اليونان- ،باعتبارىا الميد الذي نشأت قبل الحديث عن الفمسفة في بالد وترعرعت فيو -من الضروري اإلشارة إلى محطة ىامة سبقت المرحمة اليونانية أن اليونانيون كانوا يدركون لخصيا شارل فرنر في كتابو "الفمسفة اليونانية" قائال '' ّ ّ جيدا فضل حكمة الشرق عمييم .وكانوا يتحدثون باحترام كبير عن العموم والحضارات الشرقية'' .والفكرة نفسيا تقريبا أشار إلييا المستشرق الفرنسي "بول ماسون أورسيل" في مقدمة كتاب "الفمسفة في الشرق" ''لم يكن التفكير في الغرب، وفي أي فترة تاريخية ،منعزال عن بقية أنحاء العالم ،وقد آن األوان لكي نضع حدا أن الحضارات (اليند-أوروبية) غريبة بعضيا عن بعض وفي مقدمتيا العتبارنا ّ الحضارتين اليونانية واليندية'' ويظير التأثير الشرقي عمى الخصوص في النظريات الدينية واألساطير المنتشرة في بالد فارس واليند ،والتي استوعبيا اليونانيون ،وظل الفكر اليوناني مكبال بيا مدة قرون ليتجاوزىا فيما بعد ،ويتخمص شيئا فشيئا من العناصر األسطورية والدينية ويصل بالفمسفة إلى أوجيا. ثانيا-الفلسفة في المرحلة اليونانية وعوامل ظهورها: -1عوامل ظهور التفلسف في بالد اليونان لقد انطمق العقل اليوناني في نشاطو من خالل التفكير األسطوري ،القائم عمى الخرافات ،واالرتباط الروحي الوثيق بين األحداث وق اررات اآللية ،ىذه األخيرة قد تكون بشرية ممثّمة في أشخاص ،أو مادية كالكواكب واألشجار والمياه ...وقد أسند ليذه الكائنات الطبيعية حياة روحية شبيية بحياة االنسان. أن العقل اليوناني تحرر الحقا من سمطة ىذه الذىنية السحرية ،انطالقا من إال ّ التفكير في أصل الكون ،مرو ار بالبحث في مصدر الحقيقة ،فاتحا بذلك أبواب التفمسف الراقي .وكان ىذا تحت تأثير العوامل اآلتية: -الظروف االقتصادية لممجتمع اليوناني والتي كانت نتيجة لمتقسيم الطبقي القائم متحررة من قيود الحاجة ،وكان ّ عمى نظام االنتاج العبودي مما أفرز فئة اجتماعية ليا متّسعا من الوقت لمعمل الذىني بما فيو الفمسفة. -عوامل سياسية تتمثّل عمى الخصوص في المدينة اليونانية؛ فالنظام السياسي اليوناني القائم عمى "فكرة الديمقراطية ،والتي تضمن لألفراد حق المساواة أمام القانون من جية .وكذا حرية التفكير والتعبير من جية ثانية .فالبيئة القائمة عمى الحرية ىي البيئة المؤىمة أكثر لنشأة التفمسف ،يقول ىيغل ''ظيور الفمسفة سيتوجب الوعي بالحرية ،والشعب الذي تبدأ فيو الفمسفة يجب أن يعتمد الحرية كمبدأ لو ،وذلك مرتبط عمميا بازدىار الحرية الحقيقية ،أال وىي الحرية السياسية''. -2بذور التفلسف مع سقراط: ىامة في تغيير مجرى التفكير نحو االنسان باعتباره تعتبر مرحمة سقراط محطة ّ المدار الجوىري لكل تفكير فمسفي ،رافعا شعار ''اعرف نفسك بنفسك'' ،وقد اقترنت مرحمة سقراط بازدىار النزعة السفسطائية .لقد كانت السفسطة تتمثّل أساسا في ممارسة الخطاب ،والذي يتطمّب في نجاحو فن البالغة وسحر الكالم إلقناع الخصم بالفكرة ميما كانت عمى حساب المنطق والعقل .لقد اصطدم الفيمسوف اليوناني -وعمى الخصوص سقراط ومن بعده أفالطون وأرسطو -بالفكر السفسطائي من جية ،وبالموقف العامي من جية أخرى ،فيذا األخير ال ِيق ّل خطورة عن األول ،فيو المكتفي بذاتو ،الواثق من نفسو والمقتنع بحقيقتو. في صراع الفيمسوف اليوناني عمى ىاتين الجبيتين تظير خصوصية التفكير الفمسفي كمحاولة لتخطي مالبسات الحياة اليومية إلى أمر أكثر قيمة .عمى ىذا تأمل فكري وبحث منيجي ُمَنظّم في طبيعة األساس الفمسفة عموما ىي عممية ّ الموجودات. -3أرسطو والفلسفة: حد ذاتو ،فيو أن دواعي التفمسف تكمن في طبيعة اإلنسان في ّ يعتبر أرسطو ّ يسعى دوما لمعرفة ك ّل ما يحيط بو ،لكن كثي ار ما يقف مندىشا أمام عجزه عن ايجاد تفسيرات ُم ْقنِعة لِما يدور حولو من ظواىر ،عمى ىذا األساس َيعتبِر أرسطو إن الدىشة ىي التي دفعت بالمفكرين أن الدىشة ىي المنطمق األول نحو التفكير '' ّ ّ انصبت دىشتيم عمى ّ األوائل كما ىو األمر اليوم إلى النظر الفمسفي .في البداية بتقدميم عمى ىذا النحو شيئا فشيئا ثم ّأنيم ّ الصعوبات التي مثمت في الذىنّ . أىم مثل الظواىر المتّصمة بالقمر وبالنجوم، سحبوا استطالعاتيم عمى مشكالت ّ يتبين صعوبة ،ويندىش ليا ّإنما أن المرء الذي ّ وصوال إلى نشأة الكون .غير ّ حباً لمحكمة، حب األساطير كان من جية ماّ ، يعترف بجيمو الخاص (لذلك حتى ّ فاألسطورة نسيج من العجائب)''. إن أكثر ما يجمع الفالسفة عمى اختالف مشاربيم ىو محاولة تجاوز قيود العادات ّ تحد من رؤيتيم .وىذه المحاولة تكبل تفكيرىم ،ومن سيطرة الظواىر التي ّ التي ّ تبرز سواء عند سقراط في طريقة التوليد ،أو عند أفالطون في محاولة سجين أسطورة الكيف والتحرر من ظممات الجيل والعالم الحسي ،أو عند أرسطو في التأسيس لعمم المنطق ،أو عند الغزالي وديكارت في شكيما المنيجي في المعارف والمعتقدات القائمة بغية التأسيس لواقع معرفي جديد.