You are on page 1of 40

‫وزارة الدفاع‬

‫جامعــــــة كـــــــــرري‬

‫نشأة علم اإلجتماع‬


‫د‪.‬استشاري علم اإلجتماعي‬
‫مالك الحاج الطاهر‬
‫نشأة علم اإلجتماع‪:‬‬

‫نشأة علم اإلجتماع كعلم من فروع المعرفة اإلنسانية ‪ ،‬بين أحضان‬


‫الفلسفة‪،‬وظل الفالسفة يشيرون إلى ظواهره وموضوعاته من‬
‫خالل تناولهم لقضاياهم الفلسفية وبقي هذا شأنه حتى اكتمل‬
‫عوده وصل إلي مرتبة العلم المستقل ‪ ،‬له مجاالته الخاصة؛‬
‫وقوانين دقيقة كغيره من العلوم‪ ،‬ومناهج دراسة علمية صحيحة‬
‫قائمة على المالحظة والتجربة ‪,،‬وضع الفرروض‪،‬ومحاولة‬
‫إختبارها‪.‬إستطاع العلماء المحدثون الوصول إلى نتائج وقوانين‬
‫أمكن صوغها في صور كمية‪،‬بل ومعادالت رياضية ‪،‬ورسوم بيانية‬
‫تعبر عن الخالة اإلجتماعية بأدق النتائج‪.‬‬
‫ولذلك فإن على كل باحث يود الوقوف على تطور التفكير‬
‫اإلجتماعي‪،‬ويتعرف على بوادره عليه أن يعود إلي‬
‫نشأة علم اإلجتماع ‪:‬‬

‫ولذا فإن كثيرا ً من المفكرين يرون أن بدء التاريخ للدراسات اإلجتماعية‬


‫يقترن بدراسة الفلسفة اليونانية بإعتبارها أول صورة للتفكير اإلنساني‬
‫المنظم ‪،‬غير أن التسليم لهذا الرأي يهضم عظمة الفلسفة الشرقية ‪،‬‬
‫وهي سابقة في ظهورها التاريخي على الفلسفة اليونانية‪.‬فبالد الشرق‬
‫كانت التربة الخصبة واألصلية التي نبتت فيها بذور الفلسفة ‪،‬ثم إنتقلت‬
‫إلى بالد اليونان حيث نمت وإزدهرت‪.‬‬
‫ويكفي أن نلقي نظرة سريعة على الموضوعات اإلجتماعية التي خلفها‬
‫مفكرن كبيران من اليونان كانت آلرائهما وزن كبير‪،‬وتأثرت بها مجتماعات‬
‫غريبة وجتماعت إسالمية ‪،‬هذان المفكران هما أفالطون وأرسطو‪.‬‬
‫‪ :‬أـفـالطون(‪ 347 – 428‬ق‪.‬م ) ‪1-‬‬

‫•ضمن أفالطون معظم أرائه اإلجتماعية كتابه المسمى ” الجمهورية ”‬


‫وكان الغرض الذي يهدف إليه أفالطون هو التخطيط األمثل لقيام ”‬
‫مدينة فاضلة“ ال شرور فيها وال آثام ‪،‬مدينة فاضلة تظلها العدالة‬
‫والمساواة ‪،‬وترفرف عليها الفضيلة من كل جانب‪،‬وتشرف عليها طبقة‬
‫الفالسفة ‪ ،‬حيث أن المجتمع عنده ينقسم إلى ثالثة طبقات هي ‪ :‬طبقة‬
‫الفالحين والصناع وطبقة الجند وطبقة الفالسفة أو الحكام‪ ،‬ومن رأيه أن‬
‫طبقة الفالحين والصناع تأتي في أدني السلم اإلجتماعي ‪،‬ومهمتها تأمين‬
‫المجتمع وضمان حياة الطبقتين التاليتيين وهما ‪ :‬الجند والحكام ‪ ،‬وهذه‬
‫الطبقة الوحيدة التي يحق لها التملك وتكوين أسرة ‪،‬أما طبقتي الجند‬
‫والحكام ال يصح لها ذلك حتى التنشغل عن مهمتها األساسية في إدارة‬
‫شؤون المجتمع وحمايته‪.‬‬
‫‪ -‬أرـسـطو ‪ 323 - 384 ( :‬ق‪.‬م) ‪2-‬‬

‫‪‬وهو تلميذ ألفالطون ‪ ،‬وقد جاءت كتاباته في الفلسة األجتماعية أكثر‬


‫واقعية ووضعية ‪،‬وأدق طبيعة من أستاذه ‪ ،‬بل يرى البعض أنها أدق ما‬
‫أحتوته الفلسفة القديمة بوجه عام‪.‬وقد ضمن أرسطو معظم آرائه‬
‫الفلسقية واإلجتماعية في كتاب ” السياسة ”‪.‬‬
‫‪‬ومن أهم األفكار اإلجتماعية الجديدة التي أوردها أرسطو قوله بأن‬
‫اإلنسان مدني بطبعه أن يستحيل على اإلنسان أن يحيا ويعيش منفصال‬
‫عن المجتمع ‪ ،‬وأن الدولة وجدت لتنظيم حياة الناس في المجتمع‬
‫وتشرف عليهم‪ ،‬وتطبق التشريعات بهدف تحقيق العدالة والمساواة ‪،‬‬
‫أرسطو يقر أن األسرة التى حاول أفالطون أن ينفيها عن طبقتي الجند‬
‫والحكام ‪،‬و هو يصنف الحكومات إلى نوعين ‪ :‬حكومة صالحة أخرى‬
‫فاسدة‪.‬‬
‫أرـسـطو ‪ 323 - 384 ( :‬ق‪.‬م) ‪2-‬‬

‫وأنتقل ركب العلم والحضار ة إلى أيدي العرب والمسلمين مع‬


‫بزوغ فجر اإلسالم الذي كان له أكبر األثر في دعوة المسلمين‬
‫إلى المساهمة في الكشف عن حقائق هذا الكون‪ ،‬والتعرف‬
‫على قاموس (شريعة ‪ ،‬قانون) الحياة التي خلقها الله ‪،‬‬
‫والوصول إلى طبيعة العالقات اإلنسانية والمبادئ التي تسير‬
‫عليها المجتماع في نشأتها ونموها وإنحاللها ‪ ،‬والقرآن الكريم‬
‫زاخر بااليات التي تحض على التفكير في جوانب المعرفة سواء‬
‫كانت متعلقة بالكون بالكون أم كانت متعلقة باإلنسان ومن هنا‬
‫أنطلق المفكرون المسلمون في الدراسة والتمحيص‪ ،‬وكان‬
‫اإلنسان من بين الموضوعات التي إتجهوا إليها بالبحث والدراسة‬
‫وخاصة إن اإلسالم كررمه على سائر المخلوقات وميزه عنها‬
‫‪ -3‬الفارابي ( ‪ 339 – 259‬ه – ‪950 – 872‬‬
‫م )‪:‬‬

