Professional Documents
Culture Documents
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
محمد الخي (إعداد) ،مناهج البحث التربوي ،سلسلة التكوين التربوي ،طبعة ،2001ص .7-6 1
ميشيل ماركو فيتش ،العلم والإيديولوجيا ،ترجمة أحمد السطاتي ،منشورات مجلة أقلام -الرباط .نقلا عن محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد أعالي (ترجمة) ،الفلسفة الحديثة :نصوص مختارة ،إفر يقيا الشرق – المغرب ،طبعة ،2001ص 2
.223-224
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
وبالنسبة للفكر المعاصر فإن العالم المعقول لدى السكولائيين عالم وهمي ،فليس هناك لنسق منتظم من الماهيات التي ستكون هي المجال
الأمثل للعقل الذي يستكشفها بواسطة المنطق -فقاعدة البداهة لدى ديكارت مستحيلة ،ليس هناك حقائق أولية بديهية في ذاتها ،فالعقل
ليس هو ملـكة إدراك هذه البديهيات ملـكة مستضيئة بذاتها .أما اليوم فإن الفهم هو القدرة على إعادة إنجاز شيء ما .فالمفهوم ()Concept
يكون مفهوما عندما يكون لدينا تعر يف إجرائي له .والظاهرة تكون مفهومة عندما نكون قادرين على إعادة إنجازها ،على الأقل ضمنيا ،وبالتالي
التنبؤ بها ،فالفهم قدرة وسلطة (.)....
لاحظ غ .باشلار أن الموقف العلمي موقف نقدي ،فهو امتداد للنقدية الـكنطية التي تجعل من العقل مصفاة للظواهر لا تمرر إلا ما
هو مطابق لمتطلباته قبليا.
لـكن بالنسبة لكانط ،تشكل هذه المتطلبات العقلية ،من ناحية بالنسبة للعقل ،مضمونا دائما ،أشكال حدس ومقولات منطقية ،ومن
ناحية أخرى ،بالنسبة للعالم الموضوعي ،إطارا ثابتا يتعين عليه أن يتكيف معه بالقوة .أما بالنسبة للعلم المعاصر ،فإن المطلب تجاه العالم يتلخص
فيما يلي :وهو أن يسمح بقيام المعرفة به أي أن يتوصل إليه ويتعرف عليه بواسطة عمليات منتظمة ،عمليات تجريبية دقيقة مترجمة إلى عمليات
ذهنية محددة وطبيعة هذه العمليات غير محددة ،لم يعد هناك مضمون للعقل الذي هو نشاط محض :فهو فقط القدرة على إنشاء منظومات
من القواعد وعلى تطبيقها وعلى اختبارها .وإذا ما أخذنا تمييز لالاند وبرونشفيج بين عقل متأسس وعقل مؤسس فإن العقل المؤسس هو
النشاط الملازم لمس ار البحث العلمي الذي ينشئ منظومات القواعد الإجرائية ،أما العقل المتأسس في لحظة معينة من التاريخ ،فهو منظومة
القواعد المتبناة والتي إليها تنسب قيمة مطلقة -هكذا يمكن أن نقول إن العقل المتأسس قد اندثر لصالح العقل المؤسس.
وإذا ما كان من المم كن أن نتحدث عن إطار ،بالنسبة للظواهر ،فإنه لن يكون مفروضا عليها ،بل يتعين عليه أن يتكيف معها .وما
تطور الفيز ياء المعاصرة ،منذ نظر ية النسبية سوى تاريخ الإنشاء التدر يجي والعسير ،وأحيانا المضني ،لإطار عقلي تفرضه التجربة ،وليس
مفروضا عليها.
هكذا نستلخص أن بين الفكر والواقع اختيارا متبادلا وتحديدا متبادلا ،وذاك هو العلم التحكم والخضوع هما قطبا ما هو عقلاني (.)...
إذا لم يعد هناك عقل متأسس على مبادئ عقلية خالدة وإذا كان من الصحيح أن العقل المؤسس هو في النهاية محض نشاط ،فإنه
يظل من الممكن ومن المفيد أن نصنف هذا النشاط ونحلله باعتباره ميولا واتجاهات وبذلك نعيد من جديد اكتشاف بعض الأفكار المرتبطة
تقليديا بأفكار العقل :الهو ية ،عدم التناقض العلية ،الحقيقة
وبقد ما كان العقل منظورا إليه على أنه مزود بمضمون المبادئ التقليدية للمنطق ،كان من المفروض أنها تفرض ذاتها على العالم
الموضوعي ،بصورة ضرور ية .فقد كانت هذه المبادئ تصلح لتحليل هذا العالم بواسطة مفاهيم ثابتة .لا أحد يسمح بهذا الافتراض ،فالعلم لا
يؤكد هذا التحليل.
لـكن هذه المبادئ تأخذ كامل معناها من حيث هي قواعد للنشاط الذهني ،وهي قواعد تفرض نفسها على كل منظومة تود إنشاءها،
