You are on page 1of 11

‫األنثروبولوجيا‬

‫تع ّرف األنثروبولوجيا الثقافية بأنّها العلم الذي يدرس اإلنسان من حيث هو‬
‫عضو في مجتمع لـه ثقافة معيّنة‪⸲ ‬وعلى هذا اإلنسان أن يمارس سلوكا ً يتوافق‬
‫مع سلوك األفراد في المجتمع (الجماعة) المحيط به‪ ،‬يتحلّى بقيمه وعاداته‬
‫ويدين بنظامه ويتح ّدث بلغة قومه‪.‬‬

‫فاألنثروبولوجيا الثقافية إذن‪ ،‬تهدف إلى فهم الظاهرة الثقافية وتحديد عناصرها‬
‫كما تهدف إلى دراسة عمليات التغيير الثقافي والتمازج الثقافي‪ ،‬وتحديد‬
‫الخصائص المتشابهة بين الثقافات‪،‬ـ وتفسّر بالتالي المراحل التط ّورية لثقافة‬
‫معيّنة في مجتمع معيّن ‪.‬‬
‫ولهذا استطاع علماء األنثروبولوجيا الثقافية أن ينجحوا في دراساتهم التي‬
‫أجروها على حياة اإلنسان‪ ،‬سواء ما اعتمد منها على التراث المكتوب لإلنسان‬
‫القديم وتحليل آثارها‪ ،‬أو ما كان منها يتعلّق باإلنسان المعاصر ضمن إطاره‬
‫االجتماعي المعاش ‪.‬‬

