Professional Documents
Culture Documents
-1-
ات ِِّمَّا َع ِملُوا ۖ َولِيُ َوفِِيَ ُه ْم أَ ْع َما ََلُْم َو ُه ْم ََل
﴿ َولِ ُك ٍِّل َد َر َج ٌ
يُظْلَ ُمو َن﴾
-2-
إلى نبي الهدى وإمام التقى شفيعي محمد (صلى •
هللا عليه وسلم )….
إلى نبع الحنان ,ومن لراحتي لم تغمض لها اجفان •
,و ُجعلت تحت أقدامها الجنان أمي….
إلى سندي في طريقي ,ومن بفضله جعل الكتاب •
رفيقي أبي…
إلى زهور ايامي ,ومن وجدت فيهم ابتسامتي , •
وعند الضيق هم امامي إخوتي…..
إلى من هم ورثة األنبياء ,وللجاهلين دواء ,وللناس •
ضياء أساتذتي....
-3-
شكر وعرفان
لقد حثنا هللا في كتابه العزيز على شكر الناس " قائال" َوفَ ْوقَ كُل ذي ع ْلم َ
عليم" (سورة يوسف
آية )76صدق هللا العظيم.
اشكر هللا العلي القدير الذي أنعم علي بنعمة العقل والدين القائل في محكم التنزيل عن أبي
هريرة -رضي هللا عنه -قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " من ال يشكر الناس ال يشكر هللا".
وأيضا وفاء وتقديرا واعترافا مني بالجميل اتقدم بجزيل الشكر ألولئك المخلصين الذين لم يألوا
جهدا في مساعدتي في مجال البحث العلمي ،وأخص بالذكر األستاذة الفاضلة ( أ.م.د.احمد محمود
احمد الربيعي) على هذه الدراسة وصاحب الفضل في توجيهي ومساعدتي في تجميع المادة
البحثية وايضا اللجنة المشرفة على مناقشتي في هذا البحث ،فجزاكم هللا خيرا .
وأتقدم بشكري الى عمادة كلية الحقوق في جامعة الموصل التي قدمت لي الدعم الكبير والمساعدة
وخصوصا عميد الكلية الدكتور وسام نعمت السعدي.
وأخيرا ،أتقدم بجزيل شكري إلى كل من مدوا لي يد العون والمساعدة في إخراج هذه البحث
على أكمل وجه.
-4-
الملخص
ترتبط دراسة المصلحة في دعوى اإللغاء ،بتطور االجتهاد القضائي ،وقد اخترناها محال للدراسة
في هذا البحث بهدف استجالء المبادئ التي تحكم هذه المصلحة من أحكام القضاء الذي له الفضل
في إنشائها وإبرازها ،وال سيما ما أخذت به محكمة العدل العليا ،بشكل خاص.
وقد تمت مناقشة هذا الموضوع ،من خالل مبحثين خصص األول منهما لماهية شرط المصلحة،
فقد تم بيان مفهوم المصلحة ،وكذلك خصائصها ،أما المبحث الثاني من الدراسة فقد تناول المصالح
التي تحميها دعوى اإللغاء ،من خالل بيان مصالح األفراد والموظفين والهيئات ثم وقت تقدير هذه
المصلحة .وخلصت الدراسة إلى أن مجلس الدولة الفرنسي ،تساهل في شرط المصلحة ووسع من
نطاق المصالح التي تبرر دعاوى األفراد والهيئات توسعا لم تجاريه فيه محكمة العدل العليا.
قبول وتوصلت الدراسة إلى جملة من التوصيات نعتقد أن األخذ بها سوف يؤدي إلى توسيع مضلة
الحماية القضائية المنشودة ،بما يضمن تحقيق مبدأ المشروعية والمصلحة الخاصة على السواء.
-5-
المقدمة
تعتبر المصلحة في مجال التقاضي ،ركنا أساسيا من أركان الدعوى ولذلك اعتبر القانونيين أن
المصلحة معيار الدعوى ،فال دعوى بغير مصلحة ،لمنع الدعاوى الكيدية ،وإيصالها إلى ساحة
القضاء دون مبرر وحتى تعتبر المصلحة في دعوى اإللغاء ،أساسا لهذه الدعوى يجب أن ترتبط
بالمدعي ارتباطا مباشرا تضعه في حالة الدفاع عن مصلحة ذاتية أضيرت من القرار اإلداري
سواء كانت هذه المصلحة مادية أم معنوية ،محققه أو محتملة .والمصلحة قد تكون فردية خاصة
باألشخاص الطبيعيين ك األفراد والموظفين ،كما قد تكون جماعية خاصة بالهيئات التي تتمتع
بالشخصية المعنوية فلها الحق في طلب إلغاء القرارات اإلدارية التي تمس مصالحها المرتبطة
بالغرض الذي أنشئت من أجله ،والذي تحدده القوانين واألنظمة الخاصة بإنشائها.
وقد نص قانون محكمة العدل العليا رقم 12لسنة 1992على اختصاص المحكمة بطعون ذوي
المصلحة ،التي يقدمها األفراد والهيئات بإلغاء القرارات اإلدارية ،وإذا كانت محكمة العدل العليا
قد أخذت بمصالح مختلفة لألفراد والموظفين وبعض الهيئات ،إال أن رعايتها لهذه المصالح ،مقيدة
باختصاصها المحدد على سبيل التعداد والحصر ،كما أن اجتهادها يجنح أحيانا خارجا عما استقر
عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي.
وعليه فقد اخترت في هذه الدراسة ،أن أبحث في موضوع « شرط المصلحة في دعوى اإللغاء
» متبعا األسلوب الوصفي التحليلي المقارن ما أمكن وفق الخطة التالية:
المبحث األول :ماهية شرط المصلحة.
المطلب األول :مفهوم المصلحة.
المطلب الثاني :خصائص المصلحة .
المبحث الثاني :المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء .
المطلب األول :أنواع المصلحة.
المطلب الثاني :وقت توافر المصلحة .
الخاتمة .
-6-
المبحث األول
ماهية شرط المصلحة
تعتبر المصلحة أساس الدعوى ،الن قبول الثانية يعتمد على توافر األولى ،التي يستخلصها القضاء
لهذا سندرس ماهية شرط المصلحة في هذا المبحث من خالل أحكام القضاء وآراء الفقه فنتعرض
لمفهوم المصلحة في المطلب األول ونتناول خصائص المصلحة في المطلب الثاني.
1الدكتور الشرقاوي عبد المنعم أحمد ،نظرية المصلحة في الدعوى ،الطبعة األولى ،1947 ،ص.53 :
2الدكتور حلمي محمود ،القضاء اإلداري ،القاهرة ،دار الثقافة للطباعة والنشر ،الطبعة الثالثة1984 ،
ص . 320 :
3المادة ( )3من قانون أصول المحاكمات المدنية ،رقم 24لسنة .1988
4الفقرة (ج) المادة ( )9من قانون محكمة العدل العلياء رقم 12لسنة .1992
5الدكتور الطماوي سليمان ،القضاء االداري قضاء االلغاء ،القاهرة دار الفكر العربي ،الطبعة السادسة 1996
ص.428
6عدل عليا رقم ٨٦/١٠١ :مجلة نقابة المحامين ،1988ص ،66 :تاريخ ١٩٨٧/1/٢٣
-عدل عليا رقم ، ٩٣/٢٥٧ :مجلة نقابة المحامين ، 1994 ،ص ، 1474 :تاريخ .١٩٩٣/12/١٨
-7-
للمصلحة العامة ،أدت إلى االكتفاء بتوافر مجرد مصلحة شخصية الرافع دعوى اإللغاء ،لقبولها.
بالرغم مما تحققه هذه الدعوى من حماية مصلحة خاصة لرافعها ،إال أنها تبقى مجرد مصلحة
وليست حقا شخصيا قامت الدعوى لحمايته ،فقد قضت محكمة العدل العليا « :فعنصر المصلحة،
وإن كان البد من توفره في دعوى اإللغاء ،إال أن ا لمصلحة هذه ،ال يشترط أن تستند إلى حق
لرافعها ،اعتدت عليه اإلدارة ،أو مهدد باالعتداء عليه ،باعتبار أن النزاع في الدعوى الماثلة،
يدور حول مشروعية القرار اإلداري ذاته ،وأنها تتوافر ولو كانت مصلحة محتملة» .7كما
أوضحت المحكمة أوجه االختالف ،في شروط قبول كل من دعوى اإللغاء ،ودعوى التعويض.
وتطبيقا لذلك قضت « :وبما أنه يكتفى في دعوى اإللغاء ،أن يكون رافعها صاحب مصلحة في
إلغاء القرار اإلداري ،في حين يشترط في رافع دعوى التعويض ،أن يكون صاحب حق أصابته
جهة اإلدارة بقرارها الملغي بضرر يراد رتقه والتعويض عنه .8
فالطبيعة العينية لدعوى اإللغاء وما استتبعه ذلك من عدم اشتراط استناد مصلحة رافع الدعوى،
إلى حق إضافة إلى مسلك .مجلس الدولة الفرنسي فيما يتعلق بشرط المصلحة حيث يسر المجلس،
وتوسع في أنواع المصالح المعترف فيها ،والمبررة لقبول دعوى اإللغاء مما وسع من نطاق قبول
هذه الدعوى ،9كل ذلك أدى إلى إثارة جدل في الفقه حول طبيعة دعوى اإللغاء .فذهب رأي في
الفقه إلى أن دعوى اإللغاء دعوى حسبة ، 10تخول للمواطنين بصفة عامة حق مراقبة تصرفات
اإلدارة رافضا اعتبار وجود مصلحة خاصة لرافع الدعوى شرطا لقبولها وحجج هذا الرأي.10
أوالً :أن قضاء اإللغاء قضاء عيني ،قائم على مخاصمة القرار اإلداري المخالف للقانون ،وال
يهدف كالقضاء الشخصي إلى حماية الحقوق والمراكز الفردية المعتدى عليها ،وبناء على ذلك
فإن شرط المصلحة ،ضروري في دعوى التعويض ،أو (القضاء الكامل) ،لكنه غير ضروري
بالنسبة لدعوى اإللغاء.
ثانيا ً :لم يشترط المشرع ،ضرورة توافر المصلحة الرافع دعوى اإللغاء ،فليس للقضاء أن
يستكمل هذا النقص ،بل عليه أن يقبل هذه الدعوى من أي مواطن.
