You are on page 1of 13

‫األسبوع اخلامس عشر‪ :‬مدرسة الثقافة والشخصية‬

‫االتجاه القديم في العلوم االنسانية كان يعتبر الشخصية ذات اساس بيولوجي وراثي ولذا سمي هذا‬
‫االتجاه بالحتمية البيولوجية ‪ .‬فزيادة او نقص او انعدام مادة معينة في الجسم كافية لالخالل‬
‫بشخصية االنسان ‪.‬وقد رفضت االنثروبولوجيا فكرة ان آليات التكيف البيولوجي هي وحدها التي‬
‫تعيننا على البقاء واالستمرار‪ ,‬بل ان هناك حاجة ماسة لالتصال االجتماعي وهو اساسي مثل‬
‫الحاجة الى الطعام او الشراب والراحة والزواج ‪ .‬والعزلة قد تسبب لصاحبها ضغوطا نفسية الن‬
‫البشر بطبيعتهم مدفوعين للعيش في جماعات اجتماعية ‪.‬‬

‫فالطفل البشري ليس مثل الوليد الحيواني يحتاج الى فترة طويلة كي يتعلم وهو يعتمد كليا على‬
‫االخرين في عملية التعلم ‪ .‬لذا يقول بعض علماء االنتربولوجيا بانه يجب ان نضيف الى الحتمية‬
‫البيولوجية واالتصال االجتماعي ضرورة اخرى هي حتمية المعرفة او االدراك وهي تشير الى نوع‬
‫من التخصص التوافقي االعلى يميز النوع البشري ‪.‬‬

‫ان الكائنات البشرية لديها استعداد بيولوجي لتعلم السلوك االنساني الن العقل البشري والجهاز‬
‫العصبي قد نظم ليشجع التفاعل االجتماعي مع االخرين بالتعلم والتكيف مع متطلبات النسق‬
‫االجتماعي‪ .‬فالطفل ليس بحاجة الى متطلبات بيولوجية فقط لكنه بحاجة ايضا الى متطلبات‬
‫عاطفية ‪.‬‬

‫لقد اوضحت دراسات عدة بان اطفال القردة العليا التي حرمت من صحبة امهاتها التنمو بنفس‬
‫الطريقة التي نمت بها القردة التي عاشت دفء االمومة‪ .‬ووجدوا بانها تنصرف عن اللعب وتصبح‬
‫اقل فضوال واكثر عدوانية ‪ ,‬وعالقاتها الجنسية مضطربة‪ .‬كما ان الذكور من القردة التي عاشت‬
‫بعيدة عن امهاتها تبدي اهتماما اقل بالقردة االناث في مرحلة البلوغ ‪ .‬من جهة اخرى فان القردة‬
‫االناث الالئي عشن بعيدا عن امهاتها يبدين اهتماما اقل باطفالهن ‪.‬‬

‫ان فترة اعتماد االنسان بمكوناته البيولوجية وجيناته الوراثية على اآلخرين اطول من اعتماد الحيوان‪.‬‬
‫فطفولة االنسان الطويلة تحقق له ما يمكن ان نسميه التنميط الثقافي ‪. cultural typology‬‬
‫فالطفل ليس لديه اختيار انه يتعلم الن يستجيب لثقافته التقليدية ‪.‬‬
‫ظهور االتجاه الثقافي في االنثروبولوجيا بتاثير مدرسة فرويد التي تناولت الطفولة ومراحلها وتكييفها‬
‫الثقافي واالجتماعي‪ ,‬اي عملية النضج النفسي والجنسي ‪.‬كما تأثرت االنثروبولوجيا بالمدرسة‬
‫السلوكية التي استهدفت تفسير السلوك االنساني باخضاعه للمالحضة والمشاهدة والقياس‪,‬‬
‫وباالبحاث الخاصة عن الطبيعة البشرية وخاصة كتابات السير الذاتية وحياة االفراد ‪.‬‬

‫وفقا لهذه المدرسة ان الشخصية تتشكل من عاملي الوراثة ( الجينات ) والبيئة ‪ .‬وأهم العناصر‬
‫البيئية هي الثقافة التي تتكون من أنساق المعاني المشتركة التي تزود الفرد بمعايير اإلدراك واإلعتقاد‬
‫والتقييم واإلتصال والفاعلية بين أولئك الذين يشترك معهم باللغة والتاريخ والموقع الجغرافي ‪ .‬والثقافة‬
‫حسب تعريف معاصر هي شبكة من المعرفة التي تكون أجرائية ( سلسلة مكتسبة من االستجابات‬
‫إلشارات معينة ) وبيانية ( تمثيالت الناس ‪ ,‬الحوادث ‪ ,‬االعراف ) وهي منتجة بين تجمعات من‬
‫ناس متفاعلين ‪ .‬وتأثير ثقافي على سلوك الفرد إحتمالي وليس حتمي‪ .‬وبهذا تقارن باللعبة (مع‬
‫مختلف االدوار ) والناس هم الالعبين‪ .‬فالالعبين يلتقطون (او يختارون) من مختلف االستراتيجيات‬
‫والخيارات‪ .‬وأحياناً ينتهكون أو يعدلون االدوار في اللعبة‪ .‬والدرجات المعطاة لالعبين هي حسب‬
‫االدوار المختلفة لألفراد ‪ .‬وتعتمد على تمييزهم الشخصي أو إختيارهم الشخصي ‪ ,‬المزاج ‪ ,‬مواقف‬
‫معينة ‪.‬‬

