You are on page 1of 87

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة الشهيد حمة لخضر – الوادي –‬


‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫دروس في مادة المدخل للعلوم القانونية‬


‫" النظرية العامة للحق "‬

‫موجهة لطلبة السنة األولى حقوق نظام ل م د‬


‫السداسي الثاني ‪-‬‬ ‫‪-‬‬

‫من إعداد ‪ :‬د‪ .‬لموشية سامية‬

‫السنة الجامعية‪2023 / 2022 :‬‬

‫صفحة | ‪1‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫ال تقف الدراسة لم&&ادة الم&&دخل للعل&&وم القانوني&&ة عن&&د نظري&&ة الق&&انون فحس&&ب‪ ،‬حيث‬
‫يتع&&رف الط&&الب على مفه&&وم الق&&انون باعتب&&اره مجموع&&ة من القواع&&د تنظم س&&لوك‬
‫األفراد في المجتمع على وجه االلزام‪ ،‬إنما تتعدى الدراسة لتشمل نظرية الح&&ق وهي‬
‫الدراسة لمج&&ال البحث في مض&&مون القاع&&دة القانوني&&ة ال&&تي تنش&&ئ مج&&االت متع&&ددة‬
‫المتي&&از األش&&خاص بحيث تح&&دد لهم م&&ا يكتس&&بونه من حق&&وق وم&&ا يتحملون&&ه من‬
‫التزام&&ات‪ ،‬أي مج&&ال اس&&تئثار بس&&لطات معين&&ة ح&&ددها الق&&انون وأقره&&ا لألش&&خاص‬
‫لتحقي&ق مص&الحهم‪ ،‬ه&ذا م&ا يؤك&د أن الح&ق ال ينش&أ في الواق&ع إال في إط&ار قواع&د‬
‫قانونية تف&&رض على الغ&&ير واجب احترام&&ه‪ ،‬طالم&&ا ُرجح ه&&ذا الح&&ق لمص&&لحة ف&&رد‬
‫معين‪ ،‬لذلك ال نجد الحقوق مص&&درًا له&&ا إال في الق&&انون‪ ،‬ه&&ذا األخ&&ير ال ج&&دوى من‬
‫وج&&وده إذا لم ينش&&ئ وي&&وفر حقوق&&ًا من خالل التقري&&ر لمراك&&ز قانوني&&ة ألص&&حاب‬
‫الحقوق‪ ،‬ثم يفرض قيودًا على الغير مقابل ذل&&ك‪ ،‬من هن&&ا ت&&برز الص&&لة الوثيق&&ة بين‬
‫القانون والحق‪ ،‬إذ ُت قرر القواعد القانونية الحقوق وترسم حدودها وتوفر لها الحماي&&ة‬
‫القانونية‪.‬‬
‫فإذا كان االنسان مدني بطبعه وأناني بطبعه‪ ،‬هذا ما ُيَفِّس ر الص&&فة األولى أن&&ه – أي‬
‫االنسان – ال يعيش إال في الجماعة‪ ،‬ومقتضى الصفة الثانية أنه يعمل على االستئثار‬
‫بأسباب المتعة والرفاهية ولو كان على حساب اآلخرين‪ ،‬لذلك ال ب&&د من نظ&&ام يس&&ود‬
‫الجماعة وإال تغلب الطرف القوي على الضعيف‪ ،‬والوس&&يلة إلى تحقي&&ق ه&&ذا النظ&&ام‬
‫هي القانون‪ ،‬الذي نشأ بنشؤ الجماعة لُيبين لكل فرد م&ا ل&ه من حق&وق وم&ا علي&ه من‬
‫واجبات‪ ،‬لذلك ُيعد القانون مصدر حقوق األشخاص وواجباتهم‪.‬‬
‫حقيقة األمر أن دراسة نظرية الح&&ق ُتش&&كل أس&&اس دراس&&ة الق&&انون الم&&دني لش&&مولها‬
‫للحق بأنواعه حيث يشكل األشخاص واألموال عنصري الحق الرئيسين‪ ،‬وما يراف&&ق‬
‫ذلك من السبب المنشئ للحق ووسائل حمايته واثباته وأخيرا انقضائه‪.‬‬
‫وعلي&&ه ج&&اءت ه&&ذه السلس&&ة من ال&&دروس ُتّلِخص نظري&&ة الح&&ق من خالل البحث‬
‫والشرح لمحاور هامة والتي تبدأ من تحديد مفهوم الحق وتبي&ان أنواع&ه‪ ،‬ثم التع&رف‬
‫على أركان&&ه المختلف&&ة من حيث أش&&خاص الح&&ق الق&&انونيين وموض&&وعه‪ ،‬وأيض&&ا‬
‫مصادره‪ ،‬وألن الحق يحتاج إلى حماية قانونية تضمن ح&&ق االس&&تئثار والتمت&&ع وه&&ذا‬
‫عند االقتضاء نتناول هذا الجانب في محور آخر ُيتبع بوس&&ائل إثب&&ات الح&&ق وص&&وال‬
‫إلى محور أخ&ير نتط&&رق من خالل&&ه إلى مس&ألة انقض&&اء الح&ق تبع&&ا ألس&&باب تتن&&وع‬
‫حسب طبيعة الحق‪.‬‬

‫صفحة | ‪2‬‬
‫بالتالي الحق هو مجال نش&&اط مق&&رر لألش&&خاص يتمتع&&ون ب&&ه تحت رعاي&&ة الق&&انون‪،‬‬
‫ومن ثم يتم الدراسة لنظرية الحق من خالل المحاور التالية‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬تحديد مفهوم الحق‬
‫المحور الثاني‪ :‬أنواع الحقوق‬
‫المحور الثالث‪ :‬أركان الحق‬
‫المحور الرابع‪ :‬مصادر الحق‬
‫المحور الخامس‪ :‬الحماية القانونية للحق‬
‫المحور السادس‪ :‬إثبات الحق‬
‫المحور السابع‪ :‬انقضاء الحقوق‪.‬‬

‫المحور األول‪ :‬تحديد مفهوم الحق‬


‫تنازع الفقه حول فك&&رة وج&&ود الح&&ق من عدم&&ه‪ ،‬ه&&ذا م&&ا أدى إلى ب&&روز العدي&&د من‬
‫النظريات التي تناولت هذه الفكرة‪ ،‬حيث حاولت كل نظري&&ة تعريف&&ه حس&&ب االنتم&&اء‬
‫الفقهي‪ ،‬وأن وضع تعريف للحق يحدد مفهومه ويبين ج&&وهره من الص&&عوبة بمك&&ان‪،‬‬
‫ل&&ذا أث&&ار الج&&دل واحت&&دام الخالف بين ش&&راح الق&&انون التقلي&&ديين منهم والمح&&دثين‪،‬‬
‫فتعددت المذاهب بشأن تعريفه تبعا لنظرة كل اتجاه من زاوية غ&&ير ال&&تي نظ&&ر منه&&ا‬
‫غيره‪.‬‬
‫رغم ذلك أصبحت فكرة الحق من األمور المس&&لم به&&ا‪ ،‬فمنهم من اعت&&بر الح&&ق إرادة‬
‫فقط وهي العنصر الجوهري في وجوده‪ ،‬بينما رأى فريق آخ&&ر غ&&ير ذل&&ك ف&&اعتبروه‬
‫مصلحة مادية أو معنوية يحميها القانون‪ ،‬وذهب فريق آخ&&ر إلى أألخ&&ذ ب&&النظريتين‪،‬‬
‫ويأتي فريق آخر من الفقه واعتبروا الحق ميزة يمنحها القانون للشخص‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التأصيل الفقهي لمفهوم الحق‬
‫ث&&ار ج&&دل فقهي بين ش&&راح الق&&انون‪ ،‬فتع&&ددت الم&&ذاهب القانوني&&ة في تعري&&ف الح&&ق‬
‫وتحديد مفهومه‪ ،‬حيث نظر إليه كل اتجاه من زاوية غير التي نظر منها غيره‪ .‬فنجد‬
‫المذهب الشخصي من جهة‪ ،‬والمذهب الموضوعي من جهة أخ&&رى‪ ،‬لي&&أتي الم&&ذهب‬
‫المختلط بتعري&&ف آخ&&ر للح&&ق‪ ،‬وهن&&اك النظري&&ة الحديث&&ة وتس&&مى بنظري&&ة االس&&تئثار‬
‫والتسلط والتي تذهب إلى أن الحق يتض&من فك&رتي االس&تئثار والتس&لط‪ ،‬أي اس&تئثار‬
‫شخص بقيمة معينة طبقًا للق&انون‪ ،‬وه&ذه القيم&ة إم&ا أن تك&ون أدبي&ة أو معنوي&ة‪ ،‬وال‬
‫يكون ذلك االستئثار حقًا إال إذا تمتع بالحماية القانونية‪.‬‬

‫صفحة | ‪3‬‬
‫وعلي&&&ه نتن&&&اول في إط&&&ار ه&&&ذا المبحث النظري&&&ة الشخص&&&ية أو اإلرادة‪ ،‬النظري&&&ة‬
‫الموض&&وعية أو المص&&لحة وم&&ا وج&&ه لك&&ل منهم&&ا من نق&&د‪ ،‬ثم التط&&رق إلى النظري&&ة‬
‫المختلطة ونظرية التسلط واالستئثار وأهم االنتقادات الموجهة لهما‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬النظرية الشخصية والنظرية الموضوعية‬
‫اختلف فقهاء القانون الوضعي في تع&&ريفهم للح&&ق تبع&&ا لزاوي&&ة معين&&ة يتم النظ&&ر من‬
‫خالله&&ا‪ ،‬فنج&&د أص&&حاب النظري&&ة الشخص&&ية ال&&ذين ي&&رون أن إرادة الش&&خص هي‬
‫العنص&&ر الج&&وهري في تعري&&ف الح&&ق‪ ،‬على عكس أص&&حاب النظري&&ة الموض&&وعية‬
‫الذين يرون أن الحق يستهدف مصلحة معينة وعلى أساس ذلك كان التعريف للحق‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬النظرية الشخصية أو ( نظرية اإلرادة)‬
‫يرى أصحاب هذه النظرية في تعريفهم للح&&ق أن&&ه س&&لطة إرادي&&ة‪ ،‬وق&&د تع&&رض ه&&ذا‬
‫الرأي للنقد من قبل الفقه فكانت لهم نظرة أخرى حول الموضوع‪.‬‬
‫أوال‪ -‬عرض النظرية‪:‬‬
‫يركز أص&حاب ه&ذه النظري&ة على مض&مون الح&ق أو موض&وعه‪ ،‬ويمثل&ون أنص&ار‬
‫المذهب الفردي أو الشخصي ي&&تزعمهم الفقي&&ه األلم&&اني س&&افيني‪ ،‬فك&&انت النظ&&رة من‬
‫جانبهم إلى فكرة الحق من زاوية صاحبه فق&&ط‪ ،‬ومن ثم اعتب&&ار إرادت&&ه هي العنص&&ر‬
‫الجوهري الذي تم&&يزه عن غ&&يره فعرف&&وا الح&&ق على أن&&ه " ق;;درة أو س;;لطة إرادي;;ة‬
‫خولها القانون لشخص معين" ‪.‬‬
‫طبقا لهذا التعريف نجد أن القانون هو الذي يقر بالقدرة أو السلطة اإلرادية لص&&احب‬
‫الحق على محل الحق فيرسم لها حدودا تعم&&ل في نطاق&ه‪ ،‬دون أن يقل&&ل من س&لطات‬
‫صاحب الحق على مح&&ل الح&&ق قب&&ل الغ&&ير‪ ،‬م&&ادام ذل&&ك في ح&&دود الق&&انون فالقاع&&دة‬
‫القانونية في تنظيمها لعالقات األفراد في المجتمع ترسم لكل فرد حدودا معينة تعم&&ل‬
‫إرادته في نطاقه&ا مس&تقلة عن أي إرادة أخ&رى ال&تي تعم&ل ب&دورها في نط&اق آخ&ر‬
‫محدد لها‪ ،‬وما دامت تعمل في حدود هذا النطاق فلها مطلق الحرية في اتخاذ ما تراه‬
‫مناسبا‪ ،‬فإن صاحب الحق يستطيع أن يتنازل عن حق&&ه وأن يعدل&&ه وأن ينهي&&ه‪ ،‬وه&&ذا‬
‫هو وجه الحق اآلخر للسلطة اإلرادية‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬نقد النظرية‪:‬‬
‫أهم ما وجه لهذه النظرية من النقد ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أنها ربطت بين نشوء الحق واإلرادة‪ ،‬عن&&دما جعلت&&ه ق&&درة إرادي&&ة‪ ،‬أي أن علقت‬
‫وجود الحق على وجود اإلرادة‪ ،‬في حين أن الحق قد يك&&ون للش&&خص ح&&تى دون أن‬
‫تكون ل&&ه إرادت&&ه‪ ،‬فهن&&اك أش&&خاص تنع&&دم إرادتهم ك&&المجنون والص&&بي غ&&ير المم&&يز‬
‫والجنين‪ ،‬ومع ذلك فإنه من الثابت أنهم يكس&&بون حقوق&&ا كح&&ق اإلرث وح&&ق النس&&ب‪،‬‬
‫صفحة | ‪4‬‬
‫وحق الجنسية وغيرها من مثل هذه الحقوق‪ ،‬ومن ثم فانعدام اإلرادة الستعماله مادي&&ا‬
‫أو قانونيا ال تنفي وجوده‪.‬‬
‫‪ -2‬ق&&د يثبت الح&&ق لش&&خص لدي&&ه إرادة ولكن دون علم&&ه ب&&ه أو دون ت&&دخل إرادت&&ه‬
‫كالغ&&ائب وال&&وارث والموص&&ى ل&&ه ال&&ذي ق&&د يوص&&ى ل&&ه دون علم&&ه إال وقت وف&&اة‬
‫الوصي ‪.‬‬
‫‪ -3‬من المسلم به أن الش&&خص المعن&&وي كالش&&خص الط&&بيعي يثبت ل&&ه الحق&&وق على‬
‫الرغم من أن إرادته ممثلة ليس لديه إ نما بإرادة ممثله أو نائبه وهي اإلاردة الحقيقية‬
‫للشخص الطبيعي وهو ممثله‪.‬‬
‫‪ -4‬تخلط النظرية بين وجود الحق في ذاته ومباشرته‪ ،‬ف&&الحق يوج&&د دون ت&&دخل من‬
‫اإلرادة ولكن استعماله ومباشرته هو الذي يحتاج إلى و جود اإلرادة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬النظرية الموضوعية‬
‫ُيركز أصحاب ه&&ذه النظري&&ة في تع&&ريفهم للح&&ق على فك&&رة المص&&لحة ال&&تي يحميه&&ا‬
‫القانون‪ ،‬وقد تعرضوا بدورهم للنقد الذي وجه لنظريتهم‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مضمون النظرية‪:‬‬
‫اعتمد أصحاب هذه النظرية وعلى رأسهم الفقيه األلماني إهرنج في تع&&ريفهم للح&&ق"‬
‫الح;;ق ه;;و مص;;لحة مادي;;ة أو معنوي;;ة يحميه;;ا الق;;انون‪ ،‬إذ أن الح;;ق يق;;وم على‬
‫عنصرين‪ :‬األول موضوعي الحق مص;;لحة يحميه;;ا الق;;انون‪ ،‬الث;;اني ش;;كلي حماي;;ة‬
‫القانون لتلك المصلحة عن طريق الدعوى القضائية اقتضاء‪. ".‬‬
‫يقصد بالعنصر الموضوعي الغاي&&ة أو المنفع&&ة المادي&&ة أو المعنوي&&ة ال&&تي تع&&ود على‬
‫صاحب الحق‪ ،‬كحق الشخص في ملكيته للمنزل فإنه&ا تق&وم بم&ال‪ ،‬والثاني&ة حق&ه في‬
‫حماية حقوق اللصيقة بالشخصية كالحق في السمعة والشرف ‪ .‬بينما يقصد بالعنص&&ر‬
‫الشكلي الحماية القانونية المتمثلة في الدعوى القضائية التي يدافع بها ص&&احب الح&&ق‬
‫عن حق&&ه‪ .‬فج&&وهر الح&&ق عن&&د أص&&حاب ه&&ذه النظري&&ة هي المص&&لحة أي الفائ&&دة أو‬
‫المنفعة التي تعود على الشخص ص&&احب الح&&ق‪ ،‬وتوج&&د الحق&&وق توج&&د دون وج&&ود‬
‫اإلرادة‪ ،‬فالصبي غير المميز والمجنون لهما حق&&وق ب&&الرغم من انع&&دام إرادتهم&&ا في‬
‫اكتساب الحقوق‪ ،‬ولكن لكليهما مصالح يحميها القانون ومباشرة حقوقهما تتم بواسطة‬
‫ممثليهما القانوني ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬نقد النظرية‪:‬‬
‫انتقدت هذه النظرية من عدة وجوه أهمها ما يلي‪ :‬إن التعريف ال&&ذي ج&&اءت ب&&ه ه&&ذه‬
‫النظرية لم ينصب على مفهوم الحق‪ ،‬إنما على الغاية التي يسعى الش&خص الوص&ول‬
‫إليها وهي المصلحة‪ ،‬والمصلحة هي الغاية من الحق‪ ،‬وينبغي أن يرد التعري&&ف على‬
‫صفحة | ‪5‬‬
‫الشيء في ذاته المراد تعريفه مبينا ذاتيته وجوهره‪ ،‬والغاية من الحق غير الح&&ق في‬
‫ذاته وينبغي تعريف الحق بالنظر إلى ذات&&ه بغض النظ&&ر عن هدف&&ه‪ ،‬أي البحث عن&&ه‬
‫في حقيقته وليس في الهدف منه أو أثره‪.‬‬
‫إذا كان لكل حق مص&&لحة فليس ك&&ل مص&&لحة ب&&دورها تفض&&ي إلى الح&&ق‪ ،‬ق&&د يك&&ون‬
‫للشخص مصلحة في مسألة ما دون أن تك&ون ل&ه ح&ق‪ ،‬فل&و اش&ترط مس&تأجر ال&دور‬
‫العلوي لمنزل على المؤجر أن يقوم بإنارة السلم‪ ،‬بال شك فإن ك&&ل من يس&&كن ال&&دور‬
‫العلوي سوف يستفيد من هذا الشرط‪ ،‬أي من اإلنارة‪ ،‬فتكون له مصلحة غ&&ير أن&&ه ال‬
‫يملك حقا في مواجهة هذا الشخص‪ ،‬فإذا أوقف هذه اإلنارة فإنه يستطيع مقاضاته ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النظرية المختلطة و النظرية الحديثة (اإلستئثار والتسلط)‬
‫تدارك ما وجه للنظ&رتين الس&ابقتين من نق&د في تع&ريفهم للح&ق‪ ،‬ج&اء أص&حاب ه&ذه‬
‫النظرية برأي مخالف وقد جمعوا بين النظرتين‪ ،‬إال أنهم اختلفوا فيما بينهم من حيث‬
‫تغليب عنصر على أخر‪ ،‬وعلى ضوء االنتقادات السابقة اتجه فقه قانوني ح&&ديث إلى‬
‫محاولة الكشف عن جوهر الحق وبيان خصائصه‪ ،‬فنكون ب&&ذلك أم&&ام نظري&&ة حديث&&ة‬
‫موضوعها االستئثار والتسلط‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬النظرية المختلطة‬
‫أصحاب هذه النظري&&ة في تع&&ريفهم للح&&ق جمع&&وا بين تعري&&ف النظري&&تين الس&&ابقتين‬
‫المذكورتين آنفا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مضمون النظرية‪:‬‬
‫حاول هذا االتج&اه الجم&ع واألخ&ذ ب&النظريتين الس&ابقتين للتوفي&ق بينهم&ا تفادي&ًا للنق&د‬
‫الموج&&هُ لكال منهم&&ا‪ ،‬ف&&يرى أنص&&اره الح&&ق بأن&&ه فك&&رة قانوني&&ة ت&&دور بين االرادة‬
‫والمصلحة لينقسموا بذلك إلى فريقين ‪.‬‬
‫الفريق األول‪ :‬غلب فكرة اإلرادة على المصلحة فعرفوا الحق بأنه " القدرة اإلرادي&&ة‬
‫المعطاة لشخص في سبيل تحقيق مصلحة يحميها القانون "‪ .‬وعليه يقوم الحق بص&&فة‬
‫جوهرية على اإلرادة التي تحركها وتحميها المصلحة ‪.‬‬
‫الفريق الثاني‪ :‬غلب المصلحة على اإلرادة‪ ،‬فعرفوا الحق بأنه " مصلحة التي يحميها‬
‫القانون وتقدم على تحقيقها والدفاع عن قدرة إرادية معين&&ة"‪ .‬وعلى ه&&ذا ف&&إن ج&&وهر‬
‫الحق عند هؤالء المصلحة وأضيفت له&&ا االرادة ح&تى تتوله&&ا وت&&دافع عنه&&ا‪ .‬لم ت&&أت‬
‫هذه النظرية بجديد وفي تعريفها للحق لم تضف شيئا إنم&&ا جمعت بين ال&&رأيين فق&&ط‪،‬‬
‫فالحق ليس هو إرادة وال مصلحة‪ ،‬وعليه لم تلق القبول بين الفقهاء مما جعله&&ا مح&&ل‬
‫نقد‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬نقد النظرية‪:‬‬
‫صفحة | ‪6‬‬
‫يتضح من خالل تعريف أنصار النظرية المختلطة في تعريفهم للحق أنه يتراوح بين‬
‫اإلرادة والمصلحة‪ ،‬أي المزج بين اإلرادة والمصلحة ولم يفعل غير ذل&&ك‪ ،‬فق&&د وج&&ه‬
‫له نفس ما وجه للتعريفين السابقين من انتقاد من حيث أنهما لم يعرفا الح&&ق ذات&&ه ولم‬
‫بينا جوهره‪ ،‬هذا ما أدى إلى تعرض موقفهم ب&&دوره للنق&&د‪ .‬مم&&ا اس&&توجب على الفق&&ه‬
‫الحديث البحث أكثر في جوهر الحق وبيان خصائصه الذاتي&&ة المم&&يزة ل&&ه‪ ،‬وه&&ذا م&&ا‬
‫سوف نتعرض له في الفقرة الموالية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نظرية االستئثار والتسلط‬
‫جاءت هذه النظرية والتي تمثل الفقه الحديث من أنصاره الفقيه البلجيكي دابان برأي‬
‫مخالف إال أنها لم تسِّلم من النقد بدورها‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مضمون النظرية‪:‬‬
‫ع&&رفت ه&&ذه النظري&&ة الح&&ق بأن&&ه " م&&يزة يمنحه&&ا الق&&انون لش&&خص من األش&&خاص‬
‫وبمقتضاها يكون له الس&لطة على م&ال مع&ترف ل&ه ب&ه بص&فته مالك&ا أو مس&تحقا ل&ه‬
‫ويكون له الحماية القانونية الالزمة" وفي تعريف آخر بأن&&ه" اس&&تئثار ش&&خص بقيم&&ة‬
‫معينة أو شيء معين عن طريق التسلط على تلك القيم&&ة أو ه&&ذا الش&&يء"‪ .‬فللش&&خص‬
‫ص&&احب الح&&ق يك&&ون ل&&ه ح&&ق التس&&لط على ش&&يء معين أو على قيم&&ة معين&&ة بحيث‬
‫يمنحانه القدرة على التصرف‪ ،‬كما له استعمال الطرق القانوني&ة ال&تي تكف&ل حمايت&ه‪.‬‬
‫وعليه أهم ما يميز الحق لديهم أنه عالقة استئثار وتسلط واحترام الغير للحق وحرمة‬
‫التعدي عليه والحماية القانونية له‪ ،‬ومن أهم وسائلها الدعوى القضائية‪.‬‬
‫يقصد باالستئثار االختصاص بمال أو قيمة معينة يثبت لصاحب الحق ولو لم تت&&وافر‬
‫لدي&&ه اإلرادة‪ ،‬ف&&المجنون ال&&ذي ال إرادة ل&&ه ق&&د يختص بم&&ال معين أو قيم&&ة معين&&ة‪،‬‬
‫واالستئثار بالشيء ال يعني االنتفاع به فقد ينتفع الشخص بالشيء دون أن يستأثر ب&&ه‬
‫كالس&&ارق‪ ،‬وق&&د يس&&تأثر الش&&خص بالش&&يء وينتف&&ع ب&&ه في آن واح&&د ولكن&&ه ال يعت&&بر‬
‫صاحب استئثار‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬نقد النظرية‪:‬‬
‫عرفت هذه النظرية ج&&وانب إيجابي&&ة‪ ،‬إال أنه&&ا انتق&&دت من حيث أن فك&&رة التس&&لط ال‬
‫تبدو واضحة سوى في الحقوق العينية فال تنطوي على جميع الحقوق‪ ،‬وفي الحق&&وق‬
‫الدائنبة ال تسلط للدائًن على شخص المدين إنما له فقط ح&ق مطالبت&ه بالوف&اء بم&ا في‬
‫ذمته له من دين‪ ،‬والحال نفسه في الحقوق الشخصية المالزمة واللصيقة للشخص&&ية‪،‬‬
‫إال أنه يبق هو األقرب إلى الواقع‪ .‬ومنه يمكن تعريف الح&&ق بأن&&ه" االس&&تئثار ال&&ذي‬
‫يقره القانون لشخص من األشخاص‪ ،‬ويكون له بمقتضاه إما التسلط على شيء معين‬
‫أو اقتضاء أداء معين من شخص آخر" ‪.‬‬

‫صفحة | ‪7‬‬
‫يتميز هذا العريف بأنه يبين جوهر الحق وهو عنصر االس&&تئثار ال&&ذي يق&&ره الق&&انون‬
‫وهنا تظهر العالقة بين الحق والقانون‪ ،‬فال يوجد حق إال إذا كان مس&&تندا على قاع&&دة‬
‫قانونية تحمي&ه وتع&ترف ب&ه‪ ،‬وه&و م&ا يم&يز االس&تئثار المش&روع وغ&ير المش&روع‪،‬‬
‫كاستئثار السارق بالشيء المسروق‪ ،‬توض&&ح فك&&رة االس&&تئثار عالق&&ة ص&&احب الح&&ق‬
‫بالغير ومع احترام الكافة لهذا الحق‪ ،‬أما الدعوى العمومية ال تخ&&رج عن كونه&&ا أث&&ر‬
‫قانوني ترتب نتيجة وجود الحق واستناده إلى القانون‪.‬‬
‫وعليه يقوم الحق وفقا لهذه النظرية على عناصر أربعة هي‪:‬‬
‫االستئثار‪ :‬ويقصد به انفراد شخص أو أشخاص بش&&يء معين أو بقيم&&ة مالي&&ة‬ ‫‪-1‬‬
‫معينة دون الغير‪ ،‬بهذا العنصر يتحقق ثبوت قيمة الحق المقررة قانونا‪.‬‬
‫التسلط‪ :‬وهي سلطة الشخص اإلرادية في التصرف بالشيء بمقابل أو بدونه‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫يعتبر هذا العنصر نتيجة حتمية للعنصر األول إذ ليس للشخص ح&&ق الس&&لطة‬
‫مالم يكن مستأثرا بالشيء‪.‬‬
‫اإلقتضاء‪ :‬يقصد بذلك احترام الغير للحق‪ ،‬إذ ال وجود لحق ما لم يوج&&د غ&&ير‬ ‫‪-3‬‬
‫صاحب الحق‪.‬‬
‫الحماية القانونية‪ :‬عند عدم احترام الغير للحق ومحاولة االعتداء علي&&ه ك&&ان‬ ‫‪-4‬‬
‫لصاحب الحق االستعانة بالقانون لحمايته من خالل الوسائل القانونية المتاح&&ة‬
‫وهذا بموجب دعوى قضائية ُترفع أم&&ام الجه&&ة القض&&ائية المختص&&ة ل&&رد ك&&ل‬
‫اعتداء على الحقوق‪.‬‬
‫وإذا كان تعريف دابان أقرب إلى الصواب إال أنه يتجاهل عنصر الحماي&&ة القانوني&&ة‪،‬‬
‫كون الحق ال يكون له وجود إال بتوافر الحامية القانونية كما سبق ذك&&ره‪ ،‬والتعري&&ف‬
‫الذي يمكن أن ُن رجحه هو ذلك الذي يجعل من الحق " سلطة يمنحها القانون لشخص‬
‫على شخص آخر أو على شيء معين مع توفير الحماية القانونية لهذه السلطة‪.‬‬
‫تبعا لما سبق يمكن تعريف الحق بأنه" سلطة يحميها الق&&انون ويقرره&&ا لش&&خص ه&&و‬
‫صاحب الحق يكون له بمقتضاها التسلط على شيء معين أو قيمة معنوية أو اقتضاء‬
‫أداء معين"‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تمييز الحق عن مفاهيم أخرى‬
‫يش&&تبه الح&&ق كمص&&طلح ق&&انوني بع&&دة مص&&طلحات قانوني&&ة أخ&&رى أهمه&&ا ال&&واجب‪،‬‬
‫الحرية‪ ،‬الرخصة‪ ،‬السلطة‪ ،‬والمصلحة‪ ،‬نتناول ذلك تباعا‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحق والواجب‬
‫ينبثق الحق عن فكرة االستئثار والتسلط‪ ،‬أما الواجب كمصطلح يمثل الوضع المقالب‬
‫له‪ ،‬إذ على الجميع واجب احترام هذا التسلط المقرر والمحمي قانونًا‪ ،‬فالعالقة بينهما‬

‫صفحة | ‪8‬‬
‫أن األول استئثار الشخص بقيمة مالية معينة يحميه القانون‪ ،‬بينما الثاني يمث&&ل ال&&تزام‬
‫يقع على عاتق الشخص‪ ،‬ومن ثم فك&&ل ح&&ق يقابل&&ه واجب‪ ،‬وال مج&&ال للق&&ول بوج&&ود‬
‫واالعتراف بحق ما لم يكن هن&&اك قب&&د أو ال&&تزام ُيف&&رض على الط&&رف االخ&&ر ح&&تى‬
‫يتمكن صاحب الحق من التمتع بحقه على الشيء‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحق والحرية‬
‫إن وجود الفرق بين الحق والحري&&ة يعكس م&&دى التص&&رف في ك&&ل منهم&&ا‪ ،‬فج&&وهر‬
‫الحق هو قدرة صاحب الحق بالتصرف فيما اختص به ضمن الحدود التي رسمها له‬
‫القانون‪ ،‬مما يستلزم اباحة االفعال المالئم&ة ل&ذلك االس&تعمال والتص&رف المش&روع‪،‬‬
‫فالحق فيه ميزة االستئثار وبهذا يختل&ف عن الحري&ة‪ ،‬فمثًال الملكي&ة ح&ق‪ ،‬أم&ا حري&ة‬
‫التملك فإباحة ومن ُأبيح له أن يملك ال يعد بمقتضى هذه اإلباحة مالكا‪.‬‬
‫بينما تعتبر الحرية مكنة عام&ة قرره&ا الق&انون لألف&راد على الس&واء‪ ،‬تمكين&ًا لهم من‬
‫التصرف دون االضرار باألخرين‪ ،‬فالتصرف موضوع الحرية ومحله&&ا م&&أذون في&&ه‬
‫قانونا‪ ،‬وهو من قبيل المباحات‪ ،‬والمباح كما هو مقرر في علم أص&&ول الفق&&ه يس&&توي‬
‫فيه الفعل والترك‪ ،‬فالمكلف مخير فيه‪ ،‬إن شاء أقدم على الفعل والتص&&رف وإن ش&&اء‬
‫أحجم‪ ،‬فكل األفراد يتمتع&&ون به&&ا على ق&&در مشـترك‪ ،‬وال ينف&&رد بالحري&&ة أح&&د دون‬
‫االخرين‪ ،‬وعلى الرغم من وجود الفرق بين الحرية والحق إال أن كًال منهم&&ا يرتب&&ط‬
‫باآلخر إرتباطًا وثيقًا‪.‬‬
‫وعليه فالحرية كمصطلح ال ترادف الحق إنما ُترادف حري&&ة التص&&رف وهي رخص‬
‫لألفراد كافة على ّقدم المساواة وتخضع لقيود وضوابط‪ ،‬وهي ب&&ذلك يك&&ون الدس&&تور‬
‫قد كفل حمايتها كحرية التملك وإنشاء الجمعيات والتنقل والعم&&ل ‪...‬الخ‪ .‬بينم&&ا الح&&ق‬
‫مصلحة محددة فال تترك على إطالقها ويحميها القانون‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الحق والرخصة‬
‫يقوم الحق دائما على فكرة التسلط واالستئثار‪ ،‬بينم&&ا تعت&&بر الرخص&&ة خي&&ار م&&تروك‬
‫للشخص وبين يديه‪ ،‬فهي مكنة االختيار من بين بدائل محددة نتيجة قي&&ام س&&بب معين‬
‫جعله القانون مناطا لهذه المكنة‪ ،‬كما في حالة الشريك على مال الش&&يوع فل&&ه الخي&&ار‬
‫إما البقاء في حالة الشيوع فال تفرز حصص المالكين على هذا المال المشاع‪ ،‬وله أن‬
‫ُيطالب بالقسمة وفرز الحصص ليأخذ حصته وهنا نكون بص&&دد رخص&&ة قانوني&&ة أي‬
‫معترف بها قانونا‪ .‬والحال نفسه في حالة عقد الهبة إذ منح القانون للموهوب رخصة‬
‫إما قبول الهبة أور فضها‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الحق والسلطة‬

‫صفحة | ‪9‬‬
‫تعتبر السلطة عنصر اصيل في الحق‪ ،‬إذ كل حق يجب ان ينطوي على س&&لطة ل&&ذلك‬
‫ال يوجد حق دون سلطة‪ ،‬إال أنه قد توجد سلطة لش&&خص ال يك&&ون ل&&ه ح&&ق‪ ،‬كس&&لطة‬
‫الوصي او النائب‪ ،‬ولكن ال ب&&د لمن يباش&&ر الس&&لطة أن تت&&وفر لدي&&ه اإلرادة في ذل&&ك‪،‬‬
‫وهذا على خالف الحق الذي ال يشترط الكتسابه وج&ود اإلرادة‪ ،‬فنج&د ع&&ديم األهلي&&ة‬
‫إذا كان يصلح الكتساب الحقوق ولكنه ال يستطيع أن يباشر الس&&لطات ال&&تي تنش&&ا من‬
‫هذه الحقوق فيباشرها عنه وليه أو وصيه أو القيم تهدف س&&لطة كال منهم إلى تحقي&&ق‬
‫مصلحة الغير ال مص&&لحة خاص&&ة بهم من خالل إدارة ش&&ؤون غ&&يرهم الشخص&&ية أو‬
‫المالية بموجب نصوص قانونية‪ ،‬على عكس الحق كفكرة قانوني&&ة ته&&دف إلى تحقي&&ق‬
‫مصلحة صاحب الحق‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬الحق والمصلحة‬
‫تتواجد فكرة المصلحة بتواجد عناص&ر ثالث&ة هي‪ :‬المنفع&ة واله&دف وحال&ة الموافق&ة‬
‫بينهما‪ ،‬وفي مجال دراس&&ة الق&&انون تس&&تخدم المص&&لحة في مج&&ال ق&&انون االج&&راءات‬
‫المدنية او الجنائية‪ ،‬فيقال‪ :‬ال طعن بغير مصلحة‪ ،‬أو المصلحة من&&اط الطعن‪ ،‬بمع&&نى‬
‫آخر ال دعوى قضائية بدون مصلحة‪ .‬وعالقة المصلحة بالحق‪ ،‬هناك ترابطًا بينهما‪،‬‬
‫على الرغم من ان كًال منهما يختلف بمفهومه عن االخر فالمشرع لم يضف الحماي&&ة‬
‫القانوني&&ة على الحق&&وق إال من أج&&ل حماي&&ة مص&&الح معين&&ة ج&&ديرة بالحماي&&ة‪ ،‬اذن‬
‫فالمصلحة هي الغرض العملي من الحق وليست الح&&ق في ذات&&ه‪ ،‬وك&&ل ح&&ق ينط&&وي‬
‫على مصلحة‪ ،‬ولكن ليست كل مص&&لحة توج&&د ض&&من ح&&ق‪ ،‬فهن&&اك مص&&الح يحميه&&ا‬
‫القانون‪ ،‬دون أن يعطي صاحب المصلحة الوسيلة إلى تحقي&&ق ه&&ذه الحماي&&ة‪ .‬فحماي&&ة‬
‫الدولة للنظام الع&&ام ش&أنها حماي&&ة مص&&الح خاص&&ة لألف&&راد‪ ،‬كم&&ا ل&&و فرض&&ت الدول&&ة‬
‫ضريبة على نوع معين من الواردات بقصد زيادة ايراداتها فيترتب على ذلك حماي&&ة‬
‫المنتج المحلي‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬أنواع الحقوق‬


‫ال تنحص&&ر الحق&&وق في ن&&وع واح&&د ومنف&&رد إنم&&ا للح&&ق أن&&واع وتقس&&يمات‪ ،‬تختل&&ف‬
‫باختالف موضوعه ومضمونه وأطراف&&ه‪ ،‬كم&&ا اختلفت تقس&&يماته من فقي&&ه إلى آخ&&ر‪،‬‬
‫نجد منها حقوق سياس&ية ومدني&ة‪ ،‬وحق&وق عام&ة وخاص&ة‪ ،‬وحق&وق عائلي&ة ومالي&ة‪،‬‬
‫وحقوق شخصية وأدبية ومعنوية‪ ،‬والحقوق المالية ق&&د تك&&ون حق&&وق شخص&&ية تق&&رر‬
‫لشخص قبل شخص آخر‪ ،‬وقد تكون حقوق عينية تثبت لشخص على شيء معين‪ ،‬أو‬
‫حقوق معنوي&&ة ذهني&&ة‪ ،‬وأغلب الفق&&ه اعتم&&دوا التقس&&يم ال&&ذي يس&&تند إلى حق&&وق مالي&&ة‬
‫وحقوق غير مالية وتصنيف ثالث تمثل في الحقوق الذهنية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الحقوق غير المالية‬
‫صفحة | ‪10‬‬
‫تنقسم الحقوق غير المالية إلى ثالث أقسام‪ ،‬فهناك حق&&وق ذات ط&&ابع فري&&د ب&&أن ليس‬
‫لها محل خارج صاحبها نفسه وتسمى بالحقوق اللصيقة بالشخصية‪ ،‬وهن&&اك الحق&&وق‬
‫السياس&&ية كن&&وع آخ&&ر من الحق&&وق وال&&تي يتمت&&ع به&&ا الش&&خص باعتب&&اره عض&&وا في‬
‫جماعة سياسية أو دولة‪ ،‬إلى جانب حقوق تنشأ تبعا للمركز القانوني للفرد في محي&&ط‬
‫أسرته وتسمى بالحقوق العائلية او حقوق األسرة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحقوق اللصيقة بالشخصية‬


‫تعتبر الحقوق اللصيقة بالشخصية من بين الحقوق التي ال يجوز التنازل عنه&&ا للغ&&ير‬
‫وال ُتَقِّو ْم بمال‪ ،‬وال تنتقل للغير بالبيع أو الوصية وال ب&&التوارث‪ ،‬وال يج&&وز التوكي&&ل‬
‫باستخدامها‪ ،‬فهي حقوق غ&ير قابل&ة للتص&رف فيه&ا ب&أي ن&وع من أن&واع التص&رف‪،‬‬
‫وعليه نتناول بداية التعري&ف به&ذه الحق&وق اللص&يقة بالشخص&ية‪ ،‬ثم تبي&ان أنواعه&ا‪،‬‬
‫وصوال إلى خصائصها‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريف بالحقوق اللصيقة بالشخصية‬
‫يقصد بهذه الحقوق بأنها "الحقوق التي تثبت للشخص لكون&&ه إنس&&انا" إذ تنص&&ب ه&&ذه‬
‫الحق&&وق على مقوم&&ات وعناص&&ر الشخص&&ية ذاته&&ا في مظاهره&&ا المختلف&&ة‪ ،‬فتثبت‬
‫للشخص لكونه إنسانا‪ ،‬لذلك فإن هذه الحقوق يتمتع بها المواطنين واألجانب على حد‬
‫سواء‪ ،‬ونظ&رُا الرتب&اط ه&ذه الحق&وق ارتباط&ا وثيق&ا بمقوم&ات وعناص&ر الشخص&ية‬
‫فس&&ميت ل&&ذلك ب&&الحقوق اللص&&يقة بالشخص&&ية أو الحق&&وق الشخص&&ية‪ .‬وق&&د تق&&ررت‬
‫للمحافظة على كيان اإلنسان المادي والمعنوي‪ ،‬إذ بدونها ال يكون اإلنسان آمن&&ا على‬
‫حياته وحرية نشاطه‪ ،‬فإذا ك&&ان للف&&رد الح&&ق في الحي&&اة‪ ،‬ل&&ه أيض&&ا الح&&ق في س&&المة‬
‫جسمه وشرفه‪ ،‬وحق المساواة وحرية التفكير ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أنواع الحقوق اللصيقة بالشخصية‬
‫هي حقوق تتصل بالكيان المادي والكيان المعنوي لإلنسان‬
‫أوال‪ -‬الحقوق المتصلة بالكي&&ان الم&&ادي لإلنس&&ان‪ :‬هي مجموع&&ة الحق&&وق ال&&تي تكف&&ل‬
‫لإلنسان حماية شخصيته‪ ،‬وبالتالي حقوق لصيقة بشخصية اإلنس&&ان كحق&&ه في الحي&&اة‬
‫وسالمة جسمه‪ ،‬مما يترتب على الغ&ير واجب اح&ترام ه&ذه الحق&وق وع&دم االعت&داء‬
‫عليه&&ا‪ ،‬ك&&ذلك يق&&ع على اإلنس&&ان االمتن&&اع على التص&&رف في ه&&ذه الحق&&وق س&&واء‬
‫بالتنازل أو التصرف في أعضائه‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬الحقوق المتصلة بالكيان المعنوي لإلنسان‪ :‬حيث تقتضي صفة اإلنس&&ان وج&&ود‬
‫هذه المقومات كحق اإلنس&&ان في اس&&مه ومن&&ع الغ&&ير من انتحال&&ه والح&&ق في الس&&معة‬
‫صفحة | ‪11‬‬
‫والشرف‪ ،‬ويترتب على ذلك تجريم القذف والس&&ب والبالغ الك&&اذب لم&&ا في ذل&&ك من‬
‫مساس بشرف اإلنسان‪ ،‬وسمعته والتعويض عن الضرر الذي لحقه‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬خصائص الحقوق اللصيقة بالشخصية‬
‫من بين الخصائص أنها ال تزول عن صاحبها ويترتب على ذلك أنها ال تصلح محال‬
‫للتصرف‪ ،‬وأنها ال يرد عليها تقادم‪ ،‬وال تنتقل للورث&ة بع&د وف&اة ص&احبها‪ ،‬كم&ا أنه&ا‬
‫غير قابلة للحجز عليها ألنها حقوق غير مالية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحقوق السياسية‬


‫الحقوق السياسية هي تلك الحقوق ال&&تي يتمت&&ع به&&ا المواطن&&ون دون األج&انب وعلي&&ه‬
‫نتناول بداية التعريف ب&الحقوق السياس&ية‪ ،‬ثم التط&رق إلى أن&واع الحق&وق السياس&ية‪،‬‬
‫وفي األخير خصائص الحقوق السياسية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الحقوق السياسية‬
‫يقصد بالحقوق السياسية "مجموع الحقوق التي يقررها القانون للفرد باعتباره عضوا‬
‫في جماع&&ة سياس&&ية أال وهي الدول&&ة‪ ،‬وبمقتض&&اها يتمكن من المش&&اركة في الحكم‪،‬‬
‫ويدخل تحت هذا النوع من الحقوق حق الترشح وحق االنتخاب وحق تولي الوظائف‬
‫العامة وحق الحماية في الخارج"‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أنواع الحقوق السياسية‬
‫كونها من الحق&&وق ال&&تي ته&&دف إلى الس&&ماح لألف&&راد المش&&اركة في الحي&&اة السياس&&ية‬
‫والمشاركة في حكم الجماعة التي ينتمون إليها‪ ،‬فتتنوع من حيث حقهم في االنتخ&&اب‬
‫أي ح&&ق االختي&&ار من يمثل&&وه في المج&&الس المختلف&&ة‪ ،‬وح&&ق الترش&&ح والتق&&دم للهيئ&&ة‬
‫الناخبة الختياره نائبا عنهم في السلطات التشريعية أو السلطات المحلي&&ة‪ ،‬إلى ج&&انب‬
‫الحق في تقلد الوظائف العامة في الدولة في حدود ما يقضي به الق&&انون‪ ،‬ك&&أن يك&&ون‬
‫موظفا في أحد المرافق العامة في دولته‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬خصائص الحقوق السياسية‬
‫تتميز ه&&ذه الحق&&وق ب&&أن ليس له&&ا طابع&&ا مالي&&ا وبالت&&الي ال يج&&وز التن&&ازل عنه&&ا‪ ،‬أو‬
‫التص&&رف فيه&&ا أو اكتس&&ابها بالتق&&ادم أو انتقاله&&ا ب&&الميراث‪ ،‬كم&&ا أنه&&ا حق&&وق تخص‬
‫المواطنين دون األجانب‪ ،‬وفي بعض الحاالت االستثنائية ق&&د يج&&يز الق&&انون توظي&&ف‬
‫األجانب في بعض الوظائف من شأنها تقديم خدمات عامة للمواطنين‪ ،‬فال ينظر لهذه‬
‫الحقوق على أنها ميزات أو مصالح يستأثر بها المواطنين ب&&ل إنه&&ا وظ&&ائف سياس&&ية‬
‫تمنح على سبيل التكليف وليست حقوقا‪ ،‬تدخل دراسة هذه الحقوق في نط&&اق دراس&&ة‬

