Professional Documents
Culture Documents
لحنة المناقشة
رئيسا 1سالمي عبد السالم
مقرر 2جعالب كمال
مناقسا 3بن مسعود أحمد
"من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل اهلل له به طريقا إىل اجلنة"
اإلهداء
احلمد هلل الذي وفقنا هلذا و مل نكن لنصل إليه لو ال فضل اهلل علينا أما بعد:
أهدي هذا العمل املتواضع إىل قرة العني إىل من جعلت اجلنة حتت قدميها إىل حبيبيت و صديقيت
إىل أعظم الرجال إىل قدوتي و إىل حبييب إىل روح والدي جعله اهلل من أهل اجلنة.
أتقدم بالشكر اجلزيل و العرفان والتقدير إىل األستاذ الدكتور جعالب كمال أوال
لتكرمه و تقبله اإلشراف على مذكرتي و ثانيا لتقدميه النصح و اإلرشاد يل طيلة
إعداد هذه املذكرة و على سعة صدره معنا و أخريا لتوجيهاته ومالحظاته الوجيهة اليت
كما أتقدم بالشكر إىل أعضاء جلنة املناقشة لتفضلهم باملوافقة على مناقشة
مذكرتي.
كما أشكر زوج أخيت يوسف جاب اهلل و كل الزمالء و األصدقاء و كل من
1
وتعرف الدعوى بأنها وسيلة وأداة نظامية قانونية تخول للشخص سلطة قانونية للجوء إلى
القضاء ،لكي يتسنى له الحصول على تقرير حق أو حمايته .وقد قام المشرع بوضع تعريف
وشروط وقوانين تنظم الدعوى القضائية تتناسب والنظام االجتماعي للدولة ،وكان آخرها قانون
اإلجراءات المدنية واإلدارية كما سمى في نصوصه عدة دعاوى منها دعوى اإللغاء ولقيام هذه
الدعوى أو أي دع وى أخرى وجب توفر شروط ومقومات أساسية لكي تكون مقبولة ومنها الشروط
المتعلقة بأطراف الدعوى والتي تعتبر من الشروط الشكلية ،حيث أنه ال يمكن تصور رفع الدعوى
دون النظر إلى طبيعة المدعي فيتعين على القاضي قبل البحث في موضوع الدعوى أن يبحث في
مدى توافر شروطها ،ومن بين شروط قبول الدعوى التي نصت عليها المادة 33من قانون
اإلجراءات المدنية واإلدارية نجد شرط المصلحة .
إن المصلحة مناط أي دعوى سواء كانت عادية ام إدارية ،و الهدف من اشتراطها في
الدعاوى هو تفادي تلك الدعاوى التي ال تعود بالفائدة على رافعيها ،ومن شأنها أن تعرقل سير
العدالة ،و تستند إلى القاعدة المسلمة "ال دعوى بغير مصلحة" والتي توصف بأنها قلب الدعوى
حيث تعتبر المصلحة في مجال التقاضي ركنا أساسيا من أركان الدعوى سواء كانت هذه األخيرة
إدارية أم عادية ،ورغم أن كال الدعويين جاءت حماية لمبدأ المشروعية إال أن اشتراط المصلحة
يختلف في دعوى اإللغاء عنه في دعوى التعويض.
مما تقدم تظهر لنا أهمية الموضوع في الجانبين العلمي والعملي ،فأما األهمية العلمية
فإنه ال دعوى بدون مصلحة ،ذلك هو المبدأ القانوني الجوهري بخصوص الشروط المتعلقة
بالمدعي في الدعوى بصفة عامة وفي دعوى اإللغاء بصفة خاصة ولهذا السبب فإن لشرط
المصلحة في التقاضي مرتبة تأتي بعد شرط االختصاص وشرط األجل ولذا يبدو أن دراسة
هذا الموضوع ذو أهمية بالغة من الناحية العلمية ،أما األهمية العملية للموضوع فتتمثل في أن
قض اء اإللغاء وجد لضمان ا حترام مبدأ المشروعية الذي يعد من المبادئ األساسية التي تقوم
عليها الدولة الحديثة ،ولذا حاول كل من الفقه والقضاء تقد يم فهم للمصلحة وبيان الغاية من
ا شتراطها في الدعوى وتمييزها في كل دعوى على حدى .
في الواقع أن اختيارنا لهذا ال موضوع ينبع عن أسباب ذاتية وأخرى موضوعية ،فمن
األسباب الذاتية التي دفعتنا إلى اختياره هو رغبتنا وميولنا للبحث في الموضوع ودراسته وذلك
نظ ار لندرة األبحاث المتخصصة فيه كما أن هذا الموضوع متعلق بالمنازعات اإلدارية أي
2
ضمن تخصص الباحث أال وهو القانون اإلداري ،أضف إلى ذلك رغبتنا في توسيع معارفنا
ومعلوماتنا حول هذا الموضوع ،أما األسباب الموضوعية فيمكن حصرها في معرفة األحكام
التي ضبطها المشرع من خالل هذا الشرط في ظل قانون اإلج راءات المدنية واإلدارية الجديد،
كما أن السبب األهم هو التعرض للثغرات القانونية وذلك نظ ار لشمولية شرط المصلحة في
الدعاوى بصفة عامة ،مما يؤدي إلى صعوبة التعامل مع هذا الشرط في الدعاوى اإلدارية مثل
دعوى اإللغاء حيث لم يعطي لها أحكام خاصة متميزة عن غيرها من الدعاوى .
لما كا نت الدعوى هي وسيلة لحماية الحق ،ولما كان شرط المصلحة هو مناط هذه
الدعوى وحج ر الزاوية في إقامتها والسير بها إلى غايتها ،فإن البحث فيها يبدو مهما خاصة
أنه يتناول جانبا إجرائيا ،األمر الذي دعانا إلى الخوض فيه لعلنا نسهم ولو بقدر في دراسة
هذا الموضوع الهام ،وبالتالي المساهمة ولو بجزء بسيط في إثراء المكتبة القانونية وكذا
اإلحاطة بكافة األحكام المتعلقة بهذا الشرط ل كي ال يكون هناك خطأ في التطبيق ،كما أن
الهدف األهم هو إزالة ا لغموض عن شرط المصلحة خصوصا في دعوى اإللغاء .
لقبول دعوى اإللغاء ين بغي أن يكون لرافعها مصلحة فيها ،وا ن كان ال يوجد خالف
على أن ه ذه المصلحة هي شرط لقبول الدعوى ،فإن المشكلة ا لتي تثور هنا تتمثل في
اختالف اال جتهادات القضائية واآلراء الفقهي ة حول التوسع في المصلحة في دعوى اإللغاء
وتدور إشكالية هذه الدراسة فيما يلي :إلى أي مدى توسع كل من الفقه والقضاء في اشتراط
المصلحة في دعوى اإللغاء؟
أما التساؤالت الفرعية تتمثل في :فيما يتمثل المدلول العام لشرط المصلحة في دعوى اإللغاء؟
وماهي تطبيقات شرط المصلحة في دعوى اإللغاء؟
بما أن المنهج التحليلي و الوصفي هو الذي يهدف إلى رد محتوى الشيء أو الفكرة إلى
عناصرها األولية البسيطة فقد اتبعت هذا المنهج في هذه الدراسة بحيث قمت بتحليل مختلف
األحكام القانونية واالجتهادات القضائية واآلراء الفقهية المتعلقة بموضوع البحث ،إضافة إلى ذلك
استخدمت المنهج المقارن وذلك لضرورة معرفة موقف الفقه و القضاء في القوانين المقارنة فكانت
المقارنة بين ما جاء به المشرع في الجزائر والتطبيقات القضائية وما يقابله في فرنسا ومصر.
ولإلجابة عن إشكالية هذا ا لموضوع قسمنا الدراسة إلى فصلين ،حيث نتحدث في الفصل
األول عن المدلول العام للمصلحة في دعوى اإللغاء والذي بدوره نقسمه لمبحثين المبحث
3
األول نتناول فيه طبيعة المصلحة في دعوى اإللغاء والمبحث الثاني نتناول فيه المصلحة بين
الدعوى المدنية و دعوى اإللغاء.
أما الفصل الثاني بعنوان تطبيقات شرط المصلحة في دعوى اإللغاء فقسمناه هو اآلخر
لمبحثين المبحث األول نتعرض فيه الى الطبيعة القانونية لشرط المصلحة في دعوى اإللغاء
والمبحث الثاني تطرقنا ألنواع المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء و اثار انتفاء المصلحة.
4
5
المصلحة تمثل شرطاً عاماً للترخيص بممارسة الطعن في كافة الدعاوى إدارية كانت أم
عادية تطبيقاً للمبدأ العام في هذا الشأن والذي يقضي بأنه ال دعوى حيث ال مصلحة.
حيث يشترط لقبول دعوى اإللغاء أو اإلبطال أن يكون ل ارفعها مصلحة شخصية في
رفعها واال حكم القاضي بعدم قبول الدعوى وبردها .وشرط المصلحة شرط عام في كل دعوى
قضائية سواء رفعت أمام القضاء العادي أم القضاء اإلداري ،وسواء قدمت أمام هذا القضاء
األخير في شكل دعوى إلغاء أو في شكل دعوى القضاء الكامل.
وبالتالي تعتبر المصلحة أساس الدعوى ألن قبول الثانية يعتمد على توفر األولى التي
يستخلصها القضاء وآراء الفقه ،ولدراسة شرط المصلحة في شخص رافع دعوى اإللغاء يقتضي
التعرض إلى طبيعة المصلحة وهذا من خالل المبحث األول ،باإلضافة إلى أسس التفرقة بين
المصلحة في الدعوى المدنية و المصلحة في دعوى اإللغاء من خالل المبحث الثاني.
6
المبحث الول:
طبيعة المصلحة كشرط لقبول دعوى اإللغاء
المصلحة في الدعوى بصفة عامة هي الباعث على إقامتها و الغاية المقصود تحقيقها
من وراء ذلك ،فالمصلحة سبب الدعوى و مناطها الذي تكون بدونه إهدار للوقت و إشغال للقضاء
بما ال طائل من ورائه ،ومن ثم فإن المصلحة في الدعوى تمثل قيداً بديهياً على إقامتها لضمان
جدية المصلحة ،فالمصلحة إذن هي مضمون الحق في الدعوى الذي ينشأ حينما يحدث عدوان
على أحد الحقوق أو المراكز القانونية مما يحرم صاحبه من منافعه بحيث يحتاج لحماية القضاء،
فهي بهذه المثابة تتمثل في الحاجة إلى حماية قضائية.
ومن خالل ما سبق سنتناول من خالل هذا المبحث بإيجاز التعريفات التي قيلت في
المصلحة في المطلب األول و مواصفات المصلحة في المطلب الثاني.
المطلب الول :تعريف المصلحة
نتناول فيما يلي معنى المصلحة من خالل الفرع األول ،والعالقة بين الصفة و
المصلحة في دعوى اإللغاء في الفرع الثاني:
الفرع الول :معنى المصلحة
نتط رق من خالل هذا الفرع الى معنى المصلحة عموما و معنى المصلحة في دعوى
اإللغاء
أوال :معنى المصلحة عموما
سوف نتطرق إلى معنى المصلحة لغة و معنى المصلحة اصطالحا
)1معنى المصلحة لغة
عرفت المصلحة لغة في أكثر المعاجم اللغوية بأنها الصالح ،أو ما يبعث على النفع
والصالح ،أو هي المنفعة ،كما أنها تعني مجموع المزايا والفوائد والقيم المادية واألدبية الحالة
1
والمحتملة التي يتحصل عليها الشخص من جراء استعماله لحق أو لعمل.
وتعني أيضا حسن الحال والصالح القوي للشيء أو الواقعة أو الظاهرة ،واللذة والمنفعة
1
والمتعة والصحة والراحة والسعادة .
1
: la petit larousse , édition entiérement nouvelle, paris, 1998, p 553.
7
)2معنى المصلحة اصطالحا
عرفت المصلحة ا صطالحا في فقه القانون بأنها المنفعة والفائدة التي تعود على المدعي
من رفع الدعوى أمام القضاء أو التي يسعى إلى تحقيقها ،سواء كانت هذه الفائدة هي حماية
حقه،أو اقتضائه أو اإلستيثاق له أو الحصول على تعويض مادي أو أدبي عنه
أو هي الحاجة إلى حماية القانون للحق المعتدي عليه أو المهدد باالعتداء عليه ،والمنفعة
التي يحصل عليها المدعي بتحقيق هذه الحماية ،أو القدرة إلى اللجوء إلى القضاء دفاعا عن
2
الحق.
كما تعني المصلحة استعمال حق الدعوى إلصالح األضرار المادية والمعنوية التي تصيب
3
الحقوق والمراكز القانونية الشخصية.
يختلط مصطلح المصلحة مع القيمة حيث استعمل الفقهاء الرومان في العصر الكالسيكي
–المصلحة -بمعنى القيمة أي طبقاً لقيمة الشيء ،وبذلك يكون التعويض عن الخسارة قد تحقق.
ثم في فترة الحقة و عندما كان هذا المبدأ ال يسمح تطبيقه في الحاالت االستثنائية إلى تعويض
كامل عن الخسارة ،فقد لجأ الفقهاء إلى فكرة المصلحة بالمقابلة للمبدأ السابق حيث سمح هذا
المبدأ للقاضي أن يحدد مقدار التعويض وفقاً للمصلحة ،أي قيمة الضرر الذي تحمله المضرور
من الجريمة أو قيمة النفع الذي ضاع عليه فيما لو لم تكن الجريمة قد ارتكبت .
كذلك استعملت المصلحة بمعنى الخسارة لدى بعض الش ارح القدامى عند بيان تقدير
الخسارة و المصلحة بواسطة القاضي ،هو ما جرت عليه بعض األحكام الحديثة أيضاً.
غير أنه تج ب التفرقة بين شرط المصلحة و الضرر ألن ما يميز المصلحة عن الضرر
الواقع هو أن المصلحة تتعلق بأثر الدعوى أو الدفع و بهذه المثابة ينظر إليها في المستقبل ،بينما
4
أن الضرر يعبر عن شيء حدث في الماضي.
1
:سمان صليحة( ،المصلحة كشرط لقبول دعويي اإللغاء و التعويض) ،مذكرة مقدمة إلستكمال متطلبات شهادة ماستر ،قانون اداري،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة قاصدي مرباح ورقلة ،1032-3 103،ص .9
2
:علي الشيخ ابراهيم ناصر المبارك ،المصلحة في دعوى اإللغاء ،المكتب الجامعي الحديث ،اإلسكندرية ،1001،ص .21
3
:عوابدي عمار،النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري ،الطبعة الثانية ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية،
الجزائر ،1003 ،ص .233
4
أنظر :محمد عبد السالم مخلص ،نظرية المصلحة في دعوى اإللغاء ،دار الفكر العربي ، 3983،ص . 30 ،9
8
و قد يختلط أيضا مفهوم المصلحة مع الغاية أو الهدف إذ أنها تعرف أحيانا بأنها
الفائدة المنشودة أمام القاضي عن طريق المطالبة بتقرير األحقية في اإلدعاء ،وحيث ال توجد
مصلحة ال يوجد نزاع أو أنها القيمة لموضوع المطالبة الذي يتخذ أساسا إلصالح أو منع خسارة
أو اضطراب قائم مؤكد.
أما الشريعة اإلسالمية فإن الحقوق فيها ال تكون مطلقة ألصحابها وال منصرفة لنفعهم
الشخصي ،وانما تكون وسائل موجهة لتحقيق الغرض االجتماعي الذي تقوم عليه الجماعة ،ومن
أجل ذلك فليس في الشريعة اإلسالمية نظرية للحقوق وانما للتكليف ،و صاحب الحق إنما يكاد
يكون في مركز موضوعي كغيره ،فإن كان غيره مضط اًر أجبر على أن يقدمه على نفسه و من
أجل ذلك عرفت في الشريعة اإلسالمية دعوى الحسبة بسبب أن إقامة المصالح و د أر المفاسد
فرض كفاية ،يأثم الناس جميعاً بتركه ،و بسبب هذا اإلثم العام كان من المتعين أن توجد وسيلة
عامة يدفع بها اإلنسان عن نفسه هذه المسؤولية فكان له هذه الوسيلة القضائية ،وكذا له وسائل
1
غيرها مما ال محل لإلفاضة فيه هنا.
ويرى الدكتور مسعود شيهوب أن القانون لم يعرف "المصلحة" أما الفقه فيعرفها بأنها
"الفائدة العملية المشروعة" التي يراد تحقيقها باللجوء إلى القضاء.
و معنى فائدة أنه ال يجوز اللجوء عبثا إلى القضاء دون تحقيق منفعة ما ،و لذلك ال تقبل
الدعوى الموجهة ضد قرار تنظيمي سبق أن حكم القضاء بإلغائه بناءا على دعوى كان قد رفعها
شخص آخر.
و معنى عملية استبعاد المسائل النظرية ألنها ال تصلح ألن تكون محال لدعوى قضائية
فوظيفة القضاء هي حل المنازعات وليس ترجيح رأي نظري أو اإلفتاء.
ومعنى المشروعة أن تكون قانونية ،أي أن تكون المصلحة بمثابة حق يحميه القانون.
القاعدة العامة أنه ال دعوى بدون مصلحة (أي بدون حق)و المصلحة مناط الدعوى.
و المصلحة ليست شرطا لقبول الدعوى فقط ،و إنما هي شرط لقبول كل طلب أو دفع أو
2
طعن في الحكم.
1
أنظر :محمد عبد السالم مخلص ،مرجع سابق ،ص 31
2
أنظر :مسعود شيهوب ،المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الساحة المركزية – بن عكنون –
الجزائر ،3998 ،ص .162 ،162
9
وقد ذهب بعض الباحثين للتفريق بين المصلحة في الدعوى والمصلحة في الحكم ،فيقصد
بالمصلحة في الدعوى الغاية التي يسعى إليها المدعي من رفع الدعوى وهي الحاجة إلى الحماية
القانونية ،وبما أن الحكم هو الذي يحقق الغاية فالمقصود بالمصلحة في الحكم المنفعة التي
يحصل عليها المدعي بتحقيق حماية القانون لحقه الذي اعتدى عليه.
ويمكن تعريف المصلحة بأنها الحاجة إلى حماية القانون ،أو هي الفائدة العملية التي
تعود على رافع الدعوى من الحكم له لطلباته ،وهي ذات وجهين :أحدهما سلبي مقتضاه منع من
ليس في حاجة إلى حماية القانون من االلتجاء إلى القضاء ،واآلخر إيجابي هو اعتبار شرط
1
القبول دعوى كل من له فائدة من الحكم فيها.
وتعرف المصلحة بأنها :المنفعة التي المنفعة التي يجنيها المدعي من التجائه إلى القضاء،
2
فكل شخص تضرر من جراء قرار إداري تحققت له مصلحة في االلتجاء إلى القضاء.
ثانيا :معنى المصلحة في دعوى اإللغاء
المصلحة كالمنفعة وزنا ومعنى ،فهي مصدر بمعنى الصالح كالمنفعة بمعنى النفع،أو هي
اسم لواحدة من المصالح ،وفي العادة تفسر المصلحة بالمنفعة ،وتفسر المفسدة بالمضرة ،فالعلم
واللذة والراحة والصحة كلها مصالح وأضدادها أض ار ،وعلى أية حال فالمصلحة التي تصلح للنقد
؟لطلب أمام القضاء يرجع في تقدير سالمتها و قبولها لمعايير الشارع في مصالح المعتبرة ،والتي
تكون القصد منها حماية حقوق أو مراكز قانونية تعرضت للهدر أو المساس خالفا ألحكام
3
القانون.
وتعرف المصلحة بأنها "كل نفع يحصل عليه المدعي من اللجوء إلى القضاء
بأنها الفائدة التي يجنيها المدعي من الحكم له بطلباته الستخالصه،كما تعرف المصلحة
1
أنظر :رمضان محمد بطيخ ،شروط قبول دعوى اإللغاء ،ندوة "القضاء اإلداري" ( قضاء اإللغاء ) ،الرباط – المملكة المغربية – 33،32
يوليو ( تموز) ،1002ص 6
2
أنظر :أحمد محمد فارس النوايسة ،مبدأ عدم رجعية الق اررات اإلدارية ،دراسة مقارنة ( فرنسا ،مصر ،األردن ) ،الطبعة األولى ،دار الجامد
للنشر و التوزيع، 1031 ،ص 313
3
أنظر :منصور إبراهيم العتوم(،أثر زوال المصلحة على التيسير في دعوى اإللغاء في ضوء احتماالت القضاء اإلداري األردني و المقارن
"دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة " السنة السادسة و العشرون ،العدد التاسع و األربعون يناير 1031
10
فالمصلحة هي الضابط لضمان جدية الدعوى وعدم خروجها عن الغاية التي رسمها القانون لها
1
وهي كونها وسيلة لحماية الحق.
ال تقبل الدعوى أمام الغرفة اإلدارية إال إذا أثبت المدعي نوعا من المصلحة إن ثالثة
افتراضات يمكن أن تطرح حول المدلول المقصود من شرط المصلحة ،أي مصلحة تقصدها هنا؟
)1اإلفتراض الول
ونفترض فيه أن أي مواطن هو مؤهل ليقوم بالدفاع عن المصلحة العامة المهددة بعدم
المشروعية( ،إن األمر هنا يخص دعوى اإللغاء دون دعوى التعويض) ،وهكذا تكون الدعوى في
هذا االفتراض نوعا من الدعوى الشعبية المعروفة في القانون الروماني ،ودعوى الحسبة المعروفة
في القضاء اإلسالمي.