‫‪ ‬ضمن الفارابي بحوثه اإلجتماعية في كتابين هما ‪ :‬كتاب ”‬


‫السياسة المدنية ” و كتاب ” أهل المدينة الفاضلة ” تختلط‬
‫فيهما أفكاره الفلسفية مع أرأئه اإلجتماعية ‪ ،‬وقد حاول كتابه‬
‫األخير أن ينشئ المدينة الفاضلة على غرار مدينة أفالطون ويأخذ‬
‫عليه أنه تأثر تأثيرا ً كبيرا ً بآراء فالسفة اليونان أفالطون‬
‫وأرسطو ‪ ،‬وأنه حاول أن يخرج أو يوفق بين آرائهما وبين اآلراء‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬فجانبه صواب في كثير من المحاوالت‪.‬‬
‫اـبـنخلدوـن(‪ 808 – 732‬هـ = ‪4- – 1332‬‬
‫‪ 1406:‬م )‬
‫‪ ‬وضرع أسرس دراسرة المجتماعرت أرو كمرا سرماها ” علم العمران ”‬
‫موجها ً النظرر إلرى ضرورة دراسرة المجتمرع ومرا بره مرن وقائرع ” ظواهر‬
‫” إجتماعيرة ‪،‬دراسرية علميرة تحليليرة ‪ ،‬مرع إسرتخالص مرا تخضرع له هذه‬
‫الوقائرع مرن قواعرد وقوانيرن ‪،‬مشيرا ً إلرى أرن طبيعرة العمران ليست‬
‫جزء مرن طبيعرة العامرة ‪ ،‬ثرم إنتقرل بعرد ذلرك إلرى دراسرة إجتماعية‬
‫للمجتماعرت التري زارهرا أرو قرأ عنهرا مستنبطا ً بعض القواعد والقوانين‬
‫التي سجل بها سبقه على مفكري الغرب بعدة قرون‪.‬‬
‫‪ ‬ومقدمة ” ابن خلدون ” تشتمل أرآء إبن خلدون اإلجتماعية ‪ ،‬وهكذا‬
‫يمكرن الجزم بأرن إبرن خلدون أول عالرم يقرر فري صراحة ووضوح‬
‫نشأرة هذا العلرم الجديرد ‪ ،‬وأنره المنشرئ األول لعلرم اإلجتماع ألنه أول‬
‫مرن أسرتكمل الخصرائص المنطقيرة التري يجرب توافرهرا فري كرل علم‬
‫مرن حيرث الموضوع والمنهرج واألغراض التري يرمري إليها ‪.‬وقد كان‬
‫اـبـنخلدوـن(‪ 808 – 732‬هـ = ‪4- – 1332‬‬
‫‪ 1406:‬م )‬

‫‪‬اإلطاليون الذيرن نسربون فضرل ذلرك إلرى ”فيكرو ” (‪- 1668‬‬


‫‪1744‬م) وال كمرا يدعري الفرنسريون بأرن الفضرل يرجرع إلرى ”أوجست‬
‫كونرت ” ( ‪ 1857 – 1798‬م ) وإنمرا الفضرل يعود إلرى هذا المفكر‬
‫العربي المسلم الذي ظهر قبل هؤالء جميعا ً بعدة قرون‪.‬‬
‫وقرد إعترف بذلرك بعرض المنصرفين مرن الغربييرن خاصرة بعرد أرن اطلعو‬
‫علرى دراسرات إبرن خلدون فري المقدمرة ‪ ،‬هذا وإرن كان عالمنرا لم‬
‫يوفرق فري جميرع نظرياتره وقوانينره التري كشفرت عنهرا دراسرة فإنه‬
‫يكفيه فخرا ً أنه أرسى قواعد علم اإلجتماع على دعائم قوية‪.‬‬
‫‪:‬أوجست كونت ‪1857 – 1798(:‬م)‬

‫‪‬تعثر علم اإلجتماع بعد إبن خلدون ‪ ،‬وعادت معالجة علم اإلجتماع ال‬
‫كعلم مستقل بذاته ‪ ،‬وإنما مصطبغا ً بالصبغة الفلسفية في أغلب‬
‫األحوال ‪ ،‬وظل الحال هكذا حتى قيض الله العالم الفرنسي كونت في‬
‫القرن التاسع عشر ( الثاني عشر الهجري ) ‪ ،‬وعلى يديه عاد المنهج‬
‫العلمي في علم اإلجتماع إلى الظهور ‪ ،‬وإلى كونت ينسب المؤرخون‬
‫الفضل في نشأة علم اإلجتماع الحديث‪.‬‬
‫لقد كانت رغبة كونت في إصالح المجتمع الفرنسي دافعا ً دعاه إلى‬
‫إنشاء علم اإلجتماع ‪ .‬فقد الحظ الفوضى تضرب أطنابها في ربوع‬
‫مجتمعه ‪ ،‬ولما حاول أن يتعرف على أسباب تلك الفوضى وجدها في‬
‫الفوضى الفكرية ‪ ،‬فالفكرة عنده أساس كل إصالح أو فساد في‬
‫المجتمع ‪ ،‬ورأى أن من أسباب تلك الفوضى أن الباحثيين يسلكون‬
‫أوجست كونت ‪1857 – 1798(:‬م)‪:‬‬

