Professional Documents
Culture Documents
المذهب العقالني
ما مصدر المعارف التي يحملها اإلنسان؟ هل مصدرها العقل أم التجربة؟ هل يمكن للعقل أن يستغني عن التجربة؟ وهل للتجربة أن
:تستغني عن العقل؟ لنتأمل فيما يلي
.ـ ال يمكنه ألنه أمام احد مبادئ العقل ونعني به مبدأ الهوية
ـ هل أخذت من التجربة ؟
ـ تنقل لك العين النجوم على أساس أنها صغيرة ،فهل هي كذلك ؟ 3
.إن االطمئنان إلى النتيجة في األمثلة السابقة مصدره اعتمادنا على العقل وليس الحواس هذا ما أكد عليه أنصار المذهب العقلي
وفي مطلع العصر الحديث ،جاء ديكارت الذي يعده الكثيرون أبا للعقالنية الحديثة ،ألنه انطلق من الفكر العقالني الخالص كمقدمة
.أولى استنبط منها الحقائق اليقينية ،وسار على دربه ليبنتز وسبينوزا
والعقالنية مذهب فكري يزعم أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق االستدالل العقلي بدون االستناد إلى
الوحي اإللهي أو التجربة البشرية القائمة على الحواس .ويخضع كل شيء في الوجود للعقل إلثباته أو نفيه أو تحديد خصائصه.
ويحاول هذا المذهب إثبات وجود األفكار في عقل اإلنسان قبل أن يستمدها من التجربة العملية الحياتية .ويرفض اإليمان بالمعجزات
أو خوارق العادات .والعقائد الدينية عند أصحاب هذا المذهب ،ينبغي أن تختبر بمعيار العقل الذي يقوم بتنظم معطيات الحواس
.فنتمكن من إدراكها
ويستند هؤالء في دفاعهم على مذهبهم على كون العقل هو ميزة اإلنسان الحقيقية وليست الحواس ،وهو قوة فطرية في اإلنسان وهذا
يسمح باتفاق الناس حول الحقائق التي تصدر عنها .ما داموا مشتركين فيه .كما انه ال يمكن االعتماد على الحواس ألنها كثيرا ما
توقعنا في الخطأ وتقدم لنا معطيات مشتتة ،والعقل ينظمها ويجمع شتاتها ،وهذه غاية البحث العلمي .لهذا احتل العقل هذه المكانة
.عند الفالسفة
المذهب التجريبي
هل تستطيع التجربة أن تنشئ في العقل المعاني والتصورات ؟ وهل لها القدرة على خلع صفة الصدق على ما تبدعه من معرفة ؟
وهل العلم في كل صوره يرتد إلى التجربة ؟
التجريبية هي القول بان العالم المادي له وجود مستقل عن اإلنسان وأفكاره ،وأنه موجود خارج اإلنسان سواء أدركناه أو لم ندركه
بل موجود بغض النظر عن وجود اإلنسان .وان كل معرفة تنشأ عن الخبرة الحسية التي تنقلها الحواس .فيرى هذا المذهب أن مظهر
الشيء هو حقيقته ،وأن ما نعرفه عن األشياء هو تجسيد حقيقي لخصائصها الواقعية وبالتالي ،هناك تطابق بين التصورات العقلية
:واألشياء .ويقوم المذهب التجريبي على هذه المبادئ
.ـ اإلنسان يأتي إلى الوجود صفحة بيضاء فال وجود لمبادئ عقلية فطرية
يقول سبنسر إن ذلك ـ أي وجود أفكار فطرية ـ قد يكون صحيحا في الفرد ولكنه خطا بالنسبة للجنس كله أعني أن اإلنسان كجنس قد
أستمد هذه الصور الذهنية من العالم الخارجي ثم ورثها ألفراده .وهنالك من يقول أن هذه الصور الذهنية اسطوانة فكرية أو عادات
كونتها تدريجيا اإلحساساتـ ثم المدركات الحسية فأصبح لإلنسان بعد تكوينها القدرة على اإلدراك الحسي والعقلي ،ويقول هذا
الفريق من المفكرين أن الذاكرة ( أي الصور الحسية المحفوظة في الذهن والتي جاءتـ من الخارج على مر األيام ) هي التي تفسر
اإلحساسات التي تأتينا عن طريق الحواس المختلفة ،وهي التي تنظمها وتبوبها وتحولها إلى مدركات حسية ثم تحول هذه المدركات
.الحسية إلى أفكار فالذاكرة هي التي تضمن ما للعقل من وحدة وتماسك
الفلسفة النقدية
مشكلة التعارض بين العقليين والتجريبيين أصابت الفلسفة في الصميم ،ولوال ايمانويل كانط لتقوضت أركان الفلسفة وانهارت كما
يقول ول ديورانت في كتابه قصة الفلسفة ،فماذا يفعل كانط إزاء هذه المتناقضات ؟
تعود النزعة النقدية في الفلسفة إلى "سقراط" الذي وضع منهجا يتيح التمييز بين الحقيقة والباطل ،فمهد الطريق للمعرفة الحقة
بالقضاء على الفكرة الباطلة ،ولذا قال" :إن النقد أساس المعرفة" .أما الفلسفة النقدية في القرن الثامن عشر فتعد نتيجة للنزاع الطويل
بين العقليين من جهة وعلى رأسهم ديكارت ،والتجريبيين وعلى رأسهم بيكون من جهة أخرى .ويمثل فكر كانط جهد الذهن البشري
للتوفيق بين هذين التيارين المتعارضين في الفلسفة ،الذي حاول إزالة الخالف بين النزعتين بتحديد دائرة لكل من العقل والتجربة ،
.سواء في المجال المعرفي أو المجال األخالقي ،وكل ضروب المعرفة
ميزت الفلسفة النقدية تمييزا دقيقا بين الظواهر العقلية السابقة على كل تجربة ،والظواهر التي تكتسب بالتجربة .وبناءا على هذا
