You are on page 1of 36

‫مجمة الشريعة كالدراسات اإلسالمية المجمد ‪ 13‬العدد ‪ 2‬جكيمية ‪ 2022‬ـ ذك الحجة ‪1443‬ق‬

‫ص ص‪268 - 233 :‬‬

‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬


‫دراسة فقيية تحميمية‪ -‬لقرار بقانون رقم ‪ 2021/8‬بشأن القضاء الشرعي‬
‫‪Judicial independence in Sharia courts‬‬
‫‪An analytical jurisprudence study - Decree-Law No. 8/2021‬‬
‫‪regarding the Sharia judiciary‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪*1‬‬
‫أ‪ .‬أميرة عدناف دركبي‬ ‫د‪ .‬عبد ا﵀ جميؿ أبك كىداف‬
‫‪1‬‬
‫جامعة النجاح الكطنية – نابمس (فمسطيف)‪a.wahdan@najah.edu ،‬‬
‫‪2‬‬
‫جامعة النجاح الكطنية نابمس (فمسطيف)‪ameeradroube98@gmail.com ،‬‬

‫تاريخ النشر‪2022/07/15 :‬‬ ‫تاريخ االستالـ‪2022/05/22:‬‬


‫ممخص‪:‬‬
‫"الكظيفة القضائية ليست مجرد كظيفة عامة‪ ،‬إنما هي ركف في عالـ القانكف‪ ،‬حيث مبدأ" ال‬
‫فإف أساس الكظيفة القضائية هو أساس العالقة بيف القانكف كالقضاء‪،‬‬ ‫قانكف بال قضاء"‪ ،‬كبالتالي ّ‬
‫اء العالقة الكظيفية‪ ،‬أك العالقة القانكنية‪ ،‬أك عالقة المزكـ‪ ،‬كفكرة الكظيفة القضائية‪ ،‬ليست مجرد‬
‫سك ن‬
‫شكؿ‪ ،‬كال مجرد جكىر‪ ،‬كال مجرد غاية‪ ،‬إنما هي فكرة قانكنية‪ ،‬كبالتالي فيي ذات شكؿ‪ ،‬كجكىر‬
‫كغاية"‪ ،‬فمبدأ استقالؿ القضاء الشرعي كفؽ نصكص قانكف السمطة القضائية الفمسطيني بدايةن‬
‫كالقانكف األساسي(الدستكر)‪ ،‬كباألخص القانكف الجديد بشأف القضاء الشرعي عمى كجو الخصكص‪،‬‬
‫مقارنة مع تطبيقو كفؽ نصكص الشريعة اإلسالمية كأحكاميا‪ ،‬ما مدل تطبيقو؟‪ ،‬كىنا تكمف مشكمة‬
‫الدراسة‪ .‬كتنبع أىمية الدراسة في البحث عف تسميط الضكء عمى تاريخ القضاء الشرعي‪ ،‬كاستقاللو‪،‬‬
‫كأصكؿ التقاضي فيو‪ ،‬كمتعمقاتو التي يستند عمييا مف خالؿ ىذا البحث‪ .‬كتيدؼ الدراسة لمعرفة‬
‫ماىية الضمانات التي تجعؿ القاضي مستقالن في حكمو‪ ،‬كالنظر في حقيقة كجكدىا شرعان كقانكنان‪.‬‬
‫كاتبعت الباحثة في دراستيا المنيج االستقرائي‪ ،‬كالمنيج الكصفي التحميمي المقارف‪.‬‬

‫________________‬
‫*‬
‫المؤلؼ المرسؿ‬

‫‪233‬‬
‫ أميرة عدنان دروبي‬.‫ أ‬،‫ عبد اهلل جميل أبو وىدان‬.‫د‬

‫ الخاص بالقضاء الشرعي‬2021/8 ‫كخمصت الدراسة إلى أف اقرار قرار بقانكف رقـ‬
‫ بعد ما مضى عمى تنظيمو‬،‫الفمسطيني يعتبر خطكة لتقرير مبدأ استقالؿ منظكمة القضاء الشرعي‬
‫ كفي ضكء ىذه النتائج‬.‫ عامان مف العمؿ بمقتضاه‬49 ‫كتشريعو قانكف مصدره أردني كما يقارب عمره‬
‫ ككضع مذكرات تفسيرية‬،‫أكصت الباحثة عمى ضركرة تحديث القكانيف كالتشريعات القانكنية القضائية‬
‫ كاثراء المكضكع بدراسات أُخرل تسعى إلى‬،‫ كاقرار مبادئ شرعية عميا مف ذكم االختصاص‬،‫ليا‬
.‫تكعية الفرد بمبدأ استقالؿ القضاء كأىميتو‬
.‫ السمطة القضائية‬،‫ قانكف‬،‫ المحاكـ الشرعية‬،‫ استقالؿ‬،‫ القضاء الشرعي‬:‫الكممات المفتاحية‬
Abstract:
“The judicial position is not just a public job, but it is a cornerstone in
the world of law, where the principle of “there is no law without the
judiciary,” and therefore the basis of the judicial function is the basis of the
relationship between law and the judiciary, whether the functional
relationship, the legal relationship, the relationship of necessity, and the idea
of the job. Judicialism is not just a form, nor a mere essence, nor a mere
goal, but it is a legal idea, and therefore it is of form, essence and purpose.”
Sharia law in particular, compared to its application according to the texts
and provisions of Islamic Sharia, to what extent is it applied?, and herein
lies the problem of the study. The importance of the study stems from the
search for shedding light on the history of the Sharia judiciary, its
independence, the origins of litigation in it, and its dependencies through
this research. The study aims to find out what are the guarantees that make
the judge independent in his judgment, and to consider the fact that they
exist legally and legally. In her study, the researcher followed the inductive
method, and the comparative analytical descriptive method. The study
concluded that the adoption of a decision by Law No. 8/2021 on the
Palestinian Sharia judiciary is a step to determine the principle of the
independence of the Sharia judiciary system, after its organization and
legislation has been organized and legislated by a Jordanian law and nearly
49 years of working according to it. In light of these results, the researcher
recommended the necessity of updating judicial laws and legislation,
developing explanatory notes for them, approving supreme legal principles
from specialists, and enriching the subject with other studies that seek to
educate the individual about the principle of judicial independence and its
importance.
Keywords: Sharia judiciary, independence, Sharia courts, law, judicial
authority.

234
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫أنعـ بو عمينا كأكالنا بو‪ ،‬فإنو‬ ‫الحمد ﵀ رب العالميف‪ِ ُ ،‬‬
‫المكفّؽ لكؿ خير‪ ،‬كالشكر لو عمى ما َ‬
‫األئمة‬
‫الجنة مثكل ّ‬ ‫أم َر بالعدؿ كاإلنصاؼ‪ ،‬كجعؿ ّ‬ ‫أجدر بالشكر ك ُّ‬
‫أحؽ بو‪ ،‬كأشيد أف ال إلو إال ىك َ‬
‫سيد القُضاة بِال ُمنازع كاماـ‬
‫العادليف كالقضاة المنصفيف‪ ،‬كأشيد أف محمدان عبد ا﵀ كرسكلو‪ّ ،‬‬
‫العادليف؛ أما بعد‪:‬‬
‫أجؿ المناصب كأعظميا‪ ،‬كال غنى لمخمؽ عنيا في تحقيؽ‬
‫مف المقرر أف منصب القضاء مف ّ‬
‫كفض النزاع بيف المتخاصميف‪ ،‬فمف ىنا كاف اىتماـ التشريع االسالمي‬
‫ّ‬ ‫العدؿ كانصاؼ الحؽ‬
‫أجؿ تحقيؽ العدالة؛ كالتي ىي‬
‫كالقكانيف الكضعية ببياف كؿ ما يتعمؽ بيذا المنصب‪ ،‬كىذا كمو مف ّ‬
‫غاية كمقصد مف مقاصد التشريع االسالمي‪ ،‬كأيضان‪ :‬مف غايات التشريعات القانكنية الكضعية‬
‫المقارنة عمى مر الزماف‪ ،‬لذلؾ كاف اىتماـ الفقياء ببياف كؿ ما يتعمؽ بيذا المنصب كالذم ىك مف‬
‫أسمى مناصب الدكلة‪ ،‬مقارنة مع اىتماـ التشريعات الكضعية فيو أيضان‪ ،‬عممان بأنو ال سمطاف عمى‬
‫متكليو في أمكر قضائو شرعان إال ألمر الشرع كنييو‪.‬‬
‫يستند استقالؿ القضاء في المفيكـ اإلسالمي إلى أصؿ مشركعيتو‪ ،‬كالذم يعتبر أىـ‬
‫الضمانات عمى جعمو مستقالن‪ ،‬بعيدان عف سمطة كلي األمر كأصحاب النفكذ‪ ،‬الذيف يعممكف عمى‬
‫استمالة القضاة مف خالؿ الضغكط‪ ،‬سكاء أكانت بالترغيب بإغرائيـ بالماؿ كالسيادة‪ ،‬أـ مف خالؿ‬
‫ترىيبيـ بتيديد حياتيـ أك فقدىـ لكظائفيـ‪ ،‬كالتي حصمكا عمييا بجدىـ كاجتيادىـ‪ .‬كليذا كمو سكؼ‬
‫نبيف ما ىي الضمانات التي تجعؿ القاضي مستقالن في حكمو‪.‬‬
‫شيدت فمسطيف حدثان تاريخيان يسجؿ ليا في قائمة االنجازات في مستيؿ عاـ ‪ 2021‬بشكؿ‬
‫عاـ‪ ،‬كسمؾ قضائيا الشرعي بدرجاتو كمحاكمو (عميا‪ -‬استئناؼ – بداية) عمى كجو الخصكص‬
‫بإصدار قرار بقانكف رقـ ‪ 2021/8‬خاص بيا يدؿ عمى استقالؿ القضاء الشرعي في المحاكـ‬
‫الشرعية الفمسطينية مف ناحية استقالؿ السمطة القضائية في دستكر دكلة فمسطيف المعدؿ لسنة‬
‫‪ 2003‬لممادة ‪ 43‬منو إلعطاء الرئيس حؽ اصدار ق اررات بقانكف‪.‬‬
‫كليذا تيدؼ ىذه الدارسة إلى بياف الحاجة التي دعت ليا إلصدار قانكف خاص بالقضاء‬
‫الشرعي في فمسطيف‪ ،‬كبياف حاؿ نظاـ السمطة القضائية في دستكر دكلة فمسطيف‪ ،‬كبياف تشكيالت‬
‫المحاكـ الشرعية عمى اختالؼ درجاتيا الثالث كماىية اختصاص كؿ محكمة‪ ،‬كعالقتيما بديكاف‬
‫قاضي القضاة‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫كمف ىنا جاءت أىمية البحث لتكضيح المكقؼ الشرعي كالقانكني حسب نصكص مكاد قانكف‬
‫رقـ ‪ 2021/8‬بشأف القضاء الشرعي المطبؽ لدينا في جميع دكائر ديكاف قاضي القضاة كالمحاكـ‬
‫الشرعية الفمسطينية عمى اختالؼ درجاتيا في ما يتعمؽ باستقاللية القضاء كنظاـ التقاضي فيو‪ .‬كفي‬
‫ضكء ما سيتناكلو البحث جاء في النياية بعدة نتائج كتكصيات‪.‬‬
‫أىمية الدراسة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تتركز أىمية الدراسة في مكضكع استقاللية القضاء الشرعي في األمكر اآلتية‪:‬‬
‫‪ )1‬بياف األدلة كالمستندات كاآلراء الفقيية التي تبيف مدل اىتماـ الشريعة االسالمية بالقضاء‪ ،‬كبياف‬
‫معالـ ىذا االىتماـ مف خالؿ جعميا مف الكاليات العامة في الدكلة‪.‬‬
‫‪ )2‬تسميط الضكء عمى تاريخ القضاء الشرعي‪ ،‬كاستقاللو‪ ،‬كأصكؿ التقاضي فيو‪ ،‬كمتعمقاتو التي‬
‫يستند عمييا مف خالؿ ىذا البحث‪.‬‬
‫‪ )3‬مناقشة كتحميؿ استقالؿ السمطة القضائية‪ ،‬كضكابط الحفاظ عميو‪ ،‬مف خالؿ إجراء مقارنة بيف‬
‫الشريعة اإلسالمية كأحكاميا المتعمقة بالسمطة القضائية‪ ،‬كبيف القانكف الخاص بالقضاء الشرعي‬
‫كأيضان قانكف السمطة القضائية الفمسطيني كالقانكف األساسي كنصكصو المتعمقة بيذا الجانب‪.‬‬
‫مشكمة الدراسة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫مف المعمكـ بأف النظاـ القضائي باستق ارره كاستقاللو يحقؽ العدؿ‪ ،‬كىذا ىك الضمانة الستقرار‬
‫المجتمعات كاحقاؽ الحقكؽ ألصحابيا‪ ،‬كليذا كاف ال بد مف طرح االشكالية التالية‪ ،‬كاالجابة عمييا‬
‫مف خالؿ ىذه الدراسة‪ ،‬كىي‪:‬‬
‫ما مدل تطبيؽ مبدأ استقالؿ القضاء الشرعي كفؽ نصكص قانكف السمطة القضائية‬
‫الفمسطيني بدايةن كالقانكف األساسي(الدستكر)‪ ،‬كباألخص القانكف الجديد بشأف القضاء الشرعي عمى‬
‫كجو الخصكص‪ ،‬مقارنة مع تطبيقو كفؽ نصكص الشريعة اإلسالمية كأحكاميا ؟‬
‫أىداف الدراسة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تسعى الدراسة إلى تحقيؽ جممة مف األىداؼ تتمثؿ باآلتي‪ ،‬كىي‪:‬‬
‫‪ )1‬ما ىي الحاجة التي دعت الى اصدار قرار بقانكف خاص بسمؾ القضاء الشرعي في فمسطيف؟‬
‫‪ )2‬عمى ماذا يرتكز استقالؿ القضاء؟‬
‫‪ )3‬ماىية الضمانات التي تجعؿ القاضي مستقالن في حكمو‪ ،‬كالنظر في حقيقة كجكدىا شرعان‬
‫كقانكنان؟‬
‫‪ )4‬الخركج بتكصيات ميمة قد يككف ليا األثر في إثراء معمكمات ثقافية قانكنية تبث نكر الحؽ‬
‫لممجتمع حكؿ دكر القضاء الشرعي كاستقالليتو كسعيو في تحقيؽ رسالتو‪.‬‬