‫صفحة | ‪12‬‬
‫القانون العـام وعلـى األخـص الق&&انون اإلداري والق&&انون الدس&&توري‪ ،‬إذ ه&&و ال&&ذى‬
‫يتكفل بتحديد هذه الحقوق ويبين كيفية ممارستها‪ .‬تعتبر الحقوق السياس&&ية أق&&رب إلى‬
‫الواجب الوطني منه إلى الحق‪ ،‬حيث يفرض القانون على المواطن أن يق&&وم ب&&ه وإال‬
‫تعرض للعقوبة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الحقوق العائلية او حقوق األسرة‬
‫عادة ما ينشأ هذا الن&وع من الحق&وق عن قي&ام مرك&ز ق&انوني للش&خص الط&بيعي في‬
‫محيط أسرته‪ ،‬وقد ينشأ البعض منها عن قيام عالقة زوجية فتنشأ بين أطرافها حقوق‬
‫متبادلة‪ ،‬كما تنشأ البعض اآلخر منها بين اآلباء واألبناء‪ ،‬تمنح هذه الحق&&وق س&&لطات‬
‫وتضع واجبات في نفس ال&&وقت‪ ،‬فتنقس&م ه&&ذه الحق&&وق إلى حق&&وق األس&&رة والحق&&وق‬
‫المالية في نفس الوقت‪ ،‬على الرغم من أنها تتميز كونه&&ا حق&&وق غ&&ير مالي&&ة‪ ،‬وغ&&ير‬
‫قابلة للتصرف فيها‪ ،‬وال يحق للدائنين الحج&&ر عليه&&ا‪ ،‬ولكن نتيج&&ة للمرك&&ز الق&&انوني‬
‫لبعض األشخاص تنشئ لهم حقوق مالية كحق األطفال في النفق&ة وح&ق األق&ارب في‬
‫الميراث‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف حقوق األسرة‬
‫هي حقوق ناشئة عن كون الفرد عًض و في أس&&رة معين&&ة بس&&بب ال&&زواج أو القراب&&ة‪،‬‬
‫وعلي&ه نس&تنتج أن من&اط ه&ذه الحق&وق ه&و انتم&اء الش&خص له&ذه األس&رة‪ ،‬ويختل&ف‬
‫المركز القانوني للشخص وصفته في األسرة‪ ،‬ل&&ذلك تثبت ل&&ه حق&&وق باعتب&&اره ف&ردا‬
‫داخل أسرة معينة‪ ،‬واألسرة باعتبارها مجموعة أشخاص تربط بينهم صلة قراب&&ة من‬
‫نسب أو مصاهرة ف&&إن مرك&&ز الش&&خص وس&&ط أس&&رة يعطي ل&&ه ح&&ق التمت&&ع بحق&&وق‬
‫وبالمقابل يفرض عليه واجبات‪ ،‬ومن خالل هذه العالقة يترتب عنها أثار قانونية‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ -‬اآلثار القانونية لحقوق األسرة‪:‬‬
‫يترتب نتيجة لوجود هذه العالقة العائلية اآلثار التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬للزوج حقوق على زوجته في طاعتها له باعتباره رئيس العائلة وهو حق يقتصر‬
‫عليه هو وحده فقط فال يشاركه فيه أحد‪.‬‬
‫‪ -2‬كما للزوجة عليه حسن المعاملة واحترمه&&ا وه&&ذه الحق&&وق والواجب&&ات يتض&&منها‬
‫قانون األسرة في الجزائر‪.‬‬
‫‪ -3‬حق الزوج في احترام الزوجة لوالديه وأقاربه‪.‬‬
‫‪ -4‬حق الزوج على الزوجة في إرضاع األوالد عند االستطاعة‪.‬‬
‫‪ -5‬حق الزوجة في اإلنفاق عليها‪ ،‬وأن يكون أمينا عليها ويصون كرامتها‪.‬‬
‫‪ -6‬حق اإلرث بين األزواج والفروع واألصول‪.‬‬
‫صفحة | ‪13‬‬
‫‪ -7‬لل&&زوج ح&&ق الت&&أديب والع&&دل بين الزوج&&ات‪ ،‬في حال&&ة التع&&دد من حيث النفق&&ة‬
‫والمبيت‪ ،‬والحق في تربية األوالد وتأديبهم‪ ،‬كما للزوج&&ة الح&&ق في زي&&ارة أهله&&ا في‬
‫المواسم والمناسبات‪...‬الخ من الحقوق المتبادلة‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ -‬مميزا ت حقوق األسرة‪:‬‬
‫تتميز هذه الحقوق بأنه يغلب عليها الطابع غير المالي‪ ،‬ويترتب على ذلك عدم جواز‬
‫التصرف فيها أو الحجز عليها‪ ،‬وال تسقط بالتقادم نتيج&&ة ع&&دم االس&&تعمال وال ت&&دخل‬
‫في الذمة المالية‪ ،‬ويقع باطال بطالنا مطلقا أي تنازل عنه&&ا‪ ،‬كم&&ا أن ه&&ذه الحق&&وق ال‬
‫تخول لصاحبها سلطات فحسب‪ ،‬بل تضع على عاتقهم العديد من الواجب&&ات في نفس‬
‫الوقت‪ ،‬فاألب مثال له س&&لطة ت&&أديب األوالد‪ ،‬وعلي&&ه أيض&&ا واجب ت&&ربيتهم واإلنف&&اق‬
‫عليهم‪ ،‬وهذه الحقوق ال تمنح من أج&&ل تحقي&&ق مص&&الح خاص&&ة وانم&&ا تمنح من أج&&ل‬
‫مصلحة األسرة كلها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الحقوق المالية‬
‫الحقوق المالية أو األموال محلها يكون دائما قابال للتقويم ب&&النقود‪ ،‬كم&&ا تس&&مى أيض&&ا‬
‫بحقوق الذمة المالية ألنها تكون الج&&انب اإليج&&ابي له&&ا‪ ،‬اله&&دف منه&&ا الحص&&ول على‬
‫فائدة أو منفعة‪ ،‬لذا فهي تقبل التعام&&ل فيه&&ا بين األش&&خاص‪ ،‬يس&&تطيع ص&&احب الح&&ق‬
‫التصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرفات كالبيع وغيرها من التع&&امالت‪ ،‬ومحله&&ا‬
‫قد يكون شيئا معينا فيسمى حقا عينيا‪ ،‬وقد يك&ون القي&ام بعم&ل أو االمتن&اع عن عم&ل‬
‫ناشئ عن عالق&&ة ارتب&&اط بين شخص&&ين فينش&&أ م&&ا يس&&مى ب&&الحق الشخص&&ي‪ ،‬ويمكن‬
‫الحج&ر عليه&ا للوف&اء ب&ديون ص&احبها وهي ثالث&ة أن&واع‪ .‬وعلي&ه نتط&رق بداي&ة إلى‬
‫الحقوق العينية‪ ،‬ثم الحقوق الشخصية‪ ،‬وأخيرا نتعرض إلى الحقوق الذهنية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحقوق العينية‬
‫الحقوق العينية هي قدرات أو إمكانيات أو مزايا أو سلطات مباشرة يقرره&&ا الق&&انون‬
‫لشخص معين على ش&&يء مح&&دد بذات&&ه‪ ،‬ويقص&&د بالس&&لطة المباش&&رة أن يك&&ون الح&&ق‬
‫لصاحب الشيء في استعماله مباشرة دون حاجة إلى تدخل ش&&خص آخ&&ر ليمكن&&ه من‬
‫استعمال حقه‪ ،‬فال يوجد وسيط بين صاحب الح&&ق والش&&يء موض&&وع الح&&ق وتطل&&ق‬
‫على هذه الحقوق تسمية العينية ألنها متعلقة بالعين أو الشيء المادي‪ .‬وعليه نتع&&رف‬
‫عن المقصود بالحقوق العينية أوال‪ ،‬ثم التعرض لتقسيمات هذه الحقوق العينية ثانيا‪.‬‬
‫الفرع األول‪ -‬تعريف الحقوق العينية‪:‬‬
‫يقصد بالحق العيني "هو ذلك الحق الذي يرد على شيء مادي ويخول صاحبه سلطة‬
‫مباشرة على هذا الشيء تسمح له باالستئثار بقيمة مالية فيه‪ ،‬ويك&&ون لص&&احب الح&ق‬
‫أن يستعمل حقه على الش&&يء دون حاج&&ة إلى مطالب&&ة ش&&خص بتمكين&&ه من اس&&تعمال‬

‫صفحة | ‪14‬‬
‫حقه"‪ .‬وتنقسم الحقوق العينية إلى قسمين رئيسيين حقوق عينية أصلية وحقوق عيني&&ة‬
‫تبعية‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ -‬تقسيمات الحقوق العينية‪:‬‬
‫تنقسم الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية وحقوق عينية تبعية‪ ،‬الحق&&وق األص&&لية‬
‫تقوم بذاتها دون حاجة إلى وجود حق آخر تتبعه‪ ،‬بينما ال تقوم الحقوق العينية التبعية‬
‫مستقلة بذاتها‪ ،‬إنما تستند في وجودها لحق آخر تقوم لضمانه والوفاء به‪.‬‬
‫أوال ‪-‬الحقوق العينية األصلية‪:‬‬
‫هي الحق&&وق المس&&تقلة ال&&تي ال تتب&&ع حق&&ا آخ&&ر أو تس&&تند في وجوده&&ا إلي&&ه طالم&&ا أن‬
‫المقصود منها هو تحقي&&ق االس&&تفادة المس&&تمدة من الش&&يء ذات&&ه بم&&ا يتالئم وطبيعت&&ه‪،‬‬
‫ويكون لصاحب الحق س&&لطة اس&&تعمال الش&&يء واس&&تغالله والتص&&رف في&&ه‪ ،‬في ه&&ذه‬
‫الحالة نكون أمام حق الملكية‪.‬‬
‫أ‪ -‬سلطات حق الملكية‪:‬‬
‫يعتبر حق الملكية من أقوى الحقوق العينية األصلية وأوسعها مضمونا وس&&لطات‪ ،‬إذ‬
‫لصاحبه سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا‪ ،‬كل الس&&لطات المتص&&ورة على ش&&يء‬
‫مادي من حق االستعمال وحق االستغالل وحق التصرف فيه بكافة ط&&رق التص&&رف‬
‫القانونية‪ ،‬وهو ما يتم تناوله فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬حق االستعمال ‪ /‬ويرد على شيء مملوك للغير يخول لص&&احبه اس&&تعمال الش&&يء‬
‫بنفسه فيما أعد له للحصول على منفعة الشيء دون استغالله أو التص&&رف في&&ه‪ ،‬ف&&إذا‬
‫كان محل هذا الح&ق أرض&ا زراعي&ة فحق&ه يقتص&ر على زراعته&ا بنفس&ه وال يمكن&ه‬
‫تأجيرها لغيره‪ ،‬بشرط عدم مجاوزة القيود التي يفرضها القانون‪.‬‬
‫‪ -2‬حق االستغالل ‪ /‬هو حصول صاحب الحق على ثمار الشيء‪ ،‬وتتمثل في األداء‬
‫المالي الذي يحصل عليه المالك مقاب&&ل إنش&&ائه ح&&ق للغ&&ير يتعل&&ق بالش&&يء‪ ،‬ك&&األجرة‬
‫المستحقة لمالك المسكن مثال مقابل تأجيره لمسكنه لشخص ما‪.‬‬
‫‪ -3‬حق التصرف ‪ /‬وهو القيام بأي عمل يؤدي للقضاء عليه‪ ،‬أو أن يق&&وم باالنتق&&اص‬
‫من سلطاته على الشيء كإنشاء حق ارتفاق‪ ،‬أو تصرف في حق ملكية بناء على عقد‬
‫كبيع الشيء محل الحق‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحقوق المتفرعة عن حق الملكية‬
‫‪ -1‬ح;;ق االنتف;;اع ‪ /‬هو ح&&ق عي&&ني يك&&ون بموجب&&ه للش&&خص المنتف&&ع أن يس&&تعمل أو‬
‫يستغل شيء مملوك للغ&&ير دون التص&&رف في&&ه‪ ،‬ف&&المنتفع ل&&ه أن يس&&تعمل الش&&يء في‬
‫حدود ما أعد له‪ ،‬كما له كذلك الحصول على ثماره‪ ،‬إلى جانب ذلك يق&&ع على عاتق&&ه‬

‫صفحة | ‪15‬‬
‫واجب المحافظة على الشيء وأن يبذل في ذلك عناية الرج&&ل الع&&ادي‪ ،‬كم&&ا علي&&ه أن‬
‫يرد هذا الشيء عندما ينتهي حقه في االنتفاع‪.‬‬
‫‪ -2‬حق االستعمال وحق السكنى ‪ /‬يتقرر هو اآلخر على شيء ممل&&وك للغ&&ير بحيث‬
‫يكون لصاحبه السكنى فقط إذ ال يخول لصاحبه سلطة استغالله في أي غ&&رض آخ&&ر‬
‫غيره‪ ،‬وينقضي حق السكنى بما ينقضي به ح&&ق االنتف&&اع وال يج&&وز التن&&ازل عنهم&&ا‬
‫للغير إال بناً ء ا على اتفاق صريح في العقد‪.‬‬
‫‪ -3‬حق االرتفاق‪ /‬يتقرر هذا الحق على عقارين مملوكين لشخصين مختلفين أحدهما‬
‫خادم وهو المثقل بحق االرتفاق‪ ،‬واآلخر مخدوم وهو من تق&&رر لص&&احبه االرتف&&اق‪،‬‬
‫يترتب عليه إنق&اص من المزاي&ا ال&تي تخوله&ا ح&ق الملكي&ة للمال&ك في عق&اره لفائ&دة‬
‫العقار المخدوم من حيث استعماله واستغالله‪ ،‬وأن حق االرتفاق مرتبط بالعق&&ار مم&&ا‬
‫يترتب عنه مبدئيا دوامه رغم تغير المالك‪.‬‬
‫وعليه حتى نكون بصدد حق ارتفاق البد من توافر أربعة شروط أساسية هي‪:‬‬
‫‪– ١‬أن يوجد عقاران أحدهما يسمى العقار الخ&&ادم وه&&و ال&&ذي يتق&&رر التكلي&&ف علي&&ه‬
‫واآلخر هو العقار المخدوم المقرر له االرتفاق‪.‬‬
‫‪- ۲‬أن يكون العقاران ممل&&وكين لشخص&&ين مختلفين‪ ،‬حيث ال ي&&رد ح&&ق االرتف&&اق إال‬
‫على ملك الغير‪.‬‬
‫‪- ٣‬أن يكون التكليف على العقار ال على الشخص المالك‪.‬‬
‫‪- ٤‬أن تكون المنفعة لخدمة العقار وليس لخدمة مالكه‪.‬‬
‫وتتميز حقوق االرتفاق بأنه&&ا غ&&ير مؤقت&&ة‪ ،‬فهى كقاع&&دة عام&&ة تبقى م&&ا بقى العق&&ار‬
‫الخادم والعقار المخدم‪.‬‬
‫ثانيا ‪-‬الحقوق العينية التبعية‪:‬‬
‫المقصود بها أنها حقوق ال توجد لذاتها وإنما مرتبطة بوج&&ود ح&&ق آخ&&ر‪ ،‬فتنش&&أ ه&&ذه‬
‫الحقوق ضمانا للوفاء بحق من الحقوق الشخص&&ية‪ ،‬أي ض&&مان وت&&أمين الوف&&اء بح&&ق‬
‫الدائن تج&&اه ش&&خص الم&&دين‪ ،‬له&&ذا تس&&مى بالتأمين&&ات العيني&&ة‪ ،‬ويعطي الح&&ق العي&&ني‬
‫التبعي لصاحبه أي الدائن الحق في تتبع الشيء الضامن والتنفيذ علي&&ه‪ ،‬والتق&&دم على‬
‫باقي الدائنين في حالة التعدد‪ ،‬وتنقسم الحق&&وق العيني&&ة التبعي&&ة بحس&&ب مص&&درها إلى‬
‫حق الرهن ويتقرر باتفاق األط&&راف‪ ،‬ح&&ق االختص&&اص ويتق&&رر بحكم من القض&&اء‪،‬‬
‫وحق االمتياز يتقرر بنص القانون‪.‬‬
‫أ‪ -‬حق الرهن‪:‬‬

‫صفحة | ‪16‬‬
‫الرهن هو نظام قانوني يوفر للدائن الراح&&ة واالطمئن&&ان في عملي&&ة االق&&تراض وه&&و‬
‫ح&ق عي&ني تبعي ينش&أ بم&وجب عق&د رس&مي أو عق&د رض&ائي بين ال&دائن والم&دين‪،‬‬
‫بمقتضاه يلتزم األول قبل الث&اني ب&أن يق&دم ل&ه ش&يئا عق&ارا أو منق&وال ض&مانا للوف&اء‬
‫بدينه‪ ،‬وهو نوعان رهن رسمي ورهن حي&&ازي ويلج&أ إلي&&ه في حال&&ة إعس&ار الم&&دين‬
‫عن الدفع‪.‬‬
‫‪ -1‬الرهن الرسمي‪ /‬يسمى بالرهن التأميني أيض&&ا ومص&&دره االتف&&اق‪ ،‬فه&&و عق&&د بين‬
‫المدين الراهن والدائن كضمان للوفاء بالدين‪ ،‬وهو عقد شكلي رسمي يقومً الم&&رتهن‬
‫بمقتضاه يخصص األول للثاني عقار الموثق بإفراغه في ورقة رس&&مية ويتم تس&&جيله‬
‫ل&دى المص&الح المختص&ة‪ ،‬ال يتخلى في&ه الم&دين ال&راهن عن ملكيت&ه للعق&ار وال عن‬
‫حيازته له‪ ،‬ويك&&ون لل&&دائن الم&&رتهن في حال&&ة ع&&دم اس&تفاء دين&&ه من الم&&دين ال&&راهن‬
‫التنفيذ على العقار المرهون استفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون‪.‬‬
‫‪ -2‬الرهن الحي;;ازي ‪ /‬ه&و ح&ق عي&ني تبعي ينش&أ بم&وجب عق&د بين الم&دين ال&راهن‬
‫والدائن المرتهن‪ ،‬حيث يلتزم األول أن يق&&دم عق&&ارا أو منق&&وال ض&&مانا للوف&&اء بال&&دين‬
‫متخلي&&ا عن حيازتهم&&ا ال عن ملكيتهم&&ا لل&&دائن الم&&رتهن‪ ،‬فيت&&ولىً للث&&اني عق&&ار ه&&ذا‬
‫األخير حفظ الشيء المرهون وإدارته واستفاء حقه من غلته‪ ،‬وأن يتقدم على الدائنين‬
‫العاديين له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن الشيء في أي ي&&د يك&&ون‪ ،‬وه&&و عق&&د‬
‫شكلي كما أنه يرد على العقار وعلى المنقول‪.‬‬
‫ب‪ -‬حق التخصيص‪:‬‬
‫وهو حق عيني تبعي‪ ،‬يتقرر هذا الح&&ق ب&&أمر من القض&&اء على عق&&ار معين أو أك&&ثر‬
‫من عقارات المدين لفائدة الدائن ض&&مانا ألص&&ل ال&&دين والمص&&اريف‪ ،‬بن&&اء على حكم‬
‫واجب التنفيذ بالزام المدين بال&&دين ‪ ،‬ويك&&ون لل&&دائن بم&&وجب ه&&ذا الحكم أن يس&&توفى‬
‫دينه من المقابل النقدي لهذا العقار‪ ،‬أو العقارات‪ ،‬في أي يد تكون‪.‬‬
‫يد يكون‬
‫ج‪ -‬حق االمتياز‪:‬‬
‫يتقرر هذا الحق بنص القانون لحق معين مراعاة لصفة متقدما في المرتبة على سائر‬
‫الحقوق وتنقسم بحسب محلها إلى نوعين‪:‬‬
‫‪ -1‬حقوق امتياز عامة وترد على جمي&&ع أم&&وال الم&&دين منق&&والت وعق&&ارات‪ ،‬مث&&ل‬
‫امتياز أجرة العامل وكذلك المبالغ المستحقة لخزينة الدولة وق&&د نص عليه&&ا المش&&رع‬
‫في التقنين المدني من حيث الترتيب في االولوية‪.‬‬

‫صفحة | ‪17‬‬
‫‪ -2‬حقوق امتياز خاصة وترد على مال معين بالذات عق&&ار أو منق&&ول كامتي&&از ب&&ائع‬
‫العقار ضمانا لحقه في الثمن‪ ،‬والمقاولون والمهندسون المعماريون ض&&مانا لحقهم في‬
‫باقي أجورهم‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحقوق الشخصية (حقوق الدائنية أو رابطة االقتضاء)‬
‫ُيقصد بالحق الشخصي أنه "رابط&&ة قانوني&&ة بين شخص&&ين يل&&تزم بمقتض&&اها أح&&دهما‬
‫وهو المدين في مواجهة األخ&&ر وه&&و ال&&دائن ب&&أن يق&&وم بعم&&ل أو االمتن&&اع عن عم&&ل‬
‫معين"‪ ،‬ويسمى الحق الشخصي حقًا إذا ُن ظر إليه من ناحية الدائن‪ ،‬والتزامًا أو دًين&&ا‬
‫إذا ُنظر إليه من جهة المدين‪ُ ،‬تس&&مى الحق&&وق الشخص&&ية أيض&&ا ب&&الحقوق الدائني&&ة أو‬
‫االلتزامات وهذا بالنظر إلى هذه الحقوق من زاوية صاحب الحق الدائن فُتسمى بحق‬
‫الدائنية‪ ،‬أما إذا نظر إليه&&ا من زاوي&&ة المل&&تزم ب&&الحق الم&&دين س&&ميت االل&&تزام‪ ،‬فح&&ق‬
‫ال&&دائن يقابل&&ه ال&&تزام على الم&&دين‪ ،‬إذ ال يمكن لل&&دائن الوص&&ول إلى حق&&ه العي&&ني أي‬
‫السلطة المباشرة عليه إال عن طريق شخص آخر وهو المدين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ -‬موضوع الحق الشخصي‪:‬‬


‫إن موضوع الحق الشخصي إما أن يكون التزام المدين بالقي&&ام بعم&&ل إيج&&ابي ومث&&ال‬
‫ذلك العامل بالعمل لمصلحة رب العمل والتزام المق&&اول بن&&اء م&&نزل لش&&خص معين‪،‬‬
‫وقد يكون هذا العمل هو التزام المدين بعمل سلبي‪ ،‬أي االمتناع عن القيام بهذا العمل‬
‫كان في إمكانه القيام به لوال هذا االلتزام باالمتناع‪ ،‬مثاله التزام تاجر م&&ع آخ&&ر بع&&دم‬
‫المتاجرة في صنف معين من السلع في مكان ولمدة محددين‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ -‬مصدر الحق الشخصي‪:‬‬
‫على عكس الحقوق العيني&&ة ال&&تي أورده&&ا الق&&انون على س&&بيل الحص&&ر فإن&&ه بالنس&&بة‬
‫للحق&&&وق الشخص&&&ية اكتفى ببي&&&ان مص&&&ادرها‪ ،‬أي أن الحق&&&وق الشخص&&&ية ال يمكن‬
‫حصرها حسب موضوعها ولكن تحصر بحسب المصدر أو السبب ال&ذي تنش&أ من&ه‪،‬‬
‫وتتعدد صورها وذلك على خالف الحق&&وق العيني&&ة‪ ،‬وله&&ذا نج&&د أن الق&&انون ق&&د ح&&دد‬
‫الحقوق العينية حصرًا‪ ،‬بينما لم يفعل ذل&&ك بالنس&&بة للحق&&وق الشخص&&ية‪ ،‬واكتفى فق&&ط‬
‫ببيان مصادرها‪ ،‬وهو العقد‪ ،‬واإلرادة المنفردة‪ ،‬والعمل غير المشروع‪ ،‬واإلث&راء بال‬
‫سبب‪ ،‬والقانون‪.‬‬
‫أ‪-‬العقد‪:‬‬
‫ه&و تواف&ق إرادتين أو أك&ثر على إنش&اء رابط&ة قانوني&ة أو على تع&ديلها أو إنهائه&ا‪،‬‬
‫ولألفراد بمقتضاه إنش&اء م&&ا يري&&دون من الحق&&وق بش&رط ع&&دم مخالف&&ة النظ&&ام الع&&ام‬
‫واآلداب العامة‪ ،‬وهو تالقي إرادتين أو أكثر على إحداث أثر ق&&انوني معين ولألف&&راد‬

‫صفحة | ‪18‬‬
‫في هذا المجال سلطان واسع دون أي قيد عليهم في ه&&ذا الص&&دد كح&&ق المش&&تري في‬
‫تسلم الشيء المبيع وحق البائع في الثمن‪.‬‬
‫ب ‪-‬اإلرادة المنفردة‪:‬‬
‫اإلرادة المنفردة من مصادر الحق الشخصي حيث يجوز للفرد إنش&&اء ح&&ق شخص&&ي‬
‫في حالة الوعد بجائزة مثال‪ ،‬فإذا ما وجه شخص إلى آخر وعدا بج&&ائزة يعطيه&&ا عن‬
‫عمل معين‪ ،‬فإنه يلتزم بإعطائها لمن قام بهذا العمل‪ ،‬إذن فقد التزم بإرادت&&ه المنف&&ردة‬
‫بإعطاء هذه الجائزة لمن قام به&&ذا العم&&ل‪ ،‬وق&د تك&&ون ك&&ذلك في حال&&ة الوص&&ية ال&&تي‬
‫يوصي بها المتوفى قبل وفاته‪ ،‬ومصدر هذا الحق هو إرادة الموصي المنفردة‪.‬‬
‫ج‪-‬العمل غير المشروع‪:‬‬
‫ينشئ العمل غير المشروع حقا شخصيا على أساس أن كل خطأ يسبب ضرر للغ&&ير‬
‫يلزم من ارتكبه بالتعويض‪ ،‬مثال شخص يصدم بسيارته أح&&د الم&&ارة نتيج&&ة اإلف&&راط‬
‫في السرعة‪ ،‬فينجم عنها ضرر الشخص فيستفيد هذا األخ&ير من ح&ق التع&ويض‪ ،‬إن‬
‫لمرتكب الفعل الضار في هذه الحالة مس&&ؤولية تقص&&يره‪ ،‬تمي&&يزا له&&ا عن المس&&ؤولية‬
‫العقدية التي تنشأ عن اإلخالل بالتزام كان مصدره عق&&دا من العق&&ود أو يس&&مى ك&&ذلك‬
‫الفعل الضار‪ ،‬الذي يؤدي إلى قيام مسؤولية فاعل&&ة والى ت&&رتيب ح&&ق للمض&&رور في‬
‫مطالبة من ألحق به الضرر بالتعويض‪.‬‬
‫د ‪-‬اإلثراء بال سبب‪:‬‬
‫قد يثرى شخص في ذمته المالية على حساب الغير‪ ،‬ويرتب عليه القانون آثار‪ ،‬وه&ذا‬
‫الفعل الذي يؤدي إث&&راء ذم&&ة الغ&&ير يس&مى اإلث&راء بال س&بب‪ ،‬والمقص&&ود ب&&ه إث&&راء‬
‫الشخص على حساب شخص آخر دون أن يكون هناك سبب إث&راء الم&ثري‪ ،‬أي ه&و‬
‫العمل على االعتناء بذمة الغ&&ير ب&&دون س&بب ق&انوني‪ ،‬وفي ه&&ذه الحال&&ة ك&&ل ش&خص‬
‫أثري بدون سبب مشروع على حس&&اب ش&&خص آخ&&ر يل&&تزم في ح&&دود م&&ا أث&&ري ب&&ه‬
‫بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة‪.‬‬
‫و ‪-‬القانون‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 74‬من قانون األسرة الجزائري‪" :‬تجب نفقة الولد على األب ما لم يكن‬
‫له مال‪ ،‬فبالنسبة للذكور إلى سن الرشد واإلناث إلى الدخول وتستمر في حال&&ة إذ م&&ا‬
‫كان الولد عاجزا آلفة عقلي&&ة أو بدني&&ة أو مزاول&&ة للدراس&&ة وتس&&قط باالس&&تغناء عنه&&ا‬
‫بالكسب"‪ ،‬أي أن التزام األب بالنفقة على أبنائه‪ ،‬أي ح&&ق األبن&&اء في النفق&&ة من أبيهم‬
‫من الحقوق الشخصية التي تنشأ مباشرة بمقتضى قاعدة قانونية‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التميز بين الحق العيني والحق الشخص‬
‫يتميز الحق العيني عن الحق الشخصي فيما يلي‪:‬‬
‫صفحة | ‪19‬‬
‫أ‪ -‬الحقوق الشخصية ليست واردة على سبيل الحصر‪ ،‬بينما الحقوق العينية حص&&رها‬
‫القانون فال يستطيع األفراد أن يبتدعوا حقوقا عينية أخرى‪ ،‬بل ترك الحري&&ة لألف&&راد‬
‫في حدود النظام العام واآلداب‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحق العيني وارد على أش&&ياء مادي&&ة مم&&ا ق&&د يكتس&&به ص&&احبه بالتق&&ادم وف&&ق م&&ا‬
‫يقرره القانون ألن أساس التقادم المكسب هو الحيازة‪ ،‬والحيازة محلها األشياء‪ ،‬بينم&&ا‬
‫الحق الشخصي هو أمر معنوي فال يكتسب بالتقادم ألن موضوعه عم&&ل أو االمتن&&اع‬
‫عن عمل فال تتصور حيازتها وبالتالي ال يمكن اكتسابها بالتقادم‪.‬‬
‫ج‪ -‬الحق العيني يخول صاحبه ميزتا األولوية والتتب&&ع‪ ،‬ال يتمت&&ع به&&ا ص&&احب الح&&ق‬
‫الشخصي‪.‬‬
‫د‪ -‬لصاحب الحق العيني سلطة مباشرة على شيء معين يستطيع الحصول على حق&&ه‬
‫دون تدخل من الغير‪ ،‬بينما في الحق الشخصي فهي غير مباشرة توجد واس&&طة بين&&ه‬
‫وبين الشيء هو المدين‪ ،‬أي أنه ال يصل إلى حقه إال عن طريق تدخل المدين‪.‬‬
‫و‪ -‬الحق العيني يخول لصاحبه سلطة مباشرة على الش&&يء فاألص&&ل في&&ه أن يبقى م&&ا‬
‫بقى الشيء ما لم يقرر القانون توقيفه لظرف ما‪ ،‬كح&ق االنتف&اع أو انقض&اء الحق&وق‬
‫العينية التبعية بانقضاء االلتزام الذي يقوم على الضمان العام‪ ،‬بينما الح&&ق الشخص&&ي‬
‫محله القيام بعمل أو االمتناع عن عمل‪ ،‬فإنه يحد من حري&&ة الم&&دين‪ ،‬وعلي&&ه يقتض&&ي‬
‫أن يكون مؤقتا وال يجوز تأبيده‪.‬‬
‫ي ‪ -‬المحل في الحق العيني ي&&تركز في ش&&يء معين مح&&دد بذات&&ه‪ ،‬إذ يخ&&ول ص&&احبه‬
‫سلطة مباشرة على هذا الشيء‪ ،‬بينما محل الح&&ق الشخص&&ي ه&&و عم&&ل الم&&دين وه&&و‬
‫متعدد‪ ،‬قد يكون القيام بعمل كما قد يكون اإلمتاع عن عمل أو إعطائه‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬الحقوق الذهنية‬
‫الحقوق الذهنية هي سلطات مخولة لشخص على ش&يء غ&ير م&ادي س&واء ك&ان ه&ذا‬
‫الشيء فكرة ابتكرها أم اختراعا كشفه‪ ،‬وهي حقوق ترد على نت&&اج ال&&ذهن أو الفك&&ر‪،‬‬
‫وتنقسم هذه الحقوق إلى طائفتين‪ ،‬حقوق الملكية األدبية وحقوق الملكية الصناعية‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ -‬الحقوق الذهنية‪:‬‬
‫يرجع تميز هذه الحقوق بطابع خ&&اص إلى تن&&وع ص&&ور المح&&ل المعن&&وي ال&&ذي ي&&رد‬
‫عليه الحق الذهني‪ ،‬سواء كان تأليف أو اختراع علمي‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬تعريف الحقوق الذهنية‪:‬‬
‫يقصد بالحقوق الذهني أو المعنوي "بأنه قدرة يقررها ويحميها القانون لش&&خص على‬
‫إنتاجه الفكري أو الذهني أو الفني أو أيا كان نوع&&ه فيك&&ون ل&&ه االحتف&&اظ بنس&&بة ذل&&ك‬

‫صفحة | ‪20‬‬
‫اإلنتاج إليه دائما ويحتك&&ر المنفع&&ة المالي&&ة ال&&تي تنتج من اس&&تغالله"‪ .‬ه&&ذا الن&&وع من‬
‫الحقوق له طابع معنوي وله ط&&ابع م&&الي في نفس ال&&وقت‪ ،‬أي أنه&&ا ت&&رد على أش&&ياء‬
‫معنوية من خلق الذهن ونتاج الفكر فيثبت لصاحب الحق الذهني أو الفكري أبوة ه&&ذا‬
‫اإلبداع أو االبتكار ونسبته إليه وحده‪ ،‬كما يعطيه أيضا الح&&ق في اس&&تغالله اس&&تغالال‬
‫ماليا يكفل له الحصول على ثمراته‪ ،‬ومن أمثلة الحقوق الذهنية قد تكون إنتاجا ذهني&&ا‬
‫أو يكون في شكل حقوق التأليف لمؤلفي الكتب وحقوق الفنانين في مختلف المجاالت‬
‫العلمية والفنية‪ ،‬وكذلك حق مالي لورثته بعد وفاته‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬طبيعة الحقوق الذهنية‪ :‬الحقوق الذهنية ذات طبيعة مزدوجة‪ ،‬تش&&مل الج&&انب‬
‫األدبي وتشمل الجانب المالي‪.‬‬
‫أ‪ -‬الجانب المعنوي‪:‬‬
‫يتمثل في نسبة الحق إلى صاحبه باعتباره امتداد له وله في سبيل حماية حق&&ه األدبي‬
‫كل ما يقرره القانون‪ ،‬ومن ثم شخصيته في أن ينسب مصنفه إليه بحيث يحمل اس&&مه‬
‫وال ينس&&ب لغ&&يره‪ ،‬ومن ينس&&ب مص&&نف الغ&&ير ل&&ه يع&&د متع&&ديا على الح&&ق األص&&لي‬
‫لصاحبه ويكون لهذا األخير رد االعتداء بالطريقة القانونية‪ ،‬كما ل&&ه نش&&ر مص&&نفه أو‬
‫االمتن&&اع عن نش&&ره وعلى ه&&ذا االعتب&&ار ال يق&&وم بم&&ال وال يقب&&ل التص&&رف في&&ه وال‬
‫الحجز عليه‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجانب المالي‪:‬‬
‫للحق المعنوي جانب مالي وهو اإلفادة ماليا من ثم&&رة أفك&&اره‪ ،‬وه&&ذا الج&&انب يعت&&بر‬
‫حقا ماليا يخول لصاحبه أن يستأثر بالمنفعة المالية عن طريق نشر مصنفه باعتب&&اره‬
‫حقا ماليا‪ ،‬كما ينتقل هذا الحق من صاحبه بعد موته إلى ورثته‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حق الملكية الصناعية‬
‫يهدف هذا الحق غالبا إلى حماي&&ة رج&&ال الص&&ناعة والمخ&&ترعين ل&&براءة اخ&&تراعهم‪،‬‬
‫وهي شهادة رسمية تمنح للمخترع عن كل ابتك&&ار جدي&&د قاب&&ل لالس&&تغالل الص&&ناعي‬
‫تمكنه من استغالل اختراعه ماليا‪ ،‬ويستأثر به دون غيره ويحتج به في مواجهة كافة‬
‫الناس‪.‬‬
‫‪- 1‬الرسوم والنماذج الصناعية‪ :‬فالرسم الصناعي هو ك&&ل ت&&رتيب للخط&&وط ب&&ألوان‬
‫خاصة أو بدونها فتكون خاصة بصاحبها ومم&&يزة لص&&ناعته‪ ،‬أم&&ا النم&&وذج فه&&و ك&&ل‬
‫شكل مجسم يجعل الشيء مميزًا وصالحا لالستعمال الصناعي ويحق لصاحب الرسم‬
‫أو النموذج أن يتصرف فيه‪.‬‬
‫‪- 2‬العالمة التجارية والصناعية‪ :‬هي كل رمز أو إشارة يستخدمها الش&&خص لتمي&&يز‬
‫صناعة عن غيرها وقد يتم ذلك إما بالكلمات أو بالحروف‪ ،‬أو باألرقام أو بالرس&&وم‪،‬‬

‫صفحة | ‪21‬‬
‫ويجوز لصاحب العالمة أن يتصرف فيها أو يتخلى عنها وهي قابلة للتحويل كلي&&ا أو‬
‫جزئيا‪.‬‬
‫‪- 3‬االسم التجاري‪ :‬هو االسم الذي يتخذه الت&&اجر للدالل&&ة على منش&&أته التجاري&&ة‪ ،‬أو‬
‫الصناعية لتمييزها عن غيرها من المنشآت‪ ،‬وهو وجوبي ألن القانون يلزم كل تاجر‬
‫بأن يكون له اسم يميز محله عن غيره من المحالت‪.‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬أركان الحق‬
‫تم تعريف الحق بأنه استئثار شخص بشيء أو بقيمة استئثارًا يكفل القـانون حمايت&&ه‪،‬‬
‫يتض&&ح من ه&&ذا التعري&&ف أن فك&&رة الح&&ق تق&&وم على ثالث&&ة أرك&&ان‪ ،‬تمث&&ل األول في‬
‫شخص الحق " صاحب الحق " أي الشخص الذي يتمتع بهـذا الحق ويستأثر ب&&ه‪ ،‬ق&&د‬
‫يكون شخصًا طبيعيًا وقـد يكـون مـن األشـخاص االعتبارية أو المعنوية‪ .‬أم&&ا ال&&ركن‬
‫الثاني فهو موضوع الحق أو محله‪ ،‬وهو ما يرد عليه االستئثار فمح&&ل الح&&ق العي&&ني‬
‫هو شيء معين بالذات‪ ،‬بينما يرد الحق الشخصي علـى عمل الم&&دين أو ال&&تزام يق&&وم‬
‫به تبعا لعالقة المديونية‪ ،‬سواء كان العمل إيجابي&ًا‪ ،‬أو س&&لبيًا‪ .‬أم&&ا ال&&ركن الث&&الث ه&&و‬
‫الحماية القانونية للحق ويقصد بذلك م&&ا يقـرره القـانون لص&&احب الح&&ق من وس&&ائل‬
‫لحماية حقه‪ ،‬فنتطرق لتلك األركان تباعا‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أشخاص الحق‬
‫إن الح&&ق ال يمكن تص&&وره إال منس&&وبا إلى ش&&خص من األش&&خاص كم&&ا أن ال&&واجب‬
‫الذي يقابل الحق البد أن يقع هو اآلخ&&ر على ع&&اتق ش&&خص من األش&&خاص‪ ،‬ف&&الحق‬
‫يف&&ترض إذن وج&&ود األش&&خاص من الناحي&&ة االيجابي&&ة والس&&لبية‪ ،‬وللش&&خص مع&&نى‬
‫اص&&طالحي في نط&&اق الق&&انون إذ يقص&&د ب&&ه من يتمت&&ع بالشخص&&ية القانوني&&ة‪ ،‬أي أن‬
‫يكون صالحا الكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات‪ ،‬والشخصية القانوني&&ة ال تثبت في‬
‫األصل إال لإلنسان وهو ما يطلق عليه الشخص الطبيعي ومع ذل&&ك فق&&د تثبت لبعض‬
‫الكائنات المعنوية الذي يعترف لها بالشخصية القانونية‪.‬‬
‫وعليه الدراسة لهذا المبحث تنطلق من الشخص الطبيعي باعتباره الش&&خص الحقيقي‬
‫وصاحب الحق أصال‪ ،‬غير أن هناك أشخاص أخرى اعترف لها المشرع بالشخصية‬
‫القانونية وهو الشخص المعنوي‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الشخص الطبيعي‬
‫يقصد بالشخص الطبيعي اإلنسان‪ ،‬وان دراسة الشخص&ية القانوني&ة تقتض&ي التط&رق‬
‫إلى حيات&&ه وعن م&&دة الشخص&&ية من ب&&دايتها أي من&&ذ ال&&والدة وإلى غاي&&ة نهايته&&ا أي‬
‫وفات&&ه‪ ،‬وعلي&&ه نتط&&رق إلى مراح&&ل ومم&&يزات الش&&خص الط&&بيعي‪ ،‬ثم التع&&رض إلى‬
‫خصائص الشخصية الطبيعية‪.‬‬

‫صفحة | ‪22‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مراحل ومميزات الشخص الطبيعي‬
‫الشخص الطبيعي من الناحية القانونية هو اإلنسان‪ ،‬فهو قابال ألن يكون طرفا إيجابيا‬
‫أو س&&لبيا بالنس&&بة للح&&ق‪ ،‬باعتب&&اره كائن&&ا بش&&ريا يص&&لح الكتس&&اب الحق&&وق وتحم&&ل‬
‫االلتزامات دون مراعاة لس&نه أو حالت&&ه الديني&&ة‪ ،‬أو جنس&يته أو مهني&&ة أو حرفت&&ه‪ ،‬أو‬
‫حالته االجتماعية أو االقتصادية‪ .‬وعليه نتط&&رق بداي&&ة الشخص&&ية القانوني&&ة‪ ،‬وبع&&دها‬
‫نهاية هذه الشخصية‪.‬‬
‫أوال‪ -‬بداية الشخصية القانونية‪:‬‬
‫األصل أن شخصية اإلنسان تبدأ بتمام والدته حيا‪ ،‬وعلى ذلك نجد أن الق&&انون يق&&رر‬
‫األصل وما يرد عليه من استثناء‪ ،‬أي يشترط لبدء الشخصية تمام ال&&والدة من ناحي&&ة‬
‫مع تحقيق حياته عند الوالدة من ناحي&&ة ثاني&&ة‪ .‬حيث ج&&اء في الم&&ادة ‪ 25‬من الق&&انون‬
‫المدني الجزائري "تبدأ شخصية اإلنس&&ان بتم&&ام والدت&&ه حي&&ا وتنتهي بموت&&ه‪ .‬على أن‬
‫الجنين يتمتع بالحقوق التي يحددها الق&انون بش&رط أن يول&د حي&ا"‪ .‬نس&تنتج من خالل‬
‫هذا النص أن الشخصية القانونية لإلنسان تبدأ بش&&رطين وهم&&ا تم&&ام ال&&والدة وتحق&&ق‬
‫الحياة‪.‬‬

‫أ ‪ -‬تمام الوالدة‪:‬‬
‫يتمثل هذا الشرط في خروج المولود كله وانفصاله عن أمه انفص&اال تام&ا‪ ،‬وق&د ك&ان‬
‫في مراحل سابقة جزءًا منها‪ ،‬وال يعد انفصال المولود شرطا مفروضا من قبل فقهاء‬
‫القانون فقط بل حتى فقهاء الشريعة اإلسالمية من مالكي&&ة وش&&افعية وحنابل&&ة أجمع&&وا‬
‫على توافر شرط االنفصال لثبوت الشخصية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تحقق الحياة‪:‬‬
‫ال يكفي أن ينفصل الج&&نين عن أم&&ه وإنم&&ا يل&&زم لتمتع&&ه بالشخص&&ية القانوني&&ة تحق&&ق‬
‫حياته فعال ولو لمدة قصيرة‪ ،‬فالعبرة تكون ساعة االنفصال التام وظهور المولود حيا‬
‫ولو مات عقب ذلك مباشرة فال يشترط استمرار الحياة للتمتع بالشخصية القانونية‪.‬‬
‫ج‪ -‬مركز الحمل والجنين‪:‬‬
‫إذا كان األصل هو ابتداء شخصية اإلنسان بوالدته حيا على النحو السالف بيان&&ه‪ ،‬إال‬
‫أن الق&&انون خ&&رج عن ه&&ذا األص&&ل واع&&ترف للحم&&ل والج&&نين قب&&ل والدت&&ه ببعض‬
‫الحقوق فيثبت ل&&ه فض&&ال عن النس&&ب الح&&ق في اإلرث وفي الوص&&ية ومن االش&&تراط‬
‫لمصلحته وبذلك تك&&ون للحم&&ل قب&&ل والدت&&ه شخص&&ية‪ ،‬خروج&&ا على األص&&ل ولكنه&&ا‬