‫للتعرف علرى حقائرق الطبيعرة ‪ ،‬والكشرف عرن قوانينهرا وعالقاتها ‪،‬‬


‫بينمرا اليسرلكون المنهرج نفسره فري الظواهرر اإلجتماعية‪ .‬وقرد وجد‬
‫كونرت أنره الفائدة فري عالج الفكرر الفاسرد‪،‬والقضاء علرى الفوضى‬
‫الفكريرة إال إذا خضعرت الظواهرر اإلجتماعيرة للمنهرج العلمري المتبع‬
‫فري الظواهرر الطربيعية‪ .‬وقال كونرت إنره هرو الذي سرينشئ علم‬
‫اإلجتماع ليؤدي هذا الغرض‪.‬‬
‫ويرى كونرت أنره لكري يمكرن فهرم الناس لظواهرر المجتمرع على‬
‫أساس المنهج الوضعي يجب أن يتوافر شرطان ‪.‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬أرن تخضرع الظواهرر ( الواقعات) اإلجتماعيرة لقوانيين‬
‫تسرير عليهرا وال تخضرع لألهواء والمصرادفات‪ ،‬وذلرك آلن فهرم الظواهر‬
‫اإلجتماعية بطريقة وضعية هو عبارة عن القوانين التي تحكمها‪.‬‬
‫أوجست كونت ‪– 1798(:‬‬
‫‪1857:‬م)‬
‫الشرط الثانري ‪ :‬أرن يسرتطيع األفراد التعرف علرى هذه القوانيرن لكي‬
‫يفهموا الظواهر وفق ماترسمه قوانينها من حدود وأوضاع‪.‬‬
‫وهرو يرى أرن الشرط األول متوافرر فري الظواهرر اإلجتماعيرة ألنها جذء‬
‫مرن الطبيعرة‪،‬وجميرع نواحري هذه الطبيعرة قرد خضعرت لقوانييرن ثابترة أمكن‬
‫الوصرول إليها‪.‬وأمرا الشرط الثانري (معرفرة الناس بهذه القوانيين ) فال‬
‫يمكرن توافره إال إذا كشرف الباحثون عرن هذه القوانييرن وال يمكرن الكشف‬
‫عنهرا اال إذا قام علرم جديرد وظيفتره دراسرة ظواهرر اإلجتماع دراسرة علمية‬
‫وضعية‪.‬‬
‫وبقيام هذا العلرم الجديرد يترم القضاء علرى الفوضرى الفكريرة ‪ ،‬ومرن ثرم يتم‬
‫إنشاء اإلصرالح المنشود ‪.‬ويعتبر كونرت أول مرن إسرتخدم كلمرة علم‬
‫اإلجتماع ((‪ Sociology‬وهذا اإلصرطالح مكون مرن كلمتيرن خليطتييرن من‬
‫‪:‬أوجست كونت ‪1857 – 1798(:‬م)‬

‫وقرد سرمى كونرت علمره الجديرد بإسرم الطبيعرة اإلجتماعيرة في بادي‬


‫األمرر إلرى أنره عاد وسرماها علرم اإلجتماع وقرد قسرمها إلرى شعبتين‬
‫رئيسريتين همرا ‪ :‬الشعبـة األولـى ‪ :‬وسرماها الديناميكيرة اإلجتماعية‬
‫” ‪.” Social Dynamic‬‬
‫الشعبــة الثانيــة وسررماها السررتاتيك اإلجتماعية ” ‪Social‬‬
‫‪. “Static‬‬
‫وتدرس الشعبرة األولرى اإلجتماع اإلنسراني مرن حيث تطوره وتغيره‬
‫مرن حال إلرى حال ‪ ،‬وتهترم الشعبرة الثانيرة بدراسرة المجتماعت‬
‫اإلنسرانية في حالرة إستقرارها ‪ ،‬وبإعتبارهرا ثابترة في فتررة معينرة من‬
‫تاريخهرا ‪ ،‬والشعبرة األولرى فري نظرهرا لهرا أهميرة أكثرر ممرا للثانية ‪،‬‬
‫وذلرك ألن السرتاتيك تعتمرد كثيرا ً علرى النظريات الديناميكيرة في‬
‫‪:‬أميل دوركايم ‪1917 – 1858 (:‬م)‬

‫وبعد موت (كونت) إنحرفت الدراسة في علم اإلجتماع عن الحدود التى‬


‫رسمها للعلم الجديد فبعض الباحثيين الحقها بعلم الجفرافيا كما فعل‬
‫(راتزل) والبعض االخر الحقها بعلم الحياة كما فعل (هاربرت‬
‫سبنسر )‪،‬وبعضهم كان يدرسها داخل نطاق علم النفس ‪ ،‬وقد جيئت هذه‬
‫اإلتجاهات على إستقاللية علم اإلجتماع ‪ ،‬وكادت تفقده شخصيته المميزة‪.‬‬

‫وهو عالم إجتماع فرنسي ‪ ،‬واحد من تالميذه (كونت)‪ ،‬ويعتبر زعيم‬


‫المدرسة الفرنسية لعلم اإلجتماع والتى التزال قائمة حتى وقتنا هذا ‪.‬وقد‬
‫إهتم هو ومدرسته بالدفاع عن كيان العلم والتصدي للمعارضين في‬
‫إستقالله‪،‬ودرس معظم ظواهر المجتمع ونظمه ‪ ،‬ووصلو في هذا الصدد‬
‫‪:‬أميل دوركايم ‪1917 – 1858 (:‬م)‬

‫وقد كان لضخامة اإلمكانيات بها ‪ ،‬وكثرة مارصدته من مكافآت‬


‫وإعانات دراسية أكبر الفضل في زيادة اإلقبال على الدراسة في‬
‫الميدان اإلجتماعي ‪ ،‬وفي إغراء كثير من العلماء األجانب إلى‬
‫الهجرة إليها ‪.‬‬
‫وقد عرفت كثير من البالد العربية الدراسات اإلجتماعية منذ‬
‫أوائل القرن الحالي‪.‬‬
‫‪ :‬تعريف علم اإلجتماع‬

‫لقد ظهرت مشكلة تعريف علم اإلجتماع منذ اليوم األول لنشأته ولم يكن التعريف سهال ً أو‬
‫أمرا ً يمكن اإلتفاق عليه دون جدل ‪ ،‬وذلك ألن تعريف علم اإلجتماع مرتبط إرتباطا ً بموضوعه‬
‫ومنهجه ‪ ،‬بل وبعالقاته مع بغيره من العلوم اإلجتماعية وغير اإلجتماعية وقد ترتب على ذلك أن‬
‫تعددت تعاريف علم اإلجتماع بتعدد العلماء ‪ ،‬وبتعدد النظريات والمذاهب التي إتجهت وجهات‬
‫متعارضة في تحديد الحقيقة اإلجتماعية وتفسيرها ‪.‬‬
‫والمتتبع لدراسة التفكير اإلجتماعي يجد أن إبن خلدون هو أول من قرر ضرورة ما يسمى‬
‫اليوم بعلم اإلجتماع ( علم العمران البشري) وهو أول من إعتبره علما ً مستقال ً بذاته وموضوع‬
‫دراسته المجتمع اإلنساني وظواهره‪.‬‬
‫أما عالم اإلجتماع اوجست كونت فعرفه بأنه ( العلم الذي يدرس كل الظواهر التي تربطها‬
‫العلوم التي سبقت ظهور علم اإلجتماع مثال ‪ :‬علم األنثروبوجيا وعلم األديان وعلم الفلك ‪..‬‬
‫الخ )‪.‬‬
‫ويعرفه هربرت سبنسر ( بأنه العلم الذي يدرس ويصف ويفسر نشأة وتطور النظم اإلجتماعية‬
‫مثل األسرة والقرابة ووسائل الضبط اإلجتماعي والعالقة بين النظم اإلجتماعية المختلفة )‪،‬‬
‫وعالوة على ذلك جسب رأي سبنسر فإن علم اإلجتماع يقوم بمقارنة الظاهرة اإلجتماعية بين‬
‫‪ :‬ميادين علم اإلجتماع‬