‫‪236‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫محددات الدراسة‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ -1‬الحد الموضوعي‪ :‬تقتصر حدكد الدراسة عمى دراسة استقاللية القضاء الشرعي كنظاـ التقاضي‬
‫فيو كتشكيالتو كاختصاصاتو‪ ،‬كؿ ذلؾ في ضكء تكييفيا الشرعي‪ ،‬مقارنةن مع ما جاء مف‬
‫نصكص القرار بقانكف بشأف القضاء الشرعي المطبؽ لدينا لمكضكع الدراسة‪.‬‬
‫‪ -2‬الحد الزماني‪ :‬تمت ىذه الدراسة مف العاـ ‪2022‬ـ‪.‬‬
‫‪ -3‬الحد المكاني‪ :‬تـ إنشاء ىذه الدراسة في فمسطيف طبقان لمقكانيف المعمكؿ فييا في ديكاف قاضي‬
‫القضاة كالمحاكـ الشرعية عمى اختالؼ درجاتيا‪ ،‬كما تناكلتو مكاد القرار بقانكف رقـ ‪2021/8‬‬
‫بشأف الفضاء الشرعي‪ ،‬كغيره مف القكانيف النافذة‪.‬‬
‫منيج الدراسة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫اتبعت ىذه الدراسة في جانبيا النظرم المنيج االستقرائي‪ ،‬مف خالؿ االطالع عمى الكتب‬
‫المحكمة كالدراسات السابقة التي تطرقت لمكضكع مبدأ استقاللية القضاء‬
‫الفقيية كالمجالت العممية ّ‬
‫الشرعي‪ ،‬كغيرىا مف المكاضيع التي ليا عالقة بمكضكع الدراسة‪.‬‬
‫أما مف الجانب التطبيقي‪ ،‬تندرج ىذه الدراسة ضمف المنيج الكصفي التحميمي المقارف‪ ،‬كالتي‬
‫تُعنى بأسمكب التحميؿ كالتفسير كالمقارنة‪ ،‬كذلؾ لمالئمة ىذا المنيج مف الدراسات كلتقييـ المعمكمات‬
‫كلتحقيؽ الغاية المنشكدة مف مكضكع الدراسة خالؿ فترة زمنية محددة؛ لمحصكؿ عمى النتائج ثـ‬
‫تفسيرىا بطريقة ممنيجة‪ ،‬كمف ثـ الكصكؿ الى تكصيات لمجيات التي ليا ذات صمة بمكضكع‬
‫الدراسة كالتي قد تسيـ في تغيير الحاؿ الى االفضؿ‪ .‬كحيث قامت الباحثة بشرح مكضكع الدراسة‬
‫مف خالؿ الكصؼ كالتعريؼ بالمكضكع‪ ،‬كتحميؿ مدكنات القانكف كشركحاتيا كمناقشتيا‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫مما ال شؾ فيو أف الدراسات التي تناكلت مكضكع الدراسة كثيرة‪ ،‬كلكف الدراسات التي بحثت‬
‫في استقاللية القضاء في المحاكـ الشرعية دراسة فقيية تحميمية مقارنة مع قرار بقانكف ‪2021/8‬‬
‫بشأف القضاء الشرعي المطبؽ كسارم المفعكؿ في الضفة الغربية عمى كجو التحديد ال تكجد دراسات‬
‫متعمقة بمكضكع الدراسة عمى ما ارتأيت عميو مف خالؿ البحث‪ ،‬كلعؿ السبب ككف اقرار القانكف‬
‫جديد‪ .‬كذلؾ بالبحث كاالستقراء كبالمجكء الى مجمؿ الدراسات السابقة ذات العالقة بالمكضكع كانت‬
‫تركيزىا عمى استقالؿ القضاء مف الناحية الفقيية مقارنة مع القكانيف المطبقة في كؿ دكلة مختمفة‬
‫عف غيرىا‪ ،‬كمع العمـ بأف ىناؾ دراسات تناكلت مبدأ استقالؿ القضاء في فمسطيف كلكف كانت‬
‫جميعيا مف ناحية القضاء النظامي بالتحديد لما ىك منصكص عميو في قكانيف السمطة القضائية‬
‫كالقانكف األساسي‪ .‬كما يميز ىذه الدراسة بأنيا تناكلت مكضكع معاصر كخاص بسمؾ ديكاف القضاء‬

‫‪237‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫الشرعي كت شكيالتو عمى اختالؼ درجاتيا كتنظيـ عمؿ كؿ دائرة مف ناحية استقالليا كىذا كمو مف‬
‫خالؿ عرض كتحميؿ نصكص مكاد قرار بقانكف رقـ ‪ 2021/8‬بشأف القضاء الشرعي المطبؽ فقط‬
‫لدينا كما ىك معمكؿ فيو‪ ،‬كمف ىذه الدراسات‪:‬‬
‫أولا‪ :‬لمرتضى عبد األمير السيالني‪2018،‬ـ‪ ،‬استقاللية القضاء في الشريعة السالمية والقوانين‬
‫الوضعية‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬بحث محكـ منشكر في جامعة ذم قار‪ -‬مجمة كمية التربية لمعمكـ‬
‫االنسانية‪ ،‬مج‪/8‬ع‪ ،3:‬العراؽ‪.‬‬
‫ييدؼ ىذا البحث إلى التعريؼ بمبدأ ميـ مف مبادئ الحكـ بيف الناس بكصفو إجراء يحقؽ‬
‫لممجتمع العيش بسالـ كطمأنينة كىك مبدأ استقالليو القضاء‪ ،‬ذلؾ المبدأ الذم لو تأثير كبير في‬
‫عممية الفصؿ في أمكر الناس‪ ،‬كما ييدؼ إلى بياف أثر ىذا المبدأ في األحكاـ التي يطمقيا القاضي‬
‫مف خالؿ بياف أىميتو في الشريعة اإلسالمية كالقكانيف الكضعية‪ ،‬ككذلؾ ييدؼ البحث إلى تسميط‬
‫الضكء عمى أىـ العكامؿ المساعدة عمى إيجاد ىذا المبدأ عمى المستكل العممي إذ البد مف ضمانات‬
‫كركائز يتـ بكجكدىا تحقيؽ ىذا المبدأ الميـ‪ ،‬كالبحث عف مكاطف التأكيد عمييا في أدبيات التشريع‬
‫اإلسالمي كتطبيقاتيا العممية فيو مف جية‪ ،‬كالبحث عنيا كذلؾ في القكانيف الكضعية المتعمقة‬
‫بالقضاء‪ ،‬لمكقكؼ عمى نقاط االلتقاء كاالفتراؽ بينيما فيما يخص مسألة استقالؿ القضاء‪.‬‬
‫وتعقيبا عمى ىذه الدراسة‪ :‬قدمت الدراسة السابقة كبحث محكـ منشكر في العراؽ‪ ،‬كتناكلت مبدأ‬
‫استقالؿ القضاء كعالقتو بإصدار القاضي لألحكاـ بما يكافؽ الشريعة كالقانكف كأيضان تناكؿ الباحث‬
‫في الدراسة أىمية تطبيؽ الجانب العممي ليذا المبدأ‪ ،‬كذلؾ كاف مف الجانب الفقيي مقارنة بالقكانيف‬
‫الكضعية المعمكؿ بيا كالمطبقة بالعراؽ‪ ،‬فيناؾ تكافؽ بالدراستيف مف الجانب الفقيي‪ ،‬كلكف ىناؾ‬
‫اختالؼ ما بيف ىذه الدراسة كعالقتيا مع الدراسة التي اقكـ بيا مف ناحية المكضكع ككنو العنكاف‬
‫خاص باستقالؿ القضاء الشرعي في فمسطيف‪ .‬عممان بأف الناشر ليذه المادة ال يسمح بإتاحتيا‪.‬‬
‫ثاني ا‪ :‬لفاطمة بالطيب‪2017،‬ـ‪ ،‬حياد القاضي في ظل مبدأ استقاللية القضاء‪ :‬دراسة فقيية‬
‫قانونية‪ ،‬بحث محكـ منشكر في جامعة بف يكسؼ بف خدة الجزائر‪ -‬كمية العمكـ االسالمية‪ ،‬مجمة‬
‫البحكث العممية كالدراسات االسالمية‪ ،‬ع‪ ،14:‬الجزائر‪.‬‬
‫سعت الدراسة إلى إظيار حياد القاضي في ظؿ مبدأ استقاللية القضاء‪ :‬دراسة فقيية قانكنية‪.‬‬
‫كاعتمدت الدراسة عمى المنيج االستقرائي كالتحميمي‪ .‬كانقسمت الدراسة إلى مبحثيف‪ ،‬تناكؿ المبحث‬
‫األكؿ مفيكـ استقاللية القضاء كطبيعة عالقتو بالسمطة التنفيذية في الفقو اإلسالمي كالقانكف‬
‫الجزائرم‪ ،‬كتضمف مطمبيف‪ ،‬األكؿ مفيكـ استقالؿ القضاء كطبيعة عالقتو بالسمطة التنفيذية في الفقو‬
‫اإلسالمي‪ .‬كالثاني مفيكـ استقالؿ القضاء كطبيعة عالقتو بالسمطة التنفيذية في القكانيف الجزائرية‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫كاستعرض المبحث الثاني قكاعد ضماف حياد القاضي في الفقو اإلسالمي كالقانكف الجزائرم‪،‬‬
‫كتضمف مطمبيف‪ ،‬األكؿ قكاعد ضماف الحياد في الفقو اإلسالمي‪ ،‬كىي قاعدة التنحي كرد القضاة‪،‬‬
‫كقاعدة امتناع حكـ القاضي بعممو‪ ،‬كقاعدة حضر تدخؿ القاضي في سير الدعكل كتكجيييا‪ .‬كالثاني‬
‫قكاعد ضماف الحياد في القانكف الجزائرم‪ ،‬كىما قاعدة التنحي كرد القضاة‪ ،‬كامتناع حكـ القاضي‬
‫بعممو‪ ،‬كقاعدة حضر تدخؿ القاضي في سير الدعكل كتكجيييا‪ .‬كجاءت نتائج الدراسة مؤكدة عمى‬
‫أف حياد القاضي في الفقو اإلسالمي يفرضو الكاجب الشرعي الذم يقتضي أال طاعة لمخمكقة في‬
‫معصية الخالؽ‪.‬‬
‫وتعقيبا عمى ىذه الدراسة‪ :‬قدمت الدراسة السابقة كبحث محكـ منشكر في الجزائر‪ ،‬كتناكلت‬
‫بتخصيص حياد القاضي ككنو جزء مف مبدأ استقالؿ القضاء‪ ،‬كتناكلت ذلؾ مف الجانب الفقيي‬
‫مقارنة بقانكف السمطة التنفيذية المعمكؿ كالمطبؽ بالجزائر‪ ،‬لذلؾ ىناؾ اختالؼ ما بيف ىذه الدراسة‬
‫كعالقتيا مع الدراسة التي اقكـ بيا مف ناحية المكضكع ككنو العنكاف خاص باستقالؿ القضاء‬
‫الشرعي في فمسطيف‪ .‬كأيضان حقكؽ النشر لممادة محفكظة كغير متاحة‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫تتككف ىذه الدراسة مف ثالثة المباحث عمى النحك التالي‪:‬‬
‫المبحث التمييدم‪ :‬تاريخ القضاء‪ ،‬كمفيكـ األحكاؿ الشخصية‪ ،‬كتقنيف أحكاميا كالقضاء فييا‪.‬‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ القضاء كتاريخو‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬مشركعية القضاء كحكمو‪.‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬التعريؼ باألحكاؿ الشخصية كتقنينيا كالقضاء فييا‪.‬‬
‫المبحث األكؿ‪ :‬نظاـ القضاء الشرعي في فمسطيف كأصكؿ التقاضي فيو‪.‬‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬السمطة القضائية في دستكر دكلة فمسطيف‬
‫كماىية اختصاصاتو‬
‫ّ‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬تنظيـ القضاء الشرعي مف حيث تشكيمو‪،‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬اختصاص المحاكـ الشرعية كتشكيالتيا‪ ،‬كعالقتيا بديكاف قاضي القضاة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬استقاللية القضاء الشرعي‪ ،‬ركائز كمؤيدات‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬المقصكد باستقالؿ القضاء كاالىمية‬
‫المطمب الثاني‪ :‬ركائز استقالؿ القضاء الشرعي‬
‫المطمب الثالث‪ :‬مؤيدات مبدأ استقاللية القضاء‬
‫خاتمة‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫المبحث التمييدي‪:‬‬
‫تاريخ القضاء‪ ،‬ومفيوم األحوال الشخصية‪ ،‬وتقنين أحكاميا والقضاء فييا‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬مفيوم القضاء وتاريخو‪:‬‬
‫نعمـ بأف العدؿ ىك الغاية مف رساالت ا﵀ كقيمة مف قيـ التشريع االسالمي‪،‬‬
‫فبتحقيقو تصاف الحقكؽ كتحفظ األمكاؿ كاألنفس مف الضياع‪ ،‬كيشعر الناس باألمف‬
‫كاألماف‪ ،‬كتُقّكل عالقة الثقة بيف الحاكـ كالمحككـ‪.‬‬
‫‪ ‬أما عن تعريف القضاء لغ اة‪:‬‬
‫ت كممة القضاء مصدر كفعمو "قضى"‪،‬‬ ‫فبتتبع معاجـ المغة كالرجكع الييا َك َج ّد ُ‬
‫كاتماـ الشيء ككمالو كالزامو قكالن كفعالن‪ ،‬كتتبع معانييا كمشتقاتيا ُك ِج ّدت أنيا كثيرة‬
‫كمنيا‪ :‬ما جاء بقضى بيف الخصميف كعمييما أم حكـ بينيما كعمييما‪ .‬كفي قكلو‬
‫تعالى‪ ﴿ :‬فَلَمَّا قَضَى صَيْذٌ مِّنْهَا وَطَشًا صَوَّجْنَامَهَا ﴾[األحضاب‪ ]73:‬فجاءت بمعنى قضى حاجتو‬

‫أم بمغيا كناليا‪ .‬كمنو في قكلو تعالى‪{ :‬فَئِرَا قَضَيْتُم مَّنَاسِنَنُمْ ﴾ [البقشة‪ ]022:‬أم فرغتـ‬
‫منيا كأديتمكىا‪ ،‬كقضى دينو أداه‪ .‬كجاءت بمعنى إحكاـ الشيء كالفراغ منو كانفاذه كما‬
‫في قكلو تعالى‪ ﴿:‬فَقَضَاهُهَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَىْمَيْهِ}[فصلت‪ .]20:‬كقضى ا﵀‪ :‬أم أمر‬
‫كأكجب‪.‬‬
‫كسمي الحاكـ قاضيان؛ ألنو يمضي األحكاـ عمى الناس كيكجبيا عمييـ‪ ،‬كمف‬
‫ُ‬
‫يحكـ بيف الناس لمفصؿ في الخصكمات كالدعاكل التي بينيما إلصدار األحكاـ التي‬
‫‪1‬‬
‫يراىا طبقان لمشرع أك القانكف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ابف منظكر‪ ،‬محمد بف مكرـ أبك الفضؿ‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط‪ ،50-46/20 ،3‬بيركت‪ :‬دار صادر‪1414 ،‬ىػ ػ الفيكمي‪ ،‬احمد بف‬
‫محمد بف عمي ابك العباس‪ ،‬المصباح المنير‪ ،612/2 ،‬بيركت‪ :‬المكتبة العممية‪ .‬ابراىيـ انيس كآخركف‪ ،‬مجمع المغة العربية‪ ،‬المعجم‬
‫الوسيط‪ ،‬ط‪ ،749/1 ،1‬القاىرة‪ :‬مكتبة الشركؽ الدكلية‪1960 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪240‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫‪ ‬القضاء في الصطالح الفقيي والقانوني‪:‬‬


