You are on page 1of 17

‫مكانة علم االجـتـماع في الجـزائر‬

‫ نــصر الدين بن عــودة‬.‫د‬


‫ الشلف‬/ ‫جامعة حسيبة بن بو علي‬

‫كونهم لم يصلوا إلى القيام بدورهم‬، ‫لقد وجهت عدة انتقادات للمشتغلين بعلم االجتماع‬ : ‫الملخص‬
‫ و وصف كذلك بأنه علم ال‬، ‫ و كون هذا العلم ال يتجاوز األكاديمية في الطرح‬،‫لرفع قيمته ومكانته‬
‫مما دفع بأصحاب القرار إلى تهميشه وتقزيمه حتى تظهر أنها علوم تجريدية‬،‫يتعدى صداه جدران الجامعة‬
‫ بينما العلوم التكنولوجية و التقنية‬، ‫ والعمل على إبعاده عن الواقع اليومي وتنمية المجتمع‬، ‫ال جدوى منها‬
‫وهذا ما دفع الطلبة‬.‫نالت العناية و االهتمام ووصفها بأنها المخرج من دائرة التخلف وتحقيق التنمية‬
، ‫الحاصلين على شهادة البكالوريا النفور منه وجعله أخر فرصة لهم من بين االختيارات الممنوحة لهم‬
. ‫نظ ار لتصوراتهم أن هذا التخصص ال يضمن لهم مستقبال مهنيا‬

Abstract :

The users of the Psychology make face to a high number of criticisms


because of their inability to play their role in order to raise its value
and its place, this science does not overtake the exposition district, and
is definite such as a science that does not overtake the university’s
walls, however the deciders were in such way obliged to marginalize
and reduce it until it seems as an unremarkable useless science, and to
act to get it far from the reality and the society’s development, while
technological and technical sciences obtained interest and attention,
and to definite it such as the issue from the under development and the
development’s concretization, that is what incites the baccalaureate
titulars to run away from this science and to classify it as the last one
of the choices they have been given on the understanding of their
imagination that this specialty does not occur them a vocational
future.
‫لقد عاش علم االجتماع وضعيات متعددة منذ تأسيسه في الجامعة الجزائرية ‪ ،‬فمن‬ ‫‪–10‬تمهيد‪:‬‬
‫تخصص معترف به وبالمعرفة التي يحملها و التي يمكنها أن تساهم في بناء الفكر النقدي لدى الطالب‬
‫ليصبح إطا ار مساهما في عملية التنمية‪،‬إلى التخصص الذي أصبح يضم المرفوضين من التخصصات‬
‫األخرى وتضيق فرص التوظيف أمام خريجيه ‪،‬نتيجة الجهل بماهية هذا التخصص وطبيعة المهام المهنية‬
‫التي يمكن أن توكل لحاملي شهادة علم االجتماع ‪،‬إضافة إلى أن المشتغلين بهذا العلم من باحثين وأساتذة‬
‫محاولة‬ ‫إن‬ ‫جامعيين يشعرون بإحباط نظ ار لألزمة التي يحياها هذا العلم وما يعانيه من تهميش ‪.‬‬
‫تحديد مكانة ووضعية علم االجتماع في الجزائر و المشتغلين بهذا العلم ووضعية خريجيهالمهنية ‪ ،‬يتطلب‬
‫التطرق إلى ‪ :‬نشأة هذا العلم ‪،‬والظروف التي تطور فيها‪،‬ثم مكانة ووضعية علم االجتماع في الجزائر ‪.‬‬

‫إذا كان االيطاليون يزعمون أن"‬ ‫‪ -10‬المرحلة التأسيسية األولى لنشأة علم االجتماع)ابن خلدون(‬
‫فيكو" هو مؤسس علم االجتماع واذا كان البلجيكيون يدعون أن"كتليه" هو أول من استخدم تسمية‬
‫الفيزيائية االجتماعية ليشيروا بها إلى العلم الجديد ‪،‬واذا كان الفرنسيون يدعون" كونت" هو مؤسس علم‬
‫االجتماع بال منازع فان التاريخ يشهد أن هناك مفكر عربي ظهر قبل هؤالء جميعا استطاع أن يقيم صرح‬
‫هذا العلم على أسس منهجية سليمة ‪،‬فعرفه وحدد موضوعه ومنهجه وراح يغرس مسائله ويستنبط‬
‫أدرك ابن خلدون منذ بدأ مقدمته أنه يقوم بمحاولة غير‬ ‫قوانينه‪،‬ذلك هو عبد الرحمان ابن خلدون ‪.‬‬
‫مسبوق إليها وهي تأسيس علم االجتماع‪،‬أو ما سماه بعلم العمران البشري أو االجتماع اإلنساني وفي هذا‬
‫يقول " وكأن هذا علم مستقل بنفسه فانه ذو موضوع ‪،‬وهو العمران البشري أو االجتماع اإلنساني وذو‬
‫مسائل وهي بيان ما يلحقه من العوارض واألحوال لذاته ‪،‬واحدة بعد أخرى وهذا شان كل علم من العلوم‬
‫ويقررانابن خلدون أول من يدرس ظواهر االجتماع على هذا النحو‬ ‫وضعيا كان أم عقليا "[‪. ]1‬‬
‫الجديد بقوله" وأعلم أن هذا الكالم في هذا الغرض مستحدث الصنعة‪،‬غريب النزعة ‪،‬غزير الفائدة ‪،‬أعثر‬
‫عليه البحث وأدى إليه الغوص"[‪ ]2‬وينتهي من استعراض ما عسى أن يكون له عالقة بعلمه الجديد ‪،‬فال‬
‫يجد له شبيها ‪ ،‬فيقول" ونحن ألهمنا اهلل إلى ذلك إلهاما وأعثرنا على علم جعلنا بين ذكره وجهينة خبره فان‬
‫كنت قد استوفيت مسائله‪،‬وميزت عن سائر الصنائع أنظاره وأنحاءه‪ ،‬فتوفيق من اهلل وهداية ‪،‬وان فاتني‬
‫فلناظر المحقق إصالحه ولي بعض الفضل ألنني نهجت له‬
‫شيء في إحصائه واشتبهت بغيره مسائله ّ‬
‫السبيل وأوضحت له الطريق‪]3[.‬ومن القضايا التي اهتم بمعالجتها المراحل التطورية للدول و الحضارات‬
‫اإلنسانية ‪ ،‬فيما يعرف بنظرية الدورة التاريخية وتحليله لنشأة السلطة وتطورها ‪،‬واثر ذلك على طبيعة نظام‬
‫الحكم فيما يعرف بنظرية العصبية‪ .‬كما اهتم بمعالجة الظواهر االقتصادية باإلضافةإلى كثير من مسائل‬
‫التربية والتعليم‪،‬ومن هنا يتضح أن مقدمة ابن خلدون تشمل جميع النواحي الثقافية والسياسية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية في المجتمع العربي اإلسالمي الوسيط وهذا ما جعل العديد من العلماء يعترفون بقيمة كتاباته‬
‫وتأثيرها على تحليل قضايا سوسيولوجيةعامة‪،‬ال تزال تشكل اهتمامات العديد من علماء االجتماع والتاريخ‬
‫واالقتصاد والسياسية ‪ ،‬وأصبح هناك اعتراف عالمي اآلن بدور ابن خلدون في الدعوة إلى إنشاء علم‬
‫االجتماع‪]4[.‬‬