‫بعد أن إستقل علم اإلجتماع ‪ ،‬وأصبح مستقالً‪ ،‬تشعبت مووضوعاته ‪،‬‬


‫واتسعت آفاقه ‪ ،‬وإستقر رأي العلماء تبعا لذلك على أن تقوم داخل علم‬
‫اإلجتماع طائفة من العلوم الفرعية‪ ،‬تهتم كل منها بدراسة جانب واحد من‬
‫جوانب الحياة اإلجتماعية‬
‫وقد إستقلت هذه العلوم بدورها عن علم اإلجتماع ‪،‬وأن ظلت باقية في‬
‫دائرة الدراسات اإلجتماعية‪ .‬فأصبح هنالك علم إجتماع عام ‪ ،‬مع عدد من‬
‫العلوم اإلجتماعية والتي تعتبر من جهة أخرى فروع تابعة له‪.‬‬
‫بعد ظهور الثورة الصناعية‪،‬ونشأة المدن الكبيرة‪،‬وتطور وسائل النقل‬
‫واإلتصاالت في العصر الحديث‪ ،‬والتقدم العلمي والتكنلوجي كل هذا‬
‫كانت له تأثيراته في ظهور ميادين جديدة للدراسات اإلجتماعية ولكن لم‬
‫تكن مطروقة من قبل ‪ ،‬وبالتالي أملت على علماء اإلجتماع إضافة أقسم‬
‫‪ :‬ميادين علم اإلجتماع‬

‫وأصبحت علومأ تعد في نطاق الدراسات اإلجتماعية ما يلي ‪:‬‬


‫‪ .1‬المورفولوجيا اإلجتماعية‪ :‬وتهتم بدراسة بنية المجتمع‬
‫(‪ )Social Structure‬وطبقات وقيام المدن ونموها‬
‫وتخطيطها والوظائف التي تؤديها‪.‬‬
‫‪ .2.‬األنثروبولوجيا اإلجتماعية‪(:‬أي علم اإلنسان) ويدرس المجتمع‬
‫من حيث أصوله البشرية وتفاعلها مع بيئة المجتمع ‪ ،‬وتطور‬
‫وسائل التعبير والتفكير والثقافة بصفة عامة‪.‬‬
‫‪ .3.‬الباثولوجيا اإلجتماعية‪:‬ويدرس هذا الميدان المشكالت التي‬
‫تتولد عن سوء التنظيم في المجتمع ويتولى العمل بالوسائل‬
‫واألسس العلمية‪ ،‬كما يعمل على إعادة التوافق والتوازن‬
‫في المجتمع‪.‬‬
‫‪ :‬ميادين علم اإلجتماع‬

‫‪. 4‬اإليكولوجيا اإلجتماعية ‪ :‬حيث يكون اإلهتمام بدراسة اإلنسان وهو يعيش‬
‫في بيئة مادية معينة ‪،‬فمنذ أن قام علم اإلجتماع بوصفه علما ً مستقال ً زاد‬
‫اإلهتمام بدراسة البيئة اإلجتماعية وتحليلها والوقوف على حجم الصالت بين‬
‫مظاهر الحياة اإلجتماعية والمقومات البيئية‪.‬‬
‫‪ .5‬الديموجرافيا اإلجتماعية ‪ ( :‬أي علم السكان ) ويبحث تركيب السكان‬
‫وتوزيعهم وكثافتهم وتخلخلهم ‪ ،‬والهجرة والمواليد والوفيات‪.‬‬
‫‪.6‬علم اإلجتماع الثقافي ‪ :‬ويدرس مظاهر التخلف الثقافي وصراع‬
‫الثقافات ‪ ،‬وعناصر الثقافة ومدى إنتشارها‪.‬‬
‫‪ .7‬علم اإلجتماع اإلقتصادي ‪ :‬ويدرس الظواهر والنظم اإلقتصادية في‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫‪. 8‬علم اإلجتماع األسري أو العائلي‪:‬ويدرس األسرة وما يتصل بها من ظواهر‬
‫‪ . 11‬علرم اإلجتماع اللغوي‪ :‬ويدرس الظواهرر والنظرم اللغويرة في‬
‫ميادين‪ .‬علم اإلجتماع‬ ‫‪:‬‬
‫المجتماعات‬
‫‪ .12.‬علرم اإلجتماع الدينري‪:‬ويدرس الظواهرر والنظرم الدينيرة في‬
‫المجتمعات‪.‬‬
‫‪.13.‬علرم اإلجتماع الجمالري‪:‬ويدرس الظواهرر والنظرم الجماليرة في‬
‫الفنون واآلداب والشعبيات‪.‬‬
‫‪.14‬علرم اإلجتماع األخالقري‪:‬ويدرس الظواهرر والنظرم األخالقيرة في‬
‫المجتمعات‪.‬‬
‫‪. 15‬علرم اإلجتماع الريفري أرو البدوي‪ :‬ويدرس شئون الريف والبدو‬
‫ومشكالتهم‪،‬وتخطيط برامج التنمية الريفية‪.‬‬
‫‪. 16‬علرم اإلجتماع الحضري ‪ :‬ويدرس المدينرة فري نموهرا وتطورها‬
‫وتخطيطهرا والمشكالت التري تعانيهرا ويهترم برسرم سربل اإلصالح‬
‫الخاصة بها‪.‬‬
‫‪ :‬ميادين علم اإلجتماع‬

‫‪.17‬علرم اإلجتماع الصرناعي‪ :‬ويدرس التصرنيع ومقوماته ‪ ،‬والعالقات‬


‫الصرناعة والتدريرب المهنري والتلمذة الصرناعية ‪ ،‬ومشكالت الصناعة‬
‫اإلجتماعية‪،‬وظاثر الصناعة في تغيير المجتمعات وتقدمها‪.‬‬
‫‪.18‬علم اإلجتماع التطبيقي‪:‬كعلوم الخدمة اإلجتماعية‪.‬‬
‫‪. 19‬علرم اإلجتماع المهنري‪:‬وهرو أحدث علوم علرم اإلجتماع ‪،‬ويهتم‬
‫بدراسرة العمرل والمهرن وعالقرة ذلرك بالوظائرف واألدوار اإلجتماعية‬
‫وبناء اإلجتماعي‪.‬‬
‫‪. 2.0‬علم اإلجتماع القضائي‪:‬ويدرس النظم القضائية المختلفة وتأثيرها‬
‫على موجات اإلجرام والشذوذ‪.‬‬
‫‪.2.1‬علرم اإلجتماع الحربرري‪ :‬ويدرس الحروب مررن حيرث نشاتها‬
‫‪:‬األسرة ودورها في التنشئة اإلجتماعية‬