إن هذا االفتراض لم يحظ بتأييد القضاء اإلداري في فرنسا.
)2اإلفتراض الثاني
و نفترض فيه أنه على المدعي أن يثبت وجود مساس بحق شخص له وهكذا تتطابق في
هذا االفتراض دعوى اإللغاء مع دعوى التعويض بل ومع الدعوى المدنية ،ولذلك لم يعتمد القضاء
اإلداري الفرنسي هذا االفتراض إال في دعوى القضاء الكامل ،وفي حدود ضيقة جدا في الدعوى
اإللغاء و تتمثل في حالة وحيدة هي حالة خرق القانون و المساس بالحقوق المكتسبة .
)3اإلفتراض الثالث
وهو الحل الذي أقره القضاء اإلداري الفرنسي ،حيث يكتفي فيه بمجرد مصلحة خفيفة
فعلى المدعي أن يثبت وجود مصلحة عادية (بسيطة) لقبول دعوى اإللغاء أما دعوى التعويض
فتبقى مشروطة بالمصلحة الضيقة المعروفة في دعوى المدنية ،وهي المشار إليها في االفتراض
الثاني (الحق الشخصي)
إن مدلول المصلحة في دعوى اإللغاء (في هذا االفتراض الثالث) يختلف عن الحق الذي
2
سيتأكد بموجب الدعوى عند الفصل فيها.
1
أنظر :نداء محمد أمين أبو الهوى ( ،مسؤولية اإلدارة بالتعويض عن الق اررات اإلدارية غير المشروعة ) مذكرة ماجستير في القانون
العام،كلية الحقوق ،جامعة الشرق األوسط ،1030ص 23
2
أنظر :مسعود شيهوب ،مرجع سابق ،ص 162و مايليها
11
الفرع الثاني :العالقة بين الصفة و المصلحة
لقد ثار خالف حول الصفة في مجال الدعاوى العادية من حيث كونها مندمجة في
المصلحة أم أنها تعتبر شرطا مستقال عن شرط المصلحة يلزم توافره لقبول دعوى اإللغاء شكال
ويرجع سبب الخالف كون المصلحة أن تكون قانونية ،تستند إلى حق وهو المطالبة بحق
أو مركز قانوني أو تعويض عن ضرر أصاب حق من حقوق و قد انتقل هذا الخالف إلى مجال
1
الدعاوى اإلدارية حيث كان للقضاء اجتهادات و للفقه مواقف من هذه المسألة:
أوال :موقف الفقه من العالقة بين الصفة و المصلحة في دعوى اإللغاء
يذهب جمهور الفقهاء إلى أن الصفة تندمج مع المصلحة في مجال دعوى اإللغاء،
تأسيسا إلى أنه ليس من الضروري استثناء المصلحة كشرط لقبول دعوى اإللغاء إلى حق وقع
عليه اعتداء ،ومن ثمة فالصفة تتوافر كلما كانت هناك مصلحة لرافع الدعوى في طلب إلغاء
القرار سواء كان هو الشخص الذي صدر بشأنه القرار المطعون فيه أم غيره ،و قد ذهب هذا الفقه
إلى أن المصلحة الشخصية المباشرة هي ذاتها الصفة.
و على العكس من ذلك يرى بعض الفقه اختالف المصلحة عن الصفة ،حيث أن األولى
شرطا لقبول الدعوى في حين تمثل الثانية شرطا لمباشرتها أمام القضاء بإبداء الدفاع فيها،
فأساس تميز الصفة عن المصلحة وفقا لهذا الرأي أن الشخص قد يكون صاحب مصلحة و مع
ذلك فال صفة له في التقاضي ،حيث تتوافر تلك الصفة لغيره ،فالصفة في الدعوى وفقا لهذا الرأي
تتمثل في قدرة الشخص على المثول فيها كمدعي عليه.
و يرى الدكتور عبد العبد العزيز عبد المنعم خليفة في موضوع الخالف الفقهي
«نعتقد في سالمة رأي االتجاه األولى فيما يراه اندماج بين المصلحة و الصفة في دعوى
اإللغاء نظ ار لطبيعة الخاصة لتلك الدعوى ،التي تجعل منها دعوى عينية تخاصم ق ار ار إداريا ،ومن
ثم ال تقوم في شأنها خصومة من النوع المعروف بين مدعي و مدعي عليه ،كما هو الشأن في
الدعاوى العادية ،إضافة إلى أن دعوى اإللغاء و على خالف الدعاوى العادية ال تستند في اقامتها
1
أنظر :أحمد محمد فارس نوايسة ،مرجع سابق ،ص .333 ،330
12
إلى الدفاع عن حق وقع االعتداء عليه ،بل يكفي لقبولها أن يكون المدعي في حالة قانونية خاصة
1
بالنسبة للقرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار يؤثر فيه تأثي اًر مباش ار».
1
:عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،دعوى إلغاء القرار اإلداري في قضاء مجلس الدولة « ،األسباب و الشروط » ،الطبعة األولى ،منشاة
المعارف ،اإلسكندرية ،1002 ،ص .608 ،606
2
أنظر :نقال أحمد فارس النواسية ،مرجع سابق ،ص .333
3
أنظر :عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص .609
13
هؤالء فهو غير ذي صفة في مباشرة الدعوى ومن المالحظ أن قانون مجلس الدولة لم ينص على
هذا الشرط ضمن شروط قبول دعوى اإللغاء ،و إنما اكتفى باشتراط أن تكون المصلحة الشخصية
أي الخاصة برافع الدعوى أو بمن يمثله طبقا لقواعد اإلنابة القانونية أو الوكالة ،ومن هنا يرى
غالبية الفقه أن شرط الصفة يندمج مع شرط المصلحة ،ألن صاحب المصلحة هو الوحيد ذو
الصفة و جميع من عداهم غير ذي صفة ،بمعنى أن الصفة هي وصف من أوصاف المصلحة
1
لكي تكون شخصية و مباشرة حيث يكفي التحقق من الصفة لتيقن من توافر المصلحة ".
ثالثا :موقف المشرع الجزائري :
ولقد كان التمييز بين المصلحة والصفة واعتبارهما شرطين لقبول الدعوى موقف المشرع
الجزائري من خالل نص المادة 229من قانون اإلجراءات المدنية السابق الذي جاء كما يلي«:ال
يجوز ألحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائ از على صفة وأهلية التقاضي وله مصلحة
2
وقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الحالي الذي نصت المادة 33فقرة 3منه على في ذلك»
أنه« :ال يجوز ألي شخص التقاضي ما لم تكن له صفة ،وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها
3
القانون» .
من خالل النص يتبين أنه فصل بينهما إذ إشترط الصفة و المصلحة لكي تكون دعوى
اإللغاء مقبولة
1
:سامي جمال الدين ،الوسيط في دعوى إلغاء الق اررات اإلدارية ،الطبعة األولى ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،1002 ،ص 116
2
:األمر رقم 66-322المؤرخ في 03يونيو ،3966المتضمن قانون اإلجراءات المدنية ،جريدة رسمية بتاريخ 03يونيو . 3966
3
:القانون رقم ،09/08الصادر في 12فيفري ،1008المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،أنظر الجريدة الرسمية ،عدد 13
بتاريخ 13أفريل . ،1008
14
المطلب الثاني :مواصفات المصلحة في دعوى اإللغاء
المصلحة في إلغاء القرار اإلداري ال تعطي لصاحبها حقا مطلقا في طلب إلغائه ،حيث
يرد عليها قيودا يتعين احترامها ،فيجب أن تكون شخصية و مباشرة قائمة و مشروعة ،إال أنه ال
يشترط فيها أن تكون مادية أو مؤكدة ،حيث يكفي لقبول دعوى اإللغاء أن يكون لمن أقامها
مصلحة أدبية أو احتمالية في إلغاء القرار اإلداري.
1
و سوف نجد لكل ما تقدم تفصيال من خالل ما يلي:
الفرع الول :المصلحة الشخصية المباشرة و المصلحة الجماعية
إن دعوى اإللغاء غالبا ما تكون في صورة دعوى فردية حين يقيم الطعن فرد بصفته موظفا
أو بصفته مواطنا عاديا إذا كان القرار المطعون فيه قد مس مصلحة فردية شخصية و مباشرة
للطاعن ،ولكن دعوى اإللغاء قد تكون جماعية إذا بوشرت من قبل هيئة تتمتع بالشخصية
المعنوية ،فدعوى اإللغاء ال تقف عند حد حماية المصالح الفردية بل تحمي أيضا المصالح
الجماعية.
أوال :المصلحة الشخصية المباشرة
وضع هذا الشرط لسببين يتمثل السبب األول في منع شخص غير مقصود بالعمل اإلداري
أن يرفع دعوى إدارية بدون أن يكون وكيال عن المدعي .و السبب الثاني و هو األهم في درجة
المصلحة الشخصية بالنظر إلى نوع الدعوى اإلدارية بحيث يختلف مفهوم المصلحة الشخصية في
دعوى اإللغاء و دعوى القضاء الكامل.
سنتناول إذن مفهوم المصلحة الشخصية كشرط لدعوى اإللغاء على أن نعرض
لشرط المصلحة بالنسبة للشخص المعنوي.
)1مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة
تتمثل الخصيصة األولى من خصائص المصلحة التي تجيز الطعن باإللغاء ،في كون
هذه المصلحة شخصية personnelو مباشرة directبمعنى أن يكون رافع الدعوى في حالة
1
أنظر :عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص . 638
15
1
وهذا تطبيقاً للقول المأثور «ال قانونية أثر فيها القرار اإلداري المطعون فيه تأثي ار مباش ار.
2
يستطيع أحد أن يترافع عن طريق وكيل».
اشترط المصلحة الشخصية المباشرة هو الذي يفرق بين دعوى اإللغاء و دعوى الحسبة
و ا
بأن تكون له مصلحة شخصية و مباشرة بل يكتفي فيها بكون المصلحة عامة.
ومن ناحية أخرى فإن هذا الشرط قد جعل نطاق دعوى اإللغاء أكثر اتساعا من مجال
دعوى التعويض التي يشترط في رافعها أن يكون له حق قانوني قد وقع عليه اعتداء أو أصابه
ضرر ،وليس فقط مجرد وجود مصلحة شخصية مباشرة كما هو الحال في دعوى اإللغاء.
وقد أوضحت المحكمة القضاء اإلداري بمجلس الدولة المصري هذه الخصيصة بجالء
منذ السنة األولى إلنشائها عندما حكمت بأنه «و حيث وأنه يكفي فيما يتعلق بطلب اإللغاء أن
تكون لطالب المصلحة شخصية مباشرة في الطلب المادية كانت هذه المصلحة أو أدبية » ،وهذه
المصلحة تتوافر إذا مس القرار المطعون فيه حالة قانونية خاصة بالطلب ،أما فيما يتعلق بطلب
التعويض فإنه يلزم أ ن يقوم على حق أثر فيه القرار فالحق يصاحبه ضر ار سواء من الناحية
المادية أو من الناحية اإلدارية.
وعلى هذا األساس فإن القضاء اإلداري ال يقبل دعاوى اإللغاء التي ترفع من أشخاص
ليست لهم مصلحة شخصية مباشرة في إلغاء الق اررات المطعون فيها ،أيا كانت الصلة التي تربطهم
بأصحاب المصالح الشخصية.
وقد طبق مجلس الدولة المصري هذه المبادئ في العديد من أحكامه ،نذكر بعضا منها
على سبيل المثال :حكم محكمة القضاء اإلداري بعدم القبول الدعوى المرفوعة من أخ باإللغاء
امتناع اإلدارة من تجديد جوازات السفر الخاصة بإخوته ،ولو كان هو أكبر هؤالء األخوة ،و القائم
3
على شؤون األسرة .
و يرى الدكتور سليمان محمد الطماوي :أن المتفق عليه بصفة عامة ،أن المصلحة
التي تبرر قبول دعوى اإللغاء يجب أن تكون شخصية لرافع الدعوى ،ومعنى هذا أنه و إن لم
1
أنظر :عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،3996ص 92و ما يليها
2
:جورج فوديل،بيار دفلوفيه ،القانون اإلداري ،ترجمة منصور القاضي ،الطبعة األولى ،الجزء الثاني ،مجد المؤسسة الجامعية لدراسات و
النشر و التوزيع ،بيروت ،1008 ،ص .102 ،103
3
أنظر :عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع سابق ،ص 92و مايليها
16
يتطلب في رافع الدعوى أن يكون ذا حق مسه القرار المطعون فيه إال أنه من الواجب «أن يتواجد
الطاعن في حالة قانونية أثر فيها القرار المطلوب إلغاؤه تأثي ار مباش ار».
فال تقبل الدعوى المرفوعة من فرد ليست له مصلحة شخصية في إلغاء القرار ،مهما تكن
1
صلته بذي المصلحة الشخصية ،كزوج يطلب إلغاء قرار يمس مصلحة شخصية لزوجته.
وتهدف دعوى تجاوز السلطة إلى إلغاء الق اررات اإلدارية غير المشروعة و ال يدعي
المدعي في الخصام بحق ذاتي بل يدعي كذلك حتى و لو كان هذا بصفة غير مباشرة بحماية
النظام العام القانوني.
لكن هذا البعد لدعوى تجاوز السلطة ال يسمح لكل شخص الحق في الدفاع على النظام
العام القانوني حتى ال يصبح دعوى تجاوز السلطة" ،دعوى شعبية "Action populaireو في
هذا الصدد يبحث القاضي اإلداري عن وجود عالقة بين المدعي و القرار اإلداري محل الدعوى
اإلدارية و يقدر طبيعتها.
وتثير مسألة المصلحة الشخصية موضوعا آخر يتمثل في البحث عن الطابع الشخصي
للمصلحة في الدعوى اإلدارية المرفوعة من أشخاص المعنوية.
)2المصلحة الشخصية في الدعوى المرفوعة من طرف الشخاص المعنوية:
اعترف القانون لألشخاص المعنوية بإمكانية رفع الدعاوى اإلدارية و اشترط منها ضمن
مجموعة من الشروط أن تثبت مصلحة شخصية في التضامن ،لكن الطابع المعنوي لهذا الشخص
يتطلب التمييز بين مصلحتها كشخص معنوي يعني مصلحة كل أفراد الشخص المعنوي و
مصلحة لكل فرد منها .
يرى األستاذ أحمد محيو في هذا الصدد :فبإمكانها (أي األشخاص المعنوية) الطعن
للدفاع عن مصالحها الجماعية فتباشر حينئذ " دعوى مهنية " "Action corporationأو نقابية
،"Action syndicaleلكن هل بإمكان األشخاص المعنوية رفع دعوى من أجل الدفاع عن
مصلحة أحد أعضائها ؟ يجب أن نميز هنا بين موقف المشرع و القضاء اإلداري في الجزائر
فقد وضع المشرع في القانون رقم 33-90المؤرخ في 3990/31/02المتعلق
بالجمعيات قاعدة تسمح للجمعيات بالدفاع عن مصالحها و المصالح أعضائها بحيث تنص المادة
1
:سليمان محمد الطماوي ،القضاء اإلداري ،الكتاب األول ،قضاء اإللغاء ،الطبعة السابعة ،دار الفكر العربي ،3996ص .222 ،222
17
36منه على ما يلي :تكتسب الجمعية الشخصية المعنوية و األهلية المدنية بمجرد تأسيسها و
يمكن لها حينئذ أن تقوم بما يلي:
أن تمثل أمام القضاء و تمارس خصوصا أمام المحاكم المختصة حقوق الطرف
المدني بسبب وقائع لها عالقة بهدف الجمعية و تلحق ضرر بمصالح أعضائها الفردية
و الجمعية ،أن المصلحة الجماعية لها عالقة مع مسألة العرائض الجماعية.
اما القضاء اإلداري فقد ميز بين حالتين:
إذا كان القرار محل النزاع ذو طبيعة تنظيمية أو جماعية و يلحق مجموعة األعضاء
فإن الجماعة لها مصلحة التقاضي ،ألن الجمعية أصال مكونة للدفاع عن المصالح المادية و
المعنوية للمجموعة وبالتالي فإنه من الطبيعي أن تباشر الدعوى ضد كل قرار يمس بتلك
المصلحة.
اما إذا كان القرار المتنازع فيه فرديا فليس للمجموعة مصلحة التقاضي بصورة عادية
ألنها ال تستطيع أن تحل محل أعضائها ،فعلى العضو الذي لحقه ضر ار أن يباشر الدعوى بنفسه،
و ال تستطيع الجمعية التقاضي و مباشرة الدعوى إال إذا سمح لها و بشكل صريح بواسطة توكيل
1
خاص.
ثانيا :المصلحة الجماعية :
من الواجب شرح معنى المصلحة الجماعية وارتباطها بالعرائض الجماعية و الشروط و
اإلجراءات المعتمدة في ذلك إضافة إلى موقف القضاء من هذه المسألة.
)1مفهوم المصلحة الجماعية:
من حيث المبدأ ،فكل رافع دعوى له مصلحة شخصية في إلغاء قرار يجوز له المباشرة في
دعوى فردية عن طريق دعوى تجاوز السلطة ،و نفس الشيء بالنسبة للتجمعات المنظمة كالنقابات
الجمعيات ،فبإمكانها الطعن للدفاع عن مصالحها الجماعية ،فنباشر حينذاك دعوى معينة
Action corporativeأو نقابية ،Syndicaleإن القضاء التقليدي ال يسمح بذلك ألنه وضع
تفريقا (منذ حكم مؤرخ في 18ديسمبر Syndicat des patrons - coiffeurs de 3906
1
:نقال عن رشيد خلوفي ،قانون المنازعات اإلدارية شروط قبول الدعوى اإلدارية ،الطبعة الثانية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الساحة
المركزية-بن عكنون-الجزائر ،1006 ،ص .161 ،163
18
،)limage BGJAفإذا كان القرار اإلداري محل النزاع ذو طبيعة الئحية أو جماعية ،و يلحق
ضر ار بمصالح مجموع األعضاء ،فإن الجماعة لها إمكانية التقاضي.
و بالفعل ،فإن الجمعية أو النقابة مكونة أصال للدفاع عن المصالح المادية و المعنوية
للمجموعة فإنه من الطبيعي أن تباشر الدعوى ضد كل قرار يمس بتلك المصالح ،و بذلك فإن
جمعية أو نقابة الموظفين لها أن تطلب إلغاء األحكام المتعلقة بالقانون األساسي لهؤالء الموظفين
المنتمين إليها ،و إذا كان القرار المتنازع فيه فرديا فليس للمجموعة التقاضي بصورة عادية ،ألنها
ال تستطيع أن تحل محل أحد أعضائها وال من باب أولى التقاضي دون علمه ،فيجب إذن على
العضو الذي لحقه الضرر أن يباشر الدعوى بنفسه ،والنقابة أو الجمعية ال تستطيع التقاضي و
مباشرة الدعوى إال إذا سمح لها العضو و بشكل صريح بواسطة توكيل خاص ،وبمعنى آخر فإنه
ليس باستطاعتها سوى تشكيل نوع من التدخل بدعم دعوى من المعني باألمر .
إن هذا الحل التقليدي قابل للنقاش ،ألن النقابة هي في موضع أحسن للدفاع سواء عن
المصلحة الجماعية أو عن مصلحة أحد أعضائها ،و هذا األخير غالبا ما يتردد في التقاضي إما
تخوفا من النتائج التي يخشى أن ال ترضي رب العمل الذي يحوز على تدابير و وسائل الضغط و
اإلكراه تجاهه.
إ ن مشروع قانون العمل الجزائري تبنى حال أكثر جرأة بنفسه على أن النقابة «تستطيع
مباشرة جميع الدعاوى التي تنشأ نتيجة لعالقة العمل أو اتفاقية جماعية في صالح كل عامل أو
متمهن دون الحاجة إلى وكالة من المعني سوى إخطار هذا األخير و عدم تصريحه بالرغبة في
االعتراض على ذلك » ،و أن النص النهائي الموجود في األمر المؤرخ في 19ابريل 3962
يقتصر على إتباع القواعد التقليدية التي تميز بين دعوى النقابة ( المادة ) 306و دعوى العامل (
المادة ،) 308ومع هذا فإنه في القطاع الخاص ،بإمكان أمين المكتب النقابي التقاضي بغرض
1
حماية المصالح الفردية لعمال ،و هذا يشكل تغي ار هاما تجدر اإلشارة إليه.
إن المصلحة الجماعية لها عالقة مع مسألة العرائض الجماعية.
1
أنظر :محيو أحمد ،المنازعات اإلدارية ،الطبعة الخامسة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الساحة المركزية-بن عكنون-الجزائر ، 1003،ص
.328 ،326
19
)2مسألة العرائض الجماعية:
عرف األستاذ "بونار "Bonnardالعرائض الجماعية بأنها العرائض التي يطرح فيها
مدعيين أو أكثر موضوعين أو أكثر في قضية واحدة.
