You are on page 1of 9

‫درس المذاهب الفلسفية مع مقالتهم للشعب التقنية‬

‫درس المذهب العقالني والمذهب التجريبي‬

‫المذهب العقالني‬
‫ما مصدر المعارف التي يحملها اإلنسان؟ هل مصدرها العقل أم التجربة؟ هل يمكن للعقل أن يستغني عن التجربة؟ وهل للتجربة أن‬
‫‪:‬تستغني عن العقل؟ لنتأمل فيما يلي‬

‫ـ قد يشك أحدهم في أن ‪1 10 = 2 + 3 + 5‬‬

‫ـ لكن يمكن توضيح األمر بان نقول له ‪10 = 5 + 5‬‬

‫‪.‬ـ ولكنه قد ال يطمئن إلى تساوي الطرفين‬

‫ـ وهنا ينبغي أن نقول له ‪ ، 10 = 10‬فهل يمكنه مواصلة طرح األسئلة‬

‫‪.‬ـ ال يمكنه ألنه أمام احد مبادئ العقل ونعني به مبدأ الهوية‬

‫ـ المساويان لثالث متساويان‪ .‬هل يمكن الشك في هذه الحقيقة؟ ‪2‬‬

‫ـ هل أخذت من التجربة ؟‬

‫ـ تنقل لك العين النجوم على أساس أنها صغيرة ‪ ،‬فهل هي كذلك ؟ ‪3‬‬

‫كيف عرفت أنها كبيرة ؟‬

‫‪.‬إن االطمئنان إلى النتيجة في األمثلة السابقة مصدره اعتمادنا على العقل وليس الحواس هذا ما أكد عليه أنصار المذهب العقلي‬

‫مبادئ المذهب العقلي‬


‫العقالنية تيار له تاريخ طويل‪ ،‬وهي موقف لقطاع كبير من المفكرين‪ ،‬وقد بدأت كتيار فلسفي في الفلسفة اليونانية‪ ،‬مع سقراط‪،‬‬
‫وأفالطون‪ .‬وحاول بعض الفالسفة المسلمين من جهتهم توظيف العقل للتعبير عن العقائد واألفكار اإلسالمية والدفاع عنها ‪ ،‬ومن‬
‫هؤالء نذكر الكندي والفارابي وابن سينا ‪ ،‬وفرقة المعتزلة‬
‫وفي العصر الوسيط األوربي كانت العقالنية تتحرك داخل الدين ‪ ،‬وصار العقل خادما لالهوت المسيحي ‪ ،‬مثلما هو الحال عند‬
‫‪.‬أوغسطين (‪ 430-354‬م) الذي وظف الفكر الفلسفي في تبرير العقائد المسيحية‪ ،‬والدفاع عنها ضد الشبهات واالنتقادات‬

‫وفي مطلع العصر الحديث‪ ،‬جاء ديكارت الذي يعده الكثيرون أبا للعقالنية الحديثة‪ ،‬ألنه انطلق من الفكر العقالني الخالص كمقدمة‬
‫‪.‬أولى استنبط منها الحقائق اليقينية ‪ ،‬وسار على دربه ليبنتز وسبينوزا‬

‫والعقالنية مذهب فكري يزعم أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق االستدالل العقلي بدون االستناد إلى‬
‫الوحي اإللهي أو التجربة البشرية القائمة على الحواس‪ .‬ويخضع كل شيء في الوجود للعقل إلثباته أو نفيه أو تحديد خصائصه‪.‬‬
‫ويحاول هذا المذهب إثبات وجود األفكار في عقل اإلنسان قبل أن يستمدها من التجربة العملية الحياتية‪ .‬ويرفض اإليمان بالمعجزات‬
‫أو خوارق العادات‪ .‬والعقائد الدينية عند أصحاب هذا المذهب ‪ ،‬ينبغي أن تختبر بمعيار العقل الذي يقوم بتنظم معطيات الحواس‬
‫‪.‬فنتمكن من إدراكها‬

‫الدفاع عن المذهب العقلي‬


‫ذلك الن قوانين العقل في نظر العقليين مطابقة لقوانين األشياء الخارجية ومتطابقة أيضا ـ أو هكذا يجب ـ مع العقائد اإليمانية ‪،‬‬
‫وبالتالي العقل عندهم شرط ضروري لمعرفة الحقائق الدينية‪ .‬وينبغي اإلعراض عن العقائد اإليمانية التي ال يؤيدها العقل‪ .‬ويرى‬
‫أنصار هذا لمذهب أن المعرفة اليقينية ال بد أن تكون كلية بحيث تشمل القضية التي يصل إليها العقل جميع الحاالت الجزئية‪ ،‬والبد‬
‫أن تكون ضرورية بحيث تلزم النتائج عن المقدمات لزوما ً ضرور ًّي ا‪ .‬وصفتي الكلية والضرورة ال يمكن أن تستنتجا من التجربة‬
‫‪.‬فقط‪ ،‬وأن عموميتها تستنتج من العقل نفسه ‪ ،‬فهي تصورات موجودة فيه في صورة استعدادات قبلية للعقل تقوم التجربة بتنبيهها‬

‫ويستند هؤالء في دفاعهم على مذهبهم على كون العقل هو ميزة اإلنسان الحقيقية وليست الحواس ‪ ،‬وهو قوة فطرية في اإلنسان وهذا‬
‫يسمح باتفاق الناس حول الحقائق التي تصدر عنها‪ .‬ما داموا مشتركين فيه‪ .‬كما انه ال يمكن االعتماد على الحواس ألنها كثيرا ما‬
‫توقعنا في الخطأ وتقدم لنا معطيات مشتتة ‪ ،‬والعقل ينظمها ويجمع شتاتها ‪ ،‬وهذه غاية البحث العلمي‪ .‬لهذا احتل العقل هذه المكانة‬
‫‪.‬عند الفالسفة‬

‫مناقشةـ المذهب العقلي‬


‫لعل أبرز نقد يمكن تقديمه هو أن العقالنية كتيار في نظرية المعرفة لم تنتبه إلى أهمية التجربة في تكوين المعرفة ‪ ،‬وقد بالغت في‬
‫البحث عن اليقين خارج التجربة ‪ ،‬وأغلب العقالنيين‪ ،‬السيما غير المعاصرين‪ ،‬نظروا إلى العقل باعتباره كيانا نهائيا ثابتا ومغلقا‪.‬وال‬
‫شك أن انغالق العقل على ذاته يؤدي إلى الوقوع في األوهام ‪ ،‬إذ ال بد من مصادر أخرى للمعرفة مثل الواقع‪ ،‬والطبيعة والوحي‬
‫‪.‬والعلم التجريبي‬

‫المذهب التجريبي‬
‫هل تستطيع التجربة أن تنشئ في العقل المعاني والتصورات ؟ وهل لها القدرة على خلع صفة الصدق على ما تبدعه من معرفة ؟‬
‫وهل العلم في كل صوره يرتد إلى التجربة ؟‬

‫‪.‬مبادئ المذهب التجريبي‬

‫التجريبية هي القول بان العالم المادي له وجود مستقل عن اإلنسان وأفكاره ‪ ،‬وأنه موجود خارج اإلنسان سواء أدركناه أو لم ندركه‬
‫بل موجود بغض النظر عن وجود اإلنسان‪ .‬وان كل معرفة تنشأ عن الخبرة الحسية التي تنقلها الحواس‪ .‬فيرى هذا المذهب أن مظهر‬
‫الشيء هو حقيقته‪ ،‬وأن ما نعرفه عن األشياء هو تجسيد حقيقي لخصائصها الواقعية وبالتالي ‪ ،‬هناك تطابق بين التصورات العقلية‬
‫‪ :‬واألشياء‪ .‬ويقوم المذهب التجريبي على هذه المبادئ‬

‫‪.‬ـ اإلنسان يأتي إلى الوجود صفحة بيضاء فال وجود لمبادئ عقلية فطرية‬

‫‪.‬ـ إننا نعرف الملموس قبل المجرد‬

‫‪.‬ـ مصدر المعرفةـ هو التجربة‬

‫يقول سبنسر إن ذلك ـ أي وجود أفكار فطرية ـ قد يكون صحيحا في الفرد ولكنه خطا بالنسبة للجنس كله أعني أن اإلنسان كجنس قد‬
‫أستمد هذه الصور الذهنية من العالم الخارجي ثم ورثها ألفراده‪ .‬وهنالك من يقول أن هذه الصور الذهنية اسطوانة فكرية أو عادات‬
‫كونتها تدريجيا اإلحساساتـ ثم المدركات الحسية فأصبح لإلنسان بعد تكوينها القدرة على اإلدراك الحسي والعقلي‪ ،‬ويقول هذا‬
‫الفريق من المفكرين أن الذاكرة ( أي الصور الحسية المحفوظة في الذهن والتي جاءتـ من الخارج على مر األيام ) هي التي تفسر‬
‫اإلحساسات التي تأتينا عن طريق الحواس المختلفة ‪ ،‬وهي التي تنظمها وتبوبها وتحولها إلى مدركات حسية ثم تحول هذه المدركات‬
‫‪.‬الحسية إلى أفكار فالذاكرة هي التي تضمن ما للعقل من وحدة وتماسك‬

