املوازنة ثم املصادقة عليها واعتمادها من قبل اهليئة النيابية‪ ،‬تبدأ املرحلة األخرية من حياة املوازنة وهي مرحلة‬
‫التنفيذ العملي أي وضع بنودها موضع التنفيذ‪ ،‬حيث تتوىل السلطة التنفيذية القيام بهذا الدور يف هذه املرحلة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تنفيذ صرف النفقات العامة‬
‫إذا كانت مبالغ اإليرادات تبقى مبالغ حمتملة ومتوقعة؛ فإن قانون املوازنة العامة ينص على احلد األقصى للمبالغ‬
‫املصرخ بإنفاقها لكل غرض‪ ،‬حيث ال ميكن لإلدارة جتاوز االعتمادات املقررة‪.‬‬
‫‪-1‬صرف بنود النفقات العامة‬
‫تتحدد عملية صرف املال العام على مقدار االعتماد املخصص لكل بند من بنود النفقات العامة‪ ،‬والذي ميثل احلد‬
‫األقصى لإلنفاق‪ .‬كما تستند السلطة التنفيذية يف االنفاق على قاعدة "ختصيص االعتمادات" مبعنى أن االعتماد املخصص‬
‫لنفقة معينة ال ميكن استخدامه لنفقة أخرى إال بعد إجازة وموافقة من اهليئة املختصة‪.‬‬
‫وع ليه‪ ،‬فإنه يف حالة خمالفة تقديرات النفقات للواقع‪ ،‬فال ميكن التعديل يف التوازن املعتمد للنفقات سواء بالزيادة أو‬
‫النقصان إال مبوافقة اهليئة املختصة‪ ،‬حيث ال ميكنها أن حتول مبلغ اعتماد من غرض خصص له إىل غرض آخر مل خيصص‬
‫له‪ .‬وإن احتاج األمر إىل حتويل املبالغ من ا لباب املخصص هلا إىل غرض آخر يستلزم حصول موافقة لذلك‪ ،‬كما ختتلف‬
‫إجراءات املتبعة من حالة ألخرى‪.‬‬
‫ويتم صرف بنود نفقات املوازنة العامة بعدة عمليات إدارية وحسابية‪ ،‬فالعمليات اإلدارية يقوم بها الوزراء؛ فكل وزير‬
‫يرتبط مبصروفات وزارته‪ ،‬ويتحقق من وجوبها‪ ،‬ويأمر بدفعها‪ .‬أما العمليات احلسابية يقوم بها احملاسبون والذين يتبعون‬

‫‪ 1‬عبد الباسط على جاسم الزبيدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.205 -199‬‬
‫‪ 2‬تنص املادة ‪ 75‬من القانون ‪ 17-84‬على أنه ال ميكن صرف أية نف قة مبا يتجاوز مبلغ االعتمادات املفتوحة ضمن الشروط احملددة يف هذا القانون‪ ،‬مامل تنص أحكام‬
‫تشريعية على خالف ذلك‪.‬‬
‫يف بعض احلاالت قد حيدث جتاوز أو اعتمادات إضافية يف أحد أبواب املوازنة العامة وقواعد ربط املوازنة وتعليمات وزار املالية‪ ،‬وتتطلب يف كال احلالتني االلتزام مبجموعة‬ ‫‪3‬‬

‫من القواعد عند طلب االعتمادات اإلضافية أو عند التجاوز‪.‬‬


‫‪ 4‬إن املوظفني املكلفني بتنفيذ أوامر الصرف ملزمون مبراعاة قواعد احملاسبة العامة‪ ،‬فال ينفذون هذه األوامر إال ما كان مطابقا ألحكام القانون اخلاص بأصول احملاسبة‬
‫العامة والتعليمات الصادرة من وزارة املالية بهذا اخلصوص‪ ،‬وبذلك يقوم احملاسب بوظيفة الرقيب على األمر بالصرف‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪82‬‬