‫أما في االصطالح الفقيي فقد كردت تعاريؼ كثيرة عند فقياء المذاىب األربعة كمنيا‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ .1‬عرفو الكاساني الحنفي‪" :‬الحكم بين الناس بالحق"‪.‬‬
‫‪ .2‬كقاؿ ابف رشد المالكي‪ " :‬حقيقة القضاء الخبار عن حكم شرعي عمى سبيل‬
‫‪2‬‬
‫اللزام"‪.‬‬
‫‪ .3‬كما جاء في الفقو الشافعي‪ " :‬الحكم بين الناس أو اللزام بحكم الشرع‪ ،‬أو اظيار‬
‫‪3‬‬
‫حكم الشرع في الواقعة من مطاع"‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ .4‬فيما عرفو فقياء الحنابمة‪ " :‬تبين الحكم الشرعي واللزام بو وفصل الحكومات"‪.‬‬
‫‪ .5‬كجاء تعريؼ القضاء في مجمة الحكام العدلية بالكتاب السادس عشر في القضاء‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫المادة (‪ " :)1784‬القضاء يأتي بمعنى الحكم والحاكمية"‪.‬‬
‫كبعد عرض تعريفات الفقياء كالنظر الييا تدكر جميعيا حكؿ بياف الحكـ‬
‫الشرعي عمى سبيؿ االلزاـ بو‪ ،‬كىذا ىك الفارؽ بيف القضاء كاالفتاء‪ ،‬كلكف لكؿ عيف‬
‫ليا نظرة مختمفة عما غيرىا‪ ،‬فمف باب النقد لمتعريفات آنفة الذكر فأجد أنيا غير‬
‫شاممة مانعة لمحترزات القضاء بشكؿ أكسع‪ ،‬كمما سبؽ يظير لي بأف تعريؼ القضاء‬
‫ىك‪ " :‬اظيار القاضي لمحكم الشرعي بالحق المدعى بو‪ ،‬وبيانو بأحد طرق الثبات‬
‫الشرعية عمى وجو اللزام بين المتخاصمين في مجمس القضاء"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الكاساني‪ ،‬عالء الديف أبي بكر الحنفي‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،4078/9 ،‬بيركت‪ :‬دار الكتاب العربي‪1982 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ابف فرحكف‪ ،‬برىاف الديف ابراىيـ بف عمي المالكي‪ ،‬تبصرة الحكام في اصول القضية ومناىج الحكام‪ ،12/1 ،‬مصر‪ :‬مكتبة‬
‫كمطبعة البابي الحمبي‪1958 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫النككم‪ ،‬محي الديف‪ ،‬حاشية قميوبي وعميرة عمى شرح جالل الدين المحمي‪ ،‬ط‪ ،295/4 ،1‬القاىرة‪ :‬دار احياء الكتب العربية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫السيكطي‪ ،‬مصطفى بف سعد الرحيباني الحنبمي‪ ،‬مطالب أولي النيى شرح غاية المنتيى‪ ،‬ط‪ ،453/6 ،2‬منشكرات المكتب‬
‫االسالمي‪1994 ،‬ـ‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ 5‬مجمة األحكاـ العدلية ألفت مف قبؿ لجنة مككنة مف عدة عمماء كفقياء في الخالفة العثمانية‪ ،‬كليا شركحات مف قبؿ ثمة مف الفقياء‬
‫كالعمماء‪.‬‬
‫‪241‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫‪ ‬تاريخ القضاء ومكانتو‪:1‬‬


‫إف فقو القضاء مف أىـ مجاالت فقو الشريعة اإلسالمية‪ ،‬كمف أسمى عمكميا‬
‫كر كمكانةن‪ ،‬كذلؾ ألف القضاء يمس حياة الناس‪ ،‬بإنصاؼ‬ ‫قد انر كقيمةن‪ ،‬كأشرفيا ِذ ّان‬
‫المظمكـ‪ ،‬كايصاؿ الحقكؽ ألصحابيا بالعدؿ كالمساكاة‪ ،‬بعدان عف الجكر كالظمـ‪ .‬كقد‬
‫ظؿ تاريخ القضاء اإلسالمي مزدى انر عمى مر العصكر‪ ،‬كذلؾ مف زمف الرسكؿ ‪‬‬
‫مرك انر بقضاء صحابتو ‪ ‬جميعان‪ ،‬ككصكالن إلى اجتياد الفقياء كالعمماء بمذاىبيـ‬
‫المختمفة‪ ،‬استق ار انر إلى زمننا ىذا ليككف القضاء الشرعي مثاالن لتطبيؽ شريعة ا﵀‪،‬‬
‫كذلؾ كمو؛ ألنو نظاـ رباني يستمد أحكامو كنظامو مف التشريع اإلليي‪ .‬كيشيد التاريخ‬
‫بأسماء عريقة ارتبط اسميا بالقضاء الشرعي العادؿ كالذم ما زاؿ إلى يكمنا ىذا تتغنى‬
‫أسمائيـ كربطيا بالعدؿ‪ ،‬تيمنان بإماـ القضاة كسيدىـ رسكلنا الكريـ ‪ ،‬كالى رمز‬
‫العدؿ الفاركؽ عمر بف الخطاب‪ ،‬كالى أمثاؿ شريح القاضي كأبي يكسؼ‪ ،‬كشيخ‬
‫اإلسال ـ ابف تيمية كغيرىـ مف األعالـ‪ .‬كتتبع نظاـ القضاء كأصكؿ التقاضي فيو عمى‬
‫التفصيؿ كالقكانيف المعمكؿ بيا سيظير مف خالؿ المبحث الخاص بمفيكـ األحكاؿ‬
‫الشخصية كتقنينيا‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬مشروعية القضاء وحكمو‪:‬‬
‫مشركع القضاء في آيات الكتاب الحكيـ كالسنة كاإلجماع‪ .‬كقد كردت آيات‬
‫كثيرة تدؿ عمى مشركعيتو كمنيا‪:‬‬
‫في قكلو تعالى‪{ :‬وَؤَنِ احْنُم بَيْنَهُم بِمَأ ؤَوضَهَ اللّهُ وَالَ تَتَّبِعْ ؤَهْىَاءهُمْ ‪[}...‬املائذة‪ . ]94:‬كقكلو‬

‫تعالى‪{ :‬إِوَّا ؤَوضَلْنَا إِلَيْلَ الْنِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْنُمَ بَيْهَ النَّاطِ بِمَا ؤَسَاكَ اللّهُ وَالَ تَنُه لِّلْخَأئِنِنيَ‬

‫خَصِيمًا}[النساء‪{ .]221:‬إِنَّ اللّهَ يَإْمُشُمُمْ ؤَن تُؤدُّواْ األَمَاوَاتِ إِلَى ؤَهْلِهَا وَإِرَا حَنَمْتُم بَيْهَ النَّاطِ ؤَن‬

‫تَحْنُمُىاْ بِالْعَذْهِ إِنَّ اللّهَ وِعِمَّا يَعِظُنُم بِهِ إِنَّ اللّهَ مَانَ سَمِيعًا بَصِريًا}[النساء‪]85:‬‬

‫‪1‬‬
‫حسب ا﵀‪ ،‬عمي‪ ،‬أصول التشريع السالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪ ،8-7‬مصر‪ :‬دار المعارؼ‪1959 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪242‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫فيذه مف بعض آيات ا﵀ كغيرىا الكثير التي تدؿ عمى مشركعية القضاء بالعدؿ‬
‫كالحكـ بما أنزؿ ا﵀ بشريعتو‪ ،‬كبتحقيؽ الحؽ بيف المتخاصميف مف غير جكر أك ظمـ‪.‬‬
‫أما مشركعية القضاء في السنة‪ :‬فثبتت بقكؿ النبي ‪ ‬كفعمو‪ ،‬فعف عمرك بف‬
‫العاص بأنو سمع رسكؿ ا﵀ قاؿ‪" :‬اذا حكم الحاكم فاجتيد فأصاب فمو أجران واذا‬
‫‪1‬‬
‫حكم فاجتيد فأخطأ فمو أجر"‪.‬‬
‫كفعمو بأنو عميو الصالة كالسالـ تكلى القضاء كقضى بيف الناس‪ ،‬فعف ابف‬
‫عباس ‪ ‬بأف رسكؿ ا﵀ "قضى باليمين عمى المدعى عميو‪ ،‬وقضى بيمين وشاىد"‪.2‬‬
‫كىذا يعتبر قاعدة مف قكاعد االثبات الشرعية في سمؾ القضاء كالمحاكـ‪ .‬كغيرىا مف‬
‫األدلة كالشكاىد‪.‬‬
‫كىذا كثد كلّى النبي ‪ ‬رجاالن مف صحابتو عمى القضاء في حياتو‪ ،‬كمنيـ‬
‫الفاركؽ عمر بف الخطاب‪ ،‬كعمي بف ابي طالب‪ ،‬كمعاذ بف جبؿ كغيرىـ رضكاف ا﵀‬
‫عمييـ جميعان‪.‬‬
‫كبإجماع المسممكف كالفقياء قديمان كحديثان عمى مشركعية نصب القضاء كالحكـ‬
‫‪3‬‬
‫بيف الناس‪.‬‬
‫‪ ‬حكم القضاء‪:‬‬
‫نعمـ بأف لكؿ منصب لو شركط لتكليو كخاصةن القضاء‪ ،‬ألنو مف أسمى كأرفع‬
‫المناصب بالدكلة؛ حتى يستطيع مف يتكاله أف يحقؽ الغاية منو أال كىك العدؿ؛ كلكف‪:‬‬
‫حكـ الدخكؿ في القضاء كطمبو يختمؼ باختالؼ أحكاؿ الناس‪ ،‬فمنيـ ال يصمح‬
‫لمقضاء‪ ،‬كمنيـ يصمح لو كيكجد غيره بشركط تتكافر فيو أىمية القضاء‪ ،‬كمنيـ مف‬
‫يصمح لمقضاء كال يكجد غيره‪ .‬كىذه أحكاؿ الدخكؿ في القضاء كطمبو‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫النككم‪ ،‬محيي الديف ابي زكريا يحيى‪ ،‬صحيح مسمم بشرح النووي‪ ،‬ط‪ ،13/12 ،2‬بيركت‪ :‬دار احياء التراث العربي‪،‬‬
‫‪1392‬ـ‪.‬ركاه االماـ مسمـ في صحيحو بإسناده‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابؽ‪.3/12 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫الخطيب الشربيني‪ ،‬شمس الديف محمد بف احمد‪ ،‬مغني المحتاج الى معرفة معاني الفاظ المنياج‪ ،‬ط‪ ،372/4 ،1‬دار الكتب‬
‫العممية‪1994 ،‬ـ‬
‫‪243‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫كلكف ألف المقاـ ال يتسع لممقاؿ عف كؿ حالة‪ ،‬كألف الفقياء الكراـ أسيبكا بالتفصيؿ‬
‫عف حكـ كؿ حالة عمى التخصيص مسندة بأدلتيـ في مكنزاتيـ الفقيية‪ ،‬فسأكتفي‬
‫بالتطرؽ إلى حكـ القضاء بشكؿ عاـ‪.‬‬
‫كباتفاؽ جميكر الفقياء بأف القضاء فرض كفاية‪ ،1‬كيعني بأنو مف قاـ بو مف‬
‫بعض األمة سقط عف بعضيا اآلخر‪ ،‬كمف لـ يقـ بو أحد منيا أثمت األمة جميعيا‪.‬‬
‫كذلؾ بفرضو مف ا﵀ عز كجؿ بقكلو تعالى‪{ :‬يَا ؤَيُّهَا الَّزِيهَ آمَنُىاْ مُىوُىاْ قَىَّامِنيَ بِالْقِسْطِ شُهَذَاء‬

‫لِلّهِ﴾ [النساء‪]271:‬‬
‫كأما ككنو كفاية‪ :‬فيدخؿ مف باب األمر بالمعركؼ كالنيي عف المنكر كىما‬
‫عمى الكفاية‪ ،‬كىذا يتناسب مع حاؿ الناس لحفظ حقكقيـ مف الضياع‪ ،‬كألف أمرىـ ال‬
‫يستقيـ بدكف القضاء فكاف مف الكاجب عمييـ تكليو كالجياد كاإلمامة‪ .‬فال بد لمناس‬
‫مف حاكـ‪ ،‬أتذىب حقكؽ الناس؟‬
‫كلكؿ ىذا كذاؾ‪ ،‬يتكافؽ مع القاعدة الفقيية "ما ل يتم الواجب إل بو فيو‬
‫واجب"‪ ،‬فنصرة المظمكـ‪ ،‬كارجاع الحؽ لصاحبو‪ ،‬كزجر الظالـ كردعو‪ ،‬فتمؾ كميا‬
‫كاجبات ال تتـ إال بتكلي القضاء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ابف يكسؼ‪ ،‬مرعي الحنبمي‪ ،‬غاية المنتيى في الجمع بين القناع والمنتيى‪ ،‬ط‪ ،427/3 ،1‬دمشؽ‪ :‬دار السالـ‪1379 ،‬ىػ‪ .‬ابف‬
‫قدامة المقدسي‪ ،‬مكفؽ الديف عبد ا﵀ ابك محمد الجماعيمي الحنبمي‪ ،‬المغني عمى مختصر الخرقي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،32/10 ،‬مكتبة القاىرة‪،‬‬
‫‪1968‬ـ‪ .‬السيكطي‪ ،‬مطالب أولي النيى‪ .453/6 ،‬الدسكقي‪ ،‬شمس الديف محمد عرفو المالكي‪ ،‬حاشية الدسوقي عمى الشرح الكبير‪،‬‬
‫د‪.‬ط ‪ ،131/4 ،‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪244‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫المطمب الثالث‪ :‬التعريف باألحوال الشخصية وتقنينيا والقضاء فييا‪:1‬‬