‫من خالل األحداث التاريخية التي عرفتها‬ ‫‪ -3‬العوامل التاريخية لنشأة السيسيولوجيا الغربية‪:‬‬
‫المجتمعات األوربية بدأ يتشكل مجتمع جديد بداية من القرن ‪ 11‬وهو عصر النهضة األوربية إلى غاية‬
‫نهاية القرن‪،19‬ويمكن هنا تحديد ثالث محطات هامة ارتبط ظهور علم االجتماع بها‪،‬عصر األنوار الذي‬
‫يعتبر امتداد لعصر النهضة ‪،‬والثورة الفرنسية والثورة الصناعية‪.‬إن المجتمع في القرون الوسطى كان‬
‫يخضع للنظام اإلقطاعي الذي يتميز بالطبقات االجتماعيةلكن سرعة التغيرات االجتماعية واالقتصادية‬
‫عجلت بروز طبقة جديدة هي البرجوازية التي لعبت دو ار أساسيا في ظهور المجتمع الجديد ‪،‬كما أن‬
‫الكنيسة لعبت دو ار سلبيا بمنعها المفكرين من التطرق إلى الخطاب الديني و الميتافيزيقي ‪،‬في مقابل ذلك‬
‫تركت بعض المجاالت المسموحة في المجال الطبيعي‪ ،‬بشرط أال تتعارض االكتشافات العلمية مع مبادئ‬
‫إن مسيرة علم االجتماع خالل المرحلة التأسيسية الثانية هي نتاج لعصري النهضة و‬ ‫الكنيسة ‪]1[.‬‬
‫التنوير فقد تطورت البحوث و الدراسات في أوربا خصوصا بعد عصر النهضة األوربية الذي شهد حركة‬
‫إحياء العلوم القديمة وقد عكف على البحوث و الدراسات االجتماعية طوائف من المفكرين و العلماء الذين‬
‫يمثلون المدارس الفلسفية التي ظهرت في عصور االنتقال العلمي ‪،‬وكانت تعاني من عقم وتخلف القرون‬
‫الوسطى إلى تقدم وفاعلية وديناميكية العصر الحديث ‪]6[ .‬‬
‫ومن أهم المدارس الفكرية التي كان لها الفضل األكبر لظهور علم االجتماع في أوروبا‪]7[:‬‬
‫‪ -‬مدرسة التعاقد االجتماعي على يد" توماس هوبز"–"جون لوك"–"جون جاك روسو"‬
‫‪ -‬مدرسة فلسفة القانون‪" -‬مونتيسكيو"‬
‫"كيناي"–"أدم سميث"–"جون ستيوارت‬ ‫‪ -‬مدرسة فلسفة التاريخ "هيغل" ‪ -‬مدرسة الفلسفة االقتصادية‬
‫وهذه المدارس األربع تبقى من أهم العوامل الفكرية لظهور علم االجتماع في العالم الغربي ‪،‬فظهر‬ ‫ميل"‬
‫علم االجتماع بمفهومه الحديث في أوائل القرن ‪، 19‬وقد كان"أوغيست كونت " سباقا إلى ذلك‪،‬وياليه في‬
‫ذلك الفيلسوف األلماني"هربرت سبنسر"في منتصف القرن ‪، 19‬وفي الواليات المتحدة بدأ علم االجتماع‬
‫كتخصص أكاديمي ليؤسس قسم علم االجتماع في جامعة شيكاغو عام ‪، 1992‬ثم أسس علم اجتماع‬
‫أوربي في جامعة بوردو عام ‪، 1991‬وفي عام ‪ 1991‬أسست الجمعية االجتماعية األمريكية الجمعية‬
‫األكبر في العالم من علماء االجتماع المحترفين ‪،‬وفي عام ‪ 1919‬أسس قسم علم االجتماع بجامعة‬
‫لودفيج األلمانية ‪،‬أما أقسام علم االجتماع في بريطانيا فأسست بعد الحرب العالمية الثانية ‪،‬وكانت ايطاليا‬
‫لها نصيب من أعمال "باريتو" ‪]9[.‬‬

‫مكانة علم االجتماع في الغرب ‪ :‬إن األهمية التي أعطاها" كونت" لعلمه الجديد هي أهمية نابعة من‬
‫مواضيع علم االجتماع ‪،‬حيث أن لهذا العلم المكانة المميزة اجتماعيا و أكاديميا ‪،‬فنجد أن األوائل‬
‫الناجحين هم من يحولون إلى أقسام علم االجتماع ونجد أن للباحث االجتماعي في الغرب دور كبير‬
‫يمنحه االحترام و التقدير االجتماعي ‪.‬‬

‫‪–4‬نشأةعلم االجتماع في العالم العربي ‪:‬‬

‫أ‪-‬نشأة علم االجتماع كتفكير اجتماعي‪ :‬ظهرت في الحضارات الشرقية القديمة كحضارة وادي الرافدين‬

‫ووادي النيل طوائف من الحكماء والفالسفة و المشرعين و المصلحين والمفكرين الذين عالجوا موضوعات‬