‫وزير املالية يف أغلب الدول؛ هلذا‪ ،‬بعد أن تنتهي العمليات اإلدارية تبدأ العمليات احلسابية‪ ،‬وهي تنحصر بالدفع‪ .‬والواقع أن‬
‫عملية الدفع عبارة عن عمليتني‪:‬‬
‫‪ -‬األوىل التأكد من صحة أمر الدفع بأن يكون صادر من جهة خمتصة ومستويف شروطه‪،‬‬
‫‪ -‬والثانية حصول الدائن على مستند خمالصة صحيحة تربئ ذمة الدولة‪.‬‬
‫‪-2‬مراحل صرف النفقات العامة‬
‫صرف النفقات العامة مير بعدة مراحل‪ ،‬وقصد عدم إساءة استعمال األموال العامة والتأكد من إنفاقها على حنو‬
‫مالئم‪ ،‬فقد نظما قانون احملاسبة العمومية مراحل صرف النفقة كاآلتي‪:‬‬
‫أ‪-‬االرتباط بالنفقة (العقد) (‪ :) l’engagement‬عبارة عن الواقعة املادية أو القانونية اليت يرتتب عليها التزامًا على عاتق اإلدارة‬
‫العامة (مثال تعيني موظف‪ ،‬إبرام صفقة أو مشروع ‪ ،)...‬ويقصد به نشوء دين يف ذمة اإلدارة العامة‪.‬‬
‫ب‪-‬تصفية أو حتديد النفقة (‪ :) liquidation‬وهو التقدير الفعلي واحلقيقي للمبلغ (التقويم النقدي) الواجب أداؤه بناءً على‬
‫مستندات تثبت وجود الدين وحلول أجله‪.‬‬
‫ج‪-‬األمر بالصرف (‪ :)l’ordonnancement‬ويقد بعد معرفة وحتديد مبلغ النفقة‪ ،‬ثم يقوم الشخص املختص اآلمر بالصرف‬
‫( وزير‪ ،‬مدير‪ )... ،‬بإصدار األمر إىل احملاسب العمومي يدفع املبلغ املوجود بالعقد إىل الشخص املتعاقد‪ ،‬مبوجب‬
‫وثيقة مكتوبة تسمى حوالة الدفع (‪.)mandat de paiement‬‬
‫د‪-‬الصرف (‪ :) paiement‬وهو الدفع الفعلي للمبلغ املستحق لصاحبه عن طريق احملاسب بعد التأكد من املستندات وتوفر‬
‫الغالف املالي وموافقتها للتشريعات والقوانني‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حتصيل اإليرادات العامة‬
‫يقصد بتنفيذ اإليرادات العامة عمليات حتصيل خمتلف اإليرادات العامة‪ ،‬فبعد اعتماد املوازنة وإجازتها لإليرادات ينشأ‬
‫التزام على عاتق احلكومة بضرورة جباية كل مبالغ اإليرادات املصادق عليها ‪.‬‬
‫ويتطلب حتصيل اإليراد العام عمليتني أساسيتني‪:‬‬
‫‪ -‬األوىل التحقق من قيام احلق للدولة وتقدر قيمته‪،‬‬
‫‪-‬والثانية اجلباية أي التحصيل الفعلي لقيمة احلق‪.‬‬
‫ويشرتط يف اجلباية أن يتوافر فيها شرطا املالئمة واالقتصاد‪ ،‬ويقصد باملالئمة إن جتبى اإليرادات يف أوقات مناسبة‬
‫ومواعيد معينة‪ ،‬وال تؤدي إىل إرهاق املكلفني‪ ،‬وأن تكون اجلباية مقرونة باالقتصاد بأن يتم جبايتها بأقل نفقة ممكنة‪.‬‬
‫كما يتم التمييز بني العمليات اإلدارية واحلسابية؛ حيث‪ ،‬يتم الفصل بني هذين النوعني من العمليات‪ ،‬وتطبيقا هلذا‬
‫املبدأ تقتضي جباية كل إيراد تدخل موظفني‪ ،‬ويرتتب على ذلك اختالف املسؤولية اليت يتحملها كل فريق من املوظفني‪:.‬‬
‫‪-‬موظفني إداريني يعهد إليهم تقرير اإليراد‪ ،‬أي حتديد مقداره واألمر بتحصيله؛ فاملوظفني اإلداريون الذين يقرون اجلباية‬
‫(الوزراء‪ ،‬واملدراء العامون) يتحملون مبدئيا مسؤولية‪ ،‬لكنها غري منظمة بشكل دقيق يف أغلب التشريعات‪،‬‬
‫‪ -‬وموظفني حماسبني يطلب منهم تنفيذ اجلباية أي استالم مبلغ اإليراد‪ ،‬ومسؤوليتهم الشخصية حمددة بشكل دقيق‪ ،‬إذ هم‬
‫مسؤولون عن حتصيل احلقوق اليت كلفوا بها‪.‬‬
‫إن حتصيل اإليرادات العامة ال يتم إال بسند قانوني‪ ،‬والذي يشمل التشريعات املالية الصادرة مثل قانون الضرائب‬
‫والرسوم واملوازنة العامة أو بقرار صادر من السلطة العامة يف الدولة مبا هلا من امتيازات وإرادة يف إن تضع سند مثبت لدينها‬
‫على الغري‪ ،‬وإن متضي بوسائلها اإلدارية يف حتصيل هذا الدين‪ ،‬وحتصيل ديون الدولة لدى الغري‪ ،‬وأن متضي بوسائلها اإلدارية‬
‫يف حتصيل هذا الدين‪ ،‬وحتصيل ديون الدولة لدى الغري يقرتن دائما بامتياز التنفيذ املباشر‪.‬‬

‫‪ 1‬املواد ‪ 15‬إىل ‪ 22‬من قانون ‪ 21-90‬املؤرخ يف ‪ 24‬احملرم ‪ 1411‬هـ املوافق لـ ‪ ،1990-08-15‬واملتعلق باحملاسبة العمومية‪.‬‬
‫خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.273 ،272‬‬ ‫‪2‬‬

‫احملاسب العمومي هو موظف موجود يف اإلدارة العامة‪ ،‬إال أنه ال خيضع لسلطة اآلمرين بالصرف (تابع لوزارة املالية)‪ ،‬وه ذا حتى يتمكن من مراقبة عمليات صرف النفقة‬ ‫‪3‬‬

‫من حيث مطابقتها للقانون‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪83‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬قواعد جباية اإليرادات العامة‬


‫هناك عدة قواعد جيب أخذها بعني االعتبار عند حتصيل اإليرادات العامة‪ ،‬نوجزها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬جيب أن ال يتم حتصيل اإليرادات إال إذا حتققت الواقعة املنشئة هلا؛ وهي الواقعة اليت جتعل املكلف مدينا للدولة مببلغ‬
‫الضريبة‪ ،‬كما يف واقعة توزيع األرباح التجارية على مالكي األسهم والسندات‪،‬‬
‫‪ -2‬االعرتاض ال يوقف التحصيل‪ ،‬بل جيلب الدفع أوالً‪ ،‬ثم االعرتاض على مقدار التحصيل أو أساس املنازعة القائمة‪،‬‬
‫‪ -3‬جيب مراعاة مواعيد حتصيل اإليرادات العامة حسب نصوص القانون‪ ،‬حبيث يتناسب ذلك وظروف املكلفني بها‪ ،‬إضافة‬
‫إىل االقتصاد يف نفقات عملية التحصيل‪،‬‬
‫‪-4‬حيكم حتصيل اإليرادات قاعد ة مالية أساسية‪ ،‬هي قاعدة عدم ختصيص اإليرادات‪ ،‬حيث ختتلط كافة اإليرادات اليت‬
‫يتم حتصله ا اخلزينة العمومية يف جمموعو واحدة لتمول كافة النفقات دون متييز‪ .‬غري أنه ويف حاالت خاصة ميكن‬
‫أن ينص قانون املالية لتغطية بعض النفقات وتكون ضمن املوازنات امللحقة أو احلسابات اخلاصة للخزينة‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬معاجلة الفرق بني اإليرادات والنفقات‬


