You are on page 1of 133

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة الجزائر‪3‬‬
‫كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‬
‫قسم العلوم التجارية‬

‫محاضرات في المالية العامة‬

‫مطبوعة موجهة لطلبة السنة الثانية ‪LMD‬‬


‫)جميع التخصصات(‬

‫اعداد األستاذة‪ :‬عزوز عائشة‬

‫السنة الجامعية ‪2020_2019‬‬


‫تقديم‪:‬‬

‫هذه المطبوعة هي مجموعة محاضرات خاصة بمقياس المالية العامة وهي موجهة لطلبة السنة الثانية‬
‫ل‪ .‬م‪ .‬د في العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬وكل طالب يرغب في فهم القضايا المتعلقة‬
‫بالمالية العامة التى تسمح له بفهم االقتصاد المعاصر‪.‬‬
‫تكمن أهمية هذه المطبوعة في كونها تسلط الضوء على جانب مهم من النشاط المالي للدولة أال وهو‬
‫المالية العامة‪ ،‬التي تعتبر المرآة العاكسة لحالة االقتصاد وظروفه وللحالة السياسية وظروفها‪ ،‬ويكفي‬
‫للتدليل على ذلك أن نقف على الدور الذي تلعبه العناصر الثالثة الرئيسية لمحور النشاط االقتصادي‬
‫والمالي للدولة (نفقات عامة‪ ،‬إيرادات عامة وميزانية عامة) في الحياة االقتصادية‪ ،‬لذلك حاولنا من خالل‬
‫هذا العمل دراسة هذه الجوانب بشيء من التفصيل‪.‬‬
‫الصفحة‬ ‫مقدمة‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬
‫‪02‬‬ ‫أوال‪ :‬نشأة وتطور المالية العامة‬
‫‪03‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تعريف المالية العامة‬
‫‪04‬‬ ‫ثالثا‪ :‬وظائف المالية العامة‬
‫‪05‬‬ ‫رابعا‪ :‬المالية العامة والمالية الخاصة‬
‫‪07‬‬ ‫خامسا‪ :‬عالقة المالية العامة بالعلوم األخرى‬
‫‪12‬‬ ‫سادسا‪ :‬المالية العامة في النظم االقتصادية المختلفة‬
‫‪16‬‬ ‫سابعا‪ :‬خصائص المالية العامة‬
‫‪18‬‬ ‫أسئلة للتقويم‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬
‫‪20‬‬ ‫أوال‪ :‬تعريف وعناصر النفقة العامة‬
‫‪21‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تقسيم النفقات العامة‬
‫‪25‬‬ ‫ثالثا‪ :‬محددات وحدود االنفاق العام‬
‫‪29‬‬ ‫رابعا‪ :‬ظاهرة تزايد النفقات العامة‬
‫‪34‬‬ ‫خامسا‪ :‬األثار االقتصادية للنفقات العامة‬
‫‪39‬‬ ‫سادسا‪ :‬تطور النفقات العامة في الجزائر‬
‫‪42‬‬ ‫أسئلة للتقويم‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬
‫‪44‬‬ ‫أوال‪ :‬ايرادات أمالك الدولة( الدومين)‬
‫‪46‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الرسوم‬
‫‪50‬‬ ‫ثالثا‪ :‬االيرادات من الضرائب‬
‫‪59‬‬ ‫رابعا‪ :‬األثار االقتصادية للضريبة‬
‫‪61‬‬ ‫خامسا‪ :‬االصدار النقدي الجديد‬
‫‪62‬‬ ‫سادسا‪ :‬القروض العامة‬
‫‪67‬‬ ‫سابعا ‪ :‬تطور االيرادات العامة في الجزائر‬
‫‪70‬‬ ‫أسئلة للتقويم‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬
‫‪72‬‬ ‫أوال‪ :‬مفاهيم أساسية حول الميزانية العامة‬
‫‪75‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مبادئ وقواعد الميزانية العامة‬
‫‪78‬‬ ‫ثالثا‪ :‬اعداد الميزانية العامة واعتمادها‬
‫‪80‬‬ ‫رابعا‪ :‬تنفيذ الميزانية العامة‬
‫‪83‬‬ ‫خامسا‪ :‬الرقابة على الميزانية العامة‬
‫‪84‬‬ ‫أسئلة للتقويم‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬
‫‪86‬‬ ‫أوال‪ :‬تعريف الرقابة المالية‬
‫‪88‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أهمية وأهداف الرقابة المالية وخصائصها‬
‫‪92‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أنواع الرقابة المالية‬
‫‪97‬‬ ‫رابعا‪ :‬مراحل عملية الرقابة المالية‬
‫‪98‬‬ ‫خامسا‪ :‬أساليب تنفيذ الرقابة المالية‬
‫‪99‬‬ ‫سادسا‪ :‬مستلزمات تنفيذ الرقابة المالية‬
‫‪102‬‬ ‫سابعا‪ :‬أساليب تنفيذ الرقابة المالية على النفقات العمومية‬
‫‪111‬‬ ‫أسئلة للتقويم‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬
‫‪113‬‬ ‫أوال‪ :‬مفهوم التهرب والغش الضريبي‬
‫‪117‬‬ ‫ثانيا‪ :‬دوافع التهرب الضريبي‬
‫‪119‬‬ ‫ثالثا‪ :‬آثار التهرب الضريبي‬
‫‪123‬‬ ‫أسئلة للتقويم‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬ ‫الرقم‬
‫‪41‬‬ ‫هيكل نفقات التجهيز‬ ‫‪1‬‬
‫‪67‬‬ ‫تطور هيكل االيرادات الضريبية‬ ‫‪2‬‬
‫‪68‬‬ ‫تطور هيكل الضرائب على المداخيل واألرباح‬ ‫‪3‬‬
‫‪68‬‬ ‫تطور هيكل الضرائب على السلع والخدمات‬ ‫‪4‬‬

‫الصفحة‬ ‫العنوان‬ ‫الرقم‬


‫‪68‬‬ ‫هيكل ايرادات الميزانية‬ ‫‪1‬‬
‫عموميات حول املالية العامة‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫تواجه املجتمعات كافة ما يعرف باملشكلة االقتصادية بصرف النظر عن طبيعة النظام االقتصادي‬
‫واالجتماعي السائد فيها‪ ،‬وأن اختالف األنظمة االقتصادية ال يعتمد على أساس وجود املشكلة‬
‫االقتصادية من عدمها‪ ،‬ولكن بكيفية معالجة هذه املشكلة‪ ،‬حيث أن املشكلة االقتصادية تنجم عن‬
‫حقيقتين أساسيتين هما‪ :‬الحاجات املتعددة غير املحدودة واملتطورة‪ ،‬املوارد املحدودة من جانب أخر‪.‬‬
‫لذلك فان مشكلة املالية العامة وهي تخصيص املوارد وتوجيهها لإلشباع الحاجات العامة جزء ال يتجزأ‬
‫من املشكلة االقتصادية أو بمعنى أخر هي مظهر من مظاهر املشكلة االقتصادية‪ ،‬اال وهي تحقيق‬
‫أحسن استخدام للموارد النادرة لتحقيق واشباع الحاجة العامة‪ ،‬للذلك تعتبر املالية العامة جزءا من‬
‫الدراسة االقتصادية ومن ثم تخضع ألدوات ومبادئ التحليل االقتصادي‪.‬‬
‫يتطلب لدراسة أي علم تحديد طبيعته ونطاقه وتطوره وعالقاته بالعلوم األخرى‪ ،‬فبغير ذلك سيكون‬
‫فهم املوضوع والتعمق فيه واالحاطة بجوانبه غاية في الصعوبة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬نشأة وتطور املالية العامة‬
‫لم يكن علم املالية معروفا عند القدماء بشكل مستقل وهذا ال يعني أنه لم تكن في تلك األزمنة‬
‫املاضية أنظمة مالية قائمة على بعض املبادئ والقواعد‪ ،‬حيث ظهرت القضايا املالية ومبادئ الجباية‬
‫واالنفاق مع ظهور الدولة وقد خصصت بعض مؤلفات أرسطو و أفالطون فقرات مطولة ملالية الدولة‬
‫واملبادئ الت ى يجب أن تقوم عليها‪ ،‬أما بالنسبة للعرب فلم يكن لديهم بالطبع نظام مالي في حياتهم‬
‫القبلية البدائية‪ ،‬اال أنهم بعد االسالم استمدو بعض األساليب املالية من هذا الدين الحنيف وكذا‬
‫من األنظمة املالية للدول التى فتحوها فتم تأسيس بيت مال املسلمين وذلك على عهد الخليفة الراشد‬
‫" عمر بن الخطاب" فكان يسجل الوارد اليه والصادر منه‪ ،‬لكن مالية الدولة في عهد األمويين‬
‫والعباسيين لم تكن منفصلة عن مالية الخليفة كما كان عليه األمر في البلدان األوروبية في القرون‬
‫الوسطى بالنسبة للملوك واألمراء‪.‬‬
‫ويجدر أن نذكر هنا أثرا هاما في املبادئ املالية عند املسلمين هو "كتاب الخراج" للقاض ي أبي يوسف‬
‫يعقوب بن ابراهيم األنصاري الذي وضعه بناءا على طلب الخليفة هارون الرشيد في تنظيم الخراج‬
‫وغيره من املوارد املالية لبيت مال املسلمين وتحديد االنفاق بما يتوافق مع الكتاب والسنة والزمن‪.‬‬
‫اال أن علم املالية لم يأخذ شكله الحالي‪ ،‬اال في الثلث األول من القرن التاسع عشر ميالدي حيث كانت‬
‫قضايا املالية وقضايا الضرائب تعالج قبل ذلك بصورة عامة في كتابات اقتصادية وقانونية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫وأول الباحثين في قواعد علم املالية العامة بحثا علميا العالم الفرنس ي "بودان" (‪ )Bodin‬في عام ‪1576‬‬
‫ثم نمت هذه األبحاث في القرن السابع عشر ميالدي فظهرت عدة مؤلفات في قواعد الجباية وفي‬
‫مختلف أنواع الضرائب وأسس تطبيقها‪ ،‬وفي القرن الثامن عشر ميالدي ظهر في أوروبا كتاب‬
‫" روح القوانين" للمؤلف" مونتسيكيو" (‪ )Montesquieu‬محتويا على قواعد واضحة لألوضاع‬
‫السياسية واملالية ونظام الضرائب وفي القرن الثامن عشر ميالدي وفي سنة ‪ 1776‬نشر االقتصادي‬
‫االنجليزي كتابه املشهور" ثروة األمم" الذي وضح فيه قواعد علمية صريحة ملختلف الضرائب‪ ،‬ثم‬
‫جاءت الثورة الفرنسية فقلبت القضايا املالية رأسا على عقب‪.‬‬
‫وكانت فاتحة عصر جديد في التشريع املالي‪ ،‬ومع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين‬
‫امل يالدي أصب علم املالية العامة مستقال‪ ،‬له مؤلفيه‪ ،‬منظريه وقواعده الخاصة به وتقاليده وصار‬
‫‪1‬‬
‫يأخذ بعين االعتبار في بحوثه األبعاد الثالثة‪ :‬السياسية‪ ،‬االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫وهكذا تطور علم املالية العامة تبعا للتطور الدولة وطبيعتها ووظيفتها وقد حصل التطور في ذلك‬
‫خصوصا خالل السنوات التى تلت الحرب العاملية األولى وخاصة عقب الكساد الكبير الذي حدث‬
‫نتيجة أزمة‪. 1931-1929‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف املالية العامة‬
‫تعرف املالية العامة قديما بأنها‪ " :‬ذلك العلم الذي يبحث في ايرادات ومصروفات الدولة دون تحقيق‬
‫‪2‬‬
‫أي أهداف من جراء ذلك‪".‬‬
‫ولكن مع تطور املجتمعات وما واكبه من تطور اقتصادي أصبحت املالية العامة أحد أهم املواضيع‬
‫التى سيطرت على الفكر االقتصادي‪ ،‬فجأت نظرية كينز في النقود والفائدة والعمالة‪ ،‬لتكون حجر‬
‫األساس في بناء مفاهيم جديدة للمالية العامة فأصبحت الحكومة تكيف مستوى االنفاق العام‬
‫لتحقيق أهداف التنمية االقتصادية واالستقرار االقتصادي والعدالة االجتماعية وزيادة مستوي‬
‫املعيشة‪ ،‬فأصبحت املالية العامة ال تهتم فقط بجباية األموال وانفاقها بل تكييف مستوى النفقات‬
‫العامة وااليرادات العامة للرقابة على النشاط االقتصادي‪ ،‬و فيمايلي سرد للبعض التعاريف الحديثة‬
‫للمالية العامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪،‬ط‪،3‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪،2008،‬ص(‪.)32-31‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق الحاج‪ "،‬المالية العامة"‪،‬ط‪ ،1‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،2009،‬ص‪.18‬‬
‫‪3‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫التعريف األول‪ " :‬هو ذلك العلم الذي يتخصص في دراسة كيفية تنظيم النفقات وااليرادات العامة‬
‫وامليزانية العامة‪ ،‬بحيث تعمل على تحقيق األهداف االقتصادية واالجتماعية املستوحات من‬
‫‪1‬‬
‫الفلسفة التى تبنتها الدولة‪".‬‬
‫التعريف الثاني‪ " :‬هو علم يبحث في نشاط الدولة باستخدام الوسائل املالية من نفقات ورسوم‬
‫وضرائب وقروض ووسائل نقدية وميزانية وغيرها لتحقيق األهداف السياسية واالقتصادية‬
‫‪2‬‬
‫واالجتماعية‪".‬‬
‫من خالل التعاريف السابقة نستنتج‪:‬‬
‫‪ -‬املالية العامة علم قائم بذاته‪.‬‬
‫‪ -‬املالية العامة تهتم باإليرادات العامة والنفقات العامة‪.‬‬
‫‪ -‬املالية العامة تبحث عن الوسائل الضرورية للتحقيق األهداف السياسية واالقتصادية و االجتماعية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬وظائف املالية العامة‬
‫‪3‬‬
‫تكمن وظائف املالية العامة فيمايلي‪:‬‬
‫‪ -‬اعادة توزيع الدخل القومي بشكل يحقق العدالة العامة والتوازن االجتماعي من خالل تنفيذ خطط‬
‫السياسات االقتصادية وتشجيع االستثمار من خالل توفير الجيش واألمان والحياة الكريمة لجميع‬
‫املواطنين‪.‬‬
‫‪ -‬توفير الرفاهية للدولة وزيادة ايراداتها‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق االستقرار االقتصادي ومحاربة املشكالت االقتصادية ومن أهمها محاربة الفقر والبطالة‪.‬‬
‫‪ -‬توفير عدالة اجتماعية لغايات خدمة املجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬التطوير والتنمية الشاملة حيث تسعى الى تحقيق أهداف مختلفة في مختلف الجوانب املادية‬
‫واملعنوية‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم الحكومات بمجموعة من الوظائف األساسية تشتمل في التخطيط والتنظيم والتوظيف‬
‫والتوجيه والتنسيق والرقابة واالتصال واملوازنة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مصطفى الفار‪ "،‬االدارة المالية العامة"‪،‬ط‪،1‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن ‪،2008،‬ص‪.8‬‬
‫‪2‬‬
‫أبو منصف‪ "،‬مدخل للتنظيم االداري والمالية العامة"‪ ،‬دار المحمدية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬بدون سنة نشر‪،‬ص‪.81‬‬
‫‪3‬‬
‫نفس المرج أعاله‪ ،‬ص(‪.)9-8‬‬
‫‪4‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫رابعا‪ :‬املالية العامة واملالية اخلاصة‬


‫ترتبط املالية العامة بالدولة فهي كما ذكرنا تعالج أموال الدولة من حيث االيرادات والنفقات ضمن‬
‫موازنة الدولة املرتبطة بأهداف مختلفة‪.‬‬
‫أما املالية الخاصة فترتبط باألفراد واملشاريع الفردية‪ ،‬والشركات وتعرف بأنها‪ ":‬ذلك العلم الذي يبحث‬
‫في االيرادات والنفقات املتعلقة بالقطاع الخاص ضمن اطار امليزانية العمومية بهدف تحقيق الرب ‪".‬‬
‫ان املالية العامة يمكن أن تتشابه مع املالية الخاصة في بعض الجوانب كما أنها يمكن أن تختلف عنها‬
‫وذلك نتيجة االختالف في طبيعة الدولة ودورها‪ ،‬وسلطتها والوسائل التى يمكن أن تعتمدها‪ ،‬عن‬
‫طبيعة الجهات الخاصة ودورها وسلطتها ووسائلها‪.‬‬
‫‪ -1‬أوجه التشابه بني املالية العامة و املالية اخلاصة‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫توجد العديد من أوجه التشابه بين املالية العامة واملالية الخاصة والتى من أهمها مايلي‪:‬‬
‫‪ -‬أن هدف كل من املالية العامة واملالية الخاصة هو تحقيق احتياجات بشرية أو انسانية‪ ،‬اال أن هذه‬
‫االحتياجات البشرية أو االنسانية تكون عامة‪ ،‬أي اجتماعية في حالة املالية العامة‪ ،‬وتكون خاصة في‬
‫حالة املالية الخاصة‪.‬‬
‫‪ -‬أن كل منهما يقوم بتسجيل معامالته وعملياته‪ ،‬ومسك سجالت واتباع طرق وإجراءات محاسبية‬
‫ورقابية لضمان توثيقها‪ ،‬والتأكد من دقتها وحماية لها من سوء التصرف‪ ،‬سواء اتصل األمر باألموال‬
‫العامة‪ ،‬أو األموال الخاصة وبالذات التي تعود لجهات خاصة منظمة‪.‬‬
‫‪ -‬أن كل من املالية العامة واملالية الخاصة تقوم أساسا باالستناد الى مبدأ العقالنية أو الرشد‬
‫االقتصادي‪ ،‬والذي يعني كالهما يفترض ويستهدف تحقيق أقص ى نفع أو مصلحة ممكنة بأقل قدر من‬
‫التكاليف‪ ،‬رغم أن املنفعة والتكاليف هذه في املالية العامة هي اجتماعية‪ ،‬وهي خاصة في املالية‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫‪ -‬أن املالية العامة وكذلك املالية الخاصة تتحقق من خاللهما ايرادات ونفقات‪ ،‬وأنهما يحاوالن قدر‬
‫االمكان تحقيق التوازن بين االيرادات والنفقات وحسب كل حالة وما تقتضيه بخصوص هذه‬
‫االيرادات والنفقات وتوازنهما‪.‬‬
‫‪ -‬عندما تكون النفقات أكبر من االيرادات في كل من املالية العامة واملالية الخاصة يتم اللجوء في كل‬
‫منهما الى االقتراض لسد الفجوة التى تمثلها الزيادة في نفقات أي منهما على ايراداته‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فليح حسن خلف‪" ،‬المالية العامة"‪،‬ط‪،1‬عالم الكتب الحديث‪،‬األردن‪،2008،‬ص(‪.)18-17‬‬

‫‪5‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫‪ -‬أن كل من املالية العامة واملالية الخاصة تعمل على تدبير املوارد واتخاذ الوسائل التى يتم بموجبها‬
‫تسديد القروض التى تترتب عليها‪ ،‬والتى تتمثل بأعباء خدمة هذه القروض‪ ،‬وهي أقساط السداد‬
‫وفوائد القروض‪.‬‬
‫‪ -‬وأخيرا وهو األهم هو أن كل من املالية العامة واملالية الخاصة تواجه املشكلة االقتصادية والتى‬
‫تفرض االختيار االقتصادي بين اشباع وتلبية الحاجات التى هي في الغالب غير محدودة‪ ،‬واملوارد التى‬
‫هي عادة محدودة‪ ،‬وبغض النظر عن كون هذه الحاجات واملوارد ذات طبيعة عامة كما هو عليه‬
‫الحال في املالية العامة‪ ،‬أو ذات طبيعة خاصة كما هو عليه في املالية الخاصة‪.‬‬
‫‪ -2‬أوجه االختالف بني املالية العامة و املالية اخلاصة‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫تختلف املالية العامة عن املالية الخاصة من حيث‪:‬‬
‫‪ -‬الهدف‪ :‬ان الفرد يقوم بتوزيع انفاقه على مختلف السلع والخدمات بحيث تتساوى املنافع الحدية‬
‫إلنفاقه املختلفة رغبة في مضاعفة اشباعه الكلي من وحدات دخله‪.‬‬
‫وأن السلطات العامة تحاول أن توزع انفاقها بحيث تتساوى املنافع الحدية بالنسبة للمجتمع من‬
‫جراء انفاقها على مختلف املرافق العامة‪.‬‬
‫ولكن املعيار الذي تتبعه الدولة هو من أجل تحقيق الرفاهية العامة ومنفعة املجتمع حيث تتوخى‬
‫الدولة في نشاطها املالي تحقيق املصلحة العامة‪ ،‬لذا فانها قد تقدم على القيام ببعض املشروعات رغم‬
‫علمها مقدما أن االيرادات الناتجة عنها لن تسم بتحقيق األرباح‪ ،‬حيث أنها تقدم على ذلك تحقيقا‬
‫العتبارات أخرى ذات طبيعة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية‪.‬‬
‫‪ -‬األسلوب‪ :‬كما تختلف املالية الخاصة عن املالية العامة من حيث األسلوب املتبع في احداث املوازنة‬
‫بين النفقات وااليرادات‪ ،‬اذ يحدد دخل الفرد مقدار ما يستطيع انفاقه‪ ،‬بينما انفاق السلطات العامة‬
‫هو الذي يحدد مقدار ما يجب أن تحصل عليه من ايراد‪ ،‬وان االختالف في كيفية وأسلوب احداث‬
‫املوازنة بين نوعي املالية يعود أساسا الى أن الدخل الفردي( املالية الخاصة) محدود املصادر في‬
‫املعتاد‪ ،‬بخالف دخل الدولة (املالية العامة) حيث تتمتع الدولة بسلطات مالية ونقدية واسعة بل أنها‬
‫تتفوق أساسا على املقدرة املالية القومية‪.‬‬
‫‪ -‬وسائل الحصول على االيرادات‪ :‬حيث أن الوسائل املتبعة في الحصول على االيرادات ملقابلة النفقات‬
‫تختلف في النشاط الخاص عنها في النشاط العام‪ ،‬فاملشروعات الخاصة تحصل على ايرادها بطريقة‬

‫‪1‬‬
‫محمد طاقة‪ ،‬هدي العزاوي‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪،‬ط‪،2‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬األردن‪،2010،‬ص(‪.)17-16‬‬
‫‪6‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫اختيارية وعن طريق الجهد املبذول أو بيع منتجاتها‪ ،‬لكن الدولة تتمتع بمقدرة واسعة بما تفرضه من‬
‫ضرائب واصدار القروض وزيادة ايراداتها بشتى الوسائل بما لها من سلطات مالية ونقدية واسعة‬
‫‪،‬وفي هذا الصدد البد من االشارة الى أن الدولة وبالرغم مما تتمتع به من مرونة ال تستطيع أن تزيد‬
‫ايراداتها الى ما النهاية‪ ،‬فهناك جملة قيود على الدولة مراعاتها في ذلك‪ ،‬فهي ال تستطيع أن تزيد من‬
‫الضرائب دون مراعاة الطاقة الضريبية وحالة االقتصاد القومي‪ ،‬وان اللجوء الى القروض داخلية‬
‫كانت أم خارجية يرتبط بقدرة الجهاز االنتاجي على تسديد القروض ووجود ظروف سياسية‬
‫واقتصادية مناسبة تحفز على االكتتاب بتلك القروض‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬عالقة املالية العامة بالعلوم األخرى‬
‫تعد العلوم املالية من العلوم االجتماعية‪ ،‬لذا ال نستطيع أن نفصله عن العلوم األخرى‪ ،‬فهو مرتبط بها‬
‫ومن أهم هذه العلوم‪:‬‬
‫‪ -1‬علم االقتصاد‪:‬‬
‫يعرف االقتصادي الفرنس ي" جون باتيست ساي" علم االقتصاد بأنه ‪ ":‬ذلك العلم الذي يدرس انتاج‪،‬‬
‫تقسيم توزيع واستهالك الثروات في املجتمع" بينما يذهب نيوكالسيك الى تعريفه بأنه‪ ":‬العلم الذي يدرس‬
‫‪1‬‬
‫من وتوزيع املوارد النادرة بين الحاجات النهائية البديلة"‪.‬‬
‫ان للمالية العامة والتشريع املالي عالقة باالقتصاد‪ ،‬وهي عالقة قديمة ووثيقة جدا‪ ،‬فعالقة املالية العامة‬
‫باالقتصاد هي عالقة الجزء بالكل يؤثر ويتأثر كل منهما باألخر وذلك عن طريق استخدام االيرادات‬
‫والنفقات العامة كأدوات مهمة للتأثير باالقتصاد‪ ،‬فالظاهرة املالية هي في حقيقتها ظاهرة اقتصادية ففي‬
‫الكثير من األزمات االقتصادية كالتضخم واالنكماش يمكن للضرائب أو للنفقات أن يكون لها دور مشهود‬
‫ومؤثر في التخفيف منها‪ ،‬كذلك تشكل السياسة املالية والسياسة االقتصادية معا وحدة واحدة وال يقوم‬
‫بينهما تعارض‪ ،‬بل ان بينهما وحدة الهدف في تحقيق استقرار وتوازن االقتصادي شامل والتخلص من‬
‫األزمات االقتصادية‪ ،‬و نتيجة لالرتباط املتبادل والوثيق بين املالية العامة وعلم االقتصاد فقد ازداد‬
‫االهتمام بدراسة الجوانب االقتصادية للمالية العامة‪ ،‬كما توسع االهتمام أيضا بدراسة أثار مفردات‬
‫‪2‬‬
‫املالية العامة من نفقات وايرادات في االقتصاد القومي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ahmed Silem ,Jean-Marie Albertini, « Lexique d’économie »,Dalloz,1999,p225 .‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬يسري أبو العال‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2003،‬ص‪.15‬‬
‫‪7‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫‪-2‬علم االحصاء‪:‬‬
‫يقصد باإلحصاء" من جهة مجموعة املعطيات العددية التى تخص قطاعا معينا‪-‬احصائيات انتاج‬
‫السيارات مثال‪ -‬ومن جهة اخرى نشاط جمع‪ ،‬معالجة وترجمة هذه املعطيات"‪. 1‬‬
‫ال يخلو علم من العلوم اال ويستخدم االحصاء في التحليل والقياس الستنباط النتائج الرقمية‪ ،‬فالتحليل‬
‫املنطقي للظواهر املختلفة ومنها املالية ال يكفي وحده للوصول الى نتائج منطقية بل باإلمكان استخدام‬
‫‪2‬‬
‫النظريات االحصائية املختلفة للوصول الى نتائج أكثر دقة ومنطقية‪.‬‬
‫ان علم االحصاء يقدم للباحثين صورة واضحة املعالم و الزوايا لكافة الظواهر املالية التى يعبر عنها ويقوم‬
‫بترجمتها وتجسيدها في صورة أرقام وبيانات واحصائيات‪ ،‬والشك أن دراسة االحصائيات هي التى تمثل‬
‫األساس الضروري للقيام بالتنبؤات املالية من تقدير للنفقات املستقبلة و اإليرادات املتوقعة‪ ،‬فضال عن‬
‫أهميتها القصوى في تحقيق الرقابة على األجهزة املالية املختلفة‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ ،‬يعتبر علم االحصاء من العلوم املساعدة لعلم املالية العامة والتى ال يمكن االستغناء عنها في‬
‫رسم السياسة املالية للدولة‪ ،‬اذ يتطلب اعدادها توفر البيانات واملعطيات االحصائية الخاصة بالدخل‬
‫الوطني وتوزيع الثروة والدخول بين شرائ املجتمع‪ ،‬وعدد السكان وتوزيعهم من حيث السن واملناطق‬
‫الجغرافية املختلفة ومستوى ميزان املدفوعات‪ ،‬ومدى االقبال على استهالك بعض السلع والخدمات وغير‬
‫ذلك من األمور الالزمة لتقرير السياسة املالية التى يجب اتباعها في ظل ظروف معينة ولتحقيق أهداف‬
‫‪3‬‬
‫محددة مسبقا‪.‬‬
‫‪-3‬علم القانون‪:‬‬
‫املعروف أن القانون مجموعة من القواعد العامة املنظمة لسلوكات أفراد مجتمع معين‪ ،‬على النحو الذي‬
‫يفيد العامة ويقلل من التناقضات واختالف املصالح‪ ،‬وتحملهم السلطة العامة مسؤولية االنصياغ لهذه‬
‫‪4‬‬
‫القواعد‪ ،‬واحترامها وتسليط الجزاء على من يخالفها‪.‬‬
‫من خالل اطالعنا على اهتمامات كال العلمين نستخلص أن القانون ينظم السياسة املالية العامة‬
‫باعتبارها سلوك مجتمع‪ ،‬فمثال يتدخل القانون في تحديد النفقات العامة وااليرادات العامة ضمن قانون‬
‫املالية‪ ،‬وفي هذا السياق جاء دستور‪ 1996‬بقواعد وأحكام تتعلق باملالية العامة كما هو وارد خاصة‬
‫باملواد‪.170،160،123،122،121،64،21،20،18،17 :‬‬
‫‪1‬‬
‫» ‪Claude-Danièle ECHAUDEMAISON - sous la direction- : « Dictionnaire d’ économie et de sciences sociales‬‬
‫‪,Nathan édition,1998,p417 .‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق الحاج‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪..24‬‬
‫‪3‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.41‬‬
‫‪4‬‬
‫أبو منصف‪ "،‬مدخل للتنظيم االداري والمالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.82‬‬
‫‪8‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫كما يتدخل القانون كذلك في تحديد كيفية حساب الضريبة‪ ،‬وأسلوب انفاقها و الجزاءات املترتبة على من‬
‫يتهرب من املساهمة في االعباء العامة للدولة‪ ،‬وفي الجزائر صدر قانون للضرائب بموجب األمر‪101-76‬‬
‫املؤرخ في ‪ 1976-09-12‬املتعلق بالضرائب املباشرة والرسوم املماثلة واألمر رقم‪ 103/76‬املؤرخ في ‪-12-09‬‬
‫‪ 1976‬املتعلق بالطابع‪.‬‬
‫كما صدرت قوانين عديدة تنظم املالية العامة‪ ،‬لعل أهمها‪ :‬القانون رقم‪ 17-84‬املؤرخ في ‪1984/7/7‬‬
‫واملتعلق بقوانين املالية‪ ،‬الذي يشكل القانون العضوي االطاري للمالية العامة بالجزائر‪ ،‬طبقا للمادة ‪123‬‬
‫‪1‬‬
‫من الدستور‪.‬‬
‫‪-4‬علم السياسة‪:‬‬
‫يوجد هناك أكثر من تعريف لعلم السياسة فالبعض يعرفه بفن صناعة املمكن‪ ،‬وهو يبحث في نظام‬
‫الحكم والعالقات املتبادلة ما بين أجهزة السلطة بعضها مع بعض وما بينها وبين االفراد ولكي تمارس‬
‫سلطات الحكم عملها بحاجة الى مصادر أموال وانفاق واملالية العامة تبحث في نفقات وايرادات سلطات‬
‫الدولة وأجهزتها املختلفة‪ ،‬ان طبيعة نظام الحكم سواء أكان ديمقراطي أم استبدادي يؤثر على املالية‬
‫العامة فاألنظمة الديمقراطية تتوخى العدالة في جباية املال العام وتحرص أن يلبي االنفاق العام الحاجات‬
‫العامة وهذا ينعكس ايجابيا على العالقة ما بين نظام الحكم واألفراد‪ ،‬أما األنظمة االستبدادية التى تجبى‬
‫املال دون وجه حق وتنفقه لتلبية الحاجات الخاصة‪.‬‬
‫فاملالية العامة تؤثر على وضع الدولة السياي ي فأية مغاالة في فرض الضرائب أو الرسوم قد يؤدي الى‬
‫ثورات داخلية كذلك فان عدم انفاق األموال العامة لخدمة الصالح العام يؤدي الى نفس النتيجة وفي‬
‫بعض الحاالت التى تلجأ فيها الدولة الى االقتراض من الخارج قد يؤدي الى فقدان استقاللها السياي ي‪ ،‬وفي‬
‫حالة اعداد املوازنة العامة فان بنودها تعكس التوجه السياي ي لعمل الحكومة املستقبلي فوجود‬
‫مؤشرات في بنود املوازنة العامة لزيادة التسلح أو لزيادة االنفاق على التعليم يدل على أن الحكومة‬
‫سياساتها اما نحو الحرب أو نحو التعليم‪ ،‬وفي جميع األنظمة الديمقراطية يتم مناقشات في املجالس‬
‫النيابية حول بنود املوازنة العامة النابعة من خلفيات سياسية فإقرار املوازنة العامة أو رفضها من قبل‬
‫هذه املجالس هو بحد ذاته عمل سياي ي‪ ،‬مما سبق نالحظ أن العالقة ما بين علم السياسة واملالية العامة‬
‫‪2‬‬
‫هي تبادلية ويرتبط كل منها باألخر فيؤثر ويتأثر به‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬يسري أبو العال‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)16-15‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق الحاج‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.22‬‬
‫‪9‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫‪-5‬علم االجتماع‪:‬‬
‫لالطالع على العالقة القائمة بين العلمين يتطلب معرفة موضوع علم االجتماع‪ ،‬هذا األخير هو ذلك العلم‬
‫الذي يدرس الظواهر االجتماعية من سلوكات وأفعال وتصرفات‪ ،‬ويحاول فهمها وتحليلها وتفسيرها‪،‬‬
‫كدراسة عادات وتقاليد مجتمع معين‪ ،‬وأفات اجتماعية كظاهرة االنتحار‪ ،‬الطالق‪ ،‬االختالس‪ ،‬للمالية‬
‫العامة دور مؤثر على مداخيل املجتمع وتحقيق عدالة اجتماعية والتخفيف من حدة البطالة والرفع من‬
‫القدرة الشرائية من خالل اعادة توزيع الثروة واالستعانة باملعدالت الضريبية ومجاالت االنفاق‪.‬‬
‫و أخيرا نقول أن السياسة املالية والنظام املالي لهما تأثير مباشر على الصحة االجتماعية‪ ،‬اضافة الى‬
‫مرسمي السياسة املالية يأخذون بعين االعتبار تصرفات املجتمع املراد تطبيق هذه السياسات‪ ،‬فعند‬
‫اعداد قانون املالية للدولة يراعي فيه‪ :‬القدرة الشرائية‪ ،‬معدالت البطالة‪ ،‬عادات وتقاليد املجتمع( مدى‬
‫‪1‬‬
‫تقبله لضرائب جديدة ‪ ،‬التهرب الجبائي)‪ ،‬العالقة ذات تأثير متبادل‪.‬‬
‫‪ -6‬علم السكان‪:‬‬
‫والعالقة هنا أيضا وطيدة حيث من املعروف أن علم السكان يهتم باقتصاديات السكان وتوزيعهم‬
‫وخصائصهم املختلفة من حيث الجنس والنوع ومستوى األعمال وكيفية الوصول الى الحجم األمثل‬
‫للسكان وهو معدل النمو السكاني الذي يتناسب مع معدل النمو االقتصادي املنشود‪.‬‬
‫وعلم اقتصاديات املالية له عالقة وطيدة بالكثير من هذه الجوانب حيث يالحظ على سبيل املثال أن أوجه‬
‫االنفاق العام لها عالقة مؤثرة بهذه املجاالت فنجد أن االنفاق العام يختلف حسب توزيع السكان من‬
‫حيث مستوى األعمار أو املستوى العمري فاذا ارتفعت نسبة الشيخوخة الى اجمالي السكان فان ذلك‬
‫يعني ضرورة بناء املستشفيات ودور العناية وبيوت للمسنين‪ ،‬وعلى العكس من ذلك اذا كانت نسبة‬
‫األطفال عالية مجموع السكان فيصب من الضروري بناء دور الحضانة واملدارس واملعاهد وتوفير الغذاء‬
‫املدعم والحليب وااللبان وغيرها وهكذا‪ ،‬وعموما معظم مؤشرات تقرير التنمية البشرية الصادر عن‬
‫‪2‬‬
‫األمم املتحدة تشير بقوة الى تلك العالقة بين علم املالية العامة وعلم اقتصاديات السكان‪.‬‬
‫‪ -7‬علم احملاسبة‪:‬‬
‫تعرف املحاسبة على أنها‪ ":‬تقنية قياس تقوم بمالحظة تسجيل وتخزين نشاط عون اقتصادي‪ ،‬خاص أو‬
‫عام أو األمة ككل‪ ،‬وهي موجهة للقيام بدور أداة للمعلومات للعون نفسه أو الجمهور وهذا بهدف االنصياع‬
‫لواجب قانوني أو جبائي أو للقيام بعمليات تحليل التسيير والتقدير"‬

‫‪1‬‬
‫أبو منصف‪ "،‬مدخل للتنظيم االداري والمالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.83‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪" ،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪،2005،‬ص(‪.)21-20‬‬
‫‪10‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫و تعني املحاسبة كذلك مجمل الدفاتر والوثائق املحاسبية ملؤسسة أو لتاجر ويمكننا أن نفرق بين ثالثة‬
‫فئات كبرى ملادة املحاسبة‪ :‬املحاسبة الخاصة‪ ،‬املحاسبة العمومية واملحاسبة الوطنية‪.‬‬
‫فاملحاسبة الخاصة هي عبارة عن مجموعة من التقنيات التى تتكون من املحاسبة العامة( ميزانية‬
‫وحسابات النتائج)‪ ،‬أما املحاسبة العمومية فاملعنى الواسع له‪ ":‬هي مجموعة القواعد املحددة لواجبات‬
‫ومسؤوليات االدارات أو األمرين بالدفع واملحاسبين في تنفيذ القرارات املالية ومالحظة وتتبع عمليات‬
‫الدولة والجماعات املحلية األخرى‪ ،‬بينما املحاسبة الوطنية أو املحاسبة االقتصادية أو حساب األمة‪ ،‬فهي‬
‫عبارة عن نظام محاسبي اقتصادي كلي يسم برسم صورة كمية بسيطة للعالقات والروابط بين مختلف‬
‫التدفقات املتعلقة بنشاط مختلف أعوان االقتصاد الوطني والعالقات التى يكونها مع باقي العالم‪.‬‬
‫منكل هذه التعاريف يمكننا اكتشاف رابطة وثيقة بين املالية العامة واملحاسبة اذ أن العديد من مسائل‬
‫املالية العامة‪ ،‬وخاصة الضرائب‪ ،‬تستلزم املعرفة واالملام بأصول املراجعة وتقنياتها من اهتالكات وجرد و‬
‫مؤونات وانجاز الحسابات الختامية‪.‬‬
‫وللمالية العامة ارتباط هام باملحاسبة الوطنية بل تشكل ركنا أساسيا من أركانها خاصة فيما يتعلق‬
‫بالنفقات العامة االجمالية منها والصافية‪ ،‬كما أنه مطلوب االملام باملعارف املحاسبية خاصة املحاسبة‬
‫الوطنية في اعداد امليزانية العامة للدولة وتنفيذها والرقابة عليها حيث أنه كلما زاد تدخل الدولة في‬
‫النشاط االقتصادي كلما ازدادت الصلة بين املالية العامة واملحاسبة‪ ،‬اذ يتطلب ذلك نشر ميزانيات‬
‫تجارية ملشاريع الدولة الى جانب البيانات املالية الخاصة بها والواردة في ميزانية الدولة أو امليزانيات‬
‫‪1‬‬
‫املستقلة أو امليزانيات امللحقة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬املالية العامة يف النظم االقتصادية املختلفة‬
‫إن الدولة في صورتها الحالية هي نتيجة تطور تاريخي طويل تميزت كل مرحلة من مراحلها بأهداف معينة‬
‫تتفق ومصالح املجتمع ‪ ،‬ويعتبر تغير االنظمة االقتصادية محرك هذا التطور‪ ،‬وإذا أردنا أن نفهم املالية‬
‫العامة وجب دراسة هذه االنظمة على أساس قوانين التطور االقتصادي للمجتمع وعلى أساس الوظائف‬
‫التي تضطلع بها الدولة داخل نظام اقتصادي واجتماعي معينين‪ ،‬وإذا تتبعنا تطور وظائف الدولة وأهدافها‬
‫‪ ،‬ألقينا الضوء على تطور مفهوم املالية العامة ‪ ،‬اذا ان جوهر وغرض املالية يختلفان في انواع املجتمعات‬
‫املختلفة مادامت توجد اختالفات بين عالقات االنتاج الكامنة وقوانين تطور املجتمع‪ ،‬فنشاط الدولة املالي‬
‫إلشباع الحاجات العامة رهين بدورها في الحياة االقتصادية والذي يتحدد بدوره بتفاعل العوامل‬
‫السياسية واالقتصادية وبمرحلة التطور الذي يمر بها املجتمع‪ ،‬ونتيجة للتغيرات الجذرية التي حدثت عبر‬