‫الناظر لتتبع تاريخ تطكر النظاـ القضائي الشرعي في المحاكـ الشرعية‬
‫الفمسطينية منذ كجكد الدكلة العثمانية‪ ،‬كحتى ما قبميا مف العصكر‪ ،‬ككصكالن إلى زماننا‬
‫ىذا؛ يرل تطكر القكانيف كتكسعيا كخصكصان تمؾ القكانيف المتعمقة باألحكاـ الشرعية‬
‫التي ليا عالقة بأحكاؿ األسرة ككؿ ما يتعمؽ فييا كما يتفرع منيا ذات صمة‪ ،‬فمفيكـ‬
‫األحكاؿ الشخصية يكازم في معناه األحكاؿ المدنية‪ ،‬كيندرج مف ىذا المعنى ثمرات ليا‬
‫ابتداء كما يترتب عميو مف أثار‪ ،‬كعمى‬
‫ن‬ ‫عالقة أساسية بتككيف كبناء األسرة بالزكاج‬
‫عكس معنى الثمرة األكلى تمامان بانيداـ ىذا البناء بحصكؿ التفريؽ كالطالؽ كما عميو‬
‫مف تبعات‪ ،‬كأيضان كؿ ما يتعمؽ بالتركات مف األمكاؿ المنقكلة كغير المنقكلة كىذا ما‬
‫يسمى بعمـ الفرائض االرث‪.‬‬
‫كلكف قبؿ بياف مفيكـ األحكاؿ الشخصية كتقنيو كالعمؿ فيو‪ ،‬ال بد مف التطرؽ‬
‫لمعرفة أساس ىذا المفيكـ كأصمو كبياف مدل صمتو بمجمة االحكاـ العدلية كأىميتيا‬
‫كتاريخيا العميؽ‪.‬‬
‫جاءت الدكلة العثمانية كحكمت مصر كالشاـ كالعراؽ كفي عيدىا اصدرت مجمة‬
‫األح كاـ العدلية‪ ،‬ككضعتيا لجنة ثمة مف عمماء الشريعة‪ ،‬بناء عمى تكميؼ مف السمطاف‬
‫العثماني كصدكرىا كاف بتاريخ االرادة السنية بشأنيا في (‪ 26‬مف شير شعباف لعاـ‬
‫‪1293‬ى ػػ) ككاف المذىب الرسمي السائد ليا ىك فقو مذىب اإلماـ الحنفي‪ ،‬بجميع مكادىا‬
‫التي بمغت مجمكعيا (‪ 1851‬مادة) شاممة مانعة لكؿ المكاضيع التي تتعمؽ بالقكاعد الفقيية‬
‫األساسية‪ ،‬كأ حكاـ المعامالت كما يتعمؽ بيا‪ ،‬مف إجارة كبيع كرىف كككاالت كاليبات‬
‫كالحكالة‪ ...‬كغيرىا‪ ،‬كشممت بأبكابيا بكؿ ما يتعمؽ بالدعكل كأسبابيا الثبكتية مف اقرار‬
‫كتحميؼ كبينات كصمح‪ ،‬كباب القضاء الكاسع كما يندرج تحتو‪ ،‬كما يتعمؽ بأحكاؿ األسرة‬
‫كأحكاميا الشرعية‪ ،‬كحتى الجزاء كغير ذلؾ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫داكد‪ ،‬أحمد محمد عمي‪ ،‬فقو الحوال الشخصية‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ :1‬ص‪ ،18- 16‬عماف‪ :‬دار الثقافة‪2009 ،‬ـ‪ .‬ابراىيـ‪ ،‬حسف‪ ،‬تاريخ‬
‫السالم ‪ ،‬ط‪،1‬ج‪ ،358 :4‬مصر‪ :‬دار الجيؿ‪1933 ،‬ـ‪ .‬مدككر‪ ،‬محمد سالـ‪ ،‬القضاء في السالم‪ ،30-29 ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬
‫‪1964‬ـ‪ .‬حيدر‪ ،‬عمي‪ ،‬درر الحكام في شرح اصول الحكام‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،17 :1‬دار الجيؿ‪1991 ،‬ـ‪ .‬مجمة الحكام العدلية‪.376 ،‬‬
‫ابي زىرة‪ ،‬محمد‪ ،‬الحوال الشخصية‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪ 8‬القاىرة‪ :‬دار الفكر العربي‪2008 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪245‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫كتعتبر مجمة األحكاـ العدلية القانكف المدني في عيد الدكلة العثمانية ككانت‬
‫المرجع األساسي لتنظيـ كافة شؤكف المجتمع كأحكاليـ‪ ،‬الى أف دخؿ االستعمار‬
‫االكركبي لديار المسمميف كجمب معو القكانيف األجنبية‪ ،‬فأنشئت الى جانب المحاكـ‬
‫الشرعية محاكـ نظامية أخرل بدرجات مختمفة‪ ،‬فأصبح عمؿ المحاكـ الشرعية فقط‬
‫النظر في الدعاكل المتعمقة تحت مفيكـ األحكاؿ الشخصية بعد اف كانت المحاكـ‬
‫الشرعية تنظر في جميع المكاضيع‪ ،‬كتطبؽ أحكاـ الشرع الحنيؼ‪ .‬كفي أكاخر عيد‬
‫الدكلة العثمانية كتأثر البالد االسالمية آنذاؾ بالتكجو الذم ساد في عالـ الغرب‬
‫كخاصة أكركبا الى بدء المناداة بكضع قكانيف يرجع الييا القضاة‪ ،‬إلى أف تعالت‬
‫األصكات فجاءت فكرة تقنيف التشريع بجمع القكاعد القانكنية المتعمقة بفرع معيف مف‬
‫فركع القانكف في شكؿ مجمكعة أك كتاب كاحد كتبكيبو بحسب المكاضيع التي ينظمو‪.‬‬
‫مع العمـ أنو بقي العمؿ قائمان بالمجمة في األردف حتى صدر القانكف المدني االردني‬
‫رقـ ‪ /43‬لسنة ‪1976‬ـ‪ .‬أما المسائؿ المتعمقة بالعائمة بقي العمؿ فييا في الدكلة‬
‫العثمانية كفؽ المذىب الحنفي دكف تقنيف‪ ،‬لحيف صدكر أكؿ قانكف باألحكاؿ‬
‫الشخصية في البالد العربية كاالسالمية في الدكلة العثمانية كالذم سمي "بقانكف حقكؽ‬
‫العائمة" في عاـ ‪1917‬ـ‪ ،‬كاقتصر فيو عمى األحكاـ المتعمقة بالزكاج كالطالؽ فحسب‪،‬‬
‫كقد أخذ ىذا القانكف مف المذاىب الفقيية األربعة كلـ يقتصر عمى المذىب الحنفي‪.‬‬
‫أما كاقع مجمة االحكاـ العدلية في المحاكـ الفمسطينية فميا مكانتيا ككنيا تعتبر‬
‫القانكف المدني المطبؽ في المحاكـ النظامية‪ ،‬باستثناء المسائؿ المتعمقة باألحكاؿ‬
‫الشخصية كالتي تندرج تحت طائمة كمسؤكلية المحاكـ الشرعية فميا أىميتيا كال‬
‫استغناء عنيا بشركحاتيا بالقضاء الشرعي‪ .‬بجانب قانكف االحكاؿ الشخصية االردني‬
‫رقـ ‪ /61‬لعاـ ‪1976‬ـ المطبؽ كالمعمكؿ بو في المحاكـ الشرعية الفمسطينية‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫‪1‬‬
‫‪ ‬مفيوم الحوال الشخصية‪:‬‬
‫قبؿ تحديد مفيكـ األحكاؿ الشخصية‪ ،‬ما كرد في المادة األكلى مف المجمة كشرحيا‬
‫لألحكاؿ‪" :‬بأف الفقو ىك عمـ بالمسائؿ الشرعية العممية المكتسبة مف أدلتيا التفصيمية"‪ .‬أما‬
‫األحكاؿ الشخصية فيك مصطمح غربي مستحدث‪ ،‬أطمؽ عمى األحكاـ كالمكاضيع التي تنظـ‬
‫عالقة االنساف بأسرتو كما يتعمؽ بو مف حقكؽ ككاجبات‪ ،‬فيك مكضكع عند الغرب في مقابمة‬
‫األحكاـ المدنية التي تنظـ عالقة االنساف بأفراد المجتمع خارج أسرتو‪.‬‬
‫أما ككنو مصطمح مستحدث كمعاص‪ ،‬فالمتتبع لتاريخ الفقو كالبحث في كتب الفقياء‬
‫كمدكناتيـ فال يجد ليذا المصطمح نتيجة كذكر لو‪ .‬ككف الفقياء كانكا يتعاممكا في مؤلفاتيـ‬
‫بتبكيب العناكيف عمى أف يككف كؿ باب يضـ مكضكع‪ ،‬ككؿ ما يتعمؽ بو مف آثار كتبعات‪:‬‬
‫باب النكاح‪ ،‬كباب الطالؽ‪ ،‬ثـ يتفرع عنو‪.‬‬
‫كعرؼ عنو باستعماؿ ىذا المصطمح مف‬ ‫كأكؿ ما شيد لو تاريخ األحكاؿ الشخصية َ‬
‫المعاصريف ىك‪ :‬محمد قدرم باشا بكتابو الغني عف التعريؼ "األحكاـ الشرعية في األحكاؿ‬
‫الشخصية" في آخر القرف التاسع عشر‪ ،‬كشممت ىذه المدكنة أحكاـ الزكاج كالطالؽ كالكصية‬
‫‪2‬‬
‫كالميراث كما يترتب عمييا‪ .‬كقد شرح ىذا الكتاب محمد زيد األبياني‪".‬‬
‫‪ ‬تقنين مسائل الحوال الشخصية‪:3‬‬
‫أما أكؿ قانكف سمي ب "قانكف األحكاؿ الشخصية في المممكة األردنية" كالذم‬
‫يحمؿ الرقـ ‪/61‬لعاـ ‪1976‬ـ‪ ،‬كىذا المعمكؿ بو كالمطبؽ في المحاكـ الشرعية‬
‫الفمسطينية الى يكمنا ىذا بالرغـ مف اجراء تعديالت كتغيرات عميو في الدكلة األـ‪.‬‬
‫كتحديد مسائؿ األحكاؿ الشخصية فتشمؿ‪ :‬المسائؿ المتعمقة بنظاـ األسرة مف‬
‫ِخطّبة كزكاج كحقكؽ الزكجيف كالنفقات‪ .‬كالمسائؿ المتعمقة بالتفريؽ كالطالؽ بيف‬
‫الزكجيف‪ ،‬كمسائؿ النسب كالحجر كالكالية كالقكامة‪ ،‬كالمسائؿ المتعمقة بالكصايا‬
‫كالمكاريث كىذا ما يندرج تحت عمـ الفرائض‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫االشقر‪ ،‬عمر سميماف‪ ،‬الواضح في قانون الحوال الشخصية الردني‪ ،‬ط‪ ،4‬ص‪ ،19-15‬عماف‪ :‬دار النفائس‪2007 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫األبياني‪ ،‬محمد زيد‪ ،‬شرح الحكام الشرعية في الحوال الشخصية‪ ،‬ج‪ :1‬ص‪ ،2-1‬بيركت‪ :‬مكتبة النيضة‪.‬‬
‫الظاىر‪ ،‬راتب عطا ا﵀‪ ،‬التشريعات الخاصة بالمحاكم الشرعية‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪ ،111‬عماف‪ :‬دار الثقافة‪2008 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪247‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫المبحث األول‪ :‬نظام القضاء الشرعي في فمسطين وأصول التقاضي فيو‪:‬‬


‫المطمب األول‪ :‬السمطة القضائية في دستور دولة فمسطين‪:1‬‬
‫تعزي از لكحدة السمطة القضائية كضمانات استقالليا كنزاىتيا كحيادتيا بما يعزز‬
‫مف مفيكـ النزاىة في الحكـ‪ ،‬كمف ىذا المنطمؽ‪ :‬أقر القانكف األساسي الفمسطيني في‬
‫الباب السادس منو كالمعنكف بالسمطة القضائية كبنصكص مكاده عمى استقالؿ القضاء‬
‫باختالؼ أنكاعو كدرجاتو‪ ،‬كسنبيف بالتفصيؿ كؿ مادة كما ليا عالقة بمكضكع‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫أكدت المادة (‪ )97‬مف القانكف االساسي لعاـ ‪2003‬ـ المعدؿ عمى أف‪:‬‬
‫"السمطة القضائية مستقمة‪ ،‬كتتكالىا المحاكـ عمى اختالؼ أنكاعيا كدرجاتيا‪ ،‬كيحدد‬
‫القانكف طريقة تشكيميا كاختصاصاتيا كتصدر أحكاميا كفقان لمقانكف‪ ،‬كتعمف األحكاـ‬
‫كتنفذ باسـ الشعب العربي الفمسطيني"‪.‬‬
‫ككذلؾ أيضان أقرت المادة(‪ )98‬بأف‪" :‬القضاة مستقمكف‪ ،‬ال سمطاف عمييـ في‬
‫قضائيـ لغير القانكف‪ ،‬كال يجكز ألية سمطة التدخؿ في القضاء أك في شؤكف العدالة"‪.‬‬
‫كما نصت الفقرة األكلى مف المادة (‪ )101‬مف القانكف ذاتو عمى أف‪:‬‬
‫"‪ -1‬المسائؿ الشرعية كاألحكاؿ الشخصية تتكالىا المحاكـ الشرعية كالدينية كفقان لمقانكف "‬
‫كعميو فإف القانكف األساسي أكد عمى كحدة السمطة القضائية كفتح المجاؿ لتنكع‬
‫المحاكـ كاختصاصاتيا بما يشمؿ المحاكـ الشرعية‪ ،‬كىذا يعني أف جعؿ القضاء‬
‫الشرعي منفصالن عف القضاء النظامي كانشاء مجمس خاص بالقضاء الشرعي يترأسو‬
‫قاضي القضاة يعبر عف مفيكـ استقاللية القضاء الشرعي‪.‬‬
‫كأيضان ما يؤكد عمى استقالؿ القضاء كالقضاة جاء ذلؾ في قانكف السمطة‬
‫القضائية رقـ ‪ 2002/1‬كتعديالتو‪ ،2‬كآخرىا تـ اقرار قرار بقانكف رقـ ‪2020/40‬‬
‫‪1‬‬
‫القانكف االساسي المعدؿ لسنة ‪ 2003‬ـ‪( ،‬القانكف الدستكرم)‪ ،‬المنشكر في عدد ممتاز في الكقائع الفمسطينية‪ ،‬كسارم العمؿ فيو في‬
‫الضفة الغربية كغزة‪ ،‬بتاريخ ‪2003/3/19‬ـ‪ ،‬ص‪ .5‬كتعديمو بعض االحكاـ لعاـ ‪2005‬ـ‪ ،‬المنشكر في الكقائع الفمسطينية‪ ،‬ع‪،57:‬‬
‫بتاريخ ‪2005/8/18‬ـ‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪2‬‬
‫قانكف السمطة القضائية رقـ ‪ 2002/1‬ـ‪( ،‬تشكيؿ كتنظيـ عمؿ المحاكـ النظامية)‪ ،‬المنشكر في الكقائع الفمسطينية‪ ،‬ع‪ ،40:‬كسارم‬
‫العمؿ فيو بالضفة الغربية كغزة‪ ،‬بتاريخ ‪2002/5/18‬ـ‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪248‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫المؤرخ في ‪ .2020/12/30‬كجاء فيو بالمادة (‪ )4‬تعدؿ المادة (‪ )2‬مف القانكف‬


