You are on page 1of 11

‫املحور االول‪ :‬نشأة علم االجتماع أهم رواده‪ ،‬مفهومه ومجاالته‪ ،‬وعالقته بالعلوم االخرى‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫يهتم علم االجتماع بدراسة املجتمع‪ ،‬وما يسود فيه من ظواهر اجتماعية مختلفة‪ ،‬دراسته تعتمد على أسس البحث‬
‫العلمي‪ُ ،‬ب غية التوصل إلى قواعد وقوانين عامة‪ ،‬والتالي فموضوع هذا العلم‪ ،‬هو املجتمع اإلنساني‪ ،‬وما تطرحه الجماعات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬من ظواهر ومسائل اجتماعية‪ ،‬هي مجال الدراسات االجتماعية‪.‬‬

‫ويرى ابن خلدون أَّن حاجة اإلنسان‪ ،‬للغذاء والكساء واملأوى‪ ،‬والدفاع عن النفس‪ ،‬هي التي تدفعه إلى االنتظام‪ ،‬في‬
‫ًال‬
‫مجتم ع إنس اني‪ ،‬ف الفرد ال يس تطيع أن يس د حاجت ه للغ ذاء بمف رده‪ ،‬ألَّن ذل ك يتطلب أعم ا كث يرة‪ ،‬ال يمكن ه أن يق وم به ا‬
‫بمفرده‪ ،‬فالبد من تعاونه مع غيره‪ ،‬يعني هذا أن الفرد يعيش في جماعات منذ والدته‪ ،‬منها الجماعات القرابية‪ ،‬واملتمثلة في‬
‫األسرة ‪-‬كنواة أولية قرابية‪ -‬يجد نفسه ينتمي إليها‪ ،‬ومنها الجماعات األخرى التي يلتحق بها كالجيرة واألصدقاء وغيرها من‬
‫الروابط االجتماعية‪ ،‬لهذا ترتبط ظاهرة القرابة كمادة أنثروبولوجية‪ ،‬مع عوامل التوالد البيولوجي بعالقة معقدة‪ ،‬قوامها‬
‫االس تمرارية واالنقط اع‪ ،‬فهي ليس ت فق ط عب ارة عن مج رد رواب ط طبيعي ة‪ ،‬ب ل يمكن أن تط رح من ع دة زواي ا ‪:‬عاطفي ة‪،‬‬
‫معيارية‪ ،‬رمزية‪.....‬الخ‪.‬‬

‫‪ -1‬نشأة وتطور علم االجتماع‪:‬‬


‫استطاع علم االجتماع أن يقطع شوطا كبيرا وأن يصل إلى مرحلة متقدمة من الدراسة العلمية للمجتمع بفضل‬
‫مساهمة عدة علماء أفنوا وقتا طويال ومجهودات جبارة في سبيل بنائه كعلم مستقل له أسسه وقواعده ونظريته الخاصة‬
‫ب ه‪ .‬ويع د ه ذا العم ل ال ذي‪ ،‬نقدم ه في حلق ات‪ ،‬محاول ة متواض عة إللق اء الض وء على ه ذا العلم واس تقالله وموض وعه‬
‫وأسسه‪ ،‬وكذا قضاياه واتجاهاته ومدارسه املختلفة‪.‬‬
‫ونستهل هذه املحاضرات املوجزة بالحديث عن نشأة علم االجتماع وإسهامات أهم رواده األوائل في تقدمه بدء من‬
‫الفالسفة اليونانيين وصوال إلى ماكس فيبر‪ .‬وال يعني توقفنا عند هذا العالم أن هذا الحقل املعرفي قد اكتم عقده ووصل‬
‫درجة الكمال الذي ال حاجة بعده إلى إسهامات نوعية أخرى مع هذا الرجل‪ .‬فالسوسيولوجيا ال تزال ‪ -‬في نظرنا‪ -‬في تطور‬
‫ونمو مطردين يشهد لهما توالي أجيال جديدة من العلماء في مختلف بقاع العلم والعالم‪.‬‬
‫‪ -1-1‬التفكير االجتماعي لفالسفة اليونان وارتباط علم االجتماع بالفلسفة‪:‬‬
‫لقد نشأ علم االجتماع كغيره من العلوم أول ما نشأ في خضم النقاش والتأمل الفلسفي في العصر اليوناني‪ ،‬فقبل‬
‫أن يستقل هذا امليدان املعرفي ويصبح علما قائم الذات له أسسه ومبادئه التي تميزه عن غيره من العلوم بما فيها تلك التي‬
‫تسمى علوما إنسانية؛ قبل هذا كانت القضايا االجتماعية موضوعا للتأمل الفلسفي لكبار فالسفة اليونان أمثال سقراط‬
‫وأفالطون وأرسطو طاليس‪.‬‬
‫أ‌‪ -‬أفالطون‪:‬‬
‫عاش أفالطون‪ ،‬تلميذ سقراط وأهم فالسفة اليونان ومؤسس الجامعة األفالطونية التي هي أول جامعة في العالم‪،‬‬
‫بين عامي ‪ 428‬و‪ 347‬قبل امليالد‪ .‬وقد ضمن أهم أفكاره االجتماعية في كتابه‪" :‬الجمهورية" الذي حاول من خالله أن يقدم‬
‫تصوره ملدينة فاضلة خالية من كل الشرور واآلثام ومتحلية في املقابل بكل الفضائل اإلنسانية كما تصورها هو وأستاذه‬
‫سقراط حيث يرى أنه كي تكون املدينة فاضلة يتعين أن تظلها العدالة واملساواة وتسود فيها الفضيلة وهو ما ال سبيل إلى‬
‫تحقيقه إال إذا التزمت كل طبقة من الطبقات االجتماعية الثالث بأدوارها وفضائلها‪.‬‬
‫وعموما يمكن تلخيص اآلراء األفالطونية غير تلك التي أشرنا إليها في النقاط التالية‪" :‬كان أفالطون أول من قال‬
‫ب أن املجتم ع مكون من أنظم ة متص لة الواح دة ب األخرى‪ .‬وه ذه األنظم ة هي النظ ام السياسي واألس ري وال ديني والعسكري‬
‫واالقتصادي‪ .‬كما أنه يعتقد بأن أي تغيير يطرأ على أحد هذه األنظمة ال بد أن ينعكس على بقية أنظمة املجتمع‪ .‬واملجتمع‬
‫يمكن تشبيهه بالكائن الحيواني الحي من حيث البناء والوظيفة والتحول من نمط إلى نمط آخر‪.‬‬
‫""العدالة ال يمكن أن تتحقق في املجتمع دون اعتماده على مبدأ تقسيم العمل والتخصص فيه؛ إذ أن كل فرد من‬
‫أفراد الطبقات الثالث يجب أن يؤدي العمل املؤهل عليه من الناحية الوراثية وعدم التدخل في شؤون اآلخرين‪ .‬كما ينبغي‬
‫على كل طبق ة القي ام بعمله ا الخ اص دون ت دخلها بمه ام ومس ؤوليات الطبق ات األخ رى‪" .‬الجماع ة أهم من الف رد حس ب‬
‫أفالطون ألن الجماعة تأتي قبل األفراد لذا ينبغي على الفرد التضحية من أجل تحقيق طموحاتها وأهدافها"‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬أرسطو‪:‬‬
‫أرسطو طاليس تلقى الفلسفة والحكمة على يد أستاذه أفالطون غير أن كتاباته اتسمت بالواقعية والوضعية أكثر‬
‫من أستاذه؛ بل إن هناك من املفكرين من يرى أن آراءه الفلسفية كانت أدق ما احتوته الفلسفة القديمة عموما‪ .‬أما أهم‬
‫أفكاره االجتماعية والتي أورد أبرزها في كتاب "السياسة" فتتجلى في تأكيده على أن اإلنسان مدني بالطبع‪ ،‬وأنه يستحيل أن‬
‫يعيش بمع زل عن املجتم ع‪ ،‬وأن الدول ة إنم ا وج دت لتنظم حي اة الن اس في املجتم ع وتش رف عليهم وتطب ق الق وانين بغ رض‬
‫تحقيق العدالة واملساواة ؛ كما أن أرسطو أقر األسرة التي نفاها أفالطون عن طبقتي الحكام والجند بل إنه قد اعتبر األسرة‬
‫أول خلية اجتماعية وأول اجتماع تدعو إليه الطبيعة ألن هناك ضرورة أولية تؤدي إلى اجتماع كائنين ال غنى ألحدها عن‬
‫اآلخر‪ ،‬وأن الحياة اإلنسانية ال يمكن أن تتحقق على وجه صحيح إال في األسرة التي وظيفتها القيام بإشباع الحاجات اليومية‬
‫عند أفرادها‪.‬‬

