You are on page 1of 557

‫جامعة الجزائر ‪1‬‬

‫كمية الحقوق‬

‫القواعد اإلجرائية في شؤون األسرة‬


‫الزواج وانحاللو أنموذجا‬
‫أطروحة لنيل شيادة دكتوراه ل م د في القانون الخاص‬

‫فرع قانون األسرة‬

‫إشراف‬ ‫إعداد الطالب‬


‫أ‪.‬د‪ /‬نور الدين لمطاعي‬ ‫عويس بوعالم‬

‫لجنة المناقشة‬

‫رئيسا‬ ‫جامعة الجزائر ‪1‬‬ ‫أستاذ التعميم العالي‬ ‫أ‪.‬د الديب جمال‬
‫مقر ار‬ ‫جامعة الجزائر ‪1‬‬ ‫أ‪.‬د لمطاعي نور الدين أستاذ التعميم العالي‬
‫عضوا‬ ‫جامعة الجزائر ‪1‬‬ ‫أستاذ محاضر (أ)‬ ‫د‪ .‬زيدان محمد‬
‫عضوا‬ ‫جامعة الجزائر ‪1‬‬ ‫أستاذة محاضرة (أ)‬ ‫د‪ .‬زواني نادية‬
‫عضوا‬ ‫جامعة المدية‬ ‫أستاذ محاضر (أ)‬ ‫د‪ .‬عياشي جمال‬
‫عضوا‬ ‫جامعة بومرداس‬ ‫أستاذة محاضرة (أ)‬ ‫د‪ .‬غناي زكية‬

‫السنة الجامعية ‪2019-2018‬‬


‫إىداء‬

‫طيب اهلل ث اره‬


‫إلى روح والدي ّ‬
‫إلى والدتي العزيزة الرحيمة‪ ،‬عافاىا اهلل من كل سوء‬
‫إلى روح أيمن ابن أختي رحمو اهلل‬
‫إلى زوجتي الطيبة الصالحة‬
‫إلى ابنتي أميرة وآية‬
‫إلى إخوتي وأخواتي‬
‫أخص بالذكر أستاذ‬
‫إلى أساتذتي الكرام الذين سيروا عمى تعميمي وتأديبي‪ ،‬و ّ‬
‫التعميم العالي الدكتور نور الدين لمطاعي لقبولو اإلشراف عمى ىذا البحث‪،‬‬
‫وأستاذة التعميم العالي الدكتورة فركوس دليمة عمى ما لقيناه منيا من مرافقة‬
‫واشراف ومتابعة طوال مشورانا في الجامعة‪.‬‬
‫إلى زمالئي وأصدقائي األعزاء‬
‫إلى كل من ساعدني في إنجاز ىذا البحث‬

‫أىــدي ىــذا الـعــمــل المــتـــواضــــع‬


‫قائمة المختصرات‬

‫قانون األسرة‬ ‫ق‪.‬أ‬


‫قانون اإلجراءات المدنية الممغى‬ ‫ق‪.‬إ‪.‬م‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬ ‫ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‬
‫القانون المدني‬ ‫ق‪.‬م‬
‫قانون الحالة المدنية‬ ‫ق‪.‬ح‪.‬م‬
‫قانون العقوبات‬ ‫ق‪.‬ع‬
‫الجريدة الرسمية‬ ‫ج‪.‬ر‬
‫صفحة‬ ‫ص‬
‫الطبعة‬ ‫ط‬
‫الجزء‬ ‫ج‬
‫قدمة‬
‫م ّ‬
‫تعتبر األسرة المبنة األولى في المجتمع‪ ،‬يصمح بصبلحيا ويفسد بفسادىا‪ ،‬مما‬
‫يستدعي العناية بيا‪ ،‬وبكؿ ما مف شأنو أف يدخؿ االضطراب إلييا أو ييدميا‪ ،‬وقد حرص‬
‫المشرع عمى حما يتيا والمحافظة عمى استقرارىا أثناء نشأتيا‪ ،‬كما حرص عمى ضماف‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بيف طرفييا‪ ،‬ىذا مف جية‪ ،‬ومف‬
‫حقوؽ أفرادىا إف آلت األمور إلى ف ّ‬
‫وخصو بضمانات دستورية‪ ،‬حماية لمصالح‬ ‫ّ‬ ‫المشرع حؽ التقاضي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كرس‬‫جية أخرى ّ‬
‫وحقوؽ األفراد‪ ،‬وتحقيقا لمعدالة االجتماعية‪ ،‬حيث نظّـ ىذا الحؽ واشترط لممارستو توافر‬
‫جممة مف الشروط التي باختبلليا يتعطّؿ ىذا الحؽ‪.‬‬
‫المشرع مف القواعد الموضوعية ما ينظـ بو العبلقات بيف أفراد األسرة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫سف‬
‫كما ّ‬
‫سواء جمعت بينيـ صمة الزوجية أو صمة القرابة‪ ،‬وجمع نصوصيا في القانوف رقـ‬
‫‪ 11-48‬المؤرخ في ‪ 90‬يونيو ‪ 1048‬المتضمف قانوف األسرة‪ ،‬المعدؿ والمتمـ باألمر رقـ‬
‫‪ 90-90‬المؤرخ في ‪ 02‬فيفري ‪.0990‬‬
‫ويعتبر قسـ شؤوف األسرة مف أىـ أقساـ المحكمة‪ ،‬باعتباره بوابة عمى المجتمع‬
‫يتسنى لمباحث مف خبللو تكويف نظرة شاممة عمى خباياه‪ ،‬وعمى أىـ المشاكؿ التي تواجو‬
‫األسر الجزائرية‪ ،‬وقد أواله المشرع الجزائري اىتماما خاصا‪ ،‬ظير مف خبلؿ القانوف رقـ‬
‫‪ 90-94‬المتضمف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية المؤرخ في ‪ 00‬فبراير ‪ ،0994‬حيث‬
‫أفرد لقسـ شؤوف األسرة أحكاما خاصة في الكتاب الثاني‪ ،‬مف المادة ‪ 804‬إلى المادة‬
‫‪ ،800‬أي ما مجموعو ‪ 27‬مادة‪ ،‬وىو ما لـ تحظ بو باقي األقساـ المكونة لممحكمة‪ ،‬مف‬
‫ضمف ما تناولو المشرع فييا اإلجراءات المتّبعة لمباشرة دعوى قضائية أماـ ىذا القسـ‪.‬‬
‫بد مف التطرؽ لتعريفيا‪ ،‬حيث‬‫أف ىذا البحث يتعمّؽ باإلجراءات كاف ال ّ‬ ‫وبما ّ‬
‫معيف‪ ،‬ووفقا‬
‫بأنيا األشكاؿ التي يجب اتباعيا لبموغ ىدؼ ّ‬‫تعرؼ وفقا لممفيوـ الواسع ّ‬
‫ّ‬
‫الضيؽ فيي األشكاؿ الواجبة االتّباع حتى تتمكف المحكمة مف الفصؿ في مشكؿ‬
‫ّ‬ ‫لممفيوـ‬
‫‪1‬‬
‫تعرؼ مف الناحية االصطبلحية بأنيا مجموعة القواعد الواجب اتباعيا‬
‫ّ‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬ ‫قانوني معيف‬

‫محمد ابراىيمي‪ ،‬الوجيز في اإلجراءات المدنية‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط ‪ ،4‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ‪.5‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫عند االلتجاء إلى القضاء‪ ،‬وىي تشمؿ قواعد التنظيـ القضائي‪ ،‬وقواعد االختصاص‪،‬‬
‫وقواعد إجراءات الخصومة‪.1‬‬
‫تـ اإلخبلؿ‬
‫وتنقسـ القواعد القانونية إلى قواعد موضوعية‪ ،‬وأخرى إجرائية‪ ،‬واذا ّ‬
‫بالقواعد الموضوعية تتدخؿ القواعد اإلجرائية إلعادة الفعالية ليا‪ ،‬فالقانوف الموضوعي‬
‫يبيف كيفية إنشاء الحؽ وانقضائو‪ ،‬كقانوف األسرة أو القانوف المدني أو القانوف التجاري‪،‬‬
‫ّ‬
‫تعرضت لبلعتداء‪ ،‬ووسائؿ‬ ‫يبيف لؤلفراد كيفية حماية حقوقيـ إذا َّ‬
‫أما القانوف اإلجرائي ف ّ‬
‫االلتجاء إلى القضاء مف أجؿ استرجاع حقوقيـ‪ ، 2‬وتتجسد نصوصو في قانوف اإلجراءات‬
‫المدنية أو الجزائية‪.‬‬
‫طياتو مف قواعد موضوعية ميمة‪ ،‬فإنو يبقى‬ ‫تضمف قانوف األسرة في ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّإنو ميما‬
‫ِ‬
‫المصاحَبة لو‪ ،‬فإذا كانت القواعد الموضوعية‬‫المفعمَة و‬
‫ّْ‬ ‫رىيف القواعد الشكمية واإلجراءات‬
‫فإف القواعد اإلجرائية‬
‫تبيف المراكز القانونية لكؿ فرد مف أفراد األسرة‪ّ ،‬‬
‫في قانوف األسرة ّ‬
‫تبيف كيفية المطالبة بيذه الحقوؽ‪ ،‬والمحافظة عمى المراكز القانونية‪ ،‬لذا أفرد المشرع‬
‫ّ‬
‫الجزائري لئلجراءات الخاصة بشؤوف األسرة فصبل كامبل في القانوف رقـ ‪ 90-94‬المؤرخ‬
‫في ‪ 00‬فيفري ‪ 0994‬المتضمف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬الذي ألغى أحكاـ‬
‫األمر رقـ ‪ 108-77‬المؤرخ في ‪ 94‬جواف ‪ 1077‬المتضمف قانوف اإلجراءات المدنية‪،‬‬
‫ألف قانوف األسرة في حاجة إلى‬
‫وذلؾ حتى تتبلءـ ىذه اإلجراءات مع النزاعات األسرية‪ّ ،‬‬
‫الجيد لنصوصو‪.‬‬
‫قواعد إجرائية توفر لو التفعيؿ ّ‬
‫إف القانوف اإلجرائي ىو الوسيمة الضرورية لتطبيؽ القانوف الموضوعي‪ ،‬ينقمو مف‬
‫ّ‬
‫حالة السكوف إلى حالة الحركة‪ ،‬وىو القاطرة المحركة لمقواعد الموضوعية في قانوف‬
‫األسرة‪ ،‬التي تدفعيا إلى تحقيؽ الغاية التشريعية المنشودة مف وضعيا‪ ،‬حيث تعتبر‬
‫اإلجراءات القضائية المحرؾ الرئيسي لقانوف األسرة‪ ،‬فبدونيا تبقى القواعد الموضوعية‬
‫أف تفعيميا‬
‫الواردة في قانوف األسرة حبيسة دفتي القانوف‪ ،‬وال تترجـ إلى أرض الواقع‪ ،‬إذ ّ‬

‫عمر زودة‪ ،‬اإلجراءات المدنية واإلدارية في ضوء آراء الفقياء وأحكاـ القضاء‪ ،‬ط ‪ ،2‬انسكموبيديا‪ ،‬الجزائر‪،2015 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.8‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.18 ،13‬‬
‫‪2‬‬
‫وانزاليا لمواقع يتطمب إيجاد قضاء أسري مؤىؿ‪ ،‬لديو مف القواعد اإلجرائية ما يم ّكنو مف‬
‫تطبيؽ القواعد الموضوعية األسرية‪.‬‬
‫عدة أىداؼ ذات طابع‬
‫وييدؼ المشرع مف خبلؿ وضع قانوف األسرة إلى تحقيؽ ّ‬
‫اجتماعي وانساني‪ ،‬ترتبط ارتباطا وثيقا بشريعتنا اإلسبلمية الغراء‪ ،‬والى إنشاء قضاء‬
‫أسري متخصص‪ ،‬حيث تتجسد ىذه األىداؼ مف خبلؿ تفعيؿ القواعد الموضوعية الواردة‬
‫في قانوف األسرة‪ ،‬والقواعد اإلجرائية التي تحمي الحقوؽ والمراكز القانونية المتعمقة بيذا‬
‫ألف قانوف األسرة عاجز لوحده عف تحقيؽ ىذه األىداؼ‪ ،‬وىو‬ ‫الفرع مف فروع القانوف‪ّ ،‬‬
‫بحاجة إلى قواعد إجرائية متميزة عف تمؾ المقررة في القواعد العامة في قانوف اإلجراءات‬
‫ألف االىتماـ‬
‫المدنية واإلدارية‪ ،‬والتي تساير خصوصية المسائؿ المتعمقة بشؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫بالقواعد الموضوعية في شؤوف األسرة‪ ،‬واىماؿ الجوانب اإلجرائية‪ ،‬يؤدي إلى أخطاء‬
‫ومخالفات خطيرة تمس النظاـ العاـ‪.‬‬
‫أف‬
‫فعمى سبيؿ المثاؿ‪ :‬ال يختمؼ اثناف حوؿ القاعدة الموضوعية التي مفادىا ّ‬
‫لمزوج حؽ إيقاع الطبلؽ بإرادتو المنفردة‪ ،‬إف شاء طمّؽ واف شاء أمسؾ‪ ،‬لكف ىؿ الزوج‬
‫مقيد بشكؿ أو بطريقة معينة في إيقاع الطبلؽ؟ وىؿ يجب عميو أف يمارس حقو في‬
‫ّ‬
‫يعتد بطبلقو؟ مثاؿ آخر‪ :‬نص المشرع عمى وجوبية‬
‫الطبلؽ أماـ الجية القضائية حتى ّ‬
‫يبيف كيفية استيفاء إجراء الصمح‬
‫أف المشرع لـ ّ‬
‫إجراء الصمح في المادة ‪ 80‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬غير ّ‬
‫وأحكامو‪ ،‬إلى غاية صدور قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬كما يطرح التساؤؿ حوؿ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية سواء عف طريؽ اإلرادة المنفردة‬
‫جواز الطعف في األحكاـ الصادرة بف ّ‬
‫لمزوج‪ ،‬أو بطمب مف الزوجة‪ ،‬أو عف طريؽ التراضي؟ وما ىي اآلثار المترتبة عمى قبوؿ‬
‫الطعف في أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬والتي تنعكس عمى أحكاـ تتعمؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬كالعدة والرجعة‬
‫والميراث‪ ،‬وبذلؾ يظير االرتباط الوثيؽ بيف ما ىو موضوعي وما ىو إجرائي في قضايا‬
‫شؤوف األسرة‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى القانوف رقـ ‪ 11-48‬المؤرخ في ‪ 90‬يونيو سنة ‪ ،1048‬المتضمف‬
‫ثـ صدر األمر رقـ‬
‫تضمف المسائؿ الموضوعية في شؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫قانوف األسرة نجده‬
‫عدة تعديبلت أدخميا المشرع عمى‬
‫تضمف ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 90-90‬المؤرخ في ‪ 02‬فيفري ‪ 0990‬الذي‬
‫أف ىذا التحديث في الجانب الموضوعي‬
‫األحكاـ الموضوعية في قانوف األسرة‪ ،‬غير ّ‬
‫‪3‬‬
‫لـ يصاحبو تحديث في الجانب اإلجرائي األسري‪ ،‬حيث برز بعض التحديث سنة ‪0994‬‬
‫مع صدور قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬الذي أفرد فيو المشرع فصبل كامبل‬
‫الخاصة بقسـ شؤوف األسرة‪ ،‬وأوجد بعض الحموؿ لئلشكاالت اإلجرائية التي‬
‫ّ‬ ‫لئلجراءات‬
‫كانت مطروحة‪ ،‬وىذا ش ّكؿ خطوة إيجابية في طريؽ إيجاد قانوف إجرائي أسري مستقؿ‪،‬‬
‫إال أنيا خطوة غير كافية‪ ،‬إذ ال زالت العديد مف اإلشكاالت والثغرات اإلجرائية التي ىي‬
‫بحاجة لممعالجة وايجاد حؿ ليا‪ ،‬مع ضرورة إيجاد قواعد إجرائية تراعي خصوصية قضايا‬
‫خاصة ما تعمّؽ منيا بمسائؿ الزواج والطبلؽ‪ ،‬واآلثار المترتبة عمييما‪.‬‬
‫ّ‬ ‫شؤوف األسرة‪،‬‬
‫إف تبعثر القواعد اإلجرائية المتعمقة بشؤوف األسرة‪ ،‬وعدـ قدرتيا أحيانا عمى‬ ‫ّ‬
‫التوافؽ واالنسجاـ مع األحكاـ الموضوعية‪ ،‬واغفاؿ المشرع التطرؽ لبعض المسائؿ‬
‫اإلجرائية التي لـ ينص عمييا القانوف‪ ،‬يش ّكؿ عائقا أماـ المتقاضيف‪ ،‬يحوؿ دوف الوصوؿ‬
‫إلى تحصيؿ حقوقيـ‪ ،‬ودوف توحيد الحموؿ اإلجرائية المقترحة مف مختمؼ الجيات‬
‫القضائية عمى اختبلؼ درجاتيا‪ ،‬كما قد يؤدي أحيانا إلى مخالفة النظاـ العاـ وأحكاـ‬
‫الشرع‪ ،‬لذا لـ يعد مف المستساغ أف يظؿ ىذا الشغور اإلجرائي في المجاؿ األسري‪ ،‬وأف‬
‫تظؿ ىذه اإلجراءات متناثرة وغير منسجمة مع القواعد الموضوعية في مسائؿ شؤوف‬
‫األسرة‪ ،‬سيما ما تعمّؽ بأحكاـ الزواج والطبلؽ‪ ،‬فبل يصح أف تبقى المطمقّة معمّقة لسنوات‬
‫طويمة‪ ،‬ويبقى حكـ طبلقيا موقوؼ النفاذ‪ ،‬معمقا عمى صدور قرار مف المحكمة العميا‬
‫يعد مقبوال أف تظؿ الحاضنة واألوالد المحضونيف عاجزيف‬
‫برفض الطعف بالنقض‪ ،‬كما ال ّ‬
‫عف الحصوؿ عمى النفقة المقررة ليـ قضاء‪ ،‬بسبب عجز المديف أو تحايمو أو مماطمتو‪،‬‬
‫أو عدـ العثور عميو‪ ،‬وىو ما يؤدي إلى تفكؾ األسرة وضياع أفرادىا‪.‬‬
‫وسدىا‪،‬‬
‫فكاف مف الواجب الحرص عمى ت ّتبع الثغرات اإلجرائية في شؤوف األسرة ّ‬
‫وايجاد حموؿ لئلشكاالت اإلجرائية التي تحوؿ دوف التطبيؽ السميـ لمقواعد الموضوعية في‬
‫شؤوف األسرة وتحقيؽ االستقرار األسري‪ ،‬وبات مف الضروري جمع شتات األحكاـ‬
‫اإلجرائية األسرية في قانوف مستقؿ‪ ،‬بدؿ تفريقيا بيف عدة قوانيف‪ ،‬حتى يسيؿ الرجوع‬
‫الخاصة بقضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مع تمؾ‬
‫ّ‬ ‫إلييا‪ ،‬مع ضرورة التنسيؽ بيف القواعد اإلجرائية‬
‫الواردة في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬باعتبارىا القواعد العامة في إجراءات‬
‫التقاضي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫مف ذلؾ يظير أف موضوع القواعد اإلجرائية في شؤوف األسرة ذو أىمية بالغة‪،‬‬
‫سواء مف الناحية النظرية أو مف الناحية العممية‪ ،‬أما مف الناحية النظرية فتكمف أىميتو‬
‫مف خبلؿ جمع شتات المقتضيات القانونية المرتبطة بالموضوع والتنسيؽ بينيا‪ ،‬ومف‬
‫الناحية العممية تتجمى مف خبلؿ التوفيؽ بيف خصوصية القواعد اإلجرائية في المادة‬
‫األسرية‪ ،‬عمى مس توى الممارسة القضائية مف خبلؿ االجتياد القضائي‪ ،‬أو عمى مستوى‬
‫احتراـ المتقاضيف ليذه القواعد الخاصة في ىذا المجاؿ‪.‬‬
‫يتبيف مف خبلؿ ىذا الموضوع آليات تسيير المشرع لمنزاعات األسرية‪،‬‬ ‫كما ّ‬
‫واجراءات حمّيا في أقرب اآلجاؿ وأقؿ التكاليؼ والخسائر‪ ،‬وكيؼ عمد المشرع الج ازئري‬
‫إلى تمييز القضاء األسري عف غيره مف األقساـ األخرى بإجراءات خاصة تراعي‬
‫خصوصية العبلقات األسرية‪ ،‬مف أجؿ الحفاظ عمى الرابطة األسرية‪ ،‬وصونيا مف التفكؾ‬
‫واالنحبلؿ‪ ،‬فمثبل طبيعة قضايا الطبلؽ تأبى أف تُعامؿ معاممة القضايا المدنية‪ ،‬وأف تطبؽ‬
‫عمييا القواعد اإلجرائية الواردة في القواعد العامة مطمقا‪ ،‬لذا يجب التمييز بيف القواعد‬
‫اإلجرائية التي ال تخالؼ القواعد الموضوعية المتعمقة بالطبلؽ‪ ،‬فبل ضير في تطبيقيا‬
‫عمى قضايا الطبلؽ‪ ،‬بينما يجب استبعاد القواعد اإلجرائية التي تتنافى مع طبيعتيا‪ ،‬وذلؾ‬
‫ألف القاعدة اإلجرائية‬
‫خاصة تتبلءـ مع خصوصية الطبلؽ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫بإيجاد نصوص إجرائية‬
‫ما وجدت إال لتخدـ القاعدة الموضوعية‪ ،‬ال أف تنافييا وتخالفيا وتيدميا‪.‬‬
‫المعوقات اإلجرائية التي‬
‫ّ‬ ‫كما أف دراسة ىذا الموضوع تم ّكف الباحث مف كشؼ‬
‫تحوؿ دوف تحقيؽ األىداؼ والغايات المرجوة مف تطبيؽ النصوص الموضوعية‪ ،‬سواء‬
‫تعمّقت تمؾ القواعد اإلجرائية باالختصاص النوعي واإلقميمي لممحكمة‪ ،‬أو بأطراؼ الدعوى‬
‫وسيرىا‪ ،‬أو بطرؽ الطعف في األحكاـ‪ ،‬أو بطرؽ تنفيذىا‪.‬‬
‫وتظير أىمية دراسة القواعد اإلجرائية في شؤوف األسرة كذلؾ مف خبلؿ ترتيب‬
‫المشرع الجزاء عمى مخالفتيا ‪-‬في بعض األحياف‪ -‬رفض الدعوى شكبل‪ ،‬وعدـ نظر‬
‫القاضي في موضوع الدعوى‪ ،‬بسبب مخالفة القواعد الشكمية المقررة قانونا في سبيؿ‬
‫الوصوؿ إلى تقرير الحؽ قضاء‪ ،‬وبالتالي فقداف المتقاضي حقو‪ ،‬لذا فاحتراـ القواعد‬
‫اإلجرائية عند التقاضي أمر ضروري وأكيد‪ ،‬حتى يصؿ الحؽ إلى صاحبو‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫إ ّف مسألة تنفيذ األحكاـ القضائية المتعمقة بشؤوف األسرة بحاجة إلى االعتناء‬
‫ألف مرحمة التنفيذ تعتبر مف أىـ مراحؿ تحصيؿ الحقوؽ‪،‬‬ ‫الخاصة بيا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫باإلجراءات‬
‫فالنصوص القانونية ما وجدت إال لتنفذ عمى أرض الواقع‪ ،‬ولمقضاء الدور الفاعؿ في‬
‫إحيائيا‪ ،‬حيث تعتري مرحمة تنفيذ األحكاـ القضائية في شؤوف األسرة العديد مف العوائؽ‬
‫واإلشكاالت القانونية والمادية‪ ،‬قد تؤخر إسناد الحؽ لصاحبو وتمكينو منو‪ ،‬وقد تحوؿ في‬
‫بعض األحياف دوف تنفيذ الحكـ القضائي‪ ،‬وبالتالي دوف حصوؿ صاحب الحؽ عمى حقو‪،‬‬
‫ب ليا ألؼ حساب‪ ،‬فقد‬ ‫حس ُ‬
‫وي َ‬
‫مما يجعؿ مف مرحمة التنفيذ عقبة كبيرة أماـ المتقاضيف‪ُ ،‬‬
‫كثير ما تط أر عمييا عوارض تؤثر فييا‪ ،‬وأىـ ىذه‬
‫منتظما‪ ،‬بؿ ًا‬
‫ً‬ ‫سير‬
‫ال تسير إجراءات التنفيذ ًا‬
‫العوارض منازعات تدعى بإشكاالت التنفيذ‪ ،‬والتي ىي مف العوائؽ التي يترتب عمييا‬
‫المساس بالحقوؽ المقررة ألصحابيا بموجب سندات تنفيذية حائزة لقوة الشيء المقضي فيو‪،‬‬
‫وكاف يتعيف تنفيذىا في يسر ودوف عناء‪.‬‬
‫مف أجؿ ذلؾ تشمؿ الدراسة في ىذا الموضوع‪ ،‬القواعد العامة لتنفيذ األحكاـ‬
‫القضائية المتعمقة بقضايا األسرة‪ ،‬مف حيث شروط صيرورة الحكـ القضائي حائ از قوة‬
‫الشيء المقضي فيو قاببل لمتنفيذ‪ ،‬مقدمات التنفيذ‪ ،‬الييئة المكمفة بو‪ ،‬واإلشكاالت التي‬
‫تعترض تنفيذ األحكاـ القضائية المتعمقة بالزواج والطبلؽ‪.‬‬
‫ونظ ار التّساع موضوع القواعد اإلجرائية في شؤوف األسرة بسبب اتساع المواضيع‬
‫التي يعالجيا قانوف األسرة‪ ،‬فسأقتصر في ىذا الموضوع عمى دراسة قضايا الزواج‬
‫والطبلؽ‪ ،‬واظيار خصوصياتيا اإلجرائية‪ ،‬واظيار تفاعؿ القضاء مع ىذه الخصوصيات‬
‫التي تُميز النزاعات األسرية المتعمقة بالزواج والطبلؽ‪ ،‬وابراز مدى توفير إجراءات‬
‫التقاضي في المادة األسرية حماية أكثر لؤلسرة ولممتقاضيف‪ ،‬في مقابؿ الحماية التي‬
‫ض َم ُنيَا القواعد اإلجرائية العامة‪ ،‬وذلؾ مف حيث إجراءات إبراـ عقد الزواج واثباتو‪،‬‬
‫تَ ْ‬
‫أقرىا المشرع‪ ،‬والدعاوى المرتبطة‬
‫واجراءات انحبلؿ الرابطة الزوجية بمختمؼ الصور التي ّ‬
‫ثـ تنفيذىا‬
‫بيا‪ ،‬مف حيث رفعيا‪ ،‬سيرىا‪ ،‬الفصؿ فييا‪ ،‬الطعف في األحكاـ الصادرة بشأنيا‪ّ ،‬‬
‫واإلشكاالت التي تطرحيا‪ ،‬لذا ال يتـ تناوؿ الجوانب الموضوعية ألحكاـ الزواج والطبلؽ‬
‫إالّ بما يتطمبو فيـ الجانب اإلجرائي‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫يمس الجوانب‬
‫وفيما يخص منيج الدراسة‪ ،‬اعتمدت المنيج التحميمي‪ ،‬الذي ّ‬
‫اإلجرائية بصفة أصمية‪ ،‬والجوانب الموضوعية بما يخدـ الجانب اإلجرائي فقط‪ ،‬وذلؾ‬
‫بتحميؿ النصوص القانونية المتعمقة بموضوع الدراسة ونقدىا‪ ،‬واستعراض بعض التشريعات‬
‫المقارنة‪ ،‬وعرض التطبيقات القضائية مف خبلؿ ق اررات المحكمة العميا‪ ،‬مف أجؿ إحاطة‬
‫أكبر بالموضوع‪.‬‬
‫وتيدؼ ىذه الدراسة إلى‪:‬‬
‫إبداء المقترحات الكفيمة بتجاوز الفراغ والغموض الذي يميز بعض اإلجراءات‬
‫الخاصة في قضايا الزواج والطبلؽ‪ ،‬وذلؾ باالستئناس باالجتياد القضائي والفقو والقانوف‬
‫المقارف‪ ،‬مف أجؿ تحقيؽ مبادئ اإلنصاؼ والعدالة بيف طرفي العبلقة الزوجية‪ ،‬وتحقيؽ‬
‫ؾ‬
‫ثـ تحقيؽ األمف واالستقرار بعد ف ّ‬
‫مصمحة األوالد‪ ،‬أثناء قياـ الرابطة الزوجية أوال‪ّ ،‬‬
‫الرابطة الزوجية ثانيا‪.‬‬
‫تبياف مدى أىمية وضرورة إحداث قانوف إجرائي أسري مستقؿ يتضمف بوضوح‬
‫وتفصيؿ كؿ اإلجراءات المتعمقة بشؤوف األسرة مف أجؿ تدعيـ وتفعيؿ دور القاضي عند‬
‫التدخؿ لفض النزاعات األسرية‪ ،‬ألف القضاء األسري يعمؿ بآليات ومفاىيـ مستقمة عف‬
‫تمؾ المعموؿ بيا في القواعد العامة‪.‬‬
‫ىذا ما يجعؿ مف موضوع القواعد اإلجرائية في شؤوف األسرة ‪-‬وباألخص في‬
‫مسائؿ الزواج والطبلؽ‪ -‬ذو أىمية بالغة‪ ،‬حيث تُطرح اإلشكالية حوؿ عن حاجة‬
‫المنازعات األسرية إلى إيجاد قواعد إجرائية جديدة أكثر مالءمة مع أحكام الشرع‬
‫والنظام العام‪ ،‬بسبب خصوصية قانون األسرة واألطراف المعنية بو‪.‬‬
‫تـ تقسيـ ىذا البحث إلى مقدمة وبابيف‪،‬‬
‫وفي سبيؿ اإلجابة عمى ىذه اإلشكالية ّ‬
‫كؿ باب يحتوي عمى فصميف‪ ،‬وكؿ فصؿ يتضمف مبحثيف‪ ،‬وكؿ مبحث يتضمف مطمبيف‪،‬‬
‫وكؿ مطمب يتفرع إلى فرعيف‪ ،‬عدا إشكاالت التنفيذ فقد تفرعت إلى أربعة فروع‪ ،‬ثـ انتيى‬
‫البحث إلى خاتمة‪.‬‬
‫تـ التعرض في الباب األوؿ إلى القواعد اإلجرائية المتعمّقة بانعقاد الزواج‬
‫حيث ّ‬
‫تـ تخصيصو لدراسة إجراءات الطعف والتنفيذ في أحكاـ شؤوف‬ ‫وانحبللو‪ ،‬أما الباب الثاني ّ‬
‫األسرة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫تـ التوصؿ إلييا مف خبلؿ‬ ‫تضمنت الخاتمة النتائج التي ّ‬
‫ّ‬ ‫وتتويجا ليذا البحث‪،‬‬
‫تـ نقد بعض نصوص قانوف األسرة وقانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪،‬‬‫األطروحة‪ ،‬حيث ّ‬
‫وبعض ق اررات المحكمة العميا التي أعتقد أنيا جانبت فييا الصواب‪ ،‬وخالفت بيا أحكاـ‬
‫الشرع والقانوف‪ ،‬كما تضمنت الخاتمة التوصيات واالقتراحات التي أعتقد أنيا تؤدي إلى‬
‫تـ اقتراح تعديؿ بعض‬‫تطبيؽ سميـ لمقواعد الموضوعية المتعمقة بشؤوف األسرة‪ ،‬حيث ّ‬
‫النصوص القانونية‪ ،‬واضافة نصوص إجرائية‪ ،‬دعما لمخصوصية التي تتميز بيا قضايا‬
‫وسدا لمفراغ التشريعي الذي تشيده بعض المسائؿ المتعمقة بأحكاـ الزواج‬
‫شؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫والطبلؽ‪.‬‬
‫عدة مراجع‪ ،‬أغمبيا كتب ومؤلفات قانونية‪ ،‬وبعضيا‬
‫اعتمدت في بحثي ىذا عمى ّ‬
‫يتعمؽ بكتب الفقو اإلسبلمي‪ ،‬وكذا التشريعات المقارنة ذات الصمة بالموضوع‪ ،‬باإلضافة‬
‫تضمف ىذا البحث الق اررات القضائية التي‬
‫ّ‬ ‫إلى الرسائؿ الجامعية‪ ،‬والمجبلت العممية‪ ،‬كما‬
‫تخدـ موضوع الدراسة‪ ،‬ومبلحؽ تتضمف بعض األحكاـ القضائية غير المنشورة‪.‬‬
‫وأرجو مف اهلل أف أكوف قد وفقت في ىذا العمؿ المتواضع‪ ،‬وكمي أمؿ في أف‬
‫ىامة‪ ،‬واقترحت حموال تثري قانوف األسرة‬
‫أكوف قد ساىمت في تسميط الضوء عمى مسائؿ ّ‬
‫والقواعد اإلجرائية المتعمقة بو‪ ،‬وتؤدي إلى تطبيؽ سميـ لمقانوف‪ ،‬والى احتراـ أحكاـ الشرع‬
‫الحنيؼ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الباب األول‪ :‬القواعد اإلجرائية المتعمقة بانعقاد الزواج وانحاللو‬

‫إف دراسة اإلجراءات المتعمقة بانعقاد الزوجية وانحبلليا يستوجب التطرؽ إلى‬
‫ثـ معرفة اإلجراءات المتّبعة في إثبات وجوده‬
‫إجراءات إبراـ عقد الزواج وتوثيقو وتسجيمو‪ّ ،‬‬
‫ثـ التطرؽ إلى‬
‫والوسائؿ المعتمدة في ذلؾ‪ ،‬وموقؼ القانوف والقضاء مف ىذه الوسائؿ‪ّ ،‬‬
‫إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة الناشئة بصفة خاصة عف إبراـ عقد زواج أو‬
‫ثـ‬
‫انحبللو‪ ،‬وذلؾ مف حيث إجراءات رفع ىذه الدعاوى‪ ،‬والخصوصية التي تميزىا‪ّ ،‬‬
‫البت فييا‪.‬‬
‫إجراءات سيرىا و ّ‬
‫ومف ىذا المنطمؽ اقتضى األمر تقسيـ ىذا الباب إلى فصميف‪ ،‬مف أجؿ بياف‬
‫ثـ بياف إجراءات ممارسة الدعاوى‬
‫إجراءات توثيؽ واثبات عقد الزواج (الفصؿ األوؿ)‪ّ ،‬‬
‫المتعمقة بانعقاد الزواج وانحبللو (الفصؿ الثاني)‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬إجراءات توثيق واثبات عقد الزواج‬

‫يعتبر عقد الزواج مف العقود التي اشترط المشرع إبراميا أماـ موظؼ مؤىؿ‪،‬‬
‫أسند لو ميمة تحرير عقود الزواج وتسجيميا وفقا لنص المادة ‪ 18‬مف ؽ‪.‬أ‪ ، ،1‬حيث جعؿ‬
‫الوسيمة المقبولة إلثباتو مستخرج مف سجؿ الحالة المدنية‪ ،‬وفقا لممادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬
‫وُيحرر عقد الزواج مف قبؿ الموثؽ أو موظؼ مؤىؿ قانونا‪ ،‬الذي يتحقّؽ مف توافر ركف‬
‫الزواج وشروطو الواردة في المادتيف ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬فيسمع اإليجاب والقبوؿ‬
‫مف العاقديف‪ ،‬ويتأ ّكد مف أىمية الزوجيف وحضور الولي والشاىديف‪ ،‬ويذكر الصداؽ‪،‬‬
‫عدة أجاز في المادة‬
‫أف المشرع والعتبارات ّ‬
‫ويتأ ّكد مف انعداـ الموانع الشرعية لمزواج‪ ،‬غير ّ‬
‫‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ إثبات عقود الزواج غير المسجمة بموجب حكـ قضائي إذا حاؿ ظرؼ‬
‫أف توثيؽ عقد الزواج ليس ركنا‬‫يدؿ عمى ّ‬
‫ما دوف توثيقيا وتسجيميا في وقتيا‪ ،‬مما ّ‬
‫وال شرطا مف شروط انعقاد الزواج‪ ،‬بدليؿ أف المشرع نص عمى التوثيؽ في المادة ‪ 18‬مف‬

‫قانوف رقـ ‪ 11-84‬المؤرخ في ‪ 09‬رمضاف عاـ ‪ 1404‬الموافؽ لػ ‪ 09‬يونيو سنة ‪ ،1984‬المتضمف قانوف األسرة‬ ‫‪1‬‬

‫المتمـ بقانوف رقـ ‪ 09-05‬المؤرخ في ‪ 25‬ربيع األوؿ عاـ ‪ 1426‬الموافؽ لػ ‪ 04‬مايو ‪ ،2005‬يتضمف الموافقة‬
‫المعدؿ و ّ‬
‫ّ‬
‫عمى األمر رقـ ‪ ،02-05‬المؤرخ في ‪ 18‬محرـ عاـ ‪ 1924‬الموافؽ لػ ‪ 27‬فبراير سنة ‪ ،2005‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،15‬السنة ‪.2005‬‬
‫‪9‬‬
‫ؽ‪.‬أ وما يمييا‪ ،‬والتي ال تقع تحت عنواف أركاف الزواج‪ ،‬وانما تقع ضمف القسـ الثالث (في‬
‫يعد وسيمة ىامة إلثبات الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫عقد الزواج واثباتو)‪ ،‬لكف توثيؽ عقد الزواج ّ‬
‫بحيث يجب احتراـ اإلجراءات اإلدارية والتنظيمية التي اشترطيا المشرع في توثيقو‪.‬‬
‫وقد ّبيف المشرع اإلجراءات المتبعة في توثيؽ عقد الزواج وتسجيمو‪ ،‬وكيفية إثباتو‪،‬‬
‫يتـ تسجيمو في‬‫وتـ تسجيمو‪ ،‬أو لـ ّ‬
‫تـ تحريره أماـ الموثؽ أو الموظؼ المؤىؿ لذلؾ ّ‬ ‫سواء ّ‬
‫سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬حيث يخضع توثيؽ عقد الزواج وتسجيمو ألحكاـ القانوف رقـ‬
‫‪ 11-84‬المؤرخ في ‪ 09‬جواف ‪ 1984‬المتضمف قانوف األسرة المعدؿ والمتمـ باألمر رقـ‬
‫‪ 02-05‬المؤرخ في ‪ 27‬فيفري ‪ ،2005‬وأحكاـ األمر ‪ 20-70‬المؤرخ في ‪ 19‬فيفري‬
‫‪ 1970‬المتعمؽ بالحالة المدنية‪ ،‬وأحكاـ األمر رقـ ‪ 58-75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر‬
‫يتـ بياف إجراءات توثيؽ عقد الزواج‬
‫‪ 1975‬المتضمف القانوف المدني المعدؿ والمتمـ‪ ،‬و ّ‬
‫في المبحث األوؿ‪ ،‬ثـ كيفية إثبات الزواج في المبحث الثاني‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬توثيق عقد الزواج‬

‫حث أفراد المجتمع عمى توثيؽ عقود الزواج أماـ الجية‬ ‫حرص المشرع عمى ّ‬
‫حددىا‪ ،‬وتسجيميا في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬نظ ار لؤلىمية التي تكتسييا‬
‫الرسمية التي ّ‬
‫عممية توثيؽ ىذه العقود‪ ،‬واآلثار التي تترتب عمييا‪ ،‬سواء بالنسبة لمزوجيف أو األوالد أو‬
‫المجتمع‪ ،‬سيما في وقتنا الحالي الذي ضعؼ فيو الوازع الديني لدى الناس‪ ،‬وأصبح الكثير‬
‫أف إخراج عقد الزواج في‬‫يدعوف ما ال يممكوف‪ ،‬ويشيدوف بما ال يعرفوف‪ ،‬كما ّ‬ ‫مف الناس ّ‬
‫يعد وسيمة إثبات قطعية لمرابطة الزوجية‪ ،‬ال تقبؿ الطعف فييا إال بالتزوير‪،‬‬
‫شكؿ رسمي ّ‬
‫وبالتالي تشكؿ ضمانة حقيقية لؤلزواج وأبنائيـ مف أف تضيع حقوقيـ أو تنكر أنسابيـ‪.‬‬
‫ثـ اإلجراءات‬
‫يتـ تناوؿ إجراءات إبراـ عقد الزواج في المطمب األوؿ‪ّ ،‬‬
‫لذلؾ ّ‬
‫الخاصة بتسجيؿ عقود الزواج مف خبلؿ المطمب الثاني‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المطمب األول‪ :‬إجراءات توثيق عقد الزواج‬

‫أقر المشرع في المادة ‪ 18‬مف ؽ‪.‬أ إبراـ عقد الزواج أماـ الموثؽ أو ضابط الحالة‬
‫ّ‬
‫المدنية‪ ،‬ولتوثيؽ عقد الزواج إجراءات إدارية وتنظيمية يخضع ليا جميع أفراد المجتمع‪،‬‬
‫يستوي فييا العاـ والخاص‪ ،‬غير ّأنو ُيشترط في زواج بعض الفئات الخاصة تراخيص‬
‫يجب تقديميا عند إبراـ عقد الزواج‪ ،‬حيث يتـ بياف اإلجراءات التنظيمية إلبراـ عقد الزواج‬
‫ثـ إعداد ممؼ عقد الزواج في الفرع الثاني‪.‬‬
‫في الفرع األوؿ‪ّ ،‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلجراءات التنظيمية إلبرام عقد الزواج‬

‫مف أجؿ توثيؽ عقد الزواج واخراجو مف العرفية إلى الرسمية‪ ،‬وجب معرفة الجية‬
‫ثـ معرفة البيانات الواجب ذكرىا‬
‫التي أسند ليا المشرع اختصاص توثيؽ عقد الزواج أوال‪ّ ،‬‬
‫في العقد ثانيا‪ ،‬حتى يكوف عقد الزواج صحيحا‪ ،‬وقاببل لبلحتجاج واالستدالؿ بو عمى قياـ‬
‫الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫أوال‪ -‬الجية المكمفة بتوثيق عقد الزواج‬
‫يتـ عقد الزواج أماـ الموثؽ أو أماـ موظؼ‬
‫تنص المادة ‪ 18‬مف ؽ‪.‬أ عمى أنو‪ّ " :‬‬
‫مؤىؿ قانونا مع مراعاة ما ورد في المادتيف ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف ىذا القانوف"‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 03‬مف قانوف الحالة المدنية‪ 1‬الفقرة ‪ 03‬منيا عمى تكميؼ ضابط‬‫و ّ‬
‫أما المادة ‪ 71‬مف قانوف الحالة المدنية فجاء فييا‪:‬‬
‫الحالة المدنية بتحرير عقود الزواج‪ّ ،‬‬
‫"يختص بعقد الزواج ضباط الحالة المدنية‪ ،‬أو القاضي الذي يقع في نطاؽ دائرتو محؿ‬
‫إقامة طالبي الزواج أو أحدىما أو المسكف الذي يقيـ فيو أحدىما باستمرار منذ شير واحد‬
‫عمى األقؿ إلى تاريخ الزواج‪ ،‬وال تطبؽ ىذه الميمة عمى المواطنيف"‪.‬‬
‫كما يستخمص مف نص المواد ‪ 96‬و‪ 97‬و‪ 103‬مف قانوف الحالة المدنية‬
‫اختصاص األعواف الدبموماسيوف أو قناصؿ الجزائر بتحرير عقود الزواج لمجزائرييف في‬
‫الخارج‪ ،‬بصفتيـ ضباط الحالة المدنية طبقا لممادة األولى مف قانوف الحالة المدنية‪.‬‬

‫‪ 1‬األمر ‪ 20-70‬المؤرخ في ‪ 13‬ذي الحجة عاـ ‪ 1389‬الموافؽ لػ ‪ 19‬فبراير سنة ‪ 1970‬المتعمؽ بالحالة المدنية‬
‫المعدؿ والمتمـ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،21‬سنة ‪.1970‬‬
‫‪11‬‬
‫أف الجية الرسمية التي أوكؿ ليا المشرع تحرير‬
‫ومف خبلؿ ىذه النصوص يتبيف ّ‬
‫عقد الزواج ىي‪ :‬ضباط الحالة المدنية‪ ،‬األعواف الدبموماسييف أو القنصميف‪ ،‬الموثؽ‪.‬‬
‫‪ -1‬اختصاص ضباط الحالة المدنية بتوثيق عقد الزواج‬
‫أسند المشرع الجزائري لضباط الحالة المدنية ميمة تحرير عقود الزواج بموجب‬
‫المادة الثالثة الفقرة الثالثة مف قانوف الحالة المدنية‪ ،‬وضباط الحالة المدنية وفقا لنص‬
‫المادة األولى مف قانوف الحالة المدنية ىـ‪ :‬رئيس المجمس الشعبي البمدي ونوابو‪ ،‬وفي‬
‫الخارج رؤساء البعثات الدبموماسية المشرفوف عمى دائرة قنصمية‪ ،‬ورؤساء المراكز‬
‫القنصمية‪.‬‬
‫كما أجاز المشرع الجزائري بموجب المادة ‪ 02‬مف قانوف الحالة المدنية لرئيس‬
‫المجمس الشعبي البمدي وتحت مسؤوليتو تفويض عوف بمدي أو عدة أعواف قائميف‬
‫بوظائؼ دائمة‪ ،‬وبالغيف ‪ 21‬سنة عمى األقؿ‪ ،‬لمقياـ بمياـ ضابط الحالة المدنية المتعمقة‬
‫بتمقي التصريحات بالوالدات والوفيات‪ ،‬وتسجيؿ وقيد جميع العقود أو األحكاـ في سجبلت‬
‫الحالة المدنية‪ ،‬وكذلؾ لتحرير جميع العقود المتعمقة بتمؾ التصريحات‪ ،‬عمى أف ُيرسؿ‬
‫القرار المتضمف التفويض إلى الوالي‪ ،‬والى النائب العاـ بالمجمس القضائي الذي تقع في‬
‫دائرة اختصاصو البمدية المعنية‪.‬‬
‫وغالبا ما يقوـ رئيس المجمس الشعبي البمدي بتفويض صبلحياتو كضابط الحالة‬
‫المدنية إلى أحد الموظفيف الدائميف‪ ،‬نظ ار لميامو المتعددة التي يصعب عميو التوفيؽ‬
‫فيخوؿ الموظؼ المفوض بمسؾ سجبلت الحالة المدنية وتحرير‬
‫بينيا‪ ،‬والقياـ بيا بمفرده‪ّ ،‬‬
‫عقود الزواج‪ ،‬وىو المشاىد في أغمب بمديات الوطف إف لـ نقؿ كميا‪ ،‬غير ّأنني أعتقد‬
‫يتـ‬
‫ضرورة اشتراط حد أدنى مف الشروط التي يجب توافرىا في العوف البمدي الذي ّ‬
‫تفويضو لمقياـ بمياـ ضابط الحالة المدنية‪ ،‬نظ ار لخطورة المياـ التي يقوـ بيا في تحرير‬
‫عقود الزواج ومختمؼ العقود األخرى‪ ،‬إذ يجب عمى األقؿ أف تتوفر في ىذا العوف‬
‫المستوى العممي الكافي‪ ،‬بحممو لشيادة عممية عميا‪ ،‬كشيادة الميسانس في العموـ القانونية‬
‫يتـ‬
‫أو الشرعية‪ ،‬وتكوينو التكويف البلزـ لممارسة مياـ ضابط الحالة المدنية‪ ،‬وذلؾ حتى ّ‬
‫تفادي الوقوع في األخطاء التي تمؤل سجبلت الحالة المدنية والشيادات والعقود التي‬
‫يحررىا األعواف المفوضوف بممارسة مياـ ضباط الحالة المدنية‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫يخص االختصاص اإلقميمي في تحرير عقد الزواج‪ ،‬فينعقد لضابط‬ ‫ّ‬ ‫أما فيما‬
‫الحالة المدنية الذي يقع محؿ إقامة أحد الزوجيف أو كبلىما بدائرة اختصاصو اإلقميمي‪،‬‬
‫أو المسكف الذي يقيـ فيو أحدىما باستمرار منذ شير واحد عمى األقؿ إلى تاريخ الزواج‪،‬‬
‫غير أف ىذه الميمة ال تطبؽ عمى المواطنيف طبقا لممادة ‪ 71‬مف قانوف الحالة المدنية‪.‬‬
‫وقد ألزـ المشرع الجزائري ضابط الحالة المدنية في كؿ بمدية بمسؾ ثبلث‬
‫وسجؿ عقود الوفيات‪ ،‬ويتكوف‬
‫ّ‬ ‫وسجؿ عقود الزواج‪،‬‬
‫ّ‬ ‫سجؿ عقود الميبلد‪،‬‬
‫سجبلت ىي‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫كؿ سجؿ مف نسختيف يؤشر عمييا رئيس المحكمة أو القاضي الذي يحؿ محمو‪ ،‬حيث‬
‫يقوـ ضابط الحالة المدنية بتدويف كافة البيانات المتعمقة بعقد الزواج كاسـ ولقب وتاريخ‬
‫ومكاف والدة الزوجيف‪ ،‬لقب واسـ أبوي الزوجيف‪ ،‬ىوية ولي الزوجة‪ ،‬أسماء الشيود‪ ،‬مقدار‬
‫ويسجؿ عقد الزواج في السجؿ‬ ‫ّ‬ ‫الصداؽ‪ ،‬وغيرىا مف البيانات المنصوص عمييا قانونا‪،‬‬
‫حاؿ إتمامو أمامو‪ ،‬ويسمّـ الزوجيف دفت ار عائميا مثبتا لمزواج‪ ،‬وتعتبر ىذه الوثيقة المدونة‬
‫السجؿ أصؿ عقد الزواج‪ ،‬وتعتبر مرجعا يرجع إليو في حاؿ التنازع‪.‬‬
‫في ّ‬
‫ص َر إثبات‬
‫ألف المشرع الجزائري قَ َ‬
‫وتكتسي الكتابة في عقد الزواج أىمية بالغة‪ّ ،‬‬
‫سج ؿ الحالة المدنية فقط‪ ،‬وفي حالة عدـ تسجيمو يثبت‬ ‫عقد الزواج عمى مستخرج مف ّ‬
‫يتـ تسجيمو في الحالة المدنية بسعي مف النيابة العامة وفقا ألحكاـ‬
‫الزواج بحكـ قضائي‪ّ ،‬‬
‫المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫أف عدـ توثيؽ عقد الزواج أماـ ضابط الحالة المدنية‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫صحة عقد الزواج‪ ،‬وذلؾ إذا توفر في العقد ركنو وشروطو‬
‫ّ‬ ‫أو الموثؽ ال يحوؿ دوف‬
‫ألف الكتابة في عقد الزواج ىي لئلثبات‬
‫المحددة في المادة ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫وليست لبلنعقاد‪ ،‬فإذا تراضى الزوجاف المذاف تتوفر فييما أىمية الزواج‪ ،‬وحضر الولي‬
‫صح عقد الزواج‪ ،‬غير ّأنو‬
‫ّ‬ ‫وتـ تحديد الصداؽ‪ ،‬وانعدمت الموانع الشرعية‪،‬‬
‫والشاىداف‪ّ ،‬‬
‫ثـ تسجيمو‬
‫ال يمكف إثبات ىذا العقد إال بالمجوء إلى القضاء الستصدار حكـ بإثباتو‪ّ ،‬‬
‫بسجؿ الحالة المدنية الخاص بعقود الزواج‪.‬‬
‫‪ -2‬اختصاص السمك الدبموماسي والقنصمي بتوثيق عقد الزواج‬
‫أقرت العديد مف االتفاقيات والمعاىدات الدولية اختصاص السمؾ الدبموماسي‬
‫ّ‬
‫بإبراـ عقود الزواج في الخارج‪ ،‬ومنيا اتفاقية الىاي لسنة ‪ 1902‬الخاصة بالزواج‪،‬‬
‫‪13‬‬
‫واتفاقية فيينا المبرمة في ‪ 24‬أفريؿ ‪ ،1963‬والتي صادقت عمييا الجزائر بموجب‬
‫المرسوـ‪ 85-64 1‬المؤرخ في ‪ 02‬مارس ‪ ،1964‬ومعاىدة الىاي لسنة ‪ 1978‬الخاصة‬
‫بإبراـ الزواج واالعتراؼ بو‪ ،‬واالتفاقية الجزائرية الفرنسية‪ 2‬المبرمة بتاريخ ‪ 24‬ماي ‪،1974‬‬
‫والتي صادقت عمييا الجزائر بموجب األمر رقـ ‪ 75-74‬بتاريخ ‪.1974/07/12‬‬
‫وتعتبر مسألة توثيؽ وتسجيؿ عقود الزواج مف األوضاع الشكمية لعقد الزواج‪،‬‬
‫حيث يدخؿ ضمف الشروط الشكمية لمزواج كؿ ما يتعمؽ باإلجراءات ومسائؿ االختصاص‬
‫والزواج بالوكالة‪ ،‬واشيار الزواج وتحرير عقده واثباتو‪ ،3‬حيث تخضع مسألة تمييز‬
‫الشروط الشكمية لمزواج عف الشروط الموضوعية لقانوف القاضي‪ ،‬الذي يقوـ بتكييؼ‬
‫ثـ يسندىا لمقانوف الذي يسري‬
‫الوقائع والتصرفات إلدراجيا ضمف فكرة مسندة‪ ،‬ومف ّ‬
‫عمييا‪.4‬‬
‫وتخضع مسألة توثيؽ وتسجيؿ الزواج لمقاعدة الواردة في المادة ‪ 97‬مف قانوف‬
‫تبيف القانوف الواجب التطبيؽ‪ ،‬والسمطة المختصة بإبراـ عقد الزواج‬‫الحالة المدنية‪ ،‬والتي ّ‬
‫خير المشرع الجزائرييف المقيميف في الخارج بالنسبة إلبراـ عقود زواجيـ‬
‫وتسجيمو‪ ،‬حيث ّ‬
‫وتسجيميا‪ ،‬إما الخضوع لقانوف محؿ العقد أو لمقانوف الوطني‪.‬‬
‫وقد اختمؼ الفقياء في مدى تطبيؽ أحكاـ المادة ‪ 19‬مف القانوف المدني عمى‬
‫خير‬
‫عقود الزواج‪ ،‬والتي أسند فييا المشرع الشروط الشكمية ألكثر مف ضابط إسناد‪ ،‬حيث ّ‬
‫المتعاقديف بيف أربع خيارات وىي‪:‬‬
‫تطبيؽ قانوف محؿ إبراـ العقد‪ ،‬تطبيؽ القانوف الوطني المشترؾ لممتعاقديف وىو‬
‫قانوف جنسيتيما إف اتحدت‪ ،‬تطبيؽ قانوف الموطف المشترؾ لممتعاقديف‪ ،‬تطبيؽ القانوف‬
‫الذي يحكـ الشروط الموضوعية‪ ،‬حيث يرى البعض بأف ىذه المادة تنطبؽ عمى الشروط‬

‫الجريدة الرسمية لسنة ‪ ،1964‬العدد ‪.34‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجريدة الرسمية لسنة ‪ ،1974‬العدد ‪.62‬‬ ‫‪2‬‬

‫عمي عمي سميماف‪ ،‬مذكرات في القانوف الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬ط ‪ ،3‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،2005‬ص ‪.70‬‬
‫عميوش قربوج كماؿ‪ ،‬القانوف الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬ج ‪ ،1‬تنازع القوانيف‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.95‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪14‬‬
‫الشكمية لسائر العقود باستثناء عقد الزواج‪ ،1‬ويرى البعض اآلخر بأنيا تشمؿ سائر العقود‬
‫بما فييا عقد الزواج‪ ،‬باعتباره نصا عاما‪.‬‬
‫غير أنو بالرجوع إلى النصوص الخاصة في قانوف الحالة المدنية‪ ،‬سيما المادة‬
‫خير الجزائرييف الذيف يريدوف إبراـ عقود زواجيـ‬
‫‪ 97 ،96 ،95‬منيا‪ ،‬يتضح أف المشرع ّ‬
‫في الخارج بيف خياريف‪ :‬األوؿ األخذ بضابط محؿ اإلبراـ (قاعدة لوكيس ‪،)LOCUS‬‬
‫والثاني ضابط الجنسية المشتركة أو القانوف الوطني‪.‬‬
‫أ‪ -‬خضوع إبرام وتسجيل عقود الزواج لقانون المحل‬
‫أف كؿ عقد زواج أُبرـ في الخارج‬
‫أقر المشرع مف خبلؿ المواد ‪ 95‬و‪ 97‬ؽ‪.‬ح‪.‬ـ ّ‬
‫ّ‬
‫تـ وفقا لؤلشكاؿ التي يتطمبيا‬
‫بيف جزائرييف أو بيف جزائري وأجنبية يعتبر صحيحا إذا ّ‬
‫القانوف المحمي لبمد اإلقامة‪ ،‬وذلؾ بالتوجو لمييئات المحمية المختصة‪ ،‬وتسجيمو أماميا‬
‫وفقا لئلجراءات القانونية واإلدارية المألوفة في البمد الذي انعقد فيو الزواج‪ ،‬بشرط أالّ‬
‫يخالؼ الجزائري الشروط الموضوعية لعقد الزواج التي يتطمبيا القانوف الوطني‪ ،‬حيث‬
‫تخضع الشروط الشكمية لعقد الزواج في القانوف الدولي الخاص لقانوف محؿ اإلبراـ‪،‬‬
‫وتُعرؼ بقاعدة إسناد شكؿ التصرؼ لقانوف مكاف اإلبراـ ‪ -‬قاعدة لوكس )‪ ،-(locus‬وىو‬
‫ما تضمنتو المادة ‪ 19‬الفقرة األولى مف القانوف المدني‪ ،2‬وكذا نص المادتيف‬
‫‪ 95‬و‪ 01/97‬مف قانوف الحالة المدنية‪ ،3‬بحيث يعتبر تسجيؿ عقد الزواج أماـ ضابط‬
‫تـ التسجيؿ عمى الشكؿ المدني‪،‬‬ ‫الحالة المدنية وفقا لقانوف مكاف اإلبراـ صحيحا‪ ،‬إذا ّ‬
‫تـ وفقا لمشكؿ الديني‪ ،‬حيث تعتبر المراسيـ الدينية مف‬
‫ويعتبر عديـ األثر كؿ تسجيؿ ّ‬

‫عميوش قربوج كماؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.222‬‬ ‫‪1‬‬

‫تنص المادة ‪ 19‬الفقرة ‪ 01‬مف القانوف المدني عمى أنو‪ " :‬تخضع التصرفات القانونية في جانبيا الشكمي لقانوف‬ ‫‪2‬‬

‫المكاف الذي تمت فيو"‪.‬‬


‫تنص المادة ‪ 95‬مف قانوف الحالة المدنية عمى‪ :‬إف كؿ عقد خاص بالحالة المدنية لمجزائرييف واألجانب صادر في‬ ‫‪3‬‬

‫بمد أجنبي يعتبر صحيحا إذا حرر طبؽ األوضاع المألوفة في ىذا البمد"‪ ،‬وتنص الفقرة األولى المادة ‪ 97‬مف قانوف‬
‫تـ‬
‫الحالة المدنية عمى‪ " :‬إف الزواج الذي يعقد في بمد أجنبي بيف جزائرييف أو بيف جزائري وأجنبية يعتبر صحيحا إذا ّ‬
‫حسب األوضاع المألوفة في ذلؾ البمد شريطة أال يخالؼ الجزائري الشروط األساسية التي يتطمبيا القانوف الوطني‬
‫إلمكاف عقد الزواج"‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫الشروط الشكمية في القانوف الجزائري‪ ،1‬ويمكف لمجزائرييف إعادة تسجيؿ زواجيـ لدى‬
‫األعواف الدبموماسييف التابعيف ليـ في الخارج‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 103‬مف قانوف الحالة‬
‫المدنية‪.‬‬
‫وبالنسبة لعقد الزواج المختمط‪ ،‬فقد اعتمد المشرع قاعدة عامة تقضي بإسناد‬
‫الشروط الشكمية إلى قانوف مكاف اإلبراـ‪ ،‬واستثناء تسند لمقانوف الوطني عف طريؽ أعواف‬
‫السمؾ الدبموماسي المعتمديف‪ ،2‬حيث يعتبر عقد الزواج المبرـ في الخارج بيف جزائرييف‪،‬‬
‫أو بيف جزائري وأجنبية‪ ،‬وفقا لقانوف مكاف اإلبراـ صحيحا‪ ،‬شريطة عدـ مخالفة الشروط‬
‫يبيف كيفية استيفاء ىذا‬
‫أف المشرع لـ ّ‬
‫األساسية لمزواج الواردة في القانوف الوطني‪ ،‬غير ّ‬
‫الشرط أماـ السمطات األجنبية عند إبراـ عقد الزواج‪ ،‬أي كيؼ ُيثبت الجزائري لمموظؼ‬
‫األجنبي المكمؼ بتوثيؽ عقد الزواج وتسجيمو أنو استوفى الشروط الموضوعية لعقد الزواج‬
‫المحددة في القانوف الوطني‪ ،‬لذا أوصي في ىذا المجاؿ بضرورة اشتراط تقديـ الجزائري‬
‫المختصة‪ ،‬حتى‬
‫ّ‬ ‫تعدىا وتصدرىا السمطات الدبموماسية أو القنصمية‬
‫شيادة األىمية لمزواج‪ّ ،‬‬
‫تأسيا بما‬
‫يثبت بأنو استوفي الشروط الموضوعية التي يتطمبيا القانوف الجزائري‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫اشترطو القانوف الفرنسي في المادة ‪ 5-171‬مف القانوف المدني الفرنسي فيما يخص زواج‬
‫الفرنسييف الذي يبرـ أماـ سمطات البمد األجنبي‪.‬‬
‫تـ تكريس اختصاص األعواف الدبموماسييف والقناصؿ في تسجيؿ عقود‬ ‫وقد ّ‬
‫الزواج مف خبلؿ االتفاقية القنصمية بيف الجزائر وفرنسا الصادرة في ‪،1974/05/24‬‬
‫ترخص لمقناصمة عقد زواج بيف رعايا الدولة الباعثة‪ ،3‬وكذا مف خبلؿ المرسوـ‬
‫حيث ّ‬
‫الرئاسي رقـ ‪ 405-02‬المؤرخ في ‪ 2002-11-26‬يتعمؽ بالوظيفة القنصمية‪ ،‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 29‬منو عمى اختصاص ضابط الحالة المدنية في حدود أحكاـ القانوف‬
‫الجزائري لمقياـ بعقد الزواج بيف الرعايا الجزائرييف‪ ،‬وكذا تسجيؿ عقود الزواج المتعمقة‬
‫بالرعايا الجزائرييف الذيف استقبموا في دولة اإلقامة حسب األصوؿ المعيودة في سجبلت‬

‫عمي عمي سميماف‪ ،‬مذكرات في القانوف الدولي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.72-70‬‬ ‫‪1‬‬

‫زالسي بشرى‪ ،‬قيد النظاـ العاـ عمى االجتياد القضائي في الزواج المختمط‪ ،‬مجمة البحوث والدراسات القانونية‬ ‫‪2‬‬

‫والسياسية‪ ،‬العدد األوؿ‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة سعد دحمب‪ ،‬البميدة‪ ،2011 ،‬ص ‪.182‬‬
‫عميوش قربوج كماؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.220‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪16‬‬
‫الحالة المدنية القنصمية‪ ،‬كم ا يقوـ بتسميـ دفتر عائمي لمزوجيف بعد عقد الزواج‬
‫أو تسجيمو‪.1‬‬
‫ب‪ -‬خضوع إبرام وتسجيل عقود الزواج لمقانون الوطني (ضابط الجنسية‬
‫المشتركة)‬
‫أجاز المشرع الجزائري ‪-‬عمى غرار العديد مف الدوؿ‪ -‬لمرعايا الجزائرييف في‬
‫الخارج إبراـ عقود زواجيـ وفقا لئلجراءات التي يشترطيا القانوف الوطني‪ ،‬وذلؾ بالتوجو‬
‫أقر‬
‫إلى القنصميات والييئات الدبموماسية الجزائرية في البمد الذي يقيموف فيو‪ ،‬حيث ّ‬
‫بصحة عقود الزواج المبرمة أماـ األعواف الدبموماسييف والقنصمييف في الخارج‬
‫ّ‬ ‫المشرع‬
‫ّ‬
‫طبقا لمقانوف الجزائري بموجب المادة ‪ 96‬مف قانوف الحالة المدنية التي تنص عمى‪" :‬إف‬
‫حرره‬
‫كؿ عقد خاص بالحالة المدنية لمجزائرييف صادر في بمد أجنبي يعتبر صحيحا إذا ّ‬
‫األعواف الدبموماسيوف أو القناصؿ طبقا لمقوانيف الجزائرية"‪.‬‬
‫حيث يتولى رؤساء البعثات الدبموماسية والقنصمية ميمة تحرير عقد الزواج إذا‬
‫كاف طالب الزواج مف الرعايا الجزائرييف المقيميف في بمد أجنبي‪ ،‬فيقوموف بمسؾ وحفظ‬
‫سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬حيث أسند المشرع اختصاص تحرير عقود الزواج الخاصة‬
‫بالجزائرييف المقيميف في الخارج وتسجيميا لؤلعواف الدبموماسييف أو القناصؿ‪ ،‬مع احتراـ‬
‫الشروط األساسية المنصوص عمييا في القانوف الوطني‪ ،‬لكف تشريعات بعض الدوؿ‬
‫ال تمنح ىذا االختصاص أصبل لسمكيا الدبموماسي‪ ،‬كما ىو الشأف بالنسبة لبعض دوؿ‬
‫أمريكا البلتينية‪.2‬‬
‫وأجاز المشرع بموجب الفقرة األخيرة مف المادة ‪ ،02‬والمادة ‪ 104‬مف قانوف‬
‫الحالة المدنية‪ ،‬أف ينوب األعواف القنصميوف عف رؤساء البعثات الدبموماسية المشرفيف‬
‫عمى دائرة قنصمية‪ ،‬أو عف رؤساء المراكز القنصمية‪ ،‬وذلؾ بموجب قرار مف وزير الشؤوف‬
‫الخارجية‪ ،‬وذلؾ لمقياـ باستبلـ التصريحات الخاصة بالوالدات والوفيات‪ ،‬أو بممارسة‬
‫السمطات التامة لضابط الحالة المدنية‪.‬‬

‫مدوري زايدي‪ ،‬تسجيؿ عقود الزواج ذات العنصر األجنبي‪ ،‬المجمة األكاديمية لمبحث القانوني‪ ،‬كمية الحقوؽ بجاية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد خاص‪ ،2015 /‬ص ‪.134‬‬


‫الطيب زروتي‪ ،‬القانوف الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬ج ‪ 1‬تنازع القوانيف‪ ،‬ط ‪ ،2‬مطبعة فسيمة‪ ،2008 ،‬ص ‪.167‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪17‬‬
‫أف المشرع اشترط بموجب نص المادة ‪ 97‬فقرة ‪ 03‬مف قانوف الحالة‬ ‫غير ّ‬
‫المدنية‪ ،‬عمى الجزائري الذي يريد إبراـ عقد زواجو مف أجنبية وفقا لقانوف مكاف اإلبراـ‪ ،‬أف‬
‫تـ تسجيمو في البمداف‬
‫فإنو ال يعتد بيذا العقد إال إذا ّ‬
‫تكوف ليا جنسية البمد المضيؼ‪ ،‬واالّ ّ‬
‫فإنو يشترط أف يكوف عقد الزواج الذي يبرـ أماـ األعواف‬ ‫التي ستحدد بمرسوـ‪ ،‬وعميو ّ‬
‫تـ بيف جزائرييف أو جزائري وأجنبية مف جنسية البمد‬
‫الدبموماسييف أو قناصؿ الجزائر قد ّ‬
‫الذي توجد فيو القنصمية الجزائرية‪ ،‬أماّ إف كانت األجنبية ال تنتمي لجنسية البمد المضيؼ‪،‬‬
‫يتـ‬
‫فبل يمكف إبرامو أماـ السمؾ الدبموماسي أو القنصمي لمجزائر في البمد المضيؼ‪ ،‬واّنما ّ‬
‫تسجيمو في البمداف التي يحددىا المشرع بموجب مرسوـ‪ ،‬والذي لـ ير النور إلى يومنا‬
‫الحالي‪.‬‬
‫وتخضع عقود الزواج المبرمة أماـ الييئات الدبموماسية والقنصمية في الخارج‬
‫لمقانوف الجزائري‪ ،‬سواء فيما يخص الشروط الموضوعية لمزواج أو الشروط الشكمية‪ ،‬وال‬
‫تحتاج ىذه العقود لمصادقة الدوؿ المعتمديف فييا‪ ،‬أو االعتراؼ ليـ بصبلحية إبراـ ىذه‬
‫أف ىذه المياـ تمارس غالبا في إطار االتفاقيات واألعراؼ الدولية‪.‬‬
‫العقود‪ ،‬غير ّ‬
‫يحؽ لمجزائرييف إبراـ عقود زواجيـ في الخارج أماـ األعواف‬ ‫ّ‬ ‫فإنو‬
‫وعميو ّ‬
‫أف العرؼ الدولي يقضي بإسناد‬
‫الدبموماسيوف والقناصؿ في الدولة التي يقيموف فييا‪ ،‬غير ّ‬
‫ىذا االختصاص إلى القناصؿ بالنسبة لعقود الزواج التي يكوف كبل طرفييا رعايا لدولة‬
‫القنصؿ‪.1‬‬
‫أف المشرع لـ ُيبيف في المادة ‪ 97‬مف قانوف الحالة المدنية حالة زواج‬ ‫غير ّ‬
‫الجزائرية بأجنبي‪ ،‬ىؿ يمكف إبرامو وتسجيمو طبقا لقانوف المحؿ لدى الييئات المحمية لمبمد‬
‫مرد ذلؾ ىو خشية المشرع مف قياـ الجزائريات‬
‫األجنبي الذي تقيـ فيو الجزائرية؟ وربما ّ‬
‫بالتوجو إلى الييئات المحمية لمبمد األجنبي مف أجؿ عقد قرانيـ‪ ،‬مخالفةً لبعض ما تقتضيو‬
‫شروط الزواج في الجزائر‪ ،‬سيما منع زواج المسممة بغير المسمـ‪ ،‬واف كاف في الشرط‬
‫الذي وضعو المشرع في الفقرة األولى مف المادة ‪ 97‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪ ،‬باشتراطو عدـ مخالفة‬
‫الجزائري الشروط األساسية التي يتطمبيا القانوف الوطني إلمكاف عقد الزواج‪ ،‬ما يبدد ىذه‬

‫ىشاـ خالد‪ ،‬القانوف الواجب التطبيؽ عمى شكؿ الزواج‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2005 ،‬ص ‪.413-412‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪18‬‬
‫المخاوؼ‪ ،‬لذا أعتقد أف األمر يحتاج إلى تدخؿ المشرع مف أجؿ رفع المبس والغموض‬
‫بأف زواج‬
‫بشأف إبراـ وتسجيؿ زواج الجزائرية بأجنبي في الخارج‪ ،‬وذلؾ بالنص صراحة ّ‬
‫الجزائرية مع أجنبي في الخارج ال يجوز إبرامو في الشكؿ المحمي مخالفة لمشروط‬
‫الموضوعية لمزواج المقررة في القانوف الجزائري‪ ،‬وبصفة خاصة شرط أف يكوف الزوج‬
‫مسمما‪ ،‬كما ال يجوز إبرامو وفقا لمشكؿ الديني إذا اشترطو قانوف المحؿ‪.1‬‬
‫فإنو يمكف التمييز فيما يتعمؽ بمسألة إجراءات إبراـ وتسجيؿ عقد‬
‫واجماال لمقوؿ‪ّ ،‬‬
‫الزواج في القانوف الدولي الخاص بيف حالتيف اثنتيف‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬فيما يخص زواج الجزائريين بالخارج‬
‫يعتبر الزواج المبرـ مف قبؿ الجزائرييف المقيميف في الخارج صحيحا في نظر‬
‫تـ وفقا لمشروط الشكمية المقررة في بمد اإلقامة‪ ،‬وفقا لنص المادة‬
‫القانوف الجزائري‪ ،‬إذا ّ‬
‫‪ 19‬مف القانوف المدني‪ ،‬بشرط عدـ مخالفة الجزائري لمشروط الموضوعية التي يتطمبيا‬
‫القانوف الجزائري في عقد الزواج‪ ،‬كالرضا والولي والصداؽ والشاىديف واألىمية وانعداـ‬
‫الموانع الشرعية‪ ،‬وفقا لنص الفقرة األولى مف المادة ‪ 6‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪ ،‬وىو حكـ خاص‬
‫بزواج الجزائرييف والجزائريات فيما بينيـ‪ ،‬أو الزواج بيف جزائري وأجنبية‪ ،‬بحيث يعتبر‬
‫الزواج صحيحا إذا أبرـ وفقا لمشروط الشكمية التي يتطمبيا قانوف المكاف الذي أبرمت فيو‪،‬‬
‫ومراعيا لمشروط الموضوعية لمزواج الخاصة بالقانوف الجزائري‪.2‬‬
‫وقد أجاز القانوف الفرنسي إبراـ عقود زواج الفرنسييف في الخارج أماـ رجاؿ‬
‫السمؾ الدبموماسي والقنصمي وفقا ألحكاـ القانوف الفرنسي‪ ،‬ولو كاف مخالفا لشكؿ الزواج‬
‫في البمد الذي أبرـ فيو عقد الزواج‪.3‬‬

‫ىشاـ خالد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.398‬‬ ‫‪1‬‬

‫مسعودي يوسؼ‪ ،‬القانوف الواجب التطبيؽ عمى شكؿ الزواج‪ ،‬المجمة األكاديمية لمبحث القانوني‪ ،‬عدد خاص ‪،2015‬‬ ‫‪2‬‬

‫الممتقى الوطني حوؿ تنازع القوانيف في مجاؿ األحواؿ الشخصية‪ ،‬المنعقد بتاريخ ‪ 23‬و‪ 24‬أفريؿ ‪ ،2014‬كمية الحقوؽ‬
‫والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحماف ميرة ‪ -‬بجاية‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫عمي عمي سميماف‪ ،‬مذكرات في القانوف الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.72‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪19‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬فيما يخص زواج األجانب بالجزائر‬
‫أجاز المشرع الجزائري لؤلجانب المقيميف في الجزائر إبراـ عقود زواجيـ أماـ‬
‫الييئات الجزائرية المؤىمة‪ ،‬حيث يخضع زواجيـ مف حيث الشكؿ إلى القانوف الجزائري‬
‫باعتباره قانوف محؿ اإلبراـ‪ ،‬ويشترط المشرع فقط ضرورة استمرار إقامة األجنبييف‬
‫أو أحدىما لمدة شير عمى األقؿ إلى تاريخ الزواج‪ ،‬وذلؾ وفقا لممادة ‪ 71‬مف قانوف الحالة‬
‫المدنية‪.1‬‬
‫كما يجوز لؤلجنبييف إذا اتّحدت جنسيتيما إبراـ عقد الزواج أماـ الييئات‬
‫الدبموماسية لبمدىما والمعتمدة في الجزائر‪ ،‬حيث يختص األعواف الدبموماسييف‬
‫أو القنصمييف لمجنسية المشتركة لطالبي الزواج بإبراـ عقود زواجيـ‪.2‬‬
‫‪ -3‬اختصاص الموثق بتوثيق عقد الزواج‬
‫يعتبر الموثؽ ضابطا عموميا مفوضا مف قبؿ السمطة العمومية‪ ،‬يتولى تحرير‬
‫العقود التي يشترط فييا القانوف الصبغة الرسمية‪ ،‬وكذا العقود التي يرغب األشخاص‬
‫إعطاءىا ىذه الصبغة‪ ،3‬وقد أسند المشرع لمموثؽ ميمة تحرير عقود الزواج بموجب المادة‬
‫"يتـ عقد الزواج أماـ الموثؽ أو أماـ موظؼ مؤىؿ قانونا مع مراعاة‬
‫‪ 18‬مف ؽ‪.‬أ ونصيا‪ّ :‬‬
‫ما ورد في المادتيف ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف ىذا القانوف"‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 2/72‬مف‬
‫يتـ الزواج أمامو‪ ،‬ويسمـ إلى المعنييف‬
‫ؽ‪.‬ح‪.‬ـ عمى ما يمي‪" :‬يحرر القاضي عقدا عندما ّ‬
‫شيادة‪ ،‬كما يرسؿ ممخصا عف العقد في أجؿ ثبلثة أياـ إلى ضباط الحالة المدنية الذي‬
‫يقوـ بنسخو في سجؿ الحالة المدنية خبلؿ ميمة ‪ 05‬أياـ ابتداء مف تاريخ تسميمو إلى‬
‫الزوجيف دفت ار عائميا‪ ،‬ويكتب بياف الزواج في السجبلت عمى ىامش عقد ميبلد كؿ واحد‬
‫مف الزوجيف"‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 71‬مف قانوف الحالة المدنية عمى أنو‪ " :‬يختص بعقد الزواج ضابط الحالة المدنية أو القاضي الذي يقع‬ ‫‪1‬‬

‫في نطاؽ دائرتو محؿ إقامة طالبي الزواج أو أحدىما أو المسكف الذي يقيـ فيو أحدىما باستمرار منذ شير واحد عمى‬
‫األقؿ إلى تاريخ الزواج‪ .‬وال تطبؽ ىذه الميمة عمى المواطنيف"‪.‬‬
‫مسعودي يوسؼ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.90‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة الثالثة مف قانوف ‪ 02-06‬مؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ 2006‬يتضمف تنظيـ مينة الموثؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪20‬‬
‫ويقصد بالقاضي في المادة ‪ 72‬سالفة الذكر الموثؽ‪ ،‬ألنو قبؿ اعتبار مينة‬
‫ُ‬
‫التوثيؽ مينة مستقمة تمارس في مكاتب عمومية خارج المحكمة‪ ،‬كاف القاضي يمارس‬
‫ميمة توثيؽ العقود بما فييا عقود الزواج داخؿ المحكمة‪ ،‬إلى أف استقمت مينة التوثيؽ‬
‫عف المحاكـ بصدور قانوف التوثيؽ سنة ‪.11988‬‬
‫والغرض مف إسناد ميمة توثيؽ عقود الزواج لمموثؽ تكمف في إضفاء الرسمية‬
‫عمى ىذه العقود‪ ،‬حتى تكوف حجة قاطعة بما تتضمنو مف إثبات لواقعة الزواج‪ ،‬والتي‬
‫ال يمكف الطعف فييا إال بالتزوير‪ ،‬كما أف الموثؽ ذو كفاءة مشيود لو بيا‪ ،‬وينعقد لو‬
‫اختصاص أصيؿ بتحرير العقود‪ ،‬كما يشترط فيو حصولو عمى شيادة ليسانس في العموـ‬
‫القانونية‪ ،‬باإلضافة إلى اجتيازه مسابقة وطنية‪ ،‬وخضوعو لمتكويف بعد نجاحو في‬
‫المسابقة‪ ،‬وخضوعو لمرقابة القضائية‪ ،‬ولرقابة الييئات المينية التي يتبعيا فيما يقوـ بو مف‬
‫يحصف عقود الزواج مف األخطاء التي يمكف أف‬
‫ّ‬ ‫مياـ تدخؿ في إطار عممو‪ ،‬كؿ ذلؾ‬
‫ترتكب عند تحريرىا وتوثيقيا وتسجيميا‪ ،‬وقد أحسف المشرع بإسناده ميمة تحرير عقود‬
‫الزواج لو‪ ،‬حيث ينعقد االختصاص لمموثؽ بتحرير عقود الزواج فوؽ كامؿ التراب‬
‫الوطني‪ ،‬بغض النظر عف موطف طرفي عقد الزواج أو محؿ إقامتيما‪.2‬‬
‫ويتأكد الموثؽ عند تحريره عقد الزواج مف توافر ركف الزواج وشروطو المنصوص‬
‫عمييا في المادة ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث يتأكد مف رضا الزوجيف وأىميتيما‪ ،‬وحضور‬
‫ولي الزوجة والشيود وذكر الصداؽ‪ ،‬ويسمّـ لمزوجيف شيادة تثبت واقعة الزواج‪ ،‬كما يرسؿ‬
‫الموثؽ ممخصا عف عقد الزواج إلى ضابط الحالة المدنية خبلؿ ثبلثة أياـ‪ ،‬والذي يقوـ‬
‫بدوره بنسخو في سجؿ الحالة المدنية خبلؿ أجؿ خمسة أياـ مف تاريخ تسميمو لمزوجيف‬
‫دفت ار عائميا‪ ،‬ويكتب بياف الزواج في السجبلت عمى ىامش عقد ميبلد كؿ واحد مف‬
‫الزوجيف‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 2/72‬ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪.‬‬

‫الجريدة الرسمية رقـ ‪ 28‬قانوف رقـ ‪ 02-44‬الصادر في ‪ 12‬يوليو ‪ 1988‬يتضمف تنظيـ التوثيؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫صارة بف شويخ‪ ،‬نظـ توثيؽ عقد الزواج في دوؿ المغرب العربي‪ ،‬مجمة البحوث والدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬العدد‬ ‫‪2‬‬

‫األوؿ‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة سعد دحمب البميدة‪ ،2011 ،‬عدد خاص بالممتقى المغاربي‪ " ،‬االجتياد القضائي في مجاؿ‬
‫األحواؿ الشخصية" المنعقد يومي ‪ 03/02‬مارس ‪ ،2011‬ص ‪.230‬‬
‫‪21‬‬
‫يستشؼ مما سبؽ ذكره أف تحرير عقد الزواج مف طرؼ الموثؽ ال يكفي إلثبات‬
‫عقد الزواج‪ ،‬بؿ يجب عمى الموثؽ إرساؿ ممخص مف عقد الزواج لضابط الحالة المدنية‬
‫مف أجؿ تسجيمو في عقود الزواج حتى يمكف االحتجاج بو‪ ،‬واذا تقاعس الموثؽ عف القياـ‬
‫نما عمى الزوجيف‬
‫صحة عقد الزواج‪ ،‬وا ّ‬
‫فإف ذلؾ ال يؤثر عمى ّ‬
‫بإجراء تسجيؿ عقد الزواج ّ‬
‫أو النيابة العامة أو مف لو مصمحة أف يقوـ برفع دعوى مف أجؿ إثبات الزواج وتسجيمو‬
‫يطبؽ اإلجراءات المقررة قانونا بغرامة ال‬
‫في الحالة المدنية‪ ،‬ويتعرض الموثؽ الذي لـ ّ‬
‫يمكف أف تتجاوز ‪ 200‬دج بموجب حكـ صادر عف المحكمة الناظرة في المسائؿ المدنية‬
‫طبقا لممادة ‪ 77‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬البيانات الواجب ذكرىا في عقد الزواج‬
‫وحدد البيانات الواجب ذكرىا‬
‫أولى المشرع اىتماما خاصا بوثيقة عقد الزواج‪ّ ،‬‬
‫أثناء تحريره بموجب المادة ‪ 73‬مف ؽ ح ـ‪ ،‬نظ ار لما يرتّبو ىذا العقد مف حقوؽ والتزامات‬
‫عمى طرفيو وعمى المجتمع بأسره‪ ،‬حيث ألزـ المشرع ضباط الحالة المدنية والموثؽ بذكر‬
‫محددة في عقد الزواج وىي‪:‬‬
‫بيانات ّ‬
‫تـ ضمف الشروط المنصوص عمييا في القانوف‪ ،‬خاصة‬
‫‪ -‬اإلشارة صراحة بأف الزواج ّ‬
‫المادة ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫‪ -‬لقب واسـ وتاريخ ومكاف الميبلد كؿ واحد مف الزوجيف‪.‬‬
‫‪ -‬لقب واسـ أب وأـ كؿ واحد مف الزوجيف‪.‬‬
‫‪ -‬لقب واسـ وسف كؿ واحد مف الشيود‪.‬‬
‫‪ -‬الترخيص بالزواج لمف يشترط القانوف ترخيصا مسبقا ليـ عند االقتضاء‪.‬‬
‫سف الزواج الممنوح مف قبؿ الجية القضائية المختصة لمف لـ يبمغ السف‬
‫‪ -‬اإلعفاء مف ّ‬
‫القانونية‪.‬‬
‫‪ -‬موافقة األولياء بالنسبة لمقاصر والمحجور عميو‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشارة إلى الشروط التي يشترطيا الزوجاف أو أحدىما بمناسبة عقد الزواج‪.1‬‬

‫المادة ‪ 19‬مف قانوف األسرة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪22‬‬
‫بعد بياف الجية المكمفة بإبراـ عقد الزواج وتسجيمو‪ ،‬والبيانات الواجب ذكرىا فيو‪ ،‬وجب‬
‫معرفة مكونات الممؼ الذي يقدمو الزوجاف لمجية المكمفة بإبراـ عقد الزواج‪ ،‬وىو ما سيتـ‬
‫التطرؽ إليو في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إعداد ممف عقد الزواج‬

‫مكوف مف‬
‫نظ ار ألىمية عقد الزواج يشترط المشرع عمى طالبي الزواج إعداد ممؼ ّ‬
‫صحة البيانات التي يقدميا طرفي‬
‫يتـ إبراـ عقد الزواج عمى ّبينة مف ّ‬
‫عدة وثائؽ‪ ،‬حتى ّ‬ ‫ّ‬
‫صحة عقد الزواج‪ ،‬حيث يجب عمى‬ ‫العقد‪ ،‬تفاديا لؤلخطاء والتبلعبات التي قد تؤثّر عمى ّ‬
‫طالبي الزواج تقديـ ىذه الوثائؽ إلى ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ عند إبراـ عقد‬
‫الزواج‪ ،‬حتى يكوف كؿ طرؼ في العقد عمى إطّبلع بحاؿ الطرؼ اآلخر وحالتو المدنية‪،‬‬
‫خاص بفئات معينة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عامة تشمؿ جميع طالبي الزواج‪ ،‬وبعضيا‬
‫وبعض ىذه الوثائؽ ّ‬
‫ويمكف إجماليا فيما يمي‪:‬‬
‫مكونة لممف الزواج‬
‫العامة ال ّ‬
‫ّ‬ ‫أوال‪ -‬الوثائق‬
‫تحدد مختمؼ التشريعات ‪-‬ومف ضمنيا التشريع الجزائري‪ -‬إجراءات وشكميات‬
‫يجب احتراميا عند توثيؽ عقد الزواج‪ ،‬مف بينيا ضرورة تقديـ طالبي الزواج ‪-‬ميما‬
‫اختمفت صفتيـ أو انتسابيـ الوظيفي‪ -‬مجموعة وثائؽ ومستندات مف أجؿ حماية حقوؽ‬
‫تـ تحديد ىذه الوثائؽ في قانوف الحالة المدنية وقانوف األسرة‪،‬‬
‫طرفي عقد الزواج‪ ،‬حيث ّ‬
‫وتتمثؿ ىذه الوثائؽ في‪:‬‬
‫إف أىـ وثيقة يشترط تقديميا شيادة ميبلد طرفي‬
‫‪ -1‬شيادة ميبلد طالبي الزواج‪ّ :‬‬
‫ممخص لتسجيؿ الحكـ الفردي أو الجماعي‬ ‫مدتيا عمى ثبلثة أشير‪ ،‬أو ّ‬ ‫العقد‪ ،‬ال تزيد ّ‬
‫نصت عميو المادة ‪ 74‬مف قانوف الحالة المدنية‪ ،‬ويجب أف‬ ‫المثبت لموالدة‪ ،‬وفقا لما ّ‬
‫تتضمف شيادة الميبلد رقـ الوثيقة‪ ،‬واالسـ الشخصي والمقب العائمي‪ ،‬وتاريخ الميبلد‬
‫ومكانو‪ ،‬والجنس‪ ،‬واسـ ولقب الوالديف‪ ،‬وتاريخ التسميـ‪ ،‬واسـ ضابط الحالة المدنية الذي‬
‫سمّـ الوثيقة وتوقيعو والختـ‪ ،‬واسـ المصرح بالوالدة‪.‬‬
‫المشرع كذلؾ في نفس المادة سالفة الذكر تقديـ الدفتر العائمي‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬اشترط‬
‫المتعمؽ بزواج سابؽ‪ ،‬إذا كاف أحد الزوجيف سبؽ لو الزواج‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫المشرع بنص المادة ‪ 75‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ عمى طالب الزواج تقديـ وثيقة‬ ‫ّ‬ ‫‪ -3‬اشترط‬
‫تثبت وجود سكنو أو محؿ إقامتو‪ ،‬حتى يتأ ّكد ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ مف البمدية‬
‫المختصة بتسجيؿ الزواج في سجبلت الحالة المدنية الخاصة بيا‪.‬‬
‫‪ -4‬يجب عمى المرأة التي ُح َّؿ زواجيا السابؽ أف ّ‬
‫تقدـ ضمف ممؼ الزواج نسخة‬
‫مف عقد وفاة الزوج السابؽ‪ ،‬أو نسخة مف عقد الميبلد يشار فيو إلى وفاتو‪ ،‬أو الدفتر‬
‫قيد فيو عقد الوفاة‪ ،‬ىذا إذا ُح َّؿ زواجيا بوفاة زوجيا‪ ،‬أما إذا ُح َّؿ زواجيا‬
‫العائمي الذي ّ‬
‫ممخصا مف عقد الزواج أو الوالدة أو الدفتر العائمي الذي‬
‫تقدـ ّ‬
‫بالطبلؽ‪ ،‬فعمييا أف ّ‬
‫تقدـ حكـ الطبلؽ مرفقا بشيادة القاضي أو أميف الضبط‬ ‫يتضمف عبارة الطبلؽ‪ ،‬أو ّ‬
‫بأف الحكـ صار حائ از قوة الشيء المقضي فيو‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص المادة‬
‫المختص يشيد ّ‬
‫‪ 75‬الفقرة الثانية مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪ ،‬واف كنت أعتقد أف اشتراط إرفاؽ حكـ الطبلؽ بشيادة‬
‫بأف الحكـ صار حائ از قوة الشيء المقضي‬
‫القاضي أو أميف الضبط المختص الذي يشيد ّ‬
‫ألف أحكاـ الطبلؽ والتطميؽ والخمع والطبلؽ بالتراضي تصدر في‬
‫فيو‪ ،‬أمر غير صائب‪ّ ،‬‬
‫أوؿ وآخر درجة‪ ،‬وىي غير قابمة لمطعف فييا بأي وجو مف أوجو الطعف العادية في الشؽ‬
‫المتعمؽ بالطبلؽ‪ ،‬وما يؤكد ذلؾ الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬التي أوجبت‬
‫تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ في الحالة المدنية بسعي مف النيابة العامة‪ ،‬وكذا المادة ‪ 57‬مف‬
‫ؽ‪.‬أ والمواد ‪ 433‬و‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وبالتالي فاستظيار المطمقة نسخة مف حكـ الطبلؽ‬
‫تكفي إلثبات ّأنيا مطمقة‪ ،‬لذا أقترح تعديؿ نص المادة ‪ 75‬الفقرة الثانية مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪،‬‬
‫وحذؼ شرط إرفاؽ حكـ الطبلؽ بشيادة القاضي أو أميف الضبط المختص الذي يشيد‬
‫بأف الحكـ صار حائ از قوة الشيء المقضي فيو‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -5‬شرط تقديـ شيادة طبية‪ :‬استحدث المشرع عند تعديؿ ؽ‪.‬أ في سنة ‪2005‬‬
‫يتعيف عمى طالبي الزواج احترامو واالمتثاؿ‬
‫بموجب المادة السابعة مكرر شرطا إضافيا‪ّ ،‬‬
‫يقدـ طالبي الزواج وثيقة طبية ال يزيد تاريخيا عف ثبلثة أشير‪ ،‬تثبت‬
‫لو‪ ،‬وىو ضرورة أف ّ‬
‫خموىما مف أي مرض‪ ،‬أو أي عامؿ قد يش ّكؿ خط ار يتعارض مع الزواج‪ ،‬وييدؼ ىذا‬‫ّ‬
‫الشرط إلى حماية الشريؾ في العبلقة الزوجية مف األمراض المعدية‪ ،‬والتي يمكف أف‬

‫‪24‬‬
‫تشكؿ في المستقبؿ سببا ليدـ العبلقة الزوجية‪ ،‬وىو شرط يؤدي ال محالة إلى التقميؿ مف‬
‫نسبة الطبلؽ‪.1‬‬
‫ويتعيف عمى ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ القائـ بتحرير عقد الزواج التأ ّكد مف‬
‫خضوع الطرفيف لمفحوصات الطبية‪ ،‬ومف عمميما بما قد تكشؼ عنو مف أمراض‬
‫أو عوامؿ قد تشكؿ خط ار يتعارض مع الزواج‪ ،‬ويؤشر بذلؾ في عقد الزواج‪ ،‬حيث يقع‬
‫عمى عاتؽ ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ القياـ بااللتزامات التالية‪:2‬‬
‫أ‪ -‬التأ ّكد مف خضوع الطرفيف لمفحوصات الطبية المحددة قانونا قبؿ تحرير عقد‬
‫الزواج طبقا لنص المادة ‪ 07‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫ب‪ -‬عدـ تحرير عقد الزواج إال بتقديـ الطرفيف لمشيادة الطبية‪ ،‬تطبيقا لنص‬
‫يحدد‬
‫المادة ‪ 06‬مف المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 154-06‬مؤرخ في ‪ 2006/05/11‬الذي ّ‬
‫شروط وكيفيات تطبيؽ أحكاـ المادة ‪ 07‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬إعبلـ الطرفيف بما قد تكشؼ عنو الفحوصات الطبية مف أمراض أو عوامؿ‬
‫وضحو المرسوـ التنفيذي سالؼ‬
‫قد تشكؿ خط ار يتعارض مع الزواج‪ ،‬ويتـ ذلؾ حسب ما ّ‬
‫الذكر في المادة ‪ 07‬منو‪ ،‬باالستماع لكبل الطرفيف في آف واحد مف عمميما بنتائج‬
‫الفحوصات التي خضع ليا كؿ منيما‪ ،‬وباألمراض أو العوامؿ التي قد تشكؿ خط ار‬
‫يتعارض مع الزواج‪.‬‬
‫د – اشترطت المادة ‪ 07‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والمادة ‪ 07‬مف المرسوـ التنفيذي ‪-06‬‬
‫‪ ،154‬تأشير كؿ مف ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ في عقد الزواج بما يد ّؿ عمى عمـ‬
‫الزوجيف بما تضمنتو الشيادة الطبية‪.‬‬
‫ج‪ -‬عدـ امتناع ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ مف إبراـ عقد الزواج ألسباب‬
‫طبية مخالفة إلرادة الطرفيف‪ ،‬وذلؾ تطبيقا لنص المادة ‪ 07‬الفقرة ‪ 02‬مف المرسوـ‬
‫التنفيذي ‪.154-06‬‬

‫إدريس الفاخوري‪ ،‬قانوف األسرة المغربي‪ ،‬ج ‪ ،1‬أحكاـ الزواج‪ ،‬ط ‪ ،1‬مطبعة الجسور‪ ،‬وجدة المغرب‪ ،2005 ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.184‬‬
‫معدة لطمبة السنة الرابعة عموـ قانونية وادارية‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ‬
‫مراد كاممي‪ ،‬الوجيز في قانوف األسرة‪ ،‬مذكرة ّ‬
‫‪2‬‬

‫السياسية‪ ،‬جامعة العربي بف مييدي أـ البواقي‪ ،2010-2009 ،‬ص ‪.43‬‬


‫‪25‬‬
‫األطباء‬
‫ّ‬ ‫أف أغمب‬‫غير أف الواقع أثبت محدودية تطبيؽ ىذا الشرط‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫يكتفوف بفحص بسيط لطالبي الزواج‪ ،‬ثـ يقوموف بمؤل المطبوعة أو الشيادة الطبية‬
‫خموىما مف أي مرض مف شأنو‬
‫الخاصة بالزواج‪ ،‬دوف القياـ بفحص دقيؽ إلثبات ّ‬
‫ّ‬
‫الحيمولة دوف تحقيؽ مقاصد الزواج أو إلحاؽ ضرر بالزوج اآلخر‪.‬‬
‫ىذه مجمؿ الوثائؽ التي يجب عمى طالب الزواج تقديميا لمموثؽ أو ضابط‬
‫الحالة المدنية‪ ،‬ويستوي فييا كؿ طالبي الزواج‪.‬‬
‫المكونة لعقد الزواج‬
‫ّ‬ ‫الخاصة‬
‫ّ‬ ‫ثانيا‪ -‬الوثائق‬
‫يتعيف عمى كؿ طالب لمزواج أف‬
‫العامة سالفة الذكر‪ ،‬والتي ّ‬
‫باإلضافة إلى الوثائؽ ّ‬
‫يدلي بيا ضمف ممؼ الزواج‪ ،‬يخضع زواج بعض الفئات المعينة إلى ضرورة تقديـ وثائؽ‬
‫خاصة‪ ،‬والتي ىي عبارة عف تراخيص أو موافقة مسبقة‪ ،‬يستصدرىا طالب الزواج مف‬‫ّ‬
‫جيات إدارية‪ ،‬سواء كانت مدنية أو عسكرية‪ ،‬وتنظـ أحكاميا نصوص مختمفة‪ ،‬تصدر إما‬
‫تقدـ ىذه التراخيص مف اختصاص السمطة‬
‫عف جيات إدارية‪ ،‬وقد تكوف الجيّة التي ّ‬
‫المشرع في زواج القصر والتعدد شرط الحصوؿ عمى ترخيص مف‬
‫ّ‬ ‫القضائية‪ ،‬حيث اشترط‬
‫أف ىذه التراخيص تصدر عف جيات مختمفة‪ ،‬فيمكف أف نميز بيف‬ ‫القضاء‪ ،‬وبما ّ‬
‫التراخيص الصادرة عف جيات إدارية‪ ،‬والتراخيص الصادرة عف جيات قضائية‪.‬‬
‫‪ -1‬التارخيص الصادرة عن جيات إدارية‬
‫تُمزـ بعض الجيات الوصية موظفييا وأسبلكيا بضرورة الحصوؿ عمى رخصة‬
‫الزواج قبؿ إتماـ عقد الزواج‪ ،‬وىذه الفئات ىي‪ :‬موظفو األمف الوطني‪ ،‬أفراد الجيش‬
‫الوطني الشعبي‪ ،‬موظفو الييئة الدبموماسية القنصمية‪ ،‬كما يجب عمى بعض الفئات‬
‫األخرى الحصوؿ عمى ترخيص بالزواج‪ ،‬ومثاليا زواج األجانب المقيميف في الجزائر‪،‬‬
‫حيث يشترط حصوليـ عمى ترخيص بالزواج مف السمطات اإلدارية في الببلد‪.‬‬
‫تعد ركنا مف أركاف الزواج‪ ،‬وال شرطا مف‬
‫أف ىذه التراخيص اإلدارية ال ّ‬
‫غير ّ‬
‫فإف عدـ تقديـ‬
‫شروطو المنصوص عمييا بموجب المادة ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف ؽ‪.‬أ ‪ ،‬وعميو ّ‬
‫ىذه الرخصة مف طرؼ الشخص المعني بيا عند إبراـ عقد الزواج‪ ،‬أو عدـ التصريح‬
‫بصفتو منتميا ألحد الفئات المعنية بالترخيص ال يعيب عقد الزواج‪ ،‬واّنما يمكف مؤاخذة‬
‫الشخص الذي أخفى صفتو ولـ يحصؿ عمى الترخيص بمتابعتو تأديبيا مف طرؼ الجية‬
‫‪26‬‬
‫أف مثؿ‬
‫الوصية التي يتبعيا‪ ،‬وقد أ ّكد قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ّ 2006/06/14‬‬
‫إف رخصة‬‫تعد ركنا مف أركاف الزواج‪ ،‬حيث جاء فيو‪ ... " :‬لكف حيث ّ‬
‫ىذه التراخيص ال ّ‬
‫تعد عنص ار أساسيا في‬
‫الزواج التي تمنحيا بعض الجيات الوصية لموظفييا وأسبلكيا ال ّ‬
‫نصت عمييا المادة ‪ 09‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬بؿ ىي رخصة‬ ‫الزواج‪ ،‬وال تع ّد ركنا مف األركاف التي ّ‬
‫مما يجعؿ الوجو الثاني ىو اآلخر غير‬ ‫إدارية يتعمؽ أمرىا بالموظؼ واإلدارة ال غير‪ّ ،‬‬
‫وجيو يتعيف معو رفضو‪ ،‬وتبعا لذلؾ رفض الطعف"‪ ،1‬وبالتالي فإف عقد الزواج الذي يبرمو‬
‫الموثؽ أو ضابط الحالة المدنية مستوفي ركف الزواج وشروطو المنصوص عمييا في‬
‫المادتيف ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬دوف الحصوؿ عمى الترخيص الذي تشترطو جيات‬
‫إدارية معينة‪ ،‬يعتبر عقد زواج صحيح‪ ،‬ويرتب اآلثار التي تترتب عمى عقد الزواج‬
‫الصحيح‪ ،‬وال أثر لعدـ تقديـ الرخصة أو الحصوؿ عمييا عمى صحة عقد الزواج‬
‫أو بطبلنو‪.‬‬
‫فرؽ في التراخيص الصادرة عف جيات إدارية بيف التراخيص الممنوحة لزواج‬‫ون ّ‬
‫لؤلجانب‪ ،‬والتراخيص الخاصة بزواج العسكرييف‪ ،‬وأسبلؾ األمف الوطني‪.‬‬
‫أ‪ -‬الترخيص الممنوح لزواج األجانب‬
‫يشترط المشرع الجزائري عمى األجانب المقيميف بالجزائر الذيف يريدوف إبراـ عقود‬
‫زواجيـ أف يحصموا عمى ترخيص بالزواج يمنحو الوالي‪ ،‬سواء كاف أحد أطراؼ الزواج‬
‫جزائريا أو كبل الزوجيف أجنبيا‪ ،‬وذلؾ باإلضافة إلى الوثائؽ العامة المشترطة لكؿ طالبي‬
‫الزواج‪ ،‬ويقدـ طمب الترخيص بالزواج إلى والي الوالية التي يقيـ بيا األجنبي‪ ،‬ويمنح‬
‫الترخيص بعد القياـ بتحقيؽ حوؿ ظروؼ وأسباب إقامتو في الوالية‪ ،‬وحوؿ سيرتو وسموكو‬
‫العاـ‪.2‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 357345‬مؤرخ في ‪ ،2006/06/14‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬عدد‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2007 ،01‬ص ‪.464‬‬


‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة الجزائري في ثوبو الجديد‪ ،‬أحكاـ الزواج والطبلؽ بعد التعديؿ‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار ىومة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.62‬‬


‫‪27‬‬
‫كما يشترط في زواج الجزائرية بأجنبي بالجزائر حصوؿ األجنبي عمى ترخيص‪،‬‬
‫لمتأكد مف كونو مسمما‪ ،‬وقد أ ّكدت ذلؾ التعميمة الو ازرية الصادرة بتاريخ ‪ ،1967‬والتي‬
‫تشترط اإلسبلـ في األجنبي الراغب في الزواج مف جزائرية‪.1‬‬
‫أف ىذا الشرط المتعمؽ بضرورة الحصوؿ عمى رخصة مف‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫الوالي في زواج األجانب لـ يتضمنو نص قانوني‪ ،‬واّنما اشترطتو و ازرة الداخمية بموجب‬
‫تعميمة موقعة مف األميف العاـ لو ازرة الداخمية ُو ّجيت لوالة الجميورية والمديريف العاميف‬
‫لؤلمف الوطني بتاريخ ‪ 1980/02/11‬تحت رقـ ‪ ،02‬حيث بعد تقديـ األجنبي لطمب‬
‫الحصوؿ عمى رخصة لمزواج‪ ،‬يقوـ الوالي باستطبلع رأي الجيات األمنية‪ ،‬أيف تقوـ‬
‫ثـ يصدر رخصة الزواج‬ ‫مصالح األمف بتحقيؽ حوؿ وضعية األجنبي وظروؼ إقامتو‪ّ ،‬‬
‫موجية مف و ازرة الداخمية‬
‫أف ىذه التعميمة ىي تعميمة إدارية ّ‬ ‫الخاصة باألجنبي‪ ،‬غير ّ‬
‫مزـ‬
‫لمصالحيا الخارجية‪ ،‬وذلؾ ألسباب أمنية فقط‪ ،‬وال ترقى إلى قوة النص القانوني‪ ،‬وال ُي ُ‬
‫القاضي بتطبيقيا‪ ،‬وبالتالي حتى لو خالؼ األجنبي ىذه التعميمة‪ ،‬وذلؾ بإبراـ زواج عرفي‬
‫وتـ الزواج وفقا لقواعد الشرع‬
‫بيف جزائري وأجنبية‪ ،‬أو بيف جزائرية وأجنبي مسمـ‪ّ ،‬‬
‫والقانوف‪ ،‬ثـ التجأ إلى القضاء مف أجؿ إثبات الزواج العرفي‪ ،‬فإف القاضي ال يثير شرط‬
‫ألف قانوف األسرة وقانوف الحالة‬
‫تقديـ رخصة الزواج لؤلجنبي‪ ،‬وال يطالبو بإحضارىا‪ّ ،‬‬
‫المدنية ال يشترط ذلؾ‪ ،‬واّنما يتأكد مف توافر ركف الزواج وشروطو الواردة في المادة ‪09‬‬
‫و‪ 09‬مكرر فقط‪ ،‬فإف استوفى عقد الزواج ذلؾ‪ ،‬حكـ القاضي بتثبيتو‪.2‬‬
‫غير أف المحكمة العميا في قرار حديث ليا اشترطت مف أجؿ إثبات زواج‬
‫يتـ‬
‫الجزائرية باألجنبي ضرورة تقديـ الرخصة اإلدارية التي تمنحيا الوالية لؤلجنبي‪ ،‬حتى ّ‬
‫إثبات الزواج المبرـ بينيما‪ ،‬حيث جاء في قرارىا الصادر بتاريخ ‪ 2016/12/07‬ما يمي‪:‬‬
‫" ال يمكف الحكـ بتثبيت زواج عرفي مبرـ بيف جزائرية وأجنبي‪ ،‬دوف تقديـ الرخصة‬
‫اإلدارية"‪ ،3‬كما صدر قبؿ ذلؾ قرار آخر عف المحكمة العميا بتاريخ ‪ 2016/07/13‬يؤكد‬

‫الطيب زروتي‪ ،‬القانوف الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.158‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة الجزائري في ثوبو الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ 62‬و‪.63‬‬ ‫‪2‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة شؤوف األسرة والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2016/12/07‬رقـ ‪ ،1028971‬مجمة المحكمة‬ ‫‪3‬‬

‫العميا‪ ،2016 ،‬العدد ‪.02‬‬


‫‪28‬‬
‫وجوب الحصوؿ عمى الرخصة اإلدارية في زواج الجزائري أو الج ازئرية مع األجانب مف‬
‫أجؿ تسجيؿ الزواج أو إلثباتو‪ ،‬حيث جاء في القرار ما يمي‪" :‬توجب األحكاـ التنظيمية في‬
‫زواج الجزائري أو الجزائرية مع األجانب‪ ،‬الحصوؿ عمى رخصة إدارية‪ ،‬سواء كاف ذلؾ‬
‫لتسجيؿ الزواج أو إلثباتو"‪ ،1‬وىو أمر أعتقد عدـ صوابو‪ ،‬ومخالفتو لمقانوف‪ ،‬لعدـ وجود‬
‫نص قانوني يمزـ األجنبي المسمـ بالحصوؿ عمى رخصة إدارية عند الزواج بجزائرية‪.‬‬
‫ب‪ -‬التراخيص الممنوحة لمعسكريين وأسالك األمن الوطني‬
‫يجب عمى موظفي األمف الوطني عند إبراـ عقود زواجيـ الحصوؿ عمى ترخيص‬
‫قد ُـ طمبا لمزواج قبؿ ثبلثة‬
‫كتابي مسبؽ صادر عف الجيّة التي ليا سمطة التعييف‪ ،‬حيث ُي ّ‬
‫أشير عمى األقؿ مف يوـ إبراـ عقد الزواج‪ ،‬مرفؽ بنسخة مف شيادة ميبلد الزوج اآلخر‪،‬‬
‫وشيادة الجنسية‪ ،2‬وىو ما اشترطو المشرع مف خبلؿ نص المادة ‪ 23‬مف المرسوـ رقـ‬
‫‪ 481-83‬الصادر في ‪ 1983– 08– 13‬الذي يحدد األحكاـ المشتركة الخاصة المطبقة‬
‫عمى موظفي األمف الوطني‪ ،3‬والتي مفادىا ّأنو ال يجوز أف يعقد أي موظؼ أمف زواجو دوف‬
‫يقدـ ىذا الطمب قبؿ‬
‫ويقدمو لمجية التي تعينو مستقببل‪ ،‬وأف ّ‬
‫أف يكتب طمبا لمترخيص بذلؾ‪ّ ،‬‬
‫الرجاؿ‪ ،‬أما‬
‫يخص موظفي األمف الوطني ّ‬
‫ّ‬ ‫ثبلثة أشير مف يوـ إبراـ عقد الزواج‪ ،‬ىذا فيما‬
‫ترسيميف واالستظيار بوثيقة الترسيـ‪ ،‬وذلؾ‬
‫ّ‬ ‫يف عقد زواجيف إال بعد‬
‫النساء فبل يمكن ّ‬
‫ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة شؤوف األسرة والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2016/07/13‬رقـ ‪ ،1005800‬مجمة المحكمة‬ ‫‪1‬‬

‫العميا‪ ،2016 ،‬العدد ‪.02‬‬


‫أحمد حمزة‪ ،‬أحكاـ التوثيؽ في مسائؿ األحواؿ الشخصية‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير في الشريعة‪ ،‬كمية العموـ‬ ‫‪2‬‬

‫اإلسبلمية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ، -1-‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2010-2009‬ص ‪.106‬‬


‫تنص المادة ‪ 23‬مف المرسوـ ‪ 481-83‬المؤرخ في ‪ 13‬أوت ‪ 1983‬المتعمؽ باألحكاـ المشتركة الخاصة المطبقة‬ ‫‪3‬‬

‫عمى موظفي األمف الوطني‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 34‬السنة العشروف) عمى ما يمي‪ " :‬ال يمكف لموظفي األمف‬
‫الوطني عقد الزواج بدوف ترخيص كتابي سابؽ مف السمطة التي ليا صبلحية التعييف‪ .‬إف طمب الترخيص بالزواج يجب‬
‫أف يقدـ ثبلثة أشير قبؿ االحتفاؿ بالزواج‪ ،‬ويجب أف يستند الطمب عمى استخراج نسخة مف شيادة ميبلد الزوج وشيادة‬
‫الجنسية‪ ،‬وعند االقتضاء يجب ذكر مينة ومشغؿ الزوج وتمزـ اإلدارة بالرد خبلؿ شيريف ابتداء مف تاريخ إيداع الطمب‪.‬‬
‫وفي حالة ما إذا عقد الموظؼ المعني باألمر الزواج منتيكا أحكاـ الفقرات السابقة‪ ،‬أو بالرغـ مف الرفض المبرر لطمبو‪،‬‬
‫فإف السمطة التي ليا صبلحية التأديب أف تتخذ أي إجراء خاص يحمي مصالح الخدمة‪ ،‬وذلؾ بعد استشارة المجنة‬
‫المتساوية األعضاء المختصة"‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫ما نصت عميو المادة ‪ 24‬مف نفس المرسوـ‪ .1‬ويجب أف يرفؽ الطمب بنسخة عف وثيقة‬
‫شيادة ميبلد الزوج‪ ،‬وشيادة الجنسية‪ ،‬وعند االقتضاء يذكر مينتيا‪ ،‬والشخص الذي تعمؿ‬
‫بالرد خبلؿ شيريف ابتداء مف تاريخ إيداع طمب‬
‫عنده إف كانت عاممة‪ ،‬وتمزـ الجية اإلدارية ّ‬
‫الترخيص‪.‬‬
‫أف أفراد الجيش الوطني الشعبي ممزموف بالحصوؿ عمى رخصة مسبقة‬ ‫كما ّ‬
‫بالزواج صادر عف القيادة العسكرية التابعيف ليا‪ ،‬سواء كانوا عامميف بصفة دائمة‬
‫أو بصفة مؤقتة‪ ،‬حيث جاء في النصوص المتعمقة بالنظاـ العسكري‪ ،‬والمنشوريف الصادريف‬
‫عف و ازرة العدؿ‪ ،‬األوؿ صادر بتاريخ ‪ 1967 -06-13‬تحت رقـ ‪ ،329‬والثاني صادر‬
‫بتاريخ ‪ 1968/06/25‬تحت رقـ ‪ ،364‬أف زواج أحد أفراد الجيش الوطني الشعبي ال يمكف‬
‫إبرامو أو عقده إال بعد تقديـ رخصة تمنحيا لو و ازرة الدفاع‪ ،‬ويشمؿ ىذا األمر كؿ فئات‬
‫المجنديف‬
‫ّ‬ ‫العسكرييف الذيف ىـ في الخدمة الفعمية‪ ،‬سواء كانوا مف رجاؿ الدرؾ الوطني أو‬
‫الخاضعيف لمخدمة الوطنية‪ ،2‬وبالتالي عمى ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ أف يطالب‬
‫الزوج أو الزوجة المنتميف إلى ىذه الفئة بإحضار الرخصة الصادرة عف مصالح الدفاع‬
‫فإنو يمتنع عف تحرير وتسجيؿ عقد الزواج‪.‬‬ ‫الوطني‪ ،‬واال ّ‬
‫إف مخالفة ىذه الفئات لمقواعد التنظيمية التي تنص عمى ضرورة حصوليـ عمى‬
‫ّ‬
‫ترخيص مسبؽ مف الجية الوصية مف أجؿ الزواج‪ ،‬ال يجعؿ مف زواج ىذه الفئات دوف‬
‫ألف المادة ‪ 23‬مف المرسوـ ‪ 481-83‬لـ يرتّب جزاء بطبلف عقد‬
‫ترخيص زواجا باطبل‪ّ ،‬‬
‫الزواج عند مخالفة أحكامو‪ ،‬بؿ يكوف زواجيـ صحيحا متى استوفى ركف الزواج وتوفّرت‬
‫أف قاضي شؤوف األسرة ال يحؽ لو أف يمتنع عف تثبيت الزواج العرفي الذي‬
‫شروطو‪ ،‬كما ّ‬
‫أبرمو موظؼ األمف أو العسكري ولـ يستوؼ فيو شرط الحصوؿ عمى رخصة الزواج‪،‬‬
‫وال يحؽ لمقاضي أف يط مب منو إحضار الرخصة مف سمطة التعييف‪ ،‬واّنما يتأكد القاضي‬
‫فقط مف استيفاء ركف الزواج وشروطو المحددة قانونا‪ ،‬مف أجؿ تطبيؽ نص المادة ‪22‬‬
‫مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وتثبيت الزواج العرفي واألمر بتسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬أما الجزاء‬
‫الذي يتعرض لو المخالؼ لشرط الحصوؿ عمى ترخيص مسبؽ لمزواج‪ ،‬ىو خضوعو‬

‫تنص المادة ‪ 24‬مف نفس المرسوـ عمى‪ " :‬ال يستطيع موظفو الشرطة مف الجنس النسوي عقد الزواج قبؿ ترسيميف"‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة الجزائري في ثوبو الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.66‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪30‬‬
‫إلجراءات تأديبية أماـ المجنة المتساوية األعضاء‪ ،1‬وقد تصؿ العقوبة إلى الطرد مف‬
‫منصبو الوظيفي‪.‬‬
‫‪ -02‬التارخيص الصادرة عن جيات قضائية‬
‫المشرع عمى بعض الفئات حصوليا عمى ترخيص مف القضاء مف أجؿ‬
‫ّ‬ ‫يشترط‬
‫القصر‪ ،‬وعند التعدد‪ ،‬حيث أسند‬
‫ّ‬ ‫إبراـ عقد الزواج الخاص بيـ‪ ،‬وذلؾ في حالة زواج‬
‫المشرع لرئيس المحكمة سمطة منح الترخيص إلبراـ عقد الزواج لمف لـ يبمغ السف‬
‫القانونية لمزواج‪ ،‬أو لمف يريد التعدد‪.‬‬
‫القصر‬
‫ّ‬ ‫أ‪ -‬الترخيص بزواج‬
‫تشترط غالبية التشريعات األسرية توافر األىمية الكاممة في طالبي الزواج نظ ار‬
‫لآلثار التي يرتّبيا عقد الزواج‪ ،‬وما ينتج عنو مف حقوؽ وواجبات تقع عمى عاتؽ‬
‫الرشد القانوني المجوء إلى‬
‫سف ّ‬‫أف ىذه التشريعات نفسيا تسمح لمف لـ يبمغ ّ‬
‫الزوجيف‪ ،‬غير ّ‬
‫القضاء مف أجؿ استصدار ترخيص بإبراـ عقد زواج القاصر‪ ،‬مراعاة منيا لمعادات‬
‫واألعراؼ التي نشأت عمييا المجتمعات‪ ،‬خاصة في البمداف العربية واإلسبلمية‪ ،‬والتي‬
‫تسمح بزواج ىذه الفئة‪.2‬‬
‫سف الرشد ‪ 19‬سنة كاممة‪،‬‬
‫حيث تكتمؿ أىمية الرجؿ والمرأة في الزواج ببموغيما ّ‬
‫السف‬
‫ّ‬ ‫أف يجوز لمقاضي أف ُيعفي القاصر مف‬‫وفقا لنص المادة ‪ 07‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬غير ّ‬
‫المحددة قانونا‪ ،‬فيمنح ترخيصا لمقاصر الذي يريد الزواج‪ ،‬متى رأى في ذلؾ مصمحة لو‪،‬‬
‫أو ضرورة تقتضيو‪ ،‬وبعد التأ ّكد مف قدرة القاصر عمى الزواج‪.‬‬
‫وتتمخص إجراءات طمب الترخيص في تقديـ ولّي القاصر طمبا كتابيا إلى رئيس‬
‫مبينا‬
‫السف القانونية لمزواج‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫المحكمة المختصة محميا‪ ،‬مف أجؿ إعفاء القاصر مف‬
‫األسباب والدواعي التي تستوجب ذلؾ‪ ،‬حيث يقوـ رئيس المحكمة بدارسة الطمب‪ ،‬والتحقؽ‬
‫صحة المعمومات الواردة في الطمب‬
‫وجديتيا‪ ،‬ومف ّ‬
‫مف توافر األسباب المبررة لمترخيص ّ‬
‫والوثائؽ المرفقة‪ ،‬حيث لو أف يستدعي القاصر ووليو ومناقشتيما في الموضوع‪،‬‬

‫عبد الفتاح تقية‪ ،‬مباحث في قانوف األسرة الجزائري مف خبلؿ مبادئ وأحكاـ الفقو اإلسبلمي‪ ،‬ديواف المطبوعات‬ ‫‪1‬‬

‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.02‬‬


‫صارة بف شويخ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.226‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪31‬‬
‫كما لو إجراء بحث اجتماعي‪ ،‬أو طمب فحص طبي‪ ،‬وبعد استطبلع رأي وكيؿ الجميورية‬
‫في الموضوع‪ ،‬يكوف لرئيس المحكمة السمطة التقديرية في منح الترخيص أو رفض‬
‫توصؿ إليو مف قناعة حوؿ توافر الضوابط القانونية المتعمقة‬
‫ّ‬ ‫الطمب‪ ،‬بناء عمى ما‬
‫بالمصمحة أو الضرورة والقدرة عمى الزواج‪ ،‬وبعد صدور األمر بمنح الترخيص واإلعفاء‬
‫مف السف القانونية لمزواج‪ ،‬يسمّـ الترخيص لمطالب مف أجؿ استظياره لضابط الحالة‬
‫رخص لو بالزواج‬ ‫المدنية أو الموثؽ عند إبراـ عقد الزواج‪ ،‬حيث يكتسب القاصر الذي ّ‬
‫أىمية التقاضي فيما يتعمؽ بآثار الزواج مف حقوؽ والتزامات‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 07‬الفقرة‬
‫‪ 02‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫لكف بالرجوع إلى المادة السابعة مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬نجد أنيا تطرح العديد مف التساؤالت‪،‬‬
‫ومف بينيا ‪ :‬مف ىو القاضي المعني بمنح الترخيص؟ وما ىو السف األدنى الذي ال يجوز‬
‫منح الترخيص دونو؟ وىؿ يجوز الطعف في قرار القاضي إذا رفض منح الترخيص؟‬
‫أ‪ 1-‬الجية المختصة بإصدار الترخيص‬
‫أف قاضي شؤوف األسرة ىو‬ ‫إف الظاىر مف نص المادة السابعة مف ؽ‪.‬أ ّ‬ ‫ّ‬
‫المختص بمنح ىذا الترخيص‪ ،‬كما أ ّكد ذلؾ قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الذي صدر‬
‫نصت عمى اختصاص‬ ‫الحقا في سنة ‪ 2008‬مف خبلؿ المادة ‪ 423‬الفقرة األولى‪ ،‬والتي ّ‬
‫قسـ شؤوف األسرة بالنظر في الدعاوى المتعمقة بالخطبة والزواج والرجوع إلى بيت الزوجية‬
‫وانحبلؿ الرابطة الزوجية وتوابعيا‪ ،‬وبالتالي فقاضي شؤوف األسرة ىو المختص بالنظر في‬
‫أف الواقع العممي أثبت أف رئيس المحكمة ىو مف‬
‫لمقصر‪ ،‬غير ّ‬
‫ّ‬ ‫طمبات الترخيص بالزواج‬
‫يستأثر بإصدار مثؿ ىذه التراخيص في بعض محاكـ الوطف‪ ،‬وذلؾ ربما إعماال لنص‬
‫المادة ‪ 16‬مف القانوف العضوي المتعمؽ بالتنظيـ القضائي‪ ،1‬الذي يخوؿ لرئيس المحكمة‬
‫أف يرأس أي قسـ مف أقساـ المحكمة ‪ ،‬لذا فاختبلؼ العمؿ بيف محاكـ الوطف فيما يخص‬
‫لمقصر‪ ،‬بيف مف ُيسندىا‬
‫ّ‬ ‫ىذه المسألة المتعمقة بمف يختص بإصدار تراخيص الزواج‬

‫القانوف رقـ ‪ 11-05‬المؤرخ في ‪ 17‬يوليو ‪ 2005‬المتعمؽ بالتنظيـ القضائي المنشور بالجريدة الرسمية رقـ ‪ 15‬لسنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2005‬‬
‫‪32‬‬
‫لقاضي شؤوف األسرة أو لرئيس المحكمة‪ ،‬ال تشكؿ خرقا قانونيا‪ ،‬بؿ ليا وجو محتمؿ‪،‬‬
‫ما داـ يحؽ لرئيس المحكمة ت أّر ُس أي قسـ مف أقساـ المحكمة‪.1‬‬
‫فيقدـ طمب الترخيص بالزواج لمقاصر أماـ‬
‫أما مف ناحية االختصاص اإلقميمي ّ‬
‫المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا اإلقميمي مكاف إقامة طالب الترخيص‪ ،‬طبقا‬
‫لممادة ‪ 426‬الفقرة السابعة مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫أ‪ 2-‬الوثائق المرفقة بطمب الترخيص‬
‫يقدـ طمب الترخيص غالبا مرفقا بعدة وثائؽ منيا‪ :‬شيادة ميبلد أصمية لمقاصر‪،‬‬
‫ّ‬
‫تبيف محؿ إقامة‬
‫شيادة ميبلد أصمية لولي القاصر‪ ،‬شيادة ميبلد أصمية لمزوج‪ ،‬وثيقة ّ‬
‫طالب الترخيص‪ ،‬شيادة طبية تثبت القدرة الجسدية والنفسية لمزوج القاصر مف أجؿ‬
‫ممارسة الحياة الزوجية‪ ،‬وثيقة تثبت الرابطة بيف الولي والقاصر لمتأكد مف واليتو لو‪،2‬‬
‫الوثائؽ المثبتة لمبررات طمب الترخيص بالزواج‪.‬‬
‫أ‪ 3-‬الطعن في أمر الرفض‬
‫يطرح التساؤؿ حوؿ مدى جواز الطعف في األمر برفض منح الترخيص بالزواج‬
‫لمقاصر؟ وىؿ عمؿ القاضي في ىذه المسألة يعد عمبل قضائيا أـ عمبل والئيا؟‬
‫لمعرفة مدى جواز الطعف في األمر برفض منح الترخيص بالزواج لمقاصر وجب‬
‫تكييؼ األمر بالرفض‪ ،‬لمعرفة ىؿ يدخؿ ضمف األعماؿ الوالئية لمقاضي أـ ضمف‬
‫األعماؿ القضائية؟‬
‫يطرح الفقو ا لعديد مف المعايير لمتمييز بيف األعماؿ الوالئية واألعماؿ القضائية‪،‬‬
‫مف بينيا أف األعماؿ التي يصدرىا القاضي بناء عمى عريضة‪ ،‬ودوف تكميؼ الخصوـ‬
‫أف كؿ عمؿ يصدر عف‬ ‫بالحضور‪ ،‬تعتبر أعماال والئية‪ ،‬بينما يرى البعض اآلخر ّ‬
‫قرر حقوقا سابقة فيعتبر عمبل‬
‫القاضي ينشئ حقوقا مستقبمية يعتبر عمبل قضائيا‪ ،‬أما لو ّ‬
‫والئيا‪ ،3‬كما يميز البعض بينيما بالنظر إلى طبيعة العقبة التي تواجو القاضي عند الفصؿ‬

‫فاسي عبد اهلل‪ ،‬المركز القانوني لمقاصر في الزواج والطبلؽ‪ ،‬رسالة لنيؿ شيادة الدكتوراه في القانوف الخاص‪ ،‬كمية‬ ‫‪1‬‬

‫الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة أبو بكر بمقايد‪ ،‬تممساف الجزائر‪ ،2015/2014 ،‬ص ‪.89 – 88‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.90‬‬ ‫‪2‬‬

‫عمر زودة‪ ،‬اإلجراءات المدنية عمى ضوء آراء الفقياء وأحكاـ القضاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.199‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪33‬‬
‫في الطمب‪ ،‬فإذا أصدر القاضي عممو دوف نزاع بيف الطرفيف كاف العمؿ والئيا‪ ،‬باعتبار‬
‫أف تدخؿ القاضي كاف مف أجؿ إزالة عقبة قانونية وضعيا المشرع أماـ إرادة األفراد‪ ،‬أما‬
‫ّ‬
‫لو واجو القاضي عقبة مادية نشئت مف تعارض مصالح الخصوـ‪ ،‬كاف العمؿ قضائيا‪.1‬‬
‫أف األمر الصادر عف القاضي بالترخيص‬ ‫مف خبلؿ ىذه المعايير يمكف القوؿ ّ‬
‫بالزواج لمقاصر يعد أم ار والئيا‪ ،‬باعتبار عدـ وجود نزاع قائـ بيف األطراؼ‪ ،‬وأف ىذا‬
‫العمؿ يزيؿ عقبة قانونية أقرىا المشرع أماـ إرادة األفراد‪ ،‬وبالتالي فإف ىذا األمر يعد غير‬
‫قابؿ لمطعف فيو بأي طريؽ مف طرؽ الطعف‪ ،‬غير أنني أعتقد أنو يمكف لصاحب الطمب‬
‫استجد في الموضوع ما يجعؿ‬
‫ّ‬ ‫مضي مدة مف الزمف‪ ،‬إذا‬
‫ّ‬ ‫أف يتقدـ بطمب جديد بعد‬
‫القاضي يمنح الترخيص‪.‬‬
‫لمسن‬
‫ّ‬ ‫أ‪ 4-‬الحد األدنى‬
‫لمسف الذي ال يجوز لمقاضي الترخيص بالزواج‬
‫ّ‬ ‫الحد األدنى‬
‫ّ‬ ‫يحدد المشرع‬
‫لـ ّ‬
‫يرخص بالزواج قبؿ ذلؾ ‪"...‬‬
‫دونو‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ 07‬مف ؽ‪.‬أ‪ ... " :‬لمقاضي أف ّ‬
‫فالمشرع ترؾ المجاؿ مفتوحا لمقاضي‪ ،‬الذي عميو فقط أف يراعي المصمحة أو الضرورة‬
‫كنت أعتقد أنو يجب تحديد سف أدنى ال يمكف النزوؿ‬ ‫التي تقتضي زواج القاصر‪ ،‬واف ّ‬
‫تحتو‪ ،‬مراعاة لمقدرة الجسدية والنفسية لمقاصر‪ ،‬إذ ال يعقؿ تزويج القاصر عديـ التمييز‪،‬‬
‫وىو كؿ قاصر لـ يبمغ ثبلثة عشر سنة وفقا لنص المادة ‪ 02/42‬ؽ ـ‪ ،‬لذا يتعيف عمى‬
‫المشرع تحديد الحد األدنى الذي ال يجب النزوؿ عنو في تزويج الصغار‪.‬‬
‫سف الرشد وكانوا‬
‫المشرع لـ ينظّـ زواج األشخاص الذيف بمغوا ّ‬‫ّ‬ ‫أف‬
‫وأشير إلى ّ‬
‫درؾ‪ ،‬كالمجنوف أو المعتوه‪ ،‬فباعتبارىـ فاقديف األىمية‬
‫فاقديف قواىـ العقمية أو فاقديف اإل ا‬
‫ألف كؿ تصرؼ منيـ يقع باطبل بطبلنا‬ ‫يصح منيـ إبراـ العقود‪ ،‬ومنيا عقد الزواج‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فبل‬
‫‪2‬‬
‫أف الشريعة اإلسبلمية وقوانيف األسرة المغاربية نظّمت زواج ىذه الفئة وفؽ‬
‫مطمقا ‪ ،‬غير ّ‬

‫فاسي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.91‬‬ ‫‪1‬‬

‫صارة بف شويخ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.227‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪34‬‬
‫شروط مضبوطة واجراءات محددة‪ ،‬تيدؼ إلى حماية فاقد األىمية‪ ،‬حيث يتدخؿ القضاء‬
‫ليرخص بزواج ىذه الفئة عند توفر الشروط المحددة قانونا‪.1‬‬
‫بشكؿ أساسي ّ‬
‫نصو عمى إمكانية منح الترخيص لمف لـ يبمغ السف‬ ‫أف المشرع بالرغـ مف ّ‬‫كما ّ‬
‫مما يستدعي‬‫القانونية لمزواج‪ ،‬إالّ أنو لـ ينظـ إجراءات منح ىذا الترخيص بصفة دقيقة‪ّ ،‬‬
‫تدخمو لمفصؿ فيما سبؽ ذكره مف نقائص وفراغات إجرائية شابت تنظيـ ىذه المسألة‪،‬‬
‫وتنظيـ زواج األشخاص فاقدي األىمية وناقصييا‪ ،‬وتحديد الشروط واإلجراءات الواجبة‬
‫االتّباع في زواج ىذه الفئة‪.‬‬
‫التعدد‬
‫ب‪ -‬الترخيص ب ّ‬
‫التعدد حصوليـ عمى ترخيص مف رئيس المحكمة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألزـ المشرع الجزائري ُمريدي‬
‫التعدد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ضيؽ مف خبلليا مجاؿ‬
‫واشترط شروطا لمف ُيريد الزواج بأكثر مف زوجة واحدة ّ‬
‫حيث تنص المادة ‪ 08‬مف ؽ‪.‬أ عمى ّأنو‪"ُ :‬يسمح بالزواج بأكثر مف زوجة واحدة في حدود‬
‫الشريعة اإلسبلمية متى وجد المبرر الشرعي وتوفرت شروط ونية العدؿ‪ .‬يجب عمى الزوج‬
‫يقدـ طمب الترخيص بالزواج‬
‫إخبار الزوجة السابقة والمرأة التي يقبؿ عمى الزواج بيا‪ ،‬وأف ّ‬
‫إلى رئيس المحكمة لمكاف مسكف الزوجية‪ .‬يمكف رئيس المحكمة أف يرخص بالزواج‬
‫الجديد إذا تأ ّكد مف موافقتيما وأثبت الزوج المبرر الشرعي وقدرتو عمى توفير العدؿ‬
‫نصت المادة ‪ 08‬مكرر ‪ 01‬عمى‪" :‬يفسخ الزواج‬
‫والشروط الضرورية لمحياة الزوجية"‪ ،‬كما ّ‬
‫الجديد قبؿ الدخوؿ إذا لـ يستصدر الزوج ترخيصا مف القاضي وفقا لمشروط المنصوص‬
‫عمييا في المادة ‪ 08‬أعبله"‪.‬‬
‫ب‪ 1-‬شروط التعدد‬
‫التعدد التي يجب عمى طالب‬
‫ّ‬ ‫أف شروط‬
‫مف خبلؿ المادتيف المذكورتيف يتّضح ّ‬
‫الترخيص أف يستوفييا ىي‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 23‬مف مدونة األسرة المغربية‪ " :‬يأذف قاضي األسرة المكمؼ بالزواج بزواج الشخص المصاب بإعاقة‬ ‫‪1‬‬

‫ذىنية ذك ار كاف أـ أنثى‪ ،‬بعد تقديـ تقرير حوؿ حالة اإلعاقة مف طرؼ طبيب خبير أو أكثر‪ ،‬يطمع القاضي الطرؼ‬
‫اآلخر عمى التقرير وينص عمى ذلؾ في محضر‪ ،‬يجب أف يكوف الطرؼ اآلخر راشدا ويرضى صراحة في تعيد رسمي‬
‫بعقد الزواج مع المصاب باإلعاقة"‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫أقرتو الشريعة اإلسبلمية مف حيث العدد‪،‬‬
‫التعدد في حدود ما ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬أف يكوف‬
‫مقيد بقيد‬
‫فبل يجوز أف يجمع الرجؿ أكثر مف أربع زوجات في آف واحد‪ ،‬وبالتالي فالرجؿ ّ‬
‫العدد‪ ،‬وىو أربع زوجات‪.‬‬
‫المبرر الشرعي‪ :‬جعؿ المشرع مفيوـ المبرر الشرعي ينصرؼ إلى‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬توفر‬
‫حدد المنشور الوزاري‪ 1‬رقـ ‪-84‬‬
‫أمريف اثنيف‪ ،‬وىما العقـ والمرض المزمف فقط‪ ،‬حيث ّ‬
‫المبرر القانوني في حالتيف ىما‪:‬‬
‫‪ 102‬الصادر في ‪ّ 1984/12/23‬‬
‫أ‪ -‬المرض المزمف‪ :‬فإذا مرضت الزوجة مرضا مزمنا ألزميا الفراش وأقعدىا عف‬
‫القياـ بواجباتيا اتجاه زوجيا‪ ،‬وأثبت الزوج ذلؾ بشيادة طبيب مختص‪ ،‬اعتبر ذلؾ مبر ار‬
‫يسمح لو بالزواج مرة ثانية‪ ،‬جاء في المنشور المذكور أعبله‪ ":‬أف عمى الموثؽ أو ضابط‬
‫الحالة المدنية التأكد مف وجود الم ّبرر الشرعي وال يكتفي فيو بالمشافية أو اإلقرار‪ ،‬بؿ‬
‫البد مف شيادة طبيب اختصاصي يثبت ذلؾ‪ ،‬فإف لـ يثبت ىذا‪ ،‬رفض الموثؽ أو ضابط‬
‫الحالة المدنية إبراـ ىذا العقد"‪.‬‬
‫أف‬
‫طبيا ّ‬
‫قر بيا الزوجيف‪ ،‬فإذا ثبت ّ‬
‫ذرية ي ّ‬
‫ب‪ -‬العقـ‪ :‬مف مقاصد الزواج إنجاب ّ‬
‫مرة‬
‫رخص لمزوج بالزواج ّ‬
‫فإنو ُي ّ‬
‫الزوجة عقيـ وال يمكنيا بحاؿ مف األحواؿ إنجاب األوالد‪ّ ،‬‬
‫ثانية‪.‬‬
‫أما ما عدا الحالتيف المذكورتيف‪ ،‬فبل يعتبر مبر ار شرعيا في نظر المشرع‪ ،‬وال‬‫ّ‬
‫يخوؿ الزوج التعدد‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -3‬توفر شروط ونية العدؿ‪ :‬وىو شرط اشترطو المشرع بالرغـ مف صعوبة‬
‫النية محمّيا القمب‪،‬‬
‫التحقّؽ منو‪ ،‬بؿ قد يستحيؿ لو ذلؾ‪ ،‬ألّنو يتعمؽ بباطف الشخص‪ ،‬و ّ‬
‫فأنى لمقاضي التحقؽ مف توافره‪ ،‬حتى لو زعـ الرجؿ ّأنو ينوي العدؿ بيف زوجاتو‪ ،‬لذا‬
‫ّ‬
‫أقترح تعديؿ ىذه المادة بحذؼ لفظ " ّنية العدؿ" واالكتفاء بػ‪" :‬وتوفرت شروط العدؿ"‪،‬‬
‫بالتعدد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والتي تنصرؼ عادة إلى القدرة المادية لطالب الترخيص‬
‫‪ -4‬إعبلـ الزوجة أو الزوجات السابقة‪ ،‬والمرأة التي ينوي الزواج بيا‪ ،‬وىو أمر‬
‫اشترطو المشرع حتى تكوف كؿ زوجة عمى ّبينة مف أمرىا‪ ،‬وحتى ال يقع التدليس عمى‬

‫المنشور الوزاري رقـ ‪ 84/102‬الصادر في ‪ 1984/12/23‬المتضمف تطبيؽ وتفسير المادة ‪ 08‬مف قانوف األسرة‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائري‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫منيف‪ ،‬كما اشترط المشرع موافقة كؿ واحدة مف الزوجات السابقة‪ ،‬وكذا موافقة المرأة‬
‫ّ‬ ‫أي‬
‫التي ينوي الزواج بيا مف جديد‪.‬‬
‫يمزـ الشخص الذي ُيريد‬
‫‪ -5‬الترخيص بالزواج مف طرؼ رئيس المحكمة‪ُ :‬‬
‫يقدـ طمبا لرئيس المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا مكاف إقامة طالب‬
‫التعدد أف ّ‬
‫الترخيص وفقا لنص المادة ‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ُ ،‬ي ّبيف مف خبللو لرئيس المحكمة توفر‬
‫الشروط سالفة الذكر‪ ،‬ويتضمف الطمب غالبا البيانات التالية‪:1‬‬
‫طمب خطي مف الزوج المعني باألمر‪ ،‬شيادة إقامة‪ ،‬شيادة طبية تثبت المبرر الشرعي‪،‬‬
‫شيادة ميبلد أصمية لكؿ مف الزوج والزوجة والمرأة التي يراد الزواج بيا كزوجة ثانية‪،‬‬
‫نسخة مف سجبلت عقود الزواج السابؽ‪ ،‬نسخة مف سجبلت الحالة العائمية لمزواج‬
‫السابؽ‪ ،‬نسخة مف بطاقة التعريؼ الوطنية لكؿ األطراؼ‪.‬‬
‫المختصة بمنح الترخيص‬
‫ّ‬ ‫ب‪ 2-‬الجية‬
‫المختصة بمنح الترخيص بالتعدد ىو‬
‫ّ‬ ‫أف الجية‬‫نصت المادة ‪ 08‬مف ؽ‪.‬أ عمى ّ‬
‫ّ‬
‫ثـ عدؿ عف‬ ‫رئيس المحكمة التي يقع ضمف اختصاصيا اإلقميمي مكاف مسكف الزوجية‪ّ ،‬‬
‫ذلؾ بموجب نص المادة ‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وأسند االختصاص بمنح الترخيص لرئيس‬
‫ال محكمة التي يقع ضمف اختصاصيا اإلقميمي مكاف إقامة طالب الترخيص‪ ،‬وليس‬
‫بالضرورة أف يكوف مكاف مسكف الزوجية ىو نفس مكاف إقامة طالب الترخيص‪ ،‬لذا أعتقد‬
‫أف نص المادة ‪ 07/426‬سالؼ الذكر ىو الواجب التطبيؽ‪ ،‬بدال مف نص المادة ‪02/08‬‬
‫متأخر عف تعديؿ قانوف األسرة‪،‬‬
‫ا‬ ‫مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬نظ ار لصدور قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫وقد يكوف ذلؾ تعديبل مف المشرع لبلختصاص اإلقميمي عند طمب الترخيص بالزواج‪،‬‬
‫ألف جعؿ االختصاص اإلقميمي بمكاف مسكف الزوجية‪ ،‬قد يطرح‬‫وحسنا فعؿ المشرع ّ‬
‫وتعددت المساكف‬
‫العديد مف اإلشكاالت إذا كاف الزوج متزوجا باثنتيف أو ثبلث زوجات‪ّ ،‬‬
‫الزوجية لمزوج الواحد‪ ،‬وتباعدت عف بعضيا‪ ،‬فأي مسكف يعتمد لمعرفة المحكمة المختصة‬
‫إقميميا لتقديـ طمب الترخيص بالزواج؟ لذا فاعتماد معيار مكاف إقامة طالب الترخيص‬
‫أحسف‪.‬‬

‫جماؿ عياشي‪ ،‬قيود تعدد الزوجات بيف الشريعة والقانوف‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير في القانوف فرع القانوف‬ ‫‪1‬‬

‫الخاص‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ اإلدارية بف عكنوف‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2005-2004 ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪37‬‬
‫ب‪ 3-‬إجراءات الحصول عمى الترخيص بالتعدد‬
‫يتـ تقديـ طمب الترخيص بالزواج في شكؿ عريضة مف نسختيف‪ ،‬توجو إلى السيد‬‫ّ‬
‫يبيف فييا الطالب توفر الشروط المحددة قانونا لقبوؿ‬
‫رئيس المحكمة المختصة إقميميا‪ّ ،‬‬
‫التعدد‪ ،‬مع إثبات دفع الرسـ القضائي‪ ،‬عف طريؽ أمر عمى عريضة يقدـ إلى رئيس‬
‫المحكمة‪ ،‬يفصؿ فيو بموجب أمر غير قابؿ لمطعف‪.‬‬
‫يقوـ القاضي بسماع الزوجة األولى‪ ،‬والمرأة المقبمة عمى زواج التعدد‪ ،‬لمتأكد مف‬
‫موافقتيما وعمميما بما ُي ْق ِب ُؿ عميو الزوج‪ ،‬حيث يحرر أميف الضبط بحضور رئيس‬
‫المحكمة محضر سماع لكؿ مف الزوجة األولى‪ ،‬ومحضر سماع لممرأة المقبمة عمى زواج‬
‫يقدـ الممؼ إلى السيد وكيؿ الجميورية مف‬
‫التعدد‪ ،‬لمتأ ّكد مف قبوليما بزواج التعدد‪ ،‬ثـ ّ‬
‫ويقدـ طالب الترخيص ما يثبت توافر أحد حالتي‬
‫أجؿ إبداء التماساتو حوؿ الطمب‪ّ ،‬‬
‫المبرر الشرعي المنصوص عميو في المنشور ‪ ،102-84‬وذلؾ بتقديـ شيادة طبية‪ ،‬كما‬
‫عميو أف يثبت قدرتو عمى توفير العدؿ بيف زوجاتو‪ ،‬وتوفيره شروط الحياة الضرورية‪،‬‬
‫وذلؾ باستظيار ما يثبت موارده المالية التي تبرز قدرتو المادية عمى اإلنفاؽ عمى أكثر‬
‫مف زوجة‪ ،‬فإذا أثبت ذلؾ ّيرخص لو القاضي بالتعدد‪.1‬‬
‫ويطرح التساؤؿ فيما إذا رفض رئيس المحكمة المختصة منح الترخيص بالتعدد‪،‬‬
‫ىؿ يحؽ لطالب الترخيص الطعف في أمر الرفض؟‬
‫إ ّف تكييؼ األمر بالرفض عمى أنو أمر والئي‪ ،‬يجعؿ منو أم ار غير قابؿ لمطعف‬
‫أف ذلؾ ال يمنع طالب الترخيص مف إعادة الطمب‬ ‫فيو بأي وجو مف وجوه الطعف‪ ،‬غير ّ‬
‫مف جديد إذا استوفى شروط التعدد‪.‬‬
‫وما يجدر اإلشارة إليو‪ ،‬أف المشرع لـ يرتّب ج ازء عف مخالفة شرط الحصوؿ‬
‫فإف إبراـ عقد الزواج مف الزوج الذي ُيقبؿ عمى التعدد‬
‫عمى ترخيص مف أجؿ التعدد‪ ،‬لذا ّ‬
‫دوف حصولو عمى ترخيص مف رئيس المحكمة ال يؤثر عمى صحة عقد الزواج‪ ،‬فالعقد‬
‫صحيح متى استوفى الركف والشروط المحددة قانونا‪ ،‬وىو ما فتح المجاؿ أماـ مريدي‬
‫التعد د لبللتفاؼ عمى الشروط الصعبة التي اشترطيا المشرع مف أجؿ منح رخصة التعدد‪،‬‬

‫جماؿ عياشي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪38‬‬
‫ثـ المجوء إلى القضاء مف أجؿ استصدار حكـ بتثبيت‬
‫وابراـ عقود زواج شرعية وعرفية‪ّ ،‬‬
‫الزواج العرفي‪ ،‬حيث ال يجوز لقاضي شؤوف األسرة أف يرفض تثبيت ىذا الزواج بحجة‬
‫اء عف مخالفة أحكاـ‬
‫أف المشرع لـ يرتب جز ً‬
‫عدـ حصوؿ الزوج عمى رخصة لمتعدد‪ ،‬كوف ّ‬
‫المادة الثامنة مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تسجيل عقد الزواج‬

‫لـ يتضمف قانوف األسرة األحكاـ الخاصة بإجراءات تسجيؿ عقد الزواج‪ ،‬واّنما‬
‫اكتفى باإلحالة عمى أحكاـ قانوف الحالة المدنية خاصة األمر ‪ 20/70‬المؤرخ في‬
‫‪ 1970/02/19‬المتعمؽ بالحالة المدنية‪ ،‬والنصوص التطبيقية والتنظيمية لو‪ ،‬حيث جاء‬
‫في المادة ‪ 21‬مف ؽ‪.‬أ ما يمي‪" :‬تطبؽ أحكاـ قانوف الحالة المدنية في إجراءات تسجيؿ‬
‫عقد الزواج"‪ ،‬ونبيف فيما يمي أىمية تسجيؿ عقود الزواج ودور القضاء فيو (الفرع األوؿ)‪،‬‬
‫ثـ طرؽ واجراءات تسجيؿ عقد الزواج وآثاره (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أىمية تسجيل عقود الزواج ودور القضاء فيو‬

‫أولى المشرع أىمية كبيرة لتسجيؿ عقود الزواج في سجبلت الحالة المدنية‬
‫وتنظيميا‪ ،‬نظ ار لخطورة اآلثار المترتبة عمى عقد الزواج‪ ،‬كما أسند المشرع لمقضاء دو ار‬
‫ميما في قضايا إثبات واقعة الزواج العرفي‪ ،‬وتسجيؿ األحكاـ التي تُثبت ىذا الزواج في‬
‫سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وبياف ذلؾ مف خبلؿ النقاط التالية‪:‬‬
‫أوال‪ -‬تنظيم المشرع لتسجيل عقود الزواج‬
‫الناس منذ القدـ عمى إبراـ عقود زواجيـ أماـ رجؿ الديف‪ ،‬سواء كاف إماما‬
‫درج ّ‬
‫بالنسبة لممسمميف‪ ،‬أو راىبا بالنسبة لممسيحييف‪ ،‬ويراعي المسمموف عند إبرامو األركاف‬
‫الناس‬
‫والشروط التي تستوجبيا الشريعة اإلسبلمية‪ ،‬غير ّأنو مع مرور الزمف صار ّ‬
‫يقوموف بتسجيؿ ىذه العقود ويوثقونيا لدى جيات رسمية‪ ،‬ممثمة في مصمحة الحالة‬
‫أف عقود زواج الجزائرييف غير‬
‫إما قبؿ أو بعد إبراـ العقد الشرعي‪ ،‬غير ّ‬ ‫المدنية‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫المسجمة لدى مصالح الحالة المدنية عرفت تناميا كبي ار في فترة االستعمار الفرنسي وفي‬

‫‪39‬‬
‫المسجمة في وقتنا الحالي‬
‫ّ‬ ‫أعقاب فترة االستقبلؿ‪ ،1‬واف كانت نسبة عقود الزواج غير‬
‫عرفت تناقصا كبي ار‪ ،‬إال ّأنو الزالت محاكمنا تشيد العديد مف القضايا المرفوعة مف أجؿ‬
‫لعدة أسباب ال‬
‫إثبات الزواج العرفي‪ ،‬وطمب تسجميو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫مجاؿ لذكرىا لعدـ تعمؽ موضوع البحث بيا‪.‬‬
‫ولقد حرص المشرع الجزائري عقب استقبلؿ الجزائر عمى تنظيـ عقود الزواج‬
‫بإلزاـ المواطنيف بتسجيؿ عقود زواجيـ في سجبلّت الحالة المدنية‪ ،‬حيث توالى إصدار‬
‫المسجمة في سجبلّت الحالة‬
‫ّ‬ ‫النصوص القانونية التي تعالج مسألة عقود الزواج غير‬
‫المدنية‪.‬‬
‫نصت المادة الخامسة مف القانوف رقـ ‪ 63-224‬المؤرخ في ‪1963/06/29‬‬
‫يدعي أنو زوج وأف‬
‫لسف الزواج عمى ّأنو‪" :‬ال يجوز ألحد أف ّ‬
‫‪2‬‬
‫حد األدنى ّ‬
‫المتعمؽ بتحديد ال ّ‬
‫يطالب بما يترتب عمى الزواج مف آثار‪ ،‬ما لـ يقدـ وثيقة عقد الزواج مسجمة في الحالة‬
‫المدنية‪ ،‬ويجب تسجيؿ عقود الزواج المبرمة قبؿ صدور ىذا القانوف خبلؿ ميمة مدتيا ثبلث‬
‫سنوات"‪.‬‬
‫حيث ألزـ المشرع الجزائرييف بتسجيؿ عقود الزواج المغفمة لدى مصمحة الحالة‬
‫مدة ثبلث سنوات‪ ،‬رغبة منو في‬‫المدنية‪ ،‬وخاصة المبرمة خبلؿ فترة االستعمار‪ ،‬وأميميـ ّ‬
‫تنظيـ عقود الزواج وترتيبيا‪ ،‬وجعؿ جزاء عدـ االمتثاؿ لذلؾ عدـ إمكانية االحتجاج بيذه‬
‫يمؽ تجاوبا كبي ار مف‬
‫أف ىذا القانوف لـ َ‬‫العقود والتمسؾ باآلثار المترتبة عمييا‪ ،‬غير ّ‬
‫المواطنيف‪ ،‬وبقيت عقود الزواج غالبا ما تُبرـ بواسطة اإلماـ بقراءة الفاتحة مستوفية‬
‫األركاف والشروط الشرعية‪.‬‬
‫ثـ حاوؿ المشرع الجزائري تنظيـ عقود الزواج غير المسجمة مف خبلؿ إصدار‬
‫ّ‬
‫"إف‬
‫نصت المادة األولى منو‪ّ :‬‬
‫األمر رقـ ‪ 72-69‬الصادر بتاريخ ‪ ،1969/09/16‬حيث ّ‬
‫كؿ عقود الزواج التي جرت وفقا لمشريعة اإلسبلمية قبؿ نشر األمر الحالي‪ ،‬والتي لـ تحرر‬
‫أو تسجؿ في سجؿ الحالة المدنية‪ ،‬يمكف تسجيميا في سجؿ الحالة المدنية بمجرد االستظيار‬

‫بوطيش وىيبة‪ ،‬الشكمية في عقد الزواج‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير في القانوف‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة الجزائر بف‬ ‫‪1‬‬

‫يوسؼ بف خدة‪ ،‬دوف ذكر السنة‪ ،‬ص ‪.48 ،47‬‬


‫الجريدة الرسمية رقـ ‪ 44‬الصادرة في ‪ 02‬يونيو ‪.1963‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪40‬‬
‫بحكـ" حيث سمح المشرع بتسجيؿ عقود الزواج المبرمة عرفيا والموافقة ألحكاـ الشريعة‬
‫اإلسبلمية‪ ،‬وذلؾ عف طريؽ المجوء إلى القضاء‪ ،‬واستصدار حكـ يعترؼ بصحتيا‪،‬‬
‫وينص عمى تاريخ إبراميا‪.‬‬
‫ثـ أصدر المشرع الجزائري قانوف الحالة المدنية بموجب األمر رقـ ‪70-20‬‬
‫ّ‬
‫المؤرخ في ‪ ،1970/02/19‬والذي حصر مف خبللو الجية المختصة بإبراـ عقد الزواج‬
‫في ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ‪.‬‬
‫المشرع الجزائري بتسجيؿ عقود الزواج غير المسجمة في سجبلت‬
‫ّ‬ ‫كما سمح‬
‫الحالة المدنية بموجب األمر‪ 1‬رقـ ‪ 65-71‬بتاريخ ‪ ،1971/09/22‬حيث نص في مادتو‬
‫األولى عمى‪" :‬إف كؿ قراف انعقد قبؿ صدور ىذا األمر‪ ،‬ونتج عنو أوالد‪ ،‬ولـ يكف موضوعا‬
‫ألي إجراء وال ألي عقد محرر أو منسوخ في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬يمكف أف يقّيد في‬
‫سجبلّت الحالة المدنية"‪.‬‬
‫وقد حاوؿ المشرع مف خبلؿ كؿ ىذه النصوص والقوانيف تكريس الزواج الرسمي‬
‫المبرـ أماـ ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ‪ ،‬والمسجؿ في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬كما‬
‫حرص عمى دفع وتحفيز المواطنيف الذيف أبرموا عقود زواجيـ عرفيا إلى تسجيؿ ىذه‬
‫وسف اإلجراءات التي‬
‫العقود أماـ مصالح الحالة المدنية‪ ،‬مف خبلؿ اعتراؼ المشرع بيا‪ّ ،‬‬
‫تم ّكف المواطف مف تسجيميا في سجبلت الحالة المدنية‪.‬‬
‫وبعد صدور قانوف األسرة في ‪ 09‬جواف ‪ ،1984‬جاء في المادة ‪ 18‬منو إسناد‬
‫حدد قانوف‬
‫االختصاص إلى الموثؽ والموظؼ المؤىؿ قانونا في تحرير عقد الزواج‪ ،‬بينما ّ‬
‫الحالة المدنية في المادة ‪ 71‬منو األشخاص المؤىميف لتحرير عقد الزواج‪ ،‬وىما ضابط‬
‫الحالة المدنية أو الموثؽ‪ ،‬كما أحاؿ المشرع في المادة ‪ 21‬ؽ‪.‬أ بالنسبة إلجراءات تسجيؿ‬
‫الزواج إلى تطبيؽ أحكاـ قانوف الحالة المدنية‪ ،‬ىذا األخير الذي ّبيف إجراءات تسجيؿ‬
‫العقود المغفمة ولـ يقيدىا بأجؿ محدد‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ قبؿ التعديؿ عمى أنو‪ " :‬يثبت الزواج بمستخرج مف‬
‫سجؿ الحالة المدنية‪ ،‬وفي حالة عدـ تسجيمو يثبت بحكـ إذا توافرت أركانو وفقا ليذا‬

‫الجريدة الرسمية رقـ ‪ 79‬الصادرة في ‪.1971/09/28‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪41‬‬
‫القانوف‪ ،‬ويتـ تسجيمو بالحالة المدنية"‪ ،‬وبالتالي جعؿ المشرع مف مستخرج الحالة المدنية‬
‫يسجؿ عقد الزواج لسبب ما في سجبلت الحالة‬
‫وسيمة وحيدة إلثبات الزواج‪ ،‬واذا لـ ّ‬
‫المدنية‪ ،‬يستوجب رفع دعوى قضائية مف أجؿ استصدار حكـ يثبت الزواج غير المسجؿ‪.‬‬
‫تـ تعديؿ المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ إلى صياغة جديدة‪ ،‬جاء فييا‪" :‬يثبت الزواج‬
‫وقد ّ‬
‫بمستخرج مف سجؿ الحالة المدنية‪ ،‬وفي حالة عدـ تسجيمو يثبت بحكـ قضائي‪ .‬يجب‬
‫تسجيؿ حكـ تثبيت الزواج في الحالة المدنية بسعي مف النيابة العامة"‪.‬‬
‫أف المشرع الجزائري يعترؼ بالزواج غير المسجؿ‪ ،‬ويرتب‬
‫حيث يتضح مف ذلؾ ّ‬
‫تـ تثبيتو بموجب حكـ قضائي‪ ،‬وال يرتّب أي عقوبة جزائية عف عدـ تسجيؿ‬
‫آثاره إذا ما ّ‬
‫المشرع قد حرص في مختمؼ القوانيف التي أصدرىا منذ االستقبلؿ إلى‬
‫ّ‬ ‫الزواج‪ ،‬واف كاف‬
‫يومنا الحالي عمى إبراـ وتسجيؿ عقود الزواج في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬غير ّأنو لـ‬
‫يحدد في قانوف األسرة ُميمة أو أجؿ لرفع دعوى تثبيت الزواج وتسجيمو‪ ،‬عمى خبلؼ ما‬
‫أقره المشرع المغربي في المادة ‪ 16‬مف مدونة األسرة بتحديده أجؿ خمسة عشر سنة مف‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫تاريخ دخوؿ مدونة األسرة المغربية حيز التنفيذ ‪ ،‬كما اشترط في الفقرة الثانية مف المادة‬
‫‪ 16‬مف مدونة األسرة المغربية ضرورة توافر أسباب قاىرة حالت دوف توثيؽ عقد الزواج‪،2‬‬
‫سف بموجب‬
‫وعمى خبلؼ المشرع التونسي أيضا الذي ذىب بعيدا في ىذا المجاؿ‪ ،‬حيث ّ‬
‫القانوف عدد ‪ 1‬لسنة ‪ 1964‬المؤرخ في ‪ 21‬أفريؿ ‪ ،1964‬وفي الفصؿ ‪ 18‬مف مجمة‬
‫نص ا زجريا يعاقب بموجبو كؿ مف يبرـ زواجا بصورة غير رسمية‬
‫األحواؿ الشخصية ً‬

‫المادة ‪ 16‬مف مدونة األسرة المغربية‪ " :‬تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيمة المقبولة إلثبات الزواج‪ .‬إذا حالت أسباب‬ ‫‪1‬‬

‫قاىرة دوف توثيؽ العقد في وقتو تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائؿ اإلثبات وكذا الخبرة‪ .‬تأخذ‬
‫المحكمة بعيف االعتبار وىي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفاؿ أو حمؿ ناتج عف العبلقة الزوجية‪ ،‬وما إذا رفعت‬
‫الدعوى في حياة الزوجيف‪ .‬يعمؿ بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية ال تتعدى خمسة عشر سنة ابتداء مف تاريخ‬
‫دخوؿ ىذا القانوف حيز التنفيذ"‪ .‬حيث تـ تمديد األجؿ مف خمس سنوات إلى عشر سنوات ثـ إلى خمسة عشر سنة‪،‬‬
‫حيث تـ تعديؿ الفقرة الرابعة مف المادة ‪ 16‬بمقتضى المادة الفريدة مف القانوف رقـ ‪ 102215‬الرامي إلى تعديؿ المادة‬
‫‪ 16‬مف القانوف رقـ ‪ 70203‬بمثابة مدونة األسرة‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظيير الشريؼ رقـ ‪ 121622‬بتاريخ ‪ 12‬جانفي‬
‫‪ ،2016‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6433‬بتاريخ ‪ 2016/01/25‬ص ‪.420‬‬
‫اشترط المشرع المغربي في المادة ‪ 16‬مف مدونة األسرة توافر أسباب قاىرة حالت دوف توثيؽ عقد الزواج في وقتو‬ ‫‪2‬‬

‫حتى تسمع دعوى الزوجية ويثبت عقد الزواج‪ ،‬دوف أف يحدد ما ىو الظرؼ القاىر الذي يعتمده القاضي في المسألة‪،‬‬
‫مما فتح المجاؿ لمتأويؿ والتفسير كؿ يفسره حسب وجية نظره‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫مخالفة ألحكاـ الفصؿ ‪ 31‬مف قانوف الحالة المدنية التونسي الصادر في أوؿ أوت‬
‫‪ ،1957‬الذي ينص عمى أف عقد الزواج يبرـ لدى عدليف موثقيف‪ ،‬أو لدى ضابط الحالة‬
‫المدنية‪.1‬‬
‫وحسنا فعؿ المشرع الجزائري عندما لـ ينتيج نفس نيج المشرع المغربي‬
‫أو المشرع التونسي‪ ،‬وذلؾ نظ ار ألىمية وخطورة اآلثار المترتبة عمى الزواج‪ ،‬ومف بينيا‬
‫أف المشرع لـ يشترط أف يكوف المانع مف تسجيؿ عقد‬ ‫إثبات نسب الطفؿ ألبيو‪ ،‬كما ّ‬
‫المشرع الجزائري إجراءات إثبات الزواج في مختمؼ القوانيف‬
‫ّ‬ ‫الزواج ظرفا قاىرا‪ ،‬بؿ سيّؿ‬
‫المتعاقبة والرامية إلى تسجيؿ عقود الزواج المغفمة وآخرىا قانوف األسرة‪ ،‬حيث اشترط‬
‫المشرع توافر أركاف الزواج وشروطو مف أجؿ إثباتو وتسجيمو في سجبلّت الحالة المدنية‪.‬‬
‫تـ بيف يدي الموثؽ لكف لـ يتـ‬
‫ويشمؿ نص المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ الزواج الذي ّ‬
‫تـ‬
‫يدي الموثؽ‪ ،‬بؿ ّ‬‫تسجيمو بسجبلت الحالة المدنية‪ ،‬كما يشمؿ الزواج الذي لـ يتـ بيف ّ‬
‫يتـ تسجيمو بسعي مف‬
‫ثـ ّ‬‫يتـ تثبيت ىذا الزواج بموجب حكـ قضائي‪ّ ،‬‬
‫بصفة عرفية‪ ،‬حيث ّ‬
‫النيابة العامة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬دور القضاء في تسجيل عقود الزواج‬
‫يرتبط دور القضاء في تسجيؿ عقود الزواج المغفمة ارتباطا وثيقا بالنصوص‬
‫القانونية التي ُيصدرىا المشرع‪ ،‬الذي حرص منذ االستقبلؿ عمى تكريس السيادة الوطنية‬
‫وفرض تطبيؽ النصوص القانونية السيادية‪ ،‬مف أجؿ التخمص مف التبعية القانونية‬
‫والقضائية لممستعمر‪ ،‬وقد جعمت الكثير مف النصوص القانونية ميمة تسجيؿ عقود الزواج‬
‫تتـ عبر المجوء إلى القضاء‪ ،‬واستصدار حكـ‬
‫المسجمة في سجبلّت الحالة المدنية ّ‬
‫ّ‬ ‫غير‬
‫قضائي بتثبيت الزواج وتسجيمو‪ ،‬ولتبياف ذلؾ يتـ عرض بعض النصوص القانونية‬

‫‪ 1‬ساسي بف حميمة‪ ،‬دراسات في األحواؿ الشخصية‪ ،‬مركز النشر الجامعي‪ ،‬د ط‪ ،‬تونس‪ ،2012 ،‬ص ‪.120‬‬
‫ينص الفصؿ ‪ 18‬مف مجمة األحواؿ الشخصية التونسي عمى‪ " :‬تعدد الزوجات ممنوع‪ .‬فكؿ مف تزوج وىو في حالة‬
‫لمدة عاـ وبخطية قدرىا مائتاف وأربعوف ألؼ فرنؾ أو بإحدى‬
‫الزوجية وقبؿ فؾ عصمة الزواج السابؽ يعاقب بالسجف ّ‬
‫أف الزواج الجديد لـ يبرـ طبؽ أحكاـ القانوف‪.‬‬
‫العقوبتيف‪ ،‬ولو ّ‬
‫ويعاقب بنفس العقوبات كؿ مف كاف متزوجا عمى خبلؼ الصيغ الواردة بالقانوف عدد ‪ 3‬لسنة ‪ 1957‬المؤرخ في ‪04‬‬
‫محرـ ‪ ( 1377‬أوؿ أوت ‪ )1957‬والمتعمؽ بتنظيـ الحالة المدنية‪ ،‬ويبرـ عقد زواج ثاف ويستمر عمى معاشرة زوجتو‬
‫األولى‪."...‬‬
‫‪43‬‬
‫الصادرة عقب استقبلؿ الجزائر إلى يومنا الحالي‪ ،‬والتي أ ّكدت عمى ضرورة المجوء إلى‬
‫القضاء مف أجؿ تسجيؿ عقود الزواج غير المسجمة في سجبلت الحالة المدنية‪.‬‬
‫ّبيف المرسوـ‪ 1‬رقـ ‪ 62-126‬الصادر في ‪ - 1962/12/13‬وىو أوؿ مرسوـ صدر‬
‫بعد االستقبلؿ‪ -‬اإلجراءات الخاصة بتسجيؿ عقود الزواج التي تمت خبلؿ الثورة التحريرية‬
‫يتـ تسجيميا‪ ،‬حيث جعؿ ذلؾ يتـ عف طريؽ قرار قضائي‪ ،‬لكف ىذا النص لـ يمؽ‬ ‫ولـ ّ‬
‫استجابة كبيرة كوف الجزائر كانت حديثة عيد باالستقبلؿ‪.2‬‬
‫كما أ ّكد األمر رقـ ‪ 72-69‬الصادر بتاريخ ‪ 1969/09/16‬نفس المنحى فيما‬
‫يخص ضرورة المجوء إلى القضاء لبلعتراؼ بعقود الزواج غير المسجمة‪ ،‬حيث نصت‬
‫يوجو إلى رئيس محكمة دائرة‬ ‫المادة الثانية منو عمى ّأنو‪" :‬بإمكاف كؿ ذي مصمحة أف ّ‬
‫تـ فييا الزواج بعريضة يطمب فييا االعتراؼ قضائيا بيذا الزواج ابتداء مف‬
‫االختصاص التي ّ‬
‫حتى مف غير طرفي العبلقة الزوجية‬
‫المشرع لكؿ ذي مصمحة ّ‬ ‫ّ‬ ‫تاريخ عقده"‪ ،‬حيث سمح‬
‫تـ فيو عقد القراف المتوفر عمى‬
‫أف يمجأ إلى القضاء‪ ،‬ويوجو طمبا إلى رئيس المحكمة التي ّ‬
‫األركاف والشروط الشرعية مف أجؿ االعتراؼ بيذا الزواج وتسجيمو‪ ،‬كما أ ّكدت المادة‬
‫المسجؿ والمعترؼ بو قضاء‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الرابعة مف األمر نفسو عمى األثر الرجعي لمزواج غير‬
‫بحيث يسري مفعوؿ ىذا الزواج ويرتّب كافّة آثاره مف اليوـ الذي أُنشأ فيو‪ ،‬ال مف يوـ‬
‫تـ‬
‫إف الزواج الذي ّ‬
‫الربعة منو عمى‪ّ " :‬‬ ‫االعتراؼ بو عف طريؽ القضاء‪ ،‬حيث نصت المادة ا‬
‫سجؿ األحواؿ المدنية ُيحدث آثاره ابتداء مف تاريخ اليوـ‬
‫المسجؿ في ّ‬
‫ّ‬ ‫إثباتو وفقا ليذه الشروط‬
‫بأنو تاريخ عقد الزواج"‪.‬‬
‫الذي اعترؼ بو الحكـ ّ‬
‫ونفس اإلجراء جاء بو األمر رقـ ‪ 65/71‬المؤرخ في ‪ ،1971/09/22‬حيث سمح‬
‫يوجو طمبا إلى رئيس المحكمة مف أجؿ االعتراؼ‬ ‫يسجمو أف ّ‬ ‫لكؿ مف أبرـ عقد زواج ولـ ّ‬
‫ص األمر في المادة الثانية منو عمى ّأنو‪ " :‬يجوز لكؿ مف يعنيو األمر‬
‫بيذا الزواج‪ ،‬حيث ن ّ‬
‫يوجو إلى رئيس المحكمة التي انعقد القراف في دائرة اختصاصيا‪ ،‬طمبا يرمي إلى جعؿ ىذا‬
‫أف ّ‬
‫أف ىذا الزواج المعترؼ بو يعتبر‬
‫القراف معترؼ بو قضائيا‪ ،‬وكذلؾ التاريخ الذي انعقد فيو"‪ ،‬و ّ‬

‫الجريدة الرسمية رقـ ‪ 08‬بتاريخ ‪ ،1962/12/14‬ص ‪.86‬‬ ‫‪1‬‬

‫بوطيش وىيبة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.57‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪44‬‬
‫نافذا ابتداء مف اليوـ الذي اعترؼ بو الحكـ كيوـ النعقاده‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 08‬مف األمر‬
‫المذكور‪.‬‬
‫كما تطرؽ قانوف الحالة المدنية‪ 1‬الصادر بموجب األمر رقـ ‪ 20-70‬المؤرخ في‬
‫وبيف المشرع اإلجراءات الواجبة‬
‫‪ 1970-02-19‬لكيفية تسجيؿ عقود الزواج المغفمة‪ّ ،‬‬
‫يتـ عف طريؽ رفع عريضة مف المعني إلى وكيؿ الدولة بطمب‬ ‫اإلتباع في ذلؾ‪ ،‬حيث ّ‬
‫مكتوب عمى ورقة عادية‪ ،‬ثـ يصدر رئيس المحكمة حكما بذلؾ بناء عمى طمب مف وكيؿ‬
‫سجؿ‬
‫الدولة بموجب عريضة مختصرة مرفقة بالوثائؽ أو اإلثباتات المادية‪ ،‬وبعد ذلؾ ُي ّ‬
‫عقد الزواج لدى ضابط الحالة المدنية‪ ،‬وذلؾ وفقا لممادة ‪ 39‬و‪ 40‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪.‬‬
‫والمبلحظ عمى كافة النصوص القانونية السابقة‪ّ ،‬أنيا تؤ ّكد عمى دور القضاء في‬
‫أف المشرع سيّؿ إجراءات تسجيؿ عقود‬ ‫يتـ تسجيميا‪ ،‬كما ّ‬
‫تسجيؿ عقود الزواج التي لـ ّ‬
‫الزواج المغفمة‪ ،‬تشجيعا منو لممواطنيف مف أجؿ التقميؿ مف العقود العرفية‪.‬‬
‫وبعد صدور قانوف األسرة والتعديؿ الذي ط أر عميو سنة ‪ ،2005‬أصبح ىو‬
‫يتحرى‬
‫المسجمة‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬ ‫المرجع الرئيس الذي يعتمده القاضي في إثبات عقود الزواج غير‬
‫القاضي توافر أركاف الزواج وشروطو‪ ،‬كما تطّمع النيابة العامة عمى الممؼ باعتبارىا طرفا‬
‫أصميا في الدعوى‪ ،‬فإذا ثبت لمقاضي استيفاء الزواج أركانو وشروطو وفؽ ما نص عميو‬
‫قانوف األسرة‪ ،‬حكـ بإثبات عقد الزواج‪ ،‬وأمر بتسجيمو في سجبلت عقود الزواج لدى‬
‫ضابط الحالة المدنية المختص إقميميا‪.‬‬
‫ويجدر التنبيو إلى ّأنو إذا عرض عمى القاضي قضية إثبات زواج عرفي‪ ،‬فعميو‬
‫تـ إبرامو طبقا ألحكاـ الشريعة اإلسبلمية‪ ،‬ووفقا‬
‫أف ىذا الزواج قد ّ‬
‫أوال أف يتأ ّكد مف ّ‬
‫ألحكاـ المادة التاسعة والتاسعة مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬و ّأنو قد وقع إغفاؿ أو إىماؿ مف الزوجيف‬
‫في إبراـ وتسجيؿ عقد الزواج أماـ الموثؽ أو الموظؼ المؤىؿ خبلؿ الوقت البلزـ لذلؾ‪،‬‬
‫يحدد القاضي ثانيا القانوف الواجب‬
‫و ّأنو زواج معترؼ بو وبصحتو مف الزوجيف‪ ،‬ثـ ّ‬
‫تـ إبرامو قبؿ صدور‬‫التطبيؽ عمى إثبات عقد الزواج العرفي وتسجيمو‪ ،‬وذلؾ بمعرفة ىؿ ّ‬
‫قانوف الحالة المدنية وقانوف األسرة‪ ،‬أـ بعد صدورىما‪.‬‬

‫الجريدة الرسمية رقـ ‪ 21‬بتاريخ ‪ 27‬فيفري ‪.1970‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪45‬‬
‫أف عقد الزواج العرفي أُبرـ قبؿ صدور قانوف الحالة المدنية‬
‫تبيف لمقاضي ّ‬
‫فإذا ّ‬
‫فإف القانوف الواجب التطبيؽ ىي النصوص القانونية التي نشأ‬
‫وقبؿ صدور قانوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫عقد الزواج العرفي خبلؿ سريانيا‪ ،‬وىي نصوص تطبؽ بأثر رجعي عمى ما أبرـ مف‬
‫عقود زواج قبؿ صدروىا‪ ،‬مثؿ القانوف رقـ ‪ ،224-63‬واألمر رقـ ‪ ،65-71‬وما سبقيما‬
‫نصت صراحة عمى ّأنيا‬ ‫مف نصوص أخرى تتعمؽ بإثبات عقود الزواج المغفمة‪ ،‬والتي ّ‬
‫تُطبؽ بأثر رجعي عمى عقود الزواج المبرمة قبؿ صدورىا‪ ،‬حيث تُتََّبعُ اإلجراءات التي‬
‫نصت عمييا ىذه النصوص القانونية في إثبات وتسجيؿ عقود الزواج في سجبلت الحالة‬‫ّ‬
‫المدنية‪.‬‬
‫تـ إبرامو بعد‬
‫تبيف لمقاضي أف عقد الزواج المراد إثباتو وتسجيمو قد ّ‬
‫أما إذا ّ‬
‫فإف القانوف الواجب التطبيؽ ىو‬
‫صدور قانوف الحالة المدنية وقبؿ صدور قانوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫قانوف الحالة المدنية سيما المادتيف ‪ 39‬و‪ 40‬منو‪.‬‬
‫تـ إبراـ عقد الزواج العرفي المراد إثباتو وتسجيمو بعد صدور قانوف األسرة‬
‫واذا ّ‬
‫فإف القاضي يطبؽ المادة ‪ 22‬منو مف أجؿ الحكـ بإثباتو وتسجيمو‪ ،1‬ىذا إف كاف الزواج‬
‫ّ‬
‫عيتو‪ ،‬أما إذا تنازع الطرفاف حولو‪ ،‬فيتـ‬
‫وصحتو وشر ّ‬
‫ّ‬ ‫متّفقا فيو بيف الطرفيف عمى وقوعو‬
‫اتّباع ؾ‪4‬اإلجراءات المنتيجة في رفع الدعاوى المدنية العادية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أحكام تسجيل عقد الزواج‬

‫يتـ تسجيؿ عقود الزواج في سجبلّت الحالة المدنية بإحدى الطريقتيف‪ :‬األولى‬
‫ّ‬
‫محددة قانونا‪ ،‬يجب اتّباعيا مف أجؿ‬
‫مباشرة والثانية غير مباشرة‪ ،‬ولكؿ طريقة إجراءات ّ‬
‫آثار قانونية‬
‫تسجيؿ عقد الزواج في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬ويترتب عمى عممية التسجيؿ ا‬
‫تجاه كؿ طرؼ مف أطراؼ العبلقة الزوجية‪ ،‬وبياف ذلؾ فيما يمي‪:‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة أماـ أقساـ المحاكـ االبتدائية‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫سنة ‪ ،2014‬ص ‪.135‬‬


‫‪46‬‬
‫أوال‪ -‬طرق تسجيل عقد الزواج‬
‫‪1‬‬
‫سجبلت الحالة المدنية في طريقتيف اثنتيف‬
‫تنحصر طرؽ تسجيؿ عقد الزواج في ّ‬
‫ىما‪:‬‬
‫‪ -1‬الطريقة المباشرة‪ :‬وىي الصورة العادية في تسجيؿ عقود الزواج‪ ،‬حيث ورد‬
‫تقدـ الزوجيف‬
‫تتـ إماّ ب ّ‬
‫النص عمى ىذه الطريقة في المادة ‪ 72‬مف قانوف الحالة المدنية‪ ،‬و ّ‬
‫وولّي الزوجة وشاىديف أماـ ضابط الحالة المدنية بالبمدية التي يقع بيا موطنيما‪،‬‬
‫ويصرح الزوجاف أمامو برغبتيما في إبراـ عقد الزواج عمى صداؽ‬ ‫ّ‬ ‫أو موطف أحدىما‪،‬‬
‫معموـ‪ ،‬فيقوـ ضابط الحالة المدنية بإبراـ عقد الزواج وتسجيمو فو ار في سجبلت الحالة‬
‫بتقدـ الزوجيف وولي الزوجة والشاىداف أماـ الموثؽ‬
‫ويقدـ ليما دفت ار عائميا‪ ،‬وا ّما ّ‬
‫المدنية‪ّ ،‬‬
‫الذي يقوـ بتحرير عقد الزواج بعد التأ ّكد مف توافر ركف الزواج وشروطو‪ ،‬ويقدـ ليما‬
‫ممخص العقد إلى ضابط الحالة المدنية‪ ،‬الذي يقوـ بتسجيمو في‬
‫ثـ ُيرسؿ ّ‬ ‫إشيادا بذلؾ‪ّ ،‬‬
‫سجبلّت الحالة المدنية‪ ،‬وىذه الصورة ال تطرح ّأية إشكاؿ في التسجيؿ‪ ،‬وال تفرض عمى‬
‫الزوجيف اتّباع أي إجراءات أماـ القضاء‪.‬‬
‫‪-2‬الطريقة غير المباشرة‪ :‬ويمكف اعتبارىا الطريقة االستثنائية في تسجيؿ عقود‬
‫الزواج التي أغفؿ أصحابيا تسجيميا في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وذلؾ بإبراميا دوف‬
‫المشرع بتحرير وتوثيؽ عقود الزواج‪ ،‬حيث ورد النص عمى‬
‫ّ‬ ‫المثوؿ أماـ الجيّة التي كمّفيا‬
‫وتتـ وفؽ‬
‫ىذه الصورة في المادة ‪ 39‬مف قانوف الحالة المدنية‪ ،‬والمادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫إحدى الصورتيف‪:‬‬
‫الصورة األولى‪ :‬تسجيل عقد الزواج غير المتنازع فيو‬
‫يتـ‬
‫ورد النص عمى ىذه الصورة في المادة ‪ 39‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪ ،‬حيث إذا لـ ّ‬
‫التصريح بعقد الزواج أماـ ضابط الحالة المدنية‪ ،‬ولـ يحصؿ النزاع بيف الزوجيف أو بيف‬
‫أحدىما وورثة الزوج اآلخر حوؿ إبراـ عقد الزواج أو حوؿ شرعيتو‪ ،‬أي كبل الطرفيف‬
‫فإنو يجب استصدار حكـ بسيط مف رئيس المحكمة مف أجؿ‬ ‫معترؼ بوقوعو وبشرعيتو‪ّ ،‬‬
‫وىوية الزوج‬
‫ّ‬ ‫ىويتو وعنوانو‬
‫تسجيؿ عقد الزواج‪ ،‬حيث يقوـ الزوج بتقديـ طمب يتضمف ّ‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.304‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪47‬‬
‫اآلخر وعنوانو إلى رئيس المحكمة المختصة عف طريؽ وكيؿ الجميورية‪ ،‬ويرفؽ الطمب‬
‫ثـ يقوـ وكيؿ الجميورية بدراسة الطمب‪ ،‬ويحيمو إلى رئيس المحكمة‬
‫بكافة الوثائؽ الثبوتية‪ّ ،‬‬
‫ويقدر إف كاف‬
‫ثـ يقوـ رئيس المحكمة بدراسة الممؼ والطمب‪ّ ،‬‬ ‫مرفقا بطمباتو ومبلحظاتو‪ّ ،‬‬
‫الطمب شرعيا بأف توفر ركف الزواج وشروطو القانونية‪ ،‬فيحكـ بتسجيمو في سجبلّت الحالة‬
‫أف الزواج اختّؿ فيو ركنو أو شروطو‪ ،‬فيحكـ‬
‫أف الطمب غير شرعي‪ ،‬و ّ‬
‫قدر ّ‬
‫المدنية‪ ،‬واف ّ‬
‫برفض الطمب‪.1‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬تسجيل عقد الزواج المتنازع فيو‬
‫يتـ تسجيؿ عقد الزواج المبرـ بيف الزوجيف‪ ،‬وحصؿ النزاع بينيما حوؿ‬ ‫إذا لـ ّ‬
‫شرعيتو وقانونيتو ‪ ،‬أو كاف النزاع بيف أحد الزوجيف وورثة الزوج اآلخر‪ ،‬وجب المجوء إلى‬
‫ثـ تسجيمو بسجبلت الحالة‬
‫القضاء مف أجؿ إثبات قياـ عقد الزواج بموجب حكـ قضائي‪ّ ،‬‬
‫المدنية‪ ،‬حيث يقوـ أحد الطرفيف المتنازعيف بتحرير عريضة افتتاحية لمدعوى‪ ،‬وتسجيميا‬
‫لدى أمانة ضبط المحكمة المختصة‪ ،‬ويستدعي الطرؼ الثاني‪ ،‬ويقدـ حججو واثباتاتو التي‬
‫ثـ يقوـ القاضي‬
‫تدعـ مزاعمو‪ ،‬والشيود الذي حضروا المجمس الذي أبرـ فيو عقد الزواج‪ّ ،‬‬
‫ثـ يقرر ما إذا كانت‬
‫ويجري التحقيقات البلزمة كسماع الشيود‪ّ ،‬‬
‫بدراسة ممؼ الدعوى‪ُ ،‬‬
‫الدعوى مؤسسة‪ ،‬فيحكـ بقبوليا‪ ،‬وبناء عمى ذلؾ يأمر ضابط الحالة المدنية المختص‬
‫أف الدعوى غير مؤسسة‪ ،‬فيحكـ برفض الدعوى‬
‫قدر القاضي ّ‬
‫بتسجيؿ عقد الزواج‪ ،‬واذا ما ّ‬
‫لعدـ التأسيس‪.2‬‬
‫ثانيا‪ -‬إجراءات تسجيل عقد الزواج‬
‫تميزىا‪ ،‬كما‬
‫لكؿ طريقة مف طرؽ تسجيؿ عقد الزواج المذكورة سابقا إجراءات ّ‬
‫نبيف ذلؾ‬
‫نظّـ المشرع إجراءات تسجيؿ عقود الزواج المغفمة في القانوف الدولي الخاص‪ ،‬و ّ‬
‫فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -1‬إجراءات التسجيل وفقا لمطريقة المباشرة‬
‫تتمخص إجراءات التسجيؿ وفقا لمطريقة المباشرة‪ ،‬في ّأنو إذا ُحرر عقد الزواج‬
‫تقدـ كؿ مف الزوجيف أمامو وتصريحيما برغبتيما‬ ‫مف طرؼ ضابط الحالة المدنية‪ ،‬بعد ّ‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.305‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.306‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪48‬‬
‫وتـ ذكر الصداؽ في‬ ‫ولي الزوجة وشاىديف‪ّ ،‬‬‫في إبراـ عقد الزواج‪ ،‬وكاف ذلؾ بحضور ّ‬
‫يسجؿ عقد الزواج في سجبلت الحالة المدنية فور إتماـ‬‫فإف ضابط الحالة المدنية ّ‬ ‫العقد‪ّ ،‬‬
‫العقد أمامو‪ ،‬ويسمّـ لمزوجيف دفت ار عائميا يثبت قرانيما وفقا لممادة ‪ 112‬مف قانوف الحالة‬
‫المدنية‪.‬‬
‫فإف ذلؾ ال يكفي إلثباتو‬
‫تـ إبراـ وتحرير عقد الزواج أماـ الموثّؽ‪ّ ،‬‬
‫أما إذا ّ‬
‫ّ‬
‫واالحتجاج بو‪ ،‬بؿ ال بد عمى الموثؽ بعد التأ ّكد مف توافر ركف الزواج والشروط‬
‫الموضوعية الواردة في المادة ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف ؽ‪.‬أ وكتابة عقد الزواج‪ ،‬أف يقوـ‬
‫بإجراءات التسجيؿ‪ ،‬حيث يقوـ الموثؽ بتسميـ الزوجيف شيادة لئلثبات‪ ،‬كما يقوـ بتسجيؿ‬
‫ويخصص لو رقـ‬
‫ّ‬ ‫الخاصة بمكتب التوثيؽ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫سجؿ العقود مف بيف السجبلّت‬
‫عقد الزواج في ّ‬
‫ويرسميا مع الممؼ‬
‫ثـ يقوـ الموثؽ بتحرير شيادة إخبار بالزواج‪ُ ،‬‬
‫ضمف فيرس العقود‪ّ ،‬‬
‫المكوف مف نسخة مف بطاقة التعريؼ‪ ،‬وشيادة ميبلد الزوجيف‪ ،‬وبطاقة إقامة الزوج‬
‫ّ‬
‫أو الزوجة‪ ،‬والشيادة الطبية لمزوجيف‪ ،‬إلى ضابط الحالة المدنية الذي يقع ضمف‬
‫مقر إقامة الزوج أو الزوجة‪ ،‬خبلؿ أجؿ ثبلثة أياـ مف تحرير العقد‪ ،‬أيف يقوـ‬
‫اختصاصو ّ‬
‫سجؿ الحالة المدنية‪ ،‬خبلؿ ميمة ‪ 05‬خمسة ّأياـ مف‬ ‫ضابط الحالة المدنية بنسخو في ّ‬
‫ويكتب بياف الزواج في السجبلّت‬
‫الممخص‪ ،‬كما يسمّـ لمزوجيف دفت ار عائميا‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫تاريخ استبلمو‬
‫عمى ىامش عقد ميبلد كؿ واحد مف الزوجيف‪ ،‬وفقا ألحكاـ المادة ‪ 72‬مف قانوف الحالة‬
‫المدنية‪.‬‬
‫فإنو‬
‫أم ا إذا تجاوز الموثؽ أو ضابط الحالة المدنية اآلجاؿ السابقة الذكر‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫ال يمكف تسجيؿ عقد الزواج في سجبلّت الحالة المدنية إالّ برفع دعوى قضائية مف أجؿ‬
‫ويسجؿ في سجبلّت الحالة المدنية بسعي مف النيابة‬
‫استصدار حكـ قضائي ُيثبت الزواج‪ُ ،‬‬
‫العامة وفقا لممادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫وتـ‬
‫تـ عقد الزواج في بمد أجنبي بيف جزائرييف‪ ،‬أو بيف جزائري وأجنبية‪ّ ،‬‬
‫واذا ّ‬
‫فيتـ‬
‫تحريره مف طرؼ الموظفيف الدبموماسييف أو القنصمييف طبقا لمقوانيف الجزائرية‪ّ ،‬‬
‫تسجيمو في السجبلّت القنصمية لمسنة الجارية والممسوكة مف طرفيـ‪ ،‬شريطة أالّ يخالؼ‬
‫الجزائري الشروط األساسية التي يتطمبيا القانوف الوطني إلمكانية إبراـ عقد الزواج‪ ،‬وىو‬
‫نصت عميو المادة ‪ 76‬و‪ 97‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪.‬‬
‫ما ّ‬
‫‪49‬‬
‫يسجؿ العقد بسبب عدـ وجود عقود كتابية في البمد األجنبي‪ ،‬أو بسبب‬
‫واذا لـ ّ‬
‫يسجؿ إذا كاف القانوف المحمي يقبؿ التصريحات المتأخرة‪،‬‬
‫فإما أف ّ‬‫عدـ التصريح بو‪ّ ،‬‬
‫أو استصدار حكـ مف رئيس محكمة مدينة الجزائر يقضي بتسجيمو في السجبلّت‬
‫القنصمية‪ ،‬حيث يقوـ وكيؿ الجميورية بإرساؿ الحكـ فور إصداره إلى و ازرة الشؤوف‬
‫الخارجية لتسجيمو في السجبلت المودعة لدييا‪ ،‬والتي تحتفظ باألصؿ الثاني مف السجبلت‬
‫القنصمية‪ ،‬وفقا لممواد ‪ 103 ،102 ،99 ،98‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪.‬‬
‫‪ -2‬إجراءات التسجيل وفقا لمطريقة غير المباشرة‬
‫يتـ التمييز في ىذه المسألة بيف حالتيف‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬حيف ال يوجد نزاع أو خبلؼ بيف الزوجيف‪ ،‬أو بيف أحد الزوجيف‬
‫فإف إجراءات تسجيؿ‬
‫وبيف ورثة الزوج اآلخر‪ ،‬وكبلىما يعترؼ بواقعة الزواج وبشرعيتو‪ّ ،‬‬
‫تتـ عبر تقديـ أحد الطرفيف أو كبلىما‪ ،‬أو مف لو المصمحة في إثباتو‪،‬‬
‫عقد الزواج ّ‬
‫عريضة إلى السيد وكيؿ الجميورية التابع لممحكمة التي يقع ضمف دائرة اختصاصيا‬
‫اإلقميمي مكاف إبراـ عقد الزواج‪ ،‬ويرفؽ الطمب بالوثائؽ الثبوتية‪ ،‬كشيادة ميبلد الزوجيف‪،‬‬
‫وشيادة عدـ تسجيؿ الزواج‪ ،‬ونسخة مف بطاقة الحالة المدنية لكبل الزوجيف‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى إحضار الشاىديف‪ ،‬حيث يقوـ وكيؿ الجميورية بعد دراسة الممؼ بسماع الشيود‬
‫ضمف محضر يحرره أميف الضبط‪ ،‬ثـ يبدي مبلحظاتو والتماساتو‪ ،‬ويقدمو فو ار لرئيس‬
‫المحكمة‪ ،‬والذي بدوره يقوـ بتفحص عريضة المعني ومستنداتو‪ ،‬ليتأ ّكد إف كاف الزواج قد‬
‫ثـ يصدر أم ار أو حكما‬
‫تـ وفقا ألحكاـ الشريعة اإلسبلمية وألحكاـ المادة ‪ 09‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫بتسجيؿ عقد الزواج في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وفقا لنص المادتيف ‪ 39‬و‪ 40‬مف‬
‫بأي طريؽ مف طرؽ الطعف‬
‫بأنو غير قابؿ لمطعف فيو ّ‬ ‫ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪ ،‬ويتميز األمر أو الحكـ ّ‬
‫العادية أو غير العادية‪ ،‬ويتولى السيد وكيؿ الجميورية تنفيذ ذلؾ‪ ،‬حيث يرسؿ نسخة مف‬
‫األمر أو الحكـ لضابط الحالة المدنية لمبمدية التي أبرـ فييا عقد الزواج‪ ،‬ويأمره بتسجيمو‬
‫‪1‬‬
‫يتـ تسجيمو بأثر رجعي مف تاريخ وقوع الزواج ال مف‬
‫في سجبلت الحالة المدنية ‪ ،‬حيث ّ‬
‫تاريخ اإلثبات القضائي لو‪.‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.307 ،306‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪50‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬حيف يقع الخبلؼ والنزاع بيف الزوجيف‪ ،‬أو بيف أحدىما وورثة‬
‫اآلخر حوؿ واقعة الزواج أو شرعيتو‪ ،‬حيث قد ينكر أحد الطرفيف إبراـ عقد الزواج‪،‬‬
‫فإف إج ارءات إثباتو وتسجيمو تتطمب رفع دعوى عادية‬
‫أو ينازع في شرعيتو أو قانونيتو‪ّ ،‬‬
‫أماـ المحكمة المختصة نوعيا ومحميا‪ ،‬بأف تُرفع أماـ قسـ شؤوف األسرة بالمحكمة التي‬
‫ويتـ ذلؾ وفقا لمقواعد‬
‫يدعي الطرؼ إبراـ عقد الزواج في دائرة اختصاصيا اإلقميمي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫العامة في رفع الدعاوى‪ ،‬بتسجيؿ عريضة افتتاح الدعوى أماـ أمانة الضبط مف أجؿ‬
‫إثبات عقد الزواج مف الطرؼ الذي لو الصفة والمصمحة واألىمية لمباشرة ىذا اإلجراء‪،‬‬
‫يدوف أميف الضبط عمى العريضة المسجمة رقـ القضية‪ ،‬ويحدد تاريخ أوؿ جمسة‪ ،‬ثـ‬
‫حيث ّ‬
‫المدعي بتكميؼ المدعى عميو بالحضور لمجمسة المحددة عف طريؽ المحضر‬ ‫يقوـ ّ‬
‫المدعي حججو واثباتاتو‪ ،‬والشيود الذيف حضروا إبراـ عقد الزواج‪ ،‬حيث‬
‫قدـ ّ‬‫القضائي‪ ،‬وي ّ‬
‫يقوـ قاضي شؤوف األسرة بإجراء تحقيؽ في القضية‪ ،‬وذلؾ بسماع األطراؼ والشيود وولي‬
‫الزوجة‪ ،‬ويتحقّؽ مف وسائؿ اإلثبات األخرى إف وجدت كاإلقرار‪ ،‬وقد يوجو اليميف ألحد‬
‫الطرفيف أو كبلىما‪ ،‬واذا اقتنع قاضي شؤوف األسرة بصحة ادعاءات واإلثباتات المقدمة‬
‫مف طرؼ المدعي‪ ،‬ومف شرعية الزواج المبرـ وتوافر ركف الزواج وشروطو المنصوص‬
‫بصحة الزواج المبرـ بيف‬‫ّ‬ ‫عمييا في المادتيف التاسعة والتاسعة مكرر في ؽ‪.‬أ‪ ،‬يحكـ‬
‫يتـ تسجيمو في سجؿ عقود الزواج بالحالة المدنية لمبمدية‬
‫الزوجيف وشرعيتو وقانونيتو‪ ،‬و ّ‬
‫‪1‬‬
‫المدعي‬
‫صحة ا ّدعاءات ّ‬
‫المختصة بسعي مف النيابة العامة ‪ ،‬واذا لـ يقتنع القاضي مف ّ‬
‫فإنو يرفض الدعوى لعدـ التأسيس بسبب عدـ كفاية‬
‫ومف اإلثباتات المقدمة مف قبمو‪ّ ،‬‬
‫األدلة‪.‬‬
‫ّ‬
‫فإنو‬
‫ونشير إلى ّأنو بعدما يتأ ّكد القاضي ويتحقّؽ مف قياـ عقد الزواج وص ّحتو‪ّ ،‬‬
‫يحكـ بإثباتو وتسجيمو في سجبلّت الحالة المدنية بأثر رجعي يعود إلى تاريخ انعقاده‪،‬‬
‫وليس إلى تاريخ صدور الحكـ بإثباتو واألمر بتسجيمو‪ ،‬وبعد ذلؾ يستطيع الزوجاف‬
‫استخراج نسخة مف عقد الزواج الثابت بموجب حكـ قضائي مف مصالح الحالة المدنية‪،‬‬
‫حجة قاطعة في اإلثبات‪ ،‬ال تقبؿ الطعف فييا إالّ بالتزوير‪.‬‬
‫وىو ّ‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.307‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ -03‬إجراءات تسجيل عقود الزواج المغفمة في القانون الدولي الخاص‬
‫تمت ُعرفيا‬
‫عالج المشرع مف خبلؿ األمر ‪ 20-70‬عقود الحالة المدنية التي ّ‬
‫يتـ التصريح بيا في وقتيا‪ ،‬حيث‬
‫وسماىا بالعقود المغفمة‪ ،‬ومف بينيا عقود الزواج التي لـ ّ‬
‫ّ‬
‫مسمى تعويض العقود‬
‫ّ‬ ‫تطرؽ إلى أحكاميا في القسـ األوؿ مف الفصؿ الثاني تحت‬
‫المغفمة أو المتمفة‪ ،‬وذلؾ في المواد ‪ 39‬إلى ‪ ،42‬وكذا المواد ‪ 99 ،98‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪ ،‬حيث‬
‫يتـ التصريح بيا‬
‫تعتبر عقود الزواج عقودا مغفمة في القانوف الدولي الخاص إذا لـ ّ‬
‫لضابط الحالة المدنية في اآلجاؿ المقررة وتع ّذر قبوليا‪ ،‬أو عندما ال توجد سجبلت‬
‫أو فقدت ألسباب أخرى غير أسباب الكارثة أو العمؿ الحربي‪ ،‬وبالتالي فعقد الزواج‬
‫العرفي ىو عقد مغفؿ لـ يتمكف الزوجيف أو محرر العقد مف تسجيمو في اآلجاؿ المحددة‬
‫قانونا‪.1‬‬
‫وترجع حاالت نشوء عقود الزواج المغفمة وفقا لنص المادة ‪ 98‬و‪ 99‬و‪ 101‬مف‬
‫إما بسبب عدـ وجود عقود كتابية في البمد األجنبي‪ ،‬أو بسبب عدـ تصريح‬ ‫ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪ّ ،‬‬
‫الزوجيف بالزواج المبرـ بينيما‪ ،‬أو بسبب ضياع عقد الزواج أو إتبلفو المبرـ في بمد‬
‫أجنبي‪ ،‬وال يوجد نص في القانوف األجنبي يبيف كيفية إعادة إنشائو‪.‬‬
‫ويشترط في تسجيؿ عقود الزواج المغفمة شروطا شكمية وأخرى موضوعية‪ ،‬أما‬
‫حددتو المادة ‪ 99‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪ ،‬حيث يختص‬ ‫الشكمية فتتمثؿ في شرط االختصاص‪ ،‬والذي ّ‬
‫رئيس محكمة مدينة الجزائر بإصدار الحكـ القاضي بتثبيت وتسجيؿ عقد الزواج المغفؿ‪،‬‬
‫بموجب طمب يرفعو صاحب المصمحة‪ ،‬إذا كاف الزواج غير متنازع فيو‪ ،‬ويرجع إسناد‬
‫االختصاص إلى رئيس محكمة مدينة الجزائر دوف سواىا‪ ،‬كوف أف الحالة المدنية‬
‫صح ُح عمى مستوى مكتب الحالة المدنية بو ازرة الشؤوف‬
‫لمجزائرييف المقيميف في الخارج تُ ّ‬
‫الخارجية المتواجدة بالجزائر العاصمة‪ ،‬أما إذا كاف الزواج متنازعا فيو‪ ،‬فترفع الدعوى مف‬
‫صاحب المصمحة أماـ المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصاىا اإلقميمي موطف المدعى‬
‫عميو‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 426‬الفقرة ‪ 02‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬

‫مدوري زايدي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.130‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪52‬‬
‫وأما الشروط الموضوعية فتتمثؿ في أف يستوفي الطرؼ الجزائري في عقد الزواج‬
‫الشروط الموضوعية لمزواج طبقا لمقانوف الوطني‪ ،‬وىو ما نصت عميو المادة ‪ 97‬مف‬
‫ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪ ،‬والمادة ‪ 11‬مف ؽ‪.‬ـ‪ ،‬وتتمثؿ الشروط الموضوعية لعقد الزواج في توفر ركف‬
‫رضا الزوجيف المحدد في المادة ‪ 09‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وتوفّر الشروط المحددة في المادة ‪09‬‬
‫مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وتتمثؿ في أىمية الزواج‪ ،‬الصداؽ‪ ،‬الولي‪ ،‬شاىداف‪ ،‬وانعداـ الموانع‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫يتـ‬
‫وبالنسبة لئلجراءات الواجبة االتباع مف أجؿ تثبيت الزواج المغفؿ وتسجيمو‪ّ ،‬‬
‫التمييز بيف حالة الزواج غير المتنازع فيو‪ ،‬وحالة الزواج المتنازع فيو بيف الزوجيف‬
‫أو ورثتيما‪ ،‬حيث تتمثؿ إجراءات التسجيؿ في الحالة األولى في تقديـ طمب مكتوب مف‬
‫الزوج أو الزوجة أو مف كمييما أو ممف لو مصمحة‪ ،‬يوجو الطمب لمسيد وكيؿ الجميورية‬
‫لدى محكمة الجزائر‪ ،‬وىي محكمة سيدي امحمد التابعة لمجمس قضاء الجزائر‪ ،‬يقدـ‬
‫الطمب مرفقا بشيادة ميبلد الزوجيف‪ ،‬وشيادة شاىديف ممف حض ار إبراـ عقد الزواج‪ ،‬حيث‬
‫عد عريضة يقدميا لمسيد رئيس محكمة‬
‫وي ّ‬
‫يقوـ السيد وكيؿ الجميورية بالتحقيؽ في الطمب‪ُ ،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬الذي يقرر ويصدر أم ار بتثبيت الزواج وتسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‬
‫القنصمية‪ ،‬أو السفارة الجزائرية بالبمد الذي أبرـ فيو عقد الزواج‪ ،‬ثـ يقوـ السيد وكيؿ‬
‫الجميورية بإرساؿ نسخة مف األمر إلى و ازرة الشؤوف الخارجية‪.‬‬
‫أما في الحالة الثانية أيف تكوف واقعة الزواج متنازعا فييا بيف الزوجيف‬
‫تتـ برفع دعوى قضائية وفقا لمقواعد العامة في رفع‬
‫أو ورثتيما‪ ،‬فإف إجراءات التسجيؿ ّ‬
‫الدعاوى‪ ،‬أماـ محكمة موطف المدعى عميو‪ ،‬مف أجؿ استصدار حكـ قضائي بإثبات‬
‫الزواج العرفي وتسجيمو في سجبلت الحالة المدنية المختصة‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬آثار تسجيل عقد الزواج‬
‫يمكف استخبلص اآلثار المترتبة عمى تسجيؿ عقد الزواج مف مضموف المادة ‪72‬‬
‫مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪ ،‬وىي تتمثؿ في وجوب تسميـ الموثؽ لمزوجيف بعد تحريره عقد الزواج شيادة‬
‫تثبت انعقاد الزواج‪ ،‬وأف يسمّـ ضابط الحالة المدنية لمزوجيف دفت ار عائميا مثبتا لمزواج‪ ،‬بعد‬
‫تسجيمو عقد الزواج في سج ّؿ الحالة المدنية‪ ،‬كما يقع عمى عاتؽ ضابط الحالة المدنية‬
‫يبيف‬
‫عبء كتابة بياف الزواج في السجبلّت عمى ىامش عقد ميبلد كؿ واحد مف الزوجيف‪ّ ،‬‬
‫‪53‬‬
‫تزوج بتاريخ كذا مع فبلنة أو فبلف‪ ،‬واذا كاف مكاف ميبلد أحد الزوجيف‬ ‫بأنو ّ‬
‫مف خبللو ّ‬
‫خارج اختصاص مقر إبراـ عقد الزواج‪ُ ،‬يرسؿ ضابط الحالة المدنية الذي أُْب ِرَـ عقد الزواج‬
‫أمامو إلى ضابط الحالة المدنية مكاف ميبلد الزوج إخبا ار بالزواج‪ ،‬ليقوـ بتسجيؿ بياف‬
‫الزواج عمى ىامش عقد ميبلد الزوج‪ ،‬واذا كاف ميبلد أحد الزوجيف في الخارج‪ُ ،‬يرسؿ‬
‫ضابط الحالة المدنية اإلخبار إلى و ازرة الشؤوف الخارجية لمتسجيؿ‪.‬‬
‫أف كتابة عقد الزواج وتسجيمو مف طرؼ ضابط الحالة المدنية‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫أو الموثؽ ليست شرطا وال ركنا في عقد الزواج‪ ،‬واّنما ينعقد الزواج بتوافر ركف الرضا وفقا‬
‫لممادة ‪ 09‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وبتوافر الشروط الواردة في المادة ‪ 09‬مكرر ؽ‪.‬أ‪ ،‬واّنما يقتصر دور‬
‫تسجيؿ عقد الزواج عمى اإلثبات فقط‪ ،‬وفي حالة عدـ تسجيمو يثبت عقد الزواج بحكـ‬
‫قضائي‪.‬‬
‫إ ّف تحقيؽ اليدؼ الذي يسعى إليو المشرع‪ ،‬وىو جعؿ كؿ عقود الزواج تبرـ أماـ‬
‫الجية الرسمية المختصة‪ ،‬وتسجؿ في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬يمكف تحقيقو مف خبلؿ‬
‫توحيد الجيّة التي ُيبرـ أماميا عقد الزواج الشرعي واإلداري الرسمي‪ ،‬والغاء االزدواجية‬
‫والتفريؽ بيف العقد الشرعي الذي ُيبرـ مف قبؿ اإلماـ‪ ،‬والعقد الرسمي الذي ُيبرـ مف طرؼ‬
‫ألف التعميمة التي صدرت عف و ازرة الشؤوف الدينية‬
‫ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ‪ّ ،‬‬
‫واألوقاؼ‪ ،‬والتي تقضي بمنع األئمة مف إبراـ عقود الزواج الشرعية حتى يتـ إبراـ عقد‬
‫الزواج المدني أماـ الجية المختصة‪ ،‬ويتـ استظيار نسخة مف العقد المدني‪ ،‬لـ تنجح في‬
‫إنياء عقود الزواج العرفية‪ ،‬والتي ال تزاؿ تبرـ إلى وقتنا الحالي‪ ،‬وال زاؿ العديد مف قضايا‬
‫كرست ازدواجية العقد الشرعي‬
‫إثبات الزواج العرفي تعرض عمى القضاء‪ ،‬فضبل عف أنيا ّ‬
‫والمدني‪ ،‬فمف شأف توحيد الجية المختصة بإبراـ وتوثيؽ عقود الزواج أف يحقّؽ الغرض‬
‫المنشود‪.‬‬
‫لذا ومف أجؿ تحقيؽ اليدؼ المتوخى مف قبؿ المشرع‪ ،‬أوصي بإسناد ميمة إبراـ‬
‫وتوثيؽ عقود الزواج إلى أئمة المساجد‪ ،‬باعتبار اإلماـ موظؼ عمومي مؤىؿ شرعا‬
‫وقانونا‪ ،‬وعمى دراية بفقو الزواج وأحكامو أكثر مف غيره‪ ،‬وتمكيف اإلماـ مف نماذج رسمية‬
‫تدوف فيو كؿ‬
‫وسجؿ خاص تسمّمو لو مديرية الشؤوف الدينية واألوقاؼ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫لعقود الزواج‪،‬‬
‫عقود الزواج المبرمة مف قبؿ اإلماـ‪ ،‬وتحديد أجؿ مناسب بعد إبراـ عقود الزواج مف أجؿ‬
‫‪54‬‬
‫قياـ اإلماـ بتسجيمو لدى ضابط الحالة المدنية في السجبلت المخصصة لذلؾ‪ ،‬فيذا‬
‫اإلجراء في اعتقادي سيؤدي إلى التقميؿ بشكؿ كبير مف ظاىرة انتشار الزواج العرفي‪ ،‬لذا‬
‫يتـ عقد الزواج أماـ‬
‫أقترح تعديؿ نص المادة ‪ 18‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وذلؾ عمى النحو التالي‪ّ " :‬‬
‫اإلماـ مع مراعاة ما ورد في المادتيف ‪ 09‬و ‪ 09‬مكرر مف ىذا القانوف‪.‬‬
‫يجب عمى اإلماـ أف يرسؿ ممخصا عف العقد في أجؿ ثبلثة أياـ إلى ضابط‬
‫الحالة المدنية ليقوـ بنسخو في سجؿ الحالة المدنية خبلؿ خمسة أياـ"‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إثبات عقد الزواج‬

‫الن زاعات المتعمقة بإثبات العبلقة الزوجية أو نفييا حي از كبي ار مف القضايا‬


‫تش ّكؿ ّ‬
‫آثار كبيرة عمى الزوجة‬
‫المعروضة عمى أقساـ شؤوف األسرة‪ ،‬وىي نزاعات خطيرة ترتب ا‬
‫واألوالد واألسرة ككؿ‪ ،‬سواء مف ناحية نسب األوالد‪ ،‬أو مف ناحية شرؼ وعرض الزوجة‬
‫وأىميا‪ ،‬أو مف ناحية حقوؽ اإلرث بيف طرفي النزاع‪ ،‬أو غيرىا مف اآلثار األخرى‪.‬‬
‫يحث‬
‫ّ‬ ‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫لذا تكتسي كتابة عقود الزواج وتوثيقيا أىمية كبيرة‪ ،‬ما جعؿ‬
‫الزوجيف عمى ضرورة إبراـ وتحرير عقود الزواج أماـ الموثؽ أو أماـ موظؼ مؤىؿ لذلؾ‪،‬‬
‫أف ىذه الكتابة ليست شرطا مف شروط‬ ‫وفقا لما نصت عميو المادة ‪ 18‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬غير ّ‬
‫صحة عقد الزواج‪ ،‬واّنما ىي وسيمة لئلثبات فقط‪ ،‬وىو نفس منيج الفقو اإلسبلمي الذي‬
‫صحة عقد الزواج‪ ،‬واّنما تيدؼ‬
‫ّ‬ ‫أف الكتابة شرطا مف شروط‬ ‫لـ يقؿ أحد مف الفقياء ب ّ‬
‫وعرض عمى القضاء‪ ،‬حوؿ إثبات‬ ‫الكتابة إلى حفظ الحقوؽ إذا ما ثار نزاع بيف الزوجيف ُ‬
‫الزواج‪ ،‬أو نسب األوالد‪ ،‬أو نفقة الزوجة واألوالد‪ ،‬أو حؽ أحد الزوجيف في الميراث إذا‬
‫توفي الزوج اآلخر‪.‬‬
‫ويتـ تناوؿ مف خبلؿ ىذا المبحث مسألة إثبات عقود الزواج في إطار قانوف‬
‫ثـ وسائؿ إثبات عقد الزواج العرفي‪.‬‬
‫األسرة‪ّ ،‬‬

‫‪55‬‬
‫المطمب األول‪ :‬إثبات الزواج في إطار قانون األسرة‬

‫المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ عمى ّأنو يثبت الزواج بمستخرج مف سج ّؿ‬


‫ّ‬ ‫المشرع في‬
‫ّ‬ ‫نص‬
‫ّ‬
‫المشرع إثبات‬
‫ّ‬ ‫الحالة المدنية‪ ،‬وفي حالة عدـ تسجيمو يثبت بحكـ قضائي‪ ،‬وعميو حصر‬
‫عقد الزواج في طريقتيف اثنتيف ىما‪:‬‬
‫أف إثبات الزواج يتـ عف طريؽ مستخرج مف سجؿ الحالة المدنية‪ ،‬وفي‬
‫القاعدة ّ‬
‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫تـ إبراـ عقد الزواج دوف احتراـ مقتضيات المادة ‪ 18‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬فقد سمح‬
‫حالة ّ‬
‫استثناء بإثباتو عف طريؽ حكـ قضائي‪ ،‬وىذا االستثناء جاء مف أجؿ تسجيؿ عقود الزواج‬
‫نص عمييا المشرع عند‬
‫التي أغفؿ أصحابيا اتّباع اإلجراءات اإلدارية أو التنظيمية التي ّ‬
‫إبراـ عقد الزواج‪.‬‬
‫أف المشرع لـ ُيبيف الوسائؿ المقبولة والمعتمدة في إثبات عقد الزواج غير‬
‫غير ّ‬
‫كأدلة عند إصدار‬
‫المسجؿ‪ ،‬مما يطرح التساؤؿ حوؿ وسائؿ اإلثبات التي يعتمدىا القضاء ّ‬
‫ّ‬
‫حكـ بإثبات الزواج غير المسجؿ في سجبلت الحالة المدنية؟‬
‫يتـ إثباتو بموجب حكـ قضائي‪ ،‬ىو ذلؾ‬
‫أف الزواج الذي ّ‬
‫ونؤكد في ىذا الصدد ّ‬
‫تـ بتوافر ركنو وشروطو المنصوص عمييا في قانوف األسرة وفؽ‬
‫الزواج الشرعي الذي ّ‬
‫نص المادتيف التاسعة والتاسعة مكرر‪ ،‬وال يمكف بحاؿ مف األحواؿ تطبيؽ نص المادة ‪22‬‬
‫يتـ أحيانا المجوء إلى‬
‫محرمة‪ ،‬والتي ّ‬‫يتـ بيف رجؿ وامرأة مف عبلقات ّ‬ ‫مف ؽ‪.‬أ عمى ما ّ‬
‫القضاء مف أجؿ محاولة إضفاء الشرعية عمييا والحاقيا بعقود الزواج‪.‬‬
‫يتـ التطرؽ إلييا مف‬
‫ولكؿ طريقة مف طرؽ إثبات الزواج أحكاميا وتفاصمييا ّ‬
‫خبلؿ الفرعيف التاليف‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إثبات الزواج بمستخرج من سج ّل الحالة المدنية‬

‫أقّر المشرع في المادة ‪ 18‬مف ؽ‪.‬أ كتابة عقد الزواج أماـ ضابط الحالة المدنية‬
‫عد وثيقة عقد الزواج الوثيقة الرسمية إلثبات العبلقة الزوجية‪ ،‬والتي‬
‫أو الموثؽ‪ ،‬حيث ت ّ‬
‫تـ تسجيميا بسجبلت الحالة المدنية‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ويكتسب‬ ‫ُح ّررت و ّ‬
‫تـ تحريره وفقا ألحكاـ المواد ‪ 18‬و‪ 21‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ووفقا ألحكاـ المواد مف‬
‫ىذا العقد الذي ّ‬

‫‪56‬‬
‫حجية إثبات قطعية ال يمكف الطعف‬
‫‪ 71‬إلى ‪ 77‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ صفة المحرر الرسمي‪ ،‬ولو ّ‬
‫فييا إال بالتزوير‪.1‬‬
‫إف وثيقة عقد الزواج الثابتة بموجب مستخرج مف سج ّؿ الحالة المدنية ىي التي‬
‫ّ‬
‫تثبت العبلقة الزوجية‪ ،‬وتثبت صفة الزوج والزوجة في حالة النزاع أماـ القضاء‪ ،‬حيث‬
‫يقدـ ىذه‬
‫النزاعات بيف الزوجيف التي ترفع إلى القضاء أف ّ‬ ‫المدعي في كؿ ّ‬
‫ّ‬ ‫يجب عمى‬
‫الوثيقة‪ ،‬حتى تنظر المحكمة وتناقش موضوع الدعوى‪ ،‬واالّ َيح ُك ُـ القاضي بعدـ قبوؿ‬
‫الدعوى‪.‬‬
‫النزع أماـ القضاء‬
‫إ ّف ىذه الوثيقة المكتوبة تثبت العبلقة الزوجية سواء كاف ا‬
‫المدني أو الجزائي ‪ ،‬كما يحتج بيا أماـ مختمؼ اإلدارات العمومية الوطنية أو األجنبية‬
‫كالييئات الدبموماسية مف سفارات وقنصميات‪.2‬‬
‫المشرع مثؿ ىذه اإلجراءات المتعمقة بتوثيؽ عقد الزواج وتسجيمو‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إف فرض‬‫ّ‬
‫واعتماد وثيقة عقد الزواج المستخرجة مف سجبلت الحالة المدنية كوسيمة إثبات لقياـ‬
‫العبلقة الزوجية‪ ،‬واالحتجاج بيا أماـ الييئات القضائية والمدنية‪ ،‬جاء مف أجؿ الحفاظ‬
‫السامية‪ ،‬ونظ ار لخطورة اآلثار المترتبة عميو‪،‬‬
‫عمى قدسية عقد الزواج‪ ،‬واظيا ار لمكانتو ّ‬
‫سواء بالنسبة لمزوجيف أو لؤلوالد أو لممجتمع‪ ،‬ومنعا ألي تبلعب أو تياوف مف أي طرؼ‬
‫ألف مف المقاصد التي جاءت الشريعة اإلسبلمية لحمايتيا مقصد حفظ‬ ‫مف األطراؼ‪ّ ،‬‬
‫سف المشرع لمثؿ ىذه اإلجراءات اإلدارية والتنظيمية المتعمقة بتوثيؽ عقد‬
‫العرض‪ ،‬وفي ّ‬
‫الزواج وتنظيمو تحقيقا ليذا المقصد‪ ،‬بالرغـ مف عدـ وجود مثؿ ىذه اإلجراءات في الفقو‬
‫اإلسبلمي‪ ،‬وعدـ النص عمييا‪.‬‬
‫وبذلؾ ال يكفي مجرد التصريح واالعتراؼ مف أحد الزوجيف أو كبلىما بوجود‬
‫عبلقة زوجية بينيما إلثبات وجود عقد الزواج‪ ،‬واالحتجاج بو أماـ الجيات القضائية‬
‫أو المدنية‪ ،‬بؿ ال بد أف يستظي ار وثيقة عقد الزواج المستخرجة مف سجبلت الحالة‬
‫المدنية‪ ،‬حتى ُيثبتا وجود عبلقة زوجية صحيحة بينيما‪ ،‬وحتى يثبتا صفتيما كزوجيف‪.‬‬

‫بمحاج العربي‪ ،‬أحكاـ الزوجية وآثارىا في قانوف األسرة الجزائري‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص ‪.461‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد الكشبور‪ ،‬الواضح في شرح مدونة األسرة‪ ،‬ج ‪ ،1‬الزواج‪ ،‬ط ‪ ،3‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المغرب‪ ،2015 ،‬ص ‪.452‬‬


‫‪57‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إثبات الزواج بحكم قضائي‬

‫حدده المشرع‪ ،‬أال وىو‬


‫قد يبرـ الزوجاف عقد زواجيما خارج اإلطار الرسمي الذي ّ‬
‫المثوؿ أماـ الجية الرسمية التي كمّفيا المشرع بإبراـ عقد الزواج‪ ،‬مما يدفع الزوجاف إلى‬
‫حدد المشرع كيفية إثبات ىذا الزواج والحاالت المستوجبة لو‬
‫السعي إلثبات زواجيما‪ ،‬وقد ّ‬
‫ميز األحكاـ القضائية المثبتة لو ببعض الخصوصية ( ثانيا)‪.‬‬
‫(أوال)‪ ،‬كما ّ‬
‫أوال‪ -‬الحالة المستوجبة إلثبات الزواج بحكم قضائي‬
‫يمجأ العديد مف الناس إلى إبراـ عقود زواجيـ وفقا لما يقتضيو العرؼ‪ ،‬وذلؾ‬
‫بقراءة سورة الفاتحة في مجمس العقد بتوافر أركاف وشروط الزواج‪ ،‬مخالفيف النصوص‬
‫القانونية التي تنص عمى إبراـ عقود الزواج أماـ الموثؽ أو أماـ ضابط الحالة المدنية‬
‫وتسجيميا في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬غير أنيـ يجدوف أنفسيـ بعد ذلؾ مضطريف لمجوء‬
‫إلى القضاء مف أجؿ إثبات الزواج حفاظا عمى حقوقيـ المترتبة عمى عقد الزواج‪.‬‬
‫وقد أقّر المشرع في المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ طريقة ثانية في إثبات العبلقة الزوجية‬
‫يثبت بمستخرج مف‬‫ُ‬ ‫أف الزواج‬
‫إلى جانب الطريقة األولى المذكورة سابقا‪ ،‬والتي مفادىا ّ‬
‫يتـ أماـ الموثؽ‬
‫أف إثبات الزواج الذي لـ ّ‬
‫سجبلّت الحالة المدنية‪ ،‬وتقضي الطريقة الثانية ب ّ‬
‫يتـ بموجب‬
‫أو أماـ ضابط الحالة المدنية‪ ،‬ولـ يتـ تسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ّ ،‬‬
‫حكـ قضائي‪ ،‬وذلؾ وفقا إلجراءات رفع الدعاوى‪ ،‬حيث يقوـ الزوجاف أو أحدىما‬
‫أو بواسطة محامييما بتحرير عريضة افتتاحية لمدعوى وتسجيميا أماـ المحكمة المختصة‪،‬‬
‫مف أجؿ طمب إثبات الزواج الشرعي الذي أبرـ بينيما بتوافر أركانو وشروطو‪ ،‬وبعد‬
‫يتـ تسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪.‬‬‫صدور حكـ يثبت زواجيما‪ّ ،‬‬
‫ثانيا‪ -‬خصوصية األحكام القضائية المثبتة لعقد الزواج‬
‫المشرع لـ يشترط شروطا محددة‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫إف المبلحظ عمى نص المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫مف أجؿ إثبات الزواج بموجب حكـ قضائي‪ ،‬حيث لـ يشترط توافر أسباب محددة تحوؿ‬
‫دوف تسجيؿ الزواج في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬والتي تكوف مقبولة لدى القضاء مف أجؿ‬
‫مدعي الذي يرفع دعوى‬
‫فإف ال ّ‬
‫استصدار حكـ قضائي بإثبات الزواج غير الموثؽ‪ ،‬وعميو ّ‬
‫أماـ القضاء مف أجؿ إثبات زواج عرفي‪ ،‬ليس ممزما ببياف األسباب التي حالت دوف‬

‫‪58‬‬
‫تحرير عقد الزواج أماـ الموثؽ أو ضابط الحالة المدنية‪ ،‬والتي حالت أيضا دوف تسجيمو‬
‫في وقتو بسجبلت الحالة المدنية‪.‬‬
‫المدعي عند رفعو‬
‫أف المشرع لـ يحدد الوسائؿ التي يجب أف يستند إلييا ّ‬ ‫كما ّ‬
‫دعوى إثبات الزواج العرفي مف أجؿ إثبات مزاعمو أماـ القضاء‪ ،‬وترؾ المجاؿ مفتوحا في‬
‫اعتماد كؿ وسائؿ اإلثبات عند المجوء إلى القضاء إلثبات العبلقة الزوجية‪.‬‬
‫ونشير ىنا إلى موقؼ المشرع المغربي‪ ،‬الذي اشترط ضرورة توافر أسباب قاىرة‬
‫نص صراحة عمى‬
‫حالت دوف توثيؽ عقد الزواج في وقتو حتى تسمع دعوى الزوجية‪ ،‬كما ّ‬
‫اعتماد المحكمة سائر وسائؿ اإلثبات وكذا الخبرة في الفقرة الثانية المادة ‪ 16‬مف مدونة‬
‫األسرة‪.1‬‬
‫أف تعديؿ المشرع لممادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬واسقاطو عبارة "إذا‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫أف توافر ركف الزواج‬‫توافرت أركانو وفقا ليذا القانوف"‪ ،‬يعتبر إسقاطا في غير محمو‪ ،‬إذ ّ‬
‫يتحراىا القاضي عند نظره دعوى إثبات الزواج العرفي‪،‬‬
‫وشروطو مف أىـ العناصر التي ّ‬
‫وال يمكنو إصدار حكـ بإثبات العبلقة الزوجية إذا تخمّؼ ركف الزواج‪ ،‬وىو رضا الزوجيف‪،‬‬
‫أو إذا تخمّفت شروط الزواج المحددة في المادة ‪ 09‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬كالصداؽ‪ ،‬الولي‪،‬‬
‫تميز الزواج الشرعي عف‬ ‫ألنيا ىي التي ّ‬
‫الشاىديف‪ ،‬األىمية‪ ،‬وانعداـ موانع الزواج‪ّ ،‬‬
‫العبلقات المشبوىة والمحرمة‪ ،‬لذا أوصي بإعادة النص عمى ىذا الشرط في الفقرة األولى‬
‫مف المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ عمى النحو التالي‪" :‬يثبت الزواج بمستخرج مف سجؿ الحالة‬
‫المدنية‪ ،‬وفي حالة عدـ تسجيمو يثبت بحكـ قضائي إذا توافر ركف الزواج وشروطو‬
‫المنصوص عمييا في المادتيف ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف ىذا القانوف"‪.‬‬
‫فإف‬
‫وبالنسبة لمسألة االختصاص في إثبات وتسجيؿ عقود الزواج العرفية‪ّ ،‬‬
‫ألف االختصاص ينعقد لمحاكـ الدرجة األولى‬
‫االختصاص النوعي ال يطرح أي إشكاؿ‪ّ ،‬‬
‫دوف غيرىا‪ ،‬سواء تعمؽ األمر بإثبات زواج عرفي غير متنازع فيو‪ ،‬وذلؾ بموجب أمر‬

‫نصت المادة ‪ 16‬في فقرتيا األولى والثانية مف مدونة األسرة المغربية عمى‪ " :‬تعتبر وثيقة الزواج الوسيمة المقبولة‬ ‫‪1‬‬

‫إلثبات الزواج‪ .‬إذا حالت أسباب قاىرة دوف توثيؽ العقد في وقتو تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائؿ‬
‫اإلثبات وكذا الخبرة"‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫والئي صادر عف رئيس المحكمة‪ ،‬أو تعمّؽ األمر بإثبات زواج عرفي متنازع فيو‪ ،‬عف‬
‫طريؽ استصدار حكـ قضائي مف طرؼ قاضي شؤوف األسرة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لبلختصاص اإلقميمي في إثبات وتسجيؿ عقود الزواج العرفية‪ ،‬فيجب‬
‫ّ‬
‫التمييز فيو بيف دعاوى إثبات وتسجيؿ عقود الزواج العرفية غير المتنازع فييا‪ ،‬ودعاوى‬
‫إثبات وتسجيؿ عقود الزواج العرفية المتنازع فييا‪ ،‬حيث إذا أبرـ الزواج العرفي غير‬
‫المتنازع فيو في الجزائر‪ ،‬انعقد االختصاص اإلقميمي إلى المحكمة التي يقع في دائرة‬
‫اختصاصيا مكاف إبراـ عقد الزواج‪ ،‬أو إلى المحكمة التي يقع بدائرة اختصاصيا مكاف‬
‫حدده المشرع في المادة ‪ 39‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪.1‬‬‫تسجيمو‪ ،‬وذلؾ وفقا لما ّ‬
‫فإف االختصاص‬
‫أما إذا أبرـ عقد الزواج العرفي غير المتنازع فيو خارج الوطف‪ّ ،‬‬
‫اإلقميمي في إثباتو وتسجيمو ينعقد لمحكمة الجزائر دوف غيرىا مف المحاكـ األخرى‪ ،‬وذلؾ‬
‫وفقا لما نص عميو المشرع في المادة ‪ 99‬مف ؽ‪.‬ح‪.‬ـ‪.2‬‬
‫واذا تعمّؽ األمر بإثبات وتسجيؿ عقد زواج عرفي متنازع فيو‪ ،‬فإف ذلؾ يتـ عف‬
‫طريؽ رفع دعوى قضائية مف الزوج أو الزوجة أو النيابة العامة أو كؿ مف لو مصمحة‬
‫أماـ المحكمة التي يقع بدائرة اختصاصيا موطف المدعى عميو‪ 3،‬وذلؾ طبقا لنص المادة‬
‫‪ 426‬فقرة ‪ 02‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫أف‬
‫تميز دعاوى إثبات الزواج العرفي وتسجيمو‪ّ ،‬‬‫ومف بيف الخصوصيات التي ّ‬
‫يقيد ىذه الدعوى بميعاد محدد ترفع خبللو‪ ،‬ولـ يشترط بقاء الزوجيف عمى قيد‬
‫المشرع لـ ّ‬

‫صرح‬
‫تنص المادة ‪ 39‬مف قانوف الحالة المدنية عمى أنو‪ " :‬باستثناء ما ذكر في المادة ‪ 79‬المقطع الرابع‪ ،‬عندما ال ُي ّ‬
‫‪1‬‬

‫بالعقد لضابط الحالة المدنية في اآلجاؿ المقررة‪ ،‬أو تع ّذر قبولو‪ ،‬أو عندما ال توجد سجبلّت أو فقدت ألسباب أخرى‬
‫غير أسباب الكارثة أو العمؿ الحربي‪ ،‬يصار مباشرة إلى قيد عقود الوالدة والزواج والوفاة بدوف نفقة‪ ،‬عف طريؽ صدور‬
‫سجمت فييا العقود‪ ،‬أو التي كاف يمكف تسجيميا فييا‪ ،‬بناء عمى‬ ‫حكـ بسيط مف رئيس محكمة الدائرة القضائية التي ّ‬
‫مجرد طمب مف وكيؿ الدولة بيذه المحكمة‪ ،‬بموجب عريضة مختصرة‪ ،‬وباالستناد إلى كؿ الوثائؽ واإلثباتات المادية"‪.‬‬
‫إما أف يسجؿ‬
‫تنص المادة ‪ 99‬مف قانوف الحالة المدنية عمى أنو‪ " :‬إذا لـ يسجؿ العقد بسبب عدـ التصريح بو‪ ،‬فإنو ّ‬
‫‪2‬‬

‫إذا كاف القانوف المحم ي يقبؿ التصريحات المتأخرة‪ ،‬أو الحصوؿ عمى حكـ مف رئيس محكمة مدينة الجزائر يقضي‬
‫بتسجيمو في السجبلت القنصمية"‪.‬‬
‫بمحيرش حسيف‪ ،‬االجتياد القضائي في مجاؿ إثبات وتسجيؿ الزواج العرفي المتنازع فيو‪ ،‬مجمة البحوث والدراسات‬ ‫‪3‬‬

‫القانونية والسياسية‪ ،‬العدد األوؿ‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة سعد دحمب‪ ،‬البميدة‪ ،2011 ،‬الممتقى المغاربي (االجتياد‬
‫القضائي في مجاؿ األحواؿ الشخصية) المنعقد بتاريخ ‪ 03-02‬سنة ‪ ،2011‬ص ‪.140-139‬‬
‫‪60‬‬
‫الحياة‪ ،‬حيث ترؾ المجاؿ مفتوحا فيما يخص تاريخ رفع ىذه الدعوى‪ ،‬فممزوجيف‬
‫أو ورثتيما الحؽ في رفعيا ميما طالت المدة بيف إبراـ عقد الزواج العرفي‪ ،‬وبيف تاريخ‬
‫رفع الدعوى‪ ،‬سواء في حياة الزوجيف أو حتى بعد وفاتيما‪ ،‬وقد أ ّكد القضاء ىذا المعنى‪،‬‬
‫حيث جاء في قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ 1991/04/23‬ما يمي‪ ..." :‬ولما كاف‬
‫مف الثابت – في قضية الحاؿ – أف المطعوف ضدىا رفعت دعواىا إلثبات الزواج بعد‬
‫عشريف سنة مف انعقاده وبعد وفاة الزوج‪ ،‬فإف قضاة الموضوع الذيف أثبتوا ىذا الزواج بناء‬
‫عمى شيادة الشيود‪ ،‬ولتوفر جميع أركاف عقد الزواج وقرائف تسجيؿ الولديف باسـ أبييما‬
‫أثناء حياتو دوف أف يعترض عمى ذلؾ‪ ،‬يكونوا قد طبقوا صحيح القانوف‪.1"...‬‬
‫تميز قضايا إثبات الزواج العرفي‪ ،‬وىي‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى خصوصية أخرى ّ‬
‫تتعمؽ بالحكـ الفاصؿ في الدعوى‪ ،‬والقاضي بإثبات أو عدـ إثبات واقعة الزواج العرفي‪،‬‬
‫إذ خبلفا لمقواعد العامة التي تشترط مف أجؿ قبوؿ الدعوى شرط عدـ سبؽ الفصؿ فييا‪،‬‬
‫حجة بما فصمت فيو مف‬ ‫بحيث تكوف األحكاـ التي حازت قوة الشيء المقضي بو ّ‬
‫فإف األمر يختمؼ لما يتعمؽ بقضايا‬
‫الحقوؽ‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص المادة ‪ 338‬مف ؽ‪.‬ـ‪ّ ،‬‬
‫الحالة‪ ،‬كقضايا إثبات الزواج والنسب‪ ،‬حيث ال تُعمؿ قاعدة حجية الشيء المقضي بو‪ ،‬بؿ‬
‫أف إثبات واقعة الزواج العرفي ليا‬
‫حجية مؤقتة فقط‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫يكتسي الحكـ الفاصؿ فييا ّ‬
‫حجية مؤقتة كذلؾ‪ ،‬حيث يمكف إثبات ىذه الواقعة متى توفرت األدلّة عمى إثباتيا‪ ،‬وقد‬
‫أشار قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ 1998/12/15‬إلى ذلؾ‪ ،‬إذ جاء فيو‪..." :‬‬
‫حجية الشيء المقضي فيو حسب مفيوـ المادة‬ ‫أف إثبات واقعة الزواج ليست ليا ّ‬‫حيث ّ‬
‫أف إثبات واقعة الزواج العرفي ليا حجية مؤقتة‪ ،‬إذ يمكف إثبات‬
‫‪ 338‬مف ؽ ـ‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫لما قضوا‬‫فإف قضاة الموضوع ّ‬
‫ىذه الواقعة متى توافرت األدلّة عمى إثباتيا‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫المسجؿ بالحالة المدنية في‬
‫ّ‬ ‫برفض طمب الطاعف الرامي إلى إلغاء عقد الزواج‬
‫طبقوا صحيح القانوف‬
‫‪ 1989/04/19‬ببمدية خنشمة تحت رقـ ‪ 179‬يكونوف بذلؾ قد ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،71732‬مؤرخ في ‪ ،1991/04/23‬المجمة القضائية‪ ،‬عدد ‪،02‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1993‬ص ‪ 51‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪61‬‬
‫خصوصا منيا المادة ‪ 09‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،1"...‬كما أ ّكد قرار آخر لممحكمة العميا يتعمؽ بإثبات‬
‫تعد مف قضايا الحالة‪،‬‬
‫أف قضية الحاؿ ّ‬‫الزواج العرفي ىذا المعنى‪ ،‬جاء فيو‪ ..." :‬حيث ّ‬
‫ألف مثؿ ىذه القضايا تعتمد غالبا عمى‬
‫وبالتالي فبل تطبؽ بشأنيا المادة ‪ 338‬مف ؽ ـ‪ّ ،‬‬
‫لتغير إقامتيـ وسكناىـ‪ ،‬مما يجعؿ بعض‬
‫الشيود‪ ،‬وىؤالء تارة يحضروف وأخرى يغيبوف‪ّ ،‬‬
‫األزواج يعجزوف عف تقديـ حججيـ بسبب ذلؾ‪ .‬وحيث كاف مف المفروض عمى قضاة‬
‫موسع ألىمية قضية الحاؿ‪ ،‬ومصير ولديف بسماع شيود‬
‫الموضوع القياـ بإجراء تحقيؽ ّ‬
‫الطاعنة والتأ ّكد مف أقواليـ‪ ،‬وأيضا سماع زوج الطاعنة السابؽ (ح ـ ح) إذا اقتضى‬
‫الحاؿ‪ ،‬وبيذا فقط يمكف الوصوؿ إلى الحقيقة ميما كانت‪ ،‬وسواء كانت في صالح‬
‫ضدىا؟"‪.2‬‬
‫الطاعنة أـ ّ‬
‫وقد ألزـ المشرع النيابة العامة صراحة القياـ بميمة تسجيؿ حكـ تثبيت الزواج‬
‫العرفي في الحالة المدنية‪ ،‬وأعفى الزوجيف مف القياـ بإجراءات التسجيؿ‪ ،‬عمى خبلؼ‬
‫الجية التي يجب عمييا القياـ‬
‫نص المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ قبؿ التعديؿ‪ ،‬الذي لـ ُيشر إلى ّ‬
‫بيذه اإلجراءات‪ ،‬إذ جاء نص المادة ‪ 22‬القديـ عمى النحو التالي‪... " :‬ويتـ تسجيمو‬
‫بالحالة المدنية"‪ ،‬حيث كاف الزوجاف يسعياف إلى تسجيؿ الحكـ القضائي بتثبيت الزواج‬
‫أدى إلى تراكـ العديد مف األحكاـ القضائية المثبتة لمزواج العرفي‪ ،‬والتي‬
‫العرفي‪ ،‬مما ّ‬
‫المشرع عند تعديؿ قانوف األسرة عمى إسناد‬
‫ّ‬ ‫بقيت دوف تسجيؿ لسنوات عديدة‪ ،‬مما حمؿ‬
‫وتسجؿ جميع‬
‫ّ‬ ‫ميمة تسجيؿ ىذه األحكاـ إلى النيابة العامة حتى تُصفّى ىذه الممفات‪،‬‬
‫أحكاـ إثبات الزواج العرفي‪ ،‬وحسنا فعؿ المشرع بإسناد ميمة تسجيؿ عقود الزواج المثبتة‬
‫نظر لصرامة ىذه الجية وفعاليتيا في أداء المياـ‬
‫ا‬ ‫بأحكاـ قضائية إلى النيابة العامة‪،‬‬
‫المسندة إلييا‪ ،‬ونظ ار لتعمؽ المسألة بالنظاـ العاـ‪ ،‬ولكوف النيابة العامة طرفا أصميا في‬
‫قضايا شؤوف األسرة‪.‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 211509‬مؤرخ في ‪ ،1998/12/15‬مجمة االجتياد القضائي‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد خاص‪ ،2001 ،‬ص ‪ 56‬وما بعدىا‪.‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 262912‬مؤرخ في ‪ ،2001/04/18‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2002 ،02‬ص ‪ 409‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪62‬‬
‫صحتو‪ ،‬بحيث جاءت‬
‫يبيف أحكاـ إثبات الزواج العرفي وشروط ّ‬ ‫المشرع لـ ّ‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫كما ّ‬
‫المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ ِج ُّد مقتضبة‪ ،‬وتبقى قاصرة عف اإللماـ بيذه المسألة‪ ،‬فميس كؿ زواج‬
‫المشرع أف ينظّـ إثبات الزواج العرفي ببياف أحكامو‬
‫ّ‬ ‫عيا‪ ،‬لذا عمى‬
‫يعد زواجا شر ّ‬
‫عرفي ّ‬
‫يتميز الزواج العرفي الشرعي عف غيره مف العبلقات غير‬
‫وشروطو ووسائؿ إثباتو‪ ،‬حتى ّ‬
‫الشرعية‪ ،‬حماية لمنظاـ العاـ واآلداب العامة‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬إثبات الزواج العرفي‬

‫أف الوثيقة الوحيدة التي تثبت عقد الزواج‬


‫المشرع في المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ عمى ّ‬
‫ّ‬ ‫أ ّكد‬
‫المبرـ بيف الزوجيف في الحاالت العادية‪ ،‬ىي وثيقة عقد الزواج المستخرجة مف سجبلّت‬
‫الحالة المدنية‪ ،‬وكؿ عقد زواج غير مسجؿ في ىذه السجبلّت ال يمكف االحتجاج بو إالّ‬
‫وتـ تسجيمو بسعي مف الّنيابة العامة في سجبلت‬
‫تـ إثباتو عف طريؽ حكـ قضائي‪ّ ،‬‬
‫إذا ّ‬
‫الحالة المدنية‪.‬‬
‫وأماـ عدـ تحديد المشرع لوسائؿ إثبات خاصة في دعاوى إثبات الزواج العرفي‪،‬‬
‫فإف اإلشكاؿ‬
‫وتركو المجاؿ مفتوحا في اعتماد مختمؼ وسائؿ اإلثبات القانونية الممكنة‪ّ ،‬‬
‫المطروح ىو كيفية إثبات الزواج إذا انعقد بطريقة عرفية‪ ،‬مع توفر ركف الزواج وشروطو‬
‫المحددة في المادتيف ‪ 09‬و ‪ 09‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ودوف تسجيمو‪.‬‬
‫ثـ إلى وسائؿ اإلثبات‬
‫يتـ التطرؽ أوال إلى مفيوـ الزواج العرفي في الفرع األوؿ‪ّ ،‬‬
‫في القواعد العامة‪ ،‬وموقؼ القضاء مف وسائؿ اإلثبات المعتمدة في إثبات الزواج العرفي‬
‫في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفيوم الزواج العرفي‬

‫يتـ بيف رجؿ‬


‫بأنو عقد رضائي ّ‬‫عرؼ المشرع الزواج في المادة الرابعة مف ؽ‪.‬أ ّ‬
‫ّ‬
‫وامرأة عمى الوجو الشرعي‪ ،‬مف أىدافو تكويف أسرة أساسيا المودة والرحمة والتعاوف‬
‫واحصاف الزوجيف والمحافظة عمى األنساب‪ ،‬غير أنو ال يوجد تعريؼ لمزواج العرفي بيذا‬
‫المفظ ال مف قبؿ المشرع‪ ،‬وال مف قبؿ القضاء‪ ،‬رغـ كثرة الق اررات الصادرة عف المحكمة‬
‫تخص تعريؼ‬
‫ّ‬ ‫العميا والمتعمقة بإثبات الزواج العرفي‪ ،‬وأغمب التعريفات الواردة في الفقو‬
‫‪63‬‬
‫تص بعقد الزواج العرفي‪ ،‬ما عدا بعض التعريفات التي‬
‫عقد الزواج بصفة عامة‪ ،‬وال تخ ُّ‬
‫وخصوا بيا عقود الزواج العرفية‪ ،‬ومف بينيا‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أوردىا أصحابيا‬
‫التعريؼ الذي أورده األستاذ بدوي عمي‪ ،‬والذي جاء فيو أف عقد الزواج العرفي‬
‫وتـ فيو الدخوؿ‬
‫أو المغفؿ ىو‪" :‬عقد بيف رجؿ وامرأة أبرـ وفقا ألحكاـ الشريعة اإلسبلمية‪ّ ،‬‬
‫المحددة‬
‫ّ‬ ‫يسجؿ في سجبلت الحالة المدنية خبلؿ الميمة‬ ‫بالزوجة إلى بيت الزوجية‪ ،‬ولـ ّ‬
‫قانونا لذلؾ"‪ ،1‬غير أنني أعتقد أنو ال يشترط الدخوؿ بالزوجة إلى بيت الزوجية حتى‬
‫يتـ عقد الزواج بتوافر أركانو وشروطو‪.‬‬
‫يتحقؽ عقد الزواج‪ ،‬واّنما ّ‬
‫بأنو‪" :‬عقد رضائي مبرـ بيف‬
‫عرؼ األستاذ بمحيرش حسيف الزواج العرفي ّ‬ ‫كما ّ‬
‫رجؿ وامرأة وفقا لمشرع اإلسبلمي‪ ،‬ىدفو تكويف أسرة تقوـ عمى أساس المودة والرحمة‬
‫واحصاف الزوجيف والمحافظة عمى النسؿ"‪ ،2‬وىو تعريؼ أعتقد بأنو ينطبؽ عمى عقد‬
‫يخص الزواج العرفي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الزواج بصفة عامة وال‬
‫بأف‪" :‬عبارة الزواج العرفي عندنا‬
‫نوارة الزواج العرفي ّ‬
‫عرفت األستاذة العشي ّ‬‫كما ّ‬
‫تدؿ عمى عقد الزواج الذي أبرـ وفقا ألحكاـ الشريعة اإلسبلمية ولـ يسجؿ في سجبلت‬
‫الحالة المدنية"‪ ،3‬وأعتقد أف ىذا التعريؼ ىو أصوب تعريؼ لمزواج العرفي‪.‬‬
‫صحة عقود الزواج المبرمة مستوفية األركاف‬
‫ّ‬ ‫وتتفؽ مجمؿ التعريفات عمى‬
‫والشروط المحددة شرعا وقانونا‪ ،‬حتى ولو لـ يتـ تسجيؿ عقد الزواج في سجبلت الحالة‬
‫أف ىذا العقد ال يمكف إثباتو أو االحتجاج بو إالّ بموجب حكـ قضائي‪ ،‬جاء‬
‫المدنية‪ ،‬غير ّ‬
‫يضره (عقد الزواج) ّأنو لـ يكف بصفة‬
‫في فتاوى الشيخ أحمد حماني رحمة اهلل عميو‪ " :‬وال ّ‬
‫ألف ذلؾ غير مشروط‪ ،‬وكثي ار مف حاالت‬
‫يسجؿ في الحالة المدنية‪ّ ،‬‬
‫رسمية‪ ،‬و ّأنو لـ ّ‬

‫بدوي عمي‪ ،‬عقود الزواج العرفية بيف قصور أحكاـ القانوف ومتطمبات المجتمع‪ ،‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد الثاني‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2002‬ص ‪.157‬‬
‫بمحيرش حسيف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.131‬‬ ‫‪2‬‬

‫العشي نوارة‪ ،‬دور قاضي شؤوف األسرة في حفظ اآلداب العامة‪ ،‬مجمة حوليات الجزائر ‪ ،1‬العدد ‪ ،31‬ج ‪ ،2‬جامعة‬ ‫‪3‬‬

‫الجزائر ‪ ،2018 ،01‬ص ‪.277‬‬


‫‪64‬‬
‫الزواج عندنا كانت ال تسجؿ في عيد االستعمار‪ ،‬مقاطعة مف الشعب لمحاكمو‪ ،‬وفي‬
‫عيد الثورة كاف رجاليا ينيوف عف الذىاب إلييا"‪.1‬‬
‫عدة‬
‫وترجع عوامؿ وجود الزواج العرفي واستمرار تواجده إلى يومنا الحالي إلى ّ‬
‫أسباب‪ ،‬منيا ما يرجع إلى عوامؿ تتعمؽ بعدـ استيفاء الشروط اإلدارية لمزواج الرسمي‪،‬‬
‫كعدـ امتبلؾ أحد الزوجيف لبطاقة التعريؼ أو شيادة الميبلد‪ ،‬بسبب أخطاء في البيانات‬
‫يتيسر عميو تصحيحيا وفؽ األطر القانونية التي خطّيا المشرع في‬
‫الواردة فييا‪ ،‬والتي لـ ّ‬
‫مثؿ ىذا الشأف‪ ،‬أو بسبب عدـ حصوؿ أحد الزوجيف القاصر أو كبلىما عمى ترخيص‬
‫السف القانونية لمزواج‪ ،‬أو عدـ حصوؿ الزوج عمى ترخيص‬
‫بالزواج بسبب عدـ بموغو ّ‬
‫بالتعدد نظ ار لمشروط البلزمة لمحصوؿ عمى مثؿ ىذا الترخيص‪ ،‬أو بسبب عدـ تسجيؿ‬
‫الطبلؽ بالنسبة لممطمؽ أو المطمقة في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬بسبب عدـ إرساؿ اإلخبار‬
‫بالطبلؽ مف الجيات القضائية التي صدر عنيا حكـ الطبلؽ إلى ضابط الحالة المدنية‬
‫المختص بتسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬أو بسبب عدـ حصوؿ موظفي بعض‬ ‫ّ‬
‫األسبلؾ التي ُيشترط في زواجيـ رخصة مف الجية المستخدمة‪ ،‬كالعسكرييف وأفراد الدرؾ‬
‫الوطني وأفراد الجيش الشعبي الوطني وأفراد األمف الوطني‪ ،‬أو بسبب عدـ الحصوؿ عمى‬
‫رخصة الزواج بأجنبي لممرأة الجزائرية‪.‬‬
‫تعود المجتمع الجزائري‬
‫ومف بيف عوامؿ تفشي الزواج العرفي إلى يومنا الحالي‪ّ ،‬‬
‫عمى إبراـ الزواج بالطريقة الشرعية بتوافر أركانو وشروطو‪ ،‬وتأثره بالعادات والتقاليد التي‬
‫دأب المجتمع عمى انتياجيا في إبراـ عقود الزواج‪.2‬‬

‫أحمد حماني‪ ،‬فتاوى‪ :‬استشارات شرعية ومباحث فقيية‪ ،‬ج ‪ ،1‬منشورات و ازرة الشؤوف الدينية‪ ،‬الجزائر‪ ،1992 ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.355‬‬
‫بمحيرش حسيف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.136-131‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪65‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬وسائل إثبات الزواج العرفي‬

‫يتـ التطرؽ‬
‫مف أجؿ معرفة وسائؿ اإلثبات المعتمدة في إثبات الزواج العرفي‪ّ ،‬‬
‫ثـ إلى الوسائؿ المعتمدة‬
‫أوال إلى وسائؿ اإلثبات المقررة في القواعد العامة بصفة موجزة‪ّ ،‬‬
‫قضاء في إثبات الزواج العرفي‪.‬‬
‫أوال‪ -‬وسائل اإلثبات المقررة في القواعد العامة‬
‫حددىا في الباب السادس‬‫اعتمد المشرع في القانوف المدني خمسة وسائؿ لئلثبات ّ‬
‫المعنوف بػ‪ " :‬إثبات االلتزاـ" مف الكتاب الثاني المعنوف بػ‪ " :‬االلت ازمات والعقود" وىي‪:‬‬
‫(اإلثبات بالكتابة‪ ،‬اإلثبات بالشيود‪ ،‬القرائف‪ ،‬اإلقرار‪ ،‬اليميف)‪ ،‬وىي وسائؿ إثبات تتّفؽ مع‬
‫فالمدعي‬
‫ّ‬ ‫المدعى عميو‪،‬‬
‫المدعي و ّ‬
‫مقررة لصالح ّ‬ ‫ما ىو مقرر في الفقو اإلسبلمي‪ ،‬وىي ّ‬
‫يستد ّؿ بأحد ىذه الوسائؿ أو بأكثر مف واحد مف أجؿ إثبات العبلقة الزوجية العرفية‪،‬‬
‫المد عى عميو لو االعتماد عمى أحد الوسائؿ أو أكثر مف واحد مف أجؿ تفنيد مزاعـ‬‫و ّ‬
‫المدعي‪ ،‬وبالتالي نفي العبلقة الزوجية المزعومة‪ ،‬ولممحكمة أف توازف بيف حجج وأدلّة‬
‫الطرفيف‪ ،‬وتصدر حكميا بناء عمى ما اقتنع بو القاضي مف وسائؿ إثبات قوية‬
‫ومنضبطة‪.1‬‬
‫المشرع في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية في الباب الرابع منو‬
‫ّ‬ ‫كما اعتمد‬
‫المعنوف بػ‪" :‬وسائؿ اإلثبات" مف الكتاب األوؿ المعنوف بػ‪" :‬األحكاـ المشتركة لجميع‬
‫الجيات القضائية" وسائؿ اإلثبات التالية‪ :‬إببلغ األدلة الكتابية‪ ،‬إجراءات التحقيؽ‪ ،‬ومف‬
‫بيف إجراءات التحقيؽ حضور الخصوـ واستجوابيـ‪ ،‬الخبرة‪ ،‬سماع الشيود‪ ،‬اليميف‪.‬‬
‫بينما يعتمد الفقو اإلسبلمي في إثبات الزواج عمى الوسائؿ التالية‪ :‬اإلقرار‪ ،‬البينة‪،‬‬
‫أقر‬
‫أمر يتعمؽ بو كالنفقة مثبل‪ ،‬و ّ‬
‫ادعى أحد الزوجيف الزواج‪ ،‬أو ا‬
‫النكوؿ عف اليميف‪ ،‬فإذا ّ‬
‫المدعى عميو أقاـ‬
‫ألف اإلقرار ح ّجة عمى المقر‪ ،‬واف أنكر ّ‬
‫المدعى عميو‪ ،‬ثبت الزواج‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وجيت اليميف‬
‫البينة‪ّ ،‬‬
‫البينة‪ ،‬وىي شيادة الشيود‪ ،‬فإف عجز عف إقامة ّ‬
‫ّ‬ ‫المدعي‬
‫ّ‬

‫محمد الكشبور‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.460‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪66‬‬
‫المدعى عميو‪ ،‬فإف حمؼ رفضت دعوى إثبات الزواج‪ ،‬واف نكؿ عف أداء اليميف‬ ‫إلى ّ‬
‫ار غير مباشر‪.1‬‬
‫قضي بثبوت الزواج باعتبار النكوؿ إقر ا‬
‫وقبؿ التطرؽ لموقؼ القضاء مف وسائؿ اإلثبات في مسألة إثبات الزواج العرفي‬
‫يتـ التطرؽ ولو بإيجاز ليذه الوسائؿ الواردة في القواعد العامة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬اإلقرار‬
‫المشرع اإلقرار في المادة ‪ 341‬مف ؽ‪.‬ـ التي جاء فييا‪" :‬اإلقرار‬
‫ّ‬ ‫عرؼ‬
‫أ‪ -‬تعريفو‪ّ :‬‬
‫مدعى بيا عميو‪ ،‬ذلؾ أثناء السير في الدعوى‬
‫ىو اعتراؼ الخصـ أماـ القضاء بواقعة قانونية ّ‬
‫المتعمقة بيا الواقعة"‪.‬‬
‫بأنو واقعة مادية‪ ،‬ينطوي عمى تصرؼ قانوني مفادىا‬
‫يعرؼ اإلقرار في الفقو ّ‬
‫كما ّ‬
‫اعتراؼ شخص بحؽ عميو لآلخر‪ ،‬سواء قصد االعتراؼ بيذا الحؽ أو لـ يقصد‪.2‬‬
‫ب‪ -‬أنواع اإلقرار‪ :‬اإلقرار عمى نوعيف‪ :‬إقرار قضائي‪ ،‬واقرار غير قضائي‪.‬‬
‫يقر الرجؿ‬
‫يتـ خارج مجمس القضاء‪ ،‬بأف ّ‬‫ب‪ 1-‬اإلقرار غير القضائي‪ :‬ىو إقرار ّ‬
‫أف فبلنة زوجتو خارج مجمس القضاء‪ ،‬وترجع السمطة التقديرية لمقاضي‬
‫كتابة أو شفاىة ّ‬
‫في األخذ بيذا اإلقرار مف عدمو‪ ،‬وذلؾ تبعا لظروؼ الدعوى ومبلبساتيا‪ ،‬حيث قد يمجأ‬
‫الزوجاف إلى الموثّؽ مف أجؿ تحرير عقد اإلقرار بالزواج‪ ،‬بناء عمى طمب كبل الزوجيف‬
‫وبإرادتيما الحرة‪ ،3‬ويستدلّوف بيذا اإلقرار أماـ القاضي مف أجؿ إثبات الزواج العرفي‪.‬‬
‫يتـ‬
‫مدعى بيا عميو‪ّ ،‬‬‫ب‪ 2-‬اإلقرار القضائي‪ :‬ىو اعتراؼ الخصـ بواقعة قانونية ّ‬
‫يقر الرجؿ أماـ القاضي بقياـ العبلقة الزوجية بينو وبيف‬
‫في مجمس القضاء‪ ،‬كأف ّ‬
‫المدعية‪ ،‬ويشترط فيو أف يتـ أماـ القضاء‪ ،‬وأف يصدر مف الخصـ أي المدعى عميو‪ ،‬وأف‬
‫تـ اإلقرار في‬
‫يصدر أثناء سير الدعوى المتعمقة بيا الواقعة محؿ اإلقرار‪ ،‬وعميو فإذا ّ‬
‫دعوى سابقة غير الدعوى التي ينظر فييا القاضي‪ ،‬فبل يعتبر إق ار ار قضائيا وال يعتد بو‬

‫مدعمة باالجتياد القضائي الجزائري‪ ،‬مجمة الدراسات‬


‫عبد اهلل حاج أحمد‪ ،‬إثبات الزواج العرفي المتنازع فيو‪ ،‬دراسة ّ‬
‫‪1‬‬

‫الفقيية والقضائية‪ ،‬جامعة الوادي‪ ،‬المجمد ‪ ،01‬العدد ‪ ،01‬ديسمبر ‪ ،2015‬ص ‪.133‬‬