‫األصمي لتصبح عمى النحك اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬السمطة القضائية مستقمة‪ ،‬كيحظر التدخؿ في شؤكف القضاء أك شؤكف العدالة‪.‬‬
‫‪ .2‬القضاة مستقمكف ال سمطاف عمييـ في قضائيـ لغير القانكف‪.‬‬
‫كبيذه الحصانة كالحماية بنصكص القكانيف يدؿ عمى مكانة القضاء كالقضاة‬
‫كاستقالليـ كأنو ال سمطاف عمييـ إال القانكف‪ ،‬كال يجكز تدخؿ أم سمطة مف السمطات‬
‫التشريعية أك التنفيذية بعمؿ السمطة القضائية أك بإصدار أحكاميا عمى اختالؼ‬
‫أنكاعيا كتشكيالتيا كدرجاتيا‪.‬‬
‫وماىية اختصاصاتو‪:‬‬
‫ّ‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬تنظيم القضاء الشرعي من حيث تشكيمو‪،‬‬
‫النظاـ القضائي في فمسطيف كنشأة المحاكـ فيو تطكر عمى ظركؼ كصراعات‬
‫دينية كدكلية كسياسية بيف الشعكب‪ ،‬حيث إف فمسطيف كانت كما زالت محؿ‬
‫الصراعات بيف الديانات السماكية الثالث‪.‬‬
‫فنعمـ بأنيا مرت عمى عدة عصكر كىيمنة دكؿ عمييا‪ ،‬كبكؿ مرحمة فرضت‬
‫عمييا كقيدتيا بقكانينيا كأحكاميا‪ .‬كما زالت ليذه الفترة متأثرة ببعض القكانيف مف الدكلة‬
‫العثمانية أك حتى االنتداب البريطاني كتأثرت بالقكانيف الصادرة عف المممكة االردنية‬
‫عندما تـ االعالف عف كحدة الضفتيف عاـ ‪1950‬ـ‪ ،‬كما زالت ليذه األياـ مصدر‬
‫القكانيف كالتشريعات أردنية كخصكصان بالقضاء الشرعي كاختصاصاتو‪ ،‬مثؿ قانكف‬
‫االحكاؿ الشخصية‪ ،‬كقانكف أصكؿ المحاكمات الشرعية‪ ،‬كقانكف تشكيؿ المحاكـ‬
‫الشرعية كغيرىا‪ .‬كصكالن إلى اصدار قرار بقانكف مستقؿ بشأف القضاء الشرعي‬
‫فمسطيني‪.‬‬
‫ففي عاـ ‪1972‬ـ صدر قانكف تشكيؿ المحاكـ الشرعية االردني رقـ‬
‫‪1972/19‬ـ (ألغي)‪ ،‬كيبدئ العمؿ بو مف تاريخ نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ‬
‫‪1972/5/6‬ـ‪ ،‬كقد جاء ضمف عشرة فصكؿ‪ ،1‬كجرل العمؿ بو في سمؾ القضاء‬
‫‪1‬‬
‫قانكف تشكيؿ المحاكـ الشرعية االردني(الممغي) رقـ ‪ /19‬لعاـ ‪1972‬ـ‪ ،‬المنشكر في الجريدة الرسمية‪ ،‬ع‪ ،2357:‬بتاريخ‪:‬‬
‫‪1972/5/6‬ـ‪ /https://maqam.najah.edu/legislation/205 .‬مكسكعة القكانيف كاالحكاـ الفمسطينية (مقاـ)‪.‬‬
‫‪249‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫الشرعي كدرجاتو ككؿ ما يتعمؽ بو مف ذلؾ التاريخ إلى أف شيدت فمسطيف حدثان‬
‫تاريخيان يسجؿ ليا في قائمة االنجازات في مستيؿ عاـ ‪ 2021‬بشكؿ عاـ‪ ،‬كسمؾ‬
‫قضائيا الشرعي بدرجاتو كمحاكمو (عميا‪ -‬استئناؼ – بداية) عمى كجو الخصكص‬
‫بإصدار قرار بقانكف رقـ ‪ 20211/8‬خاص بيا يدؿ عمى استقالؿ القضاء الشرعي في‬
‫المحاكـ الشرعية الفمسطينية مف ناحية استقالؿ السمطة القضائية في دستكر دكلة‬
‫فمسطيف المعدؿ لسنة ‪ 2003‬لممادة ‪ 43‬منو إلعطاء الرئيس حؽ اصدار ق اررات‬
‫بقانكف‪ .‬كبصدكر ىذا القرار بقانكف بمكاده (‪ )70‬كالتي تشمؿ كتتعمؽ باستقالؿ‬
‫منظكمة القضاء الشرعي مف ديكاف قاضي القضاة كقضاتو الشرعيكف كجميع الدكائر‬
‫التي تنظـ عمميا‪ ،‬تـ إلغاء ما كاف معمكؿ بو كمطبؽ‪ ،‬كىك‪ :‬قانكف تشكيؿ المحاكـ‬
‫الشرعية رقـ ‪1972/19‬ـ‪ ،‬كيمغى أيضان العمؿ بقرار قانكف رقـ ‪2012/3‬ـ بشأف‬
‫القضاء الشرعي‪ .‬كيسرم العمؿ بيذا القرار بقانكف بشكؿ رسمي بعد التصادؽ عميو‬
‫كنشره رسميان حسب األصكؿ‪.‬‬
‫مع العمـ أف دكلة فمسطيف بدرجات محاكميا الشرعية تسرم أحاكميا كقكانينيا‬
‫المعمكؿ بيا حاليان تبعان لمقكانيف األردنية في مناطؽ الضفة كالقكانيف المصرية في‬
‫قطاع غزة؛ ألنيا كانت تابعة ليا قديمان‪ ،‬فيي تعتبر قاصرة كغير كافية لما جرل‬
‫تعديالت كتغيرات عمى أصميا بالدكلة األـ لتكاكب تطكراتيا السريعة‪ ،‬فأصبحت ال‬
‫تمبي الحاجة كال تعبر عف الشخصية الكطنية الفمسطينية الخاصة بالقضاء الشرعي‪،‬‬
‫ككاف بالتأكيد خاصة عمى أىمية تحديث منظكمة القكانيف المنظمة لعمؿ القضاء‬
‫الشرعي بما فيو قانكف األحكاؿ الشخصية المستمدة مف أحكاـ الشريعة اإلسالمية‬
‫كالمطبقة في المحاكـ بدرجتيا البدائية‪ ،‬كالذم يعالج أىـ ككافة القضايا األسرية‪ ،‬مف‬
‫أجؿ الحفاظ عمى سالمة كأمف كمتانة األسرة الفمسطينية مف التفكؾ كاالنفصاؿ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار بقانكف رقـ ‪ /8‬لسنة ‪2021‬ـ‪ ،‬بشأف القضاء الشرعي‪ ،‬المنشكر في جريدة الكقائع الفمسطينية‪ ،‬ع‪ ،177 :‬بتاريخ‬
‫كالتشريع‬ ‫القضاء‬ ‫منظكمة‬ ‫‪https://muqtafi2.birzeit.edu/yamen2/ar/legislations/‬‬ ‫ص‪.4‬‬ ‫‪2021/3/18‬ـ‪،‬‬
‫الفمسطيني(المقتفي)‬
‫‪250‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫عممان أف فمسطيف شيدت عدة محاكالت إلصدار مشركع قانكف قضائي شرعي‬
‫خاص بيا‪ ،‬ككاف بدايتيا في عاـ ‪ 2012‬كالحقان تـ الغاء بعضيا‪ ،‬كتـ اقتراح مشركع‬
‫بقانكف عاـ ‪ ،2016‬الى أف جاءت ىذه الخطكة لتظير نكر الحؽ كالعدؿ كالشعكر‬
‫باالستقاللية‪ ،‬فكاف مف الطبيعي أف يصدر أحكاـ كقكانيف خاصة لمقضاء الشرعي مف‬
‫باب النزاىة كاالستقاللية‪ ،‬ليضاؼ الى الثركة الفقيية القانكنية المكنكزة‪ .‬فأصبح مف‬
‫الضركرات الممحة إلصدار قانكف شرعي قضائي فمسطيني‪.‬‬
‫‪ ‬ماىية اختصاص (ميام) قاضي القضاة‪:‬‬
‫بما أف قاضي القضاة ىك الذم يمثؿ اسـ القضاء الشرعي‪ ،‬كىك الرئيس كالمشرؼ‬
‫عمى جميع الدكائر التي تندرج تحت منظكمة القضاء الشرعي فجاء في الباب الثاني مف‬
‫القرار بقانكف ‪ 2021/8‬في المادة (‪ )11‬بذكر مياـ قاضي القضاة كالتي تتمثؿ ب‪:‬‬
‫يمارس قاضي القضاة المياـ اآلتية‪ .1 :‬إدارة العمؿ في ديكاف قاضي القضاة‪،‬‬
‫كالتكقيع عمى كافة الم ارسالت كالق اررات كالتعميمات كالتعميمات كالكثائؽ الصادرة عنو‪.2 .‬‬
‫إدارة المحاكـ الشرعية‪ .3 .‬تمثيؿ القضاء الشرعي في عالقاتو كتعاقداتو مع الغير مع جيات‬
‫رسمية كغير رسمية‪ .4 .‬تنفيذ ق اررات المجمس‪ ،‬كرفع تكصياتو كتنسيباتو إلى الرئيس‬
‫الستصدار الق اررات الالزمة بشأنيا‪ .5 .‬اعتماد السياسات كالخطط كالبرامج لتمكيف القضاء‬
‫الشرعي مف القياـ بميامو‪ .6 .‬تشكيؿ المجاف الالزمة لعمؿ ديكاف قاضي القضاة‪ .7 .‬اعتماد‬
‫بناء عمى تنسيب مف المجمس‪ .8 .‬اعتماد الييكؿ التنظيمي‬
‫مدكنة السمكؾ القضائي الشرعي ن‬
‫كبطاقات الكصؼ الكظيفي كجدكؿ تشكيالت الكظائؼ الخاصة بديكاف قاضي القضاة كفقان‬
‫لمقانكف‪ .9 .‬إعداد المكازنة السنكية الخاصة بالقضاء الشرعي‪ ،‬كاحالتيا إلى الجيات‬
‫المختصة‪ ،‬كاإلشراؼ عمى تنفيذىا كفقان لمقانكف‪ .10 .‬إصدار التعميمات بشأف تنظيـ أعماؿ‬
‫المأذكنيف الشرعييف‪ ،‬كالمكافقة عمى تعيينيـ‪ .11 .‬تشكيؿ لجنة لفحص طمبات اإلجازة في‬
‫مينة المحاماة الشرعية‪ .12 .‬إصدار إجازة مزاكلة مينة المحاماة الشرعية لممحاميف‬
‫الشرعييف كفقان لمقانكف‪ .13 .‬اعتماد التقرير السنكم لمقضاء الشرعي بعد إعداده مف قبؿ‬
‫المجمس‪ ،‬كرفعو إلى الرئيس‪ .14 .‬أم مياـ أخرل منصكص عمييا في ىذا القرار بقانكف أك‬
‫في أم تشريع آخر‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫فال تستكثركا عمى القضاء الشرعي صدكر قانكف فمسطيني جديد ينظـ عممو‬
‫بعد ‪ 49‬عامان مف العمؿ كفؽ قانكف تشكيؿ المحاكـ الشرعية رقـ ‪ 19‬لسنة ‪1972‬ـ‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬اختصاص المحاكم الشرعية وتشكيالتيا‪ ،‬وعالقتيا بديوان قاضي‬


‫القضاة‪:‬‬
‫أحاؿ القانكف األساسي المعدؿ لسنة ‪ ،2003‬كما سبؽ بيانو‪ ،‬بخصكص‬
‫صالحية تشكيؿ المحاكـ الشرعية إلى قانكنيا الخاص‪ ،‬كما أف المادة ‪ 97‬منو تركت‬
‫تحديد أنكاع المحاكـ كدرجاتيا كاختصاصاتيا لمقانكف‪ ،‬كبيذا فإف القرار بقانكف الخاص‬
‫بالقضاء الشرعي في مادتو (‪ )4‬أقر بمككنات القضاء الشرعي كاختصاص كؿ منيما‬
‫عمى النحك التالي‪:‬‬
‫‪ ‬قاضي القضاة كديكانو‬
‫‪ ‬المحاكـ الشرعية بدرجاتيا عمى‪ ،‬النحك اآلتي‪:‬‬
‫أ‪ .‬المحكمة االبتدائية الشرعية‪.‬‬
‫محكمة االستئناؼ الشرعية‬ ‫ب‪.‬‬
‫المحكمة العميا الشرعية‬ ‫ت‪.‬‬
‫‪ ‬المحاكم الشرعية البتدائية‪:‬‬
‫تنظر المحاكـ الشرعية كتفصؿ في كؿ ما يتعمؽ بمسائؿ األسرة التي اصطمح عمى‬
‫تسميتيا باألحكاؿ الشخصية بيف المسمميف‪ ،‬كتشكؿ المحكمة االبتدائية مف عدد كاؼ‬
‫مف القضاة الشرعييف‪ ،‬كتككف الرئاسة ألقدميـ ممف تنطبؽ عمييـ الشركط كفقان ألحكاـ‬
‫ىذا القرار بقانكف‪ .‬كتنعقد ىيئة المحكمة االبتدائية الشرعية مف قاض فرد‪ ،‬كيجكز‬
‫انعقاد أكثر مف ىيئة في المحكمة االبتدائية الكاحدة‪.‬‬
‫كما ينشأ عف كؿ ذلؾ استنادان لقانكف أصكؿ المحاكمات الشرعية رقـ ‪59/31‬‬
‫المعمكؿ بو في الضفة الغربية‪ ،‬كقانكف األحكاؿ الشخصية رقـ ‪ 76/61‬المعمكؿ بو‬
‫في الضفة الغربية كيتكلى ديكاف قاضي القضاة تطبيؽ ذلؾ‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫أما ميام رئيس المحكمة البتدائية الشرعية تتمثل في المادة ‪ 54‬بالميام‬


‫اآلتية‪:‬‬
‫‪.1‬اإلشراؼ اإلدارم عمى سير العمؿ في المحكمة‪ ،‬كعمى القضاة الشرعييف العامميف‬
‫فييا‪ .2 .‬النظر في القضايا المرفكعة أماـ ىيئتو‪ .3 .‬تكميؼ قاض شرعي أك أكثر في‬
‫المحكمة ذاتيا لنظر القضايا المرفكعة لدل ىيئة قاض شرعي آخر‪ ،‬كفي حاؿ غياب‬
‫القاضي الشرعي المكمؼ لرئيس المحكمة أف ينظرىا بنفسو‪.‬‬
‫والمادة ‪ 55‬تختص المحكمة البتدائية الشرعية باآلتي‪:‬‬
‫أ‪ .‬الفصؿ في الدعاكم كالمسائؿ الشرعية كفقان لمقانكف‪ .‬ب‪ .‬تكثيؽ الحجج كالمعامالت‬
‫الشرعية كفقان لمقانكف‪ .‬ج‪ .‬تنفيذ األحكاـ كالق اررات القضائية كالسندات كفقان لمقانكف‪.‬‬
‫‪ .‬لقاضي القضاة أف ينتدب رئيس قمـ المحكمة االبتدائية الشرعية في حاؿ غياب‬
‫القاضي الشرعي لمقياـ بأعماؿ تكثيؽ الحجج كالمعامالت الشرعية‪ ،‬عدا األعماؿ‬
‫القضائية‪.‬‬
‫‪ ‬محاكم الستئناف الشرعية‪:‬‬
‫المادة (‪ )56‬تنشأ محاكـ استئناؼ شرعية في كؿ مف‪ :‬أ‪ .‬العاصمة القدس‪ .‬ب‪.‬‬
‫نابمس‪ .‬ج‪ .‬الخميؿ‪ .‬د‪ .‬غزة‪ .‬ق‪ .‬خانيكنس‪ .2 .‬يحدد االختصاص المكاني منيا بقرار مف‬
‫بناء عمى تكصية مف المجمس‪ .3 .‬كتشكؿ مف عدد كاؼ مف القضاة‬ ‫قاضي القضاة ن‬
‫الشرعييف‪ ،‬كتككف الرئاسة ألقدميـ ممف تنطبؽ عميو الشركط الكاردة في ىذا القرار بقانكف‪،‬‬
‫كفي حاؿ التساكم في األقدمية تككف الرئاسة لألكبر سنان منيـ‪ .4 .‬كتنعقد ىيئة المحكمة مف‬
‫رئيس كعضكيف‪ ،‬كيجكز كفق نا لمحاجة تشكيؿ أكثر مف ىيئة ضمف حدكد االختصاص‬
‫المكاني لكؿ منيا‪ ،‬كيككف أقدـ األعضاء في كؿ ىيئة رئيسان ليا‪ ،‬كفي حاؿ التساكم في‬
‫األقدمية تككف الرئاسة لألكبر سنان منيـ‪ ،‬كتصدر أحكاميا باألغمبية‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫أما من ناحية اختصاصيا فيتمثل في المادة (‪ )57‬نصت عمى‪:‬‬