‫ثانياً‪-‬نشأة األنثروبولوجيا الثقافية ومراحل تط ّورها‪:‬‬


‫لم تظهر األنثروبولوجيا الثقافية كفرع مستق ّل عن األنثروبولوجيا العامة‪ ،‬إالّ في‬
‫النصف الثاني من القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫وربّما يعود الفضل في ذلك إلى العالم اإلنكليزي ‪ /‬إدوارد تايلور ‪ /‬الذي يع ّد من‬
‫ر ّواد األنثروبولوجيا‪ ،‬والذي ق ّدم أول تعريف شامل للثقافة عام ‪ 1871‬في كتابه”‬
‫الثقافة البدائية”‪ .‬وقد م ّرت األنثروبولوجيا الثقافية بمراحل متع ّددة‪ ،‬منذ ذلك الحين‬
‫‪.‬حتى وصلت إلى ما هي عليه في العصر الحاضرـ‬
‫مرحلة البداية ‪ :‬وتمت ّد من ظهور هذه األنثروبولوجيا وحتى نهاية القرن التاسع‬
‫عشر‪ .‬وكانت عبارة عن محاوالت لرسم صورة عامة لتط ّور الثقافة منذ القدم‪،‬‬
‫والبحث أيضا ً عن نشأة المجتمع اإلنساني‪.‬‬
‫وظهر في هذه الفترة إلى جانب العالم اإلنكليزي ‪ /‬تايلور ‪ ،/‬العالم األمريكي ‪ /‬بواز‬
‫‪ /‬الذي أخذ باالتجاه التاريخي في دراسة الثقافاتـ اإلنسانية‪ ،‬وذلك من جانبين ؛‬
‫أولهما ‪ :‬إجراء دراسات تفصيلية لثقافات مجموعات صغيرة‪ ،‬كالقبائل والعشائر‪،‬‬
‫ومراحل تط ّورها ‪.‬‬
‫وثانيهما ‪ :‬أجراء مقارنة بين تاريخ التط ّور الثقافي‪ ،‬عند مجموعة من القبائل‪،‬ـ بغية‬
‫الوصول إلى قوانين عامة أو مبادىء‪ ،‬تحكم نمو الثقافاتـ اإلنسانية وتط ّورها‪ .‬وهذا‬
‫ما يعطي أهميّة لألنثروبولوجيا باعتبارها علما ً لـه منهجيّته الخاصّة ‪.‬‬
‫المرحلة الثانية ‪ :‬وتقع ما بين (‪ 1915 -1900‬م)‪ ،‬وتع ّد المرحلة التكوينية‪ ،‬حيث‬
‫تر ّكزت الجهود في األبحاثـ والدراسات‪ ،‬على مجتمعات صغيرة مح ّددة لمعرفة‬
‫تاريخ ثقافتها ومراحل تط ّورها‪ ،‬وبالتالي تحديد عناصر هذه الثقافة قبل أن تنقرض‬
‫‪.‬‬
‫واستناداً إلى ذلك‪ ،‬جرت دراسات عديدة على ثقافة الهنود الحمر في أمريكا‪،‬‬
‫صل الباحث األمريكي ‪ /‬وسلر ‪ /‬إلى أسلوب يمكن بوساطته من دراسة أي إقليم‬ ‫وتو ّ‬
‫أو منطقة في العالم تعيش فيها مجتمعات ذات ثقافات متشابهة‪ ،‬أو ما أصطلح على‬
‫تسميته بـ (المنطقة الثقافية )‪ .‬وقد شبّه ‪ /‬وسلر ‪ /‬المنطقة الثقافية بدائرة‪ ،‬تتر ّكز‬
‫معظم العناصر الثقافية في مركزها‪ ،‬وتق ّل هذه العناصر كلّما ابتعدت عن المركز‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬وتقع ما بين (‪ 1930 -1915‬م) وتع ّد فترة االزدهار‪ ،‬حيث‬
‫تميّزت بكثرة البحوث والمناقشات في القضايا التي تدخل في صلب علم‬
‫األنثروبولوجيا الثقافية‪ ،‬وال سيّما تلك الدراسات التي تر ّكزت في أمريكا‪.‬‬
‫ويرجع ازدهار األنثروبولوجيا في تلك الفترة‪ ،‬إلى نضج هذا العلم ووضوح‬
‫مفاهيمه ومناهجه‪ .‬وترافق ذلك بازدهار المدرسة التاريخية في أمريكا‪ ،‬وظهور‬
‫المدرسة االنتشارية في إنكلترا‪ ،‬وال سيّما بعد األخذ بمفهوم (المنطقة الثقافية) الذي‬
‫طرحه ‪ /‬وسلر ‪ /‬كإطار لتحليل المعطيات الثقافية وتفسيرها‪ ،‬والتوصّل إلى‬
‫العناصر المشتركة بين الثقافات المتشابهة‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة‪ :‬وم ّدتها عشر سنوات فقط‪ ،‬وتقع ما بين (‪ 1940 -1930‬م)‪.‬‬
‫وعلى الرغم من قصر م ّدتها‪ ،‬فقد أطلق عليها الفترة التوسّعية‪ ،‬حيث تميّزت‬
‫باعتراف الجامعاتـ األمريكية واألوروبية باألنثروبولوجيا الثقافية كعلم خاص في‬
‫إطار األنثروبولوجية العامة‪ ،‬وخصّصت لها فروع ومقرّرات دراسية في أقسام‬
‫علم االجتماع في الجامعات‪.‬‬
‫وظهرت في هذه الفترة النظرية (التكاملية) التي تبنّاها ‪ /‬سابير ‪ /‬عالم االجتماع‬
‫األمريكي‪ ،‬واستطاع من خاللها تحديد مجموعة متناسقة من أنماط السلوك‬
‫اإلنساني‪ ،‬والتي يمكن اعتمادها في دراسة السلوك الفردي‪ ،‬لدى أفراد مجتمع‬
‫أن جوهر الثقافة هو في حقيقة األمر‪ ،‬ليس إالّ تفاعل األفراد في‬ ‫معيّن‪ ،‬حيث ّ‬
‫المجتمع بعضهم مع بعض‪ ،‬وما ينجم عن هذا التفاعل من عالقات ومشاعر‬
‫وطرائق حياتية مشتركة ‪.‬‬
‫وقد تأثّرت األنثروبولوجيا في هذه الفترة‪ -‬إلى ح ّد بعيد‪ -‬باألنثروبولوجيا‬
‫االجتماعية‪ ،‬وال سيّما في مفاهيمها ومناهجها‪ ،‬وذلك بفضل األبحاثـ التي قام بها‬
‫ك ّل من ‪ /‬مالينوفسكي وبراون ‪ /‬في مجاالت األنثروبولوجيا االجتماعية ‪.‬‬
‫المرحلة الخامسة ‪ :‬وهي الفترة المعاصرة التي بدأت منذ عام ‪ ،1940‬وما زالت‬
‫حتى الوقت الحاضر‪ .‬وتمتاز هذه المرحلة بتوسّع نطاق الدراسات األنثروبولوجية‪،‬‬
‫خارج أوروبا وأمريكا‪ ،‬وانتشار األنثروبولوجيا الثقافية في العديد من جامعات‬
‫الدول النامية‪ ،‬في أفريقيا وآسيا وأمريكا الالتينينية‪.‬‬
‫وترافق ذلك مع ظهور اتّجاهاتـ جديدة في الدراسات األنثروبولوجية‪ ،‬كان االتّجاه‬
‫القومي في مق ّدمة هذه االتّجاهاتـ الحديثة في األنثروبولوجيا الثقافية‪ ،‬والذي يهدف‬
‫إلى تحديد الخصائص الرئيسة للثقافة القوميّة‪ .‬وقد أخذت بهذا االتّجاه الباحثة‬
‫األمريكية ‪ /‬روث بيندكيت ‪ /‬التي قامت بدراسة الثقافة اليابانية خالل الحرب‬
‫العالمية الثانية‪.‬‬

