You are on page 1of 6

‫‪1‬‬

‫"‪ "Object‬يضاف مقطع "سب ‪ "sub‬بمعنى‬ ‫الملف الثاني‬


‫تحت أو مع‪ .‬وينسب الذاتي إلى الذات‪ ،‬بمعنى أن‬
‫ذات الشيء هو جوهره وهويته وشخصيته‪،‬‬
‫وتعبر عما به من شعور وتفكير‪ ،‬والعقل أو‬ ‫مقال مرجعي هام حول النقد بشكل‬
‫الفاعل اإلنساني هو المفكر وصاحب اإلرادة‬ ‫عام وعالقته بالموضوعية والذانية‬
‫ُدرك العالم الخارجي من خالل مقوالت‬‫الحرة‪ ،‬وي ِ‬
‫العقل اإلنساني‪.‬‬
‫الموضوعية والذاتية‬
‫تُع ِبّر الموضوعية عن إدراك األشياء على ما هي‬ ‫بقلم‪ /‬د‪.‬عبد الوهاب المسيري‬
‫عليه دون أن يشوبها أهواء أو مصالح أو‬
‫تحيزات‪ ،‬أي تستند األحكام إلى النظر إلى‬ ‫‪http://www.khayma.com/almoudar‬‬
‫الحقائق على أساس العقل‪ ،‬وبعبارة أخرى تعني‬ ‫‪ess/takafah/maoudoia.htm‬‬
‫الموضوعية اإليمان بأن لموضوعات المعرفة‬
‫وجودًا ماديًا خارجيًا في الواقع‪ ،‬وأن الذهن‬
‫يستطيع أن يصل إلى إدراك الحقيقة الواقعية‬
‫القائمة بذاتها (مستقلة عن النفس المدركة) إدرا ًكا‬
‫ترتبط المناهج العلمية في دراسة اإلنسان‬
‫ي تعني‬ ‫كامالً‪ .‬وعلى الجانب اآلخر‪ ،‬كلمة الذات ّ‬
‫صف‬ ‫والظواهر الكونية بإشكالية الموضوعية والذاتية‪،‬‬
‫صا واحدًا‪ ،‬فإن ُو ِ‬
‫الفردي‪ ،‬أي ما يخص شخ ً‬
‫شخص بأن تفكيره ذاتي فهذا يعني أنه اعتاد أن‬ ‫فإذا كان اإلنسان كيانًا ماديًا؛ فباإلمكان رصده‬
‫يجعل أحكامه مبنية على شعوره وذوقه‪ ،‬ويُطلق‬ ‫ي‪ ،‬أما إذا كان اإلنسان‬
‫ي‪ /‬خارج ّ‬
‫بران ّ‬
‫ي َّ‬
‫بشكل ماد ّ‬
‫سعًا على ما كان مصدره الفكر وليس‬ ‫ي تو ُّ‬ ‫كيانًا مركبًا يحوي عناصر مادية ترد إلى عالم‬
‫لفظ ذات ّ‬
‫الواقع‪.‬‬ ‫الطبيعة ‪ /‬المادية وعناصر غير مادية؛ فالرصد‬
‫البراني الموضوعي الكافي يصبح غير كافٍ ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫ي في الميتافيزيقا رد كل وجود إلى‬ ‫ويعتبر الذات ّ‬


