You are on page 1of 67

‫جامعة زيان عاشور – الجلفة‪-‬‬

‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‬


‫قسم الحقوق‬

‫ماستر (‪)20‬‬
‫تخصص ‪ :‬قانون عقاري‬

‫مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة ماستر تخصص قانون عقاري بعنوان ‪:‬‬

‫المركز القانون للخبير العقاري‬

‫إشراف األستاذ ‪:‬‬ ‫من إعداد‬


‫محديد حميد‬ ‫قمان مختار‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫‪ ..................‬رئيسا‬ ‫‪ -‬األستاذ ‪:‬‬
‫‪ -‬األستاذ ‪ :‬محديد حميد ‪ ................‬مشرفا مقر ار‬
‫‪ .............‬عضوا مناقشا‬ ‫‪ -‬األستاذ‪:‬‬

‫السنة الجامعية ‪4102/4102‬‬


‫شكر و تقدير‬
‫امحلد هلل اذلي بنعمته تمت الصاحلات‪ ،‬امحلد هلل محدا كثريا مباراك‪ ،‬امحلد هلل و الشكر هلل كام ينبغي جلالل‬
‫وهجه و عظمي سلطانه عدد خلقه و رضاء نفسه و زنة عرشه و مداد لكامته‪ ،‬و امحلد هلل و الشكر هلل اذلي‬
‫خلق الكون فنظمه ومن خلق الإنسان و كرمه‪ ،‬وس بحانه ما أعىل ماكنه و عظمته وصىل هللا عىل س يدان‬
‫محمد و أكرمه‪ ،‬وعىل أهل و أحصابه أمجعني اإىل يوم ادلين‪.‬‬
‫نتوجه ابلشكر اجلزيل اإىل من مل يبخل علينا بنصاحئه و توجهياته الس تاذ‪ " :‬حمديد محيد "‬
‫واىل لك من قام بتحفزيان ونظر الينا بنظرة اجيابية‪ ،‬ولك من قام بتعل مينا من املدرسة اىل اجلامعة‪ ،‬كام ل‬
‫ننىس "الس تاذ‪ :‬ضيفي النعاس" ابلشكر اخلاص‪.‬‬
‫و ل أنىس ابلشكر اإىل كبري اخلرباء العقاريني يف اجلزائر " اخلبري شال ي أمحمد‬
‫كام نقوم بشكر لك من ي متىن اخلري للجميع خاصة الطلبة‪.‬‬
‫كام ل يفوتنا أن نتقدم جبزيل الشكر اإىل مجيع أساتذة وعامل لكية احلقوق و العلوم الس ياس ية‪.‬‬
‫و اإىل لك من ساعداان من قريب أو من بعيد عىل اإجناز هذا العمل املتواضع‪.‬‬
‫اإهداء‬
‫أهدي مثرة هذا العمل املتواضع اإىل من قال فهيام‬
‫هللا عز و جل"‪...‬و ابلوادلين اإحساان ‪"...‬‬
‫اإىل من رضا هللا من رضاها‪ ،‬اإىل من اجلنة حتت أقداهما محلتين وهنا عىل وهن و علمتين التواضع‪ ،‬اإىل من‬
‫ملكت أنفايس و اإحسايس و احتوت عقيل و أفاكري ‪ ،‬اإىل املربية الفاضةل و الشمس الوضاءة اليت أانرت‬
‫أيم الغالية‬ ‫ ي دروب النجاح يف احلياة‪.‬‬
‫اإىل من غرس يف ماكرم الخالق وحتمل لجيل املشاق ‪،‬اإىل النجم الساري يف سام أفقي ‪ ،‬اإىل الغا ي اذلي‬
‫سكن يف أعاميق اإىل منبع اخلري ادلافق ‪ ،‬اإىل من علمين معىن احلياة اإىل من ل اس تطيع رد فضهل طوال حيايت‪.‬‬
‫أيب العزيز‬
‫اإىل عائةل مقان صغريا و كبريا من وصلهم وصهل هللا و من قطعهم قطعه هللا‪،‬‬
‫و اىل زوجيت الغالية و عائةل شال ي‬
‫اإىل لك عائةل محمدي و عائةل عالوي حامت‬
‫اإىل الصدقاء"بلقامس‪ ،‬الطيب و جعال‬
‫اىل لك عامل املؤسسة العمومية الاستشفائية ابجللفة‬
‫اإىل من وسعهم قليب و مل تسعهم مذكريت و مل يكتهبم قلمي‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‬

‫إذا كان الهدف األسمى للجوء إلى القضاء من طرف المواطنين هو تحقيق العدالة‬
‫واستعادة الحقوق ‪،‬فإن القاضي وحده ال يمكنه ذلك بمفرده خاصة إذا كان النزاع يشوبه‬
‫اللبس والغموض وعدم اإللمام بكل جوانب الموضوع خاصة إذا تعلق النزاع بوقائع لها‬
‫طابع علمي أو فني يصعب على القاضي فهمه ليس بسبب نقص الذكاء أو الخبرة أو‬
‫اإلدراك ‪،‬بل أن تكوين القاضي في حد ذاته وخبرته القانونية ال تتيحان له إدراك أمور‬
‫لها أهلها من التقنيين والمتخصصين ‪،‬هؤالء منحهم المشرع إمكانية المساهمة في حل‬
‫النزاعات وذلك باستعانة القضاء بهم فهم من مساعدي القضاء و يسمون الخبراء‬
‫القضائيون‪.‬‬

‫تعد الخبرة من أهم وسائل التحقيق سواء في القضاء أو في مجاالت أخرى كالتأمين‬
‫والطب و غيرهما وموضوعنا يدور حول الخبرة القضائية كوسيلة من وسائل التحقيق‬
‫بالنسبة للقاضي اإلداري‪.‬إن منازعات القضاء اإلداري وان كانت لها خصوصياتها‬
‫المتعلقة بطبيعة النزاعات و االختصاص القضائي إال أنه بالنسبة للخبرة القضائية‬
‫أوردها المشرع الجزائري في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ضمن األحكام‬
‫المشتركة ‪،‬سواء من حيث أسباب اللجوء إليها وأنواعها والتخصصات التي تفرضها‬
‫طبيعة النزاع ‪،‬وكذا إجراءاتها و حجيتها وآثارها تكاد تكون واحدة بالنسبة للقضاء ين‬
‫العادي واإلداري‪.‬‬

‫و قد تناولنا بعض المواد‪ 1‬التي تضمنها قانون اإلجراءات المدنية القديم و مستحدثا‬
‫لبعض المواد الجديدة والبحث في موضع الخبرة هو محاولة أمام ضخامة النصوص‬
‫في هذا التقنين العمالق ‪،‬للمساهمة ولو بجزء بسيط في دراسة بعض أحكامه التي‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬انظر‌المواد‌من‪‌521‬إلى‌‪‌،511‬من‌قانون‌اإلرجرااا ‌المدنة ‌واإلدارة ‌‪‌80-80‬المؤرخ‌في‌‪‌،2880/82/21‬المتعلق‌بمهن ‌الخبةر ‌‬
‫‌أ‬
‫مقدمة‬

‫تتطلب مشاركة جميع المختصين لتسهيل تطبيقه ميدانيا نظ ار لصعوبة المادة و قلة‬
‫الفقه فيها في بالدنا‪.‬‬

‫و ان مهنة الخبرة من اهم المهن و اخطرها فالخبير هو عون القاضي يضع تحت‬
‫تصرفه معارفه وتجاربه ويكشف له ما خفى او اشكل من االمور وينير ويهيئ له‬
‫الطريق للفصل في النزاع المعروض عليه على اساس سليم ولما كانت االمور التي‬
‫تطلب االستعانة بأهل الخبرة قد تشعبت واتسع نطاقها باتساع ميادين الحياة وازدياد‬
‫مجاالت العمل فقد اقتضى ذلك وضع قانون ينظم هذه المهنة ويكفل حسن اختيار‬
‫الخبراء‪.‬‬

‫يعتبر الخبير من مساعدي القضاء ويمارسون مهامهم وفق الشروط المنصوص عليها‬
‫في هذا القانون وفي النصوص الصادرة تطبيقا له‪ ،‬الخبير هو المختص الذي يتولى‬
‫بتكليف من المحكمة التحقيق في نقط تقنية وفنية‪ ،‬ويمنع عليه أن يبدي أي رأي في‬
‫الجوانب القانونية‪،‬‬

‫يمكن للمحاكم أن تستعين بآراء الخبراء على سبيل االستئناس دون أن تكون ملزمة لها‬

‫اإلشكالية‬

‫ما هو المركز القانوني للخبير العقاري ؟ و ما هي االجراءات المتبعة لمهنة الخبير ؟‬

‫األسئلة الفرعية ‪:‬‬

‫‪ ‬ما هي األحكام أو القواعد العامة التي تحكم بمهنة الخبير العقاري ؟‬

‫‪ ‬ما هي شروط بمهنة الخبير العقاري ؟‬

‫‪ ‬ما مدى تعلق ذلك بمهنة الخبير العقاري و أركانها ؟‬

‫‌ب‬
‫مقدمة‬

‫‪ ‬فيما يتجلى نطاق أو مجال ممارسة بمهنة الخبير العقاري ؟‬

‫‪ ‬ما هي النتيجة المتوخاة منها ؟‬

‫‪ ‬ما القواعد التي تحكمها ؟‬

‫‪ ‬و ماهي االجراءات الجزائية و العقوبات التي تترتب على مهنة الخبير العقاري؟‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬

‫هناك عدة أسباب ذاتية وموضوعية‪ ،‬جعلتنا نتناول هذا الموضوع بالدراسة أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬خلفية اهتماماتنا بالمواضيع المتعلقة بالخبير العقاري‬

‫‪ -‬رغبتنا في التعرف على الخبير والقاء الضوء على المشاكل التي يتسبب فيها‪.‬‬

‫أهمية وأهداف البحث‪:‬‬

‫نظ اًر للتحديات التي يواجهها موضوع الخبير ‪ ،‬والتي أفرزتها التحوالت ‪ ،‬التي‬
‫تتطلب منها التطوير والتجديد‪ ،‬حيث أن االهتمام وتطوير أساليب والقوانين – في رأينا‬
‫– يعد أحد متطلبات عملية الموضوع ‪ ،‬ولعل من أكثر التي هي في حاجة ماسة إلى‬
‫هذا التطوير مهنة الخبير‪.‬‬

‫ونظ اًر لألهمية الحالية للمواضيع المرتبطة بمهنة الخبير العقاري ‪ ،‬إضافة إلى قلة‬
‫الدراسات – حسب إطالعنا – التي تناولت بمهنة الخبير العقاري التي تعاني منها‬
‫بعض الدول وآثارها‪ ،‬وربطها باتجاهات نحو العمل‪ ،‬فإننا رأينا أن هذا الموضوع جدير‬
‫بالد ارسة والبحث الذي نهدف من خالله إلى‪:‬‬

‫‪ -‬جمع األفكار والمعلومات النظرية وضبط المفاهيم المتعلقة بمهنة الخبير‬


‫العقاري ‪ ،‬وتقديمها بأسلوب علمي منهجي متناسق‪.‬‬

‫‌ج‬
‫مقدمة‬

‫‪ -‬التعرف على إجراءات بمهنة الخبير العقاري‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد دعائم بمهنة الخبير العقاري‪.‬‬

‫منهج البحث‪:‬‬

‫لإلجابة عن اإلشكالية المطروحة‪ ،‬والتأكد من صحة الفرضيات المقترحة فإننا‬


‫نعتمد المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬آلنه يناسب طبيعة موضوع الدراسة‪ ،‬فهذا المنهج‬
‫يمكن من التعرف عليها ووصف خصائصها‪ ،‬وتحديد عالقاتها بالمتغيرات المحيطة‬
‫بها‪ ،‬كما يساعد على تجميع الحقائق وتبويبها وتحليلها‪.‬‬

‫و يستعان عند اعتماد هذا المنهج بأساليب التحليل اإلحصائي ويتم جمع‬
‫المعلومات من خالل المراجع المختلفة‪ ،‬وعدة أساليب لجمع المعلومات هي‪ :‬المالحظة‬
‫المباشرة‪ ،‬والمقابلة الشخصية‪ ،‬واجراء‪.‬‬

‫خطة الدراسة ‪:‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه و الفصل الثاني ‪ :‬مسؤولية‬
‫الخبير العقاري‪.‬‬

‫‌د‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫‌‬
‫‌‬
‫‌‬
‫‌‬
‫‌‬
‫‌‬
‫‌‬
‫‌‬

‫الفصل األول ‪:‬‬

‫ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫‪1‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫الخبير العقاري مهمته األساسية تقدير قيمة األمالك العقارية محل االعتبار – هذه القيمة‬
‫و يتعامل الخبير العقارى مع جهات عديدة مثل‬ ‫قد يكون الحافز لتقديرها أسباب عديدة‬
‫القضاء و المحاكم أو مؤسسات حكومية أو شركات أو وسطاء عقاريين – و المعتاد‬
‫اللجوء إلى خبير العقاري و الذى يجب ان يكون القته الوحيدة بالعقار هو التقييم فقط دون‬
‫أى عالقة أخرى ‪.‬‬

‫و لهذا قسمنا هذا الفصل الى مبحثين ‪ :‬حيث تطرقنا في المحث األول إلى مفهوم الخبير‬
‫العقاري ‪،‬و اما في المبحث الثاني الى مهام الخبير العقاري و مجاالته‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الخبير العقاري‬

‫قد يكون القاضي المختص هو القاضي المدي أو القاضي الجنائي أو القاضي اإلداري‬
‫بجب األحوال‪ ،‬فاختيار اإلج ارء المناسب يعود بالدرجة األولى إلى الطرف الذي يلجأ إلي‬
‫القضاء ( المدعي أو الشاكي )‪.‬‬

‫فصاحب الملكية العقارية التي تنزع منه اإلدارة ملكيته من أجل المنفعة العامة وال يرض‬
‫بالتعويض الذي تقترحه عليه تلك اإلدارة يمكنه أن يرفع دعواه أمام القضاء اإلداري الذي‬
‫يعين خبي ار لتقدير التعويض المستحق‪ .‬و إذا كان الضرر ناتجا عن جناية أو جنحة أو‬
‫مخالفة‪ ،‬يمكن للمضرور أن يلجأ إل القاضي الج ازئي عن طريق تقدم شكوى أو إدعاء‬
‫مدني و يطلب تعين خبير لفحصه و تقدير األض ارر الالحقة به‪.‬‬

‫و لهذا قسمنا بحثنا هذا إلى مطلبين ‪ :‬حيث تطرقنا في المطلب األول إلى مفهوم الخبير‬
‫العقاري و مركزه القانوني في الدعوى و اما في المطلب الثاني فتطرقنا إلى المعايير‬
‫المعتمدة قضائيا في تعيين الخبير العقاري‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم الخبير العقاري و مركزه القانوني في الدعوى‬

‫ان دور خبير العقاري تضع مسئولية أخالقية على كل من يمارسها ‪ .‬هذه االشتراطات‬
‫تبدأ بقاعدة أخالق المهنة و التى توضح متطلبات االحترام و الحياد و الموضوعية و‬
‫الرأي المستقل و السلوك األخالقي إضافة إلى ذلك تحتوى هذه االشتراطات قاعدة الكفاءة‬
‫و لهذا تطرقنا في هذا المطلب إلى تعريف الخبير العقاري ‪.‬‬

‫تعريف الخبير‬

‫لقد أوجد الفقه عدة تعريفات للخبير فمنهم من عرفه على أنه شخص توافرت لديه معرفة‬
‫علمية وفنية لتخصصه في مادة معينة‪ ،‬تستعين به السلطة القضائية لمساعدتها في تقدير‬
‫المسائل الفنية إستكماال لنقص معلومات القاضي في هذه النواحي لمساعدته له في‬
‫إكتشاف الحقيقة وتحقيقا لهذا الغرض ال يكفي المعرفة النظرية للخبير بل يجب أن تتوافر‬
‫له القدرة على تطبيق تلك القواعد النظرية على الحاالت الواقعية وال يتحقق هذا إال‬
‫بالخبرات العلمية‪ 1‬كما يعرف الخبير على أنه شخص له دراية خاصة بمسألة من المسائل‬
‫فيلجأ إلى الخبرة كلما قامت في الدعوى مسائل تتطلب لحلها معلومات خاصة ال يأنس‬
‫‪2‬‬
‫القاضي من نفسه الكفاية العلمية أو الفنية لها‪.‬‬