و حسب األستاذ " هارتي " Heurteتتفرع العرائض الجماعية إلى نوعين أساسيين:
يتمثل النوع األول في العرائض االجتماعية الشخصية و هي العرائض المرفوعة من
مدعيين أو أكثر ضد قرار إداري واحد في دعوى إدارية واحدة.
و يتمثل النوع الثاني في العرائض الجماعية العينية و هي العرائض المرفوعة من مدعي
واحد ضد ق اررين أو أكثر في قضية واحدة.
و قد يحدث أن تجمع لبعض العرائض الجماعية بين النوعين وتكون عرائض جماعية
شخصية و عيني.
عرف موضوع العرائض الجماعية في قانون المنازعات الفرنسي تطو ار ملحوظا و إيجابيا
بالنسبة للمتقاضين و يتميز هذا التطور من جهة بمراحل قبول العرائض الجماعية و من جهة
1
أخرى في الشروط التي وضعها القضاء اإلداري لقبولها.
)3المراحل القضائية لقبول العرائض الجماعية:
أشار األستاذ " هرتي " Heurteأن الدعوى اإلدارية تهدف إلى الدفاع عن حق فردي
مخروق أو مهدد و بالتالي فمن غير المقبول السماح الغير باالنضمام إلى المدعي األصلي في
قضية و الطلب من القاضي اإلداري إثر الخصومة الوحيدة أن يفصل في مجموعة من النزاعات.
و كان موقف مجلس الدولة الفرنسي تجاه العرائض الجماعية يتميز برفضها بحيث كان
ينظر في طلبات المدعي الموجود في رأس القائمة فقط و يرفض طلبات اآلخرين دون استثناء.
ثم تغير هذا الموقف و أصبح ينظر في العرائض الجماعية على أساس نظرية " أول
مسمى ،" La théorie du premier dénomméوتعني هذه النظرية ضرورة توفر كل شروط
قبول الدعوى اإلدارية في المدعي المسمى في أول القائمة ،و في حالة عدم توفر أحد الشروط
يرفض القضية الجمعية بالنسبة للجمع حتى و لو توفرت فيهم كل الشروط .
1
أنظر :رشيد خلوفي ،مرجع سابق ،ص . 162
20
وتخلى مجلس الدولة الفرنسي عن هذه النظرية التي تعاقب المتقاضين و قبل العرائض
الجماعية الشخصية شريطة أن تتوفر شروط قبول الدعوى اإلدارية في أحد المدعيين مهما كانت
مرتبة في القائمة.
)2الشروط القضائية لقبول العرائض الجماعية :
باإلضافة لكيفية قبولها المعروضة آنفا ،وضع مجلس الدولة الفرنسي مجموعة من
الشروط متعلقة بالعرائض الجماعية تختلف باختالف نوع العرائض الجماعية.
ففي العرائض الجماعية العينية يشترط القاضي اإلداري من المدعي أن يثبت:
-أنه في نفس الوضعية القانونية بالنسبة لكل القرارات اإلدارية محل الدعوى
الجماعية.
-وجود عالقة كافية بين الق اررات اإلدارية محل العدوى الجماعية.
أما العرائض الجماعية الشخصية يشترط القاضي اإلداري من المدعين:
1
-أنهم يتقاضون لمصلحة واحدة مشتركة.
-أن يحصلوا على نفس النتيجة القانونية من اإللغاء القرار المطعون فيه.
و برر القاضي اإلداري الفرنسي قبوله للعرائض الجماعية بعدما الحظ أن بعض الق اررات
اإلدارية تمس أحيانا مجموعة من المواطنين الذين لهم الحق في مخاصمتها ،و أن بعض الق اررات
اإلدارية تصدرها اإلدارة مرتكزة على ق اررات إدارية أخرى .
)5موقف المشرع و القضاء اإلداري في النظام القانوني الجزائري :نميز هنا بين
موقف المشرع و موقف القضاء اإلداري:
أ) موقف المشرع:
تنص المادة 369مكرر من القانون اإلجراءات المدنية القديم ما يلي " :ال يجوز
رفع الدعوى القضائية إلى المجلس القضائي من أحد األفراد إال بتطبيق الطعن في
قرار الداري ".
يظهر من تحليل هذه المادة استعمال المشرع صيغة المفرد بالنسبة للمدعي (و بالتالي
بالنسبة للعرائض الجماعية الشخصية) و كذلك صيغة المفرد بالنسبة للقرار اإلداري أو بالتالي
1
أنظر :رشيد خلوفي ،مرجع سابق ،ص .166 ،162
21
بالنسبة للعرائض الجماعية العينية ،الشيء الذي يعني إذا ما أضفنا صيغة النهي أن العرائض
الجماعية مستبعدة .
ب) موقف القضاء اإلداري
قبلت الغرفة اإلدارية للمحكمة العليا نظر في العرائض الجماعية منذ تأسيسها في سنة
.3963و نميز في هذا الموقف بمرحلتين :مرحلة أولى طبقت فيها نظرية "أول مسمى" بحيث
قضت في قضية "دجام و 22آخرين ضد الدولة بتاريخ ،3962/03/03النظر في طلبات
السيد دجام فقط باعتبار موجودة في أول قائمة المدعين" .
لكن يظهر أنها تخلت عن هذا الموقف و أصبحت تنظر في العرائض الجماعية دون أي
شرط و دون تسبيب لقبولها ،ففي قضية "فريق فرقاني" "ب" و "ل" ضد والي والية جيجل قضت
1
الغرفة اإلدارية للمحكمة العليا ما يلي. :
«حيث انه بموجب عريضة مودعة لدى كتابة ضبط المحكمة العليا بتاريخ 3989-6-12
طعن فريق "فرقاني" بالبطالن في محضر نقل اراضي وامالك للدولة ،المحضر رقم 1288-83
المؤرخ في 3983-2-18و المحضر رقم 181المؤرخ في 3982-31-39والمقرر ان
الصادر ان بتاريخ 3982-2-33و 86-6-2اللذان ادخال محل النزاع في االحتياطات
العقارية».
يظهر من عناصر هذه الحيثية ان القضاء اإلداري قبل النظر في عريضة جماعية
شخصية و عينية في نفس الوقت معلنا على قراءة مرنة ألحكام المادة 369مكرر من قانون
اإلجراءات المدنية.
كما يظهر أن الشروط التي وضعها القاضي اإلداري الفرنسي لقبول العرائض الجماعية
في النظام القانوني الفرنسي قد تبناها ضمنيا بحيث كل الق اررات اإلدارية محل الدعوى والمدعيين
2
يوجدون في حالة مصلحة مشتركة.
1
أنظر :عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع سابق ،ص 92و ما يليها
2
:نقال عن رشيد خلوفي ،مرجع سابق ،ص . 166
22
الفرع الثاني :المصلحة المحققة والمصلحة المحتملة
األصل ان تكون المصلحة المبررة لقبول الدعوى محققة ،أي قائمة وحالة ولكن احيانا
توجد مصلحة محتملة للطاعن ينبغي حمايتها من وراء رفعه لدعواه فهل تجب حماية المصلحة
1
المحتملة في مجال دعوى اإللغاء.
«إن المصلحة تكون محققة اذا ما كان من المؤكد مقدما أن المدعى سينال فائدة ما من
وراء الغاء القرار ،سواء كانت تلك الفائدة مادية أو أدبية ،وتكون محتملة اذا لم يكن من المؤكد
مقدما ان إلغاء القرار المطعون فيه سينال الطاعن نفعا عاجال ،وان كان من شأنه أن يمنع عنه
2
احتمال ضرر مادي أو يهيأ له فرصة مغنم»
و القاعدة في الدعوى العادية أنه لكي تقبل الدعوى ،يجب أن تكون لرافعها مصلحة
قائمة أو محتملة فقد جعل المشرع المصلحة المحتملة كافية لقبول الدعوى وذلك من خالل نص
المادة 33من قانون االجراءات المدنية و اإلدارية":ال يجوز ألي شخص ،التقاضي مالم تكن له
3
صفة ،ومصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون".
وبناء على هذا يجوز رفع الدعوى بطلب الغاء الق اررات اإلداري الفردية أو الق اررات
الالئحية ،مادامت توجد مصلحة محققة أو محتملة للطاعن في الغاء هذه الق اررات .ففي نطاق
الق اررات الفردية تثبت المصلحة لكل فرد صدر القرار في حقه ،طالما أن هناك ضر ار قد اصابه أو
من المحتمل أن يصيبه
وتكون هناك مصلحة محتملة لكل من تتوافر شروط تطبيق القرار الالئحي،على اساس
4
احتمال وقوع الضرر من جراء احتمال تطبيقه عليه في المستقبل.
ومن الفائدة اإلشارة أن نص المادة 229من قانون اإلجراءات المدنية القديم اشار لعبارة
مصلحة هكذا وردت بصورة عامة و مطلقة دون تحديد و وصف حيث جاءت فيها ":ال يجوز
ألحد ان يرفع دعوى امام القضاء ما لم يكن ...وله مصلحة في ذلك" .ونعتقد ان النص في
صيغته الجديدة أفضل و أبلغ.
1
:عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع سابق ،ص . 96،98
2
:سليمان محمد الطماوي ،مرجع سابق ،ص . 226
3
:القانون رقم ،08/09مصدر سابق.
4
:عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع اسابق ،ص .96،98
23
ويقع عبئ اثبات توافر المصلحة على المدعي ومن فائدة الخصم اي اإلدارة المعنية الدفع
بانتفائها و تنبيه المحكمة المختصة بذلك بهدف الحكم بعدم قابلية الدعوى.
وينبغي أن يتوافر عنصر المصلحة من رفع الدعوى إلى غاية الفصل فيها ،فإن ثبت
للقاضي بعد إثارة الدفع من جانب اإلدارة المعنية أنه لم يعد لرافع الدعوى مصلحة قائمة أقرت
1
المحكمة اإلدارية عدم قبول الدعوى.
الفرع الثالث :المصلحة المادية والدبية
2
تكفي المصلحة األدبية متى كانت مباشرة لقبول دعوى اإللغاء لبعض األشخاص.
ال يشترط في مصلحة الطاعن في دعوى اإللغاء ان تكون مادية أي مما يمكن تقويمها
بالمال ،بمعنى أ ن تكون الفائدة التي تعود عليه فيما لو قبلت طلباته فائدة مالية ،إذ يجوز أن تكون
هذه المصلحة أدبية أو معنوية ال تقوم بالمال ،و إن كان الغالب في معظم الدعاوى أن تكون
3
المصالح التي يسعى اليها الطاعن مادية.
إذ يستوي في المصلحة المبررة لقبول دعوى اإللغاء ان تكون مادية أو مالية أو أن تكون
أدبية .intérêt moralو أمثلة المصالح المادية كثيرة ،إذ أن األعم من المصالح تكون مادية أو
مالية ،مثل قرار اإلدارة بغلق محل تجاري .
أما المصلحة األدبية التي تجيز قبول الطعن باإللغاء ،فقد تكون متصلة بسمعة الموظف
أو التشكك في كفاءته نتيجة لتقديم غيره عليه في األقدمية ،ولو كان قد أحيل إلى المعاش.
وقد اطردت احكام مجلس الدولة الفرنسي على االعتداد بالمصلحة األدبية في قبول
دعوى اإللغاء بدون اية تفرقة بينهما و بين المصالح المادية و المالية.
واتبعت محكمة القضاء اإلداري في مصر نفس النهج منذ السنوات االولى لعملها،
فأعلنت أن القاعدة العامة في هذا الشأن أنه «يكفي فيما يتعلق بطلب اإللغاء ان يكون للطالب
4
مصلحة شخصية مباشرة في الطلب مادية كانت أو أدبية».
1
:نقال عن عمار بوضياف،دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية،دراسة تشريعية و قضائية وفقهية،الطبعة االولى،جسور
للنشر و التوزيع الجزائر 1009،ص . 86 ،86
2
:محمد عبد السالم مخلص ،مرجع سابق ،ص 318 ،316
3
:سامي جمال الدين ،مرجع سابق ،ص . 122
4
:عبد الغني عبد اهلل بسيوني ،مرجع سابق ،ص .300 ،99
24
وال شك في أن تقدير مدى توافر المصلحة األدبية للمدعي في دعوى اإللغاء أمر يترك
1
تقديره للقاضي ،يقدره في كل حالة على حدى ،وفقا لظروف كل دعوى.
1
:عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص . 619
25
المبحث الثاني :
المصلحة بين دعوى اإللغاء و دعوى القضاء الكامل
من المسائل البديهية أن كل رافع دعوى إدارية او غير إدارية أي عادية ينبغي أن تكون
له مصلحة في اثارة النزاع وعدم وجود هذه المصلحة كفيل بعدم قبول الدعوى وقد اعتبر بعض
الفقهاء أن اشتراط المصلحة ينطوي على وجهين احدهما سلبي ويتمثل في منع من ليس في حاجة
إلى حماية القانون من االلتجاء إلى القضاء ،والثاني ايجابي هو اعتباره شرطاً لقبول دعوى كل من
له فائدة من الحكم فيها .
و لقد اثار عنصر المصلحة في دعوى اإللغاء خالفاً كبي اًر فأراد الكثير من الفقهاء
الوقوف عند هذا الشرط و ابراز مدى خصوصيته تميي اًز له عن شرط المصلحة في دعوى القضاء
الكامل ومن خالل ما سبق سوف نفصل هذا من خالل مطلبين :المطلب األول :خصوصية
شرط المصلحة في دعوى اإللغاء .المطلب الثاني :أسس التفرقة بين المصلحة في دعوى القضاء
الكامل و في دعوى اإللغاء.
المطلب الول :خصوصية شرط المصلحة في دعوى اإللغاء
تتميز دعوى االلغاء بأن سلطة القاضي اإلداري تقتصر فيها على مجرد الحكم
بإلغاء القرار اإلداري الغير مشروع و ليس أكثر من ذلك.
كما أنها دعوى موضوعية تخاصم القرار اإلداري ذاته و ليست مخاصمة لإلدارة إضافة
إلى أ ن الحكم الصادر في الدعوى بإلغاء القرار اإلداري له حجية مطلقة في مواجهة الكافة ،و
1
يتمسك باإللغاء كل من له مصلحة في ذلك ولو لم يكن طرفا في الدعوى.
تثور عدة تساؤالت حول طبيعة دعوى اإللغاء من خالل دراسة شرط المصلحة ،فهل تعتبر
دعوى اإللغاء دعوى حسبة action populaire؟ بمعنى أنها تعطي كل مواطن حق مراقبة
تصرفات اإلدارة والطعن فيها.
1
:محمد رفعت عبد الوهاب ،القضاء اإلداري ،الكتاب الثاني ،قضاء اإللغاء (أو اإلبطال)قضاء التعويض و أصول اإلجراءات ،الطبعة
األولى ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،1002 ،ص .33
26
الفرع الول :القائلون بأن دعوى اإللغاء دعوى حسبة :
يذهب رأي إلى أن دعوى اإللغاء منظمة على نحو الدعوى الشعبية في القانون الروماني،
أ و دعوى الحسبة في الشريعة اإلسالمية حيث يقتصر في الحقيقة دور الطاعن على دور المبلغ
وهو دور شبيه بدور النيابة العامة ،ومن ثم فأي شخص يستطيع الطعن في أي قرار ،ألن أي
مواطن يهمه سيادة المشروعية في الدولة ويحتج انصار هذا الرأي بالحجج اآلتية:
أن قانون مجلس الدولة لم يخضع دعوى اإللغاء ألي شرط. -
أ ن الدعوى القضائية اإلدارية نظام قانوني شأنه شأن باقي فروع القانون -
اإلداري يستمد أساسه من القانون الدستوري،والمبدأ الديمقراطي يقضي بأن كل عمل
مخالف للقانون ترتكبه الحكومة او عمالها يجب ان يكون محالً لالنتقاد والجزاء فالسلطة
يجب من الناحية النظرية ان تمارس بواسطة الجماعة الشعبية ،و على ذلك فهي وديعة في
ايدي من انتخبهم الشعب،او في ايدي مندوبيهم ،وهؤالء اآلخرين ال يستطيعون مباشرتها
شرعاً إال اذا كانوا لم يخونوا األمانة التي وضعت بين ايديهم،فإذا تصرفوا بطريقة غير
مشروعة فإنهم يرتكبون عمالً باطالً ومن هنا تبرر ضرورة الرقابة والجزاء على اعمالهم ،و
ألن هذه الرقابة ليس من السهل أن يجريها الشعب بنفسه ،لذلك يجب أن يخصص لها
قاضي ،وال يوجد سبب لتحديد الفئة التي تستطيع االلتجاء اليه.
أن طبيعة القضاء العيني او الموضوعي ال تستلزم اشتراط مصلحة في رافع -
دعوى اإللغاء ،ألنه ال يسعى إلى غنم شخصي عادة و إنما إلى مصلحة الجماعة كلها.
أنه في الحقيقة السبب الذي يحول بين مجلس الدولة الفرنسي و بين قبول -
الدعوى الشعبية ،هو ما ورد في احدى الدعاوى من انه ال يوجد في الواقع اعتراض نظري
صالح ضد الدعوى الشعبية غير االعتبارات التي تتمثل في ازدحام المحاكم مما يعوق
وظيفتها القضائية ،كما يعوق ايضا تصرفات اإلدارة متى سمح القضاء ألي شخص
بالطعن في أي قرار ،وفي القانون العام على األقل فإن االضطراب االجتماعي trouble
socialeيأخذ قيمة االحتجاج بالحق ،ومن اجل هذا فإن القضاء الذي يوسع من فكرة
المصلحة،فيمدها إلى طوائف متعددة من الطاعنين،انتقاال من المدينة الى المحافظة او
المستعمرة ومن فكرة ضيقة تتمثل في المصلحة الفردية التي تفهم اوسع في المصلحة
27
للمنتفع بالمرفق العام ،فإن هذا القضاء ال يزال يستلزم ان تكون مصلحة الطاعن تندرج في
1
نطاق محدد.
الفرع الثاني :القائلون بضرورة المصلحة كشرط لدعوى اإللغاء
إن طبيعة السلطة القضائية توجب على القاضي أن ال ينظر في الدعوى من تلقاء
نفسه ،فهو يطبق القانون فقط في المنازعات المطروحة عليه ،ألنه ليس سوى محكم ،فإذا كان
من الممكن االلتجاء اليه في مجال معين بواسطة أي شخص دون أي شرط فإن شخصية
الطالب ،صفته ستختفي من هذه النقطة وال يتسنى اعتباره مدعيا ،و يكون القاضي قد نظر في
النزاع من تلقاء نفسه ،أو يكون متهما ببساطة بأنه اثار تدخال ليجد الفرصة للحكم ،ومن ثم
فإنه من المهم أن يكون هناك شرط لقبول الدعوى مستمد من مصلحة الطاعن ،و حتى ال
تتوقف دعوى اإللغاء عن أن تصبح دعوى قضائية ،فتقترب كثي اًر من اإلشكال العادية للرقابة
اإلدارية أو الوصائية ،او للرقابة السياسية التي يمارسها اعضاء المجالس النيابية على قيام
األعضاء التنفيذيين بوظائفهم كذلك فإن صمت المشرع تفسير بأنه اقرار لما سار عليه قضاء
مجلس الدولة الفرنسي من تنظيم دعوى اإللغاء ألنها دعوى من صنع القضاء ،ايضاً فإن
الفقهاء لم ينادوا بهجر هذا الشرط و إنما بالتوسعة فيه ،فضال عن ان القانون الروماني الذي
اجاز دعوى الحسبة ،انتهى به األمر إلى ان يقيدها بعض الشيء اذا تعدد طالبوا رفع دعوى
الحسبة من اجل موضوع واحد .
أنه ليس ثمة ضرورة لجعل دعوى اإللغاء شعبية إذ أن رقابة المشروعية تكون كاملة و
فعالة ،عندما يستطيع ذوي الشأن أن يطعنوا في عدم المشروعية التي تتعلق بهم.
أ ن شرط المصلحة ضروري حتى يجري مجلس الدولة تميي از بين الطلبات حسب كيفها
ال كمها ،فمجلس الدولة يستعمل هذا الشرط كوسيلة لتحديد نطاق و درجة رقابته على الق اررات
2
اإلدارية أيا كانت ،ومن ثم فإنه ال يتسنى أن تصبح لهذا السبب دعوى شعبية.
واذا ما نظرنا إلى النظم المقارنة نجد أن المشرع المصري استلزم بصريح النص توافر
شرط المصلحة في رافع دعوى اإللغاء منذ اول قانون صدر بتنظيم مجلس الدولة،اذ نصت
1
انظر :محمد عبد السالم مخلص ،مرجع سابق ،ص . 331، 333
2
:محمد عبد السالم مخلص ،المرجع نفسه ،ص . 332 ،332
28
المادة 6من القانون رقم 331سنة 3926بإنشاء مجلس الدولة على أن «ال تقبل الطلبات
اآلتية ( )1( ،)3الطلبات المقدمة من اشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية».
وورد بالمذكرة اإليضاحية لهذا القانون «وقد تناولت المادة السادسة من المشروع بيان
الحاالت التي ال يقبل النظر فيها لدى محكمة القضاء اإلداري ،فالحالة األولى ...والحالة
الثانية تتعلق بالطلبات التي تقدم من اشخاص ليست لهم فيها بالذات مصلحة شخصية
مباشرة» ،ينصب الطعن في دعاوى اإللغاء على القرار اإلداري المشوب بعيب من عيوب
المشروعية ،ولهذا فهي كما اوضحنا من قبل دعوى موضوعية او عينية.