‫الذات‪ ،‬واالعتداد بالفكر وحده‪ ،‬أما الموضوع ّي‬ ‫ويُشتق "الموضوع ‪ "Object‬من الفعل الالتيني‬
‫فهو رد كل الوجود إلى الموضوع المبدأ الواحد‬ ‫"أوبجباكتاري ‪ "objectary‬ومعناه يعارض أو‬
‫المتجاوز للذات‪ .‬أما في نظرية المعرفة‪ ،‬فإن‬ ‫يلقي أمام‪ ،‬المشتق من فعل "جاكري ‪"Jacere‬‬
‫الذاتية تعني أن التفرقة بين الحقيقة والوهم ال تقوم‬ ‫بمعنى "يُلقى بـ" و "أوب ‪ "Ob‬بمعنى ضد‪.‬‬
‫ي‪ ،‬فهي مجرد اعتبارات‬ ‫على أساس موضوع ّ‬
‫ذاتية‪ ،‬وليس ثمة حقيقة مطلقة‪ ،‬أما الموضوعية‬
‫والموضوع‪ :‬هو الشيء الموجود في العالم‬
‫فترى إمكانية التفرقة‪ .‬وفي علم األخالق‪ ،‬تذهب‬
‫ُدرك بالحس ويخضع‬ ‫الخارجي‪ ،‬وكل ما ي َ‬
‫الذاتية إلى أن مقياس الخير والشر إنما يقوم على‬
‫اعتبارات شخصية؛ إذ ال توجد معيارية‬ ‫للتجربة‪ ،‬وله إطار خارجي‪ ،‬ويُوجد مستقالً عن‬
‫متجاوزة‪ ،‬أما الموضوعية فترى إمكانية‬ ‫اإلرادة والوعي اإلنساني‪.‬‬
‫الوصول إلى معيارية‪ .‬وفي عالم الجمال‪ ،‬تذهب‬
‫الذاتية إلى أن األحكام الجمالية مسألة ذوق‪ ،‬أما‬
‫وعلى الجانب اآلخر‪ ،‬تشتق الذات باإلنجليزية‬
‫الموضوعية فتحاول أن تصل إلى قواعد عامة‬
‫"‪ "subject‬عن نفس أصل كلمة ‪ ،object‬ولكن‬
‫يمكن عن طريقها التمييز بين الجميل والقبيح‪.‬‬
‫بدالً من "أوب ‪ "Ob‬التي تضاف لكمة‬
‫ملف إضافي مرجعي (نقد معماري لطالب السنة الثانية) ‪W. Samhouri‬‬
‫‪2‬‬