‫‪1‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)47-46‬‬
‫‪11‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫التطور التاريخي ملختلف املجتمعات‪ ،‬في اساليب االنتاج االجتماعي ‪ ،‬وفي أسس توزيع الدخل القومي ‪ ،‬أدت‬
‫الى تغيرات جذرية في الوظائف األساسية التي تقوم بها الدولة وبالتالي في جوهر وغرض املالية العامة‪ ،‬فدور‬
‫الدولة في املجتمع الرأسمالي يختلف عنه في املجتمع االشتراكي ‪ ،‬كما ان دور الدولة يختلف في املجتمع‬
‫الواحد تبعا إلى درجة تقدمة ‪،‬كما أن جوهر النشاط املالي للدولة يكمن في الحصول على املوارد النقدية‬
‫وإنفاقها إلشباع الحاجات العامة وتحقيق اهداف املجتمع االقتصادية واالجتماعية والسياسية ‪،‬كما‬
‫يتوقف هدف هذا النشاط على مدى أهمية وتعدد هذه الحاجات التي تختلف من مجتمع الى آخر حسب‬
‫فلسفته السياسية وحسب درجة نموه وتقدمه االقتصادي ‪.‬‬
‫‪ -1‬املالية العامة يف النظام الرأمسالي‪:‬‬
‫يمكننا معالجة هذا النظام من خالل مرحلتين رئيستين‪ :‬األولى مرحلة االقتصاد الحر والثانية مرحلة‬
‫التدخل وسنقوم فيمايلي بإعطاء فكرة عن الطبيعة املالية في كل مرحلة ‪.‬‬
‫أ‪ -‬مرحلة االقتصاد الحر‪(:‬املالية العامة املحايدة)‬
‫تتمثل الفكرة الرئيسية لهذه املرحلة في اعطاء األفراد الطبيعيين واالعتباريين الحرية املطلقة ملمارسة أي‬
‫نشاط اقتصادي يريدونه‪ ،‬ويكون الحافز لهؤالء األفراد هو تحقيق الرب ويتولى نظام السوق الحر تحديد‬
‫مدى تقدم أو فشل عمل األفراد‪ ،‬وبهذه الوسيلة يمكن تحقيق الرفاه االقتصادي واالجتماعي وبهذا ال‬
‫تتدخل الدولة في الحياة االقتصادية واالجتماعية لألفراد ويقتصر تدخلها في الوظائف الرئيسية الالزمة‬
‫لديمومتها واملحافظة على كينونتها كاملحافظة على األمن الداخلي والخارجي وبناء املرافق العامة التى يحجم‬
‫النظام الخاص عن القيام بها‪ ،‬ولذلك فان دور املالية العامة للدولة ينبغي أن يكون محايدا‪ ،‬أي أن نشاط‬
‫الدولة من خالل ايراداتها العامة أو من خالل نفقاتها العامة يجب أن ال يؤثر على النشاطات االقتصادية‪،‬‬
‫وال يتأثر بها وبذلك يتأكد عن طريق ذلك الدور املحايد للدولة الرأسمالية‪ ،‬وهو ما يعني أن دورها املالي‬
‫هذا هو دور استهالكي أساسا‪ ،‬وال يمكن أن تمارس الدولة في اطاره نشاطا انتاجيا‪ ،‬ونتيجة لهذا الدور فان‬
‫انفاق الدولة ينبغي أن يتم بأضيق نطاق ممكن‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫نستطيع أن نحدد أسس املالية العامة املحايدة بالنقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تستخدم النفقات العامة في مجال الوظائف الرئيسية للدولة‪.‬‬
‫‪ -‬ايرادات الدولة في اطار ذلك ينبغي أن تستند أساسا على الضرائب التى هي الوسيلة العادية لتمويل‬
‫نفقاتها‪ ،‬اضافة الى ايرادات الدولة من أمالكها العامة‪ ،‬بحيث ال تتوسع الدولة في فرض الضرائب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫فليح حسن خلف‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)42-41‬‬
‫‪12‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫‪ -‬أن ال يتم االعتماد على القروض كوسيلة للحصول على االيرادات اال استثناءا وباعتبارها وسيلة غير‬
‫عادية‪.‬‬
‫‪ -‬يتعين على الدولة عدم اللجوء الى التمويل بالعجز( التمويل التضخمي) بسبب املساوئ واألضرار‪،‬‬
‫واألثار السلبية التى تترتب عليه وتنجم عنه‪.‬‬
‫‪ -‬أن الدولة تستند في حصولها على االيرادات على مبدأ أساي ي يتمثل بتحقيق العدالة واملساواة في‬
‫تحمل أعباء قيام الدولة بنشاطاتها املالية في اطار ماليتها العامة‪ ،‬والذي أعتبر مبدأ أساي ي في توزيع‬
‫أعباء الدولة‪ ،‬أي في ايراداتها ونفقاتها‪ ،‬وفي عموم ممارستها املالية‪.‬‬
‫‪ -‬يتم العمل في ظل الدور املحايد للمالية العامة على ضرورة احداث التوازن بين اإليرادات العامة‬
‫والنفقات العامة من خالل امليزانية العامة للدولة‪.‬‬
‫ب‪ -‬مرحلة التدخل ( املالية العامة املتدخلة)‬
‫عانى النظام الرأسمالي من أزمات اقتصادية حادة عجز أسلوب املالية العامة املحايدة من حلها‪ ،‬وكان‬
‫من أبرز هذه األزمات تلك التى ظهرت سنة ‪ 1929‬واملعروفة بالكساد العامي الكبير‪ ،‬فجاء علماء‬
‫االقتصاد وطالبوا بتدخل الدولة ملواجهة هذه األزمات وكان على رأسهم كينز الذي عبر عن رأيه في‬
‫كتابه " النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود" سنة ‪ 1936‬و دعى الدولة الى لتدخل في الحياة‬
‫االقتصادية واالجتماعية لتحقيق األهداف املختلفة‪ ،‬دون أن يعني ذلك التحول الى النظام االشتراكي‬
‫بل مع املحافظة على أسس النظام الرأسمالي‪ ،‬وأصب دور الدولة يتعدى األمن والدفاع‪ ،‬شمل تقديم‬
‫الخدمات العامة كالتعليم والصحة‪ ،‬واستغالل املوارد وانشاء املشاريع االنتاجية لزيادة ثروة املجتمع‪،‬‬
‫والحصول على القروض باإلضافة الى الضرائب والرسوم والغرامات‪ ،‬وتأميم الصناعات وتملك‬
‫‪1‬‬
‫عناصر االنتاج‪ ،‬من هنا جاءت فكرة املالية العامة املتدخلة والتى تقوم على األسس التالية‪:‬‬
‫‪ -‬اعتبار االيرادات العامة والنفقات العامة أدوات للتحقيق أهداف الدولة االقتصادية واالجتماعية‬
‫والسياسية واملالية‪.‬‬
‫‪ -‬تستخدم املوازنة العامة ملعالجة التقلبات االقتصادية الى تظهر في الدولة لتحقيق االستقرار‬
‫االقتصادي فيمكننا تخصيص فائض املوازنة املتحقق في فترة االزدهار لتغطية العجز املتحقق في فترة‬
‫الكساد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫طارق الحاج‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.32‬‬
‫‪13‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫‪ -‬أصب هدف املوازنة ليس تحقيق التوازن الحسابي بين االيرادات والنفقات بل تحقيق التوازن‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬فباإلمكان اللجوء الى االصدار الجديد في أوقات الكساد لتمويل التوسع في‬
‫االنفاق العام أو احداث فائض في املوازنة ملواجهة التضخم في أوقات الرواج االقتصادي‪ ،‬وقد يكون‬
‫ذلك على حساب التوازن الحسابي للموازنة‪.‬‬
‫‪ -‬لم تعد الضريبة أداة لتمويل االيرادات العامة فقط بل استخدمت ايضا لتحقيق أهداف اقتصادية‬
‫واجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬كبر حجم املوازنة العامة لتعدد مصادر االيرادات كذلك لزيادة أوجه االنفاق‪.‬‬
‫‪ -2‬املالية العامة يف النظام االقتصادي االشرتاكي‪:‬‬
‫ان دور املالية العامة في االقتصاد االشتراكي يتسع بدرجة كبيرة مع اتساع دور الدولة‪ ،‬والذي يتضمن‬
‫قيام الدولة ذاتها بكل أو معظم النشاطات االقتصادية‪ ،‬وبالذات االنتاجية منها من خالل ملكية‬
‫الدولة والتى هي ممثلة املجتمع لهذه النشاطات‪ ،‬وادارتها عن طريق التخطيط الشامل كألية لعمل‬
‫هذه النشاطات وتوجيهها‪.‬‬
‫بعد هذا التوضي البسيط واملختصر عن طبيعة هذا النظام نستطيع وباختصار أيضا أن نحدد‬
‫‪1‬‬
‫خصائص املالية العامة في النظام االشتراكي‪:‬‬
‫‪ -‬املصدر الرئيس ي لإليرادات العامة هو القطاع العام وليس الضرائب ألن امللكية لعناصر االنتاج‬
‫للدولة‪.‬‬
‫‪ -‬كبر حجم النفقات االستثمارية وذلك للحصول على ايرادات‪ ،‬مع العلم أن النفقات االستثمارية للدولة‬
‫أيضا‪.‬‬
‫‪ -‬القروض الداخلية شبه اجبارية أما القروض الخارجية فهي من الدول االشتراكية األخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬املالية العامة يف االسالم‪:‬‬
‫لو نظرنا الى املال الذي ينفق نفقة عامة في ضوء الشريعة االسالمية لوجدناه كمايلي‪:‬‬
‫‪ -‬انفاق أموال الزكوات‪.‬‬
‫‪ -‬انفاق الفيء و الغنيمة‪.‬‬
‫‪ -‬انفاق خمس املعادن‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫فليح حسن خلف‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.47‬‬
‫‪14‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫ولكل انفاق وجه يصرف فيه وهذا ما يميز االسالم عن غيره من النظم الوضعية املالية حيث يحدد االسالم‬
‫أوجه االنفاق قبل أن يرد اليه املال املراد انفاقه‪.‬‬
‫ونظام املال واالقتصاد في االسالم انما ينطلق في تكاليفه املالية وفرضياته التمويلية من أوعية مالية فريدة‬
‫في نوعها وذاتها‪ ،‬ومن حصائل مالية غنية في مواردها وغزيرة في مردودها وقوية في مصادرها ومستقرة في‬
‫ينابيعها‪ ،‬وأشهرها فريضة الزكاة التى تستند في وجودها الى األلوهية في التنزيل والى السنة النبوية في‬
‫التفصيل‪.‬‬
‫والشك في أن العمدة في هذا الباب واملنظم له هو قول هللا تعالى‪" :‬انما الصدقات للفقراء واملساكين‬
‫والعاملين عليها واملؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل هللا وابن السبيل فريضة من هللا وهللا‬
‫عليم حكيم"‪.‬‬
‫ولعل سمو ورفعة النظام االقتصادي واملالي االسالمي في توفيره لألموال واملصادر التمويلية انما ينطلق من‬
‫مفاهيم ومعايير تكليفية الهية وشرعية قبل أن تكون وضعية تستند الى شواهد الرحمة والرأفة باملسلمين‬
‫دون مشقة بعيدا عن التعسف أو الظلم في الجباية أو الحرج في التكليف‪ ،‬وذلك كله في اطار مجموعة من‬
‫‪1‬‬
‫الضوابط واألحكام‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬خصائص املالية العامة‬
‫‪ -1‬املالية العامة يف الدول املتقدمة‪:‬‬
‫بعد أزمة سنة ‪1929‬لم تعد البلدان تهتم بتحديد األعباء العامة وتوزيعها على األفراد بل يبحث إضافة إلى‬
‫ذلك على كيفية استخدام العبء املالي‪ ،‬وتقوم املالية العامة في الدول املتقدمة على األسس التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التوازن بين النفقات العامة واإليرادات العامة لم يعد الهدف‪ ،‬بل أصب الهدف هو تحقيق التوازن‬
‫االقتصادي واالجتماعي ولو على حساب التوازن املالي أو الحسابي في امليزانية العامة‪.‬‬
‫‪ -‬اإليرادات العامة والنفقات العامة جزءا من الكميات االقتصادية الكلية‪ ،‬تستعملها الدولة من أجل‬
‫التدخل واملساهمة في تحقيق األهداف االقتصادية واالجتماعية والسياسية الجديدة‪.‬‬
‫‪ -‬إمكانية أخذ الدولة بامليزانية العامة ملعالجة الدورات والتقلبات االقتصادية‪ ،‬وذلك بتخصيص فائض‬
‫اإليرادات املتحقق في سنوات االزدهار لتغطية العجز في سنوات االنكماش والكساد االقتصادي‪2.‬‬
‫‪-2‬املالية العامة في دول العالم الثالث‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬يسري أبو العال‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪)21-20‬‬
‫‪2‬‬
‫خالد شحادة خطيب‪، ،‬أحمد زهير شامية‪ " ،‬أسس المالية العامة "‪ ،‬ط‪ ،2‬دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪، 2005 ،‬ص(‪.)37-36‬‬
‫‪15‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫للتعرف على املالية العامة في الدول النامية وأهدافها يتطلب األمر التعرف بإيجاز على أهم الخصائص‬
‫االقتصادية بهذه الدول واملتمثلة في‪:‬‬
‫‪ -‬انخفاض نصيب الفرد من الدخل القومي فضال عن سوء توزيعه‪.‬‬
‫‪ -‬ارتفاع امليل الحدي لالستهالك وانخفاض امليل الحدي لالدخار مما يترتب على ذلك انخفاض‬
‫مستويات االستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬اتصاف اقتصاديات الدول النامية بأنها اقتصاديات تابعة " أحادية الجانب " تعتمد على تصدير املواد‬
‫األولية والخامات واستيراد السلع االستهالكية واآلالت‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف األجهزة املصرفية وتخلف السوق املالية والنقدية‪.‬‬
‫كما أنها تتميز كذلك ب‪:‬‬
‫‪ -‬عدم مساهمة القطاع الصناعي إال بنسبة ضئيلة جدا من الناتج القومي اإلجمالي مع االعتماد على‬
‫الصناعات التحويلية والخفيفة وليس الصناعات الثقيلة‪.‬‬
‫‪ -‬يحتل القطاع الزراعي نسبة عالية من الناتج القومي‬
‫‪ -‬عدم وجود نظام اقتصادي واضح املعالم‪ ،‬إذ نجد أكثر من نظام إنتاجي في نفس الوقت‪ ،‬فهو نظام‬
‫خليط يخضع لبعض خصائص النظام الرأسمالي إلى جانب بعض خصائص النظام االشتراكي و‬
‫خصائص النظام القبلي أو الرعوي أو اإلقطاعي‪....‬الخ‬
‫‪ -‬اعتماد هذه الدول على املساعدات املالية والفنية الخارجية مما أدى إلى التبعية االقتصادية‬
‫والسياسية للخارج‪.‬‬
‫بعد التعرف على بعض خصائص الدول النامية‪ ،‬يمكننا اآلن التطرق إلى خصائص املالية العامة في هذه‬
‫‪1‬‬
‫الدول واملتمثلة في‪:‬‬
‫‪ -‬صغر حجم امليزانية العامة مقارنة بالدول الرأسمالية املتقدمة وذلك لضيق مصادر اإليرادات وبالتالي‬
‫لعدم التوسع في مجال اإلنفاق‬
‫‪ -‬العجز املستمر في امليزانية العامة‪ ،‬والذي يعود ألكثر من سبب‪ ،‬منها سوء استخدام املال العام و‬
‫الرقابة على اإلنفاق في أكثر الحاالت‪ ،‬واالعتماد على القروض الخارجية وبالتالي االلتزام بسداد‬

‫‪1‬‬
‫طارق الحاج‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.37‬‬
‫‪16‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫أقساط هذه القروض والفوائد املترتبة عليها والذي ال يتم من خالل االعتماد على املشاريع االنتاجية‬
‫بل على حساب بنود املوازنة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬تستخدم النفقات العامة في املجالت االقتصادية األساسية مثل‪ :‬شق وتعبيد الطرق‪ ،‬وانشاء‬
‫السدود‪ ،‬كما أنها تستخدم في املجاالت االجتماعية األساسية مثل التعليم والصحة واالسكان‪.‬‬
‫‪ -‬انخفاض االقتطاع الضريبي اذ ال يشكل اال نسبة ضئيلة جدا من الناتج القومي االجمالي ال تتعدى‬
‫ال‪ %18‬وذلك مقارنة بالدول املتقدمة التى يشكل فيها االقتطاع الضريبي نسبة تصل الى‪ %35‬من‬
‫الناتج القومي االجمالي‪.‬‬
‫‪ -‬هذه الدول تعاني من عدم توفر جهاز اداري كفؤ‪ ،‬مما يعرقل عملية تطبيق القوانين الضريبية‪ ،‬هذا‬
‫الى جانب انخفاض الوعي الضريبي لدي املكلفين‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫المحور األول‪ :‬عموميات حول المالية العامة‬

‫أسئلة للتقويم‬

‫‪ -1‬ما هو الفرق بين الحاجات العامة والحاجات الخاصة‪.‬‬


‫‪ -2‬بناء على ما درست عرف املالية العامة مبينا عالقتها بالعلوم األخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬ترتب على اختالف النشاط العام عن النشاط الخاص اختالفا بينا بين املالية العامة واملالية الخاصة(‬
‫ناقش هذه العبارة)‪.‬‬
‫‪ -4‬ما الفرق بين املالية العامة واملالية الخاصة من حيث األسلوب املتبع لإلحداث التوازن بين االيرادات‬
‫والنفقات‪.‬‬
‫‪ -5‬وضح مفهوم املالية العامة في املجتمع االشتراكي تم أذكر أهم خصائصها‪.‬‬
‫‪ -6‬ماهي أوجه االختالف بين املالية العامة في النظام االقتصادي االسالمي والنظم الوضعية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫النفقــــات العــــــــــــامــــة‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫تطورت دراسة النفقات العامة مع تطور طبيعة املالية العامة من مالية محايدة الى مالية وظيفية‪،‬‬
‫وأصبح فقهاء املالية العامة يهتمون بدراسة وتحليل النفقات العامة وتقسيماتها‪ ،‬وحدودها وضوابطها‪،‬‬
‫وأثارها االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فلم تعد تدرس النفقات العامة من الناحية الكمية فقط بل أصبحت‬
‫تدرس من الناحية النوعية أيضا‪ ،‬أي من ناحية أثارها في املجاالت االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وبالتالي‬
‫استخدامها وسيلة لإلحداث أثار معينة وتحقيقا لألهداف املرسومة مسبقا في اطار السياسة املالية‬
‫للدولة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف وعناصر النفقة العامة‬
‫تعرف النفقة العامة بأنها ‪" :‬مبلغ من املال يخرج من خزانة الدولة بواسطة اداراتها ومؤسساتها وهيئاتها‬
‫‪1‬‬
‫ووزاراتها املختلفة إلشباع حاجات عامة"‪.‬‬
‫يتبين لنا من خالل هذا التعريف العناصر األساسية للنفقة بأنها‪:‬‬
‫‪ -1‬النفقة العامة هي مبلغ نقدي‪:‬‬
‫حتى نكون أمام نفقة عامة فالبد أن تتخذ تلك النفقة شكال نقديا أي البد من استخدام النقود من قبل‬
‫الدولة للحصول على ما تحتاجه لتسيير مرافقها من سلع أو خدمة وعليه التعد نفقة عامة الوسائل غير‬
‫نقدية التى كانت تتبعها الدولة سابقا‪ ،‬وهناك جملة أسباب تقف وراء اتجاه الدولة الى الصيغة النقدية في‬
‫‪2‬‬
‫نفقاتها وهي‪:‬‬
‫‪ -‬تحول املجتمعات من االقتصاد العيني الى االقتصاد النقدي‪ ،‬وعليه ال يعقل أن يتعامل األفراد فيما‬
‫بينهم بالصيغة النقدية وتتعامل الدولة معهم بصيغة العينية‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبة ممارسة الرقابة االدارية والبرملانية على االنفاق العيني‪.‬‬
‫‪ -‬يثير االنفاق العيني مشاكل ادارية متعددة منها عدم الدقة في تقديرها أو محاباة الدولة لبعض األفراد‬
‫بإعطائهم مزايا عينية تزيد في قيمتها عن ثمن السلع والخدمات التى قدموها مقابل ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬صدور النفقة العامة عن جهة عامة‪ :‬وهي الدولة التى تمثلها السلطة املركزية أو االقليمية أو املحلية‪ ،‬أو‬
‫هيأة عامة أخرى تابعة لها‪ ،‬والتى تتولى مهمة تلبية واشباع الحاجات العامة‪ ،‬وبذلك فان االنفاق الذي‬
‫تقوم به الجهات الخاصة ال يمكن اعتباره نفقة عامة حتى وان كان يستهدف تلبية أو اشباع حاجة أو‬

‫‪1‬‬
‫طارق الحاج‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.122‬‬
‫‪2‬‬
‫عادل فليح العلي‪ "،‬المالية العامة والتشريع المالي الضريبي"‪،‬ط‪،1‬دار حامد للنشر والتوزيع‪،‬األردن‪،2007،‬ص‪.51‬‬

‫‪20‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫حاجات عامة‪ ،‬حيث أنه يبقي في اطار كونه انفاق خاص‪ ،‬أي أن من قام به هو الجهة الخاصة رغم أن‬
‫‪1‬‬
‫االنفاق قد حقق نفعا عاما‪.‬‬
‫‪ -3‬اهلدف من النفقات العامة هو اشباع احلاجات العامة‪ :‬يجب أن يكون الهدف من النفقات العامة هو‬
‫اشباع الحاجات العامة أو املصلحة العامة‪ ،‬وبالتالي ال يمكننا اعتبار مبلغ نقدي كنفقة عامة تم‬
‫صرفه بهدف اشباع حاجة خاصة أو تحقيق منفعة خاصة تعود على األفراد‪.‬‬
‫والسبب في ذلك يرجع الى ضرورة سيادة مبدأ العدالة واملساواة دخل املجتمع‪ ،‬اذ أن جميع األفراد‬
‫يتساوون في تحمل األعباء العامة‪ ،‬كالضرائب ومن ثم فيجب أن يكونوا على قدم املساواة كذلك في‬
‫‪2‬‬
‫االستفادة من النفقات العامة للدولة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقسيم النفقات العامة‬
‫في السابق وفي ظل الدولة الحارسة لم يكن تقسيم النفقات العامة موضوع يثير شغف الباحثين‬
‫االقتصاديين‪ ،‬حيث كانت النفقات العامة محدودة وموجهة للتقديم خدمات معينة تقوم بها الدولة‬
‫فكانت النفقات من طبيعة واحدة اال أنه مع تطور دور الدولة وتحولها من خانة الدولة الحارسة الى‬
‫خانة الدولة املتدخلة ازدادت أهمية تقسيم النفقات العامة نظرا لتنوع وتزايد النفقات العامة‬
‫واختالف أثارها‪.‬‬
‫ومن ثم ظهرت الحاجة الى تقسيم وتبويب هذه النفقات الى أقسام متميزة‪ ،‬مع ضرورة أن يكون معيار‬
‫التقسيم قائم على مبادى واضحة ومنطقية‪ ،‬ومن بين أهم أقسام النفقات العامة مايلي‪:‬‬
‫‪ -1‬النفقات العادية و النفقات غري عادية‪:‬‬

‫‪ -‬النفقات العامة العادية والتى يطلق عليها النفقات العامة الجارية تتحقق عادة‪ ،‬ويتكرر تحققها خالل‬
‫فترات دورية منتظمة وغالبا ما تكون سنوية ويتم تمويلها من ايرادات الدولة العادية‪ ،‬أي ايراداتها‬
‫الجارية‪ ،‬والتى تتمثل أساسا بإيراداتها من الضرائب‪ ،‬اضافة الى ايراداتها من أمالكها العامة‪.‬‬
‫‪ -‬النفقات غير العادية والتى يطلق عليها بالنفقات غير الجارية‪ ،‬والتى تتمثل بالنفقات االستثنائية‪ ،‬أي‬
‫التى ال يتم تحققها عادة‪ ،‬وال يتكرر تحققها خالل فترات دورية منتظمة‪ ،‬هي السنة عادة‪ ،‬والتى يتم‬
‫‪3‬‬
‫تمويلها اعتمادا على االيرادات االستثنائية للدولة‪ ،‬والتى من بينها القروض واالصدار النقدي الجديد‪.‬‬
‫وفائدة هذا التقسيم هو تمكن الحكومة من تقدير نفقاتها تقديرا أقرب الى الصحة‪ ،‬وتدبير ما يلزم‬
‫لسدادها من االيرادات العادية وأهمها الضرائب‪ ،‬هذا التقسيم قد يبدو في مظهره صحيح‪ ،‬ولكنه في‬

‫‪1‬‬
‫فليح حسن خلف‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.90‬‬
‫‪2‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.61‬‬
‫‪3‬‬
‫نفس المرجع أعاله‪،‬ص‪.125‬‬
‫‪21‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫حقيقته محل نقد ألنه يحتوي على التكرر السنوي للنفقة في امليزانية في الوقت الذي تكون فيه ميزات‬
‫بعض الدول تزيد مدتها عن العام‪ ،‬كالنفقات االستثمارية التى تعتبر الزمة على الدوام ويتكرر ظهورها‬
‫في كل امليزانيات والبرامج االقتصادية‪ ،‬ان مثل هذه النفقات تتحول الى نفقات عادية بموجب معيار‬
‫التكرار واالنتظام ‪.‬‬
‫يضاف الى ذلك أن بعض النفقات غير العادية تحولت الى نفقات عادية ومتكررة‪ ،‬كالنفقات العسكرية‬
‫‪1‬‬
‫التى تتكرر سنويا بسبب التوتر الدولي مما يجعل اعتبارها نفقات متكررة بسبب ظهورها املستمر وسنويا‬
‫‪ -2‬تقسيم النفقات حسب أهدافها املباشرة‪:‬‬
‫تنقسم النفقات العامة تبعا للهدف املسطر لها لبلوغه أو كما اعتاد تسميتها "بالتقسيم الوظيفي" أي‬
‫‪2‬‬
‫تبعا الختالف وظائف الدولة الى ثالثة نفقات أساسية هي‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬النفقات‌االدارية‪:‬‬
‫ويقصد بها النفقات املرتبطة بسير املصالح العامة والضرورية ألداء الدولة لوظائفها ‪ ،‬وتضم هذه النفقات‬
‫نفقات الدفاع واألمن والعدالة واألقسام السياسية وهي نفقات الحاجات العامة في امليادين التقليدية‬
‫والالزمة لحماية األفراد داخليا وخارجيا واحالل العدالة وتنظيم األمو السياسية لهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬النفقات‌االجتماعية‪:‬‬
‫‌‬
‫وهي النفقات التى تتعلق باألهداف واألغراض االجتماعية للدولة واملتمثلة في الحاجات العامة التى تشبع‬
‫الجانب االجتماعي للمواطنين‪ ،‬وهذا عن طريق توفير أسباب وامكانيات التعليم والصحة لهم أو اسناد‬
‫الفئات التى توجد في ظروف صعبة (اعانات الفئات املحرومة محدودة الدخل‪ ،‬منح للبطالين الخ‪)..‬‬
‫وتشتمل هذه النفقات على مبالغ مالية موجهة نحو قطاع التعليم‪ ،‬الصحة النقل والسكن‪ ،‬وتعتبر‬
‫النفقات على قطاع التعليم‪ ،‬الصحة والنقل والسكن‪ ،‬وتعتبر النفقات على قطاع التعليم أهم بنود‬
‫النفقات االجتماعية فهي مرأة عاكسة لتقدم املجتمع‪ ،‬في كل من البلدان املتقدمة والنامية على السواء‪،‬‬
‫وتخصص الدول عادة الجزء األكبر من النفقات العامة في الدول املتقدمة على هذا القطاع من ناحية‬
‫وعلى التأمينات االجتماعية من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ج‪‌ -‬النفقات‌االقتصادية‪‌ :‬هي تلك النفقات التى تقوم بصرفها الدولة لتحقيق أهداف اقتصادية بصورة‬
‫أساسية‪ ،‬ويسمى هذا النوع من النفقات بالنفقات االستثمارية ‪،‬حيث تعمل الدولة على زيادة االنتاج‬
‫الوطني وتراكم رؤوس األموال‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬يسري أبو العال‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.29‬‬
‫‪2‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)71-70‬‬
‫‪22‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫ويكتس ي هذا النوع من النفقات أهمية كبيرة في الدول النامية‪ ،‬ويجع ذلك الى أن الدولة تقوم بنفسها‬
‫بعمليات انشاء رؤوس األموال نظرا لكونها تحتاج الى نفقات كبيرة من جهة و لألنها ال تحقق عائد مباشرا‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬لذا فان القطاع الخاص ال يقوى عليها وال يرغب في القيام بها‪ ،‬مثال ذلك الطرقات ‪،‬‬
‫الجسور والسدود‪....‬الخ وهي تمثل مرافق البنية التحتية األساسية التى أصبحت تمثل حاجة عامة‪ :‬فقد‬
‫ساد مثال في البلدان النامية الطابع الزراعي لفترة طويلة اال أنه مع التطور الصناعي تحولت تلك الهياكل‬
‫الى هياكل يغلب عليها الطابع الصناعي‪ ،‬والدولة وحدها هي التى تقوم على القيام بمثل هذا التحويل عن‬
‫طريق االستثمار العام‪.‬‬
‫وقد تبع هذا التحول كبر الوحدة االنتاجية في القطاعات االقتصادية مما يتطلب نفقات كبيرة من جهة‪،‬‬
‫وايجاد االمكانيات الضرورية لتمويل الوحدات االنتاجية‪ ،‬من جهة أخرى هو أمر يستدعي تدخل الدولة‬
‫مباشرة نظرا لضعف مستوى االدخار الفردي في البلدان النامية وانعدام أسواق مالية تغذي حاجات‬
‫التمويل‪.‬‬
‫ويجب أن نشير هنا الى املكانة التى تحتلها النفقات الخاصة بالهياكل واملرافق االقتصادية حيث تمثل‬
‫نسبة عالية في البلدان النامية تليها الخاصة بالدفاع ثم التعليم فالتأمينات االجتماعية والسكان وأخيرا‬
‫الصحة العمومية‪.‬‬
‫‪ -3‬التقسيم االقتصادي للنفقات العامة‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫يتم تقسيم النفقات العامة من الناحية االقتصادية الى‪:‬‬
‫أ‪‌-‬نفقات‌حقيقية‪‌:‬والتى تتحقق كمقابل للحصول الدولة على السلع أو الخدمات التى تؤدي الدولة من‬
‫خاللها القيام بنشاطاتها املتصلة بأداء دورها في املجتمع واالقتصاد‪ ،‬والتى تتمثل باإلنفاق على دفع األجور‬
‫والرواتب مقابل خدمات العمل الذي تحصل عليه الدولة‪ ،‬ودفع أثمان متطلبات اقامة االستثمارات وهذه‬
‫النفقات الحقيقية يمكن أن تتصل بالنفقات العامة على أداء الدولة للخدمات العامة ‪ ،‬أو النفقات‬
‫العامة على توفير البنية التحتية لالزمة لعمل النشاطات االقتصادية‪ ،‬أو النفقات العامة الالزمة للقيام‬
‫بالنشطات االقتصادية وتبعا لدور الدولة الذي يحدد مدى وطبيعة النفقات الحقيقية هذه‪.‬‬
‫ب‪-‬نفقات‌تحويلية‪‌:‬والتى تتمثل بالنفقات التى ال يقابلها حصول الدولة على سلع وخدمات‪ ،‬كاإلعانات‬
‫مثال التى تمنح لألفراد والتى يتم تمويلها من االيرادات الضريبية حيث أنها تمثل تحويال للموارد من جهات‬
‫معينة في املجتمع عن طريق اقتطاع جزء من موارد ودخول فئاته القادرة عن طريق الضرائب الى الجهات‬
‫األخرى في املجتمع والتى تمثلها الفئات غير القادرة‪ ،‬واألقل قدرة عن طريق استخدامها بإنفاقها لصالحها‬

‫‪1‬‬
‫فليح حسن خلف‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.128‬‬
‫‪23‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫بشكل اعانات أو خدمات وبالشكل الذي يؤدي الى زيادة دخولهم الناجمة عن مثل هذه النفقات‬
‫التحويلية‪.‬‬
‫‪ -4‬تقسيم النفقات العامة يف اجلزائر‪:‬‬
‫تنقسم النفقات العامة في املوازنة العامة بالجزائر الى قسمين نفقات التسيير ونفقات التجهيز وذلك راجع‬
‫للتفرقة بين طبيعة النفقات‪ ،‬حيث تجمع النفقات املتشابهة واملتجانسة من حيث طبيعتها والدور الذي‬
‫تقوم به واألثر الذي تنتجه واألهداف التى ترمي الى تحقيقها الدولة حسب كل نوع منها ‪.‬‬
‫‌أ‪ -‬نفقات‌التسيير‪:‬‬
‫يقصد بالنفقات التسيير تلك النفقات الضرورية لسير أجهزة الدولة االدارية واملتكونة أساسا من أجور‬
‫املوظفين ومصاريف صيانة البيانات الحكومية ومعدات املكاتب‪...‬الخ‪ ،‬ومنه ال يمكننا مالحظة أية قيمة‬
‫مضافة منتجة تحملها هذه النفقات لالقتصاد الوطني‪ ،‬أي أنها لم تقم بعملية انتاج أية سلعة حقيقية‬
‫فهذا النوع من النفقات موجه أساسا إلمداد هياكل الدولة بما تحتاجه من أموال حتى تتمكن من تسيير‬
‫دواليب املجتمع على مختلف أوجهه‪ ،‬حيث توزع حسب الدوائر الوزارية في امليزانية العامة‪ ،‬وهي تعبير‬
‫يتطابق الى حد كبير مع دور الدولة املحايدة مادام أنها ال تهدف الى التأثير في الحياة االقتصادية‬
‫واالجتماعية وكل ما تحدثه من أثار فهو غير مباشر‪ ،‬للذلك تسمى كذلك بالنفقات االستهالكية‪.‬‬
‫تجمع نفقات التسيير الى أربعة أبواب هي‪:‬‬
‫‪ -‬أعباء الدين العمومي والنفقات املحسومة من االيرادات‪.‬‬
‫‪ -‬تخصيصات السلطات العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬النفقات الخاصة بوسائل املصالح‪.‬‬
‫‪ -‬التدخالت العمومية‪.‬‬
‫في الحقيقة يجب على السلطات التنفيذية أن تعمل على تخفيض نفقات التسيير‪ ،‬ما دامت أنها غير‬
‫منتجة‪ ،‬وأنها تدمير للثروة املحصل عليها عن طريق الضرائب وهذا حسب الكالسيك‪ ،‬لكن ملا ندقق‬
‫التحليل نالحظ أن الزيادة بالقيمة املطلقة لهذه النفقات ال يمكن تجنبه‪ ،‬فهي تؤمن السير العادي‬
‫‪1‬‬
‫ملختلف املصالح العمومية التى يجب أن تبقى وبصفة اجبارية مضمونة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)67-66‬‬
‫‪24‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫ب‪ -‬نفقات‌االستثمار‪:‬‬
‫يتم توزيع هذه النفقات حسب الخطة االنمائية السنوية وتظهر في الجدول (ج) امللحق بقانون املالية‬
‫السنوي حسب القطاعات وتتفرع الى ثالثة أبواب‪ :‬االستثمارات املنفذة من طرف الدولة‪ ،‬اعانات‬
‫االستثمار املمنوحة من قبل الدولة‪ ،‬النفقات األخرى برأس املال‪.‬‬
‫يتسم هذا النوع من النفقات بإنتاجيتها الكبيرة مادامت أنها تقوم بزيادة حجم التجهيزات املوجودة بحوزة‬
‫الدولة‪ ،‬فالشهرة التى تحظى بها هذه النفقات تجد جذورها في تحاليل االقتصادي البريطاني "جون مينارد‬
‫كينز"‪ ،‬الذي برهن أن في فترة ركود اقتصادي‪ ،‬تقوم نفقات االستثمار بإعادة التوازن االقتصادي العام من‬
‫خالل الدور الذي يقوم بأدائه "مضاعف االستثمار"‪.‬‬
‫ويسمح التقسيم الوظيفي لنفقات االستثمار بإعطاء صورة واضحة املعالم لنشاط الدولة االستثماري‪،‬‬
‫عد ومالحظة القطاعات‬‫حيث يميز بين نفقات االستثمار بصفة عامة والعمليات برأس املال‪ ،‬لهذا يمكننا ّ‬

‫التالية‪ :‬املحروقات ‪،‬الصناعات املصنعة‪ ،‬املناجم والطاقة‪ ،‬الفالحة والري‪ ،‬الخدمات املنتجة‪ ،‬املنشآت‬
‫األساسية االقتصادية واالدارية‪ ،‬التربية والتكوين‪ ،‬املنشآت األساسية االجتماعية والثقافية واملخططات‬
‫‪1‬‬
‫البلدية للتنمية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حمددات وحدود االنفاق العام‪:‬‬
‫حتى تتمكن النفقات العامة من تحقيق االثار واالهداف املنتظرة منها في تلبية مثلى للحاجات العامة‪ ،‬فان‬
‫ذلك يتطلب تحقيق اكبر حجم ممكن من املنفعة‪ ،‬مستعملة في ذلك أداة االقتصاد في النفقات‪ ،‬مع األخذ‬
‫في الحسبان أهمية وضرورة وجود طرق ومناهج للرقابة التى تضمن توجيه النفقات العامة نحو األبواب‬
‫ذات املصلحة الشاملة ألفراد الشعب دون تبذيرها في غير تلك املصلحة‪.‬‬
‫‪ -1‬حمددات االنفاق العام‪:‬‬
‫هي مجموعة القواعد التى اذا تم احترامها بشكل دقيق فذلك سيقودنا الى حالة من االنفاق الرشيد أو الى‬
‫"أمثلة" النفقات العامة الحاملة لقيمة مضافة هامة لالقتصاد الوطني‪.‬‬
‫‌أ‪ -‬قاعدة‌املنف ة‪:‬‬
‫تعني قاعدة املنفع ة اتجاه النفقة العامة الى تحقيق أكبر قدر من املنفعة بأقل كلفة ممكنة ويتحقق ذلك‬
‫عندما تتساوى املنفعة الحدية للمنفعة العامة مع املنفعة الحدية للدخول املتبقية لألفراد بعد فرض‬
‫الضريبة‪ ،‬أي عندما تتساوي املنفعة الحدية مع الكلفة الحدية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص(‪.)69-68‬‬
‫‪25‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫ويقصد باملنفعة الحدية االجتماعية مقدار الكسب الذي يعود على أفراد املجتمع ككل نتيجة النشاط‬
‫الحكومي‪.‬‬
‫أما التكلفة الحدية فيقصد بها مقدار ما ضحي به املجتمع من انتاج القطاع الخاص نتيجة قيام الدولة‬
‫‪1‬‬
‫بالنشاط االقتصادي‪.‬‬
‫ب‪ -‬قاعدة‌االقتصاد‌في‌النفقة‪:‬‬
‫‌‬
‫واملقصود بها االبتعاد عن التبذير واالسراف والذي يؤدي الى ضياع أموال عامة كان من املمكن توجيهها الى‬
‫مجاالت أخرى أكثر منفعة‪ ،‬باإلضافة الى أن هذه الحالة تضعف الثقة العامة في مالية الدولة ويعطي‬
‫للمكلفين بدفع الضريبة مبررا للتهرب منها‪.‬‬
‫من الطبيعي أن هذه القاعدة مالزمة للقاعدة األولى فتحقيق أقص ى منفعة ممكنة يجب أن يتم بأقل كلفة‬
‫ممكنة أي تحقيق أكبر عائد بأقل تكلفة ممكنة‪.‬‬
‫ومن مظاهر التبذير في كثير من الدول والسيما النامية منها زيادة عدد املوظفين في األجهزة االدارية‬
‫واالسراف في شراء األجهزة غير الضرورية ملجرد التقليد واملحاكاة وعدم االستغالل العقالني لها واالهتمام‬
‫باملظاهر الخارجية‪ ،‬وبذلك فان قاعدة االقتصاد تعني االلتزام بسياسة ترشيد االنفاق‪ ،‬ويتطلب تحقيق‬
‫هذه القاعدة في االنفاق العام تعاون وتضافر جهود كافة األجهزة التنفيذية والتشريعية وأحكام الرقابة‪.‬‬
‫كما يجب التذكير في هذا املقام بالدور الحيوي الذي يمكن أن تؤديه وسائل االعالم والرقابة في خلق رقابة‬
‫فعالة على عمليات صرف النفقات العامة التى تقوم بها الحكومة بشكل يجعل النفقات العامة تحقق‬
‫األهداف التى رصدتها لها السياسة املالية ومنها تجسيد أهداف السياسة االقتصادية ككل‪.‬‬
‫والرقابة على طريقة صرف النفقات العامة يمكن أن تمارسها ثالث جهات هي االدارة‪ ،‬الهيئات السياسية‬
‫‪2‬‬
‫وجهات أخرى مستقلة ومتخصصة وبذلك تأخذ الرقابة أشكاال ثالثة‪:‬‬
‫‪ -‬الرقابة‌االدارية‪:‬‬
‫وهي الرقابة التى تتولها وزارة املالية على باقي املصالح الحكومية بواسطة املراقبين واملوظفين الحسابين‬
‫العاملين في مختلف الوزارات واملصالح والهيئات‪ ،‬وتنحصر مهمتهم في عدم السماح بصرف أي مبلغ اال اذا‬
‫كان في وجه وارد في امليزانية العامة وفي حدود االعتماد املقرر له‪ ،‬فالرقابة االدارية هنا رقابة سابقة على‬
‫االنفاق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عادل فليح العلي‪ "،‬المالية العامة والتشريع المالي الضريبي"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.53‬‬
‫‪2‬‬
‫سوزي عدلي ناشد‪" ،‬الوجيز في المالية العامة"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬االسكتدرية‪،2000،‬ص(‪)55-54‬‬
‫‪26‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫وفي واقع األمر أن هذا النوع من الرقابة ال يكون ذا فاعلية بصدد ترشيد االنفاق‪ ،‬اذ هي رقابة من االدارة‬
‫على نفسها وفقا للقواعد والضوابط التى تضعها االدارة نفسها‪ ،‬ومن ثم فال تمثل أي ضغط للحجم‬
‫االنفاق العام حيث غالبا ال تميل االدارة الى تقييد حريتها‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة‌السياسية‪:‬‬
‫وهي الرقابة التى تمارسها السلطات النيابية والتشريعية‪ ،‬ودور البرملان ال يقتصر على الرقابة في تنفيذ‬
‫االعتمادات املقررة في امليزانية‪ ،‬بل يمتد ليشمل حجم االنفاق العام وتخصيصه‪ ،‬ويرجع ذلك الى حق‬
‫البرملان في السؤال واالستجواب والتحقيق وسحب الثقة من الوزير أو الوزارة كلها وحق طلب البيانات‬
‫والوثائق عن سير التنفيذ‪ ،‬وحق فحص الحسابات الختامية واقرارها وحق اقرار أو رفض االعتمادات‬
‫االضافية‪ ،‬وتظهر هذه الرقابة بصورة واضحة عند اعتماد امليزانية وعند اعتماد الحساب الختامي‪ ،‬وهذا‬
‫النوع من الرقابة على الرغم من أهميته‪ ،‬قد يكون قليل الفاعلية‪ ،‬خاصة في الدول النامية‪.‬‬
‫‪‌-‬الرقابة‌املحاسبية‌املستقلة‪‌ :‬‬
‫وهي التى تقوم بها أجهزة متخصصة مهمتها األساسية الرقابة على أوجه االنفاق العام بصورة خاصة‪،‬‬
‫وتتولى التأكد من أن جميع عمليات االنفاق قد تمت على الوجه القانوني‪ ،‬وفي حدود قانون امليزانية‬
‫والقواعد املالية السارية‪ ،‬وقد تكون هذه الرقابة سابقة لعملية صرف النفقات أو الحقة عليها‪.‬‬
‫ومما الشك فيه أن هذا النوع من الرقابة يعتبر أكثر فاعلية نظرا لتخصص القائمين به‪ ،‬وتوفر امكانيات‬
‫املتابعة والتحليل والحق في الرقابة السابقة والالحقة وحق وقف املخالفات واالخطاء املالية وابداء الرأي‬
‫في االجراءات التى يتعين اتخاذها لتصحيح املسار‪.‬‬
‫‪ -2‬حدود االنفاق العام‪:‬‬
‫يتضمن هذا العنصر مشكلة بالغة األهمية تتمثل في تحديد النسبة التى تقتطع من الدخل الوطني‬
‫لتوجيهها الى وعاء النفقات العامة بحيث ال يمكن للدولة أن تتجاوزها‪ ،‬والسؤال الذي يطرح نفسه من‬
‫خالل هذا املنظور هل توجد حدود ال يمكن تجاوزها عند وضع االعتمادات واملبالغ املالية املهيأة للنفقات‬
‫العامة؟ وهل هناك حجم أو سقف أمثل لهذه النفقات‪.‬؟‬
‫لقد استقر الفكر التقليدي لفترة من الزمن‪ ،‬على تحديد نسبة معينة تقدر ‪ %10‬أو ‪ %15‬من الدخل‬
‫الوطني توجه للنفقات العامة ال يمكن تجاوزها‪.‬‬
‫في ا لحقيقة أن هذا الفكر أصبح غير مهما في الوقت الحالي نظرا لجمود هذا الرأي من جهة وتجاهله‬
‫للعديد من الظروف االقتصادية واملالية التى تميز االقتصاد الوطني لدول معينة‪ ،‬والتى قد تختلف من‬
‫فترة ألخرى في الدول ذاتها‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫فالعوامل االيديولوجية‪ ،‬السائدة في دول معينة‪ ،‬تعني أنه اذا كان سائد في دولة ما االيديولوجية الفردية‪،‬‬
‫فان حجم النفقات العامة وتنوعها يقل بالنسبة الى الدخل الوطني‪ ،‬وسبب ذلك أن دور الدولة في ظل هذه‬
‫االيديولوجية‪ ،‬يقتصر على أدائها بوظائفها التقليدية وباألنشطة التى يعرض عنها النشاط الخاص ( الدولة‬
‫الحارسة)‪ ،‬أما ماعدا ذلك من أنشطة فمخصص لحرية األفراد‪.‬‬
‫أما في ظل االيديولوجية التدخلية‪ ،‬يتمثل دور الدولة في التدخل في العديد من الشؤون االقتصادية‪ ،‬التى‬
‫كان من املمكن أن يقوم بها النشاط الخاص‪ ،‬كاستغالل بعض املشاريع االنتاجية ومحاربة األثار الضارة‬
‫للدورات االق تصادية والعمل على استقرار العملة املحلية وتقديم الخدمات املجانية‪ ..‬الخ ويترتب عن ذلك‬
‫‪1‬‬
‫ارتفاع حجم النفقات العامة ملواجهة الزيادة في األنشطة التى تقوم بها الدولة باإلضافة الى زيادة تنوعها‪.‬‬
‫وأخيرا في ظل االيديولوجية الجماعية حيث تقوم الدولة بمعظم األنشطة االقتصادية وتملك مجموعة‬
‫أدوات االنتاج باإلضافة الى قيامها بالدور التقليدي‪ ،‬فان حجم النفقات العامة يزيد بشكل كبير وترتفع‬
‫نسبتها الى الحد الذي تكاد تتطابق فيه مع الدخل الوطني ذاته‪ ،‬وتتعدد أنواع هذه النفقات بقدر‬
‫احتياجات األفراد باإلضافة الى حاجات الدولة ذاتها وكانت هذه الفكرة مهيمنة لدى الدول املنتجة ذات‬
‫النمط االشتراكي قبل انهيارها‪.‬‬
‫كما تؤثر العوامل والظروف االقتصادية التى يمر بها االقتصاد الوطني في حجم النفقات العامة وحدودها‪،‬‬
‫حيث أن هناك عالقة حتمية بين النفقات العامة وبين املستوى العام للنشاط االقتصادي الذي يظهر من‬
‫خالله حالة التشغيل والدخل الوطني واملستوى العام لألسعار ومدى تأثر كل منها بمستوى الطلب‬
‫الفعلي‪ ،‬فاإلنفاق العام أصبح األن من أهم الوسائل التى تستخدم في احداث التوان االقتصادي‬
‫واالجتماعي وفي التأثير على حجم الطلب الكلي‪ ،‬ومنه على مستوى االقتصاد العام في جملته‪ ،‬ومن ثم‬
‫يمكن أن يتحدد حجم النفقات العامة بالنسبة التى تحقق االستقرار االقتصادي املرتكز على توازن‬
‫االنتاج مع الطلب الكلي(االستهالكي واالستثماري)‪.‬‬
‫ويظهر ذلك جليا في اقتصاديات الدول الليبرالية‪ ،‬ففي أوقات الكساد تزداد النفقات العامة وذلك لخلق‬
‫زيادة في الطلب الكلي الفعلي والوصول باالقتصاد الوطني الى مستوى التشغيل الكامل لليد العاملة‪.‬‬
‫ويحدث العكس في أوقات االزدهار‪ ،‬حيث تقل النفقات العامة لتجنب الزيادة التضخمية في األسعار‬
‫وتدهور قيمة النقود بسبب وصول االقتصاد الوطني الى مستوى التشغيل الكامل‪.‬‬
‫أما لدى اقتصاديات الدول النامية التى تنعت بعدم مرونة الجهاز االنتاجي بسبب استجابة بعض عوامل‬
‫االنتاج للزيادة في الطلب‪ ،‬يتحتم أال تزيد النفقات العامة عن مستوى معين‪ ،‬واال ترتب على ذلك بدء ظهور‬

‫‪1‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.87‬‬
‫‪28‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫ارتفاع تضخمي في األسعار وتدهور قيمة النقود‪ ،‬ويمكن مالحظة هذا االرتفاع والتدهور حتى قبل وصول‬
‫االقتصاد الى مستوى التشغيل الكامل الخاص ببعض عناصر االنتاج كالعل غير التقني واملوارد الطبيعية‬
‫املتاحة مما قد يعرض اقتصاديات هذه الدول للخطر‪ ،‬للذلك من املنطقي أنه عند القيام بالنفقات‬
‫العامة سواء في الدول املتقدمة أو املتخلفة يستلزم رسم سياسة مالية واقتصادية معينة بالتوافق مع‬
‫درجة تقدم كل دولة‪.‬‬
‫ويقصد بالعوامل املالية موارد الدولة وامكانيتها للزيادة‪ ،‬اال أن هذا ال يتم بصورة مطلقة بل يخضع‬
‫للشروط معينة واال كانت النتائج االقتصادية سلبية ومخالفة لألهداف املرسومة‪.‬‬
‫فزيادة الضرائب أو انشاء ضرائب جديدة‪ ،‬باعتبارها مصدرا هاما لإليرادات العامة‪ ،‬يخضع لدراسات‬
‫واسعة من جهة‪ ،‬باإلضافة الى ما يحتاج اليه من فترة زمنية يتقبل فيها املكلفون بها هذه التغيرات من جهة‬
‫أخرى واال ترتب على ذلك أثار سلبية كالتهرب والغش الضريبي‪ ،‬ونفس الشيئ يمكن قوله بالنسبة ملصادر‬
‫‪1‬‬
‫االيرادات األخرى كاإلصدار النقدي أو القروض‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ظاهرة تزايد النفقات العامة‬
‫تعد ظاهرة "تزايد النفقات العامة" من بين الظواهر االقتصادية التى جلبت اهتمام االقتصاديين وهذا‬
‫مع زيادة حجم الدخل الوطني‪ ،‬أي أن العالقة بينهما عالقة طردية بحثة‪ ،‬دون األخذ بعين االعتبار درجة‬
‫نمو الدولة االقتصادي أو النظام السياس ي السائد فيها‪.‬‬
‫واهتم العالم األملاني االقتصادي "ادولف‌فاجنر"‌بدراسة التطور املالي للدولة للتعرف على عالقة زيادة‬
‫النفقات العامة بنمو الدخل الوطني من خالل اصدار قانونه‪ ،‬فحسب رأي‌"فاجنر"‌أن النشاط الحكومي‬
‫يزداد كما ويتعدد نوعا بمعدل أكبر من معدل زيادة عدد السكان‪ ،‬بحيث ال يقتصر األمر على زيادة مطلقة‬
‫في حجم النفقات العامة بل تنطوي هذه الزيادة على ارتفاع طردي في نسبة النفقات العامة الى الدخل‬
‫الوطني نتيجة التحول الصناعي وتعدد الحاجات العامة التى على الدول تحملها‪ ،‬وعلى الرغم من‬
‫االنتقادات التى وجهت لقانون"‌فاجنر"‌لطابعه غير العام الذي يصعب تطبيقه في جميع املجتمعات في‬
‫مختلف مراحل نموها وتطورها‪ ،‬اال أنه أعطى دليال على أن النفقات العامة ال سبيل الى تخفيضها ألن‬
‫معنى تخفيضها مخالفة طبيعة األشياء والسير عكس التطور‪ ،‬وبشكل عام لوحظ أن هذه الظاهرة تعود‬
‫‪2‬‬
‫الى أسباب عديدة تظهر في مجموعتين‬

‫‪1‬‬
‫سوزي عدلي ناشد‪" ،‬الوجيز في المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)59-58‬‬
‫‪2‬‬
‫محمود حسين الوادي‪ ،‬زكريا أحمد عزام‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪،‬ط‪،1‬دار المسيرة ‪،‬عمان‪،‬األردن‪،2007،‬ص‪.124‬‬
‫‪29‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫‪ -1‬األسباب احلقيقية لتزايد النفقات العامة‪:‬‬


