Professional Documents
Culture Documents
صفحة | 1
مقدمة:
ال تقف الدراسة لم&&ادة الم&&دخل للعل&&وم القانوني&&ة عن&&د نظري&&ة الق&&انون فحس&&ب ،حيث
يتع&&رف الط&&الب على مفه&&وم الق&&انون باعتب&&اره مجموع&&ة من القواع&&د تنظم س&&لوك
األفراد في المجتمع على وجه االلزام ،إنما تتعدى الدراسة لتشمل نظرية الح&&ق وهي
الدراسة لمج&&ال البحث في مض&&مون القاع&&دة القانوني&&ة ال&&تي تنش&&ئ مج&&االت متع&&ددة
المتي&&از األش&&خاص بحيث تح&&دد لهم م&&ا يكتس&&بونه من حق&&وق وم&&ا يتحملون&&ه من
التزام&&ات ،أي مج&&ال اس&&تئثار بس&&لطات معين&&ة ح&&ددها الق&&انون وأقره&&ا لألش&&خاص
لتحقي&ق مص&الحهم ،ه&ذا م&ا يؤك&د أن الح&ق ال ينش&أ في الواق&ع إال في إط&ار قواع&د
قانونية تف&&رض على الغ&&ير واجب احترام&&ه ،طالم&&ا ُرجح ه&&ذا الح&&ق لمص&&لحة ف&&رد
معين ،لذلك ال نجد الحقوق مص&&درًا له&&ا إال في الق&&انون ،ه&&ذا األخ&&ير ال ج&&دوى من
وج&&وده إذا لم ينش&&ئ وي&&وفر حقوق&&ًا من خالل التقري&&ر لمراك&&ز قانوني&&ة ألص&&حاب
الحقوق ،ثم يفرض قيودًا على الغير مقابل ذل&&ك ،من هن&&ا ت&&برز الص&&لة الوثيق&&ة بين
القانون والحق ،إذ ُت قرر القواعد القانونية الحقوق وترسم حدودها وتوفر لها الحماي&&ة
القانونية.
فإذا كان االنسان مدني بطبعه وأناني بطبعه ،هذا ما ُيَفِّس ر الص&&فة األولى أن&&ه – أي
االنسان – ال يعيش إال في الجماعة ،ومقتضى الصفة الثانية أنه يعمل على االستئثار
بأسباب المتعة والرفاهية ولو كان على حساب اآلخرين ،لذلك ال ب&&د من نظ&&ام يس&&ود
الجماعة وإال تغلب الطرف القوي على الضعيف ،والوس&&يلة إلى تحقي&&ق ه&&ذا النظ&&ام
هي القانون ،الذي نشأ بنشؤ الجماعة لُيبين لكل فرد م&ا ل&ه من حق&وق وم&ا علي&ه من
واجبات ،لذلك ُيعد القانون مصدر حقوق األشخاص وواجباتهم.
حقيقة األمر أن دراسة نظرية الح&&ق ُتش&&كل أس&&اس دراس&&ة الق&&انون الم&&دني لش&&مولها
للحق بأنواعه حيث يشكل األشخاص واألموال عنصري الحق الرئيسين ،وما يراف&&ق
ذلك من السبب المنشئ للحق ووسائل حمايته واثباته وأخيرا انقضائه.
وعلي&&ه ج&&اءت ه&&ذه السلس&&ة من ال&&دروس ُتّلِخص نظري&&ة الح&&ق من خالل البحث
والشرح لمحاور هامة والتي تبدأ من تحديد مفهوم الحق وتبي&ان أنواع&ه ،ثم التع&رف
على أركان&&ه المختلف&&ة من حيث أش&&خاص الح&&ق الق&&انونيين وموض&&وعه ،وأيض&&ا
مصادره ،وألن الحق يحتاج إلى حماية قانونية تضمن ح&&ق االس&&تئثار والتمت&&ع وه&&ذا
عند االقتضاء نتناول هذا الجانب في محور آخر ُيتبع بوس&&ائل إثب&&ات الح&&ق وص&&وال
إلى محور أخ&ير نتط&&رق من خالل&&ه إلى مس&ألة انقض&&اء الح&ق تبع&&ا ألس&&باب تتن&&وع
حسب طبيعة الحق.
صفحة | 2
بالتالي الحق هو مجال نش&&اط مق&&رر لألش&&خاص يتمتع&&ون ب&&ه تحت رعاي&&ة الق&&انون،
ومن ثم يتم الدراسة لنظرية الحق من خالل المحاور التالية:
المحور األول :تحديد مفهوم الحق
المحور الثاني :أنواع الحقوق
المحور الثالث :أركان الحق
المحور الرابع :مصادر الحق
المحور الخامس :الحماية القانونية للحق
المحور السادس :إثبات الحق
المحور السابع :انقضاء الحقوق.
صفحة | 3
وعلي&&&ه نتن&&&اول في إط&&&ار ه&&&ذا المبحث النظري&&&ة الشخص&&&ية أو اإلرادة ،النظري&&&ة
الموض&&وعية أو المص&&لحة وم&&ا وج&&ه لك&&ل منهم&&ا من نق&&د ،ثم التط&&رق إلى النظري&&ة
المختلطة ونظرية التسلط واالستئثار وأهم االنتقادات الموجهة لهما.
المطلب األول :النظرية الشخصية والنظرية الموضوعية
اختلف فقهاء القانون الوضعي في تع&&ريفهم للح&&ق تبع&&ا لزاوي&&ة معين&&ة يتم النظ&&ر من
خالله&&ا ،فنج&&د أص&&حاب النظري&&ة الشخص&&ية ال&&ذين ي&&رون أن إرادة الش&&خص هي
العنص&&ر الج&&وهري في تعري&&ف الح&&ق ،على عكس أص&&حاب النظري&&ة الموض&&وعية
الذين يرون أن الحق يستهدف مصلحة معينة وعلى أساس ذلك كان التعريف للحق.
الفرع األول :النظرية الشخصية أو ( نظرية اإلرادة)
يرى أصحاب هذه النظرية في تعريفهم للح&&ق أن&&ه س&&لطة إرادي&&ة ،وق&&د تع&&رض ه&&ذا
الرأي للنقد من قبل الفقه فكانت لهم نظرة أخرى حول الموضوع.
أوال -عرض النظرية:
يركز أص&حاب ه&ذه النظري&ة على مض&مون الح&ق أو موض&وعه ،ويمثل&ون أنص&ار
المذهب الفردي أو الشخصي ي&&تزعمهم الفقي&&ه األلم&&اني س&&افيني ،فك&&انت النظ&&رة من
جانبهم إلى فكرة الحق من زاوية صاحبه فق&&ط ،ومن ثم اعتب&&ار إرادت&&ه هي العنص&&ر
الجوهري الذي تم&&يزه عن غ&&يره فعرف&&وا الح&&ق على أن&&ه " ق;;درة أو س;;لطة إرادي;;ة
خولها القانون لشخص معين" .
طبقا لهذا التعريف نجد أن القانون هو الذي يقر بالقدرة أو السلطة اإلرادية لص&&احب
الحق على محل الحق فيرسم لها حدودا تعم&&ل في نطاق&ه ،دون أن يقل&&ل من س&لطات
صاحب الحق على مح&&ل الح&&ق قب&&ل الغ&&ير ،م&&ادام ذل&&ك في ح&&دود الق&&انون فالقاع&&دة
القانونية في تنظيمها لعالقات األفراد في المجتمع ترسم لكل فرد حدودا معينة تعم&&ل
إرادته في نطاقه&ا مس&تقلة عن أي إرادة أخ&رى ال&تي تعم&ل ب&دورها في نط&اق آخ&ر
محدد لها ،وما دامت تعمل في حدود هذا النطاق فلها مطلق الحرية في اتخاذ ما تراه
مناسبا ،فإن صاحب الحق يستطيع أن يتنازل عن حق&&ه وأن يعدل&&ه وأن ينهي&&ه ،وه&&ذا
هو وجه الحق اآلخر للسلطة اإلرادية.
ثانيا -نقد النظرية:
أهم ما وجه لهذه النظرية من النقد ما يلي :
-1أنها ربطت بين نشوء الحق واإلرادة ،عن&&دما جعلت&&ه ق&&درة إرادي&&ة ،أي أن علقت
وجود الحق على وجود اإلرادة ،في حين أن الحق قد يك&&ون للش&&خص ح&&تى دون أن
تكون ل&&ه إرادت&&ه ،فهن&&اك أش&&خاص تنع&&دم إرادتهم ك&&المجنون والص&&بي غ&&ير المم&&يز
والجنين ،ومع ذلك فإنه من الثابت أنهم يكس&&بون حقوق&&ا كح&&ق اإلرث وح&&ق النس&&ب،
صفحة | 4
وحق الجنسية وغيرها من مثل هذه الحقوق ،ومن ثم فانعدام اإلرادة الستعماله مادي&&ا
أو قانونيا ال تنفي وجوده.
-2ق&&د يثبت الح&&ق لش&&خص لدي&&ه إرادة ولكن دون علم&&ه ب&&ه أو دون ت&&دخل إرادت&&ه
كالغ&&ائب وال&&وارث والموص&&ى ل&&ه ال&&ذي ق&&د يوص&&ى ل&&ه دون علم&&ه إال وقت وف&&اة
الوصي .
-3من المسلم به أن الش&&خص المعن&&وي كالش&&خص الط&&بيعي يثبت ل&&ه الحق&&وق على
الرغم من أن إرادته ممثلة ليس لديه إ نما بإرادة ممثله أو نائبه وهي اإلاردة الحقيقية
للشخص الطبيعي وهو ممثله.
-4تخلط النظرية بين وجود الحق في ذاته ومباشرته ،ف&&الحق يوج&&د دون ت&&دخل من
اإلرادة ولكن استعماله ومباشرته هو الذي يحتاج إلى و جود اإلرادة.
الفرع الثاني :النظرية الموضوعية
ُيركز أصحاب ه&&ذه النظري&&ة في تع&&ريفهم للح&&ق على فك&&رة المص&&لحة ال&&تي يحميه&&ا
القانون ،وقد تعرضوا بدورهم للنقد الذي وجه لنظريتهم.
أوال -مضمون النظرية:
اعتمد أصحاب هذه النظرية وعلى رأسهم الفقيه األلماني إهرنج في تع&&ريفهم للح&&ق"
الح;;ق ه;;و مص;;لحة مادي;;ة أو معنوي;;ة يحميه;;ا الق;;انون ،إذ أن الح;;ق يق;;وم على
عنصرين :األول موضوعي الحق مص;;لحة يحميه;;ا الق;;انون ،الث;;اني ش;;كلي حماي;;ة
القانون لتلك المصلحة عن طريق الدعوى القضائية اقتضاء. ".
يقصد بالعنصر الموضوعي الغاي&&ة أو المنفع&&ة المادي&&ة أو المعنوي&&ة ال&&تي تع&&ود على
صاحب الحق ،كحق الشخص في ملكيته للمنزل فإنه&ا تق&وم بم&ال ،والثاني&ة حق&ه في
حماية حقوق اللصيقة بالشخصية كالحق في السمعة والشرف .بينما يقصد بالعنص&&ر
الشكلي الحماية القانونية المتمثلة في الدعوى القضائية التي يدافع بها ص&&احب الح&&ق
عن حق&&ه .فج&&وهر الح&&ق عن&&د أص&&حاب ه&&ذه النظري&&ة هي المص&&لحة أي الفائ&&دة أو
المنفعة التي تعود على الشخص ص&&احب الح&&ق ،وتوج&&د الحق&&وق توج&&د دون وج&&ود
اإلرادة ،فالصبي غير المميز والمجنون لهما حق&&وق ب&&الرغم من انع&&دام إرادتهم&&ا في
اكتساب الحقوق ،ولكن لكليهما مصالح يحميها القانون ومباشرة حقوقهما تتم بواسطة
ممثليهما القانوني .
ثانيا -نقد النظرية:
انتقدت هذه النظرية من عدة وجوه أهمها ما يلي :إن التعريف ال&&ذي ج&&اءت ب&&ه ه&&ذه
النظرية لم ينصب على مفهوم الحق ،إنما على الغاية التي يسعى الش&خص الوص&ول
إليها وهي المصلحة ،والمصلحة هي الغاية من الحق ،وينبغي أن يرد التعري&&ف على
صفحة | 5
الشيء في ذاته المراد تعريفه مبينا ذاتيته وجوهره ،والغاية من الحق غير الح&&ق في
ذاته وينبغي تعريف الحق بالنظر إلى ذات&&ه بغض النظ&&ر عن هدف&&ه ،أي البحث عن&&ه
في حقيقته وليس في الهدف منه أو أثره.
إذا كان لكل حق مص&&لحة فليس ك&&ل مص&&لحة ب&&دورها تفض&&ي إلى الح&&ق ،ق&&د يك&&ون
للشخص مصلحة في مسألة ما دون أن تك&ون ل&ه ح&ق ،فل&و اش&ترط مس&تأجر ال&دور
العلوي لمنزل على المؤجر أن يقوم بإنارة السلم ،بال شك فإن ك&&ل من يس&&كن ال&&دور
العلوي سوف يستفيد من هذا الشرط ،أي من اإلنارة ،فتكون له مصلحة غ&&ير أن&&ه ال
يملك حقا في مواجهة هذا الشخص ،فإذا أوقف هذه اإلنارة فإنه يستطيع مقاضاته .
المطلب الثاني :النظرية المختلطة و النظرية الحديثة (اإلستئثار والتسلط)
تدارك ما وجه للنظ&رتين الس&ابقتين من نق&د في تع&ريفهم للح&ق ،ج&اء أص&حاب ه&ذه
النظرية برأي مخالف وقد جمعوا بين النظرتين ،إال أنهم اختلفوا فيما بينهم من حيث
تغليب عنصر على أخر ،وعلى ضوء االنتقادات السابقة اتجه فقه قانوني ح&&ديث إلى
محاولة الكشف عن جوهر الحق وبيان خصائصه ،فنكون ب&&ذلك أم&&ام نظري&&ة حديث&&ة
موضوعها االستئثار والتسلط.
الفرع األول :النظرية المختلطة
أصحاب هذه النظري&&ة في تع&&ريفهم للح&&ق جمع&&وا بين تعري&&ف النظري&&تين الس&&ابقتين
المذكورتين آنفا.
أوال -مضمون النظرية:
حاول هذا االتج&اه الجم&ع واألخ&ذ ب&النظريتين الس&ابقتين للتوفي&ق بينهم&ا تفادي&ًا للنق&د
الموج&&هُ لكال منهم&&ا ،ف&&يرى أنص&&اره الح&&ق بأن&&ه فك&&رة قانوني&&ة ت&&دور بين االرادة
والمصلحة لينقسموا بذلك إلى فريقين .
الفريق األول :غلب فكرة اإلرادة على المصلحة فعرفوا الحق بأنه " القدرة اإلرادي&&ة
المعطاة لشخص في سبيل تحقيق مصلحة يحميها القانون " .وعليه يقوم الحق بص&&فة
جوهرية على اإلرادة التي تحركها وتحميها المصلحة .
الفريق الثاني :غلب المصلحة على اإلرادة ،فعرفوا الحق بأنه " مصلحة التي يحميها
القانون وتقدم على تحقيقها والدفاع عن قدرة إرادية معين&&ة" .وعلى ه&&ذا ف&&إن ج&&وهر
الحق عند هؤالء المصلحة وأضيفت له&&ا االرادة ح&تى تتوله&&ا وت&&دافع عنه&&ا .لم ت&&أت
هذه النظرية بجديد وفي تعريفها للحق لم تضف شيئا إنم&&ا جمعت بين ال&&رأيين فق&&ط،
فالحق ليس هو إرادة وال مصلحة ،وعليه لم تلق القبول بين الفقهاء مما جعله&&ا مح&&ل
نقد.
ثانيا -نقد النظرية:
صفحة | 6
يتضح من خالل تعريف أنصار النظرية المختلطة في تعريفهم للحق أنه يتراوح بين
اإلرادة والمصلحة ،أي المزج بين اإلرادة والمصلحة ولم يفعل غير ذل&&ك ،فق&&د وج&&ه
له نفس ما وجه للتعريفين السابقين من انتقاد من حيث أنهما لم يعرفا الح&&ق ذات&&ه ولم
بينا جوهره ،هذا ما أدى إلى تعرض موقفهم ب&&دوره للنق&&د .مم&&ا اس&&توجب على الفق&&ه
الحديث البحث أكثر في جوهر الحق وبيان خصائصه الذاتي&&ة المم&&يزة ل&&ه ،وه&&ذا م&&ا
سوف نتعرض له في الفقرة الموالية.
الفرع الثاني :نظرية االستئثار والتسلط
جاءت هذه النظرية والتي تمثل الفقه الحديث من أنصاره الفقيه البلجيكي دابان برأي
مخالف إال أنها لم تسِّلم من النقد بدورها.
أوال -مضمون النظرية:
ع&&رفت ه&&ذه النظري&&ة الح&&ق بأن&&ه " م&&يزة يمنحه&&ا الق&&انون لش&&خص من األش&&خاص
وبمقتضاها يكون له الس&لطة على م&ال مع&ترف ل&ه ب&ه بص&فته مالك&ا أو مس&تحقا ل&ه
ويكون له الحماية القانونية الالزمة" وفي تعريف آخر بأن&&ه" اس&&تئثار ش&&خص بقيم&&ة
معينة أو شيء معين عن طريق التسلط على تلك القيم&&ة أو ه&&ذا الش&&يء" .فللش&&خص
ص&&احب الح&&ق يك&&ون ل&&ه ح&&ق التس&&لط على ش&&يء معين أو على قيم&&ة معين&&ة بحيث
يمنحانه القدرة على التصرف ،كما له استعمال الطرق القانوني&ة ال&تي تكف&ل حمايت&ه.
وعليه أهم ما يميز الحق لديهم أنه عالقة استئثار وتسلط واحترام الغير للحق وحرمة
التعدي عليه والحماية القانونية له ،ومن أهم وسائلها الدعوى القضائية.
يقصد باالستئثار االختصاص بمال أو قيمة معينة يثبت لصاحب الحق ولو لم تت&&وافر
لدي&&ه اإلرادة ،ف&&المجنون ال&&ذي ال إرادة ل&&ه ق&&د يختص بم&&ال معين أو قيم&&ة معين&&ة،
واالستئثار بالشيء ال يعني االنتفاع به فقد ينتفع الشخص بالشيء دون أن يستأثر ب&&ه
كالس&&ارق ،وق&&د يس&&تأثر الش&&خص بالش&&يء وينتف&&ع ب&&ه في آن واح&&د ولكن&&ه ال يعت&&بر
صاحب استئثار.
ثانيا -نقد النظرية:
عرفت هذه النظرية ج&&وانب إيجابي&&ة ،إال أنه&&ا انتق&&دت من حيث أن فك&&رة التس&&لط ال
تبدو واضحة سوى في الحقوق العينية فال تنطوي على جميع الحقوق ،وفي الحق&&وق
الدائنبة ال تسلط للدائًن على شخص المدين إنما له فقط ح&ق مطالبت&ه بالوف&اء بم&ا في
ذمته له من دين ،والحال نفسه في الحقوق الشخصية المالزمة واللصيقة للشخص&&ية،
إال أنه يبق هو األقرب إلى الواقع .ومنه يمكن تعريف الح&&ق بأن&&ه" االس&&تئثار ال&&ذي
يقره القانون لشخص من األشخاص ،ويكون له بمقتضاه إما التسلط على شيء معين
أو اقتضاء أداء معين من شخص آخر" .
صفحة | 7
يتميز هذا العريف بأنه يبين جوهر الحق وهو عنصر االس&&تئثار ال&&ذي يق&&ره الق&&انون
وهنا تظهر العالقة بين الحق والقانون ،فال يوجد حق إال إذا كان مس&&تندا على قاع&&دة
قانونية تحمي&ه وتع&ترف ب&ه ،وه&و م&ا يم&يز االس&تئثار المش&روع وغ&ير المش&روع،
كاستئثار السارق بالشيء المسروق ،توض&&ح فك&&رة االس&&تئثار عالق&&ة ص&&احب الح&&ق
بالغير ومع احترام الكافة لهذا الحق ،أما الدعوى العمومية ال تخ&&رج عن كونه&&ا أث&&ر
قانوني ترتب نتيجة وجود الحق واستناده إلى القانون.
وعليه يقوم الحق وفقا لهذه النظرية على عناصر أربعة هي:
االستئثار :ويقصد به انفراد شخص أو أشخاص بش&&يء معين أو بقيم&&ة مالي&&ة -1
معينة دون الغير ،بهذا العنصر يتحقق ثبوت قيمة الحق المقررة قانونا.
التسلط :وهي سلطة الشخص اإلرادية في التصرف بالشيء بمقابل أو بدونه، -2
يعتبر هذا العنصر نتيجة حتمية للعنصر األول إذ ليس للشخص ح&&ق الس&&لطة
مالم يكن مستأثرا بالشيء.
اإلقتضاء :يقصد بذلك احترام الغير للحق ،إذ ال وجود لحق ما لم يوج&&د غ&&ير -3
صاحب الحق.
الحماية القانونية :عند عدم احترام الغير للحق ومحاولة االعتداء علي&&ه ك&&ان -4
لصاحب الحق االستعانة بالقانون لحمايته من خالل الوسائل القانونية المتاح&&ة
وهذا بموجب دعوى قضائية ُترفع أم&&ام الجه&&ة القض&&ائية المختص&&ة ل&&رد ك&&ل
اعتداء على الحقوق.
وإذا كان تعريف دابان أقرب إلى الصواب إال أنه يتجاهل عنصر الحماي&&ة القانوني&&ة،
كون الحق ال يكون له وجود إال بتوافر الحامية القانونية كما سبق ذك&&ره ،والتعري&&ف
الذي يمكن أن ُن رجحه هو ذلك الذي يجعل من الحق " سلطة يمنحها القانون لشخص
على شخص آخر أو على شيء معين مع توفير الحماية القانونية لهذه السلطة.
تبعا لما سبق يمكن تعريف الحق بأنه" سلطة يحميها الق&&انون ويقرره&&ا لش&&خص ه&&و
صاحب الحق يكون له بمقتضاها التسلط على شيء معين أو قيمة معنوية أو اقتضاء
أداء معين".
المبحث الثاني :تمييز الحق عن مفاهيم أخرى
يش&&تبه الح&&ق كمص&&طلح ق&&انوني بع&&دة مص&&طلحات قانوني&&ة أخ&&رى أهمه&&ا ال&&واجب،
الحرية ،الرخصة ،السلطة ،والمصلحة ،نتناول ذلك تباعا.
المطلب األول :الحق والواجب
ينبثق الحق عن فكرة االستئثار والتسلط ،أما الواجب كمصطلح يمثل الوضع المقالب
له ،إذ على الجميع واجب احترام هذا التسلط المقرر والمحمي قانونًا ،فالعالقة بينهما
صفحة | 8
أن األول استئثار الشخص بقيمة مالية معينة يحميه القانون ،بينما الثاني يمث&&ل ال&&تزام
يقع على عاتق الشخص ،ومن ثم فك&&ل ح&&ق يقابل&&ه واجب ،وال مج&&ال للق&&ول بوج&&ود
واالعتراف بحق ما لم يكن هن&&اك قب&&د أو ال&&تزام ُيف&&رض على الط&&رف االخ&&ر ح&&تى
يتمكن صاحب الحق من التمتع بحقه على الشيء.
المطلب الثاني :الحق والحرية
إن وجود الفرق بين الحق والحري&&ة يعكس م&&دى التص&&رف في ك&&ل منهم&&ا ،فج&&وهر
الحق هو قدرة صاحب الحق بالتصرف فيما اختص به ضمن الحدود التي رسمها له
القانون ،مما يستلزم اباحة االفعال المالئم&ة ل&ذلك االس&تعمال والتص&رف المش&روع،
فالحق فيه ميزة االستئثار وبهذا يختل&ف عن الحري&ة ،فمثًال الملكي&ة ح&ق ،أم&ا حري&ة
التملك فإباحة ومن ُأبيح له أن يملك ال يعد بمقتضى هذه اإلباحة مالكا.
بينما تعتبر الحرية مكنة عام&ة قرره&ا الق&انون لألف&راد على الس&واء ،تمكين&ًا لهم من
التصرف دون االضرار باألخرين ،فالتصرف موضوع الحرية ومحله&&ا م&&أذون في&&ه
قانونا ،وهو من قبيل المباحات ،والمباح كما هو مقرر في علم أص&&ول الفق&&ه يس&&توي
فيه الفعل والترك ،فالمكلف مخير فيه ،إن شاء أقدم على الفعل والتص&&رف وإن ش&&اء
أحجم ،فكل األفراد يتمتع&&ون به&&ا على ق&&در مشـترك ،وال ينف&&رد بالحري&&ة أح&&د دون
االخرين ،وعلى الرغم من وجود الفرق بين الحرية والحق إال أن كًال منهم&&ا يرتب&&ط
باآلخر إرتباطًا وثيقًا.
وعليه فالحرية كمصطلح ال ترادف الحق إنما ُترادف حري&&ة التص&&رف وهي رخص
لألفراد كافة على ّقدم المساواة وتخضع لقيود وضوابط ،وهي ب&&ذلك يك&&ون الدس&&تور
قد كفل حمايتها كحرية التملك وإنشاء الجمعيات والتنقل والعم&&ل ...الخ .بينم&&ا الح&&ق
مصلحة محددة فال تترك على إطالقها ويحميها القانون.
المطلب الثالث :الحق والرخصة
يقوم الحق دائما على فكرة التسلط واالستئثار ،بينم&&ا تعت&&بر الرخص&&ة خي&&ار م&&تروك
للشخص وبين يديه ،فهي مكنة االختيار من بين بدائل محددة نتيجة قي&&ام س&&بب معين
جعله القانون مناطا لهذه المكنة ،كما في حالة الشريك على مال الش&&يوع فل&&ه الخي&&ار
إما البقاء في حالة الشيوع فال تفرز حصص المالكين على هذا المال المشاع ،وله أن
ُيطالب بالقسمة وفرز الحصص ليأخذ حصته وهنا نكون بص&&دد رخص&&ة قانوني&&ة أي
معترف بها قانونا .والحال نفسه في حالة عقد الهبة إذ منح القانون للموهوب رخصة
إما قبول الهبة أور فضها.
المطلب الرابع :الحق والسلطة
صفحة | 9
تعتبر السلطة عنصر اصيل في الحق ،إذ كل حق يجب ان ينطوي على س&&لطة ل&&ذلك
ال يوجد حق دون سلطة ،إال أنه قد توجد سلطة لش&&خص ال يك&&ون ل&&ه ح&&ق ،كس&&لطة
الوصي او النائب ،ولكن ال ب&&د لمن يباش&&ر الس&&لطة أن تت&&وفر لدي&&ه اإلرادة في ذل&&ك،
وهذا على خالف الحق الذي ال يشترط الكتسابه وج&ود اإلرادة ،فنج&د ع&&ديم األهلي&&ة
إذا كان يصلح الكتساب الحقوق ولكنه ال يستطيع أن يباشر الس&&لطات ال&&تي تنش&&ا من
هذه الحقوق فيباشرها عنه وليه أو وصيه أو القيم تهدف س&&لطة كال منهم إلى تحقي&&ق
مصلحة الغير ال مص&&لحة خاص&&ة بهم من خالل إدارة ش&&ؤون غ&&يرهم الشخص&&ية أو
المالية بموجب نصوص قانونية ،على عكس الحق كفكرة قانوني&&ة ته&&دف إلى تحقي&&ق
مصلحة صاحب الحق.
المطلب الخامس :الحق والمصلحة
تتواجد فكرة المصلحة بتواجد عناص&ر ثالث&ة هي :المنفع&ة واله&دف وحال&ة الموافق&ة
بينهما ،وفي مجال دراس&&ة الق&&انون تس&&تخدم المص&&لحة في مج&&ال ق&&انون االج&&راءات
المدنية او الجنائية ،فيقال :ال طعن بغير مصلحة ،أو المصلحة من&&اط الطعن ،بمع&&نى
آخر ال دعوى قضائية بدون مصلحة .وعالقة المصلحة بالحق ،هناك ترابطًا بينهما،
على الرغم من ان كًال منهما يختلف بمفهومه عن االخر فالمشرع لم يضف الحماي&&ة
القانوني&&ة على الحق&&وق إال من أج&&ل حماي&&ة مص&&الح معين&&ة ج&&ديرة بالحماي&&ة ،اذن
فالمصلحة هي الغرض العملي من الحق وليست الح&&ق في ذات&&ه ،وك&&ل ح&&ق ينط&&وي
على مصلحة ،ولكن ليست كل مص&&لحة توج&&د ض&&من ح&&ق ،فهن&&اك مص&&الح يحميه&&ا
القانون ،دون أن يعطي صاحب المصلحة الوسيلة إلى تحقي&&ق ه&&ذه الحماي&&ة .فحماي&&ة
الدولة للنظام الع&&ام ش&أنها حماي&&ة مص&&الح خاص&&ة لألف&&راد ،كم&&ا ل&&و فرض&&ت الدول&&ة
ضريبة على نوع معين من الواردات بقصد زيادة ايراداتها فيترتب على ذلك حماي&&ة
المنتج المحلي.
صفحة | 12
القانون العـام وعلـى األخـص الق&&انون اإلداري والق&&انون الدس&&توري ،إذ ه&&و ال&&ذى
يتكفل بتحديد هذه الحقوق ويبين كيفية ممارستها .تعتبر الحقوق السياس&&ية أق&&رب إلى
الواجب الوطني منه إلى الحق ،حيث يفرض القانون على المواطن أن يق&&وم ب&&ه وإال
تعرض للعقوبة.
المطلب الثالث :الحقوق العائلية او حقوق األسرة
عادة ما ينشأ هذا الن&وع من الحق&وق عن قي&ام مرك&ز ق&انوني للش&خص الط&بيعي في
محيط أسرته ،وقد ينشأ البعض منها عن قيام عالقة زوجية فتنشأ بين أطرافها حقوق
متبادلة ،كما تنشأ البعض اآلخر منها بين اآلباء واألبناء ،تمنح هذه الحق&&وق س&&لطات
وتضع واجبات في نفس ال&&وقت ،فتنقس&م ه&&ذه الحق&&وق إلى حق&&وق األس&&رة والحق&&وق
المالية في نفس الوقت ،على الرغم من أنها تتميز كونه&&ا حق&&وق غ&&ير مالي&&ة ،وغ&&ير
قابلة للتصرف فيها ،وال يحق للدائنين الحج&&ر عليه&&ا ،ولكن نتيج&&ة للمرك&&ز الق&&انوني
لبعض األشخاص تنشئ لهم حقوق مالية كحق األطفال في النفق&ة وح&ق األق&ارب في
الميراث.
الفرع األول :تعريف حقوق األسرة
هي حقوق ناشئة عن كون الفرد عًض و في أس&&رة معين&&ة بس&&بب ال&&زواج أو القراب&&ة،
وعلي&ه نس&تنتج أن من&اط ه&ذه الحق&وق ه&و انتم&اء الش&خص له&ذه األس&رة ،ويختل&ف
المركز القانوني للشخص وصفته في األسرة ،ل&&ذلك تثبت ل&&ه حق&&وق باعتب&&اره ف&ردا
داخل أسرة معينة ،واألسرة باعتبارها مجموعة أشخاص تربط بينهم صلة قراب&&ة من
نسب أو مصاهرة ف&&إن مرك&&ز الش&&خص وس&&ط أس&&رة يعطي ل&&ه ح&&ق التمت&&ع بحق&&وق
وبالمقابل يفرض عليه واجبات ،ومن خالل هذه العالقة يترتب عنها أثار قانونية.
الفرع الثاني -اآلثار القانونية لحقوق األسرة:
يترتب نتيجة لوجود هذه العالقة العائلية اآلثار التالية:
-1للزوج حقوق على زوجته في طاعتها له باعتباره رئيس العائلة وهو حق يقتصر
عليه هو وحده فقط فال يشاركه فيه أحد.
-2كما للزوجة عليه حسن المعاملة واحترمه&&ا وه&&ذه الحق&&وق والواجب&&ات يتض&&منها
قانون األسرة في الجزائر.
-3حق الزوج في احترام الزوجة لوالديه وأقاربه.
-4حق الزوج على الزوجة في إرضاع األوالد عند االستطاعة.
-5حق الزوجة في اإلنفاق عليها ،وأن يكون أمينا عليها ويصون كرامتها.
-6حق اإلرث بين األزواج والفروع واألصول.
صفحة | 13
-7لل&&زوج ح&&ق الت&&أديب والع&&دل بين الزوج&&ات ،في حال&&ة التع&&دد من حيث النفق&&ة
والمبيت ،والحق في تربية األوالد وتأديبهم ،كما للزوج&&ة الح&&ق في زي&&ارة أهله&&ا في
المواسم والمناسبات...الخ من الحقوق المتبادلة.
الفرع الثالث -مميزا ت حقوق األسرة:
تتميز هذه الحقوق بأنه يغلب عليها الطابع غير المالي ،ويترتب على ذلك عدم جواز
التصرف فيها أو الحجز عليها ،وال تسقط بالتقادم نتيج&&ة ع&&دم االس&&تعمال وال ت&&دخل
في الذمة المالية ،ويقع باطال بطالنا مطلقا أي تنازل عنه&&ا ،كم&&ا أن ه&&ذه الحق&&وق ال
تخول لصاحبها سلطات فحسب ،بل تضع على عاتقهم العديد من الواجب&&ات في نفس
الوقت ،فاألب مثال له س&&لطة ت&&أديب األوالد ،وعلي&&ه أيض&&ا واجب ت&&ربيتهم واإلنف&&اق
عليهم ،وهذه الحقوق ال تمنح من أج&&ل تحقي&&ق مص&&الح خاص&&ة وانم&&ا تمنح من أج&&ل
مصلحة األسرة كلها.
المبحث الثاني :الحقوق المالية
الحقوق المالية أو األموال محلها يكون دائما قابال للتقويم ب&&النقود ،كم&&ا تس&&مى أيض&&ا
بحقوق الذمة المالية ألنها تكون الج&&انب اإليج&&ابي له&&ا ،اله&&دف منه&&ا الحص&&ول على
فائدة أو منفعة ،لذا فهي تقبل التعام&&ل فيه&&ا بين األش&&خاص ،يس&&تطيع ص&&احب الح&&ق
التصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرفات كالبيع وغيرها من التع&&امالت ،ومحله&&ا
قد يكون شيئا معينا فيسمى حقا عينيا ،وقد يك&ون القي&ام بعم&ل أو االمتن&اع عن عم&ل
ناشئ عن عالق&&ة ارتب&&اط بين شخص&&ين فينش&&أ م&&ا يس&&مى ب&&الحق الشخص&&ي ،ويمكن
الحج&ر عليه&ا للوف&اء ب&ديون ص&احبها وهي ثالث&ة أن&واع .وعلي&ه نتط&رق بداي&ة إلى
الحقوق العينية ،ثم الحقوق الشخصية ،وأخيرا نتعرض إلى الحقوق الذهنية.
المطلب األول :الحقوق العينية
الحقوق العينية هي قدرات أو إمكانيات أو مزايا أو سلطات مباشرة يقرره&&ا الق&&انون
لشخص معين على ش&&يء مح&&دد بذات&&ه ،ويقص&&د بالس&&لطة المباش&&رة أن يك&&ون الح&&ق
لصاحب الشيء في استعماله مباشرة دون حاجة إلى تدخل ش&&خص آخ&&ر ليمكن&&ه من
استعمال حقه ،فال يوجد وسيط بين صاحب الح&&ق والش&&يء موض&&وع الح&&ق وتطل&&ق
على هذه الحقوق تسمية العينية ألنها متعلقة بالعين أو الشيء المادي .وعليه نتع&&رف
عن المقصود بالحقوق العينية أوال ،ثم التعرض لتقسيمات هذه الحقوق العينية ثانيا.
الفرع األول -تعريف الحقوق العينية:
يقصد بالحق العيني "هو ذلك الحق الذي يرد على شيء مادي ويخول صاحبه سلطة
مباشرة على هذا الشيء تسمح له باالستئثار بقيمة مالية فيه ،ويك&&ون لص&&احب الح&ق
أن يستعمل حقه على الش&&يء دون حاج&&ة إلى مطالب&&ة ش&&خص بتمكين&&ه من اس&&تعمال
صفحة | 14
حقه" .وتنقسم الحقوق العينية إلى قسمين رئيسيين حقوق عينية أصلية وحقوق عيني&&ة
تبعية.
