You are on page 1of 80

‫جاهعة زياى عاشور الجلفة‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسن الحقوق‬

‫شـــرط الوصلحة في دعـــوى اإللغاء‬

‫مذكرة ضمن متطلبات‬


‫لنيل شهادة الماستر حقوق تخصص الدولة و المؤسسات‬

‫إشراف االستاذ‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬


‫د‪ /‬جعالب كمال‬ ‫زورقي حنان‬

‫لحنة المناقشة‬
‫رئيسا‬ ‫‪ 1‬سالمي عبد السالم‬
‫مقرر‬ ‫‪ 2‬جعالب كمال‬
‫مناقسا‬ ‫‪ 3‬بن مسعود أحمد‬

‫السنة الجامعية ‪201/2015‬‬


‫بسم اهلل الرمحان الرحيم‬
‫"ربنا ال تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"‬

‫صدق اهلل العظيم‬

‫سورة البقرة ‪ :‬آية ‪802‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه و سلم‪:‬‬

‫"من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل اهلل له به طريقا إىل اجلنة"‬
‫اإلهداء‬
‫احلمد هلل الذي وفقنا هلذا و مل نكن لنصل إليه لو ال فضل اهلل علينا أما بعد‪:‬‬

‫أهدي هذا العمل املتواضع إىل قرة العني إىل من جعلت اجلنة حتت قدميها إىل حبيبيت و صديقيت‬

‫أمي احلنون هجرية أطال اهلل يف عمرها‪.‬‬

‫إىل أعظم الرجال إىل قدوتي و إىل حبييب إىل روح والدي جعله اهلل من أهل اجلنة‪.‬‬

‫إىل إخواني و أخواتي إىل جدتي العزيزة حفظها اهلل‪.‬‬

‫إىل صديقيت العزيزة غول صربين‪.‬‬

‫إىل األستاذ املشرف الذي ساهم يف مواصلة دربنا العلمي‪.‬‬


‫شكر و تقدير‬
‫أول شكري هو هلل رب العاملني الذي رزقين العقل و حسن التوكل عليه سبحانه و تعاىل‪.‬‬

‫أتقدم بالشكر اجلزيل و العرفان والتقدير إىل األستاذ الدكتور جعالب كمال أوال‬

‫لتكرمه و تقبله اإلشراف على مذكرتي و ثانيا لتقدميه النصح و اإلرشاد يل طيلة‬

‫إعداد هذه املذكرة و على سعة صدره معنا و أخريا لتوجيهاته ومالحظاته الوجيهة اليت‬

‫ساعدت يف الوصول إىل هذه املذكرة‪.‬‬

‫كما أتقدم بالشكر إىل أعضاء جلنة املناقشة لتفضلهم باملوافقة على مناقشة‬

‫مذكرتي‪.‬‬

‫كما أشكر زوج أخيت يوسف جاب اهلل و كل الزمالء و األصدقاء و كل من‬

‫أعانين على إعداد هذه املذكرة‪.‬‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫إ ذا كان مبدأ الشرعية يعني أن جميع التصرفات يجب أن تتم وفقا لقاعدة قانونية‪ ،‬و‬
‫مقتضى ذلك وجود تدرج في القواعد القانونية‪ ،‬فيخضع القانون العادي للدستور بمعنى أن تكون‬
‫النصوص القانونية متطابقة مع النصوص الدستورية‪ ،‬و تخضع الق اررات اإلدارية للتشريع و بدورها‬
‫في نطاق هذه األخيرة‪ ،‬تخضع الق اررات الفردية للق اررات التنظيمية أو الالئحية‪ ،‬فإن دعوى اإللغاء‬
‫قد أغنت هذا بالكثير‪ ،‬سواء لفاعليتها الملحوظة التي تكمن في أثر الحكم الصادر باإللغاء من‬
‫حجية مطلقة‪ ،‬أو لنطاقها الذي يتسع دائما و باستمرار لما يمتاز به شرط المصلحة فيها من مرونة‬
‫مبررة بأنها دعوى القانون العام التي تهدف إلى ارساء المشروعية‪ ،‬و تسمح بالطعن في جميع‬
‫الق اررات اإلدارية التنفيذية‪ ،‬فهي على حد تعبير ‪ Mignon‬وسيلة ممتازة لضمان الحيلولة دون‬
‫تعسف اإلدارة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من بعض االتجاهات الفقهية التي تنادي بأن دعوى اإللغاء كغيرها من‬
‫الدعاوى مخصصة لحماية الحقوق الشخصية‪ ،‬و أنها تنتمي إلى القضاء الشخصي‪ ،‬أو أن ثمة‬
‫عناصر شخصية تظهر في دعوى اإللغاء ‪.‬‬
‫على الرغم من وجود هذه العناصر الشخصية‪ ،‬فإن اختالطها مع العناصر الموضوعية‬
‫ليس من شأن الثاني أن يؤدي الى استبعاد األولى تماما‪ ،‬إذ في الحقيقة فإن دعوى اإللغاء ليست‬
‫مخصصة فقط لحماية مصالح شخصية خالصة‪ ،‬و لكنها بصفة خاصة لضمان تحقيق المشروعية‬
‫كما ظهر نظام الدولة الحديثة مع ظهور مرفق القضاء وبروز دور القاضي‪ ،‬حيث أن‬
‫الدولة وتبعا لهذا النظام منعت على مواطنيها ورعاياها اقتضاء حقوقهم بأنفسهم في حالة حصول‬
‫اعتداءات على أي حق من حقوقهم‪ ،‬ولذا يتعين على كل شخص يريد أن يحمي حقه االلتجاء إلى‬
‫القضاء‪ ،‬فال يكفي إقرار القانون للحق بل البد أن تكون للشخص طريقة تمكنه من حماية هذا‬
‫الحق‪ ،‬كما يجب على صاحب الحق إثبات حقه حتى يقضى له به‪ ،‬ووجود الحق ال يكتمل إال إذا‬
‫كان لصاحبه سلطة االلتجاء إلى المحاكم للدفاع عنه‪ ،‬ويكون ذلك بإتباع طريق قانوني وهو رفع‬
‫الدعوى القضائية التي هي وسيلة لحماية الحق‪ ،‬و قد نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 3‬من‬
‫القانون رقم ‪ 09/08‬المتضمن اإلج ارءات المدنية واإلدارية على أنه "يجوز لكل شخص يدعي حقا‬
‫أو حماية حق أن يرفع دعوى أمام القضاء"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وتعرف الدعوى بأنها وسيلة وأداة نظامية قانونية تخول للشخص سلطة قانونية للجوء إلى‬
‫القضاء‪ ،‬لكي يتسنى له الحصول على تقرير حق أو حمايته‪ .‬وقد قام المشرع بوضع تعريف‬
‫وشروط وقوانين تنظم الدعوى القضائية تتناسب والنظام االجتماعي للدولة‪ ،‬وكان آخرها قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية كما سمى في نصوصه عدة دعاوى منها دعوى اإللغاء ولقيام هذه‬
‫الدعوى أو أي دع وى أخرى وجب توفر شروط ومقومات أساسية لكي تكون مقبولة ومنها الشروط‬
‫المتعلقة بأطراف الدعوى والتي تعتبر من الشروط الشكلية‪ ،‬حيث أنه ال يمكن تصور رفع الدعوى‬
‫دون النظر إلى طبيعة المدعي فيتعين على القاضي قبل البحث في موضوع الدعوى أن يبحث في‬
‫مدى توافر شروطها‪ ،‬ومن بين شروط قبول الدعوى التي نصت عليها المادة ‪ 33‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية نجد شرط المصلحة ‪.‬‬
‫إن المصلحة مناط أي دعوى سواء كانت عادية ام إدارية‪ ،‬و الهدف من اشتراطها في‬
‫الدعاوى هو تفادي تلك الدعاوى التي ال تعود بالفائدة على رافعيها‪ ،‬ومن شأنها أن تعرقل سير‬
‫العدالة‪ ،‬و تستند إلى القاعدة المسلمة "ال دعوى بغير مصلحة" والتي توصف بأنها قلب الدعوى‬
‫حيث تعتبر المصلحة في مجال التقاضي ركنا أساسيا من أركان الدعوى سواء كانت هذه األخيرة‬
‫إدارية أم عادية‪ ،‬ورغم أن كال الدعويين جاءت حماية لمبدأ المشروعية إال أن اشتراط المصلحة‬
‫يختلف في دعوى اإللغاء عنه في دعوى التعويض‪.‬‬
‫مما تقدم تظهر لنا أهمية الموضوع في الجانبين العلمي والعملي‪ ،‬فأما األهمية العلمية‬
‫فإنه ال دعوى بدون مصلحة‪ ،‬ذلك هو المبدأ القانوني الجوهري بخصوص الشروط المتعلقة‬
‫بالمدعي في الدعوى بصفة عامة وفي دعوى اإللغاء بصفة خاصة ولهذا السبب فإن لشرط‬
‫المصلحة في التقاضي مرتبة تأتي بعد شرط االختصاص وشرط األجل ولذا يبدو أن دراسة‬
‫هذا الموضوع ذو أهمية بالغة من الناحية العلمية‪ ،‬أما األهمية العملية للموضوع فتتمثل في أن‬
‫قض اء اإللغاء وجد لضمان ا حترام مبدأ المشروعية الذي يعد من المبادئ األساسية التي تقوم‬
‫عليها الدولة الحديثة‪ ،‬ولذا حاول كل من الفقه والقضاء تقد يم فهم للمصلحة وبيان الغاية من‬
‫ا شتراطها في الدعوى وتمييزها في كل دعوى على حدى ‪.‬‬
‫في الواقع أن اختيارنا لهذا ال موضوع ينبع عن أسباب ذاتية وأخرى موضوعية‪ ،‬فمن‬
‫األسباب الذاتية التي دفعتنا إلى اختياره هو رغبتنا وميولنا للبحث في الموضوع ودراسته وذلك‬
‫نظ ار لندرة األبحاث المتخصصة فيه كما أن هذا الموضوع متعلق بالمنازعات اإلدارية أي‬

‫‪2‬‬
‫ضمن تخصص الباحث أال وهو القانون اإلداري‪ ،‬أضف إلى ذلك رغبتنا في توسيع معارفنا‬
‫ومعلوماتنا حول هذا الموضوع‪ ،‬أما األسباب الموضوعية فيمكن حصرها في معرفة األحكام‬
‫التي ضبطها المشرع من خالل هذا الشرط في ظل قانون اإلج راءات المدنية واإلدارية الجديد‪،‬‬
‫كما أن السبب األهم هو التعرض للثغرات القانونية وذلك نظ ار لشمولية شرط المصلحة في‬
‫الدعاوى بصفة عامة‪ ،‬مما يؤدي إلى صعوبة التعامل مع هذا الشرط في الدعاوى اإلدارية مثل‬
‫دعوى اإللغاء حيث لم يعطي لها أحكام خاصة متميزة عن غيرها من الدعاوى ‪.‬‬
‫لما كا نت الدعوى هي وسيلة لحماية الحق‪ ،‬ولما كان شرط المصلحة هو مناط هذه‬
‫الدعوى وحج ر الزاوية في إقامتها والسير بها إلى غايتها‪ ،‬فإن البحث فيها يبدو مهما خاصة‬
‫أنه يتناول جانبا إجرائيا‪ ،‬األمر الذي دعانا إلى الخوض فيه لعلنا نسهم ولو بقدر في دراسة‬
‫هذا الموضوع الهام‪ ،‬وبالتالي المساهمة ولو بجزء بسيط في إثراء المكتبة القانونية وكذا‬
‫اإلحاطة بكافة األحكام المتعلقة بهذا الشرط ل كي ال يكون هناك خطأ في التطبيق‪ ،‬كما أن‬
‫الهدف األهم هو إزالة ا لغموض عن شرط المصلحة خصوصا في دعوى اإللغاء ‪.‬‬
‫لقبول دعوى اإللغاء ين بغي أن يكون لرافعها مصلحة فيها‪ ،‬وا ن كان ال يوجد خالف‬
‫على أن ه ذه المصلحة هي شرط لقبول الدعوى‪ ،‬فإن المشكلة ا لتي تثور هنا تتمثل في‬
‫اختالف اال جتهادات القضائية واآلراء الفقهي ة حول التوسع في المصلحة في دعوى اإللغاء‬
‫وتدور إشكالية هذه الدراسة فيما يلي‪ :‬إلى أي مدى توسع كل من الفقه والقضاء في اشتراط‬
‫المصلحة في دعوى اإللغاء؟‬
‫أما التساؤالت الفرعية تتمثل في‪ :‬فيما يتمثل المدلول العام لشرط المصلحة في دعوى اإللغاء؟‬
‫وماهي تطبيقات شرط المصلحة في دعوى اإللغاء؟‬
‫بما أن المنهج التحليلي و الوصفي هو الذي يهدف إلى رد محتوى الشيء أو الفكرة إلى‬
‫عناصرها األولية البسيطة فقد اتبعت هذا المنهج في هذه الدراسة بحيث قمت بتحليل مختلف‬
‫األحكام القانونية واالجتهادات القضائية واآلراء الفقهية المتعلقة بموضوع البحث‪ ،‬إضافة إلى ذلك‬
‫استخدمت المنهج المقارن وذلك لضرورة معرفة موقف الفقه و القضاء في القوانين المقارنة فكانت‬
‫المقارنة بين ما جاء به المشرع في الجزائر والتطبيقات القضائية وما يقابله في فرنسا ومصر‪.‬‬
‫ولإلجابة عن إشكالية هذا ا لموضوع قسمنا الدراسة إلى فصلين‪ ،‬حيث نتحدث في الفصل‬
‫األول عن المدلول العام للمصلحة في دعوى اإللغاء والذي بدوره نقسمه لمبحثين المبحث‬

‫‪3‬‬
‫األول نتناول فيه طبيعة المصلحة في دعوى اإللغاء والمبحث الثاني نتناول فيه المصلحة بين‬
‫الدعوى المدنية و دعوى اإللغاء‪.‬‬
‫أما الفصل الثاني بعنوان تطبيقات شرط المصلحة في دعوى اإللغاء فقسمناه هو اآلخر‬
‫لمبحثين المبحث األول نتعرض فيه الى الطبيعة القانونية لشرط المصلحة في دعوى اإللغاء‬
‫والمبحث الثاني تطرقنا ألنواع المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء و اثار انتفاء المصلحة‪.‬‬

‫‪4‬‬
5
‫المصلحة تمثل شرطاً عاماً للترخيص بممارسة الطعن في كافة الدعاوى إدارية كانت أم‬
‫عادية تطبيقاً للمبدأ العام في هذا الشأن والذي يقضي بأنه ال دعوى حيث ال مصلحة‪.‬‬
‫حيث يشترط لقبول دعوى اإللغاء أو اإلبطال أن يكون ل ارفعها مصلحة شخصية في‬
‫رفعها واال حكم القاضي بعدم قبول الدعوى وبردها‪ .‬وشرط المصلحة شرط عام في كل دعوى‬
‫قضائية سواء رفعت أمام القضاء العادي أم القضاء اإلداري‪ ،‬وسواء قدمت أمام هذا القضاء‬
‫األخير في شكل دعوى إلغاء أو في شكل دعوى القضاء الكامل‪.‬‬
‫وبالتالي تعتبر المصلحة أساس الدعوى ألن قبول الثانية يعتمد على توفر األولى التي‬
‫يستخلصها القضاء وآراء الفقه‪ ،‬ولدراسة شرط المصلحة في شخص رافع دعوى اإللغاء يقتضي‬
‫التعرض إلى طبيعة المصلحة وهذا من خالل المبحث األول‪ ،‬باإلضافة إلى أسس التفرقة بين‬
‫المصلحة في الدعوى المدنية و المصلحة في دعوى اإللغاء من خالل المبحث الثاني‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المبحث الول‪:‬‬
‫طبيعة المصلحة كشرط لقبول دعوى اإللغاء‬
‫المصلحة في الدعوى بصفة عامة هي الباعث على إقامتها و الغاية المقصود تحقيقها‬
‫من وراء ذلك‪ ،‬فالمصلحة سبب الدعوى و مناطها الذي تكون بدونه إهدار للوقت و إشغال للقضاء‬
‫بما ال طائل من ورائه‪ ،‬ومن ثم فإن المصلحة في الدعوى تمثل قيداً بديهياً على إقامتها لضمان‬
‫جدية المصلحة‪ ،‬فالمصلحة إذن هي مضمون الحق في الدعوى الذي ينشأ حينما يحدث عدوان‬
‫على أحد الحقوق أو المراكز القانونية مما يحرم صاحبه من منافعه بحيث يحتاج لحماية القضاء‪،‬‬
‫فهي بهذه المثابة تتمثل في الحاجة إلى حماية قضائية‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق سنتناول من خالل هذا المبحث بإيجاز التعريفات التي قيلت في‬
‫المصلحة في المطلب األول و مواصفات المصلحة في المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب الول‪ :‬تعريف المصلحة‬
‫نتناول فيما يلي معنى المصلحة من خالل الفرع األول‪ ،‬والعالقة بين الصفة و‬
‫المصلحة في دعوى اإللغاء في الفرع الثاني‪:‬‬
‫الفرع الول‪ :‬معنى المصلحة‬
‫نتط رق من خالل هذا الفرع الى معنى المصلحة عموما و معنى المصلحة في دعوى‬
‫اإللغاء‬
‫أوال‪ :‬معنى المصلحة عموما‬
‫سوف نتطرق إلى معنى المصلحة لغة و معنى المصلحة اصطالحا‬
‫‪ )1‬معنى المصلحة لغة‬
‫عرفت المصلحة لغة في أكثر المعاجم اللغوية بأنها الصالح‪ ،‬أو ما يبعث على النفع‬
‫والصالح‪ ،‬أو هي المنفعة‪ ،‬كما أنها تعني مجموع المزايا والفوائد والقيم المادية واألدبية الحالة‬
‫‪1‬‬
‫والمحتملة التي يتحصل عليها الشخص من جراء استعماله لحق أو لعمل‪.‬‬
‫وتعني أيضا حسن الحال والصالح القوي للشيء أو الواقعة أو الظاهرة‪ ،‬واللذة والمنفعة‬
‫‪1‬‬
‫والمتعة والصحة والراحة والسعادة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪: la petit larousse , édition entiérement nouvelle, paris, 1998, p 553.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ )2‬معنى المصلحة اصطالحا‬
‫عرفت المصلحة ا صطالحا في فقه القانون بأنها المنفعة والفائدة التي تعود على المدعي‬
‫من رفع الدعوى أمام القضاء أو التي يسعى إلى تحقيقها‪ ،‬سواء كانت هذه الفائدة هي حماية‬
‫حقه‪،‬أو اقتضائه أو اإلستيثاق له أو الحصول على تعويض مادي أو أدبي عنه‬
‫أو هي الحاجة إلى حماية القانون للحق المعتدي عليه أو المهدد باالعتداء عليه‪ ،‬والمنفعة‬
‫التي يحصل عليها المدعي بتحقيق هذه الحماية‪ ،‬أو القدرة إلى اللجوء إلى القضاء دفاعا عن‬
‫‪2‬‬
‫الحق‪.‬‬
‫كما تعني المصلحة استعمال حق الدعوى إلصالح األضرار المادية والمعنوية التي تصيب‬
‫‪3‬‬
‫الحقوق والمراكز القانونية الشخصية‪.‬‬
‫يختلط مصطلح المصلحة مع القيمة حيث استعمل الفقهاء الرومان في العصر الكالسيكي‬
‫–المصلحة‪ -‬بمعنى القيمة أي طبقاً لقيمة الشيء‪ ،‬وبذلك يكون التعويض عن الخسارة قد تحقق‪.‬‬
‫ثم في فترة الحقة و عندما كان هذا المبدأ ال يسمح تطبيقه في الحاالت االستثنائية إلى تعويض‬
‫كامل عن الخسارة‪ ،‬فقد لجأ الفقهاء إلى فكرة المصلحة بالمقابلة للمبدأ السابق حيث سمح هذا‬
‫المبدأ للقاضي أن يحدد مقدار التعويض وفقاً للمصلحة‪ ،‬أي قيمة الضرر الذي تحمله المضرور‬
‫من الجريمة أو قيمة النفع الذي ضاع عليه فيما لو لم تكن الجريمة قد ارتكبت ‪.‬‬
‫كذلك استعملت المصلحة بمعنى الخسارة لدى بعض الش ارح القدامى عند بيان تقدير‬
‫الخسارة و المصلحة بواسطة القاضي‪ ،‬هو ما جرت عليه بعض األحكام الحديثة أيضاً‪.‬‬
‫غير أنه تج ب التفرقة بين شرط المصلحة و الضرر ألن ما يميز المصلحة عن الضرر‬
‫الواقع هو أن المصلحة تتعلق بأثر الدعوى أو الدفع و بهذه المثابة ينظر إليها في المستقبل‪ ،‬بينما‬
‫‪4‬‬
‫أن الضرر يعبر عن شيء حدث في الماضي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬سمان صليحة‪( ،‬المصلحة كشرط لقبول دعويي اإللغاء و التعويض)‪ ،‬مذكرة مقدمة إلستكمال متطلبات شهادة ماستر‪ ،‬قانون اداري‪،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،1032-3 103،‬ص ‪.9‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬علي الشيخ ابراهيم ناصر المبارك‪ ،‬المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1001،‬ص ‪.21‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ :‬عوابدي عمار‪،‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،1003 ،‬ص ‪.233‬‬
‫‪4‬‬
‫أنظر‪ :‬محمد عبد السالم مخلص ‪،‬نظرية المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬دار الفكر العربي ‪، 3983،‬ص ‪. 30 ،9‬‬
‫‪8‬‬
‫و قد يختلط أيضا مفهوم المصلحة مع الغاية أو الهدف إذ أنها تعرف أحيانا بأنها‬
‫الفائدة المنشودة أمام القاضي عن طريق المطالبة بتقرير األحقية في اإلدعاء‪ ،‬وحيث ال توجد‬
‫مصلحة ال يوجد نزاع أو أنها القيمة لموضوع المطالبة الذي يتخذ أساسا إلصالح أو منع خسارة‬
‫أو اضطراب قائم مؤكد‪.‬‬
‫أما الشريعة اإلسالمية فإن الحقوق فيها ال تكون مطلقة ألصحابها وال منصرفة لنفعهم‬
‫الشخصي‪ ،‬وانما تكون وسائل موجهة لتحقيق الغرض االجتماعي الذي تقوم عليه الجماعة‪ ،‬ومن‬
‫أجل ذلك فليس في الشريعة اإلسالمية نظرية للحقوق وانما للتكليف‪ ،‬و صاحب الحق إنما يكاد‬
‫يكون في مركز موضوعي كغيره‪ ،‬فإن كان غيره مضط اًر أجبر على أن يقدمه على نفسه و من‬
‫أجل ذلك عرفت في الشريعة اإلسالمية دعوى الحسبة بسبب أن إقامة المصالح و د أر المفاسد‬
‫فرض كفاية‪ ،‬يأثم الناس جميعاً بتركه‪ ،‬و بسبب هذا اإلثم العام كان من المتعين أن توجد وسيلة‬
‫عامة يدفع بها اإلنسان عن نفسه هذه المسؤولية فكان له هذه الوسيلة القضائية‪ ،‬وكذا له وسائل‬
‫‪1‬‬
‫غيرها مما ال محل لإلفاضة فيه هنا‪.‬‬
‫ويرى الدكتور مسعود شيهوب أن القانون لم يعرف "المصلحة" أما الفقه فيعرفها بأنها‬
‫"الفائدة العملية المشروعة" التي يراد تحقيقها باللجوء إلى القضاء‪.‬‬
‫و معنى فائدة أنه ال يجوز اللجوء عبثا إلى القضاء دون تحقيق منفعة ما‪ ،‬و لذلك ال تقبل‬
‫الدعوى الموجهة ضد قرار تنظيمي سبق أن حكم القضاء بإلغائه بناءا على دعوى كان قد رفعها‬
‫شخص آخر‪.‬‬
‫و معنى عملية استبعاد المسائل النظرية ألنها ال تصلح ألن تكون محال لدعوى قضائية‬
‫فوظيفة القضاء هي حل المنازعات وليس ترجيح رأي نظري أو اإلفتاء‪.‬‬
‫ومعنى المشروعة أن تكون قانونية‪ ،‬أي أن تكون المصلحة بمثابة حق يحميه القانون‪.‬‬
‫القاعدة العامة أنه ال دعوى بدون مصلحة (أي بدون حق)و المصلحة مناط الدعوى‪.‬‬
‫و المصلحة ليست شرطا لقبول الدعوى فقط‪ ،‬و إنما هي شرط لقبول كل طلب أو دفع أو‬
‫‪2‬‬
‫طعن في الحكم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬محمد عبد السالم مخلص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪31‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية – بن عكنون –‬
‫الجزائر‪ ،3998 ،‬ص ‪.162 ،162‬‬
‫‪9‬‬
‫وقد ذهب بعض الباحثين للتفريق بين المصلحة في الدعوى والمصلحة في الحكم‪ ،‬فيقصد‬
‫بالمصلحة في الدعوى الغاية التي يسعى إليها المدعي من رفع الدعوى وهي الحاجة إلى الحماية‬
‫القانونية‪ ،‬وبما أن الحكم هو الذي يحقق الغاية فالمقصود بالمصلحة في الحكم المنفعة التي‬
‫يحصل عليها المدعي بتحقيق حماية القانون لحقه الذي اعتدى عليه‪.‬‬
‫ويمكن تعريف المصلحة بأنها الحاجة إلى حماية القانون‪ ،‬أو هي الفائدة العملية التي‬
‫تعود على رافع الدعوى من الحكم له لطلباته‪ ،‬وهي ذات وجهين‪ :‬أحدهما سلبي مقتضاه منع من‬
‫ليس في حاجة إلى حماية القانون من االلتجاء إلى القضاء‪ ،‬واآلخر إيجابي هو اعتبار شرط‬
‫‪1‬‬
‫القبول دعوى كل من له فائدة من الحكم فيها‪.‬‬
‫وتعرف المصلحة بأنها‪ :‬المنفعة التي المنفعة التي يجنيها المدعي من التجائه إلى القضاء‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫فكل شخص تضرر من جراء قرار إداري تحققت له مصلحة في االلتجاء إلى القضاء‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬معنى المصلحة في دعوى اإللغاء‬
‫المصلحة كالمنفعة وزنا ومعنى‪ ،‬فهي مصدر بمعنى الصالح كالمنفعة بمعنى النفع‪،‬أو هي‬
‫اسم لواحدة من المصالح‪ ،‬وفي العادة تفسر المصلحة بالمنفعة‪ ،‬وتفسر المفسدة بالمضرة‪ ،‬فالعلم‬
‫واللذة والراحة والصحة كلها مصالح وأضدادها أض ار‪ ،‬وعلى أية حال فالمصلحة التي تصلح للنقد‬
‫؟لطلب أمام القضاء يرجع في تقدير سالمتها و قبولها لمعايير الشارع في مصالح المعتبرة‪ ،‬والتي‬
‫تكون القصد منها حماية حقوق أو مراكز قانونية تعرضت للهدر أو المساس خالفا ألحكام‬
‫‪3‬‬
‫القانون‪.‬‬
‫وتعرف المصلحة بأنها "كل نفع يحصل عليه المدعي من اللجوء إلى القضاء‬
‫بأنها الفائدة التي يجنيها المدعي من الحكم له بطلباته‬ ‫الستخالصه‪،‬كما تعرف المصلحة‬