‫وعليه فإن الخبير يمتاز بخاصيتين األولى أن مهمته فنية لكونها تفترض إستعانة الخبير‬
‫بمعلومات علمية وفنية والثانية ذات طابع قضائي فهو مساعد للقاضي يقدم له معونته في‬
‫ناحية فنية ال إختصاص فيها للقاضي‪.‬‬

‫‪ ‌-‬عثمان‌آمال‌عبد‌الرحةم‌‪،‬الخبرة‌في‌المسائل‌الرجنائة ‌‪‌،‬دار‌النهض ‌العربة ‌القاهرة‌‪‌،‬طبع ‌‪‌،‌5‬سن ‌‪‌،‌5091‬ص‌‪‌ 288‬‬


‫‪1‬‬

‫‪‌-‬والئي‌بغدادي‌‪‌،‬الخبرة‌القضائة ‌في‌المواد‌المدنة ‪‌،‬مطبع ‌دحلب‪‌،‬الرجزائر‪‌،5002،‬ص‌‪‌ 50‬‬


‫‪2‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬المعايير المعتمدة قضائيا في تعيين الخبير العقاري‬

‫األصل أن القاضي الذي ينظر في موضوع النزاع هو الذي يأمر بالتحقيق أو الخبرة ‪،‬‬
‫فالقاضي الذي يعرض عليه النزاع هو الذي يأمر بالتحقيق أو بالخبرة متى تبين له أن‬
‫‪1‬‬
‫ذلك ضروري لتوضيح عناصر الدعوى و تكوين الراي القضائي بشأنها‬

‫هذه القاعدة معتمدة من المادتين ‪ 42‬و‪ 52‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ‪ ،‬و‬
‫أيضا من المادة ‪ 041‬من نفس القانون التي تجيز للقاضي أن يأمر من تلقاء نفسه أو‬
‫بناء على طلب أحد الخصوم بتعين خبير أو عدة خبراء من نفس التخصص أو من‬
‫تخصصات مختلفة‪.‬‬

‫و نفس القاضي يكون مختصا كذلك بالنظر في طلبات رد الخبير‪ ،‬إذا توفرت شروط الرد‬
‫‪،‬أو استبداله بغيره إذا تعذر عليه إنجاز المهمة المسندة إليه أو رفض إنجازها و يتم‬
‫‪2‬‬
‫االستبدال بموجب أمر على عريضة‬

‫الفرع األول ‪ :‬تعيين الخبير بأمر إستعجالي‬

‫قد يكون هذا االمر اإلستعجالي صادر عن قاضي اإلستعجال أو عن قاضي الموضوع‬

‫أوال ‪ :‬تعيين الخبير بأمر إستعجالي صادر عن قاضي اإلستعجال‬

‫من أهم حاالته ما يعرف ي القضاء الفرنسي باالستعجال االحتياطي أو الوقائي‪ ،‬و يكون‬
‫الهدف منه اتخاذ إجارء إحتياطي قبل ظهور الخطر‪ ،‬ويتعلق األمر عادة بالمشاكل‬
‫الخاصة التي يطرحها البناء في المناطق العمرانية‪ ،‬ال سيما ما يترتب عليها من أخطار‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬نصر‌الدةن‌هنوني‌و‌نعةم ‌تراعي‪‌،‬الخبرة‌القضائة ‌في‌مرجال‌المتازعا ‌القضائة ‌‪‌،‬دار‌هوم ‌‪‌،2882‌،‬ص‌‪‌ 20‬‬
‫‪2‬‬
‫‪‌-‬عثمان‌آمال‌عبد‌الرحةم‪‌،‬المررجع‌السابق‪‌،‬ص‌‪‌ 19‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫على العمارات والسكنات المجاورة و الغاية من اإلستعجال هي تعيين خبير لتحديد‬


‫احتماالت الخطر ‪.‬‬

‫و هناك حاالت أخرى أوردها المشرع الجزائري في نصوص خاصة مثل‪:‬‬

‫‪ .0‬ما نصت عليه المادة ‪ 092/4‬من القانون التجاري عندما يكون النزاع قائما بين‬
‫المؤجر و المستأجر من أجل إنهاء عالقة اإليجار التجاري‪ ،‬فإذا طالب المستأجر‬
‫بتعويض االستحقاق‪ ،‬جاز للطرف الذي يهمه التعجيل أن يرفع دعواه أمام رئيس‬
‫المحكمة الناظرة في القضايا المستعجلة ليأمر بإج ارء الخبرة الالزمة‪.‬‬

‫و قد نصت المحكمة العليا بضرورة التقيد بهذه القاعدة‪ ،‬إذ أكدت بأن اإلختصاص‬
‫في المنازعات المتعلقة باإلج ارءات التجارية يكون لجهة القضاء العادي‪ ،‬إال في‬
‫حالة ن ازع يحصر في مبلغ التعويض بعد اإلتفاق حول اإلخالء‪ ،‬فيجوز االلتجاء‬
‫‪1‬‬
‫إلي القضاء المستعجل‬

‫‪ .4‬ما نصت عليه المادة ‪ 092‬من نفس القانون في حالة اإليجارات التجارية أيضا‬
‫إذا وافق المستأجر على تجديد اإليجار وكان الخالف ينحصر في تحديد بدل‬
‫اإليجار أو المدة أو الشروط الالحقة أو بمجموع هذه العناصر ‪ ،‬إذ يمكن للطرفين‬
‫أو أحدهما أن يرفع دعوى إستعجالية أمام رئيس المحكمة المختصة التي يكون‬
‫موقع العمارة تابعا لها من أجل تعيين خبير يكلف بمهمة البحث عن كل عناصر‬
‫التقدير التي من شأنها أن تحدد بإنصاف شروط اإليجار الجديد‪ .‬و قد كرست‬
‫المحكمة العليا هذه القاعدة أيضا في تطبيقاتها‪ ،‬إذ اعتبرت الدعوى الي رفعها‬
‫المؤجر ضد المستأجر لم ارجعة بدل اإليجار أمام رئيس المحكمة المختص الذي‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬قرار‌المحكم ‌العلةا‌‪‌،‬الغرف ‌الترجارة ‌و‌الحرة ‪‌،‬بتارةخ‌‪‌5000/80/81‬ملف‌رقم‌‪‌،‌11550‬المرجل ‌القضائة ‌‪‌،5008‬عدد‌‪‌ 551‌،1‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫على خبي ار لتحديد بدل اإليجار طبقا لما هو مقرر في قضايا األمور المستعجلة‪،‬‬
‫يعد ق ار ار صائبا فيما قضى به‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تعيين الخبير بأمر إستعجالي صادر عن قاضي الموضوع‬

‫إن قاضي شؤون األسرة؛ مث ال يمكنه أن يمارس الصالحيات المخولة لقاضي اإلستعجال‬
‫‪ ،‬و له في هذا الصدد أن بصدر أم ار استعجاليا من أجل تعيين خبير محلي إذا كان‬
‫الن ازع المعروض عليه يتطلب ذلك‪ ،‬كأن يأمر بإج ارء فحص طبي أو نفساني أو عقلي‬
‫للقاصر إذا كانت الدعوى المرفوعة أمامه تهدف إلى إنهاء ممارسة الوالية على القاصر‬

‫و يصدر القاضي هذا األمر إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الوالدين أو ممثل‬
‫النيابة العامة‪.‬‬

‫و تجدر المالحظة في هذا الصدد أن طلب إنهاء ممارسة الوالية على القاصر أو سحبها‬
‫المؤقت يقدم إلي قاضى شؤون األسرة بدعوى استعجالية يرفعها أحد الوالدين أو ممثل‬
‫النيابة العامة طبقا للمادة ‪ 224‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬

‫غير أن طلب التحقيق أو الفحص الطبي ال يمكن تقديمه من طرف كل من يهمه األمر‪،‬‬
‫فالمادة ‪ 224‬السالف ذكرها تخول ذلك ألحد الوالدين أو ممثل النيابة العامة فقط‪.‬‬

‫و عندما يكون الطلب يهدف إلى تعديل أمر سابق له عالقة بممارسة الوالية أو بالحضانة‬
‫فيمكن تقديمه حق من طرف القاصر نفسه إذا كان ممي از‪،1‬و هذا يشكل خروجا على‬
‫قاعدة أساسية من القواعد الي تقوم عليها الدعوى القضائية و تتوقف عليها صحة‬
‫إجراءاتها‪ ،‬و هي القاعدة المتعلقة باألهلية ‪٠‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌198‬الفقرتةن‌‪‌0‬و‌‪‌1‬من‌قانون‌اإلرجرااا ‌المدنة ‌و‌اإلدارة ‌ ‌‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫فطبقا للمادة ‪ 12‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية تعتبر األهلية لدى جميع أط ارف‬
‫الدعوى شرطا لصحة إجراءات الدعوى‪ ،‬و تخلفها يرتب بطالن تلك اإلجراءات‪ ،‬و األهلية‬
‫المقصودة هي أهلية التقاضي‪ ،‬أي بلوغ الشخص سن تسعة عشر سنة كاملة طبقا للمادة‬
‫‪ 21‬من القانون المدني‪ ،‬غير أن الدعوى الهادفة إل تعديل أمر سابق متعلق بالوالية أو‬
‫بالحضانة يمكن أن يقدمها القاصر بنفسه إذا كان قد بلغ سن التمييز و هي ثالثة عشر‬
‫سنة طبقا للمادة ‪ 24‬فقرة ‪ 4‬من القانون المدني‪.‬‬

‫و يمكن لقاضي شؤون األسرة أيضا أن يصدر أم ار استعجاليا يقضي بإج ارء خبرة طبية‬
‫لفحص و تحديد الحالة الصحية للشخص الم ارد الحجر عليه و تتعين مقدم لرعاية شؤونه‪،‬‬
‫و يمكنه أن يقرر إج ارء الخبرة المذكورة حتى بأمر والئي‪ ،1‬كما يمكن لنفس القاضي أن‬
‫يصدر أم ار بإج ارء أي تحقيق أو تدبير يراه مفيدا للتأكد من قدرة الكافل على رعاية‬
‫‪2‬‬
‫المكفول‬

‫و يستطيع قاضي القسم التجاري من جهته أن يتخذ عن طريق اإلستعجال ما ي اره من‬
‫‪3‬‬
‫إجراءات مؤقتة أو تحفظية للحفاظ على الحقوق المتنازع عليها‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعيين الخبير بأمر على عريضة‬

‫تجيز المادة ‪ 55‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية للقاضي أن يأمر بأي إج ارء من‬
‫إجراءات التحقيق بناء على طلب كل ذي مصلحة حق قبل مباشرة الدعوى متى توفر‬
‫لذلك سبب مشروع و كان الهدف هو إقامة الدليل واالحتفاظ به إلثبات الوقائع التي قد‬
‫تحدد مآل النزاع مستقبال ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المادة‌‪‌109‬من‌قانون‌اإلرجرااا ‌المدنة ‌و‌اإلدارة ‌تنص‪‌(:‌:‬ةمكن‌للقاضي‌تلقي‌آراا‌أعضاا‌العائل ‌قبل‌الفصل‌في‌الطلب‌المقدم‌إلةه‪‌،‬و‌‬
‫ةمكنه‌قبل‌اتخاذ‌القرار‌أن‌ةأمر‌بخبرة‌طبة ‌لتحدةد‌الحال ‌الصحة ‌للمعنى‌و‌ذلك‌بأمر‌والئي)‪‌ .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌101‬من‌نفس‌القانون ‌‬
‫‪3‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌109‬من‌نفس‌القانون ‌‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫و يأمر القاضي باإلجراء المطلوب بموجب أمر على عريضة أو بأمر إستعجالي‪ ،‬كما‬
‫يمكنه أن يأمر بعدة إجراءات للتحقيق في أن واحد أو بشكل متتال‪ ،1‬و في الدعاوى‬
‫الهادفة إلى تعين مقدم‪ ،‬تجيز المادة ‪ 221‬فقرة ‪ 4‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‬
‫لقاضي شؤون األسرة أن يعين خبي ار طبيا بأمر والئي لتحديد الحالة الصحية للمعني كما‬
‫سلفت ذكره ‪٠‬‬

‫كما يمكن للقاضي المكلف بالقسم العقاري أن يتخذ أي تدبير مستعجل بموجب أمر على‬
‫عريضة أو بأمر والئي في الحاالت التي ال تتطلب المناقشة أو الوجاهية أو في الحاالت‬
‫المنصوص عليها قانونا‪ ،2‬كأن يعين خبي ار أثناء سير إجراءات الدعوى إلج ارء معاينة أو‬
‫إلثبات مسألة فنية ال يمكن للمحضر القضائي القيام بها أو إج ارء تحاليل مخبرية تفيد في‬
‫تكوين الرأي القضائي فيما يخص المسألة المتنازع عليها‬

‫و إذا تطلب األمر استبدال الخبير في جميع الحاالت السالف ذكرها‪ ،‬فإن ذلك يتم بأمر‬
‫على عريضة يصدره القاضي الذي عين الخبير‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌20‬من‌قانون‌اإلرجرااا ‌المدنة ‌و‌اإلدارة ‌ ‌‬
‫‪2‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌102‬من‌نفس‌القانون‌ ‌‬
‫‪3‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌502‬من‌نفس‌القانون ‌‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مهام الخبير العقاري و مجاالته‬

‫إن تحديد مهمة الخبير في أغلب التشريعات يتم عن طريق حكم قضاتي فالقاضي الذي‬
‫يعين الخبير هو الذي بحدد في حكمه مضمون المهمة التي يكلفه بها وكذا جميع‬
‫العناصر المكونة لهذه المهمة و المدة التي يجبب إنجازها فيها‪.‬‬

‫و لهذا قسمنا هذا المبحث إلى ما يلي ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬مهام الخبير العقاري‬

‫عندما يحدد الخبير مهامه و يرسم المجال الذي تنصب عليه و المدة المحددة إلنجازها و‬
‫إلى الضوابط التي يتقيد بها يتطرق إلى مجموعة من مهام و الضوابط و لهذا قسمنا هذا‬
‫المطلب إلى ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬الضوابط التي تحكم سلطة القاضي في تحديد مهمة الخبير‬

‫تستوجب المادة ‪ 801‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية أن يتضمن الحكم أو القرار‬
‫الذي يأمر بإجراء الخبرة ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬عرض األسباب التي بررت اللجوء إل الخبرة‪ ،‬و عند االقتضاء تبرير تعين عدة‬
‫خبراء ‪.‬‬
‫‪ ‬بيان إسم وعنوان الخبير أو الخبراء المعينين مع تحديد التخصص‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد مهمة الخبير تحديدا دقيقا‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد آجال إيداع تقرير الخبرة بأمانة الضبط‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫و بعض التشريعات األخرى تلزم القاضي فضال عن ذكر العناصر االلفة ذكرها أن يبرر‬
‫سبب إلتجائه للخبرة بصفة خاصة بدال من االعتماد على اإلجراءات األخرى مثل المعاينة‬
‫‪1‬‬
‫أو اإلشارة‬

‫و وجوب ذكر العناصر السالف ذكرها في الحكم اآلمر بالخبرة يهدف إلى توجيه القاضي‬
‫للتقيد بالمادة ‪ 042‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية التي تجعل االلتجاء للخبراء‬
‫يكون فقط من أجل توضيح واقعة مادية تقنية أو علمية‪ ،‬و إذا كان أحد األطراف هو‬
‫الذي طلب الخبرة‪ ،‬فيجب عليه أن يبرر سبب طلبه لها‪.‬‬

‫و إذا لم يحدد القاضي بدقة عناصر المهمة التي يكلف نها الخبير و أعطاه مهمة عامة‬
‫فإن ذلك يكون بمثابة تفويض للمسلة‪ ،‬وهو غير جائز‪ .‬كما ال يجوز للقاضي أن يكلف‬
‫الخبير بمهمة القيام بتحريات عامة‪ ،‬بل بحب أن تكون المهمة محددة بصفة واضحة و‬
‫دقيقة‬