‫الدفاع عن المذهب التجريبي‬


‫والقول بان المبادئ العقلية فطرية يستلزم فطرية األلفاظ المعبرة عنها ‪ ،‬فإن قلت النقيضان ال يجتمعان ‪ ،‬ال معنى لهذا الحكم إن لم‬
‫نكن نملك فكرة فطرية عن كلمة النقيض ويجتمعان‪ .‬و لو كانت مبادئ العقل فطرية لتساوى الناس في معارفهمـ مثل تساويهم في‬
‫الجوع والتنفس‪ .‬ثم انه من فقد حاسة معينة فقد نوعا من المعرفة كما قال أرسطو من قبل ‪ ،‬كما أن طريق تعليم األطفال تؤيد‬
‫المذهب التجريبي ‪ ،‬ألنها تعتمد على األمثلة الحسية كما في تعلم الحساب والهندسة‪ .‬لهذا قال دفيد هيوم ‪ ":‬ال شيء من األفكار‬
‫يستطيع أن يحقق لنفسه ظهورا في العقل ما لم يكن قد سبقته ومهدت له الطريق انطباعات مقابلة له "ومن ابرز ممثلي المذهب‬
‫‪.‬التجريبي باإلضافة الى هيوم نذكر فرنسيس بيكون و جون لوك‬

‫مناقشة المذهب التجريبي‬


‫ما يميز اإلنسان عن الحيوان هو العقل ولو كانت الحواس هي مصدر المعرفة لتمكن الحيوان من اكتساب المعارف التي نجدها عند‬
‫‪.‬اإلنسان‪ .‬كما أن الحواس تخطئ إنها تنقل لنا األشياء مخالفة لحقيقتها‬

‫الفلسفة النقدية‬
‫مشكلة التعارض بين العقليين والتجريبيين أصابت الفلسفة في الصميم ‪ ،‬ولوال ايمانويل كانط لتقوضت أركان الفلسفة وانهارت كما‬
‫يقول ول ديورانت في كتابه قصة الفلسفة ‪ ،‬فماذا يفعل كانط إزاء هذه المتناقضات ؟‬
‫تعود النزعة النقدية في الفلسفة إلى "سقراط" الذي وضع منهجا يتيح التمييز بين الحقيقة والباطل‪ ،‬فمهد الطريق للمعرفة الحقة‬
‫بالقضاء على الفكرة الباطلة‪ ،‬ولذا قال‪" :‬إن النقد أساس المعرفة"‪ .‬أما الفلسفة النقدية في القرن الثامن عشر فتعد نتيجة للنزاع الطويل‬
‫بين العقليين من جهة وعلى رأسهم ديكارت ‪ ،‬والتجريبيين وعلى رأسهم بيكون من جهة أخرى‪ .‬ويمثل فكر كانط جهد الذهن البشري‬
‫للتوفيق بين هذين التيارين المتعارضين في الفلسفة‪ ،‬الذي حاول إزالة الخالف بين النزعتين بتحديد دائرة لكل من العقل والتجربة ‪،‬‬
‫‪.‬سواء في المجال المعرفي أو المجال األخالقي ‪ ،‬وكل ضروب المعرفة‬

‫ميزت الفلسفة النقدية تمييزا دقيقا بين الظواهر العقلية السابقة على كل تجربة ‪ ،‬والظواهر التي تكتسب بالتجربة‪ .‬وبناءا على هذا‬
‫التمييز‪ ،‬اعتبرت المبادئ العقلية السابقة على كل تجربة تدل على المبادئ األولية أو الصور التي يضعها العقل ليشكل بها التجربة ‪،‬‬
‫وليست كما أشار ديكارت تدل على طبائع بسيطة أو حقائق فطرية بديهية‪ .‬فوجب الوصل بين العقل النظري والعقل العملي ‪ ،‬كما هو‬
‫‪.‬عند ايمانويل كانط ( ‪ 1724‬ـ ‪ )1804‬فالمعرفة ليست عقلية خالصة وليست تجريبية خالصة بل مزيج منها‬

‫وهي ‪ APRIORI‬إن إدراك العالم الحسي يقتضي القول بمبادئ ال تستطيع التجربة أن تزودنا بها‪ ،‬ألنها أولية سابقة على كل تجربة‬
‫في نفس الوقت شرط في إدراك عالم التجربة‪ .‬فالتجربة لوحدها ال تستطيع أن تزودنا بعلم حقيقي ‪ ،‬بل هناك معان أو مقوالت تطبق‬
‫على الظواهر فتجعل منها معارف ‪ ،‬وهنا يبرز دور العقل حيث يسيطر على الطبيعة عن طريق ما يضفيه عليها من صور وقوالب‬
‫‪.‬فيلفها بحيث ال يستطيع أي جزء من التجربة الخروج عن هذه القوالب‬

‫فإذا كان العقل يجيز الحكم بعدم شروق شمس الغد كما يقول هيوم فإنه ال يسمح بالقول أن ‪ 2+ 3‬ال تساوي ‪ 5‬فهذه حقيقة مطلقة ‪،‬‬
‫في غنى تام عن التجربة ولكن كيف حصلنا عليها إن لم نأخذها بالحواس من التجربة ؟ وهنا وصل كانط إلى القول بأنها مستمدة من‬
‫تركيبة العقل الفطرية التي تحتوي على مقوالت أو األصول المنطقية للمعرفة ‪ ،‬وخاصة مقولتي المكان والزمان وهما فكرتان قبليتان‬
‫‪ ،‬ال يمكن فهم ما تنقله لنا الحواس إال إذا أخذت في إطار المكان (جهة معينة ) أو الزمان ( قبل ‪ ،‬بعد‪ )....‬فوصل من خالل تحليله‬
‫هذا إلى ما يسمى باألصول المنطقية للمعرفة أو ما يعرف بالمقوالت انه يقر بوجود األشياء في العالم الخارجي ووجودها مستقل عن‬
‫الذات إال أن معرفتنا لألشياء الخارجية تستوجب تدخل العقل بمقوالته التي فطر عليها‪ .‬فيكون للمعرفة جانبين ‪ ،‬ألن الخبرة الحسية‬
‫التي نحصل عليها تكون ليست لها معنى إال إذا أخذناها على شكل مقولة فتكون المعرفة بهذا الشكل حسية وعقلية في نفس‬
‫الوقت‪.‬وهذا ما عبر عنه بقوله ‪ ":‬المفاهيم بدون حدوس حسية تظل جوفاء والحدوس الحسية بدون مفاهيم تبقى عمياء" فرفض مثالية‬
‫‪.‬أفالطون وباركلي ورفض واقعية توماس ريد ‪ ،‬فوضع حدود للحواس كما وضع حدود للعقل‬

‫مناقشةـ الفلسفة النقدية‬


‫ما يؤخذ على كانط هو الربط بين المقوالت ومعطيات الحس بحيث عندما ندرك األول ندرك الثاني والمقوالت إذا اعوزتها المعطيات‬
‫الحسية بقيت جوفاء والمعطيات الحسية إذ فقدت المقوالت بقيت عمياء وهنا نتساءل عن الهدف من القول بوجود أفكار فطرية مفارقة‬
‫لألشياء وهما على هذا االرتباط‪ .‬إن اإلنسان عند كانط ال يعلم عن العالم الخارجي إال ما يأتيه عن طريق الحواس ‪ ،‬وأن العقل ليس‬
‫‪.‬مجرد صفحة بيضاء عاجز عن العمل وضحية للحواس ‪ ،‬لكنه وكيل إيجابي يقوم باختيار وإعادة بناء التجربة عندما تصل إليه‬

‫خاتمة حل المشكلة‬
‫ينبغي النظر إلى المذهب الفلسفي في السياق الذي وضع فيه ومن تم تجد أن كال المذهبين لم يجانب الصواب ‪ ،‬ولكن يمكن تجاوزهما‬
‫‪.‬إلى التركيب بينهما كما رأينا ذلك في الفلسفة النقدية والتي بدورها ال يمكنها ادعاء الكمال فيما وصلت إليه‬

