You are on page 1of 7

‫احملاضرة األوىل‪ :‬الدور االقتصادي للدولة ‪ +‬نشأة وتطور علم املالية العامة وعالقته ابلعلوم األخرى‬

‫متهيد‪ :‬يبحث علم املالية العامة يف مجلة النشاطات املالية واالقتصادية للدولة‪ ،‬كما يبحث أيضا يف مجلة املفاهيم واألفكار‬
‫والنظرايت القانونية واملالية اليت تعاجل الكيفية اليت يتم هبا توفري املوارد املالية العامة للدولة‪ ،‬واستخدامها يف اإلنفاق احلكومي‬
‫إلشباع احلاجات العامة‪ ،‬ومن مث استخدام موارد الدولة ونفقاهتا أدوات للسياسة املالية اليت حتقق األهداف االقتصادية‬
‫واالجتماعية والسياسية واملالية والتنموية وغريها من األهداف اليت تسعى إىل حتقيقها اجملتمعات واألمم‪ ،‬لذلك ميكننا القول أن‬
‫علم املال ية العامة يرتبط ارتباطا وثيقا بغريه من العلوم األخرى اليت تساهم يف هنضة اجملتمعات والدول وتعمل على تقدمها‬
‫وتنميتها‪ ،‬كما ميثل جم ــموع احل ــاجات العــام ــة اليت يتطــلب من الدولــة إشبــاعــها حم ــور الن ــشاط امل ــايل واالقتـ ــصادي للدولة‪،‬‬
‫فالنفقات ال عامة واإليرادات العامة واملوازنة العامة تشكل املوضوعات الثالثة الرئيسية حملور النشاط االقتصادي واملايل للدولة‪،‬‬
‫وتكون يف نفس الوقت هي األدوات الرئيسية لرسم وتنفيذ السياسة املالية للدولة‪ ،‬لذلك فإن املوضوعات الثالثة السابقة تشكل‬
‫احملاور الرئيسية لعلم املالية العامة‪.‬‬
‫وعليه سوف نتطرق يف احملاضرة األوىل إىل دور الدولة يف النشاط االقتصادي ونشأة وتطور املالية العامة وعالقتها ابلعلوم األخرى‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الدور االقتصادي للدولة‪ :‬موضوع تدخل الدولة يف احلياة االقتصادية مر بعدة مراحل خمتلفة‪ ،‬تبعا لشكل الدولة‬
‫واإليديولوجية االقتصادية السائدة‪ ،‬حيث كان دور الدولة وتدخلها يف النشاط االقتصادي يزداد من فرتة ألخرى حسب الظروف‬
‫االقتصادية السائدة‪ ،‬ابإلضافة إىل نداءات بعض االقتصاديني بتدخل الدولة يف النشاط االقتصادي‪ ،‬ومع مرور الوقت أصبح هذا‬
‫التدخل ضرورة حتمية من أجل محاية النشاط االقتصادي وزايدة الدخل القومي ‪،‬كما أن غياب هذا الدور يعرض اقتصادايت‬
‫الدول إىل مشاكل عديدة مثل التضخم واالنكماش وعدم االستقرار االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -1‬تطور دور الدولة يف الفكر االقتصادي‪ :‬شهدت العقود املاضية جدال كبريا بني مؤيدي ومعارضي تدخل الدولة يف النشاط‬
‫االقتصادي‪ ،‬لعل أبرزه ما روجته املدرسة االشرتاكية اليت منحت الدولة حق احتكار وإدارة النشاط االقتصادي من خالل‬
‫التخطيط املركزي‪ ،‬بينما تبنت املدرسة االقتصادية الكالسيكية مفهوم الدولة احلارسة‪ ،‬اليت متارس وظيفة تقليدية تقتصر على‬
‫جماالت اخلدمات األساسية من دفاع وأمن وقضاء‪ ،‬مما ترك النشاط االقتصادي لألفراد بصفة جوهرية‪ ،‬إال أن االقتصاد احلر القائم‬
‫على مبدأ" دعه يعمل دعه مير" ما لبث أن مر ابلعديد من األزمات االقتصادية الواحدة تلوى األخرى لتهتز ثوابته والركائز اليت‬
‫قام عليها مع أحدث األزمات اليت واجهها‪ ،‬واليت متثلت يف األزمة االقتصادية العاملية‪ ،‬ومن هنا عاد اجلدل مرة أخرى حول عودة‬
‫الدولة إىل ثوهبا التدخلي ولكن بشكل رقايب ومنظم ومتحكم يف آليات السوق اليت فشلت يف تصحيح نفسها بنفسها‪ ،‬بسبب‬
‫أتثري الفكر ا القتصادي الكينزي الذي تبىن مفهوم تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي‪ ،‬حيث حدث حتول يف دور الدولة من‬