‫وهي تلك األسباب التى تؤدي الى زيادة الخدمات العامة سواء من ناحية الكم أو الكيف و بالتالي يزداد‬
‫حجم االنفاق العام‪ ،‬أو هي تلك األسباب التى تؤدي الى زيادة فعلية في القيمة الحقيقية للنفقات العامة في‬
‫بلد معين اذا بقي سكانه ومساحته دون تغيير مثل التوسع في نفقة عامة إلشباع نفس الحاجة السابقة أو‬
‫اشباع حاجات عامة جديدة أو كليهما‪.‬‬
‫وتقسم األسباب الحقيقية الزدياد النفقة العامة الى خمسة أسباب رئيسية هي اقتصادية‪ ،‬وسياسية‪،‬‬
‫واجتماعية‪ ،‬وادارية ‪،‬ومالية‪ ،‬واألن تستعرض هذه االسباب بش يء من التفصيل‪.‬‬
‫‌أ‪ -‬األسباب‌االقتصادية‪‌:‬‬
‫وهي نتاج تخلى الدولة عن حيادها وتوسعها في املشروعات العامة وزيادة تدخلها ملعالجة التقلبات‬
‫االقتصادية‪ ،‬خاصة في فترات الكساد‪ ،‬فضال عن املنافسة بين مختلف االقتصاديات‪ ،‬فزيادة الدخل‬
‫الوطني يمكن الدولة من زيادة انفاقها دون أن يترتب عن ذلك بالضرورة زيادة األعباء املترتبة على األفراد‪،‬‬
‫ألن الدولة في هذه الحالة تكون قادرة على مواجهة زيادة االنفاق بما يسمح لها باالقتراض (داخليا أو‬
‫خارجيا)‬
‫ب‪ -‬األسباب‌السياسية‪:‬‬
‫‌‬
‫تتعلق هذه األسباب بالتطورات الحاصة في الحياة السياسية مثل زيادة ديمقراطية الحكم‪ ،‬جعل محاربة‬
‫الفساد السياس ي قضية محورية‪ ،‬زيادة اشراك األفراد في شؤون السلطة من خالل التوسع في الالمركزية‪،‬‬
‫زيادة التزام الدولة تجاه القضايا الدولية( منازعات‪ ،‬أوبئة وكوارث‪ ،)..‬زيادة االهتمام باالنضمام للمنظمات‬
‫االقليمية والدولية‪ ،‬و مثل هذه املعطيات تؤدي الى زيادة االهتمام الحكومي بشؤون األفراد سعيا إلرضائهم‬
‫‪1‬‬
‫وتنفيذا ملتطلبات هذه األوضاع‪.‬‬
‫ج‪‌-‬األسباب‌االجتماعية‪‌ :‬‬
‫ترجع هذه العوامل جزئيا الى الزيادة الكبيرة واملطردة في عدد السكان بصفة عامة وفي الدول املتخلفة‬
‫بصفة خاصة‪ ،‬فزيادة السكانية في تلك الدول قد قفزت بشدة خالل النصف الثاني من القرن العشرين‬
‫للذلك كان على الحكومة أن تلبي احتياجات ماليين من األفراد مبعثرين في مساحات أوسع‪ ،‬كما يرجع‬
‫تفسير الزيادة في النفقة العامة جزئيا الى تركز السكان في املدن واملراكز الصناعية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد المجيد قدي‪ "،‬المدخل الى السياسات االقتصادية الكلية‪ :‬دراسة تحليلية تقييمية"‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪،2003،‬ص‪.188‬‬
‫‪30‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫باإلضافة الى ما سبق فان من بين أهم العوامل االجتماعية التى يمكن االعتماد عليها في تفسير ظاهرة تزايد‬
‫النفقات العامة زيادة الخلل في توزيع الدخل والثروة بين أفراد املجتمع وزيادة عدد األفراد الذين يقعون‬
‫تحت خط أو حد الفقر وبالطبع سوف يختلف مستوى دخل أو حد الفقر من دولة لألخرى بل لنفس‬
‫‪1‬‬
‫الدولة من فترة زمنية ألخرى‪.‬‬
‫د‪‌-‬األسباب‌االدارية‪‌ :‬‬
‫وهذه ترتبط بعوامل ذات عالقة بالتوسع األفقي والرأس ي للجهاز االداري للحكومة‪ ،‬وهناك مجموعتان من‬
‫‪2‬‬
‫األسباب االدارية هما‪:‬‬
‫‪ -‬توسع‌الجهاز‌االداري‌للحكومة‪:‬‬
‫نتيجة لتطور دور الدولة والتوسع في الخدمات العامة التى تقدمها الدولة للمجتمع كنتيجة طبيعية‬
‫للتطور االجتماعي واالقتصادي والسياس ي للدول‪ ،‬زاد بذلك عدد الوزارات والهيئات واملؤسسات واملصالح‬
‫املتعددة التى تقوم كل منها بدور مختلف في مجال الخدمة العامة‪ ،‬باإلضافة الى التخصص وتقسيم العمل‬
‫الذي يحتاج الى عدد من املوظفين في الجهاز االداري للحكومة وبالتالي ازدياد النفقات العامة‪ ،‬باإلضافة الى‬
‫ما سبق‪ ،‬فهناك ظاهرة في معظم الحكومات‪ ،‬وهي أن عدد املوظفين في األجهزة االدارية الحكومية يزداد‬
‫بمعدل أعلى من زيادة الخدمات العامة‪ ،‬ويمكن تفسير هذه الظاهرة بأن املديرين في الوحدات االدارية‬
‫الحكومية يلجأون الى زيادة عدد املوظفين في دوائرهم دون أن يكون هناك حاجة ضرورية لهم‪ ،‬ويكون‬
‫الدافع وراء هذا في بعض الحاالت ابراز أهمية املنصب االداري الذي يمثله املدير‪ ،‬أو شعور املدير بأن‬
‫طلبه للعدد املطلوب من املوظفين سوف يخفض من قبل السلطات العليا‪ ،‬وليضمن ذلك العدد بالتالي‬
‫فانه يزيد من عدد املوظفين املطلوبين على الحاجة الحقيقية لهم‪ ،‬ويترتب على ذلك كله توسع في الجهاز‬
‫االداري في عدد املوظفين في تلك األجهزة مما يزيد من حجم االنفاق العام‪.‬‬
‫‪-‬استخدام‌األساليب‌االدارية‌الحديثة‪‌ :‬‬
‫فالهدف من هذه األساليب هو رفع األداء‪ ،‬وضبط ومراقبة للحسابات في الدوائر الحكومية‪ ،‬فاملعدات‬
‫املكتبية والكمبيوترات و اآلالت الحاسبة االلكترونية يتطلب زيادة في النفقات‪ ،‬باإلضافة الى أن رفع كفاءة‬
‫األداء في مثل تلك الدوائر الرسمية يحتاج الى رفع مستوى نوعية املوظفين‪ ،‬مما يستدعي دفع مرتبات أعلى‬
‫من أجل استقطابهم في الوظائف العامة( بعقود خاصة) وكل هذا يؤدي الى زيادة حجم االنفاق العام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حامد عبد المجيد دراز‪ ،‬واخرون‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬الدار الجامعية ‪،‬االسكندرية‪،2003،‬ص‪.278‬‬
‫‪2‬‬
‫محمود حسين الوادي‪ ،‬زكريا أحمد عزام‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)131-130‬‬
‫‪31‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫ه‪‌-‬األسباب‌املالية‪ :‬ان العوامل املالية التى ساعدت على زيادة االنفاق العام يمكن اختصارها كاالتي‪:‬‬
‫‪ -‬وجود‌فائض‌في‌امليزانية‌ال امة‪‌:‬وينشأ الفائض في امليزانية العامة وخصوصا أيام الرواج االقتصادي‬
‫ونمو الناتج املحلي االجمالي بنسب مئوية مرتفعة حيث تزداد معه االيرادات العامة مقارنة بحجم‬
‫االنفاق العام للسنة نفسها‪ ،‬ان وجود مثل هذا الفائض في املوارد املالية يشجع على زيادة االنفاق‬
‫‪1‬‬
‫العام في السنوات القادمة‪ ،‬مما ينتج عنه في أغلب األحيان تبذير وهدر للموارد املالية‪.‬‬
‫‪ -‬سهولة‌الحصول‌على‌املوارد‌املالية‌عن‌طرق‌االقتراض‌ال ام‪:‬‬
‫أدى تطور الفكر املالي الحديث في نظرته ملفهوم القرض العام عن مفهومه السابق‪ -‬باعتباره مصدرا‬
‫غير مرغوب فيه ومن املصادر االستثنائية إليرادات الدولة‪ -‬الى لجوء غالبية الدول الى االقتراض‬
‫‪2‬‬
‫وزيادة الدين العام وأعبائه مما أدى الى زيادة النفقات العامة على النحو االتي‪:‬‬
‫أعباء خدمة‬ ‫زيادة الدين العام‬ ‫يؤدي الى‬ ‫اللجوء الى االقتراض‬
‫زيادة النفقات العامة‪.‬‬ ‫الدين العام( فوائد وأقساط)‬
‫‪ -2‬األسباب الظاهرية لتزايد النفقات العامة‪:‬‬
‫تعتبر الزيادة في النفقات العامة زيادة ظاهرية أو صورية اذا لم يكن يقابلها زيادة في نصيب الفرد من‬
‫الخدمات التى تؤديها الدولة أو الهيئات العامة فالزيادة الظاهرية في النفقات العامة هي مجرد زيادة في‬
‫أرقام النفقات العامة دون أن يكون هناك زيادة مقابلة في كمية السلع أو الخدمات أو تحسين أنواعها‪،‬‬
‫وترجع الزيادة الصورية الظاهرية في النفقات العامة الى عدة أسباب‪:‬‬
‫‪ ‬تدهور‌قيمة‌النقود‪:‬‬
‫يقصد بتدهور قيمة النقود ‪ ،‬انخفاض قوتها الشرائية مما يؤدي الى نقص مقدار السلع والخدمات التى‬
‫يمكن الحصول عليها بذات العدد من الوحدات النقدية عن املقدار الذي كان يمكن الحصول عليه من‬
‫قبل ‪،‬وهي الظاهرة التى تفسر بارتفاع اسعار السلع والخدمات‪.‬‬
‫ويترتب على تدهور قيمة النقود زيادة النفقات العامة ملواجهة هذا التدهور‪ ،‬فالدولة تدفع عددا من‬
‫وحدات النقد أكبر مما كانت تدفعه من ذي قبل للحصول على نفس املقدار من السلع والخدمات‪،‬‬
‫فالزيادة هنا في رقم النفقات العامة زيادة ظاهرية‪ ،‬اذ ال يترتب عليها أي زيادة في املنفعة الحقيقية أو زيادة‬
‫في أعباء التكاليف العامة على األفراد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ويعد تدهور قيمة النقود السبب األساس ي للزيادة الظاهرية في النفقات العامة في العصر الحديث‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ميثم صاحب عجام‪ ،‬علي محمد مسعود‪" ،‬المالية العامة بين النظري والتطبيق"‪،‬ط‪،1‬دار البداية‪،‬األردن‪،2015،‬ص‪.288‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد طاقة‪ ،‬هدى العزاوي‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.48‬‬
‫‪3‬‬
‫سوزي عدلي ناشد‪" ،‬الوجيز في المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.63‬‬
‫‪32‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫‪ ‬اختالف‌طرق‌املحاسبة‌املالية‪:‬‬
‫يؤدي اختالف طرق املحاسبة املالية في بعض األحيان الى أن تبدو النفقات العامة وقد زادت زيادة كبيرة اذا‬
‫قورنت النفقات العامة الواردة في ميزانية حديثة بالنفقات العامة الواردة في ميزانية قديمة بينما يتبين من‬
‫البحث أن جانبا من هذه الزيادة يرجع الى اختالف طريقة قيد الحسابات ومن ذلك أن القواعد املالية التى‬
‫كانت متبعة في املاض ي كانت تسمح لبعض االدارات واملصالح أن تقوم بتغطية نفقاتها مما تحصل عليه‬
‫من ايرادات بحيث ال يظهر في امليزانية اال صافي النفقات العامة التى ال تبدو في امليزانية بتفاصيلها نتيجة‬
‫لعدم األخذ بقاعدة عمومية امليزانية ولألخذ بتخصيص االيرادات العامة لنفقات معينة‪ ،‬فلما تغير هذا‬
‫األسلوب و أصبح من القواعد املتبعة عند تحضير امليزانيات فقاعدة عمومية امليزانية الذي يعني أن تظهر‬
‫جميع ايرادات الدولة وجميع نفقاتها في ميزانيتها ظهر في ميزانيات بعض الدول زيادة ضخمة في النفقات‬
‫العامة نتيجة لألخذ بهذا األسلوب‪ ،‬وهذه الزيادة الظاهرية ال تمثل الحقيقة وانما يرجع ذلك الى األخذ‬
‫بقاعدة عمومية امليزانية‪.‬‬
‫وقد يحدث عند تأميم بعض الشركات الخاصة أن يترتب على ذلك زيادة ضخمة في النفقات العامة نتيجة‬
‫لتحول نفقات الشركات الخاصة الى نفقات عامة‪ ،‬وليست هذه الزيادة اال زيادة ظاهرية في جانب هام منها‬
‫ألن النفقات الجديدة كانت موجودة من قبل وكانت تظهر في امليزانيات الخاصة لهذه الشركات قبل أن‬
‫تؤمم‪.‬‬
‫وقد ترجع زيادة النفقات العامة في جانب منها الى زيادة املدة موضوع املقارنة عن املدة املقررة‪ ،‬ومثال ذلك‬
‫عندما يحدث تغيير في بداية السنة املالية‪ ،‬كما قد يحدث أن ترجع الزيادة في جانب منها الى اختالف‬
‫‪1‬‬
‫أسلوب االحصاء‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة‌مساحة‌اقليم‌الدولة‌وعدد‌سكانها‪:‬‬
‫قد تكون الزيادة الظاهرية في النفقات العامة مرده زيادة مساحة اقليم الدولة أو عدد سكانها‪ ،‬ومثال ذلك‬
‫قيام الدولة باحتالل دولة أخرى‪ ،‬أو استرداد جزء من اقليمها‪ ،‬ويترتب على هذه الزيادة بطبيعة الحال‪،‬‬
‫زيادة في حجم النفقات العامة‪ ،‬اال أنها زيادة ظاهرية نظرا لعدم حدوث زيادة في النفع العام أو زيادة في‬
‫االعباء العامة امللقاة على السكان دون مقابل فعلي‪.‬‬
‫ومن الواضح أن متوسط نصيب الفرد من النفقات العامة‪ ،‬في هذه الحاالت‪ ،‬اذا تأثر بالزيادة فان الزيادة‬
‫تكون حقيقية‪ ،‬أما اذا تزايد االنفاق ملجرد مواجهة التوسع الكائن في مساحة الدولة أو زيادة عدد السكان‪،‬‬
‫دون أن يمس السكان األصليين فهنا تكون الزيادة في االنفاق العام مجرد زيادة ظاهرية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫علي زغدود‪ "،‬المالية العامة"‪،‬ط‪ ،4‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪،2011،‬ص(‪.)43-42‬‬
‫‪33‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫يعد السبب األول املتمثل في تدهور قيمة النقود من أهم أسباب الزيادة الظاهرية في النفقات العامة‪،‬‬
‫خاصة بعد أخذت كافة اقتصاديات الدول املتقدمة واملتخلفة على السواء‪ ،‬بمبدأ وحدة أو عمومية‬
‫امليزانية‪ ،‬أضف الى ذلك أن حدوث زيادة في مساحة الدولة أو عدد سكانها يمثل عبئا اضافيا على الدولة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وذلك ألنها تواجه هذه الزيادة عن طريق زيادة نسبة الضرائب على املواطنين‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬األثار االقتصادية للنفقات العامة‬
‫لم يعد للنظرة الكالسيكية التى ترى أن االنفاق العام مبلغ يختفي حالة انفاقه وليس له أثار اقتصادية‬
‫واجتماعية أية أهمية‪ ،‬حيث أن تطور الفكر املالي أوضح أن النفقات العامة تشكل أداة هامة من أدوات‬
‫التأثير في األوضاع االقتصادية‪ ،‬أي بعبارة أخرى من أدوات السياسة االقتصادية‪ ،‬وهو ما يدخل في نطاق‬
‫دراسة السياسة املالية‪.‬‬
‫واالثار االقتصادية للنفقات العامة قد تكون مباشرة وهي ما تعرف باألثار األولية لإلنفاق العام‪ ،‬وقد تكون‬
‫أثار غير مباشرة وهي التى تنتج من خالل ما يعرف بدورة الدخل أي أثر املضاعف واملعجل‪.‬‬
‫‪ -1‬األثار االقتصادية املباشرة للنفقات العامة‪:‬‬
‫يمكن ذكر أهم األثار االقتصادية املباشرة للنفقات العامة على النحو التالي‪:‬‬
‫‌أ‪‌ -‬أثار‌النفقات‌ال امة‌على‌االنتاج‌الوطني‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫يميز في أثار االنفاق العام على االنتاج بين أثار تتحقق في املدى القصير وأخرى تتحقق في املدى الطويل‪:‬‬
‫‪ -‬في املدى القصير ترتبط أثار االنفاق العام بتحقيق التوازن واالستقرار االقتصاديين عبر الدورات عن‬
‫طريق التأثير على الطلب الكلي الفعال في االقتصاد والحيلولة دون قصره أو تقلب مستواه‪.‬‬
‫‪ -‬في املدى الطويل تختلف أثار االنفاق العام على االنتاج والدخل تبعا لطبيعة هذا االنفاق‪ ،‬فاإلنفاق على‬
‫املرافق التقليدية كالدفاع الخارجي واألمن الداخلي واقامة العدالة وان لم تبد له عالقة مباشرة باإلنتاج‪،‬‬
‫اال أنه ييهئ الظروف التى ال غ نى عنها لقيامه‪ ،‬حيث يؤدي اختالل األمن الى عدم اطمئنان املنتجين على‬
‫استثمار أعمالهم مما يعيق سير االنتاج في مختلف ميادينه‪.‬‬
‫كما يؤثر االنفاق على التعليم والصحة العامة والتأمينات االجتماعية ضد املرض والعجز والشيخوخة‬
‫والبطالة على االنتاج من خالل تأثيره على قدرة األفراد ورغبتهم في العمل واالدخار‪.‬‬
‫وكذلك يلعب االنفاق العام دورا فعاال في توجيه املوارد االنتاجية املتاحة الى فروع النشاط املرغوبة عن‬
‫طري التأثير على معدالت الربح فيها بضمان حد أدنى من األرباح أو سد العجز في ميزانية املشروع خالل‬
‫فترة معينة وتديم بعض االعانات املالية كإعانات االنشاء والتوسع والتصدير‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫سوزي عدلي ناشد‪" ،‬الوجيز في المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.64‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬يسري أبو العال‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)40-39‬‬
‫‪34‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫ب‪ -‬أثار‌النفقات‌ال امة‌على‌طريقة‌توزيع‌الدخل‌الوطني‪:‬‬


‫يتعرض الدخل الوطني الى نوعين من التوزيع هما‪:‬‬
‫‪-‬التوزيع األولي أو توزيع الدخل بين املنتجين أي بين من ساهموا في العملية االنتاجية‪ ،‬في صورة مكافأة‬
‫لعوامل النتاج في شكل أجور وفوائد وربح وريع‪.‬‬
‫‪-‬اعادة توزيع الدخل الوطني أو التوزيعة الثانية وعي اعادة توزيع الدخل بين املستهلكين ونصد به الدولة‬
‫ونظرا لعدم عدالة التوزيع األولي للدخل تتحقق العدالة االجتماعية أو تتحقق أهداف اقتصادية برفع‬
‫الطلب الفعلي ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ومن خالل التوزيعين يكون لإلنفاق العام دور مهم نوضحه في اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬دور‌النفقات‌ال امة‌في‌توزيع‌الدخل‪:‬‬
‫تمارس الدولة دورها في توزيع الدخل والتأثير فيه عن طريق تدخلها في تحديد األثمان أو املكافأة عوامل‬
‫االنتاج وتتخذ أحد الشكلين اآلتيين مباشر من خالل تحديد األجور( وضع حد أدنى لألجور) وتحديد‬
‫الفائدة( اقرار حد معين لسعر الفائدة) وتحديد االيجارات( تثبيت نسبة صيرة لإليجار) وتحديد األرباح(‬
‫السماح بتوزيع نسبة معينة منه)‪ ،‬أما التوزيع غير املباشر فيتم من خالل تحديد أسعار السلع والخدمات‬
‫املنتجة ويترتب على التدخل في األسعار التأثير في عوائد االنتاج‪.‬‬
‫‪ ‬دور‌النفقات‌في‌اعادة‌توزيع‌الدخل‌الوطني‪:‬‬
‫يمكن التعرف على دور النفقات العامة في اعادة توزيع الدخل الوطني من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬يترتب على النفقات التمويلية االجتماعية املتمثلة بالنفقات التعليمية والصحية والثقافية والتى يتم‬
‫توزيعها مجانا وبأسعار تقل عن كلفة انتاجها اعادة لتوزيع الدخل الوطني للفئات املستفيدة وهي‬
‫الفئات ذات الدخل املحدود‪.‬‬
‫‪ -‬يترتب على النفقات التحويلية العينية املتمثلة باإلعانات االقتصادية واملالية املدفوعة لبعض‬
‫املشروعات بقصد خفض أو تثبيت اسعارها اعادة لتوزيع الدخل في مصلحة االفراد املستهلكين لهذه‬
‫السلعة‪.‬‬
‫ج‪ -‬أثار‌النفقات‌ال امة‌على‌االستهالك‪:‬‬
‫‌‬
‫يتجه جانب من االنفاق العام لشراء سلع استهالكية كالنفقات العامة التى ترصدها الحكومات لتقديم‬
‫بعض الوجبات الغذائية في املدارس واملستشفيات والسجون وشراء السلع االستهالكية الالزمة للجيش من‬

‫‪1‬‬
‫عادل فليح علي‪ "،‬المالية العامة والتشريع المالي الضريبي"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.74‬‬
‫‪35‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫مالبس ومواد غذائية وكذلك املبالغ التى ترصد لشراء السيارات وغيرها من األدوات الالزمة لإلدارات‬
‫واملصالح الحكومية‪ ،‬وباإلضافة الى ذلك فانه من املحقق أيضا أن هناك بعض النفقات العامة التى يترتب‬
‫عليها زيادة واضحة في حجم االستهالك الكلي ومن هذه النفقات العامة نفقات الحكومة على شراء املواد‬
‫الطبية والغذائية واملالبس للسجون‪ ،‬أو لتقديمها إلفراد بعض الطبقات الفقيرة‪.‬‬
‫فضال عن ذلك فان هناك أثر محققا على االستهالك الوطني نتيجة ملا توزعه الدولة من دخول وعلى وجه‬
‫الخصوص الدخول التى توزع على الطبقات الفقيرة وكذلك نفقات الضمان االجتماعي واعانات البطالة‬
‫واعانات الزواج واألوالد فهذه الدخول التى ينقلها االنفاق العام الى الطبقات املنخفضة الدخل باإلضافة‬
‫الى بعض االعانات التى تقدمها الدولة للمنتجين لتخفيض أسعار بعض السلع الضرورية‪ ،‬والتى يترتب‬
‫عليها زيادة االقبال على السلع االستهالكية لشدة ميل الطبقات الفقيرة الى االستهالك عموما بسبب ظروف‬
‫معيشتها واحساسها بالحرمان‪.‬‬
‫وينبغي التفرقة بين تأثير النفقات العامة على االستهالك الوطني في االقتصاديات املتقدمة وتأثيرها على‬
‫االستهالك الوطني في االقتصاديات املتخلفة‪.‬‬
‫ففي االقتصاديات املتقدمة وفي حالة التشغيل الكامل ال يكون من املناسب زيادة االستهالك عن طريق‬
‫االنفاق العام ألن هذه الزيادة يترتب عليها التضخم أما في حالة التشغيل الناقص وحيث تكون املدخرات‬
‫أكثر بالنسبة لفرص االستثمار فان االنفاق الحكومي على زيادة االستهالك يكون الوسيلة التى تبعث‬
‫الحيوية في االقتصاد ليتجه الى التشغيل الكامل‪.‬‬
‫أما في االقتصاديات املتخلفة فاألمر يختلف اذ أن املدخرات الوطنية فيها تكون عادة غير كافية لتمويل‬
‫مشروعات التنمية ولذلك فانه من الواجب أن تراعي حكومات هذه الدول في سياستها املالية أال يؤثر زيادة‬
‫الطلب على االستهالك على تكوين املدخرات الالزمة لتمويل املشروعات التنمية وأن تقيم التوازن بين‬
‫هدفها في رفع مستوى الطبقات الفقيرة وفي الحاجة الى زيادة الطلب على أموال االستهالك ملقابلة التوسع‬
‫في انتاج األموال وبين الحاجة املستمرة الى تكوين املدخرات‪ ،‬فاذا ما زاد االستهالك عن املعدل املطلوب‬
‫يمكن لهذه الحكومات أن تعيده الى معدله بأن تضيق في نفقاتها التى تؤدي الى االستهالك وأن تساعد عن‬
‫طريق استخدام الضريبة الى ارجاع معدل االستهالك الى وضعه الصحيح وذلك كله في اطار أهدافها‬
‫‪1‬‬
‫االقتصادية واالجتماعية العامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫علي زغدود‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)65-63‬‬
‫‪36‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫‪ -2‬األثار االقتصادية غري مباشرة للنفقات العامة‪:‬‬


‫للنفقات العامة أثار اقتصادية غير مباشرة تنتج من خالل دورة الدخل وهي ما تعرف من الناحية‬
‫االقتصادية بأثر املضاعف واملعجل‪.‬‬
‫و يطلق على أثر "املضاعف"‌االستهالك املولد‪ ،‬كما يطلق على أثر‌"املعجل"‌االستثمار املولد‪ ،‬ويرتبط أثر‬
‫النفقة العامة على االستهالك باألثر املترتب على االنتاج نتيجة لتفاعل كل من املضاعف واملعجل‪ ،‬وبمعنى‬
‫أوضح فان النفقة العامة ال تؤثر فقط على االستهالك بتأثير عامل "املضاعف" ولكنها تؤثر في ذات الوقت‬
‫على االنتاج فقط ولكنها تؤثر على االستهالك بصورة عامة غير مباشرة‪.‬‬
‫وسنتطرق ألثر النفقات العامة من خالل أثري املضاعف واملعجل على النحو التالي‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬أثر‌املضاعف‪:‬‬
‫املضاعف هو مصطلح يستعمل في التحليل االقتصادي لبيان األثر املتراكم الناتج عن الزيادة الحاصلة‬
‫في االنفاق أو النقص فيه بالنسبة للدخل الوطني‪ ،‬أهو بعبارة أخرى املعامل العددي الذي يوضح لنا‬
‫مقدار الزيادة في الدخل الوطني الناتجة عن الزيادة في االنفاق الوطني من خالل ما تؤدي اليه تلك الزيادة‬
‫‪1‬‬
‫من تأثيرات في االستهالك‪.‬‬
‫لتوضيح فكرة املضاعف‪ ،‬فانه عندما تزيد النفقات العامة فان جزء منها يوزع في شكل أجور ومرتبات‬
‫وفوائد وأسعار للمواد األولية أو ريع لصالح األفراد‪ ،‬وهؤالء يخصصون جزء من هذه الدخول إلنفاقه على‬
‫املواد االستهالكية املختلفة ويقومون بادخار الباقي وفقا للميل الحدي لالستهالك واالدخار‪ ،‬والدخول التى‬
‫تنفق على االستهالك تؤدي الى انشاء دخول جديدة لفئات أخرى تقسم ما بين االستهالك واالدخار والدخل‬
‫الذي يوجه الى االدخار ينفق جزء من في االستثمار‪ ،‬وبذلك تستمر دورة توزيع الدخول من خالل ما يعرف‬
‫بدورة الدخل التى تتمثل في االنتاج‪ -‬الدخل‪ -‬االستهالك‪ -‬االنتاج‪ ،‬مع مالحظة أن الزيادة في االنتاج والدخل‬
‫ال تتم بنفس مقدار الزيادة في االنفاق ولكن بنسبة مضاعفة وللذلك سمي باملضاعف‪.‬‬
‫وملا كان أثر املضاعف ذا عالقة بامليل الحدي لالستهالك فهو يزيد بزيادة امليل الحدي لالستهالك وينخفض‬
‫بانخفاضه وبطبيعة الحال فان امليل الحدي لالستهالك ليس ثابتا بل يختلف من قطاع الى أخر ومن فئة‬
‫ألخرى ولذا تبدو أهمية تحديد األثار املترتبة على االنفاق العام في شتى القطاعات ومختلف الفئات‪.‬‬
‫فبالنسبة ألصحاب املرتبات واألجور واالعانات( ذوي الدخل املحدود) فامليل الحدي لالستهالك لديهم‬
‫مرتفع وبالتالي يرتفع أثر املضاعف مع زيادة النفقات العامة املوجهة لهؤالء‪ ،‬أما أصحاب رأس املال فانهم‬

‫‪1‬‬
‫عادل فليح علي‪ "،‬المالية العامة والتشريع المالي الضريبي"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.67‬‬
‫‪37‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫يتجهون الى شراء املعدات وأدوات االنتاج وبالتالي فان أثر املضاعف يكون بسيطا بالنسبة لهم‪ ،‬حيث‬
‫ميلهم الحدي لالستهالك منخفض‪.‬‬
‫أضف الى ذلك أن األثر الذي يحدثه املضاعف يرتبط بمدى مرونة وتوسع الجهاز االنتاجي‪ ،‬وهذا يرتبط‬
‫بدوره بدرجة النمو االقتصادي‪ ،‬ففي الدول املتقدمة حيث الجهاز االنتاجي يتمتع باملرونة والقدرة على‬
‫التجاوب مع الزيادات في االستهالك‪ ،‬فاملضاعف ينتج أثره بشكل ملموس‪ ،‬أما في الدول النامية‪ ،‬وبالرغم‬
‫من ارتفاع امليل الحدي لالستهالك‪ ،‬يكون أثر املضاعف ضعيفا نظرا لعدم مرونة الجهاز االنتاجي وانعدام‬
‫‪1‬‬
‫قدرته على التجاوب مع الزيادة في االستهالك‪.‬‬
‫ب‪-‬أثر‌املعجل‪‌ :‬‬
‫يقصد باصطالح املعجل في التحليل االقتصادي أثر زيادة االنفاق أو نقصه على حجم االستثمار‪ ،‬حيث‬
‫أن الزيادات املتتالية في الطلب على السلع االستهالكية يتبعها على نحو حتمي زيادات في االستثمار‪،‬‬
‫والعالقة بين هاتين الزيادتين يعبر عنها بمبدأ املعجل‪.‬‬
‫وحقيقة األمر‪ ،‬أن زيادة الدخول يترتب عليها زيادة في الطلب على السلع االستهالكية(أثر املضاعف)‪ ،‬ومع‬
‫مرور الوقت فان منتجي هذه السلع‪ ،‬وبعد نفاذ املخزون‪ ،‬يجدون أنفسهم مدفوعين الى زيادة انتاج تلك‬
‫السلع‪ ،‬بغرض زيادة أرباحهم ومن ثم يضطرون الى زيادة طلبهم على السلع االستثمارية من معدات وأالت‬
‫الزمة الستمرار انتاجية السلع التى زاد الطلب عليها‪ ،‬ومع زيادة االستثمار يزداد الدخل الوطني‪ ،‬فزيادة‬
‫‪2‬‬
‫االنفاق العام بما تحدثه من زيادة أولية في االنتاج الوطني تسمح بإحداث زيادة في االستثمار بنسبة أكبر‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬تطور النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫شرعت الجزائر ومنذ سنة ‪ 2000‬ونتيجة لالنفراج املالي الذي تحقق بفعل ارتفاع أسعار النفط بداية‬
‫األلفية الثالثة في اتباع سياسة مالية ترتكز باألساس على التوسع في النفقات العامة‪ ،‬تجسدت‬
‫بالخصوص في كل من مخطط اإلنعاش االقتصادي للفترة ‪ 2004-2001‬والبرنامج التكميلي لدعم النمو‬
‫للفترة ‪ 2009-2005‬واعتبر هذا البرنامج خطوة غير مسبوقة في التاريخ االقتصادي الجزائري وذلك من‬
‫حيث قيمته املرتفعة‪ ،‬والتي بلغت ما يقارب ‪ 4203‬مليار دج أي ما يعادل ‪ 55‬مليار دوالر ‪،‬حيث جاءت هذه‬
‫السياسة بعد فترة صعبة عانت خاللها الجزائر على جميع األصعدة وبالخصوص في الجانبين االقتصادي‬
‫و االجتماعي‪ ،‬ومن ثم فقد كان الهدف الرئيس ي من هذا البرامج زيادة على تحسين معدالت النمو‬
‫االقتصادي‪ ،‬في ‪ ، 2017‬استقرت النفقات الكلية للميزانية نسبيا‪ ،‬إذ لم ترتفع سوى ب ‪ ،٪ 1,3‬مقابل‬

‫‪1‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)109-108‬‬
‫‪2‬‬
‫سوزي عدلي ناشد‪" ،‬الوجيز في المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.81‬‬
‫‪38‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫تراجع ب‪ ٪ 4,7‬في ‪ 2016‬من حيث املبلغ‪ ،‬استقرت هذه النفقات عند ‪7 389.3‬مليار دينار‪ ،‬مقابل‬
‫‪ 7297,5‬مليار دينار في‪ 2016‬نتج هذا االرتفاع الطفيف‪ ،‬بصفة كاملة‪ ،‬عن الزيادة في النفقات الجارية‬
‫ً‬
‫(‪ ،)٪3,8‬على الرغم من انخفاض نفقات رأس املال ب ‪٪ .3,0‬نسبة إلى إجمالي الناتج الداخلي‪ ،‬انخفضت‬
‫ً‬
‫النفقات الكلية في سنة ‪ 2017‬إلى ‪ ٪ 39,1‬مقابل ‪ ٪ 41,9‬في سنة ‪ 2016‬باملثل‪ ،‬عرفت النفقات الكلية نسبة‬
‫إلى إجمالي الناتج الداخلي خارج املحروقات انخفاضا‪ ،‬لتبلغ ‪ ،٪ 48,3‬مقابل‪ %50,7‬في ‪‌ .2016‬‬
‫في ‪ ، 2017‬تجاوز مستوى نفقات التسيير ونفقات التجهيز املصروفة فعال‪ ،‬مستواها املدرج في امليزانية‬
‫ّ‬
‫مثلت نفقات التسيير ونفقات رأس املال‪ ٪ 103,6 ،‬و ‪ ،٪ 114,8‬على التوالي‪ ،‬من نفس النفقات املدرجة‪،‬‬
‫ُ‬
‫بينما من املعتاد ّأن املصروفات ال تتجاوز النفقات املدرجة في امليزانية ترجع هذه التجاوزات ‪ ،‬خاصة‬
‫بالنسبة لنفقات التجهيز‪ ،‬ملؤخرات الدفع بموجب سنة ‪ 2016‬واملصروفة في ‪.2017‬‬
‫بعد أن انخفضت ب ‪ ٪ 0,7‬في ‪ ، 2016‬عادت النفقات الجارية إلى االرتفاع في ‪ ،)%3.8( 2017‬لتبلغ ‪757,8‬‬
‫‪4‬مليار دينار‪ ،‬مقابل ‪4 585,6‬مليار دينار في ‪2016‬يرجع هذا االرتفاع ( ‪ 172,2‬مليار دينار) كليا إلى ارتفاع‬
‫كل من التحويالت الجارية ( ‪ 167,9‬مليار دينار)‪ ،‬والفوائد على الدين العمومي‪ ،‬التي انتقلت من ‪ 46,8‬مليار‬
‫دينار في ‪2016‬إلى ‪ 154,0‬مليار دينار في ‪ 2017‬باملقابل‪ ،‬انخفضت نفقات املعدات واللوازم ونفقات‬
‫املستخدمين ب ‪ ٪ 35,4‬و ‪ ،٪ 1,2‬على التوالي‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بنفقات التجهيز‪ ،‬فبعد أن شهدت ارتفاعا معتبرا في ‪ ،2015‬حيث بلغت ‪3039,3‬مليار دينار‬
‫( ‪ ،)٪ 21,5‬انخفضت للسنة الثانية على التوالي لتبلغ ‪2631,5‬مليار دينار في ‪ ، 2017‬مقابل ‪ 2 711,9‬مليار‬
‫‪1‬‬
‫دينار في ‪.2016‬‬
‫ّ‬
‫مس هذا االنخفاض في نفقات التجهيز كل القطاعات باستثناء قطاع السكن وبند "نفقات أخرى"‬
‫ّ‬
‫توزعت النفقات حسب القطاعات كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬الطاقة‌واملناجم‪ :‬انخفاض ب ‪ ٪ 5,4‬لتبلغ ‪ 25,5‬مليار دينار‪ ،‬مقابل ‪ 27‬مليار دينار في ‪ 2016‬و ‪114,7‬‬
‫‪ ،‬مليار دينار في ‪.2015‬‬
‫‪ -‬الفالحة ‌واملوارد ‌املائية‪ :‬تراجع ب ‪( ٪ 12,2‬من ‪ 236,9‬مليار دينار في ‪2016‬إلى ‪ 208‬مليار دينار في‬
‫‪)2017‬‬
‫‪ -‬البنى ‌التحتية ‌االقتصادية ‌واإلدارية‪ :‬انخفاض ب ‪( ٪ %17‬من ‪ 1126,4‬مليار دينار في ‪ 2016‬إلى‬
‫‪ 934,6‬مليار دينار في ‪.)2017‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Rapport annuel 2017, « evolution économique et monétaire en Algérie », juillet,2018 ,p49.‬‬
‫‪39‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫‪ -‬التربية‌والتكوين‪ :‬انخفاض ب ‪ ،٪ 32,3‬منتقلة من ‪ 193,3‬مليار دينار في ‪2016‬إلى ‪ ، 130,9‬مليار دينار‬


‫في ‪.2017‬‬
‫‪ -‬البنى‌التحتية‌االجتماعية‌والثقافية‪ :‬انخفاض ب ‪ ،٪ 28,7‬لتبلغ ‪ 110,6‬مليار دينار‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬السكن‪ :‬ارتفاع ب ‪ ،٪ 19,7‬لتبلغ ‪ 535,7‬مليار دينار وتمثل ‪ ٪ 20,4‬من نفقات التجهيز‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬نفقات‌أخرى‪ :‬ارتفاع معتبر ( ‪ )٪ 51,3‬لتبلغ ‪ 527,1‬مليار دينار‪.‬‬
‫ُيبين الجدول التالي توزيع وتطور نفقات التجهيز العمومية األساسية‪:‬‬
‫جدول‌رقم(‪ :)1‬هيكل نفقات التجهيز) بالنسب املئوية(‬
‫‪2017‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬
‫‪0,97‬‬ ‫‪0,99‬‬ ‫‪3,8‬‬ ‫‪4,5‬‬ ‫‪0,15‬‬ ‫املناجم والطاقات‬
‫‪0,97‬‬ ‫‪0,99‬‬ ‫‪3,8‬‬ ‫‪4,5‬‬ ‫‪0,15‬‬ ‫كهربة وتوزيع الغاز‬
‫‪7,9‬‬ ‫‪8,7‬‬ ‫‪10,0‬‬ ‫‪11,6‬‬ ‫‪14,4‬‬ ‫الفالحة املوارد املائية‬
‫‪35,5‬‬ ‫‪41,5‬‬ ‫‪34,0‬‬ ‫‪32,7‬‬ ‫‪37,2‬‬ ‫البنى التحتية االقتصادية‬
‫واالدارية‬
‫‪5,0‬‬ ‫‪7,1‬‬ ‫‪7,5‬‬ ‫‪7,7‬‬ ‫‪10,8‬‬ ‫التربية التكوين‬
‫‪4,2‬‬ ‫‪5,7‬‬ ‫‪4,5‬‬ ‫‪4,5‬‬ ‫‪6,1‬‬ ‫البنى التحتية االجتماعية‬
‫والثقافية‬
‫‪20,4‬‬ ‫‪16,5‬‬ ‫‪20,3‬‬ ‫‪17,1‬‬ ‫‪13,5‬‬ ‫السكن‬
‫‪20,0‬‬ ‫‪12,9‬‬ ‫‪13,1‬‬ ‫‪16,3‬‬ ‫‪10,9‬‬ ‫نفقات أخرى‌‬
‫‪Source : Rapport annuel 2017, « evolution économique et monétaire en Algérie »,op cit‬‬
‫‪,p50.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Rapport annuel 2017, « evolution économique et monétaire en Algérie »,op.cit. ,p50.‬‬
‫‪40‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العامة‬

‫‪ -‬عرف النفقة العامة واذكر أهم عناصرها‪.‬؟‬


‫‪ -‬ما هي معايير التفرقة بين النفقات العامة والخاصة ؟ اشرحها‪.‬؟‬
‫‪ -‬ما هو الفرق بين النفقات الحقيقية والنفقات التحويلية‪.‬؟‬
‫‪ -‬ما هو التقسيم املعتمد للنفقات في الجزائر ؟ وعلى أي معيار يستند‪.‬؟‬
‫‪ -‬أذكر أهم األسباب املؤدية لتزايد النفقات العامة‪ .‬؟‬
‫‪ -‬ما هو الفرق بين الزيادة الحقيقية والزيادة الظاهرية للنفقات العامة‪.‬؟‬
‫‪ -‬ما هي أهم آثار النفقات العامة على االنتاج الوطني‪ .‬؟‬
‫‪ -‬ما هي أهم آثار النفقات العامة على االستهالك الوطني‪.‬؟‬
‫‪ -‬حدد األثار املباشرة وغير املباشرة للنفقات العامة في االنتاج‪.‬؟‬
‫‪ -‬يتعرض االقتصاد الوطني الى حاالت عدم التوازن وتلعب السياسة االنفاقية دورا مهما في مجال‬
‫العمل على اعادة االقتصاد الوطني الى حالة التوازن (حلل وناقش)‪.‬؟‬
‫‪ -‬كيف تعمل النفقات العامة على تحقي االعادة العادلة لتوزيع الدخل الوطني‪.‬؟‬

‫‪41‬‬
‫االيرادات العامة‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫لكي تقوم الدولة بوظيفتها البد أن تحصل على تمويل لالنفاقها العام أي أن تحصل على الموارد‬
‫المالية الالزمة لتغطية نفقاتها العامة‪ ،‬وهذه الموارد هي التى يطلق عليها باإليرادات العامة للدولة‪.‬‬
‫واذا كانت االيرادات العامة تنحصر أهدافها في ظل الفكر المالي التقليدي في تغطية النفقات العامة‬
‫الالزمة لقيام الدولة بوظيفتها التقليدية‪ ،‬فان االيرادات العامة في الوقت الحاضر ترمي فضال عن ذلك الى‬
‫تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية وسياسية أي أنها أصبحت أداة للتوجيه االقتصادي واالجتماعي وبعبارة‬
‫أخرى أصبحت مع النفقات العامة أدواتا للسياسة المالية التى تسعى الدولة من خاللها لتحقيق أهدافها‪.‬‬
‫وتشمل االيرادات العامة للميزانية على االيرادات العادية و هي تلك االيرادات التي تتكرر دوريا في‬
‫الميزانية وتشمل بصفة خاصة ‪ :‬إيرادات الدومين أي أمالك الدولة ‪ ،‬وحصيلة الرسوم ‪ ،‬وحصيلة‬
‫الضرائب‪ ،‬أما اإليرادات العامة غير العادية فهي تلك الموارد التي ال تكرر – بطبيعتها – بطريقة منتظمة‬
‫(دوريا أي سنويا ) في الميزانية‪ ،‬وأهم هذه الموارد هي القروض العامة‪ ،‬االصدار النقدي الجديد‪ ،‬اإلعانات‬
‫التي تقدمها لها الحكومات والهيئات األجنبية و فيمايلي سيتم التعرض لكل عنصر على حدى‪.‬‬
‫أوال‪ :‬ايرادات أمالك الدولة) الدومين‪(:‬‬
‫يطلق لفظ الدومين(‪)Domaine‬على ممتلكات الدولة أيا كانت طبيعتها؛ عقارية أو منقولة ‪،‬وأيا كان نوع‬
‫ملكية الدولة لها عامة أم خاصة ‪ ،‬وينقسم دومين الدولة إلى قسمين ‪:‬دومين خاص الغرض منه جلب‬
‫دخل للدولة شأنه في ذلك شأن أمالك األفراد‪ ،‬ودومين عام ال يقصد منه الحصول على دخل بل إدارة‬
‫المرافق )العامة كالمباني الحكومية والطرق العامة‪(.‬‬
‫‪-1‬الدومين العام‪:‬‬
‫يتكون هذا النوع من كل ما تمتلكه الدولة ويخضع للقانون العام‪ ،‬ويختص أيضا بتلبية الحاجات العامة‬
‫مثل الطرق والمطارات والموانئ والحدائق العامة ‪ ...‬الخ ‪.‬ويتميز الدومين العام بعدة مميزات ال يجوز بيعه‬
‫طالما هو خصص للمنفعة العامة وال يجوز تملكه بالتقادم‪ ،‬ملكية الدولة له هي ملكية عامة تخضع‬
‫ألحكام القانون اإلداري‪ ،‬والغاية من الدومين العام تقديم خدمات عامة وليس عل أموال للخزينة العامة‪،‬‬
‫وهذا ال يمنع من إمكان تحقيق إيراد كما هو الحال عند دخول الحدائق أو المطارات ‪...‬الخ ‪.‬هذا المقابل‬
‫)اإليراد (يستعمل في الغالب في تنظيم استعمال هذا المرفق‪ ،‬ومهما يكن فالنتيجة هي مجانية االنتفاع‬
‫‪1‬‬
‫بأموال الدومين العام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫زينب حسن عوض هللا‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬الدار الجامعية ‪،‬بيروت‪ ، 1994 ،‬ص‪.95‬‬
‫‪44‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫غير أن الدومين العام وان كان ال يقصد به أصال الحصول على إيراد للخزانة إال أنه قد ينتج دخال كما‬
‫في حالة فرض رسم على زيارة الحدائق العامة ودور اآلثار والمتاحف‪ ،‬وكما في حالة حصول الحكومة‬
‫على إتاوة نظير استغالل مرفق عام‪.‬‬
‫‪-2‬الدومين الخاص‪:‬‬
‫يقصد بالدومين الخاص كلما تملكه الدولة ملكية خاصة وهي التي تخضع ألحكام القانون الخاص‪ ،‬شأنها‬
‫في ذلك شأن األفراد والمشروعات الخاصة‪ ،‬والدومين الخاص ال يخصص للمنفعة العامة‪ ،‬ويدر الدومين‬
‫‪1‬‬
‫الخاص إيرادات ولهذا يعتبر مصدر مالي مهم للدولة ويقسم الدومين الخاص إلى ثالثة أقسام وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الدومين العقاري‪:‬‬
‫كان استغالل االراضي الزراعية والغابات من مصادر ايرادات الدولة الرئيسية في العصور الوسطى‬
‫أيضا المحاجر والمناجم ومصائد االسماك لتكون مصدر من مصادر االيرادات العامة ‪ ،‬إال انه‬
‫وظهرت ً‬
‫في الفترة االخيرة ومع اتجاه الدولة الى زيادة فاعلية االنتاج من خالل المشاركة الفردية الخاصة بدأت‬
‫الدولة تملك االراضي الزراعية لألفراد فقل الدومين الزراعي وان كانت الدولة ما زلت تحتفظ بملكية المناجم‬
‫والمحاجر ومشاركة القطاع الخاص في انتاجه من تلك المناجم والمحاجر ‪ ،‬إال انه يمكن القول في النهاية‬
‫ان الدومين الزراعي أصبح مصدر منخفض من مصادر االيرادات العامة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الدومين الصناعي والتجاري‪:‬‬
‫على أنه إذا كانت أهمية الدومين العقاري قلت في الوقت الحاضر‪ ،‬فإن أرباح الدومين التجاري والصناعي‬
‫للدولة قد زادت ‪،‬ونقصد بالدومين التجاري والصناعي المشروعات التجارية والصناعية التي تتوالها الدولة‪.‬‬
‫فالمشاهد أن المشروعات التجارية والصناعية التي تتوالها الدولة كثرت في معظم الدول بسبب االتجاه‬
‫الذي ظهر أثناء الحرب العالمية األخيرة وفي أعقابها نحو تأميم الصناعات األساسية فيها‪.‬‬
‫ويتوقف اتساع نطاق هذه المشروعات التي تتوالها الدولة على أمرين‪:‬‬
‫‪ -‬سياسة الحكومة من حيث اتجاهها نحو االشتراكية أو نحو الفردية‪.‬‬
‫‪ -‬المقارنة بين ما يعود على الدولة من ربح من هذه المشروعات وبين ما كانت تقتطعه كضرائب من‬
‫أرباح هذه المشروعات لو ترك أمر القيام بها لألفراد‪.‬‬