‫الحضارة‬ ‫وفي‬ ‫الفلسفة و الفكر االجتماعي معالجة ال تقل أهمية عن المعالجة اليونانية‪]9[ .‬‬

‫اإلسالمية يعتبراإلسالم دين ونظام اجتماعي ‪،‬فوضع تشريعات دقيقة ومنظمة وحث على التفكير واالجتهاد‬

‫وطلب العلم وانشغل المفكرون األوائل في عهد الخلفاء الراشدين بجمع القرآن وتفسيره ورواية الحديث‬

‫وتجميعه وتبويبه بالمسائل الفقهية ‪،‬أما في العصر األموي فزاد االهتمام بالموضوعات الفقهية‪ .‬وفي‬

‫العصر العباسي كانت محاوالت الفكر واسعة وذلك التساع حركة النقل ‪،‬وظهرت العديد من العلوم وكانت‬

‫مكان تلقين المعارف وكان أغلب الطالب يتوافدون إليها أجانب في وقت كان فيه العالم الغربي يعيش‬

‫عصر الظالم و الجهل ‪ ]19[.‬إن علم االجتماع في الوطن العربي في مرحلته الحديثة قد استفاد من كل‬

‫التراث عن طريق سفر رواده إلى كل من فرنسا وأمريكا و بريطانيا ثم في مراحل الحقة إلى دول اشتراكية‬
‫‪ ،‬حيث تم حصولهم على الشهادات التخصصية في علم االجتماع ‪،‬مع وجود ممهدات أساسية في‬

‫المجتمع العربي ساعدت على تطوره ‪،‬ووجود دراسات وكتابات في علم االجتماع ‪ ،‬فظروف الوطن العربي‬

‫التي نما فيها علم االجتماع اتسمت قبل الحرب العالمية الثانية بهيمنة الظاهرة االستعمارية ‪،‬في حين‬

‫انعكاسات الحرب العالمية الثانية كبيرة على الواقع العربي من تزايد الشعور القومي ‪،‬وتزايد‬ ‫كانت‬

‫الحركات التحررية العربية ‪.‬كما شهدت نهاية األربعينات حتى الثمانينات جملة من التطورات منها استقالل‬

‫أقطار الوطن العربي وتزايد مشاريع التنمية‪]11[.‬‬

‫ب‪-‬نشأة علم االجتماع كعلم أكاديمي ‪ :‬إن وضع الدراسات و البحوث االجتماعية ووضع علماء‬

‫االجتماع العرب هو امتداد لوضع الجامعة في الوطن العربي ‪،‬وذلك في جميع التخصصات العلمية و‬

‫اإلنسانية ‪ "،‬نتيجة لخضوع أجزاء كثيرة من الوطن العربي لالستعمار المباشر لفترة طويلة ‪ ،‬فقد صمم‬

‫االستعمار كثير من اطر التعليم والثقافة ‪،‬وفي بعض األقطار هو الذي اوجد المؤسسات األكاديمية‬

‫والتربوية في شكلها النظامي الحديث "‪]12[.‬وتجدر اإلشارة كذلك انقسام علم االجتماع في الوطن العربي‬

‫قد تباينت فترات نشأتها ودرجة استقالليتها ‪،‬تحت تأثير ضغط العلوم األخرى خاصة الفلسفة ‪،‬فقسم علم‬

‫االجتماع الذي انشأ في جامعة القاهرة سنة ‪ 1921‬كقسم مستقل أعيد دمجه مع الفلسفة حتى سنة‬

‫‪،1916‬أما معهد العلوم االجتماعية للدراسات العليا فكان هو األخر فرعا تابعا للفلسفة ‪.‬في حين أنشىء‬

‫قسم علم االجتماع في كلية اآلداب في الجامعة السورية عند نهاية األربعينات ‪،‬ا أما في الع ارق فقد‬

‫أنشىء قسم علم االجتماع كقسم مستقل مع بداية الخمسينات ضمن كلية اآلداب جامعة بغداد‪]13[.‬‬

‫ج‪ -‬مكانة علم االجتماع في الوطن العربي‪ :‬الواقع أن المؤسسات الرسمية في الوطن العربي ما تزال‬

‫تتجاهل الدور الحقيقي الذي يمكن أن يلعبه علم االجتماع في التأثير االيجابي في التحوالت الجارية في‬

‫المجتمع ‪.‬أما من ناحية المجتمع فالكثير من أفراد المجتمع ال يعلمون ما هو هذا العلم‪ ،‬وينظر لبعض‬
‫الباحثين نظرة خوف فيعتقدون أنهم متآمرين مع السلطة وهذا يظهر في االستمارات والمقابالت التي يقوم‬

‫بها الباحث ويظهر ذلك من خالل أجوبتهم بالتحفظ ‪ .‬وفي الجامعات يصنف علم االجتماع أخر العلوم‬

‫ترتيبا ‪،‬وهذا ما دفع الطلبة الحاصلين على شهادة البكالوريا النفور منه وجعله أخر فرصة لهم من بين‬

‫االختيارات الممنوحة لهم‪.‬إال انه تجدر اإلشارة إلى عدة كتابات رافقت نشأة علم االجتماع ‪،‬إالأنها غلبت‬

‫عليها السمة النقلية التوليفية ‪،‬كما أن البعض األخر وخاصة األطروحات نجد أنها عالجت مواضيع ال‬

‫تمس مشكالت الواقع العربية وطموحاته آنذاك ‪.‬‬

‫إن نشأة علم االجتماع في المغرب العربي كعلم أكاديمي‬ ‫‪–5‬واقع علم االجتماع في المغرب العربي‪:‬‬

‫يعود إلى االستعمار الفرنسي حيث جعل بالد المغرب ميدان الدراسات األنثروبولوجيا واالجتماعية فكان‬

‫لخدمة اإليديولوجية الكولونيالية‪.‬وفي المغرب فقد أنشىء معهد السوسيولوجيا بمساعدة اليونسكو سنة‬

‫‪،1969‬وتم إغالق المعهد سنة‪ 1971‬حيث ادمج تدريس علم االجتماع في شعبة الفلسفة وعلم النفس‬

‫إن نظرة المجتمعات في المغرب العربي تشبه مثيلتها في‬ ‫بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بفاس‪]14[ .‬‬