‫‪1‬‬
‫أنظر ‪ :‬رمضان محمد بطيخ‪ ،‬شروط قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬ندوة "القضاء اإلداري" ( قضاء اإللغاء )‪ ،‬الرباط – المملكة المغربية – ‪33،32‬‬
‫يوليو ( تموز) ‪ ،1002‬ص ‪6‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر ‪ :‬أحمد محمد فارس النوايسة‪ ،‬مبدأ عدم رجعية الق اررات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة ( فرنسا‪ ،‬مصر‪ ،‬األردن )‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجامد‬
‫للنشر و التوزيع‪، 1031 ،‬ص ‪313‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر ‪ :‬منصور إبراهيم العتوم‪(،‬أثر زوال المصلحة على التيسير في دعوى اإللغاء في ضوء احتماالت القضاء اإلداري األردني و المقارن‬
‫"دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة " السنة السادسة و العشرون ‪ ،‬العدد التاسع و األربعون يناير ‪1031‬‬
‫‪10‬‬
‫فالمصلحة هي الضابط لضمان جدية الدعوى وعدم خروجها عن الغاية التي رسمها القانون لها‬
‫‪1‬‬
‫وهي كونها وسيلة لحماية الحق‪.‬‬
‫ال تقبل الدعوى أمام الغرفة اإلدارية إال إذا أثبت المدعي نوعا من المصلحة إن ثالثة‬
‫افتراضات يمكن أن تطرح حول المدلول المقصود من شرط المصلحة‪ ،‬أي مصلحة تقصدها هنا؟‬
‫‪ )1‬اإلفتراض الول‬
‫ونفترض فيه أن أي مواطن هو مؤهل ليقوم بالدفاع عن المصلحة العامة المهددة بعدم‬
‫المشروعية‪( ،‬إن األمر هنا يخص دعوى اإللغاء دون دعوى التعويض)‪ ،‬وهكذا تكون الدعوى في‬
‫هذا االفتراض نوعا من الدعوى الشعبية المعروفة في القانون الروماني‪ ،‬ودعوى الحسبة المعروفة‬
‫في القضاء اإلسالمي‪.‬‬
‫إن هذا االفتراض لم يحظ بتأييد القضاء اإلداري في فرنسا‪.‬‬
‫‪ )2‬اإلفتراض الثاني‬
‫و نفترض فيه أنه على المدعي أن يثبت وجود مساس بحق شخص له وهكذا تتطابق في‬
‫هذا االفتراض دعوى اإللغاء مع دعوى التعويض بل ومع الدعوى المدنية‪ ،‬ولذلك لم يعتمد القضاء‬
‫اإلداري الفرنسي هذا االفتراض إال في دعوى القضاء الكامل‪ ،‬وفي حدود ضيقة جدا في الدعوى‬
‫اإللغاء و تتمثل في حالة وحيدة هي حالة خرق القانون و المساس بالحقوق المكتسبة ‪.‬‬
‫‪ )3‬اإلفتراض الثالث‬
‫وهو الحل الذي أقره القضاء اإلداري الفرنسي‪ ،‬حيث يكتفي فيه بمجرد مصلحة خفيفة‬
‫فعلى المدعي أن يثبت وجود مصلحة عادية (بسيطة) لقبول دعوى اإللغاء أما دعوى التعويض‬
‫فتبقى مشروطة بالمصلحة الضيقة المعروفة في دعوى المدنية‪ ،‬وهي المشار إليها في االفتراض‬
‫الثاني (الحق الشخصي)‬
‫إن مدلول المصلحة في دعوى اإللغاء (في هذا االفتراض الثالث) يختلف عن الحق الذي‬
‫‪2‬‬
‫سيتأكد بموجب الدعوى عند الفصل فيها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر ‪ :‬نداء محمد أمين أبو الهوى‪ ( ،‬مسؤولية اإلدارة بالتعويض عن الق اررات اإلدارية غير المشروعة ) مذكرة ماجستير في القانون‬
‫العام‪،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الشرق األوسط ‪،1030‬ص ‪23‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬مسعود شيهوب ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 162‬و مايليها‬
‫‪11‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العالقة بين الصفة و المصلحة‬
‫لقد ثار خالف حول الصفة في مجال الدعاوى العادية من حيث كونها مندمجة في‬
‫المصلحة أم أنها تعتبر شرطا مستقال عن شرط المصلحة يلزم توافره لقبول دعوى اإللغاء شكال‬
‫ويرجع سبب الخالف كون المصلحة أن تكون قانونية‪ ،‬تستند إلى حق وهو المطالبة بحق‬
‫أو مركز قانوني أو تعويض عن ضرر أصاب حق من حقوق و قد انتقل هذا الخالف إلى مجال‬
‫‪1‬‬
‫الدعاوى اإلدارية حيث كان للقضاء اجتهادات و للفقه مواقف من هذه المسألة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬موقف الفقه من العالقة بين الصفة و المصلحة في دعوى اإللغاء‬
‫يذهب جمهور الفقهاء إلى أن الصفة تندمج مع المصلحة في مجال دعوى اإللغاء‪،‬‬
‫تأسيسا إلى أنه ليس من الضروري استثناء المصلحة كشرط لقبول دعوى اإللغاء إلى حق وقع‬
‫عليه اعتداء‪ ،‬ومن ثمة فالصفة تتوافر كلما كانت هناك مصلحة لرافع الدعوى في طلب إلغاء‬
‫القرار سواء كان هو الشخص الذي صدر بشأنه القرار المطعون فيه أم غيره‪ ،‬و قد ذهب هذا الفقه‬
‫إلى أن المصلحة الشخصية المباشرة هي ذاتها الصفة‪.‬‬
‫و على العكس من ذلك يرى بعض الفقه اختالف المصلحة عن الصفة‪ ،‬حيث أن األولى‬
‫شرطا لقبول الدعوى في حين تمثل الثانية شرطا لمباشرتها أمام القضاء بإبداء الدفاع فيها‪،‬‬
‫فأساس تميز الصفة عن المصلحة وفقا لهذا الرأي أن الشخص قد يكون صاحب مصلحة و مع‬
‫ذلك فال صفة له في التقاضي‪ ،‬حيث تتوافر تلك الصفة لغيره‪ ،‬فالصفة في الدعوى وفقا لهذا الرأي‬
‫تتمثل في قدرة الشخص على المثول فيها كمدعي عليه‪.‬‬
‫و يرى الدكتور عبد العبد العزيز عبد المنعم خليفة في موضوع الخالف الفقهي‬
‫«نعتقد في سالمة رأي االتجاه األولى فيما يراه اندماج بين المصلحة و الصفة في دعوى‬
‫اإللغاء نظ ار لطبيعة الخاصة لتلك الدعوى‪ ،‬التي تجعل منها دعوى عينية تخاصم ق ار ار إداريا‪ ،‬ومن‬
‫ثم ال تقوم في شأنها خصومة من النوع المعروف بين مدعي و مدعي عليه‪ ،‬كما هو الشأن في‬
‫الدعاوى العادية‪ ،‬إضافة إلى أن دعوى اإللغاء و على خالف الدعاوى العادية ال تستند في اقامتها‬

‫‪1‬‬
‫أنظر ‪ :‬أحمد محمد فارس نوايسة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.333 ،330‬‬
‫‪12‬‬
‫إلى الدفاع عن حق وقع االعتداء عليه‪ ،‬بل يكفي لقبولها أن يكون المدعي في حالة قانونية خاصة‬
‫‪1‬‬
‫بالنسبة للقرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار يؤثر فيه تأثي اًر مباش ار»‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف القضاء من العالقة بين الصفة والمصلحة في دعوى اإللغاء‬


‫من خالل اجتهادات القضاء و أحكامه حول مسألة الربط بين المصلحة والصفة نجد أن‬
‫مجلس الدولة الفرنسي يربط بينهما للتأكد من وجود مصلحة لرافع الطعن باإللغاء اوالً‪،‬ثم يرتب‬
‫اسباغ الصفة في التقاضي عليه‪.‬‬
‫وفي حكم له بهذا الخصوص‪...« :‬لرئيس القسم في المركز الطبي مصلحة مباشرة تخوله‬
‫الصفة في طلب إلغاء قرار مجلس إدارة هذا المركز»‪.‬‬
‫أما المحكمة العدل العليا فقد قضت في هذا الخصوص‪ " :‬إن المصلحة في مجال دعوى‬
‫اإللغاء تندمج في الصفة في مجال القضاء اإلداري و تصبح الدعوى مقبولة" ‪.‬‬
‫وفي مصر أكدت محكمة القضاء اإلداري في حكمها حيث وردت‪" :‬ومن حيث إن الصفة‬
‫‪2‬‬
‫في الدعاوي إلغاء الق اررات اإلدارية لمجاوزة حدود السلطة تندمج في المصلحة‪. "...‬‬
‫إطرد قضاء مجلس الدولة على أن الصفة و المصلحة تندمجان في دعوى اإللغاء ‪.‬‬
‫وقد ذهبت المحكمة اإلدارية العليا في هذا الخصوص إلى أن قضائها قد استقر على أن‬
‫قيام شرط المصلحة يعني توافر الصفة في رفع الدعوى‪ ،‬حيث يندمج الشرطان في دعوى اإللغاء‪،‬‬
‫كما ذهبت المحكمة في هذا الشأن إلى أنه «لئن كان المشرع قد اشترط لقبول الدعوى اإللغاء أن‬
‫يكون لرافعها مصلحة شخصية مباشرة»إال أن القضاء اإلداري قد استقر على توافر هذا الشرط‬
‫متى كان صاحب الشأن في حالة قانونية خاصة يؤثر فيها القرار المطعون فيه‪ ،‬وقيام شرط‬
‫‪3‬‬
‫المصلحة يعني توافر شرط الصفة أساسا‪ ،‬ذلك أن المصلحة والصفة تندمجان في دعوى اإللغاء‬
‫ويرى الدكتور سامي جمال الدين "أن الصفة هي القدرة القانونية على رفع الخصومة إلى‬
‫القضاء أو المثول أمامه لتلقيها‪ .‬و من المسلم به أن الدعوى القضائية ال يمكن أن يباشرها إال ذو‬
‫صفة‪ ،‬و هو إما صاحب الحق أو المصلحة نفسه أو النائب عنه نيابة قانونية أو اتفاقية‪ ،‬ومن عدا‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬دعوى إلغاء القرار اإلداري في قضاء مجلس الدولة‪ « ،‬األسباب و الشروط »‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشاة‬
‫المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1002 ،‬ص ‪.608 ،606‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬نقال أحمد فارس النواسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.609‬‬
‫‪13‬‬
‫هؤالء فهو غير ذي صفة في مباشرة الدعوى ومن المالحظ أن قانون مجلس الدولة لم ينص على‬
‫هذا الشرط ضمن شروط قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬و إنما اكتفى باشتراط أن تكون المصلحة الشخصية‬
‫أي الخاصة برافع الدعوى أو بمن يمثله طبقا لقواعد اإلنابة القانونية أو الوكالة‪ ،‬ومن هنا يرى‬
‫غالبية الفقه أن شرط الصفة يندمج مع شرط المصلحة‪ ،‬ألن صاحب المصلحة هو الوحيد ذو‬
‫الصفة و جميع من عداهم غير ذي صفة‪ ،‬بمعنى أن الصفة هي وصف من أوصاف المصلحة‬
‫‪1‬‬
‫لكي تكون شخصية و مباشرة حيث يكفي التحقق من الصفة لتيقن من توافر المصلحة "‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬موقف المشرع الجزائري ‪:‬‬
‫ولقد كان التمييز بين المصلحة والصفة واعتبارهما شرطين لقبول الدعوى موقف المشرع‬
‫الجزائري من خالل نص المادة ‪ 229‬من قانون اإلجراءات المدنية السابق الذي جاء كما يلي‪«:‬ال‬
‫يجوز ألحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائ از على صفة وأهلية التقاضي وله مصلحة‬
‫‪2‬‬
‫وقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الحالي الذي نصت المادة ‪ 33‬فقرة ‪ 3‬منه على‬ ‫في ذلك»‬
‫أنه‪« :‬ال يجوز ألي شخص التقاضي ما لم تكن له صفة‪ ،‬وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها‬
‫‪3‬‬
‫القانون» ‪.‬‬
‫من خالل النص يتبين أنه فصل بينهما إذ إشترط الصفة و المصلحة لكي تكون دعوى‬
‫اإللغاء مقبولة‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬سامي جمال الدين‪ ،‬الوسيط في دعوى إلغاء الق اررات اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،1002 ،‬ص ‪116‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬األمر رقم ‪ 66-322‬المؤرخ في ‪ 03‬يونيو ‪ ،3966‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬جريدة رسمية بتاريخ ‪ 03‬يونيو ‪. 3966‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ :‬القانون رقم ‪ ،09/08‬الصادر في ‪ 12‬فيفري ‪ ،1008‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬أنظر الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪13‬‬
‫بتاريخ ‪ 13‬أفريل ‪. ،1008‬‬
‫‪14‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مواصفات المصلحة في دعوى اإللغاء‬
‫المصلحة في إلغاء القرار اإلداري ال تعطي لصاحبها حقا مطلقا في طلب إلغائه‪ ،‬حيث‬
‫يرد عليها قيودا يتعين احترامها‪ ،‬فيجب أن تكون شخصية و مباشرة قائمة و مشروعة‪ ،‬إال أنه ال‬
‫يشترط فيها أن تكون مادية أو مؤكدة‪ ،‬حيث يكفي لقبول دعوى اإللغاء أن يكون لمن أقامها‬
‫مصلحة أدبية أو احتمالية في إلغاء القرار اإلداري‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫و سوف نجد لكل ما تقدم تفصيال من خالل ما يلي‪:‬‬
‫الفرع الول‪ :‬المصلحة الشخصية المباشرة و المصلحة الجماعية‬
‫إن دعوى اإللغاء غالبا ما تكون في صورة دعوى فردية حين يقيم الطعن فرد بصفته موظفا‬
‫أو بصفته مواطنا عاديا إذا كان القرار المطعون فيه قد مس مصلحة فردية شخصية و مباشرة‬
‫للطاعن‪ ،‬ولكن دعوى اإللغاء قد تكون جماعية إذا بوشرت من قبل هيئة تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية‪ ،‬فدعوى اإللغاء ال تقف عند حد حماية المصالح الفردية بل تحمي أيضا المصالح‬
‫الجماعية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المصلحة الشخصية المباشرة‬
‫وضع هذا الشرط لسببين يتمثل السبب األول في منع شخص غير مقصود بالعمل اإلداري‬
‫أن يرفع دعوى إدارية بدون أن يكون وكيال عن المدعي‪ .‬و السبب الثاني و هو األهم في درجة‬
‫المصلحة الشخصية بالنظر إلى نوع الدعوى اإلدارية بحيث يختلف مفهوم المصلحة الشخصية في‬
‫دعوى اإللغاء و دعوى القضاء الكامل‪.‬‬
‫سنتناول إذن مفهوم المصلحة الشخصية كشرط لدعوى اإللغاء على أن نعرض‬
‫لشرط المصلحة بالنسبة للشخص المعنوي‪.‬‬
‫‪ )1‬مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة‬
‫تتمثل الخصيصة األولى من خصائص المصلحة التي تجيز الطعن باإللغاء‪ ،‬في كون‬
‫هذه المصلحة شخصية ‪ personnel‬و مباشرة ‪ direct‬بمعنى أن يكون رافع الدعوى في حالة‬