و على هذا األساس فإن المصلحة في دعوى اإللغاء ال يشترط أن تستند إلى حق قد
وقع عليه اعتداء او مهدد بهذا االعتداء من السلطة العامة ،وهذا عكس الحال في الدعاوى
العادية،اذ أن مصلحة رافع الدعوى فيها البد ان تستند إلى حق ذاتي قد اعتدى عليه .
وقد اشترط استناد المصلحة في دعوى اإللغاء إلى حق ذاتي أدى إلى اتساع ميدانها
باعتبارها دعوى موضوعية تخاصم الق اررات اإلدارية غير المشروعة ،بقصد حماية مبدأ
المشروعية من خالل حماية المصالح المختلفة للطاعنين في دعوى اإللغاء .
ولهذا ثار التساؤل حول ما إذا كان اتساع شرط المصلحة قد أدى إلى تحول دعوى
اإللغاء ،والموسعة لمفهوم المصلحة التي تبرر قبول الطعن باإللغاء في الق اررات اإلدارية
المخالفة لمبدأ المشروعية إلى جدل فقهي حول طبيعة دعوى اإللغاء ،فقال بعض الفقهاء بأن
دعوى اإللغاء تعتبر دعوى حسبة يكفي توافر مصلحة عامة حتى يحق لكل مواطن رفعها امام
القضاء اإلداري.
كما أن انتماء دعوى اإللغاء إلى القضاء الموضوعي أو العيني يجعلها تختلف عن
الدعاوى الشخصية التي تحمي الحقوق الفردية و المراكز الذاتية المعتدى عليها ،فهي تنصب
على مخاصمة القرار اإلداري المخالف للقانون ،و بالتالي ال يجب أن يقيد قبولها بشرط
1
المصلحة كما هو الشأن بالنسبة للقضاء الكامل.
ولكن المنكرون لهذا االتجاه يرون أن دعوى اإللغاء ليست هي دعوى الحسبة و أن
شرط المصلحة البد أن يوجد في رافع الدعوى واال تحولت رقابة القضاء اإلداري إلى رقابة
ادارية او سياسية .كذلك توجد ضرورة عملية لإلبقاء على المصلحة في قبول دعوى اإللغاء،
1
انظر :عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع سابق ،ص . 89 ،88
29
وهي الحد من الدعاوى المرفوعة باإللغاء امام القضاء اإلداري فال تقبل الدعوى إال من خالل
ذي مصلحة .اما لو فتح الباب على مصراعيه لرفع دعوى اإللغاء دون اشتراط توافر المصلحة
في رافعها لغرق القضاء اإلداري في سيل من الدعاوى اإلدارية.
و أيا كان الخالف الفقهي ،فإن مجلس الدولة الفرنسي يشترط توافر المصلحة في
رافع الدعوى ،إال أنه تساهل ازاء هذا الشرط ،وتوسع في االعتراف بأنواع عديدة من المصالح
المبررة لقبول دعوى اإللغاء مادامت الجدية قد توافرت في هذه الطعون.
أما في مصر فقد قطع المشرع منذ البداية الطريق على اي خالف في المسألة عندما
اشترط ضرورة توافر المصلحة الشخصية لقبول الدعاوى اإلدارية -ومنها دعوى اإللغاء –
امام مجلس الدولة بهيئة قضاء اداري .وعلى هذا األساس فإن دعوى اإللغاء تختلف عن
دعوى الحسبة المقررة في الشريعة اإلسالمية تطبيقاً لقول اهلل سبحانه وتعالىَ « :وْلتَ ُكن ِّمن ُك ْم
وف َوَي ْن َه ْو َن َع ِن ا ْل ُمن َك ِر َوأ ُْولَ ِـئ َك ُه ُم ا ْل ُم ْفلِ ُح َ
ون ِبا ْلمعر ِ ُم ٌة َي ْد ُع َ ِ
1
ون» ون إلَى ا ْل َخ ْي ِر َوَيأ ُ
ْم ُر َ َ ْ ُ أ َّ
وذلك ألن دعوى الحسبة في اإلسالم يجوز لكل مسلم عدل أن يقيمها دفاعاً عن
2
حقوق اهلل تعالى ،أو الحقوق التي يغلب فيها حق اهلل على حق العباد.
1
:اآلية ()303من سورة آل عمران ،الجزء الرابع
2
انظر :عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع سابق ،ص . 90
30
المطلب الثاني :أسس التفرقة بين المصلحة في دعوى اإللغاء و
دعوى القضاء الكامل
للتوصل إلى أسس التفرقة بين المصلحة في الدعوى القضاء الكامل و المصلحة في
دعوى اإللغاء يجب التطرق إلى خصائص دعوى اإللغاء ودعوى القضاء الكامل في الفرع
األول ومتطلبات شرط المصلحة في دعوى اإللغاء و دعوى القضاء الكامل من خالل الفرع
الثاني
الفرع الول :خصائص دعوى اإللغاء و دعوى القضاء الكامل
على عكس األمر في دعاوى اإللغاء فإن دعاوى القضاء الكامل تتميز بأن مجلس
ال دولة المصري ال تقتصر سلطته فيها على إلغاء قرار اإلدارة غير المشروع أو مجرد إدانة
أعمالها المخالفة للقانون ،بل تمتد سلطة القاضي إلى تحديد المركز القانوني الذاتي للطاعن
وبيان الحل الكامل للنزاع .
و على ذلك يمكننا أن نخلص خصائص دعوى القضاء الكامل فيما يلي:
أن سلطة مجلس الدولة فيها كاملة بمعنى أنها ال تتوقف حد إلغاء عمل اإلدارة
المخالف للقانون بل تتعدى ذلك إلى حسم كافة عناصر النزاع ،بتحديد المركز الذاتي للطاعن
بشكل نهائي.
و يترتب على الخصيصة األولى أن الحكم الصادر في القضاء الكامل ليست له حجية
مطلقة مثل الحكم في دعوى اإللغاء و إنما حجيته نسبية تقتصر على أطراف الدعوى حيث ال
يستطيع أن يتمسك بحكم شخص آخر لم يكن طرفاً في هذه الدعوى.
اما خصائص دعوى اإللغاء فيمكن حصرها فيما يلي:
أن سلطة القاضي اإلداري في دعوى اإللغاء تقتصر على مجرد الحكم بإلغاء القرار
اإلداري الغير مشروع و ليس أكثر من ذلك.
إن دعوى اإللغاء دعوى موضوعية تخاصم القرار اإلداري ذاته و ليست مخاصمة لإلدارة
إن الحكم الصادر في الدعوى بإلغاء القرار اإلداري له حجية مطلقة في مواجهة الكافة ،و
1
يتمسك باإللغاء كل من له مصلحة في ذلك و لو لم يكن طرفا في الدعوى.
1
أنظر :محمد رفعت عبد الوهاب ،مرجع سابق ،ص .36 ،32
31
الفرع الثاني :متطلبات شرط المصلحة في دعوى القضاء الكامل ودعوى
اإللغاء
«المصلحة المشروعة الالزمة لقبول دعوى القضاء الكامل هي المصلحة القانونية
( )intérêt légalوبعبارة اخرى هي المصلحة األدبية او المعنوية ،المهمة او التافهة التي تستند
إلى حق او مركز يحميه القانون .
فإذا لم يكن هناك وجود لهذا القانون -اي القاعدة القانونية– التي تحمي هذه المصلحة
المدعى بها فإن الحق في الدعوى ال ينشأ.
وهكذا ال تقبل الدعوى التي يكون موضوعها الزام شخص بدفع دين قمار ألن القانون ال
يحمي القمار ،كذلك اذا طالب الشخص بمجرد مصلحة اقتصادية فإن الدعوى تكون غير مقبولة،
كما هو الحال في دعوى التعويض التي يرفعها صاحب دكان على قاتل زبون من زبائنه كان
يشتري بضاعة ممنوعة .وكذا ال تقبل الدعوى المستندة إلى مصلحة منافية للنظام العام كالدعوى
التي يرفعها شخص يطالب فيها شخصاً آخر بتنفيذ اتفاق جنائي بينهما
اما المصلحة القانونية الالزمة لقبول الدعوى اإلدارية فتختلف في مفهومها من دعوى
التعويض إلى دعوى اإللغاء.
إذا كانت القاعدة ا نه في الحالتين هي وجوب أن تكون المصلحة المدعى بها من تلك
المصالح التي أراد القانون حمايتها ،أي مشروعة (وليست منافية للنظام العام و القانون) فإن
التمييز يقع بين دعوى التعويض ودعوى اإللغاء على مستوى درجة المصلحة المثارة و عالقتها
بالحق.
ففي دعوى التعويض يتمسك القضاء اإلداري بالمفهوم الضيق للمصلحة الذي عرفناه في
الدعوى المدنية ،اي المصلحة التي ترقى إلى مرتبة الحق و ذلك بسبب تشابه الدعوى المدنية
1
ودعوى القضاء الكامل في كون كل منهما تقوم على المطالبة بحق شخصي.
أما في دعوى اإللغاء فيكفي ان تكون للطاعن مجرد منفعة اقتصادية لقبول دعواه ،وهكذا
فإن صدور قرار إداري بنقل السوق الى مكان آخر يرتب مصلحة لتجار المنطقة لحرمانهم من
مزايا اقتصادية (كالنقل و غيره)
33
34
بينا فيما سبق أن دعوى اإللغاء تختلف في خصائصها عن الدعاوى العادية و دعاوى
القضاء الكامل ،األمر الذي كان له انعكاس على شروط تلك الدعوى و أهمها شرط المصلحة و
ما يخضع له من احكام تتناغم و الطبيعة الموضوعية لدعوى اإللغاء و هدفها في مجال الدفاع
عن مبدأ المشروعية ،فإن لشرط المصلحة أسس تقوم عليها بحيث أنها جاءت بناءا على نص
قانوني ،وقام القضاء والفقه بعناية خاصة لهذا الشرط ،ويجوز الدفع بانعدامها إال أن هناك
اختالف في طبيعة هذا الدفع وسوف نوضح ذلك في المبحث األول الذي نتطرق فيه إلى الطبيعة
القانونية لشرط المصلحة في دعوى اإللغاء أما المبحث الثاني سنبين فيه طبيعة الدفع بانعدام
المصلحة.
35
المبحث االول :
الطبيعة القانونية لشرط المصلحة في دعوى اإللغاء
تعد المصلحة من النظام العام في دعوى اإللغاء ،لكن ليس كل مصلحة تبرر قبول دعوى
اإللغاء،وانما المصلحة التي تبرر قبول هذه الدعوى هي تلك المصلحة التي وضع الفقه و القضاء
احكامها العامة،و تتمثل هذه األحكام في اساس اشتراط المصلحة سنتطرق اليه من خالل المطلب
األول وشروط المصلحة سنتطرق الى هذا األخير من خالل المطلب الثاني.
المطلب الول :الساس القانوني للمصلحة في دعوى اإللغاء
كان هناك أري قديم في الفقه يشترط لقبول دعوى اإللغاء شكال أن تكون لرافع الدعوى
مصلحة ،بحجة ان هذه الدعوى هي ذات طبيعة عينية تتجه الى مخاصمة القرار اإلداري غير
1
المشروع إللغائه و ان القانون لم ينص على هذا الشرط.
إال أن هذا الرأي ال وجود له اآلن في الفقه الذي يجمع على اشتراط المصلحة في دعوى
اإللغاء لضبطها حتى ال تتحول إلى دعوى حسبه ،فالحسبة نظام رقابي في الدولة اإلسالمية
يستهدف الحفاظ على الشريعة اإلسالمية في األمر بالمعروف و النهي عن المنكر تقويما لسلوك
األفراد سواء كانوا موظفين عامين أو مواطنين عاديين.
ويعرف الفقهاء دعوى الحسبة في الشريعة اإلسالمية بأنها تلك الدعوى التي يجوز لكل
مسلم عادل يتجنب الكبائر ويؤدي الفرائض و تغلب حسناته على سيئاته أن يرفعها دفاعا عن
حقوق اهلل تعالى الخالصة أو ما كان حق اهلل منها غالبا وذلك من باب إزالة المنكر و إعماال
ون ِبا ْلمعر ِ
وف َوَي ْن َه ْو َن َع ِن ا ْل ُمن َك ِر ُم ٌة َي ْد ُع َ ِ
َ ُْ ون إلَى ا ْل َخ ْي ِر َوَيأ ُ
ْم ُر َ لقوله تعالى َ «:وْلتَ ُكن ِّمن ُك ْم أ َّ
َوأ ُْولَ ِـئ َك ُه ُم ا ْل ُم ْفلِ ُح َ
2
ون »
منكر فليغيره بيده،فإن لم يستطع
ا ولقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم " :من رأى منكم
فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف اإليمان"
فدعوى الحسبة بهذا المعنى تخول المواطنين عموما حق مراقبة اإلدارة في تصرفاتها،و
تهدف الى تحقيق الشريعة اإلسالمية عن طريق األمر بالمعروف و النهي عن المنكر ،وصوال إلى
اإلصالح في إصالح اإلدارة الحكومية العامة في مجال التنمية االقتصادية و االجتماعية.
1
:نقال عن احمد محمد فارس النوايسة ،مرجع سابق ،ص . 312
2
:اآلية ()303من سورة آل عمران ،الجزء الرابع
36
وبناء عل ى ذلك فإن التشريع و القضاء يتطلب في قبول دعوى اإللغاء شكال ان يكون
لرافعها مصلحة شخصية و مباشرة إللغاء القرار اإلداري المطعون فيه حتى يتجنب دعوى
1
الحسبة.
و قد استقرت احكام القضاء في كل من مصر،و فرنسا،و األردن على ضرورة ان يتوافر
في صاحب الشأن مصلحة شخصية و بالتالي استبعاد دعوى الحسبة،و ضمان جدية الدعاوى
المقدمة .و في حكم لمحكمة العدل العليا األردنية".ان دعاوى اإللغاء بطبيعتها هي دعاوى
موضوعية ،القصد منها ليس مجرد الدفاع عن المشروعية و الصالح العام فحسب بل و الدفاع
عن مصلحة ذاتية للمستدعي أثر فيها القرار المطعون تأثي ار مباش ار حتى تكون هذه المصلحة
2
الذاتية قرينة على جدية الدعوى و القول بغير ذلك يجعل من دعوى اإللغاء دعوى حسبة "
إن لفكرة المصلحة عدة فوائد ومزايا ووظائف تتجلى في مختلف أنواع فروع العلوم
والمعرفة ،وال سيما في مجال الفلسفة وعلم النفس والعلوم االجتماعية واالقتصادية والقانونية وكذا في
ميدان العلوم اإلدارية ،حيث تقوم هذه الفكرة بدور حيوي كحافز وضابط للسلوك اإلنساني في
مختلف المجاالت السياسية واالجتماعية واالقتصادية والقانونية واإلدارية ،كما تضطلع هذه الفكرة
بدور فعال في تأصيل وتحديد بعض األفكار والنظريات والحقائق القانونية وتسهيل عملية تطبيقها،
مثل نظرية الدعوى ،فمثال تساعد فكرة المصلحة كشرط من شروط قبول دعوى اإللغاء في عملية
تنظيم وتطبيق هذه الدعوى بصورة رشيدة ومنطقية وفعالة ،حيث تحد وتقطع الطريق أمام أي
3
مصدر من مصادر الغموض في تطبيق دعوى اإللغاء.
ويعود األساس القانوني لفكرة المصلحة إلى قانون اإلجراءات المدنية السابق في مادته
229حيث تنص على أنه "ال يجوز ألحد أن يرفع دعوى أمام القضاء مالم يكن حائ از الصفة و
أهلية التقاضي و له مصلحة في ذلك" ،ونص المادة 33من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية
الجديد السابق الذكر ،ويتضح من النص أن عدم تحقق المصلحة في رافع الدعوى مانع من موانع
رفعها فإذا كان لكل شخص أن يلجأ إلى القضاء عارضا عليه إدعاءه على شكل دعوى فإنها ال
4
تقبل إال إذا توافر فيها شرط المصلحة .
1
:نفال عن احمد محمد فارس النوايسة ،مرجع سابق ،ص . 312،316
2
:عدل عليا،رقم ،80/38العدد،1سنة ،3983ص ،362نقال عن احمد محمد فارس النوايسة،نفس المرجع،ص.316
3
:عوابدي عمار ،مرجع سابق ،ص .233
4
:نقال عن سمان صليحة ،مرجع سابق ،ص .36 ،32
37
المطلب الثاني :شروط قبول المصلحة في دعوى اإللغاء
إذا كان من المقرر أنه توجد دعوى كلما كانت هناك مصلحة تحتاج إلى حماية القضاء إال
أنه ال يكفي لقبول الدعوى توافر تلك المصلحة وانما يجب أن تتوافر في هذه المصلحة شروط
معينة تجعلها جديرة باالعتبار ،وهذا يعني أن المصلحة في إلغاء القرار اإلداري ال تعطي
لصاحبها حقا مطلقا في طلب إلغائه ،حيث يرد عليها قيوداً يتعين احترامها بان تكون المصلحة
القانونية مشروعة و هذا من خالل الفرع األول باإلضافة بأن تكون المصلحة مباشرة و كافية وهذا
من خالل الفرع الثاني
الفرع الول :أن تكون المصلحة القانونية مشروعة
من البديهي أنه ال يجوز لشخص أن يطالب باحترام قواعد المشروعية بينما مركزه هو غير
مشروع .فإذا كان هناك مركز ال يتفق مع القانون قد تساهلت ازاءه جهة اإلدارة فإنه ال يكون على
الرغم من ذلك مصلحة قابلة للدفاع عنها بطريق دعوى اإللغاء.
و إذا كان مجلس الدولة الفرنسي قبل بالحكم الصادر في 18فبراير سنة 3939دعوى
اقامتها بعض النسوة الساقطات ضد ق اررات متعلقة بحرية التنقل تؤثر في مباشرة مهنتهن ،مما حدا
بالظن إلى أن سبب قبول الطعن يرجع إلى المصلحة المهنية intérêt professionnelالمرتبطة
بهذه الدعوى فإن الصحيح أن قبول الدعوى كان سببه أن الطعن أثار االعتداء على الحريات
1
الفردية ،والتي ال تتوقف مشروعية المصلحة فيها على شخص الطاعن الذي يدفع بها.
يرى أحمد محيو أن دعوى تجاوز السلطة ال تقبل إال اذا كانت لرافع الدعوى مصلحة
مشروعة و معقولة .صحيح أن المشكلة تطرح خاصة في منازعات القضاء الكامل ،و بالتحديد
في شأن الحق بإصالح الضرر للمعاشر ،و إال انه من الممكن طرحها في منازعات اإللغاء ومن
البديهي انه ال يمكن التأسيس على مصلحة ال معنوية او غير مشروعة للمنازعة في مشروعية
2
نص ما.
تشترط المحكمة اإلدارية العليا في مصر لقبول دعوى اإللغاء «أن يكون لرافعها مصلحة
قانونية في اقامتها بأن يكون موضوع الدعوى هو المطالبة بحق او بمركز قانوني أو التعويض
عن ضرر اصاب حقاً من الحقوق ،و ان تكون المصلحة شخصية و مباشرة و قائمة و حالة».
1
:محمد عبد السالم مخلص ،مرجع سابق ،ص . 311، 313
2
:أحمد محيو ،مرجع سابق ،ص . 329
38
فالمصلحة الشخصية المباشرة للطاعن يجب أن تتطابق مع المصلحة التي يحميها
القانون ،وال يكفي أن يثبت المدعي أن مصلحته في الغاء القرار المطعون فيه .و إنما يجب
باإلضافة إلى ذلك أن تكون المصلحة متطابقة مع تلك التي يريد القانون حمايتها ،بأن تكون
القاعدة القانونية التي خالفها القرار المطعون فيه مقررة لصالح األفراد أو الهيئات التي طعنت في
1
القرار و ليست مقررة لصالح اإلدارة وحدها.
الفرع الثاني :أن تكون المصلحة الشخصية مباشرة و كافية :
تعني المصلحة المباشرة أن تكون تلك المصلحة محسوسة و قائمة فعالً .بمعنى أن
يشكل القرار محل الطعن اعتداء مباش اًر على مصلحة الطاعن.
واستلزام االعتداء المباشر على المصلحة كشرط لقبول دعوى اإللغاء ،مرجعه الطابع
الشخصي أو باألحرى الفردي لتلك المصلحة إذ عندما تكون المصلحة غير محددة فإن قبول
الدعوى التي يرفعها طاعن للدفاع عن تلك المصلحة يؤدي إلى المخاطرة بصدور حكم قضائي من
2
الممكن أن يضر مباشرة بمصالح اآلخرين .