وهي إنما تعبر عن قدرة العقل على إنتاج عملياته الخاصة دون أن يحرفها".3
3
J. Ulmo, La pensée scientifique moderne p. 228-232.
نقلا عن محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد أعالي (ترجمة) ،الفلسفة الحديثة :نصوص مختارة ،إفر يقيا الشرق – المغرب ،طبعة ،2001ص .224-223-222
2
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
موريس أنجرس ،منهجية البحث العلمي في العلوم الإنسانية :تدريبات عملية ،ترجمة صحراوي بوزيد وآخرون ،الجزائر ،دار القصبة للنشر ، 2006،ص .59-58 4
يمنى طر يف الخولي ،مشكلة العلوم الإنسانية :تقنينها وإمكانية حلها ،مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة ،2012 ،ص .13 5
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
يمكن أن تقف العلوم الأخلاقية على أقدامها؟ كما أن إعطاء اسم مشترك للدراسات الإنسانية بأنها علوم أخلاقية يمكن أن تثير جدلا حول
علاقة تلك العلوم بعضها بالبعض الآخر ...هل هي تعالقية فعلا؟ وهل تشترك جميعها في أسس مناهجها؟ وكيف يتمايز مثلا المدخل التار يخي
عن المدخل الاجتماعي وفي نفس الوقت يتلاءمان؟
إني اعتقد ،وآمل في أن أبين ،إن التصنيف الثنائي للعلوم إلى علوم أخلاقية وأخرى طبيعية له معنى دقيق ومفید .لما كان المصطلح
"علوم أخلاقية" moral sciencesقليل الاستخدام عموما ،كما أن الترجمة الألمانية له بالمصطلح Geisteswissen shaftanغامضة المعنى
بالنسبة إلى القارئ بالإنجليز ية ،فلقد اخترت مصطلح "الدراسات الإنسانية" ،وهو مصطلح بدأ ذيوع انتشاره على الرغم من شعبية مصطلح
"العلوم الاجتماعية" ،ومصطلح الإنسانيات .نعم إن هذين المصطلحين الأخيرين يغطيان بعض الموضوعات المتضمنة في الدراسات الإنسانة
ويمكن أن يستخدما أحيانا كمترادفين لمصطلح "الدراسات الإنسانية" لـكن معنى أي منهما أضيق ،فنحن لا نفكر في علم النفس أو الاقتصاد
على أنها جزآن من الإنسانيات ،كما إننا لا نفكر في الفلسفة على أنها علم اجتماع".6
6ه.ب.ر يكمان :منهج جديد للدراسات الإنسانية ،محاولة فلسفية ،ترجمة علي عبد المعطي ومحمد علي محمد ،مكتبة مكاوي ،بيروت لبنان ،الطبعة الأولى 1979 ،ص.108-107 ،
2
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
علي عبد المعطي محمد ،قضايا العلوم الإنسانية ،إشكالية المنهج ،إشراف يوسف زيدان ،الهيئة العامة لقصور الثقافة ،سلسلة الفلسفة والعلم ،1996 ،بتصرف ،ص .22-21نقلا عن حنان قصبي ومحمد الهلالي ،في المنهج ،دفاتر فلسفية 7
نصوص مختارة ،25 ،دار توبقال للنشر ،الطبعة الأولى ،2015ص .49-48
لوسيان غولدمان ،العلوم الإنسانية والفلسفة ،ترجمة يوسف الأنطكي ،المجلس الأعلى للثقافة ،1996 ،ص .60-59 8
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
"كان التفكير الذاتي المنطقي ،الذي رافق تطور العلوم الإنسانية في القرن التاسع عشر ،محكوما كلية بنموذج العلوم الطبيعية .وذلك ما
تبينه إطلالة عجلی على تاريخ كلمة ( Geisteswissen schaftenالعلم الإنساني) .ومع ذلك ،تكتسب هذه الكلمة معناها المألوف لدينا إذا
جاءت بصيغة الجمع فقط ،فالعلوم الإنسانية (علوم الروح) Geisteswissen schaftenتدرك ذاتها بوضوح شديد من خلال قياسها بالعلوم
الطبيعية التي يضمحل فيها الأثر المثالي المتضمن في مفهوم الروح Geistومفهوم علم الروح .لقد صارت كلمة GeisteSwissen schaften
كلمة شائعة بفضل مترجم كتاب المنطق Logicلجون ستيوارت مل .حاول مل في ملحق عمله ،أن يحدد إمكانيات تطبيق منطق استقرائي
على العلوم الأخلاقية .ولقد سمي المترجم هذه العلوم الأخلاقية ،بالعلوم الإنسانية .وحتى في سياق كتاب ميل "المنطق" ،يبدو جليا عدم
وجود مسألة الاعتراف بأن للعلوم الإنسانية منطقها الخاص .وعلى العكس ،هناك ما يؤكد أن المنهج الاستقرائي ،وهو المنهج الأساسي للعلم
التجريبي برمته ،هو المنهج الصائب الوحيد في هذا الحقل أيضا .ومن هذه الناحية ،ينخرط ميل في تقليد إنجليزي منحه هيوم الشكل الأشد
أثرا في مقدمة كتابة رسالة في الطبيعة البشر ية .يعني العلم الأخلاقي أيضا بتأسيس التشابهات والانتظامات والامتثال للقانون ،هذه التي تقيم
إمكانية التنبؤ بالظواهر والعمليات الفردية .وفي ميدان الظواهر الطبيعية ،ليس بالوسع بلوغ هذا الهدف على الدوام وبالمدى نفسه ،غير أن
سبب هذا التغير هو أن المعطيات الكافية التي تتأسس عليها التشابهات لا يمكن الحصول عليها دائما .وعلى ذلك ،فإن منهج علم الأرصاد الجو ية
هو نفسه منهج الفيز ياء ،لـكن معطياته غير كاملة ،ومن ثم تكون تنبؤاته غير يقينية .و يصح الأمر نفسه في ميدان الظواهر الأخلاقية
والاجتماعية .إن استخدام المنهج الاستقرائي متحرر أيضا من جميع الافتراضات الميتافيز يقية ،وهو يبقى مستقلا تمام الاستقلال عن كيفية
تفكير المرء في الظواهر التي يلاحظها".9
هانز جورج غادامير ،الحقيقة والمنهج :الخطوط الأساسية لتأو يلية فلسفية ،ترجمة حسن ناظم وعلي حاكم صالح ،دار أو يا للطباعة والنشر والتوز يع والثقافة ،الطبعة الأولى ،2007 ،ص .50-49 9
2
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
ألسنا نبرر في إثباتنا أن طبيعتنا لا توجد إلا كلوح مصقول الوجه الأشد إلزاما للتربية؟ لقد قال الفيسيوس في مقدور التربية كل شيء،
ولقد تبنى السلوكيون هذا الإثبات في حماسة مقلقلة.....
وهكذا نفترض قابلية التشكل الكلية لدى الإنسان وجبروت التربية فنقصر هذه الأخيرة على ترو يض يؤلف -حتى إذا ما اتخذ هيئة
تكييف شرطي بدون ما إكراه -إجبارا مطلقا يقوم به المربي على الذي يتلقى التربية...
ومن أجل ذلك ،لا يمكن للتربية أن تشجب فكرة الطبيعة التي تؤلف معاكسها الضروري .وفي استطاعتنا أن نأخذ على مناصري
"الطبيعة"و "النمو العفوي" ،أنهم تمثلوها تمثلا انفعاليا أكثر منه موضوعيا....
ومهما يكن من أمر فإن فائدة مفهوم الطبيعة مهما قل وضوحه ،تقوم في إثبات أن كل شيء ليس ممكنا في التربية ،وأن المربي يصطدم
بمقاومة لا يستطيع أن ينكرها أو أن يهدمها بغير أن يهدم مشروعه بالذات...