‫الوطن العربي ‪ ،‬إذ يعتبرون علم االجتماع من العلوم الكمالية كما نجد المشتغلين في العلوم االجتماعية‬

‫أغلبهم يقيدون هذا العلم في جانبه النظري فقط دون المجال التطبيقي وبالتالي الباحث الجامعي يفتقد إلى‬

‫الخبرة الميدانية لغياب المخابر البحثية والحظ" جمال معتوق" أن بعض الباحثين الجزائريين اليملكون‬

‫مكتبات خاصة على عكس التونسيين والمغربيين الذين هم أحسن حاال وان غالء المعيشة تؤثر سلبا على‬

‫الباحث في شراء الكتب وتوفير األدوات الالزمة للبحث‪ ،‬مما يؤدي إلى غياب راحتهم النفسية‪]11[.‬‬

‫إن الحديث عن وضعية علم االجتماع نشير من خاللها إلىنشأة‬ ‫‪–6‬وضعية علم االجتماع في الجزائر‪:‬‬

‫فرع علم االجتماع بجامعة الجزائر والتي يدرس فيها علم االجتماع كتخصص أكاديمي‪.‬‬

‫ومن أهم المراحل التي عرفتها مسيرة علم االجتماع في الجزائر منذ االستقالل إلى يومنا هذا‪:‬‬
‫‪ -‬الفترة الممتدة من ‪: 0563-0551‬تمثل مرحلة السيسيولوجيااالستعمارية الرسمية ‪،‬حيث تم تأسيس‬

‫قسم علم االجتماع بجامعة الجزائر سنة ‪، 1919‬وقد كان التدريس خالل هذه الفترة موجها فقط ألبناء‬

‫المعمرين الفرنسيين ‪.‬ومن حيث البرامج فقد كانت تابعة للجامعات الفرنسية في فرنسا ‪،‬ومسطرة على‬

‫مقاسها كما هو الشأن بالنسبة لكل البرامج في مختلف الفروع العلمية ‪]16[ .‬‬

‫‪ -‬الفترة الممتدة من ‪:0590-0563‬إن الميزة األساسية التي كانت تميز علم االجتماع في هذه‬

‫الفترة‪،‬أ نه علم مازال يمارسه الفرنسيون أنفسهم وذلك لندرة المتخصصين في هذا المجال كما أن الدروس‬

‫كانت تعطى باللغة الفرنسية والنظام التعليمي خالل هذه المرحلة كان من حيث البرامج و الغايات مرتبطا‬

‫بالجامعة الفرنسية‪]17[.‬‬

‫‪-‬الفترة الممتدة من ‪:0514 – 0590‬خالل هذه الفترة كان تسيير أمور المجتمع تحت سيطرة الحزب‬

‫الواحد و المركزية ‪،‬ما جعل المسؤولين يستعملون وظائفهم في تكريس ايديولوجية النظام ‪.‬وفي هذا الصدد‬

‫يقول جمالمعتوق «كذلك نجد أن علم االجتماع والمنشغلين به جندوا للدفاع عن اإليديولوجية االشتراكية‬

‫أي إيديولوجية الحزب الحاكم‪ .‬وعليه نجد أن علم االجتماع تحول من علم أكاديمي‪ -‬علمي‪ -‬إلى علم‬

‫إيديولوجي‪،‬ونفس الشيء ينطبق على الطلبة حيث كان الخطاب الرسمي ينظر إليهم بمثابة حماة‬

‫وفي هذه الفترة نال علم االجتماع نوع من االهتمام‬ ‫اإليديولوجية االشتراكية وأبواقا لها "‪]19[ .‬‬

‫والعناية به من خالل اإلصالحات التي طرأت عليه وعلى التعليم العالي ‪،‬أما البرنامج الخاص بعلم‬

‫االجتماع والتخصص كانت موجودة وتعبر عن السلطة الحاكمة ‪،‬فمثال لتكريس الثورة الزراعية تم فتح‬

‫تخصص ريفي وحضري وتخصص علم اجتماع صناعي لخدمة الثورة الصناعية ‪ .‬وأهم سيمات هذه‬

‫المرحلة‪:‬‬
‫* ظهور سوسيولوجية وطنية ناطقة باللغة العربية تأكدت مع ق اررات عام ‪ 1971‬ومرسوم ‪ 21‬أوت‬

‫‪ 1973‬التي استهدفت ج أزرة الجامعة وتعريب مناهجها وتغيير نظمها البيداغوجية ‪.‬وهكذا جاء قانون‬

‫التعريب للعلوم االجتماعية عامة وعلم االجتماع خاصة سنة ‪.1999‬ولتحقيق هذا الهدف اضطرت الدولة‬

‫الجزائرية إلى طلب المساعدة من المشارقة للتدريس و السهر على تعريب الجزائريين ‪.‬‬

‫*امتد تدريس علم االجتماع بعض التخصصات كعلم النفس‪ ،‬القانون‪ ،‬الهندسة المعمارية‬

‫‪،‬الجغرافيا‪،‬الصحافة‪،‬الطب‪،...‬كنوع من اإلعداد للمهن ذات الطابع االجتماعي ‪]19[ .‬‬

‫‪ -‬الفترة الممتدة من ‪ 0514‬إلى يومنا هذا ‪:‬وفي هذه الفترة نال علم االجتماع التهميش و التقزيم ‪،‬كما‬

‫أفرغت البرامج من الشعارات و المفاهيم ذات الصبغة االشتراكية ‪،‬و تم االستغناء عن المنشغلين بعلم‬

‫وال يمكن إهمال أحداث‬ ‫االجتماع ‪ ،‬بحيث أصبح المسؤولون ينظرون لهذا العلم نظرة عدائية ‪]29[.‬‬

‫أكتوبر ‪ 1999‬التي ميزت الحياة االجتماعية و السياسية و الثقافية للبالد ‪،‬وكانت له انعكاسات على‬

‫توجهات البالد عامة والممارسة السويسولوجيةخاصة‪ ،‬وظهر التيار اإليديولوجياإلسالمي ‪،‬وتجسدت هيمنته‬

‫على مستوى البرامج في مقياسين مقياس المنهجية الذي أصبح تدرس في إطاره المنهجية اإلسالمية كبديل‬