‫‪ ‬إرن األسررة التري ينشأرة فيهرا الفرد لهرا األثرر القوي فري كثيرر من‬
‫تصررفاته وسرلوكه‪،‬وهري اإلطار الرئيسرى الذي ينمرو فيره مرن سن‬
‫الطفولرة حترى مرحلرة المراهقرة علرى األقرل ‪ ،‬فاألسررة تقدم مرا يحتاج إليه‬
‫الطفرررل مرررن النماذج والمعاييرررر علرررى الصرررعيد الوجداني‬
‫واإلجتماعرري ‪،‬والمهنرري‪،‬والفكري ‪ ،‬واألخالقرري ‪،‬لكرري يؤدي وظائفه‬
‫مسرتقبال ً‪،‬وتعتربر سرنوات مرحلرة الطفولرة والمراهقرة ذات أهميرة حاسمة‬
‫بالسربة لتطور الفرد مرن جميرع النواحري فري السرنوات التري يكتسرب فيها‬
‫الطفرل إتاجهره ومواقفره األسراسية إزاء وتجاه األخرين ‪ ،‬كإحترام الذات ‪،‬‬
‫الحرب والكراهيرة ‪ ،‬الصردق والكذب ‪ ،‬الثقرة بالنفرس أرو الخوف‪ .‬كمرا يمكن‬
‫لألسررة أن تشجع النمو أو أن تعوقه بما تنقله للطفل من قيم وإمكانيات‬
‫وقدرات‪ ،‬كمرا أنهرا تقدم لره نماذج للدور الذي يمكرن أرن يلعبره مستقبال ً‬
‫‪:‬العالقة الفطرية في معاملة األبناء‬

‫سبق اإلسالم سائر المنظمات والقوانيين والنظريات في التأكيد على‬


‫أهمية العالقة الفطرية بين األباء واألبناء‪ ،‬ومن ذلك أن الله سبحانه‬
‫وتعالى قد بين في كتابه الكريم أن الذرية نعمة من النعم‬
‫العظيمة‪،‬إمتن بها على عباده فقال الله تعالي ‪ (:‬والله جعل لكم من‬
‫أنفسكم أزواجا ً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من‬
‫الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون )‪ .‬اآلية ‪ 72.‬سورة‬
‫النحل ‪ ،‬وكما يعتبر الله سبحانه وتعالى األبناء زينة حياة أبنائهم حيث‬
‫قال ‪( :‬المال والربنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالرحات خير عند‬
‫ربك ثوابا ً وخيرا ً أمالً) اآلية ‪ 46‬سورة الكهف ‪ ،‬وكما صور الله عز وجل‬
‫إلحاح الغريزة الوالدية وأهميتها في قصة زكريا عليه السالم حين دعى‬
‫ربه في قوله تعالى ‪( :‬وزكريا إذ نادى ربه ربي التذرني فردا ً وانت خير‬
‫‪:‬العالقة الفطرية في معاملة األبناء‬