‫‪1‬حممد حلمي مراد‪ "،‬مالية الدولة"‪ ،‬جامعة عني مشس‪ ،‬القاهرة ‪،2006،‬ص‪.122‬‬
‫‪45‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫ويطلق اصطالح" الثمن العام "على ثمن السلع التي تنتجها هذه المشروعات العامة أو الخدمات التي‬
‫تؤديها تمي از له عن الثمن الخاص وهو ثمن منتجات وخدمات المشروعات الخاصة‪ ،‬ويتوقف تحديد الثمن‬
‫العام على وجود مشروعات منافسة لها أو احتكارها السوق‪ ،‬فإذا كانت تتنافس مع غيرها من المشروعات‬
‫طبقا للعرض والطلب‪ ،‬أما إذا كانت هذه المشروعات تنفرد‬
‫الخاصة المماثلة‪ ،‬فإن الثمن يتحدد في السوق ً‬
‫بالسوق‪ ،‬فإنها تستطيع أن تحدد ثمنا أكثر ارتفاعا من الثمن الذي كان يحدد في حالة االحتكار الخاص‪،‬‬
‫وفي هذه الحالة يمكن القول بأن الثمن يتضمن ضريبة مستترة وهي عبارة عن الفرق بين هذا الثمن وبين‬
‫الثمن الذي كان يحدد في حالة االحتكار الخاص‪ ،‬على أنه ال يوجد ما يمنع من أن تحدد الدولة الثمن في‬
‫هذه الحالة بأقل من ثمن السوق‪ ،‬إذا كانت تهدف إلى تيسير الحصول على السلعة أو الخدمة‪ ،‬وتشجيع‬
‫اإلقبال عليها دون نظر إلى ما تدره من إيراد للخزانة العامة‪ ،‬مثال ذلك قيام الحكومة اإليطالية بإنتاج‬
‫الكينين بأقل من نفقة اإلنتاج بقصد مكافحة حمى المالريا‪.‬‬
‫ج‪ -‬الدومين المالي‪:‬‬
‫هي تلك اإليرادات التي تحصل عليها الدولة من السندات الحكومية وأذونات الخزينة واألسهم) محفظة‬
‫األوراق المالية(‪ ،‬هذا باإلضافة إلى الفوائد التي تحصل عليها من خالل القروض التي تمنحها لألفراد أو‬
‫المؤسسات أو توظيف أموالها في البنوك‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرسوم‬
‫تعتبر الرسوم من مصادر االيرادات العامة للدولة ذات األهمية الخاصة‪ ،‬وتأتي في المرتبة الثانية بعد‬
‫أمالك (الدومين) من حيث درجة األهمية‪ ،‬وتتميز بأنها من االيرادات التى تدخل خزانة الدولة بصفة دورية‬
‫منتظمة‪ ،‬ومن ثم تستخدمها الدولة في تمويل نفقاتها العامة وتحقيق المنافع العامة‪.‬‬
‫ومما هو جدير بذكر‪ ،‬أن الرسوم يدفعها األفراد مقابل الخدمات الخاصة التى يحصلون عليها من المرافق‬
‫العامة‪ ،‬أي أنها مقابل للخدمات‪.‬‬
‫ويعد الرسم من أدم مصادر االيرادات العامة حيث كان يمثل في العصور الوسطى أهمية كبيرة تفوق‬
‫‪1‬‬
‫الضرائب‪ ،‬ويرجع ذلك لعدة أسباب‪:‬‬
‫‪ -‬أن في تلك العصور كانت العالقة بين الدولة واألفراد أشبه ما تكون عالقة تعاقدية‪ ،‬حيث كانت الدولة‬
‫تقدم خدمات معينة لألفراد بواسطة مرافقها االدارية‪ ،‬مقابل التزام األفراد بدفع مبلغ معين في شكل‬
‫رسوم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سوزي عدلي ناشد‪" ،‬الوجيز في المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.101‬‬
‫‪46‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫‪ -‬كان الملوك وأمراء االقطاع يفضلون اللجوء الى الرسوم بدال من الضرائب‪ ،‬حيث أن فرض الضرائب‬
‫كانت يتطلب موافقة البرلمان‪ ،‬بينما كانت الرسوم ال تتطلب موافقة من جانب الجهة األخيرة ومن ثم‬
‫كانت أيسر في فرضها‪.‬‬
‫وبمرور الزمن تناقصت أهمية الرسوم اذ لم تعد مصد ار تمويليا هاما لإليرادات الدولة بقدر كونها‬
‫وسيلة تنظيمية لسير المرافق العامة وهي بصدد تقديم خدماتها للجمهور‪ ،‬أضف الى ذلك أن فرض‬
‫الرسوم لم يعد أم ار متروكا لمشيئة الدولة‪ ،‬بل أصبح فرضها يتم استنادا الى القانون‪.‬‬
‫‪ -1‬ماهية الرسم و خصائصه‪:‬‬
‫يمكن تعريف الرسم بأنه‪ ":‬فريضة مالية يؤديها الفرد جب ار للدولة مقابل انتفاعه بخدمة معينة تترتب عليها‬
‫‪1‬‬
‫نفع خاص له الى جانب النفع العام الناشئ عن أداء هذه الخدمة"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫و من هذا التعريف للرسم يتضح لنا أن الرسم يتميز بخصائص هامة وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬ان الرسم هو مبلغ من المال‪ ،‬أي مبلغ نقدي‪.‬‬
‫‪ -‬ان الرسم هو الزامي أو جباري‪ ،‬يلتزم األفراد بدفعه الى الدولة وعنصر االجبار يبدو في استقالل‬
‫الدول والهيئات العامة األخرى في وضع النظام القانوني للرسم من حيث تحديد مقداره وطرق‬
‫تحصيله‪.‬‬
‫‪ -‬الرسم يدفع مقابل انتفاع الفرد بخدمة معينة‪ ،‬مثل رخصة السيارة أو الفصل في المنازعات القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬يترتب على الرسم تحقيق نفع خاص الى جانب النفع العام‪ ،‬أي أن دافع الرسم يحقق نفعا خاصا ال‬
‫يشاركه فيه غيره من األفراد‪ ،‬ويتحقق بجانبه نفعا عاما يعود للمجتمع ككل‪ ،‬فرسم القضاء مثال يحقق‬
‫نفعا خاصا للفرد في الحصول على حقوقه ويحقق نفعا عاما للمجتمع في اشاعة العدالة والطمأنينة‪.‬‬
‫‪ -2‬تقدير الرسم وفرضه‪:‬‬
‫تقوم الدولة بتحديد قيمة الرسم الذي يفرض على بعض خدمات المرافق العامة‪ ،‬اال أنه ليس من السهل‬
‫تجديد قواعد عامة تلتزم بها السلطة العامة(الدولة) وهي بصدد تقدير الرسم الواجب أدائه‪ ،‬ويمكن أن ندخل‬

‫‪1‬‬
‫محمود حسين الوادي‪ ،‬زكريا أحمد عزام‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪94‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الغفور ابراهيم أحمد‪ "،‬مبادئ االقتصاد والمالية العامة"‪ ،‬دار زهران‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،2009،‬ص‪.255‬‬
‫‪47‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫في االعتبار عند تقدير الرسم الواجب دفعه ويمكن أن تأخذ بعين االعتبار عند تقدير الرسم قواعد معينة‬
‫‪1‬‬
‫تتمثل فيمايلي‪:‬‬
‫‪ ‬القاعدة األولى‪ :‬مراعاة التناسب بين نفقة الخدمة المؤداة وبين الرسم المقابل لها‪ ،‬وتستند هذه‬
‫القاعدة اساسا الى ان الهدف األساسي من المرافق العامة هو تقديم الخدمات االزمة لألشخاص وليس‬
‫تحيق الربح‪ ،‬أي أن الهدف منها ليس هدفا ماليا بحتا‪ ،‬ومن ثم فال يوجد ما يستوجب أن يكون مقابل‬
‫الخدمة الممثل في الرسم أكبر من نفقة الخدمة‪ ،‬وتبرير هذه القاعدة‪ ،‬أنه ال يترتب على أداء هذه‬
‫المرافق لنشاطاتها أن تزيد ايراداتها على نفقاتها‪.‬‬
‫‪ ‬القاعدة الثانية‪ :‬أن يكون مبلغ الرسم المقرر أقل من نفقة الخدمة المقابلة له‪ ،‬وهذا العنصر ليست‬
‫قاعدة مطلقة‪ ،‬فهي تتعلق ببعض أنواع الخدمات كالتعليم العالي والخدمات الصحية‪ ،‬ويرجع ذلك الى‬
‫أن طبيعة هذه الخدمات‪ ،‬تمثل باإلضافة الى النفع الخاص‪ ،‬منفعة عامة يعود على المجتمع ككل‪،‬‬
‫ومن ثم فان متطلبات العدالة تستوجب توزيع نفقات هذه المرافق بين األشخاص المستفيدين بها‬
‫( دافعي الرسوم) وبين المجتمع ككل‪ ،‬عن طريق فرض الرسوم والضرائب بأنواعها المختلفة‪ ،‬زيادة‬
‫على ذلك أن تقليل مبلغ الرسوم والضرائب بأنواعها المختلفة يكون بهدف تحفيز االشخاص على‬
‫طلب مثل هذه الخدمات لضرورتها من جهة‪ ،‬ولنفعها العام من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬القاعدة الثالثة‪ :‬أن يكون مبلغ الرسم أكبر من نفقة الخدمة المقابلة له‪ ،‬ويعلق األمر هنا ببعض‬
‫أنواع الخدمات‪ ،‬ويكون الهدف منها اما تحيق ايراد مالي للخزينة العمومية‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة‬
‫لرسوم التوثيق‪ ،‬اذا زادت على نفقة المرفق القائم بأداء هذه الخدمة زيادة ملموسة‪ ،‬واما التقليل من‬
‫طلب األشخاص على الخدمة موضوع الرسم كما هو الحال بالنسبة لرسوم االستجمام في بعض‬
‫الشواطئ‪.‬‬
‫ورغم من تعدد هذه القواعد‪ ،‬فان ذلك ال يلغي أن الهدف من تأسيس الرسم هو غرض مالي من أجل‬
‫الحصول على ايرادات للخزينة العمومية‪ ،‬الى جانب تنظيم عمل استعمال المرافق العامة للدولة من‬
‫طرف المواطنين‪.‬‬
‫وفرض الضريبية يتم باالستناد على كونه يدفع جب ار من األشخاص الى الدولة‪ ،‬في هذا االطار‪ ،‬حق‬
‫األموال على المدين وبموجب ذلك‪ ،‬فان فرض الرسوم ال يتم باإلرادة المنفردة للسلطة التنفيذية المتمثلة‬
‫في الحكومة ومؤسسات الدولة ومرافقها العامة‪ ،‬بل يستلزم رقابة السلطة التشريعية عليها‪ ،‬ولذا فالبد‬

‫‪1‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)137-136‬‬
‫‪48‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫من موافقة السلطة التشريعية على فرض الرسوم وان كان فرضها ال يستلزم اصدار قانون بل يكفي‬
‫فيه أن يتم بناء على قانون ويقصد من ذلك‪ ،‬أن يصدر قانون يخول للوزير أو االدارة فرض الرسوم‬
‫المناسبة للخدمات التى تقدمها المرافق العامة والهدف من ذلك تعدد أنواع الرسوم وتنوع القواع التى‬
‫تتبع في تقديرها‪.‬‬
‫‪ -3‬مقارنة الرسم بالضريبة‪:‬‬
‫قد يختلط مفهوم الرسم مع الضريبة‪ ،‬لذا سنوضح بعض أوجه التشابه واالختالف بين كيليهما‪:‬‬
‫أ‪ -‬أوجه التشابه‪:‬‬
‫‪ -‬يتشابه الرسم والضريبة في أن كال منهما‪:‬‬
‫‪ -‬مبلغ من النقود يدفعه الفرد جب ار‪.‬‬
‫‪ -‬يدفع للدولة بصفة نهائية‪ ،‬وتستعين بحصيلتهما لتغطية النفقات العامة ‪.‬‬
‫‪ -‬تتمتع الدولة في سبيل اقتضائهما بامتياز على أموال المدين‪ ،‬وال بد من صدور أداة تشريعية بفرض‬
‫بصدد كل منهما‪.‬‬
‫ب‪ -‬أوجه االختالف‪:‬‬
‫رغم وجوه التشابه هذه‪ ،‬فإنه توجد اختالفات كبيرة بين الرسم والضريبة نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬تدفع الضريبة دون مقابل خدمة معينة خاصة لدافعها‪ ،‬بينما الرسم يدفع في مقابل حصول الفرد‬
‫على خدمة معينة‪.‬‬
‫‪ -‬تفرض الضريبة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية شتى‪ ،‬إلى جانب الغرض المالي‪ ،‬أما الرسم‬
‫فهدفه األساسي حصول الدولة على إيراد مالي للخزانة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬تفرض الضريبة ويحدد سعرها بقانون خاص‪ ،‬لكن الرسم يفرض بقانون ويترك للسلطة التنفيذية تحديد‬
‫سعره‪.‬‬
‫‪ -‬تفرض الضريبة على أساس الطاقة المالية للفرد ومدى قدرته على تحمل األعباء العامة‪ ،‬أما الرسم‬
‫يفرض على أساس تغطية نفقات المرفق الذي يقدم النفع الخاص إلى دافع الرسم‪.‬‬
‫‪ -‬تزايد أهمية الضرائب كمورد لإليرادات العامة في العصر الحديث وتضاؤل أهمية الرسم كمورد مالي‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫ثالثا‪ :‬اإليرادات من الضرائب‬


‫تمثل الضرائب في العصر الحديث أهم أنواع اإليرادات العامة التي تعتمد عليها الدولة لتغطية نفقاتها‬
‫العامة‪ ،‬وتجبر الدولة األفراد بالمساهمة في أعبائها العامة عن طريق فرض الضرائب عليهم وفقا لنظام‬
‫فني معين يقوم على مجموعة من القواعد والمبادئ التي تحكم سلوك الدولة والتزام األفراد بأداء الضريبة‪،‬‬
‫وترجع أهمية الضرائب إلى الدور الذي تلعبه في تحقيق أهداف السياسة المالية‪ ،‬ولما تثيره من مشكالت‬
‫فنية واقتصادية وما ينتج عنها من آثار اقتصادية واجتماعية‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريف الضريبة وخصائصها‪:‬‬
‫في غياب تعريف تشريعي‪ ،‬يمكن أن نعرف الضريبة على أنها‪ ":‬مساهمة نقدية تفرض على المكلفين بها‬
‫حسب قدراتهم التساهمية والتى تقوم عن طريق السلطة‪ ،‬بتحويل األموال المحصلة وبشكل نهائي ودون‬
‫‪1‬‬
‫مقابل محدد نحو تحقيق األهداف المحددة من السلطة العمومية"‪.‬‬
‫وتعرف كذلك بأنها‪" :‬اقتطاع نقدي‪ ،‬ذو سلطة‪ ،‬نهائي‪ ،‬دون مقابل منجز لفائدة الجماعات االقليمية( الدولة‬
‫‪2‬‬
‫وجماعاتها المحلية) أو لصالح الهيئات العمومية االقليمية"‪.‬‬
‫كما تعرف على أنها‪ " :‬عبارة عن فريضة نقدية يدفعها الفرد جب ار إلى الدولة أو إلحدى الهيئات العامة‬
‫المحلية بصفة نهائية مساهمة منه في تحمل التكاليف واألعباء العامة دون إن يعود عليه نفع خاص‬
‫‪3‬‬
‫مقابل دفع الضريبة"‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫انطالقا من مجمل هذه التعاريف المقدمة‪ ،‬يمكن تحديد خصائص الضريبة على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ ‬الضريبة فريضة نقدية‪:‬‬
‫نظر ألن‬
‫تدفع الضريبة في العصر الحديث في صورة نقود تمشيا مع مقتضيات النظام االقتصادي ككل ًا‬
‫كل المعامالت أصبحت تقوم على استخدام النق ود سواء في القطاعات العامة أو الخاصة‪ ،‬وبما أن‬
‫النفقات العامة تتم في صورة نقدية فان اإليرادات بما في ذلك الضرائب البد و ان تحصل كذلك بالنقود‪.‬‬
‫جبر‪:‬‬
‫‪ ‬الضريبة تدفع ًا‬
‫ويعنى ذلك أن الفرد ليس ح ار في دفع الضريبة بل هو مجبر على دفعها إلى الدولة‪ ،‬واإلجبار هنا قانوني‬
‫ال معنوي بالنظر إلى قانون الضريبة هو تعبير عن القوة اإللزامية للقاعدة القانونية التي تفرض على‬

‫‪1‬‬
‫‪Pierre BEL TRAME , « la fiscalité en France »,HACHETTE LIVRE ,6 éme édition,1998,p12 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Raymond MUZELLEC, « finances publiques », Editions dalloz,8 éme édition,1993,p423 .‬‬
‫‪3‬‬
‫خالد أحمد المشهداني‪ ،‬نبيل ابراهيم الطائي‪" ،‬مدخل الى المالية العامة"‪ ،‬دار األيام‪ ،‬األردن‪،2015،‬ص‪.83‬‬
‫‪4‬‬
‫سوزي عدلي ناشد‪" ،‬الوجيز في المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص(‪.)120-115‬‬
‫‪50‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫المكلف الخضوع لها من كافة زواياها‪ ،‬ويبدو عنصر اإلكراه في الضريبة واضحا من استقالل الدولة‬
‫بوضع نظامها القانوني من حيث تحديد وعائها وسعرها وكيفية تحصيلها‪ ،‬دون أن تراجع في ذلك األفراد‬
‫المكلفين بدفعها‪.‬‬
‫‪ ‬الضريبة تدفع بصفة نهائية‪:‬‬
‫ويقصد بهذه الخاصية أن الفرد الذي يلتزم بدفع الضريبة‪ ،‬إنما يدفعها دولة بصفة نهائية‪ ،‬فال تلتزم الدولة‬
‫برد قيمتها إليه بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬الضريبة تدفع بدون مقابل‪:‬‬
‫وتعني هذه الخاصية أن المكلف الذي يدفع هذه الضريبة ال يتمتع بمقابل مباشر أو بمنفعة خاصة من‬
‫جانب الدولة حين دفعه لها‪ ،‬وان كان هذا ال ينفي أن الفرد قد يستفيد من الخدمات التي تقدمها الدولة‬
‫بواسطة المرافق العامة المختلفة باعتباره فردا في الجماعة‪ ،‬وليس باعتباره مكلفًا بالضريبة‪.‬‬
‫‪ ‬الضريبة تمكن الدولة من تحقيق نفع عام‪:‬‬
‫إن الدولة ال تلتزم بتقديم خدمة معينة أو نفع خاص إلى المكلف بدفع الضريبة‪ ،‬بل أنها تحصل على‬
‫حصيلة الضرائب لتمويل نفقاتها العامة في مختلف القطاعات‪ :‬كالصحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬األمن‪ ،‬القضاء‪،‬‬
‫السياسة‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬االجتماع …الخ محققة بذلك منافع عامة للمجتمع‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فقد أصبحت‬
‫الضريبة تستخدم لتحقيق أغراض اقتصادية واجتماعية‪ ،‬مثل استخدام الضريبة التصاعدية كوسيلة إلعادة‬
‫توزيع الدخل والحد من التفاوت بين الطبقات‪ ،‬كما تفرض الضريبة الجمركية على الواردات لحماية‬
‫الصناعة الوطنية‪ ،‬وقد تفرض الضرائب للحد من االستهالك وتشجيع االدخار لتعبئة الفائض ألغراض‬
‫التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -2‬المبادئ العامة واألساسية للضريبة‪:‬‬
‫ونعني بالمبادئ العامة تلك األسس والقواعد واالعتبارات التى يجب مراعاتها عند فرض الضريبة وأهم‬
‫‪1‬‬
‫هذه المبادئ‪:‬‬
‫‪ -‬العدالة‪ :‬وتعني العدالة مساهمة كل عضو من أعضاء الجماعة في األعباء الضريبية بحسب مقدرته‬
‫النسبية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمود حسين الوادي‪ ،‬زكريا أحمد عزام‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)59-57‬‬
‫‪51‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫‪ -‬مبدأ الكفاءة‪:‬‬
‫يمكن النظر للكفاءة من زاويتين‪ ،‬األولى تتعلق بكفاءة تحصيل الضريبة‪ ،‬والثانية تتعلق بكفاءة الضريبة‬
‫ومدى ارتباطها بكفاءة النشاط االقتصادي بأسره‪.‬‬
‫بالنسبة لكفاءة تحصيل الضريبة يعنى أن تحقق الضريبة أعلى حصيلة ممكنة للخزينة العامة وبالتالي‬
‫االقتصاد في النفقات االدارية لتحصيل الضريبة‪ .‬وهذا يعني عدم وجود نظام معقد ويحتاج الى تكاليف‬
‫عالية في الجباية‪ ،‬واذا شعر المكلف بأن ما يدفعه من ضريبة ما هو اال تغطية للزيادة في النفقات العامة‬
‫يتهرب من دفعها وبالتالي تكون حصيلة الضريبة قليلة‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ اليقين‪:‬‬
‫ويرتبط هذا المبدأ بمدى وضوح الضريبة بالنسبة للفرد الملتزم بدفعها‪ ،‬وبالتالي يقتضي هذا المبدأ أن تكون‬
‫الضريبة واضحة تمام الوضوح أمام المكلف‪.‬‬
‫والهدف من ذلك هو حماية دافع الضريبة من التعسف الممكن حدوثه من موظفي االدارة الضريبية‪،‬‬
‫فالضريبة يجب أن ال تكون ام ار تحكميا‪ ،‬بل يجب حسابها بصورة مسبقة وتكون معلومة ومحددة لدافع‬
‫الضريبة باإلضافة الى معرفة كل األمور المتعلقة بالضريبة مثل وقت الدفع وأسلوب التحصيل‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ المالءمة‪:‬‬
‫ويتعلق هذا المبدأ بكيفية تحصيل الضريبة وتوقيت دفعها‪ ،‬ويقضي هذا المبدأ بأن أسلوب دفع الضريبة‬
‫وتوقيته يجب أن يكونا بقدر االمكان مالئمين ومناسبين لدافع الضريبة‪ ،‬وهذا االمر يخفف العبء النفسي‬
‫لدافع الضريبة ويجعل الضريبة مقبولة لديه‪ ،‬وعدم وجود هذا المبدأ يساعد على التهرب من دفع الضريبة‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ البساطة‪:‬‬
‫يرتبط هذا المبدأ بالبساطة التى يجب أن تتمتع بها الضرائب المفروضة من جانب القائمين على اداراتها‬
‫ومن جانب بساطة الفهم لدافع الضريبة بحيث أنه ال تكون االجراءات والتشريعات الضريبية معقدة بحيث‬
‫أنه ال يكون هنالك مجاال لالختالف في تفسيرها بين االدارة والمكلفين‪ ،‬األمر الذي يؤدي الى زيادة‬
‫التكاليف بالنسبة لإلدارة وللمكلفين من خالل لجوء المكلف الى استشاريين في الضريبة‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ التنويع‪:‬‬
‫وهذا يتطلب فرض أكثر من ضريبة من قبل الدولة األمر الذي يؤدي الى تحقيق ايرادا أوفر للدولة‬
‫وعدالة أكبر بين فئات المجتمع المختلفة باإلضافة الى أن درجة الخطر وعدم التأكد بالنسبة للدولة تكون‬
‫قليلة‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫‪ -‬مبدأ المرونة‪:‬‬
‫ويعني أن يكون هناك درجة من االستجابة للضرائب المفروضة للتغيرات في النشاط االقتصادي‪ ،‬وقد‬
‫تكون هذه المرونة من خالل مفهومين ‪،‬المفهوم األول وهو أن يكون هناك استجابة تلقائية للضرائب‬
‫القائمة مع التغيرات في مستوى النشاط االقتصادي‪ ،‬دون أن تضطر الدولة الى تغير هيكل النظام‬
‫الضريبي بفرض ضرائب جديدة أو تغيير معدالت الضرائب القائمة‪ ،‬أما المفهوم الثاني فهو أن يكون لدى‬
‫الدولة االمكانية الكافية وبالسرعة االزمة لمراجعة هيكل الضرائب القائم في االقتصاد وتعديله‪.‬‬
‫والهدف من مبدأ المرونة هو جعل الهيكل الضريبي متالئما باستمرار مع متطلبات التغير في الظروف‬
‫االقتصادية ومع أحوال الخزينة‪ ،‬مما يؤدي الى تسهيل تحقيق أهداف السياسة المالية العامة‪.‬‬
‫‪-3‬أهداف الضريبة‪:‬‬
‫ان اتساع دور الدولة بسبب تطور طبيعتها أصبحت مسؤولة عن التوازن االقتصادي واالجتماعي وتحقيق‬
‫معدل ثابت من النمو‪ ،‬وترتب على ذلك اتساع النفقات العامة‪ ،‬وتطوير حجم االيرادات العامة‪ ،‬ولم تعد‬
‫االيرادات مقصورة على تمويل النفقات بل أصبحت باإلضافة الى ذلك أداة من أدوات التوجيه االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬ويمكن عرض أهم أهداف الضرائب فيما يلي‪:1‬‬
‫أ‪ -‬أهداف اقتصادية‪ :‬وهو الوصول إلى حالة استقرار اقتصادي غير مشوب بالتضخم أو باالنكماش‪ ،‬ففي‬
‫حالة التضخم نستخدم الضريبة كأداة للعالج االقتصادي عن طريق رفع نسبتها والتوسع في فرضها‬
‫بغرض امتصاص كمية النقد الزائدة‪ ،‬وفي حالة االنكماش تخفض أسعارها وتزداد اإلعفاءات مما يزيد من‬
‫االدخار وبالتالي التوسع في االستثمار‪ ،‬وبذلك تكون الضريبة لها فاعليتها في عالج مساوئ الدورة‬
‫التجارية وما ينجم عنها من آثار سيئة‪.‬‬
‫ب‪ -‬أهداف اجتماعية‪ :‬في حالة فرض ضريبة مرتفعة على األغنياء وتخصيصها لزيادة دخول الطبقات‬
‫الفقيرة فإن ذلك يعتبر إعادة توزيع الدخل بما يتفق والعدالة االجتماعية‪ ،‬كما أن فرض رسوم إنتاج عالية‬
‫على بعض المنتجات الضارة بالصحة‪ ،‬كالمشروبات الكحولية أو الدخان‪ ،‬يؤدي إلى تقليل االستهالك من‬
‫هذا النوع من المنتجات‪ ،‬وتخفيض هذه الرسوم على منتجات أخرى من السلع الضرورية يؤدي إلى زيادة‬
‫استهالك مثل هذه السلع الخبز‪ ,‬اللحم‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الغفور ابراهيم أحمد‪ "،‬مبادئ االقتصاد والمالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)241-240‬‬
‫‪53‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫ج‪ -‬أهداف سياسية‪ :‬تستطيع بعض الدول التي تطبق االشتراكية سابقا تقليل الفوارق بين الدخول عن‬
‫طريق الضرائب التصاعدية‪ ،‬أو تحديد حد أقصى للدخل‪ ،‬وبذلك تتحول المدخرات من أيدي األفراد إلى‬
‫الدولة التي تتولى هي إنفاقها بناء على الخطة االقتصادية العامة للدولة‪.‬‬
‫‪ -4‬التنظيم الفني للضرائب ‪:‬‬
‫يقصد بالتنظيم الفني للضرائب "اإلجراءات الفنية المتعلقة بفرض الضرائب وتحصيلها‪ ،‬وبالتالي فهو‬
‫ينصرف إلى تحديد العناصر الخاضعة للضريبة والتي تشكل وعاءها‪ ،‬وتقدير قيمة هذه العناصر أي‬
‫‪1‬‬
‫تحديد الوعاء بهدف الوصول إلى تحقق الضريبة وتحصيلها"‪.‬‬
‫ويقصد بوعاء الضريبة المادة الخاضعة للضريبة أو الموضوع الذي تفرض عليه الضريبة‪ ،‬وعند تحديد‬
‫الوعاء يجب التمييز بين‪:‬‬
‫‪ -‬الضرائب على األشخاص والضرائب على األموال‪.‬‬
‫‪ -‬الضريبة الواحدة والضرائب المتعددة ‪.‬‬
‫‪ -‬الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة‪.‬‬
‫أ‪ -‬الضرائب على األشخاص والضرائب على األموال‪:‬‬
‫ويقصد بالضرائب على األشخاص‪ ،‬تلك الضرائب التي تتخذ من األفراد واألشخاص داخل الدولة محال‬
‫لفرض الضريبة‪ ،‬وقد عرف التاريخ المالي العديد من المجتمعات أنواعا كثيرة من هذه الضرائب‪ ،‬ومن‬
‫األمثلة على ذلك ضريبة الرؤوس وهي تنقسم إلى نوعين أساسيين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬ضرائب الرؤوس البسيطة أو الموحدة وهي التي كانت تفرض بسعر واحد (مبلغ معين) على‬
‫جميع األشخاص دون النظر إلى الثروات التي يمتلكونها أو الدخول التي يحققونها‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬ضرائب الرؤوس المتدرجة وهي تفرض بأسعار متعددة تبعا لتعدد الطبقات‪.‬‬
‫ولقد انتشر استخدام ضريبة الرؤوس منذ العصور القديمة عند العرب والرومان وحتى أواخر القرن التاسع‬
‫عشر وذلك لسهولة إدارتها وتحصيلها‪ ،‬إال أنها كانت تتميز بعدم عدالتها لكونها تفرض دون االعتداد‬
‫بالمقدرة التكليفية لألفراد‪ ،‬باإلضافة إلى أنها تتنافى مع اعتبارات الكرامة اإلنسانية‪ ،‬وهذا ما يفسر اختفاءها‬

‫‪1‬‬
‫عادل فليح علي‪ "،‬المالية العامة والتشريع المالي الضريبي"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.98‬‬
‫‪54‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫من النظم المالية للمجتمعات الحديثة‪ ،‬لتحل محلها الضرائب على األموال باعتبار األموال أكثر ترجمة‬
‫للمقدرة التكليفية للمكلفين‪.‬‬
‫أما الضريبة على األموال‪ ،‬فيكون المال ذاته‪ ،‬سواء ثروة أو دخال أو مظه ار من مظاهر الغنى هو‬
‫المادة الخاضعة للضريبة أو وعاؤها‪ ،‬وبذلك أصبحت األموال في المجتمعات المعاصرة هي أساس فرض‬
‫الضريبة‪.1‬‬
‫ب‪ -‬الضريبة الواحدة والضرائب المتعددة‪:‬‬
‫تعتمد الضرائب الموحدة على أساس فرض الضريبة موحدة على كافة مصادر الدخل المنصبة في وعاء‬
‫ضريبي واحد و تتميز بمراعاتها للقدرة المالية الخاصة بالمكلف أفضل من الضريبة النوعية ‪ ،‬ومن‬
‫مساوئها أنها ال تتالءم مع االقتصاد المعاصر وكذلك أنها غير عادلة ‪ ،‬أما الضرائب المتعددة فتعتمد‬
‫على أساس التمييز بين الدخول المختلفة وفقا لمصادرها ‪ ،‬بحيث يتم فرض ضريبة نوعية مستقلة على كل‬
‫مصدر من مصادر الدخل ‪ ،‬و يكون لكل ضريبة مفروضة وعاء و سعر خاص بها ‪ ،‬ويتميز هذا النوع‬
‫‪2‬‬
‫من الضرائب بالمرونة و بالحد من التهرب الضريبي‪.‬‬
‫ج‪ -‬الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة‪:‬‬
‫يعد تقسيم الضرائب إلى مباشرة وغير مباشرة أهم تقسيمات الضرائب على اإلطالق‪ ،‬فقد اتفق أغلب‬
‫الفقهاء االقتصاديين بأن الضرائب المباشرة هي ضرائب على الدخل والثروة‪ ،‬بينما الضرائب غير المباشرة‬
‫هي ضرائب على التداول واإلنفاق‪.‬‬
‫‪ ‬الض ارئب المباشرة‪:‬‬
‫الضريبة المباشرة هي تلك الضريبة التي تفرض على واقعة وجود عناصر الثروة من دخل ورأس مال‪،‬‬
‫ويرى البعض بأن الضرائب المباشرة تحقق العدالة في التكليف‪ ،‬ألنها تتناول مقدرة األفراد المالية ال‬
‫أعمالهم وهي ثابتة الدخل ألنها تطرح على رؤوس أموال وهو مدخول ال يتأثر بإرادة األفراد ودرجة‬
‫ومستوى إنفاقهم صعودا أو هبوطا وهي تتطلب عدد قليل من الموظفين‪ ،‬باإلضافة إلى إنماء الوعي‬
‫الضريبي ألن المكلفين يشعرون بثقلها ويدفعونها مكرهين ويحاولون التهرب منها بحيث تقل حصيلتها‬
‫وتعجز عن تأمين الموارد الالزمة لسد النفقات العمومية والبعد عن المساواة ألن اعتبار المقدرة المالية‬
‫للمكلف أساسا لطرح الضريبة يسهل على السلطة الضريبية محاباة بعض الفئات و الطبقات واساءة‬

‫‪1‬‬
‫محمد طاقة‪ ،‬هدى عزمي‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.95‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الساحل‪" ،‬المالية العامة" ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬جسور للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2017 ،‬ص(‪.)118-117‬‬
‫‪55‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫استعمال ربط الضريبة والبعد عن المرونة ألنه من الصعب زيادة الض ارئب المباشرة بالسرعة التي تزداد‬
‫بها الثروة الوطنية‪.‬‬
‫ومن أمثلة الضرائب المباشرة سنذكر بعض ما نص عليه القانون الضريبي الجزائري‪:‬‬
‫‪ ‬الرسم على النشاط المهني‪:‬‬
‫وهي ضريبة تفرض على رأس المال‪ ،‬المتأتي عن طريق التجارة‪ ،‬بأنواعها المختلفة‪ ،‬سواء كانت خدماتية‬
‫أم شراء واعادة البيع أم على االنتاج والمهن الحرة‪.‬‬
‫‪ ‬الضريبة على الدخل اإلجمالي‪:‬‬
‫وهي تتنوع وتتعدد بتعدد األشخاص والدخول وهي كالتالي‪:1‬‬
‫‪ -‬الضريبة على الدخل اإلجمالي على األرباح التجارية والصناعية ‪ ( IRG/BIC) :‬وهي ضريبة‬
‫تفرض على األرباح العائدة من األعمال التجارية والصناعية‪.‬‬
‫‪ -‬الضريبة على الدخل اإلجمالي على األرباح غير التجارية ‪ IRG/BNC) :‬وهي ضريبة تفرض على‬
‫األرباح العائدة من المهن الحرة كالمحاماة ومكاتب الدراسات والعيادات الطبية الخاصة‪ ...‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬الضريبة على الدخل اإلجمالي على الدخل العقاري ‪ IRG/RF :‬وهي ضريبة تفرض على الدخول‬
‫التي يجنيها أصحابها من إيجار العقا رات المبنية وغير المبنية‪ ،‬سواء كانت محالت تجارية أو‬
‫محالت سكنية‪ ،‬أو أراضي زراعية ‪...‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬الضريبة على الدخل اإلجمالي على األجور ‪ IRG/Salaire :‬وهي ضريبة تفرض على كل أجر‬
‫يأخذه العامل سواء كان يعمل في القطاع العام أو القطاع الخاص‪ ،‬مع مراعاة بعض األجور التي قد‬
‫أعفاها القانون من هذه الضريبة إذا لم تبلغ النصاب القانوني المحدد‪.‬‬
‫‪ ‬الضريبة على أرباح الشركات ‪: IBS‬‬
‫هي ضريبة تستحق سنويا على أرباح النشاطات الصناعية و التجارية والحرفية‪ ,‬تدفع هذه الضريبة لصالح‬
‫الميزانية العامة للدول و تمثل إيرادات عموميا تعتمد عليها لتمويل نشاطاتها العامة فهذه الضريبة أسست‬
‫بموجب المادة ‪ 135‬إلى ‪ 137‬من قانون الضرائب المباشرة لسنة ‪.1992‬‬
‫وتنص المادة ‪ 135‬على مايلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫لوني نصيرة‪ ،‬ربيع زكريا‪ "،‬محاضرات في المالية العامة"‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أكلي محند‪ ،‬البويرة‪،2014-2013،‬ص‪.29‬‬
‫‪56‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫"تؤسس ضريبة سنوية على مجمل األرباح أو المداخيل إلى تحقيقها ‪ ,‬الشركات و غيرها من األشخاص‬
‫المعنويين المشار إليهم في المادة ‪ 136‬من نفس القانون و تسمى هذه الضريبة بالضريبة على أرباح‬
‫الشركات"‪.‬‬
‫و من خالل هذا التعريف يتضح أن الضريبة على أرباح الشركات يدخل في إطار وضع نظام ضريبي‬
‫خاص للشركات يختلف عن نظام المطبق على األشخاص الطبيعيين ‪ ,‬و هذا التميز يبرزه االختالف‬
‫القانون الموجود بين الشخص المعنوي و الشخص الطبيعي لذا فإن الضريبة على أرباح الشركات تالئم‬
‫أكثر الشركات و كما أنها تعمل على عصرنته ‪ ,‬جباية الشركات و جعلها أداة لإلنعاش االقتصادي ‪ ,‬كما‬
‫أن اإلصالح الضريبي المتعلق بفرض الضريبة على أرباح الشركات ‪ ,‬يسعى إلى تحقيق العبء الضريبي‬
‫المطبق على الشركات و يتضح محاسب أي إدخال الضريبة على أرباح الشركات يجسد مبدأ أفضل‬
‫الضرائب على دخل األشخاص و الضرائب على دخل الشركات‬
‫‪1‬‬
‫ويتحدد الوعاء الضريبي للضريبة على أرباح الشركات(‪ )IBS‬كمايلي‪:‬‬
‫تنص المادة ‪ 140‬من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة على ما يلي‪:‬‬
‫"الربح الخاضع للضريبة هو الربح الصافي المحدد حسب نتيجة مختلف العمليات من أي طبيعة كانت‬
‫تنجزها كل مؤسسة أو وحدة أو مستثمرة تابعة لمؤسسة واحدة في ذلك على الخصوص التنازالت عن أي‬
‫عنصر من عناصر األصول أثناء االستغالل‪ ،‬و في نهايته يشكل الربح الصافي من الفرق في قيم‬
‫األصول الصافية عند اختتام و افتتاح الفترة التي يجب استخدام النتائج المحققة فيها قاعدة الضريبة ‪,‬و‬
‫تخصم الضريبة من الزيادات المالية و تضاف عند االقتطاعات التي يقوم بها صاحب االستغالل أو‬
‫الشركات خالل هذه الفترة و يقصد باألصول الصافية ‪ :‬الفائض في قيمة الوصول من بين جملة الخصوم‬
‫المتكونة من ديون الغير و االستهالكات المالية واألرصدة المتبقية"‪.‬‬
‫تحسب هذه الضريبة على أساس الربح الضريبي و هو يختلف عن الربح المحاسبي الذي يظهر في‬
‫جدول حسابات النتائج ويحدد ذلك الربح المحاسبي بالفرق بين اإليرادات و التكاليف المسجلة حسب‬
‫طبيعتها خالل السنة المالية‪ ،‬أما الربح الضريبي فهو ذلك الربح المحاسبي مع إجراء بعض التعديالت و‬
‫يتضح ذلك خالل العالقة التالية‪:‬‬

‫الربح الجبائي = الربع المحاسبي ‪ +‬االستردادات – التخفيضات‬

‫‪1‬‬
‫عبد الكريم بوغزالة أمحمد‪ "،‬محاضرات في المالية العامة"‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪،‬ورقلة‪،2017-2016،‬ص‪.44-43‬‬
‫‪57‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫‪ ‬الضرائب غير المباشرة‪:‬‬


‫الضريبة غير المباشرة هي ضريبة تفرض على وقائع تمثل إنفاقا أو تداوال لعناصر الثروة‪ ،‬ومن مزايا‬
‫الضرائب غير المباشرة أنها تجنى بسهولة فالمكلف يؤديها أحيانا دون أن يشعر بها‪ ،‬فهو ال يدري حينما‬
‫يشتري شيئا ما أنه يدفع ضريبة غير مباشرة‪ ،‬والضريبة غير المباشرة تزيد حصيلتها بزيادة االستهالك‬
‫وتطور الثروة‪ ،‬وهذا ما يفسر لجوء الحكومات إليها عندما تحتاج إلى المال‪.‬‬
‫أما عيوب الضرائب غير المباشرة فإنها في فترات األزمات والحروب تقل حصيلتها كما أنها ال تتناسب‬
‫مع المقدرة التكليفية للمكلف بها‪ ،‬فهي عادة ما تفرض على السلع الضرورية ولهذا تكون أكثر ثقال على‬
‫‪1‬‬
‫الطبقة الفقيرة‪ ،‬ومن أهم الضرائب غير المباشرة الرسم على القيمة المضافة‪.‬‬
‫‪ ‬الرسم على القيمة المضافة ‪:TVA‬‬
‫تعتبر هذه الضريبة إحدى مكونات النظام الضريبي الجزائري بعد اإلصالحات نتيجة المشاكل التي‬
‫عرفها النظام السابق للرسوم على رقم األعمال من حيث تعقده ‪ ,‬حيث أن الرسم على القيمة كان متمثل‬
‫في الرسم الوحيد اإلجمالي على اإلنتاج لقد تم إدخال الضريبة على القيمة المضافة في الجزائر بموجب‬
‫قانون المالية لسنة ‪ ،1991‬وعليه فإن الرسم على القيمة المضافة هي ‪ :‬ضريبة غير مباشرة مطبقة على‬
‫العمليات التي تكتسي طابعا تجاريا صناعيا حرفيا ‪ ,‬إذ أنها تفرض على القيمة المضافة للسلع و الخدمات‬
‫أثناء إنتاجها و تداولها بحيث يقوم كل منتج بدفع هذه الضريبة المحصلة على مبيعاته و هذا القصد الذي‬
‫يعادل الضريبة المحققة على القيمة المضافة في كل مرحلة من المراحل االقتصادية و التجارية التي يقوم‬
‫بها الخاضعون لها"‪.‬‬
‫‪ ‬الرسم الداخلي على االستهال ك(‪:)TIC‬‬
‫إن هدف السلطات العامة من وضع ضرائب على االستهالك خاصة بسلع معينة هو خاص‬
‫الستهالكات معينة كالمنتجات الضارة بالصحة ‪ ،‬و تعرف الضرائب على االستهالك عموما بأنها الضريبة‬
‫المسددة مقابل االنتفاع بالسلع و الخدمات النهائية في الدول التي تستهلك فيها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمود حسين الوادي‪ ،‬زكريا أحمد عزام‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص (‪.)63-62‬‬
‫‪58‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫لقد أسس قانون المالية لسنة ‪ 1991‬رسما يأخذ بعين االعتبار عند حساب الرسم على القيمة المضافة و‬
‫الذي يتمثل في الرسم الداخلي على االستهالك و التي أخضعت له مجموعة من المنتجات يمكن‬
‫تصنيفها ضمن المنتجات الضارة بالصحة إال أنها ما فتئت تشكل إيرادا ماليا معتب ار ال يستهان به‪.‬‬
‫‪ ‬الرسم على عمليات البنوك و التأمينات (‪:)TOBA‬‬
‫يعتبر هذا الرسم أحد فروع الضرائب الغير مباشرة الذي يمكن إدراجه كتكملة للرسم على القيمة‬
‫المضافة‪ ,‬بحيث أسس ضمن المادة ‪ 162‬من قانون الرسم على القيمة المضافة‪ ,‬إال أنه يطبق على‬
‫عمليات ذات طبيعة مالية كعمليات البنوك والتأمينات‪.‬‬
‫إن الرسم على عمليات البنوك و التأمينات تخض لنفس األحكام التي تخضع لها الرسم على القيمة‬
‫‪1‬‬
‫المضافة و خاصة منها تلك المتعلقة بتحديد القاعدة الضريبية التحصيل و المنازعات‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬األثار االقتصادية للضريبة‬
‫سنقوم األن بتوضيح أثر الضرائب على بعض المتغيرات سواءا على المستوي القومي أو على المستوي‬
‫‪2‬‬
‫الفردي‪ ،‬والتى سنرتبها على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬أثر الضرائب على االستهالك و االدخار‪:‬‬
‫ان فرض الضرائب يؤدي بشكل عام الى تخفيض االستهالك‪ ،‬وخاصة استهالك أصحاب الدخول‬
‫المحدودة‪ ،‬ألن اقتطاع جزء من دخولهم على شكل ض ارئب يحد من قوتهم الشرائية‪ ،‬ألن الدخل المعد‬
‫لإلنفاق سوف ينخفض‪ ،‬نالحظ هذا جليا في الدول النامية‪ ،‬حيث تدني الدخول واقتطاع جزء كبير من‬
‫الدخل لإلنفاق االستهالكي‪ ،‬اذ تصل هذه النسبة في بعض هذه الدول الى‪ %90‬كما أن استهالك األغنياء‬
‫يتأثر من الضرائب ولكن بنسبة ضئيلة‪.‬‬
‫الى جانب أثر الضرائب على االستهالك يوجد أثر على االدخار‪ ،‬ولكن المتضرر من ذلك هم األغنياء‪،‬‬
‫ألن بإمكانهم أن يقتطعوا جزء من دخلهم على شكل ادخار‪ ،‬فزيادة الضرائب يؤدي الى تخفيض ادخارهم‬
‫أما الفقراء فان تأثرهم يكون ليل جدا لألن ادخارهم منخفض جدا‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالضرائب غير المباشرة‪ ،‬فيتوقف أثرها على نوع السلع التى تفرض عليها ‪ ،‬فالسلع الكمالية‬
‫يكون االقبال عليها قليل فان تأثير الضرائب عليها يكون متدني‪ ،‬أما سلع االستهالك الجاري فان أثر‬
‫الضرائب عليها يكون محدود لألن األفراد قد اعتادوا على استهالكها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الكريم بوغزالة أمحمد‪ "،‬محاضرات في المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.45‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق الحاج‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)99-97‬‬
‫‪59‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫‪ -2‬أثر الضرائب على الناتج القومي والدخل القومي‪:‬‬


‫ويمكن أن نميز هنا أثرين هما‪:‬‬
‫أ‪ -‬األثار االنتعاشية‪:‬‬
‫يرى البعض أن فرض الضرائب يكون حاف از لزيادة العمل واالنتاج وبالتالي الى زيادة الدخل القومي‬
‫والناتج القومي‪ ،‬فعند قيام الدولة بزيادة الضرائب يقوم العمال بزيادة جهودهم للعمل األكثر كي يزيدوا من‬
‫دخولهم لتغطية أعباء الضرائب الجديدة وليحافظوا على مستوى المعيشة الذي اعتادوا عليه قبل فرض‬
‫الضرائب الجديدة‪.‬‬
‫ب‪ -‬األثار االنكماشية‪:‬‬
‫يرى البعض أن فرض ضرائب جديدة يؤدي الى تقليل االستهالك وبالتالي الى تخفيض انتاج السلع‬
‫االستهالكية‪ ،‬والذي يرتبط معه تخفيض انتاج السلع االستهالكية والذي يرتبط معه تخفيض انتاج السلع‬
‫االستثمارية‪ ،‬الى جانب ذلك فان فرض ضرائب جديدة يعني زيادة نفقات االنتاج مما يؤثر بالسلب على‬
‫ربح المنتج أي تخفيض الربح وهذا يؤدي الى تقليل ساعات العمل واالنتاج‪ ،‬فالضرائب أدت بالتالي الى‬
‫تخفيض الدخل القومي والناتج القومي‪ ،‬وقد رأى بعض الكتاب أن الضرائب المباشرة الجديدة تؤدي الى‬
‫تخفيض الكفاءة االنتاجية للعمال بسبب رغبتهم في زيادة عملهم( العمل ساعات اضافية) كي يزيدوا من‬
‫دخولهم لمقابلة العبء الضريبي الجديد‪.‬‬
‫‪ -3‬أثر الضرائب على الدخل و الثروة‪:‬‬
‫تلجأ بعض الدول الى اتباع سياسات مالية ضريبية من شأنها أن تعيد توزيع الدخل والثروة وذلك‬
‫بفرض الضرائب التصاعدية والضرائب على زيادة رأس المال والضرائب على الثروات المكتسبة‪ ،‬والتى‬
‫تؤثر على األغنياء دون الفقراء‪ ،‬كما أن الدولة تفرض الضرائب على السلع الكمالية والتى يستهلكها بشكل‬
‫واسع األغنياء وليس الفقراء‪ ،‬وبنفس الوقت تعفى السلع األساسية من الضرائب والتى يستهلكها بشكل كبير‬
‫الفقراء‪.‬‬
‫‪ -4‬أثر الضرائب على األسعار‪:‬‬
‫ان فرض ضرائب جديدة يؤدي في المدى القصير الى انخفاض أسعار السلع والخدمات‪ ،‬لألن الطلب‬
‫عليها يقل‪ ،‬فتنخفض األسعار وهذا ال يدوم طويال لألن انخفاض الضرائب تحدث انخفاض في المدخرات‬

