You are on page 1of 26

‫المحتويات‬

‫رقم الصفحة‬ ‫عنوان الموضوع‬ ‫ت‬

‫‪1‬‬ ‫الفهرسة‬ ‫‪-١‬‬


‫‪2‬‬ ‫اآلية القرآنية‬ ‫‪-٢‬‬
‫‪3‬‬ ‫اإلهداء‬ ‫‪-٣‬‬
‫‪4‬‬ ‫الشكر والعرفان‬ ‫‪-٤‬‬
‫‪5‬‬ ‫الملخص‬ ‫‪-٥‬‬
‫‪6‬‬ ‫المقدمة‬ ‫‪-٦‬‬

‫‪7‬‬ ‫المبحث األول‪ /‬ماهيه شرط المصلحة‬ ‫‪-٧‬‬

‫‪7‬‬ ‫المطلب االول‪/‬مفهوم المصلحة‬ ‫‪-٨‬‬

‫‪11‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ /‬خصائص المصلحة‬ ‫‪-٩‬‬

‫‪15‬‬ ‫‪ -١٠‬المبحث الثاني‪ /‬المصالح التي تحميها دعوة االلغاء‬

‫‪15‬‬ ‫المطلب االول‪ /‬انواع المصلحة‬ ‫‪-١١‬‬

‫‪20‬‬ ‫المطلب الثاني‪ /‬وقت توافر المصلحة‬ ‫‪-١٢‬‬

‫‪24‬‬ ‫الخاتمة‬ ‫‪-١٤‬‬

‫‪25‬‬ ‫المصادر‬ ‫‪-١٥‬‬

‫‪-1-‬‬
‫ات ِِّمَّا َع ِملُوا ۖ َولِيُ َوفِِيَ ُه ْم أَ ْع َما ََلُْم َو ُه ْم ََل‬
‫﴿ َولِ ُك ٍِّل َد َر َج ٌ‬
‫يُظْلَ ُمو َن﴾‬

‫[االحقاف ‪]19 :‬‬

‫‪-2-‬‬
‫إلى نبي الهدى وإمام التقى شفيعي محمد (صلى‬ ‫•‬
‫هللا عليه وسلم )‪….‬‬
‫إلى نبع الحنان ‪ ,‬ومن لراحتي لم تغمض لها اجفان‬ ‫•‬
‫‪ ,‬و ُجعلت تحت أقدامها الجنان أمي‪….‬‬
‫إلى سندي في طريقي ‪ ,‬ومن بفضله جعل الكتاب‬ ‫•‬
‫رفيقي أبي…‬
‫إلى زهور ايامي ‪ ,‬ومن وجدت فيهم ابتسامتي ‪,‬‬ ‫•‬
‫وعند الضيق هم امامي إخوتي‪…..‬‬
‫إلى من هم ورثة األنبياء ‪ ,‬وللجاهلين دواء ‪ ,‬وللناس‬ ‫•‬
‫ضياء أساتذتي‪....‬‬

‫‪-3-‬‬
‫شكر وعرفان‬

‫لقد حثنا هللا في كتابه العزيز على شكر الناس " قائال" َوفَ ْوقَ كُل ذي ع ْلم َ‬
‫عليم" (سورة يوسف‬
‫آية ‪ )76‬صدق هللا العظيم‪.‬‬
‫اشكر هللا العلي القدير الذي أنعم علي بنعمة العقل والدين القائل في محكم التنزيل عن أبي‬
‫هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " من ال يشكر الناس ال يشكر هللا"‪.‬‬
‫وأيضا وفاء وتقديرا واعترافا مني بالجميل اتقدم بجزيل الشكر ألولئك المخلصين الذين لم يألوا‬
‫جهدا في مساعدتي في مجال البحث العلمي‪ ،‬وأخص بالذكر األستاذة الفاضلة ( أ‪.‬م‪.‬د‪.‬احمد محمود‬
‫احمد الربيعي) على هذه الدراسة وصاحب الفضل في توجيهي ومساعدتي في تجميع المادة‬
‫البحثية وايضا اللجنة المشرفة على مناقشتي في هذا البحث‪ ،‬فجزاكم هللا خيرا ‪.‬‬
‫وأتقدم بشكري الى عمادة كلية الحقوق في جامعة الموصل التي قدمت لي الدعم الكبير والمساعدة‬
‫وخصوصا عميد الكلية الدكتور وسام نعمت السعدي‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬أتقدم بجزيل شكري إلى كل من مدوا لي يد العون والمساعدة في إخراج هذه البحث‬
‫على أكمل وجه‪.‬‬

‫وهللا ولي التوفيق‬

‫‪-4-‬‬
‫الملخص‬

‫ترتبط دراسة المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬بتطور االجتهاد القضائي‪ ،‬وقد اخترناها محال للدراسة‬
‫في هذا البحث بهدف استجالء المبادئ التي تحكم هذه المصلحة من أحكام القضاء الذي له الفضل‬
‫في إنشائها وإبرازها‪ ،‬وال سيما ما أخذت به محكمة العدل العليا‪ ،‬بشكل خاص‪.‬‬
‫وقد تمت مناقشة هذا الموضوع‪ ،‬من خالل مبحثين خصص األول منهما لماهية شرط المصلحة‪،‬‬
‫فقد تم بيان مفهوم المصلحة‪ ،‬وكذلك خصائصها‪ ،‬أما المبحث الثاني من الدراسة فقد تناول المصالح‬
‫التي تحميها دعوى اإللغاء‪ ،‬من خالل بيان مصالح األفراد والموظفين والهيئات ثم وقت تقدير هذه‬
‫المصلحة‪ .‬وخلصت الدراسة إلى أن مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬تساهل في شرط المصلحة ووسع من‬
‫نطاق المصالح التي تبرر دعاوى األفراد والهيئات توسعا لم تجاريه فيه محكمة العدل العليا‪.‬‬
‫قبول وتوصلت الدراسة إلى جملة من التوصيات نعتقد أن األخذ بها سوف يؤدي إلى توسيع مضلة‬
‫الحماية القضائية المنشودة‪ ،‬بما يضمن تحقيق مبدأ المشروعية والمصلحة الخاصة على السواء‪.‬‬

‫‪-5-‬‬
‫المقدمة‬

‫تعتبر المصلحة في مجال التقاضي‪ ،‬ركنا أساسيا من أركان الدعوى ولذلك اعتبر القانونيين أن‬
‫المصلحة معيار الدعوى‪ ،‬فال دعوى بغير مصلحة‪ ،‬لمنع الدعاوى الكيدية‪ ،‬وإيصالها إلى ساحة‬
‫القضاء دون مبرر وحتى تعتبر المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬أساسا لهذه الدعوى يجب أن ترتبط‬
‫بالمدعي ارتباطا مباشرا تضعه في حالة الدفاع عن مصلحة ذاتية أضيرت من القرار اإلداري‬
‫سواء كانت هذه المصلحة مادية أم معنوية‪ ،‬محققه أو محتملة‪ .‬والمصلحة قد تكون فردية خاصة‬
‫باألشخاص الطبيعيين ك األفراد والموظفين‪ ،‬كما قد تكون جماعية خاصة بالهيئات التي تتمتع‬
‫بالشخصية المعنوية فلها الحق في طلب إلغاء القرارات اإلدارية التي تمس مصالحها المرتبطة‬
‫بالغرض الذي أنشئت من أجله‪ ،‬والذي تحدده القوانين واألنظمة الخاصة بإنشائها‪.‬‬
‫وقد نص قانون محكمة العدل العليا رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 1992‬على اختصاص المحكمة بطعون ذوي‬
‫المصلحة‪ ،‬التي يقدمها األفراد والهيئات بإلغاء القرارات اإلدارية‪ ،‬وإذا كانت محكمة العدل العليا‬
‫قد أخذت بمصالح مختلفة لألفراد والموظفين وبعض الهيئات‪ ،‬إال أن رعايتها لهذه المصالح‪ ،‬مقيدة‬
‫باختصاصها المحدد على سبيل التعداد والحصر‪ ،‬كما أن اجتهادها يجنح أحيانا خارجا عما استقر‬
‫عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي‪.‬‬
‫وعليه فقد اخترت في هذه الدراسة‪ ،‬أن أبحث في موضوع « شرط المصلحة في دعوى اإللغاء‬
‫» متبعا األسلوب الوصفي التحليلي المقارن ما أمكن وفق الخطة التالية‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية شرط المصلحة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المصلحة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص المصلحة ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أنواع المصلحة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬وقت توافر المصلحة ‪.‬‬
‫الخاتمة ‪.‬‬

‫‪-6-‬‬
‫المبحث األول‬
‫ماهية شرط المصلحة‬
‫تعتبر المصلحة أساس الدعوى‪ ،‬الن قبول الثانية يعتمد على توافر األولى ‪ ،‬التي يستخلصها القضاء‬
‫لهذا سندرس ماهية شرط المصلحة في هذا المبحث من خالل أحكام القضاء وآراء الفقه فنتعرض‬
‫لمفهوم المصلحة في المطلب األول ونتناول خصائص المصلحة في المطلب الثاني‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المصلحة‬


‫تستعمل كلمة المصلحة في مجال القانون مرة بمعنى أنها عنصر من عناصر الحق‪ ،‬فيقال إن‬
‫الحق مصلحة مادية أو أدبية‪ ،‬يحميها القانون‪ ،‬ومرة أخرى بمعنى أنها شرط لقبول الدعوى‪ ،‬فيقال‬
‫إن المصلحة معيار الدعوى‪ ،‬وال دعوى بغير مصلحة‪ ،‬وهذا المعنى األخير‪ ،‬هو مدار بحثنا‪. 1‬‬
‫ويعرفها الفقه بأنها‪« :‬الحاجة إلى حماية القانون‪ ،‬أو هي الفائدة العملية‪ ،‬التي تعود على رافع‬
‫الدعوى من الحكم له بطلباته‪ .‬وتعبير المصلحة في الدعوى له وجهان وجه سلبي‪ ،‬مقتضاه استبعاد‬
‫من ليس في حاجة إلى حماية القانون‪ ،‬من االلتجاء إلى القضاء‪ ،‬ووجه إيجابي‪ ،‬هو اعتبارها شرطا‬
‫لقبول دعوى كل من له فائدة من الحكم الصادر فيها ‪. 2‬‬
‫ويعود للقضاء تقدير توافر هذه المصلحة‪ ،‬من عدمه‪ .‬فالمشرع يتطلب توافر شرط المصلحة الرافع‬
‫الدعوى‪ ،‬سواء أمام القضاء العادي‪ ،‬أو أمام القضاء اإلداري‪.‬‬
‫فقد نص قانون أصول المحاكمات المدنية (األردني)‪ ،‬على أنه‪ « :‬ال يقبل أي طلب‪ ،‬أو دفع ال‬
‫يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون» ‪.3‬‬
‫كما نص قانون محكمة العدل العليا على أنه‪ « :‬ال تقبل الدعوى المقدمة من أشخاص ليست لهم‬
‫مصلحة شخصية»‪ ،4‬إال أن المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬تختلف عن مثيلتها في الدعوى العادية‪،‬‬
‫فهي في هذه الدعوى األخيرة‪ ،‬تستند إلى حق اعتدي عليه‪ ،‬أو مهدد باالعتداء عليه‪ ،‬في حين أنها‬
‫في دعوى اإللغاء‪ ،‬ال يشترط فيها أن تستند إلى حق لرافعها‪ ،‬سواء اعتدي عليه‪ ،‬أو مهدد باالعتداء‬
‫عليه‪.‬‬
‫وهذا راجع إلى الطبيعة العينية لدعوى اإللغاء‪ 5‬وفي هذا الشأن تقول محكمة العدل العليا‪ « :‬من‬
‫حق عضو المجلس القروي أن ينازع في قانونية أي عضو آخر في المجلس نفسه‪ ،‬وأن دعوى‬
‫اإللغاء ليست دعوى شخصية‪ ،‬بل عينية القصد منها فحص مشروعية القرار اإلداري‪ ،‬ورد اإلدارة‬
‫إلى جادة الحق‪ ،‬تحقيقا للمصلحة العامة»‪ .6‬وعليه فإن الطبيعة العينية لدعوى اإللغاء‪ ،‬والتي تقوم‬
‫على مخاصمة القرار اإلداري‪ ،‬لبحث مشروعيته‪ ،‬واستهداف حماية مبدأ المشروعية تحقيقا‬

‫‪ 1‬الدكتور الشرقاوي عبد المنعم أحمد ‪ ،‬نظرية المصلحة في الدعوى‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1947 ،‬ص‪.53 :‬‬
‫‪ 2‬الدكتور حلمي محمود ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الثقافة للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1984 ،‬‬
‫ص ‪. 320 :‬‬
‫‪ 3‬المادة (‪ )3‬من قانون أصول المحاكمات المدنية‪ ،‬رقم ‪ 24‬لسنة ‪.1988‬‬
‫‪ 4‬الفقرة (ج) المادة (‪ )9‬من قانون محكمة العدل العلياء رقم ‪ 12‬لسنة ‪.1992‬‬
‫‪ 5‬الدكتور الطماوي سليمان‪ ،‬القضاء االداري قضاء االلغاء ‪ ،‬القاهرة دار الفكر العربي ‪ ،‬الطبعة السادسة ‪1996‬‬
‫ص‪.428‬‬
‫‪ 6‬عدل عليا رقم‪ ٨٦/١٠١ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1988‬ص‪ ،66 :‬تاريخ ‪١٩٨٧/1/٢٣‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٣/٢٥٧ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1994 ،‬ص‪ ، 1474 :‬تاريخ ‪.١٩٩٣/12/١٨‬‬

