Professional Documents
Culture Documents
الفصل الثاني
صياغة بيانات الحكم الجزائي
تتمث ل بيان ات الحكم الج زائي ك ل م ا يحتوي ه الحكم من بيان ات وعناص ر تتعل ق بمض مونه
وجوهره ,وتكون جزءًا ال يتجزأ منه ,والزمة لوجوده قانونًا ,وتتمثل بديباجة الحكم ومنطوقه وأسبابه
،ومن ثم ف أن مخالف ة ه ذه البيان ات أو اإلخالل به ا ق د ي ترتب علي ه نقض الحكم الج زائي في بعض
األحيان ،وعليه أن الحكم الجزائي البد أن يشتمل على بيانات هي الديباجة ومنطوق الحكم وأسبابه ،
إذا تشكل هذه البيانات مجموعًا واحدًا يًك مل بعضه بعضًا(.)1
إن مجرد اشتمال الحكم الجزائي على تلك البيانات ،انما يجعل منه حكم ًا جزائي ًا صحيحًا وموافق ًا
للق انون ،يش ترط ان يك ون ترتيبه ا بالش كل المق رر قانون ًا ،وم ع ذل ك ف ان ص ياغتها انم ا تختل ف من
(.)2
محكمة الى اخرى ،وحسب األسلوب المَتبع في صياغة اإلحكام الجزائية
ول ذا ،ف أن بيان ات الحكم الج زائي تتك ون من ديباج ة ومنط وق الحكم ،وأس بابه ،ول ذلك س وف يتم
تناوله في هذا الفصل تباعًا وفق مبحثين :األول سنتناول فيه صياغة ديباجة ومنطوق الحكم الجزائي ،
والثاني خصص لصياغة أسباب الحكم الجزائي .
المبحث األول
صياغة ديباجة الحكم الجزائي ومنطوقه
ُتعد ديباجة الحكم اإلجراء األول الذي يسبق األسباب مباشرة ,وتعد به مثابة التمهيد له ,والتعريف
،ل ذا يجب أن تتضمن ديباج ة الحكم الجزائي ()3
به بطريقة يمنع اللبس في ش أنه أو االختالط مع غير
معلومات كافية تستطيع من خاللها التعرف على موضوع الحكم الجزائي ومقوماته وبياناته .
أما فيما يخص منطوق الحكم الجزائي فهو اإلجراء األخير منه الذي يأتي في نهاية األسباب ,الذي
يشتمل على ما قضى به قضاء محكمة الموضوع بالدعوى الجزائية المرفوعة أمامها (.)1
استنادًا لما تقَدم فإننا سوف نتناول في هذا المبحث مطلبين ,األول :نخصصه ،لبيان مفهوم ديباجة
ومنطوق الحكم الجزائي ،وألهمية بيانات الديباجة سنتناولها بمطلب الثاني.
المطلب االول
تعريف ديباجة الحكم الجزائي ومنطوقه
إن الديباج ة هي الم دخل ال تي يس تهل ب ه الك اتب كتاب ه ،بينم ا تع د ص ياغة المنط وق الخالص ة
المنطقي ة للأس باب المؤدي ة للحكم ،وتس مى أيض ًا ( ألفق ره الحكمي ة)( ، )2ويتم بوس اطتها تعين المراك ز
القانونية ألطراف الدعوى ،ويترتب على ذلك جزء من الحكم الذي يح وز الحجية ,والذي ترد عليه
طرق الطعن التي حددها القانون( ، )3وُيعد منطوق الحكم حاص ل تط بيق النص القانوني على الواقعة ,
بحيث ال تخ الف وال تن اقض معه ا لكي يك ون الحكم ص حيحًا من حيث الص ياغة والإج راءات اللازم ة
إلصداره (.)4
في ضوء ذلك سأقسَم المطلب على ثالثة فروع ,أخصص األول :لمفهوم ديباجة الحكم الجزائي إّم ا
الف رع الث اني :فسأكرَس ه للتع رف على مفه وم منط وق الحكم ,والث الث :لمض مون منط وق الحكم
وإ جراءات تالوته وعلى النحو االتي :
الفرع االول
ديباجة الحكم الجزائي
)?(1د .رؤوف عبي د ،المش كالت العلمي ة الهام ة في االج راءات الجنائي ة ،ج ،2دار الفك ر الع ربي ،الق اهرة ،بال س نة
طبع ،ص.673
)?(2نبيل البياتي ،مصدر سابق ،ص.101
)?(3د .محمد نجيب حسني ،مصدر سابق .938 ،
)?(4د .عبد المنعم الشقراوي ،مصدر سابق ،ص .417
)(48 الفصل الثاني
يمثل التعرف على ديباجة الحكم ،أهمية كبيرة إذ البد من بيان ماهيتها وفق ماورد ذكرها في
التش ريعات ،وم ايعبر عنه ا فقه اء الق انون ،وعلى وف ق ذل ك س نتناول ه ذا الف رع بنقط تين :نخص ص
األولى للمفهوم التشريعي لديباجة الحكم ,و الثانية سنبحث فيها المفهوم الفقهي لديباجة الحكم .
اوال /المفه''وم التش''ريعي لديباج''ة الحكم :إن من المالح ظ عن د اس تقراء النص وص التش ريعية في
القوانين الجزائية ،العربية ،فإن المشرع لم يحدد ماهية ديباجة الحكم ،كما لم يضع تعريف ًا لها ،بل
إقتصر على تحديد البيانات الواجبة توافرها فيها .
فالمش رع المص ري نج ده ،ق د ع بَر عن الديباج ة ض منًا وفق ًا م اورد النص في الم ادة ( )276من
ق انون اإلج راءات الجنائي ة ال تي ج اءت به ا (يجب أن يح رر محض راً بم ا يج رى فى جلس ة المحاكم ة ,
ويوق ع على ك ل ص فحة من ه رئيس المحكم ة وكاتبه ا فى الي وم الت الى على األك ثر ،ويش تمل ه ذا
المحض ر على ت اريخ الجلس ة ،ويبَين ب ِه م ا إذا ك انت علني ة أو س ريه ،وأس ماء القض اة والك اتب
,وعضو النيابة العامة الحاضر بالجلسة ,وأسماء الخصوم والمدافعين عنهم ,وشهادة الشهود وأقوال
الخص وم ،ويش ار في ه إلى األوراق ال تي تليت ,وس ائر اإلج راءات ال تي تمت وت دون ب ه الطلب ات ال تي
قدمت أثناء نظر الدعوى ,وما قضى به في المسائل الفرعية ،ومنطوق األحكام الصادرة ،وغير ذلك
مما يجرى فى الجلسة)(.)1
بينم ا نالح ظ المش رع اللبن اني في ق انون أص ول المحاكم ات الجزائي ة ،ق د بين بيان ات الديباج ة في
المادة ( )235التي نصت على ان ( يجب إن يدون في محضر المحاكمة ،في مستهل كل جلسة ،أسماء
كل من رئيس المحكمة ومستشاريها ,وممثل النيابة العامة ,والكاتب ,وساعة افتتاح الجلسة ,وأن يوقع
هؤالء ,ما خال ممثل النيابة العامة ،على المحضر في نهاية كل جلسة، ...يملي الرئيس على الكاتب
ما يجب تدوينه).
أما فيما يخص المشرع العراقي ،فقد عبر ضمنًا عن بيانات الديباجة في المادة (/224أ) من قانون
اص ول المحاكم ات الجزائي ة ال تي نص ت على ان (أ – يش تمل الحكم أو الق رار على أس م القاض ي أو
)?(1الم ادة ( )276من ق انون االج راءات الجنائي ة المص رية ،وتقابله ا الم ادة ( )376من ق انون االج راءات الجنائي ة
الفرنسي.
)(49 الفصل الثاني
القضاة الذين أصدروه وأسم المتهم وبقية الخصوم ,وممثل االدعاء العام ,ووصف الجريمة المسندة إلى
المتهم ,ومادتها القانونية ,واألسباب التي استندت إليها المحكمة في إصدار حكمها ,أو قرارها وأسباب
تخفيف العقوبة ,أو تشديدها ,وأن يشتمل الحكم بالعقوبة على العقوبات الأصلية والفرعية التي فرضتها
المحكمة ,ومقدار التعويض الذي حكمت به على المتهم و المسؤول مدنيا عنه أن وجد ,أو قرارها برد
الطلب في ه ,كم ا ي بين في الحكم األم وال والأش ياء ال تي تق رر رده ا أو مص ادرتها أو إتالفه ا ,ويوق ع
القاضي أو هيئة المحكمة على كل حكم أو قرار مع تدوين تاريخ صدوره ويختم بختم المحكمة) ،أن
عدم ايراد تعريف محدد لديباجة الحكم الجزائي في النصوص التشريعية ،انما هو امر طبيعي ،اذا ال
يك ون من اختص اص المش رع ع ادة وض ع التع اريف في النص وص القانوني ة ب ل ي ترك ذل ك ع ادة للفق ه
والقضاء .
ثاني''ا /المفه''وم الفقهي لديباج''ة الحكم :ع رف فقه اء الق انون الج زائي الديباج ة تعريف ات عدي دة من
حيث المفهوم باتجاهين :أحداهما ض يق ,واألخر واس ع ،إذا فقد عرف االتجاه األول الض يق لديباج ة
الحكم ،كونه ا الأج راء األول في ص ياغة الحكم من قب ل محكم ة الموض وع ،وال ذي يس بق وي أتي قب ل
ورود الأسباب ،ويكون دليلًا وعنوانًا لما يريد تسبيبه ،إذ إنه يتضمن بيانات تفيد أن الحكم صادر من
هيأة مختص ة قانوناً بالفصل في نزاع قضائي بين خصوم معينين في مسألة معينة ( ،)1أو إنها (فاتحة
الحكم وعنوانه الذي يشهد بصدوره من محكمة مختصة في نزاع معين وضد متهم ما) (.)2
أما االتجاه الثاني الفقهي فأنه فقد أعطى لديباجة الحكم مفهومًا أوسع وأشمل ,وذلك باعتبار البيانات
الواردة فيها ,فيعرفها بأنها ،مقدمة الحكم الذي تستهدف التعريف به ببيان عناصره واستظهار مقوماته
من حيث التعرف على المحكمة التي اصدرت الحكم وتاريخ اصداره والدعوى التي صدر فيها وأسماء
أطراف الدعوى وبيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وتاريخ ومحل ارتكابها مع اإلشارة إلى نص القانون
الذي طبقه الحكم( ،)3أو إنها ذلك الجزء من الحكم الذي يأتي في مقدمته ,ويحتوي على مجموعة من
البيانات التي يكون الغرض منها التعريف بالحكم ,وهي تسبق أس بابه وتمهد له ا لتدل على أن الحكم
)?(1د .رؤوف عبي د ،ض وابط تس بيب االحك ام الجزائي ة وأوام ر التص رف في التحقي ق ،ط ، 3دار الجي ل للطباع ة ،
مصر ، 1986 ،ص.13
)?(2د .معوض عبد التواب ،االحكام واالوامر الجنائية ،دار المطبوعات الجامعية ،القاهرة ،1988 ،ص.76
)(50 الفصل الثاني
ص در من محكم ة مختص ة قانون ًا للفص ل في ن زاع م ا بين خص وم معي نين( ،)1ل ذلك ف إن ديباج ة الحكم
تش مل جمل ة بيان ات ،منه ا يجب أن يص در الحكم بأس م الش عب ،أو تص در من محكم ة مختص ة ،أو
غيرها (.)2
يت بين لن ا مم ا س بق بيان ه ،ب أن ديباج ة الحكم الج زائي م اهي اال اج راء يجب اتباع ه من قب ل
محكم ة الموض وع عن د اص دارها للحكم تك ون م دخًال الي ة ،وس ابقة لبي ان اس بابه ،وتحت وي على ع دة
بيانات يجب ادراجها فيها بشكل واضح ودقيق .
الفرع الثاني
تعريف منطوق الحكم الجزائي
لمعرفة منطوق الحكم الجزائي سنتناول هذا الفرع في نقطتين :نتناول في األولى منها تعريف
منطوق الحكم ,ونخصص الثانية لمعرفة أهمية منطوق الحكم الجزائي ,وعلى النحو اآلتي :
أوالً :تعريف منطوق الحكم :كم ا ه و الح ال بالنس بة لديباج ة الحكم ،ف أن المش رع الج زائي لم يح دد
تعريف ًا جامع ًا لمنطوق الحكم ،تارك ًا ذلك للفقة الجزائي ،والذي عرف منطوق الحكم بعدة تعاريف ،
اختلفت في التعب ير ،وتوح دت في المض مون ،أذ ع رُف بعض ُهم ،بأن ه ه و الج زء النه ائي من الحكم
ال ذي يش كل خالص ة بس يطة لمحت وى تفص يلي س ابق علي ه ,ويفصِح عن إرادة المحكم ة في موض وع
ال دعوى ليح وز حجي ة الش يء المقض ي في ه ,ويتلى علن ًا في الجلس ة المح ددة للنط ق ب الحكم( ،)3وع رف
على أَنه الجزء الثالث واألخير من الحكم ,والذي يتضمن النتيجة التي انتهت إليها محكمة الموضوع في
الدعوى الجزائية ,والدعوى المدنية التابعة لها من حيث الحكم بالبراءة ,أو اإلدانة والحكم بالتعويض من
)?(3د .محمود نجيب حسني ،الموجز في شرح قانون االجراءات الجنائي ة ،المحاكم ة والطعن في االحك ام ،دار النهض ة
العربية ،القاهرة ،1987 ،ص ،65 -64د .واثبة داود السعدي ،الوجيز في شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية،
مؤسسة حماد ،للدراسات والنشر والتوزيع ،االردن ،2003 ،ص.110
)?(1نبيل البياني ،مصدر سابق ،ص .86
)?(2المادة ( )128من الدستور العراقي الدائم لسنة ، 2005والمادة ( )6من ق انون التنظيم القض ائي المع دال رقم 160
لسنة .1979
)?(3د .مصطفى عبد المحسن ،مصدر سابق ،ص ، 707نسرين محسن نعمه ،مصدر سابق ،ص. 121
)(51 الفصل الثاني
عدم ه( ،)1كم ا ع رف بأن ه الق رار ال ذي انتهت إلي ه المحكم ة في األم ر المع روض ،س واء فيم ا يتعل ق
بالدعوى الجنائية ,أو المدنية إن وجدت ،وبهذا المنطوق تحدد حقوق الخص وم ( ،)2وك ذلك يع َر ف بأن ه
الجزاء األخير الذي يأتي في نهاية الأسباب ،والذي يشتمل على قضاء المحكمة في الدعوى ،ويفصل
في جمي ع الطلب ات المقدَم ة في ال دعوى من الخص وم ،وإن إغف ال الفص ل في إي طلب منه ا ،ي ؤدي
حتم ا إلى النقض ،والمنط وق يلي الأس باب ,ومن الج ائز تكمل ة المنط وق من أس بابه ؛ لأن كال منهم ا
متمم للأخ ر في الحكم ( ،)3ام ا م ا يخص القض اء فق د ،عرف ه ،بأن ه النتيج ة ال تي نتهت له ا المحكم ة ,
وهو القسم الرئيسي الذي يقبل التنفيذ ،ويتمتع بقوة القضية المقضية ،مما يترتب على إن خلو القرار
من منطوقه عيب جوهري يتصل بالنظام العام ،يترتب عليه نقض الحكم (.)4
ونعتقد بأن المراد من منطوق الحكم الجزائي هو الفقرة الحكمية المشار اليها في نهاية الحكم بعد
اس بابه ،لتحدي د النتيج ة ال تي توص لت اليه ا المحكم ة بع د المحاكم ة ،ب براءة المتهم أو الغ اء التهم ة
واالفراج عنه أو عدم مسؤوليته ،وتخضع للطعن من قبل أطراف الدعوى الجزائية .
