You are on page 1of 95

‫جــــــــامعة غـــــــرداية‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم الحقوق‬

‫بعنوان‪:‬‬

‫التقاضي على درجتين ودوره في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫"مذكرة مقدمة إلستكمال متطلبات نيل شهادة ماستر أكاديمي حقوق تخصص قانون إداري"‬

‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبين‪:‬‬

‫‪ -‬أنور خنان‬ ‫‪ -‬بشرى حمزة‬


‫‪ -‬حمزة رسيوي‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬

‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫الرتبة‬ ‫لقب و إسم األستاذ‬


‫رئيسا‬ ‫جامعة غرداية‬ ‫أستاذ مساعد "أ"‬ ‫د‪.‬رابح ركبي‬
‫مشرفا مقرر‬ ‫جامعة غرداية‬ ‫أستاذ مساعد "أ"‬ ‫د‪.‬أنور خنان‬
‫عضواً مناقشا‬ ‫جامعة غرداية‬ ‫أستاذ محاضر "ب"‬ ‫عايسة زروقي‬

‫السنة الجامعية‪:‬‬

‫‪2020-1441‬ه‪2021-2020/‬م‬
‫شكر وعرفان‬
‫من باب العمل بقوله صلى اهلل عليه و سلم ‪ ( :‬من صنع لكم معروفا فكافئوه)‬

‫الشكر أوال وأخريا ودائما وأبدا هلل سبحانه وتعاىل املعني على كل خري واملوفق إلجناز هذا العمل‪،‬‬
‫ُ‬
‫فاللهم لك احلمد حىت ترضى و لك احلمد إذا رضيت‪.‬‬

‫فإننا نتقدم بأمسى عبارات الشكر و العرفان النابعة من القلب‬

‫إىل كل من ساهم يف إمتام هذا العمل و خيص بالذكر األستاذ املشرف خنان أنور‬

‫رعايته لنا وهلذا العمل وحتمله إيّاي طيلة فرتة البحث و جهده املبذول معي‪ ،‬وتوجيهاته وإرشاداته القيمة‬

‫اليت رعانا هبا يف سبيل إجناز هذا البحث‪.‬‬

‫كما أتوجه بشكري اجلزيل إىل السادة أعضاء جلنة املناقشة على تكرمهم لقراءة ومناقشة هذه الرسالة‬
‫العلمية‪.‬‬

‫و إىل كل من ساعدنا من قريب أو من بعيد ومد لنا العون واملساعدة‪.‬‬

‫وإىل كل من أجادنا بفكره ووقته وإىل مجيع أساتذة قسم علم احلقو ‪.‬‬

‫والشكر موصول لكل من تصفح مذكرتنا من بعدنا‪.‬‬


‫اإلدهاا‬
‫أدهاي ثمرة جهاي دهذا إلى أعز وأغلى إنسانة في حياتي‪ ،‬التي أنارت‬
‫دربي بنصائحها‪ ،‬و كانت بح ًرا صافيا جيري بفيض احلب والبسمة‬

‫إلى التي زينت حياتي بضيا البار‪ ،‬و شموع الفرح ‪ ,‬إلى من منحتني‬
‫القوة والعزيمة لمواصلة الارب‪،‬‬

‫ي"‬ ‫وكانت سببا يف مواصلة دراسيت‪ ،‬إلى الغالية على ق لبي‪" :‬أم‬
‫ي الغالي‬ ‫إلى أب‬

‫إىل إخوتي و أخواتي حفظهم اهلل ‪.‬‬

‫إلى كل العائلة الكرمية‪ ،‬و زمال الاراسة متمنية لهم التوفيق‪.‬‬

‫إلى جميع األسرة الجامعية من الماير إلى الحرس ‪.‬‬

‫إلى كل من ساعاني في إنجاز دهذا البحث ‪.‬‬

‫إلى كل األشخاص الذين أحمل لهم الشكر و التقاير ‪.‬‬

‫إلى كل من نسيه الق لم و حفظه الق لب‪....‬‬

‫بشرى‬
‫اإلدهاا‬
‫ق ال اهلل تعالى‪ ( :‬وبالوالاين إحسانا ) سورة اإلسرا اآلية ‪24‬‬

‫أدهاي دهاا العمل المتواضع إلى من ال يمكن للكلمات أن توفي حقهما‬

‫إلى من ال يمكن لألرق ام أن تحصي فضائلهما إلى الوالاين العزيزين‬


‫أدامهما اهلل لي‬

‫إلى أفراد العائلة جميعا ‪.‬‬

‫إلى كل األق ارب واألصاق ا‬

‫من دون استثنا‬

‫إلى األساتذة الكرام وكل رفق ا الاراسة‬

‫إلى كل محبي العلم والمعرفة‪.‬‬

‫حمزة‬
‫قائمة المختصرات‬

‫الداللة‬ ‫الرمز‬ ‫الرقم‬


‫الصفحة‬ ‫ص‬ ‫‪01‬‬
‫الطبعة‬ ‫ط‬ ‫‪02‬‬
‫الجزء‬ ‫ج‬ ‫‪03‬‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬ ‫ق إ م وا‬ ‫‪04‬‬
‫المقامة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‬

‫إن المهتم بالنظام القضائي الجزائري ما بعد االستقالل يرى التغيير الحاصل في جل المراحل‬
‫من سنة ‪ 1962‬إلى غاية اليوم‪ ،‬سواء بما ارتبط بالقضائيين العادي أو اإلداري‪.‬‬

‫أدت التعديالت المتالحقة للدستور الجزائري إلى تبني نظم قضائية معينة وفق توجهات‬
‫اقتصادية و اجتماعية معين و في خضم نظم سياسية معينة إلى خلق قواعد قانونية تهتم‬
‫بالشأن القضائي كالتحول من األحادية القضائية إلى االزدواجية القضائية بصدور دستور‬
‫سنة ‪ 1996‬الذي كرس التعددية التشريعية والقضائية وقبله التعدية السياسية التي إعادة من‬
‫خاللها المشرع الجزائري النظر في الحقوق األساسية ألفراد الشعب الجزائري‪ ،‬حيث أتى‬
‫هذين التغييرين إلى الدخول من جهة في االزدواجية التشريعية عن طريق خلق مجلس األمة‬
‫الذي أصبح موازي من ناحية االختصاصات المجلس الشعبي الوطني‪،‬بالعودة إلى السلطة‬
‫القضائية فقد ساهم المشرع في إرساء نظام قضائي مستقل و أيضا يسمح بفصل القضايا‬
‫اإلدارية عن القضايا المدنية عن طريق فصل مختف اإلجراءات و الوظائف والدرجات‬
‫وقواعد االختصاص عن طريق صدور قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية المعدل والمتمم‪.‬‬

‫يسعى القاضي اإلداري إلى تطبيق القانون بحذافيره فيبقى الفرد أمام حتمية اللجوء إلى‬
‫السلطة القضائية األعلى من اجل أن يتم إنصافه ليس في كل القضايا التي تكون اإلدارة‬
‫العمومية طرفا فيها بل هناك قضايا يكون الفصل فيها باتا وغير قابل االستئناف‪،‬حيث سعت‬
‫السلطات التنفيذية والتشريعية في الجزائر إلى تبني إن االزدواجية القضائية هي سبيل ناجع‬
‫ألجل استقاللية كبيرة للقضاء وذلك ألجل حماية أكبر للحقوق والحريات إلفراد المجتمع‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫اهمية الموضوع‪:‬‬

‫تكمن اهمية هذا الموضوع في بتعلقه بأهم مبدأ من مبادئ القضاء االداري وقد أسيل الكثير‬
‫من الحبر عن طريق فقهاء القانون االداري وهو مبدأ ازدواجية القضاء االداري بدرجتيه‬
‫الدرجة القضائية األولى المحاكم االدارية والدرجة القضائية االدارية االعلى مجلس الدولة‬
‫كدرجة قضائية استئنافية بحيث نذكر مايلي‪:‬‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫‪-‬يتعلق هذا المبدأ بحق المتقاضي في االستئناف الحكم االبتدائي الصادر عن المحكمة‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -‬كما نشير الى قلة الدراسات المتخصصة بهذا الموضوع في الجزائر والتي تعالج بصفة‬
‫مفصلة كيف يكون لهذا المبدأ دور في الفاظ على حقوق المتقاضي‪ ،‬لذلك نطمح ان نقدم‬
‫بهده المذكرة دراسة متخصصة في هذا الموضوع بالذات كونه أصبح ذو اهمية بالغة ونثري‬
‫به المكتبة القانونية في داخل وخارج الجزائر‪.‬‬

‫‪-‬كما تظهر أهمية هذه الدراسة من خالل إبراز أهم ماوصلت إليه التشريعات المقارنة‪،‬‬
‫وعلى وجه الخصوص التي استقى منها القانون اإلداري قواعده ونعني بذلك التشريع الفرنسي‬
‫مما يساعد على فهم أفضل للتشريع أو القانون الخاص بهذا المبدأ‪ ،‬وللوقوف على نقاط‬
‫الضعف التي تعتري القوانين المنظمة للقضايا اإلدارية الجديدة‪ ،‬التي ال يمكن لنا االطالع‬
‫عليها باعتماد على شرح نصوصها فقط‪ ،‬وهذا للعمل على إصالحها وتدارك ما شابه من‬
‫نقص‪ ،‬سواء من حيث صياغة قواعدها‪ ،‬أو مضمونها‪ ،‬و هو الهدف األول الذي نسعى إلى‬
‫تحقيقه من أجل تطبيق صحيح و فعال‪.‬‬

‫‪-‬تبقى لهذه الدراسة فائدة عملية للقضاة خاصة‪ ،‬وللمهتمين بمجال القانون من طلبة‬
‫وباحثين بصفة عامة بما حاولنا جمعه من معارف‪ ،‬وق اررات ذات الصلة بموضوع البحث‪،‬‬
‫لالستعانة بها في دراساتهم في هذا اإلطار‪ ،‬وذلك بعرض وتحليل ما قضى به في هذا‬
‫المجال‪.‬‬

‫اسباب اختيار الموضوع‪:‬‬

‫توجد أسباب موضوعية وأخرى ذاتية نحاول ايجازها في مايلي‪:‬‬

‫فأما األسباب الموضوعية هي ‪:‬‬

‫‪-‬إثراء تخصص القانون اإلداري بهذه الدراسة كونها أصبح من الضروري معرفتها خصوصا‬
‫أنها أحد المبادئ الدستورية‪.‬‬

‫تبيان مختلف العناصر االساسية التي يحتاج اليها المتقاضي في سبيل الحصول على مراده‬
‫من خالل دعواه القضائية االدارية ضد أي مؤسسة عمومية‪.‬‬
‫ب‬
‫مقدمة‬

‫فأما االسباب الذاتية هي ‪:‬‬

‫‪ -‬الحصول على شهادة في تخصص القانون اإلداري‪.‬‬

‫‪ -‬السعي لتثبيت معلومات حول القضاء االداري خصوصا مبدأ التقاضي على درجتين كوننا‬
‫موظفون‪ ،‬وذلك ألجل معرفة حقوق المتقاضي ضد المصلحة الموظفة له‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫نسعى الى ابراز اهمية مبدأ التقاضي االداري على درجتين من اجل ابراز دوره في الحفاظ‬
‫على الحقوق الفردية‪ .‬ايضا من خالل دراستنا نهدف الى توضيح الفرق بين مبدأ التقاضي‬
‫على درجتين في النظام القضائي العادي والقضاء االداري كذلك ابراز أهمية مبدأ التقاضي‬
‫االداري على درجتين وكيف له ان يكون أحد االسباب التي بها جعل المشرع الحقوق الفردية‬
‫تحمي بقوة القانون‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬

‫‪ .1‬دراسة أسامة شريط‪ ،‬بعنوان "مبدأ التقاضي على درجتين في المادة اإلدارية في‬
‫الجزائر"‪ ،‬مذكرة مقدمة من متطلبات نيل شهادة الماستر في الحقوق قانون إداري‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬بجامعة بسكرة‪2014/2013 ،‬‬
‫عالجت هذه الدراسة مبدأ التقاضي على درجتين في النظام القضائي الجزائري حيث‬
‫توصلت إلى فكرة مفادها أن مبدأ التقاضي على درجتين في المادة اإلدارية تعتبر من‬
‫المبادئ األساسية التي يبنى عليها القضاء اإلداري الجزائري‪ ،‬يعد هذا المبدأ في وقتنا‬
‫الحالي ضرورة يتطلبها التطور القانوني والتنظيمي لهيكل العدالة ‪.‬‬
‫‪ .2‬دراسة كاوة ياسين سليم‪ ،2016 ،‬بعنوان "دور القضاء اإلداري في حماية الحقوق‬
‫والحريات العامة" (دراسة مقارنة)‪.‬‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى أن الحقوق والحريات العامة تمثل رمزاللتطور واإلرتقاء وتعد‬
‫الحقوق والحريات العامة عالمة من عالمات التقدم‪ ،‬حيث تم التوصل إلى فكرة‬
‫مفادها أن الرقابة في القضاء اإلداري تحقق التنمية اإلجتماعية للفرد والمجتمع‪.‬‬

‫الصعوبات‪:‬‬

‫ج‬
‫مقدمة‬

‫‪-‬قلة المصادر والمراجع في هذا العنوان كونه لم يتناول في الجزائر هذا كونه لم يتناول‬
‫التفصيل في العديد من الدراسات‪.‬‬

‫‪-‬الوضع الصحي والمتمثل في جائحة الكورونا ساهم بشكل كبير فيعدم التنقل في مختلف‬
‫المكتبات لجمع المراجع وحال دون التوجه إلى المحاكم اإلدارية ألجل االستزادة‪.‬‬

‫االشكالية‪:‬‬

‫‪ -‬ما مدى مساهمة مبدأ التقاضي االداري‪ .‬على درجتين في الحفاظ على الحريات‬
‫الفردية؟‬

‫ويتفرع على هذه االشكالية الرئيسية االسئلة الفرعية االتية ‪:‬‬

‫‪-‬ما هو مفهوم مبدأ التقاضي اإلداري على درجتين وكيف تم إنشاؤه؟‬

‫‪-‬ما هي المؤسسات القضائية التي تسمح بتطبيق هذا المبدأ؟‬

‫منهج الدراسة‬

‫في إطار تقديم دراستنا استعملنا نوعين من المناهج لدراسة محتوى هذا العمل البحثي فقد‬
‫وضعنا منهجين‪ .‬اوال المنهج التاريخي من اجل تبيان منشأ مبدأ التقاضي على درجتين في‬
‫المادة االدارية سواء على مستوى الجزائر او على مستوى منشأ القانون الفرنسي‪.‬‬

‫وهذا في الفصل االول اما الفصل الثاني انتهجنا المنهج الوصفي التحليلي حيث تم وصف‬
‫جل الخطوط العريضة التي نستطيع بها االستفادة من هذا المبدأ وايضا تحليلي كي نجسد‬
‫هذا المبدأ في ارض الواقع ألجل تحليل مخلف المواد التي تخص موضوعنا هذا‪.‬‬

‫د‬
‫مقدمة‬

‫الفصل األول‬

‫ه‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫تمهيد ‪:‬‬

‫يرجع مبدأ التقاضي على الدرجتين إلى قديم العصور حتى أنه ُعرف في قضاء مصر الفرعونية؛‬
‫فكان القضاء العام يتم على درجتين وهما محكمة المحافظة ثم محكمة االستئناف‪ ،‬كما تأخذ العديد‬
‫من االنظمة القانونية المعاصرة بمبدأ التقاضي على درجتين وهو ما يتطلب اعادة عرض النزاع‬
‫الذي فصلت فيه محاكم الدرجة األولى امام محاكم الدرجة الثانية لتقول فيه كلمتها بقضاء جديد‬
‫يحل محل القضاء السابق‪ ،‬وعلى صعيد تشكيل المحاكم اإلدارية لم يأخذ قانون القضاء اإلداري‬
‫بمبدأ تخصص القضاة اإلداريين ووضعهم تحت مظلة قانون استقالل القضاء مما حرم االفراد من‬
‫ميزة تخصص القضاء اإلداري كسرعة انجاز قضاياهم والقضاء على بطء المنازعات اإلدارية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬النشأة التاريخية لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫يعد مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ االساسية التي يقوم عليها النظام القضائي في كل دول‬
‫العالم‪ ،‬حيث ان معظم دول العالم تعتمد النظر في النزاعات مرتين‪ ،‬مرة أمام محكمة االبتدائية‪،‬‬
‫والمرة الثانية أمام محكمة أعلى (ثاني درجة) عادة ما تسمى محكمة االستئناف لتتأكد من ان‬
‫محكمة الدرجة األولى قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا من حيث القانون والواقع وهذا يعد من أهم‬
‫الضمانات( ‪.‬وعليه سنتناول هذا المبحث في المطلبين التاليين ‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مبدأ التقاضي في النظام القضائي اإلسالمي والفرنسي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ التقاضي على درجتين في الجزائر والسند القانوني للمبدأ‬

‫المطلب األول‪ :‬مبدأ التقاضي في النظام القضائي اإلسالمي والفرنسي‬

‫حرصت جل دول العالم على تقرير هذا المبدأ في تشريعاتها عرف الفقه مبدأ التقاضي على درجتين‬
‫في أنظمتها القضائية‪.‬لذلك يعد مبدأ التقاضي على درجتين ضمانة أساسية لحسن سير العدالة‪ ،‬ألنه‬
‫يؤدي إلى تدارك أخطاء القضاة‪ ،‬ويدفعهم إلى العناية بادعاءات الخصوم ودفاعهم‪ ،‬ودفوعهم‬
‫القضائية‪ ،‬وذلك ألن الحكم القضائي سيكون محال لمراجعته‪ ،‬والقضية سيعاد نظرها من جديد من‬
‫محكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصدرته‪ ،‬للتأكد من أن محكمة أول درجة قد طبقت على‬
‫‪6‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫النزاع المعروض عليها صحيح القانون‪ ،‬كما أن مبدأ التقاضي على درجتين يتيح الفرصة للخصوم‬
‫في الدعوى القضائية الستدراك ما فاتهم من دفوع وأدلة أمام محكمة أول درجة‪1.‬وسيتم التفصيل في‬
‫هذا المطلب من خالل الفرعين االتي ذكرهما ‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬النظام القضائي اإلسالمي‬

‫قام الرسول صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه من بعده بإقرار هذا المبدأ وتطبيقه في أكثر من موقع‬
‫‪،‬فالشريعة اإلسالمية ال تقف في وجه أي وسيلة أو تحقيق أو دفاع من شأنه إظهار الحق فهي مرنة‬
‫بهذا المجال ‪.‬‬

‫بما أن نظام القضاء في اإلسالم هو أقرب النظم لحماية العدل واقرار اإلنصاف والتزام المساواة‬
‫المطلقة بين الناس وتعميم العدالة االجتماعية فقد عرف هذا المبدأ في أكثر من حالة وقد تم بيان‬
‫هذه الحاالت في عدد من اآليات واألحاديث الشريفة وأقوال الصحابة ومن ذلك ‪:‬‬

‫وجاء في نص اآلية ‪78‬من سورة األنبياء حيث يقول اهلل تعالى ( و داوود وسليمان إذا يحكمان‬
‫في الحرث إذا تفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكال أتينا حكما وعلما‬
‫وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين )فتبين من اآلية ‪:‬أن عتما أتلفت حرثا فقضى‬
‫داوود عليه السالم بالغنم لصاحب الكرم فقال سليمان ‪((:‬غير هذا يا نبي اهلل ‪ ،‬قال وما ذلك قال‬
‫‪:‬تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم‬
‫فتصيب منها حتى إذا كان الكرم كما كان ‪ .‬دفعت الكرم إلى صاحبه ودفعت الغنم إلى صاحبها ))‬

‫لذا فمبدأ التقاضي على درجتين هو إتاحة الفرصة للخصم الذي حكم لغير صالحه بعرض النزاع‬
‫أمام محكمة أعلى درجة لتفصل فيه من جديد فتؤيده أو تنقضه‪ ،‬والطريقة لذلك تسمى باالستئناف‪.‬‬

‫وال يخفى ما لهذا المبدأ من مزايا عديدة‪ .‬سواء من الناحية الوقائية أو من الناحية العالجية‪ ،‬فهو‬
‫أضمن لتحقيق العدالة ألنه يحث محاكم الدرجة األدنى على العناية بأحكامها‪ ،‬وبما أن نظام القضاء‬
‫في االسالم هو أقرب النظم لحماية العدل واقرار االنصاف والتزام المساواة المطلقة بين الناس‬

‫‪-‬محمود السيد التحيوي‪ ،‬الطعن في االحكام القضائية‪،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر ‪ ،2003،‬ص ‪49‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫وتعميم العدالة االجتماعية فقد عرف هذا المبدأ في أكثر من حالة‪ ،‬وقد تم بيان هذه الحاالت في‬
‫عدد من اآليات واألحاديث الشريفة وأقوال الصحابة ومن ذلك‪:‬‬

‫ان ِفي‬
‫ان إِ ْذ َي ْح ُك َم ِ‬
‫وقد جاء القرآن الكريم بهذا المبدأ في اآلية ‪78‬من سورة األنبياء‪َ :‬وَد ُاوَد َو ُسلَ ْي َم َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ا ْلحر ِث إِ ْذ َنفَ َش ْ ِ ِ‬
‫ت فيه َغَن ُم ا ْلقَ ْوِم َو ُكَّنا ل ُح ْكم ِه ْم َشاهد َ‬
‫ين ‪‬‬
‫‪1‬‬
‫َْ‬
‫فنتبين من اآلية أن غنماً أتلفت حرثاً فقضى داود عليه السالم بالغنم لصاحب الكرم فقال سليمان‪:‬‬
‫غير هذا يا نبي اهلل‪ ،‬قال‪ :‬وما ذاك‪ ،‬قال‪ :‬تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما‬
‫كان وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا كان الكرم كما كان دفعت الكرم إلى‬
‫‪2‬‬
‫صاحبه ودفعت الغنم إلى صاحبها‪.‬‬

‫قال القرطبي في معرض تفسيره لآلية‪ " :‬رجوع القاضي عما حكم القاضي إذا تبين له أن الحق في‬
‫غيره ما دام في واليته أولى‪ ...‬فأما القول بأن ذلك من داود فتيا فهو ضعيف‪ ،‬ألنه كان النبي وفتياه‬
‫ان ِفي ا ْل َح ْر ِث ﴾‪ ،‬فبين أن كل واحد منهما كان قد حكم؟"‪.3‬‬
‫حكم‪ ...‬ألنه تعالى قال‪ ﴿:‬إِ ْذ َي ْح ُك َم ِ‬

‫ومن السنة نجد حديث أبي هريرة أنه قال‪ :‬قال رسول اهلل ص ّل اهلل عليه وسلم‪ " :‬بينما امرأتان معهما‬
‫ابناهما جاء الذئب‪ ،‬فذهب بابن إحداهما‪ ،‬فقالت‪ :‬هذه لصاحبتها‪ :‬إنما ذهب بابنك‪ ،‬وقالت األخرى‬
‫إنما ذهب بابنك‪ ،‬فتحاكمتا إلى داود ‪-‬عليه السالم ‪-‬فقضى به للكبرى‪ :‬فخرجتا إلى سليمان‬
‫فأخبرتاه‪ ،‬فقال‪ :‬آتوني بالسكين أشقه بينكما نصفين"‪.4‬‬

‫ويفهم في الحديث أن فيه جواز إعادة النظر في حكم سابق أمام قاض آخر‪ ،‬إذا رأى أحد الخصوم‬
‫بأنه تضرر من الحكم األول‪ .‬والمرأتان في الحديث عرضتا نزاعهما على داوود فحكم للكبرى‪ .‬إال‬
‫أن الصغرى وهي صاحبة لحق حسب ما ترجح من الرواية رأت أن تعرض النزاع مرة ثانية على‬
‫سليمان ‪-‬عليه لسالم ‪-‬فلما أعاد التحقيق في المسألة حكم للصغرى؛ وواضح من الرواية أن كال من‬

‫‪1‬اآلية ‪ 78‬من سورة األنبياء‪.‬‬


‫أبو بكر البيهقي‪ ،‬محمد عبد القادر عطا‪ ،‬السنن الكبرى‪ ،‬ج ‪،10‬دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪ ،2003،‬ص‪.118‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬تحقيق أحمد البردوني إبراهيم أطفيش‪ ،‬ط‪ ،2‬دارالكتب المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،1964 ،‬‬
‫ص‪.308‬‬
‫‪4‬محمد بن إسماعيل البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ج ‪ ،8‬دار ابن كثير‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2018،‬ص‪.194‬‬
‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫داوود وسليمان ‪-‬عليهما السالم ‪-‬نظ ار في الدعوى كل على حدا‪ ،‬وحكم كل منهما بحكم مستقل عن‬
‫اآلخر‪ .‬وشرع من قبلنا شرع لنا كما تقدم؛ إذا ثبت بالدليل الصحيح‪ ،‬من الكتاب والسنة‪ ،‬وأن يرد في‬
‫شرعنا ما يؤيده ويقرره‪ ،‬وأال يرد في شرعنا ما ينسخه ويبطله‪ .‬وهذه الشروط متوفرة في هذه الواقعة‬
‫‪1‬‬
‫فهي ثابتة بالسنة؛ ولم يأتي في شرعنا ما يخالفها‪.‬‬

‫أن أكثر فقهاء الشريعة أجازوا مبدأ الطعن على األحكام تمهيدا لنقضها إذا كانت غير صحيحة‪ ،‬أو‬
‫جائرة‪ ،‬وجاءت مخالفة لكتاب اهلل أو سنة نبيه صلى اهلل عليه وسلم أو اإلجماع‪ ،‬أو القياس الجلي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫بخالف ما ذهب إليه البعض بعدم جواز ذلك‪.‬‬

‫إن هذه األدلة تثبت أن هذا المبدأ قد عرفه النظام القضائي اإلسالمي قبل أن تعرفه األنظمة‬
‫الوضعية بمئات السنين‪ ،‬ولكن ما ي ازل هناك من يعارض هذا المبدأ وينسبه إلى األنظمة الوضعية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬النظام القضائي الفرنسي‬

‫اخذت فرنسا بمبدأ التقاضي على درجتين بظهور النظام االقطاعي في نهاية القرن العاشر‪ ،‬وكان‬
‫االقطاعيون يملكون سلطة القضاء على إقطاعاتهم ولكن إذا ظهر فساد في حكم االقطاعي يستأنف‬
‫حكمه‪ .‬بعد انهيار النظام االقطاعي ظهر النظام الكنسي وكان يأخذ بمبدأ تدرج القضاء على ثالث‬
‫‪3‬‬
‫درجات (المطران‪ ،‬أسقف المقاطعة‪ ،‬البابا)‪.‬‬