‫‪-7-‬‬
‫للمصلحة العامة‪ ،‬أدت إلى االكتفاء بتوافر مجرد مصلحة شخصية الرافع دعوى اإللغاء‪ ،‬لقبولها‪.‬‬
‫بالرغم مما تحققه هذه الدعوى من حماية مصلحة خاصة لرافعها‪ ،‬إال أنها تبقى مجرد مصلحة‬
‫وليست حقا شخصيا قامت الدعوى لحمايته‪ ،‬فقد قضت محكمة العدل العليا ‪ « :‬فعنصر المصلحة‪،‬‬
‫وإن كان البد من توفره في دعوى اإللغاء‪ ،‬إال أن ا لمصلحة هذه‪ ،‬ال يشترط أن تستند إلى حق‬
‫لرافعها‪ ،‬اعتدت عليه اإلدارة‪ ،‬أو مهدد باالعتداء عليه‪ ،‬باعتبار أن النزاع في الدعوى الماثلة‪،‬‬
‫يدور حول مشروعية القرار اإلداري ذاته‪ ،‬وأنها تتوافر ولو كانت مصلحة محتملة» ‪ .7‬كما‬
‫أوضحت المحكمة أوجه االختالف‪ ،‬في شروط قبول كل من دعوى اإللغاء‪ ،‬ودعوى التعويض‪.‬‬
‫وتطبيقا لذلك قضت‪ « :‬وبما أنه يكتفى في دعوى اإللغاء‪ ،‬أن يكون رافعها صاحب مصلحة في‬
‫إلغاء القرار اإلداري‪ ،‬في حين يشترط في رافع دعوى التعويض‪ ،‬أن يكون صاحب حق أصابته‬
‫جهة اإلدارة بقرارها الملغي بضرر يراد رتقه والتعويض عنه ‪.8‬‬
‫فالطبيعة العينية لدعوى اإللغاء وما استتبعه ذلك من عدم اشتراط استناد مصلحة رافع الدعوى‪،‬‬
‫إلى حق إضافة إلى مسلك‪ .‬مجلس الدولة الفرنسي فيما يتعلق بشرط المصلحة حيث يسر المجلس‪،‬‬
‫وتوسع في أنواع المصالح المعترف فيها‪ ،‬والمبررة لقبول دعوى اإللغاء مما وسع من نطاق قبول‬
‫هذه الدعوى ‪ ،9‬كل ذلك أدى إلى إثارة جدل في الفقه حول طبيعة دعوى اإللغاء‪ .‬فذهب رأي في‬
‫الفقه إلى أن دعوى اإللغاء دعوى حسبة ‪ ، 10‬تخول للمواطنين بصفة عامة حق مراقبة تصرفات‬
‫اإلدارة رافضا اعتبار وجود مصلحة خاصة لرافع الدعوى شرطا لقبولها وحجج هذا الرأي‪.10‬‬
‫أوالً‪ :‬أن قضاء اإللغاء قضاء عيني‪ ،‬قائم على مخاصمة القرار اإلداري المخالف للقانون‪ ،‬وال‬
‫يهدف كالقضاء الشخصي إلى حماية الحقوق والمراكز الفردية المعتدى عليها‪ ،‬وبناء على ذلك‬
‫فإن شرط المصلحة‪ ،‬ضروري في دعوى التعويض‪ ،‬أو (القضاء الكامل)‪ ،‬لكنه غير ضروري‬
‫بالنسبة لدعوى اإللغاء‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬لم يشترط المشرع‪ ،‬ضرورة توافر المصلحة الرافع دعوى اإللغاء‪ ،‬فليس للقضاء أن‬
‫يستكمل هذا النقص‪ ،‬بل عليه أن يقبل هذه الدعوى من أي مواطن‪.‬‬
‫أما الرأي اآلخر وهو الرأي الراجح في الفقه والقضاء‪ ،‬والذي يرى أنه من المبادئ التي تقوم‬
‫عليها وظيفة القضاء‪ ،‬أن القاضي ال يستطيع أن ينظر من تلقاء نفسه‪ ،‬وال أن يحكم بما لم يطلبه‬
‫الخصوم‪ ،‬فإذا كان لكل فرد أن يعرض النزاع على القاضي‪ ،‬في أية مسألة دون أي شرط يميزه‬
‫عن غيره من سائر األفراد‪ ،‬فال يمكن في هذا الوضع اعتبار الفرد خصما حقيقيا في النزاع‪.‬‬
‫ويصبح القاضي‪ ،‬وكأنه قد تعرض للنزاع من تلقاء نفسه‪ ،‬وهذا مخالف للمبادئ التي تحكم وظيفة‬
‫القضاء ‪ .11‬وقد تبنى اغلب الفقه وكذلك القضاء الفرنسي هذا الرأي‪ ،‬فدعوى اإللغاء ليست دعوى‬
‫حسبة وال بد أن يكون الرافع الدعوى مصلحة شخصية ومباشرة ومع ذلك انتهج مجلس الدولة‬

‫‪ 7‬عدل عليا رقم‪ ، ٩٢/١٦٨ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1994 ،‬ص‪ ،1968 :‬تاريخ ‪١٩٩٣/٣/١٦‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ٩٤/١٤١ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1995‬ص‪ 3205 :‬تاريخ ‪١٩٩٤/9/١٤‬‬
‫– عدل عليا رقم ‪ ،٩٨/٤٥٣ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1999‬ص‪ ،2939 :‬تاريخ ‪١٩٩٩/3/٢٠‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ،٢٠٠٥/٢٩٣ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،2006‬ص ‪ 72‬تاريخ ‪.٢٠٠٥/10/٢٦‬‬
‫‪ 8‬عدل عليا رقم ‪ ، 94 / 193 :‬مجلة نقابة المحاميين‪ ،1995 ،‬ص ‪ ،56‬تاريخ ‪1994/10/19‬‬
‫عدل عليا رقم ‪ ، 94 /182 :‬مجلة نقابة المحاميين‪ 1995 ،‬ص ‪ 3230‬تاريخ ‪.1994/11/16‬‬
‫‪ 9‬الدكتور بسيوني عبد الغني ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء االسكندرية منشأة المعارف ‪ 1997‬ص ‪ 88‬و ‪.89‬‬
‫‪ 10‬الدكتور حافظ محمود ‪ ،‬القضاء اإلداري القاهرة دار النضة العربية ‪ 1993‬ص ‪.567‬‬
‫‪ 11‬حول هذا الرأي انظر الدكتور الطماوي سليمان ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ ، 431 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪-8-‬‬
‫الفرنسي مسلك قضائيا مرنا تجاه شرط المصلحة فتوسع في نطاق المصالح التي تبرر قبول دعوى‬
‫اإللغاء ‪.‬‬

‫فنجد على سبيل المثال أن مجلس الدولة الفرنسي يكتفي ومنذ عام ‪ 1889‬بمجرد مساس القرار‬
‫اإلداري بمصلحة المدعي وتطبيقا لذلك أصدر حكمة الشهير في قضية شركة «كوك» وهي شركة‬
‫للسياحة بمدينة نيس ‪ ،‬تقدمت بطعن في قرار أصدره عمدة المدينة ‪ ،‬لتنظيم حركة المرور ووقوف‬
‫العربات في أماكن معينة ‪ ،‬على أساس أن هذا القرار ‪ ،‬من شانه تضييق األماكن المخصصة‬
‫لوقوف العربات فيعيقها عن نقل المسافرين ‪ ،‬ويعرقل نشاطها التجاري فاكتفى المجلس بصفة‬
‫التاجر كمبرر لطلب إلغاء قرار عمدة المدينة ‪.12‬‬
‫و لقضاء مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬بخصوص توافر المصلحة الشخصية والمباشرة صدى لدى‬
‫القضاء اإلداري المصري‪ ،‬فدعوى اإللغاء ليست دعوى حسبة ورافع الدعوى يجب أن يستند إلى‬
‫وصف يبرز المصلحة الشخصية والمباشرة ‪ ،‬لطلب اإللغاء ‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة القضاء‬
‫اإلداري بحكمها الصادر بتاريخ ‪ 10/4/1948‬حيث قالت فيه ‪ « :‬انه وأن كان ال يشترط في‬
‫المصلحة المسوغة لطلب إلغاء القرارات اإلدارية ‪ ،‬أن تقوم على حق أهدره القرار اإلداري‬
‫المطعون فيه ‪ ،‬كما هي الحال في دعوى التعويض بل يكفي أن يمس القرار اإلداري حالة قانونية‬
‫ما بطالب اإللغاء تجعل له مص لحة مادية أو أدبية في طلب إلغائه إال انه من ناحية أخرى يجب‬
‫أن تكون تلك المصلحة شخصية ومباشرة ‪ ،‬فال يقبل الطلب من أي شخص لمجرد انه مواطن‬
‫يهمه إنفاذ القانون حماية للصالح العام ‪ ،‬أو أنه احد أفراد جماعة من الناس تعنيه مصالحها ‪ ،‬بل‬
‫يجب فوق ذلك أن يكون طالب اإلل غاء في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطلوب‬
‫إلغاؤه‪.13‬‬
‫وبالنسبة لمحكمة العدل العليا ‪ ،‬فقد درجة على ما استقر عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬من‬
‫أن دعوى اإللغاء ليست دعوى حسبة‪ ،‬بل هي دعوى قضائية‪ ،‬يشترط لقبولها شكال‪ ،‬أن يكون‬
‫الرافعها مصلحة شخصية ومباشرة‪.‬‬
‫وتطبقا لذلك قضت‪« :‬أن دعوى اإللغاء ليست دعوى حسبه‪ ،‬وإنما تنتمي إلى القضاء الموضوعي‬
‫والبد من توافر مصلحة للطاعن حتى تقبل دعواه» ‪.14‬‬
‫فالبد من توافر مصلحة شخصية الرافع دعوى اإللغاء‪ ،‬حتى تقبل دعواه ‪،15‬أي البد من أن يسعى‬
‫إلى تحقيق نفع شخصي من وراء دعواه‪ ،‬وهذا هو المطلوب في دعوى اإللغاء‪ ،‬فإلى جانب الدفاع‬
‫عن المشروعية‪ ،‬والصالح العام‪ ،‬يكون الرافع الدعوى مصلحة شخصية‪ ،‬لضمان جدية الطعون‬
‫المقدمة ‪ ،‬أو على حد تعبير محكمة العدل العليا ‪ « :‬حتى تكون هذه المصلحة قرينة على جدية‬

‫‪ 12‬المزيد من التفاصيل ‪:‬‬


‫‪-‬الدكتور حافظ محمود ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 568 :‬وما بعدها‬
‫‪ -‬الدكتور الطماوي سليمان ‪ ،‬القضاء اإلداري قضاء اإللغاء ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 432 :‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 13‬حكم محكمة القضاء اإلداري ‪ ،‬في القضية رقم ‪ 322 :‬لسنة ‪ 1‬القضائية بتاريخ ‪ ١٩٤٨/4/١٠‬موسوعة المبادئ القانونية للمنازعات‬
‫اإلدارية‪ ،‬إعداد المستشار حمدي عكاشة ‪ ،‬ص ‪. 66 :‬‬
‫‪- 14‬عدل عليا رقم‪ ، ٨٤/١٧٢ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1985 ،‬ص‪ ،1713 :‬تاريخ ‪١٩٨٥/7/١٣‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٣/٢٥٧ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1994 ،‬ص ‪ ، 1474‬تاريخ ‪١٩٩٣/12/١٨‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ٩٤/٢٤٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1995‬ص‪ 3259 :‬تاريخ ‪١٩٩٤/11/٢٦‬‬
‫‪- 15‬عدل عليا رقم ‪ ، ٨٠/٨٢ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1981 ،‬ص ‪ ، 1272 :‬تاريخ ‪١٩٨١/5/٣١‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ،٨٠/٣٨ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1981‬ص ‪ ،164‬تاريخ ‪١٩٨٠/9/١٧‬‬

‫‪-9-‬‬
‫الدعوى ‪ ،16‬أما استهداف تحقيق مصلحة عامة‪ ،‬فإنه يجعل من دعوى اإللغاء دعوى حسبة‪.‬‬
‫فالمصلحة في قضاء محكمة العدل العليا‪ ،‬هي المصلحة الشخصية المباشرة‪ .‬وفي هذا تقول‬
‫المحكمة‪ « :‬يكفي لمخاصمة القرار اإلداري في دعوى اإللغاء‪ ،‬أن يكون الرافعها مصلحة شخصية‬
‫يؤثر فيها القرار تأثيرا مباشرا» ‪.17‬‬
‫وان كانت مصلحة رافع الدعوى تصل في بعض األحيان إلى درجة الحق الذي يحميه القانون‬
‫وفي هذا الشأن تقول محكمة العدل العليا‪ « :‬ولما كانت المادة (‪ )16‬من الدستور‪ ،‬قد نصت على‬
‫حق المواطنين في تأليف الجمعيات‪ ،‬فإن دعواهم تستند إلى حق يحميه الدستور‪ .‬وهذا الحق أكثر‬
‫من المصلحة المباشرة الشخصية‪ ،‬التي تقبل معها دعوى اإللغاء‪ ،‬خاصة وأن المستدعين في مركز‬
‫قانوني يتأثر بالقرار المطعون فيه‪ ،‬ما دام القرار قائما‪ ،‬وعليه فإن هذا الدفع حقيق بالرد» ‪. 18‬‬
‫وعلى أية حال فتوافر المصلحة الشخصية المباشرة لرافع الدعوى‪ ،‬هو األساس لقبول دعواه‬
‫شكال‪ ،‬أمام محكمة العدل العليا‪ ،‬لهذا ترد دعوى اإللغاء شكال‪ ،‬النتفاء شرط المصلحة‪ ،‬إذا لم يكن‬
‫للمستدعي مصلحة تبرر تقديمها‪.‬‬
‫وتطبيقا لذلك قضت محكمة العدل العليا « نجد أنه ال مصلحة للمستدعين‪ ،‬في إلغاء قرار مدير‬
‫المؤسسة المستدعى ضده المطعون فيه‪ ،‬إذ ال عالقة له بإلغاء زيادات الجدارة التي ألغاها قرار‬
‫المستدعى ضده رقم (‪ ،) 5/93‬ولما كانت المصلحة هي مناط الدعوى التي تقدم إللغاء أي قرار‬
‫إداري ولما كانت المصلحة منتفية في هذا الطعن‪ ،‬فإن الدعوى تكون حقيقة بالرد» ‪ .19‬وبديهي‬
‫أن يكون رافع دعوى اإللغاء‪ ،‬أهال للتقاضي‪ .‬وهذا شرط ال يثير خالفا فقهيا كما هو الحال بالنسبة‬
‫الشتراط الصفة في رافع دعوى اإللغاء‪ ،‬فأهلية التقاضي‪ ،‬أحكامها في القانون اإلداري ال تختلف‬
‫عنها في القانون المدني‪.‬‬
‫أما بالنسبة للصفة‪ ،‬بالرغم من ارتباطها الوثيق في شرط المصلحة إال أن الخالف الفقهي‪ ،‬نشب‬
‫حول كونها مندمجة في المصلحة‪ ،‬أم إنها مستقلة عنها ‪.20‬‬
‫فمن الفقه من يرى أن الصفة‪ ،‬شرط مستقل عن المصلحة في نطاق قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬وأنه إذا‬
‫انتفت الصفة‪ ،‬كانت الدعوى غير مقبولة‪ ،‬ويجوز إبداء هذا الدفع في أية حالة كانت عليها‬
‫الدعوى‪.21‬‬
‫إال أن الرأي الراجح في الفقه‪ ،‬والقضاء اإلداريين في فرنسا وفي مصر‪ ،‬هو اندماج مدلول الصفة‬
‫في شرط المصلحة‪ ،‬في نطاق قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬فتتوافر الصفة‪ ،‬كلما وجدت مصلحة شخصية‬
‫مباشرة الرافع دعوى اإللغاء ‪. 22‬‬