الفرع الثاني -تقسيمات الحقوق العينية:
تنقسم الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية وحقوق عينية تبعية ،الحق&&وق األص&&لية
تقوم بذاتها دون حاجة إلى وجود حق آخر تتبعه ،بينما ال تقوم الحقوق العينية التبعية
مستقلة بذاتها ،إنما تستند في وجودها لحق آخر تقوم لضمانه والوفاء به.
أوال -الحقوق العينية األصلية:
هي الحق&&وق المس&&تقلة ال&&تي ال تتب&&ع حق&&ا آخ&&ر أو تس&&تند في وجوده&&ا إلي&&ه طالم&&ا أن
المقصود منها هو تحقي&&ق االس&&تفادة المس&&تمدة من الش&&يء ذات&&ه بم&&ا يتالئم وطبيعت&&ه،
ويكون لصاحب الحق س&&لطة اس&&تعمال الش&&يء واس&&تغالله والتص&&رف في&&ه ،في ه&&ذه
الحالة نكون أمام حق الملكية.
أ -سلطات حق الملكية:
يعتبر حق الملكية من أقوى الحقوق العينية األصلية وأوسعها مضمونا وس&&لطات ،إذ
لصاحبه سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا ،كل الس&&لطات المتص&&ورة على ش&&يء
مادي من حق االستعمال وحق االستغالل وحق التصرف فيه بكافة ط&&رق التص&&رف
القانونية ،وهو ما يتم تناوله فيما يلي:
-1حق االستعمال /ويرد على شيء مملوك للغير يخول لص&&احبه اس&&تعمال الش&&يء
بنفسه فيما أعد له للحصول على منفعة الشيء دون استغالله أو التص&&رف في&&ه ،ف&&إذا
كان محل هذا الح&ق أرض&ا زراعي&ة فحق&ه يقتص&ر على زراعته&ا بنفس&ه وال يمكن&ه
تأجيرها لغيره ،بشرط عدم مجاوزة القيود التي يفرضها القانون.
-2حق االستغالل /هو حصول صاحب الحق على ثمار الشيء ،وتتمثل في األداء
المالي الذي يحصل عليه المالك مقاب&&ل إنش&&ائه ح&&ق للغ&&ير يتعل&&ق بالش&&يء ،ك&&األجرة
المستحقة لمالك المسكن مثال مقابل تأجيره لمسكنه لشخص ما.
-3حق التصرف /وهو القيام بأي عمل يؤدي للقضاء عليه ،أو أن يق&&وم باالنتق&&اص
من سلطاته على الشيء كإنشاء حق ارتفاق ،أو تصرف في حق ملكية بناء على عقد
كبيع الشيء محل الحق.
ب -الحقوق المتفرعة عن حق الملكية
-1ح;;ق االنتف;;اع /هو ح&&ق عي&&ني يك&&ون بموجب&&ه للش&&خص المنتف&&ع أن يس&&تعمل أو
يستغل شيء مملوك للغ&&ير دون التص&&رف في&&ه ،ف&&المنتفع ل&&ه أن يس&&تعمل الش&&يء في
حدود ما أعد له ،كما له كذلك الحصول على ثماره ،إلى جانب ذلك يق&&ع على عاتق&&ه
صفحة | 15
واجب المحافظة على الشيء وأن يبذل في ذلك عناية الرج&&ل الع&&ادي ،كم&&ا علي&&ه أن
يرد هذا الشيء عندما ينتهي حقه في االنتفاع.
-2حق االستعمال وحق السكنى /يتقرر هو اآلخر على شيء ممل&&وك للغ&&ير بحيث
يكون لصاحبه السكنى فقط إذ ال يخول لصاحبه سلطة استغالله في أي غ&&رض آخ&&ر
غيره ،وينقضي حق السكنى بما ينقضي به ح&&ق االنتف&&اع وال يج&&وز التن&&ازل عنهم&&ا
للغير إال بناً ء ا على اتفاق صريح في العقد.
-3حق االرتفاق /يتقرر هذا الحق على عقارين مملوكين لشخصين مختلفين أحدهما
خادم وهو المثقل بحق االرتفاق ،واآلخر مخدوم وهو من تق&&رر لص&&احبه االرتف&&اق،
يترتب عليه إنق&اص من المزاي&ا ال&تي تخوله&ا ح&ق الملكي&ة للمال&ك في عق&اره لفائ&دة
العقار المخدوم من حيث استعماله واستغالله ،وأن حق االرتفاق مرتبط بالعق&&ار مم&&ا
يترتب عنه مبدئيا دوامه رغم تغير المالك.
وعليه حتى نكون بصدد حق ارتفاق البد من توافر أربعة شروط أساسية هي:
– ١أن يوجد عقاران أحدهما يسمى العقار الخ&&ادم وه&&و ال&&ذي يتق&&رر التكلي&&ف علي&&ه
واآلخر هو العقار المخدوم المقرر له االرتفاق.
- ۲أن يكون العقاران ممل&&وكين لشخص&&ين مختلفين ،حيث ال ي&&رد ح&&ق االرتف&&اق إال
على ملك الغير.
- ٣أن يكون التكليف على العقار ال على الشخص المالك.
- ٤أن تكون المنفعة لخدمة العقار وليس لخدمة مالكه.
وتتميز حقوق االرتفاق بأنه&&ا غ&&ير مؤقت&&ة ،فهى كقاع&&دة عام&&ة تبقى م&&ا بقى العق&&ار
الخادم والعقار المخدم.
ثانيا -الحقوق العينية التبعية:
المقصود بها أنها حقوق ال توجد لذاتها وإنما مرتبطة بوج&&ود ح&&ق آخ&&ر ،فتنش&&أ ه&&ذه
الحقوق ضمانا للوفاء بحق من الحقوق الشخص&&ية ،أي ض&&مان وت&&أمين الوف&&اء بح&&ق
الدائن تج&&اه ش&&خص الم&&دين ،له&&ذا تس&&مى بالتأمين&&ات العيني&&ة ،ويعطي الح&&ق العي&&ني
التبعي لصاحبه أي الدائن الحق في تتبع الشيء الضامن والتنفيذ علي&&ه ،والتق&&دم على
باقي الدائنين في حالة التعدد ،وتنقسم الحق&&وق العيني&&ة التبعي&&ة بحس&&ب مص&&درها إلى
حق الرهن ويتقرر باتفاق األط&&راف ،ح&&ق االختص&&اص ويتق&&رر بحكم من القض&&اء،
وحق االمتياز يتقرر بنص القانون.
أ -حق الرهن:
صفحة | 16
الرهن هو نظام قانوني يوفر للدائن الراح&&ة واالطمئن&&ان في عملي&&ة االق&&تراض وه&&و
ح&ق عي&ني تبعي ينش&أ بم&وجب عق&د رس&مي أو عق&د رض&ائي بين ال&دائن والم&دين،
بمقتضاه يلتزم األول قبل الث&اني ب&أن يق&دم ل&ه ش&يئا عق&ارا أو منق&وال ض&مانا للوف&اء
بدينه ،وهو نوعان رهن رسمي ورهن حي&&ازي ويلج&أ إلي&&ه في حال&&ة إعس&ار الم&&دين
عن الدفع.
-1الرهن الرسمي /يسمى بالرهن التأميني أيض&&ا ومص&&دره االتف&&اق ،فه&&و عق&&د بين
المدين الراهن والدائن كضمان للوفاء بالدين ،وهو عقد شكلي رسمي يقومً الم&&رتهن
بمقتضاه يخصص األول للثاني عقار الموثق بإفراغه في ورقة رس&&مية ويتم تس&&جيله
ل&دى المص&الح المختص&ة ،ال يتخلى في&ه الم&دين ال&راهن عن ملكيت&ه للعق&ار وال عن
حيازته له ،ويك&&ون لل&&دائن الم&&رتهن في حال&&ة ع&&دم اس&تفاء دين&&ه من الم&&دين ال&&راهن
التنفيذ على العقار المرهون استفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون.
-2الرهن الحي;;ازي /ه&و ح&ق عي&ني تبعي ينش&أ بم&وجب عق&د بين الم&دين ال&راهن
والدائن المرتهن ،حيث يلتزم األول أن يق&&دم عق&&ارا أو منق&&وال ض&&مانا للوف&&اء بال&&دين
متخلي&&ا عن حيازتهم&&ا ال عن ملكيتهم&&ا لل&&دائن الم&&رتهن ،فيت&&ولىً للث&&اني عق&&ار ه&&ذا
األخير حفظ الشيء المرهون وإدارته واستفاء حقه من غلته ،وأن يتقدم على الدائنين
العاديين له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن الشيء في أي ي&&د يك&&ون ،وه&&و عق&&د
شكلي كما أنه يرد على العقار وعلى المنقول.
ب -حق التخصيص:
وهو حق عيني تبعي ،يتقرر هذا الح&&ق ب&&أمر من القض&&اء على عق&&ار معين أو أك&&ثر
من عقارات المدين لفائدة الدائن ض&&مانا ألص&&ل ال&&دين والمص&&اريف ،بن&&اء على حكم
واجب التنفيذ بالزام المدين بال&&دين ،ويك&&ون لل&&دائن بم&&وجب ه&&ذا الحكم أن يس&&توفى
دينه من المقابل النقدي لهذا العقار ،أو العقارات ،في أي يد تكون.
يد يكون
ج -حق االمتياز:
يتقرر هذا الحق بنص القانون لحق معين مراعاة لصفة متقدما في المرتبة على سائر
الحقوق وتنقسم بحسب محلها إلى نوعين:
-1حقوق امتياز عامة وترد على جمي&&ع أم&&وال الم&&دين منق&&والت وعق&&ارات ،مث&&ل
امتياز أجرة العامل وكذلك المبالغ المستحقة لخزينة الدولة وق&&د نص عليه&&ا المش&&رع
في التقنين المدني من حيث الترتيب في االولوية.
صفحة | 17
-2حقوق امتياز خاصة وترد على مال معين بالذات عق&&ار أو منق&&ول كامتي&&از ب&&ائع
العقار ضمانا لحقه في الثمن ،والمقاولون والمهندسون المعماريون ض&&مانا لحقهم في
باقي أجورهم.
المطلب الثاني :الحقوق الشخصية (حقوق الدائنية أو رابطة االقتضاء)
ُيقصد بالحق الشخصي أنه "رابط&&ة قانوني&&ة بين شخص&&ين يل&&تزم بمقتض&&اها أح&&دهما
وهو المدين في مواجهة األخ&&ر وه&&و ال&&دائن ب&&أن يق&&وم بعم&&ل أو االمتن&&اع عن عم&&ل
معين" ،ويسمى الحق الشخصي حقًا إذا ُن ظر إليه من ناحية الدائن ،والتزامًا أو دًين&&ا
إذا ُنظر إليه من جهة المدينُ ،تس&&مى الحق&&وق الشخص&&ية أيض&&ا ب&&الحقوق الدائني&&ة أو
االلتزامات وهذا بالنظر إلى هذه الحقوق من زاوية صاحب الحق الدائن فُتسمى بحق
الدائنية ،أما إذا نظر إليه&&ا من زاوي&&ة المل&&تزم ب&&الحق الم&&دين س&&ميت االل&&تزام ،فح&&ق
ال&&دائن يقابل&&ه ال&&تزام على الم&&دين ،إذ ال يمكن لل&&دائن الوص&&ول إلى حق&&ه العي&&ني أي
السلطة المباشرة عليه إال عن طريق شخص آخر وهو المدين.
صفحة | 18
في هذا المجال سلطان واسع دون أي قيد عليهم في ه&&ذا الص&&دد كح&&ق المش&&تري في
تسلم الشيء المبيع وحق البائع في الثمن.
ب -اإلرادة المنفردة:
اإلرادة المنفردة من مصادر الحق الشخصي حيث يجوز للفرد إنش&&اء ح&&ق شخص&&ي
في حالة الوعد بجائزة مثال ،فإذا ما وجه شخص إلى آخر وعدا بج&&ائزة يعطيه&&ا عن
عمل معين ،فإنه يلتزم بإعطائها لمن قام بهذا العمل ،إذن فقد التزم بإرادت&&ه المنف&&ردة
بإعطاء هذه الجائزة لمن قام به&&ذا العم&&ل ،وق&د تك&&ون ك&&ذلك في حال&&ة الوص&&ية ال&&تي
يوصي بها المتوفى قبل وفاته ،ومصدر هذا الحق هو إرادة الموصي المنفردة.
ج-العمل غير المشروع:
ينشئ العمل غير المشروع حقا شخصيا على أساس أن كل خطأ يسبب ضرر للغ&&ير
يلزم من ارتكبه بالتعويض ،مثال شخص يصدم بسيارته أح&&د الم&&ارة نتيج&&ة اإلف&&راط
في السرعة ،فينجم عنها ضرر الشخص فيستفيد هذا األخ&ير من ح&ق التع&ويض ،إن
لمرتكب الفعل الضار في هذه الحالة مس&&ؤولية تقص&&يره ،تمي&&يزا له&&ا عن المس&&ؤولية
العقدية التي تنشأ عن اإلخالل بالتزام كان مصدره عق&&دا من العق&&ود أو يس&&مى ك&&ذلك
الفعل الضار ،الذي يؤدي إلى قيام مسؤولية فاعل&&ة والى ت&&رتيب ح&&ق للمض&&رور في
مطالبة من ألحق به الضرر بالتعويض.
د -اإلثراء بال سبب:
قد يثرى شخص في ذمته المالية على حساب الغير ،ويرتب عليه القانون آثار ،وه&ذا
الفعل الذي يؤدي إث&&راء ذم&&ة الغ&&ير يس&مى اإلث&راء بال س&بب ،والمقص&&ود ب&&ه إث&&راء
الشخص على حساب شخص آخر دون أن يكون هناك سبب إث&راء الم&ثري ،أي ه&و
العمل على االعتناء بذمة الغ&&ير ب&&دون س&بب ق&انوني ،وفي ه&&ذه الحال&&ة ك&&ل ش&خص
أثري بدون سبب مشروع على حس&&اب ش&&خص آخ&&ر يل&&تزم في ح&&دود م&&ا أث&&ري ب&&ه
بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة.
و -القانون:
نصت المادة 74من قانون األسرة الجزائري" :تجب نفقة الولد على األب ما لم يكن
له مال ،فبالنسبة للذكور إلى سن الرشد واإلناث إلى الدخول وتستمر في حال&&ة إذ م&&ا
كان الولد عاجزا آلفة عقلي&&ة أو بدني&&ة أو مزاول&&ة للدراس&&ة وتس&&قط باالس&&تغناء عنه&&ا
بالكسب" ،أي أن التزام األب بالنفقة على أبنائه ،أي ح&&ق األبن&&اء في النفق&&ة من أبيهم
من الحقوق الشخصية التي تنشأ مباشرة بمقتضى قاعدة قانونية.
الفرع الرابع :التميز بين الحق العيني والحق الشخص
يتميز الحق العيني عن الحق الشخصي فيما يلي:
صفحة | 19
أ -الحقوق الشخصية ليست واردة على سبيل الحصر ،بينما الحقوق العينية حص&&رها
القانون فال يستطيع األفراد أن يبتدعوا حقوقا عينية أخرى ،بل ترك الحري&&ة لألف&&راد
في حدود النظام العام واآلداب.
ب -الحق العيني وارد على أش&&ياء مادي&&ة مم&&ا ق&&د يكتس&&به ص&&احبه بالتق&&ادم وف&&ق م&&ا
يقرره القانون ألن أساس التقادم المكسب هو الحيازة ،والحيازة محلها األشياء ،بينم&&ا
الحق الشخصي هو أمر معنوي فال يكتسب بالتقادم ألن موضوعه عم&&ل أو االمتن&&اع
عن عمل فال تتصور حيازتها وبالتالي ال يمكن اكتسابها بالتقادم.
ج -الحق العيني يخول صاحبه ميزتا األولوية والتتب&&ع ،ال يتمت&&ع به&&ا ص&&احب الح&&ق
الشخصي.
د -لصاحب الحق العيني سلطة مباشرة على شيء معين يستطيع الحصول على حق&&ه
دون تدخل من الغير ،بينما في الحق الشخصي فهي غير مباشرة توجد واس&&طة بين&&ه
وبين الشيء هو المدين ،أي أنه ال يصل إلى حقه إال عن طريق تدخل المدين.
و -الحق العيني يخول لصاحبه سلطة مباشرة على الش&&يء فاألص&&ل في&&ه أن يبقى م&&ا
بقى الشيء ما لم يقرر القانون توقيفه لظرف ما ،كح&ق االنتف&اع أو انقض&اء الحق&وق
العينية التبعية بانقضاء االلتزام الذي يقوم على الضمان العام ،بينما الح&&ق الشخص&&ي
محله القيام بعمل أو االمتناع عن عمل ،فإنه يحد من حري&&ة الم&&دين ،وعلي&&ه يقتض&&ي
أن يكون مؤقتا وال يجوز تأبيده.
ي -المحل في الحق العيني ي&&تركز في ش&&يء معين مح&&دد بذات&&ه ،إذ يخ&&ول ص&&احبه
سلطة مباشرة على هذا الشيء ،بينما محل الح&&ق الشخص&&ي ه&&و عم&&ل الم&&دين وه&&و
متعدد ،قد يكون القيام بعمل كما قد يكون اإلمتاع عن عمل أو إعطائه.
المطلب الثالث :الحقوق الذهنية
الحقوق الذهنية هي سلطات مخولة لشخص على ش&يء غ&ير م&ادي س&واء ك&ان ه&ذا
الشيء فكرة ابتكرها أم اختراعا كشفه ،وهي حقوق ترد على نت&&اج ال&&ذهن أو الفك&&ر،
وتنقسم هذه الحقوق إلى طائفتين ،حقوق الملكية األدبية وحقوق الملكية الصناعية.
الفرع األول -الحقوق الذهنية:
يرجع تميز هذه الحقوق بطابع خ&&اص إلى تن&&وع ص&&ور المح&&ل المعن&&وي ال&&ذي ي&&رد
عليه الحق الذهني ،سواء كان تأليف أو اختراع علمي.
أوال -تعريف الحقوق الذهنية:
يقصد بالحقوق الذهني أو المعنوي "بأنه قدرة يقررها ويحميها القانون لش&&خص على
إنتاجه الفكري أو الذهني أو الفني أو أيا كان نوع&&ه فيك&&ون ل&&ه االحتف&&اظ بنس&&بة ذل&&ك
صفحة | 20
اإلنتاج إليه دائما ويحتك&&ر المنفع&&ة المالي&&ة ال&&تي تنتج من اس&&تغالله" .ه&&ذا الن&&وع من
الحقوق له طابع معنوي وله ط&&ابع م&&الي في نفس ال&&وقت ،أي أنه&&ا ت&&رد على أش&&ياء
معنوية من خلق الذهن ونتاج الفكر فيثبت لصاحب الحق الذهني أو الفكري أبوة ه&&ذا
اإلبداع أو االبتكار ونسبته إليه وحده ،كما يعطيه أيضا الح&&ق في اس&&تغالله اس&&تغالال
ماليا يكفل له الحصول على ثمراته ،ومن أمثلة الحقوق الذهنية قد تكون إنتاجا ذهني&&ا
أو يكون في شكل حقوق التأليف لمؤلفي الكتب وحقوق الفنانين في مختلف المجاالت
العلمية والفنية ،وكذلك حق مالي لورثته بعد وفاته.
ثانيا -طبيعة الحقوق الذهنية :الحقوق الذهنية ذات طبيعة مزدوجة ،تش&&مل الج&&انب
األدبي وتشمل الجانب المالي.
أ -الجانب المعنوي:
يتمثل في نسبة الحق إلى صاحبه باعتباره امتداد له وله في سبيل حماية حق&&ه األدبي
كل ما يقرره القانون ،ومن ثم شخصيته في أن ينسب مصنفه إليه بحيث يحمل اس&&مه
وال ينس&&ب لغ&&يره ،ومن ينس&&ب مص&&نف الغ&&ير ل&&ه يع&&د متع&&ديا على الح&&ق األص&&لي
لصاحبه ويكون لهذا األخير رد االعتداء بالطريقة القانونية ،كما ل&&ه نش&&ر مص&&نفه أو
االمتن&&اع عن نش&&ره وعلى ه&&ذا االعتب&&ار ال يق&&وم بم&&ال وال يقب&&ل التص&&رف في&&ه وال
الحجز عليه.
ب -الجانب المالي:
للحق المعنوي جانب مالي وهو اإلفادة ماليا من ثم&&رة أفك&&اره ،وه&&ذا الج&&انب يعت&&بر
حقا ماليا يخول لصاحبه أن يستأثر بالمنفعة المالية عن طريق نشر مصنفه باعتب&&اره
حقا ماليا ،كما ينتقل هذا الحق من صاحبه بعد موته إلى ورثته.
ثالثا :حق الملكية الصناعية
يهدف هذا الحق غالبا إلى حماي&&ة رج&&ال الص&&ناعة والمخ&&ترعين ل&&براءة اخ&&تراعهم،
وهي شهادة رسمية تمنح للمخترع عن كل ابتك&&ار جدي&&د قاب&&ل لالس&&تغالل الص&&ناعي
تمكنه من استغالل اختراعه ماليا ،ويستأثر به دون غيره ويحتج به في مواجهة كافة
الناس.
- 1الرسوم والنماذج الصناعية :فالرسم الصناعي هو ك&&ل ت&&رتيب للخط&&وط ب&&ألوان
خاصة أو بدونها فتكون خاصة بصاحبها ومم&&يزة لص&&ناعته ،أم&&ا النم&&وذج فه&&و ك&&ل
شكل مجسم يجعل الشيء مميزًا وصالحا لالستعمال الصناعي ويحق لصاحب الرسم
أو النموذج أن يتصرف فيه.
- 2العالمة التجارية والصناعية :هي كل رمز أو إشارة يستخدمها الش&&خص لتمي&&يز
صناعة عن غيرها وقد يتم ذلك إما بالكلمات أو بالحروف ،أو باألرقام أو بالرس&&وم،
صفحة | 21
ويجوز لصاحب العالمة أن يتصرف فيها أو يتخلى عنها وهي قابلة للتحويل كلي&&ا أو
جزئيا.
- 3االسم التجاري :هو االسم الذي يتخذه الت&&اجر للدالل&&ة على منش&&أته التجاري&&ة ،أو
الصناعية لتمييزها عن غيرها من المنشآت ،وهو وجوبي ألن القانون يلزم كل تاجر
بأن يكون له اسم يميز محله عن غيره من المحالت.
المحور الثالث :أركان الحق
تم تعريف الحق بأنه استئثار شخص بشيء أو بقيمة استئثارًا يكفل القـانون حمايت&&ه،
يتض&&ح من ه&&ذا التعري&&ف أن فك&&رة الح&&ق تق&&وم على ثالث&&ة أرك&&ان ،تمث&&ل األول في
شخص الحق " صاحب الحق " أي الشخص الذي يتمتع بهـذا الحق ويستأثر ب&&ه ،ق&&د
يكون شخصًا طبيعيًا وقـد يكـون مـن األشـخاص االعتبارية أو المعنوية .أم&&ا ال&&ركن
الثاني فهو موضوع الحق أو محله ،وهو ما يرد عليه االستئثار فمح&&ل الح&&ق العي&&ني
هو شيء معين بالذات ،بينما يرد الحق الشخصي علـى عمل الم&&دين أو ال&&تزام يق&&وم
به تبعا لعالقة المديونية ،سواء كان العمل إيجابي&ًا ،أو س&&لبيًا .أم&&ا ال&&ركن الث&&الث ه&&و
الحماية القانونية للحق ويقصد بذلك م&&ا يقـرره القـانون لص&&احب الح&&ق من وس&&ائل
لحماية حقه ،فنتطرق لتلك األركان تباعا.
المبحث األول :أشخاص الحق
إن الح&&ق ال يمكن تص&&وره إال منس&&وبا إلى ش&&خص من األش&&خاص كم&&ا أن ال&&واجب
الذي يقابل الحق البد أن يقع هو اآلخ&&ر على ع&&اتق ش&&خص من األش&&خاص ،ف&&الحق
يف&&ترض إذن وج&&ود األش&&خاص من الناحي&&ة االيجابي&&ة والس&&لبية ،وللش&&خص مع&&نى
اص&&طالحي في نط&&اق الق&&انون إذ يقص&&د ب&&ه من يتمت&&ع بالشخص&&ية القانوني&&ة ،أي أن
يكون صالحا الكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات ،والشخصية القانوني&&ة ال تثبت في
األصل إال لإلنسان وهو ما يطلق عليه الشخص الطبيعي ومع ذل&&ك فق&&د تثبت لبعض
الكائنات المعنوية الذي يعترف لها بالشخصية القانونية.
وعليه الدراسة لهذا المبحث تنطلق من الشخص الطبيعي باعتباره الش&&خص الحقيقي
وصاحب الحق أصال ،غير أن هناك أشخاص أخرى اعترف لها المشرع بالشخصية
القانونية وهو الشخص المعنوي.
المطلب األول :الشخص الطبيعي
يقصد بالشخص الطبيعي اإلنسان ،وان دراسة الشخص&ية القانوني&ة تقتض&ي التط&رق
إلى حيات&&ه وعن م&&دة الشخص&&ية من ب&&دايتها أي من&&ذ ال&&والدة وإلى غاي&&ة نهايته&&ا أي
وفات&&ه ،وعلي&&ه نتط&&رق إلى مراح&&ل ومم&&يزات الش&&خص الط&&بيعي ،ثم التع&&رض إلى
خصائص الشخصية الطبيعية.
صفحة | 22
الفرع األول :مراحل ومميزات الشخص الطبيعي
الشخص الطبيعي من الناحية القانونية هو اإلنسان ،فهو قابال ألن يكون طرفا إيجابيا
أو س&&لبيا بالنس&&بة للح&&ق ،باعتب&&اره كائن&&ا بش&&ريا يص&&لح الكتس&&اب الحق&&وق وتحم&&ل
االلتزامات دون مراعاة لس&نه أو حالت&&ه الديني&&ة ،أو جنس&يته أو مهني&&ة أو حرفت&&ه ،أو
حالته االجتماعية أو االقتصادية .وعليه نتط&&رق بداي&&ة الشخص&&ية القانوني&&ة ،وبع&&دها
نهاية هذه الشخصية.
أوال -بداية الشخصية القانونية:
األصل أن شخصية اإلنسان تبدأ بتمام والدته حيا ،وعلى ذلك نجد أن الق&&انون يق&&رر
األصل وما يرد عليه من استثناء ،أي يشترط لبدء الشخصية تمام ال&&والدة من ناحي&&ة
مع تحقيق حياته عند الوالدة من ناحي&&ة ثاني&&ة .حيث ج&&اء في الم&&ادة 25من الق&&انون
المدني الجزائري "تبدأ شخصية اإلنس&&ان بتم&&ام والدت&&ه حي&&ا وتنتهي بموت&&ه .على أن
الجنين يتمتع بالحقوق التي يحددها الق&انون بش&رط أن يول&د حي&ا" .نس&تنتج من خالل
هذا النص أن الشخصية القانونية لإلنسان تبدأ بش&&رطين وهم&&ا تم&&ام ال&&والدة وتحق&&ق
الحياة.
أ -تمام الوالدة:
يتمثل هذا الشرط في خروج المولود كله وانفصاله عن أمه انفص&اال تام&ا ،وق&د ك&ان
في مراحل سابقة جزءًا منها ،وال يعد انفصال المولود شرطا مفروضا من قبل فقهاء
القانون فقط بل حتى فقهاء الشريعة اإلسالمية من مالكي&&ة وش&&افعية وحنابل&&ة أجمع&&وا
على توافر شرط االنفصال لثبوت الشخصية.
ب -تحقق الحياة:
ال يكفي أن ينفصل الج&&نين عن أم&&ه وإنم&&ا يل&&زم لتمتع&&ه بالشخص&&ية القانوني&&ة تحق&&ق
حياته فعال ولو لمدة قصيرة ،فالعبرة تكون ساعة االنفصال التام وظهور المولود حيا
ولو مات عقب ذلك مباشرة فال يشترط استمرار الحياة للتمتع بالشخصية القانونية.
ج -مركز الحمل والجنين:
إذا كان األصل هو ابتداء شخصية اإلنسان بوالدته حيا على النحو السالف بيان&&ه ،إال
أن الق&&انون خ&&رج عن ه&&ذا األص&&ل واع&&ترف للحم&&ل والج&&نين قب&&ل والدت&&ه ببعض
الحقوق فيثبت ل&&ه فض&&ال عن النس&&ب الح&&ق في اإلرث وفي الوص&&ية ومن االش&&تراط
لمصلحته وبذلك تك&&ون للحم&&ل قب&&ل والدت&&ه شخص&&ية ،خروج&&ا على األص&&ل ولكنه&&ا
صفحة | 23
شخصية ال تعطيه أهلية وجوب ناقصة أو محدودة وذلك القتص&&ار ص&&الحيته أص&&ال
على اكتساب ما ينفعه نفعا محصنا من حقوق وتش&&مل ك&&ذلك م&&ا ق&&د يتف&&رع من ال&&تز
امات نتيجة ثبوت هذه الحقوق له كتلك الناش&&ئة عن إرادة أموال&&ه أو بس&&ببها غ&&ير أن
هذه الشخصية ب&اتت لتوق&ف اس&تقرارها على والدت&ه حي&ا بحيث إذا ول&د حي&ا أعت&بر
شخصا وصاحبا لهذه الحقوق منذ ثبوتها له وقت الحمل ف&&إذا ول&&د ميت&&ا فكأن&&ه لم يكن
ولم تتقرر له حقوق قط.
ثانيا -نهاية الشخصية القانونية:
تنتهي الشخصية القانونية بالوفاة الطبيعية أو الوفاة الحكمي&&ة ،ولم&&ا ك&&انت الشخص&&ية
القانونية تصاحب اإلنسان طوال حياته كان األصل أنها تنتهي بموته ،وهذا م&&ا يع&&بر
عنه قانونا ب&&الموت الحقيقي ،تنتهي الشخص&&ية القانوني&&ة لإلنس&&ان بموت&&ه فعال ،وه&&ذا
حسب نص المادة 25من القانون المدني سالفة ال&&ذكر وتثبت واقع&&ة الوف&&اة ب&&أي من
طرق اإلثبات المعروفة.
أ -إثبات الوفاة الطبيعية:
تثبت واقعة الوفاة بالسجالت المع&&دة ل&&ذلك كم&&ا يمكن إثباته&&ا بكاف&&ة الط&&رق األخ&&رى
وهذا ما تضمنته المادة 26من القانون المدني الجزائري بأنه ":تثبت الوالدة والوفاة
بالسجالت المعدة لذلك ،واذا لم يوجد ه&ذا ال&دليل ،أو ت&بين ع&دم ص&حة م&ا أدرج في
السجالت ،يج&وز اإلثب&ات بأي&ة طريق&ة حس&ب اإلج&راءات ال&تي ينص عليه&ا ق&انون
الحالة المدنية" ،وتنقضي الشخصية القانونية بالوفاة فتنتقل حقوق المتوفي المالية إلى
ورثته وذلك بعد سداد ما عليه من ديون وفقا لقاعدة ال تركة إال بعد سداد الديون.
ب -الوفاة الحكمية أو الموت الحكمي:
تنتهي الشخصية القانونية بالموت الحكمي وليس موتا فعلي&&ا أو حقيقي &ًا ،ولكن&&ه م&&وت
تق&&رره المحكم&&ة في أح&&وال معين&&ة ،ويس&&بق الحكم بالفق&&دان أوال يلي&&ه الحكم بالوف&&اة،
وتث&&ار في ه&&ذه الحال&&ة مص&&طلحان ال ب&&د من الوق&&وف عن&&دهما :لف&&ظ المفق&&ود وه&&و
الشخص الغائب الذي غاب عن وطن&&ه وانقطعت أخب&&اره بحيث ال تع&&رف حيات&&ه من
مماته وال يمكن الجزم إن كان حيًا أو ميتًا وال يعتبر مفقودًا إال بحكم قضائي هذا م&&ا
أشارت إليه نص المادة 109من قانون األسرة الجزائري.
وهناك مصطلح آخر ُيثار بمناسبة الموت الحكمي وهو الغائب وه&&و الش&&خص ال&&ذي
تكون حياته معلومة ولكن ال يوجد له محل إقامة وال موطن معلوم نص المادة 110
من قانون األسرة .والفرق بين الح&&التين ه&&و أن ك&&ل مفق&&ود غ&&ائب وليس ك&&ل غ&&ائب
مفقود.
صدور الحكم بالفقدان:
صفحة | 24
ال يكفي مجرد غياب الشخص العتباره مفقودًأ ،ب&&ل يجب أن تتحق&&ق في ه&&ذه الحال&&ة
شروط معينة حتى تنقضي شخصيته ،وهي كالتالي:
أن يكون غائبًا، -1
أال تعلم حياته من مماته، -2
أن تمضي سنة على األقل من انقطاع أخباره، -3
ضرورة أن يتقدم كل ذي مصلحة أو بطلب أحد من الورثة أو النيابة العام&&ة. -4
بتقديم دعوى إلى القضاء المختص باستصدار الحكم بالفقدان.
يترتب على صدور الحكم بالفقدان آثار قانوني&ة ج&زء منه&ا تعل&ق ب&األموال حيث
تبقى أمواله الشخص المفقود ملكا له وال تقس&&م على الورث&&ة ،أي بقائه&&ا في ذمت&&ه
المالية ويعين وكيال إلدارتها ( نص المادة 111من قانون األسرة الجزائري).
أم اآلثار القانونية بالنسبة للزوجة تبقى الزوج&ة على ذم&&ة المفق&&ود ويمكنه&&ا رف&ع
دعوى التطليق للضرر أو عدم اإلنفاق ( نص المادة 112من قانون األسرة).
ونتيجة الحكم بالموت قد تصدر بعد غياب المفقود لم&&دة أرب&&ع ( )04س&&نوات من
التحري والتحقيق حيث ُيقِّد م ذوي المص&&لحة أو بطلب من أح&&د الورث&&ة أو النياب&&ة
العامة دعوى للمحكم للحكم بوفاة الش&&خص المفق&&ود إلى القاض&&ي المختص ال&&ذي
يفصل في ال&&دعوى خاص&&ة إذا ك&&ان س&&بب الفق&&د الح&&روب والح&&االت االس&&تثنائية
والكوار الطبيعي&&ة ،أي الح&&االت ال&&تي يغلب فيه&&ا الهالك ( نص الم&&ادة 114من
قانون األسرة الجزائري) ويترتب على ذلك اآلثار القانونية التالية:
بالنسبة ألموال الشخص المفقود ال&&ذي ص&&در في حق&&ه حكم&ًا ب&&الموت :تعت&&بر -
أموال المفقود ترك&&ة فت&&ؤول للورث&&ة وتخض&&ع ألحك&&ام الم&&يراث ،أم&&ا بالنس&&بة
لآلث&ار المتعلق&ة بالزوج&ة ،فهي تعت&د ع&دة المت&وفى عنه&ا زوجه&ا من ت&اريخ
صدور الحكم وتنقضي الرابطة الزوجية وكل آثارها.
بالنسبة آلثار حال ظهور المحكوم عليه ب&&الموت حي &ًا :بالنس&&بة ألموال&&ه فإن&&ه -
يسترد أمواله القائمة مع استرداد قيمة األموال المتصرف فيها ب&&البيع من ك&&ل
الورثة ،أما بالنسبة للزوج&ة فهن&&اك ح&التين - :في حال&&ة ع&&دم زواجه&&ا تع&&ود
لزوجها دون حاجة لعق&&د جدي&&د - ،وفي حال&&ة زواجه&&ا من ش&&خص آخ&&ر ف&&إن
العالقة الزوجية الجديدة تبقى قائمة.
الفرع الثاني :خصائص الشخصية الطبيعية
للشخص الطبيعي خصائص تم&&يزه عن غ&&يرة وهي :االس&م ،الحال&&ة ،األهلي&&ة ،الذم&&ة
المالية ،الموطن.
أوال -االسم:
صفحة | 25
يعتبر االسم من أهم ما يميز الشخص الطبيعي عن غيره من األشخاص ،فقد جاء في
نص المادة 28من القانون المدني الجزائري "يجب أن يكون لكل شخص لقب واسم
ف&&أكثر ولقب الش&&خص يلح&&ق أوالده ،يجب أن تك&&ون األس&&ماء جزائري&&ة وق&&د تك&&ون
خالف ذلك بالنسبة لألطفال المولودين من أبوين غ&&ير مس&&لمين" ،لم يجع&&ل المش&&رع
الجزائ&&ري من خالل ه&&ذا النص خي&&ارًا بالنس&&بة لألش&&خاص الطبيع&&يين ،ب&&ل أوجب
ضرورة أن يكون لكل شخص طبيعي إسم ولقب يميزه عن غيره ،وهذا م&&ا يستش&&ف
من خالل عب&&&ارة يجب أن يك&&&ون مم&&&ا يؤك&&&د أن القاع&&&دة آم&&&رة ووجب االمتث&&&ال
لمضمونها.