ثانياً :أهمية منطوق الحكم :يعد منطوق الحكم الجزء األساسي في الحكم ،وهو الأكثر أهمية من
مقدمة منطقية لمنطوق الحكم الذي يتحدد ب ه المركز القانوني
األسباب ،لأن هذه األسباب ما هي إال َ
للخص وم ,وٌيع د الحكم ال ذي يخل و من المنط وق حكم ًا منع دماً ،إذ ليس للحكم وج ودٌ ق انونيٌ م ا لم يتم
شموله على المنطوق (.)5
)?(1د .عبد الوهاب حومد ،الوسيط في االجراءات الجزائية الكويتية ،ط ،2مطبعة جامعة الكويت ،بال ناشر وسنة طبع،
ص.205
)?(2د .محمد امين الخرشة ،تسبب االحكام الجزائية ،ط ،1دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ، 2011،ص. 30
(?) د .مع وض عب د الت واب ،نظري ة االحك ام في الق انون الجن ائي ،دار الكتاب ة الع ربي ،ب يروت ،1988 ،ص،96 3
د.رؤوف عبيد ،المشكالت العملية الهامة في اإلجراءات الجنائية ،مصدر سابق ،ص.673
( )2قرار محكمة التمييز االردنية المرقم 1506في ، 16/2/2004نقًال عن د .محمد امين ،مصدر سابق ،ص.29
)3(4د .محمد امين ،مصدر سابق ،ص ،29د .محمود نجيب حسني ،الوجيز في شرح قانون االجراءات الجنائية ،
مصدر سابق ،ص.937
5
)(52 الفصل الثاني
وي ترتب على أهميت ه منط وق الحكم خ روج ال دعوى الجزائي ة من ح وزة محكم ة الموض وع ,
ال إذا ألغي حكمها
وانقطاع صلتها بها ،فال يعود بإمكانها إعادتها إلى حوزتها لتصحيحها أو تعديلها ،إ َ
من قب ل جه ة الطعن ،أو يكن هنال ك خط أ م ادي ,أو حس ابي ،فيج وز للمحكم ة أن تع ود إلى ال دعوى
لتصحيح مثل هذه األخطاء (.)1
الفرع الثالث
مضمون منطوق الحكم الجزائي وإ جراءات تالوته
حيث يشترط للحكم الجزائي يكون له منطوق ،فانه يشترط في االخير أن يكون بمضمون محدد من
جهة ،وان تتم تالوت ُه بأجراءات معينة ،االمر الذي يستوجب لبيان مضمون الحكم الجزائي ابتداًء ،
وتحديد إجراءات تالوته ألحقًا ،وهذا ماسوف يتم تفصيله في هذا الفرع على النحو االتي :
أولًا :مضمون منطوق الحكم الجزائي :يعد لصحة منطوق الحكم توافر ضوابط معينة ,فمن حيث
مض مونه يجب أن يُح دد منط وق الحكم ن وع العقوب ة المحك وم به ا ومق دارها ,واحتس اب م دة الموقوفي ه
وهذا ما سارت عليه احكام القضاء العراقي أذ جاء في احد أحكام محكمة جنايات بابل بانه ( حكمت
المحكمة على المدان (خ ،ن،ع) بالسجن لمدة خمس عشر سنة استنادًا إلحكام المادة 422بداللة المادة
/421ج /ه عقوبات المعدل بأمر مجلس الوزراء رقم 3لسنة 2004وبداللة المادة 132/1عقوبات
. ()2
واحتساب مدة موقوفيته للفترة من 16/5/2013ولغاية ).. 10/3/2014
ف إذا ك ان منط وق الحكم الج زائي يقض ي باإلدان ة ,وجب أن ي ُذكر الحكم في منطوق ه الواقع ة
المستوجبة للعقوبة ،وأن يشار إلى النص القانوني الذي حُكم بموجبه ،وأن يحُدد نوع العقوبة المحكوم
بها ومدتها( ، )3وال يعيب على المنط وق أن ينص على العقوب ة المفروضة ,وال ُيحدد طريقة إتباعها أو
تنفي ذها ،بالنس بة للعقوب ات ال تي ت وجب إج راءات معين ة للتنفي ذ ،مث االً على ذل ك عقوب ة اإلع دام حيث
)?(1د .محمود نجيب حسني ،الوجيز في شرح قانون االجراءات الجنائية ،مصدر سابق ،ص ، 938د .احمد فتحي
سرور ،مصدر سابق ،ص.1134
)?(2قرار محكمة جنايات بابل المرقم / 215جزائية 2014/في ( 11/3/2014غير منشور).
)?(3د .محمد سعيد نمور ،مصدر سابق ،ص.515
)(53 الفصل الثاني
،وكما ()1
حدد قانون أصول المحاكمات الجزائية ،طريقة واحدة فقط ،وهي اإلعدام شنقًا حتى الموت
أش ار ق انون أص ول المحاكم ات العس كري إج راء تنفي ذ عقوب ة اإلع دام في الم ادة ( )104ال تي ج اَء به ا
(تنفذ عقوبة اإلعدام رميًا بالرصاص .)...
والمالحظ أن منطوق الحكم في مضمونه ,شأنه شأن بقيه أجزاء الحكم األخرى ,قد تشوبه بعض
العي وب ال تي ت ؤدي إلى نقض الحكم الج زائي ,ولع ل من أك ثر عي وب المنط وق ح دوثًا في الواق ع هي
تناقض ه م ع أس باب الحكم ،ويحص ل ذل ك التن اقض عن دما ينتهي الحكم في منطوق ة إلى مخالف ة األس باب
واضحة وصريحةً ,بحيث ال تؤدي الأسباب مطلقًا إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم في منطوقه
ً مخالفة
،ومثال ه أن تقض ي أس باب الحكم ب براءة المتًهم من التهم ة ,ثم ينتهي المنط وق إلى إدان ة المتهم وتحدي د
ارتكِبت عم دًا ثم يخ الف منط وق الحكم أس بابه ,
عقوبت ه ،أو ق د تش ير أس باب الحكم إلى إن الجريم ة ُ
ويؤكد على عدم توافر القصد الجنائي لدى الجاني ،وتطبيق ًا بذلك فقد قضت محكمة التمييز االتحادية
بأنه ( ...مما تقدم يظهر من مجريات الحادث أن المتهمة هي التي تشاجرت مع المجنى علية وانها بعد
الشجار قامت بقتله بعد تأكدها من نومه حيث قامت بقتله بعد ان هيئات السالح بالصورة المتقدمة وان
حالة النوم تنهي مقاومة المجنى عليه وبذلك يكون القتل الواقع مع سبق االصرار وان ادانة المحكمة
له ا وف ق الم ادة ( )405عقوب ات والحكم عليه ا بموجبه ا غ ير ص حيح لتحق ق ظ رف س بق االص رار في
الفع ل ....ق رر نقض كاف ة الق رارات الص ادرة بال دعوى واعادته ا الى محكمته ا الجراءالمحاكم ة بح ق
المته ة وف ق أحك ام الم ادة (/406/1أ) من ق انون العقوب ات ,)2( )....وك ذلك الش أن ل و أدانت المحكم ة
المًتهم بجريم ة أخ ف مم ا ورد من أس باب ,ك أن ت ذكر عن د عرض ها للواقع ة بأنه ا ك انت حي ازه م واد
ُ
مخ درة بقص د االتج ار به ا ,ثم يق رر منطوق ه ب أن اس تعمال الم واد المخ َدرة ك ان بقص د االس تعمال
الشخصي دون ان ترفع ذلك التناقض ,مما يؤدي إلى نقض الحكم الصادر عنها ,وذلك بسبب االرتباط
الوثي ق بين المنط وق واالس باب ,ب ل ه و النتيج ة المترتب ة عليه ا ,ل ذا يجب أن ي أتي متوافق ًا معه ا ,ف إن
خالفها أصبح مستوجبًا للنقض(.)3
)?(1المادة ( )288من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي .
)1(2قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم / 1838الهيأة الجزائية الثانية 2007 /في ( 2007 /5/ 20غير منشور ).
)?(3د .محمد علي الكيك ،مصدر سابق ،ص ،194نسرين نعمه ،مصدر سابق ،ص. 120
)(54 الفصل الثاني
أما بالنسبة للتناقض الحاصل بين المنطوق واألسباب القانونية للحكم ,فال ُيعتَد به ,طالما لم يؤثر في
النتيجة التي انتهى إليها الحكم ,وكذا الحال بالنسبة للتناقض الحاصل بسبب االخطاء المادية التي تشوب
الحكم عند تدوينه كالخطأ عند ذكر أسماء الخصوم ,أو الخطأ في مبالغ التعويض والغرامات المحكوم
به ا ,فه ذه ال ت ؤثر على ص حة الحكم ,ويمكن تص حيحها ب إجراءات تص حيح االخط اء المادي ة ( ،)1وق د
يش وب منط وق الحكم بعض الغم وض ,وأن ك ان ص حيحًا من الناحي ة القانوني ة ,فهن ا يج وز للجه ة
المختصة بتنفيذه أن تستوضح من المحكمة التي أصدرت الحكم لتفهيم ذوي العالقة ,دون اإلخالل بتنفي ذ
الج زء الواض ح من ه ،حيث نص ت الم ادة ( )10من ق انون التنفي ذ ق انون التنفي ذ الع راقي رقم 40لس نة
1980المعدل على ان ( للمنفذ العدل ،ان يستوضح من المحكمة التي اصدرت الحكم عما ورد فيه من
غموض ،واذا اقتضى االمر صدور قرار منها افهم ذوو العالقة بمراجعتها دون االخالل بتنفيذ ما هو
واضح من الحكم الواجب التنفيذ).
يالحظ أنه يجب إن يتطابق مضمون منطوق الحكم المكتوب مع المنطوق الذي حصل شفويًا،
ويبطل الحكم أذا جاء منطوق ه مخالف ًا لما حصل النطق ب ه شفويًا ،ذل ك ألنه نسخة قرار الحكم ليست
إال تسجيل لما نطقت به المحكمة شفويًا.
ثاني'ًا :إج''راءات تالوة منط''وق الحكم :يُتلى منط وق الحكم علن ًا بع د تحري ره ,وه ذا م ا نص ت علي ه
الم ادة ( )1167من ق انون االج راءات الجنائي ة الفرنس ي ،حيث يجب أن يُتلى المنط وق على م رأى من
ويتلى الحكم من الرئيس بصوتٍ مرتفع (.)2
الجمهور ُ ،
وكما جاء المشرع المصري في المادة ( )302من قانون اإلجراءات الجنائية ،مؤكدًا صدور الحكم
بصوره علنية ،بعد التحرير ,أذ نصت على ان ( يصدر الحكم فى الجلسة العلنية ،ولو كانت الدعوى
نظرت فى جلسة سرية ،ويجب إثباته في محضر الجلسة ,ويوقع عليه رئيس المحكمة والكاتب،)....
ونج د أيض ًا في م ادة أخ رى أن المش رع المص ري أك د تحري ر منط وق الحكم بع د تالوت ه في الم ادة (
)276ال تي نصًت على (....وت دون ب ه الطلب ات ال تى ق دمت أثن اء نظ ر ال دعوى وماقض ى ب ه فى
المسائل الفرعية ،ومنطوق األحكام الصادرة ،وغير ذلك مما يجرى فى الجلسة.) ...
وأك د المش رع الع راقي على أن يتلى منط وق الحكم علن ًا بع د تحري ر في الم ادة (/223أ) من ق انون
أص ول المحاكم ات الجزائي ة الع راقي ,على أن ه ( تختلي المحكم ة لوض ع ص يغة الحكم ,أو الق رار في
الجلسة المعينة لإصداره ,وبعد الفراغ من وضعهِ ,تستأنف الجلسة علناً ,وتتلى صيغته على المتهم ,أو
يفهم بمض مونه) ،يُفهم من ه ذا النص أن تتم ق راءة منط وق الحكم بص وتٍ مرتف عٍ على م رأى ومس معٍ
من الحاض رين في الجلس ة المخصص ة ل ذلك ،وه و أم ر يف ترض ب أن الحكم تمت كتابت ه بالص يغة ال تي
فرضها القانون ,وفي ضوء ما يرتأيه القاضي أو هيأة المحكمة ،والمالحظ أن منطوق الحكم هو أمر
وجوبي بموجب النص السابق ,وبالتالي فهو من موجبات صدور الحكم الجزائي ,على أن يتم تحرير
ذلك بمحضر ينظم من المحكمة يخصص لتالوة قرار الحكم .
يت بين من نص وص الم واد أعاله وج وب ت وافر ش رطين لص ياغة منط وق الحكم الج زائي ,اوًال :أن
يكون علنًا سواء كانت جلسات المحاكمة علنية (وهو األصل ) أم سرية ,بناء على قرار من المحكمة
من تلقاء نفسها ,أو بناء على طلب أحد الخصوم بهدف المحافظة على النظام العام ,أو مراع اة لآلداب،
ثانيًا :أن يكون منطوق الحكم بعد تحرير مسوًدته وكتابة أسبابه الموجبة في الجلسة المحددة لذلك ،وأن
يكون بعد التوقيع عليه من قبل القاضي ,أو من رئيس الهيأة وأعضائها قبل النطق به.
المطلب الثاني
صياغة بيانات ديباجة الحكم
إن ديباج ة الحكم تتض من المعلوم ات الكافي ة ال تي يمكن التع رف من خالله ا على موض وع الحكم
ومقوماته ,وتتجلى هذه المعلومات في صورة عدة بيانات اشترط المشرع ذكرها في الديباجة ،يستلزم
األمر عرض هذه البيانات ,وتوضيح أثر كل منها على صياغة صحة الحكم الجزائي.
استنادًا لما تقدم سنتناول هذا المطلب في فرعينُ :يخصص األول للبيانات التي تخص المحكمة في
ديباج ة الحكم ,ونتط رق في الف رع الث اني :لبيان ات تخص اط راف ال دعوى الجزائي ة في ديباج ة الحكم
الجزائي.
)(56 الفصل الثاني
الفرع االول
البيانات التي تخص المحكمة في ديباجة الحكم
لديباجة الحكم الجزائي ،العديد من البيانات الواجب توافرها فيها ،بشكل مفصل ال لبس فيها وال
غم وض ،بحيث يمكن من خالله ا التع رف ح ول م دى ص حة ص ياغة الحكم الج زائي من عدم ه ،وأن
البيانات الواجب توافرها في ديباجة الحكم تتمثل باالتي :
أوًال :بيان اسم المحكمة التي أصدرت الحكم في ال''دعوى :يجب أن تتض من ديباج ة الحكم الج زائي
اس م المحكم ة ال تي أص درته ،والغاي ة من ه ذا البي ان تكمن في مراقب ة م دى ص حة ص ياغة
الحكم ,وصدوره من هيئة قضائية مختصة بالفصل في نزاع بين خصوم معينين في مسألة معينة (.)1
ويالح ظ ب أن المش رع اللبن اني ق د أوجب بي ان اس م المحكم ة ال تي ص درت الحكم ،وذل ك لغ رض
مراقب ة م دى ص حة ص دور الحكم الج زائي من محكم ة مختص ة بإص داره في ن زاع بين الخص وم عن
مسألة معينة(.)2
أم ا المش رع الع راقي فق د أوجب إتب اع قواع د االختص اص لتعين ذك ر المحكم ة ،حيث اعتبره ا
أساس إصدار الحكم الجزائي (.)3
)?(1د .احمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون االجراءات الجنائية ،مصدر سابق ،ص.843
)?(2يالح ظ الم ادة ( )194من ق انون أص ول المحاكم ات اللبن اني ال تي نص ت على (إص دار الحكم وبيانات ه بع د خت ام
موقعا من القاضي
ً المحاكمة يصدر القاضي المنفرد حكمه في آخر الجلسة ,أو في جلسة الحقة ,إذ يجب إن يكون الحكم
ومن الكاتب ومذيال بتاريخ صدوره .....يجب ان يذكر فيه السند القانوني الذي بموجبه وضع القاضي المنفرد يده على
ال دعوى ...... .ال يج وز ل ه ان يتط رق في حكم ه الى وق ائع لم ي دع به ا او الى اش خاص لم ي دع عليهم) ،ام ا الم ادة (
)274فقد نصت (....يجب ان يشتمل حكم محكمة الجنايات على ما يأتي :أ -ذكر قرار االتهام الذي بموجبه وضعت
المحكمة يدها على الدعوى واالشارة الى ادعاء النيابة العامة امامها وفقا لقرار االتهام.)....
)?(3المادة ( ) 138من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي التي حددت انواع المحاكم واختصاصاتها حيث نصت
على ان (ا – تختص محكمة الجنح بالفصل في دعاوى الجنح والمخالفات ويجوز تخصيصها بالفصل في دعاوى الجنح
= = وحدها او في المخالفات وحدها ،ب – تختص محكمة الجنايات بالفصل في دعاوى الجنايات وبالنظر في دعاوى
الج رائم االخ رى ال تي ينص عليه ا الق انون ،جـ -تختص محكم ة التمي يز ب النظر في االحك ام والق رارات الص ادرة في
الجنايات والجنح وفي القضايا االخرى التي ينص عليها القانون) ،وتقابلها المواد ( ) 216-215من قانون االجراءات
الجنائية المصري حيث نصت المادة ( )215على انه ( تحكم المحكمة الجزئية فى كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة
)(57 الفصل الثاني
وقد أوجب الفقه الجزائي بأن يتضمن الحكم اسم المحكمة التي أصدرته ،لغرض معرفة فيما اذا قد
ص در من هي أة قض ائية مختص ة ,من عدم ه ،بحيث ي ترتب على إغف ال ذل ك البي ان جهال ة في الحكم
الج زائي( ،)1وتطبيق ًا ل ذلك ,ق د قض ت محكم ة اس تئناف باب ل بص فتها التمييزي ة ب أن(( ...ق رار محكم ة
الجنح غير صحيح ومخالف للقانون ,وذلك لعدم مراعاة قواعد األختصاص ,حيث إن طرفي الدعوى
من إف راد الش رطة ,وان المحكم ة المختص ة بمح اكمتهم هي محكم ة ق وى الأمن ال داخلي بم وجب الم ادة
/25اوال /أ من قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى االمن الداخلي رقم 17لسنة .)2())2008
وقد استقرت أحكام القضاء المصري على وجوب بيان أسم المحكمة التي صدرت الحكم الجزائي في
ديباجت ه ،كون ه من البيان ات الجوهري ة ،أذ إن خل و الحكم الج زائي من ه ي ؤدي الى جهالت ه ،ويك ون
عرضة للنقض (.)3
يت بين لن ا أن بي ان أس م المحكم ة ال تي اص درت الحكم يع د من البيان ات الجوهري ة للحكم الج زائي ،
والغاي ة من اس م المحكم ة ؛ كونه ا تُع د من النظ ام الع ام ،وارتباطه ا بقواع د االختص اص ،لتحدي د
المحكمة التي لها الوالية بصدور الحكم ،و يعرج على ذلك في الواقع العملي أنها تعتبر من المسلمات
ال تي يمكن اس تكمالها ,أو معرفته ا من محاض ر الجلس ات ,وال تي ت أتي غالب ًا في المح اكم في ص يغة
( تش كلت محكم ة جناي ات ،)..إال أن ه ال يمكن إغفاله ا كم ا تم بي ان ذل ك مس بقًا ,حيث ُتع د اإلج راءات
الجوهرية في الصياغة.
أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير األفراد ) ،اما المادة ( )216نصت
على ( تحكم محكمة الجنايات فى كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التى التى تقع بواسطة الصحف أو
غيره ا من ط رق النش ر ع دا الجنح المض رة ب أفراد الن اس وغيره ا من الج رائم األخ رى ال تى ينص الق انون على
إختصاصها بها )
)?(1د .فوزية عبد الستار ،شرح قانون االجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،1986 ،ص ،621محمد
علي سالم الحلبي ،الوسيط في شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية ج ، 3المحاكمات وطرق الطعن في االحكام ،
دار الثقافة ،عمان ، 1996،ص.184
)?(2قرار محكمة استئناف بابل االتحادية بصفتها التميزية الع دد / 70ت /جزائي ة 2014 /في ( 2014 /2/ 11غ ير
منشور )
)?(3نقض مص ري رقم 180في ، 2/12/1981مجموع ة أحك ام محكم ة النقض ،س ، 32ص ،1029نقال عن د.
محمد سعيد نمور ،اصول االجراءات الجزائية ،ط ،1دار الثقافة ،عمان ، 2005،ص.499
)(58 الفصل الثاني
ثاني 'ًا :بي''ان الس''لطة العلي''ا ال''تي يص''در باس''مها الحكم في ال''دعوى :ورد ه ذا البي ان في الكث ير من
دس اتير الدول( ، )1وكم ا ورد في القوانين الداخلية لذلك ك ان من الضروري أن نعرج علي ه في بيانات
صياغة الحكم الجزائي.
إذا تن اول المش رع الع راقي بق انون التنظيم القض ائي الع راقي في الم ادة ( )6ال تي نص ت على أن ه
(تصدر اإلحكام ,وتنفذ باسم الشعب ) ،وهناك من يرى أن هذا البيان من البيانات الجوهرية المتعلقة
فقده عنصرًا من عناصر وجوده قانون ًا ,مما
بصياغة ذاتية الحكم ,لذا ف إن خلو الحكم من هذا البيان ُي ُ
ي ترتب نقض ه ,كون ه يتعل ق بالنظ ام الع ام ,وذل ك اس تنادًا إلى المب دأ الدس توري ال ذي يقض ي ب أن الش عب
مص در الس لطات ,فالقض اء عن دما يم ارس وظيف ة الفص ل في المنازع ات ,والحكم في ال دعوى ,إنم ا
يمارسها بالوكالة عن الشعب ,وبالتالي يقرر حكم الشعب فيها ,وليس رأيه الشخصي(.)2
فقد اختلف الفقة الجزائي ،حول االثار المترتبة على عدم ايراد السلطة العليا في الحكم الجزائي ،فقد
اتج ة ج انب من الفق ه إلى وج وب ذك ر ذل ك البي ان ،باعتب ار أن ص دور اإلحك ام باس م الش عب ش رط
لص حتها ,وه و ال ذي يكس ب الحكم ش رعيته ،وي ترتب على مخالف ة ذل ك حس ب ه ذا ال رأي أن يك ون
الحكم الجزائي فاقدًا ألحد مقوماته ووجوده ،ويجعله عرضه للنقض (.)3
في حين ذهب جانب من إح د الفقه اء إلى أن عدم ذكر البي ان أعاله ال يجع ل من الحكم الجزائي
معرض ًا للنقض ،باعتب ار إن ص دور الحكم الجزائي باسم الش عب إنما هو أمر مفترض ،وهو ناشىء
عن أص ل دس توري ،وإ ن إي راده في الحكم الج زائي ه و كاش ف ل ه ،وأن ذل ك البي ان ال يتعل ق بحق وق
)?(1ورد نص البيان العدي د من دس اتير ال دول ،ينظ ر الم ادة ( )128من الدس تور الع راقي ال دائم لع ام ،2005الم ادة (
)100من الدس تور المص ري لع ام ،2014الم ادة ( )20من الدس تور اللبن اني لع ام 1926المع دل ،الم ادة ( )27من
الدستور االردني لعام .2012
)?(2عب د االم ير العكيلي ،د .س ليم حرب ة ،مص در س ابق ،ص ،180د .ج واد ال رهيمي ،البطالن في ق انون اص ول
المحاكم ات الجزائي ة ،ط ،2المكتب ة القانوني ة ،بغ داد ، .2006 ،ص ، 293د .الطيب ب رادة ،اص دار الحكم الم دني
وص ياغته الفني ة في ض وء الفق ه والقض اء ،مطبع ة المع ارف الجدي دة ،دار نش ر المعرف ة ،الرب اط ،1996 ،ص -432
، 433نسرين نعمة ،مصدر سابق ،ص .106
)?(3د.احم د فتحي س رور ،الوس يط في ق انون االج راءات ،مص در س ابق ،ص ،116د.رؤوف عبي د ،المش كالت
العمليه ،مصدر سابق ،ص640
)(59 الفصل الثاني
الخصوم ,كما ال يؤثر على دفاعهم ،وأن إغفال ذكره في الحكم إنما يجعله خطأ مادي ًا يمكن تصحيحه
بالطرق القانونية(.)1
أم ا عن اإلحك ام القض ائية الص ادرة به ذا الص دد ،فأنن ا لم نج د ,بع د االطالع على بعض اإلحك ام
للقض اء الع راقي ,إلى م ا يش ير لنقض الحكم الج زائي ,لخل و من ذك ر ه ذا البي ان أعاله ،وذل ك الن ه ذا
البيان أمر مفترض ومشار عليه بالدستور ,وال حاجة للنص عليه بصورة صريحه ,فالسلطة القضائية
هي إحدى السلطات العامة في الدولة ,والمخولة بموجب الدستور حسم النزاعات المعروضة عليها ,
وإ صدار اإلحكام باسم الشعب ،ولم أجد فيما اطلعت عليه من القرارات الحديثة للقضاء العراقي قرارًا
بنقض الحكم الجزائي الخالي من هذا البيان .
أما فيما يخص القضاء المصري فقد استقرت أحكامه على أن خلو الحكم من هذا البيان ,ال
ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته وال يترتب نقضه ،ذلك ألنه يُع د من األصل الذي ينهض عليه نظام
الدولة ،كشأن األصل الدستوري الذي يقتضي بأن اإلسالم هو دين الدولة(.)2
نحن بدورنا نعتقد بأن هذا البيان غير مؤثر مما لمسنا من خالل متابعتنا لموضوع رسالتنا في
المحاكم ,في صياغة الحكم الجزائي بالصيغة النموذجية ؛ ألنه يُع د أمرًا مفترض ًا بقوة القانون صدور
االحكام باسم الشعب ،وأن السلطة القضائية مخُو لة مسبقًا بأن تصدر إحكامها باسم الشعب ،واغفال
هذا البيان بمكان تصحيحه والرجوع إليه ألنه ال يؤثر في صياغة الحكم الجزائي.
ثالث''ًا :بي ''ان أس ''ماء القض ''اء ال ''ذي حكم في ال ''دعوى :يجب أن يتض من الحكم الج زائي على أس م
القاض ي أو القض اة ال ذين اش تركوا في تش كيل المحكم ة ,واص دار الحكم ،حيث ي رد ه ذا البي ان في
مقدمة الحكم الجزائي الصادر من محكمة الموضوع ،وقد ورد النص عليه صراحة المادة ( /224أ)
من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي بأن (يشتمل الحكم أو القرار على اسم القاضي أو القضاة
الذين اصدروه واسم المتهم وباقي الخصوم وممثل االدعاء العام ،...،ويوقع القاضي او هيئة المحكمة
على كل حكم او قرار مع تدوين تاريخ صدوره ويختم بختم المحكمة).
)?(1د .حامد الشريف ،بطالن الحكم في المواد الجنائية ،دار الكتب القانونية ،مصر ، 2003 ،ص. 90
)?(2ق رار محكم ة النقض المص رية في ه ذا الش أن رقم 2358في ، 1985 /1 / 24نقآل د .مع وض عب د الت واب،
نظرية االحكام في القانون الجنائي ،مصدر سابق ،ص.308
)(60 الفصل الثاني
و يكفي الستيفاء هذا البيان ذكر أسماء أعضاء هيأة المحكمة في مقدمة الحكم دون حاجة لتكراره في
نهاي ة الحكم ؛ألن أس اس ه ذا البي ان معرف ة القض اه ,ح تى إذا ورد في محض ر الجلس ات( ،)1وفي حال ة
حصول خطأ في ذكر اسم القاضي أو إحدى قضاة هيأة المحكمة التي أصدرت الحكم ،فأن ذلك يعد
خطأ مادي ًا يمكن تصحيحه بأتباع الطرق المقررة قانون ًا ،إما إذا لم يكن باإلمكان تصحيح هذا الخطأ
,أو أن اس م القاض ي ال ذي أص در الحكم لم ي ذكر بص ورة مطلق ة ولم ي رد في محض ر الجلس ات ؛ألن
محضر الجلس ات مٌك م ل للحكم في م ا يخص هذا البيان ،برغم أن ه كان حاضرًا يٌع د قصورًا في ذكر
. ()2
بيان جوهري في صياغة الحكم ,فأن ذلك يجعل صياغة الحكم معٌر ضة للنقض
وتطبيق ًا ل ذلك قض ت محكم ة اس تئناف باب ل بص فتها التميزي ة على ان ه ( ...وج د أن ق رار المحكم ة
غ ير ص حيح ومخ الف للق انون ,وذل ك لأن ه ق د ج اء خالي ًا من اس م القاض ي عن د توجي ه التهم ة ,وه ذا
مخالف ألحكام المادة (/187أ) أصول المحاكمات الجزائية )( ، )3وإن مجرد الخطأ المادي في اس م أح د
القضاة ,أو عند ذكر اسم أحد قضاة المحكمة في ديباجة الحكم خطأ ,على رغم من كونه لم يشترك في
عملي ة اصدار الحكم ,ف أن هذه االخط اء المادي ة يمكن تص حيحها مما هو ث ابت في محاضر الجلسات,
وال يترتب نقض الحكم ،كون باألمكان تصحيح هذا الخطأ (.)4
أما بالنسبة لممثل االدعاء العام ,فيجب أن ُيذكر اسمه أيضًا في ديباجة الحكم ,إال إن إغفاله ال
يترتب عليه نقض الحكم ,طالما ثبت من محاضر الجلسات أنه كان حاضرًا فيها ,وأبدى رأيه وطلباته
فيها ,وان المتهم ال يدعي عدم حضوره(.)5
أن من المالحظ على ذكر النيابه العامة من عدمه ,احدى الفقهاء قد اورد وجب المشرع المصري
ذك ر النياب ة العام ة في ديباج ة الحكم الج زائي ،إال إن إغف ال ذل ك البي ان ال ي ترتب علي ه نقض الحكم
الجزائي ،بأعتبار الغرض من ذلك اطالع النيابة العامة على الدعوى الجزائية ،انطالقًا من مبدأ وحدة
النيابة العامة فيها(.)1
وهذا ماسار عليه المشرع اللبناني في المادة ( )235من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني
لسنة 1948التي جاء فيها بيانات محضر المحاكمة الجنائية ( يجب ان يدون في محضر المحاكمة ،في
مس تهل ك ل جلس ة ،اس ماء ك ل من رئيس المحكم ة ومستش اريها وممث ل النياب ة العام ة والك اتب وس اعة
افتتاح الجلسة وان يوقع هؤالء ما خال ممثل النيابة العامة ،على المحضر في نهاية كل جلسة .اذا اغفل
اح دهم التوقي ع ك انت الجلس ة باطل ة .ت دون في المحض ر جمي ع اج راءات التحقي ق والمحاكم ة .يملي
الرئيس على الكاتب ما يجب تدوينه)(.)2
الفرع الثاني
بيانات تخص اطراف الدعوى الجزائية في ديباجة الحكم الجزائي
أذا كانت البيانات المشار اليها في الفرع االول ،تمثل بيانات تمهيدية لديباجة الحكم الجزائي ،
فأن هنالك بيانات اساسية يجب ادراجها في مضمون تلك الديباجة ،بحيث تكون مدخًال واضحًا للحكم
الجزائي ،يمكن ايجاز تلك البيانات باالتي :
أوال :بي''ان أس''ماء الخص''وم في ال'دعوى :تب دأ المحاكم ة ع ادة بت دوين هوي ة الط رفين أي المش تكي
والمتهم ،ب ذكر االس م الكام ل والتول د والعم ل ومح ل الس كن ،وفق ًا لم ا ورد علي ه نص الم ادة ( /224أ)
من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي ،فأن من البيانات التي يجب ذكرها في الحكم الجزائي
هو اسم المتهم وأسماء الخصوم في الدعوى الجزائية.
وبق در تعل ق األم ر بالق انون المق ارن ،ف إن المش رع الفرنس ي ق د أوجب على رئيس المحكم ة أن
يسأل المتهم عند مثوله إمام المحكمة عن اسمه وشهرته ,وفيما إذا كان قد كلف محامي ًا لدفاع عنه من
)?(1د .عصام شكيب صعب ،بطالن الحكم الجزائي ،مشورات الحلبي ،ط ،1لبنان ، 2007،ص. 293
)?(2المادة ( )235من قانون اصول المحاكات الجزائية البناني.
)(62 الفصل الثاني
عدم ه ،وه و االتج اه ذات ه ال ذي س ار علي ه المش رع المص ري ال ذي أوجب أيض ا على رئيس المحكم ة
سؤال المتهم عن هويته لغرض االستدالل عليه (.)1
ونحن ب دورنا نعتق د أن المش رع الع راقي ك ان موفق ًا ب أدراج كاف ة المعلوم ات عن المتهم لغ رض
إزال ة م ا يمكن إن يع تري اس م المتهم من غم وض ,أو حص ول الغل ط في ه ،بحيث يك ون الحكم الص ادر
بحقه قاطع الداللة بالنسبة ألطراف الدعوى الجزائية.
وبذلك قضت محكمة التمييز االتحادية بنقض قرار محكمة جنايات بابل المتضمن (اإلفراج عن
المتهم (ع.ي.ج) كون قد ( ...لوحظ بأنه لم يرد في ورقة التهمة مايش ير الس م المتهم ،)2()..كم ا قض ت
أيض ا بنقض ق رار محكم ة جناي ات باب ل المتض من ( ...إلغ اء التهم ة الموجه ه للمتهم (ظ.ر.ي) ك ون
شاهدًا اإلثبات بينا بأن المتهم المذكور ليس المقصود وإ نما لديه شقيق يدعى (ي.ر.ي) فكان المقتضى
،وبدورها قضت محكم ة اس تئناف باب ل بص فتها التمييزي ة على ان ( ... ربط صورة قيد العائلة )...
()3
ع دم ص حة ق رار محكم ة جنح أب و غ رق ,ومخالفت ة للق انون لع دم إتب اع اج راءات المحاكم ة الص حيحة
والتي رسمتها المادة 167األصولية ,فلم تدون المحكمة هوية المتهم ,على الرغم من اإلشارة إلى ذل ك
. ()4
في محضر الجلسة ,وقرار الحكم ....وصدر القرار باالتفاق)
يالحظ إن إيراد المعلومات بكافة أطراف الدعوى في ديباجة الحكم الجزائي ،له أهمية خاصة في
العديد من الجوانب ،فتحديد سن المتهم إنما يكون مهم في تحديد ما إذا كان مسؤوًال جزائيًا من عدمه ،
كما إن تحديد سن المجني عليه قد يكون ظرف ًا مشددًا عند فرض العقوبة على المتهم ،كما هو الحال
بالنسبة للجرائم المخلة باألخالق ,واالداب العامة ,وفق ما ورد في نصوص المواد ( )397 ،393من
قانون العقوبات العراقي ،فضًال عن األهمية في تأكيد عن مدى صالحية المحكمة للفصل في الدعوى
)?(1المواد ( )275 ،273،274من قانون االجراءات الفرنسي ،والمادة( )276قانون االجراءات الجنائي ة المص رية ،
وتقابلها نفس الغرض ايضا المادة ( )251من قانون اصول المحاكمات الجزائية اللبناني .
)?(2ق رار محكم ة التم يز االتحادي ه الم رقم / 233الهي أة الموس عة الجزائي ة 2010 /في ، 24/10/2010ويض آ بنفس
االتجاه سار قرارها المرقم / 367الهيأة الجزائية االولى 2011 /في ( 3/1/2011غير منشوران).
)?(3قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم / 9392الهيأة الجزائية الثانية 2010 /في ( 19/9/2010غير منشور).
)?(4قرار محكمة ستئناف بابل بصفتها التميزية المرقم /537ت /جزائية 2014/في ( 20/7/2014غير منشور ).
)(63 الفصل الثاني
وفق ًا لقواع د االختص اص ،بحيث ي ترتب على مخالف ة ذل ك نقض الحكم الج زائي الص ادر بال دعوى ،
لتعلق تلك القواعد بالنظام العام ،وتطبيق ًا لذلك ,قررت محكمة التمييز االتحادية نقض الحكم الصادر
من محكم ة جناي ات باب ل المتض من الحكم على المتهم (م.ج.ع) بع د م ا ت بين ك ون المتهم الم ذكور ك ان
. ()1
حدثًا وقت الحادث ,األمر الذي يوجب إحالته على محكمة األحداث ,ال محكمة الجنايات
ويغني عن ذلك ذكره في أسباب الحكم أو منطوقة ,إال إذا تعدد المتهمون في الدعوى ,وكان لكل
منهم موقف ُه الخ اص ,وال ي ؤثر في ص حة الحكم الخط أ في تع يين المتهم ,م ادامت البيان ات األخ رى ال
تدع مجاًال للشك في شخصيته( ،)2وبخالفه يصبح الحكم غ ير ص حيح من حيث الص ياغة مم ا ي ؤدي إلى
،وعليه ()3
النقض ,وذلك لأن ه ال يجوز للمحكمة إن تقيم قضائها على مجرد الشك في شخصية المتهم
ال يمكن من حيث المبدأ أن يعاقب إنسان إال عن فعله الشخصي ،كون العقوبة يجب ان تكون شخصية
.