‫‪- 16‬عدل عليا رقم‪ ،٨٤/٩٧ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1985‬ص‪ ،21 :‬تاريخ ‪١٩٨٤/10/٣‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ،٩٤/٨٠ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1995 ،‬ص‪ ،627 :‬تاريخ ‪١٩٩٤/9/٢٧‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪،٩٥/٥٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1997‬ص ‪ ،505‬تاريخ ‪١٩٩٥/5/١٦‬‬
‫‪ 17‬عدل عليا رقم‪ ،٨٤/١٧٢ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1985 ،‬ص‪ ،1713 :‬تاريخ ‪.١٩٨٥/٧/١٣‬‬
‫‪- 18‬عدل عليا رقم‪ ،٩٤/١١٣ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1995 ،‬ص‪ ،3180 :‬تاريخ ‪١٩٩٤/5/١٤‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ٩٨/٣٣٦ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1999‬ص ‪ ،2884‬تاريخ ‪١٩٩٩/3/٧‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٢٠١٠/٦٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 2010 ،‬ص‪ ، 1272 :‬تاريخ ‪. ٢٠١٠/4/٢٢‬‬
‫‪ 19‬ولمزيد من التفاصيل حول أسباب هذا الخالف انظر الدكتور الطماوي سليمان ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.435‬‬
‫‪ 20‬الدكتور العطار فؤاد ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬القاهرة دار النهضة العربية ‪ ، 1968‬ص‪.542 :‬‬
‫‪ 21‬الدكتور بسيوني عبد الغني ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.93 :‬‬
‫‪ 22‬عدل عليا رقم ‪ 83 113‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1984 ،‬ص‪ ،671 :‬تاريخ ‪.١٩٨٤/٤/٧‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫ونحن وإن كنا نميل إلى رأي الدكتور العطار)‪ ،‬فيما يتعلق باستقالل كل من الصفة عن المصلحة‬
‫باعتبار أن المصلحة شرط لقبول الدعوى‪ ،‬في حين أن الصفة شرط لمباشرتها‪ .‬إال أننا ال نؤيد ما‬
‫انتهى إليه‪ ،‬من أنه إذا انتفت الصفة كانت الدعوى غير مقبولة‪.‬‬
‫ونرى في اندماج الصفة في شرط المصلحة‪ ،‬انسجاما مع الطبيعة العينية لدعوى اإللغاء‪ ،‬بما‬
‫تستهدفه من إزالة للقرارات اإلدارية غير المشروعة‪ ،‬واتفاقا مع طبيعة المصلحة فيها‪ ،‬والتي ال‬
‫يشترط استنادها إلى حق‪ ،‬كما أن هذا االندماج بعد مظهرا من مظاهر التيسير والتسهيل على‬
‫طالب اإللغاء‪ .‬وقد أخذت محكمة العدل العليا بما هو محل إجماع الفقه والقضاء‪ ،‬حيث أشارت‬
‫المحكمة إلى اندماج المصلحة بالصفة‪ ،‬وليس الصفة بالمصلحة فتقول‪ :‬إن المصلحة في مجال‬
‫دعوى اإللغاء‪..‬تندمج في الصفة في مجال القضاء اإلداري‪ ،‬وتصبح الدعوى مقبولة ‪. 23 » ..‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص المصلحة‬


‫يشترط القضاء في المصلحة التي تبرر قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬توافرها على خصائص معينة‪،‬‬
‫فدعوى اإللغاء ليست دعوى حسبه متاحة سبيال لكل من أراد تقديم الطعن‪ ،‬دفاعا عن مبدأ‬
‫المشروعية‪ .‬بل البد أن تستند دعواه إلى مصلحة تتحدد خصائصها بما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن تكون مصلحة شخصية ومباشرة‬
‫تعني المصلحة الشخصية والمباشرة‪ ،‬وجود عالقة بين القرار اإلداري المطعون فيه‪ ،‬وبين المدعي‬
‫وهذه العالقة‪ ،‬تضع المدعي في وضع قانوني‪ ،‬يخوله صفة الطعن في القرار اإلداري ‪ . 24‬وتتحقق‬
‫الصفة الشخصية والمباشرة للمصلحة من المصلحة الشخصية للمدعي بالقرار المطعون فيه‪،‬‬
‫والضرر الشخصي الذي يسببه له‪ .‬ومن هنا فإن الدعوى المرفوعة من شخص ليست له مصلحة‬
‫شخصية في إلغاء القرار‪ ،‬ال تقبل مهما كانت صلته بصاحب المصلحة‪.‬‬
‫وتطبيقا لذلك قضت محكمة العدل العليا يحق للمستدعي في الدعوى اإلدارية‪ ،‬مخاصمة القرار‬
‫اإلداري الذي يمس مصلحته شخصيا‪ ،‬أما اإلدعاء باإلضافة للورثة فغير مقبول منه‪ ،‬ألن الدعوى‬
‫اإلدارية شخصية» ‪ .25‬وقضت أيضا « يكفي لمخاصمة القرار اإلداري في دعوى اإللغاء‪ ،‬أن‬
‫يكون لرافعها مصلحة شخصية يؤثر فيها القرار تأثيرا مباشرا ‪ . 26‬فيجب أن يمس القرار بالمركز‬
‫القانوني الخاص برافع الدعوى إذ يصبح ذو مصلحة شخصية تميزه عن غيره‪ ،‬إزاء القرار‬
‫المطعون فيه‪ ،‬أو كما يعبر عنها البعض‪ ،‬بالتفريد في المصلحة الشخصية ‪ ، 27‬فقد قضت محكمة‬
‫العدل العليا « أن دعوى اإللغاء هي دعوى موضوعية‪ ،‬القصد منها ليس مجرد الدفاع عن‬
‫المشروعية والصالح العام فحسب‪ ،‬بل والدفاع عن مصلحة ذاتية للمستدعي‪ ،‬أثر فيها القرار‬
‫المطعون فيه تأثيرا مباشرا‪ ،‬حتى تكون هذه المصلحة قرينة على جدية الدعوى‪ ،‬والقول بخالف‬

‫‪ 23‬الدكتور الغويري أحمد عودة ‪ ،‬قضاء اإللغاء في األردن ( دراسة مقارنة ) عمان مطابع الدستور ‪ ،1989‬ص‪.261:‬‬
‫‪ 24‬عدل عليا رقم‪ ٧٥/٣٩ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1977 ،‬ص‪ ،916 :‬تاريخ ‪.1977/5/31‬‬
‫‪- 25‬عدل عليا رقم‪ ،٨٤/٩٧ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1985‬ص ‪ ،21‬تاريخ ‪١٩٨٤/10/٣‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٢٠١٠/١٢٥ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 2010 ،‬ص‪ ، 1462 :‬تاريخ ‪. ٢٠١٠/7/٢١‬‬
‫‪ 26‬الدكتور مخلص محمد عبد السالم ‪ ،‬نظرية المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق جامعة عين‬
‫شمس ‪ ،1981‬ص‪.132 :‬‬
‫‪- 27‬عدل عليا رقم‪ ٨٠/٨٢ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1981‬ص‪ ،1272 :‬تاريخ ‪.١٩٨١/٥/٣١‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ،٨٧/١٢٠ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1989‬ص‪ ،1610 :‬تاريخ ‪١٩٨٨/5/٢٨‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٢٠١٠/٦٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 2010 ،‬ص‪ ، 1272 :‬تاريخ ‪. ٢٠١٠/4/٢٢‬‬

‫‪- 11 -‬‬
‫ذلك يجعل دعوى اإللغاء دعوى حسبة‪ ،‬لم يجز القانون رفعها ‪ ...‬وإن مجرد كون المستدعي مالكا‬
‫في القرية التي أحدثت فيها البلدية‪ ،‬ال يكفي العتباره ذا مصلحة في الطعن بقرار إحداث البلدية‪،‬‬
‫ما دام أن هذا القرار لم يؤثر في مصلحة شخصية مباشرة له ‪. 28‬‬
‫فالمحكمة تدمج بين المصلحة والصفة‪ ،‬وتتطلب صفة تميز الطاعن إزاء القرار‪ ،‬يبرز فيها التأثير‬
‫المباشر والشخصي للقرار المطعون فيه‪ ،‬على أن تحقق الصفة الشخصية والمباشرة للمصلحة‪ ،‬ال‬
‫يقتصر على المصلحة الفردية‪ ،‬فقد تتوافر هذه الصفة للمصلحة الجماعية‪ ،‬فيجوز للشخص‬
‫المعنوي – كما سنتناوله تفصيال ‪ ، -‬رفع دعوى اإللغاء دفاعا عن المصالح الجماعية ألفراده ‪.29‬‬
‫وتطبيقا لذلك تقول محكمة العدل العليا ‪ « :‬استقر الفقه والقضاء على أن للجماعات والهيئات التي‬
‫تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬الحق في رفع دعوى اإللغاء بالقرارات التي تمس المصالح التي وجدت‬
‫للدفاع عنها‪ ،‬وان المصلحة التي يتقيد بها القضاء لقبول طعون هيئات القانون الخاص‪ ،‬هي‬
‫المصلحة المرتبطة بالغرض من قيامها ‪. 30‬‬
‫كما يجوز لألفراد الطبيعيين رفع دعوى اإللغاء أمام محكمة العدل العليا دفاعا عن مصالحهم‬
‫المشتركة التي تضررت‪ .‬فقد سلكت المحكمة مسلك مجلس الدولة الفرنسي في مسألة قبول طلبات‬
‫اإللغاء الجماعية سواء قدمت من مستدع واحد ضد قرار إداري أو أكثر أو قدمت من عدة مستدعين‬
‫ضد قرار أو أكثر إذا كانت تجمعهم وحدت المصلحة ‪. 31‬‬
‫وتطبيقا لذلك قضت محكمة العدل العليا أنه‪ « :‬وبدءا بالدفع المثار من النيابة العامة اإلدارية‬
‫بالئحتها الجوابية‪ ،‬بأن الدعوى مردودة شكال التحاد المستدعين في دعوى واحدة‪ ،‬فإننا نجد أن‬
‫أسباب االدعاء‪ ،‬ووقائع الدعوى‪ ،‬واحدة بالنسبة لجميع المستدعين‪ .‬كما أن مصلحتهم في إلغاء‬
‫القرار المشكو منه‪ ،‬والذي تضرروا من تطبيقه هي مصلحة واحدة» ‪.32‬‬
‫وهذا القضاء الذي شابه قضاء مجلس الدولة الفرنسي يستحق الثناء فمحكمة العدل العليا يسرت‬
‫على األفراد والموظفين رفع دعاويهم عند المساس بمصالح مشتركة لهم في استدعاء واحد‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أن تكون مصلحة مادية أو أدبية‬
‫قد تكون مصلحة رافع دعوى اإللغاء مادية‪ ،‬كما قد تكون هذه المصلحة أدبية‪ ،‬وفي الحالتين تقبل‬
‫دعواه شكال‪ ،‬فال يقتصر قبول دعوى اإللغاء على توافر المصلحة المادية أو المالية‪ ،‬بل قد تكون‬
‫مصلحة أدبية‪ ،‬أو معنوية‪.‬‬
‫وتطبيقا للمصلحة المادية ‪ :‬فقد قبل مجلس الدولة الفرنسي طعن ممول الضرائب ضد القرار‬
‫الصادر من محافظ باريس الذي تضمن إضافة مصاريف الدفاع إلى حساب االعتمادات المفتوحة‬
‫في ميزانية هذه المدينة ‪ 33‬؛ الن اإلضافة هنا تؤدي إلى زيادة العبء الضريبي المفروض على‬
‫الممول وبالتالي فان له مصلحة ماديه للطعن في هذا القرار ‪.‬‬

‫‪ 28‬الدكتور الجرف طعيمة ‪ ،‬رقابة القضاء األعمال اإلدارة العامة‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية ‪.1977‬ص‪.١٥٣ :‬‬
‫‪- 29‬عدل عليا رقم‪،٩٤/٢٢ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1995 ،‬ص‪ ،1763 :‬تاريخ ‪١٩٩٥/4/١٩‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ،٩٩/٥٥١ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،2000‬ص ‪ 3005‬تاريخ ‪.٢٠٠٠/5/١٥‬‬
‫‪30 Bernard pacteau: contentieux administratif, lore edition P. U. F paris 1985 p. 166.‬‬