‫‪...........................................‬‬

‫المذهب البراغمــــــــــــــــــــــــاتي‬
‫البراغماتية‬
‫إن أفعال اإلنسان ال تكون خيرا أو شرا إال إذا حققت أو توقع من ورائها نفعا ‪ ،‬فإن أدت إلى ضرر أو عطلت نفعا كانت شرا‪ .‬هذا‬
‫هو رأي مذهب المنفعة في األخالق‪ .‬فالبراغماتية فلسفة علمية لها جذور ترجع إلى الفلسفة اليونانية عند ارستيب القورينائي نحو (‬
‫‪ 355 / 435.‬ق م ) فالفرد هو مصدر القيم األخالقية بوحي من اللذة واأللم فاللذة هي الخير األعظم‬

‫ويرى الفيلسوف اليوناني ابيقور أن اللذة هي الخير االسمي دون اإلفراط في الملذات ‪ ،‬أي اللذة التي ال يعقبها الم ‪ ،‬بل ويطلب األلم‬
‫إذا كان يحقق له لذة أعظم منه‪ .‬وقد نحتها أصحابها من كلمة يونانية تعني العمل النافع أو المزاولة المجدية ‪ ،‬ويصبح المقصود منها‬
‫‪.‬هو المذهب العملي أو المذهب النفعي‬

‫ثم عادت إلى الظهور منبثقة من الروح المادية للقرن العشرين ومرتبطة بتطور مناهج البحث العلمية واالتجاهات الواقعية المعاصرة‬
‫‪ ،.‬مع الفيلسوف االنجليزي جيرمي بنتام‬

‫لكن المؤسس الحقيقي للبراغماتية هو الفيلسوف األمريكي بيرس الذي ‪ ،‬يرى أن كل فكرة ال بد أن تكون تمهيدا لعمل ما ‪ ،‬ثم جاء‬
‫بعده "وليام جيمس " ليقيم بناء المذهب و يؤكد أن العمل والمنفعة هما مقياس صحة الفكرة و دليل صدقهاـ ‪ ،‬وظهر بعد ذلك " جون‬
‫ديوي " ليتم بناء المذهب و يقرر أن العقل هو أداة العمل ووسيلة المنفعة‪ .‬هم ممثلي البراغماتية‬
‫ـ بيرس تشارلز (سانتياغو )ساندرس فيلسوف أمريكي له مساهمات في علم الفلك وله اهتمامات بالفيزياء والكيمياء ويعد مؤسس ‪1‬‬
‫الذرائعية التي ظهرت في رسالته الصادرة سنة ‪ 1878‬في مجلة العلم الشعبي ومن مؤلفاته دراسات في المنطق وما الذرائعية و‬
‫‪.‬نشأة الذرائعية‬

‫ـ جيريمي بنتام ‪ :‬فيلسوف وفقيه قانوني أمريكي ولد في ‪ 1748‬وتوفي في لندن ‪ 1832‬م له اهتمامات بالكيمياء باإلضافة إلى ‪2‬‬
‫‪.‬تخصصه في الدراسات القانونية ساهم في تأسيس المذهب النفعي ‪ ،‬وأراد أن يكون نافعا حتى بعد وفاته فأوصى بتشريح جثته‬

‫ـ وليام جيمس فيلسوف أمريكي ولد في ‪ 1842‬وتوفي في ‪ 1910‬حصل على الدكتوراه في الطب من جامعةـ هارفارد وعين ‪3‬‬
‫أستاذا للفيزيولوجيا والتشريح في نفس الجامعةـ وهذا يفسر اعتماده على المنهج التجريبي عندما تعرض للظواهر النفسية بالدراسة‬
‫والتحليل ثم تحول إلى الفلسفة‪ .‬من مؤلفاته الوجيز في علم النفس وإرادة االعتقاد والصور المختلفة للتجربة الدينية وكتاب الذرائعية‬
‫‪.‬الذي فصل فيه المعيار الذرائعي كمقياس صحيح لألفكار‬

‫ـ جون ديوي ‪ :‬فيلسوف وعالم تربية أمريكي ولد في ‪ 1859‬وتوفي في ‪ 1952‬تلبست الذرائعية األمريكية تعبيرا خاصا لدى ‪4‬‬
‫ديوي فعلى حين أن مذهب وليام جيمس كان ذا نزوع ديني في المقام األول تحول ديوي بكليته نحو علوم الطبيعة وتبنى سلوكية‬
‫‪.‬واطسن التى تقول أن الروح ما هو إال ما يفعله الجسم‬

‫الفلسفة البراغماتية‬

‫ـ مبحث المعرفة عندما تعرض بيرس لبحث مشكلة المعرفة‪ .‬قرر انه توجد في عقولنا أفكار متعددة لها مقابالت مادية في العالم ‪1‬‬
‫الخارجي ‪ ،‬ومعيار صدق هذه األفكار أو كذبها يكون في مدى تطابقها أو عدم تطابقها مع ما يقابلها في الخارج‪ .‬لكن يوجد في نفس‬
‫الوقت نوع آخر من األفكار داخل عقولنا ليس لها مقابل مادي خارجي ‪ ،‬إذن ما هو معيار الحكم عليها بالصدق أو الكذب ؟ أجاب‬
‫بيرس بان تلك األفكار إذا كانت تمهد للقيام بسلوك عملي وتهدف إلى تحقيق منفعة فعلية ‪ ،‬فإنها حينئذ صادقة ‪ ،‬وبدون ذلك تكون‬
‫‪.‬كاذبة‬

‫مثال فكرة وجود هللا ‪ ،‬هل هي صادقة أم كاذبة ؟ ال يمكن البحث عن مدلول مادي خارجي يمكننا بواسطته أن نحكم على مدى‬
‫مطابقتها له لنتأكد من صدقها ‪ ،‬وإنما يكون حكمنا على صدق أو كذب هذه الفكرة من اآلثار المترتبة عليها ‪ ،‬ومما يمكن أن تؤدي‬
‫إليه من سلوك عملي نافع لدى اإلفراد والمجتمع ‪ ،‬وحيث أن إيمان األفراد بفكرة وجود هللا ‪ ،‬يدفعهم لإلصالح والتقوى والمعاملةـ‬
‫‪.‬الحسنة إلى جانب االستقامة وعمل الخير والتعاون ‪ ،‬إذن ستكون فكرة وجود هللا صحيحة وليست خاطئة في هذه الحالة‬

‫ونفس الشيء نجده عند وليام جيمس الذي انتقد أتباع المذهب المثالي الذين يقررون وجود صور عقلية لألشياء في أدهاننا ويرى أن‬
‫وجود هذه الصور أو عدم وجودها ال يقدم وال يؤخر في الحقيقة الواقعية ‪ ،‬وإنما من الواجب السعي المتالك الحقيقة الفعلية‬
‫واالستفادة منها عمليا‪ .‬وهنا قرر وليام جيمس أن معيار الحقيقة ليس الحكم العقلي ‪ ،‬وإنما السلوك العملي النافع المترتب عليها ‪ ،‬مثال‬
‫وجود صورة عقلية للنار في أذهننا ال يمكنها أن تحرق الخشب أو الورق ‪ ،‬وكذلك وجود صورة عقلية للماء ال يمكنها أن تطفئ‬
‫حريقا مشتعال ‪ ،‬مثل هذه الصور ال قيمة لبحثها في ذاتها النها لن تؤثر عمليا في حياتنا ‪ ،‬ولن تترتب عليها نتائج فعلية‪ .‬نقال عن‬
‫كتاب مذاهب فلسفية معاصرة ‪ ،‬بتصرف‪ .‬تأليف سماح رافع محمد‬
‫وألجل هذا أيضا يرفض وليام جيمس مناقشة القضايا الميتافزيقية مثل ‪ :‬هل العالم واحد أم كثير ؟ وهل هو مادي أم روحي ؟ وهل‬
‫اإلنسان حر أم مقيد ؟ وغير ذلك من القضايا الغيبية المشابهةـ التي ال تؤدي إلى نتائج نافعة ‪ ،‬لذلك فهي ليست صحيحة ‪ ،‬وهكذا انتهى‬
‫‪.‬وليام جيمس إلى تأكيد أن الحقيقة هي كل ما يقودنا إلى النجاح في الحياة‬