‫‪1‬‬
‫أنظر ‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 638‬‬
‫‪15‬‬
‫‪1‬‬
‫وهذا تطبيقاً للقول المأثور «ال‬ ‫قانونية أثر فيها القرار اإلداري المطعون فيه تأثي ار مباش ار‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫يستطيع أحد أن يترافع عن طريق وكيل»‪.‬‬
‫اشترط المصلحة الشخصية المباشرة هو الذي يفرق بين دعوى اإللغاء و دعوى الحسبة‬
‫و ا‬
‫بأن تكون له مصلحة شخصية و مباشرة بل يكتفي فيها بكون المصلحة عامة‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فإن هذا الشرط قد جعل نطاق دعوى اإللغاء أكثر اتساعا من مجال‬
‫دعوى التعويض التي يشترط في رافعها أن يكون له حق قانوني قد وقع عليه اعتداء أو أصابه‬
‫ضرر‪ ،‬وليس فقط مجرد وجود مصلحة شخصية مباشرة كما هو الحال في دعوى اإللغاء‪.‬‬
‫وقد أوضحت المحكمة القضاء اإلداري بمجلس الدولة المصري هذه الخصيصة بجالء‬
‫منذ السنة األولى إلنشائها عندما حكمت بأنه «و حيث وأنه يكفي فيما يتعلق بطلب اإللغاء أن‬
‫تكون لطالب المصلحة شخصية مباشرة في الطلب المادية كانت هذه المصلحة أو أدبية »‪ ،‬وهذه‬
‫المصلحة تتوافر إذا مس القرار المطعون فيه حالة قانونية خاصة بالطلب‪ ،‬أما فيما يتعلق بطلب‬
‫التعويض فإنه يلزم أ ن يقوم على حق أثر فيه القرار فالحق يصاحبه ضر ار سواء من الناحية‬
‫المادية أو من الناحية اإلدارية‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس فإن القضاء اإلداري ال يقبل دعاوى اإللغاء التي ترفع من أشخاص‬
‫ليست لهم مصلحة شخصية مباشرة في إلغاء الق اررات المطعون فيها‪ ،‬أيا كانت الصلة التي تربطهم‬
‫بأصحاب المصالح الشخصية‪.‬‬
‫وقد طبق مجلس الدولة المصري هذه المبادئ في العديد من أحكامه‪ ،‬نذكر بعضا منها‬
‫على سبيل المثال‪ :‬حكم محكمة القضاء اإلداري بعدم القبول الدعوى المرفوعة من أخ باإللغاء‬
‫امتناع اإلدارة من تجديد جوازات السفر الخاصة بإخوته‪ ،‬ولو كان هو أكبر هؤالء األخوة ‪ ،‬و القائم‬
‫‪3‬‬
‫على شؤون األسرة ‪.‬‬
‫و يرى الدكتور سليمان محمد الطماوي‪ :‬أن المتفق عليه بصفة عامة‪ ،‬أن المصلحة‬
‫التي تبرر قبول دعوى اإللغاء يجب أن تكون شخصية لرافع الدعوى‪ ،‬ومعنى هذا أنه و إن لم‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية ‪ ،3996‬ص ‪ 92‬و ما يليها‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬جورج فوديل‪،‬بيار دفلوفيه‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬ترجمة منصور القاضي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مجد المؤسسة الجامعية لدراسات و‬
‫النشر و التوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،1008 ،‬ص ‪.102 ،103‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 92‬و مايليها‬
‫‪16‬‬
‫يتطلب في رافع الدعوى أن يكون ذا حق مسه القرار المطعون فيه إال أنه من الواجب «أن يتواجد‬
‫الطاعن في حالة قانونية أثر فيها القرار المطلوب إلغاؤه تأثي ار مباش ار»‪.‬‬
‫فال تقبل الدعوى المرفوعة من فرد ليست له مصلحة شخصية في إلغاء القرار‪ ،‬مهما تكن‬
‫‪1‬‬
‫صلته بذي المصلحة الشخصية‪ ،‬كزوج يطلب إلغاء قرار يمس مصلحة شخصية لزوجته‪.‬‬
‫وتهدف دعوى تجاوز السلطة إلى إلغاء الق اررات اإلدارية غير المشروعة و ال يدعي‬
‫المدعي في الخصام بحق ذاتي بل يدعي كذلك حتى و لو كان هذا بصفة غير مباشرة بحماية‬
‫النظام العام القانوني‪.‬‬
‫لكن هذا البعد لدعوى تجاوز السلطة ال يسمح لكل شخص الحق في الدفاع على النظام‬
‫العام القانوني حتى ال يصبح دعوى تجاوز السلطة‪" ،‬دعوى شعبية ‪ "Action populaire‬و في‬
‫هذا الصدد يبحث القاضي اإلداري عن وجود عالقة بين المدعي و القرار اإلداري محل الدعوى‬
‫اإلدارية و يقدر طبيعتها‪.‬‬
‫وتثير مسألة المصلحة الشخصية موضوعا آخر يتمثل في البحث عن الطابع الشخصي‬
‫للمصلحة في الدعوى اإلدارية المرفوعة من أشخاص المعنوية‪.‬‬
‫‪ )2‬المصلحة الشخصية في الدعوى المرفوعة من طرف الشخاص المعنوية‪:‬‬
‫اعترف القانون لألشخاص المعنوية بإمكانية رفع الدعاوى اإلدارية و اشترط منها ضمن‬
‫مجموعة من الشروط أن تثبت مصلحة شخصية في التضامن‪ ،‬لكن الطابع المعنوي لهذا الشخص‬
‫يتطلب التمييز بين مصلحتها كشخص معنوي يعني مصلحة كل أفراد الشخص المعنوي و‬
‫مصلحة لكل فرد منها ‪.‬‬
‫يرى األستاذ أحمد محيو في هذا الصدد‪ :‬فبإمكانها (أي األشخاص المعنوية) الطعن‬
‫للدفاع عن مصالحها الجماعية فتباشر حينئذ " دعوى مهنية ‪ " "Action corporation‬أو نقابية‬
‫‪ ،"Action syndicale‬لكن هل بإمكان األشخاص المعنوية رفع دعوى من أجل الدفاع عن‬
‫مصلحة أحد أعضائها ؟ يجب أن نميز هنا بين موقف المشرع و القضاء اإلداري في الجزائر‬
‫فقد وضع المشرع في القانون رقم ‪ 33-90‬المؤرخ في ‪ 3990/31/02‬المتعلق‬
‫بالجمعيات قاعدة تسمح للجمعيات بالدفاع عن مصالحها و المصالح أعضائها بحيث تنص المادة‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬الطبعة السابعة‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ،3996‬ص ‪.222 ،222‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ 36‬منه على ما يلي‪ :‬تكتسب الجمعية الشخصية المعنوية و األهلية المدنية بمجرد تأسيسها و‬
‫يمكن لها حينئذ أن تقوم بما يلي‪:‬‬
‫أن تمثل أمام القضاء و تمارس خصوصا أمام المحاكم المختصة حقوق الطرف‬
‫المدني بسبب وقائع لها عالقة بهدف الجمعية و تلحق ضرر بمصالح أعضائها الفردية‬
‫و الجمعية‪ ،‬أن المصلحة الجماعية لها عالقة مع مسألة العرائض الجماعية‪.‬‬
‫اما القضاء اإلداري فقد ميز بين حالتين‪:‬‬
‫إذا كان القرار محل النزاع ذو طبيعة تنظيمية أو جماعية و يلحق مجموعة األعضاء‬
‫فإن الجماعة لها مصلحة التقاضي‪ ،‬ألن الجمعية أصال مكونة للدفاع عن المصالح المادية و‬
‫المعنوية للمجموعة وبالتالي فإنه من الطبيعي أن تباشر الدعوى ضد كل قرار يمس بتلك‬
‫المصلحة‪.‬‬
‫اما إذا كان القرار المتنازع فيه فرديا فليس للمجموعة مصلحة التقاضي بصورة عادية‬
‫ألنها ال تستطيع أن تحل محل أعضائها‪ ،‬فعلى العضو الذي لحقه ضر ار أن يباشر الدعوى بنفسه‪،‬‬
‫و ال تستطيع الجمعية التقاضي و مباشرة الدعوى إال إذا سمح لها و بشكل صريح بواسطة توكيل‬
‫‪1‬‬
‫خاص‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المصلحة الجماعية ‪:‬‬
‫من الواجب شرح معنى المصلحة الجماعية وارتباطها بالعرائض الجماعية و الشروط و‬
‫اإلجراءات المعتمدة في ذلك إضافة إلى موقف القضاء من هذه المسألة‪.‬‬
‫‪ )1‬مفهوم المصلحة الجماعية‪:‬‬
‫من حيث المبدأ‪ ،‬فكل رافع دعوى له مصلحة شخصية في إلغاء قرار يجوز له المباشرة في‬
‫دعوى فردية عن طريق دعوى تجاوز السلطة‪ ،‬و نفس الشيء بالنسبة للتجمعات المنظمة كالنقابات‬
‫الجمعيات‪ ،‬فبإمكانها الطعن للدفاع عن مصالحها الجماعية‪ ،‬فنباشر حينذاك دعوى معينة‬
‫‪ Action corporative‬أو نقابية ‪ ،Syndicale‬إن القضاء التقليدي ال يسمح بذلك ألنه وضع‬
‫تفريقا (منذ حكم مؤرخ في ‪ 18‬ديسمبر ‪Syndicat des patrons - coiffeurs de 3906‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬نقال عن رشيد خلوفي‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية شروط قبول الدعوى اإلدارية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة‬
‫المركزية‪-‬بن عكنون‪-‬الجزائر‪ ،1006 ،‬ص ‪.161 ،163‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ ،)limage BGJA‬فإذا كان القرار اإلداري محل النزاع ذو طبيعة الئحية أو جماعية‪ ،‬و يلحق‬
‫ضر ار بمصالح مجموع األعضاء‪ ،‬فإن الجماعة لها إمكانية التقاضي‪.‬‬
‫و بالفعل‪ ،‬فإن الجمعية أو النقابة مكونة أصال للدفاع عن المصالح المادية و المعنوية‬
‫للمجموعة فإنه من الطبيعي أن تباشر الدعوى ضد كل قرار يمس بتلك المصالح‪ ،‬و بذلك فإن‬
‫جمعية أو نقابة الموظفين لها أن تطلب إلغاء األحكام المتعلقة بالقانون األساسي لهؤالء الموظفين‬
‫المنتمين إليها‪ ،‬و إذا كان القرار المتنازع فيه فرديا فليس للمجموعة التقاضي بصورة عادية‪ ،‬ألنها‬
‫ال تستطيع أن تحل محل أحد أعضائها وال من باب أولى التقاضي دون علمه‪ ،‬فيجب إذن على‬
‫العضو الذي لحقه الضرر أن يباشر الدعوى بنفسه‪ ،‬والنقابة أو الجمعية ال تستطيع التقاضي و‬
‫مباشرة الدعوى إال إذا سمح لها العضو و بشكل صريح بواسطة توكيل خاص‪ ،‬وبمعنى آخر فإنه‬
‫ليس باستطاعتها سوى تشكيل نوع من التدخل بدعم دعوى من المعني باألمر ‪.‬‬
‫إن هذا الحل التقليدي قابل للنقاش‪ ،‬ألن النقابة هي في موضع أحسن للدفاع سواء عن‬
‫المصلحة الجماعية أو عن مصلحة أحد أعضائها‪ ،‬و هذا األخير غالبا ما يتردد في التقاضي إما‬
‫تخوفا من النتائج التي يخشى أن ال ترضي رب العمل الذي يحوز على تدابير و وسائل الضغط و‬
‫اإلكراه تجاهه‪.‬‬
‫إ ن مشروع قانون العمل الجزائري تبنى حال أكثر جرأة بنفسه على أن النقابة «تستطيع‬
‫مباشرة جميع الدعاوى التي تنشأ نتيجة لعالقة العمل أو اتفاقية جماعية في صالح كل عامل أو‬
‫متمهن دون الحاجة إلى وكالة من المعني سوى إخطار هذا األخير و عدم تصريحه بالرغبة في‬
‫االعتراض على ذلك »‪ ،‬و أن النص النهائي الموجود في األمر المؤرخ في ‪ 19‬ابريل ‪3962‬‬
‫يقتصر على إتباع القواعد التقليدية التي تميز بين دعوى النقابة ( المادة ‪ ) 306‬و دعوى العامل (‬
‫المادة ‪ ،) 308‬ومع هذا فإنه في القطاع الخاص‪ ،‬بإمكان أمين المكتب النقابي التقاضي بغرض‬
‫‪1‬‬
‫حماية المصالح الفردية لعمال‪ ،‬و هذا يشكل تغي ار هاما تجدر اإلشارة إليه‪.‬‬
‫إن المصلحة الجماعية لها عالقة مع مسألة العرائض الجماعية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬محيو أحمد‪ ،‬المنازعات اإلدارية‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية‪-‬بن عكنون‪-‬الجزائر‪ ، 1003،‬ص‬
‫‪.328 ،326‬‬
‫‪19‬‬
‫‪ )2‬مسألة العرائض الجماعية‪:‬‬
‫عرف األستاذ "بونار ‪ "Bonnard‬العرائض الجماعية بأنها العرائض التي يطرح فيها‬
‫مدعيين أو أكثر موضوعين أو أكثر في قضية واحدة‪.‬‬
‫و حسب األستاذ " هارتي ‪ " Heurte‬تتفرع العرائض الجماعية إلى نوعين أساسيين‪:‬‬
‫يتمثل النوع األول في العرائض االجتماعية الشخصية و هي العرائض المرفوعة من‬
‫مدعيين أو أكثر ضد قرار إداري واحد في دعوى إدارية واحدة‪.‬‬
‫و يتمثل النوع الثاني في العرائض الجماعية العينية و هي العرائض المرفوعة من مدعي‬
‫واحد ضد ق اررين أو أكثر في قضية واحدة‪.‬‬
‫و قد يحدث أن تجمع لبعض العرائض الجماعية بين النوعين وتكون عرائض جماعية‬
‫شخصية و عيني‪.‬‬
‫عرف موضوع العرائض الجماعية في قانون المنازعات الفرنسي تطو ار ملحوظا و إيجابيا‬
‫بالنسبة للمتقاضين و يتميز هذا التطور من جهة بمراحل قبول العرائض الجماعية و من جهة‬
‫‪1‬‬
‫أخرى في الشروط التي وضعها القضاء اإلداري لقبولها‪.‬‬
‫‪ )3‬المراحل القضائية لقبول العرائض الجماعية‪:‬‬
‫أشار األستاذ " هرتي ‪ " Heurte‬أن الدعوى اإلدارية تهدف إلى الدفاع عن حق فردي‬
‫مخروق أو مهدد و بالتالي فمن غير المقبول السماح الغير باالنضمام إلى المدعي األصلي في‬
‫قضية و الطلب من القاضي اإلداري إثر الخصومة الوحيدة أن يفصل في مجموعة من النزاعات‪.‬‬
‫و كان موقف مجلس الدولة الفرنسي تجاه العرائض الجماعية يتميز برفضها بحيث كان‬
‫ينظر في طلبات المدعي الموجود في رأس القائمة فقط و يرفض طلبات اآلخرين دون استثناء‪.‬‬
‫ثم تغير هذا الموقف و أصبح ينظر في العرائض الجماعية على أساس نظرية " أول‬
‫مسمى ‪ ،" La théorie du premier dénommé‬وتعني هذه النظرية ضرورة توفر كل شروط‬
‫قبول الدعوى اإلدارية في المدعي المسمى في أول القائمة‪ ،‬و في حالة عدم توفر أحد الشروط‬
‫يرفض القضية الجمعية بالنسبة للجمع حتى و لو توفرت فيهم كل الشروط ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬رشيد خلوفي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 162‬‬
‫‪20‬‬
‫وتخلى مجلس الدولة الفرنسي عن هذه النظرية التي تعاقب المتقاضين و قبل العرائض‬
‫الجماعية الشخصية شريطة أن تتوفر شروط قبول الدعوى اإلدارية في أحد المدعيين مهما كانت‬
‫مرتبة في القائمة‪.‬‬
‫‪ )2‬الشروط القضائية لقبول العرائض الجماعية ‪:‬‬
‫باإلضافة لكيفية قبولها المعروضة آنفا‪ ،‬وضع مجلس الدولة الفرنسي مجموعة من‬
‫الشروط متعلقة بالعرائض الجماعية تختلف باختالف نوع العرائض الجماعية‪.‬‬
‫ففي العرائض الجماعية العينية يشترط القاضي اإلداري من المدعي أن يثبت‪:‬‬
‫‪ -‬أنه في نفس الوضعية القانونية بالنسبة لكل القرارات اإلدارية محل الدعوى‬
‫الجماعية‪.‬‬
‫‪ -‬وجود عالقة كافية بين الق اررات اإلدارية محل العدوى الجماعية‪.‬‬
‫أما العرائض الجماعية الشخصية يشترط القاضي اإلداري من المدعين‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬أنهم يتقاضون لمصلحة واحدة مشتركة‪.‬‬
‫‪ -‬أن يحصلوا على نفس النتيجة القانونية من اإللغاء القرار المطعون فيه‪.‬‬
‫و برر القاضي اإلداري الفرنسي قبوله للعرائض الجماعية بعدما الحظ أن بعض الق اررات‬
‫اإلدارية تمس أحيانا مجموعة من المواطنين الذين لهم الحق في مخاصمتها‪ ،‬و أن بعض الق اررات‬
‫اإلدارية تصدرها اإلدارة مرتكزة على ق اررات إدارية أخرى ‪.‬‬
‫‪ )5‬موقف المشرع و القضاء اإلداري في النظام القانوني الجزائري‪ :‬نميز هنا بين‬
‫موقف المشرع و موقف القضاء اإلداري‪:‬‬
‫أ) موقف المشرع‪:‬‬
‫تنص المادة ‪ 369‬مكرر من القانون اإلجراءات المدنية القديم ما يلي ‪ " :‬ال يجوز‬
‫رفع الدعوى القضائية إلى المجلس القضائي من أحد األفراد إال بتطبيق الطعن في‬
‫قرار الداري "‪.‬‬
‫يظهر من تحليل هذه المادة استعمال المشرع صيغة المفرد بالنسبة للمدعي (و بالتالي‬
‫بالنسبة للعرائض الجماعية الشخصية) و كذلك صيغة المفرد بالنسبة للقرار اإلداري أو بالتالي‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬رشيد خلوفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.166 ،162‬‬
‫‪21‬‬
‫بالنسبة للعرائض الجماعية العينية‪ ،‬الشيء الذي يعني إذا ما أضفنا صيغة النهي أن العرائض‬
‫الجماعية مستبعدة ‪.‬‬
‫ب) موقف القضاء اإلداري‬
‫قبلت الغرفة اإلدارية للمحكمة العليا نظر في العرائض الجماعية منذ تأسيسها في سنة‬
‫‪ .3963‬و نميز في هذا الموقف بمرحلتين‪ :‬مرحلة أولى طبقت فيها نظرية "أول مسمى" بحيث‬
‫قضت في قضية "دجام و ‪ 22‬آخرين ضد الدولة بتاريخ ‪ ،3962/03/03‬النظر في طلبات‬
‫السيد دجام فقط باعتبار موجودة في أول قائمة المدعين" ‪.‬‬
‫لكن يظهر أنها تخلت عن هذا الموقف و أصبحت تنظر في العرائض الجماعية دون أي‬
‫شرط و دون تسبيب لقبولها‪ ،‬ففي قضية "فريق فرقاني" "ب" و "ل" ضد والي والية جيجل قضت‬
‫‪1‬‬
‫الغرفة اإلدارية للمحكمة العليا ما يلي‪. :‬‬
‫«حيث انه بموجب عريضة مودعة لدى كتابة ضبط المحكمة العليا بتاريخ ‪3989-6-12‬‬
‫طعن فريق "فرقاني" بالبطالن في محضر نقل اراضي وامالك للدولة‪ ،‬المحضر رقم ‪1288-83‬‬
‫المؤرخ في ‪ 3983-2-18‬و المحضر رقم ‪ 181‬المؤرخ في ‪ 3982-31-39‬والمقرر ان‬
‫الصادر ان بتاريخ ‪ 3982-2-33‬و ‪ 86-6-2‬اللذان ادخال محل النزاع في االحتياطات‬
‫العقارية»‪.‬‬
‫يظهر من عناصر هذه الحيثية ان القضاء اإلداري قبل النظر في عريضة جماعية‬
‫شخصية و عينية في نفس الوقت معلنا على قراءة مرنة ألحكام المادة ‪ 369‬مكرر من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية‪.‬‬
‫كما يظهر أن الشروط التي وضعها القاضي اإلداري الفرنسي لقبول العرائض الجماعية‬
‫في النظام القانوني الفرنسي قد تبناها ضمنيا بحيث كل الق اررات اإلدارية محل الدعوى والمدعيين‬
‫‪2‬‬
‫يوجدون في حالة مصلحة مشتركة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 92‬و ما يليها‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬نقال عن رشيد خلوفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 166‬‬
‫‪22‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المصلحة المحققة والمصلحة المحتملة‬
‫األصل ان تكون المصلحة المبررة لقبول الدعوى محققة‪ ،‬أي قائمة وحالة ولكن احيانا‬
‫توجد مصلحة محتملة للطاعن ينبغي حمايتها من وراء رفعه لدعواه فهل تجب حماية المصلحة‬
‫‪1‬‬
‫المحتملة في مجال دعوى اإللغاء‪.‬‬
‫«إن المصلحة تكون محققة اذا ما كان من المؤكد مقدما أن المدعى سينال فائدة ما من‬
‫وراء الغاء القرار‪ ،‬سواء كانت تلك الفائدة مادية أو أدبية‪ ،‬وتكون محتملة اذا لم يكن من المؤكد‬
‫مقدما ان إلغاء القرار المطعون فيه سينال الطاعن نفعا عاجال‪ ،‬وان كان من شأنه أن يمنع عنه‬
‫‪2‬‬
‫احتمال ضرر مادي أو يهيأ له فرصة مغنم»‬
‫و القاعدة في الدعوى العادية أنه لكي تقبل الدعوى‪ ،‬يجب أن تكون لرافعها مصلحة‬
‫قائمة أو محتملة فقد جعل المشرع المصلحة المحتملة كافية لقبول الدعوى وذلك من خالل نص‬
‫المادة ‪ 33‬من قانون االجراءات المدنية و اإلدارية‪":‬ال يجوز ألي شخص‪ ،‬التقاضي مالم تكن له‬
‫‪3‬‬
‫صفة‪ ،‬ومصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون"‪.‬‬
‫وبناء على هذا يجوز رفع الدعوى بطلب الغاء الق اررات اإلداري الفردية أو الق اررات‬
‫الالئحية‪ ،‬مادامت توجد مصلحة محققة أو محتملة للطاعن في الغاء هذه الق اررات ‪.‬ففي نطاق‬
‫الق اررات الفردية تثبت المصلحة لكل فرد صدر القرار في حقه‪ ،‬طالما أن هناك ضر ار قد اصابه أو‬
‫من المحتمل أن يصيبه‬
‫وتكون هناك مصلحة محتملة لكل من تتوافر شروط تطبيق القرار الالئحي‪،‬على اساس‬
‫‪4‬‬
‫احتمال وقوع الضرر من جراء احتمال تطبيقه عليه في المستقبل‪.‬‬
‫ومن الفائدة اإلشارة أن نص المادة ‪ 229‬من قانون اإلجراءات المدنية القديم اشار لعبارة‬
‫مصلحة هكذا وردت بصورة عامة و مطلقة دون تحديد و وصف حيث جاءت فيها ‪":‬ال يجوز‬
‫ألحد ان يرفع دعوى امام القضاء ما لم يكن ‪ ...‬وله مصلحة في ذلك"‪ .‬ونعتقد ان النص في‬
‫صيغته الجديدة أفضل و أبلغ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 96،98‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 226‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ :‬القانون رقم ‪ ،08/09‬مصدر سابق‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬مرجع اسابق‪ ،‬ص ‪.96،98‬‬
‫‪23‬‬
‫ويقع عبئ اثبات توافر المصلحة على المدعي ومن فائدة الخصم اي اإلدارة المعنية الدفع‬
‫بانتفائها و تنبيه المحكمة المختصة بذلك بهدف الحكم بعدم قابلية الدعوى‪.‬‬
‫وينبغي أن يتوافر عنصر المصلحة من رفع الدعوى إلى غاية الفصل فيها‪ ،‬فإن ثبت‬
‫للقاضي بعد إثارة الدفع من جانب اإلدارة المعنية أنه لم يعد لرافع الدعوى مصلحة قائمة أقرت‬
‫‪1‬‬
‫المحكمة اإلدارية عدم قبول الدعوى‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬المصلحة المادية والدبية‬
‫‪2‬‬
‫تكفي المصلحة األدبية متى كانت مباشرة لقبول دعوى اإللغاء لبعض األشخاص‪.‬‬
‫ال يشترط في مصلحة الطاعن في دعوى اإللغاء ان تكون مادية أي مما يمكن تقويمها‬
‫بالمال‪ ،‬بمعنى أ ن تكون الفائدة التي تعود عليه فيما لو قبلت طلباته فائدة مالية‪ ،‬إذ يجوز أن تكون‬
‫هذه المصلحة أدبية أو معنوية ال تقوم بالمال‪ ،‬و إن كان الغالب في معظم الدعاوى أن تكون‬
‫‪3‬‬
‫المصالح التي يسعى اليها الطاعن مادية‪.‬‬
‫إذ يستوي في المصلحة المبررة لقبول دعوى اإللغاء ان تكون مادية أو مالية أو أن تكون‬
‫أدبية ‪ .intérêt moral‬و أمثلة المصالح المادية كثيرة‪ ،‬إذ أن األعم من المصالح تكون مادية أو‬
‫مالية‪ ،‬مثل قرار اإلدارة بغلق محل تجاري ‪.‬‬
‫أما المصلحة األدبية التي تجيز قبول الطعن باإللغاء‪ ،‬فقد تكون متصلة بسمعة الموظف‬
‫أو التشكك في كفاءته نتيجة لتقديم غيره عليه في األقدمية‪ ،‬ولو كان قد أحيل إلى المعاش‪.‬‬
‫وقد اطردت احكام مجلس الدولة الفرنسي على االعتداد بالمصلحة األدبية في قبول‬
‫دعوى اإللغاء بدون اية تفرقة بينهما و بين المصالح المادية و المالية‪.‬‬
‫واتبعت محكمة القضاء اإلداري في مصر نفس النهج منذ السنوات االولى لعملها‪،‬‬
‫فأعلنت أن القاعدة العامة في هذا الشأن أنه «يكفي فيما يتعلق بطلب اإللغاء ان يكون للطالب‬
‫‪4‬‬
‫مصلحة شخصية مباشرة في الطلب مادية كانت أو أدبية»‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬نقال عن عمار بوضياف‪،‬دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪،‬دراسة تشريعية و قضائية وفقهية‪،‬الطبعة االولى‪،‬جسور‬
‫للنشر و التوزيع الجزائر‪ 1009،‬ص ‪. 86 ،86‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬محمد عبد السالم مخلص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪318 ،316‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ :‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 122‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ :‬عبد الغني عبد اهلل بسيوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.300 ،99‬‬
‫‪24‬‬
‫وال شك في أن تقدير مدى توافر المصلحة األدبية للمدعي في دعوى اإللغاء أمر يترك‬
‫‪1‬‬
‫تقديره للقاضي‪ ،‬يقدره في كل حالة على حدى‪ ،‬وفقا لظروف كل دعوى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 619‬‬
‫‪25‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬‬
‫المصلحة بين دعوى اإللغاء و دعوى القضاء الكامل‬
‫من المسائل البديهية أن كل رافع دعوى إدارية او غير إدارية أي عادية ينبغي أن تكون‬
‫له مصلحة في اثارة النزاع وعدم وجود هذه المصلحة كفيل بعدم قبول الدعوى وقد اعتبر بعض‬
‫الفقهاء أن اشتراط المصلحة ينطوي على وجهين احدهما سلبي ويتمثل في منع من ليس في حاجة‬
‫إلى حماية القانون من االلتجاء إلى القضاء‪ ،‬والثاني ايجابي هو اعتباره شرطاً لقبول دعوى كل من‬
‫له فائدة من الحكم فيها ‪.‬‬
‫و لقد اثار عنصر المصلحة في دعوى اإللغاء خالفاً كبي اًر فأراد الكثير من الفقهاء‬
‫الوقوف عند هذا الشرط و ابراز مدى خصوصيته تميي اًز له عن شرط المصلحة في دعوى القضاء‬
‫الكامل ومن خالل ما سبق سوف نفصل هذا من خالل مطلبين ‪ :‬المطلب األول ‪ :‬خصوصية‬
‫شرط المصلحة في دعوى اإللغاء‪ .‬المطلب الثاني‪ :‬أسس التفرقة بين المصلحة في دعوى القضاء‬
‫الكامل و في دعوى اإللغاء‪.‬‬
‫المطلب الول‪ :‬خصوصية شرط المصلحة في دعوى اإللغاء‬
‫تتميز دعوى االلغاء بأن سلطة القاضي اإلداري تقتصر فيها على مجرد الحكم‬
‫بإلغاء القرار اإلداري الغير مشروع و ليس أكثر من ذلك‪.‬‬
‫كما أنها دعوى موضوعية تخاصم القرار اإلداري ذاته و ليست مخاصمة لإلدارة إضافة‬
‫إلى أ ن الحكم الصادر في الدعوى بإلغاء القرار اإلداري له حجية مطلقة في مواجهة الكافة‪ ،‬و‬
‫‪1‬‬
‫يتمسك باإللغاء كل من له مصلحة في ذلك ولو لم يكن طرفا في الدعوى‪.‬‬
‫تثور عدة تساؤالت حول طبيعة دعوى اإللغاء من خالل دراسة شرط المصلحة‪ ،‬فهل تعتبر‬
‫دعوى اإللغاء دعوى حسبة ‪action populaire‬؟ بمعنى أنها تعطي كل مواطن حق مراقبة‬
‫تصرفات اإلدارة والطعن فيها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬قضاء اإللغاء (أو اإلبطال)قضاء التعويض و أصول اإلجراءات‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،1002 ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪26‬‬
‫الفرع الول‪ :‬القائلون بأن دعوى اإللغاء دعوى حسبة ‪:‬‬
‫يذهب رأي إلى أن دعوى اإللغاء منظمة على نحو الدعوى الشعبية في القانون الروماني‪،‬‬
‫أ و دعوى الحسبة في الشريعة اإلسالمية حيث يقتصر في الحقيقة دور الطاعن على دور المبلغ‬
‫وهو دور شبيه بدور النيابة العامة‪ ،‬ومن ثم فأي شخص يستطيع الطعن في أي قرار‪ ،‬ألن أي‬
‫مواطن يهمه سيادة المشروعية في الدولة ويحتج انصار هذا الرأي بالحجج اآلتية‪:‬‬
‫أن قانون مجلس الدولة لم يخضع دعوى اإللغاء ألي شرط‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أ ن الدعوى القضائية اإلدارية نظام قانوني شأنه شأن باقي فروع القانون‬ ‫‪-‬‬
‫اإلداري يستمد أساسه من القانون الدستوري‪،‬والمبدأ الديمقراطي يقضي بأن كل عمل‬
‫مخالف للقانون ترتكبه الحكومة او عمالها يجب ان يكون محالً لالنتقاد والجزاء فالسلطة‬
‫يجب من الناحية النظرية ان تمارس بواسطة الجماعة الشعبية‪ ،‬و على ذلك فهي وديعة في‬
‫ايدي من انتخبهم الشعب‪،‬او في ايدي مندوبيهم‪ ،‬وهؤالء اآلخرين ال يستطيعون مباشرتها‬
‫شرعاً إال اذا كانوا لم يخونوا األمانة التي وضعت بين ايديهم‪،‬فإذا تصرفوا بطريقة غير‬
‫مشروعة فإنهم يرتكبون عمالً باطالً ومن هنا تبرر ضرورة الرقابة والجزاء على اعمالهم‪ ،‬و‬
‫ألن هذه الرقابة ليس من السهل أن يجريها الشعب بنفسه‪ ،‬لذلك يجب أن يخصص لها‬
‫قاضي‪ ،‬وال يوجد سبب لتحديد الفئة التي تستطيع االلتجاء اليه‪.‬‬
‫أن طبيعة القضاء العيني او الموضوعي ال تستلزم اشتراط مصلحة في رافع‬ ‫‪-‬‬
‫دعوى اإللغاء‪ ،‬ألنه ال يسعى إلى غنم شخصي عادة و إنما إلى مصلحة الجماعة كلها‪.‬‬
‫أنه في الحقيقة السبب الذي يحول بين مجلس الدولة الفرنسي و بين قبول‬ ‫‪-‬‬
‫الدعوى الشعبية‪ ،‬هو ما ورد في احدى الدعاوى من انه ال يوجد في الواقع اعتراض نظري‬
‫صالح ضد الدعوى الشعبية غير االعتبارات التي تتمثل في ازدحام المحاكم مما يعوق‬
‫وظيفتها القضائية‪ ،‬كما يعوق ايضا تصرفات اإلدارة متى سمح القضاء ألي شخص‬
‫بالطعن في أي قرار‪ ،‬وفي القانون العام على األقل فإن االضطراب االجتماعي ‪trouble‬‬
‫‪ sociale‬يأخذ قيمة االحتجاج بالحق‪ ،‬ومن اجل هذا فإن القضاء الذي يوسع من فكرة‬
‫المصلحة‪،‬فيمدها إلى طوائف متعددة من الطاعنين‪،‬انتقاال من المدينة الى المحافظة او‬
‫المستعمرة ومن فكرة ضيقة تتمثل في المصلحة الفردية التي تفهم اوسع في المصلحة‬

‫‪27‬‬
‫للمنتفع بالمرفق العام‪ ،‬فإن هذا القضاء ال يزال يستلزم ان تكون مصلحة الطاعن تندرج في‬
‫‪1‬‬
‫نطاق محدد‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القائلون بضرورة المصلحة كشرط لدعوى اإللغاء‬
‫إن طبيعة السلطة القضائية توجب على القاضي أن ال ينظر في الدعوى من تلقاء‬
‫نفسه‪ ،‬فهو يطبق القانون فقط في المنازعات المطروحة عليه‪ ،‬ألنه ليس سوى محكم‪ ،‬فإذا كان‬
‫من الممكن االلتجاء اليه في مجال معين بواسطة أي شخص دون أي شرط فإن شخصية‬
‫الطالب‪ ،‬صفته ستختفي من هذه النقطة وال يتسنى اعتباره مدعيا‪ ،‬و يكون القاضي قد نظر في‬
‫النزاع من تلقاء نفسه‪ ،‬أو يكون متهما ببساطة بأنه اثار تدخال ليجد الفرصة للحكم‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإنه من المهم أن يكون هناك شرط لقبول الدعوى مستمد من مصلحة الطاعن‪ ،‬و حتى ال‬
‫تتوقف دعوى اإللغاء عن أن تصبح دعوى قضائية‪ ،‬فتقترب كثي اًر من اإلشكال العادية للرقابة‬
‫اإلدارية أو الوصائية‪ ،‬او للرقابة السياسية التي يمارسها اعضاء المجالس النيابية على قيام‬
‫األعضاء التنفيذيين بوظائفهم كذلك فإن صمت المشرع تفسير بأنه اقرار لما سار عليه قضاء‬
‫مجلس الدولة الفرنسي من تنظيم دعوى اإللغاء ألنها دعوى من صنع القضاء‪ ،‬ايضاً فإن‬
‫الفقهاء لم ينادوا بهجر هذا الشرط و إنما بالتوسعة فيه‪ ،‬فضال عن ان القانون الروماني الذي‬
‫اجاز دعوى الحسبة‪ ،‬انتهى به األمر إلى ان يقيدها بعض الشيء اذا تعدد طالبوا رفع دعوى‬
‫الحسبة من اجل موضوع واحد ‪.‬‬
‫أنه ليس ثمة ضرورة لجعل دعوى اإللغاء شعبية إذ أن رقابة المشروعية تكون كاملة و‬
‫فعالة‪ ،‬عندما يستطيع ذوي الشأن أن يطعنوا في عدم المشروعية التي تتعلق بهم‪.‬‬
‫أ ن شرط المصلحة ضروري حتى يجري مجلس الدولة تميي از بين الطلبات حسب كيفها‬
‫ال كمها‪ ،‬فمجلس الدولة يستعمل هذا الشرط كوسيلة لتحديد نطاق و درجة رقابته على الق اررات‬
‫‪2‬‬
‫اإلدارية أيا كانت‪ ،‬ومن ثم فإنه ال يتسنى أن تصبح لهذا السبب دعوى شعبية‪.‬‬
‫واذا ما نظرنا إلى النظم المقارنة نجد أن المشرع المصري استلزم بصريح النص توافر‬
‫شرط المصلحة في رافع دعوى اإللغاء منذ اول قانون صدر بتنظيم مجلس الدولة‪،‬اذ نصت‬