كل شخص تعرض حق له النتهاك من طرف اإلدارة ،بإمكانه رفع دعوى تجاوز السلطة،
إال أنه ليس بالضرورة أن يكون الحق المنتهك محددا بدقة ،بل يكفي وجود مصلحة متضررة ،و
بهذا الشأن ،كثي ار ما يشار إلى حكم تقليدي لمجلس الدولة الفرنسي من خالل حكم في 13ديسمبر
3
.3906
الذي يظهر بوضوح فكرة المصلحة المباشرة و الكافية :قامت شركة النقل العام في إحدى
المدن بتغيير خطوط سير حافالتها مما أدى إلى إلغاء أحد الخطوط الذي كان يخدم أحد األحياء،
فتجمع قاطنو هذا الحي في جمعية دفاع إلبراز مصالحهم و منازعة التدبير الذي قامت به الشركة
بموافقة البلدية ،لقد وجد القاضي اإلداري الذي رفعت إليه الدعوى نفسه أمام مشكلة :هل توجد
لدى المنتفعين من مرفق عام للنقل مصلحة كافية في مخاصمة رفض اإلدارة ضمان سير هذا
4
المرفق ،عن طريق دعوى تجاوز السلطة أو قد أجاب باإليجاب .
1
:نقال عن سامي جمال الدين ،مرجع سابق ،ص . 121
: 2عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص . 613
3
: Ce 21 Décembre 1906 , syndicat des propietaires du quatier croix de sgney , tivoli ,RGJA .
4أنظر :محيو أحمد ،مرجع سابق ،ص 326
39
جرى قضاء مجلس الدولة على أنه لكي تقبل دعوى اإللغاء أمامه فانه يجب ان يكون
لرافعها مصلحة شخصية مباشرة وقانونية.
ويعني ذلك أن " يكون رافع الدعوى في حالة قانونية خاصة اثر فيها القرار المطلوب إلغاؤه
تأثي ار مباش ار" و أن تكون هذه "المصلحة الشخصية المباشرة مصلحة قانونية اي مصلحة يحميها
القانون" .
وانتفاء المصلحة الشخصية المباشرة لرافع الدعوى يجعل الدعوى غير مقبولة ،وتبعاً لذلك
قضت محكمة القضاء اإلداري بأن "من ال تتوافر فيه الشروط الالزمة للتعيين في إحدى الوظائف
العامة ال يكون له مصلحة شخصية ومباشرة للطعن باإللغاء في القرار الصادر بالتعيين في
الوظيفة .
و التزاماً بشرط المصلحة الشخصية المباشرة لقبول دعوى اإللغاء قرر القضاء اإلداري
عدم قبول طلب اإللغاء المقدم من اخ يطلب الغاء امتناع اإلدارة عن تجديد جوازات السفر
الخاصة بإخوته ولو كان اكبر افراد األسرة القائم على شئونها ذلك ان الشخص ال يملك حق
التقاضي إال في شأن نفسه وليس من حقه ان ان يتولى التقاضي بالنسبة لغيره اال بموجب نيابة
قانونية صحيحة
إذا كان يشترط في رافع الدعوى أن يكون له مصلحة شخصية و مباشرة في الغاء القرار
بأن يكون في حالة قانونية خاصة بالنسبة للقرار الطعون فيه و من شأنها التأثير تأثي اًر مباش اًر في
مصلحة ذاتية له ،فهل يمكن ان يتحقق هذا الشرط بالنسبة للورثة الذين يريدون االستمرار في
دعاوى اإللغاء التي رفعها مورثهم؟
أحكام مجلس الدولة على أنه ال يقبل من الورثة ان يحلوا بصفة آلية محل مورثهم في
السير في اجراءا ت دعوى اإللغاء اذا مات المورث قبل صدور الحكم فيها،فال يقبل منهم ذلك إال
اذا كانت لهم مصلحة شخصية و مميزة عن مصلحة المورث.
وتبعا لما تقدم فان استمرار الورثة السير في اجراءات دعوى اإللغاء التي رفعها مورثهم
رهن بتوفر شرط المصلحة الشخصية و المباشرة لهم،واألمر يختلف في كل حالة حسب توفر أو
عدم توفر هذه المصلحة،فحتى يمكن االستمرار في الدعوى يجب ان يكون كل وارث في حالة
قانونية خاصة تجعل له مصلحة شخصية ومباشرة في طلب إلغاء القرار المطعون فيه .فمثالً لو
كان طعن المورث يتعلق بقرار صادر عن إحدى جهات اإلدارة برفض التعيين في وظيفة معينة،
40
فهنا يستطيع احد الورثة االستمرار في الدعوى ألنهم ال يعتبرون أصحاب مصلحة،وهم اليكونون
تأثير مباش ار .وفي هذا الشأن قررت محكمة القضاء
ا في حالة قانونية خاصة يؤثر فيها القرار
اإلداري بشأن طلب الورثة استمرار السير في دعوى اإللغاء المرفوعة من مورثهم بطلب إلغاء قرار
تعيين أحد العمد « " ومن حيث انه فيما يتعلق بورثة المدعى فال جدال في ان مثل هذا الحق و
طلب اإللغاء" ال يورث،وانه يجب ان يمس القرار المطعون فيه حالة قانونية خاصة بكل منهم تجعل
له مصلحة شخصية و مباشرة في طلب الغائه ...بأن يتوافر فيه الشروط التي تبرر ترشيحه
لوظيفة العمدية ...وما دامت هذه الشروط غير متوافرة في حق الورثة فال يقبل منهم و الحالة
هذه استمرار السير في الدعوى.
على أنه قد يكون للورثة مصلحة شخصية ومباشرة تخول لهم حق اإلستمرار في السير
في اجراءات دعوى اإللغاء،كما لو تعلق األمر بإلغاء قرار اإلدارة الصادر بعدم ترقية مورثهم.
على هذا النحو توفرت للورثة مصلحة تتعلق بالمزايا المادية للوظيفة التي كان سيرقى
إليها المورث.
ولكن هل يلزم لالعتداد بالمصلحة المشروعة أن تكون دعوى اإللغاء قد تم رفعها من جميع
الورثة أصحاب المصلحة أم يكفي أن يقوم احدهم برفعها؟
« اجابت على هذا التساؤل محكمة القضاء اإلداري وكان األمر يتعلق بإلغاء ترخيص
يمنح مورث المدعى حق إدارة واستغالل سوق عمومي،ورأت المحكمة ان القرار اإلداري الصادر
بإلغاء الترخيص يتضمن اعتداء مباشر على حق المدعى في استغالل تلك السوق،و ان له
مصلحة شخصية مباشرة تستند الى حق يمس به القرار المطعون فيه .ورفضت المحكمة الدفع
بعدم قبول الدعوى النعدام المصلحة والدفع بعدم تمثيل باقي الورثة في الدعوى».
وردت المحكمة على الدفع األخير"أنه ال وجه لما تحدت به الحكومة من أن المدعى قد
رفع الدعوى باسمه بغير تمثيل لباقي الورثة ،ال اعتداد بهذا القول ألنه ال يشترط لقبول دعوى
اإللغاء أن يتقدم للطعن في القرار المطعون الغاؤه جميع اصحاب المصلحة الشخصية في
1
إلغائه".
1
:ابراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،والية القضاء اإلداري ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،1003 ،ص 383ومايليها.
41
المبحث الثاني:
أنواع المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء و آثار إنتفاء المصلحة في
هذه الدعوى
من المسلم به ووفقا لما تقدم أن دعوى إلغاء الق اررات اإلدارية غير المشروعة ترتبط
بضرورة توافر المصلحة الشخصية المباشرة لدى رافع الدعوى ،إال أن هذا االرتباط يثير التساؤل
حول تحديد اآلثار المترتبة على انتفاء المصلحة في هذه الدعوى أو زوالها و انواع المصالح التي
تحميها دعوى اإللغاء حيث سنتطرق إلى هذا من خالل المطلب األول الذي نبين فيه أنواع
و المطلب الثاني الذي سنتطرق فيه إلى آثار انتفاء المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء
المصلحة في دعوى اإللغاء.
المطلب الول :أنواع المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء
يجب أن تكون مصلحة الطاعن متميزة ومستقلة عن المصلحة العامة ،ألن دعوى اإللغاء
ال تقبل ال نتفاء المصلحة الشخصية المباشرة عندما يرفعها المدعي بوصفه مواطنا عاديا ألنها كما
قلنا ليست دعوى شعبية أو دعوى حسبة يرفعها من يشاء ،ومعنى هذا أن الطاعن يجب أال يقنع
بصفته العامة كمواطن ،بل يتحتم عليه أن يضيف إليها صفة أخرى خاصة تميزه عن غيره وتجعله
في وضع خاص إزاء القرار المعيب .لذلك فإن القضاء قد تطلب فيما يتعلق بشرط المصلحة الالزم
لقبول دعوى اإللغاء ،في بعض الحاالت توفر صفة معينة في الطاعن تتحققها مصلحته في
الطعن ،وعلى هذا األساس تصنف المصالح في إقامة هذه الدعوى إلى مصالح لألفراد العاديين و
مصالح للموظفين ،ومصالح للجماعات أو الهيئات المعترف لها بالشخصية المعنوية ،وهذا ما
سوف نقوم بتفصيله في الفرعين التاليين:
الفرع الول :مصالح الفراد و الموظفين
تحظى طعون األفراد والموظفين العموميين بنطاق واسع في مجال دعوى اإللغاء ،وهذا ال
يعود إال لسبب واحد وهو حماية لمصالحهم و حقوقهم ،فينظر القضاء أنواعاً متعددة من هذه
الطعون والتي تختلف باختالف طبيعة الشخص صاحب المصلحة،ونظ ار لهذا اإلختالف سوف
ندرس كال من هذه المصالح على حدى من خالل ما يلي:
42
أوال :مصالح الفراد
للفرد العادي مصلحة في الطعن بإلغاء القرار اإلداري الذي يؤدي نفاذه إلى إلحاق أضرار
مباشرة به ،فيجب أن تتوافر في الطاعن صفة يؤثر عليها تنفيذ القرار محل الطعن،وهذه الصفات
ال يمكن حصرها تحديدا وانما سنشير إلى أهمها وفقا للقضاء فيما يلي:
.1المالك:
ال ريب في أن لكل مالك الحق في الطعن في الق اررات اإلدارية التي تؤثر مباشرة
في حقوق ملكيته و تشكل اعتداءاً عليها،فهذا أمر واضح ال يحتاج الى تفصيل.
وانما الذي نعنيه بصفة المالك هنا ،هو ما له من مصلحة بهذه الصفة في الطعن
باإللغاء في تلك الق اررات التي تسبب له أض ار اًر أو مضايقات ال تصل الى درجة االعتداء
على ملكيته.
"فقد قبل مجلس الدولة الفرنسي الطعن في الق اررات اإلدارية التي تتعلق بإعداد
الطريق العام أو باستخدامه من المالك التي تقع أمالكهم على جانبي هذا الطريق ،إذا
كان من شأن هذه الق اررات أن تحدث لهم اض ار اًر أو مضايقات".
و حكمت محكمة القضاء اإلداري في مصر بأن«كل مالك في أحد الشوارع له
مصلحة شخصية ظاهرة في الطعن في الق اررات المنطوية على مخالفة لنظام البناء في
الشارع الذي يقع فيه ملكه للحيلولة دون قيام أبنية فيه تتجافى مع ش ارئط العمران التي
يفترض أنها شرعت لغاية جمالية و صحية،و بذلك يكون المدعي بوصفه مالكاً ألرض
مجاورة للبناء المراد اقامته ذا مصلحة شخصية في الطعن في ق اررات الترخيص بالبناء
1
المذكور».
للمالك مصلحة دائمة في الطعن بإلغاء الق اررات اإلدارية المعيبة التي ال تحترم
مصالحه المشروعة والتي من شأ ا منع أو إعاقة استفادته بالحقوق التي تخوله له صفته
ار أو مضايقات ال تصل إلى درجة
كمالك ،بمعنى آخر تلك الق اررات التي تسبب له أضر ا
االعتداء على ملكيته،إ ال أنه من حق الفرد بصفته مالكا الطعن في الق اررات التي تمثل
اعتداء على حقوق ملكيته مثل ق اررات الهدم ونزع الملكية وق اررات التخطيط وتنظيم سير
1
:عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع سابق،ص.330
43
وسائل النقل ،ويستمد المالك حقه في الطعن بإلغاء الق اررات الماسة بملكيته من الدستور
1
الذي كفل حماية حق الملكية وذلك طبقا للمواد 10،11،12من دستور .3996
حيث يستمد المالك حقه في الطعن بإلغاء الق اررات الماسة بملكيته من الدستور الذي
2
كفل حماية حق الملكية .
.2التاجر والصانع:
لكل صاحب حرفة أو مهنة تاج اًر كان أو صانعاً أن يطعن في الق اررات المتصلة بتنظيم
3
المهنة التي يمارسها ،خاصة إذا شكلت هذه الق اررات اعتداء على حرية التجارة و الصناعة.
فتكون بذالك مخالفة للدستور الذي كفل حرية التجارة والصناعة في المادة 36منه
4
نصت على أن" :حرية التجارة والصناعة مضمونة وتمارس في إطار القانون".
ويشترط لقبول دعوى اإللغاء في هذه الحاالت أن يكون لرافع الدعوى مصلحة شخصية
ومباشرة في إقامة دعواه،فليس لصاحب مهنة مصلحة في الطعن باإللغاء على قرار إداري
تنظيمي يتصل بمهنة غير مهنته حيث ال تأثير مباشر لهذا القرار على مصلحة صاحب
5
المهنة لصدوره بصدد مهنة أخرى.
و قد أصدر مجلس الدولة الفرنسي عدداً من األحكام في هذا المجال أكد فيها الحق
لممارسي المهن و الحرف التجارية و الصناعية .وقد أصدر مجلس الدولة الفرنسي عددا من
األحكام في هذا المجال أكد فيها هذا الحق ،ويعود مسلك مجلس الدولة الفرنسي إلى تاريخ
قديم ،حيث أن أول األحكام الشهيرة له هو حكم شركة "كوك" الذي كان متعلقا بقرار من عمدة
6
مدينة نيس الفرنسية بتصنيف نطاق األماكن التي تقف فيها العربات العامة .
وتوجد أحكام لمجلس الدولة المصري في هذا الشأن ،منها حكم لمحكمة القضاء
اإلداري بتقرير وجود مصلحة إلحدى شركات النقل في طلب إلغاء القرار المطعون فيه ،رغم
1
:دستور الجزائر ،3996المعدل بالقانون رقم 03-36مؤرخ في 06مارس سنة ،1036صادر في الجريدة الرسمية عدد 32السنة الثالثة
و الخمسون مؤرخة في 06مارس . 1036
2
:عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق،ص .636
3
:عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع سابق،ص .331
4
:المادة 36من دستور ، 3996مرجع سابق.
5
:عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق،ص632
6
:حكم المجلس،الصادر في 02مايو 3899في قضية )) cookنقال عن سليمان الطماوي ،مرجع سابق ،ص 226
44
قيام الشركة ببيع سيارتها ألنه يمس حقها في إنشاء مواقف لشركتها في األراضي الفضاء
المملوكة لألفراد.
الناخب : .3
و هي الطعون التي يتقدم بها المواطن بهذه الصفة في الق اررات اإلدارية المتعلقة بعملية
االنتخابات ،فهل يجوز رفع دعوى بإلغاء هذه الق اررات أمام مجلس الدولة؟
جرى قضاء مجلس الدولة الفرنسي على أنه يجوز الطعن باإللغاء في الق ار ارت اإلدارية
المستقلة عن عملية اال نتخابات نفسها في نطاق المجالس البلدية و المحلية ،خاصة الق اررات
1
المتعلقة بتقسيم البلدة الى دوائر انتخابية.
للناخب مصلحة في ان تكون عملية االنتخاب قد تمت وفقاً للقانون ،حيث يستطيع
الناخب بصفته هذه الطعن باإللغاء في الق ار ارت اإلدارية المتعلقة بالعملية االنتخابية إال أن
الطعن في هذه الحالة يقتصر على الق اررات المتعلقة بسير عملية االنتخاب فقط ،حيث يوكل
لمجلس الشعب وحده الفصل في صحة عضوية أعضائه و ال يخضع هذا األمر الختصاص
مجلس الدولة،حيث تقوم محكمة النقض بالتحقيق في الطعون المتصلة بصحة أعضاء مجلس
الشعب المحالة إليها من رئيس المجلس ،و ال تبطل العضوية إال بقرار يصدره المجلس بأغلبية
ثلثي أعضائه.
حيث تمر العملية االنتخابية بمرحلتين األولى سابقة على عملية االنتخاب وتتصل
بتقديم و فحص طلب الترشيح و إعداد كشوف المرشحين و البت في صفاتهم و يختص
مجلس الدولة بالنظر في الطعن بإلغاء الق اررات اإلدارية التي تصدر في إطار تلك المرحلة،أما
المرحلة التالية فهي الحقة لعملية االنتخابات و إعالن نتائجها،و يختص مجلس الشعب نفسه
بفحص الطعون ضد الق اررات اإلدارية الصادرة في اطارها .
و يجد اعطاء الناخب حق الطعن باإللغاء في الق اررات السابقة للعملية االنتخابية،مبررة
في أن له مصلحة خاصة جماعية تخلق له مصلحة في الطعن في اإلجراءات السابقة للعملية
2
اإلنتخابية ،و التي تمسه باعتباره أحد أفراد جماعة محددة.
1
:عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع سابق ،ص .333
2
:عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق،ص .638،639
45
.4الساكن
اعترف مجلس الدولة الفرنسي بجواز رفع دعوى اإللغاء من القاطنين في بلدة أو منطقة
معينة ضد الق اررات اإلدارية التي تمس مصالحهم في هذه البلدة أو المنطقة .
و من هذه األحكام الحكم القديم الشهير الخاص بشركة"ترام بوردو"،إذ اعترف المجلس
بوجود مصلحة لسكان أحد أحياء مدينة بوردو في الطعن في قرار المحافظ برفض طلبهم
1
الخاص بإعادة خط الترام الذي كان يسير في هذا الحي.
و يسير قضاء مجلس الدولة المصري على أساس قبول الطعن باإللغاء ما دامت صفة
2
الساكن قد توافرت في رافع الدعوى.
و نرى أ ن مصلحة الساكن باعتبارها مصلحة خاصة جماعية،تتيح له أن يطعن في
الق اررات التي تنعكس آثارها عليه و يتحقق ذلك بتواجده داخل اقليم محدد(مدينة أو قرية)،و
بشرط أال تتعارض مصلحته هذه مع مصلحة يرى القضاء أنها األولى باالعتبار كمصلحة
3
المالك مثال.
.5الممول:
الممول هو دافع الضرائب للدولة سواء قام بدفعها للسلطة المركزية أو لما يتبعها من
4
هيئات ال مركزية.
و المقصود في هذه الحالة أن يتقدم أحد األفراد،لمجرد كونه من دافعي الضرائب،طالبا
الغاء قرار إداري معيب يترتب عليه انفاق أموال .و الظاهر ألول وهلة أن صفة الممول هذه ال
تكفي لتمييز المواطن عن غيره،و لهذا فقد جرى مجلس الدولة الفرنسي في أول األمر على ان
صفة الممول ال تكفي لقبول دعوى اإللغاء وبهذا المعنى حكم بعدم قبول الدعوى المرفوعة من
أحد الممولين ضد قرار صادر بمنح اعانة للمدارس الحرة.
ثم بدأ المجلس يعدل عن هذه الخطة جزئيا،بالنسبة للق اررات الصادرة من الهيئات
الالمركزية ،السيما بعد أن رسخت أصولها في فرنسا .فقد تبين للمجلس ،أن الممول
اإلقليمي،له مصلحة ظاهرة في الطعن في الق اررات الصادرة من الهيئات الالمركزية و التي
1
:نقال عن عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع سابق ،ص.332
2
:عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،نفس المرجع ،ص .332
3
أنظر :محمد عبد السالم مخلص ،مرجع سابق ،ص389
4
:عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص .621
46
يترتب عليها إنفاق األموال العامة ،ألن السلطات المركزية قد تغفل أو تتغافل عن هذه
المخالفات،فال يكون ثمة سبيل للرقابة إال عن طريق األفراد من الممولين،ألن الممول يعنيه أن
تنفق أمواله في مصرفها القانوني،و ألن كل ساكني المدينة أو اإلقليم ليسوا ممولين.
ولقد بدأ هذا التحول بحكم المجلس الصادر في 13مارس سنة 3903في القضية
المشهورة باسم( )Casanovaوالتي تتعلق بقبول الطعن المرفوع من أحد الممولين ضد قرار
1
صادر من المجلس البلدي ،و استقر قضاء المجلس على هذا المعنى.
ا ما في مصر رغم عدم تعرض قضاء مجلس الدولة المصري لمسألة توافر المصلحة
لدافع الضرائب ،في الطعن بإلغاء الق اررات المتعلقة بإنفاق حصيلة الضرائب بدعوى عدم
صوابها ،إال أن كثي ار من الفقه ينادي إلى قبول دعوى اإللغاء التي يقيمها الممول للطعن بإلغاء
الق اررات التي تصدرها السلطة الالمركزية بالتصرف في األموال التي تحصل عليها عن طريق
الضرائب،حيث ان هذا الموقف يتفق مع المنطق :ألن دافع الضرائب يسهم في الموارد المالية
إلى حد كبير ،بل إنه يعاقب إذا ما تهرب من سداد الضرائب باعتباره مرتكبا لجريمة مخلة
2
بالشرف .
.6المنتفع بخدمات المرافق العامة:
تخول هذه الصفة لصاحبها حق الطعن –لتوفر المصلحة -في الق اررات اإلدارية المتعلقة
بشروط تسيير المرفق العام ،فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي بقبول الطعن من المستفيدين من
عمليات النقل بالترام – لوجود المصلحة -ضد القرار الصادر برفع تعرفه النقل.