‫ثالثاً‪-‬أقسام األنثروبولوجيا الثقافية ‪:‬‬


‫تتنوع الفروع األنثروبولوجيا حسب طبيعة الموضوعات المدروسة حيث‬
‫تؤكد الدراسات التاريخية عملية انقسام األنثروبولوجيا إلى فرعين أساسين‬
‫وشاملين لموضوع التاريخ البشري وفقا لتطور بيولوجي واجتماعي‪ ،‬وهما‬
‫األنثروبولوجيا الطبيعية واألنثروبولوجيا االجتماعية أو الثقافية‬
‫فاألولى تختص بالبحثـ في بدايات ظهور اإلنسان وتكيفه وتطوره باالستناد على‬
‫العوامل الوراثية والبيولوجية والتطورية الداروينية‪ .‬أما األنثروبولوجيا االجتماعية‬
‫أو الثقافية فهي تهتم بنشاط اإلنسان ووظائفه وعالقاته وتطورها‪ .‬وبتطور البحثـ‬
‫األنثروبولوجي في اتجاه هذين الفرعين كاتجاهين منفردين في الدراسة والبحث‬
‫‪.‬في فهم حقيقة اإلنسان‪ ،‬فقد تم االعتراف المتبادل لحاجة كل فرع آخر‬
‫ونظرا الزدواجية المتبادلة بين الفرعين فقد انقسم هذين الفرعين إلى عدة فروع‬
‫تمثلت في‬
‫األنثروبولوجيا البيولوجية‬
‫فهي تدرس الجوانب الفيزيقية لإلنسان (تر كيب جسم اإلنسان وتنوعه‬
‫البيولوجي)‪ .‬لذلك فهي تهتم بدراسة أسباب التنوع واتجاهات التغير وأسباب التباين‬
‫البيولوجي واالختالفات الوراثية‪ .‬كما تختص بالبحث في دراسة اإلنسان من‬
‫الناحية التطورية‪ ،‬ودراسة وتحليل الجماعات‪ .‬البشرية‪ .‬فهي بذلك العلم الذي يهتم‬
‫بأصل اإلنسان كنوع ينتمي إلى جنس‪ ،‬وبدراسة التنوع البيولوجي لدى الكائناتـ‬
‫الحية‪ ،‬ودور الوراثة في تغيير سلوك اإلنسان وكذا دور المحيط في إغفال الشكل‬
‫‪.‬العام لحياة اإلنسان‬