‫فقد اتجهت الفرضيات نحو التبسيط للظواهر‬


‫ي‬
‫اإلنسانية‪ ،‬واإليمان بوجود معنى واحد نهائ ّ‬ ‫وترتبط إشكالية الموضوعية والذاتية بالمفارقة‬
‫صائب‪ ،‬يمكن االقتراب منه إن تحلَّى الباحث‬ ‫بين الظاهرة الطبيعة والظاهرة اإلنسانية‪ .‬فقد‬
‫بالموضوعية والحياد‪ ،‬واالعتقاد بأن المعرفة‬ ‫التصورات المادية التي ت ُوحّد بين‬ ‫ُّ‬ ‫طغت‬
‫سلسلة مترابطة الحلقات كل حلقة تؤدي إلى التي‬ ‫الظاهرتين في الفلسفة الغربية‪ ،‬ويعود إسهام‬
‫ِّ‬
‫تخطي حلقة منها ألنها تراكمية‪،‬‬ ‫تليها‪ ،‬وال يمكن‬ ‫علماء مثل وليام ديلتاي (‪ )3133 - 3311‬إلى‬
‫واالقتناع بسيادة مفهوم السببيَّة في الظواهر‬ ‫محاولة التنبيه إلى أن ثمة فارقًا جوهريًا بين‬
‫اإلنسانية بنفس درجة صالبته في الظاهرة‬ ‫الظاهرة الطبيعية والظاهرة اإلنسانية‪ ،‬فقد أكد أن‬
‫الطبيعية‪ .‬وقد اتضحت أبعاد الفكر الموضوعي‬ ‫البرانية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫معرفة اإلنسان من خالل المالحظة‬
‫في موقفها من العديد من القضايا الفلسفية مثل‬ ‫وتبادل المعلومات الموضوعية المادية عنه أمر‬
‫اإلدراك والواقع وعقل اإلنسان‪.‬‬ ‫غير ممكن؛ فهو كائن ذو قصد‪ ،‬أي أن سلوكه‬
‫تحدده دوافع إنسانية ُج َّوانية (معنى ‪ -‬ضمير ‪-‬‬
‫‪ - 1‬عقل اإلنسان‪:‬‬ ‫إحساس بالذنب ‪ -‬رموز ‪ -‬ذكريات الطفولة ‪ -‬تأمل‬
‫في العقل) وبالتالي فهناك مناهج مختلفة لدراسة‬
‫يعتبر عقل اإلنسان صفحة بيضاء قابلة لتسجيل‬ ‫كلتا الظاهرتين‪ .‬وقد قام ديلتاي بنقل مصطلح‬
‫ورصد الوقائع بحياد شديد وسلبية واضحة‪،‬‬ ‫الهرمنيوطيقا ‪ -‬وهي مشتقة من الكلمة اليونانية‬
‫يغيب عنه الحيّز اإلنساني وتسري عليه القوانين‬ ‫ضح ‪ -‬من‬ ‫سِر أو يو ِ ّ‬
‫"‪ "Hermeneuin‬بمعني يُف ّ‬
‫المادية العامة التي تسري على األشياء‪ ،‬وبالتالي‬ ‫علم الالهوت ‪ -‬حيث كان يقصد بها ذلك الجزء‬
‫فإن العقل قادر على التعامل مع الموضوعي‬ ‫من الدراسات الالهوتية المعنى بتأويل النصوص‬
‫الخارجي أي العالم المحسوس بكفاءة بالغة‪،‬‬ ‫الدينية بطريقة خيالية ورمزية تبعد عن المعنى‬
‫وتقل هذه الكفاءة حينما يتعامل مع عالم اإلنسان‬ ‫الحرفي المباشر‪ ،‬وتحاول اكتشاف المعاني‬
‫الداخلي‪.‬‬ ‫الحقيقية والخفية وراء النصوص المقدسة‪ -‬إلى‬
‫الفلسفة والعلوم اإلنسانية‪ ،‬حيث استخدمه لإلشارة‬
‫‪ - 2‬الواقع‪:‬‬ ‫إلى المناهج الخاصة بالبحث في المؤسسات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬والسلوك اإلنساني باعتباره سلوكا ً‬
‫ينظر للواقع الموضوعي باعتباره واق ًعا بسي ً‬
‫طا‬ ‫تحدده دوافع إنسانية ُج َّوانية يصعب شرحها عن‬
‫يتكون من مجموعة من الحقائق الصلبة والوقائع‬ ‫طريق مناهج العلوم الطبيعية‪.‬‬
‫المحددة‪ ،‬وثمة قانون طبيعي واحد يسري على‬
‫الظواهر اإلنسانية والظواهر البشرية على حد‬
‫سواء‪ ،‬وبالتالي فالحقائق عقلية وحسية تعبر عن‬ ‫وانطالقًا من ذلك يُفرق بين التفسير والشرح‪.‬‬
‫كل ما يُحس‪ ،‬حيث العقلي والحسي شيء واحد‪،‬‬ ‫بينما يشير التفسير إلى االجتهاد في فهم الظاهرة‪،‬‬
‫وتترابط أجزاء هذا الواقع الموضوعي من تلقاء‬ ‫وجعلها مفهومة إلى حد ما من خالل التعاطف‬
‫نفسها حسب قوانين الترابط الطبيعية‪ /‬المادية‬ ‫معها وفهمها أو تفهمها من الداخل‪ ،‬يقصد بالشرح‬
‫العامة‪.‬‬ ‫إدخال الظاهرة في شبكة السببية الصلبة المطلقة‬
‫والقوانين الطبيعية‪ ،‬وكشف العالقة الموضوعية‬
‫‪ - 3‬اإلدراك‪:‬‬ ‫بين السبب والنتيجة‪ .‬ولقد انعكست إشكالية مناهج‬
‫دراسة الظاهرة اإلنسانية والظاهرة الطبيعية على‬
‫تُعتبر عملية اإلدراك عملية اتصال بسيط بين‬ ‫الدراسات والبحوث من حيث عالقتها بصياغة‬
‫صفحة العقل البيضاء والواقع البسيط الخام‬ ‫الفرضيات ‪ -‬هي مقولة أو تقرير مبدئي لما يعتقد‬
‫(منبه فاستجابة)‪ ،‬وهي عملية محكومة مسبقًا‬ ‫أنه عالقة بين متغيرين أو أكثر‪ ،‬ويعكس الفرض‬
‫تكهنات الباحث بالنسبة لنتائج البحث المرتقبة‪.‬‬
‫ملف إضافي مرجعي (نقد معماري لطالب السنة الثانية) ‪W. Samhouri‬‬
‫‪3‬‬