‫عبد الرزاؽ أحمد السنيوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانوف المدني‪ ،‬ج ‪ ،2‬المجمد األوؿ‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‬ ‫‪2‬‬

‫مصر‪ ،1982 ،‬ص ‪.410‬‬


‫عبد اهلل حاج أحمد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.134‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪67‬‬
‫في الدعوى الجاري النظر فييا‪ ،1‬وقد أ ّكد ذلؾ قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ‬
‫‪ 1996/11/13‬عف الغرفة المدنية‪.2‬‬
‫ويطرح التساؤؿ حوؿ مدى حجية ىذا اإلقرار‪ ،‬وقوتو الثبوتية في إثبات الزواج‬
‫العرفي؟‬
‫ج‪ -‬حجية اإلقرار‪:‬‬
‫المقر ال تتعداه إلى‬
‫ّ‬ ‫أف اإلقرار حجة قاصرة عمى نفس‬
‫يعتبر جميور الفقياء ّ‬
‫صدقو الطرؼ الثاني قضي ليما بثبوت الزواج العرفي بينيما‪ ،‬واف أنكر‬
‫غيره‪ ،‬فإف ّ‬
‫الطرؼ الثاني وجب عمى األوؿ إقامة البينة‪ ،‬فإف عجز وجيّت اليميف لمطرؼ المنكر‪،‬‬
‫أما إذا‬
‫بحجية اإلقرار وكفايتو في إثبات الزواج العرفي‪ّ ،‬‬
‫قر ّ‬ ‫فإف الفقو اإلسبلمي ُي ّ‬
‫وعميو ّ‬
‫البينة‪.3‬‬
‫رفض الخصـ اإلقرار يتجو إلى ّ‬
‫حجية اإلقرار‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 1/342‬مف‬
‫المشرع مف ّ‬
‫ّ‬ ‫أما بالنسبة لموقؼ‬
‫المقر"‪ ،‬وىو نفس المنحى الذي انتيجو‬
‫حجة قاطعة عمى ّ‬
‫أف‪" :‬اإلقرار ّ‬
‫القانوف المدني عمى ّ‬
‫المقر والخمؼ العاـ‪ ،‬وىـ ورثتو‪ ،‬وال تتعدى إلى الغير‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حجة عمى‬‫الفقياء‪ ،‬فاإلقرار ّ‬
‫يتعدى إلى الغير‪.‬‬
‫فاإلقرار بالزواج مف الزوجيف يمزميما وورثتيما‪ ،‬وال ّ‬
‫فإف اإلقرار وحده ال يكفي إلثبات واقعة الزواج‬
‫أما بالنسبة لموقؼ القضاء ّ‬
‫أف القضاة يرفضوف الحكـ بإثبات‬
‫العرفي‪ ،‬لما لمزواج مف خصوصية عف باقي العقود‪ ،‬إذ ّ‬
‫البينة‪ ،‬وىي شيادة‬
‫الزواج العرفي بناء عمى إقرار كؿ مف الزوج والزوجة‪ ،‬بؿ يشترطوف ّ‬
‫الشيود‪ ،‬ألنيا شرط صحة في عقد الزواج‪ ،‬وبالنظر أيضا لخطورة عقد الزواج واآلثار‬
‫المترتبة عميو‪ ،‬فيحترز فيو ما ال يحترز في غيره‪.‬‬
‫‪ -2‬اليمين‬
‫عرؼ اليميف عمى ّأنو قو ٌؿ َيتّ ِخ ُذ فيو الحالؼ اهلل شاىدا عمى صدؽ ما‬
‫أ‪-‬تعريفو‪ُ :‬ي ّ‬
‫يقوؿ‪ ،‬والنكوؿ عف أداءه ىو رفض مف ُو ّْج َيت لو اليميف الحمؼ‪ ،‬حيث يخسر الدعوى كؿ‬

‫‪ 1‬يوسؼ دالندة‪ ،‬الوجيز في شيادة الشيود‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪.15‬‬
‫المحكمة العميا‪ ،‬الغرفة المدنية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 144503‬مؤرخ في ‪ ،1996/11/13‬المجمة القضائية‪ ،‬عدد ‪ ،02‬سنة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1996‬ص ‪.49‬‬
‫اإلماـ أبو زىرة‪ ،‬األحواؿ الشخصية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬ط ‪ ،3‬سنة ‪ ،1957‬القاىرة‪ ،‬ص ‪.17 ،15‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪68‬‬
‫مف نكؿ عف أداء اليميف‪ ،‬تنص المادة ‪ 347‬مف القانوف المدني‪ " :‬كؿ مف ُو ّجيت إليو‬
‫ردىا عمى خصمو‪ ،‬وكؿ مف ُرّدت عميو اليميف فنكؿ عنيا خسر‬ ‫اليميف فنكؿ عنيا دوف ّ‬
‫دعواه"‪.‬‬
‫حجية اليمين‪ :‬تقتصر حجية اليميف عمى الحالؼ وورثتو وال تتعدى إلى‬ ‫ب‪ّ -‬‬
‫الغير‪ ،‬مثمو مثؿ اإلقرار‪ ،‬لذا ال يكفي اليميف إلثبات الزواج العرفي أماـ القضاء‪ ،‬بؿ ال بد‬
‫مف إحضار الشيود الذيف شيدوا عقد الزواج‪ ،‬ويتأكد القاضي مف توافر ركف الزواج‬
‫وشروطو المبينة في المادة ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫وال يعتبر النكوؿ عف اليميف وسيمة كافية إلثبات الزواج العرفي لدى فقياء‬
‫بأنو إذا تع ّذر إثبات الزواج باإلقرار‬
‫الشريعة عدا البعض كاإلماـ أبو زىرة‪ ،‬الذي يرى ّ‬
‫البينة توجو اليميف إلى المرأة‪ ،‬فإف حمفت ُرفضت دعوى الزواج‪ ،‬واف نكمت عف اليميف‬
‫أو ّ‬
‫ألف النكوؿ إقرار مفتى بو في الفقو الحنفي‪.1‬‬
‫قضي عمييا بالزواج‪ّ ،‬‬
‫حجية اليميف في إثبات الزواج العرفي مف خبلؿ‬
‫ويتجمى موقؼ القضاء مف ّ‬
‫االطبلع عمى ق اررات المحكمة العميا‪ ،‬حيث استّقر قضاء المحكمة العميا عمى اعتماد‬
‫اليميف في إثبات الزواج العرفي في حالة وفاة أحد الزوجيف أو كبلىما مع سماع شيادة‬
‫المدعي تدعيما لشيادة الشيود‪ ،‬وىذا طبقا لقوؿ‬
‫يوجو القاضي اليميف إلى ّ‬ ‫الشيود‪ ،‬حيث ّ‬
‫خميؿ في باب أحكاـ الشيادة "ال نكاح بعد الموت"‪.2‬‬
‫جاء في قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ 1985/09/23‬ما يمي‪... " :‬لذلؾ‬
‫يستوجب نقض القرار القاضي بإثبات عقد زواج المدعية بشخص متوفي تأسيسا عمى‬
‫المدعية اليميف"‪.3‬‬
‫شيادة ثبلثة أشخاص‪ ،‬ليست كافية ليذا اإلثبات‪ ،‬ودوف تحميؼ ّ‬
‫حيث أجازت المحكمة العميا إثبات الزواج العرفي بشيادة شاىد واحد مع يميف‬
‫المدعي في حالة وفاة أحد الزوجيف‪ ،‬جاء في قرارىا السالؼ الذكر‪ ... " :‬أما إف مات‬
‫ّ‬

‫اإلماـ أبو زىرة‪ ،‬األحواؿ الشخصية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،204254‬مؤرخ في ‪ ،1998/09/22‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد‬ ‫‪2‬‬

‫الثاني‪ ،2000 ،‬ص ‪ 173‬وما بعدىا‪.‬‬


‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 37501‬مؤرخ في ‪ ،1985/09/23‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد‬ ‫‪3‬‬

‫األوؿ‪ ،1989 ،‬ص ‪ 95‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪69‬‬
‫ادعاء الحي منيما الزوجية‪ ،‬وليس لو إال شاىد واحد يشيد بو بالزوجية‬
‫أحدىما محكمة ّ‬
‫المدعي‪ ،‬وىو ما ليس‬
‫مفصمة قطعية كما ذكر آنفا‪ ،‬فالزواج يثبت لكف مع يميف ّ‬
‫ّ‬ ‫شيادة‬
‫موجودا لحد اآلف في القضية ‪."...‬‬
‫أف الفقو اإلسبلمي ُيجيز كؿ مف اإلقرار والبينة واليميف إلثبات‬
‫ويمكف القوؿ ّ‬
‫يعتد‬
‫يعتد باإلقرار وال باليميف في ذلؾ‪ ،‬بؿ ّ‬
‫أف القضاء الجزائري ال ّ‬‫الزواج العرفي‪ ،‬غير ّ‬
‫بشيادة الشيود الذيف حضروا جمسة إبراـ عقد الزواج العرفي‪ ،‬وال يمجأ إلى اليميف إال عند‬
‫فإف القضاء جرى عمى‬
‫وفاة أحد الزوجيف لتدعيـ شيادة الشيود‪ ،‬وبالنسبة لئلقرار القضائي ّ‬
‫يتـ التصريح بو‬
‫أما اإلقرار غير القضائي الذي ّ‬
‫عدـ االعتداد بو في إثبات الزواج العرفي‪ّ ،‬‬
‫اعتد ت بو المحاكـ والمجالس القضائية في إثبات الزواج العرفي غير‬
‫أماـ الموثؽ‪ ،‬فقد ّ‬
‫أما المحكمة العميا فقد استبعدتو واعتبرتو مف صبلحيات القاضي التي‬
‫المتنازع فيو‪ّ ،‬‬
‫ال يجب تفويضيا لمموثؽ‪ ،‬جاء في قرار المجمس األعمى الصادر بتاريخ ‪1989/12/11‬‬
‫تدعي أف‬
‫أف الزواج ال يثبت إال بشيادة شاىديف عدليف‪ ،‬وأف كؿ امرأة ّ‬
‫ما يمي‪ " :‬حيث ّ‬
‫بد أف تثبت ذلؾ بشيادة الشيود‪ ،‬والطاعنة لـ تأت بأي شاىد يشيد‬‫فبلنا تزوج بيا‪ ،‬فبل ّ‬
‫بأنو حضر العقد وسمع اإليجاب والقبوؿ‪ ،‬واف كاف لدى األشخاص الذيف أتت بيـ إلى‬
‫الموثؽ لـ تكف شيادتيـ كافية إلثبات الزواج‪ ،‬وقد أعطاىا المجمس فرصة عساىا أف‬
‫ولكنيا بقيت عمى حالتيا كما جاءت إلى المجمس األعمى في‬‫تدعيو‪ّ ،‬‬ ‫تثبت الزواج الذي ّ‬
‫المرة األولى‪ ،‬لذا فقضاة القرار المطعوف فيو حينما أخذوا بعدـ وجود الزواج لـ يكف ليـ‬
‫طريؽ غيره‪ ،‬وكانوا عمى صواب‪ ،‬والنعي عمييـ بما ورد في الوجو في غير محمو"‪.1‬‬
‫البينة أو شيادة الشيود‬
‫‪ّ -3‬‬
‫جعمت العديد مف القوانيف الموضوعية واإلجرائية مف شيادة الشيود وسيمة مف‬
‫يتـ تناوؿ‬
‫وسائؿ اإلثبات‪ ،‬ومنيا قانوف األسرة‪ ،‬وقانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬و ّ‬
‫موضوع البينة مف خبلؿ التطرؽ لمفيوميا وحجيتيا‪ ،‬أنواعيا وشروطيا‪.‬‬
‫أ‪ -‬مفيوميا وحجيتيا‪ :‬كاف الدليؿ الغالب في الماضي ىو الشيادة‪ ،‬وانصرؼ‬
‫لمبينة معنييف أحدىما عاـ‪ ،‬وينصرؼ إلى كؿ‬
‫أف ّ‬ ‫البينة إلى الشيادة دوف غيره‪ ،‬غير ّ‬
‫لفظ ّ‬

‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 55706‬مؤرخ في ‪ ،1989/12/11‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد‬ ‫‪1‬‬

‫األوؿ‪ ،1992 ،‬ص ‪ 48‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪70‬‬
‫دليؿ كتابي كاف أو شيادة أو قرينة‪ ،‬واآلخر خاص‪ ،‬ينصرؼ إلى شيادة الشيود دوف غيره‬
‫مف األدلّة‪.1‬‬
‫تنص المادة ‪ 150‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى ّأنو‪" :‬يجوز األمر بسماع الشيود حوؿ‬
‫الوقائع التي تكوف بطبيعتيا قابمة لئلثبات بشيادة الشيود‪ ،‬ويكوف التحقيؽ فييا جائ از‬
‫المشرع سماع الشيود في القضايا التي تقبؿ طبيعتيا اإلثبات‬
‫ّ‬ ‫ومفيدا لمقضية"‪ ،‬حيث أجاز‬
‫بذلؾ‪ ،‬وتعتبر شيادة الشيود مف أقوى األدلّة في إثبات الزواج العرفي‪ ،‬حيث يصدر‬
‫القاضي حكما يأمر فيو بسماع الشيود حوؿ واقعة الزواج العرفي‪ ،‬ويحدد الوقائع التي‬
‫ُي سمعوف حوليا‪ ،‬ويوـ وساعة الجمسة المحددة لذلؾ‪ ،‬كما يتضمف الحكـ دعوة الخصوـ‬
‫لمحضور واحضار الشيود في الموعد المحدد لمجمسة وفقا لممادة ‪ 151‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث‬
‫وسنو وموطنو وعبلقتو‬
‫يقوـ كؿ شاىد عند حضور الجمسة بالتعريؼ باسمو ولقبو ومينتو ّ‬
‫بالخصوـ‪ ،‬أو تبعيتو ليـ‪ ،‬ودرجة قرابتو ومصاىرتو ليـ‪ ،‬ثـ يؤدي الشاىد اليميف بأف يقوؿ‬
‫الحقيقة‪ ،‬بحيث إذا لـ يؤِد اليميف كانت شيادتو قابمة لئلبطاؿ‪ ،‬ثـ ُيسمع الشاىد عمى انفراد‬
‫بحضور أو في غياب الخصوـ‪ ،‬ويمكف لمقاضي أف يعيد سماع الشيود‪ ،‬ومواجية بعضيـ‬
‫ببعض‪ ،‬وذلؾ وفقا لممادة ‪ 152‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫يتـ سماعيـ‬
‫مرة عمى مستوى المجمس‪ ،‬حتى لو لـ ّ‬ ‫ويجوز سماع الشيود ألوؿ ّ‬
‫مرة أماـ‬
‫بأف الطمب المقدـ ألوؿ ّ‬
‫أقرت المحكمة العميا ّ‬
‫عمى مستوى الدرجة األولى‪ ،‬حيث ّ‬
‫يعد طمبا‬
‫المجمس القضائي‪ ،‬والرامي إلى سماع الشيود مف أجؿ إثبات الزواج العرفي‪ ،‬ال ّ‬
‫جديدا‪ ،‬وقد أ ّكد ذلؾ قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ ،2005/02/23‬حيث جاء فيو‪:‬‬
‫" ‪...‬لكف حيث ّأن و يتبيف مف القرار المطعوف فيو أف قضاة المجمس وإلثبات واقعة الزواج‬
‫يتـ‬
‫المدعى بيا مف قبؿ المطعوف ضدىا‪ ،‬قاموا بسماع شيود عمى ىذه الواقعة دوف أف ّ‬ ‫ّ‬
‫سماعيـ عمى مستوى الدرجة األولى‪ ،‬فبقضائيـ كما فعموا لـ يخالفوا أي إجراء كما يزعـ‬
‫يتـ سماعيـ عمى مستوى‬
‫الطاعف‪ ،‬فإذا كانوا قد اتّخذوا إجراء بسماع الشيود رغـ ّأنو لـ ّ‬

‫بف حميمة يمينة‪ ،‬خصوصية إجراءات التقاضي في دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير‬ ‫‪1‬‬

‫في القانوف‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة ابف خمدوف‪ -‬تيارت‪ ،-‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2012-2011‬ص‬
‫‪.138‬‬
‫‪71‬‬
‫الدرجة األولى فذلؾ يدخؿ في إطار مياميـ متى أروا ذلؾ يفيد اإلجراءات المتخذة مف‬
‫الشؽ عمى ىذا األساس فيتعيف رفضو"‪.1‬‬
‫ّ‬ ‫أسس ىذا‬
‫قبميـ‪ ،‬ومتى ّ‬
‫ومف بيف الخصوصيات التي تتميز بيا قضايا شؤوف األسرة عف غيرىا مف‬
‫القضايا قبوؿ شيادة األقارب‪ ،‬سواء القرابة أو المصاىرة أو اإلخوة أو األخوات وأبناء‬
‫العمومة‪ ،‬وذلؾ في النزاعات المتعمقة بحالة األشخاص والطبلؽ‪ ،‬باستثناء الفروع‪ ،‬وفقا‬
‫لممادة ‪ 153‬فقرة ‪ 04‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث تمنع شيادة ىؤالء في القواعد العامة‪ ،‬وتُقبؿ في‬
‫ألف األقارب كانوا شيودا في عقد القراف بيف الزوجيف‪ ،‬وقد‬
‫دعوى إثبات الزواج العرفي‪ّ ،‬‬
‫قر القضاء ذلؾ في غير ما قرار صادر عف المحكمة العميا‪ ،‬ومف ذلؾ القرار الصادر‬ ‫أّ‬
‫بتاريخ ‪ 1998/03/17‬الذي جاء فيو‪ ... " :‬لكف وحيث ّأنو بالرجوع إلى القرار المطعوف‬
‫أف القانوف يجيز‬
‫خاصة و ّ‬
‫ّ‬ ‫ومبرر بما فيو الكفاية‪،‬‬
‫ا‬ ‫يتبيف و ّأنو مؤسس تأسيسا جيدا‬
‫فيو‪ّ ،‬‬
‫االستماع لشيادة األقارب باستثناء األبناء‪ ،‬عمبل بالمادة ‪ 64‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪ ،‬الشيء الذي‬
‫ويرفض كسابقو‪ ،‬ومتى كاف كذلؾ استوجب‬
‫مؤسس ُ‬
‫يجعؿ الوجو المثار مف الطاعنة غير ّ‬
‫رفض الطعف‪.2"...‬‬
‫ب‪ -‬أنواع الشيادة‬
‫يتـ تناوؿ أنواع الشيادة مف خبلؿ التطرؽ إلى الشيادة المباشرة‪ ،‬الشيادة‬
‫ّ‬
‫السماعية‪ ،‬الشيادة بالتسامع‪.‬‬
‫ب‪ 1-‬الشيادة المباشرة (شيادة الرؤيا)‬
‫وىي الصورة الغالبة لمشيادة‪ ،‬والمقصود بيا أف يشيد الشاىد بما سمعو بأذنو ورآه‬
‫بعينو‪ ،‬فيو يشيد بما عاينو بنفسو مف وقائع عرفيا معرفة شخصية بحضوره تمؾ الوقائع‬
‫المشيود عمييا‪ ،‬فيحضر إلى مجمس القضاء ليشيد بما رآه بعينو وسمعو بأذنو‪ ،‬وتكوف‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار رقـ ‪ 315403‬مؤرخ في ‪ ،2005/02/23‬مجمة المحكمة‬ ‫‪1‬‬

‫العميا‪ ،‬العدد األوؿ‪ ،2005 ،‬ص ‪ 275‬وما بعدىا‪.‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 188707‬مؤرخ في ‪ ،1998/03/17‬مجمة االجتياد القضائي‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫عدد خاص‪ ،2001 ،‬ص ‪ 50‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪72‬‬
‫عما رآه وسمعو مف وقائع تتعمؽ بموضوع‬
‫يعبر فييا الشاىد ّ‬
‫الشيادة في الغالب شفاىة‪ّ ،‬‬
‫الدعوى‪ ،‬وقد تُ َّ‬
‫قدـ الشيادة أحيانا كتابة في ممؼ الموضوع الخاص بالقضية‪.1‬‬
‫فإف الشاىد‬
‫وفيما يتعمؽ بموضوع ال ّشيادة الخاصة بإثبات الزواج العرفي‪ّ ،‬‬
‫يحضر مجمس القضاء‪ ،‬ويشيد بما عاينو مف إنشاء واقعة الزواج العرفي المتعمؽ بطرفي‬
‫تـ بتوافر ركف الزواج وىو الرضا‪ ،‬وتوافر‬
‫عقد الزواج‪ ،‬ومكاف وزماف إبراـ العقد‪ ،‬و ّأنو ّ‬
‫شروط الزواج مف ولي وصداؽ وشيود‪.‬‬
‫ب‪ 2-‬الشيادة السماعية‬
‫المقصود بيا أف يشيد الشاىد بما سمعو مف غيره‪ ،‬حيث يشيد بواقعة حدثت‪،‬‬
‫بأنو سمع‬
‫ثـ رواىا لو ونقميا إليو‪ ،‬كأف يشيد الشاىد أماـ القاضي ّ‬
‫شيدىا غيره ورآىا‪ّ ،‬‬
‫أف فبلنا تزوج فبلنة‪.‬‬
‫شخصا آخر يخبره ّ‬
‫أقرىا المجمس األعمى في ق ارره الصادر‬
‫والشيادة السماعية جائزة ومقبولة‪ ،‬وقد ّ‬
‫أف الزواج ال يثبت إال‬
‫بتاريخ ‪ 1989/03/27‬والذي جاء فيو‪ ..." :‬مف المقرر شرعا ّ‬
‫بشيادة العياف التي يشيد أصحابيا بيا أنيـ حضروا قراءة الفاتحة أو حضروا زفاؼ‬
‫الطرفيف‪ ،‬أو بشيادة السماع التي يشيد أصحابيا ّأنيـ سمعوا مف الشيود وغيرىـ أف‬
‫النعي عمى القرار المطعوف فيو بانعداـ األساس‬
‫ثـ فإف ّ‬
‫الطرفيف كانا متزوجيف‪ ،‬ومف ّ‬
‫القانوني ومخالفة قواعد اإلجراءات في غير محمّو يستوجب الرفض‪ .‬ولما كاف مف الثابت ‪-‬‬
‫بأي مف شيادة العياف أو شيادة السماع إلثبات زواجو‪،‬‬
‫أف الطاعف لـ يأت ّ‬
‫في قضية الحاؿ‪ّ -‬‬
‫فاف قضاة الموضوع برفضيـ دعوى إثبات الزواج العرفي أعطوا لقرارىـ األساس القانوني‪،‬‬
‫ومتى كاف استوجب رفض الطعف"‪.2‬‬
‫ب‪ 3-‬الشيادة بالتسامع‬
‫المقصود بيا أف يشيد الشاىد بما يتسامعو الناس‪ ،‬فيو ال َينسب القوؿ إلى‬
‫شخص ما سمعو منو‪ ،‬وال يروي عف شخص معيف‪ ،‬وال عف الواقعة بالذات‪ ،‬بؿ ينسبو إلى‬
‫التحري حوؿ الواقعة‬
‫ّ‬ ‫الناس التي تحادثت بالواقعة وشاعت بينيا‪ ،‬وعميو ال يمكف‬
‫عموـ ّ‬

‫عبد اهلل حاج أحمد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.09‬‬ ‫‪1‬‬

‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 53272‬مؤرخ في ‪ ،1989/03/27‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1990 03‬ص ‪ 82‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪73‬‬
‫الناس وسمعوه‪ ،‬ومثاليا‬
‫حمؿ الشاىد المسؤولية فيما شيد بو مما تناقمو ّ‬‫المشيود بيا‪ ،‬وال ُي ّ‬
‫‪1‬‬
‫يتحمؿ مسؤولية شخصية فيما‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫صاحبيا‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫أف فبلنا تزوج فبلنة"‬
‫قوؿ الشاىد‪" :‬قيؿ ّ‬
‫يشيد بو‪ ،‬بؿ ينقؿ ما سمع الناس ويتداولونو حوؿ الواقعة المشيود بيا‪.‬‬
‫أقرتو الشريعة‬
‫واألخذ بشيادة التسامع مقبوؿ وجائز في مسائؿ إثبات الزواج‪ ،‬وقد ّ‬
‫اإلسبلمية‪ ،‬وأخذ بو القضاء الجزائري‪ ،‬وذلؾ في قرار المحكمة العميا الصادر في‬
‫‪ 2012/07/12‬الذي جاء فيو‪ ..." :‬حيث أنو إذا كاف األصؿ في الشيادة اإلحاطة‬
‫أف الزواج يمكف إثباتو حتى بالشيرة والتسامع وفقا‬
‫فإف المتّفؽ عميو فقيا وقضاء ّ‬
‫التيقف‪ّ ،‬‬
‫و ّ‬
‫لما ىو مقرر شرعا‪ ،‬ويجوز لمشاىد وفؽ ذلؾ أف يشيد بالزواج ولو لـ يحضر مجمس‬
‫العقد‪ ،‬متى كاف ما يشيد بو تسامعا متوات ار سمعو مف جماعة ال ُيتصور تواطؤىـ عمى‬
‫الكذب ‪ ،2"...‬واليدؼ مف ذلؾ رفعا لمحرج والضيؽ في إثبات وقائع اشتيرت لدى الناس‪،‬‬
‫وحفاظا عمى نسب األوالد‪ ،‬وحقوؽ اإلرث‪.‬‬
‫ج‪ -‬شروط الشيادة‬
‫اشترط المشرع حضور شاىديف عقد الزواج حتى يتحقّؽ إعبلف الزواج‪ ،‬وال يبقى‬
‫محصو ار بيف طرفي العقد‪ ،‬وحتى تصاف األعراض‪ ،‬ويمكف إثباتو إذا لـ يتـ تسجيمو في‬
‫سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬ويشترط في الشيادة عدة شروط أغفؿ المشرع ذكرىا‪ ،‬وتناوليا‬
‫الفقو والقضاء‪ ،‬يمكف حصرىا فيما يمي‪:‬‬
‫تصح شيادة الرجؿ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬توافر نصاب الشيادة‪ ،‬وىو شيادة رجبلف أو رجؿ وامرأتاف‪ ،‬فبل‬
‫الواحد أو رجؿ وامرأة‪ ،‬أو شيادة امرأتاف‪ ،‬جاء في قرار المجمس األعمى الصادر بتاريخ‬
‫أف القرار المطعوف فيو‬‫‪ 1986/12/15‬ما يمي‪ " :‬ولما كاف الثابت – في قضية الحاؿ‪ّ -‬‬
‫حجة أو ّبينة تد ّؿ عمى وجود الزواج سوى أقواؿ امرأتيف ال يعت ّد‬
‫جاء خاليا مف ّأية ّ‬

‫عبد الرزاؽ السنيوري‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.413‬‬ ‫‪1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار رقـ ‪ 693621‬مؤرخ في ‪ ،2012/07/12‬مجمة المحكمة‬ ‫‪2‬‬

‫العميا‪ ،‬العدد ‪ ،2012 ،02‬ص ‪ 269‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪74‬‬
‫يعد مخالفا ألحكاـ الشريعة‬
‫فإف تقريره بوجود الزواج ّ‬
‫بشيادتيما في إثبات الزواج شرعا‪ّ ،‬‬
‫ومخطأ في فيـ أنواع الشيادات في الفقو"‪.1‬‬
‫تصح شيادة الصغير والمجنوف والعبد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬يشترط في الشاىد البموغ والعقؿ والحرية‪ ،‬فبل‬
‫تصح شيادة النائـ واألصـ والسكراف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬أف يسمع الشاىد كبلـ العاقديف ويفيمو‪ ،‬فبل‬
‫‪ -‬يشترط بعض الفقياء شرط اإلسبلـ في الشاىديف‪ ،‬وخالفيـ البعض اآلخر‪ ،‬واعتبر‬
‫ألف ال ّشيادة لئلعبلف فقط‪.‬‬
‫بجواز شيادة غير المسمـ في زواج المسمـ‪ّ ،‬‬
‫تنصب عمى واقعة الزواج العرفي دوف‬
‫ّ‬ ‫لمدعوى‪ ،‬أي‬
‫‪ -‬يشترط في ال ّشيادة أف تكوف موافقة ّ‬
‫ألف ذلؾ ال يعني بالضرورة وجود‬
‫غيره‪ ،‬فبل يشيد مثبل عمى وجود أوالد بيف فبلف وفبلنة‪ّ ،‬‬
‫زواج شرعي بينيما ومكتمؿ األركاف‪.‬‬
‫مضنة‬
‫ّ‬ ‫ألف تعارض شيادتيما‬‫‪ -‬أف تكوف شيادة الشاىديف متوافقة فيما يشيداف بو‪ّ ،‬‬
‫التاـ والمتطابؽ‪ ،‬فيكفي لمتوافؽ مثبل أف يشيد الشاىد‬
‫الكذب‪ ،‬غير ّأنو ال يشترط التوافؽ ّ‬
‫بأف الزواج‬
‫تـ بحضور الولي وبصداؽ عشرة آالؼ دينار‪ ،‬ويشيد الثاني ّ‬ ‫أف الزواج ّ‬
‫األوؿ ّ‬
‫تـ بحضور الولي وبذكر الصداؽ دوف أف يحدد قيمتو‪ ،‬فتقبؿ شيادتيما لعدـ التعارض‪.‬‬
‫وقد استبعدت المحكمة العميا شيادة الشيود الذيف أتت شيادتيـ متناقضة‪ ،‬حيث‬
‫جاء في أحد ق ارراتيا الصادر بتاريخ ‪ ..." :1990/03/19‬إذا كاف إثبات الزواج أو نفيو‬
‫فإف ذلؾ يجب أف ُيبنى عمى ّبينة ال يدخؿ ليا الشؾ وال‬
‫يرجع لسمطة قضاة الموضوع‪ّ ،‬‬
‫يحيط بيا االحتماؿ‪ ،‬ليست متناقضة وال ناقصة‪ .‬وبالرجوع إلى أقواؿ الشيود الذيف استمع‬
‫المجمس ليـ خاصة منيما (ب س) و(د س) ّأنيما شيدا بشيء مغاير لما شيدا بو أماـ‬
‫المحكمة‪ ،‬فشيادتيما أماـ ىذه ال تتضمف ّأنيما حض ار قراءة الفاتحة‪ ،‬وبمحضر والد‬
‫الطاعف وشخصيف آخريف جاءا رفقتو‪ ،‬كما لـ يشيدا بقدر الصداؽ‪ ،‬بؿ لـ يذكرانو أصبل‪،‬‬
‫بينما أماـ المجمس جاء بيذه الرواية‪ ،‬وىذا التناقض بيف شيادتيما في كؿ مف المحكمة‬
‫والمجمس يرفع عنيا الحجية‪ ،‬ويستبعد العمؿ بيا شرعا النعداميا بذلؾ‪ ،‬فالتناقض في‬

‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 43889‬مؤرخ في ‪ ،1986/12/15‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد‬ ‫‪1‬‬

‫الثاني‪ ،1993 ،‬ص ‪ 37‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪75‬‬
‫الشيادة يزيؿ أثرىا‪ ،‬ويمنع بناء الحكـ عمييا الحتماؿ صدقيا وكذبيا‪ ،‬ومف احتمؿ ىذا‬
‫وذلؾ سقط بو االستدالؿ‪.1"...‬‬
‫يحدد فييا الشيود مبمغ الصداؽ‪،‬‬
‫‪ -‬يشترط في الشيادة أف تكوف شيادة قطعية تفصيمية‪ّ ،‬‬
‫ألف الشيادة المجممة ال يثبت بيا الزواج عند ا ّدعاء‬
‫ومف تولّى العقد كولي عف الزوجة‪ّ ،‬‬
‫البينة القاطعة‪ ،‬وقد أ ّكد قرار‬
‫الرجؿ أو المرأة الزوجية‪ ،‬وانكار اآلخر لو‪ ،‬حيث يشترط ّ‬
‫المجمس األعمى الصادر بتاريخ ‪ 1985/09/23‬ذلؾ‪ ،‬حيث جاء فيو‪ ..." :‬إذا كاف مف‬
‫أف إثبات عقد زواج في حالة وفاة أحد الزوجيف‬ ‫المبادئ الشرعية السائدة فقيا وقضاء ّ‬
‫يكوف مؤسسا عمى شيادة شيود يؤكدوف صحة انعقاده وفقا لتعاليـ الشريعة اإلسبلمية‪،‬‬
‫أف االكتفاء بشيادة ثبلثة أشخاص كاف أفضؿ مف شيد منيـ أنو حضر الفاتحة‪ ،‬فيي‬ ‫وّ‬
‫مما يثبت بيا عقد الزواج إذا ما كانت شيادة اآلخريف‬
‫شيادة في غاية اإلجماؿ‪ ،‬وليست ّ‬
‫المدعية‬
‫فإف اإلثبات بالبينة عمى ىذا النحو ال يكفي وحده إال مع يميف ّ‬
‫أضعؼ منيا‪ّ ،‬‬
‫‪.2"....‬‬
‫‪ -‬يشترط في شيادة الشيود المعتمدة في إثبات الزواج العرفي أف يقوـ الشيود بأداء‬
‫يتـ سماع كؿ واحد منيـ عمى انفراد‪ ،‬جاء في‬
‫اليميف القانونية قبؿ إدالءىـ بشيادتيـ‪ ،‬وأف ّ‬
‫أف القرار المنتقد‬
‫قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ 1993/05/25‬ما يمي‪ ..." :‬حيث ّ‬
‫سماعيف مف طرؼ‬
‫ّ‬ ‫تـ‬
‫بصحة الزواج بناء عمى شيادة الشاىدات البلئي ّ‬
‫ّ‬ ‫اعتمد في قضائو‬
‫الموثّؽ‪ ،‬دوف مراقبة اإلجراءات الواجب مراعاتيا قانونا في سماع شيادة الشاىد‪ ،‬والتأكد‬
‫مف صحتيا بما يتفؽ وأحكاـ المادة ‪ 65‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪ ،‬التي أوجبت مف بيف اإلجراءات‬
‫وحجة لئلثبات‪ ،‬توجيو اليميف لمشاىد قبؿ اإلدالء بشيادتو‪،‬‬
‫لصحة الشيادة واعتبارىا دليبل ّ‬
‫ّ‬
‫ما لـ تُسمع عمى سبيؿ االستئناس فقط‪ ،‬وذلؾ تحت طائمة البطبلف‪ ،‬كما أفادت نفس‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 58788‬مؤرخ في ‪ ،1990/03/19‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد ‪،1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1991‬ص ‪ 59‬وما بعدىا‪.‬‬


‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 37501‬مؤرخ في ‪ ،1985/09/23‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد ‪،1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1989‬ص ‪ 95‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪76‬‬
‫المادة بأف تُسمع شيادة كؿ شيادة عمى انفراد‪ ،‬إلى غير ذلؾ مف اإلجراءات التي‬
‫تضمنتيا المادة أعبله ‪.1"...‬‬
‫مف خبلؿ ما تقدـ ذكره مف الشروط يتضح أف لمقضاء دور ىاـ في الحفاظ عمى‬
‫قدسية عقد الزواج وحمايتو مف التبلعبات‪ ،‬باعتباره ميثاقا غميظا ومقدسا ال يثبت لمعبلقات‬
‫أقرىا القضاء مف أجؿ إثبات‬
‫غير الشرعية‪ ،‬ويتضح ذلؾ مف خبلؿ المبادئ والشروط التي ّ‬
‫الزواج العرفي‪ ،‬وفي ذلؾ حماية لؤلسرة ولممجتمع ولآلداب العامة التي ىي مقصد مف‬
‫المقاصد التي يسعى المشرع لمحفاظ عمييا‪.2‬‬
‫ثانيا‪ -‬موقف القضاء من وسائل إثبات الزواج العرفي‬
‫لـ يأخذ القضاء في مسألة إثبات الزواج العرفي بكؿ وسائؿ اإلثبات الواردة في‬
‫البينة المتمثمة في شيادة عياف‬
‫القواعد العامة‪ ،‬بؿ جعؿ الوسيمة المقبولة إلثباتو ىي ّ‬
‫أو شيادة سماع‪ ،‬حيث يعتمد القضاء في إثبات الزواج العرفي أساسا عمى شيادة الشيود‬
‫السماع المتواتر بعد أدائيـ اليميف‬
‫الذيف حضروا مجمس العقد‪ ،‬أو عمى شيادة شيود ّ‬
‫تـ وفقا ألحكاـ الشريعة اإلسبلمية‪ ،‬وبمراعاة الركف والشروط‬
‫أف الزواج ّ‬
‫القانونية‪ ،‬عمى ّ‬
‫الواردة في المادتيف التاسعة والتاسعة مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وذلؾ بتوافر رضا الزوجيف وبحضور‬
‫وتـ االتفاؽ عمى الصداؽ‪.‬‬
‫الولي والشيود ّ‬
‫ّ‬
‫يتـ ذكر في ىذا المجاؿ بعض األمثمة عف ق اررات المحكمة العميا ووسائؿ‬‫و ّ‬
‫اإلثبات التي اعتمدتيا في إثبات عقود الزواج العرفية‪ ،‬حيث استقر قضاء المحكمة العميا‬
‫عمى اعتماد شيادة الشيود في إثبات عقود الزواج‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ القرار الصادر بتاريخ‬
‫‪ ،1998/03/17‬والذي جاء فيو‪ ..." :‬لكف وحيث ّأنو بالرجوع إلى القرار المطعوف فيو‬
‫مبينيف في شيادتيـ أركاف الزواج مف‬
‫أف المستأنفة أتت بشيود أ ّكدوا واقعة الزواج ّ‬
‫تبيف و ّ‬
‫ّ‬
‫ولي وشيود وصداؽ‪ ،‬ومف ث ّـ فقضاة الموضوع لما قضوا بإثبات الزواج العرفي الواقع بيف‬
‫ّ‬
‫وخاصة المادة ‪22‬‬
‫ّ‬ ‫طبقوا القانوف تطبيقا سميما‪،‬‬
‫(ب ؽ) و(ب ب) بتاريخ ‪ّ 1993/02/04‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 90683‬مؤرخ في ‪ ،1993/05/25‬المجمة القضائية‪ ،‬عدد ‪01‬‬ ‫‪1‬‬

‫سنة ‪ ،1994‬ص ‪ 58‬وما بعدىا‪.‬‬


‫العشي نوراة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ 286‬و‪.295‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪77‬‬
‫السند القانوني والشرعي‪ ،‬والنعي عمييـ بخبلؼ ذلؾ بالوجو‬
‫مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ومعطيف لقرارىـ ّ‬
‫المثار مف الطاعنة غير مؤسس ويرفض ‪.1"...‬‬
‫كما صدر قرار عف المحكمة العميا بتاريخ ‪ ،2007/02/14‬جاء فيو‪ ..." :‬حيث‬
‫أف قضاة الموضوع بمجمس قضاء البميدة قد أخطأوا وأساءوا تطبيؽ القانوف لما ألغوا‬ ‫ّ‬
‫وليا لمطاعنة‪ ،‬كما‬
‫عـ الطاعنة ال يحؽ لو أف يمثؿ ّ‬‫أف ّ‬ ‫الحكـ المشار إليو أعبله‪ ،‬بدعوى ّ‬
‫ولي الزوجة ال يشترط أف يكوف‬ ‫أف ّ‬‫أف ىناؾ شاىدتيف مف أقارب الطاعنة‪ ،‬لكف حيث ّ‬
‫ّ‬
‫عميا في حالة وجود مانع لوالدىا أو بتكميؼ منو‪،‬‬
‫أباىا شخصيا‪ ،‬بؿ قد يكوف أخوىا أو ّ‬
‫حيث أف شيادة شاىد وامرأتيف وىما قريبتيف لمطاعنة (الزوجة) ىي مقبولة شرعا وقانونا‬
‫وفؽ أحكاـ المادة ‪ 64‬الفقرة ‪ 02‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪ ،‬األمر الذي يجعؿ القرار المنتقد عرضة لمنقد‬
‫واإلبطاؿ"‪.2‬‬
‫عدة شيود‪ ،‬بعضيـ مف أقارب‬
‫أف قضاة الدرجة األولى قاموا بسماع شيادة ّ‬
‫حيث ّ‬
‫تـ الزواج بحضور‬
‫الطاعنة‪ ،‬وأ ّكدوا وقوع الزواج ودخوؿ المطعوف ضده بالطاعنة‪ ،‬وقد ّ‬
‫بصحة عقد‬
‫ّ‬ ‫فأقر قاضي الدرجة األولى‬‫وحددوا ليا مي ار متواضعا‪ّ ،‬‬
‫عميا‪ّ ،‬‬
‫ولييا وىو ّ‬‫ّ‬
‫لعـ‬
‫أف قضاة المجمس ألغوا حكـ الدرجة األولى‪ ،‬بدعوى ّأنو ال يحؽ ّ‬
‫الزواج وثبوتو‪ ،‬غير ّ‬
‫أف‬
‫أف ىناؾ شاىدتيف مف أقارب الطاعنة‪ ،‬غير ّ‬ ‫وليا عنيا‪ ،‬كما ّ‬
‫الطاعنة أف يكوف ّ‬
‫وبصحة شيادة رجؿ‬
‫ّ‬ ‫صحة عقد الزواج المبرـ‪،‬‬
‫أقرت ّ‬ ‫المحكمة العميا ألغت قرار المجمس‪ ،‬و ّ‬
‫وامرأتيف مف أقارب الطاعنة في إثبات الزواج العرفي‪.‬‬
‫أقر القضاء اعتماد شيادة الشيود مع اليميف المتممة في إثبات الزواج‬
‫كما ّ‬
‫العرفي‪ ،‬حيث جاء في قرار لممحكمة العميا صادر بتاريخ ‪ 2008/02/13‬ما يمي‪..." :‬‬
‫أسس ق ارره عمى‬
‫لكف خبلفا لمزاعـ الطاعنة وبالرجوع إلى القرار المطعوف فيو‪ ،‬يتّضح منو ّ‬
‫المتممة‬
‫ّ‬ ‫وتـ توجيو اليميف‬
‫تـ االستماع إلى شيادة الشيود في القرار ‪ّ ،2004/12/10‬‬ ‫أّنو ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 188707‬مؤرخ في ‪ ،1998/03/17‬مجمة االجتياد القضائي‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد خاص‪ ،2001 ،‬ص ‪ 50‬وما بعدىا‪.‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار رقـ ‪ 381880‬مؤرخ في ‪ ،2007/02/14‬مجمة المحكمة‬ ‫‪2‬‬

‫العميا‪ ،‬العدد ‪ ،2007 ،02‬ص ‪ 483‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪78‬‬
‫استمدوا قضاءىـ مف شيادة الشيود‬
‫ّ‬ ‫فإنيـ‬
‫لممطعوف ضدىا حوؿ واقعة الزواج‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫الذيف أ ّكدوا واقعة الزواج‪ ،‬مما يتعيف رفض الوجو المثار لعدـ وجاىتو‪.‬‬
‫عف الوجو الثاني‪ :‬مأخوذ مف مخالفة قاعدة جوىرية وخرؽ قواعد اإلثبات‪ ،‬لكف‬
‫المتممة‬
‫ّ‬ ‫حيث مف المقرر قانونا طبقا لممادة ‪ 348‬مف القانوف المدني يجوز توجيو اليميف‬
‫أف الدعوى خالية مف أي دليؿ‬
‫مف طرؼ القاضي تمقائيا إلى أي مف الخصميف‪ ،‬متى رأى ّ‬
‫ووجيوىا‬
‫أف القرائف قابمة لئلتماـ باليميف‪ّ ،‬‬
‫تبيف ّ‬
‫أو ال يكوف فييا دليؿ كامؿ‪ ،‬ومتى ّ‬
‫رد الوجو‬
‫فإنيـ بذلؾ التزموا بصحيح القانوف‪ ،‬األمر الذي يستوجب ّ‬
‫لممطعوف ضدىا‪ّ ،‬‬
‫المثار لعدـ التأسيس‪.1"...‬‬
‫كما اعتمد القضاء في إثبات الزواج العرفي بعد وفاة أحد الزوجيف‪ ،‬عمى شيادة‬
‫فإف الزواج‬
‫المدعي سوى شاىد واحد‪ّ ،‬‬
‫المدعي‪ ،‬حيث إذا لـ يكف لدى ّ‬
‫شاىد واحد مع يميف ّ‬
‫يثبت بشيادتو مع تحميؼ الم ّدعي اليميف‪ ،‬حيث جاء في قرار المجمس األعمى الصادر‬
‫بتاريخ ‪ ... ( :1985/09/23‬وكؿ ىذا في التنازع في الزوجية والزوجاف معا عمى قيد‬
‫الحي منيما الزوجية‪ ،‬وليس لو إال شاىد واحد‬
‫ّ‬ ‫أما إف مات أحدىما محكمة ا ّدعاء‬
‫الحياة‪ّ ،‬‬
‫قطعية كما ذكر آنفا‪ ،‬فالزواج يثبت لكف مع يميف‬
‫ّ‬ ‫مفصمة‬
‫ّ‬ ‫يشيد بو بالزوجية‪ ،‬شيادة‬
‫المدعي‪ ،‬وىو ما ليس موجودا لحد اآلف في القضية"‪.2‬‬
‫ّ‬
‫كما جاء في قرار آخر لممحكمة العميا صادر بتاريخ ‪ 1998/09/22‬ما يمي‪:‬‬
‫"‪ ...‬لكف حيث ّأنو بالفعؿ‪ ،‬فالمادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ تنص عمى ّأنو يثبت الزواج بحكـ إذا‬
‫توفرت فيو أركاف الزواج المنصوص عمييا بالمادة ‪ 09‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وىذه األحكاـ تنطبؽ بيف‬
‫األزواج األحياء‪ ،‬بخبلؼ ما إذا كاف إثبات الزواج بعد موت أحدىما تصبح الدعوى قضية‬
‫ألف وفقا لقوؿ خميؿ في باب أحكاـ الشيادة "ال‬
‫مدنية في خصوص اإلرث والصداؽ‪ّ ،‬‬
‫نكاح بعد الموت"‪ ،‬وبالتالي تقبؿ فييا سماع شيادة رجميف أو رجؿ وامرأتيف أو شاىد‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 424799‬مؤرخ في ‪ ،2008/02/13‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬العدد‬ ‫‪1‬‬

‫الثاني‪ ،2008 ،‬ص ‪ 307‬وما بعدىا‪.‬‬


‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 37501‬مؤرخ في ‪ ،1985/09/23‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد‬ ‫‪2‬‬

‫األوؿ‪ ،1989 ،‬ص ‪ 95‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪79‬‬
‫ويميف‪ ،‬وىذا طبقا لقوؿ خميؿ في باب أحكاـ الشيادة "ال نكاح بعد الموت"‪ ،‬وعميو فالوجو‬
‫غير مؤسس ‪.1"...‬‬
‫بأف إجراء‬
‫وفي قرار آخر لممحكمة العميا صدر بتاريخ ‪ ،2009/03/11‬قضى ّ‬
‫تحقيؽ مف قبؿ قضاة الموضوع‪ ،‬وتحقّقيـ مف توافر أركاف الزواج المنصوص عمييا في‬
‫قانوف األسرة‪ ،‬يعفييـ مف الرجوع إلى أحكاـ الشريعة اإلسبلمية التي تقضي بإثبات الزواج‬
‫المدعي‪.2‬‬
‫بعد وفاة أحد الزوجيف بشيادة الشيود مع يميف ّ‬
‫بالنسبة ل ئلقرار القضائي فبل يأخذ بو القضاء كوسيمة إثبات لمزواج العرفي‪ ،‬أما‬
‫يتـ بالتصريح بو أماـ الموثؽ‪ ،‬فقد أخذت بو بعض المحاكـ‬
‫اإلقرار غير القضائي الذي ّ‬
‫أف التحقيؽ مف صبلحيات‬‫والمجالس القضائية‪ ،‬واستبعدتو المحكمة العميا واعتبرت ّ‬
‫يفوضيا لمموثّؽ‪ ،‬حيث جاء في قرار المحكمة العميا الصادر‬
‫القاضي التي يجب أف ال ّ‬
‫أف قضاة الموضوع عند تكميفيـ لمموثؽ بسماع‬
‫بتاريخ ‪ 1992/09/29‬ما يمي‪ ..." :‬حيث ّ‬
‫فإنيـ قد تخمّوا عف مسألة تتعمؽ باختصاصيـ‪ ،‬وال يمكف لمموثؽ أف يقوـ‬
‫شيود الزواج‪ّ ،‬‬
‫أف القرار المنتقد الذي اعتمد تقرير الموثؽ منتوري المؤرخ في ‪ 04‬مارس‬
‫بذلؾ مكانيـ‪ ،‬و ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 204254‬مؤرخ في ‪ ،1998/09/22‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد‬ ‫‪1‬‬

‫الثاني‪ ،2000 ،‬ص ‪ 173‬وما بعدىا‪.‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 479392‬مؤرخ في ‪ ،2009/03/11‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬العدد‬ ‫‪2‬‬

‫الثاني‪ ،2009 ،‬ص ‪ 287‬وما بعدىا‪ ،‬الذي جاء فيو‪ .... ( :‬عف الوجو الثاني‪ :‬المأخوذ مف الخطأ في تطبيؽ القانوف‬
‫والمتفرع إلى فرعيف‪ :‬الفرع األوؿ‪ :‬مأخوذ مف مخالفة أحكاـ الشريعة اإلسبلمية والذي جاء فيو أنو بالرجوع إلى أحكاـ‬
‫قانوف األسرة التي تحيؿ إلى أحكاـ الشريعة اإلسبلمية أنو في حالة وفاة أحد الزوجيف فإف إثبات الزواج العرفي يكوف‬
‫بشيادة الشيود واليميف استنادا إلى قوؿ خميؿ بأف ال نكاح بعد الموت‪ ،‬وبالرجوع إلى محضر التحقيؽ المؤرخ في‬
‫‪ ،2006/05/20‬فإف المطعوف ضدىا لـ تؤد اليميف القانونية‪.‬‬
‫لكف حيث إف المادة ‪ 22‬مف قانوف األسرة – المطبقة عمى النزاع‪ -‬تنص بأف الزواج يثبت بمستخرج مف سجؿ الحالة‬
‫المدنية وفي حالة عدـ تسجيمو يثبت بحكـ إذا توافرت أركانو وفقا لذلؾ القانوف‪ ،‬ومادامت المحكمة قامت بإجراء تحقيؽ‬
‫وتأكدت مف توافر أركاف الزواج المنصوص عمييا في قانوف األسرة‪ ،‬فإف قضاة الموضوع غير ممزميف بالرجوع إلى‬
‫تطبيؽ أحكاـ الشريعة اإلسبلمية وتوجيو اليميف لممطعوف ضدىا ما داـ النص القانوني موجودا‪ ،‬وعميو فإف ىذا الفرع‬
‫غير مؤسس ويتعيف رفضو"‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫فإف القضاة بقضائيـ ىذا قد‬
‫‪ 1989‬الذي تمقّى الشيادات قصد إثبات الزواج المذكور‪ّ ،‬‬
‫عرضوا قرارىـ لمنقض ‪.1"...‬‬
‫ّ‬
‫البينة والنكوؿ عف‬
‫وخبلصة القوؿ‪ّ ،‬أنو إذا كاف الفقو اإلسبلمي يعتمد اإلقرار و ّ‬
‫البينة‪ ،‬وىي‬
‫فإف القضاء الجزائري يعتمد أساسا ّ‬‫اليميف كوسائؿ إلثبات الزواج العرفي‪ّ ،‬‬
‫أما اليميف فبل يعتمدىا‬
‫شيادة الشيود بالشروط المذكورة آنفا في إثبات الزواج العرفي‪ّ ،‬‬
‫مدعـ لشيادة الشيود في حالة وفاة أحد الزوجيف‪ ،‬أو في حالة عدـ‬ ‫القضاء إالّ كدليؿ ّ‬
‫اكتماؿ الشيادة‪ ،‬أما اإلقرار فبل يأخذ بو القضاء كوسيمة إلثبات لمزواج العرفي‪.‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 84334‬مؤرخ في ‪ ،1992/09/29‬مجمة االجتياد القضائي‪ ،‬عدد‬ ‫‪1‬‬

‫خاص‪ ،2001 ،‬ص ‪ 44‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪81‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬إجراءات ممارسة الدعاوى المتعمقة بانعقاد‬
‫الزواج وانحاللو‬

‫تنشأ الخصومة القضائية برفع دعوى أماـ القضاء‪ ،‬ينتج عنيا صدور حكـ في‬
‫يحدد المشرع اإلجراءات الواجبة االتّباع لموصوؿ بيذه الخصومة إلى ّبر‬
‫الموضوع‪ ،‬حيث ّ‬
‫األماف‪ ،‬وذلؾ بصدور حكـ أو أمر أو قرار قضائي قابؿ لمتنفيذ‪ ،‬وقد تشترؾ الخصومات‬
‫ختص بعضا منيا‬
‫القضائية عمى اختبلؼ أنواعيا في اإلجراءات الواجبة اإلتّباع‪ ،‬وقد ي ّ‬
‫محددة تختمؼ عف القواعد العامة المقررة في اإلجراءات المتّبعة في رفع‬‫ّ‬ ‫بإجراءات‬
‫الدعاوى‪ ،‬أو الفصؿ فييا أو تنفيذىا‪.‬‬
‫وتتعدد دعاوى شؤوف األسرة وتختمؼ تبعا لموضوع الطمب‪ ،‬الذي قد يتعمؽ‬
‫بمسائؿ الزواج وآثاره‪ ،‬كالنفقة أو الرجوع إلى بيت الزوجية أو النسب‪ ،‬وقد تتعمؽ بمسائؿ‬
‫الطبلؽ وآثاره‪ ،‬كطمب التطميؽ أو الخمع أو المطالبة بتوابع الطبلؽ‪ ،‬كالنفقة أو الحضانة‬
‫أو النزاع في متاع البيت أو حؽ الزيارة‪ ،‬وقد تتعمؽ الدعوى بمسائؿ غير الزواج والطبلؽ‪،‬‬
‫كمسائؿ الوقؼ أو الوصية أو اليبة أو المي ارث أو الكفالة أو غيرىا مف المسائؿ المبسوطة‬
‫في قانوف األسرة‪.‬‬
‫ويعتبر قسـ شؤوف األسرة مف أىـ األقساـ وأخطرىا‪ ،‬إف لـ يكف أصعبيا عمى‬
‫اإلطبلؽ‪ ،‬نظ ار الرتباط قضايا شؤوف األسرة بمختمؼ القوانيف الموضوعية واإلجرائية‪،‬‬
‫بحيث يتعيف عمى قاضي شؤوف األسرة اإللماـ بالجانب الموضوعي واإلجرائي لمختمؼ‬
‫القوانيف‪ ،‬سيما قانوف األسرة‪ ،‬وقانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬وقانوف الحالة المدنية‪،‬‬
‫فضبل عف وجوب إلمامو بأحكاـ الشريعة اإلسبلمية‪.‬‬
‫وتخضع الدعاوى المرفوعة أماـ قسـ شؤوف األسرة إلى إجراءات يجب احتراميا‬
‫البت فييا‪،‬‬
‫حتى تُقبؿ الدعوى‪ ،‬سواء تعمّقت ىذه اإلجراءات برفع الدعوى‪ ،‬أو سيرىا‪ ،‬أو ّ‬
‫أف قانوف األسرة ىو قانوف موضوعي أساسا‪ ،‬وال يتضمف نصوصا إجرائية‪،‬‬ ‫وبالرغـ مف ّ‬
‫أي نص يحيمنا إلى قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية فيما يخص‬
‫فإنو ال يوجد فيو ّ‬
‫أف المعموؿ بو قضاء ىو تطبيؽ‬ ‫إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬بالرغـ مف ّ‬
‫النصوص اإلجرائية الواردة في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬سواء النصوص العامة‬
‫‪82‬‬
‫التي تحكـ جميع الدعاوى‪ ،‬أو النصوص اإلجرائية الخاصة بالدعاوى المرفوعة أماـ قسـ‬
‫شؤوف األسرة‪ ،‬والواردة في الفصؿ األوؿ "في قسـ شؤوف األسرة"‪ ،‬مف الباب األوؿ "في‬
‫اإلجراءات الخاصة بالمحكمة وفي اإلجراءات الخاصة ببعض األقساـ"‪ ،‬مف الكتاب الثاني‬
‫"في اإلجراءات الخاصة بكؿ جية قضائية"‪ ،‬وذلؾ مف المادة ‪ 423‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ إلى المادة‬
‫‪ 499‬منو‪.‬‬
‫فإف التطرؽ إلجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة الناشئة عف عقد الزواج‬
‫لذا ّ‬
‫وانحبللو يقت ضي تناوؿ اإلجراءات المتعمقة برفع ىذه الدعاوى‪ ،‬سواء مف حيث قواعد‬
‫االختصاص وشروط قبوؿ ىذه الدعاوى والخصوصية التي تميزىا‪ ،‬وذلؾ مف خبلؿ‬
‫البت فييا‪ ،‬وذلؾ‬
‫ثـ تناوؿ إجراءات سير دعاوى انعقاد الزواج وانحبللو و ّ‬
‫المبحث األوؿ‪ّ ،‬‬
‫مف خبلؿ المبحث الثاني‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلجراءات المتعمقة برفع دعاوى انعقاد الزواج وانحاللو‬

‫يمجأ الزوجاف أحيانا إلى القضاء مف أجؿ تحصيؿ حقوقيما أو طمب حمايتيا‪،‬‬
‫وذلؾ عف طريؽ استصدار حكـ قضائي‪ ،‬حيث يجب عمييما احتراـ جممة مف الشروط‬
‫توج‬
‫واإلجراءات عند رفع الدعوى المعروضة عمى القضاء حتى يناؿ الزوجاف طمباتيما‪ ،‬وتُ ّ‬
‫بصدور حكـ قضائي يسند الحؽ لصاحبو‪.‬‬
‫حددىا المشرع قد تكوف شروطا عامة‪ ،‬يجب توافرىا في كؿ‬
‫ىذه الشروط التي ّ‬
‫خاصة ببعض الدعاوى دوف غيرىا‬
‫ّ‬ ‫الدعاوى المعروضة عمى القضاء‪ ،‬وقد تكوف شروطا‬
‫ىذا مف جية‪ ،‬ومف جية أخرى قد تكوف شروطا شكمية أو موضوعية‪ ،‬الشكمية منيا تتعمؽ‬
‫بشكؿ العريضة ومصاريؼ التسجيؿ وقواعد االختصاص‪ ،‬والموضوعية تتعمؽ بالصفة‬
‫والمصمحة واألىمية‪ ،‬ومف أىـ الشروط الواجب توافرىا في الدعاوى المرفوعة أماـ قسـ‬
‫شؤوف األسرة‪ ،‬شرط االختصاص بنوعيو‪ :‬النوعي أو اإلقميمي‪ ،‬والذي نظّمو المشرع‬
‫خاصة في المواد ‪ 423‬إلى ‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وألحؽ دعاوى الزواج باختصاص‬
‫ّ‬ ‫بأحكاـ‬
‫خص المشرع دعاوى‬
‫ّ‬ ‫يتـ تناولو في المطمب األوؿ‪ ،‬كما‬
‫قضاء شؤوف األسرة‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫الزواج المرفوعة أماـ قضاء شؤوف األسرة ببعض الخصوصية بيانيا في المطمب الثاني‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫المطمب األول‪ :‬إلحاق دعاوى الزواج باختصاص قضاء شؤون األسرة‬

‫تكتسي معرفة قواعد االختصاص أىمية بالغة‪ ،‬يجب احتراميا مف أجؿ قبوؿ‬
‫أف مخالفتيا تؤدي إلى رفض الدعوى‪ ،‬حيث تعتبر المحكمة‬
‫الدعاوى أماـ القضاء‪ ،‬إذ ّ‬
‫عدة أقساـ‪ ،‬وفؽ ما‬
‫صاحبة االختصاص العاـ تفصؿ في جميع القضايا‪ ،‬وتتشكؿ مف ّ‬
‫نص عميو المشرع في المادة ‪ 32‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬إذ ُي َمزُـ المتقاضي باحتراـ قواعد‬
‫عرض‬ ‫حددىا المشرع عند رفع دعوى أماـ القضاء‪ ،‬حتى ال ُي ّ‬
‫االختصاص القضائي التي ّ‬
‫دعواه لعيب في الشكؿ‪ ،‬فيمنح فرصة لمخصـ لمدفع بعدـ االختصاص‪ ،‬وابطاؿ اإلجراءات‬
‫التي اتّخذىا مف أجؿ الحصوؿ عمى حقو‪ ،‬واالختصاص القضائي عمى نوعيف‪ :‬نوعي‬
‫يختص بيا قسـ شؤوف األسرة عف غيره مف‬
‫ّ‬ ‫حدد المشرع المسائؿ التي‬
‫واقميمي‪ ،‬وقد ّ‬
‫وبيف حدود االختصاص القضائي في قضايا الزواج (الفرع األوؿ)‪ ،‬كما منح‬ ‫األقساـ‪ّ ،‬‬
‫تتميز بو‬
‫وخصيا بما ّ‬
‫ّ‬ ‫المشرع بعض القضايا المتعمقة بشؤوف األسرة صفة االستعجاؿ‪،‬‬
‫القضايا االستعجالية مف سرعة الفصؿ فييا‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ توفير الحماية ألطراؼ‬
‫العبلقة الزوجية ولؤلوالد‪ ،‬حيث أسند المشرع لرئيس قسـ شؤوف األسرة الصبلحيات‬
‫يتـ تناولو في (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫المخولة لقاضي االستعجاؿ‪ ،‬وىو ما ّ‬

‫الفرع األول‪ :‬حدود االختصاص القضائي في قضايا انعقاد الزواج وانحاللو‬

‫المختص‬
‫ّ‬ ‫المختصة‪ ،‬والقسـ‬
‫ّ‬ ‫يحدد الم ّدعي في عريضة الدعوى الجية القضائية‬
‫بنظر النزاع المعروض مف قبمو عمى القضاء‪ ،‬حيث يبحث القاضي أوؿ ما يبحث عند‬
‫نظره في الدعاوى المعروضة عميو‪ ،‬عف مدى اختصاصو أو عدـ اختصاصو بالنظر في‬
‫النزاع المعروض عميو‪ ،‬سواء مف ناحية اختصاصو النوعي أو اإلقميمي‪ ،‬وذلؾ قبؿ‬
‫صحة إجراءات رفع الدعوى‪ ،‬وقبؿ مناقشة موضوعيا‪.1‬‬
‫التطرؽ إلى ّ‬
‫بأنو والية القضاء بالفصؿ في القضايا المطروحة أمامو وفقا‬
‫ؼ االختصاص ّ‬ ‫عر ُ‬
‫وي ّ‬
‫ُ‬
‫لمعايير النوع والموقع اإلقميمي‪ ،2‬حيث تنص الفقرة األولى مف المادة ‪ 32‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.37‬‬ ‫‪1‬‬

‫بربارة عبد الرحماف‪ ،‬شرح قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية (قانوف رقـ ‪ 09-08‬مؤرخ في ‪ 23‬فيفري ‪ )2008‬ط ‪،1‬‬ ‫‪2‬‬

‫منشورات بغدادي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬ص ‪.74‬‬


‫‪84‬‬
‫أف‪" :‬المحكمة ىي الجية القضائية ذات االختصاص العاـ وتتشكؿ مف أقساـ"‪ ،‬وىو‬
‫عمى ّ‬
‫أف االختصاص النوعي واالختصاص اإلقميمي لقسـ شؤوف األسرة بالمحكمة‪،‬‬
‫ما يد ّؿ عمى ّ‬
‫ألف االختصاص العاـ ينعقد لممحكمة وليس‬
‫يشكؿ جزًء مف االختصاص العاـ لممحكمة‪ّ ،‬‬
‫ألقساميا‪.1‬‬
‫ويختص‬
‫ّ‬ ‫حددة بموجب التشريع‪،‬‬
‫وينفرد قضاء شؤوف األسرة بنظر دعاوى م ّ‬
‫يختص بيا قسـ شؤوف األسرة عف‬
‫ّ‬ ‫ببعض اإلجراءات‪ ،‬ويتـ تبياف فيما يمي القضايا التي‬
‫غيره مف األقساـ‪ ،‬والمنازعات التي تدخؿ في والية قضاء شؤوف األسرة‪ ،‬ونصيب كؿ‬
‫ثـ‬
‫طبقة مف طبقات القضاء بحسب نوع الدعوى‪ ،‬وىو ما يعرؼ باالختصاص النوعي‪ّ ،‬‬
‫اختصاص كؿ محكمة مف محاكـ الطبقة الواحدة بحسب الدائرة اإلقميمية لكؿ منيا‪ ،‬وىو‬
‫ما يعرؼ باالختصاص اإلقميمي‪.2‬‬
‫أوال‪ -‬حدود االختصاص النوعي‬
‫أسند المشرع لقسـ شؤوف األسرة صبلحية النظر في النزاعات التي تنشأ عمى‬
‫أف االختصاص المسند ليذا القسـ يطرح العديد مف التساؤالت حوؿ‬‫عقد الزواج‪ ،‬غير ّ‬
‫يختص بيا قسـ شؤوف األسرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مفيومو‪ ،‬وطبيعتو‪ ،‬والصبلحيات التي‬
‫‪ -1‬مفيومو االختصاص النوعي‬
‫يعرؼ االختصاص النوعي عمى ّأنو توزيع القضايا عمى مختمؼ الجيات‬ ‫ّ‬
‫القضائية – المحاكـ‪ ،‬المجالس‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،3-‬بحيث يكوف بيف الجيات القضائية‪،‬‬
‫وليس داخؿ الجية الواحدة‪ ،‬أي تعييف نصيب كؿ طبقة مف طبقات المحاكـ التّابعة لجية‬
‫قضائية واحدة مف المنازعات التي منحيا القانوف حؽ الفصؿ فييا‪.‬‬
‫النوعي باالعتماد عمى معياريف‪ ،‬األوؿ يعتمد عمى طبيعة‬
‫ويحدد االختصاص ّ‬
‫ّ‬
‫الدعوى‪ ،‬والثاني عمى قيمة المصالح التي ىي محؿ الخصومة‪ ،4‬وقواعد االختصاص‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.37‬‬ ‫‪1‬‬

‫بف حميمة يمينة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد إبراىيمي‪ ،‬الوجيز في اإلجراءات المدنية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.165‬‬ ‫‪3‬‬

‫الغوثي بف ممحة‪ ،‬القانوف القضائي الجزائري‪ ،‬ط ‪ ،2‬الديواف الوطني لؤلشغاؿ التربوية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص‬ ‫‪4‬‬

‫‪.180‬‬
‫‪85‬‬
‫النوعي تتعمؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬فبل يجوز االتفاؽ عمى مخالفتيا‪ ،‬ويثيرىا القاضي مف تمقاء‬
‫نفسو‪ ،‬ولو لـ يطمبو الخصوـ‪.1‬‬
‫ويقصد باالختصاص النوعي لقسـ شؤوف األسرة تحديد المنازعات التي يعود‬ ‫ُ‬
‫يختص بيا ىذا‬
‫ّ‬ ‫أف األصؿ في تحديد المواضيع والمسائؿ التي‬
‫الفصؿ فييا ليذا القسـ‪ ،‬إذ ّ‬
‫المشرع ّبيف كذلؾ‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫القسـ يكوف مف شأف قانوف األسرة باعتباره قانونا موضوعيا‪ ،‬إالّ ّ‬
‫بعض صبلحيات قسـ شؤوف األسرة في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬وىو قانوف‬
‫النزاعات حوليا‪ ،‬وعميو‬
‫إجرائي في األصؿ‪ ،‬وجاء التأكيد عمييا فيو نظ ار ألىميتيا وكثرة ّ‬
‫نصت‬‫تضمنيا قانوف األسرة‪ ،‬وما ّ‬
‫ّ‬ ‫فإف قسـ شؤوف األسرة يختص نوعيا بكؿ المسائؿ التي‬ ‫ّ‬
‫عميو المادة ‪ 423‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.2‬‬
‫‪ -2‬طبيعة االختصاص المسند لقسم شؤون األسرة‬
‫إف السؤاؿ الذي يفرض نفسو فيما يتعمؽ بالصبلحيات المسندة لقسـ شؤوف األسرة‬
‫ّ‬
‫ىو‪ ،‬ىؿ يعني وجود قسـ خاص لمفصؿ في النزاعات األسرية داخؿ المحكمة وجود‬
‫اختصاص نوعي بيف المحكمة والقسـ؟ أـ ّأنو مجرد تقسيـ داخمي لمعمؿ داخؿ المحكمة؟‬
‫المشرع في الفقرة السادسة مف المادة ‪ 32‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ في المسألة‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬ ‫فصؿ‬
‫بأنو ال يعتبر إنشاء األقساـ داخؿ المحكمة تقسيما نوعيا‪ ،‬واّنما تقسيما إداريا فقط‪،‬‬
‫نص ّ‬‫ّ‬
‫ال توزيعا لبلختصاصات بيف األقساـ‪ ،‬فالمحكمة ىي الجية القضائية ذات االختصاص‬
‫العاـ‪ ،‬وتفصؿ في جميع القضايا المدنية والتجارية والبحرية واالجتماعية والعقارية وقضايا‬
‫شؤوف األسرة‪ ،‬وعميو ال يمكف ألي قسـ التصريح بعدـ االختصاص النوعي إذا ما وجيت‬
‫تخص قسما آخر‪ ،‬فإذا ُس ّجمت قضية أماـ القسـ المدني أو التجاري أو العقاري‬
‫ّ‬ ‫لو قضية‬
‫أو أي قسـ مدني آخر‪ ،‬وكاف اختصاص النظر فييا لقسـ شؤوف األسرة‪ ،‬فبل يحكـ‬
‫القاضي بعدـ اختصاصو النوعي وال يفصؿ فييا‪ ،‬بؿ يحيميا عف طريؽ أمانة الضبط إلى‬
‫يتـ إخطار رئيس المحكمة مسبقا بذلؾ‪ ،‬الذي يفصؿ في إحالة القضية‬
‫القسـ المختص‪ ،‬و ّ‬

‫المادة ‪ 36‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫حمميؿ صالح‪ ،‬إجراءات التقاضي أماـ قسـ شؤوف األسرة في القانوف الجزائري‪ ،‬مجمة الفقو والقانوف‪ ،‬العدد التاسع‬ ‫‪2‬‬

‫عشر‪ ،‬ماي ‪ ،2014‬ص ‪.9‬‬


‫‪86‬‬
‫مف قسـ آلخر‪ ،1‬واذا رفض رئيس المحكمة اإلحالة تبقى القضية بالقسـ الذي ُس ّجمت بو‪،‬‬
‫ويفصؿ فيو القاضي وفقا لئلجراءات المتبعة أماـ القسـ األصمي‪ ،‬مع احتراـ التشكيمة في‬
‫القضايا االجتماعية والتجارية وتصفية المصاريؼ الختبلفيا مف قسـ آلخر‪ ،‬ويِؤكد قرار‬
‫المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ 1998/10/20‬أف األقساـ الموجودة بالمحكمة ىو مجرد‬
‫تقسيـ لممحؿ‪ ،‬وليس تقسيما لبلختصاص النوعي‪.2‬‬
‫‪ -3‬صالحيات قسم شؤون األسرة بالنظر في قضايا الزواج‬
‫ال يمكف حصر االختصاصات المسندة لقسـ شؤوف األسرة بدقّة‪ ،‬ولكف بصفة‬
‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫تطرؽ‬
‫عامة يختص ىذا القسـ بكؿ القضايا المتعمقة بحالة األشخاص واألسرة‪ ،‬وقد ّ‬
‫حددت‬
‫لصبلحيات قسـ شؤوف األسرة ضمف المواد ‪ 423‬و‪ 424‬و‪ 425‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ّ‬
‫المادة ‪ 423‬منو االختصاصات الموكولة لقسـ شؤوف األسرة عمى وجو الخصوص ال عمى‬
‫وجو الحصر‪ ،‬فباستقراء ىذه المواد اإلجرائية المنظمة لشؤوف األسرة‪ ،‬يتضح أف‬
‫االختصاص ينعقد لقسـ شؤوف األسرة في الدعاوى التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الدعاوى المتعمقة بالخطبة والزواج والرجوع إلى بيت الزوجية وانحبلؿ الرابطة‬
‫الزوجية وتوابعيا‪ ،‬حسب الحاالت والشروط المذكورة في قانوف األسرة‪.‬‬
‫‪ -‬دعاوى النفقة والحضانة وحؽ الزيارة‪.‬‬
‫‪ -‬دعاوى إثبات الزواج والنسب‪.‬‬
‫‪ -‬الدعاوى المتعمقة بالكفالة‪.‬‬
‫‪ -‬الدعاوى المتعمقة بالوالية وسقوطيا والحجر والغياب والفقداف والتقديـ‪.‬‬
‫وىذه االختصاصات ىي عمى وجو الخصوص ال عمى وجو الحصر والتحديد‪،‬‬
‫واّنما ذكر المشرع عموـ القضايا التي تُعرض عمى قضاة قسـ شؤوف األسرة مف باب‬

‫‪ 1‬تنص الفقرة السادسة مف المادة ‪ 32‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى ّأنو‪ " :‬في حالة جدولة قضية أماـ قسـ غير‬
‫القسـ المعني بالنظر فييا‪ ،‬يحاؿ الممؼ إلى القسـ المعني عف طريؽ أمانة الضبط‪ ،‬بعد إخبار رئيس المحكمة مسبقا"‪.‬‬
‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 204999‬مؤرخ في ‪ ،1998/10/20‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد ‪،02‬‬ ‫‪2‬‬

‫سنة ‪ ،2000‬ص ‪ 177‬وما بعدىا‪ ،‬والذي جاء فيو‪ ... " :‬عف الوجو المأخوذ مف مخالفة القانوف‪ :‬بدعوى أف القرار عندما‬
‫قضى بعدـ االختصاص النوعي‪ ،‬قد خالؼ نص المادة ‪ 01‬مف قانوف اإلجراءات المدنية التي تنص‪ " :‬أف المحاكـ ىي‬
‫الجيات القضائية الخاصة بالقانوف العاـ وىي تفصؿ في جميع القضايا المدنية والتجارية أو دعاوى الشركات ‪ "...‬وحسب‬
‫المادة فإف التقسيـ الداخمي الموجود في كؿ محكمة ىو مجرد تقسيـ لممحؿ وليس تقسيما لبلختصاص النوعي ‪."...‬‬
‫‪87‬‬
‫الذكر فقط‪ ،‬باعتبارىا أىـ الدعاوى التي تُعرض عمى قضاء شؤوف األسرة‪ ،‬ومف بيف‬
‫الدعاوى التي أغفؿ المشرع ذكرىا الدعاوى المتعمقة بالميراث‪ ،‬والدعاوى المتعمقة بترشيد‬
‫القاصر والترخيص بالتصرؼ في بعض أموالو‪ ،‬الدعاوى المتعمقة باليبات والوصايا‬
‫المتعمقة بالمنقوالت‪.1‬‬
‫ثـ تطرقت المادة ‪ 424‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ إلى ّأنو عمى قاضي شؤوف األسرة عمى‬
‫ّ‬
‫الخصوص أف يسير عمى حماية مصالح القصر‪ ،‬خاصة عند وفاة األبويف‪ ،‬أيف يكوف‬
‫القصر بحاجة إلى مف يتولى تسيير شؤونيـ وحماية مصالحيـ‪ ،‬وىو دور جديد أسند لو‬
‫بمقتضى قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪.‬‬
‫كما أوكؿ المشرع مف خبلؿ المادة ‪ 425‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ لرئيس قسـ شؤوف األسرة‬
‫أف لو في إطار التحقيؽ‬
‫بالمحكمة أف يمارس الصبلحيات المخولة لقاضي االستعجاؿ‪ ،‬و ّ‬
‫مختصة في‬
‫ّ‬ ‫القياـ بتعييف مساعدة اجتماعية‪ ،‬أو طبيب خبير‪ ،‬أو المجوء إلى أية مصمحة‬
‫الموضوع بغرض االستشارة‪ ،‬وعمى القاضي إطبلع األطراؼ عمى مضموف التقرير‪،‬‬
‫ويحدد ليـ أجبل لتقديـ طمب إجراء تحقيؽ مضاد‪ ،‬كما لو المجوء إلى االستشارة في أي‬
‫وقت‪ ،‬وحتى أثناء إجراءات الصمح‪.‬‬
‫ىذه مجمؿ الصبلحيات التي أسندىا المشرع لقاضي شؤوف األسرة في قانوف‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬
‫ومف بيف الدعاوى التي يختص بيا قسـ شؤوف األسرة‪:‬‬
‫دعاوى التعويض عف الضرر الناجـ عف العدوؿ عف الخطبة واسترداد اليدايا‪،‬‬
‫منح الترخيص بالزواج لمف لـ يبمغ السف القانونية ‪ 19-‬سنة‪ ،-‬مع تبياف األسباب المبررة‬
‫والمصمحة أو الضرورة عند االقتضاء‪ ،‬القضايا المتعمقة باإلذف بالزواج لممصاب بإعاقة‬
‫ذىنية بعد تقديـ تقرير حوؿ حالة إعاقتو مف طرؼ طبيب‪ ،‬دعاوى فسخ الزواج الجديد قبؿ‬
‫الدخوؿ إذا لـ يستصدر الزوج ترخيصا مف القاضي – عند التعدد‪ ،-‬دعاوى فسخ عقد‬
‫الزواج قبؿ الدخوؿ الختبلؿ شرط مف شروطو‪ ،‬أو فسخو قبؿ الدخوؿ وبعده عند الزواج‬
‫بإحد ى المحرمات‪ ،‬دعاوى إبطاؿ عقد الزواج الختبلؿ ركف الرضا‪ ،‬الدعاوى المتعمقة‬

‫‪ 1‬بربارة عبد الرحماف‪ ،‬شرح قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.328‬‬
‫‪88‬‬
‫بالنزاع في الصداؽ‪ ،‬الدعاوى المتعمقة بالشروط المدرجة في عقد الزواج أو في عقد‬
‫رسمي الحؽ‪ ،‬ومدى مشروعيتيا وتنافييا مع قانوف األسرة‪ ،‬الدعاوى المتعمقة بالنزاع في‬
‫األمواؿ المشتركة بيف الزوجيف خبلؿ الحياة الزوجية‪ ،‬الدعاوى المتعمقة بإثبات الزواج‬
‫العرفي وتسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬الدعاوى المتعمقة بإلزاـ الزوجة بالرجوع إلى‬
‫مسكف الزوجية‪ ،‬الدعاوى الخاصة بطمب النفقة لمزوجة واألوالد ومراجعتيا أو إسقاطيا‪،‬‬
‫دعاوى إثبات النسب ونفيو‪ ،‬الدعاوى المتعمقة بنشوز أحد الزوجيف‪ ،‬الدعاوى المتعمقة بفؾ‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬سواء بالطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬أو الطبلؽ بالتراضي‪،‬‬
‫أو التطميؽ‪ ،‬أو الخمع‪ ،‬أو الطبلؽ قبؿ الدخوؿ‪ ،‬الدعاوى المرتبطة بالحقوؽ المادية‬
‫المترتبة عمى فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬دعاوى إثبات الطبلؽ العرفي‪ ،‬الدعاوى الخاصة بػإسناد‬
‫الحضانة وممارستيا واسقاطيا وتوفير مسكف مبلئـ لممارستيا وتسميـ الطفؿ المحضوف‬
‫ومنح الوالية عميو‪ ،‬دعاوى ممارسة حؽ الزيارة ومراجعتيا‪ ،‬الدعاوى المتعمقة بالنزاع حوؿ‬
‫أثاث البيت الزوجي‪ ،‬الدعاوى المتعمقة بالمطالبة بنفقة الزوجة واألوالد ومراجعتيا‪ ،‬الدعاوى‬
‫المتعمقة باتخاذ التدابير الضرورية لممحافظة عمى التركة‪ ،‬وقسمة التركات‪ ،‬أو تعييف‬
‫الوصي أو المقدـ‪ ،‬دعاوى الحجر‪ ،‬الدعاوى المتعمقة بالمفقود والغائب‪ ،‬الدعاوى المتعمقة‬
‫بالكفالة‪ ،‬الدعاوى المتعمقة بالوصية اليبة والوقؼ‪ ،‬الدعاوى المتعمقة بالميراث‪.‬‬
‫نص في الفقرة الثالثة مف الفصؿ الثاني‬
‫أف المشرع المغربي ّ‬‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫مف التنظيـ القضائي بعد تعديمو وتتميمو بالقانوف‪ 1‬رقـ ‪ ،03-70‬إلى ّأنو‪" :‬تنظر أقساـ‬
‫قضاء األسرة في قضايا األحواؿ الشخصية والميراث والحالة المدنية وشؤوف التوثيؽ‬
‫والقاصريف والكفالة وكؿ ما لو عبلقة برعاية وحماية األسرة" ونصت الفقرة الخامسة مف‬
‫نفس الفصؿ عمى أنو‪ " :‬يمكف لكؿ غرفة أف تبحث وتحكـ في كؿ القضايا المعروضة‬
‫عمى المحكمة كيفما كاف نوعيا‪ ،‬باستثناء ما يتعمؽ بأقساـ قضاء األسرة‪ ،‬وأقساـ قضاء‬
‫تضمف مشروع قانوف رقـ ‪ ،38215‬يتعمؽ بالتنظيـ القضائي‪ ،‬في الفقرة الثانية‬
‫ّ‬ ‫القرب"‪ ،‬كما‬

‫‪1‬‬
‫ظيير شريؼ بمثابة قانوف رقـ ‪ 1.74.338‬بتاريخ ‪ 24‬جمادى الثانية ‪ 15 ( 1394‬يوليوز ‪ )1974‬يتعمؽ بالتنظيـ‬
‫القضائي لممممكة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3220‬بتاريخ ‪ 26‬جمادى الثانية ‪ 17 ( 1394‬يوليوز ‪.)1974‬‬
‫‪89‬‬
‫مف المادة ‪ 44‬منو‪ ،1‬عمى ّأنو‪ ..." :‬يمكف لكؿ غرفة أف تبحث وتحكـ في كؿ القضايا‬
‫المعروضة عمى المحكمة كيفما كاف نوعيا باستثناء ما يتعمؽ بقسـ قضاء األسرة ‪."...‬‬
‫أف المشرع المغربي‬‫حيث مف خبلؿ االطبلع عمى ىذه النصوص يتّضح جمياّ ّ‬
‫قر صراحة باالختصاص النوعي االستثنائي الخاص بقسـ قضاء األسرة‪ ،‬إذ يعتبره مف‬ ‫أّ‬
‫أي مرحمة مف مراحؿ التقاضي‪ ،‬ولممحكمة إثارتو مف تمقاء‬
‫النظاـ العاـ‪ ،‬ويمكف إثارتو في ّ‬
‫أف المشرع المغربي لـ ينص عمى ضرورة أف تقوـ الغرؼ األخرى إذا‬
‫نفسيا‪ ،‬غير ّ‬
‫ما ُعرضت عمييا قضية مف اختصاص قسـ قضاء األسرة‪ ،‬أف تقضي بعدـ االختصاص‬
‫المشرع المغربي مف خبلؿ ىذا االستثناء المقرر‬
‫ّ‬ ‫واحالة القضية إلى ذلؾ القسـ‪ ،‬وييدؼ‬
‫متخصص في قضايا‬‫ّ‬ ‫يخص االختصاص إلى إيجاد قضاء‬
‫ّ‬ ‫لصالح قسـ قضاء األسرة فيما‬
‫يفعؿ قواعدىا اإلجرائية والموضوعية‪.2‬‬
‫شؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫ثانيا‪ -‬حدود االختصاص اإلقميمي‬
‫حدد المشرع قواعد االختصاص اإلقميمي ووضع ضوابط محمية أو جغرافية يتعيف‬
‫ّ‬
‫وخص المشرع النزاعات الناشئة عف عقد‬
‫ّ‬ ‫عمى المتقاضي احتراميا حتى تُقبؿ دعواه‪،‬‬
‫الزواج باختصاص إقميمي محدد‪ ،‬مما يتطمب تناوؿ مفيوـ االختصاص اإلقميمي‪،‬‬
‫طبيعتو‪ ،‬أثره وتحديده في قضايا الزواج‪.‬‬
‫‪ -1‬مفيوم االختصاص اإلقميمي‬
‫يقصد باالختصاص اإلقميمي أحقّية كؿ محكمة مف محاكـ الطبقة الواحدة بنظر‬
‫الدعوى في إطار محمي‪ ،3‬أي االختصاص المقرر بالنظر إلى محؿ المحكمة أو مركزىا‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫يتـ تحديد النطاؽ الجغرافي لكؿ جية‬
‫أو بالنظر إلى مجاليا المكاني أو اإلقميمي ‪ ،‬حيث ّ‬
‫قضائية‪ ،‬واليدؼ مف ذلؾ ىو تقريب المحاكـ بقدر اإلمكاف مف موطف الخصوـ‪ ،‬فبل‬
‫يكفي أف ُيسند النزاع إلى قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬بؿ ال بد مف معرفة المحكمة المختصة مف‬

‫صيغة الثبلثاء ‪ 07‬جواف ‪ ،2016‬والذي تمت المصادقة عمييا باألغمبية بالجمسة العامة بمجمس النواب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد الكشبور‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.147‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد شتا أبو سعد‪ ،‬الدفع بعدـ االختصاص في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫دوف ذكر السنة والطبعة‪ ،‬ص ‪.276‬‬


‫‪Monique Ban drac, droit et pratique de la procédure civil , Dalloz , paris 1998 , p 157 4‬‬
‫‪90‬‬
‫ناحية الدائرة الجغرافية‪ ،‬وقد عدؿ المشرع عف مصطمح االختصاص المحمي إلى مصطمح‬
‫االختصاص اإلقميمي الذي يعني المدى الجغرافي‪ ،‬وىو أدؽ مف المصطمح األوؿ‪.1‬‬
‫أف االختصاص اإلقميمي لقسـ شؤوف األسرة ليس مستقبل عف االختصاص‬ ‫غير ّ‬
‫اإلقميمي لممحكمة التي ينتمي إلييا ىذا القسـ‪ ،‬بؿ ىو جزء ال يتج أز عنو‪ ،‬وما يؤكد ذلؾ‬
‫أف المشرع يتحدث عف االختصاص اإلقميمي لممحكمة‪،‬‬
‫نص المادة ‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬إذ ّ‬
‫أف المادة ‪ 426‬وردت تحت‬
‫ال عف االختصاص اإلقميمي لقسـ شؤوف األسرة‪ ،‬بالرغـ مف ّ‬
‫مسمى القسـ الثاني‪( :‬في االختصاص اإلقميمي) مف الفصؿ األوؿ‪( :‬في قسـ شؤوف‬
‫ّ‬
‫األسرة)‪.‬‬
‫‪ -2‬طبيعة االختصاص اإلقميمي‬
‫يعد االختصاص اإلقميمي عموما مف النظاـ العاـ إالّ إذا ورد نص خاص‬
‫ال ّ‬
‫بذلؾ‪ُ ،‬يسند االختصاص اإلقميمي لجية قضائية معينة دوف سواىا‪ ،2‬حيث ال يمكف‬
‫لمقاضي إثارتو مف تمقاء نفسو‪ ،‬بؿ يجب عمى الخصوـ التمسؾ بو‪ ،‬فالدفع بعدـ‬
‫يعد مف قبيؿ الدفوع الشكمية التي يجب عمى الخصوـ إثارتيا قبؿ‬
‫االختصاص اإلقميمي ّ‬
‫أي دفع في الموضوع‪ ،‬أو دفع بعدـ القبوؿ‪ ،‬مع وجوب تحديد الجية القضائية المختصة‪،‬‬
‫واالّ رفض ىذا الدفع‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص المادة ‪ 47‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ومف بيف االستثناءات التي ترد عمى مبدأ عدـ تعمؽ االختصاص اإلقميمي‬
‫بالنظاـ العاـ‪ ،‬المسائؿ المتعمقة بالحالة المدنية‪ ،‬حيث يجوز لمقاضي إثارة عدـ‬
‫االختصاص اإلقميمي مف تمقاء نفسو ولو لـ يتمسؾ بو األطراؼ‪ ،‬وقد أ ّكد قرار المحكمة‬
‫العميا الصادر بتاريخ ‪ 2012/01/12‬ذلؾ‪ ،‬حيث جاء فيو‪" :‬االختصاص اإلقميمي في‬
‫شأف مسائؿ الحالة المدنية مف النظاـ العاـ‪ ،‬محكمة الجزائر ىي المختصة لمحكـ بتسجيؿ‬
‫زواج عرفي واقع في بمد أجنبي"‪ ،‬حيث صدر حكـ عف محكمة ندرومة بتاريخ‬

‫بداوي عمي‪ ،‬الضوابط اإلجرائية المستحدثة في شروط الدعوى وقواعد االختصاص في قانوف اإلجراءات المدنية‬ ‫‪1‬‬

‫واإلدارية الجديد‪ ،‬نشرة القضاة‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الديواف الوطني لؤلشغاؿ التربوية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،64‬ص ‪.312‬‬
‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ ،43‬وقد أ ّكد ذلؾ قرار المحكمة العميا‬ ‫‪2‬‬

‫رقـ ‪ 45651‬مؤرخ في ‪ 1988/03/27‬الذي جاء فيو‪ ( :‬حيث أف االختصاص المحمي عموما ال يتعمؽ بالنظاـ العاـ‬
‫‪.)...‬‬
‫‪91‬‬
‫‪ 2007/05/06‬قضى بتثبيت زواج عرفي وقع سنة ‪ 1959‬بالمغرب‪ ،‬فاستأنؼ وكيؿ‬
‫الجميورية الحكـ‪ ،‬وطالب بإلغائو لعدـ االختصاص‪ ،‬فصدر قرار مف مجمس قضاء‬
‫وصرح بعدـ‬‫ّ‬ ‫تممساف بتاريخ ‪ 2008/06/08‬قضى بإلغاء الحكـ المستأنؼ فيو‪،‬‬
‫فأيدت المحكمة العميا ذلؾ كوف المادة ‪ 99‬مف قانوف الحالة المدنية‬
‫االختصاص المحمي‪ّ ،‬‬
‫تنص عمى استصدار حكـ بتسجيؿ الزواج العرفي المبرـ في الخارج مف رئيس محكمة‬
‫الجزائر لتسجيمو في السجبلت القنصمية‪ ،‬واعتبرت االختصاص اإلقميمي في مسائؿ الحالة‬
‫المدنية مف النظاـ العاـ‪ ،‬يجوز لمقاضي إثارتو مف تمقاء نفسو‪.‬‬
‫أف المشرع أسند‬ ‫كما أنو بالرجوع إلى نص المادة ‪ 40‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬نجد ّ‬
‫االختصاص لجيات قضائية محددة دوف سواىا‪ ،‬حيث أسند في الفقرة الثانية منيا‬
‫االختصاص لممحكمة التي يقع فييا موطف المتوفى بالنسبة لقضايا الميراث‪ ،‬وأسند‬
‫االختصاص لممحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا مسكف الزوجية بالنسبة لدعاوى‬
‫الطبلؽ أو الرجوع‪ ،‬وأسند االختصاص لممحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا مكاف‬
‫ممارسة الحضانة بالنسبة لقضايا الحضانة‪ ،‬وأسند االختصاص لممحكمة التي يقع في‬
‫دائرة اختصاصيا موطف الدائف بالنفقة بالنسبة لقضايا النفقة الغذائية‪ ،‬وأسند االختصاص‬
‫لممحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا مكاف وجود السكف بالنسبة لقضايا السكف‪ ،‬ويعتبر‬
‫ىذا االختصاص المنصوص عنو في المادة ‪ 40‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ اختصاصا مانعا‪ ،‬بحيث إذا‬
‫أثير أماـ القاضي وعايف مخالفة ىذه القواعد‪ ،‬فعميو أف يحكـ بعدـ االختصاص‪.1‬‬
‫المشرع عف القاعدة العامة في االختصاص اإلقميمي في بعض ىذه‬
‫ّ‬ ‫وخروج‬
‫خاصة بعد فؾ‬
‫ّ‬ ‫مقرر لفائدة الطرؼ الضعيؼ‪ ،‬وىـ الحاضنة والمحضونيف‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫المسائؿ‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬أيف يتطمب األمر مزيدا مف الحماية والتسييؿ عمى الحاضنة في‬
‫إجراءات طمب النفقة والمسكف المبلئـ لممارسة الحضانة‪ ،‬وكذا المسائؿ المرتبطة بيا‪،‬‬
‫تتبع موطف المدعى عميو أحيانا أف يرىؽ الحاضنة‪ ،‬ويكمفيا ما ال تطيؽ إف‬
‫ألف مف شأف ّ‬
‫ّ‬
‫كاف موطنو يبعد كثي ار عف موطنيا‪ ،‬أو كاف المدعى عميو مقيما بالخارج‪ ،‬وىو أمر يعود‬
‫أقر المشرع بعض االستثناءات في قواعد‬
‫بالسمب عمى حقوؽ األوالد المحضونيف‪ ،‬لذا ّ‬

‫عبد السبلـ ذيب‪ ،‬قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪ ،‬ترجمة لممحاكمة العادلة‪ ،‬ط ‪ ،3‬موفـ لمنشر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2012‬ص ‪.339‬‬
‫‪92‬‬
‫االختصاص اإلقميمي في بعض مسائؿ شؤوف األسرة‪ ،‬بما يتبلءـ وخصوصية ىذه‬
‫المسائؿ‪ ،‬وغرض المشرع مف توفير الحماية لمصمحة المحضونيف‪.‬‬
‫ويعتبر االختصاص اإلقميمي الوارد في المادة ‪ 40‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ اختصاصا مانعا‪،‬‬
‫يتعيف عمى القاضي إذا ما تمت مخالفة قواعده وأثير أمامو أف يحكـ بعدـ االختصاص‪،‬‬
‫بؿ يعتبره جانب مف الفقو اختصاصا إقميميا حصريا‪ ،‬ال يجوز إقامة الدعوى المتعمقة بيذه‬
‫تـ ذكرىا في المادة ‪ 40‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬فيي محددة‬
‫النزاعات أماـ محكمة أخرى غير التي ّ‬
‫أف المشرع حصر االختصاص في ىذه المحاكـ دوف غيرىا‪ ،‬وجزاء‬ ‫عمى سبيؿ الحصر‪ ،‬و ّ‬
‫مخالفة ذلؾ ىو الحكـ بعدـ االختصاص تمقائيا مف طرؼ القاضي‪ ،‬أو بناء عمى دفع‬
‫الخصوـ‪.1‬‬
‫‪ -3‬أثر مخالفة االختصاص اإلقميمي‬
‫فإنو يحكـ بعدـ‬
‫تـ قبوؿ الدفع بعدـ االختصاص اإلقميمي مف طرؼ القاضي ّ‬
‫إذا ّ‬
‫االختصاص‪ ،‬دوف التطرؽ إلى موضوع الدعوى‪ ،‬وال يحكـ القاضي بعدـ قبوؿ الدعوى‬
‫ألف ذلؾ يتطمب تخمؼ شرط مف شروط إقامة الدعوى‪ ،‬أو اإلخبلؿ بإجراء مف‬ ‫شكبل‪ّ ،‬‬
‫ألف ذلؾ يتطمب أف‬
‫إجراءات رفعيا‪ ،‬كما ال يحكـ القاضي برفض الدعوى لعدـ التأسيس‪ّ ،‬‬
‫المدعي عف تقديـ األدلّة‬
‫يكوف القاضي قد اطّمع عمى موضوع الدعوى‪ ،‬وثبت لو عجز ّ‬
‫والحجج التي تؤيد مزاعمو‪ ،‬وىو أمر غير وارد عند الحكـ بعدـ االختصاص اإلقميمي‬
‫أف موضوع النزاع خارج االختصاص‬
‫ت لمقاضي ّ‬‫لممحكمة‪ ،‬الذي يشترط فيو فقط أف َيثُْب َ‬
‫اإلقميمي لممحكمة المعروض عمييا‪ ،‬والذي يعتبر قسـ شؤوف األسرة الذي عرض أمامو‬
‫النزاع قسما مف أقساميا‪ ،‬وأف يدفع الخصـ صاحب المصمحة بعدـ االختصاص اإلقميمي‬
‫قبؿ أي دفع في الموضوع‪ ،‬أو دفع بعدـ القبوؿ‪ ،‬مع تحديده الجية المختصة إقميميا‪،‬‬
‫وبالشكؿ القانوني المطموب‪.2‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬أبحاث تحميمية في قانوف اإلجراءات المدنية الجديد‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص ‪.52‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.42 ،41‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪93‬‬
‫أف الحكـ الصادر مف قاضي قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬والذي يقضي فيو بعدـ‬‫غير ّ‬
‫المدعي في تصحيح الخطأ اإلجرائي‬
‫االختصاص اإلقميمي‪ ،‬ال يحوؿ أبدا دوف أحقية ّ‬
‫الذي ارتكبو‪ ،‬وذلؾ برفع دعوى جديدة أماـ الجية القضائية المختصة إقميميا‪.1‬‬
‫المدعي مف إثارة الدفع بعدـ االختصاص اإلقميمي‪ ،‬بموجب‬
‫أف المشرع منع ّ‬‫كما ّ‬
‫‪2‬‬
‫المدعي ىو مف رفع‬
‫ألف ّ‬
‫المادة ‪ 51‬الفقرة الثانية مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬وىو أمر منطقي وصائب‪ّ ،‬‬
‫الدعوى‪ ،‬وخالؼ فييا قواعد االختصاص اإلقميمي‪ ،‬فبل يحؽ لو االستفادة مف خطئو‪.‬‬
‫ويمكف لؤلطراؼ مخالفة االختصاص اإلقميمي اختياريا‪ ،‬وتقديـ تصريح بطمب‬
‫التقاضي أماـ الجية غير المختصة إقميميا‪ ،‬فتكوف ىذه المحكمة مختصة طيمة‬
‫الخصومة‪ ،‬وفي حالة االستئناؼ يكوف المجمس التابعة لو ىذه المحكمة مختصا وفقا‬
‫جراء‬
‫لممادة ‪ 46‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وذلؾ تخفيفا لئلرىاؽ الذي قد يصيب بعض المتقاضيف ّ‬
‫أف مصمحتيـ تتحقؽ برفع‬
‫قدر األطراؼ ّ‬
‫احتراـ قواعد االختصاص اإلقميمي‪ ،‬فإذا ما ّ‬
‫الدعوى أماـ محكمة غير مختصة إقميميا‪ ،‬فميـ ذلؾ‪ ،‬وال يثير القاضي عدـ توفر‬
‫االختصاص اإلقميمي لممحكمة مف تمقاء نفسو‪ ،‬فمثبل قد يكوف مسكف الزوجية يقع في‬
‫أف محؿ إقامتيـ الفعمية‬
‫والية بعيدة‪ ،‬كاف يقيـ فييا الزوجاف بسبب ظروؼ العمؿ‪ ،‬غير ّ‬
‫يقع في الجزائر‪ ،‬ومف شأف التنقؿ إلى ىذه الوالية ورفع دعوى الطبلؽ أو المطالبة بتوابعو‬
‫أماـ المحكمة التي يقع فييا مسكف الزوجية‪ ،‬أمر مرىؽ جدا لكبل الطرفيف‪ ،‬فمف‬
‫المستحسف ليما اختيار محكمة لمتقاضي أماميا تابعة لمجمس قضاء الجزائر‪ ،‬تخفيفا‬
‫عنيـ وتوفير لمشقة وعناء ومصاريؼ التنقؿ‪ ،‬وحسنا فعؿ المشرع عندما لـ يجعؿ‬
‫االختصاص اإلقميمي مف النظاـ العاـ‪ ،‬وأجاز مخالفة قواعده باختيار األطراؼ‪.‬‬
‫أف الحكـ بعدـ االختصاص اإلقميمي في دعاوى الطبلؽ‬ ‫ويجدر التنبيو إلى ّ‬
‫باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬بعد دفع المدعى عميو بو‪ ،‬يؤدي إلى نتائج مخالفة ألحكاـ الطبلؽ‬
‫ألف الطبلؽ الذي‬
‫وأحكاـ العدة‪ ،‬والتي تتعمؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬إذا كاف الزوج تمفظ بالطبلؽ‪ّ ،‬‬

‫حمميؿ صالح‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫تنص المادة ‪ 51‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى أنو‪ " :‬يجب عمى الخصـ الذي يدفع بعدـ االختصاص‬ ‫‪2‬‬

‫اإلقميمي لمجية القضائية أف يسبب طمبو‪ ،‬ويعيف الجية القضائية التي يستوجب رفع الدعوى أماميا‪ .‬ال يجوز لممدعي‬
‫إثارة ىذا الدفع"‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫يتـ إثباتو وتسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬حتى‬
‫أوقعو الزوج بإرادتو المنفردة يجب أف ّ‬
‫ُيحتسب ضمف عدد الطمقات التي يممكيا الزوج عمى زوجتو‪ ،‬ألف إثبات الطبلؽ يتعمؽ‬
‫أف الحكـ بعدـ االختصاص اإلقميمي قد يؤدي إلى فوات أجؿ‬
‫بالنظاـ العاـ مف جية‪ ،‬كما ّ‬
‫تمكف الزوج مف‬
‫وتحوؿ الطبلؽ الرجعي إلى طبلؽ بائف بينونة صغرى‪ ،‬دوف ّ‬‫ّ‬ ‫العدة‪،‬‬
‫خصو‬
‫استعماؿ حقو في مراجعة زوجتو دوف عقد جديد‪ ،‬وفي ذلؾ ىدـ لعقد الزواج الذي ّ‬
‫وسماه الميثاؽ الغميظ‪ ،‬وىدـ لؤلسرة والمجتمع التي ُي ُّ‬
‫عد‬ ‫ّ‬ ‫الشارع الحكيـ بعناية كبيرة‪،‬‬
‫أف االختصاص‬ ‫حمايتيا مف المقاصد التي يسعى المشرع والنيابة العامة إلى تحقيقيا‪ ،‬كما ّ‬
‫اإلقميمي ال يتعمؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬بينما أحكاـ الطبلؽ والعدة والرجعة تتعمؽ بالنظاـ العاـ‪،‬‬
‫وبالتالي مخالفة أحكاـ االختصاص اإلقميمي وقواعده مف أجؿ تحقيؽ مصمحة أولى‬
‫بالحماية وجديرة بالرعاية أمر مطموب وغاية مشروعة‪.‬‬
‫لذا مف األحسف لو ينص المشرع صراحة عمى عدـ جواز الدفع بعدـ‬
‫االختصاص اإلقميمي بالنسبة لدعاوى إثبات الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬والزامو بتثبيتو‬
‫يتـ احتساب الطبلؽ الذي أوقعو الزوج مف‬
‫واألمر بتسجيمو بسعي مف النيابة العامة‪ ،‬حتى ّ‬
‫عدد الطمقات التي يممكيا‪.1‬‬
‫لمختصة إقميميا في قضايا انعقاد الزواج وانحاللو‬
‫ّ‬ ‫‪ -04‬تحديد الجية ا‬
‫وضع المشرع قاعدة عامة تقضي بإسناد االختصاص اإلقميمي لمجية القضائية‬
‫المدعى عميو‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص المادة ‪ 37‬مف‬
‫التي يقع في دائرة اختصاصيا موطف ّ‬
‫ألف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬غير ّأنو أورد استثناءات عمى ذلؾ في المواد ‪ 39‬و‪ 40‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫المدعى عميو‪ ،‬ويطالبو أماـ القضاء بالوفاء‬
‫المدعى إلى موطف ّ‬
‫األصؿ أف ينتقؿ ّ‬
‫فالمدعي يسعى وراء المدعى عميو ويتبعو‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بالتزاماتو‪ ،‬أو تعويض الضرر الذي لحؽ بو‪،‬‬
‫المدعى الدليؿ عمى عكس‬
‫يقدـ ّ‬
‫المدعى عميو مف أي التزاـ حتى ّ‬
‫ألف األصؿ براءة ذمة ّ‬
‫ّ‬
‫المدعى عميو مطموب‪ ،‬وعمى الطالب أف يسعى وراء المطموب‬
‫فالمدعي طالب و ّ‬
‫ّ‬ ‫ذلؾ‪،‬‬
‫المشرع أورد بعض االستثناءات عمى القاعدة العامة مراعاة‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫لطمب حقو منو‪ ،‬غير ّ‬

‫لمطاعي نور الديف‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي وأثارىا عمى األحكاـ القضائية‪ ،‬رسالة لنيؿ درجة الدكتوراه في القانوف‪ ،‬كمية‬ ‫‪1‬‬

‫الحقوؽ‪ ،‬بف عكنوف‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2006‬ص ‪.185-183‬‬
‫‪95‬‬
‫لمصمحة المحضوف‪ ،‬ومصمحة األسرة‪ ،‬ومركز الزوجة الضعيؼ‪ ،‬وىي استثناءات تدعـ‬
‫تتميز بيا بعض دعاوى شؤوف األسرة‪.‬‬
‫الخصوصية التي ّ‬
‫كما ّبيف المشرع في المواد ‪ 38 ،37 ،36‬مف القانوف المدني مفيوـ الموطف‪،‬‬
‫الذي يعتمد عميو في معرفة االختصاص‪ ،‬حيث اعتبر المحؿ الذي يوجد فيو السكف‬
‫الرئيسي لمشخص موطنا لو‪ ،‬وعند عدـ وجود سكف يعتبر محؿ اإلقامة العادي موطنا‬
‫لمشخص‪ ،‬و ّأنو ال يجوز أف يكوف لمشخص أكثر مف موطف واحد في نفس الوقت‪ ،‬ويعتبر‬
‫موطف القاصر والمحجور عميو والمفقود والغائب ىو موطف مف ينوب عنيـ قانونا‪ ،‬وعند‬
‫ترشيد القاصر يكوف لو موطف خاص بالنسبة لمتصرفات التي يعتبره القانوف أىبل‬
‫لمباشرتيا وفقا لممادة ‪ 38‬مف القانوف المدني‪.‬‬
‫المدعى أماـ المحكمة التي‬
‫واذا لـ يكف لممدعى عميو موطنا معروفا‪ ،‬خاصمو ّ‬
‫لممدعى عميو موطنا مختا ار ترفع‬
‫يقع في دائرة اختصاصيا آخر موطف لو‪ ،‬واذا كاف ّ‬
‫الدعوى أماـ المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا اإلقميمي الموطف المختار‪ ،‬ما لـ‬
‫ينص القانوف عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬وفقا لممادة ‪ 37‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫المدعى عمييـ يرجع االختصاص اإلقميمي لممحكمة التي يقع‬‫تعدد موطف ّ‬
‫واذا ّ‬
‫المدعى عمييـ‪ ،‬وفقا لممادة ‪ 38‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫في دائرة اختصاصيا موطف أحد ّ‬
‫وقد ّبيف المشرع بموجب المادة ‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ االختصاص اإلقميمي لممحكمة‬
‫في قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬حيث اعتمد المشرع طبيعة النزاع كمعيار لتحديد المحكمة‬
‫ومرة مكاف‬
‫ومرة مسكف الزوجية‪ّ ،‬‬
‫المختصة إقميميا‪ ،‬فأحيانا يعتمد موطف المدعى عميو‪ّ ،‬‬
‫يتـ بيانو فيما يمي‪:‬‬
‫ممارسة الحضانة‪ ،‬وىو ما س ّ‬
‫أ‪ -‬المحكمة المختصة إقميميا في موضوع العدول عن الخطبة‬
‫وعرفيا بأنيا وعد‬
‫نظّـ المشرع أحكاـ الخطبة في المادتيف ‪ 05‬و‪ 06‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫بالزواج‪ ،‬وىي مقدمة لو‪ ،‬غير أنو قد تط أر أسباب تؤدي إلى إنياء الخطبة‪ ،‬سواء بوفاة‬
‫الخاطب أو المخطوبة‪ ،‬أو العدوؿ مف أحدىما أو كبلىما عف إتماـ الزواج‪ ،‬مما قد يؤدي‬
‫إلى إنشاء حقوؽ ألحدىما عمى اآلخر تتعمؽ باليدايا‪ ،‬أو المير المقدـ‪ ،‬أو التعويض عف‬
‫وبيف‬
‫جراء العدوؿ‪ ،‬وىي مسائؿ قانونية عالجيا المشرع ّ‬
‫الضرر الذي يمحؽ أحدىما ّ‬
‫المدعى عميو في كؿ النزاعات‬
‫حكميا‪ ،‬كما أسند االختصاص اإلقميمي لمحكمة موطف ّ‬
‫‪96‬‬
‫التي تثار بشأف القضايا المتعمقة بالعدوؿ عف الخطبة‪ ،‬وفقا لمبند األوؿ مف المادة ‪426‬‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ب‪ -‬المحكمة المختصة إقميميا في موضوع إثبات الزواج‬
‫ثـ يجدوف أنفسيـ‬
‫لعدة أسباب‪ّ ،‬‬
‫يمجأ بعض األزواج إلى إبراـ عقود زواج عرفية ّ‬
‫ممزميف بالمجوء إلى القضاء مف أجؿ طمب إثبات الزواج العرفي‪ ،‬واألمر بتسجيمو في‬
‫سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وذلؾ حتى ُيعترؼ ليـ بالحقوؽ الناشئة عف عقد الزواج‪ ،‬وسواء‬
‫ث ار نزاع بيف الزوجيف أو ورثتيما بشأف إثبات الزوج العرفي‪ ،‬أو لـ يثر أي نزاع‪ ،‬فالمجوء‬
‫إلى القضاء مف أجؿ إثبات الزواج أمر حتمي‪ ،‬ويتطمب تحديد الجية المختصة إقميميا‬
‫لمفصؿ في طمب إثباتو‪ ،‬وىو ما تعرض لو المشرع في البند الثاني مف المادة ‪ 426‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث أسند ذلؾ لممحكمة التي يقع بدائرة اختصاصيا اإلقميمي موطف المدعى‬
‫عميو‪.‬‬
‫غير أنو تجدر اإلشارة في مسألة االختصاص اإلقميمي في إثبات وتسجيؿ عقود‬
‫تـ إبراـ عقد الزواج العرفي في الجزائر أو في‬
‫الزواج العرفية‪ّ ،‬أنو يجب التمييز بيف ما إذا ّ‬
‫صحتو أو غير متنازع فيو‪ ،‬حيث ينعقد‬
‫الخارج‪ ،‬وبيف ما إذا كاف الزواج العرفي متنازع في ّ‬
‫االختصاص اإلقميمي إلى المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا مكاف إبراـ عقد الزواج‪،‬‬
‫أو إلى المحكمة التي يقع بدائرة اختصاصيا مكاف تسجيمو‪ ،‬في حالة ما إذا أبرـ الزواج‬
‫حدده المشرع في المادة ‪ 39‬مف‬ ‫العرفي غير المتنازع فيو في الجزائر‪ ،‬وذلؾ وفقا لما ّ‬
‫‪1‬‬
‫فإف إثباتو وتسجيمو يتـ أماـ‬
‫قانوف الحالة المدنية ‪ ،‬واذا كاف الزواج العرفي متنازع فيو‪ّ ،‬‬
‫المحكمة التي يقع بدائرة اختصاصيا اإلقميمي موطف المدعى عميو‪ ،‬وفقا لنص المادة‬

‫صرح‬
‫تنص المادة ‪ 39‬مف قانوف الحالة المدنية عمى أنو‪ " :‬باستثناء ما ذكر في المادة ‪ 79‬المقطع الرابع‪ ،‬عندما ال ُي ّ‬
‫‪1‬‬

‫بالعقد لضابط الحالة المدنية في اآلجاؿ المقررة‪ ،‬أو تع ّذر قبولو‪ ،‬أو عندما ال توجد سجبلّت أو فقدت ألسباب أخرى‬
‫غير أسباب الكارثة أو العمؿ الحربي‪ ،‬يصار مباشرة إلى قيد عقود الوالدة والزواج والوفاة بدوف نفقة‪ ،‬عف طريؽ صدور‬
‫سجمت فييا العقود‪ ،‬أو التي كاف يمكف تسجيميا فييا‪ ،‬بناء عمى‬ ‫حكـ بسيط مف رئيس محكمة الدائرة القضائية التي ّ‬
‫مجرد طمب مف وكيؿ الدولة بيذه المحكمة‪ ،‬بموجب عريضة مختصرة‪ ،‬وباالستناد إلى كؿ الوثائؽ واإلثباتات المادية"‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫‪ 426‬فقرة ‪ 02‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،1‬وذلؾ عف طريؽ رفع دعوى قضائية مف الزوج أو الزوجة‬
‫أو النيابة العامة أو كؿ مف لو مصمحة‪.‬‬
‫فإف محكمة‬
‫أما إذا أبرـ عقد الزواج العرفي غير المتنازع فيو خارج الوطف‪ّ ،‬‬
‫الجزائر ىي المختصة إقميميا في إثباتو وتسجيمو‪ ،‬دوف غيرىا مف المحاكـ األخرى‪ ،‬وذلؾ‬
‫وفقا لما نص عميو المشرع في المادة ‪ 99‬مف قانوف الحالة المدنية‪.2‬‬
‫المختصة إقميميا في موضوع الطالق أو الرجوع أو الطالق‬
‫ّ‬ ‫ت‪ -‬المحكمة‬
‫بالتراضي‬
‫تنشأ بيف األزواج أحيانا خبلفات تؤدي إلى مغادرة الزوجة مسكف الزوجية‪ ،‬سواء‬
‫بإرادتيا‪ ،‬أو بقياـ الزوج بأخذىا إلى مسكف أىميا‪ ،‬ويمجأ الطرؼ الذي يريد استئناؼ الحياة‬
‫الزوجية والرجوع إلى مسكف الزوجية إلى القضاء مف أجؿ إلزاـ الطرؼ الثاني بذلؾ‪ ،‬أو‬
‫حدد‬
‫يرفض أحدىما الرجوع واستئناؼ العبلقة الزوجية‪ ،‬ويطمب فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وقد ّ‬
‫المشرع المحكمة المختصة إقميميا بيذه المسألة‪ ،‬وىي المحكمة التي يوجد بدائرة‬
‫اختصاصيا اإلقميمي مكاف وجود مسكف الزوجية‪ ،‬ويرجع ذلؾ لكوف األسرة ليا كيانا‬
‫لكنو كياف لو‬
‫حد االعتراؼ بالشخصية المعنوية ليا‪ّ ،‬‬
‫قانونيا خاصا بيا‪ ،‬ال يصؿ إلى ّ‬
‫ومقره‪ ،‬الذي ُيستند إليو في منح االختصاص اإلقميمي لمحكمة ما‪ ،‬مف أجؿ‬
‫أىميتو وقيمتو ّ‬
‫ح ّؿ النزاعات التي تتعمؽ بالطبلؽ أو الرجوع‪.‬‬
‫حددت‬
‫غير أنو بالرجوع إلى نص الفقرة الثانية مف المادة ‪ 40‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ فقد ّ‬
‫االختصاص اإلقميمي وجوبا في قضايا الطبلؽ أو الرجوع إلى المحكمة التي يوجد بدائرة‬
‫اختصاصيا اإلقميمي مكاف وجود مسكف الزوجية‪ ،‬وىو اختصاص مانع وحصري‪،‬‬
‫وبالتالي ال يجوز مخالفتو ولو باتفاؽ الزوجيف‪ ،‬واذا أثاره أحد الخصوـ حكـ القاضي بعدـ‬
‫االختصاص اإلقميمي‪.‬‬

‫تنص الفقرة ‪ 02‬مف المادة ‪ 426‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى أنو‪ " :‬تكوف المحكمة مختصة إقميميا‬ ‫‪1‬‬

‫المدعى عميو‪"...‬‬
‫‪ ...‬في موضوع إثبات الزواج بمكاف وجود موطف ّ‬
‫إما أف يسجؿ‬
‫تنص المادة ‪ 99‬مف قانوف الحالة المدنية عمى أنو‪ " :‬إذا لـ يسجؿ العقد بسبب عدـ التصريح بو‪ ،‬فإنو ّ‬
‫‪2‬‬

‫إذا كاف القانوف المحمي يقبؿ التصريحات المتأخرة‪ ،‬أو الحصوؿ عمى حكـ مف رئيس محكمة مدينة الجزائر يقضي‬
‫بتسجيمو في السجبلت القنصمية"‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫أما بالنسبة لمسألة الطبلؽ بالتراضي والذي ىو إجراء يرمي إلى حؿ الرابطة‬
‫الزوجية بإرادة الزوجيف المشتركة‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 427‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ّبيف المشرع‬
‫أحكامو واجراءاتو في المواد ‪ 428‬إلى ‪ 435‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وأسند االختصاص اإلقميمي‬
‫لممحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا مقر إقامة أحد الزوجيف وذلؾ حسب اختيارىما‪،‬‬
‫المشرع الخيار‬
‫ّ‬ ‫يقدماف عريضة مشتركة موقعة مف قبميما‪ ،‬حيث ترؾ‬ ‫باعتبار ّأنيما ّ‬
‫لمزوجيف في تحديد المحكمة المختصة إقميميا لتقديـ طمب الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬وذلؾ تخفيفا‬
‫عف المت قاضيف مف عبء التنقؿ إلى المحكمة التي يقع ضمف اختصاصيا مسكف‬
‫الزوجية‪ ،‬إذا كاف مقر سكف أحدىما بعيدا عف مقر محكمة مسكف الزوجية‪ ،‬طالما أف‬
‫دعوى الطبلؽ بالتراضي مبنية عمى توافؽ إرادة الزوجيف‪.‬‬
‫وقد يطرح اإلشكاؿ أحيانا فيما يخص االختصاص اإلقميمي في قضايا شؤوف‬
‫يقدـ كؿ‬
‫األسرة المتعمقة بالطبلؽ‪ ،‬حوؿ المعيار المعتمد في تحديد مسكف الزوجية‪ ،‬حيف ّ‬
‫معيف يخالؼ‬
‫أف المسكف الزوجي يقع في عنواف ّ‬
‫مف الزوج أو الزوجة بطاقة إقامة تثبت ّ‬
‫قدمو الطرؼ الثاني‪ ،‬وذلؾ حسب المكاف الذي يتواجد فيو أحد الزوجيف‪،‬‬ ‫العنواف الذي ّ‬
‫ادعاء الطرفيف حوؿ مكاف مسكف‬ ‫ويسيؿ عميو مقاضاتو فيو‪ ،‬لذا عمى القضاة إذا اختمؼ ّ‬
‫عدة‪ ،‬كشيادة اإلقامة التي تمنح مف أجؿ‬
‫بدقة‪ ،‬باعتماد وسائؿ ّ‬
‫يتحروا ذلؾ ّ‬
‫الزوجية أف ّ‬
‫وثائؽ إدارية خاصة فقط‪ ،‬أو وصوالت الماء أو الكيرباء أو الياتؼ‪ ،‬أو مكاف تمدرس‬
‫األوالد‪ ،‬واف تع ّذر تقديـ الدليؿ مف كمييما‪ ،‬اعتبر مسكف الزوجية واقعا في مكاف إبراـ عقد‬
‫الزواج‪.1‬‬
‫وبالنسبة لمجزائييف المقيميف بالخارج‪ ،‬فإذا كاف الزوجاف جزائرياف مقيماف مؤقتا‬
‫فإف االختصاص ينعقد‬
‫ببمد أجنبي‪ ،‬وأراد أحدىما رفع دعوى مف أجؿ فؾ الرابطة الزوجية‪ّ ،‬‬
‫لمقضاء الجزائري‪ ،‬واذا ُعرض النزاع عمى القاضي الجزائري فبل يطبؽ قاعدة مقر مسكف‬
‫ألف األمر يتعمؽ بسيادة القانوف الوطني وأحكاـ‬
‫الزوجية بالنسبة لبلختصاص اإلقميمي‪ّ ،‬‬
‫الجنسية وقواعد القانوف الدولي الخاص‪ ،‬حيث جاء في أحد قرارات لممحكمة العميا‪" :2‬مف‬

‫فاسي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.226‬‬ ‫‪1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،86305‬مؤرخ في ‪ ،1992/10/27‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد ‪01‬‬ ‫‪2‬‬

‫سنة ‪ ،1995‬ص ‪.123‬‬


‫‪99‬‬
‫المقرر قانونا ّأنو يسري عمى انحبلؿ الزواج القانوف الذي ينتمي إليو الزوج وقت رفع‬
‫أف موطف كؿ جزائري ىو المحؿ الذي يوجد فيو سكناه الرئيسي‪ ،‬وعند عدـ‬ ‫الدعوى‪ ،‬و ّ‬
‫أف المتخاصميف‬
‫وجود سكف يحؿ محمو مكاف اإلقامة العادي‪ ،‬وكما ثبت مف قضية الحاؿ ّ‬
‫فإف‬
‫جزائري وجزائرية يقيماف مؤقتا ببمد أجنبي‪ ،‬وطمبا التقاضي أماـ محكمة جزائرية‪ّ ،‬‬
‫فإنيـ قد دفعوا بذلؾ الطرفيف‬
‫قضاة الموضوع عندما قضوا بعدـ االختصاص المحمي ّ‬
‫لمتقاضي أماـ القضاء األجنبي‪ ،‬وا ّف المسألة تتعمؽ بسيادة القانوف الوطني‪ ،‬مما يتعيف‬
‫نقض وابطاؿ قرارىـ المطعوف فيو"‪ ،‬وعميو فإف رغب الجزائريوف المقيموف مؤقتا ببمد‬
‫فإف االختصاص اإلقميمي ينعقد لممحكمة التي‬‫أجنبي التقاضي أماـ المحاكـ الجزائرية‪ّ ،‬‬
‫يوجد بيا السكف الرئيسي لمزوج‪ ،‬فإف لـ يوجد فمكاف اإلقامة العادي‪.‬‬
‫أف المحكمة العميا في قرار آخر‪ 1‬صادر بتاريخ ‪ ،2008/03/12‬قضت‬ ‫غير ّ‬
‫المنصبة عمى الجوانب المادية لمطبلؽ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بعدـ اختصاص القضاء الجزائري بالمنازعات‬
‫مما جاء في القرار‪..." :‬‬
‫القائمة بيف زوجيف جزائرييف مقيميف في دولة أجنبية‪ ،‬حيث ّأنو ّ‬
‫أف الطاعف والمطعوف ضدىا يقيماف خارج التراب الوطني‪ ،‬لذلؾ فإف القضاء‬ ‫حيث ثبت ّ‬
‫الوطني (بالجزائر) غير مختص بالفصؿ لنفقة اإلىماؿ‪ ،‬والنفقة المعيشية‪ ،‬والمتاع‪ ،‬وبدؿ‬
‫اإليجار‪ ،‬ألف ىذه العناصر مبلزمة إلقامة األطراؼ‪ ،‬ومكاف تواجدىـ‪ ،‬وذلؾ عمبل بأحكاـ‬
‫ولما قضى قضاة الموضوع لمجمس‬ ‫المادة الثامنة فقرتيا الخامسة والسادسة مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪ّ ،‬‬
‫قضاء تيزي وزو بخبلؼ ذلؾ‪ ،‬فإف قضاءىـ جاء مخالفا لمقانوف‪ ،‬ولممادة الثامنة فقرتيا‬
‫الخامسة والسادسة مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ"‪.‬‬
‫ث‪ -‬المحكمة المختصة إقميميا في موضوع الحضانة وحق الزيارة والرخص‬
‫اإلدارية المسممة لمقاصر المحضون‬
‫نظّـ المشرع أحكاـ الحضانة في المواد ‪ 62‬إلى ‪ 72‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث تتعدد‬
‫المسائؿ المتعمقة بالحضانة والتي قد يتنازع حوليا األب واألـ‪ ،‬سواء مف حيث أحقية مف‬
‫تسند لو الحضانة‪ ،‬أو حوؿ سقوطيا‪ ،‬أو انقضائيا‪ ،‬أو تمديدىا‪ ،‬أو توفير مسكف مبلئـ‬
‫لممارستيا‪ ،‬أو حوؿ طمب حؽ الزيارة لمف لـ تسند لو الحضانة‪ ،‬وىي كميا مسائؿ وجب‬

‫قرار المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 402333‬مؤرخ في ‪ ،2008/03/12‬مجمة المحكمة العميا‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2008‬العدد األوؿ‪ ،‬ص ‪.257‬‬


‫‪100‬‬
‫تحديد المحكمة المختصة إقميميا لمفصؿ فييا‪ ،‬وقد أسند المشرع اختصاص الفصؿ فييا‬
‫لقسـ شؤوف األسرة التابع لممحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا اإلقميمي مكاف ممارسة‬
‫الحضانة‪ ،‬طبقا لمبند الرابع مف المادة ‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ىذا ونشير إلى ّأنو إذا كانت مسألة الحضانة والزيارة متصمة مع دعوى الطبلؽ‪،‬‬
‫فإف المحكمة الفاصمة في دعوى الطبلؽ ىي التي تفصؿ في مسألة الحضانة وحؽ‬ ‫ّ‬
‫الزيارة‪ ،‬وىي المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا اإلقميمي مكاف وجود مسكف‬
‫الزوجية‪ ،‬وذلؾ تجنبا لتجزئة الدعوى الواحدة إلى عدة دعاوى‪ ،‬وعرضيا عمى عدة محاكـ‪،‬‬
‫ألف أصؿ النزاع يتعمؽ بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وما باقي المسائؿ إال تبعات لو‪ ،‬لذا مف‬
‫ّ‬
‫الحكمة توحيد الجية التي تنظر فييا‪ ،‬حفظا لموقت والماؿ والجيد‪ ،‬أما بعد صدور الحكـ‬
‫الفاصؿ في الطبلؽ وتبعاتو‪ ،‬وحدوث ما يستدعي رفع دعوى تتعمؽ بالحضانة أو ممارسة‬
‫حؽ الزيارة‪ ،‬فإف ذلؾ يتطمب رفع دعوى مستقمة‪ ،‬تخضع مف ناحية االختصاص اإلقميمي‬
‫ألحكاـ البند الرابع مف المادة ‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وىي محكمة مكاف ممارسة الحضانة‪.‬‬
‫ج‪ -‬المحكمة المختصة إقميميا في موضوع النفقة الغذائية‬
‫أوجب المشرع نفقة الزوجة عمى زوجيا‪ ،‬ونفقة األوالد عمى األب‪ ،‬وفي حالة‬
‫عجز األب تجب نفقتيـ عمى األـ إذا كانت قادرة‪ ،‬كما أوجب المشرع نفقة األصوؿ عمى‬
‫الفروع‪ ،‬والفروع عمى األصوؿ حسب القدرة واالحتياج ودرجة القرابة في اإلرث‪ ،‬وكؿ ذلؾ‬
‫ضمف أحكاـ وشروط نظّميا المشرع في المواد مف ‪ 74‬إلى ‪ 80‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث قد يمجأ‬
‫الدائف بالنفقة أحيانا إلى القضاء إللزاـ المديف بالنفقة‪ ،‬مف أجؿ دفعيا أو تعديؿ مقدارىا‪،‬‬
‫كما قد يمجأ الدائف بالنفقة إلى القضاء مف أجؿ طمب الحكـ بإسقاط اإللزاـ الواقع عمى‬
‫عاتقو بشأف النفقة‪ ،‬الختبلؿ شرط مف شروطيا‪ ،‬أو طمب تعديميا بما يتبلءـ وحالو‬
‫وظروؼ المعاش‪ ،‬وىو أمر يتطمب معرفة الجية القضائية المختصة إقميميا مف أجؿ رفع‬
‫حدد المشرع في البند الخامس مف المادة‬
‫دعوى أماميا تتعمؽ بموضوع النفقة الغذائية‪ ،‬وقد ّ‬
‫‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ المحكمة المختصة‪ ،‬وىي المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا‬
‫اإلقميمي موطف الدائف بالنفقة‪ ،‬وذلؾ تخفيفا عميو باعتباره الطرؼ األضعؼ غالبا‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫ح‪ -‬المحكمة المختصة إقميميا في موضوع متاع بيت الزوجية‬
‫قد يشترؾ الزوجاف في تجييز بيت الزوجية وتأثيثو بما يحتاجانو مف أمور الحياة‬
‫المعيشية‪ ،‬مف أثاث وأجيزة كيرومنزلية أو إلكترونية‪ ،‬أو األغطية واألفرشة وأدوات‬
‫عدة نزاعات بيف الزوجيف‬ ‫المطبخ‪ ،‬وغيرىا مما يحتويو المسكف الزوجي‪ ،‬وقد تُثار ّ‬
‫أو ورثتيما بشأف ممكيتيما لممتاع الموجود ببيت الزوجية‪ ،‬سواء أثناء قياـ الحياة الزوجية‪،‬‬
‫أو ب عد انحبلؿ الرابطة الزوجية بالوفاة أو الطبلؽ‪ ،‬بحيث يمجأ أحد الطرفيف إلى القضاء‪،‬‬
‫ويرفع دعوى مف أجؿ طمب استرداد المتاع الممموؾ لو والموجود بمسكف الزوجية‪ ،‬وقد‬
‫نظّـ المشرع المسألة موضوعيا في المادة ‪ 73‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬كما أسند المشرع االختصاص‬
‫لممحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا اإلقميمي مكاف وجود المسكف الزوجي‪ ،‬طبقا لمبند‬
‫السادس مف المادة ‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬باعتبار األصؿ أف يكوف المتاع المتنازع عميو‬
‫موجود بمسكف الزوجية‪.‬‬
‫خ‪ -‬المحكمة المختصة إقميميا بموضوع الترخيص بالزواج‬
‫يشترط المشرع في زواج بعض الفئات حصوليـ عمى تراخيص قضائية‪ ،‬حتى‬
‫يسمح ليـ بإبراـ عقود زواجيـ بصفة رسمية‪ ،‬ويتعمؽ األمر بزواج القاصر الذي لـ يبمغ‬
‫سف الرشد‪ ،‬وزواج مف يريد التعدد‪.‬‬
‫سف الرشد تسعة عشر سنة كاممة‪،‬‬
‫السف القانونية لمزواج ببموغ ّ‬
‫حدد المشرع ّ‬ ‫حيث ّ‬
‫رخص بالزواج لمف توفرت فيو القدرة عمى الزواج‪ ،‬وتوفرت المصمحة أو الضرورة‬
‫غير ّأنو ّ‬
‫ويقدـ طمب‬
‫لزواجو‪ ،‬بموجب ترخيص يصدر عف القضاء‪ ،‬وفقا لممادة ‪ 07‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫الترخيص بزواج القاصر أماـ المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا اإلقميمي مكاف‬
‫إقامة طالب الترخيص‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 426‬الفقرة السابعة مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫كما يشترط المشرع لمف يريد التعدد حصولو عمى ترخيص مف رئيس المحكمة‪،‬‬
‫المادة الثامنة مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وأسند‬
‫ّ‬ ‫يمنحو ّإياه بعد استيفائو جممة مف الشروط المحددة في‬
‫المشرع ل رئيس المحكمة التي يقع ضمف اختصاصيا اإلقميمي مكاف مسكف الزوجية منح‬
‫أف المادة ‪ 7/426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫الترخيص بالتعدد‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 08‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬غير ّ‬
‫أسندت االختصاص بمنح الترخيص لرئيس المحكمة التي يقع ضمف اختصاصيا اإلقميمي‬
‫مكاف إقامة طالب الترخيص‪ ،‬وقد يختمؼ مكاف مسكف الزوجية عف مكاف إقامة طالب‬
‫‪102‬‬
‫الترخيص‪ ،‬ونظ ار لصدور قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية متأخ ار عف تعديؿ قانوف‬
‫ألف‬
‫عدؿ االختصاص اإلقميمي في طمب الترخيص بالتعدد‪ّ ،‬‬
‫األسرة‪ ،‬أعتقد أف المشرع قد ّ‬
‫تعددت‬
‫اعتماد االختصاص اإلقميمي بمكاف مسكف الزوجية يطرح بعض اإلشكاالت إذا ّ‬
‫المساكف الزوجية لمزوج الواحد‪ ،‬وتباعدت عف بعضيا‪ ،‬إذا كاف الزوج متزوجا باثنتيف‬
‫أو ثبلث زوجات‪ ،‬فأي مسكف يعتمد لمعرفة المحكمة المختصة إقميميا لتقديـ طمب‬
‫الترخيص بالزواج؟ لذا فقد أحسف المشرع بعدولو عف مكاف مسكف الزوجية إلى مكاف‬
‫إقامة طالب الترخيص‪.‬‬
‫د‪ -‬المحكمة المختصة إقميميا بموضوع المنازعة حول الصداق‬
‫إما بطمب استرداده في حالة العدوؿ عف‬
‫تتعمؽ المنازعات حوؿ الصداؽ غالبا ّ‬
‫الخطبة‪ ،‬أو استرداد أو تحصيؿ نصفو عند الطبلؽ قبؿ الدخوؿ‪ ،‬أو المطالبة بتحصيؿ‬
‫مؤخره أو تأكيده بالدخوؿ أو وفاة الزوج‪ ،‬وتثار ىذه النزاعات غالبا إما بيف الزوجيف‪،‬‬
‫أو بيف أحدىما وورثة اآلخر‪ ،‬مما يدفع أحد الطرفيف لرفع دعوى أماـ القضاء مف أجؿ‬
‫استرداد حقو‪ ،‬حيث تختص المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا اإلقميمي مكاف موطف‬
‫المدعى عميو بالنظر في ىذه الدعاوى‪ ،‬وفقا لمبند الثامف مف المادة ‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ذ‪ -‬المحكمة المختصة إقميميا في موضوع الوالية‬
‫عدة نزاعات‬
‫أوجب المشرع إسناد الوالية لمف أسندت لو الحضانة‪ ،‬غير أنو تُثار ّ‬
‫حوؿ مسألة الوالية عمى نفس القاصر أو أموالو‪ ،‬تتعمؽ بطمب إنياء الوالية عمى القاصر‬
‫أو سحبيا مؤقتا كميا أو جزئيا‪ ،‬أو طمب إلغاء تدابير اإلنياء أو السحب المؤقت لمحقوؽ‬
‫المرتبطة بممارسة الوالية عمى القاصر‪ ،‬أيف ُيقدـ الطمب إما مف أحد الوالديف أو مف‬
‫النيابة العامة أو مف قبؿ كؿ مف ييمو األمر‪ ،‬وذلؾ بموجب دعوى استعجالية‪ ،‬حيث‬
‫تختص المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا اإلقميمي مكاف ممارسة الوالية‪ ،‬طبقا لمبند‬
‫التاسع مف المادة ‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬والفقرة األولى مف المادة ‪ ،458‬والمادة ‪ 462‬والمادة‬
‫‪ 464‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫المختصة بمنح الصيغة التنفيذية لألحكام األجنبية‬
‫ّ‬ ‫ر‪ -‬المحكمة‬
‫ال يمكف تنفيذ األحكاـ القضائية الصادرة في بمد أجنبي‪ ،‬إال بعد منحيا الصيغة‬
‫الربطة الزوجية‪ ،‬حيث‬
‫ؾ ا‬ ‫التنفيذية مف القضاء الوطني‪ ،‬ومف ضمنيا األحكاـ القاضية بف ّ‬
‫‪103‬‬
‫يقد ـ طمب منح الصيغة التنفيذية لمسندات التنفيذية األجنبية أماـ محكمة مقر المجمس‬
‫ّ‬
‫التي يوجد في دائرة اختصاصيا موطف المنفذ عميو أو محؿ التنفيذ وفقا لممادة ‪ 607‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ىذه مجمؿ الحاالت التي تطرقت إلييا المادة ‪ 426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫المادة ‪ 498‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي أسند المشرع مف خبلليا االختصاص اإلقميمي في قضايا‬
‫التركات إلى المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا موطف المتوفي‪ ،‬حتى واف وجدت لو‬
‫بعض األمبلؾ خارج نطاؽ اختصاص المحكمة المذكورة‪ ،‬ما لـ ينص القانوف عمى‬
‫خبلؼ ذلؾ‪ ،‬بخبلؼ ما كانت تنص عميو المادة ‪ 08‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ 1‬التي كانت تسند‬
‫االختصاص اإلقميمي في قضايا التركات إلى المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا‬
‫مكاف افتتاح التركة‪.‬‬
‫‪ -05‬تحديد االختصاص اإلقميمي عند تعدد الطمب‬
‫تطرح مسألة االختصاص اإلقميمي أحيانا إشكاالت خاصة عند تعدد موضوعات‬
‫الطمب القضائي‪ ،‬كأف ترفع الزوجة دعوى مف أجؿ طمب الرجوع إلى مسكف الزوجية‬
‫وطمب النفقة في نفس الوقت‪ ،‬فاالختصاص اإلقميمي عند طمب الرجوع ىو لمحكمة مكاف‬
‫وجود مسكف الزوجية‪ ،‬واالختصاص اإلقميمي لطمب النفقة ىو محكمة مقر سكف الدائف‬
‫بالنفقة‪ ،‬فإذا كاف مسكف الزوجية يقع ببمدية حيدرة مثبل‪ ،‬ومقر سكف الزوجة ببمدية واد‬
‫السمار‪ ،‬فيؿ ترفع الدعوى أماـ محكمة بئر مراد رايس باعتبارىا المحكمة التي يقع في‬
‫دائرة اختصاصيا اإلقميمي مسكف الزوجية الكائف ببمدية حيدرة؟ أـ تُرفع الدعوى أماـ‬
‫محكمة الحراش باعتبارىا المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا اإلقميمي سكف الدائف‬
‫بالنفقة الكائف ببمدية واد السمار؟‬
‫ويبيف الحؿ الواجب اإلتباع عند‬
‫يفصؿ في ىذه المسألة‪ّ ،‬‬‫المشرع أف ّ‬
‫ّ‬ ‫لذا عمى‬
‫تعدد موضوع الطمب القضائي في دعوى واحدة‪ ،‬واختبلؼ االختصاص اإلقميمي تبعا ليذا‬
‫لممدعي الختيار أنسب اختصاص إقميمي لو‪ ،‬مف بيف‬
‫التعدد‪ ،‬وأقترح أف ُيترؾ االختيار ّ‬
‫أقرىا المشرع تبعا لتعدد الطمب‪.‬‬
‫االختصاصات التي ّ‬

‫‪ 1‬األمر رقـ ‪ 154-66‬مؤرخ في ‪ 18‬صفر عاـ ‪ 1386‬الموافؽ ‪ 08‬يونيو سنة ‪ 1966‬يتضمف قانوف اإلجراءات‬
‫المدنية (الممغى)‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االختصاص االستعجالي لقضاء شؤون األسرة‬

‫راعى المشرع خصوصية النزاعات التي تثار بيف طرفي العبلقة الزوجية وتُعرض‬
‫عمى القضاء‪ ،‬والتي قد تتعمؽ بمسائؿ أسرية مستعجمة ال تحتمؿ التأخير‪ ،‬كنفقة الزوجة‬
‫أو نفقة األوالد‪ ،‬والتي يجب أف ُيفصؿ فييا بالسرعة البلزمة إليجاد الحموؿ المبلئمة ليا‪،‬‬
‫وذلؾ مف خبلؿ اتّباع اإلجراءات المقررة في القضايا االستعجالية‪ ،‬سواء مف حيث‬
‫إجراءات رفع الدعاوى المتعمقة بيا وعرضيا عمى القضاء‪ ،‬أو مف حيث إجراءات سير‬
‫ىذه الدعاوى والفصؿ فييا عمى وجو االستعجاؿ‪ ،‬أو مف حيث تبميغ األحكاـ أو األوامر‬
‫الفاصمة فييا واآلجاؿ المقررة لمطعف فييا‪ ،‬أو مف حيث شموليا بالنفاد المعجؿ واإلجراءات‬
‫المتبعة في تنفيذىا‪.‬‬
‫إما بمسائؿ‬
‫وتتعمؽ قضايا شؤوف األسرة التي تتطمب تدخؿ القاضي االستعجالي ّ‬
‫أو غير‬ ‫الزواج‪ ،‬أو الطبلؽ‪ ،‬أو النفقة‪ ،‬أو الحضانة‪ ،‬أو الميراث‪ ،‬أو حماية القصر‪،‬‬
‫ذلؾ مف القضايا‪ ،‬بشرط توافر عنصر االستعجاؿ وعدـ المساس بأصؿ الحؽ‪ ،‬حيث‬
‫يفصؿ فييا القاضي االستعجالي بصفة مؤقتة‪.1‬‬
‫مبيف في قانوف‬
‫تتـ المطالبة القضائية في قضايا شؤوف األسرة ‪ -‬وفؽ ما ىو ّ‬ ‫و ّ‬
‫إما برفع دعوى قضائية عادية أو استعجالية‪،‬‬
‫األسرة وقانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ّ -‬‬
‫وا ّما عف طريؽ األوامر الوالئية التي تصدر وفقا لممواد ‪ 473 ،471 ،467‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‬
‫المتعمقة بالوالية عمى أمواؿ القاصر‪ ،‬أو المادة ‪ 481‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ المتعمقة بافتتاح‬
‫أو تعديؿ أو رفع التقديـ‪ ،‬أو المادة ‪ 493‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ المتعمقة بالفصؿ في طمب الكفالة‪،‬‬
‫تـ المطالبة القضائية عف طريؽ األوامر عمى عرائض‪ ،‬وفقا لممادة ‪57‬‬ ‫كما يمكف أف ت ّ‬
‫مكرر مف ؽ‪.‬أ المتعمقة بالتدابير المؤقتة‪.‬‬
‫حيث منح المشرع لقاضي شؤوف األسرة سمطة اتخاذ تدابير مؤقتة بموجب أمر‬
‫عمى عريضة عمى وجو االستعجاؿ‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ حماية حقوؽ ال تحتمؿ التأخير‪،‬‬
‫ويضار صاحبيا لو انتيج نيج القضاء العادي‪ ،‬نظ ار لآلجاؿ التي يتطمبيا‪ ،‬حيث ّأنو قبؿ‬
‫ُّ‬
‫تعديؿ قانوف األسرة في ‪ ،2005‬وقبؿ دخوؿ قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية حيز‬

‫محمد براىيمي‪ ،‬القضاء المستعجؿ‪ ،‬ج ‪ ،2‬ط ‪ ،3‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.119-118‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪105‬‬
‫التنفيذ‪ ،‬كاف رئيس المحكمة ىو المختص بالفصؿ في القضايا اإلستعجالية الخاصة بقسـ‬
‫أف المشرع استحدث مادة جديدة في قانوف األسرة بعد التعديؿ األخير‬
‫شؤوف األسرة‪ ،‬غير ّ‬
‫بموجب األمر رقـ ‪ 02-05‬المؤرخ في ‪ 27‬فيفري ‪ ،2005‬وىي المادة ‪ 57‬مكرر منو‪،‬‬
‫والتي سمح مف خبلليا لممتقاضي في مسألة مف مسائؿ شؤوف األسرة المجوء إلى قاضي‬
‫شؤوف األسرة‪ ،‬مف أجؿ طمب اتخاذ تدابير مؤقتة تتصؼ باالستعجاؿ وال تحتمؿ االنتظار‪،‬‬
‫حيث يفصؿ فييا قاضي شؤوف األسرة عمى وجو االستعجاؿ بموجب أمر عمى عريضة‪.‬‬
‫كرس المشرع ىذا النيج مف خبلؿ المادة ‪ 425‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيف أسند‬ ‫ثـ ّ‬
‫لرئيس قسـ شؤوف األسرة ممارسة الصبلحيات المخولة لقاضي االستعجاؿ‪ ،‬حيث يجوز لو‬
‫باإلضافة لمصبلحيات المخولة لو بموجب قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية أف يأمر في‬
‫إطار التحقيؽ بتعييف مساعدة اجتماعية‪ ،‬أو تعييف طبيب كخبير‪ ،‬أو المجوء إلى أي‬
‫مصمحة مختصة في الموضوع بغرض االستشارة‪ ،‬مف أجؿ مساعدتو في تكويف قناعة‬
‫حوؿ المنازعة المعروضة عميو‪ ،‬عمى أف يقوـ بعد انتياء التحقيؽ بتحرير تقرير يتضمف‬
‫ويطمع القاضي األطراؼ عمى التقرير‬
‫المعاينات التي قاـ بيا المحقؽ والحموؿ المقترحة‪ُ ،‬‬
‫ويحدد ليـ أجبل لتقديـ طمب تحقيؽ مضاد‪ ،‬كما يمكف المجوء إلى االستشارة في أي وقت‬
‫وحتى أثناء إجراءات الصمح‪ ،‬ىذا فيما يخص الصبلحيات المخولة لو بموجب المادة‬
‫‪ 425‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫أف صياغة المادة ‪ 57‬مكرر ؽ‪.‬أ كانت تثير بعض اإلشكاالت في تطبيقيا‬
‫غير ّ‬
‫ألنيا ذكرت فصؿ القاضي عمى وجو‬ ‫قبؿ صدور ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ودخولو حيز التنفيذ‪ّ ،‬‬
‫يتـ بموجب أمر‬
‫أف ذلؾ ّ‬
‫االستعجاؿ في جميع التدابير المؤقتة‪ ،‬وفي نفس الوقت ذكرت ّ‬
‫عمى عريضة‪ ،‬واالختصاص في القضايا االستعجالية يكوف لقاضي األمور المستعجمة‪،‬‬
‫أما األوامر عمى عرائض فيختص رئيس المحكمة بالفصؿ فييا‪ ،‬وتختمؼ اإلجراءات‬
‫المتّبعة في كؿ منيما‪ ،‬فممف يؤوؿ االختصاص في ذلؾ؟‬
‫أجاب المشرع عمى ىذا التساؤؿ بعد صدور ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ودخولو حيز التنفيذ‪ ،‬وذلؾ‬
‫بموجب المادة ‪ 425‬منو‪ ،‬حيث أسند المشرع لرئيس قسـ شؤوف األسرة الصبلحيات‬
‫المخولة لقاضي االستعجاؿ‪ ،‬وبالتالي أعتقد أف رئيس قسـ شؤوف األسرة ىو المختّص‬
‫بالفصؿ في ىذه التدابير المؤقتة بموجب أمر عمى عريضة‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫وتتطمب مسألة االستعجاؿ في شؤوف األسرة التطرؽ لمتدابير االستعجالية المؤقتة‬
‫المتعمقة بالزواج المنصوص عمييا في المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ أوال‪ ،‬ثـ التطرؽ إلى‬
‫يتـ بيانو فيما يمي‪:‬‬
‫خصوصية االستعجاؿ المتعمؽ بقضايا شؤوف األسرة‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫أوال‪ -‬التدابير االستعجالية المؤقتة المتعمقة بالزواج‬
‫حددىا المشرع عمى سبيؿ‬ ‫اشتممت المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ عمى أربع حاالت ّ‬
‫الذكر ال الحصر‪ ،‬حيث يمكف اتخاذ تدابير مؤقتة بشأنيا وىي‪ :‬النفقة‪ ،‬الحضانة‪ ،‬الزيارة‪،‬‬
‫المسكف‪ ،‬وذلؾ نظ ار لمطابع االستعجالي الذي تكتسيو ىذه المسائؿ‪ ،‬وبيانيا فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -1‬التدابير المؤقتة المتعمقة بالنفقة‬
‫ؾ الرابطة‬
‫المدة الذي تفصؿ بيف مباشرة إجراءات رفع دعوى ف ّ‬
‫نظ ار لطوؿ ّ‬
‫الزوجية‪ ،‬أو دعوى إرجاع الزوجة إلى مسكف الزوجية‪ ،‬وبيف إصدار حكـ في الموضوع‪،‬‬
‫وتبميغو واستيفاءه آجاؿ الطعف المقررة قانونا‪ ،‬وصيرورة الحكـ حائ از قوة الشيء المقضي‬
‫الممحة لمزوجة‬
‫ّ‬ ‫فيو قاببل لمتنفيذ‪ ،‬والتي ال تق ّؿ عف ستّة أشير أو أكثر‪ ،‬وبالنظر لمحاجة‬
‫فإف المشرع راعى مصمحة الزوجة واألوالد بعدـ‬
‫وتسد رمقيـ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫واألوالد لنفقة غذائية تعوليـ‬
‫تعريضيـ لخطر الضياع والتشرد واآلفات االجتماعية‪ ،‬فأقّر لمزوجة أف تمجأ لمقضاء‬
‫لممطالبة بالحكـ ليا وألوالدىا بنفقة غذائية مؤقتة‪ ،‬تسري مف تاريخ صدور األمر إلى غاية‬
‫الفصؿ في دعوى الموضوع‪ ،‬وذلؾ إماّ برفع دعوى استعجالية أو بموجب أمر عمى‬
‫ويمزـ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية تبقى في حكـ الزوجة‪ُ ،‬‬ ‫ألف الزوجة خبلؿ سير دعوى ف ّ‬
‫عريضة‪ّ ،‬‬
‫عدتيا‪ ،‬فيوفر ليا وألوالدىا الغذاء والكسوة ومستمزمات‬
‫الزوج بالنفقة عمييا ما لـ تنقض ّ‬
‫الحياة الكريمة إلى غاية صدور حكـ حائز قوة الشيء المقضي فيو في الموضوع‪.‬‬
‫حيث يحؽ لمزوجة أو وكيميا بموجب المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ أف تقوـ بتسجيؿ‬
‫عريضة مرفقة بأمر موقعة مف قبميا أو مف قبؿ محامييا لدى أمانة ضبط المحكمة التي‬
‫تبيف مف خبلؿ طمبيا في‬ ‫ألنيا الدائنة بالنفقة‪ّ ،‬‬
‫يقع في دائرة اختصاصيا موطنيا‪ّ ،‬‬
‫العريضة وجود دعوى في الموضوع‪ ،‬وحاجتيا وأوالدىا إلى األمر بإلزاـ الزوج بمنحيـ نفقة‬
‫جدية الطمب‬ ‫غذائية مؤقتة حتى الفصؿ في دعوى الموضوع‪ ،‬وعند تأ ّكد القاضي مف ّ‬
‫ومبرراتو‪ُ ،‬يمزـ الزوج بموجب أمر عمى عريضة بدفع نفقة شيرية مؤقتة لمزوجة وألوالدىا‪،‬‬
‫ابتداء مف تاريخ صدور األمر إلى غاية الفصؿ في دعوى الموضوع‪ ،‬ويجوز لمقاضي‬
‫‪107‬‬
‫إعادة النظر في األمر بمراجعة مبمغ النفقة المؤقتة أو إلغاءىا‪ ،‬بناء عمى طمب مف ييمو‬
‫األمر‪.1‬‬
‫ُّ‬
‫ويحؽ لكؿ مف الزوجة التي امتنع زوجيا عف النفقة عمييا وعمى أوالدىا‪،‬‬
‫أو لممطمقة التي ُحكـ بطبلقيا مف زوجيا‪ ،‬ولـ يفصؿ الحكـ في توابع الطبلؽ بما فييا‬
‫أف‬
‫نفقة األوالد‪ ،‬أو لمبنت التي بمغت سف الرشد ولـ تتزوج‪ ،‬وامتنع والدىا عف سداد نفقتيا‪ّ ،‬‬
‫أقره المشرع مف أجؿ التخفيؼ عف الدائف بالنفقة‪ ،‬باعتبارىا ذات‬
‫تسمؾ ىذا الطريؽ الذي ّ‬
‫طابع استعجالي وال تحتمؿ التأخير‪.‬‬
‫يقدـ لممحكمة الوثائؽ الضرورية‬
‫غير ّأنو عمى صاحب الحؽ في النفقة أف ّ‬
‫تقدـ‬
‫والبلزمة إلثبات توافر شرط الصفة في الطالب‪ ،‬والصفة المؤقتة لمطمب‪ ،‬وذلؾ بأف ّ‬
‫تقدـ‬
‫الزوجة نسخة مف عقد الزواج‪ ،‬أو الحكـ القاضي بتثبيت الزواج‪ ،‬وبالنسبة لممطمقة ّ‬
‫نسخة مف حكـ الطبلؽ الذي ليا أسند الحضانة ولـ يفصؿ في نفقة األوالد‪ ،‬أو األمر‬
‫المؤقت الذي يسند ليا الحضانة‪ ،‬سواء أمر عمى عريضة أو أمر استعجالي‪ ،‬وبالنسبة‬
‫سف الرشد ولـ تتزوج‪ ،‬تقدـ نسخة مف شيادة الميبلد حتى تثبت أنيا ابنة‬
‫لمبنت التي بمغت ّ‬
‫المدعى عميو‪ ،‬كما عمى صاحب الطمب أف يثبت وجود دعوى في الموضوع قائمة بيف‬
‫المدعي والمدعى عميو‪ ،‬تيدؼ إلى الحكـ بالرجوع إلى بيت الزوجية‪ ،‬أو فؾ الرابطة‬
‫الزوجية أو طمب الحكـ بالنفقة عمى المدعى عميو‪ ،‬ويتـ ذلؾ بتقديـ نسخة مف عريضة‬
‫ألف القاضي يمنح‬
‫المختصة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الدعوى الخاصة بالموضوع مسجمة بأمانة ضبط المحكمة‬
‫حؽ النفقة إلى غاية الفصؿ في دعوى الموضوع القائمة بيف الطرفيف‪ ،‬حيث غالبا ما‬
‫يكوف منطوؽ األمر المؤقت ىو إلزاـ المدعى عميو بأف يدفع لممدعية نفقة غذائية شيرية‬
‫مؤقتة إلى حيف الفصؿ في دعوى الموضوع‪ ،‬مع بياف رقـ القضية‪ ،‬والجية القضائية‬
‫المطروحة أماميا‪.2‬‬
‫‪ -02‬التدابير المؤقتة المتعمقة بالحضانة‬
‫حرص المشرع في قانوف األسرة وغيره مف القوانيف عمى مصمحة المحضوف‬
‫وأوالىا عناية خاصة‪ ،‬حماية لمطفؿ ورعاية لو مف أي خطر يحدؽ بو‪ ،‬فنظّـ أحكاـ‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة الجزائري في ثوبو الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.156‬‬ ‫‪1‬‬

‫سبلـ حمزة‪ ،‬الدعاوى االستعجالية‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2014 ،‬ص ‪.60 ،59‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪108‬‬
‫سد أي فراغ يمكف أف‬
‫الحضانة تنظيما دقيقا مف الجانب الموضوعي واإلجرائي‪ ،‬وحاوؿ ّ‬
‫يضر بمصمحة الطفؿ المحضوف وتربيتو ودينو‪ ،‬وبما ّأنو في أغمب النزاعات التي تنشب‬
‫ّ‬
‫بيف الزوجيف تقوـ الزوجة بمغادرة بيت الزوجية‪ ،‬وتمجأ إلى بيت أىميا‪ ،‬سواء اصطحبت‬
‫مدة الخبلؼ والشقاؽ بيف الزوجيف‪،‬‬ ‫معيا أوالدىا أو تركتيـ بمسكف الزوجية‪ ،‬وقد تطوؿ ّ‬
‫تـ ذلؾ بصفة ودية بالصمح بينيما‪ ،‬أو بالمجوء‬
‫ويستغرؽ حؿ النزاع بينيـ مدة طويمة سواء ّ‬
‫إلى القضاء مف أجؿ إلزاـ الزوجة بالرجوع‪ ،‬أو برفع دعوى قضائية مف أجؿ فؾ الرابطة‬
‫الزوجية بإحدى الطرؽ‪ ،‬وحتى ال يبقى األوالد بدوف حاضف أو راع ليـ‪ ،‬ونظ ار لمخطر‬
‫المحدؽ باألبناء القصر‪ ،‬وتعرض شؤونيـ لئلىماؿ‪ ،‬أوجد المشرع آلية إلسناد الحضانة‬
‫مؤقتا في ىذه الفترة‪ ،‬فأعطى الحؽ لمزوجة أو الزوج طمب إسناد حضانة األوالد مؤقتا‪،‬‬
‫إلى غاية الفصؿ في الدعوى المرفوعة في الموضوع بصفة نيائية‪ ،‬سواء عف طريؽ رفع‬
‫دعوى استعجالية‪ ،‬أو بموجب أمر عمى عريضة‪ ،‬حيث يقوـ الطالب بتحرير عريضة‬
‫مذيمة بأمر‪ ،‬يوقّعيا المعني أو محاميو‪ ،‬وتسجيميا بأمانة ضبط المحكمة التي يقع في دائرة‬
‫اختصاصيا مكاف ممارسة الحضانة‪ ،‬ويقوـ قاضي االستعجاؿ بالفصؿ في الطمب خبلؿ‬
‫ثبلثة أياـ مف تاريخ التسجيؿ بأمر مؤقت‪ُ ،‬يسند بموجبو الحضانة مؤقتا لؤلـ أو لؤلب‬
‫أو لغيرىما مف أصحاب الحؽ في الحضانة‪ ،‬إلى غاية الفصؿ في دعوى الموضوع‪.‬‬
‫وتثبت الصفة لكؿ مف الزوج والزوجة‪ ،‬أو المطمؽ أو المطمقة‪ ،‬في طمب إسناد‬
‫الحضانة مؤقتا‪ ،‬كما تثبت الصفة كذلؾ لكؿ مف خوليـ القانوف الحؽ في أف تكوف ليـ‬
‫صفة الحاضف‪ ،‬وتختص المحكمة التي يقع بدائرة اختصاصيا مكاف ممارسة الحضانة‬
‫بالفصؿ في الطمب‪ ،‬ويجب عمى الطالب أف ُيثْبِ َ‬
‫ت وجود أبناء قصر بحاجة إلى حضانة‪،‬‬
‫بأنو مف األشخاص‬
‫باإلضافة إلى الوثيقة التي تبيف العبلقة التي تربطو بيـ‪ ،‬وتُبيف ّ‬
‫المخوؿ إلييـ قانونا التمتع بصفة الحاضف‪ ،‬كما عمى الطالب أف ُيثبت لممحكمة وجود‬
‫دعوى في الموضوع قائمة بينو وبيف المدعى عميو‪ ،‬وذلؾ بتقديـ عريضة الدعوى الخاصة‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫بالموضوع‪ ،‬سواء تعمقت بطمب الرجوع إلى بيت الزوجية أو ف ّ‬
‫أو تعمقت بطمب إسناد الحضانة لؤلبناء القصر‪ ،‬ألف القصد مف الدعوى االستعجالية‬
‫أو األمر عمى عريضة ىو األمر بإسناد الحضانة مؤقتا إلى حيف الفصؿ في دعوى‬
‫الموضوع القائمة بيف الطرفيف‪ ،‬وليس إلى غاية سقوط الحضانة قانونا‪ ،‬حيث غالبا‬
‫‪109‬‬
‫القصر (مع ذكر‬
‫ّ‬ ‫ما يكوف منطوؽ األمر المؤقت ىو األمر بإسناد حضانة األبناء‬
‫المدعي مؤقتا إلى غاية الفصؿ في دعوى الموضوع المطروحة أماـ‬‫أسماءىـ) إلى ّ‬
‫المحكمة تحت رقـ‪ ،‬مع ذكر الجية القضائية المطروحة أماميا دعوى الموضوع ورقـ‬
‫القضية‪.1‬‬
‫‪ -03‬التدابير المؤقتة المتعمقة بحق الزيارة‬
‫إف اتصاؿ األوالد المحضونيف بالطرؼ الذي لـ تسند لو الحضانة‪ ،‬سواء كاف‬
‫أمر تقتضيو‬
‫والدا أو والدة‪ ،‬أو غيرىـ مف أفراد العائمة الذيف يحؽ ليـ زيارة المحضونيف‪ ،‬ا‬
‫مصمحة المحضوف‪ ،‬كما تقتضيو مصمحة صاحب حؽ الزيارة‪ ،‬ألنيـ قد يتعرضوف لضرر‬
‫معنوي كبير جراء حرمانيـ مف التواصؿ فيما بينيـ‪ ،‬مما قد يؤثر عمى حالتيـ النفسية‬
‫والمعنوية‪ ،‬وىو أمر مستعجؿ جدير بالحماية‪.‬‬
‫ويرتبط حؽ الزيارة ارتباطا وثيقا بحؽ الحضانة‪ ،‬لذلؾ ألزـ المشرع القاضي عند‬
‫الفصؿ بإسناد الحضانة أف يحكـ بحؽ الزيارة‪ ،‬وذلؾ بموجب المادة ‪ 64‬مف ؽ‪.‬أ‪..." :‬‬
‫وعمى القاضي عندما يحكـ بإسناد الحضانة أف يحكـ بحؽ الزيارة"‪ ،‬وىو أمر جدير‬
‫بالتنويو‪ ،‬وحسنا فعؿ المشرع‪ ،‬حتى ال ُيحرـ الطرؼ الذي لـ تسند لو الحضانة مف رؤية‬
‫أف إسناد الحضانة مف األمور‬
‫األوالد المحضونيف‪ ،‬وحتى ال تُقطع الصمة بينيـ‪ ،‬وما داـ ّ‬
‫المستعجمة التي ال تحتمؿ التأخير‪ ،‬ويجوز الفصؿ فييا عمى وجو االستعجاؿ عف طريؽ‬
‫رفع دعوى استعجالية‪ ،‬أو بموجب أمر عمى عريضة بصفة مؤقتة إلى غاية الفصؿ بصفة‬
‫فإف ذلؾ يقتضي السماح لمطرؼ الذي لـ تسند لو الحضانة‬
‫نيائية في دعوى الموضوع‪ّ ،‬‬
‫بالمجوء إلى القضاء مف أجؿ طمب حؽ زيارة األوالد المحضونيف بصفة مؤقتة كذلؾ‪،‬‬
‫تتغير المراكز‬
‫وذلؾ إلى غاية الفصؿ في دعوى الموضوع بصفة نيائية‪ ،‬وحينيا قد ّ‬
‫القانونية‪ ،‬ويصبح صاحب حؽ الزيارة حاضنا‪ ،‬والذي أسندت لو الحضانة مؤقتا لو حؽ‬
‫الزيارة‪ ،‬وقد تبقى الحضانة لمذي ُمنحت لو مؤقتا‪ ،‬ويبقى لصاحب حؽ الزيارة زيارة األوالد‬
‫المحضونيف في األوقات التي يحددىا الحكـ الفاصؿ في موضوع الدعوى‪.‬‬
‫وتثبت الصفة في طمب حؽ الزيارة مؤقتا لكؿ مف الزوجيف‪ ،‬أو المطمقيف‪،‬‬
‫كالجد أو الج ّدة‪ ،‬في حالة وفاة أحد الزوجيف أو المطمقيف‪ ،‬أو في‬
‫ّ‬ ‫أو ألحد أفراد العائمة‬

‫‪ 1‬سالم حمزة‪ ،‬الدعاوى االستعجالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬


‫‪110‬‬
‫حالة كاف أحد الوالديف مقيما بالخارج والمحضوف مقيما بالجزائر‪ ،‬وذلؾ بعد رفع دعوى في‬
‫الموضوع تتعمؽ بالرجوع لبيت الزوجية أو بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أو تتعمؽ بإسناد الحضانة‬
‫أو منح حؽ الزيارة‪ ،‬ويؤوؿ االختصاص اإلقميمي لطمب حؽ الزيارة لممحكمة التي يقع‬
‫بدائرة اختصاصيا اإلقميمي مكاف تواجد األبناء محؿ حؽ الزيارة‪.‬‬
‫يقدـ ما يثبت عبلقتو بالولد القاصر محؿ حؽ‬
‫ويتعيف عمى طالب حؽ الزيارة أف ّ‬
‫الزيارة‪ ،‬مع إثبات وجود دعوى في الموضوع قائمة بينو وبيف المدعى عميو‪ ،‬تتعمؽ إما‬
‫بطمب الرجوع إلى بيت الزوجية أو فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أو طمب إسناد حضانة األبناء‬
‫ألف الطمب يتعمؽ بمنح حؽ زيارة مؤقت إلى غاية الفصؿ في‬
‫القصر أو حؽ الزيارة‪ّ ،‬‬
‫دعوى الموضوع‪ ،‬وليس إلى غاية سقوط الحضانة‪ ،‬حيث يصدر القاضي أم ار بمنح حؽ‬
‫الزيارة المؤقتة لؤلبناء القصر‪ ،‬مع ذكر أسماءىـ‪ ،‬وتحديد وقت الزيارة‪ ،‬مع األخذ‬
‫القصر‪ ،‬وتمدرسيـ مف عدمو‪ ،‬وذلؾ إلى غاية الفصؿ في دعوى‬‫ّ‬ ‫بالحسباف سف األوالد‬
‫الموضوع‪ ،‬مع ذكر الجية المعروضة عمييا الدعوى‪ ،‬ورقـ القضية‪.1‬‬
‫‪ -04‬التدابير المؤقتة المتعمقة بحق المسكن‬
‫نظ ار لمحماية التي أوالىا المشرع لمصمحة المحضوف‪ ،‬م ّكف الحاضنة بموجب‬
‫المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ المجوء إلى القاضي االستعجالي‪ ،‬مف أجؿ استصدار أمر عمى‬
‫عريضة مف أجؿ تخصيص مسكف مبلئـ لممارسة الحضانة بصفة مؤقتة إلى غاية‬
‫الفصؿ في دعوى الموضوع‪ ،‬سواء تعمقت دعوى الموضوع بفؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫أو بالرجوع‪ ،‬أو بإسناد الحضانة‪ ،‬والمعموؿ بو قضاء إلزاـ الزوج بتوفير مسكف مبلئـ‬
‫لمحاضنة لممارسة الحضانة‪ ،‬وعند تعذر ذلؾ دفع مبمغ بدؿ اإليجار شيريا بصفة مؤقتة‬
‫إلى غاية الفصؿ في دعوى الموضوع‪.‬‬
‫‪ -05‬التدابير المؤقتة المتعمقة بأمتعة الزوجة أو الزوج‬
‫عند حدوث نزاع بيف الزوجيف كثي ار ما يمجأ أحدىما إلى مغادرة بيت الزوجية‬
‫الذي يحوي أغراضو الخاصة وألبستو وأمتعتو‪ ،‬وىي أغراض مف ضروريات الحياة اليومية‬
‫أمر ال يحتمؿ التأخير‪ ،‬لذا تعتبر ىذه المسألة مف‬
‫وال غنى لو عنيا‪ ،‬وتمكينو منيا ا‬

‫سبلـ حمزة‪ ،‬الدعاوى االستعجالية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.66‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪111‬‬
‫المواضيع التي يمكف لصاحبيا المجوء إلى قاضي االستعجاؿ‪ ،‬وطمب تمكينو منيا‪ ،‬وذلؾ‬
‫ألف المسائؿ المذكورة في ىذه‬
‫بموجب أمر عمى عريضة طبقا لممادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫المادة جاءت عمى سبيؿ الذكر ال الحصر‪ ،‬وىو ما تؤكده صياغة المادة باستعماؿ لفظ‬
‫فإف ذكر المسائؿ‬‫"‪...‬في جميع التدابير المؤقتة وال سيما ما تعمؽ منيا بػ‪ ،"..‬وعميو ّ‬
‫المتعمقة بالنفقة والحضانة والزيارة والمسكف في المادة ‪ 57‬مكرر ليس عمى سبيؿ التقييد‪،‬‬
‫فمتى توافر عنصر االستعجاؿ في الطمب‪ ،‬وكاف المطموب اتّخاذ تدبير مؤقت‪ ،‬جاز‬
‫المجوء إلى قاضي االستعجاؿ‪ ،‬واستصدار أمر عمى عريضة بشأنو‪ ،‬طبقا لممادة ‪57‬‬
‫مكرر مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫‪ -06‬التدابير المؤقتة المتعمقة بعدم التعرض لمدخول إلى مسكن الزوجية‬
‫يحؽ لممطمقة رجعيا والمتوفى عنيا زوجيا البقاء في مسكف الزوجية حتى انتياء‬
‫مدة العدة‪ ،‬قاؿ تعالى‪ ... " :‬ال تخرجوىن من بيوتين وال يخرجن إال أن ياتين بفاحشة‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫نصت المادة ‪61‬‬
‫مبينة وتمك حدود اهلل ومن يتعد حدود اهلل فقد ظمم نفسو ‪ ، "...‬كما ّ‬
‫مف ؽ‪.‬أ عمى أف‪" :‬ال تخرج الزوجة المطمقة وال المتوفى عنيا زوجيا مف السكف العائمي‬
‫ما دامت في عدة طبلقيا أو وفاة زوجيا‪ ،‬إال في حالة الفاحشة المبينة‪ ،‬وليا الحؽ في‬
‫ويخرجيا مف‬
‫عدتيا‪ُ ،‬‬
‫يتعدى المطمؽ عمى مطمّقتو في فترة ّ‬
‫عدة الطبلؽ"‪ ،‬لكف قد ّ‬
‫النفقة في ّ‬
‫المسكف الزوجي‪ ،‬كما قد يتعدى ورثة الزوج عمى المتوفى عنيا زوجيا‪ ،‬ويمنعونيا مف‬
‫عدتيا بعد وفاة زوجيا‪ ،‬وىو أمر مخالؼ لمشرع والقانوف‪،‬‬
‫المكوث في مسكف الزوجية فترة ّ‬
‫ي عمى حقيا في البقاء في مسكف الزوجية خبلؿ مدة عدتيا أف ترفع‬ ‫لذا يحؽ لمف تُ ُع ّد َ‬
‫إما عف طريؽ القضاء اإلستعجالي‪ ،‬واستصدار أمر استعجالي معجؿ‬
‫أمرىا إلى القضاء‪ّ ،‬‬
‫النفاذ قانونا‪ ،‬سواء عف طريؽ االستعجاؿ العادي أو االستعجاؿ ساعة مف ساعة‪ ،‬مف‬
‫أجؿ إلزاـ المطمؽ أو ورثة الزوج المتوفى بعدـ التعرض ليا في الدخوؿ إلى مسكف‬
‫عدتيا‪ ،‬مع إمكانية األمر بتنفيذه بموجب النسخة األصمية لؤلمر‬
‫الزوجية‪ ،‬والبقاء فيو فترة ّ‬
‫االستعجالي حتى قبؿ تسجيمو‪ ،‬كما يمكف لممطمقة أو المتوفى عنيا زوجيا االستناد إلى‬
‫نص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وسموؾ مسمؾ األمر عمى عريضة‪ ،‬مف أجؿ طمب عدـ‬

‫سورة الطبلؽ‪ ،‬اآلية ‪.01‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪112‬‬
‫يميز ىذا المسمؾ مف‬‫عدتيا‪ ،‬نظ ار لما ّ‬
‫التعرض ليا في الدخوؿ إلى مسكف الزوجية فترة ّ‬
‫مزايا‪ ،‬كعدـ استدعاء الخصوـ‪ ،‬وسرعة استصدار األمر‪ ،‬مع إمكانية األمر بالنفاد‬
‫المعجؿ‪.1‬‬
‫البت فييا عمى وجو االستعجاؿ بموجب‬
‫ىذه بعض التدابير المؤقتة التي يمكف ّ‬
‫أمر عمى عريضة بناء عمى المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫وقد اعتبر المشرع األوامر عمى عرائض سندات تنفيذية بموجب المادة ‪ 600‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وتعتبر كذلؾ بمجرد صدورىا‪ ،‬وتكوف قابمة لمتنفيذ‪ ،‬لكف غالبا ما تصدر األوامر‬
‫عمى عرائض مف المحاكـ‪ ،‬وتسمّـ ألصحابيا دوف تسميـ الصيغة التنفيذية‪ ،‬حيث يرفض‬
‫يتـ تبميغيا‪ ،‬وىو‬
‫بعض أمناء الضبط تسميـ الصيغة التنفيذية لؤلمر عمى عريضة حتى ّ‬
‫أمر غير صحيح يخالؼ فحوى المادة ‪ 600‬السالفة الذكر‪ ،‬لذا يجب عمى المستفيد مف‬
‫ألنو سند تنفيذي‬
‫األمر عمى العريضة أف يطمب الصيغة التنفيذية لؤلمر بمجرد صدوره‪ّ ،‬‬
‫قابؿ لمتنفيذ مباشرة حتى قبؿ تبميغو‪ ،‬واالّ انتفى مقصد المشرع مف إسناد اختصاص‬
‫الفصؿ فييا إلى القاضي عمى وجو االستعجاؿ بموجب أمر عمى عريضة‪.‬‬
‫أف كثي ار مف المحضريف القضائييف يباشر إجراءات تنفيذ‬
‫كما نمفت االنتباه إلى ّ‬
‫عرض‬ ‫وي ّْ‬
‫األمر عمى عريضة دوف إرفاقو بالصيغة التنفيذية‪ ،‬وىو أمر ُمخالؼ لمقانوف‪ُ ،‬‬
‫اإلجراءات التي قاـ بيا المحضر القضائي لمطعف فييا باإلبطاؿ‪ ،‬فضبل عف إمكانية‬
‫الجد‪.‬‬
‫التنبو ليذا األمر وأخذه مأخذ ّ‬
‫متابعتو قضائيا‪ ،‬لذا وجب ّ‬
‫ويطرح تنفيذ األوامر عمى عرائض الصادرة طبقا لنص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‬
‫إشكاال عمميا يتعمؽ بإجراءات تنفيذىا‪ ،‬فيؿ يخضع تنفيذىا لآلجاؿ المذكورة في المادة‬
‫‪ 612‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ المتعمقة بالقواعد العامة لمتنفيذ‪ ،‬فيمنح المنفذ عميو أجؿ خمسة عشر‬
‫يوما مف أجؿ التنفيذ‪ ،‬أـ يخضع تنفيذىا لنص المادة ‪ 614‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬فيجوز تنفيذىا‬
‫بمجرد التبميغ الرسمي لمتكميؼ بالوفاء بما تضمنو السند التنفيذي‪ ،‬دوف مراعاة اآلجاؿ‬
‫المنصوص عمييا في المادة ‪ 612‬السالفة الذكر‪ ،‬باعتباره يدخؿ ضمف األوامر‬
‫االستعجالية؟‬

‫نور الديف لمطاعي‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ 280‬وما يمييا‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪113‬‬
‫يستند العديد مف المحضريف القضائييف في تنفيذ ىذه األوامر عمى عرائض عمى‬
‫المادة ‪ 614‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ويصنفونيا عمى أنيا مف األوامر االستعجالية‪ ،‬دوف أساس‬
‫يصنؼ األوامر عمى عرائض‬‫األصح ّأنو في غياب نص قانوني صريح ّ‬ ‫قانوني واضح‪ ،‬و ّ‬
‫يصح أبدا‬
‫ّ‬ ‫الصادرة بناء عمى المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ عمى ّأنيا أوامر استعجالية‪ ،‬فبل‬
‫اعتماد نص المادة ‪ 614‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬واّنما تنفذ ىذه األوامر عمى أساس المادة ‪ 612‬مف‬
‫وي َمزُـ المنفذ عميو بتنفيذىا خبلؿ أجؿ خمسة عشر يوما مف تاريخ التبميغ‬ ‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ُ ،‬‬
‫الرسمي لمتكميؼ بالوفاء بما تضمنو السند التنفيذي‪ ،‬واف كاف ىذا األجؿ يتنافى ومقصود‬
‫المشرع في منح االمتياز لممسائؿ المشمولة بالمادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وسموكو مسمؾ‬
‫أف غياب نص صريح باعتماد المادة ‪ 614‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ في‬ ‫االستعجاؿ في إصدارىا‪ ،‬إال ّ‬
‫تنفيذىا‪ ،‬يجعؿ مف الخطأ إلزاـ المنفذ عميو بتنفيذ مضموف السند التنفيذي بمجرد التبميغ‬
‫الرسمي‪.‬‬
‫توخاىا مف خبلؿ الخصوصية‬‫لذا عمى المشرع إذا أراد أف يحقّؽ المقاصد التي ّ‬
‫التي أضفاىا عمى ىذه التدابير المؤقتة والمتعمقة بشؤوف األسرة‪ ،‬والتي سمؾ بيا مسمؾ‬
‫بالنص‬
‫ّ‬ ‫االستعجاؿ في إصدارىا‪ ،‬إالّ أف يضفي عمييا طابع االستعجاؿ في تنفيذىا‪ ،‬وذلؾ‬
‫ويعتمد في تنفيذىا المادة‬
‫صراحة عمى تصنيؼ ىذه األوامر ضمف األوامر االستعجالية‪ُ ،‬‬
‫‪ 614‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حتى يتحقّؽ اليدؼ مف اعتبار المسائؿ المشمولة بنص المادة ‪57‬‬
‫مكرر مف ؽ‪.‬أ مسائؿ استعجالية ال تحتمؿ التأخير‪.‬‬
‫ويجب عمى المستفيد مف األمر عمى عريضة الذي يتضمف تدابير مؤقتة بشأف‬
‫المسائؿ المشمولة بالمادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ أف ينفذه خبلؿ أجؿ ‪ 03‬ثبلثة أشير مف‬
‫تاريخ صدوره‪ ،‬واال سقط األمر وأصبح عديـ األثر وفقا لممادة ‪ 311‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى ّأنو عند صدور األمر عمى عريضة المتعمؽ بإحدى‬
‫فإنو يمكف لمخصوـ‬
‫المسائؿ المذكورة في المادة ‪ 57‬مكرر والتي تتضمف تدابير مؤقتة‪ّ ،‬‬
‫الرجوع إلى القاضي الذي أصدرىا لمتراجع عنيا أو تعديميا وفقا لممادة ‪ 312‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫تـ إخفاء حقائؽ ميمة عنو‪،‬‬
‫تـ تغميطو‪ ،‬أو ّ‬
‫يتبيف لمقاضي الذي أصدرىا أنو قد ّ‬
‫حيث قد ّ‬
‫مف شأنيا لو ُعرضت عميو وعمـ بيا لما أصدر تمؾ األوامر‪ ،‬أو أصدرىا بشكؿ مختمؼ‪،‬‬
‫قدـ لو الخصوـ توضيحات وحقائؽ وبيانات لـ يتـ تنويره بيا مف قبؿ‬
‫فيجوز لمقاضي إذا ّ‬
‫‪114‬‬
‫طالب األمر‪ ،‬وأخفيت عنو عمدا أو بغير عمد‪ ،‬أف يتراجع عف األمر الذي أصدره‪ ،‬أو‬
‫تعديمو بما يتبلءـ مع الحقائؽ التي عرضت عميو بعد إصدار األمر‪.‬‬
‫المقدـ إلى القاضي باستصدار أمر عمى عريضة في‬
‫ّ‬ ‫تـ رفض الطمب‬ ‫واذا ّ‬
‫فإنو يجوز لصاحب الطمب االستئناؼ أماـ‬
‫المسائؿ المشمولة بالمادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫رئيس المجمس القضائي خبلؿ ‪ 15‬خمسة عشر يوما مف تاريخ أمر الرفض‪ ،‬وفقا لممادة‬
‫‪ 312‬السالفة الذكر‪.‬‬
‫ويرجع االختصاص إلى قاضي شؤوف األسرة بالفصؿ عمى وجو االستعجاؿ‬
‫بموجب أمر عريضة في جميع التدابير المؤقتة‪ ،‬ال سيما ما تعمؽ منيا بالمسائؿ المحددة‬
‫تصدي‬
‫ّ‬ ‫سابقا‪ ،‬وفقا لما نصت عميو المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬غير ّأنو ال يوجد مانع مف‬
‫رئيس المحكمة لمطمبات الرامية لمحصوؿ عمى ىذه األوامر والموكولة لقاضي شؤوف‬
‫األسرة‪ ،‬ويبقى لرئيس المحكمة اختصاص حصري فقط في إصدار األوامر المتعمقة‬
‫بالترخيص بتعدد الزوجات وفقا لنص المادة ‪ 08‬مف ؽ‪.‬أ‪.1‬‬
‫ثانيا‪ -‬خصوصية االستعجال في قضاء شؤون األسرة‬
‫يشترط المشرع في القواعد العامة شروطا محددة حتى ينعقد االختصاص لمقاضي‬
‫االستعجالي‪ ،‬ىي توفر عنصر االستعجاؿ في القضية‪ ،‬وأف ييدؼ الطمب القضائي إلى‬
‫اتخاذ إجراء وقتي دوف المساس بأصؿ الحؽ‪ ،‬وىي شروط تنطبؽ عمى قضايا االستعجاؿ‬
‫في شؤوف األسرة‪.‬‬
‫أف العمؿ المبلحظ في القضاء‪ ،‬ومف ضمنيا القضايا المتعمقة بشؤوف‬
‫غير ّ‬
‫األسرة‪ ،‬اشتراط العديد مف القضاة ضرورة تسجيؿ دعوى في الموضوع حتى يحكـ القاضي‬
‫االستعجالي لمطالب بما يطمبو عمى وجو االستعجاؿ‪ ،‬وبصفة مؤقتة‪ ،‬وانقسـ القضاة في‬
‫ذلؾ إلى قسميف‪:2‬‬
‫القسـ األوؿ‪ :‬يرى ضرورة طرح القضية أماـ قاضي الموضوع حتى ينعقد‬
‫االختصاص فييا لمقاضي االستعجالي‪.‬‬

‫الخاصة‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2015 ،‬ص ‪.43‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1‬سبلـ حمزة‪ ،‬األوامر عمى عرائض في القوانيف‬
‫‪ 2‬بعتاش غنية‪ ،‬القضاء االستعجالي في المواد المدنية‪ ،‬مذكرة تخرج لنيؿ إجازة المعيد الوطني لمقضاء‪ ،‬الدفعة السادسة‬
‫عشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 -2005 ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪115‬‬
‫القسـ الثاني‪ :‬ال يرى اشتراط تسجيؿ قضية في الموضوع أماـ القضاء حتى ينعقد‬
‫االختصاص لمقاضي االستعجالي بالفصؿ في الدعوى االستعجالية‪.‬‬
‫أف الرأي الثاني الذي ال يشترط‬
‫وأعتقد ّأنو ال وجود لمثؿ ىذا الشرط في القانوف‪ ،‬و ّ‬
‫تسجيؿ دعوى في الموضوع حتى ينعقد االختصاص لمقاضي االستعجالي أصوب‪ ،‬يؤيد‬
‫بأف طرح القضية أماـ قاضي الموضوع‬
‫ذلؾ أحد قرارات المحكمة العميا‪ ،‬الذي قضى ّ‬
‫ليست شرطا الختصاص قاضي األمور المستعجمة‪ ،‬والقضاء بخبلؼ ذلؾ يؤدي إلى‬
‫نقض القرار‪ ،‬وقد استند الطعف بالنقض في القرار إلى وجييف‪ :‬األوؿ مأخوذ مف انعداـ‬
‫األساس القانوني‪ ،‬والثاني مأخوذ مف القصور في األسباب‪ ،‬ومما جاء في حيثيات القرار‬
‫ما يمي‪:‬‬
‫"حيث ينعي الطاعف عمى قضاة المجمس عندما أشاروا إلى وجود قضية أماـ‬
‫القضاء المدني‪ ،‬في حيف أف الطاعف يؤكد أنو ال توجد أية قضية أماـ قاضي الموضوع‪،‬‬
‫أف المجمس تبنى فقط تصريحات الخصـ‪ ،‬وىذا يشكؿ تسبيبا قاص ار مما يبطؿ قرارىـ‪.‬‬
‫وّ‬
‫صرح أماـ‬
‫أف الطاعف نفسو ّ‬ ‫أف ما يعيبو الطاعف ليس في محمو‪ ،‬ذلؾ ّ‬ ‫وحيث ّ‬
‫قاضي األمور المستعجمة أنو يوجد نزاع حوؿ القطعة المتنازع عمييا‪.‬‬
‫وحيث أنو بصرؼ النظر عف وجود قضية أماـ قاضي الموضوع مف عدمو‪ ،‬فيي‬
‫ليست شرطا الختصاص قاضي األمور المستعجمة‪ ،‬وتبعا لذلؾ يتعيف معو التصريح‬
‫‪1‬‬
‫أف المشاىد قضاء ىو اشتراط وجود قضية في الموضوع حتى‬‫برفض ىذا الوجو" ‪ ،‬غير ّ‬
‫يستجيب القاضي االستعجالي لمطمب المستعجؿ‪ ،‬وأقترح إدخاؿ نص صريح بعدـ اشتراط‬
‫وجود د عوى في الموضوع لبلستجابة لمطمبات االستعجالية المتعمقة بالتدابير المشمولة‬
‫بالمادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫أف المشرع أسند لقاضي‬
‫ومف خصوصيات االستعجاؿ في قضايا شؤوف األسرة ّ‬
‫شؤوف األسرة الفصؿ عمى وجو االستعجاؿ بموجب أوامر عمى عرائض فيما يخص‬
‫التدابير المؤقتة‪ ،‬ال سيما ما تعمؽ منيا بالنفقة والحضانة والزيارة والمسكف‪ ،‬وذلؾ وفقا‬
‫أف األصؿ في األوامر عمى ع ارئض أنيا تصدر عف رئيس‬
‫لممادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬إذ ّ‬

‫قرار المحكمة العميا‪ ،‬الغرفة المدنية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،327227‬مؤرخ في ‪ ،2004/06/30‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬العدد‬ ‫‪1‬‬

‫الثاني‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪ 161‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪116‬‬
‫أف المسائؿ التي تصدر بشأنيا ىذه األوامر‬
‫المحكمة باعتباره رئيس الجية القضائية‪ ،‬كما ّ‬
‫تتعمؽ أساسا بإثبات حالة‪ ،‬أو توجيو إنذار‪ ،‬أو إجراء استجواب في موضوع ال يمس‬
‫أف المشرع نظ ار لمطابع‬
‫بحقوؽ األطراؼ‪ ،‬وذلؾ وفقا لممادة ‪ 310‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬غير ّ‬
‫فإنو سمح‬
‫االستعجالي الذي تكتسيو المسائؿ المشمولة بالمادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫بإصدار أوامر عمى عرائض تتضمف تدابير مؤقتة لحماية مصمحة مستعجمة وميددة‬
‫بالخطر‪ ،‬سواء با لنسبة لمزوج أو لمزوجة أو لؤلوالد‪ ،‬وأسند سمطة إصدارىا لقاضي شؤوف‬
‫األسرة‪ ،‬خروجا عف األصؿ العاـ الذي يمنح صبلحية إصدار مثؿ ىذه األوامر لرئيس‬
‫الجية القضائية‪.‬‬
‫أف المشرع وتأكيدا عمى مضموف المادة ‪ 57‬مكرر سالفة الذكر‪ ،‬فقد أسند‬‫كما ّ‬
‫صراحة سمطة البت في القضايا االستعجالية المتعمقة بشؤوف األسرة لرئيس قسـ شؤوف‬
‫األسرة‪ ،‬وذلؾ وفقا المادة ‪ 425‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث أنو قبؿ صدور القانوف رقـ ‪09-08‬‬
‫المؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪ 2008‬المتضمف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ودخولو حيز التنفيذ سنة مف تاريخ نشره‬
‫البت في القضايا االستعجالية كاف مف اختصاص‬
‫فإف صبلحية ّ‬‫في الجريدة الرسمية‪ّ ،‬‬
‫القاضي االستعجالي‪ ،‬لكف بعد دخوؿ نص المادة ‪ 425‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ حيز التنفيذ‪ ،‬أصبح‬
‫لرئيس قسـ شؤوف األسرة بالمحكمة الصبلحية المخولة لقاضي االستعجاؿ‪ ،‬وىو ميزة‬
‫لقضاء شؤوف األسرة‪ ،‬وأمر ُيحسب لممشرع‪ ،‬وجدير التنويو بو‪.‬‬
‫أف ىناؾ بعض دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬كاف مف األفضؿ‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫بالنص‬
‫ميزىا بإجراءات خاصة مف حيث آجاؿ الفصؿ فييا‪ ،‬وذلؾ ّ‬ ‫لممشرع الجزائري لو ّ‬
‫البت فييا‪ ،‬نظ ار لمضرر الذي قد‬
‫عمى تقييد قاضي الموضوع بآجاؿ قصيرة نوعا ما عند ّ‬
‫بالمدعي عند إخضاعيا لآلجاؿ المنصوص عمييا في القواعد العامة‪ ،‬والتي تقضي‬
‫ّ‬ ‫يمحؽ‬
‫بأف يفصؿ القاضي في الدعاوى المطروحة عميو خبلؿ آجاؿ معقولة‪ ،1‬ومف ضمف ىذه‬
‫القضايا‪ ،‬قضايا المطالبة بالنفقة لمزوجة أو األوالد‪ ،‬أو قضايا التطميؽ التي ترفعيا الزوجة‬
‫البت‬
‫أف سرعة ّ‬ ‫إذا ما توافرت حالة مف الحاالت المنصوص عمييا بالمادة ‪ 53‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬إذ ّ‬
‫في مثؿ ىذه القضايا أمر مطموب‪ ،‬مف شأنو رفع الضرر عف الزوجة واألوالد بالنسبة‬

‫تنص الفقرة الرابعة مف المادة الثالثة مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى أنو‪ " :‬تفصؿ الجيات القضائية في‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬

‫الدعاوى المعروضة أماميا في آجاؿ معقولة"‪.‬‬


‫‪117‬‬
‫لطمب النفقة‪ ،‬أو بالنسبة لمزوجة التي تضررت مف زوجيا بسبب مف األسباب المحددة في‬
‫اعتبار خاصا لمثؿ ىذه‬
‫ا‬ ‫المادة سالفة الذكر‪ ،‬وقد سمؾ المشرع المغربي ىذا النيج‪ ،‬وأعطى‬
‫تنص عمى تقييد‬
‫المسائؿ‪ ،‬ويتضح ذلؾ مف خبلؿ المادة ‪ 113‬مف مدونة األسرة التي ّ‬
‫القاضي عند فصمو في دعاوى التطميؽ بأجؿ أقصاه ستة أشير‪ ،‬ما لـ توجد ظروؼ‬
‫‪1‬‬
‫البت‬
‫المادة ‪ 190‬مف مدونة األسرة التي تنص عمى ضرورة ّ‬
‫خاصة ‪ ،‬أو مف خبلؿ نص ّ‬
‫في القضايا المتعمقة بالنفقة في أجؿ أقصاه شير واحد‪ ،2‬لذا أوصي في ىذا المجاؿ‬
‫النص عمى تحديد أجؿ مناسب عند فصؿ قاضي‬ ‫تدخؿ المشرع الجزائري‪ ،‬و ّ‬‫بضرورة ّ‬
‫الموضوع في مثؿ ىذه القضايا التي تتطمب سرعة البت فييا‪ ،‬رفعا لمضيؽ والضرر عف‬
‫الزوجة واألوالد‪ ،‬وحتّى ال تض ّؿ مثؿ ىذه الدعاوى معروضة عمى القضاء لمدة طويمة‪،‬‬
‫البت فييا دوف أف تكوف مضمونة النتيجة‪.3‬‬
‫تنتظر ّ‬

‫المطمب الثاني‪ :‬خصوصية دعاوى الزواج أمام قضاء شؤون األسرة‬

‫تتميز دعاوى انعقاد الزواج وانحبللو أماـ قضاء شؤوف األسرة بميزات خاصة‪،‬‬
‫ّ‬
‫تتميز‬
‫تتعمؽ بأطراؼ الدعوى‪ ،‬كوف النيابة العامة طرفا أصميا فييا (الفرع األوؿ)‪ ،‬كما ّ‬
‫إجراءات ممارسة ىذه الدعاوى ببعض الخصوصية فيما يتعمؽ ببعض الشكميات‬
‫واإلجراءات المتّبعة في انحبلؿ الرابطة الزوجية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬خصوصية األطراف‬

‫المدعي والمدعى عميو‪،‬‬


‫تتشكؿ غالبية الدعاوى المدنية مف طرفيف اثنيف ىما‪ّ :‬‬
‫وأحيانا تظـ طرفا ثالثا ىو المدخؿ في الخصاـ‪ ،‬وال مجاؿ لتدخؿ النيابة العامة في‬

‫نصت الفقرة األولى مف المادة ‪ 113‬مف مدونة األسرة عمى ّأنو‪ " :‬يبت في دعاوى التطميؽ المؤسسة عمى أحد‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬

‫األسباب المنصوص عمييا في المادة ‪ 98‬أعبله‪ ،‬بعد القياـ بمحاوالت اإلصبلح‪ ،‬باستثناء حالة الغيبة‪ ،‬وفي أجؿ أقصاه‬
‫خاصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ستة أشير‪ ،‬ما لـ توجد ظروؼ‬
‫تنص المادة ‪ 190‬مف مدونة األسرة عمى أنو‪ " :‬تعتمد المحكمة في تقدير النفقة عمى تصريحات الطرفيف وحججيما‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مراعية أحكاـ المادتيف ‪ 85‬و‪ 189‬أعبله‪ ،‬وليا أف تستعيف بالخبراء في ذلؾ‪ .‬يتعيف البت في القضايا المتعمقة بالنفقة في‬
‫أجؿ أقصاه شير واحد"‪.‬‬
‫محمد الكشبور‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.151‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪118‬‬
‫نص في المادة الثالثة مكرر مف ؽ‪.‬أ عمى‬
‫أف المشرع ّ‬‫الدعاوى المدنية في الغالب‪ ،‬غير ّ‬
‫اعتبار النيابة العامة طرفا أصميا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيؽ أحكاـ قانوف‬
‫مما جعؿ مف تشكيمة قسـ شؤوف األسرة تشكيمة خاصة تتميز عف باقي األقساـ‪،‬‬
‫األسرة‪ّ ،‬‬
‫حيث تتكوف مف قاض‪ ،‬وممثؿ النيابة العامة‪ ،‬وأميف الضبط‪ ،‬وىي خصوصية يتميز بيا‬
‫قضاء شؤوف األسرة‪.‬‬
‫أف دور النيابة العامة في شؤوف األسرة أسيء فيمو‪ ،1‬حيث اختمؼ الفقو في‬
‫غير ّ‬
‫جدوى ىذا التعديؿ‪ ،‬بيف مف يرى عدـ وجود دور حقيقي ممموس لمنيابة العامة في قضايا‬
‫شؤوف األسرة‪ ،‬وأنو إخراج ليا عف الدور التقميدي الذي كمّفيا بو المشرع المتعمؽ بتحريؾ‬
‫ومباشرة الدعوى العمومية‪ ،‬وشغميا عف مياميا الرئيسية المتعمقة بالجانب الجزائي حماية‬
‫‪2‬‬
‫أف المادة ‪03‬‬‫لمنظاـ العاـ ولممجتمع‪ ،‬وأف أحكاـ األسرة ال تتعمؽ كميا بالنظاـ العاـ ‪ ،‬و ّ‬
‫‪3‬‬
‫أف لمنيابة‬
‫مكرر مف ؽ‪.‬أ مادة غير مفيدة ‪ ،‬وبيف مف يرى صواب وجدوى ىذا التعديؿ‪ ،‬و ّ‬
‫دو ار ميما وفعاال في قضايا شؤوف األسرة ال بد أف تضطمع بو‪ ،‬فما جدوى ىذا التعديؿ؟‬
‫تدخميا‬
‫وما يمكف لمنيابة العامة أف تقوـ بو في المسائؿ المتعمقة بشؤوف األسرة؟ وىؿ ّ‬
‫ضروري وممزـ؟ وما ىي اإل شكاالت العممية والقانونية التي أفرزىا اعتبار النيابة العامة‬
‫طرفا أصميا في قضايا شؤوف األسرة؟ وما ىي آليات تدخميا في ىذه القضايا وطبيعة‬
‫الصفة التي تشتغؿ بيا؟ والى أي مدى ُوفّؽ المشرع في تحديد طبيعة تدخؿ النيابة العامة‬
‫في القضايا المتعمقة بشؤوف األسرة في ظؿ قانوف األسرة؟‬
‫ىذه بعض التساؤالت التي أفرزتيا المادة ‪ 03‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ويقتضي اإلجابة‬
‫ثـ التطرؽ إلى آثار‬
‫عمييا التطرؽ إلى تدخؿ النيابة العامة في قضايا شؤوف األسرة أوال‪ّ ،‬‬
‫التدخؿ ثانيا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ىذا‬

‫نور الديف لمطاعي‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتو اره‪ ،‬كمية الحقوؽ جامعة الجزائر ‪ ،01‬السنة الجامعية‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2016/2015‬‬
‫فيصؿ بمحاج‪ ،‬التعديبلت األخيرة الواردة في قانوف األسرة الجزائري ومقارنتيا بالفقو اإلسبلمي – دراسة مقارنة‪ -‬مف‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 01‬إلى المادة ‪ 31‬نموذجا‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير‪ ،‬كمية العموـ اإلسبلمية‪ ،‬قسـ الشريعة والقانوف‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر ‪ ،01‬السنة الجامعية ‪ ،2013-2012‬ص ‪.07‬‬
‫بف حميمة يمينة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.84‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪119‬‬
‫أوال‪ -‬تدخل النيابة العامة في قضايا األسرة‬
‫يختمؼ الدور الذي تقوـ بو النيابة العامة في الدعوى باختبلؼ نوع تدخميا في‬
‫القضية‪ ،‬حيث أ ّكدت المادة ‪ 256‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ أنو يمكف لممثؿ النيابة العامة أف يكوف‬
‫مدعيا كطرؼ أصمي‪ ،‬وقد يتدخؿ كطرؼ منضـ‪ ،‬ويجب عمى ممثؿ النيابة العامة عندما‬ ‫ّ‬
‫يكوف طرفا أصميا في الدعوى حضور الجمسة‪ ،‬وتقديـ الطمبات الكتابية‪ ،‬باعتبار أف لو‬
‫حؽ اال ّدعاء‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 258‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وقد يكوف ممثؿ النيابة العامة طرفا‬
‫منضما في القضايا الواجب إببلغو بيا عشرة أياـ قبؿ تاريخ الجمسة‪ ،‬والمحددة في المادة‬
‫‪ 260‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬فيكوف لو حينئذ حؽ إبداء الرأي كتابيا حوؿ تطبيؽ القانوف‪ ،‬عندما‬
‫يكوف طرفا منضما انضماما إجباريا‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 259‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬أما إف كانت‬
‫النيابة العامة طرفا منضما انضماما اختياريا في القضية‪ ،‬فميا حؽ إبداء المبلحظات‬
‫فقط‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 266‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫إف التمييز بيف ىذه األدوار التي أسندىا المشرع لمنيابة العامة والتي تختمؼ‬
‫ّ‬
‫باختبلؼ نوع تدخميا في القضية‪ ،‬يكتسي أىمية بالغة‪ ،‬حتى ال يحصؿ الخمط في الدور‬
‫المسند لمنيابة العامة في قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬وحتى ال يكوف دورىا شكميا ال تأثير لو في‬
‫المحافظة عمى األسرة والنظاـ العاـ‪ ،‬فالطرؼ األصمي يقدـ طمبات كتابية ويحضر‬
‫الجمسات‪ ،‬والطرؼ المنضـ إجباريا لو حؽ إبداء الرأي حوؿ تطبيؽ القانوف‪ ،‬والطرؼ‬
‫المنضـ اختياريا لو حؽ إبداء مبلحظات‪.1‬‬
‫وتعتبر النيابة العامة األداة الفعالة لمسير عمى احتراـ وسيادة القانوف‪ ،‬وحماية‬
‫النظاـ العاـ والحريات العامة‪ ،‬وتحتؿ مرك از ىاما في النظاـ القضائي‪ ،‬مما يتطمب تعزيز‬
‫ومدىا بالنصوص القانونية‬
‫وتقوية دور ىذه المؤسسة القضائية وتوسيع مجاؿ عمميا‪ّ ،‬‬
‫البلزمة التي تكفؿ ليا أداء دورىا المنوط بيا في حماية أفراد المجتمع‪.‬‬
‫إف ضرورة توسيع مجاؿ تدخؿ النيابة العامة‪ ،‬وعدـ االكتفاء بالمجاؿ التقميدي‬ ‫ّ‬
‫الذي كانت تتدخؿ فيو‪ ،‬أمر استدعاه تعقُّد المعامبلت والعبلقات بيف أفراد المجتمع واتّساع‬
‫رقعتيا‪ ،‬وحدوث العديد مف التطورات في مختمؼ المجاالت‪ ،‬سواء اإلدارية أو المالية‬

‫سابؽ‪.‬‬ ‫نور الديف لمطاعي‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتوراه‪ ،‬مرجع‬ ‫‪1‬‬

‫‪120‬‬
‫وتدخؿ جياز النيابة العامة في إدارة‬
‫ّ‬ ‫أو التجارية أو األسرية‪ ،‬مما يجعؿ مف مساىمة‬
‫أمر مف األىمية بمكاف‪.1‬‬
‫وتسيير وحؿ النزاعات المتعمقة بيا اً‬
‫تعزز فييا دور النيابة العامة ىو قضاء شؤوف األسرة‪،‬‬
‫أىـ المجاالت التي ّ‬
‫إف مف ّ‬
‫ّ‬
‫حيث كاف تدخؿ النيابة العامة يقتصر عمى بعض المجاالت فقط‪ ،‬حددىا المشرع في‬
‫المادة ‪ 141‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ ،‬وكاف يقتصر ىذا التدخؿ عمى مستوى المجمس القضائي‬
‫فقط‪ ،‬وليس عمى مستوى المحكمة‪ ،‬حيث أوجب المشرع إطبلع النائب العاـ عمى بعض‬
‫القضايا المحددة ومنيا‪ :‬المتعمقة بحالة األشخاص وعديمي األىمية‪ ،‬حيث ترسؿ ىذه‬
‫القضايا إلى النائب العاـ قبؿ عشرة أياـ مف تاريخ الجمسة بواسطة كتابة الضبط‪ ،‬وأجاز‬
‫المشرع لمنائب العاـ االطبلع عمى القضايا األخرى التي يرى أف تدخمو فييا ضروريا‪،‬‬
‫تمس بالنظاـ العاـ‪ ،‬كما يجوز لممجمس القضائي مف تمقاء نفسو األمر‬ ‫ال سيما التي ّ‬
‫بإرساؿ القضايا المذكورة إلى النائب العاـ‪ ،‬ىذا ما كاف معموال بو في ظؿ ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪.‬‬
‫عزز المشرع دور النيابة‬
‫لكف بصدور تعديؿ قانوف األسرة في سنة ‪ّ 2005‬‬
‫يمس‬
‫العامة‪ ،‬واعتبرىا طرفا أصميا في قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬باعتبار أف قانوف األسرة ُّ‬
‫مختمؼ فئات المجتمع‪ ،‬وال يقتصر عمى فئة واحدة دوف سواىا‪ ،‬وباعتبار أف األسرة ىي‬
‫الخمية األساسية لممجتمع‪ ،‬وأف النيابة العامة تسير عمى حماية المجتمع‪ ،‬وىو ما يبرر‬
‫االىتماـ البالغ والجدؿ الواسع الذي حضي بو تعديؿ قانوف األسرة سنة ‪.2005‬‬
‫يتـ التمييز بيف دوريف مف األدوار التي تقوـ بيا النيابة العامة في‬
‫وبصفة عامة‪ّ ،‬‬
‫منضـ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫القضاء المدني‪ ،‬حيث تتدخؿ أحيانا كطرؼ أصمي‪ ،‬وأحيانا أخرى تتدخؿ كطرؼ‬
‫وىو ما سيتـ توضيحو فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -1‬تد ّخل النيابة العامة باعتبارىا طرفا أصميا‬
‫إف الدور الذي يجب أف تقوـ بو النيابة العامة في شؤوف األسرة قد أسيء فيمو‪،‬‬
‫ّ‬
‫حيث يعتقد البعض أف تدخؿ النيابة العامة يجب أف ينحصر في المجاؿ الجزائي مف أجؿ‬
‫حماية المجتمع‪ ،‬أما أف تتدخؿ النيابة العامة في قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬فإف ذلؾ إقحاـ ليا‬

‫محمد عبد المحسف البقالي الحسني‪ ،‬وكيؿ الممؾ لدى المحكمة االبتدائية بالعرائش‪ ،‬طنجة‪ ،‬دور النيابة العامة أماـ‬ ‫‪1‬‬

‫قضاء األسرة‪ ،‬محاضرة ألقيت في محكمة االستئناؼ بطنجة‪ ،‬المغرب‪،https://elkanoon.wordpress.com ،‬‬


‫ص ‪.2‬‬
‫‪121‬‬
‫وحدده في بعض مواد قانوف‬ ‫أف المشرع حصر دور النيابة العامة ّ‬
‫في غير مجاليا‪ ،‬و ّ‬
‫أف المشرع في المادة‬
‫األسرة فقط‪ ،‬وأنيا ال يجب أف تتدخؿ في كؿ قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬و ّ‬
‫‪ 260‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ أوجب إببلغ النيابة العامة في قضايا محددة عمى وجو الحصر –ثماني‬
‫حاالت‪ ،-‬ومف بينيا قضايا الحالة المدنية وحماية ناقصي األىمية‪ ،‬ولـ يذكر المشرع‬
‫المسائؿ المتعمقة بشؤوف األسرة‪ ،‬كما أجاز لمنيابة العامة االطبلع عمى جميع القضايا‬
‫األخرى التي ترى تدخميا فييا ضروريا‪ ،‬عمى وجو الجواز ال عمى وجو الوجوب‪ ،‬بينما‬
‫المادة ‪ 03‬مكرر مف ؽ‪.‬أ جعمت النيابة طرفا أصميا في جميع القضايا التي ترمي إلى‬
‫تطبيؽ أحكاـ قانوف األسرة‪ ،‬فكيؼ يمكف الجمع بيف النصيف؟ وىؿ يعد ذلؾ تناقضا‬
‫أقره في المادة ‪ 3‬مكرر مف‬
‫عما ّ‬
‫بينيما؟ وىؿ تُعد المادة ‪ 260‬ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ تراجعا مف المشرع ّ‬
‫أف األوؿ صدر متأخ ار عمى الثاني؟‬
‫ؽ‪.‬أ‪ ،‬خصوصا و ّ‬
‫أف الطرؼ يعتبر أصميا في الدعوى إذا صدر الحكـ لصالحو أو ضده‪ ،‬أي‬
‫كما ّ‬
‫أف المدخؿ في الخصاـ يكوف إلى جانب‬
‫المدعى عميو‪ ،‬أو ضدىما‪ ،‬و ّ‬
‫المدعي‪ ،‬أو ّ‬
‫لصالح ّ‬
‫أحد الطرفيف‪ ،‬ويعنيو الحكـ في جانب منو سمبا أو إيجابا‪ ،1‬لذا ُيطرح التساؤؿ حوؿ موقع‬
‫النيابة العامة مف ىذا كمو؟ فالحكـ ال يصدر لصالحيا وال ضدىا‪ ،‬وال يصيبيا منو شيء‪،‬‬
‫فمماذا اعتبر المشرع النيابة العامة طرفا أصميا في قضايا شؤوف األسرة؟‬
‫ألف النيابة العامة تتدخؿ في عديد القضايا‬
‫أعتقد أف ىذا الرأي غير صائب‪ّ ،‬‬
‫أف تدخميا كطرؼ أصمي في‬‫المدنية‪ ،‬وال يقتصر تدخميا عمى القضايا الجزائية فقط‪ ،‬كما ّ‬
‫دعاوى شؤوف األسرة ييدؼ إلى حماية األسرة التي ىي نواة المجتمع‪ ،‬وحماية المجتمع‬
‫ىي أسمى المياـ التي تضطمع بيا النيابة العامة‪ ،‬باإلضافة إلى حفظ النظاـ العاـ‬
‫أف‬
‫أف موقع المادة ‪ 03‬مكرر مف ؽ‪.‬أ ُيبطؿ ىذا الرأي‪ ،‬حيث نجد ّ‬ ‫واآلداب العامة‪ ،‬كما ّ‬
‫ىذه المادة تقع ضمف األحكاـ العامة في قانوف األسرة‪ ،‬والمادة واضحة الداللة عمى تدخؿ‬
‫النيابة العامة في جميع القضايا الرامية إلى تطبيؽ أحكاـ قانوف األسرة‪ ،‬وبالتالي يظير‬
‫جميا أف الصواب يكمف في اعتبار النيابة العامة طرفا أصميا في جميع قضايا شؤوف‬
‫ّ‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة في ثوبو الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.182‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪122‬‬
‫تـ ذكره مف مواد خاصة في قانوف األسرة تطرقت لدور النيابة‬
‫األسرة‪ ،‬وال يقتصر عمى ما ّ‬
‫العامة فييا‪.1‬‬
‫إف مف أىـ التعديبلت التي جاء بيا األمر ‪ 02-05‬المؤرخ في ‪ 27‬فيفري ‪2005‬‬
‫ّ‬
‫المعدؿ لمقانوف رقـ ‪ 11-84‬المؤرخ في ‪ 09‬جواف ‪1984‬‬
‫ّ‬ ‫(الجريدة الرسمية رقـ ‪)15‬‬
‫المتضمف قانوف األسرة‪ ،‬اعتبار النيابة العامة طرفا أصميا في جميع القضايا التي ترمي‬
‫أف أغمب أحكاـ األسرة تعتبر مف النظاـ العاـ‪ ،‬حيث‬‫إلى تطبيؽ أحكاـ ىذا القانوف‪ ،‬إذ ّ‬
‫تعمؿ النيابة العامة عمى ضماف حماية واحتراـ قواعد النظاـ العاـ‪ ،‬وييدؼ المشرع مف‬
‫خبلؿ ذلؾ إلى حماية حقوؽ كؿ مف النساء والرجاؿ واألطفاؿ‪ ،‬وذلؾ باستفادة النيابة‬
‫العامة مف خصائص وحقوؽ الطرؼ األصمي في الدعوى‪.‬‬
‫إف اعتبار المشرع النيابة العامة طرفا أصميا في القضايا التي تُعرض عمى قسـ‬
‫ّ‬
‫يخوليا حضور الجمسات وتقديـ الطمبات واال ّدعاء مدنيا‪ ،‬لذا فإّنو يجب‬
‫شؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫المدعى تكميؼ ممثؿ النيابة العامة بالحضور لمجمسة‪ ،‬وتمكينو بنسخة مف العريضة‬
‫عمى ّ‬
‫إما عف طريؽ التبميغ الرسمي بواسطة محضر قضائي‪ ،‬وا ّما يبمغ عف‬ ‫االفتتاحية‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫طريؽ أمانة الضبط وفقا لممادة ‪ 438‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وتُبمغ النيابة العامة في أجؿ عشرة أياـ‬
‫عمى األقؿ قبؿ تاريخ الجمسة وفقا لممادة ‪ 260‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬إذ أ ّف عدـ تبميغيا بذلؾ‬
‫يجعؿ الخصومة غير منعقدة وال تقبؿ الدعوى حينئذ‪ ،2‬واف كاف العمؿ في غالب محاكـ‬
‫الوطف تبميغ النيابة عف طريؽ أمانة الضبط‪ ،‬تسييبل عمى المتقاضيف وتخفيفا لؤلعباء‬
‫فإنو ال بد مف حضور ممثؿ النيابة العامة وتقديـ طمباتو في الجمسة‪ ،‬حتى‬
‫عنيـ‪ ،‬لذا ّ‬
‫الخاصة بقسـ شؤوف األسرة صحيحة قانونا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تكوف جمسات المحاكمة‬
‫جاء في قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪" :2006/10/11‬يجب إطبلع‬
‫‪3‬‬
‫يؤكد موقؼ‬
‫النيابة العامة باعتبارىا طرفا أصميا عمى قضايا األحواؿ الشخصية" ‪ ،‬مما ّ‬

‫‪ 1‬نور الديف لمطاعي‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتوراه‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة في ثوبو الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.183‬‬ ‫‪2‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 401317‬مؤرخ في ‪ ،2006/10/11‬مجمة المحكمة العميا‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،2007‬العدد الثاني‪ ،‬ص ‪.489‬‬


‫‪123‬‬
‫القضاء بما ال يدع مجاال لمشؾ بأنو يجب تمكيف ممثؿ النيابة العامة مف االطبلع عمى‬
‫موضوع الدعوى‪ ،‬ويحضر جمسات قسـ شؤوف األسرة مثمو مثؿ أطراؼ الدعوى‪.‬‬
‫مدعيا ضرورة قيامو بالتبميغ‬
‫ومف واجبات الطرؼ األصمي في الدعوى إذا كاف ّ‬
‫الرسمي لنسخة مف العريضة االفتتاحية لمدعوى لمخصـ (المدعى عميو)‪ ،‬أو المدخميف في‬
‫الخصاـ‪ ،‬وتكميفيـ بالحضور لمجمسة عف طريؽ محضر قضائي بموجب محضر رسمي‪.‬‬
‫ومف حقوؽ النيابة العامة كطرؼ أصمي في الدعوى أف تُبدي الطمبات والدفوع‪،‬‬
‫قدـ أدلّة اإلثبات‪ ،‬وتباشر كافة اإلجراءات‪ ،‬وتقدـ األوراؽ والمستندات التي تدعـ‬
‫وت ّ‬
‫طمباتيا‪ ،‬ويحضر ممثميا الجمسات شخصيا‪ ،‬كما ليا حؽ الطعف في األحكاـ والق اررات‬
‫الصادرة عف القضاء بكؿ أوجو الطعف المتاحة‪.‬‬
‫إف المركز الذي أواله المشرع لمنيابة العامة بموجب المادة ‪ 03‬مكرر ؽ‪.‬أ في‬
‫ّ‬
‫تـ ذكره مف صبلحيات‪ ،‬بؿ ليا أف‬
‫دعاوى شؤوف األسرة يجعميا مخولة بالقياـ بكؿ ما ّ‬
‫تبادر برفع أي دعوى ليا عبلقة بشؤوف األسرة‪ ،‬مف أجؿ حماية األسرة وحماية النظاـ‬
‫العاـ‪ ،‬فيي خصـ حقيقي تعمؿ بطريؽ االدعاء‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ رفع دعوى مف النيابة العامة‬
‫أما إذا ُرفعت الدعوى مف الغير فيي‬
‫مف أجؿ تعييف مقدـ عمى فاقد األىمية أو ناقصيا‪ ،‬و ّ‬
‫تعمؿ بطريؽ الدفاع‪.1‬‬
‫وقد عرؼ دخوؿ تعديؿ قانوف األسرة سنة ‪ 2005‬حيز التنفيذ في البداية بعض‬
‫التذبذب في فيـ دور النيابة العامة في قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬حيث كاف بعض ممثمي‬
‫يقدموف طمباتيـ الكتابية دوف حضور الجمسات‪ ،‬وىو أمر مخالؼ لما‬ ‫النيابة العامة ّ‬
‫يقتضيو الدور المنوط بيـ كطرؼ أصمي في الدعوى‪ ،‬إالّ أف و ازرة العدؿ أنيت الجدؿ‬
‫وأرسمت تعميمة لمنيابة العامة تمزميـ بضرورة حضور جمسات أقساـ األسرة‪ ،‬وتقديـ‬
‫طمباتيـ الكتابية‪.‬‬
‫ويكمف اليدؼ مف إسناد المشرع لمنيابة العامة ىذا المركز القانوني الياـ في‬
‫قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬سعيا منو إلى حماية األسرة باعتبارىا الخمية األساسية لممجتمع‪،‬‬
‫صماـ األماف‪ ،2‬وبيذا االعتبار ال ىي في‬
‫وتطبيؽ القانوف تطبيقا سميما وصحيحا‪ ،‬فيي ّ‬

‫بف حميمة يمينة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.85‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬لمطاعي نور الديف‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتوراه‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫حؽ الزوج‪ ،‬وال ىي في حؽ الزوجة‪ ،‬بؿ ىي في حؽ المجتمع‪ ،‬وتعمؿ عمى عدـ مخالفة‬
‫النظاـ العاـ واآلداب العامة‪.‬‬
‫منضما‬
‫‪ -2‬تدخل النيابة العامة باعتبارىا طرفا ّ‬
‫قد تتدخؿ النيابة العامة باعتبارىا طرفا منضما عندما تنعقد الخصومة بيف‬
‫يتـ التمييز بيف‬
‫طرفييا دوف أف تنحاز ألي طرؼ‪ ،‬مف أجؿ ضماف تطبيؽ القانوف‪ ،‬و ّ‬
‫نوعيف مف التدخؿ االنضمامي‪:‬‬
‫حيث قد يكوف ممثؿ النيابة العامة طرفا منضما إجباريا في القضايا الواجب‬
‫إببلغو بيا عشرة أياـ قبؿ تاريخ الجمسة‪ ،‬وىي المحددة في المادة ‪ 260‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫ويحؽ لو إبداء الرأي كتابيا حوؿ تطبيؽ القانوف فييا‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 259‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫ّ‬
‫وال يشترط عميو حضور الجمسة‪.‬‬
‫وقد تكوف النيابة العامة طرفا منضما انضماما اختياريا في القضية‪ ،‬ويكوف ليا‬
‫حؽ إبداء المبلحظات فقط‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 266‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬واالنضماـ االختياري‬
‫ينقسـ إلى قسميف‪ ،‬قد يكوف االنضماـ االختياري بطمب مف النيابة العامة في القضايا التي‬
‫ترى تدخميا فييا ضروريا‪ ،‬أو بطمب مف رئيس الجمسة في بعض القضايا‪ ،‬حيث يأمر‬
‫القاضي بإببلغيا بأية قضية‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 260‬الفقرتيف ‪ 02‬و‪ 03‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وتتدخؿ النيابة العامة كطرؼ منضـ اختياريا في الدعاوى التي تيدؼ إلى حماية‬
‫فتقدـ رأييا فيما أبداه الخصوـ مف طمبات ودفوع‪ ،‬وقد يكوف رأييا لصالح‬
‫مصمحة خاصة‪ّ ،‬‬
‫أحد أطراؼ الخصومة‪ ،‬ويمكف أالّ يتفؽ مع مصمحة أي واحد منيما‪ ،‬وال تعتبر النيابة‬
‫العامة مدعية وال مدعى عمييا‪ ،‬وليس ليا ما لمخصوـ مف حقوؽ وواجبات‪ ،‬وليس ليا أف‬
‫تقدـ الطمبات أو الدفوع إال ما لو عبلقة بالنظاـ العاـ‪ ،‬فتبدي المبلحظات بشأنو فقط‪.‬‬
‫وتتدخؿ النيابة العامة تدخبل اختياريا في القضايا التي ال تتعمؽ بالنظاـ العاـ‬
‫واآلداب العامة‪ ،‬أما إذا تعمّقت القضية بالنظاـ العاـ واآلداب العامة فيكوف تدخميا وجوبيا‪،‬‬
‫وتعتبر طرفا أصميا‪ ،‬وليا مف أجؿ ذلؾ حؽ رفع الدعوى‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫ويرى البعض‪ 1‬أنو عمى أمانة الضبط أف تبمغ النيابة العامة بكؿ دعوى تسجؿ‬
‫في شؤوف األسرة‪ ،‬وذلؾ حتى تقرر ىؿ يجب عمييا التدخؿ؟ أـ يجوز ليا ذلؾ؟ حتى تقوـ‬
‫بواجبيا قبؿ قفؿ باب المرافعة‪ ،‬وىذا القوؿ غير وارد بالنسبة لقضايا شؤوف األسرة‪ ،‬ألف‬
‫مركز النيابة العامة كطرؼ أصمي في دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬يجعميا أحد أطراؼ الدعوى‬
‫الذيف ال تكتمؿ الخصومة دوف حضورىـ وتقديـ طمباتيـ‪ ،‬ويجعؿ الحكـ الصادر دوف‬
‫فإف المشرع الجزائري فصؿ في‬
‫تكميفيـ بالحضور حكما معيبا يستوجب النقض‪ ،‬وعميو ّ‬
‫ىذه القضية‪ ،‬وال مجاؿ لمحديث في النزاعات المعروضة عمى قاضي شؤوف األسرة عف‬
‫تعد طرفا أصميا‪.‬‬
‫ألف النيابة العامة ّ‬
‫تدخؿ اختياري أو تدخؿ إجباري‪ّ ،‬‬
‫ثانيا‪ -‬آثار اعتبار النيابة العامة طرفا أصميا في قضايا شؤون األسرة‬
‫تتحدد بعض األدوار التي تقوـ بيا النيابة العامة في قضايا شؤوف األسرة مف‬
‫خبلؿ النصوص الواردة في قانوف األسرة وقانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬كالمادة ‪03‬‬
‫مكرر مف ؽ‪.‬أ التي جعمت النيابة العامة طرفا أصميا في قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬والمادة ‪22‬‬
‫و‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ التي ألزمت النيابة العامة بالسيعي في تسجيؿ حكـ تثبيت الزواج وحكـ‬
‫الطبلؽ في الحالة المدنية‪ ،‬والمادة ‪ 438‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي أوجبت تبميغ النيابة العامة‬
‫رسميا بنسخة مف عريضة الطبلؽ‪ ،‬والمواد ‪ 463 ،460 ،456 ،454 ،453‬المتعمقة‬
‫بالوالية عمى القاصر‪ ،‬والمواد ‪ ،466 ،465‬تتعمؽ بالوالية عمى أمواؿ القاصر‪ ،‬والمادة‬
‫‪ 484‬ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي تنص عمى تمقّي القاضي تصريحات الشخص المعني بإجراء التقديـ‬
‫بحضور ممثؿ النيابة العامة‪ ،‬وغيرىا مف المواد التي يتحدد مف خبلليا مجاؿ تدخؿ النيابة‬
‫العامة‪.‬‬
‫وبذلؾ يظير الدور الرئيسي الذي أسنده المشرع لمنيابة العامة كطرؼ أصمي في‬
‫أف الممارسة العممية والميدانية تُثبت غياب تفعيؿ ىذا الدور‬
‫قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬غير ّ‬
‫عمى أرض الواقع‪ ،‬حيث تكتفي النيابة العامة في غالب القضايا المعروضة عمييا طمب‬
‫التماس تطبيؽ القانوف مف قاضي الحكـ‪ ،‬دوف أف تقدـ طمبات جدية وقانونية‪ ،‬أو تستند‬
‫إلى دراسة مستفيضة لموضوع الدعوى وحيثياتيا‪ ،‬وبالتالي انحصر دورىا وتخمت عنو‪.‬‬

‫نقبل عف أنور العمروسي‪ ،‬أصوؿ المرافعات الشرعية في مسائؿ األحواؿ الشخصية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2003‬ص ‪.669‬‬
‫‪126‬‬
‫غير ّأنني أعتقد أف اعتبار النيابة العامة طرفا أصميا يوجب عمييا القياـ بدور‬
‫إيجابي في عديد القضايا المتعمقة بشؤوف األسرة‪ ،‬ال سيما خبلؿ مرحمة إبراـ عقد الزواج‪،‬‬
‫وخبلؿ مرحمة فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬ومف بيف األدوار التي يجب أف تقوـ بيا ما يمي‪:‬‬
‫‪ -1‬دور النيابة العامة في انعقاد الزواج‬
‫مباشر في اإلجراءات المتخذة خبلؿ مرحمة إبراـ عقد‬
‫ٌ‬ ‫دور‬
‫ليس لمنيابة العامة ٌ‬
‫الزواج بيف الزوجيف‪ ،‬واّنما يظير دورىا بشكؿ أساسي مف خبلؿ إشرافيا عمى سجبلت‬
‫الحالة المدنية‪ ،‬ومف بينيا سج ّؿ عقود الزواج‪ ،‬حيث يخضع ضابط الحالة المدنية المكمؼ‬
‫بالسجبلت لرقابة النيابة العامة‪ ،‬والتي تقوـ بالتأشير عمييا دوريا‪ ،‬كما يظير دور النيابة‬
‫العامة أيضا عند عدـ تسجيؿ عقد الزواج في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وابراـ عقد الزواج‬
‫يحؽ لمنيابة العامة أو لؤلطراؼ رفع دعوى مف‬
‫تاـ األركاف والشروط‪ ،‬حيث ّ‬
‫بشكؿ عرفي‪َّ ،‬‬
‫أجؿ إثبات الزواج العرفي‪ ،‬ثـ تسجيمو في سجؿ الحالة المدنية الخاص بعقود الزواج‬
‫بسعي مف النيابة العامة طبقا لنص المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وكذا تسجيؿ بياف الزواج عمى‬
‫ىامش شيادة ميبلد الزوجيف‪ ،‬كما يظير دور النيابة العامة مف خبلؿ حقيا في تقديـ‬
‫تبيف ليا عدـ استيفاء األركاف‬
‫طمباتيا باالعتراض عمى طمبات إثبات الزواج العرفي‪ ،‬إذا ّ‬
‫والشروط المحددة قانونا في إبراـ عقد الزواج‪ ،‬حماية لقدسية ىذا الميثاؽ الغميظ‪ ،‬وتنزييا‬
‫عما قد يراد مخالطتو بو مف عبلقات مشبوىة وغير شرعية‪.‬‬
‫لو ّ‬
‫كما يجب التأكيد عمى الدور الممقى عمى عاتؽ النيابة العامة في تسجيؿ األحكاـ‬
‫أف المشرع أوجب تسجيميا بسعي مف النيابة‬‫التي تقضي بتثبيت عقود الزواج العرفية‪ ،‬و ّ‬
‫العامة بموجب المادة ‪ 22‬الفقرة ‪ 02‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وأنو ال يجب عمى ممثؿ النيابة العامة‬
‫التراخي في ذلؾ‪ ،‬أو ترؾ الميمة ألطراؼ الدعوى لمقياـ بتسجيؿ الزواج في الحالة المدنية‬
‫ألف المشرع بعد تعديؿ قانوف األسرة كمؼ النيابة العامة بيذا الدور‬
‫بعد صدور الحكـ‪ّ ،‬‬
‫الميـ‪ ،‬خبلفا لما كاف معموال بو مف قبؿ‪ ،‬حيث كاف األطراؼ ىـ مف يسعوف في ذلؾ‪،‬‬
‫مما جعؿ أغمب أحكاـ تثبيت عقود الزواج العرفي تبقى حبيسة المحاكـ‪ ،‬وال يتـ تسجيميا‬
‫في سجبلت الحالة المدنية‪.‬‬
‫ار أخرى تقوـ بيا النيابة العامة‬
‫وبالرجوع إلى مدونة األسرة المغربية‪ ،‬نجد أدو ا‬
‫خبلؿ مرحمة الزواج‪ ،‬مف بينيا الحرص عمى تضميف ممخص عقد الزواج برسـ والدة‬
‫‪127‬‬
‫الزوجيف‪ ،‬بالنسبة لعقود زواج المغاربة المقيميف في الخارج‪ ،‬الذيف أبرموا عقود زواجيـ‬
‫طبقا لمقانوف المحمي لبمد اإلقامة‪ ،‬إذا لـ يكف لمزوجيف أو ألحدىما محؿ والدة بالمغرب‪،‬‬
‫وذلؾ طبقا لممادة ‪ 15‬مف المدونة‪ ،‬كما تتدخؿ النيابة العامة في إجراءات التعدد‪ ،‬حيث إذا‬
‫البت في طمب‬
‫تع ّذر حضور الزوجة المراد التزوج عمييا أماـ المحكمة لسماعيا‪ ،‬مف أجؿ ّ‬
‫التعدد‪ ،‬ف إف النيابة العامة تأمر الضبطية القضائية أو السمطة المحمية بإنجاز بحث عف‬
‫مكاف إقامة المطموبة‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 43‬مف المدونة‪ ،‬واذا ثبت ليا تحايؿ الزوج في‬
‫تحرؾ الدعوى العمومية بناء عمى طمب‬‫فإنيا ّ‬
‫تقديـ عنواف غير صحيح وبسوء نية‪ّ ،‬‬
‫الزوجة المتضررة‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ سبلمة اإلجراءات‪ ،‬وردعا لممتحايميف‪.1‬‬
‫كما أوكؿ المشرع المغربي لمنيابة العامة اتخاذ اإلجراءات البلزمة عند إخراج أحد‬
‫الزوجيف لمزوج اآلخر مف بيت الزوجية‪ ،‬حيث تتدخؿ النيابة العامة إلرجاع الزوج‬
‫المطرود‪ ،‬وتتخذ اإلجراءات الكفيمة بحمايتو وأمنو‪ ،‬وذلؾ طبقا لممادة ‪ 53‬مف المدونة‪.‬‬
‫كما أسند المشرع المغربي لمنيابة العامة بموجب المادة ‪ 121‬مف المدونة ميمة‬
‫التنفيذ الفوري عمى األصؿ لمتدابير المؤقتة التي تراىا المحكمة مناسبة لمزوجة واألطفاؿ‪،‬‬
‫والتي تتخذ بناء عمى طمب أحد الزوجيف أو مف تمقاء المحكمة نفسيا‪ ،‬وذلؾ عند تعذر‬
‫المساكنة بيف الزوجيف عند حدوث نزاع بينيما‪ ،‬إلى غاية صدور حكـ في الموضوع‪،‬‬
‫والمتعمقة باختيارىا السكف مع أحد أقاربيا‪ ،‬أو أقارب الزوج‪ ،‬أو تدبير زيارة األوالد‬
‫أو حضانتيـ المؤقتة‪.‬‬
‫‪ -2‬دور النيابة العامة خالل انحالل الزواج‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬حيث ألزـ المشرع‬
‫تتدخؿ النيابة العامة خبلؿ إجراءات ف ّ‬
‫المدعي في دعاوى الطبلؽ تبميغ النيابة العامة بعريضة الدعوى وجوبا‪ ،‬إما بموجب‬
‫محضر رسمي عف طريؽ المحضر القضائي‪ ،‬واما تبميغيا عف طريؽ أمانة الضبط طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 438‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وذلؾ حتى تتمكف النيابة العامة مف االطبلع عمى‬
‫موضوع الدعوى‪ ،‬وتقديـ طمباتيا خبلؿ الجمسة‪ ،‬باعتبارىا طرفا أصميا في دعوى شؤوف‬
‫األسرة‪.‬‬

‫محمد عبد المحسف البقالي الحسني‪ ،‬دور النيابة العامة أماـ قضاء شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.06‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪128‬‬
‫كما تضطمع النيابة العامة بدور بالغ األىمية يتمثؿ بالسعي في تسجيؿ أحكاـ‬
‫الطبلؽ في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬إذ أسند ليا المشرع ىذا الدور بموجب الفقرة الثالثة‬
‫مف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وكذا تسجيؿ بياف الطبلؽ عمى ىامش شيادة ميبلد الزوجيف‪.‬‬
‫كما تتدخؿ النيابة العامة في عممية تنفيذ األحكاـ القضائية الخاصة بشؤوف‬
‫األسرة‪ ،‬والمتعمقة بإجراءات تمكيف الحاضف مف استبلـ المحضونيف‪ ،‬أو تمكيف صاحب‬
‫حؽ الزيارة مف ممارسة حقو في زيارة المحضوف‪ ،‬وذلؾ عند امتناع أحد الزوجيف مف‬
‫تقدـ النيابة العامة يد العوف‬
‫تمكيف الزوج اآلخر مف حقو بالحضانة أو بالزيارة‪ ،‬حيث ّ‬
‫لمقائـ في التنفيذ عند تعذره‪ ،‬أو بمتابعة الشخص المرتكب لجريمة عدـ تسميـ الطفؿ‪ ،‬كما‬
‫تتدخؿ النيابة العامة عند امتناع الزوج عف دفع النفقة الواجبة لمطمقتو أو أوالده‬
‫المحضونيف‪ ،‬بمتابعتو بجريمة االمتناع عف تسديد النفقة‪.‬‬
‫وبمقارنة بيف الدور الذي أسنده المشرع الجزائري لمنيابة العامة ونظيره المغربي‪،‬‬
‫فإف المشرع المغربي أسند لمنيابة العامة في قضايا شؤوف األسرة دو ار عند إجراء الصمح‪،‬‬
‫ّ‬
‫ويتمثؿ في حرص النيابة العامة عمى التبميغ الشخصي لمزوجيف في قضايا الطبلؽ‪ ،‬حيث‬
‫اشترط العمـ اليقيني لمزوجيف‪ ،‬وذلؾ بالتوصؿ الشخصي باالستدعاء‪ ،1‬طبقا لممادة ‪ 81‬مف‬
‫مدونة األسرة‪ ،‬واستعانتيا بكافة الطرؽ لمبحث عف الزوجة إذا لـ تحضر جمسة الصمح‪،‬‬
‫حؽ متابعة‬
‫أف لمنيابة العامة ّ‬
‫مف أجؿ إعبلميا بالقضية وضرورة حضورىا الشخصي‪ ،‬كما ّ‬
‫قدـ عنوانا وىميا أو غير صحيحا‬‫الزوج المتحايؿ بناء عمى طمب الزوجة المتضررة‪ ،‬إذا ّ‬
‫لمزوجة طبقا لمفصؿ ‪ 361‬مف القانوف الجنائي المغربي‪ ،2‬وكذا نفس الدور تقوـ بو النيابة‬
‫العامة في إجراءات تبميغ الزوج في دعاوى التطميؽ‪ ،‬وذلؾ بالقياـ بإجراء األبحاث لمتأ ّكد‬
‫وصحة ا ّدعاءات الزوجة‪ ،‬تطبيقا لنص المادة ‪ 103‬مف مدونة األسرة‪ ،‬ويقصد‬
‫ّ‬ ‫مف غيبتو‪،‬‬
‫المشرع المغربي مف وراء ذلؾ الحفاظ عمى حقوؽ األطراؼ مف خبلؿ التوصؿ بالتبميغ‬

‫محمد نعناني‪ ،‬تدخؿ النيابة العامة في قضايا األسرة‪ :‬بيف التدخؿ األصمي والتدخؿ االنضمامي‪ .‬مسطرة الشقاؽ‬ ‫‪1‬‬

‫نموذجا‪ ،‬مقاؿ منشور بموقع العموـ القانونية‪.Maroc Droit ،‬‬


‫الفصؿ ‪ 361‬مف القانوف الجنائي المغربي ينص عمى أف‪ " :‬مف توصؿ بغير حؽ‪ ،‬إلى تسمـ إحدى الوثائؽ المشار‬ ‫‪2‬‬

‫إلييا في الفصؿ السابؽ‪ ،‬أو حاوؿ ذلؾ‪ ،‬إما عف طريؽ اإلدالء ببيانات غير صحيحة‪ ،‬واما عف طريؽ انتحاؿ اسـ‬
‫كاذب أو صفة كاذبة‪ ،‬واما بتقديـ معمومات أو شيادات أو إق اررات غير صحيحة‪ ،‬يعاقب بالحبس مف ثبلثة أشير إلى‬
‫ثبلث سنوات وغرامة مف مائة وعشريف إلى ثبلثمائة درىـ"‪.‬‬
‫‪129‬‬
‫والعمـ باإلجراءات المتخذة ضده‪ ،‬ضمانا لمبدأ الوجاىية‪ ،‬وىي إجراءات جديرة باإلتباع مف‬
‫قبؿ المشرع الجزائري‪ ،‬مف أجؿ حماية حقوؽ األطراؼ‪ ،‬وردع المتحايميف عمى القانوف‪.‬‬
‫يحؽ ليا المطالبة بإسقاط‬
‫كما تتدخؿ النيابة العامة في إجراءات الحضانة‪ ،‬حيث ّ‬
‫تعرض المحضوف ألضرار‪ ،‬طبقا‬
‫الحضانة مف أجؿ المحافظة عمى حقوؽ المحضوف‪ ،‬إذا ّ‬
‫لنص المادة ‪ 177‬مف مدونة األسرة‪ ،‬كما تقوـ النيابة العامة استنادا لنص المادة ‪ 179‬مف‬
‫المدونة بتبميغ الجيات المختصة مقرر المنع مف السفر بالمحضوف إلى الخارج‪ ،‬دوف‬
‫موافقة نائبو الشرعي‪ ،‬قصد اتخاذ اإلجراءات البلزمة لضماف تنفيذ ىذا المقرر‪ ،‬كما تتدخؿ‬
‫النيابة العامة في حالة عدـ قبوؿ الحضانة مف طرؼ مستحقييا‪ ،‬أو لـ تتوفر الشروط‬
‫فييـ‪ ،‬حيث ترفع األمر لممحكمة الختيار مف تراه صالحا مف أقارب المحضوف أو غيرىـ‪،‬‬
‫أو اختيار إحدى المؤسسات المؤىمة لذلؾ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 165‬مف المدونة‪.‬‬
‫تقدـ أنو يمكف لمنيابة العامة أف يكوف ليا دور‬
‫وبالتالي يظير مف خبلؿ ما ّ‬
‫خوليا المشرع مياـ كبيرة‬
‫ايجابي في شؤوف األسرة سيما في قضايا الزواج والطبلؽ‪ ،‬حيث ّ‬
‫ومسؤوليات جسيمة حينما اعتبرىا طرفا أصميا في دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ‬
‫حماية األسرة مف أي خطر قد يحدؽ بيا‪ ،‬أو ييدد تماسكيا واستقرارىا‪ ،‬باعتبارىا النواة‬
‫األولى لممجتمع‪ ،‬والتي في حمايتيا حماية المجتمع‪ ،‬ومف أجؿ أيضا حماية أحكاـ الشرع‬
‫عزز المشرع دور النيابة العامة في قضايا شؤوف األسرة‬
‫المتعمقة بالنظاـ العاـ‪ ،‬لذلؾ ّ‬
‫لتحقيؽ ىذا المقصد الكبير‪.‬‬
‫أف النيابة العامة قد تخمّت عف الكثير مف أدوارىا المتعمقة‬
‫إف المشاىد في الواقع ّ‬
‫ّ‬
‫بقضايا شؤوف األسرة‪ ،‬بسب سوء فيـ المركز الجديد الذي أواله ليا المشرع‪ ،‬ولعدـ تحديده‬
‫مفصمة‪ ،‬عمى خبلؼ ما فعؿ المشرع المغربي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المياـ الواجب القياـ بيا مف طرفيا بصفة‬
‫واّنما اكتفى المشرع ببعض النصوص المجممة فقط‪ ،‬خاصة ما تعمّؽ منيا بقضايا الزواج‬
‫والطبلؽ وآثارىما‪ ،‬والتي أعتقد ّأنيا تحتاج إلى مزيد بياف وتفصيؿ مف قبؿ المشرع‪ ،‬حتى‬
‫يظير بوضوح الدور الذي يجب أف تقوـ بو النيابة العامة كطرؼ أصمي في قضايا شؤوف‬
‫األسرة‪.‬‬
‫فعاؿ لمنيابة العامة في قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬وتبؤىا‬
‫لذا فمف أجؿ تحقيؽ دور ّ‬
‫فإف ذلؾ يستدعي التنبيو عمى ضرورة تدخؿ النيابة‬
‫مركز الطرؼ األصمي في الدعوى‪ّ ،‬‬
‫‪130‬‬
‫العامة خاصة في دعاوى الطبلؽ‪ ،‬سواء مف ناحية إجراءات الدعوى‪ ،‬أو مف ناحية‬
‫موضوعيا‪ ،1‬ونسوؽ عمى ذلؾ أمثمة لممسائؿ التي يجب أف يبرز فييا الدور اإليجابي‬
‫لمنيابة العامة‪ ،‬والتي يغفؿ عف أدائِيا ممثمُوا النيابة العامة‪:‬‬
‫‪ -1‬ضرورة عدـ اكتفاء ممثؿ النيابة العامة بطمب تطبيؽ القانوف في دعاوى‬
‫حد ذاتو‪ ،‬واخبلؿ بالدور الذي أنيط بيا‪،‬‬
‫ألف ذلؾ مخالؼ لمقانوف في ّ‬
‫شؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫وسبب ذلؾ ىو الخمط بيف مفيوـ الطرؼ األصمي والطرؼ المنضـ‪ ،‬فالطرؼ األصمي في‬
‫أف لو‬
‫الدعوى لو حؽ اال ّدعاء‪ ،‬ويجب عميو حضور الجمسات وتقديـ طمبات كتابية‪ ،‬كما ّ‬
‫ح ؽ االعتراض كما يعترض األطراؼ‪ ،‬وأف يظير لو دور إيجابي في سير الدعوى‪،‬‬
‫والطرؼ المنضـ انضماما إجباريا ىو الذي يبدي رأيو كتابيا حوؿ تطبيؽ القانوف فقط‪،‬‬
‫وبالتالي ما يقوـ بو ممثؿ النيابة العامة حاليا في محاكمنا عند طمب رئيس الجمسة منو‬
‫تقديـ طمباتو‪ ،‬والتماسو تطبيؽ القانوف‪ ،‬أعتقد ّأنو مخالؼ لمقانوف‪ ،‬وتنص ٌؿ منو عف الدور‬
‫الذي أناطو المشرع لمنيابة العامة كطرؼ أصمي في الدعوى‪ ،‬فيو ليس طرفا منضما‪.‬‬
‫خاصة‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬ضرورة تنبيو النيابة العامة لمدور الميـ الذي يجب أف تقوـ بو بصفة‬
‫ظؿ‬
‫العدة‪ ،‬في ّ‬‫خاصة فيما يتعمؽ بأحكاـ ّ‬
‫ّ‬ ‫في دعاوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪،‬‬
‫الخمط المبلحظ بيف الطبلؽ الرجعي والطبلؽ البائف‪ ،‬حيث يجب عمى النيابة العامة أف‬
‫المرات التي طمّؽ فييا الزوج زوجتو مف‬
‫تتدخؿ في أوؿ جمسة‪ ،‬وذلؾ باالستفسار عف عدد ّ‬
‫مرتيف مف قبؿ‪ ،‬وثبت ذلؾ بموجب أحكاـ‬ ‫أف الزوج طمّؽ زوجتو ّ‬
‫تبيف ليا ّ‬
‫فإف ّ‬‫قبؿ‪ْ ،‬‬
‫فإف عمى‬
‫أف الدعوى المرفوعة أماـ القضاء تعتبر الطبلؽ المكمؿ لمثبلث‪ّ ،‬‬
‫قضائية‪ ،‬و ّ‬
‫ينبو قاضي الحكـ إلى عدـ جواز إجراء الصمح لمخالفتو النظاـ‬
‫ممثؿ النيابة العامة أف ّ‬
‫العاـ‪ ،‬باعتبار ّأنو ال يجوز لممطمؽ مراجعة مطمقتو ولو بعقد جديد‪ ،‬فيي ال تحؿ لو إالّ‬
‫بعد أف ت تزوج زوجا غيره ويطمقيا‪ ،‬وأف يعترض كتابيا عمى إجراء محاوالت لمصمح بينيما‪،‬‬
‫تقدـ بيا المطمؽ أو المطمقة‪.2‬‬
‫أو عمى طمبات الرجوع إف ّ‬
‫‪ -3‬عمى ممثؿ النيابة العامة أف يحرص عمى ضرورة تثبيت الطبلؽ وتسجيمو‪،‬‬
‫حتى ُيحتسب مف عدد الطمقات التي يممكيا الزوج‪ ،‬متى ثبت ذلؾ بتأكيد الزوج عميو في‬

‫نور الديف لمطاعي‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.287‬‬ ‫‪1‬‬

‫نور الديف لمطاعي‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.295‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪131‬‬
‫خاصة في الحاالت التي يعتزـ فييا‬
‫ّ‬ ‫عريضتو االفتتاحية‪ ،‬أو بتأكيد الزوجة مع الشيود‪،‬‬
‫المدعي ألوؿ‬
‫قاضي شؤوف األسرة إصدار حكـ بشطب دعوى الطبلؽ لعدـ حضور ّ‬
‫جمسة‪ ،‬أو الحكـ بالتنازؿ عف الخصومة بناء عمى طمب الزوج‪ ،‬أو الحكـ بعدـ‬
‫االختصاص اإلقميمي‪ ،‬أو الحكـ بانقضاء الدعوى لوفاة الزوج بعد تصريحو بالطبلؽ‪ ،‬دوف‬
‫يتـ اإلشياد بإثبات الطبلؽ الذي أوقعو الزوج‪ ،‬وىو المشاىد في الواقع‪ ،‬حيث عمى‬
‫أف ّ‬
‫النيابة العامة التدخؿ واالعتراض عمى ذلؾ‪ ،‬وتقديـ طمبات كتابية مف أجؿ إثبات الطبلؽ‬
‫ثبت تصريح الزوج بو‪ ،‬والعمؿ عمى تسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬حتى‬ ‫إذا َ‬
‫لو تقاعس المطمؽ أو المطمقة عف مباشرة إجراءات الدعوى لتثبيت الطبلؽ‪ ،‬بؿ أكثر مف‬
‫حؽ االدعاء باعتبارىا طرفا أصميا في الدعوى‪ ،‬فميا حؽ‬
‫ذلؾ‪ ،‬حيث ماداـ لمنيابة العامة ّ‬
‫رفع دعوى تثبيت الطبلؽ الذي أوقعو الزوج تمقائيا‪ ،‬متى وصؿ إلى عمميا تصريح الزوج‬
‫ثـ السعي لتسجيمو بسجبلت‬
‫بالطبلؽ‪ ،‬سواء بإق ارره‪ ،‬أو عف طريؽ إجراء تحقيؽ في ذلؾ‪ّ ،‬‬
‫عد مف النظاـ العاـ‪ ،‬وذلؾ حتى ُيحتسب الطبلؽ الذي‬
‫أف الطبلؽ ُي ّ‬
‫الحالة المدنية‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫أوقعو الزوج مف عدد الطمقات التي يممكيا تّجاه زوجتو‪.‬‬
‫وبالتالي يجب عدـ إعماؿ القواعد العامة المتعمقة بإجراءات الشطب‪ ،‬أو التنازؿ‬
‫عف الخصومة‪ ،‬أو عدـ االختصاص اإلقميمي‪ ،‬أو انقضاء الدعوى بسبب وفاة الزوج‪،‬‬
‫عمى إطبلقيا‪ ،‬حيف يتعمؽ األمر بدعاوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬وذلؾ حتى ال‬
‫يترتب عمى ىذه األحكاـ القضائية نتائج مخالفة لمشرع والقانوف والنظاـ العاـ‪ ،‬حيث يجب‬
‫عمى القاضي إصدار حكما باإلشياد عمى الطبلؽ الذي أوقعو الزوج‪ ،‬مف ذلؾ يبرز الدور‬
‫عدى عمى‬
‫الياـ الذي يجب أف تقوـ بو النيابة العامة في ىذه المسائؿ اإلجرائية‪ ،‬حتى ال ُيتَ ّ‬
‫حدود اهلل المعمومة مف الديف بالضرورة‪.‬‬
‫ص صراحة عمى استثناء دعاوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة‬
‫لذا يجدر بالمشرع الن ّ‬
‫لمزوج مف تطبيؽ األحكاـ المتعمقة بشطب الدعاوى أو التنازؿ عف الخصومة أو عدـ‬
‫االختصاص اإلقميمي أو انقضاء الدعوى‪ ،‬والنص عمى عدـ جواز شطب دعاوى الطبلؽ‬
‫ألوؿ جمسة‪ ،‬وضرورة تأجيميا مف أجؿ حضوره‪ ،‬مثمما‬
‫المدعي عف الحضور ّ‬
‫إذا تخمّؼ ّ‬
‫ىو معموؿ بو عند عدـ حضور المدعي عميو‪ ،‬باإلضافة إلى النص عمى وجوب اإلشياد‬

‫‪132‬‬
‫المدعي طمبا بترؾ الخصومة‪ ،‬وكذا النص عمى عدـ‬
‫قدـ ّ‬‫تـ بإرادة الزوج إذا ّ‬
‫بالطبلؽ الذي ّ‬
‫جواز الحكـ بعدـ االختصاص اإلقميمي أو انقضاء الدعوى في دعاوى إثبات الطبلؽ‪.1‬‬
‫‪ -4‬ضرورة تحسيس ممثؿ النيابة العامة بدوره في عممية تنفيذ أحكاـ الطبلؽ‬
‫يتـ تسجيميا في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬بسبب االعتقاد‬
‫تكدست بيا محاكمنا دوف أف ّ‬
‫التي ّ‬
‫بأف طرفي الدعوى ىما المطالبيف بالسعي في تسجيميا‪ ،‬في حيف أف المادة ‪49‬‬‫الخاطئ ّ‬
‫ونصت عمى وجوب سعي النيابة العامة في تسجيؿ أحكاـ‬ ‫ّ‬ ‫مف ؽ‪.‬أ فصمت في ذلؾ‪،‬‬
‫الطبلؽ في الحالة المدنية بمجرد صدورىا‪ ،‬باعتبارىا أحكاـ تصدر في أوؿ وآخر درجة‪،‬‬
‫وىي غير قابمة لمطعف فييا بالمعارضة أو االستئناؼ‪.‬‬
‫تدخؿ ممثؿ النيابة العامة في قضايا الطبلؽ في الحاالت التي ُيطمب‬
‫‪ -5‬ضرورة ّ‬
‫فييا الحكـ بالرجوع دوف عقد جديد‪ ،‬والزاـ المطمقة بالرجوع إلى مسكف الزوجية‪ ،‬حيث‬
‫تبيف لممثؿ النيابة العامة انقضاء أجؿ‬
‫فإف ّ‬
‫مدة العدة مف عدميا‪ْ ،‬‬
‫يجب التأكد مف انقضاء ّ‬
‫العدة فبلبد مف اعتراضو عف طمب الرجوع دوف عقد جديد‪ ،‬واّنما يجب التأكيد في الحكـ‬
‫ّ‬
‫عمى طمب اإلشياد بتثبيت الطبلؽ الذي أوقعو الزوج وتسجيمو بسجبلت الحالة المدنية‪،‬‬
‫تبيف لمنيابة العامة أف الزوج استنفذ الطمقات الثبلث التي يممكيا عمى زوجتو‪،‬‬
‫أما إف ّ‬
‫فيجب عمييا االعتراض عمى طمب الرجعة المقدـ مف الزوج أو مف الزوجة مطمقا‪ ،‬ألف‬
‫أحكاـ العدة والرجعة تتعمؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬كما سبؽ ذكره‪.2‬‬
‫‪ -06‬كما يجب عمى ممثؿ النيابة العامة التدخؿ في الدعاوى التي تتعمؽ‬
‫عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬استحؽ‬
‫طمؽ الزوج زوجتو‪ ،‬وتوفي أحدىما في ّ‬
‫بالميراث‪ ،‬حيث إذا ّ‬
‫أف الوفاة حدثت بعد‬
‫تبيف ّ‬
‫الحي منيما اإلرث‪ ،‬لذا ال بد عمى ممثؿ النيابة العامة إذا ّ‬
‫ّ‬
‫لمحي منيما‪ ،‬وذلؾ النعداـ الصفة في‬
‫ّ‬ ‫العدة‪ ،‬أف يعترض عمى الحكـ باإلرث‬
‫مدة ّ‬
‫انقضاء ّ‬
‫المدعي تطبيقا لنص المادة ‪ 13‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.3‬‬
‫التقاضي في ّ‬
‫إف قياـ النيابة العامة بيذه المياـ المسندة إلييا يتطمب تغيير النظرة لمدور الذي‬
‫ّ‬
‫يجب أف تقوـ بو‪ ،‬تبعا لممركز الجديد الذي منحيا إياه المشرع بموجب المادة ‪ 03‬مكرر‬

‫عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ 163‬وما يمييا‪.‬‬


‫نور الديف لمطاعي‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬

‫عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.316-315‬‬‫نور الديف لمطاعي‪ّ ،‬‬
‫‪2‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.295‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪133‬‬
‫بسنو نصوص قانونية توضح بالتفصيؿ‬ ‫تدخؿ المشرع ّ‬ ‫مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬لذا بات مف الضروري ّ‬
‫األدوار التي يجب أف تقوـ بيا النيابة العامة‪ ،‬انطبلقا مف المركز الجديد الذي أسنده إلييا‪،‬‬
‫باإلضافة إلى ضرورة تكويف قضاة النيابة العامة المكمفيف بأقساـ شؤوف األسرة تكوينا‬
‫خاصا‪ ،‬وتعزيز قدرات جياز النيابة العامة بالموارد البشرية والمادية البلزمة ألداء األدوار‬
‫الخاصة بيذه القضايا‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ‪ ،‬دعميا بمساعديف اجتماعييف متخصصيف‪ ،‬وضبطية‬
‫قضائية متخصصة‪ ،‬تساعد قضاة النيابة العامة في المياـ المنوطة بيا‪ ،‬وتخصيص‬
‫ومقار مستقمة عف بقية أقساـ محاكـ القضاء العادي‪،‬‬‫ّ‬ ‫قضاء شؤوف األسرة بمحاكـ خاصة‪،‬‬
‫ومدىا بكؿ ما تتطمبو مف تجييزات ووسائؿ مادية حديثة‪ ،‬مف أجؿ تسيير حديث وفعاؿ‬ ‫ّ‬
‫لممفات شؤوف األسرة‪ ،‬مع تطوير وسائؿ التبميغ والتنفيذ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصوصية اإلجراءات‬

‫تخضع الدعاوى المرفوعة أماـ قسـ شؤوف األسرة ابتداء إلى نفس اإلجراءات‬
‫والشروط الواردة في القواعد العامة‪ ،‬والمتعمقة برفع الدعاوى مف حيث اشتراط الصفة‬
‫أف بعض الدعاوى المتعمقة بشؤوف األسرة تخضع لشروط‬
‫والمصمحة وأىمية التقاضي‪ ،‬إالّ ّ‬
‫المدعى بو‪،‬‬
‫خاصة مف أجؿ قبوليا‪ ،‬وتتعمؽ ىذه الشروط بأطراؼ الدعوى‪ ،‬وبالحؽ ّ‬
‫‪1‬‬
‫ؾ الرابطة‬
‫وخاصة الدعاوى الناشئة عف عقد الزواج ‪ ،‬كدعوى إثبات الزوجية‪ ،‬دعوى ف ّ‬
‫الزوجية‪ ،‬دعوى النفقة‪ ،‬دعوى الحضانة‪ ،‬دعوى إثبات النسب وغيرىا‪ ،‬ومف بيف الشروط‬
‫الخاصة في مثؿ ىذه الدعاوى ضرورة تقديـ وثيقة عقد الزواج‪.‬‬
‫فإف األصؿ العاـ في رفع دعاوى شؤوف األسرة أف تُتّبع اإلجراءات المحددة‬
‫وعميو ّ‬
‫في القواعد العامة‪ ،‬ومنيا المادة ‪ 13‬فقرة ‪ 01‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي تشترط توافر الصفة‬
‫والمصمحة في رافع الدعوى‪ ،2‬وال تتميز دعاوى شؤوف األسرة بخصوصية ممموسة في‬
‫القوي الذي يقتضي تمييزىا عف باقي أنواع الدعاوى‬
‫ّ‬ ‫إجراءات رفعيا‪ ،‬نظ ار لغياب المبرر‬
‫المدنية‪ ،‬فالخصوصية التي تتميز بو قضايا شؤوف األسرة تظير أكثر عند النظر في‬

‫بف حميمة يمينة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.93‬‬ ‫‪1‬‬

‫تنص المادة ‪ 13‬الفقرة األولى مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى أنو‪" :‬ال يجوز ألي شخص التقاضي ما لـ‬ ‫‪2‬‬