كما قبل الطعن من المستفيدين في الق اررات الصادرة ضد القرار اإلداري الضمني الصادرة
3
من اإلدارة برفض إجبار ملتزم المرفق العام على احترام شروط عقد االمتياز.
اعترفت محكمة القضاء اإلداري في باكورة أحكامها بوجود مصلحة للمنتفع بخدمات أحد
المرافق العامة في الطعن على الق اررات اإلدارية التي تحول دون هذا االنتفاع أو ان تنتقص
منه،حيث ذهبت في هذا الشأن إلى توافر مصلحة شخصية مباشرة لمواطن يقيم في إحدى المدن
في الطعن بإلغاء القرار اإلداري الصادر بنقل مركز الشرطة من مدينته تأسيسا على أن هذا القرار
رغم تعلقه بتنظيم مرفق األمن إال أنه يؤثر على مصلحة الطاعن في توفير الحماية له.
1
:سليمان محمد الطماوي ،مرجع سابق ،ص .263،261
2
أنظر :عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص .621
3
:إبراهيم عبد العزيز شيحا ،مرجع سابق ،ص .202
47
إال أ ن المحكمة ما لبثت أن قضائها السابق في حكم أحدث ذهبت فيه الى وضع القواعد
التنظيمية لسير المرافق العامة من اطالقات جهة اإلدارة دون معقب عليها في ذلك ما دام تقريرها
1
قد خال من اساءة استعمال السلطة.
ثانيا :مصالح الموظفين
يقصد بها تلك الدعاوى التي يتقدم بها رافعوها لحماية مصالحهم وحقوقهم الوظيفية بصفتهم
موظفين عموميين وليسوا أفرادا عاديين وتتنوع هذه الدعاوى تبعا لنوع القرار اإلداري المطعون فيه
والذي يمتد أثره إلى الموظف فقد يكون ضد ق اررات متعلقة بدخول الوظيفة العامة،وقد تتصل
بق اررات صادرة أثناء مدة العمل في الوظيفة العامة ،وأخي ار يجوز أن ترفع الدعوى ضد قرار متصل
بخروج الموظف من العمل الوظيفي وهذا ما سوف نفصله في اآلتي:
الق اررات الخاصة بالدخول في الوظيفة العامة .1
القاعدة العامة في هذا الصدد أن كل من استوفى شروط التعيين في إحدى الوظائف
العامة أن يطعن باإللغاء أمام المحاكم اإلدارية أو مجلس الدولة ألنه يعتبر في مركز خاص
بالنسبة للقرار المطعون فيه .
وتختلف طبيعة القرار المطعون فيه ونوعيته بحسب الطريق الذي سلكته اإلدارة في اتمام
هذا التعيين،اذ يتم شغل الوظائف العامة عن طريق المسابقة وهنا الذين تقدموا للمسابقة ولم تدر ج
أسماؤهم في قائمة المتسابقين ولم يسمح لهم بالدخول لالمتحان وبالرغم من استيفائهم شروط دخول
المسابقة لهم أن يطعنوا في القرار النهائي الصادر بالتعيين ،وكذا الشأن بالنسبة للذين دخلوا
االمتحان وأخفقوا فيه لهم أن يطالبوا بإلغاء قرار التعيين طاعنين في نزاهة االمتحان،وأيضا يحق
لمن دخل االمتحان ونجح فيه ولكن لم يعين أن يطعن باإللغاء في قرار التعيين إذا كان عدم
تعيينه راجعا إلى تخطي ترتيبه في كشف األقدمية.
كما قد يكون دخول الوظيفة العامة عن طريق الترشيح ،كما هو الشأن بالنسبة لوظائف
هيئة التدريس بالجامعة ،فإن باب الطعن في القرار اإلداري النهائي الصادر بالتعيين مفتوح لمن
2
استوفى شروط الترشيح ولم يرشح،وكذلك لمن رشح ولم يعين.
1
:عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص.623
2
أنظر :عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع سابق ،ص.336،336
48
وقد قررت محكمة القضاء اإلداري في مصر أنه" :يجب أن يكون رافع الدعوى في حالة
قانونية خاصة بالنسبة للقرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤث ار تأثي ار مباش ار في مصلحة
شخصية له ،ومن ثم ال يقبل طلب إلغاء القرار الصادر بالتعيين في وظيفة من الوظائف العامة
1
ممن ال تتوافر فيهم الشروط الالزمة للتعيين فيها ".
.1الق اررات الصادرة أثناء شغل للوظيفة
تتنوع الق اررات اإلدارية التي تصدر أثناء شغل الموظف للوظيفة العامة المؤثرة في
حقوقه الوظيفية المختلفة ،فقد تكون ق اررات خاصة بالترقية ،أو تتعلق بحقوقه المالية،أو
ق اررات تأديبية،و غير ذلك من الق اررات التي تتوافر للموظف مصلحة واضحة في الطعن
2
فيها باإللغاء أمام القضاء اإلداري إذا ما مست حقاً من حقوقه المقررة له قانوناً.
هذه الق اررات إما ان تكون متصلة بالتنظيم العضوي للمرفق و إما أن تكون خاصة
بسير العمل به ،و أخي ار قد تتعلق تلك الق اررات بالحقوق الوظيفية للموظف.
و سوف نرى مدى توافر مصلحة الموظف في الطعن باإللغاء على كل نوع من هذه
الق اررات.
أ .الق اررات الخاصة بالتنظيم العضوي للمرفق:
هذه الق اررات هي التي تحدد الهيكل الوظيفي داخل المرفق ،و إدارته المختلفة و
اختصاصات كل منها.
و األصل أنه ال يجوز الطعن بإلغاء قرار أصدرته اإلدارة بغرض تنظيم المرفق
عضوياً،حيث يشترط لقبول دعوى اإللغاء توافر المصحة،و ال مصلحة للموظف في الطعن
في هذه الق اررات إضافة إلى أن قوانين مجلس الدولة المتعاقبة لم تعطيه اختصاصاً بنظر
الطعن بإلغاء تلك الق اررات حيث قصرت اختصاصاته على النظر في مشروعية الق اررات
المتصلة بالوظيفة العامة كالتعيين و الترقية و التأديب ...الخ.
و الغرض من حظر الطعن على الق اررات اإلدارية المتعلقة بالتنظيم العضوي
للمرفق ،هو توفير قدر أكبر من الفاعلية للسلطة الرئاسية.
1
:محكمة القضاء اإلداري في حكمها الصادر بتاريخ 11من يونيو سنة ،3928في القضية رقم 326لسنة 3القضائية،نقال عن عبد الغني
بسيوني عبد اهلل ،نفس المرجع،ص .336
2
:عبد الغني بسيوني عبد اهلل،المرجع السابق،ص .336
49
و استثناءاً من األصل العام الذي ال يجوز معه الطعن بإلغاء الق اررات المتصلة
بالتنظيم العضوي للمرفق العام فقد أجاز مجلس الدولة الطعن على تلك الق اررات باإللغاء
بشرطين:
أولهما :أن يكون القرار صادر عن أحد مرافق الدولة التقليدية ،كالصحة أو التعليم
و ثانيهما :أن يكون من شأن القرار المساس بالحقوق الوظيفية للطاعن .و من ثم
فإذا كان القرار المتصل بالتنظيم العضوي للمرفق العام ينطوي على تأديب مقنع حق
1
للموظف الطعن فيه.
ب .الق اررات الخاصة بسير العمل بالمرفق:
تتمثل تلك الق اررات فيما يصدره الرئيس لمرؤوسيه من تعليمات و أوامر تهدف إلى
بيان كيفية سير العمل بالمرفق.
و الموظف غير ذي صفة في الطعن على هذا النوع من الق اررات ،حيث ال يتعلق
األمر بمصلحته بقدر تعلقه بمصالح المرفق و الصالح العام يسمو على المصالح الفردية.
إضافة إلى أنه في إعطاء الموظف حق الطعن باإللغاء في التعليمات الرئاسية
إضعاف للفاعلية الرئاسية التي تشكل عنص اًر هاماً من عناصر نجاح العمل اإلداري ،عالوة
على ما في ذلك من إخالل بواجب الطاعة المفروضة على المرؤوس تجاه أوامر الرئيس و
الذي يتعارض معه طعن الموظف على تلك األوامر باإللغاء بما يحمله ذلك من اعتراض
على األوامر.
ت .الق اررات المتعلقة بالحقوق الوظيفية للموظف:
ال شك أن للموظف العام مصلحة شخصية مباشرة في الطعن بإلغاء ما تصدره
اإلدارة من ق اررات يرى فيها مساساً به ،سواء تعلق األمر بالمزايا الوظيفية،كق اررات الترقية،أو
كان متصالً بمحاسبته كالق اررات التأديبية.
و سوف نكتفي ببيان مدى توافر قيام المصلحة في الطعن بإلغاء الق اررات اإلدارية
الخاصة بالترقية ،و كذلك مدى توافرها في الطعن بإلغاء الق اررات التأديبية،نظ اًر ألهمية
هذين النوعين من الق اررات بالنسبة للموظف العام من الناحية العملية.
1
أنظر :عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص .623،622
50
المصلحة في الطعن في قرار الترقية :يحدث قرار الترقية تغيي اًر في المركز القانوني للموظف،حيث
يرتب له مزايا مالية تتمثل فيما يحصل عليه من عالوات ،و مزايا أدبية تتمثل في تقدمه و تميزه
على أقرانه بارتقائه في درجات السلم الوظيفي.
و للموظف مصلحة مؤكدة في الطعن بإلغاء قرار اإلدارة بتخطيه في الترقية و ذلك اذا
1
ما تمت ترقية آخر ال يضاهيه في الكفاءة.
المصلحة في طلب إلغاء الق اررات التأديبية :للموظف العام دوما مصلحة شخصية و مباشرة حالة
و قائمة في طلب إلغاء ما يصدر في شأنه من ق اررات تأديبية يرى عدم مشروعيتها حيث يعينه في
إزالة ما وقع عليه من ضرر مادي ناجم عما يقتطع من راتبه كأثر لما وقع عليه من جزاء أو أدبي
يتمثل فيما أصاب سمعته الوظيفية أو الشخصية من إساءة كأثر لتوقيع الجزاء عليه.
و الجزاء التأديبي قد يكون صريحاً ،و هنا يطعن الموظف عليه إذا ما حاد عن
المشروعية ،كما لو افتقد للضوابط الواجب توافرها في الشكل الذي يحدده القانون،مستنداً في
إصداره إلى سبب يبرره محترماً ألحكام القانون.
و قد يكون الجزاء التأديبي مقنعاً كما لو اتخذ صورة إجراء من إجراءات التنظيم
الداخلي لإلدارة كالنقل أو الندب أو الفصل إللغاء الوظيفة في حين أن قصد اإلدارة من وراء
ذلك مجازاة الموظف و مثل هذا الجزاء باطل على الدوام.
وتأكيدا لذلك فقد اعترفت المحكمة اإلدارية العليا بوجود مصلحة لموظف في الطعن
بإلغاء قرار نقله رغم أن ق اررات النقل بصفة عامة من أعمال التنظيم الداخلي لإلدارة التي ال
يجوز الطعن بإلغائها ،و ذلك حينما استشفت أن اإلدارة اتخذت من النقل وسيلة لعقاب
الموظف،حيث أنه تم إلى تزخر بالعمالة الزائدة،و ليس بها درجات خالية ،و أن قرار النقل
واكبه ادعاء الجهة المنقول منها الموظف بتعديه بالضرب على أحد زمالئه بالعمل،حيث
استنتجت من جماع تلك المالبسات ،أن النقل تم اتخاذه بهدف توقيع عقوبة مقنعة على
الموظف المنقول،و من ثم انتهت المحكمة الى وجود مصلحة للطاعن في طلب الغاء قرار
2
النقل.
1
أنظر:عبد العزيز عبد المنعم خليفة،مرجع سابق،ص .626
2
:المحكمة اإلدارية العليا،طعن رقم 606لسنة 21ق،جلسة 3992/02/11نقال عن عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،نفس المرجع ،ص
629و مايليها.
51
الفرع الثاني :مصالح الهيئات
يقصد بالهيئات الجماعات التي تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة وتتكون بهدف
الدفاع عن مصالح أعضائها وللجماعة مصلحة محققة في طلب إلغاء الق اررات المعينة ولو
اقتصر أثرها على فرد بذاته ،ألن بقاء ذالك القرار يمثل خط ار حقيقيا على جميع أفراد
ا لجماعة،فقد يصبح عرفا إداريا إذا لم يلغ،وقد تكون هذه الجماعات مؤسسات عامة أو
جمعيات أو نقابات مهنية وهذا ما سنوضحه من خالل ما يلي:
أوال :مصلحة المؤسسات والهيئات العامة
نتيجة العتراف القانون للهيئات العامة بالشخصية المعنوية المستقلة عن السلطة
المركزية فإن هذا يستدع االعتراف لها بالمصلحة والصفة في الدفاع عن حقها في ممارسة
االختصاصات المخولة لها كلما وقع عليها اعتداء فكل اعتداء من السلطة المركزية على
اختصاص أوكله القانون لهيئة عامة يعطيها الحق في اللجوء لمجلس الدولة.
من أجل إلغاء الق اررات الصادرة من السلطة المركزية،وللهيئات المحلية أيضا مصلحة
في ذلك والتي قد تنطوي ق اررات هذه السلطة على تعسفها في استعمال حقها في التصديق على
ق اررات الهيئات المحلية ،كما أن للهيئة العامة مصلحة في المطالبة بإلغاء قرار صادر عن
هيئة عامة أخرى أو عن قطاع آخر من قطاعات السلطة التنفيذية يشكل اعتداء على
1
اختصاصها.
ثانيا :المصلحة في دعاوى الجمعيات و النقابات
يفرق مجلس الدولة الفرنسي في نطاق الطعون المقدمة باإللغاء من الهيئات كالنقابات
و الجمعيات بين حالتين :حالة وجود مصلحة جماعية للنقابة أو الجمعية ،و حالة إحداث
القرار ضر اًر بمصلحة شخصية خاصة ألحد األعضاء المنتمين لهذه الهيئة .
ففي الحالة األولى يقبل مجلس الدولة الفرنسي دعوى اإللغاء المرفوعة ضد القرار
اإلداري،ما دام أن هذا القرار قد أضر بالمصلحة العامة للهيئة الطاعنة أو مس أهداف الهيئة
أو الجماعة التي أنشئت من أجل تحقيقها سواء كانت أهداف اقتصادية أو اجتماعية أو
2
أخالقية أو اعتدى على المصالح المشتركة لألعضاء في مجموعهم .
1
أنظر :عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص .663
:عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،مرجع سابق ،ص .313 2
52
و يشترط لقبول الدعوى أن تكون مصلحة الهيئة ذات الشخصية المعنوية مباشرة في
الغاء القرار اإلداري المطعون فيه ،سواء كانت هذه المصلحة محققة و حالة أو محتملة .
أما اذا لم توجد مصلحة جماعية بالمعنى السابق ،و اقتصر أثر القرار على اإلضرار
بمصلحة شخصية خاصة بأحد أعضاء الهيئة أو عدد محدود من األعضاء ،فالقاعدة العامة
في هذه الحالة أن رفع الدعوى يقع على عاتق العضو أو األعضاء الذين أضر القرار
بمصالحهم الشخصية.
و ذلك ألن الهيئة غير مؤهلة هنا لكي ترفع دعوى من جانبها ضد القرار الفردي الذي
يهم عددًا محدوداً من األعضاء دون أن يكون له أثر على المصلحة العامة للجماعة ،إال أنه
يجوز أن تقوم الهيئة برفع الدعوى لإللغاء بصفتها وكيلة عن العضو أو األعضاء المعنيين
بالقرار بناء على توكيل صريح منهم.
و في حالة قيام العضو صاحب الشأن برفع الدعوى بصفته الشخصية ،فللهيئة أن
تتدخل في الدعوى،مع عدم إضافة طلبات جديدة خالف ما قدمه رافع الدعوى عند رفعها.
وبالنسبة للهيئة المركبة ،و هي التي يكون أعضاؤها من الهيئات ،كاالتحادات العامة
للنقابات التي تضم عددًا من النقابات،فإن مجلس الدولة الفرنسي اعتبر مركز الهيئات الداخلة
في الهيئة المركبة كمركز العضو الفرد المنتمي لهيئة أو نقابة إذ قرر أن الهيئة المركبة يحق
لها أن ترفع دعوى باإللغاء فقط عند توافر المصلحة المشتركة ألعضائها ،أما إذا وجدت
مصلحة خاصة بهيئة عضو في الهيئة المركبة ،فال يجوز للهيئة المركبة أن ترفع الدعوى،و
1
إن كان لها أن تتدخل في دعوى هذه الهيئة العضو عند رفعها.
للجمعيات والنقابات مصلحة في الطعن بإلغاء القرارت اإلدارية التي تشكل مساسا
بالمصالح التي تمثلها وتتولى الدفاع عنها ،ويكون ذلك إذا كان من شأن القرار التأثير على
2
الجماعة باعتبارها شخصا معنويا مستقال.
وهي المصلحة الجماعية ،كما قد تكون هناك مصلحة عضو أو أعضاء بذواتهم من
بين أعضاء الجمعية أو النقابة واذا كانت المصلحتان تتفقان في معظم الحاالت ،فإن هناك
أحواال أخرى تتميز فيها مصلحة عضو أو أعضاء بذواتهم من بين أعضاء الجمعية أو النقابة
1
:عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،نفس ،مرجع سابق ،ص .313،311
2
:عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق،ص . 666
53
و اذا كانت المصلحتان تتفقان في معظم الحاالت،فإن هناك احواال تتميز فيها مصلحة عضو
أو أعضاء بذواتهم عن مصلحة الجماعة كشخص معنوي وقد حاول مجلس الدولة الفرنسي أن
يوفق بين تلك االعتبارات بحيث فرق بين حالتين :حالة وجود مصلحة جماعية للنقابة أو
الجمعية بحيث يقبل المجلس دعوى اإللغاء المرفوعة ضد القرار اإلداري ،مادام أن هذا القرار
قد أضر بالمصلحة العامة للهيئة الطاعنة أو مس أهداف الهيئة أو الجماعة التي أنشئت من
أجل تحقيقها سواء كانت أهداف اقتصادية أو اجتماعية أو اخالقية ،أو اعتدى على المصالح
المشتركة لألعضاء في مجموعهم .ويشترط لقبول الدعوى أن تكون مصلحة الهيئة ذات
الشخصية المعنوية مباشرة في إلغاء القرار اإلداري المطعون فيه ،سواء كانت المصلحة محققة
1
وحالة أو محتملة.
1
:من احكام مجلس الدولة الفرنسي التي قبل فيها الطعن لتوافر المصلحة الجماعية نذكر:
CE, 05 février 1947, Syndicat des marchans en gros de pomme de terre, cité par DOMINIQUE TURPIN, op,
cit, p: 107.
54
المطلب الثاني :آثار انتفاء المصلحة في دعوى اإللغاء و زوالها
يجب أن تتوافر المصلحة في الطاعن وقت رفع دعوى اإللغاء ،فإذا لم تتحقق المصلحة
في هذا الوقت وجب على القضاء عدم قبول الدعوى ابتداء و يثار التساؤل التالي :هل يجب أن
تستمر المصلحة في دعوى اإللغاء منذ لحظة رفع الدعوى لحين الفصل فيها ام يكفي توافرها
لحظة رفع الدعوى فقط واذا زالت هذه المصلحة اثناء النظر بالدعوى هل يؤثر هذا الزوال في سير
الدعوى لإلجابة على هذه التساؤالت نتطرق الى هذا من خالل الوقت الالزم توفر شرط المصلحة
فيه من خالل الفرع األول الفرع األول ،إضافة إلى طبيعة الدفع بعدم توفر المصلحة في دعوى
اإللغاء الذي سنتطرق له من خالل الفرع الثاني.
الفرع الول :الوقت الالزم توفر شرط المصلحة فيه
إن المصلحة يجب ان تكون متوفرة عند اقامة دعوى اإللغاء ،فإذا لم تتوفر المصلحة في
شخص رافع الدعوى عند رفعها كان على القضاء أن يقضي بعدم قبول الدعوى أي بردها.
على أنه يثار التساؤل عما إذا كان من الواجب أن تستمر هذه المصلحة اثناء النظر في
1
الدعوى و حتى يتم الفصل فيها؟
يشترط لقبول دعوى اإللغاء شكال ان يكون لرافعها مصلحة في الغاء القرار المطلوب إلغاؤه
حين إقامة الدعوى .و في هذا الخصوص تقول محكمة العدل العليا األردنية"اذا لم يشترك
المستدعي في المناقصة التي انتجت القرار المشكو منه الصادر من المجلس البلدي بإحالة العطاء
على شخص آخر،فإن طعن المستدعي في هذا القرار غير مقبول لعدم وجود مصلحة له في
2
ذلك".
فالقاعدة العامة التي ال خالف عليها في الفقه و القضاء ان المصلحة شرط لقبول دعوى
اإللغاء أي يجب ان تتوافر لطالب اإللغاء عند رفع دعواه و لكن الخالف ثار بين الفقه و القضاء
3
حول استم اررية شرط المصلحة أو زوالها أثناء نظرها.