‫صفحة | ‪23‬‬
‫شخصية ال تعطيه أهلية وجوب ناقصة أو محدودة وذلك القتص&&ار ص&&الحيته أص&&ال‬
‫على اكتساب ما ينفعه نفعا محصنا من حقوق وتش&&مل ك&&ذلك م&&ا ق&&د يتف&&رع من ال&&تز‬
‫امات نتيجة ثبوت هذه الحقوق له كتلك الناش&&ئة عن إرادة أموال&&ه أو بس&&ببها غ&&ير أن‬
‫هذه الشخصية ب&اتت لتوق&ف اس&تقرارها على والدت&ه حي&ا بحيث إذا ول&د حي&ا أعت&بر‬
‫شخصا وصاحبا لهذه الحقوق منذ ثبوتها له وقت الحمل ف&&إذا ول&&د ميت&&ا فكأن&&ه لم يكن‬
‫ولم تتقرر له حقوق قط‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬نهاية الشخصية القانونية‪:‬‬
‫تنتهي الشخصية القانونية بالوفاة الطبيعية أو الوفاة الحكمي&&ة‪ ،‬ولم&&ا ك&&انت الشخص&&ية‬
‫القانونية تصاحب اإلنسان طوال حياته كان األصل أنها تنتهي بموته‪ ،‬وهذا م&&ا يع&&بر‬
‫عنه قانونا ب&&الموت الحقيقي‪ ،‬تنتهي الشخص&&ية القانوني&&ة لإلنس&&ان بموت&&ه فعال‪ ،‬وه&&ذا‬
‫حسب نص المادة ‪ 25‬من القانون المدني سالفة ال&&ذكر وتثبت واقع&&ة الوف&&اة ب&&أي من‬
‫طرق اإلثبات المعروفة‪.‬‬
‫أ ‪ -‬إثبات الوفاة الطبيعية‪:‬‬
‫تثبت واقعة الوفاة بالسجالت المع&&دة ل&&ذلك كم&&ا يمكن إثباته&&ا بكاف&&ة الط&&رق األخ&&رى‬
‫وهذا ما تضمنته المادة ‪ 26‬من القانون المدني الجزائري بأنه‪ ":‬تثبت الوالدة والوفاة‬
‫بالسجالت المعدة لذلك‪ ،‬واذا لم يوجد ه&ذا ال&دليل‪ ،‬أو ت&بين ع&دم ص&حة م&ا أدرج في‬
‫السجالت‪ ،‬يج&وز اإلثب&ات بأي&ة طريق&ة حس&ب اإلج&راءات ال&تي ينص عليه&ا ق&انون‬
‫الحالة المدنية"‪ ،‬وتنقضي الشخصية القانونية بالوفاة فتنتقل حقوق المتوفي المالية إلى‬
‫ورثته وذلك بعد سداد ما عليه من ديون وفقا لقاعدة ال تركة إال بعد سداد الديون‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الوفاة الحكمية أو الموت الحكمي‪:‬‬
‫تنتهي الشخصية القانونية بالموت الحكمي وليس موتا فعلي&&ا أو حقيقي &ًا‪ ،‬ولكن&&ه م&&وت‬
‫تق&&رره المحكم&&ة في أح&&وال معين&&ة‪ ،‬ويس&&بق الحكم بالفق&&دان أوال يلي&&ه الحكم بالوف&&اة‪،‬‬
‫وتث&&ار في ه&&ذه الحال&&ة مص&&طلحان ال ب&&د من الوق&&وف عن&&دهما‪ :‬لف&&ظ المفق&&ود وه&&و‬
‫الشخص الغائب الذي غاب عن وطن&&ه وانقطعت أخب&&اره بحيث ال تع&&رف حيات&&ه من‬
‫مماته وال يمكن الجزم إن كان حيًا أو ميتًا وال يعتبر مفقودًا إال بحكم قضائي هذا م&&ا‬
‫أشارت إليه نص المادة ‪ 109‬من قانون األسرة الجزائري‪.‬‬
‫وهناك مصطلح آخر ُيثار بمناسبة الموت الحكمي وهو الغائب وه&&و الش&&خص ال&&ذي‬
‫تكون حياته معلومة ولكن ال يوجد له محل إقامة وال موطن معلوم نص المادة ‪110‬‬
‫من قانون األسرة‪ .‬والفرق بين الح&&التين ه&&و أن ك&&ل مفق&&ود غ&&ائب وليس ك&&ل غ&&ائب‬
‫مفقود‪.‬‬
‫صدور الحكم بالفقدان‪:‬‬

‫صفحة | ‪24‬‬
‫ال يكفي مجرد غياب الشخص العتباره مفقودًأ‪ ،‬ب&&ل يجب أن تتحق&&ق في ه&&ذه الحال&&ة‬
‫شروط معينة حتى تنقضي شخصيته‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬
‫أن يكون غائبًا‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أال تعلم حياته من مماته‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن تمضي سنة على األقل من انقطاع أخباره‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ضرورة أن يتقدم كل ذي مصلحة أو بطلب أحد من الورثة أو النيابة العام&&ة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫بتقديم دعوى إلى القضاء المختص باستصدار الحكم بالفقدان‪.‬‬
‫يترتب على صدور الحكم بالفقدان آثار قانوني&ة ج&زء منه&ا تعل&ق ب&األموال حيث‬
‫تبقى أمواله الشخص المفقود ملكا له وال تقس&&م على الورث&&ة‪ ،‬أي بقائه&&ا في ذمت&&ه‬
‫المالية ويعين وكيال إلدارتها ( نص المادة ‪ 111‬من قانون األسرة الجزائري)‪.‬‬
‫أم اآلثار القانونية بالنسبة للزوجة تبقى الزوج&ة على ذم&&ة المفق&&ود ويمكنه&&ا رف&ع‬
‫دعوى التطليق للضرر أو عدم اإلنفاق ( نص المادة ‪ 112‬من قانون األسرة)‪.‬‬
‫ونتيجة الحكم بالموت قد تصدر بعد غياب المفقود لم&&دة أرب&&ع (‪ )04‬س&&نوات من‬
‫التحري والتحقيق حيث ُيقِّد م ذوي المص&&لحة أو بطلب من أح&&د الورث&&ة أو النياب&&ة‬
‫العامة دعوى للمحكم للحكم بوفاة الش&&خص المفق&&ود إلى القاض&&ي المختص ال&&ذي‬
‫يفصل في ال&&دعوى خاص&&ة إذا ك&&ان س&&بب الفق&&د الح&&روب والح&&االت االس&&تثنائية‬
‫والكوار الطبيعي&&ة‪ ،‬أي الح&&االت ال&&تي يغلب فيه&&ا الهالك ( نص الم&&ادة ‪ 114‬من‬
‫قانون األسرة الجزائري) ويترتب على ذلك اآلثار القانونية التالية‪:‬‬
‫بالنسبة ألموال الشخص المفقود ال&&ذي ص&&در في حق&&ه حكم&ًا ب&&الموت‪ :‬تعت&&بر‬ ‫‪-‬‬
‫أموال المفقود ترك&&ة فت&&ؤول للورث&&ة وتخض&&ع ألحك&&ام الم&&يراث‪ ،‬أم&&ا بالنس&&بة‬
‫لآلث&ار المتعلق&ة بالزوج&ة‪ ،‬فهي تعت&د ع&دة المت&وفى عنه&ا زوجه&ا من ت&اريخ‬
‫صدور الحكم وتنقضي الرابطة الزوجية وكل آثارها‪.‬‬
‫بالنسبة آلثار حال ظهور المحكوم عليه ب&&الموت حي &ًا ‪ :‬بالنس&&بة ألموال&&ه فإن&&ه‬ ‫‪-‬‬
‫يسترد أمواله القائمة مع استرداد قيمة األموال المتصرف فيها ب&&البيع من ك&&ل‬
‫الورثة ‪ ،‬أما بالنسبة للزوج&ة فهن&&اك ح&التين‪ - :‬في حال&&ة ع&&دم زواجه&&ا تع&&ود‬
‫لزوجها دون حاجة لعق&&د جدي&&د‪ - ،‬وفي حال&&ة زواجه&&ا من ش&&خص آخ&&ر ف&&إن‬
‫العالقة الزوجية الجديدة تبقى قائمة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص الشخصية الطبيعية‬
‫للشخص الطبيعي خصائص تم&&يزه عن غ&&يرة وهي‪ :‬االس&م‪ ،‬الحال&&ة‪ ،‬األهلي&&ة‪ ،‬الذم&&ة‬
‫المالية‪ ،‬الموطن‪.‬‬
‫أوال‪ -‬االسم‪:‬‬

‫صفحة | ‪25‬‬
‫يعتبر االسم من أهم ما يميز الشخص الطبيعي عن غيره من األشخاص‪ ،‬فقد جاء في‬
‫نص المادة ‪ 28‬من القانون المدني الجزائري "يجب أن يكون لكل شخص لقب واسم‬
‫ف&&أكثر ولقب الش&&خص يلح&&ق أوالده‪ ،‬يجب أن تك&&ون األس&&ماء جزائري&&ة وق&&د تك&&ون‬
‫خالف ذلك بالنسبة لألطفال المولودين من أبوين غ&&ير مس&&لمين"‪ ،‬لم يجع&&ل المش&&رع‬
‫الجزائ&&ري من خالل ه&&ذا النص خي&&ارًا بالنس&&بة لألش&&خاص الطبيع&&يين‪ ،‬ب&&ل أوجب‬
‫ضرورة أن يكون لكل شخص طبيعي إسم ولقب يميزه عن غيره‪ ،‬وهذا م&&ا يستش&&ف‬
‫من خالل عب&&&ارة يجب أن يك&&&ون مم&&&ا يؤك&&&د أن القاع&&&دة آم&&&رة ووجب االمتث&&&ال‬
‫لمضمونها‪.‬‬
‫أ ‪-‬الحق في االسم‪:‬‬
‫يعتبر االسم بالنسبة للشخص الطبيعي من الحقوق اللصيقة بشخص اإلنسان وي&&ترتب‬
‫على ذلك عدم تنازل الشخص عن اسمه أو أن يتصرف فيه أو يجعل&&ه محال لمعامل&&ة‬
‫بعوض أو دون ع&وض أو م&ا يع&رف بالتع&امالت المالي&ة‪ ،‬كم&ا أن&ه ال يس&قط االس&م‬
‫بالتقادم مهما طالت المدة وال يخضع االسم ألي معاملة مالية‪.‬‬
‫ب‪ -‬االسم المدني واالسم التجاري‪:‬‬
‫على العكس فيما يخص إسم الشخص الطبيعي الذي يمنع القانون التعامل في&ه‪ ،‬يج&يز‬
‫الق&&انون التج&&اري الجزائ&&ري خض&&وع االس&&م التج&&اري للمعامل&&ة التجاري&&ة وخاص&&تا‬
‫العالمات التي لها مكان في السوق‪ ،‬وكثيرا ما نرى في الواقع العملي أن يتخذ بعض‬
‫التجار أسماء لمحالتهم التجارية مشتقة من أسمائهم المدنية (هاجر للعطور مثال)‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬الحالة‪:‬‬
‫يقصد بحالة الشخص مجموعة الصفات التي يضعها الق&&انون في االعتب&&ار‪ ،‬ويتوق&&ف‬
‫على إثرها تحديد مدى صالحية إلكتساب الحق&&وق واالل&&تزام بالوجب&&ات‪ ،‬وتتمث&&ل في‬
‫الحالة السياسية أوال والحالة العائلية ثانيا والحالة الدينية ثالثا ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬الحالة السياسية‪:‬‬
‫يقصد بها انتساب الشخص إلى دولة معينة عن طريق أخذه جنسيتها‪ ،‬والجنسية ال&&تي‬
‫يتمتع بها الشخص قد تكون أصلية قائم&ة على أس&اس ال&دم‪ ،‬أح&د أص&وله المباش&رين‬
‫جزائري‪ ،‬وقد تكون مكتسبة قائمة على أساس حق اإلقليم‪ ،‬وهذا ما ينص عليه قانون‬
‫الجنسية الجزائري‪ ،‬ليصبح بعدها أهال الكتساب الحقوق التي ال تثبت إال لمواطنيها‪،‬‬
‫كالحقوق السياسية منها كحق الترشح للمجالس الشعبية وت&&والي الوظ&&ائف العام&&ة في‬
‫الدول&&ة ومباش&&رة بعض المهن الح&&رة‪ ،‬وك&&ذلك االل&&تزام بالوجب&&ات الوطني&&ة ك&&أداء‬
‫الضرائب والخدمة الوطنية والدفاع عن الوطن‪.‬‬

‫صفحة | ‪26‬‬
‫ب‪ -‬الحالة العائلية ‪:‬‬
‫وهي ص&&لة القراب&&ة ال&&تي ترب&&ط الش&&خص بأس&&رة معين&&ة يتح&&دد على إثره&&ا مرك&&زه‬
‫القانوني فيها‪ ،‬وتنقسم القرابة إلى نوعين قربة دم أو النسب وقربة مصاهرة‪.‬‬
‫‪ -1‬قرب;;ة دم أو قرب;;ة النس;;ب تق&&وم بين أف&&راد عائل&&ة واح&&دة بن&&اء على دم مش&&ترك‬
‫ويجمعهم أصل مشترك من جهة األب أو األم وهي نوعان‪:‬‬
‫‪ -1.1‬قرابة مباشرة تقوم بين أفراد العائلة الواحدة يكون أحدهم فرعا لآلخر وهذا ما‬
‫تنص عليه المادة ‪ 1/ 33‬من القانون المدني كالصلة بين االبن واألب والجد‪.‬‬
‫‪ -1.2‬قرابة غير مباشرة الحواشي تقوم بين أفرد الحواشي ال يك&&ون أح&دهم فرع&&ا‬
‫لآلخ&ر ويجمعهم أص&&ل مش&ترك‪ ،‬كالقراب&&ة بين األخ&وة وأبن&&ائهم واألعم&&ام والعم&&ات‬
‫وفروعهم المادة ‪ 2/ 33‬من القانون المدني‪.‬‬
‫‪ -2‬قرابة مصاهرة وهي التي تقوم عن عقد الزواج فيترتب عن هذا الرباط الق&&انوني‬
‫أثرا يتمثل في إحداث أو إنشاء قرابة بين أقارب أف&&راد عائل&&ة ال&&زوج وأق&&ارب أف&&راد‬
‫عائلة الزوجة‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الحالة الدينية‪:‬‬
‫األصل أنه ال تأثير للحالة الدينية على صالحية الشخص في اكتساب الحقوق وتحمل‬
‫االلتزامات‪ ،‬ولكن يترتب على الحالة الديني&&ة بعض الحق&&وق والواجب&&ات ب&&النظر إلى‬
‫دين الشخص‪.‬‬
‫وباعتبار أن اإلسالم دين الدول&&ة بالنس&&بة للجزائ&&ر ف&&إن الم&&واطن المس&&لم ل&&ه حق&&وق‬
‫وعلي&&ه واجب&&ات مص&&درها الش&&ريعة اإلس&&المية‪ ،‬كم&&ا يظه&&ر ذل&&ك خاص&&ة في مج&&ال‬
‫األحوال الشخصية‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬الموطن‪:‬‬
‫يعتبر من الناحية القانونية هو المكان الذي يقوم فيه الشخص بممارس&&ة كاف&&ة أعمال&&ه‬
‫وتصرفاته القانونية وعالقته بغ&يره بوج&ه ع&ام‪ ،‬أي المك&ان ال&ذي يقيم في&ه الش&خص‬
‫ويشترط فيه إقامة الشخص بصفة مستقرة فيه‪ ،‬فإذا تركه وانتق&&ل لم&&وطن آخ&ر بنفس‬
‫الشروط ينشأ موطن جديد‪.‬‬
‫أ ‪ -‬األهمية القانونية لميزة الموطن‪:‬‬
‫يترتب على وجود موطن للشخص الطبيعي أهمية قانونية ما يأتي‪:‬‬

‫صفحة | ‪27‬‬
‫‪-1‬س&&هولة العث&&ور على الش&&خص والتعام&&ل مع&&ه ومخاطبت&&ه في&&ه بالنس&&بة لنش&&اطاته‬
‫القانونية كالوفاء بالتزامات التي يكون محلها شيئا من المثليات‪ ،‬كم&&ا يتم توجي&&ه إلي&&ه‬
‫جميع األوراق والمستندات التي تستوجب أن يكون له موطنا لتبليغها له‪.‬‬
‫‪-2‬يتح&&دد على أث&&ره االختص&&اص اإلقليمي للمحكم&&ة للنظ&&ر في ال&&دعاوى المتعلق&&ة‬
‫بالمنقوالت والحقوق الشخصية كالدين التي يقع في دائرتها موطن المدعي عليه‪.‬‬
‫‪-3‬يتم تسليم األوراق القض&&ائية كاإلن&&ذار والتنبي&&ه‪ ،‬كقاع&&دة عام&&ة‪ ،‬للش&&خص المع&&ني‬
‫باألمر أو تترك له في موطنه مع األشخاص الذين حددهم القانون‪.‬‬
‫‪-4‬يتحدد القانون الواجب التطبيق‪ ،‬في بعض حاالت تنازع قوانين بعض ال&&دول على‬
‫حكم عالقة ذات عنصر أجنبي‪ ،‬على أساس الموطن‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أنواع الموطن‪:‬‬
‫يتنوع موطن الشخص الط&&بيعي بين م&&وطن ع&&ام وم&&وطن خ&اص‪ ،‬وم&&وطن ق&انوني‬
‫واخر مختار‪.‬‬
‫‪ -1‬الموطن العام‪:‬‬
‫وهو المكان الذي يوجد به المسكن الرئيس&&ي للش&&خص أو ه&&و المك&&ان ال&&ذي يقيم في&&ه‬
‫عادة وعند عدم وجود المسكن الرئيسي يعتد الموطن المكان الذي يقيم في&&ه ويم&&ارس‬
‫فيه نشاطاته مع غيره من األشخاص‪.‬‬
‫‪ -2‬الموطن الخاص‪:‬‬
‫هو المكان الذي يعتد ب&&ه بالنس&&بة لبعض أعم&&ال ونش&&طات الش&&خص فق&&ط‪ ،‬ف&&الموطن‬
‫الخ&&اص للت&&اجر والح&&رفي هم&&ا الم&&وطن الخ&&اص الل&&ذان ي&&زاوالن فيهم&&ا األعم&&ال‬
‫التجارية فيخاطبا فيما يخص أنشطتهما في موطنهما الخاص‪ ،‬وال يعتد بهذا الم&&وطن‬
‫إال بالنس&&بة لش&&ؤون التج&&ارة أو الص&&ناعة أو الحرف&&ة‪ ،‬أم&&ا الش&&ؤون األخ&&رى فيعت&&د‬
‫بموطنهما العام الذي يحدد بمكان إقامتهما المعتادة والدائم&&ة أي م&&ا يع&&رف بالمس&&كن‬
‫العائلي‪.‬‬
‫‪ -3‬الموطن القانوني‪:‬‬
‫هو موطن يفرضه القانون على الذين ال يس&&تطيعون مباش&&رة أعم&&الهم بأنفس&&هم وهم‪:‬‬
‫القصر والمحجور عليهم والمفقودون والغائبون‪ ،‬فيك&&ون م&&وطنهم م&&وطن من ين&&وب‬
‫عنهم قانونا وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 2/ 38‬قانون المدني الجزائري بغض النظر‬
‫إن كانوا يقيمون أو ال يقيمون معهم ويظل هذا هو موطنهم إلى زوال السبب‪ ،‬أما إذا‬
‫بلغ القاصر أو رفع الحجر عن المحجور عليه‪ ،‬أو عاد الغائب حينئ&&ذ يح&&دد م&&وطنهم‬

‫صفحة | ‪28‬‬
‫على أساس المسكن الرئيسي أو المكان الذي يقيمون فيه حسب ما هو مبين في المادة‬
‫‪ 36‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫‪ -4‬الموطن المختار‪:‬‬
‫يجوز ألي شخص أن يختار بنفسه كموطن له لتنفيذ عم&ل ق&انوني معين ك&أن يخت&ار‬
‫مثال مكتب المحامي ليعلن له فيه بكل م&&ا يتعل&&ق بمنازع&&ه معين&&ة‪ ،‬وق&&د يف&&رض على‬
‫شخص م&&ا أن يخت&&ار م&&وطن في جه&&ة معين&&ة‪ ،‬وي&&ترتب على ه&&ذا الم&&وطن المخت&&ار‬
‫مباشرة اإلجراءات التنفيذية على العقارات أو الحقوق العينية العقاري&ة‪ ،‬بم&ا في ذل&ك‬
‫إجراءات التنفيذ الجبري وكافة اإلجراءات القانونية والتبليغات‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬الذمة المالية‪:‬‬
‫وهي مجموع ما للش&&خص من حق&&وق وم&&ا علي&&ه من دي&&ون أو التزام&&ات ذات ط&&ابع‬
‫مالي الحالية منها والمستقبلية قائمة على أساس وعاء افتراضي‪.‬‬
‫ا ‪-‬عناصر الذمة المالية‪ :‬تتضمن عنصرين عنصر إيجابي واألخر سلبي‪.‬‬
‫‪ -1‬عنصر إيجابي‪ :‬يتمثل في الحقوق المالية ال&&تي يكتس&&بها الش&&خص كي&&ف م&&ا ك&&ان‬
‫نوعها وتخرج الحق&&وق غ&&ير مالي&&ة مث&&ل الحق&&وق المدني&&ة العام&&ة ك&&الحق في س&&المة‬
‫الجسم وحقوق األسرة كحق األب في تربية أوالده‪.‬‬
‫‪ -2‬عنصر سلبي‪ :‬يتمثل في االلتزامات المالية التي يتحملهما الشخص قبل غيره من‬
‫األش&&خاص‪ ،‬وتخ&&رج الواجب&&ات العام&&ة ال&&تي تق&&ع على الكاف&&ة في اح&&ترام حق&&وق‬
‫اآلخرين‪ ،‬ووجبات أفراد األس&&رة ال&&تي تق&&ع على أح&&دهم تج&&اه اآلخ&&ر ألنه&&ا ال تق&&در‬
‫بمال‪ .‬وقد يزيد العنصر اإليجابي على العنصر السلبي فتوصف الذمة المالية بالمليئة‬
‫وص&&احبها بالموس&&ر وعلى العكس إذا زاد العنص&&ر الس&&لبي على العنص&&ر االيج&&ابي‬
‫توصف بالمعسرة وصاحبها بالمعسر‪ ،‬كما أن حقوق الشخص جميعه&&ا ض&&امنة بك&&ل‬
‫ديونه وهذا ما تنص عليه المادة ‪ 188‬من القانون المدني‪.‬‬
‫ب ‪ -‬خصائص الذمة المالية‪:‬‬
‫اختلف الفقهاء في األساس القانوني للذمة المالي&&ة‪ ،‬ف&&ذهب بعض&&هم إلى الرب&&ط بينهم&&ا‬
‫وبين الشخصية القانونية باعتبارها جانبها المالي وهذا هو التصور الشخص&&ي للذم&&ة‬
‫المالية‪ ،‬ويترتب على هذا الربط النتائج التالية‪:‬‬
‫‪-1‬إن لكل شخص ذمة مالية حتى ولو لم يكن له في وقت م&&ا أي ح&&ق أو ال&&تزام ألن‬
‫الع&&برة بص&&الحية الش&&خص الكتس&&اب الحق&&وق والتحم&&ل بااللتزام&&ات وليس الع&&برة‬
‫باكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات فعال‪.‬‬

‫صفحة | ‪29‬‬
‫‪-2‬إن الذمة المالية وحدة واحدة ال تتعدد وال تتجزأ بالنسبة للشخص الواحد فال ك&&ون‬
‫للشخص سوى ذمة مالية واحدة‪ ،‬وهذا ما يسمى بمبدأ وح&&دة الذم&&ة المالي&&ة وليس ل&&ه‬
‫حق تجزئتها بحيث يخصص جانبا من عنصرها االيجابي للوفاء بجزء من عنصرها‬
‫السلبي‪.‬‬
‫‪-3‬هي مجموع&&ة قانوني&&ة مس&&تقلة عن العناص&&ر المكون&&ة له&&ا‪ ،‬وتتم&&يز أيض&&ا بأنه&&ا‬
‫مجموع&&ة تض&&م في رحابه&&ا الحق&&وق وااللتزام&&ات المالي&&ة ال&&تي تك&&ون للش&&خص في‬
‫الحاض&&ر وفي المس&&تقبل فهي ال تش&&مل الحق&&وق وااللتزام&&ات الحاض&&رة فحس&&ب ب&&ل‬
‫المستقبلية كذلك‪ .‬وانتقد هذا ال&رأي لمبالغ&ة في الرب&ط بين الذم&ة المالي&ة والشخص&ية‬
‫القانونية واعطاء الذمة المالي&ة خص&ائص الشخص&ية القانوني&ة م&ع أن الق&انون نفس&ه‬
‫سمح في بعض الحاالت بتجزئة الذمة المالي&&ة الواح&&دة للش&&خص ولتعام&&ل فيه&&ا‪ ،‬أم&&ا‬
‫البعض اآلخر من الفقهاء يمثل النظرية الحديثة وتسمى نظرية التخصيص‪ ،‬فيرى أن‬
‫الذمة المالية هي مجموعة معينة أو كتلة متماس&&كة من الحق&&وق وااللتزام&&ات أنش&&أت‬
‫لتفي بغرض معين ذي قيمة مالية ويترتب على هذا النتائج التالية‪.‬‬
‫‪- 1‬أنه ال ترابط بين الذمة المالية والشخصية القانونية فقد توجد من دونها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪- 2‬إن الذمة المالية قد تتعدد وذلك بتعدد األغ&&راض واأله&&داف ال&&تي تجمعت‬ ‫‪‬‬
‫األموال من أجل تحقيقها‪ ،‬وبالتالي تخضع لقواعد غير التي تخض&&ع له&&ا ذم&&ة‬
‫الشخص‪.‬‬
‫‪- 3‬بما أن الذمة المالية عبارة عن مجموعة حق&&وق والتزام&&ات موج&&ودة فعال‬ ‫‪‬‬
‫فهي بذلك قابلة لالنفصال وللتنازل عنها‪.‬‬
‫انتقدت هذه النظرية لكونها فصلت تماما بين الشخصية القانوني&&ة والذم&&ة المالي&&ة م&&ع‬
‫أن الذمة المالية مالزمة للشخص&&ية القانوني&&ة‪ ،‬والمالح&&ظ أن المش&&رع الجزائ&&ري في‬
‫نص الم&&ادة ‪ 50‬من الق&&انون الم&&دني رب&&ط بين الذم&&ة المالي&&ة والشخص&&ية القانوني&&ة‬
‫االعتبارية بأن جعلها مالزمة لها وبذلك يكون قد اخذ بالنظرية الشخصية‪ ،‬كم&&ا أخ&&ذ‬
‫بنظري&&ة التخص&&يص عن&&دما نص في الم&&ادة ‪ 37‬من ق&&انون األس&&رة حينم&&ا أج&&از‬
‫للزوجين االتفاق في عقد الزواج أو عقد رسمي الحق على األموال المشتركة بينهما‬
‫التي يكتسبانها خالل الحياة الزوجية‪ ،‬وتحديد النسب ال&&تي تع&&ود لك&&ل منهم&&ا‪ ،‬فيك&&ون‬
‫لهما باإلضافة إلى الذمة المستقلة ذمة مشتركة بينهما‪.‬‬
‫خامسا‪ -‬األهلية‪:‬‬
‫تعتبر األهلية من أهم خصائص الشخصية القانونية‪ ،‬ويقصد به&&ا ص&&الحية الش&&خص‬
‫الكتساب الحقوق وتحمل بااللتزامات ومباشرة التصرفات القانونية المعتد بها قانون&&ا‬
‫وهي نوعان أهلية الوجوب وأهلية األداء‪.‬‬
‫ا ‪-‬أهلية الوجوب‪:‬‬

‫صفحة | ‪30‬‬
‫هي " ص&&الحية الش&&خص لكس&&ب الحق&&وق وتحم&&ل بااللتزام&&ات " ‪ ،‬تثبت للش&&خص‬
‫الطبيعي كاملة بوالدته حيا وتالزمه وتستمر معه ط&&ول حيات&&ه ف&&تزول عن&&ه بالوف&&اة‪،‬‬
‫فهي إذن مرتبطة بالشخصية القانونية فكل شخص له أهلية وجوب‪ .‬وبما أن للجنين‬
‫بعض الحقوق اعترف له بها المشرع ال تثبت ل&&ه إال بوالدت&&ه حي&&ا‪ ،‬ف&&إن بعض الفق&&ه‬
‫قال بتمتعه أهلية وجوب محددة أو ناقص&&ة‪ ،‬وي&&رى ج&&انب آخ&&ر من الفق&&ه إن للج&&نين‬
‫وضع خاص أراد المشرع حمايته عن طريق االعتراف له بتلك الحقوق‪ .‬وقد تختل&&ط‬
‫الشخصية القانونية بأهلية الوج&وب لكونهم&&ا تثبت&&ان للش&خص بوالدت&&ه حي&&ا ومتعلقين‬
‫باكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات غير أنهما يفترقان فيما عدا ذل&&ك‪ ،‬فالشخص&&ية‬
‫القانونية تثبت للشخص أوال ثم تثبت له أهلي&&ة الوج&وب فال يمكن الح&ديث عن أهلي&&ة‬
‫الوجوب إال إذا كانت هناك شخصية قانونية فهي األسبق في الوج&&ود‪ ،‬إن الشخص&&ية‬
‫القانونية هي الكائن الصالح الكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات بغض النظ&&ر عن‬
‫نوعهم&&ا‪ .‬إذا أهلي&&ة الوج&&وب فهي م&&دى ص&&الحية ه&&ذا الش&&خص الكتس&&اب الحق&&وق‬
‫والتحمل بااللتزامات فيتفاوت بحسب ظروفه وحالته السياسية أو العائلي&&ة أو الديني&&ة‪،‬‬
‫فمثال الترشح لمنصب سياسي‪ ،‬أو التحم&&ل ب&&واجب وط&&ني ك&&أداء الخدم&&ة العس&&كرية‬
‫قاصر على الموطنين دون األجانب مع أن جميعهم يتمتعون بالشخصية القانونية‪.‬‬
‫ب ‪-‬أهلية األداء‪:‬‬
‫هي "صالحية الشخص لممارس&&ة األعم&&ال والتص&&رفات القانوني&&ة بنفس&&ه على وج&&ه‬
‫يعت&&د ب&&ه قانون&&ا‪ "،‬وعلى خالف من أهلي&&ة الوج&&وب ف&&إن أهلي&&ة األداء ال تبت لجمي&&ع‬
‫األفراد بل يشترط لمن يتمتع بها أن يكون ق&ادرا عن التعب&ير عن إرادت&ه م&دركًا لم&ا‬
‫ي&ترتب عن ه&ذه اإلرادة من آث&ار قانوني&ة‪ ،‬ل&ذلك فهي ال تمنح دفع&ة واح&دة ب&ل على‬
‫مراحل حسب مقدرته على التعبير‪ ،‬كم&&ا أنه&&ا تت&&أثر ت&&أثرا مباش&&را بكاف&&ة الع&&وارض‬
‫والموانع التي تطرأ عليه‪.‬‬
‫‪ -1‬مراحل أهلية األداء‪:‬‬
‫تمر أهلية األداء بثالث مراحل وهي‪:‬‬
‫‪ -1.1‬المرحل;;ة األولى‪ :‬تنع&&دم في ه&&ذه المرحل&&ة أهلي&&ة األداء تمام&&ا ل&&ذلك يس&&مى‬
‫الشخص في هذه المرحلة عديم التمييز ويقصد بالتمييز ق&&درة الش&&خص على التمي&&يز‬
‫بين الخير والشر أو بين الحسن والقبيح‪ ،‬وتبدأ هذه المرحل&&ة من والدة الش&خص حي&&ا‬
‫إلى ما قبل بلوغه سن ثالثة عشرة سنة وهذا بنص المادة ‪ 42‬من القانون الم&&دني أي‬
‫أنها تعد كل التصرفات التي يقوم بها باطلة بطالنا مطلقا سواء ك&&انت نافع&&ة ل&&ه نفع&&ا‬
‫محضا‪ ،‬كالتبرع له وقبوله الهبة‪ ،‬أو كانت ضارة ضرراً محضا‪ ،‬ك&التبرع والوص&ية‬
‫والهبة الصادرة منه للغير‪ ،‬أو دائرة بين النفع والضرر كالبيع واإليجار ففيهما تق&&ديم‬
‫لشيء وأخذ مقابله المادة ‪ 82‬من قانون األسرة ويت&&ولى ولي&&ه أو وص&&يه القي&&ام به&&ذه‬
‫التصرفات‪.‬‬
‫صفحة | ‪31‬‬
‫‪ -1.2‬المرحلة الثاني;;ة‪ :‬تكون في ه&&ذه المرحل&&ة أهلي&&ة األداء له&&ذا الش&&خص ناقص&&ة‬
‫ويدعى بالقاصر المميز وتبدأ من سن ثالث عشرة سنة إلى ما دون الرشد وهي تسع‬
‫عشر سنة‪ ،‬ويميز في هذه المرحلة بين أنواع التصرفات التي يقوم به&&ا القاص&&ر ف&&إذا‬
‫كانت هذه التصرفات نافع&&ة نفع&&ا محض&&ا وهي ال&&تي تكس&&به حق&&ا وال تحمل&&ه التزام&&ا‬
‫فتعتبر صحيحة وهذا ما نصت عليه الم&&ادة ‪ 1/ 83‬من ق&&انون األس&&رة‪ .‬والتص&&رف‬
‫الضار ضرر محض هو الذي ُيفقر ذمت&&ه المالي&&ة أي ال تكس&&به حق&&ا وتحمل&&ه التزام&&ا‬
‫فهي باطل&&ةً أم&&ا إذا ك&&انت ض&&ارة ض&&رر بطالن&&ا مطلق&&ا الم&&ادة ‪ 2/ 83‬من ق&&انون‬
‫األسرة‪ ،‬أما إذا كانت دائرة بين النفع والضرر أي تلك التي تكسبه حق وترتب علي&&ه‬
‫التزاما في نفس الوقت فتكون موقوفة على إجازة الولي أو الوصي المادة ‪ 83‬ق&&انون‬
‫األسرة‪.‬‬
‫‪ -1.3‬المرحلة الثالثة‪ :‬تكون أهلية األداء لدى الشخص كاملة وذلك ببلوغه سن تسع‬
‫عشرة سنة كاملة وهذا نصت عليه المادة ‪ 40‬من القانون المدني فيكون بعدها راشدا‬
‫وتستمر معه إلى حين وفاته مالم يعترها ع&ارض من ع&وارض األهلي&ة أو م&انع من‬
‫موانعها‪ ،‬وتعد كل أنواع التص&&رفات القانوني&&ة ال&&تي يق&&وم به&&ا ص&&حيحة‪ .‬وق&&د يرش&&د‬
‫القاص&&ر المم&&يز فيص&&ير كام&&ل األهلي&&ة بالنس&&بة للتص&&رفات ال&&تي رش&&د فيه&&ا فيق&&وم‬
‫بالتص&&رف في أموال&&ه كلي&&ا أو جزئي&&ا وذل&&ك ب&&إذن من القاض&&ي وبطلب من ذوي‬
‫المصلحة وهذا حسب نص المادة ‪ 84‬من قانون األسرة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬عوارض وموانع األهلية‪:‬‬
‫قد تعترض أهلية األداء عوارض وموانع نبينها كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬عوارض األهلية‪ :‬قد يبلغ الشخص سن الرشد ولكن قد يصاب بعد ذل&&ك بم&&رض‬
‫عقلي أو فساد في اإلدراك أو يبلغ هذه السن وهو مص&&اب بإح&&داها فتنع&&دم أهليت&&ه أو‬
‫تكون ناقصة‪ ،‬ولذلك فإن عوارض األهلية تتنوع بين‪ :‬عوارض تص&&يب اإلنس&&ان في‬
‫عقله فينعدم لديه اإلدراك والتمييز وهو ما يسمى بالجنون والعته‪ ،‬وعوارض تصيب‬
‫اإلنسان في تدبيره وتسمى الغفلة والسفه‪.‬‬
‫‪ -1.1‬الجنون والعته عارضان يصيبان الشخص فيفقد عقله ويسلبه التمييز فال يعت&&د‬
‫بعدها بأفعاله حتى ولو كان راشدا حيث تنص المادة ‪ 42‬من القانون المدني على م&&ا‬
‫يلي" ال يكون أهال لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاق&&د التمي&&يز لص&&غر في الس&&ن أو‬
‫عت&&ه أو جن&&ون" ‪ ،‬نص ه&&ذه الم&&ادة ُتص&&نف المعت&&وه ك&&المجنون والص&&غير في الس&ن‬
‫ومنعدم التمييز‪.‬‬
‫‪ -1.2‬السفه والغفلة يكون ناقص لألهلية وه&&ذا حس&&ب نص الم&&ادة ‪ 43‬من الق&&انون‬
‫المدني التي نصت على ما يأتي "كل من بلغ سن التمي&يز ولم يبل&غ س&ن الرش&د وك&ل‬
‫من بلغ س&ن الرش&د وك&ان س&فيها أو ذا غفل&ة يك&ون ن&اقص األهلي&ة وفق&ا لم&ا يق&رره‬

‫صفحة | ‪32‬‬
‫القانون" والسفيه هو الشخص ال&&ذي ينف&&ق مال&&ه على غ&&ير مقتض&&ى العق&&ل والش&&رع‪،‬‬
‫والغفلة هي وقوع الشخص بسهولة في غبن بسبب سالمة نيته وطيبة قلب&&ه‪ .‬وي&&ترتب‬
‫على قيام عارض من عوارض األهلية السالفة الذكر الحجر على الشخص وه&&ذا م&&ا‬
‫نصت عليه المادة ‪ 101‬من ق&&انون األس&&رة ال&&تي نص&&ت على م&&ا يلي "من بل&&غ س&&ن‬
‫الرشد وهو مجنون أو معتوه أو سفيه أو طرأت عليه إح&دى الح&االت الم&ذكورة بع&د‬
‫رشده يحج&ر علي&ه" وحماي&ة لحق&وق الش&خص ف&إن الحج&ر علي&ه ال يك&ون إال بحكم‬
‫قضائي‪ ،‬بناء على طلب من له مصلحة في ذلك‪ ،‬وفي هذه الحال&&ة يجب تع&&يين ن&&ائب‬
‫قانوني في صورة ولي أو وصي أو مقدم وهذا ما نصت عليه الم&&ادة ‪ 87‬من ق&&انون‬
‫األسرة‪.‬‬
‫‪ -2‬موانع األهلية‪:‬‬
‫قد تعتري الشخص الذي يبلغ س&&ن الرش&&د موان&&ع ت&&ؤثر في أهلي&&ة األداء عن&&ده‪ ،‬وهي‬
‫ظروف يمنعه القانون بوجودها القيام بممارسة حقوقه بنفسه‪ ،‬هذه الموان&&ع ق&&د تك&&ون‬
‫طبيعية أو قد تكون قانونية‪ ،‬وقد تكون مادية‪.‬‬
‫‪ -2.1‬الموانع الطبيعية‪ :‬قد يصاب الشخص بعاهتين كأن يك&&ون أص&&م أبكم أو أعمى‬
‫أصم أو أعمى أبكم‪ ،‬في هذه الحالة نصت المادة ‪ 80‬من القانون المدني بأن&&هً يتع&&ذر‬
‫عليه التعبير عن إرادته تعبير يجوز للمحكمة أن تعين له مساعدا قض&&ائيا يعاون&&ه في‬
‫التصرفات التي يجريها تحقيقا لمصلحته‪.‬‬
‫‪ -2.2‬الم;;انع الم;;ادي‪ :‬وه&&و غي&&اب الش&&خص بحيث ال يس&&تطيع مباش&&رة تص&&رفاته‬
‫القانونية بشكل يعطل مصالحه ويحدث به األض&&رار‪ ،‬وفي ه&&ذه الحال&&ة يج&&ري علي&&ه‬
‫األحكام المقررة في قانون األسرة و هذا حسب ما نصت عليه المادة ‪ 31‬من القانون‬
‫المدني "تجري على المفقود والغائب األحكام المقررة في التشريع العائلي"‪.‬‬
‫‪ -2.3‬الم;;انع الق;;انوني‪ :‬ويتحق&&ق الم&&انع الق&&انوني بالنس&&بة لمن س&&لبت أهليت&&ه بحكم‬
‫المحكمة أو بحكم الق&انون كم&ا في حال&ة ل&و حكم علي&ه بعقوب&ة جنائي&ة فال يج&وز أن‬
‫يتولى إدارة أمواله خالل مدة حبس حريته‪ ،‬وه&&ذا م&&ا حددت&&ه الم&&ادة ‪ 78‬من الق&&انون‬
‫المدني "كل شخص أهل للتعاقد مالم يطرأ على أهليته عارض يجعله ن&&اقص األهلي&&ة‬
‫أو فقدها بحكم القانون"‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الشخص االعتباري‬
‫ال تقتصر الشخصية القانونية على اإلنسان فحسب بل اقتضت الض&&رورة العملي&&ة أن‬
‫تمنح لما تسمى باألشخاص االعتبارية العامة‪ ،‬التي هي من الناحية الواقعية ال وجود‬
‫لها ماديا ألنه&&ا ال ت&&درك ب&&الحواس ولكنه&&ا مج&رد تص&&ور ذه&&ني على وجوده&&ا‪ ،‬وال‬
‫تكون كذلك إال إذا اعترف لها المشرع بهذا الوجود القانوني لتحقيق أهداف وغاي&&ات‬
‫معين&&ة‪ ،‬م&&ا ك&&انت لتحق&&ق ل&&وال ه&&ذا الوج&&ود االفتراض&&ي‪ ،‬فهن&&اك أعم&&ال ض&&رورية‬
‫صفحة | ‪33‬‬
‫للمجتم&&ع كتحقي&&ق النظ&&ام الع&&ام واألمن والس&&كينة العام&&ة في المجتم&&ع وال&&دفاع عن‬
‫الوطن‪.‬‬
‫كم&&ا أن عج&&ز األش&&خاص الطبيعي&&ة عن تموي&&ل المش&&روعات الض&&خمة بأنفس&&هم لم&&ا‬
‫يتطلبه األمر من أمواال طائلة ال يقوون على توفيرها‪ ،‬فظهرت الشركات والجمعيات‬
‫باسم الشخص االعتب&&اري‪ ،‬وعلي&&ه نتع&&رض بداي&&ة إلى تعري&&ف الش&&خص االعتب&&اري‬
‫وبيان عناصره‪ ،‬ثم نتطرق إلى مميزات الشخص االعتباري‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الشخص االعتباري وعناصره‬
‫إن تحديد المفهوم القانوني للشخص االعتباري ال يكون إال من خالل وض&&ع تعري&&ف‬
‫شامل وواض&&ح ل&&ه بحيث يس&&مح بتحدي&&د خصائص&&ه وتمي&&يزه عن غ&&يره‪ ،‬والش&&خص‬
‫االعتباري أو المعنوي هو شخص ال يمكن إدراكه بالحس وانما يدرك بالفكر وجدت‬
‫ألجل غرض معين وأصبح من الضروري االعتراف لها بالشخصية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الشخص االعتباري‬
‫فاألشخاص االعتبارية هي "مجموع&&ة من األش&&خاص الطبيعي&&ة أو األم&&وال يجمعه&&ا‬
‫غرض واحد‪ ،‬ويكون لهذه المجموعة شخصية قانوني&&ة الزم&&ة لتحقي&&ق ه&&ذا الغ&&رض‬
‫منفصلة عن شخصية المكونين لها أو المنتفعين بها"‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أنواع الشخص االعتباري‪:‬‬
‫أما المشرع الجزائري فقد ح&&دد في الم&&ادة ‪ 49‬من الق&&انون الم&&دني من يحم&&ل ص&&فة‬
‫الش&&خص االعتب&&اري "األش&&خاص االعتباري&&ة هي‪ –:‬الدول&&ة‪ ،‬الوالي&&ة‪ ،‬البلدي&&ة –‬
‫المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‪ -‬الش&&ركات المدني&&ة والتجاري&&ة‪ -‬الجمعي&&ات‬
‫والمؤسس&&ات – الوق&&ف‪ -‬ك&&ل مجموع&&ة من األش&&خاص أو أم&&وال يمنحه&&ا الق&&انون‬
‫شخص&&ية قانوني&&ة "‪ .‬من خالل ه&&ذا النص نس&&تنتج أن الش&&خص االعتب&&اري تمنح ل&&ه‬
‫الشخصية القانونية بالقدر ال&&ذي يل&&زم لتحقي&&ق الغ&&رض ال&&ذي أنش&&ئ من أجل&&ه‪ ،‬وه&&و‬
‫نوعان‪ :‬شخص معنوي عام وخاص‪.‬‬

‫أ ‪ -‬األشخاص االعتبارية العامة‪:‬‬


‫هي الدولة وفروعها مع مالحظة أن الدولة تنشأ باعتراف الدول األخرى بقيامها أم&&ا‬
‫ف&&روع الدول&&ة تنش&&أ ب&&اعتراف المش&&رع الوط&&ني أي الق&&انون ال&&داخلي بوجوده&&ا أو‬
‫تأسيسها مثل الوالية والدائرة والبلدية‪ ،‬أما االشخاص االعتبارية الخاصة التي تك&&ون‬
‫إما في شكل مجموعة أشخاص أو مجموعة أموال‪ ،‬وتتمثل في الهيئات والمؤسس&&ات‬
‫والمجمعات والشركات المدنية والتجارية تتكون باتفاق شخصين أو أكثر وتك&&ون في‬
‫االطار الرسمي الذي أقره المشرع سلفا‪.‬‬
‫صفحة | ‪34‬‬
‫‪ -1‬الدولة‪ :‬تعتبر الدولة أهم أشخاص القانون العام وتتمتع بامتيازات السلطة العام&&ة‬
‫ومن قبيل هذه االمتياز ات سلطة إصدار الق&&رارات اإلداري&&ة وس&&لطة توقي&&ع الج&&زاء‬
‫على المتعاقد معها‪ ،‬كما تتمتع الدولة بسلطة نزع الملكية في إطار المنفعة العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬الوالي;;ة‪ :‬ج&&اء في الم&&ادة األولى من ق&&انون الوالي&&ة ب&&أن‪" :‬الوالي&&ة هي الجماع&&ة‬
‫اإلقليمية للدولة‪ ،‬تتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية مستقلة‪ ،‬وهي أيضا الدائرة‬
‫اإلدارية غير الممركزة للدولة وتشكل بهذه الصفة فضاء لتنفي&&ذ السياس&&ات العمومي&&ة‬
‫والتضامنية والتشاورية بين الجماعات اإلقليمية والدولة‪ .‬وتساهم مع الدولة في إدارة‬
‫وتهيئة اإلقليم والتنمية االقتص&&ادية واالجتماعي&&ة الثقاف&&ة وحماي&&ة البيئ&&ة وك&&ذا حماي&&ة‬
‫وترقية وتحسين اإلطار المعيشي للمواطنين‪ .‬وتتدخل في ك&&ل مج&&االت االختص&&اص‬
‫المخول&&ة له&&ا بم&&وجب الق&&انون‪ .‬ش&&عارها ه&&و بالش&&عب وللش&&عب‪ .‬وتح&&دث بم&&وجب‬
‫القانون"‪ .‬وتمارس الوالية ذات امتيازات السلطة العامة كإص&&دار الق&&رارات وتع&&ديل‬
‫العقود أو الصفقات وتوقيع الجزاء على المتقاعد معها‪.‬‬
‫د‪ -‬البلدية ‪ :‬وهي ثاني األشخاص المعنوية ذات الطابع اإلقليمي بعد الوالي&&ة وذك&&رت‬
‫في المادة ‪ 49‬من القانون المدني‪ ،‬وقد اعترفت له&&ا الم&&ادة األولى من ق&&انون البلدي&&ة‬
‫حيث نصت على ما ي&&أتي‪" :‬البلدي&&ة هي الجماع&&ة اإلقليمي القاعدي&&ة للدول&&ة‪ ،‬وتتمت&&ع‬
‫بالشخصية والذمة المالية المستقلة ‪،‬وتحدث بموجب ق&&انون"‪ .‬وهي خلي&&ة أساس&&ية في‬
‫التقسيم اإلداري‪ ،‬وأن دواعي وجود أشخاص اعتبارية إقليمية إلى جانب الدول&&ة أم&&ر‬
‫فرض&&ته طبيع&&ة المه&&ام الملق&&اة على ع&&ائق الدول&&ة إلش&&باع حاج&&ات األف&&راد وتلبي&&ة‬
‫متطلبات المصلحة العامة‪.‬‬
‫ب ‪-‬األشخاص االعتبارية الخاصة‪:‬‬
‫األش&&خاص االعتب&&اري الخاص&&ة هي ال&&تي يكونه&&ا األف&&راد‪ ،‬إم&&ا في ش&&كل مجموع&&ة‬
‫أشخاص أو مجموعة أموال‪ ،‬وتهدف إلى تحقيق إما غرض خاص وأما منفعة عامة‪،‬‬
‫وتتمث&&ل في الهيئ&&ات والمؤسس&&ات والمجمع&&ات والش&&ركات المدني&&ة والتجاري&&ة ال&&تي‬
‫تع&&ترف له&&ا الدول&&ة بشخص&&ية اعتباري&&ة لتحقي&&ق أه&&داف خاص&&ة بالمجموع&&ات من‬
‫األشخاص واألموال المكونة لها‪ ،‬والشركات ال&&تي تتك&&ون باتف&&اق شخص&&ين أو أك&&ثر‬
‫على أن يساهموا في مشروع عن طريق تق&ديم ك&ل منهم حص&ة من الم&ال أو العم&ل‬
‫م&&ع اقتس&&ام النت&&ائج ربح&&ا ك&&ان أم خس&&ارة‪ .‬الش&&ركات المدني&&ة ال&&تي تنش&&أ بن&&اءا على‬
‫تخصيص مبلغ من الم&ال لعم&ل اجتم&اعي س&واء ك&ان خيري&ا أو علمي&ا أو رياض&يا‪،‬‬
‫حيث يخضع كل أعمالها المدني&&ة لقواع&&د الق&&انون الم&&دني‪ ،‬أم&&ا الجمعي&&ات فهي ال&&تي‬
‫تكون لها صفة الدوام وتهدف لغرض اجتماعي دون الحصول على ربح مادي وبهذا‬
‫تختلف عن الشركة أو المؤسسة التي تهدف إلى الربح‪ ،‬والجمعي&&ات ال&&تي تك&&ون له&&ا‬
‫صفة الدوام وتهدف إلى تحقيق غاي&&ة مح&&ددة لغ&&رض اجتم&&اعي دون الحص&&ول على‬
‫ربح مادي‪.‬‬