‫بالنظر في الطمبات كالطعكف عمى األحكاـ كالق اررات الصادرة عف المحاكـ االبتدائية‬
‫الشرعية كفقان لقانكف أصكؿ المحاكمات الشرعية‪ 1‬كقانكف التنفيذ الشرعي النافذيف‪.2‬‬
‫‪ ‬المحكمة العميا الشرعية‪:‬‬
‫تـ تشكيؿ كانشاء المحكمة العميا الشرعية بقرار مف سيادة رئيس دكلة فمسطيف‬
‫ياسر عرفات‪ ،‬كقد صدر المرسكـ الرئاسي بتاريخ ‪ .2003/9/19‬كبإنشائيا تككف‬
‫درجات التقاضي في المحاكـ الشرعية في فمسطيف ثالث درجات‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫المحاكـ االبتدائية كاالستئنافية‪ .‬كالمحكمة العميا الشرعية ىي محكمة قانكف عمى غرار‬
‫محكمة النقض كالتمييز في القضاء النظامي‪.‬‬
‫كالمحكمة العميا الشرعية كحدت االجتياد القضائي في فمسطيف‪ ،‬كىي بذلؾ رأس‬
‫ىرـ القضاء الشرعي‪ ،‬كينظـ عمميا قانكف أصكؿ المحاكمات الشرعية‪.‬‬
‫تنكييان بأنو بتاريخ ‪2008/7/24‬صدر حكـ عف المحكمة العميا الفمسطينية‬
‫بصفتيا محكمة دستكرية في الطعف الدستكرم رقـ ‪ 2007 /4‬يقضي بعدـ دستكرية‬
‫نظاـ المحكمة العميا الشرعية السالؼ ذكره‪ ،‬لمخالفتو النصكص القانكنية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى عدـ إصدار النظاـ الطعيف عف مجمس الكزراء كما يقضي القانكف األساسي‪ ،‬كىذا‬
‫يعني عدـ صحة تشكيؿ المحكمة العميا الشرعية‪ ،‬كىك ما يستكجب اعتبار ىذه‬
‫المحكمة ككأنيا لـ تكف‪ ،‬عمى األقؿ بعد صدكر الحكـ المنكه بو‪ .‬كعمى الرغـ مف ذلؾ‬
‫ما زالت المحكمة العميا الشرعية تمارس كاليتيا كاختصاصاتيا المحددة في نظاميا‬
‫الطعيف‪.‬عالكة عمى ذلؾ‪ ،‬أصدر رئيس السمطة الفمسطينية بتاريخ ‪ 2012 /1 /4‬قرار‬
‫رقـ ‪ 6‬لسنة ‪ 2012‬يقضي بتعييف رئيس المحكمة العميا الشرعية عمى الرغـ مف‬
‫‪3‬‬
‫صدكر الحكـ بعدـ دستكرية المحكمة العميا الشرعية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قانكف أصكؿ المحاكمات الشرعية رقـ ‪1959/31‬ـ‪ ،‬المنشكر في الجريدة الرسمية‪ ،‬ع‪ ،1449.‬بتاريخ ‪1959/11/1‬ـ‪ ،‬ص‪.931‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار رقـ ‪ 2016/17‬ـ بشأف التنفيذ الشرعي‪ ،‬المنشكر في الجريدة الرسمية‪ ،‬راـ ا﵀ بتاريخ ‪2016/8/29‬ـ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار رقـ ‪/6‬لعاـ ‪2012‬ـ‪ ،‬بشأف تعيف رئيس لممحكمة العميا الشرعية‪ ،‬بتاريخ‪2012/1/4 :‬ـ‪ ،‬الصادر في مدينة راـ ا﵀‪ ،‬كالمنشكر‬
‫في الجريدة الرسمية كيعمؿ بو مف تاريخ صدكره‪.‬‬
‫‪http://muqtafi.birzeit.edu/pg/getleg.asp?id=16328‬‬
‫‪254‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫كيؤكد عمؿ المحكمة العميا الشرعية ككجكدىا بمكجب قرار الرئيس ياسر عرفات‬
‫بإنشاء المجمس االعمى لمقضاء الشرعي كالمحكمة العميا المؤرخ ب ‪2003/6/25‬ـ‬
‫كالمرسكـ الرئاسي رقـ ‪2003/16‬ـ بتاريخ ‪2003/9/19‬ـ المنشكر في الكقائع‬
‫‪1‬‬
‫الفمسطينية بالعدد ‪ 47‬بإصدار نظاـ المحكمة العميا الشرعية المؤقت‪.‬‬
‫أما بقانكف القضاء الشرعي فجاءت المكاد التالية تنص عمى ما يمي‪:‬‬
‫المادة(‪ )58‬تشكؿ المحكمة العميا الشرعية مف رئيس كنائب كعدد كاؼ مف القضاة‬
‫الشرعييف‪ .‬كيككف المقر الدائـ ليا القدس‪ ،‬كتنعقد مؤقتان في مدينتي غزة كراـ ا﵀ حسب‬
‫بناء‬
‫مقتضى الحاؿ‪ ،‬كيجكز ليا أف تنعقد في أم مكاف آخر بقرار مف قاضي القضاة ن‬
‫عمى تكصية مف المجمس‪ .‬كتنعقد جمسات المحكمة في ىيئتيا العادية برئاسة رئيس‬
‫المحكمة العميا الشرعية أك نائبو عند غيابو‪ ،‬كعدد مف أعضائيا‪ ،‬عمى أال يقؿ عددىـ‬
‫عف خمسة قضاة بمف فييـ رئيسيا أك نائبو‪.‬‬
‫أما المادة (‪ )59‬فنصت عمى اختصاصيا‪:‬‬
‫بالنظر تدقيقان في الطعكف المرفكعة إلييا بشأف األحكاـ النيائية الصادرة عف محاكـ‬
‫االستئناؼ الشرعية في أم مف األحكاؿ اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا كاف الطعف مبنيان عمى مخالفة القانكف أك خطأ في تطبيقو أك تأكيمو‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا كقع بطالف في الحكـ أك بطالف في اإلجراءات أثر في الحكـ‪.‬‬
‫‪ .3‬العدكؿ عف مبدأ سابؽ قررتو محاكـ االستئناؼ الشرعية أك رفع تناقض بيف مبادئ‬
‫أك ق اررات أك أحكاـ استئناؼ سابقة أك إرساء مبادئ قضائية‪.‬‬
‫‪ .4‬تعييف المرجع المختص عند التنازع بيف المحاكـ الشرعية‪.‬‬
‫‪ .5‬أم طمبات ترفع إلييا بمكجب أم قانكف آخر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ديكاف قاضي القضاة‪ ،‬نظاـ المحكمة العميا الشرعية‪ ،‬بمكجب قرار الرئيس رقـ ‪2003/16‬ـ لتشكيؿ مجمس القضاء االعمى‬
‫كالمحكمة العميا‪ ،‬بتاريخ‪2003/6/25 :‬ـ‪.‬‬
‫‪http://www.kudah.pna.ps/ar_page.aspx?id=FhdER2a1911120024aFhdER‬‬
‫‪255‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫والمادة(‪ )60‬نصت عمى انعقاد المحكمة العميا الشرعية في ىيئتيا غير‬


‫بناء عمى طمب مف رئيسيا أك نائبو في حاؿ‬
‫العادية‪ ،‬كتنعقد مف رئيس كستة أعضاء ن‬
‫غيابو؛ لمعدكؿ عف مبدأ قانكني سبؽ كأف قررتو المحكمة أك أحد ىيئاتيا‪ ،‬أك لرفع‬
‫تناقض بيف مبادئ سابقة‪ ،‬أك في حاؿ كانت الدعكل المنظكرة أماميا تشتمؿ عمى‬
‫مسألة قانكنية مستحدثة أك تنطكم عمى جانب مف التعقيد‪.‬‬
‫والمادة (‪ )61‬تصدر ق اررات المحكمة العميا الشرعية باألغمبية‪ ،‬كيسجؿ الرأم المخالؼ‬
‫إف كجد‪ .‬كتعتبر ق ارراتيا قطعية ال يجكز الطعف فييا بأم طريقة مف طرؽ الطعف‪.‬‬
‫كيككف القرار الصادر عنيا كاجب االتباع لدل المحاكـ الشرعية األخرل في جميع‬
‫األحكاؿ‪.‬‬
‫المادة (‪ )62‬إجراءات الطعف أماـ المحكمة العميا الشرعية ينظميا القانكف‪.‬‬
‫‪ ‬العالقة بين المحاكم الشرعية وديوان قاضي القضاة‪:‬‬
‫بتاريخ ‪1994/9/17‬ـ‪ ،‬أصدر مجمس كزراء السمطة الفمسطينية ق ار انر يقضي‬
‫ابتداء مف مطمع شير‬
‫ن‬ ‫بتسمُّـ ك ازرة العدؿ المحاكـ الشرعية كاألكقاؼ في الضفة الغربية‬
‫تشريف األكؿ ‪1994‬ـ‪ ،‬كىك التاريخ الفعمي لفؾ االرتباط بيف المممكة األردنية الياشمية‬
‫كىذيف المرفقيف‪ .‬كبتاريخ ‪1994/10/3‬ـ اجتمع قضاة المحاكـ الشرعية في الضفة‬
‫الغربية‪ ،‬كقرركا استمرار العمؿ بالقكانيف كاألنظمة كالتعميمات التي كانت تطبؽ عمى‬
‫المحاكـ الشرعية قبؿ تاريخ فؾ االرتباط أعاله إلى حيف صدكر تشريعات جديدة‪.‬‬
‫بدعكل أف "المحاكـ الشرعية في الكطف اإلسالمي مكحدة في أىدافيا كمصادر‬
‫قكانينيا"‪ ،‬كلعؿ ىذا ما يستند إليو القضاة الشرعيكف في مد سرياف قانكف األحكاؿ‬
‫الشخصية‪ 61‬لسنة ‪1976‬ـ‪ ،1‬كأصكؿ المحاكمات الشرعية ‪1959/31‬ـ‪ ،‬كغيرىا مف‬
‫القكانيف األخرل المنظمة لممحاكـ الشرعية رغـ صدكر القرار الرئاسي لسنة ‪1994‬ـ‪،‬‬
‫كالقاضي بالعمؿ بالقكانيف كاألنظمة التي كانت سارية المفعكؿ قبؿ حرب عاـ‬
‫‪1967‬ـ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قانون األحوال الشخصية األردني رقم ‪ 61‬لسنة ‪ ،1976‬المنشكر في (الكقائع الفمسطينية)‪ ،‬بتاريخ ‪ ،1976-12-1‬ع‪.2668 .‬‬
‫‪256‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫كبناء عمى ذلؾ؛ تـ استحداث منصب قاضي القضاة لممحاكـ الشرعية في‬ ‫ن‬
‫الضفة كغزة‪ ،‬كالغاء منصب ككيؿ ك ازرة العدؿ لشؤكف المحاكـ الشرعية بناء عمى قرار‬
‫مف الرئيس‪ ،‬كبيذا استقؿ القضاء الشرعي بمنصبو الجديد عف ادارة كاشراؼ ك ازرة‬
‫العدؿ‪ ،‬كأصبح قاضي القضاة ىك المشرؼ عمى المحاكـ الشرعية بدرجة كزم‪،‬‬
‫كمرتبطان مباشرةن برئيس السمطة الفمسطينية‪ ،‬ككما نصت المادة (‪ )10‬مف القرار بقانكف‬
‫لمقضاء الشرعي السارم حاليان بأنو‪ُ :‬يعيف قاضي القضاة بقرار مف الرئيس‪ ،‬كيككف‬
‫بدرجة رئيس محكمة عميا شرعية‪ ،‬كيرأس ديكاف قاضي القضاة‪ ،‬كيؤدم قبؿ مباشرتو‬
‫لعممو‪ ،‬أماـ الرئيس القَ ّسـ‪ .‬أما كعميو يككف لقاضي القضاة فيما يتصؿ بإدارة المحاكـ‬
‫الشرعية صالحيات الكزراء المنصكص عمييا في القانكف االساسي ‪2003‬ـ المعدؿ‬
‫كتحديدان المادة (‪ )11‬منو‪ .‬كىذا باإلضافة الى صالحياتو التي تحددىا القكانيف‬
‫الخاصة‪ ،‬كمنيا القرار بقانكف رقـ ‪2021/8‬ـ بشأف القضاء الشرعي‪ ،‬فمثالن‪ :‬تمنح‬
‫المادة (‪ )11‬لقاضي القضاة حؽ االشراؼ عمى جميع المحاكـ الشرعية كقضاتيا‪،‬‬
‫كغيرىا مف المياـ كيعاكنو في ذلؾ مدير الشرعية كعدد مف المكظفيف‪ ،‬كأيضان يعاكنو‬
‫رئيس ىيئة التفتيش الشرعي‪ ،‬كباإلضافة الى ما سبؽ يقكـ المجمس االعمى لمقضاء‬
‫الشرعي بمعاكنة قاضي القضاة عمى النحك المبيف بالتفصيؿ في مكاد القرار بقانكف‬
‫بشأف القضاء الشرعي‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬استقاللية القضاء الشرعي‪ ،‬ركائز ومؤيدات‪:‬‬


‫المطمب األول‪ :‬المقصود باستقالل القضاء واألىمية‪:‬‬
‫يقصد بو‪ :‬بأف ال يقع القضاة تحت تأثير سمطة أك شخص مف شأنو أف ينحرؼ‬
‫في تحقيؽ ىدفو األسمى‪ ،‬أال كىك‪ :‬تحقيؽ العدؿ كاقامتو بيف الناس‪ ،‬كايصاؿ الحقكؽ‬
‫‪1‬‬
‫الى أصحابيا‪.‬‬
‫كحتى يتحقؽ ىذا المعنى حرصت الكثير مف الدكؿ كمنيا فمسطيف عمى تأكيد‬
‫ىذا االستقالؿ في دساتيرىا كقكانينيا‪ ،‬ككضعتو مكضع التنفيذ‪ ،‬كمنو القانكف االساسي‬
‫كقانكف السمطة القضائية كقرار بقانكف ‪ 2021/8‬بشأف القضاء الشرعي في مكاده‬
‫(‪ )3،2‬بأف القضاء كالقضاة مستقمكف كال سمطاف عمييـ في قضائيـ لغير الشريعة‬
‫كالقانكف‪ .‬كما يضمف ىذا الحؽ بأف ُجعمت السمطة القضائية منفصمة كمستقمة عف‬
‫السمطتيف التشريعية كالتنفيذية بحيث يصدر القاضي حكمو كفقان لمقانكف فقط كبعيدان‬
‫عف أم تأثير‪.‬‬
‫كألىمية القضاء بأنو إخبار لحكـ شرع ا﵀ كتطبيقو‪ ،‬فكاف مف أىـ النظـ في‬
‫اإلسالـ تكضيح كجكه الحكـ في األعماؿ‪ ،‬قصدان إليصاؿ الحؽ لصاحبو‪ ،‬كتسييالن‬
‫إلقامة العدؿ في األحكاـ عمى كجو ال يكجد فيو لمباطؿ ميربان‪ ،‬كبحيث ال يمتبس‬
‫الجكر عمى الناس‪ ،‬فكاف بياف األحكاـ كالتشريعات مف المقاصد اليامة التي تضمنيا‬
‫القرآف الكريـ‪ ،‬كقصدىا االسالـ‪ .‬فقاؿ جؿ كعاله في محكـ تنزيمو‪{ :‬وَؤَنِ احْنُم بَيْنَهُم بِمَأ‬

‫ؤَوضَهَ اللّهُ وَالَ تَتَّبِعْ ؤَهْىَاءهُمْ }[املائذة‪ ]94:‬كقاؿ أيضان‪{ :‬إِوَّا ؤَوضَلْنَا إِلَيْلَ الْنِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْنُمَ بَيْهَ‬

‫النَّاطِ بِمَا ؤَسَاكَ اللّهُ وَالَ تَنُه لِّلْخَأئِنِنيَ خَصِيمًا}[النساء‪ ]221:‬فتشيراف إلى أف ميزاف العدؿ‬
‫كالحؽ أنزلو ا﵀ الينا جميعان سكاء كنا فرادان في معامالتنا أك في فرض الكاجبات‬
‫كالتكاليؼ عمينا‪ ،‬كالعدؿ في القضاء بيف الناس في منازعاتيـ دكف التأثر بأم عامؿ‬
‫خارجي ميما كاف‪.‬‬

‫أبك فارس‪ ،‬محمد عبد القادر‪ ،‬القضاء في السالم‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ‪ ،189‬االردف‪ ،‬دار الفرقاف‪2009 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪258‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫المطمب الثاني‪ :‬ركائز استقالل القضاء الشرعي‪:‬‬


‫قد تسكؿ لشخص نفسو ذم مكانة كنفكذ بالدكلة أف يتدخؿ بالقضاء كأف يستخدـ‬
‫نفكذه في سبيؿ الضغط عمى القاضي بتيديده أك تيديد الشيكد أك الخصكـ‪ ،‬حتى‬
‫يخرج الحكـ الذم يريده‪ ،‬كلمنع ىذا كحتى يتحقؽ معنى استقالؿ القضاء ال بد مف أف‬
‫يقكـ عمى ثالث ركائز أساسية تتمثؿ في تخصص القاضي‪ ،‬كحرية الرأم كاالجتياد‪،‬‬
‫كالحياد‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التخصص‪:1‬‬
‫كخمقي نا‪ ،‬حتى يستطيع أف يتكلى منصب‬
‫يقصد بو بأف يككف القاضي مؤىالن عمميان ُ‬
‫القضاء‪ .‬فعميو أف يككف ذا معرفة كعمـ باألحكاـ التشريعية كالقكانيف كالمعمكمات كالخبرة‬
‫كالمعمكمات الكافية التي يستطيع مف خالليا تكلي القضاء كالحكـ بو عف عمـ كدراي نة بما‬
‫يكافؽ الشرع كالقكانيف‪ .‬كلذلؾ اشترط الفقياء قديمان شركط يجب أف تتكفر بالقاضي حتى‬
‫يتكلى ىذا المنصب‪ ،‬كمف ضمنيا‪ :‬االسالـ كالبمكغ كالعقؿ كاالجتياد كعالمان باألحكاـ كبالمغة‬
‫العربية كاف يككف سميـ الحكاس كالسمع كالبصر كالنطؽ كغيرىا‪ ،‬حتى ال تؤثر في الحكـ‪.‬‬
‫كأيضان‪ ،‬استحبكا بأف يككف كرعان تقيان زاىدان ذا نزاىةن كشكرل‪ ،‬كغيرىا مف الشركط عمى تفصيؿ‬
‫كؿ حالة‪ .‬كلكف مقارنة ىذا الشرط مع ما ىك منصكص عميو في القكانيف عند تعيف القضاة‬
‫كضماف استقالليـ‪ ،‬عمى اختالؼ في بعض الشركط عند تعييف القضاة عمى اختالؼ‬
‫درجات المحاكـ الشرعية الثالث‪ ،‬فمثالن؛ فيما نصت عميو المادة (‪ )15‬فيمف يعيف قاضيان‬
‫‪ .1‬مسممان فمسطينيان يتمتع باألىمية القانكنية‪ .2 .‬أتـ الثامنة كالعشريف‬ ‫شرعيان أف يككف‪:‬‬
‫سنة شمسية مف عمره‪ .3 .‬حاصالن عمى الشيادة الجامعية األكلى عمى األقؿ في تخصصات‬
‫الشريعة اإلسالمية أك العمكـ اإلسالمية أك الشريعة كالقانكف أك القانكف مف جامعة معترؼ‬
‫بيا‪ .4 .‬حسف السيرة كالسمكؾ‪ .5 .‬غير محككـ عميو مف محكمة أك مجمس تأديب لعمؿ‬
‫مخؿ بالشرؼ أك األمانة‪ ،‬كلك رد إليو اعتباره‪ .6 .‬أنيى عضكيتو عند تعيينو بأم حزب أك‬
‫تنظيـ سياسي‪ .7 .‬يتقف المغة العربية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الفراء ابك يعمى محمد بف الحسيف الحنبمي‪ ،‬الحكام السمطانية‪ ،‬ص‪ ،28‬بيركت‪ :‬دار الكتب العممية‪1983 ،‬ـ‪ .‬البف ابي الدـ‪،‬‬
‫شياب الديف ابي اسحاؽ الشافعي‪ ،‬أدب القضاء‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪ ،84‬دمشؽ‪ :‬دار الفكر‪1982 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪259‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحياد‪:1‬‬