يتضح من صياغة المادة 31من قانون مجلس الدولة الحالي و نصها«:ال تقبل الطلبات
...المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية»...أنه يشترط أن تتوافر المصلحة لدى
1
:ابراهيم عبد العزيز شيحا ،مرجع سابق،ص.392،392
2
:نقال عن أحمد محمد فارس الوايسة ،مرجع سابق(،قرار رقم ،68/83مجلة نقابة المحامين،العدد،6سنة ،)3982ص.318 ،316
3
:أحمد محمد فارس النوايسة ،نفس المرجع ،ص .318
55
رافع الدعوى قبل االلتجاء الى القضاء ،أو بمعنى آخر فإن المصلحة هي مناط قبول الدعوى ،و
من ثم ال بد من توافرها عند إقامة الدعوى،فال تقبل الدعوى من غير ذي مصلحة .و لكن هل
يشترط استمرار قيام هذه المصلحة إلى وقت الحكم في الدعوى ،فتكون المصلحة شرطاً الستمرار
1
النظر فيها ،أم انها شرط لقبول الدعوى فحسب
اوال :مجلس الدولة الفرنسي
يؤيده في ذلك الفقه الفرنسي في مجموعه الى االكتفاء بتوافر المصلحة عند رفع الدعوى
فقط،اما ما يط أر عليها بعد ذلك من أحداث قد تؤدي إلى زوالها قبل صدور الحكم،فال يكون له
تأثير على الدعوى من الناحية الشكلية،فال يجوز للقاضي الحكم بعدم قبول الدعوى بعد أن سبق
له بحث شروط قبولها ،و عليه أن يتصدى للموضوع و يفصل فيه.
ويرى الفقه الفرنسي ان اشتراط توافر المصلحة الشخصية وقت رفع الدعوى هو مجرد
ضمان يكفل جدية الدعوى باعتبارها دعوى تمثل وسيلة عامة تستخدم للدفاع عن المشروعية و
بالتالي لحماية المصلحة العامة و ذلك الى جانب انها وسيلة خاصة للدفاع عن الحقوق والمصالح
الفردية ،و عليه ال يجوز القياس بين دعوى اإللغاء و الدعاوى العادية التي ال تستهدف سوى
حماية الحقوق الخاصة .و هكذا فإذا انتفت و زالت مصلحة رافع الدعوى بعد قيامها ألي سبب
كان،فإن المصلحة العامة تبقى قائمة دون شك،و يجب ان تستمر الدعوى على اساسها،ذلك انه
بمجرد رفع الدعوى يتعلق حق المجتمع بها من زاوية المصلحة التي تقوم عليها من خالل إلغاء
القرار غير المشروع ،و حتى ال يستمر هذا القرار قائما متمتعا بحماية تنطوي على انتهاك
للمصلحة العامة.
من ناحية اخرى فإن الطبيعة الموضوعية لدعوى اإللغاء،و الحجية المطلقة في مواجهة
الكافة لألحكام الصادرة فيها ،باإلضافة إلى قصر الميعاد المحدد لرفعها ،قد يصرف بعض ممن
لهم مصالح خاصة أو شخصية عن التدخل في الدعوى و االنضمام لرافعها لشد ازره وتقوية
2
الدفاع عن المشروعية ،اكتفاء بمجهود المدعي واعتماداً عليه.
و بناء على ذلك فإن القول بعدم متابعة السير في الدعوى نتيجة زوال مصلحة رافع
الدعوى بعد رفعها يؤدي إلى اإلضرار بالمصلحة العامة واهدارها ،وربما يؤدي كذلك الى االضرار
1
:سامي جمال الدين ،مرجع سابق ،ص .160
2
:سامي جمال الدين ،نفس المرجع ،ص . 163 ،160
56
بالمصلحة العامة و اهدارها ،وربما يؤدي كذلك الى اإلضرار بالمصالح الشخصية لغير من رفع
الدعوى ممن اكتفوا بمبادرة المدعى ،و تبعاً لذلك ال تكون هناك فرصة امام القضاء إلبداء الرأي
القانوني الصحيح حول مشروعية القرار محل الطعن،و لكي ينير السبيل امام اإلدارة نحو االلتزام
بالقانون و انصاف المصلحة العامة من خطأ اإلدارة،و لهذا ال يصح الربط بين زوال مصلحة رافع
الدعوى بعد رفعها ،ووقف السير فيها و الحكم بعدم قبولها،ألن المصلحة العامة تستمر قائمة ،و
هي بذاتها تبرر السير في الدعوى ليفصل القضاء في موضوعها على النحو الذي يحمي دوماً
المشروعية ،ما لم يكن سبب زوال المصلحة الشخصية لرافع الدعوى أن اإلدارة قد صححت قرارها
المعيب والتزمت قواعد المشروعية مما يعني تحقق المصلحة العامة بدورها من جراء هذا
التصحيح.
1
:سامي جمال الدين ،مرجع سابق ،ص . 161،163
57
و لذلك قضت المحكمة بأن«العبرة في قبول الدعوى بتوافر المصلحة يوم رفعها ،أما زوال
هذه المصلحة اثناء نظر الدعوى و عدم زوالها فإنه يكون من األمور الموضوعية التي تنظر فيها
المحكمة دون أن يؤدي ذلك الى عدم قبول الدعوى».
«فإذا كانت اإلدارة قد قامت بتصحيح الوضع القانوني ،و إزالة وجه عدم المشروعية
بسحب القرار المطعون فيه،فإن دعوى اإللغاء تصبح غير ذات موضوع،مما ال معدى معه من
اعتبار الخصومة منتهية ،إذ هي ال تقوم على اختصام القرار في ذاته من ناحيته العينية ،وقد
تجردت بعد السحب من اي حق شخصي للمدعي ».
و يبدو أ ن المحكمة اإلدارية العليا قد رأت بعد نشأتها أنه يتعين عليها ترجيح أحد هذه
االتجاهات و انهاء هذا التضارب،فذهبت مذهبا مخالفا لما استقر عليه القضاء اإلداري
الفرنسي،حيث قضت بأنه « من األمور المسلمة أن شرط المصلحة الواجب تحققه لقبول الدعوى
يتعين ان يتوفر من وقت رفع الدعوى ،و أن يستمر قيامه حتى يفصل فيها نهائيا ،و ال يؤثر في
هذا الدفع التأخر في ابدائه إلى ما بعد مواجهة الموضوع ألنه من الدفوع التي ال تسقط بالتكلم في
الموضوع و يجوز ابداؤها في اية حالة كانت عليها الدعوى ،و لما كانت دعوى اإللغاء هي دعوى
تستهدف إعادة األوضاع الى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطلوب الغاؤه ،فإنه اذا ما حال
دون ذلك مانع قانوني فال يكون هناك وجه لالستمرار في الدعوى و يتعين الحكم بعدم قبولها
النتفاء المصلحة فيها »« ،و على القاضي ان يتحقق من توافر شرط المصلحة و صفة الخصوم
...و مدى جدوى االستمرار في الخصومة في ضوء تغيير المراكز القانونية ألطرافها ،حتى ال
1
يشغل القضاء اإلداري بخصومات ال جدوى من ورائها».
ويؤيد جانب من الفقه هذا المنهج استنادا إلى بعض االعتبارات العملية بحجة تخفيف
العبء عن كاهل ال مجلس وتجنب االصطدام باإلدارة التي ال تنظر إلى رقابة اإللغاء بارتياح بل
تحس نحوها بفتور،و على أساس ان دعوى اإللغاء تفترق عن دعوى الحسبة التي تستهدف اساسا
حماية مبدأ المشروعية بصفة مجردة دون أن ترتبط بها مصلحة الطاعن ،و اذا قيل بأن انتفاء
مصلحة الطاعن بعد رفعها يؤدي إلى رفضها،و بالتالي إلى اإلضرار بالكثيرين الذين يستفيدون من
اإللغاء لسبب او آلخر ،فالرد على ذلك بأن هؤالء كان امامهم الطريق مفتوحاً للطعن باإللغاء،فإذا
اهملوا الرخصة التي خولت لهم،فليس لهم إال أن يلوموا انفسهم.
1
:نقال عن سامي جمال الدين ،مرجع سابق ،ص .163 ،161
58
و قد هاجم جانب كبير من الفقه هذا االتجاه ورأى«ان األخذ بمبدأ استمرار المصلحة
حتى الحكم في الدعوى ال يتفق مع الطبيعة الخاصة لدعوى اإللغاء وال يتسق مع األهداف التي
تحققها ،و اذا كان تخلف المصلحة لدى الطاعن يمكن أن يؤثر في الحكم في الموضوع إال انه ال
يصح ان يكون له اي اثر في قبول الدعوى .و القول بغير ذلك سوف ينتج عنه ان تفلت ن رقابة
المجلس ق اررات باطلة فتغدو رقابة المجلس لغوا ال فائدة منه » .وانه «طالما انعقد االختصاص
للمجلس و قبلت الدعوى امامه تحتم عليه البت في موضوعها و إنزال حكم القانون على القرار
المطعون فيه لتتبين اإلدارة حقيقة تصرفها ...و بهذا يكون المجلس أمينا على الشرعية و حامياً
لها ...وال يكون زمام األمر بيد المدعي و إنما بيد المجلس،اذ قد يسوي النزاع بين المدعي و
اإلدارة على حساب الشرعية،فال يجوز ان تنتهي دون تصحيح األوضاع بدرء االعتداء عن
الشرعية »...
يبد أن هذا االتجاه لم يأخذ به القضاء اإلداري في مصر «حيث استقر قضاء مجلس
الدولة على أن المنازعة اإلدارية هي خصومة قضائية مناطها قيام النزاع الذي هو
جوهرها،واستم ارره بين طرفيها،فإن هي رفعت ابتداء مفتقرة الى هذا الركن كانت من األصل غير
مقبولة ،و ان هي رفعت متوافرة عليه ثم افتقدته أثناء النزاع أصبحت غير ذات موضوع ووجب
القضاء باعتبار الخصومة منتهية...و من حيث ان الثابت ان الجهة اإلدارية قد ...استجابت
لطلب المدعية،فإن الخصومة في الدعوى تصبح غير ذات موضوع و يتعين الحكم باعتبارها
1
منتهية»
وهكذا يم كن القول بأن القضاء اإلداري المصري قد التجأ إلى مخرج جديد يؤيد ما استقر
عليه،و هو أن من شأن التسليم بطلبات الخصوم أو سحب الق اررات المطعون عليها أن يؤدي إلى
انتفاء "المنازعة" أو باألدق عدم استمرارها،مما يوجب على القضاء اعتبار الخصومة منتهية،و هي
ذات النتيجة التي ترتب على زوال المصلحة لدى رافع الدعوى .
و في هذا يرى عبد العزيز عبد المنعم خليفة «على نحو ما سبق يتضح أن االتجاه
المعارض الشتراط توافر المصلحة كشرط لقبول دعوى اإللغاء من بدأ إقامتها و حتى الفصل فيها
يستند إلى اعتبارات قانونية تفرضها الطبيعة العينية لدعوى اإللغاء،حيث تختصم ق ار اًر إدارياً و
تنصرف آثار الحكم فيها للكافة،و من شأن األخذ بهذا الرأي قطع الخيط الرفيع الذي يفصل بين
1
:سامي جمال الدين ،مرجع سابق 113 ،ومايليها.
59
دعوى اإللغاء و دعوى الحسبة،حيث أن تأييد أسانيد هذا االتجاه يؤدي إلى نتيجة خطيرة مفادها
انه مادامت دعوى اإللغاء تختصم ق ار اًر إدارياً عاماً وتنصرف آثار الحكم فيها للكافة فال حاجة إذن
الستمرار مصلحة الطاعن بعد إقامته لدعواه كشرط الستمرار نظرها و مسايرة هذا المنطق تعطى
للكافة حق إقامة دعوى اإللغاء باعتبارها دعوى مشروعية تنصرف آثار الحكم فيها إليهم،إضافة
إلى أن من شأن األخذ بهذا الرأي ،جعل شرط المصلحة كأحد شروط دعوى اإللغاء شرطاً
مبتس اًر،و إن كنا نؤيد موقف مجلس الدولة في اشتراطه لتوافر مصلحة الطاعن في إقامة دعواه
منذ إقامته لها وحتى الفصل فيها،إال إننا ال نشايع الرأي الذي يستند في تأييده لهذا الموقف
العتبارات عملية تتمثل في تقليل فرص الصدام بين القضاء و اإلدارة،حيث أن إعالء مبدأ
المشروعية هدف سامي تسعى إلى تحقيقه اإلدارة والقضاء على حد سواء دون تصارع أو
احتماالت تصادم،فليس هناك مجال للصراع بين القضاء و اإلدارة،وال يجب أن يشاع ذلك حيث
ينزه عنه القضاء و اإلدارة،فلكل عمل يؤديه تحكمه في أدائه أسس قانونية،فالقاضي يصدر إحكامه
مستنداً إلى قواعد قانونية،فالقاضي يصدر أحكامه مستنداً إلى قواعد القانون متجرداً من كل غاية
تخالف إعمال سيادة القانون،و بوسع اإلدارة الطعن على تلك األحكام وفقاً ألحكام القانون،فإذا شذ
أحد رجال اإلدارة عن ذلك بامتناعه عن تنفيذ أحكام القضاء التي ال تروقه أو تحايله لتعطيل
إعمال مقتضاها فإنه يتحمل تبعة خطأه وال يجوز وصف هذا السلوك الال إداري بأنه صراع بين
1
اإلدارة و القضاء.
الفرع الثاني :طبيعة الدفع بانعدام المصلحة في الدعوى
تنقسم الدفوع إلى دفوع شكلية و دفوع موضوعية و دفوع بعدم القبول ،و ينتمي الدفع
بانعدام المصلحة إلى الطائفة الثالثة من هذه الدفوع فهو دفع بعد قبول الدعوى ،يرمي إلى تأكيد
عدم توافر الشروط الالزمة لنظر الدعوى ،و يمكن إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى ،حيث
ال يسقطه التكلم في موضوعها .
أوال :تعريف الدفع بعدم القبول
يذهب جانب كبير من الفقه إلى تعريف الدعوى عن طريق دورها اإلجرائي بمقولة أنها
السلطة في الحصول من المحكمة على قرار في موضوع اإلدعاء المعروض أمامها.
1
:عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص .632 ،632
60
أيضا فان الدفع باعتباره الوسيلة التي تهدف إلى إنكار هذا الحق يعرف وفقا لدوره
اإلجرائي هذا،و بهذه المثابة فإن الدفع بعدم القبول هو الوسيلة اإلجرائية التي تهدف إلى إنكار هذا
الحق أو تلك السلطة .
ثانيا :تقسيم الدفوع بعدم القبول
وفقا للتقسيم التقليدي تقسم الدفوع بعدم القبول إلى دفوع متعلقة باإلجراءات و أخرى
متعلقة بالموضوع.
فالدفوع بعدم القبول المتعلقة باإلجراءات هي األقرب إلى سير اإلجراءات ،و الدفوع بعدم
القبول المتعلقة بالموضوع هي تلك التي تكون أقرب إلى الموضوع .
إن هذه التفرقة القت نقدا الذعا من جانب الفقه«،ألن هذه التفرقة فضال عن أنها ليست
عملية،فإنه ال يتسنى إيجاد معيار حقيقي لها ،على سبيل المثال فإن انتفاء الصفة وفقا للقواعد
الرئيسية دفع بعدم القبول متعلق بالموضوع ،و على الرغم من التفرقة بين الصفة و المصلحة تفرقة
دقيقة فإن بعض الفقهاء يعتبرون أن انتفاء المصلحة من الدفوع بعدم القبول المتعلقة باإلجراءات و
على ذلك فانه من غير المفيد تقسيم الدفع بعدم القبول إلى وسائل متعلقة باإلجراءات ،و أخرى
1
متعلقة بالموضوع الن الدفع بعدم القبول يتميز بشكله اإلجرائي و ليس بعناصره في الموضوع.
ويرى سليمان محمد الطماوي الدفع بانعدام المصلحة هو دفع موضوعي ومعنى ذلك انه
ليس من الدفوع الشكلية التي تسقط بالتكلم في الموضوع،بل يجوز إبداؤه في أي حالة تكون عليها
2
الدعوى .و هذا ما أقره مجلس الدولة المصري الصادر في 11مارس .3992
بقوله « :كذلك ال يؤثر في هذا الدفع التأخر في إبدائه إلى ما بعد مواجهة موضوع
الدعوى،ألنه من الدفوع التي ال تسقط بالتكلم في الموضوع،و يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها
الدعوى».
و هذه الفكرة تنسجم مع قضاء مجلس الدولة الذي بمقتضاه تنتهي الخصومة إذا مازالت
المصلحة في أي وقت قبل الحكم في الدعوى،ألن ذلك ال يمكن تحقيقه إال إذا أمكن إثارة الدفع
بانعدام المصلحة في كل وقت،لمواجهة احتمال زوال مصلحة رافع الدعوى بعد رفعها و قبل الحكم
فيها .و القاعدة أن الدفع بانعدام المصلحة مستقل عن موضوع الدعوى و يفصل فيه استقالال عن
1
:محمد عبد السالم مخلص ،مرجع سابق ،ص .326،326
2
:سليمان محمد الطماوي ،مرجع سابق ،ص .223
61
الموضوع ،إال أنه يحدث أحيانا أن يرتبط الفصل في الدفع بالفصل في الموضوع ارتباطاً وثيقاً
1
بحيث ال يمكن الفصل في احدهما دون اآلخر.
في حين يرى مصطفى أبو زيد فهمي ان الدفوع في قانون المرافعات ثالثة:دفوع
موضوعية و دفوع شكلية و دفوع بعد القبول .و الدفع بانعدام المصلحة ليس دفعا موضوعيا و
ليس دفعا شكليا و إنما هو دفع دفع بعدم القبول،وقد قضت المادة 332مرافعات بأن الدفع بعدم
قبول الدعوى يجوز ابداؤه في اية حالة تكون عليها الدعوى .
و عندما تقرر محكمة القضاء اإلداري في أحد أحكامها أنه «ال يؤثر في هذا الدفع التأخير
في ابدائه الى ما بعد مواجهة موضوع الدعوى ألنه من الدفوع التي ال تسقط بالتكلم في الموضوع،
و يجوز ابداؤه في اية حالة تكون عليها الدعوى .وعندما تقرر محكمة القضاء اإلداري في أحد
احكامها أنه« ال يؤثر في هذا الدفع التأخير في ابدائه الى ما بعد مواجهة موضوع الدعوى ألنه من
الدفوع التي ال تسقط بالتكلم في الموضوع ،و يجوز ابداؤه في اية حالة تكون عليها الدعوى فإنها
ال تفعل اكثر من تطبيق القواعد العامة في الموضوع .
و قد استقر قضاء المحكمة اإلدارية العليا على ذلك ايضاً:ان الدفع بعدم قبول الدعوى
النعدام المصلحة يجوز ابداؤه في اي حالة تكون عليها الدعوى ولو امام المحكمة اإلدارية العليا
ألول مرة ،والمحكمة ولو لم يدفع بذلك أمامها وهي تنزل حكم القانون على النزاع ،تملك بحكم
رقابتها القانونية للحكم المطعون فيه القضاء من تلقاء نفسها في هذه المرحلة بعدم قبول الدعوى
النتفاء مصلحة المدعي في طلب الغاء القرار اإلداري .
يذهب بعض الزمالء الى أن الدفع بانعدام المصلحة دفع موضوعي وهي وجهة نظر ال
نقرها،ففقه القانون اإلداري يعرف شرط المصلحة على انه من شروط قبول الدعوى .فالدفع بانعدام
المصلحة انما هو دفع بعدم القبول و ليس دفعا موضوعياً.و هذا الرأي تأكده عبارة المادة 31من
قانون مجلس الدولة التي تنص «:ال تقبل الطلبات المقدمة من اشخاص ليست لهم فيها مصلحة
شخصية» .فالمسألة اذن مسألة عدم قبول ،و يالحظ أن القواعد السابقة التي عرضناها ال
2
تتعارض مطلقاً مع الرأي الذي ذهبنا اليه من أن المصلحة يكتفي بتوافرها عند رفع الدعوى.
1
:نقال عن سليمان محمد الطماوي ،مرجع سابق،ص .222
2
:مصطفى ابو زيد فهمي ،قضاء اإللغاء(شروط القبول اوجه اإللغاء) ،دار الهدى للمطبوعات،اإلسكندرية ،ص .69، 68
62
هذا ما ذهب اليه عبد العزيز عبد المنعم خليفة :تنقسم الدفوع في قانون المرافعات إلى
دفوع شكلية و دفوع موضوعية و دفوع بعدم القبول ،و ينتمي الدفع بانعدام المصلحة إلى الطائفة
الثالثة من هذه الدفوع فهو دفع بعدم قبول الدعوى يرمي إلى تأكيد عدم توافر الشروط الالزمة
لنظر الدعوى،حيث ال يسقطه التكلم في موضوعها.
وقد تأكدت تلك النتيجة في حكم للمحكمة اإلدارية العليا ذهبت فيه إلى أنه ال يؤثر في
الدفع بعدم وجود مصلحة التأخير في ابدائه إلى الموضوع ،و يجوز ابداؤه في أية حالة كانت
عليها الدعوى.