‫‪1‬‬
‫انظر ‪ :‬محمد عبد السالم مخلص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 331، 333‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬محمد عبد السالم مخلص‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. 332 ،332‬‬
‫‪28‬‬
‫المادة ‪ 6‬من القانون رقم ‪ 331‬سنة ‪ 3926‬بإنشاء مجلس الدولة على أن «ال تقبل الطلبات‬
‫اآلتية (‪ )1( ،)3‬الطلبات المقدمة من اشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية»‪.‬‬
‫وورد بالمذكرة اإليضاحية لهذا القانون «وقد تناولت المادة السادسة من المشروع بيان‬
‫الحاالت التي ال يقبل النظر فيها لدى محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬فالحالة األولى ‪ ...‬والحالة‬
‫الثانية تتعلق بالطلبات التي تقدم من اشخاص ليست لهم فيها بالذات مصلحة شخصية‬
‫مباشرة»‪ ،‬ينصب الطعن في دعاوى اإللغاء على القرار اإلداري المشوب بعيب من عيوب‬
‫المشروعية‪ ،‬ولهذا فهي كما اوضحنا من قبل دعوى موضوعية او عينية‪.‬‬
‫و على هذا األساس فإن المصلحة في دعوى اإللغاء ال يشترط أن تستند إلى حق قد‬
‫وقع عليه اعتداء او مهدد بهذا االعتداء من السلطة العامة‪ ،‬وهذا عكس الحال في الدعاوى‬
‫العادية‪،‬اذ أن مصلحة رافع الدعوى فيها البد ان تستند إلى حق ذاتي قد اعتدى عليه ‪.‬‬
‫وقد اشترط استناد المصلحة في دعوى اإللغاء إلى حق ذاتي أدى إلى اتساع ميدانها‬
‫باعتبارها دعوى موضوعية تخاصم الق اررات اإلدارية غير المشروعة‪ ،‬بقصد حماية مبدأ‬
‫المشروعية من خالل حماية المصالح المختلفة للطاعنين في دعوى اإللغاء ‪.‬‬
‫ولهذا ثار التساؤل حول ما إذا كان اتساع شرط المصلحة قد أدى إلى تحول دعوى‬
‫اإللغاء‪ ،‬والموسعة لمفهوم المصلحة التي تبرر قبول الطعن باإللغاء في الق اررات اإلدارية‬
‫المخالفة لمبدأ المشروعية إلى جدل فقهي حول طبيعة دعوى اإللغاء‪ ،‬فقال بعض الفقهاء بأن‬
‫دعوى اإللغاء تعتبر دعوى حسبة يكفي توافر مصلحة عامة حتى يحق لكل مواطن رفعها امام‬
‫القضاء اإلداري‪.‬‬
‫كما أن انتماء دعوى اإللغاء إلى القضاء الموضوعي أو العيني يجعلها تختلف عن‬
‫الدعاوى الشخصية التي تحمي الحقوق الفردية و المراكز الذاتية المعتدى عليها‪ ،‬فهي تنصب‬
‫على مخاصمة القرار اإلداري المخالف للقانون‪ ،‬و بالتالي ال يجب أن يقيد قبولها بشرط‬
‫‪1‬‬
‫المصلحة كما هو الشأن بالنسبة للقضاء الكامل‪.‬‬
‫ولكن المنكرون لهذا االتجاه يرون أن دعوى اإللغاء ليست هي دعوى الحسبة و أن‬
‫شرط المصلحة البد أن يوجد في رافع الدعوى واال تحولت رقابة القضاء اإلداري إلى رقابة‬
‫ادارية او سياسية‪ .‬كذلك توجد ضرورة عملية لإلبقاء على المصلحة في قبول دعوى اإللغاء‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫انظر ‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 89 ،88‬‬
‫‪29‬‬
‫وهي الحد من الدعاوى المرفوعة باإللغاء امام القضاء اإلداري فال تقبل الدعوى إال من خالل‬
‫ذي مصلحة‪ .‬اما لو فتح الباب على مصراعيه لرفع دعوى اإللغاء دون اشتراط توافر المصلحة‬
‫في رافعها لغرق القضاء اإلداري في سيل من الدعاوى اإلدارية‪.‬‬
‫و أيا كان الخالف الفقهي‪ ،‬فإن مجلس الدولة الفرنسي يشترط توافر المصلحة في‬
‫رافع الدعوى‪ ،‬إال أنه تساهل ازاء هذا الشرط‪ ،‬وتوسع في االعتراف بأنواع عديدة من المصالح‬
‫المبررة لقبول دعوى اإللغاء مادامت الجدية قد توافرت في هذه الطعون‪.‬‬
‫أما في مصر فقد قطع المشرع منذ البداية الطريق على اي خالف في المسألة عندما‬
‫اشترط ضرورة توافر المصلحة الشخصية لقبول الدعاوى اإلدارية ‪ -‬ومنها دعوى اإللغاء –‬
‫امام مجلس الدولة بهيئة قضاء اداري‪ .‬وعلى هذا األساس فإن دعوى اإللغاء تختلف عن‬
‫دعوى الحسبة المقررة في الشريعة اإلسالمية تطبيقاً لقول اهلل سبحانه وتعالى‪َ « :‬وْلتَ ُكن ِّمن ُك ْم‬
‫وف َوَي ْن َه ْو َن َع ِن ا ْل ُمن َك ِر َوأ ُْولَ ِـئ َك ُه ُم ا ْل ُم ْفلِ ُح َ‬
‫ون ِبا ْلمعر ِ‬ ‫ُم ٌة َي ْد ُع َ ِ‬
‫‪1‬‬
‫ون»‬ ‫ون إلَى ا ْل َخ ْي ِر َوَيأ ُ‬
‫ْم ُر َ َ ْ ُ‬ ‫أ َّ‬
‫وذلك ألن دعوى الحسبة في اإلسالم يجوز لكل مسلم عدل أن يقيمها دفاعاً عن‬
‫‪2‬‬
‫حقوق اهلل تعالى‪ ،‬أو الحقوق التي يغلب فيها حق اهلل على حق العباد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬اآلية (‪)303‬من سورة آل عمران‪ ،‬الجزء الرابع‬
‫‪2‬‬
‫انظر ‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 90‬‬
‫‪30‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أسس التفرقة بين المصلحة في دعوى اإللغاء و‬
‫دعوى القضاء الكامل‬
‫للتوصل إلى أسس التفرقة بين المصلحة في الدعوى القضاء الكامل و المصلحة في‬
‫دعوى اإللغاء يجب التطرق إلى خصائص دعوى اإللغاء ودعوى القضاء الكامل في الفرع‬
‫األول ومتطلبات شرط المصلحة في دعوى اإللغاء و دعوى القضاء الكامل من خالل الفرع‬
‫الثاني‬
‫الفرع الول‪ :‬خصائص دعوى اإللغاء و دعوى القضاء الكامل‬
‫على عكس األمر في دعاوى اإللغاء فإن دعاوى القضاء الكامل تتميز بأن مجلس‬
‫ال دولة المصري ال تقتصر سلطته فيها على إلغاء قرار اإلدارة غير المشروع أو مجرد إدانة‬
‫أعمالها المخالفة للقانون‪ ،‬بل تمتد سلطة القاضي إلى تحديد المركز القانوني الذاتي للطاعن‬
‫وبيان الحل الكامل للنزاع ‪.‬‬
‫و على ذلك يمكننا أن نخلص خصائص دعوى القضاء الكامل فيما يلي‪:‬‬
‫أن سلطة مجلس الدولة فيها كاملة بمعنى أنها ال تتوقف حد إلغاء عمل اإلدارة‬
‫المخالف للقانون بل تتعدى ذلك إلى حسم كافة عناصر النزاع‪ ،‬بتحديد المركز الذاتي للطاعن‬
‫بشكل نهائي‪.‬‬
‫و يترتب على الخصيصة األولى أن الحكم الصادر في القضاء الكامل ليست له حجية‬
‫مطلقة مثل الحكم في دعوى اإللغاء و إنما حجيته نسبية تقتصر على أطراف الدعوى حيث ال‬
‫يستطيع أن يتمسك بحكم شخص آخر لم يكن طرفاً في هذه الدعوى‪.‬‬
‫اما خصائص دعوى اإللغاء فيمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬
‫أن سلطة القاضي اإلداري في دعوى اإللغاء تقتصر على مجرد الحكم بإلغاء القرار‬
‫اإلداري الغير مشروع و ليس أكثر من ذلك‪.‬‬
‫إن دعوى اإللغاء دعوى موضوعية تخاصم القرار اإلداري ذاته و ليست مخاصمة لإلدارة‬
‫إن الحكم الصادر في الدعوى بإلغاء القرار اإلداري له حجية مطلقة في مواجهة الكافة‪ ،‬و‬
‫‪1‬‬
‫يتمسك باإللغاء كل من له مصلحة في ذلك و لو لم يكن طرفا في الدعوى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر ‪ :‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.36 ،32‬‬
‫‪31‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬متطلبات شرط المصلحة في دعوى القضاء الكامل ودعوى‬
‫اإللغاء‬
‫«المصلحة المشروعة الالزمة لقبول دعوى القضاء الكامل هي المصلحة القانونية‬
‫(‪ )intérêt légal‬وبعبارة اخرى هي المصلحة األدبية او المعنوية‪ ،‬المهمة او التافهة التي تستند‬
‫إلى حق او مركز يحميه القانون ‪.‬‬
‫فإذا لم يكن هناك وجود لهذا القانون ‪-‬اي القاعدة القانونية– التي تحمي هذه المصلحة‬
‫المدعى بها فإن الحق في الدعوى ال ينشأ‪.‬‬
‫وهكذا ال تقبل الدعوى التي يكون موضوعها الزام شخص بدفع دين قمار ألن القانون ال‬
‫يحمي القمار‪ ،‬كذلك اذا طالب الشخص بمجرد مصلحة اقتصادية فإن الدعوى تكون غير مقبولة‪،‬‬
‫كما هو الحال في دعوى التعويض التي يرفعها صاحب دكان على قاتل زبون من زبائنه كان‬
‫يشتري بضاعة ممنوعة ‪ .‬وكذا ال تقبل الدعوى المستندة إلى مصلحة منافية للنظام العام كالدعوى‬
‫التي يرفعها شخص يطالب فيها شخصاً آخر بتنفيذ اتفاق جنائي بينهما‬
‫اما المصلحة القانونية الالزمة لقبول الدعوى اإلدارية فتختلف في مفهومها من دعوى‬
‫التعويض إلى دعوى اإللغاء‪.‬‬
‫إذا كانت القاعدة ا نه في الحالتين هي وجوب أن تكون المصلحة المدعى بها من تلك‬
‫المصالح التي أراد القانون حمايتها‪ ،‬أي مشروعة (وليست منافية للنظام العام و القانون) فإن‬
‫التمييز يقع بين دعوى التعويض ودعوى اإللغاء على مستوى درجة المصلحة المثارة و عالقتها‬
‫بالحق‪.‬‬
‫ففي دعوى التعويض يتمسك القضاء اإلداري بالمفهوم الضيق للمصلحة الذي عرفناه في‬
‫الدعوى المدنية‪ ،‬اي المصلحة التي ترقى إلى مرتبة الحق و ذلك بسبب تشابه الدعوى المدنية‬
‫‪1‬‬
‫ودعوى القضاء الكامل في كون كل منهما تقوم على المطالبة بحق شخصي‪.‬‬
‫أما في دعوى اإللغاء فيكفي ان تكون للطاعن مجرد منفعة اقتصادية لقبول دعواه‪ ،‬وهكذا‬
‫فإن صدور قرار إداري بنقل السوق الى مكان آخر يرتب مصلحة لتجار المنطقة لحرمانهم من‬
‫مزايا اقتصادية (كالنقل و غيره)‬

‫‪ : :1‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.36 ،32‬‬


‫‪32‬‬
‫لقد توسع قضاء اإللغاء في مفهوم المصلحة‪ ،‬فلم يشترط فيها أن ترتقي إلى درجة ثار‬
‫معها جدل كبير في فقه القانون العام حول طبيعة دعوى اإللغاء و ما إذا كانت تعتبر دعوى‬
‫حسبة‪ ،‬المهم في تحديد المصلحة المعتد بها في دعوى اإللغاء أن تكون القاعدة التي خرقها القرار‬
‫المطعون فيه بعدم المشروعية قد شرعت لمصلحة األفراد أو األشخاص المعنوية الطاعنة‪ ،‬و‬
‫‪1‬‬
‫ليست لمصلحة اإلدارة ‪.‬‬
‫مما سبق نستنتج أن المصلحة هي شرط في جميع الدعاوى ولها نفس المفهوم في‬
‫الدعاوى القضائية بصفة عامة‪ ،‬كما نجد أن هناك خلط بين شرط المصلحة والصفة حيث أنه‬
‫هناك من يرى أنهما مندمجين إال أن المشرع الجزائري يفصل بينهما وهو الرأي الراجح‪ ،‬ولشرط‬
‫المصلحة مواصفات تميزها عن غيرها فيجب أن تكون المصلحة شخصية و مباشرة‪ ،‬قائمة أو‬
‫محتملة مادية كانت أو معنوية‪ ،‬بحيث تستمد المصلحة أساسها القانوني من نص المادة ‪ 33‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬نستنتج أن شرط المصلحة في دعوى اإللغاء قد خرج عن‬
‫المفهوم العام لها بحيث نالحظ أن هناك توسع في اشتراطها سواء من قبل القضاء أو الفقه وذلك‬
‫نظ ار لطبيعة هذه الدعوى‪.‬‬

‫‪ : 1‬مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 168‬‬

‫‪33‬‬
34
‫بينا فيما سبق أن دعوى اإللغاء تختلف في خصائصها عن الدعاوى العادية و دعاوى‬
‫القضاء الكامل‪ ،‬األمر الذي كان له انعكاس على شروط تلك الدعوى و أهمها شرط المصلحة و‬
‫ما يخضع له من احكام تتناغم و الطبيعة الموضوعية لدعوى اإللغاء و هدفها في مجال الدفاع‬
‫عن مبدأ المشروعية‪ ،‬فإن لشرط المصلحة أسس تقوم عليها بحيث أنها جاءت بناءا على نص‬
‫قانوني‪ ،‬وقام القضاء والفقه بعناية خاصة لهذا الشرط‪ ،‬ويجوز الدفع بانعدامها إال أن هناك‬
‫اختالف في طبيعة هذا الدفع وسوف نوضح ذلك في المبحث األول الذي نتطرق فيه إلى الطبيعة‬
‫القانونية لشرط المصلحة في دعوى اإللغاء أما المبحث الثاني سنبين فيه طبيعة الدفع بانعدام‬
‫المصلحة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫المبحث االول ‪:‬‬
‫الطبيعة القانونية لشرط المصلحة في دعوى اإللغاء‬
‫تعد المصلحة من النظام العام في دعوى اإللغاء‪ ،‬لكن ليس كل مصلحة تبرر قبول دعوى‬
‫اإللغاء‪،‬وانما المصلحة التي تبرر قبول هذه الدعوى هي تلك المصلحة التي وضع الفقه و القضاء‬
‫احكامها العامة‪،‬و تتمثل هذه األحكام في اساس اشتراط المصلحة سنتطرق اليه من خالل المطلب‬
‫األول وشروط المصلحة سنتطرق الى هذا األخير من خالل المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب الول‪ :‬الساس القانوني للمصلحة في دعوى اإللغاء‬
‫كان هناك أري قديم في الفقه يشترط لقبول دعوى اإللغاء شكال أن تكون لرافع الدعوى‬
‫مصلحة‪ ،‬بحجة ان هذه الدعوى هي ذات طبيعة عينية تتجه الى مخاصمة القرار اإلداري غير‬
‫‪1‬‬
‫المشروع إللغائه و ان القانون لم ينص على هذا الشرط‪.‬‬
‫إال أن هذا الرأي ال وجود له اآلن في الفقه الذي يجمع على اشتراط المصلحة في دعوى‬
‫اإللغاء لضبطها حتى ال تتحول إلى دعوى حسبه‪ ،‬فالحسبة نظام رقابي في الدولة اإلسالمية‬
‫يستهدف الحفاظ على الشريعة اإلسالمية في األمر بالمعروف و النهي عن المنكر تقويما لسلوك‬
‫األفراد سواء كانوا موظفين عامين أو مواطنين عاديين‪.‬‬
‫ويعرف الفقهاء دعوى الحسبة في الشريعة اإلسالمية بأنها تلك الدعوى التي يجوز لكل‬
‫مسلم عادل يتجنب الكبائر ويؤدي الفرائض و تغلب حسناته على سيئاته أن يرفعها دفاعا عن‬
‫حقوق اهلل تعالى الخالصة أو ما كان حق اهلل منها غالبا وذلك من باب إزالة المنكر و إعماال‬
‫ون ِبا ْلمعر ِ‬
‫وف َوَي ْن َه ْو َن َع ِن ا ْل ُمن َك ِر‬ ‫ُم ٌة َي ْد ُع َ ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫ون إلَى ا ْل َخ ْي ِر َوَيأ ُ‬
‫ْم ُر َ‬ ‫لقوله تعالى ‪َ «:‬وْلتَ ُكن ِّمن ُك ْم أ َّ‬
‫َوأ ُْولَ ِـئ َك ُه ُم ا ْل ُم ْفلِ ُح َ‬
‫‪2‬‬
‫ون »‬
‫منكر فليغيره بيده‪،‬فإن لم يستطع‬
‫ا‬ ‫ولقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬من رأى منكم‬
‫فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف اإليمان"‬
‫فدعوى الحسبة بهذا المعنى تخول المواطنين عموما حق مراقبة اإلدارة في تصرفاتها‪،‬و‬
‫تهدف الى تحقيق الشريعة اإلسالمية عن طريق األمر بالمعروف و النهي عن المنكر‪ ،‬وصوال إلى‬
‫اإلصالح في إصالح اإلدارة الحكومية العامة في مجال التنمية االقتصادية و االجتماعية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ :‬نقال عن احمد محمد فارس النوايسة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 312‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬اآلية (‪)303‬من سورة آل عمران‪ ،‬الجزء الرابع‬
‫‪36‬‬
‫وبناء عل ى ذلك فإن التشريع و القضاء يتطلب في قبول دعوى اإللغاء شكال ان يكون‬
‫لرافعها مصلحة شخصية و مباشرة إللغاء القرار اإلداري المطعون فيه حتى يتجنب دعوى‬
‫‪1‬‬
‫الحسبة‪.‬‬
‫و قد استقرت احكام القضاء في كل من مصر‪،‬و فرنسا‪،‬و األردن على ضرورة ان يتوافر‬
‫في صاحب الشأن مصلحة شخصية و بالتالي استبعاد دعوى الحسبة‪،‬و ضمان جدية الدعاوى‬
‫المقدمة‪ .‬و في حكم لمحكمة العدل العليا األردنية‪".‬ان دعاوى اإللغاء بطبيعتها هي دعاوى‬
‫موضوعية‪ ،‬القصد منها ليس مجرد الدفاع عن المشروعية و الصالح العام فحسب بل و الدفاع‬
‫عن مصلحة ذاتية للمستدعي أثر فيها القرار المطعون تأثي ار مباش ار حتى تكون هذه المصلحة‬
‫‪2‬‬
‫الذاتية قرينة على جدية الدعوى و القول بغير ذلك يجعل من دعوى اإللغاء دعوى حسبة "‬
‫إن لفكرة المصلحة عدة فوائد ومزايا ووظائف تتجلى في مختلف أنواع فروع العلوم‬
‫والمعرفة‪ ،‬وال سيما في مجال الفلسفة وعلم النفس والعلوم االجتماعية واالقتصادية والقانونية وكذا في‬
‫ميدان العلوم اإلدارية‪ ،‬حيث تقوم هذه الفكرة بدور حيوي كحافز وضابط للسلوك اإلنساني في‬
‫مختلف المجاالت السياسية واالجتماعية واالقتصادية والقانونية واإلدارية‪ ،‬كما تضطلع هذه الفكرة‬
‫بدور فعال في تأصيل وتحديد بعض األفكار والنظريات والحقائق القانونية وتسهيل عملية تطبيقها‪،‬‬
‫مثل نظرية الدعوى‪ ،‬فمثال تساعد فكرة المصلحة كشرط من شروط قبول دعوى اإللغاء في عملية‬
‫تنظيم وتطبيق هذه الدعوى بصورة رشيدة ومنطقية وفعالة‪ ،‬حيث تحد وتقطع الطريق أمام أي‬
‫‪3‬‬
‫مصدر من مصادر الغموض في تطبيق دعوى اإللغاء‪.‬‬
‫ويعود األساس القانوني لفكرة المصلحة إلى قانون اإلجراءات المدنية السابق في مادته‬
‫‪ 229‬حيث تنص على أنه "ال يجوز ألحد أن يرفع دعوى أمام القضاء مالم يكن حائ از الصفة و‬
‫أهلية التقاضي و له مصلحة في ذلك"‪ ،‬ونص المادة ‪ 33‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫الجديد السابق الذكر‪ ،‬ويتضح من النص أن عدم تحقق المصلحة في رافع الدعوى مانع من موانع‬
‫رفعها فإذا كان لكل شخص أن يلجأ إلى القضاء عارضا عليه إدعاءه على شكل دعوى فإنها ال‬
‫‪4‬‬
‫تقبل إال إذا توافر فيها شرط المصلحة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬نفال عن احمد محمد فارس النوايسة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 312،316‬‬
‫‪2‬‬
‫‪:‬عدل عليا‪،‬رقم ‪،80/38‬العدد‪،1‬سنة ‪،3983‬ص ‪،362‬نقال عن احمد محمد فارس النوايسة‪،‬نفس المرجع‪،‬ص‪.316‬‬
‫‪3‬‬
‫‪:‬عوابدي عمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.233‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ :‬نقال عن سمان صليحة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.36 ،32‬‬
‫‪37‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط قبول المصلحة في دعوى اإللغاء‬
‫إذا كان من المقرر أنه توجد دعوى كلما كانت هناك مصلحة تحتاج إلى حماية القضاء إال‬
‫أنه ال يكفي لقبول الدعوى توافر تلك المصلحة وانما يجب أن تتوافر في هذه المصلحة شروط‬
‫معينة تجعلها جديرة باالعتبار‪ ،‬وهذا يعني أن المصلحة في إلغاء القرار اإلداري ال تعطي‬
‫لصاحبها حقا مطلقا في طلب إلغائه‪ ،‬حيث يرد عليها قيوداً يتعين احترامها بان تكون المصلحة‬
‫القانونية مشروعة و هذا من خالل الفرع األول باإلضافة بأن تكون المصلحة مباشرة و كافية وهذا‬
‫من خالل الفرع الثاني‬
‫الفرع الول‪ :‬أن تكون المصلحة القانونية مشروعة‬
‫من البديهي أنه ال يجوز لشخص أن يطالب باحترام قواعد المشروعية بينما مركزه هو غير‬
‫مشروع‪ .‬فإذا كان هناك مركز ال يتفق مع القانون قد تساهلت ازاءه جهة اإلدارة فإنه ال يكون على‬
‫الرغم من ذلك مصلحة قابلة للدفاع عنها بطريق دعوى اإللغاء‪.‬‬
‫و إذا كان مجلس الدولة الفرنسي قبل بالحكم الصادر في ‪ 18‬فبراير سنة ‪ 3939‬دعوى‬
‫اقامتها بعض النسوة الساقطات ضد ق اررات متعلقة بحرية التنقل تؤثر في مباشرة مهنتهن‪ ،‬مما حدا‬
‫بالظن إلى أن سبب قبول الطعن يرجع إلى المصلحة المهنية ‪ intérêt professionnel‬المرتبطة‬
‫بهذه الدعوى فإن الصحيح أن قبول الدعوى كان سببه أن الطعن أثار االعتداء على الحريات‬
‫‪1‬‬
‫الفردية‪ ،‬والتي ال تتوقف مشروعية المصلحة فيها على شخص الطاعن الذي يدفع بها‪.‬‬
‫يرى أحمد محيو أن دعوى تجاوز السلطة ال تقبل إال اذا كانت لرافع الدعوى مصلحة‬
‫مشروعة و معقولة ‪ .‬صحيح أن المشكلة تطرح خاصة في منازعات القضاء الكامل‪ ،‬و بالتحديد‬
‫في شأن الحق بإصالح الضرر للمعاشر‪ ،‬و إال انه من الممكن طرحها في منازعات اإللغاء ومن‬
‫البديهي انه ال يمكن التأسيس على مصلحة ال معنوية او غير مشروعة للمنازعة في مشروعية‬
‫‪2‬‬
‫نص ما‪.‬‬
‫تشترط المحكمة اإلدارية العليا في مصر لقبول دعوى اإللغاء «أن يكون لرافعها مصلحة‬
‫قانونية في اقامتها بأن يكون موضوع الدعوى هو المطالبة بحق او بمركز قانوني أو التعويض‬
‫عن ضرر اصاب حقاً من الحقوق‪ ،‬و ان تكون المصلحة شخصية و مباشرة و قائمة و حالة»‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬محمد عبد السالم مخلص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 311، 313‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬أحمد محيو‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 329‬‬
‫‪38‬‬
‫فالمصلحة الشخصية المباشرة للطاعن يجب أن تتطابق مع المصلحة التي يحميها‬
‫القانون‪ ،‬وال يكفي أن يثبت المدعي أن مصلحته في الغاء القرار المطعون فيه‪ .‬و إنما يجب‬
‫باإلضافة إلى ذلك أن تكون المصلحة متطابقة مع تلك التي يريد القانون حمايتها‪ ،‬بأن تكون‬
‫القاعدة القانونية التي خالفها القرار المطعون فيه مقررة لصالح األفراد أو الهيئات التي طعنت في‬
‫‪1‬‬
‫القرار و ليست مقررة لصالح اإلدارة وحدها‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أن تكون المصلحة الشخصية مباشرة و كافية ‪:‬‬
‫تعني المصلحة المباشرة أن تكون تلك المصلحة محسوسة و قائمة فعالً‪ .‬بمعنى أن‬
‫يشكل القرار محل الطعن اعتداء مباش اًر على مصلحة الطاعن‪.‬‬
‫واستلزام االعتداء المباشر على المصلحة كشرط لقبول دعوى اإللغاء‪ ،‬مرجعه الطابع‬
‫الشخصي أو باألحرى الفردي لتلك المصلحة إذ عندما تكون المصلحة غير محددة فإن قبول‬
‫الدعوى التي يرفعها طاعن للدفاع عن تلك المصلحة يؤدي إلى المخاطرة بصدور حكم قضائي من‬
‫‪2‬‬
‫الممكن أن يضر مباشرة بمصالح اآلخرين ‪.‬‬
‫كل شخص تعرض حق له النتهاك من طرف اإلدارة‪ ،‬بإمكانه رفع دعوى تجاوز السلطة‪،‬‬
‫إال أنه ليس بالضرورة أن يكون الحق المنتهك محددا بدقة‪ ،‬بل يكفي وجود مصلحة متضررة‪ ،‬و‬
‫بهذا الشأن‪ ،‬كثي ار ما يشار إلى حكم تقليدي لمجلس الدولة الفرنسي من خالل حكم في ‪ 13‬ديسمبر‬
‫‪3‬‬
‫‪.3906‬‬
‫الذي يظهر بوضوح فكرة المصلحة المباشرة و الكافية‪ :‬قامت شركة النقل العام في إحدى‬
‫المدن بتغيير خطوط سير حافالتها مما أدى إلى إلغاء أحد الخطوط الذي كان يخدم أحد األحياء‪،‬‬
‫فتجمع قاطنو هذا الحي في جمعية دفاع إلبراز مصالحهم و منازعة التدبير الذي قامت به الشركة‬
‫بموافقة البلدية‪ ،‬لقد وجد القاضي اإلداري الذي رفعت إليه الدعوى نفسه أمام مشكلة ‪ :‬هل توجد‬
‫لدى المنتفعين من مرفق عام للنقل مصلحة كافية في مخاصمة رفض اإلدارة ضمان سير هذا‬
‫‪4‬‬
‫المرفق ‪ ،‬عن طريق دعوى تجاوز السلطة أو قد أجاب باإليجاب ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬نقال عن سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 121‬‬
‫‪ : 2‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 613‬‬
‫‪3‬‬
‫‪: Ce 21 Décembre 1906 , syndicat des propietaires du quatier croix de sgney , tivoli ,RGJA .‬‬
‫‪ 4‬أنظر‪ :‬محيو أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪326‬‬
‫‪39‬‬
‫جرى قضاء مجلس الدولة على أنه لكي تقبل دعوى اإللغاء أمامه فانه يجب ان يكون‬
‫لرافعها مصلحة شخصية مباشرة وقانونية‪.‬‬
‫ويعني ذلك أن " يكون رافع الدعوى في حالة قانونية خاصة اثر فيها القرار المطلوب إلغاؤه‬
‫تأثي ار مباش ار" و أن تكون هذه "المصلحة الشخصية المباشرة مصلحة قانونية اي مصلحة يحميها‬
‫القانون" ‪.‬‬
‫وانتفاء المصلحة الشخصية المباشرة لرافع الدعوى يجعل الدعوى غير مقبولة‪ ،‬وتبعاً لذلك‬
‫قضت محكمة القضاء اإلداري بأن "من ال تتوافر فيه الشروط الالزمة للتعيين في إحدى الوظائف‬
‫العامة ال يكون له مصلحة شخصية ومباشرة للطعن باإللغاء في القرار الصادر بالتعيين في‬
‫الوظيفة ‪.‬‬
‫و التزاماً بشرط المصلحة الشخصية المباشرة لقبول دعوى اإللغاء قرر القضاء اإلداري‬
‫عدم قبول طلب اإللغاء المقدم من اخ يطلب الغاء امتناع اإلدارة عن تجديد جوازات السفر‬
‫الخاصة بإخوته ولو كان اكبر افراد األسرة القائم على شئونها ذلك ان الشخص ال يملك حق‬
‫التقاضي إال في شأن نفسه وليس من حقه ان ان يتولى التقاضي بالنسبة لغيره اال بموجب نيابة‬
‫قانونية صحيحة‬
‫إذا كان يشترط في رافع الدعوى أن يكون له مصلحة شخصية و مباشرة في الغاء القرار‬
‫بأن يكون في حالة قانونية خاصة بالنسبة للقرار الطعون فيه و من شأنها التأثير تأثي اًر مباش اًر في‬
‫مصلحة ذاتية له ‪،‬فهل يمكن ان يتحقق هذا الشرط بالنسبة للورثة الذين يريدون االستمرار في‬
‫دعاوى اإللغاء التي رفعها مورثهم؟‬
‫أحكام مجلس الدولة على أنه ال يقبل من الورثة ان يحلوا بصفة آلية محل مورثهم في‬
‫السير في اجراءا ت دعوى اإللغاء اذا مات المورث قبل صدور الحكم فيها‪،‬فال يقبل منهم ذلك إال‬
‫اذا كانت لهم مصلحة شخصية و مميزة عن مصلحة المورث‪.‬‬
‫وتبعا لما تقدم فان استمرار الورثة السير في اجراءات دعوى اإللغاء التي رفعها مورثهم‬
‫رهن بتوفر شرط المصلحة الشخصية و المباشرة لهم‪،‬واألمر يختلف في كل حالة حسب توفر أو‬
‫عدم توفر هذه المصلحة‪،‬فحتى يمكن االستمرار في الدعوى يجب ان يكون كل وارث في حالة‬
‫قانونية خاصة تجعل له مصلحة شخصية ومباشرة في طلب إلغاء القرار المطعون فيه ‪ .‬فمثالً لو‬
‫كان طعن المورث يتعلق بقرار صادر عن إحدى جهات اإلدارة برفض التعيين في وظيفة معينة‪،‬‬