‫‪- 31‬عدل عليا رقم ‪ ٩٤/١٤١‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1995 ،‬ص‪ ،3205 :‬تاريخ ‪١٩٩٤/9/١٤‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ،٧٤/٢١ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1974‬ص ‪ 1277‬تاريخ ‪١٩٧٤/10/١٣‬‬
‫‪ 32‬الدكتور الغويري احمد عودة ‪ ،‬قضاء االلغاء في االردن ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 262 :‬‬
‫‪ 33‬عدل عليا رقم ‪،٨٣/١١٣‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1984 ،‬ص‪ ،671 :‬تاريخ ‪.١٩٨٤/٤/٧‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫وكذلك فعلت محكمة العدل العليا‪ ،‬فقد قبلت الطعن الذي يتعلق بمصلحة مادية أو معنوية لرافعه‬
‫فقضت ‪ « :‬وتصبح دعوى اإللغاء مقبولة‪ ،‬إذا ما توافرت الرافع الدعوى مصلحة شخصية مباشرة‬
‫مادية كانت‪ ،‬أو أدبية ‪ . 34‬وفي حكم آخر قضت المحكمة « أما فيما يتعلق بالدفع الذي أورده ممثال‬
‫المستدعى ضدهما بعدم وجود مصلحة شخصية مباشرة للمستدعين في الطعن بالقرار المشار‬
‫إليه‪ ،‬فدفع غير وارد أيضا‪ ،‬ذلك ألن المستدعين من الناخبين‪ ،‬وأصحاب حق الترشيح واالنتخاب‬
‫في المنطقة االنتخابية لبلدية أم السماق وخلدا‪ ،‬فهما ذوي مصلحة أدبية‪ ،‬أو معنوية للطعن في‬
‫القرار » ‪ .35‬كما تتوافر مصلحة معنوية في الدفاع عن المعتقدات الدينية‪ ،‬أو حتى السياسية‪.‬‬
‫كمصلحة خطيب أحد المساجد‪ ،‬المتبرع في أن يطعن في قرار منعه من الخطابة ‪ 36‬مصلحة‬
‫الحزب السياسي‪ ،‬في تقديم الطعن ضد قرار وزير الداخلية القاضي بحظر المهرجانات والخطابات‬
‫واالجتماعات في الحملة االنتخابية ‪. 37‬‬
‫غير أن المصالح المادية‪ ،‬أو المالية هي األكثر وضوحا ورواجا في الواقع العملي‪ ،‬كمصلحة‬
‫الموظف‪ ،‬من تقديم دعوى اإللغاء القرار‪ ،‬المتضمن حرمانه من الزيادة السنوية‪ ،‬أو اإلحالة على‬
‫التقاعد أو سحب تصريح مزاولة مهنة‪ ،‬أو إقفال محل تجاري‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬أن تكون مصلحة محققة أو محتملة‬
‫تكون المصلحة محققة‪ ،‬إذا كان من المؤكد أن فائدة مادية أو معنوية ستعود على الطاعن من إلغاء‬
‫القرار‪ .‬أما المصلحة المحتملة فهي التي من شأنها أن تهيئ الفرصة لجلب نفع أو دفع ضرر‪ ،‬دون‬
‫أن يكون ذلك مؤكدا ‪. 38‬‬
‫وبما أنه يشترط لقبول الدعوى‪ ،‬سواء كانت دعوى عادية‪ ،‬أم دعوى إلغاء‪ ،‬توافر مصلحة الرافعها‪،‬‬
‫وبناء على أن هذه المصلحة‪ ،‬قد تكون محققة كما قد تكون محتملة‪ .‬فالتساؤل المطروح في هذا‬
‫الشأن‪ ،‬هل يشترط لقبول الدعوى توافر مصلحة محققة لرافعها ؟ أم يكفي توافر المصلحة‬
‫المحتملة؟ في مجال الدعاوى العادية‪ ،‬واستثناءا على األصل‪ ،‬فإن المشرع األردني قد نص على‬
‫االكتفاء بالمصلحة المحتملة‪ ،‬في قانون أصول المحاكمات المدنية‪ ،‬عندما قال في المادة (‪:)3/2‬‬
‫«تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب االحتياط لدفع ضرر محدق‪ ،‬أو االستيثاق‬
‫لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه» إال أن المشرع األردني‪ ،‬لم ينص على المصلحة المحتملة‪،‬‬
‫في قانون محكمة العدل العليا‪ ،‬رقم ‪ 12‬لسنة‪.١٩٩٢‬‬
‫وبدورنا ال نرى في ذلك عدم اعتراف منه بالمصلحة المحتملة‪ ،‬إذ يعتد بها في مجال الدعاوى‬
‫العادية ‪ -‬ولو كان ذلك بصفة استثنائية ‪ -‬فالحكمة تقتضي أن يعترف بها في دعوى اإللغاء‪ ،‬ألن‬
‫هذه الدعوى‪ ،‬ال يشترط فيها استناد المصلحة إلى حق‪ ،‬كما أن ميعاد رفع هذه الدعوى محدد بفترة‬
‫قصيرة‪ ،‬فقد يضيع الحق في الطعن إذا ما أنتظر الطاعن حتى تصبح مصلحته محققة ‪ .39‬وتطبيقا‬
‫للمصلحة المحتملة ‪ :‬فقد استقر قضاء محكمة العدل العليا‪ ،‬على قبول دعوى اإللغاء المستندة إلى‬
‫مصلحة محتملة‪ .‬فقد قضت المحكمة بقولها‪« :‬أما قول المستدعى ضدهم‪ ،‬إن دعوى الشركة‪ ،‬غير‬
‫مقبولة بحجة أن ال مصلحة لها في إلغاء القرار المطعون به‪ ،‬فقول غير وارد ذلك‪ ،‬ألنه اليشترط‬

‫‪ 34‬عدل عليا رقم‪ ،٨٦/١٣٩ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1988 ،‬ص‪ ،1213 :‬تاريخ ‪.١٩٨٧/٧/٣٠‬‬
‫‪ 35‬عدل عليا رقم‪ ،٩٤/٣١٧ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1995 ،‬ص‪ ،1791 :‬تاريخ ‪.١٩٩٥/١٢/١٠‬‬
‫‪ 36‬عدل عليا رقم‪،٩٤/٢٧١ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1994 ،‬ص‪ ،88 :‬تاريخ ‪.١٩٩٣/10/٢٨‬‬
‫‪ 37‬الدكتور الحلو ماجد راغب ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪ ،1995‬ص‪.298 :‬‬
‫‪ 38‬الدكتور الطماوي سليمان ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.448 :‬‬
‫الدكتور بسيوني عبد الغني‪ ،‬والية القضاء اإلداري على أعمال اإلدارة االسكندرية منشأة المعارف ‪ ، 1983 ،‬ص‪103 .:‬‬
‫‪39‬عدل عليا رقم‪ ،٦٨/٩١ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1969‬ص‪ ،329 :‬تاريخ ‪.١٩٦٩/٤/٢٨‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫في دعوى اإللغاء‪ ،‬أن تكون مصلحة المدعي مؤكدة‪ ،‬بل يكفي أن تكون مصلحة محتملة » ‪.40‬‬
‫وقضت في حكم آخر ‪ « :‬وبما أن المستدعين قد اشتركوا في عطاء إصدار دليل الهاتف‪ ،‬فلهم‬
‫الحق بطلب إلغاء قرار اإلحالة على المستدعى ضدها‪ ،‬الثالثة مؤسسة دار السياسة الكويتية الحتمال‬
‫أن يحال العطاء عليهم‪ ،‬وهذا كاف لتوافر شرط المصلحة ‪. 41‬‬
‫وبناء على ذلك فإن محكمة العدل العليا‪ ،‬ال تشترط لقبول دعوى اإللغاء شكال‪ ،‬أن تكون مصلحة‬
‫رافعها مؤكدة‪ ،‬بل يكفى أن تكون محتملة‪ ،‬وهذه األخيرة تقدر المحكمة مدى احتماليتها لتقرر قبول‬
‫أو عدم قبول الدعوى‪.‬‬

‫رابعا ً ‪ :‬مشروعية المصلحة‬


‫يجب أن تكون المصلحة المعتد بها في قضاء محكمة العدل العليا مصلحة مشروعة‪ ،‬ومتفقة مع‬
‫النظام العام‪ .‬وهذا ما أكدت عليه محكمة العدل العليا‪ ،‬فقد قضت من حيث توافر المصلحة‪ ،‬فإن‬
‫المستدعيين يملكان قطعتي األرض اللتين جرى استمالكهما‪ ،‬بمجرد صدور القرار المطعون فيه‪،‬‬
‫وهي تشكل مصلحة لهما مشروعة‪ ،‬يعول عليها في مزاولة نشاطهما ‪ .42‬ونخلص مما سبق‪ ،‬إلى‬
‫أن المصلحة المعتد بها أمام القضاء اإلداري‪ ،‬والتي تبرر قبول دعوى اإللغاء شكال‪ ،‬هي المصلحة‬
‫الشخصية والمباشرة سواء أكانت هذه المصلحة محققه‪ ،‬أم محتمله مادية‪ ،‬أم معنوية‪ .‬إال انه يتوجب‬
‫أن تكون هذه المصلحة مشروعة ومتفقة مع النظام العام ‪.‬‬

‫‪- 40‬عدل عليا رقم ‪،٨٦/٢١‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1987 ،‬ص‪ 40 :‬تاريخ ‪١٩٨٦/8/٢٨‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ،٩٨/٤٥٣ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1999‬ص ‪ ،2939‬تاريخ ‪١٩٩٩/3/٢٥‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪،٢٠٠٥/٢٩٣ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،2006‬ص ‪ 72‬تاريخ ‪.٢٠٠٥/10/٢٦‬‬
‫‪ 41‬عدل عليا رقم‪ ٨٣/٢٤ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1983 ،‬ص‪ ،1396 :‬تاريخ ‪.١٩٨٣/10/٢٩‬‬
‫‪ 42‬الدكتور الطماوي سليمان ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪451 :‬‬

‫‪- 14 -‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء‬
‫تتعدد المصالح التي اعتمدها القضاء ‪ ،‬لقبول دعوى اإللغاء‪ ،‬فهي كثيرة ومتنوعة‪ ،‬وفي هذا المبحث‬
‫سنتعرض لبعض أنواعها في مطلب أول وفي مطلب ثاني سنتعرض لوقت توافر المصلحة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أنواع المصلحة‬


‫معلوم أن مفهوم المصلحة في دعوى اإللغاء تختلف عن مثيلتها في الدعوى العادية‪ ،‬فهي في هذه‬
‫األخيرة تستند إلى حق‪ ،‬وبالتالي يمكن ربط المصالح في الدعاوى العادية‪ ،‬وتقسيمها على أساس‬
‫الحقوق التي تستند إليها ‪،43‬أما بالنسبة للمصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬فقد عرفنا سابقا‪ ،‬بأنها ال تستند‬
‫إلى حق‪ ،‬فقد درج القضاء اإلداري ‪ ،‬على أن المصلحة في رفع الدعوى‪ ،‬تتحقق عندما يكون‬
‫رافعها في حالة قانونية خاصة‪ ،‬أو مركز قانوني‪ ،‬أثر فيه القرار المطلوب إلغاؤه تأثيرا مباشرا‪.44‬‬
‫فيشترط بالمصلحة في نطاق دعوى اإللغاء‪ ،‬أن تكون شخصية ومباشرة‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدم يمكن تقسيم المصالح في دعوى اإللغاء‪ ،‬استنادا إلى صفة رافع الدعوى‪ ،‬وقد‬
‫أدى تنوع وتعدد المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء‪ ،‬إلى تعدد الفئات التي لها مصلحة تبرر قبول‬
‫هذه الدعوى ‪.45‬‬
‫وقد اعتد مجلس الدولة الفرنسي ‪ ،46‬وكذلك محكمة العدل العليا‪ ،‬بالمصلحة الشخصية والمباشرة‬
‫لفئات عديدة‪ .‬فيقبل القضاء الطعن‪ ،‬استنادا إلى مصالح األفراد‪ ،‬ومصالح الموظفين‪ ،‬ومصالح‬
‫الهيئات ‪،‬التي تتمتع بشخصية معنوية وسنتناول بعضها فقط على سبيل المثال ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬طعون األفراد‬
‫بما أنه يشترط أن يكون طالب اإللغاء في حالة قانونية خاصة يؤثر فيها القرار اإلداري المطعون‬
‫فيه تأثيرا مباشرا ‪ .47‬فيترتب على ذلك‪ ،‬أن الفرد باعتباره فردا‪ ،‬ال يمكنه أن يطعن باإللغاء في‬
‫كل القرارات اإلدارية‪ ،‬بل البد أن تتوافر فيه صفة أخرى‪ ،‬كصفة المالك‪ ،‬أو التاجر‪ ،‬وما إلى ذلك‬
‫من الصفات األخرى‪ ، 48‬والتي ال يمكن حصرها‪ .‬بالنسبة للمالك ‪ :‬له مصلحة شخصية ومباشرة‬
‫في الطعن بالقرارات اإلدارية التي تمس مصلحته ‪ ،‬وقد درج قضاء محكمة العدل العليا ‪ ،‬على ما‬

‫‪- 43‬عدل عليا رقم‪ ،٦٩/٩٠ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1970 ،‬ص‪ ،207 :‬تاريخ ‪١٩٧٠/٤/١‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪،٩٣/١٤٦ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ، 1994 ،‬ص ‪ ،641‬تاريخ ‪.١٩٩٣/6/٢٩‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٨٤/٩٧ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1985 ،‬ص‪ ، 21 :‬تاريخ ‪١٩٤/10/٣‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٤/٨٠ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1985 ،‬ص‪ ، 227 :‬تاريخ ‪.١٩٩٤/9/٢٧‬‬
‫‪ 44‬أبو العثم فهد ‪ ،‬القضاء اإلداري بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬عمان ‪ ،‬دار الثقافة ‪ ، 2005 ،‬ص ‪.258 :‬‬
‫‪ 45‬الدكتور فهمي مصطفى أبو زيد‪ ،‬قضاء اإللغاء ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪ ، 2001 ،‬ص ‪ 69 :‬وما‬
‫بعدها ‪.‬‬
‫‪ 46‬عدل عليا رقم‪ ،٦٩/٩٠ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1970 ،‬ص‪ ،207 :‬المشار إليه سابقا‪.‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٨٠/٨٢ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1981 ،‬ص ‪ ، 1272 :‬تاريخ ‪١٩٨١/5/٣١‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٥/٣١٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1996 ،‬ص ‪ ، 1685 :‬تاريخ ‪.١٩٩٦/3/١٧‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٢٠٠٥/٣٠٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 2005 ،‬ص ‪ ،177 :‬تاريخ ‪.٢٠٠٥/10/٢٦‬‬
‫‪ 47‬الدكتور فهمي مصطفى أبو زيد ‪ ،‬القضاء اإلداري ومجلس الدولة االسكندرية منشأة المعارف ‪ ،1979‬ص‪349 :‬‬
‫– الدكتور حسن عبد الفتاح ‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬المنصورة ‪ ،‬مكتبة الجالء الجديدة ‪ ، 1982 ،‬ص ‪. 168 :‬‬
‫‪48‬عدل عليا رقم‪،٨٥/٣٩ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1985 ،‬ص‪ ،459 :‬المشار إليه سابقا‪.‬‬
‫‪ -‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٣/١٤٦ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1994 ،‬ص ‪ ، 641 :‬تاريخ ‪.١٩٩٣/6/٢٩‬‬