‫ى‬
‫(الذات أو الموضوع)‪ ،‬ومن ثم فكالهما واحد ّ‬ ‫بقوانين الطبيعة ‪ /‬المادة‪ ،‬وينظر لالرتباط بين‬
‫يُلغى المسافة وإمكانية التجاوز‪.‬‬ ‫الواقع والمعطيات الحسية في عقل اإلنسان على‬
‫أنه عملية تلقائية باعتبار أن األشياء مرتبطة في‬
‫الواقع برباط السببية الواضح‪ ،‬وال تتأثر عملية‬
‫وفي الواقع فإن بعض الباحثين يؤكدون أن أساس‬ ‫اإلدراك بالزمان أو المكان أو موقع المدرك من‬
‫اختيار الحقائق أكثر أهمية وداللة من الحقائق في‬ ‫الظاهرة‪.‬‬
‫ذاتها‪ ،‬وكم المعلومات مهما تضخم ال عالقة له‬
‫بالصدق أو بالداللة‪ ،‬فالصدق والكذب ليسا كامنين‬ ‫‪ - 4‬بعض نتائج الموضوعية المادية‪:‬‬
‫في الحقائق الموضوعية (أي من حيث هي‬
‫كذلك)‪ ،‬وإنما في طريقة تناولها‪ ،‬وفي القرار‬ ‫تلغي الموضوعية (المادية) كل الثنائيات‪،‬‬
‫الخاص باختيارها أو استبعادها‪ .‬ويعتبر البعض‬ ‫صا ثنائية اإلنسان والطبيعة‪ .‬تدور‬
‫وخصو ً‬
‫أن االفتراضات التي يستند إليها الفكر‬ ‫الموضوعية في إطار السببية‪ ،‬وتنقل مركز‬
‫الموضوعي تنبع من العقالنية المادية لعصر‬ ‫اإلدراك من العقل اإلنساني إلى الشيء نفسه‪،‬‬
‫االستنارة‪ ،‬وقد ثبت أنها افتراضات إما خاطئة‬ ‫وبالتالي ال تعترف بالخصوصية‪ ،‬ومنها‬
‫تما ًما أو بسيطة إلى درجة كبيرة‪ ،‬ولذا فمقدرتها‬ ‫الخصوصية اإلنسانية‪ ،‬فهي تركز على العام‬
‫التفسيرية ضعيفة‪ ،‬وهذا يعود لعدة أسباب‪:‬‬ ‫والمشترك بين اإلنسان والطبيعة‪ ..‬باإلضافة‬
‫لذلك‪ ،‬ال تعترف الموضوعية بالغائيَّات‬
‫‪ - 1‬تركيبية الواقع وخصوصية الظواهر‪:‬‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وال بالقصد باعتبارها أشياء ال يمكن‬
‫دراستها أو قياسها‪ ،‬بينما تفضل الموضوعية‬
‫صلبًا‪،‬‬ ‫فالواقع المادي ليس بسي ً‬
‫طا وال صلدًا وال ُ‬ ‫براني‬
‫الدقة الكمية‪ ،‬وتعتبر المعرفة نتاج تراكم ّ‬
‫وإنما مركب ومليء بالثغرات‪ ،‬وال ترتبط‬ ‫للمعلومات‪.‬‬
‫معطياته الحسية برباط السببية الصلبة‬
‫الواضحة؛ إذ ثمة عناصر مبهمة فيه‪ ،‬وثمة‬ ‫‪ - 5‬الموضوعية المادية والنموذج التراكمي‪:‬‬
‫احتماالت وإمكانيات كثيرة يمكن أن يتحقق‬
‫بعضها وحسب وال يتحقق البعض اآلخر‪.‬‬ ‫النموذج الكامن في الرؤية الموضوعية يفترض‬
‫أن كل المشتركين في العلوم (إن توافرت لهم‬
‫ولذا ال يمكن فهم الواقع من خالل القوانين‬ ‫الظروف الموضوعية) يفكرون بنفس الطريقة‬
‫البسيطة الصلبة المطلقة‪ ،‬وإنما من خالل‬ ‫ويسألون نفس األسئلة‪ ،‬ولذلك فإن عملية التراكم‬
‫االفتراضات والقوانين االحتمالية والسببية‬ ‫ستوصل إلى نموذج النماذج "القانون العام"‪.‬‬
‫الترابطية‪ ،‬ولذا أصبح العلماء يدركون خطورة‬ ‫ويرى النموذج الموضوعي أن العقل قادر على‬
‫التجريب العلمي‪ ،‬وأنه ليس من الممكن القيام‬ ‫إعادة صياغة اإلنسان وبنيته المادية‬
‫بكل التجارب الممكنة التي تعطي كل‬ ‫واالجتماعية في ضوء تراكمه المعرفي وبما‬
‫االحتماالت‪.‬‬ ‫يتفق مع القوانين الطبيعية‪.‬‬
‫ويالحظ أن ثمة استقطابًا حاد ًا بين الموضوعية‬
‫‪ - 2‬خصوصية وتركيبية اإلدراك‪:‬‬ ‫(في تأليهها للكون وإنكارها للذات)‪ ،‬والذاتية‬
‫(في إنكارها للكون وتأليهها للذات)؛ وبالتالي‬
‫تعتبر عملية اإلدراك مسألة غاية في التركيب‪،‬‬ ‫تصبح العالقة بين الذات والموضوع واهية‪ ،‬وقد‬
‫فبين المنبه المادي واالستجابة الحسية والعقلية‬ ‫تختفي تما ًما‪ ،‬ولكن ثمة تشاب ًها بين الذات‬
‫يوجد عقل مبدع ينظم وهو يتلقى‪ .‬وعملية رصد‬ ‫والموضوعية‪ ،‬فكالهما يدور في إطار الحلولية‬
‫اإلنسان من جانب آخر‪ ،‬تعتبر عملية بالغة‬ ‫الكمونية التي تفترض وجود مركز للكون داخله‬
‫التركيب‪ ،‬فالحقائق اإلنسانية ال يمكن فهمها إال‬
‫ملف إضافي مرجعي (نقد معماري لطالب السنة الثانية) ‪W. Samhouri‬‬
‫‪4‬‬