إن الطبيعة هي الطبع الخاص لدى كل ولد أي طر يقته الخاصة في العمل والإحساس ،وإذا ما جهلنا ذلك وأردنا أن ندخل الولد
في قالب مشترك وأجبرناه على أن يكون "عاملا كأخيه" أو "فاضلا كجديه" أو شكنا أن نثبط همته على الدوام ،لأننا لا نستند إلى قوته الخاصة.
لا تقوم التربية في تكوين بشر بحسب نموذج مشترك بل في الإفراج في كل إنسان عما يحول دون أن يكون ذاته ،وفي أن نخوله أن يحقق
10
نفسه بحسب نبوغه الفريد"
النص رقم :3مشكلة تعر يف التربية
"لا تستطيع أن تتصور منذ خمسين سنة ،وجود مؤلف في البيداغوجيا من غير أن يبتدئ بتعر يف للتربية بشكل محلل ومناقش ،ومن
هنا كانت مئات التعار يف المقترحة .لقد تغيرت المناهج مع تغير الأزمات إننا نبحث أحيانا عبثا في المراجع الهامة التي تتناول التربية عن
تعر يف صحيح ودقيق ،الأمر الذي قاد إلى عدة مناقشات عقيمة بعض الشيء ،لأنها تجعلنا ندافع عن التربية حسب ما نريد أن نفهمه منها،
وننتقد (بالمقابل) كل ما لا يستجيب مع التعر يف الذي أعطيناه لها.
إن المهمة ليست سهلة بالمرة ،ويبدو أن من المفيد في هذا المجال أن نتساءل تساؤلا منهجيا قبل كل شيء .فكل التعار يف تنطلق
بشكل من الأشكال من تصور قبلي .وستحاول تجريب طر يق آخر ،سندرس إخلاصا لتعليم معلمينا مواقف معينة .سنحاول وصفها ثم البحث
عن تلك التي يمكن أن نسميها تربو ية .وهاهنا سيكون 11بمقدورنا أن ندخل في الحسبان مفهوم التربية الجيدة أو التربية الرديئة.12
أوليفيي ر بول فلسفة التربية ،ترجمة جهاد نعمان ،بيروت -باريس ،منشورات عويدات ،الطبعة الأولى 1978ص 48وما بعدها .نقلا عن خالد المير وآخرون ،ما هي علوم التربية ،سلسلة التكوين التربوي ،العدد 1ص .65 10
خالد المير وآخرون ،ما هي علوم التربية ،سلسلة التكوين التربوي ،العدد 1ص .62 11
12
G. Mialaret, Les sciences de l'éducation, Q.S.J N 1645, Paris, P.U.F. 3eme Edition, 1984, p.15
2
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
الأول هو الفعل Educareوهي تعني يغذي (تغذية طفل على سبيل المثال) أو العناية بالأشجار وتربية الحيوان .أما الفعل الثاني فهو Educere
و يعني أخرج أو استخرج مثل :إخراج قارب من الميناء ،وبناء منزل ،وإبعاد شخص خارج المدينة أو خارج منزله ،أو تسيير جيش أو ولادة،
ومن أجل التمييز بين الفعلين يستخدم المربي اللاتيني "فارو" " "Vamronمثالين هامين للتمييز بين الفعلين :فالأول يتمثل في فعل إرضاع الطفل
وتغذيته ،أما الثاني فيتمثل في فعل توليد المرأة الحامل.
وفيما بعد بدأت هذه الكلمة تغطي مجالات نفسية سيكولوجية وتربو ية وثقافية بالغة التنوع .وأصبحت كلمة " "Educationتعني إعداد
الطفل ذهنيا ً ونفسيا ً وعقليا ً .وهذا يعني أن هذه الكلمة تطورت من مستوى الدلالة البيولوجية (فعل) التغذية إلى مستوى الدلالة النفسية
والعقلية.
يذكر معجم "هاتسفيلد "Hatzfeldو"دار مستر Darmesterوتوماس" "أننا لا نقع على كلمة تربية في الفرنسية قبل عام 1527ونحن
نجدها في جميع المعاجم منذ عام ،1945كما نجدها في المعجم الفرنسي اللاتيني لصاحبه روبير إتيين Robert Etiennحيث نجدها ملحقة
بكلمة طعام ،ومع ذلك لم تكن تظهر في النصوص إلا بشكل عام .واللغة اللاتينية كانت تستخدم الكلمة للدلالة على الطعام وعلى تهذيب بني
البشر دونما تفر يق بين هذه الأحوال جميعا ً .وحتى عام 1649لم يكن المجمع العلمي الفرنسي يعرف غير المعنى الأول لهذه الكلمة ،أي أنها
تكوين النفس والجسد ،وكان يجعل منها والتعليم شيئا ً واحدا ً ،إذ يرى فيها العناية التي تقدم لتعليم الأطفال سواء فيما يتصل بر ياضة النفس
أو ر ياضة الجسد.
وقد استخدمت هذه الكلمة وظهرت في قاموس أنطوان فورتييه "Antoine Furetereعام 1690حيث يعرف التربية بأنها العناية
التي توجه لتربية الأطفال وتغذيتهم ،وتعني أيضا ً عملية تثقيف الروح والأخلاق والقيم .ومنذ ذلك الوقت بدأت هذه الكلمة تأخذ مضامين
جديدة كما يرى "میلار یه " .Mialaret
و يعرف "ليتر يه Littreالتربية "بأنها العمل الذي نقوم به لتنشئة طفل أو شاب ،وأنها مجموعة من العادات الفكر ية واليدو ية التي
تكتسب ومجموعة من الصفات الخلقية التي تنمو .و يعطي هذا القاموس لهذه الكلمة معنيين ،الأول يتمثل في تربية الحيوانات والنبات ،أما الثاني
فيتمثل في فعل تزويد الأط فال والصغار بمهارات عملية وعقلية وقيم أخلاقية .و يضيف هذا القاموس بأن التربية هي كلمة حديثة كانت تعني
قديما ً تغذية من حيث المبدأ" .وفي الواقع أن أقدم تعر يف للتربية يعود إلى الأكاديمية الفرنسية التي تعرف التربية في عام 1649بأنها العناية
التي توجه لتربية الأ طفال في مستوى التربية الجسدية والروحية .وتعرف موسوعة وبستر التربية "بأنها عملية تبدأ من الميلاد لتنمية القدرات
الفكر ية والمهارات اليدو ية ،والوعي الاجتماعي ،من خلال التعليمات والتوجيهات".