‫إن أهم ما يمكن أن يخلص إليه الباحث وهو يدرس الفكر االجتماعي لفالسفة اليونان هو حقيقة أن أرسطو قد‬
‫اس تطاع أك ثر من غ يره أن ي درس أهم املس ائل ال تي درس ها علم االجتم اع فيم ا بع د غ ير أن ذل ك لم يتم بش كل مس تقل ب ل‬
‫باعتبار هذه املوضوعات مدخال لنظرية الدولة‪.‬‬
‫‪ -1-2‬الفارابي والتفكير ذي النزعة الفلسفية في القضايا االجتماعية لدى الفالسفة املسلمين‪:‬‬
‫في ظل االنفتاح اإلسالمي على مختلف الحضارات خاصة الفلسفة اليونانية‪ ،‬برزت في الساحة الفكرية اإلسالمية‬
‫أس ماء المع ة اس تطاعت أن تق دم تص ورات للقض ية االجتماعي ة وإن لم تس تطع أن تتخلص من تأثره ا ال بين بالفلس فة‪.‬‬
‫ولعل أهم األسماء التي ال ينبغي ألي دارس لتاريخ لعلم االجتماع أن يتجاهله الفيلسوف الفارابي‪ .‬فمن هو الفارابي هذا؟‬
‫وأين يمكن أن نس تقي آراءه االجتماعي ة؟ وم ا عالق ة ه ذه اآلراء بالفلس فة اليوناني ة؟ وإلى أي ح د اس تطاع أن ينجح في‬
‫التوفيق بين الوحي واآلراء الفلسفية؟‬
‫ولد أبو نصر محمد الفارابي سنة ‪ 259‬هـ ‪ 862 /‬م في والية فاراب في تركستان التي تعلم فيها اللغة التركية والعربية‬
‫والفارسية‪ ،‬وانتقل إلى بغداد حيث اشتغل باملنطق والفلسفة والعلوم واالجتماع؛ وأقام في بالط سيف الدولة في حلب قبل‬
‫أن ينتقل إلى دمشق حيث وافته املنية هناك سنة ‪ 339‬هـ‪950 /‬م‪ .‬وقد لقب الفارابي باملعلم الثاني من شدة تأثره بأرسطو‬
‫كما أن آخرين لقبوه بمعلم العرب واملسلمين‪.‬‬
‫ض من الف ارابي معظم أفكاره االجتماعي ة في ع دة كتب أبرزه ا كتابي ه "السياس ة املدني ة" و"آراء أه ل املدين ة‬
‫الفاضلة"‪ .‬ويتكون كتاب السياسة املدنية من قسمين أساسيين‪ :‬األول فلسفي يتناول مراتب املوجودات الروحية واملادية‪،‬‬
‫والث اني يتن اول قض ايا االجتم اع السياس ية واالجتماعي ة‪ .‬أم ا كت اب "أه ل املدين ة الفاض لة" فينقس م ه و اآلخ ر إلى قس مين‬
‫أساس يين‪ :‬األول ي درس األس اس الفلس في واملث الي وال ديني للمدين ة الفاض لة أو املجتم ع املث الي ال ذي ح دد الف ارابي ص فاته‬
‫األساسية وطبيعته وطريقة الوصول إليه؛ أما القسم الثاني من الكتاب فيتناول موضوع الحاجة إلى االجتماع البشري‪.‬‬
‫إن تحليل هذه املؤلفات يقود الباحث إلى نتيجة أساسية هي أن الفارابي لم ينتج تصورات اجتماعية خاصة به‪ ،‬بل‬
‫إن كل ما قام يمكن أن يوصف بأنه محاولة إلنشاء مدينة فاضلة على غرار مدينة أفالطون الذي تأثر به هو وأرسطو كما‬
‫أنه حاول التوفيق بين هذين الرجلين فيما بينهما‪ ،‬وفي ما بين الفلسفة االجتماعية اليونانية عموما وبين اآلراء اإلسالمية‪،‬‬
‫فجانبه الصواب في كثير من محاوالته هاته‪.‬‬
‫‪ -1-3‬ابن خلدون ونشأة علم العمران البشري‪:‬‬
‫ُك‬
‫عالم اجتماع مبدع وفيلسوف ومؤرخ وأديب تبت له فيما بعد شهرة لم يسبقه إليها في ميدانه أحد اسمه عبد‬
‫الرحمن محمد بن خلدون املشهور بابن خلدون‪ .‬وقد ولد عبد الرحمن هذا بتونس سنة عام ‪ 732‬هـ ‪1332 /‬م من أسرة‬
‫يمنية من حضرموت وتولى مناصب سياسية هامة أعالها الوزارة؛ كما جنت عليه ذات السياسة حتى سجن بسببها وهو ما‬
‫جعله يسأم العمل السياسي ويعتزله لسبع سنين أمضى أربعا منها في قلعة سالمة حيث كتب مقدمته املشهورة ب "مقدمة‬
‫ابن خل دون" ال تي هي في األص ل بمثاب ة تمهي د لكتاب ه في الت اريخ املوس وم‪" :‬كت اب الع بر ودي وان املبت دأ والخ بر ‪ "...‬املش هور بـ‬
‫"تاريخ ابن خلدون"‪ .‬وبعد ذلك رحل إلى القاهرة حيث توفي فيها سنة ‪ 808‬هـ ‪1406 /‬م‪.‬‬
‫"اشتهر ابن خلدون بدراساته االجتماعية العلمية التي عرض من خاللها حقيقة املجتمع اإلنساني وطبيعة اإلنسان‬
‫وعالقاتها بتكوين الجماعة والنظام االجتماعي‪ .‬ودرس العالقة املتفاعلة بين الفرد واملجتمع بعد أن قارن مقارنة علمية بين‬
‫الكائن االجتماعي والكائن الحيواني من ناحية البناء والوظائف والتكامل بين األجزاء والنمو والتطور‪.‬‬
‫يعد ابن خلدون أول من نادى بضرورة إنشاء علم العمران البشري "وهذا العمران يعني لديه االجتماع اإلنساني‬
‫وظاهراته"‪ .‬ولقد كان دقيقا عند تعريفه ملوضوع هذا العلم املستحدث الصنعة‪ ،‬الغريب النزعة والغزير الفائدة حيث قال‪:‬‬
‫"وهذا علم مستقل بنفسه‪ .‬فإنه ذو موضوع‪ ،‬وهو العمران البشري واالجتماع البشري؛ وذو مسائل‪ ،‬وهي بيان ما يلحقه‬
‫من العوارض واألحوال لذاته واحدة بعد أخرى"‪ .‬وكان قد أشار إلى أن حقيقة التاريخ الذي هو املدخل لدراسة العمران‬
‫هي أنه "خبر عن االجتماع الذي هو عمران العالم‪ ،‬وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من األحوال مثل التوحش والتأنس‬
‫والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض‪ ،‬وما ينشأ عن ذلك من امللك والدول ومراتبها‪ ،‬وما ينتحله البشر‬
‫بأعمالهم ومساعيهم من الكسب واملعاش والعلوم والصنائع‪ ،‬وأثر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من األحوال‪".‬‬
‫أما أغراض علم العمران فهي تنقسم إلى "أغراض مباشرة نظرية وتتلخص في ضرورة الكشف عن طبيعة الظواهر‬
‫االجتماعي ة ووظائفه ا والوق وف على الق وانين ال تي تخض ع له ا؛ وأغ راض عملي ة غ ير مباش رة تتح دد في االنتف اع بحق ائق‬
‫االجتماع وقوانينه في تعليل األحداث‪".‬‬
‫أما الدافع الرئيس الذي حذا بابن خلدون لتأسيس هذا العلم فهو ما الحظه من كون املؤرخين يقعون في أخطاء‬
‫جس يمة لع دة أس باب أهمه ا التعص ب وع دم تحكيم العق ل واملنط ق وع دم قي اس الغ ائب على الش اهد والجه ل ب القوانين‬