أ -الحق في االسم:
يعتبر االسم بالنسبة للشخص الطبيعي من الحقوق اللصيقة بشخص اإلنسان وي&&ترتب
على ذلك عدم تنازل الشخص عن اسمه أو أن يتصرف فيه أو يجعل&&ه محال لمعامل&&ة
بعوض أو دون ع&وض أو م&ا يع&رف بالتع&امالت المالي&ة ،كم&ا أن&ه ال يس&قط االس&م
بالتقادم مهما طالت المدة وال يخضع االسم ألي معاملة مالية.
ب -االسم المدني واالسم التجاري:
على العكس فيما يخص إسم الشخص الطبيعي الذي يمنع القانون التعامل في&ه ،يج&يز
الق&&انون التج&&اري الجزائ&&ري خض&&وع االس&&م التج&&اري للمعامل&&ة التجاري&&ة وخاص&&تا
العالمات التي لها مكان في السوق ،وكثيرا ما نرى في الواقع العملي أن يتخذ بعض
التجار أسماء لمحالتهم التجارية مشتقة من أسمائهم المدنية (هاجر للعطور مثال).
ثانيا -الحالة:
يقصد بحالة الشخص مجموعة الصفات التي يضعها الق&&انون في االعتب&&ار ،ويتوق&&ف
على إثرها تحديد مدى صالحية إلكتساب الحق&&وق واالل&&تزام بالوجب&&ات ،وتتمث&&ل في
الحالة السياسية أوال والحالة العائلية ثانيا والحالة الدينية ثالثا .
أ -الحالة السياسية:
يقصد بها انتساب الشخص إلى دولة معينة عن طريق أخذه جنسيتها ،والجنسية ال&&تي
يتمتع بها الشخص قد تكون أصلية قائم&ة على أس&اس ال&دم ،أح&د أص&وله المباش&رين
جزائري ،وقد تكون مكتسبة قائمة على أساس حق اإلقليم ،وهذا ما ينص عليه قانون
الجنسية الجزائري ،ليصبح بعدها أهال الكتساب الحقوق التي ال تثبت إال لمواطنيها،
كالحقوق السياسية منها كحق الترشح للمجالس الشعبية وت&&والي الوظ&&ائف العام&&ة في
الدول&&ة ومباش&&رة بعض المهن الح&&رة ،وك&&ذلك االل&&تزام بالوجب&&ات الوطني&&ة ك&&أداء
الضرائب والخدمة الوطنية والدفاع عن الوطن.
صفحة | 26
ب -الحالة العائلية :
وهي ص&&لة القراب&&ة ال&&تي ترب&&ط الش&&خص بأس&&رة معين&&ة يتح&&دد على إثره&&ا مرك&&زه
القانوني فيها ،وتنقسم القرابة إلى نوعين قربة دم أو النسب وقربة مصاهرة.
-1قرب;;ة دم أو قرب;;ة النس;;ب تق&&وم بين أف&&راد عائل&&ة واح&&دة بن&&اء على دم مش&&ترك
ويجمعهم أصل مشترك من جهة األب أو األم وهي نوعان:
-1.1قرابة مباشرة تقوم بين أفراد العائلة الواحدة يكون أحدهم فرعا لآلخر وهذا ما
تنص عليه المادة 1/ 33من القانون المدني كالصلة بين االبن واألب والجد.
-1.2قرابة غير مباشرة الحواشي تقوم بين أفرد الحواشي ال يك&&ون أح&دهم فرع&&ا
لآلخ&ر ويجمعهم أص&&ل مش&ترك ،كالقراب&&ة بين األخ&وة وأبن&&ائهم واألعم&&ام والعم&&ات
وفروعهم المادة 2/ 33من القانون المدني.
-2قرابة مصاهرة وهي التي تقوم عن عقد الزواج فيترتب عن هذا الرباط الق&&انوني
أثرا يتمثل في إحداث أو إنشاء قرابة بين أقارب أف&&راد عائل&&ة ال&&زوج وأق&&ارب أف&&راد
عائلة الزوجة.
ج -الحالة الدينية:
األصل أنه ال تأثير للحالة الدينية على صالحية الشخص في اكتساب الحقوق وتحمل
االلتزامات ،ولكن يترتب على الحالة الديني&&ة بعض الحق&&وق والواجب&&ات ب&&النظر إلى
دين الشخص.
وباعتبار أن اإلسالم دين الدول&&ة بالنس&&بة للجزائ&&ر ف&&إن الم&&واطن المس&&لم ل&&ه حق&&وق
وعلي&&ه واجب&&ات مص&&درها الش&&ريعة اإلس&&المية ،كم&&ا يظه&&ر ذل&&ك خاص&&ة في مج&&ال
األحوال الشخصية.
ثالثا -الموطن:
يعتبر من الناحية القانونية هو المكان الذي يقوم فيه الشخص بممارس&&ة كاف&&ة أعمال&&ه
وتصرفاته القانونية وعالقته بغ&يره بوج&ه ع&ام ،أي المك&ان ال&ذي يقيم في&ه الش&خص
ويشترط فيه إقامة الشخص بصفة مستقرة فيه ،فإذا تركه وانتق&&ل لم&&وطن آخ&ر بنفس
الشروط ينشأ موطن جديد.
أ -األهمية القانونية لميزة الموطن:
يترتب على وجود موطن للشخص الطبيعي أهمية قانونية ما يأتي:
صفحة | 27
-1س&&هولة العث&&ور على الش&&خص والتعام&&ل مع&&ه ومخاطبت&&ه في&&ه بالنس&&بة لنش&&اطاته
القانونية كالوفاء بالتزامات التي يكون محلها شيئا من المثليات ،كم&&ا يتم توجي&&ه إلي&&ه
جميع األوراق والمستندات التي تستوجب أن يكون له موطنا لتبليغها له.
-2يتح&&دد على أث&&ره االختص&&اص اإلقليمي للمحكم&&ة للنظ&&ر في ال&&دعاوى المتعلق&&ة
بالمنقوالت والحقوق الشخصية كالدين التي يقع في دائرتها موطن المدعي عليه.
-3يتم تسليم األوراق القض&&ائية كاإلن&&ذار والتنبي&&ه ،كقاع&&دة عام&&ة ،للش&&خص المع&&ني
باألمر أو تترك له في موطنه مع األشخاص الذين حددهم القانون.
-4يتحدد القانون الواجب التطبيق ،في بعض حاالت تنازع قوانين بعض ال&&دول على
حكم عالقة ذات عنصر أجنبي ،على أساس الموطن.
ب -أنواع الموطن:
يتنوع موطن الشخص الط&&بيعي بين م&&وطن ع&&ام وم&&وطن خ&اص ،وم&&وطن ق&انوني
واخر مختار.
-1الموطن العام:
وهو المكان الذي يوجد به المسكن الرئيس&&ي للش&&خص أو ه&&و المك&&ان ال&&ذي يقيم في&&ه
عادة وعند عدم وجود المسكن الرئيسي يعتد الموطن المكان الذي يقيم في&&ه ويم&&ارس
فيه نشاطاته مع غيره من األشخاص.
-2الموطن الخاص:
هو المكان الذي يعتد ب&&ه بالنس&&بة لبعض أعم&&ال ونش&&طات الش&&خص فق&&ط ،ف&&الموطن
الخ&&اص للت&&اجر والح&&رفي هم&&ا الم&&وطن الخ&&اص الل&&ذان ي&&زاوالن فيهم&&ا األعم&&ال
التجارية فيخاطبا فيما يخص أنشطتهما في موطنهما الخاص ،وال يعتد بهذا الم&&وطن
إال بالنس&&بة لش&&ؤون التج&&ارة أو الص&&ناعة أو الحرف&&ة ،أم&&ا الش&&ؤون األخ&&رى فيعت&&د
بموطنهما العام الذي يحدد بمكان إقامتهما المعتادة والدائم&&ة أي م&&ا يع&&رف بالمس&&كن
العائلي.
-3الموطن القانوني:
هو موطن يفرضه القانون على الذين ال يس&&تطيعون مباش&&رة أعم&&الهم بأنفس&&هم وهم:
القصر والمحجور عليهم والمفقودون والغائبون ،فيك&&ون م&&وطنهم م&&وطن من ين&&وب
عنهم قانونا وهذا ما نصت عليه المادة 2/ 38قانون المدني الجزائري بغض النظر
إن كانوا يقيمون أو ال يقيمون معهم ويظل هذا هو موطنهم إلى زوال السبب ،أما إذا
بلغ القاصر أو رفع الحجر عن المحجور عليه ،أو عاد الغائب حينئ&&ذ يح&&دد م&&وطنهم
صفحة | 28
على أساس المسكن الرئيسي أو المكان الذي يقيمون فيه حسب ما هو مبين في المادة
36من القانون المدني الجزائري.
-4الموطن المختار:
يجوز ألي شخص أن يختار بنفسه كموطن له لتنفيذ عم&ل ق&انوني معين ك&أن يخت&ار
مثال مكتب المحامي ليعلن له فيه بكل م&&ا يتعل&&ق بمنازع&&ه معين&&ة ،وق&&د يف&&رض على
شخص م&&ا أن يخت&&ار م&&وطن في جه&&ة معين&&ة ،وي&&ترتب على ه&&ذا الم&&وطن المخت&&ار
مباشرة اإلجراءات التنفيذية على العقارات أو الحقوق العينية العقاري&ة ،بم&ا في ذل&ك
إجراءات التنفيذ الجبري وكافة اإلجراءات القانونية والتبليغات.
رابعا -الذمة المالية:
وهي مجموع ما للش&&خص من حق&&وق وم&&ا علي&&ه من دي&&ون أو التزام&&ات ذات ط&&ابع
مالي الحالية منها والمستقبلية قائمة على أساس وعاء افتراضي.
ا -عناصر الذمة المالية :تتضمن عنصرين عنصر إيجابي واألخر سلبي.
-1عنصر إيجابي :يتمثل في الحقوق المالية ال&&تي يكتس&&بها الش&&خص كي&&ف م&&ا ك&&ان
نوعها وتخرج الحق&&وق غ&&ير مالي&&ة مث&&ل الحق&&وق المدني&&ة العام&&ة ك&&الحق في س&&المة
الجسم وحقوق األسرة كحق األب في تربية أوالده.
-2عنصر سلبي :يتمثل في االلتزامات المالية التي يتحملهما الشخص قبل غيره من
األش&&خاص ،وتخ&&رج الواجب&&ات العام&&ة ال&&تي تق&&ع على الكاف&&ة في اح&&ترام حق&&وق
اآلخرين ،ووجبات أفراد األس&&رة ال&&تي تق&&ع على أح&&دهم تج&&اه اآلخ&&ر ألنه&&ا ال تق&&در
بمال .وقد يزيد العنصر اإليجابي على العنصر السلبي فتوصف الذمة المالية بالمليئة
وص&&احبها بالموس&&ر وعلى العكس إذا زاد العنص&&ر الس&&لبي على العنص&&ر االيج&&ابي
توصف بالمعسرة وصاحبها بالمعسر ،كما أن حقوق الشخص جميعه&&ا ض&&امنة بك&&ل
ديونه وهذا ما تنص عليه المادة 188من القانون المدني.
ب -خصائص الذمة المالية:
اختلف الفقهاء في األساس القانوني للذمة المالي&&ة ،ف&&ذهب بعض&&هم إلى الرب&&ط بينهم&&ا
وبين الشخصية القانونية باعتبارها جانبها المالي وهذا هو التصور الشخص&&ي للذم&&ة
المالية ،ويترتب على هذا الربط النتائج التالية:
-1إن لكل شخص ذمة مالية حتى ولو لم يكن له في وقت م&&ا أي ح&&ق أو ال&&تزام ألن
الع&&برة بص&&الحية الش&&خص الكتس&&اب الحق&&وق والتحم&&ل بااللتزام&&ات وليس الع&&برة
باكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات فعال.
صفحة | 29
-2إن الذمة المالية وحدة واحدة ال تتعدد وال تتجزأ بالنسبة للشخص الواحد فال ك&&ون
للشخص سوى ذمة مالية واحدة ،وهذا ما يسمى بمبدأ وح&&دة الذم&&ة المالي&&ة وليس ل&&ه
حق تجزئتها بحيث يخصص جانبا من عنصرها االيجابي للوفاء بجزء من عنصرها
السلبي.
-3هي مجموع&&ة قانوني&&ة مس&&تقلة عن العناص&&ر المكون&&ة له&&ا ،وتتم&&يز أيض&&ا بأنه&&ا
مجموع&&ة تض&&م في رحابه&&ا الحق&&وق وااللتزام&&ات المالي&&ة ال&&تي تك&&ون للش&&خص في
الحاض&&ر وفي المس&&تقبل فهي ال تش&&مل الحق&&وق وااللتزام&&ات الحاض&&رة فحس&&ب ب&&ل
المستقبلية كذلك .وانتقد هذا ال&رأي لمبالغ&ة في الرب&ط بين الذم&ة المالي&ة والشخص&ية
القانونية واعطاء الذمة المالي&ة خص&ائص الشخص&ية القانوني&ة م&ع أن الق&انون نفس&ه
سمح في بعض الحاالت بتجزئة الذمة المالي&&ة الواح&&دة للش&&خص ولتعام&&ل فيه&&ا ،أم&&ا
البعض اآلخر من الفقهاء يمثل النظرية الحديثة وتسمى نظرية التخصيص ،فيرى أن
الذمة المالية هي مجموعة معينة أو كتلة متماس&&كة من الحق&&وق وااللتزام&&ات أنش&&أت
لتفي بغرض معين ذي قيمة مالية ويترتب على هذا النتائج التالية.
- 1أنه ال ترابط بين الذمة المالية والشخصية القانونية فقد توجد من دونها.
- 2إن الذمة المالية قد تتعدد وذلك بتعدد األغ&&راض واأله&&داف ال&&تي تجمعت
األموال من أجل تحقيقها ،وبالتالي تخضع لقواعد غير التي تخض&&ع له&&ا ذم&&ة
الشخص.
- 3بما أن الذمة المالية عبارة عن مجموعة حق&&وق والتزام&&ات موج&&ودة فعال
فهي بذلك قابلة لالنفصال وللتنازل عنها.
انتقدت هذه النظرية لكونها فصلت تماما بين الشخصية القانوني&&ة والذم&&ة المالي&&ة م&&ع
أن الذمة المالية مالزمة للشخص&&ية القانوني&&ة ،والمالح&&ظ أن المش&&رع الجزائ&&ري في
نص الم&&ادة 50من الق&&انون الم&&دني رب&&ط بين الذم&&ة المالي&&ة والشخص&&ية القانوني&&ة
االعتبارية بأن جعلها مالزمة لها وبذلك يكون قد اخذ بالنظرية الشخصية ،كم&&ا أخ&&ذ
بنظري&&ة التخص&&يص عن&&دما نص في الم&&ادة 37من ق&&انون األس&&رة حينم&&ا أج&&از
للزوجين االتفاق في عقد الزواج أو عقد رسمي الحق على األموال المشتركة بينهما
التي يكتسبانها خالل الحياة الزوجية ،وتحديد النسب ال&&تي تع&&ود لك&&ل منهم&&ا ،فيك&&ون
لهما باإلضافة إلى الذمة المستقلة ذمة مشتركة بينهما.
خامسا -األهلية:
تعتبر األهلية من أهم خصائص الشخصية القانونية ،ويقصد به&&ا ص&&الحية الش&&خص
الكتساب الحقوق وتحمل بااللتزامات ومباشرة التصرفات القانونية المعتد بها قانون&&ا
وهي نوعان أهلية الوجوب وأهلية األداء.
ا -أهلية الوجوب:
صفحة | 30
هي " ص&&الحية الش&&خص لكس&&ب الحق&&وق وتحم&&ل بااللتزام&&ات " ،تثبت للش&&خص
الطبيعي كاملة بوالدته حيا وتالزمه وتستمر معه ط&&ول حيات&&ه ف&&تزول عن&&ه بالوف&&اة،
فهي إذن مرتبطة بالشخصية القانونية فكل شخص له أهلية وجوب .وبما أن للجنين
بعض الحقوق اعترف له بها المشرع ال تثبت ل&&ه إال بوالدت&&ه حي&&ا ،ف&&إن بعض الفق&&ه
قال بتمتعه أهلية وجوب محددة أو ناقص&&ة ،وي&&رى ج&&انب آخ&&ر من الفق&&ه إن للج&&نين
وضع خاص أراد المشرع حمايته عن طريق االعتراف له بتلك الحقوق .وقد تختل&&ط
الشخصية القانونية بأهلية الوج&وب لكونهم&&ا تثبت&&ان للش&خص بوالدت&&ه حي&&ا ومتعلقين
باكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات غير أنهما يفترقان فيما عدا ذل&&ك ،فالشخص&&ية
القانونية تثبت للشخص أوال ثم تثبت له أهلي&&ة الوج&وب فال يمكن الح&ديث عن أهلي&&ة
الوجوب إال إذا كانت هناك شخصية قانونية فهي األسبق في الوج&&ود ،إن الشخص&&ية
القانونية هي الكائن الصالح الكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات بغض النظ&&ر عن
نوعهم&&ا .إذا أهلي&&ة الوج&&وب فهي م&&دى ص&&الحية ه&&ذا الش&&خص الكتس&&اب الحق&&وق
والتحمل بااللتزامات فيتفاوت بحسب ظروفه وحالته السياسية أو العائلي&&ة أو الديني&&ة،
فمثال الترشح لمنصب سياسي ،أو التحم&&ل ب&&واجب وط&&ني ك&&أداء الخدم&&ة العس&&كرية
قاصر على الموطنين دون األجانب مع أن جميعهم يتمتعون بالشخصية القانونية.
ب -أهلية األداء:
هي "صالحية الشخص لممارس&&ة األعم&&ال والتص&&رفات القانوني&&ة بنفس&&ه على وج&&ه
يعت&&د ب&&ه قانون&&ا "،وعلى خالف من أهلي&&ة الوج&&وب ف&&إن أهلي&&ة األداء ال تبت لجمي&&ع
األفراد بل يشترط لمن يتمتع بها أن يكون ق&ادرا عن التعب&ير عن إرادت&ه م&دركًا لم&ا
ي&ترتب عن ه&ذه اإلرادة من آث&ار قانوني&ة ،ل&ذلك فهي ال تمنح دفع&ة واح&دة ب&ل على
مراحل حسب مقدرته على التعبير ،كم&&ا أنه&&ا تت&&أثر ت&&أثرا مباش&&را بكاف&&ة الع&&وارض
والموانع التي تطرأ عليه.
-1مراحل أهلية األداء:
تمر أهلية األداء بثالث مراحل وهي:
-1.1المرحل;;ة األولى :تنع&&دم في ه&&ذه المرحل&&ة أهلي&&ة األداء تمام&&ا ل&&ذلك يس&&مى
الشخص في هذه المرحلة عديم التمييز ويقصد بالتمييز ق&&درة الش&&خص على التمي&&يز
بين الخير والشر أو بين الحسن والقبيح ،وتبدأ هذه المرحل&&ة من والدة الش&خص حي&&ا
إلى ما قبل بلوغه سن ثالثة عشرة سنة وهذا بنص المادة 42من القانون الم&&دني أي
أنها تعد كل التصرفات التي يقوم بها باطلة بطالنا مطلقا سواء ك&&انت نافع&&ة ل&&ه نفع&&ا
محضا ،كالتبرع له وقبوله الهبة ،أو كانت ضارة ضرراً محضا ،ك&التبرع والوص&ية
والهبة الصادرة منه للغير ،أو دائرة بين النفع والضرر كالبيع واإليجار ففيهما تق&&ديم
لشيء وأخذ مقابله المادة 82من قانون األسرة ويت&&ولى ولي&&ه أو وص&&يه القي&&ام به&&ذه
التصرفات.
صفحة | 31
-1.2المرحلة الثاني;;ة :تكون في ه&&ذه المرحل&&ة أهلي&&ة األداء له&&ذا الش&&خص ناقص&&ة
ويدعى بالقاصر المميز وتبدأ من سن ثالث عشرة سنة إلى ما دون الرشد وهي تسع
عشر سنة ،ويميز في هذه المرحلة بين أنواع التصرفات التي يقوم به&&ا القاص&&ر ف&&إذا
كانت هذه التصرفات نافع&&ة نفع&&ا محض&&ا وهي ال&&تي تكس&&به حق&&ا وال تحمل&&ه التزام&&ا
فتعتبر صحيحة وهذا ما نصت عليه الم&&ادة 1/ 83من ق&&انون األس&&رة .والتص&&رف
الضار ضرر محض هو الذي ُيفقر ذمت&&ه المالي&&ة أي ال تكس&&به حق&&ا وتحمل&&ه التزام&&ا
فهي باطل&&ةً أم&&ا إذا ك&&انت ض&&ارة ض&&رر بطالن&&ا مطلق&&ا الم&&ادة 2/ 83من ق&&انون
األسرة ،أما إذا كانت دائرة بين النفع والضرر أي تلك التي تكسبه حق وترتب علي&&ه
التزاما في نفس الوقت فتكون موقوفة على إجازة الولي أو الوصي المادة 83ق&&انون
األسرة.
-1.3المرحلة الثالثة :تكون أهلية األداء لدى الشخص كاملة وذلك ببلوغه سن تسع
عشرة سنة كاملة وهذا نصت عليه المادة 40من القانون المدني فيكون بعدها راشدا
وتستمر معه إلى حين وفاته مالم يعترها ع&ارض من ع&وارض األهلي&ة أو م&انع من
موانعها ،وتعد كل أنواع التص&&رفات القانوني&&ة ال&&تي يق&&وم به&&ا ص&&حيحة .وق&&د يرش&&د
القاص&&ر المم&&يز فيص&&ير كام&&ل األهلي&&ة بالنس&&بة للتص&&رفات ال&&تي رش&&د فيه&&ا فيق&&وم
بالتص&&رف في أموال&&ه كلي&&ا أو جزئي&&ا وذل&&ك ب&&إذن من القاض&&ي وبطلب من ذوي
المصلحة وهذا حسب نص المادة 84من قانون األسرة.
ب -عوارض وموانع األهلية:
قد تعترض أهلية األداء عوارض وموانع نبينها كما يلي:
-1عوارض األهلية :قد يبلغ الشخص سن الرشد ولكن قد يصاب بعد ذل&&ك بم&&رض
عقلي أو فساد في اإلدراك أو يبلغ هذه السن وهو مص&&اب بإح&&داها فتنع&&دم أهليت&&ه أو
تكون ناقصة ،ولذلك فإن عوارض األهلية تتنوع بين :عوارض تص&&يب اإلنس&&ان في
عقله فينعدم لديه اإلدراك والتمييز وهو ما يسمى بالجنون والعته ،وعوارض تصيب
اإلنسان في تدبيره وتسمى الغفلة والسفه.
-1.1الجنون والعته عارضان يصيبان الشخص فيفقد عقله ويسلبه التمييز فال يعت&&د
بعدها بأفعاله حتى ولو كان راشدا حيث تنص المادة 42من القانون المدني على م&&ا
يلي" ال يكون أهال لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاق&&د التمي&&يز لص&&غر في الس&&ن أو
عت&&ه أو جن&&ون" ،نص ه&&ذه الم&&ادة ُتص&&نف المعت&&وه ك&&المجنون والص&&غير في الس&ن
ومنعدم التمييز.
-1.2السفه والغفلة يكون ناقص لألهلية وه&&ذا حس&&ب نص الم&&ادة 43من الق&&انون
المدني التي نصت على ما يأتي "كل من بلغ سن التمي&يز ولم يبل&غ س&ن الرش&د وك&ل
من بلغ س&ن الرش&د وك&ان س&فيها أو ذا غفل&ة يك&ون ن&اقص األهلي&ة وفق&ا لم&ا يق&رره
صفحة | 32
القانون" والسفيه هو الشخص ال&&ذي ينف&&ق مال&&ه على غ&&ير مقتض&&ى العق&&ل والش&&رع،
والغفلة هي وقوع الشخص بسهولة في غبن بسبب سالمة نيته وطيبة قلب&&ه .وي&&ترتب
على قيام عارض من عوارض األهلية السالفة الذكر الحجر على الشخص وه&&ذا م&&ا
نصت عليه المادة 101من ق&&انون األس&&رة ال&&تي نص&&ت على م&&ا يلي "من بل&&غ س&&ن
الرشد وهو مجنون أو معتوه أو سفيه أو طرأت عليه إح&دى الح&االت الم&ذكورة بع&د
رشده يحج&ر علي&ه" وحماي&ة لحق&وق الش&خص ف&إن الحج&ر علي&ه ال يك&ون إال بحكم
قضائي ،بناء على طلب من له مصلحة في ذلك ،وفي هذه الحال&&ة يجب تع&&يين ن&&ائب
قانوني في صورة ولي أو وصي أو مقدم وهذا ما نصت عليه الم&&ادة 87من ق&&انون
األسرة.
-2موانع األهلية:
قد تعتري الشخص الذي يبلغ س&&ن الرش&&د موان&&ع ت&&ؤثر في أهلي&&ة األداء عن&&ده ،وهي
ظروف يمنعه القانون بوجودها القيام بممارسة حقوقه بنفسه ،هذه الموان&&ع ق&&د تك&&ون
طبيعية أو قد تكون قانونية ،وقد تكون مادية.
-2.1الموانع الطبيعية :قد يصاب الشخص بعاهتين كأن يك&&ون أص&&م أبكم أو أعمى
أصم أو أعمى أبكم ،في هذه الحالة نصت المادة 80من القانون المدني بأن&&هً يتع&&ذر
عليه التعبير عن إرادته تعبير يجوز للمحكمة أن تعين له مساعدا قض&&ائيا يعاون&&ه في
التصرفات التي يجريها تحقيقا لمصلحته.
-2.2الم;;انع الم;;ادي :وه&&و غي&&اب الش&&خص بحيث ال يس&&تطيع مباش&&رة تص&&رفاته
القانونية بشكل يعطل مصالحه ويحدث به األض&&رار ،وفي ه&&ذه الحال&&ة يج&&ري علي&&ه
األحكام المقررة في قانون األسرة و هذا حسب ما نصت عليه المادة 31من القانون
المدني "تجري على المفقود والغائب األحكام المقررة في التشريع العائلي".
-2.3الم;;انع الق;;انوني :ويتحق&&ق الم&&انع الق&&انوني بالنس&&بة لمن س&&لبت أهليت&&ه بحكم
المحكمة أو بحكم الق&انون كم&ا في حال&ة ل&و حكم علي&ه بعقوب&ة جنائي&ة فال يج&وز أن
يتولى إدارة أمواله خالل مدة حبس حريته ،وه&&ذا م&&ا حددت&&ه الم&&ادة 78من الق&&انون
المدني "كل شخص أهل للتعاقد مالم يطرأ على أهليته عارض يجعله ن&&اقص األهلي&&ة
أو فقدها بحكم القانون".
المطلب الثاني :الشخص االعتباري
ال تقتصر الشخصية القانونية على اإلنسان فحسب بل اقتضت الض&&رورة العملي&&ة أن
تمنح لما تسمى باألشخاص االعتبارية العامة ،التي هي من الناحية الواقعية ال وجود
لها ماديا ألنه&&ا ال ت&&درك ب&&الحواس ولكنه&&ا مج&رد تص&&ور ذه&&ني على وجوده&&ا ،وال
تكون كذلك إال إذا اعترف لها المشرع بهذا الوجود القانوني لتحقيق أهداف وغاي&&ات
معين&&ة ،م&&ا ك&&انت لتحق&&ق ل&&وال ه&&ذا الوج&&ود االفتراض&&ي ،فهن&&اك أعم&&ال ض&&رورية
صفحة | 33
للمجتم&&ع كتحقي&&ق النظ&&ام الع&&ام واألمن والس&&كينة العام&&ة في المجتم&&ع وال&&دفاع عن
الوطن.
كم&&ا أن عج&&ز األش&&خاص الطبيعي&&ة عن تموي&&ل المش&&روعات الض&&خمة بأنفس&&هم لم&&ا
يتطلبه األمر من أمواال طائلة ال يقوون على توفيرها ،فظهرت الشركات والجمعيات
باسم الشخص االعتب&&اري ،وعلي&&ه نتع&&رض بداي&&ة إلى تعري&&ف الش&&خص االعتب&&اري
وبيان عناصره ،ثم نتطرق إلى مميزات الشخص االعتباري.
الفرع األول :تعريف الشخص االعتباري وعناصره
إن تحديد المفهوم القانوني للشخص االعتباري ال يكون إال من خالل وض&&ع تعري&&ف
شامل وواض&&ح ل&&ه بحيث يس&&مح بتحدي&&د خصائص&&ه وتمي&&يزه عن غ&&يره ،والش&&خص
االعتباري أو المعنوي هو شخص ال يمكن إدراكه بالحس وانما يدرك بالفكر وجدت
ألجل غرض معين وأصبح من الضروري االعتراف لها بالشخصية.
أوال :تعريف الشخص االعتباري
فاألشخاص االعتبارية هي "مجموع&&ة من األش&&خاص الطبيعي&&ة أو األم&&وال يجمعه&&ا
غرض واحد ،ويكون لهذه المجموعة شخصية قانوني&&ة الزم&&ة لتحقي&&ق ه&&ذا الغ&&رض
منفصلة عن شخصية المكونين لها أو المنتفعين بها".
ثانيا -أنواع الشخص االعتباري:
أما المشرع الجزائري فقد ح&&دد في الم&&ادة 49من الق&&انون الم&&دني من يحم&&ل ص&&فة
الش&&خص االعتب&&اري "األش&&خاص االعتباري&&ة هي –:الدول&&ة ،الوالي&&ة ،البلدي&&ة –
المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري -الش&&ركات المدني&&ة والتجاري&&ة -الجمعي&&ات
والمؤسس&&ات – الوق&&ف -ك&&ل مجموع&&ة من األش&&خاص أو أم&&وال يمنحه&&ا الق&&انون
شخص&&ية قانوني&&ة " .من خالل ه&&ذا النص نس&&تنتج أن الش&&خص االعتب&&اري تمنح ل&&ه
الشخصية القانونية بالقدر ال&&ذي يل&&زم لتحقي&&ق الغ&&رض ال&&ذي أنش&&ئ من أجل&&ه ،وه&&و
نوعان :شخص معنوي عام وخاص.
صفحة | 35
وب&&&الرجوع لنص الم&&&ادة 50من الق&&&انون الم&&&دني الجزائ&&&ري نج&&&د أن الش&&&خص
االعتباري يتمتع بجميع الحقوق حيث حددت م&&ا ي&&أتي" :يتمت&&ع الش&&خص االعتب&&اري
بجميع الحقوق إال ما كان منها مالزما لصفة اإلنسان ،وذلك في الحدود التي يقررها
القانون ،يكون له خصوصا ،ذمة مالية ،أهلية في حدود التي يعينها أو التي يقرره&&ا،
موطن وهو المكان ال&ذي يوج&د في&ه مرك&ز إدارته&ا الش&ركات ال&تي يك&ون مركزه&ا
الرئيسي في الخارج ولها نشاط في الجزائر يعتبر مركزها القانوني في نظر القانون
الداخلي في الجزائر نائب عنه يعبر عن إرادته .حق التقاضي".
ثالثا :عناصر الشخص االعتباري
ال يق&&وم الش&&خص االعتب&&اري إال بوج&&ود ثالث عناص&&ر وهي :العنص&&ر الم&&ادي،
والعنصر المعنوي ،والعنصر الشكلي.
أ -العنص;;ر الم;;ادي :يعتبر العنص&&ر الم&&ادي من المس&&ائل الجوهري&&ة لقي&&ام الش&&خص
االعتباري ويقصد به مجموعة أموال خصصت لتحقيق غرض معين ،كالوقف ال&ذي
يتم بإرادة منفردة هي إرادة الواقف أو جماعة أشخاص كالجمعيات والش&&ركات ال&&تي
تتكون من عدة أشخاص.
ب -العنصر المعنوي :يقصد به أن يك&ون لمجموع&ة األم&وال أو جماع&ة األش&خاص
غرضا مشتركا محققا لمصلحة المجموعة أو الجماعة ،ويستوي األم&&ر بع&&د ذل&&ك إن
كان هذا الغرض عام&ا لتحقي&ق المص&لحة العام&ة للمجتم&ع كك&ل ،أو غرض&ا خاص&ا
بمجموعة معينة ،كأعضاء الجمعية أو الشركاء في الشركة.
ج -العنص;;ر الش;;كلي :يقص&&د ب&&ه اع&&تراف الس&&لطة المختص&&ة في الدول&&ة بالش&&خص
االعتباري ،ويتحقق هذا االعتراف بإحدى الطريقتين:
-1االعتراف العام :يكون في قيام المشرع بتحديد الشروط الواجب توافرها لتك&&وين
الشخص االعتباري ،دون ضرورة أو !ترخيص الحق من السلطة العام&&ة المختص&&ة
في الدولة ،ف&إذا ت&وفرت الش&روط المتطلب&ة قانون&ا في مجموع&ة األم&وال أو جماع&ة
األشخاص اكتسبت الشخص&&ية القانوني&&ة تلقائي&&ا وبق&&وة الق&&انون دون الحاج&&ة إلى إذن
خاص.
-2االعتراف الخاص :ال تكفي الشروط التي يتطلبه&&ا الق&&انون من قب&&ل ،ب&&ل يش&&ترط
الحصول على اعتراف خاص الحق من السلطة المخول له&&ا قانون&&ا منح ال&&تراخيص
ولها حق الرقابة على األشخاص االعتبارية ،فتدرس كل حالة على ح&&دة لتق&&رر بع&&د
ذلك منح أو عدم منح الترا خيص.
الفرع الثاني :مميزا ت الشخص االعتباري
صفحة | 36
يترتب على االعتراف لمجموعة أموال أو جماعة أش&خاص بالشخص&ية القانوني&ة أن
يكون للشخص االعتباري شخصية قانونية مستقلة عن شخصية األعض&&اء المك&&ونين
له ،ويتميز عن األش&&خاص االعتباري&&ة األخ&&رى على غ&&رار م&&ا يتم&&يز ب&&ه الش&&خص
الطبيعي عن بقي&ة األش&خاص الطبيعي&ة ،فيص&بح االس&م أوال ،الحال&ة ثاني&ا ،الم&وطن
ثالثا ،الذمة المالية رابعا ،واألهلية خامسا.
أوال -االسم:
االسم دائما يكون لكل شخص اعتباري يتميز ب&ه عن غ&يره من األش&خاص االخ&رى
واألشخاص االعتبارية العامة تح&&دد له&&ا الدول&&ة أس&&مائها أم&&ا األش&&خاص االعتباري&&ة
الخاصة فيسميها أصحابها بأسمائها التجارية أو المستعارة ،ويعتبر االسم حقا وواجبا
للشخص االعتباري ،ويع&&د االس&&م وس&&يلة لتع&&يين الش&&خص االعتب&&اري وتمي&&يزه عن
غيره من األشخاص األخرى ،ويباشر نشاطاته ومختل&&ف تص&&رفاته به&&ذا االس&&م ويتم
اختياره من طرف مؤسسيه.
ثانيا -الحالة:
يقصد بحالة الشخص االعتباري حالته السياسية أي جنسية الدول&&ة ال&&تي يتبعه&&ا ،وق&&د
اختلفت الدول في المعيار المعتد به في منحها الجنس&&ية للش&&خص االعتب&&اري ،فهن&&اك
من تعتد بمقره االجتماعي منها الجزائ&&ر فق&&د نص&&ت الم&&ادة 10من الق&&انون الم&&دني
على أن جنسية الشخص االعتباري تتحدد بالدولة التي يوج&&د فيه&&ا مق&&ره االجتم&&اعي
والفعلي.