‫ومع بداية القرن الثالث عشر تركزت السلطات بيد الملك ومنها القضاء بحيث يتحقق مركزية‬
‫القضاء‪ .‬فكان حكم القاضي يعرض على التابعين االدنى للملك‪ ،‬ثم إلى تابع الملك‪ ،‬ثم إلى محاكم‬
‫البرلمانات (محاكم االقاليم)‪ ،‬وبعد ذلك يرفع االستئناف إلى الملك‪ .‬لذلك يتبين ان درجات التقاضي‬
‫‪4‬‬
‫في هذه الفترة لم تكن محصورة‪.‬‬

‫‪1‬محمد بجاق‪ ،‬مبدا التقاضي على درجتين ودوره في تحقيق االمن القضائي‪ ،‬مجلة الدراسات الفقهية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،04‬جامعة‬
‫الوادي‪ ،‬جوان ‪ ،2017‬ص ‪.70‬‬
‫‪2‬محمد الزحيلي‪ ،‬التنظيم القضائي في الفقه اإلسالمي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪،‬الطبعة الثانية‪ ،2002 ،‬ص ‪.481‬‬
‫‪3‬علي يوسف محمد العلوان‪ ،‬التقاضي اإلداري على درجتين ودوره في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬علوم‬
‫الشريعة والقانون‪ ،‬المجلد ‪ ،43‬العدد ‪ ،2016 ،01‬ص‪.185‬‬
‫‪4‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬مصر‪ ،1988،‬ص ‪.129‬‬
‫‪9‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫في منتصف القرن السادس عشر صدر امر ملكي يقلص من اختصاصات القضاء االقطاعي حيث‬
‫حدد اختصاصهم بنظر القضايا غير الهامة فقط‪ ،‬وأصبح تابعي الملك درجة ثانية لهذا القضاء‬
‫ودرجة اولى بالنسبة للدعاوى التي تخرج من اختصاص القضاء االقطاعي‪ ،‬اما الدعاوى الهامة‬
‫فكان استئنافها امام البرلمان‪ ،‬والملك دائما الدرجة النهائية ألي قضاء‪ .‬لذلك عندما قامت الثورة‬
‫الفرنسية ‪ 1789‬كان اولوياتها وضع حد لدرجات التقاضي المتعددة‪ ،‬وبالفعل الغت الجمعية الوطنية‬
‫(البرلمان الفرنسي) نظام االستئناف المتكرر والمتدرج وتم إنشاء محاكم استئناف عادية‪ ،‬وال يطرح‬
‫‪1‬‬
‫النزاع ألكثر من درجتين تقاضي‪.‬‬

‫صدر قانون ‪ /31‬ديسمبر‪ 1985/‬الخاص بإصالح القضاء اإلداري وصدر الحقاً في فرنسا تقنين‬
‫شامل لجميع النصوص التشريعية والالئحة بشأن القضاء اإلداري الفرنسي بكامل هيئاته من مجلس‬
‫الدولة والمحاكم اإلدارية االستئنافية والمحاكم اإلدارية تحت عنوان (تقنين العدالة اإلدارية) بموجب‬
‫المرسوم بقانون (‪ )389‬في ‪ /4‬مايو‪ 2000/‬ودخل حيز التنفيذ في يناير ‪ ،2001‬وكان الهدف من‬
‫اصدار هذا القانون تخفيف العبء على مجلس الدولة دون المساس بخصائصه االساسية المتمثلة‬
‫بوصفه مستشار الحكومة األول‪ ،‬وعدم االفراط في زيادة اعضاءه الفنيين الذين يمارسون العمل‬
‫الفني االستشاري والقضائي للحفاظ على القيمة االدبية للمجلس باعتباره احد الكادرات العالية‬
‫المتميزة في الدولة‪ ،‬بموجب هذا القانون أصبح القضاء اإلداري الفرنسي تنظيماً متكامالً ذو ثالث‬
‫مستويات متصاعدة هي‪:‬‬

‫‪ -‬المحاكم اإلدارية في الدرجة األولى للتقاضي‪.‬‬

‫‪ -‬المحاكم االستئنافية التي انشأها القانون الجديد بواقع خمس محاكم موزعة جغرافياً على‬
‫خمس اقاليم‪ ،‬تمثل الدرجة الثانية‪ ،‬وتختص بالفصل في االحكام المستأنفة التي سبق‬
‫صدورها من المحاكم‪ .‬اإلدارية‪.‬‬

‫‪1‬أحمد هندي‪ ،‬مبدا التقاضي على درجتين (دراسة‬


‫مقارنة)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪ ،2009،‬ص‪.11-10‬‬
‫‪10‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫مجلس الدولة‪ :‬ويمثل القيادة القضائية اإلدارية العليا في المستوى الثالث‪ ،‬حيث اعطاها قانون‬
‫اصالح القضاء اإلداري وصف (قاضي النقض) في احكام المحكمة االستئنافية الجديدة ألسباب‬
‫قانونية دون مسائل الواقع‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ التقاضي على درجتين في الجزائر والسند القانوني للمبدأ‬

‫إن القاضي قد يخطئ في فهم الوقائع وتطبيق القانون سواء كان قانونا موضوعيا أو إجرائيا فأجازت‬
‫كل النظم القانونية للمتقاضي أن يطلب من القاضي مصدر الحكم نفسه ويعيد النظر في حكمه‬
‫ويطلب ذلك من قاضي أعلى منه درجة وهي الدرجة الثانية ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مبدأ التقاضي على درجتين في الجزائر‬

‫يقصد بمبدأ التقاضي على درجتين في الجزائر أن الدعوى ترفع أوال امام المحكمة فيها ابتدائيا‬
‫وتسمى المحكمة التي اصدرت هذا الحكم ألول مرة بمحكمة الدرجة األولى ثم يكون للمحكوم ضده‬
‫الحق في التظلم من حكمها عن طريق الطعن فيه باالستئناف الى جهة قضائية عليا تسمى المجلس‬
‫القضائي في التشريع الجزائري أو محكمة االستئناف او محكمة الدرجة الثانية في التشريعات‬
‫األخرى ‪.‬‬

‫أخد المشرع الجزائري نظام التقاضي على درجتين كأصل عام وهذا مانصت عليه المادة‪ 06‬من‬
‫قانون أ م و ا " المبدأ التقاضي يقوم على درجتين مالم ينص القانون على خالف ذلك "‬

‫وهو ما تأكد في المادة ‪33‬منه بالنسبة لألحكام الصادرة عن المحاكم العادية‬

‫جعل المشرع أحكام المحاكم اإلدارية قابلة للطعن فيها باالستئناف أمام مجلس الدولة ‪.‬وأعلنت المادة‬
‫الثانية من القانون ‪ 02-98‬المتعلق بالمحاكم اإلدارية وهو ما تؤكده المادة ‪ 800‬من ق إ م وا‬
‫الجديد بحيث ال يجوز لتطبيق مبدأ التقاضي على درجتين من حيث مبادئ العدالة للقاضي الذي‬
‫فصل في النزاع على مستوى هيئة محكمة ابتدائية أن يشارك في ذات القضية على مستوى هيئة‬
‫االستئناف ألن يسمح للقاضي للمشاركة سواءاً باعتباره رئيس أو مقر ار سيجعله متأث ار بحكمه الذي‬
‫أصدره على قضاء الدرجة األولى ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫أجاز المشرع الجزائري المتقاضي أن يطلب رد القاضي في حالة إذا سبق له النظر في‬
‫النزاع على مستوى قضاء الدرجة األولى وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 201‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية ‪ ،‬غير أنه وبالرجوع للمادة المقابلة لها في القانون الجديد وهي المادة ‪ 241‬نجدها قد اكتفت‬
‫بحالة القاضي الشاهد في النزاع أو القاضي الممثل للخصوم دون إدراج حالة القاضي الفاصل في‬
‫النزاع على مستوى قضاء الدرجة االولى ‪.1‬‬

‫لهذا يقصد المشرع من اقرار نظام التقاضي على درجتين هو عرض النزاع مجددا على مستوى‬
‫الدرجة الثانية لنفصل فيه موضوعيا وحياديا أي لم يسبق الفصل فيه‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬السند القانوني لمبدأ التقاضي على درجتين في الجزائر‬

‫أوال ‪ :‬في الفقه اإلسالمي‬

‫الناظر في كتب الفقهاء قد يجد بعض العبارات يفهم من خاللها عدم مشروعية وجواز استئناف‬
‫األحكام واعادة النظر فيها أمام جهة قضائية أخرى ‪ ،‬لكن الصحيح أن فقهاء الشريعة أجازوا مبدأ‬
‫الطعن على األحكام تمهيدا لنقذها إذا كانت غير صحيحة ‪ ،‬فمشروعية التقاضي على درجتين جاء‬
‫الدليل عليها في القرآن الكريم وسنة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬والدليل من القرآن الكريم قوله‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ان ِفي ا ْلحر ِث إِ ْذ َنفَ َش ْ ِ ِ‬
‫ت فيه َغَن ُم ا ْلقَ ْوِم َو ُكَّنا ل ُح ْكم ِه ْم َشاهد َ‬
‫ين‬ ‫َْ‬ ‫ان ِإ ْذ َي ْح ُك َم ِ‬
‫تعالى ‪َ :‬وَد ُاوَد َو ُسلَ ْي َم َ‬
‫ففهمنهما سليمان وكال أتينا حكما وعلما ‪.2‬‬

‫ثانيا ‪ :‬في القانون الدولي‬

‫تم النص على هذا المبدأ في الفقرة الخامسة من المادة ‪ 14‬من العهد الدولي للحقوق المدنية‬
‫والسياسية‪ ،‬حيث نصت على أن لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء وفقا للقانون إلى المحكمة‬
‫األعلى كما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬في التشريع‬

‫عمار بوضياف ‪ ،‬القضاء االداري في الجزائر ‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ط ‪ ،2008‬ص ‪.28‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬اآلية ‪ 78‬من سورة األنبياء‬


‫‪12‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫يجد مبدأ التقاضي على درجتين سنده التشريعي بنص المادة ‪ 06‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية ‪ ،‬التي نصت على المبدأ هو أن التقاضي يقوم على درجتين ما لم ينص القانون على‬
‫خالف ذلك وبحسبه فالمبدأ العام في التشريع الجزائري هو األخذ بازدواج درجة التقاضي ‪،‬لذلك‬
‫فمحاكم الدرجة األولى تقضي في المنازعات المقدمة أمامها بأحكام ابتدائية قابلة لالستئناف أمام‬
‫المجالس القضائية ‪ ،‬ووفقا للفقرة األخيرة من المادة ‪ 33‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪ ،‬كما‬
‫أن المحاكم بدورها تفصل في أول درجة بحكم قابل لالستئناف أمام مجلس الدولة في جميع القضايا‬
‫التي تكون الدولة أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها‬
‫وهذا طبقا لنص المادة ‪ 800‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪.‬‬

‫ومن النتائج المترتبة عن األخذ بهذا المبدأ أن المجلس القضائي يتصدى الفصل في المسائل غير‬
‫المفصول فيها بعد تصريحه بإلغاء حكم فاصل في دفوع تشكيلة قضى بإنهاء الخصومة متى تبين‬
‫له ذلك‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ماهية مبدأ التقاضي ومبرراته‬

‫يعد مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ االساسية التي يقوم عليها النظام القضائي في كل دول‬
‫العالم‪ ،‬حيث ان معظم دول العالم تعتمد النظر في النزاعات مرتين‪ ،‬مرة أمام محكمة االبتدائية‪،‬‬
‫والمرة الثانية أمام محكمة أعلى (ثاني درجة) عادة ما تسمى محكمة االستئناف لتتأكد من ان‬
‫محكمة الدرجة األولى قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا من حيث القانون والواقع وهذا يعد من أهم‬
‫الضمانات( ‪.‬وعليه سنتناول هذا المبحث في المطلبين التاليين ‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم مبدأ التقاضي ومضمونه‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف مبدأ التقاضي على درجتين‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم مبدأ التقاضي ومضمونه‬

‫حرصت جل دول العالم على تقرير هذا المبدأ في تشريعاتها عرف الفقه مبدأ التقاضي على درجتين‬
‫في أنظمتها القضائية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف مبدأ التقاضي على درجتين‬

‫التقاضي في اللغة‪ :‬أصله الطلب‪ ،‬وتقاضي حقي قضائي‪ ،‬أي طالبته بحقي فأعطاني أيا هوياتي‬
‫بمعنى القبض ألنه تفاعل من قضي ُيقال تقاضيت ديني وأقضيته‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫بمعني‪ :‬أخدته‪ ،‬وقاضاه رافعة إلى القاضي‪.‬‬

‫والقضاء الحكم والجمع األقضية‪ ،‬والقضية مثله والجمع القضايا وقضاء‪ ،‬أي حكم ومن قوله تعالى‪:‬‬
‫ضى َرُّب َك أَالَّ تَ ْع ُب ُدوْا ِإالَّ إَِّياهُ‪ 2‬االسراء ‪ ،23‬وقد يكون بمعنى تقول قضى حاجته وضربه فقضى‬
‫‪َ ‬وقَ َ‬
‫عليه أي قتله كأنه فرغ منه وقضى نحبه مات‪ ،‬وقد يكون بمعنى األداء واالنتهاء تقول "قضى دينه‬

‫‪1‬الزبيدي‪،‬تاج العروس‪-‬بابقضي‪-‬تحقيق مجموعة من المحققين‪ ،‬دار الهدية‪ ،‬د ب‪،‬دط‪ ،‬ص‪ 313-39‬وما بعدها‪.‬‬
‫سورة االسراء اآلية ‪.23‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬
‫َٰ‬
‫َن‬ ‫ض ْيَنا إِلَ ْي ِه َذلِ َ‬
‫ك ْاأل َْم َر أ َّ‬ ‫إس َرائِ َ‬
‫يل‪ ‬االسراء ‪ 04‬وقوله تعالى ‪َ ‬وقَ َ‬
‫ِ‬
‫ض ْيَنا إلى َبني ْ‬
‫ومنه قوله تعالى ‪َ ‬وقَ َ‬
‫‪1‬‬

‫َدابِر هؤالء م ْقطُوعٌ ُّم ِ‬


‫ين ‪ 2‬الحجر ‪66‬‬ ‫صبِح َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أي أنهيناه إليه وأبلغناه ذلك‪ ،‬وقد تكون بمعنى الصنع والتقدير‪ ،‬يقال‪ :‬قضاه أي صنعه وقدره ومنه‬
‫‪3‬‬
‫قوله تعالى "فقضينهن سبع سماوات في يومين" فصلت ‪ 12‬ومنه القضاء والقدر‪.‬‬

‫فقهي‪ :‬أعطى الفقه مجموعة من التعريفات لمبدأ التقاضي على درجتين وأن اختلفت تعابيرهم إال‬
‫أنها تحقق نفس المقصد والغاية منه باعتباره أحد المبادئ األساسية التي تقوم عليها النظام القضائي‬
‫العادل والمنصف‪.‬‬

‫يعرف مبدا التقاضي على درجتين على أنه‪" :‬للشخص الحق في أن ينظر النزاع مرتين‪ ،‬مرة أمام‬
‫محكمة أول درجة االبتدائية‪ ،‬وأخرى أمام محكمة أعلى درجة ‪-‬ثاني درجة‪-‬االستئنافية "‪ ،4‬وعرفه‬
‫ال إلى محكمة تسمى محكمة الدرجة األولى ثم يكون للمحكوم‬
‫البعض األخر بأنه‪ " :‬رفع الدعوى أو ً‬
‫عليه حق التظلم من حكمها باستئنافه إلى محكمة عليا تسمى محكمة الدرجة الثانية أو االستئنافية‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫حيث يطرح النزاع أمامها من جديد لتفصل فيه بحكم نهائي"‪.‬‬

‫يعرف مبدأ التقاضي على درجتين بأنه‪" :‬ذلك الحق المخول لكل من صدر ضده حكم ابتدائي من‬
‫محكمة درجة أولى‪ ،‬في أن يطلب إعادة النظر في النزاع موضوع ذلك الحكم من حيث الواقع‬
‫والقانون من محكمة موضوع أخرى أعلى درجة متركبة من قضاة أكثر أقدمية وأوسع علما‪ ،‬قصد‬
‫‪6‬‬
‫الحصول على إلغائه أو تعديله أو محو آثاره"‪.‬‬

‫‪1‬سورة االسراء اآلية ‪.04‬‬


‫‪2‬سورة الحجر اآلية ‪.66‬‬
‫الرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬تحقيق يوسف الشيخ محمد‪ ،‬الكتبة‪ ،‬العصرية‪ ،‬الدار النموذجية‪ ،1995،‬ص ‪.243‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬أحمد هندي‪ ،‬مبدا التقاضي على درجتين‪ ،‬حدوده وتطبيقه في القانون المصري والفرنسي (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار النهضة العربية‬
‫‪ ،1991،‬ص‪.3‬‬
‫‪ 5‬ملح عواد‪ ،‬القضاة أصول المحاكمات المدينة والتنظيم القضائي‪ ،‬د ار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2004 ،‬ص‪.50‬‬
‫‪6‬عبد الرزاق المختار‪ ،‬التقاضي على درجتين في النزاع اإلداري التونسي‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة تونس المنار‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‪ ،2005-2004 ،‬ص ‪.6-5‬‬
‫‪15‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫"ويمكن القول إن المغزى من إقرار هذا المبدأ هو تصحيح أخطاء وتقويم أعمال قضاة الدرجة‬
‫األولى من طرف قضاة الدرجة الثانية‪ ،‬إذ قد يخطئ قاضي الدرجة األولى في تكييف الوقائع‬
‫‪1‬‬
‫المعروضة عليه‪ ،‬أو يخطئ في فهم‪.‬القانون مما يؤدي إلى صدور أحكام غير شرعية‪".‬‬

‫اتصلت فكرة التقاضي على درجتين في المادة اإلدارية في الدول المغاربية كما هو شأنه في المادة‬
‫المدنية بفكرة العدل‪ ،‬مع وجود أفضلية للمبدأ في المادة اإلدارية عنه في المادة المدنية بالنظر‬
‫‪2‬‬
‫لالمتيازات الممنوحة لإلدارة‪.‬‬

‫والتي نصت على أن‪ ":‬المبدأ التقاضي يقوم على درجتين مالم ينص القانون على خالف ذلك" وفقا‬
‫لنص هذه المادة فإن المبدأ العام أن التقاضي يقوم على درجتين بحيث تشكل المحكمة أولى درجات‬
‫التقاضي بحيث تعتبر أحكامها قابلة لالستئناف أمام المجلس القضائي على خالف ذلك وهو ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 33‬الفقرة ‪ 03‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية والتي نصت على أنه "‬
‫فصل المحكمة في جميع الدعاوي األخرى بأحكام قابلة لالستئناف" ونصت المادة ‪ 34‬من‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية على اختصاص المجلس القضائي كجهة استئناف حيث نصت على‬
‫أنه "يخص المجلس القضائي المواد حتى نصت على أنه يختص المجلس القضائي المواد حتى‬
‫ولوكان وصفها خاطئاً" كما أنا المحاكم اإلدارية تعتبر جهة االختصاص أول درجة في المنازعات‬
‫اإلدارية والتي تكون قابلة لالستئناف أما مجلس الدولة‪.‬‬

‫وذلك بحسب نص المادة ‪ 800‬من ق إ م وا والتي نصت على أن" المحاكم اإلدارية هي جهات‬
‫الوالية العامة في المنازعات اإلدارية‪ .‬تختص في الفصل بأول درجة‪ ،‬بحكم قابل لالستئناف في‬
‫جميع القضايا‪ ،‬التي تكون الدولة أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة‬
‫اإلدارية طرف فيها‪.‬‬

‫‪ 1‬عمار بوضياف‪ ،‬النظام القضائي الجزائري‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ريحانة للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2003 ،‬ص‪. 18‬‬
‫‪ 2‬عبد الرزاق المختار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪16‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫مبدا التقاضي على درجتين أحداهم مبادئ القضاء وهو حق مكفول لكل متقاضي أو خصم بأن‬
‫يعرض خصومته أمام أكثر من قاضي أو محكمة للنظر والبث فيها وهي بمثابة إتاحة الفرصة‬
‫‪1‬‬
‫لصاحب الدعوى الذي أخفق في دعواه لعرض نفس النزاع‪.‬‬

‫غير أن التقاضي اإلداري على درجتين يطرح الكثير من اإلشكاليات نتيجة تعدد أبعاده والتكيفات‬
‫المضافة عليه (المبدأ‪-‬القاعدة – اآللية‪-‬الضمانة)‪ ،‬فالفقيه شابي " ‪ "chapus‬يقرر بالدور العملي‬
‫للمبدأ التقاضي على درجتين ويستعمل مصطلح" القاعدة" عوض " المبدأ" كما يستعمل مصطلح"‬
‫‪2‬‬
‫اآللية"‪.‬‬

‫عرف الفقه مبدأ التقاضي على درجتين على أنه للشخص الحق في أن ينظر النزاع مرتين مرة أمام‬
‫‪3‬‬
‫محكمة أول درجة ابتدائية وأخرى أمام محكمة أعلى درجة ثاني درجة االستئنافية‪.‬‬

‫وعرف البعض اآلخر بـأنه" رفع الدعوى أوالً إلى المحكمة تسمى محكمة الدرجة األولى تم يكون‬
‫للمحكوم عليه حق التظلم من حكمها باستئنافه إلى محكمة عليا تسمى محكمة الدرجة الثانيةأو‬
‫‪4‬‬
‫االستئنافية حيث يطرح النزاع أمامها من جديد لتفصل فيه بحكم نهائي‪.‬‬

‫كما عرف أيضا بأنه " التقاضي على درجتين يحيز للمحكوم عليه طرح دعواه مرة ثانية أمام جهة‬
‫قضائية أعلى من تلك التي أصدرت الحكم األول وهو ما يسمى باستئناف الحكم حيث يطرح النزاع‬
‫من جديد أمام جهة قضائية أعلى من تلك أصدرت الحكم األول من أجل تأييده أو الغائه أو اتخاذ‬
‫‪5‬‬
‫أي اإلجراءات يحقق مصلحة المتقاضين‪.‬‬

‫محمد بجاق‪،‬مبدا التقاضي على درجتين ودوره في تحقيق االمن القضائي‪ ،‬مجلة الدراسات الفقهية‪ ،‬العدد ‪ ،04‬جوان ‪،2017‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.70‬‬
‫‪Reméchampus.droit du contentieux administratif fditions Montchrestien, 09edition.2001,‬‬
‫‪2‬‬

‫‪p1059.‬‬
‫‪3‬احمد نهدي‪ ،‬مبدأ التقاضي على درجتين حدوده وتطبيقه في القانون المصري والفرنسي (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار نهضة العربية‬
‫‪ ،1991،‬ص‪.3‬‬
‫مفلح عواد القضاة‪ ،‬أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي‪ ،‬د ار الثقافة لنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،2004،‬ص‪.5‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬فريحة حسن‪ ،‬المبادئ األساسية في القانون اإلجراءات المدينة واإلدارية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،2010 ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪17‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫لم تكن هذه التعريفات نتيجة إلدارة المشرع وانما كانت ثمرة لتطورات متعاقبة مر بها مبدأ التقاضي‬
‫على درجتين تعكس التطور الحضاري والفكري للمجتمع‪.‬‬

‫فنشأ التقاضي على درجتين امتد ليشمل المادة اإلدارية التي ارتبطت بتطور القضاء والقانون‬
‫‪1‬‬
‫اإلداري في الجزائر‪ ،‬فالمادة اإلدارية هي المادة التي يتدرج فيها مبدأ التقاضي على درجتين‪.‬‬

‫يقصد بمبدأ التقاضي على درجتين أن الدعوى ترفع أوال أمام المحكمة فتتولى الحكم فيها ابتداءا أو‬
‫تسمى المحكمة التي أصدرت هذا الحكم ألول مرة بمحكمة الدرجة األولى من يكون للمحكوم ضده‬
‫الحق في التظلم من محكمها عن طريق الطعن فيه االستئناف إلى الجهة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مضمون مبدأ التقاضي على درجتين‬

‫يعد مبدأ التقاضي على درجتين ضمانة أساسية لحسن سير العدالة‪ ،‬ألنه يؤدي إلى تدارك أخطاء‬
‫القضاة‪ ،‬ويدفعهم إلى العناية بادعاءات الخصوم ودفاعهم‪ ،‬ودفوعهم القضائية‪ ،‬وذلك ألن الحكم‬
‫القضائي سيكون محال لمراجعته‪ ،‬والقضية سيعاد نظرها من جديد من محكمة أعلى درجة من‬
‫المحكمة التي أصدرته‪ ،‬للتأكد من أن محكمة أول درجة قد طبقت على النزاع المعروض عليها‬
‫صحيح القانون‪ ،‬كما أن مبدأ التقاضي على درجتين يتيح الفرصة للخصوم في الدعوى القضائية‬
‫‪2‬‬
‫الستدراك ما فاتهم من دفوع وأدلة أمام محكمة أول درجة‪.‬‬

‫إن االستئناف كطريق طعن عادي في األحكام القضائية الصادرة من أول درجة هو الوسيلة التي‬
‫يطبق بها مبدأ التقاضي على درجتين‪ ،‬حيث يرفعه الخصم الذي خسر القضية‪ ،‬سواء كانت خسارته‬
‫كلية أو جزئية‪ ،‬أمام محكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصدرت الحكم القضائي المطعون فيه‪،‬‬
‫بهدف مراجعته‪ ،‬واعادة فحص النزاع من جديد من جميع جوانبه من حيث الواقع والقانون‪.‬‬

‫إن الهدف األساسي من االستئناف هو نقل النزاع من قاضي قليل الخبرة ينظر الدعوى ألول مرة‪،‬‬
‫إلى مجموعة قضاة أكفاء يفحصون النزاع للمرة الثانية ويصححون ما قد يقع في الحكم من أخطاء‪،‬‬

‫‪1‬عمار عوابدي‪ ،‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬ج‪ ،1998 ،1‬ص‪.98‬‬
‫‪2‬محمود السيد التحيوي‪ ،‬الطعن في االحكام القضائية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر ‪ ،2003،‬ص ‪.49‬‬
‫‪18‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫أو يعتريه من قصور مما يؤدي إلى تحقيق العدالة على أفضل وجه‪ ،‬لذلك استقر مبدأ التقاضي‬
‫‪1‬‬
‫على درجتين في جل التشريعات الحديثة‪.‬‬