‫ركزت مدرسة الثقافة والشخصية على البنود التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬كل ثقافة لها ميزتها وكل اعضائها استدخلوا تلك الميزات وصوروا شخصية مجسمة مع‬
‫ثقافة مشتركة بينهم ( فرضية التماثل ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬خبرات الطفولة – المشكلة ثقافياً – يمكن ان تؤثر في أنماط متوقعة لشخصية البالغ‬
‫(فرضية اإلستم اررية)‪.‬‬
‫‪ -3‬خصائص شخصية البالغ السائدة في شعب معين تتأثر بصورة مباشرة بثقافته ومؤسساته‬
‫واالتجاهات التاريخية واالجتماعية ‪.‬‬

‫ظهرت هذه المدرسة في النصف االول من القرن العشرين ودرست التفاعل بين المظاهر النفسية‬
‫للفرد وثقافته ‪.‬واالفكار الرئيسية التي طرحتها هذه المدرسة هي ‪:‬‬

‫‪ -‬أن سلوك االنسان البالغ منمظ ثقافياً ‪.‬‬


‫‪ -‬تجارب الطفولة تؤثر في شخصية االنسان البالغ ‪.‬‬
‫‪ -‬السمات الشخصية للبالغ تتأثر بالمؤسسات الثقافية مثل الدين ‪.‬‬

‫بينت نظريات الثقافة والشخصية بأن التنشئة اإلجتماعية هي التي تخلف أنماط الشخصية‪ ,‬وتشكل‬
‫عواطف الشخص وأفكاره وسلوكه وقيمه ومعاييره الثقافية كي تتالئم مع دوره كعضو منتج في‬
‫المجتمع المحيط به‪ .‬فمدرسة الثقافة والشخصية تبحث كيف ان مختلف اساليب التنئشة االجتماعية‬
‫تنتج أنماط مختلفة للشخصية ‪.‬‬

‫وهذه المدرسة جائت كرد فعل لألفكار التطورية واالنتشارية التي سادت في القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫وتعد الدراسات الميدانية التي أجرتها كل من روث بندكت وماريكريت ميت المغذيات الرئيسية‬
‫للعالقة التفاعلية بين الثقافة والشخصية‪ .‬وقد وصلت هذه المدرسة ذروتها في الثالثينات القرن‬
‫العشرين ولكنها بدات بالظمور بعد الخمسينيات حيث تغير أسمها الحقاً الى األنثروبولوجيا النفسية‪.‬‬

‫ان اإلهتمام بالعالقة بين الثقافة والشخصية من قبل رواد هذه المدرسة ‪ :‬بندكت ‪ ,‬ميد ‪ ,‬سابير‬
‫أنتج ثالث نماذج نظرية هي ‪:‬‬

‫‪ .1‬العالقة بين الثقافة والشخصية الفردية ‪ /‬روث بندكت ‪.‬‬


‫‪ .2‬العالقة بين الثقافة والطبيعية البشرية ‪ /‬ماريكريت ميد‪.‬‬
‫‪ .3‬العالقة بين الثقافة ونمط الشخصية النموذجي في المجتمع ‪ /‬كاردنر ‪ ,‬دوبو ‪.‬‬

‫‪Ruth f.Benedict‬‬ ‫روث بندكت (‪)7498-7881‬‬


‫اكملت بندكت اطروحتها للدكتوراه على يد فرانز بواس عام ‪ 1223‬وكانت بحثاً نظرياً حول (الروح‬
‫الحارسة بين سكان اوروبا الشمالية االصليين)‪ .‬ووجدت مفهوم الروح الحارسة يرتبط بطقوس البلوغ‬
‫عند الذكور في جماعة‪ ,‬بينما يمثل في جماعة اخرى عالمة للتناسل الوراثي‪ ,‬ومجرد مسألة تخيلية‬
‫في جماعات اخرى‪ .‬وأكدت على حقيقة مهمة في الطبيعة البشرية هي ان االنسان قادر على بناء‬
‫ثقافته من عناصر متباينة بجمعها وأعادة توحيدها ‪ ,‬بل ان الخرافات التي هجرها االنسان تعد‬
‫عنص اًر عضوياً مترابط بشكل وظيفي‪ .‬وقد انتقدت روث بندكت المدرسة االنتشارية ألنها فشلت في‬
‫انتاج مبدأ تكاملي في االنثروبولوجيا‪ .‬فعندما تنتقل السمات الثقافية من جماعة ألخرى فأنها تتجمع‬
‫في طرق مختلفة مع سمات أخرى بأسلوب عشوائي‪.‬‬

‫طرحت افكارها الرئيسية في كتابها (انماط الثقافة) الذي طبع عام ‪ .1231‬يعد كتاب بندكت تعديالً‬
‫آخر على فكرة (الثقافة تنشأ من ثقافة) ولكن بشكل مختلف اعتمدت فيه على االبعاد النفسية‬
‫للبشر‪ .‬اذ ترى بأن التكامل الثقافي ليس على مستوى السمات ومركبات السمات واالقتصاديات‬
‫والتقنيات والمواقع االيكولوجية ‪ ,‬لكنه في نمط االفكار والعواطف المميزه لثقافة ما‪ .‬بكلمة أخرى‬
‫فان ما يربط الثقافة معاً يوجد في عقول اعضاء الثقافة‪.‬‬