‫صفحة | ‪35‬‬
‫وب&&&الرجوع لنص الم&&&ادة ‪ 50‬من الق&&&انون الم&&&دني الجزائ&&&ري نج&&&د أن الش&&&خص‬
‫االعتباري يتمتع بجميع الحقوق حيث حددت م&&ا ي&&أتي‪" :‬يتمت&&ع الش&&خص االعتب&&اري‬
‫بجميع الحقوق إال ما كان منها مالزما لصفة اإلنسان‪ ،‬وذلك في الحدود التي يقررها‬
‫القانون‪ ،‬يكون له خصوصا‪ ،‬ذمة مالية‪ ،‬أهلية في حدود التي يعينها أو التي يقرره&&ا‪،‬‬
‫موطن وهو المكان ال&ذي يوج&د في&ه مرك&ز إدارته&ا الش&ركات ال&تي يك&ون مركزه&ا‬
‫الرئيسي في الخارج ولها نشاط في الجزائر يعتبر مركزها القانوني في نظر القانون‬
‫الداخلي في الجزائر نائب عنه يعبر عن إرادته‪ .‬حق التقاضي"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬عناصر الشخص االعتباري‬
‫ال يق&&وم الش&&خص االعتب&&اري إال بوج&&ود ثالث عناص&&ر وهي‪ :‬العنص&&ر الم&&ادي‪،‬‬
‫والعنصر المعنوي‪ ،‬والعنصر الشكلي‪.‬‬
‫أ‪ -‬العنص;;ر الم;;ادي‪ :‬يعتبر العنص&&ر الم&&ادي من المس&&ائل الجوهري&&ة لقي&&ام الش&&خص‬
‫االعتباري ويقصد به مجموعة أموال خصصت لتحقيق غرض معين‪ ،‬كالوقف ال&ذي‬
‫يتم بإرادة منفردة هي إرادة الواقف أو جماعة أشخاص كالجمعيات والش&&ركات ال&&تي‬
‫تتكون من عدة أشخاص‪.‬‬
‫ب ‪-‬العنصر المعنوي‪ :‬يقصد به أن يك&ون لمجموع&ة األم&وال أو جماع&ة األش&خاص‬
‫غرضا مشتركا محققا لمصلحة المجموعة أو الجماعة‪ ،‬ويستوي األم&&ر بع&&د ذل&&ك إن‬
‫كان هذا الغرض عام&ا لتحقي&ق المص&لحة العام&ة للمجتم&ع كك&ل‪ ،‬أو غرض&ا خاص&ا‬
‫بمجموعة معينة‪ ،‬كأعضاء الجمعية أو الشركاء في الشركة‪.‬‬
‫ج ‪-‬العنص;;ر الش;;كلي‪ :‬يقص&&د ب&&ه اع&&تراف الس&&لطة المختص&&ة في الدول&&ة بالش&&خص‬
‫االعتباري‪ ،‬ويتحقق هذا االعتراف بإحدى الطريقتين‪:‬‬
‫‪ -1‬االعتراف العام‪ :‬يكون في قيام المشرع بتحديد الشروط الواجب توافرها لتك&&وين‬
‫الشخص االعتباري‪ ،‬دون ضرورة أو !ترخيص الحق من السلطة العام&&ة المختص&&ة‬
‫في الدولة‪ ،‬ف&إذا ت&وفرت الش&روط المتطلب&ة قانون&ا في مجموع&ة األم&وال أو جماع&ة‬
‫األشخاص اكتسبت الشخص&&ية القانوني&&ة تلقائي&&ا وبق&&وة الق&&انون دون الحاج&&ة إلى إذن‬
‫خاص‪.‬‬
‫‪ -2‬االعتراف الخاص‪ :‬ال تكفي الشروط التي يتطلبه&&ا الق&&انون من قب&&ل‪ ،‬ب&&ل يش&&ترط‬
‫الحصول على اعتراف خاص الحق من السلطة المخول له&&ا قانون&&ا منح ال&&تراخيص‬
‫ولها حق الرقابة على األشخاص االعتبارية‪ ،‬فتدرس كل حالة على ح&&دة لتق&&رر بع&&د‬
‫ذلك منح أو عدم منح الترا خيص‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مميزا ت الشخص االعتباري‬

‫صفحة | ‪36‬‬
‫يترتب على االعتراف لمجموعة أموال أو جماعة أش&خاص بالشخص&ية القانوني&ة أن‬
‫يكون للشخص االعتباري شخصية قانونية مستقلة عن شخصية األعض&&اء المك&&ونين‬
‫له‪ ،‬ويتميز عن األش&&خاص االعتباري&&ة األخ&&رى على غ&&رار م&&ا يتم&&يز ب&&ه الش&&خص‬
‫الطبيعي عن بقي&ة األش&خاص الطبيعي&ة‪ ،‬فيص&بح االس&م أوال‪ ،‬الحال&ة ثاني&ا‪ ،‬الم&وطن‬
‫ثالثا‪ ،‬الذمة المالية رابعا‪ ،‬واألهلية خامسا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬االسم‪:‬‬
‫االسم دائما يكون لكل شخص اعتباري يتميز ب&ه عن غ&يره من األش&خاص االخ&رى‬
‫واألشخاص االعتبارية العامة تح&&دد له&&ا الدول&&ة أس&&مائها أم&&ا األش&&خاص االعتباري&&ة‬
‫الخاصة فيسميها أصحابها بأسمائها التجارية أو المستعارة‪ ،‬ويعتبر االسم حقا وواجبا‬
‫للشخص االعتباري‪ ،‬ويع&&د االس&&م وس&&يلة لتع&&يين الش&&خص االعتب&&اري وتمي&&يزه عن‬
‫غيره من األشخاص األخرى‪ ،‬ويباشر نشاطاته ومختل&&ف تص&&رفاته به&&ذا االس&&م ويتم‬
‫اختياره من طرف مؤسسيه‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬الحالة‪:‬‬
‫يقصد بحالة الشخص االعتباري حالته السياسية أي جنسية الدول&&ة ال&&تي يتبعه&&ا‪ ،‬وق&&د‬
‫اختلفت الدول في المعيار المعتد به في منحها الجنس&&ية للش&&خص االعتب&&اري‪ ،‬فهن&&اك‬
‫من تعتد بمقره االجتماعي منها الجزائ&&ر فق&&د نص&&ت الم&&ادة ‪ 10‬من الق&&انون الم&&دني‬
‫على أن جنسية الشخص االعتباري تتحدد بالدولة التي يوج&&د فيه&&ا مق&&ره االجتم&&اعي‬
‫والفعلي‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬الموطن‪:‬‬
‫للشخص االعتباري م&&وطن خ&&اص مس&&تقل عن م&&وطن األعض&&اء المك&&ونين ل&&ه فيتم‬
‫مخاطبت&&ه ف&&ه‪ ،‬ويقص&&د ب&&الموطن المك&&ان ال&&ذي يوج&&د ب&&ه المرك&&ز الرئيس&&ي إلدارة‬
‫الشخص االعتباري وه&&ذا م&&ا نص&&ت ب&&ه الم&&ادة ‪ 547‬من الق&&انون التج&&اري "يك&&ون‬
‫م&&وطن الش&&ركة في مرك&&ز الش&&ركة‪ ،‬تخض&&ع الش&&ركات ال&&تي تم&&ارس نش&&اطها في‬
‫الجزائر للتشريع الجزائري" أما إذا كان له عدة ف&روع في أم&اكن مختلف&ة ف&إن تع&دد‬
‫الموطن بتعدد هذه الفروع‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬الذمة المالية‪:‬‬


‫للشخص االعتباري ذمة مالية متمثلة في مال&&ه من حق&&وق وم&&ا علي&&ه من ال&&تز ام&&ات‬
‫مالي&&&ة تج&&&اه الغ&&&ير وهي مس&&&تقلة عن ذمم األعض&&&اء المك&&&ونين ل&&&ه‪ ،‬وهي من أهم‬

‫صفحة | ‪37‬‬
‫خصائص الشخص االعتباري‪ ،‬حيث ت&&ؤدي إلى المح&&ور بين أموال&&ه والتزامات&&ه من‬
‫جهة وأموال والتزامات أعضائه من جهة ثانية‪.‬‬
‫خامسا‪ -‬األهلية‪:‬‬
‫للشخص االعتباري وباعتباره يتمتع بالشخصية القانونية أهلية وج&&وب وأهلي&&ة أداء‪،‬‬
‫تتميز أهلية الشخص المعنوي عن أهلية الشخص الطبيعي كون أن أهلي&&ة األداء مثال‬
‫ال تمر بمراحل مثل الشخص الطبيعي‪ ،‬كما أن الشخص المعنوي ال يعتريه ع&&ارض‬
‫من عوارض األهلية‪.‬‬
‫أ ‪-‬أهلية الوجوب‪:‬‬
‫يتمت&&ع الش&&خص االعتب&&اري ب&&الحقوق ويتحم&&ل بااللتزام&&ات ال&&تي تتالئم م&&ع طبيعت&&ه‬
‫المعنوية وفي حدود التي يعينها عقد اإلنشاء‪ ،‬وتتفق مع الغرض الذي أنشئ من اجله‬
‫وبالقدر الالزم لتحقيقه وهذا ما يسمى بمبدأ التخصيص‪ ،‬كم&&ا ل&&ه الح&&ق في التقاض&&ي‬
‫سواء كان مدعيا أو مدعي عليه يمكن أن يوصى له وله الحق في السمعة وفي اسمه‬
‫وذمة مالية وموطن وتجرد من الحقوق المالزمة للصفة اإلنسانية‪ ،‬كحق&&وق الزوجي&&ة‬
‫والقراب&&ة وغيره&&ا‪ ،‬وب&&الرجوع لنص الم&&ادة ‪ 50‬من الق&&انون يظه&&ر أن نط&&اق أهلي&&ة‬
‫وجوب الشخص االعتباري أضيق من نطاق أهلية وجوب الشخص الط&&بيعي‪ ،‬أي ال‬
‫توجد دولة أو والية أو بلدية توصف بأحد هذه األوصاف‪.‬‬
‫ب ‪-‬أهلية األداء‪:‬‬
‫من غير الممكن الحديث عن فكرة التمييز بالنس&&بة للش&&خص االعتب&&اري ألن&&ه مج&&رد‬
‫كيان معن&وي ال تمي&يز وال إرادة ل&ه وي&ذهب بعض الفقه&اء إلى أن إرادت&ه هي إرادة‬
‫النائب الذي يقوم مقامه يتصرف باسمه ولحسابه وقد يكون هذا الن&&ائب ف&&ردا أو ع&&دة‬
‫أفراد فمثال الوالية يمثله&&ا ال&&والي والبلدي&&ة رئيس&&ها والجامع&&ة م&&ديرها‪ ،‬أي للش&&خص‬
‫االعتباري ممثل يباشر عنه التصرفات القانونية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الركن الثاني للحق محل الحق أو موضوع الحق‬
‫محل الحق أو موضوع الحق‪ ،‬يقصد به كل ما ينص&&ب علي&&ه الح&ق من أش&ياء مادي&&ة‬
‫عق&&ارات مث&&ل المن&&ازل واألراض&&ي أو المنق&&والت‪ ،‬كالس&&يارات واآلالت المختلف&&ة أو‬
‫عمل ما سواء كان القيام به أو االمتناع عنه‪ ،‬أو قد يكون شيء معنوي كما هو الحال‬
‫في الحق الذهني‪ ،‬إذن فمحل الحق قد يك&&ون عمال كم&&ا ه&&و الح&&ال بخص&&وص الح&&ق‬
‫الشخصي‪ ،‬وقد يكون شيئا ماديا كما هو الحال بخصوص الحق العيني‪.‬‬
‫وهو القيمة التي تثبت للشخص صاحب الحق والتي بسبب ثبوتها يكون ل ه ممارس&&ة‬
‫السلطات التي يخولها كل حق‪ ،‬ومحل الحق بهذا المعنى إما أن يكون شيئا وفي ه&&ذه‬
‫الحال&&ة يجب تحدي&&د طبيع&&ة الش&&يء‪ ،‬أو عمال فيجب أن يك&&ون وف&&ق الش&&روط ال&&تي‬

‫صفحة | ‪38‬‬
‫تفرضها النظم القانونية السارية المفعول‪ ،‬فإذا كان عينيا فمحله شيئا ماديا‪ ،‬واذا ك&&ان‬
‫الحق شخصيا فمحله عمل يقوم به الم&&دين‪ ،‬ل&&ذلك فالح&ديث عن مح&ل الح&ق يقتض&&ي‬
‫الحديث عن األشياء واألعمال‪.‬‬
‫وعليه فمحل الحق هو ما يرد عليه االستئثار‪ ،‬ويختلف محل الحق ب&اختالف األش&ياء‬
‫التي يرد عليه&&ا‪ ،‬وه&&ذا م&&ا يتم تناول&&ه في المطلب األول‪ ،‬وق&&د يك&&ون الح&&ق شخص&&يا‬
‫يتجس&د في ص&ورة القي&ام بعم&ل معين أو امتن&اع عن عم&ل وه&و م&ا تم معالجت&ه في‬
‫المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األشياء كمحل للحق‬
‫لألشياء تقسيمات عديدة فهي تختل&ف عن بعض&ها البعض ب&اختالف طبيع&ة األش&ياء‪،‬‬
‫فاألشياء الثابتة هي كل شيء مستقر بحيزه وثابت فيه‪ ،‬ال يتحرك ويشغل حيزا معينا‬
‫كاألراضي والس&كنات والمحالت والمص&&انع وال&&تي له&&ا خاص&&ية االس&تقرار بمكانه&&ا‬
‫وتسمى بالعقارات‪ ،‬أما األشياء المنقولة فهي كل شيء يمكن نقله من مك&&ان إلى آخ&&ر‬
‫دون تل&&ف‪ ،‬وتس&&مى منق&&والت بطبيعته&&ا ألنه&&ا قابل&&ة للتح&&رك دون تل&&ف‪ ،‬مث&&ال ذل&&ك‬
‫الطائرات والسيارات ومختلف اآلالت المستعملة في الحي&&اة اليومي&&ة‪ .‬وعلي&&ه تن&&اولت‬
‫األشياء الثابتة والمنقول&&ة في الف&&رع األول‪ ،‬ثم تط&&رقت لألش&&ياء المثلي&&ة والقيمي&&ة في‬
‫الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األشياء الثابتة والمنقولة‬
‫األشياء الثابتة تأخذ دائما وصف العقار فإذا ما آلت إلى منقول أصبحت تسمى منقوال‬
‫بمعنى األشياء الثابتة وحتى تظ&&ل تحت ه&&ذا الوص&&ف يجب بقائه&&ا على حاله&&ا مث&&ل‪:‬‬
‫المنزل يسمى عقار ثابت ولكن بعد هدمه يسمى منقول‪ ،‬وعليه تناولت األشياء الثابتة‬
‫أوال‪ ،‬والمنقولة ثانيا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬األشياء الثابتة‪:‬‬
‫يقصد بالشيء كل ماال يع&د شخص&ا مم&ا يك&ون ل&ه كي&ان ذاتي منفص&ل عن اإلنس&ان‬
‫مادي&&ا أو معنوي&&ا‪ ،‬ومح&&ل الح&&ق ال يش&&ترط في&&ه دائم&&ا أن ي&&رد على ذو قيم&&ة مالي&&ة‪،‬‬
‫وبالمقابل نجد شيئا واحدا يرد عليه أك&&ثر من ح&&ق ك&&أن يتعل&&ق األم&&ر بملكي&&ة عق&&ار‪،‬‬
‫وح&&ق الملكي&&ة ينتج عن&&ه حق&&وق أخ&&رى فرعي&&ة كح&&ق االنتف&&اع وح&&ق ال&&رهن وح&&ق‬
‫االرتفاق‪ ،‬وتقسم األشياء إلى أشياء قابلة للتعامل وأشياء غير قابلة للتعامل‪ ،‬وه&&ذا م&&ا‬
‫حددته نص المادة ‪ 1/ 682‬من القانون المدني "كل شيء غ&&ير خ&&ارج عن التعام&&ل‬
‫بطبيعت&&ه أو بحكم الق&&انون يص&&لح أن يك&&ون محال للحق&&وق المالي&&ة" ومن خالل ه&&ذا‬
‫النص يتبن أن كل األشياء قابلة للتعامل إال ما ستثني بحكم طبيعته أو بنص قانوني‪.‬‬
‫أ ‪-‬األشياء الخارجة عن التعامل بطبيعتها‪:‬‬

‫صفحة | ‪39‬‬
‫األش&&ياء ال&&تي تخ&&رج عن التعام&&ل بطبيعته&&ا هي ال&&تي ال يس&&تطيع أح&&د أن يس&&تأثر‬
‫بحيازتها ويدخل تحت هذا المعنى مثال‪ :‬مياه البحر واألنهار وأشعة الشمس والرياح‪،‬‬
‫فهذه األشياء ال يستأثر بحيازتها ألن طبيعتها ال تقبل الحيازة المنفردة‪ ،‬أما إذا استأثر‬
‫شخص بجزء قليل منها فيصح ذلك ويكون قابال للتعام&&ل في&&ه‪ ،‬كمن يس&&تعمل اله&&واء‬
‫الضغوط ويبيعه في معدات مخصصة لذلك‪ ،‬وهذا م&ا نص&ت علي&ه الم&ادة ‪2/ 682‬‬
‫من القانون المدني‪.‬‬
‫ب ‪-‬األشياء الخارجة عن التعامل بحكم القانون‪:‬‬
‫هي األشياء التي ال يجيز القانون أن تكون محال للحقوق المالية وهي األموال العام&&ة‬
‫مهما كانت طبيعته&&ا و أم&&وال الوق&&ف بحث ال تس&&قط بالتق&&ادم وتكتس&&ب ك&&ذلك‪ ،‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 689‬من القانون المدني على انه " ال يجوز التصرف في أموال الدولة‬
‫أو حجزها أو تملكها بالتقادم غير أن الق&&وانين ال&&تي تخص&&ص ه&&ذه األم&&وال إلح&&دى‬
‫المؤسسات المشار غليه&&ا في الم&&ادة ‪، 688‬تح&&دد ش&&روط إدارته&&ا‪ ،‬وعن&&د االقتض&&اء‬
‫شروط عدم التصرف فيها"‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬األشياء المنقولة‪:‬‬
‫األش&&ياء المنقول&&ة هي ال&&تي يمكن نقله&&ا من مكانه&&ا دون تل&&ف كالس&&فن والط&&ائر ات‬
‫وغيرها من األشياء‪ ،‬بحيث نصت المادة ‪ 683‬من القانون المدني "كل شيء مس&&تقر‬
‫في حيزه وثابت فيه وال يمكن نقله منه دون تلف فهو عق&&ار‪ ،‬وماع&&دا ذل&&ك من ش&&يئ‬
‫فهو منقول‪ ".‬ومن خالل هذا نستنتج نوعين من المنقوالت وهي‪:‬‬
‫أ ‪-‬المنقول بطبيعته‪:‬‬
‫هو كل شيء مستقر ويمكن نقل&&ه دون تل&&ف‪ ،‬أي األش&&ياء القابل&&ة للحرك&&ة والنق&&ل من‬
‫مكان إلى آخر بحكم طبيعتها‪ ،‬وال تت&&أثر به&&ذا النق&&ل س&&واء ك&&ان النق&&ل ذاتي&&ا أو بق&&وة‬
‫أجنبي&&ة‪ ،‬مث&&ل الم&&واد الخش&&بية والحدي&&دة المع&&دة لالس&&تعمال الم&&نزلي والتج&&اري‬
‫والصناعي‪ ،‬كما يعد أيضا من المنقوالت األشياء المعنوية كاالختراع&&ات والعالم&&ات‬
‫التجارية‪.‬‬
‫ب ‪-‬المنقول بحسب المآل‪:‬‬
‫يمكن أن يصبح العقار منقوال‪ ،‬لذلك يعامل القانون العقار بطبيعته معاملة المنقول‪ ،‬إًذ‬
‫العقار في هذه الحالة يعتبر منقوال بحسب المآل‪ ،‬فالقانون يفترض أن الش&&يء منق&&وال‬
‫مع أنه عقار طبيعته‪ ،‬ف&&المنقوالت بحس&&ب الم&&آل هي العق&&ارات بطبيعته&&ا ولكن تفق&&د‬
‫صفتها كعقار بمجرد انفصالها عن األرض‪ ،‬أو المنازل إذا بيعت بقص&&د ه&&دمها ف&&إن‬
‫البيع يعتبر وارداً على منقول بحس&&ب الم&&آل‪ ،‬وتأخ&&ذ حكم المنق&&ول اعتب&&ار لم&&ا آلت‬
‫إليه‪.‬‬

‫صفحة | ‪40‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األشياء المثلية والقيمية‬
‫األشياء المثلية هي التي يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء‪ ،‬أما األشياء القيمي&&ة فهي‬
‫التي تقدر عادة في التعامل بالعدد أو المق&اس‪ ،‬وعلى ه&ذا األس&اس تم تقس&يم األش&ياء‬
‫من حيث تعيينه&&ا إلى مثلي&&ة وقيمي&&ة‪ ،‬وعلي&&ه تن&&اولت األش&&ياء المثلي&&ة أوال‪ ،‬واألش&&ياء‬
‫القيمية ثانيا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬األشياء المثلية‪:‬‬
‫األشياء المثلية ويقصد بها األشياء التي يقوم بعضها مقام بعض عن&&د الوف&&اء‪ ،‬بمع&&نى‬
‫أن المال المثلي هو ما يوجد له مثل ونظير في الس&&وق وقت حل&&ول األج&&ل من غ&&ير‬
‫تفاوت في أجزائه أو وحداته يعتد به في التعامل‪ ،‬وال يكون سببا في نشوء ن&&زاع بين‬
‫المتعاقدين‪ ،‬وقد حددتها الم&&ادة ‪ 686‬من الق&&انون الم&&دني "األش&&ياء المثلي&&ة هي ال&&تي‬
‫يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء والتي تق&&در ع&&ادة بين الن&&اس بالع&&دد أو الكي&&ل أو‬
‫الوزن"‪ .‬ومن خالل هذا النص نستنتج أن األشياء المثلي&ة هي ال&تي يوج&د له&ا نظ&ير‬
‫وتقدر عادة بين الناس بالعدد كالخردوات أو المقي&&اس كاألقمش&&ة أو الكي&&ل ك&&الحبوب‬
‫والموزونات‪ ،‬فإذا التزم الشخص بتسليم عدد معين من الحديد المخص&&ص للبن&&اء عن‬
‫طريق اإلعارة إلى أج&&ل معين‪ ،‬فإن&&ه يس&&تطيع أن ي&&وفي ب&&ه عن&&د حل&&ول األج&&ل ألن&&ه‬
‫موجود في األسواق‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬األشياء القيمية‪:‬‬
‫األشياء القيمية يقصد بها األشياء الغير متشابهة أو المعينة بالذات‪ ،‬فهي التي تتف&&اوت‬
‫تفاوتا كبيرا فيما بينها يعتد به عند التعامل فيها‪ ،‬ولذا ال يقوم بعضها مقام بعض عن&&د‬
‫الوفاء لعدم وج&&ود مث&&ل له&&ا من جنس&&ه في الس&&وق كم&&نزل معين أو أرض معين&&ة أو‬
‫حيوان معين‪ ،‬فهذه األشياء تتعين بذاتها عن طريق تعيين مواصفاتها تعيينا دقيقا نافيا‬
‫للجهالة كسيارة معينة بلونها وسنة بداية سيرها عدد مقاعدها وعالمة مص&&نعها مثال‪،‬‬
‫أو منزل معين بكل األوصاف من حيث الطوابق وعدد الغرف والمساحة اإلجمالي&&ة‪،‬‬
‫فإذا التزم شخص بتسليم منزل معين فإن الوفاء ال يصح عن طريق تسليم منزل آخر‬
‫حتى ولو كان مشابها تماما للمنزل المتفق عليه‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬األشياء القابلة وغير القابلة لالستهالك‬
‫تقسم األشياء بحسب األثر الذي يحدثه االستعمال فيها‪ ،‬إلى أش&&ياء قابل&&ة لالس&&تهالك‪،‬‬
‫وأشياء غير قابلة لالستهالك‪.‬‬
‫أوال‪ -‬األشياء القابلة لالستهالك‪:‬‬
‫يقصد بها األش&ياء ال&&تي ينحص&&ر اس&تعمالها بحس&ب م&&ا أع&&دت ل&&ه في اس&تهالكها أو‬
‫إنفاقها والتي ال ينتفع به&ا إال باس&تهالكها وهي ال&تي ال تحتم&ل س&وى اس&تعمال م&رة‬

‫صفحة | ‪41‬‬
‫واحدة فق&&ط‪ ،‬وال ينف&&ق به&&ا إال به&&ذا االس&&تهالك ويك&&ون اس&&تهالك ه&&ذه األش&&ياء على‬
‫صورتين‪.‬‬
‫أ‪ -‬االس&&تهالك الم&&ادي‪ :‬ويك&&ون بالقض&&اء على م&&ادة الش&&يء كاألك&&ل بالنس&&بة للطع&&ام‬
‫والحرق بالنسبة للمواد التي تتأثر بالحرق أي فناء الشيء تماما‪.‬‬
‫ب‪ -‬االس&تهالك الق&انوني‪ :‬أم&ا االس&تهالك الق&انوني لألش&ياء فيك&ون بالتص&رف فيه&ا‬
‫كإنفاق النقود وبيع البضائع المعروضة في المحالت والمتاجر‪ ،‬فيع&&د ه&&ذا الن&&وع من‬
‫االستهالك استهالكا قانونيا ال ماديا‪ ،‬أي حصول المس&&تهلك على المنفع&&ة مقاب&&ل ه&&ذا‬
‫النوع من االستهالك‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬األشياء غير القابلة لالستهالك‪:‬‬
‫وهي التي ال تستهلك بأول استعمال لها بل تبقى قابلة لالس&&تعمال م&&رات عدي&&دة دون‬
‫أن تستهلك‪ ،‬وان كانت قيمتها أو متانتها تنقصان من جراء هذا االس&&تعمال ك&&األرض‬
‫والمن&&ازل والس&&يارات وغ&&يره‪ ،‬ويمكن اإلش&&ارة إلى أن بعض األش&&ياء القابل&&ة وغ&&ير‬
‫القابلة لالستهالك ال ترجع دائما إلى طبيع&&ة الش&&يء‪ ،‬ب&&ل ق&&د ترج&&ع أحيان&&ا إلى إرادة‬
‫الشخص نفسه في جعل&&ه قاب&&ل أو غ&&ير قاب&&ل‪ ،‬كمن يمل&&ك أش&&ياء ف&&إذا عرض&&ها لل&&بيع‬
‫أصبحت قابلة لالستهالك‪ ،‬واذا احتفظ بها لالستعمال الشخصي أص&&بحت غ&&ير قابل&&ة‬
‫لالستهالك‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األعمال كمحل للحق‬
‫يعد العمل محال للحق الشخصي أي حقوق الدائنية وقد يأخذ صورة إعط&اء ش&يء أو‬
‫القيام بعمل أو االمتناع عن عمل ما‪ ،‬قد تكون األعم&&ال إم&&ا إيجابي&&ة أو س&&لبية وذل&&ك‬
‫بحسب اعتبارها محال أو موضوعا للحقوق الشخصية‪ ،‬فيجب أن تكون هذه األعمال‬
‫ممكن&&ة ومعين&&ة أو قابل&&ة للتع&&يين ومش&&روعة‪ ،‬ويجب أن نم&&يز بين الح&&ق ومحل&&ه‪،‬‬
‫ومضمون الحق هو سلطات صاحب الحق واألعمال التي تخوله&&ا ل&&ه ه&&ذه الس&&لطات‬
‫وهذا يختلف باختالف الحقوق‪.‬‬
‫الحق الشخصي هو االستئثار الذي يقره القانون لش&&خص من األش&&خاص ويك&&ون ل&&ه‬
‫بمقتضاه أداء معين‪ ،‬وهو أي نشاط يبذله الشخص سواء جسميا أو عقليا‪ ،‬ويعد العمل‬
‫محال للح&&ق في الحق&&وق الشخص&&ية عام&&ة بخالف الح&&ق العي&&ني ال&&ذ ي ي&&رد على‬
‫األشياء‪ ،‬والعمل محل الحق الشخصي ق&&د يك&&ون إيجابي&&ا ك&&التزام المق&&اول بالبن&&اء أو‬
‫االلتزام المؤجر بتمكين المستأجر من االنتفاع بالعين الم&&ؤجرة‪ ،‬وق&&د يك&&ون االل&&تزام‬
‫سلبيا كتعه&&د ت&&اجر لت&&اجر آخ&ر بع&&دم بي&&ع ن&&وع معين&&ا من الس&لع خش&ية المنافس&ة أو‬
‫االمتناع عن عمل معين‪ .‬وعليه تطرقت إلى االل&&تزام بالقي&&ام أو االمتن&&اع عن العم&&ل‬
‫في الفرع األول‪ ،‬ثم تناولت شروط العمل كمحل للحق في الفرع الثاني‪.‬‬

‫صفحة | ‪42‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االلتزام بالقيام بعمل أو االمتناع عن عمل‬
‫سبقت اإلشارة إلى أن محل الحق قد يكون شيئا وقد يكون عمال‪ ،‬وفي الحالة األخيرة‬
‫تكون هناك عالقة دائنية بين شخصين يلتزم أحدهما أو كالهم&&ا اتج&&اه اآلخ&&ر بالقي&&ام‬
‫بعمل أو االمتناع عن عمل‪ ،‬وقد يكون العمل محال للحق‪ ،‬في هذه الحالة تكون هناك‬
‫عالقة دائنية بين شخصين يل&&تزم أح&&دهما‪ ،‬أو كالهم&&ا اتج&&اه اآلخ&&ر بالقي&&ام بعم&&ل أو‬
‫االمتناع‪ ،‬كما أن األعمال هي وقائع تحدث بفعل اإلنسان وتدخل إرادته في ح&&دوثها‪،‬‬
‫وتنقسم إلى أعمال مادية وأعمال قانونية‪.‬‬
‫وعليه وفي إطار هذا المطلب تطرقت إلى تعريف العمل في الفرع األول‪ ،‬ثم تناولت‬
‫التزام المدين بالقيام بعمل في الفرع الثاني‪ ،‬وفي األخير التزام الم&&دين باالمتن&&اع عن‬
‫عمل وهذا في الفرع الثالث‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف العمل‪:‬‬
‫العمل هو ذلك النشاط الذي يق&وم ب&ه الف&رد من أج&ل تلبي&ة رغبات&ه‪ ،‬س&واء ك&ان ه&ذا‬
‫العمل ذهني فكري أو نشاط عضلي‪ ،‬وقد يقوم به الفرد نتيج&&ة ال&&تزا م&&ه تج&&اه الغ&&ير‬
‫بالقيام بعمل أو االمتناع عنه فيكون هذا العمل وفاء للتزامه‪ ،‬وعلي&&ه نتط&&رق في ه&&ذا‬
‫الف&&رع إلى تعري&&ف العم&&ل لغ&&ة واص&&طالحا أوال‪ ،‬ثم نتن&&اول األعم&&ال المادي&&ة ثاني&&ا‪،‬‬
‫واألعمال القانونية ثالثا‪.‬‬
‫‪- 1‬لغ;;;ة واص;;;طالحا ‪ :‬نتط&&&رق إلى التعري&&&ف اللغ&&&وي للعم&&&ل أوال‪ ،‬ثم التعري&&&ف‬
‫االصطالحي ثانيا‪.‬‬
‫أ‪ -‬العمل لغة‪:‬‬
‫يعرف العمل من الناحية اللغوية بأنه "الحركة‪ ،‬الجهد‪ ،‬فعل حرفة‪ ،‬وظيفة وهو نت&&اج‬
‫حركة جميع الكائنات الحية" أي الجهد الموجه نحو إنجاز هدف معين‪.‬‬
‫ب‪ -‬العمل اصطالحا‪:‬‬
‫أما اصطالحا "هو كل جهد فكري أو عضلي يبذله الفرد للحص&&ول على مقاب&&ل بغي&&ة‬
‫تلبية رغباته واحتياجاته وهو وسيلة تساعد على إدماج الفرد داخل المجتمع وتك&&وين‬
‫شخصيته"‪.‬‬
‫فمن خالل التعريف اللغوي واالصطالحي نستنتج أن العمل هو ب&&ذل جه&&د ذه&&ني أو‬
‫عضلي‪ ،‬كما انه نشاط اجتماعي يربطه بالمجتمع لتحقيق غاية ما‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬أنواع األعمال‪:‬‬
‫تنقسم األعمال إلى أعمال مادية وأخرى قانونية‪ ،‬سنبينه فيما يأتي‪:‬‬

‫صفحة | ‪43‬‬
‫أ ‪-‬األعمال المادية‪ :‬األعمال المادية هي تلك التي يأتيه&&ا اإلنس&&ان دون قص&&د ت&&رتيب‬
‫أثار قانونية عليها ومع ذلك فقد يقص&&د من إتي&&ان ه&&ذه األعم&&ال ت&&رتيب أث&&ار قانوني&&ة‬
‫عليها‪ ،‬ومثال ذلك إذا صدم شخص بسيارته شخص آخر فهذه الواقع&&ة مادي&&ة أو ه&&ذا‬
‫العمل مادي غير مقصود يرتب عليه القانون تع&&ويض الض&&رر ال ينش&&أ عن إرادت&&ه‪،‬‬
‫وانما ينشأ عن واقعة العمل الذي حدث وتع&&ويض الش&&خص المص&&اب‪ ،‬أم&&ا األعم&&ال‬
‫التي يأتيها الشخص قص&د أثاره&ا القانوني&ة‪ ،‬ب&أن يق&وم بوض&ع ي&ده على ش&يء غ&ير‬
‫ممل&&وك ل&&ه وممل&&وك لغ&&يره‪ ،‬فه&&و يقص&&د به&&ذا العم&&ل الم&&ادي أن ي&&ترتب علي&&ه أث&&ره‬
‫القانوني وهو تملكه لهذا المال بوضع اليد إذا توفرت شروطه القانونية‪ ،‬وبذلك يرتب‬
‫القانون مثل هذا األثر على الفعل المادي المقصود اآلثار القانونية‪.‬‬
‫ب ‪-‬األعمال القانونية‪ :‬العمل القانوني هو تصرف قانوني‪ ،‬وقد يكون العمل القانوني‬
‫عبارة عن اتجاه إرادة واحدة نحو ترتيب أث&&ر ق&&انوني معين وهي األعم&&ال القانوني&&ة‬
‫التي تتجه فيه&ا اإلرادة إلى إح&داث أث&ر ق&انوني‪ ،‬كإنش&اء ح&ق شخص&ي أو عي&ني أو‬
‫إنهائه‪ ،‬فاإلرادة المنفردة تتمثل في الوص&&ية أو الوع&&د بالج&&ائزة مثال‪ ،‬وهي إرادة من‬
‫طرف واحد دون تدخل إرادة الطرف اآلخر وهو المس&&تفيد من ه&&ذا األث&&ر الق&&انوني‪،‬‬
‫والتصرفات القانونية تكون ثنائية كعقد اإليجار مثال‪ ،‬فالمؤجر في عقد اإليجار تتج&&ه‬
‫إرادته نحو تمكين المستأجر من االنتفاع بالعين المؤجرة‪ ،‬وكذلك فإن المستأجر تتجه‬
‫إرادته إلى الوفاء باألجرة في ميعادها للمؤجر‪ ،‬فهنا األثر الق&&انوني ي&&ترتب بمقتض&&ى‬
‫توافق اإلرادتين على إحداث األثر المطلوب‪ ،‬ونتيجة ذلك تسمى التصرفات القانونية‬
‫بالمصادر اإلرادية لاللتزام‪ ،‬وعليه تقسم األعمال القانونية إلى قسمين رئيسيين‪ ،‬قس&&م‬
‫يصدر من جانب واحد وقسم آخر يلزم لكي ي&ترتب أث&اره أن يص&در ه&ذا العم&ل من‬
‫جانبين أي إرادة مشتركة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬التزام المدين القيام بعمل‬
‫االلتزام بالقيام بعمل‪ ،‬ويقصد بااللتزام بعمل التزام المدين تجاه ال&&دائن بب&&ذل مجه&&ود‬
‫عضلي أو ذهني أو عضلي وذهني في الوقت نفسه‪ ،‬وق&د تك&ون لش&خص الم&دين في‬
‫هذا النوع من االلتزامات أهمية واعتبار خاص‪ ،‬وتبعا لذلك يتوجب على المدين أداء‬
‫التزامه شخصيا وال يجوز أن ي&&نيب أي ش&&خص آخ&&ر لينف&&ذ م ب&&دال عن&&ه واال اعت&&بر‬
‫مخال بالتنفيذ‪ ،‬ومثال ذلك الّر سام والممث&&ل والمغ&&ني حيث يعت&&بر شخص&&ه ذو اعتب&&ار‬
‫خاص في تنفيذ االلتزام‪ ،‬ذلك أن التعاقد م&&ع أي منهم ج&&اء نتيج&&ة الكف&&اءة الشخص&&ية‬
‫لكل منهم‪ ،‬وكذلك التزام الوكيل بما تتضمنه الوكالة‪ ،‬وعليه يكون الملتزم إما االلتزام‬
‫ببذل العناية‪ ،‬أو بتحقيق نتيجة‪.‬‬
‫أ ‪-‬االلتزام ببذل عناية‪:‬‬
‫االلتزام ببذل عناية هو أن ينتظر الدائن من وراء التنفيذ السليم االلتزام ال&&ذي يتحمل&&ه‬
‫المدين مسألة محددة‪ ،‬فإذا اقتصر نط&&اق ه&&ذه المس&&ألة على ب&&ذل العناي&&ة الالزم&&ة في‬
‫صفحة | ‪44‬‬
‫تنفيذ االلتزام‪ ،‬كان هذا االلتزام هو التزاما بب&ذل عناي&ة‪ ،‬بمع&نى أن&ه إذا ك&انت نتيج&ة‬
‫تنفيذ االلتزام بالشكل السليم غير محققة أو على األقل غير محددة بش&كل دقي&ق‪ ،‬ك&ان‬
‫االلتزام التزاما ببذل عناية‪ ،‬ألن العبرة هنا في المجهود المبذول من ط&&رف الم&&دين‪،‬‬
‫بغض النظر عن النتيجة التي قد تتحقق وقد ال تتحقق فيقع على المدين في هذا النوع‬
‫من االلتزامات بذل العناية التي يفرضها عليه الق&&انون‪ ،‬وهي عناي&&ة الرج&&ل الع&&ادي‪،‬‬
‫أو ما يطلق عليه ك&ذلك بعناي&ة الرج&ل المعت&اد‪ .‬كم&ا يك&ون ملزم&ا باس&تعمال أفض&ل‬
‫الوسائل الممكنة‪ ،‬وباستعمال أكبر قدر من الحيطة والجهد‪ ،‬فال يكون ضامنا لتحقي&&ق‬
‫نتيجة ولكن ببذل عناية‪ ،‬فالطبيب ال يكون ملزما بش&فاء الم&&ريض ولكن يل&&تزم بعم&&ل‬
‫ما في وسعه لتحقيق الغ&&رض‪ ،‬وفي جمي&&ع ه&&ذه الص&&ور يجب على الم&&دين أن يق&&وم‬
‫بالوفاء بالتزامه هذا واال حقت عليه مسئولية أداة التعويض‪.‬‬
‫ب ‪-‬االلتزام بتحقيق نتيجة‪:‬‬
‫االلتزام بتحقيق نتيجة االلتزام يجعل منها محل االعتب&&ار في تنفي&&ذ الم&&دين اللتزام&&ه‪،‬‬
‫فعلى خالف االل&&تزام بب&&ذل عناي&&ة‪ ،‬ف&&إن ال&&دائن في االل&&تزام بتحقي&&ق نتيج&&ة ال يكتفي‬
‫بالعناية المبذول&&ة في س&&بيل تنفي&&ذ االل&&تزام‪ ،‬وانم&&ا ينتظ&&ر من الم&&دين تحقي&&ق النتيج&&ة‬
‫المحددة في االلتزام‪ ،‬بمعنى أن&&ه يك&&ون في االل&&تزام بتحقي&&ق النتيج&&ة مض&&مون األداء‬
‫الذي يقوم به المدين هو بذاته الغاية المحققة والتي يسعى إليها الدائن‪ ،‬مثال ذل&&ك ففي‬
‫عقد البيع يلتزم البائع بنقل الملكية إلى المشتري‪ ،‬ويل&تزم في المقاب&ل المش&تري ب&دفع‬
‫الثمن إلى البائع‪ ،‬وال يكون كل من البائع والمشتري منفذا اللتزامه إال بتحقيق ه&&اتين‬
‫الواقعتين أي نقل الملكي&&ة ودف&&ع الثمن‪ ،‬كم&&ا ال يعت&&بر رب العم&&ل منف&&ذا اللتزام&&ه اال‬
‫بتحقق نتيجة دفع األجرة‪ .‬وإذا كان محل االل&&تزام بعم&&ل المحافظ&&ة على الش&&يء كم&&ا‬
‫في حالة التزام المودع لديه أو المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة‪ ،‬فإن الم&&دين‬
‫يكون ق&&د نف&&ذ التزام&&ه عيني&&ا إذا ب&&ذل عناي&&ة الرج&&ل الع&&ادي في المحافظ&&ة على ه&&ذا‬
‫الش&&يء‪ ،‬حيث نص&&ت الم&&ادة ‪ 172‬من الق&&انون الم&&دني على م&&ا ي&&أتي "في االل&&تزام‬
‫بعمل‪ ،‬إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشيء‪ ،‬أو أن يقوم بإدارته أو أن‬
‫يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فإن المدين يكون قد وفى بااللتزام إذا بذل في تنفي&&ذه‬
‫من العناية كل ما يبذله الشخص العادي‪ ،‬ولو لم يتحقق الغرض المقصود‪ .‬هذا م&&ا لم‬
‫ينص القانون أو االتفاق على خالف ذلك"‪.‬‬
‫وتضيف الفقرة الثانية من المادة المذكورة أعاله على ما يأتي "وعلى ك&&ل ح&&ال يبقى‬
‫المدين مسؤوال عن غشه أو خطئه الجسيم"‪ ،‬أي إذا حدث الخطأ وت&&بين ع&&دم تحقي&&ق‬
‫الغرض المقصود من االلتزام يرجع إلى غش أو خطأ وق&&ع من الم&&دين أثن&&اء التنفي&&ذ‬
‫كان المدين هو المسؤول عن النتيج&ة المحقق&&ة‪ .‬ومن خالل م&&ا تم التع&&رض ل&&ه‪ ،‬ف&إن‬
‫محل الحق الشخصي الذي موضوعه االلتزام بالقي&&ام بعم&&ل‪ ،‬وه&&ذا العم&&ل ق&&د يك&&ون‬
‫التزاما بتحقيق نتيجة‪ ،‬وقد يكون التزاما ببذل عناية‪ ،‬أما االلتزام بتحقيق نتيجة فيكون‬