‫‪60‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫وبالتالي انخفاض االستثمار واالنتاج مما يعني انخفاض في عرض السلع والخدمات مما يؤدي الى ارتفاع‬
‫أسعارها‪.‬‬
‫وفي حالة الضرائب غير المباشرة تكون النتيجة نفسها ألن المستورد أو المصدر أو المنتج أو البائع‬
‫يضيف مبلغ الضريبة الجديد على سعر السلعة والتى يتحملها في معظم األحيان المستهلك‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬اإلصدار النقدي الجديد‬
‫يقصد بتمويل بالتضخم أو التمويل بالعجز إحداث عجز بالموازنة العامة ناتج عن التوسع في اإلنفاق‬
‫ويمول هذا العجز إما عن طريق اإلصدار النقدي الجديد أو عن طريق التوسع في االئتمان المصرفي‪،.‬‬
‫كما يعني التمويل التضخمي " إصدار نقود جديدة توجه نحو اإلنفاق على مشروعات التنمية دون أن‬
‫‪1‬‬
‫يكون لهذه القوة الشرائية الجديدة مقابل موجود في االقتصاد من سلع وخدمات‪" .‬‬
‫و تختلف النتائج المترتبة بطبيعة و قوة االقتصاد و كمية االصدار ( الطلب الكلي) ‪ ،‬فاذا كان النمو‬
‫االقتصادي (العرض الكلي) بنسبة متالئمة مع كمية النقود المصدرة فان األثر على المستوى العام‬
‫لألسعار يكون طفيفا أو باألحرى متحكما فيه‪ ،‬أما اذا كان ضمن نطاق واسع مع عدم مقابلة من السلع و‬
‫‪2‬‬
‫الخدمات فيؤدي ذلك الى التضخم و يسميه البعض هذا النوع من التمويل بالتمويل بالتضخم ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫و عموما تؤثر عدة عوامل على نتيجة عملية االصدار النقدي على األسعار‪:‬‬
‫‪ -‬المدى الذي يمكن معه للبنك المركزي من زيادة االحتياطات النقدية‪.‬‬
‫‪ -‬تركيبة استثمارات الدين الحكومي‪.‬‬
‫‪ -‬المدى الذي يمكن للبنك المركزي أن يزيد من هذه االحتياطات يمكن معه للمواطنين أن يستبدلوا الدين‬
‫الحكومي الجديد بالدين الخاص القائم أو الحالي و االستهالك ‪..‬‬
‫‪ -‬اثر االقتراض الحكومي على سرعة تداول النقود‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بكري كامل ‪ "،‬التنمية االقتصادية "‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪ .1988 ،‬ص‪95‬‬
‫‪2‬‬
‫حازم الببالوي ‪ "،‬دور الدولة في االقتصاد" ‪ ،‬دار الشروق ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬القاهرة ‪، 1998 ،‬ص(‪.)86-85‬‬
‫‪3‬‬
‫غازي عبد الرزاق النقاش‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان ‪،‬األردن ‪، 2010‬ص‪.56‬‬
‫‪61‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫وعادة ما يترتب على التمويل التضخمي زيادة في المستويات العامة لألسعار بمعدل أعلى من ارتفاع‬
‫الدخول النقدية ‪،‬األمر الذي يجبر األفراد على إنقاص حجم استهالكهم وزيادة ادخارهم باإلضافة إلى ذلك‬
‫يقوم التضخم بنقل الثروة من المستهلكين في صورة أسعار مرتفعة إلى المنتجين في صورة أرباح استثنائية‬
‫‪1‬‬
‫هذه الطريقة تعتبر حاف از هاما على التوسع في اإلنتاج واعادة استثمار األرباح ‪.‬‬
‫وسياسة التمويل التضخمي في الدول النامية وان بدت ناجحة في تمويل التوسع في النشاط االقتصادي‬
‫‪2‬‬
‫في فترات الحروب إال أنها غالبا ما يكون مشكوك فيها في األوقات العادية وذلك بسبب‪:‬‬
‫‪ -‬قلة أو عدم مرونة عرض عناصر اإلنتاج أي أن الزيادة في كمية النقود ينعكس في زيادة مستويات‬
‫األسعار وليس زيادة عرض اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -‬ضيق نطاق سوق النقد والمال وعجز البنوك المركزية عن مكافحة التضخم‪.‬‬
‫التوتر االجتماعي الذي ينجم عنه انخفاض المدخرات الحقيقية للطبقات الفقيرة كنتيجة لتمويل‬ ‫‪-‬‬
‫التضخمي ‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي التضخم في الدخول النقدية إلى إحداث ضغط كبير على الميزان التجاري ألن ميل األفراد‬
‫الحدي لالستيراد كبير‪ ،‬وهذا يؤدي إلى وجود عجز كبير في ميزان المدفوعات األمر الذي يدفع‬
‫بالدولة إلى وضع قيود على االستيراد والتي تؤدي بدورها إلى منع تسرب القوة الشرائية الفائضة إلى‬
‫العالم الخارجي فتكون النتيجة توجيه تلك القوة الشرائية إلى األسواق المحلية مما يدفع األسعار‬
‫المحلية لالرتفاع‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬القروض العامة‬
‫من المعروف أن هناك صعوبات تواجه عملية االقتراض الحكومي في البالد النامية لعل أهمها عدم وجود‬
‫أسواق منظمة للسندات وضعف عادة االدخار وانتشار عادة االكتناز‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫والقروض العامة يمكن أن تختلف عن الضرائب كمصدر لإليرادات العامة للدولة في الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أن الضرائب ال ترد‪ ،‬حيث أن الضريبة تمثل اقتطاع مالي نهائي من الممول‪ ،‬فحين أن القرض يتم‬
‫استرجاعه ويمثل اقتطاع مالي مؤقت من أموال المقرض‪.‬‬

‫محمد عبد العزيز عجيمية ‪،‬محمد علي الليثي‪ " ،‬التنمية االقتصادية‪ :‬مفهومها نظرياتها سياساتها " ‪،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬مصر ‪،1994،‬ص‬
‫‪1‬‬
‫‪217.‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد عبد العزيز عجيمية‪ ،‬إيمان عطية ناصف‪ "،‬التنمية االقتصادية ‪:‬دراسات نظرية وتطبيقية"‪ ،‬كلية التجارة ‪،‬مصر ‪ .2002‬ص‪194‬‬
‫‪3‬‬
‫فليح حسن خلف‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.244‬‬
‫‪62‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫‪ -‬أن الضرائب ال تتضمن عقد واتفاق‪ ،‬أو وعد بالسداد‪ ،‬فحين ان القروض تتم عادة وفق عقد واتفاق‬
‫وتتضمن وعد بالسداد مع الفائدة وبالشروط التى يتضمنها عقد القرض‪.‬‬
‫‪ -‬أن الضرائب يمكن أن تؤدي الى خفض االنفاق الخاص وتقليصه‪ ،‬وبذلك يمكن أن تؤثر على‬
‫االستهالك‪ ،‬في حين أن القروض في الغالب تؤثر على االدخار ألن المقرضين عادة هم الفئات‬
‫مرتفعة الدخل والذين لديهم فائض مالي يزيد عن احتياجاتهم الستخدام هذا الفائض‪.‬‬
‫‪ -‬أن الحكومة تعتمد على الضرائب عادة لمواجهة وتغطية نفقاتها االعتيادية‪ ،‬في حين أن نفقاتها غير‬
‫العادية‪ ،‬وبالذات التنموية منها يمكن أن يتم االعتماد فيها على القروض وخاصة المتوسطة والطويلة‬
‫األجل منها‪.‬‬
‫‪ -‬أن حصيلة القروض العامة يمكن أن يتم تخصيصها لإلنفاق على غرض أو أغراض معينة‪ ،‬في حين‬
‫أن حصيلة الضريبة ال يمكن تخصيصها لإلنفاق على غرض أو أغراض معينة‪.‬‬
‫‪ -‬أن الضرائب يتم فرضها بصورة اجبارية‪ ،‬في حين أن القروض العامة يتم الحصول عليها بصورة‬
‫اختيارية في الغالب رغم أن بعضها قد يكون اجباريا‪.‬‬
‫‪-2‬أنواع القروض العامة‪:‬‬
‫تنقسم القروض العامة الى عدة أنواع تبعا للمعيار الذي يستند اليه وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬القروض االختيارية والقروض االجبارية‪:‬‬
‫األصل في القرض أن يكون اختياريا‪ ،‬فتقوم الحكومة بتحديد شروط القرض وتفاصيله ثم تترك لألفراد‬
‫والهيئات حرية االكتتاب فيه ولكي تتمكن الدولة من الحصول على القرض يجب أن تراعي الظروف‬
‫السائدة في األسواق المالية‪.‬‬
‫وتتميز هذه القروض بأن سعر الفائدة فيها يكون مساويا ان لم يكن أكثر من السعر الجاري للفائدة‬
‫‪1‬‬
‫ومع ذلك فقد تلجأ الحكومة في حاالت معينة الى القروض االجبارية من هذه الحاالت‪:‬‬
‫‪ -‬ضعف ثقة االفراد في الحكومة فال يقبلوا على اقراضها‪.‬‬
‫‪ -‬في حاالت وجود موجات تضخمية في االقتصاد وذلك بهدف امتصاص الوة الشرائية الزائدة وتقليل‬
‫كمية النقود المتداولة‪ ،‬حيث تقوم الحكومة بإعادة مبالغ القرض بعد معالجة التضخم‪.‬‬
‫‪ -‬أحيانا تلجأ الحكومة عند حلول أجل القرض الى مد األجل‪ ،‬وهذا يعني نشأة قرض اجباري جديد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد طاقة‪ ،‬هدى العزاوي‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.153‬‬
‫‪63‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫‪ -‬وفي أغلب األحيان تلجأ الدولة الى القروض االجبارية كأحسن وسيلة لتمويل الحروب والحاالت‬
‫االستثنائية‪ ،‬وهذه القروض د تعطي فائدة أقل من الفائدة الجارية في السوق أو بدون فائدة‪.‬‬
‫وللقرض االجباري خصائص الضريبة‪ ،‬فهو قرض ألن الدولة عند اصداره تلتزم سداد أصل القرض‬
‫وتتعهد بدفع فائدة سنوية‪ ،‬وهو ضريبة لتوفر عنصر االجبار‪ ،‬وفي حالة عدم قيام الدولة بسداد أصل‬
‫القرض فان القرض يصبح بطبيعة الحال ضريبة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫والقروض العامة يمكن أن تختلف عن الضرائب كمصدر لإليرادات العامة للدولة في الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أن الضرائب ال ترد‪ ،‬حيث أن الضريبة تمثل اقتطاع مالي نهائي من الممول‪ ،‬فحين أن القرض يتم‬
‫استرجاعه ويمثل اقتطاع مالي مؤقت من أموال المقرض‪.‬‬
‫‪ -‬أن الضرائب ال تتضمن عقد واتفاق‪ ،‬أو وعد بالسداد‪ ،‬فحين ان القروض تتم عادة وفق عقد واتفاق‬
‫وتتضمن وعد بالسداد مع الفائدة وبالشروط التى يتضمنها عقد القرض‪.‬‬
‫‪ -‬أن الضرائب يمكن أن تؤدي الى خفض االنفاق الخاص وتقليصه‪ ،‬وبذلك يمكن أن تؤثر على‬
‫االستهالك‪ ،‬في حين أن القروض في الغالب تؤثر على االدخار ألن المقرضين عادة هم الفئات‬
‫مرتفعة الدخل والذين لديهم فائض مالي يزيد عن احتياجاتهم الستخدام هذا الفائض‪.‬‬
‫‪ -‬أن الحكومة تعتمد على الضرائب عادة لمواجهة وتغطية نفقاتها االعتيادية‪ ،‬في حين أن نفقاتها غير‬
‫العادية‪ ،‬وبالذات التنموية منها يمكن أن يتم االعتماد فيها على القروض وخاصة المتوسطة والطويلة‬
‫األجل منها‪.‬‬
‫‪ -‬أن حصيلة القروض العامة يمكن أن يتم تخصيصها لإلنفاق على غرض أو أغراض معينة‪ ،‬في حين‬
‫أن حصيلة الضريبة ال يمكن تخصيصها لإلنفاق على غرض أو أغراض معينة‪.‬‬
‫‪ -‬أن الضرائب يتم فرضها بصورة اجبارية‪ ،‬في حين أن القروض العامة يتم الحصول عليها بصورة‬
‫اختيارية في الغالب رغم أن بعضها قد يكون اجباريا‪.‬‬
‫ب‪ -‬القروض الداخلية والقروض الخارجية‪:‬‬
‫تعرف القروض العامة الداخلية بأنها المبالغ المالية التى تحصل عليها الدولة عن طريق االستدانة من‬
‫قبل شخص معنوي أخر مقيم فيها سواء كان من األفراد أو البنوك أو الهيئات الخاصة أو العامة مع التعهد‬
‫بردها ودفع فائدة عنها وفقا لشروط معينة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫فليح حسن خلف‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.244‬‬
‫‪64‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫ويرجع اللجوء إلى القروض العامة الداخلية إلى عوامل مالية واقتصادية واجتماعية يمكن ذكرها على النحو‬
‫‪1‬‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ -‬التمويل بالقروض العامة ال يزيد من الدائنية اإلجمالية لالقتصاد الوطني حيث يكون المجتمع دائنا‬
‫لنفسه بصورة تؤدي إلى نقل الدخول من القطاع الخاص إلى القطاع العام ومن استخدام إلى استخدام أخر‬
‫غالبا ‪.‬‬
‫‪ -‬توفير األموال الالزمة لتمويل التنمية االقتصادية ‪.‬‬
‫‪ -‬تعمل القروض على امتصاص التضخم عن طريق تقليص القوة الشرائية ‪.‬‬
‫وحتىىى تكىىون القىىروض العامىىة الداخليىىة فائىىدة اقتصىىادية واجتماعيىىة وتؤسىىس عليىىه نتىىائج هامىىة مختلفىىة فمىىن‬
‫حيىىث تكلفىىة القىىرض يقتضىىي المنطىىق السىىليم اسىىتخدامه لتمويىىل المشىىروعات اإلنتاجيىىة الممولىىة لنفسىىها بنفسىىها‬
‫ومن ثم فىان حصىول الحكومىة علىى هىذه األمىوال واسىتثماراتها وفقىا لمقىررات خطىة التنميىة االقتصىادية يعتبىر‬
‫دعامة للتمويل وزيادة في معدل االستثمار والتنمية‪.‬‬
‫أم ىىا الق ىىروض الخارجي ىىة ه ىىي تل ىىك الق ىىروض الت ىىى تحص ىىل عليه ىىا الدول ىىة م ىىن الحكوم ىىات األجنبي ىىة والهيئ ىىات‬
‫والمؤسسات المالية الدولية مثل البنك العالمي‪ ،‬وصندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ويختلف القرض الداخلي عن الخارجي من عدة جوانب هي‪:‬‬
‫‪ -‬القرض الداخلي ال يزيد عمليا في الثروة القومية‪ ،‬خالف للقرض الخارجي‪.‬‬
‫‪ -‬يضيف القرض الخارجي رصيدا من الثروة بالعملة األجنبية‪ ،‬عكس القرض الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي القرض الخارجي الى تدخل الجهة المقرضة( دولة ‪،‬صندوق نقد دولىي) الىى التىدخل فىي الشىؤون‬
‫الداخلية للدولة المقترضة‪.‬‬
‫‪ -‬القاعدة أن القروض الخارجية عادة ما تكون اختيارية‪ ،‬أو اجبارية‪.‬‬
‫‪ -3‬األثار االقتصادية للقروض العامة‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫يمكن تناول األثار االقتصادية للقروض باتجاهين‪:‬‬
‫أ‪ -‬األثار االقتصادية للقروض الداخلية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد اللطيف مصطفي‪ " ،‬تمويل التنمية في بلدان العالم الثالث بين اقتصاديات االستدانة واقتصاديات األسواق المالية "‪،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية‬
‫العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪،2008،‬ص‪.87‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬يسرى أبو العال‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.78‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد الغفور ابراهيم أحمد‪" ،‬مبادئ االقتصاد والمالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)254-253‬‬
‫‪65‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫حيث يؤدي القرض العام الداخلي في حالة االقتراض من األفراد والمشروعات على تحويل جانب من‬
‫االستثمارات الخاصة الى االستثمارات العامة‪ ،‬بحيث تل رؤوس األموال المتجهة الى االستثمارات‬
‫الخاصة‪ ،‬مما يؤدي الى رفع سعر الفائدة من ناحية والتأثير على حجم هذه االستثمارات من ناحية أخرى‬
‫بما ينطوى عليه من اتجاه انكماشي يحد منه قيام الدولة بتوجيه انفاقها العام الذي يمول عن طريق‬
‫القرض على النحو الذي يزيد من معدل الدخل القومي‪ ،‬بجانب ما قد يؤدي اليه حصول المقرضين على‬
‫سندات القرض من زيادة في انفاقهم االستهالكي‪.‬‬
‫كذلك يؤدي القرض العام في حالة االقتراض من الجهاز المصرفي الى قيام البنك المركزي بإصدار نقدي‬
‫يوازي قيمة هذا القرض الذي سيؤدي حجمه األولي الى زيادة االحتياطات لدى البنوك التجارية التى‬
‫تمكنها من احداث زيادات متتالية في حجم االئتمان‪ ،‬بحيث ال تختلف األثار المترتبة على هذا القرض‬
‫عن األثار التضخمية لزيادة كمية النقود‪.‬‬
‫ب‪-‬األثار االقتصادية للقروض الخارجية‪:‬‬
‫يؤدي االقتراض األجنبي الى زيادة حجم الموارد المتاحة وخاصة من النقد األجنبي الذي تشكل‬
‫ندرته عقبة رئيسية أمام الدول المتخلفة للنهوض ببرامج التنمية االقتصادية فيها‪ ،‬وعموما فان أثار القرض‬
‫العام الخارجي تتوقف على طبيعة استخدام حصيلة‪ ،‬فاذا ما استخدمت في استيراد السلع االستهالكية أدى‬
‫ذلك الى اهدار قيمة القرض وزيادة العبء على ميزان المدفوعات نتيجة اللتزام الدولة بتحويل قيمة‬
‫األقساط والعوائد الى الخارج‪ ،‬أما اذا استخدمت حصيلة القرض في استيراد سلع انتاجية فان ذلك سيؤدي‬
‫الى زيادة االنتاج وبالتالي زيادة الدخل القومي‪ ،‬وتزداد مزايا القروض الخارجية اذا ما استخدمت حصيلتها‬
‫في تمويل مشاريع إلنتاج بعض السلع التصديرية أو التى تمكن من االستعاضة عن استيراد االنتاج‬
‫األجنبي المماثل وبالتالي يؤدي هذا االستخدام لحصيلة القروض األجنبية الى تخفيف العبء على ميزان‬
‫المدفوعات وتمكن الدولة المقترضة من سهولة سداد أقساطها وفوائدها‪.‬‬
‫ولذلك باإلضافة الى الصعوبات السياسية التى تواجه الدولة في سبيل تدبير حاجتها من القروض‬
‫االجنبية‪ ،‬تنشأ عدة صعوبات فنية واقتصادية تتعلق بإمكانيات الدولة المقترضة من االستفادة الى أقصى‬
‫حد من الزيادة في مواردها من العمالت األجنبية التى تزودها بها هذه القروض‪ ،‬وال سيما أنها سوف‬
‫تشكل في المدى الطويل بعض الصعوبات المتعلقة بسداد األقساط والفوائد وما قد يحدث من تقلبات‬
‫اقتصادية على الصعيد الوطني والدولي وتغير أسعار العمالت في األسواق العالمية‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫سابعا‪ :‬تطور االيرادات العامة في الجزائر‬


‫مليار دينار مقابل ‪ 5 110,1‬مليار دينار في‬ ‫بلغت ايرادات الميزانية في سنة ‪6 182,8 ، 2017‬‬
‫‪ ،2016‬أي بارتفاع يقارب‪ 1072,7 +(21%‬مليار دينار(‪ ،‬نجم هذا االرتفاع المعتبر في إجمالي‬
‫ايرادات الميزانية عن ارتفاع الجباية على المحروقات بحوالي‪ 22%‬وبما يقارب ‪ ٪ 42‬لإليرادات خارج‬
‫المحروقات‪.‬‬
‫ارتفعت إيرادات المحروقات (الجباية البترولية ‪ +‬األرباح الموزعة من طرف المؤسسة الوطنية للمحروقات)‬
‫بنسبة ‪ %33,2‬في ‪ ،2017‬منتقلة من ‪ 1781,1‬مليار دينار في ‪ 2016‬الى ‪ 2372,5‬مليار دينار في‬
‫‪ 2017‬بفضل ارتفاع سعر البترول بنسبة ‪ ،%20‬كما عرفت ايرادات المحروقات نسبة الى ايرادات‬
‫الميزانية الكلية تزايد لتبلغ ‪ %38,4‬في ‪ 2017‬مقابل ‪ %34,9‬في ‪.2016‬‬
‫في حين بلغت االيرادات خارج المحروقات ‪ 3810,3‬مليار دينار سنة ‪ 2017‬أي بزيادة نسبتها ‪%14,5‬‬
‫مقابل ‪ 3329,0‬مليار دينار في سنة ‪ ،2016‬وتمول هذه األخيرة ‪ %51,6‬من النفقات الكلية‪ ،‬وتغطى‬
‫النفقات الجارية بنسبة ‪ ،%80,1‬يعود االرتفاع في االيرادات خارج المحروقات الى االيرادات غير‬
‫الضريبية‪ ،‬المتمثلة في مجملها في أرباح بنك الجزائر‪ ،‬حيث بلغت مساهمتها ‪ %62,4‬مقابل ‪%37,6‬‬
‫بالنسبة للمساهمة االيرادات الضريبية‪.‬‬
‫بلغت االيرادات الضريبية ‪ 2663,1‬مليار دينار في ‪ 2017‬مقابل ‪ 2482,2‬مليار دينار في ‪ 2016‬أي‬
‫ارتفاع بنسبة ‪ ،%7,3‬نالحظ أن االرتفاع في الضريبة المباشرة على المداخيل واألرباح(‪ 126,9+‬مليار‬
‫دينار) خصوصا على األجور التى تقتطع عند المصدر يفوق االرتفاع في الضريبة غير المباشرة على‬
‫السلع والخدمات(‪ 88,2+‬مليار دينار)‪ ،‬في حين انخفضت الحقوق الجمركية لتبلغ‪ 356,0‬مليار دينار‬
‫في ‪ 1،2017‬والجدول الموالي يبرز هيكل االيرادات الضريبية‬
‫جدول رقم(‪ :)2‬تطور هيكل االيرادات الضريبية(‪)%‬‬
‫‪2017 2016 2015 2014 2012 2007 2002‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Rapport annuel 2017, « evolution économique et monétaire en Algérie »,op.cit. , p(58-59).‬‬
‫‪67‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫‪46,4‬‬ ‫‪44,7‬‬ ‫‪43,9‬‬ ‫‪42,1‬‬ ‫‪44,8‬‬ ‫‪33,7‬‬ ‫‪23,2‬‬ ‫الضرائب على المداخيل واألرباح‬
‫‪36,6‬‬ ‫‪35,8‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪36,7‬‬ ‫‪37,5‬‬ ‫‪45,3‬‬ ‫‪46,3‬‬ ‫الضرائب على السلع والخدمات‬
‫‪13,4‬‬ ‫‪15,7‬‬ ‫‪17,5‬‬ ‫‪17,7‬‬ ‫‪14,6‬‬ ‫‪17,4‬‬ ‫‪26,6‬‬ ‫الحقوق الجمركية‬
‫« ‪Source : Rapport annuel 2017,‬‬ ‫‪evolution économique et monétaire en Algérie »,op cit ,p60.‬‬

‫فإن هيكل الضرائب المباشرة وغير المباشرة يعكس هيمنة االقتطاعات عند المصدر (األجور والضريبة‬
‫على القيمة المضافة عند االستيراد)‪ ،‬ويشير‪ ،‬بالتالي‪ ،‬إلى تواجد نقائص في مجال تحصيل األنواع األخرى‬
‫من االقتطاعات (الضريبة على الدخل اإلجمالي للشركات والضريبة على القيمة المضافة على النشاطات‬
‫الداخلية)‪ ،‬وهذا ما يوضحه الجدولين المواليين‪.‬‬
‫جدول رقم(‪ :)3‬تطور هيكل الضرائب على المداخيل واألرباح(‪)%‬‬
‫‪2017 2016 2015 2014 2012 2007 2002‬‬ ‫الضرائب على المداخيل واألرباح‬
‫‪57‬‬ ‫‪57,3‬‬ ‫‪57,7‬‬ ‫‪60,4‬‬ ‫‪64,1‬‬ ‫‪48,4‬‬ ‫‪47‬‬ ‫الضرائب على األجور‬
‫‪43‬‬ ‫‪42,7‬‬ ‫‪42,3‬‬ ‫‪39,6‬‬ ‫‪35,9‬‬ ‫‪51,6‬‬ ‫‪53‬‬ ‫ضرائب أخرى‬
‫« ‪Source : Rapport annuel 2017,‬‬ ‫‪evolution économique et monétaire en Algérie »,op.cit,p61‬‬

‫جدول رقم(‪ :)4‬تطور هيكل الضرائب على السلع والخدمات (‪)%‬‬


‫‪2017 2016 2015 2014 2012 2007 2002‬‬ ‫الضرائب على السلع والخدمات‬
‫‪48,1‬‬ ‫‪54,4‬‬ ‫‪58,7‬‬ ‫‪57,2‬‬ ‫‪57,9‬‬ ‫‪49,5‬‬ ‫رسم على القيمة المضافة واالقتطاعات ‪35,4‬‬
‫على الواردات‬
‫‪40‬‬ ‫‪37,9‬‬ ‫‪39,3‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪39,3‬‬ ‫‪48,6‬‬ ‫رسم على القيمة المضافة واالقتطاعات ‪45,2‬‬
‫على األنشطة الداخلية‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫رسم على القيمة المضافة على المواد ‪4,4‬‬
‫البترولية‬
‫‪9,5‬‬ ‫‪5,9‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0,1‬‬ ‫‪1,2‬‬ ‫‪14,5‬‬ ‫اقتطاعات على المواد البترولية‬
‫« ‪Source : Rapport annuel 2017,‬‬ ‫‪evolution économique et monétaire en Algérie »,op cit ,p61‬‬

‫شكل رقم(‪ :)1‬هيكل ايرادات الميزانية‬

‫‪68‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫« ‪Source : Rapport annuel 2017,‬‬ ‫‪evolution économique et monétaire en Algérie »,op cit ,p62.‬‬

‫فسر التراجع والضعف النسبي في الضريبة المباشرة على األرباح وفي الضريبة غير المباشرة على‬
‫ُي َّ‬
‫األنشطة الداخلية بضعف قدرة تحصيل جزء من الضريبة العادية وكذا اإلعفاءات المختلفة‪ ،‬إن تبني‬
‫سياسة إصالحات حازمة‪ ،‬تهدف إلى الحد من التهرب الضريبي المعتبر في النشاطات الموازية وترشيد‬
‫اإلعفاءات إلعادة بعث االستثمار المسوق بصفة أفضل‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العامة‬

‫أسئلة للتقويم‬

‫‪ -‬ماذا نعني بدومين وماهي أنواعه‪.‬؟‬


‫‪ -‬قارن بين الرسم والضريبة ‪.‬؟‬
‫‪ -‬ماذا نعني أن الضريبة فريضة ذات أهداف‪.‬؟‬
‫‪ -‬ماهي سمات الضريبة الجيدة أو الضريبة العادلة‪.‬؟‬
‫‪ -‬ماهي معايير التفرقة بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة؟‪.‬‬
‫‪ -‬تلعب الضرائب دو ار مهما في تحقيق االستقرار االقتصادي‪ ،‬وضح ذلك مع المقارنة بدور النفقات‬
‫العامة في ذات المجال‪.‬؟‬
‫‪ -‬ما هو أثر الضرائب في االستهالك واالدخار‪.‬؟‬
‫‪ -‬عرف القرض ثم بين عناصره‪.‬؟‬
‫‪ -‬ماهي أنواع القروض‪.‬؟‬
‫‪ -‬ماذا نقصد بالتمويل بالتضخم‪.‬؟‬

‫‪70‬‬
‫الميزانية العامة للدولة‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫لقد احتلت دراسة الميزانية العامة جزءا هاما من الدراسات المالية في السنوات األخيرة باعتبارها أداة من‬
‫أدوات السياسة الميزانية التي تستعملها الدولة من أجل بلوغ أهدافها االقتصادية ‪ ،‬ويظهر لنا ذلك في‬
‫اآلونة األخيرة ‪ ،‬فلقد تضخم حجم الميزانيات العامة وزاد تأثيرها على التوازن االقتصادي ‪ ،‬وسوف نتناول‬
‫في هذا المحور كل الجوانب المتعلقة بالميزانية العامة للدولة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مفاهيم أساسية حول الميزانية العامة‬
‫تعتبر الميزانية العامة من أهم التنظيمات المالية المعاصرة‪ ،‬ويمكن توضيح مفهوم وطبيعة الميزانية العامة‬
‫وكذا أهميتها في العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬تعريف الميزانية العامة للدولة‪:‬‬
‫للميزانية العامة تعاريف متعددة يمكن ذكرها على النحو التالي‪:‬‬
‫‪" ‬انها البيان الذي يتضمن تقدي ار واجازة لمصروفات وايرادات الدولة العامة‪".‬‬
‫‪ " ‬هي بيان تقديري لما يجوز للحكومة انفاقه وما ينتظر أن تجبيه من المال خالل مدة معينة من‬
‫‪1‬‬
‫الزمن‪".‬‬
‫‪ " ‬وثيقة هامة مصادق عليها من طرف البرلمان تهدف الى تقدير النفقات الضرورية إلشباع الحاجات‬
‫‪2‬‬
‫العامة‪ ،‬وااليرادات الالزمة للتغطية هذه النفقات عند فترة مقبلة‪ ،‬عادة ما تكون السنة‪".‬‬
‫‪ " ‬خطة لتحقيق برامج مرتبطة بأهداف في غضون فترة زمنية معينة‪ ،‬تحوي على تقدير للموارد‬
‫‪3‬‬
‫المحتملة مع الموارد المتوفرة و عادة ما تقارن بفترة أو الفترات السابقة‪.‬‬
‫‪ " ‬هي وثيقة مالية تبين انفاق الحكومة وايراداتها والموازنة بينهما‪ ،‬و بما يحقق أهداف الدولة والتى تعد‬
‫‪4‬‬
‫من قبل السلطة المالية سنويا وتصادق عليها السلطة التشريعية"‪.‬‬
‫‪ " ‬تمثل خطة تنفيذية قصيرة األجل تترجم الخطط االقتصادية للدولة واألهداف البعيدة المدى الى برامج‬
‫سنوية تعمل على تنفيذ الخطة العامة ‪ ،‬كما تعمل على التنسيق بين مختلف األنشطة والفعاليات‬
‫االقتصادية وتسهيل الرقابة واالشراف على النشاط الحكومي وتقيميه في سبيل تحقيق األهداف العامة‬
‫‪5‬‬
‫للتنمية‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫عادل فليح العلي‪ "،‬المالية العامة والتشريع المالي الضريبي"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.505‬‬
‫‪2‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سب ذكره‪،‬ص‪.317‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Gary Bandy , Financial Management and Accounting in the Public Sector, Routledge; 1 edition (August 27,‬‬
‫‪2011) . p33‬‬
‫‪4‬‬
‫فليح حسن خلف‪" ،‬المالية العامة" ‪،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.277‬‬
‫‪5‬‬
‫محمود حسين الوادي‪ ،‬زكريا أحمد عزام‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.158‬‬
‫‪72‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫‪ -2‬خصائص الميزانية العامة للدولة‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫من خالل التعاريف التى ذكرنها يمكننا التوصل الى خصائص الميزانية والمتمثلة فيمايلي‪:‬‬
‫‪ -‬أنها وثيقة مالية تتضمن توقعات وتقديرات لإليرادات والنفقات المقدمة‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على تكيف كل من االيرادات والنفقات للوصول الى توازن الميزانية من الناحية الحسابية‪ ،‬حتى‬
‫وان تضمنت فائضا أو عج از فيها‪ ،‬حيث أن جانب االيرادات(الموارد) فيها ينبغي أن يتساوى حسابيا‬
‫مع جانب النفقات( االستخدامات للموارد)‪ ،‬وهو األمر الذي يتفق مع كونها ميزانية‪ ،‬حيث أن العجز‬
‫يتحقق بشكل زيادة في نفقاتها على ايراداتها‪ ،‬وهو األمر الذي يتم موازنتهما حسابيا من خالل‬
‫الرصيد‪ ،‬والذي هو مكمل أو متمم حسابي للجانب األقل في الميزانية‪ ،‬وهو االيرادات‪ ،‬والذي يتم‬
‫اللجوء الى تغطيته من خالل اللجوء الى القروض‪ ،‬أو االصدار النقدي الجديد‪ ،‬وبذلك يتساوى جانبي‬
‫االيرادات والنفقات وحصول عكسه في حالة الفائض‪.‬‬
‫‪ -‬أنها توضح الكيفية التى يتم بموجبها تحصيل االيرادات‪ ،‬وتحدد الكيفية التى يتم بها انفاق هذه‬
‫االيرادات‪ ،‬واألوجه الرئيسية لهذا االنفاق‪.‬‬
‫‪ -‬أنها تعد من قبل السلطة التنفيذية‪ ،‬وهي الحكومة ممثلة بسلطتها المالية‪ ،‬والتي هي و ازرة المالية‪ ،‬أو‬
‫و ازرة الخزانة‪ ،‬وحسب الجهة ذات االختصاص كسلطة مالية‪.‬‬
‫‪ -‬أنها ينبغي أن تصدق من قبل السلطة التشريعية والتى يمثلها مجلس النواب‪ ،‬وما يماثله في األنظمة‬
‫ذات الطبيعة الديمقراطية‪ ،‬أو أي سلطة تشريعية أخرى وحسب طبيعة نظام الحكم في الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬أن الميزانية العامة تعتبر أداة هامة وأساسية في تحيق أهداف الدولة‪ ،‬وتبعا لطبيعة نظامها االقتصادي‬
‫والسياسي‪ ،‬ودرجة تطوره وظروفه وموارده‪ ،‬واحتياجاته‪ ،‬وبحيث أن هذه األهداف التى تسعى الميزانية‬
‫العامة للدولة من أجل تحقيقها تختلف من دولة الى أخرى‪ ،‬ومن وقت ألخر في الدولة الواحدة نتيجة‬
‫لذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫فليح حسن خلف‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)279-278‬‬
‫‪73‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫‪ -3‬أهمية الميزانية العامة‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫تظهر أهمية الميزانية العامة من حيث‪:‬‬
‫أ‪ -‬أهميتها السياسية‪:‬‬
‫ان اعتماد الميزانية من قبل البرلمان‪ ،‬معنى ذلك مناقشة البرنامج السياسي للحكومة‪ ،‬وان احتياج السلطة‬
‫التنفيذية لمصادقة البرلمان يعني تمتع الشعب بحرياته الدستورية وحقوقه الديمقراطية‪ ،‬كما أن الميزانية بما‬
‫تتضمنه من مؤشرات انفاقية وموارد مالية فهي تكشف عن السياسة العامة للدولة اتجاه المجتمع‪.‬‬
‫ويستطيع البرلمان أثناء مناقشة الميزانية فرض رقابة على أعمال السلطة التنفيذية‪ ،‬كذلك يستطيع عن‬
‫طريق رفض اعتماد معين في مشروع الحكومة اجبارها على العدول عن سياسة اقتصادية أو اجتماعية‬
‫معينة‪.‬‬
‫ب‪ -‬أهميتها االقتصادية‪:‬‬
‫للميزانية العامة دور فعال في تحقيق التوازن االقتصادي وذلك عن طريق استخدام السياسة االنفاقية و‬
‫االيرادية‪ ،‬ففي حالة الكساد تتدخل الدولة لتعمل على زيادة الطلب عن طريق زيادة النفقات وتخفيض‬
‫الضرائب لرفع القوة الشرائية لدى األفراد مما يؤدي الى زيادة الطلب الخاص باإلضافة الى الطلب‬
‫الحكومي وبذلك يخرج االقتصاد من أزمته ويدخل مرحلة االنتعاش االقتصادي‪.‬‬
‫أما في حالة التضخم وعندما يكون الطلب أكثر من العرض تقوم الدولة بتخفيض نفقاتها ورفع نسب‬
‫الضرائب بهدف امتصاص القوة الشرائية الزائدة في السوق فيقل الطلب بشقيه الخاص والعام مما يؤدي‬
‫الى تخفيض االرتفاع في األسعار‪.‬‬
‫كما تعكس الميزانية فلسفة النظام وذلك من خالل نفقاتها وايراداتها‪ ،‬فاتساع نفقات القطاع العام يشير الى‬
‫توسع دور الدولة في االقتصاد‪ ،‬وان ازدياد نسبة مساهمة هذا القطاع في االيرادات العامة يعكس توجه‬
‫الدولة الى اتباع سياسة االقتصاد الموجه‪.‬‬
‫أما اذا كان دور الدولة في االقتصاد محددا ونسبة مساهمة الضرائب كبيرة في االيرادات العامة فهذا يشير‬
‫الى أهمية دور القطاع الخاص في االقتصاد وتوجه الدولة نحو سياسة اقتصاد السوق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد طاقة‪ ،‬هدي العزاوي‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)172-171‬‬
‫‪74‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫ج‪ -‬أهميتها االجتماعية‪:‬‬


‫ان األهمية االجتماعية للميزانية تتعلق بمفاهيم العدالة االجتماعية وتقليل الفوارق بين الطبقات والرفاه‬
‫االجتماعي‪ ،‬هي تعكس األهداف التى تضعها وتنفذها الحكومة في مجال الرفاه االجتماعي مدى اهتمامها‬
‫في االرتقاء بالخدمات التعليمية وتقديم التعليم المجاني في مختلف مراحله وتطور الخدمات الصحية ومد‬
‫شبكات الماء وايصال الكهرباء وغيرها من الخدمات‪.‬‬
‫في مجال اعادة توزيع الدخل القومي حيث تكشف السياسة الضريبية فيما اذا كانت الحكومة تسعى لتقليل‬
‫الفوارق بين دخول األفراد وذلك من خالل الضرائب التصاعدية وتحقيق العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مبادئ وقواعد الميزانية العامة‪:‬‬
‫تخضع الميزانية العامة لمجموعة من القواعد والمبادئ العامة من شأنها تدعيم الرقابة في تسيير األموال‬
‫العمومية وتتمثل في المبادئ األساسية التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬مبدأ سنوية الميزانية‪:‬‬
‫فترة السنة هي فترة متوسطة و مناسبة و تشمل كافة فصول السنة ( الن بعض النفقات و االيرادات‬
‫تكون موسمية كإيرادات قطاع السياحة في الموسم الصيفي و ايرادات القطاع الفالحي في فصل الشتاء)‬
‫كذلك العتبارات سياسية تتمثل في الرقابة على الميزانية من طرف السلطة ‪ ،‬التشريعية ‪ ،‬بعض الدول تبدأ‬
‫فيها السنة المالية من ‪ 01‬جانفي الى ‪ 31‬ديسمبر كالجزائر و دول أخرى كمصر في ‪ 01‬جويلية‪.‬‬

‫‪ -‬طريقة التسيير‪ :‬حسب هذه الطريقة يعد حساب السنة المالية الختامي على أساس النفقات و االيرادات‬
‫الفعلية‪.‬‬
‫‪ -‬طريقة التسوية‪ :‬حسب هذه الطريقة يعد حساب السنة المالية الختامي على أساس المبالغ التي التزمت‬
‫الحكومة بإنفاقها حتى و لم تصرف بالفعل وااليرادات نفس الشيء‪.‬‬
‫‪ -2‬مبدأ وحدة الميزانية‪:‬‬
‫نادى بهذا المبدأ االقتصادي " ساي" حيث قال‪ ":‬أنه من الضروري حصر الميزانية ضمن بنود تسمح من‬
‫خاللها التعرف على أهم مالح الميزانية‪ ".‬ومبدأ وحدة الميزانية يعني وضع بنود االيرادات والنفقات في‬
‫خطة واحدة بهذا يمكن تفسيره على أساس‪:‬‬

‫‪75‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫أ‪ -‬زاوية مادية‪ :‬وتعني أن جميع العمليات المالية للدولة تجمع ضمن مشروع يخضع لرقابة البرلمان‪.‬‬
‫ب‪ -‬زاوية شكلية‪ :‬خضوع جميع العمليات المالية لقانون واحد هو قانون المالية ومن هنا تظهر أهمية مبدأ‬
‫الوحدة من حيث الرقابة البرلمانية‪.‬‬
‫واحترام مبدأ الوحدة من الزاوية المادية يعني عدم القدرة على اخفاء العجز بطريقة تقديم الميزانية‬
‫المتوازنة في الشكل العادي ثم تقدم موازنة أو مجموعة موازنات تكميلية غير متوازنة تماما‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى يمنع مبدأ الوحدة ظهور العمليات المالية المطابقة للنفقات النهائية ضمن حسابات‬
‫خارج الشكل للميزانية األساسية‪.‬‬
‫واحترام مبدأ الوحدة من الزاوية الشكلية يسمح للبرلمان بإعطاء الرأي حول أولوية النفقات‪.‬‬
‫والقاعدة العامة أن يتم تسجيل النفقات في ميزانيات خاصة متوازنة وتمويلها بطرق خاصة كفرض‬
‫الضرائب االضافية أو لإلحداث تغيرات نقدية‪ ،‬ومن االستثناءات الواردة على قاعدة وحدة الميزانية‪،‬‬
‫يمكن االشارة الى وجود ميزانيات أخرى الى جانب الميزانية العامة‪ ،‬وهي‪ :‬الميزانيات غير العادية‪،‬‬
‫الميزانيات المستقلة‪ ،‬الحسابات الخاصة على الخزينة‪.‬‬
‫وفي الجزائر فان لهيئات االدارة المحلية مثال( البلديات‪ ،‬الواليات) ميزانيتها نظ ار لتمتعها بالشخصية‬
‫المعنوية‪ ،‬كما أن المادة‪ 44‬من القانون رقم ‪ 17-84‬تسمح بإنشاء‪ ،‬ميزانيات ملحقة حينما نصت‬
‫على مايلي‪ ":‬يجوز أن تكون موضوع ميزانيات ملحقة‪ ،‬العمليات المالية لصالح التى لم يضف عليها‬
‫القان ون الشخصية االعتبارية والتى نشاطها أساسا الى انتاج بعض المواد أو تأدية بعض الخدمات‬
‫‪1‬‬
‫المدفوعة الثمن‪ ،‬يقرر انشاء أو الغاء ميزانيات ملحقة بموجب قوانين المالية‪".‬‬
‫‪ -3‬مبدأ عمومية الميزانية‪:‬‬
‫يستلزم تحصيل االيرادات العامة القيام ببعض النفقات‪ ،‬كما أن الكثير من وحدات القطاع العام تتمتع‬
‫بإيرادات ضخمة‪ ،‬ولهذا توجد طريقتان إلدراج االيرادات والنفقات في الميزانية العامة‪:‬‬
‫الطريقة األولى‪ :‬وتسمى بطريقة الناتج الصافي‪ ،‬ومؤداها اجراء مقاصة بين ايرادات كل وحدة ونفقاتها‬
‫بحيث ال يظهر في الميزانية اال نتيجة المقاصة‪ ،‬أي صافي االيرادات أو صافي النفقات‪.‬‬

‫الطريقة الثانية‪ :‬وتسمى بطريقة الموازنة الشاملة‪ ،‬ومؤداها أن تدرج في الميزانية كل نفقة وكل ايراد مهما‬
‫كان مقداره ودون اجراء مقاصة بينهما‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬يسرى أبو العال‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.93‬‬
‫‪76‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫و الطريقة الثانية‪ ،‬وهي المتبعة كمبدأ أي مبدأ العمومية والشمول‪ ،‬وذلك لالعتبارات معينة بعضها سياسي‬
‫واألخر مالي‪.‬‬

‫أما االعتبارات السياسية‪ ،‬فتتحصل في اتاحة الفرصة للسلطة التشريعية لمراقبة سير االدارة الحكومية فيما‬
‫يتعلق بنفقاتها الخاصة االزمة لتسييرها ذلك أن اتباع طريقة الناتج الصافي يحجب عن السلطة المذكورة‬
‫كل ما يتعلق بتفاصيل نفقات المرافق العامة وال يظهر سوى رصيد هذه المرافق في الميزانية دائنا كان هذا‬
‫الرصيد أو مدينا‪.‬‬
‫أما االعتبارات المالية‪ ،‬فتتمثل في محاربة االسراف في االنفاق الحكومي ‪ ،‬حيث ان اتباع طريقة الناتج‬
‫الصافي أو الميزانية الصافية من شأنها أن تتيح للمرفق الذي يحقق ايرادات تفوق نفقاته أن يسرف في‬
‫هذه النفقات بدون مقتضى اعتماد على أنه لن يظهر في ميزانيته اال فائض االيرادات على النفقات وعلى‬
‫أنه لن يجد رابة من السلطة التشريعية على بنود نفقاته‪.‬‬
‫وعليه فمبدأ عمومية الميزانية يعني أن تظهر في وثيقة الميزانية كافة تقديرات النفقات وكافة تقديرات‬
‫االيرادات دون أي مقاصة بين االثنين‪ ،‬وهذا المبدأ يكمل مبدأ وحدة الميزانية‪ ،‬فاذا كان مبدأ وحدة الميزانية‬
‫يهدف الى اعداد وثيقة واحدة لميزانية الدولة ويمثل االطار الخارجي للميزانية‪ ،‬فان مبدأ العمومية يهدف‬
‫الى مأل هذا االطار عن طريق التسجيل التفصيلي لكل تقدير بنفقة ولكل تقدير بإيراد دون اجراء مقاصة‬
‫بين التقديرين‪ ،‬أي أن مبدأ عمومية الميزانية يمثل المضمون الداخلي لمبدأ وحدة الميزانية أن هذا األخير‬
‫‪1‬‬
‫وعلى ما سبق ذكره‪ ،‬هو االطار الخارجي للميزانية‪.‬‬
‫‪ -4‬مبدأ توازن الميزانية‪:‬‬
‫يقصد بتوازن الميزانية العامة أن ال تزيد االيرادات عن النفقات أو العكس‪ ،‬وهذا يعني أن الميزانية تعتبر‬
‫متوازنة اذا تعادلت االيرادات مع النفقات‪ ،‬وتعبر الميزانية في حالة عجز اذا زادت النفقات عن االيرادات‬
‫مما يضطر الدولة الى تمويل ذلك العجز اما عن طري االقتراض العام الداخلي أو الخارجي أو استخدام‬
‫االحتياطات‪ ،‬أو أية أساليب أخرى لتمويل العجز في الميزانية‪.‬‬
‫لقد أكد أصحاب المذهب الحر على أهمية توازن الميزانية بحيث ال تزيد نفقات الدولة عن ايراداتها من‬
‫الضرائب واستغالل ممتلكات الدولة‪ ،‬وانطلقت هذه األفكار من طبيعة دور الدولة الحيادي الذي حدد لها‬
‫وفق أفكار المدرسة التقليدية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬مرجع سب ذكره‪،‬ص‪.340‬‬
‫‪77‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫وهذا الرأي يتعارض مع اآلراء االقتصادية الحديثة‪ ،‬حيث أصبحت الدولة من خالل استخدامها للميزانية‬
‫كأداة من أدوات السياسة المالية تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية‪ ،‬ففي حالة الركود االقتصادي قد تلجأ‬
‫الدولة الى االنفاق بالعجز( العجز المقصود) وذلك في محاولة لمعالجة تلك الحالة‪ ،‬والواقع أن الدولة قد‬
‫‪1‬‬
‫تستحدث العجز للقضاء على األزمات والبطالة ولتحقيق معدالت نمو عالية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إعداد الميزانية العامة واعتمادها‬
‫تعد مرحلة إعداد مشروع الميزانية العامة مرحلة مهمة وأساسية‪ ،‬فاإلعداد يتعلق بالسلطة التنفيذية لما لها‬
‫من إمكانيات مادية وبشرية تمكنها من ذلك‪ ،‬أما المرحلة األخرى فهي مرحلة االعتماد وهي من صميم‬
‫عمل السلطة التشريعية لما لها من صالحيات في هذا الشأن‪.‬‬
‫‪ -1‬تحضير الميزانية العامة‪:‬‬
‫إن السلطة التنفيذية هي المؤهلة من الناحية اإلدارية واإلمكانات البشرية لتحضير الميزانية العامة‪ ،‬لما‬
‫يتطلب هذا العمل من معلومات خاصة تتعلق باإليرادات العامة‪ ،‬من حيث مصادرها وعبء تحصليها من‬
‫مختلف الطبقات االجتماعية‪.‬‬
‫وانفراد السلطة التنفيذية بتحضير الميزانية يعود إلى اعتبارات عدة‪ ،‬من بينها تمتعها بمركز يمكنها من‬
‫تحقيق األهداف العامة عن طريق القيام بالتقديرات المستقبلية لتنفيذ برامجها‪ ،‬كما أن السلطة التنفيذية هي‬
‫السلطة الوحيدة التي تملك كل المعلومات الضرورية لتقدير مبلغ اإليرادات العامة وتحديد النفقات العامة‪،‬‬
‫مع مراعاة التوازن المالي‪ ،‬وذلك ألنها األقدر على معرفة احتياجات ومتطلبات كل مرفق وكل جهاز من‬
‫أجهزة الدولة‪.‬‬
‫وتقوم السلطة التنفيذية بتحضير مشروع الميزانية بناء على الظروف االقتصادية السائدة في الدولة‪ ،‬ألن‬
‫الميزانية العامة تعبر عن النشاط المالي للدولة خالل فترة زمنية مقبلة‪ ،‬لذلك يطبع االنسجام والتوافق بين‬
‫أجزائها وبنودها وتقسيماتها المختلفة‪ ،‬وهو أمر يصعب على السلطات األخرى تحقيقه‪.‬‬
‫ويعد وزير المالية المؤهل قانونا باإلشراف على تحضير مشروع الميزانية ‪ ،‬ومناقشة المبالغ المطلوبة من‬
‫طرف الو ازرات األخرى‪ ،‬وهذا حسب ما نصت عليه المادة األولى من المرسوم رقم ‪ ،54/95‬المؤرخ في‬
‫‪،1995/02/15‬المحدد لصالحيات وزير المالية على أنه ‪" :‬يقترح وزير المالية بمساعدة الوزير المنتدب‬
‫المكلف بالميزانية والوزير المكلف بالخزينة‪ ،‬في إطار السياسة العامة للحكومة برنامج عملها المصادق‬