التمييز ،اعتبرت المبادئ العقلية السابقة على كل تجربة تدل على المبادئ األولية أو الصور التي يضعها العقل ليشكل بها التجربة ،
وليست كما أشار ديكارت تدل على طبائع بسيطة أو حقائق فطرية بديهية .فوجب الوصل بين العقل النظري والعقل العملي ،كما هو
.عند ايمانويل كانط ( 1724ـ )1804فالمعرفة ليست عقلية خالصة وليست تجريبية خالصة بل مزيج منها
وهي APRIORIإن إدراك العالم الحسي يقتضي القول بمبادئ ال تستطيع التجربة أن تزودنا بها ،ألنها أولية سابقة على كل تجربة
في نفس الوقت شرط في إدراك عالم التجربة .فالتجربة لوحدها ال تستطيع أن تزودنا بعلم حقيقي ،بل هناك معان أو مقوالت تطبق
على الظواهر فتجعل منها معارف ،وهنا يبرز دور العقل حيث يسيطر على الطبيعة عن طريق ما يضفيه عليها من صور وقوالب
.فيلفها بحيث ال يستطيع أي جزء من التجربة الخروج عن هذه القوالب
فإذا كان العقل يجيز الحكم بعدم شروق شمس الغد كما يقول هيوم فإنه ال يسمح بالقول أن 2+ 3ال تساوي 5فهذه حقيقة مطلقة ،
في غنى تام عن التجربة ولكن كيف حصلنا عليها إن لم نأخذها بالحواس من التجربة ؟ وهنا وصل كانط إلى القول بأنها مستمدة من
تركيبة العقل الفطرية التي تحتوي على مقوالت أو األصول المنطقية للمعرفة ،وخاصة مقولتي المكان والزمان وهما فكرتان قبليتان
،ال يمكن فهم ما تنقله لنا الحواس إال إذا أخذت في إطار المكان (جهة معينة ) أو الزمان ( قبل ،بعد )....فوصل من خالل تحليله
هذا إلى ما يسمى باألصول المنطقية للمعرفة أو ما يعرف بالمقوالت انه يقر بوجود األشياء في العالم الخارجي ووجودها مستقل عن
الذات إال أن معرفتنا لألشياء الخارجية تستوجب تدخل العقل بمقوالته التي فطر عليها .فيكون للمعرفة جانبين ،ألن الخبرة الحسية
التي نحصل عليها تكون ليست لها معنى إال إذا أخذناها على شكل مقولة فتكون المعرفة بهذا الشكل حسية وعقلية في نفس
الوقت.وهذا ما عبر عنه بقوله ":المفاهيم بدون حدوس حسية تظل جوفاء والحدوس الحسية بدون مفاهيم تبقى عمياء" فرفض مثالية
.أفالطون وباركلي ورفض واقعية توماس ريد ،فوضع حدود للحواس كما وضع حدود للعقل
خاتمة حل المشكلة
ينبغي النظر إلى المذهب الفلسفي في السياق الذي وضع فيه ومن تم تجد أن كال المذهبين لم يجانب الصواب ،ولكن يمكن تجاوزهما
.إلى التركيب بينهما كما رأينا ذلك في الفلسفة النقدية والتي بدورها ال يمكنها ادعاء الكمال فيما وصلت إليه
...........................................
المذهب البراغمــــــــــــــــــــــــاتي
البراغماتية
إن أفعال اإلنسان ال تكون خيرا أو شرا إال إذا حققت أو توقع من ورائها نفعا ،فإن أدت إلى ضرر أو عطلت نفعا كانت شرا .هذا
هو رأي مذهب المنفعة في األخالق .فالبراغماتية فلسفة علمية لها جذور ترجع إلى الفلسفة اليونانية عند ارستيب القورينائي نحو (
355 / 435.ق م ) فالفرد هو مصدر القيم األخالقية بوحي من اللذة واأللم فاللذة هي الخير األعظم
ويرى الفيلسوف اليوناني ابيقور أن اللذة هي الخير االسمي دون اإلفراط في الملذات ،أي اللذة التي ال يعقبها الم ،بل ويطلب األلم
إذا كان يحقق له لذة أعظم منه .وقد نحتها أصحابها من كلمة يونانية تعني العمل النافع أو المزاولة المجدية ،ويصبح المقصود منها
.هو المذهب العملي أو المذهب النفعي
ثم عادت إلى الظهور منبثقة من الروح المادية للقرن العشرين ومرتبطة بتطور مناهج البحث العلمية واالتجاهات الواقعية المعاصرة
،.مع الفيلسوف االنجليزي جيرمي بنتام
لكن المؤسس الحقيقي للبراغماتية هو الفيلسوف األمريكي بيرس الذي ،يرى أن كل فكرة ال بد أن تكون تمهيدا لعمل ما ،ثم جاء
بعده "وليام جيمس " ليقيم بناء المذهب و يؤكد أن العمل والمنفعة هما مقياس صحة الفكرة و دليل صدقهاـ ،وظهر بعد ذلك " جون
ديوي " ليتم بناء المذهب و يقرر أن العقل هو أداة العمل ووسيلة المنفعة .هم ممثلي البراغماتية
ـ بيرس تشارلز (سانتياغو )ساندرس فيلسوف أمريكي له مساهمات في علم الفلك وله اهتمامات بالفيزياء والكيمياء ويعد مؤسس 1
الذرائعية التي ظهرت في رسالته الصادرة سنة 1878في مجلة العلم الشعبي ومن مؤلفاته دراسات في المنطق وما الذرائعية و
.نشأة الذرائعية
ـ جيريمي بنتام :فيلسوف وفقيه قانوني أمريكي ولد في 1748وتوفي في لندن 1832م له اهتمامات بالكيمياء باإلضافة إلى 2
.تخصصه في الدراسات القانونية ساهم في تأسيس المذهب النفعي ،وأراد أن يكون نافعا حتى بعد وفاته فأوصى بتشريح جثته