‫تظهر مرحلة تنفي ذ املوازنة العامة نتائج التقديرات لإليرادات والنفقات العامة؛ وذلك‪ ،‬عند مقارنتها بالواقع‪ ،‬ومبا إن‬
‫أرقام مبالغ النفقات العامة واإليرادات العامة هي مبالغ تقريبية يف املوازنة العامة‪ ،‬فإنه يف التنفيذ قد يظهر اختالف يف األرقام‬
‫احملصلة فعال عن األرقام املدرجة يف املوازنة العامة‪.‬‬
‫ويتم معاجلة هذا االختالل بني مقدار اإليراد واإلنفاق العام وعن طريق وسائل وطرق معينة‪ .‬نذكرها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬احلسابات اجلارية يف البنك املركزي‪ :‬حيث يتم فتح حساب جاري تقيد يف حصيلة الضرائب واإليرادات األخرى‪ ،‬ويقوم‬
‫بدفع املصروفات نيابة عن الدولة‪ .‬وبذلك يكون للبنك املركزي دور مهم يف عملية تنفيذ املوازنة من خالل فتح‬
‫احلسابات اجلارية للحكومة تقيد فيها قسم املطلوبات ا ملبالغ اليت سحبها اآلمرون بالصرف مبوجب صكوك‬
‫على البنك أعطيت لدائين احلكومة‪.‬‬
‫‪-2‬إصدار أذونات اخلزينة‪ :‬أذونات اخلزينة هي سندات قصرية األجل تصدرها الدولة لسد حاجة اخلزينة يف حالة تأخر جباية‬
‫الضرائب أو يف حالة ظهور عجز يف اإليرادات‪ ،‬وذلك إىل أن تتوافر للخزينة األموال الالزمة‪.‬‬
‫‪ -3‬االقرتاض من بنك اإلصدار (اإلصدار النقدي)‪ :‬وهذا البنك يقوم بإصدار األوراق النقدية داخل الدولة وتودع به الدولة أمواهلا‬
‫وتقرتض منه حني تضطرها احلاجة إىل ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬املال االحتياطي‪ :‬حيدث أحيانا أن يكون هناك بعد تنفيذ املوازنة زيادة يف اإليرادات احملصلة فعال عن النفقات املصروفة‬
‫فعال‪ .‬وتستعمل بعض الدول تلك الزيادة يف تكوين مال احتياطي يف البنك املركزي تلجأ إليه يف السنوات اليت‬
‫تزداد فيها املصروفات على اإليرادات أي ملعاجلة العجز يف املوازنة العامة‪.‬‬
‫كما قد حيصل عند تنفيذ املوازنة العامة أن تكون االعتمادات املقدمة غري كافية ملواجهة النفقات املخصصة هلا‪ ،‬أو‬
‫قد حيصل طارئ وبالتالي يتطلب نوعا آخر من االنفاق‪ ،‬وهنا تلجأ احلكومة إىل اهليئة النيابية قصد املوافقة على فتح‬
‫"اعتمادات إضافية‪ :‬تشمل‪:‬‬
‫‪-‬االعتمادات التكميلية‪ :‬وهي اعتمادات يتم وضعها لتكملة اعتمادات واردة يف املوازنة وثبت عند التنفيذ عدم كفايتها‪،‬‬
‫‪-‬االعتمادات غري العادية ‪ :‬ويتم إقرارها ملواجهة نفقات جديدة مل ترد يف املوازنة العامة أصالً‪ ،‬لكنها تعترب ضرورية بسبب‬
‫حدوث ظروف غري متوقعة خالل إعداد املوازنة العامة وبداية تنفيذها خالل السنة املالية‪.‬‬

‫‪ 1‬املادة ‪ 07‬من القانون رقم ‪ 17-84‬تنص على أنه ال ميكن ختصيص أي إيراد لتغطية نفقة خاصة‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد الباسط على جاسم الزبيدي‪ ،‬املالية العامة واملوازنة العامة للدولة والرقابة على تنفيذها‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.213 -210‬‬
‫‪ 3‬يف اجلزائر مثال جند صندوق ضبط اإليرادات‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪84‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬الرقابة على تنفيذ املوازنة العامة‬


‫تعد هذه املرحلة هي األخرية للموازنة العامة‪ ،‬وهي تتزامن مع مرحلة تنفيذ املوازنة‪ .‬واهلدف منها هو ضمان التزام السلطة‬
‫التنفيذية بالتطبيق الصادق لبنود املوازنة من إيرادات ونفقات‪ ،‬وكذا احلفاظ على املال العام‪ ،‬وحسن إدارته لتحقيق املصلحة‬
‫العامة واألهداف املختلفة للموازنة العامة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الرقابة على تنفيذ املوازنة وأنواعها‬