وتطبيقًا لذلك جاء في قرار لمحكمة التمييز االتحادية ،ما نصتُه (بتصديق حكم محكمة جنايات بابل
المتضمن ادانة المتهم ع.ع.ن وفق احكام القسم /6/2ب من االمر ( 3النص المنقح والمعدل ) الصادر
عن سلطة االئتالف المؤقته لسنة 2003والحكم علية لمدة ثالثين سنة ،مع تصحيح اسم المحكوم في
اديباجة القرار المكتوب باليد والمطبوع من ع.ف.أ إلى ع.ع.ن .)4().
ثاني''ًا :ص''ياغة بي''ان الجريم''ة المس''ندة للمتهم بديباج''ة الحكم في ال''دعوى :م تى أكملت المحكم ة
مرحل ة التحقي ق القض ائي ،بت دوين أق وال المش تكي وش هود إثبات ه ،ب ادرت الى تالوة المحاض ر
والكشوفات والتقارير المتعلقة بموضوع الدعوى ،واستمعت القوال المتهم ،فإن المرحلة الالحقة إنما
تمثل مرحلة توجيه التهمة( ، )5وهذا ماجاء به المشرع الع راقي وف ق التفاص يل المبين ة في المادة( /187
)?(1قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم / 6925الهيأة الجزائية االولى 2011 /في ( 26/7/2011غير منشور ).
)?(2د .عادل جواد ،مصدر سابق ،ص.19
)?(3ق رار محكم ة اس تئناف باب ل بص فتها التميزي ة الم رقم / 450ت /جزائي ة 2014 /في ( 2014 /6/ 19غ ير
منشور )
)3(4قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم /13745الهيأه الجزائية األولى 2013/في ( 2013 /22/9غير منشور).
)?(5د .محمد علي سالم الحلبي ،مصدر سابق ،ص.358
)(64 الفصل الثاني
أ ) من ق انون اص ول المحاكم ات الجزائي ة الع راقي ال تي نص ت على ان (أ /تح رر التهم ة في ورق ة
خاص ة يتص درها اس م القاض ي ووظيفت ه ,وتتض من اس م المتهم وهويت ه ومك ان وق وع الجريم ة وزمان ه
ووصفها القانوني ,واسم المجني عليه ,والشيء الذي وقعت عليه الجريمة ,والوسيلة التي ارتكبت بها
,والمواد القانونية المنطبقة عليها ,وتؤرخ ,ويوقعها رئيس المحكمة أو القاضي).
وقد أوجب المشرع العراقي أن يتضمن الحكم الجزائي بيان الجريمة المسندة للمتهم ،وإ خضاع
التك ييف الق انوني له ا ،بحيث ي ترتب على إغف ال ذل ك البي ان إن يك ون الحكم عرض ة للنقض ،وتطبيق ًا
ل ذلك قض ت محكم ة اس تئناف باب ل االتحادي ة بص فتها التميزي ة بنقض حكم محكم ة الجنح ,كون ه غ ير
صحيح ومخالف للقانون بقولها(...حيث تمثل هذا الخطأ بفرض العقوبة على المميز (ك ،ز ،م) وفق
المادة ( )432من قانون العقوبات بدون أي قرار إدانة وفق هذه المادة ،وحيث أنها ذكرت ب أن فعل
المييز يشكل جريمة ينطبق عليها أحكام المادة (/182أ) أصول ،حيث هذه المادة متعلقة باإلجراءات
وليس م ادة عقابي ة ,حيث نقض كاف ة ق رارات محكم ة الجنح وإ عادته ا للس ير به ا ، )1()....وق د يح دد
مقدار الغرامة في الحكم ,ويتم تنزيله من مَد ة التوقيف الذي قضاها في مرحلة التحقيق االبتدائي (.)2
ثالثًا :صياغة بيان المادة القانونية الموجبة للحكم في الدعوى :أوجب المشرع العراقي بيان المادة
القانوني ة المنطبق ة على واقع ة ال دعوى الجزائي ة من قب ل محكم ة الموض وع ،وذل ك م ا يع رف ب التكيف
القانوني للجريمة ،الذي يعد جوهر العمل القضائي ويع ًر ف بأنه ربط الوقائع المادية التي تثبت ضد
المتهم بالقانون الواجب التطبيق (.)3
)?(1قرار محكمة استئناف بابل بصفتها التميزية المرقم /66ت/جزائية 2011 /في ( 2011 /16/3غير منشور).
)?(2قرار محكمة استئناف بابل االتحادية بصفتها التميزية المتضمن ( ...ان قرار محكمة الجنح ص حيح بأس تثناء ق رار
العقوب ة اذ لم يثبت ارتك اب المتهم لجريم ة ال تزوير وثبت ارتكاب ة لجريم ة اس تعمال المح رر الم زور ،....،ل ذا ق رر
تصديق قرار االفراج عند تهمة التزوير وقرار االدانة عند استعمال المحرر المزور اما بشأن العقوبة المفروضة فقد
وجد ان المحكمة قد فرضتها واحتسبت فتره توقيف المتهم وقرار تنزيل خمسين الف عن كل يوم قضاه المتهم بالتوقيف
من مبل غ الغرام ة لمفروض ة في حين انه ا حكمت ب الحبس والغرام ة وك ان المقتض ى احتس اب م دة الموقوفي ة م ع عقوب ة
الحبس كونها هي العقوبة المقيدة ااحرية عمال بالمادة ( )90من قانون العقوبات لذا قرر نقض قرار فرض العقوبة )...
قرار محكمة استئناف بابل بصفتها التميزية المرقم /278ت/ج 2014/في ( 23/4/2014غير منشور).
)(65 الفصل الثاني
إن إعطاء الوصف القانوني السليم للجريمة ،يقتضي تطابق وقائع الجريمة المرتكبة مع الوقائع
المنص وص عليه ا في النص العق ابي ،أي أن يك ون هنال ك تط ابق بين النم وذج ال واقعي م ع النم وذج
الق انوني ( ،)1ويكش ف عن م دى اح ترام مب دأ ش رعية الج رائم والعقوب ات ,ويس اعد محكم ة التمي يز في
(.)2
ممارسة وظيفتها الرقابية على اإلحكام الجزائية ،وفيما إذا كانت مطابقة إلحكام القانون من عدمه
وتطبيقًا لذلك فقد قضت محكمة التمييز االتحادية بأنه ( ...محكمة جنايات بابل أخطأت في التكيف
والوص ف للجريم ة وف ق الم ادة ( /421ب/ج/عقوب ات ,وبدالل ة أم ر مجلس ال وزراء 3لس نة )2004
عقوب ات وذلك إن من وق ائع ال دعوى المستخلص ة من أدلته ا ف إن فع ل المتهم ( ع،ح ،ع) يش كل جريم ة
تنطب ق علي ه وأحك ام الم ادة ( 4/1بدالل ة الم ادة 2/8من ق انون مكافح ة اإلره اب) وعلي ه ,فأن ه اس تنادا
إلحكام المادة ( )260من األصول ,قرر تبديل الوصف القانوني للجريمة إلى المادة ( 4/1وبداللة المادة
2/8من ق انون مكافح ة اإلره اب) وتجريم ه بموجبه ا وحيث أص بحت العقوب ة متناس بة والوص ف
الجديد .)3()...
أن اإلشارة إلى نص القانون يجب أن تكون واضحًا ودقيقًا فال تكفي اإلشارة إلى رقم القانون أو سنة
ص دوره دون بي ان رقم الم ادة المنطبق ة على الواقع ة ،أو اإلش ارة إلى نص الم ادة ال تي تعًرف الجريم ة
المرتكبة ,والظرف المشدد لها ,دون بيان عقوبتها ,وكذا الحال إذا استندت المحكمة في اصدار حكمها
إلى عدة نصوص ,أو نص واحد مكوًن من عدة فقرات وجب عليها ذكر هذه النصوص جميعها ,أو
الفقرة من النص التي حكمت بموجبها( ،)4ومن جهة أخرى ف أن المحكم ة ال يجوز له ا ان تحكم بعقوبة
الوج ود له ا قانون ًا واال تع رض الحكم للنقض فق د قض ي ب أن المحكم ة ال يج وز له ا أن تحكم على
)?(3د .احم د فتحي س رور ،اص ول االج راءات الجنائي ة ،للجريم ة ،دار النهظ ة العربي ة ،الق اهرة ، 1969 ،ص
.717
)?(1هدى سالم محمد ،التكيف القانوني للجرائم في قانون العقوبات العراقي ،اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلي ة الق انون
،جامعة الموصل ،2000 ،ص.80
)?(2د .الطيب برادة ،مصدر سابق .287،
)?(3قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم /18486الهيأة الجزائية الثانية 2012 /في ( 13/1/2013غير منشور)
)?(4د .محمدعلي سالم ،مصدر سابق .359،
)(66 الفصل الثاني
الش خص بعقوب ة أك ثر من م ا يق رره الق انون الخ اص به ا ( ،)5وفض ًال عن ذل ك فق د ينقض الحكم لعيب
ص ادر من محكم ة الموض وع ال تي ص اغت الحكم كونه ا اخط أت في اإلج راءات األص ولية ،ولكونه ا
وجهت تهم متعدده لمتهمين وقد أحيلوا باالشتراك عن فعل واحد ,بينما يجب إن تكون التهمه واحده ،
وقد ينقض الحكم أيضا لعدم وجود اشتراك يستلزم محاكمهم مع ًا ذلك كون كل متهم قام بفعل مستقل
عن االخر ( ،)2وقد يرد إغفال النص القانوني الذي حكم بموجبه اغفاًال تام ًا ف أن ذلك ي ترتب علي ه عيب
في صياغة الحكم الجزائي(.)3
رابعًا :بيان ت''اريخ إص''دار الحكم في ال'دعوى :إن ورق ة الحكم من األوراق الرس مية ويع د بي ان
تاريخ اصدار الحكم من البيانات االساسيه في الحكم الجزائي ,أذا البد من ان تحمل ورقة الحكم تاريخ
ص دوره ,وال يمكن أكم ال ه ذا البي ان من محاض ر الجلس ات ,فهي مكمل ة للحكم في س ائر بيان ات
الديباجة إال فيما يتعلق بتاريخ اصداره( ،)4وأن خلو الحكم من ذكر تاريخ صدوره ينقضه قانونًا ،وأن
هذا النقض متعلق بالنظام العام وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها( ،)5إال انه أذا ك ان خط أ في
تاريخ الحكم ،كأن يذكر تاريخ بجانب إمضاء الرئيس ,غير التاريخ الذي صدر فيه الحكم ،فذلك ال
يترتب عليه شيئًا ألنه يكون من األخطاء المادية التي يمكن تصحيحها(.)6
وق د أش ارت إلى ه ذا البي ان م ( /224أ) من ق انون أص ول المحاكم ات الجزائي ة (( ...م ع ت دوين
ت اريخ ص دوره ))...وي ترتب على تحدي د ت اريخ ص دور الحكم بعض اآلث ار المهم ة في ال دعوى ,فمن
هذا الت اريخ يسري ميع اد الطعن في الأحك ام إذا ك انت محًال لذلك ,كما إن هذا الت اريخ هو الذي يعول
عليه في حساب مدة تنفيذ العقوبة ,أو سقوطها ,أو تقادمها(.)7
)?(1قرار محكمة استئناف بابل بصفتها التمييزيه المرقم / 106ت/جزائية في (12/2/2014غير منشور).
)?(2قرارت محكمة استئناف بابل بصفتها التمييزي ة الم رقم /232ت/جزائي ة 2014في ، 9/4/2014وقراره ا الم رقم
/451ت/جزائية 2014/في ( 20/6/2014غير منشوران).
)?(3قرار محكمة استئناف بابل بصفتها التمييزية المرقم /66ت/جزائية 2011 /في ( 2011 /16/3غير منشور).
)?(4د .مصطفى عبد المحسن ،مصدر سابق ،ص.452
)?(5د .محمد علي سالم ،مصدر سابق ،ص.359
)?(6د .محمد سعيد نمور ،مصدر سابق ،ص.500
)?(7د .كمال السعيدي ،مصدر سابق ،ص.47
)(67 الفصل الثاني
لذا يجب على المحكمة أن تحدد تاريخ إصدار الحكم تحديدًا كافي ًا نافي ًا لجهالة وبخالفه فأن الحكم
الج زائي الخ الي من ت اريخ ص دوره ,أو الذي ذك ر تاريخ ه ولكن بص ورة مبهم ة ,يكون عرض لنقض
كون ه متعلق ًا بالنظ ام الع ام ,ويمكن للمحكم ة إن تقض ي ب ه من تلق اء ذاته ا ,لفقدان ه أح د مقوم ات وج وده
قانونًا(.)1
وتطبيق ًا لذلك جاء في قرار لمحكمة التمي يز االتحادية على انه ( بتصديق حكم محكمة جنايات بابل
المتضمن الغاء التهمتين الموجهتين إلى المتهمين أ.أ.ح و ح .م .ه وفق احكام المادة 1/ 393و/ 2أ
ود من ق انون العقوب ات وبدالل ة االم ر 31لس نة 2003القس م 3/2من ه كون ه ص حيح ومواف ق الحك ام
القانون ،مع التنوية لمحكمة الجنايات بتصحيح تاريخ اصدار الحكم في أعلى القرار المطبوع وجعلة
19/11/2013بدال من .)2() 19/11/2012
والي ؤثر في ص ياغة الحكم وس المته الخط أ الم ادي ال ذي يق ع في بي ان ت اريخ الحكم ,م ادام الت اريخ
الحقيقي للحكم تم تثبيته بمحضر الجلسات ,ويجوز للمحكمة تصحيح هذا الخطأ استنادًا ألحكام المادة (
)225من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي ,الذي جاء بها (ال يجوز للمحكمة أن ترجع عن
الحكم أو القرار الذي أصدرته أو تغير أو تبدل فيه ,إال لتصحيح خط أ مادي على أن يدوُن ذلك حاشية
له ويعتبر جزءاً منه) .
المبحث الثاني
صياغة اسباب الحكم الجزائي
تتمثل أسباب األحكام من أهم ضمانات التقاضي ،ولهذا عمدت معظم التشريعات إلى النص على
وجوبه ،فالمحكمة عندما تعمد إلى تسبيب حكمها فإنه تضطر إلى الرجوع إلى الوقائع والحجج واألدلة
المقدم ة في ال دعوى ،وأن التس بيب يمنح الخص وم الطمأنين ة والثق ة في أن دف وعهم وحججهم ك انت
موض ع ت دقيق وعناي ة من المحكم ة ،وه ذا يول د الثق ة بعدال ة القض اء وص حة اجراءات ه ،و ي وفر لهم
)?(1هشام زوين ،الموسوعة العلمية في البطالن ودفوعه ،ج ،3ط ،1مطبعة السيدة زينب ، .2007 ،ص .414
( )6قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم /737الهيأه الجزائية األولى 2014/في ( 2014 /20/1غير منشور). 2
)(68 الفصل الثاني
الفرصة على األطالع على حيثيات الحكم ومناقشتها عند الطعن بالحكم الصادر في الدعوى ,وأنه يبعد
بناء على هوى أو تحيز من قبل القاضي،
الحكم الجزائي عن الريبة والشك ،وكذلك أن الحكم لم يأت ً
بل رجع إلى معايير وموازيين ثابتة تحكم كل المنازعات.
وألهمي ة ص ياغة أس باب الحكم الج زائي ،بالش كل ال ذي يجع ل من ه حكم ًا جزائي ًا مص اغًا بش كل
أنم وذجي ،فق د ارتأين ا تخص يص ه ذا المبحث لبي ان اس باب الحكم ،وتقس يمه إلى مطل بين ،نتن اول في
األول من ه مفه وم أس باب الحكم وأهميته ا ،ونتط رق في الث اني لبحث ص ياغة بيان ات أس باب الحكم
الجزائي ,والعيوب التي يمكن إن ُترد عليها .
المطلب االول
مفهوم أسباب الحكم وأهميتها
إن أسباب الحكم هي ما بني عليه الحكم من مسائل الواق ع والقانون مع ًا( ،)1كم ا يقص د بأس باب الحكم
بيان النشاط االجرائي التي حمل المحكمة الموضوع إلى الحكم التي انتهت إليه للكشف عن مدى كفاية
هذا النشاط ,ومنطقيته للوصول إلى ذات النتيجة التي انتهت إليها محكمة الموضوع( ،)2زي ادًة على ذل ك,
ف إن ألس باب الحكم أهمي ة تكمن بت وافر الض مانات لحس ن س ير العدال ة ,وتحقي ق مزاي ا مختلف ة ,منه ا م ا
يخص الخص وم ,إض افة إلى أهميته ا بالنس بة لجه ات الطعن ,والمحكم ة ال تي تص در الحكم ,ولإلدع اء
العام.