‫عن المنهجية الغربية ومقياس علم االجتماع اإلسالمي‪ ،‬ثم عرف تراجع هذا التيار مع نهاية التسعينات‬

‫وتقبل الجزائر منذ ‪ 2994‬على تبني اإلصالح الجديد و المتمثل في‬ ‫بعد المصالحة الوطنية ‪]21[.‬‬

‫نظام ل‪.‬م‪.‬دفهل سيسمح هذا اإلصالح بإدماج الجامعة الجزائرية ضمن المستوى التعليمي العالي وتدخل‬

‫في مرتبة الجامعات العالمية وتتمكن من التنافس العلمي و التكنولوجي أم أن هذه التغييرات ستبقى شكلية‬

‫؟‬

‫‪–9‬مكانة علم االجتماع في الجزائر‬


‫أ‪ -‬وجهة نظر المشتغلين بعلم االجتماع ‪:‬تطرق«جمالمعتوق«فيكتابه علم االجتماع في الجزائر‬

‫في فصله الخامس‪ :‬قراءة نقدية لواقع علم االجتماع بالجزائر حيث الحظ ‪:‬‬

‫‪-‬إنشاء عدة تخصصات جديدة في علم االجتماع من باب المباهاة أو العناد دون النظر إلى من يقوم‬

‫على هذا التخصص من أساتذة مختصين‪ .‬وفي هذا المنوال يقول " ال يمكننا الكالم عن سيسيولوجيا فعالة‬

‫قادرة على المساهمة في قراءة وفهم ما يجري داخل مجتمعنا إالإذاأعدنا النظر في كيفية إحداث‬

‫التخصصات السيسيولوجياواعطاء األولوية لتلك التي نحن في حاجة إليها ‪ ،‬والممكن أن تساهم في عملية‬

‫أن‬ ‫‪-‬كما‬ ‫التنمية ‪،‬وكذلك السماح للمتخرج بالحصول على شغل بدال من إنتاج البطالين" ‪]22[ .‬‬

‫مقاييس برنامج علم االجتماع ليست مسايرة للواقع المعاش ‪،‬بحيث توجد مقاييس التكوين ليست لها صلة‬

‫بالمناصب بعد التخرج وهو ما يؤكده سفير ناجي بقوله " لقد أثبتت تجربة العشر سنوات التي مضت أن‬

‫هذه البرامج تجاوزها الزمن وتحتاج إلى مراجعة معمقة ‪،‬وهناك وحدات أخرى ال احد يرى لها أهمية سواء‬

‫‪-‬في علم االجتماع يجد الطالب أن ما تحصل عليه من‬ ‫من بين الطلبة أم من بين المعلمين" ‪]23[ .‬‬

‫معارف ال يستطيع توظيفها في عمله‪،‬ذلك لغياب مهنة علم االجتماع أو المختص فيه ‪.‬وفي هذا الشأن‬

‫يقول محمد سعيد فرح «الحاجة الماسة إلى تعويد الطالب الدارس للعلم على التفكير النقدي لمشكالت‬

‫المجتمع ‪،‬وعلى المشاركة في أكثر من مجال ليتاح له العمل أكثر من مهنة"‪]24[.‬كما يقول " كيف يستفيد‬

‫دارس علم االجتماع من شهادته الجامعية عند حصوله على وظيفة في إدارات التنمية أو مركز الشرطة‬

‫أو في مجاالت اإلعالم‪...‬؟ فهناك فرص كثيرة لتحقيق استفادة الطالب من هذا العلم في مجاالت‬

‫‪-‬وبخصوص الطلبة الموجهين لعلم االجتماع ‪،‬فال توجد شروط لاللتحاق به‪،‬ولو تركت‬ ‫العمل"‪]21[.‬‬

‫لهم حرية االختيار لتناقص عددهم بشكل كبير بحكم الصورة التي يحملونها عنه ‪،‬وفي هذا الصدد يقول‬

‫جمال معتوق "أغلبية الطلبة الوافدين على هذا التخصص ليسوا من الطلبة المتفوقين أو ذوي المستوى‬
‫العالي وال حتى المقبول ‪،‬بل الضعفاء و الذين وجدوا جميع أبواب التخصصات مغلقة في وجوههم‪ ،‬فالحل‬

‫الوحيد الذي بقي أمامهم هو علم االجتماع"‪]26[ .‬‬

‫وفيما يخص برامج علم االجتماع‪ :‬فقد أشار إلى النقاط التالية‪]27[:‬‬

‫* يطغى عليها البعد النظري أكثر منه التطبيقي ‪.‬‬

‫*‬ ‫* أغلب محتويات هذه البرامج ال تعطي للطالب أخر ما توصل إليه علم االجتماع العالمي‪.‬‬

‫تعمل هذه البرامج على تغريب الطالب فال وجود إلسهامات العرب و المسلمين في تطور الفكر‬

‫االجتماعي ‪،‬كما ال تتناول تحليل المجتمع الجزائري من الجوانب الثقافية و التربوية‪.‬‬

‫*فيما يخص أساليب وطرق التدريس فهي تعمل على التلقين والحفظ ويتجلى ذلك في طرق تقييم‬

‫الطالب في االمتحانات ويلزم الطالب بإعادة كتابة ما درسه على ورقة اإلجابة ‪.‬‬

‫‪ -‬فيما يخص نوعية المراجع في المكتبات الجامعية فان مكتباتنا تفتقر إلى مراجع أو كتب من إنتاج‬

‫سوسيولوجي جزائري و هذا بالرغم من وجود أعمال ال يستهان بها من حيث الجودة وتوفر المواصفات‬

‫العلمية المطلوبة ‪.‬‬

‫‪-‬هناك بعض المقاييس الهامة واألساسية تعطى للتدريس لبعض األساتذة بعيدة عن متطلبات‬

‫التخصص‪ .‬وأصبح بعض األساتذة يدرسون مقاييس لعدة سنوات دون إضافة وتحسين وتطوير في‬

‫محتواها العلمي‪ –.‬وفيما يخص مشكلة إعداد المذكرات و الرسائل الجامعية يتمثل في نوعية المواضيع‬

‫المتناولة للدراسة ‪ ،‬فالبعض منها متكرر ‪،‬قديم في ثوب جديد ويتحمل األستاذ المشرف مسؤولية في‬