‫‪1‬‬
‫محمود حسين الوادي‪ ،‬زكريا أحمد عزام‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪164‬‬
‫‪78‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫عليها طبقا للدستور‪ ،‬عناصر السياسة الوطنية في مجال المالية‪ ،‬ويتولى تطبيقها وفقا للقوانين والتنظيمات‬
‫المعمول بها‪".‬‬
‫وعملية إعداد مشروع الميزانية تتم من األسفل إلى األعلى‪ ،‬أي أن المعلومات والبيانات المتعلقة بمختلف‬
‫االحتياجات والتقديرات يتم تجميعها من قبل الهيئات والمصالح المتواجدة على المستوى الالمركزي‪ ،‬ليتم‬
‫إرسالها إلى الو ازرات التابعة لها‪ ،‬حيث يتم مناقشتها أوال على مستوى الو ازرات‪ ،‬إلبداء المالحظات عليها‬
‫من طرف الوزراء‪ ،‬ويتم إثبات ما هو مبرر ويتم تعديل ما هو مبالغ فيه‪ ،‬والغاء ما هو غير مبرر‪ ،‬و في‬
‫األخير يرسل الوزراء إلى و ازرة المالية ما يرونه ضروريا من المبالغ التي يحتاجونها خالل السنة المقبلة‪.‬‬
‫وبعد ذلك تتم عملية مناقشة هذه المبالغ مع الوزراء‪ ،‬ويحق لوزير المالية تعديل المبالغ المقدمة في حالة‬
‫المبالغة أو عدم تبريرها‪ ،‬بناء على السياسة المتبعة وهي ترشيد االنفاق واالقتصاد بهدف محاربة التبذير‬
‫‪1‬‬
‫واإلسراف‪.‬‬
‫‪ -2‬اعتماد الميزانية العامة‪:‬‬
‫بعد اعداده من طرف السلطة التنفيذية يتم ايداع مشروع قانون المالية لدى السلطة التشريعية ( المجلس‬
‫الشعبي الوطني)‪ ،‬بغرض اعتماده تطبيقا لقاعدة " أسبقية االعتماد على التنفيذ" وذلك حسب المراحل‬
‫‪2‬‬
‫األساسية التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬المناقشة‪:‬‬
‫بعد ايداع مشروع قانون المالية مرفقا بجميع الوثائق المرتبطة به الى مكتب رئيس المجلس الشعبي‬
‫الوطني‪ ،‬يقوم هذا األخير‪ ،‬طبقا للقانون‪ ،‬وللقوانين واألنظمة الداخلية للمجلس بإحالته الى اللجنة البرلمانية‬
‫المختصة بقطاع المالية والميزانية والتخطيط‪.‬‬
‫تقوم لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني بدراسة ومناقشة مشروع القانون مع ممثل الحكومة (‬
‫وزير المالية)‪ ،‬وتنتهي أعمالها بوضع تقرير تمهيدي تمنه مالحظتها واقتراحاتها‪ ،‬مع مراعاة أحكام‬
‫المادة‪ 121:‬من الدستور‪.‬‬
‫يتم عرض التقرير التمهيدي على المجلس الشعبي الوطني لمناقشته في جلسة عامة‪ ،‬تكون مناسبة لجميع‬
‫النواب لطرح القضايا والمشاكل المتعلقة بالسياسة المالية ومدى االلتزام بتنفيذ قانون المالية الساري‬
‫المفعول من طرف مختلف القطاعات والو ازرات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لوني نصيرة‪ ،‬ربيع زكرياء‪ "،‬محاضرات في المالية العامة"‪ ،‬جامعة البويرة‪،2014،‬ص(‪.)45-44‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬يسرى أبو العال‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)103-100‬‬
‫‪79‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫ب‪ -‬التعديل‪:‬‬
‫تختلف سلطة البرلمان في تعديل قانون الميزانية من بلد ألخر‪.‬‬
‫ففي فرنسا مثال يقيد دستورها لعام ‪ 1958‬من حق البرلمان في تعديل مشروع الميزانية الذي تقدمه‬
‫الحكومة ألن ذلك من شأنه االنقاص من االيرادات وزيادة النفقات‪ ،‬ذلك أن الميزانية تمثل كال متجانسا‪،‬‬
‫وأن اطالق التعديالت قد يضر بالمصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬وفي الجزائر يمكن للنواب والحكومة وأعضاء اللجنة التقدم باقتراح تعديالت مكتوبة أمام اللجنة‬
‫المختصة ومناقشتها مع الوزير المعني‪ ،‬شريطة التقييد بأحكام المادة ‪ 121‬من الدستور التى تنص‬
‫على مايلي‪ ":‬ال يقبل اقتراح أي قانون‪ ،‬مضمونه أو نتيجته تخفيض الموارد العمومية‪ ،‬أو زيادة‬
‫النفقات العمومية‪ ،‬اال اذا كان مرفوقا بتدابير تستهدف الزيادة في ايرادات الدولة‪ ،‬أو توفير مبالغ مالية‬
‫في فصل أخر من النفقات العمومية تساوي على األقل المبالغ المقترح انفاقها"‪.‬‬
‫ج‪ -‬التصويت‪:‬‬
‫تخول الفقرة ‪ 12‬من المادة ‪ 122‬من الدستور للمجلس الشعبي الوطني حق " التصويت على ميزانية‬
‫الدولة"‪ ،‬كما يقوم مجلس األمة‪-‬الحقا‪ -‬بمناقشة والمصادقة على قانون الميزانية الدولة حسب المادة ‪120‬‬
‫من الدستور‪ ،‬كما أن الدستور قد قيد البرلمان من حيث االختصاص الزمني في المصادقة على قانون‬
‫المالية حينما نص في الفقرتين السابعة والثامنة من المادة ‪ 120‬من الدستور على مايلي‪ " :‬يصادق‬
‫البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة وسبعون يوما من تاريخ ايداعه طبقا للفقرات السابقة‪،‬‬
‫في حالة عدم المصادقة عليه فب األجل المحددة سابقا‪ ،‬يصدر رئيس الجمهورية مشروع الحكومة بأمر"‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تنفيذ الميزانية العامة‪:‬‬
‫بعد المصادقة على ميزانية الدولة من طرف السلطة التشريعية يقوم رئيس الجمهورية بإصدار القانون‬
‫المتعلق بالميزانية ونشره في الجريدة الرسمية‪ ،‬من أجل قيام الجهات والهيئات اإلدارية المختصة بتنفيذها‬
‫في الميدان أي االنتقال من مجال التقدير والتوقع للسنة المقبلة الى مجال الواقع الملموس في وقت‬
‫حاضر‪ ،‬سواء من حيث‪ :‬تحصيل االيرادات وجبايتها‪ ،‬أو صرف النفقات المعتمدة‪.‬‬
‫‪ -1‬تحصيل االيرادات‪:‬‬
‫يخول القانون المتعلق بالميزانية للجهات االدارية المختصة تحصيل االيرادات كأن يتولى و ازرة العدل‬
‫حيازة الرسوم القضائية‪ ،‬أو تحصيل الرسوم الجمركية من مصالح ادارة الجمارك‪ ،‬أو حيازة الضرائب عبر‬

‫‪80‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫مختلف مستوياتها ويخضع تحصيل االيرادات الى مجموعة من المبادئ والقواعد الرئيسية تتمثل أساسا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫في مايلي‪:‬‬
‫أ‪-‬عدم تخصيص االيرادات‪ :‬ومعناها أن تختلط كل االيرادات التى تحصلها الخزانة العامة لحساب الدولة‬
‫في مجموعة واحدة بحيث تمول كافة النفقات العامة دون تمييز‪ ،‬على أنه يمكن أيرد على هذه القاعدة‬
‫بعض االستثناءات متعلقة بتخصيص موارد بعض القروض العامة أو الضرائب ألغراض أو فئات معينة‪.‬‬
‫وفي هذا السياق تنص المادة ‪ 8‬من القانون رقم ‪ 17-84‬لتنص على مايلي‪ ":‬ال يمكن تخصيص أي ايراد‬
‫لتغطية نفقة خاصة تستعمل موارد الدولة لتغطية نفقات الميزانية العامة للدولة بال تمييز‪ ،‬غير أنه يمكن‬
‫أن ينص قانون المالية صراحة تخصيص الموارد للتغطية بعض النفقات‪ ،‬وتكسي هذه العمليات حسب‬
‫الحاالت األشكال التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الميزانيات الملحقة‪.‬‬
‫‪ -‬الحسابات الخاصة للخزينة‪.‬‬
‫‪ -‬االجراءات الحسابية الخاصة ضمن الميزانية العامة التى تسرى على األموال المخصصة للمساهمات‬
‫أو استعادة االعتمادات"‪.‬‬
‫ب‪ -‬تسقط ديون الدولة‪ ،‬كقاعدة عامة بفوات أربعة سنوات دون اقتضائها‪ :‬وبهذا الصدد فان المادة ‪16‬‬
‫من القانون ‪ 17-1684‬تنص على مايلي‪" :‬تسقط بالتقادم وتسدد نهائيا لفائدة المؤسسات العمومية المعنية‬
‫كل الديون المستحقة للغير من طرف الدولة أو الوالية أو البلدية أو مؤسسة عمومية مستفيدة من اعانات‬
‫ميزانية التسيير‪ ،‬عندما لم تدفع هذه الديون قانونا في أجل أربع سنوات ابتدأ من اليوم األول للسنة المالية‪،‬‬
‫التى أصبحت فيها مستحقة وذلك ما لم تنص أحكام المالية صراحة على خالف ذلك‪".‬‬
‫ج‪ -‬مراعاة مواقيت التحصيل‪ :‬يجب مراعاة مواعيد التحصيل واجراءاته المنصوص عليها في القوانين واال‬
‫تعرض القائمون بذلك للعقوبات المناسبة‪.‬‬
‫د‪ -‬تلتزم الجهات االدارية المختصة بتحصيل االيرادات على اختالفها‪.‬‬
‫‪ -2‬صرف النفقات‪:‬‬
‫اذا كانت مبالغ االيرادات تبقى مبالغ محتملة ومتوقعة‪ ،‬فان قانون الميزانية ينص على الحد األقصى‬
‫للمبالغ المصرح بإنفاقها لكل غرض‪ ،‬حيث ال يجوز لإلدارة تجاوز االعتمادات المقررة تطبيقا للمادة ‪75‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬يسرى أبو العال‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)106-105‬‬
‫‪81‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫من القانون ‪ 17-84‬التى نصت على مايلي‪ ":‬ال يجوز صرف أية نفقة بما يتجوز مبلغ االعتمادات‬
‫المفتوحة ضمن الشروط المحددة في هذا القانون‪ ،‬ما لم تنص أحكام تشريعية على خالف ذلك‪".‬‬
‫‪ -‬تحكم صرف النفقات العامة قاعدة "تخصيص االعتمادات"‪ ،‬التى تعني أن توزع النفقات على مختلف‬
‫الو ازرات وبالنسبة لمختلف األبواب في صورة اعتمادات معينة ومحددة لكل منها‪ ،‬اعماال لمبدأ‬
‫التخصيص‪.‬‬
‫كما يقصد بهذه القاعدة أيضا عدم رصد مبلغ اجمالي للنفقات تتصرف فيه االدارة كما تشاء‪ ،‬مما يترتب‬
‫عنه عدم تحويل اعتماد من باب أو مجال الى أخر على أن القانون رقم ‪ 17-84‬المتعلق بقوانين المالية‬
‫يتضمن المرونة تتعلق بنقل االعتمادات وتحويلها‪.‬‬
‫يمر صرف النفقة العامة في الجزائر بعدة مراحل أشار اليها قانون المحاسبة العمومية المؤرخ في ‪15‬‬
‫‪1‬‬
‫أوت ‪ 1990‬في مواده من ‪ 19‬الى ‪ ،22‬وتتمثل فيمايلي‪:‬‬
‫‪ -‬االرتباط بالنفقة(عقدها)‪:‬‬
‫وهو عبارة عن الواقعة المادية أو القانونية التى ترتب التزاما على عاتق االدارة العامة‪( :‬تعين الموظف‪،‬‬
‫ابرام صفة مع مقاول)‪ ،‬أي ميالد ووجود دين في ذمة االدارة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬تصفية أو تحديد النفقة‪:‬‬
‫وهي التقدير الفعلي والحقيقي للمبلغ( التقويم النقدي) الواجب أداؤه بناء على المستندات التى تثبت وجود‬
‫الدين وحلول أجله‪.‬‬
‫‪ -‬األمر بالصرف‪:‬‬
‫بعد معرفة مبلغ النفقة تحديدا‪ ،‬يقوم الشخص المختص ( الوزير‪ ،‬المدير‪ )..‬بإصدار األمر الى المحاسب‬
‫بدفع ذلك المبلغ الى شخص معين بموجب وثيقة مكتوبة تسمى " األمر بالصرف"‪.‬‬
‫يميز بين األمر بالصرف الرئيسي والثانوي‪:‬‬
‫فاآلمرون بالصرف الرئيسيون هم أساسا‪ :‬مسؤولو الهيئات الوطنية‪ :‬الوزراء‪ ،‬الوالة‪ ،‬رؤساء المجالس‬
‫الشعبية البلدية‪ ،‬ومدراء المؤسسات العامة ذات الصيغة االدارية‪ ،‬وكل مسؤول عن هيئة أو مرافق أخرى‬
‫تتمتع بميزانية ملحقة‪.‬‬
‫أما اآلمرون بالصرف الثانويون‪ ،‬فهم رؤساء المصالح االدارية األخرى‪ ،‬حينما يخولها التشريع ذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬يسرى أبو العال‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص(‪.)109-108‬‬
‫‪82‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫‪ -‬الصرف‪:‬‬
‫يقصد بهذا االجراء الدفع الفعلي للمبلغ المستحق لصاحبه عن طريق المحاسب ‪ ،‬بعد التأكد من‬
‫المستندات‪.‬‬
‫والمحاسبون هم موظفون موجودون باإلدارات العامة اال أنهم ال يخضعون للسلطة الرئاسية لألمرين‬
‫بالصرف بها‪ ،‬حتى يمكنهم مراقبة عمليات صرف النفقة‪ ،‬من حيث مطابقتها للقانون‪.‬‬
‫واذا كانت المراحل السابقة توصف بأنها مراحل ادارية فعملية الصرف هي المرحلة الحسابية‪ ،‬تطبيقا لمبدأ‬
‫الفصل بين األمرين بالصرف والمحاسبين‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬الرقابة على الميزانية العامة‬
‫‪1‬‬
‫وتعتبر أخر مرحلة ويأتي عمل الهيئات على النحو االتي‪:‬‬
‫الهيئة األولى‪ :‬وتقوم بدور الرقابة حيث تعتبر الرقابة التى تقوم بها رقابة سابقة للصرف وتتمثل هذه‬
‫الهيئة في المراقب المالي الذي يقوم بمراقبة مدى االلتزام ومدى قانونية االلتزام بالدفع‪.‬‬
‫الهيئة الثانية‪ :‬المحاسب العمومي‪ ،‬ويقوم بمراقبة ما يترتب على مدى االلتزام بدفع النفقة وصرفها‪.‬‬
‫الهيئة الثالثة ‪ :‬تقوم بدور الرقابة السياسية وتتمثل في البرلمان‪ ،‬وتتم هذه الرقابة من خالل المصادقة على‬
‫الميزانية‪.‬‬
‫الهيئة الرابعة‪ :‬تقوم بالرقابة الخاصة‪ ،‬ويأتي هذا النوع من الرقابة في الغالب الحقا لعملية الدفع وتتمثل‬
‫هذه الهيئات في مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خالد أحمد المشهداني‪ ،‬نبيل ابراهيم الطائي‪" ،‬مدخل الى المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.115‬‬
‫‪83‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العامة للدولة‬

‫أسئلة للتقويم‬

‫‪ -‬ما هو تعريف الميزانية العامة للدولة؟ و ماهي اهميتها بالنسبة للدولة ؟‬


‫‪-‬ما هي أهم خصائص الميزانية العامة للدولة؟‬
‫‪-‬ما المقصود بسنوية الميزانية العامة‪.‬؟‬
‫‪ -‬ما هي االستثناءات على مبدأ وحدة الميزانية ‪.‬؟ تكلم عنها بإيجاز‪.‬؟‬
‫‪-‬أذكر أهم مراحل إعداد الميزانية العامة للدولة‪.‬‬
‫‪ -‬ما أهمية الميزانية العامة للدولة من الناحية السياسية ‪.‬؟‬

‫‪84‬‬
‫الرقابة المالية على النفقات‬
‫العمومية‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫تعتبر مرحلة الرقابة على النفقات العامة أهم مراحل دورة الميزانية العامة‪ ،‬فهي تبين مدى سالمة ودرجة‬
‫الدقة في تقدير اإليرادات العامة التي تضمنتها موازنة الدولة‪ ،‬وتساعد في التأكد من تحصيل اإليرادات‬
‫المقررة‪ ،‬والتأكد من إنفاق االعتمادات المرصودة‪ ،‬وذلك وفقا لخطة الدولة المرسومة‪ ،‬والمحددة في‬
‫الميزانية العامة للدولة‪.‬‬
‫وكذلك تعتبر الرقابة المالية حاسمة في تأدية الغرض التي تصبو اليه الدول‪ ،‬والذي يتجلى أساسا‬
‫في تطبيق الميازنية تطبيقا صحيحا وسليما تراعى فيه كافة قواعد اإلنفاق المقررة قانونا‪ ،‬من أجل ترشيد‬
‫النفقات العمومية من جهة وبين التجسيد الميداني لالستثماارت والمشاريع التنموية من جهة أخرى‪ ،‬خاصة‬
‫في ظل أزمة التمويل الحادة التي فرضها انخفاض أسعار البترول‪ ،‬وضعف وهشاشة الجباية العادية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الرقابة المالية‬


‫يختلف معنى الرقابة من حيث المقاييس واألساليب المستعملة فيمكن أن تعطي الرقابة صفة المشاهدة‪،‬‬
‫الفحص والمتابعة‪ ،‬والتدقيق‪ ،‬والمراجعة‪ ،‬والتحقيق‪ ،‬وتعرف الرقابة لغة بمعاني كثيرة منها‪:‬‬
‫الحراسة والرعاية‪ :‬رقب الشيء ورقابته أي حراسته‪ ،‬ورقيب القوم هو حارسهم والرقيب هو الحارس الحافظ‬
‫اإلشراف‪ :‬ارتقب أي أشرف وعال والمراقب والمراقبة هو الموضع الذي يرتفع عليه الرقيب‪ ،‬فنقول ارتقب‬
‫المكان إذا عال وأشرف‬
‫االنتظار‪ :‬رقب فالنا تعني انتظره وترصد قدومه والترقب هو االنتظار‪.1‬‬
‫‪-1‬التعاريف الصطالحية للرقابة‪:‬‬
‫يمكن ادراج التعاريف التالية للرقابة ‪:‬‬
‫تعريف هنري فايل‪ :‬الرقابة هي التحقيق كما إذا كان كل شيء يحدث طبقا للخطة الموضوعة والتعليمات‬
‫الصادرة والمبادئ المحددة وأن غرضها هو اإلشارة إلى نقاط الضعف واألخطاء‪ ،‬بقصد معالجتها ومنع‬
‫تكرار حدوثها كما أنها تطبق على كل شيء_ األشياء‪ ،‬الناس‪ ،‬األفعال‪.‬‬
‫تعريف إبراهيم درويش‪:‬‬
‫الرقابة بأنها أداة يمكن من خاللها التحقق من أن البرنامج واألهداف قد تحققت باألسلوب المعين وبدرجة‬
‫الكفاءة المحددة وفي الوقت المحدد للتنفيذ أي وفق الجدول الزمني لعملية التنفيذ‪.2‬‬

‫‪ 1‬بن داود إبراهيم‪" ،‬الرقابة المالية على النفقات العمومية"‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتاب‪ ،2009 ،‬ص‪.12‬‬
‫‪2‬‬
‫الرائد محمد مهنا العلي‪" ،‬الوجيز في اإلدارة العامة"‪ ،‬الرياض‪ :‬الدار السعودية للنشر والتوزيع‪ ،1982 ،‬ص‪،919‬‬

‫‪86‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫أما فيما يخص تعريف الرقابة المالية فإن معظم المختصين يصطلح لها عدة مفاهيم‪ ،‬كالمالحظة‪،‬‬
‫الفحص‪ ،‬التوجيه‪ ،‬المقارنة‪ ،‬التسجيل أو التفتيش ألنها تخص المال العام وهذا األخير له تعاريف عدة‪،‬‬
‫يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬
‫المال العام‪ :‬هو ما تكون ملكيته للناس جميعا أو لمجموعة منهم لهم حق االنتفاع منه دون أن يختص به‬
‫أو يستعمله أحد لنفسه‪.1‬‬
‫كما عرفت الرقاب ة على الميزانية العامة على أنها التحقق من التزام الهيئات العامة بمدی تنفيذ قواعد‬
‫الميزانية وبنودها تنفيذا صحيحا‪ ،‬حسب ما جاء في قانون المالية والميزانية‪ ،‬بمعنى هل تم فعال صرف‬
‫النفقات العامة في موضوعها ودون تبديد وتبذير واختالس‪ ،‬وتحصيل اإليرادات العامة على الوجه السليم‬
‫‪-2‬تعريف الرقابة قانونا‪:‬‬
‫تعرف الرقابة المالية من الناحية القانونية بأنها " الرقابة التي تقوم بها هيئات يتم إنشاؤها بقانون أو أي‬
‫سند قانوني آخر‪ ،‬وتجدد اختصاصاتها بموجب ذلك السند القانوني‪ ،‬و تهدف إلى مطابقة العمل ذي‬
‫اآلثار المالية للقانون‪ ،‬أو أدق مطابقته لمختلف القواعد القانونية التي تحكمه سواء ما كان منها داخال في‬
‫إطار الشكل القانوني ‪ ،‬وهي التي تنظر في طبيعة التصرف و فحواه و مكوناته ‪ ،‬و يتم بموجب هذا النوع‬
‫من الرقابة رقابة التصرف المالي من حيث النفقات أو اإليرادات العامة ‪ ،‬ووفقا لهذا المنظور‪ ،‬فإن الرقابة‬
‫المالية تمارسها مؤسسات أنشأت بموجب سند قانوني ‪ ،‬وهو الذي يحدد اختصاصاتها ‪ ،‬كما أن عملها ال‬
‫يجب أن يتعارض مع القواعد القانونية‪.2‬‬
‫وهناك من يعرفها بأنها عملية دائمة ومستمرة تدور مع المال العام حيث دار وجودا‪ ،‬وتمارسها أجهزة‬
‫وادارات متعددة بغية التأكد من تحقيق النشاط المالي للدولة ألهدافه طبقا لما هو مخطط له دون تبذير أو‬
‫انحراف أو خطا على مالية الدولة وعلى حسن سير األداء بما ال يعرقل النشاط االقتصادي والخدمات‬
‫العامة‪.3‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن الرقابة المالية تظل في ديناميكية مستمرة مع المال العام‪ ،‬وتمارس من طرف إدا ارت وهيئات‬
‫متعددة لغرض التأكد من تحقيق النشاط المالي ألهدافه وفقا للمخطط المرسوم مسبقا‪ ،‬من دون عرقلة‬
‫للنشاط االقتصادي والخدمات العامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حسين حسين شحاتة‪" ،‬جريمة المال العام"‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬مصر‪ ،1991،‬ص‪،91‬‬
‫‪2‬‬
‫سليمان حمدي ‪" ،‬الرقابة االدارية والمالية على االجهزة الحكومية دراسة تحليلية تطبيقية"‪ ،‬مكتبة دار الثقافة لنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان ‪،1998 ،‬‬
‫ص‪.13‬‬
‫‪3‬محمد عوف الكفراوي‪" ،‬الرقابة المالية‪ ،‬النظرية والتطبيق"‪ ،‬طبعة ‪،2‬مطبعة االنتصار لطباعة االوفست‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص‪.22‬‬

‫‪87‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫يمكن القول بأن الرقابة المالية تقوم بها وتقييم األداء وکشف االنحرافات ومعالجتها من أجل تنفيذ الخطط‬
‫المرسومة‪.‬‬
‫وقد عرف عبد الرؤوف جابر الرقابة المالية في كتابه المعنون بالرقابة المالية والمراقب المالي من الناحية‬
‫النظرية بأنها‪ " :‬تدقيق الحسابات وفحص أنظمة الرقابة الداخلية والبيانات والمستندات والحسابات والدفاتر‬
‫الخاصة للمشروع تحت التدقيق فحصا انتقاديا منظما بقصد الخروج برأي فني محايد عن مدى داللة‬
‫القوائم المالية على الوضع المالي لذلك المشروع في نهاية فترة زمنية معلومة ومدى تصورها لنتائج أعماله‬
‫من ربح أو خسارة عن تلك الفترة‪.1‬‬
‫ومن خالل التعاريف السابقة يمكن التوصل إلى صياغة تعريف إجرائي للرقابة المالية عملية ديناميكية‬
‫تقوم بها أجهزة مختلفة تنشأ بمقتضى قانون‪ ،‬وهي تهدف إلى تقييم األداء ومعرفة االنحرافات ومعالجتها‬
‫من أجل الحفاظ على المال العام وتحقيق األهداف المنشودة والمرسومة مسبقا في مخططات السلطات‬
‫العمومية الرسمية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهمية وأهداف الرقابة المالية وخصائصها‬


‫‪-1‬أهمية الرقابة المالية‪:‬‬
‫تبرز أهمية الرقابة المالية من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬من خالل ارتباطها بالعملية اإلدارية ارتباطا وثيقا‪ ،‬حيث أن عملية الرقابة تمثل المحصلة النهائية‬
‫األنشطة ومهام المنظمة فمن خاللها يمكن قياس مدة كفاءة الخطط الموضوعية وأساليب تنفيذها‪.‬‬
‫‪ -‬تعتبر جزءا أساسيا من اإلدارة المالية والتي تتضمن مجموعة من السياسات واإلجراءات المحاسبة‬
‫والتدقيقية في مجالي األداء والعالقات المالية‪ ،‬وهي العملية التي تستطيع اإلدارة بواسطتها اكتشافها‬
‫أية انحرافات عن الخطط الموضوعية‪ .‬وتعتبر من أهم المرتكزات التي تنطلق منها الموازنة العامة‪.‬‬
‫وتضمن استقامة ونزاهة الموظفين والتأكد من أن أدائهم لمهامهم وواجباتهم‪.‬‬
‫تعد الرقابة المالية من أهم الوسائل واألدوات التي تساعد على اكتشاف أصحاب القدرات والمواهب‬ ‫‪-‬‬
‫في مهامهم‬
‫وتظهر أهمية الرقابة المالية أكثر من خالل أنها لم تعد قائمة على مفهوم الضبط والمنح وانما طهر ما‬
‫يعرف بالرقابة االيجابية البناءة التي ال تنحصر في مجرد اكتشاف األخطاء الواقعة بل تتعداها لتبحث في‬
‫أسبابها وكيف نتجنب وقوعه‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرؤف جبار‪" ،‬الرقابة المالية والمراقب المالي من الناحية النظرية"‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2004 ،‬ص‪.18‬‬

‫‪88‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪-2‬أهداف الرقابة المالية‪:‬‬


‫تتمثل أهداف الرقابة المالية فيها يلي‪:‬‬
‫‪ ‬هدف سياسي‪ :‬وهي التحقق من تطبيق ما وافقت عليه السلطة التشريعية فيما يتعلق بالميزانية‪ ،‬فهو‬
‫ما يعني استخدام االعتمادات في األوجه التي خصصت لها وجباية اإليرادات حسب األنظمة واللوائح‬
‫المعمول بها‪.‬‬
‫‪ ‬هدف مالي‪ :‬ويقصد به التحقق من صحة الحسابات وسالمة التصرفات واإلجراءات المالية‪ ،‬وكشف‬
‫االنحرافات واألخطاء واالختالسات‪ ،‬ومراقبة األداء وفقا لألهداف الموضوعية‪ ،‬وبالتالي مراقبة الترشيد‬
‫في اإلنفاق‪.‬‬
‫‪ ‬هدف إداري‪ :‬وهو التأكد من أن أنظمة العمل تؤدي إلى أكبر نفع ممكن‪ ،‬وبأقل التكاليف الممكنة‪،‬‬
‫وتصحيح الق اررات اإلدارية‪ ،‬مما يؤدي إلى حسن سير العمل في كافة مراحل التخطيط أو التنفيذ أو‬
‫المتابعة‪.‬‬
‫كما تهدف الرقابة المالية إلى بيان آثار التنفيذ على مستوى النشاط االقتصادي واتجاهاته‪ ،‬كما تهدف‬
‫كذلك إلى بيان آثار التنفيذ على مستوى المجتمع والبيئة أي هل يحقق اإلنتاج اإلشباع لدى المجتمع أم‬
‫ال‪ ،‬وماهي انعكاساته النافعة أو الضارة على البيئة المحيطة‪ ،‬إضافة إلى اكتشاف األخطاء وتصحيحها‬
‫لتوجيه المسئولين إلى مواطن الخلل وكيفية التنقيب عليها‪ ،‬فليست الرقابة تصديا لألخطاء بل من أهدافها‬
‫التوجيه واإلرشاد‬
‫كما تهدف الرقابة المالية إلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬التأكد من دقة وصحة البيانات المحاسبية المثبتة بدفاتر وسجالت المشروع‪ ،‬وتقرير مدى االعتماد‬
‫عليه‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحصول على رأي فني محايد حول مطابقة القوائم المالية لما هو مقيد بالدفاتر والسجالت‪.‬‬
‫ج‪ -‬اكتشاف ما قد يوجد بالدفاتر من أخطاء أو غش‪.‬‬
‫د‪ -‬ت قليل فرص ارتكاب األخطاء أو الغش عن طريق زيارات المدقق المفاجئة للمشروع وتدعيم أنظمة‬
‫الرقابة الداخلية بالمشروع‪.‬‬
‫ه‪ -‬مراقبة الخطط الموضوعية ومتابعة تنفيذها‪.‬‬
‫و‪ -‬تقييم نتائج أعمال المشروع بالنسبة إلى األهداف المرسومة‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫ز‪ -‬تحقيق أقصى قدر ممكن من الكفاءة اإلنتاجية عن طريق محو اإلسراف في جميع نواحي نشاط‬
‫المشروع‪.‬‬
‫ح‪ -‬تحقيق أقصى قدر ممكن من الرفاهية ألفراد المجتمع الذي يعمل فيه المشروع‪ ،‬ويأتي هذا الهدف‬
‫األخير نتيجة التحول الذي ط أر على أهداف المشاريع بصورة عامة حيث لم يعد تحقيق أكبر قدر من‬
‫الربح الهدف األهم بل شاركته في األهمية أهداف أخرى منها العمل على رفاهية المجتمع الذي يعمل‬
‫فيه المشروع‪.1‬‬
‫وهناك من يقسم أهداف الرقابة المالية إلى أهداف عامة وأخرى خاصة إضافة إلى أهداف اجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬األهداف العامة‪:‬‬
‫ن وجز األهداف العامة التي تستهدفها الرقابة المالية في العمل على تحقيق الصالح العام من خالل‬
‫العناصر التالية‪:‬‬
‫‪-‬ضمان شرعية تصرفات اإلدارة‪ :‬وتعني هذه الضمانة أن تكون جميع التصرفات اإلدارية متسمة‬
‫بالشرعية أي تستند إلى قانون أو الئحة نظامية وليست ق اررات أو تصرفات عشوائية‪.‬‬
‫‪-‬ضمان عدم وقوع اعتداء على حقوق األفراد وحرياتهم‪ :‬إذا تمت مراقبة تصرفات اإلدارة على النحو‬
‫المبين عليه‪ ،‬فيمكن ضمان احترام حقوق األفراد العاملين باإلدارة والمتعاملين معها في ضل احترام‬
‫الدستور والقانون‪.‬‬
‫‪-‬التحقق من سالمة اإلنفاق وفقا للخطط الموضوعية‪.‬‬
‫‪ -‬التحقق من تحصيل الموارد وفقا لما هو مقرر‪.2‬‬
‫‪ ‬األهداف الخاصة‪:‬‬
‫تمثل األهداف الخاصة في تحقيق األغراض أو األهداف التي أنشئت المصلحة أو المؤسسة التي أنشأت‬
‫المصلحة أو المؤسسة أو المرفق لتحقيقها‪ ،‬فمثال أهداف و ازرة الصحة هي النهوض بمستوى صحة أفراد‬
‫الشعب والحفاظ عليها ضد األوبئة واألمراض‪ ،‬وأهداف و ازرة التربية والتعليم هي النهوض بالمستوى العلمي‬
‫والثقافي للنشء وتأهيلهم علميا ومهنيا‪ ،‬ومن هذا تسعى الرقابة المالية إلى التأكد على مدى تحقيق هذه‬
‫األهداف من عدمه من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬الرقابة على االستغالل األمثل للموارد المتاحة ومدى كفاية وفاعلية النفقة‪.‬‬
‫‪-‬التأكد من رقابة المنتج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عوف محمود الكفراوي‪" ،‬الرقابة المالية النظرية والتطبيق"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.22‬‬
‫الصحن محمد عبد الفتاح‪" ،‬مبادئ واسس المراجعة"‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة ‪،‬اإلسكندرية‪ ،1974 ،‬ص‪.5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪90‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪-‬التأكد من إجراء دراسات الجدوى الالزمة ومدى صدقها ومطابقتها للواقع‬


‫‪-‬التأكد من كفاية المعلومات واألنظمة واإلجراءات المستخدمة‪ ،‬ومدى تعقدها أو پسرها في االنجاز‬
‫األهداف المطلوبة‪.1‬‬
‫‪ ‬األهداف االجتماعية للرقابة المالية‪:‬‬
‫تتمثل األهداف االجتماعية للرقابة المالية فيما يلي‪:‬‬
‫‪-‬تحقيق الردع والزجر العام لدى العبث بالمال العام‪.‬‬
‫‪-‬ضمان إشباع حاجات المواطنين بطريقة إنسانية بالكفاءة والجودة الالزمة‪ ،‬ومن ثم تقضي الرقابة على‬
‫حدة التوترات االجتماعية الموجودة‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن للرقابة المالية أهداف عامة وأخرى خاصة إضافة إلى‬
‫األهداف االجتماعية وهي تهدف كلها إلى حماية المال العام من التبذير أو االختالسات‪ ،‬وهو ما ينعكس‬
‫على حياة األفراد والمجتمع من خالل تحقيق الجودة في المشاريع المنجزة‪ ،‬لكن هذا ال يتحقق إال إذا كانت‬
‫هذه الرقابة تتسم بالفعالية والشمولية‪.2‬‬
‫‪-3‬خصائص الرقابة المالية‪:‬‬
‫هذه بعض الخصائص التي تميز عملية الرقابة الفعالة عن غيرها‪:‬‬
‫‪ ‬تقديم معلومات صحيحة‪ :‬يجب أن تكون المعلومات المقدمة صحيحة فالمعلومات الخاطئة أو‬
‫المشوهة تظل عملية اتخاذ الق اررات‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى نتائج سيئة وغير متوقعة‪.‬‬
‫‪ ‬حسن توفيق المعلومات المقدمة‪ :‬فالمعلومات المتأخرة تفقد معناها فائدتها بصفة جزئية أو كلية‬
‫وبذلك تصبح ال قيمة لها بعد انقضاء األمر التي قدمت له‪.‬‬
‫‪ ‬اقتصاد في التكاليف‪ :‬أي يجب أن تكون عملية الرقابة مساوية لتكلفتها‪ .‬حتى تحقق االقتصاد في‬
‫التكاليف وقد يحدث هذا عندما توضع الرقابة بشكل يناسب عمل وحجم المؤسسة‪.‬‬
‫‪ ‬سهولة الفهم‪ :‬معناها تفهم المسير لعملية الرقابة وطبيعة النتائج المنتظرة منها وكذا المعلومات‬
‫المقدمة لها‪ .‬حتى يكون على علم بما يجري في المؤسسة وبالتالي ال يقوم باتخاذ ق اررات خاطئة‪.‬‬
‫‪ ‬التركيز‪ :‬هدفه جلب انتباه المسير بسرعة إلى االنحرافات التي تشكل نقاط اختناق المؤسسة و تعرقل‬
‫سير العمل و انسياب اإلنتاج حتى يتسنى له اختيار المعايير االستراتيجية لمواجهة ذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عوض هللا زينب حسين‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ 2‬الصحن محمد عبد الفتاح‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪.9‬‬

‫‪91‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪ ‬تسهيل اتخاذ الق اررات‪ :‬بمعنى أن الرقابة تقوم بتقديم معلومات واضحة ومحددة تصلح أساسا التخاذ‬
‫الق اررات دون الحاجة لتفسير والتحليل وتكون نتيجة تسهيل مهمة المسير وعدم تضيعيه الوقت في‬
‫األمور األقل أهمية‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬أنواع الرقابة المالية‬


‫تختلف أشكال الرقابة المالية وتتعدد أنواعها وتتباين صورها وفقا لمعايير مختلفة وتبعا لتعدد وجهات‬
‫نظر الباحثين والمختصين والمهنيين فهناك عدة أنواع للرقابة المالية نذكرها على النحو التالي‪:‬‬
‫‪-1‬الرقابة من حيث الجهات التي تتولى الرقابة‪:‬‬
‫إن الرقابة من حيث الجهات التي تتولى الرقابة تتقسم إلى نوعين إحداهما الرقابة الداخلية األخرى‬
‫الرقابة الخارجية‪.‬‬
‫أ‪ -‬الرقابة الداخلية‪ :‬وهي الرقابة التي تتم داخل السلطة التنفيذية نفسها على الوحدات التابعة لها‪ ،‬فهي‬
‫رقابة ذاتية تمارسها الوحدات التابعة لها‪ ،‬في رقابة ذاتية تمارسها الوحدات القائمة بالتنفيذ والمشرفة‬
‫عليه‪.‬‬
‫حيث تسعى األجهزة الحكومية إلى تأدية مهامها بصورة كفؤة وفعالة‪ ،‬بما تسمح لها باالستعمال‬
‫االقتصادي الفعال للموارد المتاحة‪ ،‬حيث أن هدف السلطة التنفيذية هو منع الموظفين من ارتكاب‬
‫األخطاء أو إساءة استعمال الموارد لحمايتها من التبذير والسرقة‪ ،‬وذلك عن طريق إصدار نصوص‬
‫تنظيمية للحفاظ على األموال العامة‪.2‬‬
‫ب‪-‬الرقابة الخارجية‪ :‬إضافة إلى الرقابة الداخلية‪ ،‬يوجد نوع آخر من الرقابة من حيث الجهات التي‬
‫تتولى الرقابة وهي الرقابة الخارجية‪ ،‬والتي يمكن تعريفها بأنها " نشاط تقييمي مستقل عن السلطة‬
‫التنفيذية‪ ،‬يهدف إلى التأكد من صحة العمليات المالية والبيانات المحاسبية ومشروعيتها والتحقق من كفاءة‬
‫وفعالية أداء األجهزة الحكومية في انجاز أهدافها وبرامجها ومشاريعها ‪ ،" ....‬وتسمى بالرقابة الخارجية‬
‫ألنه يفترض أن تقوم بها هيئات عليا مستقلة عن الجهات الخاضعة للرقابة‪ ،‬وعادة ما يحدد القانون إطار‬
‫عملها‪ ،‬وهو يشمل كل ما يتعلق بالمال العام‪ ،‬كما أن ينص على تأسيس الدستور‪.3‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن الرقابة الخارجية تقوم بها أجهزة مستقلة عن السلطة التنفيذية وتحدد اختصاصاتها من قبل‬
‫القانون‪ ،‬وتهدف إلى التدقيق في الحسابات ومدى التقيد بمعايير الكفاءة‪ ،‬وحسن السير‪ ،‬والفعالية‪.‬‬

‫‪ 1‬عوف محمد الكفراوي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.100‬‬


‫‪2‬‬
‫تحيسن درويش‪" ،‬إختالس أموال الدولة"‪ ،‬بحث ماجستير كلية الحقوق‪ ،‬بن عكنون‪ ،1996 ،‬ص‪.14‬‬
‫‪3‬‬
‫سناطور خالي‪" ،‬رقابة على النفقات العمومية"‪ ،‬دراسة حالة المفتشية العامة للمالية‪ ،‬مذكرة تخرج المدرسة الوطنية لإلدارة‪ ،‬الجزائر‪2006 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.06‬‬

‫‪92‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫ويعتبر التدقيق عماد الرقابة الخارجية‪ ،‬فهو يشكل فحص العمليات المالية وتحليل البيانات المحاسبية‬
‫بغرض كشف األخطاء والمخالفات والعمل على تصحيحها وتقويمها والتدقيق فيها من اجل إقامة‬
‫المسؤولية على المخالفين أو اإلعفاء منها‪ ،‬وكذا اتخاذ اإلجراءات الضرورية السترداد األموال الضائعة أو‬
‫التي تم اختالسها‪ ،‬ويمكن أن تكون نفسها الهيئة التي تنطلق بالحكم الموجب للعقوبة‪.‬‬
‫‪-2‬الرقابة من حيث السلطات المخولة للجهة الرقابية‪:‬‬
‫إن الرقابة المالية من حيث السلطات المخولة للجهة القائمة بأعمال الرقابة المالية يمكن تقسيم الرقابة‬
‫إلى نوعين وهما‪:‬‬

‫أ‪ -‬رقابة إدارية‪ :‬هي تلك التي تكون مهمتها جمع البيانات وتحليلها للوصول إلى نتائج معينة للتأكد من‬
‫تطبيق القوانين واللوائح والتعليمات وتحقيق األهداف الموضوعية بكفاءة تامة مع وجود سلطة التوصية‬
‫باتخاذ الق اررات المناسبة لتجنب أي انحراف أو مخالفات‪ ،‬فدور هذا النوع من الرقابة ينتهي عند‬
‫اكتشاف األخطاء والمخالفات والتنبيه إليها أو إحالتها للسلطات المختصة‪.1‬‬
‫والجدير بالذكر أن الرقابة المالية التي تجربها السلطة التنفيذية على نفسها مثل و ازرة المالية على غيرها‬
‫من الو ازرات أو رقابة الجهاز المركزي للتنظيم واإلدارة أو هيئة الرقابة اإلدارية كما إن الشق األخر من‬
‫الرقابة المالية والذي يجري بمعرفة جهة خارجية مستقلة أو هيئة متخصصة على السلطة التنظيمية ما هي‬
‫إال رقابة إدارية ألنها تتم من جهاز إداري‪.‬‬
‫لكن ما يؤخذ على هذا النوع من الرقابة أنها ال تملك سلطة توقيع الجزاء على المخالفين‪ ،‬ويكون ذلك في‬
‫ا لعادة من شان سلطات أخرى مما يؤثر على مدى فاعلية هذا النوع من الرقابة ويجعله ال يحقق اآلمال‬
‫المعقودة عليه‪.‬‬
‫ب‪ -‬رقابة قضائية‪ :‬هي تلك التي تتوالها هيئة قضائية تكون مسؤولية عن إجراء عمليات الرقابة اكتشاف‬
‫المخالفات المالية ويعهد إليها بمحاكمة المسئولين عن هذه المخالفات واصدار العقوبات الالزمة فمن‬
‫حق هذه الهيئات أو األجهزة سلطة توقيع الجزاء عند وقوع مخالفة‪.2‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن الرقابة القضائية تهدف أساسا إلى اكتشاف األخطاء والمخالفات وتوقيع الجزاءات عند‬
‫اكتشاف هذه األخطاء المخالفات محاكمة كل المسئولين عن هذه األخطاء‪.‬‬

‫‪1‬سناطور خالي‪" ،‬رقابة على النفقات العمومية"‪ ،‬دراسة حالة المفتشية العامة للمالية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪2‬عبد القادر موفق‪" ،‬الرقابة المالية على البلدية‪ ،‬دراسة تحليلية نقدية"‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،2015 ،‬ص‪.48‬‬

‫‪93‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫ويختلف هذا النوع من الرقابة عن الرقابة اإلدارية في أنها رقابة ساكنة بمعنى أنه ال تمارس ابتداء‪ ،‬بل‬
‫تتحرك عن وجود نزاع ويكون ذلك بناء على طلب من له الحق في تحريكها سواء كانت سلطة إدارية ذاتها‬
‫أو األفراد باعتبارهم مستهلكين أو طالبي منفعة أو من غير المتعاملين السلطة اإلدارية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن الرقابة القضائية ماهي إال رقابة مدى تطبيق للقوانين واللوائح فقط دون تدخل في عملية تقدير‬
‫‪1‬‬
‫النشاط االقتصادي ذاته‬
‫‪-3‬الرقابة من حيث دور الدولة في عملية الرقابة‪:‬‬
‫إن الرقابة المالية من حيث دور الدولة في عملية الرقابة تنقسم إلى ثالثة أنواع وهي الرقابة التنفيذية‬
‫والرقابة التشريعية والرقابة الشعبية‪ ،‬وهذا ما سنتناوله فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الرقابة التنفيذية ‪:‬‬
‫وهي الرقابة التي تقوم بها أجهزة حكومية أيا كان نوعها بغرض التأكد من حسن استخدام المال العام ‪،‬‬
‫وهذه الرقابة تتمثل في الرقابة المستمدة ورقابة األداء الداخلية منها و الخارجية السابقة منها الالحقة ‪ ،‬وقد‬
‫تعددت األجهزة القائمة بعملية الرقابة وقد تتبع في إجرائها نظاما رأسيا وخير مثال على ذلك الرقابة على‬
‫شركات قطاع األعمال العام حيث يوجد بها رقابة ذاتية ثم رقابة الشركة القابضة التابعة لها ثم رقابة وزير‬
‫قطاع األعمال العام ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى رقابة األجهزة األخرى التي ال تدخل في هذا النظام الراسي‬
‫للرقابة والتي تتمتع باستقالل ذاتي أو تتبع و ازرات أو جهات أخرى في الدولة‪.2‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن الرقابة التنفيذية تقوم بها أجهزة حكومية بمختلف أنواعها سواء كان ذلك على المستوى‬
‫المركزي أو المحلي من اجل الحفاظ على المال العام‪ ،‬والعمل على محاربة أي اختالس أو سرقة أو‬
‫تبذير‪.‬‬
‫ب‪-‬الرقابة التشريعية‪:‬‬
‫هذا النوع من الرقابة تتوالها الهيئة التشريعية‪ ،‬لها سلطة في الرقابة على مالية الدولة واإلشراف على‬
‫اإلدارة وتباشر السلطة التشريعية بطرق متعددة‪ ،‬ويختلف مداها باختالف النظام الدستوري الذي تسير عليه‬
‫الدولة‪.‬‬
‫وتباشر المجالس التشريعية الرقابة المالية بصور عدة أهمها‪:‬‬
‫‪-‬إصدار القوانين المنظمة للشؤون المالية‪.‬‬
‫‪-‬مناقشة واعتماد خطط التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ 1‬أمر ‪ 20 / 95‬المؤرخ في ‪ 1995/07/17‬المتضمن بمجلس المحاسبة عدد ‪.39‬‬