‫غير أنه في بعض القضايا تكون مهمة الخبير تتمثل في معاينة األض ارر و تقدير حجمها‬
‫و اقتراح الحلول الالزمة إلصالحها‪ ،‬و هذا النوع من المهام له طابع عام و في هذا‬
‫المجال يتعين الوقوف عند مسألتين هامتين‪ ،‬األول تتعلق بمدى إمكانية تعديل القاضي‬
‫لمهمة الخبير أثناء إنجازها‪ ،‬و الثانية تتعلق بمدى إمكانية تكليف الخبير بإج ارء الصلح‬
‫بين األط ارق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌290‬من‌قانون‌اإلرجرااا ‌المدنة ‌الفرنسي‌ ‌‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إمكانية تعديل مهمة الخبير أثناء إنجازها‬

‫الجزئري لم ينص بشكل مباشر على هذه اإلمكانية ال في قانون اإلجراءات‬


‫ا‬ ‫إن المشرع‬
‫المدنية القديم و ال في قانون اإلجراءات المدنية و االدارية الجديد ‪،‬لكن من الناحية‬
‫العملية ال يوجد ما يمنع القاضي من ذلك ‪.‬‬

‫فهذا األخير يبقى دائما هو المشرف على إجراءات الخبرة إلى غاية نهايتها‪ ،‬و في هذا‬
‫اإلطار له أن يستبدل الخبير بموجب أمر على عريضة إذا رفض هذا األخير إنجاز‬
‫المهمة المسندة إليه أو تعذر عليه ذلك‪ ،‬كما له أن يحكم على الخبير الذي يقبل المهمة‬
‫ثم ال يقوم نها أو ال يودع تقريره في األجل المحدد مما تسبب فيه من مصاريف وحق‬
‫بالتعويضات المدنية إن اقتضى األمر ذلك‪ ،‬فضال عن استبداله‪.1‬‬

‫و للقاضي أيضا أن يتدخل للنظر في جميع اإلشكاالت التي تعترض الخبير أثناء تنفيذ‬
‫مهمته و الفصل فيها‪ ،‬و له أن يأمر بإتخاذ أي إج ارء يراه ضروريا‪ . 2‬و في هذا المجال‬
‫يمكن للقاضي توسيع و تمديد مهمة الخبير أو تقليصها سواء بناء على طلب الخبير أو‬
‫من تلقاء نفسه‪ ،‬وقد يتدخل القاضي لمساعدة الخبير على االستعانة بمترجم إذا تطلبت‬
‫‪3‬‬
‫إجراءات الخبرة ترجمة بعض الوثائق والمسندات‬

‫و الوسيلة المثلى الي يعتمدها القاضي في هذا المجال هي األوامر الوالئية ابتي يصدرها‬
‫و لو من تلقاء نفسه‪ ،‬كما له أن يتدخل عن طريق األوامر على الع ارئض إذا كان تدخله‬
‫بناء على طلب الخبير أو أحد األطراف ‪ .‬و من جهة أخرى‪ ،‬إذا رأى القاضي أن‬
‫العناصر التي بنى عليها الخبير تقريره غير وافية‪ ،‬فالمادة ‪ 020‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية و اإلدارية تجيز له أن يتخذ جيع اإلجراءات الالزمة‪ ،‬كأن يأمر باستكمال التحقيق‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌502‬من‌قانون‌اإلرجرااا ‌المدنة ‌و‌اإلدارة ‌‬
‫‪2‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌509‬من‌نفس‌القانون ‌‬
‫‪3‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌501‬من‌نفس‌القانون ‌‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫حول مسائل معينة أو بتوسيع مهمة الخبير لتشمل بعض النقاط التي لم تكن مدرجة في‬
‫مهمته األصلية‪ ،‬كما له أن يأمر بحضور الخبير أمامه لتوضيح بعض عناصر الخبرة أو‬
‫إعطاء بعض التوضيحات و المعلومات الضرورية أو للرد على بعض االستفسارات التي‬
‫يطلبها منه القاضي أو األطراف‪ ،‬و هذه اإلجراءات يقوم بها القاضي قبل إصدار حكمه‬
‫في موضوع الخبرة‪ ،‬ذلك أن مهمة الخبير ال تنتهي بمجرد إيداع تقريره بأمانة الضبط‪ ،‬بل‬
‫تستمر إلى غاية اتخاذ القاضي ق ارره النهائي بخصوص نتائج الخبرة‪ .‬و في هذا الحال‬
‫استقر اجتهاد محكمة النقض الفرنسية منذ أكثر من خمسة عقود على أن القاضي بعد‬
‫إصداره لحكمه بتعين خبير‪ ،‬يمكنه أن يتدخل في أي وقت أثناء سير إجراءات الخبرة و‬
‫يقرر تعديل المهمة التي أمر بها‪ ،‬سواء بتمديدها و توسيعها أو بتقليصها‪ ،‬يشرط أن‬
‫‪1‬‬
‫يعطي التسبب الالزم لق ارره‬

‫و الحكم الذي أمر بالخبرة ال يلزم القاضي‪ ،‬فهذا األخير يمكنه أن يفصل في الن ازع بشكل‬
‫مغاير لرأي الخبير و مغاير حق للمهام المحددة له أصال يشرط أن يعطي التسبيب‬
‫الكافي لحكمه‬

‫لكن القاضي ال يمكنه أن يفصل في النزاع قبل انتهاء الخبير من مهامه ‪ ،‬كما ال يمكنه‬
‫تجاهل الخبرة و عدم مناقشتها‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬عدم جواز تكليف الخبير بإجراء الصلح بين األطراف‬

‫درج العمل القضائي في الجزائر على تضمين الحكم القاضي بإج ارء خبرة تكليفا للخبير‬
‫بمحاولة تحقيق الصلح بين األطراف إن أمكن ذلك‪ ،‬و أن ال يشرع في إنجاز مهامه‬
‫المتعلقة بالخبرة إال بعد فشل‪-‬محاولة الصلح‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬محكم ‌النقض‌الفرنسة ‌‪‌،‬قرار‌مدني‌بتارةخ‌‪‌،‌5011/1/50‬دالوز‌الدوري‪‌،5011‌،‬ص‌‪‌ 10‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫و هذا التقليد ليس له أساس تشريعي‪ ،‬بل هر إج ارء أوجدته و كرمته التطبيقات القضائية‬
‫في فرنسا منذ القدم‪ ،‬و سار عليه القضاء الجزائري منذ االستقالل و في غياب نص قانوي‬
‫يقضي يمثل هذا التوجه‪ ،‬فقد انتقده بعض الفقهاء الذين رءوا فيه تفويضا حقيقيا‬
‫‪1‬‬
‫للصالحيات من القاضي للخبير‬

‫و مع ذلك‪ ،‬فقد رأت محكمة النقض الفرنسية بأن تكليف الخبير بمهمة تحقيق الصلح بين‬
‫األطراف هو إج ارء عادي و ال يتضمن أي تفويض لسلطة من جانب القاضي‬

‫غير أن البحث بشكل دائم على الصلح جعل الخبراء يعتبرون ذلك مهمتهم االساسية ‪،‬ما‬
‫أدى في كثير من األحيان إلى تأخير عمليات الخبرة دون الوصول إلى نتيجة فيما يخص‬
‫المصالحة‪.‬‬

‫و هو ما جعل المشرع الفرنسي في قانون اإلجراءات المدنية الجديد يمنع ص ارحة القاضي‬
‫من تكليف الخبير بمهمة مصالحة األطراف‬

‫و هذه القاعدة المستحدثة تنسجم مع نص المادة ‪ 40‬من نفس القانون التي تجعل تحقيق‬
‫الصلح من مهام القاضي‪ ،‬الذي يمكنه القيام بذلك خالل مراحل الدعوى‪ .‬أما في الجزائر‪،‬‬
‫فال يوجد أي نص‪ ،‬سواء في قانون اإلجراءات المدنية القديم أو في قانون اإلجراءات‬
‫المدنية و االدارية الجديد يسمح للقاضي بأن يكلف الخبير بمهمة تحقيق الصلح بين‬
‫األطراف‪ ،‬لكن ال يوجد أيضا أي نص يمنع ذلك‪.‬‬

‫و قد بقي العمل القضائي شبه مستقر على إعطاء المهمة المذكورة للخبراء كمجرد تقليد‬
‫معهود‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬محكم ‌النفض‌الفرنسة ‌‪‌،‬قرار‌إرجماعي‌بتارةخ‌‪‌،5090‌،5090/2/50‬ص‌‪‌ 20‬‬
‫‪2‬‬
‫‪‌-‬امةل‌أنطوان‌دةرانةن‌الخبرة‌القضائة ‌‪‌،‬المنشورا ‌الحقوقة ‌‪‌،‬بةرو ‪‌،5022‌،‬ص‌‪‌ 01‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫غير أن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية الجديد نص على الصلح كإجراء مستقل‬
‫إلنهاء الخصومة في المواد من ‪ 991‬إلى ‪ ، 994‬و أجاز فيها للخصوم التصالح تلقائيا‬
‫أو بسعي من القاضي في جميع مراحل الخصومة‪ ،‬و القاضي هو الذي يختار المكان و‬
‫النهاز المناسبين إلجراء الصلح‬

‫و المالحظ أن هذه النصوص الجديدة تكرس دور القاضي في تحقيق الصلح‪ ،‬و ال تشير‬
‫إلى إمكانية تكليف الخبير بذلك‪.‬‬

‫أما في القانون المدني فيهتم المشرع أكثر من خالل المواد ‪ 229‬و ما يليها بإدارة‬
‫األطراف في تحقيق الصلح إلنهاء تنازعاهم‪ ،‬أو إتقاء نزاعات محتملة‪ .‬غير أن الخبير‬
‫حتى و إن لم يكلفه القاضي بإج ارء الصلح‪ ،‬فإنه أثناء قيامه بأعمال الخبرة يمكنه أن‬
‫يشرح لألطراف قيمة ومدى أهمية المسائل التي يتمسكون بها (أي ادعاءاتهم) من الناحية‬
‫التقنية أو العلمية‪ ،‬و هو ما قد يساعدهم على فهم أكثر لتلك المسائل الخالفية‪ ،‬و قد‬
‫يؤدي بهم ذلك إلى التصالح‪.‬‬

‫و في هذه الحالة يكون الصلح بمبادرة من األطراف و ليس باقتراح من الخبير‪ ،‬و عندما‬
‫يالحظ هذا األخير أن مهمته أصبحت بدون موضوع بسبب تصالح الخصوم‪،‬؛يتعين عليه‬
‫عندئذ إخبار القاضي بذلك بموجب تقرير بعد أن يتأكد مما إذا كان صلح األطراف يشمل‬
‫‪1‬‬
‫مع النقاط المحددة في المهمة الموكولة إليه‬

‫و قد صاغ المشرع الجزائري هذه القاعدة في المادة ‪ 024‬من قانون اإلجراءات المدنية و‬
‫اإلدارية الجديد‪ ،‬الي جاء نصها كما يلي‪ (( :‬إذا تبين للخبير أن مهمته أصبحت بدون‬
‫موضوع‪ ،‬بسب صالح الخصوم‪ ،‬يتعين عليه إخبار القاضي عن ذلك بموجب تقرير))‬

‫‪1‬‬
‫‪SAGNOL Georges, Livre blanc de l’expertise judiciaire, fev.2880.,P 66‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫غير أنه ال يمكن للخبير في هذه الحالة أن يوقع أية وثيقة نجسد تصالح األطراف كما ال‬
‫يمكنه أن يحرر محض ار بالصلح بصفته خبي ار معينا من طرف القاضي‪.‬‬

‫و إذا كان الصلح الذي توصل إليه األطراف جزئيا ‪ ،‬أي يشمل بعض النقاط المحددة في‬
‫مهمة الخبير دون نقاط أخرى‪ ،‬فإنه يتعين على الخبير مواصلة تحرياته فيما يخص النقاط‬
‫التي لم يشملها الصلح‪.‬‬

‫و التقرير الذي يقدمه الخبير يكون في شكل عرض حال مبوقا بمختلف األدلة‪ ،‬حتى‬
‫يتسنى للقاضي أن يأمر بصرف أتعاب الخبير أو ما تبقى منها‬

‫و يمكن لألطراف أن يحصلوا على نسخة من محضر الصلح من أمانة الضبط بعد أن‬
‫يوقعوا عليه مع القاضي و أمين الضبط‪.‬‬

‫و وفقا للمادة ‪ 994‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية يعد هذا المحضر سندا تنفيذيا‬
‫بمجرد إيداعه بأمانة الضبط دون ما حاجة إل تبليغه‪ ،‬شريطة أن يكون مستوفيا للشروط‬
‫المحددة في المادة ‪ 062‬من القانون المدني‪.‬‬

‫و بناء على ذلك ال يمكن ألي طرف أن يعيد طرح نفس النازع من جديد على القضاء ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تحديد مجال الخبرة و أجل إنجازها‬

‫مجال الخيرة القضائية يجب أن يكون مقصو ار على الجوانب التقنية أو العلمية للنزاع فقط‪،‬‬
‫و أن ال يمس بالجوانب القانونية التي تبقى من صالحيات القاضي وحده‪ .‬لذلك‪ ،‬يتعين‬
‫على القاضي عندما يقرر إجراء الخبرة أن بحرص على جعل مهام الخبير محصورة في‬
‫الوقائع المادية التقنية أو العلمية المحضة‪ ،‬و أن يحتفظ لنفسه بجميع الصالحيات‬
‫القانونية ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫الفرع األول ‪ :‬تحيد الوقائع التي تنصب عليها الخبرة‬

‫إن الحكم القاضي بتعين الخبير يجب أن يحدد بدقة النقاط التي تتناولها الخبرة ‪،‬و هو‬
‫يستتبع بالنسبة لألطراف ضرورة التزامهم بمناقشة هذه النقاط ‪ ٠‬فالحكم ال يمكن أن يمنح‬
‫للخبير مهمة غير محددة أو ذات طابع عام حتى ال تتحول المهمة إى تفويض‬
‫للصالحيات‪.‬‬

‫و القاضي بعد أن يصدر حكمه‪ ،‬يمكنه في أي وقت أثناء سير إجراءات الخبرة أن يعدل‬
‫مهمة الخبير كما سلف بيانه سواء بالتوسيع أو بالتقليص‪ ،‬غير أن ق ارره في هذا الشأن‬
‫يجب أن يكون دائما سببا‪. 1‬‬

‫لكن‪ ،‬ال يستطيع القاضي أن يت ارجع عن حكمه القاضي بالخبرة إذا لم يكن هناك تنازل‬
‫‪2‬‬
‫من األطراف‪ ،‬و لو أنه يستطيع استبعاد الخبرة و الفصل في القضية‬

‫بناء على عناصر أخرى في الملف أو ببناء على ما يظهر من عناصر جديدة تسمح‬
‫بتكوين قناعة فيما بخص موضوع النزاع (‪. )045‬‬

‫و نظ ار ألن إجراءات الدعوى المدنية هي ملك لألطراف‪ ،‬فإن هؤالء يمكنهم التخلي عن‬
‫الحكم الذي أمر بالخبرة‪ ،‬وفي هذه الحالة يخرج الن ازع عن والية المحكمة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مهمة الخبير يجب أن تكون محددة و واضحة‬

‫لما كانت هذه األوصاف مستمدة من مقتضيات المادة‪042‬من قانون اإلجراءات المدنية و‬
‫اإلدارة‪ ،‬فالدقة في تحديد المهمة باتت ضرورية حق يعرف الخبير ما يريده منه القاضي‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬خالد‌الشؤقاوي‌السموي‪‌،‬الخبرة‌القضائة ‌في‌ضوا‌المسطرة‌المدنة ‌و‌االرجتهاد‌القضائي‪‌،‬دار‌الفكر‌‪‌،‬المغرب‪‌،5000‌،‬ص‌‪‌ 21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- OLIVIER Michel, l’expertise judiciaire et le droit‌Revue Experts n°15, 1994, p89‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫بالضبط و يتفادى النقاشات غير المجدية التي قد يطرحها بعض األطراف بهدف إبعاد‬
‫الخبير عن المسائل الجوهرية في النزاع‪.‬‬

‫كما ال ينبغي أن تؤدي عدم دقة المهمة إلى جعل الخبير ملزم بالدخول في نقاش مطول‬
‫مع األطراف لمعرفة ما إذا كانت عمليات أو أبحاث معينة تدخل في إطار مهمته أم ال‬

‫فعندما تكون مهمة الخبير غير محددة أو غير دقيقة فإن ذلك يؤدي إلى جعل الخبرة‬
‫تتحول إلى تفويض للصالحيات من جهة كما سلف بيانه‪ ،‬و يجعل الخبير ينساق إلى‬
‫التدخل في مهام القاضي من جهة أخرى‪.‬‬