‫ـ مبحث األخالق ‪2‬‬

‫يكون الفعل خير إذا كانت نتيجة لذة أو منفعة ويمكن التعرف على درجة خيرية األفعال عن طريق ما يعرف بحساب اللذات الذي‬
‫وضعه بنتام وهو مجموعة من المقاييس و هي الشدة ‪ ،‬المدة ‪ ،‬اليقين ‪ ،‬القرب ‪ ،‬االمتداد ‪ ،‬الخصب والنقاء‪ .‬هذه المقاييس وان كانت‬
‫تخص األفراد فإنها في نظر بنتام ال تلغي تماما المنفعة العامة ‪ ،‬حتى لو كان أساسهاـ المنفعة الشخصية ‪ ،‬ألن اللذة قيمتها في االمتداد‬
‫يقول ‪ " :‬إن الفضيلة االجتماعية وقوامها أن يخدم اإلنسان مصلحة غيره ما هي إال تضحية المرء بلذته الخاصة ابتغاء الحصول على‬
‫" قدر من اللذة أعظم‬

‫إن بنتام غير مبدأ اللذة بمبدأ المنفعة فقط ‪ ،‬وهو األمر الذي عارضه الفيلسوف االنجليزي جون ستوارت مل ‪ ،‬فأساس القيمة‬
‫األخالقية عنده ليس هو اللذة‪ .‬إن اللذة عنده تثير االشمئزاز ‪ ،‬وإذا كان بنتام يجعل من المنفعة الخاصة هي أساس المنفعة ‪ ،‬فاألمر‬
‫‪.‬على نقيض ذلك عند مل ‪ ،‬فالمنفعة ينبغي أن تشمل اكبر عدد من الناس‬

‫النقد‬
‫إذا أخذنا المنفعة سواء كانت بمعنى اللذة الجسمية أو اللذة العقلية أو كانت بمعنى خاص بأفراد أو منفعة عامة ‪ ،‬ففي كل هذه الحاالت‬
‫نالحظ إهمال للعقل‪ .‬ومن الصعوبة أيضا أن يتفق جميع الناس على منفعة معينة ألنه إي منفعة قد تضر باآلخرين‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫اختالف المجتمعاتـ فيما هو نافع وان اتفقوا فال يتجاوز اتفاقهم وجود الخير العام ولكن أي خير ؟‬

‫‪...........................................‬‬

‫المذهب الوجــــــــــــــــــــــــــــــودي‬

‫مشتق من الفعل الالتيني ويعني يبرز أو ينبثق ‪ ،‬واستعمال كلمة يوجد ‪ existe‬الوجودية مشتقة من الفعل وجد يوجد والفعل يوجد‬
‫يختلف حسب الموجود ‪ ،‬فعند قولك القلم موجود ‪ ،‬فمعنى الوجود هنا يختلف عن قولك العالم موجود وهللا موجود ‪ ،‬رغم أن الكلمة‬
‫‪.‬واحدة‬

‫إن الفلسفة الوجودية تتميز بميلها إلى الوجود ‪ ،‬فهي ال تبالي بماهيات األشياء وجواهرها‪ ،‬كما ال تبالي بما يسمى بالوجود الممكن‬
‫والصور الذهنية المجردة‪ .‬إن غرضها األساسي هو كل موجود‪ ،‬أو بتعبير آخر هو كل ما هو موجود في الواقع والحقيقة‪ .‬ويعتقد‬
‫الوجوديون تجاهل المنهج الوجودي في البحث يعزلنا عن فهم ذواتنا فهما ً صحيحاً‪.‬أهم ممثلي الوجودية‬

‫ـ كيركيغارد سورين آبي ولد في ‪1813‬بكوبنهاغن ومات في ‪ 1855‬في نفس المدينة‪ .‬ينظر عادة إلى كيركيغارد على انه أبو ‪1‬‬
‫‪.‬الوجودية الحديثة‬

‫فيلسوف و كاتب مسرحي فرنسي ولد ‪ 1889‬و توفي ‪ 1973‬في باريس تأثر بهيجل ‪ Gabriel Marcel‬ـ غابلاير مرسيل ‪2‬‬
‫وروحانية برغسون وعقالنية برنشفيك ‪ ،‬تنسب إليه الوجودية المسيحية‪ .‬اهتم بمسألة الموت السيما وانه فقد أمه وهو في الرابعة من‬
‫عمره وكلف في الحرب العالمية األولى بالبحث عن المفقودين‪ .‬راوده يقين بان األخوة بين البشر كافةـ هي وحدها الخليقة بإنقاذ العالم‬
‫‪ ،.‬من كتبه يوميات ميتافزيقية ‪ ،‬سر الوجود ‪ ،‬اإلنسان المرتحل ‪ ،‬الحضور والخلود على األرض‬

‫‪ :‬ولد في بادن في ‪ 1889‬ومات في ‪ 1976‬فيلسوف ألماني ‪ ،‬انصب مجهوده على تفكيك المأثور الميتافزيقي ‪3‬‬ ‫ـ مارتن هايدغر‬
‫‪.‬الغربي مركزا على فلسفة الوجود‬

‫ـ جون بول سارتر ‪ : :‬ولد في ‪ 1905‬وتعلم سارتر بمدرسة سان روشيل ‪ ،‬ثم في المدرسة الثانوية‪ .‬والتحق عام ‪4 1924‬‬
‫بمدرسة المعلمين العليا ثم مدرسا ً في كل من ليون والهافر‪ .‬وقد طلب في التعبئة العسكرية عام ‪ .1939‬حيث أرسل إلى خط ماجينو‬
‫في الحرب العالمية الثانية‪ .‬وخدم كجندي في الوحدة الطبية‪ ،‬ووقع في األسر وبقي فيه مدة تقارب السنة وبعدها أفرج عنه‬

‫روائي وفيلسوف فرنسي ‪ 1913‬ـ ‪ 1960‬ولد ونشأ في الجزائر من أعماله رواية الغريب ‪ Albert Camus‬ـ ألبير كامي ـ كامو ‪5‬‬
‫‪.‬وأسطورة سيزيف كانت عالقته بالوجوديين متوترة إذ يرى في مشكلة أسبقية الوجود على الماهية سكوالئية جديدة‬

‫الفلسفة الوجودية‬

‫ـ الوجود و الماهية ‪1‬‬

‫العالقة بين الوجود والماهية ومشكلة أسبقية احدهما على األخر قديمة ولكن تم الفصل لفائدة الماهية على حساب الوجود ‪ ،‬ومن‬
‫المعروف أن الوجودية ُتعتبر ثور ًة عنيفة ضد الفلسفات التقليدية‪ ،‬وخاصة منها الحركة العقلية والمثالية‪ .‬ومن ذلك أن افالطون يعلي‬
‫من شان الماهية ونظر إلى الوجود بعين الريبة ‪ ،‬ألنه متغير‪ ،‬إما الماهيات فثابتة ‪ ،‬والمعرفة الحقيقية تكون بمعرفة الماهيات ‪،‬‬
‫ً‬
‫معينة تذوب فيها العواطفُ واالعتقادات‬ ‫قوالب‬
‫َ‬ ‫وبشكل عام فان الفلسفة التقليدية ‪ ،‬كأنها كانت تريد أن تصبِّ جميع الناس في‬
‫وأساليب الحياة ومناهج التفكير‪ ،‬وهي قوالب تنحصر في معنىً مجر ٍد وكلي صالح لكل األزمان ‪ ،‬وهنا تكون أضرت بفهم حقيقته‬
‫التي تتمثل في حضور الشعور ودوامه‪ .‬لكن سارتر يقابل بين وجود الشئ الفعلي وبين ماهيته ويتساءل أيهما اسبق من األخر ؟ هل‬
‫يوجد الشئ ثم تتحدد ماهيته ؟ أم أن ما هيته وصفاته اسبق من وجوده ؟‬
‫يرى سارتر أن األشياء الجامدة و المصنوعة تكون ماهيتها اسبق من وجودها ‪ ،‬إذن الماهية اسبق من الوجود هنا ‪ ،‬لكن اإلنسان هو‬
‫الكائن الوحيد الذي سبق وجوده ماهيته ‪ ،‬واإلنسان بعد وجوده يصنع نفسه ويقرر ماذا يكون ‪ ،‬يقول سارتر نقال عن كتاب الوجودية‬
‫مذهب إنساني ‪ " :‬واآلن ماذا نعني عندما نقول الوجود سابق على الماهية ؟ إننا نعني أن اإلنسان يوجد أوال ‪ ،‬ثم يتعرف إلى‬
‫نفسه ‪ ،‬ويحتك بالعالم الخارجي فتكون له صفاته و يختار أشياء هي التي تحدده ‪ ،‬فإذا لم يكن لإلنسان في بداية حياته صفات محددة ‪،‬‬
‫فذلك ألنه قد بدأ من الصفر ‪ ،‬بدأ ولم يكن شيئا ‪ ،‬وهو لن يكون شيئا إال بعد ذلك ولن يكون سوى ما قدره لنفسه‪ .‬وهكذا ال يكون‬
‫لإلنسانية شيء اسمه الطبيعة البشرية ‪ ...‬إن اإلنسان يوجد ثم يريد أن يكون ‪ ،‬ويكون ما يريد أن يكونه بعد القفزة التي يقفزها إلى‬
‫الوجود‪ .‬واإلنسان ليس سوى ما يصنعه هو بنفسه‪ .‬هذا هو المبدأ األول من مبادئ الوجودية ‪ ،‬وهذا هو ما يسميه الناس ذاتيتها‬
‫" مستخدمين هذه الكلمة ليوجهوا بها النقد إلينا لكننا ال نعني بها سوى إن لإلنسان كرامة اكبر مما للحجارة أو المنضدة‬
‫ومنه القول بان شيئ موجود يشير إلى واقعة تتسم بالعينية فالقلم على الطاولة موجود بوصفه احد أشياء العالم ولن استطيع أن ألغيه ‪،‬‬
‫‪.‬وقد أغير شكله ‪ ،‬والحديث عن الشكل يجرنا إلى الحديث عن الماهية ‪ ،‬إن الكالم عن وجود الشئ غير الكالم عن ماهيته‬