و يعرف قاموس روبير "Petit Robertالتربية "بأنها الجهود والفعاليات التي تؤدي إلى تشكيل وتنمية الكائن الإنساني و يحدد ثلاثة
معان أساسية لمفهوم التربية:
-هي الأدوات والوسائل التي توظف في تأهيل الإنسان وتنميته.
-هي تنمية منهجية لملـكة أو خاصة من خواص الإنسان مثل تربية الإرادة.
-معرفة وممارسة مستخدمة يعتمد عليها أفراد المجتمع في حياتهم مثل الكياسة واللطف والأنس ،كأن يقول هذا رجل حسن التربية
أو هذا سيء التربية ،يجب إصلاح تربية وضدها الفظاظة والشدة.
و يحدد قاموس "آشيت" الفرنسي لهذه الكلمة بعدين أساسيين هما:
• فعل تنمية القدرات العقلية والأخلاقية والفيزقية ونتائجها عند الإنسان.
• معارف وممارسات اجتماعية وثقافية تتسم بطابع الرقة واللطف والكياسة.
وحديثا تقدم مادلين" كراو يتر "Madeline Crawitzفي معجم العلوم الاجتماعية الفرنسي تعر يفا ً مختصرا ً شاملا ً لمفهوم التربية قوامه
أن التربية "مجموعة من الفعاليات التي توظف في التأثير على الآخرين من أجل تنمية قدراتهم الجسدية والنفسية ،وهي تشتمل على مختلف الوسائل
التي يستخدمها مجتمع ما من أجل التنشئة الاجتماعية".
2
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
النص رقم :3
ما حقيقة التربية كلمة (يربي) Educateعلى صلة وثيقة بكلمة educeوالتي تعني في المفهوم التربوي القديم استخراج شيء كامن أو
مستتر .أما في اللغة العربية (التربية) من (ربي) الرباعي ،أي غذى الولد وجعله ينمو ،وربى الولد هذبه ،فأصلها ربا يربو أي زاد ونما ،ومن
جعل أصلها (رب) ،فلابد أن يجعل المصدر تربيا لا تربية يقال رب القوم ساسهم وكان فوقهم ،ورب النعمة زادها ،ورب الواد رباه حتى
أدرك.
صفوة القول ،التربية عند العرب تفيد السياسة والقيادة والتنمية وكان فلاسفة العرب يسمون هذا الفن (سياسة) ،كما هو معروف
عند ابن سينا مثلا في رسالته (سياسة الرجل أهله وولده) .وكان العرب يقولون عن الذي ينشئ الولد ويرعاه المؤدب والمهذب ،والمربي،
والمعلم ،غير أن لفظة المؤدب أشيع ،لأنها تفيد الر ياضة والسياسة ،وتدل على العلم والأخلاق معا .أما المعلم ،فاصطلاح يفيد (تلقين) العلم
قبل كل شيء .فتكون مهمته عرض المعلومات على التلميذ ليحظفها .ولذلك كان التعليم شيئا والتربية شيئا آخر ،أو قل إن التربية تحمل معنى
أخلاقيا والتعليم معنى علميا".13
أحمد علي الفنيش التربية الاستقصائية ،ليبيا -تونس ،الدار العربية للكتاب ،1975 ،صص 39-40 13
3
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
علي أسعد وطفة ،مفهوم التربية بين إشكالية البناء ومقتضيات التعريب :إضاءات جديدة في منهجي بناء المفهوم وتعريبه ،مجلة تعريب ،السنة ،13العدد 25يونيو ،2003ص .165-164 14
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
إني أطلق تعبير التربية الإ يجابية على ذلك النو ع من التربية الذي يساعد على تكوين العقل قبل أوانه ،وإني أطلق اسم التربية السلبية على تلك
التربية التي تعمل على تعبيد الطر يق للعقل بتمرين الحواس .وهذه التربية كما يردد لا تعلم الفضيلة ولـكنها تحمي الفرد من الرذيلة".15
النص رقم :3التربية برغماتيا
تنطلق النزعة البرغماتية في التربية من رباعية تنتظم فيها الواقعية والنفعية والعملية والمادية .وتعد البرغماتية النمط التربوي الذي أفرزه
المجتمع الأمريكي وشعار التربية البرغماتية هو تعلم بأن تعمل وغايتها التربية من أجل العمل والتكيف مع الحياة الاجتماعية .و يعرف فيلسوف
البرغماتية جون ديوي التربية بأنها تنظيم مستمر للخبرة هدفه توسيع محتواها الاجتماعي وتعميقه ..والتربية عند البرغماتيين بصورة عامة هي
هذه التي تعد الطفل للحياة المتغيرة المتكاملة وهي التي تمكن الطفل من مواجهة احتياجات البيئة البيولوجية والاجتماعية .إن التربية عند
ديوي هي هذه التي يمكنها أن تثير قوى الطفل وتحرض طاقاته لمواجهة المواقف الاجتماعية والتكيف معها.16
علي أسعد وطفة ،مفهوم التربية بين إشكالية البناء ومقتضيات التعريب :إضاءات جديدة في منهجي بناء المفهوم وتعريبه ،مجلة تعريب ،السنة ،13العدد 25يونيو ،2003ص .168-166 15
علي أسعد وطفة ،مفهوم التربية بين إشكالية البناء ومقتضيات التعريب :إضاءات جديدة في منهجي بناء المفهوم وتعريبه ،مجلة تعريب ،السنة ،13العدد 25يونيو ،2003ص .172-171 16
2
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
علي أسعد وطفة ،مفهوم التربية بين إشكالية البناء ومقتضيات التعريب :إضاءات جديدة في منهجي بناء المفهوم وتعريبه ،مجلة تعريب ،السنة ،13العدد 25يونيو ،2003ص .171-169 17
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
لقد حاول دوركايم تحديد التربية كفعل اجتماعي يتم ويمارس في مجتمع محدد ،وفي لحظة تار يخية معطاة ،ووفق الأهداف العامة التي
يضعها كل مجتمع لنفسه كمشار يع يضع على عاتقه مهمة تحقيقها .وهكذا يمكن القول إنه كان أول عالم اجتماعي فرنسي –بل وأوربي كذلك-
تنبه ،بحس سوسيولوجي نقدي كبير ،إلى طبيعة تلك ا لعلاقة النوعية الرابطة بين التربية والنظام الاجتماعي ،ومن ثم وسم الظاهرة التربو ية
بمثل ما وصف به الظاهرة السوسيولوجية عموما ،واعتبرها واقعة اجتماعية مستقلة عن وعي الأفراد ،وبالتالي قابلة للدراسة العلمية الموضوعية.