‫الدولة احلارسة ليشمل كذلك جماالت إمنائية يتسع فيها النشاط االقتصادي إعتمادا على االنفاق احلكومي كأداة للتدخل لرفع‬
‫مستوى الطلب الفعال‪ ،‬ومتثل الدافع وراء هذا التدخل يف احلفاظ على استقرار األسعار والنمو االقتصادي والتشغيل الكامل‬
‫للموارد‪.‬‬
‫‪ -2‬التكامل بني دور الدولة وآليات السوق‪ :‬أدرك العديد من االقتصاديني طبيعة العالقات املتشابكة بني الدور الذي تقوم به‬
‫الدولة وبني آليات السوق‪ ،‬فكلما كانت هناك مظاهر لفشل السوق حتتم تدخل الدولة‪ ،‬فإن هناك مظاهر لفشل احلكومات ما‬
‫يستدعي أن تلعب قوى وآليات السوق دورا حموراي‪ ،‬ويقر االقتصادي ستيجلينز صاحب جائزة نوبل يف االقتصاد أن األصل يف‬
‫العالقة هو التكامل واملشاركة وليس التنافس‪ ،‬ويكمن التحدي احلقيقي يف إجياد التوازن املعقول بني دور الدولة قي مقابل آليات‬
‫السوق وبني النشاط احلكومي وغري احلكومي‪ ،‬وأصبحت القضية األساسية تكمن يف كيفية ممارسة الدولة دورا اقتصاداي أكثر‬
‫فعالية مبا حيقق أهداف التنمية االقتصادية واالجتماعية املنشودة أاي كان حجم هذا الدور ومستواه ونوعيته‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫احملاضرة األوىل‪ :‬الدور االقتصادي للدولة ‪ +‬نشأة وتطور علم املالية العامة وعالقته ابلعلوم األخرى‬

‫‪ -3‬حجج أنصار التدخل احلكومي‪ :‬يقدم أنصار تدخل الدولة جمموعة من احلجج أمهها‪:‬‬
‫‪ -‬عجز السوق عن إصدار اإلشارات السعرية املالئمة‪ :‬عندما تكون هناك أاثر خارجية للمشروعات‪ ،‬حيث ال تعكس األسعار‬
‫يف هذه احلالة التكلفة احلقيقية اليت يتحملها اجملتمع نتيجة استخدام املوارد‪ ،‬ونفس األمر يف حالة االحتكار حيث ال تعكس‬
‫األسعار الندرة الفعلية للموارد‪.‬‬
‫‪ -‬عجز السوق عن حتريك املوارد من استخدام آلخر بسبب عدم قدرته الدائمة على تزويد املتعاملني ابملعلومات الكافية عن‬
‫التوزيع احلايل للموارد من جهة‪ ،‬ولعدم قدرهتم أحياان على استغالل هذه املعلومات سواء العتبارات تقنية أو العتبارات هلا عالقة‬
‫ابلتكاليف‪.‬‬
‫‪ -‬عدم توفر بعض األسواق بشكل كايف يف الدول النامية‪ ،‬مع ضعف العالقة القائمة بني خمتلف األسواق‪ ،‬وحمدودية طبقة‬
‫رجال األعمال‪.‬‬
‫‪ -‬املرض اهلولندي‪ :‬تركز نظرية املرض اهلولندي على إعادة ختصيص عوامل اإلنتاج والذي حيدث استجابة لصدمة اجيابية‬
‫بسبب اكتشاف مورد ما أو ارتفاع سعره يف األسواق الدولية‪ ،‬مثلما هو احلال يف الدول النفطية‪.‬‬
‫‪ -4‬حجج معارضي التدخل احلكومي‪ :‬واليت تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪-‬يؤدي إلغاء أسعار السوق إىل إلغاء الدور االقتصادي للسعر‪ ،‬مبا جيعله عاجزا عن عكس الندرة والتكلفة؛‬
‫‪-‬يكون نشاط املؤسسة غري مراع الحتياجات السوق‪ ،‬وإمنا يعمل على تلبية احتياجات خاصة ابلسياسيني واليت قد تكون‬
‫ألغراض انتخابية؛‬
‫‪-‬ال تتحدد نتائج املؤسسات على أساس نشاطها الفعلي يف السوق‪ ،‬حبيث أن بقاءها واستمرارها رهني القرارات اإلدارية البعيدة‬
‫عن الرشد االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -5‬اجملاالت اجلديدة لتدخل الدولة يف ظل العوملة‪ :‬أفرزت العوملة وضعا جديدا يف العالقات االقتصادية الدولية‪،‬بشكل‬
‫تراجعت فيه السيادة القومية للدول‪ ،‬وانتقال مراكز القرار االقتصادي إىل مستوايت فوقية وزايدة االندماج بني املؤسسات الكربى‪،‬‬
‫مما أدى إىل التحول يف وظائف الدولة ابالستغناء عن بعض الوظائف‪ ،‬وهذا ما فتح اجملال لظهور وظائف جديدة‪ ،‬لعل أبرزها‪:‬‬