أما الرأي اآلخر وهو الرأي الراجح في الفقه والقضاء ،والذي يرى أنه من المبادئ التي تقوم
عليها وظيفة القضاء ،أن القاضي ال يستطيع أن ينظر من تلقاء نفسه ،وال أن يحكم بما لم يطلبه
الخصوم ،فإذا كان لكل فرد أن يعرض النزاع على القاضي ،في أية مسألة دون أي شرط يميزه
عن غيره من سائر األفراد ،فال يمكن في هذا الوضع اعتبار الفرد خصما حقيقيا في النزاع.
ويصبح القاضي ،وكأنه قد تعرض للنزاع من تلقاء نفسه ،وهذا مخالف للمبادئ التي تحكم وظيفة
القضاء .11وقد تبنى اغلب الفقه وكذلك القضاء الفرنسي هذا الرأي ،فدعوى اإللغاء ليست دعوى
حسبة وال بد أن يكون الرافع الدعوى مصلحة شخصية ومباشرة ومع ذلك انتهج مجلس الدولة
7عدل عليا رقم ، ٩٢/١٦٨ :مجلة نقابة المحامين ،1994 ،ص ،1968 :تاريخ ١٩٩٣/٣/١٦
-عدل عليا رقم ٩٤/١٤١ :مجلة نقابة المحامين ، 1995ص 3205 :تاريخ ١٩٩٤/9/١٤
– عدل عليا رقم ،٩٨/٤٥٣ :مجلة نقابة المحامين ،1999ص ،2939 :تاريخ ١٩٩٩/3/٢٠
-عدل عليا رقم ،٢٠٠٥/٢٩٣ :مجلة نقابة المحامين ،2006ص 72تاريخ .٢٠٠٥/10/٢٦
8عدل عليا رقم ، 94 / 193 :مجلة نقابة المحاميين ،1995 ،ص ،56تاريخ 1994/10/19
عدل عليا رقم ، 94 /182 :مجلة نقابة المحاميين 1995 ،ص 3230تاريخ .1994/11/16
9الدكتور بسيوني عبد الغني ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء االسكندرية منشأة المعارف 1997ص 88و .89
10الدكتور حافظ محمود ،القضاء اإلداري القاهرة دار النضة العربية 1993ص .567
11حول هذا الرأي انظر الدكتور الطماوي سليمان ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،مرجع سابق ،ص ، 431 :وما بعدها.
-8-
الفرنسي مسلك قضائيا مرنا تجاه شرط المصلحة فتوسع في نطاق المصالح التي تبرر قبول دعوى
اإللغاء .
فنجد على سبيل المثال أن مجلس الدولة الفرنسي يكتفي ومنذ عام 1889بمجرد مساس القرار
اإلداري بمصلحة المدعي وتطبيقا لذلك أصدر حكمة الشهير في قضية شركة «كوك» وهي شركة
للسياحة بمدينة نيس ،تقدمت بطعن في قرار أصدره عمدة المدينة ،لتنظيم حركة المرور ووقوف
العربات في أماكن معينة ،على أساس أن هذا القرار ،من شانه تضييق األماكن المخصصة
لوقوف العربات فيعيقها عن نقل المسافرين ،ويعرقل نشاطها التجاري فاكتفى المجلس بصفة
التاجر كمبرر لطلب إلغاء قرار عمدة المدينة .12
و لقضاء مجلس الدولة الفرنسي ،بخصوص توافر المصلحة الشخصية والمباشرة صدى لدى
القضاء اإلداري المصري ،فدعوى اإللغاء ليست دعوى حسبة ورافع الدعوى يجب أن يستند إلى
وصف يبرز المصلحة الشخصية والمباشرة ،لطلب اإللغاء ،وهذا ما أكدته محكمة القضاء
اإلداري بحكمها الصادر بتاريخ 10/4/1948حيث قالت فيه « :انه وأن كان ال يشترط في
المصلحة المسوغة لطلب إلغاء القرارات اإلدارية ،أن تقوم على حق أهدره القرار اإلداري
المطعون فيه ،كما هي الحال في دعوى التعويض بل يكفي أن يمس القرار اإلداري حالة قانونية
ما بطالب اإللغاء تجعل له مص لحة مادية أو أدبية في طلب إلغائه إال انه من ناحية أخرى يجب
أن تكون تلك المصلحة شخصية ومباشرة ،فال يقبل الطلب من أي شخص لمجرد انه مواطن
يهمه إنفاذ القانون حماية للصالح العام ،أو أنه احد أفراد جماعة من الناس تعنيه مصالحها ،بل
يجب فوق ذلك أن يكون طالب اإلل غاء في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطلوب
إلغاؤه.13
وبالنسبة لمحكمة العدل العليا ،فقد درجة على ما استقر عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي ،من
أن دعوى اإللغاء ليست دعوى حسبة ،بل هي دعوى قضائية ،يشترط لقبولها شكال ،أن يكون
الرافعها مصلحة شخصية ومباشرة.
وتطبقا لذلك قضت« :أن دعوى اإللغاء ليست دعوى حسبه ،وإنما تنتمي إلى القضاء الموضوعي
والبد من توافر مصلحة للطاعن حتى تقبل دعواه» .14
فالبد من توافر مصلحة شخصية الرافع دعوى اإللغاء ،حتى تقبل دعواه ،15أي البد من أن يسعى
إلى تحقيق نفع شخصي من وراء دعواه ،وهذا هو المطلوب في دعوى اإللغاء ،فإلى جانب الدفاع
عن المشروعية ،والصالح العام ،يكون الرافع الدعوى مصلحة شخصية ،لضمان جدية الطعون
المقدمة ،أو على حد تعبير محكمة العدل العليا « :حتى تكون هذه المصلحة قرينة على جدية
-9-
الدعوى ،16أما استهداف تحقيق مصلحة عامة ،فإنه يجعل من دعوى اإللغاء دعوى حسبة.
فالمصلحة في قضاء محكمة العدل العليا ،هي المصلحة الشخصية المباشرة .وفي هذا تقول
المحكمة « :يكفي لمخاصمة القرار اإلداري في دعوى اإللغاء ،أن يكون الرافعها مصلحة شخصية
يؤثر فيها القرار تأثيرا مباشرا» .17
وان كانت مصلحة رافع الدعوى تصل في بعض األحيان إلى درجة الحق الذي يحميه القانون
وفي هذا الشأن تقول محكمة العدل العليا « :ولما كانت المادة ( )16من الدستور ،قد نصت على
حق المواطنين في تأليف الجمعيات ،فإن دعواهم تستند إلى حق يحميه الدستور .وهذا الحق أكثر
من المصلحة المباشرة الشخصية ،التي تقبل معها دعوى اإللغاء ،خاصة وأن المستدعين في مركز
قانوني يتأثر بالقرار المطعون فيه ،ما دام القرار قائما ،وعليه فإن هذا الدفع حقيق بالرد» . 18
وعلى أية حال فتوافر المصلحة الشخصية المباشرة لرافع الدعوى ،هو األساس لقبول دعواه
شكال ،أمام محكمة العدل العليا ،لهذا ترد دعوى اإللغاء شكال ،النتفاء شرط المصلحة ،إذا لم يكن
للمستدعي مصلحة تبرر تقديمها.
وتطبيقا لذلك قضت محكمة العدل العليا « نجد أنه ال مصلحة للمستدعين ،في إلغاء قرار مدير
المؤسسة المستدعى ضده المطعون فيه ،إذ ال عالقة له بإلغاء زيادات الجدارة التي ألغاها قرار
المستدعى ضده رقم ( ،) 5/93ولما كانت المصلحة هي مناط الدعوى التي تقدم إللغاء أي قرار
إداري ولما كانت المصلحة منتفية في هذا الطعن ،فإن الدعوى تكون حقيقة بالرد» .19وبديهي
أن يكون رافع دعوى اإللغاء ،أهال للتقاضي .وهذا شرط ال يثير خالفا فقهيا كما هو الحال بالنسبة
الشتراط الصفة في رافع دعوى اإللغاء ،فأهلية التقاضي ،أحكامها في القانون اإلداري ال تختلف
عنها في القانون المدني.
أما بالنسبة للصفة ،بالرغم من ارتباطها الوثيق في شرط المصلحة إال أن الخالف الفقهي ،نشب
حول كونها مندمجة في المصلحة ،أم إنها مستقلة عنها .20
فمن الفقه من يرى أن الصفة ،شرط مستقل عن المصلحة في نطاق قبول دعوى اإللغاء ،وأنه إذا
انتفت الصفة ،كانت الدعوى غير مقبولة ،ويجوز إبداء هذا الدفع في أية حالة كانت عليها
الدعوى.21
إال أن الرأي الراجح في الفقه ،والقضاء اإلداريين في فرنسا وفي مصر ،هو اندماج مدلول الصفة
في شرط المصلحة ،في نطاق قبول دعوى اإللغاء ،فتتوافر الصفة ،كلما وجدت مصلحة شخصية
مباشرة الرافع دعوى اإللغاء . 22
- 16عدل عليا رقم ،٨٤/٩٧ :مجلة نقابة المحامين ،1985ص ،21 :تاريخ ١٩٨٤/10/٣
-عدل عليا رقم ،٩٤/٨٠ :مجلة نقابة المحامين ،1995 ،ص ،627 :تاريخ ١٩٩٤/9/٢٧
-عدل عليا رقم،٩٥/٥٤ :مجلة نقابة المحامين ، 1997ص ،505تاريخ ١٩٩٥/5/١٦
17عدل عليا رقم ،٨٤/١٧٢ :مجلة نقابة المحامين ،1985 ،ص ،1713 :تاريخ .١٩٨٥/٧/١٣
- 18عدل عليا رقم ،٩٤/١١٣ :مجلة نقابة المحامين ،1995 ،ص ،3180 :تاريخ ١٩٩٤/5/١٤
-عدل عليا رقم ٩٨/٣٣٦ :مجلة نقابة المحامين ، 1999ص ،2884تاريخ ١٩٩٩/3/٧
-عدل عليا رقم ، ٢٠١٠/٦٤ :مجلة نقابة المحامين ، 2010 ،ص ، 1272 :تاريخ . ٢٠١٠/4/٢٢
19ولمزيد من التفاصيل حول أسباب هذا الخالف انظر الدكتور الطماوي سليمان ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء،
مرجع سابق ،ص .435
20الدكتور العطار فؤاد ،القضاء اإلداري ،القاهرة دار النهضة العربية ، 1968ص.542 :
21الدكتور بسيوني عبد الغني ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،مرجع سابق ،ص.93 :
22عدل عليا رقم 83 113مجلة نقابة المحامين ،1984 ،ص ،671 :تاريخ .١٩٨٤/٤/٧
- 10 -
ونحن وإن كنا نميل إلى رأي الدكتور العطار) ،فيما يتعلق باستقالل كل من الصفة عن المصلحة
باعتبار أن المصلحة شرط لقبول الدعوى ،في حين أن الصفة شرط لمباشرتها .إال أننا ال نؤيد ما
انتهى إليه ،من أنه إذا انتفت الصفة كانت الدعوى غير مقبولة.