‫‪- 15 -‬‬
‫هو مستقر في قضاء مجلس الدولة الفرنسي فقد أقرت محكمة العدل العليا بمصلحة المالك وتطبيقا‬
‫لذلك قضت ‪ « :‬وحيث أنه من الثابت في وقائع هذه القضية‪ ،‬أن المستدعية تملك شقة في البناء‬
‫المخصص الطابق األرضي منه موقفا للسيارات ينتفع به أصحاب الشقق‪ ،‬فإن قرار أمانة العاصمة‬
‫المطعون فيه القاضي بتغيير استعمال الطابق األرضي من موقف سيارات‪ ،‬إلى شقق سكنية‪ ،‬يؤثر‬
‫في مصلحة الطاعنة تأثيرا مباشرا‪ ،‬إذ يحرمها من االنتفاع بهذا المرفق‪ ،‬وعليه فإن للمستدعية‬
‫مصلحة مباشرة وبالنسبة لمصلحة صاحب المهنة‪ :‬فقد استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي منذ‬
‫زمن بعيد على شخصية‪ ،‬تبرر إقامة هذه الدعوى ‪. 49‬‬
‫االعتداد بمصلحة صاحب المهنة أو الحرفة ‪ ،‬فاصدر حكمه الشهير لعام ‪ 1889‬المعروف بحكم‬
‫شركة «كوك» بخصوص الطعن المقدم من الشركة بقرار عمدة مدينة نيس الفرنسية بتضييق‬
‫األماكن المخصصة لوقوف العربات العامة ‪ 50‬فاكتفى المجلس بصفة التاجر كمبرر لطلب إلغاء‬
‫قرار عمدة المدينة‪.‬‬
‫و محكمة العدل العليا هي األخرى أقرت بالمصلحة ألصحاب مهن مختلفة تبرر قبول طلب إلغاء‬
‫أية قرارات تمس المهن التي يزاولونها‪ ،‬وتطبيقا لذلك قضت محكمة العدل العليا‪( :‬إذا كانت الشركة‬
‫المستدعية تحمل ترخيصا لنقل الركاب العاديين بباصاتها‪ ،‬على نفس الخط الذي حصل المستدعى‬
‫ضدهم على تراخيص لتسيير باصات سياحية عليه‪ ،‬فإن ذلك يرتب لها مصلحة محتملة في دعوى‬
‫اإللغاء» ‪ ، 51‬وقضت أيضا ‪ « :‬تعتبر الشركة المستدعية ذات مصلحة في إقامة الدعوى‪ ،‬إذا‬
‫كانت في حالة إلغاء القرارين المشكو منهما تغدو ‪ ...‬في نفس المركز القانوني‪ ،‬الذي كان يجب‬
‫أن توجد فيه‪ ،‬لو لم تكن اإلدارة قد اتخذت هذين القرارين ‪.52‬‬
‫كما أقرت المحكمة للصحفي‪ ،‬بالمصلحة الشخصية والمباشرة‪ ،‬للطعن بقرار نقل اسمه من سجل‬
‫الصحفيين الممارسين‪ ،‬إلى سجل الصحفيين غير الممارسين ‪ ، 53‬ولكل ناخب مسجل في جدول‬
‫الناخبين مصلحة في الطعن بنتائج انتخاب المجالس البلدية ‪. 54‬‬
‫وللزوج مصلحة شخصية ومباشرة‪ ،‬في الطعن بقرار مصادرة جواز سفر زوجته‪ ،‬ومنعها مع‬
‫ولديه من العودة إلى عمان ‪. 55‬‬
‫كما أخذت المحكمة بمصلحة الساكن‪ ،‬فقد قضت بقولها ‪ :‬إن للمستدعية الساكنة" مصلحة مباشرة‬
‫وشخصية تبرر إقامة الدعوى؛ ألن القرارين المطعون فيهما‪ ،‬والقاضيين بتغيير استعمال الطابق‬
‫األرضي من موقف سيارات‪ ،‬إلى شقق سكنية‪ ،‬تتأثر بهما الطاعنة تأثيرا مباشرا‪ ،‬إذ يحرمانها من‬
‫االنتفاع بهذا المرفق ‪.56‬‬

‫‪ 49‬انظر الدكتور بسيوني عبد الغني ‪ ،‬القضاء اإلداري ‪ ،‬قضاء اإللغاء ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 112 :‬‬
‫‪ 50‬عدل عليا رقم‪ ،٦٨/٩١ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1969‬ص‪ 329 :‬تاريخ ‪.١٩٦٩/4/٢٨‬‬
‫‪51‬عدل عليا رقم ‪ ،٥٦/٢٢‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1956‬ص‪ ،399 :‬تاريخ ‪.١٩٥٦/٦/١٧‬‬
‫‪52‬عدل عليا رقم ‪ ،٨٣/١١٥‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1984 ،‬ص‪ ،12 :‬تاريخ ‪.١٩٨٤/١٢/٥‬‬
‫‪ 53‬عدل عليا رقم ‪ ،٨٦/٥٤ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1987 ،‬ص‪ ،861 :‬تاريخ ‪.١٩٨٦/9/٣٠‬‬
‫‪ 54‬عدل عليا رقم‪، ٨٣/١٧٥ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1984 ،‬ص‪ ،340 :‬تاريخ ‪.١٩٨٤/2/٢١‬‬
‫‪ 55‬عدل عليا رقم‪، ٨٥/٣٩ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1985‬ص‪ ،459 :‬المشار إليه سابقا‪.‬‬
‫‪ 56‬الدكتور بسيوني عبد الغني ‪ ،‬القضاء اإلداري ‪ ،‬قضاء االلغاء ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 116 :‬‬

‫‪- 16 -‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬طعون الموظفين‬
‫تحظى طعون الموظفين العموميين بنطاق واسع في مجال دعوى اإللغاء ‪ ،‬لحماية مصالحهم‬
‫وحقوقهم الوظيفية‪ ،‬فينظر القضاء أنواع متعددة من هذه الطعون والتي تختلف باختالف القرار‬
‫اإلداري ‪ ،‬المطعون فيه‪ ،‬وذلك ألن الموظف يمر بمراحل متعددة تجعله معرضا للمساس بمصالحة‬
‫وحقوقه الوظيفية‪ ،‬فال مناص من الطعن في القرارات المتعلقة بوظيفته‪ .‬أما القرارات المتعلقة‬
‫بتنظيم وتشغيل المرفق الذي ينتمي إليه الموظف‪ ،‬فال يقبل من الموظف الطعن فيها باإللغاء‪ ،‬طبقا‬
‫لما استقر عليه مجلس الدولة الفرنسي ‪ . 57‬وتتعدد المصالح التي تبرر قبول طعون الموظفين‬
‫سواء ما تعلق منها بالتعيين في الوظائف العمومية‪ ،‬أو بالزيادة السنوية ‪ ،‬أو بالترفيع‪ ،‬أو بالنقل‪،‬‬
‫أو االنتداب ‪ ، 58‬أو اإلعارة‪ ،‬أو الوقف عن العمل أو اإلحالة على التقاعد‪ ،‬أو االستيداع ‪، 59‬‬
‫وغيرها من الحقوق والمصالح‪ ،‬كالحقوق التقاعدية‪ ،‬والمصالح األدبية للموظف‪ ،‬وكل ما من شأنه‬
‫المساس‪ ،‬أو التأثير على مركزه الوظيفي‪.‬‬
‫ويالحظ أن محكمة العدل العليا‪ ،‬تساير مجلس الدولة الفرنسي في االعتراف بمصلحة الموظف‬
‫في الطعن باإللغاء‪ ،‬إذا مسن القرار المطعون فيه مركزه القانوني في مجاالت وظيفية عديدة ومنها‬
‫التعيين‪.‬‬
‫إال أن المحكمة تذهب إلى أن القرار القابل للطعن هو القرار الصادر بالتعيين في الوظيفة العمومية‬
‫‪ ،‬وأما قرار رفض التعيين فال يكون قابال للطعن أمام محكمة العدل العليا ‪ .‬الصادرة برفض‬
‫التعيين في الوظيفة التي يستحقها وإنما تجيز المادة المذكورة الطعن بالقرارات اإليجابية أي حينما‬
‫يدعي صاحب المصلحة أحقيته في التعيين من شخص أخر عين في الوظيفة التي يطلب التعيين‬
‫فيها فله أن يطعن في قرار التعيين ال أن يطعن في قرار عدم التعيين »‪.60‬‬
‫وتطبيقا لهذا المبدأ قضت المحكمة ‪ « :‬ال يجوز لصاحب المصلحة الطعن في القرارات السلبية‬
‫وال شك في أن هذا القضاء المحكمة العدل العليا‪ ،‬من شأنه حرمان الموظفين العموميين من حماية‬
‫القضاء اإلداري لمصالحهم الوظيفية‪ ،‬سيما وأن العديد من المنازعات اإلدارية تخرج عن‬
‫اختصاص محكمة العدل العليا ‪.‬‬
‫وهذا يعود إلى أن صالحية محكمة العدل العليا‪ ،‬محددة بطعون الموظفين التي نصت عليها المادة‬
‫( ‪ ، ) 9‬من قانون المحكمة الحالي ‪ ،‬رقم ( ‪ ، ) 12‬لسنة ‪ ، 1992‬وما يخرج عن هذه الطعون‬
‫المحددة يندرج في والية المحاكم النظامية ‪.‬‬
‫لذلك ال يقبل من صاحب المصلحة الطعن بالقرار المتضمن عدم منحه إجازة تفرغ علمي‪ ،‬حيث‬
‫قضت المحكمة « حصرت المادة ‪ 9/1/2 ،‬و ‪ 3‬و ‪ ، 4‬اختصاص محكمة العدل العليا ‪ ،‬للنظر في‬
‫الطعون الخاصة بالموظفين ذوي المصلحة ‪ .‬وحيث أن القرار المطعون فيه‪ ،‬والمتضمن عدم‬

‫‪ 57‬عدل عليا رقم‪ ،٧٠/٦٨ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1970‬ص‪ ،292 :‬تاريخ ‪.١٩٧٠/9/١٣‬‬
‫–عدل عليا رقم‪ ،٢٠٠٠/٢١٠ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،2001‬ص ‪ ،104‬تاريخ ‪٢٠٠٠/10/٩‬‬
‫–عدل عليا رقم‪ ،٩٦/١٢٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1997‬ص‪ 1448 :‬تاريخ ‪.١٩٩٦/9/٢٤‬‬
‫– عدل عليا رقم ‪ ،٩٦/٥٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1997‬ص‪ ،1018 :‬تاريخ ‪.١٩٩٦/7/٧‬‬
‫–عدل عليا رقم‪،94/94 :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1994‬ص‪ 3269 :‬تاريخ ‪.١٩٩٤/12/١٣‬‬
‫‪ 58‬عدل عليا رقم‪ ،٢٠٠٠/٣٨ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،2001‬ص‪ 109 :‬المشار إليه سابقا‪.‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ،٢٠٠٠/١٨٢ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،2001‬ص ‪ 139‬تاريخ ‪٢٠٠١/11/١٦‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ،٢٠٠٠/٤٣ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،2001‬ص ‪ 84‬المشار إليه سابقا‪.‬‬
‫‪ 59‬الدكتور جمال الدين ‪ ،‬سامي ‪ ،‬الوسيط في دعوى إلغاء القرارات اإلدارية ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬منشأة المعارف‪،200٤ ،‬ص‪.٢٥٣‬‬
‫‪ 60‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٢/١٩٥ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1994 ،‬ص ‪ ، 1951 :‬تاريخ ‪.١٩٩٢/12/٣١‬‬