ـ وليام جيمس فيلسوف أمريكي ولد في 1842وتوفي في 1910حصل على الدكتوراه في الطب من جامعةـ هارفارد وعين 3
أستاذا للفيزيولوجيا والتشريح في نفس الجامعةـ وهذا يفسر اعتماده على المنهج التجريبي عندما تعرض للظواهر النفسية بالدراسة
والتحليل ثم تحول إلى الفلسفة .من مؤلفاته الوجيز في علم النفس وإرادة االعتقاد والصور المختلفة للتجربة الدينية وكتاب الذرائعية
.الذي فصل فيه المعيار الذرائعي كمقياس صحيح لألفكار
ـ جون ديوي :فيلسوف وعالم تربية أمريكي ولد في 1859وتوفي في 1952تلبست الذرائعية األمريكية تعبيرا خاصا لدى 4
ديوي فعلى حين أن مذهب وليام جيمس كان ذا نزوع ديني في المقام األول تحول ديوي بكليته نحو علوم الطبيعة وتبنى سلوكية
.واطسن التى تقول أن الروح ما هو إال ما يفعله الجسم
الفلسفة البراغماتية
ـ مبحث المعرفة عندما تعرض بيرس لبحث مشكلة المعرفة .قرر انه توجد في عقولنا أفكار متعددة لها مقابالت مادية في العالم 1
الخارجي ،ومعيار صدق هذه األفكار أو كذبها يكون في مدى تطابقها أو عدم تطابقها مع ما يقابلها في الخارج .لكن يوجد في نفس
الوقت نوع آخر من األفكار داخل عقولنا ليس لها مقابل مادي خارجي ،إذن ما هو معيار الحكم عليها بالصدق أو الكذب ؟ أجاب
بيرس بان تلك األفكار إذا كانت تمهد للقيام بسلوك عملي وتهدف إلى تحقيق منفعة فعلية ،فإنها حينئذ صادقة ،وبدون ذلك تكون
.كاذبة
مثال فكرة وجود هللا ،هل هي صادقة أم كاذبة ؟ ال يمكن البحث عن مدلول مادي خارجي يمكننا بواسطته أن نحكم على مدى
مطابقتها له لنتأكد من صدقها ،وإنما يكون حكمنا على صدق أو كذب هذه الفكرة من اآلثار المترتبة عليها ،ومما يمكن أن تؤدي
إليه من سلوك عملي نافع لدى اإلفراد والمجتمع ،وحيث أن إيمان األفراد بفكرة وجود هللا ،يدفعهم لإلصالح والتقوى والمعاملةـ
.الحسنة إلى جانب االستقامة وعمل الخير والتعاون ،إذن ستكون فكرة وجود هللا صحيحة وليست خاطئة في هذه الحالة
ونفس الشيء نجده عند وليام جيمس الذي انتقد أتباع المذهب المثالي الذين يقررون وجود صور عقلية لألشياء في أدهاننا ويرى أن
وجود هذه الصور أو عدم وجودها ال يقدم وال يؤخر في الحقيقة الواقعية ،وإنما من الواجب السعي المتالك الحقيقة الفعلية
واالستفادة منها عمليا .وهنا قرر وليام جيمس أن معيار الحقيقة ليس الحكم العقلي ،وإنما السلوك العملي النافع المترتب عليها ،مثال
وجود صورة عقلية للنار في أذهننا ال يمكنها أن تحرق الخشب أو الورق ،وكذلك وجود صورة عقلية للماء ال يمكنها أن تطفئ
حريقا مشتعال ،مثل هذه الصور ال قيمة لبحثها في ذاتها النها لن تؤثر عمليا في حياتنا ،ولن تترتب عليها نتائج فعلية .نقال عن
كتاب مذاهب فلسفية معاصرة ،بتصرف .تأليف سماح رافع محمد
وألجل هذا أيضا يرفض وليام جيمس مناقشة القضايا الميتافزيقية مثل :هل العالم واحد أم كثير ؟ وهل هو مادي أم روحي ؟ وهل
اإلنسان حر أم مقيد ؟ وغير ذلك من القضايا الغيبية المشابهةـ التي ال تؤدي إلى نتائج نافعة ،لذلك فهي ليست صحيحة ،وهكذا انتهى
.وليام جيمس إلى تأكيد أن الحقيقة هي كل ما يقودنا إلى النجاح في الحياة
يكون الفعل خير إذا كانت نتيجة لذة أو منفعة ويمكن التعرف على درجة خيرية األفعال عن طريق ما يعرف بحساب اللذات الذي
وضعه بنتام وهو مجموعة من المقاييس و هي الشدة ،المدة ،اليقين ،القرب ،االمتداد ،الخصب والنقاء .هذه المقاييس وان كانت
تخص األفراد فإنها في نظر بنتام ال تلغي تماما المنفعة العامة ،حتى لو كان أساسهاـ المنفعة الشخصية ،ألن اللذة قيمتها في االمتداد
يقول " :إن الفضيلة االجتماعية وقوامها أن يخدم اإلنسان مصلحة غيره ما هي إال تضحية المرء بلذته الخاصة ابتغاء الحصول على
" قدر من اللذة أعظم
إن بنتام غير مبدأ اللذة بمبدأ المنفعة فقط ،وهو األمر الذي عارضه الفيلسوف االنجليزي جون ستوارت مل ،فأساس القيمة
األخالقية عنده ليس هو اللذة .إن اللذة عنده تثير االشمئزاز ،وإذا كان بنتام يجعل من المنفعة الخاصة هي أساس المنفعة ،فاألمر
.على نقيض ذلك عند مل ،فالمنفعة ينبغي أن تشمل اكبر عدد من الناس
النقد
إذا أخذنا المنفعة سواء كانت بمعنى اللذة الجسمية أو اللذة العقلية أو كانت بمعنى خاص بأفراد أو منفعة عامة ،ففي كل هذه الحاالت
نالحظ إهمال للعقل .ومن الصعوبة أيضا أن يتفق جميع الناس على منفعة معينة ألنه إي منفعة قد تضر باآلخرين .باإلضافة إلى
اختالف المجتمعاتـ فيما هو نافع وان اتفقوا فال يتجاوز اتفاقهم وجود الخير العام ولكن أي خير ؟
...........................................