‫‪ 2‬عبد القادر موفق‪" ،‬الرقابة المالية على البلدية‪ ،‬دراسة تحليلية نقدية" ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫‪94‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪-‬مناقشة واعتماد الموازنة العامة للدولة‪ ،‬ما يفسر عنه حسابها الختامي‬
‫‪-‬حق توجيه األسئلة إلى رئيس الوزراء ونوابهم أو غيرهم من أعضاء الحكومة‪ ،‬وذلك بقصد االستفسار‬
‫عن بعض األمور لمعرفة حقيقتها أو معرفة ما تعتزم الحكومة القيام به وقد يكون االستفسار بقصد لفت‬
‫نظر الحكومة إلى بعض الثغرات‪.‬‬
‫‪-‬استعانة المجلس بهيئة فنية متخصصة‪ :‬يعاب على هذه المجالس أنه ال تتوافر لدى أعضائها الخبرة‬
‫الكافية والوقت الالزم لمراقبة تنفيذ الميزانية الحساب الختامي للدولة‪.‬‬
‫ج‪-‬الرقابة الشعبية‪:‬‬
‫يمارس الشعب هذه الرقابة باعتبارها دافعا للضريبة ومصد ار للسلطات في الدولة‪ ،‬وتتم هذه الرقابة بصورة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬وتتمثل الرقابة الشعبية المباشرة في مساءلة الرأي العام والمؤسسات غير الحكومية‬
‫أو منظمات المجتمع المدني وجماعات المصالح فضال عن مساءلة الصحافة ووسائل اإلعالم‪ ،‬وجميعها‬
‫يطلق عليها الوسائل غير الرسمية للمساءلة أو الرقابة‪.‬‬
‫أما الرقابة غير المباشرة فتتمثل في المجالس الشعبية المنتخبة من الشعب سواء كانت ممثلة على مستوى‬
‫األمة أو على مستوى الوحدات اإلقليمية أو المحلية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن الرقابة الشعبية هي تلك الرقابة التي يباشرها أفراد الشعب عن طريق تنظيماتهم والتي تتمثل‬
‫في عدة صور‪ ،‬ومن أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬الرقابة التي تمارسها جماهير الشعب عن طريق إبداء رأيها الحر‪ ،‬يباشر الشعب رقابته عن طريق‬
‫انتخاب ممثليه لعضوية المجالس التشريعية‪.‬‬
‫‪ -‬يمارس أفراد الشعب حقهم في الرقابة بواسطة ما ينبثق من تنظيماتهم من لجان رقابية مثل رقابة‬
‫التنظيمات واألحزاب السياسية المختلفة ورقابة اللجان النقابية في مختلف القطاعات االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬تمارس جماهير الشعب حقها الرقابي عن طريق المجالس الشعبية المحلية‪.‬‬
‫‪-4‬الرقابة من حيث وجهة النظر المحاسبية واالقتصادية‬
‫يمكن تقسيم الرقابة من وجهة النظر المحاسبية واالقتصادية إلى ثالث أنواع كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الرقابة المالية المستندية‪ :‬وهي الرقابة على المستندات والسجالن والدفاتر المالية للتأكد من الموارد‬
‫حصلت وفقا للتعليمات وقد أنفقت في حدود االعتمادات المخصصة لها وان مستنداتها صحيحة ومطابقة‬
‫لما هو وارد بالسجالت‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫فهي رقابة باألساليب المحاسبية المتعارف عليها وقد تكون قبل الصرف أو بعد الصرف ويطلق عليها‬
‫البعض الرقابة الحسابية أو الرقابة التقليدية أو الرقابة الالئحية‪ ،‬حيث أنها تركز على المحاسبة وأساليبها‬
‫المختلفة وعلى تطبيق القوانين والق اررات واللوائح المعمول بها‪.1‬‬
‫ب‪-‬الرقابة الشاملة‪ :‬وهي تشمل الرقابة المحاسبية المالية والرقابة االقتصادية التقويم األداء والوقوف على‬
‫تحقيق األهداف البيان مدى صحة الحسابية الختامية والمراكز المالية وأنها تظهر المركز المالي الحقيقي‬
‫للوحدة وتعتبر بصدق عن نتائج العمل‪.‬‬
‫ويعرف البعض الرقابة الشاملة بأنها المراجعة المالية ومراجعة المطابقة‪ ،‬وتعبير المراجعة الشاملة يشير‬
‫إلى منهج أكثر تعقيد يهدف إلى تقييم األداء العام‪ ،‬ومدی الكفاءة االقتصادية‪ ،‬وفاعلية إدارة الموارد‬
‫العامة‪.‬‬
‫ج‪-‬الرقابة االقتصادية‪ :‬وهي عبارة عن تلك العمليات التي تقيس األداء الجاري وتقوده إلى أهداف معينة‬
‫محددة مسبقا‪ ،‬فهذه الرقابة تتطلب وجود أهداف محددة مسبقا لقياس األداء الفعلي‪ ،‬وأسلوبا لمقارنة األداء‬
‫المحقق بالهدف المخطط ألنه على أساس نتائج هذه المقارنة يوجه األداء‪ ،‬بحيث يتفق مع الهدف أو‬
‫المعيار المحدد لهذه األعمال أو الخدمات من قبل‪ .‬ويطلق أيضا على هذا النوع من الرقابة بالرقابة‬
‫التقييمية‪ ،‬وهذا النوع من الرقابة ال يحقق األهداف المرجوة من دون رقابة مستندية تؤكد صحة وسالمة‬
‫البيانات المستخدمة كأدوات للتحليل‪.‬‬
‫‪-5‬الرقابة المالية من حيث توقيت عملية الرقابة‪:‬‬
‫إن الرقابة من حيث توقيت عملية الرقابة تشمل ثالثة أنواع متمثلة في الرقابة السابقة والرقابة أثناء‬
‫التنفيذ أو ما يطلق عليها كذلك بالرقابة اآلنية‪ ،‬وفي األخير نجد الرقابة أالحقة أو البعيدة‪.‬‬
‫أ‪-‬الرقابة السابقة‪ :‬وهي تتخذ صورة الموافق السابقة‪ ،‬وهي حق يخوله القانون لشخص عام‪ ،‬وهذا النوع‬
‫من الرقابة يتراوح بين ضرورة الحصول على تراخيص مسبقة للقيام ببعض األعمال والمشروعات واقرارها‬
‫واصدار التعليمات الالزمة إلنجازها‪.‬‬
‫فالرقابة هنا تأخذ معنى الوصاية من جانب الدولة لفرض حدود وقيود معينة تؤدي الحسن توزيع الموارد‬
‫االقتصادية ولترشيد اإلنفاق العام‪ ،‬ولتحقيق أهداف السياسة العامة للدولة‪ ،‬وتبين عملية الرقابة المتعلقة‬
‫للتصرف في األموال العامة المعتمدة أو المملوكة للوحدات الخاضعة ألحكام الرقابة المالية الحكومية‪.‬‬

‫‪ 1‬حمدي سليمان‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.144‬‬

‫‪96‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫ب‪-‬الرقابة اآلنية (وقائية)‪ :‬وهي التي تتم أثناء التنفيذ ويستند هذا النوع من الرقابة إلى أجهزة متخصصة‬
‫تسهر على التأكد من مدى سالمة طرقة العمل وأن تنفيذ الميزانية يتم وفقا للخطط والسياسات الموضوعية‬
‫ويطلق عليها الرقابة الذاتية‪ ،‬حيث تقوم لجنة الشؤون والمالية بأداء المهمة الكتشاف األخطاء‪ ،‬حيث‬
‫تفترض أن تتم في وقت قصير بالنسبة إلنفاق حتى ال يتعطل سير العمل وتعرقل إجراءات اإلنفاق‪.‬‬
‫وهذا النوع من الرقابة تقوم به األجهزة واإلدارات بالوحدات المختلفة‪ ،‬للتأكد من سالمة ما يجري عليه‬
‫العمل داخلها‪ ،‬والتأكد كذلك من أن التنفيذ يسير وفقا للخطط السياسات الموضوعة‪.‬‬
‫ويتميز هذا النوع من الرقابة باالستمرار والشمول‪ ،‬حيث يبدأ مع تنفيذ األعمال وأداء الخدمات للوقوف‬
‫على مدى حقيقة اإلجراءات التصحيحية من نتائج ليطابق التنفيذ الخطط والسياسات الموضوعة‪.‬‬
‫ج‪-‬الرقابة الالحقة (البعدية)‪ :‬لقد بدأت هذه الرقابة المالية في مراحلها األولى كرقابة الحقة‪ ،‬أي أنها تبدأ‬
‫بعد التنفيذ بهدف الكشف عن األخطاء التي تقع أثناء التنفيذ‪ ،‬وتكون هذه الرقابة بعد تنفيذ النفقات‪.1‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن هذه الرقابة تكون بعد تنفيذ النفقات‪ ،‬أي بعد انتهاء السنة المالية كما أنها ال تشمل النفقات‬
‫فقط وانما اإليرادات المالية أيضا‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬مراحل عملية الرقابة المالية‬


‫إن القيام بعملية الرقابة المالية تمر بأربع مراحل هي‪:2‬‬
‫‪-1‬مرحلة اإلعداد‪:‬‬
‫قبل القيام بعملية الرقابة يجب تحضير فريق العمل الذي سوف يقوم بعملية الرقابة‪ ،‬وتعد هذه المرحلة‬
‫من المراحل الهامة الن اختيار أفراد العمل األكفاء سوف ينعكس بصورة جيدة على باقي المراحل‪.‬‬
‫لذلك على المراقب المالي أن يتمتع بعدد من الخصائص منها‪:‬‬
‫قدرة المراقب المالي على توفير معلومات دقيقة عن أوجه نشاط المنشأة المالي‪.‬‬ ‫•‬
‫• اإللمام بأوجه نشاط المنشأة الخاضعة للرقابة‪.‬‬
‫• قدرة المراقب المالي على االتصال مع جميع إدارات المنشأة‪.‬‬
‫• اكتساب ثقة اآلخرين األمر الذي يؤدي إلى تسهيل مهمته في الرقابة وذلك من خالل تقديم المساعدة‪.‬‬
‫• القدرة على تحليل البيانات المتوفرة وتحويلها إلى معلومات ذات فائدة‪.‬‬
‫• أن يتسم بالموضوعية والمرونة ويبتعد عن التحيز‪.‬‬

‫‪ 1‬المرسي السيد حجازي‪" ،‬مبادئ االقتصاد العام"‪ ،‬مصر‪ ،‬الدار الجامعية ‪ ،2009‬ص‪.95‬‬
‫‪1‬‬
‫سيروان عدنان ميزر الزهاوي‪ ،‬الرقابة المالية على تنفيذ الموازنة العامة في القانون العراقي‪ ،‬منشورات الدائرة اإلعالمية في الﻤﺠاالت النواب‪،‬‬
‫بغداد‪ ،2008 ،‬ص‪.92‬‬

‫‪97‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫بعد االنتهاء من عملية اإلعداد تأتي المرحلة الثانية وهي‪:‬‬


‫‪-2‬مرحلة البيانات‪:‬‬
‫في هذه المرحلة يقوم فريق عمل الرقابة بجمع البيانات المالية من مصادرها سواء كانت محفوظة في‬
‫السجالت المحاسبية أو المحفوظة على أجهزة الحواسب واستخراج هذه البيانات وجدولتها للقيام بالعملية‬
‫التي ستليها‪.‬‬
‫‪-3‬مرحلة الفحص‪:‬‬
‫في هذه المرحلة يقوم المراقب المالي بمقارنة البيانات التي حصل عليها مع ما هو مخطط وهنا يستعين‬
‫المراقب المالي بأدوات الرقابة المالية وهي كالتالي‪:‬‬
‫أ‪-‬الموازنة التخطيطية‪ :‬وتعتبر من أهم األدوات المستخدمة في الرقابة وهي عبارة عن خطة شاملة لجميع‬
‫عمليات المنشأة خالل مدة معينة فهي تحتوي على معايير من أجل مقارنة االنجاز الفعلي وقياس األداء‪.‬‬
‫ب‪-‬التحليل المالي‪ :‬يعتبر التحليل المالي الخطوة األساسية في الرقابة المالية ألن هذه العملية تتضمن‬
‫مقارنة الخطط الموضوعة ومستوى تنفيذها والمقارنة بين الفترات الزمنية المختلفة وبين المنشآت المتماثلة‪.‬‬
‫وتتم عملية المقارنة في التحليل المالي من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬تحليل القوائم المالية‪ :‬وذلك من خالل الميزانية العمومية حساب الدخل‪.‬‬
‫‪ -‬التحليل عن طريق النسب المالية المختلفة مثل نسب السيولة والرخية والعائد على االستثمار‪.‬‬
‫ج‪-‬التقارير المالية‪ :‬بعد االنتهاء من العمليات السابقة يأتي دور رئيس فريق عمل الرقابة اإلعداد التقرير‬
‫المالي للمدير ليصبح على علم بكل العمليات المالية أثناء تنفيذ الخطة المالية وعند االنتهاء منها‪ ،‬وهذه‬
‫التقارير يجب أن تكون مختصرة وذلك من خالل إما عرضها على شكل رسوم بيانية أو بأشكال أخرى‬
‫تظهر مدى التغيرات المالية التي تحدث في المنشأة وتعرض أسباب المشاكل المالية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أساليب تنفيذ الرقابة المالية‬


‫لقد ذهبت قوانين وأنظمة أغلب بتحديد أساليب معينة لتنفيذ الرقابة المالية كاآلتي‪:‬‬
‫‪-1‬الرقابة الشاملة‪:‬‬
‫وفقا لهذا األسلوب تتولى جهات الرقابة إجراء رقابة عارمة وتفصيلية على جميع المعامالت المالية‬
‫تمارسها الجهات الخاضعة للرقابة أو أنها تكون شاملة أو إجمالية أو قد يتم تحقيق الرقابة الشاملة على‬
‫قطاع معين وفي مجال نوعي معين من مجاالت األعمال المالية للوحدة اإلدارية‪ ،‬أو رقابة إجمالية على‬
‫باقي المجاالت‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪-2‬الرقابة االنتقائية‪:‬‬
‫وفقا لهذا األسلوب يتم اختيار عينة من بين المعامالت المالية المراد مراقبتها وفحص تلك العينة كنموذج‬
‫قياسي لألعمال المالية للجهة الخاضعة للرقابة‪ ،‬ويمكن استخدام أسلوب الرقابة االنتقائية بطرق متعددة‬
‫وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬العينة العشوائية‪ :‬حيث يتم اختيار عينة أو عينات معينة من المعامالت المالية بطريقة عشوائية‬
‫واخضاعها للرقابة دون الحاجة إلى إخضاع جميع المعامالت المالية في الوحدة اإلدارية‪ ،‬ويتبع مثل هذا‬
‫األسلوب في المؤسسات واإلدارات والشركات التي فيها أعمال مالية ضخمة أو متعددة‪.‬‬

‫ب‪ -‬العينة اإلحصائية‪ :‬وفقا لهذه الطريقة يتم تقسيم المعامالت المالية التي تقوم الجهة الخاضعة للرقابة‬
‫على طبقات متشابكة ومتجانسة من ناحية الحجم والنوع ثم يتم اختيار عينة من كل طبقة على حدا‪.‬‬
‫ج‪ -‬العينة العنقودية ‪ :‬حيث يتم اختيار عينة معينة ‪ ،‬ويمتد هذا االختيار إلى مختلف مفردات موضوع‬
‫المعاملة المالية التي تم اختيارها بحيث تمثل العينة مجموعة من المعامالت المالية لموضوعات مترابطة‬
‫أو ذات صلة بموضوع العينة المختارة وجدير بالذكر أن لكل أسلوب من أساليب تنفيذ الرقابة المالية عيوبا‬
‫معينة فأسلوب الرقابة الشاملة من الصعب تطبيقه في الدول الحديثة بسبب كثرة المعامالت المالية أو‬
‫الرقابية االنتقالية فغاب عليه عدم الدقة والموضوعية في النتائج األن تتم بشكل انتقائي عشوائي غير‬
‫معبر عن األرقام الحقيقية‪.‬‬
‫‪-3‬الرقابة المستمرة‪:‬‬
‫يتضح أسلوب الرقابة المستمرة في الرقابة الداخلية التي يمارسها محاسب اإلدارة‪ ،‬حيث يتم الفحص‬
‫والمراقبة بشكل دائم للمستندات والقيود المحاسبية للجهة الخاضعة للرقابة طوال العام‪.‬‬
‫‪-4‬الرقابة الدورية‬
‫وتتم الرقابة على فترات دورية خالل السنة‪ ،‬كأن تقوم أجهزة الرقابة الخارجية بمراجعات دورية لبعض‬
‫الوحدات الخاضعة للرقابة‪ ،‬أو في حالة جرد المخازن والعهد في فترات تحددها اإلدارة أو جهة الرقابة أو‬
‫في حالة إجراء الرقابة السنوية على الحسابات النهائية لكل عام واصدار التقرير الرقابي السنوي‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬مستلزمات تنفيذ الرقابة المالية‬


‫لقد استمدت هذه المستلزمات من الشروط أو المقومات التي يجب أن يتصف کنظام الرقابة المالية‪،‬‬
‫والشروط التي يجب توفرها في من يمارس مهمة الرقابة والقواعد التي يجب أن يتبعها في عملية الرقابة‪،‬‬
‫وقد اهتمت الجمعيات والهيئات العالمية اإلقليمية والدولية المختصة بالرقابة المالية لهذه المستلزمات ومن‬

‫‪99‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫هذه الهيئات المنظمة الدولية لألجهزة العليا للرقابة المالية واتحاد المحاسبين الدولي والمراجعين بإنجلت ار‬
‫وجمعية المحاسبين في أمريكا والمنظمة اآلسيوية لألجهزة العليا للرقابة والمنظمة اإلفريقية لألجهزة العليا‬
‫للرقابة‪ ،‬كل هذه المنظمات والهيئات الدولية واإلقليمية منعت القواعد العامة والمقومات األساسية لنظام‬
‫الرقابة المالية‪ ،‬فضال عن المقومات األساسية التي يجب توفرها في أجهزة الرقابة المالية والقائمين بتهمة‬
‫الرقابة بصورة عامة‪ .‬لذلك سنتطرق إلى هذه المقومات وهي كاآلتي‪:1‬‬
‫‪ -1‬المقومات األساسية لنظام الرقابة المالية‪:‬‬
‫هناك مقومات أساسية يجب توفرها في نظام الرقابة المالية ومن أهمها‪:‬‬
‫أ‪-‬سهولة ووضوح النظام الرقابي‪ :‬يجب أن يكون نظام الرقابة سهال وواضحا للقائمين عليه فبساطة‬
‫النظام الرقابي ووضوحه تعتبر من أهم الشروط الالزمة لنجاحه وفاعليته ألن أي تعقيد في النظام الرقابي‬
‫يؤدي إلى إرباك عملية الرقابة وحدوث أخطاء فيها وبالتالي عدم فعاليته‪.‬‬
‫ب‪ -‬مرونة ومالئمة النظام الرقابي‪ :‬يجب أن يالءم نشاط الرقابة الطبيعية عمل الجهة موضوع الرقابة‪،‬‬
‫فمثال‪ :‬يجب أن تختلف برامج المراجعة والفحص في إدارات الدولة عنها في شركات القطاع العام‪ ،‬فضال‬
‫عن ذلك البد من أن يتصف نظام الرقابة بالمرونة لضمان فاعليته ونجاحه‪ ،‬وذلك من خالل التوجيه‬
‫واإلرشاد البناء‪.‬‬
‫ج‪-‬القتصاد في تكاليف العمل الرقابي‪ :‬يتمثل االقتصاد في تكاليف الرقابة باالكتفاء بالعدد المطلوب‬
‫والذي ال يتعدى الحاجة الفعلية ألعمال الرقابة واختصاصات هذه األجهزة‪.‬‬
‫‪ -2‬المقومات األساسية لمن يتولى مهمة الرقابة المالية‪:‬‬
‫ه ناك مقومات أساسية يجب توفرها في كل من يقوم بمهمة الرقابة المالية ومن أهم هذه المقومات ما‬
‫يلي‪:2‬‬

‫أ‪-‬االستقاللية والحماية‪:‬‬
‫ابد أن يتوفر للقائمين بأعمال الرقابة االستقالل الذي يبعدهم عن الضغوط والمؤثرات الخارجية‪،‬‬
‫فضال عن الضمانات الالزمة لتحقيق الحماية الكافية لهم لضمان أداء عملهم الرقابي بإخالص‪.‬‬

‫‪ 1‬سيروان عدنان ميزر الزهاوي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.95‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.97-96‬‬

‫‪100‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫ب‪-‬الخبرة والكفاءة‪:‬‬
‫يجب أن يتمتع القائمون بأعمال الرقابة المالية بالحيرة والكفاءة الالزمتين ألداء أعمالهم الرقابية‬
‫بصورة صحيحة‪ ،‬وقد اهتمت قوانين بعض الدول وبعض األعراف المعتادة في الرقابة المالية بتحديد‬
‫معايير وشروط معينة لمن يتولى مهمة الرقابة المالية في مختلف فروعها ومجاالتها‪ ،‬ومن أهم هذه‬
‫الشروط والمعايير ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬يتم اختيار األعضاء الفتيين من ذوي الخبرة الطويلة لشغل الوظائف العليا وبشروط خاصة من‬
‫ضمنها سن معينة وقدر كاف من النزاهة وأن يكونوا من كبار موظفي الحكومة وأن تكون لهم‬
‫إجراءات خاصة في التعيين‪.‬‬
‫‪ ‬يتم اختيار األعضاء الفتيين في المستويات الوظيفية الدنيا من الخريجين في الجامعات والمعاهد ومن‬
‫المتخصصين في المحاسبة واالقتصاد واإلدارة والقانون وذلك باختيار أفضل الكوادر من الخريجين‬
‫‪ ‬يتم تدريب األعضاء الجدد مدة زمنية كافية في مجال تخصصاكم قبل مباشرة أعمال الرقابة المالية‪.‬‬

‫ج_ العناية المهنية الحريصة‪:‬‬


‫البد لمن يقوم بمهمة الرقابة أن يبذل العناية المهنية التي تتم عن الحرص القاطع في جميع مستويات‬
‫الرقابة للوصول إلى مكامن اإلسراف واالنحرافات والخلل في تنفيذ العمليات المالية والمراقب المالي البد‬
‫أن يسخر إمكاناته كافة ليحصل على أكبر قدر ممكن من األدلة والبراهين التي تدين مرتكبي المخالفات‪،‬‬
‫وذلك من خالل الفحص والتمحيص والتدقيق المستندي واالستفسارات‪.‬‬
‫ومن هنا نرى بأنه ال يجوز للمراقب المالي أن يتهم غيره بالفساد المالي واستباحة المال العام من‬
‫دون وجود أدلة ومستندات دامغة وقرائن قوية تثبت إدانة المتهم‪ ،‬هذه من جهة ومن جهة أخرى يجب أن‬
‫يكون المراقب المالي على علم تام بالقوانين واألنظمة المالية والحسابات والمستندات واللوائح لكي يعرف‬
‫مدى خروج المستفيدين عن القانون ومدى سالمة التصرفات المالية‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫سابعا‪ :‬أساليب تنفيذ الرقابة المالية على النفقات العمومية‬


‫لقد تعددت صور وأنواع الرقابة المالية‪ ،‬الشيء الذي أدى إلى تعدد األجهزة والهيئات الرقابية وتنوع‬
‫أساليب الرقابة على تنفيذ النفقات العمومية‪.‬‬
‫‪-1‬الرقابة السابقة على النفقات العمومية ‪:‬‬
‫تكمن أهمية الرقابة المالية الممارسة قبل صرف النفقات العمومية في السماح للتصدي للمخالفة المالية‬
‫منذ بدايتها وضمان الفعالية في ترشيد النفقات‪ .‬لقد أوكل المشرع الجزائري مهمة هذه الرقابة لمجموعة من‬
‫األجهزة والهيئات المراقب المالي ولجنة الصفقات العمومية‪.‬‬
‫أ‪-‬رقابة المراقب المالي‪:‬‬
‫‪ ‬تعريف المراقب المالي‪ :‬هو عون من األعوان المكلفين بالرقابة القبلية عل تنفيذ النفقات العمومية‪،‬‬
‫ويعين بقرار وزاري من طرف وزير المالية من بين موظفي المديرية العامة للميزانية‪.‬‬
‫‪ ‬مجال تدخل المراقب المالي‪ :‬تطبق الرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها على ميزانيات المؤسسات‬
‫واإلدارات التابعة للدولة‪ ،‬والميزانيات الملحقة وعلى الحسابات الخاصة للخزينة وميزانيات الواليات‪،‬‬
‫وميزانيات البلديات‪ ،‬وميزانيات المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري وميزانيات المؤسسات‬
‫العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني‪ ،‬وميزانيات المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‬
‫المماثلة‪.1‬‬
‫‪ ‬صالحيات المراقب المالي‪ :‬تبين المادة ‪ 9‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 414-92‬أن الصالحيات‬
‫األساسية للمراقبين الماليين تتمثل في الرقابة القبلية على االلتزام بالنفقات العمومية الخاضعة لذلك‪.‬‬
‫وتتمثل هذه الرقابة في فحص بطاقات االلتزام وسندات اإلثبات المرفقة بها والمقدمة إليهم من طرف‬
‫األمرين بالصرف‪.‬‬
‫ويجب على المراقب المالي أن يدرس ويفحص ملفات االلتزام التي يقدمها اآلمر بالصرف في أجل‬
‫أقصاه ‪ 10‬أيام‪ ‘2‬كما يحدد تاريخ اختتام االلتزام بالنفقات يوم التي يتم فيها‪ ،‬ويمكن تمديد هذا التاريخ في‬
‫حالة الضرورة القصوى‪ ،‬وهناك العديد من ق اررات االلتزام بالنفقة الخاضعة لتأشيرة المراقب المالي حسب‬
‫المرسوم التنفيذي ‪ 374-09‬وهي‪:3‬‬
‫‪-‬مشاريع ق اررات التعيين والترسيم والق اررات المتعلقة بالحياة المهنية والمرتبات للمستخدمين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي ‪ 374-09‬المؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ 2009‬المتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،67‬الصادرة بتاريخ ‪ 19‬نوفمبر ‪ ،2009‬ص‪.03‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 9‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،374-09‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.05‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 5‬و‪ 6‬من المرسوم التنفيذي رقم‪ ،374-09‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.04‬‬

‫‪102‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪-‬مشاريع الجداول االسمية التي تعد عند قفل كل سنة مالية‪.‬‬


‫‪-‬مشاريع الجداول األصلية األولية التي تعد عند فتح االعتمادات وكذا الجداول المعدلة‬
‫‪-‬مشاريع الصفقات العمومية والمالحق‪.‬‬
‫‪-‬الق اررات المتعلقة بتسديد المصاريف والتكاليف الملحقة الثابتة بموجب فواتير نهائية‪.‬‬
‫‪ -‬كل التزام مدعم بسندات الطلب والفواتير الشكلية والكشوف أو مشاريع العقود‪.‬‬
‫كل مشروع مقرر يتضمن مخصصات ميزانيتيه وكذا تفويض وتعديل االعتمادات المالية‪.‬‬
‫‪-‬االلتزامات بنفقات التسيير والتجهيز أو االستثمار‪.1‬‬
‫كما أن العناصر التي تخضع لرقابة المراقب المالي تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪-‬صحة الصفة بالنسبة لآلمر بالصرف‪ ،‬وكذا التحقق فيما إذا كان فيه تكليف أو تفويض‪.‬‬
‫‪ -‬مطابقة العملية للقوانين والتنظيمات الجاري العمل بها‪.‬‬
‫‪ -‬وجود اعتمادات كافية لتغطية االلتزام‪.‬‬
‫‪-‬التخصيص القانوني للنفقة وذلك بالتدقيق في الفصل والمادة والفقرة‪.‬‬
‫‪ -‬تطابق جميع الوثائق الخاصة بااللتزام مع مبلغ االلتزام‪.‬‬
‫‪ -‬التأكد من وجود التأشيرات والرخيصات واآلراء المسبقة‪.‬‬
‫بعد قيام المراقب المالي بممارسة رقابته يقوم باتخاذ أحدد الق اررات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬منح التأشيرة‪ :‬بعد قيام المراقب المالي بالتأكد من وجود العناصر السابق ذكرها‪ ،‬فان توافرت أشر‬
‫بالموافقة على السجل أو الوثيقة المثبتة لاللتزام بالنفقة‪.‬‬
‫‪ ‬رفض التأشيرة‪ :‬يمكن للمراقب رفض التأشير على االلتزامات الغير نظامية والغير مطابقة لإلجراءات‬
‫المعمول بها‪ ،‬وهذا إما بصفة مؤقتة أو نهائية‪ ،‬حيث يتعين تعليل الرفض وتقديم التبريرات القانونية‬
‫الالزمة‪ .2‬وهناك نوعين من الرفض هما‪:‬‬
‫‪ -‬الرفض المؤقت‪ :‬يهدف إلى طلب تصحيح األخطاء الجارية وهو يتم في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪-‬عند وجود التزام مشوب بعدم النظامية يمكن تصحيحه‪.‬‬
‫‪ -‬غياب أو عدم كفاية وثائق اإلثبات المتوفرة‪.‬‬
‫‪-‬إهمال وصف الوثائق األساسية الملحقة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 5‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 414-92‬المؤرخ في ‪ 14‬نوفمبر ‪ 1992‬المتعلق بالرقابة السابقة للنفقات التي يلتزم بها‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،82‬الصادرة بتاريخ ‪ 15‬نوفمبر ‪ ،1992‬ص‪.12‬‬
‫‪2‬‬
‫– ‪Manuel de Contrôle des Dépenses Engages، Ministère des Finance – DGB –Année 2007، P 107‬‬
‫‪108.‬‬

‫‪103‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪ -‬الرفض النهائي ‪:‬هو يكون في الحاالت التالية‪:‬‬


‫‪-‬عدم مطابقة االلتزام بالنفقة مع القوانين والتنظيمات المعمول بها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم توفر االعتمادات أو المناصب المالية إال إذا تعلق األمر بنفقات الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم احترام اآلمر بالصرف للمالحظات المقدمة له من خالل الرفض المؤقت‪.‬‬
‫‪ -‬التغاضي (تجاوز الرفض)‪ :‬حسب نص المادة ‪ 18‬من المرسوم رقم ‪ 414-92‬فإن الرفض النهائي‬
‫لاللتزام بالنفقة يفتح الباب أمام األمر بالصرف بتجاوزه لكن على مسؤوليته‪ ،‬وهذا بواسطة قرار معلل‪،‬‬
‫ويجب إعالم وزير المالية بذلك‪ .‬حيث يتم إرفاق االلتزام بقرار تجاوز الرفض وارسالهما إلى المراقب المالي‬
‫الذ ي يضع تأشيرة تضمن معلومات ورقم وتاريخ التجاوز‪ ،‬ويتم إرسال نسخة من ذلك إلى وزير المالية‬
‫وكل هيئات الرقابة المؤهلة‪ ،‬كما أنه ال يجوز حصول التغاضي في حالة الرفض النهائي وفق ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬صفة األمر بالصرف‪.‬‬
‫‪ -‬عدم توفر االعتمادات أو انعدامها‪.‬‬
‫‪ -‬انعدام التأشيرات أو اآلراء المسبقة المنصوص عليها في التنظيم المعمول به‪.‬‬
‫‪ -‬انعدام الوثائق الثبوتية التي تتعلق بااللتزام‪.‬‬
‫‪ -‬التخصيص الغير القانوني لاللتزام سواء بتجاوز االعتمادات أو تغييرها‪.1‬‬
‫ب‪-‬رقابة لجنة الصفقات العمومية‪:‬‬
‫تم تأسيس لجنة أو لجان لمراقبة الصفقات العمومية تقوم بالموافقة على الصفقات والتأشير عليها قبل‬
‫البدء في تنفيذها‪ ،‬ولذلك نميز بين نوعين من الرقابة هما‪:‬‬
‫‪ ‬الرقابة الداخلية‪ :‬تحدث المصلحة المتعاقدة‪ ،‬في إطار الرقابة الداخلية‪ ،‬لجنة دائمة واحدة أو أكثر‬
‫مكلفة بفتح األظرفة وتحليل العروض والبدائل واألسعار االختيارية‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬تدعى في صلب‬
‫النص لجنة فتح األظرفة وتقييم العروض‪ ،‬وتتشكل هذه اللجنة من موظفين مؤهلين تابعين للمصلحة‬
‫المتعاقدة‪ ،‬يختارون لكفاءتهم‪ ،2‬وتتمثل مهام هذه اللجنة فيما يلي‪:3‬‬
‫‪ ‬فتح األظرفة‪ :‬حيث تقوم باإلجراءات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تثبت صحة تسجيل العروض على سجل خاص‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Manuel de Contrôle des Dépenses Engages، Ministère des Finance، Op، P 108.‬‬
‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 160‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 247-15‬المؤرخ في ‪ 16‬سبتمبر ‪ 2015‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،50‬الصادرة بتاريخ ‪ 20‬سبتمبر ‪ ،2015‬ص‪.39‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 121‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 236-10‬المؤرخ في ‪ 07‬أكتوبر ‪ 2010‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة‬
‫المؤرخ في ‪ 07‬أكتوبر ‪ 2010‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،58‬الصادرة بتاريخ ‪ 07‬أكتوبر ‪236 ،2010‬‬
‫ص‪.26‬‬

‫‪104‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪ ‬تعد قائمة المتعهدين حسب ترتيب تاريخ وصول أظرفة عروضهم مع توضيح محتوى ومبالغ‬
‫المقترحات والتخفيضات المحتملة‪.‬‬
‫‪ ‬تعد وصفا مفصال للوثائق التي يتكون منها كل عرض‪.‬‬
‫‪ ‬تقييم العروض‪ :‬كخطوة ثانية تقوم اللجنة بتحليل وتقييم العروض ليتم بعد ذلك إقصاء العروض الغير‬
‫مطابقة لموضوع الصفقة والمحتوى دفتر الشروط‪ ،‬وتعمل على تحليل العروض الباقية على مرحلتين‪،‬‬
‫وذلك باالعتماد على المعايير والمنهجية المنصوص عليها دفتر الشروط‪ ،‬وتقوم في مرحلة أولى حيث‬
‫بالترتيب التقني للعروض مع إقصاء العروض التي لم تتحصل لم تتحصل على العالمة الدنيا الالزمة‬
‫المنصوص عليها في دفتر الشروط‪.1‬‬
‫في مرحلة ثانية تتم دراسة العروض المالية للمتعهدين الذين تم تأهيلهم األولي تقنيا ليتم انتقاء إما أقل‬
‫عرض إذا تعلق األمر بالخدمات العادية أو أحسن عرض من حيث المزايا االقتصادية إذا كان االختيار‬
‫قائما أساسا على الجانب التقني للخدمات‪.‬‬
‫‪ ‬الرقابة الخارجية‪ :‬تقوم بالرقابة الخارجية للصفقات العمومية لجان تعمل على تقديم المساعدة‬
‫للمصلحة المتعاقدة في مجال تحضير الصفقات العمومية حسب التشريع الساري المفعول‪ .‬وهذه‬
‫اللجان موزعة على أربعة مستويات بلدية‪ ،‬والئية‪ ،‬و ازرية ووطنية‪ .‬حيث نميز بين نوعين من الرقابة‬
‫الخارجية هما‪:‬‬
‫‪ ‬الرقابة على دفتر الشروط‪ :‬حيث يتم التأكد مما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬مدى مطابقة دفتر الشروط للنصوص القانونية كقانون الصفقات العمومية والتعليمات‪.‬‬
‫‪ ‬مدي تناسق أحكامه وخاصة التناقضات المحتملة بين بنوده‪.‬‬
‫‪ ‬مدى الشفافية في اإلجراءات التي يوفرها‪ ،‬خاصة اآلجال والعدالة بين المتنافسين‪ .‬وتختم هذه الرقابة‬
‫إما بالتحفظ على دفتر الشروط‪ ،‬وهو ما يتطلب إجراء التعديالت الضرورية عليه‪ ،‬واما قبوله الذي‬
‫يترجم بمنحه تأشيرة دفتر الشروط التي تعتبر شرطا ال بد منه إلتمام المراحل الالحقة‪.‬‬
‫‪ ‬الرقابة على الصفقات العمومية‪ :‬إن لجنة الصفقات العمومية للمصلحة المتعاقدة تختص بالرقابة‬
‫الخارجية القبلية للصفقات العمومية‪ ،‬حيث تتأكد مما يلي‪:‬‬
‫‪-‬مدى احترام قانون الصفقات ومدى التقيد بدفتر الشروط‪.‬‬
‫‪ -‬مدى أخذ التحفظات المحتملة حين المصادقة على دفتر الشروط بعين االعتبار‪.‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 125‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،236-10‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.27‬‬

‫‪105‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪ -‬كيفية إتمام إجراءات اإلعالن‪ ،‬كيفية تحريره وأماكن نشره‪ ،‬واآلجال المرتبطة به‪.‬‬
‫‪ -‬كيفية إجراء عملية فتح األظرفة وتقييمها ومدى شفافيتها وصحة المحاضر‪.‬‬
‫‪-‬مدى وضوح بنود الصفقة وأماكن الخلل واقت ارح التصحيحات الضرورية‪.‬‬
‫‪ -‬األحكام الخاصة بالتحيين والمراجعة‪ ،‬خاصة إذا تعلق األمر بصفقة تموين‪.‬‬
‫‪ -‬األحكام الخاصة بالتسبيقات وآجال دفعها والضمانات المرتبطة بها‪.‬‬
‫‪ -‬األحكام الخاصة بالتنفيذ واالستالم وضمانات ما بعد االستالم‪.‬‬
‫وتتوج عملية الرقابة الممارسة من طرف لجان الصفقات العمومية إما بمنح التأشيرة أو رفض منحها خالل‬
‫أجل أقصاه عشرين (‪ )20‬يوما ابتداء من تاريخ إيداع الملف الكامل لدى كتابة اللجنة‪ .1‬ويجوز للمصلحة‬
‫المتعاقدة تجاوز الرفض بمقرر معلل واعالم السلطة الوصية بذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬الرقابة المتزامنة على النفقات العمومية ‪:‬‬
‫وفقا للتشريع الجزائري فان مهمة الرقابة المتزامنة على النفقات العمومية يقوم بها المحاسب العمومي‪،‬‬
‫حيث انه قبل عملية صرف النفقات لفائدة األطراف المستفيدة يقوم بالتأكد من جميع اإلجراءات التي قام‬
‫بها األمر بالصرف والمراقب المالي‪.‬‬
‫أ‪-‬تعريف المحاسب العمومي‪:‬‬
‫يعرف على أنه كل عون مكلف بتنفيذ الميزانية والعمليات المالية في شقها المحاسبي ويختص‬
‫بمرحلة الدفع في حالة تنفيذ النفقات‪ ،‬ويتم تعيينه من قبل الوزير المكلف بالمالية ويخضع لسلطته‪ .‬ويعرفه‬
‫المشرع الجزائري على أنه يعد محاسبا عمومي في مفهوم هذه األحكام‪ ،‬كل شخص يعين قانونا للقيام‬
‫بالعمليات التالية‪:2‬‬
‫‪ -‬تحصيل اإليرادات ودفع النفقات‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان حراسة األموال أو السندات أو القيم أو األشياء أو المواد المكلف بها وحفظها‪.‬‬
‫‪ -‬تداول األموال والسندات والقيم والممتلكات والعائدات والموارد العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬من حركة حسابات الموجودات‪.‬‬
‫ب‪-‬طبيعة رقابة المحاسب العمومي على النفقات العمومية‪:‬‬
‫‪ ‬إجراءات الرقابة‪ :‬يقوم األمر بالصرف باألمر بالدفع إلى المحاسب العمومي الذي يتعين عليه وقبل‬
‫تنفيذ الدفع القيام بعمليات الرقابة التالية‪( :‬حسب المادة ‪ 36‬من القانون ‪.)21-90‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 178‬من المرسوم الرئاسي ‪ ،247-15‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.42‬‬


‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 33‬من القانون ‪ ،21-90‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.14‬‬

‫‪106‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪ -‬رقابة الشرعية القانونية للنفقة‪ :‬وهي تشمل ما يلي‪:‬‬


‫‪ ‬التأكد من عدم مخالفة القوانين والتنظيمات المعمول بها‪.‬‬
‫‪ ‬التأكد الخدمة المنجزة‪ ،‬أنه ال يتم الدفع إال إذا كانت هناك خدمة فعلية مقابلة لها‪.‬‬
‫‪ ‬التأكد من وجود الوثائق الثبوتية‪ ،‬حيث يتعين إرفاقها بملف النفقة إلثبات تأدية الخدمة‪.‬‬
‫‪ ‬التأكد من وجود التأشيرات كتأشيرة المراقب المالي وتأشيرة لجنة الصفقات العمومية‪.‬‬
‫_ رقابة الشرعية المالية والمحاسبية‪ :‬وهي تشمل ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬التأكد من صفة األمر بالصرف أو المفوض له‪.‬‬
‫‪ ‬التأكد من توفر االعتمادات المالية وهذا بالتنسيق مع المراقب المالي‪.‬‬
‫‪ ‬التأكد من أن الديون لم تسقط آجالها وأنها ليست محل معارضة‪ ،‬التأكد من طابعها االبرائي‪.‬‬
‫‪ ‬التأكد من التخصيص القانوني للنفقة وشرعية تصفيتها‪.‬‬
‫‪ ‬نتائج رقابة المحاسب العمومي‪ :‬وتكون كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬قبول الدفع‪ :‬عندما تستوفي النفقة سابقة يقوم المحاسب العمومي بمنح تأشيرة الدفع على مسؤوليته‪،‬‬
‫ويتم إخراج النفقة من الحساب الفائدة الطرف المستفيد منها‪.‬‬
‫‪ -‬رفض الدفع‪ :‬إن النفقات التي ال تحقق الشروط السابقة بعضها أو كلها فإن مصيرها هو الرفض‪ ،‬أي‬
‫أن المحاسب يمتنع عن دفع مبلغ النفقة‪ ،‬ويقوم بإبالغ األمر بالصرف بهذا القرار مع تبيان األسباب‪،‬‬
‫وهذا األخير عليه أن يقوم بالتصحيحات الضرورية وتقديمها للمحاسب العمومي واال أصبح الرفض‬
‫نهائي‪.‬‬
‫‪ -‬التسخير‪ " :‬إذا رفض المحاسب العمومي القيام بالدفع يمكن األمر أن يطلب منه كتابيا وتحت‬
‫مسؤوليته أن يصرف النظر عن هذا الرفض"‪ .1‬وبالتالي إذا امتثل المحاسب العمومي األمر التسخير‬
‫هذا فستب أر ذمته من أي مسؤولية‪ ،‬ويمكن للمحاسب العمومي رفض التسخير واالمتثال لألمر‬
‫بالصرف لألسباب التالية‪:2‬‬
‫‪ ‬عدم توفر االعتمادات المالية ما عدا بالنسبة للدولة‪.‬‬
‫‪ ‬عدم توفر أموال للخزينة‪.‬‬
‫‪ ‬انعدام إثبات أداء الخدمة‪.‬‬
‫‪ ‬طابع النفقة الغير إبرائي (أي الشخص المعني بالدفع هنا هو غير الدائن الحقيقي)‪.‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 47‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،21-90‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 48‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،21-90‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.15‬‬

‫‪107‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪ ‬انعدام تأشيرة مراقبة النفقات الموظفة أو تأشيرة لجنة الصفقات المؤهلة إذا كان ذلك منصوصا عليه‬
‫في التنظيم المعمول به‪.‬‬
‫‪ -3‬الرقابة الالحقة على النفقات العمومية‪:‬‬
‫يقصد بالرقابة الالحقة للنفقات العمومية الرقابة التي تلي عملية التنفيذ وتبدأ بعد إنهاء السنة المالية‬
‫بهدف التأكد من صحة العملية وكشف األخطاء المرتكبة أثناء التنفيذ‪ .‬ولقد أوكل المشرع الجزائري مهمة‬
‫هذه الرقابة لمجموعة من األجهزة كمجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية‪.‬‬
‫أ‪ -‬مجلس المحاسبة‪:‬‬
‫‪ ‬تعريف مجلس المحاسبة‪:‬‬
‫" يعتبر مجلس المحاسبة المؤسسة العليا للرقابة البعدية ألموال الدولة والجماعات اإلقليمية والمرافق‬
‫العمومية‪ .‬وبهذه الصفة يدقق في شروط استعمال الهيئات الموارد والوسائل المادية واألموال العامة التي‬
‫تدخل في نطاق اختصاصه‪ ،‬كما هو محدد هذا األمر‪ ،‬ويقيم تسييرها ويتأكد من مطابقة عمليات هذه‬
‫الهيئات المالية والمحاسبية للقوانين والتنظيمات المعمول بها"‪.1‬‬
‫‪ ‬رقابة مجلس المحاسبة على النفقات العمومية‪:‬‬
‫إن لمجلس المحاسبة حسب المادة ‪ 55‬من األمر ‪ " 20-95‬حق االطالع وسلطة التحري " وهنا‬
‫يمكن له ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬االطالع على كل الوثائق والمستندات والدفاتر الخاصة بالعمليات المالية والمحاسبية وكذا تقييم مدى‬
‫سالمة التسيير للهيئات والمصالح الموضوعة تحت رقابته‪.‬‬
‫‪ ‬له سلطة التحري واالستماع بغية االطالع على أعمال المؤسسات العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬له حق الدخول والمعاينة لكل محالت اإلدارات والمؤسسات الخاضعة لرقابة المجلس‪ .‬كما يباشر‬
‫مجلس المحاسبة اختصاصاته كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم الحسابات‪ :‬يتعين على كل محاسب عمومي إيداع حسابه للتسيير لدى كتابة الضبط المجلس‬
‫المحاسبة واالحتفاظ بكل الوثائق الثبوتية التي قد يطلبها منه المجلس عند االقتضاء كما يتعين على‬
‫األمرين بالصرف إيداع حساباتهم اإلدارية بنفس الشكل‪.‬‬
‫‪ -‬مراجعة حسابات المحاسبين العموميين‪ :‬تتم عملية تدقيق الحسابات من خالل التحقق أوال من أنها‬
‫تتضمن كل العمليات المنفذة خالل السنة المالية المعينة (أي التقييد المحاسبي الصحيح لهذه العمليات‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 2‬من األمر ‪ 20-95‬المؤرخ في ‪ 17‬جويلية ‪ 1995‬المتعلق بمجلس المحاسبة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،39‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬جويلية‬
‫‪ ،1996‬ص ‪.03‬‬

‫‪108‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫وأرصدتها)‪ ،‬ثم يتم فحص تلك العمليات بالرجوع إلى سندات اإلثبات ومختلف الوثائق المتعلقة بها‪ ،‬وذلك‬
‫للتأكد من شرعيتها وصحتها المالية‪.‬‬
‫‪ -‬رقابة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية‪ :‬عند مراقبته لتسيير مصالح الدولة والمؤسسات‬
‫التي تسري عليها قواعد المحاسبة العمومية أو لشروط استعمال االعتمادات‪ ،‬فان مجلس المحاسبة يتأكد‬
‫من احترام قواعد االنضباط الميزانية والمالي‪.‬‬
‫‪ -‬تقييم المشاريع والبرامج االستثمارية العمومية‪ :‬يشارك مجلس المحاسبة على الصعيد االقتصادي‬
‫والمالي في تقييم فعالية النشاطات والمخططات والبرامج واإلجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية‬
‫بغرض تحقيق أهداف ذات منفعة وطنية‪.‬‬
‫ب _ نتائج رقابة مجلس المحاسبة‪:‬‬
‫إذا أثبت مجلس المحاسبة وجود مخالفات أو تجاوزات فانه يطلع فو ار مسؤولي المصالح المعنية‬
‫وسلطاتها والوصية من أجل اتخاذ اإلجراءات الضرورية‪.‬‬
‫‪-4‬رقابة المفتشية العامة للمالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬التعريف بالمفتشية‪ :‬أنشأت المفتشية العامة للمالية في الجزائر سنة ‪ 1980‬بموجب المرسوم رقم‬
‫‪ 53-80‬الذي ينص على أنه‪ " :‬تحدث هيئة للمراقبة توضع تحت السلطة المباشرة الوزير المالية‬
‫تسمى بالمفتشية العامة للمالية "‪ .1‬فهي تصنف ضمن الرقابة الالحقة الغير إلزامية‪ ،‬أي أنها تتم بعد‬
‫تنفيذ العمليات المالية المتعلقة بالنفقات واإليرادات‪.‬‬
‫ب‪ -‬مهام المفتشية العامة للمالية‪ :‬تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬مهمة الرقابة والتدقيق‪ :‬بهدف التأكد من مدى احترام المعايير والمقاييس القانونية الضمان مشروعية‬
‫ودقة الحسابات المالية‪ ،‬تقوم المفتشية بمراقبة كيفية تسيير األموال العمومية ومدى دقة الحسابات‬
‫وتوفر الوثائق وسندات المحاسبة والفواتير‪.‬‬
‫مهام التحقيقات والخبرات‪ :‬تكلف المفتشية بإجراء دراسات واعداد خبرات عن مختلف المجاالت‬ ‫‪-‬‬
‫االقتصادية‪ ،‬المالية‪ ،‬الميزانية‪ ،‬المحاسبية والتقنية‪.‬‬
‫تقييم السياسات العمومية‪ :‬تقوم بتقييم شروط السياسات العمومية وكذا النتائج المتعلقة بها‪ ،‬فهي‬ ‫‪-‬‬
‫تبحث حول مدى تحقيق الميزانية لألهداف االقتصادية والمالية واالجتماعية المسطرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة األولى من المرسوم ‪ 53-80‬المؤرخ في ‪ 01‬مارس ‪ 1980‬المتضمن إحداث مفتشية عامة للمالية‪ ،‬العدد ‪ ،10‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،10‬الصادرة بتاريخ ‪ 04‬مارس ‪ ،1980‬ص ‪.20‬‬