في ض وء ذل ك سأقس م المطلب إلى ف رعين :س نتناول في الف رع األول تعري ف أس باب الحكم
الجزائي ,أما الفرع الثاني فسأكرسه لبيان أهمية صياغة أسباب الحكم الجزائي وعلى النحو اآلتي:
الفرع االول
تعريف أسباب الحكم الجزائي
من أج ل الوق وف على مع نى أس باب الحكم ,الب د من تعريفه ا ،وس نتناول التعري ف في
نقطتين :األول :تعريف السبب لغةً ، ,ثانيًا :تعريف السبب اصطالحًا :
أوًال :السبب لغ''ًة :ه و الحب ل ,وك ل ش يء يتوص ل ب ه إلى غ يره( ،)1و التس بيب لغ ًة :مص در لكلم ة
سبب ,فتسبيب الحكم ,يقصد به لغةً :التوصل للحكم من خالل أسباب معين ة( ،)2وق د تس بب إلي ه والجم ع
أسباب ,وكل شيء يتوصل إلى الشيء فهو سبب ،وجعلت فالنًا لي سببًا إلى فالن في حاجتي واهلل عز
وج ل مس بب األس باب ومن ه التس بيب( ،)3ومن ُه قول ه تع الى ( :وآتين اه من ك ل ش يء س ببًا ف أتبع س ببًا)
(،)4وقول ه تع الى( :تقًطعت بهم األس باب )( ،)5وقول ه تع الى ( :لعلى أبُل غ األس باب )( ،)6وقول ه تع الى:
(.)8
(أسباب السموات)(،)7إي أبوابها ,إي فليصعدوا في األسباب التي توصلهم إلى السماء
ثانيًا :التسبيب اصطالحًا :ويراد بكلمة السبب اصطالحًا :إيراد األس!!انيد الواقعي!!ة والقانوني!!ة ال!!تي ب!ُنَي
على أساسها منطوق الحكم ( ، )9كما يعرف بأنه مجموعة من األسانيد ,واألدلة الواقعية ,والحجج القانونية
التي بنت المحكمة على أساسها منطوق الحكم باإلدانة أو البراءة(.)10
أم ا على الص عيد التش ريعي ,فعلى ال رغم من تأكي د أكثري ة الق وانين الجزائي ة على ض رورة تس بيب
الأحكام(،)11ولم يبيٌن المشرع الفرنسي والمصري والعراقي ماهية التس بيب ،و اقتص ر في النص على
)?(1جمال الدين أبي الفضل محمد بن مكرم ابن منظور ،لسان العرب ،مصدر سابق ،المجلد السابع ،ص.100
)?(2د .محمد علي الكيك ،مصدر سابق ،ص. 38
)?(3جمال الدين أبي الفضل محمد بن مكرم ابن منظور ،لسان العرب ،مصدر سابق ،المجلد السابع ،ص.139
)?(4سوره الكهف ،اية .84 ،
)?(5سوره البقرة ،اية .166 ،
)?(6سوره غافر ،اية 36
)?(7سوره غافر ،اية .37
)?(8الشيخ صخر الدين الطريحي ،مجمع البحرين ،ج،2مطبعة االداب النجف االشرف ،بدون سنة طبع ،ص.80
)?(9د .يوسف محمد ،مصدر سابق ،ص.22
)?(10د .رؤوف عبيد ،ضوابط التسبيب ،مصدر سابق ،ص.13
)?(11المادة ( )485من قانون االج راءات الجزائي ة الفرنس ي ،الم ادة ( )310من ق انون االج راءات الجنائي ة المص ري،
المادة ( /244أ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي ،المادة ( )233من قانون اصول المحاكمات الجزائية
االردني ،الم ادة ( )310من ق انون اص ول المحاكم ات الجزائي ة الس وري ،الم ادة ( )70من ق انون اص ول االج راءات
)(70 الفصل الثاني
وج وب اش تمال الق رار أو الحكم على األس باب الواقعي ة والقانوني ة ,وأس باب ال رد على الطلب ات المهم ة
والدفوع الجوهرية التي قادت مصدر القرار أو القاض ي إلى الحكم ال ذي انتهى إلي ه(،)1إّلا إن أي ًا منه ا لم
تضع تعريفًا محددًا ألسباب الحكم ,وبالنسبة لقانون اإلجراءات الجنائي المصري ,فأن المادة ()310
من القانون نصت على (يجب أن يشتمل الحكم على األسباب التي بني عليها ,وكل حكم باإلدانة يجب
أن يش تمل على بي ان الواقع ة المس توجبة للعقوب ة ,والظ روف ال تى وقعت فيه ا ،وأن يش ير إلى نص
الق انون ال ذي حكم بموجب ه ) ،فض ًال عن إل زام المحكم ة في أن تفص ل في الطلب ات ال تي تق دم له ا من
وتبين األسباب التي تستند إليها في المادة ( )311من ق انون اإلج راءات الجنائي ة المصري
الخصوم ّ ،
ال تي نص ت على أن ه (يجب على المحكم ة أن تفص ل فى الطلب ات ال تى تق دم له ا من الخص وم ،وت بين
األسباب التى تستند إليها)(.)2
إّم ا المش رع الع راقي فق د أل زمت الم ادة (/224أ) من ق انون أص ول المحاكم ات الجزائي ة الع راقي
تس بيب األحك ام ض مانًا لج ديتها ,وثق ًة في عدالت ه ,أذ نص ت على (....والأس باب ال تي اس تندت إليه ا
المحكمة في إصدار حكمها ,أو قرارها وأسباب تخفيف العقوبة أو تشديدها ,وإن يشتمل الحكم بالعقوبة
على العقوب ات الأص لية والفرعي ة ال تي فرض تها المحكم ة ,ومق دار التع ويض ال ذي حكمت ب ه على
المتهم ،)..وأيض ًا فق د ج اء في الأس باب الموجب ة ل ه ب أن اس باب الحكم هي ال دالئل ال تي تس تند إليه ا
المحكمة في إصدار حكمها باإلدانة قد حددتها المادة ( )213التي جاء بها (أ/تحكم المحكمة في الدعوى
المحاكم ة,
بن اء على اقتناعه ا ال ذي تك ون ل ديها من الأدل ة المقدم ة في إي دور من أدوار التحقي ق ,أو ُ
وهي اإلق رار وش هادة الش هود ,ومحاض ر التحقي ق والمحاض ر والكش وف الرس مية الأخ رى ,وتق ارير
قانونا.)3().....
ً الخبراء والفنيين والقرائن والأدلة الأخرى المقررة
أما على الصعيد الفقهي ,فعلى الرغم من تعدد اآلراء حول تعريف أسباب الحكم ,إال أنها اتفقت في
المضمون ,كونها أسانيده القانونية والواقعية ,أو أنها الحجج القانونية والواقعية التي استخلص الحكم
منه ا منطوق ه ,فهي األس انيد ال تي تق ود إلى النتيج ة ال تي خلص إليه ا الحكم من حيث إدان ة المتهم ,أو
براءته ،فهي األدلة المادية والقانونية التي تعتمد عليها المحكمة كمص در لقناعته ا ,وإ ص دار حكمه ا(،)1
إذ إن بي ان األس باب الواقعي ة والحجج القانوني ة ,وكيفي ة اإلجاب ة على طلب ات الخص وم و دف وعهم ,من
شأنها إن تؤدي إلى النتيجة التي خلص أليها القاضي في حكمه الذي انتهى إليه (.)2
وتك ون اس باب الحكم من الأس باب الواقعي ة واألس باب القانوني ة ،ويقص د بالأس باب الواقعي ة بي ان
الوقائع والأدلة التي يستند إليها الحكم ,التي محتواها ما قدٌمه الخصوم من دفوع وإثباتات تتصل بالواقع,
وما يتعلق بوجود الواقعة أو عدم وجودها وإ سنادها إلى نص قانوني من خالل الدعوى ،إما األسباب
القانونية فيقصد بها النصوص القانونية التي صدر الحكم على وفقها ،بمعنى خضوع الواقعة المطروحة
للقانون بعد تكيفها التكييف القانوني الذي ينطبق عليها ،وتختلف الأسباب الواقعية عن األسباب القانونية
في الحكم ,من حيث أن الخط أ في األس باب الواقعي ة للحكم يجع ل من ه ق ابلًا للبطالن ،بينم ا الخط أ في
الأسباب القانونية ال يجعله كذلك إذا كانت النتيجة التي توصل إليها القاضي صحيحة قانونًا (.)3
ومن ه ذه التع اريف يتض ح أنه ا تؤك د ض رورة فهم محكم ة الموض وع للواقع ة المعروض ة عليه ا
,فالتس بيب إج راء من خالل ه تع رض المحكم ة مجموع ة االعتب ارات وال دوافع القانوني ة والواقعي ة ال تي
قادتها إلى النتيجة التي خلصت إليها في قضائها ،وبمعنى أخر فأن التسبيب نتيجة هو خالصة الصراع
الذي دار في عقل القاضي ,ويعينه في البحث عن الحكم المناسب للنزاع الذي أُنيط به للفصل فيه ،فما
من ن زاع يع رض على القاض ي إّال ويتطلب من ه تقليب األم ر ومراجع ة نفس ه في ش أن وقائع ه وأعم ال
ملكاته في تقدير أدلته ,واستخالص حقيقة أمره ,لينتهي من كل ذلك إلى حل أو حكم يحقق العدالة ,أو
يكون أقرب للعدالة على نحو يؤكد أن التسبيب نتيجة.
الفرع الثاني
أهمية صياغة أسباب الحكم الجزائي
إن من المهام الصعبة التي تواجه المحكمة هو تسبيب حكمها ألنه إضافه لقناعتها بما إختارت ُه من
قضاء ،عليها أن تقنع به الخصوم وكل من له صفة الرقابة على الحكم ،لذا فأن للتسبيب أهمية ضمان
لحسن سير العدالة ،للخصم ،وللقاضي ،وللجهات الطعن ،ولالدعاء العام .لذلك سوف نتناول أهمية
صياغة التسبيب كاالتي :
أوًال :أهمية أسباب الحكم لحسن سير العدالة :لكي تصدر األحكام ناطق ًة بعدالتها ,وموافقة للقانون
أوجب المشرع على محكمة الموضوع أن تذكر في أسبابها ما خلصت إلى ثبوته من والوقائع وطرق
ثبوتيتها ما طبقتُه من نصوص قانونية على الواقعة المنظورة من قبلها ،وأن مراعاة التسبيب له أهمية
في رصانة وصياغة الحكم ,التي تضيف عليه حجية الشيء المحكوم في ه ،وأن كانت هذه الحجية في
الأصل لمنطوق الحكم ،كما تعد أسباب الحكم من المظاهر الدالة على أن محكمة الموضوع قد أطلعت
على القض ية موض وع ال نزاع من األوراق ،والمس تندات ،أو م ا قدم ه الخص م ،من طلب ات ودف وع ،
وعند تعدد طلبات الخصوم يتوجب على المحكمة عند الفصل في كل منها أن تسبب القضاء فيها ,طالم ا
إن لكل منها استقالله ,فانه يجب النظر إلى هذا األجراء على أن كل واحد منها يمثل حكماً مستقلًا (.)1
وتطبيق ًا ل ذلك ج اء ق رار محكم ة التمي يز االتحادي ة بنقض الق رار لع دم تس بيب الحكم ,وك ون التس بيب
حج ة المحكم ة للن اس ,ويؤك د حس ن س ير العدال ة ,وق د تض من الق رار أن ه ( ..غ ير ص حيح ومخ الف
للقانون حيث من شروط الحكم إن يكون مسببًا وفق ًا إلحكام المادة ( )159من ق انون المرافعات والتي
أوجبت إن تكون اإلحكام مشتملة على الأسباب التي بنيت عليها ,وأن تسند إلى أسباب الحكم المبينة في
القانون ,وعلى المحكمة إن تذكر في حكمها األوجه التي حملتها على قبول ,أو رد االدعاءات والدفوع
ال تي أورده ا الخص وم ,والم واد القانوني ة ال تي اس تندت إليه ا ,وحيث إن التس بيب حج ة القاض ي للن اس
)?(1د .احمد ابو الوفا ،مصدر سابق ،ص ،634د .فاضل زي دان محم د ،فلس فة االج راءات الجنائي ة (اهميته ا واساس ها
وخصائص ها) بحث منش ور في مجل ة الق انون المق ارن ،مجل ة دوري ة تص درها جمعي ة الق انون المق ارن العراقي ة ،ع ،58
،2005ص.57
)(73 الفصل الثاني
وحيث ,إن الحكم المي يز لم ي راعي م ا تق دم ,حيث أح الت المحكم ة أس بابه إلى ذات األس باب ال تي
استندت عليها محكمة الموضوع من الناحية القانونية والموضوعية ,لذا قرر نقض الحكم .)1( ) .....
وتمث ل أس باب الحكم وس يلة لحس ن س ير العدال ة ،فض ًال عن دوره ا في تحقي ق الت وازن الق انوني
واألخالقي في المجتمع ,من خالل عَد الحكم وسيلة القناع الرأي العام ،مما يدفع عن المحكمة ُم ص ٌد ره
الحكم الريبة والشك ،عند صياغة الحكم الجزائي .
ثانيًا :أهمية أسباب الحكم بالنسبة للخصوم :يعد تسبيب الحكم حق ًا طبيعي ًا للخصوم ,ويعد من أثمن
نه يجد مصدره في
الحقوق التي يجب أن يتمتع بها اإلنسان؛ ألنه أداة فعٌالة لحماية الحقوق ،ولهذا فإ ُ
القانون الطبيعي الذي من قواعده أن من يتمتع بسلطة ال بد من وجود وسيلة أخرى معها تضمن عدم
تعس فه ,وال ي أتي ه ذا إال بالتس بيب ,إض افة ل ذلك ف أن تس بيب الحكم يبعث الطمأنين ة والثق ة في نف وس
الخصوم ,فيعرف كل منهم على أي أساس صدر الحكم لكي يمارس حقهُ في الطعن ,إن كان له مأخذ
وسيلة إلقناع الخصوم بصحة الحكم وعدالته الذي يؤدي إلى ثقة اإلفراد في القضاء
ً ،فهو إذن ()2
عليه
,ولكي ي ؤدي التس بيب ه ذا ال دور ,الب د أن تك ون األس باب كافي ة للوص ول إلى الحكم ال ذي انتهى إلي ه
القاضي ,وهذا هو قصد المشرع عندما أوجب تسبيب اإلحكام .
مهما يكفل الرقابة على عمل المحكمة
ً تتجلى أهمي ه التسبيب كذلك بنسبة للخصوم كونه يعد ضمانًا
في تطبيق القانون ,والتزامها بمبدأ الحياديه ,وما يفرضه من متطلبات مهمة لمصلحة الخصوم ،كما أنهُ
يف رض على المحكم ة ال تروي ,وب ذل جه د عن د إص دار اإلحك ام خش ية نقض ها من جه ات الطعن ال تي
تفرض رقابتها عليها من زاوية التسبيب ،كما أنه يدفع المتقاضين إلى احترام اإلحكام؛ ألنها بنيت على
أساس من الواقع والقانون ،ف إن لم تتولد لهم القناعة بما جاء بها من أسباب فهذه األسباب تمكنهم من
الطعن فيها(. )3
على ال رغم من أهمي ة التس بيب بالنس بة للخص وم إال إن ذل ك ال يع ني أن المحكم ة ملزم ة بتتب ع
الخصوم في نواحي أقوالهم ,والرد على أقوال الخصوم وحججهم جميعها وتفنيدها ،أو بالرد على أي
)?(1قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم /6537استئناف عقار 2012 /في ( 10/12/2012غير منشور) .
)?(2د .عصام شكيب صعب ،مصدر سابق ،ص.296-295
)?(3د .محمد امين الخرشة ،مصدر سابق ،ص . 68-67
)(74 الفصل الثاني
مستند يقدم إليها ،بل يكفي تضمين الحكم أسباب واضحة يمكن أن يستنتج منها ,ولو بطريقة ضمنية
. ()1
حصول الرد على هذه الحجج واألقوال والمستندات
وعليه أن التسبيب من وسائل حماية الخصوم من خطأ القاضي الشخصي ،أذ قد يتعرض القاضي
لظ روف ص حية أو نفس ية أو اجتماعي ة ق د ت ؤثر في قض ائه أو عدالت ه ,فاألس باب تكش ف م ا يعيب
القاض ي من الظ واهر الكاذب ة والمص لحة واأله واء ,ك ون أخط اء القاض ي هي مص در ألم المتخاص مين
وبالتسبيب تنكشف األخط اء ,وعدم صحة الحكم ,ولذلك رص د القانون وس ائل عدي دة لعالج األخطاء
في الحكم ,منه ا الطعن ب ه أم ام جه ات الطعن ,فالتس بيب يفتح الب اب واس عًا للخص وم للطعن في الحكم
عند توافر أسبابه .