المذهب الوجــــــــــــــــــــــــــــــودي
مشتق من الفعل الالتيني ويعني يبرز أو ينبثق ،واستعمال كلمة يوجد existeالوجودية مشتقة من الفعل وجد يوجد والفعل يوجد
يختلف حسب الموجود ،فعند قولك القلم موجود ،فمعنى الوجود هنا يختلف عن قولك العالم موجود وهللا موجود ،رغم أن الكلمة
.واحدة
إن الفلسفة الوجودية تتميز بميلها إلى الوجود ،فهي ال تبالي بماهيات األشياء وجواهرها ،كما ال تبالي بما يسمى بالوجود الممكن
والصور الذهنية المجردة .إن غرضها األساسي هو كل موجود ،أو بتعبير آخر هو كل ما هو موجود في الواقع والحقيقة .ويعتقد
الوجوديون تجاهل المنهج الوجودي في البحث يعزلنا عن فهم ذواتنا فهما ً صحيحاً.أهم ممثلي الوجودية
ـ كيركيغارد سورين آبي ولد في 1813بكوبنهاغن ومات في 1855في نفس المدينة .ينظر عادة إلى كيركيغارد على انه أبو 1
.الوجودية الحديثة
فيلسوف و كاتب مسرحي فرنسي ولد 1889و توفي 1973في باريس تأثر بهيجل Gabriel Marcelـ غابلاير مرسيل 2
وروحانية برغسون وعقالنية برنشفيك ،تنسب إليه الوجودية المسيحية .اهتم بمسألة الموت السيما وانه فقد أمه وهو في الرابعة من
عمره وكلف في الحرب العالمية األولى بالبحث عن المفقودين .راوده يقين بان األخوة بين البشر كافةـ هي وحدها الخليقة بإنقاذ العالم
،.من كتبه يوميات ميتافزيقية ،سر الوجود ،اإلنسان المرتحل ،الحضور والخلود على األرض
:ولد في بادن في 1889ومات في 1976فيلسوف ألماني ،انصب مجهوده على تفكيك المأثور الميتافزيقي 3 ـ مارتن هايدغر
.الغربي مركزا على فلسفة الوجود
ـ جون بول سارتر : :ولد في 1905وتعلم سارتر بمدرسة سان روشيل ،ثم في المدرسة الثانوية .والتحق عام 4 1924
بمدرسة المعلمين العليا ثم مدرسا ً في كل من ليون والهافر .وقد طلب في التعبئة العسكرية عام .1939حيث أرسل إلى خط ماجينو
في الحرب العالمية الثانية .وخدم كجندي في الوحدة الطبية ،ووقع في األسر وبقي فيه مدة تقارب السنة وبعدها أفرج عنه
روائي وفيلسوف فرنسي 1913ـ 1960ولد ونشأ في الجزائر من أعماله رواية الغريب Albert Camusـ ألبير كامي ـ كامو 5
.وأسطورة سيزيف كانت عالقته بالوجوديين متوترة إذ يرى في مشكلة أسبقية الوجود على الماهية سكوالئية جديدة
الفلسفة الوجودية
العالقة بين الوجود والماهية ومشكلة أسبقية احدهما على األخر قديمة ولكن تم الفصل لفائدة الماهية على حساب الوجود ،ومن
المعروف أن الوجودية ُتعتبر ثور ًة عنيفة ضد الفلسفات التقليدية ،وخاصة منها الحركة العقلية والمثالية .ومن ذلك أن افالطون يعلي
من شان الماهية ونظر إلى الوجود بعين الريبة ،ألنه متغير ،إما الماهيات فثابتة ،والمعرفة الحقيقية تكون بمعرفة الماهيات ،
ً
معينة تذوب فيها العواطفُ واالعتقادات قوالب
َ وبشكل عام فان الفلسفة التقليدية ،كأنها كانت تريد أن تصبِّ جميع الناس في
وأساليب الحياة ومناهج التفكير ،وهي قوالب تنحصر في معنىً مجر ٍد وكلي صالح لكل األزمان ،وهنا تكون أضرت بفهم حقيقته
التي تتمثل في حضور الشعور ودوامه .لكن سارتر يقابل بين وجود الشئ الفعلي وبين ماهيته ويتساءل أيهما اسبق من األخر ؟ هل
يوجد الشئ ثم تتحدد ماهيته ؟ أم أن ما هيته وصفاته اسبق من وجوده ؟
يرى سارتر أن األشياء الجامدة و المصنوعة تكون ماهيتها اسبق من وجودها ،إذن الماهية اسبق من الوجود هنا ،لكن اإلنسان هو
الكائن الوحيد الذي سبق وجوده ماهيته ،واإلنسان بعد وجوده يصنع نفسه ويقرر ماذا يكون ،يقول سارتر نقال عن كتاب الوجودية
مذهب إنساني " :واآلن ماذا نعني عندما نقول الوجود سابق على الماهية ؟ إننا نعني أن اإلنسان يوجد أوال ،ثم يتعرف إلى
نفسه ،ويحتك بالعالم الخارجي فتكون له صفاته و يختار أشياء هي التي تحدده ،فإذا لم يكن لإلنسان في بداية حياته صفات محددة ،
فذلك ألنه قد بدأ من الصفر ،بدأ ولم يكن شيئا ،وهو لن يكون شيئا إال بعد ذلك ولن يكون سوى ما قدره لنفسه .وهكذا ال يكون
لإلنسانية شيء اسمه الطبيعة البشرية ...إن اإلنسان يوجد ثم يريد أن يكون ،ويكون ما يريد أن يكونه بعد القفزة التي يقفزها إلى
الوجود .واإلنسان ليس سوى ما يصنعه هو بنفسه .هذا هو المبدأ األول من مبادئ الوجودية ،وهذا هو ما يسميه الناس ذاتيتها
" مستخدمين هذه الكلمة ليوجهوا بها النقد إلينا لكننا ال نعني بها سوى إن لإلنسان كرامة اكبر مما للحجارة أو المنضدة
ومنه القول بان شيئ موجود يشير إلى واقعة تتسم بالعينية فالقلم على الطاولة موجود بوصفه احد أشياء العالم ولن استطيع أن ألغيه ،
.وقد أغير شكله ،والحديث عن الشكل يجرنا إلى الحديث عن الماهية ،إن الكالم عن وجود الشئ غير الكالم عن ماهيته
إن الماهية تتعلق في حالة القلم بشكله ولونه و وزنه ،والماهية يمكن تناولها على مستوى العقل فتضيف وتحذف ،لكن وجوده يظل