‫ان مفهوم النمط ‪ Pattern‬يشير الى مجموعة اساسية مميزه من القيم والعواطف التي تنتشر بين‬
‫مجموعة من الناس وتتكامل بها ثقافاتهم‪ .‬وما يحدد تكامل السمات الثقافية في ثقافة معينة هو‬
‫على الطبيعة المميزه لتلك الثقافة‪.‬‬

‫واكدت بندكت مثل استاذها بواس على طواعية (ليونة) السلوك البشري وقوة تأثير الثقافة في تشكيل‬
‫ذلك السلوك‪ .‬فانماط الثقافة التي وصفتها لجماعات الزوني والكواكيوتل والدوبو هي امثلة ألولية‬
‫الثقافة على البيولوجيا‪ .‬حسب رأيها ان كل ثقافة تشغل جزءاً من متصل كبير للتنوع او ما أسمته‬
‫(القوس الكبير) للثقافة الذي تنتج فيه المنافع اما من خالل دورة الحياة او البيئة او انشطة االنسان‪.‬‬

‫ان الثقافة تشمل قد اًر كبي اًر من االمور الغامضة مثل اللغة التي تستعمل النقرات والشفاهيات والصفير‬
‫والحروف من الصامتة الى الصوتية ومن الشفاهية الى االنفية‪ .‬هويتها كثقافة تستند على انتقاء‬
‫بعض االجزاء في ذلك القوس‪ .‬وكل مجتمع انساني له مثل هذا االنتقاء في مؤسساته الثقافية‪.‬‬
‫فاحدى الثقافات ال تهتم بالقيم االقتصادية (المالية)‪ ,‬وأخرى تجد فيها االساس لكل سلوك‪ .‬وفي‬
‫مجتمع ما نجد تجاهالً للتكنولوجيا مع ضرورتها للبقاء‪ ,‬لكن في مجتمع آخر نجد التكنولوجيا معقدة‬
‫ولها اهمية بالغة‪ .‬وقد تستند ثقافة ما على جيل المراهقين‪ ,‬وأخرى تستند على قيم ما وراء الحياة‪.‬‬

‫عملت بندكت على فكرة ان الثقافات المختلفة تؤكد على خصائص معينة تصبح مركزية وتنظم ما‬
‫حولها من الجوانب االخرى في المجتمع‪ ,‬وطبقت تلك االفكار على الدين‪ .‬فالدين مثل الضوء الذي‬
‫يتأرجح بشكل عشوائي‪ .‬اذ نجده في مجتمع يركز على ان الملكية وما حولها من المفاهيم مكفولة‬
‫دينياً‪ ,‬وفي مجتمع آخر نجده يتجاهل الملكية‪ ,‬وفي آخر يركز على السيطرة على المناخ‪ ,‬او على‬
‫العالج‪ ,‬لذا فهي تعتقد بأن االختالفات الثقافية النهائية‪ .‬وان اي ثقافة يمكن ان تتطور وفقاً ألي‬
‫مسار بسبب ديناميكيتها الداخلية ‪.‬‬

‫ان كل جوانب الثقافة تخضع لنمط عاطفي اساسي وضمني تسميه بندكت التكوين الثقافي او‬
‫(الصيغة ‪ )Configuration‬وتسمى فكرتها هذه بالتكوينية‪ .‬تركز بندكت وفق هذه المفهوم على‬
‫فهم الظواهر ككل منظم وليس كتجمع الجزاء منفصلة وذلك رداً على االنتشاريه االوربية التي‬
‫كانت تنظر الى الثقافة بشكل سمات منعزلة ‪,‬التكوينية بدال عن ذلك اكدت على تكامل السمات‬
‫مع عناصر الثقافة‪ .‬فكل انواع السلوك التي تتجه نحو المعيشة والزواج والعنف والعبادة تتم في‬
‫انماط ثابتة وفقاً لقوانين غير واعية من االختيار التي تنمو داخل الثقافة‪.‬ان كل ثقافة لها تكوين‬
‫من السمات مميز وفريد‪ ,‬ولها ايضاً تكوين عاطفي فريد من المشاعر والحوافز‪ .‬فالثقافة وفقاً لذلك‬
‫تحدد شخصيات البشر بدعم نماذج المزاج المالئمة لها‪.‬‬

‫الثقافة والشخصية‬

‫تشير الشخصية الى تنظيم من القوى اقل او اكثر ثباتاً ضمن الفرد مرتبط بمركب متماسك من‬
‫القيم واالتجاهات وطرق االدراك التي تشكل السلوك المنتظم للفرد‪ .‬ان اآللية التي تطبع من خاللها‬
‫القيم الثقافية عند الفرد تسمى بالتثقيف ‪ Enculturation‬او التنشئة االجتماعية التي تبدأ بتربية‬
‫الطفل‪ ,‬حيث يستعمل الوالدان اساليب الثواب والعقاب لتعليم ابناءهم السمات الثقافية كجزء من‬
‫القوس الثقافي‪ ,‬وبذلك يتم قولبة ‪ molding‬الطفل في نمط شخصية معينة‪ .‬اذن تتشكل الطبيعة‬
‫البشرية من خالل القيم االولية للثقافة الى درجة ان اعضاءها سيتصورون بأن مؤسساتهم الخاصة‬
‫تعكس التعقل النهائي والشامل‪ .‬وهذا ال يعني بأن كل عضو في ثقافة ما له نفس طباع االعضاء‬
‫االخرين‪ .‬كما ال يوجد باحث يعتقد بأن االفراد يتصرفون بشكل ميكانيكي وفقاً لثقافتهم‪ .‬كما التوجد‬
‫ثقافة تستطيع الغاء االختالفات في طباع االشخاص الذين يكونونها‪ .‬فالعملية دائماً هي اخذ‬
‫وعطاء‪.‬‬