‫‪- 17 -‬‬
‫الموافقة على منح المستدعى إجازة تفرغ علمي‪ ،‬ليس من بين القرارات الواردة حصرا في المادة‬
‫المشار إليها أعاله ‪ ،‬المتعلقة بالموظفين والتي يجوز الطعن فيها أمام محكمة العدل العليا ‪. 61‬‬
‫وبالرغم من أن موضوع الطعن هنا قرار إداري‪ ،‬إال أن عدم ورود هذا الموضوع بين‬
‫الموضوعات التي تختص بها المحكمة‪ ،‬جعلها تنتهي في حكمها إلى رد الدعوى شكال ويؤدي‬
‫تحديد اختصاص محكمة العدل العليا بطعون محددة للموظفين إلى استبعاد وعدم اعتداد المحكمة‬
‫بمصالح أخرى عديدة للموظفين كمنازعات الرواتب التي يكون هناك خالف على استحقاقها ‪. 62‬‬
‫وكذلك مصلحة المستخدمين العاملين في الملكية األردنية (شركة الطيران الوطنية) إذ أنهم ليسوا‬
‫من الموظفين العامين بالمعنى المقصود في المادة (‪ ) 9/1/3‬من قانون محكمة العدل العليا ‪. 63‬‬
‫كما ليس لصاحب المصلحة الطعن بالقرار الخاص باستحقاق بدل صعوبة العمل ‪ ،64‬وبناء عليه‪،‬‬
‫فان محكمة العدل العليا‪ ،‬وإن كانت تعتد بمصالح متنوعة للموظفين والتي تبرر قبول طلبات‬
‫اإللغاء أمام القضاء اإلداري ‪ ،‬إال أنها ال تضفي حماية قضائية وافية لجميع مصالح الموظفين‬
‫العموميين وهذا راجع إلى تحديد المشرع األردني ‪ -‬كما أشرنا – االختصاص محكمة العدل العليا‬
‫‪ ،‬تحديدا حصريا فيما يتعلق بطعون الموظفين وبدورنا نتساءل عن سبب عدم إخضاع المشرع‬
‫األردني لسائر القرارات اإلدارية المتعلقة بهذه الفئة ‪ ،‬الرقابة محكمة العدل العليا ؟ سيما ‪ ،‬وأن‬
‫مقتضى مبدأ المشروعية ‪ ،‬أن تلتزم جميع سلطات الدولة بالقانون ‪ ،‬في جميع ما يصدر عنها من‬
‫تصرفات‪ ،‬واإلدارة هي إحدى هذه السلطات ‪ 65‬فيتم تحقيق حماية قضائية لجميع مصالح الموظفين‬
‫العموميين‪ ،‬يتوالها القضاء اإلداري باعتباره حامي مبدأ المشروعية ‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬طعون الهيئات‬
‫يقر مجلس الدولة الفرنسي ‪ 66‬بمصالح الهيئات التي تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬كالنقابات‬
‫والجمعيات والنوادي‪ ،‬فلها الحق في طلب إلغاء القرارات اإلدارية التي من شأنها إلحاق ضررا‬
‫مباشرا باألهداف التي أنشئت من أجل تحقيقها‪ ،‬أو التي تمس المصالح المشتركة لألعضاء‬
‫بمجموعهم أما إذا لم تتوافر المصلحة الجماعية واقتصر أثر القرار على عضو واحد من أعضاء‬
‫الهيئة‪ ،‬أو عدد محدود من األعضاء‪ ،‬فإنه يقرر أنه ليس لهذه الهيئة مصلحة تخول لها صفة للطعن‬
‫في القرار فالقاعدة هنا أن رفع الدعوى يقتصر على العضو أو األعضاء الذين مس القرار‬
‫مصالحهم الشخصية ومع ذلك يجوز للهيئة أن ترفع دعوى اإللغاء بصفتها وكيلة عن العضو أو‬
‫األعضاء المعنيين بالقرار ‪ .‬كما يجوز للهيئة التدخل في الدعوى التي يرفعها هؤالء األعضاء‬
‫وحدهم‪ ،‬مع عدم إضافة طلبات جديدة إلى تلك التي تقدم بها الطاعن ‪.‬‬
‫أما المصلحة في طعون الهيئات المركبة‪ ،‬وهي التي يتكون أعضاؤها من هيئات تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية‪ ،‬كاالتحادات العامة للنقابات التي تضم عددا من النقابات‪ ،‬ومصلحة االتحاد التي يدافع‬

‫‪ 61‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٨/٤٥٦ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1999 ،‬ص ‪ ، 1751 :‬تاريخ ‪.١٩٩٩/٢/٢٧‬‬
‫‪ 62‬عدل عليا ( هيئة عامة ) ‪ ،‬رقم ‪ ، ٩٥/١٧٢ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1997 ،‬ص ‪ ، 1024 :‬تاريخ ‪. ١٩٩٦/3/٦‬‬
‫‪-‬عدل عليا ( هيئة عامة ) ‪ ،‬رقم ‪ ، ٩٦/٧٢ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1997 ،‬ص ‪ ، 1428 :‬تاريخ ‪.١٩٩٦/9/٤‬‬
‫‪ -‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٨/٤٧٠ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1999 ،‬ص ‪ ، 29 :‬تاريخ ‪.١٩٩٩/5/١٢‬‬
‫‪ 63‬عدل عليا ( هيئة عامة ) ‪ ،‬رقم ‪ ، ٩٤/٣٧٠ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1995 ،‬ص ‪ ، 3110 :‬تاريخ ‪١٩٩٥/4/٢٠‬‬
‫‪ -‬عدل عليا ( هيئة عامة ) ‪ ،‬رقم ‪ ، ٩٣/٢٠٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1994 ،‬ص ‪ ، 112 :‬تاريخ ‪.١٩٩٣/11/٣٠‬‬
‫‪ 64‬عدل عليا رقم ‪ ،٩٨/٤٧٣ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1999 ،‬ص ‪ ، 2953 :‬تاريخ ‪. ١٩٩٩/5/٢‬‬
‫‪ 65‬الدكتور فوده‪ ،‬رأفت مصادر المشروعية اإلدارية ومنحنياتها ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ 1994‬ص ‪. 34‬‬
‫‪ 66‬انظر على سبيل المثال ‪:‬‬
‫‪ -‬الدكتور جمال الدين‪ ،‬سامي ‪ ،‬الوسيط في دعوى إلغاء القرارات اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 254 :‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ -‬الدكتور بيسوني عبد الغني ‪ ،‬القضاء اإلداري قضاء اإللغاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.120 :‬‬

‫‪- 18 -‬‬
‫عنها بالطعن باإللغاء‪ ،‬هي المصلحة المشتركة ألعضائه من النقابات‪ ،‬أما إذا توافرت مصلحة‬
‫خاصة بإحدى الهيئات الداخلة في تكوينه فال تتوافر مصلحة االتحاد للطعن في القرار اإلداري‬
‫ألن مثل هذه المصلحة ملك للهيئة وحدها باعتبارها مصلحة فردية وإن كان لالتحاد أن يتدخل في‬
‫الدعوى التي تقيمها هذه الهيئة العضو عند رفعها ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمحكمة العدل العليا فقد نص قانونها في المادة ( ‪ ) 9/1/9‬على أنه ‪« :‬تختص المحكمة‬
‫دون غيرها بالنظر في الطعون المقدمة من ذوي المصلحة المتعلقة بالدعاوي التي يقدمها األفراد‬
‫والهيئات بإلغاء القرارات اإلدارية النهائية»‪ .‬وينصرف مفهوم الهيئات إلى جميع الهيئات المتمتعة‬
‫بالشخصية المعنوية‪ ،‬مع مراعاة أن المصلحة التي يعتد بها القضاء اإلداري لقبول طعون الهيئات‬
‫الخاصة‪ ،‬هي المصلحة المرتبطة بالغرض من قيامها‪ ،‬وهي تتميز عن المصالح الفردية ألعضائها‬
‫‪ . 67‬إذا اختصاص المحكمة يشمل طعون ذوي المصلحة من الهيئات العامة والهيئات الخاص‬
‫ولكن تطبيقات محكمة العدل ‪ ،‬اقتصرت على طعون النقابات والجمعيات ‪.‬‬
‫‪-١‬النقابات ‪.‬‬
‫أقرت محكمة العدل العليا ‪ ،‬بقبول طعون اإللغاء ضد القرارات اإلدارية التي تلحق ضرر بمصالح‬
‫وأهداف جماعية ‪ ،‬وجدت النقابة لتحقيقها والدفاع عنها ‪.‬‬
‫وفي هذا الشأن تقول محكمة العدل العليا‪ « :‬وإن المصلحة التي يتقيد بها القضاء لقبول طعون‬
‫هيئات القانون الخاص‪ ،‬هي المصلحة المرتبطة بالغرض من قيامها‪ ،‬وعليه يجوز للنقابة العامة‬
‫لتجار المواد الغذائية‪ ،‬الطعن بقرار وزير الصحة المتضمن تحديد درجة حرارة نقل المواد الغذائية‬
‫المستوردة» ‪.68‬‬
‫‪ -٢‬الجمعيات ‪.‬‬
‫أعطى الدستور لألردنيين الحق في تأليف الجمعيات‪ ،‬بموجب المادة ( ‪ ) 16‬منه وهذا ما استندت‬
‫إليه محكمة العدل العليا‪ ،‬عندما قبلت الطعن بقرار اإلدارة‪ ،‬المتضمن عدم السماح للمستدعين‬
‫بتأليف جمعية‪ ،‬فال يجوز حرمانهم من هذا الحق‪ .‬وتطبيقا لذلك‪ ،‬ذهبت المحكمة إلى القول بأنه ‪:‬‬
‫« ولما كانت المادة ( ‪ ) 16‬من الدستور قد نصت على حق المواطنين في تأليف الجمعيات فإن‬
‫دعواهم تستند إلى حق يحميه الدستور وهذا الحق أكثر من المصلحة المباشرة الشخصية التي تقبل‬
‫معها دعوى اإللغاء ‪.69‬‬
‫واعتدت محكمة العدل العليا ‪ ،‬بمصلحة الجمعية للطعن في القرار اإلداري‪ ،‬طالما كانت دعواها‬
‫تستهدف الدفاع عن المصالح الجماعية التي أنشئت من أجل الدفاع عنها ‪ ،‬كالطعن الذي تقدمه‬
‫جمعية أصحاب السيارات العمومية ومكاتب التكسي بقرارات وزير الداخلية المتضمنة الموافقة‬
‫على نقل ملكية مكاتب التكسي ‪.70‬‬

‫‪ 67‬في هذا الموضوع انظر الدكتور الغويري‪ ،‬أحمد عودة ‪ ،‬شرط المصلحة في طعون الهيئات في دعوى اإللغاء أمام‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬مؤتة للبحوث والدراسات المجلد الثامن العدد الرابع‪ ،1993 ،‬ص‪.241 :‬‬
‫‪ 68‬عدل عليا رقم‪ ٩٤/٢٢ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1995 ،‬ص‪ ،1763 :‬تاريخ ‪19/4/1995‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٩/٥٥١ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 2000 ،‬ص ‪ ، 3005‬تاريخ ‪. ٢٠٠٠/5/١٥‬‬
‫‪ 69‬عدل عليا رقم ‪ ، ١٧٢ / ٨٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1985 ،‬ص ‪ ، 1713 :‬تاريخ ‪.١٩٩٥/7/١٣‬‬
‫‪ 70‬عدل عليا رقم ‪ ، ٢١٨ / ٩٨ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1999 ،‬ص ‪ ، 2918 :‬تاريخ ‪.١٩٩٤/3/٢١‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬وقت توافر المصلحة‬
‫سنتناول في هذا المطلب موقف مجلس الدولة الفرنسي من وقت تقدير المصلحة‪ ،‬عارضين لرأي‬
‫الفقه ثم موقف محكمة العدل العليا في هذا الشأن ‪ .‬يكتفي مجلس الدولة الفرنسي بالمصلحة وقت‬
‫رفع الدعوى‪ ،‬ويستمر في نظر الموضوع والفصل فيه بالرغم من زوال مصلحة رافع الدعوى‬
‫قبل صدور الحكم‪ ،‬وهذا ما نطق به حكم لمجلس الدولة الفرنسي صدر بتاريخ ‪ ١٩٧٠/2/٦‬في‬
‫طعن تقدمت به جمعية المديرين بوزارة العمل الفرنسية وبالصندوق الوطني للتأمين االجتماعي‬
‫إللغاء قرار وزير الشؤون االجتماعية بتكليف السيد سورديت « ‪ » Sourdet‬في منصب وكالة‬
‫إدارة التوظيف حيث جا ء في حيثيات الحكم‪ ،‬أنه‪ « :‬بعد تقديم االلتماس ألغيت وظيفة وكيل إدارة‬
‫‪ ،‬وتم نقل السيد « ‪ » Sourdet‬إلى وظيفة أخرى ‪ ،‬وهذا الظرف ال يترتب عليه حرمان الجمعية‬
‫الملتمسة من المصلحة في الطعن ‪ ،‬أو جعل التماسها غير ذي موضوع » ‪ . 71‬واضح من الحكم‬
‫السابق أن مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬أصدر حكمه على الرغم من زوال مصلحة الجمعية التي إنتهت‬
‫بنقل السيد « ‪. » Sourdet‬‬
‫ونرى أن مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬في مسلكه السابق يستحق الثناء حيث اعتد بتوافر المصلحة‬
‫وقت رفع الدعوى فقط‪ ،‬وبذا يتفق قضاءه مع طبيعة دعوى اإللغاء‪ ،‬لكونها دعوى عينيه هدفها‬
‫إزالة القرار اإلداري غير المشروع‪ ،‬بالفصل فيه ومحو آثاره إذ أن إنتهاء مصلحة الطاعن بالقرار‬
‫ا إلداري المشوب باالنحراف ال تظهر هذا القرار من العيب الذي أصابه ‪.‬‬
‫ومن الحكمة أن تنهج محكمة العدل العليا‪ ،‬نهج مجلس الدولة الفرنسي في تقديره المصلحة وقت‬
‫تقديم الدعوى فقط‪ ،‬باعتبار المصلحة شرطا موضوعيا ‪72‬البد من توافره حين تقديم الدعوى‪ ،‬وهو‬
‫شرط أساسي لقبولها يتولى القضاء اإلداري تقديره‪ ،‬السيما إذا دفع بعدم قبول الدعوى النتفاء‬
‫المصلحة ‪ .‬وفي هذا تقول محكمة العدل العليا‪ « :‬إذا لم يشترك المستدعي في المناقصة التي‬
‫أنتجت القرار المشكو منه‪ ،‬الصادر عن المجلس البلدي‪ ،‬بإحالة العطاء على شخص آخر‪ ،‬فإن‬
‫طعن المستدعي في هذا القرار‪ ،‬غير مقبول لعدم وجود مصلحة له في ذلك»‪ .73‬والفرض هنا‬
‫انتفاء أية مصلحة شخصية ومباشرة من إلغاء القرار المطعون فيه فال توجد للطاعن ومنذ البداية‬
‫أية مصلحة في طلب إلغاء القرار لذلك فالمحكمة تقضي بعدم قبول الدعوى‪ ،‬ما لم تتوافر لصاحب‬
‫الشأن مصلحة في إلغاء القرار المطعون فيه‪ ،‬حين إقامة الدعوى‪ ،‬وهذه من القواعد التي ال خالف‬
‫فيها ‪. 74‬‬
‫ولكن الخالف ينشب في اإلجابة عن التساؤل المتمثل في مدى ضرورة استمرار توافر المصلحة‬
‫لحين الفصل في موضوع الدعوى؟ أي هل يشترط استمرار وجود المصلحة لرافع الدعوى‪ ،‬حتى‬
‫صدور الحكم فيها ؟‬