‫أوال‪ :‬ماهية الرقابة على املوازنة العامة‬
‫هي التأكد من أن تنفيذ املوازنة قد مت طبقًا للسياسة املرسومة‪ ،‬وأن االعتمادات اليت سبق اعتمادها وإقرارها قد‬
‫حتقق فعالً استخدامها لألغراض املخصصة هلا‪ ،‬كما أنها ال تقتصر فقط على املراجعة الدفرتية واملستندية واحلسابية‪،‬‬
‫وصحة تطبيق القوانني واللوائح املالية‪ ،‬وتعليمات وزارة املالية فيما يتعلق بتنفيذ املوازنة ولكنها تتضمن وضع معايري وأمناط‬
‫حتدد أساسًا للمر اجعة والكشف عن أي خطأ أو إسراف يف استخدام املوارد املتاحة‪.‬‬
‫كما أن مرحلة املراجعة واملراقبة ليست مرحلة مستقلة تأتي يف نهاية دورة املوازنة‪ ،‬بل هي مرحلة متداخلة تبدأ من أول مرحلة‬
‫وهي االعتماد وتستمر خالل مرحليت االعتماد والتنفيذ‪ ،‬وتستمر أيضًا بعد االنتهاء من التنفيذ أي بعد انتهاء السنة املالية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع الرقابة على املوازنة وأساليبها‬
‫‪ -1‬الرقابة من حيث الزمن‬
‫تنقسم الرقابة املالية على النفقات العامة من حيث وقت ممارستها بالنسبة إىل تنفيذ العمليات املالية اخلاضعة للرقابة‪،‬‬
‫إىل ثالثة أنواع وهي الرقابة السابقة على التنفيذ والرقابة املتزامنة مع التنفيذ‪ ،‬والرقابة الالحقة على التنفيذ‪ ،‬وهذا ما نوضحه‬
‫فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1-1‬الرقابة السابقة على تنفيذ‬
‫تتمثل يف إجراء عمليات املراجعة والرقابة قبل الصرف‪ ،‬فال ميكن ألية هيئة تنفيذية االرتباط بااللتزام‪ ،‬أو القيام بدفع‬
‫أي مبلغ قبل احلصول على موافقة اهليئة املختصة يف الدولة‪ ،‬وهلذا فهي تسمى بالرقابة (الوقائية)‪.‬‬
‫ويتوىل هذا النوع من الرقابة إدارة داخلية أو جهاز خارجي‪ ،‬وتأخذ الرقابة السابقة على الصرف عدة أشكال‪:‬‬
‫‪ -‬إقرار مبدئي بصحة عمليات معينة من الناحية القانونية وقبل وقوع هذا االرتباط‪،‬‬
‫‪ -‬اإلقرار بأن االرتباط يقع يف حدود االتفاق املقرر كما ونوعا‪،‬‬
‫‪ -‬اإلقرار النهائي عند دفع املبلغ وعند تنفيذ االلتزام للتأكد من أن العملية قد متت وفقًا ملا لإلجراءات املعمول بها‪.‬‬
‫‪ -2-1‬الرقابة املتزامنة للتنفيذ‬
‫تقع الرقابة املتزامنة يف أثناء عملية التنفيذ؛ وتتمثل هذه الرقابة باملتابعة اليت جتريها األجهزة املختصة يف الدولة على‬
‫نشاطات السلطة التنفيذية املتعلقة بالنفقات العامة الواردة يف موازنة الدولة‪ ،‬وتأخذ شكل اجلرد والزيارات التفتيشية أو‬
‫اإلشراف عليها‪.‬‬
‫ويتميز هذا النوع من الرقابة باالستمرار والشمول‪ ،‬وينطلق مع بدأ تنفيذ األعمال ويستمر خالل خطوات التنفيذ‪.‬‬
‫والغرض منه اكتشاف اخلطأ واإلهمال حال وقوعه‪ ،‬فيساعد على اختاذ ما يلزم من إجراءات تصحيحية‪.‬‬
‫‪ -3-1‬الرقابة الالحقة‬
‫تبدأ هذه الرقابة بعد انتهاء السنة املالية‪ ،‬وغلق احلسابات واستخراج احلساب اخلتامي للدولة‪ .‬وتشمل هذه الرقابة‬
‫كال من النفقات واإليرادات‪ ،‬وتتضمن هذه الرقابة؛ املراجعة احلسابية واملستندية لكافة العمليات املالية لكشف التالعب‬
‫باألموال العامة‪.‬‬

‫‪ 1‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.244‬‬
‫‪ 2‬عبد الباسط على جاسم الزبيدي‪ ،‬املالية العامة واملوازنة العامة للدولة والرقابة عليها‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.253 -242‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪85‬‬

‫ومتارس هذه الرقابة اإلدارة ذاتها صاحبة التصرف‪ ،‬أو قد متارسها هيئة مستقلة‪ .‬ومتتاز هذه الرقابة بتاليف كل‬
‫العيوب املوجهة إىل الرقابة بأنها جمرد عملية تسجيل تارخيي‪ ،‬أو كما تعرف "مبحاورات الصم"‪ ،‬فهي تسجيل املخالفات بعد‬
‫وقوعها وتفتح اجملال للمحاورة بني جهات املراقبة واجلهات اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -2‬الرقابة املالية من حيث املوضوع‬
‫‪ -1-2‬رقابة املشروعية‬
‫مبعنى أن اإلجراءات والتصرفات اليت تتخذها السلطة التنفيذية ال تتمتع حبماية القانون وال تكون هلا أي قيمة‪ ،‬ما مل‬
‫تكن متوافقة مع القواعد النافذة‪ .‬مبعنى أخر ال جيوز لإلدارة ‪-‬وإال كانت خمالفة للقانون‪ -‬وأال تقوم بأي عمل قانوني أو‬
‫مادي إال وفقا للقانون أو بتخويل منه‪.‬‬
‫فاملشروعية صفة كل ما هو مطابق للقانون‪ ،‬وعليه تعرف رقابة املشروعية بأنها رقابة مدى مطابقة تصرف اإلدارة مع‬
‫القانون مبفهومه العام الواسع‪ ،‬وتنصرف رقابة املشروعية إىل التصرف املالي من حيث النفقات واإليرادات‪.‬‬
‫‪ -2-2‬الرقابة احملاسبية‬
‫ويقصد بها الرقابة التقليدية؛ وهي مراجعة حسابية مستندية حبتة لتنفيذ املوازنة‪ ،‬بقصد التحقق من أن النفقات‬
‫العامة متت وفقا لبنود اعتمادها ويف األغراض املخصصة هلا‪ ،‬وأنها قد صرفت ملستحقيها مبستندات سليمة معتمدة وفقا‬
‫للقوانني واللوائح املالية املنصوصة فيها‪ .‬فهدفها هو التأكد من سالمة اإلجراءات وصحة مستندات الصرف‪.‬‬
‫ته دف الرقابة احلسابية إىل بذل أقصى جهد الكتشاف األخطاء الفنية والغش والتزوير واملخالفات املالية‪ ،‬وال متتد‬
‫هذه الرقابة إىل مدى حتقيق أهداف املوازنة أو آثارها على االقتصاد الوطين‪.‬‬
‫‪ 3-2‬الرقابة االقتصادية‬
‫تتجاوز هذه الرقابة اجلانب احلسابي أو التأكيد من مشروعية عمل اإلدارة‪ ،‬إىل تقويم النشاط احلكومي نفسه؛ فهي‬
‫تبحث عن مدى حتقيق أهداف املوازنة‪ ،‬وبالتالي مدى حتقيق األهداف االقتصادية واالجتماعية للمجتمع‪ .‬كما تهدف إىل‬
‫الكشف عن مدى كفاءة الوحدات اإلدارية ووضع املقرتحات اليت قد تراها ضرورية لالرتقاء بهذه الكفاءة اإلدارية‪.‬‬
‫والرقابة االقتصادية تتضمن رقابة الكفاءة؛ اليت تعين‪ ،‬حتقيق أكرب قدر ممكن من النتائج بأقل قدر ممكن من‬
‫اجلهود والتكاليف‪ .‬وكذلك تعين رقابة الفاعلية؛ اليت تعين الرقابة على مدى حتقيق النتائج املرجوة‪.‬‬
‫‪ =3‬الرقابة املالية من حيث الوظيفة‬
‫‪ -1-3‬الرقابة املالية اإلدارية‬
‫متارس هذه الرقابة بصفة إدارية‪ ،‬تقوم على املالئمة واألداء والفعالية‪ ،‬وتكون فيها نتائج الرقابة غري ملزمة (استشارية)‬
‫سواء قدمت السلطات العليا يف الدولة أو إىل اجلهات موضوع الرقابة‪ .‬ويتضمن تقرير التنبيه على األخطاء والكشف عن‬
‫املخالفات وطلب اختاذ اإلجراءات بشأنها‪.‬‬
‫و هو إجراء تقوم به السلطات اإلدارية مبقتضى نص يف القوانني واألنظمة بقصد التحقق من تنفيذ ما تأمر به تلك‬
‫السلطات وما تنهي عنه‪ ،‬وميارس التفتيش اإلداري من قبل موظف ي السلطة اإلدارية واهليئات العامة يف حدود النصوص القانونية‬
‫اليت تعترب جزء من التنظيم اإلداري الذي تقتضيه رعاية املصلحة العامة للمجتمع‪.‬‬
‫‪ -2-3‬الرقابة املالية القضائية‬
‫تعرف الرقابة القضائية بأنها تلك الرقابة اليت تتوالها أجهزة إدارية تأخذ الطابع القضائي‪ ،‬وتتوىل ممارسة هذه الرقابة‬
‫عادة أجهزة رقابة مالية عليا يف الدولة وغالبا ما تتبع السلطة التشريعية‪.‬‬
‫ينحصر االختصاص القضائي للرقابة املالية يف احلكم على احلسابات العامة‪ ،‬واحلكم بالغرامة على املخالفني يف التصرفات‬
‫املالية‪ .‬تقوم هذه الرقابة على األعمال املالية بعد انتهائها‪ ،‬لذلك فإن هذا النوع من الرقابة ال يتضمن رقابة سابقة أو مرافقة‪.‬‬