بل يمكن القول إن المشروع السوسيولوجي الدوركايمي برمته هو ،في العمق ،مشروع تربوي .ويمكن تلخيص أهم خصائص هذا التيار كالتالي:
)1الطابع الإصلاحي الذي يعود في أصوله النظر ية إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ،وذلك بعيدا عن كل تصور راديكالي
يهدف إلى إحداث تغيير جذري يستهدف عمق وأسس البناء الاجتماعي التربوي.
)2وبتوجهه الإنساني ،إذ كان المنظرون في الحقبة المذكورة يبحثون عما من شأنه أن يحقق إنسانية الإنسان في بعديها الـكوني العالمي.
)3وبالسمة المعيار ية الأخلاقية المتمثلة في البحث عن نموذج مثالي تربوي Prototypeيتجاوز حدود الزمان والمكان ،ويتسم
بصلاحية مطلقة ،لم يكن الهدف ،على العموم ،هو البحث عما هو كائن ،بل عما يجب أن يكون ،عن النموذج والمثال.
)4ونتيجة لكل ذلك ،ظل هذا التيار -باستثناء المحاولة الدوركايمية في حدود معينة -مبتعدا عن إدراك الممارسة التربو ية في شرطياتها
الا جتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية ،أي في علائقها النوعية والجدلية مع كل الفعاليات والمجالات الاجتماعية الأخرى ،وبالرغم
من الانتباه للدور الاجتماعي للتربية ،كإرهاصات وبدايات أولى ،مثلا عند روسو ،وسان سيمون وسبنسر ...وحتى عند دوركايم ،لم يخرج
هذا التيار في سماته الـكبرى ،عن مساره الأخلاقي الإصلاحي والإنساني.18
النص رقم :3تعار يف حديثة للتربية
يعتقد موريس شليك Schilik Mauriceوهو كبير فلاسفة الوضعيين "إن التربية عملية تعديل لدوافع الفرد ،وخلق إنسان خير من
إنسان شرير ،وهي في الوقت نفسه عملية إكساب الفرد دوافع جديدة ،تؤدي إلى تنمية القيم المعرفية ،وإلى تحقيق سعادته في المجتمع .ومن
أهم أهداف التربية عند الوضعيين هو برمجة بعض المواد الدراسية ،و يعتقدون أن الأهداف التربو ية ينبغي أن تقع ضمن المادة الدراسية،
ويرون أن إكساب الفرد دوافع جديدة لا يتأتى إلا بالخ برة الحسية المستمرة ،كما تهدف التربية إلى جعل المدرسة تدرك أن من ضمن واجباتها
تحقيق سعادة الطالب وفق حرص المجتمع على سلوكات معينة محسوبة".19
يقدم المفكر الفرنسي فورنيل Fournel. L.في عام 1940في كتابه مفاهيم تربو ية Notions de la pédagogie généraleتعر يفا ً
التربية قوامه أن التربية هي نتاج لتأثير الراشدين في بنية السلوك والنمو عند الأطفال ،حيث يقول كل شيء ينمو وفقا ً لقوانينه الخاصة ،ولـكن
عندما يتدخل الإنسان في توجه نمو الكائنات الحية وتعديل سلوكها و يؤثر في تكوينها -وهذا يشمل الإنسان والحيوان والنبات -فإن هذا
الفعل يعني التربية .فالتربية هي الفعل الإنساني الذي يوجه نمو كائن ما نحو مسارات محددة وغايات معلنة .ولـكن مفهوم التربية يستخدم
اليوم غالبا ً إن لم يكن حصرا ً في مجال الحياة الإنسانية.20
حديثا يعرف المفكر الفرنسي أوليفييه ربول Olivier Reboulالتربية بانها "الفعل الذي يسمح للكائن الإنساني أن يطور قدراته العقلية
والنفسية ومؤهلاته الاجتماعية والجمالية والأخلاقي ،وذلك من أجل تأكيد جوهره الإنساني ما أمكن ذلك ،وهي -أي التربية -نتاج هذا
الفعل وفي تعر يف أحدث لربول يعرف التربية بأنها جملة العمليات والإجراءات التي تمكن الطفل تدر يجيا ً من الوصول إلى الثقافة التي تميز
الإنسان عن الحيوان".21
مصطفى محسن ،الاتجاهات النظر ية في سوسيولوجية التربية ،مجلة الدراسات النفسية ،مكتبة نهضة الشرق جامعة القاهرة 1984 ،ص .47 18
علي أسعد وطفة ،مفهوم التربية بين إشكالية البناء ومقتضيات التعريب :إضاءات جديدة في منهجي بناء المفهوم وتعريبه ،مجلة تعريب ،السنة ،13العدد 25يونيو ،2003ص .172 19
علي أسعد وطفة ،مفهوم التربية بين إشكالية البناء ومقتضيات التعريب :إضاءات جديدة في منهجي بناء المفهوم وتعريبه ،مجلة تعريب ،السنة ،13العدد 25يونيو ،2003ص .172 20
علي أسعد وطفة ،مفهوم التربية بين إشكالية البناء ومقتضيات التعريب :إضاءات جديدة في منهجي بناء المفهوم وتعريبه ،مجلة تعريب ،السنة ،13العدد 25يونيو ،2003ص .172 21
2
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
عبد الـكريم غر يب ،منهج وتقنيات البحث العلمي :مقاربة ابستيمولوجية ،منشورات عالم التربية ،الدار البيضاء ،الطبعة الأولى ،1997 ،ص .32 22
خالد المير وآخرون ،ما هي علوم التربية ،سلسلة التكوين التربوي ،العدد 1ص .11 23
خالد المير وآخرون ،ما هي علوم التربية ،سلسلة التكوين التربوي ،العدد 1ص .12 24
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
25
Mialaret, G., Les sciences de l'éducation, Q.S.J., N1645, Paris, P.U.E. 1ère édition, 1976, p.3.
