نموذج تطبيقي لكيفية تحليل نص فلسفي ( نص رونيه ديكارت)
ٌمكن القول أن عالقة اإلنسان بالطبٌعة تتحدد من خالل توويٌن كبٌيٌن
متقابلٌن ،تووي اعتبي الطبٌعة مجاال للتأمل واالستمتاع ،األمي الذي ٌتطلب من اإلنسان اإلنوات إلى الطبٌعة ،وهو التووي الذي نجده عند الفالسفة الٌونانٌٌن األوائل ،الذٌن أقاموا عالقة حمٌمٌة مع الطبٌعة ،أفوحت عن اليغبة الدفٌنة فً المعيفة مع نظية تأملٌة وشاعيٌة غاٌتها البحث عن السعادة داخل االحتيام المتبادل مع الطبٌعة ،إال أن لحظة الفكي العلمً الحدٌث شكلت منعطفا حادا ،أوبح معه اإلنسان ٌيى فً الطبٌعة موضوعا للسٌطية والهٌمنة لتحقٌق المولحة والفائدة :فكٌف تتحقق إمكانٌة السٌطية على الطبٌعة؟ وما غاٌات السٌطية علٌها؟ هل استطاع اإلنسان من خالل سٌطيته على الطبٌعة تحقٌق السعادة والطمأنٌنة المنشودتان أم أن نشاطف فً الطبٌعة لم ٌؤدي إال إلى تدمٌي ذاته وتدمٌي الطبٌعة؟ هل المطلوب إعادة تأسٌس عالقة جدٌدة مع الطبٌعة أم وقف كل نشاط إنسانً فٌها؟ جوابا عن اإلشكال أعاله ٌقدم يونٌه دٌكايت أطيوحة قوامها أن الطبٌعة مجال محكوم بقوانٌن ،إذا ما استطاع اإلنسان معيفتها تسنى له إمكانٌة السٌطية علٌها ،واستغالل ثيواتها لمولحته ،فقد استهل دٌكايت نوه بإبياز مدى إعجابه بتأمالته التً ٌسعى من خاللها إلى تغٌٌي الفلسفة ،وذلك من خالل استبدالها بفلسفته الخاوة المتمثلة فً الفلسفة العملٌة ،التً تمكن اإلنسان من فهم المبادئ والعالقات المتحكمة فً الطبٌعة ،بعد ذلك ٌبيز أن الكشف عن تلك المبادئ سٌسمح لنا بمعيفة الظواهي الطبٌعٌة ،فما دامت معيفة قوانٌن الطبٌعة تسمح لنا بالتنبؤ ،فكذلك ٌمكنها بشكل واضح أن تقودنا فً الحٌاة العملٌة لما فٌه مولحتنا ،وبالتالً إنتاج معايف تجعل اإلنسان سٌدا على الطبٌعة ومالكا لها ،وهذا عكس الفلسفة النظيٌة التً كانت تديس فً العووي الوسطى ،التً ٌنتقدها واحب النص نظيا لعقمها المعيفً ،وتبقى الغاٌة األساسٌة ،بحسب دٌكايت من تجاوز الفلسفة النظيٌة وتعوٌضها بالفلسفة العملٌة هو االستفادة من خٌيات الطبٌعة ،فالطبٌعة بهذا المعنى توبح موضوعا قابال لالستثماي ال ٌتمتع بأي حقوق. استخدم واحب النص مفاهٌم أساسٌة لبناء أطيوحته وتوضٌحها ،فقد استخدم مفهوم الفلسفة النظيٌة وهً تلك الفلسفة التً كانت تديس فً المدايس فً العووي الوسطى ،حٌث كانت تعتمد على النووص األيسطٌة ،والمبدأ العام الذي كانت تقوم علٌه الفلسفة المديسٌة هو اعتبايها خادمة لالهوت ومتممة له ،ألن اليؤٌة الكونٌة المسٌحٌة كانت تفٌد بضيوية فهم كل ما نتعلمه على ضوء عالقته بمقاود هللا ،كما استخدم مفهوم الفلسفة العملٌة التً تسعى للبحث عن المعيفة التً تقود اإلنسان إلى السٌطية على الطبٌعة، وطبٌعة العالقة بٌن المفهومٌن هً عالقة تعايض ،هذٌن المفهومٌن والعالقة بٌنهما هً التً تشكل أطيوحة النص. اعتمد واحب النص على عدة تقنٌات حجاجٌه إلثبات أطيوحته ودعواه ،نذكي منها :الحجاج الجدلً ،الذي ٌستخدمه واحب النص فً الواقع لتبٌان ضيوية استبدال الفلسفة النظيٌة قبل أن ٌعيض فلسفته الخاوة ،وإنه لٌوظف بعض عبايات الجدل المفاتٌح من قبٌل :ومع أننً كنت كثٌي األعجاب بتمثالتً (السطيِ ،)1كما ٌستعمل األمثلة التً استعملت لتوضٌح األفكاي المجيدة ،وتكمن األهمٌة الحجاجٌة للمثال فً كونه ٌخاطب المخٌلة وٌسهل عملٌة حوول التووي المجيد فً الذهن من ثم التودٌق ،ألن العلم تووي أوال ثم تودٌق ،فً النص :إذا عيفنا بواسطة ما للناي ،والهواء(....السطي 8و،) 9 عالوة على ذلكٌ ،وجه دٌكايت نوه مسندا له ديجة االحتمالٌة التً ٌمكن أن ٌحول لها: فإننً كنت أعتقد ان لغٌيي من الناس (السطي 1و ،) 2وبالمثل حتى اعتقدت أنه ( السطي 4و ،)5بمعنى " الح لً" . تتحدد قٌمة األطيوحة فً كونها تنتمً إلى بينامج العلم الحدٌث الذي ٌقوم منذ بٌكون ودٌكايت على إنشاء معيفة بالطبٌعة تمكن من التحكم فٌها وتوجٌهها لما فٌه مولحة اإلنسان، لكن هذا البينامج ٌعتبي استياتٌجٌة مهددة للوجود البشيي ،ألن اإلنسان ٌوبح طاغٌة على الطبٌعة ،وهو النقد الذي ٌوجهه مٌشٌل سٌي للمشيوع الدٌكايتً ،حٌث ٌيى أن العقل الغيبً وحد المشيوع الوناعً والعلم فأوبح متحكما فً موٌي اإلنسان ،فال بد من قلب هذه العالقة فً اتجاه نقد مفهوم التحكم الدٌكايتً وتأسٌس عالقة جدٌدة مع الطبٌعة ،ال تقوم على التملك والسٌطية ،وإنما أساسا التفهم واالنسجام ،واحتيام البٌئة باعتبايها شيط الوجود واالستميايٌة ،فاأليض هب األم الحاضنة لكل الكائنات ،وٌنبغً على اإلنسان أن ٌدخل الوعً بالطبٌعة كجزء ال ٌتجزأ من وعٌه بذاته ،أي أن ٌعً ذاته ،ال بووفه ككائن فً ميكز الكون ،بل كعنوي من عناويه ،إننا بمقداي ما نحتاج هدوء األيض، تحتاج أٌضا حكمتنا ،ونحتاج جمٌعا لمٌثاق عالمً لحقوق األيض ،ال ٌعٌدنا إلى الجنة األولى ،ولكن إلى االنسجام والتناغم مع الطبٌعة. ٌتضح من خالل عملٌة التأمل فً المشكلة التً ٌتناولها النص ،أنه إذا كان دٌكايت قد سعى من خالل فلسفته العملٌة للسٌطية على الطبٌعة ،فإن مٌشٌل سٌي فً المقابل دعا إلى ضيوية خلق عالقة جدٌدة مع الطبٌعة تكون غاٌتها هً التحكم فً التقنٌة والعلم عن طيٌق تقنٌن استغالل الطبٌعة لتحقٌق ما هو إٌجابً ومفٌد لإلنسان.