‫‪109‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫‪ -‬الرقابة على عمليات الصرف وحركة رؤوس األموال‪ :‬وذلك بمعاينة جرائم مخالفة التشريع والتنظيم‬
‫الخاصين بالصرف وحركة رؤوس األموال من والى الخارج‪ .‬ومع ذلك فان هذه المهمة تبقى استثنائية‪،‬‬
‫وأقل أهمية بالمقارنة ألن هيئات أخرى مؤهلة للقيام بذلك‪.‬‬
‫‪ -‬التدقيق في القروض الدولية‪ :‬أي الرقابة على القروض الدولية التي يمنحها البنك الدولي لإلعمار‬
‫والتعمير والبنك اإلفريقي للتنمية‪ ،‬بهدف ضمان استعمال االعتمادات المخصصة‪.‬‬
‫ج‪ -‬طريقة رقابة المفتشية العامة للمالية‪ :‬تتم عن طريق زيارات عادية أو مباغتة التحقيق في جميع‬
‫الوثائق الخاصة بحسابات باألمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪ ،‬وبعدها يقوم المفتشون بتحرير تقرير‬
‫يتضمن مالحظاتهم وتقييماتهم مع اقتراح التدابير‪.‬‬
‫مما سبق نستنتج أن الرقابة المالية األسلوب المثالي للحفاظ وترشيد النفقات العمومية بصفة عامة ونفقات‬
‫التجهيز بصفة خاصة‪ ،‬وهذا ألن النفقة إذا نفذت بدون رقابة تصبح محل االختالسات وبالتالي ضياع‬
‫األموال العمومية‪.‬‬
‫واذا تم استغاللها في شكلها اإليجابي سوف تظهر نتائجها بالفائدة على المجتمع‪ ،‬وهي ضرورية لحماية‬
‫المال العام لما لها من أثر فعال على سلوك األفراد والجماعات وما يعكسه على اقتصاد الدولة بوجه عام‬

‫‪110‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرقابة المالية على النفقات العمومية‬

‫أسئلة للتقويم‬

‫‪-‬ماذا نقصد بالرقابة على النفقات العمومية؟ و ماهي اهميتها‪ .‬؟‬


‫‪-‬ما هي أهم خصائص الرقابة المالية على النفقات‪ .‬؟‬
‫‪ -‬أذكر مع الشرح أنواع الرقابة المالية‪ ،‬وماهي أهم األهداف التى ترمي اليها؟‬
‫‪ -‬أذكر مع الشرح مراحل عملية الرقابة المالية‪.‬؟‬
‫‪ -‬ماهي أساليب تنفيذ الرقابة المالية على النفقات العمومية‪.‬؟‬

‫‪111‬‬
‫التهرب والغش الضريبي‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬

‫اقترن وجود ظاهرة التهرب والغش الضريبي بوجود الضريبة نفسها‪ ،‬كما انها ال تقتصر على منطقة‬
‫جغرافية محددة ولكنها اخذت بعدا وطابعا عالميا فهي تمس جميع البلدان دون استثناء خاصة الدول‬
‫النامية‪.‬‬
‫حيث ال يوجد أي بلد مهما كانت درجة تطوره االقتصادي من الخسارة على مستوى الحصيلة الضريبية‪،‬‬
‫وذلك ناجم عن التهرب والغش الضريبي‪ ،‬رغم أهمية القطاع الضريبي في تمويل النشاطات االقتصادية‪،‬‬
‫مما يضيع على الدولة موارد مالية جد هامة تحتاجها لسد حاجيات اإلنفاق العام‪.‬‬
‫يؤدي االتجاه المتزايد نحو العولمة وسقوط الحواجز التجارية وظهور ثورة االتصاالت والمعلومات من أبرز‬
‫العوامل التي تكسب ظاهرة التهرب والغش الضريبي خطورة متنامية‪ ،‬لذا فالمشكل ال يكمن في وجود‬
‫التهرب والغش الضريبي بل في إمكانية معرفة المدى الذي يبلغه التخاذ كل السبل المتاحة لحصره على‬
‫األقل‪ ،‬مادام من المستحيل القضاء عليه نهائيا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مفهوم التهرب والغش الضريبي‬
‫يعتبر التهرب أوسع نطاق من مفهوم الغش فالغش هو التخلص من دفع الضريبة باختراق القوانين بطرق‬
‫و أساليب يراها المكلف مالئمة و مناسبة‪ ،‬كما يمكن للمكلف اللجوء إلى عدم دفع الضريبة بدون اختراق‬
‫نصوص القانون الجبائي و هذا ما يعبر عنه بالتهرب الجبائي‪ ،‬و الذي يتكون من ثالث مفاهيم أساسية و‬
‫‪1‬‬
‫هي‪:‬‬
‫‪ ‬التهرب عن طريق وجود ثغرات في التشريعات الجبائية و هو التملص‪.‬‬
‫‪ ‬تهرب منظم من قبل القانون كما هو الحال بالنسبة لنظام الضريبة الجزائية الوحيدة( ‪.) IFU‬‬
‫‪ ‬االمتناع عن إنشاء الواقعة القانونية التي يتناولها القانون الجبائي‪.‬‬
‫للتهرب الجبائي عدة مصطلحات أهمها ‪ :‬الغش الجبائي‪ ،‬التملص الجبائي‪ ،‬التمرد أو العصيان الجبائي‪،‬‬
‫التجنب الجبائي‪...‬الخ‪ ،‬هذه المصطلحات و غيرها تحد من إمكانية إعطاء تعريف شامل و دقيق للتهرب‬
‫الجبائي بحيث يتغير هذا التعريف من مؤلف إلى آخر و من تشريع إلى آخر و من اقتصادي ‪ ،‬قانوني‬
‫إلى جبائي و لفهم التهرب الجبائي أكثر سوف نعرض التعاريف التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫رفعت المحجوب‪ ،‬المالية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪،1987 ،‬ص‪.319‬‬

‫‪113‬‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬

‫التعريف األول‪:‬‬
‫"التهرب الجبائي هو الفعل الذي يقوم به المكلف و ذلك باستعمال تقنيات قانونية مؤسسة معتمدة على‬
‫حرية التسيير‪ ،‬تسمح له باختيار وضعية جبائية محددة للحصول على نتائج اقتصادية مساوية لنتيجة‬
‫‪1‬‬
‫جبائية مقبولة"‬
‫التعريف الثاني‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫"التهرب الجبائي هو فن تجنب الوقوع في مجال جاذبية القانون الجبائي"‬
‫التعريف الثالث‪:‬‬
‫" التهرب الجبائي بأنه ‪ ":‬كل العمليات الجبائية التي تهدف لتخفيض‬ ‫‪Lucien Mehl‬‬ ‫يعرف "‬
‫االقتطاعات و ذلك بالتحايل على القانون الجبائي بهدف التخلص من فرض الضريبة أو من اجل‬
‫‪3‬‬
‫تخفيض لوعاء الضريبي‪".‬‬
‫التعريف الرابع‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫حسب " ‪ " A .Margairaz‬فان التهرب‪ ":‬هو محاولة التخلص من الضريبة في حدود القانون"‬
‫من خالل التعاريف السابقة يمكن صياغة التعريف التالي‪ ":‬التهرب الجبائي هو تملص المكلف من دفع‬
‫الضريبة دون ارتكاب أي مخالفة صريحة لنصوص التشريع الجبائي‪ ،‬كما يمكن تعريف التهرب الجيائي‬
‫حسب اختالف شرعيته من عدمها إلى نوعين‪:‬‬
‫‪ -‬التهرب الجبائي المشروع‪:‬‬
‫هو التهرب الذي يكون في إطار قانوني يسمح للمستفدين من ورائه بتجنب الضريبة بطريقة نزيهة‪5‬و من‬
‫ابرز صوره لجوء المكلف إلى طرق تمكنه من االستفادة من الثغرات الموجودة في التشريعات الجبائية أو‬
‫الضريبية بفعل تعقد النظام الجبائي أو عدم إحكام صياغة قوانينه مما يفسح المجال لكثير من التأويالت‪،‬‬
‫فاستفادة المكلف من هذه الثغرات ال تعد مخالفة قانونية ما دام يتحرك في إطار قانوني‪ ،‬خولها له المشرع‬
‫من خالل سلسلة من اإلعفاءات و التخفيضات الدائمة أو المؤقتة التي قد تمس أنشطة اقتصادية أو فروع‬
‫إنتاجية أو مناطق جغرافية أو سلعا و خدمات محددة تفصيال‪ ،‬التي من شأنها أن تعود عليه بنتائج‬

‫‪1‬‬
‫‪C.R.Masson, la notion d’érosion fixale en droit intern Français, L.G.A.J, paris, 1990, p : 181‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Martinez,J.C,la fraude fixale,éd PUF, paris, 1984,p :17.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Maurice Dauverger, Finance Publiques, éd PUF, paris, 1986,p :39.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪A.Margairaz, la fraude fixale et ses succédanés, éd.vaudo Lausanne,1977,p :25.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Christian brief,comme fraude fixale, éd alain Mareon,Paris,1987,p :05.‬‬

‫‪114‬‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬

‫جبائية أكثر امتيا از لكن هذا النوع من التهرب مهما اتسم بالشرعية فانه يظهر نقصا في التحضر و غياب‬
‫الضمير االجتماعي‪.‬‬
‫و من أمثلة ذلك الضريبة على التركات‪ ،‬عندما يفرض التشريع الجبائي ضريبة على التركات و دون‬
‫إخضاع الهبات لهذه الضريبة‪ ،‬فيقوم المالك بتقسيم أمواله على ورثته الشرعيين و هو على قيد الحياة‪،‬‬
‫على شكل هبات حتى ال يخضع أمواله لضريبة التركات‪.‬‬
‫‪ -‬التهرب الجبائي غير المشروع‪:‬‬
‫يقصد بالتهرب الجبائي غير المشروع التخلص من أداء الضريبة بمخالفة صريحة للقوانين الجبائية كما‬
‫يصطلح عليه بالغش الجبائي‪.‬‬
‫أدى اتساع مجال تدخل الدولة حاليا إلى زيادة حاجياتها من الموارد المالية الكفيلة لتغطية نفقاتها المتزايدة‬
‫و تنفيذ سياستها المختلفة و هذا ما جعل البعض يرون أن التجنب الضريبي له صفة الالمشروعية رغم‬
‫عدم تعدي المكلف على التشريعات الجبائي لكونه يخدم خزينة الدولة من موارد مالية هامة هي في حاجة‬
‫إليها و كذا احتواء التشريع الجبائي على ثغرات لم تكن مقصودة من طرف المشروع أو وجود غموض في‬
‫أحكام استغلها المكلف نتيجة فطنته و دهائه لتخفيض الضريبة أو التخلص منها كليا‪.‬‬
‫بصفة عامة يظهر التهرب في استغالل المكلف للنقائص و الثغرات الموجودة في التشريعات الجبائية بغية‬
‫التملص من دفع الضريبة‪ ،‬و ترجع هذه النقائص في الغالب إلى نقص التشريع و عدم إحكام صياغته‪ ،‬إذ‬
‫أن استفادة المكلف من هذه الثغرات ال تعد مخالفة أو انتهاك لألحكام الجبائية كون هذا األخير تحرك في‬
‫إطار قانوني رسمه المشرع من خالل سلسلة من اإلعفاءات أو التخفيضات بفرعيها الدائمة و المؤقتة و‬
‫التي تمس القطاعات االقتصادية أو الفروع اإلنتاجية أو المناطق الجغرافية‪....‬الخ‪.‬‬
‫و هذا التهرب يتحقق بامتناع المكلف عن القيام بالحدث المولد للنشأة أو ‪.....‬؟‬
‫عن طريق استفادة المكلف من الثغرات القائمة في صياغة هذا التجنب و من صور هذا التجنب يمكن‬
‫التمييز بين عدة حاالت و هي‪:‬‬
‫‪-‬االمتناع من االستهالك أو إنتاج سلعة ما مفروضة عليها ضريبة مرتفعة و بالتالي تجنب الضريبة غير‬
‫المباشرة‪.‬‬
‫‪-‬االمتناع عن استيراد سلعة من الخارج لفرض عليها ضرائب جمركية و بالتالي تجنبها‪.‬‬
‫‪-‬ترك النشاط اإلنتاجي الذي يخضع إلى ضريبة مرتفعة و االنتقال إلى نشاط آخر خاضع لضريبة اقل‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬

‫‪-‬اعتماد الدولة لسياسة معينة تكون نتيجتها تجنب الضريبة من طرف األشخاص و ذلك العتبارات‬
‫اقتصادية و اجتماعية مختلفة‪ ،‬لدفع األفراد مثال إلى التقليل من استهالك سلعة ما أو تشجيعها إلنتاج‬
‫سلعة بديلة لها أو الحد من استهالكها حفاظا على المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪-‬التهرب من تصاعدية ضريبة الدخل و دلك بتجزئة شركة األم إلى شركات فرعية مستقلة قانونيا و‬
‫بترخيص من القانون التجاري مثال‪ ،‬هذا النوع يخص األشخاص الطبيعيين‪.‬‬
‫‪-‬الت هرب الجبائي يفرض ضريبة على التركات دون إخضاع الهبات‪ ،‬فيقوم المكلف باآلمر بتقسيم أمواله‬
‫على ورثته على شكل هبات حتى ال تخضع أمواله لضريبة التركات في هذه الحالة لم يخرق المكلف‬
‫النصوص القانونية و لكنه استفاد من الثغرات الموجودة في موضوع الهبات و ذلك لنقص أحكام هذه‬
‫النصوص‪.‬‬
‫‪ -‬هناك العديد من الصور المختلفة منها ما هو حسن نية و منها ما هو سوء نية ليتم من خاللها تجنب‬
‫دفع الضريبة و عدم رغبة المكلف في تحمل نصيبه كاملة في األعباء العامة للدولة‪.‬‬
‫أن تحليل التهرب الضريبي يوضح أن إهمال المشروع يمكن وراء هذا النوع من التهرب و اجتهاد المكلفين‬
‫(األغنياء منهم بصورة خاصة)في استنباط وسائل و أشكال لتجنب دفع الضرائب بصورة قانونية تصعب‬
‫مكافحتها‪ ،‬مستعينين بأصحاب الخبرة و معتمدين على الثغرات الموجودة في القوانين المختلفة أي ما‬
‫يصطلح عليها التسيير و المهارة الجبائية‪ ،‬إال انه من الممكن إذا انتشرت وسلة من وسائل التهرب بصورة‬
‫واسعة أن يعدل القانون لمنع استخدام مثل هذه الوسائل‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أن التهرب الضريبي ال يعتبر تهربا حقيقيان و ذلك نظ ار لعدم التجسيد المادي للواقعة‬
‫المنشئة للضريبة‪ ،‬لذلك يسعى المكلف غالى استغالل هذه األساليب حتى يقلص العبء الضريبي ‪ ،‬على‬
‫العكس الغش هو تجاوز للقانون بحيث يمكن التهرب من الضريبة باختراق القانون و هو غش جبائي و‬
‫لكن يمكن أيضا التهرب من الضريبة على حساب القوانين هو التهرب الضريبي‪ ،‬التهرب الضريبي يفرض‬
‫أن المكلف يهدف لتجنب الضريبي بدون المساس بأي إجراء من القانون الجنائي‪ ،‬فالقصد في الغش‬
‫موجود و لكن الركن المادي غير موجود‪.‬‬
‫مما سبق نجد انه يمكن للمكلف أن يلجا إلى عدة سلوكيات لمواجهة المصالح الجبائية من خالل تخفيض‬
‫التكلفة الجبائية و بصفة قانونية عن طريق تنظيم ممتلكاته و أعماله بهدف تحقيق اقتصاد الضريبة أو ما‬
‫يسمى التخطيط الجبائي‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬

‫ثانيا‪ :‬دوافع التهرب الضريبي‬


‫للتهرب الضريبي عدة دوافع تجبره على التهرب من دفع الضريبة‪ ،‬منها ما يتعلق بالجانب النفسي‬
‫واألخالقي والبعض اآلخر سياسي‪ ،‬اقتصادي‪ ،‬وحتى جبائي واداري سنذكرها فيمايلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الدوافع النفسية واألخالقية‪:‬‬
‫تؤثر الظروف النفسية لألفراد على الوعي الضريبي فزيادة العبء الضريبي من الحد المعقول وعدم وجود‬
‫عدالة في توزيع هذا العبء‪ ،‬وكذا في إعادة توزيع الدخل كلها أسباب تتأثر بها نفسية الفرد وتجذبه‬
‫للتهرب من التزاماته الضريبية‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم أسباب السلوك النفسي للمكلفين اتجاه االلتزام الضريبي كما يلي‪:1‬‬
‫‪ ‬العدالة ‪:‬يتولد لدى المكلفين نوعين من الشعور بعدم العدالة عندما يتم إخضاعه بطريقة غير عادلة‬
‫مقارنة باآلخرين‪ ،‬وعندما ال يستفيد بصورة مرضية من الخدمات التي تقدمها الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬االختالف في شخصية األفراد‪ :‬المكلفين المستعدين للتهرب من الضريبة يملكون شخصية أنانية‬
‫ويتصرفون بطريقة سلبية مع اإلدارة الجبائية‪ ،‬وبالمقابل يوجد أفراد يلتزمون بواجباتهم الضريبية كاملة‪،‬‬
‫ألنهم يملكون وعي ايجابي اتجاه مجتمعاتهم‪.‬‬
‫‪ ‬المعايير االجتماعية‪ :‬يتأثر أفراد المجتمع ببعضهم البعض‪ ،‬فكلما زاد اعتقاد المكلف بأن التهرب من‬
‫دفع الضرائب أصبحت مألوفة في مجتمعه‪ ،‬كلما زاد احتمال عدم التزامه بالواجبات الضريبية‪.‬‬
‫‪ ‬السخط وعدم الرضا عن السلطة‪ :‬عدم رضا األفراد عن السلطات الحكومية بالبلد يولد نوع من عدم‬
‫االلتزام ويقود إلى التهرب الضريبي‪.‬‬
‫‪ -2‬الدوافع السياسية‪:‬‬
‫عند انعدام االستقرار السياسي واالقتصادي داخل الدولة عادة ما يكون سببا لشيوع التهرب الضريبي‪ ،‬ألنه‬
‫يولد اإلحساس لدى األفراد بعدم قدرة السلطات العامة على القيام بوظيفتها‪ ،‬وبالتالي عدم قدرتنا على‬
‫مطالبتهم بأداء التزاماتهم الضريبية‪.‬‬
‫حيث تبين الدراسات أن التهرب الضريبي يرتفع كلما ساد المجتمع حالة من السخط العام على الضرائب‪،‬‬
‫وزادت الشكوى من عدم إنفاق حصيلة الضرائب في المنافع العامة‪ ،‬أو عدم وجود عدالة في توزيع‬
‫الخدمات االجتماعية التي تقوم بتأديتها الحكومة والقطاع العام‪ ،‬خاصة إذا شاع بينهم حصيلة الضرائب‬

‫‪1‬‬
‫محمد بودالي‪ "،‬التهرب الضريبي والسلوك الجبائي من منظور الوعي االقتصادي السوي"‪ ،‬شركة األصالة للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪،2008‬ص‪.74-73‬‬

‫‪117‬‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬

‫عندما تذهب لإلنفاق على قلة من صفوة المجتمع الذين يعتبرون من أكثر المتهربين من دفع الضرائب‪،‬‬
‫وكذلك تذهب لإلنفاق على أغراض مظهرية ال لزوم لها‪.1‬‬
‫‪ -3‬الدوافع االقتصادية‪:‬‬
‫من أبرز الدوافع االقتصادية التي ساعدت في بروز ظاهرة التهرب الضريبي نجد‪:2‬‬
‫‪ ‬الوضعية االقتصادية للمكلف‪:‬‬
‫يظهر سلوك المكلف اتجاه الضريبة بشكل واضح في أوقات األزمات‪ ،‬حيث تنخفض المداخيل وتصبح‬
‫الضريبة تشكل عبئا ثقيال على المكلف مما يدفعه إلى تجنب تسديدها هذا في حالة األزمات‪ ،‬أم في حالة‬
‫الرخاء االقتصادي حيث تزيد المداخيل فقد يدفع المكلف بالضريبة ما عليه اتجاه الخزينة ليظهر مظهر‬
‫المواطن الصاح‪.‬‬
‫‪ ‬الوضعية االقتصادية العامة‪:‬‬
‫ترتفع مداخيل األفراد في فترة اإلنعاش االقتصادي وترتفع بذلك قدرتهم الشرائية‪ ،‬فيتحمل المستهلك النهائي‬
‫الضرائب التي يجمعها منهم المكلف ويسددها إلى الخزينة‪ ،‬مما يؤدي إلى تقليل التهرب الضريبي‪ ،‬أما في‬
‫فترات الركود االقتصادي ينتشر السوق الموازي‪ ،‬ويؤدي إلى اختالالت في بنية االقتصاد الوطني‪،‬‬
‫والمالحظ أن معدالت التهرب الضريبي في الدول النامية أعلى من الدول المتقدمة‪ ،‬وهذا سبب مساس‬
‫الضريبة في الدول النامية بالدخول المنخفضة فيلجأ الممول في هذه الدول إلى التهرب من الضريبة‪ ،‬ألنها‬
‫تشكل عبئا كبي ار عليه بسبب ضعف دخله‪.‬‬
‫‪ -4‬األسباب الجبائية‪:‬‬
‫تشمل األسباب الجبائية ما يلي‪:3‬‬
‫‪ ‬عدم استقرار التشريعات الجبائية‪:‬‬
‫يعود للتعديالت المتوالية والمختلفة‪ ،‬وكذا إلغاء بعض األحكام الجبائية التي تستحدث بمناسبة قوانين‬
‫المالية السنوية والتكميلية‪ ،‬فبهذه السرعة لم تتمكن ال العناصر الجبائية وال موظف واإلدارة الجبائية من‬
‫استيعاب مضمون النظام الجبائي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الواحد عطية‪ "،‬مبادئ واقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،2000،‬ص‪.80‬‬
‫‪2‬‬
‫مرسى السيد حجازي‪ "،‬مبادئ االقتصاد العام"‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪ ،‬مصر‪،2000،‬ص‪.36‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد المنعم فوزي‪ ،‬المالية العامة والسياسية المالية‪ ،‬دار النهضة الع برية للطباعة والنشر‪ ،‬لبنان‪ ، 1972 ،‬ص‪.237‬‬

‫‪118‬‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬

‫‪ ‬تعقد التشريعات والقواعد الضريبية‪:‬‬


‫إن كثرة وتعدد الضرائب وارتفاع سعرها يجعل وطئتها تشتد على المكلف‪ ،‬فيكون ذلك حافز للتهرب منها‬
‫والثابت أنه كلما ارتفع سعر الضريبة وازداد عبئها كلما كان ذلك مدعاة للتهرب منها‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ضعف وعدم ص ا رمة القوانين في معاقبة المتهربين‪ ،‬فاذا قلت احتماالت القبض وانخفض‬
‫معدل العقوبة في حالة المحاكمة والقبض‪ ،‬سيؤدي هذا في النهاية إلى فتح الطريق باتجاه مزيد من جرائم‬
‫التهرب‪.‬‬
‫‪ -5‬األسباب اإلدارية‪:‬‬
‫إن تحقيق أهداف السياسة الضريبية يتطلب النظر إلى إمكانيات التطبيق‪ ،‬فقد ال يكون مجديا فرض‬
‫ضرائب جديدة أو رفع معدالت الضرائب إذا كانت تفتقر إلى وسائل تنفيذها‪ ،‬ألن هذا سيزيد األمر تعقيدا‪،‬‬
‫فاألمر هنا يتعلق بكفاءة اإلدارة الضريبية‪ ،‬إذ أن النقائص الموجودة فيها هي التي تحد من كفاءتها‪ ،‬ومنه‬
‫تدفع بالمكلف إلى التهرب الضريبي‪.‬‬
‫وتتجلى أهم هذه النقائص في‪:1‬‬
‫‪ -‬ضعف الوسائل المادية والمالية‪ ،‬النقل‪ ،‬الرواتب والحوافز والتي مازالت ال تشبع رغبة العاملين‪ ،‬مما‬
‫يدفعهم إلى االنحراف أو التقصير في االضطالع بمسؤولياتهم الوظيفية على أكمل وجه؛‬
‫‪ -‬ضعف اإلمكانيات البشرية سواء من الجانب الكمي‪ ،‬والمتمثل في نقص عدد المستخدمين) أعوان‬
‫الرقابة (مقارنة مع ارتفاع عدد المكلفين والملفات المعروضة للدراسة أو الجانب النوعي الذي يرجع إلى‬
‫ضعف التأهيل والكفاءة‪ ،‬بسبب نقص المدارس المختصة في تكوين إطارات في التحقيق والرقابة الجبائية؛‬
‫‪ -‬تعقد وكثرة اإلجراءات الروتينية تغرس روح الكراهية اتجاه الضريبة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬آثار التهرب الضريبي‬
‫تعتبر الضرائب الممول الرئيسي لخزينة الدولة لذلك فان محاولة التملص من دفعها سوف ينقص حتما من‬
‫دورها التمويلي مما يؤثر سلبا على التنمية المستدامة وخلق مناصب شغل جديدة و تتجسد هذه اآلثار في‬
‫عدة مجاالت مختلفة ‪:‬مالية‪ ،‬اقتصادية و اجتماعية‪.‬‬
‫إن الضريبة وسيلة إلعادة توزيع و تنظيم االقتصاد‪ ،‬فالمكلفين المتهربين يشكون خسارة كبيرة على‬
‫المجتمع بصفة عامة و التنمية المستدامة بصفة خاصة‪ ،‬فأهمية التهرب الجبائي و اآلثار الناتجة عنه هي‬

‫‪1‬‬
‫عبد المجيد قدي‪ "،‬دراسات في علم الضرائب"‪ ،‬دار جرير للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،2011،‬ص‪.21‬‬

‫‪119‬‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬

‫في الحقيقة مؤشرات يجب األخذ بها إلصالح األوضاع على جميع المستويات االقتصادية‪ ،‬االجتماعية و‬
‫المالية‪.‬‬
‫‪ -1‬اآلثار المالية‪:‬‬
‫يعتبر القيد المالي من أهم القيود التي تقف في وجه كل إستراتيجية تنموية أو برنامج لإلنعاش‬
‫االقتصادي‪ ،‬فال يمكن الحديث عن األهداف و االنجازات دون الحديث عن التمويل‪.‬‬
‫أمام أهمية الجباية العادية في تمويل الخزينة العمومية باعتبارها المورد األساسي يأتي التهرب الجبائي‬
‫للحد من ذلك‪ ،‬فللتهرب األثر المباشر على الخزينة العمومية بحيث يفوت على الدولة جزءا هاما من‬
‫الموارد المالية‪ ،‬و يترتب عن ذلك عدم قيام الدولة باإلنفاق العام على الوجه األكمل وخلق مناصب شغل‬
‫جديدة‪.‬‬
‫إن نقص األموال في الخزينة العمومية يؤدي إلى عجز الدولة جزئيا عن تنفيذ المشاريع النافعة والتي‬
‫تساهم في خلق مناصب شغل جديدة ‪ ،1‬فالدولة في مسارها التنموي في حاجة إلى مداخيل و موارد‬
‫لتغطية نفقاتها فنقص اإليرادات يؤدي إلى وقوع اختالل مالي و منه العجز في الميزانية العمومية و التي‬
‫تشترط أن تتوازن إيراداتها مع نفقاتها‪ ،‬خاصة أمام لجوء الكثير من الدول النامية بدرجة كبيرة لالعتماد‬
‫على الضرائب غير المباشرة و المتعلقة باالستهالك و اإلنفاق و التي ال يمكن التحكم فيها باعتبارها غير‬
‫عادلة‪ ،‬فالفجوات التي تسجلها الميزانية العامة للدولة تعود في اغلب األحيان إلى نقص في المردود‬
‫الضريبي الناتج عن التهرب‪.‬‬
‫لقد أضحى التهرب الضريبي عامال من العوامل المؤثرة في المجال االجتماعي ما دام يهدف إلى حرمان‬
‫الخزينة العامة من أموال ضخمة تستخدمها الدولة لمعالجة المشاكل المختلفة وخاصة مشكلة البطالة‪.‬‬
‫وعليه نرى أن التهرب الضريبي من خالل اآلثار السيئة التي يخلفا على المجتمع يحتاج إلى إرادة قوية‬
‫من طرف الدولة لمجابهته قصد التخفيف من االزمات التي تعاني منها الدولة ومنها مشكلة البطالة وال‬
‫يتأتى ذلك إال بنشر ثقافة الوعي الجبائي لدى جميع الفئات االجتماعية وتقوية فعالية جهاز الرقابة‬
‫الجبائية‪.‬‬
‫‪-2‬اآلثار االقتصادية‪:‬‬
‫كل حقيقة تقوم على تأثيرات متبادلة‪ ،‬فالتخلف االقتصادي بإمكانه أن يكون حاج از دون فعالية تدخل‬
‫الجباية في االقتصاد‪ ،‬كما أن الهيكل الجبائي يستطيع بدوره أن يساهم في التأخر االقتصادي للبالد‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد جامع‪" ،‬علم المالية‪ :‬فكر المالية العامة"‪ ،‬دار النشر العربية ‪،‬القاهرة‪،1975 ،‬ص‪248‬‬

‫‪120‬‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬

‫فالضريبة هي المورد األساسي لخدمة األهداف التنموية لكونها أساسية ترتفع بارتفاع المداخيل و‬
‫المبادالت و تنخفض بانخفاضها‪ ،‬فمن المالحظ أن اآلثار المالية تترتب عنها آثار اقتصادية مدمرة التي‬
‫تضعف إمكانية االدخار و االستثمار و التقليل من فرص التنمية و اإلخالل بمبدأ المنافسة فهي تعتبر‬
‫‪1‬‬
‫كمنظم للنشاط االقتصادي‪ ،‬و يمكن تحليل هذا من خالل العناصر التالية‪:‬‬
‫عرقلة المنافسة‪ :‬التهرب الجبائي ال يشجع مجهودات الرفع من اإلنتاجية فالمكلف الذي يسعى للرفع من‬
‫المداخيل بتحسين طرق اإلنتاج و تسيير متقن يتردد لذلك في لحظة إدراكه ألكبر السبل التي يمنحها له‬
‫التهرب الجبائي حيث أن المؤسسة التي تريد توسيع مشروعاتها و زيادة أرباحها و إنتاجها فإنها ال تترد في‬
‫ذلك متى وجدت الفرصة ممكنة و بالتالي فان المؤسسة تلجا إلى التهرب للحصول على وسائل تمويلية‬
‫هائلة كفيلة بتقوية مكانتها في هذه األسواق و ذلك ببيع منتوجاتها بأسعار منخفضة مقارنة مع أسعار‬
‫المنافسين لها من المؤسسات األخرى‪ ،‬بخالف التي تسدد مستحقاتها كاملة و توجيه جهودها من اجل‬
‫تحسين اإلنتاجية في جو يسوده التهرب الجبائي‪ ،‬فالتهرب يساهم بشكل مباشر في توجيه االقتصاد‬
‫الوطني نحو إرساء اقتصاد غير رسمي أو ما يعرف باالقتصاد الموازي و خلق منافسة غير شريفة بين‬
‫المؤسسات من خالل التأثير على السير الحسن للسوق المحلي‪ ،‬فهي ال تحفز المجهودات الموجهة لرفع‬
‫اإلنتاجية و القيمة المضافة‪ ،‬و من األمثلة الواضحة التي يمكن االستدالل بها في حالة الجزائر تلك‬
‫المتعلقة بالمؤسسات االقتصادية العمومية و المؤسسات الخاصة على التوجه نحو السوق‪ ،‬يعمل أصحاب‬
‫المؤسسات الخاصة على التوجه نحو التهرب الذي يمكنهم من امتالك رؤوس أموال ضخمة تساعدهم‬
‫على التوسع في نشاطهم و تلك على حساب المؤسسات العمومية التي ال تملك أي مجال أو فرص‬
‫للتهرب‪ ،‬و هو ما ولد ظهور المنافسة غير الشريفة‪ ،‬غير القانونية و غير الشفافة‪ ،‬و هذا ما يجعل‬
‫مؤسسات تتحمل ضغطا عاليا على حساب مؤسسات أخرى من خالل تجنب دفع الضرائب المفروضة‬
‫عليها‪.‬‬
‫عرقلة النمو االقتصادي‪:‬‬
‫يمكن للتهرب أن يساهم في تراجع النمو االقتصادي و ذلك عندما يسمح لنوع من المؤسسات ذات إنتاجية‬
‫ضعيفة للحفاظ على وجودها رغم منافسة المؤسسات ذات إنتاجية كبيرة و هذا النوع من المؤسسات يشجع‬

‫‪1‬‬
‫‪Phéniphanh Ngaosyvath, le rôle de l’impot dans les pays en voie de développement, librairie de‬‬
‫‪jurisprudence, 1974,p :05.‬‬

‫‪121‬‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬

‫على النمو االقتصاد السري الذي يخلق مشاكل جمة تحول دون السير الحسن لالقتصاد الوطني و الذي‬
‫يمثل اإليرادات و المداخيل غير المعلنة أو غير المصرح بها للهيئة الجبائية المعنية‪.‬‬
‫غياب عنصر الثقة‪:‬‬
‫قد يكون سببا في فقدان الثقة أثناء المعامالت المالية و التجارية من إبرام الصفقات و العقود و ما إلى‬
‫ذلك من الممارسات القانونية التي تقتضيها مصالح األفراد حيث يعلم كل واحد منهم بان الطرف اآلخر‬
‫يمكنه القيام بتسجيالت خاطئة ألسباب جبائية و بالتالي فالتهرب الجبائي يساهم في التقهقر أمانة‬
‫األعمال‪.‬‬
‫تثبيت و تعميق الفوارق االجتماعية‪:‬‬
‫يزيد التهرب الجبائي من وجود الظلم االجتماعي فكلما تفاقمت هذه الظاهرة كلما نقصت اإليرادات التي‬
‫تحققها الخزينة العمومية و لالحتفاظ بهامش األمان‪ ،‬تقوم الدولة بزيادة نسبة االقتطاعات الجبائية‬
‫للحصول على إيرادات إضافية من اجل ذلك‪ ،‬المكلفون بالضريبة الذين ال يقومون بعملية التهرب الجبائي‬
‫يتحملون تكلفة ضريبية اكبر مقارنة بالتي يشاركون بها و هم في اغلب األحيان أصحاب المداخيل‬
‫الضعيفة الذين ال يستطيعون التهرب من دفع مستحقاتهم المفروضة عليهم ذلك ألنها تقتطع مباشرة من‬
‫دخلهم (االقتطاع من المصدر)‪.‬‬
‫و كذلك دف ع الضرائب غير المباشرة التي تفرض على السلع االستهالكية فمن المالحظ أن المتهربين من‬
‫الضرائب هم في اغلب األحيان أفراد يتميزون بمستوى معيشي جيد و يستفيدون بأموالهم لدى السلطات‬
‫لعدم الوقوع في العقاب الشيء الذي يزيدهم تالحما‪ ،‬هذه الحالة أو الوضعية تثبت الفوارق بين المكلف "‬
‫المتهرب" و المكلف" النزيه" و تزيد من حدتها‪.‬‬
‫تدهور الحس الجبائي عند المكلف‪:‬‬
‫إن انتشار التهرب و الخداع بين مختلف طبقات المجتمع يؤدي إلى تدهور الحس المدني بصفة عامة و‬
‫الحس الجبائي بصفة خاصة فال يمكن تفضيل النفع العام عن الخاص إذا كان المكلف يقبل مبدئيا‬
‫إمكانية إنقاص أو تخفيض جزء من المساهمة المالية التي يجب أن يؤديها للمجتمع‪.‬‬
‫بذلك فان التهرب الجبائي هو عامل من عوامل تالشي و اندثار الحس المدني‪ ،‬و هكذا فالتهرب الجبائي‬
‫يهدم سلطة الدولة و تعود المواطن على العيش بالمخالفة ففي الواقع أن التهرب يتجلى في التخلي عن‬
‫المواطنة الجبائية‪ ،‬غير انه مهما يكن األثر فهو واحد و التي نالحظها على جميع المستويات و الميادين‪،‬‬
‫االقتصادي‪ ،‬االجتماعي و المالي‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫المحور السادس‪ :‬التهرب والغش الضريبي‬

‫أسئلة للتقويم‬

‫‪-‬ما هو الفرق بين التهرب والغش الضريبي‪.‬؟‬

‫‪-‬ماهي أهم األسباب التى أدت الى استفحال ظاهرة التهرب والغش الضريبي‪.‬؟‬

‫‪ -‬أذكر مع الشرح أهم أثار هذه الظاهرة على االقتصاد الوطني‪.‬؟‬

‫‪ -‬في نظرك ماهي الحلول المستعملة للحد من هذه الظاهرة‪.‬؟‬

‫‪123‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫المراجع بالغة العربية‪:‬‬ ‫‪.I‬‬
‫الكتب‪:‬‬
‫‪ .1‬أبو منصف‪ "،‬مدخل للتنظيم االداري والمالية العامة"‪ ،‬دار المحمدية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ .2‬أحمد جامع‪" ،‬علم المالية‪ :‬فكر المالية العامة"‪ ،‬دار النشر العربية ‪،‬القاهرة‪1975 ،‬‬
‫‪ .3‬بكري كامل ‪ "،‬التنمية االقتصادية "‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪.1988 ،‬‬
‫‪ .4‬بن داود إبراهيم‪" ،‬الرقابة المالية على النفقات العمومية"‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتاب‪2009 ،‬‬
‫‪ .5‬حازم الببالوي ‪ "،‬دور الدولة في االقتصاد" ‪ ،‬دار الشروق ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬القاهرة ‪. 1998 ،‬‬
‫‪ .6‬حامد عبد المجيد دراز‪ ،‬واخرون‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬الدار الجامعية ‪،‬االسكندرية‪.2003،‬‬
‫‪ .7‬حسين حسين شحاتة‪" ،‬جريمة المال العام"‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬مصر‪1991،‬‬
‫‪ .8‬خالد أحمد المشهداني‪ ،‬نبيل ابراهيم الطائي‪" ،‬مدخل الى المالية العامة"‪ ،‬دار األيام‪ ،‬األردن‪.2015،‬‬
‫‪ .9‬خالد شحادة خطيب‪، ،‬أحمد زهير شامية‪ " ،‬أسس المالية العامة "‪ ،‬ط‪ ،2‬دار وائل للنشر‪،‬‬
‫األردن‪. 2005،‬‬
‫الرائد محمد مهنا العلي‪" ،‬الوجيز في اإلدارة العامة"‪ ،‬الرياض‪ :‬الدار السعودية للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫‪1982‬‬
‫رفعت المحجوب‪ ،‬المالية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪1987 ،‬‬ ‫‪.11‬‬
‫زينب حسن عوض هللا‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬الدار الجامعية ‪،‬بيروت‪..1994 ،‬‬ ‫‪.12‬‬
‫سليمان حمدي ‪" ،‬الرقابة االدارية والمالية على االجهزة الحكومية دراسة تحليلية تطبيقية"‪ ،‬مكتبة‬ ‫‪.13‬‬
‫دار الثقافة لنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان ‪1998 ،‬‬
‫سوزي عدلي ناشد‪" ،‬الوجيز في المالية العامة"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬االسكتدرية‪.2000،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫الصحن محمد عبد الفتاح‪" ،‬مبادئ واسس المراجعة"‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة ‪،‬اإلسكندرية‪1974 ،‬‬ ‫‪.15‬‬
‫طارق الحاج‪ "،‬المالية العامة"‪،‬ط‪ ،1‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2009،‬‬ ‫‪.16‬‬
‫عادل فليح العلي‪ "،‬المالية العامة والتشريع المالي الضريبي"‪،‬ط‪،1‬دار حامد للنشر‬ ‫‪.17‬‬
‫والتوزيع‪،‬األردن‪.2007،‬‬
‫المرقب المالي من الناحية النظرية"‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار النهضة‬
‫عبد الرؤف جبار‪" ،‬الرقابة المالية و ا‬ ‫‪.18‬‬
‫العربية‪2004 ،‬‬
‫عبد الغفور ابراهيم أحمد‪ "،‬مبادئ االقتصاد والمالية العامة"‪ ،‬دار زهران‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2009،‬‬ ‫‪.19‬‬
‫عبد المجيد قدي‪ "،‬المدخل الى السياسات االقتصادية الكلية‪ :‬دراسة تحليلية تقييمية"‪ ،‬ديوان‬ ‫‪.20‬‬
‫عبد المجيد قدي‪ "،‬دراسات في علم الضرائب"‪ ،‬دار جرير للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪2011،‬‬ ‫‪.21‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪" ،‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪.2005،‬‬ ‫‪.22‬‬
‫عبد المنعم فوزي‪ ،‬المالية العامة والسياسية المالية‪ ،‬دار النهضة الع برية للطباعة والنشر‪ ،‬لبنان‪،‬‬ ‫‪.23‬‬
‫‪.1972‬‬
‫عبد الواحد عطية‪ "،‬مبادئ واقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2000،‬‬ ‫‪.24‬‬
‫علي زغدود‪ "،‬المالية العامة"‪،‬ط‪ ،4‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪.2011،‬‬ ‫‪.25‬‬
‫غازي عبد الرزاق النقاش‪ "،‬المالية العامة"‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان ‪،‬األردن‬ ‫‪.26‬‬
‫‪2010‬‬
‫فليح حسن خلف‪" ،‬المالية العامة"‪،‬ط‪،1‬عالم الكتب الحديث‪،‬األردن‪.2008،‬‬ ‫‪.27‬‬
‫محرزي محمد عباس‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪،‬ط‪،3‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪2008،‬‬ ‫‪.28‬‬
‫محمد الساحل‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬جسور للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2017 ،‬‬ ‫‪.29‬‬
‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬يسري أبو العال‪" ،‬المالية العامة"‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪.30‬‬
‫الجزائر‪.2003،‬‬
‫محمد بودالي‪ "،‬التهرب الضريبي والسلوك الجبائي من منظور الوعي االقتصادي السوي"‪ ،‬شركة‬ ‫‪.31‬‬
‫األصالة للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2008 ،‬‬
‫محمد حلمي مراد‪ "،‬مالية الدولة"‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬القاهرة ‪.2006،‬‬ ‫‪.32‬‬
‫محمد طاقة‪ ،‬هدي العزاوي‪ "،‬اقتصاديات المالية العامة"‪،‬ط‪،2‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪،‬‬ ‫‪.33‬‬
‫األردن‪2010،‬‬
‫محمد عبد العزيز عجيمية ‪،‬محمد علي الليثي‪ " ،‬التنمية االقتصادية‪ :‬مفهومها نظرياتها سياساتها‬ ‫‪.34‬‬
‫" ‪،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬مصر ‪1994،‬‬
‫محمد عبد العزيز عجيمية‪ ،‬إيمان عطية ناصف‪ "،‬التنمية االقتصادية ‪:‬دراسات نظرية وتطبيقية"‪،‬‬ ‫‪.35‬‬
‫كلية التجارة ‪،‬مصر ‪.2002‬‬
‫محمد عوف الكفراوي‪" ،‬الرقابة المالية‪ ،‬النظرية والتطبيق"‪ ،‬طبعة ‪،2‬مطبعة االنتصار لطباعة‬ ‫‪.36‬‬
‫االوفست‪ ،‬مصر‪2005 ،‬‬
‫محمود حسين الوادي‪ ،‬زكريا أحمد عزام‪ "،‬مبادئ المالية العامة"‪،‬ط‪،1‬دار المسيرة‬ ‫‪.37‬‬
‫‪،‬عمان‪،‬األردن‪.2007،‬‬
‫مرسى السيد حجازي‪ "،‬مبادئ االقتصاد العام"‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪ ،‬مصر‪.2000،‬‬ ‫‪.38‬‬
‫المرسي السيد حجازي‪" ،‬مبادئ االقتصاد العام"‪ ،‬مصر‪ ،‬الدار الجامعية ‪2009‬‬ ‫‪.39‬‬
‫مصطفى الفار‪ "،‬االدارة المالية العامة"‪،‬ط‪،1‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن ‪.2008،‬‬ ‫‪.40‬‬
‫المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪.2003،‬‬
‫ميثم صاحب عجام‪ ،‬علي محمد مسعود‪" ،‬المالية العامة بين النظري والتطبيق"‪،‬ط‪،1‬دار‬ ‫‪.41‬‬
‫البداية‪،‬األردن‪.2015،‬‬

‫المطبوعات‪:‬‬
‫‪ -1‬عبد الكريم بوغزالة أمحمد‪ "،‬محاضرات في المالية العامة"‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪،‬ورقلة‪-2016،‬‬
‫‪،2017‬ص‪44-43‬‬
‫‪ -2‬لوني نصيرة‪ ،‬ربيع زكريا‪ "،‬محاضرات في المالية العامة"‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أكلي‬
‫محند‪ ،‬البويرة‪2014-2013،‬‬

‫األطروحات والمذكرات‪:‬‬
‫‪ .1‬تحيسن درويش‪" ،‬إختالس أموال الدولة"‪ ،‬بحث ماجستير كلية الحقوق‪ ،‬بن عكنون‪.1996 ،‬‬
‫‪ .2‬سناطور خالي‪" ،‬رقابة على النفقات العمومية"‪ ،‬دراسة حالة المفتشية العامة للمالية‪ ،‬مذكرة تخرج‬
‫المدرسة الوطنية لإلدارة‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ .3‬عبد القادر موفق‪" ،‬الرقابة المالية على البلدية‪ ،‬دراسة تحليلية نقدية"‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة الحاج‬
‫لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪2015 ،‬‬
‫‪ .4‬عبد اللطيف مصيطفي‪ " ،‬تمويل التنمية في بلدان العالم الثالث بين اقتصاديات االستدانة واقتصاديات‬
‫األسواق المالية "‪،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2008،‬‬
:‫المراجع بالغة األجنبية‬ .II

1. A.Margairaz, la fraude fixale et ses succédanés, éd.vaudo Lausanne,1977.


2. Ahmed Silem ,Jean-Marie Albertini, « Lexique d’économie »,Dalloz,1999
3. C.R.Masson, la notion d’érosion fixale en droit intern Français, L.G.A.J,
paris, 1990
4. Christian brief,comme fraude fixale, éd alain Mareon,Paris,1987.
5. Claude-Danièle ECHAUDEMAISON - sous la direction- : « Dictionnaire d’
économie et de sciences sociales » ,Nathan édition,1998.
6. Gary Bandy , Financial Management and Accounting in the Public Sector,
Routledge; 1 edition (August 27, 2011) .

7. Martinez,J.C,la fraude fixale,éd PUF, paris, 1984


8. Maurice Dauverger, Finance Publiques, éd PUF, paris, 1986.
9. Phéniphanh Ngaosyvath, le rôle de l’impot dans les pays en voie de
développement, librairie de jurisprudence, 1974

10. Pierre BEL TRAME , « la fiscalité en France »,HACHETTE LIVRE ,6 éme


édition,1998
11. Rapport annuel 2017, « evolution économique et monétaire en Algérie »,
juillet,2018 .
12.Raymond MUZELLEC, « finances publiques », Editions dalloz,8 éme
édition,1993 .

You might also like