‫‪ 1‬حامد عبد اجمليد دراز‪ ،‬مسريو إبراهيم أيوب‪ ،‬مبادئ املالية العامة‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2003 ،‬ص ‪.176‬‬
‫‪ 2‬عبد الباسط على جاسم الزبيدي‪ ،‬املالية العامة واملوازنة العامة للدولة والرقابة عليها‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.254 -252‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪86‬‬

‫‪ -4‬الرقابة املالية من حيث اجلهة اليت متارسها‬


‫‪ -1-4‬الرقابة اخلارجية‬
‫متارس الرقابة من داخل اإلدارة اليت تقوم بالتصرف املالي‪ ،‬كما قد تضطلع بها جهة خارجية عن اإلدارة؛ وهي ما‬
‫تعرف بالرقابة اخلارجية‪ ،‬واليت تعرف بأنها رقابة السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫وهي نشاط تقييمي مستقل عن السلطة التنفيذية‪ ،‬ته دف إىل التأكد من صحة العمليات املالية والبيانات احملاسبية‬
‫ومشروعيتها‪ ،‬والتحقق من كفاءة فاعلية أداء األجهزة املالية‪ ،‬يف اجناز أهدافها وبراجمها‪.‬‬
‫‪ -2-4‬الرقابة الداخلية‬
‫تباشر السلطة التنفيذية رقابة مالية على أجهزتها التنفيذية للتأكد من أن مجيع األعمال املناطة بها تسري وفقا للمنهج‬
‫املوضوع‪ ،‬وضمن األهداف اليت خططتها السلطة التنفيذية وأقرتها السلطة التشريعية‪ .‬وتشمل الرقابة الداخلية كل صور‬
‫الرقابة اليت متارسها السلطة التنفيذية على أجهزتها؛ وال يقتصر عمل هذه الرقابة على جمرد الفحص والتقييم‪.‬‬
‫ومتارس الرقابة الداخلية بأحد األساليب اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1-2-4‬الرقابة الرئاسية‪ :‬هي الرقابة اليت ميارسها وزير املالية نيابة عن السلطة التنفيذية أو رقابة الرئيس اإلداري املباشر‪.‬‬
‫حيث ختول القوانني واألنظمة للرئيس اإلداري حق التدخل من أجل املصادقة أو التعديل أو اإللغاء‪ .‬وإىل جانب ذلك‬
‫توجد رقابة وزارة املالية متارس هذه الوزارة أنواع من الرقابة يف النفقات واإليرادات‪ ،‬مهمتها التأكد من التصرفات‬
‫املالية اخلاضعة للرقابة وتنفيذها للقوانني واألنظمة واللوائح‪.‬‬
‫‪ -2-2-4‬الرقابة الذاتية‪ :‬هي الرقابة اليت متارسها اجلهة املنفذة للعمل نفسها باعتبارها املسؤولة عن التنفيذ‪ ،‬حيث توجد‬
‫آليات وقواعد داخل اجلهاز اإلداري من أجل حتسني مواطن اخللل وإصالحها‪ ،‬والتأكد من أن العمل يسري وفقا ملا‬
‫هو خمطط له‪ .‬ومتتاز الرقابة الذاتية بأن ممارسيها موجودون داخل اإلدارة أو اجلهة اخلاضعة للرقابة وبالتالي ميكن‬
‫أن يالحظوا أوجه التقصري عن قرب‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة اإلدارية على تنفيذ املوازنة العامة‬
‫تتم الرقابة اإلدارية داخل الوحدة اإلدارية يف إطار السلم الوظيفي بالوحدة أو من قبل وزارة املالية عن طريق مديرياتها‬
‫املتخصصة أو من قبل موظفيها التابعني هلا‪ .‬وتتناول هذه الرقابة عمليات التحصيل والصرف وذلك للتحقق من مطابقة أوامر‬
‫الصرف للقواعد املالية املقررة يف املوازنة‪.‬‬
‫وتهدف هذه الرقابة إىل التنبيه على مجيع املخالفات للقواعد املالية‪ ،‬واكتشاف األخطاء قبل وقوعها‪ ،‬فهي اليت‬
‫متارسها السلطة التنفيذية على أعماهلا؛ وهلذا‪ ،‬يطلق عليها تسمية الرقابة الذاتية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الرقابة السابقة على التنفيذ (املانعة أو الوقائية)‬
‫يقصد بها عمليات املراجعة والرقابة قبل عملية الصرف‪ ،‬واليت ال ميكن مبوجبها ألي هيئة تنفيذية االرتباط بااللتزام‬
‫أو دفع أي مبلغ قبل احلصول على موافقة اجلهة املختصة بالرقابة قبل الصرف‪.‬‬
‫وعليه تعترب الرقابة السابقة مبثابة أخذ موافقة اجلهة املختصة بالرقابة على املعامالت املالية قبل الصرف‪ ،‬وتكون‬
‫قاصرة على النفقات العامة دون اإليرادات على أساس أنه من املستحيل ممارسة رقابة سابقة على إيرادات قبل حتصيلها‪.‬‬
‫تعترب الرقابة السابقة على التنفيذ أداة فاعلة من أدوات الرقابة القانونية على املال العام‪ ،‬حيث تضمن االلتزام بأن‬
‫تكون النفقة والعمليات املالية املرتبطة بها موافقة للقواعد القانونية شكالً وموضوعًا‪ ،‬وبالتالي تصرف النفقات طبقا للبنود‬
‫واالعتمادات املقررة هلا يف املوازنة العامة حتقيقا للهدف الرئيسي وهو احملافظة على املال العام من أي تبذير أو ضياع أو‬
‫احنراف‪ .‬وهذا بدوره يتطلب ضرورة ممارسة الرقابة السابقة بشكل مرن ال يؤثر على األعمال املتعلقة باإلدارة‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الباسط على جاسم الزبيدي‪ ،‬املالية العامة واملوازنة العامة للدولة والرقابة عليها‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.258 -254‬‬
‫‪ 2‬وتعرف السلطة الرئاسية بأنها السلطة اليت ميكن للرئيس اإلداري مبقتضاها أن يلغي أو يعدل بعض األعمال القانونية الصادرة عن تابعية املباشرين‪.‬‬
‫‪ 3‬املراقب املالي ومديري احلسابات واملفتشون العامون يف النظام اجلزائري‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪87‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرقابة املرافقة للتنفيذ‬