‫إن الماهية تتعلق في حالة القلم بشكله ولونه و وزنه ‪ ،‬والماهية يمكن تناولها على مستوى العقل فتضيف وتحذف ‪ ،‬لكن وجوده يظل‬
‫واقعة واحدة وبذلك وجود اإلنسان يسبق ماهيته‪.‬ويوضح سارتر هذا األمر بمثال يقول ‪ " :‬لو تناولنا أيا ً من األشياء المصنوعة‪ ،‬مثالً‬
‫هذا الكتاب أو سكينة من السكاكين‪ ،‬نجد إن السكينة قد صنعها حرفي‪ ،‬وأن هذا الحرفي قد صاغها طبقا ً لفكرة لديه عن السكاكين‪،‬‬
‫وطبقا ُ لتجربة سابقة في صنع السكاكين‪ ،‬وأن هذه التجربة أكسبته معرفة هي جزء ال يتجزأ من الفكرة المسبقة التي لديه عن‬
‫السكاكيين‪ ،‬والتي لديه عن السكينة التي يصنعها‪ .‬وأن الصانع كان يعرف ألي شئ ستستخدم السكين وأنه صنعها طبقا ً للغاية المرجوة‬
‫منها‪ .‬وأذن فماهية السكين‪ ،‬مجموعة صفاتها وشكلها وتركيبها والصفات الداخلة في تركيبها وتعريفها‪ ،‬كلها سبقت وجودها‪ ،‬وبذلك‬
‫يكون لهذا النوع من السكاكين وجوداً معينا ً خاصا ً بها‪ ،‬وأنه وجود تكنيكي‪ ،‬بمعنى أن السكين بالنسبة لي هي مجموعة من التركيبات‬
‫والفوائد‪ ،‬ونظرتي لكل األشياء بهذه الطريقة تكون نظرة تكنيكية يسبق فيها اإلنتاج على وجود الشيء وجوداً محققاً‪ ،‬أي أنه قبل أن‬
‫يوجد الشيء البد أن يمر على مراحل عدة في اإلنتاج‪ .‬ونحن عندما نفكر في هللا كخالق‪ ،‬نفكر فيه طوال الوقت على أنه صانع‬
‫أعظم‪ ،‬ومهما كان اعتقادنا‪ ،‬سواء كنا من أشياع (ديكارت) أو من أنصار ( ليبنتز ) فإننا البد أن نؤمن بأن إرادة هللا تولد أساساً‪ ،‬أو‬
‫على األقل تسير جنبا ً إلى جنب مع عملية الخلق‪ ،‬بمعنى أنه عندما يخلق فهو يعرف تمام المعرفةـ ما يخلقه‪ ،‬فإذا فكر في خلق‬
‫اإلنسان‪ ،‬فأن فكرة اإلنسان تترسب لدى هللا‪ ،‬كما تترسب فكرة السكين في عقل الصانع الذي يصنعها‪ ،‬بحيث يأتي خلقها طبقا ً‬
‫‪ ).‬لمواصفات خاصة وشكل معين‪ .‬وهكذا هللا فأنه يخلق كل فرد طبقا ً لفكرة مسبقة عن هذا الفرد‬

‫إن سارتر ال يعترض على أسبقية الماهية عن الوجود في الكائنات الحية والجامدة ‪ ،‬لكنه يرفض ذلك في اإلنسان ‪ ،‬ان الكائنات‬
‫األخرى أجسام ‪ ،‬ما هيتها تسبق وجودها أي موجودات في ذاتها ‪ ،‬و الموجود في ذاته عند سارتر يمثل عالم األشياء‪ ،‬وهذه األشيا ُء‬
‫ُطرد من‬ ‫خارجية قابلة للدراسة العلمية تخضع للتجربة ويفهمها العقلُ‪ ،‬وهي موضوعات ثابتة ‪ ،‬ألنها تستجيب لنظام م َّ‬
‫ٌ‬ ‫هي ظواه ُر‬
‫قوانين الكون‪ .‬أما اإلنسان فيمثل حالة خاصة‪.‬انه موجود لذاته ‪ ،‬المقصود بالوجود لذاته ‪ ،‬هو الوجود اإلنساني الذي يشعر به كل‬
‫واحد منا في عالمه الداخلي‪ ،‬ويحياه بكل جوارحه‪ .‬ومن مميزاته أنه ليس وضعا نهائيا وال ساكنا‪ ،‬وإنما هو تجاو ٌز مستمر لما هو‬
‫‪.‬عليه كل واحد منا‬

‫إن اإلنسان ـ فيما يقول سارتر ‪":‬هو قبل ذاته أو بعدها‪ ،‬ولكنه ليس ذا َته البتة"‪ .‬انه يأتي إلى هذا العالم غير محدد المعالم‬
‫‪.‬والهوية‪ .‬انه يوجد ثم يريد أن يكون مايريد أن يكونه واإلنسان ليس سوى ما يصنعه هو بنفسه‬

‫وبالطبع هذا التصور يتصادم مع السائد ولهذا وقعت المواجهة بين الوجوديين والمؤسساتـ الدينية والفكرية ‪ ،‬فتمردوا على الالهوت‬
‫واألخالق والسياسة وناضلوا ضد السلطات والشرائع‪ .‬ويمكن فهم أسباب هذا الصراع من خالل هذا النص لسارتر يقول فيه ‪" : :‬‬
‫نجد فكرة اإلنسان في التاريخ أسبق على حقيقته… أي ان الماهية تسبق الوجود مرة أخرى‪ .‬لكن الوجودية الملحدة‪ ،‬التي أنا أمثلها‪،‬‬
‫تعلن في وضوح وجالء تامين‪ ،‬إنه إذا لم يكن هللا موجوداً‪ ،‬فأنه يوجد مخلوق واحد على األقل قد تواجد قبل أن تتحدد معالمهـ وتبيّن‪.‬‬
‫وهذا المخلوق هو اإلنسان أو أنه كما يسميه هيدجر اإلنساني‪ ،‬بمعنى أن وجوده كان سابقا ً على ماهيته‪….‬أن اإلنسان يوجد ثم يريد‬
‫أن يكون‪ ،‬ويكون ما يريد أن يكونه بعد القفزة التي يقفزها إلى الوجود‪ ،‬واإلنسان ليس سوى ما يصنعه هو بنفسه "‪ .‬نقال عن محمد‬
‫حسين في كتابه ‪ ،‬الفلسفة الوجودية‬

‫ـ نظرية المعرفة عند الوجوديين ‪2‬‬

‫إن الوجوديين ال يضيعون وقتا طويال في مناقشة مشكلة المعرفة في صورتها التقليدية ‪ ،‬وال يرجع ذلك كما ظن البعض فيما يبدو‬
‫إلى أن الوجوديين جميعا يرفضون النزعة العقلية وأنهم ذوي اتجاهات عاطفية تهتم بالوجدان واالندفاع ‪ ،‬ومن ثم ال تبالي بالمعرفة‬
‫‪.‬أو الفهم الدقيق أو الحقيقة‬

‫فلم يكن الوجوديون قط على هذا النحو من اإلهمال ونفاذ الصبر بالنسبة للمشكلة االبستمولوجية بل إن نفاذ صبرهم يرجع إلى‬
‫اقتناعهم بان الطريقة المألوفة في تناول مشكلة المعرفة هي طريقة خاطئة تثير مشكلة مزيفة‪.‬ويكمن الخطأ في أن يبدأ المرء بكيانين‬
‫‪.‬يفترض أنهما منفصالن تماما ‪ ،‬ثم يقوم بمحاولة الجمع بينهما‬