‫الحظت بندكت بأن كل ثقافة تضم افراداً منحرفين عن نمط الشخصية السائدة في ثقافتهم‪ .‬وألن‬
‫القيم الثقافية نسبية فأن االنحراف ذاته نسبي ايضاً‪ .‬فالمجنون في احدى الثقافات قد يكون بسهولة‬
‫قديساً في ثقافة اخرى‪ .‬في مجتمع الدوبو مثالً يعد الشخص الودود شاذاً‪ ,‬والشخص الذي يحظى‬
‫بتقدير ٍ‬
‫عال بين اعضاء قبائل السهول يكون منحرفاً عند قبائل البويبلو‪ ,‬وصاحب الفخامة في‬
‫الكواكيوتل يعد مصاباً بجنون العظمة في الثقافة االوروامريكية‪.‬‬

‫وبسبب ان الثقافة تحدد الشخصية‪ ,‬فان الناس من مختلف الثقافات يتصرفون ويشعرون ويفكرون‬
‫بشكل مختلف‪ .‬فالفكر والسلوك هو نتاج لكل ثقافة مميزة ‪ ,‬وليس نتاجاً للثقافة االنسانية بأسرها‪.‬‬
‫النه الثقافات تختلف جذرياً فيما بينها وال تناسب احداها االخرى‪.‬‬

‫تعد افكار بندكت انعكاساً للجوانب النسبية والخصوصية التي ميزت اتباع فرانز بواس التي ترى‬
‫بأن كل ثقافة يمكن ان تدرس في ضوء مفاهيمها‪ .‬وهي ذات الفكرة التي تكررت الحقاً على يد‬
‫كتاب االنثروبولوجيا التأويلية في أن الثقافة تنتج التنوع ‪ Otherness‬او االختالف بين البشر‪.‬‬

‫ان فكرة بندكت حول كون الثقافة هي المحدد االساسي لشخصيات اعضائها اصبحت االطروحة‬
‫فسرت بندكت العالقة‬
‫المركزية لمدرسة الثقافة والشخصية في االنثروبولوجيا الثقافية االمريكية‪ .‬اذ ّ‬
‫بين الثقافة والشخصية في ضوء مفهومين ‪:‬الديونيسي واالبولوني ‪.1‬‬

‫وصفت بندكت شعب بوبيلو بالشك في الفردية وانه يقدر قمع رغبه الفرد واذابتها برغبة الجماعة‪,‬‬
‫فااللتزام بالحدود واالمتثال للتقاليد واالعتدال له قيمة اكثر من المبادرة االفردية واالبتكار‪.‬ان شعب‬
‫البويبلو هادئ غير عاطفي ويتجنب االفراط وتغيب عنهم الخبره الدينية الصوفية‬
‫(المنتشية ‪ ) ecstatic‬وتناول المسكرات وفساد الذات السائدة في ثقافات السهول ‪ .‬بالمقابل‬
‫وصفت هنود السهول بالشخصية الديونيسية التي تميل الى العنف (الحرب) والفردانية واالعتماد‬
‫على الذات والطموح والتنافس‪ ,‬وهم يقدرون كل تجارب العنف ويتوسلون بالقوى الغيبية لمساعدتهم‬
‫في نزوات الحرب والتنافس العدواني ‪.‬‬

‫ان االختالف بين ثقافتي البويبلو وهنود السهول يمكن توضيحه في ضوء االختالف في انظمة‬
‫المعيشه واالنظمة االيكولوجية‪ .‬فشعب البويبلو من المزارعين الذين يعيشون في القرى ويتبعون‬

‫‪ 1‬وهما مفهومين استعارتهما من الفيلسوف االلماني نيتشه‪ .‬ديونيس عند اليونان هو اله الخمر اما ابولون فهو اله الشعر والموسيقى‪.‬‬
‫‪ precedence‬والتقاليد‬ ‫روتينهم في الزراعة والحصاد والتخزين‪ .‬ويسود بينهم االمتثال للسلف‬
‫كما هو الحال في كل المجتمعات الزراعية‪ .‬بينما ينظر الى المساهمة الفردية واالبتكار بالشك‬
‫النها قد تعيق الدورة الزراعية‪.‬‬

‫اما هنود السهول فكانوا بدو يصطادون الجاموس وينخرطون في حروب غزوية كثيفة ولهم مؤسسات‬
‫تربي على االعتماد الذاتي من خالل اثبات الشجاعة والتسامح مع االلم وتقدير قوة المحارب‪ .‬وكل‬
‫هذه المزايا ضرورية للبقاء في بيئه تنافسية وحربية هي السهول العظمى‪ ,‬وضرورية ايضاً للنجاح‬
‫كونهم صيادين للجاموس من على ظهور الخيول والتي تتطلب االعتماد على الجرأة الفردية والدهاء‬
‫والتفكير النشط‪.‬‬