‫والنواميس التي يسير عليها الكون والقوانين االجتماعية التي يسير عليها العمران البشري‪.‬‬
‫ويمكن القول في جميع األحوال إن ابن خلدون كان أول من حدد بوضوح وطبق بعض املبادئ الرئيسية التي ينبغي‬
‫أن يرتكز عليها علم االجتماع‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬إن الظواهر االجتماعية تخضع لقوانين قد ال تكون من الثبات كما هي القوانين التي تحكم الظواهر الطبيعية غير‬
‫أنه من شأن استيعاب عالم االجتماع لهذه القوانين أن يمكنه من فهم اتجاه األحداث من حوله‪.‬‬
‫‪ -‬إن تلك القوانين تفعل فعلها في الجماعات وال تتأثر كثيرا باألفراد واألحداث املنعزلة‪.‬‬
‫‪ -‬إن اكتشاف تلك القوانين ال يمكن أن يتم إال بعد جمع عدد ضخم من الوقائع والحقائق ومالحظة ما يقترن بها أو‬
‫يليها من وقائع إن منظومة القوانين االجتماعية قابلة للتعميم لكن بشكل نسبي‪.‬‬
‫‪ -‬إن املجتمعات ليست ساكنة بطبيعتها بل هي خاضعة للتغير والتطور‪ .‬والعامل األساس الذي ينوه به ابن خلدون‬
‫في ح دوث ه ذا التغ ير ه و الّت م اس واالتص ال بين الش عوب والطبق ات املختلف ة باإلض افة إلى العصبية والتن اقض والس لطة‬
‫السياسية (الناس على دين ملوكهم‬
‫‪ -‬إن هذه القوانين االجتماعية سوسيولوجية في طابعها وليست نابعة من دوافع بيولوجية أو من عوامل بدنية‪.‬‬
‫أما املنهج الخلدوني في دراسة الظاهرات والوقائع االجتماعية فيمكن إجماله في‪:‬‬
‫املالحظة الحسية القائمة على الدراسة التاريخية للظاهرات (جمع املعلومات األولية من بطون التاريخ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬االستنباط العقلي للقوانين التي تحكم هذه الظاهرات‪.‬‬
‫‪ -1-4‬أوجست كونت وعودة النهج العلمي لعلم االجتماع‪:‬‬
‫بع د وف اة ابن خل دون‪ ،‬تع ثر التع اطي م ع موض وعات علم االجتم اع بش كل مس تقل‪ .‬فق د ع اد تن اول القض ايا‬
‫االجتماعي ة إلى أحض ان الفلس فة وظ ل ه ذا الوض ع إلى حين مجيء الع الم الفرنسي أوجس ت كونت حيث ع اد على يدي ه من‬
‫جديد املنهج العلمي لعلم االجتماع‪.‬‬
‫ويرجع كثير من الباحثين تأسيس علم االجتماع إلى أوجست كونت نظرا لكونه أول من نحت مصطلح ‪sociologie‬‬
‫ولغياب ما يؤكد تأثر هذا الرجل بابن خلدون من الناحية املعرفية؛ غير أن الحقيقة التي ال يمكن تجاوزها تتجلى في أن ابن‬
‫خلدون كان الس باق تاريخيا إلى تحديد موض وع العلم واملنهج األنسب لذلك‪ ،‬وهذا ما جعل بعض املفكرين يرجع تجاهل‬
‫الغرب البن خلدون عند التأريخ لعلم االجتماع إلى النرجسية الغربية التي ال تعير أي اهتمام ملا ليس غربي املنشأ وحجتهم في‬
‫ذلك التجاوز املتعمد إلسهام الفلسفات الشرقية القديمة السابقة للحضارة اليونانية عن التأريخ لكل العلوم‪.‬‬
‫ولد أوكست كونت (‪ )1857 -1798‬بمدينة موبيلييه الفرنسية لوالدين كاثوليكيين‪،‬‬
‫لق د كانت رغب ة كونت في إص الح املجتم ع الفرنسي املتس م باالض طراب في ذل ك ال وقت دافع ا دع اه إلى إنش اء علم‬
‫االجتم اع‪" .‬فق د الح ظ الفوضى ال تي تض رب أطن اب مجتمع ه‪ ،‬وملا ح اول أن يتع رف عن أس باب تل ك الفوضى وج دها في‬
‫الفوضى الفكري ة‪ ،‬ف الفكر عن ده أس اس كل ص ال ح أو فس اد في املجتم ع‪ ،‬ورأى أن من أس باب تل ك الفوضى أن الب احثين‬
‫يسلكون منهجين مختلفين في تفسيرهم لكل من الظواهر االجتماعية والظواهر الطبيعية‪ ،‬فهم يسلكون منهجا علميا وضعيا‬
‫للتعرف على حقائق الطبيعة‪ ،‬والكشف عن قوانينها وعالقاتها‪ ،‬بينما ال يسلكون املنهج نفسه في الظواهر االجتماعية‪ .‬وقد‬
‫وجد كونت أنه ال فائدة في عالج الفكر الفاسد‪ ،‬والقضاء على الفوضى الفكرية إال إذا خضعت الظواهر االجتماعية للمنهج‬
‫العلمي املتبع في الظواهر الطبيعية‪ .‬ويعتقد كونت أنه لفهم ظواهر املجتمع ال بد من توفر شرطين أساسيين هما‪:‬‬
‫‪ -‬أن ت درس ه ذه الظ اهرات بعي دا عن األه واء واملص ادفات أي وف ق ق وانين تس ير عليه ا‪.‬‬
‫‪ -‬أن يستطيع األفراد التعرف على هذه القوانين لكي يفهموا الظواهر وفق ما ترسمه قوانينها من حدود وأوضاع‪.‬‬
‫وهو ما لن يتم ما لم يقم علماء االجتماع بكشف هذه القوانين‪.‬‬
‫وينقسم دراسة علم االجتماع عند كونت إلى قسمين أساسيين هما‪:‬‬
‫‪ -‬القس م األول اس مه ال ديناميك االجتم اعي؛ حيث يش كل "التق دم" الفك رة املركزي ة‪ .‬ويختص بدراس ة ق وانين الحرك ة‬
‫االجتماعي ة‪ ،‬والس ير اآللي للمجتمع ات والكش ف عن م دى التق دم ال تي تحقق ه اإلنس انية في تطوره ا‪.‬‬
‫‪ -‬القس م الث اني اس مه االس تاتيك االجتم اعي وه و يع نى بدراس ة املجتمع ات في حال ة اس تقرارها وباعتباره ا ثابت ة في ف ترة‬
‫معينة من تاريخها‪.‬‬
‫وعموما فإن كونت الوضعي التوجه يرى أن الفرد والعائلة والدولة تشكل العناصر األساسية للمجتمع مع إعطاءه‬
‫أهمي ة خاص ة لألس رة؛ كم ا يؤك د على أن ال قيم ة للف رد إال بوج وده وتعاون ه م ع آخ رين وأن املجتم ع وح دة حي ة وم ركب‬
‫معقد أهم مظاهره التعاون والتضامن‪.‬‬
‫‪ -1-5‬كارل ماركس‪ :‬علم املجتمع والدراسة املوضوعية للعالقات االجتماعية‪:‬‬
‫يع د األملاني كارل م اركس من أش هر علم اء االجتم اع ال ذين اس تطاعوا أن يس اهموا بق وة في تح ول ه ذا العلم من‬
‫دراسة أدبية وفلسفية غير دقيقة إلى دراسة علمية موضوعية واضحة املعالم واألسلوب واملنهجية واألهداف؛ فبالرغم من‬
‫م رور م ا يق رب من ق رن من الزم ان على وفات ه الزال فك ره يش غل ح يزا كب يرا من اهتم ام املفك رين والب احثين في أك ثر من‬
‫مجال وال يخلو مؤلف واحد عن نظرية علم االجتماع إال وقف على ما كتب‪.‬‬