‫إن أول خطوة خطاها ديكارت في استدالله ‪ ،‬قد ُن ظر إليها عادة على أنها أقوى الحجج في الفلسفة ‪ ،‬و هي قوله ‪ " :‬انا أفكر إذن أنا‬
‫موجود " فارتيابي وشكي العميق هو نفسه ضرب من التفكير يبرهن على وجودي‪ .‬غير أن الفيلسوف الوجودي ينتقد هذه الحجة‬
‫‪.‬الكالسيكية ويصفها بأنها مجردة ‪ ،‬فانا أوال وقبل كل شيء موجود ‪ ،‬والوجود هو شيء أوسع بكثير من التفكير و اسبق منه‬
‫فيميل الفيلسوف الوجودي إذن إلى قلب هذه الحجة رأسا على عقب بحيث يقول ‪ :‬أنا موجود إذن أنا مفكر‪ .‬ولم يكن كيركجارد‬
‫يستطيع أن يتصور حقيقة تظل خارجة عنه‪ ،‬حقيقة ال تكون إال مشاهدة لروحه‪ .‬من كتاب ـ الوجودية ـ تأليف جون ماكوري ـ سلسلة‬
‫عالم المعرفة‬
‫أهم مسائل الوجودية‬
‫الحرية‬
‫ً‬
‫عامة ‪ ،‬إنها تعتبر الوجود اإلنساني‬ ‫إن الحرية تعتبر من أهم القضايا التي تبحثها الفلسفة الوجودية‪ ،‬وتهتم بها‪ .‬وهي عند الوجوديين‬
‫نفسه‪ .‬وهي ضرورة‪ ،‬لكي يحقق اإلنسان وجوده‪ .‬وهي من أهم المرتكزات عند سارتر‪ ،‬فهو يرى إن اإلنسان حر‪ ،‬واإلنسان بما هو‬
‫إنسان ال طبيعة له ‪ ،‬وليست له ماهية محددة ‪ ،‬بل أن ماهية هي الحرية نفسها‪ .‬فالموجود الحر فقط هو الذي يختار‪ .‬وبدون هذه‬
‫الحرية ينعدم معنى االختيار‪ .‬ان الحرية عند سارتر ليست صفة مضافةـ أو خاصية من خصائص طبيعة اإلنسان ‪ ،‬إنها تماما ً‬
‫نسيج وجوده‪ ( .‬اإلنسان = الحرية )‬

‫ـ القلق ‪2‬‬

‫وهو نتيجة حتمية لحرية اإلنسان الذي يكون بصدد صنع نفسه بنفسه وفي هذه الحالة تكون أمامه اختيارات عديدة وهو المسؤول عن‬
‫‪.‬اختياره ونتائج هذا االختيار فيكون هذا باعث على القلق و حتى الغثيان‬

‫خاتمة‬
‫ربما حكمت األجيال القادمة بأن أعظم إسهاماتـ الفلسفة الوجودية تألقا ً وأكثرها دواما ً إنما يوجد في دراستها لموضوع آخر ال يزال‬
‫يتكرر وجوده في كتابات أصحابها وهو الحياة العاطفية لإلنسان‪ ،‬وهو موضوع أهمله الفالسفة‪ ،‬وأسلموه إلى علم النفس فكلما‬
‫سيطرت على الفلسفة األنماط الضيقة من العقالنية‪ .‬اعتبرت العواطف المتقلبة‪ ،‬واألمزجة والمشاعر التي تظهر في الذهن البشري‪،‬‬
‫شيئا ً ال يناسب مهام الفيلسوف‪ ،‬بل حتى بدت عقبة في طريق المثل األعلى للمعرفة الموضوعية‪ .‬غير أن الوجوديين يذهبون إلى أن‬
‫هذه هي بعينها الموضوعات التي تجعلنا نندمج بكياننا كله في العالم وتتيح لنا أن نتعلم عنه أشياء يتعذر علينا تعلمها عن طريق‬
‫المالحظة الموضوعية وحدها‪ ،‬ولقد زودنا الوجوديون من كيركجارد إلى هيدجر وسارتر‪ .‬بتحليالت مشوقة لحاالت وجدانية كالقلق‪،‬‬
‫والملل‪ ،‬والغثيان‪ ،‬وحاولوا أن يبينوا إن مثل هذه الحاالت لها مغزى فلسفي‬

‫‪.............................................................‬‬

‫‪".‬مقالة حول المذهب البراغماتي والوجودي "جدلية‬

‫هل اساس المعرفة العمل النافع ام العقل المجرد؟‬


‫المقدمة‪ :‬ينطلق جل الفالسفة والمفكرون من دراسة المعرفة وبحثها من ناحية اإلمكان والوجود‪ ،‬ومن ناحية الطرق التي تؤدي اليها‪،‬‬
‫وبما ان المعرفة تخص االنسان دون سواه انطلق الفالسفة في بحثها علّهم يجدون سبيال الى منتهاها ‪ ،‬فكان سؤالهم كالتالي‪ :‬هل‬
‫المعرفة عقلية وبالتالي مطلقة؟ ام ان معيارها نفعي وبالتالي هي نسبية؟ بمعنى اخر هل معيار المعرفة نظري تجريدي‪ ،‬ام ان‬
‫معيارها عملي نفعي؟‬

‫‪:‬محاولة حل المشكلة‬

‫الموقف األول‪ " :‬المعرفة معيارها عملي نفعي " يرى انصار هذا الموقف ان أفعال اإلنسان ال تكون خيرا أو شرا إال إذا حققت أو‬
‫توقع من ورائها نفعا ‪ ،‬فإن أدت إلى ضرر أو عطلت نفعا كانت شرا‪ .‬هذا هو رأي مذهب المنفعة في األخالق‪ .‬فالبراغماتية فلسفة‬
‫عملية لها جذور ترجع إلى الفلسفة اليونانية بدأت مع ارستيب القورينائي أي الى نحو (‪ 355 / 435‬ق م ) حيث مصدر القيم‬
‫األخالقية يكون بوحي من اللذة واأللم فاللذة هي الخير األعظم يرى الفيلسوف اليوناني ابيقور بان اللذة هي الخير االسمي ‪ ،‬لكن‬
‫دون اإلفراط في اللذات ‪ ،‬بمعنى ان نتبع اللذة التي ال يعقبها الم ‪ ،‬بل ويطلب األلم إذا كان يحقق له لذة أعظم منه‪ .‬وقد نحتها أصحابها‬
‫من الكلمة اليونانية التي تعني العمل النافع أو المزاولة المجدية‪ ،‬ويصبح المقصود منها هو المذهب العملي أو المذهب النفعي‪ .‬ثم‬
‫عادت إلى الظهور منبثقة من الروح المادية للقرن العشرين ومرتبطة بتطور مناهج البحث العلمية واالتجاهات الواقعية المعاصرة‬
‫مع الفيلسوف اإلنجليزي جيرمي بنتام‪ .‬لكن المؤسس الحقيقي للبراغماتية هو الفيلسوف األمريكي بيرس الذي‪ ،‬يرى أن كل فكرة ال بد‬
‫أن تكون تمهيدا لعمل ما ثم جاء بعده "وليام جيمس " ليقيم بناء المذهب ويؤكد أن العمل والمنفعة هما مقياس صحة الفكرة ودليل‬
‫صدقها‪،‬ـ وظهر بعد ذلك " جون ديوي " ليتم بناء المذهب و يقرر أن العقل هو أداة العمل ووسيلة المنفعة‪ .‬باإلضافة الى بيرس‬
‫تشارلز (سانتياغو )ساندرس وفي نفس االتجاه يرفض وليام جيمس مناقشة القضايا الميتافزيقية مثل ‪ :‬هل العالم واحد أم كثير ؟‬
‫وهل هو مادي أم روحي ؟ وهل اإلنسان حر أم مقيد ؟ وغير ذلك من القضايا الغيبية المشابهةـ التي ال تؤدي إلى نتائج نافعة ‪ ،‬لذلك‬
‫فهي ليست صحيحة ‪ ،‬وهكذا انتهى وليام جيمس إلى تأكيد أن الحقيقة هي كل ما يقودنا إلى النجاح في الحياة يكون الفعل خير إذا‬
‫كانت نتيجة لذة أو منفعة ويمكن التعرف على درجة خيرية األفعال عن طريق ما يعرف بحساب اللذات الذي وضعه بنتام وهو‬
‫مجموعة من المقاييس و هي ‪ :‬الشدة ‪ ،‬المدة ‪ ،‬اليقين ‪ ،‬القرب ‪ ،‬االمتداد ‪ ،‬الخصب والنقاء‪ .‬هذه المقاييس وان كانت تخص األفراد‬
‫فإنها في نظر بنتام ال تلغي تماما المنفعة العامة ‪ ،‬حتى لو كان أساسها المنفعة الشخصية ‪ ،‬ألن اللذة قيمتها في االمتداد يقول ‪ " :‬إن‬
‫الفضيلة االجتماعية وقوامها أن يخدم اإلنسان مصلحة غيره ما هي إال تضحية المرء بلذته الخاصة ابتغاء الحصول على قدر من‬
‫اللذة أعظم " إن بنتام غير مبدأ اللذة بمبدأ المنفعة فقط ‪ ،‬وهو األمر الذي عارضه الفيلسوف اإلنجليزي جون ستوارت مل ‪ ،‬فأساسـ‬
‫القيمة األخالقية عنده ليس هو اللذة‪ .‬إن اللذة عنده تثير االشمئزاز ‪ ،‬وإذا كان بنتام يجعل من المنفعة الخاصة هي أساس المنفعة ‪،‬‬
‫‪.‬فاألمر على نقيض ذلك عند مل ‪ ،‬فالمنفعة ينبغي أن تشمل اكبر عدد من الناس‬