‫صفحة | ‪45‬‬
‫كذلك إذا كان موضوعه محددا فيكون الم&دين ملزم&ا بتحقي&ق نتيج&ة معين&ة ك&المورد‬
‫فهو ملتزم بتسليم البضاعة في المكان وفي الزمان المحددين‪ ،‬ويعت&&بر مخال بالتزام&&ه‬
‫إذا لم يحقق هذه النتيجة‪ ،‬أما بذل العناية تكون وف&ق معي&ار الرج&ل الع&ادي والمل&تزم‬
‫غ&&ير مج&&بر على النتيج&&ة ب&&ل ب&&ذل العناي&&ة فق&&ط‪ ،‬ويت&&بين من خالل ذل&&ك أن االل&&تزام‬
‫بتحقيق نتيجة أو بذل عناية هو في جوهره وحقيقته التزام بعمل‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬إلتزام المدين باإلمتناع عن القيام بعمل‪:‬‬
‫االلتزام باالمتناع عن عمل قد يلتزم المدين في مواجهة الدائن بعدم القيام بعمل معين‬
‫ومثل ذلك تعهد ممثل لصاحب مسرح أن يتوفق عن التمثيل دوره في مس&رحية لم&دة‬
‫معينة لكي يفسح المجال أمام ممثل ثاني‪ ،‬كما يمكن أن يك&&ون االل&&تزام باالمتن&&اع عن‬
‫عمل هو االلتزام الرئيسي في العقد ويرى بعض الشراح أن عقد الص&&لح ه&&و أحس&&ن‬
‫مثال على ذلك‪ ،‬إذ أن محل االلتزام الرئيسي فيه هو النزول عن الح&&ق في ال&&دعوى‪،‬‬
‫أي أن التزام ك&&ل من الط&&رفين بع&&دم االلتج&&اء إلى القض&&اء أم&&ر ض&&روري العتب&&ار‬
‫الوضع المتنازع عليه قد زال‪ .‬وهذا النوع من االل&&تزام أي ال&&تزام بع&&دم القي&&ام بعم&&ل‬
‫كان مسموحا له قبل التعاقد‪ ،‬وعلى هذا فإن القول باالمتناع عن عم&&ل ال يقص&&د من&&ه‬
‫االمتناع عما يحظره القانون بمعنى األفعال غير المشروعة‪ ،‬بل بالعكس يقص&&د من&&ه‬
‫االمتناع عن عمل يسمح القانون بالقيام به‪ ،‬ومثال ذلك ال&&تزام المغ&&ني باالمتن&&اع عن‬
‫الغناء لشركة معينة ولمدة معينة‪.‬‬
‫ومحل هذا االلتزام هو امتناع المدين عن القيام بعمل‪ ،‬وبهذا االمتناع يض&&يق الم&&دين‬
‫من مجال نشاطه الطبيعي المسموح له قانونا عن عمل م&&ادي‪ ،‬كامتن&&اع الج&&ار بع&&دم‬
‫البناء على مسافة معينة من م&&نزل ج&&اره‪ ،‬وق&&د يك&&ون امتناع&&ا العام&&ل عم&&ل ق&&انوني‬
‫كااللتزام بعدم منافسة رب العمل بعد انتهاء العقد‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط العمل كمحل للحق‬
‫يشترط في الحق حتى يكون العمل محل للحق أن يكون ممكنا غير مستحيل اس&&تحالة‬
‫مطلقة وموضوعية ال ذاتية‪ ،‬وأن يكون معينا أو قابل للتعيين غ&&ير مجه&&ول أي نافي&&ا‬
‫للجهالة‪ ،‬وأن يكون مشروعا غير ممن&&وع قانون&&ا أو أخالقي&&ا‪ ،‬أو يمنع&&ه النظ&&ام الع&&ام‬
‫واآلداب العامة‪ ،‬وهذا العمل يأخذ صورة القيام بعمل أو االمتناع عن عمل‪.‬‬
‫أوال‪ -‬أن يكون العمل محل االلتزام ممكنا‪:‬‬
‫يقصد باإلمكان أن يكون المحل ليس مس&&تحيال‪ ،‬واالس&&تحالة نوع&&ان اس&&تحالة مطلق&&ة‬
‫واستحالة نسبية‪ ،‬ومعناه أن يكون عمل محل الحق ممكنا فإذا ك&&ان مس&&تحيال ال يق&&وم‬
‫االلتزام ألنه ال التزام بمحل بمستحيل ويقص&&د باالس&&تحالة أن ال يك&&ون في اس&&تطاعة‬
‫أحد القيام بالعمل سواء كانت استحالة مادية أو قانونية‪.‬‬

‫صفحة | ‪46‬‬
‫فاالستحالة المطلقة هي التي يكون فيها المحل مستحيال وغير ممكن في الحاض&&ر أو‬
‫في المستقبل‪ ،‬ومثال هذه االستحالة أن يعد شخص بعالج شخص تبين أن&&ه ق&&د ت&&وفي‬
‫منذ لحظات فال يمكن تصور قيام عق&&د في ه&&ذا الش&&أن‪ ،‬وه&&ذه االس&&تحالة مطلق&&ة وال‬
‫يمكن وجود المحل الملتزم به ال في الح&ال أو في المس&تقبل وعلي&&ه تجع&&ل التص&&رف‬
‫باطال‪ .‬أما إذا كانت االس&تحالة نس&بية ف&إن ه&ذا ال يمن&ع من قي&ام االل&تزام فق&د يل&تزم‬
‫شخصا ما بالقيام بعمل ما ويكون مستحيال عليه‪ ،‬ولكن ال يستحيل على شخص آخ&&ر‬
‫ففي هذه الحالة يوجد االلتزام ويقوم على محل صحيح‪ ،‬فإن العقد ال يكون باطال ألن‬
‫االستحالة ليست مطلقة‪ .‬القاعدة في ه&&ذا الص&&دد أن&&ه ال ال&&تزام بمس&&تحيل أي ال يمكن‬
‫إبرام عقد تكون نتيجته مس&&تحيلة اس&&تحالة مطلق&&ة‪ ،‬ب&&ل يقص&&د ب&&ه اس&&تطاعة الط&&رف‬
‫اآلخر تنفيذ هذا االلتزام والمتمثل في العمل محل الحق‪ ،‬حيث نص&&ت الم&&ادة ‪ 93‬من‬
‫القانون المدني على ما يلي"إذا كان محل االلتزام مستحيال في ذاته أو مخالف&&ا للنظ&&ام‬
‫العام أو اآلداب كان باطال بطالنا مطلقا" فاالس&&تحالة ال&&تي تمن&&ع من أن يك&&ون العق&&د‬
‫صحيحا هي االستحالة المطلق&&ة دون النس&&بية وي&&راعي أن تك&&ون االس&&تحالة المطلق&&ة‬
‫وقت إبرام العقد حتى تمنع من قي&&ام العق&&د‪ ،‬فمثال إذا ك&&ان المح&&ل أرض&&ا وقت إب&&رام‬
‫العقد‪ ،‬ثم أصبح مستحيال بسبب نزع ملكية هذه األرض من أجل المنفعة العام&&ة‪ ،‬في‬
‫هذه الحالة البيع ال يعتبر باطال وانما يفس&خ العق&د‪ .‬وان ك&ان المش&رع الجزائ&ري ق&د‬
‫أباح التعامل في األش&ياء المس&تقبلية إال أن&ه ق&د اس&تثنى من ذل&ك التعام&ل في الترك&ة‬
‫المستقبلية لإلنسان حال حياته فقد نصت المادة ‪ 2/ 92‬من الق&&انون الم&&دني على م&&ا‬
‫يأتي‪" :‬غير أن تعامل في تركة إنسان على قيد الحياة باطن ولو كان برض&&اه‪ ،‬إال في‬
‫األحوال المنصوص عليها في القانون"‪ .‬فنستنتج من هذا النص أن التعامل في ترك&&ة‬
‫اإلنسان قبل وفاته ال تج&&وز ول&&و برض&&اه‪ ،‬وه&&ذا خروج&&ا على القاع&&دة ال&&تي تقض&&ي‬
‫بجواز التعامل في األشياء المستقبلية محققة الوجود‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬أن يكون العمل معينا أو قابال للتعيين‪:‬‬
‫لكي يك&&ون العم&&ل محال االل&&تزام يجب أن يك&&ون العم&&ل معين&&ا‪ ،‬أو على األق&&ل ق&&ابال‬
‫للتعيين‪ ،‬أي يجب أن يك&&ون التع&&يين تعيين&&ا دقيق&&ا نافي&&ا للجهال&&ة‪ ،‬ألن&&ه إذا ك&&ان مح&&ل‬
‫االلتزام مجهوال وغير معين تع&&ذر الوص&&ول على تحدي&&ده‪ ،‬والغاي&&ة من تع&&يين مح&ل‬
‫االلتزام هو تفادي المشاكل التي قد تنشأ من عدم تحديد المحل‪ ،‬والتعيين واجب سواء‬
‫كان محل االلتزام عمال أو إعطاء شيء لتجنب المنازعات التي قد تثار بين أط&&راف‬
‫العقد فال ينشأ االلتزام وبالتالي ال يقوم العقد‪.‬‬
‫فإذا تعهد مقاوال ببناء منزل وجب أن يكون هذا البناء معين أو أن يكون قابال للتعيين‬
‫فإذا اقتصر التزام الشخص على إقامة بناء فقط دون تعيينه أو دون أن يستخلص من‬
‫الظروف إمكان تعيينه ال يوجد محل ويكون في حكم المع&&دوم‪ ،‬وفي عق&&د ال&&بيع مثال‬
‫يلتزم البائع بنقل ملكية الش&&يء الم&&بيع إلى المش&&تري‪ ،‬ف&&إذا ك&&ان الش&&يء معين&&ا بذات&&ه‬

‫صفحة | ‪47‬‬
‫انتقلت الملكية بمجرد البيع دون أن يكون البائع ملزم&ا بش&يء‪ ،‬كم&ا يس&مح بحص&ول‬
‫التوافق بين اإلرادتين على هذا االلتزام‪.‬‬
‫ويتحدد معنى هذا الشرط بحس&&ب طبيع&&ة األداء ال&&ذي يل&&تزم ب&&ه الم&&دين‪ ،‬ف&&إذا تحق&&ق‬
‫تعيين المحل س&&واء حاض&&را أو مس&&تقبال عمال ك&&ان أو امتن&&اع عن عم&&ل ك&&ان مح&&ل‬
‫االلتزام صحيحا وقام العقد‪ ،‬وإذا كان هذا المحل غير محدد وال ق&&ابال للتحدي&&د ينه&&ار‬
‫ويبطل العقد‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬أن يكون محل العمل مشروعا‪:‬‬
‫ويقصد به أن يكون العم&&ل غ&&ير مخ&&الف للنظ&&ام الع&&ام واآلداب العام&&ة‪ ،‬أي يجب أن‬
‫تكون كل تصرفات األشخاص وعقودهم واتفاقاتهم في كنف المش&&روعية والقانوني&&ة‪،‬‬
‫وال تخرج عن هذا اإلطار وتبطل ك&&ل األعم&&ال المخالف&&ة ل&&ذلك‪ ،‬ف&&إذا ال&&تزم ش&&خص‬
‫بإتالف مال شخص ما أو قتله مثال مقابل مبلغ مالي يدفع له كان ه&&ذا االتف&&اق ب&&اطال‬
‫بطالنا مطلق&&ا‪ .‬ال يق&&وم االل&تزام إذا ك&&ان محل&&ه غ&&ير مش&روع‪ ،‬ويك&&ون المح&ل غ&&ير‬
‫مشروع إذا كان مخالفا لقواعد القانون اآلمرة أو النظام العام واآلداب العامة‪ ،‬ف&&إذا لم‬
‫يتوفر ذلك فإنه ال يصح أن يكون محال للحق‪ ،‬كااللتزام بارتكاب جريمة فه&&و ب&&اطال‬
‫لمخالفته للنظام العام‪ ،‬وكذلك االلتزام بتوريد المخدرات فهو باطال أيض&&ا‪ ،‬بمع&&نى أن‬
‫يكون العمل مح&&ل االل&&تزام مش&&روعا وغ&&ير مخ&&الف للنظ&&ام الع&&ام ح&&تى يق&&وم العق&&د‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد نصت المادة ‪ 97‬من القانون الم&&دني الجزائ&&ري على م&&ا ي&&أتي‪" :‬إذا‬
‫التزم المتعاقد لسبب غير مشروع أو لسبب مخالف للنظام العام أو لآلداب كان العق&&د‬
‫باطال"‪ ،‬حيث يتضح من خالل هذا النص أنه يلزم توافر شرط المشروعية في مح&&ل‬
‫االلتزام بمعنى أن يكون سائغا قانونا‪ ،‬فإذا كان المحل غير مشروع ال يق&&وم االل&&تزام‬
‫وبطل العقد النتفاء محله‪ ،‬أي وجوب أن يكون محل ضمن دائرة التعامل‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الحماية القانونية للحق‬
‫تشكل الحماية القانونية للحق عنص&&ر الح&ق حيث يض&&من الق&&انون لص&&احبه الوس&ائل‬
‫القانونية الـكفيلة بدفع التع&&رض الص&&ادر من الغ&&ير م&&تى وق&&ع اعت&&داء على ح&&ق من‬
‫الحقوق‪ ،‬وال تتسم حماية الحق إال عن طريق ال&&دعوى القض&&ائية وهي الس&&لطة ال&&تي‬
‫يخولها النظام القانوني للشخص لاللتجاء إلى المح&اكم من أج&ل حماي&&ة حق&&ه مح&اوال‬
‫إثباته‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الدعوى‬

‫صفحة | ‪48‬‬
‫الدعوى هي الوسيلة األساسية لحماية الحق أمام القضاء‪ ،‬والتي يرجع إليها الم&&دعي‬
‫لتحريك القضاء للحصول على تقرير حقه أو حمايته‪ ،‬فهي إذن القدرة اإلرادي&&ة ال&&تي‬
‫يتكون منها الحق‪.‬‬
‫تعد الدعوى ح&ق موض&&وعي دائم ومس&تمر‪ ،‬وهي من حق&&وق الشخص&&ية أو الحق&&وق‬
‫العامة التي ال يجوز التنازل عنها‪ ،‬وكل حق موضوعي من الحقوق التامة يقترن ب&&ه‬
‫حتما حق إجرائي هو الحق في الدعوى واقتضاء التنفيذ الجبري‪ ،‬وتجمع بين الحقين‬
‫المصلحة‪ ،‬فالحق الموضوعي غايته مصلحة‪ ،‬والح&&ق اإلج&&رائي أي ال&&دعوى غايت&&ه‬
‫تحقيق هذه المصلحة‪ ،‬فال يوجد حق بال دعوى تحميه‪ ،‬ورافع الدعوى ه&&و الش&&خص‬
‫طبيعيًا كان أو اعتباريًا‪.‬‬
‫وعليه يرفع صاحب الحق دعواه ويسمى حينئذ بالمدعي ويطلب من القض&&اء تقري&&ر‬
‫حقه أو منع االعتداء عليه في مواجهة من ينكره أو يعتدي عليه يسمى هذا بالمعت&&دي‬
‫عليه‪ .‬وكما سبق االشارة وجب أن يكون رفع ال&&دعوى من ش&&خص أه&&ل للتقاض&&ي ‪،‬‬
‫واألهلية للتقاضي تتحدد بأهلية الشخص للتصرفات التي تترتب عليه&&ا الحق&&وق ال&&تي‬
‫ترفع بشأنها الدعوى‪.‬‬
‫ولكل حق دعوى تحميه أمام القضاء‪ ،‬وُيفصل فيها القضاء بحكم يصدره‪ ،‬إما بإجاب&&ة‬
‫المدعي على طلباته كلها أو بعضها‪ ،‬وإما برفض دعواه‪ .‬وإذا حكم للم&&دعي بطلبات&&ه‬
‫يسمى حينئذ بالمحكوم له‪ ،‬فيكون له الح&&ق في أن يطلب التنفي&&ذ على الم&&دعى علي&&ه‪،‬‬
‫ويس&&مى حينئ&&ذ ب&&المحكوم علي&&ه‪ ،‬ويك&&ون طلب التنفي&&ذ بااللتج&&اء إلى الس&&لطة العام&&ة‬
‫المختصة بالتنفيذ وبذلك يصل ص&&احب الح&&ق إلى حماي&&ة حق&&ه وهي الغاي&&ة من رف&&ع‬
‫دعواه‪.‬‬
‫المصلحة أساس الدعوى‬ ‫‪-‬‬
‫ويش&&ترط في ال&&دعوى القض&&ائية ش&&روط خاص&&ة بال&&دعوى وهي المص&&لحة القانوني&&ة‬
‫والصفة أي أن يكون صاحب الحق محل االعتداء هو الذي يباشر الحق في ال&&دعوى‬
‫التي ترفع من أجل تقرير هذا الحق أو حمايته‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى ش&رط المص&لحة ف&إذا ك&انت هي ه&دف الح&ق‪ ،‬فك&ذلك المص&لحة هي‬
‫أساس الدعوى‪ ،‬فال دع&&وى حيث ال مص&&لحة‪ ،‬والمص&&لحة المقص&&ودة هي المص&&لحة‬
‫المباشرة المشروعة التي يحميها القانون وأن تك&&ون ثم&&ة مص&&لحة شخص&&ية للم&&دعي‬
‫وأن تكون ثمه مصلحة قائمة وحالة‪.‬‬
‫لمحة عن التنظيم القضائي في الجزائر‬ ‫‪-‬‬
‫يشكل التنظيم القضائي مجموع&&ة من القواع&&د ال&&تي تنظم النش&&اط القض&&ائي من حيث‬
‫تعيين المحاكم وتشكيلها وتحدي&&د اختصاص&&اتها وبي&&ان اإلج&&راءات ال&&واجب إتباعه&&ا‪.‬‬

‫صفحة | ‪49‬‬
‫والتقاضي في الجزائر على درجتين بمع&&نى أن الحكم الص&&ادر من المح&&اكم كدرج&&ة‬
‫أولى يك&&ون عرض&&ة للطعن عن طري&&ق االس&&تئناف أم&&ام المجلس القض&&ائي وهي‬
‫الدرجة الثانية‪ .‬ويتكون النظام القضائي الجزائري من ثالث طبقات من المح&&اكم هي‬
‫الجهات القضائية أي المحاكم التي تعد قضاء درجة أولى ذو االختصاص العام‪ ،‬كم&&ا‬
‫أنها قد تفصل نهائيا في قضايا معينة‪ ،‬وابتدائيا فيما عدا قض&ايا تك&ون أحكامه&ا قابل&ة‬
‫لالستئناف أمام المجالس القضائية المختصة‪ ،‬والمحكم&&ة العلي&&ا ال&&تي تختص ب&&الطعن‬
‫بالنقض في األحكام النهائية الصادرة من المجالس القضائية‪ ،‬والمحاكم على السواء‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أنواع الدعاوي القضائية‬
‫تستمد حماية الحق من القانون‪ ،‬ونركز على الحماية المكفولة في الق&&انون الم&&دني أو‬
‫الجنائي أو اإلثنين معا‪ ،‬وذلك من خالل الدعوى ال&&تي يحّر كه&&ا الش&&خص ومباش&&رتها‬
‫أمام القضاء المختص من أجل حماية حقوقه‪ ،‬فتكون إّما دعوى مدنية وإما أن تك&&ون‬
‫دعوى جزائية نتعرض إليهم تباعا‪.‬‬
‫الدعوى المدنية‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫هي ال&&تي ترف&&ع أم&&ام القض&&اء الم&&دني إذا ح&&دث اعت&&داء على أي ح&&ق من الحق&&وق‬
‫الخاصة أو المالية للشخص مهما كانت طبيعة هذا الحق بهدف حمايته‪ ،‬وأساس ه&&ذه‬
‫الدعوى هو المسؤولية المدنية‪ ،‬وقد يكون مصدر الحق المعتدى عليه هو الق&&انون أو‬
‫العقد‪ ،‬وفي الحالة األولى تسمى المسؤولية المدني&&ة مس&&ؤولية تقص&&يرية‪ ،‬وفي الحال&&ة‬
‫الثانية تسمى مسؤولية عقدية‪ ،‬وتق&&وم المس&&ؤولية المدني&&ة في الح&&التين كقاع&&دة عام&&ة‬
‫على اجتماع ثالثة شروط هي الخطأ والضرر وعالقة السببية بينهما‪ ،‬نستعرض هذه‬
‫الشروط تباعا‪:‬‬
‫‪ -1‬الخطأ‪ُ :‬يعرف الخطأ على أنه االخالل ب&التزام ق&ائم من قب&ل س&واء ك&ان التزام&ا‬
‫قانونيا أو تعاقديا‪ ،‬والخطأ ق&&د يك&&ون تعاق&&دي حيث أخ&&ل أح&&د أط&&راف العق&&د ب&&التزام‬
‫عقدي نشأ عن عقد قائم من قب&&ل رتب في ذمت&&ه مس&&ؤولية مدني&&ة عقدي&&ة‪ ،‬أم&&ا الخط&&أ‬
‫القصيري فينشأ نتيجة اخالل بالتزام ق&&انوني أي إتي&&ان س&&لوك معيب ال يأتي&&ه الرج&&ل‬
‫العادي البصير‪ ،‬مما يرتب مسؤولية مدنية تقصيرية‪.‬‬
‫‪ -2‬الضرر‪ :‬قد يكون ماديًا أو معنويًا ‪ ،‬ويكون إصالح الضرر بدفع مبل&&غ من النق&&ود‬
‫كتعويض‪ ،‬ويشمل التعويض المالي ما لحق صاحب الح&ق من خس&ارة وم&ا فات&ه من‬
‫كسب‪.‬‬
‫‪ -3‬قيام عالق;;ة الس;;ببية ‪ :‬يقص&د ب&ذلك أن الض&رر نش&أ عن خط&أ الفاع&ل ل&واله م&ا‬
‫حدث‪ ،‬وال تنقطع عالقة السببية إال بفعل المضرور أو الغير أو القوة القاهرة‪.‬‬

‫صفحة | ‪50‬‬
‫ومتى ت&&وافرت الش&روط الس&ابق ذكره&&ا ت&&رتبت المس&ؤولية المدني&&ة ومناطه&&ا ج&زاء‬
‫اإلضرار بالمصالح الخاصة‪ ،‬من خالل إلزام المسؤول بتع&&ويض الض&&ّر ر بن&&اء على‬
‫طلب المضرور‪ ،‬فيلتزم بذلك بإصالح الضرر الذي وق&&ع‪ ،‬وعلي&&ه ي&&ترتب على رف&&ع‬
‫الدعوى المدنية ‪:‬‬
‫ّأن الدعوى المدنية هي وسيلة حماية الحقوق الخاصة والمالية من خالل توقي&&ع‬ ‫‪‬‬
‫الجزاء المدني المناسب؛‬
‫رفع هذه الدعوى يعد حقا قانونيا لصاحب الحق حسب رغبته فيك&&ون ل&&ه الح&&ق‬ ‫‪‬‬
‫في التنازل عن رفعها والتصالح بشأنه‪.‬‬
‫يتم تحريكها بإتباع اإلجراءات الواردة في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫و يشترط لقبول الدعوى المدنية شروط ما يلي‪:‬‬
‫المصلحة‪ :‬وهي الفائدة المشروعة التي يرمى المدعي إلى تحقيقه&&ا بااللتج&&اء‬ ‫•‬
‫إلى القضاء‪ .‬واألصل أن تكون المصلحة قائمة وحاّلة حتى تقبل الدعوى‪ ،‬واإلستثناء‬
‫هو قبول المصلحة االحتمالية في أحوال معينة فقط‪ ،‬وال دعوى حيث ال مصلحة‪.‬‬
‫الصفة‪ :‬وهي أن تنسب الدعوى إيجابا لصاحب الحق في الدعوى‪ ،‬وسلبا لمن‬ ‫•‬
‫يوجد الحق في الدعوى في مواجهته‪ .‬وقد يمنح الق&&انون شخص&&ا آخ&&ر غ&&ير ص&&احب‬
‫الحق أو نائبه الحق بمطالبة المدين بالدين‪ ،‬كما لو كان للمدعي مصلحة شخص&ية في‬
‫رفع الدعوى‪ .‬ومثال ذلك‪ ،‬الدائن الذي يستعمل حقوق مدينه عن طريق الدعوى غير‬
‫المباشرة‪.‬‬
‫أهلية التقاضي‪ :‬وهي أن يكون المتقاضي مخوال لرفع الدعاوى أمام القض&&اء‬ ‫•‬
‫بأن يكون راشدا وعاقال‪ ،‬وغير ممنوع من التقاضي بسبب عقوبة جنائية ارتكبها‪.‬‬
‫أال يوجد قانون ما يمنع سماعها‪ :‬المنع القانوني قد يكون منعا شكليًا كتحدي&&د‬ ‫•‬
‫مواعيد معينة ترفع خاللها الدعوى‪ ،‬فإذا تجاوز المدعي هذه المواعيد‪ ،‬ك&&انت دع&&واه‬
‫غير مقبولة‪ .‬أو منعا موضوعيا كسبق المحور في موضوع الدعوى‪ ،‬فيمنع من قبول‬
‫الدعوى التي سبق المحور فيها من جديد‪ ،‬حتى لو ّقدمت في الخصومة الجدي&&دة أدل&&ة‬
‫واقعية‪ ،‬وأسانيد قانونية لم يسبق إثارتها في الخصومة األولى‪.‬‬
‫وإذا كان كل اعتداء على الحق مهما كانت طبيعته يستوجب توقيع جزاء م&&دني ‪ ،‬إال‬
‫أن وس&&يلة حماي&&ة الحق&&وق المالي&&ة بم&&وجب رف&&ع ال&&دعوى المدني&&ة تختل&&ف ب&&اختالف‬
‫الحق&&وق‪ ،‬فوس&&يلة الحماي&&ة في الحق&&وق العين&&ة‪ ،‬هي ال&&دعوى العيني&&ة‪ ،‬وال&&تي يختل&&ف‬
‫موضوعها باختالف األحوال‪ ،‬ودعوى الحيازة‪ .‬أّما الدعوى الشخصية والتي يرفعها‬
‫صاحب الحق‪ ،‬على من اعتدى على حقه فسّبب له الض&&رر‪ ،‬مطالب&&ا إي&&اه ب&&التعويض‬
‫عن هذا الضرر؛ فوسيلة الحماية في الحقوق الشخصية ق&د يك&&ون إّم ا التنفي&&ذ العي&&ني‬

‫صفحة | ‪51‬‬
‫كإجبار المدين على أداء موضوع اإللتزام سواء كان عمال أو إمتناعا عن عمل‪ ،‬وقد‬
‫يكون التنفيذ بطريق التعويض عند تعذر تنفيذ االلتزام عينا‪ ،‬أو التأخير فيه‪.‬‬
‫وعليه فإن الحماية المدنية قد تكون وقائية أو عالجية‪ ،‬والحماية الوقائية تكون س&&ابقة‬
‫على وق&&وع االعت&&داء‪ ،‬مثاله&&ا االج&&راءات التحفظي&&ة وتس&&تهدف المحافظ&&ة على م&&ال‬
‫معين ك&&الحجز التحفظي ووض&&ع أخت&&ام على م&&ال معين وتع&&يين ح&&ارس علي&&ه‪ .‬أم‬
‫الحماية العالجية تأتي بعد حصول االعتداء الزالته ورد الشيء إلى أصله م&&تى ك&&ان‬
‫ذلك ممكنا أو التعويض عنه‪ ،‬ويم ذل&&ك برف&&ع دع&&وى أم&&ام القض&&اء واستص&&دار حكم‬
‫بإزالة الضرر عينا أو بالتعويض‬
‫الدعوى الجنائية‬ ‫ب‌‪-‬‬
‫إن كل اعتداء على حق لصيق بشخص االنسان كحقه في س&&المة جس&&مه أو عرض&&ه‬
‫فهذا التعدي يع&د جريم&ة يع&اقب عليه&ا ق&انون العقوب&ات‪ ،‬ويعت&بر المش&رع الجريم&ة‬
‫مساس&&ا ب&&المجتمع كل&&ه وليس الشخص&&ية أو المتض&&رر فحس&&ب‪ ،‬ومص&&لحة الجماع&&ة‬
‫تقتضي رد هذا االعتداء فيتم ذلك بتحريك الدعوى الجنائية عن طري&&ق ممث&&ل الدول&&ة‬
‫في القضاء وهو النائب العام‪.‬‬
‫وعلي&&ه ف&&إن أس&&اس ال&&دعوى الجنائي&&ة ه&&و المس&&ؤولية الجنائي&&ة‪ ،‬وال&&تي تق&&وم ج&&ّر اء‬
‫اإلضرار بمصالح المجتمع باعتبار ّأن آثار االعتداء تتجاوز الض&&حية إلى المجتم&&ع‪،‬‬
‫كاالعتداء على حق من الحقوق اللصيقة باإلنسان‪ ،‬كحق&&ه في س&&المة جس&&ده بالتع&&دي‬
‫عليه بالضرب أو الجرح أو القت&&ل‪ ،‬أو يك&&ون ه&&ذا االعت&&داء ماس&&ا بش&&رفه‪ ،‬ك&&الجرائم‬
‫المتعلقة بهتك العرض والقذف‪ .‬ويتم في ه&&ذه ال&&دعوى توقي&&ع العقوب&&ة المناس&&بة على‬
‫المسؤول تطبيقا لمبدأ الشرعية والمشروعية وذلك عقابا له وردعا لغيره‪ ،‬بما يفيد أن‬
‫الحماية الجنائية تكون بنص صريح في القانون الجن&&ائي يعين الجريم&&ة أي االعت&&داء‬
‫على الحق وعقوبتها المناسبة ‪.‬‬
‫تتحرك الدعوى الجنائية بناء على ش&كوى من ط&رف الض&حية أو من ط&رف النياب&ة‬
‫العامة مباشرة‪ ،‬وال يجوز التنازل عنها وال التصالح فيها‪.‬‬
‫ج‪ -‬الحماية الجنائية والمدنية معًا‬
‫قد تستمد حماية الحق من القانون الجنائي والمدني معًا‪ ،‬كما في حال&&ة تحق&&ق جريم&&ة‬
‫السرقة ‪ ،‬فإذا قرر القانون الجنائي مجازاة السارق عن تلك الجريمة فإن&&ه في ال&&وقت‬
‫ذاته يحمي حق الملكية‪ ،‬وعليه ُيسأل الس&ارق عن جريم&ة الس&رقة جنائي&ًا كم&ا ُيس&أل‬
‫مدنيًا عن األضرار التي لحقت بالمجني عليه‪ ،‬فما قام به السارق من اعت&&داء ت&&رتبت‬
‫في ذمت&&ه مس&ؤوليتان جنائي&&ة ومدني&&ة مع&&ا ‪ ،‬موض&&وع األولى ج&زاء جن&&ائي والث&&اني‬
‫تعويض مدني ‪ ،‬وتقام ضده دعويان ‪ :‬دع&&وى جنائي&&ة باس&&م المجتم&&ع ترفعه&&ا النياب&&ة‬

‫صفحة | ‪52‬‬
‫العامة مطالب&&ة بح&&ق المجتم&&ع في توقي&&ع الج&&زاء الجن&&ائي‪ ،‬واالخ&&رى دع&&وى مدني&&ة‬
‫يرفعها المضرور باسمه مطالبا بتعويض الضرر الذي أصابه‪.‬‬
‫وما ينبغي التنبيه إليه ّأن للضحية بسبب الجريمة التقدم ب&&دعواه المدني&&ة إلى المح&&اكم‬
‫الجزائية‪ ،‬تبعا للدعوى الجنائية‪ ،‬مطالبا إياها بالحكم له بالتعويض‪ .‬وهنا يتعّين وق&&ف‬
‫سير الدعوى المدني&ة لحين المح&ور في ال&دعوى الجنائي&ة عمال بقاع&دة أن "الجن&ائي‬
‫يوقف المدني"‪.‬‬
‫بيان أوجه االختالف بين المسؤوليتين والمدنية والجنائية‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -1‬من حيث المس;;اءلة‪ :‬المس&&ؤولية المدني&&ة هي ج&&زاء اإلخالل بمص&&الح فردي&&ة‬
‫خاصة كاإلخالل بالتزام عقدي أو قانوني‪ .‬بينم&&ا ت&&ترتب المس&&ؤولية الجنائي&&ة كج&&زاء‬
‫اإلخالل باألمن العام للمجتمع‪.‬‬
‫‪ -2‬من حيث القابلية للصلح أو التنازل‪ :‬تقبل المسؤولية المدني&&ة الص&&لح أو التن&&ازل‬
‫ألنها تتحرك باسم المضرور نفس&&ه‪ .‬أم&&ا المس&&ؤولية الجنائي&&ة فال تقب&&ل أي ص&&لح وال‬
‫يمكن التنازل عنها ألنها تتحرك باسم المجتمع ككل‪.‬‬
‫‪ -3‬من حيث النطاق‪ :‬المسؤولية المدنية واسعة النطاق تستند إلى مبدأ عام يلزم ك&&ل‬
‫من أحدث ضررا بخطئه العق&&دي أو التقص&&يري للغ&&ير بتعويض&&ه عن الض&&رر مادي&&ا‬
‫كان ام معنويا‪ .‬أما المسؤولية الجنائية فنطاقها ضيق عمال بمبدأ ال جريمة وال عقوبة‬
‫وال تدبير أمن إّال بنص‪.‬‬
‫‪ -4‬من حيث الج;;زاء‪ :‬يتمث&&ل المس&&ؤولية المدني&&ة في التنفي&&ذ العي&&ني إن أمكن أو‬
‫التعويض عن الضرر‪ .‬أما الجزاء في المسؤولية الجنائية فه&و العقوب&ة الموقع&ة على‬
‫الجاني في جسده أو بالحد من حريته أو بتغريمه‪.‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬مصادر الحق‬
‫مص&&در الح&&ق ه&&و الس&&بب المنش&&ئ للح&&ق‪ ،‬وانطالق&&ا من تعري&&ف الح&&ق على أن&&ه‬
‫اختصاص أو استئثار شخص بقيمة مالية أو أدبية معينة يمنحها له القانون‪ .‬بم&&ا يفي&&د‬
‫أن القانون هو مصدر جميع الحقوق‪ ،‬ولـكن هذا في الواقع ال يعني أن جميع الحقوق‬
‫ٺثبت لألفراد في المجتمع بمجرد الميالد ما دام أن الحق يفترض أن يس&&تأثر ص&&احبه‬
‫بما يخوله له من ميزات تجعل&&ه في مرك&&ز ممت&&از على غ&&يره ممن ال يكتس&&بون ه&&ذا‬
‫الحق‪ ،‬وعليه قد ٺثبت لبعض األشخاص حقوق ال ٺثبت لغيرهم‪.‬‬
‫يرجع هذا إلى أن القانون يربط ثبوت الحق لصاحبه بتوافر أسباب معين&&ة أو ح&&دوث‬
‫أمور معينة يجعلها صالحة لترتيب هذا الحق ‪ ،‬هذه األسباب هي التي تعد في الواق&&ع‬
‫المصدر المباشر للحق الذي نش&&أ لمن اتص&&لت ب&&ه‪ ،‬والق&&انون ه&&و ال&&ذي يخل&&ع عليه&&ا‬
‫صالحيتها إلنشاء الحق‪ ،‬فيكون بذلك هو المصدر غير المباشر لنش&&وء الح&&ق‪ ،‬بينم&&ا‬

‫صفحة | ‪53‬‬
‫الوقائع وهذه األسباب هي م&&ا يس&&مى اص&&طالحا " الوق&&ائع القانوني&&ة" تمث&&ل مص&&ادر‬
‫مباشرة للحق‪.‬‬
‫ويعد القانون المصدر األساسي للحق‪ ،‬ولو أنه مصدر غير مباشر كما سيق اإلش&&ارة‬
‫إلى ذلك‪ ،‬إال أن الحقوق تستند في وجودها إلى القانون الذي يقررها ومن ثم يحميها‪.‬‬
‫غير أن القانون إنما يقرر الحقوق نتيجة اعتبارها وقائع وأحداث "الواقع&&ة القانوني&&ة"‬
‫وهذه هي ما نسميها بالمصادر الإلرادية‪ ،‬وهناك وقائع قانونية تنشأ نتيج&&ة مع&&امالت‬
‫من خالل ما ُيبرم من تص&&رفات قانوني&&ة بين األش&&خاص‪ ،‬فتمكنهم من حق&&وق أقره&&ا‬
‫القانون فكفلها بحماية قانونية وتعد بذلك مصدرا لحقوقهم‪ ،‬فنسميها المصادر اإلرادية‬
‫للحق‪ ،‬نتناول تباعا كل مصدر بصفة مستقلة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الوقائع القانونية كمصادر ال إرادية للحق‬
‫كما سبق االشارة إلى أن القانون يقرر حقوقا لألشخاص نتيجة وقائع وأحداث يطلق‬
‫عليها بالواقعة القانونية‪ .‬وُتعرف الواقع&ة القانوني&ة بأنه&ا ك&ل عم&ل م&ادي يق&ع بفع&ل‬
‫الطبيعة أو بفعل اإلنسان‪ ،‬وي&&ترتب عليه&&ا أث&&ر ق&&انوني معين‪ ،‬بإنش&&اء ح&&ق أونقل&&ه أو‬
‫تعديله أو إنهائه‪.‬‬
‫أو هي حدث يطرأ‪ ،‬فيترتب عليه تغيير في المراك&&ز القانوني&&ة الس&&ابقة على وقوع&&ه‪،‬‬
‫إما بنشأة حقوق لم تكن موجودة من قبل كوق&&وع ح&&ادث س&&ير لش&&خص‪ ،‬مم&&ا ي&&ترتب‬
‫عليه حقه في التعويض قب&&ل من أح&&دث ب&&ه اإلص&&ابة‪ ،‬أو تع&&ديل حق&&وق قائم&&ة‪ ،‬مث&&ل‬
‫حوالة الح&ق‪ ،‬فيح&دث تع&ديل في عالق&ة ال&دائن بالم&دين‪ ،‬فيح&ل ال&دائن الجدي&د وه&و‬
‫المح&&ال ل&&ه مح&&ل ال&&دائن الق&&ديم أي المحي&&ل في عالقت&&ه بالم&&دين‪ .‬أو بإنه&&اء أو زوال‬
‫حقوق كانت موجودة‪ ،‬مثل سقوط الدين الحق بالتقادم‪ .‬وعلي&&ه يمكن تص&&نيف الوق&&ائع‬
‫القانونية إلى نوعين‪ ،‬تشكل بدورها مصادر ال إرادية للحقوق‪ ،‬وهي وق&&ائع طبيعي&&ة‪،‬‬
‫ووقائع من فعل اإلنسان‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الوقائع الطبيعية كمصدر ال إرادية للحق‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن الطبيعة ليست ذات إرادة هذا من جه&&ة‪ ،‬ومن جه&&ة أخ&رى أن‬
‫الوقائع التي توصف ب&&أن طبيعي&&ة هي الحقيق&&ة ليس&&ت من فع&&ل الطبيع&&ة؛ ل&&ذل ُفِّض َل‬
‫تسميتها بالوقائع التي ال يد لإلنسان فيها‪ .‬كما أن التعريف ال&&ذي يعطى له&&ا ه&&و أنه&&ا‬
‫تلك الوقائع التي ال يكون لإلنسان دخل في حدوثها‪.‬‬
‫المالحظ بالنسبة لهذا النوع من الوقائع أن القانون كثيرا ما يتغاض&&ى عنه&&ا‪ ،‬وينس&&ب‬
‫األثر الذي يترتب عليها إلى القانون مباش&&رة‪ ،‬وه&&ذا م&&ا ع&&برت عن&&ه الم&&ادة ‪ 53‬من‬
‫القانون المدني الجزائري‪ .‬هذه الوقائع منها ما يتصل باإلنسان دون أن يكون له دخل‬
‫في حدوثه‪ ،‬كالميالد الذي ٺثبت به الشخصية القانونية للمولود وكذلك أهلية الوجوب‪،‬‬

‫صفحة | ‪54‬‬
‫والقراب&&ة ال&&تي ت&&ترتب عنه&&ا حق&&وق كح&&ق الطاع&&ة لألب على أبنائ&&ه‪ ،‬والتزام&&ات‪،‬‬
‫كالتزامه بالنفقة عليهم‪ ،‬والموت الذي يترتب عنه انتقال التركة إلى الورثة‪.‬‬
‫ومن هذه الوقائع ما يتصل بالجم&اد أو ب&الحيوان أو بالنب&ات‪ ،‬فواقع&ة الج&وار تنش&ئ‬
‫حقوقا والتزامات متبادل&&ة بين الج&&يران‪ ،‬ونت&&اج المواش&&ي ق&&د ي&&رتب حق&&ا لمالـكها أو‬
‫لراعيها‪ ،‬وقطف الثمار قد يترتب عنه انتهاء مدة إيجار البستان‪...‬الخ‪.‬‬
‫كما أن الظواهر الطبيعية ق&&د ت&&ؤثر في الحق&&وق وااللتزام&&ات‪ ،‬ف&&الزمن كظ&&اهرة ق&&د‬
‫يترتب عليه استحقاق الدين إذا حل أجله‪ ،‬أو سقوطه إذا مرت مدة معينة دون مطالبة‬
‫ص&&احبه ب&&ه‪ ،‬وال&&زالزل والفيض&&انات وال&&براكين‪ ...‬ق&&د ت&&ؤدي إلى انقض&&اء االل&&تزام‬
‫باعتبارها من قبيل القوة القاهرة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الوقائع المادية التي بفعل اإلنسان وتعد كمصدر ال إرادي للحق‬
‫هي الوقائع التي تح&دث بت&&دخل من جانب&&ه‪ ،‬تس&مى أيض&&ا بالوق&ائع االختياري&&ة‪ ،‬وهي‬
‫تسمية غير دقيقة؛ ألنه قد تترتب آثار قانونية على فع&&ل يأتي&&ه إنس&&ان دون أن يقص&&د‬
‫إتيانه أو دون أن يقصد نتيجته‪ .‬وتنقسم ه&&ذه الوق&&ائع إلى‪ :‬أعم&&ال مادي&&ة‪ ،‬وتص&&رفات‬
‫قانونية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األعم;;ال المادي;;ة كواقع;;ة تنش;;أ بفع;;ل االنس;;ان وتع;;د مص;;در ال إرادي‬
‫للحق الشخصي‬
‫يقصد بها األفعال التي تصدر من الشخص‪ ،‬فيجعل الق&&انون من وقوعه&&ا ذات&&ه كافي&&ا‬
‫لنشأة الحق‪ ،‬دون نظر إلى إرادة محدثها‪ ،‬أي دون النظر إلى قصده إتيان ه&&ذا الفع&&ل‬
‫أم ال‪ ،‬أو قصده إحداث النتيجة أم ال‪.‬‬
‫يكون ذلك في الحاالت التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الفعل الضار كمصدر ال إرادي للحقوق‪:‬‬
‫كما إذا ارتكب شخص فعال أضر بالغير‪ ،‬مما ينشأ للمضرور مواجهة ه&&ذا الش&&خص‬
‫حق في التعويض عن الضرر الذي أصابه‪ ،‬سواء كان هذا الفعل ماديا كالض&&رب أو‬
‫إتالف شيء يخصه‪ ،‬أم أدبيا كالسب والقذف والش&تم أو التش&هير بالس&معة‪ .‬وق&د نص‬
‫المش&&رع الجزائ&&ري كقاع&&دة عام&&ة على ه&&ذا األم&&ر من خالل الم&&ادة ‪ 124‬ق&&انون‬
‫مدني‪.‬‬
‫وسبق القول‪ُ ،‬يْلَز ْم الشخص الذي تسبب في إحداث الضرر للغير بالتعويض‪ ،‬س&&واء‬
‫كان قد قصد إتيان الفع&&ل والنتيج&&ة‪ ،‬كالقات&&ل المتعم&&د‪ ،‬أو قص&&د الفع&&ل دون النتيج&&ة‪،‬‬
‫كالضرب والج&&رح المفض&&ي إلى الم&&وت‪ ،‬أو لم يقص&&د ال الفع&&ل وال النتيج&&ة كالقت&&ل‬
‫باإلهمال‪ .‬إال أن الفعل الض&&ار ح&&تى يعت&&بر مص&&درا لالل&&تزام يجب أن يص&&دق علي&&ه‬
‫وصف الخطأ‪ ،‬أي أن يكون هذا الشخص قد انحرف عن مسلك الرجل الع&&ادي‪ ،‬كم&&ا‬
‫صفحة | ‪55‬‬
‫يجب أن يكون هناك ضرر قد حصل لهذا الشخص المضرور‪ ،‬وأن يكون هذا الخطأ‬
‫هو سبب هذا الضرر‪ .‬أي أن يكون هناك خطأ‪ ،‬وضرر‪ ،‬وعالقة سببية بينهما‪ .‬وهي‬
‫أركان قيام المسؤولية المدنية‪ ،‬يجب على المضرور إثباتها‪.‬‬
‫على أن المشرع قد يفترض وقوع الخطأ بمجرد وقوع الفعل‪ ،‬عند ص&&عوبة إثبات&&ه‪،‬‬
‫مثل الضرر الذي يسببه القاصر للغ&&ير‪ ،‬فتق&&ع المس&&ؤولية على ع&&اتق األب أو ال&&ولي‬
‫باعتباره قد قصر في واجب رقابته البنه‪ ،‬وله أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت أنه‬
‫قام بواجب الرقابة أو أن الضرر كان ال بد أن يقع ولو أنه قام بهذه الرقابة بما ينبغي‬
‫من العناية‪.‬‬
‫كم&&ا ق&&د يص&&ل اف&&تراض الخط&&أ إلى درج&&ة أن&&ه ال يقب&&ل إثب&&ات العكس من ج&&انب‬
‫المسؤول‪ ،‬ومثال ذلك مسؤولية المتبوع عن التابع‪ ،‬فإذا أحدث عام&&ل ض&&ررا ب&&الغير‬
‫أثناء تأدية وظيفته فال يمكن للمتبرع أم يدفع مس&ؤوليته على أس&اس أن&ه ق&ام ب&واجب‬
‫التوجيه والرقابة‪ ،‬ولـكن في حالة تعويض المتبوع للمض&&رور‪ ،‬يمكن&&ه الرج&&وع على‬
‫التابع إذا أثبت أنه ق&&د ارتكب خط&&أ جس&&يما‪ ،‬أنظ&&ر الم&&واد ‪ 136‬و‪ 137‬من الق&&انون‬
‫المدني الجزائري‪.‬‬
‫ب‪ -‬الفعل النافع كمصدر ال إرادي للحقوق‪:‬‬
‫يرتب القانون نشأة الحق بما يؤ ي إليه الفعل الن&&افع في ثالث ح&&االت‪ :‬حال&&ة اإلث&&راء‬
‫بال سبب‪ :‬فمن قام بفعل بحسن ني&&ة‪ ،‬أدى إلى إث&&راء ذم&&ة ش&&خص معين على حس&&اب‬
‫ذمة شخص آخر مفتقر وهذا بال سبب قانوني يسوغ هذا اإلثراء أو هذا االفتقار‪ ،‬نشأ‬
‫له من ِقَب ْل الُمثري حق بأن يدفع له قيمة ما استفاد‪ .‬ومثال ذلك أن يقوم شخص ببن&&اء‬
‫سور على أرضه ولـكن بم&&واد ليس&ت ملك&&ا ل&&ه‪ ،‬في&&ثرى على حس&اب مال&&ك الم&&واد‪،‬‬
‫فيكون لصاحب المواد حق المطالبة بقيمتها‪.‬‬
‫ج‪ -‬حالة دفع غير المستحق كمصدر ال إرادي للحقوق‪:‬‬
‫يقع ذلك عندما يتسلم شخص على سبيل الوف&اء م&ا ليس مس&تحقا ل&ه‪ .‬ومث&ال ذل&ك أن‬
‫ي&دفع ش&خص مبلغ&ا من الم&ال لش&خص آخ&ر على أس&اس أن&ه ق&د رس&م ل&ه مخطط&ا‬
‫معماريا‪ ،‬في حين أنه لم يرسم له المخطط أو أنه ليس هو من رسمه‪ .‬وعليه يش&&ترط‬
‫لقيام دفع غير مستحق مما يترتب عليه حقا للغير ما يلي‪ - :‬الوف&&اء ب&&دين‪: ،‬ان يك&&ون‬
‫الدين منعدمًا أصًل كالدين الناش&&ئ عن عق&&د باط&&ل‪ ،‬وه&&و انتق&&ال الم&&ال من ذم&&ة إلى‬
‫أخرى‪ .‬والشرط الثاني أن ينشأ الوفاء عن غلط من ج&&انب الم&&دين أي أن يعتق&&د عن&&د‬
‫الوفاء أنه ملزم بهذا الدين‪.‬‬
‫د‪ -‬حالة الفضالة مصدر ال إرادي للحقوق‪:‬‬