ونرى في اندماج الصفة في شرط المصلحة ،انسجاما مع الطبيعة العينية لدعوى اإللغاء ،بما
تستهدفه من إزالة للقرارات اإلدارية غير المشروعة ،واتفاقا مع طبيعة المصلحة فيها ،والتي ال
يشترط استنادها إلى حق ،كما أن هذا االندماج بعد مظهرا من مظاهر التيسير والتسهيل على
طالب اإللغاء .وقد أخذت محكمة العدل العليا بما هو محل إجماع الفقه والقضاء ،حيث أشارت
المحكمة إلى اندماج المصلحة بالصفة ،وليس الصفة بالمصلحة فتقول :إن المصلحة في مجال
دعوى اإللغاء..تندمج في الصفة في مجال القضاء اإلداري ،وتصبح الدعوى مقبولة . 23 » ..
23الدكتور الغويري أحمد عودة ،قضاء اإللغاء في األردن ( دراسة مقارنة ) عمان مطابع الدستور ،1989ص.261:
24عدل عليا رقم ٧٥/٣٩ :مجلة نقابة المحامين ،1977 ،ص ،916 :تاريخ .1977/5/31
- 25عدل عليا رقم ،٨٤/٩٧ :مجلة نقابة المحامين ،1985ص ،21تاريخ ١٩٨٤/10/٣
-عدل عليا رقم ، ٢٠١٠/١٢٥ :مجلة نقابة المحامين ، 2010 ،ص ، 1462 :تاريخ . ٢٠١٠/7/٢١
26الدكتور مخلص محمد عبد السالم ،نظرية المصلحة في دعوى اإللغاء ،رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق جامعة عين
شمس ،1981ص.132 :
- 27عدل عليا رقم ٨٠/٨٢ :مجلة نقابة المحامين ،1981ص ،1272 :تاريخ .١٩٨١/٥/٣١
-عدل عليا رقم ،٨٧/١٢٠ :مجلة نقابة المحامين ، 1989ص ،1610 :تاريخ ١٩٨٨/5/٢٨
-عدل عليا رقم ، ٢٠١٠/٦٤ :مجلة نقابة المحامين ، 2010 ،ص ، 1272 :تاريخ . ٢٠١٠/4/٢٢
- 11 -
ذلك يجعل دعوى اإللغاء دعوى حسبة ،لم يجز القانون رفعها ...وإن مجرد كون المستدعي مالكا
في القرية التي أحدثت فيها البلدية ،ال يكفي العتباره ذا مصلحة في الطعن بقرار إحداث البلدية،
ما دام أن هذا القرار لم يؤثر في مصلحة شخصية مباشرة له . 28
فالمحكمة تدمج بين المصلحة والصفة ،وتتطلب صفة تميز الطاعن إزاء القرار ،يبرز فيها التأثير
المباشر والشخصي للقرار المطعون فيه ،على أن تحقق الصفة الشخصية والمباشرة للمصلحة ،ال
يقتصر على المصلحة الفردية ،فقد تتوافر هذه الصفة للمصلحة الجماعية ،فيجوز للشخص
المعنوي – كما سنتناوله تفصيال ، -رفع دعوى اإللغاء دفاعا عن المصالح الجماعية ألفراده .29
وتطبيقا لذلك تقول محكمة العدل العليا « :استقر الفقه والقضاء على أن للجماعات والهيئات التي
تتمتع بالشخصية المعنوية ،الحق في رفع دعوى اإللغاء بالقرارات التي تمس المصالح التي وجدت
للدفاع عنها ،وان المصلحة التي يتقيد بها القضاء لقبول طعون هيئات القانون الخاص ،هي
المصلحة المرتبطة بالغرض من قيامها . 30
كما يجوز لألفراد الطبيعيين رفع دعوى اإللغاء أمام محكمة العدل العليا دفاعا عن مصالحهم
المشتركة التي تضررت .فقد سلكت المحكمة مسلك مجلس الدولة الفرنسي في مسألة قبول طلبات
اإللغاء الجماعية سواء قدمت من مستدع واحد ضد قرار إداري أو أكثر أو قدمت من عدة مستدعين
ضد قرار أو أكثر إذا كانت تجمعهم وحدت المصلحة . 31
وتطبيقا لذلك قضت محكمة العدل العليا أنه « :وبدءا بالدفع المثار من النيابة العامة اإلدارية
بالئحتها الجوابية ،بأن الدعوى مردودة شكال التحاد المستدعين في دعوى واحدة ،فإننا نجد أن
أسباب االدعاء ،ووقائع الدعوى ،واحدة بالنسبة لجميع المستدعين .كما أن مصلحتهم في إلغاء
القرار المشكو منه ،والذي تضرروا من تطبيقه هي مصلحة واحدة» .32
وهذا القضاء الذي شابه قضاء مجلس الدولة الفرنسي يستحق الثناء فمحكمة العدل العليا يسرت
على األفراد والموظفين رفع دعاويهم عند المساس بمصالح مشتركة لهم في استدعاء واحد.
ثانيا ً :أن تكون مصلحة مادية أو أدبية
قد تكون مصلحة رافع دعوى اإللغاء مادية ،كما قد تكون هذه المصلحة أدبية ،وفي الحالتين تقبل
دعواه شكال ،فال يقتصر قبول دعوى اإللغاء على توافر المصلحة المادية أو المالية ،بل قد تكون
مصلحة أدبية ،أو معنوية.
وتطبيقا للمصلحة المادية :فقد قبل مجلس الدولة الفرنسي طعن ممول الضرائب ضد القرار
الصادر من محافظ باريس الذي تضمن إضافة مصاريف الدفاع إلى حساب االعتمادات المفتوحة
في ميزانية هذه المدينة 33؛ الن اإلضافة هنا تؤدي إلى زيادة العبء الضريبي المفروض على
الممول وبالتالي فان له مصلحة ماديه للطعن في هذا القرار .
28الدكتور الجرف طعيمة ،رقابة القضاء األعمال اإلدارة العامة ،قضاء اإللغاء ،القاهرة ،دار النهضة العربية .1977ص.١٥٣ :
- 29عدل عليا رقم،٩٤/٢٢ :مجلة نقابة المحامين ،1995 ،ص ،1763 :تاريخ ١٩٩٥/4/١٩
-عدل عليا رقم ،٩٩/٥٥١ :مجلة نقابة المحامين ،2000ص 3005تاريخ .٢٠٠٠/5/١٥
30 Bernard pacteau: contentieux administratif, lore edition P. U. F paris 1985 p. 166.
- 31عدل عليا رقم ٩٤/١٤١مجلة نقابة المحامين ،1995 ،ص ،3205 :تاريخ ١٩٩٤/9/١٤
-عدل عليا رقم ،٧٤/٢١ :مجلة نقابة المحامين ،1974ص 1277تاريخ ١٩٧٤/10/١٣
32الدكتور الغويري احمد عودة ،قضاء االلغاء في االردن ،مرجع سابق ،ص . 262 :
33عدل عليا رقم ،٨٣/١١٣مجلة نقابة المحامين ،1984 ،ص ،671 :تاريخ .١٩٨٤/٤/٧
- 12 -
وكذلك فعلت محكمة العدل العليا ،فقد قبلت الطعن الذي يتعلق بمصلحة مادية أو معنوية لرافعه
فقضت « :وتصبح دعوى اإللغاء مقبولة ،إذا ما توافرت الرافع الدعوى مصلحة شخصية مباشرة
مادية كانت ،أو أدبية . 34وفي حكم آخر قضت المحكمة « أما فيما يتعلق بالدفع الذي أورده ممثال
المستدعى ضدهما بعدم وجود مصلحة شخصية مباشرة للمستدعين في الطعن بالقرار المشار
إليه ،فدفع غير وارد أيضا ،ذلك ألن المستدعين من الناخبين ،وأصحاب حق الترشيح واالنتخاب
في المنطقة االنتخابية لبلدية أم السماق وخلدا ،فهما ذوي مصلحة أدبية ،أو معنوية للطعن في
القرار » .35كما تتوافر مصلحة معنوية في الدفاع عن المعتقدات الدينية ،أو حتى السياسية.
كمصلحة خطيب أحد المساجد ،المتبرع في أن يطعن في قرار منعه من الخطابة 36مصلحة
الحزب السياسي ،في تقديم الطعن ضد قرار وزير الداخلية القاضي بحظر المهرجانات والخطابات
واالجتماعات في الحملة االنتخابية . 37
غير أن المصالح المادية ،أو المالية هي األكثر وضوحا ورواجا في الواقع العملي ،كمصلحة
الموظف ،من تقديم دعوى اإللغاء القرار ،المتضمن حرمانه من الزيادة السنوية ،أو اإلحالة على
التقاعد أو سحب تصريح مزاولة مهنة ،أو إقفال محل تجاري.