‫انتشار هذه المواضيع التي ال تساهم في الواقع االجتماعي الجزائري ‪،‬وأصبحت وسيلة للحصول على‬

‫الشهادات‪.‬‬
‫وتعرض "عمروني بهجة «إشكالية الهوية عند فئة خريجي علم االجتماع األكادميي ‪،‬حيث ينشا هذا‬

‫المشكل من غياب منصب علم االجتماع في التصنيفات المهنية للوظيف العمومي وفي المؤسسات‬

‫االقتصادية ‪،‬نتيجة غياب ثقافة علم االجتماع في المجتمع الجزائري ‪،‬وبجهل مكانة علم االجتماع في‬

‫المجتمع يحرم السوسيولوجيين المهنيين من توظيف معارفهم السوسيولوجية وابراز كفاءتهم وقدراتهم ‪.‬‬

‫يخلق هذا الغياب مشاكل لفئة خريجي علم االجتماع ‪،‬مما يجبرهم على قبول مناصب عمل ليست لها أية‬

‫صلة بالشهادة الجامعية التي يحملونها ‪،‬كما أن المهام المهنية التي توكل لهم هي مهام بسيطة ال تتطلب‬

‫التطبيق السوسيولوجي ‪ ،‬وبالتالي تعاني هذه الفئة من عدم تمتعهم بهويتهم السوسيولوجية المهنية ‪،‬نتيجة‬

‫غياب االعتراف االجتماعي بهم كسوسيولوجيين سواء كان ذلك من قبل المسؤولين أم من قبل‬

‫زمالئهم‪،‬مما يجعلهم يعيشون أزمة هواياته وهي نتيجة ازدواجية يبنيها طالب علم االجتماع خالل تكوينه‬

‫وما بين الواقع المهني الذي يعيشه‪،‬بينما نجد تخصصات أخرى يعترف الجميع بمهنتهم كمهنة المختص‬

‫في علم النفس و الحقوقي و االقتصادي وغيرها‪]29[.‬‬

‫ويتناولالفضيل رتيمي من خالل تشخيصه وتحليله لواقع علم االجتماع في الجزائر من كشف بعض‬

‫السلبيات التي تعيق تطور علم االجتماع ومنها ‪]29[:‬‬

‫‪ -‬كيفية التدريس‪ :‬بالرغم من المدة المعتبرة من عملية التعريب إالأن البعض مازال يدرس بالدارجة وذلك‬

‫على حساب اللغة العربية الفصحى ‪،‬بينما نجد البعض األخر يستعمل خليطا ومزيجا من العربية والفرنسية‬

‫أوالدارجة التي يتحدث بها في الشارع أو في أسرته‪،‬ما ينعكس سلبا على التحصيل وتكوين الطلبة‪،‬ويتطلب‬

‫األمر إعادة النظر في مكانة اللغة في الجامعة الجزائرية وال يتأتى ذلك إال بالرسكلة وتكوين األساتذة في‬

‫هذا الشأن‪.‬‬
‫‪-‬إن األساتذة في كثير من األحيان يمتهنون طريقة اإلمالء و اإللقاء دون مناقشة وحوار مع الطلبة ‪.‬‬

‫‪ -‬ما زالت طريقة السبورة هي المستعملة ‪ ،‬ويالحظ غياب الوسائل التعليمية ‪،‬وبرمجة الخرجات الميدانية‪.‬‬

‫‪ -‬أما على مستوى األعمال الموجهة فيبقى األستاذ هو مصدر المعرفة التي يغيب فيها الطالب إال بعرض‬

‫البحوث على شكل قراءة ما تحتويه دون حوار ومناقشة وتحليل‪.‬‬

‫‪ -‬ناد ار ما يتقدم األستاذ بتزويد الطلبة بمطبوعة محاضرات لمقياس درسه أكثر من ثالث سنوات‪ .‬وفي‬

‫األخير يتساؤل أين تكمن أفاق علم االجتماع في ظل هذه التناقضات التي يحملها كل من المسؤولين و‬

‫المشتغلين بهذا العلم من جهة ‪ ،‬و الطلبة من جهة ثانية؟ وتستعرض "كريمة فالحي"[‪]39‬ألهم المعوقات‬

‫التي تعترض علم االجتماع في الجزائر و التي تعوق أداء وظائفه األساسية في العملية التنموية ومنها‬

‫‪:‬إشكالية تبني النظريات الغربيةفي دراسة المجتمعات العربية و اإلسالمية ‪،‬إشكالية المنهج و التي تخص‬

‫الطريقة التي تتم بها معالجة البحوث السوسيولوجية‪،‬بحيث تتناول جل البحوث بصورة وصفية دون تغلغل‬

‫في عمق الظاهرة من الناحية التفسيرية والتأويلية‪،‬وهو األمر الذي جعل من حقل السوسيولوجيايمتلئ‬

‫بالظواهر المكررة المعتادة ‪.‬‬

‫إشكالية اللغة و اللغة السوسيولوجية‪،‬إشكالية المكونين والمتكونين‪،‬تسييس العلم‪.‬‬

‫وتوصلت "جميلة شلغوم " من خالل دراستها الميدانية إلى النتائج التالية ‪]31[:‬‬

‫‪ -‬إن المشتغلون بالحقل السوسيولوجي في الجزائر مجرد موظفين ومدرسين جامعيين ‪،‬فالعالقة اقتصادية‬

‫أساسها تقديم خدمات مقابل أجر وليست عالقة أساسها الوالء وحب المعرفة‪.‬‬

‫‪ -‬االنشغال الدائم بالقيام بالمهام األكاديمية الموكلة إليهم من تدريس إشرافوتأطير تحضير االمتحانات‪،‬‬

‫والتي تأخذ منهم وقتا كبي ار وال تساعدهم على المشاركة في التظاهرات الدولية التي تعمل على تطوير‬

‫‪ -‬إن‬ ‫وتحسين المعارف والخبرات ‪ ،‬وعدم وجود عالقة بين المنهاج التعليمي و الواقع االجتماعي ‪.‬‬
‫الخدمة المقدمة من قبل المشتغلون بعلم االجتماع ال تتعدى عمليات نسخ ونقل المعارف دون مراعاة‬

‫لمتطلبات الحداثة‪،‬دون تجديدها أواإلضافة فيها ‪ ،‬وتقتصر الممارسة السوسيولوجية على النظرية وتلقى‬