‫‪ 71‬أورده الدكتور الغويري ‪ ،‬احمد عوده ‪ ،‬في مؤلفه قضاء اإللغاء في األردن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 258‬‬
‫‪ 72‬الدكتور مرغني محمد المبادئ العامة للقانون اإلداري المغربي ‪ ،‬الرباط‪ ،‬مكتبة الطالب ‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،1984 ،‬ص‪.438‬‬
‫‪-‬الدكتور شطناوي على خطار موسوعة للقضاء اإلداري ‪ ،‬عمان ‪ ،‬دار الثقافة ‪، 2004،‬ص ‪.292‬‬
‫‪ 73‬عدل عليا رقم‪ ،٦٦/٨١ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1966 ،‬ص‪ ،755 :‬تاريخ ‪.١٩٦٦/٨/١٨‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٤/١١٣ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1995 ،‬ص‪ ، 3180 :‬تاريخ ‪.١٩٩٤/5/١٤‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ،٩٨/٣٣٦ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1999‬ص ‪ ،2884‬تاريخ ‪.١٩٩٩/3/٨‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ،٩٩/١٤٩ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،2000‬ص‪ ،796 :‬تاريخ ‪.٢٠٠٠/1/٢٣‬‬
‫‪ 74‬الدكتور فهمي مصطفى أبو زيد‪ ،‬القضاء اإلداري ومجلس الدولة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.338 :‬‬

‫‪- 20 -‬‬
‫اختلف الفقه حول هذه المسألة‪ ،‬وظهر اتجاهان مختلفان‪ ،‬يرى أولهما بضرورة توافر المصلحة‬
‫فقط عند رفع الدعوى‪ ،‬وإن زوالها بعد ذلك‪ ،‬وقبل صدور الحكم‪ ،‬ال يؤثر على السير فيها‪ ،‬نظرا‬
‫لما تستهدفه هذه الدعوى من تحقيق احترام مبدأ المشروعية ‪. 75‬‬
‫فيما ذهب االتجاه الثاني إلى ضرورة أن تبقى المصلحة قائمة لحين الفصل في موضوع الدعوى‪.‬‬
‫وإن انتفاء المصلحة أثناء نظر الدعوى‪ ،‬بعد أن توافرت عند رفعها‪ ،‬يوجب على المحكمة أن‬
‫تقضي بعدم قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬باعتبار توافر المصلحة فيها شرط بداية واستمرار‪ .76‬وباستقراء‬
‫قضاء محكمة العدل العليا‪ ،‬يتضح أنها جنحت إلى األخذ بالرأي الثاني‪ ،‬فقد قضت‪ « :‬ال يكفي‬
‫لقبول دعوى اإللغاء وجوب توافر شرط المصلحة وقت رفعها‪ ،‬بل يتعين كذلك أن يظل هذا الشرط‬
‫قائما حتى الفصل فيها‪ ،‬ذلك أن دعوى اإللغاء‪ ،‬وإن تميزت بأنها دعوى عينية‪ ،‬تقوم على اختصام‬
‫القرار اإلداري‪ ،‬وأن الحكم الصادر فيها بإلغائه يعدمه‪ ،‬إال أن هذه الدعوى ال تخرج عن كونها‬
‫خصومة قضائية مناطها توافر شرط المصلحة في رافعها‪ ،‬وقت رفعها‪ ،‬واستمرار هذا الشرط‬
‫خالل الخصومة إلى أن يفصل »‪ .77‬ف يها وفي حكم آخر تقول محكمة العدل العليا‪« :‬إن المصلحة‬
‫في إقامة الدعوى‪ ،‬تتقرر بالنسبة للوضع القائم عند رفعها‪ ،‬وال تتأثر بما يحدث بعد ذلك من‬
‫أوضاع‪ ،‬إال إذا كانت هذه األمور‪ ،‬قد أدت إلى زوال المصلحة على الوجه الصحيح‪ ،‬بأن تكون‬
‫اإلدارة قد حققت الرافع الدعوى ذات النتائج‪ ،‬التي من شأنها أن يتوصل إليها فيما لو حكم بإلغاء‬
‫القرار المطعون فيه ‪. 78‬‬
‫وعليه فإن قضاء محكمة العدل العليا‪ ،‬قد اعتد بالرأي القائل‪ ،‬بأن المصلحة في دعوى اإللغاء يجب‬
‫أن تتوافر عند رفع الدعوى‪ ،‬وأن تستمر قائمة لحين الفصل في الدعوى‪ .‬ويتضح من األحكام‬
‫السابقة ‪ ،‬أن محكمة العدل العليا ‪ ،‬تقضي برد الدعوى إذا تخلفت مصلحة رافعها أثناء نظر الدعوى‬
‫‪ ،‬وأن دعوى اإللغاء ما هي إال خصومة قضائية ‪ ،‬مناطها توافر المصلحة ‪ ،‬كشرط بداية ‪،‬‬
‫واستمرار ‪ ،‬لحين الفصل في موضوع الدعوى ‪ .‬كما أن المحكمة ترد الدعوى إذا تدخلت اإلدارة‬
‫وحققت للطاعن ما يسعى على تحقيقه من رفع دعواه ‪ .‬ونتساءل هنا ‪ ،‬هل إنتهاء مصلحة الطاعن‬
‫بالقرار اإلداري غير المشروع ‪ ،‬تجعل منه قرارا مشروعا ؟ ال شك في أن تخلف مصلحة الطاعن‬
‫بالقرار اإلداري المعيب أثناء نظر الدعوى ‪ ،‬ال تغير في سمة عدم المشروعية التي اتسم فيها ‪،‬‬
‫وال تظهر هذا القرار من العيب الذي أصابه ‪ .‬فالمحكمة لم تبد رأيها في موضوعه ‪ ،‬فترد الدعوى‬
‫قبل الفصل فيها ولنقف عند هذه النقطة دون أن نفترض تقديم طعن آخر من ذي مصلحة بهذا‬
‫القرار ‪ .‬ونتساءل حول مدى اتفاق قضاء محكمة العدل العليا‪ ،‬هذا وطبيعة دعوى اإللغاء ؟ إن‬
‫هذا المسلك للمحكمة‪ ،‬يسمح بتمرير قرارات إدارية غير مشروعة‪ ،‬السيما في حالة القرارات التي‬
‫ال تمس مصالح فئة واسعة من المجتمع‪ ،‬فاإلدارة ال تعجز بوسيلة‪ ،‬أو بأخرى‪ ،‬عن التأثير على‬

‫‪ 75‬انظر في هذا االتجاه الدكتور فهمي مصطفى أبو زيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪،341 :‬والدكتور الحلو ماجد راغب ‪،‬القضاء اإلداري‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪،301،‬والدكتور بسيوني عبد الغني ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪106 :‬‬
‫والدكتور رسالن انور احمد ‪ ،‬وسيط القضاء الداري ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ، 1999 ،‬ص ‪. 474 :‬‬
‫‪ 76‬الدكتور العطار فؤاد ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ ، 541 :‬والدكتور حلمي محمود ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪ 322‬ويقول الدكتور الطماوي سليمان‪ (:‬ولكننا والعتبارات عملية نفضل المسلك الذي يشترط استمرار المصلحة حتى صدور الحكم‬
‫باإللغاء ألنه يخفف العبء من ناحية‪ ،‬ويقلل من احتماالت التصادم مع اإلدارة من ناحية أخرى ال سيما وان رقابة االلغاء لدينا ما تزال‬
‫حديثة نسبيا وما زالة االدارة تحس نحوها بتفور شبه غ ريزي )‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.442 :‬‬
‫‪ 77‬عدل عليا رقم ‪،٨١/٤٣ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1982 ،‬ص‪ ،454 :‬تاريخ ‪.١٩٨٢/3/٢٤‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ،٩٥/٣٢٧ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1995 ،‬ص‪ ،1149 :‬تاريخ ‪.١٩٩٥/2/١٣‬‬
‫‪78‬عدل عليا رقم‪ ،٨٥/١٥٥ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1987 ،‬ص‪ ،536 :‬تاريخ ‪.١٩٨٦/٧/٢٨‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٤/٣١٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1995 ،‬ص‪ ، 1149 :‬تاريخ ‪.١٩٩٥/12/١٣ :‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ،٩٥/٣٨٩ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،1997 ،‬ص‪ 1082 :‬تاريخ ‪.١٩٩٦/5/١٤‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم‪ ،٩٩/٤١٥ :‬مجلة نقابة المحامين‪ ،2000 ،‬ص‪ ،814 :‬تاريخ ‪.٢٠٠٠/1/٢٤‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫الراغب بالطعن‪ ،‬أو استمالة الطاعن لجانبها‪ ،‬قبل الفصل في موضوع الدعوى‪ .‬وفي ذلك تحييد‬
‫لدور القضاء اإلداري‪ ،‬وإفراغ لدعوى اإللغاء من مضمونها‪ ،‬كدعوى عينيه تستهدف إعمال مبدأ‬
‫المشروعية‪ ،‬ورد اإلدارة إلى جادة الصواب بحكم يسري قبل الكافة ونرى أن مسلك محكمة العدل‬
‫العليا ‪ ،‬ال يتفق مع الغاية االسمى في دعوى اإللغاء‪ ،‬والتي أكدت عليها المحكمة في العديد من‬
‫أحكامها‪ ،‬فقد قضت بقولها ‪ :‬أن دعوى اإللغاء ليست شخصية ‪ ،‬بل عينية القصد ‪ ،‬منها فحص‬
‫مشروعية القرار » ‪ 79‬وقضت أيضا‪« :‬أن دعوى اإللغاء تنصب على مشروعية القرار المطعون‬
‫فيه ‪ ،‬وما إذا كان القرار المطعون فيه ‪ ،‬يجب أن يلغى أم ال» ‪ .80‬وقولها ‪ « :‬إن قضاء اإللغاء‬
‫يقوم على مخاصمة القرار اإلداري المخالف للقانون ‪ ،‬ويدور حول مبدأ المشروعية ‪ ،‬وال يهدف‬
‫كالقضاء العادي إلى حماية الحقوق والمراكز الفردية المعتدى عليها»‪ 81‬بل ونجد أيضا أنه حتى‬
‫محكمة التمييز ‪ ،‬شايعت هذا التكييف لطبيعة دعوى اإللغاء ‪ .‬وتطبيقا لذلك‪ ،‬قضت محكمة التمييز‬
‫بقولها ‪ « :‬إن قضاء اإللغاء هو قضاء عيني ال يقوم للدفاع عن الحقوق الشخصية ‪ ،‬بل لحماية‬
‫القواعد القانونية ‪ .‬ولهذا ال يشترط لقبول دعوى اإللغاء ‪ ،‬أن تكون مصلحة المستدعى مستندة إلى‬
‫حق» ‪.82‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬ال نرى ارتباطا بين مصلحة الطاعن ‪ ،‬بإلغاء القرار اإلداري ‪ ،‬وبين مشروعية هذا‬
‫القرار‪ ،‬فقد تزول مصلحة الطاعن ‪ ،‬ومع ذلك يبقى القرار غير مشروع‪ ،‬والعكس قد يكون صحيحا‬
‫‪ ،‬فكثير من القرارات اإلدارية تستمر مصلحة الطاعن بإلغائها ‪ ،‬وتثبت أمام القضاء اإلداري‬
‫مشروعيتها ‪ .‬ومحكمة العدل العليا‪ ،‬هي الجهة المخولة في التثبت من ذلك ‪ ،‬وليس صاحب‬
‫المصلحة التي زالت أثناء نظر الدعوى لسبب من األسباب‪.‬‬
‫كما أن زوال مصلحة رافع الدعوى ‪ ،‬ال تنفي مصلحة غيره في إلغائه‪ ،‬ونخالف بهذا الشأن ما‬
‫ذهب إليه الدكتور العطار ‪83‬بأن مدة الطعن كانت مفتوحة أمام هؤالء ( الغير ) لتقديم طعونهم ‪،‬‬
‫وأهملوها ‪ ،‬فهذا التبرير الذي يقدمه الدكتور العطار في سياق تأييد مسلك مجلس الدولة المصري‬
‫والذي يشترط استمرار المصلحة حتى صدور الحكم في الدعوى‪ .‬ال ينسجم – بنظرنا – وطبيعة‬
‫دعوى اإللغاء وما تستهدفه من غاية جوهرية وهي تحقيق مبدأ المشروعية ‪ ،‬وهذا الهدف لن‬
‫يتحقق إذا تطلبنا استمرار توافر المصلحة لحين الفصل في موضوع الدعوى ‪.‬‬
‫فالمحكمة لم تأخذ بما جرى عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي ‪ ،‬الذي يعتد بتوافر المصلحة حين‬
‫رفع الدعوى فقط ‪ ،‬وال يتطلب استمرار توافرها لحين صدور الحكم في موضوعها ‪ ،‬فانتفاء‬
‫مصلحة رافع الدعوى أثناء نظرها ‪ ،‬ال يحول بين المجلس وبين صدور الحكم في الموضوع ‪ ،‬ما‬
‫لم يكن سبب زوال المصلحة هو زوال عدم المشروعية ‪ .‬وفي ذلك انسجام مع الفقه الفرنسي ‪،‬‬
‫المؤيد لهذا المسلك من مجلس الدولة ‪. 84‬‬
‫وال شك في رجاحة قضاء مجلس الدولة الفرنسي ‪ ،‬الذي تفهم طبيعة دعوى اإللغاء‪ ،‬فيكتفي بتوافر‬
‫المصلحة عند رفع الدعوى ‪ ،‬فهي ليست دعوى حسبه ‪ ،‬كما أن في ذلك ضمانة لجدية دعوى ‪،‬‬