ثالثا ً :أن تكون مصلحة محققة أو محتملة
تكون المصلحة محققة ،إذا كان من المؤكد أن فائدة مادية أو معنوية ستعود على الطاعن من إلغاء
القرار .أما المصلحة المحتملة فهي التي من شأنها أن تهيئ الفرصة لجلب نفع أو دفع ضرر ،دون
أن يكون ذلك مؤكدا . 38
وبما أنه يشترط لقبول الدعوى ،سواء كانت دعوى عادية ،أم دعوى إلغاء ،توافر مصلحة الرافعها،
وبناء على أن هذه المصلحة ،قد تكون محققة كما قد تكون محتملة .فالتساؤل المطروح في هذا
الشأن ،هل يشترط لقبول الدعوى توافر مصلحة محققة لرافعها ؟ أم يكفي توافر المصلحة
المحتملة؟ في مجال الدعاوى العادية ،واستثناءا على األصل ،فإن المشرع األردني قد نص على
االكتفاء بالمصلحة المحتملة ،في قانون أصول المحاكمات المدنية ،عندما قال في المادة (:)3/2
«تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب االحتياط لدفع ضرر محدق ،أو االستيثاق
لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه» إال أن المشرع األردني ،لم ينص على المصلحة المحتملة،
في قانون محكمة العدل العليا ،رقم 12لسنة.١٩٩٢
وبدورنا ال نرى في ذلك عدم اعتراف منه بالمصلحة المحتملة ،إذ يعتد بها في مجال الدعاوى
العادية -ولو كان ذلك بصفة استثنائية -فالحكمة تقتضي أن يعترف بها في دعوى اإللغاء ،ألن
هذه الدعوى ،ال يشترط فيها استناد المصلحة إلى حق ،كما أن ميعاد رفع هذه الدعوى محدد بفترة
قصيرة ،فقد يضيع الحق في الطعن إذا ما أنتظر الطاعن حتى تصبح مصلحته محققة .39وتطبيقا
للمصلحة المحتملة :فقد استقر قضاء محكمة العدل العليا ،على قبول دعوى اإللغاء المستندة إلى
مصلحة محتملة .فقد قضت المحكمة بقولها« :أما قول المستدعى ضدهم ،إن دعوى الشركة ،غير
مقبولة بحجة أن ال مصلحة لها في إلغاء القرار المطعون به ،فقول غير وارد ذلك ،ألنه اليشترط
34عدل عليا رقم ،٨٦/١٣٩ :مجلة نقابة المحامين ،1988 ،ص ،1213 :تاريخ .١٩٨٧/٧/٣٠
35عدل عليا رقم ،٩٤/٣١٧ :مجلة نقابة المحامين ،1995 ،ص ،1791 :تاريخ .١٩٩٥/١٢/١٠
36عدل عليا رقم،٩٤/٢٧١ :مجلة نقابة المحامين ،1994 ،ص ،88 :تاريخ .١٩٩٣/10/٢٨
37الدكتور الحلو ماجد راغب ،القضاء اإلداري ،االسكندرية ،دار المطبوعات الجامعية ،1995ص.298 :
38الدكتور الطماوي سليمان ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،مرجع سابق ،ص.448 :
الدكتور بسيوني عبد الغني ،والية القضاء اإلداري على أعمال اإلدارة االسكندرية منشأة المعارف ، 1983 ،ص103 .:
39عدل عليا رقم ،٦٨/٩١ :مجلة نقابة المحامين ،1969ص ،329 :تاريخ .١٩٦٩/٤/٢٨
- 13 -
في دعوى اإللغاء ،أن تكون مصلحة المدعي مؤكدة ،بل يكفي أن تكون مصلحة محتملة » .40
وقضت في حكم آخر « :وبما أن المستدعين قد اشتركوا في عطاء إصدار دليل الهاتف ،فلهم
الحق بطلب إلغاء قرار اإلحالة على المستدعى ضدها ،الثالثة مؤسسة دار السياسة الكويتية الحتمال
أن يحال العطاء عليهم ،وهذا كاف لتوافر شرط المصلحة . 41
وبناء على ذلك فإن محكمة العدل العليا ،ال تشترط لقبول دعوى اإللغاء شكال ،أن تكون مصلحة
رافعها مؤكدة ،بل يكفى أن تكون محتملة ،وهذه األخيرة تقدر المحكمة مدى احتماليتها لتقرر قبول
أو عدم قبول الدعوى.
- 40عدل عليا رقم ،٨٦/٢١مجلة نقابة المحامين ،1987 ،ص 40 :تاريخ ١٩٨٦/8/٢٨
-عدل عليا رقم ،٩٨/٤٥٣ :مجلة نقابة المحامين ، 1999ص ،2939تاريخ ١٩٩٩/3/٢٥
-عدل عليا رقم ،٢٠٠٥/٢٩٣ :مجلة نقابة المحامين ،2006ص 72تاريخ .٢٠٠٥/10/٢٦
41عدل عليا رقم ٨٣/٢٤ :مجلة نقابة المحامين ،1983 ،ص ،1396 :تاريخ .١٩٨٣/10/٢٩
42الدكتور الطماوي سليمان ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،مرجع سابق ،ص451 :
- 14 -
المبحث الثاني
المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء
تتعدد المصالح التي اعتمدها القضاء ،لقبول دعوى اإللغاء ،فهي كثيرة ومتنوعة ،وفي هذا المبحث
سنتعرض لبعض أنواعها في مطلب أول وفي مطلب ثاني سنتعرض لوقت توافر المصلحة.
- 43عدل عليا رقم ،٦٩/٩٠ :مجلة نقابة المحامين ،1970 ،ص ،207 :تاريخ ١٩٧٠/٤/١
-عدل عليا رقم ،٩٣/١٤٦ :مجلة نقابة المحامين ، 1994 ،ص ،641تاريخ .١٩٩٣/6/٢٩
-عدل عليا رقم ، ٨٤/٩٧ :مجلة نقابة المحامين ، 1985 ،ص ، 21 :تاريخ ١٩٤/10/٣
-عدل عليا رقم ، ٩٤/٨٠ :مجلة نقابة المحامين ، 1985 ،ص ، 227 :تاريخ .١٩٩٤/9/٢٧
44أبو العثم فهد ،القضاء اإلداري بين النظرية والتطبيق ،عمان ،دار الثقافة ، 2005 ،ص .258 :
45الدكتور فهمي مصطفى أبو زيد ،قضاء اإللغاء ،اإلسكندرية ،دار المطبوعات الجامعية ، 2001 ،ص 69 :وما
بعدها .
46عدل عليا رقم ،٦٩/٩٠ :مجلة نقابة المحامين ،1970 ،ص ،207 :المشار إليه سابقا.
-عدل عليا رقم ، ٨٠/٨٢ :مجلة نقابة المحامين ، 1981 ،ص ، 1272 :تاريخ ١٩٨١/5/٣١
-عدل عليا رقم ، ٩٥/٣١٤ :مجلة نقابة المحامين ، 1996 ،ص ، 1685 :تاريخ .١٩٩٦/3/١٧
-عدل عليا رقم ، ٢٠٠٥/٣٠٤ :مجلة نقابة المحامين ، 2005 ،ص ،177 :تاريخ .٢٠٠٥/10/٢٦
47الدكتور فهمي مصطفى أبو زيد ،القضاء اإلداري ومجلس الدولة االسكندرية منشأة المعارف ،1979ص349 :
– الدكتور حسن عبد الفتاح ،قضاء اإللغاء ،المنصورة ،مكتبة الجالء الجديدة ، 1982 ،ص . 168 :
48عدل عليا رقم،٨٥/٣٩ :مجلة نقابة المحامين ،1985 ،ص ،459 :المشار إليه سابقا.
-عدل عليا رقم ، ٩٣/١٤٦ :مجلة نقابة المحامين ، 1994 ،ص ، 641 :تاريخ .١٩٩٣/6/٢٩
- 15 -
هو مستقر في قضاء مجلس الدولة الفرنسي فقد أقرت محكمة العدل العليا بمصلحة المالك وتطبيقا
لذلك قضت « :وحيث أنه من الثابت في وقائع هذه القضية ،أن المستدعية تملك شقة في البناء
المخصص الطابق األرضي منه موقفا للسيارات ينتفع به أصحاب الشقق ،فإن قرار أمانة العاصمة
المطعون فيه القاضي بتغيير استعمال الطابق األرضي من موقف سيارات ،إلى شقق سكنية ،يؤثر
في مصلحة الطاعنة تأثيرا مباشرا ،إذ يحرمها من االنتفاع بهذا المرفق ،وعليه فإن للمستدعية
مصلحة مباشرة وبالنسبة لمصلحة صاحب المهنة :فقد استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي منذ
زمن بعيد على شخصية ،تبرر إقامة هذه الدعوى . 49
االعتداد بمصلحة صاحب المهنة أو الحرفة ،فاصدر حكمه الشهير لعام 1889المعروف بحكم
شركة «كوك» بخصوص الطعن المقدم من الشركة بقرار عمدة مدينة نيس الفرنسية بتضييق
األماكن المخصصة لوقوف العربات العامة 50فاكتفى المجلس بصفة التاجر كمبرر لطلب إلغاء
قرار عمدة المدينة.
و محكمة العدل العليا هي األخرى أقرت بالمصلحة ألصحاب مهن مختلفة تبرر قبول طلب إلغاء
أية قرارات تمس المهن التي يزاولونها ،وتطبيقا لذلك قضت محكمة العدل العليا( :إذا كانت الشركة
المستدعية تحمل ترخيصا لنقل الركاب العاديين بباصاتها ،على نفس الخط الذي حصل المستدعى
ضدهم على تراخيص لتسيير باصات سياحية عليه ،فإن ذلك يرتب لها مصلحة محتملة في دعوى
اإللغاء» ، 51وقضت أيضا « :تعتبر الشركة المستدعية ذات مصلحة في إقامة الدعوى ،إذا
كانت في حالة إلغاء القرارين المشكو منهما تغدو ...في نفس المركز القانوني ،الذي كان يجب
أن توجد فيه ،لو لم تكن اإلدارة قد اتخذت هذين القرارين .52
كما أقرت المحكمة للصحفي ،بالمصلحة الشخصية والمباشرة ،للطعن بقرار نقل اسمه من سجل
الصحفيين الممارسين ،إلى سجل الصحفيين غير الممارسين ، 53ولكل ناخب مسجل في جدول
الناخبين مصلحة في الطعن بنتائج انتخاب المجالس البلدية . 54
وللزوج مصلحة شخصية ومباشرة ،في الطعن بقرار مصادرة جواز سفر زوجته ،ومنعها مع
ولديه من العودة إلى عمان . 55
كما أخذت المحكمة بمصلحة الساكن ،فقد قضت بقولها :إن للمستدعية الساكنة" مصلحة مباشرة
وشخصية تبرر إقامة الدعوى؛ ألن القرارين المطعون فيهما ،والقاضيين بتغيير استعمال الطابق
األرضي من موقف سيارات ،إلى شقق سكنية ،تتأثر بهما الطاعنة تأثيرا مباشرا ،إذ يحرمانها من
االنتفاع بهذا المرفق .56
49انظر الدكتور بسيوني عبد الغني ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،مرجع سابق ،ص. 112 :
50عدل عليا رقم ،٦٨/٩١ :مجلة نقابة المحامين ،1969ص 329 :تاريخ .١٩٦٩/4/٢٨
51عدل عليا رقم ،٥٦/٢٢مجلة نقابة المحامين ،1956ص ،399 :تاريخ .١٩٥٦/٦/١٧
52عدل عليا رقم ،٨٣/١١٥مجلة نقابة المحامين ،1984 ،ص ،12 :تاريخ .١٩٨٤/١٢/٥
53عدل عليا رقم ،٨٦/٥٤ :مجلة نقابة المحامين ،1987 ،ص ،861 :تاريخ .١٩٨٦/9/٣٠
54عدل عليا رقم، ٨٣/١٧٥ :مجلة نقابة المحامين ،1984 ،ص ،340 :تاريخ .١٩٨٤/2/٢١
55عدل عليا رقم، ٨٥/٣٩ :مجلة نقابة المحامين ،1985ص ،459 :المشار إليه سابقا.