واقعة واحدة وبذلك وجود اإلنسان يسبق ماهيته.ويوضح سارتر هذا األمر بمثال يقول " :لو تناولنا أيا ً من األشياء المصنوعة ،مثالً
هذا الكتاب أو سكينة من السكاكين ،نجد إن السكينة قد صنعها حرفي ،وأن هذا الحرفي قد صاغها طبقا ً لفكرة لديه عن السكاكين،
وطبقا ُ لتجربة سابقة في صنع السكاكين ،وأن هذه التجربة أكسبته معرفة هي جزء ال يتجزأ من الفكرة المسبقة التي لديه عن
السكاكيين ،والتي لديه عن السكينة التي يصنعها .وأن الصانع كان يعرف ألي شئ ستستخدم السكين وأنه صنعها طبقا ً للغاية المرجوة
منها .وأذن فماهية السكين ،مجموعة صفاتها وشكلها وتركيبها والصفات الداخلة في تركيبها وتعريفها ،كلها سبقت وجودها ،وبذلك
يكون لهذا النوع من السكاكين وجوداً معينا ً خاصا ً بها ،وأنه وجود تكنيكي ،بمعنى أن السكين بالنسبة لي هي مجموعة من التركيبات
والفوائد ،ونظرتي لكل األشياء بهذه الطريقة تكون نظرة تكنيكية يسبق فيها اإلنتاج على وجود الشيء وجوداً محققاً ،أي أنه قبل أن
يوجد الشيء البد أن يمر على مراحل عدة في اإلنتاج .ونحن عندما نفكر في هللا كخالق ،نفكر فيه طوال الوقت على أنه صانع
أعظم ،ومهما كان اعتقادنا ،سواء كنا من أشياع (ديكارت) أو من أنصار ( ليبنتز ) فإننا البد أن نؤمن بأن إرادة هللا تولد أساساً ،أو
على األقل تسير جنبا ً إلى جنب مع عملية الخلق ،بمعنى أنه عندما يخلق فهو يعرف تمام المعرفةـ ما يخلقه ،فإذا فكر في خلق
اإلنسان ،فأن فكرة اإلنسان تترسب لدى هللا ،كما تترسب فكرة السكين في عقل الصانع الذي يصنعها ،بحيث يأتي خلقها طبقا ً
).لمواصفات خاصة وشكل معين .وهكذا هللا فأنه يخلق كل فرد طبقا ً لفكرة مسبقة عن هذا الفرد
إن سارتر ال يعترض على أسبقية الماهية عن الوجود في الكائنات الحية والجامدة ،لكنه يرفض ذلك في اإلنسان ،ان الكائنات
األخرى أجسام ،ما هيتها تسبق وجودها أي موجودات في ذاتها ،و الموجود في ذاته عند سارتر يمثل عالم األشياء ،وهذه األشيا ُء
ُطرد من خارجية قابلة للدراسة العلمية تخضع للتجربة ويفهمها العقلُ ،وهي موضوعات ثابتة ،ألنها تستجيب لنظام م َّ
ٌ هي ظواه ُر
قوانين الكون .أما اإلنسان فيمثل حالة خاصة.انه موجود لذاته ،المقصود بالوجود لذاته ،هو الوجود اإلنساني الذي يشعر به كل
واحد منا في عالمه الداخلي ،ويحياه بكل جوارحه .ومن مميزاته أنه ليس وضعا نهائيا وال ساكنا ،وإنما هو تجاو ٌز مستمر لما هو
.عليه كل واحد منا
إن اإلنسان ـ فيما يقول سارتر ":هو قبل ذاته أو بعدها ،ولكنه ليس ذا َته البتة" .انه يأتي إلى هذا العالم غير محدد المعالم
.والهوية .انه يوجد ثم يريد أن يكون مايريد أن يكونه واإلنسان ليس سوى ما يصنعه هو بنفسه
وبالطبع هذا التصور يتصادم مع السائد ولهذا وقعت المواجهة بين الوجوديين والمؤسساتـ الدينية والفكرية ،فتمردوا على الالهوت
واألخالق والسياسة وناضلوا ضد السلطات والشرائع .ويمكن فهم أسباب هذا الصراع من خالل هذا النص لسارتر يقول فيه " : :
نجد فكرة اإلنسان في التاريخ أسبق على حقيقته… أي ان الماهية تسبق الوجود مرة أخرى .لكن الوجودية الملحدة ،التي أنا أمثلها،
تعلن في وضوح وجالء تامين ،إنه إذا لم يكن هللا موجوداً ،فأنه يوجد مخلوق واحد على األقل قد تواجد قبل أن تتحدد معالمهـ وتبيّن.
وهذا المخلوق هو اإلنسان أو أنه كما يسميه هيدجر اإلنساني ،بمعنى أن وجوده كان سابقا ً على ماهيته….أن اإلنسان يوجد ثم يريد
أن يكون ،ويكون ما يريد أن يكونه بعد القفزة التي يقفزها إلى الوجود ،واإلنسان ليس سوى ما يصنعه هو بنفسه " .نقال عن محمد
حسين في كتابه ،الفلسفة الوجودية
إن الوجوديين ال يضيعون وقتا طويال في مناقشة مشكلة المعرفة في صورتها التقليدية ،وال يرجع ذلك كما ظن البعض فيما يبدو
إلى أن الوجوديين جميعا يرفضون النزعة العقلية وأنهم ذوي اتجاهات عاطفية تهتم بالوجدان واالندفاع ،ومن ثم ال تبالي بالمعرفة
.أو الفهم الدقيق أو الحقيقة
فلم يكن الوجوديون قط على هذا النحو من اإلهمال ونفاذ الصبر بالنسبة للمشكلة االبستمولوجية بل إن نفاذ صبرهم يرجع إلى
اقتناعهم بان الطريقة المألوفة في تناول مشكلة المعرفة هي طريقة خاطئة تثير مشكلة مزيفة.ويكمن الخطأ في أن يبدأ المرء بكيانين
.يفترض أنهما منفصالن تماما ،ثم يقوم بمحاولة الجمع بينهما
إن أول خطوة خطاها ديكارت في استدالله ،قد ُن ظر إليها عادة على أنها أقوى الحجج في الفلسفة ،و هي قوله " :انا أفكر إذن أنا
موجود " فارتيابي وشكي العميق هو نفسه ضرب من التفكير يبرهن على وجودي .غير أن الفيلسوف الوجودي ينتقد هذه الحجة
.الكالسيكية ويصفها بأنها مجردة ،فانا أوال وقبل كل شيء موجود ،والوجود هو شيء أوسع بكثير من التفكير و اسبق منه