‫يعتبر االستئناف باعتباره طريقة الفحص المتعاقب للنزاع‪-‬وسيلة إلنهاء النزاع في مجمله‪ ،‬وليس‬
‫مجرد وسيلة لتصحيح ما قد يشوب الحكم االبتدائي من أخطاء‪ ،‬فدور جهة االستئناف ال يتوقف عند‬
‫بيان مدى موافقة الحكم القضائي المطعون فيه باالستئناف للقانون‪ ،‬بل يمتد إلى تأييده أو إلغائه‪،‬‬
‫وبالتالي يصبح القرار المنهي للنزاع في االستئناف عنوانا للحقيقة‪ ،‬ألنه على درجة كبيرة من اليقين‬
‫والصحة ليحل محل حكم أول درجة المطعون فيه‬

‫إذا كان مبدأ التقاضي على درجتين يستند إلى اعتبارات تحقيق العدالة و كفالة حق الدفاع و حسن‬
‫سير مرفق القضاء‪ ،‬إال أن التقاضي يجب أن يقف عند هذا الحد من خالل االكتفاء بدرجتين فقط‪،‬‬
‫فالتقاضي إذا تم على درجات عديدة قد يؤدي إلى تأبيد المنازعات و استحالة حصول صاحب الحق‬
‫على حقه‪ ،‬واذا كانت بعض األحكام يجوز الطعن فيها بالنقض أو التماس إعادة النظر‪ ،‬فإن ذلك ال‬
‫يعني أن التقاضي يكون على درجات عديدة‪ ،‬فالنقض ليس درجة ثالثة من درجات التقاضي ألنه ال‬
‫ينظر في موضوع النزاع‪ ،‬و إنما يقتصر على نقض األحكام المخالفة للقانون‪ ،‬أما التماس إعادة‬
‫النظر فهو طعن يوجه لبعض األحكام فقط وألسباب معينة‪ ،‬ويعتبر مبدأ التقاضي على درجتين من‬
‫المبادئ األساسية في النظام القضائي وهو على قدر كبير من األهمية سواء بالنسبة للقضاء‬
‫اإلداري لتحديد مضمون التقاضي على درجتين يجب التطرق إلى تعريفه كمبدأ بصفة عامة تم‬
‫ولمعرفة قيمته القانونية البد من حصر إطاره القانوني‪.‬‬

‫يعد مبدأ التقاضي على درجتين ضمانه أساسية لحسن سير العدالة ألنه يؤدي إلى تدارك أخطاء‬
‫القضاة ويدفعهم إلى العناية بادعاءات الخصوم ودفاعهم دفوعهم القضائية‪ ،‬وذلك الن الحكم‬
‫القضائي سيكون محال لمراجعتهم‪ ،‬والقضيةسيعاد نظرها من جديد من محكمة أعلى درجة من‬
‫المحكمة التي أصدرته‪ ،‬لتأكيد من أن محكمة أول درجة قد طبقت على النزاع المعروض عليها‬

‫‪ 1‬أحمد هندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫‪19‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫صحيح القانون‪ ،‬كما أم مبدأ التقاضي على درجتين يتيح الفرصة للخصوم في الدعوى القضائية‬
‫الستدراك ما فاتهم‪.‬‬

‫يعتبر مجلس الدولة والمحكمة اإلدارية درجتي التقاضي أمام القضاء اإلداري بحيث أن االستئناف‬
‫يؤدي إلى نقل الخصومة برمتها من المحكمة اإلدارية إلى مجلس الدولة واعادة طرحها من جديد‬
‫أمامه فيتمتع عند نظرها بنفس سلطات القاضي المحكمة اإلدارية من دفوع وأدلة أمام محكمة أول‬
‫‪1‬‬
‫درجة‬

‫إن االستئناف طريق لطعن عادي في األحكام القضائية الصادرة من أول درجة هو الوسيلة التي‬
‫يطبق بها مبدأ التقاضي على درجتين حيث يرفعه الخصم الذي خسر القضية سواء كانت خسارته‬
‫كلية أو جزئية أمام محكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصد ار الحكم القضائي المطعون فيه‬
‫بهدف مراجعته واعادة فحص النزاع من جديد من جميع جوانبه من حيث الواقع والقانون‪.‬‬

‫إن الهدف األساسي من االستئناف هو نقل النزاع من قاضي قليل الخبرة ينظر ألول مرة إلى‬
‫مجموعة قضاة أطفاء يفحصون النزاع للمرة الثانية ويصححون ما قد يقع في الحكم من أخطاء‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى تحقيق العدالة على أفضل وجه لذل استقر مبدأ التقاضي على درجتين في جل التشريعات‬
‫‪2‬‬
‫الحديثة‬

‫إذا كان مبدأ التقاضي على درجتين يستند إلى اعتبارات تحقيق العدالة وكفالة حق الدفاع وحسن‬
‫سير مرفق القضاء إال أن التقاضي على درجتين إذا تم على درجات عديدة قد يؤدي إلى تأييد‬
‫المنازعات واستحالة حصول صاحب الحق على حقه‪ ،‬إذا كانت بعض االحكام يحوز طعن فيها‬
‫بالنقضأو التماس إعادة‪ .‬النظر فإن ذلك ال يعني أن التقاضي يكون على درجات عديدة فالنقض‬
‫ليس درجة ثالثة من درجات التقاضي ألنه ال ينظر في موضوع النزاع‪ ،‬وانما يقتصر على نقض‬
‫األحكام المخالفة للقانون أم التماس إعادة النظر فهو طعن يوجه لبعض األحكام فقط وألسباب‬
‫معينة‪.‬‬

‫محمود السيد التحيوي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪1‬‬

‫أحمد هندي‪ ،‬مبدأ التقاضي على درجتين (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الجامعة الجديد‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2009 ،‬ص ‪.49‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫إن الطعن باالستئناف طريقة من طرق الطعن العادية في القضاء اإلداري‪ ،‬والتي تحول أي طرف‬
‫من أطراف النزاع والذي صدر في حقه حكم من المحكمة اإلدارية التقدم إلى جهة األعلى درجة‬
‫وهي مجلس الدولة من أجل الطعن باالستئناف ضد هذا الحكم‪،‬لكن مبدأ التقاضي على درجتين ال‬
‫يجد حظه من تطبيق التام أمام القضاء اإلداري وال يطبق بصورة شاملة كل النزاعات‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬هل هو مبدأ دستوري‬

‫إن الدستور يتبين أنه لم ينص على هذا المبدأ مما يعني أن ال ُيتيح الفرصة في اعتبار المؤسس‬
‫الدستوري إلى مستوى مبادئ دستورية التي ال ينبغي لتشريع أن مصدر بخالفها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫يرى البعض أن هذا المبدأ يعد ضمانا أساسيا لمصالح المتقاضي وللمصلحة العليا للعدالة‪.‬‬
‫قرر مجلس دستوري شأن مرسوم متعلق بالرسوم والضرائب نص على عدم جواز االستئناف االحكام‬
‫الصادرة في هذا الشأن بأن قاعدة ازدواج التقاضي ال تعد ضمانا أساسيا في مجال المنازعات‬
‫الضريبية عليه يمكن للرسوم إلغاء الحق في االستئناف‪ ،‬ومن خالل ما سبق يتبين أن مبدأ التقاضي‬
‫على درجتين يغر أحد مبادئ التي يقررها ويستنبطها القضاء مستندا إلى االتجاهات العامة في‬
‫التشريع والى مبادئ أساسية بنى عليها الدستور وسميت أيضا بمبادئ العدالة الطبيعية أو إلى‬
‫مقتضيات النظام االجتماعي واالقتصادي في الدولة تكتسب هذه المبادئ قوة إلزامية أساسها المادة‬
‫‪2‬‬
‫األولى من القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫يذهب "فيدل" إلى أن هذه المبادئ لها قوة مبادئ الدستور في القانون إن المبادئ في الواقع تكون‬
‫لها قيمة أعلى من قيمة التشريع الفرعي ويمكن للقانون أن يعدلها أو يلغيها‪ .‬من األحسن أن يتبناها‬
‫القانون أو الدستور إذا كانت لها قيمة أكبر في تحقيق العدالة والمساواة وحديثا ال يزال هذا المبدأ‬
‫يرتكز على أرض صلبة ولعل ذلك يرجع إلى وجود أسس بنى عليها تجعله مضمون وضمان أكيد‬
‫للمقاضين ال يمكن االستغناء عنها‪.‬‬

‫أسامة علي مصطفى الفيرالربابعة‪ ،‬أصول محاكمات الشرعية الجزائية‪ ،‬دار النفائس للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2005 ،‬ص‪.35‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬المحاكم اإلدارية العرف اإلداري‪ ،‬دار العلوم‪ ،‬عنابة‪ ،2007 ،‬ص ‪.24‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫أن ينظر النزاع الواحد أمام محكمتين أو أكثر على التوالي أي أن للمحكوم عليه أن يعرض الحكم‬
‫الذي أصدرته أول م حكمة على محكمة أخرى أعلى درجة لكن تعيد النظر فيما حكم فيها ونتأكد من‬
‫‪1‬‬
‫صوابه وعدالته فكرة وجدت جدورها في القانون الروماني وأكدها القانون الفرنسي القديم‪.‬‬

‫ولذلك فإن مبدأ التقاضي على درجتين بما يكفله من أمكانية عرض النزاع على هيئة ثانية إلعادة‬
‫النظر فيه‪ ،‬من شأنه أن يؤدي إلى تطبيق السليم والصحيح للقانون فإن أخطأ قاضي الدرجة األولى‬
‫تستدرك هذا الخطأ سواء في الواقع أو القانون فان الواقع أو القانون جهة أو هيئة قضائية‪ ،‬الدرجة‬
‫الثانية التي يعود لها صالحية إلغاء الحكم األول أو تعديله والتصدي من جديد بما تراه مالئماً لحسم‬
‫النزاع‪.‬‬

‫فالمقصود إذا بوجود درجة ثانية التقاضي هو وجود محاكم تحتل الطبقة التالية لألولى وتعلوها‬
‫ولذلك تفصل مرة ثانية في ذات النزاع الذي سبق طرحه على محكمة أو درجة وبتفرع على هذا‬
‫الفهم أن وحدة درجة التقاضي أو ثنائيتها إنما يتعدد في المقام األول على تعدد طبقات المحاكم‬
‫وعليه ال يتصور التقاضي إال على درجة واحدة تكون هي األولى واألخيرة إذا كان النظام القضائي‬
‫‪2‬‬
‫ال يعرف سوى طبقة واحد للمحاكم‪.‬‬

‫وعلى هذا النحو فإن االستئناف يمثل ضمانه كبى من ضمانات التقاضي بل يعتبر من أسس‬
‫التنظيم القضائي وان ذلك يحقق مبدأ قانوني هام وهو مبدأ التقاضي على درجتين‪.‬‬

‫يمر كل متقاضي بموجبه أحد المحاكم إلى دعواه وتسمى بمحاكم الدرجة األولى كالمحكمة االبتدائية‬
‫وهي الدرجة األولى وفي مراحل التقاضي للمطالبة بحق مهما كان نوعه أو للحصول على إحدى‬
‫الخدمات التي يجب أن تجري أمام القضاء مهما كانت تلك الخدمة في نطاق قوانين وأنظمة البالد‬
‫سواء كان لتلك الحقوق تقدير مادي أو معنوي وطور ثاني يستأنف فيها األحكام وهي محاكم الدرجة‬
‫الثانية كمحاكم االستئناف‪.‬‬

‫أحمد هندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.08‬‬ ‫‪1‬‬

‫خيري أحمد الكباش‪ ،‬الحماية الجنائية لحقوق االنسان‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الجامعية‪ ،2002 ،‬ص ‪.223‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫يتم عرض النزاع أمام هذه الجهة القضائية من جديد لتنظر القضية من حيث الوقائع والقانون معا‬
‫وتفصل فيها بحكم نهائي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية مبدأ التقاضي ومبرراته‬

‫صبح مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ األساسية التي تتبناها النظم القضائية المعاصرة‬
‫ويقصد بهذا المبدأ ان النزاع الواحد ينظر امام محكمتين على التوالي وهما محاكم الدرجة األولى ثم‬
‫محاكم الدرجة الثانية والتي يطلق ع ليها محاكم االستئناف‪ ،‬الن االستئناف هو الوسيلة العملية التي‬
‫يتحقق بها مبدأ التقاضي على درجتين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أهمية مبدأ التقاضي على درجتين‬

‫انطالقا من أنه قد يخطئ القاضي في فهم وتكييف الوقائع المعروضة علبه‪ ،‬أو يخطئ في فهم‬
‫وتطبيق القانون أجازت كل النظم القضائية للمتقاضي أن يطلب من القاضي مصدر الحكم نفسه أن‬
‫يعيد النظر في حكمه أو أن يطلب ذلك من درجة أعلى منه فيحول الملف إلى درجة ثانية‪ .‬ويعود‬
‫أساس منح المتقاضي فرصة مراجعة الحكم االبتدائي إلى فكرة العدالة‪.‬‬

‫أهم مبادئ القضاء وهو حق مكفول لكل متقاضي وخصم بأن يعرض خصومته أمام أكثر من‬
‫محكمة للنظر والبت فيها وهي بمثابة إتاحة الفرصة لصاحب الدعوى الذي أخفق في دعواه لعرض‬
‫نفس النزاع أمام محكمة أعلى درجة وهيئة قضائية مختلفة لتفصل من جديد إما بإقرار الحكم األول‬
‫‪1‬‬
‫وتأييده واما بنقضه وابطاله‪.‬‬

‫وتبرز أهمية مبدأ ازدواج درجة التقاضي في كونه ُيشكل ضماناً أساسيا لمصالح المتقاضي‬
‫وللمصلحة العليا للعدالة لذلك قيل بأن اإلقرار باالستئناف بوصفه طريقا للطعن‪ ،‬يلجأ إليه‬
‫المتقاضي‪ ،‬الذي يعتقد أن الصرر قد لحق به من جراء الحكم الصادر ضده على مشتوى محكمة‬

‫‪1‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر ‪ ،1984،‬ص‪.107‬‬
‫‪23‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫أول درجة وهو يعتبر أهم ضمان لحقوق لذلك أعتبر هذا المبدأ من أهم المبادئ العامة في القانون‬
‫‪1‬‬
‫االجرائي ألنه يشكل ضمانا من ضمانات حسن سير العدالة‬

‫إن العدالة كحقيقة قائمة بذاتها ال وجود لها بمعزل عن القاعدة القانونية وهكذا فالمنتظر من أي‬
‫‪2‬‬
‫قانون يصدر السيما إن كان متعلقا باإلجراءات المتخذة كل المنازعات أن يحقق فكرة العدالة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التطبيق السليم للقانون‬

‫إن أي مطلع في العلوم القانونية يدرك يوما بعد يوم صعوبة هذا العلم و تشعبه ‪ ،‬فليس من السهل‬
‫ع لى القائم بتطبيق القانون أن يصل بدقة إلى قصد المشرع بل األمر يستوجب تكييفا سليما للوقائع‬
‫و الربط بينها وبين النصوص الواجبة التطبيق ‪،‬ثم إن نصوص القانون ال تكون دائما وفي كل‬
‫الحاالت واضحة وجلية يسهل الوصول إلى معناها الحقيقي و مدلولها الذي قصده المشرع ‪ ،‬بل‬
‫أحيانا تحمل نصوص القانون مصطلحا أو لفظا عاما يحتمل أكثر من تفسير واحد ‪ ،‬كما أن‬
‫المشرع أحيانا يقصد هذه الطريقة أو يتعمدها ‪ ،‬و هذا ما استوجب إيجاد درجة ثانية للتقاضي وهي‬
‫جهة أعلى خاصة إذا علمنا أن هذه الجهة تضم قضاة ذوو خبرة و كفاءة نظ ار للفترة التي يقضونها‬
‫‪3‬‬
‫في الخدمة القضائية مقارنة بقضاة الدرجة األولى‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحقيق عدالة األحكام والق اررات القضائية‬

‫سبق البيان و التأكيد أن وظيفة القضاء من أصعب الوظائف فليس من السهل بالنسبة للقاضي أن‬
‫يصل إلى حكم عادل بين طرفي النزاع فقد يخطئ القاضي في فهم الواقعة التي بين يديه كما قد‬
‫يخطئ في فهم القانون ‪ ،‬و في كلتا الحالتين تفرض مبادئ العدالة و اإلنصاف استدراك الوضع‪ ،‬وال‬
‫يكون ذلك إال بنظام للطعن يجيز للمتقاضي عرض طعنه من درجة ثانية لتعيد النظر في حكم‬
‫الدرجة األولى وتتولى فحصه وتقدير سالمته ومطابقته للقانون‪ ،‬والهدف األسمى من عملية عرض‬

‫‪1‬محمد األمين عبعوب‪،‬التقاضي على درجتين في القضاءاإلداري‪ ،‬مذكرة ماستر‪ ،‬حقوق‪ ،2014/2013 ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪2‬خيري أحمد الكباش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪ 3‬إسماعيل نامق حسني‪ ،‬العدالة وأثرها في القاعدة القانونية‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2011 ،‬ص‪.89‬‬
‫‪24‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫الخصومة مجددا على هيئة أخرى هو التأكد من عدالة حكم القاضي ولو كانت الهيئة المصدرة‬
‫‪1‬‬
‫للحكم األول تتكون من قضاء جماعي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬ضمان حقوق الدفاع‬

‫إن حق الدفاع من حقوق اإلنسان ثابت بموجب اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان وعليه فإنه من‬
‫حق األفراد أن يباشروا الخصام بأنفسهم أو أن يوكلوا محامين للدفاع عنهم‪ ،‬ورغم أن األفراد أطراف‬
‫النزاع استعملوا حق الدفاع على مستوى قضاء الدرجة األولى إال أن إنهاء النزاع على مستوى درجة‬
‫واحدة من التقاضي من شأنه المساس بحقوق الدفاع‪.‬‬

‫وعليه فإن عرض النزاع استعملوا حق الدفاع على مستوى قضاء الدرجة األولى إال أن إنهاء النزاع‬
‫على مستوى درجة واحدة من التقاضي من شأنه المساس بحقوق الدفاع‪.‬‬

‫وهو ما يترتب عليه إعطاء فرصة جديدة ألطراف النزاع لكي يقدم كل طرف طلباته ودفوعاته أمام‬
‫قضاء الدرجة الثانية‪ ،‬والمقدم من الوثائق ما يدحض به ادعاء خصمه وما يعزز قوة مركزه في‬
‫الخصام ولو ال نظام التقاضي على درجتين لما تمكن المحكوم عليه من الطعن في حكم الدرجة‬
‫األولى‪ ،‬ورغم الميزات والفوائد التي يقدمها مبدأ التقاضي على درجتين إال أنه تقدم له بعض‬
‫االنتقادات منها أنه يطيل عمر النزاع‪ ،‬حيث انه بمجرد تقديم الطعن في الدرجة األولى ال ينفذ‬
‫الحكم و إنما يجب االنتظار إلى حين صدور قرار الدرجة الثانية‪ ،‬وهذه الصفة التي تعني أن حجة‬
‫الحكم ليست مطلقة ومن هنا ال يمكن التذرع واالحتجاج به قد يلغي من قبل جهة االستئناف وقد‬
‫‪2‬‬
‫يعدل العتبارات تخدم مبادئ العدالة وسالمة تطبيق القانون‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مبررات مبدأ التقاضي‬

‫قد تؤدي تعدد المحاكم إلى احتمال اختالفها في تفسير القانون وتطبيقه على القضايا المتطورة‬
‫أمامها‪ ،‬فتترتب على ذلك صدور أحكام مختلفة ومتناقضة في بعض القضايا المتماثلة‪ ،‬مما قد تؤثر‬

‫‪1‬رمزي رياض عوض‪ ،‬الرقابة على التطبيق القضائي لضمانات المحاكمة المنصفة (دراسةمقارنة)‪ ،‬دار النهضة العربية‪،2002،‬‬
‫ص‪.4‬‬
‫‪ 2‬محند أمقران‪ ،‬النظام القضائي الجزائري‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ ،2003،‬ص‪.23‬‬
‫‪25‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫على سمعة القضاء‪ ،‬وحتى اليقع ذلك لجأت التشريعات لتنظم المحاكم المتعددة بوضع محكمة عليا‬
‫تهدف إلى توحيد القانون وتفسيره وحسن تطبيقها أمام المحاكم المختلفة‪.‬‬

‫تقوم وراء إقرار مبدأ التقاضي على درجتين عدة مبررات واعتبارات تتعلق أهمها‪:‬‬

‫‪ .1‬ضمانة تدرج القضاء‬

‫الحكم القضائي يحتمل الوجهان الصواب والخطأ ألن من يصدر أوال وأخ ار األحكام هم بشر‪،‬‬
‫فالقاضي غير معصوم عن الخطأ‪ ،‬لهذا فإن تدرج القضاء يعد ضمانة من ضمانات التقاضي‬
‫المهمة في النظام القضائي بواسطة إعادة النظر في األحكام التي تتطلب ذلك لتجنب تنفيذ أو‬
‫‪1‬‬
‫إصدار أو عيب‪.‬‬

‫وسالمة تطبيق المحاكم للقانون‪ ،‬وتوخيا لحسن سير العدالة في ظل تعدد المحاكم وتعدد الدوائر في‬
‫المحكمة الواحدة‪ ،‬قرر المشرع تدرج القضاء بحيث ترفع الدعوى ابتداء أمام محكمة أول درجة‪ ،‬على‬
‫أن يكون للمحكوم عليه حق الطعن في الحكم الصادر من محكمة أول درجة أمام المحكمة‬
‫االستئنافية التي غالبا ما تكون أعلى من المحكمة التي أصدرت الحكم (وتسمى محكمة ثاني‬
‫‪2‬‬
‫درجة)‪.‬‬

‫تحرص كل األنظمة القضائية على تنظيم الطعن في األحكام بما يكفل الموازنة بين ضرورة إعادة‬
‫النظر في األحكام كونه من مقتضيات العدالة‪ ،‬وضرورة احترام حجة األمر المقضي ألنه يشكل‬
‫استقرار للحقوق والمراكز القانونية التي أقرتها أحكام القضاء‪ ،‬إضافة إلى منع إصدار أحكام متباينة‬
‫في القضايا المتشابهة نسبة الختالف المحاكم االستئناف المتعددة في فهم القانون‪ ،‬ومن تطبيقها‪،‬‬
‫وتوجد على قمة التنظيمات القضائية‪.‬‬

‫‪ .2‬ضمانة الطعن في األحكام الجزائية‬

‫‪1‬رمسيس بنهام‪ ،‬النظرية العامة للقانون الجنائي‪ ،‬منشاة المعارف االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،1995 .‬ص‪.248‬‬
‫‪2‬آمال الفزايري‪ ،‬ضمانات التقاضي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلسكندرية‪ ،1990 ،‬ص‪.131‬‬
‫‪26‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫ال يكفي لتقرير حق المتهم في محاكمة عادلة مجرد االعتراف له بوجود هذا الحق وال مجرد تقرير‬
‫الضمانات الكفيلة بتكريسها‪ ،‬فقد يحصل أن ينتهك هذا الحق ويختل‪ ،‬فإن أول وجه من أوجه‬
‫الحماية التي أقراها القانون للمتهم لغيره من الخصوم هو الحق في الطعن في األحكام الصادرة من‬
‫المحاكم عند محاكم أعلى منها درجة‪ ،‬هذا الطعن يكون وسيلة للمحاكم األعلى درجة في بسط‬
‫رقابتها على أحكام المحاكم األدنى مرتبة‪ ،‬فتمكينا لمتهم من مراجعة الحكم الصادر ضدهم نقبل‬
‫قضاء أكثر علوا من المحكمة التي حكمت يعد ضمانة جد هامة من ضمانات المحاكمة العادلة‪،‬‬
‫فيكفي أنه يعد وسيلة قررها القانون ألطراف الدعوى ستظهرها لما يكون قد علق باألحكام من شوائب‬
‫ومن ثم المطالبة بإلغائها أو تعديلها قربا منها إلى الحقيقة الواقعية والقانونية‪.‬‬

‫بتحقيق عدالة الق اررات القضائية وذلك عن طريق التطبيق السليم لنصوص القانونية مع ضرورة‬
‫تكريس ضمانات حقوق الدفاع غير أنه وعلى الرغم من وجاهة االعتبارات والمبررات التي يستند‬
‫‪1‬‬
‫إليها مبدأ التقاضي درجتين‪.‬‬

‫ولعل هذه المبررات القوية التي استند اليهما هذا المبدأ هي التي جعلت المناقشات التي سبقت إعداد‬
‫قانون نابليون تنتهي بتثبيته وتقريره فهو يحقق فوائد عديدة فهو يبعث قضاة الدرجة األولى على‬
‫توخي العدالة والنزاهة والدقة في احكامهم ويمكن للمتقاضي من تصحيح االحكام الخاطئة وكل ما‬
‫يتطلب األمر في الحقيقة هو تقريب المحاكم االستئنافية من التقاضي حتى ال يتحمل أعباء إضافية‬
‫‪2‬‬
‫عند الطعن االستئناف‪.‬‬

‫وفي األخير نقول إن مبدأ التقاضي على درجتين ورغم االنتقادات المقدمة إال أن اإليجابيات أكثر‬
‫من السلبيات وعليه نجد أن أغلب النظم القضائية تأخذ به بما فيه من فوائد سبق ذكرها‬

‫‪1‬آمال الفزايري‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33‬‬


‫‪2‬عمار بوضياف‪ ،‬مبادئ النظام القانوني في اإلعالن العالمي لحقوق االنسان وتطبيقاته في القانون الجزائري‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬العدد ‪،03‬جانفي ‪ ،2008‬تبسة‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪27‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقاضي على درجتين‬

‫خالصة الفصل‬

‫مما سبق نخلص من خالل بحثنا هو أنه البد من إعطاء الوالية العامة للمحاكم اإلدارية للنظر في‬
‫جميع المركزية وهذا التسهيل لإلجراءات التقاضي وعدم تعقيدها من جهة‪ ،‬والقضاء على تمير بين‬
‫ما هو مركزي وغير مركزي من جهة أخرى ألنه ال مبرر لهذا التميز‪.‬‬