‫‪ -‬حماربة الفقر والتخفيف من حدته؛‬
‫‪ -‬حماربة الفساد االقتصادي؛‬
‫‪ -‬محاية املستهلك؛‬
‫‪ -‬االهتمام بتوفري األموال الالزمة للتكفل ابلبحث العلمي األساسي؛‬
‫‪ -‬محاية البيئة‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬نشأة وتطور علم املالية العامة وعالقته ابلعلوم األخرى‪ :‬دراسة علم املالية العامة يقتضي من الباحث اإلملام مبفاهيم‬
‫أساسية تكون ضرورية لفهم املوضوعات املطروحة يف هذا اجملال‪ ،‬فمن الضروري لفهم أي علم من العلوم حتديد مضمونه وطبيعته‬
‫ونطاقه‪ ،‬فإذا كان علم املالية العامة يدرس املشاكل املتعلقة بتوجيه املواد وختصيصها إلشباع احلاجات العامة‪ ،‬فإنه يرتبط ابلنظام‬
‫املايل العام الذي يتكون من أجزاء معينة مرتابطة‪ ،‬ولذلك البد لنا من حتديد مفهومه وتطوره وموضوعه ووظائفه وارتباطاته ابلعلوم‬
‫األخرى‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫احملاضرة األوىل‪ :‬الدور االقتصادي للدولة ‪ +‬نشأة وتطور علم املالية العامة وعالقته ابلعلوم األخرى‬

‫‪ -1‬نشأة وتطور علم املالية العامة‪ :‬نشأت املالية العامة وتطورت كعلم منذ ظهور الدولة احلديثة‪ ,‬حيث أصبح املال العام‬
‫الوسيلة الفعالة للسلطة لتطبيق سياساهتا العامة كقيام الدولة أبي نشاط من األنشطة‪ ,‬فتنفيذ أي قرار من القرارات يتطلب صرف‬
‫نفقات وجباية إيرادات‪ ,‬لذلك كان ال بد للسلطة السياسية وضع القواعد الالزمة لتأمني اإليرادات وصرف النفقات‪ ،‬إال أن مالية‬
‫الدولة مل تستقر على نفس الوضع الذي اختذته منذ نشأهتا وإمنا تطورت بتطور األفكار والنظم االقتصادية‪ ,‬فاملالية العامة تعكس‬
‫تطور دور الدولة االقتصادي واالجتماعي طبقا للفلسفة اليت حتكمها وتبعا لذلك مرت املالية العامة مبا يلي‪:‬‬
‫‪ -1-1‬يف النظام الرأمسايل‪ :‬مرت املالية العامة يف ظل النظام الرأمسايل مبرحلتني‪:‬‬
‫املرحلة األوىل‪ :‬املالية التقليدية (احليادية)‪ :‬كانت املالية العامة يف هذه املرحلة انعكاسا للفكر االقتصادي الكالسيكي‪ ,‬إذ‬
‫كانت مهام الدولة حمصورة يف تقدمي اخلدم ات العامة األساسية مثل الدفاع واألمن والقضاء فضال عن بعض اخلدمات العامة‬
‫األخرى اليت ال يقدمها القطاع اخلاص بسبب حمدودية أرابحها‪ ,‬أو أهنا حتتاج إىل مدة زمنية طويلة لكي تعطي عائدا‪ ,‬أو بسبب‬
‫رغبة الدولة يف تقدمي خدمات معينة تعتقد أهنا أساسية مثل التعليم‪ ,‬أو رغبة الدولة يف منع االحتكار يف سوق بعض اخلدمات‬
‫من قبل القطاع اخلاص‪ ,‬ومن أهم األفكار اليت كانت سائدة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬سيادة مبدأ احلرية االقتصادية‬
‫‪ -‬جيب أن تكون النفقات العامة أبقل قدر ممكن‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تكون املوازنة العامة متوازنة‪.‬‬
‫‪ -‬يرتتب على توازن املوازنة العامة أن يكون أتثريها حياداي على االقتصاد‪.‬‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬املالية العامة احلديثة (املتدخلة)‪ :‬بدأت هذه املرحلة على إثر اهنيار كثري من مسلمات الفكر االقتصادي‬
‫الكالسيكي بعد أزمة الكساد العظيم اليت اجتاحت االقتصادايت الرأمسالية املتقدمة عام ‪ 1929‬وحتديدا بعد نشر االقتصادي‬
‫اإلجنليزي جون مينارد كينز كتابه(النظرية العامة يف االستخدام والفائدة والنقود)عام ‪ ,1936‬ومن أهم االختالالت اليت ظهرت‬
‫عدم عودة االقتصاد القومي إىل حالة االستخدام التام بعد تعرضه ألزمة البطالة‪ ,‬مما أوجب تدخل الدولة ملعاجلة هذا الوضع‪ ,‬ومع‬