‫كما هي تطبيقا لما جاء في البرامج ‪،‬وتغييب المجتمع الجزائري لمجتمع قابل للدراسة السوسيولوجية‪.‬‬

‫‪-‬إن علم االجتماع يصنف أكاديميا واجتماعيا في أسفل قائمة العلوم في الجزائر بسبب ضعف اإلنتاج‬

‫السوسيولوجي ألغلب المشتغلين به‪،‬وغياب الدور الفعلي و الجاد بسبب تقصيرهم وعدم تمكنهم من فهم‬

‫دورهم االجتماعي ‪،‬وعدوانية المجتمع وانغالقه أمام علم االجتماع بسبب جهله لمقومات وامكانيات هذا‬

‫العلم الناجمة عن النظرة الدونية لهذا العلم ومشتغليه‪.‬‬

‫إن نظرة الطلبة إلى علم االجتماع على أنه نوع من‬ ‫ب ‪ -‬نظرة الطلبة لعلم االجتماع ‪:‬‬

‫الفلسفة وال تتطابق برامجه التكوينية الدراسية مع الواقع الجزائري‪ ،‬ورغم إتسام هذا التخصص بالدراسة‬

‫الميدانية كغيره من العلوم التكنولوجية ‪ ،‬إال أن اغلب الطلبة يرون ال فائدة من تكوين جامعي ال مجال فيه‬

‫للعمل بعد التخرج‪.‬‬

‫إن علم االجتماع يتعرض لالنتقاد من أغلبية أفراد المجتمع حتى‬ ‫ج ‪ -‬نظرة المجتمع لعلم االجتماع‪:‬‬

‫ذوي المستوى العلمي منهم‪ ،‬إن سمعته تتميز بالدونية نتج عن عدم ظهوره بقوة في المؤسسات االقتصادية‬

‫والخدماتية وأنه علم قليل الصلة بالمجتمع وال يصلح المتخصص فيه من السير الحسن لإلدارة والمؤسسة‬

‫‪.‬ويؤثر المجتمع على الطلبة الحائزين على شهادة البكالوريا بالتسجيل في اختيار التخصص الذي له‬

‫أولوية في التوظيف والبحث عن التخصص المطلوب في سوق العمل ‪،‬وقد يحجم الطالب عن تخصص‬

‫علم االجتماع خوفا من نقد المجتمع له لسوء اختياره ‪،‬وبالتالي يختار تخصصا مقبوال عند المجتمع وان لم‬

‫يكن له رغبة فيه‪.‬‬


‫إن أستاذ علم االجتماع اليوم لم يعد قاد ار على اإلبداع و‬ ‫د ‪ -‬علم االجتماع و البحث العلمي‪:‬‬

‫التأليف بعدما كان ينصب عمله بتهيئة األجيال وتكوينهم أصبح نموذجا للتكاسل ومرآة لطلبته‪ ،‬كما نجد‬

‫من األساتذة الذين ال تهمهم خدمة هذا العلم بقدر ما تهمهم مصالحهم ‪ .‬إن المختصين في علم االجتماع‬

‫يجمعون بأن البحث العلمي في العلوم االجتماعية يكاد يكون منعدما ‪،‬ويظهر ذلك من خالل النتائج‬

‫الميدانية وان وجدت يكون الغرض منها الحصول على شهادات أعلي وبالتالي الترقية المهنية وليس‬

‫الهدف منه ترقية المجتمع‪.‬‬

‫ه ‪ -‬علم االجتماع وسياسة التشغيل ‪ :‬يجهل الكثير من طلبة علم االجتماع مهنتهم المستقبلية‬

‫بعد إنهاء مسيرتهم الدراسية بالجامعة ‪،‬وحتى لو توفرت مناصب الشغل لهؤالء فإنهم يصطدمون بعائق‬

‫عدم تطابق ما تعلموه ومحيط العمل‪.‬كما أن عدد المتخرجين من الجامعات في تزايد مستمر ومن بينهم‬

‫طلبة علم االجتماع التي تنعدم فيها مناصب الشغل في سوق العمل وان الجامعة الجزائرية تسعى إلى‬

‫استقطاب اكبر عدد ممكن من الطلبة‪ ،‬واألجدر أن تسعى إلى التوفيق بين هذا العدد الهائل وسوق العمل‬

‫‪.‬كماأ ن خريجو علم االجتماع يعانون من تهميش في سوق العمل بسبب عدم وضوح المهام المهنية التي‬

‫توكل لهم وعدم تعرف المستخدمين على مكانة ودور هذا التخصص ‪ ،‬فهل نظام ل‪ .‬م‪ .‬د يحقق مبدأ‬

‫التنمية المحلية في برامجه ؟‬


‫الخاتمة‪:‬‬

‫نظ ار لما لعلم االجتماع من أدوار ووظائف هامة في المجتمع ‪،‬أصبح العناية به واجبة وضرورية تبعا إلى‬

‫ما قدمه من دفع عجلة التنمية و التقدم في الدول المتقدمة ‪.‬والجزائر عملت على تدريس هذا التخصص‬

‫بجامعاتها كفرع مستقل ‪،‬إالأن وظيفته األساسية تبقى غائبة ‪،‬وتعمل على تكوين طلبة غير قادرين على‬

‫التفكير في القضايا و المشكالت االجتماعية التي يواجهونها أو تلك التي يواجهها المجتمع ككل ‪ .‬ومن‬

‫خالل استعراض مكانة ووضعية علم االجتماع في الجزائر هناك عدة معوقات تحول وتعرقل مساره وهذه‬

‫المعوقات جعلت من علم االجتماع يعاني ‪،‬بل أصبحنا نشاهد الشارع الجزائري ينظر إليه بدونية بل‬

‫البعض يرى أن ال أهمية لعلم االجتماع ألن ال فائدة ترجى منه‪ .‬ويتطلب األمر إعادة االعتبار لهذا العلم‬

‫واثبات وجوده على الساحة األكاديمية ‪،‬ويتطلب ذلك التضحيات الجسام من طرف المشتغلين بهذا العلم‬

‫والطلبة وتوعية المجتمع عامة بضرورة وفائدة هذا العلم ‪،‬كما يتطلب من الو ازرة الوصية بتوفير اإلمكانيات‬