‫وكذا نجد من جهة االستئناف بين المحاكم اإلدارية ومجلس الدولة وهذا محافظة عل مبدأ التقاضي‬
‫على درجتين‪ ،‬ومن أجل تفرغ مجلس الدولة ألنه يكون جهة طعن بالنقض والنظر على مستوى ال‬
‫يكون إال في القانون حتى يؤدي دوره كامال والمتمثل في تقويم أعمال الجهات األدنى منه‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫تمهيد‬

‫يعتبر موضوع الحقوق والحريات العامة من أهم الموضوعات على المستويين الدولي والمحلي‪،‬‬
‫حيث عقدت بشأنه الكثير من اإلتفاقيات والمؤتمرات‪ ،‬وهذا ما دفع الكـثيـر من الــدول إلى‬
‫تضمين دساتيرها جملة من الحقوق والحريات العامة‪ ،‬وأعقبتها بقوانين تحدد أجهزة وآليات‬
‫حمايتها واإلجراءات المترتبة على انتهاكها مهما كان مصدر االنتهاكات أفرادا أو مؤسسات‬
‫عمومية‬

‫تولي الجزائر مثل باقي الدول أهمية كبيرة لموضوع حقوق اإلنسان وحرياته العامة‪ ،‬وهذا ما‬
‫كرسه المؤسس الدستوري الجزائري منذ صدور أول دستور بعد اإلستقالل (دستور ‪ )1963‬الذي‬
‫أعلن في نص المادة ‪ 11‬منه على ما يلي‪ ":‬تمنح الجمهورية موافقتها لإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم الحقوق و الحريات الفردية‬


‫درس في كليات الحقوق‪،‬‬ ‫يشكل موضوع الحريات العامة أحد أهم المواضيع القانونية التي تُ َ‬
‫كونه موضوعا يمد الطالب بمعارف متعددة الجوانب تتعلق بعدة علوم منها علم السياسة وعلم‬
‫االجتماع واالقتصاد والتاريخ وعلم النفس وغيرها من العلوم‪ ،‬ناهيك عن ارتباطه بفروع القانون‬
‫عرف الطالب بحرياته الفردية ونطاق‬
‫العام والخاص‪ ،‬واألكثر من ذلك‪ ،‬أن هذا المقياس ُي َ‬
‫االنتفاع بها وحدود مماستها‪.‬‬
‫فمسألة الحرية إذن‪ ،‬تعتبر من أهم الموضوعات الراهنة التي حظيت بالبحث والدراسة‬
‫قديما وحديثا‪ ،‬ومكمن ذلك هو أنها سايرت الفكر اإلنساني ابتداء من فالسفة اإلغريق القدامى‬
‫وحتى عصرنا الحالي الذي من شواهده االنتفاضات العربية التي نادت بالحرية وبالكرامة‬
‫اإلنسانية‪ .‬فالحرية ترتبط ارتباطا وثيقا بحياة اإلنسان‪.‬‬
‫والواقع أن ممارسة الحريات العامة وتمتع األفراد والجماعات بها ال يرتبط فقط‬
‫بمسألة االعتراف الدستوري بها والتنصيص عليها في مختلف التشريعات‪ ،‬وانما يرتبط أيضا‪،‬‬
‫بمسألة الضمانات التي توفرها هذه القوانين‪ ،‬وأيضا الضمانات الدولية التي تترجم ذلك االهتمام‬
‫الكبير للتنظيم القانوني الدولي بمختلف الحقوق والحريات؛ فاألمر إذا‪ ،‬يتطلب وجود منظومة‬
‫قانونية متكاملة تبدأ باالعتراف وتنتهي بتفعيل مختلف المبادئ والقواعد والضمانات‪ ،‬لنصل الى‬
‫تمتع فعلي بالحريات العامة من قبل األفراد‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الحقوق و الحريات الفردية في المواثيق الدولية‬


‫الفرع األول ‪:‬ميثاق األمم المتحدة و االعالن العالمي لحقوق االنسان‬

‫أوال‪ :‬ميثاق األمم المتحدة‬

‫يمثل ميثاق األمم المتحدة انطالقة حقيقية في مجال االعتراف بالحقوق والحريات‪ ،‬وقد‬
‫بدأت ديباجة الميثاق بالتأكيد أن من أهداف شعوب األمم المتحدة أن يؤكدوا من جديد إيمانهم‬
‫بالحقوق الفردية لإلنسان وبكرامة الفرد وبما للرجال والنساء واألمم كبيرها وصغيرها من حقوق‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫متساوية‪ .‬وقد جاءت المادة األولى من الميثاق لتنص في فقرتها الثانية بأن تحقيق التعاون‬
‫الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصيغة االقتصادية واالجتماعية والثقافية واإلنسانية‪،‬‬
‫وعلى تعزيز احترام حقوق اإلنسان والحريات الفردية للناس جميعا‪..1‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫لقد أخذت األمم المتحدة على عاتقها مهمة إعداد وثيقة خاصة تهدف الى بيان ماهية‬
‫الحقوق والحريات التي ورد النص عليها في الميثاق دون توضيح‪ .‬وقد صدر اإلعالن العالمي‬
‫لحقوق اإلنسان في ‪ 10‬ديسمبر ‪ ،1948‬والذي عكس العديد من المفاهيم التي وردت في فكر‬
‫المذهب الفردي‪ .‬إذ أكدت المادة األولى منه على مبدأ الحرية والمساواة حيث نصت على أن‪:‬‬
‫"يولد جميع الناس أح ار ار متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقال وضميرا‪ ،‬وعليهم أن‬
‫يعامل بعضهم بعضا بروح اإلخاء"‪.‬وقد تناولت المواد ‪ 21 -3‬الحقوق والحريات المدنية‬
‫والسياسية‪ ،‬وتناولت المواد ‪ 27 -22‬الحقوق والحريات االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪،‬‬
‫والمادة ‪29‬تناولت واجبات الفرد نحو المجتمع‪ .‬أما المادة ‪ 30‬فتنص على عدم جواز أي نشاط‬
‫يهدف الى هدم هذه الحقوق والحريات‪..‬‬

‫والسؤال الذي ُيطرح بعد بيان أهم موضوعات هذا اإلعالن‪ ،‬هو ما هي القيمة‬
‫مدعمة لإلعالن ومستخفة بقيمته‪ ،‬غير أن‬
‫القانونية لإلعالن؟‪ ،‬هناك اتجاهات فقهية كثيرة بين َ‬
‫أغلب الفقهاء والمتخصصين الذين أقروا بأهمية قواعد ومضامين هذا اإلعالن‪،‬‬
‫منهم‪ BrownlieI....‬الذي يؤكد بأن‪.. :‬اإلعالن ال يعد وثيقة قانونية‪ ..‬غير أن أهميته الكبرى‬
‫تكمن في اعتباره كدليل أساسي‪ ،‬أنجزته الجمعية العامة لتفسير المضامين الموجودة بالميثاق‪..‬‬

‫حول أهمية اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومدى تأثيره على المستويين الوطني والدولي‪ .‬انظر‪ :‬مصطفى عبد الغفار‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ضمانات حقوق اإلنسان على المستوى اإلقليمي‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬سلسلة أطروحات جامعية (‪ ،)3‬مركز القاهرة لدراسات‬
‫حقوق اإلنسان ‪.2000‬‬
‫‪32‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫ومن دون شك أنه يتسم بالغموض‪..‬وبالرغم من ذلك فان اآلثار القانونية غير المباشرة لإلعالن‬
‫ال يمكن التقليل من أهميتها وعادة ما اعتبر هذا اإلعالن كجزء من قانون األمم المتحدة‪.1‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬أهم االتفاقيات الدولية‬

‫والى جانب اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬فان األمم المتحدة أقرت وثائق أخرى أكثر‬
‫أهمية في ‪ ،1966‬حيث كان ذلك بمثابة تتويج للجهود الدولية المتعاقبة في مجال الحماية‬
‫الدولية للحقوق والحريات‪ ،‬حيث رفعت المبادئ المثالية التي جاءت في اإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان الى دائرة القانون الوضعي من خالل تقنين مبادئه وتفصيلها في مواثيق جديدة والتي‬
‫تتمتع بقيمة قانونية بتوقيع الدول والتصديق عليها‪ ،‬وهذه المواثيق هي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬االتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية و االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬

‫‪ -1‬االتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية‪ :‬بتاريخ ‪ ،1966 /12 /16‬يشمل هذا‬
‫العهد على ديباجة و‪ 53‬مادة‪ ،‬جاءت شاملة للحقوق والحريات بطريقة مفصلة ومحددة‬
‫وواضحة‪ ،‬كما تضمنت عملية تعزيز هذه الحقوق عن طريق مراقبتها‪ .‬حيث تعهدت الدول‬
‫األطراف باحترام وتأمين الحقوق المقررة في هذا العهد دون تمييز وكذا تعهدها باتخاذ‬
‫اإلجراءات التشريعية الالزمة‪ ،‬ثم النص على حق التقاضي‪ ،‬المساواة بين الرجال والنساء في‬
‫التمتع بالحقوق المدنية والسياسية‪.2‬‬

‫‪ 1‬حول أهمية اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومدى تأثيره على المستويين الوطني والدولي‪ .‬انظر‪ :‬مصطفى عبد الغفار‪،‬‬
‫ضمانات حقوق اإلنسان على المستوى اإلقليمي‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬سلسلة أطروحات جامعية (‪ ،)3‬مركز القاهرة لدراسات‬
‫حقوق اإلنسان ‪.2000‬‬
‫‪2‬تنص المادة الثانية فقرة (‪ )2 -1‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‪" :‬تتعهد كل دولة طرف باحترام الحقوق المقررة‬
‫في االتفاقية الحالية لكافة األفراد المقيمين ضمن إقليمها الخاضعين لواليتها‪ ،‬وبكفالة هذه الحقوق واتخاذ التشريعات الالزمة‬
‫لذلك"‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫كما تدعمت هذه االتفاقية بالبروتوكول االختياري الملحق بها ومكمل لها‪ ،‬خاص‬
‫باللجنة المعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬وهو مفتوح لتوقيعات وتصديقات الدول األطراف في االتفاقية‬
‫الدولية للحقوق المدنية والسياسية باختصاصات اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ -2‬االتفاقية الدولية للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ :‬بتاريخ ‪/12 /16‬‬


‫‪ ،1966‬تحتوي هذه االتفاقية على ديباجة و‪ 31‬مادة في شكل خمسة أقسام‪ ،‬وأهمها‪ :‬الحق في‬
‫تقرير المصير‪ ،‬الحق في العمل‪ ،‬الحق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية‪ ،‬الحق في‬
‫تكوين النقابات واالنضمام إليها‪ ،‬الحق في الضمان االجتماعي بما في ذلك التأمينات‬
‫االجتماعية‪ ،‬وحق األسرة وما يتصل بذلك في أكبر قدر من الحماية والمساعدة‪ ،‬والحق في‬
‫مستوى معيشي كاف‪ ،‬والحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة‪ ،‬الحق في التعليم‪.‬‬
‫كما تضمنت هذه االتفاقية أحكاما خاصة تطبيقية تتعلق بالتقارير التي تقدمها الدول‬
‫‪1‬‬
‫األعضاء في العهد (المواد ‪.)17 -16‬‬

‫ثانيا‪ :‬بعض االتفاقيات الدولية األخرى المتعلقة بحقوق اإلنسان والحريات الفردية ‪:‬‬
‫‪ -‬االتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري‪ :‬والتي تبنتها الجمعية‬
‫العامة في ‪ 1965/12/21‬ودخلت حيز النفاذ في ‪.1969‬‬
‫‪ -‬اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ضد المرأة‪ :‬تبنتها األمم المتحدة‬
‫في ‪ 1978 /12/ 18‬ودخلت حيز النفاذ في ‪.1981 /09 /3‬‬
‫‪ -‬اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره ن ضروب المعاملة القاسية والالانسانية والمهينة‪:‬‬
‫تبنتها الجمعية العامة األمم المتحدة في ‪ 1984 /12/ 10‬ودخلت حيز النفاذ في ‪/06 /26‬‬
‫‪.1987‬‬

‫‪1‬تنص المادة األولى فقرة ‪ 4‬من العهد الدولي للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية "تتعهد كل دولة طرف في هذه االتفاقية‬
‫بأن تتخذ وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في‬
‫العهد"‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫‪ -1‬االتفاقيات اإلقليمية‪:‬‬
‫لقد حاول التنظيم الدولي اإلقليمي صياغة اتفاقيات إقليمية للحقوق والحريات‪ ،‬وتدعيمها‬
‫بأجهزة قادرة على اتخاذ الق اررات الملزمة في مواجهة الدول األعضاء‪ ،‬وانشاء محاكم قضائية‬
‫لتسوية المنازعات الخاصة بتطبيق هذه االتفاقيات بموجب أحكام قضائية واجبة التنفيذ‪ ،‬ويمكن‬
‫القول أن االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان تعتبر النموذج في االتفاقيات اإلقليمية كما سنبينه‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪-‬االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪ :‬تم التوقيع على االتفاقية األوروبية لحقوق‬
‫اإلنسان والحريات الفردية بروما في ‪ 1950 /11 /04‬ودخلت حيز النفاذ في ‪/09/ 30‬‬
‫‪ ،1953‬تتكون هذه االتفاقية من مقدمة و‪ 66‬مادة‪ ،‬وتم تدعيمها ببروتوكوالت إضافية تعديلية‬
‫تقارب ‪ 11‬بروتوكوال‪.‬‬
‫وقد نصت االتفاقية على الحقوق والحريات التالية‪ :‬الحق في الحياة (المادة ‪ ،)2‬منع‬
‫استرقاق وتسخير اإلنسان (المادة ‪ ،)4‬الحق في الحرية واألمن الشخصي (المادة ‪ )5‬حرية‬
‫التعبير والمعتقد والديانة (المادة ‪ ،)10 -9‬حرية االشتراك في الجمعيات والنقابات واالجتماعات‬
‫(المادة ‪.)11‬‬
‫وقد وضعت االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان والحريات الفردية ميكانيزمات فعالة‬
‫قادرة على حماية هذه‬
‫الحقوق والحريات وفقا لنص المادة ‪ 19‬وهي‪:1‬‬
‫‪ -‬اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان‬
‫‪ -‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‬

‫‪1‬للتفصيل أكثر حول هذه الميكانيزمات التي وضعتها االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان والحريات األساسية من أجل حماية‬
‫هذه الحقوق والحريات‪ .‬انظر‪ :‬مصطفى عبد الغفار‪ ،‬ضمانات حقوق اإلنسان على المستوى اإلقليمي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.120‬‬
‫‪35‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫ب‪-‬االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‪ :‬قامت الدول األوروبية بإنشاء منظمة تسمى‬
‫بمنظمة الدول األمريكية بميثاق كولومبيا في عام ‪ 1948‬والذي دخل حيز النفاذ عام ‪،1953‬‬
‫هذا الميثاق تضمن مبادئ تتعلق بالحقوق والحريات الفردية ‪ ،‬وجاء بديباجة الميثاق والذي‬
‫يطلق عليه دستور منظمة الدول األمريكية‪" :‬إن المهمة التاريخية للدول األمريكية أن تمهد‬
‫لإلنسان أرضا للحرية ومجاال لتقوية شخصيته وتحقيق آماله"‪.‬‬
‫بعدها جاءت االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان والحريات الفردية ‪1969‬والتي دخلت‬
‫حيز النفاذ في ‪ ، 1978 /07 /18‬اشتملت هذه االتفاقية على ‪ 82‬مادة‪ ،‬بينت مختلف الحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬واعتمدت هذه االتفاقية على ميكانيزمات هي‪:‬‬
‫‪ -‬اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان‬
‫‪ -‬المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان‬

‫ج‪-‬الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان‪ :‬بناءا على قرار صادر من القمة اإلفريقية لمؤتمر‬
‫رؤساء الدول والحكومات لمنظمة الدول اإلفريقية الذي انعقد في نيروبي عام ‪ 1979‬دعى‬
‫األمين العام للمنظمة لعقد اجتماع لخبراء مستقلين يتولون إعداد مشروع تمهيدي للميثاق‬
‫اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب‪.‬‬
‫وفي مؤتمر القمة الثامن عشر لرؤساء الدول والحكومات اإلفريقية الذي انعقد في‬
‫"نيروبي" يوم ‪ 1981 /07 /28‬تم إقرار الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب الذي دخل‬
‫حيز النفاذ في ‪.11986 /10 /26‬‬

‫مضمون الميثاق‪ :‬يتكون الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب من ديباجة و‪68‬‬
‫مادة في شكل ثالثة أقسام رئيسية هي‪:‬‬
‫القسم األول‪:‬‬

‫‪1‬هاني سليمان الطعيمات‪ ،‬حقوق اإلنسان و حرياته األساسية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.399‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫الحقوق الفردية‪ :‬المواد ‪ 01‬الى ‪ ،18‬وهي قائمة واسعة من الحقوق المدنية والسياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬على غرار ما نصت عليه االتفاقيات الدولية السابقة‪ ،‬غير‬
‫أن الجديد‪ ،‬هو أن هذا الميثاق جاء بمفهوم شامل لحقوق اإلنسان والحريات الفردية ‪ .‬فالحقوق‬
‫والحريات المدنية والسياسية ال يمكن فصلها عن الحقوق والحريات االجتماعية واالقتصادية‪،‬‬
‫وأن الوفاء بهذه األخيرة يضمن التمتع بالحريات والحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬
‫حقوق الشعوب‪ :‬المواد من ‪ 19‬الى ‪ 24‬وهي الميزة الجديدة للميثاق عن باقي االتفاقيات‬
‫الدولية العالمية واإلقليمية السابقة‪ ،‬وتتمثل الحقوق الجديدة للشعوب في‪:‬‬
‫‪-‬حق تقرير المصير السياسي واالقتصادي‬
‫‪-‬حق الشعوب في ممارسة سيادتها على ثرواتها الطبيعية‬
‫‪-‬الحق في التنمية والتراث المشترك لإلنسانية‬
‫‪-‬حق الشعوب في السلم‬
‫‪-‬الحق في البيئة‬
‫واجبات الدول األطراف‪ :‬المواد ‪ 25‬و‪ ، 26‬وهي واجبات خاصة بالدول األطراف في‬
‫الميثاق‪ ،‬وواجبات خاصة باألفراد‪ ،‬وهو ما يالحظ أن الميثاق ربط بين الحقوق والواجبات‪.‬‬
‫القسم الثاني من الميثاق‪ :‬المواد من ‪ 30‬الى ‪ ،60‬وهي تتعلق باألجهزة التي نص عليها‬
‫هذا الميثاق وواجبات الدول اإلطراف في الميثاق في إعداد التقارير‪ ،‬وهي‪:1‬‬
‫‪-‬اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‬
‫‪-‬مؤتمر رؤساء الدول والحكومات‬
‫القسم الثالث من الميثاق‪ :‬يتعلق بمسائل إجرائية خاصة بالميثاق‬

‫د‪-‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪ :‬كان هذا الميثاق بموجب قرار مجلس جامعة الدول‬
‫العربية رقم ‪ 5427‬المؤرخ في ‪ .1997 /9 /15‬وأكد الميثاق العربي على جميع مبادئ ميثاق‬

‫‪1‬حول األجهزة التي نص عليها هذا الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب وواجبات الدول األطراف في الميثاق في إعداد‬
‫التقارير انظر‪ :‬مصطفى عبد الغفار‪ ،‬ضمانات حقوق اإلنسان على المستوى اإلقليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪37‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫األمم المتحدة واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان وأيضا العهدين الدوليين للحقوق المدنية‬
‫والسياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ .1‬وجاء الميثاق في أقسام هي‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬المادة األولى ‪ :‬الحق في تقرير المصير‬
‫الحق في أن تقرر الدول بحرية نمط كيانها السياسي وان تواصل بحرية تنميتها‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬وأيضا أن العنصرية والصهيونية واالحتالل والسيطرة األجنبية‬
‫هي تحد للكرامة اإلنسانية وعائق أساسي يحول دون الحقوق الفردية للشعوب ومن الواجب‬
‫إدانة جميع ممارساتها والعمل على إزالتها‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬المواد ‪ 2‬الى ‪ 39‬تتضمن مجموع الحقوق والحريات المدنية والسياسية‪،‬‬
‫والحقوق والحريات االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬مثال المادة ‪ 27‬تنص على أنه "لألفراد من كل‬
‫دين الحق في ممارسة شعائرهم الدينية‪ ،‬كما لهم الحق في التعبير عن أفكارهم عن طريق‬
‫العبادة أو الممارسة أو التعليم وبغير إخالل بحقوق اآلخرين وال يجوز فرض أية قيود على‬
‫ممارسة حرية العقيدة والفكر والرأي إال بما نص عليه القانون"‪ .‬والمادة ‪ 39‬تنص على "األسرة‬
‫هي الوحدة الفردية للمجتمع وتتمتع بحمايته‪ ،‬وتكفل الدولة لألسرة واألمومة والطفولة‬
‫والشيخوخة رعاية متميزة وحماية خاصة"‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬يتعلق ب لجنة خبراء حقوق اإلنسان التي تنتخبها دول مجلس الجامعة‬
‫األطراف في الميثاق باالقتراع السري‪ .‬تتولى دراسة التقارير المقدمة من قبل الدول األطراف في‬
‫هذا الميثاق‪.2‬‬

‫‪1‬لالطالع على نص الميثاق العربي لحقوق اإلنسان الذي اعتمد ونشر على المأل بموجب قرار مجلس جامعة الدول العربية‬
‫‪ 5427‬مؤرخ في ‪ 15‬سبتمبر ‪ ،1997‬ارجع الى الموقع االلكتروني‪Hrlibrary . umn.edu/arab/a003.html :‬تاريخ‬
‫التصفح‪2017 /2 /25 :‬‬

‫‪2‬غير أن مشروع ميثاق حقوق اإلنسان والشعب في الوطن العربي لعام ‪ 1986‬نص على تشكيل جهازين لضمان حماية حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وهما‪ :‬المحكمة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬واللجنة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وهذه اللجنة من حيث الشكل واالختصاص‬
‫تختلف عن اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان التي شكلت بقرار مجلس الجامعة العربية عام ‪ .1968‬حول هذا الموضوع‪،‬‬
‫انظر‪ :‬هاني سليمان الطعيمات‪ ،‬حقوق اإلنسان و حرياته األساسية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.402‬‬
‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫القسم الرابع‪ :‬أحكام ختامية‬

‫ب‪-‬مبادئ الحق في التقاضي‪:‬‬


‫‪-‬مبدأ المساواة أمام القضاء‪:‬‬
‫تؤسس له المادة ‪ ،158‬أن يتساوى جميع األفراد في المثول أمام القضاء‪ ،‬وال يفرق‬
‫بين األفراد في توقيع العقوبات عليهم متى تماثلت الجرائم والظروف‪ .‬أو في طريقة توقيع هذه‬
‫العقوبات‪ .‬إضافة الى أن مبدأ المساواة أمام القضاء يقتضي عد جواز حرمان طائفة معينة أو‬
‫مجموعة معينة من حق اللجوء الى القضاء‪.‬‬
‫‪-‬مبدأ التقاضي على درجتين‪:‬‬

‫تجسيدا للمبدأ الدستوري الحق في التقاضي فان العديد من الدساتير واألنظمة القانونية‬
‫المعاصرة أخذت بمبدأ التقاضي على درجتين‪ .‬بأن تتاح الفرصة لمن خسر دعواه أو صدر‬
‫حكم في غير صالحه أن يعيد طرح النزاع من جديد لناقشته أما جهة قضائية أخرى أعلى‪ ،‬وقد‬
‫دعمت الجزائر هذا الحق في التعديل الدستوري الجديد عندما أقرت بالتقاضي على درجتين في‬
‫المسائل الجنائية وفق نص المادة ‪.1160‬‬

‫‪-‬مبدأ تقرير مسؤولية القضاة‪:‬‬

‫بأن تتقرر مسؤولية القضاة عن أعمالهم القضائية كضمانة لحماية الحق في‬
‫التقاضي الضامن للحريات والحقوق األخرى‪ .‬فمرفق القضاء يعد من المرافق المهمة التي تقوم‬
‫عليها دولة القانون‪ ،‬الذي يتولى الفصل في القضايا وفق النظام القانوني المعمول به في الدولة‪،‬‬

‫‪1‬إذ تنص المادة ‪ 160‬فقرة ‪ 2‬من التعديل الدستوري ‪ 2020‬على " يضمن القانون التقاضي على درجتين في المسائل الجزائية‬
‫ويحدد كيفيات تطبيقها"‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫لذلك يكون هذا المرفق مسؤوال عن كل األخطاء التي يرتكبها الموظفون التابعون له‪ ،‬وقد يتولى‬
‫المرفق دفع التعويض للمتقاضين المتضررين‪ .‬المواد‪.2168 ،161 ،‬‬

‫رابعا‪-‬الضمانات السياسية‪:‬‬
‫هذا النوع من الرقابة والحماية للحريات العامة موكول بها للمؤسسات والمنظمات ذات‬
‫الطابع السياسي التي تستعمل وسائل الضغط المختلفة على ُمصدريالقوانين والق اررات‬
‫ومنفذيها‪،‬والتي ترمي الى المساس بالحريات العامة وربما مصادرتها‪ ،‬أهم هذه المؤسسات هي‪:‬‬

‫‪-1‬مؤسسات اإلعالم‪:‬‬

‫اإلعالم وسيلة فعالة في حماية الحريات العامة‪ ،‬فهو يراقب ويرصد االنتهاكات التي‬
‫تتعرض إليها مجمل الحقوق والحريات‪ ،‬وهو بذلك يمارس ضغطا رهيبا على الجهات المسؤولة‬
‫عن ذلك‪ ،‬وقد كفلها الدستور الجزائري بموجب المادة ‪ 50‬منه‪ .3‬ولكن حتى يتمكن اإلعالم من‬
‫ممارسة مهامه يجب توافر متطلبات أساسية هي‪ :‬حرية الرأي والتعبير‪ ،‬حرية تدفق المعلومات‪،‬‬
‫وأيضا حرية امتالك الوسائل اإلعالمية‪.‬‬