ويتض ح من ذل ك أن المش رع بالق در ال ذي أوجب ض رورة تط بيق النص وص القانوني ة على الوق ائع
المعروض ة أم ام القض اء فق د ش دد على وج وب التس بيب باألحك ام القض ائية ,وفي ذل ك ض مانة لحماي ة
حقوق الخصوم لأن للتسبيب دور فاعل في احترام حقوق أطراف الدعوى وحماية مصالحهم الخاصة
,والمتمثل ة في الحص ول على ص ياغة حكم ج زائي ع ادل تص ان في ه حق وقهم اإلجرائي ة ،كح ق ال دفاع
وما يتعلق بالدعوى أثباتًا أو نفيًا سواء في الطلبات أو الدفوع ,وحقهم في أن يكون القاضي محايدًا ليس
ل ه مص لحة في ال دعوى ,وإ نم ا هدف ه الوص ول إلى الحقيق ة ال تي سيجس دها في حكم ه ,وب الطرق ال تي
. ()2
حددها القانون ،فالحكم المسبب يبعد الشك ويدفع الشبهات ويبث الثقة بالحكم الصادر
ثالثًا :أهمية صياغة أسباب الحكم بالنسبة للإدعاء العام :مما الشك فيه أن قانون االدعاء العام رقم (
)159لسنة 1979قد ضم مبادئ جديدة وسعت من دور االدعاء العام في العملية القضائية ,إذ شمل
فضًال عن القضايا الجزائية المراقبة العامة للمشروعية ,حماية أموال الدولة ,وحماية األسرة والطفولة,
وك ل ذل ك من خالل حض وره ال دعاوى المدني ة ال تي تك ون الدول ة طرف ًا فيه ا ,وبعض دع اوى األح وال
الشخصية ،وفضًال يعتبر االدعاء العام بوص فه مدافعًا عن الحق العام في ال دعاوى ,و بوص فه ممثًال
()3
عن الهي أة االجتماعي ة ,فه و من خالل تس بيب اإلحك ام في تل ك ال دعاوى ,يم ارس وظيفت ه لبي ان م ا
)?(1د.ع وض احم د الزغ بي ،الوج يز في ق انون اص وال المحاكم ات المدني ة ،دار النف ائس لنش ر والتوزي ع ،االردن،
،2010ص.382
)?(2د .يوسف محمد المصاروة ،مصدر سابق ،ص.96
)(75 الفصل الثاني
تضمنته تلك اإلحكام من أسباب واقعية ,أو قانونية متفقة مع القانون ,أو مخالفة له ,ويسجل ذلك من
. ()1
خالل حضوره جلسات المحاكمة أمام المحاكم كافة ،من اجل تحقيق العدالة
فض ًال عن ذل ك ف ان لعض و االدع اء الع ام الح ق في الطعن بإالحك ام والق رارات ال تي تص درها
المحكم ة ,ومتابعته ا ,وه ذا م ا ج اء بنص الم ادة ( )13/2من ق انون االدع اء الع ام ( ، )2كم ا ل ه ح ق
الحض ور في ال دعاوي المدني ة ال تي تك ون الدول ة طرف اً فيه ا ,ومراجع ة ط رق الطعن في الق رارات
والأحكام الصادرة في تلك القضايا ,ومتابعتها ,وهذا ما أكدٌته المادة ( )14/1من قانون االدعاء العام ،
يت بين من ذل ك أن الق انون ق د أعطى الح ق لعض و االدع ام الع ام ح ق مراقب ة المش روعية ,والطعن
بالقرارات والأحكام التي تكون مخالفة للقانون ,والصادرة من المحاكم بأنواعها ,ويكتشف أنها مخالفة
للمش روعية من خالل أس باب الحكم ال تي تض منها في منطوق ه ,تظه ر مخالف ة بس بب قص ور العم ل
القضائي عن أسبابه ,فأعطى القانون لعضو االدعاء العام الطعن بها أمام المحاكم العليا المختصة .
يج در بن ا اإلش ارة في ه ذا الص دد إلى إن الق انون رقم ( )5لس نة 1987وه و ق انون التع ديل األول
لقانون االدعاء العام رقم ( )159لسنة 1979الذي بموجبه ألغيت المادة ( )30منه ,وتضمن قيام رئيس
االدعاء العام بالحدود التي تسمح بها القوانين واألنظمة والتعليمات باتخاذ ,أو طلب اتخاذ اإلجراءات
التي تكفل تالفي خرق القانون ,أو انتهاكه ,إذا تبين حصول خرق للقانون في أي حكم أو قرار صادر
من إي محكمة عدا المحاكم الجزائية من شأنه اإلضرار بمصلحة الدولة وأموالها ومخالفة النظام العام ،
ويباشر الطعن في الحكم أو القرار لمصلحة القانون على ال رغم من مضي المدة القانونية ,إذ لم يطعن
ب ه أح د من ذوي العالق ة ،وال يج وز الطعن بتل ك اإلحك ام والق رارات إذا مض ت ثالث س نوات على
اكتساب الحكم ,أو القرار الدرجة القطعية ،ويتم الطعن لمصلحة القانون إمام محكمة التميز االتحادية .
)?(3د .عب د الك ريم العكيلي ،د ض اري خلي ل محم ود ،النظ ام الق انون الالدع اء الع ام في الع راق وال دول العربي ة ،
بغداد ،1999 ،ص . 19-18
)3(1د .علي حمزة عسل الخفاجي ،الحق العام في الدعوى الجزائية ،اطروحة دكتوراه ،جامعة بغداد ،كلية القانون ،
، 2000ص.91
)?(2الم ادة ( )13/2من ق انون االدع اء الع ام رقم ( )159لس نة 1979المع دل نص ت (على أن االدع اء الع ام بي ان
المطالعة وأبداء الرأي ...ومراجعة طرق الطعن في القرارات واالحكام الصادرة فيها ومتابعتها).
)(76 الفصل الثاني
رابع' 'ًا :أهمي ''ة ص ''ياغة أس ''باب الحكم لجه ''ة الطعن :تمث ل محكم ة التمي يز أعلى س لطة في النظ ام
القض ائي في ك ل بل دان الع الم تقريب ًا ,وأن اختلفت تس ميتها من بل د آلخ ر(،)1وأن من أولى مهامه ا ت دقيق
األحكام القضائية الصادرة من المحاكم األدنى ،وهي تمارس مهام أخرى ,إضافة لذلك تتمثل في تفسير
القواع د القانوني ة ,وتحقي ق االس تقرار في االجته اد القض ائي من خالل المب ادئ القانوني ة ال تي تض عها ،
وهي ليست درجة من درجات المحاكم ,وتمارس دورها الرقابي عند الطعن أمامها باإلحكام للتأكد من
صحتها من النواحي القانونية سواء الموضوعية منها ,أم اإلجرائية ,أما األخطاء التي تصيب الأحكام,
فقد تقع بالقياس االستدالل القضائي التي تقوم بها المحكمة؛ الن الحكم ما هو إال نتيجة لقياس االستدالل
القض ائي ,مقدمت ه الك برى القاع دة القانوني ة ,وواجب ة التط بيق على ال نزاع ،ومقدمت ه الص غرى الوق ائع
الثابت ة والتك ييف الق انوني له ا ,والنتيج ة هي الحكم ,وه و نت ائج ومحص لة تط بيق المقدم ة الك برى على
المقدمة الصغرى ,إي تطبيق القانون على الوقائع (.)2
أما بالنسبة لألسباب الخاصة ب الطعن فهي وسيلة يستطيع بواسطتها االطراف مراقبة األخطاء التي
تق ع فيه ا مح اكم الموض وع وبالخص وص إذا ح اول القاض ي إخف اء بعض المعلوم ات ال تي ب ني عليه ا
الحكم ,وإ حاط ة الحكم بأس باب غير واض حه او غير ما تم ت دوينها براح ل المحاكم ة ,لذا ف إن المشرع
أوجب تس بيب الأحك ام لتمكين جه ة الطعن من مراقب ة إحك ام المح اكم ح تى تش رف على تط بيق الق انون
(.)3
ويجب تسبيب األحكام لهذا المعنى بإخضاعها لرقابة جهة الطعن في الحدود المثبتة في القانون ،تلك
الرقاب ة ال تي ال تتحق ق إال إذا ك انت الأحك ام مس ببة تس بيبًا واض حًا كافي ًا ،إذ من غ ير ذل ك تس تطيع
المحكمة أن تجهل طريق هذه المراقبة على جهة الطعن بأن يذكر أسباباً غامضة أو ناقصة ،فاألسباب
هي الس بيل ال ذي يمكن جه ة الطعن من أداء دوره ا الرق ابي في م دى نج اح الحكم ب التوفيق بين الواق ع
)?(1توجد في كل بالد العالم تقريبآ محكمة عليا على قمة النظام القضائي ،حيث توجد محكمة النقض في فرنسا ومصر
وسوريا ،بينما في انكنترا تسمى مجلس اللوردات ،اما السويد وروسيا والواليات المتحدة تسمى المحكمة العليا ،بينما
نجد تسميتها محكمة التمييز في العراق ولبنان.
)?(2د .يوسف محمد المصاروة ،مصدر سابق ،ص.66
)?(3د.أحمد ابو الوفا ،مصدر سابق ،ص .633
)(77 الفصل الثاني
والق انون ,واإلحاط ة ب ذلك إحاط ة س ليمة ,والتط بيق الس ليم للق انون ،وتطبيق ًا ل ذلك فق د قض ت محكم ة
التمييز بنقض حكم محكمة جنايات بابل المتض من ( ...الحكم على المتهم (م.ط.ع) وفق احكام المادة
الرابع ة /أ بدالل ة الم ادة الثاني ة /أ من ق انون مكافح ة االره اب رقم 13لس نه 2005كون ه غير ص حيح
ومخالف للقانون ،وذلك كون المتهم احيل عن قتل المجنى عليهما (ح.خ.ن /س.ح.ع) فبالنسبة لحادث
قت ل المج نى علي ه (ح.خ.ن) ف ان المحكم ة لم تتخ ذ ق رارًا حاس م فيه ا ,واكتفت ب القول ( إن األدل ة
المتٌح صلة في هذه القضية غير كافية ,وغير مقنعة إلدانة المتهم ،ولم تقرر مصير المتهم عنها ...،لذا
قرر نقض كافة القرارات الصادرة بالدعوى.)1( ).....
المطلب الثاني
صياغة بيانات اسباب الحكم الجزائي والعيوب التي ترد عليها
يقصد بها تلك البيانات الجوهرية المطلوب توافرها في اسباب الحكم الصادر باإلدانة أو بالبراءة ،
أذا يبين في الأحكام الصادر باإلدانة الواقعة والظروف المحيطة بها بيان ًا كافي ًا ،وعناصرها القانونية
بم ا يكش ف عن التط بيق الس ليم للق انون ،ك ذلك ي ورد في األس باب طلب ات الخص وم المهم ة ودف وعهم
الجوهرية ،على أن يأتي الرد كافيًا لتسويغ رفضها ،أما إذا كان الحكم صادرًا بالبراءة فيجب أن بيان
األسباب التي بنى الحكم عليها ,و إنه قد فهم حقيقة الواقعة ,ويتحقق ذلك بما قد يشوب اإلج راءات من
مخالفة للقانون ,أو بتوافر أسباب قانونية تؤدي إلى الحكم ب البراءة( ،)2وق د يلح ق بأس باب الحكم الج زائي
عي وب ي ترتب عليه ا نقض الحكم ،منه ا عيب إنع دام األس باب و عيب الخط أ في االس ناد (الفس اد في
االس تدالل) وعيب القص ور في االس باب ،وفي ض وء ذل ك سأقس م المطلب إلى ف رعين :أك رس األول
)?(1قرار محكمة التمي يز االتحادي ة الم رقم / 608الهي أة الجزائي ة الثاني ة 2010/في ، 12/10/2010وب ذات االتج اه
ايض ًا ق رار محكم ة أس تئناف باب ل بص فتها التميزي ة الم رقم /525/546/563ت/جزاءي ة 2013/في 25/11/2013
(غير منشوران).
)?(2د .علي محمد حمودة ،مصدر سابق ،ص.686
)(78 الفصل الثاني
لصياغة بيانات أسباب الحكم الجزائي ,إما الثاني سأبحث فيه العيوب المؤثرة على صياغة اسباب الحكم
الجزائي.
الفرع االول
صياغة بيانات أسباب الحكم الجزائي
أن بيان أسباب الحكم يجب ان تتم وفق منهج معين ،بأن تأتي معبره عن المضمون الحقيقي القتناع
المحكمة ،والذي أفضى إليه منطوق الحكم ،وبما يتفق مع الحقيقة الواقعة ،ومؤدى األدلة الثابتة في
الدعوى ،ول ذلك ف إن مجرد تس طير المحكم ة ألس باب الحكم غير ك اٍف ،وال يتحقق ب ذلك الوف اء به ذه
الضمانة المهمة لكل أطراف الدعوى الجزائية ،إذ يجب أن تأتي هذه األسباب كافية في بيانها للواقعة
والظ روف المحيط ة به ا ،ولألدل ة الثابت ة في األوراق ،وإ يراده ا لطلب ات الخص وم المهم ة ودف وعهم
الجوهري ة وال رد عليه ا( ،)1ويمكن إيج از أهم البيان ات الالزم إيراده ا في أس باب الحكم الج زائي على
النحو األتي :
أوًال :بي''ان الواقع''ة المس''توجبة للعقوب''ة والظ''روف المحيط''ة به''ا واركانه''ا :يع ني اظه ار عناص ر
الجريم ة المستخلص ة من الوق ائع والظ روف ,وال تي اعتم دت عليه ا المحكم ة في اص دار الحكم ،وبي ان
الواقع ة ال يك ون الزم ًا إال في اإلحك ام الص ادرة باإلدان ة ,إم ا اإلحك ام الص ادرة ب البراءة ,أو ع دم
المسؤولية ,فيكفي لصحتها إن ن بين فيه ا س بب ال براءة( ،)2وإ س نادها إلى النص القانوني ال ذي يتم تطبيق ه
عليها للوصول من ذلك إلى المنطوق ،وأن وقوع الواقعة وما يترتب عليها من أثر في العالم الخ ارجي
سبق وإ ن احتاط له المشرع ,وقرر العقاب عن ه في حالة تحققه ،ف إن نقص البيان وغموض ه ،يترتب
عليه قصور الحكم في أساسه القانوني ،مما يجعل محكمة التمييز عاجزًة عن مراقبة التطبيق الصحيح
للق انون على النح و ال ذي انتهت إلي ه محكم ة الموض وع ،فتمت د رقابته ا إلي ه ,وتنقض الحكم للخط أ في
أساس ه الق انوني ,أو للقص ور في البي ان ،وتك ون رقاب ة محكم ة التمي يز علي ه رقاب ة قانوني ة أساس ها
)?(1د .احمد فتحي سرور ،أصول قانون اإلجراءات ،مصدر سابق ،ص.187
)?(2د .رؤوف عبيد ،ضوابط تسبيب ،مصدر سابق ،ص ،502حسين محي الدين ،الحكم في ال دعوى الجزائي ة ،بحث
منشور في مجلة العل وم القانوني ة والسياسية ،تصدرها كلية الق انون في جامعة بغداد ،عدد خاص ،م ايس ،1984 ،ص
136وما بعدها
)(79 الفصل الثاني
النصوص اإلجرائية التي تلزم محكمة الموضوع بالبيان الكافي للواقعة والظروف المحيطة بها ،ألنها
ال تُعيد النظر في الواقعة فهي محكمة قانون ال موضوع ،حيث تلزم محكمة الموضوع ببي ان الشروط
الموجب ة للعق اب ،إذ إن هن اك بعض الج رائم ،اش ترط المش رع فيه ا ت وافر ش روط معين ة تك ون الزم ة
لصحة العقاب عليها ،وذلك ليس ألنها تدخل في تكوين أركان الجريمة والظروف المحيطة بها ،وإ نما
لكي يوقع العقاب المقرر لها( ،)1وإ غفال بي ان هذه الشروط يؤدي إلى نقض الحكم ,لتعذر رقاب ة محكمة
التمييز عليها ،فالشرط الزم للعقاب على جريمة توافرت من قبل كل أركانها(.)2
ويجب ان يش تمل الحكم على الوق ائع المكون ة للرك نين الم ادي والمعن وي للجريم ة المرتكب ة ,ونس بتها
إلى المتهم ,وذلك بعرض عناصر الركن المادي ،السلوك اإلجرامي ,والنتيجة المترتبة عليه ,والعالقة
السببية بينهما ،لذا يجب أثبات في الواقعة الركن المادي للجريمة في جميع عناصره من سلوك مادي
ايج ابي ,أو امتن اع ,ومن نتيج ة إجرامي ة ت ترتب على ه ذا الس لوك ,ومن عالق ة س ببية ترب ط بين الفع ل
والنتيجة ،فإن جاءت صياغة الحكم الجزائي ناقص ًا في بيانه لها ،فإن يكون عرض للنقض من قبل
محكم ة التمي يز ال تي ت راقب التط بيق الص حيح للق انون على الواقع ة ،ف إذا م ا ص در حكم ج زائي من
محكمة مختصة وفق ًا للمادة ( )456من قانون العقوبات العراقي ولم يبين الصلة بين الطرق االحتيالية
التي استخدمها المتهم,التي اشترطها القانون ,وبين استالمه للمبلغ موضوع الجريمة ,فإن الحكم الصادر
يكون مشوبًا بعيب يستوجب نقضه (.)3
وذلك ماأستقرت علية احكام القضاء العراقي من حيث إن الحكم عندما يكون قاصرًا في بيانه للركن
المادي فأن مصيره يستوجب نقض الحكم ،وأكدته عليه إحكام القضاء العراقي من حيث توفر عناصر
ال ركن الم ادي ،حيث ج اء ق رار محكم ة التمي يز (...أن س بب الوف اة ليس بس ب قت ل ال زوج زوجت ه (ر)
بحرقها إنما هي الزوجة التي حرقت نفسها و باإلضافة إلى إن المتهمين قد نفيا ما أسند إليهما في جميع
أدوار التحقي ق والمحاكم ة ,وه ذا يتض ح أن المتهمين لم يرتكب ا فعًال مادي ًا ض د المج ني علي ه والنقط اع
الرابطة السببية بين الفعل والنتيجة ,تكون الأدلة المتوفرة بخصوص حادث قتل المجني عليه (ر) غير
كافية ,وليست مقنعة لإلدانة لذا قررت المحكمة إلغاء التهمة والإفراج عن المتهم.)1( )...