‫إن الذاتية في النقد هي تلك الرابطة الوجدانية التي بين‬ ‫ي‬


‫من خالل دراسة الفاعل وعالمه الداخل ّ‬
‫الناقد واألثر المنقود‪ ،‬وإن الموضوعية فيه هي ذلك‬ ‫والمعنى الذي يسقطه عليه‪.‬‬
‫االتجاه الذي يكون بصدد إيضاح عالقة األدب بالوسط‬
‫االجتماعي والبيئة الفنية‪ ،‬أو التماس األسباب التي‬
‫‪ - 3‬خصوصية القول وتركيبية اإلفصاح‪:‬‬
‫أثرت في وفرة هذا اللون من األدب‪ ،‬وقلة لون آخر‬
‫في قطر من األقطار‪ ،‬أو بحث نشوء الشعر السياسي‬
‫أو الشعر األخالقي‪ ،‬أو شعر المجون في وسط من‬ ‫يمكن للغة التي يستخدمها المدرك لإلفصاح عن‬
‫األوساط‪ ،‬فالقول بأن ذلك اللون كان ذاتيا يعني أن‬ ‫إدراكه للواقع أن تكون لغة جبرية دقيقة في‬
‫المرجع فيه إلى ذوق الناقد‪ ,‬وبأن هذا اللون كان‬ ‫وصف بعض الظواهر الطبيعية‪ ،‬أما إذا انتقل‬
‫موضوعيا يعني أن ذوق الناقد ال دخل له فيه ؛ إذ هو‬ ‫إلى الظواهر األكثر تركيباً‪ ،‬فنحن عادة ما‬
‫يعتمد قبل كل شيء على الخبرة العلمية التي تعين‬ ‫نستخدم لغة مركبة قد تكون مجازية أو رمزية‬
‫على تفسير الظواهر األدبية (المعمارية)‪ ،‬وشرح‬
‫أو غير لفظية‪ ،‬وهي لغة تختلف من شخص‬
‫الظروف التي كونتها‪ ,‬والعوامل االجتماعية والفردية‬
‫التي أسرعت بها إلى الظهور‪.‬‬ ‫آلخر‪ .‬وبنا ًء على ما سبق يتضح أن فكرة‬
‫الموضوعية الكاملة واالنفصال الكامل للذات‬
‫ومن الضروري أن نعلم أن النقد الذاتي والنقد‬ ‫المدرك مجرد أوهام‬‫َ‬ ‫المدركة عن الموضوع‬
‫ِ‬
‫الموضوعي ليس بينهما تباين‪ ،‬فينبغي أال يفهم من هذا‬ ‫‪.‬‬
‫أن النقد إما أن يكون ذاتيا صرفا أو موضوعيا صرفا‪،‬‬
‫فهذا خطأ ؛ فالدراسات الموضوعية كثيرا ما تعتمد‬ ‫‪-------------------------------------‬‬
‫على الف طنة الذوقية‪ ،‬فنراهما معا يجندان قواهما الفنية‬
‫والعلمية في سبيل بحث األدب ونقده‪.‬‬
‫الذاتية والموضوعية أساس ألي دراسة علمية وإنسانية‬
‫جادة في الحياة الجامعية وخارجها‪...‬‬

‫عند قراءة هذا الموضوع يطلب استبدال‬


‫المحاكاة في األدب (العمارة)‬ ‫"األدب"بالعمارة"‬
‫المحاكاة مصطلح نقدي استعمله أقدم الفالسفة لتفسير‬ ‫وسيتبين للطالب الحاذق مناسبة كل منهما لآلخر وأحياناً‬
‫األعمال الفنية والكشف عن طريقة خلقها ‪ ،‬وقد اختلف‬ ‫تطابقهما‪..‬‬
‫تفسير نظرية المحاكاة للفن على مر العصوروتقوم‬
‫على أن العمل الفني يُخلق بمحاكاة مرجع خارجي‬ ‫النقد األدبي ‪/‬جنزور‬
‫موجود في الطبيعة وكائناتها ‪:‬‬ ‫قسم اللغة العربية ‪ -‬كلية التربية جنزور‬