‫‪40‬‬
‫فهنا يستطيع احد الورثة االستمرار في الدعوى ألنهم ال يعتبرون أصحاب مصلحة‪،‬وهم اليكونون‬
‫تأثير مباش ار ‪ .‬وفي هذا الشأن قررت محكمة القضاء‬
‫ا‬ ‫في حالة قانونية خاصة يؤثر فيها القرار‬
‫اإلداري بشأن طلب الورثة استمرار السير في دعوى اإللغاء المرفوعة من مورثهم بطلب إلغاء قرار‬
‫تعيين أحد العمد « " ومن حيث انه فيما يتعلق بورثة المدعى فال جدال في ان مثل هذا الحق و‬
‫طلب اإللغاء" ال يورث‪،‬وانه يجب ان يمس القرار المطعون فيه حالة قانونية خاصة بكل منهم تجعل‬
‫له مصلحة شخصية و مباشرة في طلب الغائه ‪...‬بأن يتوافر فيه الشروط التي تبرر ترشيحه‬
‫لوظيفة العمدية ‪ ...‬وما دامت هذه الشروط غير متوافرة في حق الورثة فال يقبل منهم و الحالة‬
‫هذه استمرار السير في الدعوى‪.‬‬
‫على أنه قد يكون للورثة مصلحة شخصية ومباشرة تخول لهم حق اإلستمرار في السير‬
‫في اجراءات دعوى اإللغاء‪،‬كما لو تعلق األمر بإلغاء قرار اإلدارة الصادر بعدم ترقية مورثهم‪.‬‬
‫على هذا النحو توفرت للورثة مصلحة تتعلق بالمزايا المادية للوظيفة التي كان سيرقى‬
‫إليها المورث‪.‬‬
‫ولكن هل يلزم لالعتداد بالمصلحة المشروعة أن تكون دعوى اإللغاء قد تم رفعها من جميع‬
‫الورثة أصحاب المصلحة أم يكفي أن يقوم احدهم برفعها؟‬
‫« اجابت على هذا التساؤل محكمة القضاء اإلداري وكان األمر يتعلق بإلغاء ترخيص‬
‫يمنح مورث المدعى حق إدارة واستغالل سوق عمومي‪،‬ورأت المحكمة ان القرار اإلداري الصادر‬
‫بإلغاء الترخيص يتضمن اعتداء مباشر على حق المدعى في استغالل تلك السوق‪،‬و ان له‬
‫مصلحة شخصية مباشرة تستند الى حق يمس به القرار المطعون فيه‪ .‬ورفضت المحكمة الدفع‬
‫بعدم قبول الدعوى النعدام المصلحة والدفع بعدم تمثيل باقي الورثة في الدعوى»‪.‬‬
‫وردت المحكمة على الدفع األخير"أنه ال وجه لما تحدت به الحكومة من أن المدعى قد‬
‫رفع الدعوى باسمه بغير تمثيل لباقي الورثة‪ ،‬ال اعتداد بهذا القول ألنه ال يشترط لقبول دعوى‬
‫اإللغاء أن يتقدم للطعن في القرار المطعون الغاؤه جميع اصحاب المصلحة الشخصية في‬
‫‪1‬‬
‫إلغائه"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬ابراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬والية القضاء اإلداري‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،1003 ،‬ص ‪ 383‬ومايليها‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫أنواع المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء و آثار إنتفاء المصلحة في‬
‫هذه الدعوى‬
‫من المسلم به ووفقا لما تقدم أن دعوى إلغاء الق اررات اإلدارية غير المشروعة ترتبط‬
‫بضرورة توافر المصلحة الشخصية المباشرة لدى رافع الدعوى‪ ،‬إال أن هذا االرتباط يثير التساؤل‬
‫حول تحديد اآلثار المترتبة على انتفاء المصلحة في هذه الدعوى أو زوالها و انواع المصالح التي‬
‫تحميها دعوى اإللغاء حيث سنتطرق إلى هذا من خالل المطلب األول الذي نبين فيه أنواع‬
‫و المطلب الثاني الذي سنتطرق فيه إلى آثار انتفاء‬ ‫المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء‬
‫المصلحة في دعوى اإللغاء‪.‬‬
‫المطلب الول‪ :‬أنواع المصالح التي تحميها دعوى اإللغاء‬
‫يجب أن تكون مصلحة الطاعن متميزة ومستقلة عن المصلحة العامة‪ ،‬ألن دعوى اإللغاء‬
‫ال تقبل ال نتفاء المصلحة الشخصية المباشرة عندما يرفعها المدعي بوصفه مواطنا عاديا ألنها كما‬
‫قلنا ليست دعوى شعبية أو دعوى حسبة يرفعها من يشاء‪ ،‬ومعنى هذا أن الطاعن يجب أال يقنع‬
‫بصفته العامة كمواطن‪ ،‬بل يتحتم عليه أن يضيف إليها صفة أخرى خاصة تميزه عن غيره وتجعله‬
‫في وضع خاص إزاء القرار المعيب ‪.‬لذلك فإن القضاء قد تطلب فيما يتعلق بشرط المصلحة الالزم‬
‫لقبول دعوى اإللغاء‪ ،‬في بعض الحاالت توفر صفة معينة في الطاعن تتحققها مصلحته في‬
‫الطعن‪ ،‬وعلى هذا األساس تصنف المصالح في إقامة هذه الدعوى إلى مصالح لألفراد العاديين و‬
‫مصالح للموظفين‪ ،‬ومصالح للجماعات أو الهيئات المعترف لها بالشخصية المعنوية‪ ،‬وهذا ما‬
‫سوف نقوم بتفصيله في الفرعين التاليين‪:‬‬
‫الفرع الول‪ :‬مصالح الفراد و الموظفين‬
‫تحظى طعون األفراد والموظفين العموميين بنطاق واسع في مجال دعوى اإللغاء‪ ،‬وهذا ال‬
‫يعود إال لسبب واحد وهو حماية لمصالحهم و حقوقهم‪ ،‬فينظر القضاء أنواعاً متعددة من هذه‬
‫الطعون والتي تختلف باختالف طبيعة الشخص صاحب المصلحة‪،‬ونظ ار لهذا اإلختالف سوف‬
‫ندرس كال من هذه المصالح على حدى من خالل ما يلي‪:‬‬

‫‪42‬‬
‫أوال‪ :‬مصالح الفراد‬
‫للفرد العادي مصلحة في الطعن بإلغاء القرار اإلداري الذي يؤدي نفاذه إلى إلحاق أضرار‬
‫مباشرة به‪ ،‬فيجب أن تتوافر في الطاعن صفة يؤثر عليها تنفيذ القرار محل الطعن‪،‬وهذه الصفات‬
‫ال يمكن حصرها تحديدا وانما سنشير إلى أهمها وفقا للقضاء فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬المالك‪:‬‬
‫ال ريب في أن لكل مالك الحق في الطعن في الق اررات اإلدارية التي تؤثر مباشرة‬
‫في حقوق ملكيته و تشكل اعتداءاً عليها‪،‬فهذا أمر واضح ال يحتاج الى تفصيل‪.‬‬
‫وانما الذي نعنيه بصفة المالك هنا‪ ،‬هو ما له من مصلحة بهذه الصفة في الطعن‬
‫باإللغاء في تلك الق اررات التي تسبب له أض ار اًر أو مضايقات ال تصل الى درجة االعتداء‬
‫على ملكيته‪.‬‬
‫"فقد قبل مجلس الدولة الفرنسي الطعن في الق اررات اإلدارية التي تتعلق بإعداد‬
‫الطريق العام أو باستخدامه من المالك التي تقع أمالكهم على جانبي هذا الطريق‪ ،‬إذا‬
‫كان من شأن هذه الق اررات أن تحدث لهم اض ار اًر أو مضايقات"‪.‬‬
‫و حكمت محكمة القضاء اإلداري في مصر بأن«كل مالك في أحد الشوارع له‬
‫مصلحة شخصية ظاهرة في الطعن في الق اررات المنطوية على مخالفة لنظام البناء في‬
‫الشارع الذي يقع فيه ملكه للحيلولة دون قيام أبنية فيه تتجافى مع ش ارئط العمران التي‬
‫يفترض أنها شرعت لغاية جمالية و صحية‪،‬و بذلك يكون المدعي بوصفه مالكاً ألرض‬
‫مجاورة للبناء المراد اقامته ذا مصلحة شخصية في الطعن في ق اررات الترخيص بالبناء‬
‫‪1‬‬
‫المذكور»‪.‬‬
‫للمالك مصلحة دائمة في الطعن بإلغاء الق اررات اإلدارية المعيبة التي ال تحترم‬
‫مصالحه المشروعة والتي من شأ ا منع أو إعاقة استفادته بالحقوق التي تخوله له صفته‬
‫ار أو مضايقات ال تصل إلى درجة‬
‫كمالك‪ ،‬بمعنى آخر تلك الق اررات التي تسبب له أضر ا‬
‫االعتداء على ملكيته‪،‬إ ال أنه من حق الفرد بصفته مالكا الطعن في الق اررات التي تمثل‬
‫اعتداء على حقوق ملكيته مثل ق اررات الهدم ونزع الملكية وق اررات التخطيط وتنظيم سير‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.330‬‬
‫‪43‬‬
‫وسائل النقل‪ ،‬ويستمد المالك حقه في الطعن بإلغاء الق اررات الماسة بملكيته من الدستور‬
‫‪1‬‬
‫الذي كفل حماية حق الملكية وذلك طبقا للمواد ‪ 10،11،12‬من دستور ‪.3996‬‬
‫حيث يستمد المالك حقه في الطعن بإلغاء الق اررات الماسة بملكيته من الدستور الذي‬
‫‪2‬‬
‫كفل حماية حق الملكية ‪.‬‬
‫‪ .2‬التاجر والصانع‪:‬‬
‫لكل صاحب حرفة أو مهنة تاج اًر كان أو صانعاً أن يطعن في الق اررات المتصلة بتنظيم‬
‫‪3‬‬
‫المهنة التي يمارسها‪ ،‬خاصة إذا شكلت هذه الق اررات اعتداء على حرية التجارة و الصناعة‪.‬‬
‫فتكون بذالك مخالفة للدستور الذي كفل حرية التجارة والصناعة في المادة ‪ 36‬منه‬
‫‪4‬‬
‫نصت على أن‪" :‬حرية التجارة والصناعة مضمونة وتمارس في إطار القانون"‪.‬‬
‫ويشترط لقبول دعوى اإللغاء في هذه الحاالت أن يكون لرافع الدعوى مصلحة شخصية‬
‫ومباشرة في إقامة دعواه‪،‬فليس لصاحب مهنة مصلحة في الطعن باإللغاء على قرار إداري‬
‫تنظيمي يتصل بمهنة غير مهنته حيث ال تأثير مباشر لهذا القرار على مصلحة صاحب‬
‫‪5‬‬
‫المهنة لصدوره بصدد مهنة أخرى‪.‬‬
‫و قد أصدر مجلس الدولة الفرنسي عدداً من األحكام في هذا المجال أكد فيها الحق‬
‫لممارسي المهن و الحرف التجارية و الصناعية‪ .‬وقد أصدر مجلس الدولة الفرنسي عددا من‬
‫األحكام في هذا المجال أكد فيها هذا الحق‪ ،‬ويعود مسلك مجلس الدولة الفرنسي إلى تاريخ‬
‫قديم‪ ،‬حيث أن أول األحكام الشهيرة له هو حكم شركة "كوك" الذي كان متعلقا بقرار من عمدة‬
‫‪6‬‬
‫مدينة نيس الفرنسية بتصنيف نطاق األماكن التي تقف فيها العربات العامة ‪.‬‬
‫وتوجد أحكام لمجلس الدولة المصري في هذا الشأن‪ ،‬منها حكم لمحكمة القضاء‬
‫اإلداري بتقرير وجود مصلحة إلحدى شركات النقل في طلب إلغاء القرار المطعون فيه‪ ،‬رغم‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬دستور الجزائر‪ ،3996‬المعدل بالقانون رقم ‪ 03-36‬مؤرخ في ‪ 06‬مارس سنة ‪ ،1036‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 32‬السنة الثالثة‬
‫و الخمسون مؤرخة في ‪ 06‬مارس ‪. 1036‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.636‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.331‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ :‬المادة ‪ 36‬من دستور ‪ ، 3996‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪632‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ :‬حكم المجلس‪،‬الصادر في ‪ 02‬مايو ‪ 3899‬في قضية )‪) cook‬نقال عن سليمان الطماوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪226‬‬
‫‪44‬‬
‫قيام الشركة ببيع سيارتها ألنه يمس حقها في إنشاء مواقف لشركتها في األراضي الفضاء‬
‫المملوكة لألفراد‪.‬‬
‫الناخب ‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫و هي الطعون التي يتقدم بها المواطن بهذه الصفة في الق اررات اإلدارية المتعلقة بعملية‬
‫االنتخابات‪ ،‬فهل يجوز رفع دعوى بإلغاء هذه الق اررات أمام مجلس الدولة؟‬
‫جرى قضاء مجلس الدولة الفرنسي على أنه يجوز الطعن باإللغاء في الق ار ارت اإلدارية‬
‫المستقلة عن عملية اال نتخابات نفسها في نطاق المجالس البلدية و المحلية‪ ،‬خاصة الق اررات‬
‫‪1‬‬
‫المتعلقة بتقسيم البلدة الى دوائر انتخابية‪.‬‬
‫للناخب مصلحة في ان تكون عملية االنتخاب قد تمت وفقاً للقانون‪ ،‬حيث يستطيع‬
‫الناخب بصفته هذه الطعن باإللغاء في الق ار ارت اإلدارية المتعلقة بالعملية االنتخابية إال أن‬
‫الطعن في هذه الحالة يقتصر على الق اررات المتعلقة بسير عملية االنتخاب فقط‪ ،‬حيث يوكل‬
‫لمجلس الشعب وحده الفصل في صحة عضوية أعضائه و ال يخضع هذا األمر الختصاص‬
‫مجلس الدولة‪،‬حيث تقوم محكمة النقض بالتحقيق في الطعون المتصلة بصحة أعضاء مجلس‬
‫الشعب المحالة إليها من رئيس المجلس‪ ،‬و ال تبطل العضوية إال بقرار يصدره المجلس بأغلبية‬
‫ثلثي أعضائه‪.‬‬
‫حيث تمر العملية االنتخابية بمرحلتين األولى سابقة على عملية االنتخاب وتتصل‬
‫بتقديم و فحص طلب الترشيح و إعداد كشوف المرشحين و البت في صفاتهم و يختص‬
‫مجلس الدولة بالنظر في الطعن بإلغاء الق اررات اإلدارية التي تصدر في إطار تلك المرحلة‪،‬أما‬
‫المرحلة التالية فهي الحقة لعملية االنتخابات و إعالن نتائجها‪،‬و يختص مجلس الشعب نفسه‬
‫بفحص الطعون ضد الق اررات اإلدارية الصادرة في اطارها ‪.‬‬
‫و يجد اعطاء الناخب حق الطعن باإللغاء في الق اررات السابقة للعملية االنتخابية‪،‬مبررة‬
‫في أن له مصلحة خاصة جماعية تخلق له مصلحة في الطعن في اإلجراءات السابقة للعملية‬
‫‪2‬‬
‫اإلنتخابية‪ ،‬و التي تمسه باعتباره أحد أفراد جماعة محددة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.638،639‬‬
‫‪45‬‬
‫‪ .4‬الساكن‬
‫اعترف مجلس الدولة الفرنسي بجواز رفع دعوى اإللغاء من القاطنين في بلدة أو منطقة‬
‫معينة ضد الق اررات اإلدارية التي تمس مصالحهم في هذه البلدة أو المنطقة ‪.‬‬
‫و من هذه األحكام الحكم القديم الشهير الخاص بشركة"ترام بوردو"‪،‬إذ اعترف المجلس‬
‫بوجود مصلحة لسكان أحد أحياء مدينة بوردو في الطعن في قرار المحافظ برفض طلبهم‬
‫‪1‬‬
‫الخاص بإعادة خط الترام الذي كان يسير في هذا الحي‪.‬‬
‫و يسير قضاء مجلس الدولة المصري على أساس قبول الطعن باإللغاء ما دامت صفة‬
‫‪2‬‬
‫الساكن قد توافرت في رافع الدعوى‪.‬‬
‫و نرى أ ن مصلحة الساكن باعتبارها مصلحة خاصة جماعية‪،‬تتيح له أن يطعن في‬
‫الق اررات التي تنعكس آثارها عليه و يتحقق ذلك بتواجده داخل اقليم محدد(مدينة أو قرية)‪،‬و‬
‫بشرط أال تتعارض مصلحته هذه مع مصلحة يرى القضاء أنها األولى باالعتبار كمصلحة‬
‫‪3‬‬
‫المالك مثال‪.‬‬
‫‪ .5‬الممول‪:‬‬
‫الممول هو دافع الضرائب للدولة سواء قام بدفعها للسلطة المركزية أو لما يتبعها من‬
‫‪4‬‬
‫هيئات ال مركزية‪.‬‬
‫و المقصود في هذه الحالة أن يتقدم أحد األفراد‪،‬لمجرد كونه من دافعي الضرائب‪،‬طالبا‬
‫الغاء قرار إداري معيب يترتب عليه انفاق أموال‪ .‬و الظاهر ألول وهلة أن صفة الممول هذه ال‬
‫تكفي لتمييز المواطن عن غيره‪،‬و لهذا فقد جرى مجلس الدولة الفرنسي في أول األمر على ان‬
‫صفة الممول ال تكفي لقبول دعوى اإللغاء وبهذا المعنى حكم بعدم قبول الدعوى المرفوعة من‬
‫أحد الممولين ضد قرار صادر بمنح اعانة للمدارس الحرة‪.‬‬
‫ثم بدأ المجلس يعدل عن هذه الخطة جزئيا‪،‬بالنسبة للق اررات الصادرة من الهيئات‬
‫الالمركزية‪ ،‬السيما بعد أن رسخت أصولها في فرنسا ‪.‬فقد تبين للمجلس‪ ،‬أن الممول‬
‫اإلقليمي‪،‬له مصلحة ظاهرة في الطعن في الق اررات الصادرة من الهيئات الالمركزية و التي‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬نقال عن عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.332‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.332‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر ‪ :‬محمد عبد السالم مخلص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪389‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.621‬‬
‫‪46‬‬
‫يترتب عليها إنفاق األموال العامة‪ ،‬ألن السلطات المركزية قد تغفل أو تتغافل عن هذه‬
‫المخالفات‪،‬فال يكون ثمة سبيل للرقابة إال عن طريق األفراد من الممولين‪،‬ألن الممول يعنيه أن‬
‫تنفق أمواله في مصرفها القانوني‪،‬و ألن كل ساكني المدينة أو اإلقليم ليسوا ممولين‪.‬‬
‫ولقد بدأ هذا التحول بحكم المجلس الصادر في ‪ 13‬مارس سنة ‪ 3903‬في القضية‬
‫المشهورة باسم(‪ )Casanova‬والتي تتعلق بقبول الطعن المرفوع من أحد الممولين ضد قرار‬
‫‪1‬‬
‫صادر من المجلس البلدي‪ ،‬و استقر قضاء المجلس على هذا المعنى‪.‬‬
‫ا ما في مصر رغم عدم تعرض قضاء مجلس الدولة المصري لمسألة توافر المصلحة‬
‫لدافع الضرائب‪ ،‬في الطعن بإلغاء الق اررات المتعلقة بإنفاق حصيلة الضرائب بدعوى عدم‬
‫صوابها‪ ،‬إال أن كثي ار من الفقه ينادي إلى قبول دعوى اإللغاء التي يقيمها الممول للطعن بإلغاء‬
‫الق اررات التي تصدرها السلطة الالمركزية بالتصرف في األموال التي تحصل عليها عن طريق‬
‫الضرائب‪،‬حيث ان هذا الموقف يتفق مع المنطق ‪:‬ألن دافع الضرائب يسهم في الموارد المالية‬
‫إلى حد كبير‪ ،‬بل إنه يعاقب إذا ما تهرب من سداد الضرائب باعتباره مرتكبا لجريمة مخلة‬
‫‪2‬‬
‫بالشرف ‪.‬‬
‫‪ .6‬المنتفع بخدمات المرافق العامة‪:‬‬
‫تخول هذه الصفة لصاحبها حق الطعن –لتوفر المصلحة‪ -‬في الق اررات اإلدارية المتعلقة‬
‫بشروط تسيير المرفق العام‪ ،‬فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي بقبول الطعن من المستفيدين من‬
‫عمليات النقل بالترام – لوجود المصلحة ‪ -‬ضد القرار الصادر برفع تعرفه النقل‪.‬‬
‫كما قبل الطعن من المستفيدين في الق اررات الصادرة ضد القرار اإلداري الضمني الصادرة‬
‫‪3‬‬
‫من اإلدارة برفض إجبار ملتزم المرفق العام على احترام شروط عقد االمتياز‪.‬‬
‫اعترفت محكمة القضاء اإلداري في باكورة أحكامها بوجود مصلحة للمنتفع بخدمات أحد‬
‫المرافق العامة في الطعن على الق اررات اإلدارية التي تحول دون هذا االنتفاع أو ان تنتقص‬
‫منه‪،‬حيث ذهبت في هذا الشأن إلى توافر مصلحة شخصية مباشرة لمواطن يقيم في إحدى المدن‬
‫في الطعن بإلغاء القرار اإلداري الصادر بنقل مركز الشرطة من مدينته تأسيسا على أن هذا القرار‬
‫رغم تعلقه بتنظيم مرفق األمن إال أنه يؤثر على مصلحة الطاعن في توفير الحماية له‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.263،261‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر ‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.621‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ :‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬
‫‪47‬‬
‫إال أ ن المحكمة ما لبثت أن قضائها السابق في حكم أحدث ذهبت فيه الى وضع القواعد‬
‫التنظيمية لسير المرافق العامة من اطالقات جهة اإلدارة دون معقب عليها في ذلك ما دام تقريرها‬
‫‪1‬‬
‫قد خال من اساءة استعمال السلطة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مصالح الموظفين‬
‫يقصد بها تلك الدعاوى التي يتقدم بها رافعوها لحماية مصالحهم وحقوقهم الوظيفية بصفتهم‬
‫موظفين عموميين وليسوا أفرادا عاديين وتتنوع هذه الدعاوى تبعا لنوع القرار اإلداري المطعون فيه‬
‫والذي يمتد أثره إلى الموظف فقد يكون ضد ق اررات متعلقة بدخول الوظيفة العامة‪،‬وقد تتصل‬
‫بق اررات صادرة أثناء مدة العمل في الوظيفة العامة‪ ،‬وأخي ار يجوز أن ترفع الدعوى ضد قرار متصل‬
‫بخروج الموظف من العمل الوظيفي وهذا ما سوف نفصله في اآلتي‪:‬‬
‫الق اررات الخاصة بالدخول في الوظيفة العامة‬ ‫‪.1‬‬
‫القاعدة العامة في هذا الصدد أن كل من استوفى شروط التعيين في إحدى الوظائف‬
‫العامة أن يطعن باإللغاء أمام المحاكم اإلدارية أو مجلس الدولة ألنه يعتبر في مركز خاص‬
‫بالنسبة للقرار المطعون فيه ‪.‬‬
‫وتختلف طبيعة القرار المطعون فيه ونوعيته بحسب الطريق الذي سلكته اإلدارة في اتمام‬
‫هذا التعيين‪،‬اذ يتم شغل الوظائف العامة عن طريق المسابقة وهنا الذين تقدموا للمسابقة ولم تدر ج‬
‫أسماؤهم في قائمة المتسابقين ولم يسمح لهم بالدخول لالمتحان وبالرغم من استيفائهم شروط دخول‬
‫المسابقة لهم أن يطعنوا في القرار النهائي الصادر بالتعيين‪ ،‬وكذا الشأن بالنسبة للذين دخلوا‬
‫االمتحان وأخفقوا فيه لهم أن يطالبوا بإلغاء قرار التعيين طاعنين في نزاهة االمتحان‪،‬وأيضا يحق‬
‫لمن دخل االمتحان ونجح فيه ولكن لم يعين أن يطعن باإللغاء في قرار التعيين إذا كان عدم‬
‫تعيينه راجعا إلى تخطي ترتيبه في كشف األقدمية‪.‬‬