خالد المير وآخرون ،ما هي علوم التربية ،سلسلة التكوين التربوي ،العدد 1ص .11 26
27
M.Debesse, G. Mialaret: Traité des sciences pédagogiques, 1. Introduction, Paris, P.U.F. 1969. pp.38-39.
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
توجد الآن علوم للتربية لا يمكن لفيلسوف التربية أن يتجاهلها كما لا يمكن لفيلسوف اللغة أن يتجاهل الألسنية .غاية الأول هو أن يفكر
في الإيضاحات المقدمة من طرف هذه العلوم ،ويتساءل عن قيمتها ،معناها ،وحدودها ...وهذا ما يشكل منهجنا الثاني.
لنشر -أولا -إلى أنه توجد علوم للتربية ،وصيغة الجمع هذه متعذر تغييرها .بالفعل فهذه العلوم يتم تعيينها –بطر يقة مزدوجة -على أنها
متعددة ،ما دامت ترتب في صنفين متميزين .هناك أولا العلوم النظر ية المطبقة على التربية ،هكذا نتكلم عن اثنولوجيا وسوسيولوجيا وسوسيو-
ألسنية واقتصاد وتاريخ ...للتربية .أقل ما يمكننا أن نطلب من هذه العلوم هو أن نح ترم شرطين :أن يكون -قبل كل شيء -من يمارسها
متخصصا بالفعل في -علومها الخاصة ،مؤرخا مقتدرا ،عالم اقتصاد عن جدارة .بعد ذلك يجب أن يفرض كل واحد على نفسه إقامة علاقات
بين هذه العلوم المتعددة ،بمعنى أن يتعاون مع الآخرين بالإقدام على المجازفة بتغيير وجهة نظره .مثلا حول مشكل كالفشل الدراسي ،لو بقي
كل واحد مقيدا بمادته ،سينزع إلى تفسيره بواسطتها فقط ،ويسقط في الدغمائية المختزلة.
وهناك – في المقام الثاني -علوم نوعية تمخضت عن المشاكل المطروحة من طرف التربية ذاتها :كيف نحسن تعليما ما ،كيف نقوم أو
نقيم ،كيف نيسر العلاقات بين التلاميذ والمعلمين ،كيف نحصل على حركات متقنة في الر ياضة وبذلك ظهرت فنون التعليم ،علم الامتحان،
علم النفس التربوي ،علوم الأنشطة الجسمية...إلخ.
أكيد أنه لا يمكننا أن نطلب ب إلحاح من علوم التربية صرامة وموضوعية العلوم المضبوطة .يبقى أنها لا تكتسي "طابع العلمية" إلا
بشرطين :أولا بأن تفسر ،أو على الأقل تؤول الوقائع التربو ية ،ثانيا بأن تفحص أو على الأقل تبرهن على الفرضيات المفسرة :يبقى أن التعدد
يبدو كأمر لا يمكن تخطيه.28
28
Françoise Raynal et Alain Rieunier. Pédagogie dictionnaire des concepts clés apprentissage, formation, psychologie cognitive, Edition E.S.F 1997, pp 263/264
2
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
أوليفي ربول :فلسفة التربية .ترجمة جهاد نعمان منشورات عويدات بيروت /باريس ،ط .1978.1ص .10نقلا عن خالد المير وآخرون ،ما هي علوم التربية ،سلسلة التكوين التربوي ،العدد 1ص .31 29
30روني أوبير ،التربية العامة ،ترجمة عبد الله عبد الدائم ،بيروت ،دار العلم للملايين ،الطبعة الثالثة ،1977 ،ص .37
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
– 2أحداث أخرى من التعليم يمكن معرفتها أيضا ً عن طر يق النصوص والملاحظة (مثال :النظام الجامعي الفرنسي ،كتابة النصوص
الحرة من قبل الطلاب) غير أنه في الإمكان إجراء التحليل إما بأسلوب مباشر (نصوص ،معاینات ،استقصاءات .)...إما من خلال
الاستعانة بأشخاص معنيين بالحالة المدروسة (مثال :الوزير المسؤول عن ذاك الإصلاح أم ذلك ،رأي المدرسين في هذا الإصلاح ،لماذا صور
طفل ذاك الرسم أو ذلك )...والكل من منظور تربوي ،فلسفي أو حتى اقتصادي ،عندئذ تتحدث عن أحداث ثابتة نسبيا (التعليمات الرسمية
الصالحة لعدة عقود) .بخلاف الأحداث المجمدة ،يمكن للتحليل وللانتفاع من الوثائق أن ينتج عنهما تبعات وأن يؤديا إلى بعض التغييرات
في الحالة (مثلا :بروز « »Langevin -Wallonوالتغييرات التي أجريت للبنيات الأكاديمية ،في عدد من البلدان).
- 3حقل آخر يستحق علاجا ً خاصا ً ،هو المتعلق بحالات التعليم .من الجائز درس حالات التعليم إما بمجملها (ما يجري في الصف أو
ضمن فر يق عمل) ،إما من منظور جماعي أو فردي من الضروري هنا إقامة تمييز جديد :إما أن يبقى الباحث خارج المسار التربوي ،أو أن
ينضم إليه .في الحالة الأولى ،إن الباحث يراقب ،يجمع وثائق ،يحلل نصوصا ً ،مقابلات وتقارير عن الحالة أو العمل التعليمي ،و يحلل جميع هذه
الوثائق وفقا ً للطر يقة العلمية.
في الحالة الثانية ،فالباحث هو أحد عناصر الحالة التعليمية ،إما مباشرة ،أو بصورة غير مباشرة (مربي الصف)؛ عندها تطرح مسألة
موضوعية الملاحظات بحيث يكون الباحث مشبوكا مباشرة بالحالات الملاحظة .إذا لا بد من فر يق عمل للتدخل والمراقبة بالإضافة إلى دور
مربي الصف الذي يجب أخذه بعين الاعتبار -مما يعقد حقا ً المهمة في بحث يقتضي العلمية .إنه الإبهام /الالتباس الذي يحيط بمفهوم "عمل
-بحث.31"..
