‫ثانيا‪ :‬عالقة الفمسفة بالعمم‪.

‬‬

‫إلثبات عالقة موضوعين ببعضيما من الضروري بيان حاجة أحدىما لؤلخر‪ ،‬فتكون‬

‫العالقة شرطية‪ .‬أو حاجة ك ّل منيما لآلخر فتكون العالقة بينيما تكاممية‪ .‬وىو ما نسعى‬

‫لبيانو في ىذه المحاضرة التي تنطوي عمى رأيين متناقضين في بيان أىمية الفمسفة أو العمم‪.‬‬

‫‪ -1‬العمم شرط الفمسفة‪.‬‬

‫''إن‬
‫بحسب لوي ألتوسير العموم كانت بمثابة األرضية التي قامت عمييا الفمسفة ّ‬

‫الحظ وجودىا إال في عالم يحتوي عمى ما نسميو عمما أو‬

‫الفمسفة لم توجد دائما‪ ،‬إ ْذ ال ُي َ‬

‫عموما بالمعنى الدقيق ‪...‬‬

‫البد من وجود عموم‪ ،‬ولرّبما كان ىذا ىو السبب‬

‫تتجدد نشأتيا‪ّ ،‬‬
‫لكي تولَد الفمسفة أو ّ‬

‫أن الفمسفة بالمعنى الدقيق‪ ،‬لم تبدأ إال مع أفالطون‪ ،‬وقد أدى إلى ذلك وجود‬
‫في ّ‬
‫الرياضيات اليونانية‪ .‬ثم َقمَب ديكارت ىذه الفمسفة‪ ،‬وكانت فيزياء غاليمي سبب ثورتو‬

‫الحديثة في الفمسفة‪ .‬ثم عمل كانط عمى إعادة بناء صرح الفمسفة‪ ،‬وذلك تحت تأثير‬

‫نيوتن‪ .‬ثم أُعيدت صياغتيا مع ىوسرل تحت تأثير نظام البديييات''‪.‬‬

‫‪ -2‬الفمسفة ضرورية إلى جانب العمم ‪.‬‬

‫يقول الباحث "إمام عبد الفتاح إمام" ‪...‬غير أن ىذا االنفصال بين الفمسفة والعمم‬

‫الذي شيده القرن التاسع عشر لم يدم طويال‪ ،‬إذ سرعان ما بدأ الجميد يذوب في القرن‬

‫أن يكون إال إجحافا لكل من الفمسفة والعمم‪،‬‬

‫ألن ىذا االنفصال ال يمكن ْ‬
‫العشرين‪ّ ،‬‬

‫فالفمسفة ضرورية لمعمم نفسو؛ إنيا ليست سوى محاولة لفيم مجموعة المعارف البشرية‬

‫في مركب واحد‪ ،‬واخضاع الطرق التي استخدمت في الحصول عمى ىذه المعرفة لمنقد‬

‫والتحميل‪ ،‬ثم محاولة التعرف عمى ىذه المعرفة بإقامة المذاىب الفمسفية المختمفة ‪.‬‬

‫جدية ما لم يحيطوا بالنتائج النيائية‬

‫وكيف يمكن التصدي ليذه الميمة الشاقة بطريقة ّ‬

‫إن الفيمسوف الذي يجيل المدلوالت التي تقدميا‬

‫التي توصل إلييا العمم في عصرىم ؟ ّ‬

‫األبحاث العممية عن العالم (الكون) لن يكون باستطاعتو أن يقترب من التفمسف‪ ،‬ليذا‬

‫يمح باشالر عمى ضرورة ربط العمم بالفمسفة ربطا وثيقا‪.‬‬

‫بل ويذىب االنجميزي برتراند راسل إلى أكثر من ذلك‪ ،‬فالكثير من القضايا تحتاج‬

‫إن شئت يقظتنا‬

‫لرؤية فمسفية وعممية ''إن أىمية الفمسفة متأتية من كونيا تشد أنفسنا‪ ،‬أو ْ‬
‫أن يقول‬
‫أن يعالجيا‪ ،‬أو ْ‬
‫ألن ىناك قضايا خطيرة في الحياة‪ ،‬ال يستطيع العمم ْ‬
‫الفكرية‪ّ ،‬‬

‫ألن الرأي العممي( ‪ )...‬ليس ىو الرأي المناسب لتمك القضايا''‪.‬‬

‫فييا كممتو‪ ،‬و ّ‬

‫وكخالصة‪ :‬فالعمم يخدم الفمسفة باعتباره األرضة التي يشتغل عمييا الفيمسوف‪ ،‬بالمقابل‬

‫فالفمسفة حديثا أصبحت مرافقة لمعمم بالبحث في مبادئو ومناىجو ونتائجو‪ ،‬وىو مبحث فمسفي‬

‫تك ّفمت بو االبستمولوجيا‪ .‬عمى ىذا األساس فالعالقة بينيما تكاممية‪.‬‬