ثالثا -الموطن:
للشخص االعتباري م&&وطن خ&&اص مس&&تقل عن م&&وطن األعض&&اء المك&&ونين ل&&ه فيتم
مخاطبت&&ه ف&&ه ،ويقص&&د ب&&الموطن المك&&ان ال&&ذي يوج&&د ب&&ه المرك&&ز الرئيس&&ي إلدارة
الشخص االعتباري وه&&ذا م&&ا نص&&ت ب&&ه الم&&ادة 547من الق&&انون التج&&اري "يك&&ون
م&&وطن الش&&ركة في مرك&&ز الش&&ركة ،تخض&&ع الش&&ركات ال&&تي تم&&ارس نش&&اطها في
الجزائر للتشريع الجزائري" أما إذا كان له عدة ف&روع في أم&اكن مختلف&ة ف&إن تع&دد
الموطن بتعدد هذه الفروع.
صفحة | 37
خصائص الشخص االعتباري ،حيث ت&&ؤدي إلى المح&&ور بين أموال&&ه والتزامات&&ه من
جهة وأموال والتزامات أعضائه من جهة ثانية.
خامسا -األهلية:
للشخص االعتباري وباعتباره يتمتع بالشخصية القانونية أهلية وج&&وب وأهلي&&ة أداء،
تتميز أهلية الشخص المعنوي عن أهلية الشخص الطبيعي كون أن أهلي&&ة األداء مثال
ال تمر بمراحل مثل الشخص الطبيعي ،كما أن الشخص المعنوي ال يعتريه ع&&ارض
من عوارض األهلية.
أ -أهلية الوجوب:
يتمت&&ع الش&&خص االعتب&&اري ب&&الحقوق ويتحم&&ل بااللتزام&&ات ال&&تي تتالئم م&&ع طبيعت&&ه
المعنوية وفي حدود التي يعينها عقد اإلنشاء ،وتتفق مع الغرض الذي أنشئ من اجله
وبالقدر الالزم لتحقيقه وهذا ما يسمى بمبدأ التخصيص ،كم&&ا ل&&ه الح&&ق في التقاض&&ي
سواء كان مدعيا أو مدعي عليه يمكن أن يوصى له وله الحق في السمعة وفي اسمه
وذمة مالية وموطن وتجرد من الحقوق المالزمة للصفة اإلنسانية ،كحق&&وق الزوجي&&ة
والقراب&&ة وغيره&&ا ،وب&&الرجوع لنص الم&&ادة 50من الق&&انون يظه&&ر أن نط&&اق أهلي&&ة
وجوب الشخص االعتباري أضيق من نطاق أهلية وجوب الشخص الط&&بيعي ،أي ال
توجد دولة أو والية أو بلدية توصف بأحد هذه األوصاف.
ب -أهلية األداء:
من غير الممكن الحديث عن فكرة التمييز بالنس&&بة للش&&خص االعتب&&اري ألن&&ه مج&&رد
كيان معن&وي ال تمي&يز وال إرادة ل&ه وي&ذهب بعض الفقه&اء إلى أن إرادت&ه هي إرادة
النائب الذي يقوم مقامه يتصرف باسمه ولحسابه وقد يكون هذا الن&&ائب ف&&ردا أو ع&&دة
أفراد فمثال الوالية يمثله&&ا ال&&والي والبلدي&&ة رئيس&&ها والجامع&&ة م&&ديرها ،أي للش&&خص
االعتباري ممثل يباشر عنه التصرفات القانونية.
المبحث الثاني :الركن الثاني للحق محل الحق أو موضوع الحق
محل الحق أو موضوع الحق ،يقصد به كل ما ينص&&ب علي&&ه الح&ق من أش&ياء مادي&&ة
عق&&ارات مث&&ل المن&&ازل واألراض&&ي أو المنق&&والت ،كالس&&يارات واآلالت المختلف&&ة أو
عمل ما سواء كان القيام به أو االمتناع عنه ،أو قد يكون شيء معنوي كما هو الحال
في الحق الذهني ،إذن فمحل الحق قد يك&&ون عمال كم&&ا ه&&و الح&&ال بخص&&وص الح&&ق
الشخصي ،وقد يكون شيئا ماديا كما هو الحال بخصوص الحق العيني.
وهو القيمة التي تثبت للشخص صاحب الحق والتي بسبب ثبوتها يكون ل ه ممارس&&ة
السلطات التي يخولها كل حق ،ومحل الحق بهذا المعنى إما أن يكون شيئا وفي ه&&ذه
الحال&&ة يجب تحدي&&د طبيع&&ة الش&&يء ،أو عمال فيجب أن يك&&ون وف&&ق الش&&روط ال&&تي
صفحة | 38
تفرضها النظم القانونية السارية المفعول ،فإذا كان عينيا فمحله شيئا ماديا ،واذا ك&&ان
الحق شخصيا فمحله عمل يقوم به الم&&دين ،ل&&ذلك فالح&ديث عن مح&ل الح&ق يقتض&&ي
الحديث عن األشياء واألعمال.
وعليه فمحل الحق هو ما يرد عليه االستئثار ،ويختلف محل الحق ب&اختالف األش&ياء
التي يرد عليه&&ا ،وه&&ذا م&&ا يتم تناول&&ه في المطلب األول ،وق&&د يك&&ون الح&&ق شخص&&يا
يتجس&د في ص&ورة القي&ام بعم&ل معين أو امتن&اع عن عم&ل وه&و م&ا تم معالجت&ه في
المطلب الثاني.
المطلب األول :األشياء كمحل للحق
لألشياء تقسيمات عديدة فهي تختل&ف عن بعض&ها البعض ب&اختالف طبيع&ة األش&ياء،
فاألشياء الثابتة هي كل شيء مستقر بحيزه وثابت فيه ،ال يتحرك ويشغل حيزا معينا
كاألراضي والس&كنات والمحالت والمص&&انع وال&&تي له&&ا خاص&&ية االس&تقرار بمكانه&&ا
وتسمى بالعقارات ،أما األشياء المنقولة فهي كل شيء يمكن نقله من مك&&ان إلى آخ&&ر
دون تل&&ف ،وتس&&مى منق&&والت بطبيعته&&ا ألنه&&ا قابل&&ة للتح&&رك دون تل&&ف ،مث&&ال ذل&&ك
الطائرات والسيارات ومختلف اآلالت المستعملة في الحي&&اة اليومي&&ة .وعلي&&ه تن&&اولت
األشياء الثابتة والمنقول&&ة في الف&&رع األول ،ثم تط&&رقت لألش&&ياء المثلي&&ة والقيمي&&ة في
الفرع الثاني.
الفرع األول :األشياء الثابتة والمنقولة
األشياء الثابتة تأخذ دائما وصف العقار فإذا ما آلت إلى منقول أصبحت تسمى منقوال
بمعنى األشياء الثابتة وحتى تظ&&ل تحت ه&&ذا الوص&&ف يجب بقائه&&ا على حاله&&ا مث&&ل:
المنزل يسمى عقار ثابت ولكن بعد هدمه يسمى منقول ،وعليه تناولت األشياء الثابتة
أوال ،والمنقولة ثانيا.
أوال -األشياء الثابتة:
يقصد بالشيء كل ماال يع&د شخص&ا مم&ا يك&ون ل&ه كي&ان ذاتي منفص&ل عن اإلنس&ان
مادي&&ا أو معنوي&&ا ،ومح&&ل الح&&ق ال يش&&ترط في&&ه دائم&&ا أن ي&&رد على ذو قيم&&ة مالي&&ة،
وبالمقابل نجد شيئا واحدا يرد عليه أك&&ثر من ح&&ق ك&&أن يتعل&&ق األم&&ر بملكي&&ة عق&&ار،
وح&&ق الملكي&&ة ينتج عن&&ه حق&&وق أخ&&رى فرعي&&ة كح&&ق االنتف&&اع وح&&ق ال&&رهن وح&&ق
االرتفاق ،وتقسم األشياء إلى أشياء قابلة للتعامل وأشياء غير قابلة للتعامل ،وه&&ذا م&&ا
حددته نص المادة 1/ 682من القانون المدني "كل شيء غ&&ير خ&&ارج عن التعام&&ل
بطبيعت&&ه أو بحكم الق&&انون يص&&لح أن يك&&ون محال للحق&&وق المالي&&ة" ومن خالل ه&&ذا
النص يتبن أن كل األشياء قابلة للتعامل إال ما ستثني بحكم طبيعته أو بنص قانوني.
أ -األشياء الخارجة عن التعامل بطبيعتها:
صفحة | 39
األش&&ياء ال&&تي تخ&&رج عن التعام&&ل بطبيعته&&ا هي ال&&تي ال يس&&تطيع أح&&د أن يس&&تأثر
بحيازتها ويدخل تحت هذا المعنى مثال :مياه البحر واألنهار وأشعة الشمس والرياح،
فهذه األشياء ال يستأثر بحيازتها ألن طبيعتها ال تقبل الحيازة المنفردة ،أما إذا استأثر
شخص بجزء قليل منها فيصح ذلك ويكون قابال للتعام&&ل في&&ه ،كمن يس&&تعمل اله&&واء
الضغوط ويبيعه في معدات مخصصة لذلك ،وهذا م&ا نص&ت علي&ه الم&ادة 2/ 682
من القانون المدني.
ب -األشياء الخارجة عن التعامل بحكم القانون:
هي األشياء التي ال يجيز القانون أن تكون محال للحقوق المالية وهي األموال العام&&ة
مهما كانت طبيعته&&ا و أم&&وال الوق&&ف بحث ال تس&&قط بالتق&&ادم وتكتس&&ب ك&&ذلك ،حيث
نصت المادة 689من القانون المدني على انه " ال يجوز التصرف في أموال الدولة
أو حجزها أو تملكها بالتقادم غير أن الق&&وانين ال&&تي تخص&&ص ه&&ذه األم&&وال إلح&&دى
المؤسسات المشار غليه&&ا في الم&&ادة ، 688تح&&دد ش&&روط إدارته&&ا ،وعن&&د االقتض&&اء
شروط عدم التصرف فيها".
ثانيا -األشياء المنقولة:
األش&&ياء المنقول&&ة هي ال&&تي يمكن نقله&&ا من مكانه&&ا دون تل&&ف كالس&&فن والط&&ائر ات
وغيرها من األشياء ،بحيث نصت المادة 683من القانون المدني "كل شيء مس&&تقر
في حيزه وثابت فيه وال يمكن نقله منه دون تلف فهو عق&&ار ،وماع&&دا ذل&&ك من ش&&يئ
فهو منقول ".ومن خالل هذا نستنتج نوعين من المنقوالت وهي:
أ -المنقول بطبيعته:
هو كل شيء مستقر ويمكن نقل&&ه دون تل&&ف ،أي األش&&ياء القابل&&ة للحرك&&ة والنق&&ل من
مكان إلى آخر بحكم طبيعتها ،وال تت&&أثر به&&ذا النق&&ل س&&واء ك&&ان النق&&ل ذاتي&&ا أو بق&&وة
أجنبي&&ة ،مث&&ل الم&&واد الخش&&بية والحدي&&دة المع&&دة لالس&&تعمال الم&&نزلي والتج&&اري
والصناعي ،كما يعد أيضا من المنقوالت األشياء المعنوية كاالختراع&&ات والعالم&&ات
التجارية.
ب -المنقول بحسب المآل:
يمكن أن يصبح العقار منقوال ،لذلك يعامل القانون العقار بطبيعته معاملة المنقول ،إًذ
العقار في هذه الحالة يعتبر منقوال بحسب المآل ،فالقانون يفترض أن الش&&يء منق&&وال
مع أنه عقار طبيعته ،ف&&المنقوالت بحس&&ب الم&&آل هي العق&&ارات بطبيعته&&ا ولكن تفق&&د
صفتها كعقار بمجرد انفصالها عن األرض ،أو المنازل إذا بيعت بقص&&د ه&&دمها ف&&إن
البيع يعتبر وارداً على منقول بحس&&ب الم&&آل ،وتأخ&&ذ حكم المنق&&ول اعتب&&ار لم&&ا آلت
إليه.
صفحة | 40
الفرع الثاني :األشياء المثلية والقيمية
األشياء المثلية هي التي يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء ،أما األشياء القيمي&&ة فهي
التي تقدر عادة في التعامل بالعدد أو المق&اس ،وعلى ه&ذا األس&اس تم تقس&يم األش&ياء
من حيث تعيينه&&ا إلى مثلي&&ة وقيمي&&ة ،وعلي&&ه تن&&اولت األش&&ياء المثلي&&ة أوال ،واألش&&ياء
القيمية ثانيا.
أوال -األشياء المثلية:
األشياء المثلية ويقصد بها األشياء التي يقوم بعضها مقام بعض عن&&د الوف&&اء ،بمع&&نى
أن المال المثلي هو ما يوجد له مثل ونظير في الس&&وق وقت حل&&ول األج&&ل من غ&&ير
تفاوت في أجزائه أو وحداته يعتد به في التعامل ،وال يكون سببا في نشوء ن&&زاع بين
المتعاقدين ،وقد حددتها الم&&ادة 686من الق&&انون الم&&دني "األش&&ياء المثلي&&ة هي ال&&تي
يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء والتي تق&&در ع&&ادة بين الن&&اس بالع&&دد أو الكي&&ل أو
الوزن" .ومن خالل هذا النص نستنتج أن األشياء المثلي&ة هي ال&تي يوج&د له&ا نظ&ير
وتقدر عادة بين الناس بالعدد كالخردوات أو المقي&&اس كاألقمش&&ة أو الكي&&ل ك&&الحبوب
والموزونات ،فإذا التزم الشخص بتسليم عدد معين من الحديد المخص&&ص للبن&&اء عن
طريق اإلعارة إلى أج&&ل معين ،فإن&&ه يس&&تطيع أن ي&&وفي ب&&ه عن&&د حل&&ول األج&&ل ألن&&ه
موجود في األسواق.
ثانيا -األشياء القيمية:
األشياء القيمية يقصد بها األشياء الغير متشابهة أو المعينة بالذات ،فهي التي تتف&&اوت
تفاوتا كبيرا فيما بينها يعتد به عند التعامل فيها ،ولذا ال يقوم بعضها مقام بعض عن&&د
الوفاء لعدم وج&&ود مث&&ل له&&ا من جنس&&ه في الس&&وق كم&&نزل معين أو أرض معين&&ة أو
حيوان معين ،فهذه األشياء تتعين بذاتها عن طريق تعيين مواصفاتها تعيينا دقيقا نافيا
للجهالة كسيارة معينة بلونها وسنة بداية سيرها عدد مقاعدها وعالمة مص&&نعها مثال،
أو منزل معين بكل األوصاف من حيث الطوابق وعدد الغرف والمساحة اإلجمالي&&ة،
فإذا التزم شخص بتسليم منزل معين فإن الوفاء ال يصح عن طريق تسليم منزل آخر
حتى ولو كان مشابها تماما للمنزل المتفق عليه.
الفرع الثالث :األشياء القابلة وغير القابلة لالستهالك
تقسم األشياء بحسب األثر الذي يحدثه االستعمال فيها ،إلى أش&&ياء قابل&&ة لالس&&تهالك،
وأشياء غير قابلة لالستهالك.
أوال -األشياء القابلة لالستهالك:
يقصد بها األش&ياء ال&&تي ينحص&&ر اس&تعمالها بحس&ب م&&ا أع&&دت ل&&ه في اس&تهالكها أو
إنفاقها والتي ال ينتفع به&ا إال باس&تهالكها وهي ال&تي ال تحتم&ل س&وى اس&تعمال م&رة
صفحة | 41
واحدة فق&&ط ،وال ينف&&ق به&&ا إال به&&ذا االس&&تهالك ويك&&ون اس&&تهالك ه&&ذه األش&&ياء على
صورتين.
أ -االس&&تهالك الم&&ادي :ويك&&ون بالقض&&اء على م&&ادة الش&&يء كاألك&&ل بالنس&&بة للطع&&ام
والحرق بالنسبة للمواد التي تتأثر بالحرق أي فناء الشيء تماما.
ب -االس&تهالك الق&انوني :أم&ا االس&تهالك الق&انوني لألش&ياء فيك&ون بالتص&رف فيه&ا
كإنفاق النقود وبيع البضائع المعروضة في المحالت والمتاجر ،فيع&&د ه&&ذا الن&&وع من
االستهالك استهالكا قانونيا ال ماديا ،أي حصول المس&&تهلك على المنفع&&ة مقاب&&ل ه&&ذا
النوع من االستهالك.
ثانيا -األشياء غير القابلة لالستهالك:
وهي التي ال تستهلك بأول استعمال لها بل تبقى قابلة لالس&&تعمال م&&رات عدي&&دة دون
أن تستهلك ،وان كانت قيمتها أو متانتها تنقصان من جراء هذا االس&&تعمال ك&&األرض
والمن&&ازل والس&&يارات وغ&&يره ،ويمكن اإلش&&ارة إلى أن بعض األش&&ياء القابل&&ة وغ&&ير
القابلة لالستهالك ال ترجع دائما إلى طبيع&&ة الش&&يء ،ب&&ل ق&&د ترج&&ع أحيان&&ا إلى إرادة
الشخص نفسه في جعل&&ه قاب&&ل أو غ&&ير قاب&&ل ،كمن يمل&&ك أش&&ياء ف&&إذا عرض&&ها لل&&بيع
أصبحت قابلة لالستهالك ،واذا احتفظ بها لالستعمال الشخصي أص&&بحت غ&&ير قابل&&ة
لالستهالك.
المطلب الثاني :األعمال كمحل للحق
يعد العمل محال للحق الشخصي أي حقوق الدائنية وقد يأخذ صورة إعط&اء ش&يء أو
القيام بعمل أو االمتناع عن عمل ما ،قد تكون األعم&&ال إم&&ا إيجابي&&ة أو س&&لبية وذل&&ك
بحسب اعتبارها محال أو موضوعا للحقوق الشخصية ،فيجب أن تكون هذه األعمال
ممكن&&ة ومعين&&ة أو قابل&&ة للتع&&يين ومش&&روعة ،ويجب أن نم&&يز بين الح&&ق ومحل&&ه،
ومضمون الحق هو سلطات صاحب الحق واألعمال التي تخوله&&ا ل&&ه ه&&ذه الس&&لطات
وهذا يختلف باختالف الحقوق.
الحق الشخصي هو االستئثار الذي يقره القانون لش&&خص من األش&&خاص ويك&&ون ل&&ه
بمقتضاه أداء معين ،وهو أي نشاط يبذله الشخص سواء جسميا أو عقليا ،ويعد العمل
محال للح&&ق في الحق&&وق الشخص&&ية عام&&ة بخالف الح&&ق العي&&ني ال&&ذ ي ي&&رد على
األشياء ،والعمل محل الحق الشخصي ق&&د يك&&ون إيجابي&&ا ك&&التزام المق&&اول بالبن&&اء أو
االلتزام المؤجر بتمكين المستأجر من االنتفاع بالعين الم&&ؤجرة ،وق&&د يك&&ون االل&&تزام
سلبيا كتعه&&د ت&&اجر لت&&اجر آخ&ر بع&&دم بي&&ع ن&&وع معين&&ا من الس&لع خش&ية المنافس&ة أو
االمتناع عن عمل معين .وعليه تطرقت إلى االل&&تزام بالقي&&ام أو االمتن&&اع عن العم&&ل
في الفرع األول ،ثم تناولت شروط العمل كمحل للحق في الفرع الثاني.
صفحة | 42
الفرع األول :االلتزام بالقيام بعمل أو االمتناع عن عمل
سبقت اإلشارة إلى أن محل الحق قد يكون شيئا وقد يكون عمال ،وفي الحالة األخيرة
تكون هناك عالقة دائنية بين شخصين يلتزم أحدهما أو كالهم&&ا اتج&&اه اآلخ&&ر بالقي&&ام
بعمل أو االمتناع عن عمل ،وقد يكون العمل محال للحق ،في هذه الحالة تكون هناك
عالقة دائنية بين شخصين يل&&تزم أح&&دهما ،أو كالهم&&ا اتج&&اه اآلخ&&ر بالقي&&ام بعم&&ل أو
االمتناع ،كما أن األعمال هي وقائع تحدث بفعل اإلنسان وتدخل إرادته في ح&&دوثها،
وتنقسم إلى أعمال مادية وأعمال قانونية.
وعليه وفي إطار هذا المطلب تطرقت إلى تعريف العمل في الفرع األول ،ثم تناولت
التزام المدين بالقيام بعمل في الفرع الثاني ،وفي األخير التزام الم&&دين باالمتن&&اع عن
عمل وهذا في الفرع الثالث.
أوال -تعريف العمل:
العمل هو ذلك النشاط الذي يق&وم ب&ه الف&رد من أج&ل تلبي&ة رغبات&ه ،س&واء ك&ان ه&ذا
العمل ذهني فكري أو نشاط عضلي ،وقد يقوم به الفرد نتيج&&ة ال&&تزا م&&ه تج&&اه الغ&&ير
بالقيام بعمل أو االمتناع عنه فيكون هذا العمل وفاء للتزامه ،وعلي&&ه نتط&&رق في ه&&ذا
الف&&رع إلى تعري&&ف العم&&ل لغ&&ة واص&&طالحا أوال ،ثم نتن&&اول األعم&&ال المادي&&ة ثاني&&ا،
واألعمال القانونية ثالثا.
- 1لغ;;;ة واص;;;طالحا :نتط&&&رق إلى التعري&&&ف اللغ&&&وي للعم&&&ل أوال ،ثم التعري&&&ف
االصطالحي ثانيا.
أ -العمل لغة:
يعرف العمل من الناحية اللغوية بأنه "الحركة ،الجهد ،فعل حرفة ،وظيفة وهو نت&&اج
حركة جميع الكائنات الحية" أي الجهد الموجه نحو إنجاز هدف معين.
ب -العمل اصطالحا:
أما اصطالحا "هو كل جهد فكري أو عضلي يبذله الفرد للحص&&ول على مقاب&&ل بغي&&ة
تلبية رغباته واحتياجاته وهو وسيلة تساعد على إدماج الفرد داخل المجتمع وتك&&وين
شخصيته".
فمن خالل التعريف اللغوي واالصطالحي نستنتج أن العمل هو ب&&ذل جه&&د ذه&&ني أو
عضلي ،كما انه نشاط اجتماعي يربطه بالمجتمع لتحقيق غاية ما.
ثانيا -أنواع األعمال:
تنقسم األعمال إلى أعمال مادية وأخرى قانونية ،سنبينه فيما يأتي:
صفحة | 43
أ -األعمال المادية :األعمال المادية هي تلك التي يأتيه&&ا اإلنس&&ان دون قص&&د ت&&رتيب
أثار قانونية عليها ومع ذلك فقد يقص&&د من إتي&&ان ه&&ذه األعم&&ال ت&&رتيب أث&&ار قانوني&&ة
عليها ،ومثال ذلك إذا صدم شخص بسيارته شخص آخر فهذه الواقع&&ة مادي&&ة أو ه&&ذا
العمل مادي غير مقصود يرتب عليه القانون تع&&ويض الض&&رر ال ينش&&أ عن إرادت&&ه،
وانما ينشأ عن واقعة العمل الذي حدث وتع&&ويض الش&&خص المص&&اب ،أم&&ا األعم&&ال
التي يأتيها الشخص قص&د أثاره&ا القانوني&ة ،ب&أن يق&وم بوض&ع ي&ده على ش&يء غ&ير
ممل&&وك ل&&ه وممل&&وك لغ&&يره ،فه&&و يقص&&د به&&ذا العم&&ل الم&&ادي أن ي&&ترتب علي&&ه أث&&ره
القانوني وهو تملكه لهذا المال بوضع اليد إذا توفرت شروطه القانونية ،وبذلك يرتب
القانون مثل هذا األثر على الفعل المادي المقصود اآلثار القانونية.
ب -األعمال القانونية :العمل القانوني هو تصرف قانوني ،وقد يكون العمل القانوني
عبارة عن اتجاه إرادة واحدة نحو ترتيب أث&&ر ق&&انوني معين وهي األعم&&ال القانوني&&ة
التي تتجه فيه&ا اإلرادة إلى إح&داث أث&ر ق&انوني ،كإنش&اء ح&ق شخص&ي أو عي&ني أو
إنهائه ،فاإلرادة المنفردة تتمثل في الوص&&ية أو الوع&&د بالج&&ائزة مثال ،وهي إرادة من
طرف واحد دون تدخل إرادة الطرف اآلخر وهو المس&&تفيد من ه&&ذا األث&&ر الق&&انوني،
والتصرفات القانونية تكون ثنائية كعقد اإليجار مثال ،فالمؤجر في عقد اإليجار تتج&&ه
إرادته نحو تمكين المستأجر من االنتفاع بالعين المؤجرة ،وكذلك فإن المستأجر تتجه
إرادته إلى الوفاء باألجرة في ميعادها للمؤجر ،فهنا األثر الق&&انوني ي&&ترتب بمقتض&&ى
توافق اإلرادتين على إحداث األثر المطلوب ،ونتيجة ذلك تسمى التصرفات القانونية
بالمصادر اإلرادية لاللتزام ،وعليه تقسم األعمال القانونية إلى قسمين رئيسيين ،قس&&م
يصدر من جانب واحد وقسم آخر يلزم لكي ي&ترتب أث&اره أن يص&در ه&ذا العم&ل من
جانبين أي إرادة مشتركة.
ثالثا -التزام المدين القيام بعمل
االلتزام بالقيام بعمل ،ويقصد بااللتزام بعمل التزام المدين تجاه ال&&دائن بب&&ذل مجه&&ود
عضلي أو ذهني أو عضلي وذهني في الوقت نفسه ،وق&د تك&ون لش&خص الم&دين في
هذا النوع من االلتزامات أهمية واعتبار خاص ،وتبعا لذلك يتوجب على المدين أداء
التزامه شخصيا وال يجوز أن ي&&نيب أي ش&&خص آخ&&ر لينف&&ذ م ب&&دال عن&&ه واال اعت&&بر
مخال بالتنفيذ ،ومثال ذلك الّر سام والممث&&ل والمغ&&ني حيث يعت&&بر شخص&&ه ذو اعتب&&ار
خاص في تنفيذ االلتزام ،ذلك أن التعاقد م&&ع أي منهم ج&&اء نتيج&&ة الكف&&اءة الشخص&&ية
لكل منهم ،وكذلك التزام الوكيل بما تتضمنه الوكالة ،وعليه يكون الملتزم إما االلتزام
ببذل العناية ،أو بتحقيق نتيجة.
أ -االلتزام ببذل عناية:
االلتزام ببذل عناية هو أن ينتظر الدائن من وراء التنفيذ السليم االلتزام ال&&ذي يتحمل&&ه
المدين مسألة محددة ،فإذا اقتصر نط&&اق ه&&ذه المس&&ألة على ب&&ذل العناي&&ة الالزم&&ة في
صفحة | 44
تنفيذ االلتزام ،كان هذا االلتزام هو التزاما بب&ذل عناي&ة ،بمع&نى أن&ه إذا ك&انت نتيج&ة
تنفيذ االلتزام بالشكل السليم غير محققة أو على األقل غير محددة بش&كل دقي&ق ،ك&ان
االلتزام التزاما ببذل عناية ،ألن العبرة هنا في المجهود المبذول من ط&&رف الم&&دين،
بغض النظر عن النتيجة التي قد تتحقق وقد ال تتحقق فيقع على المدين في هذا النوع
من االلتزامات بذل العناية التي يفرضها عليه الق&&انون ،وهي عناي&&ة الرج&&ل الع&&ادي،
أو ما يطلق عليه ك&ذلك بعناي&ة الرج&ل المعت&اد .كم&ا يك&ون ملزم&ا باس&تعمال أفض&ل
الوسائل الممكنة ،وباستعمال أكبر قدر من الحيطة والجهد ،فال يكون ضامنا لتحقي&&ق
نتيجة ولكن ببذل عناية ،فالطبيب ال يكون ملزما بش&فاء الم&&ريض ولكن يل&&تزم بعم&&ل
ما في وسعه لتحقيق الغ&&رض ،وفي جمي&&ع ه&&ذه الص&&ور يجب على الم&&دين أن يق&&وم
بالوفاء بالتزامه هذا واال حقت عليه مسئولية أداة التعويض.
ب -االلتزام بتحقيق نتيجة:
االلتزام بتحقيق نتيجة االلتزام يجعل منها محل االعتب&&ار في تنفي&&ذ الم&&دين اللتزام&&ه،
فعلى خالف االل&&تزام بب&&ذل عناي&&ة ،ف&&إن ال&&دائن في االل&&تزام بتحقي&&ق نتيج&&ة ال يكتفي
بالعناية المبذول&&ة في س&&بيل تنفي&&ذ االل&&تزام ،وانم&&ا ينتظ&&ر من الم&&دين تحقي&&ق النتيج&&ة
المحددة في االلتزام ،بمعنى أن&&ه يك&&ون في االل&&تزام بتحقي&&ق النتيج&&ة مض&&مون األداء
الذي يقوم به المدين هو بذاته الغاية المحققة والتي يسعى إليها الدائن ،مثال ذل&&ك ففي
عقد البيع يلتزم البائع بنقل الملكية إلى المشتري ،ويل&تزم في المقاب&ل المش&تري ب&دفع
الثمن إلى البائع ،وال يكون كل من البائع والمشتري منفذا اللتزامه إال بتحقيق ه&&اتين
الواقعتين أي نقل الملكي&&ة ودف&&ع الثمن ،كم&&ا ال يعت&&بر رب العم&&ل منف&&ذا اللتزام&&ه اال
بتحقق نتيجة دفع األجرة .وإذا كان محل االل&&تزام بعم&&ل المحافظ&&ة على الش&&يء كم&&ا
في حالة التزام المودع لديه أو المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة ،فإن الم&&دين
يكون ق&&د نف&&ذ التزام&&ه عيني&&ا إذا ب&&ذل عناي&&ة الرج&&ل الع&&ادي في المحافظ&&ة على ه&&ذا
الش&&يء ،حيث نص&&ت الم&&ادة 172من الق&&انون الم&&دني على م&&ا ي&&أتي "في االل&&تزام
بعمل ،إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشيء ،أو أن يقوم بإدارته أو أن
يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فإن المدين يكون قد وفى بااللتزام إذا بذل في تنفي&&ذه
من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ،ولو لم يتحقق الغرض المقصود .هذا م&&ا لم
ينص القانون أو االتفاق على خالف ذلك".
وتضيف الفقرة الثانية من المادة المذكورة أعاله على ما يأتي "وعلى ك&&ل ح&&ال يبقى
المدين مسؤوال عن غشه أو خطئه الجسيم" ،أي إذا حدث الخطأ وت&&بين ع&&دم تحقي&&ق
الغرض المقصود من االلتزام يرجع إلى غش أو خطأ وق&&ع من الم&&دين أثن&&اء التنفي&&ذ
كان المدين هو المسؤول عن النتيج&ة المحقق&&ة .ومن خالل م&&ا تم التع&&رض ل&&ه ،ف&إن
محل الحق الشخصي الذي موضوعه االلتزام بالقي&&ام بعم&&ل ،وه&&ذا العم&&ل ق&&د يك&&ون
التزاما بتحقيق نتيجة ،وقد يكون التزاما ببذل عناية ،أما االلتزام بتحقيق نتيجة فيكون
صفحة | 45
كذلك إذا كان موضوعه محددا فيكون الم&دين ملزم&ا بتحقي&ق نتيج&ة معين&ة ك&المورد
فهو ملتزم بتسليم البضاعة في المكان وفي الزمان المحددين ،ويعت&&بر مخال بالتزام&&ه
إذا لم يحقق هذه النتيجة ،أما بذل العناية تكون وف&ق معي&ار الرج&ل الع&ادي والمل&تزم
غ&&ير مج&&بر على النتيج&&ة ب&&ل ب&&ذل العناي&&ة فق&&ط ،ويت&&بين من خالل ذل&&ك أن االل&&تزام
بتحقيق نتيجة أو بذل عناية هو في جوهره وحقيقته التزام بعمل.
رابعا -إلتزام المدين باإلمتناع عن القيام بعمل:
االلتزام باالمتناع عن عمل قد يلتزم المدين في مواجهة الدائن بعدم القيام بعمل معين
ومثل ذلك تعهد ممثل لصاحب مسرح أن يتوفق عن التمثيل دوره في مس&رحية لم&دة
معينة لكي يفسح المجال أمام ممثل ثاني ،كما يمكن أن يك&&ون االل&&تزام باالمتن&&اع عن
عمل هو االلتزام الرئيسي في العقد ويرى بعض الشراح أن عقد الص&&لح ه&&و أحس&&ن
مثال على ذلك ،إذ أن محل االلتزام الرئيسي فيه هو النزول عن الح&&ق في ال&&دعوى،
أي أن التزام ك&&ل من الط&&رفين بع&&دم االلتج&&اء إلى القض&&اء أم&&ر ض&&روري العتب&&ار
الوضع المتنازع عليه قد زال .وهذا النوع من االل&&تزام أي ال&&تزام بع&&دم القي&&ام بعم&&ل
كان مسموحا له قبل التعاقد ،وعلى هذا فإن القول باالمتناع عن عم&&ل ال يقص&&د من&&ه
االمتناع عما يحظره القانون بمعنى األفعال غير المشروعة ،بل بالعكس يقص&&د من&&ه
االمتناع عن عمل يسمح القانون بالقيام به ،ومثال ذلك ال&&تزام المغ&&ني باالمتن&&اع عن
الغناء لشركة معينة ولمدة معينة.
ومحل هذا االلتزام هو امتناع المدين عن القيام بعمل ،وبهذا االمتناع يض&&يق الم&&دين
من مجال نشاطه الطبيعي المسموح له قانونا عن عمل م&&ادي ،كامتن&&اع الج&&ار بع&&دم
البناء على مسافة معينة من م&&نزل ج&&اره ،وق&&د يك&&ون امتناع&&ا العام&&ل عم&&ل ق&&انوني
كااللتزام بعدم منافسة رب العمل بعد انتهاء العقد.
الفرع الثاني :شروط العمل كمحل للحق
يشترط في الحق حتى يكون العمل محل للحق أن يكون ممكنا غير مستحيل اس&&تحالة
مطلقة وموضوعية ال ذاتية ،وأن يكون معينا أو قابل للتعيين غ&&ير مجه&&ول أي نافي&&ا
للجهالة ،وأن يكون مشروعا غير ممن&&وع قانون&&ا أو أخالقي&&ا ،أو يمنع&&ه النظ&&ام الع&&ام
واآلداب العامة ،وهذا العمل يأخذ صورة القيام بعمل أو االمتناع عن عمل.
أوال -أن يكون العمل محل االلتزام ممكنا:
يقصد باإلمكان أن يكون المحل ليس مس&&تحيال ،واالس&&تحالة نوع&&ان اس&&تحالة مطلق&&ة
واستحالة نسبية ،ومعناه أن يكون عمل محل الحق ممكنا فإذا ك&&ان مس&&تحيال ال يق&&وم
االلتزام ألنه ال التزام بمحل بمستحيل ويقص&&د باالس&&تحالة أن ال يك&&ون في اس&&تطاعة
أحد القيام بالعمل سواء كانت استحالة مادية أو قانونية.
صفحة | 46
فاالستحالة المطلقة هي التي يكون فيها المحل مستحيال وغير ممكن في الحاض&&ر أو
في المستقبل ،ومثال هذه االستحالة أن يعد شخص بعالج شخص تبين أن&&ه ق&&د ت&&وفي
منذ لحظات فال يمكن تصور قيام عق&&د في ه&&ذا الش&&أن ،وه&&ذه االس&&تحالة مطلق&&ة وال
يمكن وجود المحل الملتزم به ال في الح&ال أو في المس&تقبل وعلي&&ه تجع&&ل التص&&رف
باطال .أما إذا كانت االس&تحالة نس&بية ف&إن ه&ذا ال يمن&ع من قي&ام االل&تزام فق&د يل&تزم
شخصا ما بالقيام بعمل ما ويكون مستحيال عليه ،ولكن ال يستحيل على شخص آخ&&ر
ففي هذه الحالة يوجد االلتزام ويقوم على محل صحيح ،فإن العقد ال يكون باطال ألن
االستحالة ليست مطلقة .القاعدة في ه&&ذا الص&&دد أن&&ه ال ال&&تزام بمس&&تحيل أي ال يمكن
إبرام عقد تكون نتيجته مس&&تحيلة اس&&تحالة مطلق&&ة ،ب&&ل يقص&&د ب&&ه اس&&تطاعة الط&&رف
اآلخر تنفيذ هذا االلتزام والمتمثل في العمل محل الحق ،حيث نص&&ت الم&&ادة 93من
القانون المدني على ما يلي"إذا كان محل االلتزام مستحيال في ذاته أو مخالف&&ا للنظ&&ام
العام أو اآلداب كان باطال بطالنا مطلقا" فاالس&&تحالة ال&&تي تمن&&ع من أن يك&&ون العق&&د
صحيحا هي االستحالة المطلق&&ة دون النس&&بية وي&&راعي أن تك&&ون االس&&تحالة المطلق&&ة
وقت إبرام العقد حتى تمنع من قي&&ام العق&&د ،فمثال إذا ك&&ان المح&&ل أرض&&ا وقت إب&&رام
العقد ،ثم أصبح مستحيال بسبب نزع ملكية هذه األرض من أجل المنفعة العام&&ة ،في
هذه الحالة البيع ال يعتبر باطال وانما يفس&خ العق&د .وان ك&ان المش&رع الجزائ&ري ق&د
أباح التعامل في األش&ياء المس&تقبلية إال أن&ه ق&د اس&تثنى من ذل&ك التعام&ل في الترك&ة
المستقبلية لإلنسان حال حياته فقد نصت المادة 2/ 92من الق&&انون الم&&دني على م&&ا
يأتي" :غير أن تعامل في تركة إنسان على قيد الحياة باطن ولو كان برض&&اه ،إال في
األحوال المنصوص عليها في القانون" .فنستنتج من هذا النص أن التعامل في ترك&&ة
اإلنسان قبل وفاته ال تج&&وز ول&&و برض&&اه ،وه&&ذا خروج&&ا على القاع&&دة ال&&تي تقض&&ي
بجواز التعامل في األشياء المستقبلية محققة الوجود.