‫إن التص ور السوس يولوجي املاركسي يق وم‪ ،‬إذن‪ ،‬على مقول ة أساس ية مفاده ا أن املجتم ع موج ود واقعي يتوق ف‬
‫كيان ه على أس لوب اإلنت اج وطبيعت ه ال تي تس م املجتم ع بطابعه ا وأن ال وج ود لإلنس ان إال ض من مجتم ع وال مع نى ل ه إال‬
‫بالعم ل؛ وه ذا م ا يجع ل مفه وم الطبق ة االجتماعي ة مفهوم ا أساس يا ومقول ة تحليلي ة مركزي ة لدي ه‪ .‬وتتح دد ه ذه الطبق ة‬
‫االجتماعي ة عن طري ق امللكي ة وعن طري ق ق وى اإلنت اج والتقس يم االجتم اعي كم ا تتح دد ب األجر وال ربح والريع ومعرف ة‬
‫الطبقات بتناقض مصالحها‪ .‬وعموما يمكن تلخيص أهم اإلسهامات املاركسية في تطور علم االجتماع في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التفس ير املادي البحت لقض ايا املجتم ع حيث يعتق د ب أن املجتم ع يستند على قاع دة اقتص ادية بحت ة‪.‬‬
‫‪ -‬التأكي د على أن البن اء الف وقي للمجتم ع من قيم وإي ديولوجيا ودين وغيره ا يرتك ز على القاع دة التحتي ة للمجتم ع وهي‬
‫قاعدة مادية تتجسد باملعطيات االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة الطبقات االجتماعية والتأكيد على أن االنتماء للطبق ة يتوقف على العوامل االقتصادية ومدى الوعي‬
‫بالتناقض بين مصالح الطبقات املختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬الص راع بين الطبق ات ه و العام ل الحاس م في التغ ير االجتم اعي وله ذا يؤك د على أن الت اريخ اإلنس اني م ا ه و إال‬
‫تعبير عن تاريخ الصراعات الطبقية‪.‬‬
‫‪ -1-6‬إميل دوركايم؛الدراسة األكاديمية لعلم االجتماع الفرنسي على النهج الوضعي الكونتي‪:‬‬
‫إذا كان كونت ق د اش تهر بأن ه املؤس س لعلم االجتم اع على األق ل في األوس اط العلمي ة الغربي ة‪ ،‬ف إن كتاب ات الكاتب‬
‫الفرنسي إمي ل دوركايم ت ركت أث را أهم وأبقي على علم االجتم اع الح ديث من مؤلف ات أس تاذه كونت‪ ،‬ول د إمي ل دوركايم (‬
‫‪ )1917 -1858‬في مدينة أبينال بمقاطعة اللورين في الجنوب الشرقي من فرنسا من أسرة متوسطة الحال‪ .‬درس في املدارس‬
‫ُق‬
‫الفرنسية وبعد تخرج ه منها ِب ل في مدرس ة املعلمين العليا حيث تخص ص في التربي ة والتعليم؛ وبع د إكماله الدراسة منها‬
‫س افر إلى أملاني ا حيث درس هن اك االقتص اد والفلكل ور واألنتروبولوجي ا الحض ارية‪ .‬وعلى ال رغم من أن دوركايم اس تعان‬
‫بجوانب من أعمال كونت‪ ،‬إال أنه كان يعتقد أن كثيرا من أراء أسالفه تتسم بالنزعة التأملية والغموض‪ ،‬وأن كونت لم يفلح‬
‫في تحقيق البرنامج الذي وضعه إلقامة علم االجتماع على أسس علمية‪.‬‬
‫لقد كان تأثر دوركايم بأستاذه أوجست كونت تأثرا كبيرا من حيث الفلسفة الوضعية التي انطلقا منها جميعا كما‬
‫من حيث املنهج ويتبدى هذا بوضوح في تأكيده على أنه علينا دراسة الحياة االجتماعية بروح موضوعية مثلما يفعل العلماء‬
‫عن د دراس تهم للع الم الط بيعي كم ا يتضح في مماثلت ه بين الحي اة االجتماعي ة والحي اة العض وية في إط ار وظيفي‪ .‬وكان املب دأ‬
‫الذي وضعه لعلم االجتماع‪" :‬فلندرس الحقائق والوقائع االجتماعية باعتبارها أشياء‪".‬‬
‫لقد آمن دوركايم من بين ما آمن به بأهمية الوعي الجمعي‪ .‬وقد أكد‪ ،‬في مخالفة تامة ملا أورده ماركس‪ ،‬أن الواقع‬
‫املادي املجتمعي ت ابع لل وعي الجمعي وليس العكس أي أن وج ود قيم مش تركة بين أف راد املجتم ع ه و العام ل األساسي ال ذي‬