‫كما قد يكون دخول الوظيفة العامة عن طريق الترشيح‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لوظائف‬
‫هيئة التدريس بالجامعة‪ ،‬فإن باب الطعن في القرار اإلداري النهائي الصادر بالتعيين مفتوح لمن‬
‫‪2‬‬
‫استوفى شروط الترشيح ولم يرشح‪،‬وكذلك لمن رشح ولم يعين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.623‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر ‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.336،336‬‬
‫‪48‬‬
‫وقد قررت محكمة القضاء اإلداري في مصر أنه‪" :‬يجب أن يكون رافع الدعوى في حالة‬
‫قانونية خاصة بالنسبة للقرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤث ار تأثي ار مباش ار في مصلحة‬
‫شخصية له‪ ،‬ومن ثم ال يقبل طلب إلغاء القرار الصادر بالتعيين في وظيفة من الوظائف العامة‬
‫‪1‬‬
‫ممن ال تتوافر فيهم الشروط الالزمة للتعيين فيها "‪.‬‬
‫‪ .1‬الق اررات الصادرة أثناء شغل للوظيفة‬
‫تتنوع الق اررات اإلدارية التي تصدر أثناء شغل الموظف للوظيفة العامة المؤثرة في‬
‫حقوقه الوظيفية المختلفة‪ ،‬فقد تكون ق اررات خاصة بالترقية‪ ،‬أو تتعلق بحقوقه المالية‪،‬أو‬
‫ق اررات تأديبية‪،‬و غير ذلك من الق اررات التي تتوافر للموظف مصلحة واضحة في الطعن‬
‫‪2‬‬
‫فيها باإللغاء أمام القضاء اإلداري إذا ما مست حقاً من حقوقه المقررة له قانوناً‪.‬‬
‫هذه الق اررات إما ان تكون متصلة بالتنظيم العضوي للمرفق و إما أن تكون خاصة‬
‫بسير العمل به‪ ،‬و أخي ار قد تتعلق تلك الق اررات بالحقوق الوظيفية للموظف‪.‬‬
‫و سوف نرى مدى توافر مصلحة الموظف في الطعن باإللغاء على كل نوع من هذه‬
‫الق اررات‪.‬‬
‫أ‪ .‬الق اررات الخاصة بالتنظيم العضوي للمرفق‪:‬‬
‫هذه الق اررات هي التي تحدد الهيكل الوظيفي داخل المرفق‪ ،‬و إدارته المختلفة و‬
‫اختصاصات كل منها‪.‬‬
‫و األصل أنه ال يجوز الطعن بإلغاء قرار أصدرته اإلدارة بغرض تنظيم المرفق‬
‫عضوياً‪،‬حيث يشترط لقبول دعوى اإللغاء توافر المصحة‪،‬و ال مصلحة للموظف في الطعن‬
‫في هذه الق اررات إضافة إلى أن قوانين مجلس الدولة المتعاقبة لم تعطيه اختصاصاً بنظر‬
‫الطعن بإلغاء تلك الق اررات حيث قصرت اختصاصاته على النظر في مشروعية الق اررات‬
‫المتصلة بالوظيفة العامة كالتعيين و الترقية و التأديب ‪...‬الخ‪.‬‬
‫و الغرض من حظر الطعن على الق اررات اإلدارية المتعلقة بالتنظيم العضوي‬
‫للمرفق‪ ،‬هو توفير قدر أكبر من الفاعلية للسلطة الرئاسية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬محكمة القضاء اإلداري في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 11‬من يونيو سنة ‪،3928‬في القضية رقم ‪ 326‬لسنة ‪ 3‬القضائية‪،‬نقال عن عبد الغني‬
‫بسيوني عبد اهلل‪ ،‬نفس المرجع‪،‬ص ‪.336‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.336‬‬
‫‪49‬‬
‫و استثناءاً من األصل العام الذي ال يجوز معه الطعن بإلغاء الق اررات المتصلة‬
‫بالتنظيم العضوي للمرفق العام فقد أجاز مجلس الدولة الطعن على تلك الق اررات باإللغاء‬
‫بشرطين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬أن يكون القرار صادر عن أحد مرافق الدولة التقليدية‪ ،‬كالصحة أو التعليم‬
‫و ثانيهما‪ :‬أن يكون من شأن القرار المساس بالحقوق الوظيفية للطاعن‪ .‬و من ثم‬
‫فإذا كان القرار المتصل بالتنظيم العضوي للمرفق العام ينطوي على تأديب مقنع حق‬
‫‪1‬‬
‫للموظف الطعن فيه‪.‬‬
‫ب‪ .‬الق اررات الخاصة بسير العمل بالمرفق‪:‬‬
‫تتمثل تلك الق اررات فيما يصدره الرئيس لمرؤوسيه من تعليمات و أوامر تهدف إلى‬
‫بيان كيفية سير العمل بالمرفق‪.‬‬
‫و الموظف غير ذي صفة في الطعن على هذا النوع من الق اررات‪ ،‬حيث ال يتعلق‬
‫األمر بمصلحته بقدر تعلقه بمصالح المرفق و الصالح العام يسمو على المصالح الفردية‪.‬‬
‫إضافة إلى أنه في إعطاء الموظف حق الطعن باإللغاء في التعليمات الرئاسية‬
‫إضعاف للفاعلية الرئاسية التي تشكل عنص اًر هاماً من عناصر نجاح العمل اإلداري‪ ،‬عالوة‬
‫على ما في ذلك من إخالل بواجب الطاعة المفروضة على المرؤوس تجاه أوامر الرئيس و‬
‫الذي يتعارض معه طعن الموظف على تلك األوامر باإللغاء بما يحمله ذلك من اعتراض‬
‫على األوامر‪.‬‬
‫ت‪ .‬الق اررات المتعلقة بالحقوق الوظيفية للموظف‪:‬‬
‫ال شك أن للموظف العام مصلحة شخصية مباشرة في الطعن بإلغاء ما تصدره‬
‫اإلدارة من ق اررات يرى فيها مساساً به‪ ،‬سواء تعلق األمر بالمزايا الوظيفية‪،‬كق اررات الترقية‪،‬أو‬
‫كان متصالً بمحاسبته كالق اررات التأديبية‪.‬‬
‫و سوف نكتفي ببيان مدى توافر قيام المصلحة في الطعن بإلغاء الق اررات اإلدارية‬
‫الخاصة بالترقية‪ ،‬و كذلك مدى توافرها في الطعن بإلغاء الق اررات التأديبية‪،‬نظ اًر ألهمية‬
‫هذين النوعين من الق اررات بالنسبة للموظف العام من الناحية العملية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.623،622‬‬
‫‪50‬‬
‫المصلحة في الطعن في قرار الترقية‪ :‬يحدث قرار الترقية تغيي اًر في المركز القانوني للموظف‪،‬حيث‬
‫يرتب له مزايا مالية تتمثل فيما يحصل عليه من عالوات‪ ،‬و مزايا أدبية تتمثل في تقدمه و تميزه‬
‫على أقرانه بارتقائه في درجات السلم الوظيفي‪.‬‬

‫و للموظف مصلحة مؤكدة في الطعن بإلغاء قرار اإلدارة بتخطيه في الترقية و ذلك اذا‬
‫‪1‬‬
‫ما تمت ترقية آخر ال يضاهيه في الكفاءة‪.‬‬
‫المصلحة في طلب إلغاء الق اررات التأديبية‪ :‬للموظف العام دوما مصلحة شخصية و مباشرة حالة‬
‫و قائمة في طلب إلغاء ما يصدر في شأنه من ق اررات تأديبية يرى عدم مشروعيتها حيث يعينه في‬
‫إزالة ما وقع عليه من ضرر مادي ناجم عما يقتطع من راتبه كأثر لما وقع عليه من جزاء أو أدبي‬
‫يتمثل فيما أصاب سمعته الوظيفية أو الشخصية من إساءة كأثر لتوقيع الجزاء عليه‪.‬‬
‫و الجزاء التأديبي قد يكون صريحاً‪ ،‬و هنا يطعن الموظف عليه إذا ما حاد عن‬
‫المشروعية‪ ،‬كما لو افتقد للضوابط الواجب توافرها في الشكل الذي يحدده القانون‪،‬مستنداً في‬
‫إصداره إلى سبب يبرره محترماً ألحكام القانون‪.‬‬
‫و قد يكون الجزاء التأديبي مقنعاً كما لو اتخذ صورة إجراء من إجراءات التنظيم‬
‫الداخلي لإلدارة كالنقل أو الندب أو الفصل إللغاء الوظيفة في حين أن قصد اإلدارة من وراء‬
‫ذلك مجازاة الموظف و مثل هذا الجزاء باطل على الدوام‪.‬‬
‫وتأكيدا لذلك فقد اعترفت المحكمة اإلدارية العليا بوجود مصلحة لموظف في الطعن‬
‫بإلغاء قرار نقله رغم أن ق اررات النقل بصفة عامة من أعمال التنظيم الداخلي لإلدارة التي ال‬
‫يجوز الطعن بإلغائها‪ ،‬و ذلك حينما استشفت أن اإلدارة اتخذت من النقل وسيلة لعقاب‬
‫الموظف‪،‬حيث أنه تم إلى تزخر بالعمالة الزائدة‪،‬و ليس بها درجات خالية‪ ،‬و أن قرار النقل‬
‫واكبه ادعاء الجهة المنقول منها الموظف بتعديه بالضرب على أحد زمالئه بالعمل‪،‬حيث‬
‫استنتجت من جماع تلك المالبسات‪ ،‬أن النقل تم اتخاذه بهدف توقيع عقوبة مقنعة على‬
‫الموظف المنقول‪،‬و من ثم انتهت المحكمة الى وجود مصلحة للطاعن في طلب الغاء قرار‬
‫‪2‬‬
‫النقل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪:‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.626‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬المحكمة اإلدارية العليا‪،‬طعن رقم ‪ 606‬لسنة ‪ 21‬ق‪،‬جلسة ‪ 3992/02/11‬نقال عن عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‬
‫‪ 629‬و مايليها‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مصالح الهيئات‬
‫يقصد بالهيئات الجماعات التي تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة وتتكون بهدف‬
‫الدفاع عن مصالح أعضائها وللجماعة مصلحة محققة في طلب إلغاء الق اررات المعينة ولو‬
‫اقتصر أثرها على فرد بذاته‪ ،‬ألن بقاء ذالك القرار يمثل خط ار حقيقيا على جميع أفراد‬
‫ا لجماعة‪،‬فقد يصبح عرفا إداريا إذا لم يلغ‪،‬وقد تكون هذه الجماعات مؤسسات عامة أو‬
‫جمعيات أو نقابات مهنية وهذا ما سنوضحه من خالل ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مصلحة المؤسسات والهيئات العامة‬
‫نتيجة العتراف القانون للهيئات العامة بالشخصية المعنوية المستقلة عن السلطة‬
‫المركزية فإن هذا يستدع االعتراف لها بالمصلحة والصفة في الدفاع عن حقها في ممارسة‬
‫االختصاصات المخولة لها كلما وقع عليها اعتداء فكل اعتداء من السلطة المركزية على‬
‫اختصاص أوكله القانون لهيئة عامة يعطيها الحق في اللجوء لمجلس الدولة‪.‬‬
‫من أجل إلغاء الق اررات الصادرة من السلطة المركزية‪،‬وللهيئات المحلية أيضا مصلحة‬
‫في ذلك والتي قد تنطوي ق اررات هذه السلطة على تعسفها في استعمال حقها في التصديق على‬
‫ق اررات الهيئات المحلية‪ ،‬كما أن للهيئة العامة مصلحة في المطالبة بإلغاء قرار صادر عن‬
‫هيئة عامة أخرى أو عن قطاع آخر من قطاعات السلطة التنفيذية يشكل اعتداء على‬
‫‪1‬‬
‫اختصاصها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المصلحة في دعاوى الجمعيات و النقابات‬
‫يفرق مجلس الدولة الفرنسي في نطاق الطعون المقدمة باإللغاء من الهيئات كالنقابات‬
‫و الجمعيات بين حالتين‪ :‬حالة وجود مصلحة جماعية للنقابة أو الجمعية‪ ،‬و حالة إحداث‬
‫القرار ضر اًر بمصلحة شخصية خاصة ألحد األعضاء المنتمين لهذه الهيئة ‪.‬‬
‫ففي الحالة األولى يقبل مجلس الدولة الفرنسي دعوى اإللغاء المرفوعة ضد القرار‬
‫اإلداري‪،‬ما دام أن هذا القرار قد أضر بالمصلحة العامة للهيئة الطاعنة أو مس أهداف الهيئة‬
‫أو الجماعة التي أنشئت من أجل تحقيقها سواء كانت أهداف اقتصادية أو اجتماعية أو‬
‫‪2‬‬
‫أخالقية أو اعتدى على المصالح المشتركة لألعضاء في مجموعهم ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر ‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.663‬‬
‫‪:‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪52‬‬
‫و يشترط لقبول الدعوى أن تكون مصلحة الهيئة ذات الشخصية المعنوية مباشرة في‬
‫الغاء القرار اإلداري المطعون فيه‪ ،‬سواء كانت هذه المصلحة محققة و حالة أو محتملة ‪.‬‬
‫أما اذا لم توجد مصلحة جماعية بالمعنى السابق‪ ،‬و اقتصر أثر القرار على اإلضرار‬
‫بمصلحة شخصية خاصة بأحد أعضاء الهيئة أو عدد محدود من األعضاء‪ ،‬فالقاعدة العامة‬
‫في هذه الحالة أن رفع الدعوى يقع على عاتق العضو أو األعضاء الذين أضر القرار‬
‫بمصالحهم الشخصية‪.‬‬
‫و ذلك ألن الهيئة غير مؤهلة هنا لكي ترفع دعوى من جانبها ضد القرار الفردي الذي‬
‫يهم عددًا محدوداً من األعضاء دون أن يكون له أثر على المصلحة العامة للجماعة‪ ،‬إال أنه‬
‫يجوز أن تقوم الهيئة برفع الدعوى لإللغاء بصفتها وكيلة عن العضو أو األعضاء المعنيين‬
‫بالقرار بناء على توكيل صريح منهم‪.‬‬
‫و في حالة قيام العضو صاحب الشأن برفع الدعوى بصفته الشخصية‪ ،‬فللهيئة أن‬
‫تتدخل في الدعوى‪،‬مع عدم إضافة طلبات جديدة خالف ما قدمه رافع الدعوى عند رفعها‪.‬‬
‫وبالنسبة للهيئة المركبة‪ ،‬و هي التي يكون أعضاؤها من الهيئات‪ ،‬كاالتحادات العامة‬
‫للنقابات التي تضم عددًا من النقابات‪،‬فإن مجلس الدولة الفرنسي اعتبر مركز الهيئات الداخلة‬
‫في الهيئة المركبة كمركز العضو الفرد المنتمي لهيئة أو نقابة إذ قرر أن الهيئة المركبة يحق‬
‫لها أن ترفع دعوى باإللغاء فقط عند توافر المصلحة المشتركة ألعضائها‪ ،‬أما إذا وجدت‬
‫مصلحة خاصة بهيئة عضو في الهيئة المركبة‪ ،‬فال يجوز للهيئة المركبة أن ترفع الدعوى‪،‬و‬
‫‪1‬‬
‫إن كان لها أن تتدخل في دعوى هذه الهيئة العضو عند رفعها‪.‬‬
‫للجمعيات والنقابات مصلحة في الطعن بإلغاء القرارت اإلدارية التي تشكل مساسا‬
‫بالمصالح التي تمثلها وتتولى الدفاع عنها‪ ،‬ويكون ذلك إذا كان من شأن القرار التأثير على‬
‫‪2‬‬
‫الجماعة باعتبارها شخصا معنويا مستقال‪.‬‬
‫وهي المصلحة الجماعية‪ ،‬كما قد تكون هناك مصلحة عضو أو أعضاء بذواتهم من‬
‫بين أعضاء الجمعية أو النقابة واذا كانت المصلحتان تتفقان في معظم الحاالت‪ ،‬فإن هناك‬
‫أحواال أخرى تتميز فيها مصلحة عضو أو أعضاء بذواتهم من بين أعضاء الجمعية أو النقابة‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬نفس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.313،311‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪. 666‬‬
‫‪53‬‬
‫و اذا كانت المصلحتان تتفقان في معظم الحاالت‪،‬فإن هناك احواال تتميز فيها مصلحة عضو‬
‫أو أعضاء بذواتهم عن مصلحة الجماعة كشخص معنوي وقد حاول مجلس الدولة الفرنسي أن‬
‫يوفق بين تلك االعتبارات بحيث فرق بين حالتين‪ :‬حالة وجود مصلحة جماعية للنقابة أو‬
‫الجمعية بحيث يقبل المجلس دعوى اإللغاء المرفوعة ضد القرار اإلداري‪ ،‬مادام أن هذا القرار‬
‫قد أضر بالمصلحة العامة للهيئة الطاعنة أو مس أهداف الهيئة أو الجماعة التي أنشئت من‬
‫أجل تحقيقها سواء كانت أهداف اقتصادية أو اجتماعية أو اخالقية‪ ،‬أو اعتدى على المصالح‬
‫المشتركة لألعضاء في مجموعهم‪ .‬ويشترط لقبول الدعوى أن تكون مصلحة الهيئة ذات‬
‫الشخصية المعنوية مباشرة في إلغاء القرار اإلداري المطعون فيه‪ ،‬سواء كانت المصلحة محققة‬
‫‪1‬‬
‫وحالة أو محتملة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬من احكام مجلس الدولة الفرنسي التي قبل فيها الطعن لتوافر المصلحة الجماعية نذكر‪:‬‬
‫‪CE, 05 février 1947, Syndicat des marchans en gros de pomme de terre, cité par DOMINIQUE TURPIN, op,‬‬
‫‪cit, p: 107.‬‬
‫‪54‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آثار انتفاء المصلحة في دعوى اإللغاء و زوالها‬
‫يجب أن تتوافر المصلحة في الطاعن وقت رفع دعوى اإللغاء‪ ،‬فإذا لم تتحقق المصلحة‬
‫في هذا الوقت وجب على القضاء عدم قبول الدعوى ابتداء و يثار التساؤل التالي ‪ :‬هل يجب أن‬
‫تستمر المصلحة في دعوى اإللغاء منذ لحظة رفع الدعوى لحين الفصل فيها ام يكفي توافرها‬
‫لحظة رفع الدعوى فقط واذا زالت هذه المصلحة اثناء النظر بالدعوى هل يؤثر هذا الزوال في سير‬
‫الدعوى لإلجابة على هذه التساؤالت نتطرق الى هذا من خالل الوقت الالزم توفر شرط المصلحة‬
‫فيه من خالل الفرع األول الفرع األول‪ ،‬إضافة إلى طبيعة الدفع بعدم توفر المصلحة في دعوى‬
‫اإللغاء الذي سنتطرق له من خالل الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع الول‪ :‬الوقت الالزم توفر شرط المصلحة فيه‬
‫إن المصلحة يجب ان تكون متوفرة عند اقامة دعوى اإللغاء‪ ،‬فإذا لم تتوفر المصلحة في‬
‫شخص رافع الدعوى عند رفعها كان على القضاء أن يقضي بعدم قبول الدعوى أي بردها‪.‬‬
‫على أنه يثار التساؤل عما إذا كان من الواجب أن تستمر هذه المصلحة اثناء النظر في‬
‫‪1‬‬
‫الدعوى و حتى يتم الفصل فيها؟‬
‫يشترط لقبول دعوى اإللغاء شكال ان يكون لرافعها مصلحة في الغاء القرار المطلوب إلغاؤه‬
‫حين إقامة الدعوى‪ .‬و في هذا الخصوص تقول محكمة العدل العليا األردنية"اذا لم يشترك‬
‫المستدعي في المناقصة التي انتجت القرار المشكو منه الصادر من المجلس البلدي بإحالة العطاء‬
‫على شخص آخر‪،‬فإن طعن المستدعي في هذا القرار غير مقبول لعدم وجود مصلحة له في‬
‫‪2‬‬
‫ذلك"‪.‬‬
‫فالقاعدة العامة التي ال خالف عليها في الفقه و القضاء ان المصلحة شرط لقبول دعوى‬
‫اإللغاء أي يجب ان تتوافر لطالب اإللغاء عند رفع دعواه و لكن الخالف ثار بين الفقه و القضاء‬
‫‪3‬‬
‫حول استم اررية شرط المصلحة أو زوالها أثناء نظرها‪.‬‬
‫يتضح من صياغة المادة ‪ 31‬من قانون مجلس الدولة الحالي و نصها‪«:‬ال تقبل الطلبات‬
‫‪ ...‬المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية‪»...‬أنه يشترط أن تتوافر المصلحة لدى‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬ابراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.392،392‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬نقال عن أحمد محمد فارس الوايسة‪ ،‬مرجع سابق‪(،‬قرار رقم ‪،68/83‬مجلة نقابة المحامين‪،‬العدد‪،6‬سنة‪ ،)3982‬ص‪.318 ،316‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ :‬أحمد محمد فارس النوايسة‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.318‬‬
‫‪55‬‬
‫رافع الدعوى قبل االلتجاء الى القضاء‪ ،‬أو بمعنى آخر فإن المصلحة هي مناط قبول الدعوى‪ ،‬و‬
‫من ثم ال بد من توافرها عند إقامة الدعوى‪،‬فال تقبل الدعوى من غير ذي مصلحة‪ .‬و لكن هل‬
‫يشترط استمرار قيام هذه المصلحة إلى وقت الحكم في الدعوى‪ ،‬فتكون المصلحة شرطاً الستمرار‬
‫‪1‬‬
‫النظر فيها‪ ،‬أم انها شرط لقبول الدعوى فحسب‬
‫اوال‪ :‬مجلس الدولة الفرنسي‬
‫يؤيده في ذلك الفقه الفرنسي في مجموعه الى االكتفاء بتوافر المصلحة عند رفع الدعوى‬
‫فقط‪،‬اما ما يط أر عليها بعد ذلك من أحداث قد تؤدي إلى زوالها قبل صدور الحكم‪،‬فال يكون له‬
‫تأثير على الدعوى من الناحية الشكلية‪،‬فال يجوز للقاضي الحكم بعدم قبول الدعوى بعد أن سبق‬
‫له بحث شروط قبولها‪ ،‬و عليه أن يتصدى للموضوع و يفصل فيه‪.‬‬
‫ويرى الفقه الفرنسي ان اشتراط توافر المصلحة الشخصية وقت رفع الدعوى هو مجرد‬
‫ضمان يكفل جدية الدعوى باعتبارها دعوى تمثل وسيلة عامة تستخدم للدفاع عن المشروعية و‬
‫بالتالي لحماية المصلحة العامة و ذلك الى جانب انها وسيلة خاصة للدفاع عن الحقوق والمصالح‬
‫الفردية‪ ،‬و عليه ال يجوز القياس بين دعوى اإللغاء و الدعاوى العادية التي ال تستهدف سوى‬
‫حماية الحقوق الخاصة‪ .‬و هكذا فإذا انتفت و زالت مصلحة رافع الدعوى بعد قيامها ألي سبب‬
‫كان‪،‬فإن المصلحة العامة تبقى قائمة دون شك‪،‬و يجب ان تستمر الدعوى على اساسها‪،‬ذلك انه‬
‫بمجرد رفع الدعوى يتعلق حق المجتمع بها من زاوية المصلحة التي تقوم عليها من خالل إلغاء‬
‫القرار غير المشروع‪ ،‬و حتى ال يستمر هذا القرار قائما متمتعا بحماية تنطوي على انتهاك‬
‫للمصلحة العامة‪.‬‬
‫من ناحية اخرى فإن الطبيعة الموضوعية لدعوى اإللغاء‪،‬و الحجية المطلقة في مواجهة‬
‫الكافة لألحكام الصادرة فيها‪ ،‬باإلضافة إلى قصر الميعاد المحدد لرفعها‪ ،‬قد يصرف بعض ممن‬
‫لهم مصالح خاصة أو شخصية عن التدخل في الدعوى و االنضمام لرافعها لشد ازره وتقوية‬
‫‪2‬‬
‫الدفاع عن المشروعية‪ ،‬اكتفاء بمجهود المدعي واعتماداً عليه‪.‬‬
‫و بناء على ذلك فإن القول بعدم متابعة السير في الدعوى نتيجة زوال مصلحة رافع‬
‫الدعوى بعد رفعها يؤدي إلى اإلضرار بالمصلحة العامة واهدارها‪ ،‬وربما يؤدي كذلك الى االضرار‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.160‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬سامي جمال الدين‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪. 163 ،160‬‬
‫‪56‬‬
‫بالمصلحة العامة و اهدارها‪ ،‬وربما يؤدي كذلك الى اإلضرار بالمصالح الشخصية لغير من رفع‬
‫الدعوى ممن اكتفوا بمبادرة المدعى‪ ،‬و تبعاً لذلك ال تكون هناك فرصة امام القضاء إلبداء الرأي‬
‫القانوني الصحيح حول مشروعية القرار محل الطعن‪،‬و لكي ينير السبيل امام اإلدارة نحو االلتزام‬
‫بالقانون و انصاف المصلحة العامة من خطأ اإلدارة‪،‬و لهذا ال يصح الربط بين زوال مصلحة رافع‬
‫الدعوى بعد رفعها‪ ،‬ووقف السير فيها و الحكم بعدم قبولها‪،‬ألن المصلحة العامة تستمر قائمة‪ ،‬و‬
‫هي بذاتها تبرر السير في الدعوى ليفصل القضاء في موضوعها على النحو الذي يحمي دوماً‬
‫المشروعية‪ ،‬ما لم يكن سبب زوال المصلحة الشخصية لرافع الدعوى أن اإلدارة قد صححت قرارها‬
‫المعيب والتزمت قواعد المشروعية مما يعني تحقق المصلحة العامة بدورها من جراء هذا‬
‫التصحيح‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مجلس الدولة المصري‬