ثانيا -أن يكون العمل معينا أو قابال للتعيين:
لكي يك&&ون العم&&ل محال االل&&تزام يجب أن يك&&ون العم&&ل معين&&ا ،أو على األق&&ل ق&&ابال
للتعيين ،أي يجب أن يك&&ون التع&&يين تعيين&&ا دقيق&&ا نافي&&ا للجهال&&ة ،ألن&&ه إذا ك&&ان مح&&ل
االلتزام مجهوال وغير معين تع&&ذر الوص&&ول على تحدي&&ده ،والغاي&&ة من تع&&يين مح&ل
االلتزام هو تفادي المشاكل التي قد تنشأ من عدم تحديد المحل ،والتعيين واجب سواء
كان محل االلتزام عمال أو إعطاء شيء لتجنب المنازعات التي قد تثار بين أط&&راف
العقد فال ينشأ االلتزام وبالتالي ال يقوم العقد.
فإذا تعهد مقاوال ببناء منزل وجب أن يكون هذا البناء معين أو أن يكون قابال للتعيين
فإذا اقتصر التزام الشخص على إقامة بناء فقط دون تعيينه أو دون أن يستخلص من
الظروف إمكان تعيينه ال يوجد محل ويكون في حكم المع&&دوم ،وفي عق&&د ال&&بيع مثال
يلتزم البائع بنقل ملكية الش&&يء الم&&بيع إلى المش&&تري ،ف&&إذا ك&&ان الش&&يء معين&&ا بذات&&ه
صفحة | 47
انتقلت الملكية بمجرد البيع دون أن يكون البائع ملزم&ا بش&يء ،كم&ا يس&مح بحص&ول
التوافق بين اإلرادتين على هذا االلتزام.
ويتحدد معنى هذا الشرط بحس&&ب طبيع&&ة األداء ال&&ذي يل&&تزم ب&&ه الم&&دين ،ف&&إذا تحق&&ق
تعيين المحل س&&واء حاض&&را أو مس&&تقبال عمال ك&&ان أو امتن&&اع عن عم&&ل ك&&ان مح&&ل
االلتزام صحيحا وقام العقد ،وإذا كان هذا المحل غير محدد وال ق&&ابال للتحدي&&د ينه&&ار
ويبطل العقد.
ثالثا -أن يكون محل العمل مشروعا:
ويقصد به أن يكون العم&&ل غ&&ير مخ&&الف للنظ&&ام الع&&ام واآلداب العام&&ة ،أي يجب أن
تكون كل تصرفات األشخاص وعقودهم واتفاقاتهم في كنف المش&&روعية والقانوني&&ة،
وال تخرج عن هذا اإلطار وتبطل ك&&ل األعم&&ال المخالف&&ة ل&&ذلك ،ف&&إذا ال&&تزم ش&&خص
بإتالف مال شخص ما أو قتله مثال مقابل مبلغ مالي يدفع له كان ه&&ذا االتف&&اق ب&&اطال
بطالنا مطلق&&ا .ال يق&&وم االل&تزام إذا ك&&ان محل&&ه غ&&ير مش&روع ،ويك&&ون المح&ل غ&&ير
مشروع إذا كان مخالفا لقواعد القانون اآلمرة أو النظام العام واآلداب العامة ،ف&&إذا لم
يتوفر ذلك فإنه ال يصح أن يكون محال للحق ،كااللتزام بارتكاب جريمة فه&&و ب&&اطال
لمخالفته للنظام العام ،وكذلك االلتزام بتوريد المخدرات فهو باطال أيض&&ا ،بمع&&نى أن
يكون العمل مح&&ل االل&&تزام مش&&روعا وغ&&ير مخ&&الف للنظ&&ام الع&&ام ح&&تى يق&&وم العق&&د
صحيحا.
وفي هذا الصدد نصت المادة 97من القانون الم&&دني الجزائ&&ري على م&&ا ي&&أتي" :إذا
التزم المتعاقد لسبب غير مشروع أو لسبب مخالف للنظام العام أو لآلداب كان العق&&د
باطال" ،حيث يتضح من خالل هذا النص أنه يلزم توافر شرط المشروعية في مح&&ل
االلتزام بمعنى أن يكون سائغا قانونا ،فإذا كان المحل غير مشروع ال يق&&وم االل&&تزام
وبطل العقد النتفاء محله ،أي وجوب أن يكون محل ضمن دائرة التعامل.
المبحث الثالث :الحماية القانونية للحق
تشكل الحماية القانونية للحق عنص&&ر الح&ق حيث يض&&من الق&&انون لص&&احبه الوس&ائل
القانونية الـكفيلة بدفع التع&&رض الص&&ادر من الغ&&ير م&&تى وق&&ع اعت&&داء على ح&&ق من
الحقوق ،وال تتسم حماية الحق إال عن طريق ال&&دعوى القض&&ائية وهي الس&&لطة ال&&تي
يخولها النظام القانوني للشخص لاللتجاء إلى المح&اكم من أج&ل حماي&&ة حق&&ه مح&اوال
إثباته.
المطلب األول :تعريف الدعوى
صفحة | 48
الدعوى هي الوسيلة األساسية لحماية الحق أمام القضاء ،والتي يرجع إليها الم&&دعي
لتحريك القضاء للحصول على تقرير حقه أو حمايته ،فهي إذن القدرة اإلرادي&&ة ال&&تي
يتكون منها الحق.
تعد الدعوى ح&ق موض&&وعي دائم ومس&تمر ،وهي من حق&&وق الشخص&&ية أو الحق&&وق
العامة التي ال يجوز التنازل عنها ،وكل حق موضوعي من الحقوق التامة يقترن ب&&ه
حتما حق إجرائي هو الحق في الدعوى واقتضاء التنفيذ الجبري ،وتجمع بين الحقين
المصلحة ،فالحق الموضوعي غايته مصلحة ،والح&&ق اإلج&&رائي أي ال&&دعوى غايت&&ه
تحقيق هذه المصلحة ،فال يوجد حق بال دعوى تحميه ،ورافع الدعوى ه&&و الش&&خص
طبيعيًا كان أو اعتباريًا.
وعليه يرفع صاحب الحق دعواه ويسمى حينئذ بالمدعي ويطلب من القض&&اء تقري&&ر
حقه أو منع االعتداء عليه في مواجهة من ينكره أو يعتدي عليه يسمى هذا بالمعت&&دي
عليه .وكما سبق االشارة وجب أن يكون رفع ال&&دعوى من ش&&خص أه&&ل للتقاض&&ي ،
واألهلية للتقاضي تتحدد بأهلية الشخص للتصرفات التي تترتب عليه&&ا الحق&&وق ال&&تي
ترفع بشأنها الدعوى.
ولكل حق دعوى تحميه أمام القضاء ،وُيفصل فيها القضاء بحكم يصدره ،إما بإجاب&&ة
المدعي على طلباته كلها أو بعضها ،وإما برفض دعواه .وإذا حكم للم&&دعي بطلبات&&ه
يسمى حينئذ بالمحكوم له ،فيكون له الح&&ق في أن يطلب التنفي&&ذ على الم&&دعى علي&&ه،
ويس&&مى حينئ&&ذ ب&&المحكوم علي&&ه ،ويك&&ون طلب التنفي&&ذ بااللتج&&اء إلى الس&&لطة العام&&ة
المختصة بالتنفيذ وبذلك يصل ص&&احب الح&&ق إلى حماي&&ة حق&&ه وهي الغاي&&ة من رف&&ع
دعواه.
المصلحة أساس الدعوى -
ويش&&ترط في ال&&دعوى القض&&ائية ش&&روط خاص&&ة بال&&دعوى وهي المص&&لحة القانوني&&ة
والصفة أي أن يكون صاحب الحق محل االعتداء هو الذي يباشر الحق في ال&&دعوى
التي ترفع من أجل تقرير هذا الحق أو حمايته.
وبالرجوع إلى ش&رط المص&لحة ف&إذا ك&انت هي ه&دف الح&ق ،فك&ذلك المص&لحة هي
أساس الدعوى ،فال دع&&وى حيث ال مص&&لحة ،والمص&&لحة المقص&&ودة هي المص&&لحة
المباشرة المشروعة التي يحميها القانون وأن تك&&ون ثم&&ة مص&&لحة شخص&&ية للم&&دعي
وأن تكون ثمه مصلحة قائمة وحالة.
لمحة عن التنظيم القضائي في الجزائر -
يشكل التنظيم القضائي مجموع&&ة من القواع&&د ال&&تي تنظم النش&&اط القض&&ائي من حيث
تعيين المحاكم وتشكيلها وتحدي&&د اختصاص&&اتها وبي&&ان اإلج&&راءات ال&&واجب إتباعه&&ا.
صفحة | 49
والتقاضي في الجزائر على درجتين بمع&&نى أن الحكم الص&&ادر من المح&&اكم كدرج&&ة
أولى يك&&ون عرض&&ة للطعن عن طري&&ق االس&&تئناف أم&&ام المجلس القض&&ائي وهي
الدرجة الثانية .ويتكون النظام القضائي الجزائري من ثالث طبقات من المح&&اكم هي
الجهات القضائية أي المحاكم التي تعد قضاء درجة أولى ذو االختصاص العام ،كم&&ا
أنها قد تفصل نهائيا في قضايا معينة ،وابتدائيا فيما عدا قض&ايا تك&ون أحكامه&ا قابل&ة
لالستئناف أمام المجالس القضائية المختصة ،والمحكم&&ة العلي&&ا ال&&تي تختص ب&&الطعن
بالنقض في األحكام النهائية الصادرة من المجالس القضائية ،والمحاكم على السواء.
ثانيا :أنواع الدعاوي القضائية
تستمد حماية الحق من القانون ،ونركز على الحماية المكفولة في الق&&انون الم&&دني أو
الجنائي أو اإلثنين معا ،وذلك من خالل الدعوى ال&&تي يحّر كه&&ا الش&&خص ومباش&&رتها
أمام القضاء المختص من أجل حماية حقوقه ،فتكون إّما دعوى مدنية وإما أن تك&&ون
دعوى جزائية نتعرض إليهم تباعا.
الدعوى المدنية أ-
هي ال&&تي ترف&&ع أم&&ام القض&&اء الم&&دني إذا ح&&دث اعت&&داء على أي ح&&ق من الحق&&وق
الخاصة أو المالية للشخص مهما كانت طبيعة هذا الحق بهدف حمايته ،وأساس ه&&ذه
الدعوى هو المسؤولية المدنية ،وقد يكون مصدر الحق المعتدى عليه هو الق&&انون أو
العقد ،وفي الحالة األولى تسمى المسؤولية المدني&&ة مس&&ؤولية تقص&&يرية ،وفي الحال&&ة
الثانية تسمى مسؤولية عقدية ،وتق&&وم المس&&ؤولية المدني&&ة في الح&&التين كقاع&&دة عام&&ة
على اجتماع ثالثة شروط هي الخطأ والضرر وعالقة السببية بينهما ،نستعرض هذه
الشروط تباعا:
-1الخطأُ :يعرف الخطأ على أنه االخالل ب&التزام ق&ائم من قب&ل س&واء ك&ان التزام&ا
قانونيا أو تعاقديا ،والخطأ ق&&د يك&&ون تعاق&&دي حيث أخ&&ل أح&&د أط&&راف العق&&د ب&&التزام
عقدي نشأ عن عقد قائم من قب&&ل رتب في ذمت&&ه مس&&ؤولية مدني&&ة عقدي&&ة ،أم&&ا الخط&&أ
القصيري فينشأ نتيجة اخالل بالتزام ق&&انوني أي إتي&&ان س&&لوك معيب ال يأتي&&ه الرج&&ل
العادي البصير ،مما يرتب مسؤولية مدنية تقصيرية.
-2الضرر :قد يكون ماديًا أو معنويًا ،ويكون إصالح الضرر بدفع مبل&&غ من النق&&ود
كتعويض ،ويشمل التعويض المالي ما لحق صاحب الح&ق من خس&ارة وم&ا فات&ه من
كسب.
-3قيام عالق;;ة الس;;ببية :يقص&د ب&ذلك أن الض&رر نش&أ عن خط&أ الفاع&ل ل&واله م&ا
حدث ،وال تنقطع عالقة السببية إال بفعل المضرور أو الغير أو القوة القاهرة.
صفحة | 50
ومتى ت&&وافرت الش&روط الس&ابق ذكره&&ا ت&&رتبت المس&ؤولية المدني&&ة ومناطه&&ا ج&زاء
اإلضرار بالمصالح الخاصة ،من خالل إلزام المسؤول بتع&&ويض الض&&ّر ر بن&&اء على
طلب المضرور ،فيلتزم بذلك بإصالح الضرر الذي وق&&ع ،وعلي&&ه ي&&ترتب على رف&&ع
الدعوى المدنية :
ّأن الدعوى المدنية هي وسيلة حماية الحقوق الخاصة والمالية من خالل توقي&&ع
الجزاء المدني المناسب؛
رفع هذه الدعوى يعد حقا قانونيا لصاحب الحق حسب رغبته فيك&&ون ل&&ه الح&&ق
في التنازل عن رفعها والتصالح بشأنه.
يتم تحريكها بإتباع اإلجراءات الواردة في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية.
و يشترط لقبول الدعوى المدنية شروط ما يلي:
المصلحة :وهي الفائدة المشروعة التي يرمى المدعي إلى تحقيقه&&ا بااللتج&&اء •
إلى القضاء .واألصل أن تكون المصلحة قائمة وحاّلة حتى تقبل الدعوى ،واإلستثناء
هو قبول المصلحة االحتمالية في أحوال معينة فقط ،وال دعوى حيث ال مصلحة.
الصفة :وهي أن تنسب الدعوى إيجابا لصاحب الحق في الدعوى ،وسلبا لمن •
يوجد الحق في الدعوى في مواجهته .وقد يمنح الق&&انون شخص&&ا آخ&&ر غ&&ير ص&&احب
الحق أو نائبه الحق بمطالبة المدين بالدين ،كما لو كان للمدعي مصلحة شخص&ية في
رفع الدعوى .ومثال ذلك ،الدائن الذي يستعمل حقوق مدينه عن طريق الدعوى غير
المباشرة.
أهلية التقاضي :وهي أن يكون المتقاضي مخوال لرفع الدعاوى أمام القض&&اء •
بأن يكون راشدا وعاقال ،وغير ممنوع من التقاضي بسبب عقوبة جنائية ارتكبها.
أال يوجد قانون ما يمنع سماعها :المنع القانوني قد يكون منعا شكليًا كتحدي&&د •
مواعيد معينة ترفع خاللها الدعوى ،فإذا تجاوز المدعي هذه المواعيد ،ك&&انت دع&&واه
غير مقبولة .أو منعا موضوعيا كسبق المحور في موضوع الدعوى ،فيمنع من قبول
الدعوى التي سبق المحور فيها من جديد ،حتى لو ّقدمت في الخصومة الجدي&&دة أدل&&ة
واقعية ،وأسانيد قانونية لم يسبق إثارتها في الخصومة األولى.
وإذا كان كل اعتداء على الحق مهما كانت طبيعته يستوجب توقيع جزاء م&&دني ،إال
أن وس&&يلة حماي&&ة الحق&&وق المالي&&ة بم&&وجب رف&&ع ال&&دعوى المدني&&ة تختل&&ف ب&&اختالف
الحق&&وق ،فوس&&يلة الحماي&&ة في الحق&&وق العين&&ة ،هي ال&&دعوى العيني&&ة ،وال&&تي يختل&&ف
موضوعها باختالف األحوال ،ودعوى الحيازة .أّما الدعوى الشخصية والتي يرفعها
صاحب الحق ،على من اعتدى على حقه فسّبب له الض&&رر ،مطالب&&ا إي&&اه ب&&التعويض
عن هذا الضرر؛ فوسيلة الحماية في الحقوق الشخصية ق&د يك&&ون إّم ا التنفي&&ذ العي&&ني
صفحة | 51
كإجبار المدين على أداء موضوع اإللتزام سواء كان عمال أو إمتناعا عن عمل ،وقد
يكون التنفيذ بطريق التعويض عند تعذر تنفيذ االلتزام عينا ،أو التأخير فيه.
وعليه فإن الحماية المدنية قد تكون وقائية أو عالجية ،والحماية الوقائية تكون س&&ابقة
على وق&&وع االعت&&داء ،مثاله&&ا االج&&راءات التحفظي&&ة وتس&&تهدف المحافظ&&ة على م&&ال
معين ك&&الحجز التحفظي ووض&&ع أخت&&ام على م&&ال معين وتع&&يين ح&&ارس علي&&ه .أم
الحماية العالجية تأتي بعد حصول االعتداء الزالته ورد الشيء إلى أصله م&&تى ك&&ان
ذلك ممكنا أو التعويض عنه ،ويم ذل&&ك برف&&ع دع&&وى أم&&ام القض&&اء واستص&&دار حكم
بإزالة الضرر عينا أو بالتعويض
الدعوى الجنائية ب-
إن كل اعتداء على حق لصيق بشخص االنسان كحقه في س&&المة جس&&مه أو عرض&&ه
فهذا التعدي يع&د جريم&ة يع&اقب عليه&ا ق&انون العقوب&ات ،ويعت&بر المش&رع الجريم&ة
مساس&&ا ب&&المجتمع كل&&ه وليس الشخص&&ية أو المتض&&رر فحس&&ب ،ومص&&لحة الجماع&&ة
تقتضي رد هذا االعتداء فيتم ذلك بتحريك الدعوى الجنائية عن طري&&ق ممث&&ل الدول&&ة
في القضاء وهو النائب العام.
وعلي&&ه ف&&إن أس&&اس ال&&دعوى الجنائي&&ة ه&&و المس&&ؤولية الجنائي&&ة ،وال&&تي تق&&وم ج&&ّر اء
اإلضرار بمصالح المجتمع باعتبار ّأن آثار االعتداء تتجاوز الض&&حية إلى المجتم&&ع،
كاالعتداء على حق من الحقوق اللصيقة باإلنسان ،كحق&&ه في س&&المة جس&&ده بالتع&&دي
عليه بالضرب أو الجرح أو القت&&ل ،أو يك&&ون ه&&ذا االعت&&داء ماس&&ا بش&&رفه ،ك&&الجرائم
المتعلقة بهتك العرض والقذف .ويتم في ه&&ذه ال&&دعوى توقي&&ع العقوب&&ة المناس&&بة على
المسؤول تطبيقا لمبدأ الشرعية والمشروعية وذلك عقابا له وردعا لغيره ،بما يفيد أن
الحماية الجنائية تكون بنص صريح في القانون الجن&&ائي يعين الجريم&&ة أي االعت&&داء
على الحق وعقوبتها المناسبة .
تتحرك الدعوى الجنائية بناء على ش&كوى من ط&رف الض&حية أو من ط&رف النياب&ة
العامة مباشرة ،وال يجوز التنازل عنها وال التصالح فيها.
ج -الحماية الجنائية والمدنية معًا
قد تستمد حماية الحق من القانون الجنائي والمدني معًا ،كما في حال&&ة تحق&&ق جريم&&ة
السرقة ،فإذا قرر القانون الجنائي مجازاة السارق عن تلك الجريمة فإن&&ه في ال&&وقت
ذاته يحمي حق الملكية ،وعليه ُيسأل الس&ارق عن جريم&ة الس&رقة جنائي&ًا كم&ا ُيس&أل
مدنيًا عن األضرار التي لحقت بالمجني عليه ،فما قام به السارق من اعت&&داء ت&&رتبت
في ذمت&&ه مس&ؤوليتان جنائي&&ة ومدني&&ة مع&&ا ،موض&&وع األولى ج&زاء جن&&ائي والث&&اني
تعويض مدني ،وتقام ضده دعويان :دع&&وى جنائي&&ة باس&&م المجتم&&ع ترفعه&&ا النياب&&ة
صفحة | 52
العامة مطالب&&ة بح&&ق المجتم&&ع في توقي&&ع الج&&زاء الجن&&ائي ،واالخ&&رى دع&&وى مدني&&ة
يرفعها المضرور باسمه مطالبا بتعويض الضرر الذي أصابه.
وما ينبغي التنبيه إليه ّأن للضحية بسبب الجريمة التقدم ب&&دعواه المدني&&ة إلى المح&&اكم
الجزائية ،تبعا للدعوى الجنائية ،مطالبا إياها بالحكم له بالتعويض .وهنا يتعّين وق&&ف
سير الدعوى المدني&ة لحين المح&ور في ال&دعوى الجنائي&ة عمال بقاع&دة أن "الجن&ائي
يوقف المدني".
بيان أوجه االختالف بين المسؤوليتين والمدنية والجنائية -
-1من حيث المس;;اءلة :المس&&ؤولية المدني&&ة هي ج&&زاء اإلخالل بمص&&الح فردي&&ة
خاصة كاإلخالل بالتزام عقدي أو قانوني .بينم&&ا ت&&ترتب المس&&ؤولية الجنائي&&ة كج&&زاء
اإلخالل باألمن العام للمجتمع.
-2من حيث القابلية للصلح أو التنازل :تقبل المسؤولية المدني&&ة الص&&لح أو التن&&ازل
ألنها تتحرك باسم المضرور نفس&&ه .أم&&ا المس&&ؤولية الجنائي&&ة فال تقب&&ل أي ص&&لح وال
يمكن التنازل عنها ألنها تتحرك باسم المجتمع ككل.
-3من حيث النطاق :المسؤولية المدنية واسعة النطاق تستند إلى مبدأ عام يلزم ك&&ل
من أحدث ضررا بخطئه العق&&دي أو التقص&&يري للغ&&ير بتعويض&&ه عن الض&&رر مادي&&ا
كان ام معنويا .أما المسؤولية الجنائية فنطاقها ضيق عمال بمبدأ ال جريمة وال عقوبة
وال تدبير أمن إّال بنص.
-4من حيث الج;;زاء :يتمث&&ل المس&&ؤولية المدني&&ة في التنفي&&ذ العي&&ني إن أمكن أو
التعويض عن الضرر .أما الجزاء في المسؤولية الجنائية فه&و العقوب&ة الموقع&ة على
الجاني في جسده أو بالحد من حريته أو بتغريمه.
المحور الرابع :مصادر الحق
مص&&در الح&&ق ه&&و الس&&بب المنش&&ئ للح&&ق ،وانطالق&&ا من تعري&&ف الح&&ق على أن&&ه
اختصاص أو استئثار شخص بقيمة مالية أو أدبية معينة يمنحها له القانون .بم&&ا يفي&&د
أن القانون هو مصدر جميع الحقوق ،ولـكن هذا في الواقع ال يعني أن جميع الحقوق
ٺثبت لألفراد في المجتمع بمجرد الميالد ما دام أن الحق يفترض أن يس&&تأثر ص&&احبه
بما يخوله له من ميزات تجعل&&ه في مرك&&ز ممت&&از على غ&&يره ممن ال يكتس&&بون ه&&ذا
الحق ،وعليه قد ٺثبت لبعض األشخاص حقوق ال ٺثبت لغيرهم.
يرجع هذا إلى أن القانون يربط ثبوت الحق لصاحبه بتوافر أسباب معين&&ة أو ح&&دوث
أمور معينة يجعلها صالحة لترتيب هذا الحق ،هذه األسباب هي التي تعد في الواق&&ع
المصدر المباشر للحق الذي نش&&أ لمن اتص&&لت ب&&ه ،والق&&انون ه&&و ال&&ذي يخل&&ع عليه&&ا
صالحيتها إلنشاء الحق ،فيكون بذلك هو المصدر غير المباشر لنش&&وء الح&&ق ،بينم&&ا
صفحة | 53
الوقائع وهذه األسباب هي م&&ا يس&&مى اص&&طالحا " الوق&&ائع القانوني&&ة" تمث&&ل مص&&ادر
مباشرة للحق.
ويعد القانون المصدر األساسي للحق ،ولو أنه مصدر غير مباشر كما سيق اإلش&&ارة
إلى ذلك ،إال أن الحقوق تستند في وجودها إلى القانون الذي يقررها ومن ثم يحميها.
غير أن القانون إنما يقرر الحقوق نتيجة اعتبارها وقائع وأحداث "الواقع&&ة القانوني&&ة"
وهذه هي ما نسميها بالمصادر الإلرادية ،وهناك وقائع قانونية تنشأ نتيج&&ة مع&&امالت
من خالل ما ُيبرم من تص&&رفات قانوني&&ة بين األش&&خاص ،فتمكنهم من حق&&وق أقره&&ا
القانون فكفلها بحماية قانونية وتعد بذلك مصدرا لحقوقهم ،فنسميها المصادر اإلرادية
للحق ،نتناول تباعا كل مصدر بصفة مستقلة.
المبحث األول :الوقائع القانونية كمصادر ال إرادية للحق
كما سبق االشارة إلى أن القانون يقرر حقوقا لألشخاص نتيجة وقائع وأحداث يطلق
عليها بالواقعة القانونية .وُتعرف الواقع&ة القانوني&ة بأنه&ا ك&ل عم&ل م&ادي يق&ع بفع&ل
الطبيعة أو بفعل اإلنسان ،وي&&ترتب عليه&&ا أث&&ر ق&&انوني معين ،بإنش&&اء ح&&ق أونقل&&ه أو
تعديله أو إنهائه.
أو هي حدث يطرأ ،فيترتب عليه تغيير في المراك&&ز القانوني&&ة الس&&ابقة على وقوع&&ه،
إما بنشأة حقوق لم تكن موجودة من قبل كوق&&وع ح&&ادث س&&ير لش&&خص ،مم&&ا ي&&ترتب
عليه حقه في التعويض قب&&ل من أح&&دث ب&&ه اإلص&&ابة ،أو تع&&ديل حق&&وق قائم&&ة ،مث&&ل
حوالة الح&ق ،فيح&دث تع&ديل في عالق&ة ال&دائن بالم&دين ،فيح&ل ال&دائن الجدي&د وه&و
المح&&ال ل&&ه مح&&ل ال&&دائن الق&&ديم أي المحي&&ل في عالقت&&ه بالم&&دين .أو بإنه&&اء أو زوال
حقوق كانت موجودة ،مثل سقوط الدين الحق بالتقادم .وعلي&&ه يمكن تص&&نيف الوق&&ائع
القانونية إلى نوعين ،تشكل بدورها مصادر ال إرادية للحقوق ،وهي وق&&ائع طبيعي&&ة،
ووقائع من فعل اإلنسان.
المطلب األول :الوقائع الطبيعية كمصدر ال إرادية للحق
تجدر اإلشارة إلى أن الطبيعة ليست ذات إرادة هذا من جه&&ة ،ومن جه&&ة أخ&رى أن
الوقائع التي توصف ب&&أن طبيعي&&ة هي الحقيق&&ة ليس&&ت من فع&&ل الطبيع&&ة؛ ل&&ذل ُفِّض َل
تسميتها بالوقائع التي ال يد لإلنسان فيها .كما أن التعريف ال&&ذي يعطى له&&ا ه&&و أنه&&ا
تلك الوقائع التي ال يكون لإلنسان دخل في حدوثها.
المالحظ بالنسبة لهذا النوع من الوقائع أن القانون كثيرا ما يتغاض&&ى عنه&&ا ،وينس&&ب
األثر الذي يترتب عليها إلى القانون مباش&&رة ،وه&&ذا م&&ا ع&&برت عن&&ه الم&&ادة 53من
القانون المدني الجزائري .هذه الوقائع منها ما يتصل باإلنسان دون أن يكون له دخل
في حدوثه ،كالميالد الذي ٺثبت به الشخصية القانونية للمولود وكذلك أهلية الوجوب،
صفحة | 54
والقراب&&ة ال&&تي ت&&ترتب عنه&&ا حق&&وق كح&&ق الطاع&&ة لألب على أبنائ&&ه ،والتزام&&ات،
كالتزامه بالنفقة عليهم ،والموت الذي يترتب عنه انتقال التركة إلى الورثة.
ومن هذه الوقائع ما يتصل بالجم&اد أو ب&الحيوان أو بالنب&ات ،فواقع&ة الج&وار تنش&ئ
حقوقا والتزامات متبادل&&ة بين الج&&يران ،ونت&&اج المواش&&ي ق&&د ي&&رتب حق&&ا لمالـكها أو
لراعيها ،وقطف الثمار قد يترتب عنه انتهاء مدة إيجار البستان...الخ.
كما أن الظواهر الطبيعية ق&&د ت&&ؤثر في الحق&&وق وااللتزام&&ات ،ف&&الزمن كظ&&اهرة ق&&د
يترتب عليه استحقاق الدين إذا حل أجله ،أو سقوطه إذا مرت مدة معينة دون مطالبة
ص&&احبه ب&&ه ،وال&&زالزل والفيض&&انات وال&&براكين ...ق&&د ت&&ؤدي إلى انقض&&اء االل&&تزام
باعتبارها من قبيل القوة القاهرة.
المطلب الثاني :الوقائع المادية التي بفعل اإلنسان وتعد كمصدر ال إرادي للحق
هي الوقائع التي تح&دث بت&&دخل من جانب&&ه ،تس&مى أيض&&ا بالوق&ائع االختياري&&ة ،وهي
تسمية غير دقيقة؛ ألنه قد تترتب آثار قانونية على فع&&ل يأتي&&ه إنس&&ان دون أن يقص&&د
إتيانه أو دون أن يقصد نتيجته .وتنقسم ه&&ذه الوق&&ائع إلى :أعم&&ال مادي&&ة ،وتص&&رفات
قانونية.
الفرع األول :األعم;;ال المادي;;ة كواقع;;ة تنش;;أ بفع;;ل االنس;;ان وتع;;د مص;;در ال إرادي
للحق الشخصي
يقصد بها األفعال التي تصدر من الشخص ،فيجعل الق&&انون من وقوعه&&ا ذات&&ه كافي&&ا
لنشأة الحق ،دون نظر إلى إرادة محدثها ،أي دون النظر إلى قصده إتيان ه&&ذا الفع&&ل
أم ال ،أو قصده إحداث النتيجة أم ال.
يكون ذلك في الحاالت التالية:
أ -الفعل الضار كمصدر ال إرادي للحقوق:
كما إذا ارتكب شخص فعال أضر بالغير ،مما ينشأ للمضرور مواجهة ه&&ذا الش&&خص
حق في التعويض عن الضرر الذي أصابه ،سواء كان هذا الفعل ماديا كالض&&رب أو
إتالف شيء يخصه ،أم أدبيا كالسب والقذف والش&تم أو التش&هير بالس&معة .وق&د نص
المش&&رع الجزائ&&ري كقاع&&دة عام&&ة على ه&&ذا األم&&ر من خالل الم&&ادة 124ق&&انون
مدني.
وسبق القولُ ،يْلَز ْم الشخص الذي تسبب في إحداث الضرر للغير بالتعويض ،س&&واء
كان قد قصد إتيان الفع&&ل والنتيج&&ة ،كالقات&&ل المتعم&&د ،أو قص&&د الفع&&ل دون النتيج&&ة،
كالضرب والج&&رح المفض&&ي إلى الم&&وت ،أو لم يقص&&د ال الفع&&ل وال النتيج&&ة كالقت&&ل
باإلهمال .إال أن الفعل الض&&ار ح&&تى يعت&&بر مص&&درا لالل&&تزام يجب أن يص&&دق علي&&ه
وصف الخطأ ،أي أن يكون هذا الشخص قد انحرف عن مسلك الرجل الع&&ادي ،كم&&ا
صفحة | 55
يجب أن يكون هناك ضرر قد حصل لهذا الشخص المضرور ،وأن يكون هذا الخطأ
هو سبب هذا الضرر .أي أن يكون هناك خطأ ،وضرر ،وعالقة سببية بينهما .وهي
أركان قيام المسؤولية المدنية ،يجب على المضرور إثباتها.
على أن المشرع قد يفترض وقوع الخطأ بمجرد وقوع الفعل ،عند ص&&عوبة إثبات&&ه،
مثل الضرر الذي يسببه القاصر للغ&&ير ،فتق&&ع المس&&ؤولية على ع&&اتق األب أو ال&&ولي
باعتباره قد قصر في واجب رقابته البنه ،وله أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت أنه
قام بواجب الرقابة أو أن الضرر كان ال بد أن يقع ولو أنه قام بهذه الرقابة بما ينبغي
من العناية.
كم&&ا ق&&د يص&&ل اف&&تراض الخط&&أ إلى درج&&ة أن&&ه ال يقب&&ل إثب&&ات العكس من ج&&انب
المسؤول ،ومثال ذلك مسؤولية المتبوع عن التابع ،فإذا أحدث عام&&ل ض&&ررا ب&&الغير
أثناء تأدية وظيفته فال يمكن للمتبرع أم يدفع مس&ؤوليته على أس&اس أن&ه ق&ام ب&واجب
التوجيه والرقابة ،ولـكن في حالة تعويض المتبوع للمض&&رور ،يمكن&&ه الرج&&وع على
التابع إذا أثبت أنه ق&&د ارتكب خط&&أ جس&&يما ،أنظ&&ر الم&&واد 136و 137من الق&&انون
المدني الجزائري.
ب -الفعل النافع كمصدر ال إرادي للحقوق:
يرتب القانون نشأة الحق بما يؤ ي إليه الفعل الن&&افع في ثالث ح&&االت :حال&&ة اإلث&&راء
بال سبب :فمن قام بفعل بحسن ني&&ة ،أدى إلى إث&&راء ذم&&ة ش&&خص معين على حس&&اب
ذمة شخص آخر مفتقر وهذا بال سبب قانوني يسوغ هذا اإلثراء أو هذا االفتقار ،نشأ
له من ِقَب ْل الُمثري حق بأن يدفع له قيمة ما استفاد .ومثال ذلك أن يقوم شخص ببن&&اء
سور على أرضه ولـكن بم&&واد ليس&ت ملك&&ا ل&&ه ،في&&ثرى على حس&اب مال&&ك الم&&واد،
فيكون لصاحب المواد حق المطالبة بقيمتها.
ج -حالة دفع غير المستحق كمصدر ال إرادي للحقوق:
يقع ذلك عندما يتسلم شخص على سبيل الوف&اء م&ا ليس مس&تحقا ل&ه .ومث&ال ذل&ك أن
ي&دفع ش&خص مبلغ&ا من الم&ال لش&خص آخ&ر على أس&اس أن&ه ق&د رس&م ل&ه مخطط&ا
معماريا ،في حين أنه لم يرسم له المخطط أو أنه ليس هو من رسمه .وعليه يش&&ترط
لقيام دفع غير مستحق مما يترتب عليه حقا للغير ما يلي - :الوف&&اء ب&&دين: ،ان يك&&ون
الدين منعدمًا أصًل كالدين الناش&&ئ عن عق&&د باط&&ل ،وه&&و انتق&&ال الم&&ال من ذم&&ة إلى
أخرى .والشرط الثاني أن ينشأ الوفاء عن غلط من ج&&انب الم&&دين أي أن يعتق&&د عن&&د
الوفاء أنه ملزم بهذا الدين.