‫ولقرد وصرف اللره تعالرى إسرلوب معاملرة لقمان عليره السرالم ألبنه‬
‫بأسرلوب قائرم علرى التوجيره فري قولره تعالرى ‪ ( :‬وال تصعر خدك‬
‫للناس وال تمشري فري األرض مرحا ً إرن اللره ال يحرب كل مختاال ً‬
‫فخور* وأقصرد فري مشيرك وأغضرض مرن صروتك إرن انكرر األصوات‬
‫لصوت الحمير) اآليات ‪ 19 ، 18‬سورة لقمان‪.‬‬
‫ونجرد ان األحاديرث النبويرة شرحرت أهميرة الدور الذي يقوم به‬
‫الوالدان فري بناء شخصرية األبناء كمرا فري قول رسرول اللره صلى‬
‫اللره عليره وسرلم فري الحديرث الذي اخرجره البخاري‪ (:‬كل مولود‬
‫يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)‪.‬‬
‫‪:‬العالقة الفطرية في معاملة األبناء‬
‫فاألوال د أمانة في أعناق الوالدين ‪،‬والوالدان مسؤلين عن تلك األمانة‬
‫والتقصير في تربية األوالد خلل واضح وخطأ فادح والولد قبل أن تربيه‬
‫المدرسة والمجتمع ‪ ،‬يربيه البيت واألسرة ‪ ،‬وهو مدين ألبويه في سلوكه‬
‫اإلجتماعي المستقيم ‪ ،‬كما أن أبواه مسؤوالن إلى حد ً كبير عن إنحرافه‬
‫الخلقي ‪.‬‬
‫وشدد العلماء المسلمون على أهمية دور الوالدان في بناء شخصية األبناء‬
‫وذلك إلعتبارهم الصبي أمانة عند والديه ومائل إلى كل ما يمال إليه‪،‬فإن‬
‫عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا واألخرة وكل معلم ومأدب له‬
‫وإن عود الشر أهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة‬
‫الوالي له ويعتقد علماء النفس أن الوالدان في االسرة المترابطة يعاملون‬
‫أبناءهم معاملة قائمة على المحبة وحسن الرعاية فتشحن طاقاتهم‬
‫ويتسامى بها‪ ،‬وجمود المعايير التي يحددونها ألبناءهم يجنح بهم نحو‬
‫‪:‬العالقة الفطرية في معاملة األبناء‬
‫ذا فقد حرص اإلسالم على توضيح الطريق السليم الذي في‬
‫ظله يستطيع األباء أن يصلوا إلى تحقيق إستجابات تقبل‬
‫سلوك األبناء بطريقة سليمة فالرسول صلي الله عليه‬
‫وسلم في الحديث الذي أخرجه أبو داؤود (الزموا اوالدكم‬
‫وأحسنوا أدبهم)‪.‬فهذا الحديث الشريفر ينطوي على أفضل‬
‫اساليب التربية فهو يحث األباء على التالطف مع األبناء في‬
‫القول والفعل ومعاملته باللين والمحبة ‪ ،‬وال تزال األسرة‬
‫بخير إذا ما حرصت على التوجيه اإلسالمي لألبناء السيما في‬
‫مرحلة المراهقة ‪ ،‬وبالتالي ينشأ جيل واعي مستنير ال تهزه‬
‫العرواطفر دستوره القران الكريم ورسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم إمامه المبين ولقد صدق رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم في الحديث الشريف الذي أخرجه ابو داؤود‬
‫‪:‬تشكيل اإلتجاهات في معاملة األبناء‬
‫ترجع أهمية اإلتجاهات في معاملة األبناء إلى عدة عوامل من أهمها ‪:‬‬
‫دور الوالدين كنمازج سلوكية لألبناء ‪.‬‬
‫توقعات الوالدين لطريقة سلوك األبناء‪.‬‬
‫ج‪ -‬تحكم الوالدين في قواعد الجزاء والنظام الذي يخضع له األبناء‪.‬‬
‫إن اإلتجاهات الوالدية كبقية اإلتجاهات األخرى يكتسبها الفرد عن طريق التعلم نتيجة‬
‫للتفاعل بين خصائص شخصيته من جهة والمؤثرات البيئية من جهة أخرى ‪،‬‬
‫والمتغيرات العامة التي يحتمل أن تؤثر في تشكيل اإلتجاهات الوالدية هي كما يلي‪-:‬‬
‫‪ .1‬خصائص شخصية الوالدين ‪:‬‬
‫إن اإلتجاهات الوالدية في تنشئة األبناء ليست منفصلة عن بقية سمات شخصية الوالدين‬
‫وإنما هي مرتبطة بها ومتكاملة معها‪ ،‬كما أن الحاجات النفسية للوالديين ومدى‬
‫توافقهم للحياة بوجه عام وللحياة الزوجية بوجه الخصوص يمكن أن ينعكس على‬
‫إتجاهاتهم نحو األبناء‪.‬‬
‫‪ .2.‬الخصائص الديموجرافية للوالدين‪:‬‬
‫إن خصائص الوالدين من حيث الجنس والعمر والتعليم والمستوى اإلقتصادي واإلجتماعي‬
‫‪:‬تشكيل اإلتجاهات في معاملة األبناء‬
‫‪.3.‬المؤثرات الثقافية ‪:‬‬
‫تؤثر القيم السائدة في ثقافة المجتمع وكذلك الثقافات الفرعية التي ينتمي‬
‫إليها الوالدين وما تعرضوا له من خبرات شخصية منذ طفولتهم في تكوين‬
‫مفهوم الدور الوالدي لديهم وما يرتبط به من إتجاهات وممارسات في تنشئة‬
‫األبناء‪.‬‬
‫ونود أن نشير هنا إلى وجود قدر من التفاعل بين المتغيرات اآلنفة للذكر وأنه‬
‫توجد عالقة وثيقة بينهم وبين اساليب المعاملة الوالدية‪،‬وتعمل سويا ً لتشكل‬
‫اإلتجاه الوالدي المتبع في تنشئة األبناء‪.‬‬
‫وفق ما يقتضيه السلوك الصادر عنهم‪.‬‬
‫ومن المعروف أن البيئة األسرية للطفل ال تتأثر فقط باإلتجاهات والممارسات‬
‫الوالدية وإنما هنالك باإلضافة إلى ذلك عدد آخر من المتغيرات ‪،‬رونشير إلى‬
‫اهمية حجم األسرة وأعمار األبناء وترتيب الميالد والعالقات الزوجية والعالقات‬
‫مع باقي األقارب وكلها عوامل مؤثرة تتفاعل وتتكامل في تهيئة الجو النفسي‬
‫‪ :‬األساليب األسرية في معاملة األبناء‬
‫هناك مفاهيم و ميزات معينة يجب أن يرسخها الوالدين في نفوس أطفالهم لتبقى معهم‬
‫طيلة حياتهم ‪ ،‬كالتفكير بطريقة متفائلة وإحساس الطفل بالثقة بالذات في جو هذه األسرة‬
‫التي تتعدد وتتنوع أصنافها وخصائصها المميزة ‪ ،‬وفيما يلي بيان أصناف وخصائص هذه‬
‫األسرة‪-:‬‬
‫األسرة الراضية المتقبلة ‪:‬‬
‫هي الراغبة في أبنائها ‪ ،‬يتلقون األنتباه والرعاية المناسبة ‪ ،‬ال يستاء منهم أباؤهم ويعجبون‬
‫بهم وال يعتبرونهم عبئأ ً عليهم ويتواجدون معهم تواجدا ً حقيقاً‪ ،‬وال يبتعدون عنهم نفسيا ً أو‬
‫يغفلون عنهم مطالبهم للعون والتأييد‪،‬يهتمون براحتهم وسعادتهم على عكس االسر‬
‫الرافضة تماما ً ‪ ،‬ويظهر اثار القبول االسري في الشخصيات السوية من المواطنيين ورجال‬
‫العلم واالزواج واألباء الصالحين‪.‬‬
‫كما نجد أن هذا االسلوب يعني مدى تقبل الوالدين لطفلهما ومدى تحقيق الدفء االسري‬
‫والعاطفي كما انه يشتمل على المشاركة الوجدانية وقضاء وقت طويل في اللعب مع‬
‫الطفل واستخدام التشجيع ‪،‬ويساهم ذلك في تحقيق توحد الطفل بالوالدين بإتخاذه لهما‬
‫نماذج يحاكيها في حياته ويظهر ذلك في تبني معتقدات الوالدين واتجاهاتهما فضال عن‬
‫‪ :‬االسرة النابذة‬

‫هي التي يشعر فيها اإلبن بأنه غير مرغوب فيه ‪ ،‬ال يحظى اال بالتقليل من انتباه‬
‫والديه ‪ ،‬حيث يسيطران عليه بقسوة وال يعتنيان به ‪ ،‬وقد يظهران حقدهما عليه‬
‫أو يعبران عنه بصورة عكسية كالتساهل معه كنوع من التفكير عن مشاعر الكره‬
‫او اظهار الحب الشديد والمحافظة عليه ويشير الرفض الى اإلضطراب في‬
‫التعلق الوجداني وعدم وجوده بين الطفل وعائلته‪.‬‬
‫وقد يكون السبب في اهمال الوالدين او عدم قدرتهم علي تعليم اطفالهم احترام‬
‫السلطة واتباع القواعد اإلجتماعية‪،‬كأن يترك وحيدأ في المنزل‪ ،‬او يترك قذرا ً‬
‫قبيح المنظر ‪ ،‬أو ال يأخذ طعامه بإنتظام ‪ ،‬أو ال يأخذه على اإلطالق ‪ ،‬وقد يؤدي‬
‫إهمال الطفل إلى أن يسعى دائما ً إلى إرضاء االخرين لكي ينتبهوا اليه ‪،‬أو‬
‫يسترسل في احالم اليقظة ليحقق ما يهفوا اليه وقد ينضم الى الجماعات الغير‬
‫مرغوبة أو يلجأ‬
‫الى اإلنحراف وتحدي السلطة او عدم قبول لوم على سلوكه ‪.‬‬
‫فهي األسرة التي تتجاهل وتغض النظر عن أبنائها تعبر عن عدم رغبتها فيهم دون‬
‫‪ :‬األسرة المسرفة المحافظة‬