فيميل الفيلسوف الوجودي إذن إلى قلب هذه الحجة رأسا على عقب بحيث يقول :أنا موجود إذن أنا مفكر .ولم يكن كيركجارد
يستطيع أن يتصور حقيقة تظل خارجة عنه ،حقيقة ال تكون إال مشاهدة لروحه .من كتاب ـ الوجودية ـ تأليف جون ماكوري ـ سلسلة
عالم المعرفة
أهم مسائل الوجودية
الحرية
ً
عامة ،إنها تعتبر الوجود اإلنساني إن الحرية تعتبر من أهم القضايا التي تبحثها الفلسفة الوجودية ،وتهتم بها .وهي عند الوجوديين
نفسه .وهي ضرورة ،لكي يحقق اإلنسان وجوده .وهي من أهم المرتكزات عند سارتر ،فهو يرى إن اإلنسان حر ،واإلنسان بما هو
إنسان ال طبيعة له ،وليست له ماهية محددة ،بل أن ماهية هي الحرية نفسها .فالموجود الحر فقط هو الذي يختار .وبدون هذه
الحرية ينعدم معنى االختيار .ان الحرية عند سارتر ليست صفة مضافةـ أو خاصية من خصائص طبيعة اإلنسان ،إنها تماما ً
نسيج وجوده ( .اإلنسان = الحرية )
ـ القلق 2
وهو نتيجة حتمية لحرية اإلنسان الذي يكون بصدد صنع نفسه بنفسه وفي هذه الحالة تكون أمامه اختيارات عديدة وهو المسؤول عن
.اختياره ونتائج هذا االختيار فيكون هذا باعث على القلق و حتى الغثيان
خاتمة
ربما حكمت األجيال القادمة بأن أعظم إسهاماتـ الفلسفة الوجودية تألقا ً وأكثرها دواما ً إنما يوجد في دراستها لموضوع آخر ال يزال
يتكرر وجوده في كتابات أصحابها وهو الحياة العاطفية لإلنسان ،وهو موضوع أهمله الفالسفة ،وأسلموه إلى علم النفس فكلما
سيطرت على الفلسفة األنماط الضيقة من العقالنية .اعتبرت العواطف المتقلبة ،واألمزجة والمشاعر التي تظهر في الذهن البشري،
شيئا ً ال يناسب مهام الفيلسوف ،بل حتى بدت عقبة في طريق المثل األعلى للمعرفة الموضوعية .غير أن الوجوديين يذهبون إلى أن
هذه هي بعينها الموضوعات التي تجعلنا نندمج بكياننا كله في العالم وتتيح لنا أن نتعلم عنه أشياء يتعذر علينا تعلمها عن طريق
المالحظة الموضوعية وحدها ،ولقد زودنا الوجوديون من كيركجارد إلى هيدجر وسارتر .بتحليالت مشوقة لحاالت وجدانية كالقلق،
والملل ،والغثيان ،وحاولوا أن يبينوا إن مثل هذه الحاالت لها مغزى فلسفي
.............................................................
:محاولة حل المشكلة
الموقف األول " :المعرفة معيارها عملي نفعي " يرى انصار هذا الموقف ان أفعال اإلنسان ال تكون خيرا أو شرا إال إذا حققت أو
توقع من ورائها نفعا ،فإن أدت إلى ضرر أو عطلت نفعا كانت شرا .هذا هو رأي مذهب المنفعة في األخالق .فالبراغماتية فلسفة
عملية لها جذور ترجع إلى الفلسفة اليونانية بدأت مع ارستيب القورينائي أي الى نحو ( 355 / 435ق م ) حيث مصدر القيم
األخالقية يكون بوحي من اللذة واأللم فاللذة هي الخير األعظم يرى الفيلسوف اليوناني ابيقور بان اللذة هي الخير االسمي ،لكن
دون اإلفراط في اللذات ،بمعنى ان نتبع اللذة التي ال يعقبها الم ،بل ويطلب األلم إذا كان يحقق له لذة أعظم منه .وقد نحتها أصحابها
من الكلمة اليونانية التي تعني العمل النافع أو المزاولة المجدية ،ويصبح المقصود منها هو المذهب العملي أو المذهب النفعي .ثم
عادت إلى الظهور منبثقة من الروح المادية للقرن العشرين ومرتبطة بتطور مناهج البحث العلمية واالتجاهات الواقعية المعاصرة
مع الفيلسوف اإلنجليزي جيرمي بنتام .لكن المؤسس الحقيقي للبراغماتية هو الفيلسوف األمريكي بيرس الذي ،يرى أن كل فكرة ال بد
أن تكون تمهيدا لعمل ما ثم جاء بعده "وليام جيمس " ليقيم بناء المذهب ويؤكد أن العمل والمنفعة هما مقياس صحة الفكرة ودليل
صدقها،ـ وظهر بعد ذلك " جون ديوي " ليتم بناء المذهب و يقرر أن العقل هو أداة العمل ووسيلة المنفعة .باإلضافة الى بيرس
تشارلز (سانتياغو )ساندرس وفي نفس االتجاه يرفض وليام جيمس مناقشة القضايا الميتافزيقية مثل :هل العالم واحد أم كثير ؟
وهل هو مادي أم روحي ؟ وهل اإلنسان حر أم مقيد ؟ وغير ذلك من القضايا الغيبية المشابهةـ التي ال تؤدي إلى نتائج نافعة ،لذلك
فهي ليست صحيحة ،وهكذا انتهى وليام جيمس إلى تأكيد أن الحقيقة هي كل ما يقودنا إلى النجاح في الحياة يكون الفعل خير إذا
كانت نتيجة لذة أو منفعة ويمكن التعرف على درجة خيرية األفعال عن طريق ما يعرف بحساب اللذات الذي وضعه بنتام وهو
مجموعة من المقاييس و هي :الشدة ،المدة ،اليقين ،القرب ،االمتداد ،الخصب والنقاء .هذه المقاييس وان كانت تخص األفراد
فإنها في نظر بنتام ال تلغي تماما المنفعة العامة ،حتى لو كان أساسها المنفعة الشخصية ،ألن اللذة قيمتها في االمتداد يقول " :إن
الفضيلة االجتماعية وقوامها أن يخدم اإلنسان مصلحة غيره ما هي إال تضحية المرء بلذته الخاصة ابتغاء الحصول على قدر من