ونظ اًر للطبيعة الخاصة لدعوى اإللغاء و لكونها تهدف إلى تحقيق المشروعية و سيادة
القانون و الحفاظ على النظام العام فإنه يجب على المحكمة التصدي لتوافر شروط المصلحة فيها
من تلقاء نفسها .و نتيجة لتلك الطبيعة الخاصة لدعوى اإللغاء فإنها ال تخضع لنظام الشطب
1
المعمول به في الدعاوى العادية إذا تخلف المدعي عن حضور الدعوى.
أما في القانون الجزائري فقد جاء في المادة 66من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية أن:
" الدفع بعدم القبول هو الدفع الذي يرمي إلى التصريح بعدم قبول طلب الخصم إلنعدام الحق في
التقاضي كإنعدام الصفة وانعدام المصلحة والتقادم وانقضاء األجل المسقط وحجية الشيء المقضي
2
فيه ،وذلك دون النظر في موضوع النزاع".
هذا يعني أن المشرع الجزائري قد اعتبر الدفع بانعدام المصلحة هو دفع بعدم القبول،
وهذا النوع من الدفوع ال يتعلق بإجراءات الدعوى أي الجانب الشكلي اإلجرائي منها وال إلى الحق
المدعى به أي الجانب الموضوعي وانما يتعلق بالمنازعة في الحق في عرضها أمام القاضي
للنظر فيها ،فيتم الدفع بعدم القبول في أية مرحلة من مراحل الدعوى بحيث يجوز تقديمه بعد
الدفوع الموضوعية كما ورد في المادة 68من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية .
كما اختلف الفقه والقضاء حول ما إذا كانت المصلحة من النظام العام أم ال ،فذهب رأي
إلى أنه ا متعلقة بالنظام العام ،وبما أن الدليل قد قام أمام المحكمة على أن المدعي ال مصلحة له
في رفع الدعوى تعين عليها أن تقضي بعدم قبولها من تلقاء نفسها دون الحاجة إلى إثارة دفعه
بذلك أمامها حتى ولو اتفق الطرفان على السير في الدعوى بحالتها .وذهب رأي آخر إلى أن
1
:عبد العزيز عبد النعم خليفة ،مرجع سابق،ص .636،636
2
:مادة 66من قانون رقم ،09-08مصدر سابق.
63
المصلحة ليست متعلقة بالنظام العام وبالتالي ال يجوز للمحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى
1
ال نتفاء المصلحة ما لم يدفع أحد الخصوم بذلك فال يجوز للمحكمة التعرض لها من تلقاء نفسها.
أما المشرع الجزائري فل م ينص صراحة على إعتبار المصلحة من النظام العام كما فعل
بخصوص شرط الصفة وذلك في الفقرة 1من المادة 33والتي تنص على أنه " :يثير القاضي
تلقائيا انعدام الصفة في المدعي أو في المدعى عليه" ،وانما نص ضمنا على عدم إعتبار الدفع
بعدم القبول المتعلق بانعدام المصلحة من النظام العام حينما نص في المادة 69من قانون
اإلجراءات المدنية واإلدارية على أنه" :يجب على القاضي أن يثير تلقائيا،الدفع بعدم القبول إذا
كان من النظام العام،السيما عند عدم إحترام آجال طرق الطعن أو عند غياب طرق الطعن" إال
أنه وبالرجوع إلى األحكام القضائية الصادرة فإنه يتبين لنا أن المصلحة من النظام العام.
وتطبيقا لذلك قضت المحكمة العليا الجزائرية " :من المقرر قانونا أنه يجوز لكل ذي
مصلحة أن يطعن في حكم لم يكن طرفا فيه بطريق اعتراض الغير الخارج عن الخصومة ومن
المقرر أيضا أنه ال يجوز ألحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائز الصفة وأهلية
التقاضي وله مصلحة في ذلك ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذين المبدأين يعد خرقا للقواعد
2
الجوهرية في اإلجراءات" .
1
:بن قطاية ليلى ،شروط رفع الدعوى القضائية،مذكرة ليسانس،كلية الحقوق والعلوم السياسية،قسم حقوق،تخصص قانون خاص ،جامعة
ورقلة،1033،ص .32
2
:المجلة القضائية،العدد ،3- 3990ملف رقم ،21039قرار بتاريخ ،3989-02-02نقال عن بن قطاية ليلى ،نفس المرجع ،ص . 36
64
خاتمة:
أبرزت د ارسـتنا لشـرط المصـلحة فـي دعـوى اإللغـاء طبيعـة المصـلحة التـي يعتـد بهـا
القضـاء لقبـول طعون اإللغاء ،من خالل بيان مفهوم المصلحة وخصائصها ،وكذلك مصالح العديد
من الفئات سواء أفـراد أو موظفين أو هيئات تحظى برعاية القضاء اإلداري .كمـا أبـرزت التفـاوت
بـين قضـاء مجلـس الدولـة الفرنسـي وقضـاء محكمـة العـدل العليـا ،فيمـا يتعلـق بمظلة الحماية
القضائية الواسعة التي يبسطها مجلـس الدولـة الفرنسـي علـى مصـالح المـوظفين العمـوميين،
وبالمقابــل يخــرج عــن اختصــاص محكم ـة العــدل العليــا نظــر العديــد مــن الطعــون المقدمــة مــن
أصــحاب المصلحة من الموظفين العموميين .
واتضـح لنـا التبـاين بـين موقـف مجلـس الدولـة الفرنسـي ،وموقـف محكمـة العـدل العليـا،
بالنسـبة لوقـت تقــدير المصــلحة ،حيــث تبــين أن مجلــس الدولــة الفرنســي يقــدر المصــلحة وقــت
تقــديم الطعــن ،و إذا زالت المصلحة بعد تقديم الطعن فإنه يستمر في نظره حتى الفصل فيـه،
وذلـك ضـماناً الحتـرام مبـدأ المشـروعية ،فيتم تطهير النظام القانوني من الق اررات غير المشروعة،
في حين اتجهت محكمة العدل العليا إلـى اشـتراط المصلحة عند رفع الدعوى ،وأن تستمر قائمة
لحين الفصل في الدعوى .
وخلصنا إلى أن مجلس الدولة الفرنسي يفرط في التساهل في شرط المصلحة ،مما وسع
مـن نطـاق المصالح التي تبرر قبول دعاوى األفراد والهيئات.
واألمر الذي ال جدال فيه هو أن المصلحة شرط لقبول دعوى اإللغاء والتعويض أو أي
دعوى أخرى من حيث المبدأ وهذا ما أكدته المادة 33من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية
أي أنه إذا كان حق إقامة الدعوى مكفول لألفراد إال أن ذلك منوط بشروط معينة بمعنى أنه إذا
لم يتوافر هذا الشرط فإن المحكمة ال تبحث في موضوع الدعوى وال تصدر فيه حكما بالرفض
وانما تحكم بعدم القبول .
ومن خالل هذه الدراسة التي قمنا بها توصلنا إلى مجموعة من النتائج أهمها:
مفهوم شرط المصلحة يختلف من دعوى إلى أخرى وذلك حسب طبيعة كل
دعوى فنجد أنه يتوسع في دعوى اإللغاء خالفا لدعوى التعويض.
65
مهما في دعويي اإللغاء والتعويض وذلك ألندور ً
شرط المصلحة يلعب ًا
هذين الدعويين وجدتا حماية لمبدأ المشروعية الذي جاء ليعتني بالمصلحة العامة أكثر
من المصلحة الخاصة.
رغم أن هناك عالقة بين شرط المصلحة والصفة إال أنها ال تصل إلى حد
الدمج بينهما ،فهما شرطين منفصلين عن بعضهما وهذا ما أكده المشرع الجزائري.
الدفع بانعدام المصلحة هو دفع بعدم القبول وذلك ألن شرط المصلحة
مستقل عن موضوع الدعوى والدفع بانعدامها ليس فاصال في موضوعها كما هو الدفع
الموضوعي ،ويضاف إلى ذلك أن الدفع بعدم القبول يستهدف رد الدعوى لعدم توافر
الشروط الالزمة لقبولها.
إن الفقه والقضاء قد توصال إلى معيار يمكن أن نطلق عليه معيار ارتباط
المصلحة بالحق الشخصي للتمييز بين طبيعة شرط المصلحة في دعوى اإللغاء من
جهة ،وطبيعة هذا الشرط في دعوى التعويض ،بحيث يجب أن يوجد مثل هذا االرتباط
كشرط لقبول النوع األخير من الدعاوى ،وبالمقابل عدم ضرورة وجوده في دعوى
اإللغاء .
ال يكفي توافر المصلحة في الدعوى لقبولها بل يجب أن تتميز هذه
المصلحة بخصائص معينة ،وهذا ينطبق على جميع الدعاوى.
من مظاهر التوسع والتساهل في اشتراط المصلحة في دعوى اإللغاء هو أن
تكون محتملة أو حتى معنوية.
ال تعتبر المصلحة المحتملة استثناءا من األصل في دعوى اإللغاء ،وانما
تتساوى مع المصلحة المحققة من حيث المرتبة ولذا تقبل دعوى اإللغاء في جميع
الحاالت التي تتوافر فيها المصلحة المحتملة ،وهذا خالفا لدعوى التعويض حيث ال
يعتد بالمصلحة المحتملة وانما تعتبر كاستثناء في حاالت معينة .
يجب أن تكون المصلحة في دعوى التعويض مشروعة وهذا من الطبيعي
نظ ار لطبيعة الدعوى شأنها شأن دعوى اإللغاء.
طبيعة دعوى اإللغاء تستوجب إتاحة الفرصة ألكبر عدد من األشخاص
للدفاع عن مبدئها ،ويكون ذلك من خالل التساهل في قبول دعاوى اإللغاء ولكن
66
ضمن ضوابط معينة منها المصلحة الشخصية المباشرة لرافع الدعوى،تجنبا لعبث
العابثين بإقامة دعاوى غير جدية تؤدي إلى إرباك اإلدارة وارهاق القضاء.
ويستتبع هذا التساهل االكتفاء بتوافر المصلحة المذكورة كشرط لقبول دعوى
اإللغاء عند رفعها وعدم تطلب استمرار وجودها أثناء النظر في تلك الدعوى ،كما أننا
نرى تناغما وتماشيا مع خصائص دعوى اإللغاء األساسية التي تتميز بها باعتبارها
وسيلة قضائية فعالة للدفاع عن مبدأ المشروعية.
االتجاه القائل بأن شرط المصلحة هو شرط للفصل في دعوى اإللغاء
يتجاهل الطبيعة الموضوعية لهذه الدعوى ،لذا يمكن القول أن هذا الرأي ينطبق على
دعوى التعويض نظ ار ألن هذه الدعوى غايتها حماية الحق والتعويض عن األضرار
فال يتصور أن تستمر الدعوى والمصلحة غير موجودة وقت الفصل فيها .
وفي األخير وبعد التوصل لهذه النتائج يمكننا أن نقدم بعض المقترحات التي نرجو
أن تؤخذ بعين االعتبار:
ضرورة أن يقوم المشرع بالتدخل بوضع قواعد وشروط خاصة تحكم
المصلحة في القضاء اإلداري لكي يكون نظاما متكامال قائما بذاته.
على المشرع أن يقوم بتحديد موقفه بالنسبة لوقت قيام المصلحة في كل نوع
من الدعاوى كل دعوى حسب أهميتها.
تسمية الدعاوى التي يجوز فيها قبول المصلحة المحتملة فال يمكن أن يعتد
بهذا النوع في جميع الدعاوى .
توضيح مدى ارتباط المصلحة بالنظام العام حينما تنعدم في المدعي أو
المدعى عليه ،كما تم بيانه في شرط الصفة.
أن يشير المشرع في النص إلى نوع الدفع الذي يثار في حالة انعدام
المصلحة.
67
قائمة المراجع :
اوال :باللغة العربية
)1المؤلفات:
-إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،والية القضاء ،منشأة المعارف باإلسكندرية،
.1003
-أحمد محمد فارس النوايسة ،مبدأ عدم رجعية الق اررات اإلدارية ،دراسة مقارنة(فرنسا ،مصر،
األردن) ،الطبعة األولى ،دار الجامد للنشر و التوزيع ،1031 ،ص . 313
-جورج فوديل ،بيار دفلوفيه ،ترجمة منصور القاضي ،الطبعة األولى ،الجزء الثاني ،مجد
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر و التوزيع ،بيروت.1008 ،
-رشيد خلوفي ،قانون المنازعات اإلدارية شروط قبول الدعوى اإلدارية ،الطبعة الثانية ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الساحة المركزية-بن عكنون-الجزائر. 1006 ،
-سامي جمال الدين ،الوسيط في دعوى إلغاء الق اررات اإلدارية ،الطبعة األولى ،منشأة
المعارف باإلسكندرية. 1002 ،
-سليمان محمد الطماوي ،القضاء اإلداري الكتاب األول قضاء اإللغاء ،الطبعة السابعة ،دار
الفكر العربي. 3996 ،
-عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،دعوى إلغاء القرار اإلداري في قضاء مجلس الدولة« ،
األسباب و الشروط» ،الطبعة األولى،منشأة معارف ،اإلسكندرية. 1002 ،
-عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،منشأة المعارف باإلسكندرية،
. 3996
-علي الشيخ ابراهيم ناصر المبارك ،المصلحة في دعوى اإللغاء ،المكتتب الجامعي
الحديث ،اإلسكندرية. 1001 ،
-عمار بوضياف ،دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ،دراسة تشريعية
وقضائية و فقهية ،الطبعة األولى ،جسور للنشر و التوزيع. 1009 ،
-عوابدي عمار ،النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري ،الطبعة
الثانية ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر. 1003 ،
68
-محمد رفعت عبد الوهاب ،القضاء اإلداري ،الكتاب الثاني قضاء اإللغاء(او اإلبطال) قضاء
التعويض و اصول اإلجراءات ،الطبعة األولى ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت،
.1002
-محمد عبد السالم مخلص ،نظرية المصلحة في دعوى اإللغاء ،دار الفكر العربي.3983 ،
-محيو أحمد ،المنازعات اإلدارية ،الطبعة الخامسة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الساحة
المركزية-بن عكنون-الجزائر.1003 ،
-مسعود شيهوب ،المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،الساحة المركزية-بن عكنون-الجزائر.3998 ،
-مصطفى أبو زيد فهمي ،قضاء اإللغاء(شروط القبول أوجه اإللغاء) ،دار الهدى
للمطبوعات ،اإلسكندرية.
)2المقاالت
-منصور ابراهيم العتوم (،أثر زوال المصلحة على التيسير في دعوى اإللغاء في
ضوء احتماالت القضاء اإلداري األردني و المقارن "دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة"
السنة السادسة و العشرون ،العدد التاسع و األربعون ،يناير .1031
)3الرسائل
-نداء محمد أمين أبو الهوى( ،مسؤولية اإلدارة بالتعويض عن الق اررات اإلدارية غير
المشروعة) ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجيستير في القانون العام ،كلية الحقوق،
جامعة الشرق األوسط.1030 ،
-بن قطاية ليلى ،شروط رفع الدعوى القضائية ،شروط رفع الدعوى القضائية ،مذكرة
ليسانس ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ،قسم حقوق ،تخصص قانون خاص،
جامعة ورقلة.1033 ،
-سمان صليحة( ،المصلحة كشرط لقبول دعويي اإللغاء ،و التعويض) ،مذكرة مقدمة
إلستكمال متطلبات شهادة ماستر ،قانون إداري ،كلية الحقوق و العلوم السياسية،
جامعة قلصدي مرباح ورقلة.1032/1033 ،
69
)4النصوص الدستورية و القانونية
أ) الدساتير:
-دستور 3996المعدل في ،1036 ،1008 ،1003صادر في
الجريدة الرسمية عدد 32السنة الثالثة و الخمسون ،مؤرخة في 06
مارس .1036
ب) القوانين:
-األمر رقم 66-322المؤرخ في 3يونيو ،3996المتضمن
اإلجراءات المدنية ،جريدة رسمية بتاريخ 3يونيو .3966
-القانون رقم ،09/08الصادر في 12فيفري ،1008المتضمن قانون
اإلجراءات المدنية و اإلدارية ،الجريدة الرسمية ،عدد 13بتاريخ 13
افريل .1008
ت) أدوات بحثية( :الملتقيات ،الندوات)
-رمضان محمد بطيخ ،شروط قبول دعوى اإللغاء ،ندوة "القضاء
اإلداري"(قضاء اإللغاء)،الرباط-المملكة المغربية32-33-
يوليو(تموز).1002 ،
70
فهرس المحتويات:
الصفحة الموضوع العنوان
آية قرآنية
اإلهداء
شكر و تقدير
مقدمة
2 المدلول العام للمصلحة في الفصل األول
دعوى اإللغاء
6 طبيعة المصلحة كشرط المبحث األول
لقبول دعوى اإللغاء
6 تعريف المصلحة المطلب األول
6 معنى المصلحة الفرع األول
6 معنى المصلحة عموما أوال
8 معنى المصلحة لغة 3
8 معنى المصلحة اصطالحا 1
33 معنى المصلحة في دعوى ثانيا
اإللغاء
33 اإلفتراض األول 3
31 اإلفتراض الثاني 1
31 اإلفتراض الثالث 3
31 العالقة بين الصفة و الفرع الثاني
المصلحة
33 موقف الفقه من العالقة أوال
بين الصفة و المصلحة في
دعوى اإللغاء
71
32 موقف القضاء من العالقة ثانيا
بين الصفة و المصلحة في
دعوى اإللغاء
32 موقف المشرع الجزائري ثالثا
36 مواصفات المصلحة في المطلب الثاني
دعوى اإللغاء
36 المصلحة الشخصية الفرع األول
المباشرة و المصلحة
الجماعية
36 المصلحة الشخصية ال أوال
مباشرة
36 مفهوم المصلحة الشخصية 3
المباشرة
38 المصلحة الشخصية في 1
الدعوى المرفوعة من
طرف األشخاص المعنوية
10 المصلحة الجماعية ثانيا
10 مفهوم المصلحة الجماعية 3
13 مسألة العرائض الجماعية 1
11 المراحل القضائية لقبول 3
العرائض الجماعية
11 الشروط القضائية لقبول 2
العرائض الجماعية
13 موقف المشرع و القضاء 2
اإلداري في النظام القانوني
الجزائري
72
13 موقف المشرع الجزائري أ
13 موقف القضاء اإلداري ب
12 المصلحة المحققة و الفرع الثاني
المصلحة المحتملة
16 المصلحة المادية و الفرع الثالث
المصلحة األدبية
18 المصلحة بين دعوى المبحث الثاني
اإللغاء و دعوى القضاء
الكامل
18 خصوصية شرط المصلحة المطلب األول
في دعوى اإللغاء
19 القائلون بأن دعوى اإللغاء الفرع األول
دعوى حسبة
30 القائلون بضرورة المصلحة الفرع الثاني
كشرط لدعوى اإللغاء
33 أسس التفرقة بين المصلح المطلب الثاني
في دعوى اإللغاء و دعوى
القضاء الكامل
33 خصائص دعوى اإللغاء و الفرع األول
دعوى القضاء الكامل
32 متطلبات شرط المصلحة الفرع الثاني
في دعوى اإللغاء و دعوى
القضاء الكامل
36 تطبيقات شرط المصلحة الفصل الثاني
في دعوى اإللغاء
38 الطبيعة القانونية لشرط المبحث األول
73
المصلحة في دعوى
اإللغاء
38 األساس القانوني للمصلحة المطلب األول
في دعوى اإللغاء
20 شروط قبول المصلحة في المطلب الثاني
دعوى اإللغاء
20 أن تكون المصلحة الفرع األول
القانونية مشروعة
23 أن تكون المصلحة الفرع الثاني
الشخصية مباشرة و كافية
22 أنواع المصالح التي المبحث الثاني
تحميها دعوى اإللغاء و
آثار إنتفاء المصلحة في
هذه الدعوى
22 أنواع المصالح التي المطلب األول
تحميها دعوى اإللغاء
22 مصالح األفراد و الموظفين الفرع األول
26 مصالح األفراد أوال
26 المالك 3
26 التاجر و الصانع 1
28 الناخب 3
29 الساكن 2
20 الممول 2
23 المنتفع بخدمات المرافق 6
العامة
23 مصالح الموظفين ثانيا
74
21 الق اررات الخاصة بالدخول 3
في الوظيفة
23 الق اررات الصادرة أثناء 1
شغل الوظيفة
23 الق اررات الخاصة بالتنظيم أ
العضوي للمرفق
22 الق اررات الخاصة بسير ب
العمل بالمرفق
26 الق اررات المتعلقة بالحقوق ت
الوظيفية للموظف
26 مصالح الهيئات الفرع الثاني
26 مصلحة المؤسسات و أوال
الهيئات العامة
26 المصلحة في دعاوى ثانيا
الجمعيات و النقابات
29 آثار انتفاء المصلحة في المطلب الثاني
دعوى اإللغاء و زوالها
29 الوقت الالزم توفر شرط الفرع األول
المصلحة فيه
60 مجلس الدولة الفرنسي أوال
63 مجلس الدولة المصري ثانيا
62 طبيعة الدفع بعدم بانعدام الفرع الثاني
المصلحة في الدعوى
75
62 تقسيم الدفوع بعدم القبول ثانيا
قائمة المراجع
خاتمة
76