‫المحاضرة الثانية‪ :‬نشأة الفلسفة‬

‫يعدها نتاجا‬
‫ثمة رأيين أساسيين أحدهما يربطها باليونان والثاني ّ‬
‫أن ّ‬
‫تتعدد اآلراء حول نشأة الفلسفة غير ّ‬
‫ّ‬
‫للبشرية جمعاء‪.‬‬

‫سموا ذلك‬
‫حتى ّ‬ ‫أن األغارقة هم من أنشأوا الفلسفة دون التأ ّثر بأي شعب آخر ّ‬
‫فالرأي األول ُيرافع لصالح ّ‬
‫ويفرق أنصار هذا الرأي بين الفلسفة اّلتي هي غاية في ّ‬
‫حد ذاتها‪ ،‬والحكمـ ـ ـ ـ ــة اّلتي ال‬ ‫بالمعجزة اليونانية ّ‬
‫تعدو أن تكون شكال من أشكال الفلسفة؛ بيد ّأنها وسيلة إلى غاية أخرى غالبا ما تكون " الدين" مثلما هو‬
‫‪1‬‬
‫الحال عند الشعوب الشرقية القديمة ومختلطة بمعارف أخرى‬

‫استمرت في المخيال الغربي وكانت وراء ظهور تنظير‬

‫ّ‬ ‫والمالحظ في هذا الرأي تكريسه لنظرة عنصرية‬

‫تفوق الغرب على الباقي بنهاية التاريخ مع " فرنسيس فوكوياما " أو ّ‬
‫التميز اّلذي يغذي أطروحة صدام‬ ‫جسد ّ‬
‫ُي ّ‬
‫الحضارات ‪ clash of civilisations‬لـ"صموئيل هنتغتون" اّلذي يعتبر التراث اإلغريقي والديانة المسيحية‬
‫‪2‬‬
‫والقوانين وغير ذلك عالمات فارقة للغرب‬

‫التفوق ونقل الحضارة مع ما فرضته‬ ‫ولعل هذه النظرة الدونية كانت وراء تغذية الفكر االستعماري بذريعة ّ‬
‫ّ‬
‫الثورة الصناعية من بحث عن المواد الخام واألسواق والعبيد‪ ...‬وغير بعيد عن ذاكرة الجزائريين القانون اّلذي‬
‫شرع لكون االستعمار نقل الحضارة للشعوب اّلتي‬ ‫أصدرته الجمعية الفرنسية في ‪ 32‬فبراير ‪ 3002‬واّلذي ُي ّ‬
‫احتّلها‪ ،‬وهو القانون اّلذي ُيك ّذبه التاريخ فاالستعمار كان استدما ار كما ُيسميه الدكتور" مولود قاسم نايت‬
‫بلقاسم" و تُنكره الجغرافيا اّلتي ُسقيت في مختلف أرجاء الجزائر بدماء الشهداء الطاهرة‪.‬‬

‫بأن الفلسفة خالصة إسهامات عديد الشعوب فالفلسفة اليونانية ثمرة الحكمة الشرقية‬
‫أما الرأي الثاني فيقول ّ‬
‫ّ‬
‫أن اإلغريق أخذوا بذور المعرفة من تلكم الشعوب وقاموا بتطويرها وهو ما قام به العرب‬ ‫القديمة؛ إذ ّ‬
‫‪3‬‬
‫والمسلمون لتتواءم مع مفاهيم الدين اإلسالمي لتغدو فلسفة إسالمية ودليل ذلك‪:‬‬

‫‪ ‬الفلسفة اليونانية بدأت بمدرسة أيونية وهي جزيرة بموانئ تجارية ترتبط بالشرق‪.‬‬

‫‪ ‬زار العديد من فالسفة اليونان الشرق مثل أفالطون وطاليس‪.‬‬

‫‪ ‬أغلب أفكار مدرسة أيونية ُوجدت لدى الشعوب الشرقية مثل الماء مبدأ الوجود لدى الفيلسوف‬
‫طاليس‪ ،‬وهو مذكور في األسطورة الفينيقية‪ ،‬والنار مبدأ الوجود عند‬

‫‪ 1‬صبري محمد خليل‪ .‬مقدمة في الفلسفة وقضاياها‪ .‬الخرطوم‪ .‬الجمعية الفلسفية للطالب‪ .‬جامعة الخرطوم ‪ 5002‬ص ‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Samuel Huntington. The clash of civilisations foreign affairs 1993‬‬
‫‪3‬صبري محمد خليل‪ .‬مرجع سبق ذكره ص ص ‪3.3‬‬
‫أن الشعوب الشرقية سّلمت بهذه األفكار من دون برهان‬ ‫الفيلسوف هيراقليطس ُوجدت لدى المجوس؛ بيد ّ‬
‫عقلي ( أي أخذت طابع األساطير) بينما أكدها فالسفة اليونان بأدلة تجريبية لتُصبح علما أو بأدلة عقلية‬
‫لتصبح فلسفة وفي كل األحوال كان الفيلسوف اليوناني أن يستحضر ما أُوتي من حجج للدفاع عن رأيه‪.‬‬