‫األنثروبولوجيا الثقافية واالجتماعية والتمييز بينهم‬


‫األنثروبولوجيا الثقافية هو الثقافة اإلنسانية وما تشمله من عادات‬
‫ومعتقدات وتقاليد تخضع كلها لظروف ثقافية معينة محددة باألزمنة واألمكنة‪.‬‬
‫بمعنى أن اإلنسان في كل زمان ومكان له ثقافته وتراثه الخاص والمميز‪ .‬فالتراث‬
‫هو المجال الرئيسي في األنثروبولوجيا الثقافية‬
‫لكن يبقى االهتمام بثقافة المجتمعاتـ داخل سياق اجتماعي حامال لمنتوجات‬
‫ثقافية‪ .‬فقدرة اإلنسان على إنتاج ثقافة‪ ،‬هي ما يميزه عن باقي الكائنات الحية‬
‫األخرى‪ ،‬خاصة فيما يصنعه من عناصر المادة (الملبس‪ ،‬األدوات وأاللت‪،)...‬‬
‫دون إغفال الطابع المميز والفريد للعالقاتـ االجتماعية ضمن دائرة أنساق الحكم‬
‫‪.‬والنظم االجتماعية‬
‫وبالرجوع إلى كتابات الرحالة وأصحاب الحكم واإلدارة‪ ،‬نجد أن بدايات ظهور‬
‫األنثروبولوجيا االجتماعية ترجع بدرجة أساسية إلى الكشوف الجغرافية التي أدت‬
‫بالمعرفة الواسعة لمختلف المجتمعاتـ اإلنسانية عبر التاريخ‪ .‬ويوضح التاريخ‬
‫األنثروبولوجي‪ ،‬أن دراسة المجتمع برزت على أيدي رحالة مشهورين‪ ،‬كان لهم‬
‫الحظ الكبير في اكتشاف تنظيم الجماعاتـ االجتماعية‪ ،‬أمثال هيرودوت‪ ،‬المؤرخ‬
‫اليوناني الشغوف بالسفر‪ ،‬والذي وصف الحياة االجتماعية في مصر وبعض‬
‫الشعوب البربرية‪ .‬ورحالة آخرين ينتمون إلى طبقات اجتماعية خاصة‪ ،‬أمثال‬
‫‪.‬ماركو بولو وابن بطوطة‬
‫والجدير بالذكر في األنثروبولوجيا االجتماعية أو الثقافية‪ ،‬أن االجتماعية تهتم‬
‫بدراسة المؤسسات كبنيات اجتماعية رمزية ومادية وما تتضمنه األبنية من عالقاتـ‬
‫وتفاعالت وظيفية بين أعضاءها‪،‬ـ هذه األبنية قد أوجدها أفراد المجتمع في ضوء‬
‫تطورهم الثقافي‪.‬ـ أما األنثروبولوجيا الثقافية فهي تهتم أكثر بالثقافة من حيث هي‬
‫ظاهرة إنسانية أوسع من المجتمع ككل‪ ،‬حيث تبحث في كيفية استجابة اإلنسان‬
‫القديم والحديث للعوامل البيئية ومشكالتها‪ ،‬كما تبحث في طبيعة الخبرات وتناقلها‬
‫ضمن مظاهر التداخل الثقافي‪ .‬ومن خالل هذا التمييز البسيط بين األنثروبولوجيا‬
‫االجتماعية أو الثقافية‪ ،‬يظهر التداخل المشترك لكليهما بين ما هو ثقافي‬
‫واجتماعي‪ ،‬وال يمكن الفصلـ بينهما أو وضع حدود فاصلة لالهتمامات والبحوث‬
‫‪.‬والدراسات بينهما‬

‫األنثروبولوجيا اللغوية‬
‫قد أكد همبولت وسبير أن كل لغة هي تعبير عن نظرة مجتمع تعكس ثقافته‬
‫وشخصيته وذهنيته السائدة في ذلك المجتمع الذي يتكلم تلك اللغة المميزة له‪ .‬وهو‬
‫ما أعطى أهمية بالغة لفلسفة اللغة واألنثروبولوجيا‪ .‬لكن لو حللنا هذا التصور‪،‬‬
‫نكشف أن اللغة قابلة للتغيير‪ ،‬وفي المقابل‪،‬ـ تبقى التصورات والذهنيات والثقافات‬
‫‪.‬ثابتة أما إذا تغيرت الذهنيات والتصورات والثقافات‪،‬ـ تبقى اللغة ثابتة‬
‫وألجل ذلك قدم كل من العالمين االنجليزيين كوهين ومايليت بحوثا علمية حول‬
‫تلك العالقاتـ الموجودة في البنية اللغوية واالجتماعات والعالقة فيما بينهما مثل‬
‫‪.‬العالقة الموجودة بين المفردات وعلم األصوات والمجتمع‬
‫وعليه‪ ،‬الت ازل العديد من الكلمات المتداولة تعبر عن تاريخ المجتمعات‪ ،‬دون‬
‫إغفال مدى تأثير العوامل البيئية في تغيير معاني الكلماتـ ودالالتها‪ ،‬فلكل لغة‬
‫‪.‬رموزا خاصة بها تغير عن ثقافتها‬