‫وتبرز أهمية اإلعالم في ضمان الحريات العامة في كونه يشكل آلية فعالة في مراقبة‬
‫انتهاكات الحقوق والحريات‪ ،‬ومساءلة الحكومة عن دورها في وقف مثل هذه االنتهاكات‪ .‬كما‬
‫أنه يراقب ويرصد أي خرق للدستور‪ ،‬بما في ذلك الفصل بين السلطات‪ ،‬وعدم تدخل أيا من‬
‫أصحاب النفوذ الحكوميين في حرية المشرعين والقضاة‪.‬‬

‫‪-2‬األحزاب السياسية‪:‬‬

‫‪1‬تنص المادة ‪ 61‬من التعديل الدستوري ‪ 2020‬على "يترتب على الخطأ القضائي تعويض من الدولة‪ .‬ويحدد القانون شروط‬
‫التعويض وكيفياته"‪.‬‬
‫‪2‬تنص المادة ‪ 168‬من التعديل الدستوري ‪2020‬على "يحمي القانون المتقاضي من أي تعسف أو أي انحراف يصدر من‬
‫القاضي"‪.‬‬
‫‪3‬حيث تنص هذه المادة على أن "حرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وعلى الشبكات اإلعالمية مضمونة وال تقيد بأي‬
‫شكل من أشكال الرقابة القبلية‪ .‬وال يمكن استعمال هذه الحرية للمساس بكرامة الغير وحرياتهم"‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫وهي تجمعات منظمة وفق ما يقتضيه القانون‪ ،‬فحق إنشاء األحزاب السياسية معترف به‬
‫ومضمون وفق ما أكدته المادة ‪ 52‬من التعديل الدستوري ‪ .2020‬هدف األحزاب السياسية هو‬
‫الوصول الى السلطة‪ ،‬وهي بذلك تملك برنامجا ورؤية وايديولوجيا معينة معارضة للسلطة‪ ،‬تقنع‬
‫بها المواطنين حتى تتمكن من تحقيق مطالبها والوصول الى السلطة‪ .‬فهي تعمل على رصد‬
‫ومراقبة سقطات السلطة خاصة فيما يخص المساس بالحريات العامة‪ .‬وقد كفلت المادة ‪53‬‬
‫من التعديل الدستوري ‪ 2020‬مجموعة من الحقوق لألحزاب السياسية حتى تتمكن من أداء‬
‫دورها بجدية‪.‬‬

‫وقد كفلت المادة ‪ 53‬من التعديل الدستوري ‪ 2020‬مجموعة من الحقوق لألحزاب‬


‫السياسية حتى تتمكن من أداء دورها بجدية تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬حرية الرأي والتعبير واالجتماع‪،‬‬
‫‪ -‬حيز زمني في وسائل اإلعالم العمومية يتناسب مع تمثيلها على المستوى‬
‫الوطني‪،‬‬
‫‪ -‬تمويل عمومي‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬يرتبط بتمثيلها في البرلمان كما يحدده القانون‪،‬‬
‫‪ -‬ممارسة السلطة على الصعيدين المحلي والوطني من خالل التداول الديمقراطي‬
‫وفي إطار أحكام هذا الدستور‬

‫‪-3‬الجمعيات المدنية المهتمة بحماية الحقوق والحريات‪:‬‬

‫هي تنظيمات مدنية يحكمها القانون العضوي المتعلق بالجمعيات تحت رقم ‪،06-12‬‬
‫والذي جاء إلعادة هيكلة المجتمع المدني في الجزائر‪،‬هدفها حماية الحقوق والحريات‪ .‬هناك‬
‫المنظمات الحكومية وغير الحكومية تعمل على رصد الخروقات واالنتهاكات الماسة بحريات‬
‫األشخاص‪ ،‬والمطالبة المستمرة بتحسين وضع الحريات العامة وحقوق اإلنسان‪ ،‬وقد كفلها‬
‫التعديل الدستوري ‪ 2020‬بموجب نص المادة ‪ 54‬منه‪.1‬‬

‫‪1‬وقد نصت المادة ‪ 54‬من التعديل الدستوري ‪2020‬على كفالة الجمعيات كما يلي‪" :‬حق إنشاء الجمعيات مضمون‪ .‬تشجع‬
‫الدولة ازدهار الحركة الجمعوية‪ .‬يحدد القانون العضوي شروط وكيفيات إنشاء الجمعيات"‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫فالجمعيات المدنية تشكل مؤسسات غير سياسية قادرة على تأطير االفراد والجماعات‬
‫وتنظيمهم‪ ،‬وتوسيع دائرة مشاركة هؤالء في اتخاذ الق اررات التي تقرر مستقبلهم وفي وضع‬
‫السياسات والمشاريع االقتصادية واالجتماعية واالقتصادية المناسبة لحماية حقوقهم وحرياتهم‪.‬‬

‫فمنظمات حقوق اإلنسان مثال شكلت دائما واجهات النضال من أجل الحقوق‬
‫المدنية والسياسية في ظل سياسات التضييق على الحريات العامة‪ ،‬لذلك فهي في أغلب‬
‫الدول تتبنى باألساس شعار إطالق سراح المعتقلين السياسيين‪ ،‬وعودة المنفيين‪ ،‬وضمان‬
‫تعددية التنظيمات السياسية والنقابية والجمعوية‪ ،‬وحرية اإلعالم‪.‬‬

‫يمكن القول في خاتمة هذه المطبوعة‪ ،‬أن مسألة الحريات العامة أصبحت اليوم تمثل قيمة‬
‫مستهدفة للنظام القانوني الداخلي وحتى الدولي‪ ،‬فهي تجسد التطور في جميع مجاالته (التطور‬
‫القانوني والسياسي واالجتماعي والثقافي واالقتصادي) ألي دولة‪ ،‬وهذا ما يبرر تنافس مختلف‬
‫الوثائق الدولية والدستورية على التنصيص عليها والتأكيد على ضمان حمايتها ضد التجاوزات‬
‫سواء من األفراد أو من السلطة السياسية داخل الدولة‪.‬‬

‫إن مما ال شك فيه‪ ،‬هو أن مفهوم الحرية واالختالف حوله قد عاصر وساير تطور‬
‫الفكر اإلنساني منذ بداياته األولى‪ ،‬لذلك يبدو منطقيا‪ ،‬أن البحث عن تعريف موحد لها سيظل‬
‫أم ار عسيرا‪ ،‬طالما أن مفهومها مختلف بشأنه بحسب اختالف الزمان والمكان والمذاهب الفكرية‪.‬‬

‫ويرى فقيه القانون الدولي الفرنسي جيز ‪ Jéze‬بأن تعبير "الحريات العامة"لم يحدد‬
‫أبدا‪ .1‬في حين يرى البعض اآلخر أن هناك حقوق اإلنسان والحقوق الفردية العامة‪ ،‬غير أن‬
‫األمر يقتضي القول أن مفهوم الحريات ينطلق أساسا من صيغته الفردية ليتخذ شكال جماعيا‬
‫واجتماعيا‪ ،‬وال يمكن تصور وجود حريات عامة دون وجود حرية فردية‪ ،‬وهذه األخيرة هي نواة‬
‫فكرة الحريات العامة التي تبلورت بفعل النضال اإلنساني التواق دائما للحق والحرية‪.‬‬

‫‪1‬خضر خضر‪ ،‬مدخل الى الحريات العامة وحقوق اإلنسان‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ -‬لبنان‪ .2005 ،‬ص‪.11‬‬
‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫وتأسيسا على ما تقدم‪ ،‬وللوقوف على مفهوم الحريات العامة وفقا لهذا السياق‪ ، ،‬فاننا‬
‫سنتناول أوال بيان مختلف تعاريف مصطلح الحرية‪ ،‬لنناقش بعدها مفهوم الحريات العامة‬
‫والمعايير المحددة له وخصائصه‪ ،‬وعالقته ببعض المفاهيم المشابهة كمفهوم حقوق اإلنسان‬
‫مثال ‪.‬‬

‫وتكتسي الحريات العامة في جانب منها أهمية قصوى الرتباطها بمصائر الشعوب‪ ،‬إذ‬
‫أنها تمثل االتصال بين الشعوب والسلطة السياسية‪ ،‬وتعتبر وسائل قانونية لممارسة التنافس‬
‫على هذه السلطة‪.1‬‬

‫ب‪-‬األسس التي يرتكز عليها مفهوم الحريات العامة‪:‬‬

‫يرتبط جوهر مفهوم الحرية بإنسانية اإلنسان في كل مكان وزمان‪ ،‬وقد أكدت ذلك الفقرة‬
‫األولى من ديباجة اإلعالن العامي لحقوق اإلنسان الصادر في ‪" ،1948/12/10‬لما كان‬
‫االعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء األسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو‬
‫أساس الحرية والعدل والسالم في العالم"‪ .‬كما تنص المادة األولى من ذات اإلعالن على "يولد‬
‫جميع الناس أح ار ار متساوين في الكرامة والحقوق‪ ،‬وقد وهبوا عقال وضميرا‪ ،‬وعليهم أن يعامل‬
‫بعضهم بعضا بروح اإلخاء"‪ .‬وبذلك نجد أن أساس وجوهر الحرية يكمن في مبدأين هما مبدأ‬
‫الكرامة اإلنسانية‪ ،‬ومبدأ المساواة نوضحهما كما يلي‪:‬‬

‫‪-‬مبدأ الكرامة اإلنسانية‪ :‬يرتبط مفهوم الكرامة اإلنسانية بصفة أكثر بالقيمة المعنوية‬
‫لإلنسان‪ ،‬فهذا المفهوم يركز على أن الفرد لمجرد أنه إنسان فهو حر وله حقوق ثابتة وطبيعية‬
‫يتقدمها الحق في الحرية‪ .‬فكما قال سيدنا عمر بن الخطاب "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم‬
‫أمهاتهم أح اررا"‪ ،‬بالتالي فان المدخل الى الحريات العامة وحقوق اإلنسان إنما ينبني على فهم‬

‫‪1‬عبد الناصر محمد وهبة‪ ،‬الحرية السياسية بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط ‪،2004‬‬
‫ص‪2‬‬
‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫للكرامة اإلنسانية الذي ينظر لكل شخص باعتباره إنسانا متساويا وله قيمة‪ ،‬ووهب حقوقا معينة‬
‫غير قابلة للعدوان عليها‪ ،‬ويمكن المطالبة بها ضد المجتمع ككل‪.1‬‬

‫فهذا المفهوم يشير في أحد مراتبه الى أعلى قيمة يمكن من خاللها معاملة كل إنسان‪،‬‬
‫والتي تفرض احترامه بغض النظر عن مقدار نفعه االجتماعي‪.‬‬

‫ووفقا لمقاربة ايمانويل كانت ‪ Emmanuel kant‬مفهوم الكرامة يركز على معاملة‬
‫كل إنسان على أنه غاية بذاته وليس كوسيلة‪ ،‬بالتالي فان الشخص يملك قيمة غير مشروطة‪.‬‬
‫وهذا ما يميز مفهوم الشخص عن مفهوم الشيء‪ .‬إذ يقول ‪" kant‬بأنها القيمة التي تورث‬
‫الشخص اإلنساني الحق في التمتع بمعاملة تجعل منه غاية بذاته وليس مجرد وسيلة لغيره"‪.2‬‬
‫فهذا المفهوم يتعلق بجوهر اإلنسان وهي متأصلة في الشخص اإلنساني ‪la‬‬
‫‪ personnehumaine‬فهي تعني منع كل عمل غير إنساني من شأنه أن ينفي عن اإلنسان‬
‫صفة الشخص اإلنساني‪ ،‬لذلك كان هذا المبدأ هو أساس الحريات والحقوق‪ .‬ومبدأ الكرامة‬
‫اإلنسانية بهذا المعنى شكل نقطة ارتكاز أساسية بالنسبة للقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫أول إشارة لمبدأ احترام الكرامة اإلنسانية على الصعيد العالمي جاءت في مقدمة‬
‫ميثاق األمم المتحدة ‪ ،1945‬ثم اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪ ،1948‬ثم العهدين الدوليين‬
‫‪ ،1966‬اللذين يشتركان في نص الديباجة التي تنص على ضرورة احترام الكرامة اإلنسانية‪.‬‬
‫ثم إعالن طهران ‪ ،1968‬اتفاقية منع التعذيب والمعاملة المهينة أو الال إنسانية واإلحاطة‬
‫بالكرامة ‪.1984‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Emmanuelle Bribosia, Ludovic Hennebel, Classer Les Droits de L’Homme, PENSER LE DROIT,‬‬
‫‪BRUYLANT, BRUXELLES 2004, p (47-85).‬‬
‫‪2‬فواز صالح‪ ،‬مبدأ احترام الكرامة اإلنسانية في مجال األخالقيات الحيوية‪( ،‬دراسة مقارنة قانونية) ص(‪ ،)263 -247‬مجلة‬
‫جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬مجلد ‪ ،27‬العدد األول‪.2011 ،‬‬
‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫‪-‬المساواة أمام القضاء‪:‬يتساوى جميع األفراد في المثول أمام القضاء‪ ،‬وال فرق في‬
‫توقيع العقوبات والجزاءات بينهم‪ .‬بالتالي فإن من مقتضيات مبدأ المساواة أمام القضاء عدم‬
‫جواز حرمان مجموعة أو طائفة من حق اللجوء الى القضاء‪.‬‬

‫‪-‬المساواة في تقلد وظائف الدولة‪ :‬معاملة جميع المواطنين معاملة متساوية في‬
‫شروط الوظيفة العامة‪ ،‬وقد أكدت هذا المبدأ المادة ‪ 63‬من التعديل الدستوري ‪ 2020‬كما يلي‪:‬‬
‫"يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير‬
‫الشروط التي يحددها القانون"‪.‬‬

‫‪-‬المساواة في تحمل األعباء والتكاليف‪ :‬وتعني هذه المساواة أن األفراد متساوون في‬
‫االنتفاع بالخدمات العامة التي تقدمها الدولة ما دامت الشروط التي يتطلبها القانون متوفرة‬
‫فيهم‪ ،1‬لذلك كانت المساواة في االنتفاع بالخدمات تقابلها أيضا المساواة في تحمل التكاليف‪:‬‬
‫منها‪ :‬تحمل الضرائب‪ ،‬الخدمة العسكرية‪.‬‬

‫‪-3‬الحريات العامة وبعض المفاهيم المشابهة‪:‬‬


‫دائما ما نجد مصطلح الحريات العامة يقترن بمصطلح حقوق اإلنسان في أغلب‬
‫الدراسات والمؤلفات‪،‬كما أن مصطلح الحريات الفردية أيضا غالبا ما يطرح نفسه بقوة أمام‬
‫هذين المصطلحين‪ ،‬ونجد أن الدستور الجزائري استعمل في نص المادة ‪ 38‬من الفصل الرابع‬
‫المعنون "الحقوق والحريات" استعمل مصطلح الحريات الفردية وحقوق اإلنسان والمواطن‪ .‬لذلك‬
‫نحاول توضيح هذه المصطلحات والعالقات القائمة بينها كما يلي‪:‬‬

‫أ‪-‬الحريات الفردية وحقوق اإلنسان‪ :‬حقوق اإلنسان لصيقة باإلنسان وبقائه‪ ،‬وقد حاول‬
‫الفقهاء وضع تعريف محدد لحقوق اإلنسان‪ ،‬لكنهم اصطدموا بقضية أساسية والمتمثلة في‬
‫التداخل بين مفهومي حقوق اإلنسان والحريات العامة‪ ،‬أكثر من هذا فان مصطلح حقوق‬

‫‪1‬كريم يوسف أحمد كشاكش‪ ،‬الحريات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.331‬‬


‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫اإلنسان عرضة الستعمال مصطلحات أخرى مثل الحقوق الفردية الفردية ‪ ،‬الحقوق الفردية‬
‫للفرد‪.‬‬

‫وقد حاول البعض إيجاد طريقة للتمييز بين حقوق اإلنسان والحريات العامة وذلك‬
‫بإتباع إحدى الوسيلتين‪:‬‬
‫‪ -‬البحث عن المعيار للتمييز به بين الحريات العامة وغيرها من الحريات‪ ،‬فكل ما يدخل‬
‫تحت هذا المعيار نسميه حريات عامة‪ ،‬وما يخرج عنه نسميه حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ -‬وضع الئحة بموجبها تحدد حقوق اإلنسان‪ ،‬وتحدد الحريات العامة‪ ،‬دون التقيد بمعايير‬
‫معينة‪ ،‬وكأننا نتعامل مع أمور آلية أو ميكانيكية‪.1‬‬

‫ولكن في العلوم االجتماعية عامة وفي حقوق اإلنسان ال يمكن االلتجاء الى الوسائل‬
‫اآللية لتحديد المفاهيم‪ ،‬كما أننا ال يمكن االلتجاء الى التعاريف الرسمية والقول بأنها صحيحة‬
‫وأخرى غير ذلك‪ ،‬فحقوق اإلنسان تخضع لتعاريف متعددة تلتقي حول إنسانية اإلنسان وتختلف‬
‫فيما دون ذلك‪.‬‬

‫ب‪-‬الحريات العامة والحريات الفردية ‪:‬نتكلم هنا على مفهوم الفردية‬


‫‪ Fondamentalité‬هنا هو معيار قانوني‪ ،‬يتمثل في الدستور‪ ،‬فهذه الحريات منظمة بموجب‬
‫الدستور‪ ،2‬وقد أعطاها أهمية كبيرة ويمكن استنطاق النصوص الدستورية‪ ،‬فهنا نتكلم عن القيمة‬
‫الدستورية للحريات والحقوق‪.‬‬

‫والمقصود هنا ليس منطق االعتراف بهذه الحريات فقط وانما ضمان تفعيلها في وجه‬
‫السلطتين التشريعية والتنفيذية‪ ،‬ألن الدستور هنا ليس حماية فلسفية وانما حماية قانونية تلزم‬
‫جميع السلطات في الدولة‪ .‬والحريات الفردية تستدعي ضمان التكريس وفق ما يلي‪:‬‬

‫‪1‬أحمد حافظ نجم‪ ،‬حقوق اإلنسان بين القرآن واإلعالن‪ ،‬دار الفكر العربي القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪2‬عبد الحفيظ الشيمي‪ ،‬القضاء الدستوري وحماية الحريات األساسية في القانون المصري والفرنسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫‪46‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫‪ -‬مطابقة المنظومة القانونية لدستور الدولة تطبيقا لمبدأ السمو الدستوري‪ ،‬والذي‬
‫تضمنه الرقابة على دستورية القوانين‪.‬‬
‫‪ -‬خضوع أعمال السلطة التنفيذية لرقابة السلطة القضائية تطبيقا لمبدأ المشروعية‬

‫إعمال الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تطبيقا لمبدأ الفصل المرن بين‬
‫السلطات الذي ينظم أحكامه الدستور‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مضمون الحقوق والحريات المكرسة في الوثيقة الدستورية‬


‫لسنة ‪2020‬‬

‫بعد الشروع في تجسيد الحقوق التي تضمنها دستور ‪ 1996‬والتي دامت في الواقع‬
‫العملي إلى غاية ‪ ، 2016‬و النقائص التي شهدها هذا الدستور مما أى إلى خروج الشعب إلى‬
‫الحراك المبارك الذي بدأ منذ ‪ 22‬فيفري ‪2019‬الذي أدى استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ‪،‬‬
‫و الذي أسفر عن تغيير الوجوه في مناصب الحكم حسب األحداث‪.‬‬

‫كل هذا كان واقعا م ار يعيشه الفرد الجزائري في صمت رهيب وجاءت بعد ذلك التعديالت‬
‫الدستورية التي زكاها الشعب الجزائري في ‪ 01‬نوفمبر ‪ ، 12020‬جاء في مقدمة الدستور بأنه‬
‫فوق الجميع‪ ،‬وهو القانون األساسي الذي يضمن الحقوق والحريات الفردية والجماعية‪ ،‬ويحمل‬
‫مبدأ حرية اختيار الشعب ويضفي الشرعية على ممارسة السلطات ويكفل الحماية القانونية‬
‫ورقابة عمل السلطات العمومية في مجتمع تسوده الشرعية‪ ،‬ويتحقق فيه تفتح اإلنسان بكل‬
‫إبعاده إلى جانب هذا فقد تضمن هذا الدستور مبادئ ميثاق األمم المتحدة وقواعد اإلعالن‬
‫‪2‬‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان العام ‪ 1948‬وكذا العهدين الدوليين لعام ‪.1966‬‬

‫‪1‬دستور ‪ 2020‬الصادر بموجب مرسوم رئاسي رقم ‪ 438- 96‬مؤرخ في ‪ 7‬ديسمبر ‪، 2020‬يتعلق بإصدار نص تعديل‬
‫الدستور المصادق عليه في استفتاء ‪ 28‬نوفمبر ‪.2020‬‬
‫‪2‬أنظر المادة ‪ 28‬من دستور ‪ 2020‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫جاء ضمان الحقوق والحريات للمواطن الجزائري ضمن الفصل الرابع الخاص بالحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬وما نالحظه على هذا التعديل أنه لم يحذف أي حق كان موجودا من قبل‪ ،‬وانما قام‬
‫‪1‬‬
‫بإضافة حقوق جديدة‪.‬‬

‫إن الجزائر بانضمامها إلى أهداف ومبادئ ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬قد أصبحت ضمن‬
‫المجموعة الدولية التي تضبط حقوق اإلنسان وتتكفل بها بشكل عام أو خاص‪ ،2‬من ناحية‬
‫الحقوق المدنية والسياسية (الفرع األول) والحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية (الفرع‬
‫الثاني) وكذا حقوق التضامن (الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحقوق المدنية والسياسية‬

‫شكلت الحقوق المدنية والسياسية الجيل األول من الحقوق التي تبنتها الجمعية العامة‬
‫لألمم المتحدة في شكل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ 3‬وتشمل الحق في‬
‫األمن وحرمة المسكن وسرية المراسالت واالتصاالت الخاصة‪ ،‬وحرية الفرد في التنقل باإلضافة‬
‫إلى حرية الفكر والوجدان‪ ،‬وتكوين األحزاب السياسية‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحقوق المدنية‬

‫‪ -1‬الحق في المساواة‪:‬‬

‫‪1‬ليلى ياحي‪ ،‬تطور مفهوم حقوق اإلنسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.45‬‬


‫‪( 2‬مصطفى مرزوق‪ ،‬دور المجلس الدستوري الجزائري في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر في القانون‪،‬‬
‫تخصص القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬جامعة أكلي محند أولحاج‪ ،‬البويرة‪ ،‬السنة الجامعية ‪، 2013‬ص‪.06‬‬
‫‪3‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق واالنضمام بقرار الجمعية العامة ‪2200‬‬
‫المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1966‬تاريخ بدء النفاذ ‪ 23‬مارس ‪. 1976‬‬
‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫يشكل الحق في المساواة أحد المعايير الرئيسية التي تقاس عليها دولة القانون‪ ،‬وقد‬
‫كرست المواثيق الدولية ومختلف اإلعالنات‪.1‬والدساتير الوطنية المساواة بين األفراد‪ ،‬وتتجلى‬
‫المساواة في‪:‬‬

‫أ‪ -‬المساواة أمام القانون‪:‬‬

‫جاء في المادة ‪ 29‬أن المواطنين سواسية أمام القانون‪ ،‬دون التذرع بأي تمييز يعود‬
‫سببه إلى المولد‪ ،‬أو العرق أو الجنس أو الرأي أو أي شرط أو ظرف آخر شخصي‬
‫‪2‬‬
‫أواجتماعي‪ ،‬وهذا تماشيا لها ورد في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬

‫ب‪ -‬المساواة أمام القضاء‪:‬‬

‫المقصود بهذا المبدأ أن حق اللجوء إلى القضاء مكفول للجميع‪ ،‬ويعرفه نص التعديل‬
‫الدستوري لعام ‪ 2020‬على أن القضاء في متناول الجميع ‪ ،‬ويقوم على أساس المساواة بين‬
‫‪4‬‬
‫األفراد‪ 3‬كما تحمي السلطة القضائية المجتمع والحريات‬

‫ج‪ -‬المساواة في أداء الضرائب‪:‬‬

‫نص الدستور الجزائري على واجب كل فرد أن يشارك في التكاليف العمومية حسب‬
‫‪5‬‬
‫قدرته الضريبية‪ ،‬وأن يكون المواطنون متساوون في أداء الضريبة‪.‬‬

‫د‪ -‬المساواة في تقلد الوظائف العامة‪:‬‬

‫‪1‬تنص المادة األولى من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬السالف الذكر على‪“ :‬يولد جميع الناس أح ار ار متساوين في الكرامة‬
‫والحقوق”‬
‫‪2‬أنظر المادة ‪ 26‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪3‬تنص المادة ‪ 140‬من دستور ‪ 2020‬على‪“ :‬أساس القضاء مبادئ الشرعية والمساواة الكل سواسية أمام القضاء‪ ،‬وهو في‬
‫متناول الجميع ويجسده احترام القانون”‬
‫‪4‬تنص المادة ‪ 139‬من نفس الدستور السالف الذكر على‪“ :‬تحمي السلطة القضائية المجتمع والحريات وتضمن للجميع ولكل‬
‫واحد المحافظة على حقوقهم األساسية”‬
‫‪5‬أنظر المادة ‪ 64‬من نفس الدستور السالف الذكر‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫إن المؤسس الدستوري خالل نص التعديل الدستوري لسنة ‪، 2020‬قد ساوى بين كل‬
‫المواطنين الجزائريين في تقلد الوظائف العامة في الدولة‪1‬على غرار ما جاء في العهد‬
‫‪2‬‬
‫الدولي للحقوق المدنية والسياسية‬

‫‪ -‬الحق في األمن واألمان‪:‬‬

‫هذا الصنف من الحقوق الفردية ما هو إال إضافة لممارسة الحقوق األخرى‪ ،‬ويقصد‬
‫بالحق في األمان الحق في عدم التوقيف أو الحجز بشكل تعسفي‪ ،‬وحق الفرد في الحرية‬
‫وفي األمان على شخصه حق يحميه القانون‪ ،‬الذي يمنع توقيف أحد أو اعتقاله‬
‫تعسفا‪،‬وتقتضي حماية األفراد ضمانات في مجال القانون الجزائي واإلجراءات الجزائية‬
‫‪3‬وعليه فقد نص الدستور في حماية الحق في األمان على استقالل السلطة القضائية ‪4‬وحياد‬
‫القاضي ‪5‬كما منحت للمتهم وللمتقاضي ضمانات من شأنها أن تؤدي إلى محاكمة عادلة‬
‫ومنصفة‪.‬‬