‫صفحة | ‪56‬‬
‫وهي أن يت&ولى ش&خص عن قص&د من تلق&اء نفس&ه القي&ام بش&أن عاج&ل وض&روري‬
‫لحساب شخص آخر‪ ،‬دون أن يكون ملزما بذلك‪ ،‬ومثال ذلك أن يقوم شخص بقط&&ف‬
‫ثمار ناضجة من بستان جاره المسافر أو حصاد زرع&&ه‪ ،‬خش&&ية فس&&اده‪ ،‬فيك&&ون رب‬
‫العمل الجار الذي تم العمل لصالحه ملزما بتعويض الفضولي عما أنفق من مال وم&&ا‬
‫لحقه من خسارة بسبب قيامه بهذا العمل‪.‬‬
‫تعد الفضالة تطبيقا لقاعدة االثراء بال سبب‪ ،‬وتتحقق بتوافر شروطها التالية‪:‬‬
‫أن يتدخل الفضولي في شؤون غيره فيقوم بشأن ضروري وعاجل‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫قيام ضرورة عاجلة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن يقصد العمل لمصلحة الغير‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أال يكون قد قام بهذا العمل تنفيذًا اللتزام عليه‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األعمال المادية كمصادر ال إرادية للحق العيني‬
‫قد تكون األعمال المادية سببا لـكسب الحق العي&&ني‪ ،‬من خالل وق&&ائع طبيعي&&ة عدي&&دة‬
‫منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬واقعة االس;;تيالء‪ :‬إذ أن ك&ل من يض&ع ي&ده على ش&يء منق&ول ال مال&ك ل&ه بني&ة‬
‫التملك‪ ،‬يصبح مالكا له‪ ،‬وهنا نشير إلى أن المشرع الجزائ&&ري نص على أن األمالك‬
‫الشاغرة واألموال التي ليس لها وارث هي ملك للدولة‪.‬‬
‫ب‪ -‬واقعة االلتصاق‪ :‬تعد أيضا واقعة االلتصاق الذي يتم بفعل االنسان س&&ببا لـكسب‬
‫الحق العيني‪ ،‬كأن يندمج شيئان مملوكان لشخصين مختلفين‪ ،‬بحيث ال يمكن فصلهما‬
‫دون تلف‪ ،‬فت&ؤول لمال&ك الش&يء األساس&ي ملـكية الش&يء الث&انوي‪ ،‬كمن يب&ني على‬
‫أرض&&ه بم&&واد غ&&يره‪ ،‬فت&&ؤول الملـكية لص&&احب األرض‪ ،‬على أن يق&&وم بتع&&ويض‬
‫صاحب المواد‪ .‬وقد يكون االلتصاق دون فعل اإلنس&&ان ك&&الطمي ال&&ذي يترس&&ب على‬
‫حواف األنهار والوديان‪ ،‬فتؤول ملـكية ما زاد في األراضي المجاورة لها لمالـكيها‪.‬‬
‫ج‪ -‬واقعة الحيازة‪ :‬وتتم من خالل وضع شخص يده على ش&&يء ممل&&وك للغ&&ير بني&&ة‬
‫التملك‪ ،‬فيكتسب هذا الشخص ملـكية ه&&ذا الش&&يء بمض&&ي م&&دة زمني&&ة مح&&ددة وال&&تي‬
‫تقدر ب‪ 15‬سنة أو عشرة سنوات إذا كان حسن النية بالنسبة للعق&&ار والح&&ق العي&&ني‪.‬‬
‫أما المنقول الذي تلقاه بحسن نية ممن يعتقد أنه مالك له‪ ،‬وبطريق تص&&رف من ش&&أنه‬
‫أن ينقل الملـكية لو صدر من مالك‪ ،‬فيصبح ملكا له فورا‪ ،‬وهذا حسب قاعدة "حي&&ازة‬
‫المنقول بحسن نية سند للملـكية"‪ .‬على أنه يمكن لمالك المنقول إذا فقده أو سرق من&&ه‬
‫أن يسترده من حائزه ولو كان هذا الحائز حسن الني&&ة وذل&&ك خالل ثالث س&&نوات من‬
‫وقت ضياعه أو سرقته‪.‬‬

‫صفحة | ‪57‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المصادر اإلرادية للحق ( التصرفات القانونية ‪ -‬العقد)‬
‫التصرف القانوني هو اتجاه إرادة أو أك&&ثر إلى إح&&داث أث&&ر ق&&انوني‪ ،‬بإنش&&اء ح&&ق‪،‬‬
‫كالبيع‪ ،‬أو نقله كالحوالة‪ ،‬أو تعديله كالتجديد‪ ،‬أو إنهائ&&ه ك&&اإلبراء‪ .‬ويتم&&يز التص&&رف‬
‫القانوني عن الوقائع القانونية األخرى‪ ،‬بأن اإلرادة فيه هي مناط ما يترتب علي&&ه من‬
‫آثار قانونية‪ ،‬عكس الوقائع الطبيعية أو األفعال المادية‪ ،‬التي يح&&دد الق&&انون م&&ا ينش&&أ‬
‫عنها من حقوق والتزامات‪.‬‬
‫يخضع التصرف القانوني في تكوينه وإنتاج آثاره إلى مبدأ ق&&انوني ه&&ام يهيمن علي&&ه‬
‫وهو مبدأ سلطان اإلرادة ‪ ،‬أي ما يعني أن اإلرادة تكفي بذاتها إنشاء الحق دون حاجة‬
‫إلى إفراغ التصرف في إطار شكلي‪ ،‬وهذا يسمى مبدأ الرضائية‪ ،‬وأن لإلرادة حري&&ة‬
‫تحديد مضمون العقد‪ ،‬أي ما يترتب عن&&ه من آث&&ار‪ ،‬وه&&ذا يس&&مى مب&&دأ العق&&د ش&&ريعة‬
‫المتعاقدين‪.‬‬
‫ولـكن ق&&د يف&&رض المش&&رع أحيان&&ا بعض القي&&ود على مب&&دأ س&&لطان اإلرادة‪ ،‬عن&&دما‬
‫يتطلب العقد أن يف&&رغ في ش&&كل معين‪ ،‬مث&&ل عق&&د بي&&ع العق&&ار أو عق&&د الهب&&ة أو عق&&د‬
‫الرهن الرسمي‪ ،‬أو عقد الشركة ‪...‬الخ‪ ،‬فهذه العقود يجب أن ُتْف َر ْغ في ش&&كل رس&&مي‬
‫وإال كانت باطلة‪.‬‬
‫كذلك قد يتدخل المشرع في مبدأ العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬فيمنح للقاضي حق الت&&دخل‬
‫لتعديل شروط العقد إذا كانت ترهق أحد الطرفين إرهاقا جس&يما‪ ،‬أو إذا ك&&انت هن&&اك‬
‫شروط تعسفية في العقد أمالها أحد األطراف على اآلخر‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬صور التصرف القانوني‬
‫يأخذ التصرف القانوني إحدى الصورتين‪ :‬إما العقد أو اإلرادة المنفردة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العقد كتصرف قانوني‬
‫العق&&د عب&&ارة عن تواف&&ق إرادتين أو أك&&ثر إلح&&داث أث&&ر ق&&انوني معين‪ ،‬ويعت&&بر أهم‬
‫مصادر االلتزام أي نشأة الحقوق‪ ،‬وأكثرها شيوعا في الحياة العملي&&ة‪ .‬واألمثل&&ة علي&&ه‬
‫ال يمكن حصرها‪ ،‬منها عقد البيع‪ ،‬عقد اإليج&&ار‪ ،‬عق&&د الحوال&&ة‪ ،‬عق&&د المقاول&&ة‪ ،‬عق&&د‬
‫الوديعة‪ ،‬عقد السمسرة‪...‬الخ‪.‬‬
‫والعقد ال بد فيه من توافر إرادتين على األقل‪ ،‬وأن تتجه اإلرادتان إلى إحداث أث&&ر‬
‫قانوني‪ ،‬أي ما يمكن جبر المدين على تنفي&&ذ التزام&&ه إذا لم يقم ب&&ه اختي&&ارا‪ ،‬وإال كن&&ا‬
‫أمام ما يسمى بأعمال المجامالت‪ ،‬كمن يدعو شخص&&ا لحض&&ور وليم&&ة فيقب&&ل ب&&ذلك‪،‬‬
‫فهنا صاحب الوليم&&ة ليس ل&&ه إجب&&ار الم&&دعور على الحض&&ور كم&&ا ليس ل&&ه مطالبت&&ه‬
‫بالتعويض إذا لم يحضر‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلرادة المنفردة كتصرف قانوني‬
‫صفحة | ‪58‬‬
‫تمثل اإلرادة المنفردة عمل قانوني من جانب واحد‪ ،‬يلتزم فيه شخص بإرادته وحدها‬
‫دون أن تقترن بإرادة شخص آخر‪ .‬وتطبيقات التص&&رف ب&&إرادة منف&&ردة في التش&&ريع‬
‫محصورة‪ ،‬منه&&ا الوص&&ية‪ ،‬ال&&تي يع&&بر فيه&&ا الموص&&ي عن إرادت&&ه في نق&&ل ح&&ق إلى‬
‫الموصى له بعد وفاته‪ ،‬أو الوع&د بج&ائزة‪ ،‬حيث يوج&ه ش&خص إلى ش&خص آخ&ر أو‬
‫عدة أشخاص أو إلى الجمهور دعوة ب&&أن يعطي ج&&ائزة معين&&ة لمن ق&&ام بعم&&ل معين‪،‬‬
‫َفُيْلَّز ْم الواعد أمام من قام بهذا العمل بمنحه هذه الجائزة المعلن عنها سابقا‪.‬‬
‫والتصرف من جانب واحد أي ب&إرادة منف&ردة يختل&ف عن التص&رف المل&زم لج&انب‬
‫واحد‪ ،‬فهذا األخير ينشأ بتوافق إرادتين ولـكن تنصرف اآلث&&ار في&&ه إلى ج&&انب واح&&د‬
‫أي أن االلتزامات تكون على عاتق طرف واحد دون اآلخر‪ ،‬مثل عق&&د الوديع&&ة دون‬
‫أجر‪ ،‬أما التصرف بإرادة منفردة يعني أن إنشاء االلتزام وهو الحق ينشأ مس&&تندا إلى‬
‫إرادة الملتزم وحدها‪ ،‬مثل الوصية‪.‬‬
‫في هذا السياق نشير إلى أن الفقه يضع تصنيفات عدة للعقود‪ ،‬تختلف حسب الزاوي&&ة‬
‫التي ينظر منها إلى هذه العقود‪ ،‬فتقسم إلى عقود رضائية وأخرى شكلية‪ ،‬وإلى عقود‬
‫ملزمة لجانبين وأخرى ملزم&&ة لج&&انب واح&&د‪ ،‬وإلى عق&&ود معاوض&&ة وعق&&ود ت&&برع‪،‬‬
‫وإلى عقود محددة وأخرى احتمالية‪ ،‬وإلى عقود مساومة وعقود إذعان‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط وجود التصرف القانوني‬
‫مما سبق يتضح أن التصرف القانوني يقوم على ركن أساسي هو اإلرادة وهو معيار‬
‫التفرقة بينه وبين الوقائع القانونية‪ ،‬إذ أن إرادة األفراد هي ذاته&&ا ال&&تي ت&&رتب االث&&ار‬
‫القانونية المترتبة عن التصرف القانوني في حين في الواقعة القانونية ال دخل إلرادة‬
‫األفراد في إحداث اآلثار وإنما القانون هو الذي يفرض ذلك‪.‬‬
‫وإذا كان التصرف القانوني إرادة شخص تتجه نح&&و تحقي&&ق أث&&ر معين‪ ،‬وح&&تى يعت&&د‬
‫القانون بهذا األثر ال بد أن يصدر عن إرادة س&ليمة أي خالي&ة من ك&ل عيب‪ ،‬ومن ثم‬
‫يشترط في التصرف القانوني ما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األهليـــــــــة‬
‫رأينا أن كل شخص يتمتع بأهلية الوجوب‪ ،‬بينم&&ا أهلي&&ة األداء مناطه&&ا التمي&&يز‪ .‬إذن‬
‫هي وقف على فئة المميزين أو ناقصي التمي&&يز دون ع&&ديمي التمي&&يز‪ ،‬فك&&ذلك الش&أن‬
‫بالنسبة للتصرفات القانونية ال يمكن أن تصدر عن عديم التمييز ألنه ال يدرك مع&&نى‬
‫ما يقوم به‪.‬‬
‫وإذا كانت اإلرادة هي التي يجب أن تفرغ في بعض األحيان في الشكل الذي يتطلب&&ه‬
‫القانون‪ ،‬فكيف يتم التعبير عنها ؟‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التعبير عن اإلرادة‬

‫صفحة | ‪59‬‬
‫يعد التراضي عنصرا أساسيا في التصرفات القانونية بوصفه الحالة الوحيدة لاللتزام‬
‫في غير األحوال التي يقرر القانون فيها ذلك‪ ،‬هذا التراض&ي يجب أن يع&بر عن&ه من‬
‫خالل الطرق التي حددها الق&انون للتعب&ير عن اإلرادة‪ ،‬وهي حس&ب نص الم&ادة ‪60‬‬
‫من القانون المدني اللفظ‪ ،‬أو الكتابة أو اإلشارة المتداولة عرفا‪ ،‬أو باتخاذ موقف ي&&دل‬
‫داللة واضحة على مقص&&ود ص&&احبه‪ ،‬أو ب&&التعبير الض&&مني عن اإلرادة‪ .‬وق&&د يعت&&بر‬
‫السكوت تعبيرا عن اإلرادة في بعض الحاالت‪.‬‬
‫ويجب أن يكون التعبير موافق&&ا إلرادة المتعاق&&دين‪ .‬ولـكن إن ك&&ان التعب&&ير عنه&&ا ال‬
‫يوافق اإلرادة الداخلية لهما فهل نعتد باإلرادة الظاهرة أم باإلرادة الباطنة؟‬
‫في حال&&ة اختالف اإلرادة الباطن&&ة عن المظه&&ر الخ&&ارجي المع&&بر عن&&ه‪ ،‬ف&&العبرة‬
‫باإلرادة الباطنة المقصودة من الشخص‪ ،‬ويعتبر التعبير الظاهر قرينة عليها ولـكنها‬
‫قرينة قابلة إلثبات العكس‪ ،‬فإذا لم يتوصل القاضي إلى معرفة اإلرادة الباطن&&ة‪ ،‬تعين‬
‫عليه افتراض مطابقة التعبير الظاهر لها‪ .‬وهذا م&ذهب الق&انون الفرنس&ي ال&ذي يعت&د‬
‫باإلرادة الباطنة‪ .‬واألخذ باإلرادة الظاهرة أيضا له مزاي&&اه‪ ،‬ف&&التعبير الخ&&ارجي يع&&د‬
‫مظه&&را اجتماعي&&ا ق&&ابال لإلدراك‪ ،‬فيعت&&د به&&ذا المظه&&ر قانون&&ا حفاظ&&ا على اس&&تقرار‬
‫المعامالت‪ ،‬وهذا مذهب القانون األلمان‪ .‬أما المشرع الجزائري فق&&د أخ&&ذ بالمب&&دأين‬
‫معا‪ ،‬فأخذ باإلرادة الباطنة ولـكنه رجح اإلرادة الظاهرة لم&&ا ي&&ترتب على األخ&&ذ به&&ا‬
‫من ثقة مشروعة وأمن قانوني للغير‪.‬‬
‫أوال‪ :‬عناصر اإلرادة‬
‫لإلرادة عنصران هما اإليجاب والقبول‪.‬‬
‫أ‪ -‬عنصر اإليجاب‪ :‬هو تعبير الشخص عن رضاه بالتعاق&&د على أم&&ر معين يعرض&&ه‬
‫على الغير‪ ،‬ويجب أن يكون اإليج&&اب تام&&ا غ&&ير ن&&اقص‪ ،‬مح&&ددا لك&&ل ش&&روط العق&&د‬
‫وعناصره الجوهرية‪ ،‬وباّتًا أي نهائيا‪ ،‬ودقيقا‪ ،‬لالقتران بقبول مطابق له‪ ،‬حتى يك&&ون‬
‫ملزما لمن صدر عنه اإليجاب‪ .‬فإذا خال اإليجاب من تحدي&&د ش&&روط العق&&د أو تحدي&&د‬
‫مدة اإليجاب اعتبر غير ملزم لصاحبه‪ ،‬فيمنحه ح&&ق الع&&دول عن&&ه وال&&تراجع بالت&&الي‬
‫عن كل تعاقد‪ ،‬ذلك أن الموجب يعد في مرحل&&ة مفاوض&&ات‪ .‬ويك&&ون اإليج&اب ملزم&&ا‬
‫في م&&دة معين&&ة لمن ص&&در عن&&ه إذا اق&&ترن بم&&دة‪ ،‬وك&&ذلك إذا استخلص&&ت الم&&دة من‬
‫ظ&&روف الح&&ال أو من طبيع&&ة المعامل&&ة‪ ،‬أم&&ا إذا لم يمكن استخالص&&ها أو لم يق&&ترن‬
‫اإليجاب بمدة‪ ،‬فال بد أن يص&&در القب&&ول ف&&ورا‪ ،‬إال إذا دلت الظ&&روف أن الم&&وجب لم‬
‫يع&&دل عن إيجاب&&ه قب&&ل انفض&&اض مجلس العق&&د‪ .‬ويس&&قط اإليج&&اب بمض&&ي الم&&دة أو‬
‫انفضاض مجلس العقد أوبرفضه‪.‬‬
‫ب‪-‬عنص;;ر القب;;ول‪ :‬ه&&و تعب&&ير عن اإلرادة من الط&&رف الث&&اني غالب&&ا م&&ا ي&&أتي بع&&د‬
‫االيجاب‪ ،‬ويكون مطابقا له ح&&تى يتم العق&&د‪ .‬وق&&د يك&&ون القب&&ول ص&&ريحا‪ ،‬أو ض&&منيا‬

‫صفحة | ‪60‬‬
‫كاتخاذ موقف‪ ،‬أو حسب طبيعة المعاملة‪ ،‬كما قد يك&&ون الس&&كوت تعب&&يرا عن القب&&ول‬
‫أحيانا‪ ،‬وذلك إذا ما اتصل بتعامل سابق‪ ،‬أو ظهر من خالل طبيعة المعاملة‪ ،‬أو نص‬
‫القانون على اعتباره قبوال مث&&ل نص الق&&انون ب&&البيع على ش&&رط التجرب&&ة‪ .‬وال يمكن‬
‫اعتبار السكوت إيجابا مطلقا‪ ،‬ولـكن قد يعتبر رفضا‪.‬‬
‫يجب أن ينصب التعبير عن اإلرادة على موضوع معين يسمى "المح&&ل" ال&&ذي يجب‬
‫بدوره أن يستوفي الشروط التي يحددها القانون بأن يكون موجودا أو ق&&ابال للوج&&ود‪،‬‬
‫ومعينا أو قابال للتعيين‪ ،‬ومشروعا‪ .‬كذلك ال بد لإلرادة من هدف تريد الوص&&ول إلي&&ه‬
‫من إب&&رام التص&&رف الق&&انوني‪ ،‬وه&&و م&&ا يس&&مى بـ"الس&&بب"‪ ،‬وال&&ذي يجب أن يك&&ون‬
‫مشروعا‪.‬‬
‫الشكل‪:‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫كما سبق ذكره قد يستلزم القانون أن تفرغ اإلرادة في شكل معين‪ ،‬فيكون الشكل أحد‬
‫أركان التصرف القانوني أو وسيلة إلثبات&&ه‪ ،‬كعق&&د الهب&&ة ال&&وارد على عق&&ار‪ ،‬أو عق&&د‬
‫الشركة‪ ،‬وعقد اإليجار‪ ،‬والرهن الرسمي‪ ...‬وقد ال تكفي ه&&ذه الش&&كلية ل&&ترتيب كاف&&ة‬
‫اآلثار‪ ،‬بل يجب اتباع إجراءات معينة لذلك‪ ،‬مثل الشهر بالنسبة لبيع العقارات‪ ،‬إذ ال‬
‫تنتقل ملـكية العقار المبيع إلى المشتري بمجرد إفراغ عقد البيع في شكل رس&&مي ب&&ل‬
‫يجب ل&&ذلك من ش&&هره في المحافظ&&ة العقاري&&ة‪ .‬فع&&دم الش&&هر ال ي&&ترتب علي&&ه بطالن‬
‫العقد‪ ،‬بل يترتب عليه فقط عدم انتقال الملـكية‪ ،‬بخالف الشكلية ك&&ركن في التص&&رف‬
‫التي يترتب على تخلفها بطالن العقد بطالنا مطلقا‪.‬‬
‫وتختل&&ف الش&&كلية ك&&ركن في التص&&رف الق&&انوني باعتباره&&ا لالنعق&&اد عن الش&&كلية‬
‫باعتبارها إلثبات التصرف القانوني عن&&د ال&&نزاع في&&ه‪ ،‬حيث تك&&ون وس&يلة أو طريق&&ا‬
‫لإلثب&&ات‪ ،‬ومث&&ال ذل&&ك م&&ا نص&&ت علي&&ه الم&&ادة ‪ 333‬من الق&&انون الم&&دني من أن‬
‫التصرفات المدنية التي تزي&&د قيمته&&ا عن ‪ 100‬أل&&ف دين&&ار جزائ&&ري أو ك&&انت غ&&ير‬
‫محددة القيمة‪ ،‬يجب إثباتها بالكتابة‪ ،‬إال إذا وجد نص يقضي بخالف ذلك‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عيوب الرضا كشرط لصحة التصرف القانوني‬
‫كم&&ا تق&&دم‪ ،‬يجب أن تص&&در اإلرادة عن ذي أهلي&&ة‪ ،‬وإال ك&&ان ب&&اطال إذا ص&&در عن‬
‫عديمها‪ ،‬أو قابال لإلبطال أو موقوفا إذا صدر عن ناقص أهلي&&ة‪ .‬كم&&ا يجب أن تك&&ون‬
‫إرادة الشخص غير معيبة‪ ،‬وقد أورد القانون الم&دني أربع&ة عي&وب يمكن أن تش&وب‬
‫اإلرادة فتجعل رضاء المتعاقد معيبًا مما يجعل العقد قابال لإلبطال وهي‪:‬‬
‫عيب الغلط‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫يعد وهم يقع في ذهن الشخص فيصور له الش&&يء على غ&&ير حقيقت&&ه‪ ،‬ويجعل&&ه يعتق&&د‬
‫بواقعة أو صفة غير موجودة‪ .‬ويشترط أن يكون الغلط هو الدافع للتعاقد‪ ،‬وأن يك&&ون‬

‫صفحة | ‪61‬‬
‫جوهريا‪ ،‬ويكون كذلك إذا وق&&ع في ص&&فة الش&&يء أو في ص&&فة من ص&&فات المتعاق&&د‪.‬‬
‫ويستثنى من ذلك غلطات القلم والحساب ال&&تي ال ت&&ؤثر في إبط&&ال العق&&د وإنم&&ا يجب‬
‫تصحيحها ألجل استقرار المعامالت‪ ،‬ويستثنى من ه&&ذا االس&&تثناء أن&&ه ليس لمن وق&&ع‬
‫في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية‪.‬‬
‫عيب التدليس‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫هو التضليل بوسائل احتيالية إليقاع المتعاقد اآلخر في غل&ط‪ .‬ويش&ترط في&ه اس&تعمال‬
‫الوسائل االحتيالية التي تكون مادية بما يولد في ذهن المتعاقد صورة تخالف الواق&&ع‪،‬‬
‫فيشمل ذلك كل المظاهر الكاذبة التي ال تطابق الواقع‪ ،‬كالتظ&&اهر بالوجاه&&ة واليس&&ار‬
‫أو اتخاذ صفة منتحل&&ة‪ ،‬أو اص&&طناع أوراق أو مس&&تندات وكش&&وف حس&&ابات البن&&وك‬
‫تصوير شركات وهمي&&ة‪ .‬ويش&&ترط أيض&&ا أن يص&&در الت&&دليس من العاق&&دين أو يك&&ون‬
‫أحدهما عالما به‪ .‬ونشير إلى أن مجرد الـكذب في تأكي&&د ص&&فة م&&ا مثال ال يعت&&بر من‬
‫قبيل الطرق االحتيالي&&ة كمن يب&&الغ في وص&&ف بض&&اعته‪ ،‬لـكنه يعت&&بر ك&&ذلك إذا ق&&دم‬
‫بيانات تدعم أقواله‪ ،‬ويعلم أن الطرف اآلخر لو علم بها لعّلق عليها أهمية بالغة‪.‬‬
‫عيب اإلكراه‪:‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫اإلكراه هو ضغط يقع على أحد المتعاقدين من المتعاقد اآلخر أو من الغير‪ ،‬يول&&د في‬
‫نفسه رهبة تدفع به إلى التعاقد‪ .‬إذن يشترط في تحقق اإلكراه أن يبرم الشخص العق&&د‬
‫تحت سلطة رهبة بينة بعثها المتعاقد فيه‪ ،‬وذلك بوجود خطر جسيم يهدده هو أو أح&&د‬
‫أقارب&&ه في النفس أو الجس&&م أو الع&&رض أو الم&&ال‪ ،‬وأن يك&&ون ح&&اال وليس مس&&تقبال‪،‬‬
‫ويجب أن تكون الرهبة واقعة دون وجه حق‪ .‬ويجب األخذ بعين االعتبار في اإلكراه‬
‫كال من جنس من وق&ع علي&ه اإلك&راه وس&نه وحالت&ه االجتماعي&ة والص&حية‪ ،‬وزم&ان‬
‫ومكان وقوع اإلكراه‪ ،‬وغيره&ا من العوام&ل ال&تي يمكن أن ت&ؤثر في مق&دار اإلك&راه‬
‫عليه‪ .‬وقد يحدث أن تنعدم اإلرادة بتوقي&&ع اإلك&&راه كمن يمس&&ك بي&&د ش&&خص ويج&&بره‬
‫على التوقي&&ع‪ ،‬وهن&&ا يك&&ون العق&&د ب&&اطال وليس ق&&ابال لإلبط&&ال‪ .‬أم&&ا اإلك&&راه بح&&ق أو‬
‫اإلكراه المشروع‪ ،‬والذي تستعمل في وسائل مشروعة‪ ،‬كأن يكره القاضي أو من ل&&ه‬
‫شوكة شخصا على بيع ملـكه وفاء لدين عليه‪ ،‬فهذا اإلكراه ال يضر العقد‪ ،‬فيق&&ع مع&&ه‬
‫صحيحًا نافذًا‪.‬‬
‫عيب االستغالل‪:‬‬ ‫د‪-‬‬
‫يقع هذا العيب عندما تكون إرادة المغبون قد عيبت إم&ا ب&الطيش أو اله&وى‪ ،‬فاس&تغل‬
‫المتعاقد معه هذا الضعف‪ ،‬وحصل منه على التزامات ال تتعادل مطلقا م&&ع م&&ا ال&&تزم‬
‫هو به‪.‬‬
‫ولالستغالل عنصران‪ :‬عنصر مادي‪ :‬وهو عدم ت&&وازن األداءات‪ ،‬إذ يجب أن يك&&ون‬
‫عدم التعامل فادحا‪ ،‬وهو باألمر الخاضع للسلطة التقديرية للقاضي‪ .‬عنصر معن&&وي‪:‬‬
‫صفحة | ‪62‬‬
‫وهو استغالل أحد المتعاق&&دين لطيش بين في المتعاق&&د ب&&أن أص&&بح ينف&&ق أموال&&ه دون‬
‫تدبير وبسفه‪ ،‬أو لهوى جامح يعتري المتعاقد وذل&ك بتعلق&ه الش&ديد وتمس&كه ب&أمر أو‬
‫شخص ما‪ ،‬مما يجعله يفعل أي شيء من أجله‪ ،‬كما لو استغلت زوجة صغيرة الس&&ن‬
‫حب زوجها المسن لها ليجعل أمواله باسمها مقاب&&ل ثمن زهي&&د تارك&&ا زوجت&&ه األولى‬
‫وأوالده دون مال‪ .‬ويقع عبء اإلثبات هنا على الطرف المغبون‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اتجاه اإلرادة إلى تحقيق غرض مشروع‬
‫فإذا كان الغرض مخالف&&ا للنظ&&ام الع&&ام واآلداب العام&&ة ف&&إن الق&&انون ال يعت&&د به&&ا في‬
‫إنشاء التصرف القانوني‪ ،‬بل ويعتبر هذا التصرف باطال بطالنا مطلقا‪ .‬والواق&&ع كم&&ا‬
‫سبق ذكره أن التصرفات القانونية قد تكون بإرادتين فتسمى عقودًا وق&&د ت&&برم ب&&إرادة‬
‫واح&&دة فتس&&مى اإلرادة المنف&&ردة وال&&تي تك&&ون ه&&ذه اإلرادة مص&&در ال&&تزام بالنس&&بة‬
‫للمتصرف ومصدر حق بالنسبة للمتصرف له‪.‬‬
‫المحور الخامس ‪ /‬الحماية القانونية للحق‬
‫تعتبر الحماية القانونية للحق عنصرا مهما ل&&ه‪ ،‬ففي حال&&ة وج&&ود تج&&اوز على الح&&ق‬
‫يضمن القانون لصاحبه الوسائل القانونية الكفيلة ب&&دفع التع&&رض الص&&ادر من الغ&&ير‪،‬‬
‫وهي الدعوى أو الدفع أم&&ام القض&&اء‪ ،‬ومن الب&&ديهي أن ك&&ل ح&&ق يقابل&&ه واجب بع&&دم‬
‫االعت&&داء علي&&ه وال ف&&رق بين أن&&واع الحق&&وق من حيث الحماي&&ة‪ ،‬وعلى ذل&&ك ف&&إن‬
‫الشخص ال يستطيع أن يمارس السلطات التي تمنح له إال إذا أق&&ر ل&&ه الق&&انون ب&&ذلك‪،‬‬
‫وقد يتعرض الحق لإلنكار من جانب من يطالب فيه فيضطر صاحبه إلى ال&&دفاع عن‬
‫حقه ‪،‬وقد يرفض المدين أداء الحق الذي لل&&دائن بذمت&&ه طواعي&&ة أو ق&&د يتع&&رض ه&&ذا‬
‫الح&ق لالعت&&داء علي&&ه من ج&انب الغ&&ير‪ ،‬عندئ&&ذ يك&&ون الح&ق في حاج&ه إلى الحماي&&ة‬
‫القانونية‪.‬‬
‫إن أمر حماية الحق وتيس&ير حص&ول ص&احبة علي&ه ين&اط بالس&لطة القض&ائية وال&تي‬
‫يطرح أمامها النز اع الذي يثور حول الحق ليفصل فيه القاضي بحكم‪ ،‬كم&&ا ينقض&&ي‬
‫الحق ويزول‪ .‬ويقصد به فقد السيطرة عليه‪ ،‬أو بوفاة المالك أو بعض الح&&االت ال&&تي‬
‫ح&ددها الق&&انون‪ ،‬ولكن في النهاي&&ة تنتهي بعض الحق&&وق وفق&&ا لطبيع&&ة األش&&ياء مح&ل‬
‫الحق أو لما قرره القانون ل&&ذلك‪ .‬وعلي&&ه نتط&&رق في إط&&ار ه&&ذا المح&&ور إلى وس&&ائل‬
‫حماية الحق بوجه ع&&ام والوس&ائل المس&تعملة في ذل&&ك من جه&&ة‪ ،‬ومن ناحي&&ة أخ&رى‬
‫نتعرض إلى وسائل حماية الحقوق بشكل خاص‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬وسائل حماية الحق بوجه عام‬
‫بما أن الدعوى القضائية هي الوسيلة لحماية الحق بحيث ال تكون ل&&ه قيم&&ة إذا تّج رد‬
‫من دعوى تحمي&&ه‪ ،‬وأن ه&&ذه األخ&يرة ال توج&د إال ب&&ه‪ ،‬فق&&د ذهب الفق&&ه التقلي&&دي إلى‬
‫اعتبار الدعوى هي األداة التي تحميه‪ ،‬فالحق الموضوعي كحق الملكية‪ ،‬أو الحق في‬
‫صفحة | ‪63‬‬
‫جبر الضرر‪ ،‬أو حق الدائنية‪ ،‬يبقى هادئا إلى أن يعتدى علي&&ه فينش&&ط ويأخ&&ذ ص&&ورة‬
‫الدعوى من أجل الحصول على تقرير الحق أو حمايت&ه‪ ،‬والواق&ع أن االرتب&اط وثي&ق‬
‫للغاية بين الحق الموضوعي والدعوى التي تحميه‪ ،‬إال أن ذلك ال يع&&ني أنهم&&ا ش&&يء‬
‫واحد‪ ،‬فهما مختلفان من حيث السبب والموضوع‪.‬‬
‫فسبب الحق هو الواقعة القانونية المنشأة له كالعقد أو اإلرادة المنفردة‪ ،‬أو العمل غير‬
‫المشروع أو اإلثراء بال سبب‪ ،‬أما سبب ال&&دعوى فه&&و االعت&&داء على الح&&ق‪ ،‬أو ه&&و‬
‫النزاع بين الخصوم‪ ،‬وموض&&وع الح&&ق ه&&و المنفع&&ة ال&&تي يخوله&&ا الق&&انون لص&&احب‬
‫الح&&ق‪ ،‬أم&&ا موض&&وع ال&&دعوى فه&&و الحص&&ول على ق&&رار من المحكم&&ة بم&&ا يدعي&&ه‬
‫ممارسها أو بدحض هذا اإلدعاء‪.‬‬
‫فإذا استعمل الشخص حقه في الحدود المنص&&وص عليه&&ا في الق&&انون ووفق&&ا لم&&ا ه&&و‬
‫وارد فإن هذا الشخص يحضى بالحماية المقررة له من قبل القانون‪ ،‬ويمنح لص&&احبه‬
‫حمايت&&ه بك&&ل الوس&&ائل المق&&ررة ل&&ذلك من حبس الش&&يء واللج&&وء إلى القض&&اء‪ ،‬حيث‬
‫تعتبر الدعوى الوسيلة القانونية القضائية األساسية للوصول إلى حماية الحق‪ .‬وعلي&&ه‬
‫نتعرض إلى الدعوى القضائية في المطلب األول‪ ،‬في حين نتع&&رض إلى ال&&دفوع في‬
‫المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الدعوى القضائية وشرط رفعها‬
‫ال&&دعوى هي وس&&يلة حماي&&ة الح&&ق‪ ،‬وال&&تي يرج&&ع إليه&&ا الم&&دعي لتحري&&ك القض&&اء‬
‫للحصول على تقرير حقه أو حمايته‪ ،‬والدعوى ال&&تي يحّ ركه&&ا الش&&خص لل&&دفاع عن‬
‫حق&ه‪ ،‬إّ م&ا دع&وى مدني&ة أو جزائي&ة‪ ،‬وعلي&ه نبحث من خالل ه&ذا المطلب ال&دعوى‬
‫المدنية وهذا في الفرع األول‪ ،‬بينما نتعرض إلى الدعوى الجزائية في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الدعوى المدنية‬
‫يلجأ من تعرض حقه لالعتداء إلى القضاء بواسطة الدعوى المدني&ة عارض&ا قض&يته‬
‫أمام القاضي المدني ألجل دفع هذا االعتداء‪ ،‬فما المقصود بالدعوى المدنية‪ ،‬وما هي‬
‫شروطها؟‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الدعوى المدنية‪:‬‬
‫الدعوى المدنية هي "مطالبة المضرور بتعويض ما أصابه من ضرر شخصي بفع&&ل‬
‫الغير عن طريق القضاء" كما تعرف ك&&ذلك بأنه&&ا هي" الوس&&يلة الفني&&ة أو اإلجرائي&&ة‬
‫ال&&تي يط&&رح به&&ا ال&&نزاع على القض&&اء"‪ .‬أي أن ال&&دعوى المدني&&ة ته&&دف للمطالب&&ة‬
‫باستعادة الحق أو حمايته‪ ،‬وتعتبر الوسيلة المشروعة للتعب&&ير عن الرغب&&ة في ال&&دفاع‬
‫عن الحق واللجوء إلى القض&&اء طالب&&ا من&&ه تقري&&ر ح&&ق ل&&ه أو من&&ع اعت&&داء علي&&ه في‬
‫مواجهة من ينكر أو يعتدي عليه ‪،‬باعتبارها السلطة المخولة لشخص للحص&&ول على‬

‫صفحة | ‪64‬‬
‫حماية حقه عن طريق تطبيق القانون‪ ،‬ٳم&ا االع&تراف بح&ق متن&ازع علي&ه ‪،‬أو الحكم‬
‫على الخص&&م ومباش&&رة إج&&راءات التنفي&&ذ‪ ،‬وٳم&&ا الحص&&ول على ت&&دابير تحف&&ظ ي&&ة أو‬
‫مؤقت&ة‪ ،‬ويرف&ع ص&احب الح&ق دع&واه أم&ام المح&اكم المدني&ة وتختل&ف ه&ذه األخ&يرة‬
‫باختالف نوع الحق المر اد حمايته إن كان عينيا أو شخصيا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط الدعوى القضائية‪:‬‬
‫إذا كان حق رفع الدعوى مكفوال للناس كافة إال أن المشرع قيده بشروط معينة ل&&ذلك‬
‫يجب على القاضي البحث في مدى توافرها قب&&ل الخ&&وض في موض&&وعها‪ ،‬وي&&ترتب‬
‫عن تخلفها التصريح بعدم قب&&ول ال&&دعوى ش&&كال‪ ،‬وال يع&&د ذل&&ك فص&&ال في موض&&وع‬
‫النزاع‪ ،‬وقد أ وردها المشرع الجزائري في المادة ‪ 13‬من قانون اإلجراءات المدني&&ة‬
‫واإلدارية والتي تنص على "ال يجوز ألي ش&&خص التقاض&&ي م&&ا لم تكن ل&&ه الص&&فة‪،‬‬
‫وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون‪ ،‬يث&&ير القاض&&ي تلقائي&&ا انع&&دام الص&&فة في‬
‫المدعي أو المدعى عليه‪ ،‬كما يثير تلقائيا انعدام اإلذن إذا اش&&ترطه الق&&انون"‪ .‬وعلي&&ه‬
‫فكل مدعي ملزم بإثبات صفته ومصلحته في رفع دعوى ويتأتى ذلك بإرفاقه للوثائق‬
‫والمستندات‪ ،‬وكذا األدلة الكافية التي تثبت وجود الحق المطالب به وعالقته بالمدعى‬
‫عليه‪.‬‬
‫أ‪ -‬الصفة‪:‬‬
‫يقصد بالصفة ص&الحية الش&خص لمباش&رة إج&راءات التقاض&ي‪ ،‬أي تل&ك العالق&ة أو‬
‫الرابطة القائمة بين أطراف الدعوى وموضوعها‪ ،‬إذ تتمثل الصفة فيها في الش&&خص‬
‫صاحب الحق الذي له مصلحة قانونية مباشرة في رفع الدعوى القضائية لحماية ه&&ذا‬
‫الحق‪ ،‬ولكل من الخلف أو الدائن الذي يستعم ل الدعوى الغير المباشرة الصفة‪ ،‬على‬
‫شرط أن تكون الدعوى قابلة لالنتقال بالنسبة للخلف‪.‬‬
‫تعتبر الصفة المركز القانوني للشخص الذي يمنح له الحق في المطالب&&ة بح&&ق معين‪،‬‬
‫إذ أن المدعي يكون في مرك&&ز المعت&&دى علي&&ه إذ يجب علي&&ه أيض&&ا أن يتمت&&ع بص&&فة‬
‫التقاضي‪ ،‬أي بالسند القانوني الذي يمنحه القدرة على االدعاء‪ ،‬وأما خصمه الم&&دعى‬
‫عليه فيعتبر في مرك&&ز المعت&&دي‪ ،‬وتج&&در اإلش&&ارة في ه&&ذا الص&&دد أن أغلب الفقه&&اء‬
‫يشترطون توفر الصفة في المدعي والمدعى عليه على حد س&&واء ومؤك&&دين على أن‬
‫الدعوى يجب أن ترف&ع من ذي ص&فة على ذي ص&فة‪ ،‬وه&ذا م&ا نص&ت علي&ه الم&ادة‬
‫س&&الفة ال&&ذكر‪ ،‬وق&&د يمنح الق&&انون شخص&&ا آخ&&ر غ&&ير ص&&احب الح&&ق أو نائب&&ه الح&&ق‬
‫بمطالبة المدين بالدين‪ ،‬كما لو كان للمدعي مصلحة شخصية في رفع الدعوى‪ ،‬مث&&ال‬
‫ذلك الدائن الذي يستعمل حقوق مدينه عن طريق الدعوى غير المباشرة‪.‬‬
‫ب‪ -‬المصلحة‪:‬‬

‫صفحة | ‪65‬‬
‫حتى تقبل الدعوى يجب أن تكون المصلحة المحتج بها ذات أهمية‪ ،‬خاصة إذا تعل&&ق‬
‫األم&&ر بمص&&لحة معنوي&&ة‪ ،‬وهك&&ذا إذا اس&&تجاب قاض&&ي الدرج&&ة األولى لك&&ل طلب&&ات‬
‫الم&&دعي‪ ،‬ف&&إن ه&&ذا األخ&&ير ال يمكن&&ه اس&&تعمال طري&&ق من ط&&رق الطعن النع&&دام‬
‫المصلحة‪ ،‬وقد تكون بعض األحكام غير قابلة للطعن النتفاء المص&&لحة وع&&دم وق&&وع‬
‫ض&&رر‪ .‬وهي الفائ&&دة المش&&روعة ال&&تي ي&&رمى الم&&دعي إلى تحقيقه&&ا بااللتج&&اء إلى‬
‫القضاء‪ ،‬فيقصد بها الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى‪ ،‬واال اعتبرت مجرد‬
‫دع&&وى كيدي&&ة واألص&&ل أن تك&&ون المص&&لحة قائم&&ة وحالي&&ة ح&&تى تقب&&ل ال&&دعوى‪،‬‬
‫واالستثناء ه&و قب&ول المص&لحة االحتمالي&ة في أح&وال معين&ة فق&ط‪ ،‬كم&ا يش&ترط في‬
‫المص&&لحة أن تك&&ون قانوني&&ة بمع&&نى أن يتم فعال ه&&ذا االعت&&داء‪ ،‬كم&&ا يجب أن تك&&ون‬
‫المصلحة مشروعة وال تخالف النظام العام واآلداب العامة‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ -‬الدعوى الجزائية‪:‬‬


‫األصل أن ترفع الدعوى المدنية أمام المحاكم المدني&ة باعتباره&ا ت&رمي لحماي&ة ح&ق‬
‫مدني أي حق خاص‪ ،‬لكن قد يحصل اعتداء أساسه المسئولية الجنائية‪ ،‬أي في الحالة‬
‫التي ال يقتصر فيها االعتداء على صاحب الحق وحده‪ ،‬بل يتعداه ليمس أمن المجتمع‬
‫واستقراره‪ ،‬كما بالنسبة لالعتداء على حق الشخص في السالمة الجسدية واغتص&&اب‬
‫األموال‪ ،‬ففي هذه الحالة يكون للنيابة العامة بوصفها ممثلة للمجتمع أن تتولى حريك‬
‫ال&&دعوى العمومي&&ة وه&&دفها حماي&&ة المص&&لحة العام&&ة للمجتم&&ع‪ ،‬عن طري&&ق تعقب‬
‫المعتادين وتوقع العقاب عليهم زجرا لهم وردعا لغيرهم‪ ،‬سواء تعلقت باألشخاص أو‬
‫األموال‪ ،‬أو مست حقوق عينية أو شخصية أو ذهنية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الدعوى الجزائية‪:‬‬
‫تع&&رف ال&&دعوى الجزائي&&ة بأنه&&ا هي "ال&&دعوى ال&&تي تق&&ام أم&&ام المحكم&&ة باعتب&&ار أم‬
‫موضوعها هو أحد األفعال المعاقب عليه&&ا حس&&ب ق&&انون العقوب&&ات وتخض&&ع قواع&&د‬
‫السير فيها وتنظيمها لقانون اإلجراءات الجزائية"‪ .‬أي أنه&&ا ال&&دعوى المرفوع&&ة أم&&ام‬
‫القضاء الجن&&ائي بغ&&رض الحص&&ول على تع&&ويض عن األض&&رار ال&&تي تس&&ببت فيه&&ا‬
‫الجريم&&ة‪ ،‬وهي تبعي&&ة ال&&دعوى المدني&&ة لل&&دعوى العمومي&&ة أو الجنائي&&ة‪ ،‬من حيث‬
‫اإلج&&راءات المتبع&&ة بش&&أنها ومن حيث مص&&يرها‪ ،‬حيث تخض&&ع ال&&دعوى الجزائي&&ة‬
‫لقانون اإلجراءات الجزائية وليس لقانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬أي اختصاص القضاء‪،‬‬
‫وذلك ألن هذه الدعوى تهدف إلى حماية الصالح العام‪ ،‬ولكن ه&&ذا ال يمن&&ع من لحق&&ه‬
‫ضراً ر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوقه وذلك إلصالح ما أصابه من ضرر‬
‫ويكون ذلك عن طريق هذه الدعوى‪.‬‬