‫عجز السياسات ال نقدية واالئتمانية برز دور السياسة املالية‪ ,‬حيث دعا كينز إىل التخلي عن الكثري من األفكار املالية التقليدية‬
‫ومنها عدم االلتزام مببدأ توازن املوازنة‪ ,‬فعلى الدولة يف أوقات الكساد أن تزيد من نفقاهتا لتعوض النقص احلاصل يف الطلب‬
‫الكلي الفعال‪ ,‬ويتم ذلك من خالل تنف يذ سياسة األشغال العامة ومتويلها من خالل اإلصدار النقدي اجلديد والغرض من ذلك‬
‫هو زايدة القوة الشرائية اليت ترفع الطلب الكلي مما ميكن من تشغيل عوامل اإلنتاج العاطلة‪ ,‬ويف فرتات التضخم على الدولة أن‬
‫تزيد من إيراداهتا وتقلل من نفقاهتا لكي تقلل من الطلب الكلي‪.‬‬
‫‪-2-1‬يف النظام االشرتاكي‪ :‬يف االقتصادايت االشرتاكية اليت أتخذ مببدأ امللكية العامة لوسائل اإلنتاج فإن املالية العامة تضطلع‬
‫بدور أوسع نطاقا تبعا التساع نطاق القطاع العام واضطالع أجهزة الدولة ابجلانب األكرب من النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫ويهدف النظام املايل يف ظل االشرتاكية إىل تنفيذ اخلطة االقتصادية واالجتماعية اليت تضعها الدولة وترتتب على ذلك نتائج من‬
‫الناحية املالية لعلى أمهها‪:‬‬
‫‪ -‬إن هدف النظام املايل أصبح هو حماولة حتقيق عدد من األهداف وحتقيق توافق بني هذه األهداف‪ ,‬وهي هدف التوازن املايل‬
‫وهدف إحداث التوازن االقتصادي وهدف إحداث التوازن االجتماعي وهدف إحداث التوازن العام‪.‬‬
‫‪-‬أصبح املبدأ السائد يف جمال املالية العامة للدولة‪ ,‬هو الربط الكامل بني التخطيط املايل للدولة والتخطيط االقتصادي الشامل‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫احملاضرة األوىل‪ :‬الدور االقتصادي للدولة ‪ +‬نشأة وتطور علم املالية العامة وعالقته ابلعلوم األخرى‬
‫‪-‬أصبحت مالية الدولة هتدف إىل حتقيق متويل اخلطة القومية وضمان تنفيذها وذلك عن طريق إحكام الرقابة على الوحدات‬
‫اإلنتاجية املختلفة للدولة ابستخدام الوسائل املالية‪.‬‬
‫‪ -2‬مفهوم املالية العامة‪ :‬املالية العامة تعين دراسة املشاكل املتعلقة ابحلاجات العامة وختصيص املال الالزم إلشباعها‪ ,‬لذلك فإن‬
‫تعريف وحتديد نطاق احلاجات العامة من األمهية مبكان لتحديد نطاق النشاط املايل للدولة يف سبيل إشباع احلاجات العامة‪.‬‬
‫‪ -‬ويعرف علم املالية العامة أنه العلم الذي يبحث يف نشاط الدولة عندما تستخدم الوسائل املالية لتحقيق أهدافها السياسية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫أما اصطالحا فيقوم مصطلح املالية العامة على كل متني‪ :‬إحدامها املالية وتعين الذمة املالية مبا فيها من جانبني إجيايب‬
‫وسليب‪ :‬فاجلانب اإلجيايب الدائن ويتمثل يف اإليرادات العامة للدولة ‪ ،‬واجلانب السليب املدين ويتمثل يف النفقات العامة اليت‬
‫يتوجب على الدولة صرفها ووصف هذه املالية أبهنا عامة وليست خاصة يعين أبهنا ختص مالية اإلدارات والسلطات العامة‪ ,‬أي‬
‫األشخاص املعنوية العامة القائمة واملوجودة ابلدولة‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬احلاجات العامة واحلاجات اخلاصة‪ :‬يعد تعريف وحتديد احلاجات العامة ضرورة أساسية يتحدد على أساسها نطاق‬
‫النشاط املايل يف حماولة إشباع هذه احلاجات‪ ,‬كما أنه يِؤدي إىل بيان األوجه اليت ختتلف فيها طبيعة النشاط العام عن أوجه‬
‫النشاط اخلاص وطبيعته‪ ,‬وابلتايل يقودان ذلك إىل التمييز بني ما يعرف ابملالية العامة واملالية اخلاصة‪ ,‬فمن املعلوم أن احملرك‬