‫ماركريت ميد‬

‫كانت ميد احد الذين أرسوا قواعد مدرسة الثقافة والشخصية وأول من قام بدراسة ميدانية موجهة‬
‫توجهاً سيكولوجيا (نفسياً) وبدأت في ذلك المجال بدارسة التنشئة االجتماعية والتطبيع الثقافي‪.‬‬
‫تصور بندكت للثقافة كنمط وأدى اهتمامها بالفرد الى اعادة تعريف‬
‫وانطلقت في دراستها باستخدام ّ‬
‫الثقافة بانها (الحبكة) التي تكمن وراء السلوك البشري وانها أمر تمت صياغته بطريقة غير واضحة‬
‫ومعقدة ليس من السهل تصورها‪ ,‬وشارك في هذه الصياغة آالف من المخيالت خالل عصور‬
‫طويلة‪ .‬انها عمل من اعمال الفن التي تخاطب العديد من الحواس ولها ابعاد عديدة واساليب‬
‫متنوعة للوصول الى االخرين‪ .‬كما كانت اول باحث انثروبولوجي تدرس ممارسات رعاية االطفال‬
‫وتمكنت لعدة سنوات على تنسيق وتنظيم وتطوير االجراءات المنهجية التي تضمن دقة المالحظة‬
‫والتسجيل التفصيلي لسلوك الطفل وادماجه في الثقافة‪ ,‬اي عملية التعلم العقلي كما تحدث في اي‬
‫ثقافة معينة‪ .‬وتعتبر افضل علماء االنثروبولوجيا في ابراز ادق االرتباطات بين االنماط الكلية‬
‫الشاملة للثقافة وانماط تنشئة الطفل في تلك الثقافة‪.‬‬

‫في دراستها لقبائل ساموا وجدت بان تربية الطفل تؤدي الى ظهور البنية النمطية للشخصية بين‬
‫البالغين‪ .‬فمثال ان الحرية الجنسية التي تتمتع بها الفتاة في ساموا تفسر لنا عدم مواجهة الفتيات‬
‫لالزمات او االحباط خالل مراحل المراهقة ‪.‬‬
‫في دراستها عن غينيا الجديدة وجدت ان سكان احدى القبائل يميلون الى العنف والعدوان وعدم‬
‫الثقة والشك كما لو كانوا في حرب مستمرة‪ .‬فاالبناء يتشاجرون دائما مع االباء واالخوة في صراع‬
‫مستمر ‪ .‬بينما وجدت في قبيلة االرابش المجاورة ان السكان يتميزون باللطف والتعاون وال يعرفون‬
‫الصراع او الحرب ويدخلون في عالقات تكافلية الى حد بعيد ‪.‬‬

‫هذه االختالفات في نمط الشخصية مرده الى عمليات التنشئة االجتماعية وممارسات تربية الطفل‪.‬‬
‫فقد اكتشفت ان قبيلة االرابش تدرب االطفال على االستقاللية بطريقة متدرجة والنظام تدريجيا بعيدا‬
‫عن العنف والقسوة‪ .‬فالمرأة تقدم ثديها لطفلها الخائف حتى الولئك الذين تجاوزوا سن الفطام بينما‬
‫المرأة لدى قبائل موندوكومور التفعل ذلك فالفطام قاسي ومفاجئ الى حد بعيد وتصرخ االم في‬
‫وجه الطفل او تضربه اذا لم يلتزم الوامرها ‪.‬‬

‫كما اسهمت في دراسة (الخلق القومي) او الشخصية القومية باعتبارها من المدافعين عن االسلوب‬
‫الذي استحدثته بندكت لتحديد بناء الشخصية المنوالية للثقافة وممارسة العناية باالطفال في تلك‬
‫الثقافة‪ .‬ووصفت ميد عالقة الثقافة باساليب الرضاعة ورعاية الطفل بالقول ( ان رابطة رعاية االم‬
‫بطفلها رابطة بعيدة العمق في الشروط البيولوجية التي ال يمكن التغاضي عنها اال عن طريق‬
‫ترتيبات اجتماعية غاية في التعقيد‪ .‬ويمكن القول ان كل امرأة هي أم بالطبيعة اال اذا اخطرت‬
‫بانها غير مؤهلة للحمل)‪ .‬وكانت تضيف بان االفعال والتصرفات الخاصة بتقميط جسم الطفل او‬
‫فطامه ليست هي التي تنقل الثقافة لألطفال ولكن الذي يقوم بذلك هو السياق الثقافي الذي تتم فيه‬
‫هذه االفعال‪.‬‬

‫وانتقدت اساليب الرعاية التي يوصي بها طب االطفال والمتعلقة بالوالدة وذلك التي تتدخل في فترة‬
‫ما بعد الوالدة مباشرة وتفصل االم عن الطفل المولود حديثا وتفرض طرق التغذية والعناية التي ال‬
‫تاخذ في االعتبار العالقة المتبادلة الرقيقة بين االم والطفل الوليد‪ .‬وذهبت الى حد افتراض (انه‬
‫عن طريق القواعد الثقافية المفروضة على سلوك االم الهادئ او االيجابي يمكن لعملية التعلم ان‬
‫تبدأ داخل الرحم)‪.‬‬