‫كما أن البالغة في تقييد الخبير يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية‪ ،‬إذ يجد من حرية‬
‫الخبير ال يسمح له بالوصول إلى النتائج المرجوة و هي اكتشاف حقيقة وقائع النزاع‬

‫ثانيا‪ :‬مهمة الخبير يجب أن تكون كاملة‬

‫بعد قيام القاضي بتحليل معمق لعناصر الن ازع المعروض عليه‪ ،‬يتعين عليه عرض هذه‬
‫العناصر على الخبير حتى يتسنى لهذا األخير حصرها و تقدمها من الناحية التقنية‬
‫واعطاء رأيه فيها ‪.‬‬

‫و المادة ‪ 041‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية تسمح للقاضي بالتدخل أثناء سير‬
‫إجراءات الخبرة لحل أي إشكال يعترض الخبير‪ ،‬أو التخاذ أية تدابير يراها ضرورية ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مهمة الخبير يجب أن تكون مفصلة‬

‫إذ ما يستفاد من نص المادة ‪ 042‬من قانون اإلجراءات المدنية و االدارية أن القاضي‬


‫عند صياغته للمهمة المنوطة بها لخبير يجب أن يذكر محاور الخبرة ويبين جيع األسئلة‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫التقنية و الوقائع التي يتعين على الخبير الرد عليها حتى يتسنى له (أي للقاضي) بعد‬
‫ذلك الفصل في النزاع‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬استبعاد المسائل القانونية من مجال الخبرة ‪.‬‬

‫حسب نص المادة ‪ 042‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية " تهدف الخبرة إلى‬
‫توضيح واقعة مادية تقنية أو علمية محضة للقاضي " ‪ ،‬و هذا النص يجعل دور الخبير‬
‫مقصو ار على توضيح الوقائع المادية التقنية أو العلمية المحضة‪ ،‬أي ال يمكنه أن يعطي‬
‫للقاضي رأيا قانونيا‪.‬‬

‫هذه القاعدة لم يكن ينص عليها قانون اإلجراءات المدنية القديم‪ ،‬و مع ذلك استقر اجتهاد‬
‫المحكمة العليا حق قبل صدور قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية الجديد على عدم‬
‫جواز تكليف الخبير بالمسائل القانونية و عدم جواز تنازل القاضي عن صالحياته‬
‫‪1‬‬
‫القانونية للخبير‬

‫و بعض التشريعات تذهب إلى حد منع الخبير من الرد على األسئلة الواردة في الحكم‬
‫القاضي بالخبرة إذا كانت تلك األسئلة تخرج عن اختصاصه الفني و لها عالقة بالقانون‪،‬‬
‫من ذلك أن المادة ‪ 29‬من قانون المسطرة المدنية المغربي تنص; (‪...‬كما يمنع عليه( أي‬
‫الخبير) الجواب على أي سؤال يخرج عن اختصاصه الفني و له عالقة بالقانون))‪.‬‬

‫و هذا المبدأ سبق للقضاء المغري أن كرسه في أكثر من مرة‪ ،‬حيث جاء في حيثيات‬
‫قرار المجلس األعلى المغربي الصادر في ‪ 14‬ماي ‪ 0994‬ما يلي‪ (( :‬أن مهمة الخبير‬
‫الذي تعينه المحكمة تنحصر في جالء أمر تقني يرى القاضي أن االطالع عليه ضروري‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬قرار‌المحكم العلةا‪‌،‬الغرف االرجتماعة ‌بتارةخ‪82‬رجوةلة ‪5000‬ملف‌رقم‪‌،02221‬المرجل ‌القضائة ‪‌،‬العدد‌الثاني‌‪‌5001‬ص‪‌ .580.‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫للفصل في النازع المعروض عليه‪ ،‬أما اإلجراءات التي تتعلق بالقانون كمعرفة األرض‬
‫المتنازع عليها‪ ،‬هل هي ملك من األمالك الخاصة أم هي ملك من أمالك الدولة أو‬
‫الجماعات‪ ،‬و هل المدعون يتصرفون في تلك األرض عن طريق المنفعة و االستغالل‬
‫فقط أم عن طريق التملك‪ ،‬فهذه كلها إجراءات قانونية من صميم أعمال القاضي‪ ،‬الذي ال‬
‫يجوز أن يتنازل هنها للخبير أو يفوض له النظر فيها‪.))...‬‬

‫فدور الخبير في إنارة القاضي يجب أن يكون من خالل معارفه التقنية أو العلمية التي‬
‫يقدمها في تقريره ‪ ،‬سواء كان ذلك في المجال الج ازئي أو اإلداري أو المدني‪ ،‬إذ ال يمكن‬
‫أن ترد الخبرة إال على مسائل مادية تقنية أو علمية من شأنها أن تساعد القاضي على‬
‫فهم الوقائع و استخالص النتائج القانونية‪. 1‬‬

‫ذلك أن الوقائع المادية يمكن كقاعدة عامة إثباتها بكافة الوسائل‪ ،‬و للقاضي في هذا‬
‫المجال سلطة تقدمية الختيار وسيلة اإلثبات المناسبة قصد الوقوف على حقيقة الواقعة‬
‫المادية‪ ،‬وله في هذا الصدد أن يأمر بإج ارء استشارة أو خبرة إذا كانت وقائع التنازع لها‬
‫جانب فني أو علمي يتطلب توضيحات من متخصص في ميادين معينة كالمحاسبة و‬
‫الهندسة و البناء وسح األ ارضي والتقييم العقاري والطب‪ ٠ . .‬و غيرها ‪ ٠‬فإذا كان النزاع‬
‫يتعلق مثال بقسمة عقار‪ ،‬فالقاضي يعين خبي ار مختصا بناء على طلب األطراف أو من‬
‫تلقاء نفسه للتأكد من قابلية العقار للقسمة و إعداد دراسة فنية عن كيفية قسمته و تقييم‬
‫الحصص الممنوحة لألطراف‪.‬‬

‫ففي هذه الحاالت و مثيالتها يجد القاضي نفسه مضط ار لالستعانة بأهل الخبرة سواء في‬
‫المجال التقني أو العلمي إلنارته بآرائهم و معارفهم المتخصصة حق يتسنى له القضاء‬
‫بشكل موضوعي في النزاع المطروح عليه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬محمود‌توفةق‌إسكندر‪‌،‬الخبرة‌القضائة ‌‪‌،‬دار‌هوم ‌‪‌،‬الرجزائر‪‌،2882‌،‬ص‌‪‌ 09‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫ففي قضية تتعلق بصدور قرار من والية البليدة يقضي بنزع جزء من ملكية خاصة إلنجاز‬
‫شطر من الطريق السريع شرق _ غرب‪ ،‬قدرت الوالية التعويض المستحق لمالك األرض‬
‫بمبلغ ‪ 4.411.111‬دينار‪ ،‬و نازع المالك في هذا التقدير أمام المحكمة اإلدارة التي‬
‫اضطرت لتعين خبير من أجل تقدير التعويض المستحق بالنظر إلى طبيعة األرض و‬
‫األسعار المعمول نها في المنطقة و قت نزع الملكية‪ ،‬و قد قدر الخبير التعويض‬
‫بمبلغ‪ 2.111.111‬دينار‪ ،‬و صادقت المحكمة اإلدارية على هذه الخبرة‪ ،‬لكن بعد‬
‫االستئناف المرفوع من طرف المالك‪ ،‬ين مجلس الدولة خبي ار ثانيا بهدف القيام بخبرة‬
‫مضادة‪ ،‬و خلص الخبير الثاني إلى تقدير التعويض المستحق بمبلغ ‪04.111.111‬‬
‫قر ار بتاريخ‬
‫دينار‪ ،‬و على إثر إعادة السير في الدعوى بعد الخبرة أصدر مجلس الدولة ا‬
‫‪ 42‬أفريل ‪ 4100‬رقم ‪ 129114‬يقضي بتقدير مبلغ التعويض المستحق بمبلغ‬
‫‪1‬‬
‫‪ 9.211.111‬دينار قرار غير منشور‪.،‬‬

‫أوال ‪ :‬مبدأ عدم جواز تعرض الخبير للمسائل القانونية‬

‫إن القاضي يحتفظ بكل الصالحيات فيما يخص الجانب القانوي‪ ،‬فالمادة ‪ 42‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية السالف ذكرها تستعمل عبارة وقائع مادية و تستعمل مقابل‬
‫هذه العبارة ق ترجمتها الفرنسية عبارة <<‪ >>Question‬التي معناها مسألة واقع و هي‬
‫ال تفيد نفس المعنى‪ ،‬و يستفاد من الن ص السالف ذكره أن الخبير ال يجوز له أبدا التطرق‬
‫للمسائل القانونية‪.‬‬

‫و هكذا‪ ،‬فإن صالحيات الخبير محددة‪ ،‬و هي ال تخص إال المجال التقني‪ ،‬أو العلمي‬
‫دون المجال القانوني و الهدف من هذا التحديد هو الفصل بين المجال المخصص للخبير‬
‫و المجال المخصص للقاضي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬عبد‌العزةز‌سعد‌‪‌،‬أبحاث‌تحلةلة ‌في‌قانون‌اإلرجرااا ‌المدنة ‌‪‌،‬دار‌هوم ‌‪‌،‬الرجزائر‪‌،2880‌،‬ص‌‪‌ 20‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫ذلك أن دور القاضي سيادي فيما يتعلق بالمسائل القانونية وهذا منذ القدم‪ ،‬فهو الذي‬
‫‪1‬‬
‫يبلور االجتهاد القضائي و من خالله القيم القضائية‬

‫و صياغة المادة ‪ 042‬المشار إليها تؤكد رغبة المشرع في تثبيت سلطة القاضي و انف ارده‬
‫بصالحية اتخاذ الق ارر في المجال القانوني و القضائي‪.‬‬

‫و عليه‪ ،‬ال يمكن لرأي الخبير أن يكون بديال عن حكم القاضي‪ ،‬ذلك أن طبيعة عمل‬
‫القاضي تجعل منه المختص الوحيد بالبحث في المسائل القانونية و إيجاد النص الواجب‬
‫التطبيق على الواقعة المعروضة عليه‪ ،‬ألن ذلك من صميم سلطته كقاضي‪ ،‬إذ يفترض‬
‫فيه العلم بالقانون و اإللمام بتطبيقه‪ ،‬و ال يجوز له أن يكلف غيره بالبحث عن القاعدة‬
‫القانونية و تطبيقها على واقعة المزمع حق و لوكان هذا الغير خبي ار في العلوم القانونية‪.‬‬

‫فتحديد النص القانوني و تطبيقه ال يحتاج إلى استشارة فنية أو خبرة يقوم بها شخص‬
‫آخر‪ ،‬بل القاضي هو المختص وحده بعملية التكييف القانوني للوقائع و هو ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 49‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية بقولها‪ (( :‬يكيف القاضي الوقائع‬
‫و التصرفات محل النازع التكييف القانوني الصحيح دون التقيد بتكييف الخصوم و‬
‫يفصل في النزاع وفقا للقواعد القانونية الطبقة عليه))‪.‬‬

‫أي أن وصف الوقائع الوصف الصحيح المطابق للقانون و تحديد النص القانوني الواجب‬
‫التطبيق على ما تم استخالصه من وقائع الدعوى‪ ،‬هي مسالة قانونية تدخل في‬
‫اختصاص القاضي وحده‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬بغاشي‌كرةم ‌‪‌،‬الخبرة‌القضائة ‌في‌المواد‌المدنة ‪‌،‬دةوان‌المطبوعا ‌الرجامعة ‌‪‌،‬الرجزائر‪‌،2880‌،‬ص‌‪‌ 09‬‬
‫‪2‬‬
‫‪‌-‬نعاش‌كرةم ‌‪‌،‬الخب ‌القضائة ‌في‌المواد‌المدنة ‪‌،‬دةوان‌المطبوعا ‌الرجامعة ‪‌،2880‌،‬ص‌‪‌ 10‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫ثانيا ‪ :‬حدود الحضر المفروض على الخير فيما يخص المسائل القانونية‬

‫عدم جواز تعرض الخبير للمسائل القانونية ال يمنعه مثال من إعطاء رأيه حول مسؤولية‬
‫طرف أو بعض األطراف في وقوع الضرر‬

‫و عليه‪ ،‬ال يمكن للقاضي أن يؤاخذ الخبير الذي يقوم بإعداد جدول لتوضيح مسؤوليات‬
‫األطراف المتدخلة في عملية البناء مثال‪ ،‬فالخبير هنا يقدم وجهة نظره باعتبار متخصصا‬
‫في الميدان‪ ،‬و لو أن رايه في هذا المجال ينطوي على تجاوز‬

‫للمهمة المحدد له و المتمثلة في إعطاء القاضي كل العناصر التقنية أو العلمية التي من‬
‫شانها ان تساعده على تحديد مسؤولية‬

‫و من ثم فراي الخبير حول مسؤولية المتدخلين في عملية البناء يبقى مجرد اري ‪ .‬و‬
‫فضال عن ذلك ‪ ،‬إذا كانت العناصر التي توصل إليها الخبير في مجملها تتجه إلى تأكيد‬
‫مسؤولية بعض األطراف ‪ ،‬فإن الخبير ال يمكنه عدم اإلشارة إلى هذه المسؤولية حق ال‬
‫يقال أنه تعمد إخفاء معلومات‬

‫و بالرجوع إلى المادة ‪ 042‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية التي تحصر مهمة‬
‫الخبير في توضيح الوقائع المادية للقاضي من الناحية التقنية أو العلمية نالحظ أنها ال‬
‫ترتب جزاء البطالن على مخالفة هذه القاعدة‪ .‬و المادة ‪ 11‬من نفس القانون تنص على‬
‫أنه‪ (( :‬ال يتقرر بطالن األعمال اإلجرائية شكال إال إذا نص القانون صراحة على ذلك‪،‬‬
‫و على من يتمسك به أن يثبت الضرر الذي لحقه)) ‪.‬‬

‫و هذا النص التعلق ببطالن األعمال اإلجرائية يسري على إجراءات التحقيق بما فيها‬
‫الخبرة عمال بالمادة ‪ 92‬من نفس التقنين و على سبيل المقارنة نالحظ أن قانون‬
‫اإلجراءات المدنية الفرنسي الجديد ذهب إلى حد النص صراحة في المادة ‪ 442‬منه على‬

‫‪23‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬

‫عدم جواز إعطاء الخبير اارء قانونية‪ ،‬و لو أن محكمة النقض الفرنسية قضت بعدم‬
‫بطالن الخبرة التي لم يتقيد فيها الخبير بهذا نص‬

‫لكن‪ ،‬على الرغم من ذلك‪ ،‬ال يمكن للقاضي أن يكلف الخبير بمهمة البحث في مدى قيام‬
‫‪1‬‬
‫مسؤولية أحد األطراف في النزاع‪ ،‬ألن ذلك يكون بمثابة تفويض لصالحياته‬

‫و إذا كان الرأي التقني للخبير قد يمتد إلى مجال مسؤولية األطراف بشكل مقبول في‬
‫بعض األحيان‪ ،‬فإنه ال يمكن للخبير بأي حال من األحوال أن يعطي رأيا فيما بخص‬
‫الطبيعة القانونية للعقد أو قيمته الثبوتية‪ ،‬و ال فيما يخص الدوافع و نوايا األطراف‪ ،‬ألن‬
‫هذه المسائل خارجة عن الطابع التقني لموضوع الن ازع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬قرار‌المحكم ‌العلةا‌الرجزائرة ‌‪‌،‬الغرف ‌المدنة ‌‪‌،5000/82/82‬ملف‌رقم‌‪‌،02221‬المرجل ‌القضائة ‌‪‌،5001‬ص‌‪‌ 580‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصــــل الثــــاني‪:‬‬
‫تقييم الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و‬
‫تحديد مسؤولياته‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫من الد ارسة السابقة‪ ،‬عرفنا أن الخبير العقاري يقوم على جملة من اإلجراءات القانونية‬
‫واإلدارية والفنية ‪.‬وهي تتم عبر عدة مراحل‪ ،‬ومن خالل عدة قنوات لتنتج في األخير‬
‫مجموعة من اآلثار الهامة‪ ،‬وحتى تشكل هذه البيانات صورة حقيقية عن الواقع العقاري‪،‬‬
‫وتكون محل ثقة بين األفراد وتحقق ما يسمى باالئتمان في ميدان التعامل‪ ،‬البد من تنظيم‬
‫عمليات إستقاء هاته البيانات وفق إجراءات وشكليات كفيلة بنقل الواقع الطبيعي والقانوني‬
‫للعقارات بشكل دقيق وموثوق به‪.‬‬
‫هذه العمليات التي سنتطرق إليها من خالل هذا الفصل بمبحثيه األساسيين‪ ،‬فنتناول أوال‬
‫تقييم خبرة الخبير العقاري ‪ ،‬وفيه نعرج على المراحل التي تتم في تقييم الخبرة من حيث‬
‫الموضوع و الشكل (المبحث األول)‪ ،‬ثم ندرس مسؤولية الخبير العقاري و االجراءات‬
‫التأديبية المتخذة عليه (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫المبحث األول ‪ :‬تقييم خبرة الخبير العقاري‬