‫بأف يككف القاضي بعيدان عف التحيز كالمحاباة لفريؽ دكف فريؽ‪ ،‬بؿ يجب عميو‬
‫أف يككف محايدان مطبقان لمقكانيف عمى جميع الناس عمى حد سكاء دكف تمييز‪ ،‬فعميو اف‬
‫يقيـ العدؿ في الحكـ‪ ،‬كال يتأثر أك يحكـ بيكاه‪ .‬كمع ذلؾ عميو االلتزاـ بالقكاعد‬
‫كالسمككيات كما عميو مف كاجبات كتجنب المحظكرات كىذا كمو يككف ضمف ما تنص‬
‫عميو قكاعد السمكؾ القضائي التي تصدر عف المجمس االعمى القضائي أك أم قكانيف‬
‫أخرل‪ .‬كجاء ىذا مكافقان لما نصت عميو المادة (‪ )28‬بصمة القرابة بيف القضاة‬
‫الشرعييف ك‪ /‬أك الغير‪ .‬كال يجكز أف يجمس في ىيئة محكمة كاحدة قضاة شرعييف‬
‫بينيـ قرابة أك مصاىرة حتى الدرجة الثالثة‪ .‬كال يجكز لمقاضي الشرعي النظر في أم‬
‫نزاع معركض عمى أم مف المحاكـ الشرعية إذا كانت تربطو صمة قرابة أك مصاىرة‬
‫حتى الدرجة الثالثة مع أحد طرفي الخصكمة أك ممثمييـ‪ .‬كتطبؽ عمى القضاة‬
‫الشرعييف أحكاـ رد القضاة كتنحيتيـ المنصكص عمييا في قانكف أصكؿ المحاكمات‬
‫الشرعية النافذ‪.‬‬
‫كىذا كمو مف باب ضماف حياد القاضي في الحكـ‪ ،‬فقد منع االسالـ أف يقضي‬
‫القاضي لنفسو أك أقاربو‪ ،‬أك لككيمو أك لشريكو‪ ،‬اك ألباءه أك أبنائو‪ ،‬كألف ذلؾ كمو قد‬
‫يؤثر عمى حياد القاضي كيقع تحت ضغط ىكاه‪ ،‬كألف النفس أمارة بالسكء‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬حرية الرأي والجتياد‪:2‬‬
‫كيقصد بو أف القاضي مطالب باالجتياد كعدـ تقميد غيره؛ كذلؾ لمحيمكلة دكف‬
‫الكصكؿ إلى حالة الجمكد في االجتياد؛ كإلقامة العدؿ الذم ال يتأتى إال مف خالؿ‬
‫منع مف التقميد؛ ففي ىذا داللة‬
‫كي َ‬
‫االجتياد كالنظر‪ ،‬فإف كاف القاضي مطالبا باالجتياد‪ُ ،‬‬
‫كاضحة عمى استقالؿ القضاء كأحكاـ القاضي‪ .‬فالقاضي يجب أف ال يحجر عمى‬
‫عقمو كتفكيره كأف يحجب عمى عممو كمعرفتو‪ ،‬فشجع االسالـ القاضي عمى التفكر‬

‫‪1‬‬
‫ارسالف‪ ،‬محمد شيير‪ ،‬القضاء والقضاة‪ ،‬ص‪ ،103‬بيركت‪ :‬دار االرشاد‪1969 ،‬ـ‪.‬‬
‫الكيالني‪ ،‬فاركؽ‪ ،‬استقالل القضاء‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪ ،30‬القاىرة‪ :‬دار النيضة‪1977 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪260‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫كالتدبر كاالستنباط كاالجتياد‪ ،‬بؿ ينبغي أف يفسح لو المجاؿ ليفكر كيتنبط االحكاـ بما‬
‫ال نص فييا مف غير مخالفة لقكاعد التشريع‪ .‬كما يدعـ ىذه الركيزة بأف الفقياء قديمان‬
‫كانطالقان مف مبدأ حرية القاضي في االجتياد فإنو ال يمزـ بمذىب معيف‪ ،‬بؿ يقضي‬
‫بما يتكصؿ إليو مف أحكاـ‪ .‬كىناؾ أميات بالقكاعد الفقيية نصت عمى االجتياد كمنيا‬
‫"االجتياد ال ينقض بمثمو" ك"ال اجتياد في معرض النص" كغيرىا‪ .‬كال يمانع بأف‬
‫الحكـ في مسألة معينة مبنية عمى االجتياد اف يتغير بتغير الظركؼ كاالزماف‪ ،‬كىذا‬
‫نيج الصحابة كالفقياء‪ .‬كقد يجتيد القاضي كيخطئ في حكمو أك في مسألة معينة كلـ‬
‫يرتب عميو الشارع أم مسؤكلية مطمقان‪ .‬كما قاؿ الفاركؽ‪" :‬ال يمنعؾ قضاء قضيتو‬
‫اليكـ فراجعت فيو عقمؾ‪ ،‬كىديت لرشدؾ‪ ،‬أف ترجع إلى الحؽ فإف الحؽ قديـ‪،‬‬
‫كمراجعة الحؽ خير مف التمادم في الباطؿ"‪.‬‬
‫كىذه الركيزة تدعـ اجتيادات كق اررات محكمة االستئناؼ الشرعية‪ ،‬فيي ال شؾ‬
‫ثمرة اجتياد حديث لبعض المسائؿ المستجدة اك القديمة المستقرة التي تحتاج الى‬
‫ترسيخ كتثبيت كىي ال تخرج عف القكاعد كاالصكؿ الشرعية كالقانكنية فيك اجتياد في‬
‫‪1‬‬
‫اطار النص ال خارجو كبما ال يتجاكز حدكد الشريعة االسالمية‪.‬‬
‫كىذا ما يدعـ ما جاءت بو مدكنة السمكؾ القضائي لمقضاة الشرعييف في‬
‫المادتيف(‪" )33‬عمى القاضي الشرعي أف يككف مطمعان عمى جميع القكانيف كاألنظمة‬
‫النافذة في فمسطيف‪ ،‬كعمى التعديالت الجارية عمييا؛ كعميو أيضان اإللماـ بالشركح‬
‫الفقيية المتعمقة بيا"‪ .‬كالمادة( ‪ ")34‬عمى القاضي الشرعي مكاكبة كؿ اجتياد قضائي‬
‫يصدر عف المحاكـ العميا؛ كمالحظة االجتياد المستقر لدييا بشأف القضايا الخالفية؛‬
‫كعميو إتباع اجتياد الييئات العامة لتمؾ المحاكـ إلى أف يجرم الرجكع عنيا بق اررات‬
‫صريحة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سركر ماىر‪ ،‬كاعمر احمد‪ ،‬الفقو القانوني في الق اررات الستئنافية اراء واجتيادات‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪ ،6‬االردف‪ :‬المكتبة الكطنية‪،‬‬
‫‪2020‬ـ‪.‬‬
‫‪261‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫المطمب الثالث‪ :‬مؤيدات مبدأ استقاللية القضاء‪:‬‬


‫الفرع األول‪ :‬الحماية الدستورية‪:‬‬
‫يعني أف ينص الدستكر عمى مبدأ استقالؿ القضاء عف السمطتيف التنفيذية‬
‫كالتشريعية‪ ،‬كعدـ تدخؿ أم منيما في أم شأف مف شؤكف القضاء‪ .‬كقد أكد القانكف‬
‫األساسي المعدؿ عمى استقالؿ السمطة القضائية‪ ،‬في المادة (‪ )97‬منو؛ باستقالؿ‬
‫الق ضاء كالقضاة عمى اختالؼ أنكاعيا كدرجاتيا‪ .‬أم بقكة نص الدستكر يؤكد عمى‬
‫الحماية الدستكرية لمبدأ القضاء الشرعي‪.‬‬
‫كتُعتَبر السمطة القضائية ذات اختصاص بحؽ القضاء في جميع المكاد‪ ،‬كعمى‬
‫جميع األشخاص؛ كىذا مف شأنو عدـ جكاز تدخؿ السمطة التشريعية كالتنفيذية بالفصؿ‬
‫بيف الخصكمات التي تنشأ بيف األفراد‪ ،‬كتُعتَبر األحكاـ الصادرة عف السمطة القضائية‬
‫مفركضة عمى السمطتيف التشريعية كالتنفيذية‪ ،‬كعمييما مراعاة أحكاـ السمطة القضائية‬
‫كالعمؿ عمى تنفيذىا‪ ،‬كما ال يجكز ألم شخصية رسمية أك اعتبارية التدخؿ لدل‬
‫القضاة‪ ،‬كبالمقابؿ ال يصح لمسمطة القضائية القياـ بغير الكظيفة المنكطة بيا‪ ،‬كىي‬
‫تطبيؽ القانكف عمى المنازعات المطركحة أماميا‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الحماية الجزائية‪:‬‬
‫يعني ذلؾ اف يعاقب كؿ مف يتدخؿ في شؤكف القاضي بمكجب نص القانكف‪،‬‬
‫كحتى تبقى لمقضاء ىيبتو كاستقاللو كحتى ال ينحرؼ بو احد مف المتنفذيف مف‬
‫المسؤكليف‪ .‬كجاء في الفصؿ السادس مف القرار بقانكف بشأف القضاء الشرعي بمادتو‬
‫(‪ )44‬ببياف المساءلة التأديبية لمقضاة الشرعييف كاجراءات الدعكل التأديبية كبينت مف‬
‫خالليا الحصانة كالحماية لمقاضي كأف المجمس األعمى لمقضاء يتكلى األمر‪ .‬عند‬
‫القبض عمى القضاة الشرعييف كتكقيفيـ ‪ .‬في غير حاالت التمبس بالجريمة‪ ،‬ال يجكز‬
‫القبض عمى القاضي الشرعي أك تكقيفو إال بعد الحصكؿ عمى إذف مف قاضي‬

‫‪1‬‬
‫التكركرم‪ ،‬عثماف‪ ،‬الكافي في شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم (‪ ،)3‬لسنة ‪2001‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪،39 - 36‬‬
‫‪2009‬ـ‪.‬‬
‫‪262‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫القضاة‪ .2 .‬في حاالت التمبس‪ ،‬عمى النائب العاـ عند القبض عمى القاضي الشرعي‬
‫أك تكقيفو أف يرفع األمر إلى قاضي القضاة خالؿ األربع كعشريف ساعة التالية‬
‫لمقبض عميو‪ ،‬كلقاضي القضاة أف ينتدب أحد أعضاء المجمس لحضكر مراحؿ‬
‫‪ .3‬تطبؽ عمى القاضي الشرعي أحكاـ قانكف االجراءات الجزائية‬ ‫التحقيؽ جميعيا‪.‬‬
‫النافذ في التحقيؽ كالمحاكمة‪ .4 .‬يجرم تكقيؼ القاضي الشرعي كتنفيذ العقكبة المقيدة‬
‫لمحرية عميو في مكاف مستقؿ عف األماكف المخصصة لمسجناء األخريف‪ .5 .‬يترتب‬
‫عمى تحريؾ الدعكة الجزائية كقؼ القاضي الشرعي مباشرة عف أعماؿ كظيفتو‪.‬‬
‫كلمحفاظ عمى ىيبة مجمس القضاء كالقاضي كمكانتو مف االنتياؾ كالتعرض لو‪،‬‬
‫اك كؿ مف أتى بعمؿ أك قكؿ يعتبر انتياؾ لحرمة المحكمة‪ ،‬فيحؽ لمقاضي أف يفرض‬
‫عقكبات تعزيرية لمف ينتيؾ حرمة مجمس القضاء‪ ،‬كلو الحؽ بفرض ىذه العقكبات‬
‫مف الحبس لمدة اقصاىا اسبكع‪ ،‬اك بغرامة ال تتجاكز الخمسة دنانير دكف اف يككف لو‬
‫حؽ االعتراض اك االستئناؼ‪ ،‬كيدرج ىذا الحكـ في ضبط القضية‪ ،‬كىذا ما ىك‬
‫‪1‬‬
‫معمكؿ بو كفقان لنص المادة(‪ )47‬مف قانكف اصكؿ المحاكمات الشرعية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬القاضي ل يعزل بال أسباب‪:‬‬
‫مما سبؽ مف الضمانات التي نص عمييا القانكف الستقاللية القضاء كحماية‬
‫القاضي‪ ،‬تبيف لنا فييا أف لمقاضي حصانة كفميا لو القانكف‪ ،‬بحيث يصعب عمى أم‬
‫سمطة أك أم شخصية كانت الكصكؿ إليو‪ ،‬بؿ إف القانكف نص صريحا عمى عدـ‬
‫عزؿ القاضي في األحكاؿ الطبيعية‪ ،‬كفي حاالت المخالفة‪ ،‬أك استحقاقو لعقكبة؛ ُجعؿ‬
‫الخيار األخير فييا العزؿ‪ ،‬كما نصت المادة (‪ )43‬مف قانكف القضاء الشرعي‪.‬‬
‫العقكبات التأديبية التي يجكز تكقيعيا عمى القاضي الشرعي ىي‪ :‬أ‪ .‬التنبيو‪ .‬ب‪.‬‬
‫اإلنذار‪ .‬ج‪ .‬كقؼ الترقية إلى درجة أعمى لمدة ال تقؿ عف سنة كال تزيد عمى ثالث‬
‫سنكات‪ .‬د‪ .‬اإلحالة عمى التقاعد‪ ،‬مع مراعاة الشركط المنصكص عمييا في قانكف‬
‫التقاعد العاـ النافذ‪ .‬ق‪ .‬العزؿ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أبك البصؿ‪ ،‬عبد الناصر‪ ،‬شرح قانون اصول المحاكمات الشرعية‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪ ،168‬عماف‪ :‬دار الثقافة‪2005 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪263‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫‪ .2‬يتكلى قاضي القضاة تنفيذ الق اررات التأديبية الصادرة عف مجمس التأديب‪ ،‬كاذا‬
‫كاف القرار صاد انر بإيقاع عقكبة العزؿ اعتبر القاضي الشرعي حكمان في إجازة مف‬
‫تاريخ صدكر القرار حتى صيركرتو نيائيان‪.‬‬
‫بناء عمى قرار مجمس‬
‫‪ .3‬يتكلى المجمس التنسيب لمرئيس بعزؿ القاضي الشرعي ن‬
‫التأديب بإيقاع عقكبة العزؿ‪ ،‬كيعتبر نافذان مف تاريخ صدكر قرار الرئيس بشأنو‪.‬‬
‫‪ .4‬ال يؤثر القرار الصادر بعزؿ القاضي الشرعي عمى حقكقو في التقاعد أك‬
‫المكافأة‪.‬‬
‫ىذا كمو؛ لِما لمكانة القاضي كىيبة القضاء مف أىمية‪ ،‬بحيث يؤدم تكقيع‬
‫كاحدة مف تمؾ العقكبات عمى القاضي إلى زكاؿ ىيبتو أماـ المتقاضيف كككالئيـ‪،‬‬
‫يصر عمى ارتكاب مخالفة‪ ،‬ال‬
‫كيقمؿ مف احترامو في نظرىـ؛ لذلؾ فإف القاضي الذم ُّ‬
‫يبقى أمامو سكل العزؿ‪.‬‬
‫كعميو نجد أف عزؿ القاضي ال يككف إال في حاالت ضيقة جدا؛ كتك ارره‬
‫لممخالفة‪ ،‬أك القتراؼ ُجرـ جعؿ استم ارره في كالية القضاء غير متصكر‪ ،‬كأما في‬
‫الكضع الطبيعي فال يكجد مف يمكنو عزلو‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫الخاتمة‪ :‬وفييا أىم النتائج والتوصيات‬