‫تكف لو صفة‪ ،‬ولو مصمحة قائمة أو محتممة يقرىا القانوف"‪.‬‬


‫‪134‬‬
‫أقرىا‬
‫أما رفع الدعوى فيخضع لئلجراءات العادية التي ّ‬‫موضوع الدعاوى والفصؿ فييا‪ّ ،‬‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬وتوحيد تمؾ اإلجراءات مف شأنو التسييؿ عمى المتقاضيف‪ ،‬وعمى أمناء الضبط‪،‬‬
‫والقضاة‪ ،‬والمحاميف‪ ،‬وكؿ مف يتدخؿ في النزاع‪.1‬‬
‫يتـ تناوؿ فيما يمي القواعد الخاصة بشكميات الدعوى‪ ،‬والتي يشترط احتراميا‬
‫و ّ‬
‫ثـ تبياف الشروط الخاصة التي تتميز‬
‫عند رفع دعاوى شؤوف األسرة وغيرىا مف الدعاوى‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‬
‫ميز المشرع بيف دعاوى ف ّ‬
‫يتـ تبياف كيؼ ّ‬
‫ثـ ّ‬‫بيا دعاوى شؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫مف حيث إجراءاتيا حسب نوع الطبلؽ‪.‬‬
‫أوال‪ -‬القواعد المتعمقة بشروط قبول الدعوى‬
‫يتـ فيما يمي تبياف شروط قبوؿ الدعاوى في القواعد العامة‪ ،‬طبقا لما جاء في‬‫ّ‬
‫ثـ الشروط الواجب توافرىا في عريضة افتتاح الدعوى‪ ،‬واجراءات قيدىا وتبميغيا‪.‬‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫‪ -1‬شروط قبول الدعوى في القواعد العامة‬
‫حددىا المشرع‪ ،‬ويمكف‬
‫عدة شروط ّ‬‫يشترط لقبوؿ الدعوى المعروضة عمى القضاء ّ‬
‫عدة حاالت يمكف‬
‫عدة مواد‪ ،‬منيا المادة ‪ 67‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬التي اشتممت ّ‬
‫أف نستشفيا مف ّ‬
‫الدفع فييا بعدـ قبوؿ الدعوى دوف النظر في الموضوع النعداـ الحؽ في التقاضي‪،‬‬
‫كانعداـ الصفة‪ ،‬انعداـ المصمحة‪ ،‬التقادـ‪ ،‬وانقضاء األجؿ المسقط‪ ،‬حجية الشيء المقضي‬
‫فيو‪ ،‬حيث يمكف تقديـ ىذا الدفع في أي مرحمة مف مراحؿ الدعوى‪ ،‬ولو بعد تقديـ دفوع‬
‫ويثار الدفع بعدـ القبوؿ تمقائيا مف طرؼ‬
‫في الموضوع‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 68‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ُ ،‬‬
‫القاضي إذا تعمّؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬ال سيما عند عدـ احتراـ آجاؿ الطعف‪ ،‬أو عند غياب‬
‫طرؽ الطعف‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 69‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ويمكف تقسيـ شروط قبوؿ الدعوى إلى شروط متعمقة بشخص المدعي والمدعى‬
‫عميو‪ ،‬وتتمثؿ في الصفة والمصمحة واألىمية‪ ،‬وشروط تتعمؽ بالحؽ المدعى بو‪ ،‬وىي أف‬
‫يكوف الحؽ ثابتا ومستحؽ األداء‪ ،‬مشروعا‪ ،‬وأال يكوف قد سبؽ التصالح بشأنو أو سبؽ‬

‫أحمد خميؿ‪ ،‬خصوصيات التقاضي في مسائؿ األحواؿ الشخصية المتعمقة بالوالية عمى النفس وفقا لمقانوف المصري‬ ‫‪1‬‬

‫رقـ ‪ 01‬لسنة ‪ ،2000‬مجمة الدراسات القانونية‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة بيروت العربية‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬يوليو ‪ ،2000‬ص‬
‫‪.104-103‬‬
‫‪135‬‬
‫الحكـ فيو‪ ،‬وشروط تتعمؽ بالحؽ في إقامة الدعوى‪ ،‬وتتمثؿ في عدـ تقادـ الدعوى‪ ،‬احتراـ‬
‫أجؿ رفع الدعوى‪ ،‬وعدـ سبؽ الفصؿ فييا‪.‬‬
‫أ‪ -‬شروط أطراف الدعوى‬
‫المدعي‬
‫ّ‬ ‫اشترط المشرع لقبوؿ الدعوى توافر شرطي الصفة والمصمحة في‬
‫والمدعى عميو‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 13‬الفقرة األولى والثانية مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى ما يمي‪:‬‬
‫قرىا‬
‫"ال يجوز ألي شخص التقاضي ما لـ تكف لو صفة‪ ،‬ولو مصمحة قائمة أو محتممة ُي ّ‬
‫المدعى عميو"‪ ،‬ونتناوؿ ىذيف‬
‫المدعي أو ّ‬
‫القانوف‪ .‬يثير القاضي تمقائيا انعداـ الصفة في ّ‬
‫الشرطيف فيما يمي‪:‬‬
‫أ‪ 1-‬شرط الصفة‬
‫يترتب عمى عقد الزواج حقوؽ والتزامات لطرفي العبلقة الزوجية‪ ،‬ومتى أخ ّؿ أحد‬
‫أف‬
‫ؽ لمطرؼ اآلخر المجوء إلى القضاء مف أجؿ استيفاء حقو‪ ،‬غير ّ‬
‫الطرفيف بالتزاماتو ُح ّ‬
‫المشرع اشترط مف أجؿ أف يكوف لمشخص حؽ التقاضي توفر الصفة‪ ،‬نص عمى ذلؾ‬
‫بموجب المادة ‪ 13‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وعقد الزواج باعتباره عبلقة قانونية ينشئ مرك از قانونيا‬
‫ت بو شرط الصفة إذا قامت دعوى بينيما‪ ،‬بحيث ترفع الدعوى‬
‫لكؿ مف الزوج والزوجة‪َ ،‬يثُْب ُ‬
‫ضد اآلخر‪.‬‬
‫مف أحدىما ّ‬
‫بأنيا تمؾ العبلقة المباشرة التي تربط أطراؼ الدعوى بموضوع‬
‫وتعرؼ الصفة ّ‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫بأنيا صبلحية الشخص لبل ّدعاء بالحؽ المعتدى عميو‪ ،‬سواء‬ ‫تعرؼ ّ‬
‫النزاع ‪ ،‬كما ّ‬
‫لمصمحتو الشخصية المباشرة‪ ،‬أو لمصمحة مف يقوـ بمقتضى تمثيؿ قانوني‪.2‬‬
‫لممدعي فقد يرفع الدعوى أصالة عف نفسو أو ممثبل لغيره‪ ،‬فإذا كاف‬
‫وبالنسبة ّ‬
‫المدعى بو‪،‬‬
‫المدعي ىو صاحب الحؽ محؿ المطالبة القضائية‪ ،‬ومرتبط مباشرة بالحؽ ّ‬
‫ّ‬
‫فتجتمع فيو الصفة والمصمحة‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ اشتراط مباشرة دعوى الطبلؽ أو التطميؽ قبؿ‬
‫البناء مف قبؿ الزوجة نفسيا‪ ،‬حيث ال يجوز لولّييا رفعيا أو مباشرة إجراءاتيا بنفسو‪،‬‬

‫سائح سنقوقة‪ ،‬شرح قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬ج ‪ ،1‬دار اليدى‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.45‬‬ ‫‪1‬‬

‫سميماف بارش‪ ،‬شرح قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬ج ‪ ،1‬دار اليدى‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.10‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪136‬‬
‫‪1‬‬
‫المدعي ممثبل لصاحب الحؽ بموجب تمثيؿ‬
‫النعداـ صفة التقاضي فيو ‪ ،‬وقد يكوف ّ‬
‫قانون ي يخولو مباشرة إجراءات الدعوى الستحالة مباشرة صاحب الحؽ ليا بسبب عذر‬
‫مشروع‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ قياـ الولي أو المقدـ برفع دعوى فؾ الرابطة الزوجية باسـ الزوج‬
‫ناقص األىمية‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وتثبت الصفة لصاحب الحؽ نفسو‪ ،‬أو مف يقوـ مقامو بوكالة أو والية أو نيابة‪،‬‬
‫المدعى بو مف حقوؽ اهلل‪،‬‬ ‫المدعى بو مف حقوؽ العباد‪ ،‬أما إذا كاف الحؽ ّ‬
‫إذا كاف الحؽ ّ‬
‫ومرتبطا بالنظاـ العاـ‪ ،‬فيحؽ لكؿ ذي مصمحة اال ّدعاء بو‪ ،‬وكذلؾ النيابة العامة باعتبارىا‬
‫ممثمة لممجتمع‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ رفع دعوى بطبلف عقد الزواج أو فسخو‪.2‬‬
‫ويشترط أيضا الصفة في المدعى عميو‪ ،‬فالدعوى ال ترفع إال مف ذي صفة عمى‬
‫ذي صفة‪ ،‬وانعداميا يؤدي إلى الحكـ بعدـ قبوؿ الدعوى ال رفض الدعوى أو شطبيا‪،‬‬
‫فالدعوى تُرفع مف المتضرر ضد المعتدي عمى الحؽ‪ ،‬وىي تثار تمقائيا مف القاضي‬
‫أو مف كؿ طرؼ في الدعوى‪ ،3‬في أي مرحمة مف مراحؿ التقاضي‪ ،‬واذا غفؿ القاضي‬
‫فإنو يجوز الطعف باالستئناؼ واثارتيا أماـ المجمس‪.4‬‬
‫عف إثارتيا وفصؿ في الدعوى‪ّ ،‬‬
‫وقد أ ّكدت المحكمة العميا في غير ما قرار صدر عنيا عمى شرط الصفة‪ ،‬ومف‬
‫بينيا القرار الصادر بتاريخ ‪ 2006/10/11‬الذي جاء في المبدأ المقدـ لمقرار‪ " :‬ترفع‬
‫دعوى الطبلؽ أو التطميؽ قبؿ البناء مف طرؼ الزوجة‪ ،‬وليس مف طرؼ الولي"‪ ،5‬حيث‬
‫وبينت أف لمزوجة الصفة في رفع دعوى الطبلؽ‬
‫ردت المحكمة العميا عمى مزاعـ الطاعف ّ‬ ‫ّ‬
‫لولييا في رفعيا‪.‬‬
‫قبؿ البناء‪ ،‬و ّأنو ال صفة ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،369494‬مؤرخ في ‪ ،2006/10/11‬مجمة المحكمة العميا‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2007‬عدد ‪ ،02‬ص ‪.449‬‬


‫محمد إبراىيـ البداريف‪ ،‬الدعوى بيف الفقو والقانوف‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار الثقافة‪ ،‬عماف األردف‪ ،2010 ،‬ص ‪.113‬‬ ‫‪2‬‬

‫تنص الفقرة الثانية مف المادة ‪13‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى أنو‪ " :‬يثير القاضي تمقائيا انعداـ الصفة‬ ‫‪3‬‬

‫في المدعي أو في المدعى عميو"‪.‬‬


‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.53-52‬‬ ‫‪4‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،369494‬مؤرخ في ‪ ،2006/10/11‬مجمة المحكمة العميا‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ،2007‬عدد ‪ ،02‬ص ‪.449‬‬


‫‪137‬‬
‫كما أ ّكدت المحكمة العميا في قرار آخر ليا بأف لمحاضنة صفة التقاضي لممطالبة‬
‫بالحق وؽ المقررة لممحضوف ما لـ تسقط الحضانة بموجب حكـ قضائي‪ ،‬ومما جاء في ىذا‬
‫أف الصفة تبقى قائمة لمحاضنة في إقامة الدعاوى الخاصة بشؤوف‬
‫القرار‪ ..." :‬لكف حيث ّ‬
‫المحضوف ما دامت الحضانة سارية لـ يوضع ليا حد بحكـ قضائي‪.1"...‬‬
‫أ‪ 2-‬شرط المصمحة‬
‫تعتبر المصمحة مناط الدعوى‪ ،2‬حيث ال يحؽ ألحد رفع دعوى أماـ القضاء‬
‫ما لـ تكف لو مصمحة في ذلؾ‪ ،‬إذ ال دعوى بغير مصمحة‪ ،‬ويقصد بالمصمحة المنفعة‬
‫التي يحققيا صاحب المطالبة القضائية وقت المجوء إلى القضاء‪ ،3‬كما ُيقصد بيا الفائدة‬
‫‪4‬‬
‫تعرؼ‬
‫العممية التي تعود عمى رافع الدعوى مف رفعيا‪ ،‬سواء كانت مادية أو معنوية ‪ ،‬كما ّ‬
‫فإف‬
‫بأنيا الفائدة العممية التي تعود عمى رافع الدعوى مف الحكـ لو‪ ،‬ومتى ال تعود بفائدة ّ‬
‫الدعوى ال تقبؿ‪.5‬‬
‫فبلبد لممدعي مف مصمحة قانونية‪ ،‬شخصية ومباشرة‪ ،‬قائمة وحالة وقت مباشرة‬
‫الدعوى‪ ،‬حتى تُقبؿ دعواه‪.6‬‬
‫ويقصد بالمصمحة القانونية‪ ،‬أف تستند إلى حؽ أو مركز قانوني يعترؼ بو‬
‫القانوف ويحميو‪ ،‬غير مخالفة لمنظاـ العاـ واآلداب العامة‪ ،‬كرفع الزوجة دعوى لممطالبة‬
‫أف حقيا في النفقة يعترؼ بو القانوف ويحميو‪ ،‬بموجب المادة ‪ 74‬و‪79‬‬
‫بالنفقة‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫و‪ 80‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫ويقصد بالمصمحة القائمة والحالة‪ ،‬أف يكوف قد وقع اعتداء عمى الحؽ أو المركز‬
‫وسبب لو ضر ار حاال‪ ،‬فمو مصمحة في رفع ىذا‬
‫القانوني الذي يسعى المدعي لحمايتو‪ّ ،‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار رقـ ‪ 599850‬مؤرخ في ‪ ،2011/02/10‬مجمة المحكمة‬ ‫‪1‬‬

‫العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬العدد األوؿ‪ ،‬ص ‪.281‬‬


‫محمد ابراىيمي‪ ،‬الوجيز في اإلجراءات المدنية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪2‬‬

‫بربارة عبد الرحماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.38‬‬ ‫‪3‬‬

‫الطيب زروتي‪ ،‬الكامؿ في العرائض القضائية‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط ‪ ،1‬مطبعة الفسيمة‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.06‬‬ ‫‪4‬‬

‫عبد الحكيـ فودة‪ ،‬الدفع بانتفاء الصفة والمصمحة في المنازعات المدنية‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1997 ،‬ص‬ ‫‪5‬‬

‫‪ 48‬و‪.49‬‬
‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.54‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪138‬‬
‫الضرر‪ ،‬أو ال يقع االعتداء عمى الحؽ‪ ،‬بؿ ىناؾ خطر محدؽ ُيتوقع حدوثو‪ ،‬وضرر‬
‫محتمؿ ييدد المدعي‪ ،‬فيحؽ لو رفع دعوى مف أجؿ طمب الحماية مف الضرر المحتمؿ‬
‫المشرع المصمحة‬
‫ّ‬ ‫أقر‬
‫الوقوع‪ ،‬باعتبار أف لو مصمحة قائمة وحالة في الوقاية منو‪ ،‬وقد ّ‬
‫المحتممة في نص المادة ‪ 13‬الفقرة األولى مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ أف يرفع شخص غير‬
‫أف‬
‫وارث دعوى مف أجؿ إبطاؿ عقد زواج عرفي بيف قريبو المتوفى وزوجتو‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫المدعي ليس لو أي مصمحة في رفع الدعوى‪ ،‬لذا فالمصمحة المحتممة تكفي لتأسيس‬
‫ّ‬
‫الدعوى‪ ،‬عمى أف يحدد االجتياد ىذا المفيوـ‪.1‬‬
‫كما يشترط توفر المصمحة كذلؾ في شخص المدخؿ أو المتدخؿ في الخصاـ‪،‬‬
‫وفقا لنص المادة ‪ 194‬الفقرة ‪ 02‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ونصيا‪" :‬ال ُيقبؿ التدخؿ إال ممف توفرت‬
‫فيو الصفة والمصمحة"‪.‬‬
‫إف توف ر شرط المصمحة في الدعوى ليس مف النظاـ العاـ‪ ،‬وليس لمقاضي إثارتو‬
‫ّ‬
‫مف تمقاء نفسو‪ ،‬ما لـ يتمسؾ بو الطرؼ الذي قُّرر لمصمحتو‪ ،‬ويستشؼ ذلؾ بمفيوـ‬
‫أف القاضي يثير مف‬
‫نصت عميو المادة ‪ 13‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬والتي أشارت إلى ّ‬
‫المخالفة لما ّ‬
‫تمقاء نفسو انعداـ الصفة أو اإلذف فقط‪ ،‬ولـ ينص عمى ذلؾ بالنسبة النعداـ شرط‬
‫المصمحة‪ ،‬كأف يرفع والد الزوجة دعوى مف أجؿ تطميؽ ابنتو مف زوجيا‪ ،‬فممزوج إثارة‬
‫انعداـ الصفة والمصمحة في والد زوجتو‪.‬‬
‫أ‪ 3-‬شرط األىمية‬
‫المدعى عميو أىمية التقاضي‪ ،‬وىي بمثابة أىمية األداء‬
‫المدعي أو ّ‬
‫يشترط في ّ‬
‫في المجاؿ اإلجرائي‪ ،‬أي صبلحية الشخص لمباشرة اإلجراءات القضائية بنفسو‪ ،2‬وقد‬
‫حددىا المشرع بموجب المادة ‪ 40‬مف القانوف المدني‪ ،‬حيث يعتبر الشخص أىبل لمباشرة‬
‫ّ‬
‫حقوقو المدنية إذا بمغ سف الرشد تسعة عشر سنة كاممة متمتعا بقواه العقمية‪ ،‬وبالتالي‬
‫يكوف أىبل لمتقاضي‪ ،‬أما األجنبي فيرجع إلى قانوف الدولة التي ينتمي إلييا لمعرفة متى‬
‫يكوف أىبل لمتقاضي‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص المادة ‪ 10‬مف القانوف المدني‪ ،‬ويثير القاضي‬

‫عبد السبلـ ذيب‪ ،‬قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪1‬‬

‫بوبشير محند أمقراف‪ ،‬قانوف اإلجراءات المدنية‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط ‪ ،2008 ،3‬ص ‪.76‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪139‬‬
‫انعداـ األىمية في المدعي أو المدعى عميو مف تمقاء نفسو‪ ،‬أو بناء عمى طمب أحد‬
‫الخصوـ أو محامييـ‪.‬‬
‫لصحة المطالبة القضائية‪ ،‬أي‬
‫ّ‬ ‫أف شرط األىمية شرطا‬ ‫ويعتبر بعض الفقياء ّ‬
‫‪1‬‬
‫ألف لفاقد األىمية وناقصيا الحؽ في‬
‫ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫النعقاد الخصومة‪ ،‬وليست شرطا لقبوؿ الدعوى‬
‫الدعوى لحماية حقو أو مركزه القانوني‪ ،‬فالحماية القضائية مرتبطة بصاحب الحؽ‬
‫أف الجزاء الذي رتّبو المشرع عف انعداـ األىمية ىو‬
‫الموضوعي دوف النظر ألىميتو‪ ،‬كما ّ‬
‫بطبلف اإلجراء‪ ،‬ولـ يرتّب عدـ القبوؿ‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص المادة ‪ 64‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬لذلؾ‬
‫ألغى المشرع المادة ‪ 459‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ ،‬التي كانت تشترط لرفع الدعوى توافر الصفة‬
‫والمصمحة واألىمية‪ ،‬واستبدليا بالمادة ‪ 13‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي اقتصرت عمى اشتراط الصفة‬
‫ألف ناقص األىمية أو فاقدىا ال يفقد حقّو في مباشرة اإلجراءات القضائية‬
‫والمصمحة فقط‪ّ ،‬‬
‫واّنما ينصرؼ ىذا الحؽ إلى نائبو‪.2‬‬
‫أف المشرع‬‫ومف الميزات التي تتميز بيا اإلجراءات في دعاوى شؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫بموجب المادة ‪ 07‬الفقرة األخيرة أقّر خصوصية لمزوج القاصر‪ ،‬حيث أكسب القاصر‬
‫الذي ت ّـ ترشيده لمزواج أىمية التقاضي فيما يتعمؽ بآثار عقد الزواج مف حقوؽ والتزامات‪،‬‬
‫سواء كاف القاصر زوجا أو زوجة‪ ،‬بحيث يحؽ لو مباشرة إجراءات التقاضي بنفسو ودوف‬
‫ألف عقد الزواج يرتّب حقوقا‬ ‫لوليو‪ ،‬وذلؾ في المسائؿ التي حددىا المشرع‪ّ ،‬‬ ‫حاجة ّ‬
‫ومسؤوليات عمى طرفي العبلقة الزوجية‪ ،‬منيا التزاـ الزوج بالنفقة عمى الزوجة واألوالد‪،‬‬
‫والتزاـ الزوجة اإلقامة مع زوجيا‪ ،‬حيث سمح المشرع لمزوج القاصر المجوء إلى القضاء‬
‫مف أجؿ المطالبة بحؽ مف الحقوؽ التي نشئت عف عقد الزواج وتُ َع ُّد مف آثاره‪.‬‬
‫المشرع قد اقتصر في قانوف األسرة عمى ذكر أمور معنوية وأخبلقية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وا ْف كاف‬
‫فيما يخص حقوؽ وواجبات الزوجيف‪ ،‬وذلؾ ضمف الفصؿ الرابع مف الباب األوؿ مف‬
‫الكتاب األوؿ مف قانوف األسرة والمعنوف بػ‪ " :‬حقوؽ وواجبات الزوجيف"‪ ،‬حيث مف بيف‬
‫ما تضمنتو المادة ‪ 36‬مف ؽ‪.‬أ المعاشرة بالمعروؼ والتعاوف عمى مصمحة األسرة‪ ،‬كما‬
‫تضمنت المادة ‪ 37‬منو مسألة النظاـ المالي بيف الزوجيف‪ ،‬وكيفية إدارة األمواؿ المشتركة‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.54-53‬‬ ‫‪1‬‬

‫فاسي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.124‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪140‬‬
‫والمكتسبة خبلؿ الحياة الزوجية‪ ،‬وبالتالي لـ يتطرؽ إلى كؿ الحقوؽ وااللتزامات التي‬
‫يرتّبيا عقد الزواج‪ ،‬وىو أمر وجب تداركو مف طرؼ المشرع‪ ،‬حتّى تتّضح الحقوؽ‬
‫محؽ بيا ما ليس منيا‪ ،‬وبذلؾ تتضح الدعاوى‬
‫والواجبات المترتبة عمى عقد الزواج‪ ،‬وال ُي ُ‬
‫يحؽ لمقاصر المر ّشد لمزواج التقاضي بشأنيا‪.‬‬
‫التي ّ‬
‫وبالنسبة لممشرع المصري فقد أثبت أىمية التقاضي في مسائؿ األحواؿ الشخصية‬
‫سف ‪ 15‬خمسة عشر سنة متمتعا بقواه العقمية‪ ،‬وذلؾ بموجب المادة الثانية‬
‫لكؿ مف بمغ ّ‬
‫المعدؿ‬
‫ّ‬ ‫مف قانوف تنظيـ بعض أوضاع واجراءات التقاضي في مسائؿ األحواؿ الشخصية‬
‫بالقانوف ‪ 91‬لسنة ‪ ،12000‬كما اعتبر المشرع السوري القاصر المأذوف لو بالزواج كامؿ‬
‫األىمية فيما أُذف لو بو وفي التقاضي فيو‪ ،2‬أما المشرع المغربي فقد أخذ بنفس موقؼ‬
‫المشرع الجزائري في المسألة‪.3‬‬
‫وبالرجوع إلى االستثناء الوارد في المادة ‪ 07‬الفقرة األخيرة مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬فقد قيده‬
‫أف‬
‫المشرع بأف يتعمؽ التقاضي مف القاصر بآثار عقد الزواج مف حقوؽ والتزامات‪ ،‬غير ّ‬
‫اعتقد البعض‬
‫َ‬ ‫البعض حمؿ النص عمى غير محممو‪ ،‬وصرفو إلى معنى ال يشممو‪ ،‬حيث‬
‫أف المشرع قد منحو أىمية‬
‫يحؽ لمقاصر أف يتولى مباشرة دعاوى الطبلؽ‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫ّ‬ ‫ّأنو‬
‫ألف دعاوى الطبلؽ ال تعتبر مف آثار عقد الزواج‪،‬‬
‫التقاضي‪ ،‬وىو أمر مجانب لمصواب‪ّ ،‬‬
‫لما صدر الحقا‪ ،‬حيث‬ ‫وليست مف حقوقو وال مف التزاماتو‪ ،‬وقد أ ّكد ىذا المعنى ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ّ‬
‫أف ناقص األىمية ال يمكنو مباشرة دعوى الطبلؽ بنفسو‪ ،‬وأنو‬ ‫أ ّكدت المادة ‪ 437‬منو عمى ّ‬
‫ليس أىبل لمتقاضي بشأنيا‪ ،‬و ّأنو يجب أف ُيقَ َّد َـ الطمب باسـ الزوج ناقص األىمية مف قبؿ‬
‫ولي و أو مقدمو‪ ،‬وبالتالي فالزوج ناقص األىمية يكوف أىبل لمتقاضي فيما يخص آثار عقد‬ ‫ّ‬

‫أتـ خمس‬
‫تنص المادة الثانية عمى ما يمي‪ " :‬تثبت أىمية التقاضي في مسائؿ األحواؿ الشخصية لموالية عمى النفس لمف ّ‬
‫‪1‬‬

‫عشرة سنة ميبلدية كاممة متمتعا بقواه العقمية‪ .‬وينوب عف عديـ األىمية أو ناقصيا ممثمة القانوني‪ ،‬فإذا لـ يكف لو مف يمثمو‬
‫أو كاف ىناؾ وجو لمباشرة إجراءات التقاضي بالمخالفة لرأى ممثمة أو في مواجيتو عينت المحكمة لو وصي خصومة مف‬
‫تمقاء نفسيا أو بناء عمى طمب النيابة العامة أو الغير"‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 166‬مف قانوف األحواؿ الشخصية السوري عمى أنو‪ " :‬يعتبر القاصر المأذوف لو كامؿ األىمية فيما أذف‬ ‫‪2‬‬

‫لو بو وفي التقاضي فيو"‬


‫تنص الفقرة األولى مف المادة ‪ 22‬مف مدونة األسرة المغربية عمى‪ " :‬يكتسب الزوجاف طبقا لممادة ‪ 20‬أعبله‪ ،‬األىمية‬ ‫‪3‬‬

‫المدنية في ممارسة حؽ التقاضي في كؿ ما يتعمؽ بآثار عقد الزواج مف حقوؽ والتزامات"‪.‬‬


‫‪141‬‬
‫ألف المشرع لـ ينص عمى اكتساب الزوج القاصر األىمية‬ ‫الزواج فقط‪ ،‬كالنفقة مثبل‪ّ ،‬‬
‫مطمقا‪ ،‬بؿ اقتصر عمى ذكر اكتسابو أىمية التقاضي فقط فيما يرتّبو عقد الزواج مف آثار‬
‫تتعمؽ بالحقوؽ وااللتزامات‪.‬‬
‫ويعتقد البعض خطأً وجود تناقض بيف نص المادة ‪ 07‬الفقرة األخيرة مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬
‫ألف المشرع أكسب الزوج القاصر أىمية التقاضي‬
‫وبيف نص المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫فيما يتعمؽ بآثار عقد الزواج في النص األوؿ‪ ،‬بينما تراجع في النص الثاني عف ذلؾ‬
‫يقدـ الطمب في دعوى الطبلؽ لمزوج ناقص األىمية مف قبؿ وليو أو مقدمو‪،‬‬‫واشترط أف ّ‬
‫في حيف أنو ال يوجد أي تناقض بيف النصيف‪ ،‬فاألوؿ يتعمؽ بآثار عقد الزواج‪ ،‬والثاني‬
‫يتحدث عف دعوى الطبلؽ التي ال تدخؿ ضمف الحقوؽ أو االلتزامات التي يرتبيا عقد‬
‫الزواج‪.‬‬
‫أف المشرع قصد بنص المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ الزوج‬ ‫كما يجب التنبيو عمى ّ‬
‫ألف‬
‫ناقص األىمية‪ ،‬ولـ يقصد الزوج القاصر‪ ،‬والتمييز بيف المقصديف مف األىمية بمكاف‪ّ ،‬‬
‫سنو بيف زمف الميبلد وثبلثة‬
‫القاصر يشمؿ فئتيف ىما‪ :‬القاصر غير المميز الذي يتراوح ّ‬
‫سن و بيف ثبلثة عشر إلى تسعة عشر سنة‪ ،‬كما‬ ‫عشر سنة‪ ،‬والقاصر المميز الذي تتراوح ّ‬
‫يؤخذ بعيف االعتبار أيضا عوارض األىمية في تحديد فاقد األىمية أو ناقصيا طبقا لنص‬
‫المادتيف ‪ 81‬و‪ 86‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وبالتالي فمفظ القاصر يشمؿ فئتيف‪ :‬عديـ األىمية وناقص‬
‫األىمية‪ ،‬لذلؾ اقتصر المشرع في المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى ذكر ناقص األىمية فقط‪،‬‬
‫أما عديـ األىمية فبل يحؽ لو وال لوليو أو مقدمو أف يقدـ طمب الطبلؽ باسـ الزوج عديـ‬
‫األىمية‪ ،‬فالمشرع لـ يسمح بذلؾ‪ ،‬واذا ُرفعت دعوى طبلؽ عديـ األىمية – كالمجنوف‬
‫فإف القاضي يرفض الدعوى لعدـ التأسيس‪ ،‬وال يمكف أف يستند إلى‬
‫مثبل‪ -‬مف قبؿ المقدـ ّ‬
‫ألف‬
‫نص المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ مف أجؿ طبلؽ عديـ األىمية‪ ،‬ألنيا ال تشممو‪ ،‬و ّ‬
‫المجنوف عديـ األىمية ال إرادة لو‪ ،‬وال يمكف بحاؿ مف األحواؿ أف يحكـ القاضي بالطبلؽ‬
‫ألنو عديـ اإلرادة‪.1‬‬
‫بإرادتو المنفردة‪ّ ،‬‬

‫‪ 1‬نور الديف لمطاعي‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتوراه‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫‪142‬‬
‫ب‪ -‬شروط الحق المدعى بو‬
‫يشترط لقبوؿ الدعوى أيضا شروط تتعمؽ بالحؽ المدعى بو‪ ،‬كونو ثابتا ومستحؽ‬
‫األداء‪ ،‬مشروعا‪ ،‬ولـ يسبؽ التصالح بشأنو أو الحكـ فيو بحكـ نيائي‪.‬‬
‫ب‪ 1-‬شرط كون الحق ثابتا ومستحق األداء‬
‫أي أف يكوف موضوع الدعوى حقا ثابتا موجودا غير موقوؼ عمى شرط واقؼ‪،‬‬
‫ومستحؽ األداء وقت الطمب بو‪ ،1‬فإذا كاف الحؽ موقوفا عمى تحقّؽ شرط‪ ،‬أو معمقا عمى‬
‫فإف القاضي يحكـ‬
‫أجؿ محدد‪ ،‬فبل يمكف إقامة دعوى قبؿ تحقّؽ الشرط وبموغ األجؿ‪ ،‬واالّ ّ‬
‫بعدـ قبوؿ الدعوى إذا دفع الخصـ بو‪.‬‬
‫ب‪ 2-‬شرط أن يكون الحق المدعى بو مشروعا‬
‫أي أف يكوف موضوع الدعوى غير مخالؼ لمنظاـ العاـ واآلداب العامة‪ ،‬حيث‬
‫تبيف لو مخالفة الحؽ المطالب بو‬
‫يحكـ القاضي بعدـ القبوؿ الدعوى مف تمقاء نفسو إذا ّ‬
‫لمنظاـ العاـ‪ ،‬كما يحكـ بعدـ قبوؿ الدعوى بناء عمى طمب المدعى عميو أو محاميو متى‬
‫كاف موضوع الدعوى مخالفا لآلداب العامة‪ ،2‬كأف يطمب المطمؽ الحكـ لو بإلزاـ مطمقتو‬
‫بالرجوع إلى مسكف الزوجية رغـ استيفاءه الطمقات الثبلث التي يممكيا‪.‬‬
‫ب‪ 3-‬شرط عدم سبق التصالح بشأن الحق المتنازع عميو أو الحكم فيو‬
‫ومعنى ذلؾ أال يكوف موضوع الدعوى قد سبؽ عرضو عمى القضاء‪ ،‬وفُص َؿ فيو‬
‫بات ونيائي‪ ،‬بشرط أف تتوفر في الدعوى وحدة األطراؼ ووحدة السبب والموضوع‪،‬‬
‫بحكـ ّ‬
‫أي إذا كاف النزاع الذي سبؽ عرضو عمى القضاء بيف نفس المدعي ونفس المدعى عميو‪،‬‬
‫وبنفس صفتيـ‪ ،‬ويتعمؽ بنفس الحؽ‪ ،‬فبل يجوز حينئذ إعادة رفع نفس الدعوى أماـ القضاء‬
‫لسبؽ الفصؿ فييا ‪ ،‬حيث يجوز لممدعى عميو أو محاميو الدفع بعدـ قبوؿ الدعوى لسبؽ‬
‫الفصؿ‪ ،‬حيث يكتسي الحكـ الفاصؿ في الدعوى حجية الشيء المقضي فيو إذا توافرت‬
‫وحدة األطراؼ دوف تغير صفاتيـ‪ ،‬وحدة الموضوع‪ ،‬وحدة السبب‪.‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.56‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.56‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪143‬‬
‫ج‪ -‬شروط الحق في رفع الدعوى ذاتيا‬
‫حددىا المشرع‪ ،‬تتعمؽ بحؽ المدعي‬
‫يشترط أيضا مف أجؿ قبوؿ الدعوى شروطا ّ‬
‫في رفع الدعوى‪ ،‬ومنيا‪ :‬شرط احتراـ أجؿ رفع الدعوى‪ ،‬شرط عدـ التقادـ‪ ،‬شرط عدـ‬
‫سبؽ الفصؿ في الدعوى‪.‬‬
‫ج‪ 1-‬شرط احترام أجل رفع الدعوى‬
‫يشترط المشرع في بعض القضايا أف تُرفع الدعوى خبلؿ أجؿ ُمعيف‪ ،‬إذ يجب‬
‫احتراـ ىذا األجؿ مف أجؿ قبوؿ الدعوى‪ ،‬ويجوز لممدعى عميو أو محاميو الدفع بعدـ‬
‫قبوؿ الدعوى إذا تجاوز المدعي ىذا األجؿ‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ اشتراط المشرع رفع دعوى الشفعة‬
‫خبلؿ أجؿ ثبلثيف يوما إذا تعمّؽ األمر بإيداع ثمف المبيع قبؿ رفع دعوى الشفعة‪ ،‬طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 802-801‬القانوف المدني‪.‬‬
‫ج‪ 2-‬شرط عدم التقادم‬
‫يشترط المشرع في رفع بعض الدعاوى أالّ تكوف الحقوؽ المطالب بيا قد سقطت‬
‫المدعي‪ ،‬ويطالب بحقو قبؿ انتيائو‪،‬‬
‫بالتقادـ‪ ،‬حيث ُيحدد المشرع أجبل يجب احترامو مف ّ‬
‫يخوؿ لممدعى عميو أو محاميو أف يدفع بعدـ قبوؿ‬
‫المسقط ّ‬
‫أف عدـ مراعاة ىذا األجؿ ُ‬‫وّ‬
‫الدعوى بسبب سقوط الحؽ في رفعيا‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ تتقادـ الضرائب والرسوـ المستحقة‬
‫لمدولة بمرور أربع سنوات مف نياية السنة التي تستحؽ عنيا‪ ،‬كما يتقادـ الحؽ في‬
‫المطالبة برد الضرائب والرسوـ التي دفعت بغير حؽ بمرور أربع سنوات مف تاريخ دفعيا‪،‬‬
‫وذلؾ طبقا لممادة ‪ 311‬مف القانوف المدني‪.‬‬
‫ج‪ 3-‬شرط عدم سبق الفصل في الدعوى أو سبق التصالح أو التحكيم بشأنيا‬
‫يشترط المشرع مف أجؿ قبوؿ الدعوى أال يكوف قد صدر بشأنيا حكما قضائيا‬
‫حجة بما فصؿ فيو‬
‫أف الحكـ الذي حاز قوة الشيء المقضي بو يعتبر ّ‬
‫باتّا ونيائيا‪ ،‬بحيث ّ‬
‫مف الحقوؽ‪ ،‬بشرط أف يكوف بيف نفس األطراؼ‪ ،‬وبنفس صفاتيـ‪ ،‬ونفس المحؿ والسبب‪،‬‬
‫حيث ال يجوز لممدعي إقامة نفس الدعوى مرة ثانية‪ ،‬واال حؽ لممدعى عميو أو محاميو‬
‫الدفع بعدـ قبوؿ الدعوى لسبؽ الفصؿ‪ ،‬فيحكـ القاضي تبعا لذلؾ بعدـ قبوؿ الدعوى‪،1‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.61‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪144‬‬
‫الصمح بيف المتخاصميف‪ ،‬أو كاف ىناؾ اتّفاقا مسبقا بينيما عمى‬ ‫تـ ُ‬ ‫وكذلؾ الحاؿ إذا ّ‬
‫تـ الصمح عميو‪،‬‬
‫فإف رفع الدعوى مخالفة لما ّ‬
‫المجوء إلى التحكيـ قبؿ المجوء إلى القضاء‪ّ ،‬‬
‫أو االتفاؽ عمى التحكيـ فيو‪ ،‬يؤدي إلى الحكـ بعدـ قبوؿ الدعوى‪.‬‬
‫كما ُي شترط أحيانا في رفع بعض الدعاوى عدـ وجود قيد عمى رفعيا‪ ،‬فمثبل في‬
‫التشريع األردني‪ ،‬ال تقبؿ دعاوى األحواؿ الشخصية أماـ المحكمة إال بعد عرضيا عمى‬
‫لجنة التوجيو األسري‪ ،‬باستثناء مسائؿ الوصية واإلرث وما في حكميا‪ ،‬والدعاوى‬
‫المستعجمة والوقتية‪ ،‬واألوامر االستعجالية والوقتية في النفقة والحضانة والوصاية‪،‬‬
‫والدعاوى التي ال يتصور الصمح بشأنيا‪ ،‬كدعاوى إثبات الزواج والطبلؽ‪ ،‬وفقا لممادة ‪16‬‬
‫مف قانوف األحواؿ الشخصية األردني‪.1‬‬
‫المدعي أف يحترـ جممة مف الشروط قبؿ رفع‬
‫فإنو عمى ّ‬ ‫تـ ذكره‪ّ ،‬‬‫وخبلصة لما ّ‬
‫دعواه‪ ،‬وىي شروط محددة في المادة ‪ 13‬والمادة ‪ 67‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬سواء المتعمقة بشخص‬
‫المدعى بو‪ ،‬أو المتعمقة بالحؽ في رفع‬
‫المدعى عميو‪ ،‬أو المتعمقة بالحؽ ّ‬ ‫المدعي أو ّ‬
‫ألف مخالفة ىذه الشروط تسمح لممدعى عميو بإثارة الدفع بعدـ قبوؿ‬ ‫الدعوى ذاتيا‪ّ ،‬‬
‫الدعوى بشأنيا‪ ،‬وىو ما يجعؿ القاضي بعد التأ ّكد مف سبلمة ىذا الدفع‪ ،‬يحكـ بعدـ قبوؿ‬
‫الدعوى شكبل دوف النظر في موضوعيا‪ ،‬واذا لـ يستجب قاضي الدرجة األولى ليذا الدفع‬
‫مع سبلمتو‪ ،‬يحؽ لممدعى عميو الطعف باالستئناؼ‪ ،‬واثارة ىذا الدفع أماـ قضاة المجمس‬
‫مف أجؿ المطالبة بإلغاء حكـ الدرجة األولى‪ ،‬بؿ يمكف الطعف بالنقض واثارة ىذا الدفع‬
‫أماـ قضاة المحكمة العميا‪ ،‬إذا لـ يستجب قضاة الموضوع لمدفع المثار مف قبؿ المدعى‬
‫عميو‪.2‬‬
‫‪ -2‬إجراءات قبول الدعوى‬
‫تنشأ الدعوى القضائية بموجب عريضة افتتاحية تسجؿ بأمانة ضبط المحكمة‪،‬‬
‫وال تختمؼ العريضة التي ترفع بيا الدعوى أماـ قسـ شؤوف األسرة مف حيث المبدأ في‬
‫شكميا‪ ،‬أو مف ناحية إجراءات قيدىا أماـ أمانة ضبط المحكمة‪ ،‬أو مف ناحية إجراءات‬
‫تبميغيا عف ا لقواعد العامة في تحرير العرائض وتسجيميا وتبميغيا في الدعاوى المعروضة‬

‫عبده جميؿ غصوب‪ ،‬الوجيز في قانوف اإلجراءات المدنية‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمنشر‪ ،‬لبناف‪ ،2010 ،‬ص ‪.125‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.62‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪145‬‬
‫يتـ تناوؿ ىذه القواعد العامة مع اإلشارة إلى‬
‫أماـ األقساـ األخرى لممحكمة‪ ،‬لذا س ّ‬
‫تميز قسـ شؤوف األسرة إف وجدت‪.‬‬
‫الخصوصية التي ّ‬
‫أ‪ -‬بيانات عريضة افتتاح الدعوى‬
‫حدد المشرع في المادة ‪ 14‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ الشكؿ الذي يجب أف تكوف عميو عريضة‬
‫ّ‬
‫افتتاح الدعوى‪ ،‬حيث اشترط أف ترفع الدعوى بعريضة مكتوبة‪ ،‬موقعة ومؤرخة‪ ،‬وأف تودع‬
‫بأمانة الضبط مف قبؿ المدعي أو وكيمو أو محاميو‪ ،‬بعدد مف النسخ يساوي عدد‬
‫األطراؼ‪ ،‬حيث اشترط المشرع الكتابة في العريضة دوف التصريح الشفيي الذي كاف‬
‫أف المشرع لـ يحدد الجزاء المترتب عف عدـ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى يجيزه في المادة ‪ 12‬منو‪ ،‬كما ّ‬
‫احتراـ الشكؿ الذي يجب أف تكوف عميو العريضة‪ ،‬والمحدد في المادة ‪ 14‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫وذلؾ بإغفاؿ بعض العناصر‪ ،‬كأف تكوف العريضة غير موقعة أو غير مؤرخة‪ ،‬وما داـ‬
‫أنو ال بطبلف لؤلعماؿ اإلجرائية إال بنص‪ ،‬مع إثبات الضررف طبقا لنص المادة ‪ 60‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬فبل يمكف القوؿ ببطبلف العريضة التي أغفؿ صاحبيا بعض العناصر التي‬
‫نم ا يجوز لمقاضي منح أجؿ لممدعي مف أجؿ تصحيح اإلغفاؿ الذي‬
‫اشترطيا المشرع‪ ،‬وا ّ‬
‫وقع فيو‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمضموف العريضة المقدمة أماـ قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬فيي تتضمف‬
‫مجموعة مف البيانات وجوبا‪ ،‬تحت طائمة عدـ قبوليا شكبل‪ ،‬حددىا المشرع في المادة ‪15‬‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وىي‪:‬‬
‫‪ -‬الجية القضائية التي ترفع أماميا الدعوى‪ :‬حيث يجب تحديد الجية المرفوع‬
‫المختصة إقميميا‪ ،‬أي يجب ذكر اسـ‬
‫ّ‬ ‫أماميا النزاع‪ ،‬وىو قسـ شؤوف األسرة بالمحكمة‬
‫المحكمة‪ ،‬والقسـ المعروض عميو النزاع‪ ،‬وىو قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬واليدؼ مف ذكر ىذا‬
‫البياف حتى يتمكف المدعى عميو مف معرفة المحكمة والقسـ المذاف يتوجب عميو الحضور‬
‫أماميما‪ ،‬ومعرفة مدى احتراـ االختصاص اإلقميمي لممحكمة المعروض عمييا النزاع‪.‬‬
‫المدعي ذكر اسمو ولقبو‬
‫‪ -‬البيانات المتعمقة بأطراف النزاع‪ :‬حيث يتعيف عمى ّ‬
‫وموطنو‪ ،‬وذكر اسـ ولقب وموطف المدعى عميو‪ ،‬فإف لـ يكف لو موطف معموـ فآخر‬
‫موطف لو‪ ،‬أما بياف اإلشارة إلى تسمية وطبيعة الشخص المعنوي‪ ،‬ومقره االجتماعي‪،‬‬

‫‪146‬‬
‫ألف‬
‫وصفة ممثمو القانوني أو االتفاقي‪ ،‬فبل مجاؿ لذكره في دعاوى شؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫األطراؼ أشخاص طبيعية‪.‬‬
‫ففي دعاوى الطبلؽ مثبل ترفع مف أحد الزوجيف ضد الزوج اآلخر‪ ،‬حيث يذكر‬
‫مدعيا‪ ،‬كما يذكر اسـ ولقب وموطف الزوج اآلخر‬‫الزوج اسمو ولقبو وموطنو باعتباره ّ‬
‫فيتـ ذكر اسـ الزوج القاصر ولقبو‪،‬‬
‫مدعى عميو‪ ،‬إالّ إذا كاف أحد الزوجيف قاصرا‪ّ ،‬‬
‫باعتباره ّ‬
‫ويذكر اسـ نائبو الذي يباشر الخصاـ نيابة عنو‪ ،‬ويذكر موطف النائب دوف موطف الزوج‬
‫ألف موطف القاصر ىو موطف مف ينوب عنو قانونا‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 38‬مف‬ ‫القاصر‪ّ ،‬‬
‫تـ رفع الدعوى باسـ النائب‪ ،‬فمآؿ الدعوى ىو عدـ القبوؿ‪.1‬‬
‫القانوف المدني‪ ،‬فإذا ما ّ‬
‫‪ -‬عرضا موج از لموقائع والطمبات والوسائل التي تؤسس عمييا الدعوى‬
‫المدعي قبوؿ دعواه عميو أف يعرض ويوضح في عريضتو‬ ‫ّ‬ ‫حتى يضمف‬
‫تمت قبؿ رفع الدعوى‪ ،‬كأف يحدد تاريخ‬
‫االفتتاحية عرضا موج از لموقائع واإلجراءات التي ّ‬
‫إبراـ عقد الزواج بيف الزوجيف‪ ،‬وما نتج عنو مف أوالد‪ ،‬وما حدث بيف الزوجيف مف‬
‫خبلفات‪ ،‬أو تقصير في الواجبات‪ ،‬كما يجب عميو أف يشير إلى المستندات والوثائؽ‬
‫المؤيدة لمدعوى‪ ،‬والتي تدعـ صفتو ومزاعمو وادعاءاتو‪ ،‬كتقديـ نسخة مف عقد الزواج‪،‬‬
‫أو نسخة مف حكـ إثبات زواج عرفي‪ ،‬حتى يثبت المدعي صفتو كزوج‪ ،‬وكذا وثيقة الحالة‬
‫العائمية التي يثبت مف خبلليا وجود أوالد ناتجيف عف العبلقة الزوجية‪.‬‬
‫المدعى أف‬
‫أما بالنسبة لجزاء تخمؼ البيانات سالفة الذكر‪ ،‬فقد ألزـ المشرع ّ‬
‫يضمف عريضتو االفتتاحية لمدعوى بالبيانات المذكورة تحت طائمة عدـ قبوؿ الدعوى‬
‫ّ‬
‫شكبل‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 15‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬إذ بعد أف تُعرض القضية عمى القاضي‪ ،‬يتأكد‬
‫اءىا عمى البيانات‬
‫مف اختصاصو النوعي واإلقميمي‪ ،‬ويتفحص العريضة مف حيث احتو ُ‬
‫فإنو يحكـ بعدـ‬
‫تـ إغفاؿ أحد البيانات األساسية ّ‬
‫المحددة في المادة ‪ 15‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬فإذا ّ‬
‫إما مف تمقاء نفسو‪ ،‬أو بناء‬
‫قبوؿ العريضة شكبل‪ ،‬دوف التطرؽ لموضوع الدعوى‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫عمى طمب المدعى عميو‪ ،‬واف كاف ذلؾ ال يحوؿ دوف حؽ المدعي في إعادة رفع الدعوى‬

‫عبد اهلل فاسي‪ ،‬المركز القانوني لمقاصر في الزواج والطبلؽ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.231‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪147‬‬
‫مف جديد‪ ،‬واستدراؾ اإلغفاؿ الذي وقع فيو‪ ،‬ويكمف الغرض مف ذكر ىذه البيانات ىو‬
‫تجنب الجيالة بأطراؼ الخصومة‪ ،‬ومعرفة االختصاص‪ ،‬وحماية لمنظاـ العاـ‪.‬‬
‫ب‪ -‬إجراءات إيداع عريضة االفتتاح بأمانة الضبط‬
‫بعد انتياء المدعي أو وكيمو أو محاميو مف تحرير العريضة‪ ،‬وتضمينيا البيانات‬
‫حددىا المشرع‪ ،‬وفقا لممادتيف ‪ 14‬و‪ 15‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬يقوـ بإيداعيا لدى‬ ‫األساسية التي ّ‬
‫أمانة ضبط الجية القضائية المختصة‪ ،‬حيث يدفع الرسوـ القضائية الواجبة قانونا لتسجيؿ‬
‫الدعوى‪ ،‬ما لـ ينص القانوف عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 17‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث‬
‫تختمؼ الرسوـ باختبلؼ نوع الدعوى‪ ،‬وقد ُحدد رسـ التسجيؿ بالنسبة لعريضة افتتاح‬
‫دعوى متعمقة بشؤوف األسرة عمى مستوى المحكمة بمبمغ ‪ 450‬دج أربعمائة وخمسيف‬
‫دينار جزائري‪ ،‬أما بالنسبة لعريضة االستئناؼ الخاصة بشؤوف األسرة عمى مستوى‬
‫المجمس القضائي فحدد رسـ التسجيؿ بمبمغ ‪ 750‬دج سبعمائة وخمسيف دينار جزائري‪،‬‬
‫أما بالنسبة لعريضة الطعف بالنقض الخاصة بشؤوف األسرة عمى مستوى المحكمة العميا‪،‬‬
‫فحدد رسـ التسجيؿ بمبمغ ‪ 3000‬دج ثبلثة آالؼ دينار جزائري‪.‬‬
‫واذا كاف موضوع الدعوى يتعمؽ بعقار و‪/‬أو حؽ عيني عقاري مشير طبقا‬
‫المدعي أف يقوـ بإشيار عريضة رفع الدعوى لدى المحافظة العقارية‬
‫فإنو عمى ّ‬‫لمقانوف‪ّ ،‬‬
‫ويقدميا في أوؿ جمسة‪ ،‬تحت طائمة عدـ قبوؿ الدعوى شكبل‪ ،‬إال إذا أثبت‬
‫المختصة‪ّ ،‬‬
‫إيداعيا لئلشيار‪.‬‬
‫وقد ّبيف المشرع في المادة ‪ 16‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ّأنو عمى أميف ضبط الجية القضائية‬
‫المدعي‪ ،‬أف يقوـ بقيد العريضة حاال في سجؿ خاص‬ ‫بعد دفع الرسوـ القضائية مف ّ‬
‫بتسجيؿ الدعاوى القضائية تبعا لترتيب ورودىا‪ ،‬مع بياف أسماء وألقاب الخصوـ‪ ،‬ورقـ‬
‫القضية‪ ،‬وتاريخ أوؿ جمسة‪ ،‬كما يقوـ أميف الضبط بتسجيؿ رقـ القضية وتاريخ أوؿ جمسة‬
‫عمى نسخ العريضة‪ ،‬ويسمميا لممدعي أو وكيمو أو محاميو مف أجؿ تبميغيا لمخصوـ‬
‫بصفة رسمية‪ ،‬حيث عمى أميف الضبط أف يأخذ بعيف االعتبار أجؿ عشريف يوما عمى‬
‫األقؿ بيف تاريخ تسميـ التكميؼ بالحضور‪ ،‬والتاريخ المحدد ألوؿ جمسة‪ ،‬والذي يقع عمى‬
‫ع اتؽ المدعي احترامو في تبميغ أطراؼ الدعوى‪ ،‬مما يجعؿ أميف الضبط يحدد تاريخ أوؿ‬
‫جمسة عمى األقؿ بعد عشريف يوما مف تاريخ تسجيميا‪ ،‬وكؿ ذلؾ ما لـ ينص القانوف عمى‬
‫‪148‬‬
‫خبلؼ ىذا األجؿ‪ ،‬أما إذا كاف الشخص المكمؼ بالحضور يقيـ بالخارج فإف أجؿ عشريف‬
‫يوما يمدد إلى ثبلثة أشير أماـ جميع الجيات القضائية‪ ،‬وذلؾ طبقا لنص المادة ‪ 16‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫أف المشرع لـ يحدد جزاء عدـ احتراـ ىذا األجؿ عند تسميـ التكميؼ‬ ‫غير ّ‬
‫بالحضور لممدعى عميو‪ ،‬مما فتح المجاؿ أماـ العديد مف المتقاضيف بالدفع أماـ القاضي‬
‫بعدـ احتراـ ىذا األجؿ‪ ،‬محاولة إلبطاؿ إجراءات التكميؼ بالحضور‪ ،‬وبالتالي عدـ قبوؿ‬
‫أف غياب نص يرتب بطبلف إجراءات التكميؼ بالحضور عند عدـ‬ ‫الدعوى شكبل‪ ،‬غير ّ‬
‫احتراـ األجؿ المنصوص عميو قانونا‪ ،‬ال يخوؿ القاضي إبطاؿ إجراء التكميؼ‪ ،‬خاصة‬
‫فإف بطبلف األعماؿ اإلجرائية ال يكوف إال‬
‫وأنو بالرجوع إلى نص المادة ‪ 60‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫في وجود نص يقرر البطبلف مع إثبات الضرر‪ ،‬لذا ال يأخذ القضاة بيذه الدفوع المتعمقة‬
‫أف الغرض مف تسميـ التكميؼ بالحضور يتحقّؽ‬
‫بعدـ احتراـ أجؿ عشريف يوما‪ ،‬ويعتبروف ّ‬
‫ألف حضورىـ لمجمسة يغني عف التكميؼ‬‫بحضور المدعى عميو أو وكيمو أو محاميو‪ّ ،‬‬
‫أساسا‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنو يجب مراعاة خصوصية القضايا المتعمقة بالطبلؽ باإلرادة‬
‫المنفردة لمزوج عند تسجيؿ الدعوى‪ ،‬حيث يجب عمى أميف الضبط مراعاة تاريخ انتياء‬
‫أجؿ العدة عند تحديد تاريخ أوؿ جمسة‪ ،‬وعدـ وجوب تقيده باحتراـ أجؿ عشريف يوما بيف‬
‫أف المبلحظ في الواقع ّأنو قد يصؿ برمجة‬
‫تاريخ تسجيؿ الدعوى وتاريخ أوؿ جمسة‪ ،‬حيث ّ‬
‫أوؿ جمسة إلى شيريف أو أكثر مف تاريخ قيد الدعوى‪ ،‬وذلؾ إذا اقتربت العطمة الصيفية‪،‬‬
‫مدة العدة‪،‬‬
‫ألف عدـ مراعاة ّ‬
‫غير أف ىذه الممارسة تؤدي إلى نتائج غير مرغوب فييا‪ّ ،‬‬
‫تحوؿ الطبلؽ الرجعي إلى طبلؽ بائف بينونة صغرى عند انقضاء العدة‪ ،‬حيث‬
‫يؤدي إلى ّ‬
‫يجب أف تبرمج قضايا الطبلؽ باإلرادة المنفردة في أقرب جمسة تمي تاريخ رفع الدعوى‪،‬‬
‫مثمما ىو معموؿ بو في إجراءات التمبس‪ ،‬أو في القضايا االستعجالية‪ ،‬وذلؾ حتى يجري‬
‫القاضي محاوالت الصمح قبؿ انقضاء العدة‪ ،‬مف أجؿ إقناع الزوج عمى استعماؿ حؽ‬
‫الرجعة دوف عقد جديد‪ ،‬لذا عمى قاضي قسـ شؤوف األسرة أف يطمب مف أميف الضبط‬
‫إحضار الممفات ليتفحصيا‪ ،‬ويبحث عف القضايا التي تكوف آجاؿ انقضاء عدتيا قريبة‪،‬‬
‫العدة قد انقضى‪ ،‬فبل بأس‬
‫تبيف أف تاريخ انتياء أجؿ ّ‬
‫أما إف ّ‬
‫ويبرمجيا في أقرب جمسة‪ّ ،‬‬
‫‪149‬‬
‫باحتراـ أجؿ عشريف يوـ بيف تاريخ تقييد الدعوى وتاريخ أوؿ جمسة‪ ،‬ألنو حينئذ سيكوف‬
‫حث المطمؽ عمى مراجعة مطمقتو بعقد جديد‪ ،‬ىذا مف‬
‫اليدؼ مف إجراء محاوالت الصمح ّ‬
‫فإنو فيما يخص سير الجمسات وتأجيميا‪ ،‬يتعيف أيضا مراعاة‬
‫جية‪ ،‬ومف جية أخرى ّ‬
‫خصوصية قضايا الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬حيث يجب أف ال يؤجؿ القاضي‬
‫الجمسات إلى خمسة عشر يوما أو أكثر‪ ،‬بؿ ال بد أف تكوف الجمسات أسبوعيا‪ ،‬حتى ال‬
‫تنقضي آجاؿ العدة‪ ،‬ويتمكف القاضي مف إجراءات محاوالت الصمح خبلليا‪.1‬‬
‫فإف تدخؿ المشرع بإضافة نص قانوني يمزـ أمناء الضبط بتسجيؿ دعاوى‬ ‫لذا ّ‬
‫الطبلؽ وقيدىا وبرمجتيا في أقرب جمسة تمي تاريخ تسجيميا بأمانة الضبط أمر ضروري‪،‬‬
‫يتحوؿ‬
‫عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬وقبؿ أف ّ‬
‫مدة ّ‬
‫وذلؾ حتى يقوـ القاضي بمياـ الصمح خبلؿ ّ‬
‫إلى طبلؽ بائف بينونة صغرى‪ ،‬فمثؿ ىذه القضايا ليا خصوصيتيا التي تبرر استثناءىا‬
‫مف تطبيؽ القواعد العامة في تسجيؿ وقيد الدعاوى‪.‬‬
‫ج‪ -‬إجراءات التبميغ الرسمي‬
‫تتميز قضايا شؤوف األسرة باعتبار النيابة العامة طرفا أصميا في جميع القضايا‬
‫ّ‬
‫التي ترمي إلى تطبيؽ أحكاـ قانوف األسرة‪ ،‬وذلؾ طبقا لنص المادة ‪ 03‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬
‫نميز بيف إجراءات التبميغ الرسمي لعريضة الدعوى إلى المدعى عميو‪،‬‬ ‫مما يجعمنا ّ‬
‫واجراءات تبمغييا إلى النيابة العامة‪.‬‬
‫ج‪ 1-‬إجراءات التبميغ الرسمي لممدعى عميو‬
‫المشرع النعقاد الخصومة القضائية تبميغ المدعى عميو تبميغا رسميا‬
‫ّ‬ ‫يشترط‬
‫بعريضة الدعوى وتكميفو بالحضور لمجمسة‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ تمكينو مف إبداء دفوعو في‬
‫موضوع الدعوى‪ ،‬وذلؾ حتى ينعقد االختصاص لمقاضي لمفصؿ فييا‪.‬‬
‫وال تختمؼ إجراءات التبميغ الرسمي لمعريضة المسجمة أماـ قسـ شؤوف األسرة عف‬
‫تبميغ العرائض المسجمة أماـ باقي األقساـ‪ ،‬فيي تخضع لنص المادة ‪ 406‬وما بعدىا مف‬
‫المشرع المقصود بالتبميغ الرسمي في المادة ‪ 406‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ بأنو‬
‫ّ‬ ‫عرؼ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ّ‬
‫يعده المحضر القضائي بناء عمى طمب الشخص‬ ‫ذلؾ التبميغ الذي يتـ بموجب محضر ّ‬

‫‪ 1‬نور الديف لمطاعي‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪150‬‬
‫المعني أو ممثمو القانوني أو االتفاقي‪ ،‬والذي يمكف أف يتعمؽ بعقد قضائي أو غير‬
‫قضائي أو أمر أو حكـ أو قرار‪ ،‬ويحرر بشأنو المحضر القضائي محض ار في عدد مف‬
‫يتـ تبميغيـ رسميا‪ ،‬حيث يسمّـ المحضر القضائي إلى‬ ‫النسخ مساو لعدد األشخاص الذيف ّ‬
‫المطموب تبميغو نسخة مف العقود القضائية أو غير القضائية أو السندات التنفيذية‪ ،‬أينما‬
‫ُوجد ما لـ ينص القانوف عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬واذا كاف المطموب تبميغو يقيـ في الخارج‬
‫فَي ِ‬
‫ص ُّح تبميغو في الموطف المختار مف قبمو في الجزائر‪.‬‬ ‫َ‬
‫يتضمنيا التبميغ الرسمي في أصمو‬
‫ّ‬ ‫حدد المشرع البيانات التي يجب أف‬
‫وقد ّ‬
‫ونسخو في المادة ‪ 407‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وىي‪:‬‬
‫‪ -‬اسـ ولقب المحضر القضائي وعنوانو الميني وتوقيعو وختمو‪.‬‬
‫‪ -‬تاريخ التبميغ بالحروؼ وساعتو‪.‬‬
‫‪ -‬اسـ ولقب طالب التبميغ وموطنو‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كاف طالب التبميغ شخصا معنويا‪ ،‬تذكر تسميتو وطبيعتو ومقره االجتماعي وصفة‬
‫ممثمو القانوني أو االتفاقي‪.‬‬
‫‪ -‬اسـ ولقب وموطف الشخص الذي تمقى التبميغ‪ ،‬واذا تعمؽ األمر بشخص معنوي يشار‬
‫إلى طبيعتو وتسميتو ومقره االجتماعي‪ ،‬واسـ ولقب وصفة الشخص الذي تمقّى التبميغ‬
‫الرسمي‪.‬‬
‫‪ -‬توقيع الشخص الذي تمقى التبميغ وبياف طبيعة الوثيقة التي تثبت ىويتو ورقميا وتاريخ‬
‫إصدارىا‪ ،‬واذا تعذر عمى المبمغ لو التوقيع عمى المحضر‪ ،‬يجب عميو وضع بصمتو‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشارة إلى تسميـ الوثيقة موضوع التبميغ الرسمي إلى المبمغ لو‪.‬‬
‫حيث يشترط توافر ىذه البيانات في محضر التبميغ الرسمي حتى يكوف التبميغ‬
‫عرض المحضر لمبطبلف‪ ،‬حيث يجوز‬ ‫أف تخمّؼ أحد البيانات ُي ّ‬
‫صحيحا وسميما‪ ،‬إذ ّ‬
‫لممطموب تبميغو إثارة الدفع ببطبلف محضر التبميغ قبؿ أي دفع أو دفاع في الموضوع‪،‬‬
‫وذلؾ طبقا لمفقرة األخيرة مف المادة ‪ 407‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫حدد المشرع كيفية التبميغ الرسمي لعريضة الدعوى أو غيرىا مف العقود‬
‫كما ّ‬
‫وحدد مراحؿ يجب احتراميا حتى يكوف التبميغ صحيحا‪.‬‬
‫القضائية وغير القضائية‪ّ ،‬‬

‫‪151‬‬
‫حيث كمرحمة أولى يعتبر التبميغ صحيحا إذا ُبمّغ لممطموب تبميغو أينما ُوجد‪،‬‬
‫ما لـ ينص القانوف عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬طبقا لمفقرة الثالثة مف المادة ‪ 406‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬كما‬
‫عيف المعني وكيبل عنو‪ ،‬طبقا‬
‫يعد تبميغا صحيحا إذا ّ‬
‫أف التبميغ إلى وكيؿ المطموب تبميغو ّ‬
‫ّ‬
‫لنص المادة ‪ 409‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫فإنو إذا استحاؿ عمى المحضر‬‫أما في المرحمة الثانية مف مراحؿ التبميغ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫القضائي مقابمة المطموب تبميغو‪ ،‬يجوز لو أف يقوـ بالتبميغ في موطنو إلى أحد أفراد‬
‫عائمتو المقيميف معو‪ ،‬أو في موطنو المختار‪ ،‬بشرط أف يكوف ُمتمقّي التبميغ متمتعا‬
‫سف الرشد تسعة عشر سنة‪ ،‬ومتمتعا بقواه العقمية‪ ،‬واالّ كاف التبميغ‬
‫باألىمية‪ ،‬أي بالغا ّ‬
‫أف المشرع أجاز تسميـ الوثيقة‬
‫قاببل لئلبطاؿ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 410‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬أي ّ‬
‫المراد تبميغيا سواء كانت عريضة أو حكما أو أي عقد قضائي أو غير قضائي إلى أحد‬
‫أفراد أسرة المطموب تبميغو‪ ،‬كاألب أو األـ أو الزوجة أو األخ أو االبف أو غيرىـ‪ ،‬بشرط‬
‫أف يقيـ متمقي التبميغ مع المطموب تبميغو في موطنو الحقيقي أو المختار‪ ،‬ويكوف متمتعا‬
‫باألىمية‪.‬‬
‫أما إذا كاف المطموب تبميغو موجودا في المؤسسة العقابية‪ ،‬فيعتبر التبميغ صحيحا‬
‫تـ تبميغ المعني في المؤسسة العقابية المحبوس بيا‪ ،‬وذلؾ طبقا لنص المادة ‪ 413‬مف‬
‫إذا ّ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫أما المرحمة الثالثة مف مراحؿ التبميغ فتقتضي أنو إذا رفض المطموب تبميغو‬
‫ّ‬
‫شخصيا استبلـ محضر التبميغ الرسمي والوثيقة المرفقة معو‪ ،‬أو رفض التوقيع عمى‬
‫فإف المحضر القضائي يدوف ذلؾ أسفؿ محضر‬ ‫المحضر‪ ،‬أو رفض وضع بصمتو‪ّ ،‬‬
‫التبميغ‪ ،‬ثـ يقوـ بوضع المحضر والعريضة أو الحكـ أو الوثيقة محؿ التبميغ ضمف ظرؼ‪،‬‬
‫ويرسمو إلى عنواف المطموب تبميغو برسالة مضمنة مع اإلشعار باالستبلـ‪ ،‬حيث اعتبر‬
‫المشرع التبميغ بيذه الطريقة تبميغا شخصيا‪ ،‬ويحسب األجؿ مف تاريخ ختـ البريد‪.‬‬
‫فإنو عمى المحضر القضائي‬ ‫أما إذا كاف المطموب تبميغو ال يممؾ موطنا معروفا‪ّ ،‬‬
‫أف يحرر محض ار يتضمف جميع اإلجراءات التي قاـ بيا‪ ،‬مف تاريخ االنتقاؿ إلى العنواف‬
‫المدوف بالعريضة أو الوثيقة محؿ التبميغ‪ ،‬وارساؿ محضر التبميغ الرسمي عف طريؽ‬
‫ثـ يقوـ المحضر القضائي بتعميؽ نسخة مف محضر‬
‫رسالة مضمنة مع إشعار باالستبلـ‪ّ ،‬‬
‫‪152‬‬
‫التبميغ الرسمي عمى لوحة اإلعبلنات بمقر البمدية ومقر المحكمة التي كاف لو بيا آخر‬
‫موطف‪ ،‬وىذا طبقا لمفقرة األولى مف المادة ‪ 412‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫كما تناوؿ المشرع في الفقرة الثانية مف المادة ‪ 412‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ مرحمة أخرى مف‬
‫مراحؿ التبميغ الرسمي‪ ،‬وىي الحالة التي يرفض فييا األشخاص المؤىميف لتمقّي التبميغ‬
‫الرسمي استبلـ محضر التبميغ‪ ،‬كأحد أفراد العائمة المقيميف مع المطموب تبميغو‪ ،‬حيث‬
‫يقوـ المحضر ا لقضائي فضبل عف اإلجراء المنوه عنو في الفقرة األولى مف المادة ‪412‬‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬وىو إجراء تعميؽ التبميغ بموحة اإلعبلنات بمقر البمدية والمحكمة بموطف‬
‫المطموب تبميغو‪ ،‬زيادة عمى ذلؾ يقوـ المحضر القضائي بإرساؿ رسالة مضمنة مع‬
‫إشعار باالستبلـ إلى آخر موطف لو‪.‬‬
‫حدد المشرع كيفية إثبات استيفاء اإلجراءات المذكورة أعبله‪ ،‬حيث تثبت‬‫وقد ّ‬
‫إجراءات إرساؿ الرسالة المضمنة مع اإلشعار باالستبلـ عف طريؽ ختـ إدارة البريد عمى‬
‫ت إجراء تعميؽ التبميغ عمى لوحة اإلعبلنات بالبمدية بتأشيرة رئيس‬
‫ويثُْب ُ‬
‫وصؿ اإلرساؿ‪َ ،‬‬
‫المجمس الشعبي البمدي‪ ،‬أو موظؼ مؤىؿ لذلؾ‪ ،‬عمى محضر التبميغ الرسمي عف طريؽ‬
‫ويثبت إجراء التعميؽ عمى لوحة اإلعبلنات بالمحكمة عف طريؽ تأشيرة رئيس‬
‫ُ‬ ‫التعميؽ‪،‬‬
‫أكدتو نص الفقرة‬
‫أمناء الضبط عمى محضر التبميغ الرسمي عف طريؽ التعميؽ‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫الثالثة مف المادة ‪ 412‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫فإنو عمى المحضر‬
‫واذا كانت قيمة االلتزاـ تتجاوز خمسمائة ألؼ دينار جزائري‪ّ ،‬‬
‫القضائي أف ينشر مضموف عقد التبميغ الرسمي في جريدة يومية وطنية‪ ،‬بعد استصدار‬
‫أمر مف رئيس المحكمة التي يقع فييا مكاف التبميغ يأذف بالنشر‪ ،‬وتقع تكاليؼ النشر عمى‬
‫عاتؽ طالب التبميغ‪ ،‬وفقا لمفقرة الرابعة مف المادة ‪ 412‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫يعد بمثابة تبميغ‬
‫تـ بموجب ىذه اإلجراءات ّ‬
‫وقد اعتبر المشرع أف التبميغ الذي ّ‬
‫تـ بموجب ىذه الطرؽ‪.‬‬
‫شخصي‪ ،‬ويسري أجمو مف تاريخ آخر إجراء ّ‬
‫واذا كاف المدعى عميو يقيـ خارج الوطف‪ ،‬ولو موطف معروؼ ىناؾ‪ ،‬فإف تبميغ‬
‫يتـ وفقا لبلتفاقيات القضائية‪ ،‬وفي حالة عدـ وجود اتفاقيات قضائية بيف‬
‫العريضة إليو ّ‬
‫فيرسؿ التبميغ بالطرؽ الدبموماسية‬
‫الجزائر والبمد الذي يقيـ فيو المدعى عميو في الخارج‪ُ ،‬‬
‫عف طريؽ و ازرة الخارجية‪ ،‬وفؽ ما نصت عميو المادتيف ‪ 415 ،414‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫ولكي يكوف التبميغ الرسمي لمعريضة صحيحا‪ ،‬عمى المحضر القضائي أف يحترـ‬
‫يتـ فيو التبميغ‪ ،‬والمحدد مف قبؿ المشرع في المادة ‪ 416‬مف‬ ‫الوقت الذي يجب أف ّ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث يجب أف يقع التبميغ الرسمي بيف الساعة الثامنة صباحا والثامنة مساء‪ ،‬في‬
‫غير أياـ العطؿ األسبوعية أو الدينية أو الوطنية‪ ،‬وفي حالة الضرورة يستأذف القاضي‬
‫بموجب أمر عمى عريضة‪ ،‬وينوه في التبميغ بإذف القاضي‪.‬‬
‫حدد مراحؿ يجب احتراميا أثناء عممية التبميغ‬
‫أف المشرع ّ‬
‫مما سبؽ يتضح ّ‬
‫ّ‬
‫الرسمي لعريضة الدعوى‪ ،‬أو ألي عقد قضائي أو غير قضائي‪ ،‬بحيث ال يتجاوز‬
‫المحضر القضائي مرحمة عمى مرحمة أخرى‪ ،‬فالمرحمة األولى في التبميغ الرسمي ىي‬
‫مرحمة التبميغ الشخصي لممطموب تبميغو أينما ُوجد‪ ،‬والمرحمة الثانية إذا استحاؿ التبميغ‬
‫يتـ تبميغ أفراد العائمة المقيميف مع المطموب تبميغو في موطنو األصمي‬ ‫الشخصي ّ‬
‫أو المختار‪ ،‬أما المرحمة الثالثة تتعمؽ بحالة رفض المطموب تبميغو استبلـ التبميغ الرسمي‪،‬‬
‫أو رفض التوقيع أو البصمة عمى محضر التبميغ‪ ،‬حيث يقوـ المحضر القضائي بإرساؿ‬
‫التبميغ عف طريؽ رسالة مضمنة مع إشعار باالستبلـ إلى آخر موطف لو‪ ،‬وفي حالة‬
‫رفض مف ليـ صفة تمقي التبميغ استبلـ محضر التبميغ‪ ،‬أو كاف المطموب تبميغو ليس لو‬
‫موطف معروؼ‪ ،‬حيث يقوـ المحضر القضائي بإرساؿ التبميغ عف طريؽ رسالة مضمنة‬
‫ثـ القياـ بتعميؽ التبميغ عمى لوحة اإلعبلنات‬
‫مع إشعار باالستبلـ إلى آخر موطف لو‪ّ ،‬‬
‫بالبمدية والمحكمة التي بيا آخر موطف لممطموب تبميغو‪.‬‬
‫فعمى المحضر القضائي أال ينتقؿ لتبميغ أحد أفراد العائمة إذا كاف التبميغ‬
‫يتـ التبميغ الرسمي شخصيا لموجب المادة ‪408‬‬
‫الشخصي ممكنا‪ ،‬ألف المشرع أوجب أف ّ‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬كما ال يجوز لو أف ينتقؿ إلى إرساؿ التبميغ عف طريؽ البريد والتعميؽ‬
‫ألف‬
‫بالبمدية والمحكمة‪ ،‬إذا أمكف تبميغ أحد أفراد العائمة في الموطف الحقيقي أو المختار‪ّ ،‬‬
‫يعرض محضر التبميغ إلى الطعف فيو بالبطبلف‪،‬‬ ‫حددىا المشرع ّ‬‫تجاوز المراحؿ التي ّ‬
‫ويحمؿ المحضر القضائي المسؤولية عما سببو مف ضرر لممطموب تبميغو‪.1‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.25-24‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪154‬‬
‫ج‪ 2-‬إجراءات التبميغ الرسمي لمنيابة العامة‬
‫المشرع صراحة في دعاوى الطبلؽ وجوب تبميغ المدعى عميو والنيابة‬
‫ّ‬ ‫أوجب‬
‫العامة رسميا بنسخة مف عريضة الدعوى المسجمة أماـ قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬وىو ما نصت‬
‫عميو المادة ‪ 438‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ في فقرتيا األولى‪ ،‬وأجاز المشرع في الفقرة الثانية تبميغ‬
‫النيابة العامة عف طريؽ أمانة الضبط‪.‬‬
‫أف اكتفاء المشرع بالنص صراحة عمى تبميغ النيابة العامة بعريضة الدعوى‬
‫غير ّ‬
‫في دعاوى الطبلؽ فقط‪ ،‬دوف اإلشارة إلى باقي الدعاوى المعروضة عمى قسـ شؤوف‬
‫األسرة‪ ،‬والتي تعتبر النيابة العامة طرفا أصميا فييا وفقا لنص المادة ‪ 03‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬
‫ال يحوؿ دوف قياس األمر عمى باقي قضايا شؤوف األسرة التي تكوف فييا النيابة العامة‬
‫طرفا‪ ،‬وذلؾ مف حيث طريقة تبميغيا بعريضة الدعوى رسميا عف طريؽ المحضر‬
‫القضائي‪ ،‬أو عف طريؽ أمانة الضبط‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أّنو عند دخوؿ ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ حيز التنفيذ في سنة ‪ ،2009‬اختمؼ‬
‫العمؿ بيف المحاكـ فيما يخص تبميغ النيابة العامة‪ ،‬فبعض المحاكـ كانت تشترط النيابة‬
‫العامة فييا تبميغيا بالعريضة بموجب محضر رسمي عف طريؽ المحضر القضائي‪ ،‬وفي‬
‫المدعي في أوؿ جمسة دوف تقديـ محضر التكميؼ بالحضور لجمسة‪،‬‬ ‫حالة حضور ّ‬
‫فإنو يمنح لو أجؿ الستدراؾ ذلؾ‪ ،‬أما البعض‬
‫ومحضر التسميـ الخاص بالنيابة العامة‪ّ ،‬‬
‫اآلخر كاف يعتمد في تبميغيا أمانة الضبط‪ ،‬غير ّأنو مع مرور الوقت تَ َّ‬
‫وح َد العمؿ لدى‬
‫يتـ مباشرة عف طريؽ أمانة الضبط‪ ،‬وال يطالب‬ ‫المحاكـ وأصبح تبميغ النيابة العامة ّ‬
‫أف ذلؾ مف شأنو تخفيؼ األعباء‬
‫المدعي تبميغ النيابة عف طريؽ محضر قضائي‪ ،‬وأعتقد ّ‬
‫عمى المتقاضيف‪ ،‬وذلؾ بتجنيبيـ دفع مصاريؼ التبميغ الخاصة بمحضري التكميؼ‬
‫والتسميـ‪.‬‬
‫المدعي مف إلزامية تبميغ النيابة العامة عف طريؽ المحضر‬
‫وبالتالي عمميا أُعفي ّ‬
‫القضائي‪ ،‬وأصبحت أمانة الضبط ىي مف تقوـ بتبميغو‪ ،‬وذلؾ تخفيفا عمى المتقاضيف‪،‬‬
‫أف المبلحظ‬
‫تـ ذكره في سياؽ الحديث عف دعوى الطبلؽ‪ ،‬إالّ ّ‬ ‫واف كاف ىذا اإلجراء قد ّ‬
‫ّأنو يطبؽ في كؿ قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬باعتبار أف النيابة العامة طرفا أصميا في جميع‬
‫نصت المادة ‪ 438‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى‪" :‬يجب عمى المدعي في‬
‫قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬حيث ّ‬
‫‪155‬‬
‫دعوى الطبلؽ أف يبمغ رسميا المدعى عميو والنيابة العامة بنسخة مف العريضة المشار‬
‫إلييا في المادة ‪ 436‬أعبله‪ .‬ويجوز لو أيضا تبميغ النيابة العامة عف طريؽ كتابة‬
‫الضبط" ‪ ،‬غير أف المشرع اكتفى بوجوب تبميغ عريضة الطبلؽ لمنيابة العامة‪ ،‬لكنو لـ‬
‫يرتب أي جزاء عف عدـ تبميغيا بنسخة مف عريضة الطبلؽ‪.1‬‬
‫د‪ -‬إجراءات التكميف بالحضور لجمسة‬
‫المدعي أو وكيمو أو محاميو إلى مكتب‬
‫بعد تسجيؿ عريضة الدعوى ينتقؿ ّ‬
‫المحضر القضائي‪ ،‬ويسمّـ لو العريضة المسجمة سواء كانت عريضة افتتاحية أو عريضة‬
‫استئناؼ مف أجؿ تبميغيا لمخصوـ‪ ،‬حيث يقوـ المحضر القضائي بتحرير محضريف‬
‫يسمى األوؿ محضر التكميؼ بالحضور لجمسة طبقا لنص المادة ‪ 18‬مف‬ ‫رسمييف‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ويسمى الثاني محضر تسميـ تكميؼ بالحضور لجمسة طبقا لنص المادة ‪ 19‬مف‬
‫ّ‬ ‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬وال تختمؼ إجراءات التكميؼ بالحضور الخاصة بقسـ شؤوف األسرة عف مثيبلتيا‬
‫يتـ تناوليا فيما‬
‫حددىا المشرع‪ ،‬و ّ‬
‫في األقساـ األخرى‪ ،‬حيث يتضمف المحضريف بيانات ّ‬
‫يمي‪:‬‬
‫د‪ 1-‬محضر التكميف بالحضور لجمسة‬
‫يقصد بالتكميؼ بالحضور دعوة المدعى عميو لممثوؿ أماـ المحكمة المرفوعة‬
‫‪2‬‬
‫حدد المشرع البيانات التي يجب أف يتضمنيا محضر التكميؼ‬
‫أماميا الدعوى ‪ ،‬وقد ّ‬
‫بالحضور لجمسة في المادة ‪ 18‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وىي‪:‬‬
‫‪ -‬اسـ المحضر القضائي ولقبو وعنوانو الميني وختمو وتوقيعو وتاريخ التبميغ الرسمي‬
‫وساعتو‪.‬‬
‫‪ -‬اسـ ولقب المدعي وموطنو‪.‬‬
‫‪ -‬اسـ ولقب الشخص المكمؼ بالحضور وموطنو‪.‬‬
‫‪ -‬تسمية وطبيعة الشخص المعنوي ومقره االجتماعي وصفة ممثمو القانوني أو االتفاقي‪،‬‬
‫وىو بياف ال يتعمؽ بتبميغ العرائض التي ترفع أماـ قسـ شؤوف األسرة‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد العزيز سعد‪ ،‬أبحاث تحميمية في قانوف اإلجراءات المدنية الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫فريحة حسيف‪ ،‬المبادئ األساسية في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬ط ‪ ،2‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2013‬ص ‪.21‬‬
‫‪156‬‬
‫‪ -‬تاريخ أوؿ جمسة وساعة انعقادىا‪.‬‬
‫أف المشرع استعمؿ صيغة الوجوب في المادة ‪ 18‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬مما‬ ‫وبالرغـ مف ّ‬
‫يحدد جزاء تخمؼ أحد البيانات المذكورة‪،‬‬
‫يوحي بإلزامية ذكر البيانات المذكورة‪ ،‬إالّ أنو لـ ّ‬
‫أف العبارة التي صيغ‬
‫ولـ يذكر أنيا تحت طائمة البطبلف‪ ،‬ويعتقد األستاذ عبد العزيز سعد ّ‬
‫بأف تخمؼ أحد البيانات أو إغفاؿ ذكره يعيب محضر التكميؼ‬ ‫بيا النص‪ ،‬توحي ّ‬
‫ويعرضو لمطعف فيو بالبطبلف مف المعني أو محاميو‪ ،‬قبؿ إثارة أي دفع في‬
‫بالحضور‪ّ ،‬‬
‫صحة ىذا الدفع وبطبلف المحضر‪ ،‬أف يحكـ‬
‫الموضوع‪ ،‬و ّأنو عمى القاضي إذا تحقّؽ مف ّ‬
‫بعدـ قبوؿ الدعوى لعدـ صحة اإلجراءات المتعمقة بالتكميؼ بالحضور إلى جمسة‪.1‬‬
‫غير أنو بالرجوع إلى نص المادة ‪ 60‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬والتي تنص عمى أنو ال يقرر‬
‫بطبلف األعماؿ اإلجرائية شكبل إالّ إذا نص القانوف صراحة عمى ذلؾ‪ ،‬وعمى مف يتمسؾ‬
‫أقره المشرع كقاعدة عامة تطبؽ متى توفر‬
‫بو أف يثبت الضرر الذي لحقو‪ ،‬وىو مبدأ ّ‬
‫أف تخمّؼ أحد‬
‫شرطي إبطاؿ اإلجراء‪ ،‬وىما وجود نص مع إثبات الضرر‪ ،‬لذا أعتقد ّ‬
‫البيانات المحددة في المادة ‪ 18‬ال يؤدي إلى بطبلف محضر التكميؼ بالحضور‪ ،‬وذلؾ‬
‫لغياب نص صريح يقرر البطبلف‪ ،‬فضبل عف وجوب إثبات الضرر الذي يمحؽ مف‬
‫يتمسؾ بإبطاؿ المحضر‪.‬‬
‫د‪ 2-‬محضر تسميم تكميف بالحضور لجمسة‬
‫ميز المشرع في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية بيف محضر التكميؼ‬
‫ّ‬
‫حدد المشرع في المادة ‪ 19‬مف‬
‫بالحضور ومحضر تسميـ التكميؼ بالحضور‪ ،‬حيث ّ‬
‫يتـ ذكرىا في محضر التسميـ‪ ،‬الذي يحرره المحضر القضائي‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ البيانات التي ّ‬
‫بمناسبة تسميمو لمتكميؼ بالحضور لجمسة‪ ،‬حيث يتضمف البيانات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬اسـ ولقب المحضر القضائي‪ ،‬وعنوانو الميني وختمو وتوقيعو‪ ،‬وتاريخ التبميغ الرسمي‬
‫وساعتو‪.‬‬
‫‪ -‬اسـ ولقب المدعي وموطنو‪.‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.46‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪157‬‬
‫‪ -‬اسـ ولقب الشخص المبمغ لو وموطنو‪ ،‬واذا تعمؽ األمر بشخص معنوي يشار إلى‬
‫تسميتو وطبيعتو ومقره االجتماعي‪ ،‬واسـ ولقب وصفة الشخص المبمغ لو‪.‬‬
‫‪ -‬توقيع المبمغ لو عمى المحضر‪ ،‬واإلشارة إلى طبيعة الوثيقة المثبتة ليويتو‪ ،‬مع بياف‬
‫رقميا‪ ،‬وتاريخ صدورىا‪.‬‬
‫‪ -‬تسميـ التكميؼ بالحضور إلى المبمغ لو‪ ،‬مرفقا بنسخة مف العريضة االفتتاحية‪ ،‬مؤشر‬
‫عمييا مف أميف الضبط‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشارة في المحضر إلى رفض استبلـ التكميؼ بالحضور‪ ،‬أو استحالة تسميمو‪،‬‬
‫أو رفض التوقيع عميو‪.‬‬
‫‪ -‬وضع بصمة المبمغ لو في حالة استحالة التوقيع عمى المحضر‪.‬‬
‫بأن و في حالة عدـ امتثالو لمتكميؼ بالحضور‪ ،‬سيصدر حكـ ضده‪،‬‬
‫‪ -‬تنبيو المدعى عميو ّ‬
‫بناء عمى ما قدمو المدعي مف عناصر‪.‬‬
‫إف أوؿ ما يمفت االنتباه مف خبلؿ ما اشترط المشرع ذكره مف بيانات‪ ،‬سواء في‬
‫ّ‬
‫محضر التكميؼ بالحضور أو في محضر التسميـ‪ ،‬ىو عدـ ذكر بياف المحكمة والقسـ‬
‫التي رفعت أماميا الدعوى‪ ،‬مع أىمية ىذا البياف بالنسبة لممطموب تبميغو حتى يحضر‬
‫الجمسة‪ ،‬لذا أعتقد ضرورة إضافة ىذا البياف في محضر التكميؼ بالحضور ألىميتو‪،‬‬
‫وذلؾ عند تعديؿ ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬واف كاف المحضروف القضائيوف يذكرونو في محضر التكميؼ‬
‫بالحضور حتى ولو لـ يشترطو المشرع‪.‬‬
‫كما أوجب المشرع بموجب الفقرة الثالثة مف المادة ‪ 16‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ احتراـ فترة‬
‫زمنية بيف تاريخ تسميـ التكميؼ بالحضور وبيف تاريخ أوؿ جمسة‪ ،‬وىي أجؿ عشريف يوما‪،‬‬
‫بأف عدـ‬
‫ما لـ ينص المشرع عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬وجاء النص بصيغة الوجوب‪ ،‬مما يوحي ّ‬
‫احتراـ ىذا األجؿ يخوؿ لممدعى عميو الدفع بعدـ قبوؿ الدعوى شكبل بسبب عدـ احتراـ‬
‫ىذا األجؿ‪ ،‬وعدـ تمكيف المدعى مف الوقت الكافي إلعداد وسائؿ دفاعو‪ ،‬غير ّأنني أعتقد‬
‫بأف عدـ نص المشرع صراحة عمى جواز التمسؾ بعدـ احتراـ ىذا األجؿ كمبرر لمدفع‬ ‫ّ‬
‫بإبطاؿ إجراء التكميؼ بالحضور لجمسة‪ ،‬ال يخوؿ المدعى عميو التمسؾ بو‪ ،‬والمبلحظ مف‬
‫خبلؿ الحياة العممية أف أغمب القضاة إف لـ نقؿ كميـ ال يأخذوف بيذا الدفع مف أجؿ عدـ‬
‫أف حضور المدعى عميو أو محاميو لمجمسة يحقؽ‬
‫قبوؿ الدعوى‪ ،‬حيث يعتبر القضاة ّ‬
‫‪158‬‬
‫أف المدعى عميو ليس ممزما بجواب المدعي في‬
‫الغرض مف التكميؼ بالحضور‪ ،‬خاصة و ّ‬
‫أوؿ جمسة‪.‬‬
‫تـ ذكره بخصوص جزاء تخمؼ أو إغفاؿ أحد البيانات أو إغفاليا في‬ ‫أف ما ّ‬
‫كما ّ‬
‫محضر التكميؼ بالحضور‪ُ ،‬ي ْذ َك ُر أيضا فيما يخص جزاء تخمؼ أو إغفاؿ أحد البيانات‬
‫أف الدفع ببطبلف إجراء تسميـ تكميؼ بالحضور لجمسة‬‫الخاصة بمحضر التسميـ‪ ،‬إذ ّ‬
‫لتخمؼ أو إغفاؿ أحد البيانات المحددة في المادة ‪ 19‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬والحكـ بعدـ قبوؿ‬
‫الدعوى شكبل كجزاء لذلؾ‪ ،‬يتطمب وجود نص صريح ببطبلف اإلجراء جزاء لتخمؼ أحد‬
‫البيانات‪ ،‬مع إثبات الضرر الذي لحؽ المدعى عميو‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 60‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫واف كاف بعض الفقياء يرى جواز الحكـ بعدـ قبوؿ الدعوى شكبل‪ ،‬إذا تخمؼ أو أغفؿ أحد‬
‫البيانات المنصوص عمييا في المادة ‪ 19‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬إذا دفع بذلؾ المدعى عميو قبؿ‬
‫إثارة أي دفع في الموضوع‪.1‬‬
‫بعد استيفاء اإلجراء المتعمؽ بتبميغ عريضة الدعوى وذلؾ عف طريؽ تبميغ‬
‫المدعى عميو التكميؼ بالحضور‪ ،‬وتسميمو إياه بموجب محضر التسميـ‪ ،‬يترتب عمى ذلؾ‬
‫انعقاد الخصومة‪ ،‬وحضور األطراؼ أو وكبلئيـ أو محامييـ لمجمسة‪ ،‬حيث يعتبر الحكـ‬
‫الصادر بعد انعقاد الخصومة حكما سميما حتى لو لـ يحضر المدعى عميو الذي ُكمؼ‬
‫صح إجراء التكميؼ بالحضور‬
‫ّ‬ ‫ألف الخصومة تنعقد متى‬‫بالحضور بطريقة صحيحة‪ّ ،‬‬
‫فإف‬
‫المدعي عف القياـ بإجراء تبميغ التكميؼ بالحضور ّ‬
‫لممطموب تبميغو‪ ،‬أما إذا تقاعس ّ‬
‫القاضي يحكـ بشطب الدعوى‪.‬‬
‫ىذه ىي أىـ اإلجراءات المتعمقة بتحرير عريضة الدعوى أماـ قسـ شؤوف األسرة‪،‬‬
‫ثـ مف حيث تبميغيا لممدعى عميو وتكميفو بالحضور‬
‫وكيفية قيدىا بالمحكمة المختصة‪ّ ،‬‬
‫إلى الجمسة‪.‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.49‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪159‬‬
‫ثانيا‪ -‬الخصوصية المتعمقة بشروط قبول دعاوى شؤون األسرة‬
‫كما سبؽ ذكره تخضع دعاوى شؤوف األسرة كغيرىا مف الدعاوى إلى الشروط‬
‫خاصة بدعاوى‬
‫ّ‬ ‫واإلجراءات المحددة في ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬إال أف ذلؾ ال يمنع مف وجود شروط‬
‫شؤوف األسرة المتعمقة بالزواج‪ ،‬تتعمؽ بضرورة تقديـ نسخة مف عقد الزواج‪ ،‬وأىمية خاصة‬
‫سرية‪ ،‬واعفاء قضايا شؤوف األسرة‬
‫لمتقاضي‪ ،‬ونظر بعض قضايا شؤوف األسرة في جمسة ّ‬
‫واستثنائيا مف ضرورة التمثيؿ الوجوبي بواسطة محامي في مرحمة االستئناؼ‪ ،‬والزامية‬
‫إدخاؿ النيابة العامة كطرؼ في دعاوى شؤوف األسرة‪.‬‬
‫‪ -1‬شرط تقديم نسخة من عقد الزواج‬
‫مف أجؿ قبوؿ الدعاوى الناشئة عف عقد الزواج‪ ،‬البد عمى رافع الدعوى سواء‬
‫كاف الزوج أو الزوجة أف يقدـ نسخة مف عقد الزواج‪ ،‬حيث ُي َح َّرُر عقد الزواج أماـ الموثؽ‬
‫أو أماـ موظؼ مؤىؿ قانونا وفقا لممادة ‪ 18‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 71‬مف قانوف‬
‫الحالة المدنية عمى اختصاص ضباط الحالة المدنية والموثقيف عمى تحرير عقود الزواج‪،‬‬
‫كما يختص األعواف الدبموماسيوف أو قناصؿ الجزائر بتحرير عقود الزواج الجزائرييف‬
‫بالخارج وفقا ألحكاـ المواد ‪ 103 ،97 ،96‬مف قانوف الحالة المدنية‪.‬‬
‫فالوثيقة الرسمية التي يثبت بيا الزواج ىي تمؾ التي تصدر عف موظؼ مختص‬
‫ومؤىؿ قانونا‪ ،‬وىو ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ أو القنصؿ‪ ،‬وتستخرج مف سجبلت‬
‫تـ‬
‫الحالة المدنية (نسخة طبؽ األصؿ)‪ ،‬حيث تحمؿ ىذه الوثيقة الرسمية اسـ البمدية التي ّ‬
‫ت سجيميا في سجبلتيا‪ ،‬وموقعة مف قبؿ ضابط الحالة المدنية‪ ،‬وتستخرج دوف رسوـ وال‬
‫يتـ تسجيؿ‬
‫مصاريؼ‪ ،‬أما غيرىا مف الوثائؽ والمحررات فبل يثبت بيا الزواج‪ ،‬واذا لـ ّ‬
‫فإنو يثبت بحكـ قضائي‪ ،‬والذي يجب عمى النيابة العامة أف تسعى بعد ذلؾ‬ ‫الزواج ّ‬
‫لتسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وفقا لممادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬فإف كاف الزواج المبرـ‬
‫بيف الزوجيف زواجا عرفيا‪ ،‬فإنو ال يمكنيما رفع دعوى تتعمؽ بآثار الزوجية‪ ،‬كالنفقة‬
‫أو النسب أو الحضانة أو السكف أو طمب الطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬إالّ بعد أف يقوما‬
‫ويتـ‬
‫برفع دعوى مف أجؿ طمب إثبات الزواج العرفي المبرـ بينيما‪ ،‬ويصدر الحكـ بذلؾ‪ّ ،‬‬
‫تسجيمو في سجبلت الحالة المدنية حتى يتمكنا مف رفع دعوى تتعمؽ بآثار عقد الزواج‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫أف الزوج أو الزوجة الذي يرفع دعوى أماـ قسـ شؤوف األسرة تتعمؽ بآثار‬
‫كما ّ‬
‫عقد الزواج‪ ،‬ولـ يقدـ نسخة طبؽ األصؿ مف عقد الزواج مستخرجة مف سجبلت الحالة‬
‫المدنية‪ ،‬فإف دعواه مآليا عدـ القبوؿ والرفض‪ ،‬لعدـ ثبوت صفة الزوجية في رافع الدعوى‪.‬‬
‫إ ّف الزوجة التي ال تممؾ عقد زواج موثؽ‪ ،‬ليس عمييا أف تثبت أماـ القضاء‬
‫الحالة االستثنائية التي منعتيا مف توثيؽ عقد الزواج‪ ،‬أو القوة القاىرة التي حالت دوف‬
‫تحريره لدى الموثؽ أو ضابط الحالة المدنية في وقتو‪ ،‬حتى تُسمع دعواىا أماـ المحكمة‪،‬‬
‫بؿ يقبؿ منيا وسائؿ اإلثبات المقررة قضاء في إثبات الزواج العرفي‪ ،‬وىو تقديـ شاىديف‬
‫يشيداف باستيفاء الزواج كافّة األركاف والشروط المحددة في المادة ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف‬
‫ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫إف نص المادة ‪ 194‬مف القانوف المدني الفرنسي تشترط نفس الشرط مف أجؿ‬ ‫ّ‬
‫إثبات صفة الزوج أو المطالبة بما يترتب عمى الزواج مف آثار‪ ،‬حيث ال يجوز ألحد أف‬
‫يقدـ نسخة مف عقد زواج‬
‫يدعي أنو زوج أو يطالب بما يترتب عمى الزواج مف آثار ما لـ ّ‬
‫ّ‬
‫مسجؿ أو مقيد في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وىو ما يقابمو المادة الخامسة مف القانوف‬
‫‪ 63-224‬الصادر بتاريخ ‪ ،1963/06/29‬التي ما تزاؿ سارية المفعوؿ‪ ،‬ما داـ قانوف‬
‫األسرة لـ يمغييا صراحة أو ضمنا‪.1‬‬
‫المدعي نسخة مف عقد الزواج‬
‫تتـ بتقديـ ّ‬
‫فإثبات الصفة في دعاوى شؤوف األسرة ّ‬
‫مستخرجة مف سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وىو أمر ضروري والزـ مف أجؿ قبوؿ الدعوى‪.‬‬
‫‪ -2‬شرط أىمية خاصة لمتقاضي‬
‫سنا‬
‫ربط بعض الفقياء اكتماؿ أىمية الرجؿ والمرأة لمزواج بالبموغ‪ ،‬ولـ يحددوا ّ‬
‫أف جميور الفقياء‬ ‫معينا لو‪ ،‬بؿ لو عبلمات كاالحتبلـ لمرجؿ والحيض لممرأة‪ ،‬غير ّ‬
‫سف البموغ ىو ‪ 15‬خمسة عشر سنة لمرجؿ والمرأة‪ ،‬في حيف أف الفقو المالكي‬
‫أف ّ‬
‫اعتبروا ّ‬
‫ذىب إلى أف نياية البموغ ىو سف ‪ 18‬ثمانية عشر عاما لمرجؿ والمرأة‪.2‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة في ثوبو الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.74‬‬ ‫‪1‬‬

‫الشيخ عبد السميع اآلبي األزىري‪ ،‬جواىر اإلكميؿ شرح العبلمة خميؿ‪ ،‬ج ‪ ،0‬ط ‪ ،0‬دار الفكر‪ ،‬بيروت لبناف‪،1995 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪.79‬‬
‫‪161‬‬
‫فإف المشرع كاف يحدد اكتماؿ أىمية‬
‫وبالرجوع إلى قانوف األسرة قبؿ التعديؿ‪ّ ،‬‬
‫الرجؿ لمزواج ببموغو سف ‪ 21‬سنة‪ ،‬واكتماؿ أىمية المرأة لمزواج ببموغيا سف ‪ 19‬سنة‪،‬‬
‫السف لمصمحة أو ضرورة‪ ،‬غير أنو بعد تعديؿ‬‫ّ‬ ‫يرخص بالزواج قبؿ ىذه‬
‫ولمقاضي أف ّ‬
‫وحد المشرع أىمية الزواج بيف الرجؿ والمرأة‪ ،‬وربطيا ببموغيما سف‬
‫المادة ‪ 07‬مف ؽ‪.‬أ ّ‬
‫الرشد ‪ 19‬تسعة عشر سنة‪ ،‬وأعطى السمطة التقديرية لمقاضي في الترخيص بالزواج قبؿ‬
‫السف إذا اقتضت مصمحة أو ضرورة ذلؾ‪ ،‬وتأ ّكد مف قدرة الطرفيف عمى الزواج‪،‬‬
‫بموغ ىذه ّ‬
‫حيث يقدـ ولي الزوج القاصر أو وصيو طمبا إلى رئيس المحكمة المختصة‪ ،‬مبينا‬
‫األسباب التي تدعـ طمبو مف أجؿ الترخيص بالزواج لمقاصر‪ ،‬بعد التأكد مف توافر شرط‬
‫المصمحة أو الضرورة والقدرة عمى الزواج‪.1‬‬
‫معينا كحد أدنى لمزواج‪ ،‬والذي ال يجوز لمقاضي الترخيص‬
‫سنا ّ‬
‫ولـ يحدد المشرع ّ‬
‫قبمو‪ ،‬بؿ ترؾ السمطة التقديرية لمقاضي مفتوحة غير محددة بحد أدنى‪ ،‬عكس ما فعمو‬
‫المشرع المصري الذي جعؿ الحد األدنى لسف الزواج ‪ 15‬خمسة عشر سنة‪.‬‬
‫سف الزواج‪ ،‬يقدميا ولي القاصر لضابط‬ ‫وبعد استصدار رخصة اإلعفاء مف ّ‬
‫الحالة المدنية أو الموثؽ مف أجؿ تحرير عقد الزواج‪ ،‬ىذا األخير عميو أف يشير إلى ىذه‬
‫يضميا إلى أصؿ العقد المسجؿ في سجؿ‬
‫ّ‬ ‫الرخصة في عقد الزواج‪ ،‬ويحتفظ بنسخة منو‬
‫عقود الزواج‪.2‬‬
‫أقر المشرع بموجب نص الفقرة الثانية مف المادة ‪ 07‬مف ؽ‪.‬أ اكتساب الزوج‬
‫كما ّ‬
‫القاصر أىمية التقاضي فيما يتعمؽ بآثار عقد الزواج مف حقوؽ والتزامات‪ ،‬ويقصد بأىمية‬
‫التقاضي أو األىمية اإلجرائية صبلحية الشخص ألف يكوف طرفا في خصومة‪ ،‬سواء كاف‬
‫مدعيا أو مدعى عميو‪ ،‬أي صبلحية الشخص ألف يقوـ باألعماؿ اإلجرائية باسمو‬
‫أو لمصمحتو أو لمصمحة غيره كرفع الدعوى ومباشرة إجراءات الخصومة كحضور‬
‫القيـ‬
‫وصيو أو ّ‬
‫ّ‬ ‫وليو أو‬
‫الجمسات‪ ،‬واذا لـ تتوفر لدى الشخص أىمية التقاضي‪ ،‬ناب عنو ّ‬
‫عميو في القياـ بيذه األعماؿ اإلجرائية أماـ القضاء‪.‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة الج ازئري في ثوبو الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.26‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪162‬‬
‫وتتوفر أىمية التقاضي لكؿ مف لديو أىمية األداء‪ ،‬وىي صبلحية الشخص لمقياـ‬
‫باألعماؿ والتصرفات القانونية بنفسو مع سرياف آثارىا في حقو‪ ،‬حيث يكوف الشخص‬
‫سف التمييز ‪13‬‬ ‫عديـ األىمية إذا لـ يبمغ سف التمييز ‪ 13‬سنة‪ ،‬وناقص األىمية إذا بمغ ّ‬
‫سنة ولـ يبمغ ‪ 19‬سنة‪ ،‬وكامؿ األىمية إذا بمغ سف الرشد ‪ 19‬سنة متمتعا بقواه العقمية‬
‫وغير محجور عميو‪.‬‬
‫وتكمف الخصوصية في ىذا المجاؿ‪ ،‬في منح المشرع الجزائري لمقاصر الذي‬
‫ص لو بالزواج أىمية التقاضي فيما يخص آثار عقد الزواج فقط‪ ،‬كرفع الزوجة المر ّشدة‬
‫ُرّخ َ‬
‫دعوى مف أجؿ طمب النفقة أو إثبات النسب‪ ،‬أو طمب إرجاع الزوجة إلى مسكف الزوجية‪،‬‬
‫شؽ استحدثو‬‫أو طمب الفصؿ في نزاع يتعمؽ باألمواؿ المشتركة بيف الزوجيف‪ ،‬وىو ّ‬
‫أف ىذا االستثناء‬
‫المشرع بموجب الفقرة الثانية مف المادة السابعة مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وبالتالي أعتقد ّ‬
‫مقيد بقيود وضوابط وجب احتراميا‪ ،‬ومحدود بحدود ال يجب تجاوزىا‪،‬‬
‫المشرع ّ‬ ‫أقره‬
‫الذي ّ‬
‫الزوج القاصر يكتسب أىمية التقاضي فيما يخص القضايا المتعمقة بالحقوؽ‬
‫أف‬
‫أىميا ّ‬
‫وااللتزامات التي تعتبر كآثار لعقد الزواج فقط‪ ،‬وال تتعدى إلى القضايا األخرى‬
‫كالتصرفات المالية لمقاصر‪ ،‬أو اآلثار المترتبة عمى فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أو القضايا‬
‫أف عقد الزواج لـ يبرـ بعد‪ ،‬وال يحتاج القاصر لترخيص مف‬
‫المتعمقة بالخطبة باعتبار ّ‬
‫القضاء مف أجؿ إبراـ الخطبة‪.‬‬
‫بأف القاصر الذي ُرّخص لو بالزواج يحؽ لو بموجب الفقرة ‪ 02‬مف‬‫إف االعتقاد ّ‬‫ّ‬
‫المادة ‪ 07‬سالفة الذكر أف يرفع دعوى مف أجؿ الطبلؽ سواء باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬أو‬
‫ب‬‫عف طريؽ التطميؽ‪ ،‬أو عف طريؽ الخمع‪ ،‬أو بالتراضي‪ ،‬ىو اعتقاد خاطئ وأمر ُمجانِ ٌ‬
‫ألف المشرع ر ّشد القاصر المرخص لو بالزواج ومنحو أىمية التقاضي فيما‬ ‫لمصواب‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة‬ ‫يخص آثار عقد الزواج مف حقوؽ والتزامات فقط‪ ،‬ورفعُ دعوى مف أجؿ ف ّ‬
‫الزوجية ال تدخؿ في آثار عقد الزواج‪ ،‬وال ىي مف حقوقو وال مف التزاماتو‪ ،‬فالطبلؽ‬
‫خاصة‪ ،‬وتترتب عنو آثار‬
‫ّ‬ ‫يعد مف آثاره‪ ،‬وىو منظّـ بأحكاـ‬
‫تصرؼ مستقؿ عف الزواج وال ّ‬
‫خاصة‪ ،‬كالعدة والنفقة والتعويض والحضانة‪.1‬‬

‫فاسي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.184‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪163‬‬
‫إف أىمية التقاضي المشار إلييا في الفقرة الثانية مف المادة السابعة مف ؽ‪.‬أ‬
‫ّ‬
‫يحؽ لمقاصر رفع دعوى مف‬
‫ال تنصرؼ إلى مباشرة إجراءات طمب الطبلؽ‪ ،‬وبالتالي ال ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أو أف ترفع دعوى ضده مباشرة مف أجؿ فؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫أجؿ ف ّ‬
‫توجو الدعوى ضده الولي أو المقدـ القائـ في حؽ القاصر‪ ،‬وقد فصؿ‬ ‫بؿ يجب أف ّ‬
‫المشرع في المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ في ذلؾ‪ ،‬حيث ّبيف ّأنو إذا أراد الزوج ناقص األىمية‬
‫مقدمو‬
‫وليو أو ّ‬
‫قدـ باسـ الزوج القاصر مف قبؿ ّ‬
‫فإف ىذا الطمب ي ّ‬
‫رفع دعوى الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫يحؽ لناقص األىمية مباشرة إجراءات‬
‫ّ‬ ‫حسب الحالة‪ ،‬لذا يجب التنبو لذلؾ‪ ،‬بحيث ال‬
‫الطبلؽ باسمو‪ ،‬بؿ ينوب عنو وليو أو مقدمو‪.‬‬
‫ويشمؿ نص المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ دعوى الطبلؽ سواء كاف باإلرادة المنفردة‬
‫لمزوج أو بالتراضي أو عف طريؽ التطميؽ أو عف طريؽ الخمع‪ ،‬غير أنني أعتقد أف رفع‬
‫وليو‪ ،‬ىو عبارة عف نيابة شكمية فقط‪ ،‬وال‬
‫دعوى الطبلؽ باسـ الزوج القاصر مف قبؿ ّ‬
‫تعني البتّة أف ينوب الولي عف مف ىو تحت واليتو في موضوع الطبلؽ‪ ،‬وال تشترؾ إرادتو‬
‫مع إرادة الزوج القاصر في توقيع الطبلؽ‪ ،‬فالولي ال تربطو أية عبلقة شرعية أو قانونية‬
‫مع زوج مولّيو‪ ،‬وبالتالي فالقاضي عند نظره دعوى الطبلؽ يتأ ّكد مف إرادة الزوج القاصر‬
‫أكده موقؼ الحنفية‪ ،‬إذ ليس‬
‫في طمب الطبلؽ‪ ،‬وال اعتبار إلرادة الولي في ذلؾ‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫موليو‪.1‬‬
‫لولي الزوج القاصر أف يطمّؽ زوج ّ‬‫ّ‬
‫يحؽ ل مزوج القاصر رفع دعوى مف أجؿ المطالبة بالتعويض عف الضرر‬
‫كما ال ّ‬
‫الناتج عف العدوؿ عف الخطبة ألنيا ال تعتبر مف آثار الزواج‪ ،‬بؿ ىي مقدمة مف‬
‫مقدماتو‪ ،‬وألف اإلقداـ عمى الخطبة ال يحتاج إلى ترشيد مف القاضي‪ ،‬وانما يمنح الترشيد‬
‫مف أجؿ إبراـ عقد الزواج فقط‪ ،‬والخطبة مقدمة عمى إبراـ العقد‪ ،‬فالقاصر ال يتمتع‬
‫باألىمية لرفع مثؿ ىذه الدعاوى لعدـ اكتماؿ أىميتو‪ ،‬التي ىي شرط مف شروط مباشرة‬
‫الدعوى‪ ،‬وما عميو إال أف يتدخؿ الولي ليرفعيا باسمو‪.2‬‬

‫محمد قدري باشا‪ ،‬األحكاـ الشرعية في األحواؿ الشخصية‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار ابف حزـ‪ ،‬بيروت‪ ،2007 ،‬ص ‪.83‬‬ ‫‪1‬‬

‫مسعودة نعيمة إلياس‪ ،‬التعويض عف الضرر في بعض مسائؿ الزواج والطبلؽ‪- ،‬دراسة مقارنة‪ -‬رسالة لنيؿ شيادة‬ ‫‪2‬‬

‫الدكتوراه في القانوف الخاص‪ ،‬جامعة أبي بكر بمقايد‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،2010-2009 ،‬ص ‪.325‬‬
‫‪164‬‬
‫أف ثبوت أىمية التقاضي لمقاصر الذي ُرّخص لو في الزواج تبقى منحصرة‬ ‫كما ّ‬
‫في المسائؿ المتعمقة بآثار الزواج فيباشر مختمؼ إجراءات الدعوى المتعمقة بآثار الزواج‪،‬‬
‫أف ذلؾ‬‫فيرفع الدعوى‪ ،‬ويحضر الجمسات‪ ،‬ويستخرج الحكـ‪ ،‬ويعمؿ عمى تنفيذه‪ ،‬غير ّ‬
‫ال يمتد إلى أمواؿ القاصر‪ ،‬فالذي لـ يبمغ ‪ 19‬تسعة عشر سنة يعتبر ناقص األىمية‬
‫أو عديميا – حسب األحواؿ‪ ،-‬وليست لو أىمية التقاضي فيما يخص أموالو إال إذا بمغ‬
‫سف الرشد متمتعا بكامؿ قواه العقمية ولـ يحجر عميو‪ ،‬ومقابؿ الخمع يعتبر مف التصرفات‬
‫ّ‬
‫المالية‪ ،‬ويخضع لمقواعد العامة لتصرفات القاصر المالية الواردة في المادة ‪ 83‬مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬
‫والتي تميز في تصرفات ناقص األىمية بيف التصرفات النافعة لو فتكوف نافذة‪ ،‬والتصرفات‬
‫الضارة بو فتكوف باطمة‪ ،‬أما التصرفات المترددة بيف النفع والضرر فتكوف متوقفة عمى‬
‫وصيو‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وليو أو‬
‫إجازة ّ‬
‫وقد اُ ِ‬
‫نتق َد موقؼ المشرع في ترشيده القاصر بالنسبة آلثار الزواج بموجب المادة‬
‫‪ 07‬الفقرة ‪ 02‬مف ؽ‪.‬أ مف جية‪ ،‬ومنعو مف مباشرة دعوى فؾ الرابطة الزوجية بموجب‬
‫أف ذلؾ يعد انتكاسا لممشرع‬
‫المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ مف جية أخرى‪ ،‬حيث يرى البعض ّ‬
‫قرره في األمر ‪ 02-05‬المتضمف تعديؿ قانوف األسرة‪ ،‬أيف ر ّشد الزوج القاصر‬
‫عما ّ‬
‫ّ‬
‫أي دعوى ترمي إلى تطبيؽ آثار عقد الزواج مف حقوؽ والتزامات‪،‬‬
‫ومنحو حؽ مباشرة ّ‬
‫وسمبو حؽ طمب الطبلؽ الذي يعتبر حقا ناشئا عف عقد الزواج‪ ،‬ولو كاف ىذا الطمب‬
‫ييدؼ إلى إنياء عقد الزواج نفسو‪ ،1‬غير ّأنني أعتقد أف طمب الطبلؽ ال يعتبر أث ار مف‬
‫المشرع أصاب حيف حرـ الزوج ناقص األىمية مف مباشرة دعوى فؾ‬ ‫ّ‬ ‫أف‬
‫آثار الزواج‪ ،‬و ّ‬
‫أف المشرع لـ يحرمو مف‬ ‫الرابطة الزوجية بنفسو‪ ،‬نظ ار لخطورة اآلثار المترتبة عمييا‪ ،‬كما ّ‬
‫ؾ الرابطة‬‫قدـ طمب ف ّ‬ ‫تعيف ذلؾ‪ ،‬واّنما اشترط فقط أف ُي ّ‬ ‫طمب فؾ الرابطة الزوجية إذا ّ‬
‫‪2‬‬
‫الولي أو‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫ّ‬ ‫عتقد‬ ‫أ‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫مقدمو حسب الحالة‬
‫وليو أو ّ‬
‫الزوجية باسـ الزوج القاصر مف قبؿ ّ‬
‫أف ىذا‬
‫المقّدـ سيتعسؼ في تقديـ الطمب إذا تض ّرر مف ىو تحت واليتو مف الزواج‪ ،‬إذ ّ‬
‫تبصر أو تعقؿ مف الزوج ناقص‬ ‫ّ‬ ‫الشرط يش ّكؿ حماية لمعبلقة الزوجية مف حمّيا دوف‬
‫األىمية‪.‬‬

‫مراد كاممي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.71‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر المادة ‪ 437‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪165‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ الطبلؽ باإلرادة‬
‫فإف ف ّ‬
‫وخبلصة القوؿ فيما سبؽ‪ّ ،‬‬
‫المنفردة أو التطميؽ أو الخمع يشترط فيو توافر األىمية إليقاعو‪ ،‬والزوج القاصر المرخص‬
‫لو بالزواج يحؽ لو مف الناحية الموضوعية طمب الطبلؽ‪ ،‬غير أنو مف الناحية الشكمية‬
‫يشترط رفع الدعوى باسمو مف طرؼ وليو‪ ،‬ودوف التدخؿ في إرادتو‪.‬‬
‫أف المشرع نص في المادة ‪ 432‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى عدـ جواز‬
‫كما تجدر اإلشارة ّ‬
‫تقديـ طمب الطبلؽ بالتراضي إذا كاف أحد الزوجيف تحت وضع التقديـ‪ ،‬أو ظير عميو‬
‫اختبلؿ في قدراتو الذىنية تمنعو مف التعبير عف إرادتو‪ ،‬بحيث يجب إثبات ىذا االختبلؿ‬
‫مختص‪ ،‬ألف ىذا االختبلؿ يفقده التمييز‪ ،‬وفاقد األىمية ال يمكف االعتداد‬
‫ّ‬ ‫مف قبؿ طبيب‬
‫بإرادتو‪.‬‬
‫كما ُيطرح موضوع ترخيص القاصر بالزواج ومنحو األىمية لمتقاضي فيما يتعمؽ‬
‫يخص أثر انحبلؿ الرابطة الزوجية‬
‫ّ‬ ‫بآثار عقد الزواج مف حقوؽ والتزامات‪ ،‬تساؤال فيما‬
‫عمى األىمية الخاصة التي منحيا المشرع لمقاصر المرخص لو بالزواج؟ أي ما مدى تأثير‬
‫سف الرشد عمى أىمية الزوج القاصر‬
‫انحبلؿ الرابطة الزوجية بالطبلؽ أو الوفاة قبؿ بموغو ّ‬
‫لمتقاضي؟ سواء فيما يخص بعض آثار الزواج‪ ،‬كالمطالبة بحقو في مؤخر الصداؽ‪،‬‬
‫أو المطالبة بنصيبو في األمواؿ المشتركة المكتسبة خبلؿ الحياة الزوجية؟ أو مدى أىميتو‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬كدعوى المطالبة‬
‫لمتقاضي فيما يخص الدعاوى المتعمقة بآثار ف ّ‬
‫بالتعويض عف الطبلؽ التعسفي‪ ،‬أو نفقة العدة‪ ،‬أو نفقة األوالد المحضونيف‪ ،‬أو المطالبة‬
‫بسكف لممارسة الحضانة؟‬
‫لئلجابة عمى التساؤؿ انقسـ الفقو إلى رأييف‪:1‬‬
‫بأف األىمية حؽ مكتسب ال يزوؿ بزواؿ‬ ‫ٍ‬
‫الرأي األوؿ‪ :‬يرى جانب مف الفقو ّ‬
‫أف المشرع اعتبر القاصر المرخص لو بالزواج يتمتع باألىمية‬ ‫الرابطة الزوجية‪ ،‬وبما ّ‬
‫فإف ىذه األىمية‬
‫بمجرد إبراـ الزواج فيما يخص آثار عقد الزواج مف حقوؽ والتزامات‪ّ ،‬‬
‫تستمر معو فيما يخص ىذه اآلثار إلى ما بعد فؾ الرابطة الزوجية بالطبلؽ أو الوفاة‪.‬‬

‫ليث الصباغ‪ ،‬النظاـ القانوني لمصبي المأذوف لو في التجارة‪ ،‬منشورات الحمبي‪ ،‬بيروت‪ ،2005 ،‬ص ‪ 45‬وما بعدىا‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪166‬‬
‫أف انحبلؿ عقد الزواج يعيد أط ارفو إلى ما كانوا عميو‬
‫الرأي الثاني‪ :‬يرى أصحابو ّ‬
‫أف الزوج القاصر يرجع إلى األىمية التي كاف عمييا قبؿ الترخيص لو‬ ‫قبؿ إبرامو‪ ،‬أي ّ‬
‫ألنيا مقررة بنص خاص واستثنائي‪ ،‬منحت لمقاصر في حدود معينة وبشروط‬‫بالزواج‪ّ ،‬‬
‫التقيد بضوابطيا‪ ،‬وعدـ التوسع في تفسير النصوص االستثنائية‪،‬‬
‫مخصوصة‪ ،‬وأنو يجب ّ‬
‫المرخص لو بالزواج تزوؿ بزواؿ صفة الزوجية عنو‪ ،‬ويصبح قاص ار إلى غاية‬
‫ّ‬ ‫فأىمية‬
‫بموغو سف الرشد مكتمؿ القدرات العقمية‪.‬‬
‫غير أنني أعتقد ّأنو يجب تحديد موضوع الدعوى لمعرفة ىؿ يحؽ لمزوج‬
‫القاصر أف يباشرىا بنفسو ويكوف أىبل لمتقاضي فييا بعد انحبلؿ الرابطة الزوجية بالطبلؽ‬
‫أو الوفاة أـ ال؟ فإذا كاف موضوع الدعوى يدخؿ ضمف آثار عقد الزواج مف حقوؽ‬
‫والتزامات‪ ،‬كطمب مؤخر الصداؽ أو طمب نصيب الزوج في األمواؿ المشتركة المكتسبة‬
‫فإف الزوج ناقص األىمية يبقى أىبل لمتقاضي فييا حتى لو انحمت‬‫خبلؿ الحياة الزوجية‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية كالمطالبة‬ ‫صّْن َ‬
‫ؼ موضوع الدعوى ضمف آثار ف ّ‬ ‫الرابطة الزوجية‪ ،‬أما لو ُ‬
‫نص الفقرة الثانية مف المادة السابعة ال يشمميا‪،‬‬
‫فإنني أعتقد أف ّ‬
‫بتوابع الطبلؽ مثبل‪ّ ،‬‬
‫وليو أف يباشر‬
‫نما عمى ّ‬ ‫وبالتالي ال يكوف الزوج ناقص األىمية أىبل لمتقاضي فييا‪ ،‬وا ّ‬
‫الدعوى باسمو‪ ،‬وذلؾ ألف النص منح استثناء لمقاصر المرخص لو بالزواج‪ ،‬وىذا‬
‫مقيد بقيود وجب احتراميا وعدـ التوسع فييا‪.‬‬
‫االستثناء ّ‬
‫سرية‬
‫‪ -3‬نظر بعض قضايا شؤون األسرة في جمسة ّ‬
‫نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 162‬مف الدستور الجزائري‪ 1‬عمى ما يمي‪:‬‬
‫"تعمؿ األحكاـ القضائية وينطؽ بيا في جمسات عبلنية" كما نص في المادة ‪ 07‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى‪ " :‬الجمسات عمنية‪ ،‬ما لـ تمس العبلنية بالنظاـ العاـ أو اآلداب العامة‬
‫أو حرمة األسرة"‪.‬‬
‫وعميو فقد جعؿ المشرع مبدأ عمنية الجمسات مف القواعد العامة التي تخضع ليا‬
‫مختمؼ الدعاوى‪ ،‬فالنطؽ بالحكـ في جمسة عمنية مبدأً دستورياً ال استثناء عميو‪ ،‬وعمنية‬
‫ألف المادة ‪ 07‬وردت ضمف‬
‫الجمسات مبدأً قانونياً يشمؿ جميع الدعاوى إال ما استثني‪ّ ،‬‬

‫قانوف رقـ ‪ 01-16‬مؤرخ في ‪ 2016/03/06‬يتضمف التعديؿ الدستوري‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،14‬ص ‪.30‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪167‬‬
‫األحكاـ التمييدية في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬ويقصد بالعمنية حضور الجميور‬
‫إلى قاعة الجمسات التي تشيد إجراءات الدعوى‪ ،‬وذلؾ في مختمؼ مراحميا‪ ،‬سواء أثناء‬
‫المرافعات أو عند النطؽ بالحكـ‪ ،‬واليدؼ مف ذلؾ تمكيف الرأي العاـ مف مراقبة عمؿ‬
‫القضاء والتزامو بتطبيؽ القانوف‪.‬‬
‫المشرع الجزائري بعض قضايا شؤوف األسرة بخصوصية النظر في‬ ‫ّ‬ ‫خص‬
‫ّ‬ ‫وقد‬
‫الدعاوى المتعمقة بيا في جمسات سرية‪ ،‬مخالفا بذلؾ القواعد العامة التي تنص عمى عمنية‬
‫الجمسات‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ الحفاظ عمى مصمحة األوالد وعدـ إفشاء األسرار الخاصة‬
‫تمس حرمة األسرة‪ ،‬وىي مف بيف األسباب التي تُ ّقيد عبلنية‬‫ألنيا قضايا ّ‬
‫باألسرة‪ّ ،‬‬
‫الجمسات حسب ما ورد في المادة ‪ 07‬سالفة الذكر‪ ،‬فمتى تعمّؽ األمر بالنظر في قضية‬
‫فإف القاضي ينظر فييا في جمسة‬
‫تمس بالنظاـ العاـ أو اآلداب العامة أو بحرمة األسرة ّ‬
‫ّ‬
‫سرية‪ ،‬بحضور الخصوـ ومحامييـ فقط‪ ،‬ويمكف أف يكوف ذلؾ في مختمؼ مراحؿ‬
‫التقاضي‪ ،‬إالّ أف النطؽ بالحكـ يكوف عمنيا‪.1‬‬
‫نص عميو المشرع المصري في المادة الخامسة مف قانوف‬ ‫ونفس الحكـ ّ‬
‫‪ ،2000/1‬حيث لممحكمة أف تقرر نظر المسائؿ المتعمقة باألحواؿ الشخصية مراعاة‬
‫العتبارات النظاـ العاـ أو اآلداب في غرفة المشورة‪ ،‬وبحضور أحد أعضاء النيابة العامة‬
‫ممثمة في الدعوى‪ ،‬وتنطؽ باألحكاـ والق اررات في جمسة عمنية‪.‬‬
‫سرية "جمسات الصمح"‪ ،‬وذلؾ حرصا‬
‫ومف بيف القضايا التي ينظر فييا بجمسات ّ‬
‫نصت المادة ‪ 439‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى‪:‬‬
‫عمى عدـ إفشاء أسرار بيت الزوجية لمعامة‪ ،‬بحيث ّ‬
‫وتتـ في جمسة سرية"‪ ،‬ومف بيف القضايا كذلؾ "دعاوى النسب"‬
‫"محاوالت الصمح وجوبية‪ّ ،‬‬
‫المتعمقة باالعتراؼ بالنسب بالبنوة أو باألبوة أو باألمومة لشخص مجيوؿ النسب أو إنكار‬
‫األبوة‪ ،‬فيي دعاوى ينظر فييا بحضور ممثؿ النيابة العامة‪ ،‬وفي جمسة سرية‪ ،‬وذلؾ‬
‫بموجب المادة ‪ 491 ،490‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬ومف بيف القضايا كذلؾ "مسألة الكفالة" حيث‬
‫نص المشرع في المادة ‪ 494‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى أنو ينظر في طمب الكفالة في غرفة‬

‫بف حميمة يمينة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪168‬‬
‫المشورة بعد أخذ رأي ممثؿ النيابة العامة‪ ،‬وفي المادة ‪ 496‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى أف دعاوى‬
‫إلغاء الكفالة أو التخمي عنيا ينظر فييا في جمسة سرية بعد سماع ممثؿ النيابة العامة‪.‬‬
‫‪ -04‬إعفاء قضايا شؤون األسرة واستثنائيا من ضرورة التمثيل الوجوبي‬
‫بواسطة محامي في مرحمة االستئناف‬
‫أقر المشرع في الفقرة األولى مف المادة ‪ 538‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ أصبل عاما ىو وجوب‬
‫ّ‬
‫أف‬
‫تمثيؿ الخصوـ مف طرؼ محاـ عمى مستوى جية االستئناؼ بالمجمس القضائي‪ ،‬إذ ّ‬
‫ألف اإلجراءات أماـ المجمس القضائي‬
‫عدـ احتراـ ىذا الشرط يرتب عدـ قبوؿ االستئناؼ‪ّ ،‬‬
‫أمر يتطمب أف يكوف الخصـ‬
‫تتـ أساسا بالكتابة وفقا لنص المادة ‪ 537‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وىو ُ‬
‫ّ‬
‫عامة الناس‪،‬‬
‫عمى عمـ ودراية بأساسيات الكتابة القانونية وأسموبيا‪ ،‬وىو أمر ال يتوفر في ّ‬
‫يحمؿ‬
‫أف ىذا الوجوب ّ‬
‫لذا أسند المشرع ذلؾ لممحامي الذي تمقى تكوينا بذلؾ‪ ،‬بالرغـ مف ّ‬
‫جدية األسباب التي تبنى‬
‫الخصوـ مصاريؼ وأتعاب إضافية‪ ،‬وذلؾ حتى يضمف المشرع ّ‬
‫عمييا العرائض المقدمة أماـ المجمس القضائي‪ ،‬فيسيؿ أداء القضاة المرفوع أماميـ‬
‫النزاع‪.‬‬
‫أف المشرع وبموجب الفقرة الثانية مف المادة ‪ 538‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ استثنى‬ ‫غير ّ‬
‫قضايا شؤوف األسرة والقضايا االجتماعية بالنسبة لمعماؿ‪ ،‬مف وجوبية تمثيؿ األطراؼ‬
‫بمحاـ عمى مستوى المجمس القضائي‪ ،‬نظ ار لخصوصية ىذه القضايا‪ ،‬وحتى ال يشكؿ ىذا‬
‫الشرط عبئا إضافيا أو عائقا يحوؿ دوف لجوء األطراؼ إلى المطالبة بحقيـ عمى مستوى‬
‫خص بيا قضايا شؤوف األسرة والقضايا االجتماعية بالنسبة‬‫ّ‬ ‫الدرجة الثانية‪ ،‬وىي ميزة‬
‫لمعماؿ‪ ،‬وقد أحسف المشرع في ذلؾ‪ ،‬نظ ار لكوف الفئات المعنية بيذه القضايا قد تكوف‬
‫ضعيفة أو متوسطة الدخؿ‪ ،‬وحتى ال تُحرـ مف إمكانية التقاضي والحصوؿ عمى حقيا‪،‬‬
‫فسمح المشرع لمخصوـ في دعاوى شؤوف األسرة بتحرير العرائض بأنفسيـ وتوقيعيا‬
‫وتقديميا لمقضاء سواء عمى مستوى الدرجة األولى أو الدرجة الثانية‪.‬‬
‫أف حماية ىذه الفئات الي ّشة المعنية باالستثناء مف التمثيؿ‬
‫غير ّأنني أعتقد ّ‬
‫الوجوبي بمحاـ أماـ المجمس القضائي‪ ،‬يتحقّؽ كذلؾ مف خبلؿ تفعيؿ آلية المساعدة‬
‫ألف الكثير مف القضايا التي ال يصؿ األطراؼ مف خبلليا‬
‫القضائية وتسييؿ إجراءاتيا‪ّ ،‬‬
‫إلى تحصيؿ حقوقيـ سببيا عدـ اطّبلعيـ عمى اإلجراءات القانونية الصحيحة في طمب‬
‫‪169‬‬
‫حقوقيـ‪ ،‬وجيميـ بالدفوع القانونية التي كاف يتوجب عمييـ إثارتيا أماـ القضاء لمحكـ‬
‫لصالحيـ‪ ،‬وبتوكيميـ لمحاـ يتحقؽ الغرض المنشود مف خبلؿ المجوء إلى القضاء‪ ،‬وىو‬
‫أقره المشرع في قضايا‬
‫يعد االستثناء الذي ّ‬
‫تحصيؿ الحقوؽ وحماية المراكز القانونية‪ ،‬لذا ّ‬
‫شؤوف األسرة والخاص بعدـ وجوبية التمثيؿ بمحاـ أماـ المجمس القضائي أم ار إيجابيا‪،‬‬
‫وتدعيما لو أ وصي بتفعيؿ آلية المساعدة القضائية وتسييؿ إجراءاتيا بالنسبة لمخصوـ في‬
‫قضايا شؤوف األسرة‪.‬‬
‫عفي بعض دعاوى شؤوف األسرة مف‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أف التشريع المصري ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫نصت المادة الثالثة مف‬
‫دفع الرسوـ القضائية عند تسجيميا لدى الجية القضائية‪ ،‬حيث ّ‬
‫القانوف ‪ 2000/1‬عمى ّأنو‪" :‬تعفى دعاوى النفقات وما في حكميا مف األجور‬
‫والمصروفات بجميع أنواعيا مف كافة الرسوـ القضائية في كؿ مراحؿ التقاضي"‪ ،‬والغاية‬
‫أف رافع دعوى النفقة غالبا ما تكوف الزوجة أو المطمقة أو األوالد‪ ،‬وىي‬
‫مف ذلؾ تكمف في ّ‬
‫ماسة لقوت يوميا‪ ،‬وعاجزة عف دفع تكاليؼ‬ ‫أطراؼ غالبا ما تكوف معسرة‪ ،‬وفي حاجة ّ‬
‫قدر المشرع المصري‬‫جديدة مف أجؿ المجوء إلى القضاء وطمب حقيا في النفقة‪ ،‬لذا ّ‬
‫ضرورة إعفاءىا مف أية تكاليؼ قد تصرفيا عف المطالبة بحقيا أماـ القضاء‪ ،‬وىو إعفاء‬
‫يستفيد منو الدائف بالنفقة‪ ،‬سواء كاف زوجة أو مطمقة أو ولدا أو الوالديف عمى مستوى‬
‫مختمؼ الجيات القضائية‪ ،‬متى تعمّؽ األمر بموضوع النفقة فقط‪ ،‬أما ما يخرج عف مفيوـ‬
‫النفقة فبل يدخؿ ضمف ىذا اإلعفاء‪ ،‬كما ال يستفيد المديف بالنفقة مف ىذا اإلعفاء إذا‬
‫ما رفع دعوى مف أجؿ إسقاط النفقة أو المطالبة بتخفيض مبالغيا‪.1‬‬
‫وأعتقد أف ىذا االستثناء المتعمؽ بإعفاء دعاوى النفقة مف دفع الرسوـ القضائية‪،‬‬
‫تميز ىذا النوع‬
‫استثناء في محمو‪ ،‬وجدير األخذ بو والنص عميو‪ ،‬نظ ار لمخصوصية التي ّ‬
‫مف الدعاوى المتعمقة بشؤوف األسرة‪.‬‬
‫‪ -05‬إلزامية إدخال النيابة كطرف في دعاوى شؤون األسرة‬
‫أضاؼ المشرع الجزائري بموجب المادة ‪ 03‬مكرر مف ؽ‪.‬أ شرطا جديدا مف‬
‫شروط قبوؿ دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬يتمثؿ في ضرورة أف تكوف النيابة العامة طرفا أصميا‬

‫أحمد خميؿ‪ ،‬خصوصيات التقاضي في مسائؿ األحواؿ الشخصية المتعمقة بالوالية عمى النفس‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.106‬‬
‫‪170‬‬
‫في القضايا التي ترمي إلى تطبيؽ أحكاـ قانوف األسرة‪ ،‬وىو ما يستنتج منو شرطا جديدا‬
‫المدعي‬
‫مف شروط إجراءات التقاضي في مجاؿ دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬بحيث يجب عمى ّ‬
‫في قضايا شؤوف األسرة أف ي ِ‬
‫دخ َؿ النيابة العامة كطرؼ في الدعوى التي يرفعيا أماـ‬ ‫ُ‬
‫فإف مصير دعواه عدـ القبوؿ‪.‬‬ ‫القضاء‪ ،‬واال ّ‬
‫ثالثا‪ -‬التمييز بين دعاوى الطال ق إجرائيا‬
‫ميز ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ فيما‬
‫المشرع بتنظيـ إجراءات الطبلؽ حسب نوعو‪ ،‬حيث ّ‬ ‫ّ‬ ‫اىتـ‬
‫ّ‬
‫يخص إجراءات الطبلؽ بيف نوعيف مف أنواع الطبلؽ‪ ،‬المتعمقة باإلجراءات المتّبعة في‬
‫خص الطبلؽ بالتراضي بإجراءات محددة‪ ،‬باعتبار أف‬ ‫رفع الدعوى والفصؿ فييا‪ ،‬حيث ّ‬
‫وخص الطبلؽ بطمب‬‫ّ‬ ‫ؾ الرابطة الزوجية واآلثار المترتبة عمى ذلؾ‪،‬‬
‫الزوجيف اتّفقا عمى ف ّ‬
‫سيتـ توضيحو فيما يمي‪:‬‬
‫مف أحد الزوجيف بإجراءات أخرى‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫‪ -1‬إجراءات الطالق بالتراضي‬
‫عرفت المادة ‪ 427‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ الطبلؽ بالتراضي عمى أّنو إجراء يرمي إلى حؿ‬
‫ّ‬
‫يتـ الطبلؽ بالتراضي باتفاؽ الزوجيف‬
‫الرابطة الزوجية بإرادة الزوجيف المشتركة‪ ،‬حيث ّ‬
‫عمى ح ّؿ الرابطة الزوجية‪ ،‬ويجري التوافؽ بينيما في المسائؿ المتعمقة بآثار الطبلؽ‪،‬‬
‫كنفقة األبناء وتوفير مسكف لممارسة الحضانة‪ ،‬أو غيرىا مف المسائؿ األخرى‪ ،‬كما ّبيف‬
‫المشرع اإلجراءات الواجبة اإلتباع في حالة الطبلؽ بالتراضي في المواد ‪ 428‬إلى ‪435‬‬
‫ّ‬
‫خاصة خبلفا لما ىو معموؿ بو في رفع الدعاوى‬
‫ّ‬ ‫ميزه المشرع بإجراءات‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وقد ّ‬
‫يقدـ بموجب عريضة وحيدة موقعة‬
‫العادية‪ ،‬حيث تُرفع الدعوى في شكؿ طمب مشترؾ‪ّ ،‬‬
‫مف الزوجيف‪ ،‬تودع بأمانة ضبط المحكمة التي يقع بدائرة اختصاصيا اإلقميمي مكاف‬
‫إق امة أحد الزوجيف حسب اختيارىما‪ ،‬وبعد دفع رسـ التسجيؿ وقيدىا في سجؿ المحكمة‪،‬‬
‫يخطر أميف الضبط الطرفيف بتاريخ حضورىما أماـ القاضي‪ ،‬ويسمّـ ليما استدعاء ليذا‬
‫الغرض‪.‬‬
‫ويجب أف تتضمف العريضة المشتركة المقدمة مف الطرفيف البيانات اآلتية‪:‬‬
‫الجية القضائية المرفوع أماميا الطمب‪.‬‬
‫‪ -‬بياف ّ‬
‫‪ -‬اسـ ولقب وجنسية كبل الزوجيف وموطف وتاريخ ومكاف ميبلدىما‪.‬‬
‫القصر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬تاريخ ومكاف زواجيما‪ ،‬وعند االقتضاء عدد األوالد‬
‫‪171‬‬
‫‪ -‬عرض موجز يتضمف شروط االتفاؽ الحاصؿ بيف الزوجيف حوؿ توابع الطبلؽ‪.‬‬
‫يقدـ الطرفيف مع العريضة المسجمة بأمانة الضبط شيادة عائمية ومستخرج‬
‫كما يشترط أف ّ‬
‫مف عقد زواج المعنييف‪.‬‬
‫واذا كاف المشرع قد أقّر لمولي أو المقدـ إمكانية تقديـ طمب الطبلؽ باسـ الزوج‬
‫أف المشرع منع‬
‫ناقص األىمية عموما‪ ،‬وذلؾ بموجب المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬غير ّ‬
‫بموجب المادة ‪ 432‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ تقديـ طمب الطبلؽ بالتراضي إذا كاف أحد الزوجيف‬
‫موضوعا تحت نظاـ التقديـ‪ ،‬أو ظير عميو اختبلؿ في قدراتو الذىنية تمنعو مف التعبير‬
‫أف الولي والوصي ُيسمح ليما بتقديـ‬
‫عف إرادتو‪ ،‬وىو ما يستنتج منو بمفيوـ المخالفة ّ‬
‫طمب الطبلؽ بالتراضي باسـ الزوج القاصر‪ ،‬غير أنو إذا ظير عمى القاصر اختبلالت‬
‫ذىنية تمنعو مف التعبير عف إرادتو‪ ،‬فيمنع تقديـ طمب الطبلؽ بالتراضي حتى مف طرؼ‬
‫الولي أو الوصي‪.1‬‬
‫وتختص دعاوى الطبلؽ بالتراضي كوف الطرفيف معفييف مف تبميغ العريضة‬
‫المقدمة مشتركة بينيما‪ ،‬واّنما‬
‫ّ‬ ‫أف العريضة‬
‫وتكميؼ بعضيما بالحضور لمجمسة‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫تبمغ النيابة العامة فقط باعتبارىا طرفا في الدعوى مف قبؿ أمانة الضبط‪ ،‬حيث ال تُطبؽ‬
‫المواد المتعمقة بتبميغ عريضة افتتاح الدعوى والمستندات لمخصوـ المنصوص عمييا في‬
‫المادتيف ‪ 16‬و ‪ 21‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وال تكميؼ الخصـ بالحضور‪.‬‬
‫جميا في الطبلؽ بالتراضي عند مثوؿ الطرفيف أمامو‪ ،‬حيث‬ ‫ويظير دور القاضي ّ‬
‫يقوـ أوال بمراقبة عريضة الدعوى واحتواءىا عمى كافة البيانات المطموبة قانونا‪ ،‬وتوقيعيا‬
‫مف الطرفيف‪ ،‬كما عميو أف يتأ ّكد مف إرادة الزوجيف الفعمية في الطبلؽ‪ ،‬ورضاىما بو‪،‬‬
‫ثـ مجتمعيف‪ ،‬كما يحاوؿ الصمح بينيما إذا كاف ذلؾ ممكنا‪،‬‬ ‫وذلؾ بسماعيما عمى انفراد ّ‬
‫ويقوـ بمراقبة فحوى االتفاؽ المبرـ بينيما‪ ،‬ومدى شرعية بنود االتفاؽ وتوافقيا مع القانوف‬
‫تضمف اتفاقيما ما يخالؼ النظاـ العاـ أو مصمحة األبناء المحضونيف‬
‫ّ‬ ‫والنظاـ العاـ‪ ،‬فإذا‬
‫يعدؿ ما يرى فيو ضرورة لتعديمو‪ ،‬ثـ ُيصدر‬
‫فممقاضي أف يحذؼ البنود المخالفة لذلؾ‪ ،‬أو ّ‬

‫عبد اهلل فاسي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.235‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪172‬‬
‫ويصرح بالطبلؽ بالتراضي بيف الطرفيف‪ ،‬ويصادؽ عمى بنود‬‫ّ‬ ‫حكمو بإثبات إرادة الزوجيف‪،‬‬
‫االتفاؽ النيائي التي ال تخالؼ مصمحة األوالد والنظاـ العاـ‪.‬‬
‫كما تختص أحكاـ الطبلؽ بالتراضي بكونيا تصدر في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬أي أنيا‬
‫غير قابمة لبلستئناؼ‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 433‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬لكنيا تقبؿ الطعف بالنقض‬
‫فييا مف طرؼ أحد الزوجيف أو مف طرؼ النيابة العامة‪ ،‬وىو ما يفيـ مف نص المادتيف‬
‫‪ 434‬و ‪ 435‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ويسري أجؿ الطعف بالنقض خبلؿ شيريف ابتداء مف تاريخ‬
‫النطؽ بالحكـ‪ ،‬ال مف تاريخ تبميغ الحكـ‪ ،‬خبلفا لمقواعد العامة التي يبدأ سرياف آجاؿ‬
‫الطعف بالن قض فييا مف تاريخ التبميغ الرسمي لمحكـ المطعوف فيو‪ ،1‬وقد أ ّكد أحد ق اررات‬
‫أف أحكاـ‬
‫أف االجتياد القضائي ‪-‬في ظؿ ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ -‬في المسألة عمى ّ‬ ‫المحكمة العميا ّ‬
‫الطبلؽ بالتراضي ال توصؼ ال باالبتدائية وال النيائية وال تقبؿ الطعف فييا إال بالتزوير‪،2‬‬
‫حيث جاء فيو "مف المقرر قانونا أف الطبلؽ بالتراضي ىو مجرد إشياد مف المحكمة عمى‬
‫رغبة الطرفيف في الطبلؽ‪ ،‬وال يوصؼ باالبتدائية أو النيائية‪ ،‬وال يحؽ ألي مف الزوجيف‬
‫أقر جواز الطعف‬
‫الطعف فيو إال عف طريؽ دعوى التزوير"‪ ،‬غير أنو بصدور ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ فقد ّ‬
‫بالنقض في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي‪.‬‬
‫إف الغاية مف قابمية حكـ الطبلؽ بالتراضي لمطعف بالنقض ىو السماح لممحكمة‬
‫ّ‬
‫تـ بيف الزوجيف وعدـ‬
‫العميا مراقبة التطبيؽ الصحيح لمقانوف بخصوص االتفاؽ الذي ّ‬
‫أف الطعف بالنقض ال يوقؼ‬ ‫مخالفتو لمنظاـ العاـ‪ ،‬ومبلءمتو مع مصمحة األوالد‪ ،‬غير ّ‬
‫تنفيذ حكـ الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬احتراما لمبدأ حرية اإلرادة‪ ،3‬طبقا لممادة ‪ 435‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫وذلؾ خبلفا لمقاعدة التي تقضي بإيقاؼ تنفيذ الحكـ المتعمؽ بحالة األشخاص عند الطعف‬
‫بالنقض‪ ،‬وبذلؾ يمكف تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ بالتراضي في سجبلت الحالة المدنية بالرغـ‬

‫تنص المادة ‪ 354‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى أنو‪ " :‬يرفع الطعف بالنقض في أجؿ شيريف يبدأ مف‬ ‫‪1‬‬

‫تـ التبميغ‬
‫تـ شخصيا‪ .‬ويمدد أجؿ الطعف بالنقض إلى ثبلثة أشير‪ ،‬إذا ّ‬
‫تاريخ التبميغ الرسمي لمحكـ المطعوف فيو إذا ّ‬
‫الرسمي في موطنو الحقيقي أو المختار"‪.‬‬
‫قرار المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 243943‬المؤرخ في ‪ ،2000/05/23‬مجمة االجتياد‬ ‫‪2‬‬

‫القضائي‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬عدد خاص‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫عبد السبلـ ذيب‪ ،‬قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.343-342‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪173‬‬
‫مف الطعف فييا بالنقض‪ ،‬حيث ح ّؿ المشرع المشكؿ الذي كاف سائدا قبؿ صدور ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫والذي كاف يقضي بعدـ تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ في حالة وجود طعف بالنقض‪.‬‬
‫‪ -2‬إجراءات الطالق بطمب من أحد الزوجين‬
‫المشرع في المواد ‪ 436‬إلى ‪ 438‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ اإلجراءات الواجبة اإلتباع في‬
‫ّ‬ ‫ّبيف‬
‫دعاوى الطبلؽ‪ ،‬عندما يكوف الطمب مف أحد الزوجيف‪ ،‬سواء كاف طمب الطبلؽ مف الزوج‬
‫باإلرادة المنفردة‪ ،‬أو كاف طبلقا قبؿ الدخوؿ‪ ،‬أو بطمب مف الزوجة عف طريؽ التطميؽ أو‬
‫فرؽ مف حيث اإلجراءات بيف‬
‫الخمع‪ ،‬وأخضع طمبيما لنفس المراحؿ اإلجرائية‪ ،‬حيث لـ ُي ّ‬
‫طمب الزوج أو طمب الزوجة‪.1‬‬
‫يتـ بموجب عريضة افتتاحية تستوفي‬
‫أي نزاع أماـ القضاء ّ‬
‫أف طرح ّ‬‫وباعتبار ّ‬
‫تتـ بتقديـ‬
‫فإف رفع دعوى الطبلؽ بطمب مف أحد الزوجيف ّ‬‫الشروط المذكورة سالفا‪ّ ،‬‬
‫وم َؤَّر َخة أماـ قسـ شؤوف األسرة بالمحكمة المختصة‪ ،‬وفقا‬
‫موقَعة ُ‬
‫عريضة مكتوبة‪َّ ،‬‬
‫لؤلشكاؿ المقررة لرفع الدعاوى‪ ،‬تطبيقا لنص المادة ‪ 436‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬يرفعيا أحد‬
‫يبيف فييا األسباب التي تدعوه إلى‬
‫الزوجيف ضد الزوج اآلخر بحضور النيابة العامة‪ّ ،‬‬
‫المختصة‪ ،‬يقوـ المدعي‬
‫ّ‬ ‫طمب الطبلؽ‪ ،‬حيث بعد تسجيؿ العريضة بأمانة ضبط المحكمة‬
‫بتبميغيا رسميا إلى المدعى عميو والى النيابة العامة وتكميفيما بالحضور لمجمسة‪ ،‬كما‬
‫يجوز أف تُبمغ النيابة العامة عف طريؽ أمانة الضبط‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 438‬مف‬
‫فيقد ُـ الطمب باسمو مف قبؿ‬
‫قدـ طمب الطبلؽ ناقص األىمية‪ّ ،‬‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬واذا كاف الزوج ُم ّ‬
‫وليو أو مقدمو‪ ،‬حسب الحالة‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وتتميز إجراءات فؾ الرابطة الزوجية بوجوبية إجراء الصمح‪ ،‬ىذا األخير الذي‬ ‫ّ‬
‫ؾ ىذا النقص عند صدور‬ ‫يبيف المشرع إجراءاتو وأحكامو في قانوف األسرة‪ ،‬لكف تَ َد َار َ‬
‫لـ ّ‬
‫وبيف بعض التفاصيؿ المتعمقة بو‪ ،‬في المواد ‪ 439‬إلى المادة ‪ 449‬منو‪ ،2‬حيث‬ ‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫في أوؿ جمسة يحدد القاضي تاريخ إجراء الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬وبعد إجراء عدة محاوالت‬
‫لمصمح بينيما طبقا لنص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬قد تنجح محاوالت الصمح‪ ،‬ويوفؽ‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.343‬‬ ‫‪1‬‬

‫تنص المادة ‪ 439‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى ما يمي‪ " :‬محاوالت الصمح وجوبية وتتـ في جمسة‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬

‫سرية"‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪174‬‬
‫صرح بالطبلؽ‪ ،‬أو يقنع الزوجة‬
‫القاضي في إقناع الزوج باستعماؿ حؽ الرجعة إف كاف قد ّ‬
‫بالعدوؿ عف طمبيا في التطميؽ أو الخمع‪ ،‬وقد تفشؿ ىذه المحاوالت‪ ،‬فيشرع القاضي في‬
‫المدعى عميو مف عريضة الدعوى وممؼ الموضوع‪،‬‬
‫مناقشة موضوع الدعوى‪ ،‬وبعد تمكيف ّ‬
‫رد كتابي في‬
‫المدعي وحججو المبسوطة في العريضة‪ ،‬وذلؾ بموجب ّ‬
‫فإنو يناقش طمبات ّ‬
‫ّ‬
‫المدعي‬
‫يبيف فييا موقفو مف طمبات ّ‬
‫المدعي‪ّ ،‬‬
‫يقدمو إلى القاضي و ّ‬ ‫الرد‪ ،‬والذي ّ‬
‫مقاؿ ّ‬
‫المدعي والمدعى عميو بموجب‬
‫وردوده‪ ،‬كما يوضح طمباتو لممحكمة‪ ،‬وبعد أخذ ورّد بيف ّ‬
‫مذكرات كتابية وتدعيمية‪ ،‬وبعد أف تأخذ الدعوى كفايتيا مف تبادؿ العرائض والمناقشة بيف‬
‫الطرفيف‪ ،‬يقرر القاضي إقفاؿ باب المناقشة‪ ،‬ويحيؿ القضية لممداولة‪ ،‬وبعدىا ينطؽ‬
‫بالحكـ الفاصؿ في الدعوى‪.‬‬
‫وتكوف أحكاـ الطبلؽ صادرة في أوؿ وآخر درجة ماعدا جوانبيا المادية‪ ،‬وفقا‬
‫لنص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬أي ّأنو ال يجوز استئناؼ األحكاـ الفاصمة في الطبلؽ‬
‫والتطميؽ والخمع إال فيما يتعمؽ بتوابع الطبلؽ المادية‪ ،‬فيجوز استئناؼ الحكـ فييا‪،‬‬
‫ومثاليا المسائؿ المتعمقة بالتعويض عف الطبلؽ أو النفقة أو توفير مسكف لمحضانة‬
‫أو فيما يخص متاع البيت أو غيرىا مف األمور المادية المتعمقة بالطبلؽ‪ ،‬كما أجاز‬
‫المشرع الطعف في األحكاـ الفاصمة في الطبلؽ عف طريؽ النقض أماـ المحكمة العميا‪،‬‬
‫والتي تراقب مدى احتراـ قضاة الموضوع لمقانوف‪ ،‬وال تعيد طرح الوقائع مف جديد‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬مضمون الحكم الفاصل في دعوى فك الرابطة الزوجية‬
‫يصدر الحكـ الفاصؿ في دعوى الطبلؽ إماّ برفض دعوى الطبلؽ لسبب مف‬
‫األسباب الموجبة لذلؾ‪ ،‬وا ّما باالستجابة لطمب فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬عف طريؽ التطميؽ‪،‬‬
‫أو الخمع‪ ،‬أو بالطبلؽ بالتراضي بيف الزوجيف‪ ،‬ومف بيف ما يتضمنو حكـ فؾ الرابطة‬
‫الزوجية التسبيب‪ ،1‬وذلؾ ببياف ما أقنع القاضي وجعمو يتّجو االتجاه الذي قضى فيو‬
‫بالطبلؽ بيف الزوجيف‪ ،‬فدعوى الطبلؽ مف الخطورة بمكاف‪ ،‬حيث تؤدي إلى ىدـ الميثاؽ‬
‫الغميظ الذي يربط طرفييا‪ ،‬بؿ وتتعدى آثارىا السمبية إلى األوالد والمجتمع بأسره‪ ،‬لذا البد‬
‫فييا مف تسبيب حكـ الطبلؽ تسبيبا دقيقا‪ُ ،‬ي ّبيف فيو القاضي ما توصؿ إليو مف وقائع‬

‫الغوثي بف ممحة‪ ،‬قانوف األسرة عمى ضوء الفقو والقضاء‪ ،‬ط ‪ ،3‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2015 ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.120‬‬
‫‪175‬‬
‫وأدلّة ومبررات ونتائج‪ ،‬باستثناء الدعاوى التي ترمي إلى إثبات الطبلؽ باإلرادة المنفردة‬
‫ألف العصمة بيده‪ ،‬وىو الذي‬
‫أف القاضي ممزـ باالستجابة لطمب الزوج‪ّ ،‬‬ ‫لمزوج‪ ،‬فأعتقد ّ‬
‫يوقع الطبلؽ بمجرد التصريح بو‪ ،‬والحكـ القضائي ما ىو إال كاشؼ لمركز قانوني أوقعو‬
‫الزوج‪.‬‬
‫ومف أىـ ما يجب أف يتضمنو حكـ الطبلؽ‪ ،‬اإلشارة إلى إجراء محاوالت الصمح‬
‫توصؿ إلييا‬
‫ّ‬ ‫مف طرؼ القاضي‪ ،‬تحقيقا لمضموف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والنتائج التي‬
‫القاضي مف خبلؿ محاوالتو اإلصبلح بيف الزوجيف‪ ،‬وذلؾ حتى ال يعرض حكمو لمطعف‬
‫توصؿ إليو الحكماف مف‬
‫تـ المجوء إليو‪ ،‬وما ّ‬
‫فيو بالنقض‪ ،‬كما يشير إلى إجراء التحكيـ إف ّ‬
‫نتائج‪ ،‬تطبيقا لنص المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫وأوؿ ما يتضمنو منطوؽ حكـ الطبلؽ ىو فؾ الرابطة الزوجية بيف طرفي الدعوى‬
‫إما باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬أو بالتطميؽ‪ ،‬أو الخمع‪ ،‬أو بالتراضي‪ ،‬مع أمر ضابط‬
‫بالطبلؽ ّ‬
‫تـ إبراـ عقد الزواج فييا بتسجيؿ حكـ الطبلؽ في سجبلت‬ ‫الحالة المدنية بالبمدية التي ّ‬
‫المختصة وعقد‬
‫ّ‬ ‫الحالة المدنية‪ ،‬والتأشير بو عمى ىامش عقدي ميبلد كبل الزوجيف بالبمدية‬
‫الشؽ مف‬
‫ّ‬ ‫زواجيما‪ ،‬تطبيقا لنص المادتيف ‪ 59‬و‪ 60‬مف قانوف الحالة المدنية‪ ،‬ويكوف ىذا‬
‫الحكـ صادر في أوؿ وآخر درجة‪.‬‬
‫كما يتضمف حكـ الطبلؽ غالبا الفصؿ في المسائؿ المتعمقة بآثار الطبلؽ في‬
‫أوؿ درجة‪ ،‬ومف ضمنيا إلزاـ المطمؽ بدفع مبمغ تعويض لممطمقة في حالة الطبلؽ‬
‫التعسفي أو التطميؽ‪ ،‬أو إلزاـ المختمعة دفع مبمغ مقابؿ الخمع‪ ،‬باإلضافة إلى منح المطمقة‬
‫العدة‪ ،‬وكذا نفقة إىماؿ تسري مف تاريخ رفع الدعوى إلى غاية صدور حكـ الطبلؽ‪،‬‬‫نفقة ّ‬
‫وقد يحكـ بيا أحيانا ابتداء مف سنة قبؿ رفع الدعوى كأقصى حد‪ ،‬إذا أثبتت المطمقة عدـ‬
‫إنفاؽ الزوج عمييا خبلؿ ىذه الفترة‪.‬‬
‫كما يتضمف حكـ الطبلؽ إسناد حضانة األوالد القاصريف لممطمقة غالبا‪ ،‬مع‬
‫منحيا حؽ الوالية عمييـ‪ ،‬والزاـ المطمؽ بدفع نفقة غذائية شيرية لكؿ واحد مف األوالد‬
‫المحضونيف‪ ،‬تسري غالبا مف تاريخ رفع الدعوى وتستمر إلى غاية سقوطيا شرعا وقانونا‪،‬‬
‫مع إلزاـ المطمؽ بتوفير لممطمقة مسكنا مبلئما لممارسة الحضانة‪ ،‬واف تع ّذر عميو ذلؾ‬

‫‪176‬‬
‫إلزامو بدفع ليا بدؿ إيجار شيري‪ ،‬يسري غالبا ابتداء مف تاريخ تحرير محضر بعدـ توفير‬
‫مسكف لمحضانة‪ ،‬ويستمر إلى غاية سقوط الحصانة‪.‬‬
‫كما يتضمف حكـ الطبلؽ منح حؽ الزيارة لمزوج الذي لـ تسند لو الحضانة‪ ،‬وىي‬
‫تتعمؽ ِ‬
‫بس ّْف األوالد المحضونيف‪ ،‬لكف غالبا ما يحكـ بحؽ الزيارة لؤلب أسبوعيا يومي‬
‫الجمعة والسبت مف الساعة التاسعة صباحا إلى الخامسة مساء‪ ،‬وفي األعياد والمناسبات‬
‫الوطنية والدينية والعطؿ المدرسية مناصفة بيف الطرفيف عمى أف يكوف النصؼ األوؿ‬
‫لؤلب‪.‬‬
‫ومف بيف ما يتضمنو حكـ الطبلؽ كذلؾ الفصؿ في النزاع المتعمؽ بالمتاع‪،‬‬
‫برد المتاع الخاص بالمطمقة وفقا لمقائمة المؤشر عمييا مف طرؼ‬
‫وغالبا ما ُيمزـ المطمؽ ّ‬
‫المحكمة‪ ،‬كما يتضمف حكـ الطبلؽ الفصؿ فيمف يتحمؿ المصاريؼ القضائية‪ ،‬حيث‬
‫يتحمميا قانونا خاسر الدعوى‪ ،‬وغالبا ما ُيحمميا القاضي لمطرؼ الذي وقع الطبلؽ بظمـ‬
‫منو‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلجراءات المتعمقة بسير دعاوى انعقاد الزواج‬


‫وانحاللو‬

‫المدعي أو وكيمو بتحرير العريضة االفتتاحية مستوفية البيانات القانونية‪،‬‬


‫بعد قياـ ّ‬
‫ثـ تسجيميا بأمانة ضبط المحكمة المختّصة‪ ،‬وتبميغ األطراؼ بعريضة الدعوى وتكميفيـ‬
‫ّ‬
‫وتتـ‬
‫بالحضور لمجمسة‪ ،‬تنتقؿ الخصومة إلى مرحمة جديدة‪ ،‬ىي مرحمة السير في الدعوى‪ّ ،‬‬
‫الرد‪،‬‬
‫عدة جمسات‪ ،‬يتبادؿ فييا الخصوـ أو وكبلئيـ المذكرات ومقاالت ّ‬
‫مف خبلؿ عقد ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫أىـ مميزات ىذه المرحمة وجوب إجراء الصمح في دعاوى ف ّ‬
‫ومف ّ‬
‫يتـ الفصؿ في الدعوى بحكـ قضائي‪ ،‬لذا سأتناوؿ‬
‫ثـ بعدىا ّ‬
‫وامكانية المجوء إلى التحكيـ‪ّ ،‬‬
‫ضمف ىذا المبحث إجراءات الصمح والتحكيـ في قضايا فؾ الرابطة الزوجية في المطمب‬
‫األوؿ‪ ،‬ثـ أتناوؿ قواعد اإلثبات في الزواج والطبلؽ في المطمب الثاني‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫المطمب األول‪ :‬إجراءات الصمح والتحكيم في قضايا ف ّك الرابطة الزوجية‬

‫لعدة أسباب قد تيدد استمرارىا‬


‫تتعرض العبلقة الزوجية أحيانا لتوترات وخبلفات ّ‬
‫وتنذر بحمّيا‪ ،‬لذا حرص المشرع عمى حماية الرابطة الزوجية وتفادي انحبلليا وتفككيا‪،‬‬
‫وشرع مف أجؿ تحقيؽ ىذا اليدؼ آليتيف أو إجراءيف لئلصبلح بيف الزوجيف‪ ،‬حماية لعقد‬
‫الزواج ولؤلسرة مف شبح الطبلؽ‪ ،‬وىما‪:‬‬
‫اإلجراء األوؿ ىو محاولة الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬حيث جعؿ المشرع إثبات‬
‫ؾ‬
‫تخص دعاوى ف ّ‬
‫ّ‬ ‫عدة محاوالت صمح ُيجرييا القاضي‪ ،‬وىي ميزة‬
‫يمر عبر إجراء ّ‬
‫الطبلؽ ّ‬
‫نص عمى وجوب القياـ بيا بموجب المادة ‪49‬‬
‫الرابطة الزوجية عف غيرىا مف الدعاوى‪ّ ،‬‬
‫ث‬
‫مف ؽ‪.‬أ والمادة ‪ 439‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ اإلصبلح بيف الزوجيف‪ ،‬مف خبلؿ َح ْ‬
‫وحث الزوجة عمى‬
‫ّ‬ ‫صرح بالطبلؽ‪،‬‬
‫الزوج عمى استعماؿ حؽ الرجعة خبلؿ العدة إذا ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ التطميؽ أو الخمع‪.‬‬
‫التراجع عمى طمبيا ف ّ‬
‫نص عميو المشرع بموجب المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ والمادة‬
‫أما اإلجراء الثاني الذي ّ‬
‫‪ 446‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وىو إجراء التحكيـ بيف الزوجيف‪ ،‬والذي يجريو حكماف يعينيما‬
‫القاضي‪ ،‬مف أجؿ التوفيؽ بينيما والحفاظ عمى عقد الزواج ومحاولة الصمح بينيما‪.‬‬
‫ويطرح ىذاف اإلجراءاف العديد مف التساؤالت حوؿ مدى إلزامية كؿ إجراء؟‬
‫واإلجراءات المتبعة في استيفاءىما؟ وأثرىما عمى دعاوى الطبلؽ؟‬
‫ؾ الرابطة‬
‫يتـ تناوؿ إجراء الصمح في قضايا ف ّ‬
‫ولئلجابة عمى ىذه التساؤالت‪ّ ،‬‬
‫ثـ إجراء التحكيـ في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الزوجية في الفرع األوؿ‪ّ ،‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إجراءات الصمح في قضايا ف ّك الرابطة الزوجية‬

‫نظّـ المشرع أحكاـ الصمح واجراءاتو في المواد ‪ 439‬إلى ‪ 445‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬


‫الصمح مف أجؿ تفادي ح ّؿ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫حيث يتدخؿ القاضي شخصيا في مرحمة ُ‬
‫حث الزوج عمى مراجعة زوجتو‪ ،‬وىو ال يناقش موضوع النزاع إال بالقدر‬
‫أو مف أجؿ ّ‬
‫الذي ُيتيح لو فيـ موضوع الخبلؼ ويعينو عمى التوفيؽ واإلصبلح بينيما‪ ،‬مف أجؿ إنياء‬

‫‪178‬‬
‫‪1‬‬
‫ثـ‬
‫يتـ التطرؽ إلجراء الصمح مف خبلؿ دراسة أحكامو أوال‪ّ ،‬‬
‫النزاع وفض الخصومة ‪ ،‬و ّ‬
‫آثاره ثانيا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬أحكام الصمح في قضايا ف ّك الرابطة الزوجية‬
‫عدة نقاط ىي‪:‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية مف خبلؿ ّ‬
‫يتـ تناوؿ أحكاـ الصمح في قضايا ف ّ‬
‫ّ‬
‫مفيوـ إجراء الصمح‪ ،‬طبيعتو‪ ،‬قيمتو اإلجرائية عمى مستوى جية االستئناؼ‪ ،‬إجراءات‬
‫سير جمسة الصمح‪ ،‬قواعد الحضور والغياب عف جمسة الصمح‪ ،‬عدد محاوالت الصمح‪،‬‬
‫مدى قبوؿ الوكالة في الصمح‪.‬‬
‫‪ -1‬مفيوم إجراء الصمح‬
‫لـ َي ِرْد تعريؼ جامع مانع لمحاولة الصمح التي يجرييا القاضي مف طرؼ‬
‫أف فقياء الشريعة والقانوف يتّفقوف عمى اعتبار الصمح عقد كسائر العقود‪،‬‬
‫المشرع‪ ،‬غير ّ‬
‫‪2‬‬
‫وعرفو‬
‫شرعا عبارة عف عقد وضع لرفع المنازعة" ‪ّ ،‬‬
‫بأف‪" :‬الصمح ً‬ ‫عرفو ابف عابديف ّ‬ ‫حيث ّ‬
‫‪3‬‬
‫عرفو‬
‫بأنو‪" :‬الصمح معاقدة يتوصؿ بيا إلى اإلصبلح بيف المتخاصميف" ‪ ،‬كما ّ‬ ‫ابف قدامة ّ‬
‫فض النزاعات الناشبة بينيـ وديا"‪،4‬‬
‫األستاذ ابراىيـ نجار بأنو‪ " :‬اتفاؽ المتنازعيف عمى ّ‬
‫المشرع الجزائري بيذا المعنى في القانوف المدني بصدد تعريفو لمصمح في المادة‬
‫ّ‬ ‫وقد أخذ‬
‫ونص يا‪ " :‬الصمح عقد ينيي بو الطرفاف نزاعا قائما أو يتوقياف بو نزاعا‬
‫ّ‬ ‫‪ 459‬منو‪،‬‬
‫محتمبل‪ ،‬وذلؾ بأف يتنازؿ كؿ منيما عمى وجو التبادؿ عف حقو"‪.‬‬
‫عرؼ األستاذ عمر‬
‫أف تعريؼ الصمح في شؤوف األسرة لو خصوصيتو‪ ،‬فقد ّ‬
‫غير ّ‬
‫بأف محاولة الصمح بيف الزوجيف ىي أف يقوـ القاضي بجمع الزوجيف أمامو‬
‫زودة‪ّ " :‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة وعبلقتو بقانوف اإلجراءات المدنية‪ ،‬مجمة نشرة القضاة‪ ،‬و ازرة العدؿ‪ ،‬العدد ‪ ،1‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫سنة ‪ ،1047‬ص‪.07‬‬
‫ابف عابديف حاشية‪ ،‬رد المحتار عمى الدر المختار شرح تنوير األبصار‪ ،‬ج ‪ ،0‬دار الفكر‪ ،‬دوف بمد النشر‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1979‬ص ‪.628‬‬
‫ابف قدامة المقدسي‪ ،‬موفؽ الديف محمد عبد اهلل بف احمد بف محمد‪ ،‬المغني والشرح الكبير‪ ،‬ج ‪ ،8‬دار الكتاب‬ ‫‪3‬‬

‫العربي‪ ،‬دوف بمد النشر‪ ،1983 ،‬ص‪.4‬‬


‫قوادري األخضر‪ ،‬الوجيز الكافي في إجراءات التقاضي في األحكاـ العامة لمطرؽ البديمة في حؿ النزاعات‪ ،‬الصمح‬ ‫‪4‬‬

‫القضائي والوساطة القضائية‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص ‪.18‬‬


‫‪179‬‬
‫لمحاولة إقناع الزوج عف التراجع عف طمب الطبلؽ ‪ ،1"...‬ويرى األستاذ نور الديف‬
‫بأف‪" :‬محاولة الصمح في قانوف األسرة ىي عبارة عف إجراء ييدؼ إلى تقديـ النصح‬
‫لمطاعي ّ‬
‫واإلرشاد والموعظة الحسنة لمزوج‪ ،‬حتى يتمكف القاضي مف الوصوؿ إلى المبتغى واليدؼ‬
‫المنشود‪ ،‬أال وىو إقناع الزوج الذي أوقع الطبلؽ‪ ،‬بضرورة الحفاظ عمى الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫تـ استعماؿ ىذا الحؽ خبلؿ مدة عدة‬
‫واستعماؿ حؽ الرجعة ال غير‪ ،‬وذلؾ ال يتأتّى إال إذا ّ‬
‫الطبلؽ الرجعي‪ ،‬دوف حاجة إلى إبراـ عقد جديد ودفع مير جديد‪ ،‬بحيث ال يكوف اليدؼ مف‬
‫الصمح إقناع الزوج عف العدوؿ عف الطبلؽ‪ ،‬وانما مف أجؿ مواصمة واستمرار الحياة الزوجية‪،‬‬
‫أف مدة عدة الطبلؽ الرجعي لـ تنقض بعد‪ ،‬وعمى القاضي اغتناـ الفرصة السانحة‬‫طالما ّ‬
‫وعدـ تفويتيا"‪.2‬‬
‫فإف إجراء الصمح المقصود في قانوف األسرة يختمؼ عف عقد الصمح‬ ‫وعميو ّ‬
‫ألف إجراء الصمح في شؤوف األسرة‬
‫المنصوص عميو في القانوف المدني في المادة ‪ّ ،459‬‬
‫قد يتعمؽ بمسائؿ مالية‪ ،‬كالنفقة والصداؽ وبدؿ إيجار مسكف لممارسة الحضانة‪ ،‬وقد‬
‫ِ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪َ ،‬فيص ُّح إبراـ عقد ُ‬
‫الصمح بمعناه الوارد في‬ ‫ال يتعمؽ بمسائؿ مالية‪ ،‬كف ّ‬
‫يصح في المسائؿ غير المالية‪ ،‬بؿ يسعى القاضي‬‫ّ‬ ‫القانوف المدني في المسائؿ المالية‪ ،‬وال‬
‫ولـ شمؿ األسرة مف‬
‫ودية بيف الطرفيف مف أجؿ استئناؼ الحياة الزوجية‪ّ ،‬‬
‫إلى إيجاد تسوية ّ‬
‫جديد‪.‬‬
‫العدة‪،‬‬
‫أف استعماؿ الزوج حقّو في الرجعة خبلؿ فترة ّ‬ ‫ويجب لفت االنتباه إلى ّ‬
‫وذلؾ بمناسبة إجراء الصمح مف قبؿ القاضي ال يمكف اعتباره صمحا بالمعنى الوارد في‬
‫ألنو ال اعتبار لرضا الزوجة في ذلؾ‪ ،‬بحيث حتى لو رفضت الزوجة‬ ‫القانوف المدني‪ّ ،‬‬
‫فإف القاضي ممزـ بالحكـ بالرجوع إذا استعمؿ الزوج حقّو في الرجعة‬
‫الرجوع إلى زوجيا ّ‬
‫العدة‪ ،‬وبذلؾ ال ُيمكف بحاؿ مف األحواؿ اعتبار الحكـ برجوع الزوجة إلى بيت‬
‫خبلؿ فترة ّ‬
‫توصؿ إليو القاضي مف خبلؿ محاوالت الصمح صمحاً بالمعنى المتعارؼ‬ ‫ّ‬ ‫الزوجية الذي‬
‫عميو في القواعد العامة‪ ،‬لذا عمى المشرع تعديؿ نص المادة ‪ 50‬مف ؽ‪.‬أ ونصيا‪ " :‬مف‬

‫زودة عمر‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء ال اربطة الزوجية وأثر الطعف فييا‪ ،‬انسكموبيديا‪ ،‬الجزائر‪ ،2003 ،‬ص ‪.108‬‬ ‫‪1‬‬

‫لمطاعي نور الديف‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ 141‬و‪.180‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪180‬‬
‫راجع زوجتو أثناء محاولة الصمح ال يحتاج إلى عقد جديد‪ ،‬ومف راجعيا بعد صدور الحكـ‬
‫العدة عمى النحو‬
‫بالطبلؽ يحتاج إلى عقد جديد"‪ ،‬وذلؾ باستبداؿ محاولة الصمح بمفظ ّ‬
‫العدة ال يحتاج إلى عقد جديد‪ ،‬ومف راجعيا بعد انتياء‬
‫التالي‪" :‬مف راجع زوجتو أثناء فترة ّ‬
‫فترة العدة يحتاج إلى عقد جديد"‪.‬‬
‫اء وقائياً‪ ،1‬يقوـ بو القاضي وجوبا مف‬
‫ويمكف اعتبار الصمح في شؤوف األسرة إجر ً‬
‫ودي لمنزاع القائـ‬
‫أجؿ تقريب وجيات النظر بيف الزوجيف المتخاصميف‪ ،‬وايجاد حؿ ّ‬
‫بينيما‪ ،‬مف أجؿ استئناؼ الحياة الزوجية مف جديد إذا كاف ذلؾ ممكنا‪.‬‬
‫‪ -02‬طبيعة إجراء الصمح‬
‫اء‬
‫ميـ يتعمؽ بإجراء الصمح في شؤوف األسرة‪ ،‬ومدى اعتباره إجر ً‬‫ُيطرح تساؤ ٌؿ ٌ‬
‫ثـ ما‬
‫جوىرًيا يتعمؽ بالنظاـ العاـ؟ أـ ىو إجراء غير جوىري وال عبلقة لو بالنظاـ العاـ؟ ّ‬
‫ىو أثر تخمّؼ إجراء الصمح عمى الحكـ القضائي بالطبلؽ بيف الزوجيف‪ ،‬ىؿ يعتبر ىذا‬
‫الحكـ باطبل أـ ىو حكـ صحيح؟‬
‫تنص المادة ‪ 49‬في فقرتيا األولى مف ؽ‪.‬أ عمى ّأنو‪" :‬ال يثبت الطبلؽ إال بحكـ‬
‫بعد عدة محاوالت يجرييا القاضي‪ ،‬دوف أف تتجاوز مدتو ثبلثة أشير ابتداء مف تاريخ رفع‬
‫تتـ في‬
‫الدعوى"‪ ،‬كما تنص المادة ‪ 439‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى‪ " :‬محاوالت الصمح وجوبية و ّ‬
‫جمسة سرية"‪ ،‬وبالتالي يستنتج أنو يجب عمى القاضي في دعاوى الطبلؽ أف يقوـ بجمسة‬
‫الصمح قبؿ الفصؿ في موضوع الطمب‪ ،‬حيث يحاوؿ القاضي تقريب وجيات النظر بيف‬
‫الزوج والزوجة مف أجؿ استئناؼ الحياة الزوجية‪ ،‬والمحافظة عمى الروابط األسرية‪ ،‬ورعاية‬
‫أف قاضي شؤوف األسرة غير ُمخير‬
‫لمصمحة األوالد‪ ،‬ويقصد بوجوبية محاوالت الصمح ّ‬
‫في إجراءىا‪ ،‬بؿ ىو ممزـ بيا‪ ،‬كما ّأنو ال خيار لممتخاصميف في قبوؿ محاولة الصمح‪،‬‬
‫أف المحكمة استوفت ىذا‬
‫وال يكتفي القاضي بإجرائو فقط‪ ،‬بؿ عميو أف ُيبيف في الحكـ ّ‬
‫اإلجراء‪ ،‬وىي ميزة تخص دعاوى الطبلؽ تدعـ الخصوصية التي تتميز بيا دعاوى شؤوف‬
‫األسرة‪.‬‬

‫بف حميمة يمينة‪ ،‬خصوصية إجراءات التقاضي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.115‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪181‬‬
‫لكف ىؿ وجوبية الصمح تعني جوىرية ىذا اإلجراء في دعاوى الطبلؽ؟ وىؿ عدـ‬
‫معرضا لمنقض أـ ال؟‬
‫إجراء الصمح في ىذه الدعاوى يجعؿ الحكـ القضائي ّ‬
‫اختمؼ الفقياء في ىذه المسألة إلى اتجاىيف‪ ،‬األوؿ يرى جوىرية إجراء الصمح‪،‬‬
‫ومنيـ األستاذ العربي بمحاج‪ ،‬واألستاذ عمر زودة‪ ،‬واألستاذ طاىري حسيف‪ ،‬واألستاذ‬
‫لحسيف بف الشيخ آث ممويا‪ ،‬واألستاذ تقية عبد الفتاح‪ ،‬واألستاذة تشوار حميدو زكية‪،‬‬
‫لصحة‬
‫ّ‬ ‫أف إجراء الصمح يتعمّؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬وىو إجراء جوىري ال بد منو‬
‫حيث يعتبروف ّ‬
‫‪1‬‬
‫عدة ق اررات لممحكمة العميا‪ ،‬ومنيا القرار الصادر‬
‫العمؿ القانوني ‪ ،‬وىو اتجاه تدعمو ّ‬
‫‪....‬فإف القضاء بالطبلؽ بيف الزوجيف دوف‬
‫ّ‬ ‫بتاريخ ‪ ،2012/06/14‬الذي جاء فيو‪" :‬‬
‫يعد مخالفا لمقتضيات المادة ‪ 49‬مف قانوف األسرة ‪.2"....‬‬
‫إجراء محاولة صمح ّ‬
‫ونشير ىنا إلى موقؼ المشرع المغربي الذي اعتبر محاولة اإلصبلح بيف‬
‫الزوجيف قبؿ اإلذف باإلشياد عمى الطبلؽ مف قبيؿ النظاـ العاـ‪ ،3‬وىو ما يستشؼ مف‬
‫الصيغة اآلمرة التي جاءت بيا نص الفقرة األولى مف المادة ‪ 81‬مف مدونة األسرة‬
‫المغربية‪ ،‬ونصيا ‪" :‬تستدعي المحكمة الزوجيف لمحاولة اإلصبلح"‪.‬‬

‫بمحاج العربي‪ ،‬الوجيز في شرح قانوف األسرة الجزائري‪ ،‬ج ‪ ،1‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ 2002 ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.357‬‬
‫زودة عمر‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية وأثر الطعف فييا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫طاىري حسيف‪ ،‬األوسط في شرح قانوف األسرة الجزائري‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الخمدونية‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ‪.249‬‬
‫بف الشيخ آث ممويا لحسيف‪ ،‬المنتقى في قضاء األحواؿ الشخصية‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.197‬‬
‫تقية عبد الفتاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة مف منظور الفقو والتشريع والقضاء‪ ،‬منشورات ثالة‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.153‬‬
‫حميدو تشوار زكية‪ ،‬مدى حماية األسرة عبر أحكاـ التطميؽ‪ ،‬عدالة القانوف أـ عدالة القاضي‪ ،‬مجمة العموـ القانونية‬
‫واإلدارية والسياسية‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة أبو بكر بمقايد‪ ،‬تممساف‪ ،‬عدد ‪ ،2010 ،10‬ص ‪.121‬‬
‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،687997‬مؤرخ في ‪ ،2012/06/14‬غير منشور‪ ،‬نقبل عف‬ ‫‪2‬‬

‫عبد الحكيـ بف ىبري‪ ،‬أحكاـ الصمح في قضاء شؤوف األسرة‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير في القانوف‪ ،‬كمية الحقوؽ‬
‫سعيد حمديف‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،01‬السنة الجامعية ‪ ،2015/2014‬ص ‪.48‬‬
‫محمد الكشبور‪ ،‬الواضح في شرح مدونة األسرة‪ ،‬ج ‪ ،2‬انحبلؿ ميثاؽ الزوجية‪ ،‬ط ‪ ،3‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬ ‫‪3‬‬

‫البيضاء المغرب‪ ،2015 ،‬ص ‪.75‬‬


‫‪182‬‬
‫أف ىناؾ اتجاىا ثانيا يرى بأ ّف إجراء الصمح غير جوىري‪ ،‬وال يتعمؽ بالنظاـ‬
‫غير ّ‬
‫‪1‬‬
‫أف‬
‫العاـ‪ ،‬ومنيـ األستاذ زيداف عبد النور ‪ ،‬واألستاذ لمطاعي نور الديف الذي اعتبر ّ‬
‫حد ذاتو مخالفا لمنظاـ العاـ إذا أجراه القاضي‪ ،‬كما‬
‫الصمح في بعض األحياف يكوف في ّ‬
‫في حالة المطمقة ثبلثا‪ ،‬فبل يجوز لمقاضي أصبل إجراء محاولة صمح بيف الزوجيف في‬
‫ألف الزوج ال يممؾ حؽ الرجعة إال بعد أف تتزوج زوجا غيره‪.2‬‬
‫ىذه الحالة‪ّ ،‬‬
‫عدة ق اررات لممحكمة العميا‪ ،‬ومنيا القرار الصادر بتاريخ‬
‫ويدعـ ىذا الرأي ّ‬
‫‪ 2007/06/13‬الذي قضى بما يمي‪ " :‬لكف حيث أف المادة ‪ 49‬مف قانوف األسرة ال ينطبؽ‬
‫عمى مستوى المجالس بؿ عمى مستوى المحاكـ فقط‪ ،‬إضافة إلى أف محاولة الصمح ال تعتبر‬
‫شكبل جوىريا لمحكـ بالطبلؽ‪ّ ،‬إنما محاولة الصمح المذكورة في المادة )‪ (49‬مف قانوف األسرة‬
‫ىي إال موعظة‪.3".....‬‬
‫وأماـ تذبذب ق اررات المحكمة العميا‪ ،‬التي أحيانا تعتبر إجراء الصمح جوىريا‪،‬‬
‫وأحيانا أخرى تعتبره مجرد موعظة مف أجؿ استعماؿ حؽ الرجعة وليس إجراء جوىريا‪،‬‬
‫أف الرأي الثاني أقرب لمصواب‪ ،‬وذلؾ لؤلسباب التالية‪:4‬‬
‫أعتقد ّ‬
‫إف وجوبية إجراء الصمح ليست محؿ خبلؼ‪ ،‬فالمادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والمادة‬ ‫أ‪ّ -‬‬
‫‪ 439‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ حسمت األمر بالنص عمى وجوب إجراء الصمح‪ ،‬لكف القوؿ بجوىرية‬
‫ألف كؿ إجراء جوىري ىو وجوبي‪،‬‬
‫إجراء الصمح ىي التي تحتاج إلى دليؿ ونص صريح‪ّ ،‬‬
‫حدد لو‬
‫لكف ليس كؿ إجراء وجوبي ىو جوىري‪ ،‬ولو كاف إجراء الصمح جوىريا لما ّ‬
‫المشرع أجبل محددا البد مف استيفائو فيو‪ ،‬وىو أجؿ ثبلثة أشير مف تاريخ رفع الدعوى‪،‬‬
‫بحيث ال يجوز إجراؤه بعد انقضاء ىذا األجؿ‪.5‬‬

‫زيداف عبد النور‪ ،‬الصمح في الطبلؽ‪ ،‬دراسة لمنصوص القانونية والفقيية وفي االجتياد القضائي‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة‬ ‫‪1‬‬

‫الماجستير في القانوف‪ ،‬كمية الحقوؽ بف عكنوف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2007/2006 ،‬ص ‪.118‬‬
‫لمطاعي نور الديف‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ 137‬وما يمييا‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،356657‬مؤرخ في ‪ ،2007/06/13‬غير منشور‪ ،‬نقبل عف‬ ‫‪3‬‬

‫عبد الحكيـ بف ىبري‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.52‬‬


‫‪ 4‬األسباب المذكورة ألقاىا أستاذ التعميـ العالي نور الديف لمطاعي عمى طمبة الدكتوراه خبلؿ محاضرات بكمية الحقوؽ‪،‬‬
‫جامعة الجزائر ‪ ،01‬سنة ‪.2016/2015‬‬
‫‪ 5‬نور الديف لمطاعي‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.143-142‬‬
‫‪183‬‬
‫ب‪ -‬لـ يرتّب المشرع جزاء البطبلف عف عدـ احتراـ القاضي وجوبية الصمح‪،‬‬
‫فبل بطبلف إال بنص‪ ،‬مع إثبات الضرر‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 60‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وعميو‬
‫أف إجراء الصمح يتعمّؽ بالنظاـ العاـ أو اعتباره جوىريا‪ ،‬في ظؿ غياب‬
‫فبل يمكف اعتبار ّ‬
‫نص ُيقرر البطبلف‪ ،‬وبالتالي ال ُيمكف نقض الحكـ القضائي بالطبلؽ الذي أصدره قاضي‬
‫شؤوف األسرة دوف أف يستوفي فيو إجراء الصمح‪ ،‬وكؿ ما يمكف فعمو مثبل‪ ،‬ىو ُمساءلة‬
‫الصمح مف قبؿ مفتشية القضاء التابعة لو ازرة العدؿ‪،‬‬
‫تقيده بوجوبية ُ‬ ‫القاضي تأديبيا لعدـ ّ‬
‫أف إجراء الصمح‬ ‫أف التذبذب الذي شيدتو ق اررات المحكمة العميا‪ ،‬واعتبارىا أحيانا ّ‬‫كما ّ‬
‫جوىري‪ ،‬وألغت بسبب ذلؾ أحكاما قضائية نيائية بالطبلؽ لـ يتـ احتراـ إجراء الصمح‬
‫غض الطرؼ عنو قبؿ صدور ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬لكف بعد صدور ىذا القانوف ودخولو‬ ‫فييا‪ ،‬قد ُي ُّ‬
‫حيز التنفيذ سنة ‪ ،2009‬فقد جاء بالقوؿ الفصؿ الذي ال قوؿ بعده‪ ،‬سيما المادتيف ‪60‬‬
‫حجة بعد ذلؾ لممحكمة العميا أف تمغي أحكاـ الطبلؽ‬
‫و‪ 439‬منو‪ ،‬وبالتالي فبل مبرر وال ّ‬
‫بسبب عدـ استيفاء محاوالت الصمح الوجوبية‪ ،‬فإف فعمت ذلؾ تكوف قد خرقت أحكاـ‬
‫المادتيف ‪ 60‬و‪ 439‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ألف‬
‫صحة الحكـ بالطبلؽ عمى إجراء شكمي‪ّ ،‬‬ ‫ج‪ -‬إّنو مف غير المنطقي أف نعمّؽ ّ‬
‫الزوج في الطبلؽ باإلرادة المنفردة ىو مف ُيوقع الطبلؽ‪ ،‬واجراء الصمح يأتي الحقا عند‬
‫رفع دعوى مف أجؿ إثبات الطبلؽ بحكـ‪ ،‬وال يمكف تقييد وقوع الطبلؽ بإجراء الصمح‪،‬‬
‫قضائي بالطبلؽ لـ يستوؼ فيو‬
‫ٍ‬ ‫فيذا مخالؼ لمشرع والقانوف‪ ،‬وال يمكف إبطاؿ ونقض ٍ‬
‫حكـ‬
‫صحة الحكـ القضائي المثبت لفؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫ألف ذلؾ ال يؤثر عمى ّ‬
‫إجراء الصمح‪ّ ،‬‬
‫والقوؿ بخبلؼ ذلؾ يؤدي إلى نتائج كارثية عمى األسرة‪ ،‬وعمى أحكاـ الشريعة المتعمقة‬
‫بالزواج والطبلؽ‪.‬‬
‫إف المقصود باإلجراء الجوىري ىو ذلؾ الذي يدخؿ في تكويف العمؿ‬ ‫ح‪ّ -‬‬
‫القضائي‪ ،‬واجراء الصمح ال يدخؿ في إنشاء الطبلؽ وال الحكـ القضائي‪ ،‬كما ّأنو يجب‬
‫التفرقة بيف المراكز القانونية واألحكاـ القضائية‪ ،‬فمكؿ نظامو الخاص بو‪ ،‬والحكـ القضائي‬
‫قد ينشئ مرك از قانونيا جديدا‪ ،‬وقد يكشؼ عف مركز قانوني موجود أصبل‪ ،‬وحكـ القاضي‬
‫تـ بإرادة الزوج وحده‪ ،‬ودور‬
‫بالطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج يكشؼ عف الطبلؽ الذي ّ‬
‫صحة الحكـ القضائي عمى‬‫القاضي فيو سمبي‪ ،‬فيو حكـ كاشؼ وليس منشئ‪ ،‬وال ُيعمّؽ ّ‬
‫‪184‬‬
‫أف المشرع‬
‫ألف القاضي أثبت مرك از قانونيا كاف موجودا‪ ،‬كما ّ‬
‫إجراء الصمح مف عدمو‪ّ ،‬‬
‫استعمؿ مصطمح اإلثبات في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬واإلثبات ال يكوف إال مع شيء موجود‬
‫لصحة الحكـ بعد إجراء الصمح‬
‫ّ‬ ‫أصبل‪ ،‬ويأتي الحكـ ليكشؼ عنو فقط‪ ،‬وبالتالي ال أثر‬
‫ألف الدعوى ما ىي إال وسيمة فقط لمكشؼ عف المركز‬ ‫عمى إنشاء المركز القانوني‪ّ ،‬‬
‫القانوني الذي أوقعو الزوج بإرادتو المنفردة‪.‬‬
‫إف الفيـ الصحيح لممادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ ُي ّبيف وجوبية الصمح مف جوىريتو‪،‬‬ ‫د‪ّ -‬‬
‫أف القائميف بجوىرية إجراء الصمح خالفوا الفيـ السميـ لممادة ‪ ،49‬عندما اعتقدوا أف‬
‫وأعتقد ّ‬
‫‪1‬‬
‫أف المشرع لـ يقصد ذلؾ‪،‬‬
‫الطبلؽ ال يقع إال بحكـ بعد إجراء محاوالت الصمح ‪ ،‬في حيف ّ‬
‫وىو فيـ ينطبؽ عمى ما جاء بو المشرع التونسي في الفصؿ ‪ 30‬مف مجمة األحواؿ‬
‫الشخصية‪ ،‬التي تنص عمى أف الطبلؽ ال يقع إال لدى المحكمة‪ ،‬أما المشرع الجزائري‬
‫نص عمى أف الطبلؽ ال يثبت إال بحكـ بعد إجراء محاوالت الصمح‪ ،2‬واعتماد ىذا‬ ‫ّ‬
‫االعتقاد الخاطئ يؤدي إلى نتائج غير صحيحة‪ ،‬ألنو حينئذ بإمكاف الزوج سيئ النية أف‬
‫يتعمد عدـ الحضور إلى جمسة الصمح مف أجؿ عرقمة إصدار حكـ بالطبلؽ‪ ،‬وابقاء‬
‫المطمقة معمقة‪.‬‬
‫إف فيـ الدور الذي أُسند لمقاضي مف خبلؿ محاوالت الصمح التي يجرييا‪،‬‬
‫ىػ ‪ّ -‬‬
‫ألف لمزوج حقّيف‪ :‬حؽ‬
‫والغاية المرجوة مف ىذا اإلجراء تدعـ وجوبية الصمح ال جوىريتو‪ّ ،‬‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬وحؽ الرجعة‪ ،‬فإذا طمّؽ الزوج زوجتو ونشأ مركز قانوني جديد‪،‬‬
‫فبل يمكف التراجع عنو‪ ،‬لكف يبقى لمزوج حؽ آخر يمكنو استعمالو‪ ،‬وىو حؽ الرجعة‪ ،‬لذلؾ‬
‫أوجب المشرع عمى القاضي بعد نشوء المركز القانوني أال وىو الطبلؽ‪ ،‬أف يستغؿ‬
‫حث الزوج عمى استعماؿ حقو الثاني‪ ،‬وىو حؽ مراجعة زوجتو دوف عقد‬
‫الفرصة مف أجؿ ّ‬

‫‪ 1‬مف بيف القائميف بأف حكـ الطبلؽ ىو حكـ منشئ األستاذ بف الشويخ‪ ،‬أنظر في ذلؾ‪ :‬بف شويخ الرشيد‪ ،‬شرح قانوف‬
‫األسرة الجزائري المعدؿ‪ ،‬دراسة مقارنة لبعض التشريعات العربية‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الخمدونية‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪،180‬‬
‫وكذلؾ األستاذ العربي بمحاج يرى أف الطبلؽ في الجزائر ال يقع إال لدى المحكمة‪ ،‬أنظر في ذلؾ‪ :‬العربي بمحاج‪،‬‬
‫الوجيز في شرح قانوف األسرة الج ازئري‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ ،239‬وكذا األستاذ عمر زودة الذي يرى بأنو ال يمكف إنشاء‬
‫الطبلؽ إال بموجب محرر رسمي‪ ،‬إذ ال يقع الطبلؽ إالّ ابتداء مف صدور ىذا اإلعبلف مف القاضي‪ ،‬أنظر في ذلؾ‪:‬‬
‫عمر زودة‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.34-33‬‬
‫‪ 2‬نور الديف لمطاعي‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪185‬‬
‫تعد‬
‫أف محاوالت الصمح في بعض األحياف ال ّ‬ ‫جديد‪ ،‬وحتى دوف رضاىا‪ ،‬مما يد ّؿ عمى ّ‬
‫صمحا بمعنى الصمح‪ ،‬إذ لو كانت كذلؾ لكاف إلرادة الزوجة اعتبار عند استعماؿ الزوج‬
‫العدة‪ ،‬ولكف ال اعتبار إلرادتيا في الرجعة‪ ،‬والقاضي يحكـ بإلزاميا‬
‫حؽ الرجعة خبلؿ فترة ّ‬
‫العدة حتى لو رفضت الزوجة الرجوع‪ ،‬وبالتالي ال مجاؿ لمحديث عف الصمح‬ ‫بالرجوع أثناء ّ‬
‫صحة الحكـ القضائي‪.‬‬
‫بمعناه المغوي واالصطبلحي المعيود حينئذ‪ ،‬وال أثر لو عمى ّ‬
‫إف مقارنة المادة ‪ 49‬ؽ‪.‬أ المتعمقة بإثبات الطبلؽ‪ ،‬بالمادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‬
‫و‪ّ -‬‬
‫المتعمقة بإثبات الزواج‪ ،‬يظير التقارب الموجود بيف كبل الحالتيف‪ ،‬فالزواج العرفي الذي‬
‫ينعقد خارج مجمس القضاء ودوف تسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬يثبت بحكـ قضائي‬
‫ويتـ إثباتو بأثر رجعي مف تاريخ انعقاده‪ ،‬وليس مف تاريخ صدور الحكـ بتثبيتو‪،‬‬
‫كاشؼ‪ّ ،‬‬
‫وىو األمر المسمّـ بو لدى الجميع‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة إلثبات الطبلؽ الذي أوقعو الزوج‬
‫فيتـ إثباتو بموجب حكـ قضائي كاشؼ عف مركز قانوني موجود‪،‬‬ ‫خارج مجمس القضاء‪ّ ،‬‬
‫حث الزوج عمى مراجعة زوجتو دوف عقد جديد خبلؿ فترة العدة‪،‬‬
‫وما الغاية مف الصمح إال ّ‬
‫أو مراجعتيا بعقد جديد إذا انقضت فترة العدة‪.‬‬
‫عدة استنتاجات‬
‫إف لفظ اإلثبات الوارد في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ يقودنا إلى ّ‬
‫ؿ‪ّ -‬‬
‫أف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ ال تعني سوى نوع واحد مف الطبلؽ‪،‬‬
‫يمكف أف نستشفيا منو‪ ،‬ومنيا ّ‬
‫ألف التطميؽ والخمع ال يقع‬
‫أال وىو الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬وال تعني التطميؽ وال الخمع‪ّ ،‬‬
‫إال بيف يدي القاضي‪ ،‬وىو الذي ينشئو بموجب حكـ قضائي‪ ،‬بناء عمى طمب الزوجة‪،‬‬
‫وبالتالي ال يمكننا الحديث عف إثبات شيء غير موجود أساسا‪ ،‬ويدعـ ذلؾ الترتيب‬
‫المنيجي الذي اعتمده المشرع عند تناولو الطبلؽ‪ ،‬ويتجمّى ذلؾ مف خبلؿ المواد ‪ 48‬إلى‬
‫وقسمو إلى‬
‫‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث تناوؿ المشرع في المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ أنواع الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫يتـ بإرادة الزوج‪ ،‬وطبلؽ بتراضي الزوجيف‪ ،‬وطبلؽ بطمب مف الزوجة في حدود‬
‫طبلؽ ّ‬
‫ثـ تناوؿ المشرع في المواد ‪ 51 ،50 ،49‬و‪ 52‬أحكاـ‬
‫المادتيف ‪ 53‬و‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫ثـ تناوؿ في المادتيف ‪ 53‬و‪ 53‬مكرر أحكاـ‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬ومف ّ‬
‫ثـ تناوؿ في المادة ‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ أحكاـ الخمع‪.‬‬
‫التطميؽ‪ّ ،‬‬
‫لذلؾ مف الخطأ تعميـ تطبيؽ أحكاـ المواد ‪ 52 ،51 ،50 ،49‬مف ؽ‪.‬أ عمى‬
‫يتـ بإرادة الزوج فقط‪ ،‬وىو الخطأ‬
‫تخص الطبلؽ الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫كؿ أنواع الطبلؽ‪ ،‬في حيف أنيا‬
‫‪186‬‬
‫الذي وقع فيو الكثير مف األساتذة والقضاة‪ ،‬كما ّأنو يحؽ لمزوجة أف ترفع دعوى مف أجؿ‬
‫إثبات طبلؽ زوجيا ليا بإرادتو المنفردة بناء عمى المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وبعد إجراء التحقيؽ‬
‫مف قبؿ القاضي‪ ،‬وسماع الشيود الذيف تقدميـ الزوجة‪ ،‬يصدر حكـ بالطبلؽ بإرادة الزوج‬
‫أف الطبلؽ يتعمؽ بالنظاـ‬
‫المنفردة‪ ،‬بؿ يحؽ حتى لمنيابة العامة أف تفعؿ ذلؾ‪ ،‬طالما ّ‬
‫العاـ‪ ،‬لذلؾ لـ يشترط المشرع أف ترفع دعوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج مف طرؼ‬
‫فإف تعميؽ وجود الطبلؽ بصدور حكـ قضائي بعد إجراء محاوالت‬‫الزوج فقط‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫بصحة العمؿ القضائي بناء عمى ذلؾ‪ ،‬ىدـ لمقتضيات الشرع والقانوف‪،‬‬
‫ّ‬ ‫صمح‪ ،‬والحكـ‬
‫حد ذاتو‪.‬‬
‫ومخالفة لمنظاـ العاـ في ّ‬
‫ـ‪ -‬قد يوجد المركز القانوني ‪ -‬الذي ىو الطبلؽ‪ -‬قبؿ رفع دعوى الطبلؽ‪ ،‬وقد‬
‫يوجد أثناء رفع الدعوى‪ ،‬وقد يوجد بعد رفع الدعوى‪ ،‬لذلؾ فميس كؿ دعوى طبلؽ ىي‬
‫طبلؽ‪ ،‬والمشرع تناوؿ في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ األصؿ‪ ،‬أال وىو الطبلؽ الذي وقع بتاريخ‬
‫رفع الدعوى‪ ،‬أو وقع بتاريخ سابؽ عمى رفع الدعوى‪ ،‬لكف تع ّذر عمى القاضي معرفة ذلؾ‬
‫التاريخ‪ ،‬فيأخذ بتاريخ رفع الدعوى‪ ،‬أما االستثناء فيو ذلؾ الطبلؽ الذي وقع قبؿ تاريخ‬
‫رفع الدعوى ولـ ينكره أحد‪ ،‬وكذا الطبلؽ الذي يقع بعد رفع الدعوى‪ ،‬والمشرع الجزائري‬
‫تناوؿ الحالة األولى فقط وىي األصؿ‪ ،‬واعترؼ المشرع بوجوده‪ ،‬وحدد أجؿ ثبلثة أشير‬
‫ابتداء مف تاريخ رفع الدعوى مف أجؿ إجراء محاوالت الصمح‪ ،‬وفي ذلؾ إشارة قوية مف‬
‫عدة الطبلؽ الرجعي المقدرة في الغالب بثبلثة‬
‫أف قصده اتّجو إلى احتراـ مدة ّ‬
‫المشرع إلى ّ‬
‫فإف لفظ الصمح في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‬ ‫أشير مف تاريخ تصريح الزوج بالطبلؽ‪ ،‬لذا ّ‬
‫ينصرؼ إلى العدة‪ ،‬لذلؾ ربطو المشرع بأجؿ ثبلثة أشير‪.1‬‬
‫إف نقض المحكمة العميا ألحكاـ الطبلؽ بعد عدة سنوات مف صدور حكـ‬‫ف‪ّ -‬‬
‫الطبلؽ‪ ،‬بسبب مخالفة أحكاـ المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ الموجبة لمصمح‪ ،‬يؤدي إلى انتياؾ‬
‫أف ق اررات المحكمة‬
‫أحكاـ العدة‪ ،‬فكيؼ يجرى الصمح بعد انقضاء فترة العدة؟ خاصة و ّ‬
‫العميا نفسيا تعتبر العدة مف النظاـ العاـ‪ ،‬إذ ال يجوز الزيادة فييا أو اإلنقاص منيا‪.‬‬

‫‪ 1‬نور الديف لمطاعي‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪187‬‬
‫صحة القوؿ‬
‫ّ‬ ‫ال شؾ أف ىذه األسباب والمبررات تؤكد بما ال يدع مجاال لمشؾ‬
‫الذي يرى وجوبية إجراء الصمح فقط‪ ،‬و ّأنو ال يترتب عف مخالفة أحكامو بطبلف الحكـ‬
‫القضائي ونقضو‪ ،‬لعدـ تعمّقو بالنظاـ العاـ‪.‬‬
‫‪ -3‬القيمة اإلجرائية لمصمح عمى مستوى جية االستئناف‬
‫إذا حكـ قاضي الدرجة األولى برفض دعوى فؾ الرابطة الزوجية ألي سبب مف‬
‫األسباب التي تخولو ذلؾ‪ ،‬كمخالفة قواعد االختصاص مثبل‪ ،‬أو الحكـ بالرجوع إلى بيت‬
‫فإف ىذا الحكـ يكوف قاببل لبلستئناؼ‪ ،‬كونو ليس حكما‬
‫الزوجية ورفض طمب الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫بالطبلؽ‪ ،‬وىو غير مشموؿ بنص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ التي تنص عمى عدـ جواز‬
‫االستئناؼ في األحكاـ الفاصمة في دعاوى الطبلؽ والتطميؽ والخمع فيما عدا جوانبيا‬
‫المادية‪ ،‬وبالتالي يجوز لرافع الدعوى أف ُيعيد رفع دعوى ثانية أماـ الجية المختصة‪ ،‬كما‬
‫ألف الحكـ القاضي برفض‬‫لو الحؽ في استئناؼ الحكـ الذي قضى برفض الدعوى‪ّ ،‬‬
‫الدعوى ال يعتبر حكما فاصبل في دعوى فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬كونو لـ يناقش موضوع‬
‫الدعوى أصبل‪.1‬‬
‫المدعي الحكـ القاضي برفض دعوى فؾ‬
‫لذا يطرح التساؤؿ حوؿ ما إذا استأنؼ ّ‬
‫الرابطة الزوجية أماـ غرفة شؤوف األسرة بالمجمس القضائي‪ ،‬ىؿ ُيمزـ قضاة المجمس‬
‫يتـ استيفائو مف قاضي شؤوف األسرة لدى‬
‫بإجراء الصمح باعتبار أنو إجراء وجوبي‪ ،‬ولـ ّ‬
‫محكمة أوؿ درجة؟‬
‫لـ ُيبيف المشرع ىؿ إجراء محاوالت الصمح وجوبية عمى مستوى جية االستئناؼ‪،‬‬
‫أـ ُيكتفى بمحاوالت الصمح التي يجرييا قاضي الدرجة األولى‪ ،‬حيث عرفت ىذه المسألة‬
‫اختبلؼ وجيات النظر في وجوب إجراء الصمح عندما تُعرض القضية عمى قضاة‬
‫المجمس‪ ،‬وأماـ سكوت المشرع عف التطرؽ ليذه المسألة‪ ،‬اختمؼ الفقو والقضاء بشأنيا‬
‫إلى اتجاىيف‪:‬‬
‫اال تجاه األول‪ :‬يرى وجوب إجراء الصمح أماـ المحكمة وأماـ المجمس القضائي‪،‬‬
‫يميز بيف الجية االبتدائية وجية‬
‫ألف النص عمى وجوبية إجراء الصمح جاء عاما‪ ،‬ولـ ّ‬
‫ّ‬

‫عبد الحكيـ بف ىبري‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.197‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪188‬‬
‫االستئناؼ‪ ،‬فالقاضي الذي يحكـ بالطبلؽ سواء عمى مستوى المحكمة أو عمى مستوى‬
‫المجمس القضائي ممزـ بإجراء محاوالت الصمح قبؿ إصدار الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬واالّ كاف‬
‫حكمو بالطبلؽ معيبا‪.1‬‬
‫ويدعـ ىذا االتجاه قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ ،1989/12/25‬والذي‬
‫نقض قرار صادر عف مجمس قضاء الجزائر بتاريخ ‪ - 1986/10/26‬الذي قضى بدوره‬
‫بإلغاء حكـ محكمة بئر مراد رايس الصادر بتاريخ ‪ 1986/03/10‬فيما يخص الرجوع‬
‫الذي حكـ بو‪ ،‬وقضى بالطبلؽ طمبا مف الزوج‪ -‬بسبب عدـ مراعاتو أحكاـ المادة ‪ 49‬مف‬
‫ؽ‪.‬أ المتعمقة بالصمح‪ ،‬والمادة ‪ 55‬المتعمقة بالطبلؽ بسبب النشوز‪ ،‬والمادة ‪ 56‬المتعمقة‬
‫بالتحكيـ‪ ،‬حيث جاء فيو‪ " :‬مف المقرر قانونا أنو ال يثبت الطبلؽ إال بحكـ بعد محاولة‬
‫الصمح مف طرؼ القاضي‪ ،‬وعند نشوز الزوجيف يحكـ القاضي بالطبلؽ‪ ،‬واذا اشتد‬
‫الخصاـ بيف الزوجيف وعجزت الزوجة عف إثبات الضرر وجب تعييف حكميف لمتوفيؽ‬
‫ولما كاف‬
‫يعد خطأ في تطبيؽ القانوف‪ّ ،‬‬
‫ثـ فإف القضاء بخبلؼ ىذا المبدأ ّ‬
‫بينيما‪ ،‬ومف ّ‬
‫أف المجمس القضائي لما قضى بالطبلؽ دوف مراعاة أحكاـ‬
‫ثابتا – في قضية الحاؿ‪ّ -‬‬
‫المواد التالية‪ 56 ،55 ،49 :‬مف ؽ‪.‬أ يكوف بقضائو كما فعؿ خالؼ القانوف وتجاوز‬
‫اختصاصو‪ ،‬ومتى كاف كذلؾ استوجب نقض القرار المطعوف فيو"‪.2‬‬
‫بأف ىيئة قضاة غرفة شؤوف األسرة في المجمس القضائي‬ ‫االتجاه الثاني‪ :‬يرى ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية المرفوعة إلييا‬
‫غير ممزمة بإجراء الصمح بمناسبة فصميا في دعوى ف ّ‬
‫تـ استيفائو مف‬
‫ألف إجراء الصمح قد ّ‬
‫بعد استئناؼ الحكـ القضائي الصادر في أوؿ درجة‪ّ ،‬‬
‫طرؼ قاضي الدرجة األولى‪ ،‬وال فائدة مف إجراء محاوالت صمح جديدة مف طرؼ ىيئة‬
‫قضاة المجمس‪ ،‬كما أف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ لـ يمزـ بإجراء محاوالت الصمح في كؿ المراحؿ التي تمر‬
‫بيا دعوى الطبلؽ‪.‬‬

‫بف الشيخ آث ممويا لحسيف‪ ،‬رسالة في طبلؽ الخمع دراسة فقيية قانونية وقضائية مقارنة‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2013‬ص ‪.189‬‬
‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 57812‬مؤرخ في ‪ ،1989/12/25‬المجمة القضائية‪،1991 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫العدد ‪ ،03‬ص ‪.71‬‬


‫‪189‬‬
‫وقد ساير قضاء المحكمة العميا ىذا االتجاه في أحد ق ارراتو الصادرة بتاريخ‬
‫أف الطاعف قد تخمؼ‬
‫نص عمى ّ‬
‫‪ 1998/11/17‬الذي جاء فيو‪ " :‬حيث أف القرار المنتقد قد ّ‬
‫أف إجراءات الصمح المنصوص عمييا بالمادة المشار إلييا تخص‬
‫خصوصا و ّ‬
‫ً‬ ‫عف الحضور‪،‬‬
‫المحاكـ دوف المجالس‪ ،‬وعميو فالفرع غير مؤسس‪.1"...‬‬
‫وكذا قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ 1999/02/16‬الذي جاء فيو‪ " :‬حيث‬
‫أف المادة ‪ 57‬مف قانوف األسرة تنص فقط عمى أف أحكاـ الطبلؽ غير قابمة لبلستئناؼ ماعدا‬
‫في جوانبيا المادية‪ ،‬وىذا يعني أنو ال يجوز قضاة المجالس مناقشة الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬وليس‬
‫كما يقصده الطاعف عدـ اختصاصيـ في الفصؿ بالطبلؽ‪ ،‬ألنو يمكف ألحد الزوجيف أف‬
‫يطمب الحكـ بالطبلؽ عمى مستوى المحكمة أو عمى مستوى المجمس‪ ،‬لما المحكمة تقضي‬
‫بالرجوع إلى البيت الزوجي أو ترفض دعوى الطبلؽ‪ ،‬وىذاف الحكماف قاببلف لبلستئناؼ‪،‬‬
‫ال يعتبراف حكميف بالطبلؽ‪ ،‬مما يجعؿ الوجو غير مؤسس‪...‬‬ ‫ألنيما‬
‫أف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ ال تنطبؽ عمى مستوى المجالس بؿ عمى مستوى‬ ‫حيث ّ‬
‫أف محاولة الصمح ال تعتبر شكبل جوىريا لمحكـ بالطبلؽ‪ّ ،‬إنما‬
‫المحاكـ فقط‪ ،‬إضافة إلى ّ‬
‫محاولة الصمح المذكور بالمادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ ما ىي إال موعظة مما يجعؿ الوجو غير‬
‫مؤسس"‪.2‬‬
‫كما أ ّكد ىذا االتجاه قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ 2006/11/15‬الذي‬
‫تتـ وجوبا أماـ المحكمة‬
‫أف " محاولة الصمح في دعوى الطبلؽ ّ‬
‫ورد في مقدمتو مبدأ مفاده ّ‬
‫ومما جاء في القرار‪ ... " :‬لكف متى كانت المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ ممزمة لقاضي أوؿ‬
‫فقط"‪ّ ،‬‬
‫فإف ما ذىب إليو قضاة المجمس في قرارىـ كاف يتماشى‬ ‫درجة دوف قضاة االستئناؼ‪ّ ،‬‬
‫والقانوف مما يتعيف رفض الوجو لعدـ قانونيتو وتبعا لذلؾ رفض الطعف"‪.‬‬
‫فإف االتجاه الغالب الذي تبنتو المحكمة العميا ىو عدـ إلزاـ جية‬ ‫وعميو ّ‬
‫نما اإللزاـ المذكور قي المادة ‪49‬‬
‫االستئناؼ بالقياـ بإجراء الصمح قبؿ النطؽ بالطبلؽ‪ ،‬وا ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 210451‬مؤرخ في ‪ ،1998/11/17‬مجمة االجتياد القضائي‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2001‬عدد خاص‪ ،‬ص ‪.252‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 216850‬مؤرخ في ‪ ،1999/02/16‬مجمة االجتياد القضائي‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2001‬عدد خاص‪ ،‬ص ‪.100‬‬


‫‪190‬‬
‫مف ؽ‪.‬أ والمادة ‪ 439‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ موجو لقاضي شؤوف األسرة عمى مستوى المحكمة فقط‪،‬‬
‫وليس عمى مستوى جية االستئناؼ‪.‬‬
‫فإنني أميؿ إلى الرأي الذي قاؿ بو أصحاب االتجاه األوؿ‪،‬‬
‫لكف بالرغـ مف ذلؾ‪ّ ،‬‬
‫ألنو في ظؿ غياب نص قانوني واضح وصريح ُيمزـ أو يعفي جية االستئناؼ مف القياـ‬
‫ّ‬
‫فإف السمطة التقديرية تبقى لجية االستئناؼ في إجراء الصمح مف‬
‫بمحاوالت الصمح‪ّ ،‬‬
‫َجروهُ‪ ،‬ومتى‬ ‫قدر قضاة االستئناؼ مف وجود جدوى وداعي إلجراء الصمح أ َ‬ ‫عدمو‪ ،‬فمتى ّ‬
‫جروهُ‪ ،‬غير أنو متى لـ ُي ْج َر‬
‫كاف ال داعي وال مبرر إلعادة إجراء الصمح مف جديد لـ ُي ُ‬
‫ورفضت دعوى الطبلؽ‪ ،‬ثـ ُرفعت القضية لجية االستئناؼ‪،‬‬
‫الصمح عمى مستوى المحكمة ُ‬
‫أف إجراء الصمح مف طرؼ قضاة االستئناؼ أمر ضروري والزـ قبؿ النطؽ‬ ‫فإنني أعتقد ّ‬
‫ألف قضاة‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬و ّ‬
‫بالطبلؽ‪ ،‬لكوف قاضي الدرجة األولى لـ يفصؿ في طمب ف ّ‬
‫االستئناؼ ىـ قضاة موضوع وقانوف‪ ،‬وىـ مخاطبوف قانونا بما ىو مخاطب بو قاضي‬
‫الدرجة األولى الذي يعتبر قاض موضوع وقانوف‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 339‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪:‬‬
‫"تفصؿ جية االستئناؼ مف جديد مف حيث الوقائع والقانوف"‪ ،‬فاألصؿ أف قضاة الموضوع‬
‫سواء عمى مستوى الدرجة األولى أو الدرجة الثانية ممزموف بإجراء الصمح‪ ،‬غير أف‬
‫المحكمة العميا رأت خبلؼ ذلؾ‪.‬‬
‫لذا أقترح النص عند تعديؿ قانوف األسرة أو قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫عمى منح السمطة التقديرية لقضاة المجمس في إعادة إجراء الصمح متى أروا جدوى أو داع‬
‫لذلؾ‪ ،‬إذا قاـ قاضي الدرجة األولى بمحاوالت الصمح بمناسبة فصمو في النزاع المطروح‬
‫عميو‪ ،‬أما إذا لـ ُيجر قاضي الدرجة األولى محاوالت لمصمح بيف الزوجيف فيمزـ قاضي‬
‫الدرجة الثانية بإجرائو‪ ،‬مع التنبيو عمى ّأنو يجب عدـ ترتيب بطبلف الحكـ بالطبلؽ إذا لـ‬
‫يتـ إجراء الصمح‪ ،‬لعدـ تعمّقو بالنظاـ العاـ‪ ،‬كما سبؽ بيانو‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -04‬إجراءات سير جمسة الصمح‬
‫تناوؿ المشرع إجراءات الصمح مف خبلؿ المواد ‪ 439‬إلى ‪ 449‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫فبعد قياـ أحد الزوجيف بتسجيؿ الدعوى لدى أمانة ضبط المحكمة المختصة مف أجؿ‬
‫طمب فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬والقياـ بإجراءات استدعاء األطراؼ وتبميغ العريضة‪ ،‬يقوـ‬
‫القاضي في أوؿ جمسة بتحديد تاريخ جمسة الصمح‪ ،‬وجرى العمؿ القضائي عمى تبميغ‬
‫‪191‬‬
‫الزوجيف شخصيا أو موكمييما بتاريخ جمسة الصمح في أوؿ جمسة شفاىة مف طرؼ‬
‫القاضي في جمسة المحاكمة‪ ،‬وال يتطمب األمر تبميغا رسميا جديدا سوى التبميغ الرسمي‬
‫لعريضة الدعوى الذي يقوـ بو المحضر القضائي عف طريؽ محضر التكميؼ بالحضور‬
‫ألوؿ جمسة‪.1‬‬
‫حبذا لو يمتزـ القاضي في الجمسة األولى بعدـ السماح لممدعى عميو‬
‫ويا ّ‬
‫يقوض مساعي الصمح‬
‫ألف ذلؾ قد ّ‬
‫المدعي‪ّ ،‬‬
‫الرد عمى عريضة ّ‬
‫أو محاميو أف يقدـ مقاؿ ّ‬
‫الرد مف األمور‬
‫بيف الزوجيف قبؿ أف تبدأ جمسات الصمح أصبل‪ ،‬فقد تتضمف مقاالت ّ‬
‫الصحة‪ ،‬تجعؿ‬
‫ّ‬ ‫المتعمقة بكشؼ أسرار بيت الزوجية‪ ،‬أو افتراءات ال أساس ليا مف‬
‫المضي قُ ُد ًما في الطبلؽ بغير رجعة‪ ،‬وال تنفع معو حينئذ أية محاوالت لرأب‬
‫المدعي يقرر ُ‬
‫ّ‬
‫الصدع وفض النزاع بيف الطرفيف‪ ،‬لذا يجب عمى القاضي أف يؤجؿ تبادؿ المقاالت بيف‬
‫طرفي الدعوى إلى ما بعد إجراء محاوالت الصمح‪ ،‬فإذا فشمت ىذه المحاوالت سمح‬
‫لمطرفيف بذلؾ‪.2‬‬
‫وفي اليوـ المحدد لجمسة الصمح إذا تغيب أحد الزوجيف بسبب مانع حاؿ دوف‬
‫حضوره الشخصي يجوز لمقاضي تحديد تاريخ جديد لجمسة الصمح‪ ،‬أو ندب قاض آخر‬
‫لسماعو بموجب إنابة قضائية إذا استحاؿ عمى الزوج الحضور‪ ،‬أما إذا كاف التغيب بدوف‬
‫فإف القاضي يحرر محض ار بذلؾ‪.‬‬
‫عذر رغـ التبميغ الشخصي لمزوج‪ّ ،‬‬
‫تنعقد جمسة الصمح بمكتب قاضي شؤوف األسرة بحضور أميف الضبط والزوجيف‬
‫ثـ معا‪،‬‬
‫السرية‪ ،‬حيث يقوـ القاضي باالستماع لكؿ زوج عمى انفراد ّ‬‫فقط تجسيدا لمبدأ ّ‬
‫أف المشرع أتاح فرصة لحضور‬‫وال يحضر الجمسة ال محامي الطرفيف وال أوليائيما‪ ،‬إال ّ‬
‫أحد أفراد العائمة جمسة الصمح إذا طمب الزوجيف ذلؾ‪ ،‬حرصا عمى تحقيؽ الصمح‪ ،‬وزيادة‬
‫أف ليذا الشخص مكانة في‬
‫وديا‪ ،‬ألف طمبيما المشترؾ يد ّؿ عمى ّ‬
‫نسبة فرص تسوية النزاع ّ‬
‫نفسييما‪ ،‬وقد تساعد عمى إنياء الخبلؼ بينيما‪.3‬‬

‫بف ىبري عبد الحكيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.205‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬نور الديف لمطاعي‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتوراه‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫عبد السبلـ ديب‪ ،‬قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.344‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪192‬‬
‫يستفسر القاضي في جمسة الصمح مف المدعي عف أسباب رفعو دعوى الطبلؽ‪،‬‬
‫يبيف لو قداسة الرابطة الزوجية ومضار الطبلؽ التي تمحقو وتمحؽ زوجو وأوالده‪ ،‬حيث‬
‫و ّ‬
‫يحرر أميف الضبط تصريحات الزوج في محضر‪ ،‬ويوقّع عميو كؿ مف القاضي وأميف‬
‫الضبط‪ ،‬كما يوقع ويبصـ عميو مف قبؿ الزوج‪.‬‬
‫ثـ يقوـ القاضي بسماع الطرؼ الثاني عمى انفراد‪ ،‬ويبحث معو حوؿ السبب الذي‬
‫دفع الطرؼ األوؿ لرفع دعوى الطبلؽ‪ ،‬ومناقشة ىذه األسباب‪ ،‬وىؿ الطرؼ الثاني يريد‬
‫الطبلؽ أـ استمرار الحياة الزوجية‪ ،‬ويسمع تصريحاتو وطمباتو وتدوف عمى محضر يوقّعو‬
‫ويبصـ عميو الطرؼ الثاني‪ ،‬كما يوقع مف طرؼ أميف الضبط والقاضي‪.‬‬
‫ثـ يقوـ القاضي بجمع الطرفيف معا‪ ،‬ويبحث معيما أوجو الخبلؼ وتقريب‬ ‫ّ‬
‫حدة الخبلؼ‪،‬‬
‫وجيات النظر‪ ،‬دوف القياـ بمواجية بينيما بالمتناقضات‪ ،‬ألف ذلؾ يزيد مف ّ‬
‫ويحاوؿ اإلصبلح بينيما‪ ،‬ألنو بعد تمقّي القاضي تصريحات الطرفيف وفيمو أصؿ المشكؿ‬
‫سببيا ىذا اإلشكاؿ والشقاؽ‪،‬‬
‫القائـ بينيما‪ ،‬يمكنو القياـ باإلصبلح وتضييؽ الفجوة التي ّ‬
‫مف أجؿ استئناؼ الحياة الزوجية وتغميب مصمحة األوالد إف وجدوا‪.1‬‬
‫ويجب أالّ تتجاوز محاوالت الصمح ثبلثة أشير ابتداء مف تاريخ رفع دعوى‬
‫الطبلؽ‪ ،‬حيث أ ّكد المشرع ذلؾ بموجب نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ونص المادة ‪ 442‬مف‬
‫َج ْؿ محاولة الصمح بتاريخ رفع‬ ‫ِِ‬
‫ورْبطو أ َ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬غير ىذا التقييد الذي جاء بو المشرع‪َ ،‬‬
‫ألف مفيوـ الصمح في القانوف المدني الذي يعني تنازؿ كؿ‬ ‫الدعوى أمر غير صائب‪ّ ،‬‬
‫طرؼ عف جزء مف حقوقو‪ ،‬يختمؼ عف مفيومو في قانوف األسرة الذي لو خصوصيتو‬
‫وميزتو‪ ،‬فالصمح في قانوف األسرة‪ ،‬وبالتحديد في قضايا الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬يجب أف‬
‫يرتبط أجمو بتاريخ ابتداء سرياف فترة العدة وانتيائيا‪ ،‬ال بتاريخ رفع الدعوى‪ ،‬لذا أقترح أف‬
‫العدة‪ ،‬ىذا مف‬
‫يعدؿ ىذا النص‪ ،‬وجعؿ بداية سرياف أجؿ الصمح متعمقا ببداية سرياف أجؿ ّ‬
‫ّ‬
‫جية‪.‬‬
‫أف تقييد إجراء محاوالت الصمح بأجؿ ثبلثة أشير ىو أمر‬
‫ومف جية أخرى أعتقد ّ‬
‫العدة‪ ،‬حينما تكوف المرأة حامبل مثبل‪ ،‬كما‬
‫ألف ىناؾ حاالت تطوؿ فييا فترة ّ‬
‫غير كاؼ‪ّ ،‬‬

‫بوشيباف خديجة‪ ،‬صبلحيات قاضي شؤوف األسرة في ظؿ قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مذكرة التخرج لنيؿ إجازة‬ ‫‪1‬‬

‫المعيد الوطني لمقضاء‪ ،‬الدفعة الثامنة عشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ،2010-2007‬ص ‪.10‬‬
‫‪193‬‬
‫أف في دعاوى التطميؽ والخمع ال تسري فترة العدة إال بعد صدور حكـ القاضي بالتطميؽ‬
‫ّ‬
‫أو الخمع‪ ،‬ألف الحكـ القضائي بالتطميؽ أو الخمع ىو الذي ينشئ المركز القانوني‪،‬‬
‫يتـ تقييد القاضي بأجؿ‬
‫وبالتالي ال خوؼ مف انقضاء فترة العدة بعد رفع الدعوى‪ ،‬فمماذا ّ‬
‫ثبلثة أشير فقط إلجراء محاوالت الصمح والمجوء إلى تعييف حكميف لئلصبلح بيف‬
‫الزوجيف‪ ،‬لذلؾ فمف المستحسف تخصيص دعاوى التطميؽ والخمع‪ ،‬ودعاوى الطبلؽ‬
‫باإلرادة المنفردة التي تطوؿ فييا فترة العدة‪ ،‬أو التي لـ يتمفظ فييا الزوج بالطبلؽ‪ ،‬بآجاؿ‬
‫واسعة مف أجؿ إجراء محاوالت الصمح‪ ،‬حتى يتسنى لمقاضي المجوء إلى مختمؼ الوسائؿ‬
‫التي أقرىا القانوف مف أجؿ إنجاح مساعي الصمح بيف الزوجيف‪.‬‬
‫أف لممحكمة العميا نظرة مختمفة لمدة الصمح‪ ،‬حيث اعتبرت مدة ثبلثة أشير‬
‫غير ّ‬
‫مدة تنظيمية‪ ،‬وال إشكاؿ في مخالفتيا بالزيادة أو‬
‫المحددة إلجراء الصمح ما ىي إال ّ‬
‫أف المدة المحددة إلجراء محاولة‬
‫النقصاف‪ ،‬حيث جاء في أحد ق ارراتيا ما يمي‪" :‬لكف حيث ّ‬
‫الصمح ىي مدة تنظيمية‪ ،‬وال يترتب عف إنقاصيا أو الزيادة فييا أية مخالفة لمقانوف‪،‬‬
‫فإف ىذا الفرع غير مؤسس‪ ،‬ويتعيف رفضو"‪.1‬‬
‫وبالتالي ال يترتب عمييا أي بطبلف‪ ،‬وعميو ّ‬
‫أف ىذا الرأي صحيح في كؿ حاالت الطبلؽ‪ ،‬باستثناء حالة الطبلؽ‬‫وأعتقد ّ‬
‫صرح الزوج بالطبلؽ قبؿ رفع‬
‫باإلرادة المنفردة لمزوج إذا أوقع الزوج الطبلؽ‪ ،‬سواء ّ‬
‫الدعوى‪ ،‬أو بتاريخ رفع الدعوى‪ ،‬أو حتى بعد رفع الدعوى‪ ،‬ففي ىذه الحاالت يجب أف‬
‫العدة وذلؾ بإجراء الصمح قبؿ انقضائيا‪ ،‬حتى ال يتحوؿ الطبلؽ‬
‫تراعى مدة انقضاء ّ‬
‫الرجعي إلى طبلؽ بائف بينونة صغرى‪ ،‬وال يصمح إجراء الصمح بعد ذلؾ إال مف أجؿ‬
‫إرجاع المطمقة بعقد جديد ومير جديد وبرضاىا‪.‬‬
‫كما سمح المشرع لمقاضي المجوء إلى طمب االستشارة مف أي جية متخصصة‪،‬‬
‫وفي أي وقت شاء حتى أثناء إجراءات الصمح‪ ،‬وذلؾ بموجب نص الفقرة األخيرة مف‬
‫المادة ‪ 425‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وىدؼ ذلؾ ىو حصوؿ القاضي عمى استشارة فيما يخص‬
‫الحالة المعروضة عميو مف جية متخصصة وذات خبرة‪ ،‬حتى يسترشد برأييا أثناء‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة شؤوف األسرة والمواريث‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،0982921‬مؤرخ في ‪ ،2014/07/10‬غير منشور‪ ،‬نقبل‬ ‫‪1‬‬

‫عف عبد الحكيـ بف ىبري‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.204‬‬


‫‪194‬‬
‫محاولتو الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬وذلؾ باقتراح حموؿ مناسبة لفض النزاع‪ ،‬أو يسترشد بيا‬
‫أثناء فصمو في دعوى الطبلؽ‪.1‬‬
‫ويتـ تحرير محض ر يبيف المساعي التي بذليا القاضي مف أجؿ الصمح بيف‬‫ّ‬
‫الزوجيف‪ ،‬يوقعو كؿ مف الزوجيف وأميف الضبط والقاضي‪ ،‬ويتـ إيداعو لدى أمانة ضبط‬
‫تـ التصالح بشأنيا‪،‬‬
‫المحكمة‪ ،‬فإذا نجحت مساعي الصمح يذكر في المحضر األمور التي ّ‬
‫ويتـ إثباتو والمصادقة عميو مف المحكمة‪ ،‬واذا فشمت مساعي الصمح يذكر في المحضر‬
‫‪2‬‬
‫ثـ يشرع القاضي في مناقشة‬
‫أف محاوالت الصمح فشمت‪ ،‬ويمكف ذكر أسباب فشميا ّ‬
‫‪،‬‬
‫موضوع دعوى الطبلؽ‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 443‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى ّأنو يجب أالّ يستعجؿ القاضي الفصؿ في دعاوى الطبلؽ‬
‫بأف عميو الفصؿ في‬
‫واصدار الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬قبؿ انقضاء آجاؿ الصمح‪ ،‬مبر ار ذلؾ ّ‬
‫ألف القضاة يخضعوف لمتفتيش والمراقبة مف‬
‫النزاعات المطروحة في آجاؿ معقولة‪ّ ،‬‬
‫نصت‬
‫الييئات الوصية‪ ،‬التي تمزميـ بالفصؿ في النزاعات في آجاؿ معقولة‪ ،‬وفقا لما ّ‬
‫‪3‬‬
‫وف عمى آجاؿ الصمح مف أجؿ‬ ‫عميو الفقرة الرابعة مف المادة ‪ 03‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬وقد َيتَ َع ّد َ‬
‫أف ذلؾ مف الممارسات الخاطئة التي يجب عمى القضاة التنبو‬ ‫االمتثاؿ لذلؾ‪ ،‬في حيف ّ‬
‫ألف قضايا الطبلؽ ليا خصوصيتيا التي ينبغي أف تراعى‪ ،‬واآلجاؿ المعقولة في‬ ‫إلييا‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية تبدأ بعد انتياء مدة الصمح‪ ،‬أي بعد مرور ثبلثة أشير‪ ،‬ال مف‬
‫دعاوى ف ّ‬
‫مدة الصمح إطبلقا ضمف اآلجاؿ المعقولة التي يجب عمى‬
‫تاريخ رفع الدعوى‪ ،‬وال تدخؿ ّ‬
‫ألف عدـ مراعاة القضاة لمدة الصمح‬
‫القاضي أف يفصؿ فييا في النزاع المطروح عميو‪ّ ،‬‬
‫المقررة قانونا بثبلثة أشير‪ ،‬قد يؤدي إلى إشكاالت حقيقية‪.‬‬
‫ومثاؿ ذلؾ أف يفصؿ القاضي في دعوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة بعد إجراء‬
‫ثـ يحكـ القاضي بالطبلؽ‪ ،‬فإف‬
‫محاولة صمح واحدة أو اثنتيف خبلؿ شير أو شيريف‪ّ ،‬‬

‫ليمى جمعي‪ ،‬مدى فعالية آليات المصالحة التي تبناىا قانوف األسرة الجزائري لحماية العبلقة الزوجية‪ ،‬جامعة وىراف‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫مقاؿ غير منشور‪ ،‬ص ‪.06‬‬


‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة الجزائري في ثوبو الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.120‬‬ ‫‪2‬‬

‫نصت الفقرة الرابعة مف المادة ‪ 03‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى ما يمي‪ " :‬تفصؿ الجيات القضائية‬
‫ّ‬
‫‪3‬‬

‫في الدعاوى المعروضة أماميا في آجاؿ معقولة"‪.‬‬


‫‪195‬‬
‫ذلؾ يؤدي إلى حرماف الزوج مف مراجعة زوجتو خبلؿ الشير المتبقي مف العدة دوف عقد‬
‫جديد ودوف رضاىا‪ ،‬ألف المادة ‪ 50‬مف ؽ‪.‬أ تنص عمى أف مف راجع زوجتو أثناء محاولة‬
‫الص مح ال يحتاج إلى عقد جديد‪ ،‬ومف راجعيا بعد صدور الحكـ بالطبلؽ يحتاج إلى عقد‬
‫إف توفي الزوج اآلخر خبلؿ‬
‫جديد‪ ،‬كما قد يؤدي ذلؾ إلى حرماف أحد الزوجيف مف اإلرث ْ‬
‫العدة‪ ،‬في حيف أف ذلؾ لـ يكف ليحدث لو فصؿ القاضي بعد انتياء‬
‫الشير المتبقي مف ّ‬
‫ألف الشرع والقانوف يكفؿ حؽ الرجعة وحؽ التوارث بيف‬
‫مدة الصمح الموافقة لمدة العدة‪ّ ،‬‬
‫الزوجيف خبلؿ فترة العدة مف الطبلؽ الرجعي‪.‬‬
‫لذا عمى القاضي التنبو لمثؿ ىذه الحاالت‪ ،‬وضرورة مراعاتو أحكاـ الصمح‬
‫العدة‪ ،‬حتى ال نقع في حاالت شا ّذة‪ ،‬تخالؼ النظاـ العاـ‪ ،‬لذا يتطمب األمر تعديؿ نص‬
‫و ّ‬
‫المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬أو إضافة نص جديد يمنع القاضي مف إصدار حكـ إثبات الطبلؽ‬
‫مدة الصمح الموافقة لمدة العدة والمقدرة بثبلثة أشير‪.1‬‬
‫قبؿ انقضاء ّ‬
‫كما يجدر بقضاة شؤوف األسرة وكذا النيابة العامة التنبو إلى االختبلؼ في أحكاـ‬
‫العدة تبعا الختبلؼ نوع الفرقة‪ ،‬فالطبلؽ باإلرادة المنفردة لو أحكامو وخصوصيتو التي‬
‫ّ‬
‫العدة وتعمقيا بمحاوالت‬
‫تميزه عف الطبلؽ بالتراضي والتطميؽ والخمع‪ ،‬مف حيث آجاؿ ّ‬ ‫ّ‬
‫الصمح‪ ،‬وعدـ تطبيؽ النصوص القانونية الخاصة بالطبلؽ باإلرادة المنفردة عمى األنواع‬
‫ألنيا تقع بائنة‪ ،‬فالمواد ‪ 52 ،51 ،50 ،49‬تتعمؽ بنوع واحد مف الطبلؽ‪،‬‬
‫األخرى لمفرقة ّ‬
‫يبيف ىذا‬
‫ىو الطبلؽ الرجعي‪ ،‬وال تطبؽ عمى األنواع األخرى‪ ،‬كما يحسف بالمشرع لو ّ‬
‫االختبلؼ بنصوص قانونية واضحة‪ ،‬وينظّـ أحكاـ العدة والرجعة والصمح بالنسبة لمطبلؽ‬
‫بالتراضي والتطميؽ والخمع بنصوص قانونية مستقمة‪ ،‬حتى ال يقع الخمط بينيا وبيف‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪.2‬‬
‫‪ -05‬قواعد الحضور والغياب في جمسات الصمح‬
‫وبيف حكميا في المادة ‪ 441‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬‫عالج المشرع الجزائري ىذه المسألة ّ‬
‫غير أف لممحكمة العميا عدة مواقؼ مختمفة‪ ،‬بيانيا فيما يمي‪:‬‬
‫أ‪ -‬موقف المشرع الجزائري‬

‫‪ 1‬نور الديف لمطاعي‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.65 ،64 ،63‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪196‬‬
‫ميز المشرع في المادة ‪ 441‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ المتعمقة بقواعد حضور وغياب الزوجيف‬
‫ّ‬
‫أو أحدىما عف جمسة الصمح بيف حالتيف اثنتيف‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬غياب أحد الزوجين عن جمسة الصمح لعذر أو مانع حدث لو‬
‫إذا غاب أحد الزوجيف عف جمسة الصمح لعذر قاىر جاز لمقاضي تحديد تاريخ‬
‫الحؽ لجمسة الصمح‪ ،‬أو ندب قاض آخر لسماع الزوج المتغّيب بموجب إنابة قضائية‬
‫وفقا لنص المادة ‪ 441‬فقرة ‪ 01‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬واف كاف العذر الذي منع أحد الزوجيف عف‬
‫تـ تأجيؿ جمسة الصمح لوقت الحؽ‪ ،‬كاف عمى القاضي تأجيؿ‬
‫الحضور مؤقتا ويزوؿ إذا ّ‬
‫أف لمقاضي أف يجري عدة محاوالت صمح‪ ،1‬وذلؾ‬‫جمسة الصمح لتاريخ الحؽ‪ ،‬ما داـ ّ‬
‫أفضؿ مف إتباع إجراءات اإلنابة القضائية التي تتطمب وقتا طويبل لتنفيذىا‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬غياب أحد الزوجين عن جمسة الصمح دون عذر‬
‫تغيب أحد الزوجيف عف جمسة الصمح دوف عذر مع تكرر ىذا الغياب‪ ،‬يعتبر‬ ‫إذا ّ‬
‫رفضا ضمنيا مف قبمو إلجراء الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬وبما أف القاضي مقيد بآجاؿ قانونية‬
‫فإف ذلؾ يجعؿ‬
‫محددة بأال تتجاوز محاوالت الصمح ثبلثة أشير مف تاريخ رفع الدعوى‪ّ ،‬‬
‫بالبت في‬
‫ّ‬ ‫القاضي بعد تأجيمو جمسات الصمح مف أجؿ حضور الطرؼ المتغيب‪ ،‬ممزما‬
‫القضية المطروحة عميو في آجاؿ معقولة بعد انقضاء آجاؿ الصمح‪ ،‬وعميو يقوـ القاضي‬
‫بتحرير محضر ُيثبت فيو تخمّؼ أحد الزوجيف عف الحضور لجمسة الصمح‪ ،‬رغـ تبميغو‬
‫وتأجيؿ جمسة الصمح مف أجؿ منحو فرصة لمحضور‪ ،‬فيسمع القاضي الطرؼ الذي‬
‫ثبت غياب الطرؼ الثاني وفقا لممادة ‪441‬‬
‫وي ُ‬‫حضر جمسة الصمح لوحده عمى المحضر‪ُ ،‬‬
‫ثـ يشرع في مناقشة موضوع الدعوى لعدـ نجاح محاولة الصمح‪،‬‬ ‫الفقرة ‪ 02‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫عمى أف ال يصدر حكـ الطبلؽ إالّ بعد انقضاء آجاؿ الصمح‪.‬‬
‫ب‪ -‬موقف القضاء من غياب أحد الزوجين عن جمسة الصمح‬
‫لـ تستقر المحكمة العميا عمى موقؼ واحد بشأف ىذه المسألة‪ ،‬وبيانيا فيما يمي‪:‬‬
‫الموقف األول‪ :‬جاء في قرار المحكمة العميا الصادر في ‪1999/03/16‬‬
‫ما يمي‪ " :‬لكف حيث أف الحكـ المطعوف فيو القاضي األوؿ لـ يغفؿ محاولة إجراء‬

‫زيداف عبد النور‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.112‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪197‬‬
‫أجمت القضية‬
‫وحدد جمسة لمقياـ باإلجراء المذكور‪ ،‬و ّ‬
‫الصمح‪ ،‬بؿ استدعى المدعى عميو ّ‬
‫عمدا عف جمسة‬‫تغيب ً‬
‫أف المدعي ّ‬ ‫وحددت جمسة خاصة إلصبلح ذات البيف‪ ،‬غير ّ‬ ‫ّ‬
‫الصمح‪ ،‬وبذلؾ تكوف المحكمة قد قامت بمحاولة إجراء الصمح‪ ،‬وغياب المدعى عميو‬
‫‪1‬‬
‫فسرت المحكمة العميا عدـ‬
‫ّ‬ ‫حيث‬ ‫‪،‬‬ ‫جمسة المصالحة مما يفيد عدـ رغبتو في الصمح"‬
‫حضور أحد الزوجيف أو كبلىما جمسة الصمح رغـ تأجيميا دوف عذر منيما ورغـ عمميما‬
‫رفضا منيما لمصمح‪ ،‬وعمى القاضي حينئذ تحرير محضر يثبت غياب أحدىما أو كبلىما‬
‫ويشرع في مناقشة الموضوع‪ ،‬ألف الصمح مجرد إجراء فقط عمى القاضي أف يستوفيو قبؿ‬
‫الفصؿ في دعوى الطبلؽ‪.‬‬
‫تميز في مسألة الغياب عف جمسة‬
‫الموقف الثاني‪ :‬أصبحت المحكمة العميا ّ‬
‫الصمح بيف غياب المدعي رافع دعوى الطبلؽ‪ ،‬وبيف غياب المدعى عميو‪ ،‬ولكؿ حالة‬
‫حكميا‪ ،‬وبياف ذلؾ فيما يمي‪:‬‬
‫المدعي‬
‫الحالة األولى‪ :‬غياب ّ‬
‫المدعي رافع دعوى الطبلؽ أف يحضر جمسة الصمح شخصيا‪ ،‬واال‬‫إ ّف عمى ّ‬
‫رفضت دعواه‪ ،‬حيث جاء في قرار لممحكمة العميا صادر بتاريخ ‪" :2009/01/14‬يجب‬
‫ؾ الرابطة الزوجية حضور جمسات الصمح شخصيا تحت طائمة رفض‬
‫عمى الزوج طالب ف ّ‬
‫استقر عمى‬
‫ّ‬ ‫دعواه" ومما جاء في ىذا القرار‪ ... " :‬لكف حيث أف اجتياد المحكمة العميا قد‬
‫وجوب حضور الزوج شخصيا الذي طالب بفؾ الرابطة الزوجية جمسة الصمح‪ ،‬وابداء‬
‫طمباتو‪ ،‬وفي حالة غيابو ترفض دعواه"‪.2‬‬
‫واف كاف لفظ تُرفض دعواه في غير محمو‪ ،‬واألصح ّأنو تُشطب دعواه عمى‬
‫المدعي لـ يحضر الجمسة‪.‬‬
‫ألف ّ‬‫أساس المادة ‪ 216‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫ويؤكد ما جاء في ىذا القرار قرار آخر لممحكمة العميا بتاريخ ‪2012/04/12‬‬
‫جاء فيو‪ " :‬وحيث أنو يتبيف بالرجوع إلى الحكـ محؿ الطعف أف المطعوف ضده طالب‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة شؤوف األسرة والمواريث‪ ،‬قرار رقـ ‪ 217179‬مؤرخ في ‪ ،1996/03/16‬مجمة المحكمة العميا‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد خاص‪ ،2001 ،‬ص ‪.123‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬ق ارر رقـ ‪ ،474956‬مؤرخ في ‪ ،2009/01/14‬مجمة المحكمة العميا‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2009‬عدد ‪ 02‬ص ‪.271‬‬


‫‪198‬‬
‫وتمسكت بالرجوع إلى بيت‬
‫ّ‬ ‫تغيب عف جمسة الصمح‪ ،‬بينما حضرت الطاعنة‬
‫الطبلؽ ّ‬
‫الزوجية‪ ،‬وحيث أف حضور طالب الطبلؽ أو طالب التطميؽ أو الخمع جمسة محاولة‬
‫الصمح وجوبي‪ ،‬كما جرى عميو اجتياد ىذه الغرفة‪ ،‬واال أصبحت محاولة الصمح مجرد‬
‫فإف ىذا الوجو مؤسس‪ ،‬وينجر عنو نقض الحكـ المطعوف فيو"‪.1‬‬
‫إجراء شكمي‪ ،‬وعميو ّ‬
‫الحالة الثانية‪ :‬غياب المدعى عميو‬
‫ؾ الرابطة الزوجية المتعمقة‬
‫في حالة عدـ حضور المدعي عميو في دعاوى ف ّ‬
‫صحة‬
‫ّ‬ ‫بالطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬أو التطميؽ‪ ،‬أو الخمع‪ ،‬جمسة الصمح رغـ‬
‫بصحة إجراء الصمح في غيابو‪ ،‬واستنفاذ القاضي‬
‫ّ‬ ‫فإف المحكمة العميا قضت‬
‫استدعائو‪ّ ،‬‬
‫لمضموف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬جاء في قرار المحكمة العميا الصادر في ‪:2014/07/10‬‬
‫يتبيف مف الحكـ المطعوف فيو أف المحكمة قامت بإجراء صمح وفقا لنص‬
‫" لكف حيث ّأنو ّ‬
‫أف الطاعف تغيب عف الحضور رغـ‬‫المادة ‪ 49‬مف قانوف األسرة‪ ،‬وحددت جمسة لذلؾ‪ ،‬و ّ‬
‫تـ احترامو‬
‫صحة استدعائو‪ ،‬مما يجعؿ اإلجراء المنصوص عميو في المادة المذكورة قد ّ‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫ويكوف الفرع بذلؾ غير سديد" ‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬عدم حضور المدعي والمدعي عميو جمسة الصمح‬
‫إف موقؼ المحكمة العميا مف ذلؾ‪ ،‬أنو يجب عمى المدعي رافع دعوى الطبلؽ أف‬
‫ّ‬
‫يتـ استيفاء إجراء الصمح المنصوص عميو في المادة ‪ 49‬مف‬
‫يحضر جمسة الصمح‪ ،‬حتى ّ‬
‫فإف غياب المدعي عف جمسة الصمح ال يسوغ معو قياـ القاضي بتحرير‬
‫ؽ‪.‬أ‪ ،‬وعميو ّ‬
‫ثـ مناقشة الموضوع‪ ،‬بؿ عمى القاضي رفض الدعوى‪ ،‬جاء‬
‫محضر بعدـ الصمح‪ ،‬ومف ّ‬
‫في قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ 2013/05/09‬ما يمي‪ " :‬حيث أف المادة ‪49‬‬
‫يتـ دوف أف‬
‫مف قانوف األسرة تنص عمى أف إجراء محاولة الصمح مف طرؼ القاضي ّ‬
‫أف‬
‫تتجاوز مدة الصمح ثبلثة أشير‪ ،‬وحيث أنو يتبيف مف الرجوع إلى الحكـ المطعوف فيو‪ّ ،‬‬
‫المحكمة أشارت في أسباب حكميا أنيا استدعت الطرفيف لعدة جمسات إلصبلح ذات‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة شؤوف األسرة والمواريث‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،683727‬مؤرخ في ‪ ،2012/04/12‬غير منشور‪ ،‬نقبل‬ ‫‪1‬‬

‫عف عبد الحكيـ بف ىبري‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.216‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة شؤوف األسرة والمواريث‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،0801583‬مؤرخ في ‪ ،2014/07/10‬نقبل عف عبد‬ ‫‪2‬‬

‫الحكيـ بف ىبري‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.217‬‬


‫‪199‬‬
‫البيف‪ ،‬إال أنيما تغيبا‪ ،‬وحيث أف اجتياد غرفة شؤوف األسرة والمواريث بالمحكمة العميا‪،‬‬
‫استقر عمى وجوب حضور طالب فؾ الرابطة الزوجية لمحاولة اإلصبلح‪ ،‬واال أصبح‬
‫فإف ىذا الوجو‬
‫الوجوب المنصوص عميو في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ بدوف جدوى‪ ،‬وعميو ّ‬
‫وينجر عنو نقض الحكـ المطعوف فيو دوف حاجة لمناقشة بقية الوجييف‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬ ‫مؤسس‪،‬‬
‫أنو لـ يتبؽ مف النزاع ما يتطمب الفصؿ فيو‪ ،‬ماداـ أف المطعوف ضده‪ -‬طالب الطبلؽ‬
‫أماـ المحكمة – لـ يحضر جمسات محاولة الصمح‪ ،‬مما يتعيف معو نقض الحكـ بدوف‬
‫إحالة"‪.1‬‬
‫أف المحكمة العميا عدلت عف موقفيا األوؿ‬
‫يتبيف مما سبؽ ذكره ّ‬
‫وعميو ّ‬
‫بخصوص تغيب أحد الزوجيف أو كبلىما عف جمسة الصمح‪ ،‬حيث كانت تعتبر ذلؾ‬
‫رفضا ضمنيا منيما لمصمح‪ ،‬وبالتالي يحرر القاضي محضر بعدـ الصمح ويشرع في‬
‫مناقشة الموضوع‪ ،‬وذلؾ دوف التفرقة بيف غياب المدعي أو المدعى عميو‪ ،‬غير أف‬
‫المحكمة العميا تراجعت عف ىذا الموقؼ إلى موقؼ آخر‪ ،‬وأصبحت تشترط حضور‬
‫لممدعي رافع دعوى الطبلؽ ضروري عمى‬ ‫المدعي رافع الدعوى‪ ،‬فالحضور الشخصي ّ‬
‫األقؿ لجمسة أو جمستيف مف جمسات الصمح‪ ،‬حتى يبدي طمباتو ودفوعو‪ ،‬ويتأكد القاضي‬
‫مف إرادتو في طمب الطبلؽ‪ ،‬وحتى تستوفي مقتضيات المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والمادة ‪439‬‬
‫الصمح التي ُيجرييا‬
‫أف غيابو عف محاوالت ُ‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ المتعمقة بوجوب محاولة الصمح‪ ،‬و ّ‬
‫القاضي يؤدي إلى رفض دعواه‪ ،‬أما غياب المدعى عميو فبل يؤثر عمى جمسات الصمح‬
‫تـ تبميغو تبميغا قانونيا‪ ،‬فيحرر القاضي محضر بعدـ الصمح في حالة غياب‬
‫إذا ما ّ‬
‫ألف الزوج الغائب ىو مف يتحمؿ‬
‫المدعى عميو‪ ،‬ويشرع في مناقشة موضوع الدعوى‪ّ ،‬‬
‫مسؤولية غيابو عف جمسات الصمح رغـ استدعائو استدعاء قانونيا‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى المشرع المغربي اشترط تبميغ االستدعاء شخصيا لمزوجيف‬
‫توصؿ االستدعاء شخصيا لمزوج ولـ يحضر جمسة الصمح‪ ،‬اعتبر ذلؾ تراجعا‬‫ّ‬ ‫معا‪ ،‬واذا‬
‫توصمت الزوجة شخصيا باالستدعاء ولـ تحضر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫منو عف طمب اإلذف بالطبلؽ‪ ،‬واذا‬
‫بأنيا إذا لـ تحضر فسوؼ‬
‫مرة ثانية عف طريؽ النيابة العامة‪ ،‬واخطارىا ّ‬
‫وجب تبميغيا ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة شؤوف األسرة والمواريث‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،0851107‬مؤرخ في ‪ 2013/05/09‬غير منشور‪ ،‬نقبل عف‬ ‫‪1‬‬

‫عبد الحكيـ بف ىبري‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.128‬‬


‫‪200‬‬
‫ويتعيف عمييا إذا ما قررت عدـ الحضور أف تقدـ مبلحظاتيا‬
‫ّ‬ ‫يبت في الممؼ في غيابيا‪،‬‬
‫ّ‬
‫تبيف أف ُعنواف الزوجة مجيوؿ‪ ،‬فمممحكمة االستعانة‬
‫بشأف ذلؾ كتابيا إلى المحكمة‪ ،‬واذا ّ‬
‫بالنيابة العامة مف أجؿ الوصوؿ إلى عنواف الزوجة‪ ،‬واذا تحايؿ الزوج مف أجؿ عدـ‬
‫توصؿ الزوجة باالستدعاء يعاقب جزائيا‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 361‬مف القانوف الجنائي المغربي‬
‫بالحبس وبالغرامة أو بإحدى ىاتيف العقوبتيف فقط‪ ،‬بناء عمى شكوى مف الزوجة طبقا‬
‫‪1‬‬
‫شأنيا دفع التحايؿ‬
‫لممادة ‪ 81‬مف مدونة األسرة المغربية ‪ ،‬وىي كمّيا إجراءات مف ّ‬
‫المدعي‪ ،‬وضمانة أساسية لؤلطراؼ تكفؿ عمميـ بموضوع الدعوى‪.‬‬
‫المحتمؿ مف ّ‬
‫الحالة الرابعة‪ :‬غياب أحد الزوجين عن جمسة الصمح في الطالق بالتراضي‬
‫إف المحكمة العميا في قرار آخر صادر بتاريخ ‪ 2011/12/08‬اعتبرت أف‬
‫ّ‬
‫غياب الزوجة عف جمسة الصمح في دعوى الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬ال يمكف معو الحكـ‬
‫ألف القاضي لـ يطبؽ أحكاـ المادة ‪ 431‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي تمزمو بالتأ ّكد مف‬
‫بالطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫إرادة كبل الزوجيف ورضاىما بالطبلؽ بالتراضي‪ ،‬وبالتالي يعتبر حكمو بالطبلؽ بالتراضي‬
‫في غياب أحد الزوجيف عف جمسة الصمح حكما معيبا‪ ،‬حيث جاء في القرار ما يمي‪:‬‬
‫" يتبيف بالرجوع إلى الحكـ محؿ الطعف بالنقض أف المحكمة لـ تتأكد مف كؿ ذلؾ‪،‬‬
‫وأشارت إلى ّأنيا سعت إلصبلح ذات البيف بيف الطرفيف في جمسة ‪،2009/10/21‬‬
‫إالّ أف محاوالتيا باءت بالفشؿ بسبب تمسؾ المطعوف ضده بفؾ الرابطة الزوجية‬
‫بالتراضي الستحالة العشرة الزوجية‪ ،‬وغياب الطاعنة عف جمسة الصمح‪ ،‬ومع ذلؾ قضت‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بالتراضي بيف المطعوف ضده وبيف الطاعنة‪،‬‬
‫المحكمة باإلشياد بف ّ‬
‫مخالفة بذلؾ نص المادة ‪ 431‬المذكورة"‪ ،‬حيث قررت المحكمة العميا نقض الحكـ محؿ‬
‫أف حضور كبل الزوجيف لجمسة الصمح في دعاوى الطبلؽ‬ ‫الطعف‪ ،‬وىو ما يؤكد ّ‬
‫بالتراضي‪ ،‬أمر ضروري والزـ‪ ،‬ليتأ ّكد القاضي مف إرادتيما في الطبلؽ‪.‬‬
‫‪ -06‬عدد محاوالت الصمح‬
‫فيما يخص عدد جمسات الصمح‪ ،‬فقد كاف المشرع ينص في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‬
‫قبؿ تعديؿ ‪ 2005‬عمى "محاولة صمح" بصيغة المفرد‪ ،‬أما بعد تعديؿ ‪ 2005‬استعمؿ‬

