You are on page 1of 3

‫صمة الفمسفة ببعض العموم والمعارف‬

‫صمتها بالدين عند المسممين‪ :‬ما طبيعة العالقة بين الدين كعقيدة والفمسفة كعقل ؟ في‬ ‫‪-1‬‬
‫إطار عالقة الفمسفة بالدين يمكن الوقوف عمى رأيين متعارضين‪:‬‬
‫‪ -1.1‬عالقة انفصال وتضارب‬
‫لقد تم رفض الفمسفة في البداية من ِقَبل العامة‪ ،‬وكذا بعض الفقياء‪ ،‬وىذا نظ ار لجممة من‬
‫األسباب يمكن ايجازىا فيما يمي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬المصدر اليوناني لنشأة الفمسفة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬كما أن اإليمان يغنينا عن استعمال العقل‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬ال توجد في القرآن والسنة فمسفة صريحة‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬االستدالل بموقف الغزالي فيما يخص كتابو "تيافت الفالسفة" وكذا المنقذ من الضالل؛‬
‫أين خصص النقد في المبحث اإلليي عمى وجو التحديد‪ ،‬حيث قال ''إن الفالسفة يجمعون شروطاً‬
‫يعمم أنيا تورث اليقين ال محالة‪ ،‬لكنيم عند االنتياء إلى المقاصد الدينية ما أمكنيم الوفاء بتمك‬
‫الشروط؛ بل تساىموا غاية التساىل''‪.1‬‬
‫ثالثا‪ -‬االستدالل بموقف ابن الصالح الذي رفض الفمسفة في شكل قياس قائال‪" :‬الفمسفة شر‪.‬‬
‫المنطق مدخل إلى الفمسفة‪ .‬المدخل إلى الشر شر"‪.2‬‬
‫مناقشة الموقف‬
‫‪ -‬العمم والمعرفة عموما من واجب المسمم البحث عنيا بغض النظر عن الزمان والمكان‪.‬‬
‫‪ -‬أن أول رسول إلى االنسان ىو العقل‪.‬‬
‫‪ -‬في القرآن والسنة توجيات تدعو إلى التفمسف‪.‬‬