‫إن النتائج الت ي يتوصل إليها الخبير تبقى محل تقدير القاضي‪ ،‬و هذا األخير يمكنه األخذ‬
‫بها كليا أو جزئيا أو استبعادها‪ .‬فالخبير قد يعطي اريا حاسما في مسألة معينة رغم أنها من‬
‫الناحية العلمية غير مؤكدة و قد يعطي رأيا مترددا في مسألة تتطلب الحسم‪ ،‬و بالتالي ال‬
‫تتوفر للقاضي العناصر الالزمة للتكييف و لتأسيس حكمه ‪٠‬‬
‫و لهذا قد قسمنا في هذا المبحث إلى مطلبين حيث تناولنا في المطلب األول تقييم الخبير‬
‫في حيث الموضوع و أما في المطلب الثاني فقد تطرقنا إلى تقييم الخبرة من حيث الشكل‬

‫المطلب األول ‪ :‬تقييم الخبرة من حيث الموضوع‬


‫يمكن للقاضي في هذه الحالة أن يأخذ بالخبرة أو ال يأخذ بها‪ ،‬فله أن يصادق على نتائجها‬
‫أو يرفضها‪ ،‬و سلطته التقديرية في هذا مجال واسعة‪ ،‬و لو أن القضاء يعرف بعض التردد‬
‫في حاالت مثل الخبرات المخبرية و الخبرات التي يوافق عليها جيع األطراف‬
‫فقد تطرفنا في هذا المطلب الى االج ارءات التالية ‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مدى حرية القاضي في األخذ بالخبرة أو عدم األخذ بها‬
‫تخول المادة‪ 020‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية للقاضي سلطة تقديرية واسعة في‬
‫تقييم العناصر التي بني عليها الخبير تقديره و له أن يأمر باستكمال التحقيق أو بحضور‬
‫الخبير أمامه ليتلقى منه اإليضاحات والمعلومات الضرورية‪.‬‬
‫و قد كرس المشرع أيضا هذه السلطة التقديرية الواسعة للقاضي في المادة ‪ 022‬من نفس‬
‫القانون فيما يتعلق بتأسيس حكمه على نتائج الخبرة أو عدم تأسيسه عليها فهو غير ملزم‬
‫برأي الخبير ال في التحاليل و المعاينات التي‪ ،‬قام نها و ال في الخالصة التي توصل إليها‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫فاألطراف يمكنهم مناقشة تقرير الخبرة و انتقاده أو الدفاع عليه بما لهم من وسائل قانونية‪ ،‬و‬
‫هو ما كرسه القضاء داخل و خارج الجزائر‪.1‬‬
‫و حرية القاضي في هذا المجال كاملة‪ ،‬فهو يقيم اري الخبير ويتفحص المعلومات و البيانات‬
‫الواردة في الخبرة ‪،‬ويستبعد ما ي اره غير مجد أو غير منتج في الدعوى و يبقي على ما يراه‬
‫مفيدا‪.‬‬
‫غير أن مبدأ حرية القاضي في األخذ بالخبرة أو عدم األخذ بها قد ال يكون مطلقا‪ ،‬ذلك أنه‬
‫مثال في حالة اتفاق األطراف مسبقا و بكل حرية على اإللمام بما يتوصل إليه الخبير‪ ،‬فإن‬
‫القاضي ال يمكنه مخالفة ذلك‪ ،‬ألن األطراف أح ارر في التصرف في حقوقهم ‪،2‬كما أنه ‪t‬ي‬
‫حالة موافقة جميع األطراف على نتائج الخبرة بعد إنجازها‪ ،‬فإن القاضي ال يمكنه رفض تلك‬
‫الخبرة خاصة من الناحية الموضوعية أي ال يمكنه رفض الخبرة موضوعا‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى ال يمكن للقاضي و هو يتفحص المعلومات و البيانات التقنية الواردة في‬
‫الخبرة أن يرجح رأيه الشخصي على اري الخبير في هذه المسائل التقنية‪.‬‬
‫كما أن القاضي و إن كانت له صالحية تفسير الخبرة‪ ،‬إال أنه يتعين عليه أن ال بحرف‬
‫مضمون هذه الخبرة‪ ،‬و قد عرف القضاء حاالت عديدة تم فيها إلغاء األحكام و الق اررات‬
‫بسبب تحريفها لتقارير الخبرة‪ ،‬أو لخطئها في فهم مضمونها‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬المصادقة على الخبرة‬
‫إذا قدر القاضي أن الخبرة وافية وتسمح له بإصدار حكم في موضوع النزاع و قرر بالتالي‬
‫المصادقة عليها‪ ،‬فعليه أن يدرس قبل ذلك ما قدمه األطراف من مالحظات و انتقادات‬
‫دراسة دقيقة و معمقة‪ ،‬و أن يجيب على ما يشيرون إليه من نقائص و أخطاء في الخبرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌- FRISON-ROCHE Marie-anne et MAZEAU Denis‌L’expertise, thèmes et commentaires,éd.Dalloz Paris1995,‬‬
‫‪P1066‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Michel Olivier, Mesures d’instruction.., Op.cit 29 P 112‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫غير أن القاضي غير ملزم بشرح كيفية اقتناعه بكل عنصر من العناصر التي اعتمد عليها‬
‫الخبير في تقريره فعندما يصادق القاضي على تقرير الخبرة يعتمد على نتائج هذه الخبرة في‬
‫تسبيب حكمه و له أن يستبعد بعض هذه النتائج أو يصحح ما شبها من عيوب كأن يستبعد‬
‫المخطط المرفق بالخبرة مثال و يأخذ بباقي نتائج الخبرة‪ ،‬فهو غير ملزم بأن يأخذ بالخبرة كما‬
‫هي أو يستبعدها بكاملها‪.‬‬

‫و يمكن للقاضي أن يأخذ بكل ما جاء في الخبرة‪ ،‬كأن يأمر أحد األطراف بأن يسدد لخصمه‬
‫المبلغ الذي قدره الخبير‪ ،‬أو يقضي بتثبيت األط ارف في الحصص‪ ،‬العائدة لهم وفقا لمعالم‬
‫الحدود المرسومة من طرف الخبير العقاري‪.‬‬

‫غير أن القاضي الذي يصادق على الخبرة ال يمكنه أن يبني حكمه على أساب مناقصة‬
‫‪1‬‬
‫للنتائج التي توصلت إليها الخبرة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬نتائج الخبرة‬

‫إن القاضي غير ملزم بشرح األسباب التي جعلته ال يوافق الخبير في رأيه‪ ،‬غير أنه إذا قرر‬
‫استبعاد الخبرة‪ ،‬فإنه يتعين عليه تسبيب ق ارره ببيان العناصر التي استند إليها في تكوين‬
‫قناعته‪ ،‬أي أنه ملزم كما نصت على ذلك المادة ‪ 022‬من قانون اإلجراءات المدنية و‬
‫اإلدارية بأن يذكر أسباب استبعاده نتائج الخبرة‪.‬‬

‫و أسباب استبعاد الخيرة يمكن استخالصها من عناصر الخبرة في حد ذاتها أو من الوثائق‬


‫األخرى المكونة للملف مثل محاضر التحقيق أو العقود الرسمية أو غيرها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬نصر‌الدةن‌هنوني‌و‌نعةم ‌تراعي‪‌،‬المررجع‌السابق‪‌،‬ص‌‪‌ 588‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫ذلك أنه ال يمكن استبعاد ما يقدمه األطراف من وثائق بمناسبة مناقشتهم لنتائج الخبرة‪ ،‬و‬
‫على القاضي أن يوازن بين ما لهذه الوثائق من قيمة في اإلثبات‪ ،‬و بين ما توصل إليه‬
‫الخبير في تقريره‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬األمر بخبرة أخرى‬

‫يميز الفقه و القضاء في هذا المجال بين " الخبرة الجديدة " و "الخبرة الثانية " و "الخبرة‬
‫المضادة" و "الخبرة التكميلية" ‪،‬والقاضي يلجأ إل إحدى هذه األنواع‬

‫من الخبرات في حالة رفضه للخبرة األصلية أو رغبته في تمديد تلك الخبرة لتشمل عناصر‬
‫جديدة لم يتم التطرق لها‪ ،‬أو رغبته في م ارقبة مدى صحة المعطيات التي جاءت نها الخبرة‬
‫األول‪ ،‬أو تغطية النقائص الي إنطوت عليها تلك الخبرة‪ .‬ولم ينص قانون اإلجراءات المدنية‬
‫القديم؛ على هذه الخب ارت بشكل مباشر بل نصت المادة ‪22‬منه على أنه‪((:‬إذا رأى القاضي‬
‫أن العناصر التي بنى عليها الخبير تقريره غير وافية‪ ،‬فله أن يتخذ جمع اإلجراءات الالزمة‪،‬‬
‫و له على الخصوص أن يأمر باستكمال التحقيق أو أن يستدعي الخبير أمامه ليحصل منه‬
‫على اإليضاحات و المعلومات الضرورية)) ‪.‬‬

‫و يستخلص من هذا النص أن من بين اإلجراءات التي قد ي ارها القاضي الزمة األمر بخبرة‬
‫أخرى ‪.‬‬

‫أما قانون اإلجراءات المدنية و االدارية الجديد ‪ ،‬فقد احتفظ في مادته ‪ 020‬بنفس األحكام‬
‫الني كانت في القانون القديم‪ ،‬و أضاف في المادة ‪ 022‬أن القاضي يمكنه تأسيس حكمه‬
‫على نتائج الخبرة‪ ،‬كما يمكنه استبعاد نتائج الخبرة كليا بشرط أن يذكر أسباب هذا االستبعاد‪.‬‬

‫و إذا كان استبعاد الخبرة في مجملها يقتضى منطقيا االلتجاء إلى خبرة جديدة خاصة إذ‬
‫كانت الدعوى لها جوانب فنية دقيقة‪ ،‬فان عدم كفاية عناصر الخبرة أو عدم وضوح بعض‬
‫‪29‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫هذه العناصر قد ال يستدع بالضرورة االلتجاء إلى خبرة جديدة‪ ،‬إذ يجيز المشرع في هذه‬
‫الحالة للقاضي أن يلجأ إلى إج ارء تحقيق لتوضيح مواطن الغموض ‪،‬كما له أن يستدعي‬
‫الخبير ليطلب منه التوضيحات و المعلومات الضرورية‪ ،‬و يستطيع الخبير في هذه الحالة‬
‫تكملة خبرته و تدقيق بعض عناصرها أو شرحها سواء كتابيا أو شفويا‪.1‬‬

‫و إذا إلتجأ القاضي إلى إجراء التحقيق فقد يساهم األطراف من خالل توضيحاتهم و‬
‫شروحهم في انارة القاضي و تسهيل فهم بعض عناصر الدعوى‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬حاالت االلتجاء لخبرة أخرى‬

‫يمكن عادة االلتجاء الى خبرة أخرى في حاالت أهمها‬

‫‪ ‬عندما تقضي الهيئة القضائية ببطالن الخبرة االولى‬


‫‪ ‬إذا كانت الخبرة األولى ال تجيب على إستفسارات الهيئة القضائية أو تجيب عليها‬
‫لكن بشكل غير كاف و غير واضح‬
‫‪ ‬إذا كانت الوقائع المطلوب الـتأكد منها لم توضح بشكل كاف في الحكم القاضي‬
‫بالخبرة‬
‫‪ ‬إذا طرأت بعد إنجاز الخبرة وقائع جديدة لها عالقة مباشرة بالوقائع التي سبق التأكد‬
‫منها‬

‫و بناء على ما تقدم‪ ،‬فالغاية من االلتجاء إلى خبرة أخرى تختلف باختالف السبب الذي جعل‬
‫القاضي بأمر بها‪ ،‬لذلك فهذه الخبرة قد تتخذ شكل خبرة ثانية‪ ،‬أو خبرة مضادة ‪ ،‬أو خبرة‬
‫جديدة ‪ ،‬أو خبرة تكميلية‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬أحمد‌فاضل‪‌،‬الدور‌االةرجابي‌للقاضي‌في‌الدعوى‌المدنة ‪‌،‬مذكرة‌تخرج‌لنةل‌شهادة‌دكتوراه‪‌،‬رجامع ‌الرجزائر‌‪‌،2850-2852‌،5‬ص‌‪‌ 518،‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫الخبرة الثانية‪ :‬هي الخبرة التي تتعلق بنفس القضية ‪ ،‬لكن بخصوص نقاط تختلف تماما عن‬
‫النقاط التي تنوولتها الخبرة األولى‪ ، ،‬و يمكن إسناد هذه الخبرة إلى نفس الخبير الذي أنجز‬
‫الخبرة األول أو إلى خبير آخر‪ ،‬و يأمر بها القاضي بناء على طلب أحد األطراف أو من‬
‫تلقاء نفسه إذا تبين أن جانبا من الوقائع لم؛ تتناوله الخبرة االولى‬

‫الخبرة المضادة‪ :‬و يكون موضوعها م ارقبة مدى صحة المعطيات الواردة في الخبرة األول‪،‬‬
‫و مدى سالمة و صدق النتائج التي خلصت إليها‪ ،‬و تأمر الهيئة القضائية بإج ارء خبرة‬
‫مضادة إما بناء على طلب أحد الخصوم أو من تلقاء نفسها‪.‬‬

‫الخبرة الجديدة‪ :‬و يتم االلتجاء إليها عندما ترفض الهيئة القضائية الخيرة األول بكاملها ألي‬
‫سبب من األسباب سواء لعيب في الشكل أو في الموضع فيتم تكليف الخبير الجديد ينفس‬
‫المهام التي كانت مستندة للخبير السابق ‪ ،‬و األمر نهذه الخبرة الجديد قد يكون أيضا بناءا‬
‫على طلب أحد الخصوم أو تلقائيا من القاضي‪.‬‬

‫الخبرة التكميلية‪ :‬تلجأ إليها الهيئة القضائية عندما يتبين لها أن الخبرة المنجزة تنطوي على‬
‫نقائص واضحة‪ ،‬أو أن الخبير لم يجب على جميع األسئلة الفنية أو العلمية المحددة له‪ ،‬و‬
‫قد يعهد بالخبرة التكميلية إلى نفس الخبير الذي أنجز الخبرة األصلية أو إلى أي خبير آخر‬
‫حسب تقدير القاضي‪ ،‬و يكون ذلك بناء على طلب أحد األطراف أو من طرف القاضي‬
‫تلقائيا ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الحكم القاضي بإجراء خبرة أخرى‬

‫للقاضي سلطة تقديرية واسعة في هذا المجال كما سلف بيانه ‪ ،‬فله أن يأمر بخبرة أخرى أو‬
‫ال يأمر بها ‪،‬و يمكنه أن يأمر بتلك الخبرة بشكل تلقائي إذا قضي يبطالن الخبرة األول أو‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫قدر بأنها غير صحيحة أو غير منتجة في الدعوى‪ ،‬آو ان هناك النتائج التي توصلت إليها‬
‫غير صحيحة أو غير منتجة في الدعوى‪ ،‬أو أن هناك عناصر تتطلب التوضيح بخبرة ثانية‬

‫و حتى في الحالة التي يستدعي فيها القاضي الخبير لتوضيح بعض عناصر الخبرة األصلية‬
‫فقد يتبين له أن المعلومات و التوضيحات اإلضافية التي قدمها له الخبير غير كافية أو غير‬
‫صحيحة فيأمر بخبرة أخرى‪.1‬‬