‫وكان اهتمامها بالتفاعل االمومي مع الطفل الصغير هو الذي وجهها نحو دراسة عمليات الرمزي‬
‫عن طريق الحركات او المالمسة غير الكالمية‪ .‬ففي بالي الحظت ان االطفال الصغار اليستجيبون‬
‫للتعبيرات الوجهية لالم ولكن للعواطف والمشاعر التي يتم التعبير عنها حركيا‪ .‬فبينما االم تبتسم‬
‫مثال وتنحني وهي تحيي الشخص الغريب يصرخ الطفل الصغير من االرتباك‪ .‬فهو يعبر عن‬
‫الخوف الناشئ في السلوك الحركي الذي تعبر به االم دون ان يصدر عنها اي كالم او تعبير في‬
‫الوجه او في طريقة وقوفها‪ .‬وشعرت ميد بان مثل هذا التعلم (الاللفظي) وغير المفصل يمكن ان‬
‫يحدث فقط في حالة وجود نموذج مثالي‪ .‬وكانت تؤكد كما لو كان مختلفا عن تعلم الكالم ثم تعلم‬
‫لغة ثانية بعد ذلك‪.‬‬

‫ان اهتمامها بمفهوم العالقات غير اللفظية ادى فيما بعد الى االهتمام بالتعلم الحركي وتطوير‬
‫مجال علم االشارات واستخدام التسجيالت السمعية – البصرية في دراسة السلوك مما ترتب عليه‬
‫اتجاهها نحو دراسة الجوانب الروحية التي كانت تعتبرها جزء من (متصل كلي لظواهر االتصال)‪.‬‬
‫كانت ميد تعتبر التطبيع الثقافي (التنشئة االجتماعية) عملية اتصال وان التجربة يمكن نقلها عن‬
‫طريق اساليب رمزية‪ .‬فتزامن التأثي ارت ال يتم فقط عن طريق سلوك وتصرفات االشخاص الذين‬
‫يتصلون بالطفل وحسب لكنه يتم ايضا عن طريق الشعائر والمواقف االنفعالية ومظاهر الفنون‪.‬‬
‫فشكل احد االواني مثال او الرسوم على ابواب المعابد او منظر الساحة الممتدة امام البيت كلها‬
‫تقوي نفس النمط الذي يتعرض له الطفل في تسلسل متتابع‪ .‬ففي المجتمعات التي يحدث فيها‬
‫التغير ببطء شديد تتاح الفرصة لكل طفل ان يتعلم من االجزاء المختلفة للتجربة‪ .‬فبعض االطفال‬
‫يتعلمون من شكل سقف البيت وهم ينظرون الى السقف المعروش اثناء استلقائهم على ظهورهم‬
‫بينما البعض االخر يتعلم من ملمس اإلناء في ايديهم بينما آخرون يتعلمون من وقع االصوات في‬
‫اذانهم وهكذا ‪ ..‬اال ان هذه االشياء تعتبر مجرد اجزاء في وحدة كلية لها شكل متسق تم تثبيته‬
‫وتوفيقه خالل عدة اجيال‪.‬‬

‫ابراهام كاردينر‬

‫يرى كاردينر ان افراد المجتمع الحاملين لثقافة واحدة يشتركون في سمات معينة للشخصية وأطلق‬
‫على تلك السمات المشتركة البناء االساسي للشخصية‪ .‬وعرفها بانها االدوار الفعالة المتكيفة عند‬
‫الفرد‪ ,‬وهي عامة عند جميع افراد المجتمع الواحد‪ .‬ويعطى كاردينر اهمية كبرى لمرحلة الطفولة‬
‫المبكرة وما يتضمنها من انماط ثقافية في تشكيل البناء األساسي للشخصية‪ .‬ففي كل مجتمع توجد‬
‫العديد من النظم التربوية يطبقها اآلباء في تربية اطفالهم في مرحلة الطفولة‪ .‬وبرغم وجود اختالفات‬
‫فردية في تطبيق تلك النظم فانه توجد انماط عامة تمثل اكثر حاالت السلوك تك اررا‪ .‬فمثال في كل‬
‫مجتمع تميل النساء الى ارضاع اطفالهن لفترات زمنية متقاربة بحيث نستنتج ان سن الفطام في‬
‫مجتمع ( أ ) هو سنة وفي مجتمع ( ب ) سنتان وفي مجتمع ( ج ) ثالث سنوات كذلك الحال‬
‫بالنسبة لباقي النظم التربوية الخاصة بمرحلة الطفولة مثل نظام التدريب على المرحاض ونظام‬
‫الثواب والعقاب وعدد مرات الرضاعة في اليوم الواحد واسلوب وضع المالبس على جسم الطفل‬
‫والتنظيمات الجنسية ونظام حمل الطفل ونظام تشجيع الطفل على النوم وتعليم الطفل النطق الول‬
‫مرة وما الى ذلك من النظم االجتماعية والثقافية الخاصة بمرحلة الطفولة‪ .‬يرى كاردينر ان تلك‬
‫النظم هي عوامل حاسمة في تكوين شخصية الفرد ولذلك تؤثر بقوة في مرحلة الطفولة ويستمر هذا‬
‫التأثير بدرجات اقل في مراحل النمو تالية‪.‬‬

‫ان الجديد الذي اضافه كاردينر هو مفهوم البناء االساسي للشخصية وتحليله للنظم االجتماعية‬
‫والثقافية باسلوب اصيل يبين العالقة بين الثقافة والشخصية‪ .‬فهو يرى ان خضوع االطفال في‬
‫المجتمع الواحد لخبرات ذات طابع واحد واستجابتهم المتشابهة لتلك الخبرات من اهم العوامل التي‬
‫تؤدي الى طبع شخصياتهم بسمات مشتركة‪ ,‬ويتكون من مجموع تلك السمات المشتركة البناء‬
‫االساسي لشخصية هؤالء االفراد‪.‬‬