‫صفحة | ‪66‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط تحريك الدعوى الجزائية‪:‬‬
‫لكي تك&&ون للمح&&اكم الج&&زا ئي&&ة س&&لطة االختص&&اص بالفص&&ل في ال&&دعوى المدني&&ة‬
‫المرفوعة تبعا لها يجب أن يكون هناك دعوى جزائية مرفوعة بش&&أن وق&&ائع وأفع&&ال‬
‫يجرمه&&ا الق&انون ويع&&اقب على اقترافه&&ا‪ .‬ف&إذا انع&&دم ال&&ركن الش&رعي للجريم&&ة ف&إن‬
‫الدعوى المدنية التبعي&&ة ال تنش&&ا أص&&ال وف&&ق م&&ا تقتض&&يه الفق&&رة ‪ 4‬من الم&&ادة ‪ 3‬من‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية التي تنص على ما يلي "تقب&&ل دع&&وى المس&&ؤولية المدني&&ة‬
‫عن كافة أوجه الضرر سواء كانت مادي&&ة أو جس&&مانية أو أدبي&&ة م&&ادامت ناجم&&ة عن‬
‫الوقائع موضوع الدعوى الجزائية"‪ .‬يعتبر الضرر جسمانيا م&&ا لح&&ق بالمتض&&رر من‬
‫عجز بدني أو تعطيل عن العمل‪ ،‬كما يمكن أن يكون الضرر معنويا أو ماديا‪ ،‬وعليه‬
‫فان الدعوى العمومية لكي تكون مقبولة أمام القض&&اء الج&&زائي يجب أن تت&&وافر على‬
‫الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون هناك جريمة ق&د وقعت فعال وأن يك&&ون الض&&رر ال&&ذي لحق&&ه ناش&ئا عن‬
‫الجريمة التي اختص القضاء الجنائي بالنظر في دعواها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تثبت نسبتها إلى المتهم والذي يك&ون ق&د أص&اب الم&دعي من الض&رر مباش&ر‬
‫بسبب الفعل اإلجرامي الذي أرتكبه المتهم‪.‬‬
‫‪ -3‬ضرورة تحريك الدعوى العمومية من قبل المجني عليه‪ ،‬وفي الغالب وحسب م&&ا‬
‫ج&&رى علي&&ه الع&&رف يتم تق&&ديم ش&&كوى مص&&حوبة بإدع&&اء م&&دني أم&&ام الس&&يد قاض&&ي‬
‫التحقيق‪ ،‬مكتوبة وموقعة ومؤرخة وتتضمن عرضًا مختصرًا عن الوقائع‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون التعويض المطلوب مبنيا على ذات الفع&&ل المرفوع&&ة ب&&ه ال&&دعوى‪ ،‬ف&إذا‬
‫حكم ب&&&براءة المتهم من الجريم&&&ة المنس&&&وبة إلي&&&ه تحكم المحكم&&&ة الجزائي&&&ة بع&&&دم‬
‫اختصاص&&ها في الفص&&ل في ال&&دعوى المدني&&ة ذل&&ك أن س&&بب حص&&ول الض&&رر في‬
‫معرض الحال هو الجريمة المسندة للجاني‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اآلثار القانونية المترتبة على رفع الدعوى أمام القضاء الجزائي‪:‬‬
‫تكون الدعوى المدنية في هذه الحالة مرتبطة بالدعوى الجزائية‪ ،‬حيث يمنح القانون‬
‫للطرف الذي لحقه ضرر الحق في اللجوء إلى القضاء الجزائي للفصل في الدعوى‬
‫المدنية وهذا لعدة أسباب أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬يتميز القضاء الجزائي بالس&&رعة في مباش&&رة إج&&راءات الفص&&ل في ال&&دعوى من‬
‫القضاء المدني‪.‬‬
‫‪ -2‬يعتبر قاضي القضايا الجزائية أكثر إحاطة بظروف نشوء الضرر بس&بب تحقيق&ه‬
‫المعمق في الفعل اإلجرامي في ذاته‪ ،‬فيسهل عليه تقدير التعويض الم&&دني بم&&ا يتالئم‬

‫صفحة | ‪67‬‬
‫مع ما وقع من خطأ من الفاع&&ل وم&&ا أص&&اب الم&&دعي من ض&&رر‪ .‬وي&&ترتب عن ه&&ذا‬
‫االرتباط عدة نتائج أهمها‪:‬‬
‫وق&&ف المحكم&&ة المدني&&ة في النظ&&ر إلى دع&&وى التع&&ويض المطروح&&ة أمامه&&ا‬ ‫‪‬‬
‫بمج&&رد أن تح&&رك النياب&&ة العام&&ة ال&&دعوى العمومي&&ة إلى حين الفص&&ل في‬
‫الدعوى الجزائية‪.‬‬
‫اس&&تئناف المحكم&&ة المدني&&ة لمباش&&رة إج&&راءات الفص&&ل والحكم في ال&&دعوى‬ ‫‪‬‬
‫المدنية المطروحة أمامها بعد صدور حكم نهائي يكون قد فص&&ل في ال&&دعوى‬
‫الجزائية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الـدفـوع‬
‫يقص&&د بال&&دفوع بص&&فة عام&&ة هي الس&&بل أو الوس&&ائل الدفاعي&&ة ال&&تي يج&&وز للخص&&م‬
‫الم&&دعي أو الم&&دعي علي&&ه أو الخص&&م الم&&دخل في الخص&&ام اللج&&وء إليه&&ا لل&&رد على‬
‫ادع&اءات خص&مه ليتف&ادى الحكم علي&ه وف&ق طلب خص&مه‪ ،‬وفي مج&ال اإلج&راءات‬
‫المدني&&ة يقص&&د بال&&دفع اإلمكان&&ات ال&&تي يمكن أن يلج&&أ إليه&&ا ط&&رف ال&&دعوى طاعن&&ا‬
‫بمقتضاها في سالمة إجراء الخصومة دون المساس بأصل الحق‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الدفوع الموضوعية‪:‬‬
‫توج&&ه إلى ذات الح&&ق الم&&دعى ب&&ه بغ&&رض الحكم ب&&رفض ال&&دعوى كلي&&ا أو جزئي&&ا‪،‬‬
‫ويرمي بهذا إلى رفض طلبات المدعي كلها أو بعض&&ها‪ ،‬ك&&أن ينك&&ر وج&&ود الح&&ق أو‬
‫يزعم سقوطه أو انقضاؤه‪ ،‬ولقد عرفها المشرع الجزائري في الم&&ادة ‪ 48‬من ق&&انون‬
‫اإلج&&راءات المدني&&ة بنص&&ها "ال&&دفوع الموض&&وعية هي وس يل&&ة ته&&دف إلى دحض‬
‫ادعاءات الخصم‪ ،‬ويمكن تقديمها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى"‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الدفوع الشكلية‪:‬‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 49‬من قانون اإلجراءات المدنية بنصها "فالدفوع الشكلية هي ك&&ل‬
‫وسيلة ته&&دف إلى التص&&ريح بع&&دم ص&&حة اإلج&&راءات أو انقض&&اءها أو وقفه&&ا"‪ .‬ه&&ذا‬
‫النوع من الدفوع ال يمس بأصل الحق وانما الغرض منه تأجيل الفصل في لموضوع‬
‫لغاية استيفاء الشكل الصحيح‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 50‬من نفس القانون على أن&&ه "يجب‬
‫إثارة دفوع الشكلية في آن واحد قبل إبداء أي دفاع في الموضوع"‪.‬‬
‫واذا لم يتطرق الدافع للدفوع الشكلية وأب&&د دفاع&&ه مباش&&رة في الموض&&وع فيع&&د ذل&&ك‬
‫تنازل ضمني عن إبداء أن هناك استثناءات عن ه&&ذه القاع&&دة إذا ك&&ان الش&&كل يتعل&&ق‬
‫الدفع في الش&&كل‪ ،‬ويع&&د تس&&ليما بص&&حة الش&&كل‪ ،‬إّال بالنظ&&ام الع&&ام‪ ،‬ومن بين ال&&دفوع‬
‫الشكلية المتعلق&&ة بالنظ&&ام الع&&ام ال&&دفوع المتعلق&&ة بانتق&&اء الص&&فة والمص&&لحة‪ ،‬ال&&دفوع‬
‫المتعلقة بعدم االختصاص النوعي‪.‬‬

‫صفحة | ‪68‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الدفع بعدم القبول‪:‬‬
‫الدفع بعدم القبول هو وسيلة يتمسك بها الخصم لبي&&ان انتف&&اء ش&روط قب&&ول ال&&دعوى‪،‬‬
‫ونصت المادة ‪ 67‬من قانون اإلجراءات المدنية على ما يلي "الدفع بعدم القبول‪ ،‬ه&و‬
‫الدفع الذي يرمي إلى التصريح بعدم قبول طلب الخصم النعدام الح&&ق في التقاض&&ي‪،‬‬
‫كانعدام الصفة وانعدام المص&&لحة والتق&&ادم وانقض&&اء األج&&ل المس&&قط وحجي&&ة الش&&يء‬
‫المقض&ي في&ه‪ ،‬وذل&ك دون النظ&ر في موض&وع ال&نزاع "‪ .‬يس&تفاد من ه&ذا النص أن‬
‫رفض كل ما يقدمه المدعى من طلب&&ات من ط&&رف الم&&دعى علي&&ه وع&&دم قبوله&&ا من‬
‫جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية لفت انتباه القاضي بعدم النظر في موضوع القضية‪ .‬كم&&ا يمكن‬
‫للخصوم تقديم دفوع شكلية في أي مرحلة كانت فيها الدعوى‪ ،‬وهذا م&&ا نص&&ت علي&&ه‬
‫المادة ‪ 68‬من الق&&انون الم&&ذكور أعاله‪ ،‬حيث نص&&ت على م&&ا يلي "ويمكن للخص&&وم‬
‫تقديم الدفع بعدم القبول في أي مرحلة حتى ولو بعد تقديم الدفوع من الموضوع"‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬وسائل حماية الحقوق بوجه خاص‬


‫تختلف الحماية التي يقررها القانون ب&&اختالف ن&&وع الح&&ق الم&&راد حمايت&&ه‪ ،‬من حيث‬
‫موضوعها عن الحقوق‪ ،‬فهناك وس&ائل خاص&&ة ب&&الحقوق المالزم&&ة للشخص&&ية‪ ،‬تثبت‬
‫لإلنسان الحقوق التي تكفل سالمة كيانه المادي كحقه في الحي&&اة مثال‪ ،‬حيث يس&&تطيع‬
‫الشخص الدفاع عن كيانه المادي ويمنع اآلخرين على المساس به أو االعتداء علي&&ه‪،‬‬
‫كما يخطر االعتداء على اإلنسان بالتعذيب أو الجرح أو ما شابه ذلك‪ ،‬وي&&ترتب على‬
‫اعتداء الغير على حق الشخص في سالمة كيانه المادي نوعان من المس&&ئولية وال&&تي‬
‫تم التطرق إليهما سلفا‪ .‬وهناك وسائل خاصة بالحقوق الشخصية والعينية‪ ،‬فال&&دعاوى‬
‫العينية تستعمل لحماية جميع الحقوق العيني&&ة‪ ،‬س&&واء ك&&انت أص&&لية كح&&ق الملكي&&ة أو‬
‫الحقوق التي تتعلق بحق الملكية مثل‪ ،‬حق االنتفاع أو حق االستعمال وك&&انت حق&&وق‬
‫عينية تبعية كحق الرهن‪ ،‬وحق االرتف&&اق‪ ،‬وال&&دعوى العيني&&ة له&&ا جانب&&ان‪ ،‬ق&&د يك&&ون‬
‫استعمالها إيجابيا إذا كان يرمي إلى المطالب&&ة بح&&ق عي&&ني‪ ،‬ويك&&ون اس&&تعمالها س&&لبيا‬
‫عندما تكون تهدف إلى دفع كل مطالبة بحق غير ثابت لعدم وجوده‪ ،‬ووسائل خاص&&ة‬
‫بالحقوق المعنوية كالحق في الشرف والسرية‪ ،‬وهذه الحقوق تكفل له اح&ترام س&معته‬
‫وش&&رفه واعتب&&اره وكرامت&&ه من التع&&دي واإلي&&ذاء من ط&&رف الغ&&ير وهي مش&&مولة‬
‫بالحماية القانونية‪.‬‬

‫صفحة | ‪69‬‬
‫وعليه ومن خالل هذا المبحث نتطرق إلى وسائل حماية الحقوق المالزمة للشخصية‬
‫في المطلب األول‪ ،‬ثم نتع&&رض إلى حماي&&ة الحق&&وق الشخص&&ية والعيني&&ة وه&&ذا في‬
‫المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬وسائل حماية الحقوق المالزمة للشخصية‬
‫إن االعتداء على الحق&&وق المالزم&&ة للشخص&&ية ت&&وجب المس&&ائلة القانوني&&ة للمعت&&دي‪،‬‬
‫وتعد الحماية القانونية للحق عنصرا مهما له‪ ،‬ففي حالة االعتداء على الح&&ق يض&&من‬
‫القانون لصاحبه الوسائل القانوني&&ة الكفيل&&ة ب&&دفع التع&&رض الص&&ادر من الغ&&ير‪ ،‬وهي‬
‫الدعوى أمام القضاء للدفاع عن حقه‪ ،‬ومن بين هذه الوسائل‪ ،‬دعوى وق&&ف االعت&&داء‬
‫الفرع األول‪ ،‬دعوى المسؤولية المدنية الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬دعوى وقف االعتداء‪:‬‬
‫للشخص المعتدى عليه في حق من حقوقه الشخصية يتيح له القانون أن يرفع دع&&وى‬
‫قضائية يطالب فيها بوقف هذا االعتداء‪ ،‬وفي هذا الشأن تنص المادة ‪ 47‬من القانون‬
‫المدني على ما يأتي "لكل من وقع عليه اعت&&داء غ&&ير مش&&روع في ح&&ق من الحق&&وق‬
‫المالزمة لشخصه أن يطلب وقف هذا االعتداء والتع&&ويض عم&&ا يك&&ون ق&&د لحق&&ه من‬
‫ضرر"‪ ،‬أي أن لكل شخص تعرض لمثل هذا النوع من االعتداء اللجوء إلى القضاء‬
‫لوقف هذا االعتداء‪ .‬ومن الحقوق الشخصية نذكر تلك الحماي&&ة ال&&تي قرره&&ا الق&&انون‬
‫لصاحب الحق‪ ،‬ومثال ذلك دف&&ع االعت&&داء ض&&د من اغتص&&ب اس&&مه واس&&تعمل اس&&مه‬
‫بدون مبرر‪ ،‬أو نازعه في استعمال اسمه بغير وجه ح&ق‪ ،‬فتتحق&&ق الحماي&&ة القانوني&&ة‬
‫للحق عن طريق اللجوء إلى القض&&اء واستص&&دار الحكم ب&&ه‪ ،‬وذل&&ك عن طري&&ق رف&&ع‬
‫دع&&وة قض&&ائية من ط&&رف ص&&احب الح&&ق أم&&ام المحكم&&ة المختص&&ة إذ ال يمكن ألي‬
‫شخص أن ينتزع حقه بيده فال حق بدون دعوى قضائية تحميه‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬دعوى المسؤولية المدنية‪:‬‬
‫إن االعتداء على الحقوق المالزمة للشخصية ال يخول صاحبها رفع دع&&وى قض&&ائية‬
‫موضوعها وقف هذا االعت&&داء فحس&&ب‪ ،‬ب&&ل تق&&ام في الكث&&ير من األحي&&ان المس&&ؤولية‬
‫التقصيرية للمعتدي بناء على نص المادة ‪ 124‬من القانون المدني الجزائري القائم&&ة‬
‫على الخطأ التي تنص على م&&ا ي&&أتي "ك&&ل فع&&ل أي&&ا ك&&ان يرتكب&&ه الش&&خص بخطئ&&ه‪،‬‬
‫ويسبب ضرار للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض"‪.‬‬
‫في أغلب األحيان تكون االعت&&داءات أخط&&اء بمفه&&وم الخط&&أ في المس&ؤولية للض&&حية‬
‫مصدر ض&&رر م&&ادي أو معن&&وي‪ ،‬وفي كث&&ير من األحي&&ان تك&&ون عالق&&ة الس&&ببية بين‬
‫الخطأ والضرر واضحة غير معترض عليها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حماية الحقوق الشخصية والعينية‬

‫صفحة | ‪70‬‬
‫وهي الدعاوى التي يتناول موضوعها الحقين معا‪ ،‬الحق العي&&ني والح&&ق الشخص&&ي‪،‬‬
‫وعادة ما يكون نطاق تطبيقها هي العقود الواردة على نقل ملكية أشياء‪ ،‬بحيث ينبث&&ق‬
‫عنها حق عيني على الشيء وحق شخصي ناشئ عن العقد‪ ،‬فتعت&&بر دع&&وى مختلط&&ة‬
‫تلك التي تهدف إلى تنفيذ عقد ق&&ائم على ح&&ق عي&&ني‪ ،‬ك&&دعوى المش&&تري على الب&&ائع‬
‫بتسليم المبيع تنفيذا لعقد البيع المسجل‪ .‬فهي دعوى تس&&تند إلى ح&&ق الملكي&&ة ال&&ذي آل‬
‫اليه نتيجة العقد‪ ،‬وأيضا إلى االلتزام بالتسليم ويقابله حق شخص&&ي ال&&ذي رتب&&ه العق&&د‬
‫على عاتق البائع‪ ،‬فح&&ق الملكي&&ة ه&&و ح&&ق عي&&ني بينم&&ا االل&&تزام بالتس&&ليم يقابل&&ه ح&&ق‬
‫شخصي أيضا‪ ،‬تعتبر الدعوى مختلطة تلك ال&&تي ته&&دف إلى إبط&&ال العق&&د الس&ابق او‬
‫فسخه كدعوى البائع على المشتري بفسخ العق&&د ورد الم&&بيع‪ ،‬ف&&الحق في الفس&&خ ح&&ق‬
‫شخصي بينما استرداد ملكية المبيع ه&&و ح&ق عي&&ني‪ .‬وعلي&&ه ومن خالل ه&&ذا المطلب‬
‫نتعرض إلى حماية الحقوق الشخصية الفرع األول‪ ،‬ثم التعرض إلى حماي&&ة الحق&&وق‬
‫العينية وهذا في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حماية الحقوق الشخصية‪:‬‬
‫من البديهي أن كل حق يقابله واجب عام بعدم االعت&&داء علي&&ه‪ ،‬فإن&&ه إلى ج&&انب ذل&&ك‬
‫يوجد في حق الشخص واجب خاص يقع على عاتق المدين بعدم االعت&&داء على ح&&ق‬
‫الدائن‪ ،‬ومن ثم كانت حماية الح&&ق الشخص&&ي مش&&مولة من ناحي&&ة الم&&دين أوال‪ ،‬ومن‬
‫ناحية الغير ثانيا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬من ناحية المدين‪:‬‬
‫األصل أن ينفذ المدين التزامه بصورة اختيارية‪ ،‬وهو ما يعرف بالتنفيذ االختياري‪،‬‬
‫ولكن إذا امتنع عن ذلك استطاع الدائن‪ ،‬صيانة حقه‪ ،‬وذلك أن يجبره على تنفيذ عين‬
‫ما التزم به وهو ما يسمى بالتنفيذ العيني الجبري‪ ،‬ويشترط في هذه الحالة أن يكون‬
‫التنفيذ العيني ممكنا وغير مرهقا للمدين‪ ،‬وعلى ذلك إذا أصبح هذا التنفيذ غير ممكن‬
‫بفعل المدين أو مرهقا له‪ ،‬بشرط أال يلحق الدائن ضررًا جسيً ما من جراء العدول‬
‫عن التنفيذ الع يني‪ ،‬مالم يكن هناك مناص للدائن من أن يقنع بالتنفيذ بمقابل أي عن‬
‫طريق التعويض‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬من ناحية الغير‪:‬‬
‫إذا اعتدى الغير على حق الدائن كان اعتداؤه هذا‪ ،‬في نظر القانون خطأ ألن&&ه إخالل‬
‫بالواجب العام الملقى على ع&&اتق كاف&&ة الن&&اس ب&&احترام ح&&ق ال&&دائن وع&&دم التع&&رض‬
‫غليه‪ ،‬فإذا لحق الدائن ضرر من جراء هذا االعتداء علي&&ه ك&&ان ل&&ه أن يط&&الب الغ&&ير‬
‫المعتدي بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية‪ ،‬ومثال ذلك تح&&ريض ص&&احب‬
‫عمل العامل الذي يعمل لدى آخر منافس له على ترك العمل لديه ليعمل لدى االول‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حماية الحقوق العينية‪:‬‬
‫صفحة | ‪71‬‬
‫إن حماية الحق العيني باعتباره استئثار مباش&&را يق&&ره الق&&انون لش&&خص معين يخول&&ه‬
‫التسلط على شيء ماديً معين بالذات‪ ،‬يتم في اإلطار الذي وض&&عه ل&&ه الق&&انون ع&&بر‬
‫ثالثة أنواع من الدعاوى القضائية وال&&تي بواس&&طتها يحظى بالحماي&&ة المق&&ررة وهى‪:‬‬
‫الدعوى العينية‪ ،‬دعوى الحيازة‪ ،‬الدعوى الشخصية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الدعوى العينية‪:‬‬
‫تكون الدعوى عينية إذا كان المقصود منها حماي&&ة ح&ق عي&&ني‪ ،‬أي إذا ك&&ان الم&&دعي‬
‫يدعي حقا عينيا ويريد حماية هذا الح&ق‪ ،‬ومث&&ال ذل&&ك دع&&وى االس&تحقاق وال&&دعاوى‬
‫العينية تستعمل لحماية جميع الحقوق العيني&&ة‪ ،‬س&&واء ك&&انت أص&&لية كح&&ق الملكي&&ة أو‬
‫الحقوق التي تتعلق بحق الملكية مثل‪ :‬حق االنتفاع أو حق االس&&تعمال وك&&انت حق&&وق‬
‫عينية تبعية كحق الرهن‪ ،‬وحق االرتف&&اق‪ .‬وال&&دعوى العيني&&ة له&&ا جانب&&ان‪ ،‬ق&&د يك&&ون‬
‫استعمالها إيجابيا إذا كان يرمي إلي المطالب&&ة بح&&ق عي&&ني‪ ،‬ويك&&ون اس&&تعمالها س&&لبيا‬
‫عندما تكون تهدف إلى دفع كل مطالبة بحق غير ثابت لعدم وجوده‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬دعاوى الحيازة‪:‬‬
‫الحيازة هي السيطرة الفعلية لشخص على ش&&يء م&&ا أي أن يك&&ون ه&&ذا الش&&يء تحت‬
‫سيطرة الحائز الفعلية‪ ،‬ول&&ه أن يس&&تعمل ه&&ذا لح&&ق عي&&ني باعتب&&اره مالك&&ا للش&&يء أو‬
‫صاحب الحق العيني عليه ولها عنصرين‪:‬‬
‫أ‪ -‬عنصر مادي‪ :‬يتمثل في سلطة مباشرة األعمال المادية التي يقوم بها ع&&ادة من ل&&ه‬
‫الحق على الشيء كالسكن في المنزل أو زراعة األرض‪ ،‬وجني ثماره&&ا‪ ،‬بمع&&نى أن‬
‫هذا العنصر يتحقق من خالل ممارسة الحائز ألعم&&ال مباش&&رة على الش&&يء‪ ،‬فيك&&ون‬
‫في نظر الغير مثل المالك الظاهر الذي يبسط سيطرة مادية على الشيء دون عرقل&&ة‬
‫أو نزاع من الغير‪ ،‬وبالنتيجة فان هذا العنصر أساسي ال تقوم الحيازة من دون&&ه‪ ،‬وال‬
‫يستقيم عند غيابه العنصر األخر أي العنصر المعنوي‪.‬‬
‫ب‪ -‬عنصر معنوي‪ :‬ويتمثل في نية الحائز في استعمال الحق العيني لحسابه الخ&&اص‬
‫بصفته مالك الشيء وفي حالة انتفاء هذا العنصر المعنوي نك&ون أم&ام مج&رد حي&ازة‬
‫مادية أي بناً ء ند قانوني يقدمه صاحب الحق إلى شخص ا على سما لحيازة الش&&يء‬
‫موضوع الحيازة ويلتزم هذا األخير برد الشيء إلى مالكه فيما بعد مثل‪ :‬عقد اإليجار‬
‫وال&&رهن الحي&&ازي‪ ،‬بمع&&نى ينبغي في ه&&ذا العنص&&ر ت&&وافر إرادة حقيقي&&ة للح&&ائز في‬
‫االرتفاع بالشيء‪ ،‬وبالنتيجة إذا توافرا العنصرين فإن الحيازة تكون قانوني&ة وحقيقي&ة‬
‫ولذلك يحميها القانون عن طريق الدعوى القضائية المناسبة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الدعوى الشخصية‪:‬‬

‫صفحة | ‪72‬‬
‫تكون الدعوى شخصية إذا كانت تهدف إلى حماية حق شخصي‪ ،‬أي إذا كان المدعي‬
‫يس&&تند في طلب&&ه إلى ح&&ق شخص&&ي وبطلب من القاض&&ي تق&&ديره أو حمايت&&ه‪ ،‬ومث&&ال‬
‫الدعوى الشخصية دعوى الدائن على المدين عند ع&&دم الوف&&اء بالتزامات&&ه‪ ،‬أو دع&&وى‬
‫المؤجر على المستأجر بمطالبته أجرة اإليجار‪ ،‬فإذا تعذر ذل&&ك فإن&&ه ال يك&&ون لل&&دائن‬
‫إال أن يطالب بالتعويض وهذا التعويض يشمل ما أصاب الدائن من خسارة وما فات&&ه‬
‫من كس&&ب بس&&بب ع&&دم التنفي&&ذ‪ ،‬أي أن&&ه وفي الغ&&الب ته&&دف ال&&دعوى الشخص&&ية إلى‬
‫الحصول على المال‪.‬‬

‫المحور السادس ‪ /‬إثبات الحقوق‬


‫وردت أحكام اإلثبات في الم&&واد من ‪ 323‬إلى ‪ 350‬في الق&&انون الم&&دني الجزائ&&ري‬
‫تحت عن&&وان إثب&&ات االل&&تزام‪ ،‬وال يع&&ني ذل&&ك أنه&&ا مقص&&ورة على إثب&&ات الحق&&وق‬
‫الشخصية بل أنها تتناول مصادر الحق بوجه عام‪.‬‬
‫توجد صلة وثيقة بين االثبات وبين حماية الحق‪ ،‬فعلى صاحب الح&&ق المعت&&دي علي&&ه‬
‫أيا كان نوع هذا الحق أن يقيم الدليل على أنه فعال ص&احب الح&ق ح&تى ين&ال حماي&ة‬
‫القانون وال سيما أنه قد يكون هناك نزاع جدي حول الحق‪ ،‬فاألثب&&ات ض&&روري وإال‬
‫كنا إزاء مجرد ادعاء ال دليل عليه‪ ،‬ف&إذا أق&ام ال&دليل علي&ه اع&ترف ل&ه الق&انون بأن&ه‬
‫محق‪ ،‬بإصدار حكما قضائيا يؤكد تلك األحقية وهذا هو االثبات القضائي المقص&&ود‪،‬‬
‫عندها ينفذ صاحب الحق حقه عن طريق الس&&لطة العام&&ة المختص&&ة وبط&&رق التنفي&&ذ‬
‫المنصوص عليها في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬
‫من هنا تبرز أهمية إثبات الحق من حيث الحماية ال&&تي يقرره&&ا الق&&انون للح&&ق‪ ،‬ف&&إذا‬
‫ثار نزاع ح&ول ح&ق معين‪ ،‬لج&أ من ي&دعي بأن&ه ص&احبه إلى القض&اء م&دنيا ك&ان أم‬
‫جنائيًا للمطالبة بحماية حقه‪ ،‬ولتوفيرها ال بد من إقامة ال&&دليل على وج&ود ه&&ذا الح&ق‬
‫المعتدى عليه ويدخل هذا الدليل في إطار دراسة إثبات الحق‪.‬‬
‫يقصد بإثبات الحق قانونا هو إقام&&ة ال&&دليل على وج&وده أو وج&ود الواقع&&ة القانوني&&ة‬
‫المنشئة له أمام القضاء وذلك بالكيفي&&ة والط&&رق ال&&تي يح&&ددها الق&&انون‪ ،‬فيك&&ون لتل&&ك‬
‫الواقعة القانونية تأثير في المح&&ور في ال&&دعوى‪ ،‬وح&&تى ُيْح َك ُم لص&&احب الح&&ق أم&&امَ ‬
‫القض&&اء وجب علي&&ه إثبات&&ه أمام&&ه؛ فيطلب القاض&&ي من&&ه أن ي&&بين دع&&واه‪ ،‬ثم ُيس&&ألُ ‬
‫المدعى عليه‪ ،‬فإن أقّر بما يثبت بإقراره الحق الذي يدعيه الم&&دعي ص&&در الحكم ب&&ه‪،‬‬
‫وإذا أنكر المدعى عليه ما يدعي&ه الم&دعي طلب القاض&ي من الم&دعي أن يق&دم دليل&ه‬
‫الذي يثبت به ما يدعيه‪ .‬ذلك ّأن ادعاء الحق من غير إثباته يصبح هو والعدم سواء‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬محل إثبات الحقوق‬

‫صفحة | ‪73‬‬
‫يقصد بمح&&ل اإلثب&&ات تل&&ك الواقع&&ة القانوني&&ة المنش&&ئة للح&&ق ألنه&&ا هي س&&بب وس&&ند‬
‫وجوده أي مصدره‪ .‬ولقد سبق وأن بينا أن مصدر الحق قد ال إراديا وهو م&&ا نقص&&ده‬
‫بالوقائع القانونية سواء أكان حدثا طبيعيًا أي واقعة طبيعية‪ ،‬أو عمًال إنس&&انيا مص&&در‬
‫عمال غير مشروع‪ ،‬أو فعالً نافعًا‪ .‬وقد يكون مصدره إراديًا سببه تصرفا قانونيا أي‬
‫عقدًا أو إرادة منفردة‪ ،‬وعليه نتناول تباعا محل اإلثبات في كل حالة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الواقعة القانونية‬
‫الواقعة القانونية سواء ك&&انت مادي&&ة او تص&&رف ق&&انوني ي&&رتب عليه&&ا الق&&انون اث&&ر‬
‫قانوني‪ ،‬أنها مصدر لكسب حق&&وق مالي&&ة شخص&&ية وعيني&&ة أو الذهني&&ة على الس&&واء‪،‬‬
‫فنتساءل عن وسائل اثباتها بالنظر لخصوصية كل واقعة‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬الواقعة المادية‬
‫سبق أن بينا أن هذه الواقعة قد تكون بفعل الطبيع&ة أو بفع&ل االنس&ان نفس&ه أو الغ&ير‬
‫في حاالت معينة‪ ،‬وكلما كانت إحدى هذه الوقائع مصدرًا للحق المتنازع‪ ،‬كلما ك&&انت‬
‫هي محًال لإلثبات أمام القضاء‪ .‬وطرق اإلثب&&ات فيه&&ا ليس&&ت خاص&&ة‪ ،‬إذ يمكن إقام&&ة‬
‫الدليل عليها بكافة الطرق كالشهود‪ ،‬اللجوء إلى الخبراء ‪...‬الخ‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التصرف القانوني‬
‫سبق اإلشارة إلى أن التصرف القانوني عقدًا كان أو إرادة منفردة هو مصدر للح&&ق‪،‬‬
‫ولكن يشترط فيه قيام اإلرادة لدى المتصرف والمتصرف له‪ .‬ونظرا لخط&&ورة آث&&اره‬
‫فإن القانون غالبا ما يشترط شروطا خاصة لإلثبات في هذه الحالة‪.‬‬
‫فالقاعدة العامة أن إثبات الحقوق العقدية ال يتم إال عن طريق الكتاب&&ة‪ ،‬واس&&تثناء من‬
‫ذلك حسب صريح المادة ‪ 333‬من القانون المدني تستثنى من قاع&&دة إثب&&ات الحق&&وق‬
‫بالكتابة‪:‬‬
‫المعامالت التجارية ألنها تقوم على عنصر الثقة والسرعة واالئتمان؛‬ ‫‪-‬‬
‫كل التصرفات القانونية التي تكون قيمتها ‪ 100.000‬دينار جزائري فأقل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط محل إثبات الحق‬
‫يجب أن تك&&ون الواقع&&ة القانوني&&ة المطل&&وب إثباته&&ا مح&&ددة وممكن&&ة ومتنازع&&ا فيه&&ا‬
‫ومتعلقة بموضوع الدعوى ومنتجة فيها وج&&ائزة االثب&&ات قانون&&ا وتفص&&يل ذل&&ك على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫أن تكون مح;;ددة‪ :‬من يدعي أن&&ه مال&&ك لش&&يء بمقتض&&ى عق&&د علي&&ه أن يح&&دد‬ ‫أ‪-‬‬
‫نوعه وتاريخه وأطرافه وموضوعه‪ ،‬فال يقبل إثبات واقعة مطلقة‪ ،‬كأن يدعي ب&&راءة‬

‫صفحة | ‪74‬‬
‫ذمته من جمي&ع االلتزام&ات ال&تي علي&ه‪ .‬وإذا ك&ان مح&ل االثب&ات واقع&ة مادي&ة فعلى‬
‫المدعي أن يحددها سواء كانت واقعة ايجابية أوامتناع‪،‬‬
‫ب‪ -‬أن تكون ممكن;;ة‪ :‬إذ ال يقبل إثب&&ات واقع&&ة مس&&تحيلة بحيث ال يمكن تص&&ديقها‬
‫عقال هذا من ناحية أو من ناحية عدم إمكان إثباتها‪ ،‬أي أن تكون الواقعة على فرض‬
‫صحتها من الجائز قبولها من المحكم&&ة ك&&دليل في ال&&دعوى‪ ،‬ومث&&ال للواقع&&ة ال&&تي ال‬
‫يجوز قبولها من المحكمة أن يكون محل الحق المدعى به من األش&&ياء الخارج&&ة عن‬
‫دائرة التعامل بنص القانون كاألشياء غير المش&روعة ومنه&ا المخ&درات مثال‪ ،‬وكمن‬
‫يدعي بأبوته لشخص أكبر منه سنا أو يساويه في العمر؛‬
‫ج‪ -‬أن تكون متعلقة بموضوع الدعوى‪ :‬بما يفيد أن يكون للواقعة مح&&ل اإلثب&&ات‬
‫عالق&&ة ب&&الحق موض&&وع ال&&نزاع لكونه&&ا مص&&دره؛ مثال إذا انتق&&ل عبء اإلثب&&ات إلى‬
‫الخصم اآلخر فيجب أن تكون الواقعة التي يريد إثباتها هذا األخ&&ير مرتبط&&ة بالمح&&ل‬
‫األصلي أو قريبة منه وتقدير ذلك لقاضي الموضوع؛‬
‫أن تكون متنازعا فيها‪ :‬ال تكون الواقع&&ة مح&&ل لإلثب&&ات أم&&ام القض&&اء إال إذا‬ ‫د‪-‬‬
‫كانت موضوع نزاع بين خصمين‪ ،‬أما إذا ادعى شخص بواقعة معينة وأقره خص&&مه‬
‫على هذا االدعاء فإنه لم يعد ثمة محل لإلثبات بعد أن أعفاه خصمه منه بإقراره بها؛‬
‫و‪ -‬أن تكون منتجة في الدعوى‪ :‬بما يفيد أن إثبات الواقعة يؤدي بطريقة حاسمة‬
‫إلقن&&اع القاض&&ي‪ ،‬إذ ليس&&ت ك&&ل واقع&&ة متعلق&&ة بال&&دعوى تعت&&بر حاس&&مة فيه&&ا‪ ،‬ولكن‬
‫باجتماع الواقعة المتعلقة بالدعوى مع واقع&ة أخ&رى يج&وز أن يجعله&ا حاس&مة‪ .‬وق&د‬
‫يرفض قاضي الموضوع إثبات واقع&ة رغم تعلقه&ا بال&دعوى إذا رآه&ا غ&ير منتج&ة‪،‬‬
‫لذلك هي مسألة تقديرية تخضع لقاضي الموضوع؛‬
‫أن تك;;ون ج;;ائزة االثب;;ات قانون;;ا‪ :‬ق&&د تك&&ون الواقع&&ة غ&&ير ج&&ائزة االثب&&ات‬ ‫ه‪-‬‬
‫العتبارات أخالقية أو لتعارضها مع واجب عدم إفشاء سر العمل أو الزوجية أو سر‬
‫المهنة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬على من يقع عبء اإلثبات للحق المتنازع فيه‬
‫ّإن معرفة الخصم الذي يقع عليه عبء اإلثبات من الناحية العملية له أهمي&&ة خاص&&ة‪،‬‬
‫تتمثل في معرفة الطرف الذي يلزم قب&&ل اآلخ&&ر بتق&&ديم ال&&دليل على ص&&حة مزاعم&&ه‪،‬‬
‫ذلك أن القاع&&دة العام&&ة المق&&ررة في اإلثب&&ات أن " البين&&ة على من ادعى " ‪ ،‬ه&&ذا م&&ا‬
‫كرس&&ه المش&&رع من خالل نص الم&&ادة ‪ 323‬من الق&&انون الم&&دني الجزائ&&ري ب&&أن ‪":‬‬
‫على الدائن إثبات االلتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه" ‪ ،‬وال يقص&&د من عب&&ارة‬
‫المدعي هو المدعي في الدعوى‪ ،‬وإّن ما المقصود منها هو من تخالف دعواه الظاهر‪،‬‬
‫فاألصل في كل األمور هو الظاهر‪ ،‬كمن يضع ي&&ده على ش&&يء يعت&&بر ص&&احب ح&&ق‬
‫عليه‪ ،‬ومن يدعي ملـكية ذلك الشيء فعليه أن يثبت ذلك‪.‬‬
‫صفحة | ‪75‬‬
‫وتبعا لما سبق‪ ،‬فإن الملزم باإلثبات هو كل شخص يدعي أنه صاحب الحق‪ .‬والواقع‬
‫أن المدعي هو من يدعي أنه صاحب الحق‪ ،‬وكما ذكرنا آنفا أن القاع&&دة تقض&&ي ب&&أن‬
‫من يدعي حصول واقع&&ة أو ظ&&اهرة تخ&&الف الث&&ابت أن يقيم ال&&دليل على إثبات&&ه‪ ،‬ألن‬
‫األصل براءة الذمة‪ ،‬فإذا ادعى شخص أنه دائن آلخ&&ر بمبل&&غ من النق&&ود ورد اآلخ&&ر‬
‫هذا اإلدعاء‪ ،‬وجب على األول أن ُيْث ِبْت ألنه يدعي ما يخالف الثابت وهو براءة ذم&&ة‬
‫الشخص اآلخر‪ ،‬هذا ما نصت عليه المادة ‪ 323‬السالف ذكرها‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬وسائل إثبات الحقوق‬
‫تختلف تلك الوسائل باختالف ما إذا كان مصدر الحق المطلوب اثباته تصرفا قانونيا‬
‫أو واقعة‪ ،‬فقد تكون الكتابة‪ ،‬أو البّينة‪ ،‬أو الق&&رائن‪ ،‬أو اإلق&&رار‪ ،‬أو اليمين‪ .‬وس&&نتناول‬
‫كل واحدة من هذه الوسائل بشيء من اإليجاز بالنظر إلى طبيعة محل إثبات الحق‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الكتابة وسيلة ذات حجية مطلقة الثبات الحقوق‬
‫يعد الدليل الكتابي من أهم أدلة اإلثبات وأضبطها‪ ،‬ويمتاز عن بقية الوسائل األخ&&رى‬
‫بإعداده مقدمًا‪ ،‬أي وقت حصول الواقعة أو التصرف الق&&انوني مص&&در الح&&ق‪ ،‬وقب&&ل‬
‫حدوث أي نزاع‪ .‬والقانون يجيز اثبات كافة الوقائع عن طريق الكتاب&ة وال&تي إّم ا أن‬
‫تكون في ورقة رسمية أو في ورقة عرفية‪.‬‬
‫فالورقة الرسمية هي التي يثبت فيه&&ا موظ&&ف أو ض&&ابط عم&&ومي أو ش&&خص مكل&&ف‬
‫بخدم&ة عام&ة م&ا تّم على يدي&ه أو م&ا تلق&اه من ذوى الش&أن وذل&ك في ح&دود س&لطته‬
‫واختصاص&&ه ه&&ذا م&&ا كرس&&ته نص الم&&ادة ‪ 324‬م&&دني جزائ&&ري‪ .‬وتمت&&از الورق&&ة‬
‫الرسمية بأنها حجة على الن&&اس كاف&&ة فيم&&ا يتعل&&ق باإلثب&&ات س&&واء بين المتعاق&&دين أو‬
‫بالنسبة للغير معا‪ ،‬ولها أيضا قوة في التنفيذ فتعتبر سندا تنفيذيا كونها تحمل الص&&يغة‬
‫التنفيذية‪ ،‬وال يمكن الطعن فيها إال عن طريق دعوى التزوير‪.‬‬
‫أما األوراق العرفية تع&&د دلي&&ل كت&&ابي ث&&اني بع&&د الورق&&ة الرس&&مية في ال&&ترتيب‪ ،‬هي‬
‫المحررات الصادرة عن األفراد كونها ُت حرر من طرفهم فيما بينهم وتحمل توقيعاتهم‬
‫ألثب&&ات تص&&رفاتهم القانوني&&ة وذل&&ك دون ت&&دخل موظ&&ف ع&&ام‪ ،‬فهي إذن موقع&&ة مّمن‬
‫صدرت منه بإمضائه أو ختمه أو بص&&مته‪ ،‬أو تل&&ك ال&&تي ص&&درت عن موظ&&ف ع&&ام‬
‫ولـكنه غ&&ير مختص بتحري&&ر تل&&ك الورق&&ة نوعي&&ا أو إقليمي&&ا‪ ،‬أو أن&&ه لم يتب&&ع فيه&&ا‬
‫اإلجراءات القانونية المطلوبة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شهادة الشهود أو البينة وسيلة الثبات الحقوق‬
‫يقصد بها هي مجموعة األقوال التي يدلي به&&ا األش&&خاص أم&&ام القض&&اء ش&&فويًا عم&&ا‬
‫ش&اهدوه أو س&معوه بحواس&هم شخص&يا متعلق&ا بالواقع&ة ال&تي ي&راد اثباته&ا أو نفيه&ا‪،‬‬

‫صفحة | ‪76‬‬
‫ويؤدونه&&ا بع&&د حل&&ف اليمين في تحقي&&ق تجري&&ه المحكم&&ة أو أم&&ام القاض&&ي المنت&&دب‬
‫للتحقيق‪.‬‬
‫فهي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الش&&هادة إلثب&&ات ح&&ق على الغ&&ير‪ ،‬وتس&&ّمى‬
‫البينة ألنها تبين ما في النفس وتكشف الحق فيما اختلف فيه‪ .‬وش&&هادة الش&&هود ك&&دليل‬
‫اثبات تختلف عن الكتابة لكونها ال تكون ملزمة للقاضي إذ له سلطة تق&&ديرها فل&&ه أن‬
‫يقبلها إذا اقتنع بها‪ ،‬أو يرفضها مهما كان الشهود‪ .‬وكتمان الشهادة إثم نهى هللا عن&&ه‪،‬‬
‫كما أعتبر شهادة الزور كبيرة من الكبائر‪ ،‬وقد نص ق&&انون العقوب&&ات الجزائ&&ري في‬
‫المادة ‪ 265‬منه على المعاقبة بالحبس والغرامة على شهادة الزور‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اإلقرار وسيلة الثبات الحقوق‬
‫ه&و اع&تراف الخص&م أم&ام القض&اء بواقع&ة قانوني&ة معين&ة في أثن&اء س&ير ال&دعوى‬
‫بتصرف أو واقعة مدعى عليه بهما في هذه الدعوى آلخر بقص&د اعتب&ار ه&ذا األم&ر‬
‫ثابتا في ذمته وإعفاء اآلخرين من إثباته‪ ،‬واإلقرار حج&&ة قاطع&&ة على المق&&ر وذل&&ك‬
‫إذا وقع أمام القاضي‪ ،‬أّما إذا وقع خارج المحكم&&ة فيخض&&ع لتق&&دير القاض&&ي‪ ،‬ونش&&ير‬
‫إلى أن اإلقرار في المسائل المدنية ال يقبل إثب&&ات العكس ‪ ،‬أم&&ا في المس&ائل الجنائي&&ة‬
‫ف&&اإلقرار ليس قطعي&&ا على أس&&اس أن&&ه ي&&ترك للقاض&&ي حري&&ة التق&&دير للتح&&ري عن‬
‫الحقيق&&ة‪ ،‬فنظ&&را لخط&&ورة األم&&ر يجب على القاض&&ي التأك&&د من االع&&تراف إذا ك&&ان‬
‫صحيحا أو جاء تحت تأثير اإلكراه ‪.‬‬
‫ومع ّأن اإلقرار سيد األدلة كما يقال‪ ،‬إّال أنه يعتبر حّج ة قاصرة على المقر ال يتعداه‬
‫إلى غيره‪ ،‬بحيث يؤاخذ ب&ه المق&ر وح&ده دون س&واه ألن المق&ر ال والي&ة ل&ه إّال على‬
‫نفسه‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬اليمين وسيلة الثبات الحقوق‬