‫األنثروبولوجيا التربوية‬
‫هي كفرع تطبيقي من األنثروبولوجيا الثقافية‪ ،‬فقد ترتكز أبحاثـ مؤسس‬
‫األنثروبولوجيا التربوية إميل دور كايم حول التنشئة االجتماعية في المجتمعات‬
‫البدائية‪ .‬بمعنى البحث في النشاط التربوي لإلنسان داخل المؤسسات الدينية‪ ،‬وكيفية‬
‫تعايشه مع الطقوس الثقافية من عادات وتقاليد‪ .‬لذلك فإن أنثروبولوجيا التربية هي‬
‫علم متخصص لمعرفة تفاصيل السلوك البشري في بداياته األولى في التربية‪.‬‬
‫فضال عن استخدامها في الدراسات اإلثنية التربوية المقارنة بين اإلثنيات‪،‬ـ‬
‫الستخالص األنماط والبرامج التعليمية والطرق البيداغوجية المالئمة ثقافيا‪ .‬وقد‬
‫كان البن خلدون فضل السبق في هذا العلم عند وصفه واكتشافه لسمة االختالف‬
‫‪.‬بين األمصار في تربية الولدان‬
‫وعليه‪ ،‬فقد أفادت أنثروبولوجيا التربية في الكشف عن الفروقات بين المجتمعات‬
‫في مختلف األنماط واألساليب التربوية‪ ،‬مما يكشف عن أثر المناخ الثقافي في‬
‫‪.‬تنمية سلوك الجماعاتـ‬

‫األنثروبولوجيا‬
‫السيكولوجية‬
‫تبحث في تأثير العوامل السيكولوجية للعمليات الثقافية‪ ،‬وتأثير الممارسات الثقافية‬
‫‪.‬في العملياتـ السيكولوجية‪ ،‬مثل اإلدراك واالنفعال واالتجاهات الشخصية‬
‫وقد أدى االهتمام باألنماط الثقافية االهتمام بالبحث عن تأثير الثقافة على الشخص‬
‫السوي وغير السوي‪ .‬وال يزال األنثروبولوجيون مهتمين أكثر في ابراز عوامل‬
‫تنمية الشخصية بناء على اإلسهامات السيكولوجية في دراسات الثقافة والشخصية‬
‫داخل الثقافاتـ المتقاطعة‪ ،‬بسبب ما تسهم به العوامل البيولوجية وعالقات‬
‫‪.‬األنثروبولوجيا واألدوار االجتماعية ومختلف الصور الثقافية في تشكيل الشخصية‬