‫ويقصد بها عمليات املتابعة اليت جتريها أجهزة الرقابة املختصة يف الدولة على نشاطات السلطة التنفيذية املتعلقة‬
‫بالنفقات العامة الواردة يف موازنة الدولة‪ .‬ومتارس هذه الرقابة داخل الوحدة اإلدارية ذاتها‪ ،‬ومن قبل الوزارة املشرفة على أعمال‬
‫الوحدة التنفيذية ومن قبل األجهزة الرقابية املتخصصة‪.‬‬
‫تأخذ هذه الرقابة شكل تقارير (شهرية أو فصلية أو سنوية) حول سري عمليات اإلنفاق العام يف إدارات وأجهزة الدولة‬
‫املختلفة‪ .‬ويتم بواسطة هذه الرقابة مطابقة اخلطوات اليت تقوم بها السلطة التنفيذية وأجهزتها مع اخلطة مسبقا‪ ،‬وهي غالبا‬
‫من تكون املوازنة العامة للدولة فيما يتعلق بالنفقات العامة على وجه اخلصوص‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الرقابة الالحقة على التنفيذ‬
‫يقصد بها الرقابة اليت تبدأ عادة بعد انتهاء السنة املالية وقفل احلسابات واستخراج احلساب اخلتامي للدولة؛ وذلك‪،‬‬
‫من خ الل تدقيق الوثائق واملستندات للتأكد من مدى مطابقة التنفيذ مع االعتماد الوارد يف املوازنة‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬تعترب الرقابة الالحقة هي إجراء عالجي يتمثل مبراجعة مستندات الصرف والقيود احلسابية اخلتامية‪ ،‬كما‬
‫تعاجل مدى عدم جتاوز الصرف لالعتمادات املوجودة يف املوازنة‪ ،‬واحلصول على موافقة هيئة الرقابة السابقة على الصرف‪.‬‬
‫وميكن أن تصل إىل رقابة األداء ومدى موافقة هيئة الرقابة السابقة على الصرف‪ ،‬ومدى كفاية اجلهة اإلدارية يف استخدام‬
‫نفقاتها العامة‪ ،‬وكذلك التأكد من أن اإليرادات العامة قد مت جبايتها أو حتصيلها طبقا للقانون‪ ،‬واليت يصب يف نهاية املطاف‬
‫يف خزانة الدولة‪.‬‬
‫تتعلق هذه املرحلة بعرض احلساب اخلتامي للسنة املالية املنتهية ملناقشته واعتماده‪ ،‬ثم إصداره إما يف شكل قانون أو‬
‫يف شكل قرار من رئيس الدولة‪ .‬فاجملالس النيابية تقوم باالطالع على النتائج الفعلية للحساب املالي للدولة عن السنة املالية‬
‫هلذه املوازنة ومدى مطابقتها للميزانية يف الصورة اليت اعتمدتها سواء بالنسبة للنفقات املعتمدة أو حصيلة اإليرادات‪.‬‬
‫ويشمل اعتماد اجمل لس النيابي للحساب اخلتامي اعتماد املبالغ اليت أنفقت واليت حصلت بالفعل‪ ،‬واعتماده إلضافة ما‬
‫قد يتحقق من فائض اإليرادات عن النفقات لالحتياطي العام أو تغطية مقدار العجز الناتج عن جتاوز النفقات لإليرادات عن‬
‫طريق السحب من هذا االحتياطي واعتماده‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الرقابة بواسطة هيئة مستقلة‬
‫تتم الرقابة على تنفيذ املوازنة عن طريق هيئة مستقلة عن اهليئتني التشريعية والتنفيذية‪ ،‬ويوضع هلا نظام خاص كمال‬
‫احلال بالنسبة جمللس احملاسبة يف اجلزائر‪ .‬حيث يكلف بالرقابة البعدية ألموال الدولة واجلماعات اإلقليمية واملرافق العمومية‪،‬‬
‫كما يعدّ تقريرًا سنويًا‪.‬‬