56الدكتور بسيوني عبد الغني ،القضاء اإلداري ،قضاء االلغاء ،مرجع سابق ،ص . 116 :
- 16 -
ثانيا ً :طعون الموظفين
تحظى طعون الموظفين العموميين بنطاق واسع في مجال دعوى اإللغاء ،لحماية مصالحهم
وحقوقهم الوظيفية ،فينظر القضاء أنواع متعددة من هذه الطعون والتي تختلف باختالف القرار
اإلداري ،المطعون فيه ،وذلك ألن الموظف يمر بمراحل متعددة تجعله معرضا للمساس بمصالحة
وحقوقه الوظيفية ،فال مناص من الطعن في القرارات المتعلقة بوظيفته .أما القرارات المتعلقة
بتنظيم وتشغيل المرفق الذي ينتمي إليه الموظف ،فال يقبل من الموظف الطعن فيها باإللغاء ،طبقا
لما استقر عليه مجلس الدولة الفرنسي . 57وتتعدد المصالح التي تبرر قبول طعون الموظفين
سواء ما تعلق منها بالتعيين في الوظائف العمومية ،أو بالزيادة السنوية ،أو بالترفيع ،أو بالنقل،
أو االنتداب ، 58أو اإلعارة ،أو الوقف عن العمل أو اإلحالة على التقاعد ،أو االستيداع ، 59
وغيرها من الحقوق والمصالح ،كالحقوق التقاعدية ،والمصالح األدبية للموظف ،وكل ما من شأنه
المساس ،أو التأثير على مركزه الوظيفي.
ويالحظ أن محكمة العدل العليا ،تساير مجلس الدولة الفرنسي في االعتراف بمصلحة الموظف
في الطعن باإللغاء ،إذا مسن القرار المطعون فيه مركزه القانوني في مجاالت وظيفية عديدة ومنها
التعيين.
إال أن المحكمة تذهب إلى أن القرار القابل للطعن هو القرار الصادر بالتعيين في الوظيفة العمومية
،وأما قرار رفض التعيين فال يكون قابال للطعن أمام محكمة العدل العليا .الصادرة برفض
التعيين في الوظيفة التي يستحقها وإنما تجيز المادة المذكورة الطعن بالقرارات اإليجابية أي حينما
يدعي صاحب المصلحة أحقيته في التعيين من شخص أخر عين في الوظيفة التي يطلب التعيين
فيها فله أن يطعن في قرار التعيين ال أن يطعن في قرار عدم التعيين ».60
وتطبيقا لهذا المبدأ قضت المحكمة « :ال يجوز لصاحب المصلحة الطعن في القرارات السلبية
وال شك في أن هذا القضاء المحكمة العدل العليا ،من شأنه حرمان الموظفين العموميين من حماية
القضاء اإلداري لمصالحهم الوظيفية ،سيما وأن العديد من المنازعات اإلدارية تخرج عن
اختصاص محكمة العدل العليا .
وهذا يعود إلى أن صالحية محكمة العدل العليا ،محددة بطعون الموظفين التي نصت عليها المادة
( ، ) 9من قانون المحكمة الحالي ،رقم ( ، ) 12لسنة ، 1992وما يخرج عن هذه الطعون
المحددة يندرج في والية المحاكم النظامية .
لذلك ال يقبل من صاحب المصلحة الطعن بالقرار المتضمن عدم منحه إجازة تفرغ علمي ،حيث
قضت المحكمة « حصرت المادة 9/1/2 ،و 3و ، 4اختصاص محكمة العدل العليا ،للنظر في
الطعون الخاصة بالموظفين ذوي المصلحة .وحيث أن القرار المطعون فيه ،والمتضمن عدم
57عدل عليا رقم ،٧٠/٦٨ :مجلة نقابة المحامين ،1970ص ،292 :تاريخ .١٩٧٠/9/١٣
–عدل عليا رقم ،٢٠٠٠/٢١٠ :مجلة نقابة المحامين ،2001ص ،104تاريخ ٢٠٠٠/10/٩
–عدل عليا رقم ،٩٦/١٢٤ :مجلة نقابة المحامين ،1997ص 1448 :تاريخ .١٩٩٦/9/٢٤
– عدل عليا رقم ،٩٦/٥٤ :مجلة نقابة المحامين ،1997ص ،1018 :تاريخ .١٩٩٦/7/٧
–عدل عليا رقم،94/94 :مجلة نقابة المحامين ،1994ص 3269 :تاريخ .١٩٩٤/12/١٣
58عدل عليا رقم ،٢٠٠٠/٣٨ :مجلة نقابة المحامين ،2001ص 109 :المشار إليه سابقا.
-عدل عليا رقم ،٢٠٠٠/١٨٢ :مجلة نقابة المحامين ،2001ص 139تاريخ ٢٠٠١/11/١٦
-عدل عليا رقم ،٢٠٠٠/٤٣ :مجلة نقابة المحامين ،2001ص 84المشار إليه سابقا.
59الدكتور جمال الدين ،سامي ،الوسيط في دعوى إلغاء القرارات اإلدارية ،اإلسكندرية ،منشأة المعارف،200٤ ،ص.٢٥٣
60عدل عليا رقم ، ٩٢/١٩٥ :مجلة نقابة المحامين ، 1994 ،ص ، 1951 :تاريخ .١٩٩٢/12/٣١
- 17 -
الموافقة على منح المستدعى إجازة تفرغ علمي ،ليس من بين القرارات الواردة حصرا في المادة
المشار إليها أعاله ،المتعلقة بالموظفين والتي يجوز الطعن فيها أمام محكمة العدل العليا . 61
وبالرغم من أن موضوع الطعن هنا قرار إداري ،إال أن عدم ورود هذا الموضوع بين
الموضوعات التي تختص بها المحكمة ،جعلها تنتهي في حكمها إلى رد الدعوى شكال ويؤدي
تحديد اختصاص محكمة العدل العليا بطعون محددة للموظفين إلى استبعاد وعدم اعتداد المحكمة
بمصالح أخرى عديدة للموظفين كمنازعات الرواتب التي يكون هناك خالف على استحقاقها . 62
وكذلك مصلحة المستخدمين العاملين في الملكية األردنية (شركة الطيران الوطنية) إذ أنهم ليسوا
من الموظفين العامين بالمعنى المقصود في المادة ( ) 9/1/3من قانون محكمة العدل العليا . 63
كما ليس لصاحب المصلحة الطعن بالقرار الخاص باستحقاق بدل صعوبة العمل ،64وبناء عليه،
فان محكمة العدل العليا ،وإن كانت تعتد بمصالح متنوعة للموظفين والتي تبرر قبول طلبات
اإللغاء أمام القضاء اإلداري ،إال أنها ال تضفي حماية قضائية وافية لجميع مصالح الموظفين
العموميين وهذا راجع إلى تحديد المشرع األردني -كما أشرنا – االختصاص محكمة العدل العليا
،تحديدا حصريا فيما يتعلق بطعون الموظفين وبدورنا نتساءل عن سبب عدم إخضاع المشرع
األردني لسائر القرارات اإلدارية المتعلقة بهذه الفئة ،الرقابة محكمة العدل العليا ؟ سيما ،وأن
مقتضى مبدأ المشروعية ،أن تلتزم جميع سلطات الدولة بالقانون ،في جميع ما يصدر عنها من
تصرفات ،واإلدارة هي إحدى هذه السلطات 65فيتم تحقيق حماية قضائية لجميع مصالح الموظفين
العموميين ،يتوالها القضاء اإلداري باعتباره حامي مبدأ المشروعية .
ثالثا ً :طعون الهيئات
يقر مجلس الدولة الفرنسي 66بمصالح الهيئات التي تتمتع بالشخصية المعنوية ،كالنقابات
والجمعيات والنوادي ،فلها الحق في طلب إلغاء القرارات اإلدارية التي من شأنها إلحاق ضررا
مباشرا باألهداف التي أنشئت من أجل تحقيقها ،أو التي تمس المصالح المشتركة لألعضاء
بمجموعهم أما إذا لم تتوافر المصلحة الجماعية واقتصر أثر القرار على عضو واحد من أعضاء
الهيئة ،أو عدد محدود من األعضاء ،فإنه يقرر أنه ليس لهذه الهيئة مصلحة تخول لها صفة للطعن
في القرار فالقاعدة هنا أن رفع الدعوى يقتصر على العضو أو األعضاء الذين مس القرار
مصالحهم الشخصية ومع ذلك يجوز للهيئة أن ترفع دعوى اإللغاء بصفتها وكيلة عن العضو أو
األعضاء المعنيين بالقرار .كما يجوز للهيئة التدخل في الدعوى التي يرفعها هؤالء األعضاء
وحدهم ،مع عدم إضافة طلبات جديدة إلى تلك التي تقدم بها الطاعن .
أما المصلحة في طعون الهيئات المركبة ،وهي التي يتكون أعضاؤها من هيئات تتمتع بالشخصية
المعنوية ،كاالتحادات العامة للنقابات التي تضم عددا من النقابات ،ومصلحة االتحاد التي يدافع
61عدل عليا رقم ، ٩٨/٤٥٦ :مجلة نقابة المحامين ،1999 ،ص ، 1751 :تاريخ .١٩٩٩/٢/٢٧
62عدل عليا ( هيئة عامة ) ،رقم ، ٩٥/١٧٢ :مجلة نقابة المحامين ، 1997 ،ص ، 1024 :تاريخ . ١٩٩٦/3/٦
-عدل عليا ( هيئة عامة ) ،رقم ، ٩٦/٧٢ :مجلة نقابة المحامين ، 1997 ،ص ، 1428 :تاريخ .١٩٩٦/9/٤
-عدل عليا رقم ، ٩٨/٤٧٠ :مجلة نقابة المحامين ، 1999 ،ص ، 29 :تاريخ .١٩٩٩/5/١٢
63عدل عليا ( هيئة عامة ) ،رقم ، ٩٤/٣٧٠ :مجلة نقابة المحامين ، 1995 ،ص ، 3110 :تاريخ ١٩٩٥/4/٢٠
-عدل عليا ( هيئة عامة ) ،رقم ، ٩٣/٢٠٤ :مجلة نقابة المحامين ، 1994 ،ص ، 112 :تاريخ .١٩٩٣/11/٣٠
64عدل عليا رقم ،٩٨/٤٧٣ :مجلة نقابة المحامين ، 1999 ،ص ، 2953 :تاريخ . ١٩٩٩/5/٢
65الدكتور فوده ،رأفت مصادر المشروعية اإلدارية ومنحنياتها ،القاهرة ،دار النهضة العربية 1994ص . 34
66انظر على سبيل المثال :
-الدكتور جمال الدين ،سامي ،الوسيط في دعوى إلغاء القرارات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص 254 :وما بعدها .