‫يح دد الواق ع االجتم اعي له ذا املجتم ع‪ .‬ولذلك ت راه منزعجا من التط ورات املتسارعة ال تي م يزت املجتمع ات الح ديث كونه ا‬
‫"يمكن أن تسبب في اضطراب أساليب الحياة التقليدية وفي القيم واملعتقدات الدينية وأنماط الحياة اليومية دون أن تطرح‬
‫بدال منها قيما جديدة واضحة‪ .‬وربط دوركايم بين هذه األوضاع التفكيكية وبين ظهور حالة الضياع‪ ،‬وهي اإلحساس بانعدام‬
‫الحياة والقنوط الناجم عن الحياة االجتماعية الحديثة‪".‬‬
‫ويقوم املنهج السوسيولوجي لدوركايم الذي يؤكد على أهمية تشجيع ما أطلق عليه الفروع الخاصة لعلم االجتماع‬
‫على الدعوة ملحاكاة علوم الطبيعة في دراسة الظاهرات االجتماعية كأشياء وذلك عن طريق املالحظة واملقارنة والتفسير‬
‫ال وظيفي للظ اهرات االجتماعي ة‪ .‬أم ا وظيف ة علم االجتم اع عن ده فتتح دد باألس اس في الكش ف عن الق وانين ال تي تحكم‬
‫الظ اهرات االجتماعي ة به دف عالج املش كالت االجتماعي ة وص وال لتحقي ق التض امن االجتم اعي املطل وب وتقس م العم ل‬
‫ال وظيفي الفع ال وه ذا مم ا يؤك د النزع ة النفعي ة املتجه ة ص وب ت دعيم األوض اع القائم ة في نظ رة دوركايم لعلم االجتم اع‬
‫ووظائفه‪.‬‬
‫‪ -1-7‬ماركس فيبر‪ :‬علم االجتماع ونظرية املعنى في تفسير الفعل االجتماعي‪:‬‬
‫إذا كان علم االجتماعي الفرنسي مرتبطا بأوجست كونت وإميل دوركايم باعتبار األول هو املؤسس وألن الثاني يعد‬
‫أول من درس العلم أكاديميا وتوسع فيه‪ ،‬فإن ماكس فيبر‪ ،‬وإن لم يحترف علم االجتماع إال سنتين قبل وفاته‪ ،‬قد استطاع‬
‫أن يطبع علم االجتماع خاصة في أملانيا رغم ذلك التباين والتناقض في آراءه الذي ال يسع أي باحث إال أن يستحضره بمجرد‬
‫أن يذكر اسم الرجل عنده‪.‬‬
‫ويع رف في بر علم االجتم اع على أن ه علم يك رس جه وده للوص ول إلى فهم تفس يري للفع ل االجتم اعي وأس بابه‬
‫ومص احباته‪" .‬فه و يعتق د أن على علم االجتم اع أن يرك ز على الفع ل االجتم اعي ال على البني ة االجتماعي ة"‪ .‬ويع رف الفع ل‬
‫االجتم اعي بأن ه ذل ك "املع نى ال ذاتي ال ذي يخلع ه األف راد على س لوكم س واء كان ه ذا املع نى واضحا أو كامن ا موارب ا‪ .‬ويع د‬
‫الفعل اجتماعيا بالقدر الذي يضعه فيه الفاعل سلوك اآلخرين في حسبانه توجها وتصرفا"‪.‬‬
‫إن هذا التصور ملوضوع العلم ومضمونه جعل ماكس فيبر يعتقد‪ ،‬على عكس ما ذهب إليه ماركس‪ ،‬أن الدوافع‬
‫واألفكار البشرية هي التي تقف وراء التغير االجتماعي‪ ،‬وأن بمقدور القيم واملعتقدات أن تساهم في التحوالت االجتماعية‬
‫وبوس ع الف رد أن يتص رف بحري ة ويرس م مص يره في املس تقبل‪ .‬كم ا أن ه خ الف كل م اركس ودوركايم في قولهم ا أن للب نى‬
‫االجتماعي ة وج ودا مس تقال عن األف راد وإنم ا تش كل ه ذه الب نى بفع ل تفاع ل تب ادلي معق د بين األفع ال‪.‬‬
‫لقد كان فيبر ممن تأثروا باألفكار املاركسية؛ لكن هذا التأثر لم يمنعه من توجيه انتقادات لهذا الفكر خاصة فيما يتعلق‬
‫بتلك الطروحات املادية التي تبناها ماركس عند تحليله للتفاعل بين قوى املجتمع‪ .‬فقد رفض املفهوم املادي للتاريخ واعتبر‬
‫أن للصراع الطبقي أهمية أقل مما رآه ماركس مؤكدا في كتابه "األخالق البروتستانتية وروح الرأسمالية" على أن "العوامل‬
‫الدينية والروحية هي التي تؤثر في األنشطة االقتصادية من حيث تحديد مساراتها اإلنتاجية ورسم أهدافها وخططها" وليس‬
‫العكس‪.‬‬