‫هي المبالغة في العناية واالنتباه الشديد ‪ ،‬ال يتقبل فيه االباء التغييرات التي تطرأ‬
‫على أبنائهم ‪ ،‬يعاملونهم كما عاملوهم في الطفولة ‪ ،‬وال يطيقون النظر إليهم‬
‫على أنهم أصبحوا كبارأ وبحاجة إلى الحرية‪ ،‬والطفل الذي تسرف اسرته في‬
‫المحافظة عليه يصبح مياال ً الى الحياء واإلنطواء والخوف من التقدم وقد ينجح‬
‫في دراسته بتفوق ألنه يعوض عن تكيفه اإلجتماعي بالجد واإلجتهاد لكنه عندما‬
‫يصير راشدا ً ال يكون قادرا ً على التصرف كناضج عند مواجهته لمشاكل الحياة‪.‬‬
‫وتتجلي هنا العناية المفرطة بالطفل والمغاالة في حمايته والمحافظة عليها من‬
‫خالل السماح له بكل اإلشباعات وتدليله بإفراط وتشجيع الوالدين له لزيادة‬
‫اإلعتماد عليهما ويتضح ذلك في ثالثة أشكال‪ :‬أولها اإلتصال المفرط بالطفل‬
‫وثانيها التدليل وثالثها منع الطفل من السلوك اإلستقاللي ‪.‬‬
‫ٌ‪ :‬األسرة المتساهلة‬

‫وهي التي تؤثر فيها األبناء في القرارات أكثر من تأثير أبائهم ‪ ،‬وقد يصبح األبناء‬
‫في هذه األسرة المتساهلة أنانيين ولحوحين ‪ ،‬إنفجاري المزاج وضيقي‬
‫الصدر‪،‬يتوقعون دائما ً اإلنتباه والخدمة والعطف من األخرين‪.‬‬
‫ويتساهل الوالدان عندما يلبيان طلبات طفلهم مهما كانت تافهة ‪ ،‬فال تكون لهما‬
‫سلطة ملزمة عليه‪،‬وأهم سببين لهذا النمط من العالقة هما إصابة الطفل أو‬
‫مرضه مرضأ شديدا ً أو وجود نوع من السيطرة عنده يضلل به والديه ليحقق‬
‫مآربه ‪ ،‬بإستخدام أسلوب الغضب والتشنج ‪ ،‬وقد يؤدي الخضوع لمطالبة إلى‬
‫الغرور وعدم إحترام السلطة والثقة الزائدة بالنفس وسوء التكيف اإلجتماعي‬
‫اإلنفعالي‪.‬‬
‫األسرة األوتوقراطية‬
‫‪ :‬المستبدة‬
‫• ال يسمح األباء فيها لالبناء بالتعبيير عن وجهات نظرهم أو تعديل سلوكهم إال في اإلتجاه الذي‬
‫رسموه لهم يضطرونهم إلى الخضوع ‪،‬ويسيطرون عليهم‪،‬وينوبون عنهم في ما يجب أن‬
‫يقوموا به ‪ ،‬وقد يكون األبناء فري مثل هذه االسرة مهذبين حسني السلوك هادئين‪ ،‬ولكنهما‬
‫فري قرارة انفسهم يشعرون بالنقص ‪ ،‬ويسهل إنقيادهم لرفقاء السوء عندما يكبرون‪.‬ر‬
‫• هذا االسلوب يتمثل في فرض األب او األم او االخ االكبر رأيه على الطفل وبذلك يمنع الطفل‬
‫من القيام بسلوك معين لتحقيق رغباته حتى لو كانت مشروعة ‪ ،‬ويعتمد هذا األسلوب على‬
‫إستخدام الوالدين لسلوك العقاب البدني أو التهديد‪ ،‬وعندها تكون العالقة بين الوالدين‬
‫واألبناء هي عالقة بنيت على الرهبة في المقام األول ‪ ،‬فيتلهثم األبناء في توضيح رؤاهم‬
‫والمطالبة بحاجاتهم الضرورية ‪ ،‬مما يضر بالصحة النفسية لديهم ويدفعهم إلتخاذ أساليب‬
‫سلوكية غير سوية ‪ ،‬كاإلستسالم والهروب والتمرد والجنوح واإلنحراف ‪ ،‬ويكون الوالدان بذلك‬
‫قد أضرا بأبنائهم نفسيا ً وإجتماعيا ً وسلوكيا ً ‪.‬‬
‫‪ :‬األسرة الديمقراطية‬

‫يعترف فيها الوالدان بالفروق الفردية بين أبنائهم ‪،‬ونظرتهم لهم‬


‫موضوعية‪ ،‬لكل منهم حقوقه وواجباته ‪ ،‬وفي البيت الديموقراطي‬
‫ال تدوم المشاكل أو تؤثر على العالقات بين أفرادها وتزال‬
‫الخالفات األسرية بالمناقشة الصريحة والتعاون ‪ ،‬ويكون العقاب‬
‫مناسبا ً عندما ال يحسن األبناء التصرف ‪.‬‬
‫في اإلسلوب الديمقراطي يقوم األباء الديمقراطيون بوضع‬
‫قواعد واضحة ومحددة ويضعوا معها إستثناءات ثم يناقشونها مع‬
‫أطفالهم واألباء الذين يبعون هذا االسلوب يظهر عليهم كأسلوب‬
‫ودي فعال‪،‬كما أن األطفال الذين األسلوب الديمقراطي يكون‬
‫لديهم ثقة عالية بالنفس ويكافحون بشدة ضد الضغوطات‬
‫ويحققون التكييف المطلوب مع أقرانهم والوسط المحيط بهم ‪،‬‬
‫‪ :‬أسلوب األسرة في إثارة األلم النفسي‬

‫يتمثل هذا األسلوب في إشعرار الطفل بالذنب كلما أتى سلوكا ً‬


‫غير مرغوب فيه ‪ ،‬فبعض األباء واألمهات يبحثون عن أخطاء‬
‫الطفل ويبدون مالحظات نقدية هدامة لسلوكه مما يفقد‬
‫الطفل ثقته بذاته ويجعله مترددا ً في أي عمل يقدم إليه خوفا ً‬
‫من حرمانه من رضا الكبار وحبهم ‪ ،‬ويترتب على هذا اإلتجاه‬
‫شخصية إنسحابية منطوية غير واثقة من نفسها تواجه عدوانها‬
‫نحو نفسها ‪ ،‬وكما يعرف بأنه إشعار الطفل بالذنب أو تحقيره‬
‫والتقليل من شأنه ‪.‬وهذا االسلوب يتمثل في جميع األساليب‬
‫التي تعتمد على إثارة االلم النفسي‪،‬كإشعار الطفل بأنه مذنب‬
‫عندما يأتي فعال ً غير مرغوبا ً فيه ‪ ،‬أو تحقير الطفل أو التقليل‬
‫من نفسه إذا أراد القيام بعمل ما ‪ ،‬أ‪ ,‬البحث عن اخطاء‬
‫‪ :‬أسلوب األسرة في الثواب والمكافأة‬