‫محمد الكشبور‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.74‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪201‬‬
‫‪1‬‬
‫قيدىا‬
‫المشرع لفظ "عدة محاوالت صمح" بصيغة الجمع ‪ ،‬ولـ يحدد المشرع عددىا‪ ،‬واّنما ّ‬
‫فقط بأف ال تتجاوز مدة ثبلثة أشير مف تاريخ رفع دعوى الطبلؽ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪442‬‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وعميو فالمشرع أعطى السمطة التقديرية لمقاضي في عدد محاوالت الصمح‬
‫قدر القاضي ّأنو بإمكانو الوصوؿ إلى اإلصبلح بيف الزوجيف مف‬
‫التي يقوـ بيا‪ ،‬فإذا ّ‬
‫قدر أف يمنح ميمة لمزوجيف مف أجؿ التفكير ثـ إجراء‬
‫خبلؿ محاولتيف قاـ بذلؾ‪ ،‬واف ّ‬
‫محاولة ثالثة لمصمح‪ ،‬أجرى ذلؾ‪.‬‬
‫عدة جمسات‬
‫إف ظاىر نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ يوحي بضرورة إجراء القاضي ّ‬ ‫ّ‬
‫أف اكتفاء القاضي بجمسة صمح واحدة ال يجعؿ مف‬
‫صمح قبؿ الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬غير ّ‬
‫أقرت المحكمة العميا في أحد ق ارراتيا‬
‫الحكـ بالطبلؽ بعده أم ار معيبا‪ ،‬أو خطأ إجرائيا‪ ،‬فقد ّ‬
‫يتـ مف خبلؿ إجراء محاولة صمح واحدة‪ ،‬وعميو‬ ‫بأف استنفاذ اإلجراء المقرر في المادة ‪ّ 49‬‬
‫ّ‬
‫يعد أم ار‬
‫ثـ إصدار الحكـ بالتطميؽ‪ ،‬ال ّ‬
‫فإف اكتفاء القاضي بإجراء جمسة صمح واحدة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫معيبا يطعف في حكـ الطبلؽ‪ ،‬متى اقتنع القاضي بعدـ جدوى تكرار جمسات الصمح‪،‬‬
‫حيث جاء في قرار المحكمة العميا‪ " :‬بالرجوع إلى الحكـ المطعوف فيو يتبيف أف قاضي‬
‫الموضوع أجرى محاولة صمح بيف الزوجيف‪ ،‬وعقد لذلؾ جمسة بتاريخ ‪،2008/11/30‬‬
‫تـ‬
‫فإف اإلجراء المقرر في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ ّ‬
‫تمسؾ فييا الزوجاف بمطالبيما‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫ّ‬
‫أف القاضي اقتنع بعدـ جدوى‬
‫استنفاده‪ ،‬وال يعيب الحكـ اكتفاؤه بجمسة صمح واحدة‪ ،‬طالما ّ‬
‫عقد جمسات صمح أخرى"‪.2‬‬
‫أف نص المادة ‪ 49‬واضح وصريح في إلزاـ القاضي بإجراء عدة‬ ‫ولكنني أعتقد ّ‬
‫ّ‬
‫محاوالت صمح قبؿ الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬و ّأنو ال تعتبر محاولة صمح واحدة كافية لتقريب‬
‫وجيات النظر بيف الزوجيف وتضييؽ نطاؽ الخبلؼ بينيما‪ ،‬لذا فإف استنفاد اإلجراء‬
‫المنصوص عميو في المادة ‪ 49‬ال يكوف إال مف خبلؿ جمستي صمح عمى األقؿ‪.‬‬

‫العشي نوارة‪ ،‬الصمح في قضاء شؤوف األسرة وأثره في حماية العبلقة الزوجية‪ ،‬مداخمة ألقيت ضمف الممتقى الوطني‬ ‫‪1‬‬

‫الثامف حوؿ حماية األسرة في التشريع الجزائري‪ ،‬بجامعة الدكتور يحي فارس بالمدية‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬المنعقد بتاريخ ‪04‬‬
‫و‪ 05‬نوفمبر ‪ ،2015‬غير منشور‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة شؤوف األسرة والمواريث‪ ،‬قرار رقـ ‪ 620084‬مؤرخ في ‪ ،2011/04/14‬مجمة المحكمة العميا‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫عدد ‪ ،01‬سنة ‪ ،2012‬ص ‪.301‬‬


‫‪202‬‬
‫‪ -07‬القيمة القانونية لموكالة في الصمح‬
‫ثـ يستمع‬
‫يستمع القاضي في جمسة الصمح لكؿ واحد مف الزوجيف عمى حدة‪ّ ،‬‬
‫إلييما مجتمعيف‪ ،‬وفؽ ما نصت عميو المادتيف ‪ 440‬و‪ 441‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬واذا تع ّذر عمى‬
‫أحد الزوجيف الحضور في التاريخ المحدد لجمسة الصمح‪ ،‬جاز لمقاضي تأجيؿ الجمسة إلى‬
‫تاريخ ال حؽ‪ ،‬كما يمكف لمقاضي ندب قاض آخر لسماع الزوج المتخمؼ عف الحضور‪،‬‬
‫وعميو يستنتج مف نص المادتيف سالفتي الذكر ّأنو ال بد مف حضور الزوجيف شخصيا‬
‫لجمسة الصمح‪ ،‬و ّأنو ال يمكنيما إنابة شخص آخر يح ّؿ محميما في جمسة الصمح‪ ،‬وىو‬
‫نفس األمر الذي أ ّكده قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ ،2008/01/16‬الذي جاء فيو‬
‫يصح النيابة فيو‪ ،‬ومتى تبيف أف ىذا‬
‫ّ‬ ‫أف الصمح‪" :‬ال يقوـ إال بيف الطرفيف المتنازعيف وال‬
‫ّ‬
‫ويعد خطأ في‬
‫ّ‬ ‫اإلجراء قاـ بو شخص آخر غير الزوج يشكؿ مخالفة لممبدأ المذكور‪،‬‬
‫تطبيؽ القانوف"‪.1‬‬
‫ويرجع منع المشرع لئلنابة في الصمح واشتراطو الحضور الشخصي لمزوجيف إلى‬
‫محاولة تمكيف القاضي مف فيـ جذور النزاع وأصولو مف الزوجيف نفسييما‪ ،‬ومعرفة‬
‫األسباب الحقيقية التي أحدثت الشقاؽ بينيما‪ ،‬بحيث قد يعجز الوكيؿ عف إيصاؿ جوىر‬
‫أف محاولة الصمح التي يجرييا القاضي تتطمب‬ ‫النزاع وأسبابو لقاضي شؤوف األسرة‪ ،‬كما ّ‬
‫البت فييا حاال إالّ بعد الرجوع‬
‫بعض التنازالت مف كبل الزوجيف‪ ،‬بشكؿ ال يمكف لوكيمييما ّ‬
‫مرات‪ ،‬فيطوؿ‬
‫إلى الزوجيف‪ ،‬وىو أمر مف شأنو أف يؤدي إلى تأجيؿ جمسات الصمح عدة ّ‬
‫بالبت في القضية في آجاؿ معقولة بعد انقضاء مدة الصمح‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫أمد النزاع‪ ،‬والقاضي ممزـ‬
‫ألف حؽ‬
‫بأف رفض الوكالة في الصمح مف قبؿ المشرع أمر صائب‪ّ ،‬‬ ‫وأعتقد ّ‬
‫حؽ الرجعة ىو حؽ شخصي‬‫أف ّ‬ ‫حؽ شخصي لو‪ ،‬كما ّ‬ ‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج ىو ّ‬
‫لمزوج أيضا‪ ،‬وال يمكف توكيؿ شخص آخر بيما‪ ،‬لذلؾ جاء المشرع بنص المادة ‪ 441‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬الذي أجاز لمقاضي إما تحديد تاريخ الحؽ لجمسة الصمح إذا استحاؿ عمى أحد‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،417622‬مؤرخ في ‪ ،2008/01/16‬مجمة المحكمة العميا‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد‪ ،01‬سنة ‪ ،2009‬ص ‪.304‬‬


‫العشي نوارة‪ .‬الصمح في قضاء شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.12 - 11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪203‬‬
‫الزوجيف الحضور لجمسة الصمح أو حصؿ لو مانع‪ ،‬أو ندب قاض آخر لسماعو بموجب‬
‫إنابة قضائية‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬آثار محاوالت الصمح‬
‫يتـ التطرؽ إلى النتائج التي تترتب عمى إجراء الصمح‪ ،‬والى القيمة القانونية‬
‫ّ‬
‫ثـ إلى جواز الطعف في محضر الصمح‪.‬‬ ‫لمحضر الصمح‪ّ ،‬‬
‫‪ -1‬نتائج إجراء الصمح‬
‫إما‬
‫ال تخرج نتائج محاوالت الصمح التي يقوـ بيا القاضي عف إحدى فرضيتيف‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية أو لغياب المدعى عميو‪،‬‬
‫الفشؿ إلصرار أحد الزوجيف أو كبلىما عمى ف ّ‬
‫آثار عمى دعوى الطبلؽ المرفوعة أماـ‬
‫وا ّما تتوج بالنجاح في الصمح بينيما‪ ،‬ولكؿ حالة ا‬
‫القضاء‪.‬‬
‫أ‪ -‬حالة نجاح إجراء الصمح‬
‫إف اليدؼ األساسي مف تشريع إجراء الصمح بيف الزوجيف قبؿ إثبات حكـ‬ ‫ّ‬
‫الطبلؽ‪ ،‬ىو محاولة اإلصبلح بيف الزوجيف‪ ،‬ونزع فتيؿ الشقاؽ بينيما‪ ،‬وحثيما عمى‬
‫استئناؼ الحياة الزوجية‪ ،‬وقد يوفّؽ القاضي في تقريب وجيات نظر الزوجيف‬
‫توصؿ إليو‬
‫ّ‬ ‫فيتـ إثبات الصمح الذي‬
‫المتخاصميف‪ ،‬وينجح في محاوالت الصمح بينيما‪ّ ،‬‬
‫ثـ يوقع مف طرؼ‬
‫يحرر أميف الضبط محضر الصمح تحت إشراؼ القاضي‪ّ ،‬‬ ‫الطرفاف‪ ،‬و ّ‬
‫أميف الضبط والقاضي والزوجيف‪ ،‬ويودع بأمانة الضبط‪ ،‬ويعتبر محضر الصمح سندا‬
‫تنفيذيا وفقا لممادة ‪ 433‬الفقرة ‪ 02‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫أف‬
‫تـ تحت إشراؼ القاضي صمحا قضائيا‪ ،‬باعتبار ّ‬ ‫ويعتبر ىذا الصمح الذي ّ‬
‫‪1‬‬
‫أف دعوى‬
‫النزاع طرح عمى القضاء‪ ،‬وصادقت عميو المحكمة ‪ ،‬لكف يجب التنبيو إلى ّ‬
‫ت‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج ال تنقضي بالصمح‪ ،‬فإذا نجحت مساعي الصمح وتُّْو َج ْ‬
‫مدة عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬فيجب‬ ‫بإقناع الزوج باستعماؿ حقو في مراجعة زوجتو خبلؿ ّ‬
‫عمى القاضي أف يصدر حكما يتضمف شقّيف اثنيف‪:‬‬

‫عبد الرزاؽ السنيوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانوف المدني‪ ،‬ج ‪ ،5‬المجمد الثاني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.508‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪204‬‬
‫تـ بإرادة الزوج المنفردة مع األمر بتسجيمو‬
‫األوؿ‪ :‬إثبات الطبلؽ الرجعي الذي ّ‬
‫في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬والتأشير بو عمى ىامش عقد الزواج وعقود ميبلد الزوجيف‪،‬‬
‫وذلؾ بسعي مف النيابة العامة وفقا لنص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حتى يحتسب الطبلؽ الذي‬
‫أوقعو الزوج مف عدد الطمقات التي يممكيا عمى زوجتو‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬اإلشياد عمى مراجعة الزوج لزوجتو خبلؿ مدة عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬دوف‬
‫‪1‬‬
‫العدة‪،‬‬
‫تـ الصمح بعد انقضاء مدة ّ‬‫أما إذا ّ‬
‫عقد جديد‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 50‬مف ؽ‪.‬أ ‪ّ ،‬‬
‫وصار الطبلؽ بائنا بينونة صغرى‪ ،‬فيجب التأكيد عمى وجوب إبراـ عقد جديد مف أجؿ‬
‫جواز إرجاع المطمؽ لمطمقتو‪.‬‬
‫ب‪ -‬حالة فشل إجراء الصمح‬
‫ال ُي َوفّؽ القاضي أحيانا في محاوالت الصمح التي يجرييا بيف الزوجيف‪ ،‬فيحرر‬
‫يبيف فيو المساعي التي قاـ بيا‬
‫أميف الضبط محضر عدـ الصمح تحت إشراؼ القاضي‪ّ ،‬‬
‫المتوصؿ إلييا‪ ،‬وفقا لنص الفقرة الثانية مف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مف أجؿ الصمح‪ ،‬والنتائج‬
‫يتـ توقيعو مف طرؼ القاضي وأميف الضبط والزوجيف‪ ،‬ويقوـ القاضي بتحديد جمسة‬ ‫ثـ ّ‬‫ّ‬
‫ثـ الفصؿ في دعوى الطبلؽ وتوابعو‪.‬‬ ‫لمشروع في مناقشة موضوع الدعوى‪ ،‬ومف ّ‬
‫خوؿ المشرع قاضي شؤوف األسرة القائـ بالصمح سمطة اتخاذ ما يراه مناسبا‬
‫كما ّ‬
‫مف تدابير مؤقتة‪ ،‬بموجب أمر والئي غير قابؿ لمطعف‪ ،‬طبقا لمفقرة األولى مف المادة‬
‫‪ 442‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ولو أف يأخذ بعيف االعتبار ما اتّفؽ عميو الزوجيف عند األمر بيذه‬
‫يتمـ التدابير المؤقتة‬
‫التدابير‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 444‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ولو أف يمغي أو يعدؿ أو ّ‬
‫يتـ الفصؿ في الموضوع‪ ،‬إذا ظيرت واقعة جديدة تستدعي ذلؾ‪،‬‬ ‫التي أمر بيا ما لـ ّ‬
‫بموجب أمر غير قابؿ لمطعف‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 445‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ومف بيف التدابير المؤقتة‬
‫التي يمكف لمقاضي أف يأمر بيا إسناد الحضانة مؤقتا لمزوجة‪ ،‬ومنح حؽ الزيارة مؤقتا‬
‫لمزوج‪ ،‬األمر بنفقة غذائية مؤقتة لمزوجة واألبناء‪ ،‬األمر بتوفير مسكف لممارسة الحضانة‬
‫المؤقتة أو مقابؿ بدؿ اإليجار مؤقتا‪ ،‬األمر بتعييف محضر قضائي لبلنتقاؿ إلى مسكف‬
‫الزوجية لمعاينة وجود الزوجة بو أو تركيا لو‪.2‬‬

‫‪ 1‬نور الديف لمطاعي‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.142‬‬
‫بربارة عبد الرحماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.340‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪205‬‬
‫مدة الصمح ثبلثة أشير‪ ،‬وعدـ‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ضرورة استنفاد القاضي ّ‬
‫مدة الصمح‪ ،‬حتى ال تترتب عمى ذلؾ إشكاالت‬
‫إصدار الحكـ بإثبات الطبلؽ قبؿ انتياء ّ‬
‫ومخالفات شرعية وقانونية‪.‬‬
‫‪ -02‬القيمة القانونية لمحضر الصمح‬
‫يعتبر محضر الصمح الذي يحرره أميف الضبط تحت إشراؼ القاضي ويوقعو كؿ‬
‫مف أميف الضبط والقاضي والزوجيف سندا تنفيذيا بعد إيداعو لدى أمانة الضبط‪ ،‬وذلؾ‬
‫نصت المادة ‪ 600‬مف نفس القانوف عمى‬
‫طبقا لممادة ‪ 443‬الفقرة ‪ 03‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬كما ّ‬
‫اعتبار محاضر الصمح أو االتفاؽ المؤشر عمييا مف طرؼ القضاة والمودعة بأمانة‬
‫الضبط سندات تنفيذية ‪ ،‬وبالتالي ىي قابمة لمتنفيذ مثميا مثؿ األحكاـ القضائية النيائية‬
‫المميورة بالصيغة التنفيذية‪ ،‬لكف ُيطرح التساؤؿ حوؿ مصير الدعوى التي رفعت فما‬
‫مآليا؟ ىؿ يكفي تحرير محضر الصمح وايداعو ويعتبر ذلؾ إنياء لمخصومة وفصبل فييا؟‬
‫أـ ال بد عمى القاضي أف يصدر حكما يشيد فيو عمى إتماـ الصمح؟‬
‫يخوؿ أحد الزوجيف السعي إلى تنفيذىا‬
‫إف اعتبار محاضر الصمح سندات تنفيذية ّ‬ ‫ّ‬
‫ثـ تقديميا لممحضر القضائي مف‬ ‫باستخراجيا مف أمانة الضبط مرفقة بالصيغة التنفيذية‪ّ ،‬‬
‫أجؿ حمؿ الزوج اآلخر عمى تنفيذ مضمونيا اختياريا خبلؿ أجؿ ‪ 15‬خمسة عشر يوما‪،‬‬
‫ثـ جبريا إذا امتنع عف تنفيذىا خبلؿ ىذا األجؿ‪ ،‬وبالتالي ال حاجة إلى إصدار حكـ‬
‫ّ‬
‫توصؿ إليو القاضي‪ ،‬واف كاف العمؿ الذي عميو القضاء حاليا‬
‫باإلشياد عمى الصمح الذي ّ‬
‫ىو إصدار حكـ باإل شياد عمى الصمح‪ ،‬كما يصدر القاضي حكما بانقضاء دعوى الطبلؽ‬
‫بسبب الصمح‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 220‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬التي جاء فييا‪ ... " :‬تنقضي الخصومة‬
‫تبعا النقضاء الدعوى بالصمح ‪ ،"...‬ونؤ ّكد في ىذا الصدد عمى ضرورة اإلشياد عمى‬
‫يتـ احتسابو مف عدد الطمقات التي يممكيا‬
‫صرح بو الزوج‪ ،‬حتى ّ‬ ‫إثبات الطبلؽ الذي ّ‬
‫حبذا لو ينص المشرع ص ارحة عمى ذلؾ‪ ،‬وعدـ‬ ‫الزوج‪ ،‬لتعمّؽ ذلؾ بالنظاـ العاـ‪ ،‬ويا ّ‬
‫صرح الزوج بالطبلؽ‪.‬‬
‫الحكـ بانقضاء الخصومة بالصمح إذا ّ‬
‫لكف ىؿ الحكـ الصادر باإلشياد عمى الصمح قابؿ لمتنفيذ؟ وىؿ يقبؿ الطعف فيو‬
‫باالستئناؼ؟ يطرح ىذا الموضوع إشكاليف‪:‬‬

‫‪206‬‬
‫ألف‬
‫تنفيذ الحكـ الصادر باإلشياد عمى الصمح يثير عدة إشكاالت‪ّ ،‬‬ ‫أف‬
‫األول‪ّ :‬‬
‫تـ االتفاؽ عمييا بيف الزوجيف‪ ،‬والتي تعتبر شروطا‬
‫المسائؿ التي ّ‬ ‫يحدد‬
‫مضمونو ال ّ‬
‫أف الطرفيف اتفقا عمى استئناؼ الحياة‬
‫الستئناؼ الحياة الزوجية‪ ،‬وانما ُيكتفى فيو بالقوؿ ّ‬
‫الزوجية‪ ،‬بينما محاضر الصمح تتضمف كؿ المسائؿ والشروط التي بموجبيا حصؿ الصمح‬
‫واتّفؽ الطرفيف عمييا‪.‬‬
‫إف رفع أي دعوى أماـ القضاء يستمزـ إصدار حكـ بشأنيا‪ ،‬وتبياف‬
‫الثاني‪ّ :‬‬
‫مصيرىا‪ ،‬لذا فالقاضي ممزـ بإصدار حكـ في موضوع الدعوى‪ ،‬لذا جرى العمؿ بإصدار‬
‫حكـ باإلشياد عمى الصمح بيف الزوجيف‪.‬‬
‫حدد القاضي في الحكـ‬‫لذا عمى المشرع أف ُيزيؿ ىذا اإلشكاؿ‪ ،‬وأقترح أف ي ّ‬
‫الصادر باإلشياد عمى الصمح جميع الشروط التي اتفؽ عمييا الزوجاف‪ ،‬والتي بموجبيا‬
‫حصؿ الصمح بينيما‪ ،‬حتى يكوف الحكـ واضحا وقاببل لمتنفيذ‪.‬‬
‫‪ -03‬الطعن في محضر الصمح‬
‫لـ ينص المشرع عمى إمكانية الطعف في محاضر الصمح المحررة مف القاضي‬
‫مف عدمو‪ ،‬عكس ما أقره في محاضر الصمح المحررة مف طرؼ الحكميف والمصادؽ‬
‫نص المشرع صراحة عمى عدـ جواز الطعف فييا بموجب المادة‬ ‫عمييا مف القاضي‪ ،‬والتي ّ‬
‫‪ 448‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬لكف اعتبار المشرع محضر الصمح سندا تنفيذيا بموجب الفقرة الثالثة‬
‫مف المادة ‪ 443‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ىو دليؿ يمكف أف ُيستنتج منو عدـ إمكانية الطعف فيو‬
‫أف المحكمة العميا اعتبرت أنو ال يمكف استئناؼ الحكـ المثبت‬
‫بأوجو الطعف المتاحة‪ ،‬كما ّ‬
‫ألف االستئناؼ ال يرفع إال ضد األحكاـ التي فصمت في‬
‫لمصمح الذي وقع بيف الخصوـ‪ّ ،‬‬
‫موضوع النزاع المرفوع أماـ القضاء‪ ،‬بينما الحكـ المصادؽ والمثبت لمصمح ال يقبؿ‬
‫االستئناؼ‪ ،‬كونو تضمف صمحا بيف األطراؼ ال غير‪ ،‬ويتعيف نقض القرار الذي قبؿ‬
‫أف‪" :‬االستئناؼ ال ُيرفع إال ضد األحكاـ‬
‫االستئناؼ في ىذا الحكـ‪ ،‬ومما جاء في القرار ّ‬
‫التي صدرت إثر نزاع بيف األطراؼ‪ ،‬بخبلؼ الصمح الذي يبرـ بيف األطراؼ الذيف جعموا‬
‫حدا لمنزاع‪ ،‬واف دور المحكمة ينحصر في مراقبة صحة وسبلمة ىذا الصمح"‪.1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،103637‬مؤرخ في ‪ ،1008/98/10‬المجمة القضائية‪ ،‬عدد‬ ‫‪1‬‬

‫خاص‪ ،2001 ،‬ص ‪ 94‬و ما بعدىا‪.‬‬


‫‪207‬‬
‫إف عدـ قابمية محاضر الصمح لمطعف فييا بأي وجو مف أوجو الطعف أمر‬ ‫ّ‬
‫مرده اعتباريف اثنيف‪:‬‬
‫منطقي ّ‬
‫تـ باتفاؽ الزوجيف وبمحض إرادتيما‪ ،‬وال دخؿ إلرادة القاضي‬
‫أف الصمح ّ‬
‫األوؿ‪ّ :‬‬
‫فيو‪ ،‬وال سمطة لو عمييما‪ ،‬واّنما دور القاضي ىو المصادقة عمى ما اتفؽ عميو الزوجاف‬
‫فقط‪ ،‬مف أجؿ إضفاء الصبغة الشرعية عمى الصمح المبرـ بينيما‪.1‬‬
‫الثاني‪ّ :‬أنو يمكف تجاوز محضر الصمح وعدـ تنفيذ مضمونو‪ ،‬وذلؾ برفع دعوى‬
‫تـ‬
‫طبلؽ جديدة أماـ القضاء‪ ،‬ألنو ال حجية لمحكـ الصادر باإلشياد عمى الصمح الذي ّ‬
‫بيف الزوجيف‪ ،‬وىي طريقة غير مباشرة لمطعف فيو وعدـ تنفيذ مضمونو‪ ،‬غير أف محضر‬
‫الصمح ال يحوز حجية الشيء المقضي فيو كالحكـ القضائي‪ ،‬لذا يمكف ألي طرؼ أف‬
‫يرفع دعوى جديدة بنفس الموضوع ونفس األطراؼ أماـ نفس الجية القضائية‪ ،‬وال يمكف‬
‫التمسؾ بحجية الشيء المقضي فيو‪.‬‬
‫أف محضر الصمح يعتبر سندا رسميا محر ار مف قبؿ موظؼ عمومي وىو‬ ‫وبما ّ‬
‫القاضي‪ ،‬فيو حجة بما يتضمنو وما يثبتو إلى أف يطعف فيو بالتزوير‪.2‬‬
‫بأف مراعاتيا‬
‫وفي ختاـ دراسة إجراء الصمح أوصي بجممة مف التوصيات‪ ،‬أعتقد ّ‬
‫مف األىمية بمكاف‪ ،‬مف أجؿ إضفاء فعالية أكبر إلجراء الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬وحتى يكوف‬
‫يتـ إجماليا فيما يمي‪:‬‬
‫أكثر انسجاما مع مقتضيات الشرع والقانوف‪ّ ،‬‬
‫‪ -1‬ضرورة توافؽ االجتيادات القضائية مع النصوص القانونية التي ترى‬
‫بوجوبية إجراء الصمح ال بجوىريتو‪ ،‬إذ عرؼ القضاء تناقض بعض ق اررات المحكمة العميا‬
‫يخص إلزامية الصمح في دعاوى الطبلؽ‪ ،‬بيف قائؿ بوجوبيتو وآخر بجوىريتو‪ ،‬وىو‬ ‫ّ‬ ‫فيما‬
‫أمر يؤدي إلى نتائج غير منطقية ومخالفة لمشرع والقانوف‪ ،‬لذا يجب أف توافؽ االجتيادات‬
‫أقر وجوبية الصمح ال جوىريتو‪.‬‬
‫القضائية مع نص القانوف الذي ّ‬
‫إف إنشاء جية متخصصة ُيسند إلييا إجراء الصمح‪ ،‬مطمب ميـ لنجاح ميمة‬
‫‪ّ -2‬‬
‫حبذا لو تتكوف ىذه الجية مف مختصيف في القانوف وعمـ االجتماع وعمـ‬
‫الصمح‪ ،‬ويا ّ‬
‫ألف مف أسباب فشؿ محاوالت الصمح عدـ كفاءة بعض‬‫النفس وفي الشريعة اإلسبلمية‪ّ ،‬‬

‫العشي نوارة‪ ،‬الصمح في قضاء شؤوف األسرة مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫بوشيباف خديجة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.30‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪208‬‬
‫إما بسبب صغر‬ ‫القضاة إلجراء الصمح‪ ،‬والذيف يسند إلييـ قضاء قسـ شؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫سنيـ ونقص تجربتيـ في حؿ الخبلفات الزوجية التي تتطمب كفاءة وحنكة قد ال تتوفر‬
‫ّ‬
‫أف كثرة ممفات الطبلؽ المعروضة عمى قضاة شؤوف األسرة المطالبيف بالفصؿ‬
‫لدييـ‪ ،‬كما ّ‬
‫فييا خبلؿ آجاؿ معقولة‪ ،‬يعرقؿ مياميـ ويزيد الضغط عمييـ‪ ،‬بحيث يجعميـ يعقدوف‬
‫جمسة صمح واحدة أو اثنيف عمى األكثر مف أجؿ استيفاء شرط وجوبية إجراء الصمح‬
‫المنصوص الوارد في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ والمادة ‪ 439‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ال غير‪ ،‬ىذا مف‬
‫فإف تحقيؽ الصمح بيف الزوجيف يتطمب تضافر جيود عدة كفاءات‬ ‫جية‪ ،‬ومف جية أخرى ّ‬
‫ؽ في فض النزاع ودرء الشقاؽ الحاصؿ بيف‬ ‫اىا تُوفّ ُ‬
‫مف مختمؼ التخصصات‪َ ،‬ع َس َ‬
‫فإف تفعيؿ إجراء الصمح يتطمب أف تقوـ بو جية متخصصة تؤمف بحاجة‬
‫الزوجيف‪ ،‬لذلؾ ّ‬
‫األسرة والمجتمع إليو‪ ،‬وضرورة بذؿ أقصى عناية مف أجؿ الوصوؿ إليو‪ ،‬وال ترى فيو‬
‫إجراء شكميا يجب استيفائو مف أجؿ تفادي الطعف في الحكـ بالطبلؽ بوجو مف أوجو‬
‫فإنيا تخفؼ‬
‫المتخصصة باضطبلعيا بمياـ الصمح ّ‬
‫ّ‬ ‫أف ىذه الجية‬
‫الطعف المتاحة‪ ،‬كما ّ‬
‫العبء الممقى عمى عاتؽ قضاة شؤوف األسرة مف كثرة الدعاوى المعروضة عمييـ‪ ،‬وىي‬
‫صورة مف صور المجالس العرفية التي تعرفيا بعض مناطؽ الوطف‪ ،‬ويرجع إلييا عند‬
‫النزاع بيف أفراد المجتمع‪.1‬‬
‫ور اإلصبلح واإلرشاد‬ ‫وقد أسندت العديد مف الدوؿ العربية ميمة اإلصبلح إلى ُد ْ‬
‫األسري‪ ،‬ومف بينيا مصر التي أنشئت مكاتب لتسوية المنازعات األسرية التابعة لو ازرة‬
‫العدؿ‪ ،‬بموجب القانوف رقـ ‪ 10‬لسنة ‪ ،2004‬مكونة مف أخصائييف قانونييف واجتماعييف‬
‫ونفسانييف‪ ،‬حيث تنشأ في كؿ محكمة جزئية مكتب أو أكثر‪ ،‬ميمتيا فض النزاعات‬
‫األسرية قبؿ عرضيا عمى محكمة األسرة‪ ،‬وتسعى ىذه المكاتب إلى التسوية الودية قبؿ‬
‫المجوء إلى التقاضي‪ ،‬حيث ال تقبؿ الدعوى المرفوعة أماـ محاكـ األسرة في المسائؿ التي‬
‫يجوز فييا الصمح إال بعد تقديـ طمب التسوية إلى المكتب المختص‪ ،‬واذا ما رفعت‬
‫فإف‬
‫ابتداء إلى محكمة األسرة دوف تقديـ طمب التسوية إلى المكتب المختص‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫الدعوى‬

‫العشي نوارة‪ ،‬الصمح في قضاء شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪209‬‬
‫المحكمة تأمر بإحالة الدعوى إلى المكتب المختص لمقياـ بميمة التسوية‪ ،1‬وفقا لممادة ‪09‬‬
‫مف قانوف إنشاء محاكـ األسرة رقـ ‪ 10‬لسنة ‪.2004‬‬
‫‪ -3‬مف األمور التي يجب مراعاتيا والعناية بيا والتنبو إلييا جيدا عند إجراء‬
‫الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬سواء مف طرؼ القاضي أو مف قبؿ الحكميف‪ ،‬ىو معرفة إف كاف‬
‫تـ تثبيت ىذه الطمقات؟ وىؿ ىذه الطمقة ىي الطمقة‬
‫الزوج طمؽ زوجتو مف قبؿ‪ ،‬وىؿ ّ‬
‫أف‬
‫أف الزوج طمّؽ زوجتو مرتيف مف قبؿ‪ ،‬و ّ‬
‫فإف ثبت لمقاضي ّ‬
‫األولى أـ الثانية أـ الثالثة؟ ْ‬
‫فإنو يجب عمى‬
‫صرح بيا الزوج ىي الطمقة الثالثة‪ّ ،‬‬
‫دعوى الطبلؽ المعروضة عميو والتي ّ‬
‫القاضي أف يمتنع عف إجراء الصمح ألنو مخالؼ لمنظاـ العاـ‪ ،‬فالمطمقة ثبلثا ال تحؿ‬
‫لزوجيا األوؿ حتى تنكح زوجا غيره ويطمقيا وتبيف منو‪ ،‬لذا أوصي فيما يخص ىذه‬
‫النقطة بأف يدرج المشرع تعديبل في نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ويضيؼ فقرة تنص عمى‬
‫استثناء حالة المطمقة ثبلثا مف قاعدة وجوبية إجراء الصمح في دعاوى الطبلؽ‪.‬‬
‫‪ -4‬مف المسائؿ التي يجب التنبو إلييا كذلؾ مف طرؼ القاضي عند إج ارئو‬
‫تـ التصريح بالطبلؽ مف طرؼ‬
‫الصمح في قضايا الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬معرفة ىؿ ّ‬
‫يتـ‬
‫تـ التصريح بالطبلؽ قبؿ رفع الدعوى؟ أـ عند رفعيا؟ أـ لـ ّ‬ ‫الزوج أـ ال؟ وىؿ ّ‬
‫التصريح بو بعد؟ وما عبلقة مدة الصمح بمدة عدة الطبلؽ الرجعي؟‬
‫إف معرفة تاريخ تصريح الزوج بالطبلؽ أو عدـ تصريحو لو عبلقة وثيقة ببداية‬
‫ّ‬
‫سرياف آجاؿ العدة وانتياءىا‪ ،‬بحيث يجب مراعاة ذلؾ لتعمقيا بالنظاـ العاـ‪ ،‬فإف ثبت‬
‫حث الزوج عمى‬ ‫يتغير مف ّ‬ ‫فإف المقصد مف إجراء الصمح ّ‬ ‫العدة‪ّ ،‬‬
‫لمقاضي انتياء آجاؿ ّ‬
‫العدة دوف عقد جديد‪ ،‬وحتى دوف رضاىا‪ ،‬قبؿ انتياء فترة العدة‪ ،‬إلى‬
‫مراجعة زوجتو خبلؿ ّ‬
‫حث الزوج عمى مراجعة زوجتو بعقد جديد وبرضا زوجتو إذا انتيت فترة العدة‪ ،‬وبالتالي‬
‫ّ‬
‫فإف إجراء الصمح يبقى عمى وجوبيتو‪ ،‬واّنما يتغير المقصد منو فقط‪ ،‬عمى خبلؼ مف يرى‬
‫ّ‬
‫ألف الزوجة تبيف مف زوجيا بينونة‬
‫فإف الصمح ال فائدة منو‪ّ ،‬‬
‫بأنو إذا انتيت فترة العدة ّ‬
‫صغرى‪.‬‬

‫محمد عبد النبي السيد غانـ‪ ،‬إجراءات التقاضي أماـ محاكـ األسرة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،2016 ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪210‬‬
‫إف عمى القاضي أف ينتبو في حالة نجاح محاوالت الصمح بيف الطرفيف‬ ‫‪ّ -5‬‬
‫لتاريخ التصريح بالطبلؽ‪ ،‬فإف توافؽ تاريخ التصريح بو مع تاريخ رفع الدعوى فبل إشكاؿ‬
‫في الحكـ بمراجعة الزوج لزوجتو دوف عقد جديد وحتى دوف رضاىا‪ ،‬بشرط أف يكوف ذلؾ‬
‫العدة‪ ،‬لكف إف خالؼ تاريخ التصريح بالطبلؽ تاريخ‬
‫مدة الصمح المطابقة لمدة ّ‬
‫قبؿ انتياء ّ‬
‫لعدة إذا حدث صمح بيف‬ ‫الدعوى بأف كاف سابقا لو‪ ،‬فعمى القاضي أف يراعي مدة ا ّ‬
‫الزوجيف وحكـ بالرجعة أو تنازؿ الزوج عف دعواه‪ ،‬حتى ال يقع في نتائج خطيرة مخالفة‬
‫لمشرع والقانوف وتمس بالنظاـ العاـ‪ ،‬لذا عمى قاضي شؤوف األسرة أف يتفطّف لمحاالت‬
‫التي تتطابؽ فييا مدة الصمح مع مدة عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬وذلؾ في حالة أوقع الزوج‬
‫الطبلؽ بتاريخ رفع الدعوى أو بتاريخ سابؽ عمييا وتع ّذر معرفة ذلؾ التاريخ‪ ،‬حيث تسري‬
‫مدة الصمح ومدة العدة مف تاريخ رفع دعوى الطبلؽ‪ ،‬والحاالت التي تختمؼ فييا مدة‬
‫يصرح الزوج بالطبلؽ بتاريخ سابؽ عف‬
‫الصمح عف مدة عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬وذلؾ حيف ّ‬
‫تاريخ رفع الدعوى‪ ،‬أو بتاريخ الحؽ عف تاريخ رفعيا‪ ،‬حيث ال يبدأ سرياف مدة الصمح‬
‫العدة‪ ،‬وتتقدـ إحداىما عمى األخرى‪ ،‬ووجب حينئذ عمى‬ ‫بنفس تاريخ بداية سرياف مدة ّ‬
‫القاضي مراعاة مدة عدة الطبلؽ لتعمّقيا بحؽ مف حقوؽ اهلل‪ ،‬وباعتبارىا مف النظاـ العاـ‪،‬‬
‫ألف كؿ األحكاـ تدور عمييا‪ ،‬كالرجعة والنسب والميراث‪.1‬‬
‫و ّ‬
‫إف تقييد مدة إجراء الصمح بأجؿ ثبلثة أشير مف تاريخ رفع الدعوى‪ ،‬أمر فيو‬
‫‪ّ -6‬‬
‫تضييؽ عمى القاضي في ميمة الصمح التي يسعى لتحقيقيا‪ ،‬إذ يجب التمييز بيف دعاوى‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة والتي يمكف أف يكوف المشرع قد راعى فييا فترة العدة‪ ،‬وبيف‬
‫يصرح فييا الزوج‬
‫ّ‬ ‫دعاوى التطميؽ أو الخمع أو دعاوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة التي لـ‬
‫العدة بسبب حمؿ الزوجة مثبل‪،‬‬
‫بالطبلؽ خارج مجمس القضاء‪ ،‬أو التي قد تطوؿ فييا فترة ّ‬
‫أو بسبب تصريح الزوج بالطبلؽ بتاريخ الحؽ عمى تاريخ رفع الدعوى‪ ،‬حيث أعتقد‬
‫يتسنى لمقاضي المجوء إلى‬
‫بضرورة منح آجاؿ واسعة مف أجؿ إجراء الصمح‪ ،‬وذلؾ حتى ّ‬
‫عدة جيات قد تعينو في ذلؾ‪ ،‬كتعييف حكميف أو استشارة جيات متخصصة‪ ،‬مما يزيد مف‬
‫فإنو ليس مف الحكمة تضييؽ آجاؿ الصمح بميمة ثبلثة‬
‫فرص نجاح مساعي الصمح‪ ،‬لذا ّ‬

‫عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.114-110‬‬


‫نور الديف لمطاعي‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬

‫‪211‬‬
‫أشير مف تاريخ رفع الدعوى‪ ،‬واّنما يجب التمييز بيف أنواع الطبلؽ‪ ،‬وأخذ بعيف االعتبار‬
‫انتياء فترة العدة مف عدمو‪.1‬‬
‫ومف أمثمة التشريعات التي منحت أجبل أطوؿ مف أجؿ إجراء محاوالت الصمح‬
‫التشريع المغربي الذي منح أجؿ ستة أشير لمفصؿ في دعوى الشقاؽ مف أجؿ اإلصبلح‬
‫تقدـ أحدىما بطمب التطميؽ بسبب الشقاؽ‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪97‬‬
‫بيف الزوجيف‪ ،‬وذلؾ إذا ّ‬
‫حدد أجؿ ستة أشير كذلؾ لمفصؿ في دعاوى التطميؽ‬ ‫مف مدونة األسرة المغربية‪ ،‬كما ّ‬
‫باستثناء حالة الغيبة وفقا لنص المادة ‪ 113‬مف مدونة األسرة المغربية‪ ،‬لذا مف المستحسف‬
‫يتـ‬
‫لو يحذو المشرع الجزائري حذو ما أخذ بو المشرع المغربي في ىذه المسألة‪ ،‬بحيث ّ‬
‫من ْح‬
‫وي َ‬
‫تعديؿ آجاؿ الصمح في دعاوى التطميؽ والخمع والطبلؽ بسبب نشوز أحد الزوجيف‪ُ ،‬‬
‫لمقاضي آجاال واسعة ال تقؿ عف ستة أشير‪ ،‬مف أجؿ تفعيؿ إجراء الصمح عبر مختمؼ‬
‫طرقو‪ ،‬وانجاحو كبديؿ لتسوية النزاعات األسرية حفاظا عمى استقرار األسرة والمجتمع‪.‬‬
‫ألف المشرع تناوؿ‬
‫‪ -7‬يجب التمييز في إجراء الصمح بيف أنواع دعاوى الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫إجراء الصمح في دعوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬بينما سكت عف‬
‫تنظيـ ىذا اإلجراء بالنسبة لباقي أنواع الطبلؽ األخرى‪ ،‬وىي الطبلؽ بالتراضي‬
‫أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬حيث مف الخطأ االستناد عمى المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ في غير‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬لذا يحسف بالمشرع لو يتدخؿ بوضع نص قانوني جديد‬
‫ينظّـ بو إجراء الصمح في الطبلؽ بالتراضي والتطميؽ والخمع‪ ،‬واقرار مدة أطوؿ مف أجؿ‬
‫إجراء محاوالت الصمح‪ ،‬نظ ار ألف الحكـ القضائي ىو الذي ينشئ الطبلؽ بالتراضي‬
‫العدة ال تسري إالّ ابتداء مف تاريخ صدور الحكـ بالطبلؽ‪.‬‬
‫أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬وأف ّ‬
‫حدد المشرع المدة األقصى التي يجب عمى القاضي أال يتجاوزىا عند إجراء‬
‫‪ّ -8‬‬
‫يبيف الحد األدنى‬
‫الصمح وجعميا ثبلثة أشير مف تاريخ رفع الدعوى‪ ،‬غير أف المشرع لـ ّ‬
‫ثـ إصدار الحكـ بإثبات‬
‫لممدة التي يجب أال يقؿ عنيا إجراء محاوالت الصمح‪ ،‬ومف ّ‬
‫ّ‬
‫تـ بإرادة الزوج المنفردة قبؿ‬
‫ألف إصدار الحكـ القضائي بتثبيت الطبلؽ الذي ّ‬
‫الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫يؤدي إلى إشكاالت كبيرة‪ ،‬ونتائج خاطئة تناقض الشرع والقانوف‪ ،‬حيث‬
‫مدة الصمح ّ‬
‫انتياء ّ‬

‫العشي نوارة‪ ،‬الصمح في قضاء شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪212‬‬
‫يتحوؿ الطبلؽ الرجعي إلى طبلؽ بائف‪ ،‬وما يصحب ذلؾ مف آثار تتعمؽ بمنع الزوج مف‬
‫مراجعة زوجتو إال بعقد جديد‪ ،‬وحرماف أحدىما مف الميراث إذا توفي الزوج اآلخر‪ ،‬وغير‬
‫سببيا استعجاؿ القاضي بإصدار حكـ إثبات‬
‫ذلؾ مف النتائج غير الصحيحة‪ ،‬التي ّ‬
‫العدة‪.‬‬
‫الطبلؽ قبؿ انتياء مدة الصمح الموافقة لمدة ّ‬
‫فإف تدخؿ المشرع أضحى الزما بالنص صراحة عمى منع القاضي مف‬ ‫لذا ّ‬
‫إصدار حكـ بإثبات الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج إال بعد انقضاء مدة الصمح الموافقة‬
‫العدة‪.‬‬
‫لمدة ّ‬
‫‪ -9‬نظ ار ألف كؿ األحكاـ الشرعية المتعمقة بالرجعة والنسب والميراث ترتبط‬
‫العدة‪ ،‬حيث عمييا مدار األحكاـ وجودا وعدما‪ ،‬فمف‬
‫ارتباط وثيقا ببداية ونياية سرياف مدة ّ‬
‫ينص المشرع عمى ربط مدة الصمح بمدة عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬والتي‬ ‫ّ‬ ‫المستحسف أف‬
‫ترتبط بدورىا بتاريخ تصريح الزوج بالطبلؽ‪ ،‬وذلؾ حتى نتجنب كؿ اإلشكاالت التي تنتج‬
‫عف اختبلؼ مدة الصمح عف مدة العدة‪ ،‬لذا أقترح النص عمى ما يمي‪ " :‬يجب عمى‬
‫العدة‪ ،‬ابتداء مف تاريخ تصريح الزوج‬
‫عدة محاوالت لمصمح خبلؿ فترة ّ‬ ‫القاضي إجراء ّ‬
‫بالطبلؽ"‪ ،‬ىذا بالنسبة لمطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬أما بالنسبة لمطبلؽ بالتراضي‬
‫مدة الصمح ال تقؿ عف ستة أشير مف تاريخ رفع‬
‫أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬فأقترح أف تكوف ّ‬
‫الدعوى‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات التحكيم في قضايا فك الرابطة الزوجية‬

‫يش ّك ؿ الحفاظ عمى األسرة واستقرارىا ىدفا مقصودا وغاية منشودة‪ ،‬يسعى‬
‫سف مختمؼ اإلجراءات التي تحافظ عمى العبلقة الزوجية مف‬
‫مف خبلؿ ّ‬ ‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫لتحقيقيا‬
‫المشرع في المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ طريقا أخرى غير طريؽ محاولة الصمح‬ ‫سف‬
‫التفكؾ‪ ،‬لذا ّ‬
‫التي يجرييا القاضي‪ ،‬عمّيا تحقّؽ التوافؽ بيف الزوجيف وتعيد المياه إلى مجارييا‪ ،‬وىي‬
‫يعينيما القاضي مف أىؿ الزوج وأىؿ الزوجة‪،‬‬
‫إجراء التحكيـ بيف الزوجيف مف قبؿ حكميف ّ‬
‫اشتد الخصاـ بيف الزوجيف ولـ يثبت‬
‫ّ‬ ‫نصت المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ عمى ّأنو‪ " :‬إذا‬
‫حيث ّ‬
‫يعيف القاضي الحكميف حكما مف أىؿ الزوج‬
‫الضرر وجب تعييف حكميف لمتوفيؽ بينيما‪ّ .‬‬
‫وحكما مف أىؿ الزوجة‪ ،‬وعمى ىذيف الحكميف أف يقدما تقري ار عف ميمتيما في أجؿ‬
‫‪213‬‬
‫شيريف"‪ ،‬كما تنص المادة ‪ 446‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى‪" :‬إذا لـ يثبت أي ضرر أثناء الخصومة‬
‫يعيف حكميف اثنيف لمحاولة الصمح بينيما‪ ،‬حسب مقتضيات قانوف‬
‫جاز لمقاضي أف ّ‬
‫األسرة"‪.‬‬
‫أقره المشرع أعبله عف الصمح المقرر في المادة ‪ 439‬مف‬
‫ويختمؼ التحكيـ الذي ّ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وعف التحكيـ في المواد المدنية والتجارية المقرر بموجب المادة ‪ 1006‬مف‬
‫يتـ تبياف أحكامو وخصائصو فيما يمي‪:‬‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬و ّ‬
‫أوال‪ -‬مفيوم إجراء التحكيم‬
‫عدة نقاط‪ :‬تعريؼ التحكيـ‪ ،‬طبيعتو‪،‬‬
‫يتـ التطرؽ إلى ّ‬
‫لبياف مفيوـ إجراء التحكيـ ّ‬
‫تعييف الحكميف‪ ،‬الشروط الواجب توافرىا في الحكميف‪ ،‬اإلشكاالت التي تواجييما‪ ،‬والدور‬
‫الذي يقوـ بو الحكميف‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريف التحكيم‬
‫تناوؿ المشرع موضوع التحكيـ بيف الزوجيف في المادتيف ‪ 56‬ؽ‪.‬أ و‪ 446‬ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‬
‫ألف المشرع ال ُيعطي عادة تعريفات‪ ،‬بؿ‬
‫سالفتي الذكر دوف أف يعطي تعريفا خاصا بو‪ّ ،‬‬
‫ذلؾ مف مياـ الفقو‪ ،‬وبالرجوع إلى التعريفات الفقيية لمتحكيـ بصفة عامة‪ ،‬فجمّيا يتّفؽ‬
‫أما‬
‫عمى ّأنو تولية شخص أو أكثر لمفصؿ في خصومة بيف متخاصميف اثنيف عمى األقؿ‪ّ ،‬‬
‫التحكيـ الخاص الوارد في قانوف األسرة فينصرؼ مفيومو إلى تعييف القاضي لحكميف‬
‫اثنيف عند حدوث الشقاؽ بيف الزوجيف ولـ يثبت أي ضرر أثناء الخصومة‪ ،‬ميمتيما‬
‫اإلصبلح بيف الزوجيف‪ ،‬ودرء الخبلؼ الحاصؿ بينيما بأي وجو أمكف‪.1‬‬
‫بأنو‪ " :‬إجراء مف إجراءات التحقيؽ التي‬
‫وعرؼ األستاذ تقية عبد الفتّاح التحكيـ ّ‬
‫ّ‬
‫تقوـ بيا المحكمة في حاؿ‪ -‬حدوث الشقاؽ بيف الزوجيف‪ ،‬وعدـ إثبات الضرر‪ ،‬وذلؾ‬
‫أف الطبيعة القانونية لمتحكيـ ىي عمؿ إجرائي تقوـ‬
‫لمفصؿ في النزاع بحكـ عادؿ‪ ،‬ذلؾ ّ‬
‫بيا المحكمة مف تمقاء نفسيا عف طريؽ التعييف"‪ ،2‬ومف خبلؿ ىذا التعريؼ يتّضح أف‬
‫التحكيـ في شؤوف األسرة لو مدلوؿ خاص‪ ،‬يختمؼ عف التعريؼ االصطبلحي لمتحكيـ‬

‫نوري عم ر‪ ،‬النظاـ القانوني لمصمح بيف الزوجيف في تشريع األسرة الجزائري‪ ،‬مجمة آفاؽ العموـ‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.291‬‬
‫تقية عبد الفتاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.163‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪214‬‬
‫بت النزاع عف طريؽ ىيئة دوف المجوء إلى‬
‫الذي ينصرؼ إلى اتّفاؽ شخصيف عمى ّ‬
‫القضاء‪ ،‬وبالتالي فيو يعتبر التحكيـ ذو طابع عقدي‪ ،1‬بينما طبيعة التحكيـ في شؤوف‬
‫األسرة ذو طابع إجرائي‪.‬‬
‫مف حيث موضوع التحكيـ ف ّإنو يختّص بح ّؿ الخبلؼ بيف الزوجيف ودرء الشقاؽ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وذلؾ‬
‫والخصاـ الذي دفع أحدىما لمجوء إلى القضاء مف أجؿ طمب ف ّ‬
‫بتقريب وجيات نظر الزوجيف‪ ،‬وحثّيما عمى استئناؼ الحياة الزوجية عمى أساس مف‬
‫التفاىـ والمحافظة عمى استقرار األسرة‪.‬‬
‫نص المادتيف ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ و‪ 446‬مف‬ ‫أف ّأوؿ ما يمكف مبلحظتو مف خبلؿ ّ‬‫غير ّ‬
‫أف المشرع أحاؿ القاضي مف القانوف اإلجرائي الذي ىو قانوف اإلجراءات‬ ‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫المدنية واإلدارية‪ ،‬إلى القانوف الموضوعي وىو قانوف األسرة‪ ،‬مف أجؿ معرفة اإلج ارءات‬
‫ألف اإلجراءات يوضحيا القانوف اإلجرائي‬
‫المتّبعة في التحكيـ‪ ،‬وىو أمر غير منطقي‪ّ ،‬‬
‫أف المشرع لـ يحدد بدقة إجراءات تعييف الحكميف‬
‫ال القانوف الموضوعي‪ ،‬ويبلحظ أيضا ّ‬
‫يحدد‬
‫والشروط الواجبة التوفر فييما‪ ،‬والمياـ المسندة إلييـ في المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬كما لـ ّ‬
‫ألف الضرر‬
‫المشرع بدقّة معنى الضرر الذي َيثبت حتى ال يمجأ القاضي لمحكميف‪ّ ،‬‬
‫ال محالة ثابت في كؿ الخصومات بيف الزوجيف‪ ،‬سواء لمزوج أو لمزوجة‪ ،‬فيؿ تُوجد‬
‫خصومة ببل ضرر؟ وعميو فمعيار الضرر الذي حدده المشرع مف الصعوبة بمكاف عمى‬
‫أف ىناؾ ضرر بسيط وضرر جسيـ‪ ،‬فيؿ يستوياف في ذلؾ؟‬ ‫القاضي تقديره‪ ،‬كما ّ‬
‫‪ -2‬طبيعة إجراء التحكيم‬
‫إف المبلحظ ىو تضارب موقؼ المشرع حوؿ مسألة وجوب المجوء إلى إجراء‬‫ّ‬
‫التحكيـ‪ ،‬حيث يظير التذبذب وعدـ وضوح موقفو‪ ،‬حيث استعمؿ في المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ‬
‫ويفيـ مف ذلؾ إل ازمية تعييف الحكميف مف‬
‫عبارة "‪ ...‬وجب تعييف حكميف لمتوفيؽ بينيما"‪ُ ،‬‬
‫طرؼ القاضي قبؿ فصمو في موضوع الدعوى المعروضة عميو‪ ،‬فيو إلزاـ موجو أساسا‬
‫لمقاضي‪ ،2‬يتحقؽ بشرطيف اثنيف‪ ،‬ىما شرط اشتداد الخصاـ بيف الزوجيف وثبوت الشقاؽ‬
‫بينيما‪ ،‬وشرط عدـ ثبوت الضرر مف ىذا الخصاـ‪ ،‬بينما بالرجوع إلى نص المادة ‪446‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.163‬‬ ‫‪1‬‬

‫أحمد نصر الجندي‪ ،‬محكمة األسرة واختصاصاتيا‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص ‪.336‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪215‬‬
‫عي َف حكميف اثنيف‬
‫أف المشرع استعمؿ عبارة‪ .... " :‬جاز لمقاضي أف ُي ّ‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ نجد ّ‬
‫لمحاولة الصمح بينيما ‪ ،".....‬فيؿ يجب عمى القاضي تعييف حكميف لمحاولة الصمح إذا‬
‫لـ يثبت الضرر؟ أـ يجوز لو ذلؾ؟ والفرؽ ّبيف بيف المفظيف‪ ،‬وىؿ يعتبر نص ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‬
‫الصادر الحقا عمى نص قانوف األسرة ناسخا لو‪ ،‬وناقبل لو مف الوجوب إلى الجواز؟‬
‫النصيف بما يوافؽ التوجو‬
‫يحتاج ىذا التساؤؿ إلى إجابة مف المشرع‪ ،‬وتعديؿ أحد ّ‬
‫الذي قصده المشرع مف خبلؿ إق ارره إجراء التحكيـ بيف الزوجيف‪ ،‬واف كاف إقرار إلزامية‬
‫التحكيـ أولى‪ ،‬عسى يتحقؽ اليدؼ المنشود‪ ،‬وىو الحفاظ عمى استقرار األسرة‪ ،‬وحماية‬
‫عقد الزواج مف الح ّؿ‪ ،‬كما اعتبر األستاذ عبد الفتاح تقية في معرض حديثو عف طبيعة‬
‫أف ىذا اإلجراء وجوبي والزامي في مسائؿ األحواؿ الشخصية‪ ،‬وال سيما إذا تعمّؽ‬
‫التحكيـ ّ‬
‫اشتد الخصاـ بيف الزوجيف دوف ثبوت الضرر‪ ،‬و ّأنو يجب‬
‫األمر بدعوى الطبلؽ‪ ،‬في حاؿ ّ‬
‫عمى القاضي قبؿ معالجة موضوع النزاع والفصؿ في دعوى الطبلؽ أف يحاوؿ اإلصبلح‬
‫بيف الزوجيف عف طريؽ تعييف حكميف‪.1‬‬
‫‪ -3‬تعيين الحكمين‬
‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 446‬سالفة الذكر أجاز المشرع المجوء إلى تعييف‬
‫حكميف مف أجؿ محاولة الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬حيث يطمب القاضي مف كؿ زوج تسمية‬
‫الحكـ الذي يرضاه مف جيتو في الجمسة التالية‪ ،‬فإف تخمّؼ أحدىما عف حضور الجمسة‬
‫عيف القاضي حكما عنو‪ ،‬إذ األصؿ أف يختار كؿ زوج حكما‪ ،‬واف تع ّذر‬‫وتسمية َح َك ِم ِو ّ‬
‫األمر عينيما القاضي مف تمقاء نفسو‪.‬‬
‫وحسنا فعؿ المشرع عند اشتراطو أف يكوف الحكميف أحدىما مف أىؿ الزوج‬
‫ألف القصد مف‬
‫والثاني مف أىؿ الزوجة‪ ،‬أي أنيما أشخاص مف ذوي قرابة الزوج والزوجة‪ّ ،‬‬
‫ذلؾ عمميما بحاؿ الزوجيف وخمفيات النزاع بينيما وظروؼ كؿ واحد منيما‪ ،‬وىو أمر مف‬
‫شأنو تمكينيما مف تيدئة األوضاع والنفوس وتقريب ُوجيات النظر‪ ،‬وبعث الحياة الزوجية‬
‫مف جديد عمى أساس التفاىـ واالحتراـ المتبادؿ بيف الزوجيف‪.‬‬

‫تقية عبد الفتاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.79‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪216‬‬
‫يعينيما‬
‫أف المشرع لـ ُي ّبيف اإلجراءات المتّبعة في تعييف الحكميف‪ ،‬فيؿ ّ‬
‫غير ّ‬
‫القاضي بموجب أمر والئي؟ أـ ُيعينيما شفاىة في الجمسة؟ واف كاف المعقوؿ في عمؿ‬
‫يتـ تعيينيما بموجب أمر والئي‪ ،‬يحدد فيو اسميما وموطنيما والمياـ المسندة‬
‫القضاء أف ّ‬
‫إلييما‪ ،‬والمدة المحددة ليما إليداع تقريرىما لدى كتابة الضبط‪ ،‬واإلشارة إلى ضرورة‬
‫الرجوع إلى القاضي عند وجود إشكاؿ‪ ،‬ومف المعقوؿ أنو يجب عمى القاضي عرض‬
‫تعييف الحكميف عمى الزوجيف وقبوليما بذلؾ‪ ،‬وقبوليما بالشخصيف المعينيف حتى يتمكنا‬
‫مف إجراء الصمح بيف الزوجيف‪ ،1‬ولقاضي الموضوع مراقبة مدى التزاـ الحكميف بالمياـ‬
‫المسندة إلييما‪.‬‬
‫المشرع لـ ينص عمى أداء الحكميف لميميف القانونية‪ ،‬بالرغـ مف أىمية‬
‫ّ‬ ‫كما أف‬
‫فإنيما يحرراف محض ار بذلؾ‪،‬‬ ‫العمؿ الذي يقوماف بو‪ ،‬ألنيما إذا توصبل إلى الصمح ّ‬
‫ويصادؽ عميو القاضي بموجب أمر غير قابؿ ألي طعف‪ ،‬وىو أمر مف األىمية بمكاف‪،‬‬
‫أفبل يستدعي ذلؾ تأدية اليميف؟‬
‫‪ -4‬شروط الحكمين‬
‫عدة شروط يمكف تصنيفيا إلى شروط‬
‫يشترط مف أجؿ تعييف الحكميف توافر ّ‬
‫تتعمؽ بالعبلقة الزوجية‪ ،‬وشروط تتعمؽ بالحكميف‪.‬‬
‫أما الشروط المتعمقة بالعبلقة الزوجية فتتمثؿ في‪:‬‬
‫ّ‬
‫ميددة باالنحبلؿ بفعؿ‬
‫‪ -‬وجود عبلقة زوجية قائمة بيف الطرفيف المتخاصميف‪ّ ،‬‬
‫يتمسؾ كؿ‬
‫الخصاـ القائـ بيف الزوجيف‪ ،‬الناتج عف خبلؼ بينيما حوؿ موضوع ما‪ ،‬بحيث ّ‬
‫ويدعي كؿ منيما حؽ لدى الطرؼ اآلخر‪ ،‬أو عدـ قيامو بالتزاماتو‪ ،‬فتنشأ‬
‫طرؼ بموقفو‪ّ ،‬‬
‫خصومة بشأنو‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ ثبوت ضرر يمحؽ بأحد الزوجيف أو بأوالدىما‪ ،‬واف كاف ىذا الشرط يثير‬
‫عدة إشكاالت بشأف طبيعة الضرر الذي قصده المشرع‪ ،‬والذي يجب إثباتو لعدـ المجوء‬
‫إلى التحكيـ‪ ،‬وىؿ المقصود بو عدـ وجود ضرر أصبل؟ أـ عدـ إمكانية إثبات ىذا‬

‫بوشيباف خديجة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.51‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪217‬‬
‫الضرر؟ واف كاف مف غير المعقوؿ أف نتصور وجود خبلؼ وخصاـ بيف الزوجيف‪،‬‬
‫ووصوؿ ىذا النزاع إلى أروقة العدالة دوف وجود ضرر يمحؽ أحد الطرفيف أو كبلىما‪.‬‬
‫فإف المشرع لـ ينص صراحة عمى شروط معينة‬‫أما الشروط المتعمقة بالحكميف‪ّ ،‬‬
‫أف الحكميف يقوماف بدور القاضي في الصمح بيف الزوجيف‪،‬‬
‫يجب توافرىا فييما‪ ،‬لكف بما ّ‬
‫فيشترط فييما ما يشترط في القاضي عموما مف وجوب كونيما مسمميف‪ ،‬مكمفيف‪ ،‬أي‬
‫بالغيف عاقميف‪ ،‬عالميف بأحكاـ النشوز والجمع والتفريؽ بيف الزوجيف‪ ،‬عدليف‪ ،‬أي‬
‫مستقيميف ذوي سمعة طيبة‪ ،‬ذكريف‪ ،‬وىي شروط عامة‪ ،1‬فضبل عف الشرط الخاص الذي‬
‫نص عميو المشرع صراحة في المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وىو أف يكوف الحكماف أحدىما مف‬ ‫ّ‬
‫أقارب الزوج‪ ،‬واآلخر مف أقارب الزوجة‪ ،‬والغاية مف ذلؾ كونيما أقرب لمزوجيف وأعمـ‬
‫بحاليما‪ ،‬وبباطف العبلقة بينيما‪ ،‬وبإمكانيما معرفة ما ال قد يطمع عميو سوى المقربيف إلى‬
‫الزوجيف‪ ،‬وىو ما قد يساعد عمى فيـ جوىر النزاع ويساىـ في إيجاد حؿ يرضي الطرفيف‪.‬‬
‫‪ -5‬اإلشكاالت التي تواجو الحكمين‬
‫نصت المادة ‪ 447‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى ّأنو‪ُ " :‬يطمعُ الحكماف القاضي بما يعترضيما‬
‫مف إشكاالت أثناء تنفيذ الميمة"‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 449‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى‪" :‬يجور‬
‫لمقاضي إنياء مياـ الحكميف تمقائيا‪ ،‬إذا تبينت لو صعوبة الميمة‪ ،‬وفي ىذه الحالة يعيد‬
‫القضية إلى الجمسة‪ ،‬وتستمر الخصومة"‪.‬‬
‫ميسرة‪ ،‬بؿ‬
‫ال شؾ أف مياـ الحكميف في اإلصبلح بيف الزوجيف لف تكوف سيمة ّ‬
‫البد مف أف تواجييما عدة صعوبات وعراقيؿ واشكاالت قد يستعصى عمييما إيجاد حؿ‬
‫ليا‪ ،‬فألزـ المشرع الحكميف بإطبلع القاضي بيذه اإلشكاالت‪ ،‬ومف أمثمة ذلؾ أف يرفض‬
‫أحد الزوجيف التواصؿ معيما‪ ،‬أو يرفض حضور الجمسة التي حددت ليما مع الحكميف‪،‬‬
‫أو سفر أحد الزوجيف وعدـ تمبية االستدعاء الموجو لو لمقاء الحكميف‪ ،‬أو غيرىا مف‬
‫اإلشكاالت التي تعيؽ أداء مياـ التحكيـ بيف الزوجيف‪ ،‬فيرفع الحكماف األمر إلى القاضي‬
‫تبيف لو صعوبة الميمة‪ ،‬وتعذر الوصوؿ إلى‬
‫الذي يجوز لو أف يقرر إنياء مياميما إذا ّ‬
‫الصمح بواسطتيما‪ ،‬وذلؾ بموجب أمر والئي‪.‬‬

‫نوري عمر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.04‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪218‬‬
‫‪ -6‬دور الحكمين‬
‫يتـ تعييف الحكميف وتكميفيما مف قبؿ القاضي بالمياـ المسندة ليما‪،‬‬
‫بعدما ّ‬
‫والمتمثمة أساسا في ميمة اإلصبلح والتوفيؽ بيف الزوجيف‪ ،‬ودرء الخبلؼ بينيما‪ ،‬يباشر‬
‫الحكماف المياـ المسندة ليما‪ ،‬وذلؾ ببحث أسباب الخبلؼ بيف الزوجيف ومبلبسات‬
‫أف فيـ أسباب الشقاؽ يم ّكنيما مف تحديد‬
‫لب النزاع وجوىره‪ ،‬إذ ّ‬
‫الخصاـ‪ ،‬مف أجؿ معرفة ّ‬
‫مسؤولية كؿ طرؼ في الوصوؿ إلى ما آلت إليو العبلقة الزوجية بينيما‪ ،‬ويتأتّى ذلؾ‬
‫بسماع كؿ مف الزوج والزوجة‪ ،‬وأقاربيما‪ ،‬وكؿ شخص تفيد شيادتو في فيـ جوىر النزاع‪،‬‬
‫وتحديد المسؤوليات‪ ،‬وايجاد الحموؿ البلزمة لرأب الصدع الذي أصاب العبلقة الزوجية‪،‬‬
‫يبيناف لكؿ مف واحد مف الزوجيف الخطأ الذي ىو عميو‪ ،‬ويرشدانو إلى الصواب‬
‫حيث ّ‬
‫الذي يجب الرجوع إ ليو مف أجؿ إزالة الضرر عف الطرؼ اآلخر‪ ،‬وذلؾ بتنازؿ كؿ طرؼ‬
‫عف جزء مف موقفو الذي أخطأ فيو‪ ،‬حيث يسعى الحكماف في إصبلح ذات البيف‪ ،‬وتقريب‬
‫وجيات النظر‪ ،‬وابداء النصح واإلرشاد مف أجؿ المعاشرة بالمعروؼ بيف الزوجيف‪،‬‬
‫وتذكيرىما بمضار الفرقة واآلثار الخطيرة المترتبة عمييا‪ ،‬ويقترحاف عمى الزوجيف الحؿ‬
‫المناسب إلنياء الخصاـ‪ ،‬بالنصح والموعظة الحسنة‪.‬‬
‫بعد ذلؾ يقوـ الحكماف بتقديـ تقريرىما إلى القاضي خبلؿ شيريف مف تاريخ‬
‫يضمناف فيو إجراءات التحكيـ التي قاما بيا‪ ،‬والمساعي التي بذالىا مف أجؿ‬
‫ّ‬ ‫تعيينيما‪،‬‬
‫تـ‬
‫اإلصبلح بيف الزوجيف‪ ،‬وا ّدعاءات كؿ واحد مف الزوجيف ودفوعو‪ ،‬وتصريحات كؿ مف ّ‬
‫فض النزاع‪،‬‬
‫تـ اقتراحيا مف أجؿ ّ‬
‫سماعو مف أقارب الزوجيف‪ ،‬وما ىي الحموؿ التي ّ‬
‫يتوصؿ القاضي إلى معرفة األسباب‬
‫ّ‬ ‫وموقؼ الزوجيف منيا‪ ،‬وكؿ ذلؾ مف أجؿ أف‬
‫أدت إلى نشوبو‪ ،‬ومعرفة نصيب كؿ واحد مف الزوجيف مف‬
‫الحقيقية لمخبلؼ والوقائع التي ّ‬
‫خاصة إذا لـ يوفّؽ الحكماف في مساعييما لمصمح‬
‫ّ‬ ‫المسؤولية في إذكاء النزاع أو إخماده‪،‬‬
‫بيف الزوجيف‪ ،‬وبعد ذلؾ يقوماف بإيداع تقريرىما لدى أمانة ضبط المحكمة‪ ،‬ولمقاضي أف‬
‫يأخذ بما توصؿ إليو أحدىما أو كبلىما‪ ،‬أو بغير ذلؾ مما يستشفو مف أوراؽ الدعوى‪.1‬‬

‫بوشيباف خديجة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.15 ،14‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪219‬‬
‫ويعد تقديـ تقرير الحكميف إلى ىيئة المحكمة أم ار وجوبيا وفؽ نص المادة ‪56‬‬
‫مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬بينما نص المادة ‪ 446‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ وما بعدىا لـ يشر إلى وجوبية تقديـ التقرير‬
‫إال في حالة نجاح مساعي الصمح التي قاـ بيا الحكماف‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 446‬مف‬
‫أمر ميما‪ ،‬سواء في حالة نجاح ميمة‬
‫يعد ا‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وفي اعتقادي فإ ّف تقديـ التقرير ّ‬
‫ألف ذلؾ يفيد القاضي مف أجؿ فيـ جذور النزاع‪ ،‬ونقاط‬
‫أو في حالة فشميا‪ّ ،‬‬ ‫الصمح‬
‫الخبلؼ بيف الزوجيف‪ ،‬ومسؤولية كؿ واحد مف الزوجيف في إيقاع الطبلؽ إف ثبت‪ ،‬لذا‬
‫فإنو مف المستحسف لو يشير المشرع في المادة ‪ 446‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ إلى وجوب تقديـ‬
‫الحكماف تقريرىما عند نياية مياميما‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬اآلثار المترتبة عمى إجراء التحكيم‬
‫ثـ إلى انقضاء التحكيـ‬‫يترتب عمى إجراء التحكيـ نتائج يتـ التطرؽ إلييا أوال‪ّ ،‬‬
‫ثانيا‪ ،‬ومنو إلى القيمة القانونية لمحضر الصمح المحرر مف الحكميف ثالثا‪.‬‬
‫‪ -1‬نتائج إجراء التحكيم‬
‫ال تخرج النتائج المتوصؿ إلييا مف قبؿ الحكميف عف فرضيف اثنيف ىما‪:‬‬
‫أ‪ -‬حالة نجاح إجراء التحكيم‬
‫قد يتوصؿ الحكماف إلى اإلصبلح بيف الزوجيف‪ ،‬فيحرراف محضر الصمح ويوقعو‬
‫ويتـ إيداعو لدى أمانة الضبط‪ ،‬لكي يصادؽ عميو القاضي‬
‫كؿ واحد منيما والزوجيف‪ّ ،‬‬
‫بموجب أمر غير قابؿ ألي طعف‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 448‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬واف كاف المشرع لـ‬
‫ُيبيف كيفية تحرير محضر الصمح‪ ،‬وال إيداعو بأمانة الضبط‪ ،‬وال توقيع الحكميف والزوجيف‬
‫فإنو عمى القاضي أف‬
‫المرجوة منو‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أف إجراء التحكيـ قد حقّؽ النتيجة‬
‫عميو‪ ،‬لكف ما داـ ّ‬
‫تـ بيف الزوجيف‪ ،‬وفقا لما ورد في تقرير الحكميف‪ ،‬وذلؾ بالمصادقة‬
‫يثبت ىذا الصمح الذي ّ‬
‫ّ‬
‫عميو‪ ،‬ويفصؿ القاضي في دعوى الطبلؽ المعروضة عميو‪ ،‬ويصدر حكما قضائيا‬
‫بانقضاء الخصومة القضائية بيف الزوجيف لتحقّؽ الصمح بينيما‪ ،‬ويوصؼ الحكـ الذي‬
‫يصدر بمقتضى عقد الصمح بأنو صادر في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬ويعتبر ىذا الحكـ كاشفا‬
‫وليس منشأ‪ ،‬ألف القاضي صادؽ عمى ما اتفؽ عميو األطراؼ فقط‪ ،1‬غير أنو إذا تعمّؽ‬

‫تقية عبد الفتاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.159 ،157‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪220‬‬
‫األمر بالطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج فيجب التأكيد عمى ضرورة اإلشياد بالطبلؽ إذا‬
‫أوقعو الزوج‪ ،‬حتى ُيحتسب مف عدد الطمقات التي يممكيا‪ ،‬مراعاة ألحكاـ الشرع‪ ،‬وموافقة‬
‫لمنظاـ العاـ‪.‬‬
‫ب‪ -‬حالة فشل إجراء التحكيم‬
‫التوصؿ إلى الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬وقد يتعذر عمييما القياـ‬
‫ّ‬ ‫قد يفشؿ الحكماف في‬
‫بالمياـ المسندة إلييما لعدة أسباب واشكاالت تواجييما أثناء إجراء التحكيـ وتعرقؿ‬
‫الصمح‪ ،‬ومثاليا رفض أحد الزوجيف أو كبلىما إجراء التحكيـ‪ ،‬أو التجاوب مع الحكميف‪،‬‬
‫ويتمسؾ برغبتو في إنياء العبلقة الزوجية‪ ،‬أو بسبب اختبلؼ الحكميف في تظميـ أحد‬
‫ّ‬
‫الزوجيف‪ ،‬وتحميمو مسؤولية الخبلؼ الحاصؿ بيف الزوجيف‪ ،‬أو بسبب تقصير الحكميف‬
‫في أداء المياـ المسندة إلييما‪ ،‬وتجاوز المدة المحددة ليما مف القاضي‪ ،‬فيقرر القاضي‬
‫إنياء مياميما تمقائيا‪ ،‬وذلؾ بموجب أمر والئي‪ ،‬ويعيد القضية إلى الجمسة‪ ،‬وتستمر‬
‫الخصومة القضائية‪ ،‬ويشرع القاضي النظر في موضوع الدعوى‪.‬‬
‫وقد يرفع الحكماف تقريرىما إلى القاضي بالرغـ مف فشؿ ميمة التوصؿ إلى‬
‫ّْناف مف خبللو المتسبب في الخصومة‪ ،‬والضرر الذي لحؽ‬ ‫ويبي ِ‬
‫صمح بيف الزوجيف‪ُ ،‬‬
‫الزوجيف أو أحدىما‪ ،‬ومسؤولية كؿ واحد منيما في النزاع‪ ،‬والضرر البلحؽ بالزوج اآلخر‪،‬‬
‫واقتراحاتيما بشأف موضوع الشقاؽ‪ ،‬ويكوف لتقرير الحكميف نفس حجية إجراءات التحقيؽ‬
‫أو األدلة عموما‪ ،‬حيث يمزـ القاضي بما ورد فيو مف وقائع‪ ،‬وال يحؽ لو استبعادىا إال إذا‬
‫ثـ يقوـ القاضي‬
‫ثبت عدـ صحتيا‪ ،‬وذلؾ حتى ال يكوف القاضي محرفا لموقائع‪ّ ،‬‬
‫باستخبلص األدلة مف الوقائع الواردة في تقرير الحكميف‪ ،‬والوصوؿ إلى نتائج محددة مف‬
‫أجؿ الفصؿ في النزاع المطروح أمامو‪ ،1‬ويستعيف القاضي بتقرير الحكميف فيما يخص‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وتقدير التعويض‬
‫معرفة المخطئ مف الزوجيف‪ ،‬وتحميمو مسؤولية ف ّ‬
‫المناسب‪.‬‬
‫ويطرح التساؤؿ حوؿ مدى جواز تعييف حكميف جديديف بعد فشؿ ميمة التحكيـ‬
‫ُ‬
‫األولى؟‬

‫تقية عبد الفتاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.160‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪221‬‬
‫أف السمطة التقديرية تبقى‬
‫لـ ينص المشرع عمى جواز أو منع ذلؾ‪ ،‬وأعتقد ّ‬
‫أف فشؿ إجراء التحكيـ األوؿ كاف بسبب أحد الحكميف‬ ‫قدر ّ‬
‫لمقاضي‪ ،‬بحيث إذا ّ‬
‫رجى فييما التوفيؽ في‬
‫أو كبلىما‪ ،‬فمو أف ُينيي ميمتيما ويستبدليما بحكميف آخريف‪ُ ،‬ي َ‬
‫تمسؾ أحد‬
‫أف عدـ نجاح إجراء التحكيـ سببو ّ‬ ‫قدر القاضي ّ‬ ‫الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬أما إذا ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬و ّأنو ال فائدة تُرجى مف‬
‫الزوجيف أو كبلىما بموقفو‪ ،‬واص ارره عمى ف ّ‬
‫تعييف حكميف جديديف‪ ،‬فإنو ينظر في دعوى الطبلؽ‪ ،‬ويفصؿ فييا‪.‬‬
‫‪ -2‬انقضاء إجراء التحكيم‬
‫ينقضي التحكيـ لعدة أسباب يمكف إجماليا فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬إتماـ الحكميف الميمة التي أسندت ليما‪ ،‬واكماؿ عمميما المتعمؽ بمحاولة‬
‫الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬سواء توصبل إلى الغاية المرجوة مف ميمة التحكيـ‪ ،‬وىي اإلصبلح‬
‫بيف الزوجيف والحفاظ عمى استمرار العبلقة الزوجية بينيما‪ ،‬أـ لـ يتوصبل لذلؾ وأودعا‬
‫تقريرىما بأمانة ضبط المحكمة‪.‬‬
‫‪ -‬انقضاء مدة التحكيـ المحددة لمحكميف دوف القياـ بالمياـ المسندة ليما‪ ،‬حيث‬
‫منح المشرع لمحكميف أجؿ شيريف لمقياـ بميمة الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬فإذا انتيت ىذه‬
‫المدة دوف قياميما بميمتيما انقضى إجراء التحكيـ‪ ،‬ويرجع النزاع إلى القاضي مف أجؿ‬
‫الفصؿ في موضوع دعوى الطبلؽ‪.‬‬
‫‪ -‬تصالح الزوجيف بمحض إرادتيما سواء قبؿ اتصاؿ الحكميف بيما‪ ،‬أو بعد‬
‫ذلؾ‪ ،‬ألف الغرض مف التحكيـ تحقّؽ‪ ،‬وبالتالي ال فائدة مف مباشرة الحكميف لميمتيما‬
‫أو االستمرار في مساعييما‪.‬‬
‫‪ -‬تنقضي ميمة الحكمي ف بإنياء مياميما مف قبؿ القاضي الذي قاـ بتعيينيما‪،‬‬
‫تبيف لو صعوبة الميمة الموكمة ليما‪ ،‬وذلؾ طبقا لنص المادة ‪ 449‬مف‬
‫وذلؾ إذا ّ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫‪ -‬ينقضي إجراء التحكيـ بوفاة أحد الزوجيف‪ ،‬بؿ ينحؿ بذلؾ عقد الزواج بالوفاة‬
‫العدة‪ ،‬وبالتالي يصبح إجراء التحكيـ بيف الزوجيف ببل معنى‪.‬‬
‫إذا لـ تنتو ّ‬

‫‪222‬‬
‫‪ -‬وفاة أحد المحكميف أو تنحيو‪ ،‬أو حصوؿ مانع لو يحوؿ دوف قيامو بمياـ‬
‫التحكيـ‪.1‬‬
‫‪ -3‬القيمة القانونية لمحضر الحكمين‬
‫ُيطرح التساؤؿ حوؿ مدى رقابة المحكمة العميا عمى عمؿ القاضي فيما يتعمؽ‬
‫بالتحكيـ‪ ،‬وتقتضي اإلجابة عميو تحديد الطبيعة القانونية إلجراء التحكيـ‪ ،‬فيؿ يعتبر مف‬
‫فإف لممحكمة‬
‫مسائؿ القانوف أـ مف مسائؿ الواقع؟ فإف اعتبر التحكيـ مف مسائؿ القانوف ّ‬
‫العميا الحؽ في مراقبة مدى خضوع القاضي لمسائؿ القانوف‪ ،‬واف اعتبر مف مسائؿ الواقع‬
‫فإف لمقاضي السمطة التقديرية فييا‪ ،‬وال رقابة لممحكمة العميا عميو في ذلؾ‪.‬‬
‫ّ‬
‫اء مف إجراءات التحقيؽ‪ ،‬ودليبل مف األدلة التي تستند إلييا‬‫إف اعتبار التحكيـ إجر ً‬
‫ّ‬
‫يتميز بأف لو جانب موضوعي وآخر إجرائي‪ ،‬الجانب‬
‫المحكمة عند فصميا في النزاع‪ّ ،‬‬
‫الموضوعي يتعمؽ بقواعد موضوعية تخص التحكيـ‪ ،‬كوجوب تعييف الحكميف عند عدـ‬
‫تخص ممارسة‬
‫ّ‬ ‫ثبوت الضرر‪ ،‬أو تكرار الدعوى‪ ،‬والجانب اإلجرائي يتعمؽ بقواعد إجرائية‬
‫ىذا اإلجراء‪ ،‬كاشتراط أف يكوف الحكميف مف أقارب الزوجيف‪ ،‬أو تحديد أجؿ لميمة‬
‫الحكميف‪.2‬‬
‫وبيذا االعتبار فإف خالؼ قاضي الموضوع قاعدة موضوعية أو إجرائية في‬
‫التحكيـ‪ ،‬كمخالفة مبدأ وجوب تعييف الحكميف عند عدـ ثبوت الضرر‪ ،‬أو مخالفة عدـ‬
‫تأدية الحكميف اليميف القانونية‪ ،‬أو تعييف حكميف مف غير أقارب الزوجيف‪ ،‬أو عدـ تحديد‬
‫يعد مف قبيؿ مخالفة قاعدة جوىرية في‬
‫فإف ذلؾ ّ‬‫مياـ الحكميف أو أجؿ القياـ بميمتيما‪ّ ،‬‬
‫اإلجراءات‪ ،‬أو إغفاؿ أشكاؿ جوىرية في اإلجراءات‪ ،‬والتي يجوز االستناد عمييا عند‬
‫الطعف بالنقض‪ ،‬مف أجؿ بسط المحكمة العميا رقابتيا عمييا‪ ،‬باعتبارىا مف بيف األوجو‬
‫التي أجاز المشرع إثارتيا في الطعف بالنقض‪ ،‬بموجب الفقرتيف ‪ 1‬و‪ 2‬المادة ‪ 358‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬

‫بوبشير محند أمقراف‪ ،‬قانوف اإلجراءات المدنية‪ ،‬نظرية الدعوى – نظرية الخصومة – اإلجراءات االستثنائية‪ ،‬ط ‪،3‬‬ ‫‪1‬‬

‫ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪.384‬‬


‫تقية عبد الفتاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.161‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪223‬‬
‫أما إذا استند قاضي الموضوع عمى تقرير الحكميف في التوصؿ إلى التفريؽ بيف‬
‫ّ‬
‫الزوجيف لمضرر‪ ،‬أو إلى تحميؿ مسؤولية الطبلؽ ألحد الزوجيف‪ ،‬وتقدير التعويض بناء‬
‫فإف ذلؾ يعتبر مف المسائؿ الواقعية التي تخضع لمسمطة التقديرية لمقاضي‪،‬‬ ‫عميو‪ّ ،‬‬
‫وال رقابة لممحكمة العميا فييا‪.1‬‬
‫حرره‬
‫فإف محضر الصمح الذي ّ‬‫أما بالنسبة لمقيمة القانونية لمحضر الصمح‪ّ ،‬‬
‫الحكماف وأودعاه أمانة الضبط‪ ،‬وصادؽ عميو القاضي بموجب أمر غير قابؿ لمطعف‪،‬‬
‫ويمير بالصيغة التنفيذية‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص الفقرة الثامنة مف المادة‬
‫يعتبر سندا تنفيذيا ُ‬
‫‪ 600‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث يندرج ضمف االتفاقات التي يؤشر عمييا القاضي والمودعة‬
‫يتـ بيف الزوجيف ممزـ ليما‪ ،‬وال يجوز الطعف فيو أو الرجوع‬
‫بأمانة الضبط‪ ،‬فالصمح الذي ّ‬
‫عنو‪ ،‬ويعتبر الحكـ الصادر بشأنو حكما في أوؿ وآخر درجة‪ ،2‬ويمير بالصيغة التنفيذية‬
‫مف أجؿ تنفيذه‪ ،‬غير ّأنو يختمؼ عف محضر الصمح الذي يحرره أميف الضبط وفقا لممادة‬
‫أف محضر الصمح الذي حرره الحكماف ال يصبح سندا تنفيذيا‬‫‪ 443‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ في ّ‬
‫إال بعد أف يودع لدى أمانة الضبط‪ ،‬ويصادؽ عميو القاضي بموجب أمر والئي‪ ،‬بينما‬
‫ال يحتاج محضر الصمح الذي حرره أميف الضبط إلى ّأية مصادقة مف القاضي ليصبح‬
‫سندا تنفيذيا‪.3‬‬
‫وفي ختاـ بياف إجراء التحكيـ أوصي بضرورة رفع اإلشكاالت التي يثيرىا نص‬
‫المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬والمتعمقة بشرط اشتداد الخصاـ بيف الزوجيف‪ ،‬وشرط ثبوت‬
‫ألف المقصد مف تشريع ىذا اإلجراء ىو‬
‫الضرر مف أجؿ وجوب تعييف الحكميف‪ّ ،‬‬
‫المحافظة عمى الرابطة الزوجية مف الح ّؿ‪ ،‬وىو مقصد جدير بتبسيط اإلجراءات الخاصة‬
‫بتحقيقو‪ ،‬والغاء الشروط المتعمقة بانتياج طريقو‪ ،‬لذلؾ يتجمى ضرورة تعديؿ نص الفقرة‬
‫األولى مف المادة ‪ 56‬سالفة الذكر إلى الصياغة التالية‪ " :‬إذا ظير الخصاـ بيف الزوجيف‬
‫ألنو ثابت في كؿ‬
‫وجب تعييف حكميف لمتوفيؽ بينيما"‪ ،‬وبذلؾ ُيمغى شرط ثبوت الضرر‪ّ ،‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.162‬‬ ‫‪1‬‬

‫تقية عبد الفتّاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.157‬‬ ‫‪2‬‬

‫بف حميمة يمينة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.126‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪224‬‬
‫نزاع أو خصاـ يحدث بيف الزوجيف‪ ،‬حتى لو اقتصر عمى الضرر المعنوي فقط‪ ،‬واشتراط‬
‫عدـ ثبوتو مف األمور التي يصعب تحقّقيا‪.‬‬
‫أف تنظيـ إجراء التحكيـ مف قبؿ المشرع يعتريو بعض القصور‪ ،‬إذ ال زاؿ‬
‫كما ّ‬
‫يتـ تعييف الحكميف مف‬
‫ىذا اإلجراء بحاجة لئلجابة عمى بعض األسئمة‪ ،‬مف بينيا‪ :‬ىؿ ّ‬
‫يتـ إجراء التحكيـ قبؿ إجراء الصمح مف القاضي‪،‬‬‫القاضي شفاىة أو كتابة ؟ وىؿ ّ‬
‫أو أثنائو‪ ،‬أو بعد فشمو؟ وىؿ يخضع تعييف الحكميف لموافقة الزوجيف أـ ال اعتبار‬
‫‪1‬‬
‫إلرادتيما في ذلؾ؟‬
‫ألف‬
‫إف إجراء التحكيـ بحاجة إلى تفعيؿ تطبيؽ المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ بشكؿ أكبر‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الواقع العممي أثبت عزوؼ القضاة عف إجراء تعييف الحكميف‪ ،‬والتزاميـ فقط بإجراء‬
‫الصمح مف طرؼ القاضي‪ ،‬حيث لـ يثبت وجود سابقة لمعمؿ بو قضاء‪ ،‬مما جعمو حب ار‬
‫عمى ورؽ‪ ،‬أل ّف في تفعيؿ ىذا اإلجراء ما قد يجنب تفكؾ بعض األسر‪ ،‬وقد يصؿ‬
‫الحكما ف إلى تحقيؽ الصمح بصفتيما مقربيف مف الزوجيف‪ ،‬وعمى عمـ بخبايا الخبلؼ‬
‫الناشئ بينيما‪ ،‬لذا مف المستحسف عدـ تفويت فرصة إجراء الصمح عف طريؽ الحكميف‬
‫المذيف قد ينجحاف فيما قد يصعب عمى القاضي تحقيقو‪َ ،‬ع َسى أف ُينقص ذلؾ مف نسب‬
‫الطبلؽ التي بمغت أرقاما قياسية‪ ،‬فضبل عف أف الشريعة اإلسبلمية حثت عميو وأمرت بو‪.‬‬
‫ؾ‬
‫وفي ختاـ ىذا المطمب الذي تناولت فيو إجراءات الصمح والتحكيـ في قضايا ف ّ‬
‫ميماف وضرورياف كآلية لح ّؿ‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬أشير إلى أنو واف كاف ىذاف اإلجراءاف ّ‬
‫النزاعات بيف الزوجيف‪ ،‬إالّ ّأنيا إجراءات لـ تعد كافية وحدىا لتحقيؽ الغرض المرجو‬
‫منيا‪ ،‬في ظؿ االرتفاع الكبير في نِ َس ِب الطبلؽ‪ ،‬مما يستدعي البحث عف الخمؿ والنقص‬
‫الذي يعتري إجراء الصمح بواسطة القاضي أو بواسطة الحكميف مف جية‪ ،‬ومف جية‬
‫مختصة ومؤىمة لئلصبلح‬
‫ّ‬ ‫أخرى البحث عف آليات جديدة أكثر فعالية‪ ،‬كاستحداث جيات‬
‫بيف الزوجيف‪ ،‬تُسند ليا مباشرة ميمة إجراء الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬سواء قبؿ رفع دعوى‬
‫الطبلؽ وبمجرد حدوث الشقاؽ والخبلؼ بينيما‪ ،‬أو بعد رفع دعوى الطبلؽ أماـ الجيات‬
‫المختصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القضائية‬

‫تقية عبد الفتاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.80‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪225‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬قواعد اإلثبات في الزواج والطالق‬

‫يتـ إبراـ عقد الزواج بصفة رسمية في كؿ األحواؿ‪ ،‬كما قد يقوـ الزوج بطبلؽ‬
‫ال ّ‬
‫تتـ بمحض إرادة‬
‫زوجتو طبلقا عرفيا خارج مجمس القضاء‪ ،‬وىي تصرفات إرادية ّ‬
‫أف المشرع يشترط إلثبات ىذه التصرفات وترتيب‬‫صاحبيا‪ ،‬وترتب آثا ار شرعية‪ ،‬غير ّ‬
‫حدده المشرع‪ ،‬وىو إثباتيا بحكـ قضائي‪،‬‬
‫آثارىا القانونية أف تخضع لمشكؿ القانوني الذي ّ‬
‫حيث يخضع إثبات الزواج العرفي واثبات الطبلؽ العرفي لشروط وأحكاـ واجراءات‬
‫يتـ التطرؽ إلييا مف خبلؿ الفرعيف اآلتيف‪.‬‬
‫مخصوصة‪ّ ،‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إثبات الزواج العرفي‬

‫يتـ تسجيمو في سجبلت الحالة المدنية بموجب حكـ‬


‫يثبت الزواج العرفي الذي لـ ّ‬
‫قضائي وفقا لما نص عميو المشرع في المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ عمى‪ " :‬يثبت الزواج بمستخرج‬
‫مف سجؿ الحالة المدنية‪ ،‬وفي حالة عدـ تسجيمو يثبت بحكـ قضائي‪ .‬يجب تسجيؿ حكـ‬
‫ويتّبعُ في شأف ذلؾ إجراءات‬
‫تثبيت الزواج في الحالة المدنية بسعي مف النيابة العامة"‪ُ ،‬‬
‫محددة الستصدار حكـ إثبات الزواج العرفي‪ ،‬ولسبؽ التطرؽ إلى ىذه المسألة‪ ،‬فإنني‬
‫أقتصر عمى تعريؼ الزواج العرفي واإلجراءات المتّبعة في إثباتو‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف الزواج العرفي‬
‫بأف‪" :‬الزواج ىو عقد رضائي يتـ بيف رجؿ وامرأة‬
‫نصت المادة الرابعة مف ؽ‪.‬أ ّ‬
‫ّ‬
‫عمى الوجو الشرعي‪ ،‬مف أىدافو‪ ،‬تكويف أسرة أساسيا المودة والرحمة والتعاوف واحصاف‬
‫الزوجيف والمحافظة عمى األنساب"‪.‬‬
‫يتـ بيف رجؿ وامرأة حتى‬‫بأنو ّ‬
‫بأنو عقد رضائي‪ ،‬وذكر ّ‬ ‫عرؼ المشرع الزواج ّ‬ ‫ّ‬
‫السوي والفطرة السميمة‬
‫يخرج مف ذلؾ كؿ أشكاؿ العبلقات المبتدعة‪ ،‬والتي تنافي العقؿ ّ‬
‫مف سحاؽ أو لواط‪ ،‬كما رّكز المشرع عمى الغاية مف الزواج واليدؼ منو‪ ،‬حتى ال تقتصر‬
‫الغاية منو في العبلقة الجنسية بيف الرجؿ والمرأة‪ ،‬ولـ يذكر المشرع أركاف الزواج‬
‫أو شروطو أو اآلثار المترتبة عميو عند تعريفو لمزواج‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫ٍ‬
‫مستوؼ‬ ‫عرؼ الزواج العرفي بأنو زواج بيف رجؿ وامرأة عمى الوجو الشرعي‪،‬‬ ‫وي ّ‬
‫ُ‬
‫جميع أركاف وشروط عقد الزواج‪ ،‬غير ّأنو لـ يتـ تسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪.‬‬
‫ويطرح التساؤؿ حوؿ اعتراؼ المشرع بيذا الزواج؟ وكيؼ يمكف إثباتو؟‬
‫إذا استوفى عقد الزواج المبرـ بيف الزوجيف ركف الرضا الوارد في المادة ‪ 09‬مف‬
‫ؽ‪.‬أ‪ ،‬والشروط المبينة في المادة ‪ 09‬مكرر منو‪ ،‬كاف عقد الزواج صحيحا‪ ،‬غير أنو‬
‫ت قانونا إال بمستخرج مف سجؿ الحالة المدنية‪ ،‬وفي حالة عدـ تسجيمو يثبت بحكـ‬
‫ال َي ُثب ُ‬
‫آثار ميمة‪ ،‬وينتج عنو حقوقا والتزامات لكؿ مف الزوج‬
‫ألف عقد الزواج يرتب ا‬
‫قضائي‪ّ ،‬‬
‫والزوجة‪.‬‬
‫ويرجع بالنسبة لوسائؿ إثبات الزواج العرفي بالنسبة لمفقو اإلسبلمي‪ ،‬والقواعد‬
‫ُ‬
‫العامة‪ ،‬وموقؼ القضاء مف ىذه الوسائؿ‪ ،‬إلى المبحث الثاني المعنوف بكيفية إثبات‬
‫الزواج مف الفصؿ األوؿ المعنوف بػ‪ :‬إجراءات توثيؽ واثبات الزواج‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬إجراءات إثبات الزواج العرفي‬
‫يمكف لمزوج أو الزوجة أف ينتيجا طريقيف مف أجؿ طمب إثبات الزواج العرفي‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬يقدـ الزوج أو الزوجة أو كبلىما طمبا لوكيؿ الجميورية لدى المحكمة التي‬
‫أبرـ في دائرة اختصاصيا عقد الزواج العرفي‪ ،‬ويرفؽ طمبو بشيادة الميبلد وأسماء الشيود‬
‫الذيف حضروا إبراـ عقد الزواج‪ ،‬وبعد إطبلع وكيؿ الجميورية عمى الطمب يحيؿ الطمب‬
‫إلى السيد رئيس المحكمة مرفقا بالتماساتو‪ ،‬وبعد دراسة الممؼ مف قبمو يقوـ باستدعاء‬
‫الشاىديف وسماعيما بعد تأديتيما اليميف القانونية‪ ،‬وبعد تحقّقو مف توافر ركف الزواج‬
‫وشروطو‪ ،‬يأمر بتثبيت الزواج العرفي المبرـ بيف الزوجيف‪ ،‬وتسجيمو في سجبلت الحالة‬
‫المدنية‪ ،‬ويسمّـ نسخة منو لمزوجيف‪ ،‬وذلؾ وفقا لما نصت عميو المادة ‪ 39‬مف قانوف‬
‫الحالة المدنية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬يقوـ الزوج أو الزوجة أو كبلىما برفع دعوى بموجب عريضة افتتاحية أماـ‬
‫قسـ شؤوف األسرة بالمحكمة التي يقع بدائرة اختصاصيا مكاف إبراـ عقد الزواج العرفي‪،‬‬
‫وذلؾ بحضور النيابة العامة باعتبارىا طرفا أصميا‪ ،‬حيث يقوـ القاضي بسماع الطرفيف‬
‫مف أجؿ التأ ّكد مف توفر ركف الرضا‪ ،‬وشروط الزواج ‪-‬الولي والصداؽ والشاىديف‪ ،-‬كما‬
‫يصرح القاضي بتثبيت عقد‬
‫ّ‬ ‫ثـ‬
‫يسمع شيادة الشيود الذيف حضروا إبراـ عقد الزواج‪ّ ،‬‬
‫‪227‬‬
‫الزواج العرفي‪ ،‬ويأمر بتسجيمو بسجبلت الحالة المدنية‪ ،‬ويؤشر بيذا الزواج عمى ىامش‬
‫شيادة ميبلد الزوجيف‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إثبات الطالق العرفي‬

‫ال يكفي في نظر المشرع التصريح بالطبلؽ مف الزوج حتى ُيثبت فؾ الرابطة‬
‫الزوجية قانونا‪ ،‬بؿ يتطمب إثبات الطبلؽ واالعتراؼ بآثاره اتّباع إجراءات قانونية‬
‫أقرىا المشرع بموجب نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬ ‫مخصوصة أماـ قسـ شؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫حماية لمصمحة األسرة عموما‪ ،‬وحماية لحقوؽ المطمّقة واألوالد خصوصا‪ ،‬حيث جعؿ‬
‫المشرع الجزائري صدور حكـ الطبلؽ الوسيمة الوحيدة إلثباتو‪ ،‬وكؿ طبلؽ يقع خارج‬
‫يحتج بو تجاه الغير‪ ،1‬وال يمكف‬
‫ّ‬ ‫يعتد بو قانونا‪ ،‬وال‬
‫ويصرح بو الزوج ال ّ‬
‫ّ‬ ‫مجمس القضاء‬
‫إثباتو إال بالتوجو إلى المحكمة‪ ،‬واستصدار حكـ يثبتو ويكشؼ عنو‪.‬‬
‫يتـ تناوؿ أحكاـ إثبات الطبلؽ العرفي واجراءاتو مف خبلؿ التطرؽ لمعناصر‬
‫و ّ‬
‫التالية‪:‬‬
‫أوال‪ -‬اإلشكاالت المتعمقة باألساس القانوني إلثبات الطالق العرفي‬
‫يجد إثبات الطبلؽ العرفي أساسو القانوني في الفقرة األولى مف المادة ‪ 49‬مف‬
‫ؽ‪.‬أ‪ ،‬والتي تنص عمى ما يمي‪" :‬ال يثبت الطبلؽ إال بحكـ بعد عدة محاوالت لمصمح‬
‫يجرييا القاضي‪ ،‬دوف أف تتجاوز مدتو ثبلثة أشير ابتداء مف تاريخ رفع الدعوى"‪ ،‬ىذا‬
‫صحة صياغتو‬‫النص الذي أساؿ الكثير مف الحبر‪ ،‬وثار بشأنو الكثير مف الجدؿ‪ ،‬حوؿ ّ‬
‫وتفسيره‪ ،‬وتوافقو مع أحكاـ الشرع‪ ،‬وانسجامو مع عدة مواد في قانوف األسرة كالمادة ‪،48‬‬
‫أف الفيـ الصحيح لمنص القانوني يؤثر في تطبيقو واستنباط‬
‫‪ 52 ،50‬و‪ 58‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬إذ ّ‬
‫األحكاـ منو‪ ،‬فأيف يكمف الخمؿ؟ وما ىي أىـ اإلشكاالت التي يثيرىا نص المادة ‪ 49‬مف‬
‫يتـ التطرؽ لذلؾ مف خبلؿ النقاط التالية‪:‬‬
‫ؽ‪.‬أ؟ ّ‬
‫‪ -1‬أثار نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ خبلفا بشأف طبيعة حكـ الطبلؽ‪ ،‬ىؿ ىو حكـ‬
‫كاشؼ أـ ىو حكـ منشئ لمطبلؽ؟ وآثار ذلؾ مف األىمية بمكاف‪ ،‬وليا تأثير خطير عمى‬
‫العدة‪.‬‬
‫مسائؿ تتعمؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬كأحكاـ الرجعة وأحكاـ ّ‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة الجزائري في ثوبو الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.119‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪228‬‬
‫بأف الطبلؽ ال يقع إالّ‬
‫حيث انقسـ الفقياء إلى اتجاىيف اثنيف‪ ،‬االتجاه األوؿ يرى ّ‬
‫‪1‬‬
‫بحكـ‪ ،‬وبالتالي فحكـ الطبلؽ ىو حكـ منشئ‪ ،‬وىو رأي قاؿ بو األستاذ العربي بمحاج‬
‫‪2‬‬
‫بأف الطبلؽ يقع بإرادة الزوج وتصريحو‪ ،‬ال‬
‫واألستاذ عمر زودة ‪ ،‬واالتجاه الثاني يرى ّ‬
‫بتصريح القاضي بو‪ ،‬وبالتالي فحكـ الطبلؽ ىو حكـ كاشؼ‪ ،‬يكشؼ إرادة الزوج‪ ،‬وقاؿ‬
‫بيذا الرأي األستاذ نور الديف لمطاعي‪ ،3‬واألستاذ عبد الفتاح تقية‪.4‬‬
‫أف نص المادة ‪ 49‬صريح في اعتبار حكـ الطبلؽ حكما كاشفا ال منشئا‪،‬‬ ‫وأعتقد ّ‬
‫ألف المشرع استعمؿ عبارة " ال يثبت " وليس عبارة " ال يقع "‪ ،‬وبالتالي فالمشرع يتحدث‬
‫ّ‬
‫عف إثبات الطبلؽ ال إنشائو‪ ،‬كما يؤيد ىذا الرأي المادتاف ‪ 450‬و‪ 451‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫المتاف تحدداف دور القاضي في كؿ صورة مف صور الطبلؽ‪ ،‬حيث تتحدث المادة ‪450‬‬
‫عف تأ ّك د القاضي مف إرادة الزوج في طمب الطبلؽ‪ ،‬وذلؾ بالنسبة لمطبلؽ باإلرادة‬
‫المنفردة لمزوج‪ ،‬بينما تتحدث المادة ‪ 451‬عف معاينة القاضي وتكييفو لموقائع المعتمد‬
‫عمييا في طمب التطميؽ أو الخمع‪ ،‬فدور القاضي في الحالة األولى دور سمبي‪ ،‬يكتفي‬
‫بالتأ ّك د مف إرادة الزوج في الطبلؽ‪ ،‬مما يجعؿ الحكـ بالطبلؽ باإلرادة المنفردة حكما‬
‫دور إيجابيا‪ ،‬ينصرؼ إلى المعاينة والتكييؼ‪،‬‬
‫كاشفا‪ ،‬بينما دور القاضي في الحالة الثانية ا‬
‫ثـ يفصؿ في مدى تأسيس طمب التطميؽ أو الخمع‪ ،‬مما يجعؿ مف حكـ التطميؽ أو الخمع‬‫ّ‬
‫حكما منشئا‪.‬‬
‫يخص تاريخ وقوع الطبلؽ‪ ،‬ىؿ‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬يثير نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ إشكاال فيما‬
‫ألف معرفة تاريخ وقوع الطبلؽ‬
‫ىو تاريخ تمفظ الزوج بو؟ أـ تاريخ صدور حكـ الطبلؽ؟ ّ‬
‫يرتبط بعدة مسائؿ ميمة كالعدة والميراث والنسب والنفقة‪.‬‬
‫أف مفيوـ المادة ‪ 58‬مف ؽ‪.‬أ يشير إلى‬
‫لـ تتطرؽ المادة ‪ 49‬ليذه المسألة‪ ،‬غير ّ‬
‫أف المقصود بو تصريح الزوج‬
‫أف المطمقة تعتد ابتداء مف تاريخ التصريح بالطبلؽ‪ ،‬وأعتقد ّ‬
‫ّ‬

‫بمحاج العربي‪ ،‬طرؽ الطبلؽ في قانوف األسرة الجزائري‪ ،‬المجمة الجزائرية لمعموـ القانونية االقتصادية والسياسية‪ ،‬بف‬ ‫‪1‬‬

‫عكنوف الجزائر‪ ،‬العدد الثالث‪ ،1990 ،‬ص ‪.588‬‬


‫زودة عمر‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ 33‬و‪.34‬‬ ‫‪2‬‬

‫لمطاعي نور الديف‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ 110‬و ‪.111‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬تقية عبد الفتّاح‪ ،‬الطبلؽ بيف أحكاـ تشريع األسرة واالجتياد القضائي‪ ،‬أطروحة لنيؿ شيادة الدكتوراه‪ ،‬كمية الحقوؽ‬
‫بف عكنوف‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2007/2006 ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪229‬‬
‫أف مف صور فؾ‬‫أف نص المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ تشير إلى ّ‬ ‫بالطبلؽ ال تصريح القاضي‪ ،‬كما ّ‬
‫فإف تاريخ وقوع الطبلؽ ىو تاريخ‬
‫يتـ بإرادة الزوج‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫الرابطة الزوجية الطبلؽ الذي ّ‬
‫أف المقصود‬‫تمفظ الزوج بو‪ ،‬ال تاريخ صدور الحكـ‪ ،‬خبلفا لما يعتقده جانب مف الفقو مف ّ‬
‫‪1‬‬
‫ألف القوؿ‬
‫ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫بذلؾ ىو تصريح القاضي بالطبلؽ‪ ،‬أي النطؽ بالحكـ مف طرؼ القاضي‬
‫وتمس بالنظاـ العاـ‪ ،‬كمخالفة أحكاـ‬
‫بغير ذلؾ يرتب نتائج وخيمة تخالؼ الشرع والقانوف‪ّ ،‬‬
‫أف المشرع كاف بإمكانو النص في المادة ‪58‬‬
‫العدة‪ ،‬باإلضافة إلى ّ‬
‫الرجعة‪ ،‬ومخالفة أحكاـ ّ‬
‫مف ؽ‪.‬أ صراحة عمى بداية سرياف العدة مف تاريخ صدور الحكـ أو النطؽ بالحكـ‪،‬‬
‫أف مقصده اتّجو إلى تاريخ تصريح الزوج بالطبلؽ‪ ،‬لذا‬
‫لو اتجو قصده إلى ذلؾ‪ ،‬غير ّ‬
‫استعمؿ عبارة التصريح بالطبلؽ‪.‬‬
‫أف األصؿ إثبات التصرفات القانونية بأثر رجعي مف يوـ إنشائيا ال مف يوـ‬
‫كما ّ‬
‫الحكـ بإثباتيا‪ ،‬فمماذا القوؿ بإثبات الطبلؽ مف تاريخ الحكـ بو وليس بأثر رجعي مف يوـ‬
‫تمفظ الزوج بو؟ ففي ذلؾ مخالفة لما ىو معموؿ بو في إثبات التصرفات القانونية‪.‬‬
‫كما أف مقارنة بسيطة بيف نص المادة ‪ 22‬والمادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬تظير التناقض‬
‫ألف المادة ‪22‬‬
‫في تفسير لفظ واحد "يثبت" في حالة إثبات الزواج وحالة إثبات الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫تحدث فييا المشرع عف إثبات الزواج العرفي بحكـ قضائي في حالة عدـ‬ ‫مف ؽ‪.‬أ ّ‬
‫بأف حكـ إثبات الزواج العرفي ىو حكـ منشئ لعقد الزواج‪ ،‬بؿ‬
‫تسجيمو‪ ،‬ولـ نجد أحدا قاؿ ّ‬
‫المعموؿ بو قضاء ّأنو يثبت بأثر رجعي مف تاريخ إبرامو‪ ،‬فمماذا ُيحمؿ ىذا المفظ في‬
‫ويحمؿ نفس المفظ في‬ ‫إثبات الزواج العرفي عمى إثباتو بأثر رجعي مف تاريخ إبرامو؟ ُ‬
‫أف إثبات الطبلؽ يكوف مف تاريخ صدور الحكـ؟‪.2‬‬
‫المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ عمى ّ‬
‫يحؽ لكؿ مف الزوج والزوجة رفع دعوى إثبات الطبلؽ‬
‫‪ -3‬مف الثابت قانونا ّأنو ّ‬
‫أف الطبلؽ ال يقع إال بحكـ مف القضاء‪ ،‬ومف تاريخ صدور الحكـ‪،‬‬ ‫العرفي‪ ،‬واذا فرضنا ّ‬
‫فسوؼ نمنع الزوجة مف المجوء إلى القضاء مف أجؿ إثبات الطبلؽ الذي تمفّظ بو زوجيا‪،‬‬

‫باديس ديابي‪ ،‬صور وآثار فؾ الرابطة الزوجية في قانوف األسرة‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬عيف مميمة الجزائر‪ ،2012 ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.121‬‬
‫طحطاح عبلؿ‪ ،‬دراسة نقدية تقويمية لنص المادة ‪ 49‬مف قانوف األسرة‪ ،‬مجمة صوت القانوف‪ ،‬العدد الثامف‪،2017 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪ 270‬و‪.273‬‬
‫‪230‬‬
‫حتى لو امتمكت الدليؿ عمى ذلؾ‪ ،‬وبالتالي خالفنا أحكاـ الشرع المعمومة مف الديف‬
‫بالضرورة‪ ،‬وبالتالي نمزميا بالبقاء تحت عصمتو حتى ولو طمّقيا شرعا‪ ،‬أما لو قمنا بجواز‬
‫أف حكـ‬
‫رفع الزوجة دعوى إثبات الطبلؽ العرفي الذي تمفظ بو زوجيا‪ ،‬فمعنى ذلؾ ّ‬
‫الطبلؽ ما ىو إال حكما كاشفا‪.1‬‬
‫بأف المشرع يعترؼ بطبلؽ الزوج‬
‫أضؼ إلى ذلؾ دليبل آخر يؤيد قوؿ مف يرى ّ‬
‫أف نص المادة ‪ 50‬مف ؽ‪.‬أ‬
‫بأف حكـ الطبلؽ حكما منشئا‪ ،‬حيث ّ‬
‫بإرادتو المنفردة‪ ،‬وال يرى ّ‬
‫يتحدث عمف يراجع زوجتو أثناء محاوالت الصمح فبل يحتاج إلى عقد جديد‪ ،‬والسؤاؿ الذي‬
‫لممشرع أف يتحدث عف‬
‫ّ‬ ‫ُيطرح عمى مف يرى بأف الطبلؽ ال يقع إال بحكـ‪ ،‬ىؿ يمكف‬
‫أف المشرع‬
‫مراجعة الزوج زوجتو خبلؿ محاوالت الصمح وقبؿ صدور الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬لو ّ‬
‫ال يعترؼ بطبلؽ الزوج زوجتو؟ فعف أي مراجعة يتحدث المشرع إذا لـ يوجد طبلؽ‬
‫أصبل؟‬
‫عدة ق اررات صادرة عف القضاء تؤيد ىذا الرأي‪ ،‬مف بينيا قرار المجمس‬
‫إف ّ‬
‫األعمى الصادر بتاريخ ‪ ،1984/12/03‬الذي جاء فيو‪ " :‬مف المقرر شرعا أف الطبلؽ‬
‫ىو حؽ لمرجؿ صاحب العصمة‪ ،‬وأنو ال يجوز لمقاضي أف يح ّؿ محمو في إصداره"‪،2‬‬
‫وىذا القرار صريح في أف الطبلؽ يقع بإرادة الزوج وبتصريح منو‪ ،‬وأنو ال يجوز لمقاضي‬
‫مخالفة إرادة الزوج أو الحموؿ محمو في إيقاعو‪ ،‬وكذا قرار آخر لممحكمة العميا جاء فيو‪:‬‬
‫ثمة فإف النعي عمى‬
‫"مف المقرر قانونا أنو يحؽ لمزوج إيقاع الطبلؽ بإرادتو المنفردة‪ ،‬ومف ّ‬
‫القرار المطعوف فيو بالقصور في التسبيب ليس في محمو ‪ .....‬وعميو فإف قضاة الموضوع‬
‫لما قضوا بالطبلؽ بإرادة الزوج المنفردة دوف تبرير طبقوا صحيح القانوف"‪.3‬‬
‫الشراح‬
‫ّ‬ ‫إف معظـ اإلشكاالت التي أثارتيا المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ في نظر‬ ‫‪ّ -4‬‬
‫أف أكثرىـ اعتبرىا تشمؿ جميع أنواع الطبلؽ‪ ،‬أي ّأنيـ صرفوا مصطمح‬
‫والفقياء منطمقيا ّ‬

‫طحطاح عبلؿ‪ ،‬دراسة نقدية تقويمية لنص المادة ‪ 49‬مف قانوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.265‬‬ ‫‪1‬‬

‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 35026‬مؤرخ في ‪ ،1984/12/03‬المجمة القضائية‪،1989 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫العدد الرابع‪ ،‬ص ‪.86‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،223019‬مؤرخ في ‪ ،1999/06/15‬مجمة االجتياد القضائي‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،2001‬عدد خاص‪ ،‬ص ‪.104‬‬


‫‪231‬‬
‫الطبلؽ الوارد فييا إلى الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬والطبلؽ بطمب مف الزوجة‬
‫المشرع ّبيف في‬
‫ّ‬ ‫ألف‬
‫‪-‬التطميؽ والخمع‪ ،-‬والطبلؽ بالتراضي‪ ،‬وىو أمر مجانب لمصواب‪ّ ،‬‬
‫المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ صور الطبلؽ التي يح ّؿ بو عقد الزواج‪ ،‬وىي الطبلؽ باإلرادة المنفردة‬
‫لمزوج‪ ،‬والطبلؽ بتراضي الزوجيف‪ ،‬والطبلؽ بطمب مف الزوجة في حدود المادتيف ‪53‬‬
‫و‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ المتعمقتيف بالتطميؽ والخمع‪ ،‬ثـ انتقؿ المشرع إلى تفصيؿ كؿ صورة مف ىذه‬
‫فصؿ الصورة األولى المتعمقة بالطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬وعالج‬
‫الصور‪ ،‬حيث ّ‬
‫ثـ انتقؿ إلى بياف أحكاـ التطميؽ‬
‫أحكاميا مف خبلؿ المواد ‪ 51 ،50 ،49‬و‪ 52‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫ثـ‬
‫ثـ تناوؿ التطميؽ خمعا في المادة ‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫مف خبلؿ المواد ‪ 53‬و‪ 53‬مكرر‪ّ ،‬‬
‫المادة ‪ 55‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وبالتالي مف الخطأ‬
‫تناوؿ الحكـ بالطبلؽ عند نشوز أحد الزوجيف في ّ‬
‫ألف ذلؾ‬
‫تعميـ أحكاـ المواد المتعمقة بالطبلؽ باإلرادة المنفردة عمى باقي صور الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫يؤدي إلى نتائج غير منطقية ومتناقضة ومخالفة لمشرع والقانوف‪.1‬‬
‫وأقترح لتفادي ما أثير مف إشكاالت بشأف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬تعديؿ ىذه المادة‪،‬‬
‫وذلؾ النص عمى إلزاـ القاضي عند إثبات الطبلؽ العرفي بتحديد تاريخ إيقاع الطبلؽ‬
‫بأثر رجعي إلى تاريخ تمفظ الزوج بو‪ ،‬باإلضافة إلى تحديد وسائؿ اإلثبات المعتمدة في‬
‫ذلؾ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬خصوصية إثبات الطالق العرفي‬
‫تطرح مسألة إثبات الطبلؽ العرفي العديد مف التساؤالت حوؿ مدى إلزامية‬
‫يتـ إثباتو‬
‫صدور حكـ قضائي بإثباتو لبلعتراؼ بو‪ ،‬واإلجراءات المتّبعة في ذلؾ‪ ،‬وىؿ ّ‬
‫بأثر رجعي مف تاريخ تصريح الزوج بو؟ أـ مف تاريخ صدور الحكـ بإثباتو؟ وما تأثير‬
‫العدة؟‬
‫ذلؾ عمى أحكاـ الرجعة و ّ‬
‫أ‪ -‬إلزامية إثبات الطالق العرفي بحكم قضائي‬
‫فإف الحديث فيما يمي يقتصر عمى الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪،‬‬ ‫بداية ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ التطميؽ أو عف طريؽ الخمع‪ ،‬ألف ىذيف‬ ‫وال يشمؿ ف ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية ال ُيتصور فييما العرفية‪ ،‬فيما ال َيتِ َّم ِ‬
‫اف إال أماـ‬ ‫الصورتيف مف صور ف ّ‬

‫نور الديف لمطاعي‪ ،‬محاضرات ألقيت مف طرؼ األستاذ عمى طمبة الدكتوراه‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪232‬‬
‫القاضي‪ ،‬وبتدخؿ مباشر منو‪ ،‬لذلؾ ال يوجد تطميؽ عرفي أو خمع عرفي إال بعد صدور‬
‫حكـ قضائي‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬نجد المشرع استعمؿ عبارة ال يثبت‬
‫ثـ إلثباتو بصفة‬
‫أف الطبلؽ يقع مف الزوج خارج ساحة القضاء‪ّ ،‬‬
‫الطبلؽ‪ ،‬ومعنى ذلؾ ّ‬
‫رسمية البد مف المجوء إلى القاضي‪ ،‬أي أف الزوج ىو الذي ينشئ الطبلؽ ويوقعو‪ ،‬وليس‬
‫القاضي‪ ،‬وأف دور القاضي يقتصر فقط عمى إصدار حكـ يثبت وقوع الطبلؽ بإرادة الزوج‬
‫ال بإرادة القاضي‪ ،‬فدور القاضي في الطبلؽ باإلرادة المنفردة ىو دور سمبي‪ ،‬ويؤ ّكد ذلؾ‬
‫يتـ بإرادة‬ ‫ُّ‬
‫أف عقد الزواج ُي َحؿ بالطبلؽ الذي ّ‬‫ما جاء في نص المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬مف ّ‬
‫الزوج‪.‬‬
‫ويفسروف‬
‫ّ‬ ‫أف الطبلؽ ال يقع إال بحكـ‪،‬‬
‫الشراح في اعتبار ّ‬
‫ويخطئ العديد مف ّ‬
‫المادة ‪ 49‬تفسي ار خاطئا‪ ،‬ويحممونيا عمى غير محمميا‪ ،‬وقد سبؽ بياف خطأ ما ذىب إليو‬
‫أصحاب ىذا الرأي‪.‬‬
‫وما يؤكد ذلؾ موقؼ القضاء في غير ما قرار صدر عف المحكمة العميا‪ ،‬مف‬
‫بينيا قرار المحكمة العميا الذي جاء فيو‪ " :‬ليس الطبلؽ إال عبارة عمى اإلرادة المنفردة‬
‫لمزوج في جعؿ حد لمحياة الزوجية‪ ،‬وليس لقضاة الموضوع عند ثبوتو إال اإلشياد بو‬
‫والتصريح بو ‪ ،1"....‬كما جاء في القرار الصادر بتاريخ ‪ 1984/12/17‬ما يمي‪ " :‬مف‬
‫أف تمفظ الزوج بالطبلؽ يمزمو‬
‫المقرر شرعا وعمى ما جرى بو قضاء المجمس األعمى ّ‬
‫‪ ،2"...‬حيث اعترؼ القضاء بالطبلؽ الذي تمفّظ بو الزوج‪ ،‬وألزـ قضاة الموضوع‬
‫باالعتراؼ بو واإلشياد عميو‪ ،‬كما جاء في قرار المجمس األعمى الصادر بتاريخ‬
‫أف الطبلؽ ىو حؽ لمرجؿ صاحب العصمة‪،‬‬ ‫‪ 1984/1/03‬ما يمي‪ " :‬مف المقرر شرعا ّ‬
‫وأنو ال يجوز لمقاضي أف يحؿ محمو في إصداره‪ ،‬أما التطميؽ فيو حؽ لممرأة المتضررة‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬الغرفة المدنية‪ ،1968/03/27 ،‬النشرة السنوية‪ ،1968 ،‬ص ‪ ،106‬نقبل عف‪ :‬بمحاج العربي‪ ،‬قانوف‬ ‫‪1‬‬

‫األسرة‪ ،‬مبادئ االجتياد القضائي وفقا لق اررات المحكمة العميا‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 35322‬مؤرخ في ‪ ،1984/12/17‬المجمة القضائية‪،1989 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫عدد ‪ ،4‬ص ‪.91‬‬


‫‪233‬‬
‫يعد خرقا‬
‫ثـ فإف القضاء بما يخالؼ ىذا المبدأ ّ‬
‫وترفع أمرىا لمقاضي الذي يطمقيا‪ ،‬ومف ّ‬
‫ألحكاـ الشريعة اإلسبلمية‪.1"...‬‬
‫فإف قضاة‬
‫لكف اإلشكاؿ المطروح أنو إذا وقع الطبلؽ قبؿ تاريخ رفع الدعوى ّ‬
‫الموضوع عندما يثبتوف الطبلؽ بحكـ ال يحددوف تاريخ تمفظ الزوج بو‪ ،‬أي ال يثبتونو بأثر‬
‫ألف مدار كؿ األحكاـ‬
‫رجعي إلى التاريخ الذي وقع فيو‪ ،‬وىو أمر ميـ ال بد التنبو إليو‪ّ ،‬‬
‫المتعمقة بالطبلؽ واآلثار المترتبة عميو مبنية وعمى عبلقة مباشرة بتاريخ إيقاع الزوج‬
‫لمطبلؽ‪ ،‬لذا ال بد أف يضبط المشرع ذلؾ بنص قانوني ممزـ لمقضاة بتحديد تاريخ إيقاع‬
‫الزوج لمطبلؽ في الحكـ الكاشؼ لو‪ ،‬حتى تسند الحقوؽ ألصحابيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬الطبيعة القانونية لمحكم المثبت لمطالق‬
‫يعتبر الطبلؽ حقّا لمزوج اعترؼ بو الشارع الحكيـ‪ ،‬يوقعو الزوج بألفاظ‬
‫جادا في‬
‫مخصوصة تدؿ عميو‪ ،‬ويرتب أثره مف تاريخ التصريح بو مف الزوج‪ ،‬سواء كاف ّ‬
‫إيقاعو أو ىازال في ذلؾ‪ ،‬جاء في الحديث عف أبي ىريرة رضي اهلل عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ‬
‫اهلل صمى اهلل عميو وسمـ‪ " :‬ثالث ج ّدىن ج ّد‪ ،‬وىزلين ج ّد‪ :‬ال ّنكاح‪ ،‬والطّالق‪ ،‬والرجعة"‪.2‬‬
‫وقد نظّ ـ المشرع أحكاـ الطبلؽ واشترط إلثباتو ضرورة صدور حكـ مف القاضي‪،‬‬
‫حيث يرفع الزوج أو الزوجة أو ورثتيما أو النيابة العامة دعوى أماـ الجية القضائية‬
‫ت الطبلؽ الذي أوقعو الزوج في التاريخ‬‫المختصة‪ ،‬يطمب مف خبلليا إصدار حكـ ُيثْبِ ُ‬
‫المحدد والمكاف المحدد‪ ،‬ويقتصر دور القاضي في ىذه الدعوى عمى التأ ّكد مف إرادة‬
‫الزوج حيف أوقع الطبلؽ‪ ،‬ويحاوؿ أف ُيصمح بيف الزوجيف مف أجؿ استعماؿ الزوج حؽ‬
‫الرجعة خبلؿ فترة العدة‪ ،‬فإف ُوفّؽ القاضي في مساعيو أعمف إثبات الطبلؽ الواقع بيف‬
‫الزوجيف‪ ،‬وأشيد عمى استعماؿ الزوج حقو في الرجعة خبلؿ فترة العدة‪ ،‬واف فشؿ القاضي‬

‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 35026‬مؤرخ في ‪ ،1984/12/03‬المجمة القضائية‪،1989 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العدد ‪ ،04‬ص‪.86‬‬
‫‪ 2‬الحديث مروي عن عبد الرحماف بف حبيب عف عطاء بف أبي رباح عف ابف ماىؾ عف أبي ىريرة‪ ،‬رواه أبو داود‬
‫(‪ ،)2194‬والترمذي (‪ )1186‬وقاؿ حديث حسف غريب والعمؿ عميو عند أىؿ العمـ مف الصحابة وغيرىـ‪ ،‬وابف ماجو‬
‫(‪ ،)2039‬والدار قطني ( ‪ ،)3593‬والحاكـ ( ‪ )2854‬وصححو وتعقبو الذىبي وضعفو‪ ،‬والطحاوي في معاني اآلثار‬
‫(‪ ،)11/275‬وابف الجوزي في التحقيؽ وضعفو ( ح‪ ،)1877-‬وحسنو الشيخ األلباني في اإلرواء (‪.)6/224‬‬
‫‪234‬‬
‫أصر الزوج عمى عدـ استعماؿ حؽ الرجعة‪ ،‬خضع القاضي‬‫في مساعي اإلصبلح‪ ،‬و ّ‬
‫وصرح بو‪ ،‬وأثبتو بموجب حكـ قضائي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إلرادة الزوج الذي أوقع الطبلؽ‬
‫مف ىذا يتبيف أف دور القاضي في دعاوى إثبات الطبلؽ العرفي الواقع باإلرادة‬
‫صرح بو‪،‬‬
‫المنفردة لمزوج ىو دور سمبي‪ ،‬فبل يتدخؿ في إيقاع الطبلؽ وال ينشئو وال ُي ّ‬
‫وبالتالي فإف الحكـ الصادر عنو ىو حكـ كاشؼ‪ ،‬يكشؼ مف خبللو عف إرادة الزوج فقط‪،‬‬
‫وليس حكما منشئا‪ ،‬ألنو ال ينشئ الطبلؽ‪ ،‬وانما الزوج ىو الذي أنشئو‪.‬‬
‫وعميو فإف اعتبار الحكـ الصادر عف القاضي المثبت لمطبلؽ حكما منشئا‪ ،‬وبأف‬
‫الحكـ ىو الذي ينيي العبلقة الزوجية بيف الزوجيف مف تاريخ تصريح القاضي بو‪ ،1‬ىو‬
‫اعتبار غير صحيح‪ ،‬بؿ الطبلؽ يقع شرعا وقانونا مف تاريخ إيقاع الزوج لو‪ ،‬ويرتب آثاره‬
‫منذ ذلؾ الحيف‪ ،‬ال مف تاريخ صدور الحكـ المثبت لمطبلؽ‪.‬‬
‫وتصدر أحكاـ الطبلؽ في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬وىي غير قابمة لبلستئناؼ فيما عدا‬
‫جوانبيا المادية المتعمقة بالتعويض عف الطبلؽ والنفقات الواجبة لممطمقة‪ ،‬واألبناء‬
‫المحضونيف فإنيا تصدر في أوؿ درجة‪ ،‬ويمكف استئنافيا مف الطرفيف‪.‬‬
‫أف أغمب األحكاـ القضائية الصادرة عف أقساـ شؤوف‬
‫ىذا ويجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫األسرة المتعمقة بإثبات الطبلؽ‪ ،‬يغفؿ القضاة فييا عف ذكر عدد الطمقات التي أوقعيا‬
‫الزوج‪ ،‬فيي تقتصر عمى إثبات الطبلؽ دوف ذكر عدد الطمقات‪ ،‬وىو أمر مف األىمية‬
‫بمكاف‪ ،‬ألف الشرع والقانوف يحضر عمى الزوج الذي أوقع ثبلث طمقات أف يرجع المطمقة‬
‫ثـ يطمقيا وتبيف منو‪ ،‬وبالتالي فإف عدـ ذكر‬
‫إلى عصمتو إال بعد أف تتزوج بزوج آخر‪ّ ،‬‬
‫عدد الطمقات في الحكـ المثبت لمطبلؽ أمر معيب‪ ،‬يتعيف استدراكو مف المشرع بإلزاـ‬
‫القاضي ذكر عدد الطمقات في الحكـ‪.2‬‬
‫بأف المشرع ال يعترؼ بالطبلؽ الذي وقع خارج مجمس القضاء‪،3‬‬
‫أف القوؿ ّ‬
‫كما ّ‬
‫الصحة‪ ،‬وما عمى صاحب المصمحة في إثبات الطبلؽ إالّ المجوء إلى‬
‫ّ‬ ‫ىو قوؿ عار عف‬

‫‪GHAOUTI BEN MELHA. Le droit algérien de la famille. office des publication 1‬‬
‫‪universitaires 1993. P 204‬‬
‫‪ 2‬بف حميمة يمينة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫أنظر‪ :‬معامير حسيبة‪ ،‬إثبات الطبلؽ بيف القانوف والقضاء‪ ،‬مجمة الحقيقة‪ ،‬جامعة أدرار‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،27‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫‪.136‬‬
‫‪235‬‬
‫يحؽ لمنيابة العامة نفسيا‬
‫القضاء مف أجؿ إثبات الطبلؽ العرفي بحكـ قضائي‪ ،‬كما أنو ّ‬
‫رفع دعوى مف أجؿ إثباتو‪.‬‬
‫ج‪ -‬إثبات الطالق العرفي بأثر رجعي‬
‫عالج المشرع الجزائري مسألة إثبات الزواج العرفي وسمح بتسجيمو بموجب نص‬
‫أف المشرع أغفؿ معالجة قضية الطبلؽ العرفي وكيفية‬‫المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ويعتقد البعض ّ‬
‫إثباتو‪ ،1‬وىو قوؿ تفنده المادة ‪ 49‬مف نفس القانوف التي تنص‪" :‬ال يثبت الطبلؽ إال بحكـ‬
‫بعد عدة محاوالت صمح يجرييا القاضي دوف أف تتجاوز مدتو ثبلثة أشير ابتداء مف‬
‫تاريخ رفع الدعوى‪ .‬يتعيف عمى القاضي تحرير محضر يبيف مساعي ونتائج محاوالت‬
‫الصمح‪ ،‬يوقعو مع أميف الضبط والطرفيف‪ .‬تسجؿ أحكاـ الطبلؽ وجوبا في الحالة المدنية‬
‫بسعي مف النيابة العامة"‪ ،‬فيذه المادة تطبؽ عمى كؿ طبلؽ عرفي أوقعو الزوج خارج‬
‫يتـ إثباتو بحكـ قضائي‪ ،‬ويسجؿ في سجبلت الحالة المدنية بسعي مف‬
‫المحكمة‪ ،‬بحيث ّ‬
‫النيابة العامة‪.‬‬
‫فإف المشرع لـ يتطرؽ إلى‬
‫أما فيما يخص األثر الرجعي إلثبات الطبلؽ العرفي‪ّ ،‬‬
‫ىذه النقطة بصفة صريحة‪ ،‬إال ّأنو باالعتماد عمى نص المادة ‪ 222‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وبالرجوع‬
‫يتـ إثبات الطبلؽ العرفي مف طرؼ‬ ‫إلى أحكاـ الشريعة اإلسبلمية فإف األمر يستمزـ أف ّ‬
‫القضاء بأثر رجعي‪ ،‬أي إثبات وقوع الطبلؽ بالتاريخ الذي أوقعو الزوج بتصريحو وارادتو‪،‬‬
‫ال بتاريخ صدور الحكـ القضائي الذي يثبت الطبلؽ‪ ،‬تطبيقا لما جاء في نص المادة ‪48‬‬
‫مف ؽ‪.‬أ‪ُ ... " :‬يحؿ عقد الزواج بالطبلؽ الذي يتـ بإرادة الزوج ‪ ،"...‬وىي مسألة مف‬
‫األىمية بمكاف‪ ،‬وتترتب عمييا الكثير مف األحكاـ الخطيرة إذا لـ يتـ احتراميا‪.‬‬
‫وبالنظر إلى األحكاـ القضائية التي تُثبت الطبلؽ الواقع باإلرادة المنفردة لمزوج‪،‬‬
‫صرح فيو الزوج بالطبلؽ‪ ،‬وىو ما مف شأنو إثارة‬ ‫أف أغمبيا ال تُحدد التاريخ الذي ّ‬‫نجد ّ‬
‫العديد مف اإلشكاالت‪ ،‬نذكر مف بينيا‪:‬‬
‫‪ -‬بداية احتساب العدة ‪ :‬إذا لـ يحدد الحكـ القضائي المثبت لمطبلؽ تاريخ تصريح‬
‫العدة‪،‬‬
‫الزوج بالطبلؽ‪ ،‬فإف ذلؾ سيؤدي ال محالة إلى عدـ معرفة بداية تاريخ احتساب ّ‬

‫معامير حسيبة‪ ،‬إثبات الطبلؽ بيف القانوف والقضاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ ،142‬وكذا‪ :‬بف حميمة يمينة‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.170‬‬
‫‪236‬‬
‫فيؿ يتـ احتسابيا مف تاريخ وقوع الطبلؽ العرفي؟ أـ مف تاريخ رفع الدعوى؟ أـ مف تاريخ‬
‫العدة مف النظاـ‬
‫ألف ّ‬‫إثباتو بحكـ قضائي؟ وبالتالي تضار المطمقة والمطمؽ مف ذلؾ‪ّ ،‬‬
‫العاـ‪ ،‬وتتعمؽ بيا عديد األحكاـ اليامة‪ ،‬كالنفقة والميراث واثبات النسب وغيرىا مف‬
‫العدة مف‬
‫وحدد بداية احتساب ّ‬‫أف المشرع قد فصؿ في المسألة‪ّ ،‬‬
‫كنت أعتقد ّ‬
‫األحكاـ‪ ،‬واف ّ‬
‫تاريخ التصريح بالطبلؽ‪ ،‬بموجب المادة ‪ 58‬مف ؽ‪.‬أ التي جاء فييا‪" :‬تعتد المطمقة‬
‫المدخوؿ بيا غير الحامؿ بثبلثة قروء‪ ،‬واليائس مف المحيض بثبلثة أشير مف تاريخ‬
‫التصريح بالطبلؽ"‪ ،‬والتصريح بالطبلؽ باإلرادة المنفردة يكوف مف الزوج وليس مف‬
‫‪1‬‬
‫يحدد القاضي في‬
‫القاضي‪ ،‬عمى عكس ما يعتقده البعض ‪ ،‬وبالتالي ما بقي سوى أف ّ‬
‫حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة تاريخ تصريح الزوج بالطبلؽ‪ ،‬والذي ُيرجع إليو مف أجؿ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ التطميؽ‬
‫أما أحكاـ ف ّ‬
‫معرفة تاريخ بداية احتساب أجؿ العدة‪ّ ،‬‬
‫العدة‪ ،‬باعتبارىا أحكاـ منشئة‬
‫فإنيا ال تطرح أي إشكاؿ في تاريخ بداية احتساب ّ‬
‫أو الخمع‪ّ ،‬‬
‫لمطبلؽ‪ ،‬وتاريخ صدور حكـ التطميؽ أو الخمع ىو المرجع في بداية احتساب العدة‪.‬‬
‫‪ -‬حق الرجعة‪ :‬يرتبط حؽ الرجعة الذي يممكو الزوج عمى زوجتو ارتباطا وثيقا‬
‫بالعدة‪ ،‬فإذا استعمؿ الزوج حقّو في الرجعة أثناء فترة العدة ألزمت الزوجة بالرجوع دوف‬
‫ّ‬
‫النظر إلى موافقتيا مف عدميا‪ ،‬ودوف عقد جديد وال مير جديد‪ ،‬ألف الطبلؽ رجعي وتبقى‬
‫يحؽ ألحد‬
‫ّ‬ ‫المطمقة خبلؿ فترة العدة في حكـ الزوجة‪ ،‬وال تخرج مف بيت الزوجية‪ ،‬وال‬
‫إخراجيا منو‪ ،‬أما إذا انتيت فترة العدة صار الطبلؽ بائنا بينونة صغرى‪ ،‬وليس لممطمؽ‬
‫الحؽ في إرجاع المطمقة إلى عصمتو إال برضاىا وبعقد ومير جديديف‪ ،‬وكؿ ىذه األحكاـ‬
‫ترتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ تصريح الزوج بالطبلؽ‪ ،‬وليس بتاريخ إصدار الحكـ المثبت‬
‫لمطبلؽ‪.‬‬
‫‪ -‬حالة إعادة الزوجة الزواج‪ :‬إذا انتيت فترة العدة يصبح الطبلؽ بائنا بينونة‬
‫صغرى أو كبرى حسب الحالة‪ ،‬وتممؾ المطمقة نفسيا‪ ،‬ويحؽ ليا الزواج مرة ثانية بأي‬
‫صرح بو الزوج‪ ،‬وأُسند‬
‫زوج آخر ترضاه لنفسيا‪ ،‬واذا لـ ُينسب الطبلؽ إلى التاريخ الذي ّ‬
‫ويحمميا ما لـُ يحمميا بو الشرع‬
‫فإف ذلؾ َيعضؿ المطمقة ُ‬ ‫إلى تاريخ صدور الحكـ ّ‬

‫أنظر‪ :‬معامير حسيبة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.143‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪237‬‬
‫عدتيا اعتبا ار مف تاريخ التصريح‬
‫والقانوف‪ ،‬وقد تتزوج المطمقة مرة ثانية بعد انتياء ّ‬
‫تـ بينيا وبيف‬
‫بالطبلؽ مف الزوج‪ ،‬دوف صدور حكـ مف القضاء بإثبات الطبلؽ الذي ّ‬
‫مما يعرضيا إلى إمكانية متابعتيا جزائيا مف طرؼ ُمطمقيا بجريمة الزنا‪ ،‬باعتبار‬
‫الزوج‪ّ ،‬‬
‫ّأنيا الزالت في عصمتو وأعادت الزواج‪ ،‬إال أنني أؤكد ّأنو عمى القضاة أالّ يفصموا في‬
‫أف ُيميموا المطمقة حتى ترفع دعوى أماـ قسـ شؤوف األسرة مف أجؿ‬ ‫الدعوى الجزائية‪ ،‬و ْ‬
‫إثبات الطبلؽ العرفي الواقع بينيا وبيف مطمقيا‪ ،‬واسناد تاريخ وقوعو إلى تاريخ تصريح‬
‫الزوج بو‪ ،‬حتى تنفي عنيا تيمة جريمة الزنا‪.‬‬
‫‪ -‬حالة إعادة الزوج الزواج‪ :‬يعتد الزوج أحيانا مثمو مثؿ المطمقة‪ ،‬بحيث‬
‫ال يمكنو الزواج مف جديد إال بعد انتياء عدة المطمقة منو‪ ،‬وبياف ذلؾ في حالتيف‪ :‬الحالة‬
‫األ ولى‪ :‬أف الزوج ال يمكنو أف يجمع بيف المرأة وأختيا أو خالتيا أو عمتيا‪ ،‬وما داـ أف‬
‫المطمقة رجعيا أثناء فترة العدة ال تزاؿ في حكـ الزوجة‪ ،‬وأف الزوجية ال ترفع عنيا حتى‬
‫عمتيا إال بعد‬
‫انتياء عدتيا‪ ،‬فإف ذلؾ يمزـ الزوج بعدـ الزواج بأخت زوجتو أو خالتيا أو ّ‬
‫أف تبيف منو زوجتو بانتياء فترة العدة‪ ،‬والحالة الثانية‪ :‬أف الزوج الذي يممؾ أربع زوجات‪،‬‬
‫وطمّؽ أحد زوجاتو طبلقا رجعيا‪ ،‬فإنو ال يمكنو إعادة الزواج بزوجة أخرى حتى تكتمؿ‬
‫عدة مطمقتو وتبيف منو بينونة صغرى‪ ،‬حتى يحؿ لو الزواج مف امرأة أخرى‪.‬‬
‫وبالتالي كؿ ىذه األحكاـ مرتبطة ارتباطا وثيقا بتاريخ تصريح الزوج بالطبلؽ‪،‬‬
‫صرح فيو الزوج بو‪ ،‬وأُسند إلى‬
‫فإذا لـ يسند تاريخ وقوع الطبلؽ العرفي إلى التاريخ الذي ّ‬
‫فإف ذلؾ ينتج عنو إشكاالت ونتائج غير صحيحة ال شرعا‬ ‫تاريخ صدور الحكـ‪ّ ،‬‬
‫وال قانونا‪.‬‬
‫ىذا وتجدر اإلشارة إلى أنو ال يمكف إثبات الطبلؽ العرفي مف أحد الزوجيف إذا‬
‫يتـ إثبات الزواج العرفي بحكـ قضائي‬
‫تـ بينيما عرفيا‪ ،‬إالّ بعد أف ّ‬
‫كاف الزواج الذي ّ‬
‫ثـ ترفع دعوى ثانية مستقمة مف أجؿ‬
‫ثـ يتـ تسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ّ ،‬‬
‫نيائي‪ّ ،‬‬
‫إثبات الطبلؽ العرفي‪ ،‬ومف بيف أسباب عدـ إمكانية رفع الدعوييف معا بعريضة واحدة‪،‬‬
‫أف حكـ إثبات الزواج العرفي يصدر ابتدائيا في أوؿ درجة‪ ،‬ويكوف قاببل لمطعف فيو‬
‫ّ‬
‫باالستئناؼ‪ ،‬وقد يتـ إلغائو مف طرؼ قضاة المجمس‪ ،‬بينما حكـ إثبات الطبلؽ العرفي‬
‫يصدر نيائيا في آخر درجة‪ ،‬وال يجوز الطعف فيو إال بالنقض‪ ،‬وعميو فبل يمكف أف تصدر‬
‫‪238‬‬
‫المحكمة حكما بإثبات الزواج العرفي واثبات الطبلؽ العرفي في آف واحد‪ ،‬الحتماؿ أف‬
‫يتعرض حكـ إثبات الزواج العرفي لئللغاء إذا طعف فيو باالستئناؼ‪ ،‬فنكوف أماـ إثبات‬
‫ثـ ال يمكف الجمع بيف دعوى إثبات الزواج العرفي ودعوى‬
‫طبلؽ دوف وجود زواج‪ ،‬ومف ّ‬
‫إثبات الطبلؽ العرفي الختبلؼ طبيعة الحكـ الصادر بشأنيما‪.1‬‬
‫ثالثا‪ -‬وسائل إثبات الطالق العرفي‬
‫يحؽ لكؿ مف الزوجة أو الزوج أو ورثتيما المجوء إلى القضاء مف أجؿ رفع‬‫ّ‬
‫المدعي تقديـ وسيمة مف وسائؿ اإلثبات‬
‫دعوى إلثبات الطبلؽ الذي تمفّظ بو الزوج‪ ،‬وعمى ّ‬
‫المقررة لذلؾ‪ ،‬كاإلقرار أو شيادة الشيود أو اليميف‪ ،‬حتى تُقبؿ دعواه‪ ،‬مما يستدعي‬
‫التطرؽ إلى وسائؿ اإلثبات المقررة في ىذا الشأف‪ ،‬وموقؼ الفقو والقانوف والقضاء مف ىذه‬
‫الوسائؿ‪.‬‬
‫عرفو الشيخ وىبة الزحيمي بأنو إخبار بثبوت حؽ لمغير عمى نفس‬
‫‪ -1‬اإلقرار‪ّ :‬‬
‫المقر ولو في المستقبؿ بالمفظ وما في حكمو‪ ،2‬واإلقرار حجة قاصرة عمى نفس المقر‬
‫أقر الزوج بذلؾ ثبت الطبلؽ‬
‫ادعت الزوجة أف زوجيا طمّقيا و ّ‬
‫وال تتعدى إلى الغير‪ ،‬فإذا ّ‬
‫نص المشرع عمى اإلقرار في المادة ‪ 341‬مف القانوف المدني وعرفو‬‫ولزمو اإلقرار‪ .‬وقد ّ‬
‫بأنو‪ " :‬اعتراؼ الخصـ أماـ القضاء بواقعة قانونية مدعى بيا عميو ذلؾ أثناء السير في‬
‫حجة قاطعة عمى المقر في الفقرة‬
‫الدعوى المتعمقة بيا الواقعة"‪ .‬كما اعتبر المشرع اإلقرار ّ‬
‫األولى مف المادة ‪ 342‬مف القانوف المدني‪ ،‬ويشترط المشرع في اعتبار اإلقرار كدليؿ‬
‫أف المشرع يأخذ باإلقرار القضائي‬
‫قاطع ُيغني عف بقية األدلة أف يصدر أماـ القضاء‪ ،‬أي ّ‬
‫ولـ يتطرؽ لئلقرار غير القضائي‪.‬‬
‫‪ -2‬البينة‪ :‬ويقصد بالبينة شيادة رجميف‪ ،‬أو رج ٌؿ وامر ِ‬
‫أتاف‪ ،‬بحيث يثبت الطبلؽ‬
‫متعدية ال تقتصر عمى المدعى عميو‬
‫البينة عمى خبلؼ اإلقرار حجة ّ‬
‫بشيادة مف ُذكر‪ ،‬و ّ‬
‫بؿ تشمؿ الكافة‪.‬‬
‫‪ -3‬اليمين‪ :‬يعتبر أداء اليميف مف الوسائؿ التي ُيمكف اعتمادىا إلثبات الطبلؽ‪،‬‬
‫إشياد اهلل تعالى عمى صدؽ ما يقولو الحالؼ‪ ،‬وغالبا ما ُيمتجأ إليو‬
‫ُ‬ ‫بأنو‬
‫عرؼ اليميف ّ‬
‫وي ّ‬
‫ُ‬

‫معامير حسيبة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.142‬‬ ‫‪1‬‬

‫وىبة الزحيمي‪ ،‬الفقو اإلسبلمي وأدلتو‪ ،‬ج ‪ ،2‬األحواؿ الشخصية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشؽ سوريا‪ ،1992 ،‬ص ‪.460‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪239‬‬
‫لتكممة ما يعتري األدلة المقدمة إلى القضاء مف َن ٍ‬
‫قص‪ ،‬بحيث يمكف أف يوجو أحد‬
‫الخصميف إلى خصمو يمينا حاسمة‪ ،‬أو يوجو القاضي يمينا متممة ألحد الخصميف‪ ،‬فإذا‬
‫رفعت الزوجة دعوى مف أجؿ إثبات الطبلؽ العرفي الواقع بينيا وبيف زوجيا‪ ،‬وأنكر‬
‫أداىا حكـ‬
‫زوجيا ذلؾ‪ ،‬ولـ يكف ليا ّبينة‪ ،‬يمكنيا أف توجو يمينا حاسمة إلى الزوج‪ ،‬فإف ّ‬
‫القاضي برفض الدعوى‪ ،‬واف نكؿ الزوج عف أداء اليميف اعتبر نكولو إق ار ار منو بصحة‬
‫ادعاءات الزوجة‪ ،‬وحكـ القاضي بإثبات الطبلؽ العرفي‪.‬‬
‫يخص قانوف األسرة أو قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية مسألة إثبات‬
‫ّ‬ ‫ولـ‬
‫أف المسألة تخضع لمقواعد العامة في‬ ‫بأية خصوصية‪ ،‬مما ُيفيـ معو ّ‬‫الطبلؽ العرفي ّ‬
‫أف قضاتيا اعتمدوا في غير ما‬‫اإلثبات‪ ،‬وأما بالرجوع إلى ق اررات المحكمة العميا‪ ،‬نجد ّ‬
‫أف القضاة ال يكتفوف بإقرار‬
‫مناسبة عمى شيادة الشيود في إثبات الطبلؽ العرفي‪ ،‬كما ّ‬
‫الزوج وتصديؽ الزوجة لو‪ ،‬بؿ يقوموف بإجراء تحقيؽ بسماع الشيود الذيف شيدوا واقعة‬
‫الطبلؽ العرفي‪ ،‬ومف أمثمة ذلؾ ما يمي‪:‬‬
‫قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ 1984/12/03‬الذي جاء فيو‪ ... " :‬ولما‬
‫تخوؿ إثبات تصريح الزوج بالطبلؽ بواسطة سماع شيود‬
‫كانت الشريعة اإلسبلمية ّ‬
‫فإنو يجب عمى‬
‫حضروا وسمعوا بذلؾ مف نفس الزوج‪ ،‬أو بواسطة شيادة مستفيضة‪ّ ،‬‬
‫القضاة أف يجروا تحقيقا لسماع الشيود الذي عمموا بالطبلؽ‪ ،‬وليس ليـ بعد ذلؾ إال أف‬
‫بأف الطبلؽ‬
‫فإف القرار الذي قضى ّ‬ ‫صحة طبلؽ أثبت أماميـ‪ ،‬وكذلؾ ّ‬ ‫ّ‬ ‫يوافقوا عمى‬
‫ال يثبت إال بتصريح الزوج أماـ القاضي يعد مخالفا لمشريعة اإلسبلمية‪ ،1"...‬كما ورد في‬
‫قرار المجمس األعمى الصادر بتاريخ ‪ 1985/11/04‬ما يمي‪ " :‬يستوجب نقض القرار‬
‫الذي اعتمد في إثبات وقوع الطبلؽ بإ اردة الزوج عمى شيادة شيود لـ تحدد تاريخ ومكاف‬
‫صحتو‪،‬‬
‫ىذا الطبلؽ‪ ،‬ولـ تذكر أسماء األشخاص الذيف حضروا بمجمس الطبلؽ لتأكيد ّ‬
‫أف ىذه الشيادة يكتنفيا الغموض والنقص في محتواىا"‪ ،2‬كما ورد في المبدأ الذي‬
‫ذلؾ ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 35026‬مؤرخ في ‪ ،1984/12/03‬المجمة القضائية‪،1989 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد ‪ ،4‬ص ‪.86‬‬


‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 38105‬مؤرخ في ‪ ،1985/11/04‬المجمة القضائية‪،1989 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫العدد ‪ ،01‬ص ‪.98‬‬


‫‪240‬‬
‫يتقدـ قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ 2005/02/23‬ما يمي‪ " :‬يجوز في مسألة‬
‫إثبات أو عدـ إثبات واقعتي الزواج العرفي والطبلؽ‪ ،‬سماع الشيود ألوؿ مرة عمى مستوى‬
‫‪1‬‬
‫يتـ بشيادة‬
‫أف إثبات الطبلؽ ّ‬
‫أف موقؼ القضاء يتّجو إلى ّ‬ ‫االستئناؼ" ‪ ،‬وىو دليؿ عمى ّ‬
‫لصحة الشيادة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشيود إذا توافرت في شيادتيـ الشروط القانونية‬
‫رابعا‪ -‬إجراءات إثبات الطالق العرفي‬
‫ال تحوؿ اإلجراءات السابقة عمى صدور الحكـ المثبت لمطبلؽ دوف وقوعو إذا‬
‫صرح الزوج بالطبلؽ‪ ،‬واّنما تيدؼ ىذه اإلجراءات المتّبعة إلى الوصوؿ إلثبات الطبلؽ‬
‫ما ّ‬
‫بموجب حكـ قضائي فقط‪ ،‬وحتى لو نجحت محاوالت الصمح في حمؿ الزوج عمى مراجعة‬
‫صرح بو الزوج‬
‫فإف الطبلؽ الذي ّ‬
‫عدة دوف عقد‪ ،‬أو بعدىا بعقد جديد‪ّ ،‬‬
‫زوجتو خبلؿ ال ّ‬
‫أف اشتراط المشرع‬
‫يجب أف يثبتو القاضي في الحكـ الفاصؿ في الدعوى‪ ،‬ونشير إلى ّ‬
‫إثبات الطبلؽ العرفي بحكـ قضائي‪ ،‬وما يصحب ذلؾ مف ضرورة اتّباع اإلجراءات‬
‫القانونية المقررة في رفع الدعاوى واستصدار األحكاـ‪ ،‬أو وجوبية إجراء الصمح‪ ،‬ال يشكؿ‬
‫قيدا عمى إرادة الزوج في الطبلؽ‪ ،‬أو نزع حؽ مقرر لو شرعا وقانونا‪ ،‬واّنما ىي إجراءات‬
‫قانونية تنظيمية أقرىا المشرع مف أجؿ إضفاء الصبغة الرسمية عمى الطبلؽ الواقع بإرادة‬
‫الزوج‪.‬‬
‫حيث تخضع الدعاوى الرامية إلثبات الطبلؽ العرفي لمقواعد واإلجراءات العامة‬
‫ثـ‬
‫المتّبعة في رفع الدعاوى القضائية‪ ،‬مف حيث تحرير العريضة االفتتاحية وتسجيميا‪ّ ،‬‬
‫ثـ السير في الدعوى والفصؿ فييا‪.‬‬
‫تبميغيا إلى المدعى عميو والنيابة العامة‪ّ ،‬‬
‫فإف‬
‫وبالرجوع إلى التطبيقات القضائية المتعمقة بدعاوى إثبات الطبلؽ العرفي‪ّ ،‬‬
‫مثؿ ىذه القضايا يقوـ فييا القاضي بإجراء تحقيؽ بسماع الشيود حوؿ واقعة الطبلؽ‬
‫العرفي‪ ،‬فإف شيد الشيود بتصريح الزوج بالطبلؽ وأ ّكدوا ذلؾ‪ ،‬أصدر القاضي حكما‬
‫بإثبات الطبلؽ العرفي‪ ،‬أما إف كانت الدعوى ترمي إلى تثبيت الطبلؽ باإلرادة المنفردة‬
‫يحدد تاريخ لعقد جمسة الصمح بيف‬
‫فإف القاضي ّ‬
‫لمزوج تطبيقا لنص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫أف إجراء الصمح مرتبط بتاريخ تصريح الزوج‬
‫الزوجيف‪ ،‬غير ّأنو يجب التأكيد عمى ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ 315403‬مؤرخ في ‪ ،2005/02/23‬مجمة المحكمة العميا‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2005‬عدد ‪ ،01‬ص ‪.275‬‬


‫‪241‬‬
‫فإف ميمة الصمح التي يقوـ بيا‬
‫العدة ّ‬
‫العدة مف عدمو‪ ،‬فإذا انتيت ّ‬
‫بالطبلؽ‪ ،‬وبانتياء ّ‬
‫حث الزوج عمى ّلـ شمؿ األسرة مف جديد‪ ،‬وذلؾ بإرجاع مطمقتو‬
‫القاضي ىي مف أجؿ ّ‬
‫ألف المطمقة بانت مف ُمطمقيا‪.‬‬
‫بعقد جديد‪ّ ،‬‬
‫كما يقوـ قاضي شؤوف األسرة قبؿ الفصؿ في الموضوع باالطبلع عمى طمبات‬
‫النيابة العامة‪ ،‬بصفتيا طرفا أصميا في الدعوى‪.‬‬
‫يقوـ قاضي شؤوف األسرة عند الفصؿ في دعاوى إثبات الطبلؽ العرفي بإجراء‬
‫ألف‬
‫تحقيؽ مف أجؿ التأ ّكد مف واقعة الطبلؽ العرفي‪ ،‬ولو لـ يطمب ذلؾ الخصوـ‪ّ ،‬‬
‫ويتـ المجوء‬
‫لمقاضي السمطة في األمر بأي إجراء مف شأنو تأكيد وقوع الطبلؽ مف عدمو‪ّ ،‬‬
‫إلى إجراء التحقيؽ بإحدى الطريقتيف‪:‬‬
‫ويبيف مف‬
‫الطريقة األولى‪ :‬إما بإصدار القاضي حكـ يأمر فيو بإجراء التحقيؽ‪ّ ،‬‬
‫خبللو الوقائع المراد سماع الشيود فييا‪ ،‬وتاريخ ومكاف إجراء التحقيؽ‪.‬‬
‫يحدد شفاىة تاريخ معينا لمخصوـ مف‬‫الطريقة الثانية‪ :‬وا ّما أثناء سير الجمسات ّ‬
‫أجؿ إحضار الشيود وسماعيـ‪ ،‬وتُتَّبع في ذلؾ القواعد العامة المتّبعة في إجراءات سماع‬
‫الشيود‪ ،‬ويجوز سماع شيادة األقارب مف أجؿ إثبات الطبلؽ العرفي‪.‬‬
‫ويمكف التمييز بيف ثبلثة أحواؿ في دعاوى إثبات الطبلؽ العرفي‪:‬‬
‫حالة اتفاق الزوجين عمى وقوع الطالق‪ :‬ال ُيطرح أي إشكاؿ في ىذه الحالة‬
‫أف الزوجيف متّفقيف عمى وقوع الطبلؽ‪ ،‬ويكتفي القاضي بسماع الشيود فقط‬‫باعتبار ّ‬
‫لتأكيد واقعة الطبلؽ العرفي‪ ،‬وتاريخو ومكاف وقوعو‪ ،‬حتى يصدر حكمو بإثباتو‪.‬‬
‫يدعى أحد الزوجيف وقوع‬‫حالة اختالف الزوجين حول وقوع الطالق‪ :‬حيف ّ‬
‫يتحرى القاضي واقعة الطبلؽ بدقّة عند سماعو لمشيود‬
‫ّ‬ ‫وينكر الزوج اآلخر‪،‬‬
‫الطبلؽ ُ‬
‫لتعمّقيا بحؽ العصمة الذي بيد الزوج‪ ،‬حتى ال ينفي القاضي طبلقا أوقعو الزوج‪ُ ،‬فيمزـ‬
‫الزوجة بالرجوع إلى عصمة مطمقيا‪ ،‬وخاصة إذا بانت منو‪ ،‬أو ُيثبت طبلقا لـ يوقعو‬
‫ويخرجيا مف عصمة زوجيا دوف حؽ‪ ،‬فمسألة اإلثبات مف‬ ‫الزوج‪ ،‬فيحرمو مف زوجتو‪ُ ،‬‬
‫األىمية بمكاف‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫حالة وفاة أحد الزوجين أو كالىما‪ :‬قد يقع الطبلؽ العرفي بيف الزوجيف‪،‬‬
‫فيحؽ لمزوج الذي بقي‬
‫ّ‬ ‫ويتراخياف في إثباتو بحكـ قضائي حتى يتوفى أحدىما أو كبلىما‪،‬‬
‫عمى قيد الحياة أف يرفع دعوى ضد ورثة الزوج المتوفى‪ ،‬أو العكس‪ ،‬فيرفع ورثة الزوج‬
‫يحؽ لورثة‬
‫ّ‬ ‫المتوفي دعوى ضد الزوج الباقي عمى قيد الحياة‪ ،‬واذا توفى كبل الزوجيف‪،‬‬
‫أحدىما رفع دعوى إثبات الطبلؽ العرفي ضد ورثة الطرؼ الثاني‪ ،‬وتكتسي ىذه الدعوى‬
‫ألف إثبات الطبلؽ العرفي قد‬
‫أىمية كبيرة لتعمّقيا في غالب األحياف بمسألة الميراث‪ّ ،‬‬
‫التحري جيدا حوؿ واقعة‬
‫ّ‬ ‫يؤدي إلى حرماف الطرؼ الحي مف الميراث‪ ،‬فعمى القاضي‬
‫الطبلؽ ىؿ ثبتت أـ ال؟ حتى ال ُيحرـ أي طرؼ مف حقّو في الميراث‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تسجيل الحكم المثبت لمطالق العرفي‬
‫نصت الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ عمى وجوب تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ‬
‫في سجبلت الحالة المدنية بسعي مف النيابة العامة‪ ،‬وىو نص ميـ جدا يحمؿ في طياتو‬
‫عدة معاني أىميا‪:‬‬
‫ّ‬
‫أف أحكاـ الطبلؽ بمجرد ا لنطؽ بيا مف القاضي تعتبر أحكاما نيائية ال تقبؿ‬
‫‪ّ -‬‬
‫الطعف فييا بطرؽ الطعف العادية كالمعارضة واالستئناؼ‪ ،‬ويستمزـ ذلؾ تنفيذىا بمجرد‬
‫صدورىا‪ ،‬ومف أىـ معاني تنفيذ أحكاـ الطبلؽ تسجيميا في سجبلت الحالة المدنية‪.‬‬
‫‪ -‬إسناد ميمة تنفيذ أحكاـ الطبلؽ المتعمقة بتسجيميا في سجبلت الحالة المدنية‬
‫إلى ىيئة النيابة العامة‪ ،‬لما ُيعرؼ عنيا مف التزاميا وسعييا الجاد وحرصيا الحثيث في‬
‫تطبيؽ القانوف وحماية المجتمع والنظاـ العاـ‪ ،‬حيث كاف واجب تسجيؿ حكـ الطبلؽ في‬
‫سجبلت الحالة المدنية سابقا يقع عمى عاتؽ الزوج والزوجة‪ ،‬وبسعي مف رئيس أمناء‬
‫الضبط لدى المحكمة التي صدر عنيا حكـ الطبلؽ‪ ،‬بناء عمى طمب المحكوـ لو‪ ،‬وقد‬
‫وسبب مشاكؿ عديدة لؤلشخاص‪.‬‬
‫عرؼ تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ تأخ ار كبي ار بسبب ذلؾ‪ّ ،‬‬
‫ىذا ما دفع المشرع إلى إسناد ميمة تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ إلى جية قضائية‬
‫وجديتيا في التنفيذ‪ ،‬حيث يقوـ السيد وكيؿ الجميورية لدى المحكمة‬
‫معروفة بصرامتيا ّ‬
‫التي صدر عنيا حكـ الطبلؽ بإجراءات تسجيؿ الحكـ في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وذلؾ‬
‫تـ إبراـ وتسجيؿ عقد الزواج فييا‪،‬‬
‫عف طريؽ توجيو طمب إلى ضابط الحالة المدنية التي ّ‬

‫‪243‬‬
‫مف أجؿ قيد حكـ الطبلؽ في سجؿ عقود الزواج‪ ،‬حيث يوجو إليو الطمب مرفقا بنسخة‬
‫مف حكـ الطبلؽ‪.‬‬
‫أف ما قاؿ بو األستاذ عبد العزيز سعد مف أف حكـ الطبلؽ ما داـ ال يقبؿ‬
‫وأعتقد ّ‬
‫فإف ممثؿ النيابة العامة ال يجوز لو أف يطمب‬
‫الطعف باالستئناؼ ويقبؿ الطعف بالنقض‪ّ ،‬‬
‫مف ضابط الحالة المدنية تسجيؿ حكـ الطبلؽ عمى ىامش عقد الزواج وعقد الميبلد لكؿ‬
‫وا حد مف الزوجيف المطمقيف‪ ،‬إال بعد أف تفصؿ المحكمة العميا في الطعف بالنقض‪ ،‬وبعد‬
‫‪1‬‬
‫بأنو قوؿ يخالؼ مقتضى نص الفقرة األخيرة مف‬
‫أف يصبح حكـ الطبلؽ نيائيا ‪ ،‬أعتقد ّ‬
‫ألف المشرع أوجب عمى النيابة العامة السعي في تسجيؿ أحكاـ‬
‫المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫يصح فعمو إال إذا اعتبرنا أف أحكاـ الطبلؽ‬ ‫ّ‬ ‫الطبلؽ في الحالة المدنية‪ ،‬وىو أمر ال‬
‫يصح إال إذا كاف الحكـ نيائيا‪ ،‬وبالتالي فممثؿ‬
‫ّ‬ ‫نيائية‪ ،‬ألنو يحمؿ معنى التنفيذ‪ ،‬والذي ال‬
‫النيابة العامة بمجرد صدور حكـ الطبلؽ يجب عميو السعي لتسجيؿ ىذا الحكـ في‬
‫سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وتسجيمو عمى ىامش عقد الزواج وعقد ميبلد كؿ واحد مف‬
‫تقيد آجاؿ الطعف بالنقض وال ممارستو مباشرة إجراءات التنفيذ‪،‬‬
‫الزوجيف المطمقيف‪ ،‬وال ّ‬
‫ألف حكـ الطبلؽ يصدر في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬والقوؿ بغير ذلؾ يؤدي إلى نتائج غير‬ ‫ّ‬
‫منطقية‪ ،‬ومخالفة لنص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫أف ما حمؿ األستاذ عبد العزيز سعد عمى ذلؾ الرأي‪ ،‬ىو نص المادة‬
‫وأعتقد ّ‬
‫‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي تنص عمى أف الطعف بالنقض ال يوقؼ التنفيذ إال في المواد‬
‫المتعمقة بحالة األشخاص وأىميتيـ وفي دعوى التزوير‪ ،‬حيث اعتبر المركز القانوني‬
‫أف سرياف األثر الموقؼ لمطعف‬
‫لمشخص تجاه الزواج يدخؿ ضمف حالة األشخاص‪ ،‬و ّ‬
‫ب النقض يكوف ابتداء مف تاريخ النطؽ بالحكـ أو القرار‪ ،‬وينتيي بانتياء آجاؿ الطعف‬
‫بالنقض إذا لـ تتـ ممارستو‪ ،‬أو بصدور قرار مف المحكمة العميا برفض الطعف‪ ،2‬غير‬
‫نص الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ يعتبر قيداً عمى نص المادة‬
‫أف ّ‬
‫أنني أعتقد ّ‬
‫‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ألنو أوجب تنفيذ حكـ الطبلؽ بمجرد صدوره‪ ،‬وبسعي مف النيابة‬
‫العامة‪ ،‬وبالتالي فيو استثناء عمى ما تضمنتو المادة ‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانوف األسرة الجزائري في ثوبو الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.121‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد السبلـ ذيب‪ ،‬الطعف بالنقض في المواد المدنية قانونا وقضاء‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2015 ،‬ص ‪.216‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪244‬‬
‫يتـ أماـ ضابط الحالة المدنية الذي يقوـ بتسجيمو في‬
‫إف إبراـ عقد الزواج ّ‬
‫سجمت‬
‫سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬كما أف انحبلؿ عقد الزواج يجب تسجيمو مف الجية التي ّ‬
‫عقد الزواج‪ ،‬حيث كاف تنفيذ أحكاـ الطبلؽ في شقّيا المتعمؽ بإجراءات تسجيؿ حكـ‬
‫الطبلؽ في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬والتأشير بو عمى ىامش شيادة ميبلد كؿ واحد مف‬
‫المطَمَّقَة‪ ،‬حيث بعد صدور حكـ‬ ‫الزوجيف‪ ،‬كاف يتـ بسعي مف أحد الطرفيف‪ ،‬الم َّْ‬
‫طم ْؽ أو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الطبلؽ يت ّـ تبميغو مف أحد الطرفيف لآلخر‪ ،‬وبعد استنفاذ آجاؿ الطعف بالنقض‪ ،‬يتقدـ‬
‫قدـ ألميف الضبط محضر‬‫وي ّ‬
‫صاحب المصمحة أماـ المحكمة التي أصدرت حكـ الطبلؽ‪ُ ،‬‬
‫يتـ إرساؿ إخبار بالطبلؽ إلى ضابط الحالة‬
‫التبميغ وشيادة عدـ الطعف بالنقض‪ ،‬حيث ّ‬
‫تـ تسجيؿ عقد الزواج بسجبلتيا‪ ،‬مف أجؿ تسجيؿ الطبلؽ بسجؿ‬ ‫المدنية بالبمدية التي ّ‬
‫سجؿ عقود الميبلد لممطمّؽ والمطمّقة‪ ،‬إف كاف ميبلدىما يقع ضمف‬
‫عقود الزواج‪ ،‬وكذا ّ‬
‫تـ إبراـ عقد‬
‫االختصاص اإلقميمي ليذه البمدية‪ ،‬واف ُولدا في بمدية أخرى غير البمدية التي ّ‬
‫فإف ضابط الحالة المدنية ُيرسؿ إشعا ار بالطبلؽ إلى بمدية ميبلد المطمقيف‬ ‫الزواج فييا‪ّ ،‬‬
‫مف أجؿ تسجيمو في سجؿ عقود الميبلد‪.1‬‬
‫يخص إجراءات تسجيؿ الطبلؽ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والواقع العممي أفرز اختبلفا بيف المحاكـ فيما‬
‫فبعض المحاكـ تشترط تبميغ حكـ الطبلؽ واستنفاذ آجاؿ الطعف بالنقض‪ ،‬مف أجؿ إرساؿ‬
‫إخبار بالطبلؽ إلى ضابط الحالة المدنية لتسجيؿ الطبلؽ في سجؿ عقود الزواج‪ ،‬بينما‬
‫تميز بيف أحكاـ الطبلؽ بالتراضي وأحكاـ الطبلؽ األخرى‪ ،‬حيث ترسؿ‬
‫نجد محاكـ أخرى ّ‬
‫اإلخبار بالطبلؽ بمجرد صدور حكـ الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬بينما تشترط استنفاذ آجاؿ الطعف‬
‫أما العمؿ في بعض المحاكـ األخرى ‪ -‬فيما‬
‫بالنقض بالنسبة ألحكاـ الطبلؽ األخرى‪ ،‬و ّ‬
‫موحد في جميع صور الطبلؽ‪ ،‬إذ بمجرد صدور‬
‫ٌ‬ ‫يخص إجراءات تسجيؿ الطبلؽ‪ -‬نجده‬
‫حكـ الطبلؽ تُرسؿ المحكمة إخبا ار بالطبلؽ إلى ضابط الحالة المدنية المختص‪،‬‬
‫وال تنتظر فوات آجاؿ الطعف بالنقض‪.2‬‬
‫أف الرأي الصحيح في ذلؾ‪ ،‬ىو ما تقوـ بو المحاكـ التي تعمؿ عمى‬‫وأعتقد ّ‬
‫تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ بمجرد صدورىا‪ ،‬وال تنتظر ال تبميغ الحكـ‪ ،‬وال انقضاء آجاؿ‬

‫تقية عبد الفتّاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.170‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.170‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪245‬‬
‫ألف الفقرة الثالثة مف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ أوجبت تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ‬
‫الطعف بالنقض‪ّ ،‬‬
‫في الحالة المدنية بسعي مف النيابة العامة‪ ،‬دوف اشتراط انقضاء آجاؿ الطعف بالنقض‪،‬‬
‫أف الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة والتطميؽ والخمع ال يوقؼ‬
‫كما ّ‬
‫أف الطعف بالنقض في أحكاـ‬‫التنفيذ‪ ،‬وىو ما يؤكده نص المادة ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬كما ّ‬
‫الطبلؽ بالتراضي ال يوقؼ التنفيذ طبقا لنص المادة ‪ 435‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬لذا كاف مف‬
‫الضروري توحيد العمؿ بيف المحاكـ في ىذا الشأف‪ ،‬حتى ال تتعطؿ مصالح الناس‪،‬‬
‫وتتكدس أحكاـ الطبلؽ غير المسجمة في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬وما يمحؽ الناس مف‬
‫ّ‬
‫جراء التأخير في تسجيميا‪ ،‬ألف أحكاـ الطبلؽ تصدر نيائية في أوؿ وآخر درجة‪،‬‬
‫ضرر ّ‬
‫ولـ يكف لممشرع أف يأمر النيابة العامة بالسعي في تسجيميا لو لـ تكف كذلؾ‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬إجراءات الطعن والتنفيذ في أحكام شؤون األسرة‬

‫تخضع قضايا شؤوف األسرة فيما يخص إجراءات الطعف أو التنفيذ إلى القواعد‬
‫العامة التي تخضع ليا األحكاـ والق اررات الصادرة عف مختمؼ األقساـ التي تتشكؿ منيا‬
‫المحكمة‪ ،‬م ف حيث المبادئ العامة التي تحكـ نظاـ الطعوف‪ ،‬أو مف حيث تنفيذ األحكاـ‬
‫ؾ الرابطة‬
‫ميز األحكاـ المتعمقة بف ّ‬
‫أف المشرع ّ‬
‫الحائزة قوة الشيء المقضي فيو‪ ،‬غير ّ‬
‫ميز‬
‫الزوجية بأحكاـ خاصة مف حيث إجراءات الطعف فييا‪ ،‬واجراءات تنفيذىا‪ ،‬كما ّ‬
‫إجراءات التنفيذ في قضايا األسرة المتعمقة بالزواج والطبلؽ واآلثار المترتبة عمييما ببعض‬
‫ثـ‬
‫الخصوصية‪ ،‬لذا يتـ تناوؿ قواعد الطعف في أحكاـ شؤوف األسرة في الفصؿ األوؿ‪ّ ،‬‬
‫إجراءات تنفيذ أحكاـ شؤوف األسرة المتعمقة بالزواج والطبلؽ في الفصؿ الثاني‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬قواعد الطعن في أحكام شؤون األسرة‬

‫تكوف األحكاـ والق اررات الصادرة عف القضاء عرضة لمتطبيؽ غير السميـ‬
‫إما‬
‫يتـ مراجعتيا ّ‬
‫لمقانوف‪ ،‬لذا منح المشرع فرصة لممتقاضيف مف أجؿ الطعف فييا‪ ،‬حتى ّ‬
‫أماـ نفس الجية التي أصدرتيا‪ ،‬أو أماـ الجية القضائية التي تعموىا‪ ،‬فطرؽ الطعف ىي‬
‫وسيمة تمنح الخصوـ والغير فرصة عرض الحكـ إلعادة النظر فيو‪ ،‬تسمح بالطعف في‬
‫صحة ما قضى‬‫صحتو مف حيث الشكؿ أو اإلجراءات المتّبعة في إصداره‪ ،‬أو مف حيث ّ‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫أف المشرع منع الطعف في بعض الحاالت استثناء عمى‬‫بو مف حيث الموضوع ‪ ،‬غير ّ‬
‫القاعدة العامة‪ ،‬تفاديا إلطالة الخصومة أو مراعاة لموضوع الدعوى‪.‬‬
‫وأشير تصنيؼ لطرؽ الطعف‪ ،‬تقسيميا إلى طرؽ طعف عادية وغير عادية‪،‬‬
‫الطرؽ العادية تشمؿ المعارضة واالستئناؼ‪ ،‬وىي متاحة لممتقاضيف في عموـ القضايا‬
‫المعروضة عمى القضاء‪ ،‬تمارس وفؽ شروط محددة‪ ،‬وتوقؼ التنفيذ كأصؿ عاـ‪ ،‬والطرؽ‬
‫غير العادية تشمؿ الطعف بالنقض‪ ،‬اعتراض الغير الخارج عف الخصومة‪ ،‬والتماس إعادة‬
‫النظر‪ ،‬وال تُمارس إال في حاالت معينة حددىا المشرع‪ ،‬وال توقؼ التنفيذ إال في حاالت‬
‫معينة نص عمييا القانوف‪.‬‬

‫عبد السبلـ ذيب‪ ،‬قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.247‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪247‬‬
‫ويطرح التساؤؿ حوؿ مدى فعالية طرؽ الطعف في تصحيح األخطاء التي تقع في‬
‫األحكاـ والق اررات الصادرة في شؤوف األسرة؟ وىؿ تيدؼ ىذه الطرؽ إلى تجنب الوقوع في‬
‫األخطاء؟ أـ ىي مجرد وسيمة إلطالة أمد التقاضي وعرقمة تنفيذ األحكاـ القضائية‪،‬‬
‫ووضع حد لمخصومة بيف المتقاضيف؟ وىؿ يصمح تطبيؽ القواعد اإلجرائية العامة‬
‫المتعمقة بالطعف عمى جميع األحكاـ الصادرة في شؤوف األسرة؟‬
‫لئف كانت األحكاـ الصادرة عف قسـ شؤوف األسرة عمى مستوى المحكمة‪،‬‬
‫والق اررات الصادرة عف غرفة شؤوف األسرة عمى مستوى المجمس‪ ،‬تخضع في عموميا‬
‫تميزت‬
‫ؾ الرابطة الزوجية ّ‬
‫فإف أحكاـ ف ّ‬
‫لمقواعد العامة لمطعف في األحكاـ والق اررات‪ّ ،‬‬
‫تميز أحكاـ‬
‫وانفردت عف باقي األحكاـ الصادرة في شؤوف األسرة‪ ،‬نظ ار لمخصوصية التي ّ‬
‫الطبلؽ مف حيث موضوعيا‪ ،‬وضرورة مراعاة األحكاـ الشرعية المتعمقة بيا‪ ،‬سيما أحكاـ‬
‫أف تطبيؽ القواعد اإلجرائية المقررة في القواعد العامة عمى أحكاـ‬
‫العدة والرجعة‪ ،‬إذ ّ‬
‫ّ‬
‫الطبلؽ‪ ،‬دوف مراعاة لخصوصية أحكامو يؤدي إلى مخالفات شرعية وقانونية‪.‬‬
‫يتـ تناوؿ القواعد العامة لمطعوف بصفة مختصرة‪ ،‬باعتبار أف‬
‫مف أجؿ ذلؾ ّ‬
‫يتـ‬
‫األحكاـ القضائية الصادرة عف أقساـ شؤوف األسرة تخضع في عموميا ليذه القواعد‪ ،‬و ّ‬
‫لتميزىا‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بدراسة تفصيمية مف حيث أحكاـ الطعف فييا‪ّ ،‬‬
‫التعرض أحكاـ ف ّ‬
‫واستثناءىا مف تطبيؽ العديد مف أحكاـ طرؽ الطعف‪ ،‬مراعاة لخصوصيتيا‪.‬‬
‫يتـ تقسيـ الفصؿ‬
‫صنؼ إلى طرؽ عادية وغير عادية‪ّ ،‬‬
‫وما دامت طرؽ الطعف تُ ّ‬
‫األوؿ إلى مبحثيف اثنيف‪ ،‬يختص المبحث األوؿ بطرؽ الطعف العادية في األحكاـ‬
‫يتـ التعرض في المبحث الثاني لمطعف بالنقض في األحكاـ‬
‫الصادرة في شؤوف األسرة‪ ،‬و ّ‬
‫الصادرة في شؤوف األ سرة‪ ،‬باعتباره أىـ الطرؽ غير العادية لمطعف‪ ،‬وأوسعيا ممارسة‬
‫وانتشارا‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫المبحث األول‪ :‬طرق الطعن العادية في أحكام شؤون األسرة‬

‫تشمؿ طرؽ الطعف العادية ‪-‬كما سبؽ بيانو‪ -‬المعارضة واالستئناؼ‪ ،‬ولكؿ منيما‬
‫أحكامو وخصائصو‪ ،‬التي تخضع ليا جميع القضايا المدنية‪ ،‬ومنيا قضايا شؤوف األسرة‪،‬‬
‫ؾ الرابطة‬
‫أف أحكاـ ف ّ‬
‫يقرىا المشرع أحيانا‪ ،‬غير ّ‬
‫مع مراعاة بعض االستثناءات التي ّ‬
‫خاصة مف حيث قابمية الطعف فييا بأحد طرؽ الطعف‬
‫ّ‬ ‫تميزت عف غيرىا بأحكاـ‬
‫الزوجية ّ‬
‫يتـ التطرؽ في المطمب األوؿ لمطعف بالمعارضة في أحكاـ شؤوف األسرة‪،‬‬ ‫العادية‪ ،‬لذا ّ‬
‫عنى المطمب الثاني بالطعف باالستئناؼ في أحكاـ شؤوف األسرة‪.‬‬
‫وُي َ‬
‫المطمب األول‪ :‬الطعن بالمعارضة في أحكام شؤون األسرة‬

‫تخضع األحكاـ والق اررات الغيابية الصادرة في شؤوف األسرة لمقواعد العامة لمطعف‬
‫أف‬
‫بالمعارضة في األحكاـ والق اررات الغيابية الصادرة عف باقي األقساـ والغرؼ‪ ،‬غير ّ‬
‫أحكاـ الطبلؽ الغيابية تنفرد عف غيرىا لطبيعتيا الخاصة‪ ،‬لذا يتـ بياف أحكاـ الطعف‬
‫ؾ‬
‫عنى الفرع الثاني بقابمية األحكاـ الغيابية الصادرة بف ّ‬
‫وي َ‬
‫بالمعارضة في الفرع األوؿ‪ُ ،‬‬
‫الرابطة الزوجية لمطعف فييا بالمعارضة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المبادئ العامة لمطعن بالمعارضة في أحكام شؤون األسرة‬

‫نظّـ المشرع أحكاـ الطعف بالمعارضة مف حيث إجراءاتيا وشروطيا‪ ،‬واآلثار المترتبة‬
‫عمييا‪ ،‬حيث تخضع األحكاـ القضائية الصادرة عف قسـ شؤوف األسرة ‪-‬في عموميا‪-‬‬
‫سيتـ بيانيا فيما يمي‪:‬‬
‫ليذه القواعد العامة التي ّ‬
‫أوال‪ -‬مفيوم الطعن بالمعارضة‬
‫أقره المشرع لمطعف في األحكاـ الغيابية‪،‬‬
‫يعتبر الطعف بالمعارضة طريقا عاديا ّ‬
‫يتـ التطرؽ فيما يمي لبياف ماىية ىذا الطريؽ مف طرؽ الطعف مف خبلؿ التطرؽ إلى‬
‫و ّ‬
‫مفيومو‪ ،‬خصائصو وشروطو‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫‪ -1‬تعريف الطعن بالمعارضة‬
‫تناوؿ المشرع الطعف بالمعارضة في األحكاـ المدنية في المواد مف ‪ 327‬إلى‬
‫‪ 331‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ دوف أف يعطي تعريفا ليا‪ ،‬وبالرجوع إلى تعريفات الفقياء‪ ،‬نجد تعريؼ‬
‫األستاذ عبد العزيز سعد بأنيا‪ " :‬إجراء ييدؼ إلى إعادة النظر في حكـ غيابي مف حيث‬
‫الوقائع والقانوف‪ ،‬واصدار حكـ ثاني في نفس الموضوع وبيف نفس األطراؼ‪ ،‬مع إمكانية‬
‫‪1‬‬
‫بأنيا‪ " :‬ىي طريؽ طعف‬
‫عرفيا األستاذ عبد السبلـ ذيب ّ‬
‫تغيير وسائؿ اإلثبات" ‪ ،‬كما ّ‬
‫عادية فتحيا المشرع لممطالبة بمراجعة الحكـ الذي صدر في غياب الخصـ الذي‬
‫يستعمميا‪ ،‬ويرجع الحكـ أماـ الجية القضائية التي فصمت في أوؿ مرة‪ .‬المعارضة طريؽ‬
‫تغيب منو إال بنص‬
‫طعف عادي يعني أنو مفتوح بقوة القانوف وال يمكف حرماف مف ّ‬
‫‪2‬‬
‫عرفيا األستاذ عبد الحميد فودة بأنيا‪ " :‬الطمب المرفوع مف المحكوـ عميو‬
‫ّ‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬ ‫صريح"‬
‫وتعدؿ‬
‫ّ‬ ‫غيابيا في خصومة‪ ،‬إلى المحكمة نفسيا مصدرة الحكـ‪ ،‬لكي تسمع دفاعو‪،‬‬
‫أو تمغي الحكـ المطعوف فيو"‪.3‬‬
‫أف المعارضة ىي طريؽ مف طرؽ الطعف العادية‬‫مف خبلؿ ىذه التعريفات يتبيف ّ‬
‫في األحكاـ والق اررات الغيابية‪ ،‬يرفعو الطرؼ الذي صدر الحكـ غيابيا في حقّو أماـ نفس‬
‫الجية ُمصدرة الحكـ أو القرار الغيابي‪ ،‬مف أجؿ مراجعة الحكـ أو القرار المطعوف فيو‬
‫بإلغائو أو تعديمو‪.‬‬
‫‪ -2‬خصائص الطعن بالمعارضة‬
‫أف المشرع لـ يحصر األوجو التي‬ ‫مف خصائصيا أنيا طريؽ عادي لمطعف‪ ،‬و ّ‬
‫تتـ أماـ نفس الجية مصدرة الحكـ أو القرار الغيابي‪،‬‬
‫تُبنى عمييا المعارضة‪ ،‬كما ّأنيا ّ‬
‫المدعى عميو‬
‫حيث يكوف الحكـ غيابيا في حؽ المعارض‪ ،‬بمعنى ّأنو صدر في غياب ّ‬
‫صحة التكميؼ بالحضور لمجمسة‪ ،‬وفقا لممادة ‪ 292‬والمادة ‪294‬‬
‫أو وكيمو أو محاميو رغـ ّ‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة أماـ أقساـ المحاكـ االبتدائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪،259‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.260‬‬
‫عبد السبلـ ذيب‪ ،‬قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.257‬‬ ‫‪2‬‬

‫عبد الحميد فودة‪ ،‬المعارضة في المواد المدنية والجنائية والشرعية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاىرة مصر‪ ،1992 ،‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫‪.201‬‬
‫‪250‬‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬و ينظر القاضي في القضية مف جديد مف حيث الواقع والقانوف‪ ،‬حيث يعتبر‬
‫الحكـ أو القرار الغيابي المعارض فيو كأف لـ يكف‪ ،‬ما لـ يكف مشموال بالنفاذ المعجؿ وفقا‬
‫لممادة ‪ 327‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وييدؼ إجراء المعارضة إلى تطبيؽ مبدأ الوجاىية وذلؾ حتى يتمكف كؿ طرؼ‬
‫مف أطراؼ القضية مف حضور جمسات المحاكمة وعرض دفوعو وحججو المتعمقة‬
‫بموضوع الدعوى‪.‬‬
‫نص المشرع صراحة عمى عدـ جواز المعارضة عمى المعارضة بنص المادة‬‫كما ّ‬
‫‪ 331‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬بمعنى أف الحكـ الصادر في المعارضة ال يجوز المعارضة فيو مف‬
‫جديد‪ ،‬بحيث يصدر الحكـ حضوريا في مواجية جميع الخصوـ‪.‬‬
‫نص‬
‫بأنو غيابي أو حضوري بما ّ‬
‫العبرة في وصؼ الحكـ ّ‬ ‫أف‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫القاضي‪ ،‬فإف أصاب القاضي في وصفو لحكـ ما بأنو‬ ‫قرره‬
‫عميو القانوف‪ ،‬وليس بما ّ‬
‫بأنو حضوري‪ ،‬في‬
‫غيابي فإنو يقبؿ المعارضة‪ ،‬واف أخطأ القاضي في وصؼ حكـ ما ّ‬
‫ألف العبرة بالوصؼ الذي‬
‫فتصح فيو المعارضة قانونا‪ ،‬والعكس كذلؾ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫حيف ّأنو غيابي‪،‬‬
‫نص عميو القانوف‪ ،‬وذلؾ تطبيقا لنص المادة ‪ 315‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬التي جاء فييا أف‬‫ّ‬
‫التكييؼ الخاطئ لمحكـ ال يؤثر عمى حؽ ممارسة الطعف‪.‬‬
‫وترفع المعارضة وفؽ األشكاؿ التي تُرفع بيا عريضة افتتاح الدعوى‪ ،‬وتُبمغ‬
‫العريضة إلى كؿ أطراؼ الدعوى‪ ،‬وفؽ ما نص عميو المشرع في المادة ‪ 330‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫‪ -3‬شروط قبول الطعن بالمعارضة‬
‫يشترط لقبوؿ الطعف بالمعارضة ما يشترط في رفع الدعاوى القضائية مف صفة‬
‫ومصمحة وفقا لنص المادة ‪ 13‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث يجب أف يرفع الطعف بالمعارضة مف‬
‫المدعى عميو‪ ،‬ضد المدعي أو المدعييف األصمييف‪ ،‬وتبقى الصفة التي كانت في‬
‫قبؿ ّ‬
‫المدعي لممعارض ضده‪ ،‬كما‬
‫الدعوى األصمية لممدعى عميو لممعارض‪ ،‬وتبقى صفة ّ‬
‫يشترط في الطعف بالمعارضة شروطا خاصة‪ ،‬نجمميا فيما يمي‪:‬‬

‫‪251‬‬
‫أ‪ -‬أن تكون المعارضة ضد حكم أو قرار غيابي‬
‫أف المعارضة ال تكوف إال ضد حكـ أو قرار لو وصؼ الغيابي‪ ،‬وفؽ‬ ‫سبؽ بياف ّ‬
‫نص عميو القانوف‪ ،‬وىو أوؿ شرط لقبوؿ المعارضة‪ ،‬ويعتبر الحكـ أو القرار غيابيا إذا‬
‫ما ّ‬
‫صحة تكميفو بالحضور‪ ،‬وفقا‬ ‫صدر دوف حضور المدعى عميو أو وكيمو أو محاميو رغـ ّ‬
‫أف مستمـ التكميؼ بالحضور ىو أحد األشخاص المؤىميف‬ ‫لممادة ‪ 292‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬أي ّ‬
‫لبلستبلـ غير المدعى عميو‪ ،‬غير أنو إذا ُسمّـ التكميؼ بالحضور لممدعى عميو شخصيا‪،‬‬
‫فإف الحكـ أو القرار يصدر اعتباريا حضوريا‪ ،‬ولو لـ يحضر المدعى عميو أو وكيمو‬ ‫ّ‬
‫أو محاميو لمجمسة وفقا لممادة ‪ 293‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وحينئذ ال تجوز المعارضة بالرغـ مف‬
‫عدـ حضوره الجمسة‪.‬‬
‫غير أنو ال يؤخذ بعيف االعتبار خطأ القاضي في تغيير الوصؼ القانوني الذي‬
‫يجب أف يصدر عميو الحكـ أو القرار‪ ،‬فما اعتبره القانوف غيابي تجوز فيو المعارضة‪،‬‬
‫ولو وصفو القاضي في الحكـ بأنو حضوري‪ ،‬وما اعتبره القانوف حضوري ال تجوز فيو‬
‫المعارضة‪.‬‬
‫أف األوامر االستعجالية الصادرة غيابيا في أوؿ درجة ليست‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫قابمة لممعارضة‪ ،‬ولو صدرت في غياب المدعى عميو‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 303‬مف‬
‫أف األوامر االستعجالية الغيابية‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وال تقبؿ سوى الطعف فييا باالستئناؼ‪ ،‬غير ّ‬
‫الصادرة في آخر درجة تكوف قابمة لممعارضة‪ ،‬حيث يرفع االستئناؼ والمعارضة خبلؿ‬
‫أجؿ خمسة عشر يوما مف تاريخ التبميغ الرسمي لؤلمر ويفصؿ فييا في أقرب اآلجاؿ وفقا‬
‫لممادة ‪ 304‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ألنيا أوامر‬
‫كما ال يجوز رفع الطعف بالمعارضة بالنسبة لؤلوامر عمى عرائض‪ّ ،‬‬
‫مؤقتة تصدر دوف حضور الخصوـ أصبل‪ ،‬وتكوف قابمة لمتنفيذ بناء عمى النسخة‬
‫أف المشرع أجاز لمخصوـ في حالة االستجابة لمطمب أف يرجعوا إلى‬ ‫األصمية‪ ،‬غير ّ‬
‫القاضي الذي أصدر األمر مف أجؿ طمب التراجع عنو أو تعديمو وفقا لممادة ‪ 312‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ .‬كما أف المعارضة ال تقبؿ في ق اررات المحكمة العميا بنص المادة ‪ 379‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫ب‪ -‬احترام األجل الذي ترفع فيو المعارضة‬
‫يجب أف ُيرفع الطعف بالمعارضة خبلؿ أجؿ شير واحد ابتداء مف تاريخ التبميغ‬
‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫مدد‬
‫الرسمي لمحكـ أو القرار الغيابي‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 329‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وقد ّ‬
‫أجؿ المعارضة مقارنة بما كاف عميو في ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ ،‬حيث كانت المادة ‪ 98‬منو تنص‬
‫أف أجؿ المعارضة ىو عشرة أياـ‪ ،‬ويترتب عف عدـ مراعاة أجؿ شير واحد سقوط‬‫عمى ّ‬
‫الحؽ في الطعف بالمعارضة‪ ،‬حيث يعتبر ىذا السقوط مف النظاـ العاـ‪ ،‬حيث إذا رفع‬
‫فإف الجية القضائية المرفوعة أماميا‪،‬‬
‫الطاعف المعارضة بعد فوات األجؿ القانوني ليا‪ّ ،‬‬
‫تحكـ تمقائيا بعدـ قبوؿ الطعف بالمعارضة شكبل لوروده بعد انقضاء األجؿ القانوني‪ ،‬حتى‬
‫يتمسؾ بو‪.‬‬
‫لو لـ يثيره الخصـ ولـ ّ‬
‫ويقصد بالتبميغ الرسمي التبميغ الذي يقوـ بو المحضر القضائي بموجب محضر‬
‫رسمي‪ ،‬بناء عمى طمب المعني أو وكيمو‪ ،‬وفؽ ما نصت عميو المواد مف ‪ 406‬إلى ‪416‬‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬متضمنا كافة البيانات المحددة بموجب المادة ‪ 407‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وتحسب‬
‫المواعيد كاممة بحيث ال ُيحسب يوـ التبميغ الرسمي وال يوـ انقضاء األجؿ‪ ،‬واذا كاف اليوـ‬
‫يمدد األجؿ إلى يوـ العمؿ الموالي‪ ،‬وفقا لممادة‬
‫األخير مف أجؿ المعارضة يوـ ُعطمة ّ‬
‫‪ 405‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫أف أجؿ المعارضة في األوامر االستعجالية الصادرة غيابيا في آخر درجة‪،‬‬
‫غير ّ‬
‫ويفصؿ فييا في‬
‫يرفع خبلؿ أجؿ خمسة عشر يوما مف تاريخ التبميغ الرسمي لؤلمر‪ُ ،‬‬
‫أقرب اآلجاؿ وفقا لممادة ‪ 304‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وقد اُْنتُِق َد موقؼ المشرع بإجازتو المعارضة في األوامر االستعجالية الصادرة مف‬
‫ألف‬
‫جية االستئناؼ‪ ،‬بينما منع ذلؾ في األوامر االستعجالية الصادرة في أوؿ درجة‪ّ ،‬‬
‫الحكمة مف المنع تتوافر في الحالتيف‪ ،‬وىي اإلسراع في استقرار الحقوؽ المترتبة عف‬
‫أف‬
‫األحكاـ االستعجالية‪ ،‬وزجر الخصوـ عف الغياب في القضايا االستعجالية‪ ،‬كما ّ‬
‫المعارضة ال تتبلءـ طبيعتيا مع إجراءات االستعجاؿ‪ ،‬مما يقتضي تعديؿ نص المادة‬

‫‪253‬‬
‫‪ 304‬الفقرة ‪ 02‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ومنع المعارضة في األوامر االستعجالية الصادرة غيابيا في‬
‫آخر درجة‪.1‬‬
‫واستثنى المشرع حالة القوة القاىرة أو وقوع أحداث مف شأنيا التأثير في السير‬
‫أف‬
‫المدعى عميو الذي صدر الحكـ غيابيا في حقو ّ‬
‫العادي لمرفؽ العدالة‪ ،‬بحيث إذا أثبت ّ‬
‫فوات أجؿ المعارضة عميو كاف بسبب قوة قاىرة منعتو مف ذلؾ‪ ،‬أو ط أر عمى مرفؽ‬
‫فإنو يجوز لو أف يقدـ طمبا‬
‫العدالة أحداث طارئة حالت دوف السير العادي ليذا المرفؽ‪ّ ،‬‬
‫بموجب أمر عمى عريضة إلى رئيس الجية القضائية التي عرض عمييا النزاع مف أجؿ‬
‫طمب رفع سقوط األجؿ‪ ،‬وذلؾ بحضور الخصوـ أو بعد تكميفيـ بالحضور تكميفا‬
‫صحيحا‪ ،‬حيث يفصؿ رئيس الجية القضائية في طمب رفع السقوط بموجب أمر عمى‬
‫عريضة غير قابؿ ألي طعف‪ ،‬وذلؾ بموجب المادة ‪ 322‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ج‪ -‬إرفاق عريضة الطعن بالمعارضة بنسخة من الحكم أو القرار الغيابي‬
‫المطعون فيو‬
‫ؽ المعارض العريضة بنسخة مف الحكـ أو القرار‬ ‫يشترط لقبوؿ المعارضة أف ُيرِف َ‬
‫الغيابي واال ُرفضت المعارضة شكبل‪ ،‬وىو ما نصت عميو الفقرة الثالثة مف المادة ‪330‬‬
‫ألف جواز المعارضة مرتبط بوجود حكـ أو قرار غيابي صدر في حؽ‬ ‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫المعارض‪ ،‬لذا وجب إثبات لمقاضي وجود ىذا الحكـ أو القرار الغيابي بتمكينو مف نسخة‬
‫منو‪.‬‬
‫كما يجب أف ترفع المعارضة حسب األشكاؿ المقررة في عريضة افتتاح الدعوى‪،‬‬
‫يتـ تسجيميا لدى أمانة ضبط الجية‬
‫وفقا لمفقرة األولى مف المادة ‪ 330‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ّ‬
‫المختصة‪ ،‬وىي الجية التي أصدرت الحكـ أو القرار المطعوف فيو بالمعارضة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫القضائية‬
‫يتـ تبميغيا رسميا إلى الخصوـ وتكميفيـ بالحضور إلى الجمسة‪.‬‬
‫ثـ ّ‬‫ّ‬
‫فإف الجية القضائية التي تنظر في المعارضة‬
‫إذا احترـ الطاعف ىذه الشروط ّ‬
‫تحكـ بقبوؿ المعارضة شكبل‪ ،‬وتنتقؿ لمنظر في موضوع الدعوى مف جديد مف حيث‬

‫حمدي باشا عمر‪ ،‬مبادئ القضاء في ظؿ قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2015‬ص ‪.225‬‬
‫‪254‬‬
‫فإف الجية القضائية تحكـ بعدـ‬
‫الوقائع والقانوف‪ ،‬واف خالؼ الطاعف أحد ىذه الشروط ّ‬
‫قبوؿ المعارضة شكبل‪ ،‬وال مجاؿ لمتطرؽ لموضوع الدعوى‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬آثار الطعن بالمعارضة‬
‫يختص الطعف بالمعارضة بآثار قانونية ميمة‪ ،‬حيث يؤدي الطعف بالمعارضة‬
‫ّ‬
‫إلى وقؼ تنفيذ الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬باإلضافة إلى إعادة عرض النزاع عمى نفس الجية‬
‫القضائية التي أصدرتو‪ ،‬واعتبار الحكـ المعارض فيو كأف لـ يكف‪ ،‬كما أنو ال يجوز‬
‫المعارضة عمى الحكـ الفاصؿ في الطعف بالمعارضة‪ ،‬حتى لو صدر غيابيا‪ ،‬وىي آثار‬
‫يتـ شرحيا فيما يمي‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬وقف تنفيذ الحكم أو القرار الغيابي المعارض فيو‬
‫مف أىـ اآلثار التي تترتب عمى المعارضة وقؼ تنفيذ الحكـ أو القرار الغيابي‬
‫المدة التي يمارس فييا‬
‫ثـ خبلؿ ّ‬ ‫المطعوف فيو بالمعارضة خبلؿ أجؿ المعارضة كامبل‪ّ ،‬‬
‫الحؽ في الطعف بالمعارضة كذلؾ‪ ،‬باستثناء األحكاـ الواجبة التنفيذ بقوة القانوف‪ ،‬وكذا‬
‫الحاالت التي يأمر فييا القاضي بالنفاذ المعجؿ‪ ،‬بناء عمى ثبوت االلتزاـ بعقد رسمي‪،‬‬
‫مادة النفقة‪ ،‬أو منح‬
‫أو وعد معترؼ بو‪ ،‬أو حكـ حائز لقوة الشيء المقضي بو‪ ،‬أو في ّ‬
‫ألف األصؿ‬
‫مسكف الزوجية لمف أسندت لو الحضانة‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 323‬ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫أف األحكاـ القضائية ال تُنفّذ إال بعد أف تصبح نيائية حائزة قوة الشيء المقضي فيو‪،‬‬
‫ّ‬
‫وذلؾ بعد استنفاذ طرؽ الطعف العادية‪ ،‬أو بعد فوات أجؿ ممارستيا‪ ،‬ما لـ ينص الحكـ‬
‫أو القرار الغيابي عمى خبلؼ ذلؾ‪.‬‬
‫ويجوز االعتراض عمى النفاذ المعجؿ أماـ رئيس الجية القضائية التي ُيعرض‬
‫أماميا المعارضة‪ ،‬ويمكف الحكـ بوقؼ النفاد المعجؿ عف طريؽ االستعجاؿ إذا كاف يؤدي‬
‫إلى نتائج بالغة وآثار ال يمكف تداركيا‪ ،‬حيث يفصؿ فييا في أقرب جمسة‪ ،‬وفقا لممادة‬
‫أف الحكـ الذي أمر بو قد طعف فيو بالمعارضة‪ ،‬وفقا‬
‫‪ 324‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬بشرط أف ُيثبت ّ‬
‫لممادة ‪ 325‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ويكوف الحكـ الفاصؿ في االعتراض عمى النفاد المعجؿ غير‬
‫قابؿ ألي طعف‪ ،‬وفقا لممادة ‪ 326‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫‪ -2‬إعادة عرض النزاع عمى نفس الجية القضائية التي أصدرت الحكم‬
‫المطعون فيو بالمعارضة‬
‫حدد المشرع بموجب نص المادة ‪ 328‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ الجية المختصة بالفصؿ في‬ ‫ّ‬
‫الطعف بالمعارضة‪ ،‬وىي الجية القضائية التي أصدرت الحكـ أو القرار الغيابي المعارض‬
‫فيو‪ ،‬لكف ذلؾ ال يعني ضرورة عرض النزاع عمى نفس التشكيمة التي فصمت فيو ّأوؿ‬
‫مرة‪ ،‬وبالتالي إذا ُرفعت المعارضة أماـ محكمة أخرى غير المحكمة ُمصدرة الحكـ‬
‫ّ‬
‫يقدموا‬
‫أف ألطراؼ الدعوى أف ّ‬‫فإنيا تقضي بعدـ االختصاص‪ ،‬كما ّ‬‫ض فيو‪ّ ،‬‬ ‫المعار ْ‬
‫َ‬
‫ما شاءوا مف الطمبات والدفوع‪ ،‬ولمجية القضائية المرفوع أماميا المعارضة أف ترفض‬
‫فتعدؿ الحكـ أو القرار المعارض‬
‫المعارضة لعدـ التأسيس‪ ،‬وليا أف تقضي بخبلؼ ذلؾ‪ّ ،‬‬
‫فيو‪ ،‬أو تنطؽ بحكـ جديد فصبل في المعارضة‪.‬‬
‫‪ -3‬اعتبار الحكم أو القرار المعارض فيو كأن لم يكن‬
‫ُيصبح الحكـ أو القرار الغيابي المعارض فيو كأف لـ يكف‪ ،‬وذلؾ بمجرد تسجيؿ‬
‫‪1‬‬
‫ويفصؿ‬
‫حجية ما لـ يكف مشموال بالنفاد المعجؿ ‪َ ،‬‬
‫الطعف بالمعارضة‪ ،‬ولـ تعد لو أية ّ‬
‫القاضي في النزاع مف جديد مف حيث الوقائع والقانوف‪ ،‬وفؽ نص المادة ‪ 327‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وعميو يترتب عمى ممارسة الطعف بالمعارضة بطبلف الحكـ الغيابي‪ ،‬واعادة‬
‫األطراؼ إلى الحالة التي كانوا عمييا قبؿ صدور الحكـ الغيابي المعارض فيو‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يجوز لمقاضي إذا قبؿ المعارضة أف يكوف منطوؽ حكمو "تأييد أو إلغاء الحكـ المعارض‬
‫فيو"‪ ،‬واّنما عميو إذا قبؿ المعارضة شكبل‪ ،‬أف يحكـ في الموضوع إما برفض المعارضة‬
‫لعدـ التأسيس‪ ،‬وا ّما النطؽ بحكـ جديد فصبل في موضوع المعارضة‪.2‬‬
‫أف المعارضة تُمغي الحكـ‬
‫وقد انتقد ىذا الموقؼ الذي انتيجو المشرع مف اعتبار ّ‬
‫أف الحكـ الغيابي‬
‫الصحة‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫ألف األصؿ العاـ في اإلجراءات ىو‬
‫الغيابي المعارض فيو‪ّ ،‬‬
‫يدعي خبلؼ ذلؾ إثبات بطبلنو حتى ُيقضى لو‬
‫ىو عمؿ إجرائي صحيح‪ ،‬ومف ّ‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬أبحاث تحميمية في قانوف اإلجراءات المدنية الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.162‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬طرؽ واجراءات الطعف في األحكاـ والق اررات القضائية‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2018 ،‬ص ‪،21‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر كذلؾ‪ :‬بموط محمد‪ ،‬طرؽ الطعف العادية في األحكاـ المدنية عمى ضوء قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مذكرة‬
‫التخرج لنيؿ إجازة المدرسة العميا لمقضاء‪ ،‬الدفعة الثامنة عشر‪ ،2010-2007 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪256‬‬
‫ويحكـ لو مف جديد في موضوع الدعوى‪ ،‬واّنما ىذا الموقؼ ُن ِق َؿ مف قانوف‬
‫بالبطبلف‪ُ ،‬‬
‫أف فمسفة قانوف اإلجراءات‬ ‫اإلجراءات الجزائية في حالة الحكـ الغيابي‪ ،‬بالرغـ مف ّ‬
‫الجزائية تختمؼ عف فمسفة ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬بحيث يقتضي األمر في قانوف اإلجراءات الجزائية‬
‫يتجرد القاضي بعد حضور المتيـ مف أي أحكاـ مسبقة‪ ،‬بينما األصؿ العاـ في‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫إثبات ذلؾ‪.1‬‬
‫ُ‬ ‫يدعي العكس‬‫صحة األعماؿ اإلجرائية‪ ،‬وعمى مف ّ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ىو ّ‬
‫‪ -4‬عدم قبول الحكم الصادر في المعارضة لمطعن فيو بالمعارضة من جديد‬
‫نصت عميو المادة ‪ 331‬مف‬
‫مف اآلثار غير المباشرة لمطعف بالمعارضة ما ّ‬
‫أف الحكـ الذي يفصؿ في المعارضة يكوف حكما حضوريا في مواجية جميع‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬مف ّ‬
‫الخصوـ‪ ،‬سواء حضروا الجمسة أو تغيبوا عنيا‪ ،‬وبالتالي فيو ال يقبؿ الطعف فيو‬
‫بالمعارضة مف جديد‪ ،‬حتى لو تخمّؼ أحد الخصوـ عف الحضور‪ ،‬أو تخمّؼ عف تقديـ‬
‫طمباتو ودفوعو‪ ،‬حيث ال َيقبؿ الحكـ الفاصؿ في المعارضة سوى الطعف فيو باالستئناؼ‬
‫كطريؽ عادي مف طرؽ الطعف‪ ،‬والغاية مف تكريس المشرع مبدأ عدـ جواز المعارضة‬
‫عمى المعارضة‪ ،‬ىو تفاديا إلطالة أمد النزاع‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الطعن بالمعارضة في األحكام الغيابية بف ّك الرابطة الزوجية‬

‫المشرع حصر الطعف بالمعارضة‬


‫ّ‬ ‫أف‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 328‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ نجد ّ‬
‫المشرع األحكاـ‬
‫ّ‬ ‫بياف متى َيعتبر‬
‫في األحكاـ أو الق اررات الغيابية فقط‪ ،‬وقد سبؽ ُ‬
‫بأنيا غيابية‪ ،‬وذلؾ بموجب المواد مف ‪ 292‬إلى ‪ 295‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث‬
‫أو الق اررات ّ‬
‫يصدر الحكـ غيابيا إذا تخمّؼ المدعى عميو أو وكيمو أو محاميو عف الحضور إلى‬
‫يتـ تسميـ التكميؼ‬
‫الجمسة‪ ،‬إذا ُكمّؼ بالحضور بموجب تكميؼ غير شخصي‪ ،‬كأف ّ‬
‫بالحضور إلى أحد األشخاص المؤىميف المقيميف معو في موطنو‪.‬‬
‫وال ُيطرح أي إشكاؿ في شموؿ ىذه القواعد لؤلحكاـ الغيابية الصادرة عف قسـ‬
‫تـ ذكره في القواعد‬
‫شؤوف األسرة‪ ،‬حيث ُيتّبعُ بشأف ممارسة الطعف بالمعارضة فييا ما ّ‬
‫أف‬
‫العامة لممعارضة بشأف األحكاـ الغيابية الصادرة عف باقي األقساـ األخرى‪ ،‬غير ّ‬
‫بحدة عندما تصدر األحكاـ القضائية التي تقضي بالطبلؽ غيابيا‪،‬‬
‫التساؤؿ الذي ُيطرح ّ‬

‫عمر زودة‪ ،‬اإلجراءات المدنية واإلدارية في ضوء آراء الفقياء وأحكاـ القضاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.606‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪257‬‬
‫فيؿ تكوف ىذه األحكاـ كغيرىا قابمة لمطعف فييا بالمعارضة؟ وبالتالي ممارسة الطعف‬
‫بالمعارضة فييا يجعؿ الحكـ بالطبلؽ كأف لـ يكف؟ أـ ّأنو ال يجوز المعارضة فييا نظ ار‬
‫لخصوصية األحكاـ الفاصمة في الطبلؽ؟‬
‫مف أجؿ اإلجابة عمى ىذا التساؤؿ وجب تحديد طبيعة األحكاـ المتعمقة بفؾ‬
‫ثـ التمييز بيف صور الطبلؽ المختمفة مف‬
‫تميزىا أوال‪ّ ،‬‬
‫الرابطة الزوجية والخصوصية التي ّ‬
‫حيث قابميتيا لمطعف فييا بالمعارضة‪.‬‬
‫أوال‪ -‬طبيعة األحكام القضائية بف ّك الرابطة الزوجية‬
‫ؾ الرابطة الزوجية لمطعف فييا بطرؽ الطعف العادية‬ ‫تتطمب معرفة قابمية أحكاـ ف ّ‬
‫تميزىا عف باقي‬
‫وغير العادية التطرؽ إلى طبيعة ىذه األحكاـ‪ ،‬والخصوصية التي ّ‬
‫ألف تطبيؽ‬
‫األحكاـ القضائية الصادرة عف قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬أو عف غيرىا مف األقساـ‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عمى إطبلقيا يؤدي‬
‫القواعد العامة المقررة في الطعوف عمى أحكاـ ف ّ‬
‫يتعيف التطرؽ إلى طبيعة العمؿ الذي‬
‫إلى إشكاالت شرعية وقانونية ال يمكف تجاوزىا‪ ،‬لذا ّ‬
‫ؾ‬
‫ثـ تحديد طبيعة الحكـ بف ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ّ ،‬‬
‫يقوـ بو القاضي عند إصداره أحكاـ ف ّ‬
‫الرابطة الزوجية بمختمؼ صوره‪.‬‬
‫تصنؼ أحيانا عمى ّأنيا أعماؿ قضائية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حيث ُيصدر القاضي أعماال قانونية‬
‫ألف األشخاص قد يمجؤوف إلى القضاء بموجب‬ ‫وأحيانا أخرى عمى ّأنيا أعماال والئية‪ّ ،‬‬
‫دعوى قضائية مف أجؿ الفصؿ في نزاع ما‪ ،‬وقد يمجؤوف إلى القضاء بموجب عريضة مف‬
‫أقرىا المشرع أماـ إرادة األفراد‪ ،‬وبالتالي تختمؼ الوسيمة المعتمدة‬
‫أجؿ إزالة عقبة قانونية ّ‬
‫في كؿ منيما‪ ،‬كما يختمؼ مضمونيا‪.1‬‬
‫عدة معايير‪ ،2‬منيا المعيار‬
‫ولمتمييز بيف العمؿ القضائي والعمؿ الوالئي اعتمدت ّ‬
‫أف العمؿ الوالئي يتميز بأف القاضي يصدره بناء عمى عريضة‬ ‫الشكمي الذي يعتمد عمى ّ‬
‫دوف تكميؼ الخصـ بالحضور أمامو‪ ،‬وانتقد ىذا المعيار كونو غير جامع وال مانع‪ ،‬فيناؾ‬
‫أعماال قضائية تصدر عمى شكؿ أمر عمى عريضة ودوف تكميؼ الخصوـ كأمر األداء‪،‬‬
‫وىناؾ أعماؿ والئية يشترط فييا تكميؼ الخصوـ بالحضور‪ ،‬بالرغـ مف صدورىا عمى‬

‫عمر زودة‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية وأثر الطعف فييا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.76‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.89-88‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪258‬‬
‫شكؿ أمر‪ ،‬كحالة طمب الحصوؿ عمى نسخة تنفيذية ثانية في حالة ضياع األولى‪ ،‬حيث‬
‫يشترط است دعاء الخصـ لمحضور أماـ رئيس الجية القضائية التي يطمب منيا استصدار‬
‫النسخة التنفيذية الثانية‪.‬‬
‫أف األعماؿ الوالئية يتمتع فييا القاضي‬
‫أما معيار سمطة القاضي فيعتمد عمى ّ‬
‫بسمطة تقديرية واسعة في إصدارىا‪ ،‬ويقرر فييا حقوقا مستقبمية‪ ،‬بينما سمطتو محدودة في‬
‫إصدار العمؿ القضائي ويقرر فييا حقوقا سابقة‪ ،‬وقد انتقد ىذا المعيار كذلؾ كونو غير‬
‫منضبط‪ ،‬فقد يتمتع القاضي بسمطات واسعة في العمؿ القضائي كدعوى التطميؽ‪ ،‬وتكوف‬
‫مقيدة في أعماؿ والئية‪ ،‬كحالة األمر بتسجيؿ عقد الزواج أو تسجيؿ الوفاة‪.‬‬
‫سمطتو ّ‬
‫أف العمؿ الوالئي ىو عمؿ منشئ‪،‬‬ ‫أما معيار العمؿ المنشئ‪ ،‬فيرى أصحابو ّ‬
‫ألف إرادة األفراد ال تكفي أحيانا إلنشاء المراكز القانونية‪،‬‬
‫ينشئ مراكز قانونية جديدة‪ّ ،‬‬
‫تدخؿ موظؼ الدولة لمتحقّؽ مف توافر بعض الشروط إلحداث‬ ‫حيث يشترط المشرع أحيانا ّ‬
‫المركز القانوني أو مف أجؿ تمقّي إعبلف اإلرادة‪ ،‬ويكوف عمؿ موظؼ الدولة عمبل والئيا‪،‬‬
‫بينما العمؿ القضائي فيو عمؿ تقريري غير منشئ‪ ،‬وىو معيار منتقد كذلؾ‪ ،‬ألف القاضي‬
‫يصدر أعماال قضائية منشئة كالحكـ بالتطميؽ‪ ،‬كما قد يصدر أعماال والئية غير منشئة‬
‫كاألمر بتسجيؿ عقد الزواج‪.‬‬
‫وأماـ عجز ىذه المعايير في تمييز العمؿ القضائي عف العمؿ الوالئي‪ ،‬اعتمد‬
‫تدخؿ إلزالة عقبة قانونية‬
‫أف القاضي إذا ّ‬ ‫جانب مف الفقو معيار طبيعة العقبة‪ ،‬ومفاده ّ‬
‫تدخؿ إلزالة عقبة مادية أنشأىا األطراؼ‪ ،‬كاف‬
‫وضعيا المشرع يكوف عممو والئيا‪ ،‬أما إذا ّ‬
‫عممو قضائيا‪ ،‬فالعمؿ الصادر عف القاضي يكوف عمبل والئيا إذا أصدره دوف وجود نزاع‬
‫أقرىا المشرع أماـ إرادة األطراؼ‪،‬‬
‫بيف الطرفيف‪ ،‬فيو يتدخؿ مف أجؿ إزالة عقبة قانونية ّ‬
‫وجعمتيا غير قادرة لوحدىا عمى إنتاج األثر القانوني دوف استيفاء الشكؿ الذي فرضو‬
‫المشرع‪ ،‬فيو ال يفصؿ في نزاع بيف األطراؼ‪ ،‬أما العمؿ القضائي فيصدر عف القاضي‬
‫تسبب في وجودىا أحد أطراؼ النزاع‪ ،‬كاالعتداء عمى حؽ‬ ‫مف أجؿ إزالة عقبة مادية ّ‬
‫الممكية‪ ،‬أو عدـ الوفاء بالتزاـ مف أحد طرفي العقد مثبل‪ ،‬حيث يتدخؿ القاضي إلزالة ىذه‬

‫‪259‬‬
‫العقبة التي تحوؿ دوف التطبيؽ التمقائي لمقاعدة القانونية‪ ،‬ويكوف عممو حينئذ عمبل‬
‫قضائيا‪.1‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بمختمؼ‬
‫وباعتماد معيار العقبة في تحديد طبيعة الحكـ بف ّ‬
‫صورىا يتضح تكييؼ عمؿ القاضي‪ ،‬ىؿ ىو عمؿ قضائي أـ عمؿ والئي؟‬
‫يخضع كؿ عمؿ يقوـ بو القاضي إلى نظاـ قانوني يختمؼ باختبلؼ طبيعة‬
‫العمؿ‪ ،‬فالعمؿ القضائي لو نظامو القانوني الخاص بو‪ ،‬حيث يجوز الطعف فيو بمختمؼ‬
‫أوجو الطعف ا لعادية وغير العادية المقررة لؤلحكاـ القضائية‪ ،‬كما ينتج أثره مف تاريخ‬
‫ويغير المركز القانوني‪ ،‬بينما العمؿ الوالئي لو نظاـ قانوني خاص بو أيضا‪ ،‬حيث‬
‫صدوره ّ‬
‫التظمـ فيو أماـ الجية‬
‫ّ‬ ‫يتـ‬
‫ال يجوز الطعف فيو بطرؽ الطعف العادية أو غير العادية‪ ،‬واّنما ّ‬
‫مصدرة العمؿ الوالئي‪.2‬‬
‫أقر الفقو والقضاء تقسيميا‬
‫أما بالنسبة لتصنيؼ األحكاـ القضائية وتقسيميا‪ ،‬فقد ّ‬
‫خاصة‪ ،‬فالحكـ‬
‫ّ‬ ‫إلى أحكاـ تقريرية‪ ،‬وأحكاـ منشئة‪ ،‬وأحكاـ إلزاـ‪ ،‬وكؿ حكـ تقابمو دعوى‬
‫التقريري تقابمو الدعوى التقريرية‪ ،‬والحكـ المنشئ تقابمو دعوى منشئة‪ ،‬وحكـ اإللزاـ تقابمو‬
‫دعوى اإللزاـ ‪ ،3‬فكؿ حكـ ىو انعكاس لمدعوى التي تقابمو‪.4‬‬
‫بأنو ذلؾ الحكـ الذي يؤ ّكد ويقرر وجود‬
‫ويمكف تعريؼ الحكـ التقريري أو الكاشؼ ّ‬
‫المدعى عميو بأداء معيف أو إحداث‬‫أو عدـ وجود الحؽ أو المركز القانوني‪ ،‬دوف إلزاـ ّ‬
‫تغيير في ىذا الحؽ أو المركز القانوني‪ ،‬فدور الحكـ ىو إظيار وكشؼ ما كاف مختفيا‬
‫مف حؽ أو مركز قانوني‪ ،‬سبؽ وجوده وجود الدعوى نفسيا‪ ،‬حيث تسري آثاره مف تاريخ‬

‫عمر زودة‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.91-90‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪ 101‬و‪.130‬‬ ‫‪2‬‬

‫أف األحكاـ التي يصدرىا‬


‫جاء في قرار المحكمة العميا ما يمي‪ " :‬حيث أنو وكما ىو مستقر عميو قانونا وقضاء‪ّ ،‬‬
‫‪3‬‬

‫قررة أو منشئة أو ممزمة‪ .‬وحيث أف كبل مف الحكـ المقرر‬


‫إما أف تكوف أحكاما م ّ‬
‫القضاء تنحصر في ثبلثة أنواع‪ ،‬وىي ّ‬
‫ألف بصدورىما تشبع الحاجة مف الحماية القضائية ‪ ...‬ألنيما ال يتضمناف أي‬ ‫أو المنشئ ال يقببلف التنفيذ الجبري‪ّ ،‬‬
‫فإف الحكـ الذي يقبؿ التنفيذ الجبري ‪ ،...‬ىو الحكـ الذي يتضمف‬
‫التزاـ يجب عمى المديف القياـ بتنفيذه عينا‪ ،‬وتبعا لذلؾ ّ‬
‫التزاما يجب عمى المديف القياـ بتنفيذه عينا ‪ ،"...‬المحكمة العميا‪ ،‬الغرفة المدنية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2010/12/23‬رقـ‬
‫‪ ، 615762‬غير منشور‪ ،‬نقبل عف حمدي باشا عمر‪ ،‬مبادئ القضاء في ظؿ قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.297‬‬
‫تقية عبد الفتاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة مف منظور الفقو والتشريع والقضاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.175‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪260‬‬
‫نشوء الحؽ أو المركز‪ ،‬ال مف تاريخ صدور الحكـ‪ ،‬فالحكـ الكاشؼ يؤكد ما كاف موجودا‬
‫وال ينشئ شيئا جديدا‪ ،‬واألصؿ في األحكاـ القضائية أنيا تقريرية كاشفة‪.1‬‬
‫أما الحكـ المنشئ فيو ذلؾ الحكـ الذي يتضمف إنشاء أو إنياء أو تعديؿ حؽ‬
‫أو مركز قانوني‪ ،‬حيث بصدور الحكـ المنشئ يظير إلى الوجود حؽ أو مركز قانوني‬
‫جديد لـ يكف موجودا مف قبؿ‪ ،‬وتسري آثاره مف تاريخ صدور الحكـ‪ ،‬ويؤدي إلى انقضاء‬
‫حؽ أو مركز قانوني قديـ‪ ،‬ويكوف لمقاضي دو ار إيجابيا في إنشاء ىذا الحؽ أو المركز‬
‫القانوني الجديد‪.2‬‬
‫المدعى عميو بأداء معيف قابؿ لمتنفيذ الجبري‪ ،‬فحؽ‬
‫أما حكـ اإللزاـ فيتضمف إلزاـ ّ‬
‫المدعي يقابمو التزاـ المدعى عميو باألداء‪.3‬‬
‫ونظ ار الختبلؼ طبيعة األحكاـ القضائية وفؽ ما ذكر مف تقسيمات‪ ،‬وجب معرفة‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬والتمييز بيف صور الطبلؽ المختمفة مف حيث تكييؼ‬
‫طبيعة حكـ ف ّ‬
‫وتحديد طبيعة الحكـ الذي يقضي بيا‪ ،‬ودور القاضي فييا‪ ،‬فيؿ تعتبر أحكاـ فؾ الرابطة‬
‫الزوجية أحكاما منشئة؟ وال وجود لمطبلؽ إال إذا حكـ بو القاضي؟ أـ ىي أحكاـ كاشفة؟‬
‫ويقتصر دور القاضي فييا عمى إثبات إرادة الزوج أو الزوجة؟‬
‫‪ -1‬طبيعة حكم الطالق باإلرادة المنفردة لمزوج‬
‫اختمفت اآلراء الفقيية حوؿ طبيعة الحكـ الصادر بالطبلؽ باإلرادة المنفردة‬
‫لمزوج‪ ،‬بيف مف يعتبره حكما منشئا أو حكما كاشفا‪ ،‬ولكؿ منيما تصوره ورؤيتو‪.‬‬
‫بأف حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج حكما منشئا‪،‬‬
‫اال تّجاه األول‪ :‬مف القائميف ّ‬
‫فإف الحكـ‬
‫تمسكنا بالقانوف الوضعي‪ّ ،‬‬ ‫بأنو إذا ّ‬‫األستاذ الغوثي بف ممحة‪ ،‬حيث يرى ّ‬
‫الصادر في دعوى الطبلؽ والذي قضى بإيقاع الطبلؽ‪ ،‬ىو ذو طابع إنشائي‪ ،‬يح ّؿ‬
‫الرابطة الزوجية بيف الزوجيف‪.4‬‬

‫بف ىبري عبد الحكيـ‪ ،‬أحكاـ الصمح في شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.82‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.83‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.83‬‬ ‫‪3‬‬

‫الغوثي بف ممحة‪ ،‬قانوف األسرة عمى ضوء الفقو والقضاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.121‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪261‬‬
‫أف القاضي يتأكد مف إرادة الزوج في طمب‬ ‫كما يرى األستاذ فريجة حسيف ّ‬
‫تبيف لو استحالة مواصمة الحياة الزوجية بيف الزوجيف يحكـ بالطبلؽ‪ ،‬وىو‬
‫الطبلؽ‪ ،‬واذا ّ‬
‫فإف الحكـ بالطبلؽ‬
‫أف تمفظ الزوج بالطبلؽ قبؿ صدور حكـ القاضي‪ّ ،‬‬ ‫حكـ منشأ لو‪ ،‬و ّ‬
‫يعتد بو‪.1‬‬
‫وح ْك ُـ القاضي ىو الذي ّ‬
‫يأتي تثبيتا ألمر حصؿ مف قبؿ‪ُ ،‬‬
‫أف إرادة الزوج أصبحت عاجزة عف ترتيب األثر‬
‫ويرى األستاذ زودة عمر ّ‬
‫حدده المشرع في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث‬‫القانوني إال باستيفاء الشكؿ القانوني الذي ّ‬
‫ال يثبت الطبلؽ إال بحكـ‪ ،‬وبالتالي ال تكفي إرادة الزوج وحدىا إليقاع الطبلؽ‪ ،‬بؿ ىي‬
‫يتـ العمؿ القانوني أماـ القاضي‪،‬‬
‫قاصرة عف ذلؾ حتى يستوفي الشكؿ القانوني‪ ،‬وىو أف ّ‬
‫مرده إرادة المشرع‪ ،‬وليس ضعفا في قوى الزوج العقمية‪ ،2‬وبذلؾ يرى األستاذ‬
‫وىذا العجز ّ‬
‫عمر زودة أف حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج ىو عبارة عف قرار والئي صدر عف‬
‫القاضي في شكؿ العمؿ القضائي‪ ،‬فيو يخضع لمنظاـ القانوني الذي تخضع لو األعماؿ‬
‫أف القضاء الصادر بإنياء العبلقة الزوجية‬
‫خاصة مف حيث طرؽ الطعف فييا‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫الوالئية‪،‬‬
‫سواء بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع وغيرىا مف فرؽ الطبلؽ‪ ،‬ىو قضاء منشئ‪ ،‬يترتب‬
‫عميو إنياء المركز القانوني الناشئ عف عقد الزواج‪.3‬‬
‫أف المشرع جعؿ العصمة ّبيد الزوج‪ ،‬لكف فرض‬
‫كما يرى األستاذ فاضمي ادريس ّ‬
‫قيودا عميو‪ ،‬تتمثؿ في وجوب إجراء محاولة الصمح مف طرؼ القاضي قبؿ النطؽ‬
‫أف الطبلؽ ال تكوف لو أية قيمة قانونية‬
‫بالطبلؽ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬كما ّ‬
‫إالّ إذا وقع بيف يدي القاضي‪ ،‬وعدـ االعتداد بالطبلؽ الذي يقع خارج جية القضاء‪.4‬‬
‫أف الطبلؽ‬‫أف الطبلؽ ال يقع إالّ بحكـ‪ ،‬و ّ‬ ‫وبذلؾ ينتيي أصحاب ىذا الموقؼ إلى ّ‬
‫ال يقع خارج أسوار القضاء‪ ،‬وما يتمفظ بو الزوج يعتبر لغواً ال ُيمتفت إليو‪ ،‬فالعبرة بإنشاء‬
‫الطبلؽ ىو تاريخ صدور الحكـ بو مف القضاء‪.‬‬

‫فريجة حسيف‪ ،‬المبادئ األساسية في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.174‬‬ ‫‪1‬‬

‫زودة عمر‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.112 -111‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪ 100‬و‪.113‬‬ ‫‪3‬‬

‫المتغير‪ ،‬المجمة الجزائرية لمعموـ القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬كمية‬


‫فاضمي ادريس‪ ،‬قانوف األسرة بيف الثابت و ّ‬
‫‪4‬‬

‫الحقوؽ‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1996 ،‬عدد ‪ ،04‬ص ‪.632‬‬


‫‪262‬‬
‫أف حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة‬
‫اال تّجاه الثاني‪ :‬يرى فريؽ آخر مف الفقياء ّ‬
‫أف إرادة الزوج ىي مف تُنشأ الطبلؽ‪ ،‬وليس الحكـ‬‫لمزوج ىو حكـ كاشؼ‪ ،‬ويعتبر ّ‬
‫القضائي‪.‬‬
‫يرى األستاذ الياشمي ىويدي أف الزوج يممؾ العصمة الزوجية‪ ،‬ولو الحؽ في‬
‫‪1‬‬
‫أف دور القاضي مجرد‬
‫إنشاء الطبلؽ‪ ،‬وفقا لمحديث الشريؼ "الطالق لمن أخذ بالساق" ‪ ،‬و ّ‬
‫مسجؿ إلرادة الزوج‪ ،‬وليس لو الحؽ في رفض رغبة الزوج‪ ،‬حتى لو كانت رغبة الزوج‬ ‫ّ‬
‫غير مبررة وال مؤسسة‪ ،‬حيث يتحمؿ الزوج مسؤولية ذلؾ‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 52‬مف ؽ‪.‬أ‪.2‬‬
‫أف حكـ القاضي في حالة الطبلؽ‬ ‫ويعتبر األستاذ لحسيف بف الشيخ آث ممويا ّ‬
‫بإرادة الزوج المنفردة يعتبر حكما كاشفا عف الطبلؽ‪ ،‬ودوره ىو إثبات الطبلؽ‪ ،‬بينما يعتبر‬
‫أف الطبلؽ الذي ينطؽ بو‬
‫الحكـ منشئا في حالة التطميؽ بطمب مف الزوجة أو الخمع‪ ،‬و ّ‬
‫القاضي يعتبر طبلقا بائنا‪ ،‬سواء كاف بناء عمى طمب الزوج أو الزوجة أو خمعا‪.3‬‬
‫أف القاضي ال يتدخؿ في إيقاع الطبلؽ‪،‬‬
‫كما يرى األستاذ لمطاعي نور الديف ّ‬
‫أف لجوء الزوج لمقضاء ىو مف أجؿ إثبات الطبلؽ فقط‪،‬‬
‫نما ُيثبت وقوعو بحكـ فقط‪ ،‬و ّ‬
‫وا ّ‬
‫أف دور القاضي في ىذه الحالة ىو‬
‫فيكوف حكمو كاشفا لواقعة الطبلؽ وليس منشئا لو‪ ،‬و ّ‬
‫‪4‬‬
‫أف العديد مف ق اررات‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫دور سمبي‪ ،‬وال يحؽ لو مناقشة أسباب الطبلؽ‪ ،‬أو رفض إثباتو‬
‫المحكمة العميا تؤكد ذلؾ‪ ،5‬ومنيا قرار المجمس األعمى الذي جاء فيو‪ " :‬مف المقرر شرعا‬

‫‪ 1‬أخرجو ابف ماجة ‪ ،672/1‬كتاب الطبلؽ‪ :‬باب طبلؽ العبد‪ ،2081 ،‬ورواه البييقي ‪ ،360/7‬كتاب الخمع والطبلؽ‪:‬‬
‫حسنو األلباني في صحيح الجامع ‪.3958‬‬
‫باب طبلؽ العبد بغير إذف سيده‪ ،‬والدار قطني ‪ ،37/4‬كتاب الطبلؽ ‪ّ ،102‬‬
‫‪ 2‬الياشمي ىويدي‪ ،‬االجتياد القضائي لغرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬عدد خاص‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪ ،21‬نقبل عف األستاذ‬
‫لحسيف بف الشيخ آث ممويا‪ ،‬المنتقى في قضاء األحواؿ الشخصية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.235‬‬
‫مدعما باجتياد المجمس األعمى والمحكمة العميا‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار‬
‫لحسيف بف الشيخ آث ممويا‪ ،‬المرشد في قانوف األسرة ّ‬
‫‪3‬‬

‫ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2016-2015 ،‬ص ‪.136‬‬


‫لمطاعي نور الديف‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.54‬‬ ‫‪4‬‬

‫أف الطبلؽ وقع بيف الطرفيف أماـ جماعة‬


‫تبيف في قضية الحاؿ ّ‬‫حيث جاء في قرار لممحكمة العميا ما يمي‪ " :‬متى ّ‬
‫‪5‬‬

‫بأف الزوج طمّؽ فعبل المطعوف ضدىا أماـ جماعة‬


‫أف المجمس أجرى تحقيقا وسمع الشيود الذيف أ ّكدوا ّ‬‫مف المسمميف‪ ،‬و ّ‬
‫طبقوا‬
‫فإف القضاة بقضائيـ بإثبات الطبلؽ العرفي ّ‬
‫مف المسمميف‪ ،‬وبالتالي فبل يحؽ أف يتراجع عف ىذا الطبلؽ‪ ،‬وعميو ّ‬
‫تطبيقا صحيح لمقانوف"‪ .‬أنظر‪ :‬المحكمة العميا‪ ،‬غرفة شؤوف األسرة والمواريث‪ ،‬قرار صادر بتاريخ ‪ ،1999/02/16‬رقـ‬
‫‪ ،216250‬مجمة االجتياد القضائي‪ ،‬عدد خاص‪ ،2001 ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪263‬‬
‫أف الطبلؽ ىو حؽ لمرجؿ صاحب العصمة‪ ،‬و ّأنو ال يجوز لمقاضي أف يحؿ محمو في‬ ‫ّ‬
‫أما التطميؽ فيو حؽ لممرأة المتضررة‪ ،‬وترفع أمرىا لمقاضي الذي يطمقيا‪ ،‬ومف‬
‫إصداره‪ّ ،‬‬
‫ولما كانت‬
‫يعد خرقا ألحكاـ الشريعة اإلسبلمية‪ّ ،‬‬
‫فإف القضاء بما يخالؼ ىذا المبدأ ّ‬
‫ثـ ّ‬‫ّ‬
‫تخوؿ إثبات تصريح الزوج بالطبلؽ بواسطة سماع شيود حضروا‬ ‫الشريعة اإلسبلمية ّ‬
‫فإنو يتوجب عمى القضاة أف يجروا‬
‫وسمعوا ذلؾ مف الزوج‪ ،‬أو بواسطة شيادة مستفيضة‪ّ ،‬‬
‫صحة‬
‫تحقيقا لسماع الشيود الذيف عمموا بالطبلؽ‪ ،‬وليس ليـ بعد ذلؾ إالّ أف يوافقوا عمى ّ‬
‫بأف الطبلؽ ال يثبت إالّ بتصريح أماـ‬
‫فإف القرار الذي قضى ّ‬
‫طبلؽ أثبت أماميـ‪ ،‬وكذلؾ ّ‬
‫يعد مخالفة لمشريعة اإلسبلمية"‪.1‬‬
‫القاضي ّ‬
‫أف لمزوج الحؽ في أف ُيوقع الطبلؽ بإرادتو المنفردة‪،‬‬
‫ويرى األستاذ شامي أحمد ّ‬
‫ُّ‬
‫يحؽ لمزوج‬ ‫وال يعتبر حكـ القاضي منشئا لمطبلؽ‪ ،‬بؿ كاشفا إلرادة الزوج‪ ،‬و ّأنو‬
‫ألف العصمة بيده‪ ،‬فيو ُيفصح عف إرادتو في‬
‫أف ال ُيبدي األسباب التي دفعتو لمطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫الطبلؽ فقط‪ ،‬وما عمى القاضي إال االستجابة لو بإصدار حكـ الطبلؽ‪.2‬‬
‫أف الطبيعة القانونية‬
‫ويرى األستاذ تقية عبد الفتاح عمى خبلؼ الموقفيف األوليف ّ‬
‫ألنو يترتب‬
‫لؤلحكاـ الصادرة بالطبلؽ ىي أحكاـ منشئة وكاشفة في نفس الوقت‪ ،‬منشئة ّ‬
‫ألف القاضي يكشؼ عف‬‫عنيا إنياء المركز القانوني الناشئ عف عقد الزواج‪ ،‬وكاشفة ّ‬
‫‪3‬‬
‫أف إرادة الزوج أصبحت عاجزة‬
‫إرادة الزوج الذي تمفّظ بالطبلؽ قبؿ المجوء إلى القضاء ‪ ،‬و ّ‬
‫وحدىا عمى ترتيب األثر القانوني حتى تستوفي الشكؿ القانوني ليا أماـ الجيات القضائية‬
‫المختّصة‪ ،4‬و ّأنو ابتداء مف تاريخ تمقّي القاضي اإلعبلف عف إرادة الزوج في الطبلؽ‬
‫يترتب عمييا األثر القانوني‪ ،‬وىو اإلعبلف عف إنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬أو انحبلليا‪.5‬‬

‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1989/12/23‬رقـ ‪ ،35026‬المجمة القضائية‪ ،‬عدد‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1989 ،04‬ص ‪.86‬‬


‫شامي أح مد‪ ،‬السمطة التقديرية لقاضي شؤوف األسرة‪ ،‬دراسة مقارنة بيف الشريعة اإلسبلمية والقوانيف الوضعية‪ ،‬رسالة‬ ‫‪2‬‬

‫لنيؿ شيادة الدكتوراه في القانوف الخاص‪ ،‬جامعة أبي بكر بمقايد تممساف‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪،‬‬
‫‪ ،2014/2013‬ص ‪.252‬‬
‫تقية عبد الفتاح‪ ،‬الطبلؽ بيف أحكاـ تشريع األسرة واالجتياد القضائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.240‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬تقية عبد الفتاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.146‬‬
‫تقية عبد الفتاح‪ ،‬الطبلؽ بيف أحكاـ تشريع األسرة واالجتياد القضائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.54‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪264‬‬
‫بأف حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج ىو‬
‫وأعتقد صواب الموقؼ الذي يرى ّ‬
‫لعدة‬
‫بأف الطبلؽ ال يقع إال لدى المحكمة ىو قوؿ مرجوح‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫أف القوؿ ّ‬‫حكـ كاشؼ‪ ،‬و ّ‬
‫أقر حؽ الزوج في إيقاع الطبلؽ دوف قيد عمى إرادتو‪،‬‬
‫أف الفقو اإلسبلمي ّ‬
‫أسباب‪ ،‬منيا ّ‬
‫يمسيا فيو‪ ،‬ومع ذلؾ‬
‫يتـ في طُير لـ ّ‬
‫إال فيما يتعمؽ ضرورة أف يكوف طبلقو ُسّنياً‪ ،‬بأف ّ‬
‫اعتبروا أف الطبلؽ يقع حتى لو خالؼ الزوج ذلؾ‪ ،‬حيث يقع الطبلؽ بمجرد تعبير الزوج‬
‫عف إرادتو‪ ،‬وبأي وسيمة كانت‪ ،1‬وال يتوقؼ وقوعو عمى صدور حكـ مف القاضي‪.‬‬
‫أف ح ّؿ عقد الزواج يكوف بالطبلؽ الذي‬‫أف نص المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ يؤكد ّ‬‫كما ّ‬
‫أف نص المادة ‪49‬‬ ‫يتـ بإرادة الزوج‪ ،‬ولـ تعمّؽ إنشائو عمى صدور حكـ مف القضاء‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬
‫مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ينص عمى اإلثبات ال عمى الوقوع‪ ،‬فبل يثبت الطبلؽ إالّ بحكـ‪ ،‬واّنما يقع‬
‫يتـ إثباتو لدى المحكمة‪ ،‬وبالتالي ال دخؿ إلرادة‬ ‫ثـ ّ‬‫الطبلؽ مف تاريخ إيقاع الزوج لو‪ّ ،‬‬
‫القاضي في إيقاع الطبلؽ‪ ،‬فيو ُيثبت واقعة الطبلؽ بحكـ كاشؼ‪ ،‬وال َي ِح ُّؿ القاضي َم َح َّؿ‬
‫الزوج في إصداره‪ ،2‬وتتقمّص السمطة التقديرية لمقاضي في إصدار الحكـ‪ ،‬ويشبو دوره دور‬
‫الموثؽ الذي يوثّؽ إرادة الزوج ويكشؼ عنيا‪ ،3‬كما أف القاضي ال يسبب حكمو إالّ بسبب‬
‫واحد فقط‪ ،‬وىو طمب الزوج واص ارره عمى الطبلؽ‪.4‬‬
‫التوجو‪ ،‬حيث جاء فيو‪" :‬مف المقرر شرعا‬
‫ّ‬ ‫ويؤكد أحد ق اررات المجمس األعمى ىذا‬
‫أف الطبلؽ ىو حؽ لمرجؿ صاحب العصمة‪ ،‬وأنو ال يجوز لمقاضي أف يح ّؿ محمّو في‬
‫إصداره‪ ،‬أما التطميؽ فيو حؽ لممرأة المتضررة‪ ،‬وترفع أمرىا لمقاضي الذي يطمقيا‪ ،‬ومف‬
‫فإف‬
‫فإف القضاء بما يخالؼ ىذا المبدأ يعد خرقا ألحكاـ الشريعة اإلسبلمية ‪ ....‬وبذلؾ ّ‬
‫ثـ ّ‬‫ّ‬

‫محمد أبو زىرة‪ ،‬موسوعة الفقو اإلسبلمي‪ ،‬جمعية الدراسات اإلسبلمية‪ ،‬القاىرة‪ ،1967 ،‬ص ‪ 334‬وما بعدىا‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أف الطبلؽ ىو حؽ لمرجؿ صاحب العصمة‪ ،‬و ّأنو ال يجوز‬


‫جاء في قرار لممجمس األعمى ما يمي‪ " :‬مف المقرر شرعا ّ‬
‫‪2‬‬

‫لمقاضي أف يح ّؿ محمّو في إصداره ‪ ،"...‬أنظر‪ :‬المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،35026‬مؤرخ‬
‫في ‪ ،1984/12/03‬المجمة القضائية‪ ،‬عدد ‪ ،1989 ،04‬ص ‪.86‬‬
‫بف ىبري عبد الحكيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.92‬‬ ‫‪3‬‬

‫منصوري نورة‪ ،‬التطميؽ والخمع وفؽ القانوف والشريعة اإلسبلمية‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬عيف مميمة‪ ،‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص ‪.79‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪265‬‬
‫يعد مخالفا‬
‫بأف الطبلؽ ال يثبت إالّ بتصريح الزوج أماـ القاضي ّ‬
‫القرار الذي قضى ّ‬
‫ألحكاـ الشريعة اإلسبلمية"‪.1‬‬
‫نص المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬توحي بمعاف دقيقة تؤيد‬ ‫إف الصياغة التي جاء بيا ّ‬ ‫ّ‬
‫وقوع الطبلؽ بإرادة الزوج‪ ،‬ومف تاريخ التمفظ بو‪ ،‬وليس مف تاريخ صدور الحكـ بإثباتو‪،‬‬
‫يتـ بإرادة الزوج‪،‬‬
‫ميز في المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ بيف َح ّؿ عقد الزواج بالطبلؽ الذي ّ‬
‫فالمشرع ّ‬
‫وبيف َح ّْؿ عقد الزواج بطمب مف الزوجة‪ ،‬فالصورة األولى استعمؿ فييا المشرع عبارة " ّ‬
‫يتـ‬
‫قوية‬
‫بإرادة الزوج" بينما الصورة الثانية استعمؿ عبارة "بطمب مف الزوجة"‪ ،‬وفي ذلؾ إشارة ّ‬
‫أف الحكـ بالطبلؽ بإرادة الزوج المنفردة ما ىو إالّ حكـ كاشؼ ُيثْبِ ُ‬
‫ت إرادة الزوج‪،‬‬ ‫عمى ّ‬
‫بينما الصورة الثانية ال يقع ح ّْؿ عقد الزواج فييا إالّ بعد صدور الحكـ القضائي بالتطميؽ‬
‫تقدـ طمبا لمقاضي مف أجؿ ح ّؿ عقد الزواج‪ ،‬ولو‬
‫أو الخمع‪ ،‬فالزوج يطمّؽ بإرادتو‪ ،‬والزوجة ّ‬
‫سوى المشرع بيف الصورتيف الختمفت صياغة النص إلى صياغة أخرى مفادىا‪ُ " :‬يح ّؿ‬ ‫ّ‬
‫عقد الزواج بطمب مف الزوج‪ ،‬أو بطمب مف الزوجة‪ ،‬أو بتراضي الزوجيف"‪.‬‬
‫إف الدور الذي يقوـ بو القاضي عند الحكـ بالطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج ىو‬
‫ّ‬
‫دور محدود‪ ،‬حصره المشرع في التأ ّكد مف إرادة الزوج في طمب الطبلؽ‪ ،‬وفقا لنص المادة‬
‫‪ 450‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬عمى خبلؼ الدور الذي يقوـ بو عند الحكـ بالتطميؽ أو الخمع‪ ،‬حيث‬
‫المدعمة لطمب التطميؽ‪ ،‬ويفصؿ‬
‫ّ‬ ‫يعايف ويكيؼ الوقائع المعتمد عمييا في تأسيس األسباب‬
‫في مدى تأسيس الطمب‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 451‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وبالتالي دور القاضي‬
‫سمبي في الحكـ بالطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،2‬ويقتصر دوره عمى إثبات الطبلؽ الذي‬
‫ويسنده إلى تاريخ وقوعو‪.‬‬
‫وقع بإرادة الزوج‪ ،‬فيصدر حكما تقريريا كاشفا بإثبات الطبلؽ‪ُ ،‬‬

‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1984/12/03‬رقـ ‪ ،35026‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1989‬العدد ‪ ،4‬ص ‪.86‬‬


‫يؤكد ذلؾ قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ ،1999/02/16‬تحت رقـ ‪ 216250‬عف غرفة شؤوف األسرة‬ ‫‪2‬‬

‫أف‬
‫تبيف في قضية الحاؿ ّ‬ ‫والمواريث‪ ،‬مجمة االجتياد القضائي‪ ،‬عدد خاص‪ ،2001 ،‬ص ‪ ،103‬حيث جاء فيو‪ " :‬متى ّ‬
‫بأف الزوج‬
‫أف المجمس أجرى تحقيقا وسمع الشيود الذيف أ ّكدوا ّ‬
‫الطبلؽ وقع بيف الطرفيف أماـ جماعة مف المسمميف‪ ،‬و ّ‬
‫فإف القضاة‬
‫طمّؽ فعبل المطعوف ضدىا أماـ جماعة مف المسمميف‪ ،‬وبالتالي فبل يحؽ أف يتراجع عف ىذا الطبلؽ‪ ،‬وعميو ّ‬
‫طبقوا تطبيقا صحيح لمقانوف"‪.‬‬
‫بقضائيـ بإثبات الطبلؽ العرفي ّ‬
‫‪266‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بإرادتو المنفردة‪ ،‬حتى دوف‬
‫يحؽ لمزوج في الشريعة اإلسبلمية ف ّ‬
‫ّ‬
‫موافقة الزوجة‪ ،‬حيث يمارس حقا إراديا غير مقيد بقبوؿ الطرؼ الثاني في العقد‪ ،‬ويعتبر‬
‫ألف الزوج صاحب‬ ‫ؾ الرابطة الزوجية باإلرادة المنفردة لمزوج حكما كاشفا‪ّ ،‬‬
‫الحكـ بف ّ‬
‫العصمة‪ ،‬ولو حؽ إرادي في إنشاء مركز قانوني جديد وىو الطبلؽ‪ ،‬بعد إنشائو مرك از‬
‫قانونيا قديما وىو عقد الزواج‪ ،‬ويستعمؿ الزوج حقّو بمجرد اإلعبلف عف إرادتو‪ ،‬ويترتب‬
‫األثر القانوني مف تاريخ ىذا اإلعبلف‪ ،‬وىو انقضاء المركز القانوني الناشئ عف عقد‬
‫ت بو الطبلؽ ‪-‬الوارد في المادة ‪ 49‬مف‬
‫الزواج‪ ،‬حيث ال يعتبر الشكؿ القانوني الذي َيثُْب ُ‬
‫ؽ‪.‬أ‪ -‬حائبل دوف ترتيب األثر القانوني لحؽ الزوج في إيقاع الطبلؽ‪ ،‬ودور القاضي عند‬
‫إصدار الحكـ المثبت لمطبلؽ ىو دور سمبي‪ ،‬وال يتدخؿ في األسباب التي دعت الزوج‬
‫لمطبلؽ‪ ،‬واّنما ينحصر دوره فقط في التأ ّكد مف إرادة الزوج في طمب الطبلؽ‪.‬‬
‫بأف إرادة الزوج صارت عاجزة لوحدىا عف ترتيب األثر القانوني‪،‬‬ ‫إف القوؿ ّ‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫ألف المشرع‬
‫إالّ باستيفاء الشكؿ القانوني المقرر في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ ‪ ،‬ىو قوؿ منتقد‪ّ ،‬‬
‫نما يتحدث المشرع عف اإلثبات فقط‪ ،‬فنص‬
‫لـ ينص عمى عدـ وقوع الطبلؽ إال بحكـ‪ ،‬وا ّ‬
‫المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ جاء فيو عبارة " ال يثبت الطبلؽ إال بحكـ"‪ ،‬وليس عبارة " ال يقع‬
‫الطبلؽ إال بحكـ"‪ ،‬والتي أخذ بيا المشرع التونسي‪ ،‬وبالتالي تبقى إرادة الزوج ىي التي‬
‫عتد بتاريخ إيقاع الزوج لمطبلؽ‪ ،‬وليس بتاريخ‬
‫وي ّ‬‫توقع الطبلؽ وليس الحكـ القضائي‪ُ ،‬‬
‫عد ة المطمقة مف تاريخ تصريح الزوج بالطبلؽ‪ ،‬وليس‬
‫صدور الحكـ الذي ُيثبتو‪ ،‬وتسري ّ‬
‫مف تاريخ صدور الحكـ‪.‬‬
‫انطبلقا مف ىذه الطبيعة التي يكتسييا حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬كونو حكما‬
‫أف دور القاضي فيو‬‫كاشفا‪ ،‬و ّأنو أقرب إلى العمؿ الوالئي منو إلى العمؿ القضائي‪ ،‬و ّ‬
‫سمبي‪ ،‬وجب عدـ إتاحة المجاؿ لمطعف فيو بأي طريؽ مف طرؽ الطعف العادية أو غير‬
‫العادية‪ ،‬التي يخضع ليا العمؿ القضائي‪ ،‬والمقررة لمطعف في األحكاـ القضائية‪ ،‬وذلؾ‬
‫حتى نراعي خصوصية أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪.‬‬

‫عمر زودة‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.107‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪267‬‬
‫‪ -2‬طبيعة الحكم القضائي الصادر بالتطميق‬
‫يكاد ُيجمع الفقياء عمى اعتبار الحكـ الصادر بالتطميؽ حكما منشئا‪ ،‬حيث يرى‬
‫قدمت الزوجة طمبا‬
‫أف التطميؽ ال يكوف لو أي أثر‪ ،‬إال إذا ّ‬
‫األستاذ لمطاعي نور الديف ّ‬
‫إلى القاضي ألجؿ ذلؾ‪ ،‬وبالتالي ال وجود لمتطميؽ إال ابتداء مف تاريخ صدور الحكـ‬
‫الذي يقضي بالتطميؽ‪ ،‬فالحكـ ىو الذي ينشأ المركز القانوني الجديد لكبل الزوجيف‪ ،‬مما‬
‫يجعؿ الحكـ الصادر بالتطميؽ حكما منشئا‪.1‬‬
‫أف الزوجة عندما ترفع طمب التطميؽ إلى القاضي‪ ،‬فيي‬ ‫ويرى األستاذ عمر زودة ّ‬
‫تستند إلى دخوؿ القاعدة القانونية في أزمة‪ ،‬تنشأ عف إخبلؿ الزوج بالتزاماتو القانونية‪ ،‬لذا‬
‫فالحكـ الصادر بالتطميؽ ىو حكـ قضائي‪ ،‬وليس أم ار والئيا أو إداريا‪ ،‬وىو يخضع لمنظاـ‬
‫‪2‬‬
‫أف القضاء بإنياء العبلقة الزوجية‪،‬‬
‫القانوني لؤلعماؿ القضائية ‪ ،‬كما استخمص األستاذ ّ‬
‫سواء تعمّؽ األمر بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع أو غيرىا مف فرؽ الطبلؽ‪ ،‬ىو قضاء‬
‫منشئ‪ ،‬يترتّب عنو إنياء المركز القانوني الناشئ عف عقد الزواج‪.3‬‬
‫كما يرى األستاذ تقية عبد الفتاح أف طمب الطبلؽ المنفردة لمزوجة " التطميؽ" ىي‬
‫أف الحاالت المحددة في المادة ‪ 53‬و ‪ 53‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‬
‫تتـ إال بحكـ قضائي‪ ،‬و ّ‬
‫مسألة ال ّ‬
‫أف طبيعة الحكـ الصادر بالتطميؽ ىو‬
‫ىي حاالت مستعصية تتطمب الح ّؿ القضائي‪ ،‬و ّ‬
‫وينشئ مرك از قانونيا‬
‫حكـ منشئ‪ ،‬حيث ُينيي مرك از قانونيا قديما ناشئا عف عقد الزواج‪ُ ،‬‬
‫جديدا‪.4‬‬
‫ألف الحكـ بالتطميؽ‬
‫أف طبيعة الحكـ الصادر بالتطميؽ ىو حكـ منشئ‪ّ ،‬‬ ‫وأعتقد ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‬‫يتـ إال بتقديـ الزوجة طمبا إلى القضاء‪ ،‬فالزوجة ال تستطيع ف ّ‬
‫ال ّ‬
‫وتبيف توافر إحدى الحاالت المنصوص‬‫بإرادتيا المنفردة‪ ،‬وىي ترفع أمرىا إلى القاضي‪ّ ،‬‬
‫صحة مزاعميا‪ ،‬حتى يحكـ‬
‫ّ‬ ‫عنيا في المادة ‪ 53‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث يتأ ّكد القاضي مف‬
‫يتـ الكشؼ عنو‬
‫فإف الزوجة ال تنشئ التطميؽ حتى ّ‬
‫ثـ ّ‬
‫بالتطميؽ بينيا وبيف زوجيا‪ ،‬ومف ّ‬

‫عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.73‬‬ ‫لمطاعي نور الديف‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬

‫زودة عمر‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية وأثر الطعف فييا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.138‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.100‬‬ ‫‪3‬‬