‫الالزمة للنهوض بعلم االجتماع وتطويره وتحسين نوعيته حتى يكون باإلمكان أن يتخرج طلبتنا قادرين‬

‫على العمل في أي مجال من مجاالته‪.‬‬

‫قائمة المراجع ‪:‬‬

‫‪ -1‬ابن خلدون ‪،‬مقدمة ابن خلدون ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬ط‪،1،3002‬ص ‪84‬‬
‫‪ -3‬نفس المرجع ‪،‬ص‪84‬‬
‫‪ -2‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪11‬‬
‫‪ -8‬محمد أحمد بيومي ‪،‬تاريخ التفكير االجتماعي ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬دار المعرفة الجامعية‬
‫‪،1441،‬ص‪41‬‬
‫‪ -1 -8‬حنطابلي يوسف ‪،‬علم االجتماع في الوطن العربي بين الفكر المرفوض والواقع الفروض‬
‫‪،‬ماجستير في علم االجتماع الثقافي‪،‬جامعة الجزائر ‪، 3000،‬ص ‪67‬‬
‫‪– 7‬إحسان محمد إحسان ‪،‬عدنان ليمان األحمد ‪،‬المدخل إلى علم االجتماع ‪،‬عمان ‪،‬ط‪،1‬دار‬
‫وائل للنشر والتوزيع‪ ، 3001،‬ص ‪106‬‬
‫‪ -6‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪113‬‬
‫‪ – 4‬هشام يعقوب مريزيق ‪ ،‬المدخل إلى علم االجتماع ‪،‬األردن ط ‪ ،1‬دار الراية للنشر‬
‫والتوزيع ‪3004 ،‬ص ‪30‬‬
‫‪ - 4‬إحسان محمد إحسان ‪،‬عدنان ليمان األحمد‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪40‬‬
‫‪ - 10‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪101‬‬
‫‪ -11‬هادي صالح العيساوي ‪،‬أفاق علم االجتماع ‪،‬عمان ‪ ،‬دار أسامة للنشر و‬
‫التوزيع‪،3004،‬ص ص ‪23 - 21‬‬

‫‪ –13‬حيدر إبراهيم علي ‪،‬علم االجتماع و الصراع اإليديولوجي في الوطن العربي ‪،‬مجلة‬
‫المستقبل العربي ‪،‬العدد ‪،64،1441‬ص ‪18‬‬
‫‪ –12‬هادي صالح العيساوي ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪21‬‬

‫‪ – 18‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪21‬‬


‫‪ –11‬جمال معتوق ‪،‬واقع وأفاق علم االجتماع في المغرب العربي‪ -‬دراسة ميدانية بالجزائر‪ ،‬تونس‬
‫و المغرب أطروحةلنل شهادة دكتوراه دولة في علم االجتماع الثقافي جامعة الجزائر‪.1444-1444،‬‬
‫‪ -17‬مربوحة نوارة ‪،‬تدريس علم االجتماع في الجامعة الجزائرية دراسة المشكالت والطرائق‬
‫والحلول‪ ،‬أطروحة دكتوراه دولة ‪،‬قسم علم االجتماع ‪،‬جامعة عنابة ‪،1444-1444،‬ص‪121‬‬

‫‪-16‬جمال معتوق‪ ،‬علم االجتماع في الجزائر من النشأةإلى يومنا هذا ‪،‬الجزائر ‪،‬ط‪، 1،3007‬ص‬
‫ص ‪64-68‬‬
‫‪ -14‬نفس المرجع ‪،‬ص‪40‬‬
‫‪ -14‬محمد حافظ دياب‪،‬علم االجتماع في الجزائر‪:‬الهوية والسؤال ‪ ،‬بيروت‪،‬مجلة المستقبل العربي‪،‬‬
‫العدد ‪ 1440 ،128‬ص ‪4430‬‬
‫‪ -30‬جمال معتوق‪ ،‬علم االجتماع في الجزائر من النشأةإلى يومنا هذا‪،‬مرجع سابق ص‪47‬‬
‫‪ - 31‬جمال معتوق‪ ،‬علم االجتماع في الجزائر من النشأة إلى يومنا هذا‪،‬مرجع سابق ص ‪28‬‬
‫‪ - 33‬سفير ناجي ‪ ،‬محاوالت في التحليل االجتماعي ترجمة م عبن ناصر طبعة مشتركة بين ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية ‪،‬المؤسسة الوطنية للكتاب ‪ ،1444،‬ص ‪22‬‬
‫‪ -32‬محمد سعيد فرح ‪،‬ما علم االجتماع ‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬منشاة المعارف ‪،‬دون سنة ‪،‬ص ‪13‬‬
‫‪ -38‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪17‬‬
‫‪ - 31‬جمال معتوق‪ ،‬علم االجتماع في الجزائر من النشأة إلى يومنا هذا مرجع سابق ‪،‬ص‪36.‬‬
‫‪37‬عمروني بهجة ‪،‬آفاق علم االجتماع في الجزائر ‪:‬أزمة هوية عند السوسيولوجيين المهنيين‬
‫‪،‬دكتوراه علوم تخصص علم االجتماع التربوي ‪،‬جامعة الجزائر ‪.3018-3012،‬ص ‪10‬‬

‫‪27 – dspace.univ-biskra.dz‬‬

‫‪-34‬الفضيل رتيمي ‪ ،‬واقع وأفاق علم االجتماع في الجزائر‪ ،‬ديسمبر ‪3011.39‬‬

‫‪ -29‬كريمة فالحي‪ ،‬المعوقات الوظيفية لدور علم االجتماع في الجزائر‪ ،‬مجلة اآلداب والعلوم‬
‫االجتماعية ‪ ،‬جامعة فرحات عباس سطيف ‪،‬العدد الخامس‪ ، 2997 ،‬ص‪294-271‬‬

‫‪ -39‬جميلة شلغوم ‪،‬واقع السوسيولوجيا في الجزائر في ظل الحداثة وما بعد الحداثة ‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير في علم االجتماع تنظيم وديناميكيات اجتماعية و المجتمع ‪،‬جامعة قاصدي مرباح‬
‫ورقلة‪،2913-2912،‬ص ص ‪197-177‬‬

You might also like