‫‪:‬مفهوم علم االجتماع ‪2-‬‬

‫‪:‬تعريف علم االجتماع ‪2-1-‬‬

‫يالحظ الفرد في حياته اليومية أن وسائل اإلعالم املختلفة تطالعه بأنباء معينة بعض منها ما يتعلق بكوارث طبيعيه‬
‫وأخ رى تتعل ق بص راع ومش كالت تحت اج إلى حل ول وقس م آخ ر يتح دث عن قض ايا العم ل وإض رابات العم ال وقس م ث الث‬
‫يتعرض التجاهات مشجعي كرة القدم وكيف تغيرت وأصبحت أكثر عدوانيه كذلك تتناول وسائل اإلعالم قضايا اجتماعية‬
‫كارتفاع معدالت الطالق والجريمة وانحراف األحداث وغيرها من القضايا االجتماعية‪.‬‬

‫مثل هذه األحداث إذا صح أن نطلق عليها هذه التسمية هي أحداث عامه تحدث في الحياة اليومية في أي مجتمع من‬
‫املجتمعات‪ ،‬ولكن أحيانا يتساءل البعض ملاذا أصبح اآلن مشجعو كرة القدم أكثر عنفا عما كانوا عليه في املاضي وملاذا يجد‬
‫بعض األزواج أن الحي اة الزوجي ة أص بحت ال تط اق فعن دما نس أل أنفس نا ه ذه النوعي ة من األس ئلة فإنن ا نس أل س ؤاال‬
‫اجتماعيا‪ ،‬بمعنى أننا معنيون أو مهتمون بالطريقة التي يسلك أو يتصرف بها األفراد في املجتمع وتأثير ذلك السلوك على‬
‫أنفسهم وعلى املجتمع‪.‬‬
‫إذن ي درس علم االجتم اع س لوك األف راد بالطريق ة العلمي ة الدقيق ة‪ ،‬وعلم اء االجتم اع يدرس ون األس اليب ال تي‬
‫ينتظم بها املجتمع‪ ،‬فهم على سبيل املثال يختبرون أو يفحصون الحقائق املتعلقة بالجريمة والسلوك أالنحرافي ويحاولون‬
‫التوصل إلى أسبابها كذلك يبحثون في الكيفية التي تطور بها النسق األسري وتأثير الطالق على أفراد اآلسرة وتأثير مراكز‬
‫القوى على وسائل اإلعالم وأنواع املهن املتوفرة في املجتمع ومعايير اختيار املهنة وكيف يزداد أو ينمو السكان واملشكالت‬
‫الناجم ة عن ارتف اع الكثافة السكانية ونوعي ة املدارس التي تنشأ ووظائفها وكيفية اس تجابة الطالب له ا من حيث اإلقبال‬
‫عليها والتسرب منها والنجاح وغيرها من األمور املجتمعية فعلم االجتماع يبين لنا الدرجة التي تؤثر البيئة التي نعيش فيها‬
‫على مظاهر سلوكنا في حياتنا اليومية‪.‬‬

‫فعلى سبيل املث ال دعن ا نفك ر ل و أن شخص ا م ا ول د في قط ر نج د أن ه ذا الشخص ق د تعلم من والدي ه ومدرس يه‬
‫كيف يتعلم اللغة العربية ويرتدي املالبس العربية املميزة لهذا املجتمع ويأكل بطريقة معينة ويفكر في الحصول على وظيفة‬
‫أو مهن ة قريب ة من وظيف ة وال ده أو أص دقائه أو محيط ه االجتم اعي ويلعب ك رة الق دم ويس تمع إلى املوس يقى واألغ اني التي‬
‫تنتش ر في املجتم ع الع ربي وتم يزه وب الطبع يكون مس لما ملتزم ا بقواع د ال دين اإلس المي أي ان ه شخص ينتمي إلى املجتم ع‬
‫القطري بخصائصه الثقافية واالجتماعية وهو بذلك يختلف عن شخص آخر ولد في مجتمع آخر كاليابان مثال‪.‬‬

‫وعلى ه ذا األس اس ال يمكن للف رد أن يكون كائن ا اجتماعي ا م ا لم يكن يعيش في مجتم ع أو وس ط اجتم اعي وعلى‬
‫اتص ال مس تمر ببقي ة أف راد املجتم ع بحيث ين دمج في محيطهم ويتفاع ل معهم بص ورة إيجابي ة فنحن نتعلم تقب ل تقالي د‬
‫املجتم ع بحيث يندمج في محيطهم ويتفاع ل معهم بصورة ايجابي ة‪ .‬فنحن نتعلم تقبل تقاليد املجتمع وعاداته ونتصرف من‬
‫خالل مع اييره وقيم ه‪ ،‬وه ذه األم ور يتعلمه ا كل ف رد من خالل م ا يطل ق علي ه علم اء االجتم اع وس ائل أو قن وات الض بط‬
‫االجتماعي والتي تتضمن األسرة التي ترشد وتدرب الطفل في سنوات عمره األولى على أساليب السلوك املقبولة في مجتمعه‬
‫وفي مختلف املواقف االجتماعية كما انها تعتبر مصدرا أساسيا للشعور باألمن والحنان والحب‪.‬‬

‫علم االجتماع هو الدراسة العلمية ملظاهر أو جوانب الحياة االجتماعية للفرد فهو كم من املعرفة تكون من خالل‬
‫تراكم استخدام املنهج العلمي في دراسة أبنية ومكونات الحياة االجتماعية أي انه تنظيم وترتيب للتفاعل البشري وبمعنى‬
‫آخر فان علماء االجتماع يدرسون سلوك األفراد في محتواه الجمعي‪.‬‬

‫ويمكننا أن نشير إلى التعريفات املختلفة لعلم االجتماع والتي سنالحظ أنها ال تختلف في املحتوى والداللة وإنما في‬
‫ترتيب املوضوعات حسب اهتمام عالم االجتماع فيعرف‪:‬‬

‫أليكس أنكل ز علم االجتم اع‪ :‬بأن ه العلم ال ذي ي درس بن اء ووظيف ة النظم االجتماعي ة أي نظم الفع ل ال تي تتص ف‬
‫بالثبات النسبي والتي يشترك فيها مجموعه من الناس سواء كانت صغيره أو كبيره‬

‫أما سوركين فيرى أن علم االجتماع هو ذلك ‪:‬املفهوم الذي يشير إلى جميع املعلومات الخاصة بالتشابه بين مختلف‬
‫الجماعات اإلنسانية‬

‫وكذلك عرفه بأنه العلم الذي يدرس الثقافة االجتماعية‬

‫كم ا عرف ه أيض ا ب أن علم االجتم اع ه و دراس ة الخص ائص العام ة املش تركة بين جمي ع أن واع املظ اهر االجتماعي ة‬
‫والعالقة بين هذه األنواع وكذلك العالقة بين الظواهر االجتماعية والغير اجتماعيه‬

‫أما رايت ميلز‪ :‬فعرفه بان العلم الذي يدرس البناء االجتماعي للمجتمع والعالقات املتبادلة بين أجزائه وما يطرأ‬
‫على ذلك من تغير‬
‫ويرى جونسون بأنه العلم الذي يدرس الجماعة من حيث نماذج تنظيمها الداخلي والعمليات التي تميل إلى استمرار‬
‫أو تغيير هذه الصورة التنظيمية للعالقات االجتماعية‬

‫أما جورج ليندبرج فيعرف علم االجتماع بأنه علم املجتمع‬

‫في حين أن م اكيفر ي رى ان ه العلم ال ذي ي درس العالق ات االجتماعي ة وإذا نظرن ا إلى ه ذه التعريف ات وعش رات‬
‫التعريفات األخرى سنجد أنها تختلف باختالف معرفيها ومدارسهم اال أنها تتناول قضايا أساسية نوجزها في انه احد العلوم‬
‫اإلنسانية الذي يدرس املجتمع وظواهره وبناءه يبحث العالقات بين األفراد والجماعات بصوره علميه تحليليه انه يحاول‬
‫املقارنة بين الظواهر والحقائق االجتماعية حتى يتمكن من أن يقيس أشكال التغير في املجتمع مع التركيز على ثقافته‬