د -حالة الفضالة مصدر ال إرادي للحقوق:
صفحة | 56
وهي أن يت&ولى ش&خص عن قص&د من تلق&اء نفس&ه القي&ام بش&أن عاج&ل وض&روري
لحساب شخص آخر ،دون أن يكون ملزما بذلك ،ومثال ذلك أن يقوم شخص بقط&&ف
ثمار ناضجة من بستان جاره المسافر أو حصاد زرع&&ه ،خش&&ية فس&&اده ،فيك&&ون رب
العمل الجار الذي تم العمل لصالحه ملزما بتعويض الفضولي عما أنفق من مال وم&&ا
لحقه من خسارة بسبب قيامه بهذا العمل.
تعد الفضالة تطبيقا لقاعدة االثراء بال سبب ،وتتحقق بتوافر شروطها التالية:
أن يتدخل الفضولي في شؤون غيره فيقوم بشأن ضروري وعاجل. -1
قيام ضرورة عاجلة. -2
أن يقصد العمل لمصلحة الغير. -3
أال يكون قد قام بهذا العمل تنفيذًا اللتزام عليه. -4
الفرع الثاني :األعمال المادية كمصادر ال إرادية للحق العيني
قد تكون األعمال المادية سببا لـكسب الحق العي&&ني ،من خالل وق&&ائع طبيعي&&ة عدي&&دة
منها:
أ -واقعة االس;;تيالء :إذ أن ك&ل من يض&ع ي&ده على ش&يء منق&ول ال مال&ك ل&ه بني&ة
التملك ،يصبح مالكا له ،وهنا نشير إلى أن المشرع الجزائ&&ري نص على أن األمالك
الشاغرة واألموال التي ليس لها وارث هي ملك للدولة.
ب -واقعة االلتصاق :تعد أيضا واقعة االلتصاق الذي يتم بفعل االنسان س&&ببا لـكسب
الحق العيني ،كأن يندمج شيئان مملوكان لشخصين مختلفين ،بحيث ال يمكن فصلهما
دون تلف ،فت&ؤول لمال&ك الش&يء األساس&ي ملـكية الش&يء الث&انوي ،كمن يب&ني على
أرض&&ه بم&&واد غ&&يره ،فت&&ؤول الملـكية لص&&احب األرض ،على أن يق&&وم بتع&&ويض
صاحب المواد .وقد يكون االلتصاق دون فعل اإلنس&&ان ك&&الطمي ال&&ذي يترس&&ب على
حواف األنهار والوديان ،فتؤول ملـكية ما زاد في األراضي المجاورة لها لمالـكيها.
ج -واقعة الحيازة :وتتم من خالل وضع شخص يده على ش&&يء ممل&&وك للغ&&ير بني&&ة
التملك ،فيكتسب هذا الشخص ملـكية ه&&ذا الش&&يء بمض&&ي م&&دة زمني&&ة مح&&ددة وال&&تي
تقدر ب 15سنة أو عشرة سنوات إذا كان حسن النية بالنسبة للعق&&ار والح&&ق العي&&ني.
أما المنقول الذي تلقاه بحسن نية ممن يعتقد أنه مالك له ،وبطريق تص&&رف من ش&&أنه
أن ينقل الملـكية لو صدر من مالك ،فيصبح ملكا له فورا ،وهذا حسب قاعدة "حي&&ازة
المنقول بحسن نية سند للملـكية" .على أنه يمكن لمالك المنقول إذا فقده أو سرق من&&ه
أن يسترده من حائزه ولو كان هذا الحائز حسن الني&&ة وذل&&ك خالل ثالث س&&نوات من
وقت ضياعه أو سرقته.
صفحة | 57
المبحث الثاني :المصادر اإلرادية للحق ( التصرفات القانونية -العقد)
التصرف القانوني هو اتجاه إرادة أو أك&&ثر إلى إح&&داث أث&&ر ق&&انوني ،بإنش&&اء ح&&ق،
كالبيع ،أو نقله كالحوالة ،أو تعديله كالتجديد ،أو إنهائ&&ه ك&&اإلبراء .ويتم&&يز التص&&رف
القانوني عن الوقائع القانونية األخرى ،بأن اإلرادة فيه هي مناط ما يترتب علي&&ه من
آثار قانونية ،عكس الوقائع الطبيعية أو األفعال المادية ،التي يح&&دد الق&&انون م&&ا ينش&&أ
عنها من حقوق والتزامات.
يخضع التصرف القانوني في تكوينه وإنتاج آثاره إلى مبدأ ق&&انوني ه&&ام يهيمن علي&&ه
وهو مبدأ سلطان اإلرادة ،أي ما يعني أن اإلرادة تكفي بذاتها إنشاء الحق دون حاجة
إلى إفراغ التصرف في إطار شكلي ،وهذا يسمى مبدأ الرضائية ،وأن لإلرادة حري&&ة
تحديد مضمون العقد ،أي ما يترتب عن&&ه من آث&&ار ،وه&&ذا يس&&مى مب&&دأ العق&&د ش&&ريعة
المتعاقدين.
ولـكن ق&&د يف&&رض المش&&رع أحيان&&ا بعض القي&&ود على مب&&دأ س&&لطان اإلرادة ،عن&&دما
يتطلب العقد أن يف&&رغ في ش&&كل معين ،مث&&ل عق&&د بي&&ع العق&&ار أو عق&&د الهب&&ة أو عق&&د
الرهن الرسمي ،أو عقد الشركة ...الخ ،فهذه العقود يجب أن ُتْف َر ْغ في ش&&كل رس&&مي
وإال كانت باطلة.
كذلك قد يتدخل المشرع في مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ،فيمنح للقاضي حق الت&&دخل
لتعديل شروط العقد إذا كانت ترهق أحد الطرفين إرهاقا جس&يما ،أو إذا ك&&انت هن&&اك
شروط تعسفية في العقد أمالها أحد األطراف على اآلخر.
المطلب األول :صور التصرف القانوني
يأخذ التصرف القانوني إحدى الصورتين :إما العقد أو اإلرادة المنفردة.
الفرع األول :العقد كتصرف قانوني
العق&&د عب&&ارة عن تواف&&ق إرادتين أو أك&&ثر إلح&&داث أث&&ر ق&&انوني معين ،ويعت&&بر أهم
مصادر االلتزام أي نشأة الحقوق ،وأكثرها شيوعا في الحياة العملي&&ة .واألمثل&&ة علي&&ه
ال يمكن حصرها ،منها عقد البيع ،عقد اإليج&&ار ،عق&&د الحوال&&ة ،عق&&د المقاول&&ة ،عق&&د
الوديعة ،عقد السمسرة...الخ.
والعقد ال بد فيه من توافر إرادتين على األقل ،وأن تتجه اإلرادتان إلى إحداث أث&&ر
قانوني ،أي ما يمكن جبر المدين على تنفي&&ذ التزام&&ه إذا لم يقم ب&&ه اختي&&ارا ،وإال كن&&ا
أمام ما يسمى بأعمال المجامالت ،كمن يدعو شخص&&ا لحض&&ور وليم&&ة فيقب&&ل ب&&ذلك،
فهنا صاحب الوليم&&ة ليس ل&&ه إجب&&ار الم&&دعور على الحض&&ور كم&&ا ليس ل&&ه مطالبت&&ه
بالتعويض إذا لم يحضر.
الفرع الثاني :اإلرادة المنفردة كتصرف قانوني
صفحة | 58
تمثل اإلرادة المنفردة عمل قانوني من جانب واحد ،يلتزم فيه شخص بإرادته وحدها
دون أن تقترن بإرادة شخص آخر .وتطبيقات التص&&رف ب&&إرادة منف&&ردة في التش&&ريع
محصورة ،منه&&ا الوص&&ية ،ال&&تي يع&&بر فيه&&ا الموص&&ي عن إرادت&&ه في نق&&ل ح&&ق إلى
الموصى له بعد وفاته ،أو الوع&د بج&ائزة ،حيث يوج&ه ش&خص إلى ش&خص آخ&ر أو
عدة أشخاص أو إلى الجمهور دعوة ب&&أن يعطي ج&&ائزة معين&&ة لمن ق&&ام بعم&&ل معين،
َفُيْلَّز ْم الواعد أمام من قام بهذا العمل بمنحه هذه الجائزة المعلن عنها سابقا.
والتصرف من جانب واحد أي ب&إرادة منف&ردة يختل&ف عن التص&رف المل&زم لج&انب
واحد ،فهذا األخير ينشأ بتوافق إرادتين ولـكن تنصرف اآلث&&ار في&&ه إلى ج&&انب واح&&د
أي أن االلتزامات تكون على عاتق طرف واحد دون اآلخر ،مثل عق&&د الوديع&&ة دون
أجر ،أما التصرف بإرادة منفردة يعني أن إنشاء االلتزام وهو الحق ينشأ مس&&تندا إلى
إرادة الملتزم وحدها ،مثل الوصية.
في هذا السياق نشير إلى أن الفقه يضع تصنيفات عدة للعقود ،تختلف حسب الزاوي&&ة
التي ينظر منها إلى هذه العقود ،فتقسم إلى عقود رضائية وأخرى شكلية ،وإلى عقود
ملزمة لجانبين وأخرى ملزم&&ة لج&&انب واح&&د ،وإلى عق&&ود معاوض&&ة وعق&&ود ت&&برع،
وإلى عقود محددة وأخرى احتمالية ،وإلى عقود مساومة وعقود إذعان.
المطلب الثاني :شروط وجود التصرف القانوني
مما سبق يتضح أن التصرف القانوني يقوم على ركن أساسي هو اإلرادة وهو معيار
التفرقة بينه وبين الوقائع القانونية ،إذ أن إرادة األفراد هي ذاته&&ا ال&&تي ت&&رتب االث&&ار
القانونية المترتبة عن التصرف القانوني في حين في الواقعة القانونية ال دخل إلرادة
األفراد في إحداث اآلثار وإنما القانون هو الذي يفرض ذلك.
وإذا كان التصرف القانوني إرادة شخص تتجه نح&&و تحقي&&ق أث&&ر معين ،وح&&تى يعت&&د
القانون بهذا األثر ال بد أن يصدر عن إرادة س&ليمة أي خالي&ة من ك&ل عيب ،ومن ثم
يشترط في التصرف القانوني ما يلي:
الفرع األول :األهليـــــــــة
رأينا أن كل شخص يتمتع بأهلية الوجوب ،بينم&&ا أهلي&&ة األداء مناطه&&ا التمي&&يز .إذن
هي وقف على فئة المميزين أو ناقصي التمي&&يز دون ع&&ديمي التمي&&يز ،فك&&ذلك الش&أن
بالنسبة للتصرفات القانونية ال يمكن أن تصدر عن عديم التمييز ألنه ال يدرك مع&&نى
ما يقوم به.
وإذا كانت اإلرادة هي التي يجب أن تفرغ في بعض األحيان في الشكل الذي يتطلب&&ه
القانون ،فكيف يتم التعبير عنها ؟
الفرع الثاني :التعبير عن اإلرادة
صفحة | 59
يعد التراضي عنصرا أساسيا في التصرفات القانونية بوصفه الحالة الوحيدة لاللتزام
في غير األحوال التي يقرر القانون فيها ذلك ،هذا التراض&ي يجب أن يع&بر عن&ه من
خالل الطرق التي حددها الق&انون للتعب&ير عن اإلرادة ،وهي حس&ب نص الم&ادة 60
من القانون المدني اللفظ ،أو الكتابة أو اإلشارة المتداولة عرفا ،أو باتخاذ موقف ي&&دل
داللة واضحة على مقص&&ود ص&&احبه ،أو ب&&التعبير الض&&مني عن اإلرادة .وق&&د يعت&&بر
السكوت تعبيرا عن اإلرادة في بعض الحاالت.
ويجب أن يكون التعبير موافق&&ا إلرادة المتعاق&&دين .ولـكن إن ك&&ان التعب&&ير عنه&&ا ال
يوافق اإلرادة الداخلية لهما فهل نعتد باإلرادة الظاهرة أم باإلرادة الباطنة؟
في حال&&ة اختالف اإلرادة الباطن&&ة عن المظه&&ر الخ&&ارجي المع&&بر عن&&ه ،ف&&العبرة
باإلرادة الباطنة المقصودة من الشخص ،ويعتبر التعبير الظاهر قرينة عليها ولـكنها
قرينة قابلة إلثبات العكس ،فإذا لم يتوصل القاضي إلى معرفة اإلرادة الباطن&&ة ،تعين
عليه افتراض مطابقة التعبير الظاهر لها .وهذا م&ذهب الق&انون الفرنس&ي ال&ذي يعت&د
باإلرادة الباطنة .واألخذ باإلرادة الظاهرة أيضا له مزاي&&اه ،ف&&التعبير الخ&&ارجي يع&&د
مظه&&را اجتماعي&&ا ق&&ابال لإلدراك ،فيعت&&د به&&ذا المظه&&ر قانون&&ا حفاظ&&ا على اس&&تقرار
المعامالت ،وهذا مذهب القانون األلمان .أما المشرع الجزائري فق&&د أخ&&ذ بالمب&&دأين
معا ،فأخذ باإلرادة الباطنة ولـكنه رجح اإلرادة الظاهرة لم&&ا ي&&ترتب على األخ&&ذ به&&ا
من ثقة مشروعة وأمن قانوني للغير.
أوال :عناصر اإلرادة
لإلرادة عنصران هما اإليجاب والقبول.
أ -عنصر اإليجاب :هو تعبير الشخص عن رضاه بالتعاق&&د على أم&&ر معين يعرض&&ه
على الغير ،ويجب أن يكون اإليج&&اب تام&&ا غ&&ير ن&&اقص ،مح&&ددا لك&&ل ش&&روط العق&&د
وعناصره الجوهرية ،وباّتًا أي نهائيا ،ودقيقا ،لالقتران بقبول مطابق له ،حتى يك&&ون
ملزما لمن صدر عنه اإليجاب .فإذا خال اإليجاب من تحدي&&د ش&&روط العق&&د أو تحدي&&د
مدة اإليجاب اعتبر غير ملزم لصاحبه ،فيمنحه ح&&ق الع&&دول عن&&ه وال&&تراجع بالت&&الي
عن كل تعاقد ،ذلك أن الموجب يعد في مرحل&&ة مفاوض&&ات .ويك&&ون اإليج&اب ملزم&&ا
في م&&دة معين&&ة لمن ص&&در عن&&ه إذا اق&&ترن بم&&دة ،وك&&ذلك إذا استخلص&&ت الم&&دة من
ظ&&روف الح&&ال أو من طبيع&&ة المعامل&&ة ،أم&&ا إذا لم يمكن استخالص&&ها أو لم يق&&ترن
اإليجاب بمدة ،فال بد أن يص&&در القب&&ول ف&&ورا ،إال إذا دلت الظ&&روف أن الم&&وجب لم
يع&&دل عن إيجاب&&ه قب&&ل انفض&&اض مجلس العق&&د .ويس&&قط اإليج&&اب بمض&&ي الم&&دة أو
انفضاض مجلس العقد أوبرفضه.
ب-عنص;;ر القب;;ول :ه&&و تعب&&ير عن اإلرادة من الط&&رف الث&&اني غالب&&ا م&&ا ي&&أتي بع&&د
االيجاب ،ويكون مطابقا له ح&&تى يتم العق&&د .وق&&د يك&&ون القب&&ول ص&&ريحا ،أو ض&&منيا
صفحة | 60
كاتخاذ موقف ،أو حسب طبيعة المعاملة ،كما قد يك&&ون الس&&كوت تعب&&يرا عن القب&&ول
أحيانا ،وذلك إذا ما اتصل بتعامل سابق ،أو ظهر من خالل طبيعة المعاملة ،أو نص
القانون على اعتباره قبوال مث&&ل نص الق&&انون ب&&البيع على ش&&رط التجرب&&ة .وال يمكن
اعتبار السكوت إيجابا مطلقا ،ولـكن قد يعتبر رفضا.
يجب أن ينصب التعبير عن اإلرادة على موضوع معين يسمى "المح&&ل" ال&&ذي يجب
بدوره أن يستوفي الشروط التي يحددها القانون بأن يكون موجودا أو ق&&ابال للوج&&ود،
ومعينا أو قابال للتعيين ،ومشروعا .كذلك ال بد لإلرادة من هدف تريد الوص&&ول إلي&&ه
من إب&&رام التص&&رف الق&&انوني ،وه&&و م&&ا يس&&مى بـ"الس&&بب" ،وال&&ذي يجب أن يك&&ون
مشروعا.
الشكل: ج-
كما سبق ذكره قد يستلزم القانون أن تفرغ اإلرادة في شكل معين ،فيكون الشكل أحد
أركان التصرف القانوني أو وسيلة إلثبات&&ه ،كعق&&د الهب&&ة ال&&وارد على عق&&ار ،أو عق&&د
الشركة ،وعقد اإليجار ،والرهن الرسمي ...وقد ال تكفي ه&&ذه الش&&كلية ل&&ترتيب كاف&&ة
اآلثار ،بل يجب اتباع إجراءات معينة لذلك ،مثل الشهر بالنسبة لبيع العقارات ،إذ ال
تنتقل ملـكية العقار المبيع إلى المشتري بمجرد إفراغ عقد البيع في شكل رس&&مي ب&&ل
يجب ل&&ذلك من ش&&هره في المحافظ&&ة العقاري&&ة .فع&&دم الش&&هر ال ي&&ترتب علي&&ه بطالن
العقد ،بل يترتب عليه فقط عدم انتقال الملـكية ،بخالف الشكلية ك&&ركن في التص&&رف
التي يترتب على تخلفها بطالن العقد بطالنا مطلقا.
وتختل&&ف الش&&كلية ك&&ركن في التص&&رف الق&&انوني باعتباره&&ا لالنعق&&اد عن الش&&كلية
باعتبارها إلثبات التصرف القانوني عن&&د ال&&نزاع في&&ه ،حيث تك&&ون وس&يلة أو طريق&&ا
لإلثب&&ات ،ومث&&ال ذل&&ك م&&ا نص&&ت علي&&ه الم&&ادة 333من الق&&انون الم&&دني من أن
التصرفات المدنية التي تزي&&د قيمته&&ا عن 100أل&&ف دين&&ار جزائ&&ري أو ك&&انت غ&&ير
محددة القيمة ،يجب إثباتها بالكتابة ،إال إذا وجد نص يقضي بخالف ذلك.
ثانيا :عيوب الرضا كشرط لصحة التصرف القانوني
كم&&ا تق&&دم ،يجب أن تص&&در اإلرادة عن ذي أهلي&&ة ،وإال ك&&ان ب&&اطال إذا ص&&در عن
عديمها ،أو قابال لإلبطال أو موقوفا إذا صدر عن ناقص أهلي&&ة .كم&&ا يجب أن تك&&ون
إرادة الشخص غير معيبة ،وقد أورد القانون الم&دني أربع&ة عي&وب يمكن أن تش&وب
اإلرادة فتجعل رضاء المتعاقد معيبًا مما يجعل العقد قابال لإلبطال وهي:
عيب الغلط: أ-
يعد وهم يقع في ذهن الشخص فيصور له الش&&يء على غ&&ير حقيقت&&ه ،ويجعل&&ه يعتق&&د
بواقعة أو صفة غير موجودة .ويشترط أن يكون الغلط هو الدافع للتعاقد ،وأن يك&&ون
صفحة | 61
جوهريا ،ويكون كذلك إذا وق&&ع في ص&&فة الش&&يء أو في ص&&فة من ص&&فات المتعاق&&د.
ويستثنى من ذلك غلطات القلم والحساب ال&&تي ال ت&&ؤثر في إبط&&ال العق&&د وإنم&&ا يجب
تصحيحها ألجل استقرار المعامالت ،ويستثنى من ه&&ذا االس&&تثناء أن&&ه ليس لمن وق&&ع
في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية.
عيب التدليس: ب-
هو التضليل بوسائل احتيالية إليقاع المتعاقد اآلخر في غل&ط .ويش&ترط في&ه اس&تعمال
الوسائل االحتيالية التي تكون مادية بما يولد في ذهن المتعاقد صورة تخالف الواق&&ع،
فيشمل ذلك كل المظاهر الكاذبة التي ال تطابق الواقع ،كالتظ&&اهر بالوجاه&&ة واليس&&ار
أو اتخاذ صفة منتحل&&ة ،أو اص&&طناع أوراق أو مس&&تندات وكش&&وف حس&&ابات البن&&وك
تصوير شركات وهمي&&ة .ويش&&ترط أيض&&ا أن يص&&در الت&&دليس من العاق&&دين أو يك&&ون
أحدهما عالما به .ونشير إلى أن مجرد الـكذب في تأكي&&د ص&&فة م&&ا مثال ال يعت&&بر من
قبيل الطرق االحتيالي&&ة كمن يب&&الغ في وص&&ف بض&&اعته ،لـكنه يعت&&بر ك&&ذلك إذا ق&&دم
بيانات تدعم أقواله ،ويعلم أن الطرف اآلخر لو علم بها لعّلق عليها أهمية بالغة.
عيب اإلكراه: ج-
اإلكراه هو ضغط يقع على أحد المتعاقدين من المتعاقد اآلخر أو من الغير ،يول&&د في
نفسه رهبة تدفع به إلى التعاقد .إذن يشترط في تحقق اإلكراه أن يبرم الشخص العق&&د
تحت سلطة رهبة بينة بعثها المتعاقد فيه ،وذلك بوجود خطر جسيم يهدده هو أو أح&&د
أقارب&&ه في النفس أو الجس&&م أو الع&&رض أو الم&&ال ،وأن يك&&ون ح&&اال وليس مس&&تقبال،
ويجب أن تكون الرهبة واقعة دون وجه حق .ويجب األخذ بعين االعتبار في اإلكراه
كال من جنس من وق&ع علي&ه اإلك&راه وس&نه وحالت&ه االجتماعي&ة والص&حية ،وزم&ان
ومكان وقوع اإلكراه ،وغيره&ا من العوام&ل ال&تي يمكن أن ت&ؤثر في مق&دار اإلك&راه
عليه .وقد يحدث أن تنعدم اإلرادة بتوقي&&ع اإلك&&راه كمن يمس&&ك بي&&د ش&&خص ويج&&بره
على التوقي&&ع ،وهن&&ا يك&&ون العق&&د ب&&اطال وليس ق&&ابال لإلبط&&ال .أم&&ا اإلك&&راه بح&&ق أو
اإلكراه المشروع ،والذي تستعمل في وسائل مشروعة ،كأن يكره القاضي أو من ل&&ه
شوكة شخصا على بيع ملـكه وفاء لدين عليه ،فهذا اإلكراه ال يضر العقد ،فيق&&ع مع&&ه
صحيحًا نافذًا.
عيب االستغالل: د-
يقع هذا العيب عندما تكون إرادة المغبون قد عيبت إم&ا ب&الطيش أو اله&وى ،فاس&تغل
المتعاقد معه هذا الضعف ،وحصل منه على التزامات ال تتعادل مطلقا م&&ع م&&ا ال&&تزم
هو به.
ولالستغالل عنصران :عنصر مادي :وهو عدم ت&&وازن األداءات ،إذ يجب أن يك&&ون
عدم التعامل فادحا ،وهو باألمر الخاضع للسلطة التقديرية للقاضي .عنصر معن&&وي:
صفحة | 62
وهو استغالل أحد المتعاق&&دين لطيش بين في المتعاق&&د ب&&أن أص&&بح ينف&&ق أموال&&ه دون
تدبير وبسفه ،أو لهوى جامح يعتري المتعاقد وذل&ك بتعلق&ه الش&ديد وتمس&كه ب&أمر أو
شخص ما ،مما يجعله يفعل أي شيء من أجله ،كما لو استغلت زوجة صغيرة الس&&ن
حب زوجها المسن لها ليجعل أمواله باسمها مقاب&&ل ثمن زهي&&د تارك&&ا زوجت&&ه األولى
وأوالده دون مال .ويقع عبء اإلثبات هنا على الطرف المغبون.
ثالثا :اتجاه اإلرادة إلى تحقيق غرض مشروع
فإذا كان الغرض مخالف&&ا للنظ&&ام الع&&ام واآلداب العام&&ة ف&&إن الق&&انون ال يعت&&د به&&ا في
إنشاء التصرف القانوني ،بل ويعتبر هذا التصرف باطال بطالنا مطلقا .والواق&&ع كم&&ا
سبق ذكره أن التصرفات القانونية قد تكون بإرادتين فتسمى عقودًا وق&&د ت&&برم ب&&إرادة
واح&&دة فتس&&مى اإلرادة المنف&&ردة وال&&تي تك&&ون ه&&ذه اإلرادة مص&&در ال&&تزام بالنس&&بة
للمتصرف ومصدر حق بالنسبة للمتصرف له.
المحور الخامس /الحماية القانونية للحق
تعتبر الحماية القانونية للحق عنصرا مهما ل&&ه ،ففي حال&&ة وج&&ود تج&&اوز على الح&&ق
يضمن القانون لصاحبه الوسائل القانونية الكفيلة ب&&دفع التع&&رض الص&&ادر من الغ&&ير،
وهي الدعوى أو الدفع أم&&ام القض&&اء ،ومن الب&&ديهي أن ك&&ل ح&&ق يقابل&&ه واجب بع&&دم
االعت&&داء علي&&ه وال ف&&رق بين أن&&واع الحق&&وق من حيث الحماي&&ة ،وعلى ذل&&ك ف&&إن
الشخص ال يستطيع أن يمارس السلطات التي تمنح له إال إذا أق&&ر ل&&ه الق&&انون ب&&ذلك،
وقد يتعرض الحق لإلنكار من جانب من يطالب فيه فيضطر صاحبه إلى ال&&دفاع عن
حقه ،وقد يرفض المدين أداء الحق الذي لل&&دائن بذمت&&ه طواعي&&ة أو ق&&د يتع&&رض ه&&ذا
الح&ق لالعت&&داء علي&&ه من ج&انب الغ&&ير ،عندئ&&ذ يك&&ون الح&ق في حاج&ه إلى الحماي&&ة
القانونية.
إن أمر حماية الحق وتيس&ير حص&ول ص&احبة علي&ه ين&اط بالس&لطة القض&ائية وال&تي
يطرح أمامها النز اع الذي يثور حول الحق ليفصل فيه القاضي بحكم ،كم&&ا ينقض&&ي
الحق ويزول .ويقصد به فقد السيطرة عليه ،أو بوفاة المالك أو بعض الح&&االت ال&&تي
ح&ددها الق&&انون ،ولكن في النهاي&&ة تنتهي بعض الحق&&وق وفق&&ا لطبيع&&ة األش&&ياء مح&ل
الحق أو لما قرره القانون ل&&ذلك .وعلي&&ه نتط&&رق في إط&&ار ه&&ذا المح&&ور إلى وس&&ائل
حماية الحق بوجه ع&&ام والوس&ائل المس&تعملة في ذل&&ك من جه&&ة ،ومن ناحي&&ة أخ&رى
نتعرض إلى وسائل حماية الحقوق بشكل خاص.
المبحث األول :وسائل حماية الحق بوجه عام
بما أن الدعوى القضائية هي الوسيلة لحماية الحق بحيث ال تكون ل&&ه قيم&&ة إذا تّج رد
من دعوى تحمي&&ه ،وأن ه&&ذه األخ&يرة ال توج&د إال ب&&ه ،فق&&د ذهب الفق&&ه التقلي&&دي إلى
اعتبار الدعوى هي األداة التي تحميه ،فالحق الموضوعي كحق الملكية ،أو الحق في
صفحة | 63
جبر الضرر ،أو حق الدائنية ،يبقى هادئا إلى أن يعتدى علي&&ه فينش&&ط ويأخ&&ذ ص&&ورة
الدعوى من أجل الحصول على تقرير الحق أو حمايت&ه ،والواق&ع أن االرتب&اط وثي&ق
للغاية بين الحق الموضوعي والدعوى التي تحميه ،إال أن ذلك ال يع&&ني أنهم&&ا ش&&يء
واحد ،فهما مختلفان من حيث السبب والموضوع.
فسبب الحق هو الواقعة القانونية المنشأة له كالعقد أو اإلرادة المنفردة ،أو العمل غير
المشروع أو اإلثراء بال سبب ،أما سبب ال&&دعوى فه&&و االعت&&داء على الح&&ق ،أو ه&&و
النزاع بين الخصوم ،وموض&&وع الح&&ق ه&&و المنفع&&ة ال&&تي يخوله&&ا الق&&انون لص&&احب
الح&&ق ،أم&&ا موض&&وع ال&&دعوى فه&&و الحص&&ول على ق&&رار من المحكم&&ة بم&&ا يدعي&&ه
ممارسها أو بدحض هذا اإلدعاء.
فإذا استعمل الشخص حقه في الحدود المنص&&وص عليه&&ا في الق&&انون ووفق&&ا لم&&ا ه&&و
وارد فإن هذا الشخص يحضى بالحماية المقررة له من قبل القانون ،ويمنح لص&&احبه
حمايت&&ه بك&&ل الوس&&ائل المق&&ررة ل&&ذلك من حبس الش&&يء واللج&&وء إلى القض&&اء ،حيث
تعتبر الدعوى الوسيلة القانونية القضائية األساسية للوصول إلى حماية الحق .وعلي&&ه
نتعرض إلى الدعوى القضائية في المطلب األول ،في حين نتع&&رض إلى ال&&دفوع في
المطلب الثاني.
المطلب األول :الدعوى القضائية وشرط رفعها
ال&&دعوى هي وس&&يلة حماي&&ة الح&&ق ،وال&&تي يرج&&ع إليه&&ا الم&&دعي لتحري&&ك القض&&اء
للحصول على تقرير حقه أو حمايته ،والدعوى ال&&تي يحّ ركه&&ا الش&&خص لل&&دفاع عن
حق&ه ،إّ م&ا دع&وى مدني&ة أو جزائي&ة ،وعلي&ه نبحث من خالل ه&ذا المطلب ال&دعوى
المدنية وهذا في الفرع األول ،بينما نتعرض إلى الدعوى الجزائية في الفرع الثاني.
الفرع األول :الدعوى المدنية
يلجأ من تعرض حقه لالعتداء إلى القضاء بواسطة الدعوى المدني&ة عارض&ا قض&يته
أمام القاضي المدني ألجل دفع هذا االعتداء ،فما المقصود بالدعوى المدنية ،وما هي
شروطها؟.
أوال :تعريف الدعوى المدنية:
الدعوى المدنية هي "مطالبة المضرور بتعويض ما أصابه من ضرر شخصي بفع&&ل
الغير عن طريق القضاء" كما تعرف ك&&ذلك بأنه&&ا هي" الوس&&يلة الفني&&ة أو اإلجرائي&&ة
ال&&تي يط&&رح به&&ا ال&&نزاع على القض&&اء" .أي أن ال&&دعوى المدني&&ة ته&&دف للمطالب&&ة
باستعادة الحق أو حمايته ،وتعتبر الوسيلة المشروعة للتعب&&ير عن الرغب&&ة في ال&&دفاع
عن الحق واللجوء إلى القض&&اء طالب&&ا من&&ه تقري&&ر ح&&ق ل&&ه أو من&&ع اعت&&داء علي&&ه في
مواجهة من ينكر أو يعتدي عليه ،باعتبارها السلطة المخولة لشخص للحص&&ول على
صفحة | 64
حماية حقه عن طريق تطبيق القانون ،ٳم&ا االع&تراف بح&ق متن&ازع علي&ه ،أو الحكم
على الخص&&م ومباش&&رة إج&&راءات التنفي&&ذ ،وٳم&&ا الحص&&ول على ت&&دابير تحف&&ظ ي&&ة أو
مؤقت&ة ،ويرف&ع ص&احب الح&ق دع&واه أم&ام المح&اكم المدني&ة وتختل&ف ه&ذه األخ&يرة
باختالف نوع الحق المر اد حمايته إن كان عينيا أو شخصيا.
ثانيا :شروط الدعوى القضائية:
إذا كان حق رفع الدعوى مكفوال للناس كافة إال أن المشرع قيده بشروط معينة ل&&ذلك
يجب على القاضي البحث في مدى توافرها قب&&ل الخ&&وض في موض&&وعها ،وي&&ترتب
عن تخلفها التصريح بعدم قب&&ول ال&&دعوى ش&&كال ،وال يع&&د ذل&&ك فص&&ال في موض&&وع
النزاع ،وقد أ وردها المشرع الجزائري في المادة 13من قانون اإلجراءات المدني&&ة
واإلدارية والتي تنص على "ال يجوز ألي ش&&خص التقاض&&ي م&&ا لم تكن ل&&ه الص&&فة،
وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون ،يث&&ير القاض&&ي تلقائي&&ا انع&&دام الص&&فة في
المدعي أو المدعى عليه ،كما يثير تلقائيا انعدام اإلذن إذا اش&&ترطه الق&&انون" .وعلي&&ه
فكل مدعي ملزم بإثبات صفته ومصلحته في رفع دعوى ويتأتى ذلك بإرفاقه للوثائق
والمستندات ،وكذا األدلة الكافية التي تثبت وجود الحق المطالب به وعالقته بالمدعى
عليه.
أ -الصفة:
يقصد بالصفة ص&الحية الش&خص لمباش&رة إج&راءات التقاض&ي ،أي تل&ك العالق&ة أو
الرابطة القائمة بين أطراف الدعوى وموضوعها ،إذ تتمثل الصفة فيها في الش&&خص
صاحب الحق الذي له مصلحة قانونية مباشرة في رفع الدعوى القضائية لحماية ه&&ذا
الحق ،ولكل من الخلف أو الدائن الذي يستعم ل الدعوى الغير المباشرة الصفة ،على
شرط أن تكون الدعوى قابلة لالنتقال بالنسبة للخلف.
تعتبر الصفة المركز القانوني للشخص الذي يمنح له الحق في المطالب&&ة بح&&ق معين،
إذ أن المدعي يكون في مرك&&ز المعت&&دى علي&&ه إذ يجب علي&&ه أيض&&ا أن يتمت&&ع بص&&فة
التقاضي ،أي بالسند القانوني الذي يمنحه القدرة على االدعاء ،وأما خصمه الم&&دعى
عليه فيعتبر في مرك&&ز المعت&&دي ،وتج&&در اإلش&&ارة في ه&&ذا الص&&دد أن أغلب الفقه&&اء
يشترطون توفر الصفة في المدعي والمدعى عليه على حد س&&واء ومؤك&&دين على أن
الدعوى يجب أن ترف&ع من ذي ص&فة على ذي ص&فة ،وه&ذا م&ا نص&ت علي&ه الم&ادة
س&&الفة ال&&ذكر ،وق&&د يمنح الق&&انون شخص&&ا آخ&&ر غ&&ير ص&&احب الح&&ق أو نائب&&ه الح&&ق
بمطالبة المدين بالدين ،كما لو كان للمدعي مصلحة شخصية في رفع الدعوى ،مث&&ال
ذلك الدائن الذي يستعمل حقوق مدينه عن طريق الدعوى غير المباشرة.
ب -المصلحة:
صفحة | 65
حتى تقبل الدعوى يجب أن تكون المصلحة المحتج بها ذات أهمية ،خاصة إذا تعل&&ق
األم&&ر بمص&&لحة معنوي&&ة ،وهك&&ذا إذا اس&&تجاب قاض&&ي الدرج&&ة األولى لك&&ل طلب&&ات
الم&&دعي ،ف&&إن ه&&ذا األخ&&ير ال يمكن&&ه اس&&تعمال طري&&ق من ط&&رق الطعن النع&&دام
المصلحة ،وقد تكون بعض األحكام غير قابلة للطعن النتفاء المص&&لحة وع&&دم وق&&وع
ض&&رر .وهي الفائ&&دة المش&&روعة ال&&تي ي&&رمى الم&&دعي إلى تحقيقه&&ا بااللتج&&اء إلى
القضاء ،فيقصد بها الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى ،واال اعتبرت مجرد
دع&&وى كيدي&&ة واألص&&ل أن تك&&ون المص&&لحة قائم&&ة وحالي&&ة ح&&تى تقب&&ل ال&&دعوى،
واالستثناء ه&و قب&ول المص&لحة االحتمالي&ة في أح&وال معين&ة فق&ط ،كم&ا يش&ترط في
المص&&لحة أن تك&&ون قانوني&&ة بمع&&نى أن يتم فعال ه&&ذا االعت&&داء ،كم&&ا يجب أن تك&&ون
المصلحة مشروعة وال تخالف النظام العام واآلداب العامة.