‫تقية عبد الفتّاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.49-48‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪268‬‬
‫مف القاضي‪ ،‬واّنما لمقاضي سمطة تقديرية في االستجابة لطمب الزوجة مف عدمو‪ ،‬وقد‬
‫أف القاضي ىو الذي ُينشأ المركز‬
‫جميا ّ‬
‫يقبؿ دعواىا أو يرفضيا لعدـ التأسيس‪ ،‬مما يظير ّ‬
‫القانوني الجديد لمزوجيف‪ ،‬وليس الزوجة‪.‬‬
‫كما يؤكد المشرع مف خبلؿ نص المادة ‪ 451‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ الدور االيجابي الذي‬
‫يقوـ بو القاضي عند فصمو في دعوى التطميؽ‪ ،‬حيث جاء في نص المادة‪" :‬يعايف‬
‫ويكيؼ الوقائع المعتمد عمييا في تأسيس األسباب المدعمة لطمب التطميؽ طبقا‬
‫القاضي ّ‬
‫ألحكاـ قانوف األسرة‪ .‬ويفصؿ في مدى تأسيس الطمب‪ ،‬آخذا بعيف االعتبار الظروؼ التي‬
‫قدـ فييا‪ .‬يمكف لمقاضي أف يتخ ّذ كؿ التدابير التي يراىا مبلئمة‪ ،‬ال سيما األمر بالتحقيؽ‬
‫ّ‬
‫يتعيف عمى القاضي تسبيب اإلجراء المأمور بو إذا‬ ‫أو بخبرة طبية أو االنتقاؿ لممعاينة‪ّ .‬‬
‫يحؽ لمقاضي أف يطمّؽ زوجة مف زوجيا جبرا‪ ،‬إالّ إذا توافرت‬
‫تعمّؽ بخبرة طبية"‪ ،‬حيث ال ّ‬
‫إحدى الحاالت العشر المذكورة في المادة ‪ 53‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وال يكفي عدـ رغبة الزوجة في‬
‫البقاء مع زوجيا كسبب لتطميقيا منو‪.‬‬
‫فالقاضي ال يكتفي بالتأ ّكد مف إرادة الزوجة في طمب التطميؽ‪ ،‬واّنما يبحث في‬
‫المقدـ مف قبميا‪ ،‬وتوافر حالة مف الحاالت المحددة في المادة ‪ 53‬مف‬
‫مدى تأسيس الطمب ّ‬
‫ؽ‪.‬أ التي تبرر طمب ا لتطميؽ‪ ،‬مف خبلؿ معاينتو وتكييفو لموقائع التي اعتمدت عمييا‬
‫الزوجة في طمب التطميؽ‪ ،‬ولو في سبيؿ ذلؾ اتخاذ ما يراه مناسبا مف التدابير التي يراىا‬
‫مبلئمة‪ ،‬كإجراء التحقيؽ أو األمر بخبرة طبية أو االنتقاؿ لممعاينة‪ ،‬فالفصؿ في طمب‬
‫جديا ومطابقة الوقائع بالنص‪ ،‬والموازنة بيف طمبات‬
‫التطميؽ يتطمب مف القاضي تحقيقا ّ‬
‫‪1‬‬
‫ثـ بعد ذلؾ إف ظير لو إخبلؿ الزوج‬‫الزوجة ودفوع الزوج‪ ،‬وتسبيب الحكـ تسبيبا كافيا ‪ّ ،‬‬
‫بأحد التزاماتو الناشئة عف عقد الزواج‪ ،‬والذي يؤدي ال محالة إلى االعتداء عمى مصمحة‬
‫وي ّبرر توافر حالة مف حاالت التطميؽ‪ ،‬فيكوف طمبيا مؤسسا‪ ،‬ويحكـ القاضي ليا‬ ‫الزوجة‪ُ ،‬‬
‫بالتطميؽ‪ ،‬وىو في ذلؾ يستعمؿ سمطتو التقديرية في تكييفو وتقديره لموقائع واألسباب التي‬
‫تقد ميا الزوجة‪ ،‬لذا فحكـ التطميؽ ىو حكـ منشئ لمركز قانوني جديد‪ ،‬يؤدي إلى انقضاء‬
‫ّ‬
‫مركز قانوني قديـ‪ ،‬وىو عمؿ قضائي محض‪ ،‬حيث ال يكوف لمتطميؽ أي وجود أو أثر إالّ‬

‫منصوري نورة‪ ،‬التطميؽ والخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.79‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪269‬‬
‫مف تاريخ صدور الحكـ بو‪ ،‬بعد تقديـ طمب التطميؽ مف الزوجة‪ ،‬لذا وجب إتاحة المجاؿ‬
‫لطرفيو لمطعف فيو بطرؽ الطعف العادية وغير العادية‪.‬‬
‫‪ -3‬طبيعة حكم الخمع‬
‫عرؼ الخمع لدى فقياء الشريعة عمى ّأنو طبلؽ عمى ماؿ‪ ،‬تفتدي بو الزوجة‬ ‫ُي ّ‬
‫وتقدمو لزوجيا‪ ،‬سواء كاف بمفظ الخمع‪ ،‬أو ما في معناه كالمبارأة‪ ،‬أو كاف بمفظ‬
‫نفسيا ّ‬
‫الطبلؽ‪ ، 1‬أما الفقو الحديث فقد اختمؼ في تكييؼ الخمع بيف مف يعتبره عقدا رضائيا بيف‬
‫رجؿ وامرأة عمى إنياء الحياة الزوجية مقابؿ بدؿ تدفعو الزوجة لزوجيا‪ ،‬ويعتبره البعض‬
‫إنياء لمحياة الزوجية بالت ارضي بيف الزوجيف أو بحكـ القاضي‪ ،‬عمى أف تدفع‬
‫ً‬ ‫اآلخر‬
‫يتعدى مبمغ المير المدفوع ليا‪.2‬‬
‫الزوجة لزوجيا مبمغا ماليا ال ّ‬
‫يتـ‬
‫أف ىناؾ اختبلفا بيف مف يعتبر الخمع عقدا رضائيا‪ ،‬يجب أف ّ‬
‫وبالتالي يظير ّ‬
‫أف لمزوجة أف ترفع‬
‫يتـ بحكـ مف القاضي‪ ،‬و ّ‬
‫باتفاؽ الزوجيف ورضاىما‪ ،‬وبيف مف يرى أنو ّ‬
‫أمرىا إلى القاضي ليحكـ بطبلقيا مف زوجيا عف طريؽ الخمع مقابؿ مبمغ مالي تدفعو‬
‫حؽ ليا تطالب بو حتى لو رفض الزوج ذلؾ‪ ،‬وليس لمقاضي أف يرفض‬ ‫لمزوج‪ ،‬فيو ٌ‬
‫بأي سمطة تقديرية في االستجابة لطمبيا‪ ،‬وىي في ذلؾ تساوي الرجؿ في‬
‫طمبيا‪ ،‬وال يتمتّع ّ‬
‫الحؽ الممنوح لو بإنياء العبلقة الزوجية بإرادتو المنفردة‪ ،‬حتى لو رفضت الزوجة ذلؾ‪.‬‬
‫حد ذاتو‪ ،‬بؿ انتقؿ‬
‫إف االختبلؼ بيف الفقياء لـ يقتصر حوؿ تكييؼ الخمع في ّ‬
‫ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ‬‫إلى االختبلؼ حوؿ الطبيعة القانونية لمحكـ الصادر بف ّ‬
‫الخمع‪ ،‬ىؿ ىو حكـ منشئ أو كاشؼ؟‬
‫أف المشرع في المادة ‪54‬‬
‫الرأي األوؿ‪ :‬يرى األستاذ لحسيف بف الشيخ آث ممويا ّ‬
‫مف ؽ‪.‬أ جعؿ إنشاء الخمع مف صبلحيات القاضي‪ ،3‬و ّأنو سواء اتّفؽ الزوجاف عمى الخمع‬
‫فإنو ال بد لنفاذ الخمع أف ينطؽ بو القاضي بموجب حكـ قضائي‪ ،‬واعتبر حكـ‬
‫أـ لـ يتّفقا‪ّ ،‬‬

‫اإلماـ أبو زىرة‪ ،‬األحواؿ الشخصية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.329‬‬ ‫‪1‬‬

‫عمر زودة‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.115‬‬ ‫‪2‬‬

‫لحسيف بف الشيخ آث ممويا‪ ،‬رسالة في طبلؽ الخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.194‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪270‬‬
‫القاضي في حالة االتّفاؽ حكما كاشفا لو باإلشياد لمزوجيف عمى الطبلؽ بالتراضي‬
‫بواسطة الخمع‪ ،‬بينما يعتبر الحكـ منشئا في حالة عدـ اتّفاؽ الزوجيف عمى الخمع‪.1‬‬
‫يكوف بإرادة‬ ‫أف ح ّؿ الرابطة الزوجية قد‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫الرأي الثاني‪ :‬يعتبر األستاذ عمرو خميؿ ّ‬
‫أف ىذا الحؽ الذي ُمنح لممرأة‪ ،‬قد جعميا عمى قدـ المساواة مع‬
‫الزوجة عف طريؽ الخمع‪ ،‬و ّ‬
‫الرجؿ فيما يتعمؽ بإنياء العبلقة الزوجية‪ ،‬حيث أصبح لكؿ واحد منيما الحؽ في إنياء‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص المادة ‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ‪.2‬‬
‫أف الحكـ الصادر بالتطميؽ خمعا ال يأتي إال تثبيتا‬
‫يعتبر األستاذ فضيؿ سعد ّ‬
‫ُ‬ ‫كما‬
‫ألمر حصؿ بيف الزوجيف مف قبؿ‪ ،‬وال يكوف دور الحكـ إال كاشفا لمطبلؽ فقط‪.3‬‬
‫أف‬
‫الرأي الثالث‪ :‬األستاذ لمطاعي نور الديف فيو يرى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬حيث يعتبر ّ‬
‫قدمت الزوجة طمبا إلى القاضي مف أجؿ تطميقيا خمعا‪،‬‬
‫الخمع ال يكوف لو أي أثر إال إذا ّ‬
‫وبالتالي ال وجود لمخمع إال ابتداء مف تاريخ صدور الحكـ الذي يقضي بالخمع‪ ،‬فالحكـ ىو‬
‫الذي ينشأ المركز القانوني الجديد لكبل الزوجيف‪ ،‬مما يجعؿ الحكـ الذي يقضي بالتطميؽ‬
‫خمعا حكما منشئا‪.4‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ الخمع حكما‬‫بأف طبيعة الحكـ الصادر بف ّ‬‫وأعتقد ّ‬
‫منشئا‪ ،‬وذلؾ لنفس األسباب التي ّبررنا بيا اعتبار حكـ التطميؽ حكما منشئا‪ ،‬فالمركز‬
‫ظيَ ْر إلى الوجود إال مف تاريخ صدور الحكـ‬ ‫القانوني الجديد لمزوجيف ال َينش ْأ وال َي ْ‬
‫أف عمى الزوجة تقديـ طمب الخمع إلى القاضي‪ ،‬الذي يبحث في مدى‬ ‫بالتطميؽ خمعا‪ ،‬و ّ‬
‫تأسيس الطمب‪ ،‬وقد يستجيب لطمبيا وقد يرفضو‪ ،‬وال يعتبر التطميؽ بالخمع طبلقا بائنا إالّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ الخمع‪ ،‬وال تجوز فيو الرجعة بعد صدور‬
‫بصدور الحكـ بف ّ‬
‫العدة‪ ،‬عمى خبلؼ الطبلؽ بإرادة الزوج يعتبر‬
‫الحكـ إال بعقد جديد‪ ،‬حتى ولو لـ ينتو أجؿ ّ‬
‫العدة‪ ،‬ما لـ يكمؿ الثبلث‪ ،‬وعمى قوؿ مف يعتبر أف حكـ القاضي بالخمع‬
‫رجعيا إذا لـ تنتو ّ‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.183‬‬ ‫‪1‬‬

‫عمرو خميؿ‪ ،‬الطعف في األحكاـ القضائية الصادرة بالطبلؽ‪ ،‬مجمة البحوث والدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬مجمة كمية‬ ‫‪2‬‬

‫الحقوؽ‪ ،‬جامعة سعد دحمب‪ ،‬البميدة‪ ،2011 ،‬ص ‪.206‬‬


‫فضيؿ سعد‪ ،‬شرح قانوف األسرة الجزائري في الزواج والطبلؽ‪ ،‬ج ‪ ،1‬المؤسسة الوطنية لمكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،1989 ،‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫‪.340-339‬‬
‫عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫لمطاعي نور الديف‪ّ ،‬‬
‫‪4‬‬

‫‪271‬‬
‫حكما كاش فا‪ ،‬فيؿ يمكف القوؿ أنو بمجرد اتفاؽ الزوجيف عمى الخمع بينيما – في حالة‬
‫االتفاؽ‪ -‬تبيف الزوجة مف زوجيا؟ أـ عمييما التوجو إلى القضاء مف أجؿ إصدار حكـ‬
‫أف أحدا مف القائميف بأف حكـ الخمع كاشفا يقوؿ بأف الزوجة تبيف‬
‫يقضي بالخمع؟ ال أعتقد ّ‬
‫مف زوجيا بمجرد اتفاؽ الزوجيف عمى الخمع‪ ،‬بؿ البد مف صدور حكـ يقضي بالخمع‪،‬‬
‫فالحكـ إذا ىو الذي ينشئ الخمع‪ ،‬وىو الذي يرتب مراكز قانونية جديدة لكبل الزوجيف‪.‬‬
‫كما أنو بالنظر إلى الدور الذي يقوـ بو القاضي عند نظره دعوى الخمع‪ ،‬يتعيف‬
‫الرجوع إلى نص المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ التي تحدث فييا المشرع عف ح ّؿ عقد الزواج بطمب‬
‫مف الزوجة في حدود المادة ‪ 54‬مف نفس القانوف‪ ،‬وكذا الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 451‬مف‬
‫ويكيؼ الوقائع المعتمد عمييا في طمب‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬التي جاء فييا‪ " :‬يعايف القاضي أيضا ّ‬
‫أف الزوجة ال تممؾ حؽ‬
‫النصيف ّ‬
‫ّ‬ ‫الخمع طبقا ألحكاـ قانوف األسرة"‪ ،‬حيث يظير مف ىذيف‬
‫الطبلؽ بالخمع بإرادتيا المنفردة‪ ،‬عمى خبلؼ مف قاؿ أف الخمع ىو طبلؽ الزوجة بإرادتيا‬
‫المنفردة‪ ،‬واّنما يجب عمييا تقديـ طمب إلى القاضي الذي يفصؿ في مدى تأسيس طمبيا‬
‫بعد دراستو‪ ،‬وقد يستجيب لطمبيا وقد يرفضو‪ ،‬ومف أسباب الرفض مثبل كوف العبلقة‬
‫الزوجية قد ُحمَّ ْ‬
‫ت ق بؿ طمب الخمع‪ ،‬وذلؾ إذا بانت الزوجة مف زوجيا بطبلؽ رجعي بعد‬
‫عدتيا‪ ،‬فبل يصح منيا الخمع بعد ذلؾ‪.1‬‬‫انتياء ّ‬
‫وبالتالي دور القاضي في الحكـ بالخمع دور إيجابي‪ ،‬فعميو البحث في الطمب‬
‫ويكيؼ الوقائع التي استندت عمييا الزوجة‬
‫المقدـ مف قبؿ الزوجة بغرض الخمع‪ ،‬ويعايف ّ‬
‫ّ‬
‫في طمبيا‪ ،‬واف كانت الزوجة غير ممزمة ببياف األسباب التي دعتيا لطمب الخمع‪ ،‬كما‬
‫ال يشترط موافقة الزوج عمى فراقيا خمعا‪ ،2‬واّنما عمى القاضي التدخؿ عند عدـ االتفاؽ‬
‫بيف الزوجيف عمى مقابؿ الخمع‪ ،‬بتحديده بما ال يتجاوز صداؽ المثؿ وقت صدور الحكـ‪،‬‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬لذلؾ يعتبر الحكـ الصادر بالخمع حكما منشئا‪ ،‬حيث‬
‫تبقى العبلقة الزوجية قائمة إلى حيف صدور حكـ الخمع‪ ،‬وال وجود لمركز قانوني جديد‪،‬‬
‫وال أثر لو إالّ مف تاريخ صدور الحكـ بالخمع‪ ،‬بعد تقديـ الزوجة طمبا بذلؾ‪.‬‬

‫بف ىبري عبد الحكيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.204‬‬ ‫‪1‬‬

‫وىو الموقؼ الذي تبناه المشرع الجزائري في المادة ‪ 54‬مف قانوف األسرة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪272‬‬
‫ّإنو انطبلقا مف الدور اإليجابي الذي يقوـ بو القاضي في دعوى الخمع‪ ،‬وكذا مما‬
‫أف الزوجة ال تنشئ الطبلؽ بإرادتيا المنفردة‪ ،‬واّنما ترفع أمرىا‬
‫ىو مقرر شرعا مف كوف ّ‬
‫فإف الحكـ الذي يقضي بفؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ الخمع‬
‫إلى القاضي الذي يطمّقيا‪ّ ،‬‬
‫ىو حكـ منشئ لمركز قانوني جديد‪ ،‬ويمكف تصنيفو عمى أنو عمؿ قضائي يجوز الطعف‬
‫فيو بطرؽ الطعف العادية وغير العادية‪.‬‬
‫نص الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 451‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬يوحي‬
‫أف ّ‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫يتقيد ‪-‬عند فصمو في النزاع‪ -‬بالتكييؼ الذي‬
‫بمعنى جدير بالذكر‪ ،‬حيث عمى القاضي أالّ ّ‬
‫جاء في عريضة دعوى الخمع‪ ،‬فقد تستند الزوجة عمى الوقائع المعروضة مف قبميا مف‬
‫أف ىذه الوقائع قد تُ ّبرر طمب التطميؽ ال الخمع‪ ،‬وبالتالي‬
‫أجؿ تبرير طمب الخمع‪ ،‬في حيف ّ‬
‫يتقيد بتكييؼ الزوجة‬
‫وجب عمى القاضي أف يعتمد عمى معاينتو وتكييفو لموقائع‪ ،‬وال ّ‬
‫أو وكيميا أو محامييا الذي جاء في عريضة الدعوى‪ ،‬باعتبار أف مسألة التكييؼ مسألة‬
‫‪1‬‬
‫أف‬
‫قانونية ‪ ،‬وىي تدخؿ في مياـ القاضي ال المتقاضي‪ ،‬ودوره إيجابي فييا‪ ،‬في حيف ّ‬
‫عرض الوقائع ىي مف اختصاص المتقاضي‪ ،‬وال يجوز لمقاضي الزيادة فييا أو اإلنقاص‬
‫مقيد بما يقدمو الخصوـ مف وقائع‪ ،‬ودوره سمبي في مجاؿ الوقائع‪ ،‬وبالتالي إذا‬
‫منيا‪ ،‬وىو ّ‬
‫أسست دعواىا عمى أحد األسباب المحددة في المادة ‪ 53‬مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬ ‫طمبت الزوجة الخمع و ّ‬
‫فإف القاضي بما لو مف دور إيجابي في التكييؼ‪ ،‬ليس‬
‫ادعاءاتيا‪ّ ،‬‬
‫صحة ّ‬
‫وقدمت ما ُيثبت ّ‬
‫ّ‬
‫توصؿ‬
‫ّ‬ ‫يتقيد بالتكييؼ الوارد في عريضة الدعوى‪ ،‬بؿ يفصؿ في الدعوى وفؽ ما‬
‫لو أف ّ‬
‫نص عميو المشرع في الفقرة األولى مف المادة‬
‫إليو ىو مف تكييؼ قانوني صحيح‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫‪ 29‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،2‬وبناء عمى ذلؾ لو أف يحكـ بالتطميؽ بدال عف الخمع‪ ،‬وال يعتبر ذلؾ‬
‫خروجا عمى مبدأ حياد القاضي‪.3‬‬

‫نور الديف لمطاعي‪ ،‬سمطة قاضي شؤوف األسرة في التكييؼ القانوني لموقائع‪ ،‬دورة تكوينية حوؿ موضوع قاضي قسـ‬ ‫‪1‬‬

‫شؤوف األسرة‪ ،‬المدرسة العميا لمقضاء‪ ،‬أفريؿ ‪.2015‬‬


‫تنص الفقرة األولى مف المادة ‪ 29‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى ما يمي‪ " :‬يكيؼ القاضي الوقائع‬ ‫‪2‬‬

‫والتصرفات محؿ النزاع التكييؼ القانوني الصحيح‪ ،‬دوف التقيد بتكييؼ الخصوـ"‬
‫نور الديف لمطاعي‪ ،‬سمطة قاضي شؤوف األسرة في التكييؼ القانوني لموقائع‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪273‬‬
‫‪ -4‬طبيعة حكم الطالق بالتراضي‬
‫المشرع صور الطبلؽ في المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وذكر مف بينيا الطبلؽ الذي‬ ‫ّ‬ ‫عدد‬
‫ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية وفؽ‬‫يتـ بتراضي الزوجيف‪ ،‬حيث يتراضى الزوجاف ويتّفقاف عمى ف ّ‬ ‫ّ‬
‫فيتـ الطبلؽ باإلرادة المشتركة لكبل الزوجيف‪ ،‬وعميو يجب أف تتوافؽ إرادة‬
‫شروط معينة‪ّ ،‬‬
‫أما إذا لـ تتفؽ إرادتيما‬
‫الزوج مع إرادة الزوجة حتى نكوف أماـ صورة الطبلؽ بالتراضي‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وخالؼ اآلخر ىذه اإلرادة‪ ،‬فنكوف‬‫عمى الطبلؽ‪ ،‬بأف أراد أحدىما ف ّ‬
‫أماـ صورة أخرى مف صور الطبلؽ‪ ،‬كالطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬أو التطميؽ‬
‫أو الخمع بطمب مف الزوجة‪.‬‬
‫واختمفت آراء الفقياء حوؿ طبيعة الحكـ بالطبلؽ بالتراضي بيف الزوجيف‪ ،‬بيف‬
‫مف يعتبره حكما كاشفا أو منشئا‪.‬‬
‫أف حكـ الطبلؽ بالتراضي‬
‫الرأي األوؿ‪ :‬يرى األستاذ لحسيف بف الشيخ آث ممويا ّ‬
‫أف‬
‫يتضمف إشيادا لمطرفيف عمى طبلقيما بالتراضي‪ ،‬وأف القاضي لـ ينشئ الطبلؽ‪ ،‬و ّ‬
‫الزوجيف مف أوجداه إلى حيز الوجود‪ ،‬وأف دور القاضي سمبي يكتفي باإلشياد ليما بذلؾ‪،‬‬
‫أف حكـ القاضي ىو حكـ مقرر لمطبلؽ‪ ،‬وليس حكما منشئا لو‪ ،‬وأف الحكـ ُيثبت الطبلؽ‬ ‫وّ‬
‫الذي يقع بائنا‪.1‬‬
‫أف الحكـ الذي يؤكد الطبلؽ الناشئ مف قبؿ نتيجة‬
‫كما يرى األستاذ فضيؿ سعد ّ‬
‫اتّفاؽ الزوجيف عميو‪ ،‬يأتي تثبيتا ألمر حصؿ مف قبؿ‪ ،‬فالحكـ لـ يقـ إال بدور كاشؼ‬
‫لمطبلؽ‪ ،‬ومف أمثمة الحكـ الكاشؼ اتفاؽ الزوجاف عمى الطبلؽ‪ ،‬طبقا ألحكاـ المادة ‪48‬‬
‫مف ؽ‪.‬أ‪.2‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬بينما يرى األستاذ عمر زودة أنو ال وجود لمطبلؽ بالتراضي في‬
‫أف االتفاؽ الوحيد الذي يمكف أف يقع بيف الزوجيف إلنياء العبلقة‬
‫الشريعة اإلسبلمية‪ ،‬و ّ‬
‫الزوجية‪ ،‬ىو االتفاؽ الذي يقع في إطار أحكاـ الخمع‪ ،‬وأنو ال وجود لتوافؽ إرادتيف عمى‬
‫الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬واّنما الزوج ىو مف يممؾ العصمة وبيده الطبلؽ‪ ،‬وال يحتاج لموافقة‬
‫الزوجة‪ ،‬أو توافؽ إرادتو مع إراداتيا‪ ،‬واّنما التوافؽ يمكف أف يحدث بعد ذلؾ عمى توابع‬

‫لحسيف بف الشيخ آث ممويا‪ ،‬المنتقى في قضاء األحواؿ الشخصية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.257‬‬ ‫‪1‬‬

‫فضيؿ سعد‪ ،‬شرح قانوف األسرة الجزائري في الزواج والطبلؽ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.240‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪274‬‬
‫يتـ بموجب قرار والئي وليس بحكـ‬
‫أف الطبلؽ ّ‬‫ؾ العصمة‪ ،‬كالنفقة أو الحضانة‪ ،‬و ّ‬
‫فّ‬
‫قضائي‪ ،‬لعدـ وجود نزاع بيف الزوجيف‪ ،‬أما توابع العصمة فيفصؿ فييا بموجب حكـ‬
‫قضائي‪.1‬‬
‫أف حكـ‬
‫الرأي الثالث‪ :‬أما األستاذ لمطاعي نور الديف فيرى عمى خبلؼ ذلؾ‪ّ ،‬‬
‫الطبلؽ بالتراضي ىو حكـ منشئ‪ ،‬و ّأنو ال وجود لمطبلؽ إال إذا صدر حكـ بذلؾ‪ ،‬فبل‬
‫يكفي اتفاؽ الزوجيف عمى الطبلؽ بالتراضي حتى ينشأ مركز قانوني جديد‪ ،‬بؿ ال بد عمى‬
‫الزوجيف تقديـ طمب مشترؾ إلى المحكمة‪ ،‬التي تُصدر حكما بالطبلؽ بالتراضي‪ ،‬فينشأ‬
‫الطبلؽ مف تاريخ صدور الحكـ‪ ،‬ال مف تاريخ اتفاؽ الزوجيف عمى الطبلؽ‪.2‬‬
‫ألف الحكـ‬
‫وأعتقد بأف الحكـ بالطبلؽ بالتراضي بيف الزوجيف‪ ،‬ىو حكـ منشئ‪ّ ،‬‬
‫وينشئ المركز القانوني الجديد لمزوجيف‪،‬‬
‫القضائي ىو الذي ُيظير الطبلؽ إلى الوجود‪ُ ،‬‬
‫أف القاضي ىو مف ُينشأ الطبلؽ‪ ،‬ويكتفي الزوجاف بتقديـ عريضة مشتركة مف أجؿ طمب‬ ‫وّ‬
‫ينصب عمى‬
‫ّ‬ ‫ألف اتّفاؽ الزوجيف ال‬
‫إصدار حكـ بح ّؿ الرابطة الزوجية بينيما بالتراضي‪ّ ،‬‬
‫ثـ عمى اآلثار المترتبة عميو‪ ،‬فيو طبلؽ‬
‫ينصب عمى الطبلؽ أوال‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫توابع الطبلؽ فقط‪ ،‬بؿ‬
‫بإرادة مشتركة لكبل الزوجيف‪ ،‬يوقعو القاضي بحكـ منشئ‪.‬‬
‫إف الدور الذي يقوـ بو القاضي في الحكـ بالطبلؽ بالتراضي‪ ،‬واف كاف محددا‬ ‫ّ‬
‫ضيؽ‪ ،‬إال ّأنو ال يمكف أف ُننكر الدور اإليجابي الذي يقوـ بو عند الحكـ‬
‫قانونا وفي نطاؽ ّ‬
‫بالطبلؽ بالتراضي‪ ،‬حيث ّأنو بالرغـ مف اتفاؽ الزوجيف عمى الطبلؽ بالتراضي وتفاىميما‬
‫عمى شروطو‪ ،‬إالّ أنو عمى القاضي أف يتأ ّكد مف إرادة الزوجيف الفعمية في الطبلؽ‪ ،‬وذلؾ‬
‫ثـ معا‪ ،‬ويحاوؿ الصمح بينيما‪ ،‬ويراقب الشروط المتّفؽ‬‫بسماع كؿ واحد منيما عمى انف ارد ّ‬
‫عمييا بيف الزوجيف مف حيث عدـ مخالفتيا لمنظاـ العاـ‪ ،‬وعدـ إضرارىا بمصمحة األوالد‪،‬‬
‫ثـ يصادؽ في النياية عمى إرادة الطرفيف في الطبلؽ‬‫ويحذؼ كؿ شرط يخالؼ ذلؾ‪ّ ،‬‬
‫بالتراضي بينيما‪ ،‬وعمى االتفاؽ المبرـ بينيما بعد تعديؿ شروطو إف استدعى األمر ذلؾ‪،‬‬
‫ويعتبر الحكـ الصادر بالطبلؽ بالتراضي بيف الزوجيف حكما منشئا‪ ،‬إذ ينشأ مرك از قانونيا‬
‫جديدا لمزوجيف‪ ،‬حيث ال وجود وال أثر لمطبلؽ إال مف يوـ صدور الحكـ‪.‬‬

‫زودة عمر‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.114-113‬‬ ‫‪1‬‬

‫لمطاعي نور الديف‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتوراه‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪275‬‬
‫وبالنظر إلى الدور الذي يقوـ بو القاضي عند إصداره حكـ الطبلؽ بالتراضي‪،‬‬
‫حيث ي قتصر دوره عمى اإلشياد بالمصادقة عمى االتفاؽ المبرـ بيف الزوجيف بفؾ الرابطة‬
‫فإف طبيعة ىذا الحكـ تكوف أقرب لمعمؿ الوالئي‬
‫الزوجية‪ ،‬وبالشروط المتفؽ عمييا بينيما‪ّ ،‬‬
‫منو إلى العمؿ القضائي‪ ،‬لذا فالمفترض عدـ قبوؿ الطعف فيو بطرؽ الطعف العادية وغير‬
‫العادية‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬تمييز صور الطالق من حيث الطعن بالمعارضة‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‬
‫يتطرؽ المشرع صراحة لموضوع قابمية األحكاـ الصادرة بف ّ‬
‫لـ ّ‬
‫لمطعف فييا بالمعارضة‪ ،‬فيؿ معنى ذلؾ تطبيؽ القواعد العامة؟ وبالتالي القوؿ بجواز‬
‫المعارضة في األحكاـ الغيابية المتعمقة بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع لعدـ وجود نص‬
‫أف ىناؾ اعتبارات أخرى يجب مراعاتيا لتحديد مدى جواز‬
‫صريح يمنع المعارضة‪ ،‬أـ ّ‬
‫المعارضة مف عدمو‪.‬‬
‫لئلجابة عمى ىذا التساؤؿ يتـ التمييز بيف صور الطبلؽ المختمفة مف حيث‬
‫قابميتيا لمطعف فييا بالمعارضة‪ ،‬وذلؾ عمى النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬الطعن بالمعارضة في أحكام الطالق باإلرادة المنفردة‬
‫اختمؼ الفقياء في مسألة قابمية األحكاـ الغيابية التي تقضي بالطبلؽ باإلرادة‬
‫المنفردة لمزوج لمطعف فييا بالمعارضة إلى رأييف اثنيف‪ ،‬األوؿ يرى جواز الطعف‬
‫بالمعارضة‪ ،‬والثاني يرى عدـ جوازىا‪ ،‬ولكؿ منيما حججو ومبرراتو‪ ،‬يتـ استعراضيا فيما‬
‫يمي‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬يرى أصحابو جواز المعارضة في أحكاـ الطبلؽ الغيابية‪ ،‬ويستدلوف‬
‫بنص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ التي جاء فييا‪ " :‬تكوف األحكاـ الصادرة في دعاوى الطبلؽ‬
‫والتطميؽ والخمع غير قابمة لبلستئناؼ فيما عدا جوانبيا المادية‪ .‬تكوف األحكاـ المتعمقة‬
‫أف المشرع اقتصر عمى ذكر‬ ‫بالحضانة قابمة لبلستئناؼ"‪ ،‬حيث اعتبر أصحاب ىذا الرأي ّ‬
‫عدـ جواز استئناؼ أحكاـ الطبلؽ الحضورية فقط‪ ،‬ولـ يتطرؽ إلى األحكاـ الغيابية التي‬
‫ألف المشرع لـ ينص عمى عدـ جواز المعارضة‪،‬‬
‫تبقى قابمة لمطعف فييا لممعارضة‪ّ ،‬‬

‫‪276‬‬
‫وبالتالي فيي مقبولة وجائزة طبقا لمقاعدة العامة‪ ،1‬ولو أراد المشرع منع المعارضة في‬
‫نص عمى منع االستئناؼ بنص‬
‫لنص عمى ذلؾ صراحة‪ ،‬كما ّ‬ ‫أحكاـ الطبلؽ الغيابية‪ّ ،‬‬
‫ألف الخروج عمى القواعد العامة ال يكوف إال بنص خاص‪ ،‬وال وجود لمثؿ ىذا‬
‫خاص‪ّ ،‬‬
‫النص‪.‬‬
‫أف القواعد العامة في مثؿ ىذا الشأف تجيز الطعف بالمعارضة في األحكاـ‬ ‫وبما ّ‬
‫الغيابية‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 328‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي تنص عمى أف األحكاـ والق اررات الغيابية تقبؿ‬
‫المعارضة فييا أماـ نفس الجية التي أصدرتيا‪ ،‬ما لـ ينص القانوف عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬وال‬
‫يوجد نص يستثني أحكاـ الطبلؽ الغيابية مف جواز الطعف فييا بالمعارضة‪ ،‬وبالتالي فيي‬
‫ألف نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ استثنى الطعف باالستئناؼ فقط‪.2‬‬
‫مقبولة وجائزة‪ّ ،‬‬
‫ويدعـ ىذا الرأي قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ ‪ 2009/02/11‬الذي جاء‬
‫أف ( تكوف األحكاـ الصادرة في‬
‫تنص صراحة عمى ّ‬‫أف المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ ّ‬ ‫فيو‪ " :‬حيث ّ‬
‫فإف المشرع يكوف قد‬
‫ثـ ّ‬‫دعاوى الطبلؽ والتطميؽ والخمع غير قابمة لبلستئناؼ ‪ )...‬ومف ّ‬
‫حصر عدـ القابمية لبلستئناؼ في األحكاـ الحضورية فقط‪ ،‬مستثنيا بذلؾ األحكاـ الغيابية‬
‫فإف قضاة المجمس بقضائيـ‬
‫التي تبقى دائما خاضعة لمطعف فييا بالمعارضة‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫بالمصادقة عمى الحكـ المستأنؼ‪ ،‬القاضي بعدـ قبوؿ المعارضة المرفوعة ضد الحكـ‬
‫الغيابي الصادر بتاريخ ‪ ، 2004/02/01‬القاضي بفؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ الخمع‪،‬‬
‫استنادا إلى أحكاـ المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ القاصرة فقط عمى األحكاـ الحضورية‪ ،‬يكونوف قد‬
‫فإف‬
‫أخطأوا في تطبيؽ المادة المذكورة‪ ،‬ولـ يبنوا قرارىـ عمى أساس قانوني سميـ‪ ،‬وعميو ّ‬
‫الوجو المثار مف قبؿ الطاعف في ىذا الشأف مؤسس‪ ،‬ويتعيف استنادا إليو لوحده ودوف‬
‫التطرؽ لبقية األوجو‪ ،‬القضاء بنقض وابطاؿ القرار المطعوف فيو‪ ،‬واحالة القضية والطرفيف‬
‫إلى نفس المجمس مشكمة مف ىيئة أخرى لمفصؿ فييا مف جديد طبقا لمقانوف"‪ ،3‬حيث‬

‫عمر زودة‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.139‬‬ ‫‪1‬‬

‫بف داود عبد القادر‪ ،‬الوجيز في شرح قانوف األسرة الجديد‪ ،‬دار اليبلؿ لمخدمات اإلعبلمية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪،2004‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪.124‬‬
‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2009/02/11‬رقـ ‪ ،09/00134‬غير منشور نقبل عف‬ ‫‪3‬‬

‫لحسيف بف شيخ آث ممويا‪ ،‬رسالة في طبلؽ الخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.256‬‬
‫‪277‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫أف المحكمة العميا ترى جواز المعارضة في أحكاـ ف ّ‬
‫جميا ّ‬
‫يظير ّ‬
‫ؾ‬
‫أف نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ القاصرة عمى منع االستئناؼ في أحكاـ ف ّ‬ ‫استنادا إلى ّ‬
‫الرابطة الزوجية الحضورية‪ ،‬وتبقى األحكاـ الغيابية تخضع لمقواعد العامة التي تجيز‬
‫المعارضة فييا‪.‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬يرى األستاذ نور الديف لمطاعي عدـ جواز المعارضة في أحكاـ‬
‫ألف نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ يشمؿ حالة واحدة فقط‪ ،‬وىي األحكاـ‬ ‫الطبلؽ الغيابية‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫يتحدث عف حكـ الطبلؽ الذي‬ ‫ّ‬ ‫الحضورية‪ ،‬وال يشمؿ األحكاـ الغيابية البتّة‪ ،‬فالمشرع‬
‫فصؿ القاضي في شقّيو‪ ،‬األوؿ المتعمؽ بالطبلؽ‪ ،‬والثاني المتعمؽ بالجانب المادي‪ ،‬أي‬
‫التوابع المالية لمطبلؽ‪ ،‬وذلؾ بحضور كبل الزوجيف‪ ،‬ألنو ال ُيتصور أف يفصؿ القاضي‬
‫الشؽ المادي لمطبلؽ في غياب المطمقة‪ ،‬بحيث لو لـ تحضر المدعى عمييا الجمسة‬ ‫ّ‬ ‫في‬
‫الشؽ المتعمؽ بالطبلؽ فقط‪ ،‬دوف الجوانب‬
‫ّ‬ ‫ص َؿ القاضي في‬
‫شخصيا أو بواسطة وكيميا لَفَ َ‬
‫ا لمادية لو‪ ،‬لعدـ حضور المدعى عمييا وعدـ تقديـ طمباتيا في الدعوى‪ ،‬لذا فالحكـ‬
‫المقصود بنص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ ىو الحكـ الحضوري‪ ،‬وبالتالي ال يمكف لممشرع أف‬
‫تحدث عف المعارضة في المادة ‪ 57‬مف‬
‫يتحدث عف المعارضة في حكـ حضوري‪ ،‬ولو ّ‬
‫فإف‬
‫ؽ‪.‬أ الرتكب خطأ فادحا‪ ،‬إذ ال تتصور المعارضة البتّة في حكـ حضوري‪ ،‬لذا ّ‬
‫استدالؿ مف قاؿ بجواز المعارضة في أحكاـ الطبلؽ بنص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬عمى‬
‫أف المشرع اقتصر عمى منع االستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬دوف منع المعارضة‪،‬‬
‫أساس ّ‬
‫يتحدث عف المعارضة وىو بصدد‬
‫يحؽ لممشرع أف ّ‬
‫ىو استدالؿ في غير محمّو‪ ،‬ألنو ال ُ‬
‫الشؽ المتعمؽ بتوابعو‬
‫الشؽ المتعمؽ بالطبلؽ‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫الحديث عف أحكاـ حضورية فصمت في‬
‫المادية بحضور المدعى عمييا‪ ،‬ىذا مف جية‪.1‬‬
‫بأف‬
‫أقر صراحة بموجب المادة ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ّ‬ ‫فالمشرع ّ‬
‫ّ‬ ‫ومف جية أخرى‬
‫الطعف بالنقض ال يوقؼ تنفيذ أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة والتطميؽ والخمع‪ ،‬كما أوجب‬
‫عمى النيابة العامة السعي في تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ في الحالة المدنية بموجب الفقرة‬
‫ألف تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ في الحالة المدنية يتعمّؽ‬
‫األخيرة مف نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬

‫نور الديف لمطاعي‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتوراه‪ .‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪278‬‬
‫بالنظاـ العاـ‪ ،‬وىو مف مقتضيات تنفيذ حكـ الطبلؽ‪ ،‬وال ُيتصور أف يأمر المشرع النيابة‬
‫العامة بالسعي في تنفيذ أحكاـ الطبلؽ بتسجيميا في الحالة المدنية‪ ،‬لو لـ يعتبرىا أحكاما‬
‫نيائية تصدر في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬وما دامت كذلؾ فيي ال تقبؿ الطعف فييا بأي وجو‬
‫مف أوجو الطعف العادية‪ ،‬ولو كانت المعارضة مقبولة في أحكاـ الطبلؽ الغيابية لما‬
‫أوجب المشرع تنفيذىا حتى تستنفذ آجاؿ الطعف بالمعارضة‪ ،‬أو بعد ممارستيا‪ ،‬حتى‬
‫ال تكوف عرضة لئللغاء بعد تنفيذىا‪ ،‬وىو ما لـ يوجبو المشرع‪.‬‬
‫أف القوؿ بجواز المعارضة في أحكاـ الطبلؽ الغيابية‪ ،‬مف أجؿ تمكيف‬ ‫كما ّ‬
‫المطمقة مف المطالبة بحقوقيا المادية المترتبة عمى الطبلؽ‪ ،‬والتي لـ تتمكف مف المطالبة‬
‫بيا قبؿ صدور حكـ الطبلؽ‪ ،‬بسبب غيابيا عف حضور الجمسات‪ ،‬يؤدي إلى نتائج‬
‫تـ قبوؿ المعارضة في حكـ الطبلؽ‪ ،‬مف أجؿ تمكيف المطمقة مف توابع‬
‫متناقضة إذا ّ‬
‫ويصبح حكـ الطبلؽ كأف لـ‬ ‫ألف ذلؾ يؤدي إلى ىدـ حكـ الطبلؽ بكاممو‪ُ ،‬‬
‫الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫يكف‪ ،1‬فعمى أي أساس َي ْح ُك ُـ القاضي بالجوانب المادية لممطمقة وىو قد ىدـ حكـ الطبلؽ‬
‫وف الطعف‬
‫صرح بقبوؿ المعارضة؟ وىو أمر ال يتفطف إليو القضاة الذيف َي ْقَبمُ َ‬ ‫عندما ّ‬
‫يد ُموف حكـ الطبلؽ‪ ،‬ومف جية‬ ‫بالمعارضة في أحكاـ الطبلؽ الغيابية‪ ،‬فيـ مف جية ي ِ‬
‫ّ َ‬
‫أخرى يحكموف بتوابع الطبلؽ المادية لممطمقة‪ ،‬وىو أمر غير منطقي وغير مقبوؿ‪.‬‬
‫ومما يدعـ ىذا الرأي كذلؾ طبيعة حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة ودور القاضي‬
‫ّ‬
‫ألف الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج ىو مركز قانوني أوجده الزوج‪ ،‬ودعوى إثبات‬
‫فيو‪ّ ،‬‬
‫الطبلؽ ال تعتبر نزاعا بيف الزوجيف‪ ،‬ودور القاضي في دعوى الطبلؽ ىو دور سمبي‪،‬‬
‫يقتصر عمى كشؼ إرادة الزوج في الطبلؽ فقط‪ ،‬فحكـ الطبلؽ ىو حكـ كاشؼ‪ ،‬وعمؿ‬
‫القاضي يعتبر عمبل والئيا أكثر منو عمبل قضائيا‪ ،‬لذلؾ حتى لو حضرت المطمقة في‬
‫ألف الزوج استعمؿ حقّو في‬
‫تغير في األمر شيء‪ّ ،‬‬ ‫دعوى الطبلؽ أماـ القاضي فمف ّ‬
‫الطبلؽ‪ ،‬والقاضي ُممزـ بإصدار حكـ بتثبيت الطبلؽ بإرادة الزوج‪ ،‬وىذا الجزء مف الحكـ‬
‫يتبدؿ حتى لو طعنت المطمقة بالمعارضة فيو أماـ الجيّة‬
‫يتغير وال ّ‬
‫المتعمؽ بالطبلؽ ال ّ‬

‫تنص المادة ‪ 327‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى ما يمي‪ " :‬تيدؼ المعارضة المرفوعة مف قبؿ الخصـ‬ ‫‪1‬‬

‫المتغيب إلى مراجعة الحكـ أو القرار الغيابي‪ .‬يفصؿ في القضية مف جديد مف حيث الوقائع والقانوف‪ ،‬ويصبح الحكم أو‬
‫المعجؿ"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القرار المعارض فيو كأن لم يكن‪ ،‬ما لـ يكف ىذا الحكـ أو القرار مشموال بالنفاذ‬
‫‪279‬‬
‫التي أصدرتو‪ ،1‬فحؽ الزوج في الطبلؽ بإرادتو المنفردة ال يتأثر بحضور أو غياب‬
‫ويتحمؿ مسؤوليتو إذا أوقع‬
‫ّ‬ ‫ألف العصمة بيد الزوج‪،‬‬
‫الزوجة‪ ،‬وال يتأثر بالطعف بالمعارضة‪ّ ،‬‬
‫أف الطعف بالمعارضة في أحكاـ الطبلؽ غير جائز قانونا‪،‬‬ ‫الطبلؽ‪ ،‬مما يستنتج منو ّ‬
‫وتميزىا عف الدعاوى في القواعد العامة‪.‬‬
‫بسبب خصوصية دعاوى الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫لذا يجب عمى القاضي الذي ُيعرض أمامو طعف بالمعارضة في حكـ الطبلؽ‬
‫الغيابي‪ ،‬أف يحكـ بعدـ قبوؿ المعارضة لعدـ جوازىا قانونا‪ ،‬وما عمى المطمقة إالّ رفع‬
‫دعوى مستقمة مف أجؿ المطالبة بحقوقيا المترتبة عمى الطبلؽ‪ُ ،‬مرفقةً دعواىا بنسخة مف‬
‫حكـ الطبلؽ‪.‬‬
‫وأقترح أف ينص المشرع صراحة عمى عدـ جواز الطعف بالمعارضة قانونا في‬
‫يتـ إلغاء أحكاـ نيائية بالطبلؽ‪ ،‬عندما يكوف القاضي‬
‫أحكاـ الطبلؽ الغيابية‪ ،‬حتى ال ّ‬
‫ألف الطبلؽ باإلرادة المنفردة‬
‫بصدد الفصؿ في حقوؽ المطمقة المادية أو غير المادية‪ّ ،‬‬
‫صرح الزوج بالطبلؽ لتعمّؽ ذلؾ بالنظاـ‬
‫يوقعو الزوج‪ ،‬وال مجاؿ إللغاء الحكـ بإثباتو إذا ّ‬
‫العاـ‪.‬‬
‫‪ -2‬الطعن بالمعارضة في أحكام ف ّك الرابطة الزوجية بطمب من الزوجة‬
‫نص المشرع صراحة عمى عدـ جواز االستئناؼ في أحكاـ التطميؽ والخمع في‬ ‫ّ‬
‫لكنو لـ ينص صراحة عمى جواز أو عدـ جواز المعارضة‪ ،‬مما يطرح‬‫المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫التساؤؿ حوؿ مدى جواز الطعف بالمعارضة في أحكاـ التطميؽ والخمع؟‬
‫يتـ التمييز بيف موقؼ المشرع "أوال"‪ ،‬وموقؼ القضاء‬
‫لئلجابة عمى ىذا التساؤؿ ّ‬
‫"ثانيا"‪.‬‬
‫أ‪ -‬موقف المشرع من قابمية أحكام التطميق والخمع لمطعن بالمعارضة‬
‫يختمؼ الطعف بالمعارضة في أحكاـ التطميؽ والخمع عنو في أحكاـ الطبلؽ‬
‫ألف أحكاـ التطميؽ والخمع ىي أحكاـ منشئة لمطبلؽ‪ ،‬وتخضع لمنظاـ‬
‫باإلرادة المنفردة‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة‬
‫القانوني الذي تخضع لو األعماؿ القضائية‪ ،‬ودور القاضي إيجابي في ف ّ‬
‫الزوجية‪ ،‬كما ّأنو ُيتصور صدور أحكاـ تطميؽ أو خمع غيابية‪ ،‬تفصؿ في الجانب المتعمؽ‬

‫نور الديف لمطاعي‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتوراه مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪280‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وفي نفس الوقت تفصؿ في الجوانب المادية ليا‪ ،‬كالحكـ بالتعويض‬
‫بف ّ‬
‫لممطمقة عندما يقضي القاضي بالتطميؽ‪ ،‬أو الحكـ بمقابؿ الخمع عندما يقضي القاضي‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ الخمع‪ ،‬وىي أحكاـ قد تصدر في غياب الزوج‪ ،‬وبالتالي‬
‫بف ّ‬
‫األمر يختمؼ عف أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬فيؿ يحؽ لمزوج الطعف بالمعارضة في‬
‫أحكاـ التطميؽ والخمع؟‬
‫إ ّف إلزاـ المشرع النيابة العامة السعي في تسجيؿ أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬واعتباره‬
‫أف الطعف بالنقض ال يوقؼ تنفيذ أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 452‬مف‬ ‫ّ‬
‫أف أحكاـ التطميؽ والخمع ىي أحكاـ تصدر في أوؿ وآخر درجة‬ ‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬يستنتج منو ّ‬
‫وواجبة التنفيذ‪ ،‬وما دامت قابمة لمتنفيذ فيي غير قابمة لمطعف فييا بالمعارضة‪.‬‬
‫أف الطعف بالنقض‬
‫لذلؾ نستنتج مف نص المادة ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي تعتبر ّ‬
‫ال يوقؼ تنفيذ أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬وتسجيميا في الحالة المدنية بسعي مف النيابة‬
‫أف أحكاـ التطميؽ والخمع نيائية غير قابمة لمطعف فييا بأي وجو مف أوجو‬
‫العامة‪ ،‬نستنتج ّ‬
‫أف تدخؿ‬
‫الطعف العادية‪ ،‬وبالتالي فالمعارضة غير جائزة في أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬غير ّ‬
‫المشرع صار ضروريا مف أجؿ رفع المبس ودرء الشؾ في المسألة‪ ،‬وذلؾ بإضافة نص‬
‫يتضح‬
‫خاص وصريح ُيبيف فيو عدـ جواز المعارضة في أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬حتى ّ‬
‫موقفو‪.‬‬
‫أف ما ذىب إليو المشرع مف عدـ جواز المعارضة في أحكاـ التطميؽ‬
‫لكنني أعتقد ّ‬
‫أصح منو بعد‬‫أف نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ قبؿ التعديؿ ّ‬ ‫والخمع أمر غير صائب‪ ،‬و ّ‬
‫‪1‬‬
‫سوى بيف أحكاـ التطميؽ والخمع مف جية‪ ،‬وأحكاـ‬
‫ألف المشرع أخطأ عندما ّ‬
‫التعديؿ ‪ّ ،‬‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة مف جية أخرى‪ ،‬وذلؾ فيما يتعمؽ بعدـ جواز استئناؼ أحكاـ‬
‫التطميؽ والخمع فيما عدا جوانبيا المادية‪ ،‬وكاف مف األفضؿ لو ترؾ المشرع المجاؿ‬
‫ألنو ُيتصور أف توجد أخطاء في‬
‫مفتوحا لمطعف بالمعارضة في أحكاـ التطميؽ والخمع‪ّ ،‬‬
‫وسائؿ اإلثبات التي تق ّدميا الزوجة في دعوى التطميؽ مثبل‪ ،‬وتمكيف الزوج مف حؽ‬
‫الطعف بالمعارضة في حكـ التطميؽ يسمح بتدارؾ ما قد يقع مف خطأ أو إغفاؿ في إثبات‬

‫نصت المادة ‪ 57‬مف قانوف األسرة قبؿ التعديؿ عمى ما يمي‪ " :‬األحكاـ بالطبلؽ غير قابمة لبلستئناؼ ما عدا في‬ ‫‪1‬‬

‫جوانبيا المادية"‪.‬‬
‫‪281‬‬
‫يقدـ الزوج مف األدلة ما يدحض بو األدلة التي‬
‫توفر حالة مف حاالت التطميؽ‪ ،‬وقد ّ‬
‫قدمتيا الزوجة‪ ،‬واعتمدىا القاضي في إصدار حكـ التطميؽ‪ ،‬كأف يثبت الزوج أنو كاف‬
‫ّ‬
‫مغى‬
‫ادعتو بعدـ اإلنفاؽ ىو أمر غير صحيح‪ ،‬وبذلؾ ُي َ‬ ‫أف ما ّ‬‫ُينفؽ عمى زوجتو وأوالده‪ ،‬و ّ‬
‫حكـ التطميؽ الذي اعتمد عدـ إنفاؽ الزوج سببا لمحكـ بو‪ ،‬أما إذا لـ يستطع الزوج إبطاؿ‬
‫ادعتو الزوجة‪ ،‬فبل مشكؿ حينئذ في تثبيت حكـ التطميؽ مف القاضي بعد الفصؿ في‬
‫ما ّ‬
‫المعارضة‪.‬‬
‫كما ُيتصور أف يقع القاضي في أخطاء عند قضائو بالخمع‪ ،‬كأف يحكـ غيابيا‬
‫بالخمع دوف حضور الزوجة شخصيا جمسة الصمح‪ ،‬حيث تكتفي بإنابة وكيميا أو محامييا‬
‫ؾ الرابطة‬
‫لحضور الجمسة‪ ،‬ويحكـ القاضي بالخمع دوف التأ ّكد مف إرادتيا ورضاىا بطمب ف ّ‬
‫الزوجية خمعا‪ ،‬لذلؾ مف الضروري النص عمى جواز المعارضة في أحكاـ التطميؽ‬
‫ؾ‬
‫صحة حكـ ف ّ‬
‫والخمع‪ ،‬لتدارؾ ما قد يشوب ىذه األحكاـ مف مخالفات قانونية تؤثر عمى ّ‬
‫الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫أف األمر بتسجيؿ أحكاـ التطميؽ والخمع بمجرد صدورىا‪ ،‬واعتبارىا أحكاما‬
‫كما ّ‬
‫يتـ تسجيميا‬
‫تصدر في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬أعتقد بأنو أمر غير صائب‪ ،‬بؿ المفترض أالّ ّ‬
‫حتى تستوفي آجاؿ المعارضة واالستئناؼ‪ ،‬وتقديـ شيادة عدـ المعارضة وعدـ‬
‫وسوى بينيا وبيف أحكاـ الطبلؽ باإلرادة‬
‫االستئناؼ‪ ،‬لكف المشرع لـ ينتيج ىذا النيج‪ّ ،‬‬
‫المنفردة‪ ،‬واعتبرىا أحكاما غير قابمة لبلستئناؼ أو المعارضة‪ ،‬وبالتالي لـ يبؽ أماـ الزوج‬
‫سوى الطعف بالنقض لدى المحكمة العميا في أحكاـ التطميؽ والخمع مف أجؿ المطالبة‬
‫صحتو‪.‬‬
‫ببطبلف الحكـ‪ ،‬وىو أمر أعتقد عدـ ّ‬
‫ب‪ -‬موقف المحكمة العميا من قابمية أحكام التطميق والخمع لمطعن بالمعارضة‬
‫أقرت المحكمة العميا جواز الطعف بالمعارضة في األحكاـ الغيابية التي تقضي‬ ‫ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ القرار الصادر بتاريخ‬
‫الشؽ المتعمؽ بف ّ‬
‫ّ‬ ‫بالتطميؽ والخمع في‬
‫أف المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ تنص صراحة عمى أف تكوف‬ ‫‪ 2009/02/11‬الذي جاء فيو‪" :‬حيث ّ‬
‫ثـ‬
‫األحكاـ الصادرة في دعاوى الطبلؽ والتطميؽ والخمع غير قابمة لبلستئناؼ ‪ .....‬ومف ّ‬
‫فإف المشرع يكوف قد حصر عدـ القابمية لبلستئناؼ في األحكاـ الحضورية فقط‪ ،‬مستثنيا‬
‫ّ‬
‫فإف‬
‫بذلؾ األحكاـ الغيابية التي تبقى دائما خاضعة لمطعف فييا بالمعارضة‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫‪282‬‬
‫قضاة المجمس بقضائيـ بالمصادقة عمى الحكـ المستأنؼ القاضي بعدـ قبوؿ المعارضة‬
‫ؾ الرابطة‬
‫المرفوعة ضد الحكـ الغيابي الصادر بتاريخ ‪ ،2004/02/01‬القاضي بف ّ‬
‫الزوجية عف طريؽ الخمع‪ ،‬استنادا إلى أحكاـ المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ القاصرة فقط عمى‬
‫األحكاـ الحضورية‪ ،‬يكونوف قد أخطأوا في تطبيؽ المادة المذكورة‪ ،‬ولـ يبنوا قرارىـ عمى‬
‫فإف الوجو المثار مف قبؿ الطاعف في ىذا الشأف مؤسس‪،‬‬
‫أساس قانوني سميـ‪ ،‬وعميو ّ‬
‫ويتعيف استنادا إليو لوحده ودوف التطرؽ لبقية األوجو القضاء بنقض وابطاؿ القرار‬
‫المطعوف فيو‪ ،‬واحالة القضية والطرفيف إلى نفس المجمس مشكبل مف ىيئة أخرى لمفصؿ‬
‫فييا مف جديد طبقا لمقانوف‪.1"...‬‬
‫يستشؼ مف ىذا القرار أف المحكمة العميا تجيز الطعف بالمعارضة في األحكاـ‬
‫الشؽ المتعمؽ بفؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الغيابية التي تقضي بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع في‬
‫أف استناد قضاة المجمس عمى المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ لمقوؿ بعدـ جواز المعارضة في الحكـ‬ ‫وّ‬
‫ألف المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ تقتصر‬
‫القاضي بالخمع‪ ،‬ىو استدالؿ خاطئ وفي غير موضعو‪ّ ،‬‬
‫أف الطعف بالمعارضة في‬
‫عمى عدـ جواز االستئناؼ في األحكاـ الحضورية فقط‪ ،‬و ّ‬
‫األحكاـ الغيابية يبقى عمى جوازه وال تشممو المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫أف موقؼ المحكمة العميا قد جانب الصواب‪ ،‬حيث أغفمت‬ ‫غير أنني أعتقد ّ‬
‫المحكمة العميا نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ التي أوجبت عمى النيابة العامة تسجيؿ أحكاـ‬
‫الطبلؽ في الحالة المدنية بمجرد صدروىا‪ ،‬وىو ما يعني أف ىذه األحكاـ نيائية وقابمة‬
‫لمتنفيذ بمجرد صدروىا‪ ،‬ويترتب عمى ذلؾ عدـ قابميتيا لمطعف فييا بطرؽ الطعف العادية‪،‬‬
‫وىي الطعف بالمعارضة أو الطعف باالستئناؼ‪ ،‬سواء كانت أحكاـ الطبلؽ حضورية أو‬
‫أف الطعف فييا‬
‫أف المشرع اعتبر بموجب نص المادة ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ّ‬ ‫غيابية‪ ،‬كما ّ‬
‫بالنقض ال يوقؼ تنفيذىا‪ ،‬بالرغـ مف ّأنيا مف القضايا التي تتعمؽ بحالة األشخاص‬
‫ؼ تنفيذىا حتى الفصؿ في الطعف‬
‫المشمولة بنص المادة ‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬التي ُيوقَ ُ‬
‫بالنقض أو بعد انقضاء آجاؿ ممارستو‪.‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ 2009/02/11‬ممؼ رقـ ‪ ،09/00134‬قرار‬ ‫‪1‬‬

‫غير منشور‪ ،‬نقبل عف لحسيف بف شيخ آث ممويا‪ ،‬رسالة في طبلؽ الخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.256‬‬
‫‪283‬‬
‫أف المشرع لـ ُيجز الطعف بالمعارضة في أحكاـ التطميؽ والخمع‪،‬‬‫لذا أعتقد ّ‬
‫أف موقؼ المحكمة العميا‬
‫استنادا لنص الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬و ّ‬
‫المجيز لمطعف بالمعارضة ُمخالؼ لنص ىذه المادة‪ ،‬واف كاف فتح المجاؿ لمطعف‬
‫ألف ىذا الطريؽ مف طرؽ الطعف‬
‫أمر مطموبا‪ّ ،‬‬
‫بالمعارضة في أحكاـ التطميؽ الغيابية ا‬
‫األدلة‬
‫يم ّكف الزوج مف تقديـ حججو وأدلّتو لممحكمة التي قضت بالتطميؽ‪ ،‬وقد تكوف ىذه ّ‬
‫قضى لمزوج مف جديد بإلغاء الحكـ الذي ُبني عمى أدلّة‬
‫في َ‬
‫قدمتو الزوجة‪ُ ،‬‬‫معاكسة لما ّ‬
‫قدمتيا الزوجة لتبرير توافر حالة مف الحاالت التي توجب التطميؽ‪ ،‬وبالتالي‬
‫مرجوحة‪ّ ،‬‬
‫يجب النص عمى جواز المعارضة في أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬مع وقؼ تنفيذ ىذه األحكاـ‬
‫إلى غاية استنفاد طرؽ الطعف العادية‪ ،‬بانقضاء آجاليا أو بممارستيا‪.‬‬
‫أف القوؿ بجواز المعارضة في أحكاـ التطميؽ والخمع يحتاج إلى نص‬
‫كما أعتقد ّ‬
‫أف األحكاـ‬
‫جديد ُي جيز ذلؾ صراحة‪ ،‬وال يجوز االستناد إلى نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬و ّ‬
‫الصادرة في دعاوى التطميؽ والخمع‪ ،‬والتي أفضت إلى صدور حكـ برفض الدعوى لعدـ‬
‫التأسيس‪ ،‬ولـ تقض بالتطميؽ أو الخمع‪ ،‬تبقى خاضعة لمقواعد العامة لمطعف فييا‪ ،‬وبالتالي‬
‫تكوف قابمة لمطعف بالمعارضة واالستئناؼ‪ ،‬وال يجب أف يشمميا نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬
‫أقره المشرع في المادة المذكورة‪ ،‬وأنو يجب تعديؿ نص‬
‫النتفاء القصد مف االستثناء الذي ّ‬
‫المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬واألخذ بعيف االعتبار ىذا الموضوع‪.‬‬
‫‪ -3‬الطعن بالمعارضة في أحكام الطالق بالتراضي‬
‫ألنو‬
‫ال يطرح موضوع الطعف بالمعارضة بالنسبة ألحكاـ الطبلؽ بالتراضي‪ّ ،‬‬
‫ال ُيتصور صدور أحكاـ الطبلؽ بالتراضي بصفة غيابية‪ ،‬فيي ال تصدر إال حضورية‪،‬‬
‫يقدـ الطمب المشترؾ‬
‫ألف المشرع اشترط في إجراءات رفع دعوى الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬أف ّ‬
‫ّ‬
‫في شكؿ عريضة وحيدة موقعة مف الزوجيف‪ ،‬تودع بأمانة الضبط‪ ،‬كما يتأ ّكد القاضي مف‬
‫ثـ يثبت‬
‫ثـ مجتمعيف‪ ،‬ويحاوؿ الصمح بينيما‪ّ ،‬‬ ‫رضائيما‪ ،‬ويستمع إلييما عمى انفراد ّ‬
‫ويصرح‬
‫ّ‬ ‫القاضي إرادة الزوجيف‪ ،‬ويصدر حكما يتضمف المصادقة عمى االتفاؽ النيائي‬
‫بالطبلؽ بينيما‪ ،‬وىي كميا إجراءات تتطمب حضور كؿ مف الزوج والزوجة أماـ القاضي‪،‬‬
‫أف غياب أحدىما يحوؿ دوف صدور حكـ الطبلؽ بالتراضي‪.‬‬
‫إذ ّ‬

‫‪284‬‬
‫يتّضح مف ذلؾ أف أحكاـ الطبلؽ بالتراضي كميا حضورية‪ ،‬وال تطرح مسألة‬
‫بالنص عمى‬
‫يفسر عدـ تطرؽ المشرع ليا‪ ،‬واكتفائو ّ‬
‫الطعف فييا بالمعارضة البتّة‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫عدـ قابمية أحكاـ الطبلؽ بالتراضي لبلستئناؼ في المادة ‪ 433‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫غير أنو بالرجوع إلى التطبيقات القضائية‪ ،‬فقد صدر حكـ قضائي عف محكمة‬
‫فرع امشدالة بتاريخ ‪ 2009/11/11‬تحت رقـ ‪ 09/451‬قضى باإلشياد بفؾ الرابطة‬
‫الزوجية بالتراضي مع أمر ضابط الحالة المدنية لبمدية آت منصور بتسجيمو والتأشير بو‬
‫عمى ىامش عقدي ميبلد الطرفيف‪ ،‬وذلؾ رغـ غياب الزوجة عف جمسة الصمح‪ ،‬حيث‬
‫أجرى القاضي جمسة صمح واحدة دوف حضور الزوجة‪ ،‬ودوف التأكد مف موافقتيا أو‬
‫رضاىا‪ ،‬ودوف سماعيا‪ ،‬وىي إجراءات منصوص عمييا بموجب المادة ‪ 431‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫مما أدى إلى نقض ىذا الحكـ مف قبؿ المحكمة العميا‪ ،‬حيث جاء في قرار المحكمة العميا‬
‫ّ‬
‫يتبيف بالرجوع إلى الحكـ محؿ الطعف بالنقض‪ ،‬إف المحكمة لـ‬‫ما يمي‪ ... " :‬وحيث إنو ّ‬
‫تتأكد مف كؿ ذلؾ‪ ،‬وأشارت إلى ّأنيا سعت إلصبلح ذات البيف بيف الطرفيف في جمسة‬
‫ضده بفؾ الرابطة‬
‫تمسؾ المطعوف ّ‬
‫أف محاوالتيا باءت بالفشؿ بسبب ّ‬
‫‪ ،2009/10/21‬إال ّ‬
‫الزوجية بالتراضي الستحالة العشرة الزوجية‪ ،‬وغياب الطاعنة عف جمسة الصمح‪ ،‬ومع ذلؾ‬
‫قضت المحكمة باإلشياد بفؾ الرابطة الزوجية بالتراضي بيف المطعوف ضده وبيف‬
‫خاصة في‬
‫ّ‬ ‫الطاعنة‪ ،‬مخالفة بذلؾ نص المادة ‪ 431‬المذكورة‪ ،‬والتي جاءت بأحكاـ‬
‫الدعوى الرامية إلى الطبلؽ بالتراضي في المواد ‪ 427‬إلى ‪ 435‬ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬والتي رفعت في‬
‫ظمو الدعوى كالتي أسفرت عف الحكـ محؿ الطعف بالنقض"‪ ،1‬وبالتالي مثؿ ىذه األخطاء‬
‫تمس جوىر موضوع الطبلؽ بالتراضي‪،‬‬‫التي قد ترد في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬وىي ّ‬
‫أف غياب أحد الزوجيف عف جمسة الصمح التي‬
‫وتجعمو مخالفا ألحكاـ القانوف‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫يتأ ّكد فييا القاضي مف اإلرادة الصحيحة لمزوجيف في إيقاع الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬أمر‬
‫صحة الطبلؽ وبطبلنو‪ ،‬وجب إتاحة المجاؿ لمطعف فييا عف طريؽ‬ ‫ّ‬ ‫جوىري يرتبط بو‬
‫المعارضة حتى نضمف التطبيؽ السميـ لمقانوف‪.‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2011/12/08‬ممؼ رقـ ‪ ،676898‬مجمة‬ ‫‪1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬العدد ‪ ،1‬ص ‪.321‬‬


‫‪285‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬الطعن باالستئناف في أحكام شؤون األسرة‬

‫يخضع الطعف باالستئناؼ في األحكاـ الصادرة عف أقساـ شؤوف األسرة لمقواعد‬


‫العامة التي تنظّـ استئناؼ األحكاـ الصادرة عف باقي األقساـ‪ ،‬مف حيث شكؿ عريضة‬
‫االستئناؼ‪ ،‬أو البيانات الواجبة الذكر‪ ،‬أو إجراءات تسجيميا وتبميغيا إلى المستأنؼ ضده‪،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‬
‫أف ألحكاـ ف ّ‬
‫أو مف حيث إصدار القرار في موضوع الدعوى‪ ،‬غير ّ‬
‫خصوصية تتميز بيا عف األحكاـ الصادرة عف أقساـ شؤوف األسرة‪ ،‬وباقي األقساـ‬
‫ثـ إلى الخصوصية التي يتميز بيا‬
‫يتـ التطرؽ ألحكاـ الطعف باالستئناؼ‪ّ ،‬‬
‫األخرى‪ ،‬لذا ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫الطعف باالستئناؼ في أحكاـ ف ّ‬

‫الفرع األول‪ :‬أحكام الطعن باالستئناف‬

‫يعتبر الطعف باالستئناؼ طريقا مف طرؽ الطعف العادية‪ ،‬مثمو مثؿ الطعف‬
‫أقر المشرع مبدأ عاما يقضي بالتقاضي عمى درجتيف‪ ،‬ما لـ ينص‬ ‫بالمعارضة‪ ،‬حيث ّ‬
‫القانوف عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 06‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ويتـ التطرؽ في ىذا الفرع‬
‫تميز‬
‫ثـ إلى الخصوصية التي ّ‬
‫إلى مفيوـ الطعف باالستئناؼ والمبادئ التي تحكمو‪ّ ،‬‬
‫الطعف باالستئناؼ في قضايا شؤوف األسرة‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مفيوم الطعن باالستئناف‬
‫مف أجؿ بياف مفيوـ الطريؽ الثاني مف الطرؽ العادية لمطعف‪ ،‬ال بد مف التطرؽ‬
‫إلى تعريؼ االستئناؼ‪ ،‬شروط قبولو‪ ،‬واآلثار المترتبة عميو‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريف الطعن باالستئناف وشروطو‬
‫عرؼ المشرع الطعف باالستئناؼ كما ىو نيجو في أغمب األحواؿ‪ ،‬فيو‬ ‫لـ ُي ّ‬
‫عرفو األستاذ عبد‬
‫ال يختص بإعطاء تعاريؼ غالبا‪ ،‬وبالرجوع إلى تعريفات الفقياء‪ ،‬فقد ّ‬
‫يتقدـ بموجبيا إلى‬
‫العزيز سعد بأنو‪ " :‬ىي طريقة يستطيع أي طرؼ مف أطراؼ الحكـ أف ّ‬
‫جية قضائية تمثّؿ الجية األعمى درجة مف درجة الجيات القضائية التي أصدرت الحكـ‬
‫مبينا عدـ رضاه بما حكمت بو المحكمة‪ ،‬وطالبا إعادة النظر‬
‫المطعوف فيو باالستئناؼ‪ّ ،‬‬
‫ثـ يطمب بعد ذلؾ تعديمو أو إلغاؤه‪ ،‬عمى‬
‫فيو مف جميع جوانبو الموضوعية والقانونية‪ّ ،‬‬

‫‪286‬‬
‫‪1‬‬
‫عرفو األستاذ عبد السبلـ ذيب عمى أنو‪ " :‬طريؽ طعف‬
‫النحو الذي يرغب فيو" ‪ ،‬كما ّ‬
‫عادي ييدؼ إلى مراجعة أو إلغاء الحكـ الصادر عف المحكمة"‪.2‬‬
‫يجسد مبدأ‬
‫ّ‬ ‫بأنو طريؽ مف طرؽ الطعف العادية‪،‬‬ ‫ويمكف تعريؼ االستئناؼ ّ‬
‫التقاضي عمى درجتيف‪ ،3‬ييدؼ إلى مراجعة أو إلغاء الحكـ القضائي الصادر في أوؿ‬
‫أف الحكـ‬
‫قدر ّ‬
‫المدعى عميو‪ ،‬إذا ّ‬
‫المدعي أو ّ‬
‫درجة عف المحكمة‪ ،‬وىو حؽ لكؿ مف ّ‬
‫القضائي لـ يستجب لطمباتو وأجحؼ في حقو‪ ،‬حيث يسمح لقضاة المجمس القضائي‬
‫بإعادة النظر في القضية مف حيث الواقع والقانوف‪ ،‬مف أجؿ تدارؾ ما قد يغفؿ عنو أو‬
‫ُيخطأ فيو قاضي الدرجة األولى‪ ،‬باعتبار أف ىيئة االستئناؼ ىيئة جماعية‪ ،‬واصدار قرار‬
‫نيائي في موضوع النزاع بتأييد الحكـ‪ ،‬أو إلغائو جزئيا أو كميا‪.‬‬
‫ولقبوؿ الطعف باالستئناؼ البد مف توافر الشروط العامة لقبوؿ الدعاوى أماـ‬
‫يتـ التطرؽ‬
‫القضاء‪ ،‬المحددة بالمادة ‪ 13‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ والمتعمقة بالصفة والمصمحة‪ ،‬ولف ّ‬
‫ليذه الشروط كونيا مف الشروط العامة لرفع الدعاوى‪ ،‬والتي يرجع فييا إلى القواعد‬
‫العامة‪.‬‬
‫يتـ استخبلصيا مف‬
‫أف لمطعف باالستئناؼ شروطا خاصة مف أجؿ قبولو‪ّ ،‬‬
‫غير ّ‬
‫قسـ إلى شروط موضوعية‪ ،‬وأخرى شكمية‪،‬‬
‫المواد ‪ 332‬إلى ‪ 347‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وىي تُ ّ‬
‫بيانيا فيما يمي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الشروط الموضوعية لالستئناف‬
‫تتعمؽ الشروط الموضوعية لبلستئناؼ بتبياف األحكاـ القابمة لبلستئناؼ‪،‬‬
‫والخصوـ الذيف ليـ حؽ الطعف باالستئناؼ‪.‬‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬طرؽ واجراءات الطعف في األحكاـ والق اررات القضائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد السبلـ ذيب‪ ،‬قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.261‬‬ ‫‪2‬‬

‫تبنتو أغمب األنظمة القضائية المعاصرة‪ ،‬يقوـ عمى عرض النزاع أماـ محكمة الدرجة األولى‪ ،‬ولممحكوـ‬ ‫وىو مبدأ ّ‬
‫‪3‬‬

‫عميو حؽ الطعف والتظمـ في الحكـ أماـ جية االستئناؼ في الدرجة الثانية‪ ،‬وأخذ المشرع الجزائري بيذا المبدأ في المادة‬
‫‪ 06‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫‪287‬‬
‫أ‪ 1-‬األحكام القابمة لالستئناف‬
‫أقّر المشرع حقا دستوريا يتمثؿ في مبدأ التقاضي عمى درجتيف‪ ،‬وىو مف النظاـ‬
‫أف التقاضي يقوـ عمى درجتيف‪،‬‬
‫العاـ‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 06‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى‪" :‬المبدأ ّ‬
‫فإف األصؿ العاـ ىو عرض النزاع عمى‬ ‫ما لـ ينص القانوف عمى خبلؼ ذلؾ"‪ ،‬لذا ّ‬
‫أف‬
‫ثـ بعد صدور الحكـ يجوز استئنافو لدى جية االستئناؼ‪ ،‬أي ّ‬
‫قاضي الدرجة األولى‪ّ ،‬‬
‫األحكاـ الصادرة عف محاكـ الدرجة األولى تقبؿ الطعف فييا باالستئناؼ أماـ المجالس‬
‫القضائية‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 333‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث تكوف جميع األحكاـ الصادرة في‬
‫جميع المواد قابمة لبلستئناؼ‪ ،‬متى فصمت في موضوع الدعوى أو في دفع شكمي أو في‬
‫دفع بعدـ القبوؿ أو أي دفع عارض آخر ُينيي الخصومة‪ ،‬ما لـ ينص القانوف عمى‬
‫خبلؼ ذلؾ‪.‬‬
‫أف ليذا المبدأ استثناءات تتمثؿ في‪:‬‬
‫غير ّ‬
‫‪ -‬األحكام الصادرة في أول وآخر درجة‬
‫قد يصدر الحكـ عف المحاكـ االبتدائية في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬وال يقبؿ الطعف فيو‬
‫إما بسبب طبيعتو أو موضوعو أو القيمة الضئيمة لمنزاع‪ ،‬مثؿ الدعاوى التي‬
‫باالستئناؼ ّ‬
‫ال تتجاوز قيمتيا مائتي ألؼ دينار جزائري تصدر فييا المحكمة حكما في أوؿ وآخر‬
‫درجة‪ ،1‬أو األحكاـ الفاصمة في قضايا العماؿ‪ ،‬أو أحكاـ الطبلؽ في شقّيا المتعمؽ بفؾ‬
‫الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫‪ -‬األحكام الغيابية‬
‫ال تقبؿ األحكاـ الغيابية الطعف فييا باالستئناؼ إال بعد فوات أجؿ المعارضة‪،‬‬
‫ألنو مف الممكف أف يحصؿ الطاعف الذي لو حؽ المعارضة عمى ما يرجوه مف القضاء‬ ‫ّ‬
‫باستعماؿ ىذا الحؽ‪ ،‬دوف المجوء إلى جية الدرجة الثانية مف درجات التقاضي‪.‬‬
‫‪ -‬األحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع‬
‫أوقؼ المشرع ممارسة حؽ الطعف باالستئناؼ في بعض الدعاوى إلى غاية‬
‫الفصؿ في أصؿ الدعوى‪ ،‬ما لـ ينص القانوف عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪334‬‬

‫طبقا لنص المادة ‪ 33‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪288‬‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ال يجوز استئناؼ األحكاـ الصادرة قبؿ الفصؿ في الموضوع‪ ،‬والتي‬
‫تفصؿ في جزء مف موضوع الدعوى‪ ،‬أو تأمر بإجراء التحقيؽ‪ ،‬أو باتخاذ تدبير مؤقت‪،‬‬
‫يتـ استئناؼ الحكـ الصادر قبؿ الفصؿ في‬
‫إلى غاية صدور حكـ قطعي بشأنيا‪ ،‬حيث ّ‬
‫الموضوع والحكـ الفاصؿ في موضوع الدعوى‪ ،‬بموجب عريضة استئناؼ واحدة‪ ،‬لذا‬
‫يشترط أف يكوف الحكـ قطعيا حتى يقبؿ االستئناؼ‪.‬‬
‫تـ الطعف في ىذه األحكاـ المستثناة مف جواز الطعف فييا باالستئناؼ‪،‬‬
‫واذا ما ّ‬
‫فإف المجمس القضائي يقضي بعدـ قابمية الحكـ لمطعف فيو باالستئناؼ‪ ،‬وال يقضي برفض‬
‫ّ‬
‫الطعف لعدـ التأسيس أو عدـ قبوؿ االستئناؼ شكبل‪.1‬‬
‫أ‪ 2-‬األطراف الذين يحق ليم االستئناف‬
‫يحؽ الطعف باالستئناؼ لكؿ طرؼ في الخصومة التي صدر فييا الحكـ‪ ،‬سواء‬
‫ّ‬
‫مدعيا‪ ،‬أو مدعى عميو‪ ،‬أو ُمدخبل في الخصاـ‪ ،‬أو متدخبل أصميا‪ ،‬مع توافر شرط‬
‫كاف ّ‬
‫المصمحة في رافع االستئناؼ‪ ،‬وىو ما جاء في نص المادة ‪ 335‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وعميو فبل‬
‫يحؽ لممدعي الذي استجاب لو قاضي الدرجة األولى لكؿ طمباتو أف يستأنؼ الحكـ‪ ،‬وكذا‬ ‫ّ‬
‫بالنسبة لممدعى عميو‪ ،‬ال يحؽ لو أف يستأنؼ الحكـ إذا لـ ُي ْح َك ْـ عميو بشيء‪ ،‬فبل مصمحة‬
‫ليـ حينئذ برفع طعف باالستئناؼ‪ ،‬كما أف حؽ االستئناؼ يؤوؿ إلى الورثة في حاؿ وفاة‬
‫صاحب الحؽ فيو‪.‬‬
‫ويحؽ الطعف باالستئناؼ لكؿ شخص كاف خصما عمى مستوى محكمة الدرجة‬
‫ّ‬
‫األولى‪ ،‬أو ذوي حقوقو‪ ،‬وكذا كؿ شخص كاف ممثبل عمى مستوى الدرجة األولى لنقص‬
‫ثـ أصبح راشدا وأىبل لمتقاضي بنفسو‪ ،‬كما يحؽ الطعف باالستئناؼ لكؿ متدخؿ‬
‫أىميتو ّ‬
‫أصمي أو مدخؿ في الخصاـ أماـ محكمة الدرجة األولى‪ ،‬ويشترط في جميع األحواؿ‬
‫توافر المصمحة في المستأنؼ حتى يقبؿ استئنافو‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 335‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫تبيف لقضاة المجمس أف رفع االستئناؼ كاف تعسفيا أو مف أجؿ اإلضرار‬
‫واذا ّ‬
‫بالمستأنؼ عميو‪ ،‬جاز ليـ أف يحكموا عمى المستأنؼ بغرامة مدنية مف ‪ 102000‬دج إلى‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬طرؽ واجراءات الطعف في األحكاـ والق اررات القضائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪289‬‬
‫جراء ىذا‬
‫‪ 202000‬دج‪ ،‬مع الحكـ بالتعويض لممستأنؼ عميو عف الضرر الذي لحقو ّ‬
‫االستئناؼ‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 347‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫يحؽ لمنيابة العامة الطعف باالستئناؼ في األحكاـ الصادرة عف محاكـ أوؿ‬
‫كما ّ‬
‫درجة‪ ،‬والمتعمّقة بقضايا شؤوف األسرة‪ ،‬باعتبارىا طرفا أصميا في جميع الدعاوى التي‬
‫نصت عميو المادة ‪ 3‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬
‫ترمي إلى تطبيؽ أحكاـ قانوف األسرة‪ ،‬وفؽ ما ّ‬
‫وعميو يكوف لمنيابة العامة ما ألطراؼ الدعوى األصمييف مف حقوؽ‪ ،‬ومف ضمنيا حؽ‬
‫الطعف بأي وجو مف األوجو التي ُيجيزىا القانوف‪.‬‬
‫أ‪ 3-‬وجوب تمثيل الخصوم بمحام أمام جية االستئناف‬
‫أقر المشرع بموجب نص المادة ‪ 10‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ إلزامية تمثيؿ الخصوـ بمحاـ‬
‫ّ‬
‫أماـ جية االستئناؼ والنقض‪ ،‬ما لـ ينص القانوف عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬وىو أمر مستحدث‬
‫بموجب ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ رقـ ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪ ،2008‬وييدؼ المشرع مف وراء ذلؾ‬
‫أف الخصوـ ذوي‬‫أف ىذا األمر منتقد‪ ،‬مف حيث ّ‬ ‫إلى رفع مستوى األداء القضائي‪ ،‬غير ّ‬
‫الدخؿ المتوسط والضعيؼ قد يعجزوف عف توفير األتعاب البلزمة لتوكيؿ محاـ يمثميـ‬
‫عمى مستوى المجمس‪ ،‬ويؤدي إلى إثقاؿ كاىميـ بأعباء مالية‪ ،‬مما َي ُحو ُؿ بينيـ وبيف‬
‫المطالبة بحقوقيـ عمى مستوى الدرجة الثانية‪ ،‬مما دفع بعض األساتذة إلى اقتراح إلغاء‬
‫‪1‬‬
‫أف عقبة إثقاؿ كاىؿ‬‫التمثيؿ الوجوبي أماـ المجالس القضائية ‪ ،‬غير أنني أعتقد ّ‬
‫تحمميا‪ ،‬يمكف تجاوزىا‬
‫المتقاضيف ذوي الدخؿ الضعيؼ بأعباء مالية قد ال يستطيعوف ّ‬
‫فإف المصاريؼ‬
‫عف طريؽ المجوء إلى المساعدة القضائية مف جية‪ ،‬ومف جية أخرى ّ‬
‫القضائية يتحمميا خاسر الدعوى‪ ،‬وبالتالي فإذا ُحكـ لصالح المستأنؼ عمى مستوى‬
‫فإف بإمكانو طمب تصفية المصاريؼ القضائية‪ ،‬ابتداء مف مصاريؼ‬ ‫المجمس القضائي‪ّ ،‬‬
‫يسترد كؿ ما أنفقو منذ بداية‬
‫ّ‬ ‫تسجيؿ الدعوى إلى غاية تنفيذ السند التنفيذي‪ ،‬وبالتالي‬
‫أف توكيؿ محاـ عمى مستوى جية االستئناؼ‬ ‫عرض النزاع عمى القضاء إلى نيايتو‪ ،‬كما ّ‬
‫جدية األوجو المثارة أماـ القضاء‪ ،‬واحتراـ الشروط الشكمية الواجب توافرىا‪،‬‬
‫يضمف ّ‬

‫حمدي باشا عمر‪ ،‬مبادئ القضاء في ظؿ قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.412‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪290‬‬
‫أف المحامي ذو مستوى عممي‪ ،‬وخضع لمتكويف في ىذا المجاؿ‪ ،‬مما يشكؿ‬ ‫باعتبار ّ‬
‫ضمانة لممستأنؼ في تحصيؿ حقوقو‪ ،‬وعدـ ضياعيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬الشروط الشكمية لالستئناف‬
‫حدده المشرع لرفعو‪ ،‬حيث‬
‫يشترط لقبوؿ االستئناؼ احتراـ الميعاد القانوني الذي ّ‬
‫يعد ذلؾ مف النظاـ العاـ‪ُ ،‬يثيره القاضي ولو لـ يتمسؾ بو الخصوـ‪ ،‬ويجب رفع الطعف‬
‫حدده المشرع‪ ،‬كما يجب احتراـ إجراءات رفع االستئناؼ‬‫باالستئناؼ خبلؿ األجؿ الذي ّ‬
‫مف حيث شكؿ العريضة‪ ،‬وبياناتيا‪ ،‬وتبميغيا إلى المستأنؼ عميو‪.‬‬
‫التقيد بأجل االستئناف‬
‫ب‪ّ 1-‬‬
‫ميز بيف التبميغ‬
‫ّبيف المشرع أجؿ االستئناؼ في المادة ‪ 336‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ّ‬
‫أف مستمـ التبميغ ىو الشخص نفسو المعني بالتبميغ‪،‬‬
‫تـ شخصيا‪ ،‬أي ّ‬ ‫الرسمي لمحكـ إذا ّ‬
‫وبيف أف يكوف ُمستمـ التبميغ غير الشخص المعني‪ ،‬أي يكوف ُمستمـ محضر تبميغ الحكـ‬
‫ىو أحد األشخاص المؤىميف قانونا الستبلمو في الموطف الحقيقي أو المختار‪ ،‬حيث جعؿ‬
‫المشرع أجؿ االستئناؼ في الحالة األولى شي ار واحدا ابتداء مف تاريخ التبميغ الرسمي‬
‫لمحكـ إلى الشخص ذاتو‪ ،‬بينما يكوف أجؿ االستئناؼ شيريف إذا ُبمغ الحكـ إلى أحد‬
‫األشخاص المؤىميف غير الشخص المعني في الموطف الحقيقي أو المختار‪.‬‬
‫أف أجؿ الطعف باالستئناؼ ال يسري في األحكاـ الغيابية إال بعد انتياء أجؿ‬ ‫غير ّ‬
‫المعارضة‪ ،‬والمقدر بشير واحد ابتداء مف تاريخ التبميغ الرسمي لمحكـ الغيابي‪ ،‬وفقا لمفقرة‬
‫الثالثة مف المادة ‪ 336‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫حدده المشرع بخمسة عشر يوما ابتداء‬‫أف أجؿ استئناؼ األوامر االستعجالية ّ‬
‫كما ّ‬
‫مف تاريخ التبميغ الرسمي لؤلمر‪ ،‬وىو ما نصت عميو المادة ‪ 304‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ويسري أجؿ اال ستئناؼ في حؽ مف قاـ بالتبميغ الرسمي‪ ،‬وال يقتصر عمى المبمغ‬
‫لو فقط‪ ،‬وىو ما نص عميو المشرع في الفقرة الرابعة مف المادة ‪ 313‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫نص عميو المشرع في‬
‫أف ميعاد الطعف باالستئناؼ مرتبطٌ أيضا بأجؿ آخر‪ّ ،‬‬
‫كما ّ‬
‫المادة ‪ 314‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬بحيث ال يكوف الحكـ الحضوري القطعي قاببل ألي طعف إذا‬
‫يتـ تبميغو رسميا‪ ،‬وعميو ال يكوف الحكـ‬
‫مرت سنتيف مف تاريخ النطؽ بو‪ ،‬حتى ولو لـ ّ‬
‫ّ‬
‫يتـ تبميغو‪.‬‬
‫قاببل لبلستئناؼ مف جميع األطراؼ إذا مضى عمى النطؽ بو سنتيف دوف أف ّ‬
‫‪291‬‬
‫واذا خالؼ الطاعف األجؿ المحدد لبلستئناؼ‪ ،‬ورفع طعنو بعد انقضاء األجؿ‪،‬‬
‫ويثيره القاضي مف تمقاء نفسو‪.‬‬
‫فإف المجمس القضائي يقضي بعدـ قبوؿ الطعف شكبل‪ُ ،‬‬
‫ّ‬
‫ب‪ 2-‬احترام إجراءات ممارسة الطعن باالستئناف‬
‫ّبيف المشرع اإلجراءات التي ُيرفع بيا الطعف باالستئناؼ إلى المجمس القضائي‬
‫وأحكامو في المواد ‪ 539‬إلى ‪ 542‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫حيث ُيرفع الطعف باالستئناؼ إلى المجمس القضائي الذي يقع في دائرة‬
‫اختصاصو المحكمة التي أصدرت الحكـ المستأنؼ‪ ،‬وذلؾ بموجب عريضة استئناؼ‪،‬‬
‫التي تسجؿ لدى أمانة ضبط المجمس القضائي المختص‪ ،‬ويجوز تسجيميا لدى أمانة‬
‫ضبط المحكمة التي أصدرت الحكـ المستأنؼ في سجؿ خاص‪ ،‬مرقـ ومؤشر عميو مف‬
‫قبؿ رئيس المجمس القضائي‪ ،‬تبعا لترتيب ورودىا مع بياف أسماء وألقاب الخصوـ ورقـ‬
‫القضية وتاريخ أوؿ جمسة‪.‬‬
‫يقوـ أميف الضبط بتسجيؿ رقـ القضية وتاريخ أوؿ جمسة عمى نسخ عريضة‬
‫االستئناؼ‪ ،‬ويسمّميا لممستأنؼ مف أجؿ تبميغيا ألطراؼ الدعوى وتكميفيـ بالحضور‬
‫لمجمسة‪ ،‬مع احتراـ أجؿ عشريف يوما بيف تاريخ تسميـ التكميؼ بالحضور وبيف تاريخ أوؿ‬
‫جمسة‪.‬‬
‫ويجب أف تتضمف عريضة االستئناؼ البيانات المحددة في المادة ‪ 540‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ تحت طائمة عدـ قبوليا شكبل‪ ،‬وىي‪:‬‬
‫الجية القضائية التي أصدرت الحكـ المستأنؼ‪ ،‬اسـ ولقب وموطف المستأنؼ‪،‬‬
‫اسـ ولقب وموطف المستأنؼ عميو‪ ،‬واف لـ يكف لو موطف معروؼ فآخر موطف لو‪،‬‬
‫أسس عمييا االستئناؼ‪ ،‬اإلشارة إلى طبيعة‬
‫عرض موجز لموقائع والطمبات واألوجو التي ّ‬
‫وتسمية الشخص المعنوي ومقره االجتماعي‪ ،‬وصفة ممثمو القانوني أو االتفاقي‪ ،‬ختـ‬
‫وتوقيع المحامي وعنوانو الميني‪ ،‬ما لـ ينص القانوف عمى خبلؼ ذلؾ‪.‬‬
‫ومف بيف األمور الشكمية التي يجب احتراميا عند رفع االستئناؼ‪ ،‬ىو ضرورة‬
‫إرفاؽ عريضة االستئناؼ بنسخة مطابقة ألصؿ الحكـ المستأنؼ‪ ،‬تحت طائمة عدـ قبوؿ‬
‫االستئناؼ شكبل وفؽ نص المادة ‪ 541‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫وألزـ المشرع المستأنؼ بموجب المادة ‪ 542‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ بعد قيامو بتسجيؿ‬
‫عريضة االستئناؼ لدى أمانة الضبط‪ ،‬أف يقوـ بتبميغ العريضة لممستأنؼ عميو تبميغا‬
‫رسميا‪ ،‬طبقا لممواد مف ‪ 404‬إلى ‪ 416‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وتكميفو بالحضور إلى الجمسة‪ ،‬عمى‬
‫المدعمة لبلستئناؼ في أوؿ جمسة‪ ،‬واذا لـ يفعؿ‬
‫ّ‬ ‫يقدـ محضر التبميغ الرسمي والوثائؽ‬
‫أف ّ‬
‫ذلؾ ُيمنح لو أجؿ مف أجؿ نفس الغرض‪ ،‬واذا تخمّؼ عف القياـ بذلؾ بعد فوات ىذا‬
‫األجؿ دوف مبرر مقبوؿ‪ ،‬تُشطب القضية بأمر غير قابؿ لمطعف‪ ،‬ويزوؿ األثر الموقؼ‬
‫لبلستئناؼ‪ ،‬ما لـ ُي َع ْد تسجيؿ القضية مرة أخرى خبلؿ آجاؿ االستئناؼ المتبقية‪.‬‬
‫‪ -2‬آثار الطعن االستئناف‬
‫تتمثؿ آثار الطعف باالستئناؼ في إعادة عرض القضية عمى جية االستئناؼ‬
‫ويعبر عنو باألثر الناقؿ‪ ،‬كما يترتب عمى الطعف‬
‫ّ‬ ‫المتمثمة في المجمس القضائي‪،‬‬
‫عبر عنو باألثر الموقؼ‪ ،‬كما تقوـ جية‬
‫وي ّ‬
‫باالستئناؼ وقؼ تنفيذ الحكـ المستأنؼ‪ُ ،‬‬
‫بالتصدي لممسائؿ غير المفصوؿ فييا في الحكـ المستأنؼ‬
‫ّ‬ ‫االستئناؼ في بعض الحاالت‬
‫يتـ التطرؽ إلييا فيما يمي‪:‬‬
‫الذي قضى برفض الدعوى لدفع إجرائي‪ ،‬وىي آثار ّ‬
‫أ‪ -‬األثر الناقل‬
‫أف االستئناؼ ينقؿ النزاع الذي طُرح أماـ محكمة الدرجة األولى إلى‬ ‫ُيقصد بو ّ‬
‫برمتو بكؿ وقائعو ومسائمو‬
‫المجمس القضائي كدرجة ثانية لمتقاضي‪ ،‬فيو َي ْن ُق ُؿ النزاع ّ‬
‫ويسمح بإعادة النظر في النزاع مف حيث الوقائع‬
‫ُ‬ ‫القانونية إلى قضاة المجمس القضائي‪،‬‬
‫والقانوف في حدود ما طُعف فيو ‪ ،‬مف أجؿ تدارؾ ما قد يقع فيو قاضي الدرجة األولى مف‬
‫يتـ تأييده مف طرؼ‬
‫أخطاء‪ ،‬فبل يكتسب الحكـ القضائي حجية الشيء المقضي فيو حتى ّ‬
‫قضاة المجمس‪.‬‬
‫المستأنؼ‪ ،‬وقد ينحصر‬
‫َ‬ ‫وقد يشم ُؿ االستئناؼ جميع مقتضيات الحكـ القضائي‬
‫في بعض مقتضياتو فقط إذا كاف قاببل لمتجزئة‪ ،‬حيث يقوـ المجمس القضائي بمناقشة‬
‫موضوع النزاع مف جديد مف خبلؿ الطمبات والدفوع ووسائؿ اإلثبات‪ ،‬ومراجعة الحكـ‬
‫القضائي لمعاينة وجود أية نقائص أو عيوب شابتو مف أجؿ تداركيا وتعديميا‪.‬‬
‫يتـ تناوليا فيما يمي‪:‬‬
‫عدة ضوابط ّ‬
‫األثر الناقؿ لبلستئناؼ ّ‬
‫ويحكـ ُ‬

‫‪293‬‬
‫التقيد بما رفع االستئناف بشأنو‬
‫أ‪ّ 1-‬‬
‫ال ينقؿ االستئناؼ إلى المجمس القضائي ‪-‬باعتباره درجة ثانية لمتقاضي‪-‬‬
‫عما صدر عف محكمة الدرجة األولى مف قضاء‪ ،‬أي ال يحؽ‬ ‫إالّ ما ُرفع عنو االستئناؼ ّ‬
‫يتـ استئنافيا وطرحيا عمييا مف المستأنؼ‪ ،‬حتى ولو‬
‫لجية االستئناؼ النظر في مسألة لـ ّ‬
‫تـ طرحيا أماـ محكمة أوؿ درجة‪ ،‬أي يقتصر عمى ما رفع االستئناؼ بشأنو فقط‪.‬‬
‫ّ‬
‫لذا عمى المجمس القضائي أف يتقيد بما رفعو المستأنؼ مف طمبات في عريضة‬
‫يتـ استئنافيا‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ أف يفصؿ‬
‫االستئناؼ‪ ،‬وال ينظر في باقي حيثيات الحكـ التي لـ ّ‬
‫الحكـ القضائي الصادر عف قسـ شؤوف األسرة في النفقة والحضانة ومتاع بيت الزوجية‪،‬‬
‫ويتـ استئناؼ ىذا الحكـ في شقّو المتعمؽ بمتاع بيت الزوجية‪ ،‬فبل يجوز لجية االستئناؼ‬
‫ّ‬
‫ويستثنى مف ذلؾ‬
‫أف تتطرؽ سوى لمجزئية المتعمقة بالمتاع‪ ،‬وال تتطرؽ لمنفقة والحضانة‪ُ ،‬‬
‫إذا ُرفع استئناؼ فرعي يتطرؽ ليذه الجزئيات التي لـ يشمميا االستئناؼ األصمي‪ ،‬فينا‬
‫يكوف لممجمس القضائي اختصاص شامؿ لمتطرؽ لكؿ حيثيات الحكـ المستأنؼ‪.‬‬
‫كما يرفع ىذا القيد عمى جية االستئناؼ في حالتيف‪ :‬إذا لـ ُيحدد المستأنؼ جزء‬
‫معينا مف جزئيات الحكـ المستأنؼ‪ ،‬فتفسر إرادتو إلى شموؿ االستئناؼ كؿ مقتضيات‬
‫الحكـ القضائي‪ ،‬واذا كاف الحكـ المستأنؼ غير قابؿ لمتجزئة‪ ،‬بحيث ال يمكف لممجمس‬
‫القضائي النظر في جزء دوف اآلخر لترابط أجزائو وتكامميا‪.1‬‬
‫أ‪ 2-‬عدم قبول الطمبات الجديدة‬
‫يجب أف ينحصر االستئناؼ عمى األوجو المعروضة عمى المحكمة وفصمت‬
‫ألف االستئناؼ ال ينقؿ إلى المجمس القضائي إالّ ما فصؿ فيو قاضي الدرجة‬‫فييا‪ّ ،‬‬
‫األولى‪ ،‬فجية االستئناؼ ال تنظر إال في المسائؿ التي سبؽ طرحيا أماـ قاضي الدرجة‬
‫يتـ طرحيا أمامو‪ ،‬فالقاعدة العامة عدـ‬
‫األولى‪ ،‬وال تنظر في المسائؿ الجديدة التي لـ ّ‬

‫بموط محمد‪ ،‬طرؽ الطعف العادية في األحكاـ المدنية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪294‬‬
‫جواز إبداء طمبات جديدة في االستئناؼ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 341‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،1‬وتجسيدا‬
‫لمبدأ آخر ىو مبدأ التقاضي عمى درجتيف‪.‬‬
‫ويعتبر الطمب المقدـ أماـ جية االستئناؼ جديدا إذا اختمؼ عف الطمب األصمي‬
‫ومسو التغيير في أحد عناصره الثبلثة‪( :‬الشخص‪ ،‬المحؿ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المقدـ في الدرجة األولى‪،‬‬
‫السبب)‪ ،‬فإذا ط أر أي تغيير عمى أحد عناصر الطمب القضائي‪ ،‬اعتبر ذلؾ طمبا جديدا‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫يفوت عمى‬‫سواء تعمّؽ ىذا التغيير بعنصر المحؿ أو السبب أو عنصر األشخاص ‪ ،‬وس ّ‬
‫الخصـ درجة مف درجات التقاضي‪ ،‬لذا يجب أف ينحصر االستئناؼ عمى أوجو النزاع‬
‫وتـ الفصؿ فييا‪ ،‬تطبيقا لؤلثر الناقؿ لبلستئناؼ‪،‬‬
‫التي عرضت عمى قاضي الدرجة األولى ّ‬
‫قدـ المستأنؼ طمبا جديدا عمى مستوى جية االستئناؼ رفض طمبو‪.‬‬
‫فإذا ّ‬
‫أف المشرع أورد استثناءات عمى مبدأ عدـ جواز تقديـ طمبات جديدة عمى‬
‫غير ّ‬
‫مستوى جية االستئناؼ‪ ،‬يتـ استنتاجيا مف خبلؿ المواد ‪ 343 ،342 ،341‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫ونجمميا فيما يمي‪:‬‬
‫الدفع بالمقاصة‪ ،‬طمبات استبعاد االدعاءات المقابمة‪ ،‬الفصؿ في المسائؿ الناتجة‬
‫عف تدخؿ الغير‪ ،‬حدوث أو اكتشاؼ واقعة جديدة بعد صدور الحكـ محؿ الطعف‬
‫باالستئناؼ‪ ،‬طمب الفوائد القانونية‪ ،‬طمب ما تأخر مف الديوف‪ ،‬طمب بدؿ اإليجار‪ ،‬طمب‬
‫المستحقات األخرى المستحقة بعد صدور الحكـ المستأنؼ‪ ،‬طمب التعويضات الناتجة عف‬
‫األضرار البلحقة منذ صدور الحكـ‪.‬‬
‫كما ال تعتبر طمبات جديدة الطمبات المرتبطة مباشرة بالطمب األصمي‪ ،‬والتي‬
‫ترمي إلى نفس الغرض حتى ولو كاف أساسيا القانوني مغاي ار‪ ،‬عمبل بأحكاـ المادة ‪343‬‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ توابع الطبلؽ كالمتاع والمصوغ واألثاث‪ ،‬فيي مرتبطة مباشرة بواقعة‬
‫الطبلؽ‪ ،‬ويجوز المطالبة بيا عمى مستوى المحكمة أو عمى مستوى المجمس‪ ،‬وال تعتبر‬
‫أف توابع العصمة‬
‫طمبا جديدا‪ ،‬جاء في أحد ق اررات المحكمة العميا ما يمي‪ " :‬حيث ّ‬

‫تنص المادة ‪ 341‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى‪ " :‬ال تقبؿ الطمبات الجديدة في االستئناؼ‪ ،‬ما عدا‬ ‫‪1‬‬

‫الدفع بالمقاصة وطمبات استبعاد االدعاءات المقابمة أو الفصؿ في المسائؿ الناتجة عف تدخؿ الغير أو حدوث أو‬
‫اكتشاؼ واقعة"‪.‬‬
‫عمر زودة‪ ،‬اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.314‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪295‬‬
‫الخاصة بالزوجيف أو بأخذىما بمناسبة الطبلؽ‪ ،‬يجوز طمبيا حتى في مرحمة‬
‫ّ‬ ‫واألشياء‬
‫االستئناؼ تبعا لمظروؼ‪ ،‬ألنيا مرتبطة مباشرة بواقعة الطبلؽ‪ ،‬وال تعتبر طمبا جديدا‪،‬‬
‫فإف ىذا الوجو كسابقيو يتعيف رفضو ‪.1"...‬‬
‫وعميو ّ‬
‫كما أجاز المشرع لمخصوـ التمسؾ بوسائؿ قانونية جديدة وتقديـ مستندات وأدلة‬
‫مرة عمى مستوى المجمس تدعيما لطمباتيـ‪ ،‬وال يعد ذلؾ طمبا جديدا طبقا‬
‫جديدة ألوؿ ّ‬
‫لممادة ‪ 344‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وحسنا فعؿ المشرع حيث أتاح لممستأنؼ استدراؾ ما فاتو عمى‬
‫أف ذلؾ يعتبر تعزي از‬
‫مستوى الدرجة األولى‪ ،‬مف تقديـ وسائؿ قانونية ودفوع وأدلّة‪ ،‬إذ ّ‬
‫لحقوؽ الدفاع‪ ،‬وضماف لمسير الحسف لمعدالة‪ ،‬فأوجو الدفاع تقبؿ ولو ألوؿ مرة أماـ جية‬
‫االستئناؼ‪ ،‬وال يعد ذلؾ طمبا جديدا‪.‬‬
‫أف الدفع بعدـ قبوؿ الطمبات الجديدة عمى مستوى جية‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫االستئناؼ ليس مف النظاـ العاـ‪ ،‬وال َيحكـ بو القاضي مف تمقاء نفسو‪ ،‬فعمى الخصوـ‬
‫التمسؾ بو حتى تحكـ بو جية االستئناؼ‪.‬‬
‫أ‪ 3-‬عدم إضرار المستأنف باستئنافو‬
‫يضر المستأنؼ‬ ‫ّ‬ ‫كـ بما لـ يطمبو الخصوـ‪ ،‬وال بما‬
‫الح ُ‬
‫ال يجوز لجية االستئناؼ ُ‬
‫جدية دفوعو وطمباتو‪ ،‬و ّأنيا‬‫إذا استأنؼ وحده الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬فإذا رأى المجمس ّ‬
‫جديتيا‪َ ،‬ح َك َـ‬
‫عدؿ الحكـ المستأنؼ‪ ،‬واذا رأى عدـ ّ‬
‫مؤسسة قانونا‪ُ ،‬حكـ لو بيا‪ُ ،‬فيمغي أو ُي ّ‬
‫المجمس برفض االستئناؼ‪ ،‬لكف ال يجوز لو اإلضرار بالمستأنؼ مقارنة بما ُحكـ عميو في‬
‫الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬إال إذا كاف ىناؾ استئناؼ فرعي مف المستأنؼ عميو‪ ،‬تطبيقا لقاعدة‬
‫‪2‬‬
‫أقرىا القضاء أال يتضرر‬
‫أف مف المبادئ التي ّ‬ ‫ضار المستأنؼ باستئنافو ‪ ،‬إذ ّ‬
‫ال ُي ّ‬
‫أف عمى قضاة المجمس أف‬
‫المستأنؼ مف الطعف باالستئناؼ الذي يرفعو أماـ المجمس‪ ،‬و ّ‬
‫البت فييا‬
‫يقدميا المستأنؼ‪ ،‬و ّ‬
‫ينظروا في الدعوى المرفوعة إلييـ في حدود الطمبات التي ّ‬
‫إما تأييدا أو تحسينا ليا‪ ،‬وال يجوز اإلضرار بالمستأنؼ عند الفصؿ في دعوى االستئناؼ‪،‬‬
‫ّ‬
‫عدة ق اررات لممحكمة العميا‪ ،‬حيث جاء في أحد ق ارراتيا ما يمي‪ " :‬مف المقرر‬
‫ويؤيد ذلؾ ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ 1990/03/19‬ممؼ رقـ ‪ ،59140‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1991‬عدد ‪ ،04‬ص ‪.124‬‬


‫بوبشير محند أمقراف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.324‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪296‬‬
‫يعد راضيا بو‪ ،‬فإف استأنؼ خصمو ىذا الحكـ وجب أف‬ ‫أف مف لـ يستأنؼ الحكـ ّ‬
‫قانونا ّ‬
‫ثـ فإف القضاء‬
‫ينظر في الدعوى في حدود مطالب ىذا األخير تحسينا أو تأييدا ليا‪ ،‬ومف ّ‬
‫ولما كاف ثابتا – في قضية‬
‫يعد خرقا إلجراءات جوىرية في القانوف‪ّ .‬‬
‫بما يخالؼ ىذا المبدأ ّ‬
‫بعدة طمبات وبقيت دوف جواب‪ ،‬وأف الزوجة لـ تستأنؼ الحكـ‬‫تقدـ ّ‬
‫الحاؿ‪ -‬أف المستأنؼ ّ‬
‫وح ِك َـ عمى المستأنؼ ّ‬
‫بردىا أو دفع‬ ‫الحمي‪ُ ،‬‬
‫ومع ذلؾ جعؿ عمييا اليميف في األمتعة و ّ‬
‫قيمتيا ليا‪ ،‬فإف قضاة االستئناؼ بقضائيـ كما فعموا أخطأوا في تطبيؽ القاعدة المذكورة‬
‫أعبله‪ ،‬ولـ يجيبوا عمى مطالب المستأنؼ‪ ،‬ومتى كاف ذلؾ استوجب نقض القرار المطعوف‬
‫فيو"‪ ،1‬وبالتالي فاإلجراء الذي يقوـ بو المستأنؼ يقصد مف ورائو االنتفاع بو‪ ،‬وليس لينتفع‬
‫يضر االستئناؼ بمف يرفعو‪.‬‬
‫بو خصمو‪ ،‬فبل يجوز أف ّ‬
‫أف‬
‫وجاء في قرار آخر لممحكمة العميا ما يمي‪" :‬مف المستقر عميو قضاء ّ‬
‫ثـ فإف القضاء بما يخالؼ ىذا المبدأ يعد‬
‫ضار مف استئنافو‪ ،‬ومف ّ‬
‫المستأنؼ وحده ال ُي ُ‬
‫مخالفا لمقانوف‪ .‬ولما كاف ثابتا – في قضية الحاؿ‪ -‬أف االستئناؼ كاف مف طرؼ‬
‫فإف المجمس بتعديمو لمحكـ القاضي بمنح السكف لمزوجة الحاضنة‬
‫المستأنؼ وحده ّ‬
‫وعرض ق ارره‬
‫أضر بمصمحة المستأنؼ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫واستبدالو بسكف آخر‪ ،‬يكوف بقضائو كما فعؿ‬
‫لعدـ التأسيس القانوني‪ ،‬ومتى كاف كذلؾ استوجب نقض القرار المطعوف فيو"‪ ،2‬وىو قرار‬
‫قرر عدـ جواز اإلضرار بمصمحة المستأنؼ الذي استأنؼ‬ ‫يؤ ّكد المبدأ القضائي الذي ُي ّ‬
‫يقدـ الخصـ اآلخر استئنافا مقاببل أو فرعيا‪.‬‬
‫الحكـ وحده‪ ،‬ولـ ّ‬
‫ب‪ -‬األثر الموقف‬
‫نصت الفقرة األولى مف المادة ‪ 323‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى أنو‪ " :‬يوقؼ تنفيذ الحكـ‬
‫أف الحكـ‬
‫ويستشؼ مف ذلؾ ّ‬
‫ّ‬ ‫خبلؿ أجؿ الطعف العادي كما يوقؼ بسبب ممارستو"‪،‬‬
‫القضائي الصادر عف محكمة أوؿ درجة ال ُيمكف تنفيذه‪ ،‬وال يكتسب قوة الشيء المقضي‬
‫فيو‪ ،‬وال ُيمير بالصيغة التنفيذية إال بعد انتياء أجؿ االستئناؼ دوف الطعف فيو‪ ،‬أو بعد‬

‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1987/06/29‬رقـ ‪ ،46111‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1990‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.68‬‬


‫المجمس األعمى‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1988/04/11‬رقـ ‪ ،48742‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1992‬العدد ‪ ،3‬ص ‪.46‬‬


‫‪297‬‬
‫الفصؿ في االستئناؼ المرفوع مف قبؿ المستأنؼ‪ ،‬حيث يوقؼ تنفيذ الحكـ الصادر في‬
‫كميا أو تعديمو جزئيا‪ ،‬حيث ُينفذ الجزء‬
‫أوؿ درجة إلى غاية الفصؿ في االستئناؼ‪ ،‬وتأييده ّ‬
‫أقره المجمس‪.‬‬
‫المؤيد مف الحكـ مع التعديؿ الذي ّ‬
‫وأوردت الفقرة الثانية مف المادة ‪ 323‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ استثناءات عمى األثر الموقؼ‬
‫لبلستئناؼ‪ ،‬حيث ُينفذ الحكـ القضائي الصادر في أوؿ درجة رغـ المعارضة واالستئناؼ‪،‬‬
‫إذا كاف الحكـ واجب التنفيذ بقوة القانوف‪ ،‬كما يؤمر بالنفاذ المعجؿ عند طمبو في جميع‬
‫الحاالت التي يحكـ فييا بناء عمى عقد رسمي أو معترؼ بو‪ ،‬أو حكـ سابؽ حاز قوة‬
‫الشي ء المقضي بو‪ ،‬أو في مادة النفقة أو منح مسكف الزوجية لمف أسندت لو الحضانة‪.‬‬
‫كما يجوز لمقاضي في جميع الحاالت األخرى أف يأمر في حالة االستعجاؿ بالنفاذ‬
‫المعجؿ بكفالة أو بدونيا‪.‬‬
‫أف المشرع أجاز بموجب المادة ‪ 324‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ االعتراض عمى النفاد‬‫غير ّ‬
‫المعجؿ‪ ،‬أماـ رئيس الجية القضائية التي تنظر في المعارضة أو االستئناؼ‪ ،‬وذلؾ عف‬
‫طريؽ االستعجاؿ‪ ،‬حيث ُيفصؿ فيو في أقرب جمسة‪ ،‬إما بوقؼ التنفيذ أو االستمرار فيو‪.‬‬
‫التصدي‬
‫ّ‬ ‫ج‪ -‬الحق في‬
‫التصدي لممسائؿ‬
‫ّ‬ ‫أجاز المشرع بموجب المادة ‪ 346‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ لجية االستئناؼ‬
‫غير المفصوؿ فييا عند استئناؼ الحكـ الذي قضى بإنياء الخصومة‪ ،‬فصبل في أحد‬
‫تبيف لو ولحسف سير العدالة إعطاء ح ّؿ نيائي لمنزاع‪ ،‬بعد األمر‬
‫الدفوع الشكمية‪ ،‬وذلؾ إذا ّ‬
‫بإجراء تحقيؽ عند االقتضاء‪ ،‬ومعنى ذلؾ أنو إذا ألغت جية االستئناؼ الحكـ الذي قضى‬
‫برفض الدعوى لدفع إجرائي‪ ،‬فمف المفترض أف ترجع القضية لممحكمة مف أجؿ الفصؿ‬
‫لكف المشرع أجاز لقضاة المجمس إذا‬
‫فييا مف جديد‪ ،‬احتراما لمبدأ التقاضي عمى درجتيف‪ّ ،‬‬
‫تبيف ليـ مف أجؿ حسف سير العدالة أف يفصموا في موضوع النزاع‪ ،‬إذا كاف مف األفضؿ‬
‫ّ‬
‫حد لمنزاع دوف إرجاعيا لممحكمة‪.‬‬
‫وضع ّ‬
‫واف كاف حؽ الطعف باالستئناؼ قد أق ّره المشرع لمخصوـ مف أجؿ الدفاع عف‬
‫فإف‬
‫حقوقيـ‪ ،‬وتدارؾ ما قد يقع فيو قاضي الدرجة األولى مف أخطاء أو سوء تقدير‪ّ ،‬‬
‫ممارستيـ ىذا الحؽ بنية اإلضرار بالمستأنؼ عميو‪ ،‬أو استعماليـ ىذا الحؽ تعسفيا‬
‫خوؿ‬
‫بغرض إطالة اإلجراءات‪ ،‬وتعطيؿ المستأنؼ عميو مف تنفيذ الحكـ المستأنؼ‪ ،‬ي ّ‬
‫‪298‬‬
‫لقضاة المجمس أف يحكموا عمى المستأنؼ بغرامة مدنية بيف ‪ 102000‬دج إلى ‪202000‬‬
‫دج‪ ،‬دوف اإلخبلؿ بالتعويضات التي يمكف أف يحكـ بيا لصالح المستأنؼ عميو‪ ،‬طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 347‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬خصوصية الطعن باالستئناف في قضايا شؤون األسرة‬
‫تخضع األحكاـ الصادرة في قضايا شؤوف األسرة في عموميا إلى اإلجراءات‬
‫المقررة في القواعد العامة المتعمقة بالطعف باالستئناؼ‪ ،‬غير ّأنو يمكف اإلشارة إلى بعض‬
‫تتميز بيا قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬أو التي أقترح ضرورة تمييزىا بالنظر‬ ‫النقاط التي ّ‬
‫تميز ىذه القضايا‪.‬‬
‫لمخصوصية التي ّ‬
‫‪ -1‬فيما يتعمق برفع الطعن باالستئناف‬
‫ُيرفع الطعف باالستئناؼ في قضايا شؤوف األسرة بموجب عريضة تتضمف كافة‬
‫البيانات المحددة في المادة ‪ 540‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬مرفقة بنسخة مطابقة ألصؿ الحكـ‬
‫يتـ‬
‫المستأنؼ‪ ،‬تحت طائمة عدـ قبوليا شكبل‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 541‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫إيداعيا بأمانة ضبط المجمس القضائي الذي يقع في دائرة اختصاصو المحكمة التي‬
‫صدر عنيا الحكـ المستأنؼ‪ ،‬حيث تتولى أمانة الضبط لدى المجمس مراسمة المحكمة‬
‫يتـ‬
‫التي صدر عنيا الحكـ المستأنؼ مف أجؿ إرساؿ ممؼ القضية إلييا‪ ،‬كما يجوز أف ّ‬
‫إيداع عريضة االستئناؼ بأمانة ضبط المحكمة التي صدر عنيا الحكـ المستأنؼ‪،‬‬
‫وتسجيميا في سجؿ خاص مرقـ ومؤشر عميو مف قبؿ رئيس المجمس القضائي‪ ،‬كما يقوـ‬
‫أميف الضبط بتسجيؿ رقـ القضية وتاريخ أوؿ جمسة عمى نسخ عريضة االستئناؼ‪ ،‬مف‬
‫أجؿ تمكيف المستأنؼ مف التبميغ الرسمي لممستأنؼ عميو‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 539‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫إف تمكيف األطراؼ مف رفع الطعف باالستئناؼ أماـ أمانة ضبط المحكمة التي‬
‫أصدرت الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬مف شأنو التسييؿ عمى المتقاضيف‪ ،‬خصوصا في قضايا‬
‫شؤوف األسرة التي يفتقر فييا عموـ المتقاضيف إلى الوعي القانوني‪ ،‬والقدرة عمى االنتقاؿ‬
‫إلى مقر المجمس‪ ،‬الذي قد يبعد عف مقر سكناىـ مئات الكيمومترات‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫ىذا االستثناء أخذ بو المشرع التونسي في الفصؿ ‪ 41‬الفقرة األخيرة مف قانوف‬
‫الحالة المدنية‪ ،1‬فيما يخص ترسيـ األحكاـ التي تصدر بالطبلؽ أو تُعمف بطبلف الزواج‪،‬‬
‫ويقدـ طمب الطعف إلى كتابة المحكمة التي أصدرت الحكـ أو القرار"‪،‬‬
‫حيث جاء فييا‪ّ " :‬‬
‫بؿ ج عؿ المشرع التونسي طريقا واحدا لرفع الطعف باالستئناؼ أماـ كتابة المحكمة‪ ،‬وليس‬
‫تبني المشرع التونسي ىذا‬‫أماـ كتابة جية االستئناؼ‪ ،‬خبلفا لؤلصؿ العاـ‪ ،‬ويرجع سبب ّ‬
‫أف كتابة المحكمة االبتدائية ممزمة بترسيـ أحكاـ الطبلؽ بدفاتر الحالة المدنية‬
‫النيج‪ ،‬كوف ّ‬
‫بطرة عقد الزواج ورسـ والدة كؿ مف الزوجيف‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 40‬مف قانوف الحالة‬
‫ّ‬
‫ويتـ الترسيـ بسعي مف طرؼ أميف المحكمة التي صدر عنيا الحكـ بعد استنفاد‬
‫المدنية‪ّ ،‬‬
‫طرؽ الطعف‪ ،‬وذلؾ بتوجيو نص الحكـ أو القرار إلى ضابط الحالة المدنية المختص‬
‫خبلؿ أجؿ عشرة أياـ مف اتصاؿ القضاء بيا‪ ،‬لذا مف شأف رفع االستئناؼ لدى المحكمة‬
‫التي صدر عنيا حكـ الطبلؽ تمكيف كتابة المحكمة مف إعبلميا باالستئناؼ‪ ،‬وعدـ‬
‫تـ رفع االستئناؼ أماـ محكمة االستئناؼ‪ ،‬فقد ُيشعر‬
‫حصوؿ أي ذبذبة في ذلؾ إذا ما ّ‬
‫تـ استئنافو‬
‫أميف المحكمة ضابط الحالة المدنية بحكـ الطبلؽ‪ ،‬في حيف يكوف الحكـ قد ّ‬
‫لدى محكمة االستئناؼ‪ ،‬فمتفادي مثؿ ىذا االختبلؿ في تسجيؿ حكـ الطبلؽ‪ ،‬جعؿ‬
‫يتـ أماـ المحكمة التي أصدرت حكـ الطبلؽ‪.‬‬
‫المشرع التونسي رفع االستئناؼ ّ‬
‫يتـ دراسة‬‫بعد رفع االستئناؼ إلى المجمس القضائي‪ ،‬وفقا لئلجراءات المذكورة‪ّ ،‬‬
‫القضية وتبادؿ المقاالت والدفوع بيف الخصوـ‪ ،‬ثـ يفصؿ المجمس في النزاع‪ ،‬ويصدر ق ار ار‬
‫إما بتأييد الحكـ أو إلغائو‪ ،‬أو تأييده وتعديمو في جزء منو‪ ،‬ويبقى لمطرؼ الذي يعتقد بأف‬
‫ّ‬
‫صفُوهُ أف يطعف بالنقض في القرار الصادر عف المجمس القضائي‪،‬‬ ‫قضاة الموضوع لـ ي ْن ِ‬
‫ُ‬
‫دوف أف يكوف لذلؾ أثر في وقؼ تنفيذ القرار‪.‬‬
‫‪ -2‬فيما يتعمق بأجل الطعن باالستئناف‬
‫يخص المشرع الجزائري الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ في جوانبيا‬
‫ّ‬ ‫لـ‬
‫المادية أو الحضانة بأحكاـ خاصة مف حيث أجؿ الطعف‪ ،‬أو مف حيث بداية سرياف ىذا‬
‫األجؿ‪ ،‬بؿ تخضع لآلجاؿ المحددة في القواعد العامة‪ ،‬عكس ما أخذ بو المشرع التونسي‬

‫القانوف عدد ‪ 3‬لسنة ‪ 1957‬المؤرخ في أوؿ أوت ‪ 1957‬والمتعمؽ بتنظيـ الحالة المدنية‪ ،‬المنشور بالرائد الرسمي‬ ‫‪1‬‬

‫لمجميورية التونسية الصادر في ‪ 30‬جويمية ‪ 2 /‬أوت ‪ ،1957‬ص ‪.11‬‬


‫‪300‬‬
‫وميزىا عف اآلجاؿ‬
‫خص آجاؿ الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ وبطبلف الزواج ّ‬
‫الذي ّ‬
‫نصت المادة ‪ 41‬مف القانوف عدد ‪ 3‬المؤرخ في غرة أوت ‪ 1957‬المتعمؽ‬‫العادية‪ ،‬حيث ّ‬
‫أف أجؿ الطعف في األحكاـ الصادرة في مادة الطبلؽ وبطبلف الزواج يقع‬
‫بالحالة المدنية‪ّ ،‬‬
‫ضمف أجؿ شير مف تاريخ صدور الحكـ‪ ،‬وذلؾ بالنسبة إلى جميع ما تشتمؿ عميو بما‬
‫في ذلؾ الغرامات المادية‪ ،‬خبلفا لؤلصؿ العاـ المقرر بموجب المادة ‪ 141‬مف قانوف‬
‫أف أجؿ االستئناؼ في القضايا‬
‫اإلجراءات المدنية والتجارية التونسي التي تنص عمى ّ‬
‫المدنية عشروف يوما مف تاريخ اإلعبلـ بالحكـ المطعوف فيو لممحكوـ عميو‪.‬‬
‫مدة‬
‫عما ىو مقرر في القواعد العامة مف حيث ّ‬‫إف خروج المشرع التونسي ّ‬ ‫ّ‬
‫الطعف باالستئناؼ‪ ،‬ومف حيث بداية سرياف أجؿ الطعف‪ ،‬حيث اعتبر تاريخ صدور الحكـ‬
‫فإف المقصد مف ذلؾ ىو حرص المشرع‬ ‫منطمقا لحساب أجؿ الطعف في حكـ الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫عمى استقرار الحالة المدنية لؤلشخاص في آجاؿ قصيرة‪ ،‬دوف انتظار تبميغ الحكـ‪ ،‬والذي‬
‫قد يتقاعس الطرفاف عف القياـ بو‪ ،1‬فتبقى العصمة معمّقة‪ ،‬ال ىي موجودة وال ىي‬
‫معدومة‪ ،‬وىو ما يؤدي إلى اضطراب في العبلقات الزوجية والواجبات المترتبة عمييا‪،‬‬
‫أقر المشرع التونسي بداية سرياف أجؿ الطعف باالستئناؼ مف‬
‫كواجب اإلنفاؽ مثبل‪ ،‬لذا ّ‬
‫تاريخ صدور الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬وىو أمر يحمؿ الطميقيف عمى السعي لمعرفة مآؿ دعوى‬
‫ثـ الرضا بو أو الطعف فيو باالستئناؼ أماـ الجية‬
‫الطبلؽ‪ ،‬والحكـ الصادر بشأنيا‪ ،‬ومف ّ‬
‫المختصة إذا لـ يقتنع أحدىما بمضمونو‪.2‬‬
‫ّ‬
‫أف ىذا االستثناء المتعمؽ بتاريخ بداية سرياف الطعف باالستئناؼ في‬
‫وأعتقد ّ‬
‫يخص الطعف باالستئناؼ‬
‫ّ‬ ‫أحكاـ الطبلؽ جدير باالتباع مف قبؿ المشرع الجزائري‪ ،‬فيما‬
‫وخاصة في األحكاـ الحضورية‪ ،‬وذلؾ‬
‫ّ‬ ‫ؾ الرابطة الزوجية‪،3‬‬‫في الجوانب المادية ألحكاـ ف ّ‬
‫مف أجؿ تحقيؽ االستقرار لموضعية القانونية لؤلفراد‪ ،‬والتي تنعكس بدورىا عمى استقرار‬
‫المجتمع‪ ،‬وبالتالي الحفاظ عمى النظاـ العاـ‪.‬‬

‫حساف التيامي‪ ،‬اليادي الحاج سالـ‪ ،‬الطبلؽ بإرادة منفردة‪ ،‬الييئة الوطنية لممحاميف الفرع الجيوي بتونس‪ ،‬محاضرة‬ ‫‪1‬‬

‫ختـ التمريف‪ ،‬تونس‪ ،‬السنة القضائية ‪ ،2008-2007‬ص ‪.11‬‬


‫ساسي بف حميمة‪ ،‬دراسات في األحواؿ الشخصية‪ ،‬مركز النشر الجامعي‪ ،‬تونس‪ ،2012 ،‬ص ‪.250‬‬ ‫‪2‬‬

‫باستثناء أحكاـ الطبلؽ بالتراضي التي منع المشرع الطعف فييا باالستئناؼ في كؿ جوانبيا‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪301‬‬
‫‪ -3‬فيما يتعمق بآثار الطعن باالستئناف‬
‫إف الطعف باالستئناؼ في قضايا شؤوف األسرة لو أثر ناقؿ‪ ،‬أي ّأنو ينقؿ الدعوى‬
‫ّ‬
‫عمى حالتيا إلى المجمس القضائي‪ ،‬حيث يكوف لقاضي الدرجة الثانية نفس الصبلحيات‬
‫التي كانت لقاضي الدرجة األولى‪ ،‬مف حيث تقدير الوقائع وقبوؿ دفوعات الخصوـ‬
‫برمتو إلى المجمس القضائي‪.‬‬
‫ووسائؿ اإلثبات المقدمة مف قبميـ‪ ،‬وبالتالي ُي َنق ْؿ النزاع ّ‬
‫وال يجوز لمخصوـ تقديـ طمبات جديدة أماـ المجمس القضائي‪ ،‬حتى ال ُيحرـ‬
‫الطرؼ الثاني درجة مف درجات التقاضي‪ ،‬فإذا أغفؿ أحد الخصوـ المطالبة بحؽ مف‬
‫مرة أماـ المجمس القضائي‪ ،‬بؿ عميو رفع دعوى‬ ‫حقوقو‪ ،‬فبل يجوز لو المطالبة بو أوؿ ّ‬
‫أف المطالبة‬
‫تـ إغفالو مف حقوؽ‪ ،‬غير ّ‬
‫المختصة لممطالبة بما ّ‬
‫ّ‬ ‫جديدة مستقمة أماـ المحكمة‬
‫بتوابع الطبلؽ ال تعتبر طمبات جديدة ألنيا مرتبطة مباشرة بالطمب األصمي‪ ،‬وترمي إلى‬
‫نفس الغرض‪ ،‬حتى ولو كاف أساسيا القانوني مغاي ار‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 343‬ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫فالمطالبة بالمتاع أو المصوغ واألثاث مرتبطة مباشرة بواقعة الطبلؽ‪ ،‬ويجوز المطالبة بيا‬
‫عمى مستوى المحكمة‪ ،‬أو عمى مستوى المجمس‪ ،‬وال تعتبر طمبا جديدا‪ ،‬وىو األمر الذي‬
‫أ ّكدتو المحكمة العميا في قرارىا الصادر بتاريخ ‪.11990/03/19‬‬
‫فإف المشرع استثنى أحكاـ الطبلؽ مف وقؼ‬
‫أما بالنسبة لؤلثر الموقؼ لمتنفيذ‪ّ ،‬‬
‫التنفيذ‪ ،‬حيث ال يحوؿ الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ في شقّيا المادي دوف‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وذلؾ‬ ‫الشؽ المتعمؽ بف ّ‬
‫ّ‬ ‫تنفيذىا‪ ،‬ويقصد بو تنفيذ حكـ الطبلؽ في‬
‫تـ إبراـ عقد‬
‫بتسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬أي بسجؿ عقود الزواج بالبمدية التي ّ‬
‫تـ تسجيؿ ميبلد الزوجيف فييا‪ ،‬حيث‬
‫الزواج فييا‪ ،‬وكذا سجؿ عقود الميبلد بالبمدية التي ّ‬
‫المختص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يتـ التأشير بيا مف طرؼ ضابط الحالة المدنية‬
‫ّ‬
‫حيث كاف العمؿ في ظؿ قانوف األسرة قبؿ تعديؿ ‪ ،2005‬وفي ظؿ ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‬
‫يتـ تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ في سجبلت الحالة المدنية حتى تنقضي آجاؿ‬
‫الممغى‪ّ ،‬أنو ال ّ‬
‫الطعف بالنقض‪ ،‬أو بعد صدور قرار المحكمة العميا برفض الطعف بالنقض‪ ،‬لذلؾ كاف‬
‫عمى أحد الزوجيف أف يبادر إلى تبميغ حكـ الطبلؽ إلى الطرؼ الثاني‪ ،‬وبعد فوات أجؿ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ 1990/03/19‬ممؼ رقـ ‪ ،59140‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1991‬عدد ‪ ،04‬ص ‪.124‬‬


‫‪302‬‬
‫يتقدـ إلى أمانة ضبط المحكمة التي صدر عنيا حكـ الطبلؽ‪ ،‬مرفقا‬
‫الطعف بالنقض‪ّ ،‬‬
‫بالوثائؽ التالية‪ :‬نسخة مف عقد الزواج‪ ،‬نسخة مف حكـ الطبلؽ‪ ،‬محضر التبميغ الرسمي‬
‫لحكـ الطبلؽ‪ ،‬شيادة عدـ الطعف بالنقض‪ ،‬ويقدميا إلى أميف الضبط بالمحكمة الذي يقوـ‬
‫ثـ يقوـ بإرساؿ اإلخبار بالطبلؽ إلى‬
‫بتحرير إخبار بالطبلؽ‪ ،‬ويوقعو رئيس أمناء الضبط‪ّ ،‬‬
‫ضابط الحالة المدنية بالبمدية التي أبرـ بيا عقد الزواج‪ ،‬أيف يقوـ بتسجيؿ الطبلؽ في‬
‫سج ّؿ عقود الزواج‪ ،‬وعمى ىامش عقد زواجيما‪ ،‬كما يسجمو بسجؿ عقود الميبلد الخاص‬
‫بالمطمقيف إف كاف ميبلدىما بنفس البمدية‪ ،‬واالّ يرسؿ إشعار بذلؾ إلى بمدية ميبلد‬
‫المطمقيف‪ ،‬ليؤشر بالطبلؽ عمى ىامش شيادة ميبلدىما‪ ،‬وبعد قياـ ضابط الحالة المدنية‬
‫بتسجيؿ حكـ الطبلؽ يعيد اإلشعار أو اإلشياد بالتسجيؿ إلى المحكمة موقعا مف طرؼ‬
‫رئيس المجمس الشعبي البمدي‪.1‬‬
‫تغير بعد تعديؿ قانوف األسرة وصدور قانوف اإلجراءات المدنية‬
‫لكف األمر ّ‬
‫واإلدارية‪ ،‬حيث لـ يعد لمطعف بالنقض أثر موقؼ‪ ،‬إذ ّأنو بمجرد صدور حكـ الطبلؽ يقع‬
‫واجب تسجيؿ ىذا الحكـ عمى عاتؽ النيابة العامة وبسعي منيا‪ ،‬وفقا لمفقرة األخيرة مف‬
‫المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث يعتبر حكـ الطبلؽ حكما نيائيا ال يتأثر بطرؽ الطعف العادية‬
‫وغير العادية مف حيث تنفيذه وتسجيمو‪ ،‬واف كاف المشاىد عدـ قياـ النيابة العامة بالدور‬
‫المسند إلييا في تنفيذ أحكاـ فؾ الرابطة الزوجية عمى الوجو المطموب‪ ،‬حيث دفع ثقؿ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬العديد مف المطمقيف‬
‫جياز النيابة العامة في تسجيؿ أحكاـ ف ّ‬
‫والمطمقات إلى مباشرة إجراءات التسجيؿ بناء عمى طمبيـ‪ ،‬حيث يسعوف إلى تبميغ حكـ‬
‫ثـ ينتقموف إلى ضابط الحالة‬
‫الطبلؽ‪ ،‬والحصوؿ عمى إخبار بالطبلؽ مف المحكمة‪ّ ،‬‬
‫المدنية المختص‪ ،‬ويقدموف الممؼ المطموب مف أجؿ قيد حكـ الطبلؽ في سجؿ عقود‬
‫الزواج وعمى ىامش شيادة ميبلد الطرفيف‪ ،‬حتى تتمكف المطمقة مف إعادة الزواج مف‬
‫جديد‪ ،‬وحتى يتمكف المطمؽ مف إعادة الزواج مف جديد دوف حاجة لمحصوؿ عمى رخصة‬
‫التعدد‪.‬‬
‫مف أجؿ ّ‬

‫حدة‪ ،‬إثبات الطبلؽ بيف النصوص التشريعية وتطبيقاتيا القضائية‪ ،‬مذكرة تخرج لنيؿ إجازة المعيد الوطني‬
‫قسنطيني ّ‬
‫‪1‬‬

‫لمقضاء‪ ،‬الدفعة الثانية عشر‪ ،‬سنة ‪ ،2004/2001‬ص ‪.50-48‬‬


‫‪303‬‬
‫وال َي ُحو ُؿ الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ في جوانبو المادية دوف تنفيذ‬
‫المعجؿ‪ ،‬التي قد تتعمّؽ بالنفقة أو بمنح مسكف‬
‫ّ‬ ‫المقتضيات التي تكوف مشمولة بالنفاذ‬
‫الزوجية لمف أسندت لو الحضانة‪ ،‬بعد طمب ذلؾ مف صاحب الصفة والمصمحة‪ ،‬وفقا‬
‫ممحة وضرورة‬
‫لمفقرة الثانية مف المادة ‪ 323‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬نظ ار لتعمّؽ ىذه المسائؿ بحاجة ّ‬
‫مف ضرورات المعيشة‪ ،‬والتي ال تحتمؿ االنتظار‪.‬‬
‫‪ -4‬فيما يتعمق بإعفاء قضايا شؤون األسرة من وجوبية التمثيل بمحام‬
‫أعفى المشرع المستأنؼ قضايا شؤوف األسرة مف وجوبية التمثيؿ بمحاـ عمى‬
‫أقر أصبل عاما في الفقرة األولى مف المادة ‪ 538‬مف‬
‫مستوى المجمس القضائي‪ ،‬حيث ّ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ يوجب عمى الخصوـ عندما تصؿ دعواىـ إلى المجمس القضائي‪ ،‬أف ُيوكموا‬
‫محاميف لمدفاع عنيـ وتمثيميـ أماـ ىيئة المجمس القضائي‪ ،‬وذلؾ تحت طائمة عدـ قبوؿ‬
‫أف المشرع استثنى في الفقرة الثانية مف نفس المادة قضايا شؤوف األسرة‪،‬‬
‫االستئناؼ‪ ،‬غير ّ‬
‫والقضايا االجتماعية بالنسبة لمعماؿ‪ ،‬مف وجوبية تمثيؿ األطراؼ بمحاـ‪ ،‬وذلؾ تخفيفا‬
‫تحمؿ األعباء والمصاريؼ المترتبة عف توكيؿ محاـ‪ ،‬حتى ال يش ّكؿ‬
‫عمى الخصوـ مف ّ‬
‫ذلؾ عائقا لمفئات الي ّشة وذوي الدخؿ الضعيؼ مف المطالبة بحقوقيـ عمى مستوى الدرجة‬
‫الثانية مف درجات التقاضي‪.‬‬
‫يتـ مف خبلؿ تسييؿ وتبسيط إجراءات المساعدة‬
‫إف تحقيؽ ىذه الغاية ّ‬ ‫ّ‬
‫الرد وابداء‬
‫ألف تحرير العرائض ومقاالت ّ‬
‫البت في طمباتيا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫القضائية‪ ،‬وتسريع وتيرة‬
‫الدفوع واألسانيد القانونية الصحيحة يتطمب تكوينا خاصا‪ ،‬وعمما بمختمؼ النصوص‬
‫القانونية التي يدعـ بيا الخصوـ طمباتيـ‪ ،‬ويستندوف عمييا في تحصيؿ حقوقيـ‪ ،‬وىو ما‬
‫أقره‬
‫أف االستثناء الذي ّ‬
‫يتوفر لدى المحامي ويفتقد لدى عموـ المتقاضيف‪ ،‬لذا أعتقد ّ‬
‫المشرع غير كاؼ لوحده في حماية الفئات الي ّشة والضعيفة‪ ،‬وال بد مف إقرار خصوصية‬
‫في إجراءات المساعدة القضائية بالنسبة لقضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مف حيث تسييؿ‬
‫البت فييا‪.‬‬
‫إجراءاتيا‪ ،‬وتسريع آجاؿ ّ‬

‫‪304‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الطعن باالستئناف في أحكام ف ّك الرابطة الزوجية‬

‫تصدر أحكاـ الطبلؽ ‪-‬بشتّى صوره‪ -‬بحضور المدعى عميو أو في غيابو‪ ،‬سواء‬
‫ويطرح التساؤؿ حوؿ قابمية ىذه األحكاـ لمطعف فييا باالستئناؼ؟‬
‫كاف زوجا أو زوجة‪ُ ،‬‬
‫نص المشرع في الفقػرة األولى مف المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ عمى أنػّو‪" :‬تكوف األحكاـ‬
‫ّ‬
‫الصادرة في دعاوى الطبلؽ والتطميؽ والخمع غير قابمة لبلستئناؼ فيما عدا جوانبيا‬
‫المادية"‪ ،‬ولدراسة قابمية أحكاـ الطبلؽ لمطعف فييا باالستئناؼ يجب التمييز بيف جانبيف‬
‫لشؽ المتعمّؽ بالجوانب المادية‪ ،‬ىذا مف‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وا ّ‬
‫الشؽ المتعمّؽ بف ّ‬
‫ّ‬ ‫اثنيف‪،‬‬
‫جية‪ ،‬ومف جية أخرى بيف صور الطبلؽ مف حيث جواز الطعف فييا باالستئناؼ‪.‬‬
‫أوال‪ -‬التمييز بين شقّي الحكم بف ّك الرابطة الزوجية من حيث الطعن باالستئناف‬
‫أقر المشرع مبدأً عاما يقضي بالتقاضي عمى درجتيف ما لـ ينص القانوف عمى‬ ‫ّ‬
‫يتـ رفع الدعوى بعريضة افتتاحية‬
‫خبلؼ ذلؾ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 06‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ّ‬
‫ويتـ الطعف باالستئناؼ في الحكـ الصادر عنيا أماـ قضاة‬
‫أماـ محكمة الدرجة األولى‪ّ ،‬‬
‫الدرجة الثانية بالمجمس القضائي المختص‪ ،‬وتكوف األحكاـ الصادرة في جميع المواد قابمة‬
‫لبلستئناؼ‪ ،‬ما لـ ينص القانوف عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 333‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫فإف الخروج عمى المبدأ العاـ واقرار التقاضي عمى درجة واحدة يحتاج إلى نص‬
‫وبالتالي ّ‬
‫خاص‪ ،‬يقرر أف الحكـ الصادر عف المحكمة يكوف في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬وال يقبؿ الطعف‬
‫فيو باالستئناؼ‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى نص المواد ‪ 57 ،3/49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والمادة ‪ 433‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬نجد‬
‫يخص جواز استئناؼ أحكاـ الطبلؽ بمختمؼ صوره بيف أمريف‪،‬‬‫ّ‬ ‫ميز فيما‬‫المشرع ّ‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫ّ‬
‫يتـ‬
‫الشؽ المتعمؽ بالجوانب المادية لمطبلؽ‪ ،‬لذا ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬و ّ‬‫الشؽ المتعمّؽ بف ّ‬
‫ّ‬
‫ؾ الرابطة‬
‫لمشؽ المتعمّؽ بف ّ‬
‫ّ‬ ‫التطرؽ أوال لمطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ بالنسبة‬
‫لمشؽ المتعمؽ بالجوانب المادية لمطبلؽ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ثـ نتطرؽ لمطعف باالستئناؼ بالنسبة‬
‫الزوجية‪ّ ،‬‬
‫الشق المتعمق بف ّك الرابطة الزوجية‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬الطعن باالستئناف في‬
‫تـ ذكره‪ -‬مف جانبيف‪ ،‬جانب‬
‫ؾ الرابطة الزوجية ‪-‬كما ّ‬ ‫يتكوف الحكـ القاضي بف ّ‬
‫المادية‪ ،‬واختمفت ُوجيات النظر‬
‫يتعمّؽ بحؿ العبلقة الزوجية‪ ،‬وجانب يتعمؽ بتوابع الطبلؽ ّ‬

‫‪305‬‬
‫بشأف قابمية الجانب المتعمؽ بح ّؿ العبلقة الزوجية لمطعف فيو باالستئناؼ‪ ،‬بيف قائؿ‬
‫مما يستدعي تناوؿ موقؼ كؿ مف الفقو والمشرع والمحكمة العميا‬
‫بالجواز‪ ،‬وآخر بالمنع‪ّ ،‬‬
‫مف ذلؾ‪.‬‬
‫أ‪ -‬موقف الفقو‬
‫ان قسـ الفقو إلى قسميف فيما يتعمؽ بجواز الطعف باالستئناؼ في األحكاـ الصادرة‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬حيث يرى االتجاه األوؿ ضرورة غمؽ باب الطعف باالستئناؼ في‬
‫بف ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬بينما يرى أصحاب االتجاه الثاني ضرورة فتح المجاؿ الطعف‬
‫أحكاـ ف ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫باالستئناؼ في أحكاـ ف ّ‬
‫يتوجب عمى المشرع غمؽ باب‬ ‫ّ‬ ‫االتجاه األول‪ :‬يعتبر العديد مف الفقياء ّأنو‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬سواء تعمّؽ األمر بأحكاـ الطبلؽ‬
‫الطعف بمختمؼ أشكالو في أحكاـ ف ّ‬
‫باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬أو الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬أو بطمب مف الزوجة‪ ،‬وذلؾ نظ ار‬
‫ؾ‬
‫ألف إلغاء ونقض أحكاـ ف ّ‬ ‫تميز أحكاـ الطبلؽ واآلثار المترتبة عميو‪ّ ،‬‬
‫لمخصوصية التي ّ‬
‫العدة وبعد صيرورة الطبلؽ بائنا‪ ،‬وارجاع المطمَ َق ْي ِف إلى‬
‫الرابطة الزوجية بعد انتياء أجؿ ّ‬
‫الحالة التي كانا عمييا قبؿ صدور الحكـ‪ ،‬واحياء العبلقة الزوجية مف جديد دوف احتراـ‬
‫القيود الشرعية التي تحكـ مسألة الرجعة أمر مخالؼ ألحكاـ الشرع ومخالؼ لمنظاـ العاـ‪.‬‬
‫ؾ الرابطة‬
‫يرى األستاذ لحسيف بف الشيخ آث ممويا ّأنو " إذا حكمت المحكمة بف ّ‬
‫فإف حكـ القاضي ذو طابع‬‫الزوجية بواسطة طبلؽ الخمع أو غير ذلؾ مف أنواع الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫نيائي‪ ،‬والطبلؽ المنطوؽ بو بائف‪ ،‬مما يجعؿ الزوجة أجنبية عف الزوج‪ ،‬وعمى ذلؾ‬
‫ال يمكف لمقاضي أف ييدـ الطبلؽ الذي نطؽ بو‪ ،‬واال وقعنا في اإلثـ‪ ،‬فمو رجعت الزوجة‬
‫فإف‬
‫إلى زوجيا دوف عقد زواج جديد‪ ،‬بعد أف ُيمغي القاضي الحكـ الغيابي بالطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬
‫ؾ‬
‫الرجؿ والمرأة يصبحاف في حكـ الزانياف‪ ،‬ويقعاف في اإلثـ" ‪ ،‬لذلؾ يرى األستاذ أف ف ّ‬
‫الرابطة الزوجية بحكـ لو طابع خاص‪ ،‬وعمى القاضي مراعاة ىذه الخصوصية عند تطبيؽ‬
‫القواعد اإلجرائية المتعمقة بطرؽ الطعف العادية وغير العادية‪ ،‬و ّأنو يجب أف تكوف أحكاـ‬

‫لحسيف بف شيخ آث ممويا‪ ،‬رسالة في طبلؽ الخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.258‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪306‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية غير قابمة ألي طعف قضائي عادي أو غير عادي‪ ،‬باستثناء جوانبيا‬
‫فّ‬
‫المادية‪.‬‬
‫أف الحكـ الصادر بالطبلؽ ال يعتبر عمبل قضائيا‪،‬‬ ‫ويرى األستاذ عمر زودة ّ‬
‫وال يمكف الطعف فيو بطرؽ الطعف المقررة لؤلحكاـ القضائية‪ ،‬وبالتالي ال يجوز الطعف فيو‬
‫بطرؽ الطعف العادية أو غير العادية‪.1‬‬
‫ويرى األستاذ عمرو خميؿ ّأنو مف أجؿ استقرار مبدأ الطبلؽ باعتباره يتعمؽ بحالة‬
‫األشخاص‪ ،‬وجب عمى المشرع النص عمى عدـ الطعف في األحكاـ بالطبلؽ بأي طريؽ‬
‫مف طرؽ الطعف‪ ،‬حتى يتوافؽ مع مفيوـ الطبلؽ وآثاره في الفقو اإلسبلمي‪ ،‬وذلؾ فور‬
‫صدور حكـ الطبلؽ‪ ،‬وليس إلى أف يصير الحكـ حائ از لقوة الشيء المقضي فيو أو باتا‪.2‬‬
‫االتجاه الثاني‪ :‬يرى أصحاب ىذا االتجاه ّأنو يتوجب فتح باب الطعف في‬
‫ألف‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بمختمؼ أشكاؿ الطعف المقررة‪ ،‬العادية وغير العادية‪ّ ،‬‬
‫أحكاـ ف ّ‬
‫يطبؽ خبللو قواعد قانونية‪ ،‬قد ُيصيب وقد ُيخطأ في‬ ‫القاضي يمارس عمبل قضائيا ّ‬
‫تطبيقيا‪ ،‬كما قد ُيسيء تكييؼ الوقائع المعروضة عميو‪ ،‬لذا يجب أف يخضع لرقابة الجيّة‬
‫القضائية األعمى منو درجة‪ ،‬حتى نتأ ّكد مف سبلمة العمؿ القضائي الذي قاـ بو القاضي‪،‬‬
‫تتـ إال بإقرار‬
‫وعدـ مخالفتو لمقواعد الموضوعية واإلجرائية المقررة قانونا‪ ،‬وىذه الرقابة ال ّ‬
‫مبدأ التقاضي عمى درجتيف‪ ،‬واتاحة المجاؿ لمطعف باالستئناؼ في األحكاـ الصادرة عف‬
‫محاكـ أوؿ درجة‪.‬‬
‫أف الحكمة مف جعؿ أحكاـ الطبلؽ غير قابمة‬
‫يرى األستاذ عمي عمي سميماف ّ‬
‫حد إلثارة أسرار‬
‫لبلستئناؼ ىي منح فرصة لمزوجيف إلعادة الزواج مف جديد‪ ،‬ووضع ّ‬
‫أف إمكانية حصوؿ خطأ في تطبيؽ‬‫الخبلفات العائمية أماـ محكمة الدرجة الثانية‪ ،‬غير ّ‬
‫القانوف أو تفسيره مف قاضي الموضوع‪ ،‬يجعؿ مف األحسف إتاحة الفرصة لمطعف فيو‬
‫بطرؽ الطعف العادية وغير العادية في مختمؼ نواحيو‪.3‬‬

‫زودة عمر‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.132-131‬‬ ‫‪1‬‬

‫عمرو خميؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.212‬‬ ‫‪2‬‬

‫عمي عمي سميماف‪ ،‬حوؿ قانوف األسرة‪ ،‬المجمة الجزائرية لمعموـ القانونية االقتصادية والسياسية‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة‬ ‫‪3‬‬

‫الجزائر‪ ،‬عدد ‪ ،1986 ،02‬ص ‪.441‬‬


‫‪307‬‬
‫يميز بيف األحكاـ الصادرة‬
‫أف بعض الفقياء مف أصحاب ىذا االتجاه ّ‬ ‫غير ّ‬
‫بالطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج مف جية‪ ،‬وبيف أحكاـ التطميؽ أو الخمع مف جية أخرى‪،‬‬
‫حيث يروف عدـ جواز الطعف في أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج باعتبارىا أحكاما‬
‫أف‬
‫حر في استعماؿ حقّو في الطبلؽ‪ ،‬و ّ‬ ‫أف الزوج ٌ‬
‫أف دور القاضي فييا سمبي‪ ،‬و ّ‬
‫كاشفة‪ ،‬و ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بإرادتو المنفردة‪،‬‬
‫يغير موقؼ الزوج المتمسؾ بف ّ‬
‫الطعف في الحكـ ال ّ‬
‫بينما األمر يختمؼ في األحكاـ الصادرة بالتطميؽ أو الخمع‪ ،‬فالحكـ فييا منشئ‪ ،‬وال تنشأ‬
‫المراكز القانونية الجديدة إالّ مف تاريخ صدور الحكـ‪ ،‬ودور القاضي ايجابي في إيقاع‬
‫التطميؽ أو الخمع‪ ،‬لذا يتوجب فتح مجاؿ الطعف باالستئناؼ فييا‪ ،‬مف أجؿ مراقبة عمؿ‬
‫القاضي والتحقؽ مف عدـ إساءتو في تطبيؽ القواعد الموضوعية أو اإلجرائية‪ ،‬وتطميؽ‬
‫الزوجة مف زوجيا دوف وجو حؽ‪.‬‬
‫يرى األستاذ عبد العزيز سعد أنو إف كاف مف المعقوؿ أف ال يقبؿ حكـ الطبلؽ‬
‫بناء عمى اإلرادة المنفردة لمزوج الطعف فيو باالستئناؼ‪ ،‬باعتبار أف الزوج ليس ممزما‬
‫بتسبيب طمب الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬إالّ ّأنو مف غير المفيوـ جعؿ حكـ التطميؽ غير قابؿ‬
‫لمطعف فيو باالستئناؼ‪ ،‬ألنو يمكف أف يشتمؿ عمى أخطاء مادية أو موضوعية‪ ،‬يتطمب‬
‫مختصة بالفصؿ في الموضوع مف جديد‪ ،‬لذا‬
‫ّ‬ ‫تقويميا إعادة النظر فييا مف جية قضائية‬
‫أف منع الطعف باالستئناؼ في أحكاـ التطميؽ ينتج عنو‬
‫يعتبر األستاذ عبد العزيز سعد ّ‬
‫وضع غير سميـ‪ ،‬يتطمب إعادة النظر فيو مف أجؿ إقرار حؽ الزوجيف في التقاضي عمى‬
‫درجتيف‪.1‬‬
‫أف في حالة الطبلؽ لمضرر‪ ،‬يكوف مف األحسف‬ ‫أما األستاذ عبد الفتاح تقية فيرى ّ‬
‫ّ‬
‫لو سمح المشرع طرح القضية عمى المحاكـ بمختمؼ درجاتيا‪ ،‬وأالّ يحرـ المتقاضي مف‬
‫ألف النزاعات المتعمقة بالطبلؽ تتميز بخصوصية لتعمّقيا‬
‫درجة مف درجات القضاء‪ّ ،‬‬
‫تجنب اإلخبلؿ‬‫أف عدـ تمكيف المتقاضي مف االستئناؼ يؤدي إلى عدـ إمكانية ّ‬
‫باألسرة‪ ،‬و ّ‬
‫بالقواعد القانونية مف طرؼ محاكـ الدرجة األولى‪ ،‬كأف تحكـ بالطبلؽ دوف مراعاة إجراء‬
‫الصمح‪ ،‬أو مخالفة القواعد المتعمقة بتكميؼ الخصوـ بالحضور لجمسة وتبمغييـ تبميغا‬
‫أف القاضي عند فصمو في طمب الزوجة المتعمؽ بالتطميؽ يكوف أماـ‬
‫رسميا صحيحا‪ ،‬و ّ‬
‫‪1‬‬
‫عبد العزيز سعد‪ ،‬قانون األسرة الجزائري في ثوبه الجديد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪308‬‬
‫مادية يجب إثباتيا‪ ،‬كإثبات الضرر أو عدـ اإلنفاؽ‪ ،‬لذا يرى األستاذ تقية عبد‬
‫وقائع ّ‬
‫ألف دور القاضي ال يقتصر عمى‬‫الفتاح أف حكـ التطميؽ يجب أف يكوف قاببل لبلستئناؼ‪ّ ،‬‬
‫النزاع‪،‬‬
‫يتفحص القاضي ممؼ موضوع ّ‬‫إثبات إرادة الزوج في فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬واّنما ّ‬
‫مما‬
‫ويتأ ّكد مف توافر أحد األسباب الموجبة لمتطميؽ الواردة في المادة ‪ 53‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫يستدعي فتح المجاؿ لمطعف باالستئناؼ مف أجؿ عرض النزاع عمى قضاة الدرجة‬
‫الثانية‪.1‬‬
‫كما يرى األستاذ فاضمي ادريس ضرورة فتح باب االستئناؼ بالنسبة لمقضايا التي‬
‫ترفع عمى أساس التطميؽ‪.2‬‬
‫بأف الحكـ بالتطميؽ غير قابؿ‬
‫وترى األستاذة منصوري نورة ّأنو ال يمكف التسميـ ّ‬
‫ألف دور القاضي في حالة الطبلؽ باإلرادة المنفردة يقتصر عمى الحكـ بما‬
‫لبلستئناؼ‪ّ ،‬‬
‫فإف دور القاضي يختمؼ‪،‬‬
‫أما في حالة التطميؽ ّ‬
‫طمبو الزوج‪ ،‬دوف طمب توضيح األسباب‪ّ ،‬‬
‫جديا‪ ،‬ومطابقة الوقائع عمى النص‪ ،‬وموازنة طمبات الزوجة بدفوع‬
‫حيث يتطمب تحقيقا ّ‬
‫الزوج‪ ،‬وتسبيب الحكـ تسبيبا كافيا بما لو مف سمطة تقديرية‪ ،‬وىي تحتمؿ الصواب‬
‫‪3‬‬
‫أما بالنسبة‬
‫أو الخطأ‪ ،‬فوجب أف تخضع ىذه السمطة لمرقابة بالطعف فييا باالستئناؼ ‪ّ .‬‬
‫لحكـ الخمع ترى األستاذة منصوري نورة ضرورة ترجيح جواز الطعف باالستئناؼ في‬
‫ألف كره الزوجة لزوجيا في فترة معينة ولظروؼ مؤقتة‪ ،‬تجعميا تكرىو‬
‫أحكاـ الخمع‪ّ ،‬‬
‫وال تطيؽ العيش معو‪ ،‬مما يدفعيا لممخالعة‪ ،‬ومع مرور الوقت قد تدرؾ خطأىا وعدـ‬
‫تـ الطعف باالستئناؼ‬
‫جدية األسباب التي دفعتيا لطمب الخمع‪ ،‬فتندـ وتتدارؾ األمر إذا ّ‬
‫ّ‬
‫أف الخمع طبلؽ بائف بينونة صغرى يمكف لمزوج مراجعة مختمعتو‬ ‫في حكـ الخمع‪ ،‬كما ّ‬
‫بمير وعقد جديديف‪ ،‬مما يجعؿ حكـ الخمع ابتدائيا قاببل لبلستئناؼ‪ ،4‬وعميو ترى األستاذة‬
‫بأف "عمى المشرع أف يوضح لرجاؿ القانوف بأف الطبلؽ وحده غير قابؿ لبلستئناؼ‪ ،‬دوف‬
‫ّ‬

‫‪ 1‬تقية عبد الفتّاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.166-165‬‬
‫‪ 2‬فاضمي ادريس‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.627‬‬
‫‪ 3‬منصوري نورة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪309‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية المحددة في المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ال سيما التطميؽ‬
‫غيره مف طرؽ ف ّ‬
‫والخمع‪ ،‬ولما في ذلؾ مف حكمة وأسباب قانونية وشرعية"‪.1‬‬
‫ؾ المشرع المجاؿ مفتوحا‬
‫ويرى األستاذ لمطاعي نور الديف ّأنو مف األفضؿ لو تََر َ‬
‫ألنو ُيتصور أف توجد أخطاء‬ ‫لمطعف بالمعارضة أو االستئناؼ في أحكاـ التطميؽ والخمع‪ّ ،‬‬
‫حؽ‬
‫تقدميا الزوجة مثبل في دعوى التطميؽ‪ ،‬وتمكيف الزوج مف ّ‬
‫في وسائؿ اإلثبات التي ّ‬
‫الطعف في حكـ التطميؽ‪ ،‬يسمح بتدارؾ ما قد يقع مف خطأ أو إغفاؿ في إثبات توافر‬
‫قدمتيا‬
‫يقدـ الزوج مف األدلّة ما يبطؿ بو األدلة التي ّ‬
‫شرط مف شروط التطميؽ‪ ،‬وقد ّ‬
‫الزوجة‪ ،‬واعتمدىا القاضي في إصدار حكـ التطميؽ‪ ،‬كأف ُيثبت الزوج أنو كاف ُينفؽ عمى‬
‫مغى حكـ‬
‫ادعتو بعدـ اإلنفاؽ ىو أمر غير صحيح‪ ،‬وبذلؾ ُي َ‬ ‫أف ما ّ‬
‫زوجتو وأوالده‪ ،‬و ّ‬
‫التطميؽ الذي اعتمد عدـ إنفاؽ الزوج سببا لمحكـ بو‪ ،‬أما إذا لـ يستطع الزوج إبطاؿ‬
‫ادعتو الزوجة‪ ،‬فبل مشكؿ حينئذ في تثبيت حكـ التطميؽ مف القاضي بعد الفصؿ في‬
‫ما ّ‬
‫الطعف باالستئناؼ‪.2‬‬
‫كما ُيتصور أف يقع القاضي في أخطاء عند قضائو بالخمع‪ ،‬كأف يحكـ بالخمع‬
‫دوف حضور الزوجة شخصيا جمسة الصمح‪ ،‬حيث تكتفي بإنابة وكيميا أو محامييا‬
‫ؾ الرابطة‬
‫لحضور الجمسة‪ ،‬ويحكـ القاضي بالخمع دوف التأ ّكد مف إرادتيا ورضاىا بطمب ف ّ‬
‫ويتـ إلغاء ىذا الحكـ إذا طُعف فيو باالستئناؼ لعدـ تأ ّكد قاضي الدرجة األولى‬
‫الزوجية‪ّ ،‬‬
‫مف إرادة الزوجة في طمب الخمع‪.‬‬
‫أف المشرع أصاب بغمقو مجاؿ الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ‬ ‫وأعتقد ّ‬
‫ألف الطبلؽ حؽ لمزوج‪،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫باإلرادة المنفردة في الجانب المتعمؽ بف ّ‬
‫أف الطعف باالستئناؼ‬
‫ولو أف يستعممو بإرادتو المنفردة في أي وقت شاء‪ ،‬ودوف تعسؼ‪ ،‬و ّ‬
‫تمسؾ الزوج بالطبلؽ‪ ،‬واّنما السماح بالطعف‬
‫يغير في األمر شيئا إذا ّ‬‫في الحكـ ال ّ‬
‫باالستئناؼ في حكـ الطبلؽ ما ىو إال مضيعة لموقت‪ ،‬وتطويؿ إلجراءات التقاضي دونما‬
‫أف الغرض مف غمؽ مجاؿ الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ‬ ‫فائدة مرجوة‪ ،‬كما ّ‬
‫باإلرادة المنفردة مف شأنو تحقيؽ استقرار العبلقات األسرية في أقرب اآلجاؿ‪ ،‬بالنسبة‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.163‬‬ ‫‪1‬‬

‫لمطاعي نور الديف‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتوراه‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪310‬‬
‫يتمسؾ الزوج بالطبلؽ‪ ،‬ومع ذلؾ ُيسمح لمزوجة‬
‫ّ‬ ‫لآلباء ولؤلبناء‪ ،‬إذ مف غير المعقوؿ أف‬
‫استئناؼ الحكـ‪.1‬‬
‫أف فتح مجاؿ الطعف باالستئناؼ في أحكاـ التطميؽ والخمع أولى‬
‫غير ّأنني أعتقد ّ‬
‫نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ في‬ ‫أف إضافة المشرع أحكاـ التطميؽ والخمع إلى ّ‬ ‫وأصوب‪ ،‬و ّ‬
‫تعديؿ ‪ ،2005‬وجعميا غير قابمة لبلستئناؼ كاف في غير محمّو‪ ،‬الختبلؼ طبيعة الحكـ‬
‫ألف دور القاضي‬
‫الصادر بالطبلؽ باإلرادة المنفردة عف طبيعة حكـ التطميؽ أو الخمع‪ ،‬و ّ‬
‫ال يقتص ر عمى المصادقة عمى إرادة الزوج‪ ،‬بؿ لو دور إيجابي عند فصمو في الدعوى‪،‬‬
‫مما يستدعي فتح مجاؿ الطعف باالستئناؼ‪ ،‬وضرورة النص عمى جوازه في أحكاـ التطميؽ‬
‫ّ‬
‫ؾ‬
‫صحة ف ّ‬
‫ّ‬ ‫والخمع‪ ،‬لتدارؾ ما قد يشوب ىذه األحكاـ مف اختبلالت قانونية تؤثر عمى‬
‫يؤدي إلى‬
‫ألف غمؽ مجاؿ الطعف في ىذه األحكاـ ّ‬
‫الرابطة الزوجية بالتطميؽ أو الخمع‪ّ ،‬‬
‫بشر غير معصوميف‪ ،‬يعتري عمميـ‬
‫تنزيو القضاة عف الوقوع في الخطأ‪ ،‬بالرغـ مف ّأنيـ ٌ‬
‫ص والخطأ‪ ،‬فبل بد مف خضوع أحكاميـ لرقابة محكمة أعمى‪ ،2‬حيث مف المتصور أف‬ ‫َّ‬
‫الن ْق ُ‬
‫قدمتيا الزوجة‪ ،‬أو تستعمؿ الزوجة الغش عند‬
‫مزورة ّ‬
‫ُي ْبَنى حكـ التطميؽ عمى وثائؽ ّ‬
‫تقدمييا عنواف الزوج‪ ،‬بغرض عدـ تبميغو تبميغا قانونيا صحيحا‪ ،‬حتى ُيحرـ مف حقّو في‬
‫تصور أف يكوف حكـ القاضي بالتطميؽ أو الخمع خاؿ مف أي تسبيب‪ ،‬وىو‬‫الدفاع‪ ،‬كما ُي ّ‬
‫ما يبطؿ الحكـ أو القرار مف الناحية اإلجرائية‪.3‬‬
‫أف فتح مجاؿ ال طعف باالستئناؼ في أحكاـ التطميؽ أو الخمع‪ ،‬يجب أف‬ ‫غير ّ‬
‫يصاحبو وقؼ تنفيذ ىذه األحكاـ حتى تصير نيائية غير قابمة لمطعف فييا بطرؽ الطعف‬
‫العادية أو غير العادية‪ ،‬مع ضرورة خفض آجاؿ الطعوف حتى تستقر الحالة الشخصية‬
‫لؤلسرة في أقرب اآلجاؿ‪.‬‬

‫‪ 1‬تقية عبد الفتّاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫‪ 2‬عطا محمد المحتسب‪ ،‬دعاوى إثبات الطبلؽ وتطبيقاتيا في المحاكـ الشرعية‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫األردف‪ ،2016 ،‬ص ‪.286‬‬
‫محمد الكشبور‪ ،‬الواضح في شرح مدونة األسرة‪ ،‬ج ‪ ،2‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.246‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪311‬‬
‫ب‪ -‬موقف المشرع‬
‫منع المشرع صراحة استئناؼ أحكاـ الطبلؽ والتطميؽ والخمع ما عدا جوانبيا‬
‫المادية بموجب المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬واعتبرىا أحكاما تصدر في أوؿ وآخر درجة في شقّيا‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وال تقبؿ سوى الطعف بالنقض‪ ،‬كما منع صراحة الطعف‬ ‫المتعمؽ بف ّ‬
‫الشؽ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬و ّ‬
‫بشقييا المتعمّؽ بف ّ‬
‫ّ‬ ‫باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي‬
‫تـ الطعف‬
‫المتعمؽ بالجوانب المادية‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 433‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث إذا ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية سيوا أو جيبل‪ ،‬فإنو يتوجب عمى‬‫الشؽ المتعمّؽ بف ّ‬
‫ّ‬ ‫باالستئناؼ في‬
‫قضاة االستئناؼ أف يصدروا ق ارراىـ بعدـ قابمية الحكـ لمطعف فيو باالستئناؼ‪ ،‬وليس‬
‫أف‬
‫ألف ذلؾ يتطمب أف يكوف الحكـ قاببل لبلستئناؼ‪ ،‬و ّ‬
‫الحكـ بعدـ قبوؿ االستئناؼ شكبل‪ّ ،‬‬
‫المستأنؼ خالؼ أشكاؿ أو إجراءات قانونية محددة‪.1‬‬
‫لكف التساؤؿ الذي ُيطرح يتعمؽ بمدى جواز استئناؼ األحكاـ الصادرة برفض‬
‫دعوى الطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع لعدـ التأسيس؟ فيؿ تعتبر ىذه األحكاـ مشمولة بنص‬
‫المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ؟ أـ ىي أحكاـ عادية تخضع لطرؽ الطعف المقررة لؤلحكاـ القضائية؟‬
‫لئلجابة عمى ىذا التساؤؿ ظير اتجاىيف اثنيف‪ ،‬األوؿ يرى عدـ جواز الطعف‬
‫باالستئناؼ فييا‪ ،‬والثاني يرى جوازه‪.‬‬
‫أف األحكاـ الصادرة عف محاكـ أوؿ درجة‪ ،‬والتي تفصؿ في‬
‫االتجاه األول‪ :‬يرى ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية تصدر في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬وال يجوز استئنافيا‪ ،‬وال تقبؿ‬
‫دعاوى ف ّ‬
‫سوى الطعف بالنقض أماـ المحكمة العميا‪ ،‬سواء قضت بقبوؿ دعوى الطبلؽ أـ برفضيا‪،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عمى درجة واحدة فقط‪ ،‬واذا طُعف‬
‫حيث يكوف التقاضي في دعاوى ف ّ‬
‫فييا باالستئناؼ وجب القضاء بعدـ القبوؿ‪ ،‬واذا أخطأ قضاة المجمس وقبموا االستئناؼ‬
‫وتـ الطعف بالنقض في قرار‬
‫وفصموا بتأييد الحكـ‪ ،‬أو حكموا بالطبلؽ بيف الزوجيف‪ّ ،‬‬
‫المجمس‪ ،‬وجب عمى المحكمة العميا أف تقضي ببطبلف القرار المطعوف فيو دوف إحالة‪،‬‬
‫أف المحكمة العميا‬
‫ألف المجمس القضائي ال والية لو في الفصؿ في دعاوى الطبلؽ‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫تختص بنظر الطعوف ضد أحكاـ الطبلؽ الصادرة عف محاكـ أوؿ درجة فقط ‪.‬‬
‫ّ‬

‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.266‬‬ ‫‪1‬‬

‫عمر زودة‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.135-134‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪312‬‬
‫أف الدعاوى التي‬
‫ومف الداعميف ليذا االتجاه األستاذ حمدي باشا عمر‪ ،‬الذي يرى ّ‬
‫تصدر في حدود النصاب النيائي لممحكمة كدعاوى التطميؽ في مادة شؤوف األسرة‪ ،‬يكوف‬
‫التقاضي فييا عمى درجة واحدة‪ ،‬ويصدر الحكـ بصفة ابتدائية ونيائية‪ ،‬سواء آلت الدعوى‬
‫إلى نتيجة إيجابية باالستجابة لطمب التطميؽ‪ ،‬أو إلى نتيجة سمبية برفض دعوى التطميؽ‪،‬‬
‫أف المنطؽ اإلجرائي يقتضي أنو في حالة التقاضي عمى درجة واحدة‪ ،‬يكوف الحكـ‬ ‫إذ ّ‬
‫الصادر في الدعوى نيائيا ميما كانت النتيجة التي أسفر عنيا‪ ،‬وتكوف الجية االستئنافية‬
‫أف عمى المجمس‬
‫مختصة نوعيا بالنظر في األحكاـ الصادرة عف ىذه الدعاوى‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫غير‬
‫يصرح بعدـ االختصاص أو بعدـ‬
‫ّ‬ ‫تـ استئناؼ ىذه األحكاـ أمامو أف‬
‫القضائي إذا ما ّ‬
‫القبوؿ‪.1‬‬
‫االتجاه الثاني‪ :‬يرى جواز استئناؼ األحكاـ القضائية التي تقضي برفض دعوى‬
‫ألف السبب الذي دفع المشرع إلى النص عمى عدـ قابمية أحكاـ الطبلؽ لمطعف‬
‫الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬يرجع إلى خصوصية الطبلؽ‬ ‫فييا باالستئناؼ في شقّيا المتعمّؽ بف ّ‬
‫ألف صدور الحكـ بالطبلؽ يجعمو طبلقا بائنا‪ ،‬وال يجوز مراجعة الزوجة بعده‬
‫وأحكامو‪ّ ،‬‬
‫يتـ تسجيمو في سجبلت‬‫إال بموجب عقد جديد وبرضاىا‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 50‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬كما ّ‬
‫الحالة المدنية بسعي مف النيابة العامة بمجرد صدوره‪ ،‬طبقا الفقرة األخيرة مف المادة ‪49‬‬
‫مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وبالتالي فيو ذو طابع نيائي‪ ،‬لكف بالرجوع إلى األحكاـ القضائية التي قضت‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬مما ينتفي معو الغرض الذي‬
‫برفض دعوى الطبلؽ‪ ،‬فيي لـ تحكـ بف ّ‬
‫يستوجب استثنائيا مف القاعدة العامة التي تُجيز الطعف فييا باالستئناؼ‪ ،‬وبالتالي تبقى‬
‫ىذه األحكاـ قابمة لبلستئناؼ‪ ،‬وىي غير مشمولة بنص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث تعتبر‬
‫ىذه األحكاـ عادية وتصدر في أوؿ درجة‪ ،‬وتخضع لمبدأ التقاضي عمى درجتيف‪ ،‬ويجوز‬
‫استئنافيا أماـ المجمس القضائي المختص‪ ،‬مف أجؿ مراقبة مدى ارتكاب قاضي الدرجة‬
‫طبؽ صحيح القانوف‪ ،‬حيث تنظر جية االستئناؼ‬ ‫األولى أخطاء تستحؽ التصويب‪ ،‬أـ ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫في طمب الطبلؽ مف جديد‪ ،‬وقد تؤيد الحكـ القضائي فترفض طمب ف ّ‬
‫إما بإرادة الزوج‬
‫أو تمغي الحكـ المستأنؼ‪ ،‬وتحكـ مف جديد بالطبلؽ بيف الزوجيف‪ّ ،‬‬

‫حمدي باشا عمر‪ ،‬مبادئ القضاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.41‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪313‬‬
‫بأنو ال يجوز‬ ‫المنفردة أو عف طريؽ التطميؽ أو الخمع‪ ،‬وال َي ِح ُ‬
‫ؽ الدفع في ىذه الحالة ّ‬
‫ألف‬
‫استئناؼ أحكاـ الطبلؽ إال في جوانبيا المادية‪ ،‬استنادا إلى نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫ثـ يجوز استئنافو‪.‬‬
‫قاضي الدرجة األولى لـ يحكـ بالطبلؽ‪ ،‬ومف ّ‬
‫ويؤيد ىذا االتجاه موقؼ المحكمة العميا‪ ،‬حيث جاء في أحد ق ارراتيا ما يمي‪:‬‬
‫أف أركاف‬
‫ؾ العصمة‪ ،‬ولما ثبت لقضاة المجمس ّ‬
‫"لكف وحيث أنو ثبت أف المستأنؼ طمب ف ّ‬
‫وتـ الدخوؿ‪ ،‬قضوا‬
‫الفسخ غير متوفرة‪ ،‬وأف العصمة ارتبطت بزواج صحيح األركاف‪ّ ،‬‬
‫ؾ‬
‫فإف القاضي مخوؿ النظر في مسألة ف ّ‬‫بالطبلؽ‪ ،‬ىذا مف جية‪ ،‬ومف جية أخرى ّ‬
‫أف الطرفيف‬
‫ولما ثبت ّ‬
‫العصمة‪ ،‬سواء أماـ الدرجة األولى أو الدرجة الثانية بصفة نيائية‪ّ ،‬‬
‫يعد‬
‫فإف اإلجراء بمحاولة الصمح ّ‬
‫تغيب عنيا‪ّ ،‬‬
‫أف المستأنؼ ّ‬ ‫استدعيا لجمسة الصمح و ّ‬
‫صحيحا طبقا لممادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وىو ما يجعؿ الوجو مف غير أساس"‪.1‬‬
‫وأ عتقد صواب االتجاه الثاني الذي يرى جواز استئناؼ األحكاـ الصادرة في أوؿ‬
‫ألف قضاة االستئناؼ ىـ قضاة موضوع مثميـ‬
‫درجة التي قضت برفض دعوى الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫مثؿ قاضي الدرجة األولى‪ ،‬ومف اختصاصيـ النظر في طمب الطبلؽ في مختمؼ صوره‪،‬‬
‫وبإمكانيـ تصويب ما قد يقع فيو قاضي الدرجة األولى مف أخطاء حيف رفض طمب فؾ‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬باعتبار أف تشكيمة المجمس جماعية‪ ،‬وال يؤثر ذلؾ عمى الخصوصية‬
‫تميز أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬المتعمقة برجعية الطبلؽ أو بينونيتو‪ ،‬وال تؤثر عمى أحكاـ العدة‬
‫التي ّ‬
‫أو الرجعة‪.‬‬
‫إف تعديؿ المشرع لممادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ مف صياغتيا القديمة التي كانت تنص عمى‬‫ّ‬
‫أف‪ " :‬األحكاـ بالطبلؽ غير قابمة لبلستئناؼ ما عدا في جوانبيا المادية" إلى الصياغة‬
‫ّ‬
‫الجديدة التي جاء فييا‪" :‬تكوف األحكاـ الصادرة في دعاوى الطبلؽ والتطميؽ والخمع غير‬
‫أف دعوى الطبلؽ‬
‫قابمة لبلستئناؼ فيما عدا جوانبيا المادية"‪ُ ،‬يحدث إشكاالت عديدة منيا ّ‬
‫أو التطميؽ أو الخمع قد َينتج عنيا حكما برفض الدعوى لسبب مف األسباب الموجبة‬
‫لذلؾ‪ ،‬فتقضي المحكمة بالرجوع إلى البيت الزوجي أو ترفض دعوى الطبلؽ‪ ،‬وقد‬
‫المدعي‪ ،‬فينتج عنيا حكما بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬ويجب‬
‫يستجيب القاضي لطمب ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2002/05/08‬رقـ ‪ ،289545‬مجمة المحكمة‬ ‫‪1‬‬

‫العميا‪ ،‬سنة ‪ 2004‬العدد ‪ ،02‬ص ‪.373‬‬


‫‪314‬‬
‫التفريؽ بيف الحكـ األوؿ والحكـ الثاني‪ ،‬مف حيث قابميتو لمطعف فيو بأوجو الطعف المقررة‬
‫قانونا‪ ،‬فالحكـ الذي يقضي بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع يكوف غير قابؿ لمطعف فيو‬
‫باالستئناؼ في شقّو المتعمؽ بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وىو استثناء مفيوـ المقصد‪ ،‬كوف‬
‫الطبلؽ لو خصوصيتو وأحكامو التي تجعؿ التراجع عنو بعد وقوعو أمر غير ممكف‪،‬‬
‫وصدور حكـ الطبلؽ يجعؿ الطبلؽ بائنا‪ ،‬مما يقتضي منع االستئناؼ فيو‪ ،‬حيث‬
‫ال يجوز لقضاة المجمس مناقشة الحكـ بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬بينما الحكـ الذي‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫يرفض دعوى الطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع فيو حكـ لـ يقض بف ّ‬
‫ويقتضي معاممتو معاممة األحكاـ العادية‪ ،‬مف حيث جواز الطعف فيو‪.‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬والغاء الحكـ‬
‫أف فصؿ قضاة االستئناؼ في دعوى ف ّ‬ ‫كما ّ‬
‫يفوت عمى المتقاضيف درجة مف درجات‬ ‫المطعوف فيو والقضاء بالتطميؽ أو الخمع‪ ،‬لف ّ‬
‫التقاضي‪ ،‬ألف األصؿ أف يكوف التقاضي في دعاوى فؾ الرابطة الزوجية عمى درجة‬
‫المشرع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واحدة‪ ،‬وفؽ ما أقره‬
‫أصح مف‬
‫أف الصياغة الواردة في النص القديـ لممادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ ّ‬ ‫لذا أعتقد ّ‬
‫الصياغة الواردة في نص المادة المذكورة بعد تعديؿ‪ ،‬فعبارة "أحكاـ الطبلؽ" تختمؼ عف‬
‫عبارة "األحكاـ الصادرة في دعاوى الطبلؽ"‪ ،‬فاألولى ال يجوز الطعف فييا باالستئناؼ‪،‬‬
‫والثانية يجب التفريؽ فييا بيف األحكاـ التي تقضي برفض دعوى الطبلؽ‪ ،‬ويجب فتح‬
‫مجاؿ الطعف فييا باالستئناؼ‪ ،‬وبيف األحكاـ التي تقضي بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪،‬‬
‫والتي يشمميا النص الذي ال يجيز الطعف فييا باالستئناؼ‪ ،‬لذا مف الضروري الرجوع إلى‬
‫الصياغة المذكورة في النص القديـ لممادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والنص صراحة عمى أف تكوف‬
‫األحكاـ المتعمقة بدعاوى الطبلؽ والتي ُيحكـ فييا برفض الدعوى صادرة في أوؿ درجة‪،‬‬
‫حتى تكوف قابمة لمطعف فييا باالستئناؼ‪.‬‬
‫كما يطرح التساؤؿ مف جية أخرى حوؿ قابمية أحكاـ إثبات الطبلؽ العرفي‬
‫لمطعف فييا بطرؽ الطعف العادية؟ فيؿ تصدر ىذه األحكاـ في أوؿ درجة؟ أـ تصدر في‬
‫أوؿ وآخر درجة؟‬
‫ّإنو بالنظر إلى الفرؽ بيف الدور الذي يقوـ بو القاضي في دعاوى الطبلؽ باإلرادة‬
‫المنفردة لمزوج‪ ،‬والدور الذي يقوـ بو في دعاوى إثبات الطبلؽ العرفي‪ ،‬والتي غالبا ما‬
‫‪315‬‬
‫أف أحكاـ إثبات الطبلؽ العرفي تصدر في أوؿ‬
‫ترفع مف ورثة أحد الزوجيف‪ ،‬يمكف القوؿ ّ‬
‫ألف دور‬
‫درجة‪ ،‬وتقبؿ الطعف فييا بطرؽ الطعف العادية كالمعارضة واالستئناؼ‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫القاضي في دعاوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج ىو دور سمبي‪ ،‬يقتصر عمى التأ ّكد مف‬
‫ألف العصمة بيد‬
‫إرادة الزوج في طمب الطبلؽ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 450‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬و ّ‬
‫صرح بالطبلؽ فبل يمكف ألحد الحيمولة دوف وقوعو‪ ،‬ال القاضي وال الزوجة‬
‫الزوج‪ ،‬واذا ّ‬
‫وال غيرىما‪ ،‬ويقتصر دور القاضي حينئذ عمى تثبيت وقوعو فقط‪ ،‬دوف البحث في أسبابو‪،‬‬
‫بينما يختمؼ الدور الذي يقوـ بو القاضي في دعاوى إثبات الطبلؽ العرفي‪ ،‬حيث غالبا ما‬
‫يقوـ بإجراء تحقيؽ‪ ،‬وذلؾ بسماع الشيود الذي شيدوا واقعة الطبلؽ وتصريح الزوج بو‪،‬‬
‫مف أجؿ التأكد مف ثبوت الواقعة‪ ،‬فإذا اقتنع بوقوع الطبلؽ حكـ بإثباتو‪ ،‬واذا لـ يقتنع‬
‫بوقوعو رفض دعوى إثباتو‪ ،‬وبالتالي يقوـ القاضي بدور إيجابي في الدعوى‪ ،‬ويكوف حكمو‬
‫قاببل لبلستئناؼ النتفاء الغاية التي تجعمو حكما نيائيا‪.1‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى ضرورة التنبيو بالنسبة لدعاوى تصحيح الخطأ المادي‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أف تصدر في أوؿ‬
‫والدعاوى التفسيرية المتعمقة باألحكاـ الفاصمة بف ّ‬
‫‪2‬‬
‫أف كثي ار مف‬
‫ألف المشاىد في الواقع ّ‬
‫وآخر درجة‪ ،‬ألنيا تأخذ وصؼ الحكـ األصمي ‪ّ ،‬‬
‫أحكاـ تصحيح الخطأ المادي أو األحكاـ التفسيرية المتعمقة بقضايا الطبلؽ‪ ،‬تصدر في‬
‫أوؿ درجة‪ ،‬وىو أمر غير منطقي‪ ،‬ومخالؼ لمفيوـ المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫ج‪ -‬موقف المحكمة العميا‬
‫ؾ‬
‫بأف األحكاـ الصادرة بف ّ‬
‫أ ّكدت المحكمة العميا في غير ما قرار صدر عنيا ّ‬
‫أف المجمس القضائي غير مختص بالنظر فييا‪،‬‬ ‫الرابطة الزوجية غير قابمة لبلستئناؼ‪ ،‬و ّ‬
‫بأف‬
‫ال بالموافقة عمييا وال بإلغائيا‪ ،‬حيث جاء في أحد ق ارراتيا ما يمي‪ " :‬مف المقرر قانونا ّ‬
‫أف المجمس غير مختص بالموافقة عميو‬
‫حكـ الطبلؽ يعتبر نيائيا أماـ المحكمة‪ ،‬و ّ‬

‫بف حميمة يمينة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.226‬‬ ‫‪1‬‬

‫حمدي باشا عمر‪ ،‬مبادئ القضاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.41‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪316‬‬
‫‪1‬‬
‫أف األحكاـ بالطبلؽ غير‬
‫وال بإلغائو" ‪ ،‬كما جاء في قرار آخر‪ " :‬متى كاف مقر ار قانونا‪ّ ،‬‬
‫فإف قضاة المجمس – في قضية الحاؿ‪-‬‬ ‫قابمة لبلستئناؼ ما عدا في جوانبيا المادية‪ّ .‬‬
‫بإلغائيـ لمحكـ المستأنؼ لدييـ القاضي بالطبلؽ بيف الطرفيف‪ ،‬خالفوا القواعد الجوىرية‬
‫في اإلجراءات‪ ،‬ومتى كاف كذلؾ استوجب نقض القرار المطعوف فيو دوف إحالة"‪ ،2‬كما‬
‫أف الحكـ بالتطميؽ ال يقبؿ االستئناؼ إال في‬
‫جاء في قرار آخر أنو‪ " :‬مف المقرر قانونا ّ‬
‫أف القاضي األوؿ قضى بالتطميؽ‬ ‫جانبو المادي‪ ،...‬ومف الثابت ‪ -‬في قضية الحاؿ‪ّ -‬‬
‫لمضرر الحاصؿ لمطاعنة بسبب الضرب‪ ،‬الذي يجعميا متضررة فعبل وال يمكف معو‬
‫فإف قضاة المجمس بقضائيـ بإلغاء الحكـ المستأنؼ‪،‬‬
‫اعتباره في حالة نشوز‪ ،‬وعميو ّ‬
‫والقضاء مف جديد بالطبلؽ لنشوز الطاعنة‪ ،‬مع إلزاميا بأف تدفع لممطعوف ضده تعويضا‬
‫قدره ثبلث مائة ألؼ دينار جزائري عف األضرار التي تحمميا مف مصاريؼ الزواج السابقة‬
‫والبلحقة‪ ،‬خالفوا القانوف خاصة أحكاـ المادتيف ‪ 57‬و‪ 55‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬مما يستوجب نقض‬
‫القرار المطعوف فيو"‪ ،3‬ويظير مف خبلؿ ىذه الق اررات موافقة اجتياد المحكمة العميا‬
‫ؾ الرابطة الزوجية لمطعف فييا‬
‫لموقؼ المشرع مف عدـ قابمية األحكاـ الصادرة بف ّ‬
‫باالستئناؼ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمطعف باالستئناؼ في األحكاـ الصادرة في دعاوى الطبلؽ والتي‬ ‫ّ‬
‫تبنت المحكمة العميا االتّجاه الذي يرى جواز الطعف‬
‫لـ تحكـ بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬فقد ّ‬
‫باالستئناؼ في األحكاـ التي رفضت دعوى الطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬حيث قبمت‬
‫الطعوف بالنقض المرفوعة إلييا ضد أحكاـ صادرة في أوؿ درجة قضت بالطبلؽ‪ ،‬كما‬
‫قبمت طعوف بالنقض ضد ق اررات صادرة عف المجالس القضائية قضت بالطبلؽ‪ ،‬وأ ّكدت‬
‫المحكمة العميا جواز استئناؼ األحكاـ الصادرة في أوؿ درجة التي رفضت طمب الطبلؽ‪،‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار صادر بتاريخ ‪ ،1989/12/11‬ممؼ ‪ ،56703‬غير منشور‪ ،‬نقبل عف‬ ‫‪1‬‬

‫بمحاج العربي‪ ،‬قانوف األسرة وفقا ألحدث التعديبلت ومعمقا عميو بق اررات المحكمة العميا المشيورة‪ ،‬ديواف المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط ‪ ،2012 ،4‬ص ‪.301‬‬
‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1991/11/26‬رقـ ‪ ،79858‬المجمة القضائية‪،1993 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫عدد ‪ ،03‬ص ‪.86‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2000/06/20‬رقـ ‪ ،245209‬مجمة االجتياد القضائي‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،2001‬عدد خاص‪ ،‬ص ‪.262‬‬


‫‪317‬‬
‫وأ ّكدت اختصاص قضاة الدرجة الثانية بالفصؿ في دعاوى الطبلؽ‪ ،‬حيث جاء في أحد‬
‫أف "أحكاـ الطبلؽ‬
‫ق ارراتيا ما يمي‪ " :‬لكف حيث أف المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ تنص فقط عمى ّ‬
‫غير قابمة لبلستئناؼ ما عدا في جوانبيا المادية"‪ ،‬وىذا يعني أنو ال يجوز قضاة المجالس‬
‫مناقشة الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬وليس كما يقصده الطاعف عدـ اختصاصيـ في الفصؿ بالطبلؽ‪،‬‬
‫ألنو يمكف ألحد الزوجيف أف يطمب الحكـ بالطبلؽ عمى مستوى المحكمة‪ ،‬أو عمى‬
‫ّ‬
‫مستوى المجمس لما المحكمة تقضي بالرجوع إلى البيت الزوجي‪ ،‬أو ترفض دعوى‬
‫الطبلؽ‪ ،‬وىذيف الحكميف قابميف لبلستئناؼ‪ ،‬ألنيما ال يعتبراف حكماف بالطبلؽ‪ ،‬مما يجعؿ‬
‫الوجو غير مؤسس"‪ ،1‬كما جاء في قرار آخر‪" :‬ولما كاف ثابتا –في قضية الحاؿ‪ -‬أف‬
‫وضمت بعدىا لدعوى الطاعف‬‫ّ‬ ‫المطعوف ضدىا طالبت في دعوى خاصة بالتطميؽ‪،‬‬
‫برمتو أماـ المجمس‪ ،‬ولما قضى ىذا‬
‫فإف إجراء االستئناؼ المتّبع يرفع النزاع ّ‬
‫‪-‬الحالي– ّ‬
‫أف المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‬
‫األخير بالتطميؽ فؤلنو يندرج ضمف اختصاصاتو شرعا وقانونا‪ ،‬و ّ‬
‫المحتج بيا – ال تنطبؽ عمى قضية الحاؿ لكوف الحكـ المستأنؼ لـ يقض بالطبلؽ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫–‬
‫ومتى كاف كذلؾ استوجب رفض الطعف"‪.2‬‬
‫ؾ‬
‫بالنظر إلى ىذه الق اررات المتعمقة بمدى جواز الطعف باالستئناؼ في أحكاـ ف ّ‬
‫أف المحكمة العميا قبمت الطعوف بالنقض ضد األحكاـ الصادرة‬
‫يتبيف ّ‬
‫الرابطة الزوجية‪ّ ،‬‬
‫عف محاكـ أوؿ درجة‪ ،‬والتي فصمت في دعاوى الطبلؽ والتطميؽ والخمع‪ ،‬كما قبمت‬
‫المحكمة العميا الطعوف بالنقض المرفوعة ضد ق اررات فصمت في دعاوى استئناؼ ضد‬
‫أحكاـ متعمقة بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وىو ما اعتبره البعض مخالفة لنص المادة ‪ 57‬مف‬
‫ؽ‪.‬أ وخطأ في تطبيقيا‪ ،‬والتي تقضي بعدـ جواز استئناؼ األحكاـ الصادرة في دعاوى‬
‫الطبلؽ والتطميؽ والخمع‪ ،3‬وازدواجية في التعامؿ مع دعاوى الطبلؽ‪.1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1999/02/16‬ممؼ رقـ ‪ ،216850‬مجمة االجتياد‬ ‫‪1‬‬

‫القضائي‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬عدد خاص‪ ،‬ص ‪.100‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1993/04/27‬ممؼ رقـ ‪ ،89635‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1994‬العدد ‪ ،1‬ص ‪.53‬‬


‫‪3‬عمر زودة‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ ،135‬جاء فيو‪ " :‬غير أف المحكمة العميا لـ‬
‫تمتزـ بأحكاـ المادة ‪ 57‬مف قانوف األسرة‪ ،‬حيث نجدىا تصرح بقبوؿ الطعوف بالنقض المرفوعة ضد الق اررات الصادرة‬
‫عف المجالس القضائية الفاصمة في دعاوى الطبلؽ‪ ،‬وىو أمر يخالؼ صراحة النص المنوه أعبله"‪.‬‬
‫‪318‬‬
‫ؾ‬
‫تميز بيف دعاوى ف ّ‬
‫ألف المحكمة العميا ّ‬
‫صحة ىذا الرأي‪ّ ،‬‬
‫غير أنني أعتقد عدـ ّ‬
‫الرابطة الزوجية التي أفضت إلى صدور حكـ بالطبلؽ‪ ،‬وبيف الدعاوى التي لـ ينتج عنيا‬
‫حكما بالطبلؽ‪ ،‬فاعتبرت األولى مشمولة بنص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬فبل يجوز الطعف فييا‬
‫باالستئناؼ‪ ،‬وال يجوز لقضاة المجمس مناقشة أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬بينما اعتبرت الثانية غير‬
‫مشمولة بنص المادة المذكورة‪ ،‬وبالتالي يحؽ الطعف في األحكاـ التي لـ تقض بالطبلؽ‬
‫يكرس ازدواجية في مسألة واحدة‪ ،‬فالمجمس‬
‫توجو سميـ‪ ،‬وال ّ‬
‫عف طريؽ االستئناؼ‪ ،‬وىو ّ‬
‫القضائي مختص بالنظر في االستئناؼ المرفوع ضد أحكاـ قضت برفض دعوى الطبلؽ‪،‬‬
‫باعتبارىا تصدر في أوؿ درجة‪ ،‬وىو غير مختص بالنظر في األحكاـ التي قضت بفؾ‬
‫الرابطة الزوجية بمختمؼ صورىا‪ ،‬باعتبارىا أحكاما تصدر في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬لذلؾ‬
‫قضت المحكمة العميا بقبوؿ الطعف بالنقض في أحكاـ صادرة عف المحاكـ لما قضت‬
‫ب الطبلؽ‪ ،‬كما قضت بقبوؿ الطعف بالنقض ضد ق اررات صادرة عف المجالس القضائية‬
‫قضت بالطبلؽ كذلؾ‪ ،‬في حيف أ ّكدت المحكمة العميا عدـ جواز استئناؼ أحكاـ الطبلؽ‬
‫أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬وعدـ اختصاص المجمس القضائي بالنظر فييا‪ ،‬وضرورة الحكـ‬
‫بعدـ قبوؿ االستئناؼ إذا ما استأنؼ حكـ الطبلؽ أماـ المجمس‪ ،‬تطبيقا لنص المادة ‪57‬‬
‫مف ؽ‪.‬أ ‪ ،‬إذ ال والية لو في النظر في أحكاـ الطبلؽ الصادرة عف محاكـ الدرجة األولى‪،‬‬
‫أقر المجمس بتأييد حكـ‬
‫باعتبار أف التقاضي فييا يكوف عمى درجة واحدة‪ ،‬حتى لو ّ‬
‫أقروا اختصاصيـ بنظر استئناؼ ضد حكـ الطبلؽ‪،‬‬
‫الطبلؽ‪ ،‬واذا أخطأ قضاة المجمس و ّ‬
‫فإف‬
‫وتـ الطعف بالنقض في قرار المجمس‪ّ ،‬‬ ‫وقضوا بتأييد الحكـ المستأنؼ أو إلغائو‪ّ ،‬‬
‫المحكمة العميا تقضي بإبطاؿ القرار المطعوف فيو‪ ،‬دوف إحالة القضية أماـ الجية التي‬
‫أصدرتو‪ ،‬لعدـ اختصاصيا بالنظر في القضية‪.‬‬
‫وإلزالة ىذا اإلشكاؿ المتعمؽ بمدى جواز الطعف باالستئناؼ في األحكاـ التي‬
‫يتعيف تعديؿ نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬مف‬
‫قضت برفض دعوى فؾ الرابطة الزوجية‪ّ ،‬‬

‫عمر زودة‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪ ،136‬حيث جاء فيو‪ ... " :‬مما يشكؿ ذلؾ موقفا مزدوجا لممحكمة العميا تجاه مسألة‬ ‫‪1‬‬

‫واحدة‪ ،‬مما جعؿ المتقاضي في حيرة مف أمره‪ ،‬حيث تختمط عميو السبؿ‪ ،‬فيؿ يسمؾ سبيؿ الطعف في الحكـ‬
‫باالستئناؼ‪ ،‬ثـ الطعف فيو بالنقض‪ ،‬أـ يمجأ إلى الطعف فيو بالنقض مباشرة‪ ،‬دوف المرور بالمجمس القضائي‪ ،‬كما يبدو‬
‫فإف الخيار متروؾ لممتقاضي فتستقبمو المحكمة العميا مف حيث جاءىا دوف تمييز"‪.‬‬
‫‪319‬‬
‫الصياغة الحالية‪ ،‬وذلؾ بحذؼ عبارة "تكوف األحكاـ الصادرة في دعاوى الطبلؽ ‪،"...‬‬
‫ألف األحكاـ الصادرة في دعاوى‬
‫إلى صياغة جديدة‪ ،‬مفادىا‪" :‬تكوف أحكاـ الطبلؽ"‪ّ ،‬‬
‫الطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬قد تُتوج بقبوؿ الدعوى وصدور حكـ الطبلؽ‪ ،‬وقد تُرفض‬
‫ىذه الدعوى فيصدر حكـ بعدـ قبوليا‪ ،‬لذا أعتقد أف الصياغة الجديدة تُزيؿ ىذا اإلشكاؿ‪،‬‬
‫وتتّفؽ مع موقؼ المحكمة العميا في الموضوع‪.‬‬
‫‪ -2‬الطعن باالستئناف في الجوانب المادية ألحكام ف ّك الرابطة الزوجية‬
‫ال يثير مفيوـ الجوانب المادية لمطبلؽ أي إشكاؿ إذا ما تعمّؽ األمر بالتعويض‬
‫العدة أو نفقة اإلىماؿ‪ ،‬أو متاع البيت‪ ،‬غير ّأنو يطرح‬
‫عف الطبلؽ التعسفي أو نفقة ّ‬
‫التساؤؿ حوؿ مدى شمولو لؤلمور المتعمقة بالحضانة‪ ،‬كسكنى المحضوف أو نفقتو أو حؽ‬
‫ألف ظاىر الحضانة غير مادي‪ ،‬وىي مف توابع الطبلؽ‪ ،‬بينما األمور المتعمقة‬
‫الزيارة‪ّ ،‬‬
‫بيا مادية‪ ،‬كنفقة المحضوف وسكناه‪ ،‬ىذا ما دفع بعض األساتذة إلى اقتراح تعديؿ عبارة‬
‫أدؽ وأشمؿ‪.1‬‬
‫الجوانب المادية لؤلحكاـ فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬بعبارة بجوانب الطبلؽ‪ ،‬ألنيا ّ‬
‫ومف أجؿ تفادي ىذه التأويبلت قاـ المشرع بإضافة فقرة في نص المادة ‪ 57‬مف‬
‫النص عمى قابمية األحكاـ المتعمقة بالحضانة‬
‫ّ‬ ‫ؽ‪.‬أ عند تعديمو في ‪ ،2005‬تتضمف‬
‫لبلستئناؼ‪ ،‬حتى ال ُيثار بشأنيا الجدؿ‪ ،‬لعدـ تعمّقيا بجانب مادي محض‪.‬‬
‫ؾ الرابطة‬
‫يتـ التمييز فيما يتعمؽ بجواز االستئناؼ في الجوانب المادية ألحكاـ ف ّ‬
‫و ّ‬
‫الزوجية بيف أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬أو التطميؽ‪ ،‬أو الخمع مف جية‪ ،‬وبيف‬
‫يتـ تناوؿ الطعف باالستئناؼ في األوامر‬
‫أحكاـ الطبلؽ بالتراضي مف جية أخرى‪ ،‬كما ّ‬
‫عمى عرائض الصادرة طبقا لنص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬باعتبارىا تتضمف جوانب‬
‫مادية تتعمؽ بتوابع الطبلؽ‪.‬‬
‫ّ‬
‫أ‪ -‬الطعن باالستئناف في الجوانب المادية لمطالق باإلرادة المنفردة أو التطميق‬
‫أو الخمع‬
‫أجاز المشرع الطعف باالستئناؼ في الجوانب المادية لمطبلؽ بالنسبة ألحكاـ‬
‫فإف األحكاـ الصادرة عف‬
‫الطبلؽ والتطميؽ والخمع صراحة في المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وعميو ّ‬

‫تقية عبد الفتّاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.84‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪320‬‬
‫محا كـ الدرجة األولى والمتعمقة بتوابع الطبلؽ‪ ،‬تصدر في أوؿ درجة‪ ،‬ويجوز الطعف فييا‬
‫باالستئناؼ‪ ،‬سواء فصمت ىذه األحكاـ في دعوى الطبلؽ وفصمت بالتبعية في توابعو‬
‫المادية‪ ،‬أو فصمت ىذه األحكاـ في دعاوى تتعمؽ مباشرة بتوابع الطبلؽ‪ ،‬ومف بيف‬
‫الجوانب المادية المسائؿ المتعمقة بالتعويض عف الطبلؽ‪ ،‬أو النفقة‪ ،‬أو توفير مسكف‬
‫لممارسة الحضانة‪ ،‬أو دفع مقابؿ إيجار مسكف‪.‬‬
‫مادي بحث‪،‬‬‫ألف األحكاـ التي تفصؿ في موضوع الحضانة ال تتعمؽ بجانب ّ‬ ‫و ّ‬
‫فإف المشرع أ ّكد عمى قابمية األحكاـ‬
‫بالرغـ مف ّأنيا مف توابع الطبلؽ‪- ،‬كما سبؽ ذكره‪ّ -‬‬
‫المتعمقة بالحضان ة لمطعف فييا باالستئناؼ بموجب نص خاص‪ ،‬أحدثو المشرع عند تعديؿ‬
‫قانوف األسرة في سنة ‪ ،2005‬حيث تنص الفقرة الثانية مف المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ عمى‪:‬‬
‫"تكوف األحكاـ المتعمقة بالحضانة قابمة لبلستئناؼ"‪ ،‬وذلؾ حتى ال يحدث التأويؿ‬
‫والخبلؼ بشأنيا‪ ،‬باعتبارىا ال تدخؿ في الجوانب المادية لمطبلؽ‪.‬‬
‫أف قابمية ىذه األحكاـ لمطعف فييا باالستئناؼ فيما يتعمؽ‬
‫ويجدر التنبيو إلى ّ‬
‫بجوانبيا المادية‪ ،‬يحكمو ضابط خاص يجب احترامو‪ ،‬مفاده عدـ قابمية األحكاـ‬
‫ألي طعف بعد انقضاء سنتيف مف تاريخ النطؽ بالحكـ‪،‬‬
‫الحضورية الفاصمة في النزاع ّ‬
‫تعد ىذه القاعدة‬
‫يتـ تبميغو رسميا‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 314‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ّ‬
‫حتى ولو لـ ّ‬
‫يتمسؾ بيا الخصوـ‪ ،1‬لذلؾ يجب التنبو‬
‫ّ‬ ‫مف النظاـ العاـ‪ ،‬يثيرىا القاضي تمقائيا ولو لـ‬
‫يقيد حؽ الطعف باالستئناؼ وغيره مف الطعوف‪ ،‬بحيث يجب رفع‬ ‫إلى ىذا القيد الذي ّ‬
‫الطعف قبؿ فوات أجؿ سنتيف مف تاريخ صدور الحكـ الحضوري‪ ،‬تحت طائمة عدـ قبوؿ‬
‫الطعف الذي تثيره المحكمة مف تمقاء نفسيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬الطعن باالستئناف في الجوانب المادية لمطالق بالتراضي‬
‫لـ ُيجز المشرع الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي فيما يتعمؽ‬
‫ألف نص المادة ‪ 433‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ جاء عاما‪ ،‬يشمؿ عدـ قابمية‬
‫بالجوانب المادية لمطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫الشؽ المتعمؽ بف ّ‬
‫ّ‬ ‫أحكاـ الطبلؽ بالتراضي لمطعف فييا باالستئناؼ في‬
‫الشؽ المتعمؽ بالجوانب المادية لمطبلؽ‪ ،‬ولع ّؿ الباعث عمى ذلؾ ىو طبيعة‬
‫ّ‬ ‫وكذلؾ في‬

‫أنظر‪ :‬المحكمة العميا‪ ،‬الغرفة العقارية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2014/09/11‬ممؼ رقـ ‪ ،0864184‬مجمة المحكمة العميا‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫سنة ‪ 2014‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.327‬‬


‫‪321‬‬
‫أحكاـ الطبلؽ بالتراضي ودور القاضي فييا‪ ،‬حيث يقوـ القاضي فقط بالتأ ّكد مف رضا‬
‫الزوجيف بالطبلؽ‪ ،‬ويراقب االتفاؽ المبرـ بينيما مف حيث عدـ مخالفتو لمصمحة األوالد‬
‫ثـ يثبت القاضي إرادة الزوجيف بإصدار حكـ يتضمف المصادقة عمى‬ ‫ولمنظاـ العاـ‪ّ ،‬‬
‫ويصرح بالطبلؽ‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 431‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االتفاؽ النيائي‬
‫أف الزوجيف ىما المؤثِ َرْي ِف الحقيقيف في حكـ الطبلؽ بالتراضي‪،‬‬
‫مف ذلؾ يظير ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بإرادتيما المنفردة‪ ،‬حيث يشمؿ‬ ‫يقرراف بنود االتفاؽ عمى ف ّ‬
‫وىما المذيف ّ‬
‫الجوانب المادية لمطبلؽ وتوابعو‪ ،‬وما عمى القاضي إال اإلشياد باتّفاقيما‪ ،‬والمصادقة عمى‬
‫بنوده إذا لـ تُخالؼ مصمحة األوالد والنظاـ العاـ‪ ،‬لذلؾ لـ يجز المشرع الطعف باالستئناؼ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية والتوابع المادية‬
‫في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي في شقّييا‪ ،‬المتعمؽ بف ّ‬
‫لمطبلؽ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الطعن باالستئناف في األوامر المؤقتة الصادرة طبقا لنص المادة ‪ 57‬مكرر‬
‫من قانون األسرة‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬ما ُيفصؿ فيو بصفة‬
‫مف الجوانب المادية المتعمقة بتوابع ف ّ‬
‫مؤقتة بموجب أمر عمى عريضة‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث ُيطرح‬
‫التساؤؿ فيما يتعمؽ بمدى جواز الطعف باالستئناؼ في األوامر المؤقتة التي تصدر عف‬
‫قاضي شؤوف األسرة بناء عمى نص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ؟‬
‫أجاز المشرع لقاضي شؤوف األسرة الفصؿ عمى وجو االستعجاؿ بموجب أمر‬
‫عمى عريضة في جميع التدابير المؤقتة‪ ،‬ال سيما ما تعمّؽ منيا بالنفقة والحضانة والزيارة‬
‫والمسكف‪ ،‬أو غيرىا مف المسائؿ ذات الصمة‪ ،‬والتي ال تحتمؿ التأخير نظ ار لطابعيا‬
‫مس قانوف األسرة في سنة ‪،2005‬‬
‫المستعجؿ‪ ،‬وىو أمر مستحدث بموجب التعديؿ الذي ّ‬
‫فيؿ يجوز الطعف باالستئناؼ في ىذه األوامر المؤقتة‪ ،‬والتي تصدر غالبا عند وجود‬
‫دعوى في الموضوع معروضة عمى قسـ شؤوف األسرة؟‬
‫لـ ينص المشرع في ظؿ ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى عمى إمكانية الطعف باالستئناؼ في‬
‫األمر عمى عريضة باعتباره أم ار والئيا‪ ،1‬وىو األمر الذي ّأيدتو المحكمة العميا‪ ،‬حيث‬

‫فريجو حسيف‪ ،‬المبادئ األساسية في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.126‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪322‬‬
‫يتـ إال عف طريؽ التظمـ أماـ الجية‬
‫أف الطعف في األمر عمى عريضة ال ّ‬
‫اعتبرت ّ‬
‫القضائية التي أصدرتو‪.1‬‬
‫تغير موقؼ المشرع مف إمكانية الطعف باالستئناؼ‬
‫غير ّأنو بعد صدور ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫في األمر عمى عريضة‪ ،‬وحيث أنو بالنظر إلى طبيعة األوامر الصادرة بموجب المادة ‪57‬‬
‫مادية‪ ،‬وبالنظر إلى إجراءات استصدارىا‬
‫مكرر‪ ،‬كونيا تتضمف تدابير مؤقتة تتعمؽ بأمور ّ‬
‫أقره المشرع بالنسبة لؤلمر‬
‫فإنيا تخضع لمنظاـ القانوني الذي ّ‬
‫بموجب أمر عمى عريضة‪ّ ،‬‬
‫عمى عريضة‪ ،‬حيث يسري مفعوليا مف تاريخ صدورىا إلى غاية صدور حكـ نيائي في‬
‫معجمة النفاد طبقا لنص المادة ‪ 311‬الفقرة الثانية مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث‬
‫الموضوع‪ ،‬وتكوف ّ‬
‫أما بالنسبة‬
‫يجب تنفيذىا خبلؿ أجؿ ثبلثة أشير مف تاريخ صدورىا تحت طائمة السقوط‪ّ ،‬‬
‫ميز بيف حالتيف‬
‫فإف المشرع ّ‬
‫لمطعف فييا‪ ،‬فإنو وفقا لنص المادة ‪ 312‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫اثنتيف‪ ،‬حالة رفض الطمب‪ ،‬حالة االستجابة لمطمب‪.‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬التظمم من األمر عمى عريضة‬
‫في حالة االستجابة لمطمب‪ ،‬وصدور أمر عمى عريضة مف القاضي المختص‬
‫فإنو يحؽ لمخصـ الذي صدر األمر في مواجيتو‪ ،‬أف يرجع إلى القاضي الذي‬ ‫بقبولو‪ّ ،‬‬
‫أصدر األمر مف أجؿ المطالبة بالتراجع عنو أو تعديمو جزئيا‪ ،‬طبقا لمفقرة األولى مف نص‬
‫المادة ‪ 312‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬فالمشرع لـ ُيجز الطعف بالمعارضة أو االستئناؼ في األمر‬
‫الذي يستجيب لمطمب‪ ،‬ولـ يمنع التظمـ فيو‪ ،‬بؿ أجاز الرجوع إلى القاضي ُمصدر األمر‬
‫عمى عريضة‪ ،‬مف أجؿ طمب تعديؿ األمر أو التراجع عنو‪ ،‬بعد تقديـ الحجج واألدلّة التي‬
‫ألف طالب األمر قد ُيخفي عف القاضي‬
‫تبرر ذلؾ‪ ،‬دوف أف يحدد أجبل لرفع ىذا التظمـ‪ّ ،‬‬
‫بعض الحقائؽ أو الوقائع التي ال تخدـ طمبو‪ ،‬والتي لو اطّمع عمييا القاضي قد يرفض‬

‫أنظر‪ :‬المحكمة العميا‪ ،‬الغرفة المدنية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1996/03/06‬ممؼ رقـ ‪ ،131776‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد‬ ‫‪1‬‬

‫األوؿ‪ ،1996 ،‬ص ‪ ،95-92‬جاء فيو‪ " :‬مف األصوؿ العامة في اإلجراءات أنو ال يجوز استئناؼ إال في األحكاـ‬
‫الفاصمة في منازعة قضائية‪ ،‬أما الطعف في األمر عمى عريضة فبل يتـ إال بالتظمـ منو‪ ،‬وأماـ نفس الجية القضائية‬
‫التي صدر عنيا‪ ،‬باعتباره مف ضمف األعماؿ الوالئية‪ .‬ولما ثبت – مف قضية الحاؿ‪ -‬أف قضاة الموضوع صرحوا‬
‫بقبوؿ استئناؼ األمر عمى عريضة‪ ،‬القاضي‪ :‬برفض توقيع حجز ما لممديف لدى الغير فإنيـ يكونوا قد خرقوا األصوؿ‬
‫العامة في اإلجراءات‪ ،‬ال سيما وأف صاحبة الطمب تحوز عمى سند تنفيذي يمكنيا مف المجوء إلى التنفيذ الجبري‬
‫مباشرة‪ ،‬وعميو يتعيف نقض القرار – المنتقد‪ -‬دوف إحالة"‪.‬‬
‫‪323‬‬
‫طمب إصدار األمر عمى عريضة‪ ،‬أو ألصدره بشكؿ مغاير مف حيث المضموف‪ ،‬وبالتالي‬
‫ترؾ المشرع فُ ْس َحة لمف يصدر األمر عمى عريضة في مواجيتو كي يتظمـ لدى نفس‬
‫الجية القضائية التي أصدرت األمر‪ ،‬مف أجؿ مراجعة ىذا األمر وتعديمو أو إلغائو‪ ،‬نظ ار‬
‫ألف األمر عمى عريضة يصدر دوف حضور الخصوـ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 310‬مف‬
‫ّ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫أف المشرع لـ ينص عمى جواز الطعف باالستئناؼ في األمر الذي يقضي‬
‫غير ّ‬
‫برفض التراجع أو تعديؿ األمر عمى عريضة بعد ممارسة التظمـ ضده‪ ،‬حيث اعتبر‬
‫فإف الطعف باالستئناؼ جائز بالنسبة‬
‫البعض ّأنو إعماال لمبدأ المساواة بيف الخصوـ‪ّ ،‬‬
‫لؤلمر الذي ترفض بموجبو الجية القضائية التراجع عف األمر عمى عريضة أو تعديمو بعد‬
‫ممارسة التظمـ ضده‪.1‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬استئناف األمر عمى عريضة‬
‫المقدـ مف أحد الخصوـ بشأف اتخاذ تدبير‬
‫ّ‬ ‫في حالة عدـ االستجابة إلى الطمب‬
‫فإف المشرع أجاز‬
‫مؤقت مف ضمف التدابير المشمولة بنص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫صراحة الطعف باالستئناؼ في أمر الرفض‪ ،‬بموجب الفقرة الثانية مف المادة ‪ 312‬مف‬
‫ويتـ ذلؾ برفع االستئناؼ أماـ السيد رئيس المجمس القضائي‪ ،‬خبلؿ أجؿ خمسة‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫يقيد المشرع رئيس المجمس القضائي بأجؿ‬
‫عشر يوما مف تاريخ صدور أمر الرفض‪ ،‬ولـ ّ‬
‫محدد مف أجؿ الفصؿ في االستئناؼ‪ ،‬إال أنو ألزمو بالفصؿ فيو في أقرب اآلجاؿ‪ ،‬وفقا‬
‫أقره بالنسبة لرئيس الجية‬
‫لمفقرة الرابعة مف المادة ‪ 312‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬عمى خبلؼ ما ّ‬
‫القضائية الذي يجب عميو الفصؿ في طمب األمر عمى عريضة خبلؿ أجؿ ثبلثة أياـ مف‬
‫تاريخ إيداع الطمب‪ ،‬وفقا لمفقرة الثانية مف المادة ‪ 310‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وكاف مف األفضؿ لو‬
‫حدد الم شرع أجبل معينا مف أجؿ الفصؿ في االستئناؼ‪ ،‬نظ ار ألف أغمب األوامر تتعمؽ‬‫ّ‬
‫بقضايا استعجالية ال تحتمؿ االنتظار‪.‬‬

‫فريجو حسيف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.127‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪324‬‬
‫كما أعفى المشرع المستأنؼ مف ضرورة التمثيؿ الوجوبي بمحاـ‪ ،‬خروجا عمى‬
‫األصؿ العاـ المقرر في الفقرة األولى مف المادة ‪ 538‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬لذا يستطيع المستأنؼ‬
‫مباشرة إجراء االستئناؼ بنفسو‪ ،‬وتقديـ عريضة االستئناؼ محررة وموقعة مف قبمو‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬التمييز بين صور ف ّك الرابطة الزوجية من حيث جواز الطعن فييا‬
‫باالستئناف‬
‫تختمؼ صور الطبلؽ فيما بينيا مف حيث دور الزوج أو الزوجة في إيقاعو‬
‫والحكـ بو‪ ،‬ومف حيث دور القاضي في كؿ صورة مف صور الطبلؽ‪ ،‬مما يقتضي التمييز‬
‫بينيا مف حيث أحكاـ الطعف فييا باالستئناؼ‪.‬‬
‫‪ -1‬الطعن باالستئناف في أحكام الطالق باإلرادة المنفردة‬
‫قد يشمؿ الطعف في حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة كؿ جزئيات الحكـ أو بعضيا‪،‬‬
‫كالطعف في قيمة مبمغ التعويض عف الطبلؽ التعسفي الممنوح لممطمقة‪ ،‬أو قيمة النفقة‬
‫الغذائية الممنوحة لممحضونيف‪ ،‬وقد يتعمّؽ بحؽ الحضانة أو حؽ الزيارة‪ ،‬غير ّأنو يجب‬
‫ؾ الرابطة‬
‫يمس حؽ الطعف باالستئناؼ بأي وجو مف األوجو حؽ الزوج في ف ّ‬ ‫أف ال ّ‬
‫ألف ىذه الصورة مف صور الطبلؽ ليا خصوصيتيا وأحكاميا‪،‬‬ ‫الزوجية بإرادتو المنفردة‪ّ ،‬‬
‫وال سمطة تقديرية لمقاضي في البحث عف أحقية الزوج في الطبلؽ مف عدمو‪ ،‬وال يممؾ أف‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أو يطمب منو توضيح األسباب التي دعتو لفؾ‬
‫يعارض رغبتو في ف ّ‬
‫يتـ بإرادة الزوج‬
‫أقرىا الشرع والقانوف‪ ،‬والطبلؽ ّ‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬فالعصمة بيد الزوج‪ّ ،‬‬
‫أقرت المحكمة العميا عدـ جواز استئناؼ‬
‫وبتصريحو‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وقد ّ‬
‫أف األحكاـ بالطبلؽ‬
‫أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬حيث جاء في أحد ق ارراتيا ما يمي‪ " :‬متى كاف مقر ار ّ‬
‫غير قابمة لبلستئناؼ ما عدا في جوانبيا المادية‪ ،‬فإف قضاة المجمس – في قضية الحاؿ‪-‬‬
‫بإلغائيـ لمحكـ المستأنؼ لدييـ القاضي بالطبلؽ بيف الطرفيف خالفوا القواعد الجوىرية‬
‫لئلجراءات"‪.1‬‬
‫أف األحكاـ الصادرة في دعاوى‬
‫وتنص الفقرة األولى مف المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ عمى ّ‬
‫أف‬
‫الطبلؽ والتطميؽ والخمع غير قابمة لبلستئناؼ فيما عدا جوانبيا المادية‪ ،‬وقد سبؽ بياف ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1991/11/26‬رقـ ‪ ،79858‬المجمة القضائية‪،1993 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العدد ‪ ،3‬ص ‪.86‬‬


‫‪325‬‬
‫ألنو‬
‫ىذا النص ينصرؼ إلى األحكاـ الحضورية فقط‪ ،‬وال يشمؿ األحكاـ الغيابية‪ّ ،‬‬
‫المدعى عمييا‪.‬‬
‫ال ُيتصور أف يفصؿ القاضي في الجانب المادي لمطبلؽ في غياب ّ‬
‫والنص المذكور صريح في عدـ قابمية أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمطعف فييا‬
‫ألف حكـ‬
‫مشرع ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وحسنا فعؿ ال ّ‬
‫باالستئناؼ في الجانب المتعمؽ بف ّ‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة ما ىو إال حكـ كاشؼ‪ ،‬يقتصر فيو دور القاضي عمى تثبيت‬
‫يتغير ىذا الجانب مف الحكـ حتى لو طعف فيو‬ ‫ّ‬ ‫الطبلؽ الذي أوقعو الزوج‪ ،‬وال‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بإرادتو‬
‫ألف العصمة بيد الزوج‪ ،‬وقد استعمؿ حقّو في ف ّ‬
‫باالستئناؼ‪ّ ،‬‬
‫المنفردة‪ ،‬وال يمكف بحاؿ تغيير المركز القانوني الذي أوجده الزوج عف طريؽ الطعف‬
‫باالستئناؼ في حكـ الطبلؽ‪.‬‬
‫كما ُيستشؼ عدـ قابمية أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج لمطعف فييا‬
‫باالستئناؼ مف نص الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث أوجب المشرع عمى‬
‫النيابة العامة السعي ف ي تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ في الحالة المدنية‪ ،‬وىو دليؿ عمى اعتبار‬
‫المشرع أحكاـ الطبلؽ أحكاما نيائية واجبة التنفيذ‪ ،‬وما دامت كذلؾ فيي ال تقبؿ الطعف‬
‫فييا بطرؽ الطعف العادية‪ ،‬ومنيا االستئناؼ‪.‬‬
‫حؽ الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‬
‫وقصر المشرع ّ‬
‫ألف الحكـ يتضمف جانبا متعمقا بالطبلؽ‪ ،‬وجانبا آخر يتعمؽ‬ ‫الشؽ المادي فقط‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫في‬
‫بالتوابع المادية لمطبلؽ‪ ،‬ومف بيف ىذه الجوانب المادية التي يجوز الطعف فييا‬
‫العدة‪ ،‬النفقة الغذائية لؤلوالد‬
‫ّ‬ ‫باالستئناؼ‪ :‬التعويض عف الطبلؽ التعسفي‪ ،‬نفقة‬
‫المحضونيف‪ ،‬نفقة مصاريؼ العبلج والوضع‪ ،‬توفير مسكف لممارسة الحضانة أو دفع‬
‫مقابؿ بدؿ إيجار مسكف لممارسة الحضانة‪ ،‬إلزاـ المطمؽ بتمكيف المطمقة مف أمتعتيا التي‬
‫تركتيا ببيت الزوجية‪ ،‬كما يجوز استئناؼ الجانب المتعمؽ بحؽ الحضانة وحؽ الزيارة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّأنو إذا أخطأ الطاعف وطعف مباشرة بالنقض في جانب مف‬
‫فإف طعنو‬
‫الجوانب المادية لمحكـ الذي قضى بالطبلؽ‪ ،‬متجاو از الطعف باالستئناؼ‪ّ ،‬‬
‫فوت عمى خصمو درجة مف درجات التقاضي‪.‬‬‫بالنقض يجب أف ُيرفض‪ ،‬ألنو ّ‬
‫أف المشرع لـ يشمؿ األحكاـ الحضورية التي ترمي إلى إضفاء الصيغة‬
‫كما ّ‬
‫التنفيذية عمى أحكاـ الطبلؽ الصادرة عف جيات قضائية أجنبية بخاصية عدـ قابميتيا‬
‫‪326‬‬
‫ألف المشرع لـ‬
‫لبلستئناؼ‪ ،‬فيي تصدر في أوؿ درجة‪ ،‬وتقبؿ الطعف فييا باالستئناؼ‪ّ ،‬‬
‫يخصيا بنص خاص‪ ،‬فتبقى خاضعة لمنصوص العامة التي تجيز الطعف في األحكاـ‬ ‫ّ‬
‫أف‬
‫الحضورية الصادرة في أوؿ درجة بطرؽ الطعف العادية وغير العادية‪ ،‬واف كنت أعتقد ّ‬
‫ألف األحكاـ األجنبية قد استنفذت طرؽ‬
‫األولى استثنائيا وتمييزىا بعدـ جواز الطعف فييا‪ّ ،‬‬
‫وتـ إميارىا بالصيغة التنفيذية بعد أف‬
‫الطعف فييا في البمد األجنبي الذي صدرت فيو‪ّ ،‬‬
‫تـ‬
‫صارت نيائية‪ ،‬وصدور حكـ قضائي في الجزائر إلضفاء الصيغة التنفيذية عمييا‪ ،‬ال ي ّ‬
‫إال إذا تحقّؽ القاضي ّأنيا أحكاـ نيائية غير مخالفة لمنظاـ العاـ‪ ،‬وبالتالي ما جدوى فتح‬
‫مجاؿ الطعف فييا مف جديد‪ ،‬لذا أعتقد ّأنو يجب الفصؿ في دعوى إضفاء الصيغة‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بحكـ صادر في أوؿ وآخر‬
‫التنفيذية عمى الحكـ األجنبي المتعمؽ بف ّ‬
‫درجة‪.‬‬
‫‪ -2‬الطعن باالستئناف في أحكام ف ّك الرابطة الزوجية بطمب من الزوجة‬
‫نصيا عمى عدـ قابمية أحكاـ‬
‫كانت المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ قبؿ التعديؿ تقتصر في ّ‬
‫الطبلؽ لبلستئناؼ ما عدا في جوانبيا المادية‪ ،‬وقد أثار ذلؾ خبلفا فقييا حوؿ مفيوـ‬
‫أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬فيؿ يشمؿ النص أحكاـ التطميؽ والخمع أـ ال؟ واختمفت آراء رجاؿ القانوف‬
‫في مدى قابمية أحكاـ التطميؽ والخمع لمطعف فييا باالستئناؼ‪ ،‬وظير في ذلؾ اتجاىيف‪،‬‬
‫يتـ تبياف آراء‬
‫األوؿ يرى عدـ جواز الطعف فييا باالستئناؼ‪ ،‬والثاني يرى جواز ذلؾ‪ ،‬و ّ‬
‫الفريقيف وحججيـ فيما يمي‪:‬‬
‫االتجاه األول‪ :‬يرى أصحاب ىذا االتجاه عدـ جواز الطعف باالستئناؼ في أحكاـ‬
‫ألف النص القديـ لممادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ يشمؿ أحكاـ التطميؽ والخمع‬
‫التطميؽ أو الخمع‪ّ ،‬‬
‫أف لفظ الطبلؽ يشمؿ وفؽ نص المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ‬
‫وحجتيـ في ذلؾ ّ‬
‫باعتباره نصا عاما‪ّ ،‬‬
‫يتـ بإرادة‬
‫أف حؿ عقد الزواج يكوف بالطبلؽ الذي ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬حيث ّ‬
‫كؿ صور ف ّ‬
‫المادتيف ‪ 53‬و‪54‬‬
‫الزوج أو بتراضي الزوجيف أو بطمب مف الزوجة في حدود ما ورد في ّ‬
‫مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬أي عف طريؽ التطميؽ أو الخمع‪ ،‬وبالتالي يشمؿ الطبلؽ كؿ الصور المذكورة‬
‫المادة ‪ ،48‬وعميو فنص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ تشمؿ أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬وىي غير‬
‫ّ‬ ‫في‬
‫أف طبلؽ القاضي ىو طبلؽ بائف‪ ،‬وال يجوز الطعف فيو‪.‬‬
‫قابمة لبلستئناؼ‪ ،‬كما ّ‬

‫‪327‬‬
‫عدة ق اررات صادرة عف المحكمة العميا‪ ،‬التي قبمت طعونا‬‫ويدعـ ىذا االتجاه ّ‬
‫أف المحكمة العميا‬
‫يدؿ عمى ّ‬‫بالنقض مباشرة ضد أحكاـ صادرة بالتطميؽ أو الخمع‪ ،‬مما ّ‬
‫ضد‬
‫ألف الطعف بالنقض ال يكوف إال ّ‬ ‫تعتبر أحكاـ التطميؽ والخمع أحكاما ابتدائية نيائية‪ّ ،‬‬
‫أحكاـ ابتدائية نيائية‪ ،‬أما األحكاـ االبتدائية فبل يجوز الطعف فييا مباشرة بالنقض‪ ،‬ألنيا‬
‫حجة تدعـ القوؿ بعدـ قابمية أحكاـ التطميؽ والخمع لمطعف فييا‬
‫تقبؿ االستئناؼ‪ ،‬وىي ّ‬
‫باالستئناؼ‪ ،‬ومف بيف ىذه الق اررات القرار الصادر بتاريخ ‪ 1995/05/02‬الذي جاء فيو‪:‬‬
‫أف الحكـ المطعوف فيو أورد حيثية جاء فييا (حيث أنو مف الثابت مف خبلؿ‬ ‫" ‪...‬حيث ّ‬
‫المدعية كانت ضحية إلىماؿ عائمي‪ ،‬مما يستدعي االستجابة إلى طمبيا في‬ ‫أف ّ‬
‫الممؼ ّ‬
‫فإف القاضي االبتدائي يكوف قد اعتمد اإلىماؿ العائمي لمحكـ بالتطميؽ‪.‬‬
‫التطميؽ) وبذلؾ ّ‬
‫غير أنو وبالرجوع إلى أحكاـ الفقرة األولى مف المادة ‪ 53‬مف ؽ‪.‬أ نجدىا قد أجازت‬
‫لمزوجة طمب التطميؽ في حالة عدـ اإلنفاؽ عمييا مف طرؼ الزوج بشرط أف يصدر حكـ‬
‫بوجوب النفقة‪ ،‬وأف تقيـ الزوجة التدليؿ عمى امتناع الزوج غير المعسر عف دفع ىذه‬
‫النفقة رغـ الحكـ عميو بيا‪ ،‬وليس الشأف كذلؾ في قضية الحاؿ‪ ،‬فالحكـ المطعوف فيو‬
‫بقضائو كما فعؿ لـ يوفر أسباب شرعية كافية ولـ يتأسس قانونا‪ ،‬إذ خرؽ أحكاـ المادة‬
‫أف القاضي االبتدائي‬
‫يتبيف مف الوقائع واإلجراءات المتّخذة بالممؼ ّ‬
‫‪ 53‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ىذا ولـ ّ‬
‫يعد‬
‫قاـ بإجراءات محاولة الصمح المطموبة قانونا في المادة ‪ 49‬مف نفس القانوف مما ّ‬
‫خرقا ليا أيضا‪ ،‬الشيء الذي يستوجب نقض الحكـ المطعوف فيو"‪.1‬‬
‫طبؽ‬
‫أف القاضي قد ّ‬‫كما جاء في أحد ق اررات المحكمة العميا ما يمي‪ ..." :‬حيث ّ‬
‫المادة ‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ التي أجازت لمزوجة أف تخالع دوف اشتراط رضاء الزوج بذلؾ‪ ،‬وعند‬
‫اال ختبلؼ في المبمغ الخاص بالخمع‪ ،‬يحكـ القاضي بما ال يتجاوز قيمة صداؽ المثؿ‬
‫بأف أحكاـ الطبلؽ غير قابمة‬
‫أف المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ تقضي ّ‬ ‫وقت الحكـ‪ ،‬إضافة إلى ّ‬
‫أف الخمع ىو طبلؽ يقضى فيو بصفة‬
‫لبلستئناؼ ما عدا في جوانبو المادية‪ ،‬مع العمـ ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ 1995/05/02‬رقـ ‪ ،118475‬نشرة القضاة‪،1996 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العدد ‪ ،49‬ص ‪.241‬‬


‫‪328‬‬
‫نيائية‪ ،‬وعميو فيذا الوجو أيضا غير مؤسس"‪ ،1‬حيث قضت المحكمة العميا برفض الطعف‬
‫ضد حكـ محكمة الحروش الصادر بتاريخ ‪ ،1991/11/23‬الذي قضى بمخالعة الزوجة‬
‫لزوجيا عمى أف تدفع لو مبمغ عشرة آالؼ دينار جزائري‪.‬‬
‫أف المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ ال تفرؽ بيف‬
‫كما أ ّكدت المحكمة العميا في أحد ق ارراتيا ّ‬
‫أف المادة ‪57‬‬
‫عب ْر عنو بالطبلؽ‪ ،‬حيث جاء فيو‪" :‬حيث ّ‬‫الطبلؽ والتطميؽ‪ ،‬وأف كبلىما ُي َ‬
‫مف ؽ‪.‬أ ال تُفرؽ بيف الطبلؽ والتطميؽ عند صدور الحكـ بيما‪ ،‬فكبلىما يعبر عنو‬
‫بالطبلؽ‪ ،‬وىو نيائي في الحالتيف‪ ،‬لكف التفريؽ بينيما القصد منو معرفة الطرؼ الذي‬
‫صدر عنو الطمب‪ ،‬فطمب الزوجة الرامي إلى ح ّؿ عقد الزواج حسب التعريؼ الوارد في‬
‫أف‬
‫المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ يسمى تطميقا حسب المادة ‪ 53‬مف نفس القانوف‪ .‬إضافة إلى ّ‬
‫الطاعف لـ يستأنؼ الحكـ الذي قضى عميو بالتعويض‪ ،‬وعميو فيذا الوجو في غير‬
‫محمّو"‪.2‬‬
‫االتجاه الثاني‪ :‬يرى أصحاب ىذا االتجاه جواز الطعف باالستئناؼ في أحكاـ‬
‫ألف لفظ الطبلؽ في المادة ‪ 57‬ال يشمؿ سوى الطبلؽ باإلرادة‬ ‫أو الخمع‪ّ ،‬‬ ‫التطميؽ‬
‫المنفردة لمزوج‪ ،‬وبالتالي فأحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة ال يجوز الطعف فييا باالستئناؼ‬
‫ما عدا جوانبيا المادية‪ ،‬أما أحكاـ التطميؽ والخمع فبل يشمميا النص‪ ،‬وتبقى قابمة لمطعف‬
‫المشرع إذا ما أراد منع الطعف باالستئناؼ في‬
‫ّ‬ ‫أف عمى‬
‫فييا باالستئناؼ في كؿ جوانبيا‪ ،‬و ّ‬
‫التوسع في تفسير‬
‫ّ‬ ‫النص عمى ذلؾ صراحة‪ ،‬ألنو ال يجوز‬ ‫ّ‬ ‫أحكاـ التطميؽ أو الخمع إالّ‬
‫أف المادة ‪48‬‬
‫النص‪ ،‬كما ّ‬
‫التقيد بحرفية ّ‬
‫نص المادة المذكور أو القياس عميو‪ ،‬بؿ يجب ّ‬
‫يتـ بإرادة‬
‫عدد صور الطبلؽ‪ ،‬فالطبلؽ الذي ّ‬‫عدد صور ح ّؿ عقد الزواج‪ ،‬وال تُ ّ‬
‫مف ؽ‪.‬أ تُ ّ‬
‫الزوج ىو صورة لحؿ عقد الزواج‪ ،‬مثمو مثؿ صورة حؿ عقد الزواج بالتراضي بيف‬
‫الزوجيف‪ ،‬أو صورة حؿ عقد الزواج بطمب مف الزوجة عف طريؽ التطميؽ أو الخمع‪.3‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1994/04/19‬رقـ ‪ ،103793‬نشرة القضاة‪،1997 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد ‪ ،51‬ص ‪.96‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1992/04/14‬رقـ ‪ ،81850‬مجمة االجتياد القضائي‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2001‬عدد خاص‪ ،‬ص ‪.230‬‬


‫زودة عمر‪ ،‬طبيعة األحكاـ بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪141-140‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪329‬‬
‫أف التطميؽ ىو عمؿ قضائي بحت يختمؼ تقديره مف قاض آلخر‪ ،‬لذا يجب‬‫كما ّ‬
‫تبنى ىذا االتجاه األستاذ تقية عبد‬
‫مراقبتو مف طرؼ قضاة االستئناؼ‪ ،‬ومف بيف مف ّ‬
‫الفتّاح‪ ،1‬واألستاذ زودة عمر‪ ،2‬واألستاذة منصوري نورة‪.3‬‬
‫عدة ق اررات صادرة عف المحكمة العميا‪ ،‬قبمت بموجبيا‬
‫يؤيد ىذا االتجاه أيضا ّ‬
‫كما ّ‬
‫الطعف بالنقض ضد ق اررات صادرة عف المجالس القضائية الفاصمة في االستئناؼ المرفوع‬
‫ضد أحكاـ التطميؽ أو الخمع‪ ،‬والتي قضى مف خبلليا قضاة االستئناؼ أحيانا بتأييد حكـ‬
‫التطميؽ أو الخمع‪ ،‬وأحيانا أخرى بإلغاء حكـ الدرجة األولى والقضاء مف جديد بالتطميؽ‬
‫أف المحكمة العميا أجازت الطعف باالستئناؼ في األحكاـ‬
‫أو الخمع‪ ،‬مما ُيفيـ معو ّ‬
‫الصادرة في التطميؽ أو الخمع‪ ،‬واالّ لقررت نقض قرار المجمس المطعوف فيو دوف‬
‫إحالتو‪.4‬‬
‫عدة‬
‫أقرت المحكمة العميا اختصاص قضاة االستئناؼ الحكـ بالتطميؽ في ّ‬
‫حيث ّ‬
‫ولما‬
‫ق اررات صدرت عنيا‪ ،‬ومنيا القرار الصادر بتاريخ ‪ 1992/12/22‬الذي جاء فيو‪ّ " :‬‬
‫أسس قضاة الموضوع (قضاة المجمس) ق ارراىـ القاضي بالتطميؽ عمى عدـ إمكانية إنجاب‬ ‫ّ‬
‫فإنيـ قد وفّروا‬
‫الطبية التي خمصت إلى عقـ الزوج‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫األوالد استنادا إلى نتائج الخبرة‬
‫لقضائيـ األسباب الشرعية الكافية‪ ،‬ما عدا فيما يتعمّؽ بإلزاـ الزوج بالتعويض‪ ،‬مما يتوجب‬
‫التعسؼ"‪.5‬‬
‫ّ‬ ‫نقضو جزئيا في ىذا الجانب النعداـ حالة‬
‫كما جاء في قرار آخر لممحكمة العميا ما يمي‪ " :‬حيث أف المادة ‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ‬
‫ال تشترط قبوؿ الزوج لمبدأ الخمع‪ ،‬وال لممبمغ الذي يطمبو‪ ،‬منعا لبلبتزاز واالستغبلؿ‪ ،‬وعمى‬
‫أف رفضو‬
‫ىذا فالقرار المنتقد بتأييده لمحكـ المستأنؼ القاضي برفض دعوى التطميؽ‪ ،‬كما ّ‬
‫لطمب الخمع الذي تقدمت بو الطاعنة في طور االستئناؼ‪ ،‬عمى أساس ّأنيا لـ تعرض‬
‫مبمغا معينا‪ ،‬لـ يقـ عمى أي أساس قانوني أو شرعي‪ ،‬وعميو فالوجو مؤسس‪ ،‬األمر الذي‬

‫‪ 1‬تقية عبد الفتّاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ 2‬زودة عمر‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.161-160‬‬
‫منصوري نورة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.75‬‬ ‫‪3‬‬

‫عمر زودة‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.161‬‬ ‫‪4‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1999/12/22‬رقـ ‪ ،87301‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ،1995‬عدد ‪ ،2‬ص ‪.92‬‬


‫‪330‬‬
‫يتعيف معو نقض القرار المطعوف فيو‪ ،‬واحالة لنفس المجمس"‪ ،1‬حيث قبمت المحكمة العميا‬
‫الطعف بالنقض شكبل وموضوعا في قرار مجمس قضاء تيزي وزو الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2000/03/08‬المؤيد لمحكـ الصادر عف محكمة عيف الحماـ بتاريخ ‪.1999/06/23‬‬
‫ؾ‬
‫أف القاضي مخوؿ بالنظر في مسألة ف ّ‬ ‫كما أ ّكد قرار آخر لممحكمة العميا ّ‬
‫العصمة‪ ،‬سواء أماـ الدرجة األولى‪ ،‬أو الدرجة الثانية بصفة نيائية‪.2‬‬
‫أف القوؿ بجواز الطعف باالستئناؼ في أحكاـ التطميؽ أو الخمع أصوب‪،‬‬ ‫وأعتقد ّ‬
‫ألف طبيعة حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة تختمؼ عف طبيعة حكـ التطميؽ والخمع‪ ،‬فاألوؿ‬
‫ّ‬
‫أف حكـ التطميؽ والخمع ال يصدره القاضي إال بعد‬
‫حكـ كاشؼ‪ ،‬والثاني حكـ منشئ‪ ،‬كما ّ‬
‫أف يتأ ّكد القاضي مف توافر شروطو‪ ،‬وقد يكوف ُعرضة لمخطأ في تقدير ذلؾ‪ ،‬فقد يقع في‬
‫الغمط أو التدليس أو تستعمؿ الزوجة الغش‪ ،3‬مما ُيبرر فتح المجاؿ لعرض النزاع مف‬
‫جديد أماـ قاضي الدرجة الثانية‪ ،‬لتدارؾ ما قد يقع فيو قاضي الدرجة األولى مف سوء‬
‫تقدير أو خطأ أو سيو‪ ،4‬كما أف تشكيمة المجمس تشكيمة جماعية‪ ،‬ومف شأف مراقبتيا‬
‫ألحكاـ التطميؽ أو الخمع أف تقؼ عمى ما قد يقع فيو قاضي الدرجة األولى مف سوء‬
‫تقدير أو غمط‪ ،‬فيما يتعمؽ بتوافر أسباب التطميؽ أو عدـ احتراـ شروط الحكـ بالخمع‪،‬‬
‫صحتو‪ ،‬أو بإلغائو والتصدي مف جديد‬
‫ّ‬ ‫إما بتأييد الحكـ إف ظير لو‬
‫فيقضي المجمس ّ‬
‫لمفصؿ في دعوى التطميؽ أو الخمع وفؽ ما يقتضيو الشرع والقانوف‪.‬‬
‫نص المادة‬
‫تبنت الموقؼ األوؿ الذي يرى شموؿ ّ‬‫أف المحكمة العميا آنذاؾ ّ‬
‫غير ّ‬
‫أف أحكاـ الطبلؽ‬
‫‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ كؿ صور الطبلؽ‪ ،‬بما فييا التطميؽ والخمع‪ ،‬واعتبرت ّ‬
‫والتطميؽ والخم ع ال يجوز استئنافيا ما عدا في جوانبيا المادية‪ ،‬حيث جاء في أحد ق اررات‬
‫المحكمة العميا ما يمي‪" :‬عف الفرع الثاني‪ :‬المأخوذ مف الخطأ في تطبيؽ المادة ‪57‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ 2000/11/21‬رقـ ‪ ،252994‬المجمة القضائية‪،2001 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العدد ‪ ،1‬ص ‪.293‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ 2002/05/08‬رقـ ‪ ،289545‬مجمة المحكمة العميا‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2004‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.373‬‬


‫بف داوود عبد القادر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.122‬‬ ‫‪3‬‬

‫بشير سياـ‪ ،‬الطعف بالنقض أماـ المحكمة العميا‪ ،‬رسالة لنيؿ شيادة الماجستير في القانوف الخاص‪ ،‬كمية الحقوؽ بف‬ ‫‪4‬‬

‫عكنوف‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2006/2005‬ص ‪.26‬‬


‫‪331‬‬
‫تتـ بإرادة الزوج‪،‬‬
‫مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬بدعوى أف األحكاـ التي تصدر نيائيا في الطبلؽ ىي التي ّ‬
‫فإنو يصدر ابتدائيا‪ .‬ولكف‬
‫أو بتراضي الزوجيف‪ ،‬بخبلؼ الحكـ الصادر بالتطميؽ أو الخمع ّ‬
‫عرفت ىذه‬
‫يدعيو الطاعف‪ ،‬فقد ّ‬
‫حيث أف المادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ ال تتضمف ىذا التفريؽ الذي ّ‬
‫المادة الطبلؽ بأنو حؿ عقد الزواج‪ ،‬ويقع بإرادة الزوج‪ ،‬أو بتراضي الزوجيف‪ ،‬أو بطمب‬
‫المحتج بيا‬
‫ّ‬ ‫أف المادة ‪57‬‬
‫مف الزوجة طبقا لممادتيف ‪ 53‬و‪ 54‬مف ىذا القانوف‪ ،‬إضافة إلى ّ‬
‫نصت عمى أحكاـ الطبلؽ غير قابمة لبلستئناؼ دوف أف تعطييا وصفا آخر‪ ،‬وعميو‬ ‫قد ّ‬
‫فالفرع غير مؤسس"‪ ،1‬كما صدر قرار آخر لممحكمة العميا يتعمّؽ بالتطميؽ‪ ،‬جاء فيو‬
‫أف ما ينعاه الطاعف عمى القرار المطعوف فيو والمؤيد بالحكـ المستأنؼ‪،‬‬
‫ما يمي‪ " :‬حيث ّ‬
‫أف قضاة الموضوع لـ يتأكدوا مف توافر الشروط المنصوص عمييا في المادة ‪ 53‬مما‬‫مف ّ‬
‫يتبيف مف خبلؿ‬
‫يستوجب نقض القرار‪ .‬لكف حيث أنو بالرجوع إلى القرار المطعوف فيو ّ‬
‫أف أحكاـ الطبلؽ ال يجوز استئنافيا إال في‬
‫حيثياتو أف قضاة الموضوع قد أ ّكدوا عمى ّ‬
‫الجوانب المادية منيا‪ ،‬عمبل بالمادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬التي تعتبر أحكاـ الطبلؽ صادرة بدرجة‬
‫‪2‬‬
‫ثـ‬
‫ّ‬ ‫الزوجيف‪،‬‬ ‫بيف‬ ‫بالتطميؽ‬ ‫قضى‬ ‫حكـ‬ ‫صدر‬ ‫حيث‬ ‫‪،‬‬ ‫نيائية‪ ،‬مما يجعؿ الوجو غير سديد"‬
‫استأنؼ الزوج الحكـ لدى مجمس قضاء تيزي وزو‪ ،‬عمى أساس أف الحكـ القاضي‬
‫بالتطميؽ لـ يتأ ّكد مف توافر الشروط المنصوص عمييا في المادة ‪ 53‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬فقضى‬
‫أف أحكاـ التطميؽ ال يجوز استئنافيا ما‬ ‫المجمس بتأييد الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬وأ ّكد عمى ّ‬
‫عدا جوانبيا المادية‪ ،‬وىو األمر الذي أ ّكدتو المحكمة العميا في قرارىا‪.3‬‬
‫أما بالنسبة لمطعف باالستئناؼ في أحكاـ الخمع‪ ،‬فقد جاء في أحد ق اررات المحكمة‬
‫عدلوا الحكـ‬
‫أف قضاة المجمس ّ‬ ‫العميا ما يمي‪" :‬ولما كاف ثابتا ‪-‬في قضية الحاؿ‪ّ -‬‬
‫تطرقوا‬
‫المستأنؼ لدييـ القاضي بالطبلؽ بالخمع‪ ،‬إلى الطبلؽ بتظميـ الزوج‪ ،‬يكونوا قد ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1992/07/21‬ممؼ رقـ ‪ ،83603‬مجمة االجتياد‬ ‫‪1‬‬

‫القضائي‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬عدد خاص‪ ،‬ص ‪.134‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1994/12/13‬ممؼ رقـ ‪ ،101232‬مجمة نشرة القضاة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫سنة ‪ ،1999‬العدد ‪ ،54‬ص ‪.97‬‬


‫وأ عتقد أف قضاة المجمس القضائي قد جانبوا الصواب في تأييدىـ لمحكـ المستأنؼ القاضي بالتطميؽ‪ ،‬إذ كاف عمييـ‬ ‫‪3‬‬

‫ثـ رفض الدعوى‪.‬‬


‫القضاء بعدـ قابمية الحكـ لمطعف فيو باالستئناؼ‪ ،‬ومف ّ‬
‫‪332‬‬
‫إلى موضوع الطبلؽ الذي ال يجوز ليـ مناقشتو إالّ في جوانبو المادية مخالفيف بذلؾ‬
‫القانوف‪ .‬ومتى كاف كذلؾ استوجب نقض القرار المطعوف فيو"‪.1‬‬
‫إف المبلحظ في ىذه الق اررات الصادرة عف المحكمة العميا استنادىا إلى نص‬
‫ّ‬
‫المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ قبؿ تعديمو‪ ،‬عند إقرارىا بعدـ جواز الطعف باالستئناؼ في أحكاـ‬
‫أف موقفيا اتّجو إلى تفسير عبارة "األحكاـ بالطبلؽ" الواردة‬
‫التطميؽ والخمع‪ ،‬مما ُيفيـ منو ّ‬
‫في النص القديـ لممادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬أنو يشمؿ أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة والتطميؽ‬
‫تبني ىذا االتجاه مف طرؼ‬
‫والخمع‪ ،‬وىو تفسير موسع وقياس في غير محمّو‪ ،‬ورّبما ييدؼ ّ‬
‫المحكمة العميا إلى توحيد اإلجراءات القضائية بيف مختمؼ صور الطبلؽ‪ ،‬تيسي ار عمى‬
‫عدة جيات قضائية مختمفة‪.2‬‬
‫المتقاضيف‪ ،‬ومنعا لتشتيت إجراءات فؾ الرابطة الزوجية بيف ّ‬
‫المشرع أنيى الجدؿ القائـ عند تعديؿ قانوف األسرة في سنة ‪ ،2005‬حيث‬
‫ّ‬ ‫لكف‬
‫أقر عدـ جواز استئناؼ أحكاـ التطميؽ والخمع‬
‫توصؿ إليو قضاة المحكمة العميا‪ ،‬و ّ‬
‫أخذ بما ّ‬
‫ما عدا في جوانبيا المادية‪ ،‬حيث أضاؼ أحكاـ التطميؽ والخمع إلى أحكاـ الطبلؽ في‬
‫يخص عدـ جواز الطعف فييا‬
‫ّ‬ ‫وسوى بيف صور الطبلؽ المذكورة فيما‬
‫نص المادة ‪ّ ،57‬‬
‫يحؽ لمزوج أف يطعف باالستئناؼ في‬
‫باالستئناؼ ما عدا في الجوانب المادية‪ ،‬وبالتالي ال ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬ويقتصر حقو في الطعف‬
‫الشؽ المتعمؽ بف ّ‬
‫ّ‬ ‫حكـ التطميؽ أو الخمع في‬
‫في الجوانب المادية فقط‪ ،‬كالطعف باالستئناؼ المتعمؽ بمبمغ التعويض المحكوـ بو‬
‫لممطمقة‪ ،‬أو في مقابؿ الخمع‪ ،‬أو مبمغ نفقة العدة أو النفقة الغذائية لممحضونيف‪ ،‬أو غيرىا‬
‫مف الجوانب المادية‪ ،‬لذا إذا لـ يرض الزوج بالتعويضات والمبالغ المحكوـ بيا في حكـ‬
‫الشؽ المتعمؽ بيا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التطميؽ أو الخمع إالّ الطعف باالستئناؼ في ىذا‬
‫كما يستدؿ كذلؾ عمى عدـ قابمية أحكاـ التطميؽ والخمع لمطعف فييا باالستئناؼ‬
‫مف اعتبار المشرع ليا أحكاما نيائية بموجب المادة ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث أوجب‬
‫أف حكـ التطميؽ أو‬
‫تسجيميا في الحالة المدنية بسعي مف النيابة العامة‪ ،‬وىو ما يفيـ منو ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1991/03/20‬رقـ ‪ ،72858‬المجمة القضائية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1993‬العدد ‪ ،1‬ص ‪.57‬‬


‫بشير سياـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.26‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪333‬‬
‫ويحتج بو في مواجية‬
‫تضمنو‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫حجية الشيء المقضي فيو‪ ،‬ولو قوة ثبوتية بما‬
‫الخمع يحوز ّ‬
‫الكافة‪ ،‬وبالتالي أنو ال مجاؿ لمطعف فييا باالستئناؼ‪.‬‬
‫أف التعديؿ الذي أدخمو المشرع عمى المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ منتقد‪ ،‬حيث جمع‬
‫وأعتقد ّ‬
‫أف‬
‫وسوى بينيا مف حيث عدـ قابميتيا لبلستئناؼ‪ ،‬بالرغـ مف ّ‬
‫بيف صور الطبلؽ المذكورة‪ّ ،‬‬
‫طبيعة حكـ التطميؽ والخمع تختمؼ عف طبيعة حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪،‬‬
‫فاألوؿ حكـ منشئ ينشئ مركز قانونيا جديدا‪ ،‬يبرز فيو دور إيجابي لمقاضي في إق ارره‬
‫والحكـ بو‪ ،‬حيث يعايف القاضي ويكيؼ الوقائع المعتمد عمييا في تأسيس األسباب‬
‫المدعمة لطمب التطميؽ طبقا ألحكاـ قانوف األسرة‪ ،‬ويفصؿ في مدى تأسيس طمب‬
‫ويكيؼ الوقائع‬
‫قدـ فييا‪ ،‬كما يعايف أيضا ّ‬‫التطميؽ آخذا بعيف االعتبار الظروؼ التي ّ‬
‫نصت عميو المادة ‪451‬‬
‫المعتمد عمييا في طمب الخمع طبقا ألحكاـ قانوف األسرة‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،1‬وبذلؾ يظير الدور اإليجابي الذي يقوـ بو القاضي عند إصدار أحكاـ‬
‫التطميؽ والخمع‪ ،‬أما حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة فيو حكـ كاشؼ فقط‪ ،‬يكشؼ عف‬
‫مركز قانوني موجود‪ ،‬أوجده الزوج بإرادتو المنفردة‪ ،‬ودور القاضي فيو سمبي‪ ،‬حيث‬
‫يقتصر عمى التأكد مف إرادة الزوج في طمب الطبلؽ فقط‪ ،‬وال سمطة لو عميو‪ ،‬فيو ُيثبت‬
‫الطبلؽ الذي أوقعو الزوج‪ ،‬وىو ما يؤكده نص المادة ‪ 450‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ الذي جاء فيو‪:‬‬
‫"يتأ ّكد القاضي مف إرادة الزوج في طمب الطبلؽ‪ ،‬ويأمر باتخاذ كؿ التدابير التي يراىا‬
‫الزمة في ذلؾ"‪.‬‬
‫فالحكـ القضائي ىو الذي ينشئ المركز القانوني المتعمؽ بالتطميؽ أو الخمع‪،‬‬
‫عكس الطبلؽ باإلرادة المنفردة التي ينشئ فييا الزوج المركز القانوني المتعمؽ بالطبلؽ‪،‬‬
‫أما الحكـ فيو كاشؼ فقط‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 451‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى ما يمي‪ " :‬يعايف القاضي ويكيؼ الوقائع المعتمد عمييا‬ ‫‪1‬‬

‫في تأسيس األسباب المدعمة لطمب التطميؽ طبقا ألحكاـ قانوف األسرة‪ .‬ويفصؿ في مدى تأسيس الطمب‪ ،‬آخذا بعيف‬
‫االعتبار الظروؼ التي قدـ فييا‪ .‬يمكف لمقاضي أف يتّخذ كؿ التدابير التي يراىا مبلئمة ال سيما األمر بالتحقيؽ‬
‫أو بخبرة طبية أو االنتقاؿ لممعاينة‪ .‬يتعيف عمى القاضي تسبيب اإلجراء المأمور بو إذا تعمؽ بخبرة طبية‪.‬‬
‫يعايف القاضي أيضا ويكيؼ الوقائع المعتمد عمييا في طمب الخمع طبقا ألحكاـ قانوف األسرة‪".‬‬
‫‪334‬‬
‫الحكميف‪ ،‬ودور القاضي في كؿ مف‬ ‫انطبلقا مف ىذا االختبلؼ بيف طبيعة ُ‬
‫بأف المساواة بينيما في المادة ‪57‬‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة ودوره في التطميؽ والخمع‪ ،‬نرى ّ‬
‫ألف‬
‫مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والقوؿ بعدـ قابمية أحكاـ التطميؽ والخمع لمطعف فييا باالستئناؼ أمر منتقد‪ّ ،‬‬
‫تقدمو الزوجة مف وسائؿ إثبات وأدلّة حوؿ‬
‫أحكاـ التطميؽ يعتمد فييا القاضي عمى ما ّ‬
‫توفّر سبب مف األسباب المحددة في المادة ‪ 53‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وىي أسباب تخضع لتقدير‬
‫مضادة‪ ،‬كما‬
‫ّ‬ ‫يقدـ عكسيا ويدحضيا بأدلّة‬
‫قاضي الموضوع وتكييفو‪ ،‬والتي يمكف لمزوج أف ّ‬
‫أف صدور أحكاـ تقضي بالطبلؽ خمعا دوف ذكر العوض أو المقابؿ المالي لمخمع مثبل‪،‬‬ ‫ّ‬
‫يجعؿ الحكـ معيبا وغير منشئ لمخمع‪ ،‬وتبقى الزوجية قائمة‪ ،1‬كما ُيتصور وقوع القاضي‬
‫صحة الحكـ بالخمع‪ ،‬كمخالفة نص قانوني‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ حكـ‬ ‫ّ‬ ‫في أخطاء تؤثر عمى‬
‫القاضي بفؾ الرابطة الزوجية خمعا دوف حضور الزوجة‪ ،‬والتأ ّكد مف إرادتيا في طمب‬
‫الخمع‪ ،‬وفقا لنص الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 451‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث جاء في أحد ق اررات‬
‫المحكمة العميا ما يمي‪ ... " :‬وبالتالي ال يمكف بأي حاؿ إيقاع الطبلؽ ميما كاف وصفو‬
‫في غياب الزوج طالب حؿ عقد الزواج وعدـ حضوره جمسة الصمح واالستماع إليو‪ ،‬كما‬
‫خاصة‪ ،‬رسمية‬
‫ّ‬ ‫ال يمكف أف ينيبو أحد في جمسات الصمح ميما كاف نوع الوكالة عامة أـ‬
‫ألف الغاية مف حضور جمسات الصمح فضبل عف محاولة إصبلح ذات‬ ‫أـ غير رسمية‪ّ ،‬‬
‫البيف‪ ،‬ىو تأ ّكد المحكمة مف إرادة الزوج في طمب حؿ عقد الزواج وفقا لنص المادة ‪450‬‬
‫وخاصة‬
‫ّ‬ ‫أف ىذه اإلرادة صحيحة خالية مف عيوب اإلرادة‬
‫وخاصة التأ ّكد مف ّ‬
‫ّ‬ ‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫ضدىا‪ ،‬واكتفائيا‬
‫المدعية المطعوف ّ‬
‫أف المحكمة بقضائيا بالخمع دوف حضور ّ‬ ‫اإلكراه‪ ،‬و ّ‬
‫بإنابة محامييا الوكيؿ عنيا بوكالة رسمية‪ ،‬قد خالفت قاعدة جوىرية في اإلجراءات فعبل‬
‫وعرضت بذلؾ حكميا لمنقض"‪ ،2‬ووجو االستدالؿ في ىذا القرار‪ ،‬الخطأ الذي ارتكبو‬ ‫ّ‬
‫قاضي الدرجة األولى عند حكمو ب الخمع دوف التأكد مف إرادة الزوجة‪ ،‬وخمو ىذه اإلرادة‬
‫صحتيا‪ ،‬بالرغـ مف‬
‫ؾ الرابطة الزوجية وتؤثر في ّ‬
‫مف اإلكراه‪ ،‬وىي أخطاء تعيب أحكاـ ف ّ‬