‫الرئيسي للنشاط االقتصادي هو إشباع احلاجات املادية لألفراد‪ ,‬وأن إنتاج السلع واخلدمات هو وسيلة حتقيق ذلك‪ ,‬وميكن أن‬
‫تقسم هذه احلاجات من حيث طريقة إشباعها إىل قسمني‪ :‬احلاجات العامة واحلاجات اخلاصة‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم احلاجات‪ :‬هي كل األشياء الواجب القيام هبا من أجل تلبية رغبات األفراد سواء كانت أشياء ضرورية لبقائه على قيد‬
‫احلياة أو غري ضرورية لذلك‪ ,‬فاحلاجات الضرورية تسمى احلاجات العادية أما الثانية فهي حاجات اجتماعية‪ ,‬وترجع أسباب‬
‫نشأة وتطور احلاجات إىل عدة عوامل منها‪:‬‬
‫‪ -‬طبيعة اإلنسان الفطرية كاألكل واللباس ‪...‬‬
‫‪ -‬العوامل اخلارجية واملكتسبة‪.‬‬
‫‪ -‬عامل أثر احملاكاة أو التقليد‪.‬‬
‫فاحلاجات اخلاصة ه ي اليت يقوم هبا الفرد أي يقع عبؤها عليه‪ ،‬أما احلاجات العامة فهي احلاجات اليت يشرتك فيها مجيع أفراد‬
‫اجملتمع وهنا تقوم هبا الدولة عن طريق أموال اخلزينة العامة واليستطيع الفرد أن يقوم هبا وحده رمبا حلجمها أو لضخامة مبالغها‬
‫مثل األمن والدفاع‪.‬‬
‫فحاجات اإلنسان تتميز مبجموعة من اخلصائص‪ :‬فهي حاجات متجددة ومتعددة وحاجات غري منتهية فعلى الرغم من‬
‫أن نطاق احلاجات العامة يف جمتمع معني هي مسألة سياسية واقتصادية معا‪ ,‬ولكن هناك اعتبارات اقتصادية تربر ظهور احلاجات‬
‫العامة أمهها تقسيم احلاجات إىل قسمني‪:‬األول‪ :‬احلاجات غري القابلة للتجزئة‪ ,‬وهي احلاجات اليت ال ميكن جتزئة كل من العرض‬
‫والطلب عليها‪ ,‬وابلتايل ال ميكن ترك إشباعها للقطاع اخلاص ألن إشباعها ال يتوقف على دفع الثمن ‪،‬كما يصعب استبعاد أحد‬
‫أفراد اجملتمع يف االستفادة منها سواء ساهم يف متويلها أم ال‪ ,‬ولذلك البد على الدولة أن تقوم إبشباع تلك احلاجات‪ ،‬أما الثاين‬
‫هو احلاجات القابلة للتجزئة‪ ,‬أي اليت ميكن جتزئة كل من الطلب والعرض عليها وابلتايل ميكن حتديد مثن هلا وهذه احلاجات هي‬
‫ابألصل حاجات خاصة يقوم إبشباعها القطاع اخلاص‪ ,‬ولكن ميكن للدولة أن تتدخل يف إشباعها‪ ,‬ونطاق هذا التدخل يف هذا‬

‫‪4‬‬
‫احملاضرة األوىل‪ :‬الدور االقتصادي للدولة ‪ +‬نشأة وتطور علم املالية العامة وعالقته ابلعلوم األخرى‬
‫النوع من احلاجات يتوقف على طبيعة الفلسفة السياسية واالقتصادية واالجتماعية اليت تقوم عليها الدولة‪ ،‬كما أن هناك شروط‬
‫جيب توفرها يف احلاجة حىت تصبح حاجة عامة وهي‪:‬‬
‫‪ -‬جيب أن تتصف احلاجة العامة بعمومية الطلب والعرض عليها وابلتايل عدم قابليتها للتجزئة‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تتوىل الدولة إشباع احلاجة العامة عن طريق املوازنة العامة عندما يفشل جهاز السوق يف إشباعها كليا أو جزئيا‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تتحقق يف احلاجة العامة شروط املنفعة العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬معايري التمييز بني احلاجات العامة واحلاجات اخلاصة‪ :‬تتعدد املعايري املستخدمة يف التمييز بني احلاجات العامة واحلاجات‬
‫اخلاصة واليت نوردها فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬معيار جهة اإلشباع‪ :‬ينطلق أنصار هذا املعيار من خالل النظر إىل جهة إشباع احلاجة‪ ,‬فإذا كانت جهة اإلشباع الفرد أو‬
‫مؤسسة خاصة يتم تصنيف احلاجة ضمن احلاجات اخلاصة أما إذا كانت جهة اإلشباع هي الدولة أو إحدى هيئاهتا العامة‬
‫فيمكن وصفها أبهنا حاجة‪.‬‬
‫ب‪ -‬املعيار االقتصادي (الكلفة واملنفعة)‪ :‬يرى أنصار هذا املعيار أن احلاجة عندما يتم إشباعها ختضع ملبدأ أقل تكلفة وأعلى‬