صفحة | 66
ثانيا :شروط تحريك الدعوى الجزائية:
لكي تك&&ون للمح&&اكم الج&&زا ئي&&ة س&&لطة االختص&&اص بالفص&&ل في ال&&دعوى المدني&&ة
المرفوعة تبعا لها يجب أن يكون هناك دعوى جزائية مرفوعة بش&&أن وق&&ائع وأفع&&ال
يجرمه&&ا الق&انون ويع&&اقب على اقترافه&&ا .ف&إذا انع&&دم ال&&ركن الش&رعي للجريم&&ة ف&إن
الدعوى المدنية التبعي&&ة ال تنش&&ا أص&&ال وف&&ق م&&ا تقتض&&يه الفق&&رة 4من الم&&ادة 3من
قانون اإلجراءات الجزائية التي تنص على ما يلي "تقب&&ل دع&&وى المس&&ؤولية المدني&&ة
عن كافة أوجه الضرر سواء كانت مادي&&ة أو جس&&مانية أو أدبي&&ة م&&ادامت ناجم&&ة عن
الوقائع موضوع الدعوى الجزائية" .يعتبر الضرر جسمانيا م&&ا لح&&ق بالمتض&&رر من
عجز بدني أو تعطيل عن العمل ،كما يمكن أن يكون الضرر معنويا أو ماديا ،وعليه
فان الدعوى العمومية لكي تكون مقبولة أمام القض&&اء الج&&زائي يجب أن تت&&وافر على
الشروط التالية:
-1أن تكون هناك جريمة ق&د وقعت فعال وأن يك&&ون الض&&رر ال&&ذي لحق&&ه ناش&ئا عن
الجريمة التي اختص القضاء الجنائي بالنظر في دعواها.
-2أن تثبت نسبتها إلى المتهم والذي يك&ون ق&د أص&اب الم&دعي من الض&رر مباش&ر
بسبب الفعل اإلجرامي الذي أرتكبه المتهم.
-3ضرورة تحريك الدعوى العمومية من قبل المجني عليه ،وفي الغالب وحسب م&&ا
ج&&رى علي&&ه الع&&رف يتم تق&&ديم ش&&كوى مص&&حوبة بإدع&&اء م&&دني أم&&ام الس&&يد قاض&&ي
التحقيق ،مكتوبة وموقعة ومؤرخة وتتضمن عرضًا مختصرًا عن الوقائع.
-4أن يكون التعويض المطلوب مبنيا على ذات الفع&&ل المرفوع&&ة ب&&ه ال&&دعوى ،ف&إذا
حكم ب&&&براءة المتهم من الجريم&&&ة المنس&&&وبة إلي&&&ه تحكم المحكم&&&ة الجزائي&&&ة بع&&&دم
اختصاص&&ها في الفص&&ل في ال&&دعوى المدني&&ة ذل&&ك أن س&&بب حص&&ول الض&&رر في
معرض الحال هو الجريمة المسندة للجاني.
ثالثا :اآلثار القانونية المترتبة على رفع الدعوى أمام القضاء الجزائي:
تكون الدعوى المدنية في هذه الحالة مرتبطة بالدعوى الجزائية ،حيث يمنح القانون
للطرف الذي لحقه ضرر الحق في اللجوء إلى القضاء الجزائي للفصل في الدعوى
المدنية وهذا لعدة أسباب أهمها:
-1يتميز القضاء الجزائي بالس&&رعة في مباش&&رة إج&&راءات الفص&&ل في ال&&دعوى من
القضاء المدني.
-2يعتبر قاضي القضايا الجزائية أكثر إحاطة بظروف نشوء الضرر بس&بب تحقيق&ه
المعمق في الفعل اإلجرامي في ذاته ،فيسهل عليه تقدير التعويض الم&&دني بم&&ا يتالئم
صفحة | 67
مع ما وقع من خطأ من الفاع&&ل وم&&ا أص&&اب الم&&دعي من ض&&رر .وي&&ترتب عن ه&&ذا
االرتباط عدة نتائج أهمها:
وق&&ف المحكم&&ة المدني&&ة في النظ&&ر إلى دع&&وى التع&&ويض المطروح&&ة أمامه&&ا
بمج&&رد أن تح&&رك النياب&&ة العام&&ة ال&&دعوى العمومي&&ة إلى حين الفص&&ل في
الدعوى الجزائية.
اس&&تئناف المحكم&&ة المدني&&ة لمباش&&رة إج&&راءات الفص&&ل والحكم في ال&&دعوى
المدنية المطروحة أمامها بعد صدور حكم نهائي يكون قد فص&&ل في ال&&دعوى
الجزائية.
المطلب الثاني :الـدفـوع
يقص&&د بال&&دفوع بص&&فة عام&&ة هي الس&&بل أو الوس&&ائل الدفاعي&&ة ال&&تي يج&&وز للخص&&م
الم&&دعي أو الم&&دعي علي&&ه أو الخص&&م الم&&دخل في الخص&&ام اللج&&وء إليه&&ا لل&&رد على
ادع&اءات خص&مه ليتف&ادى الحكم علي&ه وف&ق طلب خص&مه ،وفي مج&ال اإلج&راءات
المدني&&ة يقص&&د بال&&دفع اإلمكان&&ات ال&&تي يمكن أن يلج&&أ إليه&&ا ط&&رف ال&&دعوى طاعن&&ا
بمقتضاها في سالمة إجراء الخصومة دون المساس بأصل الحق.
الفرع األول :الدفوع الموضوعية:
توج&&ه إلى ذات الح&&ق الم&&دعى ب&&ه بغ&&رض الحكم ب&&رفض ال&&دعوى كلي&&ا أو جزئي&&ا،
ويرمي بهذا إلى رفض طلبات المدعي كلها أو بعض&&ها ،ك&&أن ينك&&ر وج&&ود الح&&ق أو
يزعم سقوطه أو انقضاؤه ،ولقد عرفها المشرع الجزائري في الم&&ادة 48من ق&&انون
اإلج&&راءات المدني&&ة بنص&&ها "ال&&دفوع الموض&&وعية هي وس يل&&ة ته&&دف إلى دحض
ادعاءات الخصم ،ويمكن تقديمها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى".
الفرع الثاني :الدفوع الشكلية:
طبقا لنص المادة 49من قانون اإلجراءات المدنية بنصها "فالدفوع الشكلية هي ك&&ل
وسيلة ته&&دف إلى التص&&ريح بع&&دم ص&&حة اإلج&&راءات أو انقض&&اءها أو وقفه&&ا" .ه&&ذا
النوع من الدفوع ال يمس بأصل الحق وانما الغرض منه تأجيل الفصل في لموضوع
لغاية استيفاء الشكل الصحيح ،فقد نصت المادة 50من نفس القانون على أن&&ه "يجب
إثارة دفوع الشكلية في آن واحد قبل إبداء أي دفاع في الموضوع".
واذا لم يتطرق الدافع للدفوع الشكلية وأب&&د دفاع&&ه مباش&&رة في الموض&&وع فيع&&د ذل&&ك
تنازل ضمني عن إبداء أن هناك استثناءات عن ه&&ذه القاع&&دة إذا ك&&ان الش&&كل يتعل&&ق
الدفع في الش&&كل ،ويع&&د تس&&ليما بص&&حة الش&&كل ،إّال بالنظ&&ام الع&&ام ،ومن بين ال&&دفوع
الشكلية المتعلق&&ة بالنظ&&ام الع&&ام ال&&دفوع المتعلق&&ة بانتق&&اء الص&&فة والمص&&لحة ،ال&&دفوع
المتعلقة بعدم االختصاص النوعي.
صفحة | 68
الفرع الثالث :الدفع بعدم القبول:
الدفع بعدم القبول هو وسيلة يتمسك بها الخصم لبي&&ان انتف&&اء ش&روط قب&&ول ال&&دعوى،
ونصت المادة 67من قانون اإلجراءات المدنية على ما يلي "الدفع بعدم القبول ،ه&و
الدفع الذي يرمي إلى التصريح بعدم قبول طلب الخصم النعدام الح&&ق في التقاض&&ي،
كانعدام الصفة وانعدام المص&&لحة والتق&&ادم وانقض&&اء األج&&ل المس&&قط وحجي&&ة الش&&يء
المقض&ي في&ه ،وذل&ك دون النظ&ر في موض&وع ال&نزاع " .يس&تفاد من ه&ذا النص أن
رفض كل ما يقدمه المدعى من طلب&&ات من ط&&رف الم&&دعى علي&&ه وع&&دم قبوله&&ا من
جهة ،ومن جهة ثانية لفت انتباه القاضي بعدم النظر في موضوع القضية .كم&&ا يمكن
للخصوم تقديم دفوع شكلية في أي مرحلة كانت فيها الدعوى ،وهذا م&&ا نص&&ت علي&&ه
المادة 68من الق&&انون الم&&ذكور أعاله ،حيث نص&&ت على م&&ا يلي "ويمكن للخص&&وم
تقديم الدفع بعدم القبول في أي مرحلة حتى ولو بعد تقديم الدفوع من الموضوع".
صفحة | 69
وعليه ومن خالل هذا المبحث نتطرق إلى وسائل حماية الحقوق المالزمة للشخصية
في المطلب األول ،ثم نتع&&رض إلى حماي&&ة الحق&&وق الشخص&&ية والعيني&&ة وه&&ذا في
المطلب الثاني.
المطلب األول :وسائل حماية الحقوق المالزمة للشخصية
إن االعتداء على الحق&&وق المالزم&&ة للشخص&&ية ت&&وجب المس&&ائلة القانوني&&ة للمعت&&دي،
وتعد الحماية القانونية للحق عنصرا مهما له ،ففي حالة االعتداء على الح&&ق يض&&من
القانون لصاحبه الوسائل القانوني&&ة الكفيل&&ة ب&&دفع التع&&رض الص&&ادر من الغ&&ير ،وهي
الدعوى أمام القضاء للدفاع عن حقه ،ومن بين هذه الوسائل ،دعوى وق&&ف االعت&&داء
الفرع األول ،دعوى المسؤولية المدنية الفرع الثاني.
الفرع األول :دعوى وقف االعتداء:
للشخص المعتدى عليه في حق من حقوقه الشخصية يتيح له القانون أن يرفع دع&&وى
قضائية يطالب فيها بوقف هذا االعتداء ،وفي هذا الشأن تنص المادة 47من القانون
المدني على ما يأتي "لكل من وقع عليه اعت&&داء غ&&ير مش&&روع في ح&&ق من الحق&&وق
المالزمة لشخصه أن يطلب وقف هذا االعتداء والتع&&ويض عم&&ا يك&&ون ق&&د لحق&&ه من
ضرر" ،أي أن لكل شخص تعرض لمثل هذا النوع من االعتداء اللجوء إلى القضاء
لوقف هذا االعتداء .ومن الحقوق الشخصية نذكر تلك الحماي&&ة ال&&تي قرره&&ا الق&&انون
لصاحب الحق ،ومثال ذلك دف&&ع االعت&&داء ض&&د من اغتص&&ب اس&&مه واس&&تعمل اس&&مه
بدون مبرر ،أو نازعه في استعمال اسمه بغير وجه ح&ق ،فتتحق&&ق الحماي&&ة القانوني&&ة
للحق عن طريق اللجوء إلى القض&&اء واستص&&دار الحكم ب&&ه ،وذل&&ك عن طري&&ق رف&&ع
دع&&وة قض&&ائية من ط&&رف ص&&احب الح&&ق أم&&ام المحكم&&ة المختص&&ة إذ ال يمكن ألي
شخص أن ينتزع حقه بيده فال حق بدون دعوى قضائية تحميه.
الفرع الثاني :دعوى المسؤولية المدنية:
إن االعتداء على الحقوق المالزمة للشخصية ال يخول صاحبها رفع دع&&وى قض&&ائية
موضوعها وقف هذا االعت&&داء فحس&&ب ،ب&&ل تق&&ام في الكث&&ير من األحي&&ان المس&&ؤولية
التقصيرية للمعتدي بناء على نص المادة 124من القانون المدني الجزائري القائم&&ة
على الخطأ التي تنص على م&&ا ي&&أتي "ك&&ل فع&&ل أي&&ا ك&&ان يرتكب&&ه الش&&خص بخطئ&&ه،
ويسبب ضرار للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض".
في أغلب األحيان تكون االعت&&داءات أخط&&اء بمفه&&وم الخط&&أ في المس&ؤولية للض&&حية
مصدر ض&&رر م&&ادي أو معن&&وي ،وفي كث&&ير من األحي&&ان تك&&ون عالق&&ة الس&&ببية بين
الخطأ والضرر واضحة غير معترض عليها.
المطلب الثاني :حماية الحقوق الشخصية والعينية
صفحة | 70
وهي الدعاوى التي يتناول موضوعها الحقين معا ،الحق العي&&ني والح&&ق الشخص&&ي،
وعادة ما يكون نطاق تطبيقها هي العقود الواردة على نقل ملكية أشياء ،بحيث ينبث&&ق
عنها حق عيني على الشيء وحق شخصي ناشئ عن العقد ،فتعت&&بر دع&&وى مختلط&&ة
تلك التي تهدف إلى تنفيذ عقد ق&&ائم على ح&&ق عي&&ني ،ك&&دعوى المش&&تري على الب&&ائع
بتسليم المبيع تنفيذا لعقد البيع المسجل .فهي دعوى تس&&تند إلى ح&&ق الملكي&&ة ال&&ذي آل
اليه نتيجة العقد ،وأيضا إلى االلتزام بالتسليم ويقابله حق شخص&&ي ال&&ذي رتب&&ه العق&&د
على عاتق البائع ،فح&&ق الملكي&&ة ه&&و ح&&ق عي&&ني بينم&&ا االل&&تزام بالتس&&ليم يقابل&&ه ح&&ق
شخصي أيضا ،تعتبر الدعوى مختلطة تلك ال&&تي ته&&دف إلى إبط&&ال العق&&د الس&ابق او
فسخه كدعوى البائع على المشتري بفسخ العق&&د ورد الم&&بيع ،ف&&الحق في الفس&&خ ح&&ق
شخصي بينما استرداد ملكية المبيع ه&&و ح&ق عي&&ني .وعلي&&ه ومن خالل ه&&ذا المطلب
نتعرض إلى حماية الحقوق الشخصية الفرع األول ،ثم التعرض إلى حماي&&ة الحق&&وق
العينية وهذا في الفرع الثاني.
الفرع األول :حماية الحقوق الشخصية:
من البديهي أن كل حق يقابله واجب عام بعدم االعت&&داء علي&&ه ،فإن&&ه إلى ج&&انب ذل&&ك
يوجد في حق الشخص واجب خاص يقع على عاتق المدين بعدم االعت&&داء على ح&&ق
الدائن ،ومن ثم كانت حماية الح&&ق الشخص&&ي مش&&مولة من ناحي&&ة الم&&دين أوال ،ومن
ناحية الغير ثانيا.
أوال :من ناحية المدين:
األصل أن ينفذ المدين التزامه بصورة اختيارية ،وهو ما يعرف بالتنفيذ االختياري،
ولكن إذا امتنع عن ذلك استطاع الدائن ،صيانة حقه ،وذلك أن يجبره على تنفيذ عين
ما التزم به وهو ما يسمى بالتنفيذ العيني الجبري ،ويشترط في هذه الحالة أن يكون
التنفيذ العيني ممكنا وغير مرهقا للمدين ،وعلى ذلك إذا أصبح هذا التنفيذ غير ممكن
بفعل المدين أو مرهقا له ،بشرط أال يلحق الدائن ضررًا جسيً ما من جراء العدول
عن التنفيذ الع يني ،مالم يكن هناك مناص للدائن من أن يقنع بالتنفيذ بمقابل أي عن
طريق التعويض.
ثانيا :من ناحية الغير:
إذا اعتدى الغير على حق الدائن كان اعتداؤه هذا ،في نظر القانون خطأ ألن&&ه إخالل
بالواجب العام الملقى على ع&&اتق كاف&&ة الن&&اس ب&&احترام ح&&ق ال&&دائن وع&&دم التع&&رض
غليه ،فإذا لحق الدائن ضرر من جراء هذا االعتداء علي&&ه ك&&ان ل&&ه أن يط&&الب الغ&&ير
المعتدي بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية ،ومثال ذلك تح&&ريض ص&&احب
عمل العامل الذي يعمل لدى آخر منافس له على ترك العمل لديه ليعمل لدى االول.
الفرع الثاني :حماية الحقوق العينية:
صفحة | 71
إن حماية الحق العيني باعتباره استئثار مباش&&را يق&&ره الق&&انون لش&&خص معين يخول&&ه
التسلط على شيء ماديً معين بالذات ،يتم في اإلطار الذي وض&&عه ل&&ه الق&&انون ع&&بر
ثالثة أنواع من الدعاوى القضائية وال&&تي بواس&&طتها يحظى بالحماي&&ة المق&&ررة وهى:
الدعوى العينية ،دعوى الحيازة ،الدعوى الشخصية.
أوال :الدعوى العينية:
تكون الدعوى عينية إذا كان المقصود منها حماي&&ة ح&ق عي&&ني ،أي إذا ك&&ان الم&&دعي
يدعي حقا عينيا ويريد حماية هذا الح&ق ،ومث&&ال ذل&&ك دع&&وى االس&تحقاق وال&&دعاوى
العينية تستعمل لحماية جميع الحقوق العيني&&ة ،س&&واء ك&&انت أص&&لية كح&&ق الملكي&&ة أو
الحقوق التي تتعلق بحق الملكية مثل :حق االنتفاع أو حق االس&&تعمال وك&&انت حق&&وق
عينية تبعية كحق الرهن ،وحق االرتف&&اق .وال&&دعوى العيني&&ة له&&ا جانب&&ان ،ق&&د يك&&ون
استعمالها إيجابيا إذا كان يرمي إلي المطالب&&ة بح&&ق عي&&ني ،ويك&&ون اس&&تعمالها س&&لبيا
عندما تكون تهدف إلى دفع كل مطالبة بحق غير ثابت لعدم وجوده.
ثانيا :دعاوى الحيازة:
الحيازة هي السيطرة الفعلية لشخص على ش&&يء م&&ا أي أن يك&&ون ه&&ذا الش&&يء تحت
سيطرة الحائز الفعلية ،ول&&ه أن يس&&تعمل ه&&ذا لح&&ق عي&&ني باعتب&&اره مالك&&ا للش&&يء أو
صاحب الحق العيني عليه ولها عنصرين:
أ -عنصر مادي :يتمثل في سلطة مباشرة األعمال المادية التي يقوم بها ع&&ادة من ل&&ه
الحق على الشيء كالسكن في المنزل أو زراعة األرض ،وجني ثماره&&ا ،بمع&&نى أن
هذا العنصر يتحقق من خالل ممارسة الحائز ألعم&&ال مباش&&رة على الش&&يء ،فيك&&ون
في نظر الغير مثل المالك الظاهر الذي يبسط سيطرة مادية على الشيء دون عرقل&&ة
أو نزاع من الغير ،وبالنتيجة فان هذا العنصر أساسي ال تقوم الحيازة من دون&&ه ،وال
يستقيم عند غيابه العنصر األخر أي العنصر المعنوي.
ب -عنصر معنوي :ويتمثل في نية الحائز في استعمال الحق العيني لحسابه الخ&&اص
بصفته مالك الشيء وفي حالة انتفاء هذا العنصر المعنوي نك&ون أم&ام مج&رد حي&ازة
مادية أي بناً ء ند قانوني يقدمه صاحب الحق إلى شخص ا على سما لحيازة الش&&يء
موضوع الحيازة ويلتزم هذا األخير برد الشيء إلى مالكه فيما بعد مثل :عقد اإليجار
وال&&رهن الحي&&ازي ،بمع&&نى ينبغي في ه&&ذا العنص&&ر ت&&وافر إرادة حقيقي&&ة للح&&ائز في
االرتفاع بالشيء ،وبالنتيجة إذا توافرا العنصرين فإن الحيازة تكون قانوني&ة وحقيقي&ة
ولذلك يحميها القانون عن طريق الدعوى القضائية المناسبة.
ثالثا :الدعوى الشخصية:
صفحة | 72
تكون الدعوى شخصية إذا كانت تهدف إلى حماية حق شخصي ،أي إذا كان المدعي
يس&&تند في طلب&&ه إلى ح&&ق شخص&&ي وبطلب من القاض&&ي تق&&ديره أو حمايت&&ه ،ومث&&ال
الدعوى الشخصية دعوى الدائن على المدين عند ع&&دم الوف&&اء بالتزامات&&ه ،أو دع&&وى
المؤجر على المستأجر بمطالبته أجرة اإليجار ،فإذا تعذر ذل&&ك فإن&&ه ال يك&&ون لل&&دائن
إال أن يطالب بالتعويض وهذا التعويض يشمل ما أصاب الدائن من خسارة وما فات&&ه
من كس&&ب بس&&بب ع&&دم التنفي&&ذ ،أي أن&&ه وفي الغ&&الب ته&&دف ال&&دعوى الشخص&&ية إلى
الحصول على المال.
صفحة | 73
يقصد بمح&&ل اإلثب&&ات تل&&ك الواقع&&ة القانوني&&ة المنش&&ئة للح&&ق ألنه&&ا هي س&&بب وس&&ند
وجوده أي مصدره .ولقد سبق وأن بينا أن مصدر الحق قد ال إراديا وهو م&&ا نقص&&ده
بالوقائع القانونية سواء أكان حدثا طبيعيًا أي واقعة طبيعية ،أو عمًال إنس&&انيا مص&&در
عمال غير مشروع ،أو فعالً نافعًا .وقد يكون مصدره إراديًا سببه تصرفا قانونيا أي
عقدًا أو إرادة منفردة ،وعليه نتناول تباعا محل اإلثبات في كل حالة.
المطلب األول :الواقعة القانونية
الواقعة القانونية سواء ك&&انت مادي&&ة او تص&&رف ق&&انوني ي&&رتب عليه&&ا الق&&انون اث&&ر
قانوني ،أنها مصدر لكسب حق&&وق مالي&&ة شخص&&ية وعيني&&ة أو الذهني&&ة على الس&&واء،
فنتساءل عن وسائل اثباتها بالنظر لخصوصية كل واقعة.
الفرع األول :الواقعة المادية
سبق أن بينا أن هذه الواقعة قد تكون بفعل الطبيع&ة أو بفع&ل االنس&ان نفس&ه أو الغ&ير
في حاالت معينة ،وكلما كانت إحدى هذه الوقائع مصدرًا للحق المتنازع ،كلما ك&&انت
هي محًال لإلثبات أمام القضاء .وطرق اإلثب&&ات فيه&&ا ليس&&ت خاص&&ة ،إذ يمكن إقام&&ة
الدليل عليها بكافة الطرق كالشهود ،اللجوء إلى الخبراء ...الخ
الفرع الثاني :التصرف القانوني
سبق اإلشارة إلى أن التصرف القانوني عقدًا كان أو إرادة منفردة هو مصدر للح&&ق،
ولكن يشترط فيه قيام اإلرادة لدى المتصرف والمتصرف له .ونظرا لخط&&ورة آث&&اره
فإن القانون غالبا ما يشترط شروطا خاصة لإلثبات في هذه الحالة.
فالقاعدة العامة أن إثبات الحقوق العقدية ال يتم إال عن طريق الكتاب&&ة ،واس&&تثناء من
ذلك حسب صريح المادة 333من القانون المدني تستثنى من قاع&&دة إثب&&ات الحق&&وق
بالكتابة:
المعامالت التجارية ألنها تقوم على عنصر الثقة والسرعة واالئتمان؛ -
كل التصرفات القانونية التي تكون قيمتها 100.000دينار جزائري فأقل. -
المطلب الثاني :شروط محل إثبات الحق
يجب أن تك&&ون الواقع&&ة القانوني&&ة المطل&&وب إثباته&&ا مح&&ددة وممكن&&ة ومتنازع&&ا فيه&&ا
ومتعلقة بموضوع الدعوى ومنتجة فيها وج&&ائزة االثب&&ات قانون&&ا وتفص&&يل ذل&&ك على
النحو التالي:
أن تكون مح;;ددة :من يدعي أن&&ه مال&&ك لش&&يء بمقتض&&ى عق&&د علي&&ه أن يح&&دد أ-
نوعه وتاريخه وأطرافه وموضوعه ،فال يقبل إثبات واقعة مطلقة ،كأن يدعي ب&&راءة
صفحة | 74
ذمته من جمي&ع االلتزام&ات ال&تي علي&ه .وإذا ك&ان مح&ل االثب&ات واقع&ة مادي&ة فعلى
المدعي أن يحددها سواء كانت واقعة ايجابية أوامتناع،
ب -أن تكون ممكن;;ة :إذ ال يقبل إثب&&ات واقع&&ة مس&&تحيلة بحيث ال يمكن تص&&ديقها
عقال هذا من ناحية أو من ناحية عدم إمكان إثباتها ،أي أن تكون الواقعة على فرض
صحتها من الجائز قبولها من المحكم&&ة ك&&دليل في ال&&دعوى ،ومث&&ال للواقع&&ة ال&&تي ال
يجوز قبولها من المحكمة أن يكون محل الحق المدعى به من األش&&ياء الخارج&&ة عن
دائرة التعامل بنص القانون كاألشياء غير المش&روعة ومنه&ا المخ&درات مثال ،وكمن
يدعي بأبوته لشخص أكبر منه سنا أو يساويه في العمر؛
ج -أن تكون متعلقة بموضوع الدعوى :بما يفيد أن يكون للواقعة مح&&ل اإلثب&&ات
عالق&&ة ب&&الحق موض&&وع ال&&نزاع لكونه&&ا مص&&دره؛ مثال إذا انتق&&ل عبء اإلثب&&ات إلى
الخصم اآلخر فيجب أن تكون الواقعة التي يريد إثباتها هذا األخ&&ير مرتبط&&ة بالمح&&ل
األصلي أو قريبة منه وتقدير ذلك لقاضي الموضوع؛
أن تكون متنازعا فيها :ال تكون الواقع&&ة مح&&ل لإلثب&&ات أم&&ام القض&&اء إال إذا د-
كانت موضوع نزاع بين خصمين ،أما إذا ادعى شخص بواقعة معينة وأقره خص&&مه
على هذا االدعاء فإنه لم يعد ثمة محل لإلثبات بعد أن أعفاه خصمه منه بإقراره بها؛
و -أن تكون منتجة في الدعوى :بما يفيد أن إثبات الواقعة يؤدي بطريقة حاسمة
إلقن&&اع القاض&&ي ،إذ ليس&&ت ك&&ل واقع&&ة متعلق&&ة بال&&دعوى تعت&&بر حاس&&مة فيه&&ا ،ولكن
باجتماع الواقعة المتعلقة بالدعوى مع واقع&ة أخ&رى يج&وز أن يجعله&ا حاس&مة .وق&د
يرفض قاضي الموضوع إثبات واقع&ة رغم تعلقه&ا بال&دعوى إذا رآه&ا غ&ير منتج&ة،
لذلك هي مسألة تقديرية تخضع لقاضي الموضوع؛
أن تك;;ون ج;;ائزة االثب;;ات قانون;;ا :ق&&د تك&&ون الواقع&&ة غ&&ير ج&&ائزة االثب&&ات ه-
العتبارات أخالقية أو لتعارضها مع واجب عدم إفشاء سر العمل أو الزوجية أو سر
المهنة.
المبحث الثاني :على من يقع عبء اإلثبات للحق المتنازع فيه
ّإن معرفة الخصم الذي يقع عليه عبء اإلثبات من الناحية العملية له أهمي&&ة خاص&&ة،
تتمثل في معرفة الطرف الذي يلزم قب&&ل اآلخ&&ر بتق&&ديم ال&&دليل على ص&&حة مزاعم&&ه،
ذلك أن القاع&&دة العام&&ة المق&&ررة في اإلثب&&ات أن " البين&&ة على من ادعى " ،ه&&ذا م&&ا
كرس&&ه المش&&رع من خالل نص الم&&ادة 323من الق&&انون الم&&دني الجزائ&&ري ب&&أن ":
على الدائن إثبات االلتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه" ،وال يقص&&د من عب&&ارة
المدعي هو المدعي في الدعوى ،وإّن ما المقصود منها هو من تخالف دعواه الظاهر،
فاألصل في كل األمور هو الظاهر ،كمن يضع ي&&ده على ش&&يء يعت&&بر ص&&احب ح&&ق
عليه ،ومن يدعي ملـكية ذلك الشيء فعليه أن يثبت ذلك.
صفحة | 75
وتبعا لما سبق ،فإن الملزم باإلثبات هو كل شخص يدعي أنه صاحب الحق .والواقع
أن المدعي هو من يدعي أنه صاحب الحق ،وكما ذكرنا آنفا أن القاع&&دة تقض&&ي ب&&أن
من يدعي حصول واقع&&ة أو ظ&&اهرة تخ&&الف الث&&ابت أن يقيم ال&&دليل على إثبات&&ه ،ألن
األصل براءة الذمة ،فإذا ادعى شخص أنه دائن آلخ&&ر بمبل&&غ من النق&&ود ورد اآلخ&&ر
هذا اإلدعاء ،وجب على األول أن ُيْث ِبْت ألنه يدعي ما يخالف الثابت وهو براءة ذم&&ة
الشخص اآلخر ،هذا ما نصت عليه المادة 323السالف ذكرها.
المبحث الثالث :وسائل إثبات الحقوق
تختلف تلك الوسائل باختالف ما إذا كان مصدر الحق المطلوب اثباته تصرفا قانونيا
أو واقعة ،فقد تكون الكتابة ،أو البّينة ،أو الق&&رائن ،أو اإلق&&رار ،أو اليمين .وس&&نتناول
كل واحدة من هذه الوسائل بشيء من اإليجاز بالنظر إلى طبيعة محل إثبات الحق.
المطلب األول :الكتابة وسيلة ذات حجية مطلقة الثبات الحقوق
يعد الدليل الكتابي من أهم أدلة اإلثبات وأضبطها ،ويمتاز عن بقية الوسائل األخ&&رى
بإعداده مقدمًا ،أي وقت حصول الواقعة أو التصرف الق&&انوني مص&&در الح&&ق ،وقب&&ل
حدوث أي نزاع .والقانون يجيز اثبات كافة الوقائع عن طريق الكتاب&ة وال&تي إّم ا أن
تكون في ورقة رسمية أو في ورقة عرفية.
فالورقة الرسمية هي التي يثبت فيه&&ا موظ&&ف أو ض&&ابط عم&&ومي أو ش&&خص مكل&&ف
بخدم&ة عام&ة م&ا تّم على يدي&ه أو م&ا تلق&اه من ذوى الش&أن وذل&ك في ح&دود س&لطته
واختصاص&&ه ه&&ذا م&&ا كرس&&ته نص الم&&ادة 324م&&دني جزائ&&ري .وتمت&&از الورق&&ة
الرسمية بأنها حجة على الن&&اس كاف&&ة فيم&&ا يتعل&&ق باإلثب&&ات س&&واء بين المتعاق&&دين أو
بالنسبة للغير معا ،ولها أيضا قوة في التنفيذ فتعتبر سندا تنفيذيا كونها تحمل الص&&يغة
التنفيذية ،وال يمكن الطعن فيها إال عن طريق دعوى التزوير.
أما األوراق العرفية تع&&د دلي&&ل كت&&ابي ث&&اني بع&&د الورق&&ة الرس&&مية في ال&&ترتيب ،هي
المحررات الصادرة عن األفراد كونها ُت حرر من طرفهم فيما بينهم وتحمل توقيعاتهم
ألثب&&ات تص&&رفاتهم القانوني&&ة وذل&&ك دون ت&&دخل موظ&&ف ع&&ام ،فهي إذن موقع&&ة مّمن
صدرت منه بإمضائه أو ختمه أو بص&&مته ،أو تل&&ك ال&&تي ص&&درت عن موظ&&ف ع&&ام
ولـكنه غ&&ير مختص بتحري&&ر تل&&ك الورق&&ة نوعي&&ا أو إقليمي&&ا ،أو أن&&ه لم يتب&&ع فيه&&ا
اإلجراءات القانونية المطلوبة.
المطلب الثاني :شهادة الشهود أو البينة وسيلة الثبات الحقوق
يقصد بها هي مجموعة األقوال التي يدلي به&&ا األش&&خاص أم&&ام القض&&اء ش&&فويًا عم&&ا
ش&اهدوه أو س&معوه بحواس&هم شخص&يا متعلق&ا بالواقع&ة ال&تي ي&راد اثباته&ا أو نفيه&ا،
صفحة | 76
ويؤدونه&&ا بع&&د حل&&ف اليمين في تحقي&&ق تجري&&ه المحكم&&ة أو أم&&ام القاض&&ي المنت&&دب
للتحقيق.
فهي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الش&&هادة إلثب&&ات ح&&ق على الغ&&ير ،وتس&&ّمى
البينة ألنها تبين ما في النفس وتكشف الحق فيما اختلف فيه .وش&&هادة الش&&هود ك&&دليل
اثبات تختلف عن الكتابة لكونها ال تكون ملزمة للقاضي إذ له سلطة تق&&ديرها فل&&ه أن
يقبلها إذا اقتنع بها ،أو يرفضها مهما كان الشهود .وكتمان الشهادة إثم نهى هللا عن&&ه،
كما أعتبر شهادة الزور كبيرة من الكبائر ،وقد نص ق&&انون العقوب&&ات الجزائ&&ري في
المادة 265منه على المعاقبة بالحبس والغرامة على شهادة الزور.
المطلب الثالث :اإلقرار وسيلة الثبات الحقوق
ه&و اع&تراف الخص&م أم&ام القض&اء بواقع&ة قانوني&ة معين&ة في أثن&اء س&ير ال&دعوى
بتصرف أو واقعة مدعى عليه بهما في هذه الدعوى آلخر بقص&د اعتب&ار ه&ذا األم&ر
ثابتا في ذمته وإعفاء اآلخرين من إثباته ،واإلقرار حج&&ة قاطع&&ة على المق&&ر وذل&&ك
إذا وقع أمام القاضي ،أّما إذا وقع خارج المحكم&&ة فيخض&&ع لتق&&دير القاض&&ي ،ونش&&ير
إلى أن اإلقرار في المسائل المدنية ال يقبل إثب&&ات العكس ،أم&&ا في المس&ائل الجنائي&&ة
ف&&اإلقرار ليس قطعي&&ا على أس&&اس أن&&ه ي&&ترك للقاض&&ي حري&&ة التق&&دير للتح&&ري عن
الحقيق&&ة ،فنظ&&را لخط&&ورة األم&&ر يجب على القاض&&ي التأك&&د من االع&&تراف إذا ك&&ان
صحيحا أو جاء تحت تأثير اإلكراه .
ومع ّأن اإلقرار سيد األدلة كما يقال ،إّال أنه يعتبر حّج ة قاصرة على المقر ال يتعداه
إلى غيره ،بحيث يؤاخذ ب&ه المق&ر وح&ده دون س&واه ألن المق&ر ال والي&ة ل&ه إّال على
نفسه.
صفحة | 77
احتكاما إلى ض&&ميره وحس&&مًا لل&&نزاع ،وهي دلي&&ل من ال دلي&&ل ل&&ه ،فق&&د تك&&ون المالذ
األخير لمن ينقصه ال&&دليل .تتمث&&ل آثاره&&ا في أن&&ه إذا حل&&ف من وجهت إلي&&ه ت&&رفض
دعوى المدعي ،وإذا نكل أي رفض من وجهت إليه اليمين ُيْح َك ْم للمدعي .لذلك م&&تى
أداها الخصم الموجه إليه هذه اليمين فقد ينتهي النزاع بين الطرفين وال يمكن اللجوء
بعدها إلى أي دليل من أدلة االثبات االخرى ،ويتقيد القاضي بنتيجتها.
أّم ا اليمين المتمم&&ة فيوجهه&&ا القاض&&ي من تلق&&اء نفس&&ه إلى أي من الخص&&مين في
الدعوى المرفوعة أمامه لـكي يستكمل بها األدلة األخرى متى قدر أنه&ا غ&ير كافي&ة،
وتساعد على اكتمال اقتناعه بهذه اليمين ،وال ي&&ترتب عليه&&ا حس&&م ال&&نزاع والقاض&&ي
غير ملزم بنتيجتها.
ويشترط لتوجيه ه&&ذه اليمين أّال يك&&ون في ال&&دعوى دلي&&ل كام&&ل وأّال تك&&ون ال&&دعوى
خالية من أي دليل ،وخالفًا لليمين الحاسمة ،ال يجوز للخصم ال&&ذي وجهت إلي&&ه ه&&ذه
اليمين أن يردها على الخصم اآلخر ،ولـكونها دليال غير كامل فالقاضي ال يتقّيد به&&ا
وال يلتزم بنتيجتها كونها ترد االدعاء إلى ضمير الخص&م ،وفي آخ&ر المط&اف يل&تزم
القاضي باليمين الحاسمة لوضع حد للنزاع.