‫‪-3‬حرية التمتع بحياة خاصة‪:‬‬

‫يقصد بها حق أي إنسان في احترام حياته الخاصة وحمايتها من التدخل‪ ،‬وقد كرس‬
‫مبدأ احترام الحياة الخاصة في الدستور الجزائري‪ ،‬بنصه على عدم جواز انتهاك حرمة حياة‬
‫‪6‬‬
‫المواطنين الخاصة‬

‫ومن أشكال الحريات المتعلقة بالحياة الخاصة هي كالتالي‪:‬‬

‫‪1‬تنص المادة ‪ 51‬من نفس الدستور السالف الذكر على‪“ :‬يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أي‬
‫شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون”‪.‬‬
‫‪2‬أنظر الفقرة ج من المادة ‪ 25‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪3‬مصطفى مرزوق‪ ،‬دور المجلس الدستوري الجزائري في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 12‬‬
‫‪4‬أنظر المادة ‪ 138‬من دستور ‪، 2020‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪5‬تنص المادة ‪ 147‬من نفس الدستور السالف الذكر على‪“ :‬ويخضع القاضي إال للقانون”‪.‬‬
‫‪6‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 39‬من دستور ‪، 2020‬السالف الذكر‪“ :‬ال يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة وحرمة‬
‫شرفه ويحميها القانون”‬
‫‪50‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫أ‪ -‬حرمة المسكن ‪:‬‬

‫المؤسس الدستوري بموجب نص التعديل الدستوري لعام ‪، 2020‬قد كفل هذه الصورة من‬
‫‪1‬‬
‫الحرية المتعلقة بالحياة الخاصة‬

‫ب‪ -‬سرية المراسالت واالتصاالت الخاصة‪:‬‬

‫يقصد بها كل المراسالت واالتصاالت الخاصة دون العامة الرتباطها الوثيق بالمصلحة‬
‫العامة وما يمكن أن تؤثر عليها وعلى سالمتها‪ ،‬فالمواطن حر في أن يعبر عن أفكاره كما‬
‫‪2‬‬
‫يريد‪ ،‬وقد نص الدستور على ضمان سرية المراسالت واالتصاالت بكل أشكالها‪.‬‬

‫ج‪ -‬حرية الرأي والمعتقد‪:‬‬

‫يعد هذا العنصر من مبادئ الحريات اإلنسانية في مختلف الدساتير الجزائرية‪ ،‬كما حذر‬
‫الدستور المساس بحرية المعتقد وحرمة حرية الرأي‪ 3‬وقد كرست المواثيق الدولية‪ 4‬حق كل إنسان‬
‫‪5‬‬
‫في حرية الفكر والوجدان والدين‪.‬‬

‫د‪ -‬الحق في الحياة العائلية‪:‬‬

‫األسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية واألساسية في المجتمع‪ ،‬فهي تعني باهتمام وبرعاية‬
‫‪6‬‬
‫من الكافة السيما من الدولة التي تقع على عاتقها واجب الحماية‪.‬‬

‫‪-4‬حرية التنقل واإلقامة‪:‬‬

‫‪1‬أنظر المادة ‪ 40‬من نفس الدستور السالف الذكر‪.‬‬


‫‪2‬تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 39‬من دستور ‪ 2020‬السالف الذكر‪“ ،‬سرية المراسالت واالتصاالت الخاصة بكل أشكالها‬
‫مضمونة‪.‬‬
‫‪3‬تنص المادة ‪ 36‬من نفس الدستور السالف الذكر‪“ :‬ال مساس بحرمة حرية المعتقد‪ ،‬وحرمة حرية الرأي العام‬
‫‪4‬أنظر المادة ‪ 40‬من نفس الدستور السالف الذكر‪.‬‬
‫‪5‬تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 39‬من دستور ‪ 2020‬السالف الذكر‪“ ،‬سرية المراسالت واالتصاالت الخاصة بكل أشكالها‬
‫مضمونة‪.‬‬
‫‪6‬تنص المادة ‪ 58‬من نفس الدستور السالف الذكر‪“ :‬تحظى األسرة بحماية الدولة والمجتمع”‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫إن من الحريات األساسية للفرد حرية التنقل‪ ،‬وفي اختيار مكان إقامته دون تقييد‪ ،‬ومغادرة‬
‫أي بلد بما في ذلك بلده‪ ،‬وقد كرس الدستور الجزائري هذا الحق لكل مواطن يتمتع بحقوقه‬
‫‪1‬‬
‫المدنية والسياسية‬

‫‪ -5‬الحق في الشخصية‪:‬‬

‫االعتراف بشخصية الفرد القانونية‪ ،‬يقصد بها حق كل إنسان في التمتع بهوية تميزه عن‬
‫باقي أفراد بني جنسه‪ ،‬وأهمها الجنسية‪ ،‬والمؤسس الدستوري الجزائري خالل التعديل الدستوري‬
‫‪2‬‬
‫لعام ‪، 2020‬قد كفل هذا الصنف من الحقوق‪.‬‬

‫‪ -6‬الحق في الكرامة‪:‬‬

‫ألزم المؤسس الدستوري الدولة حماية حرمة اإلنسان وعدم المساس بكرامته‪ ،‬ويحظر أي‬
‫عنف بدني أو معنوي‪ 3‬كما ال يجوز إخضاع أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو‬
‫الالإنسانية‪ ،‬أو إحاطة بالكرامة ويشكل الفقر والتهميش واإلقصاء خرقا لمبدأ الكرامة‪ 4‬مما أدى‬
‫‪5‬‬
‫إلى إدراج العدالة االجتماعية من بين المبادئ التي تقوم عليها الدولة‬

‫‪ -7‬الحق في االبتكار الفكري والفني والعلمي‪:‬‬

‫‪1‬أنظر المادة ‪ 44‬من نفس الدستور السالف الذكر‪.‬‬


‫‪2‬تنص المادة ‪ 30‬من دستور ‪ 2020‬السالف الذكر على‪“ :‬الجنسية الجزائرية معرفة بالقانون شروط اكتساب الجنسية الجزائرية‬
‫واالحتفاظ بها‪ ،‬أو فقدانها أو إسقاطها محددة بالقانون‬
‫‪3‬أنظر المادة ‪ 34‬من نفس الدستور السالف الذكر‬
‫‪4‬مصطفى مرزوق‪ ،‬دور المجلس الدستوري الجزائري في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪11‬‬
‫‪5‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 14‬من دستور ‪، 2020‬السالف الذكر‪“ :‬تقوم الدولة على مبادئ التنظيم الديمقراطي والعدالة‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫كرس مبدأ حرية االبتكار الفكري والفني والعلمي في الدستور الجزائري وحظي حقوق‬
‫المؤلف بحماية من الدولة من خالل سن قوانين تشجع وتحمي حقوق المواطن في االبتكار‬
‫‪1‬‬
‫الفكري والفني والعلمي‬

‫‪ -8‬الحق في الملكية وفي حرية التجارة والصناعة‪:‬‬

‫حق الملكية الخاصة والتصرف فيها معترف به دستوريا ‪ 2‬وال يمكن نزع الملكية‪ 3‬الخاصة‬
‫الخاصة من أجل المنفعة العامة‪ ،‬إال في إطار‬ ‫‪4‬‬
‫من أجل المنفعة العامة‪ ،‬إال في إطار القانون‬
‫القانون‪ 5‬الخاصة والعامة محمية ‪ 6‬كما نصت المادة ‪ 37‬على أن حرية التجارة والصناعة‬
‫مضمونة وتمارس في إطار القانون‪ ،‬وهو حق جديد لم يكن موجودا في الدساتير السابقة‪ 7‬فكان‬
‫أول نص يتكلم عن هاته الحرية‪ ،‬وهو دليل على التحول في التوجه االقتصادي من االشتراكية‬
‫إلى االنفتاح على اقتصاد السوق‪.8‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحقوق السياسية‬

‫أدخل دستور ‪ 2020‬إصالحا وتغيي ار في نظام المشاركة السياسية‪ ،‬فأعطى حي از كبي ار‬
‫للحريات والحقوق السياسية‪ ،‬بإعالنه تبني التعددية السياسية من خالل الحق في إنشاء أحزاب‬
‫على أن‪« :‬حق إنشاء األحزاب السياسية معترف به ومضمون»‪،‬‬ ‫سياسية‪ ،‬فقد نصت المادة‬
‫مما جعل الجزائر اليوم بلد التعددية الحزبية تعرف ساحتها السياسية وجود عشرات األحزاب‪،‬‬

‫‪1‬أنظر المادة ‪ 38‬من نفس الدستور السالف الذكر‪.‬‬


‫‪2‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 52‬من دستور ‪ 2020‬السالف الذكر‪“ :‬الملكية الخاصة مضمونة‪.‬‬
‫‪3‬تنص المادة ‪ 20‬من نفس الدستور السالف الذكر‪“ :‬يتم نزع الملكية إال في إطار القانون ويترتب عليه تعويض قبلي عادل‬
‫ومنصف”‪.‬‬
‫‪4‬أنظر المادة ‪ 66‬من نفس الدستور السالف الذكر‬
‫‪5‬ليلى ياحي‪ ،‬تطور مفهوم حقوق اإلنسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪6‬سمية ناجمي‪ ،‬الحريات العامة بين الدساتير الجزائرية والشريعة اإلسالمية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 29‬‬
‫‪7‬حليم بسكري‪ ،‬السيادة وحقوق اإلنسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪8‬‬
‫‪8‬مصطفى مرزوق‪ ،‬دور المجلس الدستوري الجزائري في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 13‬‬
‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫وجمعيات المجتمع المدني‪ ،‬ومنظمات غير حكومية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مما جعلها في مراتب‬
‫ريادية مقارنة بما في الدول العربية واإلفريقية‪.‬‬

‫‪ -1‬الحق في الديمقراطية والمشاركة في الحياة السياسية‪:‬‬

‫الديمقراطية حق أساسي للمواطن‪ ،‬فهو حق يمارس بشروط الحرية والمساواة والشفافية‬


‫والمسؤولية‪ ،‬باحترام تعددية األفكار وفي صالح الجميع‪ ،‬كما تعد مثال يجب إتباعه ومنهج حكم‬
‫‪1‬‬
‫يجب تطبيقه‪ ،‬الذي يهدف أساسا إلى الحفاظ وتعزيز الكرامة والحقوق األساسية للفرد‪.‬‬

‫كما يترتب عن إرساء قواعد الديمقراطية‪ ،‬حق المواطنين في المشاركة في الحياة السياسية‬
‫‪2‬‬
‫عن طريق االنتخاب‪ ،‬والترشح لتقلد المناصب والوظائف العمومية‪ ،‬وفق شروط يحددها القانون‬
‫هذا الحق السياسي برز منذ دستور ‪ 1989‬بانتهاجه لمبدأ التعددية السياسية‪ ،‬عكس ما كان‬
‫عليه الحال خالل فترة الحزب الواحد‪.‬‬

‫‪ -2‬حرية التعبير وحق االجتماع وانشاء الجمعيات‪:‬‬

‫يضمن دستور ‪ 2020‬حرية التعبير‪ ،‬وهي حق الشخص في أن يقول بكل حرية ما يفكر‬
‫به‪ ،‬دون أن يطارد‪ ،‬باإلضافة إلى حق االجتماع الذي يعتبر سببا مباش ار يؤثر على الحرية‬
‫الفردية‪ ،‬أو التفكير‪ ،‬فهو المرآة العاكسة للنظام السياسي المكرس دستوريا‪ ،‬ومجال الحريات التي‬
‫‪3‬‬
‫يتمتع بها األفراد في ظله‪ ،‬زد على ذلك الحق في إنشاء الجمعيات‪.‬‬

‫‪ -3‬مسؤولية الدولة عن أخطاء موظفيها‪:‬‬

‫‪1‬تنص المادة ‪ 50‬من دستور ‪، 2020‬السالف الذكر‪“ :‬لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية أن ينتخب وينتخب”‪.‬‬
‫‪2‬أنظر المواد ‪ 43، 42، 41‬من نفس الدستور السالف الذكر‪.‬‬
‫‪3‬نظر المواد ‪ 43، 42، 41‬من نفس الدستور السالف الذكر‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫يحمي الدستور المواطن من التعسف في استعمال السلطة ‪ 1‬على اعتبار أن الدولة‬


‫‪2‬‬
‫مسؤولة عن أخطاء موظفيها‪ ،‬لذلك فهو يضمن عدم تحيز اإلدارة‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬

‫تحتل الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬مكانة مهمة في النظام القانوني الدولي‪،‬‬
‫فقد نصت عليها العديد من االتفاقيات واإلعالنات‪ 3‬وتشمل كل من الحق في العمل والتعليم‪،‬‬
‫الرعاية الصحية والحق النقابي‪...‬إلخ‬

‫أوال‪ :‬الحق في العمل‪.‬‬

‫يعد هذا الحق أحد الحقوق األساسية التي يقوم عليها مبدأ حقوق وحريات اإلنسان‪،‬‬
‫وتحقيق هذا الحق ليس ضروريا فقط لمعيشة اإلنسان‪ ،‬ولكن لتنمية شخصيته أيضا‪ ،‬فمن حق‬
‫‪4‬‬
‫كل شخص في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية‬

‫لذا ينبغي على الدولة السعي لتحقيق هذا الهدف باتخاذ التدابير الالزمة لصون هذا لحق‪،‬‬
‫الذي كرس في الدستور بنصه على حق المواطن في العمل وضمان األمن والنظافة أثناء‬
‫‪5‬‬
‫العمل‬

‫ثانيا‪ :‬الحق في العمل النقابي‬

‫تعد الحرية النقابية جزء ال يتج أز من الحريات الجماعية الفردية‪ ،‬التي تبنى على أساس‬
‫تواجدها القيم األخرى للفكر الديمقراطي الجديد‪ ،‬والذي انتهجته الجزائر منذ ‪ ،61989‬فلكل‬

‫‪1‬تنص المادة ‪ 22‬من نفس الدستور السالف الذكر‪“ :‬يعاقب القانون على التعسف في استعمال السلطة”‬
‫‪2‬أنظر المادة ‪ 23‬من نفس الدستور السالف الذكر‪.‬‬
‫‪3‬ليلى ياحي‪ ،‬تطور مفهوم حقوق اإلنسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪4‬‬
‫‪4‬أنظر المادة ‪ 06‬من العهد الدولي للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية لسنة ‪، 1966‬سالف الذكر‪.‬‬
‫‪5‬أنظر المادة ‪ 55‬من دستور ‪، 2020‬السالف الذكر‬
‫‪6‬كمال شطاب‪ ،‬حقوق اإلنسان في الجزائر بين الحقيقة الدستورية والواقع المفقود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪218‬‬
‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫شخص حق تكوين النقابات باالشتراك مع اآلخرين وفي االنضمام إلى النقابة التي يختارها‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وعليه فقد كرس الدستور الحق النقابي‬

‫ثالثا‪ :‬الحق في اإلضراب‬

‫إن إقرار الحق في الحرية النقابية‪ ،‬يترتب عليه وبصفة آلية الحق في اإلضراب‪ ،‬الذي‬
‫ارتقى إلى مستوى الحكم الدستوري‪ ،‬وعليه أصبح ينظمه قانون‪ ،‬لذلك فإن اللجوء إلى اإلضراب‬
‫غدا حقا مشروعا يتمتع بالحماية الدستورية‪ ،‬في حال ممارسته في إطار القانون‪ ،‬بعد أن يفشل‬
‫‪2‬‬
‫التفاوض الجماعي لحل المنازعات الجماعية‬

‫نظ ار لخطورة حق اإلضراب على السير العادي للحياة السياسية واالقتصادية فإن المؤسس‬
‫‪3‬‬
‫الدستوري قد أخضع ممارسة هذا الحق والتمتع به إلى أن يتم في إطار القانون‬

‫رابعا‪ :‬الحق في التربية والتعليم‬

‫تولي الدولة اهتماما كبي ار للتعليم‪ ،‬يشمل هذا الحق كفالة الدولة بتثقيف األفراد ورعاية‬
‫نمائهم العلمي واألدبي والثقافي‪ ،‬وفتح آفاق المعارف أمامهم‪ ،‬وتسيير وسائل االستزادة من العلم‪.‬‬

‫فقد كفل المؤسس الدستوري إجراءات دستورية توفي بهذا الغرض‪ ،‬منها كفالته للتعليم‬
‫المجاني في مختلف أطواره‪ ،‬كما اعتبر التعليم األساسي إلى حد معين واجبا على كل األفراد‬
‫‪4‬‬
‫المستوفين للشروط القانونية المطلوبة لذلك بتقريره بإلزامية التعليم األساسي‬

‫خامسا‪ :‬الحق في الرعاية الصحية‬

‫‪1‬تنص المادة ‪ 56‬من نفس الدستور السالف الذكر‪“ :‬الحق النقابي معترف به لجميع المواطنين”‪.‬‬
‫‪2‬كمال شطاب‪ ،‬حقوق اإلنسان في الجزائر بين الحقيقة الدستورية والواقع المفقود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 220‬‬
‫‪3‬تنص المادة ‪ 57‬من دستور ‪، 2020‬السالف الذكر‪“ :‬الحق في اإلضراب معترف به‪ ،‬ويمارس في إطار القانون”‬
‫‪4‬أنظر المادة ‪ 53‬من نفس الدستور السالف الذكر‬
‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫لكل إنسان حق التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية‪ ،‬وعلى الدول اتخاذ‬
‫التدابير الالزمة لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق‪ 1‬حيث يحظى المواطن الجزائري بالحق في‬
‫‪2‬‬
‫الرعاية الصحية‪ ،‬ويقع على عاتق الدولة واجب الوقاية ومكافحة األمراض الوبائية والمعدية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حقوق التضامن‬

‫يقصد بحقوق التضامن‪ ،‬الحقوق التي يحتاج تحقيقها تضافر جهود الجميع بما فيهم‪:‬‬
‫األفراد والدولة والمؤسسات العامة والخاصة والمجتمع الدولي‪ ،‬هذا فضال عن كونها من الحقوق‬
‫التي يحتج بها لدى الدولة‪ ،‬فال يجوز لهذه األخيرة أن تعيق حرية ممارستها‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬
‫‪3‬‬
‫تعد من نوع الخدمات التي تلتزم الدولة بالتدخل من أجل كفالتها‬

‫تشمل حقوق التضامن‪ ،‬الحق في البيئة‪ ،‬الحق في التنمية‪ ،‬الحق في السلم وحق الشعوب‬
‫في تقرير المصير باإلضافة إلى الحق في التراث المشترك‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحق في بيئة صحية‬

‫يؤثر اإلنسان في البيئة التي يعيش فيها ويتأثر بها‪ ،‬إذ نتيجة عدم أخذه الحيطة والحذر‬
‫عند تعامله معها‪ ،‬تسبب في تدهورها واإلخالل بتوازنها‪ ،‬فانعكس ذلك على حياته التي أصبحت‬
‫مهددة بالزوال‪ 4‬عند هذا الحد شعر اإلنسان انه ابن بيئته وانه يؤثر في تلك التي تمده بمصادر‬
‫عيشه ‪،‬هذه القدرة على التأثير التي اكتسبها اإلنسان إن استعملت بعقالنية وحكمة جلبت‬
‫للشعوب فوائد التنمية وتحسين نوع الحياة‪،‬أما إن استعملت برعونة فإنها تضر باإلنسان وبيئته‪،‬‬
‫وقد ظهرت أمثلة حية صارخة على األضرار التي يتسبب يها اإلنسان في مناطق عديدة من‬
‫‪5‬‬
‫العالم‪.‬‬

‫‪1‬مصطفى مرزوقي‪ ،‬دور المجلس الدستوري الجزائري في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪2‬أنظر المادة ‪ 54‬من دستور ‪، 2020‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪3‬ليلى ياحي‪ ،‬تطور مفهوم حقوق اإلنسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 55‬‬
‫‪4‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 56‬‬
‫‪5‬‬
‫‪AbdelazizM.Abdelhady, le droit à l’environnement en droit interne et international, journal of‬‬
‫‪Lawacademicpublication council, Kuwait uneversety, n°1.2 , year.17, March-June 1993,p.3.,‬‬
‫‪57‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫لم يدرج الحق في البيئة في دستور ‪ 2020‬في الفصل المخصص للحقوق والحريات‪ ،‬إنما‬
‫تعرض للموضوع في الفصل المخصص الختصاصات السلطة التشريعية ‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحق في التنمية‬

‫تم االعتراف بهذا الحق على الصعيد الدولي عام ‪ 1979‬باعتماده من طرف الجمعية‬
‫العامة لألمم المتحدة بموجب القرار رقم ‪. 36/134‬‬

‫يشمل الحق في التنمية مجاالت مختلفة منها‪ :‬التنمية الثقافية والسياسية باإلضافة إلى‬
‫االقتصادية‪ ،‬أشار دستور ‪ 2020‬على الحق في التنمية ضمنيا في الفقرة الحادية عشر من‬
‫الديباجة‪ :‬فالشعب المتحصن بقيمه الروحية الراسخة والمحافظ على تقاليده في التضامن والعدل‪،‬‬
‫واثق في قدرته على المساهمة الفعالة في التقدم الثقافي‪ ،‬واالجتماعي واالقتصادي‪ ،‬في عالم‬
‫‪2‬‬
‫اليوم والغد‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الحق في السلم‬

‫إن السلم ال ينبغي أن يفهم منه انتفاء كل أشكال الصراعات والنزاعات بين كل من األفراد‬
‫والشعوب‪ ،‬إنما يقتضي إيجاد االنسجام والتكامل بين كل من الفرد وأخيه‪ ،‬وبين الفرد وبيئته‬
‫بمختلف أشكالها‪ ،‬ومن المبادئ التي شكلت محور السياسة الخارجية الجزائرية‪ :‬مبدأ االمتناع‬
‫عن اللجوء إلى الحرب من أجل تسوية الخالفات بين الدول ‪ 3‬وعدم التدخل في الشؤون الداخلية‬
‫‪4‬‬
‫للدول‬

‫رابعا‪ :‬حق الشعوب في تقرير المصير‬

‫‪1‬أنظر المادة ‪ 122‬من دستور ‪، 2020‬السالف الذكر‪.‬‬


‫‪2‬مصطفى مرزوقي‪ ،‬دور المجلس الدستوري الجزائري في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 18‬‬
‫‪3‬تنص المادة ‪ 26‬من نفس الدستور السالف الذكر‪“ :‬تمتنع الجزائر عن اللجوء إلى الحرب من أجل المساس بالسيادة المشروعة‬
‫للشعوب األخرى وحريتها‪ ،‬وتبذل جهدها لتسوية الخالفات الدولية بالوسائل السلمية”‬
‫‪4‬أنظر المادة ‪ 28‬من نفس الدستور السالف الذكر‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫بعد الحرب العالمية الثانية تطور االهتمام بالحق في تقرير المصير‪ 1‬نتيجة لفاعلية‬
‫الضغط الذي مارسته شعوب البلدان المستعمرة‪ ،‬وأصبح حقا قانونيا معترف به من قبل المجتمع‬
‫الدولي‪ ،‬وذلك من خالل ميثاق األمم المتحدة الذي نص صراحة على االلتزام باحترام هذا‬
‫‪2‬‬
‫الحق‬

‫إعمال المشرع الدستوري الجزائري هذا المبدأ من القانون الدولي أكده في المادة ‪ 27‬التي‬
‫تنص على أن‪" :‬الجزائر متضامنة مع جميع الشعوب التي تكافح من أجل التحرر السياسي‬
‫واالقتصادي في تقرير المصير وضد كل تمييز عنصري"‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬الحق في التراث المشترك‬

‫تشكل حقوق اإلنسان والحريات األساسية تراثا مشتركا بين الجزائريين‪ ،‬وعليهم واجب‬
‫‪3‬‬
‫المحافظة على هذا التراث‪ ،‬ونقله إلى األجيال المقبلة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على حقوق والحريات‬


‫إن دور القاضي اإلداري في حماية الحقوق والحريات ينحصر في نظر الدعاوي القضائية التي‬
‫ترفع إليه وبالتالي يتمكن من حماية األفراد من التعسف اإلداري وأهم هذه الدعاوي دعوة اإللغاء‬
‫– دعوة التعويض – دعوة اإلستعجال‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ضمانات مبدأ التقاضي على درجتين‬

‫‪ 1‬الحق في تقرير المصير يعني أن لجميع الشعوب حقا ثابتا في اختيار نظامها السياسي واالقتصادي واالجتماعي والثقافي‬
‫ومركزها الدولي بكامل حريتها‪.‬‬
‫‪2‬ليلى ياحي‪ ،‬تطور مفهوم حقوق اإلنسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪6‬‬
‫‪3‬تنص المادة ‪ 32‬من دستور ‪، 2020‬السالف الذكر‪“ :‬الحريات األساسية وحقوق اإلنسان والمواطن مضمونة‪ ،‬وتكون تراثا‬
‫مشتركا بين جميع الجزائريين والجزائريات‪ ،‬واجبهم أن ينقلوه من جيل إلى جيل كي يحافظوا على سالمته‪ ،‬وعدم انتهاك حرمته”‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫تعتبر التعديالت الدستورية في عام ‪ 2001‬والتي من ضمها تعديل نص المادة نقلة نوعية‬
‫وتوجه جديد إلى إزدواجية القضاء ونقل التقاضي اإلداري من درجة واحدة إلى درجتين وأصبح‬
‫القضاء اإلداري مكوناً من محكمتين هما المحكمة اإلدارية والمحكمة اإلدارية العليا‪.‬‬

‫يعد القضاء بمختلف درجاته ومستوياته من بين أبرز الضمانات المهمة التي تكفل بإحترام حقوق‬
‫اإلنسان وحرياته األساسية‪ ،‬وبالتالي ال بد أن يكون القضاء يمارس مهامه بصفة مستقلة وبشكل‬
‫يضمن مبدأ المشروعية وكذا يكون النشاط القضائي الذي يمارسه القاضي محايدا ومنصفا في‬
‫حقوق األفراد عامة‪.‬‬

‫ولكن من مقتضيات هذا االزدواج والتدرج أن يكون هناك إستقاللية للقضاء اإلداري عن القضاء‬
‫العادي وكذلك وجود قضاة متخصصين في المجال اإلداري‪.‬‬

‫العدالة هي أساس الحكم الراشد‪ ،‬والقضاء هو حارسه األمين على تطبيق القانون ويعد إستقالله‬
‫عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ضرورة تستدعيها وظيفته‪ ،‬والتي تتمثل في الفصل طبقا‬
‫للقانون وبحياد في المنازعات التي تعرض عليه‪.‬‬