غاستون ميالاري ،طرق البحث في علوم التربية ،ترجمة شفيق محسن ،دار الكتاب الجديد المتحدة ،الطبعة الأولى ،2008 ،ص .13-12-11 31
2
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
32
Françoise Raynal et Alain Rieunier. Pédagogie dictionnaire des concepts clés apprentissage, formation, psychologie cognitive, Edition E.S.F 1997, pp 263-264.
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
نص رقم :2نشأة البيداغوجيا
يعتبر هذا المفهوم نفسه فريسة لنقاشات حادة في الميدان التربوي والبيداغوجي .حيث غدا من العسير أن نجد اتفاقا موحدا حول
تعر يفه .لقد كان البيداغوجي le pédagogueفي العصور القديمة هو العبد l'esclaveالذي يرافق الأطفال عند المدرس .من هنا التصقت
كلمة بيداغوجي بالمدرس .ويشير Mialartإلى أن كلمة pédagogueحديثة العهد ،إذ يعتقد أنها ترجع إلى سنة ،1485في حين يشير
قاموس Littréإلى أنها ظهرت سنة 1536عند .Calvinإلا أن الأكاديمية الفرنسية اعتمدت هذا المفهوم سنة ،1762الذي انتشر خلال
القرن التاسع عشر .فبالنسبة لدوركهايم ،)1911( Durkheimفإنه يعتبر البيداغوجيا بمثابة ،النظر ية التطبيقية للتربية .و بصفة عامة ،فهي
تعني "علم تربية الأطفال" .وهي تختلف عن مفهوم «التربية» التي تعني بالنسبة إليه الفعل الذي تمارسه على شخص ما."..
إن تاريخ البيداغوجيا باعتبارها تفكيرا نظر يا حول التربية والتثقيف ،يرتبط كثيرا بتاريخ مؤسسات تكوين المعلمين بفرنسا ،فانطلاقا من
سنة 1883تم الشروع في تدريس البيداغوجيا .لـكن وبشكل سر يع ،أحس أساتذة المدارس العليا بضرورة التمييز بين بيداغوجيا عامة ،وهي
عبارة عن سلسلة منظمة من التفكير الفلسفي يقدم لنا بعض المذاهب البيداغوجية .حيث كان يقدم من حين لآخر كل من أفلاطون
،Platonمونطيني ،Montaigneروسو ،وبين بيداغوجيا خاصة أو تطبيقية ،وهي التي تعمل على مساعدة المدرسين المقبلين على تدريس
مادة تعليمية معينة من هنا نتحدث مثلا عن بيداغوجيا الحساب ،بيداغوجيا القراءة ،بيداغوجيا العلوم ...الخ 33كذلك ،ونتيجة لتأسيس
سيكولوجيا الطفل كعلم مستقل بذاته بدأ اهتمام المربين على الخصوص بعلم النفس التكويني )Wallon-Piaget) Psychologie génétique
بعد الحرب العالمية الثانية .وتشير Bestفي هذا الإطار إلى أنه "نتيجة للخلط الذي وقع فيه المر بون بين غايات التربية وضرورة معرفة الفرد
الذي سنربيه وبين التحكم في وسائل التدريس ،نشأ علم جديد وهو علم النفس التربوي .La psychopédagogieمن هنا بدأ مصطلح،
بيداغوجيا ،ينمسخ حيث تم تقليصه ليعبر فقط على النتيجة العملية أو التطبيقية لعلم السيكولوجيا ،فبدأت بذلك البيداغوجيا تقتصر شيئا فشيئا
على الإشارة إلى ممارسة المدرسين بالمدارس الابتدائية ،حيث بدأوا يحملون لقب المربين .Les pédagoguesلقد أصبح بالتأكيد الحديث عن
35
فعل l'actionالتربية والتدريس عوض الحديث عن تنظير هذا الفعل théorisation de cette actionأو التفكير حول أسسه".34
نص رقم :3البيداغوجيا من خلال القواميس
عندما نرجع إلى بعض القواميس التربو ية والسيكولوجية والفلسفية ،فإننا نجد اختلافات وتفاوتات متعددة ،فمثلا نجد عند Foulquié
أن عبارة بيداغوجيا تشتق من كلمة paidagogiaأي فن تربية الأطفال ،وهي تتكون من paidos paisوهو الطفلو agogéوهو فعل
التوجيه أو القيادة وهي تعني "المادة التي تهتم بموضوع تربية الطفل وهي تتضمن علم الطفل pédologieإضافة إلى معرفة التقنيات التربو ية
وفن تشغيلها (أي البيداغوجيا بمعناها الحقيقي) ،وعند مقارنته للبيداغوجيا بالتربية يقول ،من حيث الاشتقاق "فالبيداغوجيا توحي بتوجيه
agogéالطفل ،أما التربية فهي تهتم كذلك بالتوجيه ducereولـكنها تتحدد على مستوى الممارسة وتكوين الأطفال ،أما البيداغوجيا ،فعلى
العكس من ذلك تهتم بمجال التنظير ومعرفة الطرائق التربو ية".36
أما بالنسبة ل Piéronفلا يشير أبدا إلى عبارة pédagogieبل يستعملها فقط نعتا لكلمة سيكولوجيا .psychologie pédagogique
فنجده على العكس من ذلك يقرنها بعبارة paidologieحيث يعرفها بأنها "دراسة الطفولة (")...و psychologie pédologiqueهي
الدراسة السيكولوجية للأطفال ،أما بالنسبة لعلم النفس التربوي فيعرفه بأنه "بيداغوجيا علمية ترتكز على سيكولوجيا الطفل".37
وبالنسبة ل Morfauxنجده يقترح التعر يفات التالية:
33
Best, F, 1988(66), Les avatars du mot "pédagogie", Perspectives, UNESCO, Vol XVIII, n 2 ; p 162.
34
Best, F, 1988(66), Les avatars du mot "pédagogie", Perspectives, UNESCO, Vol XVIII, n 2 ; p 162-163.
35خالد المير وآخرون ،الطرائق البيداغوجية – بيداغوجيا الأهداف ،سلسلة التكوين التربوي ،العدد 4ص .83-82
36
Foulquié, P, 1991, Dictionnaire de la langue pédagogique, Quadrige, P.U.F, Paris. p 357-358.