كم ا ينبغي على المحكم ة بي ان ال ركن المعن وي للجريم ة ،إذ يتعين للعق اب على الجريم ة أن يثبت
صياغة الحكم في أسبابه توافر القصد الجنائي ،إذا كانت الجريمة عمدية ،وتوافر الخطأ غير العمدي
إذا كانت الجريمة غير عمدية ،إذ يجب بيان أسباب خاصة في بعض الجرائم تبرر الحكم ,وإ ّال شابه
القصور في البيان وبالتالي بطالنه ،ولما الحكم الصادر في جريمة القتل العمد قد بّين الركن المادي,
والفعل المادي الذي أرتكبه الجاني ،من دون أن يكشف الحكم عن توافر نية القتل ،إذ إن قصد إزه اق
الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب بيانه ،بإيراد األدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة
أنه ا ت دل علي ه ،فعن دها يس توجب نقض الحكم واإلحال ة ،والقص د الجن ائي يتك ون من العلم واإلرادة
المتجه ة إلى تحقي ق نتيج ة معين ة ،ف إن الحكم يجب أن ي بين في بعض الج رائم ت وافر العلم ل دى المتهم
بالفعل الجرمي الذي ارتكبه ،إذ هناك قصد عام يتكون من علم وإ رادة يجب توافرها ،وأيض ًا توافر
القص د الخ اص ال ذي يكش ف عن ه بأدل ة معين ة ،ووق ائع خاص ة تس اهم في تحدي د األنم وذج الق انوني
. ()2
للجريمة ،فإن بيان ذلك الزمًا من أجل التطبيق الصحيح للقانون
وتطبيق ًا ل ذلك فق د قض ت محكم ة جناي ات باب ل به ذا الش أن (...ان القص د الجن ائي ال ذي ه و ال ركن
المعنوي لقيام الجريمة يكون غير متوفر فيها بالنسبة للمتهم فأن االدلة المتحصلة في هذه القضية غير
كافي ة لتج ريم المتهم ل ذا ق ررت المحكم ة إلغ اء التهم ة الموجه ة ألي ه واإلف راج عن ه وإ خالء س بيله م ا لم
يكون مطلوب عن سبب آخر.)3( )..
أم ا فيم ا يخص ت اريخ وق وع الجريم ة فه و من البيان ات الجوهري ة ال تي ي ترتب على تخلفه ا ع دم
ص ياغة الحكم الج زائي بالش كل الص حيح مم ا ي ترتب علي ه نقض الحكم ,وه و م ا ذهبت إلي ه محكم ة
التمي يز في قراره ا أذ ج اء في ه ( ...إن الق رارات الص ادرة في ال دعوى ق د ب نيت على أخط اء أص ولية
)?(1قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم /9740الهيأة الجزائية 214 /في ( 2014 /8 /26غير منشور).
)?(2د .محم ود نجيب حس ني ،النظري ة العام ة للقص د الجن ائي ،ط ، 2دار النهض ة العربي ة ،الق اهرة ، 1988 ،ص
، 204نسرين نعمه ،مصدر سابق ،ص.118
)?(3قرار محكمة جنايات بابل المرقم /242جنايات 2010 /في ( 2010 /4 /29غير منشور).
)(81 الفصل الثاني
جوهري ة رافقت ص دورها منه ا أن المحكم ة لم تح دد ت اريخ وق وع الح ادث لمعرف ة الق انون ال واجب
الأتباع.)1( )...
أم ا فيم ا يخص الظ روف المش ددة ,أو المخفف ة ال تي ت ترتب على تحققه ا زي ادة أو نقص في لجس امة
الجريمة ,وتشديد العقاب أو تخفيفه ,وهذا ما استقرت عليه أحكام القضاء حيث تحدد جسامة الح ادث من
،وق د ي رد تخفي ف العقوب ة دون ()2
حيث الواقع ة ,إذ نج د له ا ق رارات تش دد العقوب ة وأخ رى تخفض ها
تحديد األسباب ما يؤدي إلى عدم الصياغة اُألنموذجية للحكم ,فيترتب على ذلك نقض القرار ,وهذا ما
جاء بقرار محكمة التمييز على أن ( ...إدانة المتهم (ن) وفق المادة 2 /396قانون العقوبات والمعدل
باالمر رقم 3القسم /3/2لسنة 2003والحكم عليه بالسجن سبع سنوات غير صحيح ومخالف للقانون
لأن األم ر 3لس نة 2003ع دل العقوب ة المنص وص عليه ا ,وأص بحت خمس عش رة س نة ...وبم ا أن
المحكمة حكمت بالسجن سبع سنوات على ..دون أن تحدد سبب تخفيف العقوبة .)3( )...
ثانيًا :بيانات األدلة و ال'رد على الطلب'ات الهام'ة وال'دفوع الجوهري'ة ال'تي يق'دمها الخص'وم :ينبغي على
المحكم ة بي ان األدل ة ال تي اس تند عليه ا في الحكم ,فال يكفي بي ان الواقع ة والنص الق انوني ال ذي تخض ع
له ،إذ إن األصل في اإلنسان هو البراءة ،وهذا يقين يجب أن ال يهدر إال بيقين مثله ,أو أقوى منه ،
فيجب بي ان أدل ة الحكم بيان ًا كافي ًا ويقين ًا ،بم ا تثبت إدان ة المتهم ،وال تي تس تطيع محكم ة التمي يز من
خاللها بسط رقابتها على مدى احترام المحكمة ،لقواعد اإلثبات ,فقد نصت المادة (/224أ) من قانون
أصول المحاكمات الجزائية العراقي على بيان أسباب الحكم ,وتشمل أسبابه القانونية والموضوعية التي
من ضمنها بيان األدلة بيان ًا كافي ًا ،وقد أشار قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي إلى هذه الأدلة
المادة (/213أ/ب) التي نصت على (أ/تحكم المحكمة في الدعوى بناء على اقتناعها التي تكون لديها
من األدلة المقدمة في أي دور من أدوار التحقيق أو المحاكمة ,وهي اإلقرار وشهادة الشهود ,ومحاضر
التحقي ق والمحاض ر والكش وف الرس مية األخ رى ,وتق ارير الخ براء والفن يين والق رائن والأدل ة األخ رى
)?(1قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم /254هيأة عامه 2008 /في ( 2008 /4 / 28غير منشور).
)?(2قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم /5148هيئة جزائية 2011 /في ، 2011 /5 /11وقرارها المرقم 8733
/ 8933/8935/الهيأة الجزائية 2014 /في (7/8/2014غير منشوران) .
)?(3قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم /7603هيئة جزائية 2010 /في ( 2010 /10/8غير منشور)
)(82 الفصل الثاني
المقررة قانونا ،ب /ال تكفي الشهادة الواحدة سببا للحكم ما لم تؤيد بقرينة او ادلة ، )، ...وعلي ه نجد
في تحدي د عب ارة ,واألدل ة األخ رى المق ررة قانون ًا فه ذه العب ارة ت دل على أن األدل ة غ ير مح ددة على
سبيل الحصر بنصوص قانونية معينة أحالت إليها هذه المادة ،وهذا ما يطابق المبدأ العام الذي يقضي
بحرية المحكمة في تكوين قناعتها من أي دليل ،ثم أن هذه األدلة متطورة ومتجددة بتطور الزمن ,سيما
بالنسبة لألدلة العلمية حيث التطور العلمي والتقني في شتى المجاالت التي أمدت القاضي بوسائل قائمة
على أسس علمية رصينة للكشف السريع والفعال عن الجرائم المرتكبة ,وتقصي أدق مخلفاتها ,بحيث لم
يعد االثبات الجنائي قاصرًا على الأدلة التقليدية ,ومن هذه الوسائل المستحدثة المكرسكوب االلكتروني,
واس تخدامات األش عة ف وق البنفس جية ,واألش عة تحت الحم راء ,وبص مة الحمض الن ووي ،ل ذا ليس من
الصحيح حصر الأدلة الجنائية في مجال ضيق ومحدود.
كما ورد النص في المادة ( )310من قانون اإلجراءات الجنائية المصري التي جاء فيها (يجب أن
يش تمل الحكم على األس باب ال تى ب نى عليه ا وك ل حكم باإلدان ة يجب أن يش تمل على بي ان الواقع ة
المس توجبة للعقوب ة والظ روف ال تى وقعت فيه ا ،وأن يش ير إلي نص الق انون ال ذى حكم بموجب ه )،
وب ذلك يجب لص حة تس بيب الحكم الص ادر باإلدان ة أن ي بين مض مون ك ل دلي ل من أدل ة اإلثب ات ،حتى
يتبين وجه االستدالل به وسالمته ،إذ يتم ذكر األدلة التي اعتمد عليها بشكل مفصل إلمكانية الوقوف
على مسوغات ما قضى به .
يقص د باألدل ة اإلج راءات والوس ائل كاف ة ال تي يس تعين به ا القاض ي في تك وين قناعت ه القض ائية
للوصول إلى الحقيقة من خالل تقديره السليم لها ,وهي قد تكون أدلة قوليه ,تتمثل بما يصدر عن الغير
من أقوال كالشهادة ،وتعّر ف ،بأنها ،وهي ما يقرره الشخص في المحكمة باعتبارها بينه على حقيقة
،أو االع تراف ,أو أدل ة مادي ة ت ؤثر في اقتن اع محكم ة الموض وع بص ورة مباش رة ()1
م ا يتم توكي دها
,وهي ع ادة المعاين ة والتف تيش ,أو أدل ة علمي ة تك ون في ص ورة تق ارير فني ة علمي ة بش أن وق ائع معين ة
تص در عن الخب ير ,كمعالج ة مختل ف اآلث ار المادي ة عن طري ق التحالي ل الكيماوي ة المختبري ة لألنس جة,
وبصمات األص ابع ,وآثار اإلق دام ,وغيره ا من الوس ائل الأخرى التي يمكن اس تخدامها في الكشف عن
1
Steven Emanuel , Criminal Procedure new rochelle , evidence, 1985, p.17.
)(1
)(83 الفصل الثاني
الجريم ة( ، )2وتطبيق ًا ل ذلك فق د قض ت محكم ة التمي يز االتحادي ة الى نقض الحكم الص ادر من محكم ة
جناي ات باب ل المتض من االف راج عن المتهم (ط.ع.ج) كون ه غ ير ص حيح ومخ الف للق انون كون ه(...
المحكمة قد اخطأت في تقدير االدلة وفي تطبيق احكام القانون التطبيق السليم حيث اعتراف المتهمان
بالح ادث في كاف ة ادوار التحقي ق وبت وافر كاف ة الض مانات القانوني ة وتعزي ز اعترافهم ا بأقوالهم ا بص فة
شاهدين ,وأقوال المدعين بالحق الشخصي ومحضر الكشف على جثت المجنى عليهم ,وشهادات وفاتهم
ومحض ر الكش ف على مح ل الح ادث ومخطط ة ,وهي أدل ة كافي ة ومقنع ة للتج ريم ,وال يقل ل كفاءته ا
رجوع المتهمين عن أقواله ا إمام المحكم ة ,لذا ق رر نقض الحكم الص ادر ،)2()...وكما قض ت محكمة
اس تئناف باب ل االتحادي ة بأن ه ( ..وج دت أن ه غ ير ص حيح ومخ الف للق انون؛ لأن األدل ة المتحص لة في
الدعوى هي شهادة واحدة .....ولم تعزز بقرينة اخرى وبما ان الشهادة الواحدة التكفي التخاذها سبب
للحكم م الم تع زز بادل ة او ب أقرار من المتهم وفق ًا للم ادة (/213ب) من ق انون اص ول المحاكم ات
الجزائي ة فتك ون االدل ة المتحص لة في ال دعوى غ ير كافي ة لالدان ة وبم ان ان محكم ة الحنح اتجهت الى
االدانة خالف للقانون مماتطلب نقضة.)3( )...
أما فيما يخص الرد على الطلبات المهمة والدفوع الجوهرية التي يقدمها الخصوم ,فينبغي على
المحكمة تحقيق التوازن بينها ،لذا وحتى تكون هناك موازنة بين حق الدولة في العقاب ,وحق المتهم
وبحريته الشخصية ,وعدم المساس بها ,كان البد أن تكون هناك ضمانة للمتهم ،وهي حقه في الدفاع
عن نفسه ،كما ألزم المشرع على محكمة الموضوع ببيان أسباب الحكم الذي تصدره ،وألزمته ا كذلك
بيان األسباب التي من خاللها يرد على طلبات الخصوم ودفوعهم الجوهرية ،والتي لها تأثير واضح
في ثبوت أو عدم ثبوت الواقعة ،فإذا قدم الخصوم طلبات مهمة إلى محكمة الموضوع فإنه ا ملزم ة إذا
ق ررت رفض ها ب أن ت رد على ذل ك بأس باب كافي ة لتتمكن محكم ة التمي يز من مراقب ة أس باب حكمه ا في
الرد على هذه الطلبات ،فلو صح الطلب الجوهري لترتب عليه هدم أركان الجريمة ,أو نفي عنصر
)?(1د .سلطان الشاوي ، ،اصول التحقيق االجرامي ،مطبعة جامعة بغداد ،1982 ،ص .13
)?(2قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم /5559الهيأة الجزائية الثانية 2014 /في ( 4/5/2013غير منشور).
)?(3ق رارات محكم ة اس تئناف باب ل االتحادي ة بص فتها التميزي ة الم رقم /464ت /جزائي ة2013 /في ، 9/10/2013
وبذات المعنى قرارها المرقم /393ت/جزائية 2013/في (9/9/203غير منشوران).
)(84 الفصل الثاني
فيه ا ،فعليه ا عن دما ت رفض الطلب ات عليه ا بي ان األس باب ال تي رفض ت الطلب ات بحكمه ا ،والمحكم ة
ملزمه بأن تبني حكمها على أدلة لها مصدر في أوراق الدعوى ،فإذا عولت في حكمه ا على أدلة ليس
لها أصل في أوراق الدعوى ،فهي بذلك تخالف نظام اإلثبات السائد في المواد الجنائية والذي بموجبه
تكون قيمة الدليل ،وذلك مانصت عليه المادة ( )212من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي
بأنه (ال يجوز للمحكمة أن تستند في حكمها إلى دليل لم يطرح للمناقشة أو لم يشر إليه في الجلسة وال
إلى ورقة قدمها أحد الخصوم من دون أن يمكن باقي الخصوم من االطالع عليها ،وليس للقاضي أن
يحكم في ال دعوى بن اء على علم ه الشخص ي) ،وك ذلك نص ت الم ادة ( )302من ق انون اإلج راءات
الجنائية المصري التي جاءت بها (يحكم القاضى فى الدعوى حسب العقيدة التى تكونت لديه بكامل
حريت ه ،وم ع ذل ك ال يج وز ل ه أن يب نى حكم ه على أى دلي ل لم يط رح أمام ه فى الجلس ة وك ل ق ول
يثبت أن ه ص در من أح د المتهمين أو الش هود تحت وط أة اإلك راه أو التهدي د ب ه يه در واليع ول علي ه ،
وبهذا فإن القاضي ال يجوز له أن يبني حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه في الجلسة).
أما الدفع فيقصد به كل ما أنصب على أوجه الدفاع القانونية التي يتقدم بها أحد الخصوم لنفي القوة
الثبوتية لألدلة المطروحة في الدعوى الجزائية ،وهذه الدفوع إما أن تكون موض وعية ,أو ش كلية ,وهي
تختل ف من دع وى إلى أخ رى بحس ب وقائعه ا وظروفه ا ,وتك ون جوهري ة م تى ك انت منتج ة ومتعلق ه
بموض وع ال دعوى ( ،)1فق د ي ترتب عليه ا إلغ اء التهم ة كلي ةً ,وانتف اء س ندها ,مم ا ي وجب اإلف راج عن
المتهم ,أو تبرئته كالدفع بانتفاء ركن من أركان الجريمة كما قد يكون الدفع بالتقرير الطبي الخاص به
لم يتضمن تعرضه لالصابه من جراء الضرب المبرح ،ويُعد هذا الدفع جوهريًا بالحكم ما يترتب علي ه
إلغاء التهمة الموجهة للمتهم (.)2
يتبين لنا مما سبق بيانه أعاله ،إن صياغة بيانات أسباب الحكم ،حتى تكون صحيحة ونموذجية وال
ي ترتب عليه ا نقض الحكم لع دم ص حة ص ياغة ه ذه البيان ات ،يجب أن تك ون ش املة ،لبي ان الواقع ة
)?(1د .عبد الحكم فودة ،موسوعة الحكم القضائي في المواد المدنية والجزائية ،منشاة المعارف ،االس كندريه 2003،
ص ، 238-237د .كمال السعيد ،مصدر سابق ،ص ،778عودة يوسف سلمان الموسوي ،حق المتهم في الصمت بين
الشريعة االسالمية والقانون المقارن ،رسالة ماجستير ،جامعة بغداد ،كلية القانون ،2005 ،ص.150
)?(2قرار محكمة استئناف بابل بصفتها التميزية المرقم /393ت /جزائية 2013 /في (2013 /9 / 9غير منشور).
)(85 الفصل الثاني
المستوجبة للعقوبة والظروف المحيطة بها ,وأركانها ،لما له من أهمية في تحديد أسباب الحكم ،وما
يترتب على الواقعة من ظروف من حيث التشديد ,او التخفيف في إصدار الحكم بالعقوبة ،وما يشوبه
من أركانها نقص أو اكتمال إلصدار الحكم ؛ ألنها من األسباب القانونية ،أما ما يخص األدلة والدفوع
فتعد بيانًا جوهريُا تستند عليه المحكمة في اصدارها واسنادها للحجج القوية من األسباب الواقعية التي
يترتب عليها صياغة الحكم الجزائي.