-الدكتور بيسوني عبد الغني ،القضاء اإلداري قضاء اإللغاء ،مرجع سابق ،ص .120 :
- 18 -
عنها بالطعن باإللغاء ،هي المصلحة المشتركة ألعضائه من النقابات ،أما إذا توافرت مصلحة
خاصة بإحدى الهيئات الداخلة في تكوينه فال تتوافر مصلحة االتحاد للطعن في القرار اإلداري
ألن مثل هذه المصلحة ملك للهيئة وحدها باعتبارها مصلحة فردية وإن كان لالتحاد أن يتدخل في
الدعوى التي تقيمها هذه الهيئة العضو عند رفعها .
أما بالنسبة لمحكمة العدل العليا فقد نص قانونها في المادة ( ) 9/1/9على أنه « :تختص المحكمة
دون غيرها بالنظر في الطعون المقدمة من ذوي المصلحة المتعلقة بالدعاوي التي يقدمها األفراد
والهيئات بإلغاء القرارات اإلدارية النهائية» .وينصرف مفهوم الهيئات إلى جميع الهيئات المتمتعة
بالشخصية المعنوية ،مع مراعاة أن المصلحة التي يعتد بها القضاء اإلداري لقبول طعون الهيئات
الخاصة ،هي المصلحة المرتبطة بالغرض من قيامها ،وهي تتميز عن المصالح الفردية ألعضائها
. 67إذا اختصاص المحكمة يشمل طعون ذوي المصلحة من الهيئات العامة والهيئات الخاص
ولكن تطبيقات محكمة العدل ،اقتصرت على طعون النقابات والجمعيات .
-١النقابات .
أقرت محكمة العدل العليا ،بقبول طعون اإللغاء ضد القرارات اإلدارية التي تلحق ضرر بمصالح
وأهداف جماعية ،وجدت النقابة لتحقيقها والدفاع عنها .
وفي هذا الشأن تقول محكمة العدل العليا « :وإن المصلحة التي يتقيد بها القضاء لقبول طعون
هيئات القانون الخاص ،هي المصلحة المرتبطة بالغرض من قيامها ،وعليه يجوز للنقابة العامة
لتجار المواد الغذائية ،الطعن بقرار وزير الصحة المتضمن تحديد درجة حرارة نقل المواد الغذائية
المستوردة» .68
-٢الجمعيات .
أعطى الدستور لألردنيين الحق في تأليف الجمعيات ،بموجب المادة ( ) 16منه وهذا ما استندت
إليه محكمة العدل العليا ،عندما قبلت الطعن بقرار اإلدارة ،المتضمن عدم السماح للمستدعين
بتأليف جمعية ،فال يجوز حرمانهم من هذا الحق .وتطبيقا لذلك ،ذهبت المحكمة إلى القول بأنه :
« ولما كانت المادة ( ) 16من الدستور قد نصت على حق المواطنين في تأليف الجمعيات فإن
دعواهم تستند إلى حق يحميه الدستور وهذا الحق أكثر من المصلحة المباشرة الشخصية التي تقبل
معها دعوى اإللغاء .69
واعتدت محكمة العدل العليا ،بمصلحة الجمعية للطعن في القرار اإلداري ،طالما كانت دعواها
تستهدف الدفاع عن المصالح الجماعية التي أنشئت من أجل الدفاع عنها ،كالطعن الذي تقدمه
جمعية أصحاب السيارات العمومية ومكاتب التكسي بقرارات وزير الداخلية المتضمنة الموافقة
على نقل ملكية مكاتب التكسي .70
67في هذا الموضوع انظر الدكتور الغويري ،أحمد عودة ،شرط المصلحة في طعون الهيئات في دعوى اإللغاء أمام
القضاء اإلداري ،مؤتة للبحوث والدراسات المجلد الثامن العدد الرابع ،1993 ،ص.241 :
68عدل عليا رقم ٩٤/٢٢ :مجلة نقابة المحامين ،1995 ،ص ،1763 :تاريخ 19/4/1995
-عدل عليا رقم ، ٩٩/٥٥١ :مجلة نقابة المحامين ، 2000 ،ص ، 3005تاريخ . ٢٠٠٠/5/١٥
69عدل عليا رقم ، ١٧٢ / ٨٤ :مجلة نقابة المحامين ، 1985 ،ص ، 1713 :تاريخ .١٩٩٥/7/١٣
70عدل عليا رقم ، ٢١٨ / ٩٨ :مجلة نقابة المحامين ، 1999 ،ص ، 2918 :تاريخ .١٩٩٤/3/٢١
- 19 -
المطلب الثاني :وقت توافر المصلحة
سنتناول في هذا المطلب موقف مجلس الدولة الفرنسي من وقت تقدير المصلحة ،عارضين لرأي
الفقه ثم موقف محكمة العدل العليا في هذا الشأن .يكتفي مجلس الدولة الفرنسي بالمصلحة وقت
رفع الدعوى ،ويستمر في نظر الموضوع والفصل فيه بالرغم من زوال مصلحة رافع الدعوى
قبل صدور الحكم ،وهذا ما نطق به حكم لمجلس الدولة الفرنسي صدر بتاريخ ١٩٧٠/2/٦في
طعن تقدمت به جمعية المديرين بوزارة العمل الفرنسية وبالصندوق الوطني للتأمين االجتماعي
إللغاء قرار وزير الشؤون االجتماعية بتكليف السيد سورديت « » Sourdetفي منصب وكالة
إدارة التوظيف حيث جا ء في حيثيات الحكم ،أنه « :بعد تقديم االلتماس ألغيت وظيفة وكيل إدارة
،وتم نقل السيد « » Sourdetإلى وظيفة أخرى ،وهذا الظرف ال يترتب عليه حرمان الجمعية
الملتمسة من المصلحة في الطعن ،أو جعل التماسها غير ذي موضوع » . 71واضح من الحكم
السابق أن مجلس الدولة الفرنسي ،أصدر حكمه على الرغم من زوال مصلحة الجمعية التي إنتهت
بنقل السيد « . » Sourdet
ونرى أن مجلس الدولة الفرنسي ،في مسلكه السابق يستحق الثناء حيث اعتد بتوافر المصلحة
وقت رفع الدعوى فقط ،وبذا يتفق قضاءه مع طبيعة دعوى اإللغاء ،لكونها دعوى عينيه هدفها
إزالة القرار اإلداري غير المشروع ،بالفصل فيه ومحو آثاره إذ أن إنتهاء مصلحة الطاعن بالقرار
ا إلداري المشوب باالنحراف ال تظهر هذا القرار من العيب الذي أصابه .
ومن الحكمة أن تنهج محكمة العدل العليا ،نهج مجلس الدولة الفرنسي في تقديره المصلحة وقت
تقديم الدعوى فقط ،باعتبار المصلحة شرطا موضوعيا 72البد من توافره حين تقديم الدعوى ،وهو
شرط أساسي لقبولها يتولى القضاء اإلداري تقديره ،السيما إذا دفع بعدم قبول الدعوى النتفاء
المصلحة .وفي هذا تقول محكمة العدل العليا « :إذا لم يشترك المستدعي في المناقصة التي
أنتجت القرار المشكو منه ،الصادر عن المجلس البلدي ،بإحالة العطاء على شخص آخر ،فإن
طعن المستدعي في هذا القرار ،غير مقبول لعدم وجود مصلحة له في ذلك» .73والفرض هنا
انتفاء أية مصلحة شخصية ومباشرة من إلغاء القرار المطعون فيه فال توجد للطاعن ومنذ البداية
أية مصلحة في طلب إلغاء القرار لذلك فالمحكمة تقضي بعدم قبول الدعوى ،ما لم تتوافر لصاحب
الشأن مصلحة في إلغاء القرار المطعون فيه ،حين إقامة الدعوى ،وهذه من القواعد التي ال خالف
فيها . 74
ولكن الخالف ينشب في اإلجابة عن التساؤل المتمثل في مدى ضرورة استمرار توافر المصلحة
لحين الفصل في موضوع الدعوى؟ أي هل يشترط استمرار وجود المصلحة لرافع الدعوى ،حتى
صدور الحكم فيها ؟
71أورده الدكتور الغويري ،احمد عوده ،في مؤلفه قضاء اإللغاء في األردن ،مرجع سابق ،ص . 258
72الدكتور مرغني محمد المبادئ العامة للقانون اإلداري المغربي ،الرباط ،مكتبة الطالب ،الطبعة الرابعة ،1984 ،ص.438
-الدكتور شطناوي على خطار موسوعة للقضاء اإلداري ،عمان ،دار الثقافة ، 2004،ص .292
73عدل عليا رقم ،٦٦/٨١ :مجلة نقابة المحامين ،1966 ،ص ،755 :تاريخ .١٩٦٦/٨/١٨
-عدل عليا رقم ، ٩٤/١١٣ :مجلة نقابة المحامين ، 1995 ،ص ، 3180 :تاريخ .١٩٩٤/5/١٤
-عدل عليا رقم ،٩٨/٣٣٦ :مجلة نقابة المحامين ، 1999ص ،2884تاريخ .١٩٩٩/3/٨
-عدل عليا رقم ،٩٩/١٤٩ :مجلة نقابة المحامين ،2000ص ،796 :تاريخ .٢٠٠٠/1/٢٣
74الدكتور فهمي مصطفى أبو زيد ،القضاء اإلداري ومجلس الدولة ،مرجع سابق ،ص.338 :
- 20 -
اختلف الفقه حول هذه المسألة ،وظهر اتجاهان مختلفان ،يرى أولهما بضرورة توافر المصلحة
فقط عند رفع الدعوى ،وإن زوالها بعد ذلك ،وقبل صدور الحكم ،ال يؤثر على السير فيها ،نظرا
لما تستهدفه هذه الدعوى من تحقيق احترام مبدأ المشروعية . 75
فيما ذهب االتجاه الثاني إلى ضرورة أن تبقى المصلحة قائمة لحين الفصل في موضوع الدعوى.