‫لحسيف بف شيخ آث ممويا‪ ،‬رسالة في طبلؽ الخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.300‬‬ ‫‪1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2014/07/10‬ممؼ رقـ ‪ ،0950026‬مجمة‬ ‫‪2‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ، 2014‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.280‬‬


‫‪335‬‬
‫مما يستدعي فتح المجاؿ لمطعف فييا‪ ،‬وعدـ تنفيذ‬
‫صدروىا عف قاضي الدرجة األولى‪ّ ،‬‬
‫حكـ الخمع حتى استيفاء الطعف بانقضاء أجمو‪ ،‬أو بعد الفصؿ فيو‪.‬‬
‫لذا يجب إعادة النظر في نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وفتح المجاؿ لمطعف‬
‫باالستئناؼ في أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬مف أجؿ تدارؾ ما قد يقع فيو قاضي الدرجة‬
‫ألف ذلؾ ال ينافي خصوصية التطميؽ‬
‫األولى مف أخطاء عند حكمو بالتطميؽ أو الخمع‪ّ ،‬‬
‫والخمع‪ ،‬وذلؾ بالنص عمى قابمية أحكاـ التطميؽ والخمع لمطعف فييا باالستئناؼ‪ ،‬مع وقؼ‬
‫تنفيذىا حتى تستوفي أجؿ االستئناؼ المقرر قانونا‪ ،‬أو بعد صدور قرار المجمس إذا‬
‫تـ استئنافيا‪ ،‬وعدـ إميار الحكـ بالصيغة التنفيذية إال بعد تقديـ شيادة عدـ المعارضة‬
‫ّ‬
‫وشيادة عدـ االستئناؼ‪.‬‬
‫وقد ّأيد األستاذ تقية عبد الفتّاح فكرة ضرورة فتح مجاؿ الطعف عند الحكـ‬
‫بالطبلؽ لمضرر‪ ،‬وأنو مف األحسف لو يعرض النزاع لدى مختمؼ المحاكـ بشتى درجاتيا‬
‫ألف القاضي ال يقتصر عمى تسجيؿ إرادة الزوج المنفردة أو إرادة الزوجيف معا‪ ،‬بؿ سيقدر‬
‫ما إذا كاف أحد الزوجيف ناشزا‪ ،‬وقد تختمؼ اآلراء في ىذا التقدير‪ ،‬واألمر قابؿ لمنقاش‪،‬‬
‫فما يعتبره أحدىـ نشوزا‪ ،‬قد ال يكوف في رأي اآلخر كذلؾ‪ ،‬لذلؾ فقد يختمؼ رأي قضاة‬
‫االستئناؼ عف رأي قاضي الدرجة األولى‪ ،‬وقد يخالؼ رأي قضاة المحكمة العميا رأي‬
‫قضاة االستئناؼ‪ ،‬وذلؾ فيما يخص تقدير وجود خطأ أو ضرر يوجب التفريؽ بيف‬
‫الزوجيف‪.1‬‬
‫فإف فتح مجاؿ الطعف في أحكاـ التطميؽ والخمع مف شأنو أف يؤدي إلى‬ ‫لذا ّ‬
‫تجنب الوقوع في االختبلالت القانونية التي قد يرتكبيا قاضي الدرجة األولى‪ ،‬وذلؾ‬
‫باستدراكيا وتصحيحيا مف قضاة الدرجة الثانية‪ ،‬كالحكـ بالتطميؽ أو الخمع مع كوف الزوج‬
‫عديـ الرشد‪ ،‬أو ا لحكـ بالتطميؽ أو الخمع في غياب الزوج الذي لـ يبمغ تبميغ قانونيا‬
‫وتـ التحايؿ في ذكر موطنو‪.‬‬
‫صحيحا‪ّ ،‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى ّأنو في كثير مف الحاالت يطعف الخصوـ بالنقض في‬
‫الجوانب المادية لمطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع أماـ المحكمة العميا‪ ،‬متجاوزيف خطأً الدرجة‬

‫تقية عبد الفتّاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.81‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪336‬‬
‫الثانية مف درجات التقاضي‪ ،‬وبالتالي يفوتوف عمى الخصـ درجة مف درجات التقاضي‪،‬‬
‫ألف الجوانب المادية يحكـ القاضي فييا بحكـ صادر في أوؿ درجة‪ ،‬وىي تقبؿ االستئناؼ‬
‫ّ‬
‫فييا‪ ،‬وىو ما دفع المحكمة العميا إلى التأكيد عمى وجوب احتراـ مبدأ التقاضي عمى‬
‫ؾ الرابطة‬
‫درجتيف في ىذه المسائؿ‪ ،‬وأنو يجوز استئناؼ الجوانب المادية لمحكـ الفاصؿ بف ّ‬
‫تطرقت ليذا األمر‪ ،‬قرارىا الذي جاء فيو‪:‬‬
‫الزوجية‪ ،‬ومف بيف ق اررات المحكمة العميا التي ّ‬
‫أف النزاع حوؿ بدؿ الخمع عند االتفاؽ عمى ما مقداره‪ ،‬مف المسائؿ القابمة‬
‫"‪ ...‬لكف حيث ّ‬
‫لبلستئناؼ وليس لمطعف بالنقض‪ ،‬مما يتعيف رفض الوجو المثار لعدـ التأسيس ‪،1"...‬‬
‫أف المحكمة العميا كاف عمييا أف ترفض الطعف بالنقض شكبل‪ ،‬ودوف التطرؽ‬ ‫غير ّ‬
‫ألف الطعف بالنقض ال يجوز أصبل في األحكاـ الصادرة في أوؿ درجة‪،‬‬
‫لموضوع النزاع‪ّ ،‬‬
‫ثـ القرار الصادر عف المجمس‬
‫بؿ تقبؿ الطعف باالستئناؼ فييا أماـ المجمس القضائي‪ّ ،‬‬
‫بشأنيا ىو الذي يقبؿ الطعف بالنقض فيو‪.2‬‬
‫ويجب التنبيو إلى ّأنو إذا رفعت الزوجة دعوى التطميؽ أو الخمع أماـ المحكمة‬
‫يحؽ ليا الطعف باالستئناؼ في الحكـ كمو‪،‬‬
‫فإنو ّ‬
‫المختصة‪ ،‬وصدر حكـ برفض الدعوى‪ّ ،‬‬
‫يحؽ لو الفصؿ في دعوى‬ ‫حيث يختّص المجمس القضائي بالنظر في موضوع الدعوى‪ ،‬و ّ‬
‫التطميؽ أو الخمع‪ ،‬حيث قد يمغي الحكـ المستأنؼ ويقضي بالتطميؽ أو الخمع‪ ،‬وال يعتبر‬
‫ذلؾ مخالفة ألحكاـ المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ التي تمنع االستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ‬
‫ألف الحكـ الصادر عف قاضي الدرجة‬
‫أو التطميؽ أو الخمع ما عدا في جوانبيا المادية‪ّ ،‬‬
‫ثـ يحؽ لقضاة‬
‫األولى لـ يقض بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬بؿ رفض الدعوى‪ ،‬ومف ّ‬
‫االستئناؼ إلغاء الحكـ المستأنؼ‪ ،‬والقضاء مف جديد بالتطميؽ أو الخمع‪ ،‬وىو يدخؿ في‬
‫اختصاصو‪ ،‬وقد أ ّكدت المحكمة العميا ذلؾ في غير ما قرار صدر عنيا‪ ،‬ونذكر عمى‬
‫سبيؿ المثاؿ القرار المؤرخ في ‪ 1993/04/27‬الذي جاء فيو‪ ... " :‬كما أف االستئناؼ‬
‫يرفع النزاع برمتو أماـ المجمس‪ ،‬وقد طالبت المطعوف ضدىا في دعوى خاصة بالتطميؽ‪،‬‬
‫فضمت إلى دعوى الطاعف الذي أصدرت المحكمة بشأنيما الحكـ المستأنؼ‪ ،‬فالقضاء‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2009/09/19‬رقـ ‪ ،09/01009‬قرار غير‬ ‫‪1‬‬

‫منشور‪.‬‬
‫لحسيف بف شيخ آث ممويا‪ ،‬رسالة في طبلؽ الخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.260‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪337‬‬
‫بالتطميؽ مف طرؼ المجمس مندرج في اختصاصو شرعا وقانونا‪ ،‬وذلؾ أف المادة ‪ 57‬مف‬
‫ؽ‪.‬أ إذا كانت ال تجيز االستئناؼ في األحكاـ بالطبلؽ إال فيما تعمّؽ منيا بالجوانب‬
‫ويرد‬
‫ّ‬ ‫المادية‪ ،‬فبل تنطبؽ في قضية الحاؿ لكوف الحكـ المستأنؼ لـ يقض بالطبلؽ‪،‬‬
‫الوجياف بذلؾ‪ ،‬وبالتالي رفض الطعف"‪.1‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى موقؼ المشرع المصري المتعمؽ بالتفرقة بيف أحكاـ‬
‫الطبلؽ مف حيث قابمية الطعف فييا بطرؽ الطعف العادية وغير العادية‪ ،‬وأثر ذلؾ عمى‬
‫نصت الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 20‬مف القانوف رقـ ‪ 01‬لسنة ‪2000‬‬
‫تنفيذييا‪ ،‬حيث ّ‬
‫المتضمف تنظيـ بعض أوضاع واجراءات التقاضي في مسائؿ األحواؿ الشخصية المعدؿ‬
‫بالقانوف رقـ ‪ 91‬لسنة ‪ 2000‬ما يمي‪ " :‬ويقع الخمع في جميع األحواؿ طبلؽ بائف‪،‬‬
‫ويكوف الحكـ – في جميع األحواؿ‪ -‬غير قابؿ لمطعف عميو بأي طريؽ مف طرؽ الطعف"‪،‬‬
‫بينما نصت المادة ‪ 63‬مف نفس القانوف عمى ما يمي‪ " :‬ال تُنفذ األحكاـ الصادرة بفسخ‬
‫عقود الزواج أو بطبلنيا أو بالطبلؽ أو بالتطميؽ إال بانقضاء مواعيد الطعف عمييا بطريؽ‬
‫النقض‪ ،‬فإذا طعف عمييا في الميعاد القانوني‪ ،‬استمر عدـ تنفيذىا لحيف الفصؿ في‬
‫الطعف‪ ،‬وعمى رئيس المحكمة أو مف ينيبو تحديد جمسة لنظر الطعف مباشرة أماـ المحكمة‬
‫في موعد ال يجاوز ستيف يوما مف تاريخ إيداع صحيفة الطعف لقمـ كتاب المحكمة‬
‫أو وصوليا إليو‪ ،‬وعمى النيابة العامة تقديـ مذكرة برأييا خبلؿ ثبلثيف يوما عمى األكثر‬
‫قبؿ الجمسة المحددة لنظر الطعف‪ ،‬واذا نقضت المحكمة الحكـ كاف عمييا أف تفصؿ في‬
‫فرؽ بيف حكـ الطبلؽ خمعا‪،‬‬
‫الموضوع"‪ ،‬وبالتالي يظير موقؼ المشرع المصري الذي ّ‬
‫وجعمو غير قابؿ ألي طريؽ مف طرؽ الطعف‪ ،‬وبالتالي ُينفذ بمجرد صدروه‪ ،‬وبيف حكـ‬
‫أقر وقؼ تنفيذىا إلى غاية انقضاء ميعاد‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج أو التطميؽ‪ ،‬و ّ‬
‫تـ ذلؾ‪ ،‬وىو‬
‫الطعف بالنقض إذا لـ يطعف فييا‪ ،‬والى غاية الفصؿ في الطعف بالنقض إذا ّ‬
‫خاصة فيما يتعمؽ بوقؼ تنفيذ أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة إلى غاية‬
‫ّ‬ ‫موقؼ منتقد‬
‫ألف ىذه الصورة مف صور الطبلؽ ليا‬ ‫انقضاء أجؿ الطعف بالنقض أو الفصؿ فيو‪ ،‬نظ ار ّ‬
‫صرح بالطبلؽ فبل يمكف الحيمولة دوف‬
‫خصوصيتيا مف حيث أف العصمة بيد الزوج‪ ،‬واذا ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1993/04/27‬ممؼ رقـ ‪ ،89635‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1994‬العدد ‪ ،1‬ص ‪.57-56‬‬


‫‪338‬‬
‫وقوعو‪ ،‬ووجب حينئذ تثبيتو وتسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬حتى يحتسب مف عدد‬
‫الطمقات التي يممكيا الزوج‪.‬‬
‫لذا أعتقد أف المشرع المصري جانب الصواب حيف منع الطعف في أحكاـ الخمع‬
‫بأي وجو مف أوجو الطعف‪ ،‬وفي المقابؿ أجاز الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ باإلرادة‬
‫أقره المشرع المصري فيما يخص حالة نقض حكـ‬ ‫ثمف ما ّ‬
‫المنفردة لمزوج‪ ،‬غير أنني أ ّ‬
‫الطبلؽ أو التطميؽ‪ ،‬حيث أوجب عمى محكمة النقض إذا ألغت الحكـ أف تفصؿ فيو مف‬
‫قيد رئيس المحكمة العميا بضرورة‬
‫حيث الموضوع‪ ،‬دوف إحالتو إلى قاضي الموضوع‪ ،‬كما ّ‬
‫تحديد جمسة لنظر الطعف مباشرة أماـ المحكمة خبلؿ أجؿ ال يتجاوز ستيف يوما مف‬
‫تاريخ تسجيؿ الطعف بالنقض‪ ،‬وىي خصوصية تحوؿ دوف إطالة أمد التقاضي واجراءاتو‪.‬‬
‫أقر عدـ قابمية أحكاـ التطميؽ والخمع ألي وجو مف أوجو‬
‫أما المشرع المغربي فقد ّ‬
‫الشؽ المتعمؽ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬حيث يعتبر الحكـ بالتطميؽ أو الخمع‬
‫ّ‬ ‫الطعف في‬
‫يحؽ لمزوج أف ُيرجع زوجتو إال بعقد جديد وبرضاىا‪ ،‬حيث‬
‫طبلقا بائنا بمجرد صدوره‪ ،‬وال ّ‬
‫نصت المادة ‪ 128‬في فقرتيا األولى مف مدونة األسرة المغربية عمى ما يمي‪" :‬المقررات‬
‫ّ‬
‫القضائية الصادرة بالتطميؽ أو بالخمع أو بالفسخ طبقا ألحكاـ ىذا الكتاب تكوف غير قابمة‬
‫ألي طعف في جزئيا القاضي بإنياء العبلقة الزوجية"‪ ،‬ولع ّؿ غاية المشرع المغربي مف‬
‫إقرار عدـ قابمية أحكاـ التطميؽ والخمع ألي طعف‪ ،‬ىو منع المتبلعبيف مف األزواج الذيف‬
‫يقصدوف مف سموكيـ شتّى أوجو الطعوف المتاحة‪ ،‬تحقيؽ غرض سيء مف خبلؿ إطالة‬
‫عسفا واساءة منيـ في‬
‫أمد التقاضي واجراءاتو‪ ،‬حتى تظ ّؿ الزوجة معمّقة إض ار ار بيا‪ ،‬وت ّ‬
‫أف صدور حكـ التطميؽ أو الخمع يجعؿ‬ ‫خاصة و ّ‬
‫ّ‬ ‫استغبلؿ أوجو الطعف المقررة قانونا‪،‬‬
‫الطبلؽ بائنا‪ ،‬وال يمكف معو مراجعة الزوجة إالّ بعقد جديد وبرضاىا‪ ،‬لذا ال وجو لمطعف‬
‫في أحكاـ التطميؽ والخمع‪.1‬‬
‫أف جميع أحكاـ الطبلؽ بمختمؼ صوره‬ ‫أما بالنسبة لممشرع التونسي فقد اعتبر ّ‬
‫الشؽ المتعمّؽ بفؾ الرابطة الزوجية‬
‫ّ‬ ‫تصدر ابتدائيا‪ ،‬ويجوز الطعف فييا باالستئناؼ في‬
‫نص الفصؿ ‪ 32‬الفقرة الثامنة منو مف‬
‫الشؽ المتعمؽ بالجوانب المادية لمطبلؽ‪ ،‬حيث ّ‬
‫و ّ‬

‫لحسيف بف شيخ آث ممويا‪ ،‬رسالة في طبلؽ الخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.279‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪339‬‬
‫مجمة األحواؿ الشخصية التونسية عمى ما يمي‪ " :‬وتقضي المحكمة ابتدائيا في الطبلؽ‪،‬‬
‫بعد فترة تأمؿ تدوـ شيريف قبؿ طور المرافعة‪ ،‬كما تقضي في جميع ما يتعمؽ بآثاره‪،‬‬
‫وتبت في الوسائؿ المتأ ّكدة‬
‫ّ‬ ‫العدة‪،‬‬
‫وتحدد مبمغ الجراية التي تستحقيا المفارقة بعد انقضاء ّ‬
‫ّ‬
‫موضوع الق اررات الفورية الصادرة عف قاضي األسرة"‪ ،‬وبالتالي يستنتج ّأنو يوقؼ تنفيذ‬
‫حكـ الطبل ؽ حتى استنفاد طرؽ الطعف المتاحة‪ ،‬بما فييا االستئناؼ والتعقيب‪ ،‬ما عدا‬
‫الجزء المتعمؽ بالحضانة والنفقة والجراية والسكنى وحؽ الزيارة فقد استثناىا المشرع‬
‫التونسي مف وقؼ التنفيذ صراحة‪ ،‬حيث تكوف مشمولة بالنفاد المعجؿ بالرغـ مف‬
‫االستئناؼ أو التعقيب‪ ،‬طبقا لمفقرة األخيرة مف الفصؿ ‪ 32‬مف المجمة‪ ،‬والذي جاء فيو‪:‬‬
‫"وتنفذ رغما عف االستئناؼ أو التعقيب أجزاء الحكـ المتعمقة بالحضانة والنفقة والجراية‬
‫والسكنى وحؽ الزيارة"‪.‬‬
‫‪ -3‬الطعن باالستئناف في أحكام الطالق بالتراضي‬
‫نص المشرع صراحة عمى عدـ جواز الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ‬ ‫ّ‬
‫الشؽ المتعمؽ بالجوانب‬
‫ّ‬ ‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أو في‬
‫الشؽ المتعمؽ بف ّ‬
‫ّ‬ ‫بالتراضي‪ ،‬سواء في‬
‫المادية‪ ،‬وذلؾ ما أ ّكده نص المادة ‪ 433‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬الذي جاء فيو‪ " :‬أحكاـ الطبلؽ‬
‫بالتراضي غير قابمة لبلستئناؼ"‪ ،‬ولع ّؿ ذلؾ يرجع إلى طبيعة أحكاـ الطبلؽ بالتراضي‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بإرادتيما المشتركة‪ ،‬واتّفقا‬
‫ألف الزوجيف اتّفقا عمى ف ّ‬
‫ودور القاضي فييا‪ّ ،‬‬
‫عمى توابع الطبلؽ‪ ،‬ويقتصر دور القاضي في ىذه الدعاوى عمى التأ ّكد مف رضائيما‪،‬‬
‫ومحاولة الصمح بينيما إف كاف ذلؾ ممكنا‪ ،‬ثـ ينظر في شروط االتفاؽ المبرـ بينيما‪،‬‬
‫ثـ ُيثبت القاضي إرادة‬
‫ومدى توافقو مع مصمحة األوالد وعدـ مخالفتو النظاـ العاـ‪ّ ،‬‬
‫ويصرح‬
‫ّ‬ ‫الزوجيف في الطبلؽ‪ ،‬بإصدار حكـ يتضمف المصادقة عمى االتفاؽ النيائي‬
‫بالطبلؽ‪.‬‬
‫أف الزوجيف ىما‬
‫وبذلؾ يتّضح أف القاضي صادؽ عمى إرادة واتفاؽ الزوجيف‪ ،‬و ّ‬
‫الفاعميف األساسيف في ىندسة وصناعة الحكـ القضائي القاضي بالطبلؽ بالتراضي‬
‫بينيما‪ ،‬ومف الطبيعي أف ال ُي سمح ليما الطعف فيو باالستئناؼ‪ ،‬ألنو يتضمف ما توصبل‬
‫إليو مف شروط بمحض إرادتيما‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ الطبلؽ‬‫عدة أحكاـ قضائية تتعمؽ بف ّ‬ ‫ُّ‬
‫شيدت ّ‬ ‫وقد‬
‫بالتراضي‪ ،‬ومع ذلؾ تصدر نيائيا فيما عدا جوانبيا المادية‪ ،1‬وىو أمر مجانب لمصواب‪،‬‬
‫شقييا المتعمؽ بفؾ الرابطة‬
‫إذ الصحيح أنيا أحكاـ تصدر نيائيا في أوؿ وآخر درجة في ّ‬
‫الزوجية والجوانب المادية‪.‬‬
‫وقد أ ّكدت المحكمة العميا عدـ جواز الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ‬
‫أف المادة‬
‫بالتراضي في جميع جوانبيا‪ ،‬حيث جاء في أحد ق ارراتيا ما يمي‪ " :‬لكف حيث ّ‬
‫أف‪( :‬أحكاـ الطبلؽ بالتراضي غير قابمة‬ ‫‪ 433‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ تنص صراحة عمى ّ‬
‫أف جميع مقتضيات تمؾ األحكاـ غير قابمة لبلستئناؼ بما فييا‬
‫لبلستئناؼ)‪ ،‬مما يعني ّ‬
‫ثـ فإف‬
‫تمؾ الفاصمة في الجوانب المادية‪ ،‬وتبقى خاضعة فقط لمطعف بالنقض‪ ،‬ومف ّ‬
‫القضاء مف قبؿ قضاة المجمس بعدـ قبوؿ االستئناؼ المرفوع مف طرؼ الطاعف ضد‬
‫الحكـ الصادر عف محكمة متميمي بتاريخ ‪ 2009/05/11‬القاضي بالطبلؽ بالتراضي بيف‬
‫الطرفيف‪ ،‬وبالحضانة والنفقة وبالسكف أو بدؿ اإليجار‪ ،‬استنادا إلى أحكاـ المادة المذكورة‪،‬‬
‫يعد مف جانبيـ تطبيقا سميما لمقانوف‪ ،‬األمر الذي يجعؿ األوجو المثارة غير مؤسسة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ويتعيف عدـ االعتداد بيا‪ ،‬والقضاء نتيجة لذلؾ برفض الطعف‪ ،2"...‬وبذلؾ يكوف موقؼ‬
‫ّ‬
‫المحكمة العميا القاضي عدـ جواز االستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي موافؽ لما نص‬
‫المشرع في المادة ‪ 433‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عميو‬
‫أف المحكمة العميا أجازت الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي‬
‫غير ّ‬
‫إذا خالؼ قاضي الدرجة األولى االتفاؽ الحاصؿ بيف الزوجيف‪ ،‬وقضى بخبلؼ ما اتّفؽ‬
‫يعدؿ قاضي الدرجة الثانية حكـ الطبلؽ بالتراضي فيما يتعمؽ‬
‫عميو الزوجاف‪ ،‬حيث ّ‬
‫بتعديؿ الشروط التي اتفؽ عمييا الزوجاف عند الطبلؽ‪ ،‬حيث جاء في قرار المحكمة العميا‬
‫أف الطرفاف اتّفقا رضائيا (الصمح) عمى الطبلؽ‪،‬‬
‫تبيف في دعوى الحاؿ ّ‬
‫ما يمي‪ " :‬ومتى ّ‬

‫محكمة سيدي امحمد‪ ،‬قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬حكـ مؤرخ في ‪ ،2013/12/23‬فيرس رقـ ‪ ،13/08645‬جدوؿ رقـ‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،13/07203‬غير منشور‪ ،‬الممحؽ رقـ ‪ ،01‬وكذا حكـ محكمة الحراش‪ ،‬قسـ شؤوف األسرة صادر بتاريخ‬
‫‪ ،2013/04/18‬فيرس رقـ ‪ ،13/03874‬جدوؿ رقـ ‪ ،13/02012‬غير منشور‪ ،‬الممحؽ رقـ ‪.02‬‬
‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2012/06/14‬رقـ ‪ ،692661‬مجمة المحكمة‬ ‫‪2‬‬

‫العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.267‬‬


‫‪341‬‬
‫ولما كاف االتفاؽ‬
‫وقدما شروطا متفقا عمييا‪ ،‬فبل يجوز بعد ذلؾ لؤلطراؼ الرجوع فييا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫بيف الطرفيف أف تُسند الحضانة لؤلب‪ ،‬وقاضي الدرجة األولى لـ يصادؽ عمى ىذا‬
‫الشرط‪ ،‬وأسند الحضانة لمطاعنة خبلفا لما اتفقا عميو‪ ،‬مما حدى بالمطعوف ضده‬
‫باالستئناؼ في الحكـ‪ ،‬ونازع في االتفاؽ الذي أخ ّؿ بأحد الشروط المتفؽ عمييا‪ ،‬وبقبوؿ‬
‫طبقوا القانوف‪ ،‬فضبل عمى‬
‫قضاة الموضوع االستئناؼ في الشرط المتنازع عميو يكونوف قد ّ‬
‫يتعيف رفض الوجييف المثاريف لعدـ التأسيس"‪.1‬‬
‫ّأنيـ راعوا مصمحة المحضونيف‪ ،‬مما ّ‬
‫أف فتح المجاؿ لمطعف باالستئناؼ في مثؿ ىذه الجزئيات التي ال تؤثر‬
‫وأعتقد ّ‬
‫ألف قضاة‬
‫عمى أصؿ قاعدة عدـ جواز استئناؼ أحكاـ الطبلؽ بالتراضي أمر مطموب‪ّ ،‬‬
‫طبقوا االتفاؽ المبرـ بيف الزوجيف‪ ،‬والتزموا بما اتفقا عميو‪ ،‬واّنما خروج‬
‫الدرجة الثانية ّ‬
‫عما اتّفؽ عميو الطرفاف ىو الخطأ الذي وجب إتاحة الفرصة مف‬ ‫قاضي الدرجة األولى ّ‬
‫أف قضاة الدرجة الثانية لـ يمغوا الطبلؽ‪.‬‬
‫أجؿ تصويبو‪ ،‬كما ّ‬
‫أف العبرة بالوصؼ القانوني لؤلحكاـ القضائية ال بالوصؼ‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫القضائي‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 315‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى ما يمي‪ " :‬ال يؤثر التكييؼ الخاطئ‬
‫لمحكـ عمى حؽ ممارسة الطعف"‪ ،‬وبالتالي فإذا أخطأ القاضي في وصؼ الحكـ‪ ،‬وحكـ‬
‫المدعي ىو طمب بالطبلؽ باإلرادة‬‫قدمو ّ‬ ‫أف الطمب الذي ّ‬
‫بالطبلؽ بالتراضي‪ ،‬في حيف ّ‬
‫فإف ذلؾ يجيز الطعف باالستئناؼ في ىذا الحكـ فيما يتعمؽ بالجوانب المادية‬
‫المنفردة‪ّ ،‬‬
‫لحكـ الطبلؽ‪ ،‬والذي أخطأ القاضي فيو مف حيث تكييؼ الوقائع المعروضة عميو‪ ،‬حيث‬
‫جاء في أحد ق اررات المحكمة العميا ما يمي‪ ... " :‬وحيث أنو لذلؾ فبل يمكف اعتبار رد‬
‫الطاعنة أثناء جمسة الصمح بموافقتيا عمى الطبلؽ بمثابة طبلؽ بالتراضي‪ ،‬ألنو ال يعقؿ‬
‫أثناء جمسة الصمح وعندما يتمسؾ المطعوف ضده بالطبلؽ‪ ،‬أف تقوـ الطاعنة وتتوسؿ إليو‬
‫ردىا أثناء جمسة الصمح بالموافقة عمى‬‫فإف ّ‬
‫ثـ ّ‬
‫لكي يرجعيا إلى بيت الزوجية‪ ،‬ومف ّ‬
‫الطبلؽ‪ ،‬ال ُيعفي المحكمة مف التطرؽ إلى دعوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة لممطعوف‬
‫أف الحكـ‬
‫إف قضاة المجمس لما اعتبروا ّ‬
‫ضده‪ ،‬وترتيب اآلثار القانونية عمى ذلؾ‪ .‬وحيث ّ‬
‫ّ‬
‫المستأنؼ القاضي بالطبلؽ بالتراضي ىو حكـ غير قابؿ لبلستئناؼ‪ ،‬قد خالفوا نص‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2007/02/14‬رقـ ‪ ،381468‬مجمة المحكمة‬ ‫‪1‬‬

‫العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬العدد ‪ ،1‬ص ‪.241‬‬


‫‪342‬‬
‫وينجر عنو نقض القرار‬
‫ُّ‬ ‫فإف ىذا الوجو مؤسس‬
‫المواد ‪ 427‬وما يمييا مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ .‬وعميو ّ‬
‫المطعوف فيو ‪ ،1"...‬حيث أخطأ قاضي الدرجة األولى في تكييؼ النزاع المعروض عميو‪،‬‬
‫فالزوج رفع دعوى طبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬واعتبر القاضي موافقة الزوجة عمى طبلؽ‬
‫أف إجراءات ىذا األخير تختمؼ‬‫زوجيا ليا في جمسة الصمح طبلقا بالتراضي‪ ،‬بالرغـ ّ‬
‫ثـ اعتبرت المحكمة العميا‬
‫تماما عف اإلجراءات المتبعة في الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬ومف ّ‬
‫أف قرار قضاة المجمس خاطئ كذلؾ عندما‬ ‫أف حكـ قاضي الدرجة األولى معيبا‪ ،‬كما ّ‬
‫أخذوا بالوصؼ الذي أضفاه قاضي الدرجة األولى عمى الحكـ‪ ،‬وقرروا بناء عميو عدـ‬
‫أف الدعوى تتعمؽ بالطبلؽ باإلرادة‬
‫جواز استئناؼ أحكاـ الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬في حيف ّ‬
‫المنفردة لمزوج‪ ،‬وال عبلقة ليا بالطبلؽ بالتراضي الذي تحكمو المواد ‪ 427‬وما يمييا مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وبالتالي يجوز استئناؼ الجوانب المادية لحكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الطعن بالنقض في أحكام شؤون األسرة‬

‫يعتبر الطعف بالنقض طريقا غير عادي مف طرؽ الطعف‪ ،‬والذي ال يمجأ إليو إالّ‬
‫نص‬‫ومبينة عمى سبيؿ الحصر‪ ،‬وليس لو أثر موقؼ إال إذا ّ‬
‫في حاالت محددة قانونا‪ّ ،‬‬
‫القانوف صراحة عمى ذلؾ‪ ،‬وتقتصر ىذه الدراسة عمى التطرؽ لمطعف بالنقض دوف غيره‬
‫مف طرؽ الطعف غير العادية‪ ،‬وىي التماس إعادة النظر‪ ،‬واعتراض الغير الخارج عف‬
‫الخصومة‪ ،‬نظ ار ألىميتو وكثرة ممارستو كطريؽ غير عادي لمطعف في األحكاـ والق اررات‬
‫تميزه عف طرؽ الطعف العادية‬‫النيائية الصادرة في شؤوف األسرة‪ ،‬باإلضافة إلى ّ‬
‫ؾ‬
‫المعارضة واالستئناؼ‪ ،‬مف حيث خصائصو واجراءاتو‪ ،‬وألحكامو الخاصة بقضايا ف ّ‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬لذا يت ّـ تناوؿ في المطمب األوؿ المبادئ العامة لمطعف بالنقض في‬
‫ؾ الرابطة‬
‫ص المطمب الثاني لمطعف بالنقض في أحكاـ ف ّ‬
‫خص ُ‬
‫أحكاـ شؤوف األسرة‪ ،‬وُي ّ‬
‫الزوجية‪.‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2013/07/11‬ممؼ رقـ ‪ ،0900166‬مجمة‬ ‫‪1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2014‬العدد ‪ ،1‬ص ‪.317‬‬


‫‪343‬‬
‫المطمب األول‪ :‬المبادئ العامة لمطعن بالنقض في أحكام شؤون األسرة‬

‫تسير المحكمة العميا عمى توحيد االجتياد القضائي‪ ،‬وتعمؿ عمى تصحيح أعماؿ‬
‫المحاكـ والمجالس القضائية حتى تكوف موافقة لمقانوف‪ ،‬والوسيمة القانونية التي تسمح‬
‫بالمجوء إلى المحكمة العميا ىي الطعف بالنقض‪.‬‬
‫إف المحكمة العميا باعتبارىا جية لمطعف بالنقض ليست درجة ثالثة لمتقاضي‪،‬‬
‫ّ‬
‫فيي ال تقوـ بإعادة النظر في الدعوى مف حيث الموضوع‪ ،‬وتدارؾ األخطاء التي قد يقع‬
‫فييا قضاة الدرجة األولى والثانية‪ ،‬واّنما ينحصر دورىا في نقض األحكاـ المخالفة لمقانوف‬
‫أو التي لـ تطبقو تطبيقا سميما‪ ،‬وتحيؿ القضية إلى الجية القضائية المختصة بنفس‬
‫تقوـ أعماؿ القضاء‪،‬‬
‫التشكيمة أو بتشكيمة أخرى‪ ،‬لمفصؿ فيو مف جديد‪ ،‬فيي جية رقابة ّ‬
‫وتعمؿ عمى توحيد االجتياد القضائي‪ ،‬ألنيا محكمة قانوف‪.‬‬
‫ويقتضي بياف المبادئ العامة لمطعف بالنقض في أحكاـ شؤوف األسرة التطرؽ‬
‫ثـ بياف إجراءاتو وآثاره في الفرع الثاني‪.‬‬
‫إلى مفيوـ الطعف بالنقض في الفرع األوؿ‪ّ ،‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفيوم الطعن بالنقض‬

‫ثـ خصائصو ثانيا‪.‬‬


‫يتـ تبياف ماىيتو أوال‪ّ ،‬‬
‫لبياف مفيوـ الطعف بالنقض ّ‬
‫أوال‪ -‬ماىية الطعن بالنقض‬
‫يخضع الطعف بالنقض في األحكاـ والق اررات إلى ضوابط وقيود يجب احتراميا‬
‫يتـ التطرؽ إلييا مف خبلؿ‪ :‬تعريؼ الطعف بالنقض‪ ،‬األحكاـ والق اررات التي‬
‫التقيد بيا‪ّ ،‬‬
‫و ّ‬
‫يحؽ ليا رفع الطعف بالنقض‪ ،‬األجؿ الذي يرفع‬
‫يجوز الطعف فييا بالنقض‪ ،‬األطراؼ التي ّ‬
‫خبللو الطعف بالنقض‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريفو‬
‫بأنو‪" :‬طريؽ طعف غير عادي ييدؼ إلى إبطاؿ المحكمة‬ ‫عرؼ الطعف بالنقض ّ‬
‫ُي ّ‬
‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫العميا لحكـ أو قرار صادر في آخر درجة لمخالفتو القاعدة القانونية"‪ ،1‬حيث أتاح‬
‫ألط ارؼ الدعوى المجوء إلى الطعف بالنقض في األحكاـ والق اررات القضائية الصادرة في‬

‫عبد السبلـ ذيب‪ ،‬الطعف بالنقض في المواد المدنية قانونا وقضاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.45‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪344‬‬
‫آخر درجة‪ ،‬كما أتاح ذلؾ لمنيابة العامة في بعض الحاالت كذلؾ‪ ،‬مف أجؿ بسط المحكمة‬
‫العميا رقابتيا عمى الحموؿ التي أعطاىا قضاة الموضوع لمنزاع ومدى مطابقتيا لمقانوف‪،‬‬
‫وذلؾ عمى ضوء أوجو الطعف التي أثارىا الطاعف أو أثارتيا المحكمة العميا تمقائيا‪.‬‬
‫‪ -2‬األحكام والق اررات التي يجوز الطعن فييا بالنقض‬
‫ال يجوز الطعف بالنقض إالّ في األحكاـ النيائية التي ال تقبؿ طريقا آخر لمطعف‪،‬‬
‫فاألحكاـ التي تصدر في أوؿ وآخر درجة عف المحاكـ والفاصمة في موضوع الدعوى‪،‬‬
‫أو الق اررات التي تصدر في آخر درجة عف المجالس القضائية ىي التي تقبؿ الطعف فييا‬
‫بالنقض‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 349‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬كما ّأنو ال يجوز سموؾ مسمؾ الطعف‬
‫أف األحكاـ الصادرة قبؿ الفصؿ في‬
‫بالنقض إذا كاف الطعف باالستئناؼ متاحا‪ ،‬وما داـ ّ‬
‫الموضوع ال تقبؿ الطعف باالستئناؼ إال مع الحكـ الفاصؿ في الموضوع‪ ،‬فيي مف باب‬
‫أولى غير قابمة لمطعف فييا بالنقض‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 351‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫أف األحكاـ والق اررات الصادرة في آخر درجة والتي تُنيي الخصومة‪ ،‬سواء‬
‫كما ّ‬
‫بالفصؿ في دفع شكمي‪ ،‬أو بعدـ القبوؿ‪ ،‬أو أي دفع عارض آخر‪ ،‬تكوف قابمة لمطعف فييا‬
‫بالنقض وفقا لنص المادة ‪ 350‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫أ ّما األحكاـ والق اررات الغيابية فبل تقبؿ الطعف فييا بالنقض إال بعد تبميغيا تبميغا‬
‫قانونيا‪ ،‬وفوات آجاؿ المعارضة‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 355‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬تفاديا لتداخؿ طرؽ‬
‫المدعي بالنقض في القرار الغيابي‪ ،‬بينما يطعف المدعى عميو فيو‬
‫الطعف‪ ،‬فقد يطعف ّ‬
‫المدعي تبميغ القرار‬
‫بالمعارضة‪ ،‬وىو ما يؤدي إلى تداخؿ الطعوف‪ ،‬لذا يجب عمى ّ‬
‫حؽ لو الطعف‬
‫الغيابي‪ ،‬فإذا ما انقضت آجاؿ المعارضة دوف معارضة المدعى عميو‪ّ ،‬‬
‫مرتيف‪ ،‬كأف يرفع الطعف بالنقض ويرفض‬
‫بالنقض فيو‪ ،‬كما ال يمكف الطعف بالنقض ّ‬
‫مرة ثانية لتدارؾ الخطأ الشكمي الذي وقع فيو‪.‬‬
‫شكبل‪ ،‬ثـ ُيرفع ّ‬
‫نص المشرع في المادة ‪ 352‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى عدـ جواز الجمع بيف الطعف‬ ‫و ّ‬
‫بالنقض والتماس إعادة النظر في وقت واحد‪ ،‬وذلؾ تفاديا لصدور أحكاـ متناقضة‪.‬‬
‫‪ -3‬األطراف التي يحق ليا رفع الطعن بالنقض‬
‫يحؽ ألطراؼ الحكـ أو القرار المطعوف فيو رفع الطعف بالنقض‪ ،‬سواء مف‬
‫ّ‬
‫يحؽ‬
‫طرفيـ شخصيا أو مف طرؼ وكبلئيـ‪ ،‬أو مف طرؼ ذوي الحقوؽ بعد وفاتيـ‪ ،‬حيث ّ‬
‫‪345‬‬
‫لممدعي والمدعى عميو‪ ،‬والمدخؿ والمتدخؿ في الخصاـ‪ ،‬والغير إذا مارس اعتراض الغير‬
‫يحؽ لمنيابة‬
‫ّ‬ ‫الخارج عف الخصومة‪ ،‬بشرط أف يثبت أىميتو ومصمحتو في الطعف‪ ،‬كما‬
‫العامة عندما تكوف طرفا أصميا في الدعوى الطعف بالنقض مثميا مثؿ الخصوـ‪.‬‬
‫يحؽ لمنائب العاـ لدى المحكمة العميا الطعف بالنقض في حكـ أو قرار صدر‬
‫كما ّ‬
‫ٍ‬
‫مخالؼ لمقانوف‪ ،‬ولـ يطعف فيو‬ ‫في آخر درجة إذا وصؿ إلى عممو صدور حكـ أو قرار‬
‫أحد مف الخصوـ‪ ،‬حي ث يعرض النائب العاـ األمر عمى المحكمة العميا بعريضة بسيطة‬
‫ٌ‬
‫التي تفصؿ في الطعف‪ ،‬وال يحؽ لمخصوـ إذا ما نقضت المحكمة العميا الحكـ أو القرار‬
‫تـ نقضو‪ ،‬وىذا وفقا‬
‫مما قضى بو الحكـ أو القرار الذي ّ‬
‫المطعوف فيو التمسؾ بو لمتخمص ّ‬
‫لنص المادة ‪ 353‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫‪ -4‬أجل رفع الطعن بالنقض‬
‫ّبيف المشرع أجؿ الطعف بالنقض في المادة ‪ 354‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ُيرفع الطعف‬
‫بالنقض خبلؿ أجؿ شيريف مف تاريخ التبميغ الرسمي لمحكـ أو القرار الحضوري المطعوف‬
‫فإف أجؿ‬
‫أما إذا كاف التبميغ في الموطف الحقيقي أو المختار‪ّ ،‬‬
‫تـ التبميغ شخصيا‪ّ ،‬‬
‫فيو إذا ّ‬
‫الطعف بالنقض ىو ثبلثة أشير مف تاريخ التبميغ الرسمي‪.‬‬
‫فإف أجؿ الطعف بالنقض ال يسري إال بعد‬
‫أما بالنسبة لؤلحكاـ والق اررات الغيابية ّ‬
‫انقضاء أجؿ المعارضة‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 355‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫تـ‬
‫أف سرياف أجؿ الطعف بالنقض أو أجؿ إيداع المذكرة الجوابية يتوقؼ إذا ّ‬
‫غير ّ‬
‫تقديـ طمب المساعدة القضائية مف طرؼ الطاعف‪ ،‬ويستأنؼ األجؿ ابتداء مف تاريخ تبميغ‬
‫المعني بقرار المساعدة القضائية بواسطة رسالة مضمنة مع إشعار باالستبلـ‪ ،‬وذلؾ وفقا‬
‫لنص المادة ‪ 356‬و‪ 357‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬خصائص الطعن بالنقض‬
‫يتـ التطرؽ إلييا فيما يمي‪:‬‬
‫بعدة خصائص ّ‬‫يتميز الطعف بالنقض ّ‬
‫‪ -1‬منع الطمبات واألوجو الجديدة‬
‫أف دور المحكمة العميا‬‫أف المحكمة العميا ليست جية ثالثة لمتقاضي‪ ،‬وبما ّ‬
‫بما ّ‬
‫يقتصر عمى مراقبة ما إذا كاف قضاة الموضوع طبقوا القانوف تطبيقا سميما‪ ،‬فإف تقديـ‬
‫مرة أماـ المحكمة العميا أم ار غير‬
‫ألوؿ ّ‬
‫الطمبات الجديدة أو الوسائؿ واألوجو الجديدة ّ‬
‫‪346‬‬
‫مقبوؿ‪ ،‬إذ ال يمكف التمسؾ إال بما سبؽ عرضو أماـ المحكمة أو المجمس القضائي مف‬
‫وسائؿ وطمبات‪.‬‬
‫أف األوجو والوسائؿ المتعمقة بالنظاـ العاـ يجوز إثارتيا أماـ المحكمة العميا‪،‬‬
‫غير ّ‬
‫ألنو كاف عمى القضاة إثارتيا مف تمقاء‬‫يتـ إثارتيا مف قبؿ أماـ قضاة الموضوع‪ّ ،‬‬ ‫ولو لـ ّ‬
‫أنفسيـ‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ‪ :‬االختصاص النوعي‪ ،‬تجاوز السمطة‪ ،‬انقضاء ميعاد االستئناؼ‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم جواز المعارضة في ق اررات المحكمة العميا الصادرة غيابيا‬
‫تـ تبميغ مذكرة الطعف بالنقض لمخصـ‬
‫يعتبر قرار المحكمة العميا حضوريا إذا ّ‬
‫الرد وتوقيعيا مف طرؼ محاـ معتمد لدى المحكمة‬
‫تبميغا رسميا صحيحا‪ ،‬بإيداع مذكرة ّ‬
‫يتـ ىذا التبميغ الرسمي فيصدر القرار غيابيا‪ ،‬ولـ يكف المشرع يمنع‬
‫العميا‪ ،‬أما إذا لـ ّ‬
‫أف المشرع منع المعارضة صراحة‬‫المعارضة في الق اررات الغيابية في ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ ،‬إال ّ‬
‫في الق اررات الصادرة عف المحكمة العميا بموجب المادة ‪ 379‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪.‬‬
‫‪ -3‬وجوب استناد الطعن بالنقض عمى أوجو قانونية‬
‫تنصب رقابتيا عمى األوجو‬
‫ّ‬ ‫ال تخضع الوقائع لرقابة المحكمة العميا‪ ،‬واّنما‬
‫القانونية فقط‪ ،‬كالتكييؼ الذي أعطاه القاضي لموقائع المعروضة عميو‪ ،‬وعمى النتائج‬
‫القانونية التي توصؿ إلييا‪.‬‬
‫حدد المشرع في المادة ‪ 358‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ األوجو التي يجب أف ُيبنى عمييا‬
‫وقد ّ‬
‫الطعف بالنقض بثماني عشرة وجيا‪ُ ،‬ذكرت عمى سبيؿ الحصر‪ ،‬حيث ال يجوز الطعف‬
‫بالنقض في األحكاـ والق اررات إال بناء عمى واحد مف ىذه األوجو أو أكثر‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات الطعن بالنقض وآثاره‬

‫يفرض المشرع احتراـ جممة مف اإلجراءات عند ممارسة الطعف بالنقض ضد‬
‫األحكاـ والق اررات‪ ،‬وتتميز اإلجراءات المتبعة أماـ المحكمة العميا عف اإلجراءات المتّبعة‬
‫أماـ المحاكـ أو المجالس القضائية (أوال)‪ ،‬كما يترتب عف الطعف بالنقض آثا ار تختمؼ‬
‫عف اآلثار التي تترتب عف الطعف بالمعارضة أو االستئناؼ (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬إجراءات رفع الطعن بالنقض‬
‫تطرؽ المشرع إلى إجراءات الطعف بالنقض في المادة ‪ 560‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‬
‫ّ‬
‫إما بتصريح الطاعف أو محاميو أو بعريضة‬
‫يتـ رفع الطعف بالنقض ّ‬
‫وما بعدىا‪ ،‬حيث ّ‬
‫مكتوبة‪ ،‬ويجب أف تتضمف عريضة الطعف بالنقض توقيع المحامي وختمو وعنوانو‬
‫‪1‬‬
‫ويتـ‬
‫ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫الميني‪ ،‬تحت طائمة عدـ قبوليا شكبل تمقائيا‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 567‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‬
‫إما بتصريح أو عريضة أماـ أمانة ضبط المحكمة‬ ‫رفع الطعف بالنقض وفؽ طريقتيف‪ّ ،‬‬
‫العميا‪ ،‬وا ّما أماـ أمانة ضبط المجمس القضائي الذي صدر في دائرة اختصاصو الحكـ‬
‫تقيد التصريحات وعرائض‬
‫موضوع الطعف‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 560‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ّ‬
‫سجؿ قيد الطعوف بالنقض‪،‬‬
‫سجؿ خاص يسمى ّ‬ ‫الطعوف حسب تاريخ وصوليا ضمف ّ‬
‫موضوع تحت مسؤولية أميف الضبط الرئيسي‪ ،‬ويكوف مرقما وموقعا مف طرؼ رئيس‬
‫المحكمة العميا أو رئيس المجمس حسب الحالة‪ ،‬والذي يراقب مسكو دوريا‪ ،‬طبقا لنص‬
‫المادة ‪ 561‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وفيما يخص التصريح بالطعف بالنقض‪ ،‬فقد ّبيف المشرع في المادة ‪ 562‬مف‬
‫يعده أميف الضبط الرئيسي‬
‫يتـ مف طرؼ الطاعف أو محاميو في محضر ّ‬ ‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬أنو ّ‬
‫يفوض أميف ضبط لمقياـ بذلؾ‪ ،‬حيث‬ ‫لدى المحكمة العميا أو المجمس القضائي‪ ،‬أو ّ‬
‫ثـ يوقع المحضر مف‬
‫يتضمف التصريح البيانات المحددة بموجب المادة ‪ 562‬المذكورة‪ّ ،‬‬
‫ضده‪.‬‬
‫محرره والقائـ بالتصريح‪ ،‬الذي يتسمّـ نسخة منو مف أجؿ تبميغو لممطعوف ّ‬

‫باستثناء الدولة والبمدية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية فيي معفاة مف التمثيؿ الوجوبي بمحاـ أماـ‬ ‫‪1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬طبقا لمفقرة الثانية مف المادة ‪ 558‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬
‫‪348‬‬
‫ضده رسميا نسخة مف محضر التصريح‬ ‫ويجب عمى الطاعف أف يبمّغ المطعوف ّ‬
‫بالطعف بالنقض خبلؿ أجؿ شير واحد مف تاريخ التصريح بالطعف بالنقض‪ ،‬ويجب التنبيو‬
‫أف عميو تأسيس محاـ مقبوؿ لدى المحكمة العميا إذا رغب في الدفاع‬
‫في محضر التبميغ ّ‬
‫عف نفسو‪ ،‬كما يمتزـ الطاعف أف يودع بأمانة ضبط المحكمة العميا أو المجمس القضائي‬
‫عريضة الطعف بالنقض خبلؿ أجؿ شيريف مف تاريخ التصريح بالطعف بالنقض‪ ،‬تحت‬
‫طائمة عدـ قبوؿ الطعف بالنقض شكبل‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 563‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫فإف الطاعف ممزـ بالتبميغ‬
‫تـ رفع الطعف بالنقض بموجب عريضة‪ّ ،‬‬ ‫أما إذا ّ‬
‫ّ‬
‫الرسمي بنسخة مف عريضة الطعف بالنقض مؤشر عمييا مف طرؼ أميف الضبط الرئيسي‬
‫ضده خبلؿ أجؿ شير واحد مف‬
‫لدى المحكمة العميا أو المجمس القضائي‪ ،‬إلى المطعوف ّ‬
‫تاريخ إيداع العريضة بأمانة ضبط المحكمة العميا أو المجمس القضائي‪ ،‬طبقا لنص المادة‬
‫‪ 564‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ويشترط لقبوؿ عريضة الطعف بالنقض أف تتضمف البيانات المحددة في المادة‬
‫‪ 565‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬تحت طائمة عدـ قبوليا شكبل‪ ،‬والذي تثيره المحكمة العميا تمقائيا‪ ،‬مف‬
‫ضمف ىذه البيانات عرض موجز لموقائع واإلجراءات المتّبعة‪ ،‬مع عرض أوجو الطعف‬
‫المتمسؾ بو أو الفرع منو إال حالة‬
‫ّ‬ ‫المؤسس عمييا الطعف بالنقض‪ ،‬عمى أال يتضمف الوجو‬
‫واحدة مف حاالت الطعف بالنقض مع تحديدىا‪ ،‬واال ُرفض الوجو المثار مف قبؿ الطاعف‪.‬‬
‫ؽ عريضة الطعف بالنقض بنسخة مطابقة ألصؿ القرار أو الحكـ‬ ‫ويجب أف تُرفَ َ‬
‫محؿ الطعف‪ ،‬وكذا محاضر التبميغ الرسمي إف وجدت‪ ،‬باإلضافة إلى نسخة مف الحكـ‬
‫المؤيد أو الممغى بالقرار محؿ الطعف‪ ،‬باإلضافة إلى الوثائؽ المشار إلييا في عريضة‬
‫الطعف‪ ،‬ووصؿ دفع الرسـ القضائي‪ ،‬ومحاضر التبميغ الرسمي لمتصريح و‪/‬أو عريضة‬
‫فإف المحكمة‬
‫الطعف بالنقض إلى المطعوف ضده‪ ،‬بحيث إذا تخمّفت وثيقة مف ىذه الوثائؽ ّ‬
‫العميا تقضي تمقائيا بعدـ قبوؿ الطعف شكبل‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 566‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫يقدـ مذكرة جواب عمى عريضة الطعف بالنقض‬ ‫ويجب عمى المطعوف ضده أف ّ‬
‫موقعة مف قبؿ محامي معتمد لدى المحكمة العميا إلى أميف الضبط الرئيسي لممحكمة‬
‫العميا أو المجمس القضائي‪ ،‬خبلؿ أجؿ شيريف مف تاريخ التبميغ الرسمي لعريضة الطعف‬

‫‪349‬‬
‫بالنقض‪ ،‬كما عميو أف يبمّغيا إلى محامي الطاعف خبلؿ نفس األجؿ‪ ،‬تحت طائمة عدـ‬
‫القبوؿ التمقائي‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 568‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وبعد انتياء اآلجاؿ المحددة قانونا لؤلطراؼ مف أجؿ إيداع مذكراتيـ‪ ،‬يقوـ أميف‬
‫الضبط الرئيسي لممجمس القضائي بإرساؿ الممؼ مشكبل ومرفقا بممؼ القضية إلى أميف‬
‫المختصة‪ ،‬طبقا لنص‬
‫ّ‬ ‫الضبط الرئيسي بالمحكمة العميا‪ ،‬والذي يحيمو إلى رئيس الغرفة‬
‫المادة ‪ 569‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وينص فييا عمى‬
‫تصدر ق اررات المحكمة العميا في جمسة عمنية‪ ،‬وتكوف معمّمة ُ‬
‫النصوص القانونية المطبقة‪ ،‬ويجب أف تتضمف البيانات التي حددتيا المادة ‪ 582‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ومنيا‪:‬‬
‫‪ -1‬اسـ ولقب وصفة وموطف كؿ الخصوـ‪ ،‬وأسماء وألقاب محامييـ وعناوينيـ المينية‪.‬‬
‫‪ -2‬المذكرات المقدمة واألوجو المثارة‪.‬‬
‫‪ -3‬أسماء وألقاب وصفات القضاة الذيف أصدروه مع صفة المستشار المقرر‪.‬‬
‫‪ -4‬اسـ ولقب ممثؿ النيابة العامة‪.‬‬
‫‪ -5‬سماع محامي الخصوـ في الجمسة عند االقتضاء‬
‫‪ -6‬النطؽ بالقرار في جمسة عمنية‬
‫ومف البيانات التي استحدثيا المشرع في التعديؿ األخير لقانوف اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية ما يمي‪:‬‬
‫‪ -1‬اسـ و لقب أميف الضبط الذي ساعد التشكيمة‬
‫‪ -2‬تبلوة التقرير خبلؿ الجمسة والمداولة‬
‫‪ -3‬في حالة وجود مانع وقت إمضاء القرار‪ ،‬يعيف الرئيس األوؿ لممحكمة العميا بموجب‬
‫مستشار آخر‪ ،‬أو أميف ضبط آخر لمتوقيع عمى أصؿ القرار حسب الحالة‪.‬‬
‫ا‬ ‫أمر رئيسا أو‬
‫يتـ إرساؿ نسخة مف قرار المحكمة العميا إلى الجية القضائية التي أصدرت‬
‫حيث ّ‬
‫الحكـ أو القرار المطعوف فيو‪ ،‬وذلؾ عف طريؽ أمانة ضبط المحكمة العميا‪ ،‬طبقا لممادة‬
‫لمفقرة األولى ‪ 583‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حتى يتمكف المواطنوف مف سحب ق اررات المحكمة العميا‬
‫يتـ التأشير عمى ىامش أصؿ الحكـ أو القرار بمنطوؽ القرار الصادر مف‬
‫بسيولة‪ ،‬كما ّ‬

‫‪350‬‬
‫المحكمة العميا‪ ،‬وذلؾ مف طرؼ أمانة ضبط الجية القضائية المرسؿ إلييا طبقا لنص‬
‫المادة ‪ 583‬الفقرة الثانية مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬آثار الطعن بالنقض‬
‫ألف المحكمة العميا تبسط رقابتيا عمى الحكـ‬
‫ليس لمطعف بالنقض أي أثر ناقؿ‪ّ ،‬‬
‫تـ‬
‫أو القرار مف ناحية التطبيؽ السميـ لمقانوف‪ ،‬وال تفصؿ في موضوع النزاع‪ ،‬واذا ما ّ‬
‫فإنيا تحيؿ النزاع إلى قضاة الموضوع لمفصؿ فيو مف جديد‪ ،‬أي‬‫نقض الحكـ أو القرار ّ‬
‫النقض مع اإلحالة‪ ،‬وقد تكتفي بالنقض دوف إحالة إذا كاف حكـ المحكمة العميا بما فصؿ‬
‫فيو مف نقاط قانونية ال يترؾ مف النزاع ما يتطمب الحكـ فيو‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 365‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫تـ َرفعُ الطعف بالنقض مف أحد الخصوـ‪ ،‬وكاف موضوع الدعوى ال يقبؿ‬
‫إذا ّ‬
‫يمتد ليشمؿ باقي الخصوـ حتى ولو لـ يطعنوا‬
‫فإف أثر رفع الطعف بالنقض ّ‬
‫التجزئة‪ّ ،‬‬
‫أف الطعف بالنقض في مثؿ ىذه الدعاوى غير قابمة لمتجزئة يجب فيو‬
‫بالنقض‪ ،‬كما ّ‬
‫استدعاء جميع الخصوـ حتى يكوف مقبوال شكبل‪ ،‬وفقا لممادة ‪ 362‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى أّنو ليس‬
‫أما بالنسبة لؤلثر الموقؼ‪ ،‬فقد ّ‬
‫أثر موقؼ‪ ،‬ما عدا إذا تعمّؽ األمر بحالة األشخاص وأىميتيـ‪ ،‬أو في‬
‫لمطعف بالنقض ٌ‬
‫أف المحكوـ لفائدتو بموجب السند‬
‫مما ُيستنتج منو ّ‬‫حالة وجود دعوى تزوير فرعية‪ّ ،‬‬
‫ثـ الجبري إذا امتنع المنفذ عميو‬
‫يحؽ لو مباشرة إجراءات التنفيذ االختياري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫التنفيذي‬
‫االمتثاؿ لمضموف السند‪ ،‬وال يحوؿ عدـ فوات آجاؿ الطعف بالنقض وال ممارستو دوف‬
‫وتمد النيابة العامة العوف لمقائـ‬
‫تنفيذ الحكـ القضائي الذي استوفى طرؽ الطعف العادية‪ّ ،‬‬
‫بالتنفيذ إذا طمب منيا ذلؾ‪ ،‬وفقا لما يقتضيو القانوف‪.‬‬
‫أف الحاالت المستثناة مف المشرع بموجب المادة ‪ 361‬مف‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫الخاصة بوقؼ تنفيذ األحكاـ والق اررات المتعمقة بحالة األشخاص أو أىميتيـ‬
‫ّ‬ ‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬و‬
‫وفي دعوى التزوير‪ ،‬ال تشمؿ أحكاـ إثبات الزواج المنصوص عمييا بموجب نص المادة‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والمادتيف‬
‫‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وكذا أحكاـ ف ّ‬
‫خصيا المشرع بوجوب تنفيذييا بمجرد صدور األحكاـ‬ ‫‪ 435‬و ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ّ‬
‫المتعمقة بيا‪ ،‬وذلؾ بتسجيميا في الحالة المدنية بسعي مف النيابة العامة وجوبا‪ ،‬بالرغـ مف‬
‫‪351‬‬
‫أنيا تتعمؽ بحالة األشخاص‪ ،‬عمى خبلؼ مف يرى بأف الطعف بالنقض في األحكاـ‬
‫والق اررات المتعمقة بقضايا الزواج والطبلؽ يوقؼ تنفيذىا إلى غاية فصؿ المحكمة العميا‬
‫في الطعف بالنقض‪.1‬‬
‫ومف بيف آثار الطعف بالنقض تمكيف المحكمة العميا مف بسط رقابتيا عمى‬
‫صحة ما جاء فييا وتطبيقيا القانوف تطبيقا‬
‫األحكاـ والق اررات المطعوف فييا‪ ،‬والتأ ّكد مف ّ‬
‫صحيحا‪ ،‬حيث تقوـ المحكمة العميا بفحص ومراجعة األحكاـ المطعوف فييا مف حيث‬
‫ألنو مف‬
‫جانبيا القانوني‪ ،‬باعتبارىا محكمة قانوف‪ ،‬دوف مناقشة موضوع الدعوى ّ‬
‫اختصاص قضاة الموضوع‪ ،‬واّنما تبعا ألحد األوجو القانونية المحددة في المادة ‪ 358‬مف‬
‫تبيف لممحكمة العميا توافر أحد ىذه األوجو نقضت الحكـ أو القرار المطعوف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬فإذا ّ‬
‫فيو‪ ،‬مع إحالة القضية إلى نفس الجية ا لقضائية أو لغيرىا‪ ،‬أو دوف إحالة القضية إذا لـ‬
‫أما إذا لـ يتوافر أي وجو مف األوجو المحددة‬
‫يتبؽ في القضية ما يستوجب الفصؿ فيو‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫فإف المحكمة العميا تقضي برفض الطعف بالنقض‪ ،‬وبذلؾ‬ ‫في المادة ‪ 358‬المذكورة‪ّ ،‬‬
‫يتحصف الحكـ أو القرار نيائيا‪ ،‬ما لـ يطعف فيو بالتماس إعادة النظر‪.‬‬
‫ّ‬

‫المطمب الثاني‪ :‬الطعن بالنقض في أحكام ف ّك الرابطة الزوجية‬

‫تميزه‬
‫بعدة مميزات ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية ّ‬
‫خص المشرع الطعف بالنقض في أحكاـ ف ّ‬
‫ّ‬
‫عف الطعف بالنقض في القواعد العامة‪ ،‬فكيؼ نظّـ المشرع آجاؿ الطعف بالنقض في‬
‫أحكاـ الطبلؽ؟ وما ىي خصوصيتو مقارنة بما ىو مقرر في باقي قضايا شؤوف األسرة‬
‫والقضايا المدنية؟‬

‫الفرع األول‪ :‬خصائص الطعن بالنقض في أحكام ف ّك الرابطة الزوجية‬

‫ؾ الرابطة الزوجية ببعض‬


‫يتميز الطعف بالنقض في األحكاـ الصادرة بف ّ‬
‫الخصائص التي ينفرد بيا‪ ،‬سواء مف حيث أجؿ الطعف بالنقض‪ ،‬أو إجراءاتو‪ ،‬أو آثاره‪،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية لمطعف في أحكاميا بالنقض‪ ،‬وبياف ذلؾ‬
‫أو مف حيث قابمية صور ف ّ‬
‫فيما يمي‪:‬‬

‫القررات القضائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.54‬‬


‫عبد العزيز سعد‪ ،‬طرؽ واجراءات الطعف في األحكاـ و ا‬ ‫‪1‬‬

‫‪352‬‬
‫أوال‪ -‬أجل رفع الطعن بالنقض في حكم ف ّك الرابطة الزوجية‬
‫ّبيف المشرع أجؿ رفع الطعف بالنقض في القضايا المدنية في المادة ‪ 354‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ُيرفع الطعف بالنقض خبلؿ أجؿ شيريف مف تاريخ التبميغ الرسمي لمحكـ‬
‫تـ التبميغ شخصيا‪ ،‬أما إذا كاف التبميغ في الموطف الحقيقي أو المختار‬
‫المطعوف فيو إذا ّ‬
‫أف أجؿ الطعف‬
‫فإف أجؿ الطعف بالنقض ىو ثبلثة أشير مف تاريخ التبميغ الرسمي‪ ،‬غير ّ‬ ‫ّ‬
‫بالنقض في األحكاـ والق اررات الغيابية ال يسري إال بعد انقضاء أجؿ المعارضة‪.‬‬
‫تـ تقديـ‬
‫ويتوقؼ سرياف أجؿ الطعف بالنقض أو أجؿ إيداع المذكرة الجوابية إذا ّ‬
‫طمب لممساعدة القضائية مف طرؼ أحد الخصوـ‪ ،‬ويستأنؼ األجؿ ابتداء مف تاريخ تبميغ‬
‫المعني بقرار المساعدة القضائية بواسطة رسالة مضمنة مع إشعار باالستبلـ‪ ،‬وذلؾ وفقا‬
‫لنص المادة ‪ 356‬و ‪ 357‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وتخضع األحكاـ الصادرة بالطبلؽ والتطميؽ والخمع‪ ،‬وكذا الق اررات التي تفصؿ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية لنفس األجؿ المقرر في القضايا‬
‫في استئناؼ الجوانب المادية لف ّ‬
‫تـ‬
‫المدنية‪ ،‬وىو أجؿ شيريف مف تاريخ التبميغ الرسمي لمحكـ أو القرار المطعوف فيو إذا ّ‬
‫التبميغ شخصيا‪ ،‬وثبلثة أشير مف تاريخ التبميغ الرسمي‪ ،‬إذا كاف التبميغ في الموطف‬
‫وخص المشرع أحكاـ الطبلؽ بالتراضي فقط بحكـ خاص يتعمّؽ‬
‫ّ‬ ‫الحقيقي أو المختار‪،‬‬
‫ببداية سرياف أجؿ الطعف بالنقض‪ ،‬حيث يسري األجؿ مف تاريخ النطؽ بالحكـ‪ ،‬وليس‬
‫مف تاريخ التبميغ الرسمي لمحكـ المطعوف فيو‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص المادة ‪ 434‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.1‬‬
‫وأقترح في ىذا المجاؿ أف تسري آجاؿ الطعف بالنقض في األحكاـ الحضورية مف‬
‫أف الطرفيف حض ار‬ ‫َّ‬
‫تاريخ صدور الحكـ أو القرار‪ ،‬وال تُعم ْؽ بتاريخ التبميغ الرسمي‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫كافة أطوار المحاكمة‪ ،‬أو عمى األقؿ أحد جمساتيا‪ ،‬إما شخصيا أو بواسطة وكيميـ‬
‫مما يدؿ عمى عمميـ بالنزاع المطروح عمى العدالة‪ ،‬وبمآلو‪ ،‬والغرض مف‬
‫أو محامييـ‪ّ ،‬‬
‫ذلؾ ىو تحقيؽ االستقرار في حالة األشخاص في أقصر اآلجاؿ‪ ،‬وحتى ال تبقى ىذه‬
‫اآلجاؿ مفتوحة ومعمّقة عمى قياـ أحد الطرفيف بالتبميغ الرسمي لمحكـ أو القرار‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 434‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عمى‪ " :‬يسري أجؿ الطعف بالنقض مف تاريخ النطؽ بالحكـ"‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪353‬‬
‫خص أحكاـ الطبلؽ بحكـ‬
‫ّ‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى موقؼ المشرع التونسي الذي‬
‫أف أجؿ الطعف بالتعقيب ىو شير مف تاريخ‬
‫خاص مف حيث أجؿ الطعف فييا‪ ،‬واعتبر ّ‬
‫صدور الحكـ أو القرار‪ ،‬وفقا لنص الفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ 41‬مف القانوف المتعمؽ‬
‫‪1‬‬
‫أف أجؿ‬
‫ّ‬ ‫حيث‬ ‫المدنية‪،‬‬ ‫القضايا‬ ‫في‬ ‫مقرر‬ ‫ىو‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫خبلؼ‬ ‫عمى‬ ‫‪،‬‬ ‫بتنظيـ الحالة المدنية‬
‫الطعف بالتعقيب فييا عشريف يوما مف تاريخ اإلعبلـ بالحكـ بصفة قانونية‪ ،‬وفقا لنص‬
‫الفصؿ ‪ 195‬مف مجمة المرافعات المدنية والتجارية التونسية‪ ،2‬وقصد المشرع التونسي مف‬
‫ىذا االستثناء اإلجرائي المقرر في آجاؿ الطعف بالتعقيب الحرص عمى استقرار الحالة‬
‫المدنية لمطرفيف في أقرب وقت ممكف‪ ،‬حتى ال يتقاعس أحد الطرفيف عف القياـ بإجراءات‬
‫ما تضمف حكـ الطبلؽ التزامات مثقمة لكاىمو‪.3‬‬ ‫التبميغ‪ ،‬إذا‬
‫أقر عدـ قابمية األحكاـ‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى موقؼ المشرع المصري الذي ّ‬
‫الصادرة عف الدوائر االستئنافية لمحاكـ األسرة لمطعف بالنقض‪ ،‬حيث نصت المادة ‪14‬‬
‫مف قانوف إنشاء محاكـ األسرة رقـ ‪ 10‬لسنة ‪ 2004‬عمى ما يمي‪ " :‬مع عدـ اإلخبلؿ‬
‫بأحكاـ المادة ‪ 250‬مف قانوف المرافعات المدنية والتجارية‪ ،‬تكوف األحكاـ والق اررات‬
‫الصادرة مف الدوائر االستئنافية غير قابمة لمطعف فييا بطريؽ النقض"‪ ،‬وىذا الحكـ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية فقط‪ ،‬بؿ يشمؿ القضايا المتعمقة باألحواؿ الشخصية‪،‬‬
‫ال يشمؿ أحكاـ ف ّ‬
‫والغاية التي جعمت المشرع المصري إقرار ىذا الموقؼ ىو الحرص عمى تحقيؽ استقرار‬
‫البت في النزاعات المتعمقة بيا‪ ،‬والبعد‬
‫األسرة والحفاظ عمى مصمحتيا‪ ،‬مف خبلؿ سرعة ّ‬
‫عف كؿ ما يطيؿ الشقاؽ بيف أفرادىا‪ ،‬خاصة وأف تشكيؿ محاكـ األسرة في مصر يتكوف‬
‫مف ثبلثة قضاة أحدىـ عمى األقؿ بدرجة رئيس محكمة‪ ،‬وتستأنؼ أحكاميا لدى دائرة مف‬

‫تنص الفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ 41‬مف قانوف تنظيـ الحالة المدنية التونسي عمى ما يمي‪ " :‬وتجري آجاؿ الطعف في‬ ‫‪1‬‬

‫األحكاـ والق اررات الصادرة في مادة الطبلؽ أو بطبلف الزواج في ظرؼ شير مف تاريخ الحكـ أو القرار وذلؾ بالنسبة‬
‫إلى جميع ما اشتمؿ عميو بما فيو الغرامة‪.‬‬
‫ينص الفصؿ ‪ 195‬مف مجمة المرافعات المدنية والتجارية التونسية عمى ما يمي‪ " :‬يجب عمى مف يريد الطعف‬ ‫‪2‬‬

‫بالتعقيب أف يرفع طعنو في أجؿ ال يتجاوز العشريف يوما مف تاريخ إعبلمو بالحكـ بصفة قانونية ما لـ ينص القانوف‬
‫عمى أجؿ آخر ويسقط الطعف بمضي األجؿ المذكور‪ .‬واذا كاف اليوـ األخير يوـ عطمة رسمية امتد األجؿ إلى اليوـ‬
‫الموالي النتياء العطمة وال يتقيد وكيؿ الدولة العاـ بأي أجؿ"‪.‬‬
‫حساف التيامي‪ ،‬اليادي الحاج سالـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪354‬‬
‫دوائر محكمة االستئناؼ العالي المؤلفة مف ثبلثة مستشاريف أحدىـ عمى األقؿ بدرجة‬
‫رئيس محكمة استئناؼ‪.1‬‬
‫أف المشرع المصري استثنى النائب العاـ مف تطبيؽ أحكاـ المادة ‪ 14‬مف‬
‫غير ّ‬
‫قانوف إنشاء محاكـ األسرة رقـ ‪ 10‬لسنة ‪ ،2004‬حيث م ّكف النائب العاـ في الطعف في‬
‫األحكاـ والق اررات الصادرة عف الدوائر االستئنافية لمحكمة األسرة‪ ،‬تطبيقا لنص المادة‬
‫‪ 250‬مف قانوف المرافعات المدنية والتجارية المصري‪ ،‬التي سمحت لمنائب العاـ لمطعف‬
‫بالنقض لمصمحة القانوف‪ ،‬أو لخطأ في تطبيقو أو في تأويمو‪ ،‬وذلؾ في حالة األحكاـ التي‬
‫فوت الخصوـ ميعاد‬
‫ال يجيز القانوف لمخصوـ الطعف فييا‪ ،‬وفي حالة األحكاـ التي ّ‬
‫الطعف فييا‪ ،‬أو نزلوا فييا عف الطعف‪.2‬‬
‫ثانيا‪ -‬إجراءات الطعن بالنقض في حكم فك الرابطة الزوجية‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بموجب تصريح أو بعريضة‬
‫ُيرفع الطعف بالنقض في حكـ ف ّ‬
‫أماـ أمانة ضبط المحكمة العميا‪ ،‬كما يجوز أيضا رفعو أماـ أمانة ضبط المجمس‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وفقا لنص المادة‬
‫القضائي الذي صدر في دائرة اختصاصو حكـ ف ّ‬
‫‪ 560‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وحسنا فعؿ المشرع بإتاحة إمكانية تسجيؿ عريضة الطعف بالنقض‬
‫أو التصريح بالطعف لدى المجمس القضائي‪ ،‬تسييبل عمى المتقاضيف وتخفيفا لؤلعباء التي‬
‫يتحممونيا جراء االنتقاؿ إلى مقر المحكمة العميا بالعاصمة‪ ،‬حيث يقيد الطعف بالنقض في‬
‫سجؿ خاص يسمى "سجؿ قيد الطعوف بالنقض"‪ ،‬سواء عمى مستوى المجمس القضائي‬
‫أو المحكمة العميا‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 561‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وأقترح مف أجؿ أكثر فعالية في‬
‫تحقيؽ ىذا اليدؼ إتاحة إمكانية قيد الطعف بالنقض في أحكاـ فؾ الرابطة الزوجية لدى‬
‫ؾ‬
‫الشؽ المتعمّؽ بف ّ‬
‫ّ‬ ‫المحكمة التي صدر عنيا حكـ الطبلؽ‪ ،‬باعتبارىا أحكاما نيائية في‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬وذلؾ بمسؾ سجبلت خاصة بالطعف بالنقض في أحكاـ فؾ الرابطة‬
‫الزوجية عمى مستوى المحاكـ‪ ،‬وتكوف تحت رقابة رئيس المحكمة‪.‬‬

‫محمد عبد النبي السيد غانـ‪ ،‬إجراءات التقاضي أماـ محاكـ األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.132‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.133‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪355‬‬
‫ثالثا‪ -‬آثار الطعن بالنقض في حكم ف ّك الرابطة الزوجية‬
‫ؾ الرابطة الزوجية مف خبلؿ التطرؽ لؤلثر‬‫تتجمى آثار الطعف بالنقض في حكـ ف ّ‬
‫الموقؼ‪ ،‬واألثر الناقؿ‪.‬‬
‫‪ -1‬من حيث األثر الموقف‬
‫تكوف األحكاـ والق اررات الصادرة في أوؿ وآخر درجة قابمة لمتنفيذ كقاعدة عامة‪،‬‬
‫أف‬
‫حيث ال يحوؿ الطعف بالنقض دوف تنفيذىا باعتباره وجيا غير عادي لمطعف‪ ،‬غير ّ‬
‫المشرع يخرج عف ىذه القاعدة أحيانا ويقرر استثناءات عمييا‪ ،‬مثؿ ما ىو وارد في نص‬
‫المادة ‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث استثنى القضايا المتعمقة بحالة األشخاص أو أىميتيـ مف‬
‫قاعدة عدـ وقؼ تنفيذ الحكـ أو القرار عند الطعف بالنقض فيو‪.‬‬
‫يتـ التمييز بالنسبة لؤلثر الموقؼ لمطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ بيف‬
‫و ّ‬
‫مرحمتيف اثنتيف‪ ،‬المرحمة األولى في ظؿ ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ ،‬والمرحمة الثانية بعد صدور‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫المرحمة األولى‪ :‬في ظل قانون اإلجراءات المدنية الممغى‬
‫كاف نص المادة ‪ 238‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى ينص عمى أنو‪" :‬ليس لمطعف بالنقض‬
‫أماـ المحكمة العميا أثر موقؼ إالّ في الحاالت اآلتية‪ - :‬إذا تعمّؽ األمر بحالة األشخاص‬
‫أو أىميتيـ‪ – .‬في حالة وجود دعوى تزوير فرعية"‪ ،‬وىو ما يفيـ منو وقؼ تنفيذ أحكاـ‬
‫الطبلؽ خبلؿ أجؿ الطعف بالنقض‪ ،‬وخبلؿ ممارسة الطعف بالنقض إلى غاية صدور قرار‬
‫ويتـ تنفيذه‬
‫تـ رفض الطعف بالنقض صار حكـ الطبلؽ نيائيا‪ّ ،‬‬ ‫المحكمة العميا‪ ،‬فإذا ّ‬
‫تـ نقض حكـ الطبلؽ فبل ينفّذ‪.‬‬
‫بتسجيمو في الحالة المدنية‪ ،‬واذا ّ‬
‫يتـ تسجيميا في الحالة‬
‫تتكدس لدى المحاكـ‪ ،‬وال ّ‬‫ىذا األمر جعؿ أحكاـ الطبلؽ ّ‬
‫المدنية‪ ،‬إ ْذ كاف المطمّؽ أو المطمّقة مطالبيف بإحضار شيادة إخبار بالطبلؽ‪ ،‬وىذه‬
‫يتـ منحيا لممطمقَ ْي ِف حتى ُيحضروا شيادة عدـ الطعف بالنقض‪ ،‬أو قرار‬
‫األخيرة ال ّ‬
‫المحكمة العميا الذي يقضي برفض الطعف بالنقض في حكـ الطبلؽ‪ ،‬حتى ي ِ‬
‫ؤش َر ليـ‬‫ُ‬
‫ضابط الحالة المدنية بالطبلؽ عمى ىامش عقد الزواج وشيادة ميبلد الزوجيف‪ ،‬وما داـ‬
‫الفصؿ في الطعوف بالنقض أماـ المحكمة العميا يستغرؽ سنوات‪ ،‬فتظؿ المرأة عالقة‬
‫فص َؿ في الطعف بالنقض‪ ،‬فإف قُبِ َؿ‬
‫مرة ثانية حتى ُي َ‬
‫بسبب ذلؾ‪ ،‬وال يمكنيا أف تعيد الزواج ّ‬
‫‪356‬‬
‫الطعف وألغي حكـ الطبلؽ رجعت إلى الحالة التي كانت عمييا قبؿ الطبلؽ‪ ،‬وتعود زوجة‬
‫ؾ سراحيا‪ ،‬لذا كاف بعض‬ ‫لمشخص بانت منو وصارت أجنبية عنو‪ ،‬واف رفض الطعف فُ َّ‬
‫ُ‬
‫ؾ قيد عصمتيا عف طريؽ التطميؽ‬ ‫النية يتعمدوف اإلضرار بالزوجة التي فُ َّ‬
‫األزواج سيئي ّ‬
‫أو الخمع‪ ،‬فيطعنوف بالنقض حتى تظؿ معمّقة لسنيف معدودة‪ ،‬وقد ُيمغى حكـ طبلقيا‬
‫فترجع إليو مف جديد‪.‬‬
‫نصو المتعمّؽ بوقؼ‬
‫ىذا الوضع غير الطبيعي استدعى تعديؿ ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى في ّ‬
‫تنفيذ أحكاـ الطبلؽ لتعمّقيا بحالة األشخاص‪ ،‬وىو ما يتـ توضيحو فيما يمي‪.‬‬
‫المرحمة الثانية‪ :‬بعد صدور قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫نظ ار لئلشكاالت التي أفرزىا تطبيؽ نص المادة ‪ 238‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ ،‬أدخؿ‬
‫أقر المشرع‬
‫المشرع تعديبل عمى األثر الموقؼ لمطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬حيث ّ‬
‫بأف الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ ال يوقؼ تنفيذ حكـ الطبلؽ وتسجيمو في‬
‫صراحة ّ‬
‫الحالة المدنية‪ ،‬وذلؾ بسعي مف النيابة العامة‪ ،‬فبمجرد صدور حكـ الطبلؽ تمزـ النيابة‬
‫ويفيـ ذلؾ مف خبلؿ‬
‫العامة بتنفيذه‪ ،‬وال يتأثر ذلؾ بأجؿ الطعف بالنقض وال بممارستو‪ُ ،‬‬
‫نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والمادتيف ‪ 435‬و‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬عمى خبلؼ الحكـ الذي‬
‫أقره المشرع في المادة ‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬الذي يستثني القضايا المتعمقة بحالة األشخاص‬
‫ّ‬
‫أو القرار‪،‬‬ ‫أف الطعف بالنقض ال يترتب عميو وقؼ تنفيذ الحكـ‬ ‫أو أىميتيـ مف قاعدة ّ‬
‫تقيد نص‬
‫لذلؾ أعتقد أف المواد ‪ 435‬و‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ عبارة عف نصوص خاصة ّ‬
‫المادة ‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫فإف المركز القانوني الجديد المتعمّؽ بانقضاء الرابطة الزوجية وحمّيا ينشأ‬
‫لذلؾ ّ‬
‫بمجرد استعماؿ الزوج حقو في الطبلؽ بإرادتو المنفردة‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 48‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وينشأ‬
‫ىذا المركز القانوني في حالة التطميؽ أو الخمع أو الطبلؽ بالتراضي بمجرد صدور‬
‫الحكـ‪ ،‬طبقا ألحكاـ المواد ‪ 53‬و‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وال يحوؿ عدـ فوات أجؿ الطعف بالنقض‬
‫ؽ عمى طعف أحد األطراؼ بالنقض في‬‫دوف انقضاء المركز القانوني لمزوجيف‪ ،‬كما ال ُيعمَّ ُ‬
‫الحكـ مف عدمو‪ ،‬وال عمى صدور قرار مف المحكمة العميا برفض الطعف بالنقض‪ ،‬حيث‬
‫ويسجؿ في الحالة المدنية‬
‫ّ‬ ‫ُينفّ ُذ حكـ الطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬أو الطبلؽ بالتراضي‪،‬‬
‫بمجرد صدوره‪ ،‬وينقضي بذلؾ المركز القانوني لمزوجيف‪ ،‬وبذلؾ يكوف المشرع قد خطا‬
‫‪357‬‬
‫خطوة إيجابية‪ ،‬وقضى عمى اإلشكاؿ الذي كاف قائما بإقرار وقؼ تنفيذ حكـ الطبلؽ خبلؿ‬
‫أجؿ الطعف بالنقض‪ ،‬وخبلؿ ممارستو حتى يصدر قرار المحكمة العميا برفض الطعف‪.‬‬
‫أف المشرع أغفؿ إعطاء الحموؿ لئلشكاالت األخرى المترتبة عمى فتح مجاؿ‬
‫غير ّ‬
‫ألف صدور قرار مف المحكمة العميا يقضي بإلغاء‬‫الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫حكـ أو قرار قضى بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬واعادة الطرفيف إلى الحالة التي كانا‬
‫عمييا قبؿ صدور الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬يرتّب مف اإلشكاالت القانونية والشرعية‬
‫ما يستوجب مراجعة موقؼ المشرع مف قابمية ىذه األحكاـ لمطعف فييا بالنقض‪ ،‬منيا‬
‫ما يتعمؽ بحؽ الرجعة وبأحكاـ العدة‪ ،‬وحؽ التوارث بيف الزوجيف‪ ،‬وحؽ النفقة‪ ،‬ألنو‬
‫وي ُّ‬
‫حؿ عقد الزواج حبل نيائيا‬ ‫بانقضاء أجؿ العدة في الطبلؽ الرجعي ُيصبح الطبلؽ بائنا‪ُ ،‬‬
‫ويحؽ لممطمقة‬
‫ّ‬ ‫ثـ ال توارث وال نفقة بيف الطميقيف‪،‬‬
‫ال رجعة بعده إالّ بعقد جديد‪ ،‬ومف ّ‬
‫الزواج مف جديد‪ ،‬أما بالنسبة لمتطميؽ والخمع فيعتبر الطبلؽ بائنا مف تاريخ صدور‬
‫عدتيا مف ىذا التاريخ‪ ،‬وال يحؽ لمزوج مراجعة طميقتو خبلؿ العدة‬
‫الحكـ‪ ،‬وتعتد المطمقة ّ‬
‫مما‬
‫عدتيا‪ّ ،‬‬
‫ويحؽ لممطمقة إعادة الزواج بعد انتياء ّ‬
‫ّ‬ ‫أو بعدىا إال بعقد جديد وبرضاىا‪،‬‬
‫تـ نقض‬
‫يستحيؿ معو إرجاع الحالة إلى ما كانت عميو قبؿ إصدار حكـ الطبلؽ‪ ،‬إذا ّ‬
‫العدة‪.‬‬
‫الحكـ أو القرار الذي قضى بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع بعد انقضاء أجؿ ّ‬
‫ىذا ما دفع العديد مف الفقياء إلى القوؿ بوجوب اعتبار أحكاـ الطبلؽ والتطميؽ‬
‫والخمع أحكاما نيائية غير قابمة لمطعف فييا بأي وجو مف أوجو الطعف العادية أو غير‬
‫تميز الطبلؽ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬نظ ار لمخصوصية التي ّ‬
‫العادية‪ ،‬في جانبيا المتعمّؽ بف ّ‬
‫وأحكامو‪ ،‬وذلؾ حتى ال يؤدي نقض ىذه األحكاـ والغائيا إلى وضعيات متناقضة‪،‬‬
‫يصعب بؿ يستحيؿ التعامؿ معيا‪ ،‬باعتبارىا تخالؼ الشرع والقانوف‪.‬‬
‫غير أنني أقترح غمؽ مجاؿ الطعف في أحكاـ الطبلؽ باإل اردة المنفردة لمزوج‬
‫ألف إرادة الزوج ىي التي تنشأ الطبلؽ‪ ،‬وال تأثير ألي‬
‫بأي وجو مف أوجو الطعف‪ ،‬نظ ار ّ‬
‫طعف عمى تغيير المراكز القانونية التي أنشأىا الزوج‪ ،‬وألف دور القاضي سمبي يقتصر‬
‫عمى التأ ّكد مف إرادة الزوج في الطبلؽ‪ ،‬كما أقترح أيضا غمؽ مجاؿ الطعف في األحكاـ‬
‫ألف إرادة الزوجيف ىي الفاعمة في إنشاء‬
‫الصادرة بالطبلؽ بالتراضي بيف الزوجيف‪ّ ،‬‬

‫‪358‬‬
‫ؾ العصمة‪ ،‬ودور القاضي في إصدار الحكـ محدود‪،‬‬
‫الطبلؽ‪ ،‬واالتفاؽ عمى توابع ف ّ‬
‫يقتصر عمى مراقبة شروط االتفاؽ المبرـ بيف الزوجيف وعدـ مخالفتيا لمنظاـ العاـ‪.‬‬
‫أما األحكاـ الصادرة بالتطميؽ والخمع فأقترح بشأنيا فتح مجاؿ الطعف فييا بطرؽ‬
‫ّ‬
‫الطعف العادية وغير العادية‪ ،‬نظ ار لمدور اإليجابي الذي يقوـ بو القاضي عند إصدارىا‪،‬‬
‫وذلؾ حتى يخضع العمؿ القضائي الذي يقوـ بو القاضي لرقابة الجية األعمى منو درجة‪،‬‬
‫النص عمى وقؼ تنفيذ أحكاـ التطميؽ‬
‫ّ‬ ‫يتـ‬
‫لمتأكد مف سبلمة تطبيؽ القانوف‪ ،‬بشرط أف ّ‬
‫يتـ الفصؿ في الطعف بالنقض‪ ،‬وأف تكوف‬
‫والخمع حتى تستنفذ آجاؿ الطعف بالنقض‪ ،‬أو ّ‬
‫تستقر الحالة الشخصية لؤلشخاص في أقرب اآلجاؿ‪ ،‬كما أقترح‬
‫ّ‬ ‫آجاؿ الطعف قصيرة حتى‬
‫أف تتصدى المحكمة العميا في حالة نقضيا حكـ التطميؽ أو الخمع لمفصؿ في موضوع‬
‫دعوى التطميؽ أو الخمع‪ ،‬دوف أف تحيمو لمجية القضائية التي أصدرتو مف أجؿ إعادة‬
‫بالعدة والرجعة‬
‫ّ‬ ‫الفصؿ فيو‪ ،‬ربحا لموقت‪ ،‬وت ّقيدا باألحكاـ الواجب احتراميا المتعمقة‬
‫والميراث‪ ،‬وتحقيقا الستقرار المراكز القانونية لؤلطراؼ في أسرع وقت‪ ،‬لذا أقترح تعديؿ‬
‫نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وصياغتو عمى النحو اآلتي‪" :‬أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة‬
‫لمزوج والطبلؽ بالتراضي غير قابمة لمطعف فييا بأي وجو مف أوجو الطعف العادية أو غير‬
‫العادية‪ ،‬باستثناء جوانبيا المادية والحضانة‪.‬‬
‫أحكاـ التطميؽ والخمع قابمة لمطعف فييا بأوجو الطعف العادية وغير العادية"‪.‬‬
‫أف المقررات القضائية الصادرة‬
‫وبالرجوع إلى موقؼ المشرع المغربي‪ ،‬فقد اعتبر ّ‬
‫بالتطميؽ أو الخمع أو بالفسخ غير قابمة ألي طعف في جزئيا القاضي بإنياء العبلقة‬
‫أف المشرع‬
‫الزوجية‪ ،‬وفقا لنص الفقرة األولى المادة ‪ 128‬مف مدونة األسرة المغربية‪ ،‬غير ّ‬
‫تبنى موقف ا آخر فيما يخص األثر الموقؼ لمطعف بالنقض‪ ،‬حيث ينص الفصؿ‬ ‫التونسي ّ‬
‫‪ 194‬في فقرتو األولى مف مجمة المرافعات المدنية والتجارية التونسية عمى ما يمي‪:‬‬
‫"ال يوقؼ رفع الطعف بالتعقيب تنفيذ الحكـ المطعوف فيو إال إذا كاف صاد ار بإعداـ ورقة‬
‫مرمية بالزور أو محو آثارىا أو صاد ار بالطبلؽ أو بفساد عقد الزواج أو كاف صاد ار عمى‬
‫الدولة بأداء ماؿ أو برفع عقمة أجرتيا الدولة الستخبلص أمواليا"‪ ،‬فالطعف بالتعقيب‬
‫ال يوقؼ التنفيذ باستثناء بعض الحاالت ومنيا أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬حيث يوقؼ تنفيذىا حتى‬

‫‪359‬‬
‫يتـ تسجيؿ حكـ الطبلؽ وال يؤشر بو عمى رسـ‬
‫تنقضي آجاؿ الطعف فييا بالتعقيب‪ ،‬وال ّ‬
‫البت في الطعف بالتعقيب‪.‬‬
‫بطرة عقد زواجيما‪ ،‬إالّ بعد ّ‬
‫والدة الزوجيف وكذا ّ‬
‫كما أ ّكد المشرع التونسي ذلؾ صراحة في الفصؿ ‪ 41‬مف القانوف المتعمؽ‬
‫بتنظيـ الحالة المدنية‪ ،‬حيث ألزـ أميف المحكمة التي صدر عنيا حكـ الطبلؽ بالسعي في‬
‫ترسيـ األحك اـ الصادرة بالطبلؽ أو ببطبلف الزواج بدفاتر الحالة المدنية بالمكاف الذي‬
‫رسـ فيو عقد الزواج‪ ،‬بعد استنفاذ طرؽ الطعف‪ ،1‬غير أف وقؼ التنفيذ ال يعني سوى‬ ‫ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وال يتعمؽ بالجوانب المادية لحكـ الطبلؽ‪ ،‬والتي‬
‫الجانب المتعمؽ بف ّ‬
‫يمكف تنفيذىا رغـ االستئناؼ أو التعقيب‪ ،‬وفقا لنص الفصؿ ‪ 32‬مف مجمة األحواؿ‬
‫الشخصية التونسية في فقرتو األخيرة الذي جاء فيو‪ ":‬وتنفذ رغما عف االستئناؼ أو التعقيب‬
‫أجزاء الحكـ المتعمقة بالحضانة والنفقة و الج ارية والسكنى وحؽ الزيارة"‪.‬‬
‫‪ -2‬من حيث انعدام األثر الناقل‬
‫باعتبار أف المحكمة العميا ىي محكمة قانوف أساسا‪ ،‬وليست درجة ثالثة مف‬
‫البت في موضوع الدعوى‬
‫درجات لمتقاضي‪ ،‬فبل تنظر في الوقائع‪ ،‬وال صبلحية ليا في ّ‬
‫مف جديد‪ ،‬لذا ال يحؽ لمخصوـ تقديـ طمبات جديدة أغفموا المطالبة بيا أماـ قضاة‬
‫الموضوع‪ ،‬كما ال يحؽ لممحكمة العميا الحكـ بمراجعة المطمؽ لمطمقتو إذا طمب الطرفيف‬
‫ألف المحكمة العميا ال تفصؿ في موضوع‬
‫ذلؾ‪ ،‬وتوافقا عمى الرجوع بعد الطعف بالنقض‪ّ ،‬‬
‫الدعوى‪ ،‬وال تنظر في الطمبات الجديدة لمخصوـ‪ ،‬عمى خبلؼ ما أقرتو محكمة التعقيب‬
‫التونسية التي أجازت لممدعي الرجوع في طمب إيقاع الطبلؽ إنشاء منو‪ ،‬حتى لو قدـ‬
‫طمبو ألوؿ مرة عمى مستوى محكمة التعقيب‪ ،‬بشرط موافقة الزوجة‪ ،‬ويد ّؿ عمى ذلؾ أحد‬
‫ق اررات التعقيب الذي جاء فيو‪ " :‬طالما ثبت أف الزوجيف قد اتفقا عمى مواصمة الحياة‬
‫الزوجية وحر ار كتب صمح بينيما‪ ،‬وبما أف األحكاـ الصادرة في مادة الطبلؽ تنشأ وضعيات‬

‫ينص الفصؿ ‪ 41‬في فقرتو األولى مف القانوف المتضمف تنظيـ الحالة المدنية عمى ما يمي‪" :‬يتـ الترسيـ المشار إليو‬ ‫‪1‬‬

‫بالفصؿ السابؽ بسعي مف كاتب المحكمة التي أصدرت الحكـ األخير في النزاع بعد استنفاد طرؽ الطعف‪ .‬وليذا‬
‫يوجو كاتب المحكمة نص الحكـ أو القرار إلى ضابط الحالة المدنية المعني باألمر في ظرؼ عشرة أياـ مف‬
‫الغرض ّ‬
‫تاريخ اّتصاؿ القضاء بيا واالّ يعاقب الكاتب بخطية قدرىا عشرة دنانير ويبعث لو ضابط الحالة المدنية وصبل في‬
‫ذلؾ"‪.‬‬
‫‪360‬‬
‫أف األمر‬
‫قانونية جديدة‪ ،‬وال يكوف ذلؾ إال بعد استنفاذ كؿ الطعوف أو انقضاء آجاليا‪ ،‬وبما ّ‬
‫حؽ لمطرؼ الذي رفع الدعوى أف يتراجع في ذلؾ لدى التعقيب وقبؿ‬
‫يتعمّؽ بالطبلؽ‪ ،‬فإّنو ي ّ‬
‫صدور قرار في ذلؾ"‪.1‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‬
‫غير ّأنو مف النادر أف يتوافؽ الزوجاف ويتراجعا عف دعوى ف ّ‬
‫إذا وصمت القضية إلى المحكمة العميا‪ ،‬فوصوؿ دعوى الطبلؽ ىذه المرحمة المتقدمة مف‬
‫حد ذاتو عمى صعوبة واستحالة تقريب وجيات النظر بيف‬
‫مراحؿ التقاضي دليؿ في ّ‬
‫الزوجيف والجمع بينيما مف جديد‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬قابمية أحكام ف ّك الرابطة الزوجية لمطعن بالنقض فييا‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أو بوجو مف‬
‫عرؼ موضوع الطعف بالنقض في أحكاـ ف ّ‬
‫األوجو المقررة لمطعف في األحكاـ القضائية اختبلفا فقييا‪ ،‬نظ ار لئلشكاالت التي يثيرىا‬
‫مما يستدعي التطرؽ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بعد سنوات مف صدوره‪ّ ،‬‬ ‫إلغاء الحكـ الصادر بف ّ‬
‫ثـ بياف‬
‫ؾ الرابطة الزوجية لمطعف بالنقض‪ّ ،‬‬
‫أوال إلى موقؼ الفقو مف قابمية أحكاـ ف ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بعد ممارسة الطعف بالنقض‪.‬‬
‫اإلشكاالت التي يثيرىا إلغاء الحكـ بف ّ‬
‫‪ -1‬موقف الفقو من قابمية أحكام ف ّك الرابطة الزوجية لمطعن بالنقض فييا‬
‫اختمؼ فقياء القانوف حوؿ موضوع قابمية أحكاـ الطبلؽ ‪ -‬بشتى صوره‪ -‬لمطعف‬
‫ؾ‬
‫فييا بالنقض إلى اتجاىيف‪ ،‬االتجاه األوؿ يؤيد فكرة جواز الطعف بالنقض في أحكاـ ف ّ‬
‫يتـ تناوؿ آراء أصحاب االتجاه‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬واالتجاه الثاني يعارض الطعف فييا‪ ،‬لذا ّ‬
‫المؤيد ومبرراتو‪ ،‬ثـ آراء أصحاب االتجاه المعارض ومبرراتو‪.‬‬
‫أ‪ -‬الموقف المؤيد لجواز الطعن بالنقض في أحكام ف ّك الرابطة الزوجية‬
‫ؾ الرابطة‬
‫يؤيد جانب مف فقياء القانوف فكرة جواز الطعف بالنقض في أحكاـ ف ّ‬
‫ألف القاضي عند إصداره أحكاـ الطبلؽ يطبؽ قواعد قانونية‪ ،‬وال بد مف‬
‫الزوجية‪ ،‬نظ ار ّ‬
‫احتراـ اإلجراءات المقررة قانونا‪ ،‬لذا وجب خضوع عمؿ الجية القضائية الدنيا لرقابة‬
‫الجية القضائية األعمى منيا‪ ،‬لمتأ ّكد مف مدى احتراميا لمقواعد اإلجرائية والموضوعية التي‬

‫قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 67388‬بتاريخ ‪ 5‬فيفري ‪ 1999‬ف ‪ 1999‬ؽ ـ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ 343‬نقبل عف حساف التيامي‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الطبلؽ بإرادة منفردة‪ ،‬مرجع سابؽ ص ‪.51‬‬


‫‪361‬‬
‫أقرىا المشرع‪ ،‬وال يتأتّى ذلؾ إالّ بإتاحة إمكانية الطعف في الحكـ القضائي بطرؽ الطعف‬
‫ّ‬
‫العادية وغير العادية‪.‬‬
‫أف الحكمة‬
‫مف بيف المؤيديف ليذا الموقؼ األستاذ عمي عمي سميماف‪ ،‬الذي يرى ّ‬
‫مف عدـ قابمية أحكاـ الطبلؽ لمطعف فييا باالستئناؼ ما عدا جوانبيا المادية‪ ،‬ىو وضع‬
‫حد إلثارة أسرار الخبلفات العائمية أماـ محكمة الدرجة الثانية‪ ،‬واتّاحة الفرصة أماـ الزوجة‬
‫ّ‬
‫الح ْكـ في جانبو‬
‫تـ استئناؼ ُ‬ ‫أف ىذه الحكمة تتخمّؼ إذا ّ‬ ‫الستئناؼ حياة زوجية أخرى‪ ،‬و ّ‬
‫المادي‪ ،‬أو طُعف فيو عف طريؽ النقض‪ ،‬مما ينبغي لتحقيؽ ىذه الحكمة النص عمى عدـ‬
‫ّ‬
‫جواز الطعف في حكـ الطبلؽ ولو بالنقض‪ ،‬لكف ذلؾ يؤدي إلى خطر الخطأ في تطبيؽ‬
‫القانوف أو في تفسيره مف قبؿ قاضي الموضوع‪ ،‬دوف إمكانية الطعف بالنقض في خطئو‪،‬‬
‫لذا يرى األستاذ أنو مف األوفؽ أف يظ ّؿ حكـ الطبلؽ خاضعا كغيره لطرؽ الطعف العادية‬
‫وغير العادية في مختمؼ نواحيو‪.1‬‬
‫أف فتح مجاؿ الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ‬ ‫ويرى األستاذ عمي بداوي ّ‬
‫بالتراضي ىو ضمانة لسبلمة التطبيؽ السميـ والصحيح لمقانوف‪.2‬‬
‫أف عدـ إتاحة الفرصة لمطعف في المقررات‬ ‫كما يرى األستاذ أوزياف محمد ّ‬
‫ألف فتح مجاؿ الطعف يم ّكف‬
‫القضائية الخاصة بالتطميؽ والخمع يؤدي إلى نتائج سمبية‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬لذا فاألفضؿ جعؿ‬
‫الزوجيف مف مراجعة موقفيـ‪ ،‬وقد يتراجعوف عف ف ّ‬
‫أف النظـ القانونية قائمة‬
‫خاصة و ّ‬
‫ّ‬ ‫ؾ الرابطة الزوجية قابمة لكؿ طرؽ الطعف‪،‬‬
‫مقررات ف ّ‬
‫أف جودة العمؿ القضائي تقاس بضماف حؽ‬ ‫عمى قاعدة التقاضي عمى درجتيف‪ ،‬كما ّ‬
‫الطعف بكؿ درجاتو‪.3‬‬

‫عمي عمي سميماف‪ ،‬حوؿ قانوف األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.441‬‬ ‫‪1‬‬

‫بداوي عمي‪ ،‬اإلجراءات الجديدة الخاصة بقاضي شؤوف األسرة‪ ،‬مف أعماؿ الممتقى الوطني حوؿ شرح أحكاـ الكتاب‬ ‫‪2‬‬

‫الثاني مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬نشرة القضاة‪ ،‬ج ‪ ،1‬عدد ‪ ، 64‬و ازرة العدؿ‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ‪.356‬‬
‫أوزياف محمد‪ ،‬األثر السمبي لؤلحكاـ الصادرة في مادة التطميؽ عمى االجتياد القضائي‪ ،‬قراءة في الفقرة األولى مف‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ 128‬مف مدونة األسرة‪ ،‬مقاؿ‪ ،‬المغرب‪http://www.marocdroit.com ،‬‬


‫‪362‬‬
‫ب‪ -‬الموقف المعارض لجواز الطعن بالنقض في أحكام ف ّك الرابطة الزوجية‬
‫ؾ الرابطة‬
‫يعارض جانب مف فقياء القانوف فكرة جواز الطعف بالنقض في أحكاـ ف ّ‬
‫الزوجية‪ ،‬نظ ار لعدـ انسجاـ اآلثار المترتبة عمى الطعوف في ىذه األحكاـ ولخصوصية‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬حيث يؤدي إلغاء الحكـ القاضي بالطبلؽ إلى‬
‫القواعد الموضوعية لف ّ‬
‫جمة‪ ،‬تخالؼ األحكاـ الشرعية المترتبة عف الزواج والطبلؽ‪.‬‬
‫إشكاالت قانونية ّ‬
‫ؾ‬
‫يرى األستاذ لمطاعي نور الديف فيما يخص الطعف في األحكاـ الصادرة بف ّ‬
‫أف صدور ق اررات مف المحكمة العميا‪ ،‬تقضي‬
‫الرابطة الزوجية باإلرادة المنفردة لمزوج‪ّ " :‬‬
‫ويعد ذلؾ خرقا‬
‫يعد في حقيقة األمر إجراء خطي ار جدا‪ ،‬بؿ ّ‬
‫بإبطاؿ ونقض أحكاـ الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫تصور ذلؾ‪ ،‬فالحكـ المثبت لمطبلؽ‬
‫ّ‬ ‫لمقانوف‪ ،‬وكذا أحكاـ النظاـ العاـ‪ ،‬بؿ وال يمكف حتى‬
‫أف المشرع يتدخؿ‬
‫ال يمكف بأي حاؿ مف األحواؿ أف يخضع لمطعف بالنقض‪ ،‬فحبذا لو ّ‬
‫أف األحكاـ المثبتة لمطبلؽ الرجعي غير قابمة لمطعف فييا بشتى‬
‫وينص صراحة عمى ّ‬
‫طرؽ الطعف‪ ،‬سواء العادية منيا أو غير العادية‪ ،‬بما فييا الطعف بطريؽ النقض أماـ‬
‫المحكمة العميا"‪.1‬‬
‫ويرى األستاذ لحسيف بف الشيخ آث ممويا ّأنو ال فائدة لمطعف بالنقض في أحكاـ‬
‫ألف حكـ الطبلؽ يجعؿ الطبلؽ بائنا وال رجعة فيو‪،‬‬
‫الطبلؽ (جميع أنواع الطبلؽ)‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫‪2‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بحكـ لو‬
‫أف ف ّ‬
‫وأنو ال يمكف لممحكمة العميا أف تنقض حكـ الطبلؽ ‪ ،‬و ّ‬
‫طابع خاص‪ ،‬وعمى القاضي مراعاة ىذه الخصوصية عند تطبيؽ القواعد اإلجرائية‬
‫بأف إجازة الطعف‬
‫المتعمقة بطرؽ الطعف العادية وغير العادية‪ ،‬ويضيؼ األستاذ‪" :‬ويبلحظ ّ‬
‫ألف الطبلؽ الذي ينطؽ‬
‫بالنقض ضد أحكاـ الطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع غير مستساغ‪ّ ،‬‬
‫بو القاضي ىو طبلؽ بائف‪ ،‬وبالتالي ال يمكف التراجع فيو سواء مف طرؼ الزوجيف أو مف‬
‫طرؼ القضاء‪ ،‬فبل يمكف لقاضي النقض إذف أف يبطؿ حكـ الطبلؽ في جانبو المتعمؽ‬
‫بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬فالزوجة بمجرد الحكـ بالطبلؽ تصبح أجنبية عف زوجيا وتنح ّؿ عقد‬
‫الزواج‪ ،‬وال يمكف إرجاع الزوجيف إلى الحالة التي كانا عمييا قبؿ الطبلؽ‪ ،‬وعمى ذلؾ نجد‬

‫لمطاعي نور الديف‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬مرجع سابؽ‪.153 ،152 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫لحسيف بف الشيخ آث ممويا‪ ،‬قانوف األسرة نصا وشرحا‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬الجزائر‪ ،2014 ،‬ص ‪.72‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪363‬‬
‫بأف المشرع ىنا يتجاىؿ خصوصية األحكاـ الناطقة بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع"‪ ،1‬لذلؾ‬
‫ّ‬
‫يرى األستاذ بأف تكوف أحكاـ فؾ الرابطة الزوجية غير قابمة ألي طعف قضائي عادي‬
‫أو غير عادي‪ ،‬باستثناء جوانبيا المادية‪.‬‬
‫أف الحكـ الصادر بالطبلؽ ال يعد عمبل قضائيا‪،‬‬ ‫كما يرى األستاذ عمر زودة ّ‬
‫وال يمكف الطعف فيو بطرؽ الطعف المقررة لؤلحكاـ القضائية‪ ،‬وبالتالي ال يجوز الطعف فيو‬
‫بطرؽ الطعف العادية أو غير العادية‪.2‬‬
‫ويرى األستاذ عمرو خميؿ أنو مف أجؿ استقرار مبدأ الطبلؽ باعتباره يتعمؽ بحالة‬
‫األشخاص‪ ،‬وجب عمى المشرع النص عمى عدـ الطعف في األحكاـ بالطبلؽ بأي طريؽ‬
‫مف طرؽ الطعف‪ ،‬حتى يتوافؽ مع مفيوـ الطبلؽ وآثاره في الفقو اإلسبلمي‪ ،‬وذلؾ فور‬
‫صدور حكـ الطبلؽ‪ ،‬وليس إلى أف يصير الحكـ حائ از لقوة الشيء المقضي فيو أو باتا‪.3‬‬
‫ؾ‬
‫إف ما دفع أصحاب الموقؼ القائؿ بعدـ جواز الطعف بالنقض بالنسبة ألحكاـ ف ّ‬
‫ّ‬
‫سنبينو‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬ىو اإلشكاالت المترتبة عف نقض والغاء ىذه األحكاـ‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -2‬اإلشكاالت المترتبة عمى جواز الطعن بالنقض في أحكام ف ّك الرابطة‬
‫الزوجية‬
‫إما إلى‬
‫ينتيي الطعف بالنقض في األحكاـ ميما كاف نوعو إلى إحدى النتيجتيف‪ّ ،‬‬
‫رفض الطعف بالنقض شكبل أو موضوعا‪ ،‬وتأييد الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬وا ّما إلى قبوؿ‬
‫ؾ‬
‫الطعف بالنقض‪ ،‬والغاء الحكـ المطعوف فيو أو تعديمو‪ ،‬وبالنسبة لمطعف في أحكاـ ف ّ‬
‫الرابطة الزوجية فبل تثير حالة رفض الطعف شكبل أو موضوعا ّأية إشكاؿ بالنسبة لمجانب‬
‫المتعمؽ بإنياء العبلقة الزوجية‪ ،‬وال تأثير لمحكـ أو القرار الصادر بعد الطعف عمى‬
‫المراكز الجديدة لممطمقَ ْي ِف‪ ،‬التي أوجدىا الزوج ‪ -‬بالنسبة لمطبلؽ باإلرادة المنفردة‪،-‬‬
‫ألف رفض‬‫أو التي أوجدىا الحكـ القاضي بالتطميؽ أو الخمع أو الطبلؽ بالتراضي‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وال يؤثر عمى انقضاء المراكز القانونية‬
‫يؤكد الحكـ القاضي بف ّ‬
‫الطعف ّ‬

‫لحسيف بف الشيخ آث ممويا‪ ،‬رسالة في طبلؽ الخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.299‬‬ ‫‪1‬‬

‫زودة عمر‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.132-131‬‬ ‫‪2‬‬

‫عمرو خميؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.212‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪364‬‬
‫الناشئة عف عقد الزواج‪ ،‬خاصة وأف رفض الطعف بالنقض مف قبؿ المحكمة العميا‬
‫ُيحصّْف الحكـ المطعوف فيو مف أي طعف أو إلغاء‪.‬‬
‫لكف الحالة الثانية التي يمكف أف ُيفضي إلييا الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ‪،‬‬
‫والتي ينتج عنيا قبوؿ الطعف والغاء حكـ الطبلؽ – بمختمؼ صوره‪ -‬ىي التي تُفرز عديد‬
‫ألف إلغاء الحكـ ُيعيد األطراؼ إلى الحالة التي كانوا عمييا قبؿ صدور‬
‫اإلشكاالت‪ ،‬نظ ار ّ‬
‫حكـ الطبلؽ ‪-‬وفقا لمقواعد العامة‪ ،-‬مما يؤدي إلى اىتزاز المراكز القانونية المترتبة عف‬
‫الطبلؽ‪ ،1‬فيؿ تُصبح المطمقة زوجة لمطمقيا مف جديد؟ أـ تظؿ امرأة أجنبية عنو؟ وىؿ‬
‫الميت؟‬
‫الحي منيما ّ‬
‫ّ‬ ‫ُيمزـ المطمؽ بالنفقة عمييا؟ وىؿ إذا توفي أحدىما يرث‬
‫إشكاالت وتساؤالت عديدة تفرض نفسيا بقوة‪ ،‬أفرزتيا حالة إلغاء حكـ الطبلؽ‬
‫يتـ التطرؽ إلييا فيما يمي‪:‬‬
‫بعد الطعف فيو‪ ،‬وىي تحتاج إلى إجابات وحموؿ‪ّ ،‬‬
‫العدة‪ ،‬واحياء العالقة الزوجية من جديد‬
‫أ‪ -‬اإلشكال المتعمّق بمخالفة أحكام ّ‬
‫العدة وانقضائيا ‪ -‬وفؽ ما ىو مقرر شرعا‪ -‬باختبلؼ صور‬ ‫يختمؼ بداية سرياف ّ‬
‫تعتد المطمقة رجعيا في الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج ثبلثة‬
‫الطبلؽ وحاؿ المطمقة‪ ،‬حيث ّ‬
‫عدتيا ابتداء‬
‫قروء إذا كانت مف ذوات الحيض‪ ،‬وبوضع حمميا إف كانت حامبل‪ ،‬وتسري ّ‬
‫العدة‪ ،‬دوف عقد‬
‫مف تاريخ تصريح الزوج بالطبلؽ‪ ،‬ويجوز لزوجيا مراجعتيا خبلؿ أجؿ ّ‬
‫أف‬
‫الميت‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫الحي منيما ّ‬
‫ّ‬ ‫جديد ودوف رضاىا‪ ،‬واذا توفي أحدىما خبلؿ العدة ورث‬
‫عدتيا بانتياء أجميا صار الطبلؽ بائنا‬
‫أما إذا انقضت ّ‬
‫الزوجية ال زالت قائمة حكما‪ّ ،‬‬
‫حؽ لممطمؽ في الرجعة‪ ،‬وتصبح المطمقة أجنبية عنو‪ ،‬ال يجوز لو‬‫بينونة صغرى‪ ،‬وال ّ‬
‫مراجعتيا إال بعقد جديد وبرضاىا‪ ،‬وال توارث بينيما في الطبلؽ البائف‪.‬‬
‫أف صور الفُرقة فييا‬
‫أما بالنسبة لمتطميؽ والخمع والطبلؽ بالتراضي‪ ،‬فباعتبار ّ‬
‫فإف الطبلؽ يقع بائنا بينونة صغرى‬‫تتـ إال بحكـ القاضي‪ ،‬الذي يعتبر حكما منشئا‪ّ ،‬‬
‫ال ّ‬
‫عدتيا‬
‫ألف كؿ طبلؽ يوقعو القاضي يقع بائنا‪ ،‬وتعتد المرأة بعدىا ّ‬
‫بمجرد صدور الحكـ‪ّ ،‬‬
‫العدة‬
‫المقررة شرعا‪ ،‬وال حؽ لمزوج مراجعة الزوجة إال بعقد جديد وبرضاىا‪ ،‬سواء أثناء ّ‬
‫أو بعدىا‪ ،‬وال توارث بينيما إف توفي أحدىما‪.‬‬

‫عمرو خميؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.208‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪365‬‬
‫ىذه ىي باختصار األحكاـ التي تضبط التفرقة بيف الطبلؽ الرجعي والطبلؽ‬
‫ألي كاف‬
‫العدة والرجعة‪ ،‬وىي أحكاـ تتعمؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬ال يجوز ّ‬
‫البائف‪ ،‬وأحكاـ ّ‬
‫التعدي عمى أحكاميا‪.‬‬
‫مخالفتيا أو ّ‬
‫وبالنظر إلى مآؿ الطعف بالنقض الذي أفضى إلى إلغاء حكـ الطبلؽ أو التطميؽ‬
‫أو الخمع أو الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬وىو ما يقتضي إعادة األطراؼ إلى الحالة التي كانا‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أي إعادة إحياء العبلقة الزوجية مف جديد‪،‬‬
‫عمييا قبؿ صدور الحكـ بف ّ‬
‫أف األجؿ الذي يتطمبو صدور قرار‬
‫وبالتالي تصبح الحقوؽ المترتبة عمييا قائمة‪ ،‬والمعموـ ّ‬
‫مف المحكمة العميا التي تنظر في الطعف بالنقض ىو أجؿ طويؿ‪ ،‬قد يستغرؽ سنوات‬
‫العدة قد انقضى‪ ،‬وتكوف الزوجة قد بانت مف زوجيا‪،‬‬
‫لمفصؿ فيو‪ ،‬وبالتالي يكوف أجؿ ّ‬
‫وذىب كؿ واحد منيما إلى حالو‪ ،‬وقد تُبرـ الزوجة عقد زواج جديد مف رجؿ آخر‪ ،‬وتُصبح‬
‫تحت عصمتو‪ ،‬فكيؼ ليا أف تعود إلى الحالة التي كانت عمييا قبؿ صدور حكـ الطبلؽ؟‬
‫وكيؼ نيتـ إحياء العبلقة الزوجية مف جديد؟ فيؿ تصبح المرأة تحت عصمة رجميف؟ أـ‬
‫ىؿ يعتبر زواجيا الثاني الذي أبرمتو وفقا ألحكاـ الشرع والقانوف باطبل؟ وحتى إذا لـ‬
‫عدتيا‪ ،‬وال مجاؿ لمحديث‬
‫تتزوج المطمقة مف جديد‪ ،‬فقد صارت أجنبية عف مطمقيا بانتياء ّ‬
‫عف مراجعتيا إال بعقد جديد وبرضاىا‪.‬‬
‫ؾ‬
‫أف ىذا اإلشكاؿ ناتج عف عدـ مراعاة خصوصية األحكاـ الفاصمة بف ّ‬ ‫أعتقد ّ‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬إذ يستحيؿ إعادة األطراؼ إلى الحالة التي كانوا عمييا بعد صدور حكـ‬
‫مما دفع جانب مف الفقو الدعوة إلى منع الطعف بالنقض في‬
‫الطبلؽ وانتياء عدة المطمقة‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬والمطالبة بالنص عمى عدـ جواز الطعف في أحكاـ الطبلؽ‬ ‫أحكاـ ف ّ‬
‫بأي وجو مف أوجو الطعف‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإلشكال المتعمق بالنفقة‬
‫ببينة طبقا لنص‬
‫تجب النفقة لمزوجة عمى زوجيا بالدخوؿ بيا أو دعوتيا إليو ّ‬
‫المادة ‪ 74‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وتشمؿ الغذاء والكسوة والعبلج‪ ،‬والسكف أو أجرتو‪ ،‬وما يعتبر مف‬
‫الضروريات في العرؼ والعادة‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 78‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ويسقط حقيا في النفقة إذا‬

‫‪366‬‬
‫العدة وصيرورة الطبلؽ بائنا‪ ،‬حيث‬
‫ثبت نشوزىا‪ ،‬أو ح ّؿ عقد زواجيا نيائيا‪ ،‬بعد انقضاء ّ‬
‫ؽ ليا في النفقة‪.1‬‬
‫تصبح المرأة أجنبية‪ ،‬وال ح ّ‬
‫إف إلغاء حكـ الطبلؽ واعادة الطرفيف إلى الحالة التي كانا عمييا قبؿ صدور‬
‫ّ‬
‫وكأف شيئا‬
‫ّ‬ ‫الحكـ‪ ،‬يؤدي –كما سبؽ ذكره‪ -‬إلى إحياء العبلقة الزوجية مف جديد‪،‬‬
‫لـ يحدث‪ ،‬وبالتالي تستطيع المطمقة أف تطالب المطمؽ بحقيا في النفقة عف الفترة التي‬
‫تمت ص دور حكـ فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬إلى غاية إلغاء حكـ الطبلؽ بعد الطعف بالنقض‬
‫أف عقد زواجيا منو الزاؿ قائما بعد إلغاء حكـ الطبلؽ‪ ،‬بؿ وتطالبو‬ ‫فيو‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫عدتيا‬
‫بإرجاعيا إلى مسكف الزوجية والنفقة عمييا‪ ،‬في حيف ّأنيا امرأة أجنبية عنو‪ ،‬وانتيت ّ‬
‫وبانت مف زوجيا‪ ،‬وىي نتيجة َسَب ُبيَا إلغاء حكـ الطبلؽ بعد الطعف فيو‪ ،‬وىي نتيجة‬
‫ؾ عصمتيا‪ ،‬لذا‬
‫عدتيا وف ّ‬
‫حؽ ليا في النفقة بعد انتياء ّ‬
‫مخالفة ألحكاـ الشرع‪ ،‬حيث ال ّ‬
‫يجب النص عمى عدـ قابمية أحكاـ الطبلؽ لمطعف فييا مطمقا‪.‬‬
‫ج‪ -‬اإلشكال المتعمق بالميراث‬
‫سبؽ بياف أف الحالة التي يجوز فييا التوارث بيف المطمؽ والمطمقة في الطبلؽ‬
‫الميت‪ ،‬كما أضاؼ‬
‫العدة ورث الحي منيما ّ‬
‫الرجعي‪ ،‬حيث إذا توفي أحد الزوجيف خبلؿ ّ‬
‫الفار مف الميراث‪ ،‬حيث إذا طمّؽ الزوج زوجتو في‬
‫خاصة تتعمؽ بطبلؽ ّ‬
‫ّ‬ ‫الشرع حالة‬
‫عدة الطبلؽ‪ ،‬ورثت المطمقة منو‪ ،‬معاممة لو بنقيض‬
‫ثـ توفي في ّ‬
‫مرض موتو طبلقا بائنا‪ّ ،‬‬
‫العدة‬
‫قصده‪ ،‬كما ّأنو ال توارث بيف الزوجيف في الطبلؽ البائف‪ ،‬سواء حصمت الوفاة أثناء ّ‬
‫أـ بعد انقضاء أجميا‪.‬‬
‫لكف إلغاء حكـ الطبلؽ بعد الطعف فيو‪ ،‬وارجاع الطرفيف إلى الحالة التي كانا‬
‫عمييا قبؿ صدوره‪ ،‬يؤدي إلى إحياء العبلقة الزوجية مف جديد‪ ،‬وبقاء عقد الزواج قائما‪،‬‬
‫يورثو‬
‫أف الشرع ال ّ‬
‫الحي الحؽ في اإلرث مف زوجو المتوفى‪ ،‬في حيف ّ‬
‫ّ‬ ‫مما يجعؿ لمزوج‬
‫النقضاء العدة وصيرورة الطبلؽ بائنا بيف الزوجيف‪ ،‬وفي ذلؾ مخالفة صريحة ألحكاـ‬
‫الميراث المتعمقة بالنظاـ العاـ‪.‬‬

‫بف ىبري عبد الحكيـ‪ ،‬أحكاـ الصمح في شؤوف األسرة‪ ،‬وفقا لمتشريع والقضاء الجزائري‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2018‬ص ‪.303‬‬
‫‪367‬‬
‫كما أف اإلشكاؿ يطرح حتى لو حصمت الوفاة قبؿ صدور حكـ الجية القضائية‬
‫التي تنظر في الطعف ‪ ،‬فإذا توفي أحد الزوجيف خبلؿ الفترة التي تنظر فييا الجية‬
‫تقسـ التركة بيف ورثة المتوفي دوف إدخاؿ الزوج‬
‫القضائية الطعف في حكـ الطبلؽ‪ ،‬فيؿ ّ‬
‫المطمؽ‪ ،‬أـ يتوقؼ تقسيـ التركة حتى يفصؿ في الطعف في حكـ الطبلؽ‪ ،‬فإف قضى‬
‫برفض الطعف قسمت التركة بيف ورثة المتوفي دوف الزوج المطمؽ‪ ،‬واذا قبؿ الطعف وألغي‬
‫حكـ الطبلؽ‪ ،‬أ ُّْد ِخ َؿ الزوج المطمؽ ضمف ورثة المتوفى‪ ،‬وأعطي نصيبو مف التركة‪.‬‬
‫يورث إشكاال‬
‫جميا مما سبؽ أف فتح مجاؿ الطعف في أحكاـ الطبلؽ ّ‬ ‫يتضح ّ‬
‫كبيرا‪ ،‬يؤدي إلى توريث المطمقيف فيما بينيما إذا توفي أحدىما‪ ،‬ودوف وجو حؽ‪ ،‬بعد‬
‫ألف العبلقة‬
‫العدة وصيرورة الطبلؽ بائنا‪ ،‬وفي ذلؾ مخالفة صريحة ألحكاـ الشرع‪ّ ،‬‬
‫انتياء ّ‬
‫الزوجية التي ىي سبب الميراث قد انقضت‪.‬‬
‫د‪ -‬اإلشكال المتعمق ببقاء الزوجة معمّقة‬
‫إف صدور حكـ بالطبلؽ بيف الزوجيف في أي صورة مف صور الطبلؽ‪ ،‬وجعمو‬ ‫ّ‬
‫قا ببل لمطعف فيو بأي وجو مف أوجو الطعف‪ ،‬يجعمو ميددا باإللغاء أو النقض في أي‬
‫لحظة‪ ،‬وبذلؾ ال تستقر المراكز القانونية لؤلشخاص‪ ،‬بحيث أف إلغاء حكـ الطبلؽ يعيدىـ‬
‫ويرتب عمييـ التزامات يوجبيا عقد الزواج الذي‬
‫إلى الحالة التي كانوا عمييا قبؿ صدوره‪ّ ،‬‬
‫تـ إحيائو مف جديد‪.‬‬
‫ّ‬
‫واف كاف لمزوج بعد صدور حكـ الطبلؽ ‪-‬أو حتى قبمو‪ -‬إعادة الزواج مف جديد‪،‬‬
‫أف الزوجة‬
‫دوف انتظار انقضاء آجاؿ الطعف أو نتيجة الطعف في حكـ الطبلؽ‪ ،‬إالّ ّ‬
‫أف طبلقيا صار بائنا‪ ،‬وانقضت‬
‫تتضرر كثي ار مف فتح المجاؿ لمطعف فيو‪ ،‬فبالرغـ مف ّ‬
‫عدتيا‪ ،‬و ّأنيا صارت أجنبية عف مطمقيا‪ ،‬إال ّأنو ما داـ حكـ الطبلؽ ميددا باإللغاء في‬
‫ّ‬
‫أي لحظة‪ ،‬يجعميا في حيرة مف أمرىا‪ ،‬فيؿ ليا الحؽ في أف تستأنؼ حياتيا مف جديد‪،‬‬
‫عدتيا؟ أـ عمييا االنتظار إلى غاية انقضاء‬
‫وتبرـ عقد زواج مف رجؿ آخر بعد انقضاء ّ‬
‫تـ‬
‫يتـ ممارستو‪ ،‬أو إلى غاية الفصؿ في الطعف في حكـ الطبلؽ إذا ّ‬
‫آجاؿ الطعف إذا لـ ّ‬
‫ممارسة وجو مف أوجو الطعف‪ ،‬والذي قد يطوؿ لسنوات إذا تعمّؽ األمر بالطعف بالنقض‪،‬‬
‫وحرة في‬
‫وبالتالي تصبح المرأة معمّقة‪ ،‬ال ىي متزوجة تحت عصمة رجؿ‪ ،‬وال ىي مطمّقة ّ‬
‫إعادة الزواج مف جديد‪ ،‬ىذه الوضعية الجاىمية خمّفيا ترؾ المجاؿ مفتوحا لمطعف في‬
‫‪368‬‬
‫مما يستدعي تصحيح األوضاع‪ ،‬وجعؿ حكـ الطبلؽ غير قابؿ ألي وجو‬ ‫أحكاـ الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫مف أوجو الطعف العادية أو غير العادية‪.‬‬
‫ىـ ‪ -‬اإلشكال الذي تواجيو المطمقة التي أعادت الزواج‬
‫عدتيا‪ ،‬أف تعقد قرانيا مع زوج‬
‫يجيز الشرع لممطمقة التي بانت مف زوجيا وانتيت ّ‬
‫آخر بموجب عقد زواج مستوفي األركاف والشروط‪ ،‬حيث يعتبر زواجيا صحيحا‪ ،‬لكف‬
‫إلغاء حكـ الطبلؽ الذي َح َّؿ عقد زواجيا األوؿ‪ ،‬يرجعيا إلى نقطة الصفر‪ ،‬فيؿ تصبح‬
‫تحت عصمة زوجيف اثنيف؟ وأي عقدي الزواج صحيحا؟ األوؿ أـ الثاني؟ وىؿ ارتكبت‬
‫الزوجة جريمة الزنا بعد إعادتيا الزواج مرة ثانية‪ ،‬بعدما بانت مف مطمقيا وانقضت‬
‫عدتيا؟‬
‫ّ‬
‫ىذه اإلشكاالت أفرزتيا الوضعية التي آؿ إلييا األطراؼ بعد إلغاء ونقض حكـ‬
‫الطبلؽ بعد الطعف فيو‪ ،‬وا ّف كنت أعتقد بأف عقد الزواج الثاني الذي أبرمتو الزوجة بعد‬
‫عدتيا‪ ،‬ىو الزواج الصحيح‪ ،‬وأنيا في عصمة رجؿ واحد‬ ‫أف صار طبلقيا بائنا وانقضت ّ‬
‫يحؽ لمطمقيا متابعتيا بجريمة‬
‫فقط‪ ،‬وىو الذي ربطيا بو عقد الزواج الثاني‪ ،‬كما ّأنو ال ّ‬
‫ألف العبلقة الزوجية بينيما انقضت وقت إبراميا عقد الزواج الثاني‪ ،‬وال وجود ألي‬
‫الزنا‪ّ ،‬‬
‫جريمة زنا‪.‬‬
‫وفي ظؿ الوضع الحالي‪ ،‬بعد تعديؿ قانوف األسرة في ‪ ،2005‬وبعد صدور‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬يتضح أف المشرع منع صراحة الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ والتطميؽ‬
‫والخمع‪ ،‬والطبلؽ بالتراضي‪ ،‬باستثناء جوانبيا المادية والحضانة‪ ،‬بينما أبقى عمى جواز‬
‫الطعف بالنقض فييا‪ ،‬حيث لـ يراع المشرع القواعد الموضوعية لطبيعة الطبلؽ الذي‬
‫ال يمكف نقضو إذا وقع‪ ،‬والقوؿ بإرجاع الزوجة لزوجيا بعد أف صار الطبلؽ بائنا يوقع‬
‫الزوجيف في مخالفة لؤلحكاـ الشرعية‪ ،‬ىذه اإلشكاالت الشرعية والقانونية خمّفيا فتح مجاؿ‬
‫الطعف في أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬حيث يؤدي إلى نتائج غير منطقية‪ ،‬وغير مشروعة‪ ،‬وأماـ ىذا‬
‫الوضع غير السميـ‪ ،‬وجب عمى المحكمة العميا أف تنتبو لذلؾ‪ ،‬وأالّ تقض بنقض أحكاـ‬
‫الطبلؽ‪ ،‬بؿ تكتفي بالتصريح بوجود مخالفة في حكـ الطبلؽ فقط –إف وجدت‪ ،-‬وىو‬

‫‪369‬‬
‫نفس الرأي الذي قاؿ بو األستاذ لحسيف بف الشيخ آث ممويا‪ ،1‬واألستاذ بف ىبري عبد‬
‫‪2‬‬
‫ألف الطبلؽ البائف ال يجوز نقضو‪ ،‬وال يمكف إرجاع الحالة إلى ما كانت‬
‫الحكيـ ‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫عميو قبؿ صدور الحكـ‪.‬‬
‫إف طبيعة أحكاـ الطبلؽ تأبى أف تُعامؿ معاممة األحكاـ المدنية‪ ،‬وأف تطبؽ‬ ‫ّ‬
‫عمييا القواعد اإلجرائية الواردة في القواعد العامة مطمقا‪ ،‬لذا يجب التمييز بيف القواعد‬
‫اإلجرائية التي ال تخالؼ القواعد الموضوعية المتعمقة بالطبلؽ‪ ،‬فبل ضير في تطبيقيا‬
‫عمى أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬بينما يجب استبعاد القواعد اإلجرائية التي تتنافى مع طبيعة أحكاـ‬
‫خاصة تتبلءـ مع خصوصية الطبلؽ‪ ،‬ألف القاعدة‬ ‫ّ‬ ‫الطبلؽ‪ ،‬وذلؾ بإيجاد نصوص إجرائية‬
‫اإلجرائية ما وجدت إال لتخدـ القاعدة الموضوعية‪ ،‬ال أف تنافييا وتخالفيا وتيدميا‪.‬‬
‫يتعيف عمى‬
‫لذا أعتقد صواب الموقؼ المعارض لمطعف في أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬وأنو ّ‬
‫المشرع تعديؿ نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والنص عمى عدـ جواز الطعف في أحكاـ الطبلؽ‬
‫باإلرادة المنفردة لمزوج وأحكاـ الطبلؽ بالتراضي بأي وجو مف أوجو الطعف العادية‬
‫أو غير العادية‪ ،‬أما أحكاـ التطميؽ والخمع فأعتقد جواز فتح مجاؿ الطعف فييا بقيود‪،‬‬
‫وىي أف يوقؼ تنفيذىا حتى استيفاء طرؽ الطعف فييا أو مضي آجاليا‪ ،‬وأف تكوف آجاؿ‬
‫الطعف قصيرة حتى تستقر الحالة الشخصية لؤلطراؼ في أقرب اآلجاؿ‪ ،‬أي يجب‬
‫معاممتيا معاممة القضايا االستعجالية مف حيث آجاؿ الطعف فييا‪ ،‬أو آجاؿ الفصؿ فييا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تمييز صور ف ّك الرابطة الزوجية من حيث الطعن بالنقض‬

‫ؾ الرابطة الزوجية بيف صور‬


‫نميز فيما يخص جواز الطعف بالنقض في أحكاـ ف ّ‬ ‫ّ‬
‫الطبلؽ المختمفة‪ :‬الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬التطميؽ والخمع‪ ،‬الطبلؽ بالتراضي‪.‬‬
‫أوال‪ -‬الطعن بالنقض في أحكام الطالق باإلرادة المنفردة‬
‫صراحة عمى قابمية أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمطعف‬
‫لـ ينص المشرع ّ‬
‫بالنقض‪ ،‬لكف ذلؾ ُيفيـ بطريقة غير مباشرة مف نص المادة ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي جاء‬
‫فييا‪ " :‬ال يوقؼ الطعف بالنقض تنفيذ أحكاـ الطبلؽ المنصوص عمييا في المادة ‪450‬‬

‫‪ 1‬لحسيف بف شيخ آث ممويا‪ ،‬رسالة في طبلؽ الخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫بف ىبري عبد الحكيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.314‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪370‬‬
‫و‪ 451‬أعبله"‪ ،‬وتتعمؽ المادة ‪ 450‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ بالطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬لذا‬
‫نص المادة ‪ 452‬بمفيوـ المخالفة أنو ما داـ الطعف بالنقض في حكـ الطبلؽ‬
‫ُيستنتج مف ّ‬
‫باإلرادة المنفردة ال يوقؼ التنفيذ‪ ،‬فالطعف بالنقض جائز إذف في ىذا الحكـ‪.‬‬
‫أف قابمية أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمطعف بالنقض ال يوقؼ تنفيذ ىذه‬
‫غير ّ‬
‫األحكاـ‪ ،‬عمى خبلؼ ما كاف مقر ار في ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى في المادة ‪ 238‬منو‪ ،‬وما ىو مقرر‬
‫كذلؾ في المادة ‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬بحيث ليس لمطعف بالنقض أثر موقؼ عمى أحكاـ‬
‫يقيد النص العاـ الذي‬
‫الطبلؽ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وىو نص خاص ّ‬
‫تـ‬
‫يستثني القضايا المتعمقة بحالة األشخاص أو أىميتيـ مف أثر عدـ وقؼ التنفيذ إذا ّ‬
‫الطعف فييا بالنقض‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ما يمي‪ " :‬ال يترتب عمى‬
‫الطعف بالنقض وقؼ تنفيذ الحكـ أو القرار‪ ،‬ما عدا في المواد المتعمقة بحالة األشخاص‬
‫أو أىميتيـ وفي دعوى التزوير"‪ ،‬وىي تنقؿ نفس مضموف المادة ‪ 238‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‬
‫أقر فييا المشرع األثر الموقؼ لمطعف بالنقض في القضايا المتعمقة بحالة األشخاص‬
‫التي ّ‬
‫أو أىميتيـ‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ 238‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ " :‬ليس لمطعف بالنقض أماـ‬
‫المحكمة العميا أثر موقؼ إال في الحاالت اآلتية‪ -1 :‬إذا تعمؽ األمر بحالة األشخاص أو‬
‫أىميتيـ‪ -2 .‬في حالة وجود دعوى تزوير فرعية"‪.‬‬
‫فالمشرع ما داـ لـ ُي ْم ِغ مضموف المادة ‪ 238‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ ،‬وأعاد النص‬
‫فإف الحكـ المتضمف في المادة يبقى ساري المفعوؿ‪،‬‬
‫عميو في المادة ‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ّ ،‬‬
‫لذلؾ أضاؼ المشرع نصا جديدا يعتبر قيدا عمى نص المادة ‪ 361‬المذكورة‪ ،‬وىو نص‬
‫المادة ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬والذي استثنى بموجبو أحكاـ الطبلؽ مف األثر الموقؼ لمطعف‬
‫بالنقض‪ ،‬حيث ال ُيوقؼ الطعف بالنقض تنفيذ ىذه األحكاـ‪ ،‬لذلؾ ألزـ المشرع تنفيذىا دوف‬
‫انتظار فوات آجاؿ الطعف بالنقض‪ ،‬ودوف انتظار الفصؿ فيو‪ ،‬كما تؤ ّكد الفقرة األخيرة مف‬
‫المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ وجوب تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ بسعي مف النيابة العامة‪ ،‬وىو ما يفيـ‬
‫أف الطعف بالنقض ال يوقؼ تنفيذ أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬وىي حالة مف الحاالت التي تدعـ‬
‫منو ّ‬
‫ؾ الرابطة‬
‫تتميز بيا قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬وبصفة خاصة قضايا ف ّ‬ ‫الخصوصية التي ّ‬
‫الزوجية‪.‬‬

‫‪371‬‬
‫غير أنو يطرح التساؤؿ حوؿ جدوى إقرار قابمية أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة‬
‫تميز الطبلؽ باإلرادة المنفردة عف باقي‬
‫لمطعف فييا بالنقض‪ ،‬حيث نظ ار لمخصوصية التي ّ‬
‫صور الطبلؽ‪ ،‬وطبيعة الحكـ الصادر بشأنو‪ ،‬كونو حكما كاشفا لمركز قانوني أوجده‬
‫الزوج‪ ،‬ودور القاضي فيو سمبي‪ ،‬بحيث ال يتدخؿ في إيقاع الطبلؽ‪ ،‬واّنما ُيثبت إرادة‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وال يمكف ألي طرؼ وال حتى القاضي‬ ‫الزوج الذي استعمؿ حقو في ف ّ‬
‫فإف إتاحة الطعف بالنقض في حكـ‬
‫ثـ ّ‬
‫معارضة إرادة الزوج في إيقاع الطبلؽ‪ ،‬ومف َّ‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬وصدور ق اررات مف المحكمة العميا تقضي بإبطاؿ ونقض حكـ‬
‫التعدي عمى حؽ مف حقوؽ الزوج التي كفميا لو‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬مف شأنو ّ‬
‫ألف الحكـ المثبت لمطبلؽ ال يمكف بأي‬ ‫الشرع والقانوف‪ ،‬وتُ ُّ‬
‫عد خرقا لمقانوف ولمنظاـ العاـ‪ّ ،‬‬
‫ألنو مف المفترض أف ال أثر ألي وجو مف أوجو الطعف في‬ ‫حاؿ مف األحواؿ نقضو‪ ،‬و ّ‬
‫تغيير المركز القانوني الذي أوجده الزوج بإرادتو المنفردة‪ ،‬واّنما تُتاح أوجو الطعف عمى‬
‫اختبلؼ صورىا مف أجؿ التخاصـ والتنازع حوؿ توابع الطبلؽ المادية فقط‪.‬‬
‫لذا أعتقد ّأنو يجب عمى المشرع أف ينص عمى عدـ قابمية أحكاـ الطبلؽ‬
‫باإلرادة المنفردة لمطعف بالنقض أماـ المحكمة العميا‪ ،‬ما عدا فيما يخص الجوانب المادية‬
‫لمطبلؽ‪ ،‬وباستثناء بعض الحاالت القميمة جدا التي يمكف إتاحة الطعف بالنقض‬
‫بخصوصيا‪ ،1‬كحالة رفع دعوى الطبلؽ باسـ الزوج مف طرؼ محاميو أو شخص آخر‬
‫ودوف عممو‪ ،‬ويحكـ القاضي بالطبلؽ دوف التأكد مف إرادة الزوج في الطبلؽ‪ ،‬أو كأف‬
‫ترفع دعوى الطبلؽ باسـ شخص محجور عميو‪ ،‬ويحكـ القاضي بالطبلؽ‪ ،‬في حيف ال‬
‫ؾ الرابطة الزوجية باعتباره عديـ‬
‫يحؽ لممحجور عميو أف ترفع دعوى باسمو مف أجؿ ف ّ‬
‫األىمية‪ ،‬لذا يجب التضييؽ مف حاالت قابمية أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمطعف‬
‫بالنقض وتحديدىا وحصرىا بدقّة‪ ،‬حتى ال تُنقض أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪.‬‬
‫كما يجب عمى قضاة الموضوع إذا ألغت المحكمة العميا حكـ الطبلؽ بسبب عدـ‬
‫إجراء الصمح مثبل‪ ،‬وأحالت القضية إلى المحكمة لمفصؿ فييا مف جديد‪ ،‬أف يقتصر‬
‫تـ نقض حكـ الطبلؽ مف أجمو‪ ،‬دوف‬
‫قاضي الموضوع عمى استيفاء اإلجراء الذي ّ‬

‫‪ 1‬نور الديف لمطاعي‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتوراه‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫‪372‬‬
‫أف‬
‫بأف إجراء الصمح كاف دوف جدوى‪ ،‬باعتبار ّ‬ ‫أف يمغي حكـ الطبلؽ‪ ،‬وذلؾ بالتصريح ّ‬
‫عدة المطمقة‪ ،‬وعميو تثبيت حكـ الطبلؽ‪ ،‬وبالتالي البد‬
‫الطبلؽ قد أوقعو الزوج وانقضت ّ‬
‫أف يقتصر النقض عمى الجزء الذي ت ّـ مخالفة القانوف بشأنو‪ ،‬دوف المساس بالمركز‬
‫ألف الطعف بالنقض ال ينصرؼ إلى الحكـ كمو‪ ،‬بؿ يقتصر‬ ‫القانوني الذي أوجده الزوج‪ّ ،‬‬
‫تجنب اإلشكاالت‬
‫عمى المسألة القانونية التي أثارتيا المحكمة العميا فقط‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ ّ‬
‫الشرعية والقانونية التي يثيرىا قرار المحكمة العميا بإلغاء حكـ الطبلؽ‪ ،‬والتي تتعمؽ‬
‫العدة والرجعة‪.1‬‬
‫بالنظاـ العاـ‪ ،‬كمخالفة أحكاـ ّ‬
‫ثانيا‪ -‬الطعن بالنقض في أحكام ف ّك الرابطة الزوجية بطمب من الزوجة‬
‫ويستنتج ذلؾ مف نص‬
‫أقر المشرع قابمية أحكاـ التطميؽ والخمع لمطعف بالنقض‪ُ ،‬‬
‫ّ‬
‫بأف الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ المنصوص‬
‫المادة ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬والتي تقضي ّ‬
‫عمييا في المادة ‪ 451‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ال يوقؼ التنفيذ‪ ،‬والمقصود بيا أحكاـ التطميؽ والخمع‪،‬‬
‫حيث ُيعتبر الحكـ القاضي بالتفريؽ بيف الزوجيف تطميقا أو خمعا ذو طابع نيائي‪ ،‬في شقّو‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وال يجوز الطعف فيو بطرؽ الطعف العادية‪ ،‬لكف أجاز‬ ‫الخاص بف ّ‬
‫أف الطعف بالنقض ال يوقؼ تنفيذ‬
‫المشرع الطعف فيو بالنقض أماـ المحكمة العميا‪ ،‬غير ّ‬
‫يتـ تسجيمو في الحالة المدنية لمزوجيف بسعي مف النيابة‬
‫حكـ التطميؽ أو الخمع‪ ،‬حيث ّ‬
‫العامة وجوبا‪.‬‬
‫قضاء نقض المحكمة العميا ألحكاـ قضائية قضت بالتطميؽ أو الخمع‬
‫ً‬ ‫وقد ثبت‬
‫وتـ الطعف فييا بالنقض‪ ،‬وذلؾ ألسباب مختمفة‪ ،‬منيا عدـ جواز تقديـ طمب التطميؽ‬
‫ّ‬
‫ألف دعوى التطميؽ أو دعوى الخمع ال تكوف إال بدعوى مستقمة‪،‬‬
‫أو الخمع كطمب مقابؿ‪ّ ،‬‬
‫ما لـ يوافؽ الزوج عمى ذلؾ دوف قيد أو شرط‪ ،‬حيث جاء في قرار لممحكمة العميا ما يمي‪:‬‬
‫إف المحكمة العميا سارت عمى اجتياد مفاده عدـ إضرار أي شخص مف دعواه‪ ،‬واذا‬
‫"‪ ...‬ف ّ‬
‫تدعي ضرار أو تروـ إلى طمب الخمع‪ ،‬أف تتخذ ما تراه مناسبا‪.‬‬
‫كانت المطعوف ضدىا ّ‬
‫ثـ يكوف القاضي األوؿ لما استجاب لطمب المطعوف ضدىا الخمع بمجرد طمب‬
‫ومف ّ‬

‫المرجع نفسو‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪373‬‬
‫مما يجعؿ ىذيف الوجييف مؤسسيف‪ ،‬مما يتعيف‬
‫أضر بالطاعف وخالؼ القانوف‪ّ ،‬‬
‫مقابؿ قد ّ‬
‫معو نقض الحكـ المطعوف فيو"‪.1‬‬
‫كما عدلت المحكمة العميا عف موقفيا القديـ المتعمؽ بجواز حفظ حؽ الزوج في‬
‫مقابؿ الخمع عند الحكـ بالتطميؽ خمعا‪ ،2‬إلى موقؼ آخر يشترط تحديد القاضي لمقابؿ‬
‫الخمع عند حكمو بالتطميؽ خمعا‪ ،‬وعدـ جواز حفظ حؽ الزوج في مقابؿ الخمع‪ ،‬باعتباره‬
‫عنص ار أساسيا في الخمع وال يقوـ إال بو‪ ،‬ونقضت الحكـ بالخمع الذي لـ يحدد القاضي‬
‫فيو مقابؿ الخمع‪.‬‬
‫كما نقض قرار آخر صادر عف المحكمة العميا حكما قضى بالتطميؽ خمعا‪ ،‬لِ َما‬
‫اعتبرتو المحكمة العميا مخالفة لمقانوف واساءة في تطبيقو‪ ،‬حيث جاء في القرار ما يمي‪:‬‬
‫ألف طمب الخمع‬
‫أف الحكـ محؿ الطعف قد خالؼ القانوف وأساء تطبيقو‪ ،‬وذلؾ ّ‬ ‫"حيث ّ‬
‫ال يمكف لمزوجة أف تطالب بو قبؿ الدخوؿ‪ ،‬بؿ يمكف ليا المطالبة بو فقط بعد الدخوؿ‪،‬‬
‫وعند بموغ حياتيا الزوجية مع زوجيا حالة مف الكراىية والنفور يتعذر معو مواصمة العشرة‬
‫أف مف‬
‫الزوجية‪ ،‬األمر الذي يجعؿ الحكـ محؿ الطعف عرضة لمنقض واإلبطاؿ‪ ،‬وحيث ّ‬
‫خسر طعنو يحمؿ المصاريؼ القضائية عمبل بأحكاـ المادة ‪ 270‬مف قانوف اإلجراءات‬
‫المدنية"‪ .3‬واف كاف جانب مف الفقو انتقد قرار المحكمة العميا في موقفو مف جيتيف‬
‫اثنتيف‪:4‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2006/07/12‬ممؼ رقـ ‪ ،353851‬مجمة‬ ‫‪1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬العدد ‪ ،2‬ص ‪ ،427‬أنظر كذلؾ‪ :‬المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ‬
‫في ‪ 2011/09/15‬ممؼ رقـ ‪ ،647108‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬العدد ‪ ،1‬ص ‪.309‬‬
‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1996/07/30‬رقـ ‪ ،141262‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1998‬عدد ‪ ،1‬ص ‪ ، 122‬ومما جاء فيو‪ ... " :‬وأنو لـ يفصؿ في حؽ التعويض المترتب عف الطبلؽ خمعا‪ ،‬لكوف‬
‫المدعية المطعوف ضدىا تمسكت بحؽ الخمع‪ ،‬فحفظ لممدعي عميو الطاعف حقو‬ ‫المدعى عميو الطاعف تمسؾ بالرجوع و ّ‬
‫في التعويض‪ ،‬وكاف عمى ىذا األخير في ىذه الحالة ما داـ حقو قد انحصر في الجانب المادي أف يستأنؼ الحكـ ما‬
‫داـ المجمس القضائي المختص طبقا لما تقضي بو أحكاـ المادة ‪ 57‬مف قانوف األسرة ‪."...‬‬
‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2006/06/14‬ممؼ رقـ ‪ ،258613‬مجمة‬ ‫‪3‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ 2006‬العدد الثاني‪ ،‬ص‪.421‬‬


‫لحسيف بف شيخ آث ممويا‪ ،‬رسالة في طبلؽ الخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.145 -140‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪374‬‬
‫الجية األولى‪ :‬الموقؼ القانوني مف مسألة المطالبة بالخمع قبؿ الدخوؿ‪ ،‬والتي لـ‬
‫يشترط المشرع صراحة في نص المادة ‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ سواء قبؿ التعديؿ أو بعده وجوب أف‬
‫تكوف المطالبة بالخمع بعد الدخوؿ‪ ،‬فضبل أف الرجوع إلى أحكاـ الشريعة اإلسبلمية والفقو‬
‫أف المشرع لـ يتطرؽ ليا‪ ،‬تطبيقا‬
‫اإلسبلمي لمعرفة الحكـ الشرعي في المسألة‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫‪1‬‬
‫أف‬
‫أف فقياء المالكية يجيزوف الخمع قبؿ الدخوؿ ‪ ،‬كما ّ‬
‫يتبيف ّ‬
‫لنص المادة ‪ 222‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫البغض والكراىية التي تدفع الزوجة لممطالبة بالخمع‪ُ ،‬يتصور أف تحدث قبؿ الدخوؿ‬
‫وبعده‪ ،‬وبالتالي أعتقد عدـ صواب ما قضى بو قضاة المحكمة العميا في القرار المذكور‪.‬‬
‫الجية الثانية‪ :‬المتعمقة بنقض وابطاؿ الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬ألف قاضي الدرجة‬
‫األولى قضى بالتطميؽ خمعا‪ ،‬وطبلؽ القاضي بائف شرعا وقانونا‪ ،‬ال يجوز مراجعة الزوجة‬
‫بعده إال بعقد جديد وبرضاىا‪ ،‬ونقض ىذا الحكـ ال يمكف معو الرجوع إلى الحالة التي‬
‫كاف عمييا الزوجيف قبؿ الخمع‪ ،‬نظ ار لخصوصية األحكاـ الشرعية المتعمقة بالزواج‬
‫جراء نقض الحكـ الذي قضى‬
‫والطبلؽ‪ ،‬مما يؤدي ال محالة إلى إشكاالت قانونية وشرعية ّ‬
‫بالخمع‪.‬‬
‫أف الزوج غير مجبر‬
‫فإنو يتجاذبو رأياف‪ ،‬األوؿ يرى ّ‬
‫وبالرجوع إلى طبيعة الخمع ّ‬
‫أف الخمع ىو عقد‬
‫عمى إجابة الزوجة في طمبيا الخمع‪ ،‬ولو الحؽ في رفض الخمع‪ ،‬و ّ‬
‫رضائي ينيي العبلقة الزوجية بالتراضي بيف الزوجيف‪ ،‬فيو عبلقة تعاقدية تمتزـ الزوجة‬
‫ويتـ باإليجاب والقبوؿ‬
‫فييا بدفع عوض لمزوج مقابؿ أف يمتزـ الزوج بحؿ العبلقة الزوجية‪ّ ،‬‬
‫بينيما‪ ،2‬وىو الموقؼ الذي يتبناه جانب مف الفقو اإلسبلمي‪ ،‬ووفقا لذلؾ فحكـ الخمع غير‬
‫قابؿ لمطعف فيو بأي وجو مف أوجو الطعف‪.‬‬
‫أف الزوج ُممزـ بتمبية طمب‬
‫أف الخمع ليس عقدا رضائيا‪ ،‬و ّ‬
‫أما الرأي الثاني فيرى ّ‬
‫ّ‬
‫الزوجة لمخمع‪ ،‬واذا لـ يستجب لطمب المخالعة ترفع أمرىا لمقاضي حتى ُيفرؽ بينيما‪،‬‬
‫أف القاضي ممزـ‬
‫وبالتالي يعتبر الخمع حقا إراديا لمزوجة مف أجؿ إنياء العبلقة الزوجية‪ ،‬و ّ‬

‫أجاز اإلماـ مالؾ الخمع قبؿ الدخوؿ‪ ،‬حيث جاء في المدونة الكبرى‪ " :‬إني سمعت مالكا سئؿ عف رجؿ تزوج امرأة‬ ‫‪1‬‬

‫بمير مسمى‪ ،‬فافتدت منو بعشرة دنانير إليو قبؿ أف يدخؿ بيا عمى أف يخمي سبيميا‪ ،‬ففعؿ ثـ أرادت أف تتبعو بنصؼ‬
‫المير‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ليس ليا ذلؾ ‪ "...‬أنظر‪ :‬لحسيف بف شيخ آث ممويا‪ ،‬رسالة في الخمع‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.139-138‬‬
‫عمر زودة‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.157‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪375‬‬
‫المشرع في المادة ‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ‬‫ّ‬ ‫تبناه‬
‫باالستجابة لطمبيا المتعمؽ بالخمع‪ ،‬وىو االتجاه الذي ّ‬
‫التي جاء فييا‪" :‬يجوز لمزوجة دوف موافقة الزوج أف تُخالع نفسيا بمقابؿ مالي‪ .‬إذا لـ يتّفؽ‬
‫ال زوجاف عمى المقابؿ المالي لمخمع‪ ،‬يحكـ القاضي بما ال يتجاوز قيمة صداؽ المثؿ وقت‬
‫صدور الحكـ"‪ ،‬وىو نفس الموقؼ الذي تبنتو المحكمة العميا في أحد ق ارراتيا التي اعتبرت‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عند االقتضاء‪،‬‬
‫فيو الخمع حقا إراديا خولتو الشريعة اإلسبلمية لمزوجة لف ّ‬
‫وليس عقدا رضائيا بيف الزوجيف‪.1‬‬
‫وبالتالي فممزوجة الحؽ في مخالعة نفسيا مف زوجيا مقابؿ عوض يتّفقاف عميو‪،‬‬
‫فإف لـ يتّفقا حكـ القاضي بما ال يتجاوز قيمة صداؽ المثؿ وقت صدور الحكـ‪ ،‬مما‬
‫يجعؿ الخمع حقا إراديا لمزوجة في إنياء العبلقة الزوجية‪ ،‬ال يتوقؼ عمى موافقة الزوج‬
‫المقدـ مف الزوجة‪ ،‬مما‬
‫ّ‬ ‫أو موافقة القاضي‪ ،‬فيما ُمجبراف عمى االستجابة لطمب الخمع‬
‫يجعؿ حكـ الخمع يقترب في طبيعتو مف طبيعة حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬مع الفارؽ‬
‫ويعتد بتاريخ تصريح الزوج بو‪ ،‬ال تاريخ صدور‬
‫بأف إرادة الزوج ىي التي توقع الطبلؽ‪ُ ،‬‬
‫فإف الزوجة ترفع أمرىا إلى القاضي الذي يطمقيا‬
‫الحكـ بتثبيت الطبلؽ‪ ،‬بينما في الخمع ّ‬
‫خمعا مقابؿ عوض تدفعو لمزوج‪ ،‬فالعبرة في انقضاء العبلقة الزوجية بتاريخ صدور حكـ‬
‫العدة ابتداء منو‪.‬‬
‫الخمع‪ ،‬والذي تحتسب ّ‬
‫وكونو حقّا إراديا لمزوجة تمجأ إليو‬
‫ّ‬ ‫تميز الخمع‪،‬‬
‫وبالنظر إلى ىذه الطبيعة التي ّ‬
‫أف ال اعتبار لقبوؿ الزوج أو رفضو لمخمع‪ ،‬وال سمطة تقديرية لمقاضي في‬
‫عند االقتضاء‪ ،‬و ّ‬
‫فإف الطعف بالنقض في أحكاـ الخمع‬ ‫تبنتو المحكمة العميا‪ّ ،‬‬
‫االستجابة لطمبيا‪ ،‬وفؽ ما ّ‬
‫ألف عمؿ القاضي أقرب لمعمؿ الوالئي منو لمعمؿ القضائي‪،‬‬
‫سوؼ يكوف غير ذي فائدة‪ّ ،‬‬
‫وال سمطة لو إال عند عدـ االتفاؽ عمى مقابؿ الخمع‪ ،‬فيتدخؿ مف أجؿ الحكـ بما‬
‫ال يتجاوز مير المثؿ وقت صدور الحكـ‪.‬‬
‫مف أجؿ ذلؾ ‪-‬وفي ظؿ النصوص القانونية القائمة‪ -‬يجب األخذ بعيف االعتبار‬
‫تميز التطميؽ والخمع مف طرؼ قضاة المحكمة العميا‪ ،‬في ظؿ‬
‫ىذه الخصوصية التي ّ‬
‫قابمية األحكاـ الصادرة بشأنيما لمطعف بالنقض‪ ،‬حيث يجب عمى القضاة عند ثبوت وجود‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1996/07/30‬رقـ ‪ ،141262‬المجمة القضائية‪،1998 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العدد ‪ ،1‬ص ‪.120‬‬


‫‪376‬‬
‫مخالفة ألحكاـ القانوف عند الحكـ بالتطميؽ أو الخمع‪ ،‬أف يقتصروا عمى إثبات وجود ىذه‬
‫المخالفة والتصريح بيا‪ ،‬دوف نقض حكـ التطميؽ أو الخمع‪ ،‬باعتبار ّأنو ال وجو لنقض ىذا‬
‫ؾ الرابطة الزوجية تطميقا أو خمعا يجعؿ الطبلؽ بائنا‪ ،‬ويستحيؿ إرجاع‬ ‫الحكـ‪ ،‬كوف ف ّ‬
‫الحاؿ إلى ما كاف عميو قبؿ الحكـ بالتطميؽ أو الخمع‪.‬‬
‫مستو المخالفة‬
‫لذا يجب عمى المحكمة العميا أف تقتصر عمى نقض الجزء الذي ّ‬
‫ألحكاـ القانوف‪ ،‬دوف النقض الكمي لمحكـ القاضي بالتطميؽ خمعا إذا كاف ذلؾ ممكنا‪،‬‬
‫تفاديا لموقوع في اإلشكاالت التي سبؽ اإلشارة إلييا‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ قرار المحكمة العميا‬
‫الصادر في ‪ 2001/10/17‬الذي جاء فيو‪ " :‬حيث بالرجوع إلى الحكـ المطعوف فيو يتبيف‬
‫أف قاضي الموضوع عندما قضى بالطبلؽ عف طريؽ الخمع‪ ،‬وقضى بحفظ حؽ الطاعف‬ ‫ّ‬
‫في طمب مقابؿ الخمع‪ ،‬فإنو يكوف قد جانب الصواب‪ ،‬ألف تحديد المبمغ مقابؿ الخمع ىو‬
‫عنصر أساسي مف عناصر الطبلؽ بواسطة الخمع‪ ،‬إذ يتعيف في مثؿ ىذه الحالة تدخؿ‬
‫قاضي الموضوع في تحديد مبمغ الخمع إف لـ يتفؽ الطرفاف عميو‪ ،‬فالحكـ محؿ الطعف‬
‫جاء مخالفا لمقواعد الشرعية وألحكاـ المادة ‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬مما يستوجب نقضو جزئيا فيما‬
‫يخص مقابؿ الخمع‪ ،‬واحالتو إلى المحكمة"‪ ،1‬وبذلؾ يكوف النقض الجزئي لمحكـ فيما‬
‫يجنبنا الوقوع في إشكاالت إلغاء وابطاؿ حكـ الخمع الذي‬
‫بل ّ‬‫يتعمؽ بمقابؿ الخمع فقط‪ ،‬ح ً‬
‫أف التطميؽ‬
‫وتـ تسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬باإلضافة إلى ّ‬‫يعتبر حكما نيائيا‪ّ ،‬‬
‫خمعا ىو طبلؽ بائف‪ ،‬ال يمكف معو مراجعة الزوجة إالّ بعقد جديد‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬الطعن بالنقض في أحكام الطالق بالتراضي‬
‫قد يبدو غريبا لموىمة األولى طرح موضوع الطعف في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي‪،‬‬
‫نظ ار لطبيعة ىذه األحكاـ ودور القاضي فييا‪ ،‬ألنيا تصدر بناء عمى اإلرادة المشتركة‬
‫لطرفي العبلقة الزوجية‪ ،‬وبعد االتفاؽ عمى توابع الطبلؽ‪ ،‬فكيؼ ألحدىما الطعف في حكـ‬
‫صادؽ فيو القاضي عمى االتفاؽ المبرـ بيف الزوجيف في فؾ الرابطة الزوجية؟‬
‫فإنو يمكف تصور بعض الدوافع التي تجعؿ أحد الطرفيف يطعف‬
‫وبالرغـ مف ذلؾ ّ‬
‫عدؿ القاضي بعض بنود االتفاؽ المبرـ بيف‬‫في حكـ الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬حيث إذا ّ‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2001/10/17‬ممؼ رقـ ‪ ،275497‬مجمة‬ ‫‪1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.356‬‬


‫‪377‬‬
‫الزوجيف‪ ،‬العتبارات تتعمؽ بمصمحة المحضوف أو العتبارات تتعمؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬قد‬
‫أقره القاضي‪ ،‬كما يتصور أف يخطئ القاضي في‬ ‫ال يرضى أحد الطرفيف بالتعديؿ الذي ّ‬
‫تكييؼ الفرقة‪ ،‬ويعتبرىا طبلقا بالتراضي‪ ،‬في حيف أنيا طبلقا باإلرادة المنفردة لمزوج‪،‬‬
‫ويحرـ الزوجة مف بعض حقوقيا‪ ،‬مما يدفعيا لمطعف في الحكـ‪ ،‬كما يمكف أف تكوف إرادة‬
‫أحد الطرفيف مشوبة بعيب مف عيوب اإلرادة‪ ،‬كاإلكراه المعنوي أو المغالطة أو وعد بالقياـ‬
‫بشيء دوف القياـ بذلؾ الشيء‪ ،‬فيطعف الطرؼ الذي كانت إرادتو معيبة في حكـ الطبلؽ‬
‫أف موافقتو عمى الطبلؽ بالتراضي لـ تكف عمى أساس‬ ‫بالتراضي سعيا إللغائو‪ ،‬واثبات ّ‬
‫‪1‬‬
‫عدة ق اررات كاف موضوعيا الطعف‬
‫مستبصر وارادة واعية ‪ ،‬وقد صدر عف المحكمة العميا ّ‬
‫فإنو مف المتصور أف يطعف أحد الزوجيف‬ ‫وتـ نقضيا‪ ،‬لذا ّ‬
‫في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي‪ّ ،‬‬
‫في حكـ الطبلؽ بالت ارضي‪ ،‬العتبار أو آلخر‪ ،‬سواء كاف محقا فيو أو مخطأً‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى موقؼ المشرع والمحكمة العميا مف قابمية أحكاـ الطبلؽ بالتراضي‬
‫نميز بيف مرحمتيف اثنتيف‪:‬‬
‫لمطعف فييا بالنقض‪ّ ،‬‬
‫المرحمة األولى‪ :‬قبؿ صدور ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬حيث لـ ينص المشرع عمى عدـ قابمية‬
‫أف المحكمة العميا كانت تعتبر أحكاـ‬
‫أحكاـ الطبلؽ بالتراضي لمطعف فييا بالنقض‪ ،‬كما ّ‬
‫الطبلؽ بالتراضي غير قابمة لمطعف فييا بأي وجو مف أوجو الطعف العادية أو غير‬
‫العادية‪ ،‬باستثناء الطعف فييا بالتزوير‪ ،‬واعتبرت أف حكـ الطبلؽ بالتراضي ىو مجرد‬
‫إشياد مف المحكمة‪ ،‬ال يوصؼ ال بالحكـ االبتدائي وال النيائي‪ ،‬وذلؾ في ظؿ سرياف‬
‫ألف الطعف بالنقض ال يكوف إال ضد أحكاـ قضائية‪ ،‬واإلشياد عمى‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ّ ،‬‬
‫ما اتّفؽ عميو الزوجيف مف الطبلؽ بالتراضي ال يعتبر حكما قضائيا ولو صدر عف جية‬
‫ألنو لـ يفصؿ في نزاع قضائي‪ ،‬حيث جاء في أحد ق اررات المحكمة العميا‬
‫قضائية‪ّ ،‬‬
‫ما يمي‪" :‬حيث أف الحكـ القاضي بالطبلؽ بالتراضي ال يعتبر حكما ألنو صدر حسب‬
‫رغبة الطرفيف‪ ،‬فيو مجرد إشياد مف المحكمة وال يوصؼ باالبتدائية أو النيائية‪ ،‬لذلؾ فإنو‬
‫ال يحؽ ألي مف الزوجيف مراجعتو أو الطعف فيو إال عف طريؽ دعوى التزوير‪ ،‬األمر‬

‫ساسي بف حميمة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.269‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪378‬‬
‫يتعيف معو عدـ قبوؿ الطعف شكبل"‪ .1‬فالقرار استبعد األحكاـ الصادرة باإلشياد عمى‬
‫الذي ّ‬
‫وقوع اتفاؽ بيف طرفيف مف مجاؿ الطعف فييا بأي وجو مف أوجو الطعف سوى الطعف‬
‫بالتزوير‪ ،‬لكف ما قضت بو المحكمة العميا في ىذا القرار ال يمكف االحتجاج بو بعد تعديؿ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫المشرع صراحة قابمية أحكاـ الطبلؽ‬
‫ّ‬ ‫أقر‬
‫المرحمة الثانية‪ :‬بعد صدور ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ّ‬
‫بالتراضي لمطعف بالنقض‪ ،‬ويستنتج ذلؾ مف نص المادة ‪ 434‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي جاء‬
‫فييا‪" :‬يسري أجؿ الطعف بالنقض مف تاريخ النطؽ بالحكـ"‪ ،‬وكذا نص المادة ‪ 435‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي جاء فييا‪" :‬ال يوقؼ الطعف بالنقض تنفيذ الحكـ"‪ ،‬وىما مادتّاف وردتا ضمف‬
‫النصيف الخصوصية التي‬
‫ّ‬ ‫فرع بعنواف "في الطبلؽ بالتراضي"‪ ،‬ويظير مف خبلؿ ىذيف‬
‫تتميز بيا أحكاـ الطبلؽ بالتراضي مف حيث خروجيا عف القواعد العامة المتعمقة ببداية‬
‫ّ‬
‫تميزىا‬
‫تاريخ سرياف اآلجاؿ‪ ،‬والتي تبدأ مف تاريخ التبميغ الرسمي لمحكـ أو القرار‪ ،‬وكذا ّ‬
‫بأف الطعف بالنقض فييا ال يوقؼ التنفيذ‪ ،‬خروجا عف االستثناء الوارد في المادة ‪ 361‬مف‬
‫يتـ الفصؿ في‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ الذي يقضي بوقؼ تنفيذ األحكاـ المتعمقة بحالة األشخاص حتى ّ‬
‫تميز وخصوصية تبررىا طبيعة دعاوى الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬واألحكاـ‬
‫الطعف بالنقض‪ ،‬وىو ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بينيما واتّفقا عمى توابع‬
‫الصادرة بشأنيا‪ ،‬كوف الزوجيف تراضيا عمى ف ّ‬
‫الطبلؽ‪ ،‬لذا فدور القاضي يقتصر عمى التأكد مف إرادتيما ويصدر حكما يتضمف‬
‫المصادقة عمى االتفاؽ النيائي بينيما‪.‬‬
‫أف أحكاـ الطبلؽ بالتراضي ال تقبؿ سوى الطعف‬‫كما أ ّكدت المحكمة العميا عمى ّ‬
‫بالنقض‪ ،‬سواء في جانبيا المتعمؽ بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أو جوانبيا المادية‪ ،‬حيث جاء‬
‫أف‬
‫أف المادة ‪ 433‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ تنص صراحة عمى ّ‬
‫في أحد ق ارراتيا ما يمي‪ " :‬لكف حيث ّ‬
‫أف جميع مقتضيات تمؾ‬
‫(أحكاـ الطبلؽ بالتراضي غير قابمة لبلستئناؼ) مما يعني ّ‬
‫األحكاـ غير قابمة لبلستئناؼ‪ ،‬بما فييا تمؾ الفاصمة في الجوانب المادية‪ ،‬وتبقى خاضعة‬
‫ثـ فإف القضاء مف قبؿ قضاة المجمس بعدـ قبوؿ االستئناؼ‬
‫فقط لمطعف بالنقض‪ ،‬ومف ّ‬
‫المرفوع مف طرؼ الطاعف ضد الحكـ الصادر عف محكمة متميمي بتاريخ ‪2009/05/11‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2000/05/23‬رقـ ‪ ،243943‬مجمة االجتياد‬ ‫‪1‬‬

‫القضائي‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬عدد خاص‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪379‬‬
‫القاضي بالطبلؽ بالتراضي بيف الطرفيف‪ ،‬وبالحضانة والنفقة وبالسكف أو بدؿ اإليجار‪،‬‬
‫يعد مف جانبيـ تطبيقا سميما لمقانوف‪ ،‬األمر الذي‬
‫استنادا إلى أحكاـ المادة المذكورة‪ّ ،‬‬
‫يجعؿ األوجو المثارة غير مؤسسة‪ ،‬ويتعيف عدـ االعتداد بيا والقضاء نتيجة لذلؾ برفض‬
‫الطعف‪.1"...‬‬
‫وتكمف الغاية مف إقرار المشرع قابمية أحكاـ الطبلؽ بالتراضي لمطعف فييا‬
‫بالنقض‪ ،‬مف أجؿ تدارؾ األخطاء التي قد يقع فييا قاضي الموضوع عند فصمو في‬
‫دعوى الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬كمخالفتو اإلجراءات الخاصة بيذه الدعاوى‪ ،‬والمقررة في المواد‬
‫‪ 427‬إلى ‪ 435‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وخاصة وجوب التأكد مف إرادة الزوجيف ورضاىما بفؾ‬
‫الربطة الزوجية بالتراضي‪ ،‬حيث جاء في قرار المحكمة العميا الصادر بتاريخ‬
‫أف المادة ‪ 431‬مف نفس القانوف تنص بأف القاضي‬ ‫‪ 2011/12/08‬ما يمي‪ " :‬وحيث ّ‬
‫يتأكد في التاريخ المحدد لمحضور مف قبوؿ العريضة ويستمع إلى الزوجيف عمى انفراد ثـ‬
‫مجتمعيف ويتأكد مف رضائيما ويحاوؿ الصمح بينيما إف كاف ذلؾ ممكنا ‪ ،...‬حيث يتبيف‬
‫أف المحكمة لـ تتأكد مف كؿ ذلؾ‪ ،‬وأشارت إلى‬
‫بالرجوع إلى الحكـ محؿ الطعف بالنقض‪ّ ،‬‬
‫أنيا سعت إلصبلح ذات البيف بيف الطرفيف في جمسة ‪ 2009/10/21‬إالّ أف محاوالتيا‬
‫باءت بالفشؿ بسبب تمسؾ المطعوف ضده بفؾ الرابطة الزوجية بالتراضي‪ ،‬الستحالة‬
‫ا لعشرة الزوجية وغياب الطاعنة عف جمسة الصمح‪ ،‬ومع ذلؾ قضت المحكمة باإلشياد‬
‫بفؾ الرابطة الزوجية بالتراضي بيف المطعوف ضده وبيف الطاعنة‪ ،‬مخالفة بذلؾ نص‬
‫فإف ىذا الفرع مف الوجو مؤسس‪ ،‬وينجر عنو نقض‬
‫المادة ‪ 431‬المذكورة ‪ ....‬وعميو ّ‬
‫الحكـ المطعوف فيو‪.2"...‬‬
‫أقر عدـ قابمية‬
‫وتجدر اإلشارة في ىذا الصدد إلى موقؼ المشرع المصري الذي ّ‬
‫األحكاـ والق اررات الصادرة مف الدوائر االستئنافية لمطعف فييا بطريؽ النقض‪ ،‬وفقا لنص‬
‫المادة ‪ 14‬مف قانوف إنشاء محاكـ األسرة رقـ ‪ 10‬لسنة ‪ ،2004‬ويستثنى مف ذلؾ فقط‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2012/06/14‬ممؼ رقـ ‪ ،692661‬مجمة‬ ‫‪1‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.267‬‬


‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية والمواريث‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2011/12/08‬ممؼ رقـ ‪ ،676898‬مجمة‬ ‫‪2‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬العدد ‪ ،1‬ص ‪.321‬‬


‫‪380‬‬
‫إمكانية قياـ النائب العاـ بالطعف فييا بالنقض لمصمحة القانوف‪ ،‬والغاية التي يتوخاىا مف‬
‫ذلؾ ىو حسـ النزاعات األسرية بصدور حكـ أو قرار بشأنيا في أقرب وقت‪ ،‬واإلسراع في‬
‫إجراءات التقاضي والتقميؿ مف طرؽ الطعف‪ ،‬حرصا عمى مصالح األسرة والحفاظ عمى‬
‫خاصة وأف‬
‫ّ‬ ‫ألف طوؿ اإلجراءات يزيد مف االنفصاـ بيف أفرادىا والتباعد بينيـ‪،‬‬
‫كيانيا‪ّ ،‬‬
‫ثـ تكوف طرؽ الطعف‬‫إجراءات الطعف بالنقض والفصؿ فيو يستغرؽ وقتا طويبل‪ ،‬ومف ّ‬
‫وتعد أحكاما نيائية‬
‫ّ‬ ‫المتّبعة أماـ محاكـ األسرة ىي االستئناؼ والتماس إعادة النظر‪،‬‬
‫واجبة النفاذ منذ صدورىا‪.1‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫وفي ختاـ ىذا المبحث المتعمؽ بالطعف بالنقض في أحكاـ ف ّ‬
‫أف المشرع مف خبلؿ تعديؿ قانوف األسرة في ‪2005‬‬‫‪-‬بمختمؼ صورىا‪ -‬يمكف القوؿ ّ‬
‫عالج إشكاؿ واحدا‪ ،‬يتعمؽ بتنفيذ أحكاـ الطبلؽ فور صدورىا‪ ،‬وعدـ وقؼ تنفيذىا بسبب‬
‫ؾ الرابطة الزوجية لمطعف‬
‫الطعف بالنقض‪ ،‬وأغفؿ إشكاالت عديدة تنتج عف قابمية أحكاـ ف ّ‬
‫أقر تنفيذ أحكاـ الطبلؽ والتطميؽ والخمع والطبلؽ بالتراضي بمجرد‬‫بالنقض‪ ،‬فالمشرع ّ‬
‫يتعيف عمى النيابة العامة وجوبا السعي في تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ في‬
‫صدور الحكـ‪ ،‬حيث ّ‬
‫الحالة المدنية‪ ،‬وبذلؾ ُح َّؿ اإلشكاؿ المتعمؽ بوقؼ تنفيذ أحكاـ الطبلؽ حتى فوات آجاؿ‬
‫تـ ممارستو‪ ،‬لكف المشرع لـ‬
‫الطعف بالنقض‪ ،‬أو حتى بعد الفصؿ في الطعف بالنقض‪ ،‬إذا ّ‬
‫ألف نقض‬
‫يوفّؽ في فتحو مجاؿ الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ّ ،‬‬
‫ويرجع المطمقيف األجنبييف عف‬ ‫المحكمة العميا ليذه األحكاـ يولّد إشكاالت عديدة‪ُ ،‬‬
‫بعضيما إلى العبلقة الزوجية ‪-‬التي انقضت بينيما‪ -‬بأثر رجعي‪ ،‬ويزيؿ كافّة اآلثار التي‬
‫أقر عدـ قابمية‬
‫أف المشرع مف جيّة ّ‬‫ير ّتبيا الطبلؽ‪ ،‬وىو أمر مناؼ لمشرع والقانوف‪ ،‬كما ّ‬
‫مدة رفع االستئناؼ والفصؿ فيو مف‬
‫أف ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية لبلستئناؼ‪ ،‬بالرغـ مف ّ‬
‫أحكاـ ف ّ‬
‫المدة التي يتطمبيا رفع الطعف بالنقض والفصؿ فيو‬
‫طرؼ المجمس القضائي‪ ،‬ىي أق ّؿ مف ّ‬
‫مف المحكمة العميا‪ ،2‬فمف باب أولى أف يقفؿ باب الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ‪،‬‬
‫تستقر المراكز القانونية لؤلطراؼ في أقرب اآلجاؿ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حتى‬

‫محمد عبد النبي السيد غانـ‪ ،‬إجراءات التقاضي أماـ محاكـ األسرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.131‬‬ ‫‪1‬‬

‫بف ىبري عبد الحكيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.315‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪381‬‬
‫لذا أقترح النص عمى عدـ جواز الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ باإلرادة‬
‫المنفردة لمزوج والطبلؽ بالتراضي‪ ،‬بالنظر لدور القاضي في كؿ منيما‪ ،‬وتفاديا‬
‫أف تحقيؽ استقرار‬
‫لئلشكاالت التي تثار في حالة نقض حكـ فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬كما ّ‬
‫األسرة والحرص عمى مصالحيا يقتضي اإلسراع في إجراءات التقاضي في شؤوف األسرة‪،‬‬
‫والتقميؿ مف طرؽ الطعف في األحكاـ الصادرة بشأنيا‪ ،‬وحسـ النزاع في أقرب اآلجاؿ‪،‬‬
‫ألف بطء اإلجراءات واطالتيا‪،‬‬
‫وذلؾ حتى ال تطوؿ الخصومة فيزيد الشقاؽ بيف أفرادىا‪ ،‬و ّ‬
‫وكثرة الطعوف في األحكاـ الصادرة بشأنيا‪ ،‬ليس في مصمحة األزواج وال األوالد‬
‫وال المجتمع‪ ،‬وذلؾ نظ ار لمطبيعة الخاصة لؤلحكاـ التي تقضي بفؾ الرابطة الزوجية بإرادة‬
‫الزوج المنفردة‪ ،‬والتي تتطمب أف تستقر المراكز القانونية ألفراد األسرة‪ ،‬وتبعد عف‬
‫ألف إبقاء أحكاـ الطبلؽ ميددة بالنقض مف المحكمة العميا لمدة زمنية طويمة‬
‫االضطراب‪ّ ،‬‬
‫قد تصؿ إلى ثبلث أو أربع سنوات‪ ،‬مف شأنو خمؽ االضطراب وزعزعة مراكز األشخاص‪.‬‬
‫أف وقؼ تنفيذ أحكاـ الطبلؽ إلى غاية الفصؿ نيائيا في الطعف بالنقض مف‬
‫كما ّ‬
‫خاصة الزوجة‪ ،‬كما قد يؤدي ذلؾ إلى مطالبة‬
‫ّ‬ ‫شأنو تجميد وضعية الزوجيف‪ ،‬وبصفة‬
‫الزوجة بحقوقيا تجاه الزوج طيمة الفترة بعد صدور حكـ الطبلؽ إلى غاية نقضو مف‬
‫طرؼ المحكمة العميا‪ ،‬ومف بينيا حقيا في النفقة‪ ،‬وبالتالي ال يمكف ألحدىما أف يستقر‬
‫يتبيف لو مركزه بعد صدور الحكـ بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬إلى أف تنتيي آجاؿ‬
‫وضعو‪ ،‬وأف ّ‬
‫الطعف بالنقض‪ ،‬أو بعد الفصؿ فيو‪ ،‬وىي وضعية سمبية وغير طبيعية‪ ،‬تنتج عف عدـ‬
‫أف غمؽ باب الطعف في أحكاـ‬
‫تميز أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬لذا أعتقد ّ‬ ‫مراعاة الخصوصية التي ّ‬
‫يتبيف‬
‫يسرع باستقرار المراكز القانونية لؤلفراد‪ ،‬ويسمح لكؿ زوج أف ّ‬
‫الطبلؽ مف شأنو أف ّ‬
‫مركزه القانوني تجاه العبلقة الزوجية‪ ،‬دوف خوؼ مف أف ُييدـ ىذا المركز في يوـ مف‬
‫األياـ‪ ،‬فيرجع إلى الحالة التي كاف فييا قبؿ صدور الحكـ بفؾ الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫كما ّأن و في حالة الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬ال تممؾ المحكمة العميا إلغاء‬
‫أف العصمة بيده‪ ،‬وبالتالي ال جدوى‬‫حؽ الزوج في إيقاع الطبلؽ بإرادتو المنفردة‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫مف فتح مجاؿ الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المفردة‪ ،‬فالمحكمة العميا ال تممؾ‬
‫ينجر عف غمؽ مجاؿ‬‫ّ‬ ‫يتـ بإرادة الزوج‪ ،‬وال‬
‫لمشؽ المتعمؽ بالطبلؽ الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫حؽ النقض‬
‫إف فتحو يسمح لمزوج سيء النية‬
‫الطعف بالنقض فيو أي ضرر لمزوج أو الزوجة‪ ،‬بؿ ّ‬
‫‪382‬‬
‫إطالة إجراءات التقاضي‪ ،‬وحائبل دوف استقرار الحالة المدنية لؤلشخاص في أقرب‬
‫اآلجاؿ‪.‬‬
‫ؾ‬
‫غير ّأنو إذا كاف وال بد مف مراقبة مدى التطبيؽ السميـ لمقانوف في أحكاـ ف ّ‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬فإنو يمكف لممشرع فتح المجاؿ لمنيابة العامة لمطعف بالنقض في أحكاـ‬
‫الطبلؽ لصالح القانوف‪ ،‬ودوف استفادة أطراؼ الدعوى منو‪ ،‬حيث تبسط المحكمة العميا‬
‫تـ تطبيؽ القانوف بطريقة سميمة‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬لتقرر ما إذا ّ‬
‫رقابتيا عمى أحكاـ ف ّ‬
‫أـ ال‪ ،‬وفي حالة ثبوت وجود مخالفة لمقانوف تكتفي المحكمة العميا بالتصريح بيا دوف‬
‫نقض حكـ الطبلؽ لخصوصيتو‪.1‬‬
‫يتـ فتح مجاؿ الطعف فييا‬
‫أما فيما يخص أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬فأقترح أف ّ‬
‫يتـ الفصؿ فييا في آجاؿ معقولة‪ ،‬وفقا‬
‫بقيود‪ ،‬وذلؾ بأف تكوف آجاؿ الطعف قصيرة‪ ،‬وأف ّ‬
‫لئلجراءات المقررة في القضايا االستعجالية‪ ،‬حتى تستقر الحالة الشخصية والمراكز‬
‫القانونية لؤلطراؼ في أسرع وقت‪ ،‬مع قيد وقؼ تنفيذ أحكاـ التطميؽ والخمع حتى تستنفذ‬
‫آجاؿ الطعف المقررة‪ ،‬حتى يتـ تفادي اإلشكاالت المترتبة عف إعادة الزواج‪ ،‬وذلؾ حتى‬
‫يكوف ىناؾ مجاؿ لتدارؾ ما قد يغفؿ عنو قاضي الدرجة األولى عند حكمو بالتطميؽ‬
‫أو الخمع‪ ،‬أو ما يرتكب مف أخطاء مخالفة لمتطبيؽ السميـ لمقانوف‪ ،‬كما أقترح أف يقتصر‬
‫نقض حكـ التطميؽ أو الخمع عمى الجزئية التي خالؼ فييا قاضي الموضوع التطبيؽ‬
‫ؾ الرابطة‬
‫برمتو ما أمكف ذلؾ‪ ،‬حتى ال ييدـ حكـ ف ّ‬
‫السميـ لمقانوف‪ ،‬وتفادي نقض الحكـ ّ‬
‫الزوجية‪.‬‬

‫بف ىبري عبد الحكيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.314‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪383‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تنفيذ أحكام شؤون األسرة‬

‫أىـ المحاور التي ينظميا ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ألنيا مف أىـ‬


‫تعتبر إجراءات التنفيذ مف ّ‬
‫الركائز التي تضمف حقوؽ الخصوـ وترسيخ مبادئ القضاء‪ ،‬يؤكد ذلؾ قوؿ سيدنا عمر‬
‫بف الخطاب رضي اهلل عنو‪" :‬ال ينفع تكمّ ٌـ بحؽ ال نفاذ لو"‪ ،‬فالدعوى ال تنتيي بصدور‬
‫مرة أماـ المحكمة‬
‫مرتيف‪ّ ،‬‬
‫الحكـ الفاصؿ فييا‪ ،‬بؿ العبرة بتنفيذه‪ ،‬لذا يقاؿ أف الدعوى تُربح ّ‬
‫ألف المجوء إلى القضاء الستصدار أحكاـ‬
‫مرة أثناء مرحمة التنفيذ‪ّ ،‬‬
‫الفاصمة في النزاع‪ ،‬و ّ‬
‫لرد الحؽ لصاحبو‪ ،‬لذا‬
‫حد ذاتو‪ ،‬بؿ ىو وسيمة إللزاـ المحكوـ عميو ّ‬
‫قضائية ليس غاية في ّ‬
‫قوة ومتانة النظاـ القضائي تتعمؽ بشكؿ أساسي بمدى تنفيذ األحكاـ القضائية‪.‬‬
‫فإف معيار ّ‬
‫ّ‬
‫وتشمؿ إجراءات تنفيذ السندات التنفيذية في شؤوف األسرة ‪-‬عمى غرار باقي‬
‫السندات‪ -‬مرحمة التنفيذ االختياري‪ ،‬ومرحمة التنفيذ الجبري‪ ،‬وقد تعترض مرحمة التنفيذ‬
‫إجرءات تنفيذ السندات‬
‫يتـ تناوؿ ا‬
‫إشكاالت وعقبات تؤخر التنفيذ‪ ،‬وقد تعيقو وتمغيو‪ ،‬لذا س ّ‬
‫ثـ إشكاالت التنفيذ في قضايا‬
‫التنفيذية المتعمقة بالزواج والطبلؽ في (المبحث األوؿ)‪ّ ،‬‬
‫الزواج والطبلؽ في (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تنفيذ السندات المتعمقة بالزواج والطالق‬

‫نظ ار لؤلىمية التي يكتسييا موضوع التنفيذ بصفة عامة‪ ،‬وتنفيذ سندات شؤوف‬
‫األسرة المتعمقة بالزواج والطبلؽ بصفة خاصة في تحصيؿ الحقوؽ واستيفاء الديوف‪،‬‬
‫مما يستمزـ تناوؿ المقتضيات العامة لتنفيذ السندات‬
‫واستقرار الحالة الشخصية لؤلفراد‪ّ ،‬‬
‫التنفيذية الخاصة بالزواج والطبلؽ في المطمب األوؿ‪ ،‬وذلؾ ببياف مقدمات التنفيذ‬
‫ثـ تسميط الضوء عمى صندوؽ النفقة‬ ‫وخصوصيتو في السندات المتعمقة بالزواج والطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫باعتباره آلية مستحدثة لتنفيذ األحكاـ القضائية المتعمقة بالنفقة في المطمب الثاني‪.‬‬

‫‪384‬‬
‫المطمب األول‪ :‬إجراءات تنفيذ السندات الخاصة بالزواج والطالق‬

‫يقتضي اإللماـ بالمقتضيات العامة لمتنفيذ التطرؽ لماىية التنفيذ‪ ،‬ببياف تعريفو‪،‬‬
‫ثـ بياف تنفيذ األحكاـ‬
‫يتـ تناولو في الفرع األوؿ‪ّ ،‬‬
‫أنواعو‪ ،‬والجية المكمفة بو‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫المتعمقة بالزواج والطبلؽ في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفيوم التنفيذ‬

‫تبيف‬
‫تعتبر قواعد التنفيذ مف أىـ القواعد القانونية التي تناوليا ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ألنيا ّ‬
‫توصؿ الدائف الستيفاء حقو مف المديف بعد حصولو عمى سند تنفيذي‪ ،‬ويقتضي‬ ‫ّ‬ ‫كيفية‬
‫معرفة إجراءات التنفيذ بياف مفيومو‪ ،‬وذلؾ مف خبلؿ تعريؼ التنفيذ أوال‪ ،‬ثـ بياف صوره‬
‫ثانيا‪ ،‬وتحديد أطرافو ثالثا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف التنفيذ‬
‫لـ يتطرؽ المشرع الجزائري إلى تعريؼ التنفيذ‪ ،‬وىو المنحى الذي تنتيجو أغمب‬
‫أف المشرع غالبا ال يعطي تعريفات لغوية وال اصطبلحية لممفاىيـ التي‬ ‫التشريعات‪ ،‬كوف ّ‬
‫ألف ذلؾ مف مياـ الفقو الذي ُي ّبي ُف ذلؾ ويشرحو‪.‬‬
‫يتناوليا بالبياف والدراسة‪ّ ،‬‬
‫بأنو تحقيؽ الشيء واخراجو مف حيز الفكر والتصور إلى مجاؿ‬ ‫عرؼ التنفيذ لغة ّ‬ ‫وي ّ‬
‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫طمؽ بمعنى اإلرساؿ‪ ،‬فيقاؿ نفذ الشيء إلى‬
‫الواقع ‪ ،‬فيقاؿ نفذ المأمور األمر أجراه وقضاه‪ ،‬وُي ْ‬
‫فبلف أرسمو‪ ،‬وبمعنى الوفاء‪ ،‬فيقاؿ أنفذ عيده أي أمضاه ووفّى بو‪.2‬‬
‫بأنو‪" :‬ربط القاعدة القانونية‬
‫عرؼ األستاذ نسيـ يخمؼ التنفيذ ّ‬
‫أما اصطبلحا فقد ّ‬
‫مجرـ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إما طواعية كاالمتناع عف فعؿ‬ ‫بالواقع عمى الوجو الذي يتطمبو القانوف‪ّ ،‬‬
‫أو االحتكاـ إلى اإلجراءات القانونية أثناء البيع‪ ،‬وا ّما إجباريا عف طريؽ السمطة القضائية‪،‬‬

‫محمد حسنيف‪ ،‬طرؽ التنفيذ في قانوف اإلجراءات المدنية الجزائري‪ ،‬ط ‪ ،2‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1990‬ص ‪.5‬‬
‫أحمد مميجي‪ ،‬إشكاالت التنفيذ ومنازعات التنفيذ الموضوعية في المواد المدنية والتجارية وفقا لقانوف المرافعات وآراء‬ ‫‪2‬‬

‫الفقو وأحكاـ النقض‪ ،‬دار الكتب القومية‪ ،‬القاىرة مصر‪ ،‬دوف تاريخ النشر‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪385‬‬
‫ويكوف اليدؼ في النياية ىو الوفاء بااللتزاـ بغية استرجاع الطرؼ المتضرر لحقو الثابت‬
‫في السند التنفيذي"‪.1‬‬
‫بأنو حمقة الوصؿ بيف القاعدة القانونية‬
‫وعرؼ األستاذ عمارة بمغيث التنفيذ ّ‬ ‫ّ‬
‫يتـ بيا تسيير الواقع حسب ما يتطمبو القانوف‪ ،‬وذلؾ بجبر‬
‫والواقع‪ ،‬وىو الوسيمة التي ّ‬
‫المديف عمى تنفيذ التزامو بالقوة‪.2‬‬
‫عرؼ األستاذ بربارة عبد الرحماف التنفيذ بأنو استعادة الطرؼ المتضرر‬
‫كما ّ‬
‫لحقوقو الثابتة بموجب سند‪ ،‬وأنو تصرؼ إجرائي يتميز عف الوفاء االختياري‪.3‬‬
‫ثانيا‪ -‬صور التنفيذ‬
‫ُيقَ ّْس ُـ الفقياء التنفيذ إلى قسميف‪ :‬تنفيذ اختياري أو رضائي وتنفيذ جبري أو قيري‪.‬‬
‫‪ -1‬التنفيذ االختياري أو الرضائي‬
‫تضمنو السند التنفيذي بصفة‬
‫ّ‬ ‫يتـ التنفيذ االختياري بامتثاؿ المنفذ ضده لما‬
‫ّ‬
‫اختيارية دوف تدخؿ مف السمطة العامة إلجباره عمى ذلؾ‪ ،‬بحيث يقوـ بالوفاء المطالب بو‪،‬‬
‫سواء بدفع المبالغ المالية التي ألزمو السند التنفيذي بدفعيا‪ ،‬أو القياـ بالعمؿ الذي أُلزـ بو‪،‬‬
‫كتسميـ الطفؿ المحضوف لمحاضنة‪ ،‬أو االمتناع عف القياـ بعمؿ ما‪ ،‬كاالمتناع عف‬
‫التعرض لمزوجة في الولوج إلى مسكف الزوجية‪ ،‬سواء كاف ىذا االمتثاؿ بمجرد صدور‬
‫السند التنفيذي‪ ،‬أو خبلؿ أجؿ خمسة عشر يوما مف تاريخ التبميغ الرسمي لمسند التنفيذي‬
‫والزامو بالوفاء بما تضمنو‪ ،‬حيث ينقضي االلتزاـ الممقى عمى عاتؽ المنفذ ضده بمجرد‬
‫امتثالو لمضموف السند التنفيذي‪ ،‬دوف المجوء إلى إجراءات التنفيذ الجبري وال تقوـ‬
‫خصومة التنفيذ‪.4‬‬

‫نسيـ يخمؼ‪ ،‬الوافي في طرؽ التنفيذ‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار جسور‪ ،‬الجزائر‪ ،2014 ،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪1‬‬

‫عمارة بمغيث‪ ،‬التنفيذ الجبري واشكاالتو‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار العموـ‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ ،2004 ،‬ص ‪.7‬‬ ‫‪2‬‬

‫بربارة عبد الرحماف‪ ،‬طرؽ التنفيذ مف الناحيتيف اإلجرائية والجزائية‪ ،‬ط ‪ ،1‬منشورات بغدادي‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫‪.09‬‬
‫حمدي باشا عمر‪ ،‬طرؽ التنفيذ وفقا لمقانوف رقـ ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪ 2008‬المتضمف قانوف اإلجراءات‬ ‫‪4‬‬

‫المدنية واإلدارية‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص ‪.16‬‬


‫‪386‬‬
‫ويعتبر التنفيذ االختياري الصورة المثمى لصور التنفيذ‪ ،1‬وال يثير أية صعوبة‬
‫ألف المديف يقوـ بالوفاء المطالب بو مف تمقاء نفسو وبٍإرادتو‪ ،‬دوف إتباع أساليب‬
‫عادة‪ّ ،‬‬
‫تـ ذلؾ قبؿ إقامة الدعوى أو بعد‬
‫أقرىا القانوف‪ ،‬فيوفي لمدائف حقو كامبل‪ ،‬سواء ّ‬
‫الجبر التي ّ‬
‫إقامتيا‪ ،‬أو بعد صدور الحكـ واكتسابو قوة الشيء المقضي فيو‪.2‬‬
‫فإف تحديد طبيعة التنفيذ االختياري يتجاذبيا طرفاف‪ ،‬ألنو يجمع بيف‬
‫وفي الواقع ّ‬
‫خصائص التنفيذ اإلرادي وخصائص التنفيذ الجبري‪ ،‬فمو صفة مزدوجة‪ ،‬ألف تنفيذ‬
‫المحكوـ ضده لمسند التنفيذي بصفة إرادية ومبادرتو في ذلؾ قبؿ شروع السمطة المختصة‬
‫في التنفيذ في مباشرة إج ارءات التنفيذ ضده‪ ،‬ال ينفي صفة التنفيذ الجبري عنو‪ ،‬ألف حيازة‬
‫السند التنفيذي لمقوة التنفيذية تجعمو نافذا بقوة القانوف‪ ،‬ومبادرة المحكوـ ضده في االمتثاؿ‬
‫طواعية واختيا ار لمضموف السند التنفيذي ليس صاد ار عف إرادة حرة في تنفيذ االلتزاـ‪،‬‬
‫وانما حممو ذلؾ رغبتو في تفادي أساليب التنفيذ الجبري الذي تباشره السمطة العامة ضده‬
‫في حالة عدـ امتثالو اإلرادي لمضموف السند التنفيذي‪.3‬‬
‫ومف أىـ تطبيقات التنفيذ االختياري نظاـ العرض واإليداع‪ ،‬وذلؾ بقياـ المديف‬
‫بعرض الوفاء عمى الدائف بواسطة المحضر القضائي‪ ،‬طبقا لنص المادتيف ‪ 584‬و‪585‬‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث يبمغ المحضر القضائي الدائف العرض المقدـ مف المديف بموجب‬
‫تـ الوفاء بيف يدي المحضر القضائي‪ ،‬واف رفض‬
‫محضر رسمي‪ ،‬فإف قبؿ الدائف العرض ّ‬
‫الدائف العرض‪ ،‬قاـ المحضر القضائي بإثبات الرفض وايداع الشيء أو المبمغ المعروض‬
‫بحسابو‪ ،‬وعند االقتضاء بأمانة ضبط المحكمة‪ ،‬ويسقط حؽ الدائف في المبمغ أو الشيء‬
‫المعروض بعد مضي سنة مف تاريخ إيداع العرض‪ ،‬ويسترجع المديف المبمغ أو الشيء‬
‫المعروض بعد انقضاء أجؿ سنة بموجب أمر عمى عريضة مف رئيس المحكمة‪.‬‬

‫الطيب برادة‪ ،‬التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بيف النظرية والتطبيؽ‪ ،‬شركة بابؿ‪ ،‬المغرب‪ ،1988 ،‬ص ‪.269‬‬ ‫‪1‬‬

‫جيبللي محمد‪ ،‬صبلحيات المحضر القضائي في الجزائر‪ ،‬دراسة نظرية تطبيقية مقارنة‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار اليدى‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2016‬ص ‪.83‬‬
‫محمد يحي ولد أحمد ناه‪ ،‬إجراءات التبميغ والتنفيذ في العمؿ القضائي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في‬ ‫‪3‬‬

‫القانوف الخاص‪ ،‬كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،‬جامعة عبد المالؾ السعدي‪ ،‬المغرب‪-2009 ،‬‬
‫‪ ،2010‬ص ‪.59‬‬
‫‪387‬‬
‫‪ -2‬التنفيذ الجبري‬
‫ؼ األستاذ أحمد أبو الوفاء التنفيذ الجبري بأنو ذلؾ الذي تقوـ بو السمطة‬
‫عر ُ‬
‫ُي ّ‬
‫العامة تحت إشراؼ القضاء ورقابتو‪ ،‬بناء عمى طمب دائف بيده سند تنفيذي مستوؼ‬
‫لشروط خاصة‪ ،‬بقصد استيفاء حقو الثابت في السند مف المديف قي ار عنو‪ ،‬وذلؾ عف‬
‫طريؽ منع المديف مف التصرؼ في مالو المحجوز‪ ،‬ثـ بيعو جب ار عنو أو عف طريؽ قير‬
‫المديف عمى التنفيذ المباشر‪ ،1‬وىو نفس التعريؼ تقريبا الذي قاؿ بو األستاذ حمدي باشا‬
‫عمر‪.2‬‬
‫ويسمى التنفيذ الجبري بالتنفيذ اإلجرائي أو التنفيذ القضائي‪ ،‬كونو يتضمف اتباع‬
‫ّ‬
‫ويتـ تحت إشراؼ القضاء‪ ،‬وتقوـ بو السمطة العامة ممثمة‬
‫إجراءات خاصة محددة قانونا‪ّ ،‬‬
‫بالمحضر القضائي‪ ،‬بموجب سند تنفيذي مستوفي الشروط‪ ،‬بناء عمى طمب المنفذ لو مف‬
‫أجؿ استيفاء حقو‪ ،‬وذلؾ عف طريؽ حجز مالو أو قير المديف عمى التنفيذ المباشر‪.3‬‬
‫والتنفيذ الجبري لو صورتاف‪ ،‬أحيانا يكوف مباش ار‪ ،‬وأحيانا أخرى غير مباشر‪،‬‬
‫وبياف ذلؾ فيما يمي‪:‬‬
‫أ‪ -‬التنفيذ الجبري المباشر أو التنفيذ العيني‬
‫ىو الصورة األصمية لمتنفيذ‪ ،‬وال ُيمجأ لغيره إال عند عدـ إمكانيتو‪ ،‬حيث يتولى‬
‫القياـ بو المحضر القضائي‪ ،‬بعد استنفاد إجراءات التنفيذ االختياري‪ ،‬مف تبميغ لمسند‬
‫التنفيذي لممنفذ ضده وتكميفو بالوفاء‪ ،‬ومنحو أجؿ خمسة عشر يوما لذلؾ‪ ،‬فإذا انقضى‬
‫األجؿ دوف امتثاؿ المنفذ ضده اختيارا‪ ،‬ينتقؿ المحضر القضائي إلى إجراءات التنفيذ‬
‫الجبري‪ ،‬وذلؾ بتقديـ طمب إلى السيد وكيؿ الجميورية المختص مف أجؿ تسخير القوة‬
‫العمومية مف أجؿ إجبار المنفذ ضده بإخبلء عقار المنفذ لو وطرده منو‪ ،‬أو تسميـ منقوؿ‬
‫معيف بذاتو‪ ،‬أو غمؽ نافذة مطمة عمى المنفذ لو‪.‬‬

‫أحمد أبو الوفاء‪ ،‬إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬ط ‪ ،10‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية مصر‪،1990 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪ 11‬وما بعدىا‪.‬‬
‫حمدي باشا عمر‪ ،‬طرؽ التنفيذ وفقا لمقانوف رقـ ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪ 2008‬المتضمف قانوف اإلجراءات‬ ‫‪2‬‬

‫المدنية واإلدارية‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص ‪.18‬‬


‫عمارة بمغيث‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.08‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪388‬‬
‫ويتـ التنفيذ الجبري المباشر بتحقيؽ ذات األداء المحدد في السند التنفيذي‪،‬‬
‫ّ‬
‫كتسميـ الطفؿ المحضوف‪ ،‬أو تسميـ األمتعة المحددة في القائمة المؤشر عمييا مف‬
‫المحكمة‪ ،‬أو تسميـ المنقوؿ أو العقار أو غمؽ نافذة أو ىدـ جدار‪.‬‬
‫ب‪ -‬التنفيذ الجبري غير المباشر أو عن طريق الحجز‬
‫يتـ التنفيذ الجبري غير المباشر عمى أمواؿ المنفذ ضده سواء كانت منقوال‬
‫ّ‬
‫أو عقارا‪ ،‬وذلؾ بالحجز عمييا ووضعيا تحت يد القضاء‪ ،‬وغ ّؿ يد المديف المحجوز عميو‬
‫يتـ بيعيا واستيفاء الدائف حقو مف‬
‫مف التصرؼ فييا تصرفا يضر مصمحة الدائنيف‪ ،‬حتى ّ‬
‫ثمنيا‪ ،‬فالدائف ال يحصؿ عمى حقّو مباشرة‪ ،‬بؿ عف طريؽ حجز أمواؿ المديف‪.‬‬
‫حدد المشرع في ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ الضوابط والخطوات التي يجب إتباعيا في مباشرة‬
‫وقد ّ‬
‫الحجوز المختمفة‪ ،‬وذلؾ مف المادة ‪ 636‬إلى المادة ‪ 639‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث منع المشرع‬
‫وقيد وحصر الحجز عمى بعض األمواؿ األخرى‪ ،‬وذلؾ‬ ‫الحجز عمى بعض األمواؿ‪ّ ،‬‬
‫مراعاة لمجانب اإلنساني في التنفيذ‪ ،‬كما ضبط المشرع إجراءات بيع األمواؿ المحجوزة مف‬
‫ضار المديف عند بيع األمواؿ المحجوزة‪.‬‬
‫أجؿ الوصوؿ إلى أعمى سعر ليا‪ ،‬حتى ال ُي ّ‬
‫والحجز عمى أنواع منيا الحجز التحفظي‪ ،‬وىو إجراء مفاجئ ووقتي مف أجؿ‬
‫تضر مصالح الدائنيف‪ ،‬إلى غاية صدور حكـ‬
‫منع المديف مف التصرؼ في أموالو بصفة ّ‬
‫في الموضوع‪ ،‬وقد تناوؿ المشرع الجزائري الحجز التحفظي في المواد ‪ 646‬إلى ‪ 666‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬باإلضافة إلى الحجز التنفيذي‪ ،‬وىو إجراء يقوـ بو الدائف الذي بيده سند تنفيذي‬
‫وذلؾ بالحجز عمى أمواؿ مدينو حج از تنفيذيا‪ ،‬أو حج از تنفيذيا عمى المنقوؿ وفقا لممواد‬
‫‪ 687‬إلى ‪ 720‬ؽ‪.‬أ‪ ،‬أو حج از تنفيذيا عقاريا وفقا لممواد ‪ 720‬إلى ‪ 765‬ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وقد‬
‫يكوف حج از تنفيذيا عمى ما لممديف لدى الغير وفقا لممواد ‪ 667‬إلى ‪ 686‬ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬أطراف التنفيذ‬
‫يتـ التنفيذ لمصمحتو‪،‬‬
‫عدة أشخاص‪ ،‬مف بينيـ الدائف الذي ّ‬
‫تشمؿ عممية التنفيذ ّ‬
‫ضده‪ ،‬ويدعى المنفذ عميو‪ ،‬والسمطة‬
‫ويسمى طالب التنفيذ‪ ،‬والمديف الذي يجري التنفيذ ّ‬
‫العامة ممثمة بالمحضر القضائي بصفتو قائما بالتنفيذ‪ ،‬وقد يتدخؿ أحيانا الغير في التنفيذ‬
‫يتـ إدخالو دوف أف يكوف طرفا في الخصومة‪.‬‬
‫أو ّ‬

‫‪389‬‬
‫‪ -1‬طالب التنفيذ‬
‫ىو الدائف صاحب الحؽ الثابت في السند التنفيذي‪ ،‬ويشترط فيو توافر الصفة‬
‫ألف طالب التنفيذ قد يكوف كامؿ األىمية عند رفع الدعوى‬ ‫والمصمحة واألىمية وقت التنفيذ‪ّ ،‬‬
‫فقد أىميتو‪ ،‬فينوب عنو وليو‬
‫ص أو ُي ُ‬ ‫ِ‬
‫ثـ يط أر عميو ما ُي ْنق ُ‬
‫وصدور الحكـ أو عند التعاقد‪ّ ،‬‬
‫أو مقدمو‪ ،‬كما قد ينوب عف طالب التنفيذ وكيمو‪ ،‬أو ورثتو عند وفاتو‪.‬‬
‫‪ -2‬المنفذ عميو‬
‫يتـ التنفيذ ضده‪ ،‬سواء المحكوـ عميو أو كفيمو‪ ،‬أو المسؤوؿ‬ ‫وىو الشخص الذي ّ‬
‫يتـ ذكره في السند التنفيذي‪ ،‬وأف تتوفر فيو األىمية‪ ،‬ألف توجيو التنفيذ‬
‫المدني‪ ،‬ويجب أف ّ‬
‫ضد ناقص األىمية أو ع ديميا يجعؿ اإلجراءات المتخذة باطمة لمخالفتو القواعد القانونية‬
‫العامة‪ ،‬ولعدـ تمكيف الولي مف اتخاذ اإلجراءات المناسبة لحماية أمواؿ مف ولي عميو‪.1‬‬
‫‪ -3‬السمطة المكمفة بالتنفيذ‬
‫السمطة المكمفة بالتنفيذ مستقمة عف كؿ مف الدائف والمديف‪ ،‬حيث تتولى الدولة‬
‫ميمة التنفي ذ عف طريؽ أشخاص تكمفيـ بالقياـ بإجراءات التنفيذ‪ ،‬وتتبنى األنظمة القانونية‬
‫الدولية فيما يخص التنفيذ في المجاؿ المدني نظاميف اثنيف‪ :‬األوؿ يسند فيو التنفيذ لقضاة‬
‫تعرض‬‫يتـ ال ّ‬
‫التنفيذ‪ ،‬أما النظاـ الثاني فيسند فيو التنفيذ لممحضريف القضائييف‪ ،‬وفيما يمي ّ‬
‫ثـ النظاـ المتبنى مف قبؿ المشرع الجزائري في التنفيذ‬
‫بتعريؼ وجيز لنظاـ قاضي التنفيذ‪ّ ،‬‬
‫أال وىو التنفيذ بواسطة المحضر القضائي‪.‬‬
‫أ‪ -‬نظام قاضي التنفيذ‬
‫بموجب ىذا النظاـ تستحدث في كؿ محكمة مصمحة خاصة بالتنفيذ‪ ،‬يشرؼ‬
‫عمييا قاض مختص يسمى قاضي التنفيذ‪ ،‬ويتولى أعواف التنفيذ ‪ -‬وىـ موظفوف بكتابة‬
‫المحكمة‪ -‬تسيير ممفات التنفيذ فييا‪ ،‬حيث يستمموف ممفات التنفيذ مف ذوي الشأف‪،‬‬
‫ويقوموف بتبميغيا وتنفيذىا بأمر وتوجيو مف قاضي التنفيذ‪.‬‬
‫يقدـ طالب التنفيذ طمب‬
‫وتوحد بعض األنظمة جية اإلشراؼ عمى التنفيذ‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬
‫التنفيذ مرفقا بالسند التنفيذي إلى المصمحة المختصة بالتنفيذ عمى مستوى المحكمة‬

‫بربارة عبد الرحماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪390‬‬
‫المختصة مف أجؿ الحصوؿ عمى حقّو الثابت بالسند‪ ،‬حيث تمنح لقاضي التنفيذ الوالية‬
‫صحة السند ومف اختصاص المحكمة‬ ‫ّ‬ ‫الكاممة في فحص مستندات التنفيذ‪ ،‬ويتأ ّكد مف‬
‫بالتنفيذ محميا ونوعيا‪ ،‬ثـ مباشرة إجراءات التبميغ والتنفيذ في مواجية المنفذ عميو‪ ،‬بواسطة‬
‫الموظفيف الذي يعمموف تحت رئاستو‪ ،‬كما ُيرجع إلى قاضي التنفيذ مف أجؿ الفصؿ في‬
‫إشكاالت التنفيذ الموضوعية بصفتو قاضي الموضوع‪ ،‬أو في اإلشكاالت الوقتية بصفتو‬
‫قاضي االستعجاؿ‪ ،1‬كما يمجأ إليو في تسخير القوة العمومية‪ ،‬وتأخذ بعض األنظمة‬
‫باالزدواجية في اإلشراؼ عمى التنفيذ‪ ،‬حيث تخضع عممية التنفيذ لجية النيابة وجيّة‬
‫الحكـ‪.‬‬
‫وقد تبنى المشرع الجزائري نظاـ معاوني التنفيذ قبؿ صدور القانوف رقـ ‪02/91‬‬
‫المؤرخ في ‪ 1991/01/08‬المتضمف مينة المحضر القضائي‪ ،‬وىو نظاـ ُيشبو نظاـ‬
‫المحضريف القضائييف‪ ،‬حيث أسند المشرع عممية التنفيذ لكاتب الجية القضائية التي‬
‫أصدرت الحكـ‪ ،‬أو عند االقتضاء كاتب المحكمة التي يدخؿ في دائرة اختصاصيا مكاف‬
‫مباشرة التنفيذ‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص المادة ‪ 329‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى الصادر باألمر ‪154-66‬‬
‫أف أعواف التنفيذ ىـ موظفيف بالمحاكـ يفوضيـ القانوف‬
‫المؤرخ في ‪ ،1966/06/08‬غير ّ‬
‫بمباشرة إجراءات التنفيذ دوف أف يكونوا وكبلء عف طالبي التنفيذ‪ ،‬ويخضع الزدواجية في‬
‫اإلشراؼ عمى التنفيذ‪ ،‬جية النيابة فيما يتعمؽ بمباشرة التنفيذ وتسخير القوة العمومية‪،‬‬
‫وجية الحكـ فيما يتعمؽ بالفصؿ في إشكاالت التنفيذ‪ ،‬حيث يفصؿ قاضي االستعجاؿ في‬
‫اإلشكاالت الوقتية‪ ،‬ويختص قاضي الموضوع بالفصؿ في إشكاالت الموضوعية‪.‬‬
‫ب‪ -‬نظام المحضرين القضائيين‬
‫أثبت نظاـ معاوني التنفيذ المتبنى مف قبؿ المشرع قبؿ ‪ 1991‬عجزه وقصوره عف‬
‫مواكبة الحجـ الكبير لممفات التنفيذ التي تراكمت في المحاكـ‪ ،‬ولـ يستطع أعواف التنفيذ‬
‫تنفيذىا‪ ،‬نظ ار ألف عممية التنفيذ تتطمب توفير الوسائؿ المادية لبلنتقاؿ إلى موطف التنفيذ‪،‬‬
‫وىو ما لـ يتـ توفيره ألعواف التنفيذ‪ ،‬مما اضطرىـ لبلنتقاؿ برفقة طالبي التنفيذ‪ ،‬والطمب‬
‫سبب حرجا ليـ تجاه المنفذ‬
‫منيـ توفير الوسائؿ البلزمة مف أجؿ أداء مياميـ‪ ،‬وىو ما ُي ّ‬

‫حمدي باشا عمر‪ ،‬طرؽ التنفيذ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.82‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪391‬‬
‫عمييـ‪ ،‬باإل ضافة إلى أف كثرة النزاعات في بعض المحاكـ جعؿ مف المستحيؿ عمى‬
‫يضـ كاتبا واحدا أو كاتبيف أف ُينفّذوا جميع السندات التنفيذية‬
‫مكتب التنفيذ بالمحكمة الذي ّ‬
‫التي تصؿ إلييـ‪.1‬‬
‫كؿ ذلؾ جعؿ المشرع َي ْع ِدؿ عف ىذا النظاـ إلى نظاـ آخر ىو نظاـ المحضريف‬
‫القضائييف‪ ،‬وذلؾ بموجب القانوف رقـ ‪ 02-91‬المؤرخ في ‪ 1991/01/08‬المتضمف‬
‫المعدؿ بموجب القانوف رقـ ‪ 03-06‬المؤرخ في‬
‫ّ‬ ‫تنظيـ مينة المحضر القضائي‪،‬‬
‫‪ ،2006/02/20‬وكذا المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 185/91‬المؤرخ في ‪ 1991/06/01‬المحدد‬
‫لشروط االلتحاؽ بميف المحضر القضائي وممارستيا ونظاميا االنضباطي وقواعد تنظيـ‬
‫المينة‪.‬‬
‫حيث أوجد المشرع جيات مختصة تقوـ بعممية تنفيذ السندات التنفيذية المحددة‬
‫وتتـ عممية التنفيذ بناء عمى طمب الدائف الذي بيده سند‬
‫في المادة ‪ 600‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫يقدمو لممحضر القضائي‪ ،‬حيث أوكؿ الم ّشرع لممحضر القضائي ميمة تنفيذ‬
‫تنفيذي الذي ّ‬
‫األحكاـ القضائية‪ ،‬وتحصيؿ حقوؽ الدائنيف مف المدينيف‪ ،‬ويؤدي ميامو تحت إشراؼ‬
‫القضاء‪.‬‬
‫عيف مف قبؿ وزير العدؿ في دائرة‬
‫والمحضر القضائي ىو ضابط عمومي ُي ّ‬
‫اختصاص محكمة معينة‪ ،‬يحوز عمى ختـ الدولة‪ ،‬ويمارس مينة حرة ويعمؿ لحسابو‬
‫الخاص‪ ،‬ويتولى القياـ بخدمة عمومية‪ ،‬فيو ممثؿ لمسمطة العامة ووكيبل عف طالب‬
‫التنفيذ‪ ،‬حيث يقوـ بمياـ التبميغ والتنفيذ بناء عمى طمب ذوي الشأف في مجاؿ اختصاص‬
‫المجمس القضائي المعيف فيو‪ ،‬ويتقاضى أتعابا محددة قانونا مف ذوي الشأف‪ ،‬ويشرع في‬
‫أداء ميامو بعد تأدية اليميف القانونية أماـ المجمس القضائي التابعة لو المحكمة التي ُعّيف‬
‫بيا‪ ،‬في جمسة عمنية بحضور النائب العاـ‪.‬‬
‫يخضع المحضر القضائي عند أداء ميامو لرقابة وكيؿ الجميورية‪ ،‬وال يتمتع‬
‫باستقبللية تامة في تسيير مكتبو‪ ،‬حيث يقوـ وكبلء الجميورية بالتفتيش الدوري لمكاتب‬
‫المحضريف‪ ،‬كما يمجأ المحضر القضائي إلى وكيؿ الجميورية مف أجؿ طمب تسخير القوة‬

‫حمدي باشا عمر‪ ،‬طرؽ التنفيذ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.82‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪392‬‬
‫العمومية في تنفيذ السندات التنفيذية عند االقتضاء‪ ،‬فالمحضر القضائي يعمؿ تحت‬
‫سمطة واشراؼ وكيؿ الجميورية المختص‪ ،‬ويمجأ إليو عند مواجيتو صعوبات مادية في‬
‫التنفيذ ويطمب تسخير القوة العمومية‪ ،‬مف أجؿ االستعانة بيا في تخطي العقبات المادية‬
‫وتنفيذ السند التنفيذي‪ ،‬لذا تحتؿ النيابة العامة مرك از ميما في عممية التنفيذ وتولي لو‬
‫أىمية بالغة‪ ،‬إذ ىي المسؤولة األولى عف عممية التنفيذ‪ ،‬وترفع بشأف ذلؾ تقارير‬
‫واحصائيات لمجيات الوصية‪.‬‬
‫‪ -4‬الغير كطرف في التنفيذ‬
‫يقتضي األثر النسبي لؤلحكاـ القضائية عدـ سريانيا في مواجية الغير‪ ،‬وبذلؾ‬
‫ليس لمغير أف يتدخؿ في مرحمة التنفيذ‪ ،‬ألنو امتداد ومرحمة عممية الستعادة الحؽ الثابت‬
‫بموجب السند‪ ،‬لكف استثناء مف ىذه القاعدة يجوز إشراؾ الغير في التنفيذ أو اإلذف ليـ‬
‫بالتدخؿ‪.1‬‬
‫ويقصد بالغير كؿ مف يمزمو القانوف باالشتراؾ في إجراءات التنفيذ دوف أف يكوف‬
‫مف طرفي التنفيذ‪ ،‬وذلؾ لصفتو أو وظيفتو أو عبلقتو بالخصوـ‪ ،‬وليس لو مصمحة في‬
‫ضر مف إجراء التنفيذ‪ ،2‬ويعتبر مف الغير المحجوز‬
‫الحؽ المراد اقتضاؤه‪ ،‬وال ينتفع أو ُي ّ‬
‫تـ تكميفو بحراسة األشياء‬
‫لديو عند حجز ما لممديف لدى الغير‪ ،‬الحارس القضائي الذي ّ‬
‫المح جوزة‪ ،‬ضابط الحالة المدنية عندما يمزـ بقيد الميبلد أو الزواج أو الوفاة في سجبلت‬
‫الحالة المدنية بالبمدية‪ ،‬وذلؾ بموجب حكـ قضائي‪.‬‬
‫كما يعتبر مف الغير الدائنيف اآلخريف الذيف يحوزوف سندات تنفيذية‪ ،‬حيث يجوز‬
‫ليـ التدخؿ واالنضماـ إلى الحاجز مف أجؿ استيفاء ديونيـ مف الشيء المحجوز‪.‬‬

‫بربارة عبد الرحماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.30‬‬ ‫‪1‬‬

‫حمدي باشا عمر‪ ،‬طرؽ التنفيذ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.88‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪393‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مراحل التنفيذ ومميزاتو‬

‫تخضع األحكاـ الصادرة في شؤوف األسرة والمتعمقة بانعقاد الزواج أو انحبللو مف‬
‫خاصة فيما يتعمؽ بوجوب اتّباع مقدمات‬ ‫ّ‬ ‫حيث تنفيذىا إلى القواعد العامة في التنفيذ‪،‬‬
‫التنفيذ (أوال)‪ ،‬غير أنو تبرز بعض الخصوصية في تنفيذ ىذه األحكاـ (ثانيا)‪ ،‬كما تبرز‬
‫المعجؿ في قضايا الزواج والطبلؽ (ثالثا)‪ ،‬وىو ما سيتـ التطرؽ‬
‫ّ‬ ‫أيضا مف ناحية التنفيذ‬
‫إليو فيما يمي‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مقدمات التنفيذ‬
‫ال يكفي لطالب التنفيذ حيازتو لسند تنفيذي مف أجؿ استيفاء حقو المقضي لو‪،‬‬
‫بؿ البد مف اتّباع إجراءات أولية نص عمييا القانوف‪ ،‬وأوجب مراعاتيا مف أجؿ تنفيذ‬
‫السندات التنفيذية‪ ،‬والتي تُدعى بمقدمات التنفيذ‪.‬‬
‫ويقصد بمقدمات التنفيذ اإلجراءات التي يتّخذىا المستفيد مف السند في مواجية‬
‫ُ‬
‫المنفذ عميو‪ ،‬قبؿ اتخاذ التدابير الجبرية لحمؿ المديف عمى التنفيذ عف طريؽ الحجز‪،‬‬
‫أو الغرامة التيديدية‪ ،‬أو عف طريؽ القوة العمومية‪ ،‬فمقدمات التنفيذ ىي إجراءات ابتدائية‪،‬‬
‫ُيبدي مف خبلليا المستفيد مف السند رغبتو في استعادة حقو الثابت بموجب السند‪ ،‬وذلؾ‬
‫عف طريؽ تبميغ السند إلى المنفذ عميو وتكميفو بالوفاء بما تضمنو عف طريؽ محضر‬
‫قضائي‪.1‬‬
‫أف ىذه المقدمات ال تدخؿ ضمف إجراءات التنفيذ وليست‬
‫ويعتبر بعض الفقياء ّ‬
‫جزًء منو‪ ،‬ألف التنفيذ يبدأ باتخاذ إجراءات الحجز عمى الماؿ‪ ،‬وليس بالشروع في‬
‫مقدماتو‪.2‬‬
‫ثـ‬
‫وتشمؿ مقدمات التنفيذ طمب التنفيذ مف طرؼ المستفيد مف السند التنفيذي‪ّ ،‬‬
‫تبميغ المنفذ عميو السند التنفيذي وتكميفو بالوفاء بواسطة المحضر القضائي‪ ،‬ثـ تحرير‬
‫محضر التنفيذ أو االمتناع عف التنفيذ طبقا لنص المادة ‪ 625‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬

‫حمدي باشا عمر‪ ،‬طرؽ التنفيذ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.136‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.201‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪394‬‬
‫‪ -1‬تبميغ المنفذ عميو بالسند التنفيذي وتكميفو بالوفاء‬
‫إف ّأوؿ عمؿ يقوـ بو المحضر القضائي عندما يستمـ السند التنفيذي مف الدائف‬
‫ّ‬
‫ىو تحرير محاضر التنفيذ‪ ،‬وتتمثؿ في محضر تبميغ السند التنفيذي‪ ،‬محضر تكميؼ‬
‫بالوفاء ومحضر تبميغ تكميؼ بالوفاء‪ ،‬وفؽ الشكميات والبيانات التي يحددىا القانوف‪ ،‬وىي‬
‫محاضر رسمية‪ ،‬وحجة قاطعة بما تتضمنو مف وقائع وبيانات‪ ،‬وال يمكف الطعف فييا إال‬
‫حدد المشرع البيانات الواجب ذكرىا في المادة ‪ 613‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وذلؾ‬
‫بالتزوير‪ ،‬حيث ّ‬
‫تحت طائمة قابمية محضر التكميؼ بالوفاء لئلبطاؿ‪ ،‬ومف بيف ىذه البيانات اسـ ولقب‬
‫طالب التنفيذ وصفتو‪ ،‬موطنو الحقيقي‪ ،‬موطف مختار لو في دائرة اختصاص محكمة‬
‫التنفيذ‪ ،‬اسـ ولقب المنفذ عميو‪ ،‬تكميؼ المنفذ عميو بالوفاء‪ ،‬بياف المصاريؼ التي يمزـ بيا‬
‫المنفذ عميو‪ ،‬بياف مصاريؼ التنفيذ واألتعاب المستحقة لممحضريف القضائييف‪ ،‬اسـ ولقب‬
‫وموطف المحضر القضائي وتوقيعو وختمو‪.‬‬
‫يقوـ المحضر القضائي بعد ذلؾ بتبميغ المحاضر الثبلثة بصفة رسمية إلى المنفذ‬
‫عميو بموطنو األصمي المذكور في السند‪ ،‬ويسمّمو نسخة مف السند التنفيذي المميور‬
‫بالصيغة التنفيذية ‪ ،‬ويتضمف ىذا التبميغ تكميؼ المنفذ ضده بالوفاء المطالب بو والمتضمف‬
‫في السند‪ ،‬ومنحو أجؿ خمسة عشر يوما مف أجؿ االمتثاؿ لمضموف السند التنفيذي‪ ،‬طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 612‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬أما إذا كاف السند التنفيذي أم ار استعجاليا أو حكما مشموال‬
‫بالنفاد المعجؿ‪ ،‬فبل يمنح أجؿ خمسة عشر يوما‪ ،‬وانما يجوز مطالبتو بالتنفيذ فو ار طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 614‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وذلؾ نظ ار لمطابع االستعجالي ليذيف االستثنائيف‪ ،‬الذي‬
‫يستوجب السرعة في التنفيذ تجنبا لمضرر الكبير الذي قد يمحؽ المستفيد مف السند‪.‬‬
‫يتـ مف خبلؿ ىذا التبميغ إعبلـ المنفذ عميو باإلجراء المتّخذ ضده‪ ،‬واشعاره‬
‫حيث ّ‬
‫أف عميو الوفاء بو‪،‬‬
‫أف ىناؾ التزاما ترتّب في ذمتو‪ ،‬و ّ‬
‫بالموضوع الذي يتعمؽ بو التبميغ‪ ،‬و ّ‬
‫تجنب مفاجأة المنفذ عميو ومواجيتو بااللتزاـ الذي يقع‬
‫ويكمف اليدؼ مف ىذا اإلعبلف ىو ّ‬
‫أف إعبلمو‬
‫عمى عاتقو‪ ،‬حتى ال يتحجج بجيمو بموضوع التنفيذ‪ ،‬واقامة الحجة عميو‪ ،‬كما ّ‬
‫وديا لما يقع عميو مف التزاـ‪ ،‬دوف المجوء إلى التنفيذ‬
‫بالسند قد يدفعو إلى االستجابة ّ‬
‫الجبري‪ ،‬وما يتطمبو مف إجراءات ومصاريؼ ووقت‪.‬‬
‫‪395‬‬
‫وال يشترط في ىذا التبميغ أف يكوف تبميغا شخصيا لممنفذ عميو‪ ،‬واّنما يكفي التبميغ‬
‫القانوني في موطنو‪ ،‬حيث يخضع التبميغ في ىذا الشأف لؤلحكاـ العامة لمتبميغ الرسمي‬
‫المنصوص عمييا في المواد ‪ 406‬إلى ‪ 416‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وتعتبر ىذه اإلجراءات ضرورية لمتنفيذ حتى ينتقؿ المنفذ إلى إجراءات التنفيذ‬
‫الجبري‪ ،‬إذ بدونيا ال يمكف الحجز عمى المنقوؿ أو العقار أو غيرىا مف إجراءات التنفيذ‬
‫الجبري‪.‬‬
‫ويجوز طمب إبطاؿ محضر التكميؼ بالوفاء مف صاحب المصمحة ‪ -‬وغالبا‬
‫ما يكوف المنفذ عميو‪ -‬أماـ القاضي االستعجالي خبلؿ أجؿ خمسة عشر يوـ مف تاريخ‬
‫التبميغ الرسمي‪ ،‬وذلؾ إذا تخمّؼ بياف مف البيانات المحددة بالمادة ‪ 613‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫حيث يفصؿ في دعوى اإلبطاؿ خبلؿ أجؿ خمسة عشر يوما مف تاريخ تسجيؿ الدعوى‪،‬‬
‫ويتـ االستجابة لطمب اإلبطاؿ إذا توافر شرطاف‪ ،‬النص عمى اإلبطاؿ في حالة تخمؼ‬ ‫ّ‬
‫البياف‪ ،‬مع إثبات الضرر الذي لحؽ الطرؼ المتمسؾ باإلبطاؿ‪ ،‬وذلؾ طبقا لنص المادة‬
‫‪ 60‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وعميو فإف تَ َخمُّ ْ‬
‫ؼ أحد البيانات واغفالو ال يترتب عميو مباشرة إبطاؿ‬
‫التكميؼ بالوفاء‪ ،‬بؿ ال بد مف وجود نص يقرر اإلبطاؿ مع إثبات الضرر الذي لحؽ‬
‫طالب اإلبطاؿ‪.‬‬
‫أف الحقوؽ الثابتة بموجب السندات التنفيذية تتقادـ بمرور‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫خمسة عشر سنة (‪ )15‬كاممة ابتداء مف تاريخ قابميتيا لمتنفيذ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 630‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬فإذا لـ يقـ المستفيد مف السند بمباشرة إجراءات التنفيذ‪ ،‬وعمى رأسيا إعبلف السند‬
‫فإف الحؽ الثابت بموجبو يتقادـ بمرور أجؿ‬
‫تضمنو‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫إلى المنفذ عميو وتكميفو بالوفاء بما‬
‫خمسة عشر سنة ابتداء مف تاريخ قابميتيا لمتنفيذ‪ ،‬أي مف تاريخ حصوؿ المستفيد عمى‬
‫الصيغة التنفيذية‪ ،‬وليس مف تاريخ صدور السند‪.‬‬
‫‪ -2‬تحرير محضر التنفيذ أو امتناع عن التنفيذ‬
‫إذا انتيى أجؿ خمسة عشر يوما الممنوحة لممنفذ عميو دوف أف يمتثؿ لمتكميؼ‬
‫تضمنو السند التنفيذي‪ ،‬سواء كاف االلتزاـ القياـ بعمؿ أو االمتناع عف القياـ‬
‫ّ‬ ‫بالوفاء بما‬
‫بعمؿ‪ُ ،‬يحرر المحضر القضائي محضر امتناع عف التنفيذ طبقا لممادة ‪ 625‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ويحيؿ صاحب المصمحة إلى الجية القضائية المختصة مف أجؿ مواصمة‬
‫‪396‬‬
‫إجراءات التنفيذ الجبري‪ ،‬حيث ينتقؿ مف مرحمة التنفيذ االختياري إلى مرحمة التنفيذ‬
‫الحجز عمى ممتمكات المنفذ ضده‪،‬‬ ‫إما عف طريؽ‬ ‫الجبري‪ ،‬ويكوف التنفيذ جبريا ّ‬
‫أو باإلكراه البدني‪ ،‬أو التنفيذ باستعماؿ القوة العمومية‪ ،‬أو القياـ بالعمؿ موضوع االلتزاـ‬
‫عمى نفقة المنفذ عميو‪ ،‬أو عف طريؽ الرجوع لممحكمة والمطالبة بالتعويض عف عدـ تنفيذ‬
‫االلتزاـ الذي تضمنو السند‪ ،‬أو المطالبة بالغرامة التيديدية‪ ،‬وذلؾ حسب طبيعة موضوع‬
‫تدخؿ المنفذ عميو‬
‫أقره الحكـ القضائي‪ ،‬وحسب ما إذا كاف التنفيذ يتطمب ّ‬
‫التنفيذ الذي ّ‬
‫شخصيا أو ال‪ ،‬أما إذا امتثؿ المنفذ عميو خبلؿ األجؿ الممنوح لو فيحرر المحضر‬
‫القضائي محضر تنفيذ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬خصوصية تنفيذ األحكام القضائية المتعمقة بالزواج والطالق‬
‫تميز تنفيذ األحكاـ القضائية المتعمقة بالزواج‪ ،‬مف حيث تنفيذ‬
‫يتـ إبراز فيما يمي ّ‬
‫الجانب المتعمؽ بإثبات الزواج أو ح ّؿ الرابطة الزوجية‪ ،‬أو مف حيث التنفيذ المتعمّؽ‬
‫بالجوانب المادية لؤلحكاـ القضائية الخاصة بالزواج أو الطبلؽ‪.‬‬
‫‪ -1‬من حيث تنفيذ الجانب المتعمق بإثبات الزواج وف ّك الرابطة الزوجية‬
‫ؾ الرابطة الزوجية في جانبيا‬ ‫تتميز األحكاـ المتعمقة بإثبات الزواج وأحكاـ ف ّ‬
‫المتعمّؽ بح ّؿ عقد الزواج مف حيث تنفيذىا عف تنفيذ األحكاـ في القواعد العامة‪ ،‬ألف‬
‫ألنيا ال تتضمف تقرير أو تأكيد حؽ ألحد‬ ‫طبيعتيا تقتضي ذلؾ‪ ،‬فيي ليست أحكاـ إلزاـ‪ّ ،‬‬
‫الخصوـ والزاـ الخصـ اآلخر بأدائو‪ ،‬كإقرار حؽ الزوجة في النفقة والزاـ الزوج بأدائيا‬
‫ليا‪ ،‬كما ال تعتبر أحكاـ إثبات الزواج واثبات الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج أحكاما‬
‫منشئة‪ ،‬ألنيا ال تنشئ مرك از قانونيا لـ يكف موجودا‪ ،‬ولكنيا تعتبر أحكاما تقريرية كاشفة‪،‬‬
‫تقرر وجود الحؽ أو المركز القانوني أو الواقعة القانونية الموجودة مف قبؿ‪ ،‬دوف إلزاـ‬
‫المدعى عميو بأداء معيف‪ ،‬فيي تزيؿ الشؾ حوؿ وجوده وتكشؼ عنو‪.‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية في شقّيا‬
‫انطبلقا مف طبيعة أحكاـ إثبات الزواج وأحكاـ ف ّ‬
‫فإف تنفيذىا لو طابع خاص‪ ،‬إذ ال يخضع لمقدمات التنفيذ مف‬‫المتعمّؽ بح ّؿ عقد الزواج ّ‬
‫إعبلف لمسند التنفيذي لممنفذ عميو وتكميفو بالوفاء‪ ،‬ثـ تحرير محضر التنفيذ أو االمتناع‬
‫إف تنفيذىا يتطمب تدخؿ النيابة العامة التي تسعى وجوبا في تنفيذ أحكاـ‬‫عف التنفيذ‪ ،‬بؿ ّ‬
‫إثبات الزواج أو الطبلؽ في الحالة المدنية‪ ،‬حيث كمّفيا المشرع وأناطيا بيذا الدور الياـ‪،‬‬
‫‪397‬‬
‫بموجب نص الفقرة الثانية مف المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والفقرة مف المادة الثالثة مف المادة ‪49‬‬
‫مف ؽ‪.‬أ ‪ ،‬وذلؾ باعتبار النيابة العامة طرفا أصميا في دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬حيث تسعى‬
‫النيابة العامة وجوبا في التنفيذ بمجرد صدور الحكـ‪ ،‬دوف انتظار فوات آجاؿ الطعف‪،‬‬
‫تمت ممارستيا‪ ،‬حيث يقوـ السيد وكيؿ‬ ‫ودوف انتظار مآؿ الفصؿ في الطعوف إذا ّ‬
‫الجميورية لدى المحكمة التي أصدرت حكـ إثبات الزواج أو حكـ الطبلؽ بإرساؿ نسخة‬
‫تـ إبراـ عقد الزواج أماميا‪ ،‬مف أجؿ‬
‫مف الحكـ مع أمر ضابط الحالة المدنية بالبمدية التي ّ‬
‫تسجيؿ الزواج أو الطبلؽ عمى ىامش سجؿ عقود الزواج‪ ،‬والتأشير بو كذلؾ عمى ىامش‬
‫تـ ميبلدىما في نفس البمدية‪ ،‬أو إرساؿ إشعار بذلؾ إلى‬
‫سجؿ عقود ميبلد الزوجيف إف ّ‬
‫تـ إبراـ عقد الزواج في الخارج أو كاف ميبلد أحد الزوجيف في‬
‫بمدية ميبلد الزوجيف‪ ،‬واذا ّ‬
‫الخارج يرسؿ إشعار إلى و ازرة الخارجية مف أجؿ تسجيؿ ذلؾ عمى سجبلت الحالة المدنية‬
‫عمى مستوى الو ازرة‪.‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية وتسجيميا في سجبلت‬ ‫إف تنفيذ أحكاـ إثبات الزواج وأحكاـ ف ّ‬
‫ّ‬
‫الحالة المدنية عرؼ عرقمة كبيرة قبؿ تعديؿ قانوف األسرة‪ ،‬وقبؿ إسناد عممية التنفيذ لمنيابة‬
‫العامة‪ ،‬حيث كاف تسجيؿ ىذه األحكاـ في سجبلت الحالة المدنية متروكا ألطراؼ‬
‫مما أدى إلى عدـ تنفيذ العديد مف أحكاـ إثبات الزواج‬
‫ويتـ بسعي منيـ‪ّ ،‬‬
‫الخصومة ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وبقاءىا حب ار عمى ورؽ‪ ،‬بسبب عدـ سعي األطراؼ إلى‬‫وأحكاـ ف ّ‬
‫تنفيذىا‪ ،‬ىذا ما دفع المشرع إلى تكميؼ النيابة العامة بعممية التنفيذ نظ ار لتعمؽ حالة‬
‫األشخاص بالنظاـ العاـ‪.‬‬
‫‪ -2‬من حيث تنفيذ أحكام الزواج والطالق المتضمنة جوانب مادية‬
‫المبدأ العاـ في التنفيذ ىو توحيد إجراءات التنفيذ في مختمؼ فروع القانوف‪ ،‬لكف‬
‫المشرع مف إظيار بعض الخصوصية في التنفيذ في المسائؿ المتعمقة بشؤوف‬
‫ّ‬ ‫ىذا لـ يمنع‬
‫ألف التنفيذ في قضايا‬
‫األسرة عامة‪ ،‬والمسائؿ المتعمقة بالزواج والطبلؽ بوجو خاص‪ّ ،‬‬
‫األسرة يكتسي أىمية بالغة‪ ،‬نظ ار لمطابع االجتماعي الذي تتّصؼ بو قضايا شؤوف األسرة‪،‬‬
‫والحساسية التي تتميز بيا ىذه القضايا‪ ،‬وإلبراز ىذه الخصوصية في التنفيذ في بعض‬
‫أقر المشرع منح وصؼ النفاد المعجؿ لؤلحكاـ الصادرة في قضايا‬ ‫قضايا شؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫النفقة‪ ،‬مع فرض عقوبات جزائية عند االمتناع عف تنفيذ بعض األحكاـ المتعمقة بالنفقة‪،‬‬
‫‪398‬‬
‫كجريمة عدـ تسديد النفقة المحكوـ بيا قضاء‪ ،‬وجريمة عدـ تسميـ الطفؿ المحضوف‪ ،‬وىي‬
‫تعد ضمانات فعالة لتنفيذ أحكاـ شؤوف األسرة‪.‬‬
‫ّ‬
‫كما تتضمف األحكاـ الصادرة في شؤوف األسرة المتعمقة بالزواج أو الطبلؽ‬
‫جوانب مادية تتعمؽ بالتعويض‪ ،‬أو النفقات‪ ،‬أو تسميـ األمتعة‪ ،‬أو تسميـ المحضوف‪،‬‬
‫أو حؽ الزيارة‪ ،‬وىي تخضع لئلجراءات العامة في التنفيذ‪ ،‬وذلؾ باتّباع مقدمات التنفيذ‬
‫بإعبلف السند التنفيذي لممنفذ عميو وتكميفو بالوفاء بااللتزاـ الذي قضى بو السند في أجؿ‬
‫خمسة عشر يوما‪ ،‬أو فو ار إذا تعمّؽ التنفيذ بأمر استعجالي أو سند مشموؿ بالنفاذ‬
‫ثـ تحرير محضر التنفيذ إذا امتثؿ المنفذ عميو‪ ،‬أو تحرير محضر االمتناع عف‬ ‫المعجؿ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫التنفيذ إذا فات األجؿ المحدد دوف امتثاؿ المنفذ عميو‪ ،‬واالنتقاؿ إلى مرحمة التنفيذ الجبري‬
‫لمسند‪ ،‬باتخاذ إجراءات الحجز عمى أمواؿ المنفذ عميو المنقولة أو العقارية‪ ،‬أو الموجودة‬
‫لدى الغير‪ ،‬أو المطالبة بالحكـ بغ ارمة تيديدية لحممو عمى التنفيذ‪ ،‬أو غير ذلؾ مف‬
‫إجراءات التنفيذ الجبري‪.‬‬
‫خاصة‪ ،‬وذلؾ بتجريـ‬
‫ّ‬ ‫خص المشرع تنفيذ األحكاـ المتعمقة بالنفقة بحماية‬
‫ّ‬ ‫كما‬
‫فعؿ امتناع المديف عف أداء النفقة‪ ،‬واعتبار ىذا الفعؿ جنحة معاقب عمييا بموجب قانوف‬
‫العقوبات‪ ،‬وكذا فعؿ المشرع بالنسبة لبلمتناع عف تنفيذ األحكاـ المتعمقة بتسميـ المحضوف‬
‫لحاضنو أو لممارسة حؽ الزيارة‪ ،‬واعتبر المشرع ىذا االمتناع يشكؿ جنحة عدـ تسميـ‬
‫قاصر‪ ،‬يعاقب مقترفيا بموجب نص المادة ‪ 328‬مف قانوف العقوبات‪.‬‬
‫فإف امتناع المنفذ عميو عف تسميميا‬
‫أما بالنسبة لؤلحكاـ المتعمّقة بتسميـ األمتعة ّ‬
‫إما بتوقيع غرامة‬
‫يخوؿ المنفذ لو المجوء ثانية إلى القضاء مف أجؿ المطالبة ّ‬‫لصاحبيا‪ّ ،‬‬
‫تيديدية عمى المنفذ عميو لحممو عمى تسميـ األمتعة‪ ،‬أو المطالبة بالتعويض عف عدـ‬
‫امتثاؿ المنفذ عميو لئللزاـ الذي يقع عميو بموجب السند التنفيذي‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬التنفيذ المعجل في قضايا الزواج والطالق‬
‫بأف األحكاـ القضائية ال تكوف قابمة لمتنفيذ‬
‫القاعدة العامة في التنفيذ تقضي ّ‬
‫إال عند حيازتيا قوة األمر المقضي بو‪ ،‬أي بعد أف تصبح ليا قوة تنفيذية‪ ،‬والتي تحوزىا‬
‫أف تأخير التنفيذ في بعض‬
‫عند انقضاء آجاؿ طرؽ الطعف العادية أو بعد ممارستيا‪ ،‬غير ّ‬
‫الحاالت إلى ما بعد استنفاذ طرؽ الطعف العادية وحيازة الحكـ القضائي قوة األمر‬
‫‪399‬‬
‫أقر المشرع في بعض الحاالت‬
‫المقضي بو‪ ،‬قد يمحؽ ضر ار كبي ار بالمحكوـ لصالحو‪ ،‬لذا ّ‬
‫األمر بالنفاد المعجؿ رغـ عدـ استنفاد طرؽ الطعف العادية‪ ،‬حيث ينفذ الحكـ المشموؿ‬
‫تـ تأييد الحكـ المنفذ أصبح‬
‫بالنفاد المعجؿ رغـ الطعف فيو بالمعارضة أو االستئناؼ‪ ،‬فإذا ّ‬
‫يتـ إرجاع الحالة إلى ما كانت عميو‬
‫فإنو ّ‬
‫تـ تعديمو‪ّ ،‬‬
‫التنفيذ ثابتا‪ ،‬أما إذا ألغي الحكـ أو ّ‬
‫قبؿ التنفيذ‪.‬‬
‫ومف بيف قضايا شؤوف األسرة التي قد يحكـ فييا بالنفاد المعجؿ األحكاـ‬
‫القضائية المتعمقة بالنفقة‪ ،‬فقد يفصؿ فييا بإجراء وقتي بموجب أمر عمى عريضة‪ ،‬وقد‬
‫يفصؿ فييا بموجب أمر استعجالي‪ ،‬وقد يفصؿ في مسائؿ النفقة بحكـ قضائي عادي‬
‫مشموؿ بالنفاد المعجؿ‪.‬‬
‫خص المشرع في المادة ‪ 323‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ بالذكر مسألتيف اثنتيف مف مسائؿ‬
‫وقد ّ‬
‫شؤوف األسرة بجواز األمر بالنفاذ المعجؿ رغـ المعارضة أو االستئناؼ عند طمبو مف‬
‫صاحب المصمحة‪ ،‬وذلؾ في مادة النفقة أو منح مسكف الزوجية لمف أسندت لو الحضانة‪،‬‬
‫يتـ توفير ليما‬
‫نظ ار لمخطر المحدؽ بصاحب الحؽ في النفقة ومسكف الحضانة إذا لـ ّ‬
‫النفقة والمسكف‪ ،‬حتى ال يكوف عرضة لمتشرد ولآلفات االجتماعية‪ ،‬ونظ ار لعنصر‬
‫يميز ىذيف المسألتيف‪.‬‬
‫االستعجاؿ الذي ّ‬
‫الخاصة باألوامر االستعجالية أو األحكاـ المشمولة بالنفاذ‬
‫ّ‬ ‫وتتميز إجراءات التنفيذ‬
‫المعجؿ مف حيث جواز إجراء التنفيذ الجبري بمجرد التبميغ الرسمي لمتكميؼ بالوفاء‬
‫ّ‬
‫بما تضمنو السند التنفيذي‪ ،‬دوف منح المنفذ عميو أجؿ خمسة عشر يوما المنصوص‬
‫عمييا في المادة ‪ 612‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث ُيمزـ المنفذ عميو بتنفيذ السند التنفيذي فور‬
‫تضمنو‪ ،‬فالمنفذ عميو مطالب طبقا لنص المادة ‪614‬‬ ‫ّ‬ ‫إعبلنو وتبميغو‪ ،‬وتكميفو بالوفاء بما‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ المبادرة باالمتثاؿ لبللتزاـ الذي تضمنو السند فور تبميغو مف طرؼ المحضر‬
‫القضائي بنسخة تنفيذية مف السند وتكميفو بالوفاء بما تضمنو‪ ،‬واذا امتنع يحرر المحضر‬
‫محضر امتناع عف التنفيذ دوف انتظار فوات أجؿ خمسة عشر يوما المقرر في القواعد‬
‫العامة لمتنفيذ‪ ،‬فإذا كمّؼ مثبل المنفذ عميو بدفع النفقة أو توفير مسكف لممارسة الحضانة‬
‫المعجؿ‪ ،‬فيجوز‬
‫ّ‬ ‫بموجب أمر استعجالي‪ ،‬أو كانت النفقة أو المسكف مشمولة بالنفاذ‬
‫لممحضر القضائي تحرير محضر االمتناع عف التنفيذ غداة يوـ التبميغ إذا لـ يدفع المنفذ‬
‫‪400‬‬
‫عميو مبالغ النفقة‪ ،‬أو لـ يوفر مسكف لممارسة الحضانة‪ ،‬واالنتقاؿ إلى مرحمة التنفيذ‬
‫الجبري‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬صندوق النفقة كآلية لتنفيذ األحكام المتعمقة بآثار الزواج‬
‫والطالق‬

‫عد التزاـ الزوج بالنفقة عمى أوالده وزوجتو مف بيف أىـ االلتزامات التي تقع عمى‬
‫ُي ّ‬
‫ويولِ ي القانوف والقضاء ليذا االلتزاـ عناية خاصة لـ يعيدىا لباقي المسائؿ األخرى‬
‫عاتقو‪ُ ،‬‬
‫التي تتعمؽ باآلثار المترتبة عمى الزواج أو الطبلؽ‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ الحفاظ عمى كرامة‬
‫جرـ المشرع فعؿ االمتناع عف تسديد النفقة‬‫الزوجة واألوالد وحمايتيـ مف الضياع‪ ،‬لذا ّ‬
‫المحكوـ بيا قضاء بموجب المادة ‪ 331‬مف قانوف العقوبات‪ ،‬وتزيد أىمية ىذا اإللزاـ‬
‫المتعمؽ بدفع النفقة لؤلوال د المحضونيف خاصة بعد الطبلؽ‪ ،‬أيف يتممص العديد مف‬
‫المطمقيف مف التزاماتيـ بعد فؾ الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫أف الواقع أثبت عجز‬‫لكف رغـ الحماية التشريعية والقضائية ليذا الحؽ‪ ،‬إال ّ‬
‫ومحدودية الحموؿ التي أوجدىا المشرع في تحصيؿ النفقة مف المديف بيا‪ ،‬بدليؿ وجود‬
‫العديد مف ا لقضايا المعروضة عمى القضاء المتعمقة بعدـ تسديد النفقة‪ ،‬والتي عجزت فييا‬
‫إما بسبب عجز‬ ‫المطمقة والمحضونيف عف الحصوؿ عمى مستحقاتيـ مف المديف بالنفقة‪ّ ،‬‬
‫المديف‪ ،‬أو تعمده التيرب مف دفع ما عميو‪ ،‬أو لعدـ معرفة محؿ إقامة المديف بالنفقة‪،‬‬
‫ثـ إطبلؽ سراحو‪ ،‬وتبقى المطمقة‬
‫مدة مف الزمف ّ‬
‫وال ينفع حينئذ سجف المديف بالنفقة ّ‬
‫والمحضونيف ُيتابعوف المديف بالنفقة كمما دخؿ وخرج مف السجف‪ ،‬ألف ضروريات العيش‬
‫ومستمزماتو مف مأكؿ ومشرب وممبس ومأوى ال تحتمؿ االنتظار والتأخير‪ ،‬فيي ذات‬
‫طابع استعجالي‪.‬‬
‫أقرىا المشرع لممطمقة والمحضونيف‪،‬‬
‫وأماـ ىذا الوضع وعدـ كفاية الحماية التي ّ‬
‫وجد المشرع نفسو ممزما بالتدخؿ مف جديد مف خبلؿ المادة ‪ 124‬مف قانوف ‪10/14‬‬
‫نصت عمى‬
‫المؤرخ في ‪ 30‬ديسمبر ‪ 2014‬المتضمف قانوف المالية لسنة ‪ 2015‬والتي ّ‬
‫فتح في كتابات الخزينة حساب تخصيص خاص رقمو ‪ 302-142‬وعنوانو "صندوؽ‬
‫ثـ صدر القانوف رقـ ‪ 01-15‬المؤرخ في ‪ 04‬جانفي ‪ 2015‬المتضمف إنشاء‬
‫النفقة"‪ّ ،‬‬
‫‪401‬‬
‫صندوؽ النفقة‪ ، 1‬مف أجؿ محاولة التخفيؼ مف العناء الذي تعيشو الكثير مف المطمقات‬
‫والمحضونيف‪ ،‬ومشقّة السعي الحثيث مف أجؿ تحصيؿ مبالغ النفقة المحكوـ بيا‪ ،‬حيث‬
‫يعتبر الصندوؽ آلية جديدة لتنفيذ األحكاـ القضائية في شقّيا المتعمؽ بتسديد النفقة‪ ،‬مف‬
‫أجؿ رفع االحتياج والمشقّة عف المطمقة والمحضونيف‪ ،‬دوف المساس بحؽ الدولة في‬
‫تـ دفعيا لمدائنيف‬
‫الرجوع عمى المديف بالنفقة السترجاع المبالغ المستحقة لمصندوؽ‪ ،‬والتي ّ‬
‫بيا‪ ،‬فصندوؽ النفقة ليس لو صفة المديف بالنفقة وال الدائف بيا‪ ،‬وانما لو صفة الوسيط بيف‬
‫الدائف والمديف بالنفقة‪ ،2‬وىو صندوؽ سبؽ إنشاؤه في بعض التشريعات العربية‪ ،‬كالتشريع‬
‫التونسي‪ ،‬والمغربي‪ ،‬والمصري‪ ،‬واف اختمفت تسمياتو‪.3‬‬
‫سنو إجراء فريدا‬
‫إف المشرع المغربي أنشأ صندوقا لمتكافؿ االجتماعي بالرغـ مف ّ‬
‫ّ‬
‫مف نوعو في مدونة األسرة المغربية الصادرة سنة ‪ ،2004‬حيث يشترط لقبوؿ دعوى‬
‫الطبلؽ وتسجيميا قياـ الزوج بدفع المبالغ المستحقة لمزوجة في ذمتو‪ ،‬إضافة إلى حصوؿ‬
‫يجنب المطمقة عناء السعي‬
‫ذمة األب‪ ،‬وىذا حتى ّ‬ ‫األوالد عمى حقوقيـ المالية التي في ّ‬
‫والجري وراء المطمؽ مف أجؿ دفع النفقة المستحقة ليا ولؤلوالد المحضونيف‪.‬‬
‫وقد لقي اعتماد صندوؽ النفقة مف قبؿ الدولة معارضة بعض الفئات السياسية‬
‫شجع الزوجات عمى طمب الطبلؽ‪ ،‬طالما أنو يوفر ليـ العيش‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬بحجة أنو ُي ّ‬
‫الرغيد بضماف أجرة شيرية يستغنوف بيا عف سمطة الزوج وقوامتو‪.4‬‬

‫القانوف ‪ 01-15‬مؤرخ في ‪ 2015/01/04‬يتضمف إنشاء صندوؽ النفقة‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 01‬سنة ‪ 2015‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.7‬‬
‫مباركة عمامرة‪ ،‬الحماية الجزائية لحؽ النفقة لمطفؿ في القانوف الجزائري‪ ،‬مجمة البحوث والدراسات‪ ،‬جامعة الشييد‬ ‫‪2‬‬