المطلب الخامس :القرائن وسيلة الثبات الحقوق
هي أمر يستخلصها القانون أو القاضي ألمر مجهول من واقعة معلومة وهي وق&&ائع
ال&&نزاع .فق&&د يص&&عب اثب&&ات الواقع&&ة المادي&&ة أو التص&&رف الق&&انوني وله&&ذا ق&&د يعفي
المشرع الشخص من تقديم الدليل المباشر على ذل&&ك ،فتس&&تخلص حقيق&&ة الواقع&&ة من
عمل أو تصرف آخر يسهل اثباته ،عندها ُيقال أنها قرين&&ة وال&&تي ال تفس&&ر على أنه&&ا
إعفاء من تقديم الدليل وإنما تحول لمحل االثبات.
والق&&رائن ق&&د تك&&ون ق&&رائن قض&&ائية يس&&تنبطها القاض&&ي أو يس&&تنتجها من ظ&&روف
الدعوى ،أو قرائن قانونية يستنبطها المقنن وتنص عليها الق&&وانين .ه&&ذه األخ&&يرة أي
القرينة القانونية تنقسم إلى :ـ قرينة قانوني&&ة بس&&يطة :وهي ال&&تي تقب&&ل إثب&&ات العكس،
وهي األصل في الق&&رائن ،وإثب&&ات عكس القرين&&ة يتم بكاف&&ة ط&&رق اإلثب&&ات .وقرين&&ة
قانونية قاطعة :وهي التي ال تقبل إثبات عكس ما تقرره.
المطلب السادس :المعاينة وتقرير الخبراء
ُيقصد بالمعاينة االنتقال إلى مكان النزاع أو الواقعة للوقوف عليها قصد التوصل إلى
معرفة الحقيقة على ضوء المشاهدة .بينما تقرير الخبرة هي لج&&وء القض&&اء إلى أه&&ل
الخبرة من منهدسين وفنيين وأطباء الجراء فحص دقي&&ق والبحث في ال&&دعاوي ال&&تي
تثار فيها مشاكل تقنية أو طبية ،ويمكن للقاضي االس&&تعانة ب&&الخبراء س&&واء من تلق&&اء
نفسه أو بناء على طلب الخصوم.
صفحة | 78
المحور السابع /إنقضاء الحقوق
إن الحقوق التي تنشأ لمصلحة شخص أو أشخاص ال تبقى قائمة إلى األبد من عيني&&ة
وشخصية وذهنية بل هي تنقضي متى توافرت أسباب انقضائها .وكما سبق القول أن
حق الملكية حق دائم ليس معناه إال أنه يبقى ما بقي محل&&ه ،فك&&ل الحق&&وق ت&&زول عن
ص&احبها بموت&ه وتنتق&ل إلى ورثت&ه أو الموص&ى لهم ،فيك&ون له&ا أص&حاب ج&دد هم
هؤالء الورثة أو الموصى لهم ،باستثناء حق االنتفاع فال يورث وإنما بنقض&&ي بوف&&اة
صاحبه وال ينتقل إلى ورثته بل يعود لمالك الرقبة.
وعليه البد من حصول وقائع أو تصرفات -كأسباب كس&&بها تمام&&ا أو انتقاله&&ا – مم&&ا
يترتب عنها انقضاء الحقوق .وإذا كانت الواقع&ة هي أم&ر يح&دث في&ترتب علي&ه أث&ر
قانوني دون أن يكون لإلرادة دخل فيه أي ابتغاء هذا الهدف وكم&&ا يك&&ون ه&&ذا األث&&ر
هو انشاء الحق ،فقد يكون انقض&اء الح&ق كم&ا إذا ُهل&ك الش&يء مح&ل الح&ق العي&ني.
ك&&ذلك يك&&ون مض&&ي الم&&دة القانوني&&ة ه&&و واقع&&ة ي&&رتب عليه&&ا الق&&انون س&&قوط الح&&ق
الشخصي متى لم ُيطالب به الدائن في خاللها.
أما التصرف القانوني كما سبق ذكره وشرحه ،ه&&و عم&&ل إرادي اتج&&ه إلح&&داث أث&&ر
قانوني معين ،فكما يكون لهذا األثر انشاء ح&ق فق&د تنص&رف اإلرادة إلى إنه&اء ح&ق
قائم فينقضي ،واالنقضاء هنا يعد أثر قانوني يرتبه الق&&انون إعم&&اال لإلرادة ،كالوف&&اء
بقيام المدين بسداد الدين الذي عليه ،والحال أيضا كاإلبراء من الدين.
وبما أن طرق انقضاء الح&ق تختل&ف من ح&ق إلى آخ&ر ،فإنن&ا س&نتطرق فيم&ا ي&أتي
بإيجاز إلى انقض&اء الح&ق في الحق&وق العيني&ة والحق&وق الشخص&ية ،ثم إلى انقض&اء
الحقوق الذهنية.
المبحث األول :إنقضاء الحق العيني
سبق اإلشارة إلى أن الحق العيني قد يكون حقا عينيا أصليا وقد نكون أمام حق عيني
تبعي ،ولما كانت األسباب الناقلة للحق العيني األص&&لي هي أس&&باب انقض&&اء بالنس&&بة
للسلف وأسباب اكتساب بالنسبة للخلف ،وعليه فإن الحق العيني ُيهلك :
بهالك الشيء موضوع الح&&ق كالش&&خص ال&&ذي يمل&&ك س&&يارة ف&&احترقت ،هن&&ا أ-
ينقضي حق الملكية،
ب -يهلك بعدم استعماله ،كما هو الحال لحق االرتفاق الذي ينتهي بع&&دم اس&&تعماله
خالل المدة القانونية المسموح بها،
ت -حلول األجل ،كما إذا كان الحق العيني مؤقتا ،فهو ينقضي بحلول أجله ،كحق
االنتفاع ينتهي بانقضاء األجل المعين ،ف&&إذا لم يكن ل&&ه أج&&ل مح&&دد فه&&و ينتهي بوف&&اة
صاحب الحق،
صفحة | 79
ث -النزول عن الحق العيني كشخص المالك الذي يتن&&ازل عن حق&&ه آلخ&&ر ،فه&&ذا
التنازل يجعل أي شخص باستطاعته تملك الحق المتنازل عنه،
ج -قاعدة التبعية في انقضاء الحقوق العينية ،نشير في ه&&ذا الص&&دد إلى أن الح&&ق
العيني التبعي ينقضي بانقضاء الدين الذي يضمنه ،أي تبعا النقضاء الحق الشخصي
الضامن له وقد تنقضي بصفة أصلية كما في حالة هالك الشيء المرهون.
المبحث الثاني :انقضاء الحقوق الشخصية
أّما أسباب انقضاء الحق الشخص&&ي تتن&&وع بين م&&ا يعت&&بر تص&&رف ق&&انوني أو واقع&&ة
قانونية ،وهي الوفاء ،والوفاء بمقاب&&ل ،والتجدي&&د واالب&&راء ،تع&&د ه&&ذه من التص&&رفات
القانوني&ة ال&تي ينقض&ي به&ا الح&ق الشخص&ي ،وهن&اك أس&باب أخ&رى النقض&ائه عن
طريق الوقائع القانونية ،كاتحاد الذمة ،واستحالة التنفيذ ،والتقادم المسقط والمقاصة.
وعلي&&ه يمكن حص&&ر انقض&&اء الح&&ق الشخص&&ي في ط&&رٍق ثالث ،فإم&&ا أن ينقض&&ي
باستيفائه أي بحصول ص&احبه علي&ه ،وبالوف&اء من الش&خص المل&زم ب&ه .وفي بعض
الحاالت ال يحصل صاحب الحق على الح&ق ذات&ه ،وإّن م&ا يحص&ل على م&ا يقابل&ه أو
يساويه ،فنقول أن الح&&ق الشخص&&ي ينقض&&ي باس&&تيفاء م&&ا يعادل&&ه وه&&ذا ه&&و الطري&&ق
الثاني .وقد ينقضي بطرق أخرى دون الحص&ول علي&ه بذات&ه أو بمقاب&ل فنك&ون أم&ام
انقضاء الحق الشخصي دون استيفائها .فنتناول ط&&رق االنقض&&اء للحق&&وق الشخص&&ية
على النحو الموالي.
المطلب األول :انقضاء الحقوق باستيفائها
المقصود باستيفاء الحق ذاته أي الوفاء به ،ويقصد به تنفي&&ذ االل&&تزام عين&&ا ،بم&&ا يفي&&د
قي&&ام المل&&تزم ب&&أداء الح&&ق إلى ص&&احبه ،وه&&و الطري&&ق الط&&بيعي النقض&&اء الحق&&وق
وانتهائها ،وذلك عن طريق استيفائها ذاتها ،أي عن طريق وفاء المدين لما ال&&تزم ب&&ه
أي المحل األصلي لاللتزام وتكييفه القانوني أنه اتفاق على قضاء الدين يج&ري علي&ه
من األحكام م&&ا يج&&ري على س&&ائر التص&&رفات القانوني&&ة ،فال ب&&د في&&ه من التراض&&ي،
ويغلب أن يكون التنفيذ الفعلي لاللتزام هو نفسه تراض ضمني ،ويش&&ترط أن يص&&در
هذا التراضي من ذي أهلية وأن يكون غير مش&&وب بعيب من عي&&وب اإلرادة ،ك&&ذلك
يجب أن يكون للوفاء محل وسبب ومحل الوفاء هو نفس محل الدين ال&&ذي ي&&وفي ب&&ه
وسبب الوفاء هو قضاء هذا الدين .كما ل&و ق&ام المق&ترض ب&رد الم&ال إلى المق&رض
انقض&&ى ح&&ق ه&&ذا األخ&&ير ،وانتهى ال&&تزام المق&&ترض بالوف&&اء .وق&&د ع&&الج المش&&رع
الجزائري أحكام الوفاء في المواد من 258إلى 284من القانون المدني.
الفرع األول :أطراف الوفاء بالحق
أوال :الطرف الموفي:
صفحة | 80
بالرجوع إلى نص المادة 258من التقنين المدني فإن الموفي هو المدين أو نائب&&ه أو
شخص آخر له مصلحة في الوفاء ،كالـكفيل وح&&ائز العق&&ار المره&&ون .عن&&دها يك&&ون
الوفاء صحيحا سواء تم من المدين نفسه أو من طرف نائبه ،أو تم من طرف الغ&&ير؛
بيد أنه قد ال يصح الوفاء من غير المدين نفسه ،وذلك إذا كان االلتزام بعم&&ل ،واتف&&ق
األطراف عند العقد بأن يكون الوف&&اء من قب&&ل الم&&دين ،أو اقتض&&ت طبيع&&ة ال&&دين أن
يكون الوفاء من المدين ال من غيره ،إال أجاز ال&&دائن ذل&&ك ،وه&&ذا ه&&و مقتض&&ى نص
المادة 169من التقنين المدني.
وإذا تع&&دد ال&&دائنون في دين واح&&د ،ج&&از للم&&دين أن ي&&وفي بال&&دين ك&&امال ألي منهم
بشرط أن يكونوا متضامنين فيما بينهم ،وأال يمانع أحدهم في ذل&&ك ،وه&&ذا م&&ا نص&&ت
عليه المادة 218من خالل الفقرة األولى من التقنين المدني.
كذلك في حالة تعدد المدينون ،وكانوا متض&&امنين فيم&&ا بينهم ،وق&&ام أح&&دهم بالوف&&اء
بالدين ،برئت ذمة باقي المدينين تجاه الدائن أو الدائنين ،وه&&ذا م&&ا ص&&رحت ب&&ه نص
المادة 222من التقنين المدني.
ثانيا :الطرف الموفى له:
هو شخص الدائن أو نائبه أو خلفه الع&&ام ك&&الوارث أو خلف&&ه الخ&&اص كالمح&&ال إلي&&ه.
وإذا كان األصل أن الدائن ال يقتضي الدين بنفسه ،بل يوفيه الم&&دين ،فإن&&ه ق&&د يس&&مح
للدائن في االلتزام بعمل أن يقتضي ال&&دين بنفس&&ه ب&&أن يس&&تأذن القاض&&ي ل&&يرخص ل&&ه
بتنفيذ االلتزام على نفقة المدين شرط أن يكون ممكن وهذا تطبيقا لنص الم&&ادة 170
من التقنين المدني.
كما يجوز طبقا لنص المادة 219من التقنين المدني -ألحد الدائنين المتضامنين أن
يطالب المدين بكامل الدين ،فتبرأ ذمته قبل جميع ال&&دائنين ،غ&&ير أن&&ه إذا ب&&رئت ذم&&ة
المدين تجاه أحد الدائنين المتضامنين لسبب غير الوفاء ،كالتقادم مثال ،فإنه يبرأ تجاه
باقي الدائنين إال بقدر حصة ال&دائن ،وه&ذا م&ا كرس&ته نص الم&ادة 220من التق&نين
المدني.
فإذا كان شخص أحمد مدينا لكل من ابراهيم ومحمد وعثمان بمبل&&غ إجم&&الي ق&&دره
واحد مليون دينار ،وكان دين ابراهيم تجاه أحمد قدره 200ألف دينار ،ومرت م&&دة
التقادم المقررة قانونا على هذا الدين ،ف&&إن أحم&&د يبقى م&&دينا لـمحمد وعثم&&ان بمبل&&غ
قدره 800ألف دينار.
الفرع الثاني :محل الوفاء
يجب الوفاء بالمحل ذاته ال بشيء آخر ،وبه كله ال بعضه؛ فإذا كان محل الحق ش&&يئا
معينا بذاته في العقد ،فال يجبر الدائن على قبول ش&&يء غ&&يره ح&&تى ل&&و ك&&ان مس&&اويا
صفحة | 81
لمحل الحق في القيمة ومن نفس الجنس ،بل وحتى ل&&و ك&&ان ل&&ه قيم&&ة أك&&ثر من قيم&&ة
الشيء محل الحق .ويجب أن يكون الوفاء بك&ل الح&ق ،ومع&نى ذل&ك أن يك&ون وف&اء
المدين بالتزامه وفاء كليا ال جزئيا؛ ألنه ال يج&بر ال&دائن على قب&ول وف&اء ج&زئي إّال
باالتفاق على ذلك أو بنص القانون.
المطلب الثاني :انقضاء الحقوق عن طريق ما يعادل الوفاء بها.
قد ال ينقضي الحق بذاته في بعض الحاالت أي عن طريق الوفاء ،فقد ي&&زول بط&&رق
أخرى تقوم مقام الوفاء في انقضاء الحق ،وتتمثل في:
الفرع األول :الوفاء بمقابل كطريق النقضاء الحق بما يعادله
قد يستوفي الدائن حقه بشيء آخر بدال من المحل األصلي ،كما إذا اتفق طرف&&ا العق&&د
على أن يتم الوفاء بمقابل ،فإن هذا الوف&&اء من ش&&أنه انه&&اء الح&&ق .وبمج&&رد أن يقب&&ل
الدائن من مدينه الوفاء بالمقابل الجديد ،يعتبر أن&&ه ق&&د اس&&توفى حق&&ه .ه&&ذا م&&ا كرس&&ه
المش&&&رع الجزائ&&&ري من خالل نص الم&&&ادتين 285و 286من الق&&&انون الم&&&دني
الجزائري .كاتفاق الدائن والمدين على أن يكون االستيفاء بمبل&&غ من النق&&ود ب&&دال من
ملـكية عقار أو العكس ،فيكون الثاني عوضا عن محل الحق األصلي.
ويمث&&ل الوف&&اء بمقاب&&ل عن&&د الـكثير من الش&&راح عملي&&ة قانوني&&ة مركب&&ة من التجدي&&د
والوفاء وربما حتى ال&&بيع؛ فه&&و تجدي&&د لالل&تزام ألن المح&ل في&&ه ق&د تغ&&ير ،فينقض&&ي
االلتزام القديم والتأمينات التي أتبعه طبقا لنص المادة 286من التقنين المدني ،ح&&تى
ولو استحق هذا الشيء المستبدل ،حيث نصت الم&&ادة 655من التق&&نين الم&&دني على
أنه :إذا قبل الدائن شيئًا آخ&ر في مقاب&&ل ال&&دين ب&&رئت ذم&&ة الـكفيل ول&&و اس&تحق ه&&ذا
الشيء.
وااللتزام الجديد هو التزام بإعطاء شيء في مقابل الدين ،فإن&&ه يك&&ون بمثاب&&ة ال&&بيع،
فتسري عليه أحكامه ،السيما فيما يخص أهلية المتعاق&&دين ،ونق&&ل الملـكية ،وض&&مان
التعرض واالستحقاق ،وضمان العي&&وب الخفي&&ة ،وه&&ذا تطبيق&&ا لنص الم&&ادة 286من
التقنين المدني .وبما أن السير الطبيعي للوفاء بمقاب&&ل ه&&و انقض&&اء االل&&تزام بالوف&&اء،
فإن أحكام الوفاء تطب&&ق به&&ذا الخص&&وص؛ حيث ي&&راعى في&&ه جه&&ة الوف&&اء ،ونفقات&&ه،
وإثباته ،وقواع&د المقاص&ة في حال&ة تع&دد ال&ديون بين ال&دائن والم&دين ،وغيره&ا من
أحكام الوفاء.
الفرع الثاني :التجديد كطريق النقضاء الحق بما يعادله
يقصد بالتجديد اتفاق صاحب الحق والملزم ب&ه على اس&تبدال ح&ق ق&ديم بح&ق جدي&د،
فيترتب على ذلك انقضاء الحق القديم وإنش&&اء ح&&ق آخ&&ر جدي&&د يختل&&ف عن&&ه إّم ا في
صفحة | 82
محله أو سببه أو أحد أشخاصه ،ويتم تجديد الحق وف&&ق أحك&&ام نص الم&&ادة 287من
التقنين المدني بإحدى الصور الثالث:
تجديد الحق بتغيير محله بين طرفي الحق األص&&ليين ،أي تغ&&ير طبيع&&ة ال&&دين أ-
في محل الحق أو مصدره بين ط&&رفي الح&&ق ،فينقض&&ي ب&&ذلك الح&&ق األص&&لي ويح&&ل
محله الحق الجديد .مثال :اتفاق أحمد م&&ع علي على أن ي&&بيع األول للث&&اني س&يارة من
نوع معين ،وعند الوفاء اتضح أن م&&ع أحم&&د س&&يرة من ن&&وع جدي&&د ،فقب&&ل علي به&&ذا
العرض ،بذلك تحل السيارة الجديدة محل األولى في الوفاء.
ب -تجديد الحق بتغيير شخص المدين ،من خالل اتفاق بين الدائن م&&ع الغ&&ير ب&&أن
يكون هذا األخير مدينا مكان المدين األصلي فيحل محله ،وال يحتاج هذا االتف&اق إلى
رضاء المدين ،ألن الدائن حر في اختيار مدينه ،أو باتف&&اق بين ال&&دائن والم&&دين على
أن يحل شخص أجنبي محل المدين األصلي ،وهنا ال ب&&د من رض&&اء ال&&دائن بالم&&دين
الجديد.
ج -تجدي&&د الح&&ق بتغي&&ير ش&&خص ال&&دائن عن طري&&ق اتف&&اق بين ال&&دائن والم&&دين
والغير ،بأن يك&&ون ه&&ذا األخ&&ير ه&&و ال&&دائن الجدي&&د فيح&&ل مح&&ل ال&&دائن األص&&لي في
المطالبة بالحق.
ال يرتب التجديد كطريق النقضاء الحقوق آثاره القانونية ،إال بتوافر شروط معينة:
أن يكون كل من االلتزام القديم وااللتزام الجديد قد خلي&&ا من أس&&باب البطالن، -1
هذا ما صرحت به نص المادة 288من التقنين المدني الجزائري؛
أن تكون نية التجديد واضحة ،بأن يتم االتفاق عليه صراحة ،أو أن يستخلص -2
بوضوح من الظروف ،حيث ّأن التجديد ال يفترض ،ه&&ذا م&&ا كرس&ه المش&رع
الجزائري من خالل نص المادة 289من تقنينه المدني؛
أن يغير االلتزام الجدي&&د االل&&تزام الق&&ديم في عنص&&ر من عناص&&ره األساس&&ية، -3
كتغيير محل الدين أو مصدره ،أو إضافة شرط أو إلغائه ،أو تغيير ال&&دائن أو
المدين ،كل هذا ينطوي على إدخال تعديالت جوهرية.
الفرع الثالث :اإلنابـة طريق النقضاء الحق بما يعادله
انطالق&&ا من نص الم&&ادة 294من التق&&نين الم&&دني الجزائ&&ري ،تع&&د االناب&&ة وس&&يلة
النقضاء حق بناء على اتفاق يتم بين ثالثة أشخاص :الغير ويسمى الُمن&اب ،والم&دين
ويسمى الُمنيب والدائن ويسمى الُمناب لديه .وعليه وفقا لنص المادة تكون اإلنابة في
الحاالت التي يحصل فيها المدين على موافقة الدائن بقبول الوفاء ب&&الحق من ش&&خص
ثالث أجنبي ،غ&&ير أن&&ه ال يش&&ترط أن تك&&ون هن&&اك عالق&&ة مديوني&&ة س&&ابقة على عق&&د
اإلنابة ،بل قد تكون الحقة عليه .بذلك ف&&إن االناب&&ة هي قب&&ول ال&&دائن شخص&&يا أجنبي&&ا
يقوم بالوفاء محل المدين فُتبرأ ذمته.
صفحة | 83
الفرع الرابع :المقاصة طريق إلنقضاء الحق بما يعادله
نظم المش&&رع الجزائ&&ري أحك&&ام المقاص&&ة في الم&&واد من 303إلى 297من تقنين&&ه
المدني ،والمقاصة تشكل طريقا آخرا لقضاء الدين أو الوفاء به ،وذل&&ك عن&&دما يك&&ون
المدين دائنا لدائنه ،فهي طريقة تنطوي على تصفية حسابية بين الحقوق وااللتزامات
من جانب الطرفين ،إذا كان أحدهما دائنا لآلخر ومدينا له في الوقت نفسه ،فينقض&&ي
الدينان بقدر األقل منهما .وللدائن في المقاصة مزايا خاصة على مال مدينه الموجود
بين يدي&&ه وال&&ذي يش&&كل نوع&&ا من الت&&أمين ك&&الحق في الحبس مثال :فللمقاص&&ة دور
م&&زدوج إذ تش&&كل أداة وف&&اء وأداة ض&&مان .ومن مزاي&&اه أيض&&ا تجنب ازدواج عملي&&ة
الوفاء واقتصاد نفقاته ،إذ يكفي فيها بدفع الفرق بين الدينين.
ويجب لقيام المقاصة توافر الشروط التالية :
أن يكون ال&&دينان ث&&ابتين ،وغ&&ير متن&&ازع فيهم&&ا :أي أن يك&&ون ال&&دينان محقق&&ا -1
الوجود ومحددا المقدار ،أي أن كل طرف دائنُا للطرف اآلخر وم&&دينًا ل&&ه في
ال&&وقت نفس&&ه بش&&كل محق&&ق ال ش&&ك في ثبوت&&ه ،وأن يك&&ون ال&&دين مح&&ددا في
مقداره ،وال نزاع حوله ال من حيث وجوده وال من حيث مق&&داره ،وإال امتن&&ع
إجراء المقاصة ،على أن النزاع الذي يمنع المقاصة يجب أن يكون جديا ،أي
رفعت بشأنه دعوى تمس أصله؛
أن يحل أجل ال&&دينين مع&ًا :أي أن يك&&ون ال&&دينان مس&&تحقا األداء ،إذ ال يج&&وز -2
جبر المدين على الوفاء قبل حلول أجل دينه ،فإن كان أحد الدينين مؤج&&ل فال
تقع المقاصة ،إال إذا سقط أجل الدين وأصبح ح&&ال األداء ،ويس&&تثنى من ذل&&ك
حالة ما إذا كان تأخر األجل ناتجا عن مهلة منحه&&ا القاض&&ي أو أح&&د ال&&دائنين
لآلخر تطبيقا لنص الفقرة الثانية من المادة 297من القانون المدني؛
أن يكون موضوع الدينين واحدًا :يقصد بهذا الشرط هو اتحاد ص&&نف ال&&دينين -3
إن كان&&ا من النق&&ود ،إض&&افة إلى اتح&اد الج&ودة إن كان&&ا من المثلي&&ات؛ فتك&&ون
المقاصة بين دينين من النقود بالدينار الجزائري مثال ،أو الي&&ورو ،وال تص&&ح
المقاصة بين دينين أحدهما بالدينار واآلخر باليورو .كما تص&&ح المقاص&&ة بين
دي&&نين متعلقين بكمي&&ة من القمح ذي الج&&ودة العالي&&ة ،وال تص&&ح المقاص&&ة بين
دين متعلق بالقمح وآخر متعلق باألرز ،أو بين دين متعلق بقمح عالي الج&&ودة
وآخر متعلق بقمح ذي جودة متدنية؛
أن يتمسك بالمقاصة صاحب المصلحة فيها :المقاصة ليست من النظام الع&&ام، -4
بل يجب على من له مصلحة فيها أن يتمسك بها ،وليس للقاضي أن يحكم بها
من تلقاء.
صفحة | 84
-5أن يكون الدينان صالحين للطالبة بهما قضاء :فال تقع المقاص&&ة إذا ك&&ان أح&&د
الدينين التزاما طبيعيا أي التزاما فقد عنصر المسؤولية ،أي حق المطالب&&ة ب&&ه
قضاء؛
-6أن يكون الدينان قابالن للحجز :فال يجوز طلب المقاصة إذا كان مال الم&&دين
غير قابل للحجز( كدين النفقة مثال).
-7أال تضر المقاصة بحقوق الغير المكتسبة :نص المشرع الجزائ&&ري من خالل
نص المادة 302في فقرتها الثالثة على عدم جواز وقوع المقاص&&ة إذا ك&&انت
تضر بحق&&وق الغ&&ير .وق&&د أورد المش&&رع في الفق&&رة الموالي&&ة من ذات الم&&ادة
ونص المادة 303تطبيقات لهذه الحالة تتمثل في اآلتي:
حالة حجز الغير تحت يد المدين ،كما إذا قام الغير بتوقيع حجز تحت يد المدين
ثم أصبح ه&&ذا الم&&دين دائن&&ا لدائن&&ه أي تح&&ولت ص&&فته من م&&دين فق&&ط إلى دائن
وم&&دين ب&&دين قاب&&ل للمقاص&&ة ،فهن&&ا ال يص&&ح إج&راء المقاص&&ة بين ه&&ذا الم&&دين
( ال&&ذي أص&&بح دائن&&ا في ال&&وقت نفس&&ه) وبين ال&&دائن ( ال&&ذي أص&&بح م&&دينا في
الوقت نفسه) ،ويرج&&ع الس&&بب في ذل&&ك إلى أن الغ&&ير ال&&ذي أوق&&ع حج&&زا باس&&م
المدين ال يمكنه االش&&تراك في اقتس&&ام الم&&ال المحج&&وز بس&&بب ال&&دين؛ ألن&&ه ق&&د
جرت بشأنه مقاصة ،وهذا يضر به ،ولـكن لو قام المدين بتوقيع الحج&&ز بنفس&&ه
على أموال المدين ،كان للغير حينها لالشتراك معه في اقتسام الم&&ال المحج&&وز
باعتباره دائنا.
حالة قبول الحوالة دون تحفظ :طبق&&ا لنص الم&&ادة 303في فقرته&&ا األولى ،إذا
قام الدائن بحوالة حقه إلى الغير ،وصدر من المدين قبول بتلك الحوالة دون أي
تحفظ ،فإنه ال يمكن لهذا المدين أن يتمسك بالمقاص&&ة تج&&اه المح&&ال ل&&ه ،وال&&تي
كان قد تمسك بها تجاه الدائن قبل قبوله الحوالة.
وعليه تقع المقاصة متى توافرت ش&&روطها ل&&ذلك س&&ميت بالمقاص&&ة القانوني&&ة ،وعن&&د
تخلف شرط من تلك الشروط ،أي التي تقع بقوة القانون جاز لصاحب ال&&دعوى طلب
المقاصة القضائية ،وللقاضي سلطة تقديرية ازاء هذا المطلب الع&&ارض ،فيحكم على
أي الخصمين يكون مدينا بالق&در الزائ&د عن حق&ه ،وق&د يلج&أ الطرف&ان إلى المقاص&ة
االتفاقية بمحض إرادتهما.
كما تجدر اإلشارة إلى أن المقاصة ليس&&ت من النظ&&ام الع&&ام ،ه&&ذا م&&ا ي&&رتب إمكاني&&ة
النزول عنها ولـكن قبل ثبوت الحق فيها ،طبقا لما جاءت ب&&ه الفق&&رة األولى من نص
المادة 300من التقنين المدني ،وهذا حماية للمدين من تعس&&ف بعض ال&&دائنين ال&&ذين
يشترطون تنازل المدين عن حقه في المقاص&&ة قب&&ل ثبوته&&ا ح&&تى ال يس&&تعملها إذا م&&ا
ثبتت ،فقطع المشرع على مثل هؤالء الطريق ومنع تنازل المدين قبل ثبوت حقه في
المقاصة ،فإذا ثبت حقه فيها كان الخيار له إما أن يتمسك بها وإما أن يتنازل عنها.
صفحة | 85
الفرع الخامس :اتحاد الذمة كطريق النقضاء الحق بما يعادله
وهو أن تجتمع في ذمة شخص واحد ص&&فتا ال&&دائن والم&&دين بالنس&&بة إلى دين واح&&د،
يحدث ذلك غالبا بعد الميراث ،حيث يرث الدائن المدين فال يستطيع أن يطالب نفس&&ه
بالدين فينقضي هذا الدين ،بما يفيد أنه كنتيجة لقبول الوارث للتركة بحقوقها وديونه&&ا
فقد يجد الشخص نفسه دائنا لمورثه ومدينا له في نفس الوقت ،وم&&ا دامت الترك&&ة ق&&د
آلت إليه ،فالدين الذي في ذمته ينقضي وينقضي حقه أيضا في مواجهة مورث&&ه ،ه&&ذا
ما كرسه المشرع الجزائري في نص المادة 304من تقنينه المدني.
المطلب الثالث :انقضاء الحقوق دون استيفائها
إن الحقوق في هذه الحالة تزول رغم عدم استيفاء أصحابها لها أي دون الوف&&اء به&&ا،
وعليه يتم االنقضاء على هذا النحو بإحدى الطرق اآلتية:
الفرع األول :االبراء كطريق النقضاء الحق دون استيفائه
كرس المشرع الجزائري ه&&ذه الوس&&يلة من خالل أحك&&ام الم&&ادتين 305و 306من
القانون المدني ،فيعد االبراء تصرف تبرعي قانوني يقوم به الدائن حيث ُي برئ ذم&&ة
مدين&&ه اختي&&ارا ،أي يتن&&ازل ش&&خص ال&&دائن عن حق&&ه قب&&ل الم&&دين دون مقاب&&ل ،فه&&و
تصرف يتم بإرادة الدائن المنفردة متى وصلت إلى علم الم&&دين ودون م&&ا حاج&&ة إلى
صدور قبول منه ،ولكن يصبح باطال إذا رفضه المدين.
وعليه إذا استوفى الدائن حقه عينا كان هذا وفاء ،وإذا استوفى مق&&ابال عن حق&&ه ك&&ان
هذا وفاء بمقابل وإذا نزل عن حقه فلم يستوفه ال عينا وال بمقابل ،كان هذا ابراء.
الفرع الثاني :استحالة الوفاء أو التنفيذ لاللتزام كطريق النقضاء الحق دون
استيفائه
وهي أن يص&&بح تنفي&&ذ االل&&تزام مس&&تحيال ،ويجب أن تك&&ون االس&&تحالة مطلق&&ة ،أي
االستحالة التي ترجع لسبب أجنبي ال يد للمدين فيه ،كممن تعهد شخص بنقل بضاعة
وتوريدها إلى شخص آخر وأثناء الطريق هلكت بسبب كارثة طبيعية مث&&ل الفيض&&ان
هذا ما جاء في نص المادة 307مدني جزائري.
الفرع الثالث :التقادم المسقط كطريق النقضاء الحق دون استيفائه
تناول المشرع الجزائري ه&&ذه الطريق&&ة ال&&تي تنقض&&ي به&&ا الحق&&وق من خالل أحك&&ام
المواد من 308الى 322من تقنينه المدني ،وعلي&&ه تتق&&ادم الحق&&وق بع&&دم اس&&تعمال
أصحابها لها خالل مدة قانونية محددة ،وهو افتراض ق&&انوني م&&ؤداه أن ال&&دائن ال&&ذي
سكت عن المطالبة بحقه مدة طويلة إما أن يكون قد استوفى حقه من مدين&&ه ،أو أب&&ره
منه ،كما أن الصالح العام يفرض احترام األوضاع المستقرة.
صفحة | 86
وقد نص المشرع الجزائري على مدة 15عشر سنة كقاعدة عام&&ة وهي الم&&دة ال&&تي
ال يجوز بعد انقضائها سماع الدعوى ،ألن بانقض&&اء م&&دة التق&&ادم المنص&&وص عليه&&ا
قانونا وقد سكت الدائن عن مطالبة المدين بحقه ،ف&&إن ح&&ق ال&&دائن ينقض&&ي وال يع&&ود
بإمكانه ارغام المدين على الوفاء.
وهن&&اك نص&&وص قانوني&&ة أخ&&رى أوردت م&&ددًا أقص&&ر في أح&&وال اس&&تثنائية للتق&&ادم
المسقط حسب طبيعة كل حق ،ويالحظ بخصوص التقادم المسقط أنه إذا س&&قط الح&&ق
بمضي المدة القانونية دون أن يطالب الدائن بالوفاء به فإنه يسقط بوص&&فه حق&&ا تام&&ا،
ولكنه يتحول إلى حق ناقص يقابله التزام طبيعي على المدين بالوف&&اء ،بحيث أن&&ه إذا
وّفى به باختياره وهو على بينة من أمره اعت&&بر أن&&ه وّفى التزام&&ا واجب&&ا علي&&ه ،و ال
تجوز له بعد ذلك أن يسترد ما وّفاه إذ أنه وّفى بحق يعترف ب&&ه الق&&انون وان ك&&ان ال
يحميه أعني ال يعطي صاحبه وسيلة لقهر المدين على الوفاء به.
المبحث الثالث :انقضاء الحقوق الذهنية
المكرس في القوانين الحديثة أن الجانب الم&&الي من الحق&&وق الذهني&&ة أو الفكري&&ة ه&&و
حق مؤقت ،هذا ما يفسر أن الحق الذهني ينقضي بانقضاء م&&دة معين&&ة بحيث يص&&بح
بعدها هذا الحق جزءا من الثروة الفكرية العامة فيتملكه المجتمع وال تع&&ود ل&&ه ص&&فة
الحق الخاص.
وقد حدّد القانون الجزائري مدة انقضاء الحق الذهني بخمسين س&&نة تس&&ري من وف&&اة
المؤّلف ،فلصاحب الحق أن يستغل ماليا ثمرة فكر ونتاج فكره طوال حياته ،وت&&ؤول
من بع&ده إلى ورثت&ه ،وبع&د مض&ي م&دة الـ 50س&نة يس&قط الج&انب الم&الي للحق&وق
الذهني&&ة بالنس&&بة إلى الورث&&ة ،غ&&ير أن المش&&رع الجزائ&&ري نص في الم&&ادة 68من
قانون حق المؤلف أن المؤلف&&ات ال&&تي أص&&بحت ملك&&ا للجمه&&ور توض&&ع تحت حماي&&ة
الدولة.
بينما ينقضي الجانب المالي لحق االخ&&تراع بع&&د مض&&ي عش&&رين س&&نة ،وبخص&&وص
ذلك ال بد من الحصول على ترخيص من وزارة الثقاف&&ة واالتص&&ال في ه&&ذا الش&&أن،
ح&تى يك&&ون بالت&&الي ألي ك&&ان أن يس&تفيد مالي&&ا من&&ه دون أن يل&&تزم ب&&أي مقاب&&ل نح&و
الورثة.
والحقوق الذهنية شأنها ش&أن الحق&وق الشخص&ية والحق&وق العيني&ة ال تخ&رج أس&باب
انتقالها أو انتقالها عن أحد األمرين :إما التص&&رف الق&&انوني وإم&&ا الواقع&&ة القانوني&&ة،
وهي الحقيقة العلمية من أن جمي&ع مص&ادر الحق&وق وأس&باب انقض&ائها تنحص&ر في
هاذين األمرين.
صفحة | 87