اللذة أعظم " إن بنتام غير مبدأ اللذة بمبدأ المنفعة فقط ،وهو األمر الذي عارضه الفيلسوف اإلنجليزي جون ستوارت مل ،فأساسـ
القيمة األخالقية عنده ليس هو اللذة .إن اللذة عنده تثير االشمئزاز ،وإذا كان بنتام يجعل من المنفعة الخاصة هي أساس المنفعة ،
.فاألمر على نقيض ذلك عند مل ،فالمنفعة ينبغي أن تشمل اكبر عدد من الناس
:النقد والمناقشة
قد يكون من مزايا البراغماتية نظرتها الواقعية الن الفلسفة هي موقف من اجل العمل وليست أفكارا اكاديمية ،لكن إذا أخذنا المنفعة
سواء كانت بمعنى اللذة الجسمية أو اللذة العقلية أو كانت بمعنى خاص بأفراد أو منفعة عامة ،ففي كل هذه الحاالت نكون قد اهملنا
العقل ومن الصعوبة أيضا أن يتفق جميع الناس على منفعة معينة ،ألنه أيّ منفعة قد تضر باآلخرين .باإلضافة إلى اختالف
المجتمعاتـ فيما هو نافع ،وان اتفقوا فال يتجاوز اتفاقهم وجود الخير العام ،ولكن أي خير وما المقصود به ؟ وكيف يمكن تقييمه ؟
.ام البراغماتية انعكاس للفلسفة االمريكية تقوم بتمجيد الفرد وتغليب مصلحته الشخصية
الموقف الثاني " :ان المعرفة أساسهاـ التفكير العميق "إن الوجوديين ال يضيعون وقتا طويال في مناقشةـ مشكلة المعرفة في
صورتها التقليدية ،وال يرجع ذلك كما ظن البعض فيما يبدو إلى أن الوجوديين جميعا يرفضون النزعة العقلية وأنهم ذوي اتجاهات
عاطفية تهتم بالوجدان واالندفاع ،ومن ثم ال تبالي بالمعرفة أو الفهم الدقيق أو الحقيقة .فلم يكن الوجوديون قط على هذا النحو من
اإلهمال ونفاذ الصبر بالنسبة للمشكلة االبستمولوجية بل إن نفاذ صبرهم يرجع إلى اقتناعهم بان الطريقة المألوفة في تناول مشكلة
المعرفة هي طريقة خاطئة تثير مشكلة مزيفة .ويكمن الخطأ في أن يبدأ المرء بكيانين يفترض أنهما منفصالن تماما ،ثم يقوم
بمحاولة الجمع بينهما .إن أول خطوة خطاها ديكارت في استدالله ،قد ننظر إليها عادة على أنها أقوى الحجج في الفلسفة ،و هي قوله
" :انا أفكر إذن أنا موجود " فارتيابي وشكي العميق هو نفسه ضرب من التفكير يبرهن على وجودي .غير أن الفيلسوف الوجودي
ينتقد هذه الحجة الكالسيكية ويصفها بأنها مجردة ،فانا أوال وقبل كل شيء موجود ،والوجود هو شيء أوسع بكثير من التفكير و
.اسبق منه
فيميل الفيلسوف الوجودي إذن إلى قلب هذه الحجة رأسا على عقب بحيث يقول " :أنا موجود إذن أنا مفكر " .ولم يكن كيركجارد
يستطيع أن يتصور حقيقة تظل خارجة عنه ،حقيقة ال تكون إال مشاهدة لروحه .من كتاب ـ الوجودية ـ تأليف جون ماكوري ـ سلسلة
ً
عامة إنها تعتبر عالم المعرفة كما ان الحرية تعتبر من أهم القضايا التي تبحثها الفلسفة الوجودية ،وتهتم بها .وهي عند الوجوديين
الوجود اإلنساني نفسه .وهي ضرورة ،لكي يحقق اإلنسان وجوده .وهي من أهم المرتكزات عند سارتر ،فهو يرى ان اإلنسان حر،
واإلنسان بما هو إنسان ال طبيعة له ،وليست له ماهية محددة ،بل أن ماهيته هي الحرية نفسها .فالموجود الحر فقط هو الذي يختار.
وبدون هذه الحرية ينعدم معنى االختيار .ان الحرية عند سارتر ليست صفة مضافة أو خاصية من خصائص طبيعة اإلنسان ،إنها
.تماما ً نسيج وجوده( .اإلنسان = الحرية )
النقد والمناقشة :لكن اال يمكن ان نالحظ بان هذه الفلسفة تمتاز بالفردانية؟ ما يعاب على الفلسفة الوجودية انها فلسفة متطرفة تجعل
االنسان منغلقا على ذاته ،وبالتالي فهي ترفض معنى اإلنسانية باعتبار انها تنظر الى جل الحقائق نظرة فردية تنطلق من ذات
االنسان ،وبهذا ا ُت همت بانها فلسفة تشاؤمية انهزامية تتشدد في القول بعدم وجود ماهية لإلنسان سابقة على وجوده .كما انها تنظر
.الى االنسان نظرة جبرية ،بحيث ان االنسان مقذوف في هذا الوجود رغما عنه
التركيب :وعموما نخلص الى القول :بانه يجب االخذ بالفلسفتين معا النهما وضعا خدمة لمقاصد معينة اذ يجب االخذ بالفلسفة
العملية بغية استثمارها في الحياة اليومية ،كما يمكن االخذ بالفلسفة التي ترجع االنسان الى باطنه وتستوقفه على اعماقه ليعيش كل
ما يخالجه من حاالت نفسية ليختبر مدى تمكنه من اثبات ذاته وحريته ،والراي الصحيح هو ان االنسان ليس هذا او ذاك فقد يأخذهما
.معا من اجل التوفيق بينهما مع الحفاظ على رسوم كل واحدة منهما كما فعل مفكروا اإلسالم وخاصة ابن رشد
حل المشكلة :الخاتمة :وفي األخير وختاما لهذا المقال يمكن ان نقول ان االختالف بين المذاهب مهما تكن اشكاله ،ال يعني
بالضرورة عدم اتفاقها وعدم تقرب بعضها الى بعض .فهو لم يعد في مفهومه حاجز يمنع تقدير التوجهات التي اختارها أصحابها ،
ومن هذا نستنتج ان المعرفة مصدرها العمل النافع وتأمل العالم الداخلي لإلنسان في نفس الوقت الن هناك تكامل بين المذهبين
.السابقين البراغماتي والوجودي
.....................................................................................