الفرع الثاني
العيوب التي ترد على أسباب الحكم الجزائي
لكي يصدر الحكم الجزائي صحيحًا و أسبابه موافقة للقانون البد أن تقوم محكمة الموضوع بجملة
من االجراءات لتحقيق هذة الغاية ،وهي أن موضوع الوقائع وكما يثبت لديها البد من تس جيلها تس جيًال
دقيقًا و كامال ,وبطريقة تسمح لمحكمة التمييز بمراقبة صحة تطبيق القانون ( ،)1وعليه أن صحة صدور
الحكم الجزائي تستجوب صحة االسباب التي تم االستناد إليها ،وال يمكن القيام بذلك ،مالم يتم عرض
تل ك األس باب من قب ل محكم ة الموض وع ،وبالش كل الذي يس مح بمراقب ة ص حة تطبيقه ا للق انون تطبيق ًا
سليما ،إذ قد يعتري أسباب الحكم الجزائي من العيوب التي يمكن أن ترتب آثارها عليه بنقضة من قبل
محكم ة التمي يز ،ومن تل ك العي وب عيب انع دام األس باب ,أو عيب الخط أ في اإلس ناد أو عيب القص ور
في األسباب ،وهذا ما سوف يتم تناوله في هذا الفرع تباعًا.
أوًال :عيب انعدام األسباب في الحكم :إن وجود األسباب يعد من المكونات الجوهرية لصياغة الحكم
،وتخلفه ا ي ترتب علي ه نقض الحكم ،وذل ك على أس اس أن أس باب الحكم تك ونت في مرحل ة المداول ة
وحتى إصدار الحكم ،والتي صدر الحكم بناًء عليها ،إذ إن الحكم الجزائي يتكون من مكونات ثالثة.
الديباجة ،والمنطوق ,واألسباب ،فإن عدم ذكر األسباب كلي ًا بعد النطق بالحكم ،يجعل الحكم عرض
للنقض ويتساوى مع عدم بيان أي أسباب للحكم أن تأتي األسباب عامة وغامضة أو متناقضة ،إذ يبدو
)?(1المادة ( )593من ق انون اإلج راءات الجنائي ة الفرنس ي نص ت على (بطالن الحكم إذا ج اءت أس بابه غ ير كافي ة وال
تس مح لمحكم ة النقض من ان ت راقب التط بيق الص حيح للق انون) ،تقابله ا الم ادة ( /224أ) من ق انون أص ول المحاكم ات
الجزائية العراقي.
)(86 الفصل الثاني
معه ا الحكم كأن ه بال أس باب ت ؤدي إلي ه( ،)2إذ ي أتي ه ذا العيب في مقدم ة عي وب التس بيب ال تي تنقض
الحكم ,ويتحقق عندما تقوم المحكمة بإصدار حكمه ا خالي ًا من األسباب التي تثبت الواقعة األساسية له,
والظ روف المحيط ة به ا ,واألدل ة ال تي اس تند إليه ا ,أي بمع نى إن الحكم يص در دون أدنى تس ويغ ل ه,
ويترتب على توافر هذا العيب أن يكون الحكم معيبًا في صياغته القانونية ,مما يترتب نقض الحكم دون
، ()2
حاجة للتعرض إلى أوجه الطعن األخرى التي قد تشوب الحكم ,وانعدام األسباب هو عيب شكلي
لذا تستطيع محكمة التمييز أن تلتفت إليه بمجرد إطالعها على األسباب ،فإذا لم تجد أية أسباب للحكم
أو ك انت األس باب غامض ة ,أو متناقض ة ،فهي والع دم س واء ،فإنه ا تس تطيع أن تنقض الحكم النع دام
أس بابه وذل ك ماتض منته ق رار محكم ة التمي يز االتحادي ة بنقض ق رار محكم ة الموض وع ؛ ألن محكم ة
عندما أصدرت حكمها ( على قول المخبر السري الذي جاءت مخالفة إلحكام المادة (/63أ) من قانون
أصول المحاكمات الجزائية ،كما لم تربط صوره ضوئية من أقواله ،و أيضا لم يحلف الشاهد وكانت
. شهاده بشكل سرد لواقع وليس تفصيلي ،...ولكل هذه األخطاء والتناقض قرر نقض )...
()3
ويالحظ عادة بان محكمة الموضوع نادرًا ما تغفل اإلشارة إلى أسباب الحكم إغفاال تاما إال أنه من
الواقع ما يدون بصورة تبدو كأنها بال أسباب إي بصورة انعدام األسباب الكلية المستترة ،حيث تتمثل
بوج ود عب ارات غامض ة ال ت بين العناص ر الواقع ة القانوني ة للجريم ة ،ك أن ي ذكر في ص ياغة الحكم أن
التهمة ثابتة قبل المتهم من التحقيقات ,وشهادة الشهود ,واعتراف المتهم ,أو من التقرير الطبي ,وتقارير
الخ براء ,دون أن ي بين مض مون هذه الأدل ة ,ف ذلك ال يكفي لتس بيب الحكم ,إذ لم ت بين المحكم ة مض مون
هذه االدلة في حكمها( ،)4والحكم يعد غير واضح الصياغة أذا تم تحرير أسباب الحكم بخط غ ير مق روء
بحيث يس تحيل مع ه فهم المع نى الم راد من ه وتحقي ق الغ رض ال ذي قص ده المش رع من تس بيب الحكم,
ويبرر هذا نقضه على أساس إن هذه األسباب وأن كان لها معنى ,فأنه مستور في ضمير قضاة محكمة
الموض وع ال تي أص درت الحكم ,وال يعرف ه غ يرهم ,وإ ذا ك ان الغ رض من التس بيب ه و أن تع رف
المحكمة لماذا حكمت لكان اشتراط المشرع للتسبيب امرًا عيني ًا بل العكس أن الغرض من التسبيب هو
أن يع رف من ل ه ح ق الرقاب ة على الحكم م ا هي مس وغاته ,وط بيعي أن ذل ك ال يت أتى إال بالتس بيب
الواض ح والك افي ,أم ا األس باب العام ة والغامض ة ,فق د تخفي في طياته ا س وء فهم المحكم ة للواقع ة
المعروضة عليها(.)1
وقد استقرت احكام القضاء العراقي على المبادئ اعاله في العديد من القرارات التي حددتها محكمة
التمييز االتحادية ،اذ ورد في احداها بانه ( ...وجد أن المحكمة أصدرت قرارها قبل التأكد من صحة
وقوع الحوادث التي وردت باعتراف المتهم بغية التوصل الى قناعة كافية لصحة هذا االعتراف وأن
ع دم اكم ال تل ك التحقيق ات اخلت بص حة قراراته ا ل ذا ق رر نقض كاف ة الق رارات الص ادرة في ال دعوى
وإعادة اضبارتها إلى المحكمة إلجراء المحاكمة مجددًا .)2()...
مما تقدم يتض ح أن المحكمة ملزم ه بتسبيب حكمه ا ،فإن انعدمت األسباب ,أو كانت غامض ة غير
واض حة أو متناقض ة ،فق د يك ون إبه ام األس باب وغموض ها س تارًا يخفي س وء فهم يحم ل على محم ل
واحد هو عدم تطبيق القانون بالشكل الصحيح ,ما يؤدي إلى عدم الصياغة اُألنموذجية للحكم ,ما يترتب
على عدم ذكر األسباب نقض الحكم .
ثانيًا :عيب اإلسناد الخاطئ في أسباب الحكم :يتمثل هذا العيب في عدم صحه االستدالل أو اإلحاطة
الكافي ة بالدليل وفهم ه الفهم الس ائغ الذي ي ترتب علي ه عدم ص حة النتيج ة المستنبطة من ه ،وفي ه تعوي ل
محكمة الموضوع في اإلسناد على أدلة لم تستوف شروط قبولها كأدلة إثبات تتحقق بها اإلدانة ،ويكمن
عن د إس نادها على أدل ة غ ير مش روعة ،أو بنائه ا لحكمه ا على دالئ ل وش بهات ال تص ح أن تب نى عليه ا
)?(1قضت محكمة النقض الفرنسية بهذا الشأن بأن (عدم ايراد الحكم اس باب ل ه وك ذلك االس باب العام ة والمجهل ة ي ؤدي
الى بطالن الحكم وذل ك اس تنادًا الى نظري ة النقض في االس اس الق انوني للحكم) ،نقآل د .علي محم ود حم ودة ،مص در
سابق ،ص.644
)?(2قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم / 261هيأة عامة 2008 /في ( 28/5/2008غير منشور).
)(88 الفصل الثاني
اإلدان ة( ،)3وي دخل ض من االس ناد الخ اطئ االس تدالل الخط أ ،وذل ك إذا اس تمدت المحكم ة قناعته ا
الموضوعية من أدلة ليس لها مصدر ثابت في أوراق الدعوى التي اصدر حكمها فيها ،كأن ينسب إلى
المتهم اعترافًا ،وال يكون له وجود في أوراق الدعوى ،بل كان المتهم متمسكأ باإلنكار ونفيه ارتكاب
الفعل الجرمي ،فعندما تنطوي أسباب الحكم على عيب يمس سالمة االستنباط ،فهذا العيب يكش ف عن
ع دم س المة المنط ق القض ائي بس بب م ا يع تري االس تنباط من عي وب( ،)2ولكي يك ون أس تناد المحكم ة
قناعته ا الموض وعية منطقي ًا ،يجب أن يك ون استخالص ها للواقع ة والظ روف المحيط ة به ا ،وفهمه ا
لألدل ة القائم ة في األوراق ق د ج اء على وف ق قواع د العق ل والمنط ق الس ليم ،فتك ون مقوم ات اقتناعه ا
مؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها(.)3
يتمث ل ه ذا العيب في الواق ع العملي ،عن دما تس ند المحكم ة في الحكم إلى أدل ة متناقض ة فيم ا بينهم ا,
كتناقض اعترافات المتهم وأقوال الشهود ,ولم تبين إي من االدلة أخذت بها المحكمة في إسناد حكمها
ألس باب الحكم ،وك ذلك يجب إن يك ون إس ناد المحكم ة ألدل ة ال يش وبها الش ك والغم وض ،و إال ك ان
.
الحكم غير دقيق في الصياغة مما يترتب عليه نقض ؛ ألن الشك والغموض يفسر لصالح المتهم
أما فيما يخص اعتراف المتهم فيجب إن ال تكون هذه االعترف مأخوذ بإجراءات غير صحيحة من
حيث اس تعمال اإلك راه والق وه في ن زع االع تراف من أج ل اتخ اذه دلي ل في اس ناد اس باب الحكم ،اي
يجب ان يصدر االعتراف من قبل المتهم بمحض ارادته (.)4
وقد اكد الدستور العراقي لعام 2005على ذلك في المادة (/ 37أوًال-ج) منه والتي نصت على ان
(( يحرم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير االنسانية وال عبرة باي اعتراف انتزع
ب اإلكراه او التهدي د او التع ذيب وللمتض رر المطالب ة ب التعويض عن الض رر الم ادي والمعن وي ال ذي
اصابه وفقًا للقانون)).
وتطبيقًا لذلك فقد قررت محكمة التمييز االتحادية تصديق الحكم الصادر من محكمة جنايات القادسية
المتضمن االف راج عن المتهمين (ع.ع.ث/أ.م.ع) كون ه ص حيح ومواف ق للق انون ( ...حيث ان المتهمين
وان اعترفوا امام المحقق وقاضي التحقيق بأشتراكهم بالحادث اال انهم رجعوا عن هذا االعتراف إمام
محكم ة الموض وع أنهم ق د استحص لوا على تق ارير طبي ة تؤي د تعرض هم للتع ذيب في دور التحقيق ,مم ا
يجعل االعتراف مشوبًا ومحل شك وحيث أن الشك يفسر لصالح المتهم .)1()....
ثالث'ًا :عيب القص''ور في أس''باب الحكم :يقص د ب ذلك أن البي ان غ ير ك اف لوق ائع ال دعوى والظ روف
المحيط ة به ا واألدل ة ومض مون ك ل منه ا ،بم ا يش كل نقص ًا في األس اس الق انوني للحكم يتع ذر على
محكم ة التمي يز ،م ع وج وده أن ت راقب ص حة تط بيق محكم ة الموض وع للق انون ،ومن ثم فإنه ا تنقض
الحكم ،وذلك لكون هذا العيب يتصل بالمضمون الموضوعي ،أي باألسباب الواقعية التي تعبر عنه(،)2
فاألس باب ال تي ت رد في الحكم يجب أن تك ون كافي ة للمحكم ة ,وإ ال ك ان الحكم معيب ًا بالقص ور ،ف إذا
جاءت هذه األسباب قاصرة ،فال يكفي العتبار الحكم صحيح الش كل من ناحي ة التسبيب( ،)3إذ ينصرف
القص ور في التس بيب ال ذي ي ترتب علي ه نقض الحكم إلى األس باب الواقعي ة ؛ ألنه ا هي المع برة عن
المض مون ،وال ذي أفض ى ب ه إلى الحكم ال ذي انتهى إلي ه س واء ك ان الحكم باإلدان ة أو ال براءة ،أم ا
القصور في األسباب القانونية فال يترتب عليه نقض الحكم مع اإلحالة ،ألن محكمة التمييز تملك عند
اإلقتضاء تكملة هذه األسباب أو تعديلها بما يتفق مع القانون(.)4
إن القصور في التسبيب ال يعد عيبًا شكليًا يقف عند ظاهر األسباب ،أي أنه يكون للحكم أسباب أي ًا
كانت هذه األسباب ،وإ نما هو عيب موضوعي ،يتعلق بمضمون األسباب الواقعية ،فإذا جاءت هذه
األس باب قاص رة في الكش ف عن المض مون ،ف إن محكم ة التمي يز ال تس تطيع مراقب ة التط بيق الص حيح
للقانون ،وتنقض الحكم الصادر بالدعوى ,وذلك بسبب القصور في أسباب الحكم ،أما انعدام األسباب
)?(1قرار محكمة التميييز االتحادية المرقم /16هيأة عامة 2010/في ( 29/6/2010غير منشور) .
)?(2د .علي محمود حمودة ،مصدر سابق ،ص. 671
)?(3د .احمد أبو الوفا ،مصدر سابق ،ص. 305
)?(4د .احمد فتحي سرور ،الوسيط في القانون الجنائي ،مصدر سابق ،ص.206
)(90 الفصل الثاني
فأن ه يع د عيب ًا ش كليًا في الحكم ،حيث ان القص ور في األس باب عيب ًا موض وعيًا ال ش كليًا ،وأن ك ان
كالهما يؤدي إلى نقض الحكم (.)1
وفقًا على ماورد عليه النص في المادة ( )593من قانون اإلجراءات الجنائية الفرنسي ,فقد أصبحت
رقابة محكمة النقض الفرنسية مقررة على مضمون األسباب الواقعية ومدى كفايتها ألن يترتب عليها
المنط وق ال ذي انتهى إلي ه قاض ي الموض وع ،فتس تطيع أن تس تند إلي ه في إبط ال األحك ام ال تي ت أتي
أسبابها ,أو أسباب الرد على الطلبات المهمة والدفوع الجوهرية غير كافية(.)2
أم ا ق انون اإلج راءات الجنائي ة المص ري ,فإن ه ج اء خالي ًا من نص يق رر بطالن ه تل ك األحك ام ال تي
يش وبها القص ور في بي ان أس باب للحكم الواقعي ة ،وه ذا ال يع ني أن الق انون المص ري يجه ل نقض
األحكام التي يشوبها القصور في التسبيب ،إذ إن هذا األمر مقرر وفق ًا لنص المادة ( )310من قانون
اإلج راءات المص ري نص ت على (يجب أن يش تمل الحكم على األس باب ال تى ب نى عليه ا ن وك ل حكم
باإلدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ،وأن يشير
إلي نص القانون الذى حكم بموجبه ) ،إذ إن هذه المواد قد ألزمت محكمة الموضوع بتسبيب حكمه ا ،
ومن ثم فإن إخالله بالتزام قانوني ،يؤدي بحكمه إلى النقض ،جزاًء إلخالله بااللتزام القانوني ال واجب
إتباعه.
أما قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي فقد جاء خالي ًا من نص يقرر نقض تلك األحكام التي
يش وبها القص ور في بي ان أس باب الحكم الواقعي ة ،وه ذا ال يع ني أن الق انون الع راقي ال يع ترف بنقض
األحكام التي يعيبها القصور في التسبيب ،إذ إن هذا األمر مقررًا وفق ًا لنص المادة (/224أ) من قانون
أص ول المحاكم ات الجزائي ة الع راقي إذ إن ه ذه الم اده ق د أل زمت محكم ة الموض وع بتس بيب حكمه ا ،
ومن ثم ف إن إخالل المحكم ة ب التزام ق انوني ،ي ؤدي بحكمه ا إلى النقض ،ج زاًء إلخالل ه ب االلتزام
القانوني الواجب إتباعه في صياغة اسباب الحكم ،وكان يجدر بالمشرع العراقي أن يورد نصًا صريحًا
في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي يقرر من خالله نقض الحكم كجزاء للقصور في صياغة
)?(1د .وجدي راغب فهمي ،مبادئ القضاء المدني في قانون المرافعات ،دار الفكر العربي ، 1986 ،ص. 92
)?(2المادة ( )593من ق انون اإلج راءات الجنائي ة الفرنس ي نص ت على (بطالن الحكم إذا ج اءت أس بابه غ ير كافي ة وال
تسمح لمحكمة النقض من ان تراقب التطبيق الصحيح للقانون) .
)(91 الفصل الثاني
اس باب الحكم ،وعلي ه نأم ل من المش رع أن يض يف على نص الم ادة ( )224من ق انون أص ول
المحاكمات الجزائية العراقي الفقره (و) وتكون على الشكل االتي ( و_ يجب على المحكمة أن تراعي
االحك ام ال واردة في الفق رات اعاله وبخالف ه يع د الحكم مس توجب التص حيح من ذات المحكم ة ل و ك ان
ماديًا ،ومن محكمة اعلى لو كان موضوعيًا ).