‫منفعة أي أن الفرد يقوم مبمارسة سلوك تعظيم املنفعة وتقليل الكلفة‪ ,‬يف حني أن احلاجات العامة ال ختضع يف ممارسة إشباعها‬
‫هلذا املبدأ‪.‬‬
‫ت‪ -‬معيار اإلحساس ابحلاجة‪ :‬فاحلاجة تكون خاصة إذا كان من حيس هبا هو أحد األفراد وتكون عامة إذا كانت اجلماعة هي‬
‫اليت تشعر هبا‪ ,‬وهذا يعين أن احلاجة اخلاصة هي احلاجة الفردية أما احلاجة العامة فهي احلاجة اجلماعية‪.‬‬
‫ث‪ -‬املعيار التارخيي‪ :‬ويعتمد هذا املعيار يف التمييز بني احلاجات على وظيفة الدولة التقليدية‪ ,‬فتعترب مبوجبه احلاجة عامة كل‬
‫حاجة تدخل يف نطاق هذا الدور للدولة وهي الدفاع واألمن والعدالة‪ ,‬أما ماعدا ذلك فهي حاجات خاصة‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬املالية العامة واملالية اخلاصة‪ :‬يقصد ابملالية العامة مالية القطاع احلكومي‪ ,‬أما املالية اخلاصة يقصد هبا مالية األفراد‬
‫واملشروعات الفردية والشركات أبنواعها‪ ,‬وميكن القول أنه يف الوقت الذي حيدد فيه الفرد مقدار ما يستطيع إنفاقه‪ ,‬فإن السلطات‬
‫العامة هي اليت حتدد مقدار ما جيب أن حتصل عليه من دخل أو إيراد‪ ,‬فالدولة هلا القدرة على تكييف إيراداهتا وفقا لنفقاهتا‬
‫العامة‪ ,‬ويرجع ذل ك إىل أن دخل الفرد حمدود بينما الدولة فال حدود لسلطاهنا يف فرض الضرائب و إصدار القروض وزايدة‬
‫مواردها بشىت الوسائل‪ .‬وعليه ختتلف مالية الدولة عن مالية األفراد واهليئات اخلاصة من حيث أهدافها أساليبها وتنظيمها‪:‬‬
‫أ‪ -‬من حيث اهلدف‪ :‬خيتلف هدف مالية الدولة (املالية العامة) عن هدف املالية اخلاصة اختالفا جوهراي‪ ,‬إذ أن األوىل هتدف‬
‫لتحقيق الصاحل العام بينما هتدف الثانية إىل حتقيق الصاحل اخلاص‪ ,‬فاألفراد يهدفون من إنفاق أمواهلم إىل إشباع حاجاهتم اخلاصة‪,‬‬
‫يف حني أن الدولة هتدف من إنفاق أمواهلا إىل إشباع احلاجات اجلماعية ألفراد الشعب‪.‬‬
‫ب‪ -‬من حيث األساليب‪ :‬تتمتع الدولة يف تدبري شؤوهنا املالية بسلطات واسعة ال يتمتع هبا األفراد أو اهليئات اخلاصة‪ ,‬نظرا ملا‬
‫للدولة من سلطان على املواطنني وسيادة أراضيها‪.‬ويتمثل هذا السلطان الذي متلكه الدولة ابلنسبة لتدبري إيراداهتا يف حقها يف‬
‫فرض الضرائب على املقيمني على أرضها‪..‬‬
‫ج‪ -‬من حيث التنظيم‪ :‬يقضي واجب احليطة على األفراد واهليئات اخلاصة بتقدير إيراداهتم أوال مث بعد ذلك ينفقون يف حدود‬
‫هذه اإليرادات‪ ,‬أما ابلنسبة للدولة فيمكن أن حتدد أوال ما جيب أن تنفقه من أموال إلشباع احلاجات اجلماعية وحتقيق الرفاهية‬
‫للمواطن ني‪ ,‬مث تبحث بعد ذلك عن تدبري املوارد الالزمة لتغطية هذه النفقات‪ ,‬ويرجع السبب يف هذا االختالف إىل أن الدولة‬

‫‪5‬‬
‫احملاضرة األوىل‪ :‬الدور االقتصادي للدولة ‪ +‬نشأة وتطور علم املالية العامة وعالقته ابلعلوم األخرى‬
‫ميكنها مباهلا من سيادة أن تزيد من مواردها بفرض ضرائب جديدة أو زايدة الضرائب املوجودة‪ ,‬يف حني أن األفراد أو اهليئات‬
‫اخلاصة مقيدون مبا حيصلون عليه من دخول‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬وظائف املالية العامة‪ :‬تقاس كفاءة األداء املايل العام مبستوى قدرته على حتقيق جمموعة من الوظائف وإجنازها واملتمثلة يف‬
‫وظيفة التخصيص‪ ,‬وظيفة التوزيع ووظيفة االستقرار‪ ,‬وميكن توضيح حمتوى هذه الوظائف كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬وظيفة التخصيص‪ :‬أي يف إطار ختصيص املوارد تسعى املالية العامة إىل حصر املوارد وختصيصها إلشباع احلاجات العامة‪,‬‬