‫فروع وانقسامات أخرى‬


‫لألنثروبولوجيا‬
‫األنثروبولوجيا الطبية ‪‬‬
‫هدفها موجه نحو دراسة مجتمع الصحة العضوية والنفسية والروحية من منظور‬
‫قيمي يبحث في الجذور التاريخية المسببة لألمراض‪ ،‬كما تهتم بالكشف عن دور‬
‫المؤسسات الطبية واالستشفائية في توفير الحماية الصحية لإلنسان‪ ،‬وهي تركز‬
‫بصفة خاصة على األمراض والمشكالت الصحية ونظم الرعاية الصحية‬
‫والنظريات التي تتناول المرض في الثقافات المختلفة وفي الجماعات اإلثنية‪.‬‬
‫والمتخصصون في هذا النوع من الدراسات هم رواد األنثروبولوجيا البيولوجية‬
‫‪.‬واألنثروبولوجيا الثقافية‬
‫األنثروبولوجيا السياسية ‪‬‬
‫يتوجه اهتمامها إلى المؤسسات الدينية أو االقتصادية مثل التنظيمات البيروقراطية‬
‫ومؤسسات الدولة‪ ،‬لكونها تهتم بدراسة أشكال السلطة ونوعية المجتمعاتـ المتحكمة‬
‫فيها‪ ،‬كما تتعدى دراساتها لتشمل العائالت أيضا‪ .‬وإذا تتبعنا الدراسات التراكمية‬
‫لتاريخ الثقافات القديمة‪ ،‬فقد استفاد األنثروبولوجيون الوظيفيون من ذلك التراكم‬
‫المعلوماتي المسند إلى دراسات أفالطون وأرسطو والفارابي حول المدينة‬
‫الفاضلة‪،‬ـ وابن خلدون في قانون العصبية‪ ،‬ودارسات منتسكيو حول االستبداد‪،‬‬
‫وآخرون ممن أسهموا في بناء هذا التراث التراكمي التاريخي‪ ،‬حيث تأسست‬
‫أنثروبولوجيا تختص بتحليل ظاهرة الدولة ودراسة اإلنسان بوصفه كائنا سياسيا‬
‫‪.‬أوجد التنظيمات السياسية وبحث في القوانين والقواعد التي تحكمها‬
‫األنثروبولوجيا االقتصادية ‪‬‬
‫هي حقل معرفي أكاديمي يبحث بدرجة أساسية في أصول النشاط االقتصادي من‬
‫حيث هو نشاط أ سري بدأ مع بداية األسرة البدائية‪ ،‬أين يتم تجميع المعلومات حول‬
‫النشاط االقتصادي في كل النماذج الثقافية القيمية‪ ،‬أو بما يسمى بأنثروبولوجيا‬
‫المؤسسات االقتصادية‪ ،‬والتي تطورت مع بدايات العولمة إلى دراسة التنظيم‬
‫‪.‬العالمي لالقتصاد اإلنساني بالرصد والمشاهدة االثنوجرافية‬
‫األنثروبولوجيا القانونية والجنائية ‪‬‬
‫تتعدد اهتماماتها بين البحث ومحاولة إيجاد مقارباتـ تفسيرية بين القوانين الوضعية‬
‫واإللهية ونوعية العالقة التي تربط بينهما‪ .‬بمعنى تهتم بدراسة التطور التاريخي‬
‫للنظم القانونية ومستويات تطبيقاتها في المجتمع‪ ،‬وكل ما يتعلق بها في الجانبـ‬
‫‪.‬القانوني‬
‫األنثروبولوجيا التطبيقية وأنثروبولوجيا التنمية ‪‬‬
‫من أهم أحد المجاالتـ التطبيقية لألنثروبولوجيا‪ ،‬لذلك تدمج أنثروبولوجيا التنمية‬
‫ضمن األنثروبولوجيا التطبيقية‪ ،‬ألن كالهما يؤكد على أهمية التغير االجتماعي‪،‬‬
‫‪.‬وهو ما اختص به علماء األنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية‬
‫فكل من األنثروبولوجيا التطبيقية وأنثروبولوجيا التنمية‪ ،‬يعتبران مجاالن‬
‫معاصران في األنثروبولوجيا‪ ،‬فهما يركزان على موضوعات التغير الثقافي‬
‫واالجتماعي في البلدان النامية‪ ،‬وكيفية االنتقال من األوضاع التقليدية إلى‬
‫‪.‬األوضاع المتقدمة‪ ،‬وما ينجم عن ذلك من مشكالت تتعلق باألفراد والمؤسسات‬
‫األنثروبولوجيا الفنية ‪‬‬
‫يعتقد في األنثروبولوجيا أن الفن هو من مفاتيح فهم اإلنسان‪ ،‬فهذا الحقل المعرفي‬
‫متخصص داخل األنثروبولوجيا العامة‪ ،‬حيث يهتم بدراسة اإلنتاج الفني للشعوب‬
‫القديمة‪ ،‬مثل الفنون التشكيلية‪ ،‬الموسيقى‪ ،‬الرقص‪ ،‬كلها تعتبر جزءا من حياة‬
‫‪.‬اإلنسان البدائي‬
‫كما يعتقد أن لكل حضارة تراثا فنيا يتدرب عليه أبناؤها الذين توصلوا إلى اإلبداع‬
‫في كل الحضارات‪.‬ـ وبدرجة اإلبداع تغيرت الفنون من التعبيرات الواقعية إلى‬
‫الهندسة الرمزية والزخرفية فضال عن بعض التطورات الفنية األخرى‪ ،‬مثل‬
‫‪.‬التطور في صناعة النسيج والزخرفة‬
‫األنثروبولوجيا الدينية ‪‬‬
‫األنثروبولوجيا الدينية هي تلك الدراسة المعمقة للشعوب ومعتقداتها‪ ،‬ألنها تشكل‬
‫‪.‬محورا لحياته ومصدرا لقيمه ومعاييره في تعامله مع ذاته واآلخرين‬
‫األنثروبولوجيا المعرفية ‪‬‬
‫هدفها تحويل المعارف المكتسبة إلى مفاهيم ورموز مثبتة‪ ،‬لذلك فهي تهتم بالبحث‬
‫في الملكاتـ العقلية ضمن الواقع الذي تتمثل فيه‪ ،‬مثل دارسة الفكر وما يمثله من‬
‫‪.‬تمثيالت ترتبط بالواقع‬
‫األنثروبولوجيا المدنية ‪‬‬
‫تدرس األنماط المعيشية للريف والمدينة‪ ،‬وتبحث في القيم المدنية وعالقتها‬
‫‪.‬بالمجتمعاتـ‬
‫األنثروبولوجيا الحضرية ‪‬‬
‫تدرس وتحلل المجتمعات المحلية الحضرية من حيث ثقافتها وهجرتها من الريف‬
‫إلى المناطق ّ الحضارية‪ .‬فهذا الميدان ينظر إلى المدينة بوصفها مركزا حضاريا‪،‬‬
‫‪.‬نظرة كلية شمولية‪ ،‬ألنها تمثل وحدة متكاملة‬
‫األنثروبولوجيا البدوية ‪‬‬
‫تركز على دارسة ووصف وتحليل المجتمع البدوي من حيث تكوينه البنائي‬
‫وخصائصه التي تميز ه عن المجتمع الريفي أو الحضري‪،‬ـ كما تبحث في النظم‬
‫االجتماعية المكونة للمجتمع البدوي‪ ،‬ثقافته‪ ،‬خصائصه‪ ،‬عاداته‪ ،‬تقاليده ومصادر‬
‫‪.‬عيشه‬
‫الخاتمة‪:‬‬