37
Piéron, H, 1979, Vocabulaire de la psychologie, P.U.F. p 3-327-364
2
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
البيدا غوجيا :مشتقة من " "paidagogiaوتعني قيادة أو تربية الأطفال paidagogosوتعني العبد أو الرق l’esclaveالذي كان
مكلفا بمرافقة الأطفال إلى المدرسة ...الخ وتعني كذلك "مادة نظر ية تهتم بموضوع التفكير حول تربية الطفل والمراهق ،فهي تقترض تحديد
الغايات الأخلاقية والاجتماعية التي تهدف إلى تحقيقها (فلسفة التربية) ثم الطرائق والوسائل التعليمية وإمكانية تطبيقها (علوم التربية) وذلك
طبقا لطبيعة الطفل والمراهق (المزاج tempéramentالطبع ) caractèreولنموه (سيكولوجيا الطفل والمراهق) وللوسط (علم النفس
الاجتماعي)و ففي الواقع ،لا تنفصل البيداغوجيا عن التربية التي تعد بمثابة تطبيق لها .فالبيداغوجيا هي "علم وتفكير وممارسة وتقنية وفن في
أن واحد")René Hubert( .
ويشير Morfauxكذلك إلى أن البيداغوجيا في معناها الضيق والمتداول تعني البحث عن بعض الوسائل لتوظيفها من أجل تدريس
39
فعال وكمثال على ذلك ،تتحدث عن بيداغوجيا الر ياضيات.38...
38
Morfaux, L.M, 1980, Vocabulaire de la philosophie et des sciences humaines, Armand Colin. p 263.
39خالد المير وآخرون ،الطرائق البيداغوجية – بيداغوجيا الأهداف ،سلسلة التكوين التربوي ،العدد 4ص .85-84
3
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
المجموعة التاسعة :التمييز بين الديداكتيك والبيداغوجيا وعلوم التربية -2-
خالد المير وآخرون ،ما هي علوم التربية ،سلسلة التكوين التربوي ،العدد 1ص .31-30 40
1
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق
ذ .مصطفى بوقدور ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدخل إلى علوم التربية :نصوص مختارة
إذن لا تستقل الديداكتيك ولا تستقيم في مختلف هذه التعار يف ،بعيدا عن البيداغوجيا وخارج مظلتها.
هذا وإذا كان بعض التربو يين ،وخاصة المتأثرين منهم بالأدبيات الفرنسية ،كما يتضح من خلال التعار يف السابقة لا يعتبرون
الديداكتيك علما مستقلا ولا يفصلون وربما لحد الآن بينها وبين البيداغوجيا ولا ينظرون إليها إلا باعتبارها تطبيقا أو شقا منها ،بسبب ما
لديهم من خلط بين التربية والتعليم .فإننا أصبحنا نلاحظ ،مقابل ذلك ،تزايد من يعتبر الديداكتيك علما مستقلا بموضوعه ونماذجه ونظر ياته
ومتميزا عن غيره من علوم التربية .ولهذا ستتضمن الديداكتيك بصفة أساسية ،منهجية التعليم وطر يقته وليس المنهجية العامة للتربية.
وفيما يلي نماذج من هذا الاتجاه:
الديداكتيك هي الدراسة العلمية لتنظيم وضعيات التعلم التي يعيشها المتعلم لبلوغ هدف عقلي أو وجداني أو حسي حركي وتتطلب
الدراسة العلمية ،كما نعلم ،شروطا دقيقة منها بالأساس الالتزام بالمنهج العلمي في طرح الإشكالية ووضع الفرضيات وصياغتها وتمحيصها للتأكد
من صحتها عن طر يق الاختبار والتجريب .ومن حيث الموضوع تنصب هذه الدراسة على الوضعيات التعلمية التي يلعب فيها المتعلم (التلميذ)
الدور الأساسي .بمعنى أن دور المدرس يتحدد في تسهيل عملية تعلم التلميذ بتصنيف المادة التعليمية تصنيفا يلائم حاجاته ،وتحديد الطر يقة
الملائمة لتعلمه وتحضير الأدوات الضرور ية والمساعدة على هذا التعلم .ويبدو أن هذه الاجراءات ليست بالعملية السهلة ،إذ تتطلب الاستنجاد
بمصادر معرفية مساعدة ،كعلم النفس لمعرفة هذا التلميذ وحاجاته ،والتربية لتحديد الطرق الملائمة .وينبغي أن يقود التنظيم المنهجي للعملية
التعليمية التعلمية إلى تحقيق أهداف تراعي شمولية السلوك الإنساني .أي أن نتائج التعلم ينبغي أن تتجلى على مستوى المعارف والقدرات التي
يكتسبها المتعلم ،وعلى مستوى المواقف الوجدانية ،وكذلك على مستوى المهارات الحسية الحركية التي تتجلى مثلا في الفنون والر ياضات( .مدينة
ر يفيا .)Medina Rivilla 2002
وفي اجتهادنا الشخصي نقصد بالديداكتيك أو علم التدريس الدراسة العلمية لطرق التدريس وتقنياته والأشكال تنظيم مواقف التعلم
التي يخضع لها التلميذ في المؤسسة التعليمية ،قصد بلوغ الأهداف المسطرة مؤسسيا سواء على المستوى العقلي أو الوجداني أو الحسي -الحركي،
وتحقيق لديه المعارف والـكفايات والقدرات والاتجاهاتو القيم .إن الديداكتيك أو علم التدريس ،يجعل بالتعر يف من التدريس موضوعا له،
فينصب اهتمامه على نشاط كل من المدرس والتلاميذ وتفاعلهم داخل القسم ،وعلى مختلف المواقف التي تساعد على حصول التعلم .لذا يصير
تحليل العملية التعليمية في طليعة انشغالاته .ويستهدف في جانبه النظري صياغة نماذج ونظر يات تطبيقية -معيار ية ،كما يعني في جانبه التطبيقي
السعي للتوصل إلى حصيلة متنوعة من النتائج التي تساعد كلا من المدرس والمؤطر والمشرف التربوي وغيرهم ...على إدراك طبيعة عملهم
والتبصر بالمشاكل التي تعترضهم ،مما ييسر سبل التغلب عليها ويسهل قيامهم بواجباتهم التربو ية التعليمية على أحسن وجه (محمد الدريج.2000 ،
(.41)2004
محمد الدريج ،عودة إلى تعر يف الديداكتيك أو علم التدريس كعلم مستقل ،مجلة علوم التربية العدد ،47مارس ،2011ص .11-10-9 41
2