‫فالمحاكاة عند أفالطون استندت إلى " نظرية المثل‬


‫العليا " وتقوم على أن لكل شيء في الحياة مثاال كامالً‬ ‫لذاتية والموضوعية في النقد‪:‬‬
‫ومتكامالً في عالم المثل ‪ ,‬ولكننا ال نستطيع لمسه في‬ ‫يكون النقد ذاتيا إذا كان يعتمد على ذوق الناقد‬
‫خال من‬
‫عالم الواقع ‪ ،‬فالعالم الواقعي الذي نعيشه ٍ‬ ‫وفطرته‪ ،‬وموضوعيا إذا كان يتناول أشياء خارجية‬
‫المثل العليا وكل ما نجده فيه ما هو اال تقليد ومحاكاة‬ ‫يفصل فيها بالعقل والمنطق‪ ,‬ال بالفطرة والذوق‪.‬‬
‫لما هو كائن في عالم المثل‬
‫فالفنون عامة واآلداب من وجهة نظره تقوم على‬ ‫"فطه حسين" إذ ينقد شعر "المتنبي" فيعرضه على‬
‫محاكاة لجوهر الطبيعة ‪ ،‬وهذا الجوهر ينتمي لعالم‬ ‫ذوقه ليحدثنا عما فيه من قوة وجمال يكون نقده ذاتيا‪,‬‬
‫عقلي ( عالم المثل العليا(‬ ‫و"العقاد" إذ يشرح لنا أثر البيئة االجتماعية في شعر‬
‫"ابن الرومي" مستخدما علم الخبير االجتماعي يكون‬
‫أما أرسطو فانه يفسر المحاكاة في العملية الشعرية‬ ‫نقده موضوعيا ‪.‬‬
‫بأنها ليست مجرد نسخ وتقليد حرفي ‪ ،‬وإنما هي رؤية‬
‫إبداعية يستطيع الشاعر (المعماري) بمقتضاها أن‬