تركيب :تجاوزا للخالف السابق يمكننا ان نتبنى موقف المذهب النقدي الذي ارسى دعائمه كانط.حيث يرى في مجال المعرفة ،بان
االنسان يستطيع ادراك ومعرفة عالم الظواهر الذي يخضع للزمان والكمان عن طريق وسيلتين هما :التجربة الحسية والعقل
فالتجربة الحسية تمنح االنسان معلومات غير مرتبة منفصلة ولتنظيمها ال بد من قوانين عقلية وهذه القوانين تعرف بالمقوالت القبلية
والتي توجد في عقل االنسان بصورة فطرية والراي الصحيح هو الذي يرى بان العقل يقوم بدور التأليف ومعرفة تركيب األشياء
.التي نكونها من عالم الحس
:محاولة حل المشكلة
الموقف األول :يرى الفالسفة العقالنيون وخاصة ديكارت بان العقل هوالمصدر األول لتحصيل المعرفة اإلنسانية وليس التجربة ،
.الن جميع المعارف تنشا عن المبادئ العقلية القبلية والضرورية الموجودة فيه ،وبالتالي فان معارف االنسان عقلية
البرهنة :الن المعرفةـ ترتد الى ما يميز االنسان وهو العقل ال الحواس الن العقل ملكة ذهنية يستطيع االنسان بواسطتها ادراك
المعرفة وإصدار االحكام ،ايانه مصدر جميع أفكاره ،وهو قوة فطرية لدى جميع الناس يقول ديكارت " :العقل هو اعدل األشياء
توزيعا بين الناس ،اذ يعتقد كل فرد انه اوتي منه الكفاية.....يتساوى بين الناس بالفطرة " .اما الحواس فموضوعها عالم األشياء
ومعطياتها نسبية ،وبفضل العقل يكتشف خداع الحواس في قوله ":كل ما تلقيته حتى االن على انه اصدق األشياء واوثقها ،قد
تعلمته من الحواس غير اني اختبرت أحيانا هذه الحواس فوجدتها خادعة."...هذا ويضيف العقالنيون بان المعرفة العقلية التي
يتوصل اليها العقل تعتبر حقائق كلية وصادقة فهي شاملة ألنه يمكن تعميمهاـ على كل العقول البشرية في كل مكان وزمان ،وهي
قضايا صادقة صدقا ضروريا ،ال يتطرق اليه الشك وبالتالي فهي من األولويات العقلية البديهية.كما نجد اليقين في الرياضيات
والمنطق النهما يعتمدان على المنهج االستنتاجي العقلي مثال ذلك :الكل اكبر من جزئه .هذا الحكم صادق دائما وهو ما أكده
....".ديكارت " ال اقبل شيء على انه حق ما لم يتحقق بالبداهة انه كذلك
لهذا الحقيقة عند العقالنيين معيارها عقلي هذا وقد اكد الديكارتيون من أمثال سبينوزا ما لنبرانش ،ليبنتز بان العقل يحتضن جميع
الحقائق المحدوسة التي تعتبر موضوع المعرفة الن هذه األخيرة يتوصل اليها االنسان عن طريق الحدس ومن غير مقدماتـ ،
والحدس نور فطري يمكن العقل من ادراك فكرة ما دفعة واحدة ،فهو ادراك مباشر غير مسبوق بمبادئ وال يقوم على اختبار
.تجريبي ألنه عمل عقلي محض
النقد والمناقشةـ :لكن ما يعاب على انصار هذا المذهب انهم يعتقدون ان المعرفةـ التي نتوصل اليها عن طريق العقل يقينية بالرغم
من ان التاريخ يؤكد بانها نسبية وليست مطلقة بدليل تطور علم الرياضيات كمفاهيم عبر العصور التاريخية وهذا ما يؤكد نسبية
المعيار العقلي .كما ان هؤالء قد بالغوا في تفسيرهم للمعرفة النهم ركزوا على العقل كمصدر للحقائق التي يتوصل اليها االنسان
.واهملوا دور الحواس او التجربة وهذا ما يؤكد بان هناك معايير أخرى للمعرفة
الموقف الثاني :يرى الفالسفة التجريبيون وخاصة جون لوك ،دافيد هيوم بان التجربة هي المصدر الجوهري لكل أنواع المعرفة
وبالتالي فهي بعدية وليست قبلية ،وقد اعتمدوا على عدة براهين منها :رفض التسليم باألفكار الفطرية ،والمبادئ العقلية البديهية
ألنه لو كانت هذه األفكار موجودة لتساوى جميع الناس في العلم باعتبار كل واحد منهم يحمل طابعا فطريا من األفكار يقول لوك ":
ان األبيض ليس هو األسود ،واللذة ليست هي األلم ،فال يعقل القول باننا نسلم بهذه القضايا الملموسة والجزئية ألننا نسلم بقضايا
أخرى مجردة وعامة هي بمثابة المبدأ بالنسبة الى القضايا األولى " .كما يؤكد هؤالء بان العلم في كل صوره يرتد الى التجربة يقول
لوك ":ليس في العقل شيء اال وقد سبق وجوده في الحس أوال " .الن االنسان يكون قبل التجربة عبارة عن صفحة بيضاء ،فهو ال
يعرف شيئا ويبدا في اكتشاف العالم الخارجي عن طريق الحواس مثال من فقد حاسة فقد العلم المتعلق .بها فالبرتقالة يصل الينا لونها
عن طريق البصر ورائحتها عن طريق الشم وطعمها عن طريق الذوق وحجمها عن طريق اللمس .كما ان دايفد هيوم يميز بين
األفكار البسيطة واألفكار المركبة ،فالمركبة هي التي ينتجها العقل البشري ،اما البسيطة هي التي يكونها عن طريق التجربة.
وبالتالي فاصل األفكار حسي يقول هيوم ":ال شيء من األفكار يستطيع ان يحقق لنفسه ظهورا في العقل ما لم يكن قد سبقته ومهدت
".له الطريق انطباعات مقابلة له
النقد و المناقشة :لو سلمنا بأن المعرفةـ حسية لكان للحيوان معرفةـ بإعتباره يملك حواس تفوق اإلنسان ،وهذا ما يتعذر بطبعه.
فالمعرفةـ التنتجها الحواس ألن الحواس تخدعنا فرؤية الشمس تبدو أصغر من األرض هذا إذا ما نظرنا إليها بالعين المجردة لكنها
.في الواقع أكبر بكثير
تركيب :تجاوزا للخالف السابق يمكننا ان نتبنى موقف المذهب النقدي الذي ارسى دعائمه كانط.حيث يرى في مجال المعرفة ،ب