‫يقصد بها قيام الخصم بالحلف إلشهاد هللا سبحانه وتع&&الى على ص&&دق واقع&&ة س&&ابقة‬
‫ي&&دعي وقوعه&&ا‪ .‬وج&&رى العم&&ل على أن ي&&ؤدي الش&&اهد اليمين القانوني&&ة قب&&ل اإلدالء‬
‫بأقواله أمام المحكمة‪ ،‬وقد تكون اليمين حاسمة أو متممة‪.‬‬
‫غالبا ما ال يجد المدعي دليال يقدمه الثبات ادعائه‪ ،‬في هذه الحال&&ة يج&&يز ل&&ه الق&&انون‬
‫أن يوجه إلى خص&&مه اليمين الحاس&&مة‪ ،‬ومن ثم ُت َؤ ّد ى اليمين الحاس&&مة عن&&دما يك&&ون‬
‫عبء اإلثبات على الخصم ويعوزه الدليل‪ ،‬فإنه يوجه "اليمين الحاس&&مة" إلى خص&&مه‬

‫صفحة | ‪77‬‬
‫احتكاما إلى ض&&ميره وحس&&مًا لل&&نزاع‪ ،‬وهي دلي&&ل من ال دلي&&ل ل&&ه‪ ،‬فق&&د تك&&ون المالذ‬
‫األخير لمن ينقصه ال&&دليل‪ .‬تتمث&&ل آثاره&&ا في أن&&ه إذا حل&&ف من وجهت إلي&&ه ت&&رفض‬
‫دعوى المدعي‪ ،‬وإذا نكل أي رفض من وجهت إليه اليمين ُيْح َك ْم للمدعي‪ .‬لذلك م&&تى‬
‫أداها الخصم الموجه إليه هذه اليمين فقد ينتهي النزاع بين الطرفين وال يمكن اللجوء‬
‫بعدها إلى أي دليل من أدلة االثبات االخرى‪ ،‬ويتقيد القاضي بنتيجتها‪.‬‬
‫أّم ا اليمين المتمم&&ة فيوجهه&&ا القاض&&ي من تلق&&اء نفس&&ه إلى أي من الخص&&مين في‬
‫الدعوى المرفوعة أمامه لـكي يستكمل بها األدلة األخرى متى قدر أنه&ا غ&ير كافي&ة‪،‬‬
‫وتساعد على اكتمال اقتناعه بهذه اليمين‪ ،‬وال ي&&ترتب عليه&&ا حس&&م ال&&نزاع والقاض&&ي‬
‫غير ملزم بنتيجتها‪.‬‬
‫ويشترط لتوجيه ه&&ذه اليمين أّال يك&&ون في ال&&دعوى دلي&&ل كام&&ل وأّال تك&&ون ال&&دعوى‬
‫خالية من أي دليل‪ ،‬وخالفًا لليمين الحاسمة‪ ،‬ال يجوز للخصم ال&&ذي وجهت إلي&&ه ه&&ذه‬
‫اليمين أن يردها على الخصم اآلخر‪ ،‬ولـكونها دليال غير كامل فالقاضي ال يتقّيد به&&ا‬
‫وال يلتزم بنتيجتها كونها ترد االدعاء إلى ضمير الخص&م‪ ،‬وفي آخ&ر المط&اف يل&تزم‬
‫القاضي باليمين الحاسمة لوضع حد للنزاع‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬القرائن وسيلة الثبات الحقوق‬
‫هي أمر يستخلصها القانون أو القاضي ألمر مجهول من واقعة معلومة وهي وق&&ائع‬
‫ال&&نزاع‪ .‬فق&&د يص&&عب اثب&&ات الواقع&&ة المادي&&ة أو التص&&رف الق&&انوني وله&&ذا ق&&د يعفي‬
‫المشرع الشخص من تقديم الدليل المباشر على ذل&&ك‪ ،‬فتس&&تخلص حقيق&&ة الواقع&&ة من‬
‫عمل أو تصرف آخر يسهل اثباته‪ ،‬عندها ُيقال أنها قرين&&ة وال&&تي ال تفس&&ر على أنه&&ا‬
‫إعفاء من تقديم الدليل وإنما تحول لمحل االثبات‪.‬‬
‫والق&&رائن ق&&د تك&&ون ق&&رائن قض&&ائية يس&&تنبطها القاض&&ي أو يس&&تنتجها من ظ&&روف‬
‫الدعوى‪ ،‬أو قرائن قانونية يستنبطها المقنن وتنص عليها الق&&وانين‪ .‬ه&&ذه األخ&&يرة أي‬
‫القرينة القانونية تنقسم إلى‪ :‬ـ قرينة قانوني&&ة بس&&يطة‪ :‬وهي ال&&تي تقب&&ل إثب&&ات العكس‪،‬‬
‫وهي األصل في الق&&رائن‪ ،‬وإثب&&ات عكس القرين&&ة يتم بكاف&&ة ط&&رق اإلثب&&ات‪ .‬وقرين&&ة‬
‫قانونية قاطعة‪ :‬وهي التي ال تقبل إثبات عكس ما تقرره‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬المعاينة وتقرير الخبراء‬
‫ُيقصد بالمعاينة االنتقال إلى مكان النزاع أو الواقعة للوقوف عليها قصد التوصل إلى‬
‫معرفة الحقيقة على ضوء المشاهدة‪ .‬بينما تقرير الخبرة هي لج&&وء القض&&اء إلى أه&&ل‬
‫الخبرة من منهدسين وفنيين وأطباء الجراء فحص دقي&&ق والبحث في ال&&دعاوي ال&&تي‬
‫تثار فيها مشاكل تقنية أو طبية‪ ،‬ويمكن للقاضي االس&&تعانة ب&&الخبراء س&&واء من تلق&&اء‬
‫نفسه أو بناء على طلب الخصوم‪.‬‬

‫صفحة | ‪78‬‬
‫المحور السابع ‪ /‬إنقضاء الحقوق‬
‫إن الحقوق التي تنشأ لمصلحة شخص أو أشخاص ال تبقى قائمة إلى األبد من عيني&&ة‬
‫وشخصية وذهنية بل هي تنقضي متى توافرت أسباب انقضائها‪ .‬وكما سبق القول أن‬
‫حق الملكية حق دائم ليس معناه إال أنه يبقى ما بقي محل&&ه‪ ،‬فك&&ل الحق&&وق ت&&زول عن‬
‫ص&احبها بموت&ه وتنتق&ل إلى ورثت&ه أو الموص&ى لهم‪ ،‬فيك&ون له&ا أص&حاب ج&دد هم‬
‫هؤالء الورثة أو الموصى لهم‪ ،‬باستثناء حق االنتفاع فال يورث وإنما بنقض&&ي بوف&&اة‬
‫صاحبه وال ينتقل إلى ورثته بل يعود لمالك الرقبة‪.‬‬
‫وعليه البد من حصول وقائع أو تصرفات ‪-‬كأسباب كس&&بها تمام&&ا أو انتقاله&&ا – مم&&ا‬
‫يترتب عنها انقضاء الحقوق‪ .‬وإذا كانت الواقع&ة هي أم&ر يح&دث في&ترتب علي&ه أث&ر‬
‫قانوني دون أن يكون لإلرادة دخل فيه أي ابتغاء هذا الهدف وكم&&ا يك&&ون ه&&ذا األث&&ر‬
‫هو انشاء الحق‪ ،‬فقد يكون انقض&اء الح&ق كم&ا إذا ُهل&ك الش&يء مح&ل الح&ق العي&ني‪.‬‬
‫ك&&ذلك يك&&ون مض&&ي الم&&دة القانوني&&ة ه&&و واقع&&ة ي&&رتب عليه&&ا الق&&انون س&&قوط الح&&ق‬
‫الشخصي متى لم ُيطالب به الدائن في خاللها‪.‬‬
‫أما التصرف القانوني كما سبق ذكره وشرحه‪ ،‬ه&&و عم&&ل إرادي اتج&&ه إلح&&داث أث&&ر‬
‫قانوني معين‪ ،‬فكما يكون لهذا األثر انشاء ح&ق فق&د تنص&رف اإلرادة إلى إنه&اء ح&ق‬
‫قائم فينقضي‪ ،‬واالنقضاء هنا يعد أثر قانوني يرتبه الق&&انون إعم&&اال لإلرادة‪ ،‬كالوف&&اء‬
‫بقيام المدين بسداد الدين الذي عليه ‪ ،‬والحال أيضا كاإلبراء من الدين‪.‬‬
‫وبما أن طرق انقضاء الح&ق تختل&ف من ح&ق إلى آخ&ر‪ ،‬فإنن&ا س&نتطرق فيم&ا ي&أتي‬
‫بإيجاز إلى انقض&اء الح&ق في الحق&وق العيني&ة والحق&وق الشخص&ية‪ ،‬ثم إلى انقض&اء‬
‫الحقوق الذهنية‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬إنقضاء الحق العيني‬
‫سبق اإلشارة إلى أن الحق العيني قد يكون حقا عينيا أصليا وقد نكون أمام حق عيني‬
‫تبعي‪ ،‬ولما كانت األسباب الناقلة للحق العيني األص&&لي هي أس&&باب انقض&&اء بالنس&&بة‬
‫للسلف وأسباب اكتساب بالنسبة للخلف‪ ،‬وعليه فإن الحق العيني ُيهلك ‪:‬‬
‫بهالك الشيء موضوع الح&&ق كالش&&خص ال&&ذي يمل&&ك س&&يارة ف&&احترقت‪ ،‬هن&&ا‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫ينقضي حق الملكية‪،‬‬
‫ب‌‪ -‬يهلك بعدم استعماله‪ ،‬كما هو الحال لحق االرتفاق الذي ينتهي بع&&دم اس&&تعماله‬
‫خالل المدة القانونية المسموح بها‪،‬‬
‫ت‌‪ -‬حلول األجل‪ ،‬كما إذا كان الحق العيني مؤقتا‪ ،‬فهو ينقضي بحلول أجله‪ ،‬كحق‬
‫االنتفاع ينتهي بانقضاء األجل المعين‪ ،‬ف&&إذا لم يكن ل&&ه أج&&ل مح&&دد فه&&و ينتهي بوف&&اة‬
‫صاحب الحق‪،‬‬
‫صفحة | ‪79‬‬
‫ث‌‪ -‬النزول عن الحق العيني كشخص المالك الذي يتن&&ازل عن حق&&ه آلخ&&ر‪ ،‬فه&&ذا‬
‫التنازل يجعل أي شخص باستطاعته تملك الحق المتنازل عنه‪،‬‬
‫ج‌‪ -‬قاعدة التبعية في انقضاء الحقوق العينية‪ ،‬نشير في ه&&ذا الص&&دد إلى أن الح&&ق‬
‫العيني التبعي ينقضي بانقضاء الدين الذي يضمنه‪ ،‬أي تبعا النقضاء الحق الشخصي‬
‫الضامن له وقد تنقضي بصفة أصلية كما في حالة هالك الشيء المرهون‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬انقضاء الحقوق الشخصية‬
‫أّما أسباب انقضاء الحق الشخص&&ي تتن&&وع بين م&&ا يعت&&بر تص&&رف ق&&انوني أو واقع&&ة‬
‫قانونية‪ ،‬وهي الوفاء‪ ،‬والوفاء بمقاب&&ل‪ ،‬والتجدي&&د واالب&&راء‪ ،‬تع&&د ه&&ذه من التص&&رفات‬
‫القانوني&ة ال&تي ينقض&ي به&ا الح&ق الشخص&ي‪ ،‬وهن&اك أس&باب أخ&رى النقض&ائه عن‬
‫طريق الوقائع القانونية‪ ،‬كاتحاد الذمة‪ ،‬واستحالة التنفيذ‪ ،‬والتقادم المسقط والمقاصة‪.‬‬
‫وعلي&&ه يمكن حص&&ر انقض&&اء الح&&ق الشخص&&ي في ط&&رٍق ثالث‪ ،‬فإم&&ا أن ينقض&&ي‬
‫باستيفائه أي بحصول ص&احبه علي&ه‪ ،‬وبالوف&اء من الش&خص المل&زم ب&ه‪ .‬وفي بعض‬
‫الحاالت ال يحصل صاحب الحق على الح&ق ذات&ه‪ ،‬وإّن م&ا يحص&ل على م&ا يقابل&ه أو‬
‫يساويه‪ ،‬فنقول أن الح&&ق الشخص&&ي ينقض&&ي باس&&تيفاء م&&ا يعادل&&ه وه&&ذا ه&&و الطري&&ق‬
‫الثاني‪ .‬وقد ينقضي بطرق أخرى دون الحص&ول علي&ه بذات&ه أو بمقاب&ل فنك&ون أم&ام‬
‫انقضاء الحق الشخصي دون استيفائها‪ .‬فنتناول ط&&رق االنقض&&اء للحق&&وق الشخص&&ية‬
‫على النحو الموالي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬انقضاء الحقوق باستيفائها‬
‫المقصود باستيفاء الحق ذاته أي الوفاء به‪ ،‬ويقصد به تنفي&&ذ االل&&تزام عين&&ا‪ ،‬بم&&ا يفي&&د‬
‫قي&&ام المل&&تزم ب&&أداء الح&&ق إلى ص&&احبه‪ ،‬وه&&و الطري&&ق الط&&بيعي النقض&&اء الحق&&وق‬
‫وانتهائها‪ ،‬وذلك عن طريق استيفائها ذاتها‪ ،‬أي عن طريق وفاء المدين لما ال&&تزم ب&&ه‬
‫أي المحل األصلي لاللتزام وتكييفه القانوني أنه اتفاق على قضاء الدين يج&ري علي&ه‬
‫من األحكام م&&ا يج&&ري على س&&ائر التص&&رفات القانوني&&ة‪ ،‬فال ب&&د في&&ه من التراض&&ي‪،‬‬
‫ويغلب أن يكون التنفيذ الفعلي لاللتزام هو نفسه تراض ضمني‪ ،‬ويش&&ترط أن يص&&در‬
‫هذا التراضي من ذي أهلية وأن يكون غير مش&&وب بعيب من عي&&وب اإلرادة‪ ،‬ك&&ذلك‬
‫يجب أن يكون للوفاء محل وسبب ومحل الوفاء هو نفس محل الدين ال&&ذي ي&&وفي ب&&ه‬
‫وسبب الوفاء هو قضاء هذا الدين ‪ .‬كما ل&و ق&ام المق&ترض ب&رد الم&ال إلى المق&رض‬
‫انقض&&ى ح&&ق ه&&ذا األخ&&ير‪ ،‬وانتهى ال&&تزام المق&&ترض بالوف&&اء‪ .‬وق&&د ع&&الج المش&&رع‬
‫الجزائري أحكام الوفاء في المواد من ‪ 258‬إلى ‪ 284‬من القانون المدني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أطراف الوفاء بالحق‬
‫أوال‪ :‬الطرف الموفي‪:‬‬

‫صفحة | ‪80‬‬
‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 258‬من التقنين المدني فإن الموفي هو المدين أو نائب&&ه أو‬
‫شخص آخر له مصلحة في الوفاء‪ ،‬كالـكفيل وح&&ائز العق&&ار المره&&ون‪ .‬عن&&دها يك&&ون‬
‫الوفاء صحيحا سواء تم من المدين نفسه أو من طرف نائبه‪ ،‬أو تم من طرف الغ&&ير؛‬
‫بيد أنه قد ال يصح الوفاء من غير المدين نفسه‪ ،‬وذلك إذا كان االلتزام بعم&&ل‪ ،‬واتف&&ق‬
‫األطراف عند العقد بأن يكون الوف&&اء من قب&&ل الم&&دين‪ ،‬أو اقتض&&ت طبيع&&ة ال&&دين أن‬
‫يكون الوفاء من المدين ال من غيره‪ ،‬إال أجاز ال&&دائن ذل&&ك‪ ،‬وه&&ذا ه&&و مقتض&&ى نص‬
‫المادة ‪ 169‬من التقنين المدني‪.‬‬
‫وإذا تع&&دد ال&&دائنون في دين واح&&د‪ ،‬ج&&از للم&&دين أن ي&&وفي بال&&دين ك&&امال ألي منهم‬
‫بشرط أن يكونوا متضامنين فيما بينهم‪ ،‬وأال يمانع أحدهم في ذل&&ك‪ ،‬وه&&ذا م&&ا نص&&ت‬
‫عليه المادة ‪ 218‬من خالل الفقرة األولى من التقنين المدني‪.‬‬
‫كذلك في حالة تعدد المدينون‪ ،‬وكانوا متض&&امنين فيم&&ا بينهم‪ ،‬وق&&ام أح&&دهم بالوف&&اء‬
‫بالدين‪ ،‬برئت ذمة باقي المدينين تجاه الدائن أو الدائنين‪ ،‬وه&&ذا م&&ا ص&&رحت ب&&ه نص‬
‫المادة ‪ 222‬من التقنين المدني‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الطرف الموفى له‪:‬‬
‫هو شخص الدائن أو نائبه أو خلفه الع&&ام ك&&الوارث أو خلف&&ه الخ&&اص كالمح&&ال إلي&&ه‪.‬‬
‫وإذا كان األصل أن الدائن ال يقتضي الدين بنفسه‪ ،‬بل يوفيه الم&&دين‪ ،‬فإن&&ه ق&&د يس&&مح‬
‫للدائن في االلتزام بعمل أن يقتضي ال&&دين بنفس&&ه ب&&أن يس&&تأذن القاض&&ي ل&&يرخص ل&&ه‬
‫بتنفيذ االلتزام على نفقة المدين شرط أن يكون ممكن وهذا تطبيقا لنص الم&&ادة ‪170‬‬
‫من التقنين المدني‪.‬‬
‫كما يجوز طبقا لنص المادة ‪ 219‬من التقنين المدني ‪ -‬ألحد الدائنين المتضامنين أن‬
‫يطالب المدين بكامل الدين‪ ،‬فتبرأ ذمته قبل جميع ال&&دائنين‪ ،‬غ&&ير أن&&ه إذا ب&&رئت ذم&&ة‬
‫المدين تجاه أحد الدائنين المتضامنين لسبب غير الوفاء‪ ،‬كالتقادم مثال‪ ،‬فإنه يبرأ تجاه‬
‫باقي الدائنين إال بقدر حصة ال&دائن‪ ،‬وه&ذا م&ا كرس&ته نص الم&ادة ‪ 220‬من التق&نين‬
‫المدني‪.‬‬
‫فإذا كان شخص أحمد مدينا لكل من ابراهيم ومحمد وعثمان بمبل&&غ إجم&&الي ق&&دره‬
‫واحد مليون دينار‪ ،‬وكان دين ابراهيم تجاه أحمد قدره ‪ 200‬ألف دينار‪ ،‬ومرت م&&دة‬
‫التقادم المقررة قانونا على هذا الدين‪ ،‬ف&&إن أحم&&د يبقى م&&دينا لـمحمد وعثم&&ان بمبل&&غ‬
‫قدره ‪ 800‬ألف دينار‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬محل الوفاء‬
‫يجب الوفاء بالمحل ذاته ال بشيء آخر‪ ،‬وبه كله ال بعضه؛ فإذا كان محل الحق ش&&يئا‬
‫معينا بذاته في العقد‪ ،‬فال يجبر الدائن على قبول ش&&يء غ&&يره ح&&تى ل&&و ك&&ان مس&&اويا‬

‫صفحة | ‪81‬‬
‫لمحل الحق في القيمة ومن نفس الجنس‪ ،‬بل وحتى ل&&و ك&&ان ل&&ه قيم&&ة أك&&ثر من قيم&&ة‬
‫الشيء محل الحق‪ .‬ويجب أن يكون الوفاء بك&ل الح&ق‪ ،‬ومع&نى ذل&ك أن يك&ون وف&اء‬
‫المدين بالتزامه وفاء كليا ال جزئيا؛ ألنه ال يج&بر ال&دائن على قب&ول وف&اء ج&زئي إّال‬
‫باالتفاق على ذلك أو بنص القانون‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬انقضاء الحقوق عن طريق ما يعادل الوفاء بها‪.‬‬
‫قد ال ينقضي الحق بذاته في بعض الحاالت أي عن طريق الوفاء‪ ،‬فقد ي&&زول بط&&رق‬
‫أخرى تقوم مقام الوفاء في انقضاء الحق‪ ،‬وتتمثل في‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الوفاء بمقابل كطريق النقضاء الحق بما يعادله‬
‫قد يستوفي الدائن حقه بشيء آخر بدال من المحل األصلي‪ ،‬كما إذا اتفق طرف&&ا العق&&د‬
‫على أن يتم الوفاء بمقابل‪ ،‬فإن هذا الوف&&اء من ش&&أنه انه&&اء الح&&ق‪ .‬وبمج&&رد أن يقب&&ل‬
‫الدائن من مدينه الوفاء بالمقابل الجديد‪ ،‬يعتبر أن&&ه ق&&د اس&&توفى حق&&ه‪ .‬ه&&ذا م&&ا كرس&&ه‬
‫المش&&&رع الجزائ&&&ري من خالل نص الم&&&ادتين ‪ 285‬و ‪ 286‬من الق&&&انون الم&&&دني‬
‫الجزائري‪ .‬كاتفاق الدائن والمدين على أن يكون االستيفاء بمبل&&غ من النق&&ود ب&&دال من‬
‫ملـكية عقار أو العكس‪ ،‬فيكون الثاني عوضا عن محل الحق األصلي‪.‬‬
‫ويمث&&ل الوف&&اء بمقاب&&ل عن&&د الـكثير من الش&&راح عملي&&ة قانوني&&ة مركب&&ة من التجدي&&د‬
‫والوفاء وربما حتى ال&&بيع؛ فه&&و تجدي&&د لالل&تزام ألن المح&ل في&&ه ق&د تغ&&ير‪ ،‬فينقض&&ي‬
‫االلتزام القديم والتأمينات التي أتبعه طبقا لنص المادة ‪ 286‬من التقنين المدني‪ ،‬ح&&تى‬
‫ولو استحق هذا الشيء المستبدل‪ ،‬حيث نصت الم&&ادة ‪ 655‬من التق&&نين الم&&دني على‬
‫أنه‪ :‬إذا قبل الدائن شيئًا آخ&ر في مقاب&&ل ال&&دين ب&&رئت ذم&&ة الـكفيل ول&&و اس&تحق ه&&ذا‬
‫الشيء‪.‬‬
‫وااللتزام الجديد هو التزام بإعطاء شيء في مقابل الدين‪ ،‬فإن&&ه يك&&ون بمثاب&&ة ال&&بيع‪،‬‬
‫فتسري عليه أحكامه‪ ،‬السيما فيما يخص أهلية المتعاق&&دين‪ ،‬ونق&&ل الملـكية‪ ،‬وض&&مان‬
‫التعرض واالستحقاق‪ ،‬وضمان العي&&وب الخفي&&ة‪ ،‬وه&&ذا تطبيق&&ا لنص الم&&ادة ‪286‬من‬
‫التقنين المدني‪ .‬وبما أن السير الطبيعي للوفاء بمقاب&&ل ه&&و انقض&&اء االل&&تزام بالوف&&اء‪،‬‬
‫فإن أحكام الوفاء تطب&&ق به&&ذا الخص&&وص؛ حيث ي&&راعى في&&ه جه&&ة الوف&&اء‪ ،‬ونفقات&&ه‪،‬‬
‫وإثباته‪ ،‬وقواع&د المقاص&ة في حال&ة تع&دد ال&ديون بين ال&دائن والم&دين‪ ،‬وغيره&ا من‬
‫أحكام الوفاء‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التجديد كطريق النقضاء الحق بما يعادله‬
‫يقصد بالتجديد اتفاق صاحب الحق والملزم ب&ه على اس&تبدال ح&ق ق&ديم بح&ق جدي&د‪،‬‬
‫فيترتب على ذلك انقضاء الحق القديم وإنش&&اء ح&&ق آخ&&ر جدي&&د يختل&&ف عن&&ه إّم ا في‬

‫صفحة | ‪82‬‬
‫محله أو سببه أو أحد أشخاصه‪ ،‬ويتم تجديد الحق وف&&ق أحك&&ام نص الم&&ادة ‪ 287‬من‬
‫التقنين المدني بإحدى الصور الثالث‪:‬‬
‫تجديد الحق بتغيير محله بين طرفي الحق األص&&ليين‪ ،‬أي تغ&&ير طبيع&&ة ال&&دين‬ ‫أ‪-‬‬
‫في محل الحق أو مصدره بين ط&&رفي الح&&ق‪ ،‬فينقض&&ي ب&&ذلك الح&&ق األص&&لي ويح&&ل‬
‫محله الحق الجديد‪ .‬مثال‪ :‬اتفاق أحمد م&&ع علي على أن ي&&بيع األول للث&&اني س&يارة من‬
‫نوع معين‪ ،‬وعند الوفاء اتضح أن م&&ع أحم&&د س&&يرة من ن&&وع جدي&&د‪ ،‬فقب&&ل علي به&&ذا‬
‫العرض‪ ،‬بذلك تحل السيارة الجديدة محل األولى في الوفاء‪.‬‬
‫ب‪ -‬تجديد الحق بتغيير شخص المدين‪ ،‬من خالل اتفاق بين الدائن م&&ع الغ&&ير ب&&أن‬
‫يكون هذا األخير مدينا مكان المدين األصلي فيحل محله‪ ،‬وال يحتاج هذا االتف&اق إلى‬
‫رضاء المدين‪ ،‬ألن الدائن حر في اختيار مدينه‪ ،‬أو باتف&&اق بين ال&&دائن والم&&دين على‬
‫أن يحل شخص أجنبي محل المدين األصلي‪ ،‬وهنا ال ب&&د من رض&&اء ال&&دائن بالم&&دين‬
‫الجديد‪.‬‬
‫ج‪ -‬تجدي&&د الح&&ق بتغي&&ير ش&&خص ال&&دائن عن طري&&ق اتف&&اق بين ال&&دائن والم&&دين‬
‫والغير‪ ،‬بأن يك&&ون ه&&ذا األخ&&ير ه&&و ال&&دائن الجدي&&د فيح&&ل مح&&ل ال&&دائن األص&&لي في‬
‫المطالبة بالحق‪.‬‬
‫ال يرتب التجديد كطريق النقضاء الحقوق آثاره القانونية‪ ،‬إال بتوافر شروط معينة‪:‬‬
‫أن يكون كل من االلتزام القديم وااللتزام الجديد قد خلي&&ا من أس&&باب البطالن‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫هذا ما صرحت به نص المادة ‪ 288‬من التقنين المدني الجزائري؛‬
‫أن تكون نية التجديد واضحة‪ ،‬بأن يتم االتفاق عليه صراحة‪ ،‬أو أن يستخلص‬ ‫‪-2‬‬
‫بوضوح من الظروف‪ ،‬حيث ّأن التجديد ال يفترض‪ ،‬ه&&ذا م&&ا كرس&ه المش&رع‬
‫الجزائري من خالل نص المادة ‪ 289‬من تقنينه المدني؛‬
‫أن يغير االلتزام الجدي&&د االل&&تزام الق&&ديم في عنص&&ر من عناص&&ره األساس&&ية‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫كتغيير محل الدين أو مصدره‪ ،‬أو إضافة شرط أو إلغائه‪ ،‬أو تغيير ال&&دائن أو‬
‫المدين‪ ،‬كل هذا ينطوي على إدخال تعديالت جوهرية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬اإلنابـة طريق النقضاء الحق بما يعادله‬
‫انطالق&&ا من نص الم&&ادة ‪ 294‬من التق&&نين الم&&دني الجزائ&&ري‪ ،‬تع&&د االناب&&ة وس&&يلة‬
‫النقضاء حق بناء على اتفاق يتم بين ثالثة أشخاص‪ :‬الغير ويسمى الُمن&اب‪ ،‬والم&دين‬
‫ويسمى الُمنيب والدائن ويسمى الُمناب لديه‪ .‬وعليه وفقا لنص المادة تكون اإلنابة في‬
‫الحاالت التي يحصل فيها المدين على موافقة الدائن بقبول الوفاء ب&&الحق من ش&&خص‬
‫ثالث أجنبي‪ ،‬غ&&ير أن&&ه ال يش&&ترط أن تك&&ون هن&&اك عالق&&ة مديوني&&ة س&&ابقة على عق&&د‬
‫اإلنابة‪ ،‬بل قد تكون الحقة عليه‪ .‬بذلك ف&&إن االناب&&ة هي قب&&ول ال&&دائن شخص&&يا أجنبي&&ا‬
‫يقوم بالوفاء محل المدين فُتبرأ ذمته‪.‬‬
‫صفحة | ‪83‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬المقاصة طريق إلنقضاء الحق بما يعادله‬
‫نظم المش&&رع الجزائ&&ري أحك&&ام المقاص&&ة في الم&&واد من ‪ 303‬إلى ‪ 297‬من تقنين&&ه‬
‫المدني‪ ،‬والمقاصة تشكل طريقا آخرا لقضاء الدين أو الوفاء به‪ ،‬وذل&&ك عن&&دما يك&&ون‬
‫المدين دائنا لدائنه‪ ،‬فهي طريقة تنطوي على تصفية حسابية بين الحقوق وااللتزامات‬
‫من جانب الطرفين‪ ،‬إذا كان أحدهما دائنا لآلخر ومدينا له في الوقت نفسه‪ ،‬فينقض&&ي‬
‫الدينان بقدر األقل منهما‪ .‬وللدائن في المقاصة مزايا خاصة على مال مدينه الموجود‬
‫بين يدي&&ه وال&&ذي يش&&كل نوع&&ا من الت&&أمين ك&&الحق في الحبس مثال‪ :‬فللمقاص&&ة دور‬
‫م&&زدوج إذ تش&&كل أداة وف&&اء وأداة ض&&مان‪ .‬ومن مزاي&&اه أيض&&ا تجنب ازدواج عملي&&ة‬
‫الوفاء واقتصاد نفقاته‪ ،‬إذ يكفي فيها بدفع الفرق بين الدينين‪.‬‬
‫ويجب لقيام المقاصة توافر الشروط التالية ‪:‬‬
‫أن يكون ال&&دينان ث&&ابتين‪ ،‬وغ&&ير متن&&ازع فيهم&&ا‪ :‬أي أن يك&&ون ال&&دينان محقق&&ا‬ ‫‪-1‬‬
‫الوجود ومحددا المقدار‪ ،‬أي أن كل طرف دائنُا للطرف اآلخر وم&&دينًا ل&&ه في‬
‫ال&&وقت نفس&&ه بش&&كل محق&&ق ال ش&&ك في ثبوت&&ه‪ ،‬وأن يك&&ون ال&&دين مح&&ددا في‬
‫مقداره‪ ،‬وال نزاع حوله ال من حيث وجوده وال من حيث مق&&داره‪ ،‬وإال امتن&&ع‬
‫إجراء المقاصة‪ ،‬على أن النزاع الذي يمنع المقاصة يجب أن يكون جديا‪ ،‬أي‬
‫رفعت بشأنه دعوى تمس أصله؛‬
‫أن يحل أجل ال&&دينين مع&ًا‪ :‬أي أن يك&&ون ال&&دينان مس&&تحقا األداء‪ ،‬إذ ال يج&&وز‬ ‫‪-2‬‬
‫جبر المدين على الوفاء قبل حلول أجل دينه‪ ،‬فإن كان أحد الدينين مؤج&&ل فال‬
‫تقع المقاصة‪ ،‬إال إذا سقط أجل الدين وأصبح ح&&ال األداء‪ ،‬ويس&&تثنى من ذل&&ك‬
‫حالة ما إذا كان تأخر األجل ناتجا عن مهلة منحه&&ا القاض&&ي أو أح&&د ال&&دائنين‬
‫لآلخر تطبيقا لنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 297‬من القانون المدني؛‬
‫أن يكون موضوع الدينين واحدًا‪ :‬يقصد بهذا الشرط هو اتحاد ص&&نف ال&&دينين‬ ‫‪-3‬‬
‫إن كان&&ا من النق&&ود‪ ،‬إض&&افة إلى اتح&اد الج&ودة إن كان&&ا من المثلي&&ات؛ فتك&&ون‬
‫المقاصة بين دينين من النقود بالدينار الجزائري مثال‪ ،‬أو الي&&ورو‪ ،‬وال تص&&ح‬
‫المقاصة بين دينين أحدهما بالدينار واآلخر باليورو‪ .‬كما تص&&ح المقاص&&ة بين‬
‫دي&&نين متعلقين بكمي&&ة من القمح ذي الج&&ودة العالي&&ة‪ ،‬وال تص&&ح المقاص&&ة بين‬
‫دين متعلق بالقمح وآخر متعلق باألرز‪ ،‬أو بين دين متعلق بقمح عالي الج&&ودة‬
‫وآخر متعلق بقمح ذي جودة متدنية؛‬
‫أن يتمسك بالمقاصة صاحب المصلحة فيها‪ :‬المقاصة ليست من النظام الع&&ام‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫بل يجب على من له مصلحة فيها أن يتمسك بها‪ ،‬وليس للقاضي أن يحكم بها‬
‫من تلقاء‪.‬‬

‫صفحة | ‪84‬‬
‫‪ -5‬أن يكون الدينان صالحين للطالبة بهما قضاء‪ :‬فال تقع المقاص&&ة إذا ك&&ان أح&&د‬
‫الدينين التزاما طبيعيا أي التزاما فقد عنصر المسؤولية‪ ،‬أي حق المطالب&&ة ب&&ه‬
‫قضاء؛‬
‫‪ -6‬أن يكون الدينان قابالن للحجز‪ :‬فال يجوز طلب المقاصة إذا كان مال الم&&دين‬
‫غير قابل للحجز( كدين النفقة مثال)‪.‬‬
‫‪ -7‬أال تضر المقاصة بحقوق الغير المكتسبة‪ :‬نص المشرع الجزائ&&ري من خالل‬
‫نص المادة ‪ 302‬في فقرتها الثالثة على عدم جواز وقوع المقاص&&ة إذا ك&&انت‬
‫تضر بحق&&وق الغ&&ير‪ .‬وق&&د أورد المش&&رع في الفق&&رة الموالي&&ة من ذات الم&&ادة‬
‫ونص المادة ‪ 303‬تطبيقات لهذه الحالة تتمثل في اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬حالة حجز الغير تحت يد المدين ‪ ،‬كما إذا قام الغير بتوقيع حجز تحت يد المدين‬
‫ثم أصبح ه&&ذا الم&&دين دائن&&ا لدائن&&ه أي تح&&ولت ص&&فته من م&&دين فق&&ط إلى دائن‬
‫وم&&دين ب&&دين قاب&&ل للمقاص&&ة‪ ،‬فهن&&ا ال يص&&ح إج&راء المقاص&&ة بين ه&&ذا الم&&دين‬
‫( ال&&ذي أص&&بح دائن&&ا في ال&&وقت نفس&&ه) وبين ال&&دائن ( ال&&ذي أص&&بح م&&دينا في‬
‫الوقت نفسه)‪ ،‬ويرج&&ع الس&&بب في ذل&&ك إلى أن الغ&&ير ال&&ذي أوق&&ع حج&&زا باس&&م‬
‫المدين ال يمكنه االش&&تراك في اقتس&&ام الم&&ال المحج&&وز بس&&بب ال&&دين؛ ألن&&ه ق&&د‬
‫جرت بشأنه مقاصة‪ ،‬وهذا يضر به‪ ،‬ولـكن لو قام المدين بتوقيع الحج&&ز بنفس&&ه‬
‫على أموال المدين‪ ،‬كان للغير حينها لالشتراك معه في اقتسام الم&&ال المحج&&وز‬
‫باعتباره دائنا‪.‬‬
‫‪ ‬حالة قبول الحوالة دون تحفظ‪ :‬طبق&&ا لنص الم&&ادة ‪ 303‬في فقرته&&ا األولى‪ ،‬إذا‬
‫قام الدائن بحوالة حقه إلى الغير‪ ،‬وصدر من المدين قبول بتلك الحوالة دون أي‬
‫تحفظ‪ ،‬فإنه ال يمكن لهذا المدين أن يتمسك بالمقاص&&ة تج&&اه المح&&ال ل&&ه‪ ،‬وال&&تي‬
‫كان قد تمسك بها تجاه الدائن قبل قبوله الحوالة‪.‬‬
‫وعليه تقع المقاصة متى توافرت ش&&روطها ل&&ذلك س&&ميت بالمقاص&&ة القانوني&&ة‪ ،‬وعن&&د‬
‫تخلف شرط من تلك الشروط‪ ،‬أي التي تقع بقوة القانون جاز لصاحب ال&&دعوى طلب‬
‫المقاصة القضائية‪ ،‬وللقاضي سلطة تقديرية ازاء هذا المطلب الع&&ارض‪ ،‬فيحكم على‬
‫أي الخصمين يكون مدينا بالق&در الزائ&د عن حق&ه‪ ،‬وق&د يلج&أ الطرف&ان إلى المقاص&ة‬
‫االتفاقية بمحض إرادتهما‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى أن المقاصة ليس&&ت من النظ&&ام الع&&ام‪ ،‬ه&&ذا م&&ا ي&&رتب إمكاني&&ة‬
‫النزول عنها ولـكن قبل ثبوت الحق فيها‪ ،‬طبقا لما جاءت ب&&ه الفق&&رة األولى من نص‬
‫المادة ‪ 300‬من التقنين المدني‪ ،‬وهذا حماية للمدين من تعس&&ف بعض ال&&دائنين ال&&ذين‬
‫يشترطون تنازل المدين عن حقه في المقاص&&ة قب&&ل ثبوته&&ا ح&&تى ال يس&&تعملها إذا م&&ا‬
‫ثبتت‪ ،‬فقطع المشرع على مثل هؤالء الطريق ومنع تنازل المدين قبل ثبوت حقه في‬
‫المقاصة‪ ،‬فإذا ثبت حقه فيها كان الخيار له إما أن يتمسك بها وإما أن يتنازل عنها‪.‬‬

‫صفحة | ‪85‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬اتحاد الذمة كطريق النقضاء الحق بما يعادله‬
‫وهو أن تجتمع في ذمة شخص واحد ص&&فتا ال&&دائن والم&&دين بالنس&&بة إلى دين واح&&د‪،‬‬
‫يحدث ذلك غالبا بعد الميراث‪ ،‬حيث يرث الدائن المدين فال يستطيع أن يطالب نفس&&ه‬
‫بالدين فينقضي هذا الدين‪ ،‬بما يفيد أنه كنتيجة لقبول الوارث للتركة بحقوقها وديونه&&ا‬
‫فقد يجد الشخص نفسه دائنا لمورثه ومدينا له في نفس الوقت‪ ،‬وم&&ا دامت الترك&&ة ق&&د‬
‫آلت إليه‪ ،‬فالدين الذي في ذمته ينقضي وينقضي حقه أيضا في مواجهة مورث&&ه‪ ،‬ه&&ذا‬
‫ما كرسه المشرع الجزائري في نص المادة ‪ 304‬من تقنينه المدني‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬انقضاء الحقوق دون استيفائها‬
‫إن الحقوق في هذه الحالة تزول رغم عدم استيفاء أصحابها لها أي دون الوف&&اء به&&ا‪،‬‬
‫وعليه يتم االنقضاء على هذا النحو بإحدى الطرق اآلتية‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االبراء كطريق النقضاء الحق دون استيفائه‬
‫كرس المشرع الجزائري ه&&ذه الوس&&يلة من خالل أحك&&ام الم&&ادتين ‪ 305‬و ‪ 306‬من‬
‫القانون المدني‪ ،‬فيعد االبراء تصرف تبرعي قانوني يقوم به الدائن حيث ُي برئ ذم&&ة‬
‫مدين&&ه اختي&&ارا‪ ،‬أي يتن&&ازل ش&&خص ال&&دائن عن حق&&ه قب&&ل الم&&دين دون مقاب&&ل‪ ،‬فه&&و‬
‫تصرف يتم بإرادة الدائن المنفردة متى وصلت إلى علم الم&&دين ودون م&&ا حاج&&ة إلى‬
‫صدور قبول منه‪ ،‬ولكن يصبح باطال إذا رفضه المدين‪.‬‬
‫وعليه إذا استوفى الدائن حقه عينا كان هذا وفاء‪ ،‬وإذا استوفى مق&&ابال عن حق&&ه ك&&ان‬
‫هذا وفاء بمقابل وإذا نزل عن حقه فلم يستوفه ال عينا وال بمقابل‪ ،‬كان هذا ابراء‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬استحالة الوفاء أو التنفيذ لاللتزام كطريق النقضاء الحق دون‬
‫استيفائه‬
‫وهي أن يص&&بح تنفي&&ذ االل&&تزام مس&&تحيال‪ ،‬ويجب أن تك&&ون االس&&تحالة مطلق&&ة‪ ،‬أي‬
‫االستحالة التي ترجع لسبب أجنبي ال يد للمدين فيه‪ ،‬كممن تعهد شخص بنقل بضاعة‬
‫وتوريدها إلى شخص آخر وأثناء الطريق هلكت بسبب كارثة طبيعية مث&&ل الفيض&&ان‬
‫هذا ما جاء في نص المادة ‪ 307‬مدني جزائري‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التقادم المسقط كطريق النقضاء الحق دون استيفائه‬
‫تناول المشرع الجزائري ه&&ذه الطريق&&ة ال&&تي تنقض&&ي به&&ا الحق&&وق من خالل أحك&&ام‬
‫المواد من ‪ 308‬الى ‪ 322‬من تقنينه المدني‪ ،‬وعلي&&ه تتق&&ادم الحق&&وق بع&&دم اس&&تعمال‬
‫أصحابها لها خالل مدة قانونية محددة‪ ،‬وهو افتراض ق&&انوني م&&ؤداه أن ال&&دائن ال&&ذي‬
‫سكت عن المطالبة بحقه مدة طويلة إما أن يكون قد استوفى حقه من مدين&&ه‪ ،‬أو أب&&ره‬
‫منه‪ ،‬كما أن الصالح العام يفرض احترام األوضاع المستقرة‪.‬‬

‫صفحة | ‪86‬‬
‫وقد نص المشرع الجزائري على مدة ‪ 15‬عشر سنة كقاعدة عام&&ة وهي الم&&دة ال&&تي‬
‫ال يجوز بعد انقضائها سماع الدعوى‪ ،‬ألن بانقض&&اء م&&دة التق&&ادم المنص&&وص عليه&&ا‬
‫قانونا وقد سكت الدائن عن مطالبة المدين بحقه‪ ،‬ف&&إن ح&&ق ال&&دائن ينقض&&ي وال يع&&ود‬
‫بإمكانه ارغام المدين على الوفاء‪.‬‬
‫وهن&&اك نص&&وص قانوني&&ة أخ&&رى أوردت م&&ددًا أقص&&ر في أح&&وال اس&&تثنائية للتق&&ادم‬
‫المسقط حسب طبيعة كل حق‪ ،‬ويالحظ بخصوص التقادم المسقط أنه إذا س&&قط الح&&ق‬
‫بمضي المدة القانونية دون أن يطالب الدائن بالوفاء به فإنه يسقط بوص&&فه حق&&ا تام&&ا‪،‬‬
‫ولكنه يتحول إلى حق ناقص يقابله التزام طبيعي على المدين بالوف&&اء‪ ،‬بحيث أن&&ه إذا‬
‫وّفى به باختياره وهو على بينة من أمره اعت&&بر أن&&ه وّفى التزام&&ا واجب&&ا علي&&ه‪ ،‬و ال‬
‫تجوز له بعد ذلك أن يسترد ما وّفاه إذ أنه وّفى بحق يعترف ب&&ه الق&&انون وان ك&&ان ال‬
‫يحميه أعني ال يعطي صاحبه وسيلة لقهر المدين على الوفاء به‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬انقضاء الحقوق الذهنية‬
‫المكرس في القوانين الحديثة أن الجانب الم&&الي من الحق&&وق الذهني&&ة أو الفكري&&ة ه&&و‬
‫حق مؤقت‪ ،‬هذا ما يفسر أن الحق الذهني ينقضي بانقضاء م&&دة معين&&ة بحيث يص&&بح‬
‫بعدها هذا الحق جزءا من الثروة الفكرية العامة فيتملكه المجتمع وال تع&&ود ل&&ه ص&&فة‬
‫الحق الخاص‪.‬‬
‫وقد حدّد القانون الجزائري مدة انقضاء الحق الذهني بخمسين س&&نة تس&&ري من وف&&اة‬
‫المؤّلف‪ ،‬فلصاحب الحق أن يستغل ماليا ثمرة فكر ونتاج فكره طوال حياته‪ ،‬وت&&ؤول‬
‫من بع&ده إلى ورثت&ه‪ ،‬وبع&د مض&ي م&دة الـ ‪ 50‬س&نة يس&قط الج&انب الم&الي للحق&وق‬
‫الذهني&&ة بالنس&&بة إلى الورث&&ة‪ ،‬غ&&ير أن المش&&رع الجزائ&&ري نص في الم&&ادة ‪ 68‬من‬
‫قانون حق المؤلف أن المؤلف&&ات ال&&تي أص&&بحت ملك&&ا للجمه&&ور توض&&ع تحت حماي&&ة‬
‫الدولة‪.‬‬
‫بينما ينقضي الجانب المالي لحق االخ&&تراع بع&&د مض&&ي عش&&رين س&&نة‪ ،‬وبخص&&وص‬
‫ذلك ال بد من الحصول على ترخيص من وزارة الثقاف&&ة واالتص&&ال في ه&&ذا الش&&أن‪،‬‬
‫ح&تى يك&&ون بالت&&الي ألي ك&&ان أن يس&تفيد مالي&&ا من&&ه دون أن يل&&تزم ب&&أي مقاب&&ل نح&و‬
‫الورثة‪.‬‬
‫والحقوق الذهنية شأنها ش&أن الحق&وق الشخص&ية والحق&وق العيني&ة ال تخ&رج أس&باب‬
‫انتقالها أو انتقالها عن أحد األمرين‪ :‬إما التص&&رف الق&&انوني وإم&&ا الواقع&&ة القانوني&&ة‪،‬‬
‫وهي الحقيقة العلمية من أن جمي&ع مص&ادر الحق&وق وأس&باب انقض&ائها تنحص&ر في‬
‫هاذين األمرين‪.‬‬

‫صفحة | ‪87‬‬

You might also like