‫‪ -2-2‬الظاهرة االجتماعية‪:‬‬

‫يع د ع الم االجتم اع الفرنسي إمي ل دوركايم أك ثر العلم اء اهتمام ا بدراس ة الظ اهرة االجتماعي ة بن اء على أس س‬
‫منهجي ة مح دده وتمث ل ه ذا االهتم ام في مؤلف ه الش هير قواع د املنهج في علم االجتم اع فق د ع رف دوركايم الظ اهرة‬
‫االجتماعي ة بأنه ا ض رب من الس لوك والتفك ير والش عور املوج ود خ ارج الف رد وذل ك بحكم م ا زودت ب ه من ق وه وإل زام‬
‫تفرض نفسها على الفرد واملالحظ أن هذه الحقائق االجتماعية وان كانت قهرية إال أن الفرد ال يشعر بقهرها أو إلزامها‬
‫طاملا أن ان ه تم االتف اق عليه ا داخ ل املجتم ع فمثال ينش أ الطف ل على اح ترام الكب ار وط اعتهم ومن ثم ف ان عملي ة التنش ئة‬
‫االجتماعية هذه تجعل كثيرا من أنماط سلوك الطفل والعادات والتقاليد ملزمه دون أن يشعر بها اإلنسان فهو يطبع عليها‬
‫بصفتها االجتماعية ولذلك فان دوركايم حدد خصائص الظاهرة االجتماعية في الجوانب اآلتية تتميز الظاهرة االجتماعية‬
‫بصفة العموميه بمعنى انها تنشر في املجتمع وربما في مختلف املجتمعات البشرية وتتكرر في مظاهر حياة أفراد الجماعات‬

‫وق د تمكن علم االجتم اع من أن يتخذ له منهجا تخضع له الظواهر في دراس تها فكان املنهج التاريخي الذي بدأ به‬
‫علم االجتم اع في أول ظه وره وبفض ل ه ذا املنهج الت اريخي أمكن الوص ول إلى طائف ة من الق وانين االجتماعي ة وبع دد ذل ك‬
‫اس تعان علم اء االجتم اع ب املنهج التجري بي واملنهج اإلحص ائي واملنهج املق ارن وغيره ا من املن اهج في دراس تهم للظ واهر‬
‫االجتماعية وهنا حقق علم االجتماع الشرط الثالث لخصائص العلم‪.‬‬

‫‪ -2-3‬مجاالت علم االجتماع‪:‬‬

‫يوضح سوروكين هذه القضية حين يؤكد على أن التفاعل االجتماعي بين الناس يحدث في كل املجاالت االجتماعية‬
‫س واء كانت اقتص ادية أو سياس ية أو ديني ة أو قانوني ة وعلم االجتم اع ي درس م ا ه و ع ام ومش ترك في كل ه ذه املج االت‬
‫ووضحها على النح و األتي‪ :‬املج ال االقتص ادي‪ ،‬املج ال السياسي‪ ،‬املج ال ال ديني واملج ال الق انوني‪ ،‬بمع نى أن علم االجتم اع‬
‫ي درس الظ واهر االقتص ادية أو السياس ية أو القانوني ة أو الديني ة ال من حيث كونه ا سياس ية أو اقتص ادية أو ديني ة أو‬
‫قانونية ولكن من حيث كونها ظواهر اجتماعية‪.‬‬

‫وخالصة القول أن علم االجتماع علم حديث النشأة يهتم بدراسة النظم والعالقات والظواهر االجتماعية واألفكار‬
‫االجتماعية دراسة علمية تحليلية يمكن من خاللها فهم طبيعة املجتمع والتنبؤ بظواهره من اجل الوصول إلى القوانين التي‬
‫تحكمه فهو العلم الذي يدرس الجوانب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ي درس علم االجتم اع النظم االجتماعية املختلف ة وعالقته ا ببعض في درس النظ ام االقتص ادي والنظ ام السياسي والنظام‬
‫األسري والنظام الديني والنظام التربوي فعلم االجتماع يعتبر املجتمع كال يتألف من مجموعة من النظم التي تؤسس كيانه‬
‫ويبني عليها الوجود املجتمعي‪.‬‬
‫‪ -‬يدرس علم االجتماع أيضا العالقات االجتماعية املتبادلة بين النظم فأوجست كونت يركز على نسق األفكار وماكس فيبر‬
‫يركز على نس ق القيم في حين أن كارل م اركس يرك ز على نظام اإلنتاج ال ذي يش كل البناء التح تي من املجتم ع الذي ي ترتب‬
‫عليه جميع التغيرات في البناء العلوي املتمثل في األفكار والنظم واألنساق االجتماعية‬

‫‪ -‬يهتم علم االجتماع بدراسة األفكار االجتماعية للتعرف على جميع أشكال العالقات التي تدخل في تشكيل البناء االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -3‬عالقة علم االجتماع بالعلوم األخرى‪:‬‬

‫نقصد بالعلوم االجتماعية مجموعة املعارف التي تراكمت وتكونت من خالل استخدام املنهج العلمي الذي يتناول‬
‫أش كال ومحت وى التفاع ل واملش اركة بين أف راد املجتم ع فص فة التفاع ل واملش اركة من الخص ائص ال تي تض في على حي اة‬
‫الجماعة الصفة االجتماعية‪.‬‬

‫فجمي ع األف راد اجتم اعيون وح تى يس تمر وج ود الف رد الب د ل ه من التفاع ل م ع ب اقي أف راد املجتم ع في البيئ ة‬
‫االجتماعي ة وال تي تختل ف بالض رورة عن البيئ ة الفيزيقي ة ال تي ال تظه ر أثاره ا واضحة على األف راد ل ذلك يك رس العلم اء‬
‫االجتم اعيون دراس اتهم على اح د مظ اهر البيئ ة االجتماعي ة للتع رف على آثاره ا على أف راد املجتم ع فمثال علم اء السياس ة‬
‫يعنون بدراسة التفاعل بين األفراد الذي يؤدي إلى خلق النظام في املجتمع باستخدام املنهج العلمي في حين أن االقتصاديين‬
‫يجمعون املعلومات عما يحدث في مجاالت اإلنتاج وتوزيع السلع بين األفراد أما علماء االنتروبولوجيا الثقافية فهم يبحثون‬
‫في العالقة بين سلوك األفراد والجوانب االقتصادية والسياسية والدينية في تجمع معين وأيضا يعقدون مقارنات بين سلوك‬
‫األفراد وعالقاتهم في املجتمعات املختلفة‪.‬‬

‫وهن اك بعض العلم اء االجتم اعيين ال ذين يهتم ون ب الظواهر االجتماعي ة الفري دة في املجتمع ات من خالل املالحظ ة‬
‫وتسجيل املعلومات وتفسير أنماط التفاعل املختلفة واملؤرخون يدرسون على سبيل املثال األسباب املؤدية إلى الثورات مثل‬
‫الثورة الفرنسية والخصائص املتفردة لهذه الثورة ولكن مجال علم االجتماع يختلف عن مجال التاريخ فهو ال يركز على‬
‫تفرد األحداث التي يقوم بها األفراد لكن يهتم بأوجه التشابه في األبنية االجتماعية وتكرار ظهور أنماط الفعل االجتماعي‬
‫وستتناول العالقة بين علم االجتماع وبعض العلوم االجتماعية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -3-1‬علم االجتماع وعلم السياسة‪:‬‬