‫المصـادر‪:‬‬
‫– أبو زيد‪ ،‬حامد (‪ )2001‬الطريق إلى المعرفة‪ ،‬كتاب العربي ‪ ،46‬مجلّـة العربي‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫– اسماعيل‪ ،‬قباري محمد (‪ )1973‬األنثروبولوجيا العامة‪ ،‬منشأة المعارف باالسكندرية ‪.‬‬
‫– بيلز‪ ،‬رالف ؛ هويجرا‪ ،‬هاري (‪ )1977‬مق ّدمة في األنثروبولوجيا العامة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬محمد الجوهري‬
‫وآخرون‪ ،‬دار النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫– حمدان‪ ،‬محمد زياد (‪ )1989‬الثقافات االجتماعية المعاصرة‪ ،‬دار التربية الحديثة‪،‬ـ ع ّمان ‪.‬‬
‫– رشوان‪ ،‬حسين عبد الحميدـ (‪ )1988‬األنثروبولوجيا في المجال النظري‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬
‫– زرقانة‪ ،‬ابراهيم (‪ )1958‬األنثروبولوجيا‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫– ستروس‪ ،‬كلود ليفي (‪ )1977‬األنثروبولوجيا البنيوية‪،‬ـ ترجمة ‪ :‬مصطفى صالح‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق‬
‫‪.‬‬
‫صة األنثروبولوجيا – فصول في تاريخ اإلنسان‪ ،‬عالم المعرفة (‪،)198‬‬ ‫– فهيم‪ ،‬حسين (‪ )1986‬ق ّ‬
‫الكويت ‪.‬‬
‫– كلوكهون‪ ،‬كاليد (‪ )1964‬اإلنسان في المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شاكر سليم‪ ،‬بغداد ‪.‬‬
‫– لبيب‪ ،‬الطاهر (‪ )1987‬سوسيولوجية الثقافة‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الالذقية ‪.‬‬
‫– لينتون‪ ،‬رالف (‪ )1967‬األنثروبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪ ،‬المكتبة‬
‫العصرية‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫– ناصر‪ ،‬ابراهيم (‪ )1985‬األنثروبولوجيا الثقافية – علم اإلنسان الثقافي ‪ ،-‬ع ّمان‪.‬‬