‫‪ 79‬عدل عليا رقم ‪ ، ٨٦/١٠١ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1988 ،‬ص ‪ ، 66 :‬تاريخ ‪. ١٩٨٧/1/٢٣‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٣/٢٥٧ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1994 ،‬ص ‪ ، 1474 :‬تاريخ ‪. ١٩٩٣/12/١٨‬‬
‫‪80‬عدل عليا رقم ‪ ، ٨٥/١٤٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1986 ،‬ص ‪ ، 1201 :‬ص ‪ ، 1201 :‬تاريخ ‪.١٩٨٦/4/١٣‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٨٠/٣٨ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1981 ،‬ص ‪ ، 164 :‬تاريخ ‪. ١٩٨١/9/١٧‬‬
‫‪ 81‬عدل عليا رقم ‪ ،٨٦/١٣٩ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1988 ،‬ص ‪.1213 :‬‬
‫‪ 82‬تمييز حقوق رقم ‪ ، ٧٧/٢٨٣ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1977 ،‬ص ‪. 539 :‬‬
‫‪ 83‬الدكتور العطار فؤاد ‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.541 :‬‬
‫‪ 84‬الدكتور الطماوي سليمان ‪ ،‬القضاء اإلداري ‪ ،‬قضاء اإللغاء ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 438‬‬

‫‪- 22 -‬‬
‫تستهدف حماية مبدأ المشروعية‪ ،‬فتطهر النظام القانوني من كل قرار غير مشروع ‪ ،‬سواء‬
‫استمرت المصلحة أو زالت أثناء نظر الدعوى ‪.‬‬
‫واألجدى أن تقتدي محكمة العدل العليا بمسلك مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬وتستمر بنظر الدعوى وإن‬
‫زالت مصلحة رافعها أثناء نظرها‪ ،‬فإن كان سبب زوالها يعود لزوال عدم المشروعية‪ ،‬التي شابت‬
‫القرار المطعون فيه‪ ،‬بأن تدخلت اإلدارة على النحو الذي يزيل سمة عدم المشروعية عن القرار‬
‫محل الطعن‪ ،‬فال بأس هنا من أن تقضي المحكمة بعدم جدوى االستمرار بنظر الدعوى‪ ،‬وليس‬
‫االكتفاء بان تحقق اإلدارة الصاحب المصلحة الطاعن بالقرار‪ ،‬النتائج التي يسعى إلى تحقيقها من‬
‫إلغاء القرار ‪ . 85‬ونعتقد أن سير قضاء محكمة العدل العليا قدما ‪ ،‬يبحث مشروعية القرار محل‬
‫الطعن حتى لو حققت اإلدارة للطاعن ما يرجو تحقيقه من طلب اإللغاء من شأنه أن يردع اإلدارة‬
‫‪ ،‬ويمنعها من إصدار قرارات إدارية مشكوك في مشروعيتها‪ ،‬تعتقد بإمكانية تمريرها وافالتها‬
‫من رقابة مح كمة العدل بإرضاء ‪ ،‬أو استمالة صاحب المصلحة ‪ ،‬بإلغائها قبل الفصل في‬
‫موضوعها‪.‬‬
‫ويالحظ أن قضاء محكمة العدل العليا ‪ ،‬مستقر على االكتفاء بتوافر مجرد مصلحة محتملة لرافع‬
‫الدعوى حتى تقبل دعواه ‪ . 86‬وهذا القضاء يستحق الثناء‪ ،‬ولكن بما أن توافر مجرد مصلحة‬
‫محتملة لرافع الدعوى ‪ ،‬كفيل بأن يجعل دعواه مقبولة ‪ ،‬فمن باب أولى ‪ ،‬أن يستهدف اجتهاد‬
‫المحكمة إعمال مبدأ المشروعية ‪ ،‬على أن يعتد بضرورة استمرار توافر هذه المصلحة المحتملة‬
‫‪ ،‬وغير المؤكدة ‪ .‬وليس في ذلك ما يدعو إلى اعتبار الدعوى دعوى حسبة طالما هي استندت إلى‬
‫مصلحة شخصية ومباشرة لرافعها ‪.‬‬

‫‪ 85‬انظر على سبيل المثال ‪:‬‬


‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٨٥/١٥٥ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1987 ،‬ص ‪ ، 536 :‬تاريخ ‪. ١٩٨٦/7/٢٨‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٤/٣١٤ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1995 ،‬ص ‪ ، 1149 :‬تاريخ ‪.١٩٩٥/2/١٣‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٥/٣٨٩ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1997 ،‬ص ‪ ، 1082 :‬تاريخ ‪. ١٩٩٦/5/١٤‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٩/٤١٥ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 2000 ،‬ص ‪ ، 814 :‬تاريخ ‪.٢٠٠٠/1/٢٤‬‬
‫‪ 86‬انظر على سبيل المثال ‪:‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٦٨/٩١ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1969 ،‬ص ‪ ، 329 :‬تاريخ ‪. ١٩٦٩/4/٢٨‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٨٦/٢١ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1987 ،‬ص ‪ ، 40 :‬تاريخ ‪. ١٩٨٦/8/٢٨‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٩٨/٤٥٣ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 1999 ،‬ص ‪ ، 2939 :‬تاريخ ‪. ١٩٩٩/3/٢٥‬‬
‫‪-‬عدل عليا رقم ‪ ، ٢٠٠٥/٢٩٣ :‬مجلة نقابة المحامين ‪ ، 2006 ،‬ص ‪ ، 72 :‬تاريخ ‪. ٢٠٠٥/10/٢٦‬‬

‫‪- 23 -‬‬
‫الخاتمة‬
‫أبرزت دراستنا لشرط المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬طبيعة المصلحة التي يعتد بها القضاء لقبول‬
‫طعون اإللغاء‪ ،‬من خالل بيان مفهوم المصلحة وخصائصها‪ ،‬وكذلك مصالح العديد من الفئات‬
‫سواء أفراد أو موظفين أو هيئات تحضى برعاية القضاء اإلداري‪.‬‬
‫كما أبرزت التفاوت بين قضاء مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬وقضاء محكمة العدل العليا‪ ،‬فيما يتعلق‬
‫بمظلة الحماية القضائية الواسعة التي يبسطها مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬على مصالح الموظفين‬
‫العمومين وبالمقابل يخرج عن اختصاص محكمة العدل العليا‪ ،‬نظر العديد من الطعون المقدمة‬
‫من أصحاب المصلحة من الموظفين العمومين‬
‫واتضح لنا التباين بين موقف مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬وموقف محكمة العدل العليا‪ ،‬بالنسبة لوقت‬
‫تقدير المصلحة‪ ،‬حيث تبين أن مجلس الدولة الفرنسي يقدر المصلحة وقت تقديم الطعن‪ ،‬وإذا زالت‬
‫المصلحة بعد تقديم الطعن فانه يستمر في نظره حتى الفصل فيه‪ ،‬وذلك ضمانا الحترام مبدأ‬
‫المشروعية فيتم تطهير النظام القانوني من القرارات غير المشروعة‪ ،‬في حين اتجهت محكمة‬
‫العدل العليا إلى اشتراط المصلحة عند رفع الدعوى‪ ،‬وان تستمر قائمة لحين الفصل في الدعوى‪.‬‬
‫وخلصنا إلى أن مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬يفرط في التساهل في شرط المصلحة‪ ،‬مما وسع من نطاق‬
‫المصالح التي تبرر قبول دعاوى األفراد والهيئات‪ .‬وبما أن موقف القضاء المتساهل واللين من‬
‫شرط المصلحة‪ ،‬من شأنه تحقيق مبدأ المشروعية في الدولة فإننا نرى أن التوصيات التالية تساهم‬
‫في تحقيق حماية مصالح اإلفراد والهيئات وتعزز ترسيخ المبدأ السابق‪ ،‬وابرز هذه التوصيات ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬نتمنى على المشرع األردني أن يوسع مظلة الحماية القضائية‪ ،‬بان يمنح محكمة العدل العليا‪،‬‬
‫الوالية العامة بنظر جميع المنازعات اإلدارية‪ ،‬لتتحقق حماية القضاء اإلداري لمصالح مختلف‬
‫فئات وشرائح المجتمع‪ ،‬سيما في ظل التعديل الدستوري الجديد الذي أوجب أن يكون القضاء‬
‫اإلداري على درجتين‪ ،‬بدال من التحديد الحصري الختصاصات المحكمة ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬يتعين على محكمة العدل العليا الموقرة‪ ،‬أن تعدل عن اجتهادها المتعلق بضرورة توافر‬
‫شرط المصلحة في رافع الدعوى‪ ،‬وقت رفعها‪ ،‬واستمرار هذا الشرط قائم إلى أن يفصل في‬
‫الدعوى‪ ،‬بأن تكتفي بتوافر مصلحة رافع الدعوى عند رفع الدعوى فقط اقتداء بما استقر عليه‬
‫قضاء مجلس الدولة الفرنسي ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬نتمنى على محكمة العدل العليا الموقرة ‪ ،‬أن تعيد النظر في اجتهادها المتعلق برد الدعوى‬
‫أن تدخلت الدارة‪ ،‬وحققت للطاعن ما يسعى إلى تحقيقه من الدعوى‪ ،‬فيجب أن تمضي المحكمة‬
‫قدما بنظر الدعوى والفصل فيها بالرغم من زوال مصلحة رافعها إعماال لمبدأ المشروعية‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬نتمنى على محكمة العدل العليا الموقرة‪ ،‬أن تتساهل في مصلحة الهيئات بان تتوسع في‬
‫قبول طعونها باإللغاء ال سيما الهيئات الخاصة كالنقابات مما يحقق الحماية القضائية الوافية‬
‫لمصالحها‪.‬‬

‫‪- 24 -‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ )1‬المؤلفات ‪:‬‬
‫‪ .1‬إبراهيم عبد العزيز شيحاء القضاء اإلداري‪ ،‬والية القضاء‪ ،‬منشأة المعارف‬
‫باإلسكندري‪.2003‬‬
‫‪ .2‬أحمد محمد فارس النوايسة‪ ،‬مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة (فرنسا‪،‬‬
‫مصر‪،‬األردن)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجامد للنشر والتوزيع‪ ،2012 ،‬ص ‪. 123‬‬
‫‪ .3‬جورج فوديل بيار دفلوفيه ترجمة منصور القاضي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مجد‬
‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪.2008 ،‬‬
‫‪ .4‬رشيد خلوفي‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية شروط قبول الدعوى اإلدارية‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية الساحة المركزية بن عكنون – الجزائر‪. 2006 ،‬‬
‫‪ .5‬سامي جمال الدين الوسيط في دعوى إلغاء القرارات اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف باإلسكندرية‪. 2004 ،‬‬
‫‪ .6‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬القضاء اإلداري الكتاب األول قضاء اإللغاء‪ ،‬الطبعة السابعة‪،‬‬
‫دار الفكر العربي ‪. 1996‬‬
‫‪ .7‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬دعوى إلغاء القرار اإلداري في قضاء مجلس الدولة‪،‬‬
‫«األسباب والشروط»‪ ،‬الطبعة األولى منشأة معارف اإلسكندرية‪. 2004 ،‬‬
‫‪ .8‬عبد الغني بسيوني عبد هللا القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬منشأة المعارف باالسكندرية‪،‬‬
‫‪.1997‬‬
‫‪ .9‬على الشيخ ابراهيم ناصر المبارك‪ ،‬المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬المكتتب الجامعي الحديث‬
‫اإلسكندرية‪. 2002 ،‬‬
‫عمار بوضياف دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬دراسة‬ ‫‪.10‬‬
‫تشريعية وقضائية و فقهية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪. 2009 ،‬‬
‫ع وابدي عمار ‪ ،‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي‬ ‫‪.11‬‬
‫الجزائري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫محمد رفعت عبد الوهاب القضاء اإلداري الكتاب الثاني قضاء اإللغاء أو اإلبطال‬ ‫‪.12‬‬
‫قضاء التعويض و اصول اإلجراءات الطبعة األولى‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.2005‬‬
‫محمد عبد السالم مخلص‪ ،‬نظرية المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬ ‫‪.13‬‬
‫‪.1981‬‬
‫م حيو أحمد المنازعات اإلدارية‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫الساحة المركزية بن عكنون الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية الجزء الثاني‪ ،‬ديوان‬ ‫‪.15‬‬
‫المطبوعات الجامعية الساحة المركزية بن عكنون – الجزائر‪.1998 ،‬‬
‫مصطفى أبو زيد فهمي‪ ،‬قضاء اإللغاء (شروط القبول أوجه اإللغاء)‪ ،‬دار الهدى‬ ‫‪.16‬‬
‫للمطبوعات اإلسكندرية‪.‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫‪)٢‬المقاالت‪:‬‬
‫‪.١‬منصور ابراهيم العتوم ‪ ،‬أثر زوال المصلحة على التيسير في دعوى اإللغاء في ضوء‬
‫احتماالت القضاء اإلداري األردني والمقارن دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة السنة السادسة‬
‫والعشرون‪ ،‬العدد التاسع واألربعون‪ ،‬يناير ‪2012‬‬

‫‪ )3‬الرسائل‪:‬‬

‫‪ .1‬نداء محمد أمين أبو الهوى مسؤولية اإلدارة بالتعويض عن القرارات اإلدارية غير‬
‫المشروعة‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجيستير في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق جامعة‬
‫الشرق األوسط‪.2010 ،‬‬
‫‪ .2‬بن قطاية ليلى شروط رفع الدعوى القضائية‪ ،‬شروط رفع الدعوى القضائية‪ ،‬مذكرة‬
‫ليسانس كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم حقوق تخصص قانون خاص جامعة ورقلة‪،‬‬
‫‪.2013‬‬
‫‪ .3‬سمان صليحة المصلحة كشرط لقبول دعويي اإللغاء‪ ،‬والتعويض)‪ ،‬مذكرة مقدمة‬
‫اإلستكمال متطلبات شهادة ماستر‪ ،‬قانون إداري‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة‬
‫قلصدي مرباح ورقلة‪2013/2014 ،‬‬

‫‪- 26 -‬‬

You might also like