‫و القاضي يمكنه أن يأمر بخبرة أخرى حتى ولو لم يطلب منه األطراف ذلك أو لم ينتقدوا‬
‫الخبرة األول‪ ،‬و عكس ذلك يمكن للقاضي أن يرفض االلتجاء إلى خبرة أخرى حتى و لو‬
‫طلبها األطراف‪ ،‬متى تبين له وجود عناصر كافية في الملف لتكوين قاعته‬

‫و يمكن أيضا للقاضي أن يرفض تعيين خبير آخر إذا كان أحد األطراف قد تعمد عرقلة‬
‫عمل الخبير األول بامتناعه عن موافاته بالوثائق الالزمة أو رفضه السماح له باالطالع على‬
‫مستنداته أو أية وثائق أخرى يرى الخبير أنها ضرورية إلنجاز مهمته‪ ،‬فقد نصت المادة‬
‫‪ 045‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على أنه؛(( يجوز للخبير أن يطلب من‬
‫الخصوم تقديم المستندات التي يراها ضرورية إلنجاز مهمته دون تأخير ‪.‬‬

‫و يطلع الخبير القاضي على أي إشكال يعترضه‪ ،‬و يمكن للقاضي أن يأمر الخصوم تحت‬
‫طائلة غرامة تهديديه بتقديم المستندات‪.‬‬

‫و عندما يقرر القاضي اإللتجاء إلى خبرة أخرى‪ ،‬فله أن يكلف بها نفس الخبير السابق أو‬
‫خبير آخر أو أكثر‪ ،‬غير أنه يكون ملزما بتعيين خبير آخر إذا ألغى الخبرة األول ألسباب‬
‫‪2‬‬
‫تتعلق بعدم حياد الخبير أو عدم كفاءته‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Jean Baynel, Op.Cit ,P 81‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Michel Olivier, OP.cit , P 28‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫و على مستوى االستئناف يمكن للمجلس أن يأمر بخبرة أخرى بدون أن يلغي الحكم‬
‫المستأنف‪ ،‬و تأتي هذه الخبرة في إطار تحريات المجلس للتأكد من مدى تأسيس الحكم‬
‫المستأنف‪ ،‬وبعد ذلك يقضي بتأييده أو بإلغائه أو تعديله‬

‫و الحكم القاضي بتعين خبير آخر يجب أن يحدد النقاط التي تنصب عليها الخبرة المسندة‬
‫له‪ ،‬و يمكنه أن يكتفي بتكليف الخبير بنفس المهام المحددة سابقا‬

‫ثالثا ‪ :‬عمليات الخبرة الجديدة‬

‫يتم إبالغ الخبير الجديد بالمهمة الموكولة إليه بنفس الطريقة التي يبلغ بها الخبراء عند‬
‫تعيينهم ألول مرة‪ ،‬و تطبق نفس القواعد اإلجرائية فيما يخص استدعاء األطراف و حضورهم‬
‫و اإلسماع إلى مالحظاتهم و طلباتهم إلى غاية تحرير التقرير و إيداعه‪.‬‬

‫و يجب بصفة خاصة أن تكون عمليات الخبرة الجديدة وجاهية و ال يمكن للخبير أن يغفل‬
‫استدعاء األطراف حتى و لوكان بعضهم قد تغيب أثناء الخبرة األول أو رفض حضور‬
‫إجراءاتها‬

‫و بعد إعادة السير في الدعوى بعد الخبرة الجديدة ‪،‬ينظر القاضي في نتائج هذه الخبرة فقط‪،‬‬
‫و ال يمكنه الصادقة على الخبرة األول و استبعاد الثانية‪ ،‬أو االعتماد على األول و إهمال‬
‫الثانية‪.‬‬

‫غير أنه يمكن للقاضي أن يستعين بالخبرة األول على سبيل االستعالم‪ ،‬كما يمكنه أن يجري‬
‫مقارنة يبين الخبرتين إذا كانت الخبرة الجديدة قد أمر نها كخبرة مضادة ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Georges Sagnol, Op.Cit , P 73‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تقييم الخبرة من حيث الشكل‬

‫يكون تقرير الخبرة دائما محال لمناقشة أط ارف الن ازع و موضوعا لطعونهم و مالحظاتهم فمن‬
‫جاء التقرير في مصلحته‪ ،‬يسعى لتثمين ما جاء به و اإلسناد إلى ما تضمنه من أبحاث و‬
‫حجج و آراء و ما توصل إليه الخبير من نتائج‪ ،‬و ما اشتمل عليه التقرير من أقوال و‬
‫مالحظات للتدليل على صحة ادعائه‪ ،‬كما يسعى هذا الطرف إلى تفسير ما قد يرد من‬
‫غموض في بعض عناصر الخبرة بهدف إعطاء قراءة واضحة للتقرير‪.‬‬

‫أما الطرف اآلخر فيناقش التقرير في جوانبه السلبية و يسعى إلب ارز ما شابه من عيوب‬
‫إجرائية‪ ،‬و ما جاء فيه من نقائض أو أخطاء أو تناقضات في بياناته‪ ،‬أو فساد في الراي أو‬
‫في االستدالل و االستنباط‪ ،‬و له أن يطعن في المقدرة العلمية أو الفنية للخبير انطالقا من‬
‫الهفوات الواردة في تقريره‪.‬‬

‫أما الهيئة القضائية فتناقش تقرير الخبرة على النحو الذي أثارت إليه المادة ‪ 020‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية بالتأكد مما إذا كانت العناصر التي بني عليها الخبير تقرير‬
‫وافية و تكفي إلظهار الحقيقة و السماح بإصدار حكم في الموضوع‪ ،‬أم انها ناقصة و‬
‫تستدعي استكمال التحقيق أو إعادة القيام بالهمة من جديد عن طريق تكليف خبير آخر‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬قبل كل ذلك يتعين على القاضي أن يتأكد من مدى صحة اإلجراءات التي‪ ،‬قام بها‬
‫األطراف في إطار إعادة السير في الدعوى بعد الخبرة‪ ،‬ثم يقيم الخبرة من الناحية الشكلية‪ ،‬و‬
‫يناقش مالحظات و دفوع األطراف المتعلقة بهذا الجانب‪ .‬فالقاضي هنا يبدأ بالتأكد مما إذا‬
‫كانت إجراءات إعادة السير في الدعوى بعد الخبرة قد تمت بشكل سليم‪ ،‬ثم يتأكد بعد ذلك‬
‫مما إذا كانت عمليات الخبرة مستوفية للشروط الشكلية و ال يشوبها البطالن‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫الفرع األول ‪ :‬اإلطار القانوني للخبرة و إجراءات الرجوع بعد الخبرة‬

‫تتم إعادة السير في الدعوى بعد الخبرة وفقا لنفس القواعد المنظمة لرفع الدعوى و ذلك عن‬
‫طريق عريضة مكتوبة و موقعة و مؤرخة توقع بأمانة الضبط من قبل الطرف الذي يهمه‬
‫التعجيل في مواصلة إجراءات الدعوى أو وكيله أو محاميه‪ .‬و يجب أن تتضمن العريضة‬
‫البيانات المحددة في المادة ‪ 02‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية و ذلك تحت طائلة‬
‫عدم القبول شكال ‪ .‬كما يجب أن تشتمل العريضة على ذكر جميع األطراف األصلية في‬
‫الدعوى‪ ،‬و أن يتم تكليفهم جميعا بالحضور وفقا لمقتضيات المادتين‪ 02‬و‪ 09‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬و يتأكد القاضي من مدى صحة إجراءات إعادة السير في‬
‫الدعوى بعد الخبرة ومدى احترامها لإلطار القانوني المحدد في مختلف النصوص المنظمة‬
‫‪1‬‬
‫للخبرة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬اإلطار القانوني للخبرة‬

‫لقد أقر قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية جملة من المبادئ في هذا المجال يمكن حصرها‬
‫في ما يلي‪:‬‬

‫‪ .0‬في إجراءات التحقيق بصفة عامة بما في ذلك الخبرة‪ ،‬ال يترتب على األمر بإج ارء‬
‫من إجراءات التحقيق تخلي القاضي عن الفصل في القضية و الدعوى ال تخرج عن‬
‫‪2‬‬
‫واليته‬
‫و هو ما يستوجب إعادة السير في الدعوى أمام نفس الجهة القضائية التى أمرت‬
‫بالخبرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬أحمد‌فاضل‪‌،،‬المررجع‌السابق‪‌،‬ص‌‪‌ 510‬‬
‫‪2‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌08‬من‌قانون‌اإلرجرااا ‌المدنة ‌و‌اإلدارة ‌‪،‬و‌هو‌ما‌تؤكده‌أةضا‌الفقرة‌‪‌0‬من‌المادة‌‪‌200‬من‌نفس‌القانون‌ ‌‬

‫‪35‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫‪ .4‬الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع‪ ،‬أي الحكم اآلمر بإجراء تحقيق أو خبرة أو‬
‫‪1‬‬
‫أي تدبير آخر مؤقت ال يجوز حجية الشيء المقضي فيه‬
‫و لذلك‪ ،‬فالقاضي يمكنه تعديل مهمة الخبير أو عناصر التحقيق ق أية مرحلة‪.‬‬
‫‪ .4‬ال تقبل المعارضة في األوامر و األحكام و القرارات التي تأمر بإجراء التحقيق و ال‬
‫يقبل استئنافها أو الطعن فيها بالنقض‪ ،‬إال مع الحكم الذي يفصل الحقا في موضوع‬
‫‪2‬‬
‫الدعوى‬

‫و يبدو أن المشرع يهدف من خالل هذه القاعدة إلى تقليص إجراءات الدعوى و أجالها‪ ،‬غير‬
‫أن تقرير عدم جواز المعارضة قد يجعل األمر أو الحكم أو القرار القاضي بالخبرة مبني على‬
‫الرواية التي أعطاها أحد األطراف للوقائع‪ ،‬و قد يؤدي ذلك إلى تحديد القاضي لمهمة الخبير‬
‫بشكل ال يتماشى مع المعطيات الحقيقية للن ازع‪ ،‬و في هذه الحالة ال تتحقق النتيجة التي‬
‫قصدها المشرع من خالل المادة ‪ 20‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية عندما سن‬
‫قاعدة عدم جواز المعارضة في األحكام اآلمرة بالتحقيق و الخبرة إال مع الحكم الذي يفصل‬
‫الحقا في موضوع الدعوى‪ ،‬بل تتحقق نتيجة عكسية تتمثل في إطالة إجراءات الدعوى و‬
‫نيابة تكاليفها‪.‬‬

‫و من جهة أخرى نص المادة ‪ 20‬السالف ذكرها يبدو غير منسجم مع نص المادة ‪ 110‬من‬
‫نفس القانون التي ال تجيز تنفيذ أي سن د تنفيذي بما فيها األحكام القضائية إال إذا كان‬
‫‪3‬‬
‫ممهو ار بالصيغة التنفيذية‬

‫و الحصول على الصيغة التنفيذية للحكم ال يتم بدوره إال بعد تبليغ هذا الحكم ألطراف الن ازع‬
‫و استيفاء إجراءات الطعن العادية على األقل أي المعارضة و االستئناف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌200‬السالف‌الذكر ‌‬
‫‪2‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌05‬من‌نفس‌القانون‌‪‌،‬و‌كذا‌المادة‌‪‌،001‬فةما‌ةتعلق‌باالستئناف ‌‬
‫‪3‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌985‬من‌قانون‌اإلرجرااا ‌المدنة ‌و‌اإلدارة ‪‌،‬ترجابلها‌في‌قانون‌اإلرجرااا ‌المدنة ‌‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫فالشخص الذي يحصل على حكم حضوري أو غيابي يقضي بتعين خبير ال يمكنه طبقا‬
‫للمادة ‪ 110‬المشار إليها تنفيذ الحكم بالشروع في إجراءات الخبرة إال إذا استخرج الصيغة‬
‫التنفيذية للحكم المذكور من كتابة الضبط‪ ،‬و ال تسلم له هذه الصيغة التنفيذية إال إذا قام‬
‫بتبليغ الحكم لألطراف األخرى‪ ،‬و تمت إجراءات الطعن العادية أو انتهت اآلجال المقررة‬
‫لها‪.‬‬

‫و قد عرفت التطبيقات القضائية أمثلة عديدة تجسد قاعدة عدم جواز الشروع في إجراءات‬
‫‪1‬‬
‫الخبرة إال بعد الحصول على الصيغة التنفيذية للحكم القاضي بالخبرة‬

‫كما أن المادة ‪ 20‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية السالف ذكرها تبدو غير منسجمة‬
‫كذلك مع نص المادة ‪ 022‬فقرة ‪ 0‬من نفس القانون‬

‫فيما يعلق بعدم جواز الطعن في األحكام اآلمرة بالخبرة‪ ،‬فالمادة ‪ 20‬ال تجيز المعارضة و‬
‫االستئناف و الطعن بالنقض في األحكام المذكورة‪ ،‬بينما المادة ‪022‬فقرة‪ 0‬تجعل عدم الجواز‬
‫مقصو ار على االستئناف و الطعن بالقض فقط و ال يمتد إلى المعارضة‪.‬‬

‫فحتى و إن كانت المادة ‪ 022‬تخص إجراءات الخبرة وحدها‪ ،‬فالمادة ‪ 20‬تخص جميع‬
‫إجراءات التحقيق بما فيها الخبرة التي نظمها المشرع أيضا تحت عنوان إجراءات التحقيق‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬إجراءات إعادة السير في دعوى بعد الخبرة‬

‫إن المبادرة إلى إعادة السير في الدعوى بعد الخبرة متروكة لألطراف كما سلفت بيانه فعلى‬
‫الطرف الذي يهمه التعجيل أن يسعى لدى أمانة الضبط للحصول على نسخة من الخبرة بعد‬
‫أن يسدد المصاريف المستحقة للخبير‪ ،‬و يقوم إجراءات إعادة السير في الدعوى بعد الخبرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬مرجلس‌قضاا‌البلةدة‪،‬الغرف ‌العقارة ‌قراربتارةخ‪،08/52/2882‬قضة ‌رقم‪‌101/2882‬قضة ‌رقم‪(9810/2882‬غةر‌منشور)‪‌ .‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫و طبقا للمادة ‪ 94‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية يتم استئناف السير في الدعوى‬
‫بعد الخبرة عن طريق طلب بسيط‪ ،‬غير أن هذا النص يفتقر للوضوح‪.‬‬

‫إذ ال يبين الشكل الذي يرد فيه هذا "الطلب البسيط" ‪،‬وال اإلجراءات الواجب اتباعها لتقديمه‪،‬‬
‫و ال الجهة التي يقدم إليها‪.‬‬

‫فعبارة طلب بسيط " توحي بأن هذا الطلب ال يخضع لإلجراءات الشكلية الصارمة المتعلقة‬
‫برفع الدعوى‪ ،‬و ال لإلجراءات الدقيقة المتعلقة بالتكليف بالحضور‬

‫و عمليا تتم إعادة السير في الدعوى بعد الخبرة بنفس األشكال و اإلجراءات المقررة لرفع‬
‫الدعوى‪ ،‬إذ تقدم عريضة مكتوبة و موقعة و مؤرخة تودع بأمانة الضبط من الطرف المعني‬
‫أو وكيله أو محاميه بعدد من النسخ حب عدد األطراف‪ ،‬و يجب أن تتوفر في تلك العريضة‬
‫كل الشروط الني يتطلبها القانون في عريضة إفتتاح الدعوى‪ ،‬كما يجب على الطرف الذي‬
‫يبادر إلى إعادة السير في الدعوى بعد الخبرة أن يدل الرسوم المحددة قانونا حسب طبيعة‬
‫الدعوى و أن يكلف األطراف األخرى بالحضور‪.‬‬

‫و إذا كانت الخبرة قد أمر بها المجلس القضائي‪ ،‬فإن إجراءات الدعوى بعد الخبرة يجب أن‬
‫يقوم بها محام نيابة عن صاحب الشأن‪ ،‬باستثناء الحاالت الني يجيز فيها القانون ص ارحة‬
‫لألطراف التقاضي بأنفسهم أمام المجلس‬

‫و القاضي هو الذي يراقب مدى صحة جميع اإلجراءات المشار إليها ‪ ،‬و ذلك قبل النظر‬
‫في نتائج الخبرة‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مسؤولية الخبير العقاري‬