‫تظهر العالقة بين علم االجتماع وعلم السياسة من خالل اهتمام بعض علماء السياسة بتحليل الظواهر السياسية‬
‫في ضوء العالقات االجتماعية السائدة في املجتمع واستخدام أولئك العلماء مفاهيم املجتمع املدني والبناء االجتماعي والنسق‬
‫االجتماعي كأدوات تصويرية يمكن من خاللها تفسير وتحليل الحياة السياسية وظواهرها املختلفة‪.‬‬

‫فيتن اول علم السياس ة قض ايا التنظيم الحكومي على مختل ف املس تويات القومي ة واالقليمي ة واملحلي ة كم ا يق وم‬
‫بمقارنة األنظمة املختلفة والقانون الدستوري والعمليات التشريعية ودور السلطة التنفيذية والعالقات الدولية والسياسية‬
‫أما علماء االجتماع فإنهم يدرسون النظام السياسي باعتباره نظاما قائما بذاته من جهة وأيضا يدرسون العالقات املتبادلة‬
‫بين النظام السياسي وغيره من النظم واألنساق االجتماعية وتأثير كل منها على األخر من جهة ثانيه‪.‬‬

‫فع الم االجتم اع يتن اول قض ايا علم السياس ة من منظ ور اجتم اعي فه و يهتم بالس لوك االنتخ ابي واالتجاه ات‬
‫السياسية واالنتماء لألحزاب والتنظيمات السياسية وعمليات اتخاذ القرار وغيرها‪.‬‬

‫‪ -3-2‬علم االجتماع وعلم االقتصاد‪:‬‬


‫يهتم علم االقتصاد بدراسة أساليب التي يعتمد عليها األفراد والحكومات في تدبير حاجاتهم األساسية ويعني بعض‬
‫علماء االقتصاد أو بعض االقتصاديين بالجانب النظري من خالل وضع تصورات افتراضية عن العالقات االقتصادية كما‬
‫يبينوا الكيفية التي يرتبط بها العرض والطلب ودورهما في تحديد أسعار السلع إضافة إلى دراسة النظام النقدي وما يرتبط‬
‫به من معدل فائدة ودوره نقود وكمية النقد املتداول وغيرها من العمليات االقتصادية وهذه التصورات االفتراضية تشابه‬
‫إلى حد كبير التصورات النظرية لبعض علماء االجتماع الذين ركزوا على النظرية وحاولوا من خاللها صياغة نماذج نظرية‬
‫عن العالقات االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -3-3‬علم االجتماع وعلم االنثروبولوجيا االجتماعية‪:‬‬

‫إن االنثروبولوجي ا تع ني علم اإلنس ان أم ا االنثروبولوجي ا االجتماعي ة ف تركز على دراس ة الج انب االجتم اعي لحي اة‬
‫ذلك اإلنسان فاالنثروبولوجي يحرص على دراسة الجوانب املختلفة للحياة االجتماعية من خالل تساندها الوظيفي فعندما‬
‫يدرس االنثروبولوجي إحدى القبائل مثال فاه يقوم بمالحظة مساكن القبيلة واألدوات املستخدمة في الحياة اليومية بما فيها‬
‫أنواع األسلحة املستخدمة ويدرس أيضا نظام العائلة والقرابة والنظام االقتصادي واملعتقدات والطقوس الدينية واللغة‬
‫والسحر وأنماط ووسائل الضبط االجتماعي وغيرها أي انه يدرس ثقافة القبيلة بصفة عامة إضافة الى دراسة الجماعات‬
‫التي تتكون منها القبيلة واملراكز واألدوار فيه وغيرها من جوانب البناء االجتماعي‪.‬‬

‫ومن ثم ف ان الف رق بين علم االجتم اع واالنثروبولوجي ا االجتماعي ة كان ممثال في ط رق جم ع البيان ات فالدراس ات‬
‫االنثروبولوجية التقليدية اعتمدت على املالحظة باملشاركة بالدرجة األولى وعلى اإلخباريين وعلى الطريقة الجينولوجية في‬
‫تسجيل حي اة األف راد أم ا الدراس ات السوس يولوجية فاعتم دت على وس ائل أخ رى في جم ع البيان ات أك ثر تح ديثا ودق ة‬
‫كاالستبيان واملقابلة والبيانات اإلحصائية في دراسة تلك املجتمعات‪.‬‬

‫‪ -3-4‬علم االجتماع وعلم النفس‪:‬‬

‫يع د علم النفس االجتم اعي من ف روع علم النفس ذات ص لة وثيق ة بعلم االجتم اع ألن ه يرك ز على عالق ة الف رد‬
‫باآلخرين وقد اهتم العالم الفرنسي جبرييل تارد بإثبات أن املحاكاة هي العملية االجتماعية األساسية أما اميل دوركايم فقد‬
‫اهتم بصياغة نظريه الضمير الجمعي وهو في نظره حقيقة تنتج عن اتحاد الضمائر الفردية ولكنها تمتاز بصفات ال توجد في‬
‫العناصر املكونة لها‪.‬‬

‫كما يتناول علم النفس االجتماعي تأثير العوام ل االجتماعية على تكوين الشخصية وتركز على الدراسات املقارنة‬
‫لتكوين الشخص ية وبنائه ا في املجتمع ات املختلف ة كم ا يس عى علم اء النفس االجتم اعي إلى اكتش اف أث ار التربي ة واملحي ط‬
‫األسري في تشكيل الدوافع واالتجاهات‪.‬‬

‫‪ -3-5‬علم االجتماع وعلم التاريخ‪:‬‬

‫يعتبر التاريخ تسجيال ألحداث املاضي الحافل باألنواع املختلفة للنشاط اإلنساني وحتى يتمكن عالم االجتماع من‬
‫التعرف على الحقائق واألحداث االجتماعية وتطورها عبر الزمان وانتقالها من مجتمع إلى آخر باختالف الحقب الزمنية البد‬
‫ل ه من الرج وع إلى الت اريخ لي دعم إغراض ه من السجالت التاريخي ة املتنوع ة واملداخل التاريخي ة املختلف ة فعلم االجتم اع‬
‫يس تفيد من البيان ات والوق ائع التاريخي ة في كش فه عن العالق ات القائم ة بين األح داث ال تي وقعت في املاضي وال تي دونه ا‬
‫ورصد لها علماء التاريخ في فترة زمنية معينة بهدف الوصول إلى تفسير وتعميم للحوادث املتشابهة أو املتكررة فهنا يمكن‬
‫للع الم االجتم اعي الرج وع إلى الت اريخ ملعرف ة أص ل الظ واهر االجتماعي ة والنظم االجتماعي ة وتطوره ا وتغيره ا البن ائي‬
‫والوظيفي عبر الزمان واملكان‪.‬‬

You might also like