Professional Documents
Culture Documents
إن منهج إنت اج الثقاف ة على ح د تعب ير بيترسونـ يهتم بـ :طريق ة ت أثر مض مون الثقاف ة
بالوسط الذي تنشأ وتوزع وتقدم وتدرس وتحفظ فيه ولذلك فإن التركيز الرئيسي لهذا
المنهج ينص ب على ت أثيرات الس ياقات ال تي تبتك ر فيه ا المنتج ات الثقافي ة وتنتش ر
وس ياقات أخ رى تنتج فيه ا البض ائع ...أم ا المع نى الث اني له ا فيتعل ق بطبيع ة ال ذين
يص نعون المنتج ات الثقافي ة ،وهم في األس اس عم ال ثقاف ة أو منتج و ثقاف ة ،ينتج ون
1
المصنوعات الثقافية مثل برامج التلفاز وإ عالنات السلع االستهالكية لزوالها.
كي ف ت ؤثر مي ولهم الشخص ية وأدوارهم داخ ل المؤسس ة ال تي يعمل ون لحس ابها بحس ب
طبيعة السلع الثقافية التي ينتجونها ،فدورهم ُص نع سلعة ثقافية معينة ،إذ ليس الموظف ون
األك ثر إب داعا وح دهم أح د ج وانب ه ذا المح ور ،فعلى س بيل المث ال :ال يت أثر الفيلم
بالرؤي ة الفني ة للمخ رج بع دم تقبله ا بتوجي ه م ديري االس تديو ح ول نوعي ة الجمه ور
المس تهدف وبم ا يستش ير ب ه م دير اإلنت اج على المخ رج ح ول المش اهد ال تي يمكن
تصويرها وتلك التي تتجاوز إمكانيات طاقم السيناريو لزوالها.2
إذ تؤّك د جّل المقاربات الحديثة وبالخصوص في المجال األنثروبولوجي مركزية الذات
في الوظيف ة االتص الية التفاعلي ة داخ ل المؤسس ة س واء ك انت اقتص ادية وذات خ دمات
إداري ة ،فالمن اطق الثقافي ة الي وم هي عرض ة لتمثالت اجتماعي ة وإ كراه ات لغوي ة تكَبح
مشروع بناء اإلنسان في هذه العوالم اإلثنومركزية ،فمما ال ش ّك فيه أّن القائمون على
االتص ال ليس وا كيان ات معزول ة ،ب ل إّنهم يتف اعلون فيم ا بينهم بتك وين ش بكات اّتص ال
تنِتج مع نى مش َترك ،فلق د انتقلن ا من االتص ال الجم اهيري ال ذي يخ اطب جمه ورًا َيمل ك
ازدواجي ة الهوي ة ،ال ذي من خالل ه يس تخِر ج المع نى الخ اص ب ه بالتص ّد ي لخبرات ه
الخاّص ة وبالتّد فق األحادي الجانب للمعلومات التي يستقبلها ،فتشهد صعود إنتاج تفاعلي
- 1ديفيد أنجلز .جون هيوسون .مدخل إلى سوسيولوجيا الثقافة ،المكتب العربي لألبحاث ودراسة
السياسات ،ط ،1ترجمة :لما نصير ،بيروت لبنان :مارس ،2013ص 308
- 2ديفيد أنجلز .تولرا جان بيار فارنييه .نفس المرجع السابق ،ص 280
للمعنى ،وهذا ما يسمى عند بعض علماء االتصال بـ «الجمهور المبدع» بعبارة أخرى
هو إعادة مزج الثقافة التي تمِّيز عالم االتصال الذاتي الجماهيري.3
أم ا في المؤسسات الديني ة تتجلى قيم ة [الّس وق] الديني ة التي تأّس س على ضروب عدة
من الس لع تش مل الم اّد ي والمعن وي أو العملي والرم زي من أش كال الملبس واأليقون ات
إلى االعتق ادات ،ل ذلك على [الس وق الديني ة] أن ت وّفر لجمهوره ا كلـ االحتياج ات ذات
المردودية العالمية للحفاظ على تبعيتهم وانتظامهم وصالبتهم االعتقادية ،ألّن ه كلما زاد
الت دّفق ال ديني كمي ًا في الّس وق زاد اس تقبال الن اس على اس تهالكهما وليس ت ال دواعي
الروحية هي التي تستدعي هذه السلع فحسب ،بل الرغبة في اصطناع هوية مخصوصة
ومعالم ثقافية معلومة وتنميط لالعتقاد والممارسة معًا
4
فالمهمة األساسية الستهالك الخالفات الالهوتية والمذهبية هي إعطاء معنى معّين عند
دعاة العولمة ،فاالستهالك هو وسيلة اتصال غير كالمية ،لقد استَند دوغالس -إيشرود
إلى أعمال دوركهايم وماكس فيبر و"ليفي ستروس ،لكي يربط عادات االس تهالك ب اثنين
من أبع اد التنظيم االجتم اعي:الف رز والجماع ة حيث يقِيس عام ل الف ْر ز درج ة التواص ل
أو العزل ة ال تي ق د تعل و أو تنخفض ،5فعن دما نك ون في مجتم ع ليس ه و مجتمعن ا ،ق د
نس تِند حينه ا إلى عالماتن ا الخاص ة وه و م ا ي ؤّد ي إلى تجاه ل خصوص يات المجتم ع
الم دروس ،ف االثنولوجي كالسوس يولوجي (وهم ا ح ول ه ذه النقط ة متش ابهان تمام ا)
يتطلب منهما بذل الجهد لبلوغ فهٍم يتصف بجميع خصائص الغريب المدِه ش ،فإذا ما
تحَّق ق ذلك تكون لدي ه اإلمكاني ات للتس اؤل عن ثقافته الخاص ة ،ويس تطيع حينها فهم ما
6
يقّد ر انه طبيعي (مصافحة ،ارتداء مالبس سوداء عند الحداد )...
-3كاستلز مانويل .سلطة االتصال ،الهيئة العاّم ة لش99ؤون المط99ابع األميري99ة ،ط ،1ترجم99ة :محم99د حرف99وش،
القاهرة ،مصر ،2014 ،ص .211
-4رشيد جرموني .نفس المرجع السابق ،ص .94
-5فيليب البورت ،تولزاجان -بيار فارنييه .مرجع سبق ذكره ،ص .362
-6فيليب ريت99ور .ال((دروس األولى في علم االجتم((اع ،منش99ورات االختالف ،ط ،1ترجم99ة وتق99ديم :د .محم99د
جديدي ،الجزائر العاصمة ،الجزائر ،2015 :ص .72