‫ان المادة ‪ 09‬من مرسوم التنفيذي رقم ‪ 92/401‬السالف ذكره تحدد اإلطار العام لألخطاء‬
‫المهنية للخبير على أنها كل إخالل باإللزاميات المرتبطة بمهمة الخبير أو بااللتزامات‬
‫الناتجة عن أداء هذه المهمة ‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 41‬من نفس المرسوم فتذكر جملة من المخالفات تعتبرها أخطاء مهنية على‬
‫الخصوص‪ ،‬و هي ‪:‬‬

‫‪ ‬االنحياز إل أحد األطراف أو الظهور بمظهر من مظاهره‪.‬‬


‫‪ ‬المزايدات المعنوية أو المادية قصد تغيير النتائج الموضوعية للخبرة‪.‬‬
‫‪ ‬استعمال صفة الخبير القضائي لغرض إشهار تجاري تعسفي‪.‬‬
‫‪ ‬عدم إخطار الجهة القضائية المختصة بانقضاء األجل المحدد في الحكم قبل إنجاز‬
‫الخبرة و إعداد القرير‪.‬‬
‫‪ ‬رفض الخبير القضائي القيام بمهمته أو تنفيذها في اآلجال المحددة‪ ،‬بعد إعذاره دون‬
‫سبب شرعي ‪٠‬‬
‫‪ ‬عدم حضور الخبير أمام الجهات القضائية لتقديم التوضيحات الالزمة بشأن التقرير‬
‫الذي أعده إذا طلب منه ذلك ‪.‬‬

‫و يعزف الفقه األخطاء المهنية للخبير بأنها‪ ((:‬كل محالفة للقوانين واألنظمة المتعلقة بمهنته‬
‫أو بمهمته كخبير‪ ،‬وكل إخالل بنزاهته و شرفه حتى و لو كانت المخالفة متعلقة بوقائع‬
‫خارجة عن المهمة المسندة إليه)) ‪ .‬وتحدد المادة ‪ 09‬السالف ذكرها العقوبات التأديبية التي‬
‫يمكن أن يتعرض لها الخبير و هي ‪ :‬اإلنذار‪ ،‬التوبيخ‪ ،‬لمدة لمدة ال تتجاوز ثالث سنوات ‪،‬و‬
‫النهائي‪.‬‬ ‫الشطب‬

‫‪39‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫المطلب االول ‪ :‬المسؤولية التأديبية للخبير العقاري‬

‫الفرع األول ‪ :‬دور الهيئات القضائية في مباشرة المتابعة الـتأديبية‬

‫إذ المادة‪ 40‬من المرسوم ‪ 401/92‬السالف ذكره تخول للنائب العام سلطة مباشرة التابعة‬
‫التأديبية ضد الخبير بناء على شكوى من أحد األطراف ‪،‬أو من تلقاء نفسه في حالة وجود‬
‫قرئن كافية تدل على إخالله بالتزاماته‪.‬‬
‫ا‬

‫غير أن هذا النص ال يوضح ما إذا كانت هذه السلطة مخولة للنائب العام على مستوى‬
‫المجلس القضائي فقط أم أنها مخولة أيضا للنائب العام على مستوى محكمة العليا‪.‬‬

‫و نظ ار ألن الجهات القضائية التي يمكنها تعيين الخبير هي المحاكم و المجالس القضائية‬
‫فقط دون الم حكمة العليا‪ ،‬فإنه يستنتج من ذلك أن النائب العام على مستوى المجلس‬
‫القضائي هو وحده صاحب سلطة تحريك التابعة التأديبية دون النائب العام على مستوى‬
‫المحكمة العليا‬

‫بإستثناء الحاالت التي تكون فيها المحكمة العليا مدعوة للفصل في الموضوع إما على إثر‬
‫طعن ثاني أو ثالث طبقا للمادة ‪ 452‬فقرة ‪ 4‬و ‪ 2‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‬
‫متى كانت المحكمة العليا هي عينت الخبير المرتكب للمخالفة ـ أما على المستوى جهات‬
‫القضاء اإلداري ‪ ،‬فيمكن لكل من محافظ الدولة بالمحكمة اإلدارية ‪ ،‬و محافظ الدولة بمجلس‬
‫‪1‬‬
‫الدولة تحريك المتابعة التأديبية ضد الخبير باعتبار الجهتين تفصالن في الموضوع‬

‫‪‌-‬أحمد‌فاضل‪،‬المررجع‌السابق‪،‬ص‌‪‌ 590‬‬
‫‪1‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات المساءلة التأديبية‪.‬‬

‫يقوم النائب العام بالتحريات الالزمة للتأكد من وجود قرائن كافية تدل على إخالل الخبير‬
‫باألمانة‪ ،‬و يمكنه في هذا اإلطار أن يطلب من الخبير تقدم توضيحاته بشأن الوقائع‬
‫المنسوبة إليه‪ ،‬و ذلك قبل أن يباشر التابعة التأديبية ضده‪ ،‬ثم يحيل الملف التأديبي إلى‬
‫رئيس المجلس الذي يستدعي بدونه الخبير و يستمع إلى أقواله للتأكد من ثبوت ما نسب‬
‫إليه‪ ،‬ثم يصدر العقوبة إذا كانت المخالفة تتطلب عقوبة اإلنذار أو التوبيخ ‪.‬‬

‫اما إذا مانت المخالفة تتطلب عقوبة التوقيف لمدة ال تتجاوز ثالث سنوات أو الشطب‬
‫‪1‬‬
‫النهائي ‪ ،‬فإن رئيس المجلي يحيل الملف إلى وزير العدل إلصدار العقوبة‬

‫و المالحظ أن المادة ‪ 40‬من المرسوم رقم ‪ 401/92‬السالف الذكر تخول سلطة إصدار‬
‫العقوبة التأديبية لرئيس المجلس أو لوزير العدل شخصيا‪ ،‬و ال تشير إلى وجود هيئة تأديبية‬
‫جماعية ‪ ،‬و هو أمر مخالف للقواعد العامة المنظمة لإلجراءات التأديبية التي تنص على‬
‫وجود هيئات تأديبية جماعية‬

‫و من جهة أخرى لم يبين المرسوم ‪ 401/92‬المشار إليه الطريقة التي يتم بها استدعاء‬
‫الخبير للمثول أمام السلطة التأديبية ‪ ،‬و المدة التي تمنح له من أجل الحضور ‪ ،‬و ما إذا‬
‫كانت الجلسة علنية أم سرية‬

‫كما لم يبين المرسوم ما هي طرق الطعن المتاحة ضد الق اررات التأديبية التي يصرح بها‬
‫رئيس المجلس أو وزير العدل‬

‫و لم يبين المرسوم أيضا ما هي األخطاء التي يمكن أن تؤدي إلى تسليط عقوبة التوقيف أو‬
‫الشطب النهائي ‪ ،‬و ماهي األخطاء التي تسلط فيها عقوبتي اإلنذار و التوبيخ فقط ‪ ،‬و هل‬
‫‪1‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌25‬من‌المرسوم‌رقم‌‪‌058/01‬المؤرخ‌في‌‪‌58‬أكتوبر‌‪‌ 5001‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫تسلط هذه العقوبات على الخبير المعين قضائي ا وحده أم يمكن تسليطها حتى الخبير المعين‬
‫باتفاق األطراف يتحملوها أثناء ممارسة مهمتهم ‪.1‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬المسؤولية الجزائية للخبير العقاري‬

‫ال توجد مهمة قضائية أو غير قضائية بدون مسؤولية‪ ،‬و لو أن المشرع لم يجرم أفعاال معينة‬
‫خاصة بالخبراء ‪،‬باستثناء المادة ‪ 442‬من قانون العقوبات التي قصد بها المشرع الخبير‬
‫المعين من السلطة القضائية دون سواه في حالة إبدائه رأيا شفويا أو كتابيا كاذبا أو مؤيدا‬
‫لوقائع غير مطابقة للحقيقة‪.‬‬

‫أما فيما عدا ذلك فيتعن الرجوع إلى القواعد العامة‪ ،‬و بالتالي يكون الخبير مسؤوال جنائيا‬
‫عندما يخالف نصا من نصوص قانون العقوبات أثناء ممارسته لمهامه و لو أن التابعات‬
‫الجزائية ضد الخبراء محدودة و حاالت إدانتهم قليلة نسبيا‪.‬‬

‫و ال يمكن حصر الحاالت التي يتعرض فيها الخبير للمتابعة الجرائية‪ ،‬غير أن أهم هذه‬
‫الحاالت هي إفشاء السر المهني‪ ،‬و التصريح الكاذب أو اإلدالء بتقرير يعلم أنه غير مطابق‬
‫للحقيقة‪ ،‬و الرشوة‪ ،‬و الجروح الغير العمدية الناتجة عن عدم الحيطة و الحذر‪.‬‬

‫الفرع األول ‪:‬إفشاء السر المهني‪.‬‬

‫الخبراء الفضائيون ملزمون بواجب الحفاظ على السر المهني سواء كان ذلك في إطار الهام‬
‫المسندة لهم أو خارج هذا اإلطار فهم يندرجون ضمن الفئات المذكورة في المادة ‪ 410‬من‬
‫قانون العقوبات باعتبارهم المؤتمنين بحكم مهنتهم أو بحكم المهام المنوطة لهم على اسرار‬
‫‪2‬‬
‫أدلي بها إليهم أو اطلعوا عليها بمناسبة ممارسهم لمهامهم‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬القانون‌رقم‌‪‌85/58‬منشور‌بالرجرةدة‌الرسمة ‌رقم‌‪‌12‬الصادرة‌بتارةخ‌‪‌55‬رجوةلة ‌‪‌ 2858‬‬
‫‪2‬‬
‫‪‌-‬المادة‌‪‌085‬فقرة‌‪‌5‬من‌قانون‌العقوبا ‌ ‌‬

‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫كما تنص المادة ‪ 04‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 92/401‬المؤرخ في ‪ 01‬أكتوبر ‪0992‬‬
‫التعلق بشروط التسجيل في قوائم الخبراء القضائيين على أن‪ ((:‬الخبير القضائي هو‬
‫المسؤول الوحيد عن الدراسات و األعمال التي ينجزها‪.‬‬

‫و يمنع على الخبير القضائي أن يكلف غيره بمهمة أسندت إليه‪ ،‬و يتعين عليه في جميع‬
‫الحاالت أن يحفظ سر ما اطلع عليه ))‪.‬‬

‫و تنص المادة ‪ 02‬من نفس المرسوم على أنه‪ (( :‬يتعرض الخبير الذي يفشي األسرار التي‬
‫اطلع عليها أثناء تأديته لمهامه إلى العقوبات المنصوص عليها في المادة ‪ 414‬من قانون‬
‫العقوبات )) ‪.‬‬

‫و المالحظ أن هذا النص يفتقر للدقة‪ ،‬ألن المادة ‪ 414‬من قانون العقوبات المشار إليها تنم‬
‫على نوعين من العقوبات‪:‬‬

‫عندما يتم اإلدالء باألس ارر إلى أجانب أو إل جزائريين يقيمون في بالد أجنبية تكون العقوبة‬
‫هي الحبس من سنتين إل خمس سنوات و غرامة من ‪ 211‬الى ‪ 01.111‬دينار‪.‬‬

‫جزئريين يقيمون في الجزائر‪ ،‬تكون العقوبة هي الحبس من‬


‫و عندما يتم اإلدالء باألسرار إل ا‬
‫ثالثة أشهر إلى سنتتين و الغ ارمة من ‪ 211‬إلى ‪ 0.211‬دينار‪ .‬و المادة ‪ 02‬من المرسوم‬
‫رقم ‪ 92/401‬ال تبين أي من العقوبتين السالف ذكرهما ستطبق على الخبير الذي يفشي‬
‫أس ار ار اطلع عليها بمناسبة أدائه لمهمته‪.1‬‬

‫و من جهة أخرى فالمادة ‪ 414‬من قانون العقوبات تتعلق بإفشاء أسرار المؤسسات فقط‪ ،‬في‬
‫حي ن أن الخبرة مجالها أوسع إذ يشمل إل جانب المؤسسات الممتلكات العقارية و المنقولة‪ ،‬و‬
‫التحاليل المخبرية‪ ،‬و الطبية‪ ،‬و مضاهاة الخطوط والجواب النفسية و العقلية و الجسدية‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬أحمد‌فاضل‪،‬المررجع‌السابق‪،‬ص‪‌ 510‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫لألشخاص التطبيعين‪...‬و غيرها‪ ،‬و في أغلب هذه الحاالت ال تكون ثمة جدوى للتفرقة بين‬
‫إفشاء األس ارر ألشخاص أجانب أو جزائريين سواء مقيمين في الجزائر أو في بالد أجنبية‪.‬‬

‫و بناء على ذلك‪ ،‬نرى أن المادة ‪ 02‬من المرسوم رقم‪92/401‬السالف ذكرها كان من‬
‫األفضل أن تحيل فيما يخص العقوبة بالنسبة للخبراء إلى المادة ‪ 410‬من قانون العقوبات‬
‫بدال من المادة ‪ 414‬من نفس القانون‪.‬‬

‫و يتبين مما سبق أن الخبير الذي يفشي اسرار أو يدل بوقائع ذات طابع سري إلى أشخاص‬
‫آخرين غير القاضي و أط ارف الدعوى يكون مسؤوال جزائيا و يتعرض للعقوبة المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 410‬من قانون العقوبات‪ ،‬كما يتحمل المسؤولية المدنية الناتجة عن‬
‫مسؤوليته الجزائية‪.1‬‬

‫و بعض التشريعات تتوسع في تقييد الخبير بواجب عدم إفشاء السر المهني إذ ال تجيز له‬
‫أن يتناول في تقريره الكتابي أو في تصريحاته الشفوية إال المعلومات التي تحصل عليها‬
‫بطريقة قانونية و تتضمن توضيحات لعناصر تدخل ضمن المهمة النوطة به‪ ،‬و ال تسمح له‬
‫بكشف أية معلومات أخرى يكون قد توصل إليها بمناسبة قيامه بمهمته‪.2‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التصريح الكاذب أو اإلدالء بتقرير غير مطابق للحقيقة‬

‫إذ المادة ‪ 05‬من رسوم التنفيذي ‪ 92/401‬المشار إليه اعال تنص على أنه‪ ((:‬يتعرض‬
‫الخبير الذي يبدي رأيا كاذبا أو يؤيد وقائع يعلم أنها غير مطابقة للحقيقة إلى العقوبات‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 031‬من قانون العقوبات ))‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪‌-‬محكم ‌النقض‌الفرنسة ‌‪‌،‬الغرف ‌الرجنائة ‌‪‌،‬قرار‌بتارةخ‌‪‌،‌5000/85/51‬دالوز‌الدوري‌‪‌ 500‌،5000‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Marie- Anne Frison Rouche et denis mazeaud, L’ expertise, Themes et commentaires, 5001, éd. Dalloz, P 529‬‬
‫‪et s‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫و المادة ‪ 442‬المشار إليها تنص؛ (( الخبير المعين من السلطة القضائية الذي يبدي شفاهه‬
‫أو كتابة رأيا كاذبا أو يؤيد وقائع يعلم أنها غير مطابقة للحقيقة‪ ،‬و ذلك في أية حالة كانت‬
‫عليها اإلجراءات‪ ،‬تطبق عليه العقوبات المقررة لشهادة الزور وفقا للتقسيم المنصوص عليه‬
‫في المواد ‪ 030‬الى ‪. )) 032‬‬

‫و التقسيم المبين في المواد ‪ 444‬إلى ‪ 442‬المذكورة يميز بين ما إذا كانت شهادة الزور في‬
‫المواد الجنايات أم في مواد الجنح أم في مواد المخالفات أم في مواد اإلدارية المدنية و‬
‫‪1‬‬
‫اإلدارية‬

‫فتكون العقوبة هي السجن من خمس إلى عشر سنوات في الجنيات‪ ،‬و الحبس من سنتن الى‬
‫خمس سنوات و غ ارمة من ‪ 211‬إلى ‪ 5.211‬دينار في الجنح‪ ،‬و من سنة إلى ثالث‬
‫سنوات و غ ارمة من ‪ 211‬إلى ‪ 0.211‬دينار في المخالفات‪ .‬أما في المواد المدنية و‬
‫غرمة من ‪ 211‬الى ‪4.111‬‬
‫اإلدارية‪ ،‬فالعقوبة هي الحبس من سنتين إلى خمس سنوات و ا‬
‫دينار‪ .‬و إذا كان من ادلي بشهادة قد حصر مقابل تلك الشهادة على مبلغ مالي أو أية‬
‫مكافأة أو تلقى وعودا‪ ،‬فيجوز رفع العقوبة لتصبح على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬من عشرة إلى عشرين سنة سجنا في مواد الجنايات‪.‬‬