‫وال يتصور حياد الحكم حماية الحقوق والحريات في حالة تبعية القضاء وخضوع القاضي‬
‫ألوامر أو توجيهات سلطة أخرى‪ ،‬فإنحياز القضاء يقاس بقدر إستقالليته‪.‬‬

‫ومن ثم فإنه ال جدوى من إقامة مؤسسات العدالة بقصورها وهياكلها ورجاالتها إذا لم تكن لهم‬
‫كلمة الفصل والحزم فيما يطرح عليهم من قضايا بكل إستقاللية وحرية ونزاهة‪ ،‬محكمين في ذلك‬
‫سلطان القانون وحده‪ ،‬بعيدا عن المؤثرات الداخلية أو الخارجية التي قد تشوب ق ارراتهم أو‬
‫أحكامهم ومن هذا المنطلق‪ ،‬أصبح مبدأ إستقاللية القاضي تمكينه من وضع العدالة في وضعها‬
‫الصحيح محل إهتمام الفالسفة وقادة الرأي والفكر‪ ،‬فقد قال "ميرابو" خطيب الثورة الفرنسية ‪ ":‬إن‬
‫النـاس في حاجة إلى القضاء ما عاشوا ‪ ،‬فإذا فرض عليهم وجب أن يحسوا بأنه حمل ثقتهم‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مبدأ إستقاللية القضاء‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫يعتبر مبدأ إستقاللية القضاء الركن األساسي لتحقيق مبدأ الشرعية وضمان حماية حقوق‬
‫وحريات األفراد من إنتهاكات‪ ،‬وكذا ضمان سيادة القانون فمن الضروري أن يكون للسلطة‬
‫القضائية إستقاللية تامة عن باقي السلطات لكي ال تفقد هذه األخيرة هيبتها واإلخالل في‬
‫أعمالها‪.‬‬

‫تتحقق الحماية القضائية للحقوق والحريات األساسية لألفراد عندما يكون القضاء مستقال‬
‫عن باقي السلطات (الفرع األول)‪ ،‬ولكن من جهة أخرى ليؤدي واجبه ال بد من توفير له‬
‫ضمانات اإلستقالله (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫إن قانون اإلداري لم يحقق اإلستقاللية للقضاء اإلداري لألسباب التالية‪:1‬‬

‫‪ ‬من حيث التعيين‪ :‬لم ينص القانون على طريقة تعيين قضاة القضاء اإلداري‪ ،‬ففيما‬
‫يخص تعيين قضاة المحكمة اإلدارية نصت المادة ‪/4‬ب " تشكل المحكمة اإلدارية من‬
‫رئيس وعدد من القضاة ال تقل درجة أي منهم عن الثانية" وبالرجوع اللمادة "‪ "2‬من‬
‫القانون – التعاريف‪ -‬نجد أن المقصود بالقاضي هو القاضي الذي يعود امر تعينه‬
‫للمجلس القضائي وفقا لقانون استقالل القضاء رقم ‪ 29‬لسنة ‪.2014‬‬

‫وبما أن القاضي اإلداري يتعين بقرار من المجلس القضائي من بين قضاة المحاكم األردنية‬
‫فهذا يعني أن القضاء اإلداري ليس مستقال عن القضاء العادي‪.‬‬

‫وفيما يخص تعيين رئيس وأعضاء المحكمة اإلدارية العليا نصت المادة ‪/22‬ب من القانون‬
‫على "يعين رئيس المحكمة اإلدارية العليا بقرار من المجلس‪ "...‬وكذلك المادة ‪ 23‬نصت على‬
‫تسري شروط وأحكام تعيين القضاة الواردة في قانون استقالل القضاء على كل من رئيس‬
‫المحكمة اإلدارية العليا وقضائها ورئيس النيابة العامة اإلدارية"‪.‬‬

‫بوصيدة‪ ،‬ف‪ ،)2009( .‬مبدأ التقاضي على درجتين‪ ،‬الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة ‪20‬أوت ‪ -1995‬سكيكدة‪ -‬ملحقة‬ ‫‪1‬‬

‫عزابة‪ ،‬ص ‪10-6‬‬


‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫ومن خالل قراءة هذين النصين والنص السابق يتبين لنا أن قضاة المحكمة اإلدارية والمحكمة‬
‫اإلدارية العليا ورؤسائهما يعينون بقرار من المجلس القضائي وحسب قانون استقالل القضاء‪،‬‬
‫وهذا يقودنا إلى استنتاج بان القضاء اإلداري ليس مستقال عن القضاء القضاء العادي وهذا‬
‫برأي المتواضع انه مخالف للدستور وخاصة نص المادة ‪ 100‬الن هذه المادة ألزمت المشرع‬
‫العادي بإنشاء قضاء إداري وفي المواد التي تليها ‪ 103 ،102‬من الدستور بين المشرع‬
‫الدستوري وظيفة القاضي النظامية والمتمثلة القضاء في الموارد المدنية والجزائية أي أن‬
‫القاضي مختص دستوريا في المسائل الحقوقية والجزائية فقط ولم يتضمن الدستور اية إشارة إلى‬
‫إمتداد إختصاصه ليشمل القضاء اإلداري ومما يؤكد هذا االستنتاج ‪ -‬أيضا‪ -‬أن وظيفة‬
‫المجلس القضائي حسب ما جاء في المادة (‪ )98/2‬من الدستور إدارة الشؤون المتعلقة بالقضاة‬
‫النظاميين ولم تشير المادة إلى القضاة اإلداريين أي أن القضاة اإلداريين ليسوا مربوطين‬
‫بالمجلس القضائي ال من حيث التعيين أو الرقابة أو اإلشراف أو االنتداب أو النقل أو‬
‫التأديب‪ ...‬الخ‪ .‬ومن الالفت للنظر أنه حتى على المستوى البروتوكولي عندما قام رئيس‬
‫المحكمة اإلدارية العليا بأداء القسم أمام الملك كان بحضور رئيس المجلس القضائي)‪.1‬‬

‫وبشكل مجمل فان قانون القضاء اإلداري بربطة القضاء اإلداري بالمجلس القضائي يكون قد‬
‫خالف نص المواد ‪ 98‬و ‪ 100‬و ‪ 102‬و ‪ 103‬وهذا يعد مخالفة للدستور‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ضمانات إستقاللية القضاء‬

‫السلطة القضائية من بين السلطات الثالث في الدولة والتي كلف إليها تسيير الجهاز القضائي‪،‬‬
‫والذي يعتبر الجهاز األول الذي يحمي الحقوق والحريات العامة لألفراد وبالتالي فإن هذه السلطة‬
‫تعمل بشكل مستقل ومحايد وهذا يمثل ضمانة هامة لحقوق األفراد‪ ،‬ومن هنا أصبح من الضروري‬
‫على الدولة العمل والحرص على ضمان إستقاللية القضاء ‪.‬‬

‫سعد‪ ،‬أ‪ .‬القانون القضائي الخاص‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.403‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫من بين الضمانات التي أقرت التحقيق مبدأ إستقاللية القضاء نجد ضمانات قانونية وذلك من‬
‫خالل النص عليها في الدستور أو التشريع وكذلك نظام تعيين القضاة والذي يعتبر أيضا كضمانة‬
‫هامة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الضمانات القانونية الستقالل القضاء‬

‫وضع كل من المؤسس الدستوري والمشرع الجزائري ضمانات تحقق مبدأ إستقاللية القضاء فنجد‬
‫أن هذا المبدأ مكرس في كل من الدستور والنصوص التشريعية وهو ما سنتطرق إليه كما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬الضمانات الدستورية‬

‫يقصد بها أن يتضمن الدستور باعتباره الوثيقة األسمى في الدولة أحكاما ومقتضيات تقر باستقاللية‬
‫القضاء‪ ،‬والنص على اآلليات الكفيلة باحترامها على صعيد الممارسة‬

‫يتضمن الدستور الجزائري المعدل سنة ‪ 2020‬مجموعة من النصوص التي تضمن استقاللية‬
‫القضاء على باقي الهيئات‪ ،‬ونذكر منها المادة (‪ )156‬التي تنص على أن السلطة القضائية‬
‫مستقلة وتمارس في أعمالها في إطار القانون وأن رئيس الجمهورية ضامن لذلك ‪ ،‬ونجد أيضا‬
‫نص المادة (‪ )165‬التي تنص على أن القاضي ال يخضع خالل تأدية وظيفته ألي سلطة من‬
‫السلطات وبالتالي فهو مستقل في عمله ‪.‬‬

‫تضيف المادة (‪ )166‬فقرة أمن الدستور أن الحماية المخولة للقاضي أثناء تأديته لمهامه وبالتالي‬
‫ال يمكن التدخل في شؤونه العملية ‪ ،‬أما المادة (‪ )171‬يظهر من خاللها مدى اهتمام الدستور‬
‫الجزائري بتكريس مبدأ االستقاللية‪ ،‬وذلك بتأسيس مؤسسات قضائية وتنظيمها والتي تتمثل في‬
‫مجلس الدولة كأعلى هيئة في التظلم اإلداري‪ ،‬وكذا المحكمة العليا الهيئة المقومة ألعمال المجالس‬
‫القضائية والمحاكم ‪.‬‬

‫والى جانب المحكمة العليا ومجلس الدولة ولضمان استقاللية القضاء تم إنشاء محكمة التنازع‬
‫التي تفصل في حاالت تنازع االختصاص بين جهات القضاء العادي وجهات القضاء اإلداري ‪،‬‬
‫بينما أنشأ مجلس أعلى للقضاء‪ ،‬ويكون حسب المادة (‪ )176‬فقرة ‪ 2‬الدستور مستقل من الناحية‬
‫اإلدارية والمالية‪ ،‬وهو جهاز من بين أجهزة القضاء‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫وعليه‪ ،‬نرى من خالل مختلف المواد التي تطرقنا إليها أن مبدأ استقاللية القضاء قد حظي باهتمام‬
‫كبير جدا من طرف الدستور‪ ،‬وهذا ولو من الناحية النظرية‪.‬‬

‫ب‪ :‬الضمانات التشريعية‬

‫يقصد بها مجموعة النصوص التشريعية التي تنص على استقاللية القضاء وعدم تعرضهم في‬
‫أعمالهم ألي تدخل‪ ،‬ومن بينها القانون العضوي رقم ‪ 11-04‬المتضمن القانون األساسي للقضاء‬
‫حيث نص في مواده على ضمانة إستقرار قضاة الحكم وعدم قابليتهم للعزل والنقل‪ ،‬وهذا ما جاء‬
‫في نص المادة (‪ )26‬التي تنص على ما يلي‪:‬‬

‫مع مراعاة أحكام المادتين ‪ 49‬و ‪ 50‬من هذا القانون العضوي‪ ،‬حق االستقرار مضمون لقاضي‬
‫الحكم الذي مارس عشر سنوات خدمة فعلية وال يجوز نقله أو تعيينه في منصب جديد ‪....‬‬

‫باإلضافة إلى االستقرار نجد أن قانون ‪ 11-04‬قد أوجد للقاضي ضمانة حمايته من أي أشكال‬
‫التعديات اللفظية كالسب والقذف أو االعتداءات الجسمية كالضرب وهذا أثناء او بمناسبة تأديته‬
‫لوظائفه وهذا حتى بعد إحالته للتقاعد‪ ،‬وهذا حسب نص المادة (‪ )29‬التي تنص على ما يلي‪:‬‬
‫"‪...‬يتعين على الدولة أن تقوم بحماية القاضي من التهديدات أو اإلهانات أو السب أو القذف أو‬
‫االعتداءات أيا كانت طبيعتها والتي يمكن أن يتعرض لها أثناء قيامه بوظائفه أو بمناسبتها أو‬
‫بسببها‪ ،‬حتى بعد االحالة على التقاعد"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظام تعيين القضاة كضمانة الستقاللية القضاء‬

‫إختلفت النظرة حول تحديد الصورة التي يتم بها استقالل القضاء وذلك راجع إلى إختالف النظم‬
‫المختلفة لتعيين القضاة‪ ،‬فنجد من يلجأ إلى عدم إخضاع تعيين القضاة للسلطة العامة وذلك‬
‫بإختيارهم عن طريق اإلنتخاب ‪.‬‬

‫كما نجد دول أخرى تأخذ بنظام التعيين عن طريق إحدى سلطاتها الثالث‪ ،‬ومن بينها الجزائر‬
‫التي تأخذ بنظام تعيين القضاة‪ ،‬وذلك بموجب مرسوم رئاسي وبناءا على إقتراح من وزير العدل‬
‫وبعد مداولة هذا اإلقتراح من طرف األساسي للقضاء له وكما تنص المجلس األعلى للقضاء ‪،‬‬
‫وهذا حسب نص المادة ‪ 3‬من القانون المادة (‪ )174‬من الدستور الحالي المعدل سنة ‪2016‬‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫‪64‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫" يقرر المجلس األعلى للقضاء طبقا للشروط التي يحددها القانون‪ ،‬تعيين القضاة‪ ،‬ونقلهم‪ ،‬وسير‬
‫سلمهم الوظيفية ‪.‬‬

‫مع أن المادة (‪ )174‬تخول للمجلس األعلى للقضاء صالحية تقرير التعيين طبقا للشروط المحددة‬
‫في القانون‪ ،‬فإن سلطة تعيين القضاة مخولة لرئيس الجمهورية أي السلطة التنفيذية‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق المسابقة أو التعيين المباشر ‪.‬‬

‫أ‪ :‬التعيين عن طريق المسابقة‬

‫يتم التعيين األول بصفة قاضي بموجب مرسوم رئاسي بناءا على إقتراح من وزير العدل‪ ،‬وبعد‬
‫مداولة المجلس األعلى للقضاء ‪ ،‬إن تعيين القضاة يخص حاملي شهادة المدرسة العليا للقضاء‬
‫وذلك بعد فوزهم في المسابقة الوطنية ‪ ،‬وبعد تلقيهم تكوينا لمدة ‪ 3‬سنوات فنجد المادة (‪ )8‬من‬
‫القانون األساسي للقضاء التي تنص على ما يلي‪:‬‬

‫"يوظف القضاة من بين حاملي شهادات المدرسة العليا للقضاء"‪:‬‬

‫تنظم المدرسة العليا للقضاء مسابقات وطنية لتوظيف الطلبة القضاة وهذا بقرار من وزير العدل‬
‫‪ ،‬ويشترط في المترشح عدة شروط لهذا الغرض‬

‫‪ -‬أنظر المادة (‪ )36‬ق‪.‬أ‪.‬ق‪ -67 .‬الشروط التي يجب أن تتوفر في المترشح هي‪ :‬الجنسية‬
‫الجزائرية األصلية أو المكتسبة منذ ‪ 10‬سنوات على األقل ‪ ،67‬شهادة الليسانس في الحقوق أو‬
‫ما يعادلها‪ ،‬البلوغ من العمر ‪ 30‬على األقل إلى ‪ 35‬سنة على األكثر عند تاريخ المسابقة‪ ،‬إثبات‬
‫الوضعية القانونية اتجاه الخدمة الوطنية‪ ،‬الكفاءة البدنية والعقلية‪ ،‬والتمتع بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية‪.‬‬

‫ما يعاب في هذه الطريقة أنها تخضع القاضي لحكم السلطة التنفيذية وهيمنة هذه األخيرة على‬
‫عملية تعيين القضاة‪ ،‬وهذا ما يجعل السلطة القضائية غير مستقلة تماما عن غيرها من السلطات‬
‫فالتعيين بمرسوم رئاسي يجعل من السلطة التنفيذية والتي يمثلها رئيس الجمهورية‪ ،‬عائقا في‬
‫تحقيق اإلستقاللية القضائية‪.‬‬

‫ب‪ :‬التعيين المباشر‬

‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫حسب نص المادة (‪ )41‬من القانون األساسي للقضاء فإنه يمكن التعيين مباشرة وبصفة استثنائية‪،‬‬
‫الفئات الذين بصفتهم مستشارين بالمحكمة العليا أو مستشاري بمجلس الدولة‪ ،‬وذلك بناء على‬
‫اقتراح من وزير العدل وبعد مداولة المجلس األعلى للقضاء‪ ،‬على أن ال تتجاوز هذه التعيينات‬
‫في أي حال من األحوال ‪ 20‬بالمائة من عدد المناصب المالية المتوفرة‪ 08 ،‬ويتعلق األمر ب‪:‬‬

‫‪ -‬حاملي دكتوراه الدولة بدرجة أستاذ التعليم العالي في الحقوق أو الشريعة أو القانون أو العلوم‬
‫المالية أو االقتصادية أو التجارية‪ ،‬والذين مارسوا فعليا ‪ 10‬سنوات على األقل االختصاصات‬
‫ذات الصلة بالميدان‪.‬‬

‫‪ -‬المحامين المعتمدين لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة‪ ،‬الذين مارسوا فعليا لمدة ‪ 10‬سنوات‬
‫على األقل بهذه الصفة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل القضائية لحماية الحقوق والحريات‬

‫الفرع األول‪ :‬دعوى اإللغاء‪ :‬فقد عرف الفقيه الفرنسي (دي لوبادير) ‪ A.Delaubadere‬دعوى‬
‫اإللغاء أو دعوى تجاوز السلطة بأنها طعن قضاء يرمي إلى إبطال قرار إداري غير مشروع من‬
‫‪1‬‬
‫طرف القاضي اإلداري‪.‬‬

‫وأسباب اإللغاء (أوجه اإللغاء) نص عليها المشرع الجزائري‬

‫أوال‪ :‬أهمية دعوى اإللغاء‪ :‬تعد دعوى اإللغاء من أهم الدعاوى اإلدارية وأكثرها فاعلية وحدة‬
‫نظ ار لدورها في حماية فكرة الدولة القانونية ومبدأ المشروعية‪ ،‬وتأكيد حماية حقوق وحريات‬
‫اإلنسان في الدولة المعاصرة‪ ،‬ذلك أنها تعد األداة أو الوسيلة القانونية والقضائية الحيوية‬
‫والفعالة لتحريك وتطبيق عملية الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة العامة‪ ،‬حيث تؤدي هذه‬

‫د‪.‬عمار بوضياف‪ ،‬دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدتية واإلدارية‪ ،‬دراسة تشريعية وقضائية وفقهية جسور للنشر‬ ‫‪1‬‬

‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪2009.46 ،‬‬


‫‪66‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫الدعوى إلى القضاء على األعمال غير المشروعة بصفة نهائية‪ ،‬وهدم آثارها القانونية بأثر‬
‫رجعي‪.1‬‬

‫األصل أن كل قرار إداري "نهائي" يمكن طلب إلغائه بدعوى اإللغاء‪ .‬على أن هذه‬
‫القاعدة تحد من ناحيتين‪ :‬األولى أن ثمة ق اررات إدارية يستثنيها المشرع من قابلية الطعن‬
‫لإللغاء ورغم كونها ق اررات إدارية نهائية‪ ،‬ونعني بذلك طائفة أعمال السيادة أو الحكومة‬
‫والق اررات التي تصدر قوانين خاصة بحرمان األفراد من حق الطعن فيها أمام القضاء‪.‬‬
‫والناحية الثانية‪ ،‬أن هناك ق اررات إدارية بطبيعتها ال يمكن قبول الدعوى بطلبها‪.2‬‬
‫أوجه اإللغاء‪ :‬مختلف العيوب التي قد تصيب القرار اإلداري‬
‫‪ ‬عيب عدم اإلختصاص‬
‫‪ ‬مخالفة الدستور أو القوانين أو األنظمة أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها‪.‬‬
‫‪ ‬إقتران القرار أو إجراءات إصداره بعيب في الشكل‪.‬‬
‫‪ ‬إساءة إستعمال السلطة‪.‬‬
‫‪ ‬عيب السبب‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط دعوى اإللغاء‬

‫يقصد بشروط قبول دعوى اإللغاء تلك الشروط التي يجب أن تتوفر قبل رفعها حتى‬
‫يستطيع القضاء أن ينظر في موضوع الدعوى و مخاصمة القرار اإلداري‪ ،‬ذلك ألن‬
‫عدم توافر هذه الشروط كلها أو بعضها يؤدي إلى عدم قبول الدعوى دون فحص‬

‫عراب ثاني نجية‪" ،‬الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة كضمانة لحماية الحقوق والحريات العامة"‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‬ ‫‪1‬‬

‫واإلدارية‪ ،‬مكتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2005 ،4‬‬


‫د‪.‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،1996 ،‬ص‪326/325‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪67‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫موضوعها‪ ،‬أي دون بحث محور النزاع المتمثل في فحص مشروعية أو عدم‬
‫‪1‬‬
‫مشروعية القرار اإلداري موضوع الطعن‪.‬‬

‫ورجوعا إلى األحكام الواردة في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية نجده قد تضمن‬
‫مجموعة شروط وجب توفرها لرفع دعوى اإللغاء‪ .2‬و يمكن تصنيف هذه الشروط‬
‫إلى‪:‬‬

‫‪ ‬شروط تتعلق بالقرار اإلداري محل دعوى اإللغاء‬


‫‪ ‬شروط تتعلق بمصلحة رافع الدعوى‬
‫‪ ‬شروط تتعلق بميعاد رفع الدعوى‪ ،‬أي ميعاد الطعن باإللغاء‬
‫‪ ‬شروط تتعلق بصفة رافع الدعوى‬

‫إعترف المشرع لمجلس الدولة بموجب الماد ‪ 09‬من القانون العضوي ‪01-98‬‬
‫بالنظر في المنازعات المتعلقة بالق اررات اإلدارية‪ ،‬إال أنه لم يقدم تعريفا للقرار‬
‫اإلداري‪ ،‬إذ نجد أن القرار اإلداري وجد تعريفات عديدة منها العميد هوريو حيث يرى‬
‫بأن القرار اإلداري هو إعالن لإلدارة بقصد إحداث أثر قانوني إزاء األفراد يصدر‬
‫عن سلطة إدارية في صورة تنفيذية أو صورة تؤدي إلى التنفيذ المباشر‪.‬‬

‫وعرفه الفقه العربي من بينهم الدكتور فؤاد مهنا القرار اإلداري عمل قانوني من جانب واحد‬
‫يصدر بإرادة أحد السلطات اإلدارية في الدولة و يحدث آثا ار قانونية بإنشاء وضع قانوني جديد‬
‫‪3‬‬
‫أو تعديل أو إلغاء وضع قانوني قائم‬

‫عمر محمد الشوبكي‪ :‬القضاء اإلداري‪ ،‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪ ،‬ط‪، 1‬عمان‪.2001 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عمر محمد الشوبكي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪189‬‬ ‫‪2‬‬

‫بوضياف عمار‪ :‬دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬جسور للنشر و التوزيع‪ ،‬ط‪، 1‬الجزائر‪،2009 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪70.69‬‬
‫‪68‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫بإعتبار شرط المصلحة شرط من شروط دعوى اإللغاء إال أن هذا الشرط أثار خالفا كبيرا‪ ،‬فأراد‬
‫الكثير من الفقهاء الوقوف عند هذا الشرط و إبراز مدى خصوصيته تتمي از عن شرط المصلحة‬
‫في الخصومة المدنية و التجارية‪ ،‬فإنطالقا من أن دعوى اإللغاء دعوى عينية الغرض منها‬
‫حماية مبدأ المشروعية و سيادة القانون‪ ،‬و وسيلة للرقابة على أعمال اإلدارة أكثر من كونها‬
‫وسيلة لدفع اإلعتداء عن حق شخصي أو مركز فردي‪ ،‬فإن شرط المصلحة فيها له طبيعة‬
‫خاصة‪ ،‬فيكفي لقبول دعوى اإللغاء وجود مصلحة يمسها القرار اإلداري المطلوب إلغاؤه‪ ،‬و إن‬
‫لم يكن يستتبع ذلك حتما السعي إلقتضاء حق إعتدى عليه أو كان مهددا باإلعتداء‪.1‬‬

‫لقيام المصلحة في دعوى اإللغاء‪ ،‬يجب أن يكون الفرد في حالة قانونية خاصة يؤثر فيها القرار‬
‫المراد إلغاؤه تأثي ار مباشرا‪ ،‬و تتمثل مصلحة األفراد عادة في توخي الضرر الذي يصيبهم من‬
‫القرار‪.2‬‬

‫بغض النظر عن الخالف الفقهي حول عالقة شرط الصفة بشرط المصلحة‪ ،‬إال أن اإلتجاه‬
‫السائد فقها و قضاءا يذهب إلى إندماج مدلول الصفة في شرط المصلحة في نطاق دعوى‬
‫اإللغاء‪ ،‬بحيث تتوافر الصفة كلما وجدت مصلحة شخصية مباشرة لرافع الدعوى‪ ،3‬و يقصد‬
‫بالصفة في التقاضي أن يكون المدعى في وضعية مالئمة لمباشرة لمباشرة الدعوى أي أن يكون‬
‫في مركز قانوني سليم يخول له التوجه للقضاء‪ ،‬و لقد عرفها البعض بأنها هي الوضعية التي‬
‫يحتج بها المدعى للقيام بدعاوى و التي تأثرت سلبا بالقرار المطعون فيه أمام قاضي اإللغاء‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دعوى التعويض ودعوى اإلستعجالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬دعوى التعويض‪ :‬يمكن تعريف دعوى التعويض بأنها الدعوى القضائية الذاتية التي‬
‫يحركها ويرفعها أصحاب الصفة والمصلحة أمام الجهات القضائية المختصة‪ ،‬وطبقا للشكليات‬
‫واإلجراءات المقررة قانونا‪ ،‬للمطالبة بالتعويض الكامل والعادل الالزم لألضرار التي أصابت‬

‫‪.‬ماجد راغب الحلو‪ :‬القضاء اإلداري‪ ،‬مبدأ المشروعية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ .2002 ،‬ص‪328‬‬ ‫‪1‬‬

‫علي محمد الصغير‪ :‬الوجيز في المنازعات اإلدارية‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ .2005‬ص‪159‬‬ ‫‪2‬‬

‫بوضياف عمار‪:‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪85‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫حقوقهم بفعل النشاط اإلداري الضار‪ ،‬وذلك وفقا للمواد ‪ 800‬و ‪ 801‬قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية الجديد ‪ 09-08‬مؤرخ في ‪ 23‬فيفري ‪.12008‬‬

‫إن دعوى التعويض عبارة عن دعوى يقيمها المتضرر لجبر الضرر الذي وقع عليه نتيجة‬
‫اإلعتداء على حقه وهي اهم دعاويى القضاء الكامل التي يتمتع بها القاضي الغداري لسلطات‬
‫كبيرة وتهدف إلى المطالبة بالتعويض عن الق اررات والغجراءات المعينة‪.‬‬