وإن انتفاء المصلحة أثناء نظر الدعوى ،بعد أن توافرت عند رفعها ،يوجب على المحكمة أن
تقضي بعدم قبول دعوى اإللغاء ،باعتبار توافر المصلحة فيها شرط بداية واستمرار .76وباستقراء
قضاء محكمة العدل العليا ،يتضح أنها جنحت إلى األخذ بالرأي الثاني ،فقد قضت « :ال يكفي
لقبول دعوى اإللغاء وجوب توافر شرط المصلحة وقت رفعها ،بل يتعين كذلك أن يظل هذا الشرط
قائما حتى الفصل فيها ،ذلك أن دعوى اإللغاء ،وإن تميزت بأنها دعوى عينية ،تقوم على اختصام
القرار اإلداري ،وأن الحكم الصادر فيها بإلغائه يعدمه ،إال أن هذه الدعوى ال تخرج عن كونها
خصومة قضائية مناطها توافر شرط المصلحة في رافعها ،وقت رفعها ،واستمرار هذا الشرط
خالل الخصومة إلى أن يفصل » .77ف يها وفي حكم آخر تقول محكمة العدل العليا« :إن المصلحة
في إقامة الدعوى ،تتقرر بالنسبة للوضع القائم عند رفعها ،وال تتأثر بما يحدث بعد ذلك من
أوضاع ،إال إذا كانت هذه األمور ،قد أدت إلى زوال المصلحة على الوجه الصحيح ،بأن تكون
اإلدارة قد حققت الرافع الدعوى ذات النتائج ،التي من شأنها أن يتوصل إليها فيما لو حكم بإلغاء
القرار المطعون فيه . 78
وعليه فإن قضاء محكمة العدل العليا ،قد اعتد بالرأي القائل ،بأن المصلحة في دعوى اإللغاء يجب
أن تتوافر عند رفع الدعوى ،وأن تستمر قائمة لحين الفصل في الدعوى .ويتضح من األحكام
السابقة ،أن محكمة العدل العليا ،تقضي برد الدعوى إذا تخلفت مصلحة رافعها أثناء نظر الدعوى
،وأن دعوى اإللغاء ما هي إال خصومة قضائية ،مناطها توافر المصلحة ،كشرط بداية ،
واستمرار ،لحين الفصل في موضوع الدعوى .كما أن المحكمة ترد الدعوى إذا تدخلت اإلدارة
وحققت للطاعن ما يسعى على تحقيقه من رفع دعواه .ونتساءل هنا ،هل إنتهاء مصلحة الطاعن
بالقرار اإلداري غير المشروع ،تجعل منه قرارا مشروعا ؟ ال شك في أن تخلف مصلحة الطاعن
بالقرار اإلداري المعيب أثناء نظر الدعوى ،ال تغير في سمة عدم المشروعية التي اتسم فيها ،
وال تظهر هذا القرار من العيب الذي أصابه .فالمحكمة لم تبد رأيها في موضوعه ،فترد الدعوى
قبل الفصل فيها ولنقف عند هذه النقطة دون أن نفترض تقديم طعن آخر من ذي مصلحة بهذا
القرار .ونتساءل حول مدى اتفاق قضاء محكمة العدل العليا ،هذا وطبيعة دعوى اإللغاء ؟ إن
هذا المسلك للمحكمة ،يسمح بتمرير قرارات إدارية غير مشروعة ،السيما في حالة القرارات التي
ال تمس مصالح فئة واسعة من المجتمع ،فاإلدارة ال تعجز بوسيلة ،أو بأخرى ،عن التأثير على
75انظر في هذا االتجاه الدكتور فهمي مصطفى أبو زيد ،المرجع السابق ،ص،341 :والدكتور الحلو ماجد راغب ،القضاء اإلداري،
مرجع سابق ،ص،301،والدكتور بسيوني عبد الغني ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص106 :
والدكتور رسالن انور احمد ،وسيط القضاء الداري ،القاهرة ،دار النهضة العربية ، 1999 ،ص . 474 :
76الدكتور العطار فؤاد ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص ، 541 :والدكتور حلمي محمود ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص
322ويقول الدكتور الطماوي سليمان (:ولكننا والعتبارات عملية نفضل المسلك الذي يشترط استمرار المصلحة حتى صدور الحكم
باإللغاء ألنه يخفف العبء من ناحية ،ويقلل من احتماالت التصادم مع اإلدارة من ناحية أخرى ال سيما وان رقابة االلغاء لدينا ما تزال
حديثة نسبيا وما زالة االدارة تحس نحوها بتفور شبه غ ريزي ) ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،مرجع سابق ،ص.442 :
77عدل عليا رقم ،٨١/٤٣ :مجلة نقابة المحامين ،1982 ،ص ،454 :تاريخ .١٩٨٢/3/٢٤
-عدل عليا رقم ،٩٥/٣٢٧ :مجلة نقابة المحامين ،1995 ،ص ،1149 :تاريخ .١٩٩٥/2/١٣
78عدل عليا رقم ،٨٥/١٥٥ :مجلة نقابة المحامين ،1987 ،ص ،536 :تاريخ .١٩٨٦/٧/٢٨
-عدل عليا رقم ، ٩٤/٣١٤ :مجلة نقابة المحامين ،1995 ،ص ، 1149 :تاريخ .١٩٩٥/12/١٣ :
-عدل عليا رقم ،٩٥/٣٨٩ :مجلة نقابة المحامين ،1997 ،ص 1082 :تاريخ .١٩٩٦/5/١٤
-عدل عليا رقم ،٩٩/٤١٥ :مجلة نقابة المحامين ،2000 ،ص ،814 :تاريخ .٢٠٠٠/1/٢٤
- 21 -
الراغب بالطعن ،أو استمالة الطاعن لجانبها ،قبل الفصل في موضوع الدعوى .وفي ذلك تحييد
لدور القضاء اإلداري ،وإفراغ لدعوى اإللغاء من مضمونها ،كدعوى عينيه تستهدف إعمال مبدأ
المشروعية ،ورد اإلدارة إلى جادة الصواب بحكم يسري قبل الكافة ونرى أن مسلك محكمة العدل
العليا ،ال يتفق مع الغاية االسمى في دعوى اإللغاء ،والتي أكدت عليها المحكمة في العديد من
أحكامها ،فقد قضت بقولها :أن دعوى اإللغاء ليست شخصية ،بل عينية القصد ،منها فحص
مشروعية القرار » 79وقضت أيضا« :أن دعوى اإللغاء تنصب على مشروعية القرار المطعون
فيه ،وما إذا كان القرار المطعون فيه ،يجب أن يلغى أم ال» .80وقولها « :إن قضاء اإللغاء
يقوم على مخاصمة القرار اإلداري المخالف للقانون ،ويدور حول مبدأ المشروعية ،وال يهدف
كالقضاء العادي إلى حماية الحقوق والمراكز الفردية المعتدى عليها» 81بل ونجد أيضا أنه حتى
محكمة التمييز ،شايعت هذا التكييف لطبيعة دعوى اإللغاء .وتطبيقا لذلك ،قضت محكمة التمييز
بقولها « :إن قضاء اإللغاء هو قضاء عيني ال يقوم للدفاع عن الحقوق الشخصية ،بل لحماية
القواعد القانونية .ولهذا ال يشترط لقبول دعوى اإللغاء ،أن تكون مصلحة المستدعى مستندة إلى
حق» .82
وبناء عليه ،ال نرى ارتباطا بين مصلحة الطاعن ،بإلغاء القرار اإلداري ،وبين مشروعية هذا
القرار ،فقد تزول مصلحة الطاعن ،ومع ذلك يبقى القرار غير مشروع ،والعكس قد يكون صحيحا
،فكثير من القرارات اإلدارية تستمر مصلحة الطاعن بإلغائها ،وتثبت أمام القضاء اإلداري
مشروعيتها .ومحكمة العدل العليا ،هي الجهة المخولة في التثبت من ذلك ،وليس صاحب
المصلحة التي زالت أثناء نظر الدعوى لسبب من األسباب.
كما أن زوال مصلحة رافع الدعوى ،ال تنفي مصلحة غيره في إلغائه ،ونخالف بهذا الشأن ما
ذهب إليه الدكتور العطار 83بأن مدة الطعن كانت مفتوحة أمام هؤالء ( الغير ) لتقديم طعونهم ،
وأهملوها ،فهذا التبرير الذي يقدمه الدكتور العطار في سياق تأييد مسلك مجلس الدولة المصري
والذي يشترط استمرار المصلحة حتى صدور الحكم في الدعوى .ال ينسجم – بنظرنا – وطبيعة
دعوى اإللغاء وما تستهدفه من غاية جوهرية وهي تحقيق مبدأ المشروعية ،وهذا الهدف لن
يتحقق إذا تطلبنا استمرار توافر المصلحة لحين الفصل في موضوع الدعوى .
فالمحكمة لم تأخذ بما جرى عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي ،الذي يعتد بتوافر المصلحة حين
رفع الدعوى فقط ،وال يتطلب استمرار توافرها لحين صدور الحكم في موضوعها ،فانتفاء
مصلحة رافع الدعوى أثناء نظرها ،ال يحول بين المجلس وبين صدور الحكم في الموضوع ،ما
لم يكن سبب زوال المصلحة هو زوال عدم المشروعية .وفي ذلك انسجام مع الفقه الفرنسي ،
المؤيد لهذا المسلك من مجلس الدولة . 84
وال شك في رجاحة قضاء مجلس الدولة الفرنسي ،الذي تفهم طبيعة دعوى اإللغاء ،فيكتفي بتوافر
المصلحة عند رفع الدعوى ،فهي ليست دعوى حسبه ،كما أن في ذلك ضمانة لجدية دعوى ،
79عدل عليا رقم ، ٨٦/١٠١ :مجلة نقابة المحامين ، 1988 ،ص ، 66 :تاريخ . ١٩٨٧/1/٢٣
-عدل عليا رقم ، ٩٣/٢٥٧ :مجلة نقابة المحامين ، 1994 ،ص ، 1474 :تاريخ . ١٩٩٣/12/١٨
80عدل عليا رقم ، ٨٥/١٤٤ :مجلة نقابة المحامين ، 1986 ،ص ، 1201 :ص ، 1201 :تاريخ .١٩٨٦/4/١٣
-عدل عليا رقم ، ٨٠/٣٨ :مجلة نقابة المحامين ، 1981 ،ص ، 164 :تاريخ . ١٩٨١/9/١٧
81عدل عليا رقم ،٨٦/١٣٩ :مجلة نقابة المحامين ، 1988 ،ص .1213 :
82تمييز حقوق رقم ، ٧٧/٢٨٣ :مجلة نقابة المحامين ، 1977 ،ص . 539 :
83الدكتور العطار فؤاد ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص .541 :
84الدكتور الطماوي سليمان ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،مرجع سابق ص . 438
- 22 -
تستهدف حماية مبدأ المشروعية ،فتطهر النظام القانوني من كل قرار غير مشروع ،سواء
استمرت المصلحة أو زالت أثناء نظر الدعوى .