‫‪ ‬و عشر سنوات حبسا مع غ ارمة قدرها ‪ 02.111‬دينار في مواد الجنح‪.‬‬
‫‪ ‬و من سنتين الى خمس سنوات و غرامة من‪ 211‬الى ‪ 5.211‬دينار في مواد‬
‫المخالفات‪.‬‬
‫‪ ‬و عشر سنوات حبس مع غ ارمة قدرها‪ 2.111‬دينار في المواد المدنية و اإلدارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ ‌-‬بطاهر‌تواتي‪‌،‬الخبرة‌القضائة ‌في‌االحوال‌المدنة ‌و‌الترجارة ‌و‌االدارة ‌في‌التشرةع‌الرجزائري‌و‌المقارن‌‪‌،‬دةوان‌الوطني‌لالشغال‌التربوة ‪‌،‬‬
‫الرجزائر‪‌،2880‌،‬ص‪‌ 581‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬الرشوة‬

‫لقد ألغى المشرع الجزائري المواد من ‪ 041‬إلى ‪ 040‬من قانون العقوبات المتعلقة بالرشوة و‬
‫استغالل النفوذ‪ ،‬و استبدلها بالمواد من ‪ 42‬إلى ‪ 42‬من القانون رقم ‪ 10/11‬المؤرخ في ‪41‬‬
‫فبراير ‪ 4111‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪.‬‬

‫غير أن نصوص هذا القانون الجديد ال تشير إل فئة الخبراء ‪ ،‬و بالتالي ال تسري عليهم‪ ،‬و‬
‫يبقى هؤالء يخضعون ألحكام المواد من‪ 444‬الى ‪ 442‬من قانون العقوبات مع ظرف‬
‫التشديد إذا ثبت أنهم حصلوا على مقابل مالي أو مكافآت من أي نوع كانت او تلقوا وعودا‬
‫مقابل إدالئهم بآراء كاذبة أو تأييدهم لوقائع يعلمون أنها غير مطابقة للحقيقة‪.‬‬

‫و تطبق نفس األحكام على الخبير الذي يتعتد إعطاء رأي يهدف من ورائه إلى منح امتياز‬
‫ألحد األطراف على حساب الطرف اآلخر‪ ،‬أو يقوم ببعض العمليات أو بمنح عن القيام‬
‫بعمليات أخرى تحقيقا لمصلحة أحد األطراف‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬الجروح الناتجة عن عدم الحيطة و الحذر‬

‫يمكن تصور قيام المسؤولية الجنائية للخبير في حالة الجروح غير العمدية التي يسببها ألحد‬
‫األطراف خاصة أثناء إنجاز لمهمته ‪ ،‬متى ثبت أن ذلك ‪،‬كان بسبب إهماله أو ال مباالته أو‬
‫عدم مراعاته للحيطة و الحذر الالزمين و في هذه الحالة تطبق على الخبير أحكام المادة‬
‫‪ 429‬قانون العقوبات إذا كان العجز الناتج عن اإلصابة يتجاوز ثالثة أشهر‬

‫أما إذا كانت مدة العجز الذي أصاب الطرف التضرر أقل من ثالثة أشهر‪ ،‬فتطبق الفقرة‬
‫‪1‬‬
‫الثانية من المادة ‪ 224‬من نفس القانون‬

‫‪‌-1‬المادة ‪‌112‬فقرة‌‪‌ ‌2‬‬


‫‪46‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقيين الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬

‫خاتمة‬

‫‪47‬‬
‫خاتمة‬

‫الخاتمة ‪:‬‬

‫ان أهمية الخبي ر ودوره في القضاء إلنارة سبيل القاضي على أال يحيد عن روح القانون‬
‫يوما بعد يوم ‪ ،‬وذلك في ظل النهضة العلمية وعصر اإلكتشافات التكنولوجية وأخذت‬
‫تستقطب نظر المؤتمرات الدولية والتي تعرض الكثير منها إلى هذه األخيرة للدراسة‬
‫والتمحيص‪.‬‬
‫وتجدر بنا اإلشارة إلى أن الخبير ما هو إال مرآة يستعين بها القاضي ليعكس ويكشف عن‬
‫الحقيقة إ لى جانب غيرها من الوسائل التي يستعين بها لتحقيق العدالة في أجمل صورها ‪.‬‬
‫وينبغي أن ال ننسى أن المشرع الجزائري وعلى غرار غيره من المشرعين اولى إهتماما‬
‫بالغا لهذه اإلستشارة الفنية وحفظ حقوق وأتعاب القائمين بها ‪ ،‬إال أن هذا اإلهتمام يبقى‬
‫ضئيال مقارنة بما وصلت إليه الدول الغربية ‪ ،‬مما يؤكد أن التشريع الجزائري وان كان‬
‫يسعى جاهدا إلى الكمال إال أنه لم يستنفذ كامل الجهود إلعطاء الوجه األمثل والدور‬
‫البارز الذي تلعبه الخبرة القضائية ‪ ،‬خاصة وأنها صورة واضحة على مقدار التطور‬
‫العلمي‬

‫ومن خالل ما سبق ذكره فقد توصلنا إلى العديد من النتائج والمالحظات التي البد من‬
‫إبرازها والمتمثلة في ‪:‬‬

‫‪ ‬وجوب تعيين خبير في مجاالت محددة إذا نص القانون صراحة على ذلك أو في‬
‫القضايا التي اليمكن الفصل فيها دون إجراء خبرة‬
‫‪ ‬عدم إلزامية تقرير الخبير بالنسبة للقاضي كمبدأ عام ‪ ،‬إال أنه إستثناءا وفي‬
‫بعض النزاعات تكون الخبرة هي السبيل الوحيد في اإلثبات ومنه يكون القاضي‬
‫مجب ار على األمر بإنجازها واألخذ بنتيجتها ‪ ،‬والحجة له في إستبعادها‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫خاتمة‬

‫على الخبير أن يخضع أثناء تعيينه إلى عدة إجراءات أهمها أداء اليمين ‪ ،‬حيث‬ ‫‪‬‬
‫يصبح محل ثقة وائتمان وهذا ما يبرزه دوره ويجعله أساسيا في الدعوى ومكمال‬
‫لدور القاضي‬
‫إن مسؤولية الخبير عن أعماله وأخطائه المهنية قد تعرضه إلى الشطب من قائمة‬ ‫‪‬‬
‫الخبراء أو التعويض المادي دون اإلخالل بالمتابعات الجزائية ‪ ،‬هذا ما يجعله‬
‫حريصا على القيام بتقاريره بكل نزاهة ويوليها العناية الالزمة حتى تكون كالملة‬
‫ومستوفية لكل الشروط حتى تكون دليال صحيحا ومصد ار موثوقا لما تتضمنه من‬
‫نتائج‬

‫وكما سبق قوله فإن المشرع الجزائري ورغم إهتمامه بالخبرة القضائية إال أنه لم يعطيها‬
‫العناية والمكانة التي تليق بها ‪ ،‬ولم يسع إلى تطويرها مقارنة بتطور العلوم التي تعتمد‬
‫عليها خاصة أمام تزايد الحاجة إليها في الوقت الراهن لتطور طبيعة النزاعات المعروضة‬
‫على القضاء ‪ ،‬مما يجعل اإللتفات إلى ضرورة تطوير الخبرة القضائية أمر ضروري‬
‫وحتمي ويتجلى ذلك من خالل‬

‫‪ ‬ضبط إجراءات الخبرة بصورة دقيقة وذلك تجنبا إلطالة الفصل في النزاع وتخفيف‬
‫األعباء على المحاكم‬
‫‪ ‬تحديد الحاالت التي تكون فيها الخبرة إجبارية والحاالت التي تكون فيها إستشارية‬
‫فقط‬
‫وضع نظام لتوزيع المهام بين الخبراء كل حسب تخصصه وبصورة عادلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فسح المجال للخبير للقيام ببعض المهام التي لم يسطرها له القاضي والتي يراها‬ ‫‪‬‬
‫ضرورية وتخدم الموضوع وذلك بعد عرضها على القاضي‬
‫‪ ‬إجراء دورات تكوينية للخبراء لمسايرة التطورات العلمية‬

‫‪49‬‬
‫خاتمة‬

‫وأخي ار نتمنى أننا قد وفقنا في معالجة هذا الموضوع بهذا العرض المتواضع ‪ ،‬وتمكنا من‬
‫إثارة بعض الجوانب الهامة والمحاور الرئيسية فيه ‪ ،‬ونرجوا أن تستمر الدراسات في هذا‬
‫الموضوع وذلك لما تتميز به الخبرة من خصائص ومميزات ولتعدد مجاالتها‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫قائمة المراجع‬

‫باللغة العربية‬

‫أوال ‪ :‬الكتب‬

‫‪ .1‬اميل أنطوان ديرانين الخبرة القضائية ‪ ،‬المنشورات الحقوقية ‪ ،‬بيروت‪1711 ،‬‬

‫‪ .2‬بغاشي كريمة ‪ ،‬الخبرة القضائية في المواد المدنية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬‬

‫الجزائر‪2227 ،‬‬

‫‪ .3‬بطاهر تواتي‪ ،‬الخبرة القضائية في االحوال المدنية و التجارية و االدارية في‬

‫التشريع الجزائري و المقارن ‪ ،‬ديوان الوطني لالشغال التربوية‪ ،‬الجزائر‪2223 ،‬‬

‫‪ .4‬خالد الشؤقاوي السموي‪ ،‬الخبرة القضائية في ضوء المسطرة المدنية و االجتهاد‬

‫القضائي‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬المغرب‪،1771 ،‬‬

‫‪ .5‬عثمان آمال عبد الرحيم ‪،‬الخبرة في المسائل الجنائية ‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‬

‫‪ ،‬طبعة ‪ ، 1‬سنة ‪1794‬‬

‫‪ .9‬والئي بغدادي ‪ ،‬الخبرة القضائية في المواد المدنية‪ ،‬مطبعة دحلب‪ ،‬الجزائر‪1772،‬‬

‫‪ .1‬نصر الدين هنوني و نعيمة تراعي‪ ،‬الخبرة القضائية في مجال المتازعات القضائية‬

‫‪ ،‬دار هومة ‪2221 ،‬‬

‫‪ .1‬محمود توفيق إسكندر‪ ،‬الخبرة القضائية ‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬الجزائر‪2221 ،‬‬

‫‪ .7‬عبد العزيز سعد ‪ ،‬أبحاث تحليلية في قانون اإلجراءات المدنية ‪ ،‬دار هومة ‪،‬‬

‫الجزائر‪2221 ،‬‬

‫‪52‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫نعاش كريمة ‪ ،‬الخبة القضائية في المواد المدنية‪ ،‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪.12‬‬

‫الجامعية‪2227 ،‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مذكرات تخرج‬

‫‪ .1‬أحمد فاضل‪ ،‬الدور االيجابي للقاضي في الدعوى المدنية‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة‬

‫دكتوراه‪ ،‬جامعة الجزائر ‪2213-2212 ،1‬‬

‫ثالثا ‪ :‬القوانين و المراسيم ‪:‬‬

‫‪ .1‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪ 27-21‬المؤرخ في ‪،2221/22/25‬‬

‫‪ .2‬قانون اإلجراءات المدنية الفرنسي‬

‫رابعا ‪ :‬المحاكم‬

‫‪ .1‬قرار المحكمة العليا ‪ ،‬الغرفة التجارية و الحرية‪ ،‬بتاريخ ‪ 1717/23/25‬ملف رقم‬

‫‪ ، 55117‬المجلة القضائية ‪ ،1772‬عدد ‪114 ،4‬‬

‫‪ .2‬محكمة النقض الفرنسية ‪ ،‬قرار مدني بتاريخ ‪ ، 1744/4/17‬دالوز الدوري‪،‬‬

‫‪1744‬‬
‫‪ .3‬محكمة النفض الفرنسية ‪ ،‬قرار إجماعي بتاريخ ‪1791 ،1791/2/13‬‬

‫‪ .4‬قرار المحكمة العليا‪ ،‬الغرفة االجتماعية بتاريخ‪21‬جويلية‪1773‬ملف رقم‪،71114‬‬

‫المجلة القضائية‪ ،‬العدد الثاني ‪1774‬‬

‫‪ .5‬قرار المحكمة العليا الجزائرية ‪ ،‬الغرفة المدنية ‪ ،1773/21/21‬ملف رقم‬

‫‪ ،71114‬المجلة القضائية ‪1774‬‬

‫‪53‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫المراجع باللغة الفرنسية‬

1. SAGNOL Georges, Livre blanc de l’expertise judiciaire,


fev.2003
2. OLIVIER Michel, l’expertise judiciaire et le droit Revue
Experts n°15, 1994,
3. FRISON-ROCHE Marie-anne et MAZEAU Denis L’expertise,
thèmes et commentaires,éd.Dalloz Paris1995

54
‫الفهرس‬
‫الصفحة‬ ‫العناوين‬
‫شكر و تقدير‬
‫اهداء‬
‫أ‪.‬ب‪.‬ج‬ ‫مقدمة‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الخبير العقاري و تحديد مهامه‬
‫‪30‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬مفهوم اخلبري العقاري‬
‫‪30‬‬ ‫املطلب األول ‪ :‬مفهوم اخلبري العقاري و مركزه القانوين يف الدعوى‬
‫‪30‬‬ ‫املطلب الثاين ‪ :‬املعايري املعتمدة قضائيا يف تعيني اخلبري العقاري‬
‫‪30‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬تعيني اخلبري بأمر إستعجايل‬
‫‪30‬‬ ‫الفرع الثاين‪ :‬تعيني اخلبري بأمر على عريضة‬
‫‪03‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬مهام اخلبري العقاري و جماالته‬
‫‪03‬‬ ‫املطلب األول ‪ :‬مهام اخلبري العقاري‬
‫‪03‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬الضوابط اليت حتكم سلطة القاضي يف حتديد مهمة اخلبري‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع الثاين‪ :‬إمكانية تعديل مهمة اخلبري أثناء إجنازها‬
‫‪00‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬عدم جواز تكليف اخلبري بإجراء الصلح بني األطراف‬
‫‪01‬‬ ‫املطلب الثاين ‪ :‬حتديد جمال اخلربة و أجل إجنازها‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬حتيد الوقائع اليت تنصب عليها اخلربة‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع الثاين‪ :‬استبعاد املسائل القانونية من جمال اخلربة ‪.‬‬
‫الفص ـ ـل الثـ ــاني‪ :‬تقييم الخبرة المنجزة من طرف الخبير العقاري و تحديد مسؤولياته‬
‫‪11‬‬ ‫املبحث األول ‪ :‬تقييم خربة اخلبري العقاري‬
‫‪11‬‬ ‫املطلب األول ‪ :‬تقييم اخلربة من حيث املوضوع‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مدى حرية القاضي يف األخذ باخلربة أو عدم األخذ اها‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع الثاين ‪ :‬األمر خبربة أخرى‬
‫‪00‬‬ ‫املطلب الثاين ‪ :‬تقييم اخلربة من حيث الشكل‬
‫‪00‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬اإلطار القانوين للخربة و إجراءات الرجوع بعد اخلربة‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع الثاين ‪ :‬إجراءات إعادة السري يف دعوى بعد اخلربة‬
‫‪01‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬مسؤولية اخلبري العقاري‬
‫‪03‬‬ ‫املطلب االول ‪ :‬املسؤولية التأديبية للخبري العقاري‬
‫‪03‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬دور اهليئات القضائية يف مباشرة املتابعة الـتأديبية‬
‫‪00‬‬ ‫الفرع الثاين‪ :‬إجراءات املساءلة التأديبية‪.‬‬
‫‪01‬‬ ‫املطلب الثاين ‪ :‬املسؤولية اجلزائية للخبري العقاري‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬إفشاء السر املهين‪.‬‬
‫‪00‬‬ ‫الفرع الثاين ‪ :‬التصريح الكاذب أو اإلدالء بتقرير غري مطابق للحقيقة‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬الرشوة‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع الرابع ‪ :‬اجلروح الناجتة عن عدم احليطة و احلذر‬
‫‪01‬‬ ‫خامتة‬
‫قائمة املراجع‬
‫الفهرس‬

You might also like