‫و في النهاية نستطيع القول بانه قد قام العلماء و الفالسفة في كل مكان و‬


‫زمان عبر التاريخ االنساني بوضع نظريات عن طبيعة المجتمعات‬
‫البشرية‪ ،‬و ما يدخل في نسيجها و أبنيتها من دين أو ساللة‪ ،‬و من ثم‬
‫تقسيم كل مجتمع إلى طبقات بحسب عاداتها و مصاحها‬
‫وقد أسهمت الرحالت التجارية و االكتشافية و أيضا الحروب‪ ،‬بدور هام‬
‫في حدوث االتصاالت المختلفة بين الشعوب و المجتمعات البشرية‪ ،‬حيث‬
‫قربت فيما بينها و أتاحت معرفة كل منها االخر‪ ،‬و ال سيما ما يتعلق‬
‫باللغة و التقاليد و القيم و لذلك‪ 6‬فمن الصعوبة بمكان تحديد تاريخ معين‬
‫لبداية االنثروبولوجيا‪6‬‬

‫‪:‬المصـادر‬
‫أبو زيد‪ ،‬حامد (‪ )2001‬الطريق إلى المعرفة‪ ،‬كتاب العربي ‪ ،46‬مجلّـة العربي‪– ،‬‬
‫الكويت ‪.‬‬
‫اسماعيل‪ ،‬قباري محمد (‪ )1973‬األنثروبولوجيا العامة‪ ،‬منشأة المعارف –‬
‫باالسكندرية ‪.‬‬
‫بيلز‪ ،‬رالف ؛ هويجرا‪ ،‬هاري (‪ )1977‬مق ّدمة في األنثروبولوجيا العامة‪ ،‬ترجمة –‬
‫‪ :‬محمد الجوهري وآخرون‪ ،‬دار النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫حمدان‪ ،‬محمد زياد (‪ )1989‬الثقافات االجتماعية المعاصرة‪ ،‬دار التربية –‬
‫الحديثة‪ ،‬ع ّمان ‪.‬‬
‫رشوان‪ ،‬حسين عبد الحميد (‪ )1988‬األنثروبولوجيا في المجال النظري‪– ،‬‬
‫االسكندرية ‪.‬‬
‫زرقانة‪ ،‬ابراهيم (‪ )1958‬األنثروبولوجيا‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة ‪– .‬‬
‫ستروس‪ ،‬كلود ليفي (‪ )1977‬األنثروبولوجيا البنيوية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬مصطفى –‬
‫صالح‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫صة األنثروبولوجيا – فصول في تاريخ اإلنسان‪ ،‬عالم –‬ ‫فهيم‪ ،‬حسين (‪ )1986‬ق ّ‬
‫المعرفة (‪ ،)198‬الكويت ‪.‬‬
‫كلوكهون‪ ،‬كاليد (‪ )1964‬اإلنسان في المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شاكر سليم‪ ،‬بغداد ‪– .‬‬
‫لبيب‪ ،‬الطاهر (‪ )1987‬سوسيولوجية الثقافة‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الالذقية ‪– .‬‬
‫لينتون‪ ،‬رالف (‪ )1967‬األنثروبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪،‬ـ ترجمة ‪ :‬عبد –‬
‫الملك الناشف‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫ناصر‪ ،‬ابراهيم (‪ )1985‬األنثروبولوجيا الثقافية – علم اإلنسان الثقافي ‪ ،-‬ع ّمان‪– .‬‬
‫هرسكوفيتز‪ ،‬ميلفيل‪ .‬ج (‪ )1974‬أسس األنثروبولوجيا الثقافية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬رباح –‬
‫النفاخ‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫وصفي‪ ،‬عاطف (‪ )1971‬األنثروبولوجيا الثقافية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪– .‬‬

You might also like