‫اما مجلس الدولة المصري فإنه غداة انشائه انتهج أسلوباً غير واضح ويتسم بالغموض و‬
‫التضارب‪ ،‬ففي حين اتجهت محكمة القضاء اإلداري في بعض أحكامها الى«ان المصلحة في‬
‫اقامة الدعوى تتقرر بحسب الوضع القائم عند رفعها وال تتأثر بما يجد بعد ذلك من أمور و‬
‫اوضاع »‪ .‬و بذلك يكون « مناط تقدير مصلحة المدعي في الدعوى إنما يتحدد بتاريخ رفعه لدعواه‬
‫ال بتاريخ صدور الحكم فيها»فإنها رأت في احكام اخرى أنه«لما كانت المصلحة هي مناط الدعوى‬
‫فإنه يتعين توافرها وقت رفعها واستمرار وجودها ما بقيت الدعوى قائمة لكونها شرط مباشرة الدعوى‬
‫و أساس قبولها‪ .‬فإذا كانت هذه المصلحة منتفية في بادئ األمر‪،‬او زالت بعد قيامها اثناء سير‬
‫الدعوى‪،‬كانت غير مقبولة»‬
‫غير ا ن ذلك ال ينفي أن المحكمة في أحكام عديدة أخرى أخذت بالفهم الصحيح‬
‫للموضوع‪-‬في تقديرنا‪-‬و فرقت بين مسألة قبول الدعوى وبين ضرورة استمرار شرط المصلحة‬
‫كمسأل ة موضوعية تخضع لتقدير القاضي‪،‬فإن رأى زوال المصلحة بشقيها‪،‬أي مصلحة المدعي‬
‫الشخصية و المصلحة العامة المتصلة بالمشروعية‪،‬قضى بانتهاء الخصومة و ليس بعدم قبول‬
‫الدعوى‪،‬أما اذا رأى ان المصلحة مازالت قائمة في أي من شقيها‪ ،‬استمر في نظر موضوع الدعوى‬
‫‪1‬‬
‫إلى أن يصل إلى مرحلة الحكم فيها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 161،163‬‬
‫‪57‬‬
‫و لذلك قضت المحكمة بأن«العبرة في قبول الدعوى بتوافر المصلحة يوم رفعها‪ ،‬أما زوال‬
‫هذه المصلحة اثناء نظر الدعوى و عدم زوالها فإنه يكون من األمور الموضوعية التي تنظر فيها‬
‫المحكمة دون أن يؤدي ذلك الى عدم قبول الدعوى»‪.‬‬
‫«فإذا كانت اإلدارة قد قامت بتصحيح الوضع القانوني‪ ،‬و إزالة وجه عدم المشروعية‬
‫بسحب القرار المطعون فيه‪،‬فإن دعوى اإللغاء تصبح غير ذات موضوع‪،‬مما ال معدى معه من‬
‫اعتبار الخصومة منتهية‪ ،‬إذ هي ال تقوم على اختصام القرار في ذاته من ناحيته العينية‪ ،‬وقد‬
‫تجردت بعد السحب من اي حق شخصي للمدعي »‪.‬‬
‫و يبدو أ ن المحكمة اإلدارية العليا قد رأت بعد نشأتها أنه يتعين عليها ترجيح أحد هذه‬
‫االتجاهات و انهاء هذا التضارب‪،‬فذهبت مذهبا مخالفا لما استقر عليه القضاء اإلداري‬
‫الفرنسي‪،‬حيث قضت بأنه « من األمور المسلمة أن شرط المصلحة الواجب تحققه لقبول الدعوى‬
‫يتعين ان يتوفر من وقت رفع الدعوى‪ ،‬و أن يستمر قيامه حتى يفصل فيها نهائيا‪ ،‬و ال يؤثر في‬
‫هذا الدفع التأخر في ابدائه إلى ما بعد مواجهة الموضوع ألنه من الدفوع التي ال تسقط بالتكلم في‬
‫الموضوع و يجوز ابداؤها في اية حالة كانت عليها الدعوى‪ ،‬و لما كانت دعوى اإللغاء هي دعوى‬
‫تستهدف إعادة األوضاع الى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطلوب الغاؤه‪ ،‬فإنه اذا ما حال‬
‫دون ذلك مانع قانوني فال يكون هناك وجه لالستمرار في الدعوى و يتعين الحكم بعدم قبولها‬
‫النتفاء المصلحة فيها »‪« ،‬و على القاضي ان يتحقق من توافر شرط المصلحة و صفة الخصوم‬
‫‪ ...‬و مدى جدوى االستمرار في الخصومة في ضوء تغيير المراكز القانونية ألطرافها‪ ،‬حتى ال‬
‫‪1‬‬
‫يشغل القضاء اإلداري بخصومات ال جدوى من ورائها»‪.‬‬
‫ويؤيد جانب من الفقه هذا المنهج استنادا إلى بعض االعتبارات العملية بحجة تخفيف‬
‫العبء عن كاهل ال مجلس وتجنب االصطدام باإلدارة التي ال تنظر إلى رقابة اإللغاء بارتياح بل‬
‫تحس نحوها بفتور‪،‬و على أساس ان دعوى اإللغاء تفترق عن دعوى الحسبة التي تستهدف اساسا‬
‫حماية مبدأ المشروعية بصفة مجردة دون أن ترتبط بها مصلحة الطاعن‪ ،‬و اذا قيل بأن انتفاء‬
‫مصلحة الطاعن بعد رفعها يؤدي إلى رفضها‪،‬و بالتالي إلى اإلضرار بالكثيرين الذين يستفيدون من‬
‫اإللغاء لسبب او آلخر‪ ،‬فالرد على ذلك بأن هؤالء كان امامهم الطريق مفتوحاً للطعن باإللغاء‪،‬فإذا‬
‫اهملوا الرخصة التي خولت لهم‪،‬فليس لهم إال أن يلوموا انفسهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬نقال عن سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.163 ،161‬‬
‫‪58‬‬
‫و قد هاجم جانب كبير من الفقه هذا االتجاه ورأى«ان األخذ بمبدأ استمرار المصلحة‬
‫حتى الحكم في الدعوى ال يتفق مع الطبيعة الخاصة لدعوى اإللغاء وال يتسق مع األهداف التي‬
‫تحققها‪ ،‬و اذا كان تخلف المصلحة لدى الطاعن يمكن أن يؤثر في الحكم في الموضوع إال انه ال‬
‫يصح ان يكون له اي اثر في قبول الدعوى‪ .‬و القول بغير ذلك سوف ينتج عنه ان تفلت ن رقابة‬
‫المجلس ق اررات باطلة فتغدو رقابة المجلس لغوا ال فائدة منه »‪ .‬وانه «طالما انعقد االختصاص‬
‫للمجلس و قبلت الدعوى امامه تحتم عليه البت في موضوعها و إنزال حكم القانون على القرار‬
‫المطعون فيه لتتبين اإلدارة حقيقة تصرفها ‪ ...‬و بهذا يكون المجلس أمينا على الشرعية و حامياً‬
‫لها ‪ ...‬وال يكون زمام األمر بيد المدعي و إنما بيد المجلس‪،‬اذ قد يسوي النزاع بين المدعي و‬
‫اإلدارة على حساب الشرعية‪،‬فال يجوز ان تنتهي دون تصحيح األوضاع بدرء االعتداء عن‬
‫الشرعية ‪»...‬‬
‫يبد أن هذا االتجاه لم يأخذ به القضاء اإلداري في مصر «حيث استقر قضاء مجلس‬
‫الدولة على أن المنازعة اإلدارية هي خصومة قضائية مناطها قيام النزاع الذي هو‬
‫جوهرها‪،‬واستم ارره بين طرفيها‪،‬فإن هي رفعت ابتداء مفتقرة الى هذا الركن كانت من األصل غير‬
‫مقبولة‪ ،‬و ان هي رفعت متوافرة عليه ثم افتقدته أثناء النزاع أصبحت غير ذات موضوع ووجب‬
‫القضاء باعتبار الخصومة منتهية‪...‬و من حيث ان الثابت ان الجهة اإلدارية قد ‪...‬استجابت‬
‫لطلب المدعية‪،‬فإن الخصومة في الدعوى تصبح غير ذات موضوع و يتعين الحكم باعتبارها‬
‫‪1‬‬
‫منتهية»‬
‫وهكذا يم كن القول بأن القضاء اإلداري المصري قد التجأ إلى مخرج جديد يؤيد ما استقر‬
‫عليه‪،‬و هو أن من شأن التسليم بطلبات الخصوم أو سحب الق اررات المطعون عليها أن يؤدي إلى‬
‫انتفاء "المنازعة" أو باألدق عدم استمرارها‪،‬مما يوجب على القضاء اعتبار الخصومة منتهية‪،‬و هي‬
‫ذات النتيجة التي ترتب على زوال المصلحة لدى رافع الدعوى ‪.‬‬
‫و في هذا يرى عبد العزيز عبد المنعم خليفة «على نحو ما سبق يتضح أن االتجاه‬
‫المعارض الشتراط توافر المصلحة كشرط لقبول دعوى اإللغاء من بدأ إقامتها و حتى الفصل فيها‬
‫يستند إلى اعتبارات قانونية تفرضها الطبيعة العينية لدعوى اإللغاء‪،‬حيث تختصم ق ار اًر إدارياً و‬
‫تنصرف آثار الحكم فيها للكافة‪،‬و من شأن األخذ بهذا الرأي قطع الخيط الرفيع الذي يفصل بين‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ 113 ،‬ومايليها‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫دعوى اإللغاء و دعوى الحسبة‪،‬حيث أن تأييد أسانيد هذا االتجاه يؤدي إلى نتيجة خطيرة مفادها‬
‫انه مادامت دعوى اإللغاء تختصم ق ار اًر إدارياً عاماً وتنصرف آثار الحكم فيها للكافة فال حاجة إذن‬
‫الستمرار مصلحة الطاعن بعد إقامته لدعواه كشرط الستمرار نظرها و مسايرة هذا المنطق تعطى‬
‫للكافة حق إقامة دعوى اإللغاء باعتبارها دعوى مشروعية تنصرف آثار الحكم فيها إليهم‪،‬إضافة‬
‫إلى أن من شأن األخذ بهذا الرأي‪ ،‬جعل شرط المصلحة كأحد شروط دعوى اإللغاء شرطاً‬
‫مبتس اًر‪،‬و إن كنا نؤيد موقف مجلس الدولة في اشتراطه لتوافر مصلحة الطاعن في إقامة دعواه‬
‫منذ إقامته لها وحتى الفصل فيها‪،‬إال إننا ال نشايع الرأي الذي يستند في تأييده لهذا الموقف‬
‫العتبارات عملية تتمثل في تقليل فرص الصدام بين القضاء و اإلدارة‪،‬حيث أن إعالء مبدأ‬
‫المشروعية هدف سامي تسعى إلى تحقيقه اإلدارة والقضاء على حد سواء دون تصارع أو‬
‫احتماالت تصادم‪،‬فليس هناك مجال للصراع بين القضاء و اإلدارة‪،‬وال يجب أن يشاع ذلك حيث‬
‫ينزه عنه القضاء و اإلدارة‪،‬فلكل عمل يؤديه تحكمه في أدائه أسس قانونية‪،‬فالقاضي يصدر إحكامه‬
‫مستنداً إلى قواعد قانونية‪،‬فالقاضي يصدر أحكامه مستنداً إلى قواعد القانون متجرداً من كل غاية‬
‫تخالف إعمال سيادة القانون‪،‬و بوسع اإلدارة الطعن على تلك األحكام وفقاً ألحكام القانون‪،‬فإذا شذ‬
‫أحد رجال اإلدارة عن ذلك بامتناعه عن تنفيذ أحكام القضاء التي ال تروقه أو تحايله لتعطيل‬
‫إعمال مقتضاها فإنه يتحمل تبعة خطأه وال يجوز وصف هذا السلوك الال إداري بأنه صراع بين‬
‫‪1‬‬
‫اإلدارة و القضاء‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬طبيعة الدفع بانعدام المصلحة في الدعوى‬
‫تنقسم الدفوع إلى دفوع شكلية و دفوع موضوعية و دفوع بعدم القبول‪ ،‬و ينتمي الدفع‬
‫بانعدام المصلحة إلى الطائفة الثالثة من هذه الدفوع فهو دفع بعد قبول الدعوى‪ ،‬يرمي إلى تأكيد‬
‫عدم توافر الشروط الالزمة لنظر الدعوى‪ ،‬و يمكن إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى‪ ،‬حيث‬
‫ال يسقطه التكلم في موضوعها ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الدفع بعدم القبول‬
‫يذهب جانب كبير من الفقه إلى تعريف الدعوى عن طريق دورها اإلجرائي بمقولة أنها‬
‫السلطة في الحصول من المحكمة على قرار في موضوع اإلدعاء المعروض أمامها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.632 ،632‬‬
‫‪60‬‬
‫أيضا فان الدفع باعتباره الوسيلة التي تهدف إلى إنكار هذا الحق يعرف وفقا لدوره‬
‫اإلجرائي هذا‪،‬و بهذه المثابة فإن الدفع بعدم القبول هو الوسيلة اإلجرائية التي تهدف إلى إنكار هذا‬
‫الحق أو تلك السلطة ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقسيم الدفوع بعدم القبول‬
‫وفقا للتقسيم التقليدي تقسم الدفوع بعدم القبول إلى دفوع متعلقة باإلجراءات و أخرى‬
‫متعلقة بالموضوع‪.‬‬
‫فالدفوع بعدم القبول المتعلقة باإلجراءات هي األقرب إلى سير اإلجراءات‪ ،‬و الدفوع بعدم‬
‫القبول المتعلقة بالموضوع هي تلك التي تكون أقرب إلى الموضوع ‪.‬‬
‫إن هذه التفرقة القت نقدا الذعا من جانب الفقه‪«،‬ألن هذه التفرقة فضال عن أنها ليست‬
‫عملية‪،‬فإنه ال يتسنى إيجاد معيار حقيقي لها‪ ،‬على سبيل المثال فإن انتفاء الصفة وفقا للقواعد‬
‫الرئيسية دفع بعدم القبول متعلق بالموضوع‪ ،‬و على الرغم من التفرقة بين الصفة و المصلحة تفرقة‬
‫دقيقة فإن بعض الفقهاء يعتبرون أن انتفاء المصلحة من الدفوع بعدم القبول المتعلقة باإلجراءات و‬
‫على ذلك فانه من غير المفيد تقسيم الدفع بعدم القبول إلى وسائل متعلقة باإلجراءات‪ ،‬و أخرى‬
‫‪1‬‬
‫متعلقة بالموضوع الن الدفع بعدم القبول يتميز بشكله اإلجرائي و ليس بعناصره في الموضوع‪.‬‬
‫ويرى سليمان محمد الطماوي الدفع بانعدام المصلحة هو دفع موضوعي ومعنى ذلك انه‬
‫ليس من الدفوع الشكلية التي تسقط بالتكلم في الموضوع‪،‬بل يجوز إبداؤه في أي حالة تكون عليها‬
‫‪2‬‬
‫الدعوى‪ .‬و هذا ما أقره مجلس الدولة المصري الصادر في ‪ 11‬مارس ‪.3992‬‬
‫بقوله‪ « :‬كذلك ال يؤثر في هذا الدفع التأخر في إبدائه إلى ما بعد مواجهة موضوع‬
‫الدعوى‪،‬ألنه من الدفوع التي ال تسقط بالتكلم في الموضوع‪،‬و يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها‬
‫الدعوى»‪.‬‬
‫و هذه الفكرة تنسجم مع قضاء مجلس الدولة الذي بمقتضاه تنتهي الخصومة إذا مازالت‬
‫المصلحة في أي وقت قبل الحكم في الدعوى‪،‬ألن ذلك ال يمكن تحقيقه إال إذا أمكن إثارة الدفع‬
‫بانعدام المصلحة في كل وقت‪،‬لمواجهة احتمال زوال مصلحة رافع الدعوى بعد رفعها و قبل الحكم‬
‫فيها‪ .‬و القاعدة أن الدفع بانعدام المصلحة مستقل عن موضوع الدعوى و يفصل فيه استقالال عن‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬محمد عبد السالم مخلص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.326،326‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.223‬‬
‫‪61‬‬
‫الموضوع‪ ،‬إال أنه يحدث أحيانا أن يرتبط الفصل في الدفع بالفصل في الموضوع ارتباطاً وثيقاً‬
‫‪1‬‬
‫بحيث ال يمكن الفصل في احدهما دون اآلخر‪.‬‬
‫في حين يرى مصطفى أبو زيد فهمي ان الدفوع في قانون المرافعات ثالثة‪:‬دفوع‬
‫موضوعية و دفوع شكلية و دفوع بعد القبول‪ .‬و الدفع بانعدام المصلحة ليس دفعا موضوعيا و‬
‫ليس دفعا شكليا و إنما هو دفع دفع بعدم القبول‪،‬وقد قضت المادة ‪ 332‬مرافعات بأن الدفع بعدم‬
‫قبول الدعوى يجوز ابداؤه في اية حالة تكون عليها الدعوى ‪.‬‬
‫و عندما تقرر محكمة القضاء اإلداري في أحد أحكامها أنه «ال يؤثر في هذا الدفع التأخير‬
‫في ابدائه الى ما بعد مواجهة موضوع الدعوى ألنه من الدفوع التي ال تسقط بالتكلم في الموضوع‪،‬‬
‫و يجوز ابداؤه في اية حالة تكون عليها الدعوى‪ .‬وعندما تقرر محكمة القضاء اإلداري في أحد‬
‫احكامها أنه« ال يؤثر في هذا الدفع التأخير في ابدائه الى ما بعد مواجهة موضوع الدعوى ألنه من‬
‫الدفوع التي ال تسقط بالتكلم في الموضوع‪ ،‬و يجوز ابداؤه في اية حالة تكون عليها الدعوى فإنها‬
‫ال تفعل اكثر من تطبيق القواعد العامة في الموضوع ‪.‬‬
‫و قد استقر قضاء المحكمة اإلدارية العليا على ذلك ايضاً‪:‬ان الدفع بعدم قبول الدعوى‬
‫النعدام المصلحة يجوز ابداؤه في اي حالة تكون عليها الدعوى ولو امام المحكمة اإلدارية العليا‬
‫ألول مرة‪ ،‬والمحكمة ولو لم يدفع بذلك أمامها وهي تنزل حكم القانون على النزاع‪ ،‬تملك بحكم‬
‫رقابتها القانونية للحكم المطعون فيه القضاء من تلقاء نفسها في هذه المرحلة بعدم قبول الدعوى‬
‫النتفاء مصلحة المدعي في طلب الغاء القرار اإلداري ‪.‬‬
‫يذهب بعض الزمالء الى أن الدفع بانعدام المصلحة دفع موضوعي وهي وجهة نظر ال‬
‫نقرها‪،‬ففقه القانون اإلداري يعرف شرط المصلحة على انه من شروط قبول الدعوى ‪ .‬فالدفع بانعدام‬
‫المصلحة انما هو دفع بعدم القبول و ليس دفعا موضوعياً‪.‬و هذا الرأي تأكده عبارة المادة ‪ 31‬من‬
‫قانون مجلس الدولة التي تنص ‪ «:‬ال تقبل الطلبات المقدمة من اشخاص ليست لهم فيها مصلحة‬
‫شخصية»‪ .‬فالمسألة اذن مسألة عدم قبول‪ ،‬و يالحظ أن القواعد السابقة التي عرضناها ال‬
‫‪2‬‬
‫تتعارض مطلقاً مع الرأي الذي ذهبنا اليه من أن المصلحة يكتفي بتوافرها عند رفع الدعوى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬نقال عن سليمان محمد الطماوي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.222‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬مصطفى ابو زيد فهمي‪ ،‬قضاء اإللغاء(شروط القبول اوجه اإللغاء)‪ ،‬دار الهدى للمطبوعات‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.69، 68‬‬
‫‪62‬‬
‫هذا ما ذهب اليه عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ :‬تنقسم الدفوع في قانون المرافعات إلى‬
‫دفوع شكلية و دفوع موضوعية و دفوع بعدم القبول‪ ،‬و ينتمي الدفع بانعدام المصلحة إلى الطائفة‬
‫الثالثة من هذه الدفوع فهو دفع بعدم قبول الدعوى يرمي إلى تأكيد عدم توافر الشروط الالزمة‬
‫لنظر الدعوى‪،‬حيث ال يسقطه التكلم في موضوعها‪.‬‬
‫وقد تأكدت تلك النتيجة في حكم للمحكمة اإلدارية العليا ذهبت فيه إلى أنه ال يؤثر في‬
‫الدفع بعدم وجود مصلحة التأخير في ابدائه إلى الموضوع‪ ،‬و يجوز ابداؤه في أية حالة كانت‬
‫عليها الدعوى‪.‬‬
‫ونظ اًر للطبيعة الخاصة لدعوى اإللغاء و لكونها تهدف إلى تحقيق المشروعية و سيادة‬
‫القانون و الحفاظ على النظام العام فإنه يجب على المحكمة التصدي لتوافر شروط المصلحة فيها‬
‫من تلقاء نفسها‪ .‬و نتيجة لتلك الطبيعة الخاصة لدعوى اإللغاء فإنها ال تخضع لنظام الشطب‬
‫‪1‬‬
‫المعمول به في الدعاوى العادية إذا تخلف المدعي عن حضور الدعوى‪.‬‬
‫أما في القانون الجزائري فقد جاء في المادة ‪ 66‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية أن‪:‬‬
‫" الدفع بعدم القبول هو الدفع الذي يرمي إلى التصريح بعدم قبول طلب الخصم إلنعدام الحق في‬
‫التقاضي كإنعدام الصفة وانعدام المصلحة والتقادم وانقضاء األجل المسقط وحجية الشيء المقضي‬
‫‪2‬‬
‫فيه‪ ،‬وذلك دون النظر في موضوع النزاع"‪.‬‬
‫هذا يعني أن المشرع الجزائري قد اعتبر الدفع بانعدام المصلحة هو دفع بعدم القبول‪،‬‬
‫وهذا النوع من الدفوع ال يتعلق بإجراءات الدعوى أي الجانب الشكلي اإلجرائي منها وال إلى الحق‬
‫المدعى به أي الجانب الموضوعي وانما يتعلق بالمنازعة في الحق في عرضها أمام القاضي‬
‫للنظر فيها‪ ،‬فيتم الدفع بعدم القبول في أية مرحلة من مراحل الدعوى بحيث يجوز تقديمه بعد‬
‫الدفوع الموضوعية كما ورد في المادة ‪ 68‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪.‬‬
‫كما اختلف الفقه والقضاء حول ما إذا كانت المصلحة من النظام العام أم ال‪ ،‬فذهب رأي‬
‫إلى أنه ا متعلقة بالنظام العام‪ ،‬وبما أن الدليل قد قام أمام المحكمة على أن المدعي ال مصلحة له‬
‫في رفع الدعوى تعين عليها أن تقضي بعدم قبولها من تلقاء نفسها دون الحاجة إلى إثارة دفعه‬
‫بذلك أمامها حتى ولو اتفق الطرفان على السير في الدعوى بحالتها ‪.‬وذهب رأي آخر إلى أن‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز عبد النعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.636،636‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬مادة ‪ 66‬من قانون رقم ‪ ،09-08‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫المصلحة ليست متعلقة بالنظام العام وبالتالي ال يجوز للمحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى‬
‫‪1‬‬
‫ال نتفاء المصلحة ما لم يدفع أحد الخصوم بذلك فال يجوز للمحكمة التعرض لها من تلقاء نفسها‪.‬‬
‫أما المشرع الجزائري فل م ينص صراحة على إعتبار المصلحة من النظام العام كما فعل‬
‫بخصوص شرط الصفة وذلك في الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 33‬والتي تنص على أنه‪ " :‬يثير القاضي‬
‫تلقائيا انعدام الصفة في المدعي أو في المدعى عليه"‪ ،‬وانما نص ضمنا على عدم إعتبار الدفع‬
‫بعدم القبول المتعلق بانعدام المصلحة من النظام العام حينما نص في المادة ‪ 69‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية على أنه‪" :‬يجب على القاضي أن يثير تلقائيا‪،‬الدفع بعدم القبول إذا‬
‫كان من النظام العام‪،‬السيما عند عدم إحترام آجال طرق الطعن أو عند غياب طرق الطعن" إال‬
‫أنه وبالرجوع إلى األحكام القضائية الصادرة فإنه يتبين لنا أن المصلحة من النظام العام‪.‬‬
‫وتطبيقا لذلك قضت المحكمة العليا الجزائرية‪ " :‬من المقرر قانونا أنه يجوز لكل ذي‬
‫مصلحة أن يطعن في حكم لم يكن طرفا فيه بطريق اعتراض الغير الخارج عن الخصومة ومن‬
‫المقرر أيضا أنه ال يجوز ألحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائز الصفة وأهلية‬
‫التقاضي وله مصلحة في ذلك ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذين المبدأين يعد خرقا للقواعد‬
‫‪2‬‬
‫الجوهرية في اإلجراءات" ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬بن قطاية ليلى‪ ،‬شروط رفع الدعوى القضائية‪،‬مذكرة ليسانس‪،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬قسم حقوق‪،‬تخصص قانون خاص‪ ،‬جامعة‬
‫ورقلة‪،1033،‬ص ‪.32‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ :‬المجلة القضائية‪،‬العدد ‪ ،3- 3990‬ملف رقم ‪ ،21039‬قرار بتاريخ ‪ ،3989-02-02‬نقال عن بن قطاية ليلى‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪. 36‬‬
‫‪64‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫أبرزت د ارسـتنا لشـرط المصـلحة فـي دعـوى اإللغـاء طبيعـة المصـلحة التـي يعتـد بهـا‬
‫القضـاء لقبـول طعون اإللغاء‪ ،‬من خالل بيان مفهوم المصلحة وخصائصها‪ ،‬وكذلك مصالح العديد‬
‫من الفئات سواء أفـراد أو موظفين أو هيئات تحظى برعاية القضاء اإلداري‪ .‬كمـا أبـرزت التفـاوت‬
‫بـين قضـاء مجلـس الدولـة الفرنسـي وقضـاء محكمـة العـدل العليـا‪ ،‬فيمـا يتعلـق بمظلة الحماية‬
‫القضائية الواسعة التي يبسطها مجلـس الدولـة الفرنسـي علـى مصـالح المـوظفين العمـوميين‪،‬‬
‫وبالمقابــل يخــرج عــن اختصــاص محكم ـة العــدل العليــا نظــر العديــد مــن الطعــون المقدمــة مــن‬
‫أصــحاب المصلحة من الموظفين العموميين ‪.‬‬
‫واتضـح لنـا التبـاين بـين موقـف مجلـس الدولـة الفرنسـي‪ ،‬وموقـف محكمـة العـدل العليـا‪،‬‬
‫بالنسـبة لوقـت تقــدير المصــلحة‪ ،‬حيــث تبــين أن مجلــس الدولــة الفرنســي يقــدر المصــلحة وقــت‬
‫تقــديم الطعــن‪ ،‬و إذا زالت المصلحة بعد تقديم الطعن فإنه يستمر في نظره حتى الفصل فيـه‪،‬‬
‫وذلـك ضـماناً الحتـرام مبـدأ المشـروعية‪ ،‬فيتم تطهير النظام القانوني من الق اررات غير المشروعة‪،‬‬
‫في حين اتجهت محكمة العدل العليا إلـى اشـتراط المصلحة عند رفع الدعوى‪ ،‬وأن تستمر قائمة‬
‫لحين الفصل في الدعوى ‪.‬‬
‫وخلصنا إلى أن مجلس الدولة الفرنسي يفرط في التساهل في شرط المصلحة‪ ،‬مما وسع‬
‫مـن نطـاق المصالح التي تبرر قبول دعاوى األفراد والهيئات‪.‬‬
‫واألمر الذي ال جدال فيه هو أن المصلحة شرط لقبول دعوى اإللغاء والتعويض أو أي‬
‫دعوى أخرى من حيث المبدأ وهذا ما أكدته المادة ‪ 33‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫أي أنه إذا كان حق إقامة الدعوى مكفول لألفراد إال أن ذلك منوط بشروط معينة بمعنى أنه إذا‬
‫لم يتوافر هذا الشرط فإن المحكمة ال تبحث في موضوع الدعوى وال تصدر فيه حكما بالرفض‬
‫وانما تحكم بعدم القبول ‪.‬‬
‫ومن خالل هذه الدراسة التي قمنا بها توصلنا إلى مجموعة من النتائج أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬مفهوم شرط المصلحة يختلف من دعوى إلى أخرى وذلك حسب طبيعة كل‬
‫دعوى فنجد أنه يتوسع في دعوى اإللغاء خالفا لدعوى التعويض‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫مهما في دعويي اإللغاء والتعويض وذلك ألن‬‫دور ً‬
‫‪ ‬شرط المصلحة يلعب ًا‬
‫هذين الدعويين وجدتا حماية لمبدأ المشروعية الذي جاء ليعتني بالمصلحة العامة أكثر‬
‫من المصلحة الخاصة‪.‬‬
‫‪ ‬رغم أن هناك عالقة بين شرط المصلحة والصفة إال أنها ال تصل إلى حد‬
‫الدمج بينهما‪ ،‬فهما شرطين منفصلين عن بعضهما وهذا ما أكده المشرع الجزائري‪.‬‬
‫‪ ‬الدفع بانعدام المصلحة هو دفع بعدم القبول وذلك ألن شرط المصلحة‬
‫مستقل عن موضوع الدعوى والدفع بانعدامها ليس فاصال في موضوعها كما هو الدفع‬
‫الموضوعي‪ ،‬ويضاف إلى ذلك أن الدفع بعدم القبول يستهدف رد الدعوى لعدم توافر‬
‫الشروط الالزمة لقبولها‪.‬‬
‫‪ ‬إن الفقه والقضاء قد توصال إلى معيار يمكن أن نطلق عليه معيار ارتباط‬
‫المصلحة بالحق الشخصي للتمييز بين طبيعة شرط المصلحة في دعوى اإللغاء من‬
‫جهة‪ ،‬وطبيعة هذا الشرط في دعوى التعويض‪ ،‬بحيث يجب أن يوجد مثل هذا االرتباط‬
‫كشرط لقبول النوع األخير من الدعاوى‪ ،‬وبالمقابل عدم ضرورة وجوده في دعوى‬
‫اإللغاء ‪.‬‬
‫‪ ‬ال يكفي توافر المصلحة في الدعوى لقبولها بل يجب أن تتميز هذه‬
‫المصلحة بخصائص معينة‪ ،‬وهذا ينطبق على جميع الدعاوى‪.‬‬
‫‪ ‬من مظاهر التوسع والتساهل في اشتراط المصلحة في دعوى اإللغاء هو أن‬
‫تكون محتملة أو حتى معنوية‪.‬‬
‫‪ ‬ال تعتبر المصلحة المحتملة استثناءا من األصل في دعوى اإللغاء‪ ،‬وانما‬
‫تتساوى مع المصلحة المحققة من حيث المرتبة ولذا تقبل دعوى اإللغاء في جميع‬
‫الحاالت التي تتوافر فيها المصلحة المحتملة‪ ،‬وهذا خالفا لدعوى التعويض حيث ال‬
‫يعتد بالمصلحة المحتملة وانما تعتبر كاستثناء في حاالت معينة ‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن تكون المصلحة في دعوى التعويض مشروعة وهذا من الطبيعي‬
‫نظ ار لطبيعة الدعوى شأنها شأن دعوى اإللغاء‪.‬‬
‫‪ ‬طبيعة دعوى اإللغاء تستوجب إتاحة الفرصة ألكبر عدد من األشخاص‬
‫للدفاع عن مبدئها‪ ،‬ويكون ذلك من خالل التساهل في قبول دعاوى اإللغاء ولكن‬