‫‪ .1‬أهمية دعوى القضاء الكامل (دعوى التعويض)‪ :‬تعد دعوى التعويض اإلدارية من‬
‫أهم الدعاوى اإلدارية نظ ار لقيمتها العملية والتطبيقية‪ ،‬وهي وسيلة قضائية فعالة‬
‫لحماية الحقوق والحريات الفردية والدفاع عنها في مواجهة أنشطة اإلدارة العامة‬
‫غير المشروعة‪ ،‬والضارة بمصالح األفراد‪ .‬وبعكس دعوى اإللغاء فإن دعوى‬
‫التعويض ذاتية وشخصية‪ ،‬ومن دعاوى القضاء الكامل‪ ،‬ودعاوی الحقوق‪ ،‬ألنها‬
‫تهدف إلى جبر األضرار المادية والمعنوية التي مست بحقوق شخصية للحصول‬
‫على تعويض‪.2‬‬
‫ومن الممكن أن يكون التعويض عينا كأن يلزم المدين بإزالة المخالفة لشروط‬
‫العقد ويكون التعويض عادة نقديا ويحصل عليه الشخص المتضرر‬
‫ويكون التعويض عينا كأن يلزم المدين بإزالة المخالفة فيتم تعويضه باإلضافة‬
‫إلى األرباح التي كان من الممكن أن يكون إكتسبها‪.‬‬
‫إن مفهوم دعوى التعويض يعني المطالبة لدى الجهات القضائية بالتعويض‬
‫عن الضرر سواء كان ضر ار ماديا أو معنويا‪ ،‬وبالتالي فإن رفع دعوى‬

‫أ‪.‬عوابدي عمار‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫طبعة‪.2002‬‬
‫أ‪.‬عراب ثاني نجية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.148‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫التعويض أمام القضاء يستلزم شروط معينة حتى تكون قانونية وحتى اليتم‬
‫ردها ومن هده الشروط‪:‬‬
‫‪ ‬أن تكون لمن يقيم الدعوى مصلحة في ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬أال تكتسب الدعوى حجية األمر المقضي‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون النزاع قائما‪.‬‬
‫‪ ‬التقيد بالميعاد المحدد لرفع الدعوى‪.‬‬
‫‪ .2‬شروط دعوى التعويض‬

‫يحيط النظام القانوني دعوى التعويض‪ ،‬بمجموعة من الشروط لقبولها كأنها شأن كل‬
‫الدعاوى القضائية اإلدارية منها أساسا شرط القرار السابق‪.‬‬

‫و يقصد بشرط القرار السابق‪ ،‬قيام الشخص المضرور بإستصدار قرار إداري‪ ،‬و‬
‫ذلك عن طريق إستشارة السلطات اإلدارية المختصة بواسطة تقديم شكوى أو تظلم‬
‫إداري يطالب فيها بالتعويض عن ما لحقه من ضرر‪ ،‬و يكون رد السلطة اإلدارية‬
‫المختصة‪ ،‬صاحبة النشاط الضار أو السلطة التي تعلوها حسب الحالة‪ ،1‬بمثابة قرار‬
‫إداري يحول الحقا الحق في اللجوء إلى القضاء بدعوى تعويض للمنازعة في وجود‬
‫التعويض نفسه إذا كان قرار اإلدارة بالرفض‪ ،‬أو قيمته إذا كان بالموافقة‪.‬‬

‫و هذا الشرط في أصله يستمد وجوده‪ 2‬من نظرية الوزير القاضي التي تنظر‬
‫بمقتضاه اإلدارة بالنظر و الفصل في المنازعات التي تقوم بينها و بين األفراد‪ ،‬و‬
‫يكون رفع التظلم أمام الوزير المختص هو الدرجة النهائية لحل هذا النزاع إداريا‬
‫يستند إلى عدة مبررات منطقية منها القرار اإلداري هو األساس األصلي إلختصاص‬

‫‪.‬عوابدي عمار‪ :‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .1995‬ص‪588‬‬
‫عوابدي عمار‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.577‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫القضاء اإلداري بالمنازعات اإلدارية‪ 1‬و هذه هي القراءة التي يحملها نص المادة‬
‫‪ 169‬مكرر من قانون اإلجراءات المدنية السابق‪ ،‬كما أنه ال يصح عمليا مقاضاة‬
‫اإلدارة العامة ما لم يكن موقفها من موضوع النزاع محددا و واضحا‪ ،‬إذ قد يسمح‬
‫القرار السابق بتجنب المنازعة القضائية من األساس‪ .‬و ينصب شرط القرار السابق‬
‫على األعمال اإلدارية المادية و ليس على الق اررات‪ ،2‬فال فائدة من تطبيقها على‬
‫الق اررات اإلدارية ما دام الهدف منها هو إستصدار قرار قرار غير موجود‪ ،‬و في‬
‫حالة الق اررات اإلدارية تنتفي الغاية من تطبيقه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدعوى اإلستعجالية‪ :‬تقضي القواعد العامة بأن القرار اإلداري يكون قابل للتنفيذ بمجرد‬
‫إستكمال عناصر التكوين وشروط نفاذه وال يتوقف تنفيذه إال بنص خاص وبذلك تستطيع اإلدارة‬
‫أن تلزم األفراد بإرادتها المنفردة في ما تتخذه من ق اررات إدارية رغم الطعن بها أمام القضاء‬
‫اإلداري ذلك ألن اإلدارة عادة ما تلزم الصالح العام وتعمل على حفظ األمن ودوام سير المرافق‬
‫العامة بإنتظام‪.3‬‬

‫فلو كان الطعم بق ارراتها أمام القضاء يوقف تنفيذها لترتب على ذلك إتاحة الفرصة أمام األفراد‬
‫لإلشراف في رفع دعوى اإللغاء وألدى ذلك إلى تعطيل مصالح الدولة وهيئتها المختلفة‪.‬‬

‫وبذلك يصاب المجتمع بعنت إذا ما شلت هذه المرافق أو توقفت عن أداء رسالتها في تقديم‬
‫خدماتها الجوهرية إال أن هناك حاالت أخرى يؤدي تنفيذ القرار اإلداري حيالها إلى حدوث نتائج‬
‫ال يحمد عقباها وال يمكن تداركها عند الحكم بإلغاء القرار وألجل هذا منح المشرع األفراد الحق‬
‫في طلب وقف التنفيذ للقرار اإلداري بشروط معينه‪.‬‬

‫إذا كان إختصاص القضاء اإلداري بمنازعات العقود اإلدارية شامال لكل ما يتعلق بتكوين العقد‬
‫أو تنفيذه أوانهائه فإنه يمتد أيضا ليشمل الطلبات المستعجلة بمنازعاته و كذا كل ما يتفرع‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.580‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.580‬‬ ‫‪2‬‬

‫دراسات‪ ،‬علوم الشريعة والقانون‪ ،‬المجلد ‪ ،43‬العدد‪2016 ،1‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫عنها‪ ،‬و ال بد أن نشير هنا أن الطلبات اإلستعجالية ال نقصد بها وقف التنفيذ المرتبطة بدعوى‬
‫اإللغاء‪ ،‬و إنما هي طلبات متصلة بالعقد‪ ،‬إذ يمكن للقاضي في حالة توفر عنصر اإلستعجال‪،‬‬
‫أن يقضي بإتخاذ كل اإلجراءات التحفظية نظ ار ألن المسألة ال تتحمل التأخير و يستلزمها دفع‬
‫ضرر محدق أو نتائج يتعذر إستدراكها‪.1‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‬

‫سليماني السعيد ‪ :‬دور القاضي اإلداري في معالجة منازعات عقود اإلدارة ‪ ،‬كلية الحقوق بجامعة جيجل‪2010 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬

‫من خالل ماسبق يمكن أن نلخص إلى حماية حقوق اإلنسان والحريات الشخصية والسياسية‬
‫واإلجتماعية واإلقتصادية واإلهتمام بوصفه إنسان صاحب حق مادي تعد من أساسيات النظام‬
‫القانوني وتعد حماية الحقوق والحريات الفردية كذلك ضرورة تستلزم وجود إحتمالية للسلطة‬
‫القضائية وكذا يحدد القانون حقوق األفراد وحرياتهم كما يبين الواجبات التي يلتزمون بها إتجاه‬
‫المجتمع‪ ،‬والتقاضي على درجتين دوره في حماية الحقوق والحريات الفردية وهو مايعرف‬
‫بالمسؤولية أو الوجه اآلخر للحرية التي يعبر عنها بالقيود المردودة على ممارسة اإلنسان‬
‫لحرياته وحقوقه‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪75‬‬
‫الخاتمة‬

‫خاتمة‬
‫بعد أن تمت دراسة موضوع مبدأ التقاضي على درجتين و تبيان دوره في الحفاظ على حقوق و‬
‫حريات األفراد‪ ،‬حيث يكون تفعيل مبدأ التقاضي على درجتين في المنازعات اإلدارية ويتضح ذلك‬
‫في هيئة قضائية أعلى للنظر في الحكم الصادر في أول درجة‪ ،‬وبما أن النظام القضائي الجزائري‬
‫فإن ذلك يقتضي تكريس مبدأ التقاضي على درجتين في كل من القضاء العادي واإلداري‪ ،‬فهدا‬
‫المبدأ يعد من أحد المبادئ العامة لتنظيم القضائي الذي نصت عليه المادة ‪ 171‬من الدستور‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫وكدا نصت المادة ‪ 06‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬فهو وسيلة لتحقيق محاكمة عادلة‬
‫وضمانة لحماية حقوق المتقاضين‪.‬‬

‫تم تكريس مبدا التقاضي على درجتين في المادة اإلدارية في الجزائر بموجب نص المادة ‪06‬‬
‫منه‪ ،‬فإستندت من محاكم اإلدارية إختصاصات ذات طابع قضائي بإعتبارها صاحبة الوالية للنظر‬
‫والفصل في المنازعات اإلدارية‪.‬‬

‫وقد تم التوصل إلى مجموعة من نتائج أهمها ‪:‬‬

‫‪ 1‬عدم إمكانية قبول أي طلب جديد أمام هيئة االستئناف ولم يسبق له عرضه أمام المحكمة‬
‫اإلدارية يحرم الطرف من الدعوى درجة من درجات التقاضي‪ ،‬إذ كان عليه تقديم الطلب أمام‬
‫الدرجة األولى‪ ،‬ال أمام درجة االستئناف‪.‬‬

‫‪ -2‬إن مبدأ التقاضي اإلداري على درجتين يفرض عدم قبول مشاركة القاضي في هيئة الحكم‬
‫الدرجة الثانية وقد سبق له المشاركة في هيئة الحكم في المحكمة االبتدائية كدرجة أولى للحكم‬
‫حيث اعتبر مشاركة القاضي في هيئتي الحكم األولى و الثانية مساس صارخ بالنظام العام ‪-3.‬‬
‫إن تخويل و منح مجلس الدولة اختصاص النظر و الفصل في بعض المنازعات ذات صيغة‬
‫إدارية بصفة ابتدائية و نهائية على أساس أنها صادرة عن حالة إدارية ذات أهمية و التمييز‬
‫مابين ما هو مركزي و غير مركزي فيه مساس بمبدأ التقاضي على درجتين‪.‬‬

‫‪ -4‬مبدأ التقاضي على درجتين وتحقيق العبء على مجلس الدولة لقيام بوظيفته األصلية وهي‬
‫دراسة الطعون بالنقض‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -5‬المشرع لم يقرر طريقا واحدا لتصحيح الخطأ وانما قرر طريقا ثانيا وهو الطعن بالنقض الذي‬
‫يعالج مخالفات الحقيقة القانونية وخطا القاضي في القانون‬

‫اقتراحات‪:‬‬

‫‪ -1‬انشاء محاكم ادارية استئنافية من اجل التخفيف من صالحيات مجلس الدولة‬

‫‪ -2‬تكوين قضاة مختصين في القضايا االدارية من اجل االهتمام االمثل ال جل حماية اكثر‬
‫لحقوق المتقاضين ضد مؤسسات الدولة‪.‬‬

‫‪ -3‬انشاء اقطاب متخصصة من اجل دراسة بعض القضايا المركزية مثل ما هو معمول به في‬
‫االقطاب الجزائية‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ق ائمة المراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫أ‪ -‬قائمة المصادر‬

‫أوال ‪ :‬القرآن الكريم‬

‫‪ .1‬سورة األنبياء اآلية ‪.78‬‬


‫‪ .2‬سورة االسراء اآلية ‪.23‬‬
‫‪ .3‬سورة االسراء اآلية ‪.04‬‬
‫‪ .4‬سورة الحجر اآلية ‪.66‬‬

‫ثانيا ‪ :‬السنة النبوية‬

‫‪ .5‬محمد بن إسماعيل البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ج ‪ ،8‬دار ابن كثير‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪2018،‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الدستور‬

‫‪ .6‬دستور ‪ 2020‬الصادر بموجب مرسوم رئاسي رقم ‪ 438-96‬مؤرخ ‪ 7‬ديسمبر‬


‫‪2020‬‬
‫‪ .7‬تعديل دستور المصادق عليه في ‪ 28‬موفمبر ‪2020‬‬

‫رابعا ‪ :‬القوانين العادية‬

‫‪ .8‬القانون ‪ ،02-98‬المؤرخ في ‪ 30‬ماي ‪ 1998‬من قانون إجراءات المدنية واإلدارية‬


‫‪ .9‬قانون ‪ 02-98‬المؤرخ في ‪ 30‬ماي ‪ 1998‬المتعلق بالمحاكم اإلدارية‬
‫‪ .10‬القانون العضوي ‪ 11-05‬المؤرخ في ‪ 17‬يوليو ‪ 2005‬المتعلق بالتنظيم القضائي‬
‫‪ .11‬قانون رقم ‪ 08-09‬المؤرخ في ‪ 25/02/2008‬يتضمن قانون إجراءات المدنية‬
‫‪ .12‬قانون ‪ 08-09‬المؤرخ في ‪ 25/02/2008‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬
‫‪ .13‬األمر ‪ 54-66‬المؤرخ في ‪ ،1966/06/08‬يتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬
‫المعدل والمتمم ج ر عدد ‪ 47‬صادرة في ‪1996/06/09‬‬
‫‪79‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪ .14‬االمر ‪ 154-66‬المؤرخ في ‪ 30‬ماي ‪ 1966‬يتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬
‫المعدل والمتمم ج ر عدد ‪ ،47‬صادر ‪1966/06/09‬‬
‫‪ .15‬المرسوم التشريعي لقانون ‪ 389‬في ‪ 04‬ماي ‪2000‬‬
‫‪ .16‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية المادة ‪ 06‬منه‬
‫‪ .17‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية المادة ‪ 33‬منه‬
‫‪ .18‬القانون ‪ /31‬ديسمبر ‪1985‬‬
‫‪ .19‬واإلدارية ج ر عدد ‪ 21‬صادرة في ‪2008/04/23‬‬
‫‪ .20‬واإلدارية ج ر عدد ‪ 21‬صادر في ‪2008/04/23‬‬
‫ب‪ -‬قائمة المراجع‬

‫أوال ‪ :‬الكتب المتخصصة‬

‫‪ .21‬أحمد هندي‪ ،‬مبدا التقاضي على درجتين (دراسو مقارنة)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫مصر‪.2009،‬‬
‫‪ .22‬أحمد هندي‪ ،‬مبدا التقاضي على درجتين‪ ،‬حدوده وتطبيقه في القانون المصري‬
‫والفرنسي (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار النهضة العربية ‪1991،‬‬
‫‪ .23‬احمد نهدي‪ ،‬مبدأ التقاضي على درجتين حدوده وتطبيقه في القانون المصري‬
‫والفرنسي (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار نهضة العربية ‪1991،‬‬
‫‪ .24‬آمال الف ازيري‪ ،‬ضمانات التقاضي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلسكندرية‪1990،‬‬
‫‪ .25‬بوصيدة‪ ،‬ف‪ ،)2009( .‬مبدأ التقاضي على درجتين‪ ،‬الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة ‪20‬أوت ‪ -1995‬سكيكدة‪ -‬ملحقة عزابة‬
‫‪ .26‬عمر محمد الشوبكي‪ :‬القضاء اإلداري‪ ،‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪ ،‬ط‪1‬‬
‫‪،‬عمان‪.2001 ،‬‬

‫‪80‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪ .27‬بوضياف عمار‪ :‬دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬جسور‬
‫للنشر و التوزيع‪ ،‬ط‪، 1‬الجزائر‪،2009 ،‬‬
‫‪ .28‬سليماني السعيد ‪ :‬دور القاضي اإلداري في معالجة منازعات عقود اإلدارة ‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق بجامعة جيجل‪2010،‬‬
‫‪ .29‬أ‪.‬كاوه ياسين سليم‪. :‬دور القضاء اإلداري في حماية الحقوق والحريات العامة‬
‫دراسة مقارنة‪،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪2016‬‬
‫‪ .30‬د‪.‬محمد الغزالي‪ :‬حقوق اإلنسان بين تعاليم اإلسالم واعالن األمم المتحدة‪ ،‬دار‬
‫الهناء للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬برج الكيفان الجزائر‬
‫‪ .31‬يحياوي نورة‪ ،‬بن علي‪ ،‬حماية حقوق اإلنسان في القانون الدولي ولبقانون‬
‫الداخلي‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بوزريعة الجزائر‬
‫‪ .32‬موالي ملياني بغدادي‪ ،‬حقوق اإلنسان في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬نشر وتوزيع قصر‬
‫الكتاب‪ ،‬البليدة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الكتب العامة‬

‫‪ .33‬محمود السيد التحيوي‪ ،‬الطعن في االحكام القضائية‪،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‬


‫‪2003،‬‬
‫‪ .34‬أبو بكر البيهقي‪ ،‬محمد عبد القادر عطا‪ ،‬السنن الكبرى‪ ،‬ج ‪،10‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬لبنان‪2003،‬‬

‫‪ .35‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬تحقيق أحمد البردوني إبراهيم أطفيش‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫دارالكتب المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪1964 ،‬‬
‫‪ .36‬محمد الزحيلي‪ ،‬التنظيم القضائي في الفقه اإلسالمي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫سوريا‪،‬الطبعة الثانية‪.2002،‬‬
‫‪ .37‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬مصر‪.1988،‬‬
‫‪81‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪ .38‬عمار بوضياف ‪ ،‬القضاء االداري في الجزائر ‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ ،‬ط‪.2008‬‬
‫‪ .39‬ذ الرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬تحقيق يوسف الشيخ محمد‪ ،‬الكتبة‪ ،‬العصرية‪ ،‬الدار‬
‫النموذجية‪1995،‬‬
‫‪ .40‬ملح عواد‪ ،‬القضاة أصول المحاكمات المدينة والتنظيم القضائي‪ ،‬د ار الثقافة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪2004 ،‬‬
‫‪ .41‬عمار بوضياف‪ ،‬النظام القضائي الجزائري‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ريحانة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪2003 ،‬‬
‫‪ .42‬مفلح عواد القضاة‪ ،‬أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي‪ ،‬د ار الثقافة‬
‫لنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪2004،‬‬
‫‪ .43‬أسامة علي مصطفى الفيرالربابعة‪ ،‬أصول محاكمات الشرعية الجزائية‪ ،‬دار‬
‫النفائس للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،2005 ،‬‬
‫‪ .44‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المحاكم اإلدارية العرف اإلداري‪ ،‬دار العلوم‪ ،‬عنابة‪،‬‬
‫‪2007‬‬
‫‪ .45‬خيري أحمد الكباش‪ ،‬الحماية الجنائية لحقوق االنسان‪ ،‬مصر‪ ،‬دار‬
‫الجامعية‪2002،‬‬
‫‪ .46‬إسماعيل نامق حسني‪ ،‬العدالة وأثرها في القاعدة القانونية‪ ،‬دار الكتب القانونية‪،‬‬
‫مصر‪2011،‬‬
‫‪ .47‬رمسيس بنهام‪ ،‬النظرية العامة للقانون الجنائي‪ ،‬منشاة المعارف االسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪1995 .‬‬
‫‪ .48‬أحمد حافظ نجم‪ ،‬حقوق اإلنسان بين القرآن واإلعالن‪ ،‬دار الفكر العربي القاهرة‬

‫ثالثا ‪ :‬المذكرات‬

‫‪82‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪ .47‬محمد األمين عبعوب‪،‬التقاضي على درجتين في القضاءاإلداري‪ ،‬مذكرة ماستر‪،‬‬
‫حقوق‪2014/2013 ،‬‬
‫‪ .48‬حول أهمية اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومدى تأثيره على المستويين‬
‫الوطني والدولي‪ .‬انظر‪ :‬مصطفى عبد الغفار‪ ،‬ضمانات حقوق اإلنسان على‬
‫المستوى اإلقليمي‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬سلسلة أطروحات جامعية (‪ ،)3‬مركز القاهرة‬
‫لدراسات حقوق اإلنسان ‪.2000‬‬
‫‪ .49‬عبد الرزاق المختار‪ ،‬التقاضي على درجتين في النزاع اإلداري التونسي‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة تونس المنار‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫بتونس‪2005-2004 ،‬‬

‫رابعا ‪ :‬المقاالت العلمية‬

‫‪ .50‬دراسات‪ ،‬علوم الشريعة والقانون‪ ،‬المجلد ‪ ،43‬العدد‪2016 ،1‬‬

‫خامسا ‪ :‬المواقع اإللكترونية‬

‫‪51. Hrlibrary . umn.edu/arab/a003.htm‬‬

‫سادسا ‪ :‬المراجع باللغة األجنبية‬

‫‪52. Reméchampus.droit du contentieux administratif fditions‬‬


‫‪Montchrestien, 09edition.2001.‬‬
‫‪53. AbdelazizM.Abdelhady, le droit à l’environnement en droit‬‬
‫‪interne et international, journal of Lawacademicpublication‬‬
‫‪council, Kuwait uneversety, n°1.2 , year.17, March-June‬‬
‫‪1993‬‬

‫‪83‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪84‬‬
‫فهرس المحتويات‬
‫فهرس المحتويات‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬
‫شكر وعرفان‬
‫إهداء‬
‫قائمة المختصرات‬
‫أ‪-‬د‬ ‫المقدمة‬
‫الفصل األول ‪ :‬اإلطار المفاهيمي لمبدأ التقتضي على درجتين‬
‫‪06‬‬ ‫تمهيد‬
‫‪06‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬النشأة التاريخية لمبدأ التقاضي على درجتين‬
‫‪06‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مبدأ التقاضي في النظام القضائي اإلسالمي والفرنسي‬
‫‪07‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬النظام القضائي اإلسالمي‬
‫‪09‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬النظام القضائي الفرنسي‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ التقاضي على درجتين في الجزائر والسند القانوني للمبدأ‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مبدأ التقاضي على درجتين في الجزائر‬
‫‪12‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬السند القانوني لمبدأ التقاضي على درجتين في الجزائر‬
‫‪14‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬ماهية مبدأ التقاضي ومبرراته‬
‫‪14‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم مبدأ التقاضي ومضمونه‬
‫‪14‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف مبدأ التقاضي على درجتين‬
‫‪18‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مضمون مبدأ التقاضي على درجتين‬
‫‪23‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية مبدأ التقاضي ومبرراته‬
‫‪23‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬أهمية مبدأ التقاضي على درجتين‬
‫‪25‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مبررات مبدأ التقاضي‬
‫‪28‬‬ ‫خالصة الفصل‪:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية‬
‫‪30‬‬ ‫تمهيد‬

‫‪86‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪31‬‬ ‫المبحث االول‪ :‬مفهوم الحقوق والحريات الفردية‬


‫‪31‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف الحقوق والحريات الفردية في المواثيق الدولية‬
‫‪31‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬ميثاق األمم المتحدة واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬
‫‪33‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬أهم اإلتفاقيات الدولية‬
‫‪46‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مضمون الحقوق والحريات المكرسة في الوثيقة الدستورية‬
‫لسنة‪2020‬‬
‫‪48‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الحقوق المدنية والسياسية‬
‫‪54‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‬
‫‪56‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬حقوق التضامن‬
‫‪59‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬دور التقاضي في الحفاظ على الحقوق والحريات‬
‫‪59‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬ضمانات مبدأ التقاضي على درجتين‬
‫‪60‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مبدأ إستقاللية القضاء‬
‫‪61‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬ضمانات إستقاللية القضاء‬
‫‪65‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل القضائية لحماية الحقوق والحريات‬
‫‪65‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬دعوى اإللغاء‬
‫‪68‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬دعوى التعويض ودعوى اإلستعجالية‬
‫‪73‬‬ ‫خالصة الفصل‬
‫‪75‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪79‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪89‬‬ ‫فهرس المحتويات‬
‫‪88‬‬ ‫الملخص‬

‫‪87‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

:‫ملخص‬
‫لقد أخذت العديد من األنظمة القانونية المعاصرة بمبدأ التقاضي على درجتين وهو ما سمح‬
‫بإعادة عرض النزاع الذي فصلت فيه محاكم اإلدارية أمام مجلس الدولة ليقول فيه كلمته بحكم‬
‫ ومن فوائد هذا المبدأ انه يقوم بوظيفة وقائية ألنه يحث قاضي‬،‫جديد يحل محل الحكم السابق‬
.‫المحكمة اإلدارية عل بذل مزيد من العناية والحرص لكيال يكون حكمه عرضة للنقض والرد‬

‫والوظيفة الثانية عالجية بحيث يتمثل في العيوب واألخطاء التي تشوب أحكام محاكم أو لدرجة‬
.‫والتي ترفع إلى مجلس الدولة ألنه عادة ما يتكون من قضاة أكثر عددا و أكثر خبرة‬

‫ التقاضي اإلداري على درجتين; لحقوق؛ الحريات‬:‫الكلمات الدالة‬

Summary:

Many contemporary legal systems have adopted the principle of two-


degree administrative adjudication, which allowed the dispute that was
settled by administrative courts before the Council of State to re-plead
its case in a new ruling that replaces the previous one. Among the
benefits of this principle is that it performs a preventive function
because it urges the judge of the Administrative Court to exert more
care and due diligence so that his judgment is not subject to cassation
and restitution.

The second function is remedial, whereby defects and errors in the


verdicts of courts of first instance which are submitted to the State
Council are eliminated because it usually consists of more numerous
and more experienced judges. Key words: two-degree
administrative adjudication »Rights; Freedoms

88

You might also like