‫بعد عرض فقو المكضكع كدراستو كتحميمو فقيان كقانكنان فقد تكصمت الدراسة إلى النتائج‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬إف اقرار قرار بقانكف رقـ ‪ 2021/8‬الخاص بالقضاء الشرعي الفمسطيني يعتبر خطكة‬
‫لتقرير مبدأ استقالؿ منظكمة القضاء الشرعي‪ ،‬بعد ما مضى عمى تنظيمو كتشريعو قانكف مصدره‬
‫أردني كما يقارب عمره ‪ 49‬عامان مف العمؿ بمقتضاه‪.‬‬

‫استقالؿ القضاء يقكـ عمى ثالث ركائز يجب أف تتكفر في القاضي كتتمثؿ في‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫التخصص كحرية الرأم كاالجتياد‪ ،‬كالحياد‪.‬‬

‫‪ .3‬مف مؤيدات كضمانات مبدأ استقاللية القضاء كنزاىتو تمثمت‪ :‬بالحماية الدستكرية‪ ،‬كالحماية‬
‫الجزائية‪ ،‬كمبدأ عدـ عزؿ القاضي إال ألسباب كبيرة‪.‬‬

‫‪ .4‬حتى يتحقؽ العدؿ كاألمف كايصاؿ الحقكؽ ألصحابيا‪ ،‬الذم ييدؼ إليو االسالـ مف تشريع‬
‫نظامو القضائي ال بد أف تتكافر فيو عدة أمكر‪ ،‬كىي‪ :‬أف استقالؿ القضاء في االسالـ يعد دستكريان‬
‫يمتزـ بو الجميع كمقرر ذلؾ بمصادر تشريع االحكاـ‪ ،‬كاعتبار القضاء مف الضركريات الكبرل في‬
‫الدكلة‪ ،‬كاالستقالؿ الكظيفي لمسمطة القضائية كفصميا عف باقي السمطات التنفيذية كالتشريعية‪.‬‬

‫‪ .5‬اف قرار القانكف لمقضاء الشرعي قد ضيؽ سبؿ عزؿ القاضي حفاظان عمى ىيبة القضاء‬
‫كمبدأ استقاللو‪ ،‬كلـ يعط أحدا حؽ عزلو ميما بمغ سمطانو كمكانتو‪ ،‬كجعؿ األمر بيد مجمس القضاء‬
‫األعمى؛ لمبت في عقكبة القاضي‪.‬‬

‫وبعد ما توصمت الباحثة الى النتائج السابقة‪ ،‬فال بد من سرد بعد التوصيات التي ليا‬
‫عالقة بموضوع البحث‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز منظكمة القضاء الشرعي مع ذكم االختصاص مف عمماء الديف كالقضاة كالباحثيف في‬
‫المجاالت األكاديمية لمبحث كالتكسع في نشر الثقافة القضائية القانكنية كخصكصان عمى اطالعي‬
‫المسبؽ لحيف اعداد ىذه الدراسة لـ يسبؽ ألحد اف قاـ بدراسة المكضكع كتحميؿ مكضكع الدراسة‬
‫ككف اصدار القانكف جديد‪.‬‬
‫‪ ‬ضركرة تحديث القكانيف كالتشريعات القانكنية القضائية‪ ،‬ككضع مذكرات تفسيرية ليا‪ ،‬كاقرار‬
‫مبادئ شرعية عميا مف ذكم االختصاص‪ ،‬كاثراء المكضكع بدراسات أُخرل تسعى إلى تكعية‬
‫الفرد بمبدأ استقالؿ القضاء كأىميتو‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬
‫‪265‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫القرآف الكريـ‬

‫‪ .1‬ابراىيـ أنيس كآخركف‪ ،‬مجمع المغة العربية‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬القاىرة‪ :‬مكتبة الشركؽ الدكلية‪1960 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ .2‬ابراىيـ‪ ،‬حسف‪ ،‬تاريخ السالم ‪ ،‬مصر‪ :‬دار الجيؿ‪1933 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ .3‬ارسالف‪ ،‬محمد شيير‪ ،‬القضاء والقضاة‪ ،‬بيركت‪ :‬دار االرشاد‪1969 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ .4‬االشقر‪ ،‬عمر سميماف‪ ،‬الواضح في قانون الحوال الشخصية الردني‪ ،‬ط‪ ،4‬عماف‪ :‬دار النفائس‪،‬‬
‫‪2007‬ـ‪.‬‬
‫‪ .5‬بالطيب‪ ،‬فاطمة‪ ،‬حياد القاضي في ظل مبدأ استقاللية القضاء‪ :‬دراسة فقيية قانونية‪ ،‬بحث محكـ‬
‫منشكر في جامعة بف يكسؼ بف خدة الجزائر‪ -‬كمية العمكـ االسالمية‪ ،‬مجمة البحكث العممية كالدراسات‬
‫االسالمية‪ ،‬ع‪ ،14:‬الجزائر‪2017 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ .6‬ابك البصؿ‪ ،‬عبد الناصر‪ ،‬شرح قانون اصول المحاكمات الشرعية‪ ،‬عماف‪ :‬دار الثقافة‪2005 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ .7‬التكركرم‪ ،‬عثماف‪ ،‬الكافي في شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم (‪ ،)3‬لسنة‬
‫‪2001‬م‪ ،‬ط‪2009 ،2‬ـ‪.‬‬
‫‪ .8‬حسب ا﵀‪ ،‬عمي‪ ،‬اصول التشريع السالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬مصر‪ :‬دار المعارؼ‪1959 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ .9‬حيدر‪ ،‬عمي‪ ،‬درر الحكام في شرح اصول الحكام‪ ،‬دار الجيؿ‪1991 ،‬ـ‪.‬‬
‫الخطيب الشربيني‪ ،‬شمس الديف محمد بف احمد‪ ،‬مغني المحتاج الى معرفة معاني الفاظ‬ ‫‪.10‬‬
‫المنياج‪ ،،‬دار الكتب العممية‪1994 ،‬ـ‬
‫داكد‪ ،‬احمد محمد عمي‪ ،‬فقو الحوال الشخصية‪ ،‬عماف‪ :‬دار الثقافة‪2009 ،‬ـ‪.‬‬ ‫‪.11‬‬
‫الدسكقي‪ ،‬شمس الديف محمد عرفو المالكي‪ ،‬حاشية الدسوقي عمى الشرح الكبير‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار‬ ‫‪.12‬‬
‫الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫ابف ابي الدـ‪ ،‬شياب الديف ابي اسحاؽ الشافعي‪ ،‬ادب القضاء‪ ،‬ط‪ ،2‬دمشؽ‪ :‬دار الفكر‪1982 ،‬ـ‪.‬‬ ‫‪.13‬‬
‫ديكاف قاضي القضاة‪ ،‬نظاـ المحكمة العميا الشرعية‪ ،‬بمكجب قرار الرئيس رقـ ‪2003/16‬ـ لتشكيؿ‬ ‫‪.14‬‬
‫‪2003/6/25‬ـ‪.‬‬ ‫بتاريخ‪:‬‬ ‫العميا‪،‬‬ ‫كالمحكمة‬ ‫االعمى‬ ‫القضاء‬ ‫مجمس‬
‫‪http://www.kudah.pna.ps/ar_page.aspx?id=FhdER2a1911120024aFhdER‬‬
‫ابي زىرة‪ ،‬محمد‪ ،‬الحوال الشخصية‪،‬ط‪ ،1‬القاىرة‪ :‬دار الفكر العربي‪2008 ،‬ـ‪. .‬‬ ‫‪.15‬‬
‫سركر ماىر‪ ،‬كاعمر احمد‪ ،‬الفقو القانوني في الق اررات الستئنافية اراء واجتيادات‪ ،‬االردف‪:‬‬ ‫‪.16‬‬
‫المكتبة الكطنية‪2020 ،‬ـ‪.‬‬
‫السيالني‪ ،‬مرتضى عبد األمير‪ ،‬استقاللية القضاء في الشريعة السالمية والقوانين الوضعية‪:‬‬ ‫‪.17‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬بحث محكـ منشكر في جامعة ذم قار‪ -‬مجمة كمية التربية لمعمكـ االنسانية‪ ،‬مج‪/8‬ع‪،3:‬‬
‫العراؽ‪2018 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪266‬‬
‫استقاللية القضاء في المحاكم الشرعية‬

‫السيكطي‪ ،‬مصطفى بف سعد الرحيباني الحنبمي‪ ،‬مطالب أولي النيى شرح غاية المنتيى‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪.18‬‬
‫منشكرات المكتب االسالمي‪1994 ،‬ـ‪.‬‬
‫الظاىر‪ ،‬راتب عطا ا﵀‪ ،‬التشريعات الخاصة بالمحاكـ الشرعية‪ ،‬عماف‪ :‬دار الثقافة‪2008 ،‬ـ‪.‬‬ ‫‪.19‬‬
‫الفراء ابك يعمى محمد بف الحسيف الحنبمي‪ ،‬الحكام السمطانية‪ ،‬بيركت‪ :‬دار الكتب العممية‪،‬‬ ‫‪.20‬‬
‫‪1983‬ـ‪.‬‬
‫ابف فرحكف‪ ،‬برىاف الديف ابراىيـ بف عمي المالكي‪ ،‬تبصرة الحكام في اصول القضية ومناىج‬ ‫‪.21‬‬
‫الحكام‪ ،‬مصر‪ :‬مكتبة كمطبعة البابي الحمبي‪1958 ،‬ـ‪.‬‬
‫الفيكمي‪ ،‬احمد بف محمد بف عمي ابك العباس‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬بيركت‪ :‬المكتبة العممية‪.‬‬ ‫‪.22‬‬
‫قانكف اصكؿ المحاكمات الشرعية رقـ ‪1959/31‬ـ‪ ،‬المنشكر في الجريدة الرسمية‪ ،‬ع‪،1449 :‬‬ ‫‪.23‬‬
‫بتاريخ ‪1959/11/1‬ـ‬
‫القانكف االساسي المعدؿ لسنة ‪2003‬ـ‪( ،‬القانكف الدستكرم)‪ ،‬المنشكر في عدد ممتاز في الكقائع‬ ‫‪.24‬‬
‫الفمسطينية‪ ،‬كسارم العمؿ فيو في الضفة الغربية كغزة‪ ،‬بتاريخ ‪2003/3/19‬ـ‪.‬‬
‫قانكف السمطة القضائية رقـ ‪2002/1‬ـ‪( ،‬تشكيؿ كتنظيـ عمؿ المحاكـ النظامية)‪ ،‬المنشكر في‬ ‫‪.25‬‬
‫الكقائع الفمسطينية‪ ،‬ع‪ ،40:‬كسارم العمؿ فيو بالضفة الغربية كغزة‪ ،‬بتاريخ ‪2002/5/18‬ـ‪.‬‬
‫قانكف تشكيؿ المحاكـ الشرعية االردني(الممغي) رقـ ‪ /19‬لعاـ ‪1972‬ـ‪ ،‬المنشكر في الجريدة‬ ‫‪.26‬‬
‫الرسمية‪ ،‬ع‪ ،2357:‬بتاريخ‪1972/5/6 :‬ـ‪.‬‬
‫قرار بقانكف رقـ ‪ /8‬لسنة ‪2021‬ـ‪ ،‬بشأف القضاء الشرعي‪ ،‬المنشكر في جريدة الكقائع الفمسطينية‪،‬‬ ‫‪.27‬‬
‫ع‪ ،177 :‬بتاريخ ‪2021/3/18‬ـ‪.‬‬
‫قرار رقـ ‪2016/17‬ـ بشأف التنفيذ الشرعي‪ ،‬المنشكر في الجريدة الرسمية‪ ،‬راـ ا﵀ بتاريخ‬ ‫‪.28‬‬
‫‪2016/8/29‬ـ‪.‬‬
‫قرار رقـ ‪/6‬لعاـ ‪2012‬ـ‪ ،‬بشأف تعيف رئيس لممحكمة العميا الشرعية‪ ،‬بتاريخ‪2012/1/4 :‬ـ‪،‬‬ ‫‪.29‬‬
‫الصادر في مدينة راـ ا﵀‪ ،‬كالمنشكر في الجريدة الرسمية كيعمؿ بو مف تاريخ صدكره‪.‬‬
‫‪http://muqtafi.birzeit.edu/pg/getleg.asp?id=16328‬‬
‫ابف قدامة المقدسي‪ ،‬مكفؽ الديف عبد ا﵀ ابك محمد الجماعيمي الحنبمي‪ ،‬المغني عمى مختصر‬ ‫‪.30‬‬
‫الخرقي‪ ،‬د‪.‬ط ‪ ،‬مكتبة القاىرة‪1968 ،‬ـ‪.‬‬
‫الكاساني‪ ،‬عالء الديف أبي بكر الحنفي‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬بيركت‪ :‬دار الكتاب‬ ‫‪.31‬‬
‫العربي‪1982 ،‬ـ‪.‬‬
‫مدككر‪ ،‬محمد سالـ‪ ،‬القضاء في السالم‪ ،‬دار النيضة العربية‪1964 ،‬ـ‪.‬‬ ‫‪.32‬‬
‫ابف منظكر‪ ،‬محمد بف مكرـ أبك الفضؿ‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط‪ ،3‬بيركت‪ :‬دار صادر‪1414،‬ىػ ػ‬ ‫‪.33‬‬
‫‪ / https://maqam.najah.edu/legislation/205‬مكسكعة القكانيف كاالحكاـ الفمسطينية‬ ‫‪.34‬‬
‫( مقاـ)‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل جميل أبو وىدان‪ ،‬أ‪ .‬أميرة عدنان دروبي‬

‫منظكمة القضاء كالتشريع‬ ‫‪/ https://muqtafi2.birzeit.edu/yamen2/ar/legislations‬‬ ‫‪.35‬‬


‫الفمسطيني(المقتفي)‬
‫النككم‪ ،‬محي الديف‪ ،‬حاشية قميوبي وعميرة عمى شرح جالل الدين المحمي‪ ،‬القاىرة‪ :‬دار احياء‬ ‫‪.36‬‬
‫الكتب العربية‪.‬‬
‫النككم‪ ،‬محيي الديف ابي زكريا يحيى‪ ،‬صحيح مسمم بشرح النووي‪ ،‬بيركت‪ :‬دار احياء التراث‬ ‫‪.37‬‬
‫العربي‪1392 ،‬ـ‪ .‬ركاه االماـ مسمـ في صحيحو بإسناده‪.‬‬
‫ابف يكسؼ‪ ،‬مرعي الحنبمي‪ ،‬غاية المنتيى في الجمع بين القناع والمنتيى‪ ،‬دمشؽ‪ :‬دار السالـ‪،‬‬ ‫‪.38‬‬
‫‪1379‬ىػ ‪.‬‬

‫‪268‬‬

You might also like