‫‪ :‬النقد والمناقشة‬

‫قد يكون من مزايا البراغماتية نظرتها الواقعية الن الفلسفة هي موقف من اجل العمل وليست أفكارا اكاديمية‪ ،‬لكن إذا أخذنا المنفعة‬
‫سواء كانت بمعنى اللذة الجسمية أو اللذة العقلية أو كانت بمعنى خاص بأفراد أو منفعة عامة ‪ ،‬ففي كل هذه الحاالت نكون قد اهملنا‬
‫العقل ومن الصعوبة أيضا أن يتفق جميع الناس على منفعة معينة‪ ،‬ألنه أيّ منفعة قد تضر باآلخرين‪ .‬باإلضافة إلى اختالف‬
‫المجتمعاتـ فيما هو نافع ‪ ،‬وان اتفقوا فال يتجاوز اتفاقهم وجود الخير العام ‪ ،‬ولكن أي خير وما المقصود به ؟ وكيف يمكن تقييمه ؟‬
‫‪.‬ام البراغماتية انعكاس للفلسفة االمريكية تقوم بتمجيد الفرد وتغليب مصلحته الشخصية‬

‫الموقف الثاني ‪" :‬ان المعرفة أساسهاـ التفكير العميق "إن الوجوديين ال يضيعون وقتا طويال في مناقشةـ مشكلة المعرفة في‬
‫صورتها التقليدية ‪ ،‬وال يرجع ذلك كما ظن البعض فيما يبدو إلى أن الوجوديين جميعا يرفضون النزعة العقلية وأنهم ذوي اتجاهات‬
‫عاطفية تهتم بالوجدان واالندفاع ‪ ،‬ومن ثم ال تبالي بالمعرفة أو الفهم الدقيق أو الحقيقة‪ .‬فلم يكن الوجوديون قط على هذا النحو من‬
‫اإلهمال ونفاذ الصبر بالنسبة للمشكلة االبستمولوجية بل إن نفاذ صبرهم يرجع إلى اقتناعهم بان الطريقة المألوفة في تناول مشكلة‬
‫المعرفة هي طريقة خاطئة تثير مشكلة مزيفة‪ .‬ويكمن الخطأ في أن يبدأ المرء بكيانين يفترض أنهما منفصالن تماما ‪ ،‬ثم يقوم‬
‫بمحاولة الجمع بينهما‪ .‬إن أول خطوة خطاها ديكارت في استدالله‪ ،‬قد ننظر إليها عادة على أنها أقوى الحجج في الفلسفة‪ ،‬و هي قوله‬
‫‪ " :‬انا أفكر إذن أنا موجود " فارتيابي وشكي العميق هو نفسه ضرب من التفكير يبرهن على وجودي‪ .‬غير أن الفيلسوف الوجودي‬
‫ينتقد هذه الحجة الكالسيكية ويصفها بأنها مجردة‪ ،‬فانا أوال وقبل كل شيء موجود ‪ ،‬والوجود هو شيء أوسع بكثير من التفكير و‬
‫‪.‬اسبق منه‬

‫فيميل الفيلسوف الوجودي إذن إلى قلب هذه الحجة رأسا على عقب بحيث يقول ‪" :‬أنا موجود إذن أنا مفكر "‪ .‬ولم يكن كيركجارد‬
‫يستطيع أن يتصور حقيقة تظل خارجة عنه‪ ،‬حقيقة ال تكون إال مشاهدة لروحه‪ .‬من كتاب ـ الوجودية ـ تأليف جون ماكوري ـ سلسلة‬
‫ً‬
‫عامة إنها تعتبر‬ ‫عالم المعرفة كما ان الحرية تعتبر من أهم القضايا التي تبحثها الفلسفة الوجودية‪ ،‬وتهتم بها‪ .‬وهي عند الوجوديين‬
‫الوجود اإلنساني نفسه‪ .‬وهي ضرورة‪ ،‬لكي يحقق اإلنسان وجوده‪ .‬وهي من أهم المرتكزات عند سارتر‪ ،‬فهو يرى ان اإلنسان حر‪،‬‬
‫واإلنسان بما هو إنسان ال طبيعة له ‪ ،‬وليست له ماهية محددة ‪ ،‬بل أن ماهيته هي الحرية نفسها‪ .‬فالموجود الحر فقط هو الذي يختار‪.‬‬
‫وبدون هذه الحرية ينعدم معنى االختيار‪ .‬ان الحرية عند سارتر ليست صفة مضافة أو خاصية من خصائص طبيعة اإلنسان ‪ ،‬إنها‬
‫‪.‬تماما ً نسيج وجوده‪( .‬اإلنسان = الحرية )‬

‫النقد والمناقشة‪ :‬لكن اال يمكن ان نالحظ بان هذه الفلسفة تمتاز بالفردانية؟ ما يعاب على الفلسفة الوجودية انها فلسفة متطرفة تجعل‬
‫االنسان منغلقا على ذاته‪ ،‬وبالتالي فهي ترفض معنى اإلنسانية باعتبار انها تنظر الى جل الحقائق نظرة فردية تنطلق من ذات‬
‫االنسان ‪ ،‬وبهذا ا ُت همت بانها فلسفة تشاؤمية انهزامية تتشدد في القول بعدم وجود ماهية لإلنسان سابقة على وجوده‪ .‬كما انها تنظر‬
‫‪.‬الى االنسان نظرة جبرية ‪ ،‬بحيث ان االنسان مقذوف في هذا الوجود رغما عنه‬

‫التركيب ‪ :‬وعموما نخلص الى القول ‪:‬بانه يجب االخذ بالفلسفتين معا النهما وضعا خدمة لمقاصد معينة اذ يجب االخذ بالفلسفة‬
‫العملية بغية استثمارها في الحياة اليومية ‪ ،‬كما يمكن االخذ بالفلسفة التي ترجع االنسان الى باطنه وتستوقفه على اعماقه ليعيش كل‬
‫ما يخالجه من حاالت نفسية ليختبر مدى تمكنه من اثبات ذاته وحريته ‪ ،‬والراي الصحيح هو ان االنسان ليس هذا او ذاك فقد يأخذهما‬
‫‪.‬معا من اجل التوفيق بينهما مع الحفاظ على رسوم كل واحدة منهما كما فعل مفكروا اإلسالم وخاصة ابن رشد‬

‫حل المشكلة ‪ :‬الخاتمة ‪ :‬وفي األخير وختاما لهذا المقال يمكن ان نقول ان االختالف بين المذاهب مهما تكن اشكاله ‪،‬ال يعني‬
‫بالضرورة عدم اتفاقها وعدم تقرب بعضها الى بعض‪ .‬فهو لم يعد في مفهومه حاجز يمنع تقدير التوجهات التي اختارها أصحابها ‪،‬‬
‫ومن هذا نستنتج ان المعرفة مصدرها العمل النافع وتأمل العالم الداخلي لإلنسان في نفس الوقت الن هناك تكامل بين المذهبين‬
‫‪.‬السابقين البراغماتي والوجودي‬

‫‪.....................................................................................‬‬