‫ملف إضافي مرجعي (نقد معماري لطالب السنة الثانية) ‪W. Samhouri‬‬
‫‪5‬‬

‫والسامع ويجعلها تتعجب وتطرب من مشاهد الصور‬ ‫يخلق عمالً جديدا ً من مادة الحياة والواقع ‪ ،‬طبقا ً لما‬
‫في القصيدة ‪ .‬ص ‪05‬‬ ‫كان ‪ ،‬أو لما هو كائن ‪ ،‬أو لما يمكن أن يكون ‪ ،‬أو كما‬
‫يعتقد إنه كان ‪،‬‬
‫علم الجمال أو (علم االستطيقا ) ‪:‬‬ ‫وبهذا تكون داللة المحاكاة ليست إال " إعادة صنع "‬
‫علم حديث النشأة انبثق بعد تاريخ طويل عتيق من‬ ‫فالشعر عند أرسطو كغيره من الفنون عبر عن محاكاة‬
‫الفكر الفلسفي التأملي حول الفن والجمال وبهذا المعنى‬ ‫وليست تقليد حر في لسطح الواقع ‪ ,‬وإنما محاكاة‬
‫يعد علم الجمال علما قديما وحديثا في وقت واحد‪.‬‬ ‫يلعب الخيال فيها دوره ومن ثم يقدم حقيقة أسمى ‪ ،‬أي‬
‫واقع جديد تعلو منزلته على الواقع الفعلي ‪ ،‬فالشاعر‬
‫فاليونان لم تكن لديهم معرفة في ذاته ولذاته ولكن‬ ‫يحور مادته الخام ويعيد ترتيب أجزائها ويحذف‬ ‫ّ‬
‫كانت اهتمامهم بالفن من حيث عالقته بالخير أو داللته‬ ‫زوائدها ويؤكد ضرورتها في سبيل تحقيق ما هو‬
‫على الحقيقه‬ ‫عالمي ومثالي‪.‬‬
‫ومن السهل أن نفرق بين الجمال كما يبدو في الطبيعة‬ ‫ومنها يتبين الفرق ‪ ،‬حيث إن أفالطون يفسر المحاكاة‬
‫وعند الفنان الحساس الذي يتركز الجمال من خياله‬ ‫بنظرة مثالية عقالنية ‪ ،‬بينما يفسرها أرسطو بنظرة‬
‫المبدع الذي يخلعه على الطبيعة من دون وعي منه‪،‬‬ ‫واقعية ‪.‬‬
‫فاإلبداع الفني يظهر صورة جديدة تتوافر فيها الصفة‬ ‫ويمكن القول إن المحاكاة الشعرية توصل إلى خلق‬
‫الجمالية التي تعتمد االختيار والتفسير والتنظيم ألشياء‬ ‫المثال الذي يتحقق فيه الواقع الذي يتجاوز الطبيعة‬
‫غير متفاعلة في األشكال الطبيعية‪ ،‬وهذا عكس النقل‬ ‫وهكذا يحول الحقائق والوقائع إلى أشياء لم تحدث وال‬
‫الحرفي اآللي لجمال الطبيعة ‪.‬‬ ‫يمكنها أن تحدث في عالم التجربة العملية ومن ثم فهو‬
‫ال يقدم الواقع وإنما " فكرة الواقع " كما طرأت في‬
‫إن الفن ال يكون تقليدياً‪ ،‬فالعمل الفني يفسر األشياء‬ ‫ذهن الشاعر أو الفنان التشكيلي أو الموسيقي أو‬
‫ولكن بأسلوب خاص فهو التعبير بطريقة الصورة‬ ‫النحات‬
‫الفنية عن محتوى فني بيّن‪ ،‬وليس من شك في أن أي‬ ‫الخيال ودوره في األدب والشعر‪( :‬والعمارة)‪:‬‬
‫معنى يمكن أن يكشفه اإلنسان في الطبيعة يختلف من‬ ‫الخيال من أهم عناصر العمل األدبي ‪،‬ومعلوم ان‬
‫حيث النوع عن الجمال المعبر عنه في الفن ‪.‬‬ ‫معلوماتنا عن الكون والحياة تصلنا عن طريق‬
‫ومجال (االستطيقا) هنا هو (تحديد) العالقات الجديدة‬ ‫الحواس ‪ ،‬وان شعور اإلنسان بأشياء حاضرة فعال‬
‫التي أوجدها الفنان بين األشياء المفردة وصنع منها‬ ‫تؤثر في حواسه هو مانسميه " اإلدراك الحسي " وأما‬
‫عالما موحداً‪ ،‬يتصف بالحيوية والحركة أي صنع‬ ‫شعور اإلنسان بأشياء غير حاضرة واستعادة اإلنسان‬
‫شكالً ممتعا ً بغموض‪ ،‬هذا هو الجمال الذي يقع خارج‬ ‫في ذهنه الصور التي أدركها من قبل بالحس هو ما‬
‫الطبيعة والذي أدركه الفنان بعبقريته‪ ،‬وأحس به الناقد‬ ‫نسميه " الخيال أو التخيل‪" .‬‬
‫والمتلقي عن طريق (اإلدراك الحسي) لذلك فإن جمال‬ ‫ولعنصر الخيال شان كبير في األعمال العقلية وفي‬
‫األشياء ال يتم مستقالً عن (الفهم) اإلنساني‪ ،‬وهذا الفهم‬ ‫الحياة العملية نفسها ‪ ،‬فهو خطوة أرقى من اإلدراك‬
‫اإلنساني (أي اكتشاف العالقات الجديدة)‪ ،‬هو مادة‬ ‫الحسي ومن مجرد التذكر نفسه ‪ ،‬فالتخيل يعين‬
‫(االستطيقا‪).‬‬ ‫اإلنسان على استغالل الماضي للمستقبل‪.‬‬
‫وبما أن هذا الفهم يخضع للتطور والتبدل عن طريق‬ ‫ولهذا العنصر أثره في النص األدبي (والمشروع‬
‫تفاعل اإلنسان مع الطبيعة والمجتمع‪ ،‬فأصبح جزءأ ً‬ ‫المعماري) فالشاعر يلتقط كل ما رأى وما سمع طول‬
‫من ذلك الفهم من اختصاص التحليل االستطيقي وبذلك‬ ‫حياته ‪ ،‬وال يفوته منظر حتى ولو كان من أدق‬
‫أصبحت (االستطيقا) علما ً نظريا ً يبحث في مشكالت‬ ‫المشاهد وأخفاها ولو حفيف أوراق الشجر ثم يخزنه ثم‬
‫العالقات الفنية التي تصنع الجمال في الفن‪ .‬تلك‬ ‫يهيم الخيال فيستخرج منه صورا وآراء متناسبة‬
‫العالقات المتجددة التي تضمن لالستطيقا عمالً‬ ‫متسقة في األوقات المالئمة‪.‬‬
‫مستمرا ً وتطورا ً دائماً‪ ،‬أي أصبح من اختصاص‬ ‫وتبدو صور الخيال في النص األدبي في التشبيه‬
‫(االستطيقا) البحث عن تأثير األشياء التي تقع ضمن‬ ‫والمجاز واالستعارة والكناية وحسن التعليل والمبالغة‬
‫تجربة الفنان في أثناء إبداعه الفني‪ ،‬الذي يظهر بشكل‬ ‫وغيرها ‪ ،‬واألديب يستطيع بخياله أن يبعث في النص‬
‫غامض في شكل عالقات يلتقطه المتلقي بإدراكه‬ ‫األدبي قوة وروحا وحياة‪.‬‬
‫الحسي‪ ،‬والناقد المبدع ببصيرته النافذة عبر أشكال‬ ‫والخيال هو األداة الالزمة إلثارة العاطفة وإشعالها‪،‬‬
‫األشياء وعالقاتها المتفاعلة تفاعالً عضويا ً بشكل‬ ‫وهو الذي يملك به الشاعر أو األديب نفس القارئ‬
‫حيوي متحرك ‪.‬ص ‪391‬‬
‫ملف إضافي مرجعي (نقد معماري لطالب السنة الثانية) ‪W. Samhouri‬‬
‫‪6‬‬