‫ففي ضوء فلسفة الدولة ونظامها السياسي القائم تتقرر احلاجات العامة ويتم متييزها عن احلاجات اخلاصة‪ ,‬ويبقى على الدولة‬
‫احلصول على العناصر اإلنتاجية املطلوبة (العمل‪ ,‬األ موال) وحتديد مواردها وختصيصها إلشباع هذه احلاجات أي أن وظيفة‬
‫التخصيص تتجسد يف عملية حصر املوارد املالية املتاحة وختصيصها إلشباع احلاجات العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬وظيفة التوزيع‪ :‬وتشمل هذه الوظيفة مايلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬إعادة توزيع الدخل‪ :‬ويقصد به كيفية توزيع جممل الدخل القومي أو الناتج القومي اإلمجايل بني عناصر اإلنتاج أو القطاعات‬
‫االقتصادية املكونة هلذا الدخل‪ ,‬ويكون الدخل موزعا توزيعا عادال عندما يتقارب أو يتساوى مع متوسط الدخل الشخصي‪ ,‬أو‬
‫أن تكون الفجوة بني الدخل املتحصل عليه ومتوسط الدخل الشخصي صغرية جدا‪.‬‬
‫وحتقق وظيفة إعادة توزيع الدخل أهداف مالية مهمة تتمثل يف‪:‬‬
‫‪-‬العدالة واملساواة يف الدخل املتاح لألفراد‪.‬‬
‫‪-‬زايدة النفع العام‪ ,‬ألن النقود اإلضافية أتيت مبنفعة أكرب لذوي الدخل احملدود‪.‬‬
‫‪-‬إعادة توزيع الدخل يؤدي إىل زايدة اإلنفاق االستهالكي‪ ,‬وهذا يولد زايدة يف الطلب على العمالة‪ ,‬أي رفع مستوى التشغيل‪.‬‬
‫‪-‬توزيع العبء الضرييب على أفراد اجملتمع‪..‬‬
‫ب‪ -‬إعادة توزيع الثروة‪ :‬وهي عملية تقليص وختفيف حدة الفوارق االقتصادية واالجتماعية وصوال إىل العدالة االجتماعية‬
‫واالستقرار السياسي‪ ,‬وتستخدم املالية العامة أدواهتا لتحقيق هذه الوظيفة سواء كانت على مستوى الثروة اخلاصة‪ ,‬ابستخدام‬
‫الضرائب التصاعدية‪ ,‬أو مستوى الثروة العامة‪ ,‬ابستخدام أحسن الوسائل جلمع وحتصيل اإليرادات العامة لتمويل ومواجهة‬
‫اإلنفاق العام من أجل خلق التوازن الطبقي بني أفراد اجملتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬وظيفة االستقرار االقتصادي‪ :‬عادة ما جتد الدولة نفسها ملزمة مبمارسة وظيفة حتقيق االستقرار واملتمثلة بتحقيق التوازن‬
‫بني مستوى البطالة ومعدل التضخ م والتوازن يف امليزانية العامة‪ ,‬ويتاح للدولة مناهج متعددة لتحقيق االستقرار وفق الفلسفة‬
‫االقتصادية واالجتماعية اليت يستند إليها النظام السياسي‪.‬وأاي كانت هذه الفلسفة أو املنهج املستخدم فإن الدولة ختضع ملا يعرف‬
‫ابالستجاابت الذاتية ملواجهة هذه االختالالت‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬عالقة املالية العامة ابلعلوم األخرى‪ :‬تعترب العالقة بني علم املالية العامة وابقي العلوم االجتماعية عالقة وثيقة كانت‬
‫سببا يف نشوئه وتطوره‪ ,‬لكن أصول املالية العامة وقواعدها العلمية والعملية مل تلبث أن ترسخت‪ ,‬وأصبح علما مستقال بذاته له‬
‫طبيعته اخلاصة اليت تبدو معقدة بسبب تشابكه مبوضوعات قانونية واقتصادية وسياسية وهذا ما جيعله يف نفس الوقت علما مرتبطا‬
‫بكثري من العلوم‪.‬‬
‫‪ -1‬عالقة علم املالية العامة بعلم القانون‪ :‬إن العالقة بني املالية العامة والقانون عالقة وثيقة ويتبلور مضمون هذه العالقة من‬
‫خالل معرفة أن القانون هو األداة التنظيمية اليت يلجأ إليها املشرع لوضع القواعد العامة امللزمة يف شىت اجملاالت‪ ,‬ومنها امليدان‬
‫املايل‪ ,‬لذلك أتخذ مجيع عناصر املالية العامة شكل قواعد قانونية‪ :‬دستور‪ ,‬قانون‪ ,‬نظام‪ ,‬تعليمات‪ ،‬لذلك يتطلب األمر املاما‬
‫‪6‬‬