‫ان هذا البناء االساسي للشخصية هو الصيغة الكلية للشخصية العامة التي يشترك فيها معظم‬
‫اعضاء المجتمع الواحد نتيجة للخبرات المبكرة المتشابهة التي يشتركون فيها‪ .‬وكما تختلف أساليب‬
‫تربية االطفال من مجتمع الى آخر تختلف كذلك اشكال األسرة وتختلف النظم االقتصادية التي‬
‫تؤثر بدورها في العالقات االسرية وتتفاعل كل تلك العوامل في تشكيل البناء االساسي للشخصية‪.‬‬

‫يستخدم كاردينر مفهومي النظم االولية والنظم الثانوية بطريقة خاصة تختلف عن التعريف التقليدي‪.‬‬
‫يعني اصطالح ( نظام ) عند كاردينر اي شكل محدد للتفكير او السلوك تأخذ به جماعة من‬
‫االفراد ويمكن ان ينتقل من فرد الى فرد ويتميز بان معظم افراد الجماعة يقبلونه‪ ,‬ويترتب في‬
‫الخروج عليه حدوث بعض االضطراب عند الفرد او عند الجماعة‪.‬‬
‫اما النظم االولية فهي النظم االجتماعية والثقافية التي تتمتع نسبيا ِ‬
‫بالقدم والثبات والتأثر الضعيف‬
‫بالتغييرات المناخية واالقتصادية‪ .‬وينظر افراد المجتمع الى النظم االولية على انها امور طبيعية‬
‫شأنها في ذلك شأن عملية التنفس‪ .‬ويحدد كاردينر موضوعات النظم االولية بانها نظام االسرة‬
‫والنظم التربوية في مرحلة الطفولة مثل نظام الفطام ونظام التدريب على المرحاض والمحرمات‬
‫الجنسية باالضافة الى نظام التكوين الداخلي للجماعة وفنون توفير الطعام‪ .‬تلعب النظم االولية‬
‫دو ار جوهريا في تشكيل البناء االساسي للشخصية وتمثل تلك النظم الوسائل التي تستخدمها الثقافة‬
‫في التأثير على الشخصية‪ ,‬وبعد ان يتكون البناء االساسي للشخصية يقوم هذا البناء بدور فعال‬
‫في التأثير على الثقافة عن طريق النظم الثانوية‪.‬‬

‫ي حدد كاردينر النظم الثانوية بانها االداب الشعبية والمعتقدات والطقوس الدينية عن طريق عملية‬
‫اسقاط لبعض خصائص البناء االساسي للشخصية‪ .‬فمثال قد ترجع مفاهيم المجتمع عن اآللهة‬
‫وعالقتهم باآللهة للنظم االولية التي تحدد عالقات الطفل بأبويه‪.‬‬

‫هكذا تتلخص نظريته في ان كل مجتمع يتميز افراده ببناء اساسي للشخصية ويتشكل هذا البناء‬
‫عن طريق النظم االولية السائدة في هذا المجتمع وعن طريق عمليات اسقاطية يشكل البناء‬
‫االساسي للشخصية النظم الثانوية السائدة في هذا المجتمع ‪.‬‬

‫اهتم كاردينر باخضاع نظريته للفحص عن طريق المادة الثقافية وبالتالي حقق التعاون المنشود‬
‫بين ميدان الثقافة والشخصية وهو التعاون بين علماء النفس واالنثروبولوجيين‪ .‬وقد كشف هذا‬
‫التطبيق والفحص االنثروبولوجي للنظرية عن بعض اوجه القصر والضعف فيها‪ .‬ويحذرنا كاردينر‬
‫في مقدمة كتاب ( الفرد والمجتمع ) ان اوجه القصور ال تضعف من اهمية المنهج الذي اتبعه‬
‫والذي يتمثل في االهتمام باجراء التطبيقات االنثروبولوجية على نظريته‪ ,‬اما النتائج السلبية فهي‬
‫امور مؤقتة ممكن ان تغيرها تطبيقات وابحاث اخرى تؤدي الى نتائج ايجابية‪.‬‬

‫يتضمن كتاب ( الفرد والمجتمع ) مناقشة قصيرة لخمس ثقافات لقبائل تروبرياند وكيوكيوتل وزوني‬
‫وتشوكش واالسكيمو‪ .‬كما يحتوي كذلك على دراسة طويلة نسبيا قدمها رالف لينتون لشرح ثقافة‬
‫قبيلة ماركيزاس وقبيلة تاناال بجزيرة مدغشقر‪ .‬وفيما يتعلق بكتاب (الحدود النفسية للمجتمع) توجد‬
‫مناقشات لثالث ثقافات اخرى ودراسة لينتون لثقافة قبيلة كومانش ومناقشة ويست لقبيلة الور وقبيلة‬
‫بالنفيل‪ .‬ومن يؤكدان اهمية تعاون علماء النفس واالنثروبولوجيين لنجاح الدراسات في ميدان الثقافة‬
‫والشخصية‪.‬‬

‫ادوارد سابير‬

‫من الرواد في استخدام المتغيرات الثقافية لتحل محل المتغيرات الفسيولوجية والعصبية وجاء‬
‫تعريفه للثقافة مشتمال على مضامين نفسية وتاريخية وهذه الثنائية ( الثنائية النفسية والتاريخية )‬
‫ضلت مسيطرة على تفكيره ‪.‬‬