‫حمة لخضر‪ ،‬الوادي الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،24‬السنة ‪ ،14‬جواف ‪ ،2017‬ص ‪.199‬‬


‫في تونس القانوف عدد ‪ 65‬لسنة ‪ 1993‬المؤرخ في ‪ 05‬جويمية ‪ 1993‬المتعمؽ بإحداث صندوؽ ضماف النفقة وجراية‬ ‫‪3‬‬

‫الطبلؽ‪ ،‬وفي مصر صدر القانوف رقـ ‪ 11‬لسنة ‪ 2004‬المتعمؽ بإنشاء صندوؽ نظاـ تأميف األسرة‪ ،‬وفي المغرب أنشأ‬
‫صندوؽ التكافؿ العائمي بموجب ظيير شريؼ رقـ ؾ‪ 12102191‬صادر في ‪ 2010/12/13‬بتنفيذ القانوف رقـ ‪41-10‬‬
‫المتعمؽ بشروط ومساطر االستفادة مف صندوؽ التكافؿ العائمي‪ ،‬الصادر بموجب الجريدة الرسمية عدد ‪ 5904‬بتاريخ‬
‫‪.2010/12/30‬‬
‫مقاؿ صحفي بجريدة العرب نشر في ‪ ،2014/04/01‬مقاؿ صحفي نشر بجريدة النيار بتاريخ ‪،2014/05/27‬‬ ‫‪4‬‬

‫مقاؿ صحفي نشر بموقع جواىر الشروؽ بتاريخ ‪ ،2014/09/07‬مف بيف المؤيديف لفكرة إنشاء صندوؽ النفقة السيدة‬
‫مونية مسمـ سي عامر وزيرة التضامف الوطني واألسرة وقضايا المرأة‪ ،‬والسيدة شائعة جعفر رئيسة لجنة المرأة بالمجمس‬
‫‪402‬‬
‫فعالة لفئة‬
‫ومف أجؿ معرفة إلى أي مدى ُوفّؽ المشرع في توفير حماية قانونية ّ‬
‫الحد مف معاناتيـ‪ ،‬وذلؾ مف خبلؿ استحداث صندوؽ‬ ‫المطمقات واألطفاؿ المحضونيف‪ ،‬و ّ‬
‫النفقة‪ ،‬سنرّكز في ىذا المطمب عمى األحكاـ التي تناوليا القانوف ‪ 01-15‬المنشئ‬
‫ثـ بياف‬
‫لصندوؽ النفقة‪ ،‬بالتطرؽ بإيجاز لمنظاـ القانوني لصندوؽ النفقة في الفرع األوؿ‪ّ ،‬‬
‫إجراءات االستفادة‪ ،‬وطرؽ تحصيؿ المبالغ المستحقة مف الصندوؽ في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التنظيم القانوني لصندوق النفقة‬

‫يتـ التركيز مف خبلؿ ىذا الفرع عمى الفئات المعنية باالستفادة مف الصندوؽ‪،‬‬
‫ّ‬
‫ثـ التطرؽ إلى مسألة ُمسقطات الحؽ في االستفادة مف‬ ‫والشروط الواجب توافرىا فييا‪ّ ،‬‬
‫المستحقات المالية لمصندوؽ‪.‬‬
‫أوال‪ -‬الفئات المعنية باالستفادة من صندوق النفقة‬
‫المشرع في القانوف ‪ 01-15‬الفئات التي ليا حؽ االستفادة مف صندوؽ‬ ‫ّ‬ ‫حدد‬
‫ّ‬
‫النفقة‪ ،‬والشروط التي يجب توافرىا فييا‪ ،‬بيانيا فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -1‬تحديد الفئات المستفيدة‬
‫حصر المشرع الفئات التي يمكنيا االستفادة مف المخصصات المالية لمصندوؽ‬
‫في فئتيف اثنتيف ىما‪:‬‬
‫أ‪ -‬الطفؿ أو األطفاؿ المحضونيف ممثميف مف قبؿ المرأة الحاضنة في مفيوـ‬
‫ؽ‪.‬أ ‪ ،‬نظ ار لكوف األطفاؿ المحضونيف عاجزيف عف المطالبة بأنفسيـ بحقيـ في النفقة‪،‬‬
‫ومباشرة اإلجراءات الواجبة االتباع‪ ،‬فيـ في حاجة لمف يمثميـ ويقوـ مقاميـ‪ ،‬وتعتبر المرأة‬
‫جدة ألب أو خالة‬
‫جدة ألـ أو ّ‬
‫أما أو ّ‬
‫الحاضنة خير ممثؿ لممحضوف‪ ،‬سواء كانت ّ‬
‫عمة‪.‬‬
‫أو ّ‬

‫الوطني لؤلسرة التابع لو ازرة التضامف‪ ،‬والسيد فاروؽ قسنطيني رئيس المجنة الوطنية االستشارية لترقية وحماية حقوؽ‬
‫اإلنساف‪ ،‬ومف بيف المنتقديف إلنشاء صندوؽ النفقة السيد عبد الفتاح زراوي مسؤوؿ حزب جبية الصحوة الحرة السمفية‬
‫بالجزائر‪ ،‬قيد التأسيس ‪ ،‬والسيد محمد حديبي مسؤوؿ اإلعبلـ ( آنذاؾ) في حزب حركة النيضة‪ ،‬كما طالبوا بتوسيع حؽ‬
‫االستفادة منو إلى النساء الماكثات بالبيت‪ ،‬واألرامؿ والعوانس‪.‬‬
‫‪403‬‬
‫ب‪ -‬المرأة المطمقة المحكوـ ليا بالنفقة‪ ،‬فالمرأة التي لـ يصدر حكـ طبلقيا بعد‪،‬‬
‫ؽ لمف‬‫حؽ ليا في االستفادة مف الصندوؽ‪ ،‬كما ال َي ِح ُّ‬
‫أو لـ يقض ليا القضاء بالنفقة‪ ،‬ال ّ‬
‫ُح ِك َـ ليا بالنفقة بموجب أمر مؤقت إلى غاية الفصؿ في دعوى الموضوع‪ ،‬أف تستفيد مف‬
‫صندوؽ النفقة‪ ،‬فالزوجة التي رفع زوجيا دعوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬أو رفعت دعوى‬
‫يتـ الفصؿ فييا‪ ،‬واستصدرت أم ار مؤقتا يقضي ليا بالنفقة المؤقتة‬
‫التطميؽ أو الخمع‪ ،‬ولـ ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬ ‫إلى غاية الفصؿ في دعوى ف ّ‬
‫وتع ّذر عمييا تنفيذ األمر كميا أو جزئيا المحدد لمبمغ النفقة‪ ،‬بسبب امتناع المديف بيا عف‬
‫الدفع أو عجزه أو عدـ معرفة محؿ إقامتو‪ ،‬فبل حؽ ليا في االستفادة مف صندوؽ النفقة‬
‫ألنو لـ يثبت طبلقيا بحكـ‪ ،‬وال تدخؿ في لفظ المرأة المطمقة المنصوص عمييا بموجب‬
‫ّ‬
‫نص المادة الثانية مف القانوف ‪.01-15‬‬
‫كما يخرج مف الفئات المستفيدة مف الصندوؽ الزوجة التي ُحكـ ليا وألوالدىا‬
‫بالنفقة تجاه زوجي ا الذي أىمميا وأوالدىا‪ ،‬وذلؾ خبلؿ قياـ العبلقة الزوجية‪ ،‬أو التي حكـ‬
‫ليا وألوالدىا بالنفقة مؤقتا بموجب أمر عمى عريضة في الفترة التي تسبؽ الفصؿ في‬
‫ؾ الرابطة‬
‫دعوى الموضوع المتعمقة بالرجوع إلى بيت الزوجية أو الفصؿ في دعوى ف ّ‬
‫ألف إجراءات التقاضي مف أجؿ الفصؿ في دعوى الموضوع قد تطوؿ‪ ،‬والزوجة‬
‫الزوجية‪ّ ،‬‬
‫نص المشرع عمى شموؿ ىذه الفئات‬
‫ماسة لمنفقة‪ ،‬فكاف مف األحسف لو ّ‬
‫واألوالد بحاجة ّ‬
‫لحؽ االستفادة مف صندوؽ النفقة‪.‬‬
‫وسعت مف الفئات المستفيدة مف‬ ‫وبالنظر لبعض التشريعات المقارنة نجدىا ّ‬
‫الصندوؽ‪ ،‬عمى غرار المشرع البحريني‪ ،‬حيث منحت المادة األولى مف القانوف رقـ ‪34‬‬
‫لسنة ‪ 2005‬المتعمّؽ بإنشاء صندوؽ النفقة حؽ االستفادة مف الصندوؽ لكؿ مف الزوجة‬
‫أو المطمقة أو الوالديف أو األوالد‪ ،‬أو كؿ مف تجب ليـ النفقة أو مف ينوب عنيـ قانونا‪،‬‬
‫وىو أمر مستحسف يحسب لممشرع البحريني‪ ،‬وىو نيج سمكو أيضا المشرع المصري مف‬
‫خبلؿ المادة ‪ 71‬مف القانوف ‪ 01‬لسنة ‪ 2000‬المتعمؽ بتنظيـ بعض أوضاع واجراءات‬

‫‪404‬‬
‫‪1‬‬
‫وسع مف دائرة الفئات المعنية باالستفادة‬
‫التقاضي في مسائؿ األحواؿ الشخصية ‪ ،‬حيث ّ‬
‫مف صندوؽ نظاـ تأميف األسرة حيث شمؿ كؿ مف المطمقة والزوجة واألبناء واألقارب‪،‬‬
‫ضيؽ المشرع الجزائري عمى غرار المشرع التونسي‪ 2‬والمشرع المغربي مف الفئات‬‫بينما ّ‬
‫المستفيدة وحصرىا في المطمقات وأوالدىف الذيف يحوزوف أحكاما نيائية بالنفقة‪ ،‬وتعذر‬
‫عمييـ تنفيذىا‪.‬‬
‫وِا ْف كاف ليذا التضييؽ الذي انتيجو المشرع الجزائري ما يبرره حاليا‪ ،‬مف أجؿ‬
‫تفادي فشؿ الصندوؽ في تحقيؽ أىدافو‪ ،‬بالنظر لحداثة التجربة و ُش ُّح الموارد التي تدعمو‪،‬‬
‫فبل ضير بعد مضي مدة محددة مف دخوؿ الصندوؽ حيز التجربة‪ ،‬وظيور نجاحو‬
‫ورسوخو في دعـ الفئات اليشة التي حددىا القانوف‪ ،‬والتي ليا الحؽ في االستفادة منو‪،‬‬
‫ال ضير أف يشمؿ فئات أخرى في المستقبؿ كالزوجة واألبناء أثناء قياـ العبلقة الزوجية‪،‬‬
‫أو يشمؿ األصوؿ‪ ،‬أو األرامؿ واليتامى‪.‬‬
‫‪ -2‬شروط االستفادة من المخصصات المالية لصندوق النفقة‬
‫مف خبلؿ استقراء مواد القانوف ‪ 01-15‬سيما المادة الثانية منو يمكف استنتاج‬
‫يتـ‬
‫الشروط الواجب توافرىا مف أجؿ االستفادة مف المستحقات المالية لصندوؽ النفقة‪ّ ،‬‬
‫إجماليا فيما يمي‪:‬‬
‫أ‪ -‬شرط مفيوم النفقة‬
‫إف النفقة المشمولة بالقانوف رقـ ‪ 01-15‬عمى ثبلثة أنواع‪ :‬النفقة المحكوـ بيا‬
‫ّ‬
‫لؤلطفاؿ المحضونيف بعد طبلؽ الوالديف‪ ،‬والنفقة المحكوـ بيا مؤقتا لصالحيـ في حالة‬
‫رفع دعوى الطبلؽ‪ ،‬كما تشمؿ النفقة المحكوـ بيا لصالح المرأة المطمقة‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص‬
‫المادة الثانية مف نفس القانوف‪ ،‬وبالتالي يخرج مف مفيوـ النفقة في ىذا القانوف مبالغ‬
‫التعويض عف الطبلؽ التعسفي المحكوـ بيا لممطمقة‪ ،‬أو مبالغ النفقة المحكوـ بيا لصالح‬

‫نص المادة ‪ 71‬مف قانوف رقـ ‪ 01‬لسنة ‪ " : 2000‬ينشأ نظاـ لتأميف األسرة مف بيف أىدافو ضماف تنفيذ األحكاـ‬ ‫‪1‬‬

‫الصادرة بتقرير نفقة لمزوجة أو المطمقة أو األوالد أو األقارب يتولى اإلشراؼ عمى تنفيذه بنؾ ناصر االجتماعي ويصدر‬
‫بقواعد ىذا النظاـ واجراءاتو وطرؽ تمويمو قرار مف وزير العدؿ بعد موافقة وزيرة التأمينات"‪.‬‬
‫أقر المشرع التونسي مف خبلؿ الفصؿ الثاني مف قانوف ‪ 05‬يوليو ‪ 1993‬المتعمؽ بصندوؽ النفؽ وجراية الطبلؽ‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬

‫حؽ االستفادة مف خدمات الصندوؽ لممطمقات وأوالدىف فقط الصادرة لفائدتيـ أحكاـ باتة تتعمؽ بالنفقة وجراية الطبلؽ‬
‫وتعذر تنفيذىا المتناع المديف‪.‬‬
‫‪405‬‬
‫الزوجة واألوالد خبلؿ قياـ العبلقة الزوجية‪ ،‬أو مبمغ الصداؽ إذا لـ تقبضو الزوجة قبؿ‬
‫الزواج‪.‬‬
‫أف المقصود‬ ‫وأغفؿ المشرع بياف مشتمبلت النفقة‪ ،‬مما يبعث عمى االعتقاد ّ‬
‫أف المقصود بيا ما اشتممتو المادة‬
‫أف الصواب ّ‬
‫بالنفقة ىي النفقة الغذائية فقط‪ ،‬في حيف ّ‬
‫‪ 78‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث تشمؿ النفقة الغذاء والكسوة والعبلج والسكف أو أجرتو‪ ،‬وما يعتبر مف‬
‫الضروريات في العرؼ والعادة‪ ،‬لذا يجب عمى المشرع التأكيد عمى مفيوـ النفقة المقصودة‬
‫فسرت بو في نص المادة ‪ 331‬مف قانوف‬
‫تفسر خطأ بما ّ‬‫بقانوف صندوؽ النفقة‪ ،‬حتى ال ّ‬
‫ضيؽ‬
‫العقوبات عمى أنيا تشمؿ النفقة الغذائية فقط‪ ،‬دوف مقابؿ بدؿ اإليجار‪ ،‬وفؽ تفسير ّ‬
‫أف النفقة المعنية بصندوؽ النفقة‬
‫يتـ النص صراحة عمى ّ‬‫لـ يقصده المشرع‪ ،‬لذا أقترح أف ّ‬
‫يحد مف أحقية المستفيديف‬
‫حددتو المادة ‪ 78‬مف ؽ أ‪ ،‬تفاديا لكؿ تأويؿ أو تفسير ّ‬
‫تشمؿ ما ّ‬
‫مف الصندوؽ مف تحصيؿ مبالغ النفقة المقررة قضاء‪.‬‬
‫ب‪ -‬شرط أن تكون المرأة مطمقة أو طفال محضونا في مفيوم قانون األسرة‬
‫حيث اشترط المشرع في المادة ‪ 02‬مف قانوف ‪ 01-15‬في المستفيد أف تكوف‬
‫امرأة مطمقة محكوـ ليا بالنفقة‪ ،‬وبالتالي تخرج مف ذلؾ الزوجة المحكوـ ليا بالنفقة أثناء‬
‫ؾ‬
‫قياـ العبلقة الزوجية‪ ،‬وتعتبر المرأة مطمقة متى صدر في حقيا حكـ قضائي نيائي بف ّ‬
‫الرابطة الزوجية بينيا وبيف زوجيا‪ ،‬سواء كاف الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪،‬‬
‫أو بالتطميؽ‪ ،‬أو بالخمع‪ ،‬أو بالطبلؽ بالتراضي‪ ،‬طبقا ألحكاـ قانوف األسرة‪.‬‬
‫أما‪ ،‬بحيث ال يحؽ لممطمقة‬‫اشترطو أف تكوف المطمقة ّ‬
‫وانفرد المشرع المغربي ب ا‬
‫االستفادة مف الصندوؽ إذا لـ يكف ليا أوالد‪ ،1‬وىو ما لـ يشترطو المشرع الجزائري وحسنا‬
‫فعؿ‪ ،‬ألف النفقات التي تستحقيا المرأة المطمقة ال تخرج عف نفقة العدة ونفقة اإلىماؿ‪،‬‬
‫ونفقة مصاريؼ الوضع والعبلج‪ ،‬وىي نفقات ليست كبيرة وغير دائمة‪ ،‬بؿ تدفع مرة واحدة‬
‫وينقضي أثرىا‪ ،‬وليست مف شأنيا أف تثقؿ كاىؿ صندوؽ النفقة‪.‬‬

‫نصت المادة الثانية مف قانوف رقـ ‪ 41210‬المندرجة تحت الباب األوؿ‪ :‬الفئات المستفيدة مف الصندوؽ عمى ما يمي‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫" يستفيد مف المخصصات المالية لمصندوؽ‪ ،‬إذا تأخر تنفيذ المقرر القضائي المحدد لمنفقة أو تعذر لعسر المحكوـ عميو‬
‫أو غيابو أو عدـ العثور عميو‪ ،‬وبعد ثبوت عوز األـ‪ :‬األـ المعوزة المطمقة‪ ،‬مستحقو النفقة مف األطفاؿ بعد انحبلؿ‬
‫ميثاؽ الزوجية"‪.‬‬
‫‪406‬‬
‫أف المشرع جعؿ المرأة المطمقة المحكوـ ليا بالنفقة مف‬
‫وتجدر اإلشارة أيضا إلى ّ‬
‫الفئات التي ليا الحؽ في االستفادة مف المستحقات المالية لمصندوؽ دوف أف يشترط فييا‬
‫ِ‬
‫الع َوْز‪ ،‬وبالتالي حتى ولو كانت المرأة المطمقة موسرة‪ ،‬وليا دخؿ مالي محترـ يكفؿ ليا‬
‫فإف ذلؾ ال يحوؿ دوف حقيا في االستفادة مف صندوؽ النفقة‪ ،‬وىو أمر‬ ‫العيش الرغيد‪ّ ،‬‬
‫ألف مف بيف األىداؼ التي أُنشأ مف أجميا صندوؽ‬
‫أعتقد أف المشرع جانب فيو الصواب‪ّ ،‬‬
‫النفقة ىي مساعدة الفئات الي ّشة‪ ،‬وحمايتيا مف التشرد واالنحراؼ‪ ،‬وحصر االستفادة مف‬
‫الصندوؽ في ىذه الفئات المعوزة مف شأنو توفير الموارد المخصصة ليذا الصندوؽ‪،‬‬
‫صص ليا دوف غيرىا‪.‬‬‫وصرفيا في وجييا الذي ُخ ّ‬
‫وقد أشار المشرع المغربي ليذا المعنى في المادة الثانية مف قانوف ‪41210‬‬
‫المتعمؽ بتحديد شروط ومساطر االستفادة مف صندوؽ التكافؿ العائمي‪ ،‬حيث اشترط ثبوت‬
‫يحؽ ليا االستفادة مف المخصصات المالية لمصندوؽ‪ ،1‬وىو‬
‫حالة عوز األـ المطمقة حتى ّ‬
‫شرط أعتقد بعقبلنيتو وموضوعيتو‪.‬‬
‫كما يشترط في األوالد المشموليف باالستفادة مف المستحقات المالية لصندوؽ‬
‫النفقة أف يكوف أوالدا محضونيف‪ ،‬أي يقتصر حقّيـ خبلؿ فترة الحضانة فقط‪ ،‬وقد حددت‬
‫الفقرة الثالثة مف المادة الثانية مف القانوف ‪ 01-15‬شرط الحضانة كشرط أساسي‬
‫لبلستفادة مف المستحقات المالية لمصندوؽ‪ ،‬حيث يستفيد مف المخصصات المالية‬
‫لمصندوؽ الطفؿ أو األطفاؿ المحضونيف ممثميف بالمرأة الحاضنة في مفيوـ قانوف األسرة‪،‬‬
‫سف ‪ 10‬عشر‬ ‫فإف حضانة الطفؿ الذكر تنقضي إذا بمغ ّ‬
‫ووفؽ مفيوـ قانوف األسرة ّ‬
‫أما لـ تتزوج‬
‫سنوات‪ ،‬ولمقاضي أف ُيمدد إلى سف ‪ 16‬ستة عشر سنة إذا كانت الحاضنة ّ‬
‫ثانية‪ ،‬وبالنسبة لمبنت تنقضي حضانتيا ببموغيا سف الزواج المحدد بػ ‪ 19‬تسعة عشر سنة‬
‫كاممة‪ ،2‬وفقا لنص المادة ‪ 65‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وعميو حتى ولو كاف األوالد بعد ىذا السف معوزيف‬
‫وغير قادريف عمى الكسب‪ ،‬فبل يحؽ ليـ االستفادة مف الصندوؽ‪.‬‬

‫المادة الثانية مف قانوف رقـ ‪ 41210‬سبؽ ذكرىا‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫تنص المادة ‪ 07‬مف قانوف األسرة عمى‪ " :‬تكتمؿ أىمية الرجؿ والمرأة في الزواج بتماـ ‪ 19‬تسعة عسر سنة ‪"....‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪407‬‬
‫وأعتقد أنو كاف مف األنسب عمى األقؿ اإلشارة والنص عمى استمرار استفادة‬
‫األوالد المحضونيف المعاقيف العاجزيف عف الكسب مف المستحقات المالية لصندوؽ النفقة‬
‫سنا معينة‪.1‬‬
‫سنيـ‪ ،‬ألف حاجتيـ وعوزىـ مستمر ال ينقضي ببموغيـ ِّ‬
‫دوف النظر إلى ّ‬
‫ج‪ -‬شرط صدور أمر أو حكم قضائي يقضي بالنفقة‬
‫ال يكفي لبلستفادة مف المستحقات المالية لصندوؽ النفقة كوف الشخص طفبل‬
‫محضونا أو امرأة مطمقة‪ ،‬بؿ يجب صدور أمر أو حكـ قضائي يقضي بالنفقة‪ ،‬فقد ترفع‬
‫دعوى الطبلؽ‪ ،‬وقبؿ الفصؿ في موضوعيا تمجأ الزوجة إلى سموؾ طريؽ االستعجاؿ مف‬
‫أجؿ طمب الحكـ ليا وألوالدىا بنفقة مؤقتة إلى غاية الفصؿ في دعوى الطبلؽ‪ ،‬فيصدر‬
‫أم ار قضائيا بذلؾ‪ ،‬أو تنتظر الزوجة إلى غاية الفصؿ في موضوع دعوى الطبلؽ‪ ،‬فيصدر‬
‫حكما يقضي بطبلقيا مف زوجيا‪ ،‬ويحكـ بتوابع ىذا الطبلؽ مف إسناد لمحضانة ليا عمى‬
‫أوالدىا‪ ،‬ويحكـ بإلزاـ المطمؽ بدفع النفقات الواجبة عميو‪ ،‬كنفقة العدة‪ ،‬ونفقة اإلىماؿ‪،‬‬
‫والنفقة الغذائية لممحضونيف‪ ،‬ونفقة بدؿ إيجار مسكف لممارسة الحضانة‪.‬‬
‫إف ىذا األمر أو الحكـ القضائي الذي يحكـ بالنفقة لصالح المطمقة والمحضونيف‬
‫يعد شرطا أساسيا مف شروط االستفادة مف المستحقات المالية‬
‫بعد رفع دعوى الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫لصندوؽ النفقة‪ ،‬وال يمكف لممرأة المطمقة الذي صدر الحكـ بطبلقيا دوف أف يفصؿ في‬
‫يحدد مبالغ النفقة التي ُيمزـ المطمؽ بدفعيا أف تدخؿ ضمف‬
‫توابع الطبلؽ‪ ،‬ودوف أف ّ‬
‫األشخاص المستفيديف مف الصندوؽ‪ ،‬بؿ عمييا أف ترفع دعوى جديدة تطمب مف خبلليا‬
‫إسناد حضانة األوالد ليا‪ ،‬وتطالب بنفقة العدة ونفقة اإلىماؿ والنفقة الغذائية لممحضونيف‬
‫ونفقة بدؿ إيجار مسكف لممارسة الحضانة أو غيرىا مف النفقات‪ ،‬حتى يمكف ليا أف تمجأ‬
‫إلى طمب االستفادة مف صندوؽ النفقة‪.‬‬
‫لذا يعتبر تقديـ المطمقة أو الحاضنة حكما قضائيا نيائيا‪ ،‬أو غير نيائي مشموؿ‬
‫بالنفاذ المعجؿ رغـ المعارضة أو االستئناؼ‪ ،‬مميو ار بالصيغة التنفيذية‪ ،‬شرطا أساسيا مف‬
‫شروط االستفادة مف مخصصات صندوؽ النفقة‪.‬‬

‫محمد لشقار‪ ،‬صندوؽ التكافؿ العائمي‪ ،‬مقاؿ منشور بمجمة الفقو والقانوف بتاريخ ‪ ،2013/01/01‬العدد الثالث‪ ،‬يناير‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2013‬المغرب‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪408‬‬
‫د‪ -‬شرط تعذر التنفيذ الكمي أو الجزئي لألمر أو الحكم القضائي الذي حكم‬
‫بالنفقة‬
‫طالب االستفادة عدـ دفع األب‬
‫ُ‬ ‫يشترط لبلستفادة مف صندوؽ النفقة أف ُيثْبِ َ‬
‫ت‬
‫مبالغ النفقة التي ألزمو بيا القضاء بموجب محضر رسمي يحرره المحضر القضائي‪،‬‬
‫ومرة مف قبؿ الصندوؽ‪ ،‬لذا‬
‫مرة مف قبؿ المديف بيا‪ّ ،‬‬
‫مرتيف‪ّ ،‬‬
‫يتـ دفع مبالغ النفقة ّ‬
‫حتى ال ّ‬
‫يجب عمى المطمقة التي حصمت عمى أمر أو حكـ قضائي نيائي يقضي بالنفقة ليا‬
‫وألوالدىا المحضونيف‪ ،‬قبؿ أف تمجأ إلى المطالبة باالستفادة مف صندوؽ النفقة‪ ،‬أف تنتيج‬
‫أقره القانوف لكؿ مف بيده سند تنفيذي يرغب في استنفاذه وجعمو محؿ تنفيذ‪،‬‬
‫الطريؽ الذي ّ‬
‫وىو المجوء إلى المحضر القضائي وتقديـ السند التنفيذي لو‪ ،‬مف أجؿ اتّباع إجراءات‬
‫التنفيذ المقررة في مثؿ ىذا الشأف‪ ،‬واذا استنفذ المحضر القضائي إجراءات التنفيذ‪ ،‬وحاؿ‬
‫امتناع المديف بالنفقة عف الدفع‪ ،‬أو عجز عف ذلؾ‪ ،‬أو تعذر التنفيذ لعدـ معرفة محؿ‬
‫إقامتو‪ ،‬يحرر المحضر القضائي محض ار ُيثبت مف خبللو تعذر التنفيذ الكمي أو الجزئي‬
‫لمسند التنفيذي المحدد لمبمغ النفقة‪ ،‬بسبب امتناع المديف بيا عف الدفع كميا أو جزئيا‪،‬‬
‫أو عجزه عف ذلؾ‪ ،‬أو لجيؿ محؿ إقامتو‪ ،‬طبقا لنص المادة الثالثة مف قانوف ‪،01-15‬‬
‫ويقد ـ ىذا المحضر لطالبة التنفيذ مف أجؿ تمكينيا مف المجوء إلى الجية القضائية‬
‫ّ‬
‫المختصة‪ ،‬لممطالبة بإصدار أمر بأحقيتيا وأوالدىا المحضونيف مف االستفادة مف‬
‫المشرع إجراءات االستفادة‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬ ‫المستحقات المالية لصندوؽ النفقة‪ ،‬مما يبرز تيسير‬
‫أعفاىا مف متابعة إجراءات التنفيذ الجبري‪ ،‬كالحجز عمى أمواؿ المديف المنقولة‬
‫أو العقارية‪ ،‬فبمجرد الحصوؿ عمى محضر تعذر التنفيذ بسبب حالة مف الحاالت الثبلث‬
‫حددىا المشرع‪ ،‬يمكنيا المجوء إلى صندوؽ النفقة‪ ،‬نظ ار لمطابع االستعجالي لمنفقة‪.1‬‬
‫التي ّ‬
‫ثانيا‪ -‬مسقطات حق االستفادة من الصندوق‬
‫حددت الفقرة السادسة مف المادة الثانية مف القانوف ‪ 01-15‬الحاالت التي يسقط‬
‫في يا الحؽ في االستفادة مف المستحقات المالية لصندوؽ النفقة وحصرتيا في حالتيف‬
‫اثنتيف ىما‪:‬‬

‫عثماف حويدؽ‪ ،‬ومحمد لميف مجرالي‪ ،‬صندوؽ النفقة كآلية لحماية حقوؽ الطفؿ المحضوف بيف المكاسب والنقائص‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫مجمة الشياب‪ ،‬معيد العموـ اإلسبلمية‪ ،‬جامعة الوادي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬عدد ‪ ،05‬ديسمبر ‪ ،2016‬ص ‪.206‬‬
‫‪409‬‬
‫‪ -1‬سقوط الحق في الحضانة أو انقضاؤىا‬
‫أف‬
‫بالرجوع إلى قانوف األسرة سيما المواد ‪ 69 ،68 ،67،66‬و‪ 70‬منو يتضح ّ‬
‫الحضانة تسقط عف الحاضنة إما بسبب زواج األـ الحاضنة بغير قريب محرـ‪،‬‬
‫أو بالتنازؿ عنيا‪ ،‬أو بسبب فساد الحاضنة وعدـ أىميتيا لمقياـ بواجبات الحضانة‪،‬‬
‫أو بالسكوت عف طمب الحضانة لمدة سنة مف تاريخ العمـ باستحقاقيا بدوف عذر‪ ،‬كما‬
‫سف ‪ 10‬عشر سنوات ما لـ يمددىا القاضي إلى سف ‪16‬‬ ‫تنقضي الحضانة ببموغ الذكر ّ‬
‫سف الزواج‪ ،‬فإذا تحققت إحدى ىذه‬
‫أما لـ تتزوج‪ ،‬وببموغ األنثى ّ‬
‫سنة إذا كانت الحضانة ّ‬
‫الحاالت سقطت الحضانة أو انقضت‪ ،‬مما يستتبع معيا لزوما سقوط الحؽ في االستفادة‬
‫مف الصندوؽ‪.‬‬
‫‪ -2‬ثبوت دفع النفقة من قبل المدين بيا‬
‫قد يتعذر عمى األب دفع النفقة عند إلزامو بيا مف طرؼ المحضر القضائي‬
‫لعسره‪ ،‬فتمجأ المطمقة وأوالدىا المحضونيف التّباع اإلجراءات البلزمة مف أجؿ االستفادة‬
‫مف المستحقات المالية لصندوؽ النفقة‪ ،‬وال يعتبر ذلؾ بالنسبة لممديف بالنفقة تخمصا مف‬
‫ألف الدولة ترجع عمى المديف بالنفقة مف أجؿ استيفاء المبالغ التي دفعتيا لمدائف‬
‫التزاماتو‪ّ ،‬‬
‫فإنو متى قاـ المديف بالنفقة بدفع‬‫بالنفقة‪ ،‬وقد تتابعو جزائيا بجرـ عدـ تسديد النفقة‪ ،‬لذا ّ‬
‫فإف حقيـ في االستفادة مف الصندوؽ يسقط‪،‬‬ ‫المبالغ المستحقة لممطمقة والمحضونيف‪ّ ،‬‬
‫ويجب إما عمى المديف بالنفقة أو الدائف بيا إعبلـ الجية المختصة بدفعو لمنفقة حتى يقوـ‬
‫الصندوؽ بإسقاطيا عف المستفيديف‪ ،‬كما ألزـ المشرع المستفيديف مف الصندوؽ و‪/‬أو‬
‫الدائف بالنفقة بموجب المادة السابعة مف القانوف ‪ 01-15‬بإعبلـ القاضي المختص بأي‬
‫تغيير يط أر عمى حالتيما االجتماعية أو القانونية مف شأنو أف يؤثر عمى استحقاؽ النفقة‪،‬‬
‫نص في المادة‬
‫أف المشرع ّ‬
‫وذلؾ خبلؿ أجؿ ‪ 10‬عشرة أياـ مف تاريخ حدوث التغيير‪ ،‬كما ّ‬
‫‪ 14‬مف القانوف ‪ 01-15‬عمى إمكانية متابعة المستفيد مف الصندوؽ جزائيا بجريمة‬
‫التصريح الكاذب‪ ،‬إذا أدلى بتصريحات غير صحيحة مف أجؿ االستفادة مف المستحقات‬
‫المالية لصندوؽ النفقة‪ ،‬كما ألزمو في الفقرة الثانية مف المادة ‪ 14‬بإرجاع المستحقات‬
‫المالية التي تسمّميا دوف وجو حؽ‪.‬‬

‫‪410‬‬
‫لما أقره المشرع مف سقوط حؽ المحضوف في االستفادة مف‬ ‫إف إلقاء نظرة تحميمية ّ‬
‫ّ‬
‫المستحقات المالية لصندوؽ النفقة‪ ،‬وبإجراء مقارنة بيف ما أٌقره المشرع في الفقرة السادسة‬
‫مف المادة الثانية مف القانوف ‪ ،01-15‬وبيف ما أقره المشرع في المادة ‪ 75‬مف ؽ‪.‬أ التي‬
‫تُِق ُّر واجبا أساسيا يقع عمى عاتؽ األب تجاه أوالده باإلنفاؽ عمييـ ما لـ يكف ليـ ماؿ‪،‬‬
‫سف الرشد‪ ،‬واإلناث إلى الدخوؿ‪ ،‬واستمرار النفقة إذا كاف الولد عاج از‬
‫بالنسبة لمذكور إلى ّ‬
‫آلفة عقمية أو بدنية أو م ازوال لمدراسة‪ ،‬وتسقط باالستغناء عنيا بالكسب‪ ،‬يظير مف خبلليا‬
‫أف األوالد سيحرموف مف حؽ االستفادة مف الصندوؽ بمجرد انقضاء الحضانة أو سقوطيا‬
‫ّ‬
‫أف واجب النفقة الذي يقع عمى عاتؽ أبييـ ال زاؿ قائما‪ ،‬فقد تسقط الحضانة‬
‫بالرغـ مف ّ‬
‫عف األـ وقد تنتقؿ إلى الجدة ألـ‪ ،‬ويتوقؼ حقيـ في المستحقات المالية لمصندوؽ إلى‬
‫غاية حصوؿ الحاضنة الجديدة عمى سند تنفيذي يقضي ليـ بالنفقة‪ ،‬ثـ اتّباع إجراءات‬
‫التنفيذ والحصوؿ عمى محضر تعذر التنفيذ الجزئي أو الكمي‪ ،‬وقد يطوؿ ذلؾ فيمحؽ‬
‫سف‬
‫باألوالد ضر ار جسيما‪ ،‬بالرغـ مف أف واجب النفقة عمى عاتؽ أبييـ ال زاؿ قائما إلى ّ‬
‫الرشد ‪ 19‬عشر سنة بالنسبة لمذكر‪ ،‬ولمدخوؿ بالنسبة لمبنت‪ ،‬وذلؾ بموجب المادة ‪ 75‬مف‬
‫ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫إف ربط سقوط حؽ االستفادة مف الصندوؽ بسقوط حؽ الحضانة أو انقضائيا‬ ‫ّ‬
‫أقر حؽ النفقة لمذكر إلى سف الرشد‪ ،‬والبنت‬
‫أمر يتنافى مع نص المادة ‪ 75‬مف ؽ‪.‬أ الذي ّ‬
‫إلى الدخوؿ‪ ،‬لذا كاف مف الضروري تعديؿ الفقرة السادسة مف المادة ‪ 02‬مف القانوف ‪-15‬‬
‫ألف الحضانة رعاية نفسية والنفقة‬
‫‪ ،01‬وتكييفيا بما يتبلءـ مع نص المادة ‪ 75‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫رعاية مادية‪ ،‬واستغناء الطفؿ عف الرعاية النفسية عند انقضاء الحضانة ال يتبعو‬
‫يعد إض ار ار بو‬
‫بالضرورة استغناؤه عف النفقة‪ ،‬واسقاط حقو في مخصصات صندوؽ النفقة ّ‬
‫وانتياكا لحقوقو‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات االستفادة من المخصصات المالية لصندوق النفقة‬

‫بعد حصوؿ المطمقة الحاضنة عمى أمر أو حكـ قضائي يحدد مقدار النفقة‪،‬‬
‫واتّباعيا إجراءات التنفيذ المقررة في القواعد العامة‪ ،‬وحصوليا عمى محضر تعذر التنفيذ‬
‫يتعيف عمييا اتباع إجراءات محددة‬
‫الكمي أو الجزئي المحرر مف قبؿ المحضر القضائي‪ّ ،‬‬
‫قانونا مف أجؿ االستفادة مف المستحقات المالية لصندوؽ النفقة‪ ،‬يمكف إجماليا فيما يمي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬تقديم طمب االستفادة مرفق بالممف المحدد قانونا إلى القاضي المختص‬
‫تقدمو المطمقة الحاضنة – أصالة عف نفسيا و‪ /‬أو نيابة عف‬
‫يتكوف الممؼ الذي ّ‬
‫الطفؿ أو األطفاؿ المحضونيف‪ -‬مف طمب االستفادة مف المستحقات المالية لصندوؽ‬
‫النفقة‪ ،‬وفقا لمنموذج الممحؽ بالقرار الوزاري المشترؾ بيف وزير العدؿ حافظ األختاـ ووزير‬
‫المالية ووزيرة التضامف الوطني واألسرة وقضايا المرأة المؤرخ في ‪ 18‬جواف ‪ ،2015‬ومف‬
‫أعد المشرع نموذجا موحدا لطمب‬‫أجؿ التسييؿ عمى طالبة االستفادة مف الصندوؽ‪ّ ،‬‬
‫االستفادة‪ ،‬يحصؿ عميو حتى دوف االنتقاؿ إلى المحكمة‪ ،‬مف خبلؿ موقع و ازرة العدؿ‪،‬‬
‫وبذلؾ أعفى الطالبة مف كتابة الطمب‪.‬‬
‫توجو طالبة االستفادة الطمب والممؼ إلى القاضي المختص‪ ،‬وىو رئيس قسـ‬
‫شؤوف األسرة المختص إقميميا طبقا لممادة ‪ 02‬مف قانوف ‪ ،01/15‬ويرجع االختصاص‬
‫اإلقميمي في مادة النفقة إلى موطف الدائف بيا‪ ،‬وفقا لممادة ‪ 05/426‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫وبالتالي ترفع المطمقة الحاضنة طمبيا إلى رئيس قسـ شؤوف األسرة بالمحكمة التي يقع‬
‫ضمف اختصاصيا اإلقميمي مقر سكناىا‪ ،‬وفي ذلؾ تخفيؼ وتسييؿ عمى الدائنة بالنفقة‬
‫مف عناء التنقؿ إلى موطف المديف بيا‪.‬‬
‫حددىا القرار الوزاري المشترؾ بيف وزير‬
‫يرفؽ الطمب بممؼ يتضمف الوثائؽ التي ّ‬
‫العدؿ حافظ األختاـ ووزير المالية ووزير التضامف الوطني واألسرة وقضايا المرأة‪ ،‬وفقا لما‬
‫نصت عميو المادة ‪ 04‬مف قانوف ‪ ،01/15‬وقد صدر ىذا القرار الوزاري المشترؾ بتاريخ‬

‫‪412‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ، 2015/06/18‬حيث نصت المادة الثانية منو عمى الوثائؽ التي يتشكؿ منيا الممؼ‬
‫وىي‪:‬‬
‫‪ -‬طمب االستفادة وفقا النموذج الممحؽ بالقرار الوزاري المشترؾ‪ ،‬يتضمف اسـ ولقب‬
‫وعنواف المستفيد‪ ،‬اسـ ولقب المديف بالنفقة وعنوانو‪ ،‬وفي حالة عدـ معرفة محؿ إقامتو‬
‫يذكر آخر موطف معروؼ لو‪ ،‬مينتو‪ ،‬وتحديد طريقة الدفع عف طريؽ التحويؿ البنكي‬
‫أو البريدي أو غيره‪.‬‬
‫‪ -‬نسخة مف الحكـ القضائي المتضمف الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬ونسخة مف األمر أو الحكـ الذي‬
‫أسند الحضانة ومنح النفقة إذا لـ يتضمف حكـ الطبلؽ ذلؾ‪.‬‬
‫‪ -‬محضر إثبات تعذر التنفيذ الكمي أو الجزئي لؤلمر أو الحكـ القضائي المحدد لمبمغ‬
‫النفقة‪ ،‬بسبب امتناع المديف بيا عف الدفع‪ ،‬أو عجزه عف ذلؾ‪ ،‬أو لعدـ معرفة محؿ‬
‫إقامتو‪.‬‬
‫‪ -‬صؾ بريدي أو بنكي لممستفيد مشطبا عميو إذا اختار المستفيد ىذه الطريقة لمدفع‪.‬‬
‫ولمتخفيؼ عمى الدائف بالنفقة والتيسير عميو مف حيث الوثائؽ المطموب تقديميا‪،‬‬
‫أف خمو الممؼ المقدـ مف طرؼ‬ ‫أشارت المادة الثالثة مف القرار الوزاري المشترؾ عمى ّ‬
‫الطالب مف نسخة مف الحكـ القضائي بالطبلؽ‪ ،‬أو نسخة مف األمر أو الحكـ الذي أسند‬
‫الحضانة ومنح النفقة‪ ،‬ال يترتب عميو رفض طمب االستفادة‪ ،‬واّنما عمى القاضي أف‬
‫يطمب ىذه الوثائؽ مف الجية القضائية التي أصدرتيا بكؿ الطرؽ‪ ،‬سيما بواسطة الطريؽ‬
‫االلكتروني وفقا لمتشريع المعموؿ بو‪ ،‬ألنو وفي إطار عصرنة العدالة يمكف لمقاضي‬
‫الحصوؿ عمى الحكـ تمقائيا عبر الشبكة االلكترونية الخاصة بو ازرة العدؿ‪.‬‬
‫ومف أجؿ التخفيؼ والتيسير عمى المطمقة الحاضنة واألوالد المحضونيف أشار‬
‫القرار الوزاري المشترؾ إلى أنو يكفي تقديـ طمبا واحدا يشمؿ نفقة المرأة المطمقة ونفقة‬
‫المحضونيف مف طرفيا‪ ،‬وممفا واحدا لكمييما مف أجؿ االستفادة مف المستحقات المالية‬
‫لصندوؽ النفقة وفقا لنص المادة ‪ 04‬مف القرار الوزاري المشترؾ‪.‬‬

‫القرار الوزاري المشترؾ المؤرخ في ‪ 18‬جواف ‪ 2015‬يحدد الوثائؽ التي يتشكؿ منيا ممؼ طمب االستفادة مف‬ ‫‪1‬‬

‫المستحقات المالية لصندوؽ النفقة الجريدة الرسمية عدد ‪ 35‬الصادرة بتاريخ ‪.2015/06/28‬‬
‫‪413‬‬
‫بعد إيداع الطمب مرفقا بالممؼ المطموب لدى رئيس قسـ شؤوف األسرة بالمحكمة‬
‫بالبت في الطمب بموجب أمر والئي غير قابؿ لمطعف خبلؿ أجؿ‬
‫ّ‬ ‫المختصة‪ ،‬يقوـ القاضي‬
‫‪ 05‬خمسة أياـ مف تاريخ إيداع الطمب‪ ،‬وبعد فصؿ القاضي في الطمب‪ ،‬يتـ تبميغ األمر‬
‫عف طريؽ أمانة الضبط إلى كؿ مف الدائف والمديف والمصالح المختصة – ممثمة في‬
‫المصالح الوالئية لمديرية النشاط االجتماعي‪ -‬في أجؿ أقصاه ‪ 48‬ثمانية وأربعوف ساعة‬
‫مف تاريخ صدوره‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 05‬فقرة ‪ 02‬مف قانوف ‪.01/15‬‬
‫واذا اعترض تنفيذ األمر الوالئي القاضي باالستفادة مف صندوؽ النفقة أي‬
‫إشكاؿ‪ُ ،‬يعرض ذلؾ عمى قاضي شؤوف األسرة‪ ،‬الذي يفصؿ فييا بموجب أمر والئي في‬
‫أجؿ أقصاه ثبلثة أياـ مف تاريخ إخطاره باإلشكاؿ‪ ،‬وفقا لمفقرة الثالثة مف المادة الخامسة‬
‫مف قانوف ‪.01-15‬‬
‫أقرىا المشرع مف أجؿ طمب االستفادة مف صندوؽ‬
‫ويبلحظ عمى اإلجراءات التي ّ‬
‫يسر وخفّؼ عمى المستفيد مف حيث الوثائؽ المطموبة ومف حيث إجراءات طمب‬
‫النفقة ّأنو ّ‬
‫االستفادة‪ ،‬حيث أنو عمى المستفيد أف يوجو طمبو مرفقا بالممؼ إلى القاضي المختص‬
‫بالبت في ىذا الطمب خبلؿ أجؿ قصير‬
‫ّ‬ ‫وىو رئيس قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬الذي ألزمو المشرع‬
‫نوعا ما‪ ،‬وىو خمسة أياـ مف تاريخ إيداع الطمب‪ ،‬ثـ أعفى المستفيد مف إجراءات سحب‬
‫األمر وتبميغو لممصمحة المختصة بصرؼ المستحقات المالية‪ ،‬وجعؿ ذلؾ عمى عاتؽ‬
‫أمانة الضبط بالمحكمة‪ ،‬تقوـ بذلؾ خبلؿ أجؿ ‪ 48‬ساعة مف تاريخ صدور األمر الوالئي‬
‫باالستفادة مف صندوؽ النفقة‪ ،‬وىو أمر ُيحسب لممشرع الجزائري في ىذا المجاؿ‪ ،‬حيث‬
‫أقره المشرع المغربي مثبل في ىذا الشأف‪ ،‬نبلحظ بونا شاسعا سواء‬
‫أنو بمقارنة ذلؾ مع ما ّ‬
‫مف ناحية كثرة الوثائؽ المطموبة إلصدار المقرر القضائي المحدد لمنفقة‪ ،‬أو مف ناحية‬
‫إلزاـ المستفيد مف الصندوؽ بعد توصمو بالمقرر القضائي بالقياـ بإجراءات أخرى أماـ‬
‫صندوؽ التكافؿ العائمي مف أجؿ صرؼ المخصص المالي المحدد في المقرر القضائي‪،1‬‬

‫المادة التاسعة مف القانوف رقـ ‪.41210‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪414‬‬
‫كما ألزـ المشرع المغربي المستفيد كؿ سنتيف مف تاريخ صدور مقرر االستفادة بإعادة‬
‫تقديـ الوثائؽ المحددة قانونا لبلستفادة مف الصندوؽ لرئيس المحكمة المختصة‪.1‬‬
‫ثانيا‪ -‬الجية المختصة بصرف المستحقات المالية‬
‫ّبينت المادة الثانية مف المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 107/15‬المؤرخ في‬
‫حدد كيفيات تسيير حساب التخصيص الخاص رقـ ‪302-142‬‬
‫‪ 2015/04/21‬الذي ّ‬
‫المعنوف "صندوؽ النفقة"‪ ،‬الجية المكمفة بصرؼ المستحقات المالية لممستفيديف منيا‪،‬‬
‫حيث أسند ميمة اآلمر بالصرؼ الرئيسي ليذا الحساب لموزير المكمؼ بالتضامف‬
‫الوطني‪ ،‬ويكوف مدير النشاط االجتماعي والتضامف لموالية آم ار ثانويا‪.‬‬
‫حدد ىذا المرسوـ في مادتو الثالثة مداخيؿ وموارد صندوؽ النفقة‪ ،‬والتي‬
‫وقد ّ‬
‫يتـ تحصيميا مف المدينيف بيا‪،‬‬
‫تتمثؿ في مخصصات ميزانية الدولة‪ ،‬ومبالغ النفقة التي ّ‬
‫ومف الرسوـ الجبائية أو شبو الجبائية والتي تنشأ بموجب القانوف‪ ،‬باإلضافة إلى اليبات‬
‫أو الوصايا‪ ،‬ثـ مف كؿ الموارد األخرى‪.‬‬
‫عددتيا المادة الثالثة ىو مخصصات ميزانية‬
‫أف أىـ مورد مف الموارد التي ّ‬ ‫وأعتقد ّ‬
‫الدولة‪ ،‬إذ ىي المعوؿ عمييا أماـ ُش ّح الموارد األخرى المذكورة‪ ،‬نظ ار الرتفاع عدد قضايا‬
‫إما امتناع المديف عف تسديدىا أو عجزه‬
‫النفقة المعروضة عمى القضاء التي ثبت فييا ّ‬
‫عنيا‪ ،‬وبالنظر الرتفاع مستوى المعيشة الذي يتطمب معو ارتفاع مبالغ النفقة‪ ،‬فضبل عف‬
‫إمكانية مراجعتيا سنويا والمطالبة برفعيا وفؽ ما يقره قانوف األسرة في المادة ‪ 79‬منو‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى مورد ميـ وجدير باإلتباع اعتمده المشرع المصري في ىذا‬
‫أقر بموجب المادة الثانية مف القانوف ‪ 11‬لسنة ‪ 2004‬المتعمؽ بإنشاء‬
‫الصدد‪ ،‬حيث ّ‬

‫المادة الثانية عشر مف القانوف ‪ ،41210‬حيث ألزـ المشرع المغربي طالب االستفادة مف صندوؽ التكافؿ العائمي‬ ‫‪1‬‬

‫بموجب المادة السادسة مف القانوف ‪ 41210‬أف يرفؽ طمبو بالوثائؽ التي حددتيا المادة الثانية مف المرسوـ رقـ‬
‫‪ : 22112195‬بالنسبة لؤلـ المعوزة في‪ :‬نسخة مف المقرر القضائي المحدد لمنفقة‪ ،‬المحضر المحرر مف طرؼ المكمؼ‬
‫بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كميا أو جزئيا‪ ،‬عقود والدة األطفاؿ إلثبات األمومة‪ ،‬شيادة إثبات العوز‪ ،‬نسخة‬
‫مف رسـ الطبلؽ أو الحكـ بالتطميؽ‪ ،‬شيادة الحياة‪ ،‬وبالنسبة لمستحقي النفقة مف األطفاؿ بعد انحبلؿ ميثاؽ الزوجية‪،‬‬
‫حددت الوثائؽ الواجب إرفاقيا مع الطمب بنفس المادة السابقة في ‪ :‬نسخة مف المقرر القضائي المحدد لمنفقة‪ ،‬المحضر‬
‫المحرر مف طرؼ المكمؼ بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كميا أو جزئيا‪ ،‬عقود والدة األطفاؿ المحكوـ ليـ‬
‫بالنفقة‪ ،‬شيادة الحياة لؤلطفاؿ المذكوريف أعبله‪ ،‬شيادة وفاة األـ أو ما يفيد عوزىا‪.‬‬
‫‪415‬‬
‫صندوؽ نظاـ تأميف األسرة التزاـ األسرة باالشتراؾ في نظاـ التأميف المنصوص عميو في‬
‫المادة ‪ 71‬مف قانوف تنظيـ بعض أوضاع واجراءات التقاضي في مسائؿ األحواؿ‬
‫الشخصية الصادر بالقانوف رقـ ‪ 01‬لسنة ‪ 2000‬بالفئات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬خمسيف جنييا عف كؿ واقعة زواج‪ ،‬يدفعيا الزوج‪.‬‬
‫‪ -‬خمسيف جنييا عف كؿ واقعة مف واقعات الطبلؽ أو المراجعة‪ ،‬يدفعيا المطمؽ‬
‫الم ار ِجع‪.‬‬
‫أو ُ‬
‫‪ -‬عشريف جنييا عف كؿ واقعة ميبلد‪ ،‬يدفعيا المبمغ عف الميبلد مرة واحدة عند حصولو‬
‫عمى شيادة الميبلد‪.‬‬
‫حيث يمكف دعـ موارد صندوؽ النفقة بمثؿ ىذه الرسوـ التي تساىـ بيا األسر‬
‫جميعيا‪ ،‬كنوع مف التأميف يستفيد منو أصحاب الحاجة‪ ،‬عمى غرار التأمينات التي يشترؾ‬
‫فييا الموظفوف لدى صندوؽ التأمينات االجتماعية‪ ،‬أو إلزاـ أصحاب السيارات بالتأميف‬
‫عمى سياراتيـ لدى شركات التأميف‪ ،‬وبيذا الشكؿ يمكف التخفيؼ عف ميزانية الدولة‪ ،‬والتي‬
‫تتأثر بالتغيرات واألزمات االقتصادية الدولية‪.‬‬
‫بعد إصدار رئيس قسـ شؤوف األسرة المختص األمر بقبوؿ طمب المستفيد‪،‬‬
‫فإف ىذا‬
‫وتبميغو لمدير النشاط االجتماعي والتضامف لموالية بصفتو اآلمر بالصرؼ‪ّ ،‬‬
‫األخير ممزـ خبلؿ أجؿ ‪ 25‬خمسة وعشريف يوما مف تاريخ تبميغ األمر الوالئي الذي‬
‫أصدره القاضي المختص بصرؼ المستحقات المالية لممستفيد‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 06‬مف‬
‫أف أجؿ ‪ 25‬خمسة وعشريف يوما الممنوحة لآلمر‬ ‫كنت أعتقد ّ‬
‫القانوف ‪ ،01/15‬واف ّ‬
‫بالصرؼ مدة طويمة جدا‪ ،‬واّنما يكفي خمسة أياـ عمى األكثر لمقياـ بعممية دفع‬
‫أف‬
‫المستحقات‪ ،‬خاصة في عصر التحويبلت االلكترونية والبطاقات الذكية‪ ،‬وخاصة و ّ‬
‫اآلمر بالصرؼ ال يدرس الممؼ مف جديد‪ ،‬واّنما ينفّذ أمر القاضي المختص فقط‪.‬‬
‫بعد إتماـ كؿ اإلجراءات القانونية وتسوية جميع اإلشكاالت ‪-‬إف وجدت‪ -‬التي قد‬
‫تعترض تنفيذ األمر الوالئي بحؽ المطمقة الحاضنة والمحضونيف في االستفادة مف‬
‫صندوؽ النفقة‪ ،‬تقوـ مديرية النشاط االجتماعي والتضامف عمى مستوى الوالية بصرؼ‬
‫المبالغ المستحقة شيريا وتحويميا في حساب المستفيد‪ ،‬واالستمرار في ذلؾ إلى غاية‬
‫سقوط الحؽ في االستفادة مف الصندوؽ‪.‬‬
‫‪416‬‬
‫وتقوـ مديرية النشاط االجتماعي والتضامف بصرؼ المستحقات المالية لصندوؽ‬
‫النفقة شيريا إلى حيف سقوط حؽ االستفادة منو‪ ،‬حيث يسقط حؽ االستفادة مف الصندوؽ‬
‫في حالة أي تغيير اجتماعي أو قانوني لممستفيد و‪ /‬أو المديف بالنفقة مف شأنو التأثير‬
‫عمى حؽ االستفادة مف الصندوؽ‪ ،‬كوفاة أحد األطفاؿ المحضونيف‪ ،‬أو قياـ المديف بدفع‬
‫ما عميو مف نفقة‪ ،‬أو انقضاء مدة الحضانة‪ ،‬أو سقوط الحؽ فييا طبقا ألحكاـ قانوف‬
‫األسرة‪ ،‬حيث يتوجب عمييما – الدائف والمديف‪ -‬إببلغ القاضي المختص في أجؿ ‪10‬‬
‫يبت القاضي المختص في ىذا التغيير ومدى‬ ‫عشرة أياـ مف تاريخ حدوث التغيير‪ ،‬ثـ ّ‬
‫ويبمّغ إلى الدائف والمديف والمصالح المختصة عف‬
‫تأثيره عمى استحقاؽ النفقة بأمر والئي‪ُ ،‬‬
‫طريؽ أمانة الضبط في أجؿ أقصاه ‪ 48‬ساعة مف تاريخ صدور األمر‪ ،‬وفقا لممادة ‪07‬‬
‫مف قانوف ‪.01-15‬‬
‫ويمكف لممستفيد االتصاؿ بمديرية النشاط االجتماعي والتضامف لموالية التابعة ليا‬
‫المحكمة التي أودع فييا طمب االستفادة مف صندوؽ النفقة‪ ،‬لبلستعبلـ عف التحويؿ‬
‫المالي لمنفقة‪ ،‬عبر اليواتؼ الموضوعة تحت تصرفو في الموقع االلكتروني لكؿ مف و ازرة‬
‫العدؿ وو ازرة التضامف الوطني‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أف بعض التجارب العربية أسندت تسيير الصندوؽ إلى‬
‫مجمس إدارة‪ ،1‬كما أف المشرع المصري منح الصندوؽ الشخصية االعتبارية العامة‪،‬‬
‫وبالتالي يوجو طمب االستفادة مباشرة لمجية القائمة عمى الصندوؽ مرفقا بالممؼ‬
‫تبت وتصرؼ المستحقات‬
‫المطموب‪ ،‬وفي ذلؾ اختصا ار لموقت وتوحيدا لمجية التي ّ‬
‫البلزمة‪.‬‬
‫وأسند المشرع ميمة تحصيؿ المستحقات المالية لصالح صندوؽ النفقة مف‬
‫المدينيف بيا ألميف خزينة الوالية‪ ،‬يقوـ بيذه الميمة بناء عمى أمر باإليراد تصدره مديرية‬
‫النشاط االجتماعي والتضامف بالوالية‪ ،‬وذلؾ وفقا ألحكاـ المادة ‪ 09‬مف قانوف ‪،01-15‬‬
‫أف استيفاء الدائنة بالنفقة حقيا مف الصندوؽ ال يسقط حقّيا في متابعة المديف بالنفقة‬
‫كما ّ‬
‫جراء امتناع‬
‫جزائيا‪ ،‬بجرـ عدـ تسديد النفقة‪ ،‬وطمب التعويض عف الضرر الذي لحؽ بيا ّ‬

‫القانوف التونسي يتبع صندوؽ النفقة الصندوؽ القومي لمضماف االجتماعي‪ ،‬والقانوف المصري يتبع الصندوؽ بنؾ‬ ‫‪1‬‬

‫ناصر االجتماعي‪.‬‬
‫‪417‬‬
‫المديف عف تسديد مستحقات الدائف بالنفقة‪ ،‬وقد أشارت المادة ‪ 13‬مف القانوف ‪15/01‬‬
‫إلى ذلؾ‪.‬‬
‫وفي ختاـ ىذا المطمب‪ ،‬ال يمكف ألحد إنكار اإليجابيات التي جاء بيا القانوف‬
‫‪ ،01-15‬خاصة مف ناحية التكفؿ بالمطمقة والمحضونيف ماديا‪ ،‬والحفاظ عمييـ مف‬
‫التشرد والحيمولة دوف الدفع بيـ إلى اآلفات االجتماعية‪ ،‬بالرغـ مف أف الجزائر لـ تكف‬
‫السباقة في ىذا المجاؿ‪ ،‬فقد سبقنا إلى ذلؾ مصر وتونس والمغرب والكويت‪ ،‬إال أف‬
‫ّ‬
‫القانوف الذي يتضمف إنشاء صندوؽ النفقة بو العديد مف المبلحظات التي يمكف إبداءىا‬
‫تضمنيا ىذا القانوف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بشأنو‪ ،‬وذلؾ فيما يخص االيجابيات والسمبيات التي‬
‫مف بيف االيجابيات التي حقّقيا إنشاء صندوؽ النفقة والتي تُحسب لممشرع‬
‫ما يمي‪:‬‬
‫‪ -01‬حرص المشرع مف جية عمى التخفيؼ مف إجراءات االستفادة مف صندوؽ‬
‫النفقة‪ ،‬وذلؾ بخفض بعض اآلجاؿ المقررة في القانوف ‪ ،01-15‬حماية لحؽ المطمقة‬
‫ومحضون ييا في النفقة‪ ،‬كاألجؿ المقرر لتبميغ األمر الوالئي الذي يصدره القاضي‪ ،‬نظ ار‬
‫ألف اتباع إجراءات المتابعة الجزائية‬
‫لما لمنفقة مف طابع استعجالي ال يحتمؿ التأخير‪ّ ،‬‬
‫لممديف بالنفقة أثبتت في الكثير مف األحياف ضعؼ فعاليتيا في تحصيؿ المطمقة واألطفاؿ‬
‫المحضونيف حقيـ في النفقة‪ ،‬كما أعفى المشرع طالب االستفادة مف عبء تبميغ األمر‬
‫الوالئي والتكاليؼ الواجبة لذلؾ‪ ،‬وأسند الميمة ألمانة ضبط المحكمة‪ ،‬كما حرص المشرع‬
‫سنو إجراءات تضمف‬‫مف جية أخرى عمى أف تُصرؼ المستحقات ألصحابيا مف خبلؿ ّ‬
‫عدـ ضياع المخصصات المالية لصندوؽ النفقة‪ ،‬مف خبلؿ الشروط الواجب توافرىا‬
‫لبلستفادة مف المستحقات المالية لمصندوؽ‪.‬‬
‫توخاه المشرع مف إنشاء ىذا الصندوؽ أساسا ىو حماية‬
‫‪ -02‬إ ّف اليدؼ الذي ّ‬
‫ألف‬
‫األطفاؿ المحضونيف‪ ،‬وليس تشجيع المطمقة عمى طمب الطبلؽ كما يعتقده البعض‪ّ ،‬‬
‫عدتيا‪ ،‬بينما حؽ النفقة لؤلطفاؿ المحضونيف‬
‫حؽ المطمقة في نفقة العدة ينقضي بانقضاء ّ‬
‫يستمر حتى انقضاء مدة الحضانة أو سقوطيا‪ ،‬وبالتالي تعتبر المطمقة الحاضنة واسطة‬
‫يشجعيا عمى طمب‬
‫ّ‬ ‫فقط لتحصيؿ النفقة المستحقة لممحضونيف‪ ،‬وليس في ذلؾ ما‬
‫الطبلؽ‪ ،‬ألنيا لف تغتني مف نفقة أوالدىا‪.‬‬
‫‪418‬‬
‫وتسيره الدولة‪ ،‬عكس ما ىو معموؿ‬
‫ّ‬ ‫‪ -03‬إف صندوؽ النفقة بالجزائر تتكفؿ بو‬
‫بو في بعض التشريعات المقارنة‪ ،‬عمى غرار صندوؽ التكافؿ العائمي في المغرب‪،‬‬
‫وصندوؽ نظاـ تأميف األسرة في مصر‪ ،‬الذي يشبو نظامو نظاـ صناديؽ التأميف‪ ،‬وفي‬
‫تكفؿ الدولة بيذا الصندوؽ ضمانة لحمايتو مف العجز‪ ،‬وتمويمو أساسا بمخصصات‬
‫أف‬
‫ميزانية الدولة التي تقررىا الحكومة بموجب قانوف المالية لصالح صندوؽ النفقة‪ ،‬كما ّ‬
‫يتميز بخضوعو لمقانوف ‪ 12/90‬المعدؿ والمتمـ المتعمؽ بالمحاسبة‬‫ّ‬ ‫صندوؽ النفقة‬
‫العمومية‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمسمبيات التي تُحسب عمى المشرع عند إنشاء صندوؽ النفقة ما يمي‪:‬‬
‫ص ْر المشرع الفئات التي ليا حؽ االستفادة مف صندوؽ النفقة في فئة‬
‫‪َ -1‬ح َ‬
‫أف ىناؾ فئات أخرى‬ ‫المطمقات‪ ،‬واألطفاؿ المحضونيف بعد طبلؽ الزوجيف‪ ،‬في حيف ّ‬
‫أىمميا المشرع وىي بنفس المنزلة مع الفئتيف المذكورتيف‪ ،‬كالزوجة واألبناء الذيف أىمميـ‬
‫األب‪ ،‬واألرممة الحاضنة التي لـ تجد مف يعوليا وأبنائيا‪ ،‬والزوجة واألوالد الذيف حكـ ليـ‬
‫يتعيف شمميا حؽ‬
‫بنفقة مؤقتة إلى حيف الفصؿ في دعوى فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وىي فئات ّ‬
‫االستفادة‪ ،‬واف كاف لممشرع ما يبرر بو ىذا التضييؽ مف المستفيديف صندوؽ النفقة‬
‫يتـ توسيعيا لمفئات األخرى التي ذكرناىا مع رسوخ التجربة‬
‫بحداثة التجربة‪ ،‬فبل بد أف ّ‬
‫ونجاحيا‪.‬‬
‫‪ -2‬إ ّف تكميؼ أمانة ضبط المحكمة بإجراءات التبميغ في المادة الخامسة الفقرة‬
‫‪ 02‬والمادة السابعة الفقرة ‪ 02‬والمادة الثامنة مف قانوف ‪ ،01-15‬ومنحيا أجؿ ‪ 48‬ساعة‬
‫مف أجؿ تبميغ المديف والدائف بالنفقة والمصالح المختصة‪ ،‬أمر يصعب تنفيذه عمى أرض‬
‫الواقع‪ ،‬كوف أف موظفي أمانة الضبط ليس ليـ اإلمكانيات المادية المسخرة تحت تصرفيـ‬
‫لبلنتقاؿ إلى كؿ مف المديف والدائف بالنفقة والمصالح المختصة‪ ،‬كما ال يسعيـ الوقت‬
‫أف الجية التي كاف يجب إسناد‬
‫لمتوفيؽ بيف عمميـ داخؿ المحكمة وخارجيا‪ ،‬حيث أعتقد ّ‬
‫التبميغ إلييا ىي المحضر القضائي باعتباره عونا مف أعواف القضاء يقدـ خدمة عمومية‬
‫مف جية‪ ،‬وباعتباره المختص والمؤتمف عمى إجراءات التبميغ والتنفيذ في كؿ أطوار‬
‫الدعوى القضائية‪ ،‬منذ تحريكيا ومرو ار بصدور الحكـ فييا ثـ إلى غاية تنفيذىا‪ ،‬كما أف‬
‫المحضر القضائي لو مف اإلمكانيات المادية والبشرية التي تمكنو مف التنقؿ وايجاد‬
‫‪419‬‬
‫األشخاص المطموب تبميغيـ‪ ،‬كونو عمى دراية بالعناويف مف خبلؿ عممو اليومي‪ ،‬وباعتبار‬
‫التبميغ جزًء ىاما مف االختصاصات الممنوحة لو قانونا‪.‬‬
‫أدؿ عمى صحة ما نقوؿ مف صعوبة الميمة المنوطة بأمانة الضبط المتعمقة‬ ‫وال ّ‬
‫بالتبميغ سوى اضطرار أمناء الضبط ‪-‬في الواقع العممي‪ -‬إلى االكتفاء بإرساؿ البرقيات‬
‫إلى األطراؼ الواجب تبميغيا‪ ،‬دوف االنتقاؿ والقياـ بالتبميغ بموجب محضر رسمي‪،‬‬
‫وىو أمر يحوؿ في كثير مف األحياف دوف وصوؿ البرقية إلى الطرؼ المرسمة إليو‪،‬‬
‫خاصة إذا كانت العناويف ناقصة وغير واضحة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -3‬بعض اآلج اؿ المنصوص عمييا في ىذا القانوف طويمة يستحسف تقميصيا‪،‬‬
‫كأجؿ خمسة أياـ ‪-‬المذكور في المادة ‪ -05‬الممنوح لمقاضي مف أجؿ الفصؿ في طمب‬
‫االستفادة مف صندوؽ النفقة‪ ،‬يستحسف تقميصو إلى ثبلثة أياـ‪ ،‬وكذا أجؿ خمسة وعشروف‬
‫يوما مف تاريخ تبميغ األمر الصادر مف القاضي ‪-‬المذكور في المادة ‪ -06‬والممنوح‬
‫لممصالح المختصة لؤلمر بصرؼ المستحقات المالية لممستفيد ىو أجؿ طويؿ يستحسف‬
‫ألف المصالح المختصة ستقوـ بتنفيذ األمر الوالئي لمقاضي‬
‫تقميصو إلى ثبلثة أياـ‪ّ ،‬‬
‫المختص‪ ،‬وال تدرس الطمب مف جديد ىذا مف جية‪ ،‬ومف جية أخرى أعتقد أف أجؿ ‪48‬‬
‫ساعة ‪-‬المذكور في المادة ‪ -05‬الممنوح ألمانة الضبط لتبميغ أمر القاضي الفاصؿ في‬
‫طمب االستفادة مف الصندوؽ لكؿ مف الدائف والمديف والمصالح المختصة ىو أجؿ غير‬
‫منطقي وغير كافي‪ ،‬خاصة إذا كاف موطف أحدىـ خارج اختصاص المحكمة التي صدر‬
‫وبعد عناويف ومقر سكف األطراؼ المراد تبميغيا‪،‬‬
‫منيا األمر‪ ،‬فالتبميغ مرتبط بمدى قرب ُ‬
‫وأجؿ ‪ 48‬ساعة غير كاؼ البتة‪ ،‬ىذا فضبل عما أشرنا إليو سابقا حوؿ الجية القائمة‬
‫بإجراءات التبميغ‪.‬‬
‫‪ -4‬بالنسبة لممادة الخامسة عشر مف القانوف ‪ 01-15‬تنص عمى عدـ تطبيؽ‬
‫أحكاـ ىذا القانوف عمى مبالغ النفقة المحكوـ بيا قبؿ صدوره‪ ،‬أعتقد أنو أمر غير صائب‪،‬‬
‫ألف ىذا القانوف جاء لحماية المطمقة واألطفاؿ المحضونيف‪ ،‬وا ّف حصر االستفادة مف‬
‫الصندوؽ عمى القضايا التي استحدثت بعد صدور ىذا القانوف‪ ،‬أي بعد ‪ 04‬جانفي‬
‫ألف ىناؾ العديد مف المطمقات والمحضونيف الذيف‬
‫‪ ،2015‬ىو أمر يحتاج إلى مراجعة‪ّ ،‬‬
‫جراء عدـ حصوليـ عمى مستحقاتيـ المالية‪ ،‬ومف العيب أف ندعيـ يعانوف وال‬‫يعانوف ّ‬
‫‪420‬‬
‫تشمميـ أحكاـ ىذا القانوف بحجة عدـ رجعية القوانيف‪ ،‬فالرجعية ىنا محمودة‪ ،‬ألف اليدؼ‬
‫منيا حماية المطمقات والمحضونيف مف الضياع والتشرد‪.‬‬
‫سنو‬
‫‪ -5‬مف بيف المآخذ التي تؤخذ عمى المشرع في صندوؽ النفقة‪ ،‬عدـ ّ‬
‫جزاءات عند عدـ احتراـ اآلجاؿ المحددة في القانوف ‪ 01-15‬المتعمؽ بإنشاء صندوؽ‬
‫لمبت في طمب االستفادة‪ ،‬وأجؿ خمسة‬
‫ّ‬ ‫النفقة‪ ،‬كأجؿ خمسة أياـ الممنوحة لمقاضي‬
‫وعشروف يوما الممنوحة لمديرية النشاط االجتماعي مف أجؿ صرؼ المستحقات المالية‬
‫قوتو‪،‬‬
‫لممستفيد‪ ،‬ألف عدـ ترتيب أي ج ازء أو مسؤولية عف تجاوز اآلجاؿ يفقد اإللزاـ ّ‬
‫وبالتالي يبقى احتراـ ىذه اآلجاؿ مجرد التزاـ أخبلقي وليس التزاـ قانوني‪ ،‬مما ُيفقد النص‬
‫فعاليتو في تحقيؽ الغرض مف إنشاء صندوؽ النفقة‪ ،‬وىو تحقيؽ الحماية لممطمقة‬
‫ومحضونييا بتحصيميـ النفقة المقررة ليـ قضاء في آجاؿ معقولة‪.‬‬
‫‪ -6‬بالنسبة لممادة الثانية كذلؾ أعتقد أنو مف الضروري أف يحدد المشرع بدقة‬
‫مشتمبلت النفقة حتى ال يحصؿ التضارب والتخاصـ بشأف ذلؾ‪ ،‬حيث يجب أف يشمؿ‬
‫نصت عميو المادة ‪ 78‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬نفقة العدة ونفقة اإلىماؿ ونفقة‬
‫مفيوـ النفقة كؿ ما ّ‬
‫تفسر عمى أنيا تنصرؼ إلى‬‫مصاريؼ العبلج والوضع ونفقة بدؿ اإليجار‪ ،‬وذلؾ حتى ال ّ‬
‫النفقة الغذائية فقط‪.‬‬
‫‪ -7‬بالنسبة لممادة السادسة أعتقد أف الغموض يكتنؼ المقصود بمحضر‬
‫المعاينة الذي يحرره المحضر القضائي‪ ،‬وذلؾ في حالة توقؼ المديف بالنفقة عف تنفيذ‬
‫األمر أو الحكـ القاضي بالنفقة بعد شروعو فيو‪ ،‬ألف اإلجراء الصحيح في مثؿ ىذه‬
‫الحاالت ىو قياـ المحضر بتكميؼ المديف بالنفقة بالوفاء بدينو ‪-‬مف جديد‪ -‬خبلؿ أجؿ‬
‫خمسة عشر يوما‪ ،‬بموجب محضر تكميؼ بالوفاء طبقا لمقواعد العامة في تنفيذ السندات‬
‫التنفيذية‪ ،‬فإذا فات األجؿ دوف أف يمتثؿ المديف حرر المحضر القضائي محضر امتناع‬
‫عف التنفيذ‪ ،‬ويسمّـ الممؼ لمدائف بالنفقة حتى يقدـ طمبو لبلستفادة مف الصندوؽ أماـ رئيس‬
‫قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬وال يوجد محضر معاينة في ىذا المجاؿ‪.‬‬

‫‪421‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إشكاالت تنفيذ األحكام القضائية المتعمقة بانعقاد‬
‫الزواج وانحاللو‬

‫أف صدور حكـ قضائي لصالحيـ في الدعوى‬ ‫يعتقد الكثير مف المتقاضيف ّ‬


‫ثـ صيرورة ىذا الحكـ القضائي نيائيا بِتَ َحصُّنِ ِو مف الطعف فيو‪،‬‬
‫المرفوعة أماـ القضاء‪ّ ،‬‬
‫إما بفوات آجاؿ الطعف‪ ،‬أو بعد استيفاء طرؽ الطعف‪ ،‬وحصوليـ عمى الصيغة‬ ‫وذلؾ ّ‬
‫التنفيذية‪ ،‬حيث قطعوا أشواطا طويمة أماـ المحاكـ االبتدائية والمجالس القضائية‪ ،‬يعتقد‬
‫أقره السند قد اقترب تحصيمو‬
‫بأف الحؽ الذي ّ‬
‫ىؤالء ّأنو بحصوليـ عمى السند التنفيذي ّ‬
‫لكف يجب أف ال يخفى عمييـ أف المراحؿ التي قضوىا مف أجؿ تحصيؿ السند‬
‫ونوالو‪ْ ،‬‬
‫التنفيذي واقرار الحؽ ليـ قضاء‪ ،‬ما ىي إالّ شوطا واحدا فقط‪ ،‬يميو شوط آخر ىو مرحمة‬
‫أقره السند التنفيذي محؿ الواقع‪ ،‬ىذا الشوط الثاني الذي‬
‫الحؽ الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫التنفيذ‪ ،‬واحبلؿ‬
‫أمر نفاذه وال يستغرؽ وقتا طويبل إذا تعاوف المنفذ عميو وسمّـ بأمر القضاء‪،‬‬
‫قد يتيسر ُ‬
‫لعدة عوائؽ وعقبات تحوؿ بينو‬
‫وي ْش ُك ُؿ عمى القائـ بالتنفيذ وضعو موضع النفاذ ّ‬
‫وقد يطوؿ َ‬
‫وبي ف التنفيذ‪ ،‬والتي قد تكوف عقبات مادية أو قانونية قد تحوؿ دوف تنفيذ السند التنفيذي‬
‫بتاتا‪ ،‬وتجعمو حب ار عمى ورؽ‪ ،‬مما ينعكس عمى ثقة المتقاضيف في القضاء‪ ،‬وعمى‬
‫مصداقية األحكاـ الصادرة عنو‪.‬‬
‫ضده إلى عرقمة تنفيذ السند التنفيذي بمختمؼ الطرؽ‬
‫وغالبا ما يسعى المنفذ ّ‬
‫صحة‬
‫ّ‬ ‫إما بإثارة إشكاالت تنفيذ وىمية‪ ،‬ورفع دعاوى فرعية كالطعف في‬
‫المتاحة‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫التبميغ‪ ،‬أو الطعف بالتزوير‪ ،‬أو الطعف في الحكـ القضائي خارج آجاؿ الطعف‪ ،‬مف أجؿ‬
‫تأخير التنفيذ وايقافو‪.‬‬
‫لذا تيتـ الجيات القضائية وعمى رأسيا النيابة العامة عمى تتبع إحصائيات‬
‫التنفيذ‪ ،‬والقضايا التي بقيت عالقة واألسباب التي حالت دوف تنفيذىا‪ ،‬وتسعى إلى إيجاد‬
‫حؿ يعالج اإلشكاؿ الذي واجييا‪ ،‬حتى تأخذ العدالة مجراىا‪ ،‬وتحفظ ليا ىيبتيا وسمعتيا‪.‬‬
‫إف اىتماـ المشرع الجزائري باألسرة‪ ،‬وحرصو عمى الحفاظ عمى مقوماتيا‬
‫وتماسكيا‪ ،‬وتنظيـ المسائؿ التي تتعمؽ بيا وجمعيا في قانوف األسرة‪ ،‬وجعمو اإلطار‬
‫القانوني الذي يحكـ العبلقات التي تجمع بيف أفرادىا‪ ،‬ال ينفي وجود فراغات قانونية‬
‫‪422‬‬
‫مرد ىذه الثغرات‬
‫وثغرات تعيؽ تنفيذ األحكاـ الصادرة في شؤوف األسرة‪ ،‬حيث يكوف ّ‬
‫أحيانا إلى األخطاء المادية‪ ،‬وأحيانا إلى الغموض الذي يكتنؼ مضموف النصوص‬
‫القانونية أو السندات التنفيذية‪ ،‬وأحيانا أخرى إلى الشغور القانوني في المجاؿ اإلجرائي‬
‫المتمثؿ في سكوت المشرع عف تبياف إجراءات التنفيذ في بعض المسائؿ الخاصة بشؤوف‬
‫األسرة‪ ،‬أو عدـ مبلئمة تطبيؽ بعض نصوص إجراءات التنفيذ عمى القضايا المتعمقة‬
‫تميزىا‪ ،‬فيظير االختبلؿ بيف النص القانوني‬
‫بشؤوف األسرة‪ ،‬نظ ار لمخصوصية التي ّ‬
‫والحكـ القضائي والتنفيذ الميداني لؤلحكاـ القضائية الصادرة في شؤوف األسرة‪.1‬‬
‫قصد بإشكاالت‬
‫عرؼ المشرع إشكاالت التنفيذ‪ ،‬وترؾ ذلؾ لمفقو‪ ،‬حيث ُي ُ‬
‫ولـ ُي ّ‬
‫عترض تنفيذ الحكـ القضائي مف صعوبات موضوعية أو وقتية‪ ،2‬سواء‬
‫ُ‬ ‫التنفيذ كؿ ما َي‬
‫أثارىا الطرؼ المستفيد مف السند التنفيذي أو المنفذ عميو أو الغير الذي لو مصمحة‪،‬‬
‫يكاد ال يخمو ممؼ تنفيذ مف إثارة إلشكاؿ مف إشكاالت التنفيذ‪،‬‬
‫أو القائـ بالتنفيذ‪ ،‬حيث ُ‬
‫مما يجعؿ مف دراسة ىذه اإلشكاالت وايجاد ٍ‬
‫حؿ ليا أم ار مف األىمية بمكاف‪ ،‬البد مف‬ ‫ّ‬
‫العناية بيا‪ ،‬وتبياف طرؽ واجراءات حمّيا‪ ،‬حتى يجد السند التنفيذي طريقو إلى التنفيذ‪.‬‬
‫وقد أسند المشرع الجزائري ميمة الفصؿ في إشكاالت التنفيذ إلى السيد رئيس‬
‫المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصيا التنفيذ‪ ،‬وذلؾ عف طريؽ القضاء االستعجالي‪،‬‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 631‬الفقرة ‪ ،01‬والمادة ‪ 632‬الفقرة ‪ 02‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬نظ ار لمخطر الذي‬
‫ييدد صاحب المصمحة في رفع اإلشكاؿ الوقتي‪ ،‬والذي ُيبرر توافر ركف االستعجاؿ‪،‬‬
‫ّ‬
‫أف تعطيؿ تنفيذ سند تنفيذي‬
‫وبالتالي اختصاص القاضي االستعجالي بالفصؿ فيو‪ ،‬كما ّ‬
‫البت فيو عمى وجو االستعجاؿ‪ ،‬مما‬ ‫يمثؿ ضر ار عاجبل يمحؽ بطالب التنفيذ يستوجب ّ‬
‫يجعؿ مف توافر عنصر االستعجاؿ في دعاوى إشكاالت التنفيذ متوفر نظ ار لطبيعة ىذه‬
‫تمس دعوى اإلشكاؿ بالموضوع‪ ،‬واالّ حكـ قاضي االستعجاؿ‬
‫القضايا‪ ،‬غير ّأنو يجب أال ّ‬

‫الدكتور لجمط فواز‪ ،‬مداخمة بعنواف "إشكاليات تنفيذ األحكاـ القضائية في مادة شؤوف األسرة"‪ ،‬ضمف الممتقى الوطني‬ ‫‪1‬‬

‫الثامف حوؿ‪" :‬حماية األسرة في التشريع الجزائري"‪ ،‬المنعقد يومي ‪ 04‬و‪ 05‬نوفمبر ‪ ،2015‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة‬
‫الدكتور يحي فارس‪ ،‬المدية‪ ،‬غير منشور‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫محمد أمزياف‪ ،‬القضاء المستعجؿ في القضايا األسرية – الحضانة والنفقة نموذجا‪ ،-‬رسالة لنيؿ دبموـ الدراسات العميا‬ ‫‪2‬‬

‫المعمقة في القانوف الخاص‪ ،‬جامعة محمد األوؿ‪ ،‬كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫‪ ،2009-2008‬ص ‪.119‬‬
‫‪423‬‬
‫جديا‪ ،‬وليس وسيمة لممماطمة في تنفيذ‬
‫بعدـ االختصاص‪ ،‬كما يجب أف يكوف اإلشكاؿ ّ‬
‫السند التنفيذي‪ ،‬حتى يستجيب قاضي االستعجاؿ لطمب وقؼ التنفيذ‪.‬‬
‫يتـ الفصؿ في دعوى اإلشكاؿ أو دعوى طمب وقؼ التنفيذ مف قبؿ رئيس‬‫ّ‬
‫المحكمة خبلؿ أجؿ خمسة عشر يوما مف تاريخ رفع الدعوى‪ ،‬وذلؾ بأمر مسبب غير‬
‫قابؿ ألي طعف‪ ،‬حيث يأمر بمواصمة التنفيذ في حاؿ رفض الدعوى‪ ،‬أو يأمر بوقؼ‬
‫التنفيذ لمدة محددة ال تتجاوز ستة أشير ابتداء مف تاريخ رفع الدعوى في حاؿ قبوؿ‬
‫دعوى اإلشكاؿ أو طمب وقؼ التنفيذ‪ ،‬طبقا لنص المادتيف ‪ 633‬و‪ 634‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وأماـ كثرة دعاوى اإلشكاؿ أو طمبات وقؼ التنفيذ المسجمة أماـ المحاكـ‪ ،‬أعتقد‬
‫أف إسناد الفصؿ فييا لرئيس المحكمة إشغاال لو عف ميامو الكثيرة‪ ،‬اإلدارية منيا‬
‫ّ‬
‫تبني مؤسسة قاضي التنفيذ كمؤسسة قائمة بذاتيا أولى وأفضؿ‪،‬‬
‫أف ّ‬
‫والقضائية‪ ،‬في حيف ّ‬
‫تتبع قضايا التنفيذ‪ ،‬ابتداء مف تاريخ صيرورة الحكـ القضائي نيائيا مميو ار‬
‫تُسند ليا ميمة ّ‬
‫بالصيغة التنفيذية‪ ،‬إلى غاية انتياء التنفيذ‪ ،‬وح ّؿ اإلشكاالت والعقبات التي تعترضو‪،‬‬
‫واإلشراؼ عمى القائميف بالتنفيذ في كؿ اإلجراءات التي يقوموف بيا‪ ،‬وتذليؿ الصعوبات‬
‫التي ترفع إلييـ بشأنو‪ ،‬مف أجؿ إعطاء فعالية أكبر لمتنفيذ‪ ،‬وتخفيؼ العبء عمى رئيس‬
‫يختص قاضي التنفيذ بالفصؿ عمى وجو‬ ‫ّ‬ ‫المحكمة وعمى القضاء االستعجالي‪ ،‬حيث‬
‫االستعجاؿ في كؿ اإلشكاالت المثارة بشأف تنفيذ السندات التنفيذية‪ ،‬القانونية منيا‬
‫السرعة في تنفيذ األحكاـ‬
‫والمادية‪ ،‬وبذلؾ ينشأ قضاء متخصص في التنفيذ‪ ،‬يضمف ُ‬
‫القضائية عمى الوجو القانوني المشروع‪ ،‬الذي ينسجـ والمنطوؽ الذي جاءت بو ىذه‬
‫األحكاـ‪.‬‬
‫أف إسناد‬
‫غير ّأنو بالنسبة إلشكاالت التنفيذ المتعمقة بقضايا شؤوف األسرة أعتقد ّ‬
‫الفصؿ فييا لرئيس قسـ شؤوف األسرة أنسب وأفضؿ مف إسنادىا لرئيس المحكمة‪ ،‬باعتبار‬
‫أف المشرع أسند لو صبلحيات قاضي االستعجاؿ‪ ،‬فأقترح أف ُيسند لو كذلؾ الفصؿ عمى‬ ‫ّ‬
‫وجو االست عجاؿ في إشكاالت التنفيذ المتعمقة بقضايا شؤوف األسرة‪ ،‬مف أجؿ إنشاء قضاء‬
‫أسري متخصص‪.‬‬
‫ويمكف تقسيـ العقبات أو اإلشكاالت التي يمكف أف تُثار بشأف تنفيذ األحكاـ‬
‫القضائية المتعمقة بشؤوف األسرة‪ ،‬والتي تدخؿ ضمف موضوع ىذا البحث‪ ،‬إلى قسميف‪:‬‬
‫‪424‬‬
‫القسم األول‪ :‬اإلشكاالت المثارة بشأف تنفيذ األحكاـ القضائية أثناء قياـ العبلقة‬
‫الزوجية‪ ،‬ومثاليا األحكاـ القاضية بإلزاـ الزوجة بالرجوع إلى مسكف الزوجية‪ ،‬أو القاضية‬
‫بتوفير مسكف مستقؿ أثاثا ومعاشا عف أىؿ الزوج‪ ،‬أو القاضية بإلزاـ الزوج بدفع النفقة‬
‫لزوجتو وأوالده‪ ،‬أو المتعمقة بتنفيذ األوامر المؤقتة الصادرة طبقا لنص المادة ‪ 57‬مكرر‬
‫مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬اإلشكاالت التي تُثار بشأف تنفيذ األحكاـ القضائية بعد فؾ الرابطة‬
‫الزوجية أو أثناء مباشرة إجراءات ف ّكيا‪ ،‬كمسألة تسميـ المحضوف أو ممارسة حؽ زيارتو‪،‬‬
‫أو مسألة الدفع الجزئي لممبالغ المالية المحكوـ بيا لصالح المطمقة والمحضونيف‪،‬‬
‫أو اإلشكاالت التي تثار بشأف تنفيذ تسميـ األمتعة الخاصة بالزوجيف‪ ،‬أو مسألة توفير‬
‫مسكف مناسب ومبلئـ لممارسة الحضانة‪.‬‬
‫كؿ ىذه اإلشكاالت تحتاج إلى تحميؿ وتدقيؽ‪ ،‬ومحاولة إيجاد الحموؿ ليا‪ ،‬حتى‬
‫ضار ال المنفذ لو وال المنفذ عميو‪ ،‬وحتى ال تبقى األحكاـ القضائية حب ار عمى ورؽ‪،‬‬
‫ال ُي َّ‬
‫يتـ تبيانيا فيما يمي‪:‬‬
‫وتجد طريقيا إلى التنفيذ‪ ،‬و ّ‬

‫المطمب األول‪ :‬اإلشكاالت المثارة أثناء قيام الرابطة الزوجية‬

‫تثير األحكاـ القضائية في شؤوف األسرة الصادرة أثناء قياـ الرابطة الزوجية‬
‫إشكاالت عديدة عند تنفيذىا‪ ،‬وذلؾ بسبب غياب النصوص القانونية أو نقصيا أحيانا‪،‬‬
‫أو عدـ مبلئمة النصوص اإلجرائية مع إجراءات تنفيذ سندات شؤوف األسرة أحيانا أخرى‪،‬‬
‫ومثاؿ ذلؾ اإلشكاالت المثارة أثناء تنفيذ أحكاـ الرجوع إلى بيت الزوجية‪ ،‬أو المتعمقة‬
‫بتوفير مسكف مستقؿ أثاثا ومعاشا‪ ،‬أو المتعمقة بإلزاـ الزوج بالنفقة عمى زوجتو وأوالده‪،‬‬
‫أو المتعمقة بتنفيذ األوامر المؤقتة وفقا لنص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تنفيذ األحكام القاضية برجوع الزوجة إلى بيت الزوجية‬

‫تُغادر الزوجة أحيانا مسكف الزوجية بمفردىا‪ ،‬أو مصطحبة معيا أوالدىا إلى بيت‬
‫أ ىميا عند حدوث خبلفات بينيا وبيف زوجيا‪ ،‬وترفض الرجوع إليو ما لـ يحقؽ ليا زوجيا‬
‫شروطا تشترطيا عميو‪ ،‬وقد يحصؿ النزاع حوؿ ىذه الشروط وعدـ االتفاؽ عمييا بيف‬
‫‪425‬‬
‫الطرفيف‪ ،‬فيمجأ الزوج إلى القضاء طالبا الحكـ لو بإلزاـ الزوجة بالرجوع إلى مسكف‬
‫الزوجية المعتاد دوف قيد أو شرط‪ ،‬أو تمجأ الزوجة إلى القضاء وتطالب بإلزاـ الزوج‬
‫بتوفير مسكف مستقؿ أثاثا ومعاشا عف أىؿ الزوج‪ ،‬فيصدر القاضي حكما يقضي في‬
‫منطوقو بإلزاـ الزوج بإرجاع الزوجة إلى مسكف الزوجية أو إلى مسكف مستقؿ ومنفصؿ‬
‫أثاثا ومعاشا عف بيت أىؿ الزوج‪ ،‬درء لممشاكؿ التي يمكف أف تحدث بيف الزوجة وأىؿ‬
‫الزوج‪.‬‬
‫ونظ ار لغياب نص قانوني خاص ينظـ أحكاـ الرجوع أو إجراءاتو‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫العموـ الذي يميز منطوؽ الحكـ القضائي المتعمؽ بالرجوع‪ ،‬يصطدـ القائـ بالتنفيذ بعدة‬
‫ويتـ تناوؿ ىذه المسألة مف خبلؿ تبياف‬
‫عقبات وصعوبات تثار أثناء تنفيذه ىذه األحكاـ‪ّ ،‬‬
‫النقاط التالية‪:‬‬
‫أوال‪ -‬مفيوم الرجوع إلى بيت الزوجية‬
‫َّ‬
‫إف تحديد مفيوـ الرجوع إلى بيت الزوجية بدقة مف طرؼ المشرع يحوؿ دوف‬
‫كثير مف المشاكؿ والصعوبات التي تصاحب تنفيذ األحكاـ المتعمقة بيذا الشأف‪ ،‬ىذه‬
‫الثغرات التي يستغميا الخصوـ لمتممص مف االلتزامات التي تقع عمى عاتقيـ بموجب‬
‫السند التنفيذي القاضي بالرجوع إلى بيت الزوجية‪.‬‬
‫ويمكف تعريؼ مفيوـ الرجوع إلى بيت الزوجية بأنو‪ :‬عودة الزوجة إلى بيت‬
‫الزوجية‪ ،‬أي البيت الذي كانت تسكنو رفقة زوجيا قبؿ مغادرتو‪ ،‬واإلقامة فيو‪ ،‬مع ممارسة‬
‫كافة حقوقيا وواجباتيا المعتادة‪.1‬‬
‫عد بحاؿ مف األحواؿ رجوع الزوجة إلى بيت الزوجية المعتاد في‬
‫وبالتالي ال ُي ّ‬
‫الصباح‪ ،‬ثـ خروجيا منو ورجوعيا إلى بيت أىميا في المساء تنفيذا لمضموف السند‬
‫التنفيذي الذي قضى بالرجوع عمييا‪ ،‬كما ال يعتبر تنفيذا ليذا السند رجوعيا إلى بيت آخر‬
‫فإف تبياف مفيوـ الرجوع مف قبؿ المشرع أو عمى األقؿ مف‬
‫يممكو الزوج وال يقيـ فيو‪ ،‬لذا ّ‬
‫قبؿ القضاء‪ ،‬وتحديده بدقّة مف شأنو أف ُيجنبنا الوقوع في إشكاالت وتحايبلت مف قبؿ‬

‫لجمط فواز‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.03‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪426‬‬
‫طرفي التنفيذ‪ ،‬ومف شأنو أف يسيّؿ عمؿ القائـ بالتنفيذ ويختصر الوقت الذي تستغرقو‬
‫عممية التنفيذ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬إجراءات تنفيذ األحكام المتعمقة برجوع الزوجة إلى بيت الزوجية‬
‫بعد صدور الحكـ القضائي القاضي بإلزاـ الزوجة بالرجوع إلى بيت الزوجية‪،‬‬
‫قدـ‬
‫والقياـ بإجراءات تبميغو‪ ،‬وبعد انقضاء آجاؿ الطعف فيو وامياره بالصيغة التنفيذية‪ُ ،‬ي ّ‬
‫الزوج السند التنفيذي لممحضر القضائي مف أجؿ مباشرة إجراءات التنفيذ‪ ،‬حيث يقوـ‬
‫المحضر القضائي طبقا ألحكاـ المواد ‪ 613 ،612‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ بتحرير محضر تبميغ‬
‫مضمنا محاضره‬
‫ّ‬ ‫السند التنفيذي ومحضر التكميؼ بالوفاء ومحضر تبميغ التكميؼ بالوفاء‪،‬‬
‫ثـ ينتقؿ إلى عنواف إقامة‬
‫كافة البيانات القانونية المحددة في المادة ‪ 613‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ّ ،‬‬
‫الزوجة ويبمّغيا بنسخة مف السند‪ ،‬ويكمفيا بتنفيذ مضمونو بالرجوع إلى مسكف الزوجية‬
‫خبلؿ أجؿ خمسة عشر يوما‪ ،‬حيث يخضع تبميغ محاضر التنفيذ المذكورة ألحكاـ التبميغ‬
‫الرسمي المحددة في المواد مف ‪ 406‬إلى ‪ 416‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وبعد انتياء األجؿ الممنوح‬
‫لمزوجة‪ ،‬نكوف أماـ فرضيف‪:‬‬
‫األول‪ :‬أف ينتيي أجؿ خمسة عشر يوما الممنوحة لمزوجة مف أجؿ الرجوع إلى‬
‫بيت الزوجية‪ ،‬دوف أف تمتثؿ لمضموف السند الذي يمزميا بذلؾ‪ ،‬فيقوـ المحضر القضائي‬
‫باالنتقاؿ إلى مقر مسكف الزوجية المحدد في الحكـ القضائي مف أجؿ إجراء معاينة مادية‬
‫يثبت مف خبلليا عدـ وجود الزوجة بمسكف الزوجية وعدـ رجوعيا إليو‪ ،‬ىذا إف كاف‬
‫مسكف الزوجية يقع ضمف دائرة اختصاصو اإلقميمي‪ ،‬واف لـ يكف‪ ،‬فيطمب المحضر‬
‫القضائي مف الزوج السعي مف أجؿ طمب انتقاؿ المحضر القضائي المختص إقميميا إلى‬
‫مسكف الزوجية‪ ،‬واثبات عدـ وجود الزوجة بمسكف الزوجية وعدـ رجوعيا إليو‪ ،‬وتحرير‬
‫محضر معاينة ُيثبت ذلؾ‪ ،‬وبناء عمى محضر المعاينة يحرر المحضر القضائي القائـ‬
‫بالتنفيذ محضر امتناع عف التنفيذ‪ ،‬وال يمكف لممحضر القضائي االكتفاء بتصريح الزوج‬
‫بعدـ رجوع الزوجة إلى مسكف الزوجية لتحرير محضر امتناع عف التنفيذ‪ ،‬بؿ ال بد مف‬
‫إجراء المعاينة لمتأكد مف ذلؾ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أف تقوـ الزوجة بالرجوع إلى بيت الزوجية خبلؿ األجؿ الممنوح ليا‪،‬‬
‫تـ ذلؾ بمحض إرادتيا أو بسعي مف الزوج‪ ،‬وعمى المحضر القضائي عند إعبلمو‬
‫سواء ّ‬
‫‪427‬‬
‫بأف الزوجة نفّذت مضموف السند ورجعت إلى مسكف الزوجية‪ ،‬أف ينتقؿ إلى مسكف‬ ‫ّ‬
‫الزوجية إذا كاف ىذا األخير يقع ضمف اختصاصو اإلقميمي‪ ،‬ويقوـ بإجراء معاينة مادية‬
‫حرر‬
‫وي ّ‬
‫ُيثبت مف خبلليا رجوع الزوجة إلى مسكف الزوجية‪ ،‬ويتأ ّكد مف واقعة الرجوع‪ُ ،‬‬
‫حدد مكاف‬
‫وي ّ‬
‫محضر إثبات حالة يؤكد مف خبللو وجود الزوجة في مسكف الزوجية‪ُ ،‬‬
‫يتـ التوقيع أو البصمة عمى محضر المعاينة مف طرؼ كؿ‬
‫االنتقاؿ وساعتو‪ ،‬ويجب أف ّ‬
‫وتدوف أسماؤىـ عمى‬
‫ّ‬ ‫مف الزوجة والزوج‪ ،‬أو بإحضار شيود يشيدوف واقعة الرجوع‪،‬‬
‫نتجنب إنكار واقعة‬
‫محضر المعاينة‪ ،‬ويوقعوف أو يبصموف عمى المحضر‪ ،‬وذلؾ حتى ّ‬
‫تـ معاينتيا مف طرؼ المحضر‬
‫الرجوع مستقببل مف طرؼ الزوج أو الزوجة‪ ،‬والتي ّ‬
‫القضائي‪.‬‬
‫واف كاف مسكف الزوجية يقع خارج دائرة االختصاص اإلقميمي لممحضر القضائي‬
‫القائـ بالتنفيذ‪ ،‬فيقوـ الزوج أو الزوجة بطمب إجراء معاينة مادية بوجود الزوجة ببيت‬
‫إما بمعاينة مادية بسيطة‪،‬‬
‫ويتـ ذلؾ ّ‬
‫الزوجية مف المحضر القضائي المختص إقميميا‪ّ ،‬‬
‫أو بموجب أمر قضائي يستصدره طالب التنفيذ مف المحكمة المختصة‪.‬‬
‫بعد ذلؾ يقوـ المحضر القضائي بتحرير محضر التنفيذ‪ ،‬الذي يعتبر خاتمة‬
‫ؽ بيا ممؼ التنفيذ‪ ،‬ونشير في تنفيذ مثؿ ىذه القضايا المتعمقة بالرجوع‬
‫اإلجراءات التي ُيغمَ ُ‬
‫أو اإلرجاع‪ ،‬إلى أىمية وضرورة انتقاؿ المحضر القضائي القائـ بالتنفيذ إلى مسكف‬
‫الزوجية لمعاينة واقعة الرجوع‪ ،‬أو طمب إحضار محضر معاينة مف الزوج أو الزوجة‬
‫تثبت ذلؾ‪ ،‬إذا كاف مسكف الزوجية يقع خارج اختصاصو اإلقميمي‪ ،‬وعدـ االكتفاء‬
‫ألف‬
‫بأف الزوجة رجعت إلى مسكف الزوجية‪ ،‬أو ّأنيا لـ ترجع‪ّ ،‬‬
‫بتصريحات أطراؼ التنفيذ ّ‬
‫االكتفاء بتصريحات الطرفيف أو بتصريحات أحدىما برجوع الزوجة إلى مسكف الزوجية‬
‫أو بعدـ رجوعيا‪ ،‬وعدـ التحقّؽ مف ذلؾ بإجراء المعاينة‪ ،‬وتحرير محضر التنفيذ أو امتناع‬
‫تنجر عنو مشاكؿ عديدة ال ُيحمد عقباىا‪ ،‬قد تقود المحضر‬ ‫عف التنفيذ وفقا لذلؾ‪ ،‬قد ّ‬
‫القضائي إلى شكاوى ومتابعات جزائية ىو في غنى عنيا‪.‬‬
‫وقد أثبتت التجربة ّأنو في بعض القضايا ترجع الزوجة إلى مسكف الزوجية‬
‫ثـ تغادره بعد يوـ أو يوميف مف ذلؾ‬
‫امتثاال وتنفيذا لمحكـ القضائي الذي يمزميا بذلؾ‪ّ ،‬‬
‫لتجدد النزاع والخبلؼ بيف الزوجيف‪ ،‬والمحضر القضائي إذا أثبت رجوعيا بموجب‬
‫ّ‬
‫‪428‬‬
‫وتـ توقيعو أو البصمة عميو مف طرؼ الزوجيف‪ ،‬وقاـ بتحرير محضر‬ ‫محضر معاينة‪ّ ،‬‬
‫التنفيذ تبعا لذلؾ‪ ،‬يعتبر حينئذ قد أفرع السند التنفيذي ونفّذ مقتضاه‪ ،‬وال يمكف بحاؿ مف‬
‫األحواؿ أف يطمب منو الزوج تحرير محضر امتناع عف التنفيذ مف أجؿ إثبات نشوز‬
‫الزوجة‪ ،‬أو يطمب منو إعادة التنفيذ بنفس السند التنفيذي‪.‬‬
‫وتظير كذلؾ أىمية إجراء محضر المعاينة برجوع الزوجة إلى مسكف الزوجية‪،‬‬
‫موجو إلى الزوج‪ ،‬وذلؾ بإلزامو بإرجاع زوجتو إلى‬ ‫إذا كاف اإللزاـ في السند التنفيذي ّ‬
‫مسكف الزوجية وبسعي منو‪ ،‬حيث تُتُّبعُ نفس إجراءات التنفيذ المذكورة آنفا ولكف بطمب‬
‫مف الزوجة‪ ،‬وقد يمتثؿ الزوج بإرجاعيا إلى مسكف الزوجية‪ ،‬ويعايف المحضر القضائي‬
‫واقعة الرجوع‪ ،‬ويحرر محضر المعاينة الذي يوقعو أو يبصـ عميو كبل الزوجيف‪ ،‬ويحرر‬
‫محضر التنفيذ مف طرؼ المحضر‪ ،‬ثـ بعد يوـ أو يوميف مف الرجوع تتجدد الخبلفات‬
‫والشقاؽ بيف الزوجيف‪ ،‬فيطردىا الزوج أو تغادر المسكف مف تمقاء نفسيا‪ ،‬وقد تمجأ الزوجة‬
‫إلى المحضر القضائي مف أجؿ مطالبتو بمحضر امتناع عف التنفيذ مف أجؿ إثبات نشوز‬
‫الزوج‪ ،‬أو تطالبو بإعادة تنفيذ نفس الحكـ القضائي القاضي بإلزاـ الزوج بإرجاعيا إلى‬
‫استجد مف خبلؼ‬
‫ّ‬ ‫تـ تنفيذه‪ ،‬وما‬
‫مسكف الزوجية‪ ،‬وىو أمر مخالؼ لمقانوف‪ ،‬ألف السند قد ّ‬
‫يعد واقعة جديدة تتطمب حكما جديدا‪.‬‬‫بيف الزوجيف بعد إثبات واقعة الرجوع ّ‬
‫ثالثا‪ -‬اإلشكاالت المتعمقة بتنفيذ أحكام رجوع الزوجة إلى بيت الزوجية‬
‫تعترض تنفيذ األحكاـ القضائية المتعمقة برجوع الزوجة إلى بيت الزوجية بعض‬
‫مدة‬
‫العقبات واإلشكاالت التي قد تحوؿ دوف تنفيذ السند التنفيذي‪ ،‬أو تؤخر تنفيذه إلى ّ‬
‫طويمة‪ ،‬ويمكف عرض بعض العقبات التي تعترض المحضريف القضائييف إزاء تنفيذ مثؿ‬
‫ىذه األحكاـ‪ ،‬وىي‪:‬‬
‫‪ -01‬عدم تحديد الحكم القضائي لمقر بيت الزوجية الذي تمزم الزوجة بالرجوع‬
‫إليو‬
‫أىـ البيانات‬
‫يعتبر تحديد مقر بيت الزوجية الذي تُ َمزُـ الزوجة بالرجوع إليو مف ّ‬
‫التي يجب أف يتضمنيا الحكـ القضائي المتعمؽ بيذا الشأف‪ ،‬ويش ّكؿ إغفاؿ ذكر عنواف‬
‫ىذا المقر في الحكـ القضائي عقبة حقيقية يواجييا المحضروف القضائيوف القائموف‬
‫ألف مف اإلجراءات التي يقوـ بيا المحضر القضائي أثناء التنفيذ ىو إجراء‬
‫بالتنفيذ‪ّ ،‬‬
‫‪429‬‬
‫معاينة مادية ببيت الزوجية‪ ،‬ليؤكد أو ينفي وجود الزوجة ورجوعيا إليو‪ ،‬كما ال يكفي‬
‫النص في منطوؽ السند التنفيذي عمى رجوع الزوجة إلى بيت الزوجية "المعتاد"‪ ،‬دوف ذكر‬
‫عنواف ىذا البيت‪ ،‬ألف لفظ " بيت الزوجية المعتاد" يثير كذلؾ صعوبات في التنفيذ إذا لـ‬
‫يبيف الحكـ القضائي عنوانو‪ ،‬حيث يمكف لمزوجة عند إلزاميا بالرجوع أف تواجو المحضر‬
‫يدعي الزوج‬
‫القضائي وتطرح مشكؿ يتعمؽ بمقر بيت الزوجية الذي يجب الرجوع إليو‪ ،‬فقد ّ‬
‫أف بيت الزوجية‬
‫وتدعي ّ‬ ‫بأف بيت أىمو ىو بيت الزوجية المعتاد‪ ،‬وترفض الزوجة ذلؾ ّ‬
‫ّ‬
‫يختمؼ عف بيت أىؿ الزوج‪ ،‬وأنو مستقؿ عنو ويقع في مكاف آخر‪.‬‬
‫البت فيو‪ ،‬أيف يجب الرجوع‬
‫فيواجو المحضر القضائي إشكاال حقيقيا ال يمكنو ّ‬
‫إلى القاضي المختص مف أجؿ طرح اإلشكاؿ والفصؿ فيو‪ ،‬وقد َيحكـ قاضي األمور‬
‫يمس أصؿ الحؽ‪،‬‬
‫المستعجمة بعدـ االختصاص إذا رفع األمر إليو باعتبار الموضوع ّ‬
‫فيرفع الزوج أو الزوجة دعوى أماـ قاضي الموضوع مف أجؿ تفسير مقصود القاضي مف‬
‫بيت الزوجية وتحديد مقره بدقة‪ ،‬وىو أمر يتطمب مصاريؼ جديدة‪ ،‬ويستغرؽ وقتا طويبل‪.‬‬
‫وعميو نؤكد ضرورة تنبو القضاة لمثؿ ىذا األمر‪ ،‬وعدـ االكتفاء بالنص في‬
‫منطوؽ الحكـ القضائي عمى إلزاـ الزوجة بالرجوع إلى بيت الزوجية‪ ،‬أو إلزاـ الزوج‬
‫بإرجاع الزوجة إلى بيت الزوجية فقط‪ ،‬أو التصريح بإلزاـ الزوجة بالرجوع إلى بيت‬
‫بدقة‪ ،‬والذي تمزـ الزوجة بالرجوع‬‫الزوجية المعتاد‪ ،‬واّنما يجب تحديد عنواف بيت الزوجية ّ‬
‫إليو‪ ،‬حتى نتجنب تأويبلت األطراؼ وتحايبلتيـ مف أجؿ عرقمة عممية التنفيذ‪ ،‬واطالة أمد‬
‫النزاع‪.‬‬
‫‪ -02‬عدم النص عمى أن يكون الرجوع بسعي من الزوج‬
‫تصدر بعض األحكاـ القاضية برجوع الزوجة إلى بيت الزوجية دوف ذكر أف‬
‫يكوف الرجوع بسعي مف الزوج‪ ،‬ويؤدي ذلؾ إلى مشاكؿ في التنفيذ‪ ،‬بحيث يطمب الزوج‬
‫ويَبمّْ ْغ الزوجة‬ ‫ِ‬
‫الم ْحض ْر اإلجراءات ُ‬
‫مف المحضر القضائي تنفيذ حكـ الرجوع‪ ،‬ويباشر ُ‬
‫بمضموف السند‪ ،‬وتبدي الزوجة استعدادىا لمرجوع لكف وفؽ العادة والعرؼ الساري في‬
‫مثؿ ىذه األمور‪ ،‬وىو تق ّدـ الزوج مف أجؿ اصطحابيا إلى بيت الزوجية‪ ،‬حتى تحفظ‬
‫التقدـ إلى بيت أىؿ‬
‫وعزتيا أماـ أىميا وجيرانيا‪ ،‬لكف قد يبدي الزوج رفضو التاـ ّ‬
‫كرامتيا ّ‬
‫بأف عمييا الرجوع إليو وحدىا‬
‫الزوجة مف أجؿ اصطحابيا إلى بيت الزوجية‪ ،‬ويرى ّ‬
‫‪430‬‬
‫أو برفقة أحد محارميا‪ ،‬باعتبارىا غادرتو لوحدىا أو رفقة أىميا‪ ،‬ويقعُ المحضر القضائي‬
‫بيف تفسير ىؤالء وتفسير أولئؾ في إشكاؿ يحوؿ بينو وبيف تنفيذ الحكـ القضائي‪.‬‬
‫وقد يطالب الزوج بتحرير محضر امتناع عف التنفيذ عند انتياء اآلجاؿ القانونية‬
‫(ميمة خمسة عشر يوما)‪ ،‬مف أجؿ إثبات نشوز الزوجة واسقاط حقوقيا‪ ،‬بحكـ ّأنيا‬
‫بأنيا تمتثؿ لمضموف السند التنفيذي‪ ،‬و ّأنيا‬
‫وتصرح الزوجة ّ‬
‫ّ‬ ‫لـ ترجع إلى بيت الزوجية‪،‬‬
‫عمى استعداد لمرجوع‪ ،‬وتنتظر فقط قدوـ زوجيا ليأخذىا إلى المسكف الزوجي وفؽ ما‬
‫ُيمميو العرؼ والعادة‪.‬‬
‫النص‬
‫التنبو ليذا األمر‪ ،‬و ّ‬
‫تجنب مثؿ ىذه العقبات يجب عمى القضاة ّ‬‫لذا مف أجؿ ّ‬
‫صراحة في منطوؽ الحكـ القضائي بأف يكوف الرجوع بسعي مف الزوج‪ ،‬وبالتالي يقع عمى‬
‫تقد ـ إلى مكاف إقامة الزوجة واصطحابيا إلى بيت الزوجية‪ ،‬تنفيذا‬‫عاتؽ الزوج ضرورة ال ّ‬
‫لمحكـ الذي ألزـ الزوجة بالرجوع‪ ،‬واال اعتبر الزوج مقص ار ومتخمفا عف التنفيذ‪ ،‬وال يمكف‬
‫لممحضر القضائي حينئذ تحرير محضر امتناع الزوجة عف التنفيذ‪ ،‬بؿ في المقابؿ يمكف‬
‫لمزوجة نفسيا أف تقدـ السند التنفيذي لممحضر القضائي وتطمب منو إلزاـ الزوج بتنفيذ‬
‫حكـ الرجوع‪ ،‬واذا تخمّؼ الزوج عف السعي إلرجاع زوجتو لبيت الزوجية‪ ،‬يحرر المحضر‬
‫القضائي محضر امتناع الزوج عف التنفيذ‪ ،‬وتثبت بو الزوجة نشوز الزوج عف طريؽ‬
‫القضاء‪.‬‬
‫‪ -03‬تحايل الزوج أو الزوجة في تنفيذ اإللزام بالرجوع‬
‫تميز المسائؿ التي‬
‫نظ ار لخصوصية العبلقة بيف الزوجيف والخصوصية التي ّ‬
‫فإف تنفيذ القضايا المتعمقة بالرجوع يمكف فييا لمزوجيف إذا ساءت‬
‫تتعمؽ بشؤوف األسرة‪ّ ،‬‬
‫ّنيتيما أف يتحايبل في تنفيذ مثؿ ىذه األحكاـ‪.‬‬
‫حيث يمكف لمزوج إف كاف كارىا لزوجتو وغير راغب في االستمرار في الحياة‬
‫الزوجية معيا‪ ،‬أف يتحايؿ في تنفيذ أحكاـ الرجوع‪ ،‬بحيث يمجأ إلى المحضر القضائي مف‬
‫ثـ‬
‫أجؿ طمب تنفيذ حكـ الرجوع ضد زوجتو‪ ،‬ويسعى إلى إرجاعيا إلى بيت الزوجية‪ّ ،‬‬
‫بمجرد إثبات واقعة الرجوع واختتاـ إجراءات التنفيذ‪ ،‬يسمؾ الزوج مع زوجتو سموكا منافيا‬
‫لما تقتضيو العشرة الزوجية بالمعروؼ‪ ،‬فتحمؿ الزوجة نفسيا مف جديد وترجع إلى بيت‬
‫أىميا‪ ،‬ويستمر الشقاؽ والنزاع‪ ،‬وما كاف قصد الزوج مف وراء تنفيذ حكـ الرجوع إالّ دفع‬
‫‪431‬‬
‫تيمة النشوز عف نفسو‪ ،‬واظيار خطأ الزوجة في مغادرة بيت الزوجية مف جديد‪ ،‬ودفعيا‬
‫إلى طمب الطبلؽ وتظميميا بو‪ ،‬وتحميميا المسؤولية عنو‪ ،‬واسقاط بعض حقوقيا مف توابع‬
‫الطبلؽ‪.‬‬
‫كما يمكف لمزوجة كذلؾ أف تتحايؿ في قضايا الرجوع‪ ،‬بحيث إذا كانت كارىة‬
‫لمعيش مع زوجيا‪ ،‬وغير راغبة في استئناؼ الحياة الزوجية معو‪ ،‬أف تمتثؿ لئللزاـ الذي‬
‫تضمنو الحكـ القضائي بالرجوع إلى بيت الزوجية‪ ،‬وبمجرد إثبات واقعة الرجوع مف طرؼ‬
‫ّ‬
‫المحضر القضائي وتحرير محضر التنفيذ‪ ،‬تغادر بيت الزوجية مف جديد بمحض إرادتيا‪،‬‬
‫أو تدفع الزوج إلى طردىا بالقياـ بسموكات منافية لمعشرة الزوجية الطيبة‪ ،‬فيتجدد النزاع‪،‬‬
‫تـ تنفيذه في خبر كاف‪ ،‬وما كاف قصدىا مف وراء‬
‫ويصبح الحكـ القضائي بالرجوع الذي ّ‬
‫تنفيذ حكـ الرجوع إالّ دفع تيمة النشوز عف نفسيا‪ ،‬ودفع الزوج إلى طبلقيا باإلرادة‬
‫المنفردة وتظميمو‪ ،‬وتحميمو المسؤولية عنو‪ ،‬وبذلؾ تضمف بعض المبالغ المالية الناتجة‬
‫عف توابع الطبلؽ‪.‬‬
‫أف تنفيذ بعض قضايا شؤوف األسرة لو خصوصيتو‪،‬‬ ‫لذا يجب التأكيد عمى ّ‬
‫أدى ذلؾ إلى التحايؿ والغش في التنفيذ‪ ،‬وال يضمف‬
‫بحيث إذا ساءت نية بعض األطراؼ ّ‬
‫االستقرار األسري سوى توعية الزوجيف وتكوينيما وغرس المفاىيـ السامية لمعبلقة الزوجية‬
‫بينيما‪ ،‬واستشعار ثقؿ المسؤولية الممقاة عمى عاتقيما‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تنفيذ األحكام المتعمقة بتوفير مسكن مستقل أثاثا ومعاشا‬

‫تمجأ الزوجة التي تقيـ مع أىؿ الزوج في مسكف واحد إلى القضاء أحيانا مف أجؿ‬
‫مطالبة الزوج بتوفير مسكف مستقؿ عف أىؿ الزوج أثاثا ومعاشا‪ ،‬فيحكـ القاضي ليا بذلؾ‬
‫مف أجؿ تفادي النزاعات والمشاكؿ بينيا وبيف أىؿ الزوج‪ ،‬أمبل في المحافظة عمى‬
‫استقرار األسرة واستمرار الحياة الزوجية‪ ،‬فيمزـ الزوج بإرجاع زوجتو إلى مسكف مستقؿ‬
‫أثاثا ومعاشا عف أىمو‪ ،‬فما مفيوـ المسكف المستقؿ أثاثا ومعاشا؟ وما ىي إجراءات تنفيذ‬
‫مثؿ ىذا الحكـ؟ وما ىي اإلشكاالت التي تصاحب تنفيذه؟‬

‫‪432‬‬
‫أوال‪ -‬مفيوم البيت المستقل أثاثا ومعاشا‬
‫لـ يتعرض المشرع لتعريؼ البيت المستقؿ أثاثا ومعاشا‪ ،‬كما لـ أجد فيما اطمعت‬
‫عميو مف كتب الفقو مف يعطي تعريفا ليذا المفيوـ‪ ،‬سوى ما كتبو الدكتور لجمط فواز في‬
‫بأنو البيت الذي ال تربطو صمة مع بيت آخر ال مف حيث‬
‫عرفو ّ‬
‫ىذا المجاؿ‪ ،‬بحيث ّ‬
‫المدخؿ‪ ،‬وال مف حيث وسائؿ العيش‪.1‬‬
‫كما لـ أجد فيما اطّمعت عميو مف ق اررات المحكمة العميا ما يحدد معنى المسكف‬
‫المنفرد أثاثا ومعاشا‪ ،‬أو خصائصو وشروطو‪.‬‬
‫ويمكف القوؿ أف المسكف المستقؿ أثاثا ومعاشا مف تسميتو يظير أنو مسكف‬
‫منفصؿ عف أي مسكف آخر‪ ،‬لو معالـ محدودة تميزه وتفصمو عما سواه‪ ،‬وال يشترؾ في‬
‫أ ي جزء مف مكوناتو األساسية مع مسكف آخر‪ ،‬كالغرؼ والمطبخ وبيت الخبلء‪ ،‬ويتوفر‬
‫عمى مستمزمات العيش مف أثاث ومؤونة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬إجراءات تنفيذ الحكم المتضمن توفير مسكن مستقل أثاثا ومعاشا‬
‫غالبا ما يصاحب صدور الحكـ القاضي بإلزاـ الزوج بإرجاع زوجتو النص عمى‬
‫أف يكوف ذ لؾ إلى مسكف منفرد ومستقؿ أثاثا ومعاشا‪ ،‬وعميو فإف إجراءات التنفيذ‬
‫ال تختمؼ كثي ار عما ذكر سابقا فيما يخص إجراءات تنفيذ حكـ الرجوع إلى مسكف‬
‫الزوجية‪ ،‬حيث يقوـ المحضر القضائي المكمؼ بالتنفيذ بتبميغ الزوج بنسخة مف السند‬
‫التنفيذي‪ ،‬وتكميفو بتنفيذ مضموف السند الذي يمزمو بإرجاع الزوجة إلى مسكف الزوجية‬
‫المستقؿ أثاثا ومعاشا‪ ،‬ويميمو أجؿ ‪ 15‬خمسة عشر يوما المحددة قانونا‪ ،‬فإذا وفّر الزوج‬
‫يقدـ لممحضر القضائي السند الذي بموجبو وفّر ىذا المسكف‪،‬‬
‫المسكف المطموب‪ ،‬عميو أف ّ‬
‫سواء كاف عقد إيجار أو عقد ممكية‪ ،‬حتى ينتقؿ المحضر القضائي رفقة الزوج إلى ىذا‬
‫المسكف لمعاينتو‪ ،‬والتأ ّكد مف انفراده واستقبللو عف أي مسكف آخر‪ ،‬وتوافره عمى‬
‫مستمزمات الحياة والمعيشة‪ ،‬ىذا إف كاف مقر المسكف يقع ضمف دائرة االختصاص‬
‫اإلقميمي لممحضر القضائي القائـ بالتنفيذ‪ ،‬أما إف كاف خارج اختصاصو اإلقميمي فيقوـ‬

‫الدكتور لجمط فواز‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.5‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪433‬‬
‫الزوج بطمب مف المحضر القضائي المختص إقميميا تحرير محضر معاينة لممسكف الذي‬
‫وفره‪ ،‬والتأكيد عمى كونو مستقبل أثاثا ومعاشا‪.‬‬
‫وقدـ لو الزوج السند الذي‬
‫تأكد المحضر القضائي القائـ بالتنفيذ مف ذلؾ‪ّ ،‬‬ ‫فإذا ّ‬
‫وفر بو المسكف‪ ،‬يقوـ المحضر بعرض ىذا المسكف عمى الزوجة طالبة التنفيذ مف أجؿ‬ ‫ّ‬
‫االنتقاؿ إليو‪ ،‬واستئناؼ الحياة الزوجية فيو‪ ،‬وبعد انتقاليا إلى ىذا المسكف ُيجري المحضر‬
‫القضائي معاينة برجوع الزوجة إلى بيت الزوجية المستقؿ أثاثا ومعاشا‪ ،‬ويطمب مف الزوج‬
‫والزوجة التوقيع أو البصمة عمى محضر المعاينة الذي ُيثبت واقعة الرجوع‪ ،‬ثـ يحرر‬
‫محضر تنفيذ يختـ بو إجراءات تنفيذ الحكـ الممزـ لمزوج بإرجاع زوجتو إلى مسكف مستقؿ‬
‫أثاثا ومعاشا‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬اإلشكاالت المتعمقة بالمسكن المنفصل أثاثا ومعاشا‬
‫غالبا ما يصدر الحكـ القضائي الممزـ لمزوج بإرجاع زوجتو إلى مسكف مستقؿ‬
‫أف قانوف األسرة لـ ُيشر‬
‫أثاثا ومعاشا دوف تحديد خصائص ىذا المسكف وشروطو‪ ،‬كما ّ‬
‫إلى ذلؾ‪ ،‬مما يجعؿ مف تنفيذ مثؿ ىذه األحكاـ يطرح إشكاالت عممية مف بينيا عمى‬
‫سبيؿ المثاؿ‪:‬‬
‫‪ -01‬أف ُيوفر الزوج مسكنا‪ ،‬ويعايف المحضر القضائي ىذا المسكف ويعرضو‬
‫أف المسكف ليس مستقبل‪ ،‬ويخالفيا الزوج في‬
‫عمى الزوجة‪ ،‬فترفضو ألسباب ترى فييا ّ‬
‫الرأي ويؤكد عمى انفراد المسكف واستقبلليتو‪ ،‬كأف يقوـ الزوج بتوفير مسكف بالطابؽ األوؿ‬
‫مف البناية التي يقيـ أىمو بيا بالطابؽ األرضي‪ ،‬أو يقوـ الزوج بقسمة البيت العائمي بجدار‬
‫مف الخشب أو األلمنيوـ‪ ،‬ويستحدث لو مدخبل خاصاً بو‪ ،‬ويخصصو لتنفيذ اإلل ازـ الممقى‬
‫عمى عاتقو‪ ،‬ويعرضو عمى الزوجة فترفضو‪ ،‬وترى بأف المسكف الذي وفّره الزوج ليس‬
‫يغير في األمر شيئا‪ ،‬ما دامت مبلصقة ألىؿ الزوج‪ ،‬وأف المشاكؿ‬
‫مستقبل‪ ،‬وأنو ال ّ‬
‫ستتجدد ولف تزوؿ‪ ،‬وتطالب المحضر القضائي بتحرير محضر امتناع الزوج عف التنفيذ‬
‫وعدـ توفير المسكف المستقؿ‪ ،‬بينما ُيمّ ُح الزوج عمى المحضر القضائي بأنو نفّذ مضموف‬
‫الحكـ القضائي بتوفير مسكف مستقؿ ومبلئـ‪ ،‬ويطالب المحضر القضائي بتحرير محضر‬
‫توفير مسكف مستقؿ‪ ،‬وبالنتيجة تحرير محضر امتناع الزوجة عف التنفيذ رغـ توفير‬
‫المسكف المستقؿ أثاثا ومعاشا‪.‬‬
‫‪434‬‬
‫مرده عدـ تحديد مفيوـ‬
‫ويجد المحضر القضائي نفسو في إشكاؿ حقيقي‪ّ ،‬‬
‫المسكف المستقؿ أثاثا ومعاشا مف قبؿ المشرع في قانوف األسرة‪ ،‬ومف قبؿ القاضي في‬
‫منطوؽ الحكـ‪ ،‬وعدـ تحديد المواصفات والشروط الواجب توافرىا في المسكف المستقؿ أثاثا‬
‫ومعاشا‪ ،‬كما ال يمكف لممحضر القضائي أف يجتيد مف تمقاء نفسو في تحديد مواصفات‬
‫وشروط المسكف المستقؿ‪ ،‬واال فإنو سيصبح خصما ألحد طرفي التنفيذ‪ ،‬ويدخؿ في دوامة‬
‫الشكاوى الكيدية‪.‬‬
‫والحؿ الذي يعتمده المحضر القضائي في مثؿ ىذه الحاالت ىو تحرير محضر‬
‫يبيف فيو مواصفات المسكف الذي وفّره الزوج‪ ،‬وسبب رفض الزوجة ليذا المسكف‬ ‫ّ‬
‫وتحفظاتيا عميو‪ ،‬ويسمّـ نسخة منو لكؿ مف الزوج والزوجة‪ ،‬ويحيميما إلى القضاء مف أجؿ‬
‫الفصؿ في ىذه المسألة‪.‬‬
‫‪ُ -02‬يثار إشكاؿ في تنفيذ األحكاـ المتعمقة بتوفير المسكف المستقؿ أثاثا ومعاشا‬
‫أحيانا عندما يوفّر الزوج مسكنا ال تتوفر فيو بعض المستمزمات التي يرى الزوج ّأنيا‬
‫كمالية‪ ،‬وترى الزوجة ّأن يا مف األمور الضرورية لمعيش‪ ،‬كأف يوفر الزوج مسكنا مكونا مف‬
‫غرفة واحدة ومرحاض فقط‪ ،‬ويطالب الزوجة بالطبخ في ىذه الغرفة‪ ،‬واالغتساؿ في‬
‫المرحاض‪ ،‬وترفض الزوجة المسكف لعدـ احتوائو عمى مطبخ وحماـ وتعتبرىما مف‬
‫ضروريات الحياة‪ ،‬أو يوفر الزوج مسكنا مستقبل أثاثا ومعاشا ويحتوي عمى ضروريات‬
‫الحياة ‪ ،‬لكف المسكف يقع في والية أخرى تبعد بكثير عف الوالية التي كاف يقيـ بيا الزوجيف‬
‫عند زواجيما‪.‬‬
‫وأماـ عدـ تحديد مواصفات المسكف المبلئـ والبلئؽ‪ ،‬والمعايير التي يتبعيا‬
‫المحضر القضائي في تمييز المسكف الواجب توفيره مف الزوج‪ ،‬يجد المحضر القضائي‬
‫تـ توفيره مف قبؿ الزوج‪،‬‬
‫نفسو ممزما بتحرير محضر يبيف فيو مواصفات المسكف الذي ّ‬
‫والتحفظات التي أبدتيا الزوجة عميو‪ ،‬ويحيميما إلى القضاء مجددا لمفصؿ في مدى‬
‫مبلئمة المسكف الموفر مف قبؿ الزوج مف عدمو‪ ،‬وفي ذلؾ عرقمة لعممية التنفيذ واطالة‬
‫ألمد النزاع بيف الزوجيف‪.‬‬
‫فإف تحديد معايير ومواصفات المسكف المبلئـ والمستقؿ أثاثا ومعاشا مف قبؿ‬
‫لذا ّ‬
‫ويجنبنا الكثير مف الخبلفات والتحايبلت مف أطراؼ‬ ‫ّ‬ ‫المشرع‪ ،‬سيسيؿ عممية التنفيذ‪،‬‬
‫‪435‬‬
‫التنفيذ‪ ،‬والتي تطيؿ أمد النزاع‪ ،‬وتحوؿ دوف تنفيذ السندات التنفيذية المتعمقة بالرجوع إلى‬
‫مسكف مستقؿ أثاثا ومعاشا‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تنفيذ األحكام المتعمقة بإلزام الزوج بالنفقة‬

‫غالبا ما يصاحب صدور الحكـ بإلزاـ الزوج بإرجاع الزوجة إلى مسكف مستقؿ‬
‫أثاثا ومعاشا‪ ،‬إلزامو بالنفقة عمى زوجتو وأوالده بنفقة شيرية ابتداء مف تاريخ مغادرة‬
‫الزوجة مسكف الزوجية‪ ،‬أو مف تاريخ رفع الدعوى‪ ،‬أو مف تاريخ صدور الحكـ‪ ،‬إلى غاية‬
‫تنفيذ الحكـ الذي يقضي بالرجوع‪ ،‬باعتبار الزوج المكمؼ شرعا وقانونا بالنفقة عمى زوجتو‬
‫يتـ التطرؽ إلييا بعد بياف مفيوـ‬
‫وأوالده‪ ،‬وتثار بشأف تنفيذ ىذه األحكاـ بعض العقبات‪ّ ،‬‬
‫النفقة‪ ،‬واجراءات تنفيذ أحكاميا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مفيوم النفقة المحكوم بيا لمزوجة واألوالد‬
‫تعتبر الزوجة التي غادرت مسكف الزوجية إلى بيت أىميا بسبب خبلؼ مع‬
‫زوجيا زوجة كاممة الحقوؽ‪ ،‬وال يمكف لمزوج إسقاط حقّيا في النفقة إالّ باستصدار حكـ‬
‫مدة مكوثيا في بيت أىميا يبقى‬
‫مف القضاء باعتبارىا زوجة ناشزا‪ ،‬وبالتالي ميما طالت ّ‬
‫الزوج مدينا ليا بالنفقة باعتبارىا زوجتو‪ ،‬لذا يحكـ القضاء بنفقة إجمالية شيرية لمزوجة‬
‫واألوالد عمى عاتؽ الزوج يدفعيا حتى ترجع الزوجة إلى بيت الزوجية‪ ،‬وتشمؿ ىذه النفقة‬
‫المأكؿ والمشرب والممبس وغيرىا مف مستمزمات المعيشة‪ ،‬ويخضع تقدير قيمتيا لمسمطة‬
‫التقديرية لقاضي الموضوع‪ ،‬التي غالبا ما تتراوح بيف مبمغ ‪ 3000‬دج إلى ‪ 7000‬دج‬
‫شيريا لكؿ واحد مف الزوجة واألوالد‪ ،‬ويطالب الزوج بدفعيا إلى غاية تنفيذ حكـ رجوع‬
‫الزوجة إلى مسكف مستقؿ أثاثا ومعاشا‪ ،‬وتسري عمى الزوج المتخمّؼ عف دفع ىذه النفقة‬
‫أحكاـ المادة ‪ 331‬مف قانوف العقوبات‪ ،‬التي تجرـ فعؿ عدـ تسديد النفقة‪ ،‬وتعتبره جنحة‬
‫تستوجب حبس الزوج وتغريمو‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬إجراءات تنفيذ أحكام النفقة‬
‫يتـ تنفيذ األحكاـ المتعمقة بالنفقة المحكوـ بيا لصالح الزوجة واألوالد ضمف نفس‬
‫ّ‬
‫اإلجراءات التي ُيمزـ فييا الزوج بإرجاع الزوجة إلى مسكف الزوجية‪ ،‬عمى أف يكوف مستقبل‬
‫فإف المحضر القضائي بعد أف يتمقى طمبا مف الزوجة بمباشرة‬
‫أثاثا ومعاشا‪ ،‬وعميو ّ‬
‫‪436‬‬
‫إجراءات التنفيذ‪ ،‬يبمّغ الزوج نسخة مف السند التنفيذي ويكمفو بالوفاء بما تضمنو مف إلزاـ‬
‫بإرجاع الزوجة إلى مسكف مستقؿ‪ ،‬ويمزمو بدفع النفقة المحكوـ بيا لصالح الزوجة‬
‫واألوالد‪ ،‬مف التاريخ الذي حدده القاضي في السند‪ ،‬إلى غاية رجوع الزوجة إلى مسكف‬
‫الزوجية‪ ،‬حيث يقوـ المحضر القضائي ببياف ما ترتّب عمى عاتؽ الزوج مف نفقات في‬
‫بالتقيد بتاريخ بداية حسابيا المحدد في الحكـ‪ ،‬والذي‬
‫ّ‬ ‫محضر التكميؼ بالوفاء‪ ،‬وذلؾ‬
‫ال يخرج غالبا عف ثبلث حاالت‪ ،‬إما تاريخ مغادرة الزوجة مسكف الزوجية‪ ،‬أو تاريخ رفع‬
‫التقيد كذلؾ بتاريخ انتياء اإللزاـ بالنفقة‪ ،‬والذي غالبا‬
‫ثـ ّ‬ ‫الدعوى‪ ،‬أو تاريخ صدور الحكـ‪ّ ،‬‬
‫ما ينتيي برجوع الزوجة إلى بيت الزوجية‪.‬‬
‫ويحدد المحضر القضائي في محضر التكميؼ بالوفاء األجؿ القانوني الممنوح‬
‫لمزوج مف أجؿ دفع النفقة‪ ،‬وىو أجؿ ‪ 15‬خمسة عشر يوما طبقا لممادة ‪ 612‬مف‬
‫ص عمى ذلؾ صراحة في‬ ‫ون ّ‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ماعدا إف كانت النفقة مشمولة بالنفاد المعجؿ‪ُ ،‬‬
‫الحكـ محؿ التنفيذ‪ ،‬فيجوز تكمي ؼ الزوج بالوفاء بالنفقة فو ار بمجرد التبميغ الرسمي لمتكميؼ‬
‫بالوفاء بما تضمنو السند التنفيذي‪ ،‬ودوف مراعاة اآلجاؿ المنصوص عمييا في المادة ‪612‬‬
‫مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وذلؾ طبقا لما نصت عميو المادة ‪ 614‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫بعد انتياء األجؿ القانوني الممنوح لمزوج مف أجؿ دفع النفقة‪ ،‬نكوف أماـ حالتيف‪:‬‬
‫يتقدـ الزوج أماـ المحضر القضائي ويوفّي بما عميو مف مبالغ نفقة‪ ،‬وبدوره يقوـ‬
‫إما أف ّ‬
‫المحضر بدفعيا إلى الزوجة طالبة التنفيذ بموجب صؾ‪ ،‬ويحرر محضر تنفيذ‪ ،‬وا ّما‬
‫يتخمّؼ الزوج عف دفعيا ويمتنع بعد انتياء األجؿ‪ ،‬فيحرر المحضر القضائي محضر‬
‫امتناع عف التنفيذ‪ ،‬الذي ينص فيو عمى أف اإللزاـ المشار إليو في السند التنفيذي بقي‬
‫دوف جدوى‪ ،‬إذ لـ يقـ المطموب بالوفاء المطالب بو‪ ،‬رغـ فوات أجؿ خمسة عشر يوما‬
‫الممنوحة لو‪ ،‬وعميػو وتطبػيقا لنػص المػادة ‪ 625‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ يحرر محضر االمتناع‪،‬‬
‫ويقدمو لطالبة التنفيذ التخاذ اإلجراءات التي تراىا مناسبة‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬اإلشكاالت المتعمقة بتنفيذ أحكام النفقة‬
‫تُثار بشأف تنفيذ األحكاـ القضائية المتعمقة بإلزاـ الزوج بإرجاع الزوجة إلى مسكف‬
‫الزوجية عمى أف يكوف مسكنا مستقبل أثاثا ومعاشا‪ ،‬والمتضمنة كذلؾ إلزامو بتسديد نفقة‬

‫‪437‬‬
‫شيرية إلى زوجتو وأوالده إلى غاية تنفيذ حكـ الرجوع‪ ،‬بعض العقبات والصعوبات التي‬
‫تواجو المحضر القضائي‪ ،‬ويمكف عرض بعضا منيا فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -01‬إغفاؿ بعض األحكاـ القضائية تحديد تاريخ بداية سرياف النفقة‪ ،‬أو تاريخ‬
‫انتياء اإللزاـ بدفعيا‪ ،‬حيث يسيو بعض القضاة أحيانا عف ذكر ىذا البياف األساسي‬
‫والضروري‪ ،‬والذي يعتمد عميو المحضر القضائي في حساب النفقة المترتبة عمى الزوج‪،‬‬
‫إذ ال يمكف لممحضر القضائي أف يجتيد مف تمقاء نفسو في تحديد تاريخ بداية أو نياية‬
‫سرياف النفقة‪ ،‬كما ال يحؽ لو أف يقيس حالة معاينة بحالة أخرى مشابية‪ ،‬أو يعتمد الغالب‬
‫ألف األمر يخص القاضي الذي فصؿ في الموضوع‪ ،‬وىو مف‬
‫في مثؿ ىذه القضايا‪ّ ،‬‬
‫صبلحيتو فقط وسمطتو التقديرية‪.‬‬
‫كما يمكف أف يعتري السند التنفيذي إغفاالت أخرى تعرقؿ تنفيذه‪ ،‬ومثاليا‪:‬‬
‫تمسؾ الزوج بحرفية النص‬
‫‪ -‬إغفاؿ النص عمى أف تكوف النفقة شيرية‪ ،‬وبالتالي إذا ّ‬
‫الوارد في منطوؽ السند فإنو يدفع النفقة مرة واحدة ويتوقؼ‪ ،‬ويعتبر نفسو منفذا لمسند‬
‫التنفيذي‪.‬‬
‫إغفاؿ ذكر أف تكوف النفقة مثبل ‪ 5000‬دج لكؿ واحد مف الزوجة واألوالد‪ ،‬فيتمسؾ‬ ‫‪-‬‬
‫الزوج بدفع مبمغ ‪ 5000‬دج إجماليا لكؿ مف الزوجة واألوالد جميعا‪ ،‬متمسكا بحرفية‬
‫النص‪.‬‬
‫أف الحؿ ليذه اإلشكاالت التي تثار في مثؿ ىذه القضايا‪ ،‬أف يقوـ المحضر‬‫‪ -‬وأعتقد ّ‬
‫يقدـ إليو السند التنفيذي ويكتشؼ ىذا اإلشكاؿ‪ ،‬إما أف يطمب مف الزوجة‬
‫القضائي عندما ّ‬
‫طالبة التنفيذ أف ترفع دعوى أماـ القاضي المختص مف أجؿ تدارؾ اإلغفاؿ الحاصؿ في‬
‫السند التنفيذي‪ ،‬وتصحيح الخطأ المادي الوارد فيو‪ ،‬واما إذا باشر إجراءات التنفيذ واكتشؼ‬
‫ىذا اإلشكاؿ أثناء ذلؾ‪ ،‬أف يحرر محضر إشكاؿ في التنفيذ‪ ،‬ويسمّمو لمطرفيف مف أجؿ‬
‫الرجوع إلى القاضي المختص لمفصؿ فيو‪ ،‬وتدارؾ النقص الذي يعتريو‪.‬‬
‫‪ -02‬مف بيف العقبات التي تواجو المحضر القضائي أثناء تنفيذ األحكاـ المتعمقة‬
‫تمسؾ الزوجة بضرورة تسديد الزوج النفقة المطالب بيا‬
‫بالرجوع والمتضمنة تسديد النفقة‪ّ ،‬‬
‫يتمسؾ الزوج بضرورة رجوع الزوجة إلى مسكف‬ ‫ّ‬ ‫حتى ترجع إلى بيت الزوجية‪ ،‬في حيف‬
‫يسدد ما عميو مف نفقات‪ ،‬حيث يطالب كؿ طرؼ بتحقيؽ شرطو حتى ينفذ‬
‫الزوجية حتى ّ‬
‫‪438‬‬
‫ما عميو مف إلزاـ‪ ،‬واف كاف ىذا االشتراط منيما غير قانوني‪ ،‬وال ينص القانوف وال الحكـ‬
‫القضائي عميو‪.‬‬
‫إف المحضر القضائي يجد نفسو مضط ار إلى تحرير محضر امتناع عف التنفيذ ضد‬
‫لذا ف ّ‬
‫كؿ مف يشترط شرطا لـ ينص عميو القانوف وال القضاء‪ ،‬وبالتالي إذا ألزـ المحضر‬
‫القضائي الزوجة بالرجوع‪ ،‬واشترطت عميو أف يدفع الزوج النفقة المطالب بيا حتى ترجع‪،‬‬
‫فإف المحضر القضائي يحرر محضر امتناع عف التنفيذ‪ ،‬كما ّأنو إذا ألزـ الزوج بدفع‬ ‫ّ‬
‫النفقة المطالب بيا بموجب السند التنفيذي‪ ،‬واشترط الزوج رجوع الزوجة إلى بيت الزوجية‬
‫فإف المحضر يحرر محضر امتناع عف التنفيذ فيما يخص عدـ تسديد‬‫حتى يدفع النفقة‪ّ ،‬‬
‫الزوج النفقة المطالب بيا‪ ،‬وذلؾ ألف كؿ إلزاـ منفصؿ عف اآلخر‪ ،‬وتنفيذ أحدىما غير‬
‫سدد النفقة التي‬
‫متعمّؽ باآلخر‪ ،‬فممزوجة أف ترجع لمسكف الزوجية الذي وفره الزوج ولـ ُي ّ‬
‫عمى عاتقو‪ ،‬ويسمميا المحضر القضائي محض ار بامتناع عف التنفيذ جزئي‪ ،‬وتتّخذ‬
‫أف لمزوج تسديد ما عميو مف نفقات ومطالبة‬
‫اإلجراءات البلزمة مف أجؿ تحصيميا‪ ،‬كما ّ‬
‫الزوجة بالرجوع‪ ،‬والحصوؿ عمى محضر امتناع الزوجة عف الرجوع إف رفضت ذلؾ‪،‬‬
‫وبالتالي ال حؽ ألحدىما اشتراط ما لـ ينص عميو القانوف وال الحكـ القضائي‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬تنفيذ األوامر المؤقتة الصادرة وفقا لممادة ‪ 57‬مكرر من قانون‬
‫األسرة‬

‫استحدث المشرع بموجب األمر رقـ ‪ 02-05‬المؤرخ في ‪ 27‬فيفري ‪2005‬‬


‫المعدؿ لقانوف األسرة مادة جديدة ىي المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬أجاز لمقاضي الفصؿ‬
‫عمى وجو االستعجاؿ بموجب أمر عمى عريضة في جميع التدابير المؤقتة ال سيما‬
‫المتعمقة بالنفقة والحضانة والزيارة والمسكف‪ ،‬ويطرح تنفيذ ىذه األوامر بعض اإلشكاالت‬
‫يتـ التطرؽ مف خبلؿ ىذا الفرع بياف مفيوـ ىذه األوامر واجراءات تنفيذىا‪،‬‬
‫في تنفيذىا‪ ،‬س ّ‬
‫واإلشكاالت التي تطرحيا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مفيوم األوامر المؤقتة الصادرة وفقا لممادة ‪ 57‬مكرر من قانون األسرة‬
‫أجاز المشرع بموجب المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ لمقاضي أف يصدر عمى وجو‬
‫االستعجاؿ أم ار عمى عريضة فيما يخص التدابير المؤقتة ال سيما المتعمقة منيا بالنفقة‬
‫‪439‬‬
‫والحضانة والزيارة والمسكف‪ ،‬حيث يصدر القاضي بصفة مؤقتة أم ار يقضي بإلزاـ األب‬
‫بالنفقة عمى أبنائو‪ ،‬أو بإسناد الحضانة لؤلـ وتخصيص ليا مسكنا لممارسة الحضانة‪،‬‬
‫أو بمنح األب حؽ الزيارة‪ ،‬وكؿ ذلؾ بصفة مؤقتة إلى غاية الفصؿ في دعوى الموضوع‬
‫حددىا‬
‫تـ ذكره مف مواضيع ّ‬
‫أف ما ّ‬‫المرفوعة أماـ قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬وتجدر اإلشارة ّ‬
‫المشرع في نص المادة ‪ 57‬مكرر عمى سبيؿ الذكر ال الحصر‪ ،‬مما يجيز لمقاضي‬
‫إصدار أمر عمى عريضة يتعمؽ بتدابير أخرى‪ ،‬مثبل إلزاـ الزوج بتسميـ مبلبس األوالد‬
‫أو الزوجة‪ ،‬أو أدوات التمدرس الخاصة باألوالد‪ ،‬أو وثائؽ اليوية التي يحتاجونيا‪ ،‬نظ ار‬
‫لطابع االستعجاؿ الذي تتّسـ بو ىذه المواضيع‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬اشكاالت تنفيذ األوامر المؤقتة الصادرة طبقا لممادة ‪ 57‬مكرر من قانون‬
‫األسرة‬
‫يتـ تنفيذ األوامر المؤقتة الصادرة طبقا لنص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ وفقا لنفس‬
‫ّ‬
‫اإلجراءات التي يخضع ليا تنفيذ السندات التنفيذية‪ ،‬حيث يقوـ المحضر القضائي بعد‬
‫تمقّيو األمر المؤقت المميور بالصيغة التنفيذية مف طالب التنفيذ بمباشرة إجراءات التنفيذ‪،‬‬
‫تضمنو مف إلزاـ بدفع نفقة‬
‫ّ‬ ‫ف ُيَبمّْ ْغ المنفذ عميو نسخة مف السند التنفيذي‪ ،‬ويكمفو بالوفاء بما‬
‫مؤقتة‪ ،‬أو إسناد حضانة مؤقت‪ ،‬أو حؽ زيارة مؤقت‪ ،‬أو توفير مسكف لممارسة حضانة‬
‫بصفة مؤقتة‪ ،‬ويمزمو بالتنفيذ ابتداء مف التاريخ الذي حدده القاضي في األمر إلى غاية‬
‫الفصؿ في دعوى الموضوع‪.‬‬
‫ويحدد المحضر القضائي في محضر التكميؼ بالوفاء األجؿ القانوني الممنوح‬
‫لمزوج مف أجؿ دفع النفقة‪ ،‬وىو أجؿ ‪ 15‬خمسة عشر يوما طبقا لممادة ‪ 612‬مف‬
‫نص في األمر عمى شموؿ اإللزاـ الوارد في األمر بالنفاد المعجؿ‪،‬‬ ‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ماعدا إذا ّ‬
‫فيجوز تكميؼ المنفذ عميو بالوفاء بالنفقة فو ار‪ ،‬بمجرد التبميغ الرسمي لمتكميؼ بالوفاء بما‬
‫تضمنو السند التنفيذي‪ ،‬ودوف مراعاة اآلجاؿ المنصوص عمييا في المادة ‪ 612‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وذلؾ طبقا لما نصت عميو المادة ‪ 614‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫بعد انتياء األجؿ القانوني الممنوح لممنفذ عميو‪ ،‬قد يمتثؿ المنفذ عميو فيحرر‬
‫المحضر القضائي محضر تنفيذ‪ ،‬وقد يمتنع عف االمتثاؿ لمضموف األمر المؤقت‪ ،‬فيحرر‬
‫أف اإللزاـ المشار إليو في األمر‬
‫يبيف فيو ّ‬
‫المحضر القضائي محضر امتناع عف التنفيذ‪ّ ،‬‬
‫‪440‬‬
‫المؤقت بقي دوف جدوى‪ ،‬ولـ يقـ المطموب بالوفاء المطالب بو‪ ،‬رغـ فوات األجؿ القانوني‬
‫الممنوح لو‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 625‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ويقدمو لطالب التنفيذ التخاذ اإلجراءات‬
‫التي يراىا مناسبة‪.‬‬
‫أف تنفيذ األوامر المؤقتة مرتبط بعدـ الفصؿ في دعوى‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫الموضوع‪ ،‬فاإللزاـ الذي تتضمنو ىذه األوامر مؤقت‪ ،‬ينتيي بصدور حكـ نيائي في‬
‫موضوع النزاع المطروح عمى القضاء‪ ،‬وبالتالي يصبح تنفيذ األمر المؤقت غير ممكف إذا‬
‫ألف الحكـ النيائي الذي فصؿ في موضوع‬
‫صدر حكـ نيائي في موضوع الدعوى‪ّ ،‬‬
‫الدعوى ىو الذي يصبح واجب التنفيذ‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬اإلشكاالت المثارة بشأن تنفيذ األوامر المؤقتة الصادرة طبقا لممادة ‪57‬‬
‫مكرر من قانون األسرة‬
‫مف بيف اإلشكاالت التي تعترض تنفيذ ىذه األوامر ما يمي‪:‬‬
‫‪ -1‬رفض بعض الجيات القضائية منح الصيغة التنفيذية لؤلوامر المؤقتة‪،‬‬
‫بأنيا تنفّذ بموجب نسخة عادية‪ ،‬حيث يواجو المحضر القضائي مشكبل كبي ار في‬ ‫وادعائيـ ّ‬
‫أف النسخ العادية مف ىذه األوامر‬
‫إقناع طالب التنفيذ بضرورة إحضار الصيغة التنفيذية‪ ،‬و ّ‬
‫ال تصمح إال لمتبميغ الرسمي فقط‪ ،‬ومنح آجاؿ الطعف فييا‪ ،‬وال يمكف إلزاـ المحكوـ عميو‬
‫بتنفيذييا إال إذا أميرت بالصيغة التنفيذية‪.‬‬
‫يقر فييا المشرع صراحة أف‬
‫وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 600‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي ّ‬
‫التنفيذ الجبري ال يكوف إال بسند تنفيذي‪ ،‬واعتباره األوامر عمى عرائض سندات تنفيذية‪،‬‬
‫إال أنني لـ أفيـ لماذا يمتنع بعض رؤساء أمناء الضبط في بعض المحاكـ عف إميارىا‬
‫بالصيغة التنفيذية‪ ،‬بالرغـ مف أف المشرع أ ّكد في المادة ‪ 602‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ّأنو لكؿ مستفيد‬
‫مف سند تنفيذي الحؽ في الحصوؿ عمى نسخة مميورة بالصيغة التنفيذية‪.‬‬
‫أف األوامر المؤقتة الصادرة وفقا لنص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‬ ‫لذا أؤكد ّ‬
‫أف قياـ المحضر القضائي بالتنفيذ‬
‫ال يمكف تنفيذىا إال بعد إميارىا بالصيغة التنفيذية‪ ،‬و ّ‬
‫بموجب النسخة العادية ليذه األوامر ُّ‬
‫يعد خطأ إجرائيا ومخالفا لمقانوف‪ ،‬ويؤدي إلى بطبلف‬
‫ألف النسخة التنفيذية شرط لمتنفيذ‪ ،‬وال يجوز لممحضر القضائي مباشرة‬
‫إجراءات التنفيذ‪ّ ،‬‬
‫إجراءات التنفيذ إذا لـ يستمـ مف طالب التنفيذ نسخة مف السند التنفيذي مميورة بالصيغة‬
‫‪441‬‬
‫التنفيذية‪ ،‬إذ تعتبر ركنا مف أركاف السند التنفيذي ال يستقيـ أمره دونيا‪ ،‬وتعتبر إجراءات‬
‫التنفيذ دوف النسخة التنفيذية باطمة وغير قابمة لمتصحيح‪ ،‬ولو حصؿ المنفذ لو عمى‬
‫النسخة التنفيذية بعد ذلؾ‪ ،‬إذ عميو إعادة إجراءات التنفيذ مف جديد‪ ،1‬حيث يعتبر إميار‬
‫النسخة التنفيذية لؤلمر المؤقت بالصيغة التنفيذية مف الشروط الشكمية الواجب توافرىا في‬
‫السند التنفيذي‪ ،‬إذ تعتبر توكيبل لممحضر القضائي مف السمطة العامة صاحبة الحؽ في‬
‫التنفيذ حتى يباشر إجراءات التنفيذ‪.2‬‬
‫‪ -2‬مف بيف اإلشكاالت التي تذكر بمناسبة تنفيذ األوامر المؤقتة ىو االختبلؼ‬
‫الحاصؿ بشأف األجؿ الذي ُيمنح لممنفذ عميو مف أجؿ تنفيذ مضموف السند التنفيذي‪ ،‬فيؿ‬
‫تعتبر ىذه األوامر المؤقتة مف األوامر االستعجالية ويجوز إلزاـ المنفذ عميو بتنفيذييا فو ار‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 614‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ؟ أـ ىي سندات تنفيذية عادية يطبؽ عمييا نص‬
‫المادة ‪ 612‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬فيكوف أجؿ تنفيذىا ىو خمسة عشر يوما مف تاريخ التبميغ‬
‫الرسمي ليا؟‬
‫أف الكثير مف المحضريف القضائييف يعتبروف ىذه‬
‫إف الواقع العممي أظير ّ‬
‫األوامر عمى عرائض الصادرة طبقا لنص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ أوامر استعجالية‪،‬‬
‫ويكمفوف المنفذ عميو بتنفيذ مضمونيا فو ار بمجرد التبميغ الرسمي لمسند التنفيذي‪ ،‬اعتمادا‬
‫ألف‬
‫عمى نص المادة ‪ 614‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬واف كنت أعتقد أف ذلؾ أم ار غير صائب‪ّ ،‬‬
‫المشرع استثنى األوامر االستعجالية واألحكاـ المشمولة بالنفاد المعجؿ مف أجؿ خمسة‬
‫عشر يوـ الممنوحة لممنفذ عميو مف أجؿ االمتثاؿ لمسند التنفيذي وتنفيذ مضمونو‪ ،‬وال‬
‫يكيؼ األوامر عمى عرائض عمى ّأنيا أوامر استعجالية‪ ،‬لذا تبقى ىذه األوامر‬
‫يوجد نص ّ‬
‫خاضعة لمقاعدة العامة في التنفيذ مف حيث األجؿ الذي يمزـ المنفذ عميو بتنفيذىا‪ ،‬وىو‬
‫أجؿ خمسة عشر يوما المحدد في المادة ‪ 612‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حتى ال تكوف إجراءات‬
‫التنفيذ قابمة لمطعف فييا باإلبطاؿ مف قبؿ المنفذ عميو بسبب عدـ احتراـ األجؿ الممنوح‬
‫لو‪.‬‬

‫حمدي باشا عمر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.165‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.176‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪442‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬اإلشكاالت المثارة بعد ف ّك الرابطة الزوجية‬

‫أف استمرار العبلقة‬


‫يصؿ أحد الزوجيف ‪-‬أو كبلىما‪ -‬أحيانا إلى نتيجة مفادىا ّ‬
‫الزوجية بينيما أصبحت ضربا مف المستحيؿ‪ ،‬فيتمسؾ بأبغض الحبلؿ ويمجأ إلى القضاء‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وتفشؿ محاوالت الصمح في صرفو عف ذلؾ‪ ،‬فيصدر حكـ‬
‫مف أجؿ ف ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية إما عف طريؽ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬أو بطمب مف الزوجة‬
‫فّ‬
‫تطميقا أو خمعا‪ ،‬أو عف طريؽ الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬وغالبا ما يحدد حكـ الطبلؽ التوابع‬
‫المالية التي تعتبر كآثار لفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬ىذه التوابع تختمؼ باختبلؼ أسباب‬
‫الطبلؽ والمتسبب فيو‪ ،‬ووجود األوالد مف عدمو‪ ،‬ووجود األثاث مف عدمو‪ ،‬وتثار بشأف‬
‫تنفيذ أحكاـ الطبلؽ عدة صعوبات تواجو المحضر القضائي‪ ،‬تتطمب إيجاد حموؿ قانونية‬
‫ليا‪ ،‬ويمكف طرح بعض اإلشكاالت التي تتعمؽ بمسألة تحصيؿ المبالغ المالية المحكوـ بو‬
‫قضاء‪ ،‬ومسألة تسميـ األثاث واألمتعة‪ ،‬والمسائؿ المتعمقة بالحضانة وتخصيص مسكف‬
‫مبلئـ لممارسة الحضانة أو دفع بدؿ اإليجار‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلشكاالت المتعمقة بتحصيل المبالغ المالية المحكوم بيا قضاء‬

‫ؾ الرابطة الزوجية بموجب حكـ قضائي آثا ار مالية سواء بالنسبة‬


‫يترتّب عف ف ّ‬
‫لمزوج أو لمزوجة أو لؤلوالد‪ ،‬بالنسبة لمزوج يرتّب الطبلؽ عف طريؽ الخمع حقا لو في‬
‫المقابؿ المالي لمخمع الذي تدفعو الزوجة‪ ،‬أما بالنسبة لمزوجة واألوالد يرتّب الطبلؽ‬
‫بمختمؼ صوره حقوقا مالية ليـ‪ ،‬كالتعويض عف الطبلؽ التعسفي لمزوجة‪ ،‬ونفقة اإلىماؿ‪،‬‬
‫ونفقة العدة‪ ،‬والنفقة الغذائية لؤلوالد‪ ،‬ونفقة بدؿ إيجار مسكف لممارسة الحضانة‪.‬‬
‫أوال‪ -‬المبالغ المالية المحكوم بيا بعد ف ّك الرابطة الزوجية‬
‫تتمثؿ المبالغ المالية التي يحكـ بيا القضاء غالبا ‪-‬بعد فؾ الرابطة الزوجية‪-‬‬
‫والتي تعتبر مف توابع الطبلؽ في‪ :‬مبمغ التعويض عف الطبلؽ التعسفي‪ ،‬مبمغ نفقة العدة‪،‬‬
‫مبمغ نفقة اإلىماؿ‪ ،‬المقابؿ المالي لمخمع‪ ،‬مبمغ نفقة بدؿ إيجار مسكف لممارسة الحضانة‪،‬‬
‫يتـ تناوؿ‬
‫مبمغ النفقة الغذائية لمولد المحضوف‪ ،‬مبمغ نفقة مصاريؼ الوالدة والعبلج‪ ،‬و ّ‬
‫بالشرح بإيجاز كؿ مبمغ مف ىذه المبالغ‪.‬‬

‫‪443‬‬
‫‪ -1‬مبمغ التعويض عن الطالق التعسفي‬
‫تعسؼ الزوج في‬
‫تبيف لو ّ‬ ‫أقر المشرع بموجب المادة ‪ 52‬مف ؽ‪.‬أ لمقاضي إذا ّ‬
‫ّ‬
‫الطبلؽ أف يحكـ لممطمقة بالتعويض عف الضرر الذي لحقيا جراء ىذا التعسؼ‪ ،‬وعميو‬
‫فإف لمزوجة إذا طمقيا زوجيا بظمـ منو‪ ،‬ودوف سبب جدي‪ ،‬أف تحصؿ عمى مبمغ مالي‬ ‫ّ‬
‫جب ار لمضرر الذي أصابيا مف ظمـ الزوج ليا‪ ،‬ويخضع تقدير قيمتو إلى السمطة التقديرية‬
‫لمقاضي بالنظر إلى أسباب الطبلؽ ومدة استمرار العبلقة الزوجية‪ ،‬ووجود األوالد مف‬
‫عدمو‪ ،‬ويسار الزوج أو إعساره‪ ،‬وتتراوح غالبا قيمة التعويض عف الطبلؽ التعسفي‬
‫المحكوـ بو قضاء حاليا بيف ‪ 802000‬دج إلى ‪ 2002000‬دج‪.‬‬
‫‪ -2‬نفقة العدة‬
‫تنص المادة ‪ 61‬مف ؽ‪.‬أ عمى حؽ الزوجة المطمقة في النفقة في عدة الطبلؽ‪،‬‬
‫عدة الطبلؽ فتجب نفقتيا عمى زوجيا‪ ،‬سواء كاف‬ ‫ألف المطمقة في حكـ الزوجة خبلؿ ّ‬ ‫ّ‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج أو عف طريؽ التطميؽ أو الخمع أو بالتراضي‪ ،‬وغالبا ما‬
‫تحدد قيمتيا في األحكاـ القضائية بمبمغ ‪ 302000‬دج عف كامؿ فترة العدة‪ ،‬وىو أمر‬
‫العدة تختمؼ باختبلؼ األجؿ‬
‫ألف مبمغ نفقة العدة يحدد شيريا‪ ،‬ومدة ّ‬
‫صحتو ّ‬
‫أعتقد عدـ ّ‬
‫الذي حدده الشارع ليا‪ ،‬وىي تطوؿ وتقصر‪ ،‬وقد تصؿ إلى تسعة أشير‪ ،‬لذا وجب مراعاة‬
‫ذلؾ‪ ،‬ال أف يحدد مبمغ ‪ 302000‬دج أو ‪ 402000‬دج لكؿ المطمقات دوف اعتبار طوؿ‬
‫أو قصر مدة العدة‪.‬‬
‫‪ -3‬نفقة اإلىمال‬
‫د رج القضاء عمى الحكـ لممطمقة التي مكثت في بيت أىميا قبؿ طبلقيا مدة‬
‫مف الزمف‪ ،‬بنفقة إىماؿ شيرية عف المدة التي قضتيا دوف نفقة مف زوجيا‪ ،‬وغالبا ما يتـ‬
‫تحديد بداية سريانيا مف تاريخ رفع الدعوى إلى غاية تاريخ صدور الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬إال إذا‬
‫أثبتت الزوجة استحقاقيا ليا لما قبؿ تاريخ رفع الدعوى‪ ،‬عمى أف ال تتجاوز سنة قبؿ رفع‬
‫الدعوى‪ ،‬وغالبا ما تتراوح قيمتيا بيف ‪ 3000‬دج إلى ‪ 5000‬دج شيريا‪.‬‬
‫‪ -4‬المقابل المالي لمخمع‬
‫أجاز المشرع لمزوجة أف تخالع نفسيا مف زوجيا بمقابؿ مالي‪ ،‬وفي حالة عدـ‬
‫االتفاؽ عمى المقابؿ المالي لمخمع‪ ،‬يحكـ القاضي بما ال يتجاوز مير المثؿ وقت صدور‬
‫‪444‬‬
‫الحكـ‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 54‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وتتراوح قيمتو غالبا بيف ‪ 602000‬دج إلى‬
‫‪ 2002000‬دج‪.‬‬
‫‪ -5‬النفقة الغذائية لمطفل المحضون‬
‫ُيمزـ األب بدفع نفقة غذائية شيريا لكؿ واحد مف األوالد المحضونيف خبلؿ فترة‬
‫يتـ تحديدىا بموجب الحكـ الصادر بالطبلؽ‪ ،‬أو في حكـ الحؽ‪ ،‬ويمكف‬ ‫الحضانة‪ّ ،‬‬
‫إما بطمب رفعيا إذا ارتفع مستوى المعيشة‬
‫مراجعتيا بعد مرور سنة مف تقديرىا قضاء‪ّ ،‬‬
‫تغيرت ظروؼ المديف بيا‪،‬‬ ‫وزادت حاجات الولد المحضوف‪ ،‬واما بطمب خفضيا إذا ّ‬
‫ونقصت مداخيمو ومعاشو‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 79‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫‪ -6‬نفقة بدل إيجار مسكن لممارسة الحضانة‬
‫ُيمزـ األب الذي تع ّذر عميو توفير مسكف لممارسة الحضانة دفع مقابؿ بدؿ‬
‫يتـ تحديده مف طرؼ القاضي‪ُ ،‬يدفع شيريا ابتداء مف تاريخ صدور الحكـ‪،‬‬
‫اإليجار‪ّ ،‬‬
‫أو مف تاريخ تحرير محضر عدـ توفير مسكف‪ ،‬إلى غاية انقضاء الحضانة أو صدور‬
‫حكـ مخالؼ‪.‬‬
‫‪ -7‬مصاريف الوالدة والعالج‬
‫مف بيف المبالغ المالية التي قد ُيحكـ بيا القاضي لصالح الزوجة أو المطمقة‬
‫المصاريؼ التي أنفقتيا عند الوالدة‪ ،‬ومصاريؼ النفاس‪ ،‬والمبالغ التي أنفقتيا لعبلجيا‬
‫ب بيا األب‪،‬‬
‫أو لعبلج ولدىا المحضوف‪ ،‬وتعتبر ىذه المصاريؼ مف النفقات التي ُيطالَ ُ‬
‫ألنيا تدخؿ في مشتمبلت النفقة المحددة بموجب المادة ‪ 78‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬إشكاالت تحصيل المبالغ المالية المحكوم بيا بعد ف ّك الرابطة الزوجية‬
‫ؾ الرابطة الزوجية تحديد اآلثار المالية‬ ‫يتضمف الحكـ القضائي الفاصؿ بف ّ‬
‫لمطبلؽ‪ ،‬وبعد استيفاء إجراءات التبميغ والحصوؿ عمى الصيغة التنفيذية‪ ،‬يمجأ المطمؽ‬
‫أقرىا الحكـ‬‫أو المطمّقة إلى المحضر القضائي مف تحصيؿ الحقوؽ المالية التي ّ‬
‫تـ ذكره سابقا‪ ،‬بتبميغ‬
‫القضائي‪ ،‬حيث يباشر المحضر القضائي إجراءات التنفيذ وفؽ ما ّ‬
‫تضمنو خبلؿ أجؿ خمسة عشر‬ ‫ّ‬ ‫المنفذ عميو نسخة مف السند التنفيذي وتكميفو بالوفاء بما‬
‫يوما‪ ،‬ما لـ تكف النفقة مشمولة بالنفاد المعجؿ‪ ،‬فيجوز تكميفو بالتنفيذ فو ار بمجرد التبميغ‬
‫الرسمي لمتكميؼ بالوفاء‪ ،‬وتثار بمناسبة تنفيذ ىذه األحكاـ المتعمقة بالمبالغ المالية‬
‫‪445‬‬
‫يتـ‬
‫عدة عقبات ّ‬
‫المحكوـ بيا لصالح المطمقة واألوالد‪ ،‬أو المحكوـ بيا لصالح المطمؽ‪ّ ،‬‬
‫التطرؽ إلى بعضيا فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -1‬التنفيذ الجزئي لمضمون السند التنفيذي‬
‫بعد قياـ المحضر القضائي بإجراءات التبميغ الرسمي لمتكميؼ بالوفاء إلى الزوج‬
‫حددىا السند التنفيذي‪ ،‬والتي تشمؿ غالبا‪ :‬مبمغ‬ ‫مف أجؿ إلزامو بالمبالغ المالية التي ّ‬
‫التعويض عف الطبلؽ التعسفي‪ ،‬نفقة العدة‪ ،‬نفقة اإلىماؿ‪ ،‬النفقة الغذائية لؤلوالد‪ ،‬توفير‬
‫مسكف مبلئـ لممارسة الحضانة واف تع ّذر دفع بدؿ إيجار مسكف لمحضانة‪ ،‬كثي ار ما يتقدـ‬
‫المنفذ عميو أماـ مكتب المحضر القضائي‪ ،‬ويعرض التنفيذ الجزئي لمضموف السند‬
‫التنفيذي‪ُ ،‬مبديا استعداده دفع مبمغ مالي إجمالي يمثؿ مبالغ النفقة المحكوـ بيا عميو‬
‫أف مبمغ التعويض عف الطبلؽ‬ ‫باستثناء مبمغ التعويض عف الطبلؽ التعسفي‪ ،‬وسبب ذلؾ ّ‬
‫التعسفي ىو ديف مدني‪ ،‬وال تشممو الحماية الجزائية التي تشمؿ مبالغ النفقة األخرى‪ ،‬والتي‬
‫إذا لـ يتـ دفعيا يتابع المديف بيا بجرـ عدـ تسديد النفقة المنصوص عميو بموجب المادة‬
‫‪ 331‬مف قانوف العقوبات‪ ،‬ويطمب المنفذ عميو مف المحضر القضائي تسمّـ ىذه المبالغ‬
‫المالية‪ ،‬واعتبار المبمغ المدفوع مقاببل لمنفقة التي عمى عاتقو‪ ،‬وتحرير وصؿ بذلؾ‪،‬‬
‫بأف ىذا المبمغ يمثؿ مجموع نفقات العدة‬
‫والتنويو في وصؿ االستبلـ وفي محضر التسميـ ّ‬
‫يتجنب‬
‫واإلىماؿ وبدؿ اإليجار‪ ،‬دوف مبمغ التعويض عف الطبلؽ التعسفي‪ ،‬وذلؾ حتى ّ‬
‫المتابعة الجزائية بعدـ تسديد النفقة‪ ،‬ويبقى مبمغ التعويض دوف سداد‪ ،‬تُتَّبعُ في شأنو‬
‫إجراءات التنفيذ الجبري كالحجز عمى منقوالت المديف أو عقاراتو‪ ،‬كما يطالب المنفذ عميو‬
‫المحضر القضائي بتسميمو محضر التنفيذ الجزئي المثبت لسداده مبالغ النفقة حتى يتجنب‬
‫متابعتو جزائيا‪.‬‬
‫في حيف قد ترفض المطمقة التنفيذ الجزئي الذي يعرضو الزوج إذا ما تضمف عدـ‬
‫المسدد مف قبؿ‬
‫ّ‬ ‫تسديد مبمغ التعويض عف الطبلؽ التعسفي‪ ،‬وترفض استبلـ المبمغ‬
‫المطمؽ لممحضر القضائي‪ ،‬ويقع المحضر القضائي في حيرة مف أمره بيف عرض‬
‫المطمّؽ السداد الجزئي‪ ،‬ورفض المطمقة استبلـ جزء مف حقوقيا‪.‬‬

‫‪446‬‬
‫ويمزـ بو‬
‫فيؿ عمى المحضر القضائي قبوؿ التنفيذ الجزئي الذي يعرضو المطمؽ ُ‬
‫المطمقة؟ أـ يحؽ لممحضر القضائي مطالبة المنفذ عميو بالتنفيذ الكمي لمضموف السند‬
‫التنفيذي ويرفض عرض التسديد الجزئي؟‬
‫يقوـ المحضر القضائي في محضر التكميؼ بالوفاء بحساب جميع المبالغ التي‬
‫ثـ يجمعيا ويحدد المبمغ اإلجمالي الواجب الدفع‪ ،‬فيؿ‬
‫يقع عمى المنفذ عميو سدادىا‪ّ ،‬‬
‫سدده المنفذ عميو‪ ،‬وصرفو عمى أنو نفقة عدة‬
‫يجوز لو تخصيص المبمغ الجزئي الذي ّ‬
‫ونفق ة إىماؿ ونفقة مقابؿ بدؿ اإليجار‪ ،‬واستثناء مبمغ التعويض عف الطبلؽ التعسفي؟‬
‫أف عميو أف ُيجمؿ في بياف المبمغ المسدد مف قبؿ المنفذ عميو ويطرحو مف المبمغ‬
‫أـ ّ‬
‫اإلجمالي دوف تخصيص النفقة بالذكر؟‬
‫وىؿ عمى المحضر القضائي تحرير محضر امتناع عف التنفيذ جزئي ويحدد فيو‬
‫طبيعة المبمغ المسدد مف قبؿ المنفذ عميو دوف المبمغ المتبقي؟ أـ يكتفي بذكر تسديد جزء‬
‫يتـ الوفاء بو؟‬
‫مف المبمغ المطالب بو وبقاء جزء لـ ّ‬
‫يمجأ العديد مف المحضريف القضائييف في مثؿ ىذه الحاالت وأماـ غياب نص‬
‫يوضح الح ّؿ الواجب اإلتباع‪ ،‬إلى رفض السداد الجزئي لممبالغ المطالب بيا المنفذ عميو‪،‬‬
‫خاصة إذا أبدت المطمقة رفضيا استبلـ ىذه المبالغ المعروضة مف قبؿ المطمؽ‪ ،‬وذلؾ‬
‫حتى ال تبقى ىذه المبالغ كوديعة تثقؿ حساب المحضر القضائي‪ ،‬ويصعب عميو‬
‫التصرؼ فييا بتسميميا إلى المطمقة أو إرجاعيا إلى المديف بيا‪.‬‬
‫كما يوجو العديد مف المحضريف القضائييف المنفذ عميو في حالة التسديد الجزئي‬
‫ورفض المطمقة استبلـ المبمغ الجزئي إلى دفع ىذه المبالغ عف طريؽ حوالة بريدية‬
‫صبيا في الحساب البريدي لممطمقة‪ ،‬أو عرضيا عمى المطمقة بواسطة محضر قضائي‬
‫أو ّ‬
‫آخر عف طريؽ عرض حقيقي ُيبمّغ رسميا إلى المطمقة‪ ،‬وذلؾ حتى يتفادى المحضر‬
‫القضائي المشاكؿ والشكاوى مف المطمؽ أو المطمقة‪ ،‬األوؿ يزعـ أف المحضر القضائي‬
‫رفض استبلـ المبالغ التي ىو عمى استعداد لدفعيا امتثاال لجزء مف اإللزاـ الواقع عمى‬
‫عاتقو‪ ،‬وأف المحضر رفض تحرير محضر تنفيذ جزئي يتضمف مبالغ النفقة‪ ،‬والثانية تزعـ‬
‫أف المحضر القضائي رفض تحرير محضر امتناع عف التنفيذ بالرغـ مف أنيا رفضت‬
‫السداد الجزئي لمبمغ النفقة الذي عرضو الزوج عمييا‪ ،‬واف كاف ىذا التوجيو الذي يقوـ بو‬
‫‪447‬‬
‫المحضر القضائي ال سند لو‪ ،‬إال ّأنو ّّ‬
‫حؿ ترقيعي يتّبعو المحضروف مف أجؿ تفادي‬
‫الشكاوى الكيدية‪ ،‬في انتظار إيجاد حؿ قانوني ليذا اإلشكاؿ‪.‬‬
‫إف إثارة مثؿ ىذه اإلشكاالت يرجع أساسا إلى غياب قواعد إجرائية في تنفيذ ىذه‬
‫ّ‬
‫المسائؿ الخاصة في شؤوف األسرة‪ ،‬والتي تتطمب مف المشرع التدخؿ ببياف الحؿ الواجب‬
‫بحدة وبكثرة في الواقع العممي‪ ،‬وغياب النصوص المنظمة لمثؿ‬
‫اإلتباع فييا‪ ،‬ألنيا تثار ّ‬
‫ىذه الحاالت أسيـ بشكؿ كبير في تفاقميا وتكررىا في أغمب قضايا التنفيذ المتعمقة‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫بتحصيؿ المبالغ المالية المترتبة عف ف ّ‬
‫‪ -2‬تحصيل المقابل المالي لمخمع‬
‫ُيحكـ عمى المرأة المختمعة بدفع المقابؿ المالي الذي فدت بو نفسيا‪ ،‬ويصاحب‬
‫تنفيذ ىذا اإللزاـ عقبات تثيرىا المرأة المختمعة باشتراطيا أحيانا تنفيذ الزوج المخموع اإللزاـ‬
‫الممقى عمى عاتقو مف نفقات واجبة حتى تُ َس ّْد َد المقابؿ المالي لمخمع‪ ،‬ورفضيا أحيانا‬
‫أخرى تسديده بتاتا‪ ،‬لعمميا بعدـ ترتيب أي متابعة جزائية في حقّيا عند امتناعيا عف‬
‫بأف ذمتيا‬
‫التنفيذ‪ ،‬و ّأنو ديف مدني ُيتًّبعُ في شأنو إجراءات التنفيذ الجبري فقط‪ ،‬وعمميا ّ‬
‫المالية معسرة‪ ،‬وال يوجد ما يمكف حجزه واستيفاء الديف منو‪.‬‬
‫كما يشترط المطمؽ أحيانا تسديد المختمعة حقّو في المقابؿ المالي لمخمع حتى‬
‫ذمتو بموجب الحكـ القضائي القاضي‬‫يقوـ بتنفيذ ما عميو مف إلزاـ بدفع النفقة المترتبة في ّ‬
‫بالخمع‪.‬‬
‫واف كاف اشتراط كؿ منيما ال أساس قانوني لو‪ ،‬فكؿ إلزاـ مستقؿ ومنفصؿ عف‬
‫اإللزاـ اآلخر‪ ،‬فكؿ واحد منيما مطالب بتسديد ما عميو مف ديف‪ ،‬ومطالبة الطرؼ اآلخر‬
‫بسداد ما عميو مف َد ْي ْف‪ ،‬وفؽ ما أقره المشرع مف إجراءات في ىذا المجاؿ‪ ،‬فالزوج يسدد‬
‫ويتَّبعُ إجراءات التنفيذ المخولة لو مف أجؿ تحصيؿ‬
‫مبمغ النفقة الذي حكـ عميو بيا‪َ ،‬‬
‫المقابؿ المالي لمخمع‪ ،‬حتى واف اقتضى األمر الحجز عمى ما أمكنو حجزه مف ممتمكات‬
‫أف لممختمعة أف تُنفذ اإللزاـ الذي يقع عمى عاتقيا بدفع المقابؿ المالي‬
‫المنفذ عمييا‪ ،‬كما ّ‬
‫لمخمع‪ ،‬وتَتَّبِعُ اإلجراءات القانونية المخولة ليا مف أجؿ تحصيؿ مبالغ نفقة العدة ونفقة‬
‫ألف امتناع كؿ واحد مف‬ ‫اإلىماؿ والنفقة الغذائية لؤلوالد عف طريؽ المحضر القضائي‪ّ ،‬‬
‫الزوجيف عف تنفيذ الجزء المتعمؽ بو‪ ،‬واشتراطيما تنفيذ الطرؼ اآلخر لئللزاـ الذي يقع‬
‫‪448‬‬
‫عمى عاتقو مقابؿ تنفيذ ىذا الطرؼ ما يقع عميو مف إلزاـ‪ ،‬يؤدي إلى تحرير محضر‬
‫امتناع عف التنفيذ ضد الطرؼ الممتنع مف قبؿ المحضر القضائي القائـ بالتنفيذ‪.‬‬
‫كما يمكف اإلشارة كذلؾ في ىذا المجاؿ عند قياـ المحضر القضائي بإجراءات‬
‫تنفيذ أحكاـ الخمع مف أجؿ تحصيؿ مبالغ النفقة المحكوـ بيا لممختمعة‪ ،‬إلى طمب المنفذ‬
‫عميو ( الزوج المخموع) مف المحضر القضائي إجراء مقاصة بيف المقابؿ المالي لمخمع وبيف‬
‫مبالغ النفقة المقررة لممرأة المختمعة وأوالدىا المحضونيف‪ ،‬ونشير أماـ عدـ وجود نص‬
‫يجيز أو يمنع إجراء المقاصة بيف الدينيف‪ ،‬إلى أنو إف كاف جائ از إجراء ىذه المقاصة فيما‬
‫يخص نفقة العدة أو نفقة اإلىماؿ المحكوـ بيا لصالح المختمعة مع المقابؿ المالي لمخمع‪،‬‬
‫فإنني أجزـ بعدـ جواز إجراء المقاصة بيف مجموع النفقات المحكوـ بيا لصالح األوالد‬
‫ألف ىذه النفقات حؽ خالص لؤلوالد ال يحؽ‬ ‫المحضونيف وبيف المقابؿ المالي لمخمع‪ّ ،‬‬
‫لممختمعة أف تتصرؼ فيو أو تقبؿ المقاصة فيو‪ ،‬لذا كاف تدخؿ المشرع في ىذه المسألة‬
‫واجب‪ ،‬وذلؾ بالنص عمى عدـ جواز إجراء المقاصة بيف المقابؿ المالي لمخمع والنفقات‬
‫جراء ذلؾ باعتبار‬
‫المحكوـ بيا قضاء لصالح المحضونيف‪ ،‬حتى ال ُيضار المحضوف ّ‬
‫مصمحة المحضوف مصمحة معتبرة مف قبؿ المشرع‪.‬‬
‫ىذا ونأمؿ أف يرفض المحضروف القضائيوف إجراء ىذه المقاصة بيف المبمغيف‬
‫حتى لو وافؽ عمييا الطرفاف إذا شممت نفقة األوالد‪ ،‬لما في ذلؾ مف ضرر يمحؽ‬
‫بالمحضونيف‪ ،‬وما عمييما إف اتّفقا عمى إجراء المقاصة إال أف يجرياىا خارج مكاتب‬
‫المحضريف القضائييف‪ ،‬ويتحمبل مسؤولية ذلؾ‪.‬‬
‫‪ -3‬تحرير محضر الحساب من قبل المحضر القضائي‬
‫بالرغـ مف ّأنو ال يوجد أي نص قانوني يمنح المحضر القضائي اختصاص‬
‫أف ُج ّؿ القضاة‬
‫أف الواقع العممي أظير ّ‬
‫تحرير محضر حساب فردي أو مشترؾ‪ ،‬إال ّ‬
‫يطمبوف مف الخصوـ عند رفع دعوى عدـ تسديد النفقة الذىاب إلى المحضر القضائي مف‬
‫سدده المديف بالنفقة وما بقي في‬
‫أجؿ تحرير محضر حساب مشترؾ‪ ،‬مف أجؿ بياف ما ّ‬
‫ذمتو مف ديف‪ ،‬ومف أبرز اإلشكاالت التي يواجييا المحضر القضائي أثناء تحرير‬
‫ّ‬
‫محضر الحساب‪ ،‬وبعد تقديـ المديف بالنفقة الحواالت البريدية التي أرسميا لممطمقة عبر‬
‫البريد‪ ،‬وتقديـ الدائنة بالنفقة الحواالت البريدية التي قامت بسحبيا عبر البريد‪ ،‬ىو ا ّدعاء‬
‫‪449‬‬
‫المقدمة مف قبؿ المديف بالنفقة‪ ،‬و ّأنيا‬
‫ّ‬ ‫صحة الحواالت البريدية‬
‫ّ‬ ‫الدائنة بالنفقة عدـ‬
‫قدميا لممحضر القضائي‪ ،‬بينما يتمسؾ المديف‬ ‫لـ تَسحب كؿ ىذه الحواالت البريدية التي ّ‬
‫بالنفقة بأنو أرسؿ ليا كؿ المبالغ التي ىي مبينة في الحواالت البريدية المقدمة مف قبمو‪،‬‬
‫ويجد المحضر القضائي نفسو حائ ار بيف ا ّدعاءات الدائنة بالنفقة‪ ،‬ومزاعـ المديف واثباتاتو‪،‬‬
‫وىؿ يعتمد كؿ الحواالت المقدمة مف قبؿ المديف‪ ،‬أـ يعتمد الحواالت المشتركة بينيما‬
‫فقط‪ ،‬وأماـ غياب أي نص ينظّـ عممية الحساب‪ ،‬وما يجب اعتماده في الحساب مف‬
‫حواالت وما يجب استبعاده‪ ،‬يجد المحضر القضائي نفسو مضط ار لبلجتياد‪ ،‬فيطمب مف‬
‫تـ سحبيا مف قبؿ‬
‫بأف الحواالت التي أرسميا قد ّ‬
‫المديف إثباتات كتابية مف مصمحة البريد ّ‬
‫الدائنة‪ ،‬ويطمب أحيانا مف الدائنة إثباتات كتابية مف مصمحة البريد تُثبت أنيا لـ تسحب‬
‫المبالغ المرسمة إلييا‪ ،‬و ّأنيا رجعت إلى المديف‪ ،‬وىو ما قد يتعسر الحصوؿ عميو مف‬
‫مصالح البريد‪ ،‬وقد يستغرؽ وقتا طويبل يتجاوز التاريخ المحدد لمجمسة التي يجب تقديـ‬
‫محضر الحساب فييا‪.‬‬
‫وأماـ ىذا اإلشكاؿ يضطر المحضر القضائي إذا تع ّذر الحصوؿ عمى اإلثبات‬
‫الذي يؤكد تسمـ الدائنة بالنفقة المبالغ المرسمة إلييا مف المديف‪ ،‬تحرير محضر الحساب‬
‫ثـ‬
‫مع ذكر الحواالت البريدية المقدمة مف الدائنة بالنفقة واجراء الحساب وفقا لما قدمتو‪ّ ،‬‬
‫بياف الحواالت البريدية المقدمة مف قبؿ المديف بالنفقة واجراء الحساب وفقا لما قدمو‪،‬‬
‫وجمعيا في محضر حساب مشترؾ واحد‪ ،‬وتقديمو لمطرفيف‪.‬‬
‫فإف تدخؿ المشرع بات الزما مف أجؿ تنظيـ ىذه المسألة‪ ،‬وبياف الحؿ‬ ‫لذا ّ‬
‫الواجب اإلتباع عندما تختمؼ الحواالت البريدية المقدمة مف كؿ طرؼ‪ ،‬وىؿ يكفي إرساؿ‬
‫المديف بالنفقة المبالغ ا لمطالب بيا عبر حواالت بريدية لتبرئة ذمتو؟ أـ يجب أف تستمـ‬
‫الدائنة بالنفقة ىذه المبالغ لكي تب أر ذمتو؟‬

‫‪450‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلشكاالت المتعمقة بتسميم األثاث واألمتعة‬

‫ُي َمزُـ المطمِؽ في كثير مف األحكاـ القضائية الصادرة بالطبلؽ بتسميـ األثاث‬
‫واألمتعة الخاصة بالمطمقة‪ ،‬وفؽ ما ىو وارد في القائمة المؤشر عمييا مف قبؿ المحكمة‪،‬‬
‫كما قد تُمزـ المطمقة بتمكيف المطمؽ مف األثاث واألمتعة الخاصة بو إف كانا يقيماف معا‬
‫ويعرؼ تنفيذ ىذا الجزء مف األحكاـ مشاكؿ وصعوبات‬ ‫في بيت أىميا أو بيت ممموؾ ليا‪َ ،‬‬
‫قانونية ومادية يمكف عرضيا فيما يمي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬اإلشكال المتعمق بمكان تسميم األمتعة‬
‫ويمزمو بتسميـ األثاث واألمتعة إلى طالبة‬
‫ؼ المحضر القضائي المنفذ عميو ُ‬ ‫ُيكمِ ُ‬
‫التنفيذ وفؽ ما ىو محدد في القائمة المؤشر عمييا مف المحكمة والمرفقة بالسند التنفيذي‪،‬‬
‫ويمنحو أجؿ خمسة عشر يوما مف أجؿ ذلؾ‪ ،‬ومف بيف العقبات التي يواجييا المحضر‬
‫في تنفيذ مثؿ ىذه األحكاـ مثبل استعداد المطمّؽ تسميـ األمتعة المذكورة‪ ،‬ورفضو حضور‬
‫إما إلى مكتبو‪ ،‬أو‬
‫المطمقة إلى منزلو‪ ،‬وانما يعرض عمى المحضر إحضار األمتعة ّ‬
‫إحضارىا مباشرة إلى منزؿ المطمقة‪ ،‬وىو ما ترفضو المطمقة عمى اعتبار أّنيا تركت‬
‫أف قياـ المطمؽ بجمعيا وحمميا إلييا‬
‫أمتعتيا وأثاثيا مرتبا في خزانتيا وفؽ طريقة معينة‪ ،‬و ّ‬
‫مف شأنو أف يؤدي إلى إتبلؼ بعض األمتعة واألثاث‪ ،‬كما يرفض المحضر القضائي‬
‫عد الستقباؿ األثاث‬
‫يعد مكتبا عموميا‪ ،‬ولـ ُي ّ‬
‫ألف مكتبو ّ‬
‫حمؿ األمتعة وجمبيا إلى مكتبو‪ّ ،‬‬
‫واألمتعة‪ ،‬كما أف القياـ بمثؿ ىذه العمميات بمكتب المحضر القضائي مف شأنو أف يسبب‬
‫لو المشاكؿ‪ ،‬وينقؿ الفوضى إلى مكاتب المحضريف‪ ،‬خاصة مع المشاحنات التي تصاحب‬
‫أف عممية تسميـ األمتعة ىي مسرح لكؿ‬ ‫عممية تسميـ األمتعة‪ ،‬والتجارب أثبتت ّ‬
‫المشاحانات وتصفية الحسابات بيف الطرفيف وأىميما إال ناذرا‪.‬‬
‫ومف جية أخرى ترفض المطمقة أحيانا االنتقاؿ إلى مسكف المطمؽ الستبلـ‬
‫األمتعة واألثاث الخاص بيا‪ ،‬وتعتبر ذلؾ ضربا مف المستحيؿ‪ ،‬وتطالب المطمؽ بجمب‬
‫أثاثيا وأمتعتيا إلى بيت أىميا أو إلى مكتب المحضر الستبلمو ىناؾ‪ ،‬ويرفض الزوج‬
‫تحمؿ تكاليؼ ذلؾ ويطالبيا بالحضور لمسكنو الستبلمو‪.‬‬

‫‪451‬‬
‫ويحتار المحضر القضائي في كيفية التسوية والتقريب بيف الطرفيف مف أجؿ‬
‫ويتودد إلى ىذا وذاؾ مف أجؿ التوصؿ إلى ح ّؿ ُيرضي‬
‫ّ‬ ‫إنياء عممية تسميـ األمتعة‪،‬‬
‫الطرفيف‪ ،‬وينيي بو النزاع بينيما‪.‬‬
‫ومرد ىذه العقبات كميا غياب نص إجرائي يحدد مكاف تسميـ األمتعة وواجبات‬‫ّ‬
‫تميز القضايا المتعمقة بشؤوف‬
‫كؿ طرؼ وحقوقو في عممية التنفيذ‪ ،‬نظ ار لمخصوصية التي ّ‬
‫األسرة‪ ،‬مما يحوؿ دوف تنفيذ العديد مف السندات التنفيذية المتعمقة بشؤوف األسرة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬اإلشكال المتعمق بمطابقة األمتعة المسمّمة مع المذكورة في القائمة‬
‫المؤشر عمييا‬
‫مف الصعوبات التي يواجييا المحضروف القضائيوف أثناء تنفيذ السندات التنفيذية‬
‫تدعي‬‫في الشطر المتعمؽ بتسميـ األمتعة واألثاث‪ّ ،‬أنو أثناء عممية تسميـ ىذه األخيرة ّ‬
‫أف بعض األثاث أو األمتعة المقدمة مف قبؿ المطمؽ ال تتطابؽ مع ما تركتو في‬ ‫المطمقة ّ‬
‫بيت الزوجية‪ ،‬بالرغـ مف تطابقيا اسما ووصفا مع ما ىو مذكور في القائمة المؤشر عمييا‬
‫تخصيا وترفض استبلميا‪ ،‬بينما‬
‫ّ‬ ‫مف المحكمة‪ ،‬وتنفي كؿ النفي أف تكوف ىذه األغراض‬
‫يدعى المطمؽ ّأنو أحضر األمتعة واألثاث الخاص بالمطمقة‪ ،‬و ّأنو ال أساس الدعاءات‬
‫ّ‬
‫أف األثاث واألمتعة المسمّمة مف قبمو مطابقة اسما ووصفا مع ما تضمنتو قائمة‬
‫المطمقة‪ ،‬و ّ‬
‫األمتعة المؤشر عمييا مف المحكمة‪.‬‬
‫أف جزء مف األمتعة واألثاث مخالؼ‬
‫طالب المطمقة المحضر القضائي بإثبات ّ‬
‫وتُ ُ‬
‫محضر بامتناع المطمؽ عف تسميميا جزًء مف أمتعتيا‪،‬‬
‫ا‬ ‫لما تضمنتو القائمة‪ ،‬وتسميميا‬
‫بينما ُيطالب المطمؽ مف المحضر القضائي إثبات ّأنو سمّميا كؿ األمتعة المذكورة في‬
‫القائمة‪ ،‬و ّأنيا ىي مف رفضت استبلـ جزء مف أمتعتيا‪ ،‬ويطمب تحرير محضر التنفيذ‬
‫وتسميمو إياه حتى تب أر ذمتو‪.‬‬
‫كما قد يثار إشكاؿ ِق َد ْـ األثاث أو ما لحقو مف ضرر أثناء فترة التقاضي بتغير‬
‫لونو أو اتساخو‪ ،‬وترفض المطمقة استبلمو عمى ىذه الحاؿ التي عمييا‪ ،‬حيث أنو أثناء‬
‫تفقد المطمقة ألمتعتيا قد تجد بعض األمتعة متّسخة أو لحؽ ببعضيا تمؼ جزئي بسيط‪،‬‬
‫أو تجد أحد األجيزة اإللكترونية أو الكيرومنزلية معطّمة فترفض استبلميا‪ ،‬وتطمب مف‬
‫المحضر القضائي إثبات ذلؾ في محضر‪ ،‬بينما يؤكد المطمؽ أنيا ىي مف تركتيا عمى‬
‫‪452‬‬
‫الحاؿ الذي وجدتيا عميو‪ ،‬وىو ما يحوؿ دوف إتماـ عممية تسميـ األمتعة بشكؿ كامؿ‪،‬‬
‫ويعيد النزاع إلى القضاء مف جديد ليفصؿ فيو‪ ،‬مما يطيؿ أمد النزاع ويحوؿ دوف إتماـ‬
‫عممية التنفيذ الكمي لمسند التنفيذي‪.‬‬
‫وأماـ غياب النصوص القانونية التي تضبط عممية تسميـ األمتعة واألثاث‪ ،‬يجد‬
‫المحضر القضائي نفسو مضط ار إلى تحرير محضر معاينة حوؿ اإلشكاؿ الذي حصؿ‬
‫أثناء عممية تسميـ األمتعة وينقؿ تصريحات الطرفيف‪ ،‬ويحيميما إلى القضاء مف جديد‬
‫ليفصؿ بينيما‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬اإلشكال المتعمق بالمقابل المالي لألمتعة‬
‫مف العقبات التي يواجييا المحضروف القضائيوف أثناء عممية تسميـ األمتعة‪،‬‬
‫ما تتضمنو القوائـ المؤشر عمييا مف المحكمة‪ ،‬حيث ُيذكر كؿ متاع في القائمة بجانب‬
‫حدده صاحب القائمة‪ ،‬وأثناء التنفيذ إذا تخمّؼ المنفذ ضده عف‬ ‫الثمف الذي يقابمو والذي ّ‬
‫ب المنفذ لو المحضر القضائي بالقياـ بإجراءات التنفيذ‬ ‫ِ‬
‫تسميـ بعض األمتعة أو كمّيا‪ُ ،‬يطال ُ‬
‫الجبري عف طريؽ الحجز عمى أمواؿ أو منقوالت أو عقارات المنفذ ضده‪ ،‬في حدود‬
‫أف السند‬‫ؼ عف تسميميا لطالب التنفيذ‪ ،‬في حيف ّ‬ ‫المتَ َخمَّ ْ‬
‫المبمغ الذي يقابؿ األمتعة ُ‬
‫التنفيذي ال يتضمف سوى النص عمى تسميـ األمتعة وفقا لمقائمة المؤشر عمييا مف قبؿ‬
‫أف المنفذ ضده مطالب بالتسميـ العيني ليذه األمتعة وليس المقابؿ المالي‬
‫المحكمة‪ ،‬كما ّ‬
‫ليا‪.‬‬
‫ضده عف تسميـ األمتعة أو جزء منيا‪ ،‬عمى‬
‫لذا أعتقد أنو في حالة تخمّؼ المنفذ ّ‬
‫المحضر القضائي أف يحرر محضر امتناع عف التنفيذ ‪-‬كمي أو جزئي حسب الحالة‪-‬‬
‫ويحيؿ طالب التنفيذ إلى القضاء مف أجؿ‬
‫عند انتياء األجؿ القانوني الممنوح لممنفذ ضده‪ُ ،‬‬
‫حث والزاـ المنفذ ضده عمى تسميـ األمتعة‪ ،‬أو طمب‬
‫رفع دعوى الغرامة التيديدية مف أجؿ ّ‬
‫جراء امتناع المنفذ ضده عف تسميمو األمتعة‪ ،‬و ّأنو ال يحؽ لممحضر‬
‫التعويض المالي ّ‬
‫القضائي القياـ بإجراءات الحجز عمى أمواؿ أو منقوالت أو عقارات المنفذ ضده‪ ،‬واعتماد‬
‫ص في‬ ‫المقابؿ المالي الذي حددتو قائمة األمتعة المؤشر عمييا مف المحكمة‪ ،‬إالّ إذا ُن ّ‬
‫منطوؽ السند التنفيذي صراحة عمى تسميـ األمتعة أو ما يقابميا نقدا‪ ،‬ومثاليا الحكـ‬
‫الصادر عف محكمة بئر مراد رايس بتاريخ ‪ 2015/03/02‬الذي جاء فيو‪ ..." :‬إلزاـ‬
‫‪453‬‬
‫المدعى عميو بتمكيف المدعية الوارد في القائمة المقدمة مف طرفيا والمؤشر عمييا مف‬
‫طرؼ المحكمة بتاريخ ‪ 2015/02/16‬عينا أو ما يقابمو نقدا‪ ،1"...‬واف كنت أعتقد أف‬
‫النص في منطوؽ الحكـ بتسميـ األمتعة أو ما يقابميا نقدا أمر غير صائب‪ ،‬لعدـ وجود‬
‫حددتيا صاحبة‬
‫ألف أغمب المبالغ التي تقابؿ األمتعة والتي ّ‬
‫نص قانوني يتيح ذلؾ‪ ،‬وكذا ّ‬
‫المتاع مبالغ فييا بشكؿ خيالي‪ ،‬وال تمثّؿ السعر الحقيقي لممتاع المقابؿ‪ ،‬وىو ما يثقؿ‬
‫كاىؿ المديف‪ ،‬ويبخسو حقّو في تعويض عادؿ عف المتاع المطالب بتسميمو‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬اإلشكال المتعمق بتياون صاحب األمتعة في استالميا‬
‫يثور إشكاؿ آخر يتعمؽ بتياوف المطمقة أحيانا في استبلـ أمتعتيا بسوء نية‪،‬‬
‫حيث تتركيا بمسكف الزوجية‪ ،‬وتُماطؿ في أخذىا‪ ،‬بالرغـ مف حرص المطمّؽ عمى ذلؾ‪،‬‬
‫رغبة منيا في عرقمتو إلعادة الزواج مف جديد‪ ،‬وذلؾ بشغؿ مسكنو بأمتعتيا‪ ،‬وعدـ إخبلئو‬
‫منيا‪ ،‬فماذا يفعؿ بيا المطمؽ؟ ىؿ يبقى في انتظار مطالبة المطمقة بيا؟ أـ يسعى إلى‬
‫التخمص منيا إذا لـ تتقدـ المطمقة ألخذىا؟ حيث ال تستجيب المطمقة لمنداءات المتكررة‪،‬‬
‫واإلعذارات التي يوجييا ليا المطمؽ مف أجؿ التقدـ وأخذ أمتعتيا‪ ،‬وأماـ عدـ تنظيـ‬
‫المسألة مف قبؿ المشرع‪ ،‬يجد المطمؽ نفسو حائ ار ىؿ يقوـ بإتبلؼ األمتعة الخاصة‬
‫بالمطمقة‪ ،‬والتخمص منيا بأي طريقة‪ ،‬بالرغـ مف تضمف السند التنفيذي إلزامو بتسميميا‬
‫إلى المطمقة‪ ،‬وقد تفاجئو المطمقة يوما ما بعد طوؿ زمف‪ ،‬وبعد تخمصو مف األمتعة‪،‬‬
‫وتطالبو بتسميميا‪ ،‬أـ يحفظ ىذه األمتعة ببيتو أو بمكاف آخر يستأجره مف أجؿ ىذا‬
‫الغرض؟ لذا يحتاج ىذا اإلشكاؿ إلى تدخؿ المشرع وتبياف اإلجراء الواجب االتباع الذي‬
‫تُمزـ بو المطمقة باستبلـ أمتعتيا خبلؿ أجؿ معيف‪ ،‬وبعد تجاوزه تُرفع المسؤولية عمى‬
‫المطمؽ تجاه المطمقة في تسميميا أمتعتيا التي تياونت في المطالبة بيا‪.‬‬
‫نص فييا القاضي عمى تحديد أجؿ‬ ‫وقد وقفت عمى بعض األحكاـ القضائية التي ّ‬
‫ؾ‬
‫محدد لمزوجة أو مف يقوـ مقاميا مف أجؿ استبلـ متاعيا الموجود ببيت الزوجية قبؿ ف ّ‬
‫ّ‬
‫المدعى عمييا أو كؿ‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬حيث جاء في منطوؽ الحكـ ما يمي‪ ... " :‬إلزاـ ّ‬
‫المدعي بتاريخ‬
‫المقدمة مف طرؼ ّ‬
‫ّ‬ ‫المحدد بالقائمة‬
‫ّ‬ ‫قائـ مقاميا بأخذ جميع المتاع واألثاث‬

‫محكمة بئر مراد رايس‪ ،‬قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬حكـ مؤرخ في ‪ ،2015/03/02‬فيرس رقـ ‪ ،15/01860‬جدوؿ رقـ‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،14/09895‬غير منشور‪ ،‬الممحؽ رقـ ‪.03‬‬


‫‪454‬‬
‫‪ ،2018/12/05‬والموجود بالبيت الزوجي في أجؿ أقصاه ‪ 15‬يوـ تسري مف تاريخ‬
‫‪1‬‬
‫أف فكرة تحديد أجؿ‬
‫صدور الحكـ الحالي بتاريخ ‪ ، "... 2019/01/02‬وبالرغـ مف ّ‬
‫لممطم قة الستبلـ متاعيا في منطوؽ الحكـ أمر إيجابي قد يدفعيا لممطالبة بو وعدـ‬
‫التياوف في استبلمو‪ ،‬إالّ أنني أعتقد أف ذلؾ أمر غير كاؼ لعدـ وجود جزاء عف تجاوز‬
‫الميمة الممنوحة ليا‪ ،‬فما مصير األمتعة المتروكة بمسكف الزوجية بعد تجاوز األجؿ؟ ىؿ‬
‫يعد مسؤوال عف ذلؾ أـ ال؟‬
‫يتصرؼ فييا المطمؽ باإلتبلؼ أو البيع أو التبرع بيا؟ وىؿ ّ‬
‫ّ‬
‫يوضح ذلؾ‪.‬‬
‫وما ىو الحؿ في غياب نص قانوني ّ‬
‫خامسا‪ -‬اإلشكال المتعمق بتسميم المصوغات‬
‫مف الصعوبات التي تذكر أثناء تنفيذ أحكاـ شؤوف األسرة المتضمنة تسميـ األثاث‬
‫واألمتعة‪ ،‬تنفيذ الجزء المتعمؽ بتسميـ المصوغات مف الذىب أو الفضة‪ ،‬فأثناء عممية‬
‫أف المصوغ المسمّـ لطالب التنفيذ‬
‫يتأكد مف ّ‬
‫ّ‬ ‫تسميـ األمتعة كيؼ لممحضر القضائي أف‬
‫ألف تسميـ المصوغ‬ ‫غير مزيؼ؟ و ّأنو مطابؽ لممواصفات السميمة لمذىب أو الفضة؟ ّ‬
‫لطالبة التنفيذ دوف التأكد مف سبلمة مواصفاتو أمر ينطوي عمى مخاطرة كبيرة‪ ،‬خاصة إذا‬
‫تدعي المطمقة بعد انتياء عممية التسميـ أنيا اكتشفت‬
‫تعددت المصوغات وغبل ثمنيا‪ ،‬فقد ّ‬
‫ّ‬
‫تعرضت لمخداع‪ ،‬فمف يتحمؿ المسؤولية؟ ىؿ المحضر‬ ‫أف المصوغات ليست ذىبا‪ ،‬و ّأنيا ّ‬
‫ّ‬
‫القضائي أـ المطمقة أـ المطمؽ؟‬
‫لذا تتطمب عممية تسميـ المصوغات التأكد مف سبلمة مواصفات المصوغ أثناء‬
‫عممية التسميـ‪ ،‬واألمر يحتاج لبلستعانة بخبير يفحص المصوغ ويحدد ما إذا كاف مطابقا‬
‫لممواصفات المذكورة في السند‪ ،‬ألف المسألة تقنية‪ ،‬ولكف ىؿ يحؽ لممحضر القضائي مف‬
‫تمقاء نفسو المجوء إلى الخبير مف أجؿ فحص المصوغ؟ ومف يتحمؿ مصاريؼ الخبرة؟‬
‫أف المنفذ ضده يرفض بشكؿ قطعي تحمؿ مصاريؼ إضافية في التنفيذ‪.‬‬
‫خاصة و ّ‬
‫يخوؿ المحضر القضائي المجوء إلى خبير مف أجؿ‬
‫وفي غياب نص قانوني ّ‬
‫فحص المصوغ أثناء عممية التنفيذ‪ ،‬أعتقد أنو مف أجؿ القياـ بذلؾ‪ ،‬عمى المحضر‬

‫محكمة بجاية‪ ،‬قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬حكـ مؤرخ في ‪ ،2019/01/02‬فيرس ‪ ،19/00018‬جدوؿ ‪ ،18/04543‬غير‬ ‫‪1‬‬

‫منشور‪ ،‬الممحؽ رقـ ‪.05‬‬


‫‪455‬‬
‫أف ذلؾ يتطمب‬
‫القضائي أف يستصدر أم ار مف أجؿ تعييف خبير لفحص المصوغ‪ ،‬غير ّ‬
‫وقتا ومصاريؼ إضافية‪ ،‬يجب تحديد الشخص الذي يتحمميا قانونا‪.‬‬
‫واف كاف العمؿ الذي عميو األمر مف بعض المحضريف القضائييف‪ ،‬أف يعرض‬
‫تعرفت‬
‫المحضر القضائي المصوغ المسمّـ مف المنفذ عميو عمى طالبة التنفيذ‪ ،‬فإف ىي ّ‬
‫دوف المحضر القضائي‬‫عميو وقبمت بو وبمطابقتو لممصوغ المذكور في السند التنفيذي‪ّ ،‬‬
‫تصريحيا وتوقع وتبصـ عمى محضر التسميـ وعمى مسؤوليتيا‪ ،‬واف ىي أنكرتو ولـ‬
‫حرر المحضر‬
‫وصرحت بعدـ مطابقتو مع ما تـ ذكره في السند التنفيذي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫تتعرؼ عميو‬
‫القضائي محض ار يذكر فيو الواقعة وتصريحات األطراؼ ويسممو لكبل الطرفيف مف أجؿ‬
‫اتخاذ التدابير البلزمة‪.‬‬
‫ولح ّؿ ىذا اإلشكاؿ ُي ستحسف أف ينص القاضي في منطوؽ الحكـ القضائي أنو‬
‫في حالة التنازع في مطابقة المصوغ يمجأ إلى خبير يفصؿ في ذلؾ‪ ،‬إلى حيف النص مف‬
‫طرؼ المشرع عمى جواز المجوء إلى خبير لفحص المصوغ عند التنازع بيف الطرفيف‪،‬‬
‫حممو السند التنفيذي المصاريؼ القضائية مصاريؼ الخبرة‪.‬‬
‫عمى أف يتحمؿ الطرؼ الذي ّ‬

‫الفرع الثالث‪ :‬اإلشكاالت المتعمقة بتسميم المحضون‬

‫يتضمف الحكـ القضائي الفاصؿ في الطبلؽ عادة إسناد الحضانة ألحد األبويف‪،‬‬
‫والحكـ بحؽ الزيارة لمطرؼ الذي لـ يحكـ لو بحؽ الحضانة‪ ،‬طبقا لممادة ‪ 64‬مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬
‫ويصاحب تسميـ المحضوف في حالة إسناد الحضانة أو في حالة ممارسة حؽ الزيارة‬
‫صعوبات تعرقؿ التنفيذ‪ ،‬يمكف اإلشارة لبعض منيا فيما يمي‪:‬‬
‫التمسك بعدم النص عمى اإللزام بتسميم المحضون‬
‫ّ‬ ‫أوال‪-‬‬
‫تكتفي األحكاـ القضائية التي تفصؿ في مسألة الحضانة غالبا بالنص عمى إسناد‬
‫حضانة األوالد لؤلـ أو لؤلب فقط‪ ،‬دوف النص عمى تسميـ األوالد المحضونيف في حاؿ ما‬
‫كاف ىؤالء لدى الطرؼ الذي لـ تسند لو الحضانة‪ ،‬ويواجو المحضروف القضائيوف‬
‫جمة في تنفيذ ىذا الشؽ مف الحكـ القضائي‪ ،‬إذ يتحايؿ أحيانا الطرؼ الذي لـ‬
‫صعوبات ّ‬
‫تسند لو الحضانة‪ ،‬ويرفض تسميـ األوالد المحضونيف‪ ،‬ويتمسؾ بحرفية منطوؽ الحكـ‬
‫القضائي الذي لـ ُيذكر فيو إلزامو تسميـ األوالد المحضونيف لمحاضنة‪ ،‬ويرفع إشكاالت‬
‫‪456‬‬
‫أماـ القسـ االستعجالي مف أجؿ وقؼ التنفيذ‪ ،‬فيؿ يكفي النص في منطوؽ الحكـ‬
‫القضائي عمى إسناد الحضانة ألحد الطرفيف مف أجؿ إلزاـ الطرؼ اآلخر عمى تسميـ‬
‫األوالد المحضونيف لمف أسندت لو الحضانة؟ أـ يجب النص حرفيا عمى اإللزاـ بتسميـ‬
‫األوالد لمف أسندت لو الحضانة؟‬
‫أ عتقد أف النص في منطوؽ الحكـ القضائي عمى إسناد الحضانة لؤلـ أو لؤلب‬
‫يستمزـ بالضرورة تسميـ األوالد المحضونيف لمف أسندت لو الحضانة‪ ،‬وذلؾ حتى يمارس‬
‫بأف منطوؽ الحكـ‬
‫تمسؾ الطرؼ الذي لـ تسند لو الحضانة ّ‬ ‫المياـ التي تقتضييا‪ ،‬واّنما ّ‬
‫القضائي لـ يمزمو بتسميـ األوالد المحضونيف ما ىو إالّ تحايبل واختبلقا منو إلشكاالت‬
‫وىمية ربحا لموقت‪ ،‬ومحاولة لعرقمة عممية التنفيذ‪.‬‬
‫لذا وتفاديا لمثؿ ىذه اإلشكاالت الوىمية التي تطيؿ أمد تنفيذ السندات التنفيذية‪،‬‬
‫مف المستحسف أف يتضمف منطوؽ الحكـ القضائي الذي يسند الحضانة لؤلـ أو لؤلب‬
‫إلزاـ الطرؼ الذي لـ تسند لو الحضانة تسميـ األوالد المحضونيف لمحاضنة‪ ،‬حتى نتفادى‬
‫التأويبلت والتفسيرات التي ال طائؿ منيا‪ ،‬والتحايؿ مف ىذا الطرؼ أو ذاؾ‪ ،‬تسييبل لعممية‬
‫التنفيذ واختصا ار لموقت‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬رفض المحضون االلتحاق بالحاضن‬
‫إما بصفة مؤقتة بموجب أمر عمى‬ ‫ُيح َك ُـ غالبا بإسناد حؽ الحضانة لؤلـ ّ‬
‫عريضة‪ ،‬بناء عمى طمبيا أثناء سير دعوى الموضوع والى غاية الفصؿ فييا‪ ،‬كما‬
‫قد يحكـ بإسناد الحضا نة إلييا بشكؿ نيائي عند الفصؿ في دعوى الطبلؽ‪ ،‬ومف بيف‬
‫الصعوبات التي تواجو عممية تسميـ المحضوف رفض األوالد المحضونيف الذىاب رفقة‬
‫والدتيـ ورغبتيـ البقاء رفقة والدىـ‪ ،‬حيث يثيروف حالة مف الصراخ والبكاء تحوؿ دوف‬
‫تسميميـ لوالدتيـ‪ ،‬كما ال يمكف االستعانة بالقوة العمومية في عممية التسميـ‪ ،‬وال استعماؿ‬
‫تـ جمبيـ‬
‫القوة مف أجؿ جمب األوالد المحضونيف‪ ،‬نظ ار لمخطر الذي يحدؽ بيـ إذا ما ّ‬
‫عنوة ‪ ،‬ونظ ار لخصوصية العممية وارتباطيا بجانب إنساني وعاطفي يستحيؿ معيا تطبيؽ‬
‫القواعد العامة لمتنفيذ في مثؿ ىذه القضايا المتعمقة بشؤوف األسرة‪.‬‬
‫كما أنو ال يوجد نص قانوني ينظـ ىذه الحالة ويبيف اإلجراء الذي يقوـ بو‬
‫مرات عديدة‪،‬‬
‫المحضر القضائي لمواجية ىذا العائؽ‪ ،‬وكثي ار ما يحاوؿ المحضر القضائي ّ‬
‫‪457‬‬
‫أف محاوالتو تبوء بالفشؿ‪ ،‬ويقع‬
‫وينتقؿ رفقة الوالدة مف أجؿ جمب الولد المحضوف‪ ،‬غير ّ‬
‫ألف األب وعائمتو‬
‫بيف المطرقة والسنداف‪ ،‬حيث تطالب الوالدة بمحضر امتناع عف التنفيذ ّ‬
‫قاموا بتحريض الولد المحضوف عمى عدـ الذىاب رفقة والدتو الحاضنة‪ ،‬بينما يطالب‬
‫الوالد المحضر القضائي بتحرير محضر التنفيذ‪ ،‬ألنو لـ يمتنع عف تنفيذ الحكـ القضائي‪،‬‬
‫أف الولد ىو مف امتنع عف الذىاب رفقة والدتو‪.‬‬
‫وّ‬
‫وأماـ غياب النص القانوني الذي يوضح ما ىو اإلجراء الذي يقوـ بو المحضر‬
‫القضائي في مثؿ ىذه الحاالت‪ ،‬غالبا ما يجتيد المحضروف القضائيوف فيقوموف بتحرير‬
‫محضر معاينة أو محضر تعذر التنفيذ‪ ،‬يصفوف مف خبللو الواقعة التي جرت بحضوره‬
‫ويبينوف امتناع الولد المحضوف عف الذىاب رفقة مف أسندت لو‬ ‫أثناء عممية التسميـ‪ّ ،‬‬
‫الحضانة‪ ،‬ويسممونو لكبل الطرفيف مف أجؿ اتخاذ اإلجراء القانوني الذي يرونو مناسبا‪.‬‬
‫أف امتناع المحضوف عف االلتحاؽ بحاضنو يحوؿ دوف قياـ جريمة عدـ‬
‫وأعتقد ّ‬
‫يقيـ معو المحضوف‪ ،‬وأماـ غياب‬
‫تسميـ الطفؿ‪ ،‬لغياب القصد الجنائي لدى الطرؼ الذي ُ‬
‫تعرض لمثؿ ىذه‬‫فإف القضاء ّ‬
‫يقرر حبل لمثؿ ىذا اإلشكاؿ‪ّ ،‬‬ ‫النص القانوني الذي ّ‬
‫الحاالت‪ ،‬وحكـ ببراءة األـ المتابعة بجنحة عدـ تسميـ الطفؿ‪ ،‬حيث ثبت عدـ امتناعيا‬
‫عف تسميـ األوالد ألبييـ بعدما ُمنحت لو الحضانة‪ ،‬واّنما رفض األوالد االلتحاؽ بوالدىـ‪،‬‬
‫فحكمت المحكمة ببراءتيا‪.1‬‬
‫تجرـ السموؾ‬
‫كما أنو بالرجوع إلى نص المادة ‪ 328‬مف قانوف العقوبات التي ّ‬
‫السمبي بعدـ تسميـ القاصر لمف ُحكـ لو بحضانتو‪ ،‬ومنعو مف ممارسة ىذا الحؽ‪ ،‬وقد‬
‫أثبتت الممارسة القضائية ترؾ السمطة التقديرية لمقاضي في تقدير األسباب التي تحوؿ‬
‫جدية تبرر عدـ التسميـ أـ ال؟‬
‫دوف تسميـ الولد المحضوف‪ ،‬فيما إذا كانت أسباب قانونية ّ‬
‫أف الولد المحضوف مريض مف أجؿ منعو حؽ‬ ‫فقياـ الحاضنة بإيياـ األب كذبا ّ‬
‫الزيارة‪ ،‬تكوف مرتكبة جريمة عدـ تسميـ الطفؿ‪ ،‬ما لـ تثبت مرضو بشيادة طبية‪ ،‬كما‬
‫ال حؽ ليا أف تتذرع بغيابيا عف مسكنيا وعدـ عمميا بقدوـ األب لممارسة حؽ الزيارة‪ ،‬إذا‬

‫حكـ صادر عف محكمة سيدي عيش بتاريخ ‪ ،2002/01/07‬غير منشور‪ ،‬نقبل عف حسينة شروف‪ ،‬جريمة االمتناع‬ ‫‪1‬‬

‫عف تسميـ طفؿ إلى حاضنو‪ ،‬مجمة االجتياد القضائي‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬مخبر أثر االجتياد القضائي عمى حركة التشريع‪،‬‬
‫جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪458‬‬
‫أف القضاء الجنائي‬‫ُبمغت سمفا بالسند التنفيذي المتضمف حؽ الزيارة وأوقاتيا‪ ،‬كما ّ‬
‫الفرنسي درج عمى عدـ اعتبار عناد الطفؿ المحضوف ومقاومتو سببا غير كافيا أو عذ ار‬
‫ألف لمحاضف سمطة عمى الطفؿ المحضوف‬ ‫قانونيا لنفي الجرـ عف الممتزـ بالتسميـ‪ّ ،‬‬
‫كسف‬
‫ّ‬ ‫يتوجب عميو استعماليا إلقناعو بالذىاب مع والده‪ ،‬ماعدا في حاالت استثنائية‬
‫القاصر القريب مف البموغ‪ ،‬أو سوء معاممة القاصر سابقا مف قبؿ صاحب الحؽ‬
‫في الزيارة‪ ،‬كما أف زيارات األب غير المنتظمة ال تشكؿ عذ ار يبرر لمحاضنة منعو حؽ‬
‫الزيارة‪.1‬‬
‫أف قضاة‬
‫وبالرجوع إلى ق اررات المحكمة العميا ذات الصمّة عمى قمّتيا‪ ،‬نجد ّ‬
‫تحصؿ عمى أمر ببقاء المحضوف لديو مدة خمسة‬
‫ّ‬ ‫أف األب الذي‬
‫المحكمة العميا اعتبروا ّ‬
‫عشر يوما إضافية مف أجؿ ختانو‪ ،‬يشكؿ سببا وعذ ار قانونيا يبرر انتفاء جرـ عدـ تسميـ‬
‫الطفؿ عنو‪ ،‬حيث جاء في القرار ما يمي‪ ... ":‬متى كاف مؤدى نص المادة ‪ 328‬مف‬
‫قانوف العقوبات‪ ،‬ىو أنو يعاقب بالحبس والغرامة األب أو األـ أو أي شخص آخر ال يقوـ‬
‫بتسميـ قاصر قضي في شأف حضانتو بموجب حكـ‪ ،‬إلى مف لو الحؽ في المطالبة بو‪،‬‬
‫تحصؿ بطمب منو عمى أمر رئيس المحكمة‪ ،‬يسمح لو‬ ‫ّ‬ ‫فإف أب القاصر‪ ،‬الذي‬
‫ثـ ّ‬‫ومف ّ‬
‫أف القضاء بما‬
‫يعد مرتكبا ليذه الجريمة‪ ،‬و ّ‬
‫بمقتضاه أف يحتفظ بابنو لمدة ‪ 15‬يوما ال ّ‬
‫يخالؼ ىذا المبدأ يعد خرقا لمقانوف"‪.2‬‬
‫أف عدـ مناقشة قضاة الموضوع محضر‬ ‫كما جاء في قرار آخر لممحكمة العميا ّ‬
‫المتمسؾ بو مف قبؿ األب‪ ،‬المتضمف رفض األبناء الذىاب رفقة‬
‫ّ‬ ‫اإلشكاؿ في التنفيذ‬
‫ثـ إدانة األب بجرـ عدـ تسميـ قاصر‪ ،‬ىو قضاء معيب يتعيف نقضو‪،‬‬ ‫والدتيـ وىروبيـ‪ّ ،‬‬
‫سف‬
‫ألف مناقشة محضر اإلشكاؿ مف شأنو التأ ّكد مف واقعة امتناع األب‪ ،‬وما إذا كاف ّ‬
‫ّ‬
‫األوالد يقارب البموغ‪ ،‬وبالتالي يتع ّذر بسط سمطة األب عمييـ والزاميـ بالذىاب رفقة‬
‫سنيـ تم ّكف الوالد مف التأثير عمييـ‪ ،‬والزاميـ بالذىاب رفقة والدتيـ‪ ،‬حيث‬
‫أف ّ‬
‫والدتيـ‪ ،‬أـ ّ‬

‫عبد الرحماف بف نصيب‪ ،‬األسرة والقانوف الجنائي‪ ،‬أطروحة لنيؿ شيادة الدكتوراه‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،2015/2014 ،‬ص ‪.108‬‬


‫المجمس األعمى‪ ،‬الغرفة الجنائية الثانية‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،1984/06/26‬رقـ ‪ ،31720‬المجمة القضائية‪،1990 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫العدد ‪ ،1‬ص ‪.287‬‬


‫‪459‬‬
‫يعد قصو ار في التسبيب‪ ،‬إدانة األب بجريمة عدـ تسميـ قاصر‪،‬‬
‫جاء في القرار ما يمي‪ّ " :‬‬
‫مف دوف مناقشة محضر إشكاؿ في التنفيذ‪ ،‬المعايف رفض األطفاؿ الذىاب مع األـ‬
‫المحكوـ ليا بالحضانة"‪.1‬‬
‫ثالثا‪ -‬حالة تسميم المحضون عند ممارسة حق الزيارة‬
‫ألزـ المشرع القاضي في المادة ‪ 64‬مف ؽ‪.‬أ عند إسناد حؽ الحضانة أف يحكـ‬
‫ويمنح لؤلب حؽ الزيارة أسبوعيا كؿ يوـ‬
‫بحؽ الزيارة‪ ،‬وغالبا ما تسند الحضانة لؤلـ‪ُ ،‬‬
‫جمعة وسبت مف الساعة العاشرة صباحا إلى الخامسة مساء‪ ،‬ومناصفة خبلؿ العطؿ‬
‫المدرسية واألعياد الوطنية والدينية‪ ،‬عمى أف يكوف النصؼ األوؿ لؤلب‪.‬‬
‫عدة أبرزىا‬
‫وتعترض عممية تسميـ المحضوف مف أجؿ ممارسة حؽ الزيارة مشاكؿ ّ‬
‫التحايؿ مف الطرؼ الذي أسندت لو الحضانة عمى الطرؼ الذي منح لو حؽ الزيارة‪،‬‬
‫ح يث يستعيف األب بالمحضر القضائي ليرافقو يوـ الزيارة لمعاينة مدى تسميـ األوالد‬
‫ألف حؽ الزيارة غالبا ما يكوف يوـ الجمعة أو السبت وىي أياـ‬
‫المحضونيف لو مف عدمو‪ ،‬و ّ‬
‫عطمة أسبوعية‪ ،‬فإف ذلؾ يتطمب مف األب استصدار أمر مف رئيس المحكمة المختّص‬
‫إقميميا مف أجؿ اإلذف لممحضر القضائي بالعمؿ خارج األوقات القانونية المسموح بيا‪،‬‬
‫وبعد ذلؾ ُيسمّ ُـ األمر لممحضر القضائي ليرافقو يوـ الجمعة أو السبت مف أجؿ القياـ‬
‫بالمعاينة‪.‬‬
‫واإلشكاؿ الذي يواجيو األب أثناء ممارستو حؽ الزيارة أحيانا ىو تحايؿ األـ إذا‬
‫أف األب قد حضر رفقة المحضر القضائي إلجراء‬ ‫كانت سيئة النية‪ ،‬حيث عندما ترى ّ‬
‫معاينة حوؿ تسميـ المحضوف مف عدمو‪ ،‬تمتثؿ لمحكـ القضائي الذي منح حؽ الزيارة‬
‫لؤلب‪ ،‬وتسمّمو الولد المحضوف‪ ،‬وحينما يحضر األب لوحده تمتنع عف منحو حؽ زيارة‬
‫ا لمحضوف بأعذار واىية‪ ،‬أحيانا تتذرع بأف المحضوف مريض‪ ،‬وأحيانا ال تفتح الباب بتاتا‬
‫لؤلب‪ ،‬فيجد األب نفسو محتا ار كيؼ يواجو ىذا اإلشكاؿ؟ وألنو ال يستطيع كؿ أسبوع‬
‫استصدار أمر مف القضاء مف أجؿ تعييف محضر قضائي يرافقو أثناء حؽ الزيارة‪ ،‬كما‬
‫ال يمكنو كؿ أسبوع تحمؿ تكاليؼ المصاريؼ التي يدفعيا مف أجؿ استصدار األمر‪،‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة الجنح والمخالفات‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ،2006/04/26‬مجمة المحكمة العميا‪ ،2007 ،‬عدد ‪،02‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.563‬‬
‫‪460‬‬
‫صر‬
‫وأتعاب المحضر القضائي مف أجؿ تحرير محضر المعاينة‪ ،‬فتجد األب في البداية ُي ّ‬
‫ثـ ال يمبث أف يصيبو التعب والنصب‬ ‫مرة ومرتيف وثبلث‪ ،‬ويقوـ بيذه الخطوات أسبوعيا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫مف الجري وراء األوامر والمحضريف القضائييف مف أجؿ مرافقتو أثناء عممية الزيارة‪،‬‬
‫جرء ذلؾ‪ ،‬ىذا كمو يؤدي بو إلى ترؾ حؽ الزيارة‬
‫باإلضافة إلى التكاليؼ التي ترىقو ّا‬
‫والتسميـ بأمر الواقع‪ ،‬فيفقد ولده رغما عنو‪.‬‬
‫وأماـ عدـ وجود نص قانوني يوضح الحؿ الواجب اإلتباع مف أجؿ مواجية مثؿ‬
‫الحاالت‪ ،‬فإنني أعتقد بأنو يجب أف يسمح لممحضر القضائي بموجب األمر الذي يخولو‬
‫االنتقاؿ رفقة صاحب حؽ الزيارة‪ ،‬أف ال يظير أماـ صاحب حؽ الحضانة الذي يتحايؿ‬
‫تقدـ‬
‫في تسميـ الولد المحضوف‪ ،‬واّنما يراقب العممية عف بعد ويحرر محض ار بما رآه أثناء ّ‬
‫يحؽ‬
‫فإنو ّ‬
‫تكرر تحايؿ األـ في ذلؾ‪ّ ،‬‬
‫األب إلى مسكف األـ مف أجؿ جمب المحضوف‪ ،‬واذا ّ‬
‫لؤلب رفع دعوى جزائية بجرـ عدـ تسميـ الطفؿ‪ ،‬ث ّـ دعوى مدنية أماـ قسـ شؤوف األسرة‬
‫مف أجؿ إسقاط الحضانة عف األـ بسبب التحايؿ‪ ،‬وىذا حتى يرتدع الطرؼ المتحايؿ‪،‬‬
‫ويتجن ب األب عناء استصدار األوامر ومرافقة المحضر القضائي أسبوعيا‪ ،‬وتحمؿ‬ ‫ّ‬
‫المصاريؼ الكبيرة التي ترىقو‪.‬‬
‫كما أوصي بضرورة النص عمى قابمية األمر عمى عريضة الذي يصدره رئيس‬
‫المحكمة لئلذف لممحضر القضائي باالنتقاؿ إلجراء معاينة مدى تسميـ الولد المحضوف‬
‫مدة‬
‫مف عدمو‪ ،‬إلعادة التنفيذ بموجب نفس األمر عمى األقؿ لمدة ثبلثة أشير‪ ،‬وىي ّ‬
‫سقوط األمر عمى عريضة‪ ،‬مف أجؿ تجنيب صاحب حؽ الزيارة مشقة استصدار األمر‬
‫كؿ أسبوع‪.‬‬
‫جمة أثناء تنفيذ الحكـ القضائي المتعمؽ‬
‫كما يواجو المحضر القضائي صعوبات ّ‬
‫بحؽ الزيارة عندما يكوف الولد المحضوف رضيعا لـ يبمغ السنة أو السنتيف‪ ،‬حيث غالبا ما‬
‫يكوف حؽ الزيارة مخوال لؤلب بيف الساعة العاشرة والساعة الثانية عشر صباحا فقط‪،‬‬
‫مدة طويمة مف الزمف‪،‬‬
‫لسف الرضيع المحضوف الذي ال يستطيع مفارقة والدتو ّ‬
‫مراعاة ّ‬
‫ومثاؿ ذلؾ حكـ محكمة بئر مراد رايس الصادر بتاريخ ‪ 2015/07/06‬الذي جاء فيو‪" :‬‬
‫‪ ...‬وتقرير حؽ الزيارة لممدعي األب كؿ يومي جمعة وسبت‪ ،‬وفي األعياد الوطنية‬
‫والدينية لمدة ساعتيف في اليوـ‪ ،‬مف الساعة العاشرة صباحا إلى الثانية عشرة منتصؼ‬
‫‪461‬‬
‫النيار‪ ،‬إلى غاية بموغيا سنتيف مف العمر‪ ،‬عمى أف تصبح بعد ذلؾ باألخذ والرد في‬
‫الوقت المحدد مف الساعة التاسعة صباحا إلى غاية الساعة الخامسة مساء‪ ،‬وعند بموغ‬
‫سف الدراسة مع األخذ والرد والمبيت وفي العطؿ المدرسية مناصفة بينيما عمى أف يكوف‬
‫النصؼ األوؿ مخصصا لؤلب ‪.1"...‬‬
‫ويواجو تنفيذ مثؿ ىذه السندات عدة إشكاالت‪ ،‬حيث تطمب األـ مف األب‬
‫ممارسة حؽ الزيارة في منزليا أو أمامو‪ ،‬وأف ال يأخذ األب الولد المحضوف معو‪ ،‬كونو‬
‫أف السند التنفيذي ال ينص عمى أخذ‬
‫وتدعي ّ‬
‫ال زاؿ رضيعا وال يمكنو االستغناء عنيا‪ّ ،‬‬
‫أف حؽ الزيارة يمكف لؤلب أف يمارسو‬
‫الولد المحضوف واّنما عمى حؽ زيارة المحضوف‪ ،‬و ّ‬
‫تحمؿ المحضر القضائي‬ ‫وتدعي أنيا ّ‬
‫أماـ مسكف الحاضنة دوف أخذ الولد المحضوف‪ّ ،‬‬
‫واألب المسؤولية عف أي خطر أو ضرر يصيب المحضوف جراء أخذه بعيدا عنيا‪ ،‬بينما‬
‫ويرجعو في الوقت الذي‬
‫يرفض األب ذلؾ‪ ،‬ويطالب بحقو في أف يأخذ المحضوف معو‪ُ ،‬‬
‫حدده السند التنفيذي‪.‬‬
‫وبالرغـ مف أف العمؿ في مثؿ ىذه القضايا ىو أخذ الولد المحضوف مف قبؿ‬
‫األب وارجاعو في الوقت المحدد‪ ،‬إالّ أنو حبذا لو يتدخؿ المشرع بنص واضح ُي ّبيف ىؿ‬
‫يتـ أماـ مسكف الحاضنة؟ أـ يجوز لؤلب أخذ الولد‬ ‫حؽ زيارة المحضوف الرضيع ّ‬
‫المحضوف بعيدا عف مسكف الحاضنة‪ ،‬ولو كاف رضيعا لـ يبمغ السنتيف؟ أو يترؾ السمطة‬
‫تتـ ممارسة‬
‫التقديرية لمقاضي‪ ،‬الذي يجب عميو التوضيح في منطوؽ السند التنفيذي‪ ،‬ىؿ ّ‬
‫تتـ الزيارة بمسكف المرأة الحاضنة‬
‫حؽ الزيارة بأخذ الولد المحضوف إلى مسكف األب‪ ،‬أـ ّ‬
‫تجنب اإلشكاالت والمزاعـ التي ُيدلي بيا كؿ واحد مف الطرفيف‬
‫يتـ ّ‬
‫أو أمامو‪ ،‬وذلؾ حتى ّ‬
‫في مثؿ ىذه القضايا‪ ،‬وحتى يكوف المحضر القضائي عمى ّبينة مف أمره فيما يخص‬
‫اإلجراء الواجب القياـ بو أثناء تنفيذ األحكاـ التي تنص عمى حؽ الزيارة‪ ،‬واف كنت أعتقد‬
‫أنو يجب مراعاة مصمحة المحضوف أثناء ممارسة حؽ الزيارة‪ ،‬قياسا عمى مراعاتيا عند‬
‫ينص المشرع صراحة عمى وجوب مراعاة مصمحة‬
‫ّ‬ ‫الحكـ بالحضانة‪ ،‬لذا أقترح أف‬

‫محكمة بئر مراد رايس‪ ،‬قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬حكـ مؤرخ في ‪ ،2015/07/06‬فيرس رقـ ‪ ،15/05920‬جدوؿ قـ‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،15/03230‬غير منشور‪ ،‬الممحؽ رقـ ‪.04‬‬


‫‪462‬‬
‫المحضوف عند الحكـ بحؽ الزيارة‪ ،‬وترؾ السمطة التقديرية لمقاضي الذي يفصؿ في طمب‬
‫حؽ الزيارة لممحضوف‪ ،‬مع مراعاة ىذه المصمحة‪.‬‬
‫ومف بيف اإلشكاالت التي تُطرح في الواقع بمناسبة ممارسة حؽ الزيارة‪ ،‬والناتجة‬
‫عف فراغ تشريعي‪ ،‬اإلشكاؿ المتعمؽ بإرجاع المحضوف بعد ممارسة حؽ الزيارة‪ ،‬فيؿ‬
‫صاحب حؽ الزيارة ممزـ بإرجاع المحضوف بعد انقضاء الفترة المحددة لمزيارة؟ أـ عمى‬
‫الحاضنة أف تتقدـ إلى األب مف أجؿ إرجاع األوالد المحضونيف؟ حيث في ظؿ غياب‬
‫نص يحدد واجبات كؿ طرؼ مف األطراؼ‪ ،‬أعتقد أنو تجنبا لكؿ االحتياالت المشاىدة في‬
‫الواقع‪ ،‬يجب عمى القاضي أف ينص عمى منح حؽ الزيارة لمولد المحضوف خبلؿ فترة‬
‫ورد الولد المحضوف في‬
‫وردا‪ ،‬حتى يتبيف أف صاحب حؽ الزيارة ممزـ بأخذ ّ‬
‫محددة أخذا ّ‬
‫تجنب أي تحايؿ منو بخصوص إرجاع الولد المحضوف‬ ‫ويتـ ّ‬
‫الوقت المحدد لو لمزيارة‪ّ ،‬‬
‫لمحاضنة‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬اإلشكاالت المتعمقة بتوفير مسكن مالئم لممارسة الحضانة‬

‫ألزـ المشرع األب بأف يوفر لمحاضنة سكنا مبلئما لممارسة الحضانة‪ ،‬واف تع ّذر‬
‫عميو ذلؾ يدفع بدؿ اإليجار‪ ،‬وذلؾ بموجب الفقرة األولى مف المادة ‪ 72‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬حيث‬
‫يعتبر السكف أو أجرتو مف مشتمبلت النفقة التي يجب عمى األب توفيرىا ألوالده وفقا‬
‫فإنو غالبا ما تتضمف أحكاـ الطبلؽ إلزاـ المطمؽ بتوفير‬
‫لنص المادة ‪ 78‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬لذا ّ‬
‫مسكف مبلئـ لممطمقة الحاضنة مف أجؿ ممارسة الحضانة‪ ،‬واف تع ّذر عميو ذلؾ يمزـ بدفع‬
‫بدؿ إيجار مسكف شيريا يقدره القاضي‪.‬‬
‫وقد أبانت عممية تنفيذ أحكاـ شؤوف األسرة المتضمنة إلزاـ األب توفير مسكف‬
‫ومرد كؿ‬
‫ّ‬ ‫عدة في تنفيذ ىذا الشطر مف السند التنفيذي‪،‬‬
‫مبلئـ لممارسة الحضانة مشاكؿ ّ‬
‫يتـ اعتمادىا في تحديد‬
‫اإلشكاالت والصعوبات إلى عدـ تحديد المشرع معايير دقيقة ّ‬
‫مواصفات المسكف المبلئـ لممارسة الحضانة‪ ،‬والشروط الواجب توافرىا في ىذا المسكف‪،‬‬
‫حيث اكتفى نص المادة ‪ 72‬فقرة ‪ 01‬مف ؽ‪.‬أ بذكر توفير سكنا مبلئما لممارسة‬
‫الحضانة‪ ،‬ويكتفي القاضي في حكمو بتكرار نفس المفظ‪ ،‬لكف أثناء التنفيذ يجد المحضر‬
‫يعد سكنا‬
‫القضائي نفسو أماـ عديد العقبات التي تصدر مف ىذا الطرؼ أو ذاؾ‪ ،‬فما ّ‬
‫‪463‬‬
‫يعد كذلؾ في وجية نظر الحاضنة‪ ،‬ويجد المحضر‬ ‫مبلئما في وجية نظر األب قد ال ّ‬
‫القضائي نفسو بينيما حائ ار حوؿ النص القانوني الذي يعتمده‪ ،‬أو اإلجراء الواجب القياـ‬
‫بو لتنفيذ مضموف السند التنفيذي‪ ،‬ويمكف اإلشارة في ىذا الصدد إلى بعض اإلشكاالت‬
‫التي تعترض تنفيذ ىذا الجزء المتعمؽ بتوفير سكف مبلئـ لمحضانة‪.‬‬
‫أوال‪ -‬غياب معيار محدد لتعذر توفير مسكن مالئم لمحاضنة‬
‫يحدد المشرع المقصود مف عبارة تعذر عمى األب توفير سكف مبلئـ لمحاضنة‬
‫لـ ّ‬
‫تبيف وجود عذر مقبوؿ لؤلب حتى‬
‫لممارسة الحضانة‪ ،‬وما ىي المعايير الموضوعية التي ّ‬
‫ينتقؿ لدفع بدؿ اإليجار‪ ،‬فقد ال يتعذر عمى األب توفير واستئجار مسكف مبلئـ لممارسة‬
‫الحضانة‪ ،‬ومع ذلؾ يختار دفع بدؿ اإليجار لممطمقة الحاضنة‪ ،‬فيؿ يحؽ لو االختيار بيف‬
‫توفير مسكف مبلئـ وبيف دفع بدؿ إيجار مسكف؟ وكيؼ يمكننا إثبات تعذر تنفيذ األب‬
‫الشؽ المتعمؽ بتوفير مسكف مبلئـ لممارسة الحضانة؟ فقد ال تقبؿ المطمقة الحاضنة‬
‫ّ‬
‫استبلـ مبمغ نفقة بدؿ اإليجار عمى أساس أف األب والد المحضونيف قادر عمى توفير‬
‫يمكنيا مف استئجار مسكف‬‫ّ‬ ‫أف بدؿ اإليجار المحكوـ بو ال‬ ‫مسكف مبلئـ لمحضانة‪ ،‬و ّ‬
‫لمحضانة‪ ،‬لذا تبقى عبارة " ‪ ...‬واف تع ّذر ذلؾ فعميو دفع بدؿ اإليجار" تثير العديد مف‬
‫ادعاء األب ّأنو تع ّذر عميو توفير مسكف لممارسة الحضانة‪،‬‬
‫اإلشكاالت‪ ،‬فيؿ يكفي ّ‬
‫لبلنتقاؿ لمشطر الثاني الذي يمزمو دفع بدؿ اإليجار‪ ،‬أـ ىناؾ معايير موضوعية يجب‬
‫مراعاتيا في ذلؾ لمقوؿ بتحقّؽ التعذر مف عدمو؟‬
‫ثانيا‪ -‬عدم تحديد مواصفات السكن المالئم لمحاضنة‬
‫الشؽ المتعمؽ بتوفير مسكف مبلئـ‬
‫ّ‬ ‫مف بيف اإلشكاالت التي تثار عند تنفيذ‬
‫لمحاضنة‪ ،‬المواصفات التي يجب توافرىا في المسكف‪ ،‬وفي ىذا الصدد تثار نقطتيف‬
‫أساسيتيف ىما‪:‬‬
‫‪ -1‬عدم توفر بعض الشروط في المسكن المخصص من قبل األب لمحاضنة‬
‫غالبا ما يبحث األب عند إلزامو بتوفير مسكف مبلئـ لممارسة الحضانة عف‬
‫أف بدؿ إيجار ىذا المسكف‬‫مسكف منخفض التكمفة‪ ،‬وال ييمو موقعو وال محتوياتو‪ ،‬الميـ ّ‬
‫غير مرتفع‪ ،‬وقد يحتوي عمى غرفة وحماـ ومرحاض فقط‪ ،‬ويتوفر عمى الماء والكيرباء‪،‬‬
‫ثـ ال ييـ بعد ذلؾ إف كانت أرضيتو‬
‫ومؤمف مف حيث احتوائو عمى جدراف وأبواب ونوافذ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫‪464‬‬
‫ثـ يقوـ باستئجاره وعرضو عمى المحضر القضائي‬
‫مبمطة أو جدرانو مطمية بطبلء جديد‪ّ ،‬‬
‫يقدـ األب محضر معاينة مف المحضر القضائي‬‫القائـ بالتنفيذ الذي يقوـ بمعاينتو‪ ،‬أو ّ‬
‫المختص إقميميا‪ ،‬إف كاف المسكف خارج عف دائرة االختصاص اإلقميمي لممحضر‬
‫ألف المحضر القضائي طرؼ حيادي‪ ،‬وأماـ غياب نص قانوني‬ ‫القضائي القائـ بالتنفيذ‪ ،‬و ّ‬
‫يبيف مواصفات المسكف المبلئـ‪ ،‬يقوـ بعرض المسكف عمى الحاضنة‪ ،‬التي قد ترى فيو‬ ‫ّ‬
‫أف المسكف‬
‫مسكنا غير مبلئـ لعدـ وجود مطبخ مستقؿ مثبل‪ ،‬أو لعدـ وجود الببلط‪ ،‬أو ّ‬
‫الموفر غير مؤثث بكؿ األثاث الذي ترى الحاضنة أنو ضروري لممعيشة‪ ،‬أو ما إلى ذلؾ‬
‫مف األمور التي ترى فييا الحاضنة شروطا ضرورية لممعيشة‪.‬‬
‫وعمى أساس ذلؾ تطمب الحاضنة مف المحضر القضائي تحرير محضر عدـ‬
‫توفير مسكف مبلئـ‪ ،‬ويطمب األب منو تحرير محضر توفير مسكف مبلئـ لممارسة‬
‫الحضانة‪ ،‬وأ عتقد أنو حتى لو التجأ المحضر القضائي لتحكيـ العرؼ والعادة في تحديد‬
‫مواصفات ما يجب أف يكوف عميو المسكف المبلئـ‪ ،‬فإف ذلؾ لف يعصمو مف منازعة أحد‬
‫َّ‬
‫الحؿ الذي‬ ‫فإف‬
‫وسيجره إلى عديد الشكاوي والمتابعات القضائية الكيدية‪ ،‬لذا ّ‬ ‫الطرفيف‪،‬‬
‫ّ‬
‫يعتمده المحضروف القضائيوف في مثؿ ىذه اإلشكاالت ىو تحرير محضر معاينة لممسكف‬
‫يحدد مف خبللو ما يحتويو المسكف مف غرؼ‬
‫الذي وفّره األب ووصؼ وصفا دقيقا‪ّ ،‬‬
‫وممحقات وأثاث‪ ،‬ويمتقط صو ار فوتوغرافية لو‪ ،‬وينقؿ التحفظات التي جعمت الحاضنة‬
‫ترفض ىذا المسكف‪ ،‬ويسمّـ لكبل الطرفيف نسخة مف المحضر مف أجؿ الرجوع إلى القضاء‬
‫لمفصؿ بينيما‪ ،‬والقوؿ ىؿ المسكف الذي وفّره األب مبلئما‪ ،‬فتمزـ الحاضنة بقبوؿ عرضو‪،‬‬
‫حدده القاضي‪.‬‬
‫أـ أنو غير مبلئـ فيمزـ األب بدفع بدؿ اإليجار الذي ّ‬
‫‪ -02‬كون المسكن المخصص من قبل األب بعيدا عن أىل الحاضنة‬
‫إما بسبب‬‫يوفر األب أحيانا مسكنا يكوف بعيدا عف أىؿ الحاضنة‪ ،‬وذلؾ ّ‬
‫انخفاض ثمف بدؿ اإليجار ىذا المسكف‪ ،‬واما تحايبل مف األب ونكاية في المطمقة‬
‫الحاضنة حتى تتغرب وتزيد متاعبيا بعد الطبلؽ‪ ،‬ومف أجؿ التضييؽ عمييا حتى تتخمى‬
‫عف حقّيا في الحضانة‪ ،‬أو عف حقيا في توفير مسكف ليا لممارسة الحضانة‪ ،‬فيسقط‬
‫حقيا في بدؿ اإليجار‪ ،‬وغالبا ما ترفض المطمقة ىذا المسكف البعيد عف أىميا‪ ،‬فيسقط‬
‫حقّيا فيو وفي بدؿ اإليجار‪.‬‬
‫‪465‬‬
‫وألنو ال سمطة لممحضر القضائي في رفض ىذا المسكف البعيد‪ ،‬وال يمكنو إلزاـ‬
‫األب توفير مسكف آخر قريب مف أىؿ الحاضنة‪ ،‬وذلؾ بسبب غياب نص قانوني صريح‬
‫ُيمزـ األب بتوفير مسكف لممارسة الحضانة غير بعيد عف أىؿ الحاضنة‪ ،‬وال يمكف‬
‫لممحضر القضائي مف تمقاء نفسو تحرير محضر عدـ توفير مسكف مبلئـ لممارسة‬
‫الحضانة كوف المسكف بعيد‪ ،‬لذا الحؿ الوحيد لمحاضنة ىو المجوء إلى القضاء مف جديد‬
‫مف أجؿ اإلقرار بأف المسكف الموفر مف قبؿ األب غير مبلئـ‪ ،‬حتى يستطيع المحضر‬
‫القضائي إلزاـ األب مف جديد بتوفير مسكف آخر يكوف قريبا مف أىؿ الحاضنة‪.‬‬
‫تدخؿ المشرع‬
‫فإف ّ‬
‫واف كاف ىذا الحؿ الذي تمجأ إليو الحاضنة حبلّ ترقيعيا فقط‪ّ ،‬‬
‫وقيامو بتحديد المواصفات والشروط الواجب توفرىا في المسكف المبلئـ لممارسة الحضانة‬
‫بموجب نص قانوني واضح‪ ،‬مف شأنو أف يخفؼ عف الحاضنة عناء المجوء في كؿ مرة‬
‫إلى القضاء‪ ،‬فضبل عف التخفيؼ عنيا مف تكمفة المصاريؼ القضائية التي تدفعيا في كؿ‬
‫ألف حماية الحاضنة حماية لممحضوف‪ ،‬وراحتيا مف راحتو‪.‬‬
‫مرة‪ّ ،‬‬
‫يبيف مواصفات المسكف‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّأنو في غياب نص قانوني صريح ّ‬
‫حددت معياريف لممبلئمة مف حيث مكاف‬
‫المبلئـ لممارسة الحضانة‪ ،‬فإف المحكمة العميا ّ‬
‫تواجد السكف‪ ،‬حيث اشترطت المحكمة العميا ضرورة تواجد المسكف الموفر مف قبؿ األب‬
‫إما بمكاف تواجد بيت الزوجية‪ ،‬أو مكاف تواجد أىؿ الحاضنة‪ ،‬حيث جاء في قرار‬
‫ّ‬
‫المحكمة العميا رقـ ‪ 581700‬المؤرخ في ‪ 2010/11/11‬ما يمي‪ ... " :‬ويبقى مكاف‬
‫توفير السكف مرتبطا بمكاف ممارسة الحضانة الذي يتحدد إما بمكاف بيت الزوجية قبؿ‬
‫ثـ فطالما أف الحاضف وفّر المسكف في‬ ‫الطبلؽ‪ ،‬أو بمكاف تواجد أىؿ الحاضنة‪ ،‬ومف ّ‬
‫المكاف الذي يقيـ فيو‪ ،‬وىو مكاف بيت الزوجية قبؿ الطبلؽ‪ ،‬فإنو ال يمكف إلزامو بتوفير‬
‫أف المكاف األوؿ يحقؽ مصمحة‬ ‫خاصة و ّ‬
‫ّ‬ ‫السكف في مكاف آخر تختاره الحاضنة‪،‬‬
‫المحضوف مف باب رعاية األب وتفقد أحوالو‪ ،‬األمر الذي يجعؿ القرار المطعوف فيو‬
‫‪1‬‬
‫مشوبا بالقصور ويتعيف نقض القرار‪"...‬‬

‫المحكمة العميا‪ ،‬غرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬قرار رقـ ‪ ،581700‬مؤرخ في ‪ ،2010/11/11‬مجمة المحكمة العميا‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العدد األوؿ‪ ،2011 ،‬ص ‪.252‬‬


‫‪466‬‬
‫وىما معياريف موضوعييف يمكف لمقاضي االستعانة بيما مؤقتا‪ ،‬إلى غاية تدخؿ‬
‫المشرع والفصؿ في المواصفات التي يجب توافرىا في المسكف المبلئـ لممارسة الحضانة‪،‬‬
‫وذلؾ عند فصمو في إشكاالت التنفيذ المتعمقة بمكاف توفير سكف مبلئـ لممارسة‬
‫الحضانة‪ ،‬واف كانا غير كافييف‪ ،‬ألنيما يتعمقاف بمكاف تواجد المسكف فقط‪ ،‬وال يشمبلف‬
‫كؿ المواصفات الواجب توفرىا في المسكف المبلئـ‪ ،‬مما يستدعي تدخؿ المشرع والفصؿ‬
‫في المسألة‪.‬‬
‫وكخبلصة لئلشكاالت التي تواجو تنفيذ األحكاـ القضائية المتعمقة بشؤوف األسرة‬
‫فإف المشرع أَقّر العديد مف الحقوؽ لمزوجيف واألوالد‬
‫فيما يخص قضايا الزواج والطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫في قانوف األسرة‪ ،‬غير ّأنيا ال تَ ِجد سبيميا إلى التنفيذ بسبب مواجيتيا عدة عقبات‬
‫مردىا أحيانا غياب النص القانوني‪ ،‬وأحيانا أخرى غموض الحكـ القضائي‪ ،‬مما‬
‫وعراقيؿ‪ّ ،‬‬
‫يتطمب تدخؿ المشرع مف جديد‪ ،‬وذلؾ بوضع نصوص موضوعية وأخرى إجرائية تزيؿ‬
‫تمت االشارة إلييا سابقا‪ ،‬حتى ال يجد صاحب الحؽ نفسو في كؿ‬
‫الغموض والعقبات التي ّ‬
‫مرة ممزما المجوء إلى القضاء مف أجؿ ح ّؿ ىذا اإلشكاؿ أو ذاؾ‪ ،‬وحتى نتفادى أي تحايؿ‬
‫ّ‬
‫مف أحد األطراؼ في تنفيذ السندات التنفيذية الخاصة بشؤوف األسرة‪ ،‬وفي ذلؾ تخفيؼ‬
‫تحمؿ مصاريؼ قضائية جديدة قد تثقؿ كاىمو‪ ،‬وتقعده عف‬ ‫عمى صاحب الحؽ مف ّ‬
‫مواصمة اإلجراءات مف أجؿ طمب حقّو مف جية‪ ،‬ومف جية أخرى تخفيفا عمى جياز‬
‫مرة مف أجؿ‬
‫القضاء بخفض عدد القضايا المرفوعة أمامو‪ ،‬والتي تتطمب تدخمو في كؿ ّ‬
‫خاصة بقضية واحدة‪.‬‬
‫ح ّؿ إشكاالت التنفيذ ال ّ‬

‫‪467‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫جميا أىمية تنظيـ القواعد‬
‫تقدـ ذكره في ىذه األطروحة‪ ،‬يظير ّ‬‫مف خبلؿ ما ّ‬
‫خاصة عندما يتعمؽ األمر بأحكاـ الزواج والطبلؽ‪ ،‬نظ ار‬
‫ّ‬ ‫اإلجرائية في شؤوف األسرة‪،‬‬
‫ألثرىا البميغ في التطبيؽ السميـ لمقواعد الموضوعية في قانوف األسرة‪ ،‬واحتراـ أحكاـ‬
‫الشرع‪ ،‬وعدـ مخالفة النظاـ العاـ‪ ،‬وقد خمص ىذا البحث إلى النتائج التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬فيما يخص ممؼ الزواج‪ ،‬أوجب المشرع عمى المرأة التي ُح َّؿ زواجيا‬
‫ممخصا مف عقد الزواج‪ ،‬أو الوالدة‪ ،‬أو الدفتر‬
‫تقدـ ضمف ممؼ الزواج ّ‬ ‫بالطبلؽ‪ ،‬أف ّ‬
‫قد ُـ حكـ الطبلؽ مرفقا بشيادة القاضي أو أميف‬
‫العائمي الذي يتضمف عبارة الطبلؽ‪ ،‬أو تُ ّ‬
‫بأف الحكـ صار حائ از قوة الشيء المقضي فيو‪ ،‬وذلؾ وفقا لنص‬ ‫الضبط المختص يشيد ّ‬
‫المادة ‪ 75‬الفقرة الثانية مف قانوف الحالة المدنية‪ ،‬غير أنني أعتقد أف ىذا االشتراط الذي‬
‫ألف أحكاـ الطبلؽ تصدر في أوؿ وآخر درجة‪،‬‬
‫جاء بو النص أمر غير صائب حاليا‪ّ ،‬‬
‫فيي أحكاـ حائزة قوة الشيء المقضي فيو‪ ،‬وغير قابمة لمطعف فييا بأي وجو مف أوجو‬
‫الشؽ المتعمؽ بالطبلؽ‪ ،‬وبالتالي فاستظيار المطمقة نسخة مف حكـ‬
‫ّ‬ ‫الطعف العادية في‬
‫الطبلؽ تكفي إلثبات ّأنيا مطمقة‪.‬‬
‫سنا أدنى ال يمكف النزوؿ تحتو عند الترخيص بزواج‬ ‫يحدد المشرع ّ‬‫ثانيا‪ :‬لـ ّ‬
‫القاصر‪ ،‬وىو أمر منتقد‪ ،‬إذ ال يعقؿ تزويج القاصر عديـ التمييز الذي لـ يبمغ ثبلثة عشر‬
‫سنة وفقا لنص المادة ‪ 02/42‬القانوف المدني‪ ،‬حيث يجب مراعاة القدرة الجسدية والنفسية‬
‫الحد األدنى الذي ال يجب‬
‫يتعيف عمى المشرع تحديد ّ‬ ‫لمقاصر لمترخيص لو بالزواج‪ ،‬لذا ّ‬
‫أف المشرع لـ ينظـ إجراءات منح الترخيص بالزواج‬
‫النزوؿ عنو في تزويج الصغار‪ ،‬كما ّ‬
‫مما يستدعي تدخمو لتدارؾ النقائص والفراغات اإلجرائية التي شابت منح‬
‫بصفة دقيقة‪ّ ،‬‬
‫الترخيص‪ ،‬وتنظيـ زواج األشخاص فاقدي األىمية وناقصييا‪ ،‬وتحديد الشروط واإلجراءات‬
‫الواجبة االتّباع في زواج ىذه الفئة‪.‬‬
‫مس نص المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وذلؾ بإسقاط شرط "إذا‬
‫إف التعديؿ الذي ّ‬ ‫ثالثا‪ّ :‬‬
‫ألف توافر ركف الزواج وشروطو أمر‬
‫توافرت أركانو وفقا ليذا القانوف" يعتبر إسقاطا معيبا‪ّ ،‬‬
‫يتميز الزواج الشرعي عف العبلقات المشبوىة‬
‫ضروري إلثبات الزواج العرفي‪ ،‬إذ بيا ّ‬