‫احملاضرة األوىل‪ :‬الدور االقتصادي للدولة ‪ +‬نشأة وتطور علم املالية العامة وعالقته ابلعلوم األخرى‬
‫ابلقانون لفهم طبيعة القواعد فهما سليما‪ ،‬فللقانون دور هام يف تنظيم العالقة املالية بني الدولة واألفراد السيما وأن املال تتعلق به‬
‫نفس الفرد‪ ,‬فالبد وأن يكون هناك قانون بواسطته ميكن للفرد أن يتنازل عن جزء من ماله للمسامهة يف األعباء العامة للدولة‪.‬‬
‫‪ -2‬عالقة علم املالية العامة بعلم االقتصاد‪ :‬الشك أن علم املالية العامة شديد الصلة بعلم االقتصاد‪ ,‬وهو أقرب العلوم إليه‪,‬‬
‫ومل أتخذ هذه العالقة إطارها الصحيح إال بعد األزمة االقتصادية العاملية يف القرن املاضي وتظهر هذه الصلة من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬املالية العامة للدولة هي جزء من اقتصادها وهي فرع من فروع علم االقتصاد‪.‬‬
‫‪ -‬يعتمد علم املالية العامة على الكثري من أدوات التحليل االقتصادي اجلزئي والكلي يف دراسة وتطوير الدراسات املالية‪.‬‬
‫‪ -‬هناك عالقة أتثري متبــادل بني الظواهر امل ــالية والظواهر االقتص ــادية‪ ,‬فاألوضاع االقتصــادية تتأثر ابألوض ــاع املالية‪ ,‬وكذلك‬
‫األوضاع املالية يف أتثر دائم ابألوضاع االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -3‬عالقة علم املالية العامة بعلم السياسة‪ :‬تعد عالقة أتثري متبادل‪ ,‬فالنظام املايل يعكس اجتاهات النظام السياسي‪ ,‬كما أن‬
‫هذا النظام يستخدم النظام املايل أبدواته يف حتقيق أهدافه‪ ,‬كما أن الوضع املايل يؤثر يف النظام السياسي كما ونوعا وحيدد اجتاهاته‬
‫املالية واالجتماعية والتنموية‪.‬‬
‫‪ -4‬عالقة علم املالية العامة بعلم االجتماع‪ :‬إن العالقة بني علم املالية العامة وعلم االجتماع‪ ,‬عالقة قوية واضحة فهناك أتثري‬
‫متبادل بينهما‪ ,‬فمن املعروف أن الكميات أو املتغريات املالية‪ ,‬اإليرادات العامة والنفقات العامة حتدث أاثرا اجتماعية‪ ,‬وذلك‬
‫حني تؤثر اإلجراءات والسياسات املالية على طبقات اجملتمع‪ ,‬فالضريبة التصاعدية هتدف إىل التقليل من الفوارق بني الطبقات‪,‬‬
‫كما يقر التشريع الضرييب منح املمولني خصومات مقابل األعباء العائلية بقدر حالة الشخص االجتماعية‪ ,‬وخصومات أخرى‬
‫لضمان حد أدىن للمعيشة‪ ,‬كما يساهم اإلنفاق العام يف تقدمي الدعم واإلعاانت للطبقات الفقرية‪ ,‬ويف إنشاء املرافق العامة‪ ,‬وهتيئة‬
‫البنية األساسية لتشجيع االستثمار وزايدة الدخول‪.‬‬
‫‪ -5‬عالقة علم املالية العامة وعلم اإلحصاء‪ :‬إن علم اإلحصاء علم قدمي‪ ,‬وهو يف الوقت نفسه‪ ,‬علم متكامل متطور مع كل‬
‫ما هو جديد‪ ,‬فهو يتضمن األسلوب العلمي الضروري لتقصي حقائق الظواهر واستخالص النتائج منها‪ ,‬ويتضمن النظرية الالزمة‬
‫لقياس واختاذ القرار‪ ,‬يف امليادين االقتصادية واالجتمـ ــاعية والسي ــاسية والعسكري ــة كافة‪ ,‬وهو بذلك يعطي الدارسني أدق أداة‬
‫للبحث العلمي املبين على األسلوب والنظرية‪ ,‬ومل تعد الدراسات االقتصادية واالجتماعية تكتفي مبجرد دراسة الظواهر وحتديد‬
‫األسباب‪ ,‬واستخالص النتائج واختاذ القرارات بطريقة سطحية جمردة‪ ,‬بعيدة عن أسلوب اإلقناع والتقدير والقياس بل لقد أصبح‬
‫االجتاه العام‪ ,‬يف مثل هذه الدراسات هو استخدام طرق اإلحصاء الكمية ووسائل اإلقناع اإلحصائية‪ ,‬وذلك لتحديد اخلصائص‬
‫وإبراز التوجهات العامة يف الظواهر االقتصادية واالجتماعية وحتليل العالقات املتبادلة بني الظواهر على أساس موضوعي غري‬
‫متحيز‪.‬‬

‫‪7‬‬

You might also like