‫استعرض تحيزه التاريخي ورفضه لفكرة ان الثقافة ( نسق ) بالقول ( ان كل وجهة من اوجه‬
‫الحياة االجتماعية كالفلسفة والدين والموسيقى ‪ ......‬انما يتحدد الى حد كبير من حيث الشكل او‬
‫المحتوى في ارتباطه بالماضي التاريخي لهذا الوجه او ذاك اكثر من كونه قائم ومتناسق مع‬
‫االوجه االخرى لهذه الحياة االجتماعية ) ؟؟‬

‫ميز سابير بين ثالثة رؤى للثقافة ‪:‬‬

‫‪ -1‬رؤية الثقافة كمرادف للتعليم والتهذيب ‪.‬‬


‫‪ -2‬رؤية الثقافة كسمات موروثة اجتماعيا سواء كانت الموروثات مادية ام روحية ‪.‬‬
‫‪ -3‬الثقافة تشير الى اتجاهات عامة رؤية للحياة او المظاهر الخاصة بالحضارة وينتهي ال‬
‫انها مرادفة لروح الشعب او نزعاته وميوله ‪.‬‬

‫مدرس الثقافة الفرنسية التي تتميز براية بالوضوح والصفاء والتوازن والعناية في اختيار البدائل‬
‫واللياقة وانعكست هذه الروح الفرنسية في طبيعة الحركات الجمالية والموسيقى واالتجاهات نحو‬
‫الوالدين فضال عن الميل القوي للبيروقراطية في االدارة ‪.‬‬

‫روث بندكت‬

‫في دراسته لثقافة الجنوب الغربي في امريكا تقول بان هذه الثقافة تكونت من عناصر مختلفة‬
‫ومستقلة تراكمت من هنا وهناك في شتى االتجاهات عن طريق االنتشار الثقافي حيث تتم عملية‬
‫التكامل طبقا لالنماط الثقافية المتضررة والمتباينة ‪.‬‬

‫النظام الثقافي اليعود الى وظيفة السمات الثقافية وانما الى الظروف السائدة في الجماعات لذا‬
‫ترتبط االنماط الثقافية باالحتياجات الداخلية التي ظهرت وتطورت داخل الجماعة او من خاللها‬
‫‪.‬‬

‫السمات النفسية يكون لها معنى من خالل مضمونه التشكيل الخاص بالشخصية ‪.‬‬
‫في كتابها انماط الثقافة اشارت الى ان قبائل الزوني تعيش في ثقافة يسيطر عليها الفكر االبولوني‬
‫ولهم نمط سائد وهو نمط الشخصية االبولونية ‪.‬الشخصية البولونية التعرف المنافسة التعرف‬
‫الفردية تتميز بالهدوء وااللفة ‪.‬‬

‫اما قبائل الكواكتيل التي درسها بوان فتتميز بنمط الشخصية الديونسينية وهذ تميل الى التعبير عن‬
‫ذاتها بوضوح وفردية متمايزة فضال عن المنافسة التي قد تصل الى حد الصراع تميل للوقوع‬
‫والتجربة الملموسة ‪.‬‬

‫اما قبائل الدويو فيتميزون بالميل الى العدوان المنافسة والشك ‪.‬‬

‫تقول بان تشكيل الشخصية يتم من خالل عملية التنميط الثقافي وان الطفل في ثقافة ما يتعلم الن‬
‫يستجيب بطرق مختلفة ثقافيا من خالل المثل والقيم التي تسود هذه الثقافة او تلك ‪.‬‬

‫الطفل في ثقافته الكواكيبل مثال يتعرض لخبرة مختلفة تماما وان يتجه نحو اهداف متباينة عن تلك‬
‫الموجودة في الزوني والدوبو فالطفل في كل ثقافة يتعلم الن ينمط او يعد استجاباته االنفعالية‬
‫بالطرق التي تراها الثقافة مناسبة ومقبولة ‪.‬‬

‫لذا فالفرد في االسكيمو ذو شخصية انبساطية ‪ extrovert‬او خارجية النزعة بينما الهنود في‬
‫عمومها تتطابق مع التفكير الداخلي النزعة او االنطوائي ‪. introvert‬‬

‫ترى روث بندكت بان الفرد صفحة بيضاء يمكن الي ثقافة ان تؤثر فيها وتستطيع فيها طابعها‬
‫الخاص فالفرد مجموعة ضخمة من االمكانات التاي يمكن الي ثقافة ان تختار منها وتنتقي ماتيال‬
‫ئم ويتفق مع نمطها الخاص ‪.‬‬

‫موقف الفرد سلبي فيما يتعلق بعملية التنشئة االجتماعية التطبيع االجتماعي ‪.‬‬

‫تفسر بندكت العرقة بين الثقافة والشخصية باالستناد الى التحليل النفسي والتاريخ فالشخصية‬
‫الديونسية (الواقعية) توجد في مجتمع ما دون غيره الن االحداث التاريخية التي قد تحدث في ثقافة‬
‫ما قد تشجع حدوثه وتطوره في حين في ثقافات اخرى قد التشجعه او تنميه ‪.‬‬

‫تقول بندكت اذا ما اردنا تفسيرا لالشكال الثقافية فاننا بامس الحاجة الى علم النفس والتاريخ وال‬
‫نستطيع ان نجعل احدهما يقوم بدال من االخر ‪.‬‬

You might also like