‫‪66‬‬
‫ضمن ضوابط معينة منها المصلحة الشخصية المباشرة لرافع الدعوى‪،‬تجنبا لعبث‬
‫العابثين بإقامة دعاوى غير جدية تؤدي إلى إرباك اإلدارة وارهاق القضاء‪.‬‬
‫‪ ‬ويستتبع هذا التساهل االكتفاء بتوافر المصلحة المذكورة كشرط لقبول دعوى‬
‫اإللغاء عند رفعها وعدم تطلب استمرار وجودها أثناء النظر في تلك الدعوى‪ ،‬كما أننا‬
‫نرى تناغما وتماشيا مع خصائص دعوى اإللغاء األساسية التي تتميز بها باعتبارها‬
‫وسيلة قضائية فعالة للدفاع عن مبدأ المشروعية‪.‬‬
‫‪ ‬االتجاه القائل بأن شرط المصلحة هو شرط للفصل في دعوى اإللغاء‬
‫يتجاهل الطبيعة الموضوعية لهذه الدعوى‪ ،‬لذا يمكن القول أن هذا الرأي ينطبق على‬
‫دعوى التعويض نظ ار ألن هذه الدعوى غايتها حماية الحق والتعويض عن األضرار‬
‫فال يتصور أن تستمر الدعوى والمصلحة غير موجودة وقت الفصل فيها ‪.‬‬
‫وفي األخير وبعد التوصل لهذه النتائج يمكننا أن نقدم بعض المقترحات التي نرجو‬
‫أن تؤخذ بعين االعتبار‪:‬‬
‫‪ ‬ضرورة أن يقوم المشرع بالتدخل بوضع قواعد وشروط خاصة تحكم‬
‫المصلحة في القضاء اإلداري لكي يكون نظاما متكامال قائما بذاته‪.‬‬
‫‪ ‬على المشرع أن يقوم بتحديد موقفه بالنسبة لوقت قيام المصلحة في كل نوع‬
‫من الدعاوى كل دعوى حسب أهميتها‪.‬‬
‫‪ ‬تسمية الدعاوى التي يجوز فيها قبول المصلحة المحتملة فال يمكن أن يعتد‬
‫بهذا النوع في جميع الدعاوى ‪.‬‬
‫‪ ‬توضيح مدى ارتباط المصلحة بالنظام العام حينما تنعدم في المدعي أو‬
‫المدعى عليه‪ ،‬كما تم بيانه في شرط الصفة‪.‬‬
‫‪ ‬أن يشير المشرع في النص إلى نوع الدفع الذي يثار في حالة انعدام‬
‫المصلحة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫قائمة المراجع ‪:‬‬
‫اوال‪ :‬باللغة العربية‬
‫‪ )1‬المؤلفات‪:‬‬
‫‪ -‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬والية القضاء‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.1003‬‬
‫‪ -‬أحمد محمد فارس النوايسة‪ ،‬مبدأ عدم رجعية الق اررات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة(فرنسا‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫األردن)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجامد للنشر و التوزيع‪ ،1031 ،‬ص ‪. 313‬‬
‫‪ -‬جورج فوديل‪ ،‬بيار دفلوفيه‪ ،‬ترجمة منصور القاضي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مجد‬
‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر و التوزيع‪ ،‬بيروت‪.1008 ،‬‬
‫‪ -‬رشيد خلوفي‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية شروط قبول الدعوى اإلدارية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية‪-‬بن عكنون‪-‬الجزائر‪. 1006 ،‬‬
‫‪ -‬سامي جمال الدين‪ ،‬الوسيط في دعوى إلغاء الق اررات اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف باإلسكندرية‪. 1002 ،‬‬
‫‪ -‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬القضاء اإلداري الكتاب األول قضاء اإللغاء‪ ،‬الطبعة السابعة‪ ،‬دار‬
‫الفكر العربي‪. 3996 ،‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬دعوى إلغاء القرار اإلداري في قضاء مجلس الدولة‪« ،‬‬
‫األسباب و الشروط»‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬منشأة معارف‪ ،‬اإلسكندرية‪. 1002 ،‬‬
‫‪ -‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪،‬‬
‫‪. 3996‬‬
‫‪ -‬علي الشيخ ابراهيم ناصر المبارك‪ ،‬المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬المكتتب الجامعي‬
‫الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪. 1001 ،‬‬
‫‪ -‬عمار بوضياف‪ ،‬دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬دراسة تشريعية‬
‫وقضائية و فقهية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬جسور للنشر و التوزيع‪. 1009 ،‬‬
‫‪ -‬عوابدي عمار‪ ،‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪. 1003 ،‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ -‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاني قضاء اإللغاء(او اإلبطال) قضاء‬
‫التعويض و اصول اإلجراءات‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.1002‬‬
‫‪ -‬محمد عبد السالم مخلص‪ ،‬نظرية المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬دار الفكر العربي‪.3983 ،‬‬
‫‪ -‬محيو أحمد‪ ،‬المنازعات اإلدارية‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة‬
‫المركزية‪-‬بن عكنون‪-‬الجزائر‪.1003 ،‬‬
‫‪ -‬مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية‪-‬بن عكنون‪-‬الجزائر‪.3998 ،‬‬
‫‪ -‬مصطفى أبو زيد فهمي‪ ،‬قضاء اإللغاء(شروط القبول أوجه اإللغاء)‪ ،‬دار الهدى‬
‫للمطبوعات‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ )2‬المقاالت‬
‫‪ -‬منصور ابراهيم العتوم‪ (،‬أثر زوال المصلحة على التيسير في دعوى اإللغاء في‬
‫ضوء احتماالت القضاء اإلداري األردني و المقارن "دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة"‬
‫السنة السادسة و العشرون‪ ،‬العدد التاسع و األربعون‪ ،‬يناير ‪.1031‬‬
‫‪ )3‬الرسائل‬
‫‪ -‬نداء محمد أمين أبو الهوى‪( ،‬مسؤولية اإلدارة بالتعويض عن الق اررات اإلدارية غير‬
‫المشروعة)‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجيستير في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة الشرق األوسط‪.1030 ،‬‬
‫‪ -‬بن قطاية ليلى‪ ،‬شروط رفع الدعوى القضائية‪ ،‬شروط رفع الدعوى القضائية‪ ،‬مذكرة‬
‫ليسانس‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬قسم حقوق‪ ،‬تخصص قانون خاص‪،‬‬
‫جامعة ورقلة‪.1033 ،‬‬
‫‪ -‬سمان صليحة‪( ،‬المصلحة كشرط لقبول دعويي اإللغاء‪ ،‬و التعويض)‪ ،‬مذكرة مقدمة‬
‫إلستكمال متطلبات شهادة ماستر‪ ،‬قانون إداري‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة قلصدي مرباح ورقلة‪.1032/1033 ،‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ )4‬النصوص الدستورية و القانونية‬
‫أ) الدساتير‪:‬‬
‫‪ -‬دستور ‪ 3996‬المعدل في ‪ ،1036 ،1008 ،1003‬صادر في‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 32‬السنة الثالثة و الخمسون‪ ،‬مؤرخة في ‪06‬‬
‫مارس ‪.1036‬‬
‫ب) القوانين‪:‬‬
‫‪ -‬األمر رقم‪ 66-322‬المؤرخ في ‪ 3‬يونيو ‪ ،3996‬المتضمن‬
‫اإلجراءات المدنية‪ ،‬جريدة رسمية بتاريخ ‪ 3‬يونيو ‪.3966‬‬
‫‪ -‬القانون رقم‪ ،09/08‬الصادر في ‪ 12‬فيفري ‪ ،1008‬المتضمن قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 13‬بتاريخ ‪13‬‬
‫افريل ‪.1008‬‬
‫ت) أدوات بحثية‪( :‬الملتقيات‪ ،‬الندوات)‬
‫‪ -‬رمضان محمد بطيخ‪ ،‬شروط قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬ندوة "القضاء‬
‫اإلداري"(قضاء اإللغاء)‪،‬الرباط‪-‬المملكة المغربية‪32-33-‬‬
‫يوليو(تموز)‪.1002 ،‬‬

‫ثانيا‪ :‬باللغة الفرنسية‬


‫‪- la petit larouse , édition entiérment nouvelle, paris, 1998.‬‬

‫‪70‬‬
‫فهرس المحتويات‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬ ‫العنوان‬
‫آية قرآنية‬

‫اإلهداء‬
‫شكر و تقدير‬
‫مقدمة‬
‫‪2‬‬ ‫المدلول العام للمصلحة في‬ ‫الفصل األول‬
‫دعوى اإللغاء‬
‫‪6‬‬ ‫طبيعة المصلحة كشرط‬ ‫المبحث األول‬
‫لقبول دعوى اإللغاء‬
‫‪6‬‬ ‫تعريف المصلحة‬ ‫المطلب األول‬
‫‪6‬‬ ‫معنى المصلحة‬ ‫الفرع األول‬
‫‪6‬‬ ‫معنى المصلحة عموما‬ ‫أوال‬
‫‪8‬‬ ‫معنى المصلحة لغة‬ ‫‪3‬‬
‫‪8‬‬ ‫معنى المصلحة اصطالحا‬ ‫‪1‬‬
‫‪33‬‬ ‫معنى المصلحة في دعوى‬ ‫ثانيا‬
‫اإللغاء‬
‫‪33‬‬ ‫اإلفتراض األول‬ ‫‪3‬‬
‫‪31‬‬ ‫اإلفتراض الثاني‬ ‫‪1‬‬
‫‪31‬‬ ‫اإلفتراض الثالث‬ ‫‪3‬‬
‫‪31‬‬ ‫العالقة بين الصفة و‬ ‫الفرع الثاني‬
‫المصلحة‬
‫‪33‬‬ ‫موقف الفقه من العالقة‬ ‫أوال‬
‫بين الصفة و المصلحة في‬
‫دعوى اإللغاء‬

‫‪71‬‬
‫‪32‬‬ ‫موقف القضاء من العالقة‬ ‫ثانيا‬
‫بين الصفة و المصلحة في‬
‫دعوى اإللغاء‬
‫‪32‬‬ ‫موقف المشرع الجزائري‬ ‫ثالثا‬
‫‪36‬‬ ‫مواصفات المصلحة في‬ ‫المطلب الثاني‬
‫دعوى اإللغاء‬
‫‪36‬‬ ‫المصلحة الشخصية‬ ‫الفرع األول‬
‫المباشرة و المصلحة‬
‫الجماعية‬
‫‪36‬‬ ‫المصلحة الشخصية ال‬ ‫أوال‬
‫مباشرة‬
‫‪36‬‬ ‫مفهوم المصلحة الشخصية‬ ‫‪3‬‬
‫المباشرة‬
‫‪38‬‬ ‫المصلحة الشخصية في‬ ‫‪1‬‬
‫الدعوى المرفوعة من‬
‫طرف األشخاص المعنوية‬
‫‪10‬‬ ‫المصلحة الجماعية‬ ‫ثانيا‬
‫‪10‬‬ ‫مفهوم المصلحة الجماعية‬ ‫‪3‬‬
‫‪13‬‬ ‫مسألة العرائض الجماعية‬ ‫‪1‬‬
‫‪11‬‬ ‫المراحل القضائية لقبول‬ ‫‪3‬‬
‫العرائض الجماعية‬
‫‪11‬‬ ‫الشروط القضائية لقبول‬ ‫‪2‬‬
‫العرائض الجماعية‬
‫‪13‬‬ ‫موقف المشرع و القضاء‬ ‫‪2‬‬
‫اإلداري في النظام القانوني‬
‫الجزائري‬
‫‪72‬‬
‫‪13‬‬ ‫موقف المشرع الجزائري‬ ‫أ‬
‫‪13‬‬ ‫موقف القضاء اإلداري‬ ‫ب‬
‫‪12‬‬ ‫المصلحة المحققة و‬ ‫الفرع الثاني‬
‫المصلحة المحتملة‬
‫‪16‬‬ ‫المصلحة المادية و‬ ‫الفرع الثالث‬
‫المصلحة األدبية‬
‫‪18‬‬ ‫المصلحة بين دعوى‬ ‫المبحث الثاني‬
‫اإللغاء و دعوى القضاء‬
‫الكامل‬
‫‪18‬‬ ‫خصوصية شرط المصلحة‬ ‫المطلب األول‬
‫في دعوى اإللغاء‬
‫‪19‬‬ ‫القائلون بأن دعوى اإللغاء‬ ‫الفرع األول‬
‫دعوى حسبة‬
‫‪30‬‬ ‫القائلون بضرورة المصلحة‬ ‫الفرع الثاني‬
‫كشرط لدعوى اإللغاء‬
‫‪33‬‬ ‫أسس التفرقة بين المصلح‬ ‫المطلب الثاني‬
‫في دعوى اإللغاء و دعوى‬
‫القضاء الكامل‬
‫‪33‬‬ ‫خصائص دعوى اإللغاء و‬ ‫الفرع األول‬
‫دعوى القضاء الكامل‬
‫‪32‬‬ ‫متطلبات شرط المصلحة‬ ‫الفرع الثاني‬
‫في دعوى اإللغاء و دعوى‬
‫القضاء الكامل‬
‫‪36‬‬ ‫تطبيقات شرط المصلحة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫في دعوى اإللغاء‬
‫‪38‬‬ ‫الطبيعة القانونية لشرط‬ ‫المبحث األول‬
‫‪73‬‬
‫المصلحة في دعوى‬
‫اإللغاء‬
‫‪38‬‬ ‫األساس القانوني للمصلحة‬ ‫المطلب األول‬
‫في دعوى اإللغاء‬
‫‪20‬‬ ‫شروط قبول المصلحة في‬ ‫المطلب الثاني‬
‫دعوى اإللغاء‬
‫‪20‬‬ ‫أن تكون المصلحة‬ ‫الفرع األول‬
‫القانونية مشروعة‬
‫‪23‬‬ ‫أن تكون المصلحة‬ ‫الفرع الثاني‬
‫الشخصية مباشرة و كافية‬
‫‪22‬‬ ‫أنواع المصالح التي‬ ‫المبحث الثاني‬
‫تحميها دعوى اإللغاء و‬
‫آثار إنتفاء المصلحة في‬
‫هذه الدعوى‬
‫‪22‬‬ ‫أنواع المصالح التي‬ ‫المطلب األول‬
‫تحميها دعوى اإللغاء‬
‫‪22‬‬ ‫مصالح األفراد و الموظفين‬ ‫الفرع األول‬
‫‪26‬‬ ‫مصالح األفراد‬ ‫أوال‬
‫‪26‬‬ ‫المالك‬ ‫‪3‬‬
‫‪26‬‬ ‫التاجر و الصانع‬ ‫‪1‬‬
‫‪28‬‬ ‫الناخب‬ ‫‪3‬‬
‫‪29‬‬ ‫الساكن‬ ‫‪2‬‬
‫‪20‬‬ ‫الممول‬ ‫‪2‬‬
‫‪23‬‬ ‫المنتفع بخدمات المرافق‬ ‫‪6‬‬
‫العامة‬
‫‪23‬‬ ‫مصالح الموظفين‬ ‫ثانيا‬
‫‪74‬‬
‫‪21‬‬ ‫الق اررات الخاصة بالدخول‬ ‫‪3‬‬
‫في الوظيفة‬
‫‪23‬‬ ‫الق اررات الصادرة أثناء‬ ‫‪1‬‬
‫شغل الوظيفة‬
‫‪23‬‬ ‫الق اررات الخاصة بالتنظيم‬ ‫أ‬
‫العضوي للمرفق‬
‫‪22‬‬ ‫الق اررات الخاصة بسير‬ ‫ب‬
‫العمل بالمرفق‬
‫‪26‬‬ ‫الق اررات المتعلقة بالحقوق‬ ‫ت‬
‫الوظيفية للموظف‬
‫‪26‬‬ ‫مصالح الهيئات‬ ‫الفرع الثاني‬
‫‪26‬‬ ‫مصلحة المؤسسات و‬ ‫أوال‬
‫الهيئات العامة‬
‫‪26‬‬ ‫المصلحة في دعاوى‬ ‫ثانيا‬
‫الجمعيات و النقابات‬
‫‪29‬‬ ‫آثار انتفاء المصلحة في‬ ‫المطلب الثاني‬
‫دعوى اإللغاء و زوالها‬
‫‪29‬‬ ‫الوقت الالزم توفر شرط‬ ‫الفرع األول‬
‫المصلحة فيه‬
‫‪60‬‬ ‫مجلس الدولة الفرنسي‬ ‫أوال‬
‫‪63‬‬ ‫مجلس الدولة المصري‬ ‫ثانيا‬
‫‪62‬‬ ‫طبيعة الدفع بعدم بانعدام‬ ‫الفرع الثاني‬
‫المصلحة في الدعوى‬

‫‪62‬‬ ‫تعريف الدفع بعدم القبول‬ ‫أوال‬

‫‪75‬‬
‫‪62‬‬ ‫تقسيم الدفوع بعدم القبول‬ ‫ثانيا‬

‫قائمة المراجع‬

‫خاتمة‬

‫‪76‬‬

You might also like