‫ختتتم السنة املالية فيما خيص اهليئة النيابية بالتصويت على قانون يتضمن تسوية ميزانية السنة املالية املعنية‪ .‬حيث نصت املادة رقم ‪ 05‬من القانون ‪ 17-84‬املتعلق بقوانني‬ ‫‪1‬‬

‫املالية على‪ :‬أن يشكل قانون ضبط امليزانية الوثيقة اليت تثبت مبقتضاها تنفيذ قانون املالية‪ ،‬وعند االقتضاء قوانني املالية التكميلية أو املعدلة اخلاصة بكل سنة مالية‪.‬‬
‫كما يلزم القانون احلكومة بتقديم البيانات والوثائق اليت حتتاجها عند القيام باملراقبة‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد الباسط على جاسم الزبيدي‪ ،‬املالية العامة واملوازنة العامة للدولة والرقابة عليها‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.265 -261‬‬
‫‪ 3‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬الوجيز يف املالية العامة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.346 ،345‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪88‬‬

‫تقع أهمية املالية العامة يف الدولة كما يقع اجلهاز العصيب بالنسبة جلسم االنسان؛ ذلك أن املالية العامة هي املرآة‬
‫العاكسة لوضعية الدولة االقتصادية واملالية واالجتماعية والسياسية خالل فرتة زمنية معينة‪ ،‬حيث يكفي الوقوف على حجم‬
‫اإليرادات والنفقات لبيان مستوى تطور االقتصاد‪ ،‬وكذا معرفة حجم املستوى املعيشي لألفراد‪.‬‬
‫كما يرتتب على قيا م الدولة باملالية العامة آثار اقتصادية واجتماعية بل وسياسية‪ ،‬تؤثر على كل قطاعات االقتصاد‬
‫الوطين من صناعة وزراعة وخدمات‪ .‬وتؤثر أيضا على مكونات االقتصاد الكلية من استثمار واستهالك وادخار والناتج‬
‫الوطين‪ ،‬واملستوى العام لألسعار‪ .‬كما يؤثر هذا الدور للدولة يف النشاط االقتصادي على خمتلف فئات اجملتمع‪ ،‬وإن اختلفت‬
‫درجة التأثري من فئة ألخرى‪.‬‬
‫كما تهدف الدولة مما حتصل عليه من إيرادات وما تقوم به من إنفاق‪ ،‬إىل إشباع احلاجات العامة‪ ،‬كثل خدمات‬
‫األمن والدفاع وإنشاء الطرق‪ ،‬وباء اجلسور واملطارات واملوانئ وغريها من أوجه اإلنفاق العام‪ ،‬كما تسعى لتحقيق أهداف‬
‫اقتصادية واجتماعية معينة مثل رفع النمو االقتصادي للدولة‪ ،‬مع توفري مزيد من فرص العمل وحتقيق عدالة اجتماعية‪.‬‬
‫وعـليه‪ ،‬جيب أن تتجـه اجلهود املبذولـة مستقبالً لتطويـر وإعادة صياغـة للماليـة العامـة إىل ماليـة عامـة وظيفيـة‪،‬‬
‫بأسـاليب أكثر عمقًا وعلى أسس علمية‪ ،‬وذلك عن طريق توجيه كافة أدوات السياسة املالية من أجل إحداث آثار اقتصادية‬
‫واجتماعية إجيابية حقيقية‪ .‬وهذا باالعتماد على تشخيص علمـي دقيـق بهدف التأثـري على املتغـريات االقتصاديـة واالجتماعيـة‬
‫قصـد تعزيـز التنميـة املستدامة‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪89‬‬

‫أوالً‪ :‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -1‬إبراهيم عبد اهلل‪ ،‬أنور العجارمة‪ ،‬مبادئ املالية العامة‪ ،‬دار الصفاء للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ -2‬حامد عبد اجمليد دراز‪ ،‬مسرية إبراهيم أيوب‪ ،‬مبادئ املالية العامة‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،2003 ،‬‬
‫‪ -3‬حسين خربوش‪ ،‬حسن البحي‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬الشركة العربية املتحدة‪ ،‬القاهرة‪،2013 ،‬‬
‫‪ -4‬حسني مصطفى حسني‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪،2001 ،‬‬
‫‪ -5‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬أساسيات يف اقتصاد املالية العامة‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪2009 ،‬م‪،‬‬
‫‪ -6‬خدجية األعسر‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪،2016 ،‬‬
‫‪ -7‬رانيا حممود العمارة‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ 1436 ،‬هـ‪ 2015 /‬م‪،‬‬
‫‪ -8‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪،2009 ،‬‬
‫‪ -9‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬الوجيز يف املالية العامة‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪،2000 ،‬‬
‫‪ -10‬طارق احلاج‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬دار صفاء‪ ،‬عمان‪1430 ،‬هـ‪2009/‬م‪،‬‬
‫‪ -11‬عاد حشيش ود‪ ،‬مصطفى رشدي‪ ،‬مقدمة يف االقتصاد العام (املالية العامة)‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪،1998 ،‬‬
‫‪ -12‬عادل أمحد حشيش‪ ،‬أساسيات املالية العامة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت‪،1992 ،‬‬
‫‪ -13‬عاطف صدقي‪ ،‬حممد الرزاز‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.340-337‬‬
‫‪ -14‬عبد الباسط الزبيدي‪ ،‬املالية العامة واملوازنة العامة للدولة والرقابة على تنفيذها‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬اإلسكندرية‪،2015 ،‬‬
‫‪ -15‬عبد الغفور إبراهيم أمحد‪ :‬مبادئ االقتصاد واملالية العامة‪ ،‬دار زهران للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،2009 ،‬‬
‫‪ -16‬عبد املطلب عبد احلميد‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬االسكندرية‪،2005 ،‬‬
‫‪ -17‬حممد طاقة‪ ،‬بدى العزاوي‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬دار املسرية‪ ،‬عمان‪،2010 ،‬‬
‫‪ -18‬حممود حسني الوادي‪ ،‬زكريا أمحد عزام‪ ،‬مبادئ املالية العامة‪ ،‬دار املسرية‪ ،‬عمان‪،2007 ،‬‬
‫‪ -19‬مصطفى حسين مصطفى‪ ،‬اقتصاديات املالية العامة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬القوانني واملراسيم‪:‬‬