‫‪ -1‬الغزالي‪ ،‬أبو حامد‪ ،‬المنقذ من الضالل‪ ،‬مكتبة األنجمو المصرية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة ‪2691 ،3‬م‪ ،‬ص‪.19 :‬‬
‫‪ -2‬ابن الصالح‪ :‬فتاوى ومسائل في التفسير والحديث واألصول والفقو‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬أما بالنسبة لمغزالي فإنو بالنظر الى مقدار ما قَبَِمو‪ ،‬مقارنةً بما رفضو من البنية الفمسفية‪،‬‬
‫يمكننا القول إنو لم يرفض من الفمسفة سوى مقدار قميل فقط‪ .‬ولعل ىذا ىو ما جعمو يعنون‬
‫كتابو بـ(تيافت الفالسفة) ال (تيافت الفمسفة)‪.‬‬
‫‪ -‬بل حتى المنطق‪ ،‬الذي خصص لو كتابو (معيار العمم)‪ ،‬صرح بأن ىذا الكتاب ىو القسم‬
‫األخير من متن التيافت؛ بمعنى أن التيافت ال يقصد منو المباحث الفمسفية جميعيا؛ بل‬
‫منيا ما ىو ضروري‪ ،‬وحتى واجب‪ ،‬لقد صرح قائال ''من ال معرفة لو بالمنطق ال ثقة‬
‫بعممو''‪.‬‬
‫‪ -‬أما بالنسبة البن الصالح فإن مصطمح (الفمسفة شر) الذي وظفو في المقدمة الكبرى ىو‬
‫حكم تم فيو إسناد حد آلخر‪ .‬إال أن لِمُّغة مراتب يقتضي مراعاتيا أثناء استعمالنا ليا؛ ِ‬
‫فمن‬
‫غير المقبول َحمل صفات لمموضوع ليست من رتبو‪ .‬وىو ما لم يتم احترامو ِمن ِقَبل واضع‬
‫االستدالل‪ ،‬فالموضوع من رتَبة فكرية يتعمق بالمجال الميتافيزيقي‪ ،‬بينما المحمول ىو قيمة‬
‫أخالقية‪ .‬فالمقدمة الكبرى فاسدة منطقيا‪ .‬إن االقناع نوعان‪ :‬عقمي منطقي –وىو ما تفاداه‬
‫ابن الصالح‪ ،-‬وآخر سيكولوجي يراعي الجانب البراغماتي (ميول‪ ،‬عواطف‪ ،‬مشاعر‬
‫عمل حجةً ظاىرىا عقمي يسعى إلظيار الحقيقة‪ .‬وباطنيا براغماتي‬
‫الجميور)‪ .‬لقد استَ َ‬
‫ييدف إلى دغدغة العواطف لكسب مشاعر الجميور‪ ،‬باالعتماد عمى الخطابة والتيريج‪،‬‬
‫ألن وصفيا بالشر يكون لو َوقع شديد في نفوس أصحاب العقيدة‪.‬‬
‫‪ -1.1‬الرأي القائل بوجود تكامل بين الدين والتفكير الفمسفي‬
‫بالمقابل‪ ،‬فقد كان الرد واضحا من ِقَبل ابن رشد فقد ألف كتابا يوضح فيو مدى التكامل‬
‫بينيا تحت عنوان ''فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من االتصال'' يقول ابن رشد‬
‫موضحا اليدف من الكتاب ''إن الغرض من ىذا القول أن نفحص‪ ،‬عمى جية النظر الشرعي‪،‬‬
‫ىل النظر في الفمسفة وعموم المنطق مباح بالشرع ؟ أم محضور ؟ (‪ )...‬فنقول‪ :‬إن كان فعل‬
‫الفمسفة ليس شيئا أكثر من النظر في الموجودات‪ ،‬واعتبارىا من جية داللتيا عمى الصانع‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫أعني من جية ما ىي مصنوعات‪ ،‬فإن الموجودات إنما تدل عمى الصانع بمعرفة صنعتيا‪،‬‬
‫بصن َعتيا أتم‪ ،‬كانت المعرفة بالصانع أتم''‪.‬‬
‫وأنو كمما كانت المعرفة َ‬
‫‪ -‬واذا تمعنا في القرآن والسنة ال نجد فييما فمسفة‪ ،‬ولكن فييما توجيات تدعو لمتفمسف‪ ،‬وىو‬
‫ما يعزز موقف ابن رشد الداعم لمفمسفة سواء من كتاب اهلل‪ ،‬كقولو تعالى‪'' :‬فاعتبروا يا‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫''أو لم ينظروا في ممكوت السماوات واألرض وما خمق اهلل من شيء''‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫أولى األبصار''‬
‫‪3‬‬
‫وكذا في السنة النبوية ''الحكمة ضالة المؤمن‪ ،‬حيث وجدىا فيو أحق بيا''‪.‬‬
‫‪ -‬عمى ىذا األساس فالعالقة تكاممية بين الدين من جية‪ ،‬والفكر الفمسفي القائم عمى العقل‬
‫من جية ثانية‪ :‬إن ىناك العديد من اآليات القرآنية التي تتطمب التأويل العقمي‪ ،‬واال كان‬
‫تفسيرىا في غير محمو كقولو تعالى ''بل يداه مبسوطتان''‪ 4.‬فشتان بين االيمان القائم عمى‬
‫العقل وااليمان الذي مصدره العادة‪ .‬بالمقابل فالعقل البشري في حاجة لضوابط شرعية‬
‫يممييا الدين واال وقع في الكفر والزندقة‪.‬‬

‫وكخالصة فمن الضروري تحصين العقل باإليمان‪ ،‬وتعميق ىذا اإليمان بالعقل‪ ،‬سيما إذا‬
‫تعمق األمر بالتأمل في الغيبيات‪ ،‬وفي مبدأ عقيدة التوحيد عمى وجو الخصوص‪.‬‬

‫‪ -1‬الحشر‪ :‬اآلية ‪.21‬‬


‫‪ -2‬األعراف‪ :‬اآلية ‪.281‬‬
‫‪ -3‬رواه الترمذي عن حديث أبي ىريرة‪.‬‬
‫‪ -4‬المائدة‪ :‬اآلية ‪.96‬‬
‫‪3‬‬

You might also like