‫إن الثواب أو المكافأة المتوقعة أو المقررة للعمل المقبول قد تكون‬


‫حاجة غير مادية كالكلمة الحلوم أو اإلبتسامة أو الهمسة الحانية أو‬
‫النظرة الحنونة‪ ،‬وقد تكون تصفيقا واستحسانا ً وربما إحتضانا ً‬
‫وتقبيال ً ‪،‬وقد تكون المكافأة أو التعزيز حاجة مادية كالحلو واللعب او‬
‫النقود ‪ ،‬وكلتا المكافأتين تؤديان غرضا ً واحدا ً وتسعيان نحو هدف‬
‫معين وينبغي اال يحصل عليها كل طفل إال بعد البدء في السلوك‬
‫المطلوب إتمامه أو تكراره ‪،‬وكما هو معروف للمكافأت دور من‬
‫األهمية في مكان ملعبه في دعم السلوك‪.‬‬
‫يعمل الوالدان على توجيه وإرشاد أبنائهم ‪ ،‬فهم في حاجة ألى معرفة‬
‫أن هنالك حدودا ً معينه وضعت لتبين لهم ما يمكن وما ال يمكن عمله ‪،‬‬
‫فالطفل يتعلم من الوالدين ما عليه من واجبات وماله من حقوق كما‬
‫أسلوب االسرة في التفرقة والتفضيل ‪:‬‬

‫يفرق بعض األباء بين األبناء في أسلوب المعاملة بقصد ومن غير قصد بناءا ً‬
‫على المركز أو الجنس أو السن أو ألي سبب اخر ‪،‬ر كأن يصب أحدهم جام‬
‫غضبه على أحد أبنائه النه يعتبره نزير شؤم لمصاحبة مولده بحادث سيء‬
‫لألسرة ‪ ،‬وقد يؤول األبناء إنشغال األم بطفل جديد على أنه تخلي عن حبها‬
‫وتدليلها لهم ‪ ،‬الطفل الذي يعرف أنه أثير عند والديه يمكن أن يقول ويفعل‬
‫أشياء يعاقب عليها إخوته وال يعاقب هو عليها ‪.‬‬
‫فاألباء يفرقون في أسلوب المعاملة بين الذكور اإلناث عندما يعاملون البنات‬
‫برقة أكثر من األوالد ونجد أن الطفل الالمع أثير عند والديه ‪ ،‬وان المعوقين‬
‫جسميا ً أوعقليا ً يحظون بإنتباه وعطف أكثر من أبائهم مما يجعل أشقائهم‬
‫يعتقدون أنهم يدللونهم أكثر منهم ‪ ،‬وتؤدي التفرقة في معاملة األبناء إلى‬
‫اإلنطواء و إتهام الذات والخوف من الحياة والغيرة والعداء واإلرتداد إلى‬
‫سلوك طفلى كالتبول الالإرادي والتهتهة‪.‬‬
‫‪ :‬أسلوب االسرة في التفرقة والتفضيل‬

‫ويتضح هذا االسلوب في عدم المساواة بين األبناء جميعا ً والتفضيل بينهم‬
‫بناءا ً على المركز أو الجنس أو اي سبب عرضي آخر ‪ ،‬ومما يعزز ممارسة‬
‫هذا األسلوب وجود بعض األنماط الثقافية الشائعة التي تؤدي إلى وجود‬
‫فرق في التنشئة مثل افتراض أن الطفل الذكر أكثر مقاومة وتحمل من‬
‫األنثى ‪ ،‬وهذا يجعل الوالدين أكثر قلقا ًّ على البنت من الولد مما يؤدي‬
‫بدوره إلى فروق جوهرية في أساليب التنشئة ‪.‬‬
‫ونجد أيضا ً هذا االسلوب يتمثل في التفضيل والتمييز بين األبناء في المعاملة‬
‫ألسبااب غير منطقية كالجنس (ذكر – أنثى ) أو الترتيب الميالدي أو ابناْء‬
‫الزوج او الزوجة المحبوبة او المنبوذة أو بناءا ً على الصفات الشخصية أو‬
‫أي إعتبار اخر بشكل يولد الحقد أو الكراهية ويخلق الصراع بين األبناء ‪.‬‬
‫‪ :‬ـأسلوب األسرة في التذبذب‬
‫ويقصد به عدم اإلستقرار في التعامل مع األبناء دون تحديد لالسلوب‬
‫األمثل للتعامل مع الموقف من أجل توجيههم إلكتساب ثقافة مجتمعهم‬
‫‪ ،‬ويؤدي التأرجح بين الثواب والعقاب والمدح والذم وإجاة المطالب‬
‫مرة ورفضها مرة أخرى في مواقف مماثلة إلى وقوع األبناء في حيرة‬
‫وتناقض وال يستطيعون معرفة الثواب من الخطأ بسبب تقلب الديهم‬
‫في هذا المجال‪.‬‬
‫وينتج عن عدم اإلتساق إنتهاج الوالدين ألسلوب مسقر له طابع مميز‬
‫شعوراألبناء بالعجز عن تحديد ما هو مقبول وماهو غير مقبول وبالتالي‬
‫حيرة الوالدين في سلوم وتصرفات أبنائهم فمتى يثابون ومتى يعاقبون‬
‫وكذلك تضارب اآلراء بين األباء واألمهات‪.‬‬
‫أسلوب األسرة في العقاب والحرمان من اإلثابة‪:‬‬
‫إن المقصود هنا ليس العقاب البدني فقط ألنه أسلوب له مضاعفات‬
‫أسلوب االسرة في المبالغة واإلعجاب‬
‫‪ :‬الزائد‬

‫• حيث يعبر األباء واألمهات بصورة مبالرغ فيها عن إعجابهم بالطفل‬


‫وحبه ومرحه والمباهاة به ويترتب على ذلك شعوره بالغرور الزائد‬
‫باللنفس وكثرة مطالربه وتضخيم صورته عم ذاته مما يؤدي لإلصابة‬
‫والفشل عندما يتصادم مع غيره من الناس الذين ال يمنحونه نفس‬
‫القدر من األعجاب‪.‬‬
‫• يتضح مما سبق أن اساليب الوالدين في معاملة األبناء تشتمل على‬
‫أساليب سوية مثل الحب والدفء والتقبل الديقراطية واإلستقالل‬
‫والمكافأة والثواب وتشتمل أيصا ً على أساليب غير سوية مثل‬
‫الحماية الزائدة واإلفراط في التسامح والتساهل والنبذ واإلهمال‬
‫والتدليل الزائد والقسوة والحرمان والمبالغة في اإلعجاب وإثارة‬
‫األلم النفسي والتفرقة والتذبذب في المعاملة‪.‬‬

You might also like