‫تركيب ‪ :‬تجاوزا للخالف السابق يمكننا ان نتبنى موقف المذهب النقدي الذي ارسى دعائمه كانط‪.‬حيث يرى في مجال المعرفة ‪ ،‬بان‬
‫االنسان يستطيع ادراك ومعرفة عالم الظواهر الذي يخضع للزمان والكمان عن طريق وسيلتين هما ‪ :‬التجربة الحسية والعقل‬
‫فالتجربة الحسية تمنح االنسان معلومات غير مرتبة منفصلة ولتنظيمها ال بد من قوانين عقلية وهذه القوانين تعرف بالمقوالت القبلية‬
‫والتي توجد في عقل االنسان بصورة فطرية والراي الصحيح هو الذي يرى بان العقل يقوم بدور التأليف ومعرفة تركيب األشياء‬
‫‪.‬التي نكونها من عالم الحس‬

‫هل المعرفة حسية تجريبية ام هي عقلية مجردة؟‬


‫المقدمة طرح المشكلة ‪ :‬لقد اهتمت الفلسفة منذ القدم بدراسة المعرفة على اعتبار انها خاصية إنسانية ‪ ،‬وذلك من ناحية اإلمكان‬
‫والعدم‪ .‬هل هذه المعرفة ممكنة ام مستحيلة ؟ ثم نظرت الحكمة الى المعرفة من حيث المصدر ‪ ،‬والطريق المؤدي اليها ‪ ،‬لهذا يمكننا‬
‫ان نتساءل ‪ :‬ما مصدر جميع المعارف التي يتوصل اليها االنسان ؟ هل تنطلق من العقل ام ان مردها الى التجربة الحسية ؟ بمعنى‬
‫‪.‬اخر هل المعارف التي يكونها االنسان معارف فطرية موجودة من قبل ‪ ،‬ام هي حقائق مكتسبة احدثتها التجربة ؟‬

‫‪ :‬محاولة حل المشكلة‬

‫الموقف األول ‪ :‬يرى الفالسفة العقالنيون وخاصة ديكارت بان العقل هوالمصدر األول لتحصيل المعرفة اإلنسانية وليس التجربة ‪،‬‬
‫‪.‬الن جميع المعارف تنشا عن المبادئ العقلية القبلية والضرورية الموجودة فيه ‪ ،‬وبالتالي فان معارف االنسان عقلية‬

‫البرهنة ‪ :‬الن المعرفةـ ترتد الى ما يميز االنسان وهو العقل ال الحواس الن العقل ملكة ذهنية يستطيع االنسان بواسطتها ادراك‬
‫المعرفة وإصدار االحكام ‪ ،‬ايانه مصدر جميع أفكاره ‪ ،‬وهو قوة فطرية لدى جميع الناس يقول ديكارت ‪ " :‬العقل هو اعدل األشياء‬
‫توزيعا بين الناس ‪ ،‬اذ يعتقد كل فرد انه اوتي منه الكفاية‪.....‬يتساوى بين الناس بالفطرة "‪ .‬اما الحواس فموضوعها عالم األشياء‬
‫ومعطياتها نسبية ‪ ،‬وبفضل العقل يكتشف خداع الحواس في قوله ‪ ":‬كل ما تلقيته حتى االن على انه اصدق األشياء واوثقها ‪ ،‬قد‬
‫تعلمته من الحواس غير اني اختبرت أحيانا هذه الحواس فوجدتها خادعة‪."...‬هذا ويضيف العقالنيون بان المعرفة العقلية التي‬
‫يتوصل اليها العقل تعتبر حقائق كلية وصادقة فهي شاملة ألنه يمكن تعميمهاـ على كل العقول البشرية في كل مكان وزمان ‪ ،‬وهي‬
‫قضايا صادقة صدقا ضروريا ‪ ،‬ال يتطرق اليه الشك وبالتالي فهي من األولويات العقلية البديهية‪.‬كما نجد اليقين في الرياضيات‬
‫والمنطق النهما يعتمدان على المنهج االستنتاجي العقلي مثال ذلك ‪ :‬الكل اكبر من جزئه‪ .‬هذا الحكم صادق دائما وهو ما أكده‬
‫‪....".‬ديكارت " ال اقبل شيء على انه حق ما لم يتحقق بالبداهة انه كذلك‬

‫لهذا الحقيقة عند العقالنيين معيارها عقلي هذا وقد اكد الديكارتيون من أمثال سبينوزا ما لنبرانش ‪ ،‬ليبنتز بان العقل يحتضن جميع‬
‫الحقائق المحدوسة التي تعتبر موضوع المعرفة الن هذه األخيرة يتوصل اليها االنسان عن طريق الحدس ومن غير مقدماتـ ‪،‬‬
‫والحدس نور فطري يمكن العقل من ادراك فكرة ما دفعة واحدة ‪ ،‬فهو ادراك مباشر غير مسبوق بمبادئ وال يقوم على اختبار‬
‫‪.‬تجريبي ألنه عمل عقلي محض‬

‫النقد والمناقشةـ ‪ :‬لكن ما يعاب على انصار هذا المذهب انهم يعتقدون ان المعرفةـ التي نتوصل اليها عن طريق العقل يقينية بالرغم‬
‫من ان التاريخ يؤكد بانها نسبية وليست مطلقة بدليل تطور علم الرياضيات كمفاهيم عبر العصور التاريخية وهذا ما يؤكد نسبية‬
‫المعيار العقلي‪ .‬كما ان هؤالء قد بالغوا في تفسيرهم للمعرفة النهم ركزوا على العقل كمصدر للحقائق التي يتوصل اليها االنسان‬
‫‪.‬واهملوا دور الحواس او التجربة وهذا ما يؤكد بان هناك معايير أخرى للمعرفة‬

‫الموقف الثاني ‪ :‬يرى الفالسفة التجريبيون وخاصة جون لوك ‪ ،‬دافيد هيوم بان التجربة هي المصدر الجوهري لكل أنواع المعرفة‬
‫وبالتالي فهي بعدية وليست قبلية ‪ ،‬وقد اعتمدوا على عدة براهين منها ‪ :‬رفض التسليم باألفكار الفطرية ‪ ،‬والمبادئ العقلية البديهية‬
‫ألنه لو كانت هذه األفكار موجودة لتساوى جميع الناس في العلم باعتبار كل واحد منهم يحمل طابعا فطريا من األفكار يقول لوك ‪":‬‬
‫ان األبيض ليس هو األسود ‪ ،‬واللذة ليست هي األلم ‪ ،‬فال يعقل القول باننا نسلم بهذه القضايا الملموسة والجزئية ألننا نسلم بقضايا‬
‫أخرى مجردة وعامة هي بمثابة المبدأ بالنسبة الى القضايا األولى "‪ .‬كما يؤكد هؤالء بان العلم في كل صوره يرتد الى التجربة يقول‬
‫لوك ‪ ":‬ليس في العقل شيء اال وقد سبق وجوده في الحس أوال "‪ .‬الن االنسان يكون قبل التجربة عبارة عن صفحة بيضاء ‪ ،‬فهو ال‬
‫يعرف شيئا ويبدا في اكتشاف العالم الخارجي عن طريق الحواس مثال من فقد حاسة فقد العلم المتعلق‪ .‬بها فالبرتقالة يصل الينا لونها‬
‫عن طريق البصر ورائحتها عن طريق الشم وطعمها عن طريق الذوق وحجمها عن طريق اللمس‪ .‬كما ان دايفد هيوم يميز بين‬
‫األفكار البسيطة واألفكار المركبة ‪ ،‬فالمركبة هي التي ينتجها العقل البشري ‪،‬اما البسيطة هي التي يكونها عن طريق التجربة‪.‬‬
‫وبالتالي فاصل األفكار حسي يقول هيوم ‪ ":‬ال شيء من األفكار يستطيع ان يحقق لنفسه ظهورا في العقل ما لم يكن قد سبقته ومهدت‬
‫‪".‬له الطريق انطباعات مقابلة له‬

‫النقد و المناقشة‪ :‬لو سلمنا بأن المعرفةـ حسية لكان للحيوان معرفةـ بإعتباره يملك حواس تفوق اإلنسان‪ ،‬وهذا ما يتعذر بطبعه‪.‬‬
‫فالمعرفةـ التنتجها الحواس ألن الحواس تخدعنا فرؤية الشمس تبدو أصغر من األرض هذا إذا ما نظرنا إليها بالعين المجردة لكنها‬
‫‪.‬في الواقع أكبر بكثير‬

‫تركيب ‪ :‬تجاوزا للخالف السابق يمكننا ان نتبنى موقف المذهب النقدي الذي ارسى دعائمه كانط‪.‬حيث يرى في مجال المعرفة ‪ ،‬ب‬

You might also like