‫‪468‬‬
‫والمحرمة‪ ،‬حيث ال يمكف إصدار حكـ بإثبات العبلقة الزوجية إذا تخمّؼ ركف الزواج وىو‬
‫رضا الزوجيف‪ ،‬أو إذا تخمّفت شروط الزواج المحددة في المادة ‪ 09‬مكرر‪ ،‬كالصداؽ‬
‫والولي والشاىديف واألىمية وانعداـ موانع الزواج‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬جاءت المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ مختصرة وقاصرة عف بياف أحكاـ إثبات الزواج‬
‫صحتو‪ ،‬مما يتطمب تدخؿ المشرع مف أجؿ تنظيـ أحكاـ‬
‫ّ‬ ‫العرفي واجراءاتو‪ ،‬وشروط‬
‫يتميز الزواج العرفي الشرعي عف غيره مف‬
‫واجراءات ووسائؿ إثبات الزواج العرفي‪ ،‬حتى ّ‬
‫العبلقات غير الشرعية‪ ،‬حماية لمنظاـ العاـ واآلداب العامة‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬إ ّف الحكـ بعدـ االختصاص اإلقميمي في دعاوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة‬
‫لمزوج يؤدي إلى نتائج تتعارض مع النظاـ العاـ‪ ،‬وتخالؼ أحكاـ الطبلؽ وأحكاـ العدة‬
‫صرح بو الزوج وأوقعو بإرادتو المنفردة‪ ،‬يجب إثباتو وتسجيمو‬
‫ألف الطبلؽ الذي ّ‬
‫والرجعة‪ّ ،‬‬
‫في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬حتى ُيحتسب ضمف عدد الطمقات التي يممكيا الزوج عمى‬
‫وتحوؿ‬
‫ّ‬ ‫العدة‪،‬‬
‫أف الحكـ بعدـ االختصاص اإلقميمي قد يؤدي إلى فوات أجؿ ّ‬
‫زوجتو‪ ،‬كما ّ‬
‫يتـ تفويت الفرصة عمى الزوج في‬
‫الطبلؽ الرجعي إلى طبلؽ بائف بينونة صغرى‪ ،‬وبذلؾ ّ‬
‫أف مخالفة أحكاـ االختصاص‬ ‫استعماؿ حقو في مراجعة زوجتو دوف عقد جديد‪ ،‬كما ّ‬
‫اإلقميمي أولى مف مخالفة أحكاـ الطبلؽ والعدة والرجعة المتعمقة بالنظاـ العاـ‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬يجب األخذ بعيف االعتبار عدـ إمكانية إعماؿ القواعد اإلجرائية بصفة‬
‫وخاصة المتعمقة منيا‬
‫ّ‬ ‫ؾ الرابطة الزوجية باإلرادة المنفردة لمزوج‪،‬‬
‫مطمقة عمى قضايا ف ّ‬
‫بإجراءات شطب الدعوى وفقا لممادة ‪ 216‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬أو التنازؿ عف الخصومة وفقا‬
‫لممادة ‪ 221‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬أو عدـ االختصاص اإلقميمي‪ ،‬أو انقضاء الدعوى بسبب وفاة‬
‫ألف عدـ مراعاة خصوصية ىذه الدعاوى يؤدي إلى نتائج مخالفة لمشرع والقانوف‬
‫الزوج‪ّ ،‬‬
‫والنظاـ العاـ‪ ،‬حيث يجب إصدار حكـ باإلشياد عمى الطبلؽ الذي أوقعو الزوج‪ ،‬حتى‬
‫عدى حدود اهلل المعمومة مف الديف بالضرورة‪.‬‬
‫ال تُتَ ّ‬
‫سابعا‪ :‬يجب عمى ممثؿ النيابة العامة أف يكوف لو دور إيجابي في الحرص عمى‬
‫تثبيت الطبلؽ وتسجيمو‪ ،‬حتى ُيحتسب ضمف عدد الطمقات التي يممكيا الزوج‪ ،‬متى ثبت‬
‫ذلؾ بتأكيد ا لزوج عميو في عريضتو االفتتاحية‪ ،‬أو بتأكيد الزوجة مع الشيود‪ ،‬وأف يعترض‬
‫المدعي ألوؿ جمسة‪ ،‬أو الحكـ بالتنازؿ‬
‫عمى شطب دعوى الطبلؽ إذا لـ يحضر ّ‬
‫‪469‬‬
‫عف الخصومة بناء عمى طمب الزوج‪ ،‬أو الحكـ بعدـ االختصاص اإلقميمي‪ ،‬أو الحكـ‬
‫يتـ اإلشياد بإثبات‬
‫بانقضاء الدعوى لوفاة الزوج بعد تصريحو بالطبلؽ‪ ،‬وذلؾ إذا لـ ّ‬
‫الطبلؽ الذي أوقعو الزوج‪ ،‬حيث عميو تقديـ طمبات كتابية مف أجؿ إثبات الطبلؽ إذا ثبت‬
‫تصريح الزوج بو‪ ،‬والعمؿ عمى تسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬حتى لو تقاعس‬
‫المطمؽ أو المطمقة عف مباشرة إجراءات الدعوى لتثبيت الطبلؽ‪.‬‬
‫بؿ أ كثر مف ذلؾ يجب عمى ممثؿ النيابة العامة متى وصؿ إلى عممو تصريح‬
‫حؽ اال ّدعاء‪ ،‬أف يبادر إلى رفع دعوى تثبيت الطبلؽ الذي‬
‫أف لو ّ‬
‫الزوج بالطبلؽ‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫ثـ السعي‬
‫أوقعو الزوج تمقائيا‪ ،‬سواء بإقرار أحد الزوجيف‪ ،‬أو عف طريؽ إجراء تحقيؽ‪ّ ،‬‬
‫يعد مف النظاـ العاـ‪ ،‬وذلؾ حتى يحتسب‬
‫ألف الطبلؽ ّ‬
‫لتسجيمو بسجبلت الحالة المدنية‪ّ ،‬‬
‫الطبلؽ الذي أوقعو الزوج مف عدد الطمقات التي يممكيا عمى زوجتو‪.‬‬
‫إف اشتراط العديد مف قضاة االستعجاؿ وجود قضية في الموضوع‪ ،‬حتى‬
‫ثامنا‪ّ :‬‬
‫يستجيبوا لمطمب المستعجؿ‪ ،‬ىو اشتراط ببل أساس قانوني وغير صحيح‪ ،‬حيث أعتقد أنو‬
‫ألف‬
‫ال يشترط تسجيؿ دعوى في الموضوع‪ ،‬حتى ينعقد االختصاص لمقاضي االستعجالي‪ّ ،‬‬
‫طرح القضية أماـ قاضي الموضوع ليست شرطا الختصاص قاضي األمور المستعجمة‪،‬‬
‫تبنتو المحكمة العميا‪ ،‬ومع ذلؾ ال زاؿ العديد مف قضاة االستعجاؿ‬
‫وىو الموقؼ الذي ّ‬
‫يشترطوف وجود دعوى في الموضوع حتى يستجيبوا لطمب المدعى في الدعوى‬
‫االستعجالية‪.‬‬
‫تميز قضايا شؤوف األسرة تفرض تمييز بعض‬ ‫إف الخصوصية التي ّ‬
‫تاسعا‪ّ :‬‬
‫الدعاوى بإجراءات خاصة مف حيث آجاؿ الفصؿ فييا‪ ،‬وتقييد قاضي الموضوع بآجاؿ‬
‫بالمدعي عند الفصؿ فييا في آجاؿ‬
‫ّ‬ ‫البت فييا‪ ،‬نظ ار لمضرر الذي قد يمحؽ‬
‫قصيرة عند ّ‬
‫معقولة كما تقتضيو القواعد العامة‪ ،1‬ومف أمثمة ذلؾ قضايا المطالبة بالنفقة لمزوجة‬
‫البت في مثؿ‬
‫ألف سرعة ّ‬ ‫أو األوالد‪ ،‬وقضايا التطميؽ التي يمحؽ الزوجة فييا ضرار بميغا‪ّ ،‬‬
‫ىذه القضايا مف شأنو رفع الضرر عف الزوجة واألوالد بالنسبة لطمب النفقة‪ ،‬أو بالنسبة‬
‫لمزوجة التي تضررت مف زوجيا بسبب مف األسباب المحددة في المادة ‪ 53‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬

‫تنص الفقرة الرابعة مف المادة الثالثة مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية عمى أنو‪ " :‬تفصؿ الجيات القضائية في‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬

‫الدعاوى المعروضة أماميا في آجاؿ معقولة"‪.‬‬


‫‪470‬‬
‫عاشرا‪ :‬أناط المشرع النيابة العامة بدور ميـ‪ ،‬حيث كمّفيا بتسجيؿ عقود الزواج‬
‫تـ تثبيتيا بموجب حكـ قضائي في سجبلت الحالة المدنية‪ ،‬حيث يجب عمييا‬
‫العرفية التي ّ‬
‫السعي في ذلؾ دوف انتظار طمب مف األطراؼ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 22‬الفقرة ‪ 02‬مف‬
‫ؽ‪.‬أ‪ ،‬وال يجب عمى ممثؿ النيابة العامة التراخي في أداء ىذا الدور‪ ،‬أو ترؾ ذلؾ ألطراؼ‬
‫الدعوى لمقياـ بتسجيؿ الزواج في الحالة المدنية بعد صدور الحكـ‪ ،‬خبلفا لما كاف معموال‬
‫بو قبؿ تعديؿ قانوف األسرة‪ ،‬حيث كاف األطراؼ ىـ مف يسعوف في ذلؾ‪ ،‬مما جعؿ أغمب‬
‫يتـ تسجيميا في سجبلت‬
‫أحكاـ تثبيت عقود الزواج العرفي تبقى حبيسة المحاكـ‪ ،‬وال ّ‬
‫الحالة المدنية لتراخي األطراؼ‪ ،‬وحسنا فعؿ المشرع لتدارؾ التأخر في تسجيؿ عقود‬
‫الزواج الذي كاف مشاىدا قبؿ تعديؿ قانوف األسرة‪.‬‬
‫لذا مف الضروري قياـ النيابة العامة بدورىا في عممية تنفيذ أحكاـ الطبلؽ‪،‬‬
‫بتسجيميا في سجبلت الحالة المدنية فور صدور الحكـ‪ ،‬حتى ال تبقى ىذه األحكاـ موقوفة‬
‫بأف طرفي الدعوى ىما المدعواف لمسعي في تسجيميا‪ ،‬في‬
‫النفاذ‪ ،‬بسبب االعتقاد الخاطئ ّ‬
‫أف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ فصمت في ذلؾ‪ ،‬إذ تعتبر أحكاما حائزة قوة الشيء المقضي‬
‫حيف ّ‬
‫فيو‪ ،‬وتصدر في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬وىي غير قابمة لمطعف فييا بالمعارضة أو االستئناؼ‪.‬‬
‫أف النيابة العامة قد تخمّت عف أداء الكثير مف أدوارىا‬
‫الحادي عشر‪ :‬أعتقد ّ‬
‫المتعمقة بقضايا شؤوف األسرة‪ ،‬بالرغـ مف تبوؤىا مركز الطرؼ األصمي في دعاوى شؤوف‬
‫مما يستدعي التنبيو‬
‫األسرة‪ ،‬ويرجع ذلؾ لسوء فيـ المركز الجديد الذي أواله المشرع ليا‪ّ ،‬‬
‫عمى ضرورة تدخؿ النيابة العامة في جميع قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬وخاصة دعاوى الزواج‬
‫والطبلؽ‪ ،‬سواء مف ناحية إجراءات الدعوى‪ ،‬أو مف ناحية موضوعيا‪ ،‬وعدـ االكتفاء‬
‫بتقديـ التماسات بتطبيؽ القانوف‪ ،‬إذ يحؽ ليا اال ّدعاء‪ ،‬ويجب عمى ممثميا حضور‬
‫ألف اكتفاء ممثؿ النيابة العامة بطمب‬
‫الجمسات وتقديـ طمبات كتابية‪ ،‬ولو حؽ االعتراض‪ّ ،‬‬
‫تطبيؽ القانوف ىو طمب مخالؼ لمقانوف‪ ،‬وتنص ٌؿ منو عف الدور الذي أناطو المشرع‬
‫لمنيابة العامة كطرؼ أصمي‪ ،‬وخمط بيف دور الطرؼ المنضـ والطرؼ األصمي في‬
‫الدعوى‪.‬‬
‫الثاني عشر‪ :‬مف بيف األدوار اإليجابية التي يجب عمى ممثؿ النيابة العامة القياـ‬
‫بيا باعتباره طرفا أصميا في دعاوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬االستفسار عف عدد‬
‫‪471‬‬
‫مرتيف‪ ،‬وثبت ذلؾ‬
‫تبيف لو أف الزوج طمّؽ زوجتو ّ‬
‫المرات التي طمّؽ فييا الزوج زوجتو‪ ،‬فإف ّ‬
‫ّ‬
‫بموجب أحكاـ قضائية‪ ،‬وأف الدعوى المرفوعة أماـ القضاء تعتبر الطبلؽ المكمؿ لمثبلث‪،‬‬
‫فإف عمى ممثؿ النيابة العامة أف يعترض كتابيا عمى إجراء محاوالت لمصمح بينيما‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫تقدـ بيا المطمؽ أو المطمقة‪ ،‬لمخالفة الصمح أو الرجوع لمنظاـ‬
‫عمى طمبات الرجوع إف ّ‬
‫العاـ‪.‬‬
‫الثالث عشر‪ :‬عرؼ تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ تأخ ار كبي ار ومشاكؿ عديدة قبؿ تعديؿ‬
‫يتـ بسعي مف‬
‫قانوف األسرة‪ ،‬أيف كاف تسجيؿ حكـ الطبلؽ في سجبلت الحالة المدنية ّ‬
‫رئيس أمناء الضبط لدى المحكمة التي صدر عنيا حكـ الطبلؽ‪ ،‬بناء عمى طمب‬
‫األطراؼ‪ ،‬مما دفع المشرع بعد تعديؿ قانوف األسرة إلى اعتبار أحكاـ الطبلؽ أحكاما‬
‫نيائية بمجرد النطؽ بيا‪ ،‬وال تقبؿ الطعف فييا بطرؽ الطعف العادية كالمعارضة‬
‫واالستئناؼ‪ ،‬مما يوجب تنفيذىا بمجرد صدورىا‪ ،‬وتسجيميا في سجبلت الحالة المدنية‪،‬‬
‫جدية وحرص النيابة‬
‫وأسند المشرع ميمة تنفيذىا وتسجيميا إلى ممثؿ النيابة العامة‪ ،‬نظ ار ل ّ‬
‫العامة في تطبيؽ القانوف وحماية المجتمع والنظاـ العاـ‪ ،‬حيث يقوـ السيد وكيؿ الجميورية‬
‫لدى المحكمة التي صدر عنيا حكـ الطبلؽ بتوجيو طمب إلى ضابط الحالة المدنية التي‬
‫تـ إبراـ وتسجيؿ عقد الزواج فييا‪ ،‬مرفقا بنسخة مف حكـ الطبلؽ‪ ،‬مف أجؿ تقييد الطبلؽ‬
‫ّ‬
‫في سجؿ عقود الزواج‪ ،‬وىو تعديؿ إيجابي‪.‬‬
‫الرابع عشر‪ :‬مف المسائؿ التي يجب عمى النيابة العامة التنبو إلييا‪ ،‬الحاالت‬
‫التي يطمب فييا الزوج استعماؿ حؽ الرجعة دوف عقد جديد‪ ،‬حيث يجب التأ ّكد مف‬
‫انقضاء مدة العدة مف عدميا‪ ،‬قبؿ الحكـ بإلزاـ الزوجة بالرجوع إلى مسكف الزوجية‪ ،‬فإف‬
‫تبيف انقضاء العدة‪ ،‬وجب اإلشياد بتثبيت الطبلؽ الذي أوقعو الزوج‪ ،‬وتسجيمو بسجبلت‬
‫ّ‬
‫الحالة المدنية‪ ،‬وعمى ممثؿ النيابة العامة االعتراض عمى طمب الرجوع دوف عقد جديد‪،‬‬
‫تبيف أف الزوج استنفذ الطمقات الثبلث التي يممكيا عمى زوجتو‪ ،‬فيجب‬
‫وكذلؾ األمر إذا ّ‬
‫عمييا االعتراض عمى طمب الرجعة المقدـ مف الزوج أو الزوجة مطمقا‪ ،‬ألف أحكاـ العدة‬
‫والرجعة تتعمؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬وال يجوز مخالفتيا‪.‬‬
‫الخامس عشر‪ :‬مف المياـ التي يجب عمى ممثؿ النيابة العامة التدخؿ فييا‪،‬‬
‫طمؽ الزوج زوجتو‪ ،‬وتوفي أحدىما في عدة‬
‫ّ‬ ‫الدعاوى التي تتعمؽ بالميراث‪ ،‬حيث إذا‬
‫‪472‬‬
‫تبيف‬
‫الطبلؽ الرجعي‪ ،‬استحؽ الحي منيما اإلرث‪ ،‬لذا ال بد عمى ممثؿ النيابة العامة إذا ّ‬
‫لمحي منيما‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العدة‪ ،‬أف يعترض عمى الحكـ باإلرث‬‫مدة ّ‬ ‫أف الوفاة حدثت بعد انقضاء ّ‬
‫المدعي تطبيقا لنص المادة ‪ 13‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫وذلؾ النعداـ الصفة في التقاضي في ّ‬
‫إف االستثناء الوارد في المادة ‪ 07‬الفقرة األخيرة مف ؽ‪.‬أ الذي‬
‫السادس عشر‪ّ :‬‬
‫منح بموجبو لمقاصر المرشد لمزواج أىمية التقاضي فيما يتعمؽ بآثار عقد الزواج مف حقوؽ‬
‫مقيد بقيد أف يكوف التقاضي مف القاصر يتعمّؽ بحؽ أو التزاـ رتّبو عقد الزواج‪،‬‬
‫والتزامات‪ّ ،‬‬
‫التوسع في تفسير النص حتى يشمؿ ما لـ يقصده المشرع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لذا يجب عدـ‬
‫حيث ال تعتبر مف آثار عقد الزواج المطالبة بالتعويض عف الضرر الناتج عف‬
‫يحؽ لمقاصر‬
‫ّ‬ ‫ألف الخطبة مقدمة مف مقدمات الزواج‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫العدوؿ عف الخطبة‪ّ ،‬‬
‫تـ الترخيص لو بالزواج رفع دعوى مف أجؿ طمب التعويض عف الضرر الناتج عف‬
‫الذي ّ‬
‫ألف الخطبة ال تحتاج إلى ترخيص مف القاضي‪ ،‬واّنما يمنح‬ ‫العدوؿ عف الخطبة‪ّ ،‬‬
‫الترخيص مف أجؿ إبراـ عقد الزواج فقط‪ ،‬والخطبة مقدمة عمى إبراـ العقد‪ ،‬فالقاصر‬
‫ال يتمتع باألىمية لرفع مثؿ ىذه الدعاوى لعدـ اكتماؿ أىميتو‪ ،‬التي ىي شرط مف شروط‬
‫وليو أف يتدخؿ ليرفع دعوى التعويض باسـ القاصر‪.‬‬
‫مباشرة الدعوى‪ ،‬وعمى ّ‬
‫ألنيا ال تعتبر مف آثار‬
‫يحؽ لمقاصر أف يتولى مباشرة دعاوى الطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫كما ال ّ‬
‫أف‬
‫عقد الزواج‪ ،‬وليست مف حقوقو وال مف التزاماتو‪ ،‬وقد أ ّكدت المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ّ‬
‫ناقص األىمية ال يمكنو مباشرة دعوى الطبلؽ بنفسو‪ ،‬وأنو ليس أىبل لمتقاضي بشأنيا‪،‬‬
‫و ّأنو يجب أف ُيقَ َّد َـ الطمب باسـ الزوج ناقص األىمية مف قبؿ وليو أو مقدمو‪ّ ،‬‬
‫ألف أىمية‬
‫التقاضي المشار إلييا في الفقرة الثانية مف المادة السابعة مف ؽ‪.‬أ ال تنصرؼ إلى مباشرة‬
‫ؾ الرابطة‬
‫إجراءات طمب الطبلؽ‪ ،‬وبالتالي ال يحؽ لمقاصر رفع دعوى مف أجؿ ف ّ‬
‫توجو‬
‫الزوجية‪ ،‬أو أف تُرفع دعوى ضده مباشرة مف أجؿ فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬بؿ يجب أف ّ‬
‫المقدـ القائـ في حؽ القاصر‪.‬‬
‫ضد الولي أو ّ‬
‫الدعوى ّ‬
‫يحؽ لمزوج عديـ األىمية وال لوليو أو مقدمو أف يقدـ طمب‬
‫ّ‬ ‫السابع عشر‪ :‬ال‬
‫الطبلؽ باسـ عديـ األىمية‪ ،‬واذا رفعت دعوى طبلؽ عديـ األىمية – كالمجنوف مثبل‪-‬‬
‫فإف القاضي يرفض الدعوى لعدـ التأسيس‪ ،‬وال يمكف أف ُي ْستََن َد إلى نص‬
‫مف قبؿ المقدـ ّ‬
‫أف المجنوف‬
‫المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ مف أجؿ طبلؽ عديـ األىمية‪ ،‬ألنيا ال تشممو‪ ،‬كما ّ‬
‫‪473‬‬
‫عديـ األىمية ال إرادة لو‪ ،‬وال يمكف أف يحكـ القاضي بالطبلؽ بإرادتو المنفردة‪ ،‬ألنو عديـ‬
‫اإلرادة‪.‬‬
‫وليو‪ ،‬طبقا‬
‫الثامن عشر‪ :‬إف رفع دعوى الطبلؽ باسـ الزوج القاصر مف قبؿ ّ‬
‫لنص المادة ‪ 437‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬تعتبر نيابة شكمية فقط‪ ،‬حيث ال ينوب الولي عف مف ىو‬
‫تحت واليتو في موضوع الطبلؽ‪ ،‬وال تشترؾ إرادتو مع إرادة الزوج القاصر في توقيع‬
‫الطبلؽ‪ ،‬ألف الولي ال تربطو أية عبلقة شرعية أو قانونية مع زوج مولّيو‪ ،‬وعمى القاضي‬
‫عند فصمو في دعوى الطبلؽ أف يتأ ّكد مف إرادة الزوج القاصر في طمب الطبلؽ‪،‬‬
‫وال اعتبار إلرادة الولي في ذلؾ‪.‬‬
‫التاسع عشر‪ :‬بعد انحبلؿ الرابطة الزوجية بالطبلؽ أو الوفاة يبقى الزوج القاصر‬
‫أىبل لمتقاضي بنفسو إذا كاف موضوع الدعوى يتعمؽ بآثار عقد الزواج مف حقوؽ‬
‫والتزامات‪ ،‬كطمب مؤخر الصداؽ‪ ،‬أو طمب نصيب الزوج في األمواؿ المشتركة المكتسبة‬
‫خبلؿ الحياة الزوجية‪ ،‬وذلؾ حتى لو انحمت الرابطة الزوجية‪ ،‬أما إذا تعمّؽ موضوع‬
‫فإف الزوج ناقص‬
‫الدعوى بآثار فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬كالمطالبة بتوابع الطبلؽ مثبل‪ّ ،‬‬
‫وليو أف يباشر الدعوى باسـ الزوج ناقص‬
‫نما عمى ّ‬
‫األىمية ال يكوف أىبل لمتقاضي فييا‪ ،‬وا ّ‬
‫األىمية‪.‬‬
‫يخص الطبيعة القانونية إلجراء الصمح‪ ،‬أعتقد أنو إجراء وجوبي‬
‫ّ‬ ‫العشرين‪ :‬فيما‬
‫حد ذاتو قد يكوف مخالفا لمنظاـ‬
‫غير جوىري‪ ،‬وال يتعمؽ بالنظاـ العاـ‪ ،‬أل ّف الصمح في ّ‬
‫العاـ إذا أجراه القاضي‪ ،‬كما في حالة المطمقة ثبلثا‪ ،‬وبالرغـ مف تذبذب ق اررات المحكمة‬
‫العميا التي أحيانا تعتبر إجراء الصمح جوىريا‪ ،‬وأحيانا أخرى تعتبره مجرد موعظة مف أجؿ‬
‫استعماؿ حؽ الرجعة‪ ،‬وليس إجراء جوىريا‪ ،‬أعتقد ّأنو ال يترتب عف مخالفة إجراء الصمح‬
‫بطبلف الحكـ القضائي ونقضو‪ ،‬لعدـ تعمّقو بالنظاـ العاـ‪ ،‬لذا كاف مف الضروري توافؽ‬
‫االجتيادات القضائية مع النصوص القانونية التي ترى وجوبية إجراء الصمح ال جوىريتو‪،‬‬
‫ألف القوؿ بغير ذلؾ يؤدي إلى نتائج غير منطقية‪ ،‬ومخالفة لمشرع والقانوف‪.‬‬
‫الواحد والعشرين‪ :‬جعؿ المشرع المدة القصوى إلجراء محاوالت الصمح ثبلثة‬
‫لمدة الصمح التي يجب‬
‫يبيف الحد األدنى ّ‬
‫أشير مف تاريخ رفع الدعوى‪ ،‬غير أنو لـ ّ‬
‫تعجؿ قاضي شؤوف األسرة‬
‫ألف ّ‬
‫أال يصدر حكـ الطبلؽ قبؿ انقضائيا‪ ،‬وىو أمر منتقد‪ّ ،‬‬
‫‪474‬‬
‫في إصدار حكـ بتثبيت الطبلؽ قبؿ انقضاء أجؿ الصمح يؤدي إلى إشكاالت حقيقية‪،‬‬
‫ووضعيات مخالفة لمشرع والقانوف‪ ،‬كحرماف الزوج مف مراجعة زوجتو خبلؿ أجؿ العدة‬
‫إف توفي الزوج اآلخر خبلؿ أجؿ‬ ‫دوف عقد جديد‪ ،‬أو حرماف أحد الزوجيف مف اإلرث ْ‬
‫العدة في الطبلؽ الرجعي‪ ،‬وبالتالي ينبغي لمقاضي التنبو لمثؿ ىذه الحاالت‪ ،‬وضرورة‬
‫ّ‬
‫العدة‪ ،‬حتى ال نقع في حاالت شا ّذة تخالؼ النظاـ العاـ‪ ،‬ألف‬
‫مراعاة أحكاـ الصمح و ّ‬
‫التعدي‬
‫حرص قاضي شؤوف األسرة الفصؿ في دعاوى الطبلؽ في آجاؿ معقولة‪ ،‬ال يعني ّ‬
‫العدة‪.‬‬
‫مدة الصمح الموافقة لمدة ّ‬
‫العدة‪ ،‬وألف اآلجاؿ المعقولة تبدأ بعد انتياء ّ‬
‫عمى أحكاـ ّ‬
‫الثاني والعشرين‪ :‬تختمؼ أحكاـ العدة والرجعة والصمح باختبلؼ نوع الفرقة‪،‬‬
‫تتـ باإلرادة المنفردة لمزوج مف‬
‫حيث يجب عدـ الخمط في ىذه األحكاـ بيف الفُرقة التي ّ‬
‫تتـ عف طريؽ التطميؽ والخمع والطبلؽ بالتراضي‪ ،‬حيث ال ينبغي‬ ‫جية‪ ،‬وباقي الفَُر ْؽ التي ّ‬
‫تعميـ تطبيؽ النصوص القانونية الخاصة بالطبلؽ باإلرادة المنفردة عمى األنواع األخرى‬
‫ألنيا تقع بائنة‪ ،‬فالمواد ‪ 52 ،51 ،50 ،49‬تتعمؽ بنوع واحد مف الطبلؽ‪،‬‬ ‫لمفرقة‪ّ ،‬‬
‫يبيف‬
‫ىو الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬وال تُطبؽ عمى األنواع األخرى‪ ،‬لذا يستحسف لو ّ‬
‫المشرع ىذا االختبلؼ بنصوص قانونية واضحة‪ ،‬وينظّـ أحكاـ العدة والرجعة والصمح‬
‫بنصوص قانونية مستقمة لكؿ نوع مف أنواع الطبلؽ عمى حدى‪.‬‬
‫أف محاولة واحدة لمصمح يجرييا القاضي‬
‫الثالث والعشرين‪ :‬ترى المحكمة العميا ّ‬
‫كافية الستنفاد اإلجراء المقرر في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وأف اكتفاء القاضي بجمسة واحدة‬
‫يعد أم ار معيبا يطعف في حكـ الطبلؽ‪ ،‬متى اقتنع‬‫لمصمح واصدار حكـ الطبلؽ ال ّ‬
‫القاضي بعدـ جدوى تكرار جمسات الصمح‪ ،‬واف كنت أعتقد ّأنو حتى لو لـ ُيجر القاضي‬
‫فإف حكـ الطبلؽ ال يكوف معيبا‪ ،‬لكف ذلؾ ال ُيبرر مخالفة نص المادة‬
‫ّأية محاولة صمح ّ‬
‫‪ 49‬الصريح في وجوب إجراء عدة محاوالت لمصمح قبؿ الحكـ بالطبلؽ‪ ،‬وأف محاولة‬
‫واحدة لمصمح غير كافية لتقريب وجيات النظر بيف الزوجيف‪ ،‬وتضييؽ نطاؽ الخبلؼ‬
‫بينيما‪ ،‬لذا فإف استنفاد اإلجراء المنصوص عميو في المادة ‪ 49‬ال يكوف إال مف خبلؿ‬
‫إجراء جمستي صمح عمى األقؿ‪.‬‬
‫إف نص المادة ‪ 441‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬الذي أجاز بموجبو المشرع‬
‫الرابع والعشرين‪ّ :‬‬
‫لمقاضي تحديد تاريخ الحؽ لجمسة الصمح إذا استحاؿ عمى أحد الزوجيف الحضور لجمسة‬
‫‪475‬‬
‫الصمح أو حصؿ لو مانع‪ ،‬أو ندب قاض آخر لسماعو بموجب إنابة قضائية‪ ،‬يد ّؿ عمى‬
‫ألف حؽ الطبلؽ باإلرادة‬
‫أف المشرع ال يجيز الوكالة في الصمح‪ ،‬وىو أمر صائب‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫أف حؽ الرجعة ىو حؽ شخصي لمزوج أيضا‪،‬‬‫المنفردة ىو حؽ شخصي لمزوج‪ ،‬كما ّ‬
‫وبالتالي ال يمكف توكيؿ شخص آخر بيما‪.‬‬
‫صرح الزوج‬
‫الخامس والعشرين‪ :‬ال يجوز الحكـ بانقضاء الخصومة بالصمح إذا ّ‬
‫بالطبلؽ‪ ،‬فدعوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج ال تنقضي بالصمح‪ ،‬حتى لو نجحت‬
‫مساعي الصمح في إقناع الزوج باستعماؿ حقو في الرجعة خبلؿ مدة عدة الطبلؽ‬
‫الرجعي‪ ،‬وبالتالي يجب عمى قاضي شؤوف األسرة أف يصدر حكما يتضمف إثبات الطبلؽ‬
‫تـ بإرادة الزوج المنفردة‪ ،‬مع األمر بتسجيمو في سجبلت الحالة المدنية‪،‬‬
‫الرجعي الذي ّ‬
‫والتأشير بو عمى ىامش عقد الزواج وعقود ميبلد الزوجيف‪ ،‬وذلؾ بسعي مف النيابة‬
‫العامة‪ ،‬حتى ُيحتسب الطبلؽ الذي أوقعو الزوج مف عدد الطمقات التي يممكيا عمى‬
‫ثـ بعد ذلؾ اإلشياد بمراجعة الزوج زوجتو خبلؿ مدة‬
‫زوجتو‪ ،‬لتعمّؽ ذلؾ بالنظاـ العاـ‪ّ ،‬‬
‫تـ الصمح‬
‫أما إذا ّ‬
‫عدة الطبلؽ الرجعي دوف عقد جديد‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 50‬مف ؽ‪.‬أ‪ّ ،‬‬
‫العدة‪ ،‬وصار الطبلؽ بائنا بينونة صغرى‪ ،‬فيجب التأكيد عمى وجوب‬
‫بعد انقضاء مدة ّ‬
‫إبراـ عقد جديد مف أجؿ جواز إرجاع المطمؽ مطمقتو‪.‬‬
‫السادس والعشرين‪ :‬إ ّف المقصد مف إجراء الصمح يختمؼ بحسب أجؿ العدة‪،‬‬
‫حث الزوج عمى استعماؿ حقو في الرجعة‬
‫أف القصد مف إجراء الصمح أثناء العدة‪ ،‬ىو ّ‬
‫إذ ّ‬
‫العدة‬
‫دوف عقد جديد‪ ،‬وحتى دوف رضى الزوجة‪ ،‬أما المقصد مف إجراء الصمح بعد انتياء ّ‬
‫ىو حث الزوج عمى مراجعة زوجتو بعقد جديد وبرضاىا‪ ،‬وبالتالي يبقى إجراء الصمح‬
‫العدة‪ ،‬عمى خبلؼ مف يرى عدـ جدوى محاوالت الصمح بعد‬
‫وجوبيا حتى بعد انتياء أجؿ ّ‬
‫العدة‪ ،‬وصيرورة الطبلؽ بائنا‪.‬‬
‫انتياء ّ‬
‫السابع والعشرين‪ :‬لـ يحدد المشرع إجراءات تعييف الحكميف والشروط الواجبة‬
‫التوفر فييما‪ ،‬والمياـ المسندة إلييما‪ ،‬كما لـ يحدد معيار الضرر الذي يثبت حتى ال يمجأ‬
‫ألف الضرر ثابت في كؿ الخصومات بيف الزوجيف‪ ،‬كما لـ ُيبيف كيفية‬
‫القاضي لمحكميف‪ّ ،‬‬
‫تحرير محضر الصمح الذي يحرره الحكميف‪ ،‬وال إيداعو بأمانة الضبط‪ ،‬وال توقيع‬
‫الحكميف والزوجيف عميو‪ ،‬مما يستدعي تدخؿ المشرع مف أجؿ بياف ىذه اإلجراءات‪،‬‬
‫‪476‬‬
‫ضمانا لنجاح ميمة الحكميف في اإلصبلح بيف الزوجيف‪ ،‬وأقترح أف يتـ تعييف الحكميف‬
‫بموجب أمر والئي‪ ،‬يحدد فيو اسميما وموطنيما والمياـ المسندة إلييما‪ ،‬والمدة المحددة‬
‫ليما إليداع تقريرىما لدى أمانة الضبط‪ ،‬واإلشارة إلى ضرورة الرجوع إلى القاضي عند‬
‫وجود إشكاؿ‪ ،‬وأف ِيؤدي الحكميف اليميف القانونية قبؿ مباشرة مياميما‪.‬‬
‫الثامن والعشرين‪ :‬عرفت طبيعة التحكيـ تضاربا واختبلفا في موقؼ المشرع‬
‫ذاتو‪ ،‬بيف نص المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ التي نص فييا عمى وجوب المجوء إلى التحكيـ‪ ،‬وبيف‬
‫نص المادة ‪ 446‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي نص فييا المشرع عمى جواز المجوء إلى التحكيـ‪ ،‬فيؿ‬
‫نص المادة ‪ 446‬ينسخ نص المادة ‪ 56‬باعتباره متأخ ار في الصدور؟ لذا يجب تدخؿ‬
‫المشرع لرفع ىذا التضارب‪ ،‬واف كاف إقرار إلزامية التحكيـ أحسف‪ ،‬مف أجؿ زيادة فرص‬
‫نجاح الصمح بيف الزوجيف‪ ،‬والحفاظ عمى استقرار األسرة‪.‬‬
‫التاسع والعشرين‪ :‬يحتاج نص المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ المتعمقة بإجراء التحكيـ إلى‬
‫التفعيؿ عمى أرض الواقع‪ ،‬ألنني لـ أقؼ عمى سابقة لمعمؿ بو قضاء‪ ،‬حيث يمكف‬
‫التوصؿ إلى تحقيؽ الصمح بصفتيما مقربيف مف الزوجيف‪ ،‬وقد ينجحاف فيما قد‬
‫ّ‬ ‫لمحكميف‬
‫يصعب عمى القاضي تحقيقو‪ ،‬فضبل عف أف الشريعة اإلسبلمية حثت عميو وأمرت بو‪.‬‬
‫عتقد‬
‫الثالثين‪ :‬أثار نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ خبلفا بشأف طبيعة حكـ الطبلؽ‪ ،‬وأ ُ‬
‫ألف المشرع‬
‫أف حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج يعتبر حكما كاشفا ال منشئا لمطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫يتحدث عف إثبات الطبلؽ ال إنشائو‪ ،‬ويؤيد ذلؾ‬
‫استعمؿ لفظ اإلثبات ال لفظ الوقوع‪ ،‬وىو ّ‬
‫نص المادتيف ‪ 450‬و‪ 451‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬حيث يقتصر دور القاضي عمى التأكد مف إرادة‬
‫الزوج في طمب الطبل ؽ‪ ،‬بالنسبة لمطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬بينما يتمثؿ دور القاضي‬
‫في معاينة وتكييؼ الوقائع المعتمد عمييا في طمب التطميؽ أو الخمع‪.‬‬
‫الواحد والثالثين‪ :‬يقع الطبلؽ مف تاريخ تصريح الزوج بو ال مف تاريخ صدور‬
‫الحكـ‪ ،‬وعبارة "تاريخ التصريح بالطبلؽ" الواردة في المادة ‪ 58‬مف ؽ‪.‬أ يقصد بيا تصريح‬
‫ألف المشرع كاف بإمكانو النص عمى بداية سرياف العدة مف تاريخ صدور الحكـ‬
‫الزوج‪ّ ،‬‬
‫العدة‬
‫أو النطؽ بو‪ ،‬لكنو لـ يفعؿ‪ ،‬لذا فإف القوؿ بغير ذلؾ يؤدي إلى مخالفة أحكاـ ّ‬
‫يتـ إثباتيا‬
‫أف األصؿ في إثبات التصرفات القانونية أف ّ‬ ‫والرجعة واآلثار المرتبطة بيا‪ ،‬كما ّ‬
‫بأثر رجعي مف يوـ إنشائيا‪ ،‬ال مف يوـ الحكـ بإثباتيا‪.‬‬
‫‪477‬‬
‫ألف التطميؽ‬
‫الثاني والثالثين‪ :‬يعتبر الحكـ الصادر بالتطميؽ حكما منشئا‪ّ ،‬‬
‫قدمت الزوجة طمبا إلى القاضي ألجؿ ذلؾ‪ ،‬فبل وجود لمتطميؽ‬
‫ال يكوف لو أي أثر إال إذا ّ‬
‫إال ابتداء مف تاريخ صدور الحكـ الذي يقضي بو‪ ،‬وىو الذي ينشأ المركز القانوني الجديد‬
‫ؾ الرابطة الزوجية بإرادتيا المنفردة‪ ،‬بؿ ترفع‬
‫لكبل الزوجيف‪ ،‬حيث ال تستطيع الزوجة ف ّ‬
‫وتبيف توافر إحدى الحاالت المنصوص عمييا في المادة ‪ 53‬مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬
‫أمرىا إلى القاضي‪ّ ،‬‬
‫حتى يحكـ بالتطميؽ بينيا وبيف زوجيا‪ ،‬وقد يقبؿ دعواىا أو يرفضيا لعدـ التأسيس‪ ،‬مما‬
‫أف القاضي ىو الذي ُينشأ المركز القانوني الجديد لمزوجيف‪ ،‬وليس الزوجة‪.‬‬
‫جميا ّ‬
‫يظير ّ‬
‫الثالث والثالثين‪ :‬يعتبر الحكـ الصادر بالتطميؽ خمعا حكما منشئا‪ ،‬ألف المركز‬
‫القانوني الجديد لمزوجيف ال َينش ْأ وال َي ْ‬
‫ظيَ ْر إلى الوجود إال مف تاريخ صدور حكـ الخمع‪،‬‬
‫أف الزوجة تقدـ طمب الخمع إلى القاضي‪ ،‬الذي يبحث في مدى تأسيس الطمب‪ ،‬يعايف‬ ‫وّ‬
‫ويكيؼ الوقائع التي استندت عمييا الزوجة في طمبيا‪ ،‬وقد يستجيب لطمبيا وقد يرفضو‪،‬‬ ‫ّ‬
‫بؿ حتى لو اتفؽ الزوجاف عمى الفرقة بينيما خمعا‪ ،‬فبل يعتبر الحكـ كاشفا‪ ،‬ألف التطميؽ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ الخمع‪،‬‬
‫بالخمع ال يعتبر طبلقا بائنا إالّ بصدور الحكـ بف ّ‬
‫وتبقى العبلقة الزوجية قائمة إلى حيف صدور حكـ الخمع‪ ،‬فالحكـ إذا ىو الذي ينشئ‬
‫الخمع‪ ،‬وىو الذي يرتب مراكز قانونية جديدة لكبل الزوجيف‪.‬‬
‫الرابع والثالثين‪ :‬يعتبر الحكـ الصادر بالطبلؽ بالتراضي بيف الزوجيف حكما‬
‫منشئا‪ ،‬حيث ُينشأ مرك از قانونيا جديدا لمزوجيف‪ ،‬إذ ال وجود وال أثر لمطبلؽ إال مف يوـ‬
‫وينشئ المركز‬
‫صدور الحكـ‪ ،‬فالحكـ القضائي ىو الذي ُيظير الطبلؽ إلى الوجود‪ُ ،‬‬
‫القانوني الجديد لمزوجيف‪ ،‬وال يكفي اتفاؽ الزوجيف عمى الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬بؿ عمييما‬
‫تقديـ طمب مشترؾ لمقاضي‪ ،‬فينشأ الطبلؽ مف تاريخ صدور الحكـ‪ ،‬ال مف تاريخ اتفاؽ‬
‫الزوجيف عمى الطبلؽ‪.‬‬
‫الخامس والثالثين‪ :‬أعتقد عدـ جواز الطعف بالمعارضة في األحكاـ الغيابية‬
‫ألف نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ يشمؿ حالة واحدة‪،‬‬ ‫الصادرة بالطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ّ ،‬‬
‫أف عمى القاضي الذي ُيعرض‬‫وىي األحكاـ الحضورية فقط‪ ،‬وال يتعمؽ باألحكاـ الغيابية‪ ،‬و ّ‬
‫أمامو طعف بالمعارضة في حكـ الطبلؽ الغيابي‪ ،‬أف يحكـ بعدـ قبوؿ المعارضة لعدـ‬

‫‪478‬‬
‫جوازىا قانونا‪ ،‬وعمى المطمقة التي صدر حكـ الطبلؽ غيابيا في حقّيا‪ ،‬أف ترفع دعوى‬
‫مستقمة لممطالبة بحقوقيا المادية أو غير المادية المترتبة عمى الطبلؽ‪.‬‬
‫السادس والثالثين‪ :‬بالنسبة ألحكاـ التطميؽ والخمع ال يجوز الطعف فييا‬
‫ألف المشرع اعتبرىا أحكاما تصدر في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬وىي واجبة التنفيذ‪،‬‬
‫بالمعارضة‪ّ ،‬‬
‫وفقا لنص المادة ‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وبالتالي فيي غير قابمة لمطعف فييا بأي وجو مف‬
‫أوجو الطعف العادية‪ ،‬واف كنت أعتقد أنو مف الضروري إضافة نص صريح بعدـ جواز‬
‫المعارضة في أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬تماشيا مع موقؼ المشرع‪ ،‬ورفعا ألي لبس أو خمط‪.‬‬
‫أقرت جواز الطعف بالمعارضة في األحكاـ الغيابية التي‬‫غير أف المحكمة العميا ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬استنادا إلى نص المادة‬
‫الشؽ المتعمؽ بف ّ‬
‫ّ‬ ‫تقضي بالتطميؽ والخمع في‬
‫‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬الذي يقتصر – في اعتقادىا‪ -‬عمى عدـ جواز االستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ‬
‫أف الطعف بالمعارضة في األحكاـ الغيابية يبقى عمى جوازه‬
‫والتطميؽ والخمع فقط‪ ،‬و ّ‬
‫ألف المشرع اعتبرىا‬
‫وال تشممو المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وىو موقؼ غير صائب في اعتقادي‪ّ ،‬‬
‫أحكاما تصدر في أوؿ وآخر درجة وىي واجبة التنفيذ‪ ،‬بموجب نص المادة ‪ 452‬مف‬
‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وبالتالي لـ يجز الطعف فييا بالمعارضة‪.‬‬
‫وأعتقد ّأنو كاف مف األفضؿ لو ترؾ المشرع المجاؿ مفتوحا لمطعف بالمعارضة‬
‫في أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬مف أجؿ تدارؾ ما قد يقع مف أخطاء في وسائؿ اإلثبات التي‬
‫تق ّدميا الزوجة في دعوى التطميؽ مثبل‪ ،‬أو إغفاؿ في إثبات توافر حالة مف حاالت‬
‫قدمتيا الزوجة‪ ،‬واعتمدىا‬
‫يقدـ مف األدلة ما ُيبطؿ بو األدلة التي ّ‬
‫التطميؽ‪ ،‬فالزوج قد ّ‬
‫أف‬
‫القاضي في إصدار حكـ التطميؽ‪ ،‬كأف ُيثبت الزوج أنو كاف ُينفؽ عمى زوجتو وأوالده‪ ،‬و ّ‬
‫ادعتو بعدـ اإلنفاؽ ىو أمر غير صحيح‪ ،‬كما ُيمكف أف يقع القاضي في أخطاء عند‬ ‫ما ّ‬
‫قضائو بالخمع‪ ،‬كأف يحكـ غيابيا بالخمع دوف حضور الزوجة شخصيا جمسة الصمح‪،‬‬
‫حيث تكتفي بإنابة وكيميا أو محامييا لحضور الجمسة‪ ،‬ويحكـ القاضي بالخمع دوف التأكد‬
‫ؾ الرابطة الزوجية خمعا‪ ،‬لذلؾ كاف مف الضروري النص عمى‬
‫مف إرادتيا ورضاىا بطمب ف ّ‬
‫جواز المعارضة في أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬لتدارؾ ما قد يشوب ىذه األحكاـ مف أخطاء‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬مع وقؼ تنفيذ ىذه األحكاـ إلى غاية‬ ‫صحة حكـ ف ّ‬‫ّ‬ ‫قد تؤثر عمى‬
‫استنفاد طرؽ الطعف العادية‪ ،‬بانقضاء آجاليا أو بممارستيا‪.‬‬
‫‪479‬‬
‫السابع والثالثين‪ :‬ال يجوز الطعف بالمعارضة في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي ألنيا‬
‫تصدر حضورية‪ ،‬وال ُيتصور صدور أحكاـ الطبلؽ بالتراضي بصفة غيابية‪ ،‬لذلؾ‬
‫بالنص عمى عدـ قابمية أحكاـ الطبلؽ‬
‫لـ يتطرؽ المشرع لمطعف فييا بالمعارضة‪ ،‬واكتفى ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وفقا لنص المادة‬
‫بالتراضي لبلستئناؼ في شقّييا المادي والمتعمؽ بف ّ‬
‫‪ 433‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫الثامن والثالثين‪ :‬ال يحوؿ الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ في شقّيا‬
‫الشؽ المتعمؽ بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وذلؾ بتسجيمو في سجبلت الحالة‬
‫ّ‬ ‫المادي دوف تنفيذ‬
‫تـ إبراـ عقد الزواج فييا‪ ،‬وكذا سجؿ‬
‫المدنية‪ ،‬وتشمؿ سجؿ عقود الزواج بالبمدية التي ّ‬
‫يتـ التأشير بيا مف طرؼ‬
‫تـ تسجيؿ ميبلد الزوجيف فييا‪ ،‬حيث ّ‬ ‫عقود الميبلد بالبمدية التي ّ‬
‫المختص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ضابط الحالة المدنية‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬حيث تسعى‬
‫كما ال يحوؿ الطعف بالنقض دوف تنفيذ أحكاـ ف ّ‬
‫النيابة العامة في تسجيميا في سجبلت الحالة المدنية بمجرد صدور الحكـ‪ ،‬وال يحوؿ أجؿ‬
‫الطعف بالنقض أو ممارستو دوف تنفيذىا‪.‬‬
‫التاسع والثالثين‪ :‬أغمؽ المشرع مجاؿ الطعف باالستئناؼ في أحكاـ الطبلؽ‬
‫يغير في‬
‫ألف االستئناؼ لف ّ‬ ‫ؾ الرابطة الزوجية‪ّ ،‬‬‫باإلرادة المنفردة في الجانب المتعمؽ بف ّ‬
‫ألف العصمة‬
‫حؽ لو يستعممو بإرادتو المنفردة‪ّ ،‬‬
‫تمسؾ الزوج بالطبلؽ‪ ،‬فيو ّ‬‫األمر شيئا إذا ّ‬
‫بيد الزوج‪ ،‬وبذلؾ يتحقؽ استقرار العبلقات األسرية في أقرب اآلجاؿ‪ ،‬وما إجازة االستئناؼ‬
‫إال مضيعة لموقت‪ ،‬واطالة إلجراءات التقاضي دوف فائدة مرجوة‪ ،‬إذ مف غير الممكف أف‬
‫ويسمح لمزوجة استئناؼ الحكـ في شقّو المتعمؽ بفؾ الرابطة‬
‫يتمسؾ الزوج بالطبلؽ‪ُ ،‬‬
‫ّ‬
‫الزوجية‪.‬‬
‫األربعين‪ :‬منع المشرع الطعف باالستئناؼ في أحكاـ التطميؽ والخمع ما عدا‬
‫جوانبيا المادية‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬كما منع المشرع الطعف باالستئناؼ في‬
‫أحكاـ الطبلؽ بالتراضي في جانبيا المتعمؽ بفؾ الرابطة الزوجية وجانبيا المادي‪ ،‬طبقا‬
‫تـ خطأً الطعف باالستئناؼ فييا‪ ،‬يحكـ القاضي بعدـ‬
‫لنص المادة ‪ 433‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬واذا ّ‬
‫قابمية الحكـ لمطعف فيو باالستئناؼ‪.‬‬

‫‪480‬‬
‫الواحد واألربعين‪ :‬بالنسبة لؤلحكاـ الصادرة في أوؿ درجة‪ ،‬والتي قضت برفض‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أو بالرجوع إلى بيت الزوجية‪ ،‬أعتقد صواب االتجاه الذي يرى‬
‫طمب ف ّ‬
‫ألف قضاة المجمس قضاة موضوع‪ ،‬ومف اختصاصيـ‬ ‫جواز الطعف باالستئناؼ فييا‪ّ ،‬‬
‫أف ذلؾ ال يؤثر عمى خصوصية أحكاـ الطبلؽ‪،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬و ّ‬
‫النظر في طمب ف ّ‬
‫أف إلغاء الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬والقضاء‬
‫ألف قاضي الدرجة األولى لـ يقض بالطبلؽ‪ ،‬كما ّ‬
‫يفوت عمى المتقاضيف درجة مف درجات‬ ‫مف جديد بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬لف ّ‬
‫التقاضي‪ ،‬ألف األصؿ في دعاوى فؾ الرابطة الزوجية أف يكوف التقاضي فييا عمى درجة‬
‫واحدة‪ ،‬وىو نفس االتجاه الذي سارت عميو المحكمة العميا في العديد مف ق ارراتيا‪ ،‬حيث‬
‫قبمت الطعوف بالنقض المرفوعة ضد أحكاـ صادرة في أوؿ درجة قضت بالطبلؽ‪ ،‬كما‬
‫قبمت طعوف بالنقض ضد ق اررات صادرة عف المجالس القضائية قضت بالطبلؽ‪ ،‬كما‬
‫أ ّكدت المحكمة العميا عدـ جواز استئناؼ أحكاـ الطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬وعدـ‬
‫اختصاص المجمس القضائي بالنظر فييا‪ ،‬وضرورة الحكـ بعدـ قبوؿ االستئناؼ إذا‬
‫ما استأنؼ حكـ الطبلؽ أماـ المجمس‪ ،‬تطبيقا لنص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪.‬‬
‫الثاني واألربعين‪ :‬بالنسبة ألحكاـ إثبات الطبلؽ العرفي‪ ،‬والتي ترفع غالبا مف‬
‫طرؼ ورثة أحد الزوجيف‪ ،‬حيث يقوـ القاضي بإجراء تحقيؽ‪ ،‬بسماع الشيود الذي شيدوا‬
‫واقعة الطبلؽ وتصريح الزوج بو‪ ،‬لمتأكد مف ثبوت الواقعة‪ ،‬وقد يحكـ بإثباتو إذا اقتنع‬
‫بوقوعو‪ ،‬واال يرفض دعوى إثبات الطبلؽ العرفي‪ ،‬أعتقد أف ىذه األحكاـ تصدر في أوؿ‬
‫ألف القاضي يقوـ بدور‬
‫درجة‪ ،‬ويجوز الطعف فييا بطرؽ الطعف العادية وغير العادية‪ّ ،‬‬
‫إيجابي عند فصمو في ىذه الدعاوى‪ ،‬بخبلؼ الدور السمبي الذي يقوـ بو في دعاوى‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪.‬‬
‫الثالث واألربعين‪ :‬يجوز رفع تظمـ في األوامر المؤقتة الصادرة طبقا لنص المادة‬
‫‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬أماـ نفس الجية مصدرة األمر‪ ،‬مف أجؿ التراجع عنو أو تعديمو‪،‬‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 312‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ‪ ،‬وذلؾ في حالة االستجابة لمطمب‪ ،‬لكف لـ يبيف‬
‫المشرع ىؿ يجوز الطعف باالستئناؼ في األمر الذي يقضي برفض التراجع أو تعديؿ‬
‫األمر عمى عريضة بعد ممارسة التظمـ ضده‪ ،‬وندعو المشرع إلى الفصؿ في ذلؾ تجنبا‬
‫ألي جدؿ فقيي‪.‬‬
‫‪481‬‬
‫أما في حالة رفض الطمب فقد أجاز المشرع صراحة الطعف باالستئناؼ في أمر‬
‫الرفض‪ ،‬بموجب الفقرة الثانية مف المادة ‪ 312‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬ويتـ رفع االستئناؼ أماـ‬
‫رئيس المجمس القضائي خبلؿ أجؿ خمسة عشر يوما مف تاريخ صدور أمر الرفض‪.‬‬
‫أف العديد مف األحكاـ القضائية التي تقضي‬
‫الرابع واألربعين‪ :‬يجب التنبيو عمى ّ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ الطبلؽ بالتراضي‪ ،‬تصدر في أوؿ وآخر درجة فيما عدا‬‫بف ّ‬
‫ألف المشرع اعتبرىا أحكاـ تصدر في أوؿ‬ ‫جوانبيا المادية‪ ،‬وىو أمر مجانب لمصواب‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية والجوانب المادية‪ ،‬لذا وجب التنبو‬
‫شقييا المتعمّؽ بف ّ‬
‫وآخر درجة في ّ‬
‫لذلؾ‪ ،‬ألف أحكاـ الطبلؽ بالتراضي ال تقبؿ االستئناؼ في جميع جوانبيا‪.‬‬
‫أف المحكمة العميا أجازت الطعف باالستئناؼ في أحكاـ‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫الطبلؽ بالتراضي إذا خالؼ قاضي الدرجة األولى االتفاؽ الحاصؿ بيف الزوجيف‪ ،‬وقضى‬
‫يعدؿ قاضي‬
‫بخبلؼ ما اتّفقا عميو‪ ،‬حيث يجوز استئناؼ حكـ الطبلؽ بالتراضي حتى ّ‬
‫الدرجة الثانية الحكـ فيما يتعمؽ بالشروط التي اتفؽ عمييا الزوجاف عند الطبلؽ‪ ،‬وىو أمر‬
‫أعتقد وجوب النص عميو قانونا‪.‬‬
‫إف العبرة في وصؼ األحكاـ القضائية بالوصؼ القانوني‬
‫الخامس واألربعين‪ّ :‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫ال بالوصؼ القضائي‪ ،‬حيث إذا أخطأ القاضي في وصؼ حكـ ف ّ‬
‫المدعي ىو طمب بالطبلؽ‬ ‫قدمو ّ‬ ‫أف الطمب الذي ّ‬‫وح َك َـ بالطبلؽ بالتراضي‪ ،‬في حيف ّ‬
‫َ‬
‫فإف ذلؾ ال يمنع الطعف باالستئناؼ في ىذا الحكـ فيما يتعمؽ بالجوانب‬
‫باإلرادة المنفردة‪ّ ،‬‬
‫المادية‪ ،‬وال يحوؿ خطأ القاضي في تكييؼ الوقائع المعروضة عميو‪ ،‬دوف اعتماد الوصؼ‬
‫القانوني الصحيح لمحكـ‪ ،‬وذلؾ تطبيقا لنص المادة ‪ 315‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ التي جاء فييا‪:‬‬
‫"ال يؤثر التكييؼ الخاطئ لمحكـ عمى حؽ ممارسة الطعف"‪.‬‬
‫السادس واألربعين‪ :‬تتميز أحكاـ الطبلؽ بالتراضي عف أحكاـ فؾ الرابطة‬
‫الزوجية بالطبلؽ باإل اردة المنفردة لمزوج أو التطميؽ أو الخمع مف حيث بداية سرياف أجؿ‬
‫الطعف بالنقض فييا‪ ،‬حيث يسري أجؿ الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي مف‬
‫تاريخ النطؽ بالحكـ‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 434‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬عمى خبلؼ أحكاـ الطبلؽ‬
‫والتطميؽ والخمع تسري مف تاريخ التبميغ الرسمي لمحكـ المطعوف فيو‪.‬‬

‫‪482‬‬
‫بأف الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ‬ ‫أقر المشرع صراحة ّ‬ ‫السابع واألربعين‪ّ :‬‬
‫ال يوقؼ تنفيذ حكـ الطبلؽ وتسجيمو في الحالة المدنية‪ ،‬وذلؾ بسعي مف النيابة العامة‪،‬‬
‫فبمجرد صدور حكـ الطبلؽ تمزـ النيابة العامة بتنفيذ الحكـ‪ ،‬وال يحوؿ أجؿ الطعف‬
‫بالنقض وال ممارستو دوف تنفيذ حكـ فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬حيث تعتبر المادتيف ‪435‬‬
‫تقيد نص المادة ‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬أيف أدخؿ‬
‫و‪ 452‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ نصوص خاصة ّ‬
‫المشرع بموجبيا تعديبل عمى األثر الموقؼ لمطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬نظ ار‬
‫لئلشكاالت التي أفرزىا تطبيؽ نص المادة ‪ 238‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪ ،‬الذي يقابؿ نص‬
‫عدة إشكاالت كانت قائمة‬
‫أف ىذا األخير قضى عمى ّ‬
‫المادة ‪ 361‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وأعتقد ّ‬
‫بسبب وقؼ تنفيذ حكـ الطبلؽ خبلؿ أجؿ الطعف بالنقض‪ ،‬وخبلؿ ممارستو‪ ،‬حتى يصدر‬
‫قرار المحكمة العميا برفض الطعف‪.‬‬
‫ؾ‬
‫الثامن واألربعين‪ :‬ال يؤثر قرار المحكمة العميا رفض الطعف بالنقض في حكـ ف ّ‬
‫الرابطة الزوجية عمى المراكز الجديدة لممطمقَ ْي ِف التي أنشأىا الزوج بالنسبة لمطبلؽ باإلرادة‬
‫المنفردة لمزوج‪ ،‬والتي أنشأىا الحكـ بالنسبة لباقي صور الطبلؽ‪ ،‬وال يثير قرار الرفض أي‬
‫حصف الحكـ المطعوف فيو مف أي طعف أو إلغاء‪.‬‬
‫إشكاؿ‪ ،‬بؿ ُي ّْ‬
‫لكف قبوؿ الطعف بالنقض مف المحكمة العميا‪ ،‬والغاء حكـ الطبلؽ‪ ،‬واعادة‬
‫األطراؼ إلى الحالة التي كانا عمييا قبؿ صدور الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬ينتج عنو عدة‬
‫إشكاالت‪ ،‬سواء تعمقت بحؽ الرجعة‪ ،‬أو أحكاـ العدة‪ ،‬أو حؽ التوارث بيف الزوجيف‪،‬‬
‫أو حؽ النفقة‪ ،‬وىو ما يؤدي إلى اىتزاز المراكز القانونية المترتبة عف الطبلؽ‪ ،‬ويرتّب‬
‫تمس بالنظاـ العاـ‪ ،‬مما دفع العديد مف الفقياء إلى المناداة بوجوب‬
‫آثا ار غير مشروعة ّ‬
‫اعتبار أحكاـ الطبلؽ والتطميؽ والخمع أحكاما نيائية غير قابمة لمطعف فييا بأي وجو مف‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬نظ ار‬
‫أوجو الطعف العادية أو غير العادية‪ ،‬في جانبيا المتعمّؽ بف ّ‬
‫تميز الطبلؽ واألحكاـ المتعمقة بو‪.‬‬
‫لمخصوصية التي ّ‬
‫لذا يجب عمى المحكمة العميا أالّ تقض بنقض أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬بؿ تكتفي‬
‫ألف الطبلؽ البائف ال يجوز نقضو‪ ،‬وال يمكف‬
‫بالتصريح بوجود مخالفة قانونية في الحكـ‪ّ ،‬‬
‫إرجاع الحالة إلى ما كانت عميو قبؿ صدور الحكـ‪.‬‬

‫‪483‬‬
‫التاسع واألربعين‪ :‬يجب النص عمى عدـ قابمية أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة‬
‫لمزوج لمطعف بالنقض أماـ المحكمة العميا‪ ،‬ما عدا فيما يخص الجوانب المادية لمطبلؽ‪،‬‬
‫باستثناء بعض الحاالت القميمة جدا التي يمكف إتاحة الطعف بالنقض بخصوصيا‪ ،‬والتي‬
‫يجب التضييؽ فييا ما أمكف وتحديدىا وحصرىا بدقّة‪ ،‬كالحالة التي ُيقضى فييا بالطبلؽ‬
‫دوف التأكد مف إرادة الزوج‪ ،‬أو تُرفع دعوى الطبلؽ باسـ شخص محجور عميو‪ ،‬ويحكـ‬
‫ؾ‬
‫القاضي بالطبلؽ‪ ،‬في حيف ال يحؽ لممحجور عميو أف ترفع دعوى باسمو مف أجؿ ف ّ‬
‫الرابطة الزوجية باعتباره عديـ األىمية‪.‬‬
‫الخمسين‪ :‬أجاز المشرع الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ بالتراضي بموجب‬
‫أف أحكاـ الطبلؽ‬
‫نص المادة ‪ ،434‬و‪ 435‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬كما أ ّكدت المحكمة العميا عمى ّ‬
‫بالتراضي ال تقبؿ سوى الطعف بالنقض‪ ،‬بعدما كانت تعتبر أحكاـ الطبلؽ بالتراضي غير‬
‫قابمة لمطعف فييا بأي وجو مف أوجو الطعف العادية أو غير العادية‪ ،‬باستثناء الطعف فييا‬
‫بالتزوير‪ ،‬وأف حكـ الطبلؽ بالتراضي ىو مجرد إشياد مف المحكمة‪ ،‬ال يوصؼ ال بالحكـ‬
‫الصادر في أوؿ درجة وال في آخر درجة‪ ،‬وذلؾ في ظؿ ؽ‪.‬إ‪.‬ـ الممغى‪.‬‬
‫الواحد والخمسين‪ :‬يقتضي تحقيؽ استقرار المراكز القانونية ألفراد األسرة اإلسراع‬
‫في إجراءات التقاضي في قضايا الطبلؽ‪ ،‬والتقميؿ مف طرؽ الطعف في األحكاـ الصادرة‬
‫ألف إطالة أمد‬
‫البت فييا‪ ،‬حتى ينتيي النزاع في أقصر اآلجاؿ‪ّ ،‬‬
‫بشأنيا‪ ،‬واإلسراع في ّ‬
‫أف بطء اإلجراءات وكثرة الطعوف في‬ ‫الخصومة يزيد الشقاؽ بيف أفراد األسرة‪ ،‬كما ّ‬
‫األحكاـ الصادرة بشأنيا‪ ،‬وابقاء أحكاـ الطبلؽ ميددة بالنقض مف المحكمة العميا لمدة‬
‫طويمة‪ ،‬يزيد مف االضطراب وزعزعة مراكز األفراد‪ ،‬وليس في مصمحة األزواج وال األوالد‬
‫وال المجتمع‪ ،‬نظ ار لمطبيعة الخاصة لؤلحكاـ التي تقضي بفؾ الرابطة الزوجية بإرادة الزوج‬
‫المنفردة‪.‬‬
‫ألف المحكمة‬
‫ممحاً‪ّ ،‬‬
‫إف غمؽ مجاؿ الطعف بالنقض في أحكاـ الطبلؽ بات أم ار ّ‬ ‫ّ‬
‫ينجر عف غمؽ‬
‫ّ‬ ‫العميا ال تممؾ إلغاء حؽ الزوج في إيقاع الطبلؽ بإرادتو المنفردة‪ ،‬وال‬
‫إف فتحو يسمح لمزوج سيء‬‫مجاؿ الطعف بالنقض فيو أي ضرر لمزوج أو الزوجة‪ ،‬بؿ ّ‬
‫النية إطالة إجراءات التقاضي‪ ،‬وحائبل دوف استقرار الحالة الشخصية لمزوج والزوجة‪.‬‬

‫‪484‬‬
‫الثاني والخمسين‪ :‬بالنسبة لصندوؽ النفقة‪ ،‬أعتقد أنو في حالة توقؼ المديف‬
‫بالنفقة عف تنفيذ األمر أو الحكـ القاضي بالنفقة بعد شروعو فيو‪ ،‬يجب عمى المحضر‬
‫القضائي إعادة تكميؼ المديف بالنفقة بالوفاء بدينو خبلؿ أجؿ خمسة عشر يوما‪ ،‬واذا فات‬
‫حرر المحضر القضائي محضر امتناع عف التنفيذ‪ ،‬ويسمّـ‬
‫األجؿ دوف أف يمتثؿ المديف‪ّ ،‬‬
‫الممؼ لمدائف بالنفقة حتى يقدـ طمبو لبلستفادة مف الصندوؽ أماـ رئيس قسـ شؤوف‬
‫نصت عميو المادة السادسة مف القانوف ‪ 01-15‬مف وجوب تحرير محضر‬
‫األسرة‪ ،‬أما ما ّ‬
‫معاينة يحرره المحضر القضائي في حاؿ توقؼ المديف بالنفقة عف التنفيذ بعد شروعو‬
‫فيو‪ ،‬أعتقد أنو يكتنفو الغموض وال سبيؿ لمقياـ بو‪.‬‬
‫أف بعض اإلغفاالت التي تعتري منطوؽ‬ ‫الثالث والخمسين‪ :‬يجب التنبيو إلى ّ‬
‫الحكـ الصادر في شؤوف األسرة تثير العديد مف اإلشكاالت عند التنفيذ‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ إغفاؿ‬
‫تحديد تاريخ بداية سرياف النفقة‪ ،‬أو تاريخ انتياء اإللزاـ بدفعيا‪ ،‬أو إغفاؿ النص أف تكوف‬
‫النفقة شيرية‪ ،‬أو عدـ ذكر أف تكوف النفقة لكؿ واحد مف الزوجة واألوالد‪ ،‬لذا يجب عمى‬
‫ألف إغفاليا‬
‫قاضي شؤوف األسرة تفادي الوقوع في ىذه الثغرات التي تطيؿ أمد النزاع‪ّ ،‬‬
‫يوجب الرجوع إلى القاضي مف أجؿ تفسير منطوؽ الحكـ‪ ،‬وتدارؾ اإلغفاؿ الذي ط أر‬
‫عميو‪ ،‬وىو ما يطيؿ أمد النزاع وما يترتب عمى ذلؾ مف مصاريؼ إضافية‪.‬‬
‫الرابع والخمسين‪ :‬يرفض بعض رؤساء أمناء الضبط منح الصيغة التنفيذية‬
‫لؤلوامر المؤقتة الصادرة طبقا لنص المادة ‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬العتقادىـ أنيا تنفذ‬
‫بموجب النسخ العادية‪ ،‬في حيف أنيا سندات تنفيذية بموجب نص المادة ‪ 600‬مف‬
‫ويتعيف ميرىا بالصيغة التنفيذية حتى تكوف قابمة لمتنفيذ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫فإنيا تخضع في تنفيذىا‬
‫أف ىذه األوامر ال تعتبر أوامر استعجالية‪ ،‬لذا ّ‬ ‫كما ّ‬
‫لؤلجؿ المحدد في المادة ‪ 612‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وال يشمميا نص المادة ‪ 614‬مف نفس‬
‫القانوف‪.‬‬
‫الخامس والخمسين‪ :‬مف بيف اإلشكاالت التي تواجو القائـ بالتنفيذ‪ ،‬وىو بصدد‬
‫ضده التنفيذ‬
‫تحصيؿ المبالغ المالية المحكوـ بيا لممطمقة والمحضونيف‪ ،‬عرض المنفذ ّ‬
‫الجزئي لمسند التنفيذي‪ ،‬كعرض تسديد مبالغ النفقة دوف مبمغ التعويض عف الطبلؽ‬
‫التعسفي‪ ،‬وفي غياب نص قانوني يوضح مدى جواز مثؿ ىذا العرض‪ ،‬خاصة في‬
‫‪485‬‬
‫الحاالت التي ترفض فييا المطمقة التسديد الجزئي‪ ،‬مما يستدعي تدخؿ المشرع ببياف‬
‫الحموؿ لمثؿ ىذه اإلشكاالت‪ ،‬حتى ال تبقى محؿ اجتيادات فردية مف المحضريف‬
‫القضائييف‪.‬‬
‫السادس والخمسين‪ :‬يثير تنفيذ األحكاـ القضائية المتعمقة بتسميـ األمتعة‪ ،‬سواء‬
‫عدة إشكاالت فيما يتعمؽ بمكاف تسميـ األمتعة‪،‬‬
‫مف المطمؽ إلى المطمقة أو العكس‪ّ ،‬‬
‫أو مطابقة األمتعة المسمّمة مع المحددة في القائمة المؤشر عمييا مف المحكمة‪ ،‬أو مف‬
‫حيث المبمغ المالي المقابؿ لؤلمتعة‪ ،‬أو مف ناحية تياوف صاحب األمتعة في المطالبة‬
‫مردىا‬
‫بتسميميا‪ ،‬أو اإلشكاالت التي يطرحيا تسميـ المصوغات‪ ،‬وىي كمّيا إشكاالت ّ‬
‫غياب نصوص قانونية تبيف حقوؽ والتزامات كؿ طرؼ في عممية تسميـ األمتعة‪ ،‬مما‬
‫يجعؿ مف تدخؿ المشرع أم ار ضروريا لمعالجة ىذه اإلشكاالت‪.‬‬
‫السابع والخمسين‪ :‬مف بيف اإلشكاالت التي تثار عند تنفيذ األحكاـ القضائية‬
‫المتعمقة بإسناد الحضانة‪ ،‬عدـ النص عمى اإللزاـ بتسميـ المحضوف‪ ،‬أو رفض الولد‬
‫المحضوف االلتحاؽ بالطرؼ الذي أسندت لو الحضانة‪ ،‬أو تحايؿ الحاضف في تسميـ‬
‫المحضوف عند ممارسة حؽ الزيارة‪ ،‬أو الخبلؼ المتعمؽ بمكاف ممارسة حؽ الزيارة‪،‬‬
‫حبذا لو يتدخؿ المشرع لمعالجة ىذه اإلشكاالت واعطاء حموؿ ليا‪ ،‬وذلؾ بالنص عمى‬‫ويا ّ‬
‫وجوب تسميـ الولد المحضوف لحاضنو عند إسناد الحضانة‪ ،‬وبياف متى يحوؿ امتناع الولد‬
‫عف االلتحاؽ بالطرؼ الذي أسندت لو الحضانة دوف قياـ مسؤولية الطرؼ الذي يقيـ معو‬
‫حمؿ المسؤولية؟ باإلضافة إلى ضرورة إيجاد حموؿ لمتحايبلت‬
‫الولد المحضوف؟ ومتى ُي ّ‬
‫التي تمارسيا الحاضنة لمنع األب مف ممارسة حؽ الزيارة‪ ،‬وكذا تحديد مكاف ممارسة حؽ‬
‫الزيارة‪.‬‬
‫الثامن والخمسين‪ :‬يثير تنفيذ األحكاـ القضائية المتعمقة بتوفير مسكف مبلئـ‬
‫عدة اإلشكاالت‪ ،‬منيا ما تعمّؽ بغياب معيار محدد لتعذر توفير‬
‫لممارسة الحضانة ّ‬
‫يتـ االنتقاؿ إلى دفع بدؿ إيجار‪ ،‬وىؿ االختيار متروؾ‬
‫المسكف المبلئـ لمحضانة حتى ّ‬
‫لممطمّؽ بيف توفير المسكف أو دفع بدؿ اإليجار؟ باإلضافة إلى عدـ تحديد مواصفات‬
‫ألف المشرع اكتفى في‬
‫السكف المبلئـ لمحضانة‪ ،‬مف حيث مكاف تواجده أو محتوياتو‪ّ ،‬‬
‫نص المادة ‪ 72‬فقرة ‪ 01‬مف ؽ‪.‬أ بذكر توفير سكنا مبلئما لممارسة الحضانة فقط‪.‬‬
‫‪486‬‬
‫فإف تدخؿ المشرع بات ضروريا‪ ،‬حتى نخفّؼ عمى الحاضنة عناء الرجوع إلى‬
‫لذا ّ‬
‫القضاء مف أجؿ ح ّؿ اإلشكاالت المطروحة‪ ،‬ربحا لموقت والماؿ‪ ،‬وذلؾ بتحديد معيار‬
‫تعذر التنفيذ‪ ،‬حتى ينتقؿ الزوج إلى دفع مقابؿ اإليجار‪ ،‬وكذا تحديد المواصفات والشروط‬
‫الواجب توافرىا في المسكف المبلئـ لممارسة الحضانة‪ ،‬وال بأس باعتماد ما أقرتو المحكمة‬
‫العميا مف مكاف تواجد السكف حتى يكوف مبلئما‪ ،‬وذلؾ إذا تواجد بمكاف بيت الزوجية‬
‫أو مكاف تواجد أىؿ الحاضنة‪.‬‬
‫تـ التوصؿ إلييا مف خبلؿ ىذا البحث‪ ،‬نورد بعض‬ ‫بعد استعراض النتائج التي ّ‬
‫االقتراحات والتوصيات التي أعتقد أنيا تساىـ في تحقيؽ االنسجاـ بيف قواعد القانوف‬
‫الموضوعي المتمثؿ في قانوف األسرة‪ ،‬وقواعد القانوف اإلجرائي‪ ،‬وتؤدي إلى تفادي‬
‫فض النزاعات األسرية وتنفيذ األحكاـ القضائية‪ ،‬سيما فيما يتعمؽ بأحكاـ‬
‫اإلشكاالت عند ّ‬
‫الزواج وانحبللو‪ ،‬ويمكف إجماؿ ىذه التوصيات فيما يمي‪:‬‬
‫فإف‬
‫أوال‪ :‬نظ ار لخطورة ميمة تحرير عقود الزواج ومسؾ سجبلت الحالة المدنية‪ّ ،‬‬
‫تفويض رئيس المجمس الشعبي البمدي صبلحيتو كضابط لمحالة المدنية إلى أحد‬
‫يتعيف معو‬
‫الموظفيف الدائميف‪ ،‬وتكميفو بتحرير عقود الزواج‪ ،‬تفويض ميـ وخطير‪ ،‬مما ّ‬
‫يتـ‬
‫حد أدنى مف الشروط التي يجب توافرىا في الموظؼ البمدي الذي ّ‬‫ضرورة اشتراط ّ‬
‫تفويضو لمقياـ بمياـ ضابط الحالة المدنية‪ ،‬حتى نتفادى كثرة األخطاء في العقود‬
‫والشيادات وسجبلت الحالة المدنية‪ ،‬لذا أوصي باشتراط توافر المستوى العممي الكافي في‬
‫المفوض‪ ،‬وحممو لشيادة عممية جامعية‪ ،‬كشيادة الميسانس في العموـ القانونية‬ ‫ّ‬ ‫الموظؼ‬
‫أو الشرعية‪ ،‬وتكوينو التكويف البلزـ لممارسة مياـ ضابط الحالة المدنية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أوصي بتعديؿ نص المادة ‪ 75‬الفقرة الثانية مف قانوف الحالة المدنية‪،‬‬
‫وحذؼ شرط إرفاؽ حكـ الطبلؽ بشيادة القاضي أو أميف الضبط المختص الذي يشيد‬
‫ألف أحكاـ الطبلؽ تصدر في أوؿ وآخر‬
‫بأف الحكـ صار حائ از قوة الشيء المقضي فيو‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫لشؽ المتعمؽ‬
‫درجة‪ ،‬وىي غير قابمة لمطعف فييا بأي وجو مف أوجو الطعف العادية في ا ّ‬
‫بالطبلؽ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أوصي بتوحيد الجيّة التي ُيبرـ أماميا عقد الزواج الشرعي واإلداري‪ ،‬مف‬
‫أجؿ إلغاء االزدواجية والتفريؽ بيف العقد الشرعي الذي ُيبرـ مف قبؿ اإلماـ‪ ،‬والعقد الرسمي‬
‫‪487‬‬
‫الحد مف ظاىرة انتشار الزواج‬
‫الذي ُيبرـ مف طرؼ ضابط الحالة المدنية أو الموثؽ‪ ،‬و ّ‬
‫العرفي‪ ،‬وذلؾ بإسناد ميمة إبراـ وتوثيؽ عقد الزواج إلى أئمة المساجد الحامميف لشيادات‬
‫عممية‪ ،‬باعتبار اإلماـ موظؼ عمومي مؤىؿ‪ ،‬وعمى دراية بفقو الزواج وأحكامو أكثر مف‬
‫وسجؿ خاص تسمّمو لو مديرية‬‫ّ‬ ‫غيره‪ ،‬وتمكيف اإلماـ مف نماذج رسمية لعقود الزواج‪،‬‬
‫تدوف فيو كؿ عقود الزواج المبرمة مف قبؿ اإلماـ‪ ،‬وتحديد أجؿ‬
‫الشؤوف الدينية واألوقاؼ‪ّ ،‬‬
‫مناسب بعد إبراـ عقود الزواج مف أجؿ قياـ اإلماـ بتسجيمو لدى ضابط الحالة المدنية في‬
‫السجبلت المخصصة لذلؾ‪ ،‬لذا أقترح تعديؿ نص المادة ‪ 18‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وذلؾ عمى النحو‬
‫يتـ عقد الزواج أماـ اإلماـ مع مراعاة ما ورد في المادتيف ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف‬
‫التالي‪ّ " :‬‬
‫ىذا القانوف‪ .‬يجب عمى اإلماـ أف يرسؿ ممخصا عف العقد في أجؿ ثبلثة أياـ إلى ضابط‬
‫الحالة المدنية ليقوـ بنسخو في سجؿ الحالة المدنية خبلؿ خمسة أياـ"‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أوصي بتعديؿ نص الفقرة األولى مف المادة ‪ 22‬مف ؽ‪.‬أ عمى النحو‬
‫التالي‪" :‬يثبت الزواج بمستخرج مف سجؿ الحالة المدنية‪ ،‬وفي حالة عدـ تسجيمو يثبت‬
‫بحكـ قضائي إذا توافر ركف الزواج وشروطو المحددة في المادتيف ‪ 09‬و‪ 09‬مكرر مف‬
‫ىذا القانوف"‪ ،‬وذلؾ بإعادة النص عمى شرط توافر ركف الزواج وشروطو‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬فيما يتعمّؽ بالصبلحيات الممنوحة لقضاء شؤوف األسرة أوصي جعؿ‬
‫االختصاص الممنوح لقسـ شؤوف األسرة اختصاصا نوعيا استثنائيا‪ ،‬واعتباره مف النظاـ‬
‫أي مرحمة مف مراحؿ التقاضي‪ ،‬ولممحكمة إثارتو مف تمقاء‬
‫العاـ‪ ،‬مع إمكانية إثارتو في ّ‬
‫ّْؿ‬
‫متخصص ومؤىؿ في قضايا شؤوف األسرة‪ُ ،‬يفع ْ‬‫ّ‬ ‫نفسيا‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ إيجاد قضاء‬
‫قواعدىا اإلجرائية والموضوعية‪.‬‬
‫النص عمى عدـ جواز الدفع بعدـ االختصاص اإلقميمي‬ ‫سادسا‪ :‬أوصي بضرورة ّ‬
‫بالنسبة لدعاوى إثبات الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬والزاـ القاضي بتثبيت الطبلؽ الذي‬
‫صرح بو الزوج‪ ،‬واألمر بتسجيمو في سجبلت الحالة المدنية بسعي مف النيابة العامة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫حتى ُيحتسب الطبلؽ الذي أوقعو الزوج مف عدد الطمقات التي يممكيا‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬أوصي فيما يتعمؽ بتحديد االختصاص اإلقميمي عند تعدد الطمب‬
‫القضائي في دعوى واحدة‪ ،‬واختبلؼ االختصاص اإلقميمي تبعا ليذا التعدد‪ ،‬أف ُيترؾ‬

‫‪488‬‬
‫أقرىا‬
‫لممدعي الختيار أنسب اختصاص إقميمي لو‪ ،‬مف بيف االختصاصات التي ّ‬ ‫االختيار ّ‬
‫المشرع تبعاً لتعدد الطمب‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬أوصي فيما يتعمؽ باألوامر عمى عرائض التي َيتّ ِخ ُذ بموجبيا القاضي‬
‫تدابير المؤقتة سيما في مسائؿ النفقة والحضانة والزيارة والمسكف‪ ،‬والمشمولة بنص المادة‬
‫‪ 57‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬أف يضفي المشرع عمى ىذه األوامر طابع االستعجاؿ في تنفيذىا‪،‬‬
‫كما أضفى عمييا طابع االستعجاؿ عند الفصؿ فييا‪ ،‬وذلؾ بتصنيفيا ضمف األوامر‬
‫االستعجالية التي ُيعتَ َم ُد في تنفيذىا نص المادة ‪ 614‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وبالتالي يجوز تنفيذىا‬
‫بمجرد التبميغ الرسمي لمتكميؼ بالوفاء بما تضمنو األمر‪ ،‬دوف مراعاة أجؿ خمسة عشر‬
‫يوما المحددة في المادة ‪ 612‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬أوصي بإضافة نص قانوني صريح بعدـ اشتراط وجود دعوى في‬
‫الموضوع لبلستجابة لمطمبات االستعجالية المتعمقة بالنفقة أو الحضانة أو الزيارة‬
‫أو المسكف‪ ،‬وىو الموقؼ المتبنى مف المحكمة العميا‪.‬‬
‫بالنص عمى تحديد أجؿ مناسب عند فصؿ‬
‫ّ‬ ‫تدخؿ المشرع‬
‫عاش ار‪ :‬أوصي بضرورة ّ‬
‫البت فييا‪ ،‬رفعا لمضيؽ‬
‫قاضي الموضوع في قضايا شؤوف األسرة التي تتطمب سرعة ّ‬
‫ألف الفصؿ في ىذه‬‫والضرر عف الزوجة واألوالد‪ ،‬كقضايا التطميؽ أو دعاوى النفقة‪ّ ،‬‬
‫يحمؿ الزوجة والدائف‬
‫الدعاوى في آجاؿ معقولة وفقا لنص المادة الثالثة مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ ّ‬
‫تحممو‪ ،‬وأقترح أجؿ عشرة أياـ لمفصؿ في دعاوى النفقة‪ ،‬وأجؿ شير‬
‫يشؽ ّ‬‫بالنفقة ضر ار ّ‬
‫لمفصؿ في دعاوى التطميؽ التي تضار الزوجة ببقائيا في عصمة زوجيا‪.‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬أوصي بإضافة نص قانوني يستثني دعاوى الطبلؽ باإلرادة‬
‫المنفردة لمزوج مف تطبيؽ األحكاـ اإلجرائية المتعمقة بشطب الدعاوى‪ ،‬أو التنازؿ عف‬
‫الخصومة‪ ،‬أو عدـ االختصاص اإلقميمي‪ ،‬أو انقضاء الدعوى‪ ،‬والنص عمى ّأنو في حالة‬
‫المدعي عف‬
‫فإنو ال يجوز شطب الدعوى إذا تخمّؼ ّ‬ ‫ثبت تصريح الزوج بالطبلؽ‪ّ ،‬‬
‫ألوؿ جمسة‪ ،‬وضرورة تأجيميا مف أجؿ حضوره‪ ،‬باإلضافة إلى النص عمى‬ ‫الحضور ّ‬
‫المدعي طمبا بالتنازؿ عف‬
‫قدـ ّ‬
‫تـ بإرادة الزوج إذا ّ‬
‫وجوب اإلشياد بالطبلؽ الذي ّ‬
‫الخصومة‪ ،‬وكذا النص عمى عدـ جواز الحكـ بعدـ االختصاص اإلقميمي حتى ال نفوت‬
‫الفرصة عمى الزوجيف في استعماؿ حؽ الرجعة دوف عقد جديد خبلؿ عدة الطبلؽ‬
‫‪489‬‬
‫الرجعي‪ ،‬والنص عمى عدـ جواز الحكـ بانقضاء الدعوى في دعاوى إثبات الطبلؽ‪،‬‬
‫إذا ثبت تصريح الزوج بو‪ ،‬واّنما يجب إثباتو وتسجيمو‪.‬‬
‫إف قياـ النيابة العامة بالمياـ المسندة إلييا في قضايا شؤوف‬
‫الثاني عشر‪ّ :‬‬
‫األسرة‪ ،‬يتطمب تغيير النظرة لمدور التقميدي الذي يجب أف تقوـ بو‪ ،‬تبعا لممركز الجديد‬
‫الذي منحيا إياه المشرع بموجب المادة ‪ 03‬مكرر مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬باعتبارىا طرفا أصميا في‬
‫دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬لذا أوصي بضرورة تكويف قضاة النيابة العامة المكمفيف بأقساـ‬
‫شؤوف األسرة تكوينا خاصا‪ ،‬وتعزيز قدرات جياز النيابة العامة بالموارد البشرية والمادية‬
‫ألداء األدوار الخاصة بيذه القضايا‪ ،‬كتعييف مساعديف اجتماعييف متخصصيف‪ ،‬وضبطية‬
‫قضائية متخصصة‪ ،‬تساعد قضاة النيابة العامة في المياـ المنوطة بيا‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تخصيص قضاء شؤوف األسرة بمحاكـ خاصة‪ ،‬ومقار مستقمة عف بقية أقساـ محاكـ‬
‫ومدىا بكؿ ما تتطمبو مف تجييزات ووسائؿ مادية حديثة‪ ،‬مف أجؿ تسيير‬ ‫القضاء العادي‪ّ ،‬‬
‫حديث وفعاؿ لممفات شؤوف األسرة‪ ،‬مع تطوير وسائؿ التبميغ والتنفيذ‪.‬‬
‫تـ ترشيده لمزواج فيما‬
‫أقر المشرع أىمية التقاضي لمقاصر الذي ّ‬
‫الثالث عشر‪ّ :‬‬
‫تطرقو لحقوؽ‬
‫أف المشرع اقتصر عند ّ‬‫يتعمؽ بآثار عقد الزواج مف حقوؽ والتزامات‪ ،‬غير ّ‬
‫وواجبات الزوجيف عمى ذكر أمور معنوية وأخبلقية في المادة ‪ 36‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وأغفؿ ذكر‬
‫الحقوؽ وااللتزامات المادية التي يرتّبيا عقد الزواج‪ ،‬لذا أوصي بضرورة تحديد الحقوؽ‬
‫وااللتزامات التي تقع عمى عاتؽ الزوجيف بموجب عقد الزواج‪ ،‬حتى تتضح الدعاوى التي‬
‫تـ ترشيده لمزواج التقاضي بشأنيا‪.‬‬
‫يحؽ لمقاصر الذي ّ‬
‫ّ‬
‫الرابع عشر‪ :‬أوصي بضرورة مراعاة انتياء مدة العدة‪ ،‬عند تسجيؿ دعاوى‬
‫الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ ،‬وعند سير الجمسات‪ ،‬وذلؾ ببرمجة القضية في أقرب‬
‫التقيد‬
‫جمسة تمي تاريخ رفع الدعوى‪ ،‬مثمما ىو األمر بالنسبة لمقضايا االستعجالية‪ ،‬وعدـ ّ‬
‫بأجؿ عشريف يوما بيف تاريخ تسجيؿ الدعوى وتاريخ أوؿ جمسة‪ ،‬حتى يتمكف القاضي مف‬
‫وتحوؿ الطبلؽ الرجعي إلى بائف‪ ،‬وذلؾ مف‬
‫ّ‬ ‫إجراء محاوالت الصمح قبؿ انقضاء العدة‪،‬‬
‫أجؿ محاولة إقناع الزوج عمى استعماؿ حؽ الرجعة دوف عقد جديد‪ ،‬وعمى قاضي قسـ‬
‫عدتيا شارؼ‬
‫يتفحص الممفات المسجمة‪ ،‬ويبرمج القضايا التي يكوف أجؿ ّ‬
‫شؤوف األسرة أف ّ‬
‫عمى االنقضاء في أقرب جمسة‪ ،‬ونفس األمر بالنسبة لسير الجمسات‪ ،‬حيث أوصي أف‬
‫‪490‬‬
‫يكوف تأجيؿ قاضي شؤوف األسرة لمجمسات لمدة قصيرة ال تتجاوز أسبوع عمى األكثر‪،‬‬
‫وليس مثمما ىو معموؿ بو في القضايا العادية تؤجؿ لمدة خمسة عشر يوما أو أكثر‪،‬‬
‫العدة‪.‬‬
‫وذلؾ حتى ال تنقضي آجاؿ ّ‬
‫لذلؾ أوصي بإضافة نص قانوني ُيمزـ أميف الضبط بتسجيؿ دعاوى الطبلؽ‬
‫وقيدىا وبرمجتيا في أقرب جمسة تمي تاريخ تسجيميا بأمانة الضبط‪ ،‬نظ ار لمخصوصية‬
‫تميز قضايا الطبلؽ‪ ،‬والتي تبرر استثناءىا مف تطبيؽ القواعد العامة في تسجيؿ‬
‫التي ّ‬
‫وقيد الدعاوى‪.‬‬
‫أقره المشرع في قضايا شؤوف األسرة بموجب‬
‫إف االستثناء الذي ّ‬
‫الخامس عشر‪ّ :‬‬
‫الفقرة الثانية مف المادة ‪ 538‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬والخاص بعدـ وجوبية التمثيؿ بمحاـ أماـ‬
‫أف حماية الفئات الي ّشة‬
‫المجمس القضائي‪ ،‬استثناء جدير التنويو بو‪ ،‬غير ّأنني أعتقد ّ‬
‫تـ تفعيؿ آلية المساعدة القضائية وتسييؿ‬
‫المعنية بيذا االستثناء يتحقّؽ بشكؿ أحسف إذا ّ‬
‫ألف توكيؿ محاـ‬
‫البت في الطمب‪ّ ،‬‬
‫وتبسيط إجراءاتيا في قضايا شؤوف األسرة‪ ،‬وسرعة ّ‬
‫لمدفاع عف حقوؽ المتقاضيف يش ّكؿ ضمانة أساسية لتحصيؿ الحقوؽ المنشودة‪ ،‬وحماية‬
‫المراكز القانونية الموجودة‪ ،‬لذا أوصي بتفعيؿ آلية المساعدة القضائية وتسييؿ إجراءاتيا‬
‫في قضايا شؤوف األسرة‪.‬‬
‫النية إلى التحايؿ في ذكر‬
‫السادس عشر‪َ :‬ي ْع َم ُد أحيانا الزوج أو الزوجة سيئي ّ‬
‫عنواف وىمي لممدعى عميو في عريضة الدعوى‪ ،‬بغية عدـ توصؿ الزوج اآلخر بالتكميؼ‬
‫بالحضور لمجمسة‪ ،‬وا ستصدار حكما في غيابو بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬قصد الحيمولة دوف‬
‫تقديـ المدعى عميو لطمباتو ودفوعاتو‪ ،‬لذا أقترح إضافة نص ُيعاقب عمى التحايؿ المرتكب‬
‫مف أحد الزوجيف إض ار ار بالزوج اآلخر‪ ،‬عند ذكر عنواف وىمي في دعاوى شؤوف األسرة‬
‫خاصة‪ ،‬وذلؾ بتسميط عقوبة جزائية‬
‫ّ‬ ‫ؾ الرابطة الزوجية بصفة‬
‫بصفة عامة‪ ،‬وفي دعاوى ف ّ‬
‫عميو بالحبس والغرامة‪ ،‬بناء عمى شكوى مف الزوج المتضرر مف التحايؿ‪ ،‬حتى تكوف ىذه‬
‫العقوبة ردعا لممتحايؿ‪ ،‬وضمانة لؤلطراؼ‪ ،‬تكفؿ عمميـ بموضوع الدعوى‪ ،‬وعدـ التحايؿ‬
‫عمى بعضيـ بذكر عناويف وىمية‪ ،‬ويستعاف في ذلؾ بالنيابة العامة مف أجؿ البحث‬
‫والتحري لموصوؿ إلى عنواف الزوج المتحايؿ عميو‪.‬‬

‫‪491‬‬
‫السابع عشر‪ :‬مراعاةً لحاؿ الدائف بالنفقة‪ ،‬سواء كانت زوجة أو مطمقة أو ولدا‬
‫أو والديف‪ ،‬حيث يغمب عمييـ الحاجة والعسر‪ ،‬ويعجزوف عف أداء المصاريؼ القضائية‬
‫البلزمة لممطالبة بحقّيـ في النفقة أماـ القضاء‪ ،‬أوصي بضرورة إعفاء دعاوى النفقة مف‬
‫دفع الرسوـ القضائية‪ ،‬متى كاف رافع الدعوى الدائف بالنفقة‪ ،‬كاستثناء عف القواعد العامة‪،‬‬
‫أما المديف بالنفقة فبل يستفيد مف ىذا اإلعفاء إذا ما رفع دعوى مف أجؿ إسقاط النفقة‪،‬‬
‫أو المطالبة بتخفيض مبالغيا‪.‬‬
‫الثامن عشر‪ :‬في ظؿ غياب نص قانوني ُيمزـ أو ُيعفي جية االستئناؼ لمقياـ‬
‫بمحاوالت الصمح‪ ،‬أوصي بضرورة النص عمى منح السمطة التقديرية لقضاة المجمس في‬
‫إعادة إجراء الصمح‪ ،‬إذا قاـ قاضي الدرجة األولى بمحاوالت الصمح بمناسبة فصمو في‬
‫النزاع المطروح عميو‪ ،‬متى أرى قضاة المجمس جدوى لذلؾ‪ ،‬أما إذا لـ ُيجر قاضي الدرجة‬
‫األولى محاوالت لمصمح بيف الزوجيف‪ُ ،‬في َمزُـ قاضي الدرجة الثانية بإجرائو‪ ،‬عمى خبلؼ‬
‫ما تبنتو المحكمة العميا مف عدـ إلزاـ جية االستئناؼ بالقياـ بإجراء الصمح قبؿ النطؽ‬
‫أف اإللزاـ المذكور في المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والمادة ‪ 439‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬موجو‬
‫بالطبلؽ‪ ،‬و ّ‬
‫لقاضي شؤوف األسرة عمى مستوى المحكمة فقط‪ ،‬وليس عمى مستوى جية االستئناؼ‪.‬‬
‫إف السماح لممدعى عميو أو محاميو بتقديـ مقاؿ الرد عمى عريضة‬
‫التاسع عشر‪ّ :‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬قد يؤدي إلى فشؿ مساعي الصمح بيف الزوجيف‬ ‫المدعي في دعاوى ف ّ‬
‫ّ‬
‫قبؿ أف تبدأ جمسات الصمح‪ ،‬نظ ار لما قد تتضمنو مقاالت الرد مف كشؼ ألسرار بيت‬
‫يصر عمى فؾ الرابطة‬‫ّ‬ ‫المدعي‬
‫الصحة‪ ،‬تجعؿ ّ‬
‫ّ‬ ‫الزوجية‪ ،‬أو افتراءات ال أساس ليا مف‬
‫الزوجية‪ ،‬وال تنفع معو محاوالت الصمح‪ ،‬لذا أوصي بالنص عمى تأجيؿ تقديـ مقاؿ الرد‬
‫أف عمى القاضي أال يسمح بتبادؿ المقاالت بيف طرفي‬
‫إلى ما بعد فشؿ جمسة الصمح‪ ،‬و ّ‬
‫الدعوى إلى ما بعد إجراء محاوالت الصمح‪ ،‬فإذا فشمت ىذه المحاوالت سمح لمطرفيف‬
‫بذلؾ‪.‬‬
‫كما أ وصي السادة المحاميف بضرورة تفادي كؿ ما مف شأنو التجريح أو تظميـ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬حتى ال تفشؿ مساعي‬
‫الطرؼ اآلخر في العريضة االفتتاحية لدعوى ف ّ‬
‫الصمح‪ ،‬وتأجيؿ بياف ما يستمزـ بيانو مف ظمـ أحد الطرفيف أو خطأه‪ ،‬إلى ما بعد فشؿ‬
‫محاوالت الصمح‪.‬‬
‫‪492‬‬
‫العشرين‪ :‬جعؿ المشرع بداية أجؿ الصمح مرتبط بتاريخ رفع الدعوى‪ ،‬وينقضي‬
‫ألف الصمح يرتبط أجمو بأجؿ‬
‫صحتو‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أجمو بمضي ثبلثة أشير‪ ،‬وىو أمر أعتقد عدـ‬
‫العدة في‬
‫العدة‪ ،‬اتساعا وضيقا‪ ،‬لذا أوصي بجعؿ بداية ميمة الصمح مرتبط ببداية سرياف ّ‬
‫ّ‬
‫صرح فييا الزوج بالطبلؽ‪ ،‬ونياية ميمة الصمح‬‫دعاوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة التي ّ‬
‫العدة‪ ،‬وبذلؾ تطوؿ ميمة الصمح عندما يطوؿ أجؿ العدة‪ ،‬كعدة المرأة‬
‫مرتبط بانتياء أجؿ ّ‬
‫أما في دعاوى التطميؽ والخمع والطبلؽ بالتراضي‪ ،‬أيف ُي ْعتََب ُر الحكـ منشئا‪ ،‬وال‬
‫الحامؿ‪ّ ،‬‬
‫العد ة إال مف تاريخ صدور الحكـ‪ ،‬وكذا في دعاوى الطبلؽ باإلرادة المنفردة‬ ‫تبدأ سرياف ّ‬
‫لمزوج التي لـ يتمفظ فييا الزوج بالطبلؽ‪ ،‬أقترح إطالة ميمة الصمح إلى ستة أشير مف‬
‫أجؿ السماح لمقاضي بالمجوء إلى مختمؼ التدابير التي أقرىا المشرع مف أجؿ إنجاح‬
‫محاوالت الصمح‪ ،‬كتعييف حكميف أو استشارة جيات متخصصة‪ ،‬مما يزيد فرص نجاح‬
‫مساعي الصمح‪.‬‬
‫الواحد والعشرين‪ :‬أوصي بتعديؿ نص المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬أو إضافة نص جديد‬
‫مدة الصمح الموافقة لمدة العدة‬
‫يمنع القاضي مف إصدار حكـ إثبات الطبلؽ قبؿ انقضاء ّ‬
‫المقدرة بثبلثة أشير‪ ،‬وذلؾ حتى تجنب الوقوع في حاالت شا ّذة مخالفة لمنظاـ العاـ‪ ،‬تؤدي‬
‫عدة الطبلؽ الرجعي‪ ،‬أو تحرـ أحد الزوجيف مف‬
‫إلى حرماف الزوج مف مراجعة زوجتو في ّ‬
‫عدة الطبلؽ الرجعي‪.‬‬
‫الميراث في ّ‬
‫الثاني والعشرين‪ :‬أقترح إلزاـ القاضي عند إصداره حكما باإلشياد عمى الصمح‬
‫أف يذكر في منطوؽ الحكـ جميع الشروط التي اتّفؽ عمييا الزوجاف‪ ،‬والتي بموجبيا‬
‫ألف االكتفاء بالنص عمى‬
‫حصؿ الصمح بينيما‪ ،‬حتى يكوف الحكـ واضحا وقاببل لمتنفيذ‪ّ ،‬‬
‫اتفاؽ األطراؼ باستئناؼ الحياة الزوجية‪ ،‬دوف بياف الشروط التي حصؿ االتفاؽ بشأنيا‬
‫بيف الطرفيف‪ ،‬يؤدي إلى عديد اإلشكاالت في تنفيذ الحكـ الصادر باإلشياد عمى الصمح‪.‬‬
‫الثالث والعشرين‪ :‬بالنظر ألىمية إجراء الصمح في الحفاظ عمى استقرار األسرة‬
‫تظـ كفاءات في‬
‫ووحدتيا‪ ،‬كاف مف األنسب إسناد ميمة الصمح إلى جية متخصصة ّ‬
‫القانوف‪ ،‬وعمـ االجتماع‪ ،‬وعمـ النفس‪ ،‬والشريعة اإلسبلمية‪ ،‬عمى غرار مكاتب تسوية‬
‫ألف حؿ الخبلفات الزوجية تتطمب كفاءة وخبرة قد ال تتوفر‬
‫المنازعات األسرية في مصر‪ّ ،‬‬
‫لدى قاضي شؤوف األسرة‪ ،‬المثقؿ أصبل بعديد الممفات المطالب بالفصؿ فييا في آجاؿ‬
‫‪493‬‬
‫معقولة‪ ،‬مما يعرقؿ مياـ الصمح‪ ،‬ويجعمو مجرد إجراء شكمي وجب استيفائو تطبيقا لنص‬
‫المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والمادة ‪ 439‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬‬
‫جدي مف خبلؿ تكميؼ جية جماعية‬ ‫إف إجراء الصمح يحتاج إلى تفعيؿ ّ‬ ‫ّ‬
‫متخصصة تؤمف بو وبحاجة المجتمع إليو‪ ،‬وتؤمف بضرورة بذؿ الجيد والوقت والعناية‬
‫يجب استيفائو مف أجؿ تفادي الطعف في‬
‫البلزمة لتحقيقو‪ ،‬وال ترى فيو مجرد إجراء شكمي ُ‬
‫الحكـ بالطبلؽ بوجو مف أوجو الطعف المتاحة‪ ،‬وبذلؾ ُيخفؼ العبء الممقى عمى عاتؽ‬
‫قاضي شؤوف األسرة‪ ،‬وتزيد فرص نجاح محاوالت الصمح‪.‬‬
‫مختصة ومؤىمة إلجراء الصمح‪ ،‬مكونة مف أخصائييف‬
‫ّ‬ ‫لذا أدعو إلى إنشاء جية‬
‫في القانوف والشريعة وعمـ االجتماع وعمـ النفس‪ ،‬تُسند ليا مباشرة ميمة إجراء الصمح‪،‬‬
‫بمجرد حدوث الشقاؽ والخبلؼ بينيما وقبؿ رفع دعوى الطبلؽ‪ ،‬أو حتى بعد رفع دعوى‬
‫المختصة‪ ،‬وذلؾ في ظؿ عدـ كفاية الدور الذي يقوـ بو‬
‫ّ‬ ‫الطبلؽ أماـ الجيات القضائية‬
‫قاضي شؤوف األسرة والحكميف في إنجاح محاوالت الصمح‪.‬‬
‫الرابع والعشرين‪ :‬أوصي بإضافة نص تستثنى بموجبو المطمقة ثبلثا مف وجوبية‬
‫أف أوؿ ما عمى القاضي معرفتو عند نظره دعوى‬ ‫إجراء الصمح في دعاوى الطبلؽ‪ ،‬حيث ّ‬
‫الطبلؽ‪ ،‬كـ عدد الطمقات التي أوقعيا الزوج عمى زوجتو؟ فإف ثبت أنو طمقيا لممرة الثالثة‬
‫وجب االمتناع عف إجراء الصمح لمخالفتو النظاـ العاـ‪.‬‬
‫الخامس والعشرين‪ :‬تجنبا لكؿ اإلشكاالت التي تترتب عمى اختبلؼ أجؿ الصمح‬
‫العدة‪ ،‬أوصي بضرورة اقتراف مدة الصمح وارتباطيا بمدة عدة الطبلؽ الرجعي‪،‬‬ ‫عف أجؿ ّ‬
‫ألف األحكاـ الشرعية المتعمقة بالرجعة والنسب والميراث ترتبط ارتباط وثيقا ببداية ونياية‬
‫العدة‪ ،‬التي ترتبط بدورىا بتاريخ تصريح الزوج بالطبلؽ‪ ،‬لذا أقترح النص عمى‬
‫سرياف مدة ّ‬
‫العدة‪ ،‬ابتداء مف‬
‫عدة محاوالت لمصمح خبلؿ فترة ّ‬ ‫ما يمي‪" :‬يجب عمى القاضي إجراء ّ‬
‫تاريخ تصريح الزوج بالطبلؽ"‪ ،‬أما بالنسبة لمطبلؽ بالتراضي أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬فأقترح‬
‫مدة الصمح ال تقؿ عف ستة أشير مف تاريخ رفع الدعوى‪.‬‬
‫أف تكوف ّ‬
‫السادس والعشرين‪ :‬أوصي بإلغاء الشرطيف الوارديف في المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬مف‬
‫أجؿ وجوب تعييف الحكميف‪ ،‬والمتعمقيف بشرط اشتداد الخصاـ بيف الزوجيف‪ ،‬وشرط عدـ‬
‫ألف اليدؼ مف تشريع إجراء التحكيـ ىو الحفاظ عمى العبلقة الزوجية‪،‬‬
‫ثبوت الضرر‪ّ ،‬‬
‫‪494‬‬
‫وحماية عقد الزواج مف الح ّؿ‪ ،‬لذلؾ أقترح تعديؿ نص الفقرة األولى مف المادة ‪ 56‬مف ؽ‪.‬أ‬
‫كما يمي‪ " :‬إذا ظير الخصاـ بيف الزوجيف وجب تعييف حكميف لمتوفيؽ بينيما"‪.‬‬
‫السابع والعشرين‪ :‬أوصي بتعديؿ نص المادة ‪ 446‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬واإلشارة إلى‬
‫وجوب تقديـ الحكميف تقريرىما عند نياية مياميما‪ ،‬حتى لو أفضت مساعي الصمح إلى‬
‫ألف ذلؾ يساعد قاضي شؤوف األسرة في فيـ موضوع الخبلؼ بيف الزوجيف‪،‬‬ ‫الفشؿ‪ّ ،‬‬
‫وتحديد مسؤولية كؿ واحد مف الزوجيف في إيقاع الطبلؽ‪ ،‬وتقدير التعويض المناسب‬
‫لمطرؼ المتضرر‪.‬‬
‫الثامن والعشرين‪ :‬أقترح لتفادي اإلشكاالت المثارة بشأف المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪،‬‬
‫تعديميا واستبداؿ عبارة "ال يثبت الطبلؽ" بعبارة "ال يثبت الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج"‪،‬‬
‫يعمـ تطبيؽ نص المادة ‪ 49‬عمى باقي صور الطبلؽ األخرى‪ ،‬والزاـ القاضي‬ ‫حتى ال ّ‬
‫بتحديد تاريخ إيقاع الطبلؽ بأثر رجعي إلى تاريخ تمفظ الزوج بو‪.‬‬
‫التاسع والعشرين‪ :‬أوصي بإلزاـ قاضي شؤوف األسرة بذكر في حكـ الطبلؽ عدد‬
‫ألنو يحضر عمى الزوج‬
‫الطمقات التي أوقعيا الزوج‪ ،‬وأال يقتصر عمى إثبات الطبلؽ فقط‪ّ ،‬‬
‫ثـ‬
‫الذي أوقع ثبلث طمقات أف ُيرجع المطمقة إلى عصمتو‪ ،‬إال بعد أف تتزوج زوجا آخر‪ّ ،‬‬
‫فإف ذكر عدد الطمقات في الحكـ المثبت لمطبلؽ أمر ميـ‬
‫يطمقيا وتبيف منو‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫يتعيف إلزاـ القاضي بذكره‪.‬‬
‫جدا‪ّ ،‬‬
‫الثالثين‪ :‬أوصي بتوحيد العمؿ في جميع المحاكـ بتسجيؿ أحكاـ الطبلؽ في‬
‫ألنيا أحكاـ تصدر في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬وال تقبؿ‬
‫سجبلت الحالة المدنية بمجرد صدورىا‪ّ ،‬‬
‫أف الطعف بالنقض ال يوقؼ تنفيذىا‪ ،‬طبقا لنص‬‫الطعف فييا بطرؽ الطعف العادية‪ ،‬كما ّ‬
‫المادة ‪ 49‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬والمواد ‪ ،452‬و‪ 435‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬لذا عمى ممثؿ النيابة العامة‬
‫السعي وجوبا في تسجيؿ أحكاـ الطبلؽ‪ ،‬دوف انتظار آجاؿ الطعف بالنقض أو الفصؿ‬
‫فيو‪.‬‬
‫الواحد والثالثين‪ :‬أقترح إضافة مادة جديدة ُينص فييا ص ارحة عمى عدـ جواز‬
‫ألف إلغاء أحكاـ الطبلؽ باإلرادة‬
‫الطعف بالمعارضة قانونا في أحكاـ الطبلؽ الغيابية‪ّ ،‬‬
‫المنفردة لمزوج التي صدرت في غياب الزوجة‪ ،‬وذلؾ بمناسبة الفصؿ في حقوؽ المطمقة‬
‫أف الطبلؽ باإلرادة‬
‫برمتو‪ ،‬كما ّ‬
‫المادية أو غير المادية‪ ،‬يؤدي إلى إلغاء حكـ الطبلؽ ّ‬
‫‪495‬‬
‫صرح الزوج بو‪ ،‬لتعمّؽ ذلؾ‬
‫المنفردة يوقعو الزوج‪ ،‬وال مجاؿ إللغاء الحكـ بإثباتو إذا ّ‬
‫بالنظاـ العاـ‪.‬‬
‫أما بالنسبة ألحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬وتماشيا مع موقؼ المشرع الذي لـ ُيجز‬
‫الطعف بالمعارضة في أحكاـ التطميؽ والخمع باعتبارىا أحكاما تصدر في أوؿ وآخر‬
‫درجة‪ ،‬فأقترح إضافة نص خاص وصريح ُيبيف عدـ جواز المعارضة في أحكاـ التطميؽ‬
‫والخمع‪ ،‬رفعا ألي لبس أو غموض‪.‬‬
‫أف ما ذىب إليو المشرع مف عدـ جواز الطعف‬ ‫الثاني والثالثين‪ :‬أعتقد ّ‬
‫بالمعارضة واالستئناؼ في أحكاـ التطميؽ والخمع ما عدا الجوانب المادية‪ ،‬والتسوية بيف‬
‫حكـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج مف جية‪ ،‬وحكـ التطميؽ والخمع مف جية أخرى أمر‬
‫منتقد‪ ،‬الختبلؼ طبيعة كؿ منيما‪ ،‬ودور القاضي فييما‪ ،‬لذا أوصي فتح مجاؿ الطعف‬
‫بالمعارضة واالستئناؼ في أحكاـ التطميؽ والخمع‪ ،‬مف أجؿ تدارؾ ما قد يقع في ىذه‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬باعتبار‬
‫صحة حكـ ف ّ‬
‫األحكاـ مف أخطاء ومخالفات قانونية تؤثر عمى ّ‬
‫منزىيف عف الخطأ‪ ،‬وال بد مف خضوع عمميـ لمرقابة‪ ،‬غير أنو يجب وقؼ‬ ‫القضاة غير ّ‬
‫تنفيذ أحكاـ التطميؽ والخمع حتى تصير نيائية غير قابمة لمطعف فييا بطرؽ الطعف‬
‫العادية‪ ،‬كما أوصي بتخفيض آجاؿ الطعف فييا حتى تستقر الحالة الشخصية لؤلسرة في‬
‫أقرب اآلجاؿ‪ ،‬وذلؾ باعتماد إجراءات االستعجاؿ مف حيث أجؿ الطعف أو أجؿ الفصؿ‬
‫فييا‪.‬‬
‫أقره المشرع المتعمّؽ بتمكيف األطراؼ رفع‬
‫إف االستثناء الذي ّ‬
‫الثالث والثالثين‪ّ :‬‬
‫الطعف باالستئناؼ أماـ أمانة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬أمر‬
‫إيجابي مف شأنو التسييؿ عمى المتقاضيف‪ ،‬وتجنيبيـ عناء التنقؿ إلى مسافات كبيرة‬
‫لموصوؿ إلى مقرات المجالس القضائية مف أجؿ تسجيؿ عريضة الطعف باالستئناؼ‪ ،‬غير‬
‫أنني أ دعو إلى تفعيؿ ىذا االستثناء وتوسعيو ليشمؿ تسجيؿ عريضة الطعف بالنقض في‬
‫أحكاـ فؾ الرابطة الزوجية أماـ أمانة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكـ‪ ،‬وذلؾ بمسؾ‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عمى مستوى المحاكـ‪،‬‬
‫سجبلت خاصة بالطعف بالنقض في أحكاـ ف ّ‬
‫تكوف تحت رقابة رئيس المحكمة‪ ،‬تسييبل عمى المتقاضيف‪ ،‬بالنظر إلى المشقّة التي‬

‫‪496‬‬
‫جراء التنقؿ إلى مقرات المجالس القضائية أو إلى مقر المحكمة العميا لقيد عريضة‬
‫تمحقيـ ّ‬
‫الطعف بالنقض‪.‬‬
‫ؾ‬
‫الرابع والثالثين‪ :‬بالنسبة ألجؿ الطعف باالستئناؼ في الجوانب المادية لحكـ ف ّ‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬أقترح جعؿ بداية سرياف أجؿ الطعف باالستئناؼ في األحكاـ الحضورية‬
‫مف تاريخ صدور الحكـ‪ ،‬وعدـ تقييده بتاريخ تبميغ الحكـ‪ ،‬حتى ال يتقاعس األطراؼ عف‬
‫يتـ تحقيؽ االستقرار لمحالة الشخصية‬‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬وبذلؾ ّ‬
‫متابعة مآؿ دعوى ف ّ‬
‫لمطميقيف في أسرع وقت ممكف‪ ،‬وىو ما ينعكس عمى استقرار المجتمع‪ ،‬وبالتالي الحفاظ‬
‫عمى النظاـ العاـ‪.‬‬
‫الخامس والثالثين‪ :‬أوصي بوجوب التفرقة بيف األحكاـ التي تقضي برفض‬
‫دعوى فؾ الرابطة الزوجية ‪ ،‬التي يجب فتح مجاؿ الطعف فييا باالستئناؼ‪ ،‬وبيف األحكاـ‬
‫التي تقضي بالطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬والتي ال يجيز المشرع الطعف فييا‬
‫أف األحكاـ الصادرة في دعاوى فؾ‬
‫باالستئناؼ‪ ،‬حيث مف الضروري النص صراحة عمى ّ‬
‫الرابطة الزوجية والتي ُيحكـ فييا برفض الدعوى تكوف صادرة في أوؿ درجة‪ ،‬وقابمة‬
‫لمطعف فييا باالستئناؼ‪ ،‬كما أدعو إلى تعديؿ نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬مف الصياغة‬
‫الحالية‪ ،‬وذلؾ بحذؼ عبارة "الصادرة في دعاوى"‪ ،‬إلى الصياغة القديمة‪ " :‬تكوف أحكاـ‬
‫ألف األحكاـ الصادرة في دعاوى الطبلؽ أو التطميؽ أو الخمع‪ ،‬قد‬
‫فؾ الرابطة الزوجية"‪ّ ،‬‬
‫تُتوج بقبوؿ الدعوى وصدور حكـ الطبلؽ‪ ،‬وقد تُرفض الدعوى فيصدر حكـ بعدـ قبوليا‪،‬‬
‫وبذلؾ يتّفؽ ىذا االتجاه مع موقؼ المحكمة العميا في المسألة‪.‬‬
‫أف أحكاـ تصحيح الخطأ المادي‪،‬‬
‫إف المشاىد في الواقع ّ‬‫السادس والثالثين‪ّ :‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬تصدر في أوؿ درجة‪ ،‬وبذلؾ‬
‫أو األحكاـ التفسيرية المتعمّقة بقضايا ف ّ‬
‫تكوف قابمة لمطعف فييا بطرؽ الطعف العادية‪ ،‬وىو أمر غير منطقي ومخالؼ لمفيوـ‬
‫المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ويحوؿ دوف استقرار العبلقات األسرية‪ ،‬ويطيؿ أمد التقاضي بيف‬
‫المتخاصميف‪ ،‬في حيف أنو مف المفترض أف تصدر ىذه األحكاـ في أوؿ وآخر درجة‪،‬‬
‫باعتبارىا تأخذ وصؼ الحكـ األصمي‪ ،‬لذا أوصي بإضافة نص يشير إلى اعتبار أحكاـ‬
‫تصحيح الخطأ المادي‪ ،‬واألحكاـ التفسيرية المتعمقة بفؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أحكاما تصدر‬
‫في أوؿ وآخر درجة‪.‬‬
‫‪497‬‬
‫السابع والثالثين‪ :‬تصدر األحكاـ الحضورية التي ترمي إلى إضفاء الصيغة‬
‫التنفيذية أل حكاـ الطبلؽ الصادرة عف جيات قضائية أجنبية في أوؿ درجة‪ ،‬وتقبؿ الطعف‬
‫أف األولى واألصوب‬
‫يخصيا بنص خاص‪ ،‬وأعتقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫باالستئناؼ فييا‪ ،‬أل ّف المشرع لـ‬
‫ألف‬
‫اعتبارىا تصدر في أوؿ وآخر درجة‪ ،‬واستثنائيا وتمييزىا بعدـ جواز الطعف فييا‪ّ ،‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية استنفذ طرؽ الطعف في البمد األجنبي الذي‬
‫الحكـ األجنبي الصادر بف ّ‬
‫يتـ ميره بالصيغة التنفيذية إالّ بعد أف صار نيائيا‪ ،‬وما دور قاضي شؤوف‬
‫صدر فيو‪ ،‬ولـ ّ‬
‫األسرة إال التحقّؽ ّأنو حكـ نيائي غير مخالؼ لمنظاـ العاـ‪ ،‬وبالتالي مف غير المعقوؿ‬
‫فتح مجاؿ الطعف في الحكـ الذي يضفي عمييا الصيغة التنفيذية‪ ،‬لذا أوصي بإضافة نص‬
‫يوجب الفصؿ بحكـ صادر في أوؿ وآخر درجة في دعاوى إضفاء الصيغة التنفيذية عمى‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫الحكـ األجنبي المتعمؽ بف ّ‬
‫يخص أجؿ الطعف بالنقض في األحكاـ الحضورية‬
‫ّ‬ ‫الثامن والثالثين‪ :‬أوصي فيما‬
‫ؾ الرابطة الزوجية عف طريؽ التطميؽ أو الخمع أف يبدأ سرياف أجؿ الطعف بالنقض مف‬
‫بف ّ‬
‫تاريخ صدور الحكـ أو القرار‪ ،‬وأالّ يرتبط بتاريخ التبميغ الرسمي لمحكـ أو القرار‪ ،‬باعتبار‬
‫أف الطرفيف حض ار جمسات المحاكمة‪ ،‬وىما عمى عمـ بالنزاع ومآلو‪ ،‬وذلؾ تحقيقا الستقرار‬
‫ّ‬
‫الحالة الشخصية لمزوجيف في أقرب وقت‪ ،‬وحتى ال تبقى اآلجاؿ مفتوحة ومعمّقة عمى قياـ‬
‫أحد الطرفيف بالتبميغ الرسمي لمحكـ أو القرار‪.‬‬
‫التاسع والثالثين‪ :‬أقترح التمييز بيف فئتيف مف صور الطبلؽ‪ ،‬فيما يخص الطعف‬
‫فييا بأوجو الطعف العادية وغير العادية‪ ،‬وذلؾ عمى النحو اآلتي‪:‬‬
‫الفئة األولى‪ :‬أوصي بغمؽ مجاؿ الطعف فييا بأي وجو مف أوجو الطعف العادية‬
‫ألف إرادة الزوج ىي‬
‫أو غير العادية‪ ،‬وذلؾ بالنسبة ألحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج‪ّ ،‬‬
‫التي تنشأ الطبلؽ باإلرادة المنفردة‪ ،‬وال تأثير ألي طعف عمى تغيير المراكز القانونية التي‬
‫أف دور القاضي سمبي‪ ،‬يقتصر عمى التأ ّكد مف إرادة الزوج في‬‫أنشأىا الزوج‪ ،‬كما ّ‬
‫ألف إرادة الزوجيف ليا اعتبار في‬
‫الطبلؽ‪ ،‬وكذا بالنسبة ألحكاـ الطبلؽ بالتراضي‪ّ ،‬‬
‫ؾ العصمة‪ ،‬ودور القاضي في إصدار الحكـ‬
‫حصوؿ الطبلؽ‪ ،‬واالتفاؽ عمى توابع ف ّ‬
‫محدود‪ ،‬يقتصر عمى مراقبة شروط االتفاؽ المبرـ بيف الزوجيف‪ ،‬وعدـ مخالفتيا لمنظاـ‬
‫العاـ‪.‬‬
‫‪498‬‬
‫الفئة الثانية‪ :‬األحكاـ الصادرة بالتطميؽ والخمع أقترح فتح مجاؿ الطعف فييا‬
‫بطرؽ الطعف العادية وغير العادية‪ ،‬نظ ار لمدور اإليجابي الذي يقوـ بو القاضي عند‬
‫إصدارىا‪ ،‬حتى يخضع العمؿ القضائي لرقابة الجية األعمى منو درجة‪ ،‬لمتأكد مف سبلمة‬
‫تطبيؽ القانوف‪ ،‬كما أقترح أف يوقؼ تنفيذ أحكاـ التطميؽ والخمع حتى تستنفذ آجاؿ الطعف‬
‫تـ ممارستو‪ ،‬وأف تكوف آجاؿ الطعف‬
‫يتـ الفصؿ في الطعف بالنقض إذا ّ‬ ‫بالنقض‪ ،‬أو ّ‬
‫تستقر الحالة الشخصية‬
‫ّ‬ ‫قصيرة مثمما ىو الشأف بالنسبة لمقضايا االستعجالية‪ ،‬حتى‬
‫لؤلشخاص في أقرب اآلجاؿ‪ ،‬لذا أقترح تعديؿ نص المادة ‪ 57‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬وصياغتو عمى‬
‫النحو اآلتي‪" :‬أحكاـ الطبلؽ باإلرادة المنفردة لمزوج والطبلؽ بالتراضي غير قابمة لمطعف‬
‫فييا بأي وجو مف أوجو الطعف العادية أو غير العادية‪ ،‬باستثناء جوانبيا المادية‬
‫والحضانة‪.‬‬
‫أحكاـ التطميؽ والخمع قابمة لمطعف فييا بأوجو الطعف العادية وغير العادية"‪.‬‬
‫كما أ قترح أف تتولى المحكمة العميا في حالة نقضيا حكـ التطميؽ أو الخمع‬
‫الفصؿ في موضوع دعوى التطميؽ أو الخمع‪ ،‬دوف أف تحيمو إلى الجية القضائية التي‬
‫أصدرتو مف أجؿ إعادة الفصؿ فيو‪ ،‬ربحا لموقت‪ ،‬وتحقيقا الستقرار المراكز القانونية‬
‫لؤلطراؼ في أسرع وقت‪.‬‬
‫كما يمكف مف جية أخرى إذا كاف ال بد مف مراقبة مدى التطبيؽ السميـ لمقانوف‬
‫في أحكاـ فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬فإنو يمكف لممشرع فتح المجاؿ لمنيابة العامة لمطعف‬
‫بالنقض في أحكاـ الطبلؽ لصالح القانوف‪ ،‬دوف أف يستفيد أطراؼ الدعوى مف ذلؾ‪ ،‬حيث‬
‫تـ تطبيؽ‬‫ؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬لتقرر ما إذا ّ‬‫تبسط المحكمة العميا رقابتيا عمى أحكاـ ف ّ‬
‫القانوف بطريقة سميمة أـ ال‪ ،‬وفي حالة ثبوت وجود مخالفة لمقانوف تكتفي المحكمة العميا‬
‫بالتصريح بيا دوف نقض حكـ الطبلؽ لخصوصيتو‪.‬‬
‫ؾ الرابطة الزوجية‪،‬‬
‫األربعين‪ :‬في ظؿ إجازة المشرع الطعف بالنقض في أحكاـ ف ّ‬
‫وفي حال ة نقضت المحكمة العميا حكـ الطبلؽ بسبب ما‪ ،‬وأحالت القضية إلى المحكمة‬
‫تـ مخالفة القانوف‬
‫لمفصؿ فييا مف جديد‪ ،‬يجب أف يقتصر النقض عمى الجزء الذي ّ‬
‫ألف الطعف بالنقض يجب أف‬ ‫بشأنو‪ ،‬دوف إلغاء المركز القانوني الذي أوجده الزوج‪ّ ،‬‬
‫ال ينصرؼ إلى الحكـ كمو‪ ،‬بؿ يقتصر عمى المسألة القانونية التي أثارتيا المحكمة العميا‬
‫‪499‬‬
‫تـ نقض حكـ الطبلؽ‬‫فقط‪ ،‬لذا أوصي بأف يقوـ قاضي الموضوع باستيفاء اإلجراء الذي ّ‬
‫ض حكـ الطبلؽ لعدـ إجراء الصمح‪ ،‬فعمى‬ ‫ِ‬
‫مف أجمو‪ ،‬دوف أف يمغي حكـ الطبلؽ‪ ،‬فإذا ُنق َ‬
‫أف الطبلؽ قد‬
‫بأف إجراء الصمح كاف دوف جدوى‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫قضاة الموضوع التصريح ّ‬
‫نتجنب‬
‫ّ‬ ‫عدة المطمقة‪ ،‬ومف ثََّـ تثبيت حكـ الطبلؽ‪ ،‬وبذلؾ‬
‫أوقعو الزوج وانقضت ّ‬
‫اإلشكاالت الشرعية والقانونية التي يثيرىا قرار المحكمة العميا القاضي بنقض حكـ‬
‫الطبلؽ‪.‬‬
‫بالنظر إلى اإلشكاالت التي تترتب عمى إلغاء حكـ الطبلؽ واعادة األطراؼ إلى‬
‫الحالة التي كانوا عمييا قبؿ إصدار الحكـ المطعوف فيو‪ ،‬يجب عمى المحكمة العميا أالّ‬
‫خاصة إذا تعمّؽ األمر بمخالفة قاعدة إجرائية‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬ ‫تتوسع في نقض أحكاـ الطبلؽ‪،‬‬
‫يمكف تجاوز الكثير مف ىذه المخالفات اإلجرائية بتطبيؽ نص المادة ‪ 60‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪،‬‬
‫وذلؾ بإعماؿ شروط البطبلف اإلجرائي‪ ،‬إذ ال بطبلف إال بنص مع إثبات الضرر‪.‬‬
‫الواحد واألربعين‪ :‬بالنسبة لصندوؽ النفقةِ أوصي أف تشمؿ الفئات المستفيدة مف‬
‫المستحقات المالية لمصندوؽ فئات أخرى ال تقؿ حاجة عف الفئات التي حددىا المشرع‪،‬‬
‫كالزوجة واألبناء الذيف أىمميـ األب أثناء قياـ العبلقة الزوجية‪ ،‬واألرممة الحاضنة التي‬
‫لـ تجد مف يعوليا وأبنائيا‪ ،‬والزوجة واألوالد الذيف حكـ ليـ بنفقة مؤقتة إلى حيف الفصؿ‬
‫في دعوى فؾ الرابطة الزوجية‪ ،‬أو نفقة األصوؿ‪ ،‬واف كاف تضييؽ المشرع مف الفئات‬
‫مدة مف دخوؿ القانوف‬‫وشح الموارد‪ ،‬إال أنو بعد مضي ّ‬
‫ّ‬ ‫المستفيدة مبر ار لحداثة التجربة‬
‫‪ 01-15‬حيز التطبيؽ‪ ،‬وظيور نجاح التجربة ورسوخيا‪ ،‬يجب توسعة الفئات المستفيدة‬
‫أشد الحاجة لمتكفؿ بيا‬
‫مف المستحقات المالية لصندوؽ النفقة لتشمؿ فئات أخرى ىي في ّ‬
‫وباحتياجاتيا‪ ،‬كالنص عمى استمرار استفادة األوالد المحضونيف المعاقيف العاجزيف عف‬
‫ألف حاجتيـ وعوزىـ مستمر ال ينقضي‬
‫الكسب مف المستحقات المالية لصندوؽ النفقة‪ّ ،‬‬
‫ببموغيـ ِّ‬
‫سنا معينة‪.‬‬
‫الثاني واألربعين‪ :‬لـ يبيف المشرع مشتمبلت النفقة في القانوف ‪ ،01-15‬مما قد‬
‫يثير الخبلؼ بشأنيا‪ ،‬كما ثار بالنسبة لمشتمبلتيا في المادة ‪ 331‬مف قانوف العقوبات‪،‬‬
‫فسرت خطأ أ نيا تشمؿ النفقة الغذائية فقط‪ ،‬لذا وتفاديا ألي تأويؿ أو خبلؼ‪ ،‬أوصي‬
‫حيث ّ‬
‫حددتو المادة ‪ 78‬مف‬
‫بالنص صراحة عمى شموؿ النفقة المعنية بصندوؽ النفقة كؿ ما ّ‬
‫‪500‬‬
‫ؽ‪.‬أ‪ ،‬مف نفقة الغذاء والكسوة والعبلج والسكف أو أجرتو‪ ،‬وما يعتبر مف الضروريات في‬
‫العرؼ والعادة‪.‬‬
‫الثالث واألربعين‪ :‬لـ يشترط المشرع لبلستفادة مف المخصصات المالية لصندوؽ‬
‫مما قد يجعؿ لبعض‬ ‫النفقة في المرأة المطمقة أف تكوف معسرة وال مورد مالي ليا‪ّ ،‬‬
‫الحؽ في االستفادة مف الصندوؽ‪ ،‬وىو‬
‫ّ‬ ‫ليف دخؿ مالي كبير‬
‫المطمقات الموسرات والبلتي ّ‬
‫أمر منتقد‪ ،‬حيث كاف مف األفضؿ لو اشترط المشرع ِ‬
‫الع َوْز في الفئات المستفيدة مف‬
‫يتـ توفير موارد الصندوؽ لمساعدة الفئات الي ّشة فقط‪ ،‬وتوجيو الفئات‬
‫الصندوؽ‪ ،‬حتى ّ‬
‫المقررة في القواعد العامة لتحصيؿ حقوقيـ مف المديف‬
‫الموسرة التّباع مختمؼ اإلجراءات ّ‬
‫بالنفقة‪ ،‬لذا أوصي بإقرار شرط العوز في كؿ الفئات التي ليا حؽ االستفادة مف‬
‫المخصصات المالية لصندوؽ النفقة‪.‬‬
‫أقر المشرع في المادة ‪ 75‬مف ؽ‪.‬أ حؽ ال َذ َك ْر في النفقة إلى‬
‫الرابع واألربعين‪ّ :‬‬
‫سف الرشد‪ ،‬والبنت إلى الدخوؿ‪ ،‬وتستمر في حالة عجز الولد آلفة عقمية أو بدنية‬
‫فإف إقرار المشرع سقوط حؽ‬
‫أو م ازوال لمدراسة‪ ،‬وتسقط باالستغناء عنيا بالكسب‪ ،‬لذا ّ‬
‫االستفادة مف صندوؽ النفقة بسقوط حؽ الحضانة أو انقضائيا أمر غير صائب‪ ،‬ويتنافى‬
‫مع نص المادة ‪ 75‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬لذا أوصي بتعديؿ الفقرة السادسة مف المادة ‪ 02‬مف القانوف‬
‫‪ ،01-15‬ومبلئمتيا مع نص المادة ‪ 75‬مف ؽ‪.‬أ‪ ،‬ألف الحضانة رعاية نفسية‪ ،‬والنفقة‬
‫رعاية مادية‪ ،‬واستغناء الولد عف الرعاية النفسية عند انقضاء الحضانة‪ ،‬ال يتبعو بالضرورة‬
‫استغناؤه عف الرعاية المادية‪.‬‬
‫الخامس واألربعين‪ :‬أسند المشرع ألمانة ضبط المحكمة بموجب المادة الخامسة‬
‫مف القانوف ‪ 01-15‬ميمة تبميغ المديف والدائف بالنفقة والمصالح المختصة‪ ،‬ومنحيا أجؿ‬
‫‪ 48‬ساعة لمتبميغ‪ ،‬وىو أمر أعتقد صعوبتو بالنظر لقصر األجؿ الممنوح ليا‪ ،‬وعدـ توافر‬
‫اإلمكانيات المادية لمقياـ بميمة التبميغ‪ ،‬وبالنظر لعدـ اختصاصيا بإجراءات التبميغ‬
‫المسندة أساسا لممحضريف القضائييف‪ ،‬مما دفع أمناء الضبط حاليا إلى االكتفاء بإرساؿ‬
‫البرقيات إلى األطراؼ الواجب تبميغيا‪ ،‬دوف االنتقاؿ إلى موطف إقامتيـ وتبميغيـ بموجب‬
‫محضر رسمي‪ ،‬وىو أمر يحوؿ في كثير مف األحياف دوف وصوؿ البرقية إلى الطرؼ‬
‫خاصة إذا كانت العناويف ناقصة وغير واضحة‪ ،‬لذا أوصي بإسناد إجراء‬
‫ّ‬ ‫المرسؿ إليو‪،‬‬
‫‪501‬‬
‫التبميغات المذكورة في القانوف ‪ 01-15‬إلى المحضريف القضائييف‪ ،‬لمقياـ بو بموجب‬
‫محضر رسمي‪ ،‬وتتحمؿ الدولة مصاريؼ التبميغ عمى غرار تحمميا مصاريؼ التبميغ في‬
‫المجاؿ الجزائي‪.‬‬
‫أف بعض اآلجاؿ المحددة في القانوف ‪ 01-15‬غير‬
‫السادس واألربعين‪ :‬أعتقد ّ‬
‫مناسبة‪ ،‬مثؿ أجؿ خمسة أياـ لمقاضي مف أجؿ الفصؿ في طمب االستفادة مف صندوؽ‬
‫النفقة‪ ،‬المحدد في المادة ‪ 05‬مف القانوف ‪ ،01-15‬يستحسف تقميصو إلى ثبلثة أياـ‪ ،‬ألف‬
‫أف أجؿ خمسة وعشروف‬‫القاضي يتحقّؽ مف توافر الشروط في طالب االستفادة فقط‪ ،‬كما ّ‬
‫يوما مف تاريخ تبميغ األمر الصادر مف القاضي‪ ،‬الممنوح لممصالح المختصة لؤلمر‬
‫بصرؼ المستحقات المالية لممستفيد‪ ،‬والمحدد في المادة ‪ 06‬مف القانوف ‪ ،01-15‬ىو‬
‫ألف دور المصالح المختصة تنفيذ األمر‬
‫أجؿ طويؿ مف األفضؿ تقميصو إلى ثبلثة أياـ‪ّ ،‬‬
‫أما أجؿ ‪ 48‬ساعة الممنوح‬‫الوالئي لمقاضي المختص‪ ،‬وال تفصؿ في طمب االستفادة‪ّ ،‬‬
‫ألمانة الضبط لتبميغ أمر القاضي الفاصؿ في طمب االستفادة مف الصندوؽ لكؿ مف‬
‫الدائف والمديف والمصالح المختصة المحدد في المادة ‪ 05‬مف قانوف ‪ ،01-15‬فيو أجؿ‬
‫غير كاؼ في اعتقادي‪ ،‬ألف التبميغات مرتبطة بقرب وبعد موطف المبمغ لو‪ ،‬وقد يكوف‬
‫موطف أحدىـ خارج دائرة اختصاص المحكمة مصدرة األمر‪ ،‬مما يتطمب أجؿ أطوؿ‬
‫لمتبميغ‪.‬‬
‫السابع واألربعين‪ :‬مف أجؿ ضماف احتراـ اآلجاؿ المحددة في قانوف ‪01-15‬‬
‫بسف الجزاء في حاؿ تجاوزىا‪ ،‬حتى تكوف ليذه اآلجاؿ قوة ممزمة‪ ،‬واال فإف‬ ‫أوصي ّ‬
‫وي ُحو ُؿ دوف تحقيؽ الحماية‬
‫احتراميا يبقى مجرد التزاـ أخبلقي‪ ،‬ويفقد النص فعاليتو‪َ ،‬‬
‫لممطمقة ومحضونييا بتحصيميـ النفقة المقررة ليـ قضاء في آجاؿ معقولة‪.‬‬
‫المخولة‬
‫ّ‬ ‫الثامن واألربعين‪ :‬أسند المشرع لرئيس قسـ شؤوف األسرة الصبلحيات‬
‫لقاضي االستعجاؿ‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 425‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ‪ ،‬وىو أمر إيجابي جدير التنويو‬
‫بو‪ ،‬غير ّأنو بالنسبة لمفصؿ في إشكاالت التنفيذ المتعمقة بقضايا شؤوف األسرة‪ ،‬أوصي‬
‫مخوال بصبلحيات‬
‫بإسناد اختصاص الفصؿ فييا لرئيس قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬باعتباره ّ‬
‫قاضي االستعجاؿ‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ إنشاء قضاء أسري متخصص‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫تجنبا إلشكاالت التنفيذ التي تُثار بشأف القضايا التي تُ َمزُـ فييا‬
‫التاسع واألربعين‪ّ :‬‬
‫الزوجة بالرجوع إلى مسكف الزوجية‪ ،‬أوصي بضرورة تحديد عنواف مقر بيت الزوجية في‬
‫أف‬
‫يحدد في منطوؽ الحكـ ّ‬
‫منطوؽ الحكـ القضائي‪ ،‬والذي تمزـ الزوجة بالرجوع إليو‪ ،‬وأف ّ‬
‫الرجوع يكوف بسعي مف الزوج‪ ،‬تفاديا ألي غموض قد يعرقؿ التنفيذ‪.‬‬
‫إف عدـ تحديد مواصفات المسكف المستقؿ أثاثا ومعاشا‪ ،‬والذي يقع‬
‫الخمسين‪ّ :‬‬
‫ع مى عاتؽ الزوج توفيره لمزوجة مف أجؿ الرجوع‪ ،‬يؤدي إلى الكثير مف اإلشكاالت التي‬
‫يثيرىا طرفي النزاع‪ ،‬لذا أضحى مف الواجب أف يتدخؿ المشرع ليضع مواصفات المسكف‬
‫المستقؿ أثاثا ومعاشا‪ ،‬ربحا لموقت‪ ،‬وتجنبا لتحايؿ الزوج في التنفيذ أحيانا‪ ،‬واشتراط‬
‫الزوجة شروطا تعجيزية في المسكف الواجب توفيره أحيانا أخرى‪.‬‬
‫الواحد والخمسين‪َ :‬ي ْع ِر ُ‬
‫ض المنفذ عميو عند تنفيذ األحكاـ الصادرة بالخمع أحيانا‬
‫مقاصة بيف مبالغ النفقة المستحقّة لممطمقة واألوالد المحضونيف‪ ،‬وبيف مقابؿ الخمع‬
‫ّ‬ ‫إجراء‬
‫خاصة فيما يخص المبالغ المستحقة‬
‫ّ‬ ‫المستحؽ لصالحو‪ ،‬وىو أمر أعتقد عدـ جوازه‪،‬‬
‫يحؽ ليا أف تتصرؼ فيما ال تستحؽ‪ ،‬لذا أوصي بإضافة‬
‫ألف الحاضنة ال ّ‬
‫لممحضونيف‪ّ ،‬‬
‫مقاصة بيف مبالغ النفقة المستحقة لؤلوالد المحضونيف‪ ،‬وبيف مبمغ‬
‫ّ‬ ‫نص خاص يمنع ّأية‬
‫مقابؿ الخمع المستحؽ لمزوج‪.‬‬
‫الثاني والخمسين‪ :‬أدعو إلى تنظيـ إجراءات تحرير محاضر حساب النفقة التي‬
‫تصدر عف المحضريف القضائييف بطمب مف أطراؼ دعوى عدـ تسديد النفقة‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى النص صراحة عمى اختصاص المحضر القضائي بتحرير محضر الحساب‪ ،‬وبياف‬
‫ادعاء‬
‫المقدمة مف األطراؼ‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫الحؿ الواجب االتباع عند اختبلؼ الحواالت البريدية‬
‫المطمقة أنيا لـ تتمقى المبالغ المحددة في الحواالت البريدية المرسمة إلييا مف المطمؽ‪.‬‬
‫الثالث والخمسين‪ :‬تفاديا لئلشكاالت التي يطرحيا تنفيذ األحكاـ المتعمقة بتسميـ‬
‫األمتعة‪ ،‬أوصي بضرورة تنظيـ إجراءاتيا بنصوص قانونية تضبط حقوؽ وواجبات كؿ‬
‫طرؼ في عممية التسميـ‪ ،‬وذلؾ ببياف مكاف تسميـ األمتعة‪ ،‬الجزاء المترتب عمى تياوف‬
‫صاحب األمتعة في استبلميا‪ ،‬وكيفية تسميـ المصوغات والتأكد مف مواصفاتيا‪ ،‬باإلضافة‬
‫لمدى جواز اعتماد المبالغ المقابمة لؤلمتعة الواردة في القائمة المؤشر عمييا مف المحكمة‪،‬‬

‫‪503‬‬
‫وذلؾ عند االمتناع عف تسميـ األمتعة‪ ،‬مف أجؿ الحجز عمى أمواؿ المديف وفقا لما يقابميا‬
‫مف مبالغ‪.‬‬
‫الرابع والخمسين‪ :‬مف أجؿ تفادي اإلشكاالت المتعمقة بممارسة حؽ الزيارة‪ ،‬أقترح‬
‫التمييز بيف ما إذا كاف الولد المحضوف أقؿ مف سنتيف‪ ،‬أيف يجب تقميص مدة الزيارة إلى‬
‫سف السنتيف فبل إشكاؿ في‬
‫ساعتيف أسبوعيا‪ ،‬لتعمّؽ المحضوف باألـ الحاضنة‪ ،‬واذا تجاوز ّ‬
‫تحديد وقت الزيارة مف التاسعة صباحا إلى الخامسة مساء‪ ،‬مع إلزاـ الحاضنة تمكيف‬
‫صاحب حؽ الزيارة مف أخذ الولد المحضوف‪ ،‬ومنع اشتراطيا ممارسة حؽ الزيارة بمسكف‬
‫يحؽ لمف ُمنِ َح لو حؽ الزيارة أخذ الولد المحضوف معو خبلؿ الفترة‬
‫ّ‬ ‫الحاضنة‪ ،‬حيث‬
‫المحددة لمزيارة‪ ،‬ميما طالت أو قصرت‪.‬‬
‫إف المتتّبع إلجراءات التقاضي في دعاوى شؤوف األسرة‬ ‫الخامس والخمسين‪ّ :‬‬
‫عدة قوانيف كقانوف األسرة‪ ،‬وقانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬وقانوف‬
‫مفرقة بيف ّ‬
‫يجدىا ّ‬
‫تـ جمعيا في قانوف إجرائي مستقؿ‪ ،‬مما يسيـ في‬ ‫الحالة المدنية‪ ،‬وكاف مف األفضؿ لو ّ‬
‫توحيد اإلجراءات الخاصة بدعاوى شؤوف األسرة وتبسيطيا‪ ،‬عمى غرار ما فعؿ المشرع‬
‫المصري الذي نظّـ ىذه اإلجراءات بموجب القانوف رقـ ‪ 01‬لسنة ‪ 2000‬الخاص بتنظيـ‬
‫بعض أوضاع واجراءات التقاضي في مسائؿ األحواؿ الشخصية‪ ،‬لذا أضحى الزما إيجاد‬
‫قانوف إجرائي أسري مستقؿ بذاتو‪ ،‬يجمع كؿ اإلجراءات القانونية المتعمقة باالختصاص‪،‬‬
‫أو سير الدعوى‪ ،‬أو الفصؿ فييا‪ ،‬أو تنفيذ األحكاـ القضائية األسرية‪ ،‬نظ ار لمطابع‬
‫الخاص المميز لمنزاعات األسرية التي تتطمب –أحيانا‪ -‬استثنائيا مف تطبيؽ القواعد‬
‫اإلجرائية المقررة في القواعد العامة‪ ،‬وايجاد قانوف إجرائي خاص بقضايا شؤوف األسرة‪،‬‬
‫حتى ينسجـ القانوف اإلجرائي مع القانوف الموضوعي‪.‬‬
‫السادس والخمسين‪ :‬أوصي ببرمجة دورات تكوينية لقضاة شؤوف األسرة‪ ،‬وممثمي‬
‫تميز قضايا شؤوف األسرة سيما الزواج‬
‫النيابة العامة تركز عمى إبراز الخصوصية التي ّ‬
‫وانحبللو‪ ،‬وضرورة عدـ تطبيؽ القواعد اإلجرائية الواردة في القواعد العامة بصفة مطمقة‬
‫خاصة‪ ،‬مع إظيار الفروؽ الواجب أخذىا بعيف‬
‫ّ‬ ‫عمى النزاعات األسرية التي تتميز بأحكاـ‬
‫االعتبار عند الفصؿ في دعاوى الزواج والطبلؽ‪.‬‬

‫‪504‬‬
‫إف إنشاء محاكـ أسرية مستقمة تختص بالفصؿ في دعاوى‬ ‫السابع والخمسين‪ّ :‬‬
‫شؤوف األسرة‪ ،‬وتي سير إجراءات التقاضي أماميا‪ ،‬مف شأنو تذليؿ الكثير مف الصعوبات‬
‫واإلشكاالت التي تعترض المتقاضي في مجاؿ شؤوف األسرة‪ ،‬ومف شأنو جمع شتات‬
‫ما يثار بيف أفراد األسرة الواحدة مف نزاعات أماـ محكمة واحدة متخصصة‪ ،‬دوف تفرقتيا‬
‫عمى عدة جيات قضائية‪ ،‬مما يسيـ في قدرة المحكمة عمى الفصؿ فيما يعرض عمييا مف‬
‫قضايا‪ ،‬نظ ار لطبيعة نزاعات شؤوف األسرة‪ ،‬وصفة المتقاضيف فييا‪ ،‬مما يستدعي إيجاد‬
‫محاكـ أسرية مستقمة‪ ،‬يقوـ عمييا قضاة حكـ مؤىموف‪ ،‬ونيابة عامة متخصصة في شؤوف‬
‫األسرة‪ ،‬تخفيفا عمى أفراد األسرة‪ ،‬وتيسي ار لئلجراءات‪ ،‬وتحقيقا لمبدأ التخصص‪.‬‬
‫ىذه بعض النتائج والتوصيات التي توصمت إلى جمعيا مف خبلؿ مختمؼ‬
‫بأنو موضوع‬
‫المحاور التي تناولتيا في ىذا الموضوع‪ ،‬والذي ال يمكنني إال أف أعترؼ ّ‬
‫واسع ودقيؽ‪ ،‬ولـ أستطع أف أوفّيو حقّو مف الدراسة والبحث‪ ،‬إالّ أنني حاولت التطرؽ‬
‫ولو لقدر يسير مف اإلشكاالت التي ُيثيرىا‪ ،‬واقتراح الحموؿ التي أراىا مناسبة‪ ،‬نسأؿ اهلل‬
‫أف أكوف ُوفقت في اإلسياـ ولو بشيء يسير في تسميط الضوء عمى بعض مكنونات‬
‫مني مف عجز أو تقصير أو خطأ‪.‬‬ ‫عما كاف ّ‬
‫البحث‪ ،‬وأسأؿ اهلل العفو ّ‬
‫وأوجو في الختاـ شكري وتقديري الخالص ألستاذ التعميـ العالي فضيمة الدكتور‬
‫نور الديف لمطاعي لقبولو اإلشراؼ عمى ىذه األطروحة‪ ،‬وصبره عمى ما بدا مني مف‬
‫تأخر أو خطأ‪ ،‬وتصحيحو لعممي ىذا وتصويبو‪ ،‬رغـ عظـ مسؤولياتو وكثرة واجباتو‪ ،‬فمو‬
‫خصص لي جزًء مف وقتو الثميف لتتبع أخطائي‪ ،‬وتنقيح‬
‫مني كؿ التقدير واالمتناف‪ ،‬أف ّ‬
‫ىذا البحث‪ ،‬وأستسمحو عمى ما كاف مني مف تقصير أو تأخر أو عجز‪ ،‬وجزاه اهلل عني‬
‫ثـ الشكر ألستاذي الفاضؿ عمى أدبو وحممو‪،‬‬ ‫وعف زمبلئي خير الجزاء‪ ،‬فالحمد هلل أوال‪ّ ،‬‬
‫ثـ وأنا بصدد إنجاز ىذه األطروحة‪.‬‬
‫الذي غرفت منو وأنا عمى مقاعد الدراسة‪ّ ،‬‬
‫كما أتوجو بالشكر واالمتناف ألعضاء لجنة المناقشة الموقريف‪ ،‬عمى تقويميـ‬
‫وتصويبيـ ما بدا ليـ مف أخطاء في ىذا البحث‪ ،‬وصبرىـ عمى قراءتو وتتبع زالتّو‪ ،‬فقد‬
‫ضحوا بوقتيـ الثميف‪ ،‬وخصصوا لي جزًء منو لدراسة ومناقشة ىذه األطروحة‪ ،‬فميـ مني‬
‫ّ‬
‫كؿ التقدير واالحتراـ وجزيؿ الشكر‪ ،‬ومف خبلليـ أوجو تحية عرفاف واجبلؿ لكؿ أساتذتي‬
‫بكمية الحقوؽ جامعة الجزائر ‪ ،-1-‬وعمى رأسيـ أستاذة التعميـ العالي الدكتورة فركوس‬
‫‪505‬‬
‫دليمة‪ ،‬وأسأؿ اهلل لكؿ مف عمّمني وصبر عمى تقصيري وضعفي أف يجزؿ لو العطاء‪،‬‬
‫ويمد لو في عممو وعمره‪ ،‬ويبارؾ لو فيو‪ ،‬والحمد هلل أوال وآخرا‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪506‬‬
‫المـالحــق‬

‫‪507‬‬
‫الممحق األول‬

‫‪508‬‬
509
510
‫الممحق الثاني‬

‫‪511‬‬
512
513
‫الممحق الثالث‬

‫‪514‬‬
515
516
517
518
‫الممحق‬
‫الرابع‬

‫‪519‬‬
520
521
522
523
‫الممحق الخامس‬

‫‪524‬‬
525
526
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫أوال‪ -‬المصادر بالمغة العربية‬
‫‪ .I‬في الشريعة والفقو اإلسالمي‬
‫‪ -1‬اإلماـ أبو زىرة‪ ،‬األحواؿ الشخصية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬سنة‬
‫‪.1957‬‬
‫‪ -2‬أبو زىرة محمد‪ ،‬موسوعة الفقو اإلسبلمي‪ ،‬جمعية الدراسات اإلسبلمية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪.1967‬‬
‫‪ -3‬ابف عابديف‪ ،‬حاشية رد المحتار عمى الدر المختار شرح تنوير األبصار‪ ،‬الجزء‬
‫الخامس‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دوف بمد النشر‪.1979 ،‬‬
‫‪ -4‬ابف قدامة المقدسي‪ ،‬موفؽ الديف محمد عبد اهلل بف احمد بف محمد‪ ،‬المغني والشرح‬
‫الكبير‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬دوف بمد النشر‪.1983 ،‬‬
‫‪ -5‬حماني أحمد‪ ،‬فتاوى‪ :‬استشارات شرعية ومباحث فقيية‪ ،‬الجزء األوؿ‪ ،‬منشورات و ازرة‬
‫الشؤوف الدينية‪ ،‬الجزائر‪.1992 ،‬‬
‫‪ -6‬الزحيمي وىبة‪ ،‬الفقو اإلسبلمي وأدلتو‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬األحواؿ الشخصية‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫دمشؽ سوريا‪.1992 ،‬‬
‫‪ -7‬الشيخ عبد السميع اآلبي األزىري‪ ،‬جواىر اإلكميؿ شرح العبلمة خميؿ‪ ،‬الجزء الثاني‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت لبناف‪.5771 ،‬‬
‫‪ .II‬في القانون الوضعي‬
‫‪ –1‬الكتب القانونية‬
‫‪ -1‬أبو الوفاء أحمد‪ ،‬إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬الطبعة العاشرة‪ ،‬منشأة‬
‫المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية مصر‪.1990 ،‬‬
‫‪ -2‬البداريف محمد إبراىيـ‪ ،‬الدعوى بيف الفقو والقانوف‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عماف‬
‫األردف‪.2010 ،‬‬
‫‪ -3‬برادة الطيب‪ ،‬التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بيف النظرية والتطبيؽ‪ ،‬شركة بابؿ‪،‬‬
‫المغرب‪.1988 ،‬‬

‫‪527‬‬
‫‪ -4‬براىيمي محمد‪ ،‬القضاء المستعجؿ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديواف المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫‪ -5‬براىيمي محمد‪ ،‬الوجيز في اإلجراءات المدنية‪ ،‬الجزء األوؿ‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ديواف‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ -6‬بربارة عبد الرحماف‪ ،‬شرح قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية (قانوف رقـ ‪09-08‬‬
‫مؤرخ في ‪ 23‬فيفري ‪ ،)2008‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات بغدادي‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ -7‬بربارة عبد الرحماف‪ ،‬طرؽ التنفيذ مف الناحيتيف اإلجرائية والجزائية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫منشورات بغدادي‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ -8‬بمحاج العربي‪ ،‬أحكاـ الزوجية وآثارىا في قانوف األسرة الجزائري‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -9‬بمحاج العربي‪ ،‬الوجيز في شرح قانوف األسرة الجزائري‪ ،‬الجزء األوؿ‪ ،‬ديواف‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ -10‬بمحاج العربي‪ ،‬قانوف األسرة‪ ،‬مبادئ االجتياد القضائي وفقا لق اررات المحكمة العميا‪،‬‬
‫ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -11‬بمغيث عمارة‪ ،‬التنفيذ الجبري واشكاالتو‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار العموـ‪ ،‬عنابة الجزائر‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫مدعما باجتياد المجمس‬
‫ّ‬ ‫‪ -12‬بف الشيخ آث ممويا لحسيف‪ ،‬المرشد في قانوف األسرة‬
‫األعمى والمحكمة العميا‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2016-2015 ،‬‬
‫‪ -13‬بف الشيخ آث ممويا لحسيف‪ ،‬المنتقى في قضاء األحواؿ الشخصية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬
‫‪ -14‬بف الشيخ آث ممويا لحسيف‪ ،‬رسالة في الخمع دراسة فقيية قانونية وقضائية مقارنة‪،‬‬
‫دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -15‬بف حميمة ساسي‪ ،‬دراسات في األحواؿ الشخصية‪ ،‬د ط‪ ،‬مركز النشر الجامعي‪،‬‬
‫تونس‪.2012 ،‬‬
‫‪ -16‬بف داود عبد القادر‪ ،‬الوجيز في شرح قانوف األسرة الجديد‪ ،‬دار اليبلؿ لمخدمات‬
‫اإلعبلمية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪.2004‬‬
‫‪528‬‬
‫‪ -17‬بف شويخ الرشيد‪ ،‬شرح قانوف األسرة الجزائري المعدؿ‪ ،‬دراسة مقارنة لبعض‬
‫التشريعات العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الخمدونية‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ -18‬بف ممحة الغوثي‪ ،‬القانوف القضائي الجزائري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الديواف الوطني‬
‫لؤلشغاؿ التربوية‪ ،‬الجزائر‪.2000 ،‬‬
‫‪ -19‬بف ممحة الغوثي‪ ،‬قانوف األسرة عمى ضوء الفقو والقضاء‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديواف‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2015 ،‬‬
‫‪ -20‬بف ىبري عبد الحكيـ‪ ،‬أحكاـ الصمح في شؤوف األسرة‪ ،‬وفقا لمتشريع والقضاء‬
‫الجزائري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2018 ،‬‬
‫‪ -21‬بوبشير محند أمقراف‪ ،‬قانوف اإلجراءات المدنية‪ ،‬نظرية الدعوى – نظرية الخصومة‬
‫– اإلجراءات االستثنائية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ -22‬تقية عبد الفتاح‪ ،‬قضايا شؤوف األسرة مف منظور الفقو والتشريع والقضاء‪ ،‬منشورات‬
‫ثالة‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬
‫‪ -23‬تقية عبد الفتاح‪ ،‬مباحث في قانوف األسرة الجزائري مف خبلؿ مبادئ وأحكاـ الفقو‬
‫اإلسبلمي‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -24‬الجندي أحمد نصر‪ ،‬محكمة األسرة واختصاصاتيا‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الكتب القانونية‪،‬‬
‫مصر‪.2005 ،‬‬
‫‪ -25‬جيبللي محمد‪ ،‬صبلحيات المحضر القضائي في الجزائر‪ ،‬دراسة نظرية تطبيقية‬
‫مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬الجزائر‪.2016 ،‬‬
‫‪ -26‬حسنيف محمد‪ ،‬طرؽ التنفيذ في قانوف اإلجراءات المدنية الجزائري‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1990 ،‬‬
‫‪ -27‬حمدي باشا عمر‪ ،‬طرؽ التنفيذ وفقا لمقانوف رقـ ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 25‬فيفري‬
‫‪ 2008‬المتضمف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -28‬حمدي باشا عمر‪ ،‬مبادئ االجتياد القضائي في مادة اإلجراءات المدنية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثامنة‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ -29‬حمدي باشا عمر‪ ،‬مبادئ القضاء في ظؿ قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫الجديد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2015 ،‬‬
‫‪529‬‬
‫‪ -30‬دالندة يوسؼ‪ ،‬الوجيز في شيادة الشيود‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫‪ -31‬ديابي باديس‪ ،‬صور وآثار فؾ الرابطة الزوجية في قانوف األسرة‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬عيف‬
‫مميمة الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ -32‬ذيب عبد السبلـ‪ ،‬الطعف بالنقض في المواد المدنية قانونا وقضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2015 ،‬‬
‫‪ -33‬ذيب عبد السبلـ‪ ،‬قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪ ،‬ترجمة لممحاكمة‬
‫العادلة‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬موفـ لمنشر‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ -34‬زروتي الطيب‪ ،‬القانوف الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬الجزء األوؿ تنازع القوانيف‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬مطبعة فسيمة‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ -35‬زروتي الطيب‪ ،‬الكامؿ في العرائض القضائية‪ ،‬الجزء األوؿ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة‬
‫الفسيمة‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫‪ -36‬زودة عمر‪ ،‬اإلجراءات المدنية واإلدارية في ضوء آراء الفقياء وأحكاـ القضاء‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬انسكموبيديا‪ ،‬الجزائر‪.2015 ،‬‬
‫‪ -37‬زودة عمر‪ ،‬طبيعة األحكاـ بإنياء الرابطة الزوجية وأثر الطعف فييا‪ ،‬انسكموبيديا‪،‬‬
‫الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫‪ -38‬ساسي بف حميمة‪ ،‬دراسات في األحواؿ الشخصية‪ ،‬مركز النشر الجامعي‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ -39‬سعد عبد العزيز‪ ،‬أبحاث تحميمية في قانوف اإلجراءات المدنية الجديد‪ ،‬دار ىومة‪،‬‬
‫الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -40‬سعد عبد العزيز‪ ،‬إجراءات ممارسة دعاوى شؤوف األسرة أماـ أقساـ المحاكـ‬
‫االبتدائية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪.2014‬‬
‫‪ -41‬سعد عبد العزيز‪ ،‬طرؽ واجراءات الطعف في األحكاـ والق اررات القضائية‪ ،‬دار‬
‫ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2018 ،‬‬
‫‪ -42‬سعد عبد العزيز‪ ،‬قانوف األسرة الجزائري في ثوبو الجديد‪ ،‬أحكاـ الزواج والطبلؽ بعد‬
‫التعديؿ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬

‫‪530‬‬
‫الخاصة‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -43‬سبلـ حمزة‪ ،‬األوامر عمى عرائض في القوانيف‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ -44‬سبلـ حمزة‪ ،‬الدعاوى االستعجالية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2014 ،‬‬
‫‪ -45‬سميماف بارش‪ ،‬شرح قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬الجزء األوؿ‪ ،‬دار اليدى‪،‬‬
‫الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ -46‬سميماف عمي عمي‪ ،‬مذكرات في القانوف الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫‪ -47‬سنقوقة سائح‪ ،‬شرح قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬الجزء األوؿ‪ ،‬دار اليدى‪،‬‬
‫الجزائر‪.2011 ،‬‬
‫‪ -48‬السنيوري عبد الرزاؽ أحمد‪ ،‬الوسيط في شرح القانوف المدني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المجمد‬
‫األوؿ‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة مصر‪.1982 ،‬‬
‫‪ -49‬السيد غانـ محمد عبد النبي‪ ،‬إجراءات التقاضي أماـ محاكـ األسرة‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬مصر‪.2016 ،‬‬
‫‪ -50‬شتا أبو سعد محمد‪ ،‬الدفع بعدـ االختصاص في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬دار الفكر‬
‫الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬دوف ذكر السنة والطبعة‪.‬‬
‫‪ -51‬الصباغ ليث‪ ،‬النظاـ القانوني لمصبي المأذوف لو في التجارة‪ ،‬منشورات الحمبي‪،‬‬
‫بيروت‪.2005 ،‬‬
‫‪ -52‬طاىري حسيف‪ ،‬األوسط في شرح قانوف األسرة الجزائري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫الخمدونية‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ -53‬عميوش قربوج كماؿ‪ ،‬القانوف الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬الجزء األوؿ‪ ،‬تنازع القوانيف‪،‬‬
‫دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ -54‬العمروسي أنور‪ ،‬أصوؿ المرافعات الشرعية في مسائؿ األحواؿ الشخصية‪ ،‬دار‬
‫الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬
‫‪ -55‬غصوب عبده جميؿ‪ ،‬الوجيز في قانوف اإلجراءات المدنية‪ ،‬المؤسسة الجامعية‬
‫لمنشر‪ ،‬لبناف‪.2010 ،‬‬

‫‪531‬‬
‫‪ -56‬الفاخوري إدريس‪ ،‬قانوف األسرة المغربي‪ ،‬الجزء األوؿ‪ ،‬أحكاـ الزواج‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مطبعة الجسور‪ ،‬وجدة المغرب‪.2005 ،‬‬
‫‪ -57‬فريجة حسيف‪ ،‬المبادئ األساسية في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -58‬فضيؿ سعد‪ ،‬شرح قانوف األسرة الجزائري في الزواج والطبلؽ‪ ،‬الجزء األوؿ‪،‬‬
‫المؤسسة الوطنية لمكتاب‪ ،‬الجزائر‪.1989 ،‬‬
‫‪ -59‬فودة عبد الحكيـ‪ ،‬الدفع بانتفاء الصفة والمصمحة في المنازعات المدنية‪ ،‬منشأة‬
‫المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪.1997 ،‬‬
‫‪ -60‬فودة عبد الحميد‪ ،‬المعارضة في المواد المدنية والجنائية والشرعية‪ ،‬دار الفكر‬
‫العربي‪ ،‬القاىرة مصر‪.1992 ،‬‬
‫‪ -61‬قدري باشا محمد‪ ،‬األحكاـ الشرعية في األحواؿ الشخصية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار ابف‬
‫حزـ‪ ،‬بيروت‪.2007 ،‬‬
‫‪ -62‬قوادري األخضر‪ ،‬الوجيز الكافي في إجراءات التقاضي في األحكاـ العامة لمطرؽ‬
‫البديمة في حؿ النزاعات‪ ،‬الصمح القضائي والوساطة القضائية‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2013‬‬
‫‪ -63‬الكشبور محمد‪ ،‬الواضح في شرح مدونة األسرة‪ ،2/1 ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪.2015 ،‬‬
‫‪ -64‬المحتسب عطا محمد‪ ،‬دعاوى إثبات الطبلؽ وتطبيقاتيا في المحاكـ الشرعية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬األردف‪.2016 ،‬‬
‫‪ -65‬مميجي أحمد‪ ،‬إشكاالت التنفيذ ومنازعات التنفيذ الموضوعية في المواد المدنية‬
‫والتجارية وفقا لقانوف المرافعات وآراء الفقو وأحكاـ النقض‪ ،‬دار الكتب القومية‪ ،‬القاىرة‬
‫مصر‪ ،‬دوف تاريخ النشر‪.‬‬
‫‪ -66‬منصوري نورة‪ ،‬التطميؽ والخمع وفؽ القانوف والشريعة اإلسبلمية‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬عيف‬
‫مميمة‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ -67‬ىشاـ خالد‪ ،‬القانوف الواجب التطبيؽ عمى شكؿ الزواج‪ ،‬منشأة المعارؼ‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.2005 ،‬‬
‫‪532‬‬
‫‪ -68‬يخمؼ نسيـ‪ ،‬الوافي في طرؽ التنفيذ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار جسور‪ ،‬الجزائر‪.2014 ،‬‬
‫‪ -2‬الرسائل الجامعية‬
‫أ ‪ -‬أطروحات الدكتوراه‬
‫‪ -1‬إلياس مسعودة نعيمة‪ ،‬التعويض عف الضرر في بعض مسائؿ الزواج والطبلؽ‪،‬‬
‫‪-‬دراسة مقارنة‪ -‬رسالة لنيؿ شيادة الدكتوراه في القانوف الخاص‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة أبي بكر بمقايد‪ ،‬تممساف‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2010-2009‬‬
‫‪ -2‬بف نصيب عبد الرحماف‪ ،‬األسرة والقانوف الجنائي‪ ،‬أطروحة لنيؿ شيادة الدكتوراه‪،‬‬
‫كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2015/2014‬‬
‫‪ -3‬تقية عبد الفتّاح‪ ،‬الطبلؽ بيف أحكاـ تشريع األسرة واالجتياد القضائي‪ ،‬أطروحة لنيؿ‬
‫شيادة الدكتوراه‪ ،‬كمية الحقوؽ بف عكنوف‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2007/2006 ،‬‬
‫‪ -4‬شامي أحمد‪ ،‬السمطة التقديرية لقاضي شؤوف األسرة‪ ،‬دراسة مقارنة بيف الشريعة‬
‫اإلسبلمية والقوانيف الوضعية‪ ،‬رسالة لنيؿ شيادة الدكتوراه في القانوف الخاص‪ ،‬كمية‬
‫الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة أبي بكر بمقايد تممساف‪.2014/2013 ،‬‬
‫‪ -5‬فاسي عبد اهلل‪ ،‬المركز القانوني لمقاصر في الزواج والطبلؽ‪ ،‬رسالة لنيؿ شيادة‬
‫الدكتوراه في القانوف الخاص‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة أبو بكر بمقايد‪،‬‬
‫تممساف الجزائر‪.2015/2014 ،‬‬
‫‪ -6‬لمطاعي نور الديف‪ ،‬عدة الطبلؽ الرجعي وأثارىا عمى األحكاـ القضائية‪ ،‬رسالة لنيؿ‬
‫درجة الدكتوراه في القانوف‪ ،‬كمية الحقوؽ بف عكنوف‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2006‬‬
‫ب‪ -‬مذكرات الماجستير‬
‫‪ -1‬بشير سياـ‪ ،‬الطعف بالنقض أماـ المحكمة العميا‪ ،‬رسالة لنيؿ شيادة الماجستير في‬
‫القانوف الخاص‪ ،‬كمية الحقوؽ – بف عكنوف‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2006/2005‬‬
‫‪ -2‬بمحاج فيصؿ‪ ،‬التعديبلت األخيرة الواردة في قانوف األسرة الجزائري ومقارنتيا بالفقو‬
‫اإلسبلمي – دراسة مقارنة‪ -‬مف المادة ‪ 01‬إلى المادة ‪ 31‬نموذجا‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة‬
‫‪533‬‬
‫الماجستير‪ ،‬كمية العموـ اإلسبلمية‪ ،‬قسـ الشريعة والقانوف‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،01‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2013-2012‬‬
‫‪ -3‬بف حميمة يمينة‪ ،‬خصوصية إجراءات التقاضي في دعاوى شؤوف األسرة‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير في القانوف‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫ابف خمدوف‪ -‬تيارت‪ ،-‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2012-2011‬‬
‫‪ -4‬بف ىبري عبد الحكيـ‪ ،‬أحكاـ الصمح في قضاء شؤوف األسرة‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة‬
‫الماجستير في القانوف‪ ،‬كمية الحقوؽ سعيد حمديف‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،01‬السنة الجامعية‬
‫‪.2015/2014‬‬
‫‪ -5‬بوطيش وىيبة‪ ،‬الشكمية في عقد الزواج‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير في القانوف‪،‬‬
‫كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة الجزائر بف يوسؼ بف خدة‪ ،‬دوف ذكر السنة‪.‬‬
‫‪ -6‬حمزة أحمد‪ ،‬أحكاـ التوثيؽ في مسائؿ األحواؿ الشخصية‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة‬
‫الماجستير في الشريعة‪ ،‬كمية العموـ اإلسبلمية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،-1-‬الجزائر‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2010-2009‬‬
‫‪ -7‬زيداف عبد النور‪ ،‬الصمح في الطبلؽ‪ ،‬دراسة لمنصوص القانونية والفقيية وفي االجتياد‬
‫القضائي‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير في القانوف‪ ،‬كمية الحقوؽ بف عكنوف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2006/2007‬‬
‫‪ -8‬عياشي جماؿ‪ ،‬قيود تعدد الزوجات بيف الشريعة والقانوف‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة‬
‫الماجستير في القانوف فرع القانوف الخاص‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ اإلدارية بف عكنوف‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2005-2004‬‬
‫ج‪ -‬دبموم الدراسات العميا المعمقة‬
‫‪ -1‬أمزياف محمد‪ ،‬القضاء المستعجؿ في القضايا األسرية – الحضانة والنفقة نموذجا‪،-‬‬
‫رسالة لنيؿ دبموـ الدراسات العميا المعمقة في القانوف الخاص‪ ،‬جامعة محمد األوؿ‪ ،‬كمية‬
‫العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬المغرب‪.2009-2008 ،‬‬
‫‪ -2‬ولد أحمد ناه محمد يحي‪ ،‬إجراءات التبميغ والتنفيذ في العمؿ القضائي‪ ،‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في القانوف الخاص‪ ،‬كمية العموـ القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية بطنجة‪ ،‬جامعة عبد المالؾ السعدي‪ ،‬المغرب‪.2010-2009 ،‬‬
‫‪534‬‬
‫د‪ -‬مذكرات إجازة القضاء‬
‫‪ -1‬بعتاش غنية‪ ،‬القضاء االستعجالي في المواد المدنية‪ ،‬مذكرة تخرج لنيؿ إجازة المعيد‬
‫الوطني لمقضاء‪ ،‬الدفعة السادسة عشر‪ ،‬الجزائر‪.2008 -2005 ،‬‬
‫‪ -2‬بموط محمد‪ ،‬طرؽ الطعف العادية في األحكاـ المدنية عمى ضوء قانوف اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية‪ ،‬مذكرة التخرج لنيؿ إجازة المعيد الوطني لمقضاء‪ ،‬الدفعة الثامنة عشر‪،‬‬
‫‪.2010-2007‬‬
‫‪ -3‬بوشيباف خديجة‪ ،‬صبلحيات قاضي شؤوف األسرة في ظؿ قانوف اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬مذكرة التخرج لنيؿ إجازة المعيد الوطني لمقضاء‪ ،‬الدفعة الثامنة عشر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫السنة الدراسية ‪.2010-2007‬‬
‫حدة‪ ،‬إثبات الطبلؽ بيف النصوص التشريعية وتطبيقاتيا القضائية‪ ،‬مذكرة‬
‫‪ -4‬قسنطيني ّ‬
‫تخرج لنيؿ إجازة المعيد الوطني لمقضاء‪ ،‬الدفعة الثانية عشر‪ ،‬سنة ‪.2004/2001‬‬
‫‪ -3‬المقاالت والدراسات‬
‫‪ -1‬البقالي الحسني محمد عبد المحسف‪ ،‬دور النيابة العامة أماـ قضاء األسرة‪ ،‬محاضرة‬
‫ألقيت في محكمة االستئناؼ بطنجة ‪https://elkanoon.wordpress.com‬‬
‫‪ -2‬التيامي حساف‪ ،‬اليادي الحاج سالـ‪ ،‬الطبلؽ بإرادة منفردة‪ ،‬الييئة الوطنية لممحاميف‬
‫الفرع الجيوي بتونس‪ ،‬محاضرة ختـ التمريف‪ ،‬تونس‪ ،‬السنة القضائية ‪.2008-2007‬‬
‫‪ -3‬العشي نوارة‪ ،‬الصمح في قضاء شؤوف األسرة وأثره في حماية العبلقة الزوجية‪ ،‬مداخمة‬
‫ألقيت ضمف الممتقى الوطني الثامف حوؿ حماية األسرة في التشريع الجزائري‪ ،‬بجامعة‬
‫الدكتور يحي فارس بالمدية‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬المنعقد بتاريخ ‪ 04‬و‪ 05‬نوفمبر ‪ ،2015‬غير‬
‫منشور‪.‬‬
‫‪ -4‬العشي نوارة‪ ،‬دور قاضي شؤوف األسرة في حفظ اآلداب العامة‪ ،‬مجمة حوليات‬
‫الجزائر ‪ ،1‬العدد ‪ ، 31‬الجزء الثاني‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2018 ،01‬‬
‫‪ -5‬أوزياف محمد‪ ،‬األثر السمبي لؤلحكاـ الصادرة في مادة التطميؽ عمى االجتياد‬
‫القضائي‪ ،‬قراءة في الفقرة األولى مف المادة ‪ 128‬مف مدونة األسرة‪ ،‬مقاؿ‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫‪http://www.marocdroit.com‬‬

‫‪535‬‬
‫‪ -6‬بداوي عمي‪ ،‬اإلجراءات الجديدة الخاصة بقاضي شؤوف األسرة‪ ،‬مف أعماؿ الممتقى‬
‫الوطني حوؿ شرح أحكاـ الكتاب الثاني مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬نشرة‬
‫القضاة‪ ،‬الجزء األوؿ‪ ،‬عدد ‪ ، 64‬و ازرة العدؿ‪ ،‬الجزائر‪2009 ،‬‬
‫‪ -7‬بداوي عمي‪ ،‬الضوابط اإلجرائية المستحدثة في شروط الدعوى وقواعد االختصاص‬
‫في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد‪ ،‬نشرة القضاة‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الديواف‬
‫الوطني لؤلشغاؿ التربوية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪.64‬‬
‫‪ -8‬بدوي عمي‪ ،‬عقود الزواج العرفية بيف قصور أحكاـ القانوف ومتطمبات المجتمع‪،‬‬
‫المجمة القضائية‪ ،‬العدد الثاني‪.2002 ،‬‬
‫‪ -9‬بمحاج العربي‪ ،‬طرؽ الطبلؽ في قانوف األسرة الجزائري‪ ،‬المجمة الجزائرية لمعموـ‬
‫القانونية االقتصادية والسياسية‪ ،‬بف عكنوف الجزائر‪ ،‬العدد الثالث‪.1990 ،‬‬
‫‪ -10‬بمحيرش حسيف‪ ،‬االجتياد القضائي في مجاؿ إثبات وتسجيؿ الزواج العرفي المتنازع‬
‫فيو‪ ،‬الممتقى المغاربي (االجتياد القضائي في مجاؿ األحواؿ الشخصية) المنعقد بتاريخ‬
‫‪ 03-02‬سنة ‪ ،2011‬مجمة البحوث والدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬العدد األوؿ‪ ،‬كمية‬
‫الحقوؽ‪ ،‬جامعة سعد دحمب‪ ،‬البميدة‪.2011 ،‬‬
‫‪ -11‬بف شويخ صارة‪ ،‬نظـ توثيؽ عقد الزواج في دوؿ المغرب العربي‪ ،‬مجمة البحوث‬
‫والدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬العدد األوؿ‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة سعد دحمب البميدة‪،‬‬
‫‪ ،2011‬عدد خاص بالممتقى المغاربي‪" ،‬االجتياد القضائي في مجاؿ األحواؿ الشخصية"‬
‫المنعقد يومي ‪ 03/02‬مارس ‪.2011‬‬
‫‪ -12‬جمعي ليمى‪ ،‬مدى فعالية آليات المصالحة التي تبناىا قانوف األسرة الجزائري لحماية‬
‫العبلقة الزوجية‪ ،‬جامعة وىراف‪ ،‬مقاؿ غير منشور‪.‬‬
‫مدعمة باالجتياد‬
‫‪ -13‬حاج أحمد عبد اهلل‪ ،‬إثبات الزواج العرفي المتنازع فيو‪ ،‬دراسة ّ‬
‫القضائي الجزائري‪ ،‬مجمة الدراسات الفقيية والقضائية‪ ،‬جامعة الوادي‪ ،‬المجمد ‪ ،01‬العدد‬
‫‪ ،01‬ديسمبر ‪.2015‬‬
‫‪ -14‬حمميؿ صالح‪ ،‬إجراءات التقاضي أماـ قسـ شؤوف األسرة في القانوف الجزائري‪،‬‬
‫مجمة الفقو والقانوف‪ ،‬العدد التاسع عشر‪ ،‬المغرب‪ ،‬ماي ‪.2014‬‬

‫‪536‬‬
‫‪ -15‬حميدو تشوار زكية‪ ،‬مدى حماية األسرة عبر أحكاـ التطميؽ‪ ،‬عدالة القانوف أـ عدالة‬
‫القاضي‪ ،‬مجمة العموـ القانونية واإلدارية والسياسية‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫أبو بكر بمقايد‪ ،‬تممساف‪ ،‬عدد ‪.2010 ،10‬‬
‫‪ -16‬حويدؽ عثماف‪ ،‬ومحمد لميف مجرالي‪ ،‬صندوؽ النفقة كآلية لحماية حقوؽ الطفؿ‬
‫المحضوف بيف المكاسب والنقائص‪ ،‬مجمة الشياب‪ ،‬معيد العموـ اإلسبلمية‪ ،‬جامعة‬
‫الوادي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬عدد ‪ ،05‬ديسمبر ‪.2016‬‬
‫‪ -17‬خميؿ أحمد‪ ،‬خصوصيات التقاضي في مسائؿ األحواؿ الشخصية المتعمقة بالوالية‬
‫عمى النفس وفقا لمقانوف المصري رقـ ‪ 01‬لسنة ‪ ،2000‬مجمة الدراسات القانونية‪ ،‬كمية‬
‫الحقوؽ‪ ،‬جامعة بيروت العربية‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬لبناف‪ ،‬يوليو ‪.2000‬‬
‫‪ -18‬زالسي بشرى‪ ،‬قيد النظاـ العاـ عمى االجتياد القضائي في الزواج المختمط‪ ،‬مجمة‬
‫البحوث والدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬العدد األوؿ‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة سعد دحمب‪،‬‬
‫البميدة‪.2011 ،‬‬
‫‪ -19‬سعد عبد العزيز‪ ،‬قانوف األسرة وعبلقتو بقانوف اإلجراءات المدنية‪ ،‬مجمة نشرة‬
‫القضاة‪ ،‬و ازرة العدؿ‪ ،‬العدد ‪.1986 ،1‬‬
‫‪ -20‬سميماف عمي عمي‪ ،‬حوؿ قانوف األسرة‪ ،‬المجمة الجزائرية لمعموـ القانونية االقتصادية‬
‫والسياسية‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬عدد ‪.1986 ،02‬‬
‫‪ -21‬شروف حسينة‪ ،‬جريمة االمتناع عف تسميـ طفؿ إلى حاضنو‪ ،‬مجمة االجتياد‬
‫القضائي‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬مخبر أثر االجتياد القضائي عمى حركة التشريع‪ ،‬جامعة محمد‬
‫خيضر بسكرة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -22‬طحطاح عبلؿ‪ ،‬دراسة نقدية تقويمية لنص المادة ‪ 49‬مف قانوف األسرة‪ ،‬مجمة‬
‫صوت القانوف‪ ،‬العدد الثامف‪.2017 ،‬‬
‫‪ -23‬عمامرة مباركة‪ ،‬الحماية الجزائية لحؽ النفقة لمطفؿ في القانوف الجزائري‪ ،‬مجمة‬
‫البحوث والدراسات‪ ،‬جامعة الشييد حمة لخضر‪ ،‬الوادي الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،24‬السنة ‪،14‬‬
‫جواف ‪.2017‬‬
‫‪ -24‬عمرو خميؿ‪ ،‬الطعف في األحكاـ القضائية الصادرة بالطبلؽ‪ ،‬مجمة البحوث‬
‫والدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬مجمة كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة سعد دحمب‪ ،‬البميدة‪.2011 ،‬‬
‫‪537‬‬
‫المتغير‪ ،‬المجمة الجزائرية لمعموـ القانونية‬
‫‪ -25‬فاضمي ادريس‪ ،‬قانوف األسرة بيف الثابت و ّ‬
‫واالقتصادية والسياسية‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬الجزء ‪ - 34‬عدد ‪.1996 ،04‬‬
‫معدة لطمبة السنة الرابعة عموـ قانونية‬
‫‪ -26‬كاممي مراد‪ ،‬الوجيز في قانوف األسرة‪ ،‬مذكرة ّ‬
‫وادارية‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة العربي بف مييدي أـ البواقي‪-2009 ،‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ -27‬لجمط فواز‪ ،‬مداخمة بعنواف "إشكاليات تنفيذ األحكاـ القضائية في مادة شؤوف‬
‫األسرة"‪ ،‬ضمف الممتقى الوطني الثامف حوؿ‪" :‬حماية األسرة في التشريع الجزائري"‪ ،‬المنعقد‬
‫يومي ‪ 04‬و‪ 05‬نوفمبر ‪ ،2015‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة الدكتور يحي فارس‪ ،‬المدية‪ ،‬غير‬
‫منشور‪.‬‬
‫‪ -28‬لشقار محم د‪ ،‬صندوؽ التكافؿ العائمي‪ ،‬مجمة الفقو والقانوف‪ ،‬المغرب‪ ،‬العدد الثالث‪،‬‬
‫يناير ‪.2013‬‬
‫‪ -29‬لمطاعي نور الديف‪ ،‬سمطة قاضي شؤوف األسرة في التكييؼ القانوني لموقائع‪ ،‬دورة‬
‫تكوينية حوؿ موضوع قاضي قسـ شؤوف األسرة‪ ،‬المدرسة العميا لمقضاء‪ ،‬أفريؿ ‪.2015‬‬
‫‪ -30‬لمطاعي نور الديف‪ ،‬محاضرات ألقيت عمى طمبة الدكتوراه‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر ‪ ،01‬السنة الجامعية ‪.2016/2015‬‬
‫‪ -31‬مدوري زايدي‪ ،‬تسجيؿ عقود الزواج ذات العنصر األجنبي‪ ،‬المجمة األكاديمية لمبحث‬
‫القانوني‪ ،‬كمية الحقوؽ بجاية‪ ،‬عدد خاص‪.2015 /‬‬
‫‪ -32‬مسعودي يوسؼ‪ ،‬القانوف الواجب التطبيؽ عمى شكؿ الزواج‪ ،‬المجمة األكاديمية‬
‫لمبحث القانوني‪ ،‬عدد خاص ‪ ،2015‬الممتقى الوطني حوؿ تنازع القوانيف في مجاؿ‬
‫األحواؿ الشخصية‪ ،‬المنعقد بتاريخ ‪ 23‬و ‪ 24‬أفريؿ ‪ ،2014‬كمية الحقوؽ والعموـ‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحماف ميرة – بجاية‪.2015 ،‬‬
‫‪ -33‬معامير حسيبة‪ ،‬إثبات الطبلؽ بيف القانوف والقضاء‪ ،‬مجمة الحقيقة‪ ،‬جامعة أدرار‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬العدد ‪.27‬‬
‫‪ -34‬نعناني محمد‪ ،‬تدخؿ النيابة العامة في قضايا األسرة‪ :‬بيف التدخؿ األصمي والتدخؿ‬
‫اإلنضمامي‪ .‬مسطرة الشقاؽ نموذجا‪ ،‬مقاؿ منشور بموقع العموـ القانونية‪،‬‬
‫‪.MarocDroit‬‬
‫‪538‬‬
‫‪ -35‬نوري عمر‪ ،‬النظاـ القانوني لمصمح بيف الزوجيف في تشريع األسرة الجزائري‪ ،‬مجمة‬
‫آفاؽ العموـ‪ ،‬جامعة الجمفة‪ ،‬العدد الثالث‪.‬‬
‫‪ -36‬ىويدي الياشمي‪ ،‬االجتياد القضائي لغرفة األحواؿ الشخصية‪ ،‬عدد خاص‪ ،‬سنة‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ -37‬مقاؿ صحفي بجريدة العرب نشر في ‪ ،2014/04/01‬مقاؿ صحفي نشر بجريدة‬
‫النيار بتاريخ ‪ ،2014/05/27‬مقاؿ صحفي نشر بموقع جواىر الشروؽ بتاريخ‬
‫‪.2014/09/07‬‬
‫‪ -4‬التشريعات والجرائد الرسمية‬
‫أ‪ -‬التشريعات الوطنية‬
‫‪ -1‬األمر رقـ ‪ 154-66‬مؤرخ في ‪ 18‬صفر عاـ ‪ 1386‬الموافؽ ‪ 08‬يونيو سنة ‪1966‬‬
‫يتضمف قانوف اإلجراءات المدنية (الممغى)‪.‬‬
‫‪ -2‬القانوف رقـ ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر عاـ ‪ 1429‬الموافؽ ‪ 25‬فبراير سنة‬
‫‪ ،2008‬يتضمف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 47‬صادرة في‬
‫‪.2008/04/23‬‬
‫‪ -3‬األمر ‪ 20-70‬المؤرخ في ‪ 13‬ذي الحجة عاـ ‪ 1389‬الموافؽ لػ ‪ 19‬فبراير سنة‬
‫‪ 1970‬المتعمؽ بالحالة المدنية المعدؿ والمتمـ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،21‬سنة ‪.1970‬‬
‫‪ -4‬األمر رقـ ‪ 58/75‬مؤرخ في ‪ 20‬رمضاف ‪ 1395‬الموافؽ لػ ‪ 26‬سبتمبر سنة ‪،1975‬‬
‫يتضمف القانوف المدني المعدؿ والمتمـ بالقانوف رقـ ‪ 10-05‬المؤرخ في ‪ 13‬جمادى‬
‫األوؿ عاـ ‪ 1426‬الموافؽ لػ ‪ 20‬يونيو سنة ‪ ،2005‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،44‬سنة‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ -5‬قانوف رقـ ‪ 11-84‬المؤرخ في ‪ 09‬رمضاف عاـ ‪ 1404‬الموافؽ لػ ‪ 09‬يونيو سنة‬
‫المتمـ بقانوف رقـ ‪ 09-05‬المؤرخ في ‪ 25‬ربيع‬
‫المعدؿ و ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ ،1984‬المتضمف قانوف األسرة‬
‫األوؿ عاـ ‪ 1426‬الموافؽ لػ ‪ 04‬مايو ‪ ،2005‬يتضمف الموافقة عمى األمر رقـ ‪،02-05‬‬
‫المؤرخ في ‪ 18‬محرـ عاـ ‪ 1426‬الموافؽ لػ ‪ 27‬فبراير سنة ‪ ،2005‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ، 15‬السنة ‪.2005‬‬

‫‪539‬‬
‫‪ -6‬القانوف العضوي رقـ ‪ 11-05‬المؤرخ في ‪ 10‬جمادى الثانية عاـ ‪ ،1426‬الموافؽ لػ‬
‫‪ 17‬يوليو ‪ 2005‬المتعمؽ بالتنظيـ القضائي‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،51‬السنة ‪.2005‬‬
‫‪ -7‬قانوف رقـ ‪ 27-88‬الصادر في ‪ 12‬يوليو ‪ 1988‬يتضمف تنظيـ التوثيؽ‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية رقـ ‪ ،28‬عٕخ ‪ 1988‬اٌّؼذي ثبٌمبٔىْ رقـ ‪ 02-06‬مؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪2006‬‬
‫يتضمف تنظيـ مينة الموثؽ‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 14‬في ‪.2006/03/08‬‬
‫‪ -8‬القانوف ‪ 01-15‬مؤرخ في ‪ 2015/01/04‬يتضمف إنشاء صندوؽ النفقة‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد ‪ 01‬سنة ‪.2015‬‬
‫‪ -9‬قانوف رقـ ‪ 01-16‬مؤرخ في ‪ 2016/03/06‬يتضمف التعديؿ الدستوري‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪.14‬‬
‫‪ -10‬المرسوـ ‪ 481-83‬المؤرخ في ‪ 13‬أوت ‪ 1983‬المتعمؽ باألحكاـ المشتركة الخاصة‬
‫المطبقة عمى موظفي األمف الوطني‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 34‬السنة العشروف)‪.‬‬
‫‪ -11‬القرار الوزاري المشترؾ المؤرخ في ‪ 18‬جواف ‪ ،2015‬يحدد الوثائؽ التي يتشكؿ منيا‬
‫ممؼ طمب االستفادة مف المستحقات المالية لصندوؽ النفقة الجريدة الرسمية عدد ‪35‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪.2015/06/28‬‬
‫ب‪ -‬التشريعات المقارنة‬
‫‪ -1‬مجمة األحواؿ الشخصية التونسية‪ ،‬أمر عمي مؤرخ في ‪ 6‬محرـ ‪ 1376‬الموافؽ لػ ‪13‬‬
‫أوت ‪ ،1956‬يتعمؽ بإصدار مجمة األحواؿ الشخصية‪ ،‬الرائد الرسمي عدد ‪ 66‬الصادر‬
‫في ‪ 17‬أوت ‪.1956‬‬
‫‪ -2‬مدونة األسرة المغربية‪ ،‬ظيير شريؼ رقـ ‪ 1204222‬صادر في ‪ 12‬مف ذي الحجة‬
‫‪ 1424‬الموافؽ لػ ‪ 03‬فيفري ‪ 2004‬بتنفيذ القانوف رقـ ‪ 70203‬بمثابة مدونة األسرة‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 5184‬بتاريخ ‪ 14‬ذو الحجة ‪ 1424‬الموافؽ لػ ‪ 05‬فبراير ‪.2004‬‬
‫‪ -3‬قانوف األحواؿ الشخصية السوري‬
‫‪ -4‬القانوف رقـ ‪ 11‬لسنة ‪ 2004‬المتعمؽ بإنشاء صندوؽ نظاـ تأميف األسرة – مصر‪-‬‬
‫‪ -5‬القانوف عدد ‪ 3‬لسنة ‪ 1957‬المؤرخ في أوؿ أوت ‪ ،1957‬والمتعمؽ بتنظيـ الحالة‬
‫المدنية‪ ،‬المنشور بالرائد الرسمي لمجميورية التونسية الصادر في ‪ 30‬جويمية ‪ 2 /‬أوت‬
‫‪.1957‬‬
‫‪540‬‬
‫‪ -6‬القانوف عدد ‪ 65‬لسنة ‪ 1993‬المؤرخ في ‪ 05‬جويمية ‪ 1993‬المتعمؽ بإحداث صندوؽ‬
‫ضماف النفقة وجراية الطبلؽ – تونس‪.-‬‬
‫‪ -7‬ظيير شريؼ رقـ ‪ 12102191‬صادر في ‪ 2010/12/13‬بتنفيذ القانوف رقـ ‪41-10‬‬
‫المتعمؽ بشروط ومساطر االستفادة مف صندوؽ التكافؿ العائمي‪ ،‬الصادر بموجب الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5904‬بتاريخ ‪ – 2010/12/30‬المغرب‪-‬‬
‫‪ -8‬ظيير شريؼ بمثابة قانوف رقـ ‪ 12742338‬بتاريخ ‪ 24‬جمادى الثانية ‪15( 1394‬‬
‫يوليوز ‪ )1974‬يتعمؽ بالتنظيـ القضائي لممممكة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3220‬بتاريخ ‪26‬‬
‫جمادى الثانية ‪ 17( 1394‬يوليوز ‪.)1974‬‬
‫المعدؿ‬
‫ّ‬ ‫‪ -9‬قانوف تنظيـ بعض أوضاع واجراءات التقاضي في مسائؿ األحواؿ الشخصية‬
‫بالقانوف ‪ 91‬لسنة ‪.2000‬‬
‫‪ -5‬انًجالد انمضبئيخ‬
‫‪ -1‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1989‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -2‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1989‬العدد ‪.04‬‬
‫‪ -3‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1990‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -4‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1990‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ -5‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1990‬العدد ‪.03‬‬
‫‪ -6‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1991‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -7‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1991‬العدد ‪.03‬‬
‫‪ -8‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1991‬العدد ‪.04‬‬
‫‪ -9‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1992‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -10‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1992‬العدد ‪.03‬‬
‫‪ -11‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1993‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ -12‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1993‬العدد ‪.03‬‬
‫‪ -13‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1994‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -14‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1995‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -15‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1995‬العدد ‪.02‬‬
‫‪541‬‬
‫‪ -16‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1996‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -17‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1996‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ -18‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،1998‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -19‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ -20‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -21‬المجمة القضائية‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬عدد خاص‪.‬‬
‫‪ -22‬مجمة االجتياد القضائي‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬عدد خاص‪.‬‬
‫‪ -23‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬عدد خاص‪.‬‬
‫‪ -24‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ -25‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -26‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ -27‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -28‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ -29‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬العدد‪.01‬‬
‫‪ -30‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ -31‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2011‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -32‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -33‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ -34‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2014‬العدد ‪.01‬‬
‫‪ -35‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2014‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ -36‬مجمة المحكمة العميا‪ ،‬سنة ‪ ،2016‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ -37‬نشرة القضاة‪ ،‬سنة ‪ ،1999‬العدد ‪.54‬‬
‫‪ -38‬نشرة القضاة‪ ،‬سنة ‪ ،1996‬العدد ‪.49‬‬
‫‪ -39‬نشرة القضاة‪ ،‬سنة ‪ ،1997‬عدد ‪.51‬‬

‫‪542‬‬
‫ المراجع بالمغة األجنبية‬:‫ثانيا‬
1- Ben Melha Ghouti, Le Droit Algérien de la Famille, Office des
Publication Universitaires, Alger, 1993.
2- Monique Ban drac, droit et pratique de la procédure civil, Dalloz,
paris, 1998.

543
‫الفيرس‬

‫يمذّيخ ‪1 ...........................................................................................................‬‬
‫انجبة األٔل‪ :‬انمٕاػذ اإلجزائيخ انًزؼهمخ ثبَؼمبد انزٔاط ٔاَحالنّ ‪9 ........................................‬‬
‫انفصم األٔل‪ :‬إجزاءاد رٕصيك ٔإصجبد ػمذ انزٔاط ‪9 ........................................................‬‬
‫انًجحش األٔل‪ :‬رٕصيك ػمذ انزٔاط ‪10 ...............................................................................‬‬
‫انًطهت األٔل‪ :‬إجزاءاد رٕصيك ػمذ انزٔاط‪11 ...........................................................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬اإلجزاءاد انزُظيًيخ إلثزاو ػمذ انزٔاط‪11 ................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬اٌغهخ اٌّىٍفخ ثزىصُك ػمذ اٌضواط‪11....................................................................................‬‬
‫‪ -1‬اخزظبص ػجبؽ اٌؾبٌخ اٌّذُٔخ ثزىصُك ػمذ اٌضواط ‪12................................................................‬‬
‫‪ -2‬اخزظبص اٌغٍه اٌذثٍىِبعٍ واٌمٕظٍٍ ثزىصُك ػمذ اٌضواط ‪13......................................................‬‬
‫أ‪ -‬خؼىع اثشاَ ورغغًُ ػمىد اٌضواط ٌمبٔىْ اٌّؾً ‪15..................................................................‬‬
‫ة‪ -‬خؼىع اثشاَ ورغغًُ ػمىد اٌضواط ٌٍمبٔىْ اٌىؽٍٕ (ػبثؾ اٌغٕغُخ اٌّشزشوخ) ‪17............................‬‬
‫اٌؾبٌخ األوًٌ‪ :‬فُّب َخض صواط اٌغضائشَُٓ ثبٌخبسط ‪19..................................................................‬‬
‫اٌؾبٌخ اٌضبُٔخ‪ :‬فُّب َخض صواط األعبٔت ثبٌغضائش ‪20......................................................................‬‬
‫‪ -3‬اخزظبص اٌّىصك ثزىصُك ػمذ اٌضواط ‪20................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬اٌجُبٔبد اٌىاعت روشهب فٍ ػمذ اٌضواط ‪22............................................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬إػذاد يهف ػمذ انزٔاط ‪23 .................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬اٌىصبئك اٌؼب ِّخ اٌّىىّٔخ ٌٍّف اٌضواط ‪23................................................................................‬‬
‫طخ اٌّىىّٔخ ٌؼمذ اٌضواط ‪26...............................................................................‬‬ ‫صبُٔب‪ -‬اٌىصبئك اٌخب ّ‬
‫‪ -1‬اٌزشاخُض اٌظبدسح ػٓ عهبد اداسَخ ‪26................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬اٌزشخُض إٌّّىػ ٌضواط األعبٔت ‪27.....................................................................................‬‬
‫ة‪ -‬اٌزشاخُض إٌّّىؽخ ٌٍؼغىشَُٓ وأعالن األِٓ اٌىؽٍٕ ‪29..........................................................‬‬
‫‪ -02‬اٌزشاخُض اٌظبدسح ػٓ عهبد لؼبئُخ ‪31............................................................................‬‬
‫ظش‪31..................................................................................................‬‬‫أ‪ -‬اٌزشخُض ثضواط اٌم ّ‬
‫أ‪ 1-‬اٌغهخ اٌّخزظخ ثبطذاس اٌزشخُض ‪32...................................................................................‬‬
‫أ‪ 2-‬اٌىصبئك اٌّشفمخ ثطٍت اٌزشخُض ‪33......................................................................................‬‬
‫أ‪ 3-‬اٌطؼٓ فٍ أِش اٌشفغ ‪33..................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫ٌٍغٓ ‪34.........................................................................................................‬‬ ‫أ‪ 4-‬اٌؾذ األدًٔ‬
‫ة‪ -‬اٌزشخُض ثبٌزؼ ّذد ‪35........................................................................................................‬‬
‫ة‪ 1-‬ششوؽ اٌزؼذد ‪35...........................................................................................................‬‬
‫ظخ ثّٕؼ اٌزشخُض‪37.....................................................................................‬‬ ‫ة‪ 2-‬اٌغهخ اٌّخز ّ‬
‫ة‪ 3-‬اعشاءاد اٌؾظىي ػًٍ اٌزشخُض ثبٌزؼذد ‪38........................................................................‬‬
‫انًطهت انضبَي‪ :‬رسجيم ػمذ انزٔاط ‪39 ....................................................................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬أًْيخ رسجيم ػمٕد انزٔاط ٔدٔر انمضبء فيّ ‪39 ........................................................‬‬
‫أوال‪ -‬رٕظُُ اٌّششع ٌزغغًُ ػمىد اٌضواط ‪39................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬دوس اٌمؼبء فٍ رغغًُ ػمىد اٌضواط‪43...............................................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬أحكبو رسجيم ػمذ انزٔاط ‪46 ...............................................................................‬‬
‫‪544‬‬
‫أوال‪ -‬ؽشق رغغًُ ػمذ اٌضواط ‪47.............................................................................................‬‬
‫‪ -1‬اٌطشَمخ اٌّجبششح‪47........................................................................................................ :‬‬
‫‪-2‬اٌطشَمخ غُش اٌّجبششح‪47................................................................................................... :‬‬
‫اٌظىسح األوًٌ‪ :‬رغغًُ ػمذ اٌضواط غُش اٌّزٕبصع فُه ‪47.................................................................‬‬
‫اٌظىسح اٌضبُٔخ‪ :‬رغغًُ ػمذ اٌضواط اٌّزٕبصع فُه ‪48........................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬اعشاءاد رغغًُ ػمذ اٌضواط ‪48........................................................................................‬‬
‫‪ -1‬اعشاءاد اٌزغغًُ وفمب ٌٍطشَمخ اٌّجبششح ‪48.............................................................................‬‬
‫‪ -2‬اعشاءاد اٌزغغًُ وفمب ٌٍطشَمخ غُش اٌّجبششح ‪50.......................................................................‬‬
‫‪ -03‬اعشاءاد رغغًُ ػمىد اٌضواط اٌّغفٍخ فٍ اٌمبٔىْ اٌذوٌٍ اٌخبص ‪52.............................................‬‬
‫صبٌضب‪ -‬آصبس رغغًُ ػمذ اٌضواط ‪53...............................................................................................‬‬
‫انًجحش انضبَي‪ :‬إصجبد ػمذ انزٔاط ‪55 ...............................................................................‬‬
‫انًطهت األٔل‪ :‬إصجبد انزٔاط في إطبر لبٌَٕ األسزح ‪56 .................................................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬إصجبد انزٔاط ثًسزخزط يٍ سج ّم انحبنخ انًذَيخ ‪56 .....................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬إصجبد انزٔاط ثحكى لضبئي ‪58 ..............................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬اٌؾبٌخ اٌّغزىعجخ إلصجبد اٌضواط ثؾىُ لؼبئٍ ‪58....................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬خظىطُخ األؽىبَ اٌمؼبئُخ اٌّضجزخ ٌؼمذ اٌضواط ‪58.................................................................‬‬
‫انًطهت انضبَي‪ :‬إصجبد انزٔاط انؼزفي ‪63 ..................................................................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬يفٕٓو انزٔاط انؼزفي ‪63 ....................................................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ٔ :‬سبئم إصجبد انزٔاط انؼزفي ‪66 ............................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬وعبئً اإلصجبد اٌّمشسح فٍ اٌمىاػذ اٌؼبِخ ‪66.........................................................................‬‬
‫‪ -1‬اإللشاس ‪67.....................................................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬رؼشَفه‪67...................................................................................................................... :‬‬
‫ة‪ -‬أٔىاع اإللشاس‪67............................................................................................................ :‬‬
‫ة‪ 1-‬اإللشاس غُش اٌمؼبئٍ‪67................................................................................................ :‬‬
‫ة‪ 2-‬اإللشاس اٌمؼبئٍ‪67...................................................................................................... :‬‬
‫ط‪ -‬ؽغُخ اإللشاس‪68............................................................................................................ :‬‬
‫‪ -2‬آٌُُّ ‪68.......................................................................................................................‬‬
‫أ‪-‬رؼشَفه‪68....................................................................................................................... :‬‬
‫ة‪ -‬ؽغُّخ آٌُُّ‪69............................................................................................................. :‬‬
‫‪ -3‬اٌجُّٕخ أو شهبدح اٌشهىد ‪70...................................................................................................‬‬
‫أ‪ِ -‬فهىِهب وؽغُزهب‪70......................................................................................................... :‬‬
‫ة‪ -‬أٔىاع اٌشهبدح ‪72.............................................................................................................‬‬
‫ة‪ 1-‬اٌشهبدح اٌّجبششح (شهبدح اٌشإَب) ‪72....................................................................................‬‬
‫ة‪ 2-‬اٌشهبدح اٌغّبػُخ ‪73.......................................................................................................‬‬
‫ة‪ 3-‬اٌشهبدح ثبٌزغبِغ‪73........................................................................................................‬‬
‫ط‪ -‬ششوؽ اٌشهبدح ‪74............................................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ِ -‬ىلف اٌمؼبء ِٓ وعبئً اصجبد اٌضواط اٌؼشفٍ ‪77..................................................................‬‬

‫انفصم انضبَي‪ :‬إجزاءاد يًبرسخ انذػبٖٔ انًزؼهمخ ثبَؼمبد انزٔاط ٔاَحالنّ ‪82..........................‬‬
‫انًجحش األٔل‪ :‬اإلجزاءاد انًزؼهمخ ثزفغ دػبٖٔ اَؼمبد انزٔاط ٔاَحالنّ ‪83 ...................................‬‬

‫‪545‬‬
‫انًطهت األٔل‪ :‬إنحبق دػبٖٔ انزٔاط ثبخزصبص لضبء شؤٌٔ األسزح ‪84 ............................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬حذٔد االخزصبص انمضبئي في لضبيب اَؼمبد انزٔاط ٔاَحالنّ ‪84 .......................................‬‬
‫أوال‪ -‬ؽذود االخزظبص إٌىػٍ ‪85...........................................................................................‬‬
‫‪ِ -1‬فهىِه االخزظبص إٌىػٍ‪85............................................................................................‬‬
‫‪ -2‬ؽجُؼخ االخزظبص اٌّغٕذ ٌمغُ شئوْ األعشح ‪86......................................................................‬‬
‫‪ -3‬طالؽُبد لغُ شئوْ األعشح ثبٌٕظش فٍ لؼبَب اٌضواط ‪87...........................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬ؽذود االخزظبص اإللٍٍُّ ‪90..........................................................................................‬‬
‫‪ِ -1‬فهىَ االخزظبص اإللٍٍُّ ‪90............................................................................................‬‬
‫‪ -2‬ؽجُؼخ االخزظبص اإللٍٍُّ ‪91............................................................................................‬‬
‫‪ -3‬أصش ِخبٌفخ االخزظبص اإللٍٍُّ ‪93.......................................................................................‬‬
‫ظخ الٍُُّب فٍ لؼبَب أؼمبد اٌضواط وأؾالٌه ‪95................................................‬‬ ‫‪ -04‬رؾذَذ اٌغهخ اٌّخز ّ‬
‫أ‪ -‬اٌّؾىّخ اٌّخزظخ الٍُُّب فٍ ِىػىع اٌؼذوي ػٓ اٌخطجخ ‪96.........................................................‬‬
‫ة‪ -‬اٌّؾىّخ اٌّخزظخ الٍُُّب فٍ ِىػىع اصجبد اٌضواط ‪97..............................................................‬‬
‫ظخ الٍُُّب فٍ ِىػىع اٌطالق أو اٌشعىع أو اٌطالق ثبٌزشاػٍ‪98.............................‬‬ ‫د‪ -‬اٌّؾىّخ اٌّخز ّ‬
‫س‪ -‬اٌّؾىّخ اٌّخزظخ الٍُُّب فٍ ِىػىع اٌؾؼبٔخ وؽك اٌضَبسح واٌشخض اإلداسَخ اٌّغٍّخ ٌٍمبطش‬
‫اٌّؾؼىْ ‪100....................................................................................................................‬‬
‫ط‪ -‬اٌّؾىّخ اٌّخزظخ الٍُُّب فٍ ِىػىع إٌفمخ اٌغزائُخ‪101.............................................................‬‬
‫ػ‪ -‬اٌّؾىّخ اٌّخزظخ الٍُُّب فٍ ِىػىع ِزبع ثُذ اٌضوعُخ ‪102......................................................‬‬
‫ؿ‪ -‬اٌّؾىّخ اٌّخزظخ الٍُُّب ثّىػىع اٌزشخُض ثبٌضواط‪102..........................................................‬‬
‫د‪ -‬اٌّؾىّخ اٌّخزظخ الٍُُّب ثّىػىع إٌّبصػخ ؽىي اٌظذاق ‪103.....................................................‬‬
‫ر‪ -‬اٌّؾىّخ اٌّخزظخ الٍُُّب فٍ ِىػىع اٌىالَخ ‪103.....................................................................‬‬
‫ظخ ثّٕؼ اٌظُغخ اٌزٕفُزَخ ٌألؽىبَ األعٕجُخ ‪103......................................................‬‬ ‫س‪ -‬اٌّؾىّخ اٌّخز ّ‬
‫‪ -05‬رؾذَذ االخزظبص اإللٍٍُّ ػٕذ رؼذد اٌطٍت ‪104....................................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬االخزصبص االسزؼجبني نمضبء شؤٌٔ األسزح ‪105 .....................................................‬‬
‫أوال‪ -‬اٌزذاثُش االعزؼغبٌُخ اٌّئلزخ اٌّزؼٍمخ ثبٌضواط ‪107....................................................................‬‬
‫‪ -1‬اٌزذاثُش اٌّئلزخ اٌّزؼٍمخ ثبٌٕفمخ‪107........................................................................................‬‬
‫‪ -02‬اٌزذاثُش اٌّئلزخ اٌّزؼٍمخ ثبٌؾؼبٔخ ‪108.................................................................................‬‬
‫‪ -03‬اٌزذاثُش اٌّئلزخ اٌّزؼٍمخ ثؾك اٌضَبسح ‪110..............................................................................‬‬
‫‪ -04‬اٌزذاثُش اٌّئلزخ اٌّزؼٍمخ ثؾك اٌّغىٓ ‪111.............................................................................‬‬
‫‪ -05‬اٌزذاثُش اٌّئلزخ اٌّزؼٍمخ ثؤِزؼخ اٌضوعخ أو اٌضوط ‪111...............................................................‬‬
‫‪ -06‬اٌزذاثُش اٌّئلزخ اٌّزؼٍمخ ثؼذَ اٌزؼشع ٌٍذخىي اًٌ ِغىٓ اٌضوعُخ ‪112..........................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬خظىطُخ االعزؼغبي فٍ لؼبء شئوْ األعشح ‪115................................................................‬‬
‫انًطهت انضبَي‪ :‬خصٕصيخ دػبٖٔ انزٔاط أيبو لضبء شؤٌٔ األسزح ‪118 ............................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬خصٕصيخ األطزاف ‪118 ....................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬رذخً إٌُبثخ اٌؼبِخ فٍ لؼبَب األعشح ‪120.............................................................................‬‬
‫‪ -1‬رذ ّخً إٌُبثخ اٌؼبِخ ثبػزجبسهب ؽشفب أطٍُب ‪121..........................................................................‬‬
‫‪ -2‬رذخً إٌُبثخ اٌؼبِخ ثبػزجبسهب ؽشفب ِٕؼّّب ‪125........................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬آصبس اػزجبس إٌُبثخ اٌؼبِخ ؽشفب أطٍُب فٍ لؼبَب شئوْ األعشح ‪126..............................................‬‬
‫‪ -1‬دوس إٌُبثخ اٌؼبِخ فٍ أؼمبد اٌضواط ‪127.................................................................................‬‬
‫‪ -2‬دوس إٌُبثخ اٌؼبِخ خالي أؾالي اٌضواط ‪128.............................................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬خصٕصيخ اإلجزاءاد ‪134 .................................................................................‬‬
‫‪546‬‬
‫أوال‪ -‬اٌمىاػذ اٌّزؼٍمخ ثششوؽ لجىي اٌذػىي ‪135...........................................................................‬‬
‫‪ -1‬ششوؽ لجىي اٌذػىي فٍ اٌمىاػذ اٌؼبِخ‪135.............................................................................‬‬
‫أ‪ -‬ششوؽ أؽشاف اٌذػىي ‪136.................................................................................................‬‬
‫أ‪ 1-‬ششؽ اٌظفخ ‪136............................................................................................................‬‬
‫أ‪ 2-‬ششؽ اٌّظٍؾخ ‪138.........................................................................................................‬‬
‫أ‪ 3-‬ششؽ األهٍُخ ‪139............................................................................................................‬‬
‫ة‪ -‬ششوؽ اٌؾك اٌّذػً ثه ‪143...............................................................................................‬‬
‫ة‪ 1-‬ششؽ وىْ اٌؾك صبثزب وِغزؾك األداء ‪143............................................................................‬‬
‫ة‪ 2-‬ششؽ أْ َىىْ اٌؾك اٌّذػً ثه ِششوػب ‪143........................................................................‬‬
‫ة‪ 3-‬ششؽ ػذَ عجك اٌزظبٌؼ ثشؤْ اٌؾك اٌّزٕبصع ػٍُه أو اٌؾىُ فُه ‪143............................................‬‬
‫ط‪ -‬ششوؽ اٌؾك فٍ سفغ اٌذػىي رارهب ‪144.................................................................................‬‬
‫ط‪ 1-‬ششؽ اؽزشاَ أعً سفغ اٌذػىي ‪144....................................................................................‬‬
‫ط‪ 2-‬ششؽ ػذَ اٌزمبدَ ‪144.....................................................................................................‬‬
‫ط‪ 3-‬ششؽ ػذَ عجك اٌفظً فٍ اٌذػىي أو عجك اٌزظبٌؼ أو اٌزؾىُُ ثشؤٔهب ‪144.....................................‬‬
‫‪ -2‬اعشاءاد لجىي اٌذػىي ‪145................................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬ثُبٔبد ػشَؼخ افززبػ اٌذػىي ‪146........................................................................................‬‬
‫ة‪ -‬اعشاءاد اَذاع ػشَؼخ االفززبػ ثؤِبٔخ اٌؼجؾ ‪148...................................................................‬‬
‫ط‪ -‬اعشاءاد اٌزجٍُغ اٌشعٍّ ‪150..............................................................................................‬‬
‫ط‪ 1-‬اعشاءاد اٌزجٍُغ اٌشعٍّ ٌٍّذػً ػٍُه‪150............................................................................‬‬
‫ط‪ 2-‬اعشاءاد اٌزجٍُغ اٌشعٍّ ٌٍُٕبثخ اٌؼبِخ ‪155............................................................................‬‬
‫د‪ -‬اعشاءاد اٌزىٍُف ثبٌؾؼىس ٌغٍغخ ‪156..................................................................................‬‬
‫د‪ِ 1-‬ؾؼش اٌزىٍُف ثبٌؾؼىس ٌغٍغخ ‪156..................................................................................‬‬
‫د‪ِ 2-‬ؾؼش رغٍُُ رىٍُف ثبٌؾؼىس ٌغٍغخ ‪157.............................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬اٌخظىطُخ اٌّزؼٍمخ ثششوؽ لجىي دػبوي شئوْ األعشح ‪160....................................................‬‬
‫‪ -1‬ششؽ رمذَُ ٔغخخ ِٓ ػمذ اٌضواط ‪160....................................................................................‬‬
‫‪ -2‬ششؽ أهٍُخ خبطخ ٌٍزمبػٍ ‪161...........................................................................................‬‬
‫‪ٔ -3‬ظش ثؼغ لؼبَب شئوْ األعشح فٍ عٍغخ عشَّخ ‪167.................................................................‬‬
‫‪ -4‬اػفبء لؼبَب شئوْ األعشح واعزضٕبئهب ِٓ ػشوسح اٌزّضًُ اٌىعىثٍ ثّؾبٍِ فٍ ِشؽٍخ االعزئٕبف ‪169.....‬‬
‫‪ -5‬اٌضاُِخ ادخبي إٌُبثخ وطشف فٍ دػبوي شئوْ األعشح‪170..........................................................‬‬
‫صبٌضب‪ -‬اٌزُُّض ثُٓ دػبوي اٌطالق اعشائُب‪171................................................................................‬‬
‫‪ -1‬اعشاءاد اٌطالق ثبٌزشاػٍ ‪171..........................................................................................‬‬
‫‪ -2‬اعشاءاد اٌطالق ثطٍت ِٓ أؽذ اٌضوعُٓ ‪174..........................................................................‬‬
‫ساثؼب‪ِ -‬ؼّىْ اٌؾىُ اٌفبطً فٍ دػىي فه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪175.....................................................‬‬
‫انًجحش انضبَي‪ :‬اإلجزاءاد انًزؼهمخ ثسيز دػبٖٔ اَؼمبد انزٔاط ٔاَحالنّ ‪177 ................................‬‬
‫انًطهت األٔل‪ :‬إجزاءاد انصهح ٔانزحكيى في لضبيب ف ّك انزاثطخ انزٔجيخ ‪178 ........................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬إجزاءاد انصهح في لضبيب ف ّك انزاثطخ انزٔجيخ ‪178 ....................................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪179...................................................................‬‬ ‫أوال‪ -‬أؽىبَ اٌظٍؼ فٍ لؼبَب ف ّ‬
‫‪ِ -1‬فهىَ اعشاء اٌظٍؼ‪179....................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬ؽجُؼخ اعشاء اٌظٍؼ‪181....................................................................................................‬‬
‫‪ -3‬اٌمُّخ اإلعشائُخ ٌٍظٍؼ ػًٍ ِغزىي عهخ االعزئٕبف ‪188.............................................................‬‬

‫‪547‬‬
‫‪ -4‬اعشاءاد عُش عٍغخ اٌظٍؼ‪191...........................................................................................‬‬
‫‪ -5‬لىاػذ اٌؾؼىس واٌغُبة فٍ عٍغبد اٌظٍؼ ‪196.......................................................................‬‬
‫أ‪ِ -‬ىلف اٌّششع اٌغضائشٌ ‪196..............................................................................................‬‬
‫اٌؾبٌخ األوًٌ‪ :‬غُبة أؽذ اٌضوعُٓ ػٓ عٍغخ اٌظٍؼ ٌؼزس أو ِبٔغ ؽذس ٌه ‪197......................................‬‬
‫اٌؾبٌخ اٌضبُٔخ‪ :‬غُبة أؽذ اٌضوعُٓ ػٓ عٍغخ اٌظٍؼ دوْ ػزس ‪197.....................................................‬‬
‫ة‪ِ -‬ىلف اٌمؼبء ِٓ غُبة أؽذ اٌضوعُٓ ػٓ عٍغخ اٌظٍؼ ‪197.......................................................‬‬
‫اٌؾبٌخ األوًٌ‪ :‬غُبة اٌّ ّذػٍ ‪198..............................................................................................‬‬
‫اٌؾبٌخ اٌضبُٔخ‪ :‬غُبة اٌّذػً ػٍُه ‪199........................................................................................‬‬
‫اٌؾبٌخ اٌضبٌضخ‪ :‬ػذَ ؽؼىس اٌّذػٍ واٌّذػٍ ػٍُه عٍغخ اٌظٍؼ ‪199....................................................‬‬
‫اٌؾبٌخ اٌشاثؼخ‪ :‬غُبة أؽذ اٌضوعُٓ ػٓ عٍغخ اٌظٍؼ فٍ اٌطالق ثبٌزشاػٍ ‪201.....................................‬‬
‫‪ -6‬ػذد ِؾبوالد اٌظٍؼ ‪201..................................................................................................‬‬
‫‪ -7‬اٌمُّخ اٌمبٔىُٔخ ٌٍىوبٌخ فٍ اٌظٍؼ ‪203....................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬آصبس ِؾبوالد اٌظٍؼ ‪204...............................................................................................‬‬
‫‪ٔ -1‬زبئظ اعشاء اٌظٍؼ ‪204.....................................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬ؽبٌخ ٔغبػ اعشاء اٌظٍؼ ‪204...............................................................................................‬‬
‫ة‪ -‬ؽبٌخ فشً اعشاء اٌظٍؼ ‪205..............................................................................................‬‬
‫‪ -2‬اٌمُّخ اٌمبٔىُٔخ ٌّؾؼش اٌظٍؼ ‪206.......................................................................................‬‬
‫‪ -3‬اٌطؼٓ فٍ ِؾؼش اٌظٍؼ ‪207.............................................................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬إجزاءاد انزحكيى في لضبيب فك انزاثطخ انزٔجيخ ‪213 ...................................................‬‬
‫أوال‪ِ -‬فهىَ اعشاء اٌزؾىُُ ‪214................................................................................................‬‬
‫‪ -1‬رؼشَف اٌزؾىُُ ‪214..........................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬ؽجُؼخ اعشاء اٌزؾىُُ ‪215...................................................................................................‬‬
‫‪ -3‬رؼُُٓ اٌؾىُّٓ ‪216...........................................................................................................‬‬
‫‪ -4‬ششوؽ اٌؾىُّٓ ‪217.........................................................................................................‬‬
‫‪ -5‬اإلشىبالد اٌزٍ رىاعه اٌؾىُّٓ ‪218......................................................................................‬‬
‫‪ -6‬دوس اٌؾىُّٓ ‪219............................................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬اِصبس اٌّزشرجخ ػًٍ اعشاء اٌزؾىُُ ‪220................................................................................‬‬
‫‪ٔ -1‬زبئظ اعشاء اٌزؾىُُ ‪220....................................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬ؽبٌخ ٔغبػ اعشاء اٌزؾىُُ ‪220...............................................................................................‬‬
‫ة‪ -‬ؽبٌخ فشً اعشاء اٌزؾىُُ ‪221..............................................................................................‬‬
‫‪ -2‬أمؼبء اعشاء اٌزؾىُُ ‪222.................................................................................................‬‬
‫‪ -3‬اٌمُّخ اٌمبٔىُٔخ ٌّؾؼش اٌؾىُّٓ ‪223.....................................................................................‬‬
‫انًطهت انضبَي‪ :‬لٕاػذ اإلصجبد في انزٔاط ٔانطالق ‪226 .................................................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬إصجبد انزٔاط انؼزفي ‪226 ...................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬رؼشَف اٌضواط اٌؼشفٍ ‪226..............................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬اعشاءاد اصجبد اٌضواط اٌؼشفٍ ‪227....................................................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬إصجبد انطالق انؼزفي ‪228 ..................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬اإلشىبالد اٌّزؼٍمخ ثبألعبط اٌمبٔىٍٔ إلصجبد اٌطالق اٌؼشفٍ ‪228................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬خظىطُخ اصجبد اٌطالق اٌؼشفٍ‪232..................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬اٌضاُِخ اصجبد اٌطالق اٌؼشفٍ ثؾىُ لؼبئٍ ‪232.........................................................................‬‬
‫ة‪ -‬اٌطجُؼخ اٌمبٔىُٔخ ٌٍؾىُ اٌّضجذ ٌٍطالق ‪234.............................................................................‬‬
‫‪548‬‬
‫ط‪ -‬اصجبد اٌطالق اٌؼشفٍ ثؤصش سعؼٍ ‪236...................................................................................‬‬
‫صبٌضب‪ -‬وعبئً اصجبد اٌطالق اٌؼشفٍ ‪239.......................................................................................‬‬
‫‪ -1‬اإللشاس‪239.................................................................................................................. :‬‬
‫‪ -2‬اٌجُٕخ‪239..................................................................................................................... :‬‬
‫‪ -3‬آٌُُّ‪239.................................................................................................................... :‬‬
‫ساثؼب‪ -‬اعشاءاد اصجبد اٌطالق اٌؼشفٍ ‪241..................................................................................‬‬
‫خبِغب‪ :‬رغغًُ اٌؾىُ اٌّضجذ ٌٍطالق اٌؼشفٍ‪243...........................................................................‬‬

‫انجبة انضبَي‪ :‬إجزاءاد انطؼٍ ٔانزُفيذ في أحكبو شؤٌٔ األسزح ‪247......................................‬‬


‫انفصم األٔل‪ :‬لٕاػذ انطؼٍ في أحكبو شؤٌٔ األسزح ‪247...................................................‬‬
‫انًجحش األٔل‪ :‬طزق انطؼٍ انؼبديخ في أحكبو شؤٌٔ األسزح ‪249 ...............................................‬‬
‫انًطهت األٔل‪ :‬انطؼٍ ثبنًؼبرضخ في أحكبو شؤٌٔ األسزح ‪249 ........................................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬انًجبدا انؼبيخ نهطؼٍ ثبنًؼبرضخ في أحكبو شؤٌٔ األسزح ‪249 ........................................‬‬
‫أوال‪ِ -‬فهىَ اٌطؼٓ ثبٌّؼبسػخ ‪249...........................................................................................‬‬
‫‪ -1‬رؼشَف اٌطؼٓ ثبٌّؼبسػخ ‪250............................................................................................‬‬
‫‪ -2‬خظبئض اٌطؼٓ ثبٌّؼبسػخ ‪250.........................................................................................‬‬
‫‪ -3‬ششوؽ لجىي اٌطؼٓ ثبٌّؼبسػخ ‪251......................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬أْ رىىْ اٌّؼبسػخ ػذ ؽىُ أو لشاس غُبثٍ ‪252.......................................................................‬‬
‫ة‪ -‬اؽزشاَ األعً اٌزٌ رشفغ فُه اٌّؼبسػخ ‪253............................................................................‬‬
‫ط‪ -‬اسفبق ػشَؼخ اٌطؼٓ ثبٌّؼبسػخ ثٕغخخ ِٓ اٌؾىُ أو اٌمشاس اٌغُبثٍ اٌّطؼىْ فُه ‪254........................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬آصبس اٌطؼٓ ثبٌّؼبسػخ‪255..............................................................................................‬‬
‫‪ -1‬ولف رٕفُز اٌؾىُ أو اٌمشاس اٌغُبثٍ اٌّؼبسع فُه ‪255.................................................................‬‬
‫‪ -2‬اػبدح ػشع إٌضاع ػًٍ ٔفظ اٌغهخ اٌمؼبئُخ اٌزٍ أطذسد اٌؾىُ اٌّطؼىْ فُه ثبٌّؼبسػخ ‪256............‬‬
‫‪ -3‬اػزجبس اٌؾىُ أو اٌمشاس اٌّؼبسع فُه وؤْ ٌُ َىٓ ‪256.................................................................‬‬
‫‪ -4‬ػذَ لجىي اٌؾىُ اٌظبدس فٍ اٌّؼبسػخ ٌٍطؼٓ فُه ثبٌّؼبسػخ ِٓ عذَذ ‪257.....................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬انطؼٍ ثبنًؼبرضخ في األحكبو انغيبثيخ ثف ّك انزاثطخ انزٔجيخ ‪257 ......................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪258..................................................................‬‬ ‫أوال‪ -‬ؽجُؼخ األؽىبَ اٌمؼبئُخ ثف ّ‬
‫‪ -1‬ؽجُؼخ ؽىُ اٌطالق ثبإلسادح إٌّفشدح ٌٍضوط ‪261.......................................................................‬‬
‫‪ -2‬ؽجُؼخ اٌؾىُ اٌمؼبئٍ اٌظبدس ثبٌزطٍُك ‪268............................................................................‬‬
‫‪ -3‬ؽجُؼخ ؽىُ اٌخٍغ ‪270.......................................................................................................‬‬
‫‪ -4‬ؽجُؼخ ؽىُ اٌطالق ثبٌزشاػٍ ‪274........................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬رُُّض طىس اٌطالق ِٓ ؽُش اٌطؼٓ ثبٌّؼبسػخ ‪276..............................................................‬‬
‫‪ -1‬اٌطؼٓ ثبٌّؼبسػخ فٍ أؽىبَ اٌطالق ثبإلسادح إٌّفشدح ‪276...........................................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ثطٍت ِٓ اٌضوعخ ‪280.........................................‬‬ ‫‪ -2‬اٌطؼٓ ثبٌّؼبسػخ فٍ أؽىبَ ف ّ‬
‫أ‪ِ -‬ىلف اٌّششع ِٓ لبثٍُخ أؽىبَ اٌزطٍُك واٌخٍغ ٌٍطؼٓ ثبٌّؼبسػخ ‪280.............................................‬‬
‫ة‪ِ -‬ىلف اٌّؾىّخ اٌؼٍُب ِٓ لبثٍُخ أؽىبَ اٌزطٍُك واٌخٍغ ٌٍطؼٓ ثبٌّؼبسػخ ‪282....................................‬‬
‫‪ -3‬اٌطؼٓ ثبٌّؼبسػخ فٍ أؽىبَ اٌطالق ثبٌزشاػٍ ‪284...................................................................‬‬
‫انًطهت انضبَي‪ :‬انطؼٍ ثبالسزئُبف في أحكبو شؤٌٔ األسزح ‪286 .......................................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬أحكبو انطؼٍ ثبالسزئُبف ‪286 ...............................................................................‬‬
‫أوال‪ِ -‬فهىَ اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف ‪286...........................................................................................‬‬

‫‪549‬‬
‫‪ -1‬رؼشَف اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف وششوؽه ‪286................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬اٌششوؽ اٌّىػىػُخ ٌالعزئٕبف ‪287.......................................................................................‬‬
‫أ‪ 1-‬األؽىبَ اٌمبثٍخ ٌالعزئٕبف ‪288.............................................................................................‬‬
‫أ‪ 2-‬األؽشاف اٌزَٓ َؾك ٌهُ االعزئٕبف ‪289.................................................................................‬‬
‫أ‪ 3-‬وعىة رّضًُ اٌخظىَ ثّؾبَ أِبَ عهخ االعزئٕبف ‪290...............................................................‬‬
‫ة‪ -‬اٌششوؽ اٌشىٍُخ ٌالعزئٕبف‪291...........................................................................................‬‬
‫ة‪ 1-‬اٌزمُّذ ثؤعً االعزئٕبف ‪291...............................................................................................‬‬
‫ة‪ 2-‬اؽزشاَ اعشاءاد ِّبسعخ اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف ‪292....................................................................‬‬
‫‪ -2‬آصبس اٌطؼٓ االعزئٕبف ‪293..................................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬األصش إٌبلً ‪293................................................................................................................‬‬
‫أ‪ 1-‬اٌزمُّذ ثّب سُفغ االعزئٕبف ثشؤٔه ‪294......................................................................................‬‬
‫أ‪ 2-‬ػذَ لجىي اٌطٍجبد اٌغذَذح ‪294............................................................................................‬‬
‫أ‪ 3-‬ػذَ اػشاس اٌّغزؤٔف ثبعزئٕبفه ‪296.....................................................................................‬‬
‫ة‪ -‬األصش اٌّىلف ‪297...........................................................................................................‬‬
‫ط‪ -‬اٌؾك فٍ اٌزظ ّذٌ‪298.......................................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬خظىطُخ اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف فٍ لؼبَب شئوْ األعشح ‪299.......................................................‬‬
‫‪ -1‬فُّب َزؼٍك ثشفغ اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف ‪299..................................................................................‬‬
‫‪ -2‬فُّب َزؼٍك ثؤعً اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف ‪300..................................................................................‬‬
‫‪ -3‬فُّب َزؼٍك ثآصبس اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف ‪302..................................................................................‬‬
‫‪ -4‬فُّب َزؼٍك ثبػفبء لؼبَب شئوْ األعشح ِٓ وعىثُخ اٌزّضًُ ثّؾبَ ‪304.............................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬انطؼٍ ثبالسزئُبف في أحكبو ف ّك انزاثطخ انزٔجيخ ‪305 ..................................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ِٓ ؽُش اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف ‪305.................................‬‬ ‫أوال‪ -‬اٌزُُّض ثُٓ شمٍّ اٌؾىُ ثف ّ‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪305......................................................‬‬ ‫ك اٌّزؼٍك ثف ّ‬ ‫‪ -1‬اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف فٍ اٌش ّ‬
‫أ‪ِ -‬ىلف اٌفمه ‪306................................................................................................................‬‬
‫ة‪ِ -‬ىلف اٌّششع ‪312.........................................................................................................‬‬
‫ط‪ِ -‬ىلف اٌّؾىّخ اٌؼٍُب‪316...................................................................................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪320...........................................‬‬ ‫‪ -2‬اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف فٍ اٌغىأت اٌّبدَخ ألؽىبَ ف ّ‬
‫أ‪ -‬اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف فٍ اٌغىأت اٌّبدَخ ٌٍطالق ثبإلسادح إٌّفشدح أو اٌزطٍُك أو اٌخٍغ ‪321........................‬‬
‫ة‪ -‬اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف فٍ اٌغىأت اٌّبدَخ ٌٍطالق ثبٌزشاػٍ ‪322......................................................‬‬
‫ط‪ -‬اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف فٍ األواِش اٌّئلزخ اٌظبدسح ؽجمب ٌٕض اٌّبدح ‪ِ 57‬ىشس ِٓ لبٔىْ األعشح ‪322...........‬‬
‫اٌؾبٌخ األوًٌ‪ :‬اٌزظٍُ ِٓ األِش ػًٍ ػشَؼخ ‪323..........................................................................‬‬
‫اٌؾبٌخ اٌضبُٔخ‪ :‬اعزئٕبف األِش ػًٍ ػشَؼخ ‪324.............................................................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ِٓ ؽُش عىاص اٌطؼٓ فُهب ثبالعزئٕبف ‪325...........................‬‬ ‫صبُٔب‪ -‬اٌزُُّض ثُٓ طىس ف ّ‬
‫‪ -1‬اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف فٍ أؽىبَ اٌطالق ثبإلسادح إٌّفشدح ‪325...........................................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ثطٍت ِٓ اٌضوعخ ‪327..........................................‬‬ ‫‪ -2‬اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف فٍ أؽىبَ ف ّ‬
‫‪ -3‬اٌطؼٓ ثبالعزئٕبف فٍ أؽىبَ اٌطالق ثبٌزشاػٍ ‪340...................................................................‬‬
‫انًجحش انضبَي‪ :‬انطؼٍ ثبنُمض في أحكبو شؤٌٔ األسزح ‪343 ....................................................‬‬
‫انًطهت األٔل‪ :‬انًجبدا انؼبيخ نهطؼٍ ثبنُمض في أحكبو شؤٌٔ األسزح ‪344 ..........................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬يفٕٓو انطؼٍ ثبنُمض ‪344 ..................................................................................‬‬
‫أوال‪ِ -‬بهُخ اٌطؼٓ ثبٌٕمغ ‪344................................................................................................‬‬

‫‪550‬‬
‫‪ -1‬رؼشَفه ‪345....................................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬األؽىبَ واٌمشاساد اٌزٍ َغىص اٌطؼٓ فُهب ثبٌٕمغ ‪345...............................................................‬‬
‫‪ -3‬األؽشاف اٌزٍ َؾك ٌهب سفغ اٌطؼٓ ثبٌٕمغ‪346........................................................................‬‬
‫‪ -4‬أعً سفغ اٌطؼٓ ثبٌٕمغ ‪346...............................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬خظبئض اٌطؼٓ ثبٌٕمغ ‪347...........................................................................................‬‬
‫‪ِٕ -1‬غ اٌطٍجبد واألوعه اٌغذَذح ‪347.........................................................................................‬‬
‫‪ -2‬ػذَ عىاص اٌّؼبسػخ فٍ لشاساد اٌّؾىّخ اٌؼٍُب اٌظبدسح غُبثُب ‪347..............................................‬‬
‫‪ -3‬وعىة اعزٕبد اٌطؼٓ ثبٌٕمغ ػًٍ أوعه لبٔىُٔخ ‪347..................................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬إجزاءاد انطؼٍ ثبنُمض ٔآصبرِ ‪348 ......................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬اعشاءاد سفغ اٌطؼٓ ثبٌٕمغ ‪348......................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬آصبس اٌطؼٓ ثبٌٕمغ ‪351..................................................................................................‬‬
‫انًطهت انضبَي‪ :‬انطؼٍ ثبنُمض في أحكبو ف ّك انزاثطخ انزٔجيخ ‪352 ....................................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬خصبئص انطؼٍ ثبنُمض في أحكبو ف ّك انزاثطخ انزٔجيخ ‪353 ...........................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪353........................................................‬‬ ‫أوال‪ -‬أعً سفغ اٌطؼٓ ثبٌٕمغ فٍ ؽىُ ف ّ‬
‫صبُٔب‪ -‬اعشاءاد اٌطؼٓ ثبٌٕمغ فٍ ؽىُ فه اٌشاثطخ اٌضوعُخ‪355........................................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪356..............................................................‬‬ ‫صبٌضب‪ -‬آصبس اٌطؼٓ ثبٌٕمغ فٍ ؽىُ ف ّ‬
‫‪ ِٓ -1‬ؽُش األصش اٌّىلف ‪356................................................................................................‬‬
‫اٌّشؽٍخ األوًٌ‪ :‬فٍ ظً لبٔىْ اإلعشاءاد اٌّذُٔخ اٌٍّغً ‪356...........................................................‬‬
‫اٌّشؽٍخ اٌضبُٔخ‪ :‬ثؼذ طذوس لبٔىْ اإلعشاءاد اٌّذُٔخ واإلداسَخ ‪357....................................................‬‬
‫‪ ِٓ -2‬ؽُش أؼذاَ األصش إٌبلً ‪360...........................................................................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ٌٍطؼٓ ثبٌٕمغ فُهب ‪361........................................................‬‬ ‫ساثؼب‪ -‬لبثٍُخ أؽىبَ ف ّ‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ٌٍطؼٓ ثبٌٕمغ فُهب ‪361.........................................‬‬ ‫‪ِ -1‬ىلف اٌفمه ِٓ لبثٍُخ أؽىبَ ف ّ‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪362...........................................‬‬ ‫أ‪ -‬اٌّىلف اٌّئَذ ٌغىاص اٌطؼٓ ثبٌٕمغ فٍ أؽىبَ ف ّ‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪363....................................‬‬ ‫ة‪ -‬اٌّىلف اٌّؼبسع ٌغىاص اٌطؼٓ ثبٌٕمغ فٍ أؽىبَ ف ّ‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪365..............................‬‬ ‫‪ -2‬اإلشىبالد اٌّزشرجخ ػًٍ عىاص اٌطؼٓ ثبٌٕمغ فٍ أؽىبَ ف ّ‬
‫أ‪ -‬اإلشىبي اٌّزؼٍّك ثّخبٌفخ أؽىبَ اٌؼ ّذح‪ ،‬واؽُبء اٌؼاللخ اٌضوعُخ ِٓ عذَذ ‪365.......................................‬‬
‫ة‪ -‬اإلشىبي اٌّزؼٍك ثبٌٕفمخ‪367................................................................................................‬‬
‫ط‪ -‬اإلشىبي اٌّزؼٍك ثبٌُّشاس‪367.............................................................................................‬‬
‫د‪ -‬اإلشىبي اٌّزؼٍك ثجمبء اٌضوعخ ِؼٍّمخ ‪368.................................................................................‬‬
‫هـ ‪ -‬اإلشىبي اٌزٌ رىاعهه اٌّطٍمخ اٌزٍ أػبدد اٌضواط ‪369..............................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬رًييز صٕر ف ّك انزاثطخ انزٔجيخ يٍ حيش انطؼٍ ثبنُمض ‪370 ........................................‬‬
‫أوال‪ -‬اٌطؼٓ ثبٌٕمغ فٍ أؽىبَ اٌطالق ثبإلسادح إٌّفشدح ‪371.............................................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ثطٍت ِٓ اٌضوعخ ‪373...........................................‬‬ ‫صبُٔب‪ -‬اٌطؼٓ ثبٌٕمغ فٍ أؽىبَ ف ّ‬
‫صبٌضب‪ -‬اٌطؼٓ ثبٌٕمغ فٍ أؽىبَ اٌطالق ثبٌزشاػٍ ‪377.....................................................................‬‬

‫انفصم انضبَي‪ :‬رُفيذ أحكبو شؤٌٔ األسزح ‪384................................................................‬‬


‫انًجحش األٔل‪ :‬رُفيذ انسُذاد انًزؼهمخ ثبنزٔاط ٔانطالق ‪384 ....................................................‬‬
‫انًطهت األٔل‪ :‬إجزاءاد رُفيذ انسُذاد انخبصخ ثبنزٔاط ٔانطالق ‪385 ................................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬يفٕٓو انزُفيذ ‪385 ...........................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬رؼشَف اٌزٕفُز ‪385.........................................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬طىس اٌزٕفُز ‪386..........................................................................................................‬‬
‫‪551‬‬
‫‪ -1‬اٌزٕفُز االخزُبسٌ أو اٌشػبئٍ ‪386........................................................................................‬‬
‫‪ -2‬اٌزٕفُز اٌغجشٌ ‪388...........................................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬اٌزٕفُز اٌغجشٌ اٌّجبشش أو اٌزٕفُز اٌؼٍُٕ ‪389..............................................................................‬‬
‫ة‪ -‬اٌزٕفُز اٌغجشٌ غُش اٌّجبشش أو ػٓ ؽشَك اٌؾغض ‪389................................................................‬‬
‫صبٌضب‪ -‬أؽشاف اٌزٕفُز‪390.........................................................................................................‬‬
‫‪ -1‬ؽبٌت اٌزٕفُز ‪390.............................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬إٌّفز ػٍُه ‪390...............................................................................................................‬‬
‫‪ -3‬اٌغٍطخ اٌّىٍفخ ثبٌزٕفُز‪390..................................................................................................‬‬
‫أ‪ٔ -‬ظبَ لبػٍ اٌزٕفُز ‪391.......................................................................................................‬‬
‫ة‪ٔ -‬ظبَ اٌّؾؼشَٓ اٌمؼبئُُٓ ‪392..........................................................................................‬‬
‫‪ -4‬اٌغُش وطشف فٍ اٌزٕفُز ‪393................................................................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬يزاحم انزُفيذ ٔيًيزارّ ‪394 ...............................................................................‬‬
‫أوال‪ِ -‬مذِبد اٌزٕفُز ‪394........................................................................................................‬‬
‫‪ -1‬رجٍُغ إٌّفز ػٍُه ثبٌغٕذ اٌزٕفُزٌ ورىٍُفه ثبٌىفبء ‪395...................................................................‬‬
‫‪ -2‬رؾشَش ِؾؼش اٌزٕفُز أو اِزٕبع ػٓ اٌزٕفُز ‪397.........................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬خظىطُخ رٕفُز األؽىبَ اٌمؼبئُخ اٌّزؼٍمخ ثبٌضواط واٌطالق‪397.................................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪397..........................................‬‬ ‫‪ ِٓ -1‬ؽُش رٕفُز اٌغبٔت اٌّزؼٍك ثبصجبد اٌضواط وف ّ‬
‫‪ ِٓ -2‬ؽُش رٕفُز أؽىبَ اٌضواط واٌطالق اٌّزؼّٕخ عىأت ِبدَخ ‪399.................................................‬‬
‫صبٌضب‪ -‬اٌزٕفُز اٌّؼغً فٍ لؼبَب اٌضواط واٌطالق ‪400.......................................................................‬‬
‫انًطهت انضبَي‪ :‬صُذٔق انُفمخ كآنيخ نزُفيذ األحكبو انًزؼهمخ ثآصبر انزٔاط ٔانطالق ‪401 .............................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬انزُظيى انمبََٕي نصُذٔق انُفمخ ‪403 ......................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬اٌفئبد اٌّؼُٕخ ثبالعزفبدح ِٓ طٕذوق إٌفمخ‪403......................................................................‬‬
‫‪ -1‬رؾذَذ اٌفئبد اٌّغزفُذح ‪404.................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬ششوؽ االعزفبدح ِٓ اٌّخظظبد اٌّبٌُخ ٌظٕذوق إٌفمخ ‪405........................................................‬‬
‫أ‪ -‬ششؽ ِفهىَ إٌفمخ‪406........................................................................................................‬‬
‫ة‪ -‬ششؽ أْ رىىْ اٌّشأح ِطٍمخ أو ؽفال ِؾؼىٔب فٍ ِفهىَ لبٔىْ األعشح‪406......................................‬‬
‫ط‪ -‬ششؽ طذوس أِش أو ؽىُ لؼبئٍ َمؼٍ ثبٌٕفمخ ‪408..................................................................‬‬
‫د‪ -‬ششؽ رؼزس اٌزٕفُز اٌىٍٍ أو اٌغضئٍ ٌألِش أو اٌؾىُ اٌمؼبئٍ اٌزٌ ؽىُ ثبٌٕفمخ ‪409...............................‬‬
‫صبُٔب‪ِ -‬غمطبد ؽك االعزفبدح ِٓ اٌظٕذوق‪410.............................................................................‬‬
‫‪ -1‬عمىؽ اٌؾك فٍ اٌؾؼبٔخ أو أمؼبإهب ‪410..............................................................................‬‬
‫‪ -2‬صجىد دفغ إٌفمخ ِٓ لجً اٌّذَٓ ثهب ‪410..................................................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬إجزاءاد االسزفبدح يٍ انًخصصبد انًبنيخ نصُذٔق انُفمخ ‪412 ......................................‬‬
‫أوال‪ -‬رمذَُ ؽٍت االعزفبدح ِشفك ثبٌٍّف اٌّؾذد لبٔىٔب اًٌ اٌمبػٍ اٌّخزض ‪412....................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬اٌغهخ اٌّخزظخ ثظشف اٌّغزؾمبد اٌّبٌُخ ‪415.....................................................................‬‬
‫انًجحش انضبَي‪ :‬إشكبالد رُفيذ األحكبو انمضبئيخ انًزؼهمخ ثبَؼمبد انزٔاط ٔاَحالنّ ‪422 .......................‬‬
‫انًطهت األٔل‪ :‬اإلشكبالد انًضبرح أصُبء ليبو انزاثطخ انزٔجيخ ‪425 .....................................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬رُفيذ األحكبو انمبضيخ ثزجٕع انزٔجخ إنٗ ثيذ انزٔجيخ ‪426 ...........................................‬‬
‫أوال‪ِ -‬فهىَ اٌشعىع اًٌ ثُذ اٌضوعُخ ‪426..................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬اعشاءاد رٕفُز األؽىبَ اٌّزؼٍمخ ثشعىع اٌضوعخ اًٌ ثُذ اٌضوعُخ ‪427..........................................‬‬
‫صبٌضب‪ -‬اإلشىبالد اٌّزؼٍمخ ثزٕفُز أؽىبَ سعىع اٌضوعخ اًٌ ثُذ اٌضوعُخ ‪429...........................................‬‬

‫‪552‬‬
‫‪ -01‬ػذَ رؾذَذ اٌؾىُ اٌمؼبئٍ ٌّمش ثُذ اٌضوعُخ اٌزٌ رٍضَ اٌضوعخ ثبٌشعىع اٌُه ‪430............................‬‬
‫‪ -02‬ػذَ إٌض ػًٍ أْ َىىْ اٌشعىع ثغؼٍ ِٓ اٌضوط ‪430............................................................‬‬
‫‪ -03‬رؾبًَ اٌضوط أو اٌضوعخ فٍ رٕفُز اإلٌضاَ ثبٌشعىع ‪431..............................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬رُفيذ األحكبو انًزؼهمخ ثزٕفيز يسكٍ يسزمم أصبصب ٔيؼبشب ‪433 .........................................‬‬
‫أوال‪ِ -‬فهىَ اٌجُذ اٌّغزمً أصبصب وِؼبشب ‪433.................................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬اعشاءاد رٕفُز اٌؾىُ اٌّزؼّٓ رىفُش ِغىٓ ِغزمً أصبصب وِؼبشب ‪433............................................‬‬
‫صبٌضب‪ -‬اإلشىبالد اٌّزؼٍمخ ثبٌّغىٓ إٌّفظً أصبصب وِؼبشب ‪434.............................................................‬‬
‫انفزع انضبنش‪ :‬رُفيذ األحكبو انًزؼهمخ ثئنزاو انزٔط ثبنُفمخ ‪436 .........................................................‬‬
‫أوال‪ِ -‬فهىَ إٌفمخ اٌّؾىىَ ثهب ٌٍضوعخ واألوالد‪436.......................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬اعشاءاد رٕفُز أؽىبَ إٌفمخ ‪437.........................................................................................‬‬
‫صبٌضب‪ -‬اإلشىبالد اٌّزؼٍمخ ثزٕفُز أؽىبَ إٌفمخ ‪438............................................................................‬‬
‫انفزع انزاثغ‪ :‬رُفيذ األٔايز انًؤلزخ انصبدرح ٔفمب نهًبدح ‪ 57‬يكزر يٍ لبٌَٕ األسزح ‪439 .........................‬‬
‫أوال‪ِ -‬فهىَ األواِش اٌّئلزخ اٌظبدسح وفمب ٌٍّبدح ‪ِ 57‬ىشس ِٓ لبٔىْ األعشح ‪440...................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬اشىبالد رٕفُز األواِش اٌّئلزخ اٌظبدسح ؽجمب ٌٍّبدح ‪ِ 57‬ىشس ِٓ لبٔىْ األعشح ‪440.........................‬‬
‫صبٌضب‪ -‬اإلشىبالد اٌّضبسح ثشؤْ رٕفُز األواِش اٌّئلزخ اٌظبدسح ؽجمب ٌٍّبدح ‪ِ 57‬ىشس ِٓ لبٔىْ األعشح ‪441.......‬‬
‫انًطهت انضبَي‪ :‬اإلشكبالد انًضبرح ثؼذ ف ّك انزاثطخ انزٔجيخ ‪443 .......................................................‬‬
‫انفزع األٔل‪ :‬اإلشكبالد انًزؼهمخ ثزحصيم انًجبنغ انًبنيخ انًحكٕو ثٓب لضبء‪443 ....................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪444...........................................................‬‬ ‫أوال‪ -‬اٌّجبٌغ اٌّبٌُخ اٌّؾىىَ ثهب ثؼذ ف ّ‬
‫‪ِ -1‬جٍغ اٌزؼىَغ ػٓ اٌطالق اٌزؼغفٍ ‪444.................................................................................‬‬
‫‪ٔ -2‬فمخ اٌؼذح ‪444.................................................................................................................‬‬
‫‪ٔ -3‬فمخ اإلهّبي ‪444.............................................................................................................‬‬
‫‪ -4‬اٌّمبثً اٌّبٌٍ ٌٍخٍغ ‪445....................................................................................................‬‬
‫‪ -5‬إٌفمخ اٌغزائُخ ٌٍطفً اٌّؾؼىْ ‪445......................................................................................‬‬
‫‪ٔ -6‬فمخ ثذي اَغبس ِغىٓ ٌّّبسعخ اٌؾؼبٔخ ‪445...........................................................................‬‬
‫‪ِ -7‬ظبسَف اٌىالدح واٌؼالط‪445.............................................................................................‬‬
‫ه اٌشاثطخ اٌضوعُخ ‪445.....................................‬‬ ‫صبُٔب‪ -‬اشىبالد رؾظًُ اٌّجبٌغ اٌّبٌُخ اٌّؾىىَ ثهب ثؼذ ف ّ‬
‫‪ -1‬اٌزٕفُز اٌغضئٍ ٌّؼّىْ اٌغٕذ اٌزٕفُزٌ ‪446.............................................................................‬‬
‫‪ -2‬رؾظًُ اٌّمبثً اٌّبٌٍ ٌٍخٍغ ‪448..........................................................................................‬‬
‫‪ -3‬رؾشَش ِؾؼش اٌؾغبة ِٓ لجً اٌّؾؼش اٌمؼبئٍ ‪449...............................................................‬‬
‫انفزع انضبَي‪ :‬اإلشكبالد انًزؼهمخ ثزسهيى األصبس ٔاأليزؼخ ‪451 ..........................................................‬‬
‫أوال‪ -‬اإلشىبي اٌّزؼٍك ثّىبْ رغٍُُ األِزؼخ ‪451.............................................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬اإلشىبي اٌّزؼٍك ثّطبثمخ األِزؼخ اٌّغٍّّخ ِغ اٌّزوىسح فٍ اٌمبئّخ اٌّئشش ػٍُهب ‪452.........................‬‬
‫صبٌضب‪ -‬اإلشىبي اٌّزؼٍك ثبٌّمبثً اٌّبٌٍ ٌألِزؼخ‪453..........................................................................‬‬
‫ساثؼب‪ -‬اإلشىبي اٌّزؼٍك ثزهبوْ طبؽت األِزؼخ فٍ اعزالِهب ‪454.......................................................‬‬
‫خبِغب‪ -‬اإلشىبي اٌّزؼٍك ثزغٍُُ اٌّظىغبد‪455............................................................................‬‬
‫انفزع انضبنش‪ :‬اإلشكبالد انًزؼهمخ ثزسهيى انًحضٌٕ ‪456 ...............................................................‬‬
‫أوال‪ -‬اٌزّغّه ثؼذَ إٌض ػًٍ اإلٌضاَ ثزغٍُُ اٌّؾؼىْ ‪457.............................................................‬‬
‫صبُٔب‪ -‬سفغ اٌّؾؼىْ االٌزؾبق ثبٌؾبػٓ ‪457.............................................................................‬‬
‫صبٌضب‪ -‬ؽبٌخ رغٍُُ اٌّؾؼىْ ػٕذ ِّبسعخ ؽك اٌضَبسح ‪460................................................................‬‬
‫انفزع انزاثغ‪ :‬اإلشكبالد انًزؼهمخ ثزٕفيز يسكٍ يالئى نًًبرسخ انحضبَخ ‪463 .......................................‬‬
‫أوال‪ -‬غُبة ِؼُبس ِؾذد ٌزؼزس رىفُش ِغىٓ ِالئُ ٌٍؾبػٕخ ‪464.........................................................‬‬
‫‪553‬‬
‫صبُٔب‪ -‬ػذَ رؾذَذ ِىاطفبد اٌغىٓ اٌّالئُ ٌٍؾبػٕخ‪465...................................................................‬‬
‫‪ -1‬ػذَ رىفش ثؼغ اٌششوؽ فٍ اٌّغىٓ اٌّخظض ِٓ لجً األة ٌٍؾبػٕخ ‪465.....................................‬‬
‫‪ -2‬وىْ اٌّغىٓ اٌّخظض ِٓ لجً األة ثؼُذا ػٓ أهً اٌؾبػٕخ ‪466.................................................‬‬

‫خبرًخ‪468....................................................................................................... :‬‬
‫انًـالحــك ‪507....................................................................................................‬‬
‫لبئًخ انًصبدر ٔانًزاجغ‪528...................................................................................‬‬
‫انفٓزس ‪545......................................................................................................‬‬

‫‪554‬‬

You might also like