واألجدى أن تقتدي محكمة العدل العليا بمسلك مجلس الدولة الفرنسي ،وتستمر بنظر الدعوى وإن
زالت مصلحة رافعها أثناء نظرها ،فإن كان سبب زوالها يعود لزوال عدم المشروعية ،التي شابت
القرار المطعون فيه ،بأن تدخلت اإلدارة على النحو الذي يزيل سمة عدم المشروعية عن القرار
محل الطعن ،فال بأس هنا من أن تقضي المحكمة بعدم جدوى االستمرار بنظر الدعوى ،وليس
االكتفاء بان تحقق اإلدارة الصاحب المصلحة الطاعن بالقرار ،النتائج التي يسعى إلى تحقيقها من
إلغاء القرار . 85ونعتقد أن سير قضاء محكمة العدل العليا قدما ،يبحث مشروعية القرار محل
الطعن حتى لو حققت اإلدارة للطاعن ما يرجو تحقيقه من طلب اإللغاء من شأنه أن يردع اإلدارة
،ويمنعها من إصدار قرارات إدارية مشكوك في مشروعيتها ،تعتقد بإمكانية تمريرها وافالتها
من رقابة مح كمة العدل بإرضاء ،أو استمالة صاحب المصلحة ،بإلغائها قبل الفصل في
موضوعها.
ويالحظ أن قضاء محكمة العدل العليا ،مستقر على االكتفاء بتوافر مجرد مصلحة محتملة لرافع
الدعوى حتى تقبل دعواه . 86وهذا القضاء يستحق الثناء ،ولكن بما أن توافر مجرد مصلحة
محتملة لرافع الدعوى ،كفيل بأن يجعل دعواه مقبولة ،فمن باب أولى ،أن يستهدف اجتهاد
المحكمة إعمال مبدأ المشروعية ،على أن يعتد بضرورة استمرار توافر هذه المصلحة المحتملة
،وغير المؤكدة .وليس في ذلك ما يدعو إلى اعتبار الدعوى دعوى حسبة طالما هي استندت إلى
مصلحة شخصية ومباشرة لرافعها .
- 23 -
الخاتمة
أبرزت دراستنا لشرط المصلحة في دعوى اإللغاء ،طبيعة المصلحة التي يعتد بها القضاء لقبول
طعون اإللغاء ،من خالل بيان مفهوم المصلحة وخصائصها ،وكذلك مصالح العديد من الفئات
سواء أفراد أو موظفين أو هيئات تحضى برعاية القضاء اإلداري.
كما أبرزت التفاوت بين قضاء مجلس الدولة الفرنسي ،وقضاء محكمة العدل العليا ،فيما يتعلق
بمظلة الحماية القضائية الواسعة التي يبسطها مجلس الدولة الفرنسي ،على مصالح الموظفين
العمومين وبالمقابل يخرج عن اختصاص محكمة العدل العليا ،نظر العديد من الطعون المقدمة
من أصحاب المصلحة من الموظفين العمومين
واتضح لنا التباين بين موقف مجلس الدولة الفرنسي ،وموقف محكمة العدل العليا ،بالنسبة لوقت
تقدير المصلحة ،حيث تبين أن مجلس الدولة الفرنسي يقدر المصلحة وقت تقديم الطعن ،وإذا زالت
المصلحة بعد تقديم الطعن فانه يستمر في نظره حتى الفصل فيه ،وذلك ضمانا الحترام مبدأ
المشروعية فيتم تطهير النظام القانوني من القرارات غير المشروعة ،في حين اتجهت محكمة
العدل العليا إلى اشتراط المصلحة عند رفع الدعوى ،وان تستمر قائمة لحين الفصل في الدعوى.
وخلصنا إلى أن مجلس الدولة الفرنسي ،يفرط في التساهل في شرط المصلحة ،مما وسع من نطاق
المصالح التي تبرر قبول دعاوى األفراد والهيئات .وبما أن موقف القضاء المتساهل واللين من
شرط المصلحة ،من شأنه تحقيق مبدأ المشروعية في الدولة فإننا نرى أن التوصيات التالية تساهم
في تحقيق حماية مصالح اإلفراد والهيئات وتعزز ترسيخ المبدأ السابق ،وابرز هذه التوصيات ما
يلي:
أوالً :نتمنى على المشرع األردني أن يوسع مظلة الحماية القضائية ،بان يمنح محكمة العدل العليا،
الوالية العامة بنظر جميع المنازعات اإلدارية ،لتتحقق حماية القضاء اإلداري لمصالح مختلف
فئات وشرائح المجتمع ،سيما في ظل التعديل الدستوري الجديد الذي أوجب أن يكون القضاء
اإلداري على درجتين ،بدال من التحديد الحصري الختصاصات المحكمة .
ثانيا ً :يتعين على محكمة العدل العليا الموقرة ،أن تعدل عن اجتهادها المتعلق بضرورة توافر
شرط المصلحة في رافع الدعوى ،وقت رفعها ،واستمرار هذا الشرط قائم إلى أن يفصل في
الدعوى ،بأن تكتفي بتوافر مصلحة رافع الدعوى عند رفع الدعوى فقط اقتداء بما استقر عليه
قضاء مجلس الدولة الفرنسي .
ثالثا ً :نتمنى على محكمة العدل العليا الموقرة ،أن تعيد النظر في اجتهادها المتعلق برد الدعوى
أن تدخلت الدارة ،وحققت للطاعن ما يسعى إلى تحقيقه من الدعوى ،فيجب أن تمضي المحكمة
قدما بنظر الدعوى والفصل فيها بالرغم من زوال مصلحة رافعها إعماال لمبدأ المشروعية.
رابعا ً :نتمنى على محكمة العدل العليا الموقرة ،أن تتساهل في مصلحة الهيئات بان تتوسع في
قبول طعونها باإللغاء ال سيما الهيئات الخاصة كالنقابات مما يحقق الحماية القضائية الوافية
لمصالحها.
- 24 -
قائمة المراجع
)1المؤلفات :
.1إبراهيم عبد العزيز شيحاء القضاء اإلداري ،والية القضاء ،منشأة المعارف
باإلسكندري.2003
.2أحمد محمد فارس النوايسة ،مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية ،دراسة مقارنة (فرنسا،
مصر،األردن) ،الطبعة األولى ،دار الجامد للنشر والتوزيع ،2012 ،ص . 123
.3جورج فوديل بيار دفلوفيه ترجمة منصور القاضي ،الطبعة األولى ،الجزء الثاني ،مجد
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت.2008 ،
.4رشيد خلوفي ،قانون المنازعات اإلدارية شروط قبول الدعوى اإلدارية ،الطبعة الثانية،
ديوان المطبوعات الجامعية الساحة المركزية بن عكنون – الجزائر. 2006 ،
.5سامي جمال الدين الوسيط في دعوى إلغاء القرارات اإلدارية ،الطبعة األولى ،منشأة
المعارف باإلسكندرية. 2004 ،
.6سليمان محمد الطماوي ،القضاء اإلداري الكتاب األول قضاء اإللغاء ،الطبعة السابعة،
دار الفكر العربي . 1996
.7عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،دعوى إلغاء القرار اإلداري في قضاء مجلس الدولة،
«األسباب والشروط» ،الطبعة األولى منشأة معارف اإلسكندرية. 2004 ،
.8عبد الغني بسيوني عبد هللا القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،منشأة المعارف باالسكندرية،
.1997
.9على الشيخ ابراهيم ناصر المبارك ،المصلحة في دعوى اإللغاء ،المكتتب الجامعي الحديث
اإلسكندرية. 2002 ،
عمار بوضياف دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ،دراسة .10
تشريعية وقضائية و فقهية ،الطبعة األولى ،جسور للنشر والتوزيع. 2009 ،
ع وابدي عمار ،النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي .11
الجزائري ،الطبعة الثانية ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.2003 ،
محمد رفعت عبد الوهاب القضاء اإلداري الكتاب الثاني قضاء اإللغاء أو اإلبطال .12
قضاء التعويض و اصول اإلجراءات الطبعة األولى ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت،
.2005
محمد عبد السالم مخلص ،نظرية المصلحة في دعوى اإللغاء ،دار الفكر العربي، .13
.1981
م حيو أحمد المنازعات اإلدارية ،الطبعة الخامسة ،ديوان المطبوعات الجامعية، .14
الساحة المركزية بن عكنون الجزائر.2003 ،
مسعود شيهوب ،المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية الجزء الثاني ،ديوان .15
المطبوعات الجامعية الساحة المركزية بن عكنون – الجزائر.1998 ،
مصطفى أبو زيد فهمي ،قضاء اإللغاء (شروط القبول أوجه اإللغاء) ،دار الهدى .16
للمطبوعات اإلسكندرية.
- 25 -
)٢المقاالت:
.١منصور ابراهيم العتوم ،أثر زوال المصلحة على التيسير في دعوى اإللغاء في ضوء
احتماالت القضاء اإلداري األردني والمقارن دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة السنة السادسة
والعشرون ،العدد التاسع واألربعون ،يناير 2012
)3الرسائل:
.1نداء محمد أمين أبو الهوى مسؤولية اإلدارة بالتعويض عن القرارات اإلدارية غير
المشروعة ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجيستير في القانون العام ،كلية الحقوق جامعة
الشرق األوسط.2010 ،
.2بن قطاية ليلى شروط رفع الدعوى القضائية ،شروط رفع الدعوى القضائية ،مذكرة
ليسانس كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم حقوق تخصص قانون خاص جامعة ورقلة،
.2013
.3سمان صليحة المصلحة كشرط لقبول دعويي اإللغاء ،والتعويض) ،مذكرة مقدمة
اإلستكمال متطلبات شهادة ماستر ،قانون إداري ،كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة
قلصدي مرباح ورقلة2013/2014 ،
- 26 -