‫اإليقاع ‪:‬‬
‫فى اللغة العربية لفظ اإليقاع مشتق من التوقيع ‪ ،‬و هو‬
‫نوع من المشية السريعة ‪ ،‬إذ يقال " وقع الرجل " أى‬
‫مشى مسرعا مع رفع يديه ‪ .‬و من المعروف أن مشية‬
‫اإلنسان من أهم األصول الحيوية التي يرجع إليهما‬
‫اإليقاع ‪ ،‬و اإليقاع لغويا يقصد به " اتفاق األصوات و‬
‫توقيعها فى الغناء "‬
‫ويعرف اإليقاع بأنه حركة منتظمة متساوية ومتشابهة‬
‫تقوم على التكرار المنتظم ويلعب الزمن فيها دورا ً‬
‫مهما ً‬
‫وهو من المصطلحات التي تتصل بالبناء الموسيقي‬
‫للغة الشعر كالعروض والموسيقى والوزن ‪ ،‬وهذه‬
‫المصطلحات ليست خارجة عن الشعر تضاف إليه‬
‫‪،‬بل هي نابعة منه‪،‬تفرضها أحاسيس الشاعر وأفكاره‬
‫‪،‬وتبرزها عاطفته ‪،‬فليس هناك تحكم في التزام نظما ً‬
‫موسيقية معينة ‪،‬تفرض على الشاعر ‪،‬بل هو حر في‬
‫صياغة شعره ‪،‬على النحو الموسيقي المؤثر ‪،‬‬
‫فالموسيقى مظهر من مظاهر الجمال وليست هي‬
‫الجمال‪.‬‬

‫و إذا كانت الموسيقى هى المعرفة الجماعية مثل‬


‫العروض بزحافاته و علله و قوافيه ؛ فإن اإليقاع هو‬
‫المعرفة الخاصة و العزف المنفرد ‪ ،‬أي إنه من قبيل‬
‫اإلبداع وبقدر ما يكون في للشاعر إيقاعه الخاص‬
‫وصوته الفردي يكون إبداعه وأصالته‬
‫فاإليقاع هو السبيل الذى يستند إليه الشاعر فى حركة‬
‫المعنى ‪ ،‬فالموسيقى الحقيقية هي موسيقى العواطف‬
‫والخواطر ‪،‬تلك التي تتواءم مع موضوع الشعر ‪،‬و‬
‫تتكيف معه‬
‫و اإليقاع في الشعر تمثله التفعيلة في البحر العربي ‪..‬‬
‫فحركة كل تفعيلة تمثل وحدة اإليقاع في البيت أما‬
‫الوزن فهو مجموع التفعيالت التي يتألف منها البيت ‪.‬‬
‫ص ‪31‬‬

‫ملف إضافي مرجعي (نقد معماري لطالب السنة الثانية) ‪W. Samhouri‬‬

You might also like