‫‪ -1‬القانون رقم ‪ 17-84‬املؤرخ يف ‪ 08‬شوال ‪1414‬هـ املوافق لـ ‪ 07‬جويلية ‪1984‬م واخلاص بقوانني املالية‪،‬‬
‫‪ -2‬القانون رقم ‪ 21-90‬املؤرخ يف ‪ 24‬احملرم ‪1411‬هـ املوافق لـ ‪ 15‬أوت ‪ 1990‬املتعلق باحملاسبة العمومية‪،.‬‬
‫‪ -3‬قانون البلدية‪ ،‬رقم ‪ 08-90‬املؤرخ يف ‪1990-04-07‬م‪،‬‬
‫‪ -4‬قانون الوالية‪ ،‬رقم ‪ 09-90‬املؤرخ يف ‪1990-04-07‬م‪.‬‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪90‬‬

‫‪‬‬
‫‪01‬‬ ‫مقدمــــــــــــــــــة‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل التمهيدي‪ :‬مدخل إىل علم املالية العامة‬
‫‪03‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬مراحل تطور مفهوم املالية العامة‬
‫‪03‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تطور املالية العامة عرب العصور‬
‫‪04‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬تأثري النظام االقتصادي على مفهوم املالية العامة‬
‫‪07‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬خصائص املالية العامة يف الدول النامية‬
‫‪08‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬ماهية املالية العامة‬
‫‪08‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬مفهوم املالية العامة‬
‫‪08‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬مضمون وموضوع املالية العامة‬
‫‪09‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬عناصر املالية العامة‬
‫‪10‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬أهمية املالية العامة يف إطار السياسة االقتصادية للدولة‬
‫‪11‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬أوجه التشابه واالختالف بني املالية العامة واملالية اخلاصة‬
‫‪11‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬أوجه التوافق والتشابه بني املالية العامة واخلاصة‬
‫‪11‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬أوجه االختالف بني املالية العامة واخلاصة‬
‫‪12‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬عالقة علم املالية العامة بالعلوم األخرى‬
‫‪15‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬النفقات العامة‬
‫‪16‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬ماهية النفقات العامة‬
‫‪16‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تطور مفهوم النفقات العامة‬
‫‪16‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬تعريف النفقات العامة وأركانها‬
‫‪18‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬قواعد وضوابط النفقات العامة‬
‫‪20‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬حدود النفقات العامة‬
‫‪22‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬تقسيمات النفقات العامة‬
‫‪22‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬أهمية حتديد تقسيمات النفقات العامة‬
‫‪22‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬التقسيمات العلمية أو املوضوعية للنفقات العامة‬
‫‪27‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬التقسيم الوضعي للنفقات العامة‬
‫‪28‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬آثار النفقات العامة‬
‫‪28‬‬ ‫االقتصادية للنفقات العامة‬ ‫املطلب األول‪ :‬اآلاثر‬
‫‪31‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬اآلاثر االجتماعية للنفقات العامة (اآلاثر التوزيعية)‬
‫‪32‬‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬ظاهر تزايد النفقات العامة‬
‫‪32‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬األسباب الظاهرية لتزايد اإلنفاق العام‬
‫‪33‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬األسباب احلقيقية لزيادة النفقات العامة‬

‫‪2018 2017‬‬
‫‪91‬‬

‫‪35‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬اإليرادات العامة‬


‫‪36‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬ماهية اإليرادات العامة‬
‫‪36‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تعريف اإليرادات العامة‬
‫‪36‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬تقسيمات اإليرادات العامة‬
‫‪37‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬إيرادات املوازنة العامة يف اجلزائر‬
‫‪38‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬مصادر اإليرادات العامة‬
‫‪38‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬الضرائب‬
‫‪49‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬الرسوم‬
‫‪52‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬إيرادات أمالك الدولة (الدومني)‬
‫‪56‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬القروض العامة‬
‫‪63‬‬ ‫املطلب اخلامس‪ :‬اإلصدار النقدي اجلديد‬
‫‪65‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املوازنة العامة‬
‫‪66‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬ماهية املوازنة العامة‬
‫‪66‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬مفهوم املوازنة العامة‬
‫‪68‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬خصائص وطبيعة املوازنة العامة‬
‫‪69‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬أنواع املوازنات العامة والتمييز بينها وبني مسميات مشابهة هلا‬
‫‪73‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬قواعد املوازنة العامة‬
‫‪73‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬قاعدة وحدة املوازنة‬
‫‪74‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬قاعدة سنوية املوازنة‬
‫‪76‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬قاعدة مشول وعمومية املوازنة‬
‫‪77‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬قاعدة توازن املوازنة‬
‫‪79‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬دورة املوازنة العامة للدولة‬
‫‪79‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬مرحلة إعداد وحتضري املوازنة العامة‬
‫‪80‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬اعتماد املوازنة العامة‬
‫‪81‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬تنفيذ املوازنة العامة‬
‫‪84‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬الرقابة على تنفيذ املوازنة العامة‬
‫‪88‬‬ ‫خامتـــــــــــــــــــــة‬
‫‪89‬‬ ‫املراجــــــــــــــــــــع‬
‫‪90‬‬ ‫فهرس احملتـوى‬

‫‪2018 2017‬‬

You might also like