You are on page 1of 31

‫مقدمة‪:‬‬

‫في ظل التحوالت و التغيرات الجدي دة ال تي تحي ط بالمؤسس ات‪ ,‬كالعولم ة‪ ,‬و حري ة حرك ة‬
‫رؤوس األموال‪ ,‬و األيدي العاملة‪ ,‬و المعلومات (ثورة المعلومات)‪ ,‬ظه ور التكتالت‪ ...‬وجب على‬
‫ه ذه المؤسس ات الت أقلم و التكي ف م ع ه ذه المتغ يرات لكي يس مح له ا بالنج اح و اإلس تمرار‪,‬‬
‫فالمؤسسات الناجحة هي التي أدركت أن اإلهتمام بالمورد البشري هم مفتاح لنجاحها‪ ,‬و على سبيل‬
‫المثال ال الحصر‪ ,‬المؤسس ات الياباني ة و األلماني ة‪ ,‬حيث ارتب ط نجاحه ا باعتماده ا على التش كيلة‬
‫الثقافية و اإلجتماعية‪ ,‬هذا م ا س مح بتط ابق أه داف الف رد م ع أه داف المؤسس ة‪ ,‬حيث أولت ه ذه‬
‫المؤسسات أهمية قصوى للقيم التنظيمية التي تساعد على النجاح كقيم االنضباط‪ ,‬الصرامة‪ ,‬الجدية‪,‬‬
‫و المنافسة‪ ,‬التقدير للكفاءة و المبدعين باإلضافة إلى تشجيع االقتراحات‪ ,‬ك ل ه ذه العناص ر ت دخل‬
‫ضمن الثقافة التنظيمية للمؤسسة‪.‬‬
‫على ضوء ما سبق تأتي إشكاليتنا كالتالي‪:‬‬
‫"ما مدى أهمية ثقافة المؤسسة و أدائها في تطور المؤسسة و نجاحها" ؟؟‬
‫و عليه‪ ,‬تتفرع اإلشكالية إلى تساؤالت و هي‪:‬‬
‫‪ ‬كيف تطور مفهوم الثقافة التنظيمية ؟‬
‫‪ ‬ماذا نقصد بالثقافة التنظيمية ؟‬
‫‪ ‬ما هي أنواعها ؟‬
‫‪ ‬ما مدى ارتباط الثقافة التنظيمية ألداء المؤسسة ؟‬
‫؟‬ ‫‪ ‬ما هو واقع الثقافة التنظيمية في المؤسسة‬
‫يهدف بحثنا هذا إلى الوقوف على مفهوم الثقافة التنظيمية و أداء المؤسسة‪ ,‬كما ي رمي إلى التع رف‬
‫‪.‬‬ ‫على ثقافة المؤسسة‬
‫تبرز أهمية الموضوع من خالل ما يساهم في إضافة معلومات و نتائج تتعلق بالثقاف ة التنظيمي ة و‬
‫يفتح لنا مجال لبحث خاصة و أن الموضوع مهم بالنسبة للمؤسسات اإلقتصادية‪.‬‬
‫‪ I-‬نشأة و تطور الثقافة‪:‬‬
‫نشأت الثقافة البشرية م ع ظه ور اإلنس ان على األرض‪ ,‬و تط ورت من عص ر إلى عص ر‬
‫على م ّر التاريخ‪ .‬فمن مخلفات اإلنسان نجد الحفريات‪ ,‬هذه األخيرة تكشف لنا تطور ثقاف ة اإلنس ان‬
‫على األرض‪ ,‬و يسميها العلماء "حفريات العقل"‪.‬‬
‫كم ا تق دمت ثقافت ه يبطئ خالل تل ك العص ور‪ ,‬و بقيت األجي ال عش رات اآلالف من الس نين دون‬
‫تطور أو تحسن يذكر سوى بعض التقدم في شطف األحجار و تهذيبا في ش كلها لف ترة ت تراوح بين‬
‫‪ 40.000-60.000‬سنة حتى ظهور األجيال األولى من اإلنسان الحديث (الرج ل العق ل)‪ ,‬ال ذي تم‬
‫الكشف عنه في حفريات فلسطين و العراق في صورة الهيكل العظمي‪.‬‬
‫و تأتي فترة ظهور اإلنسان ( ‪ 10.000‬سنة قبل الميالد) حيث ظهر الفن الهندسي الخام و األحج ار‬
‫الصغيرة المدببة‪ , ...‬و في سنة ‪ 5000‬قبل الميالد تم الظه ور تم ظه ور اإلنس ان الح ديث بص ورة‬
‫تمثلت في الحضارة المذهلة للفراعنة بعولمة الهندسيين و المقابر الضخمة‪.‬‬
‫و في سنة ‪ 1900‬قبل الميالد‪ ,‬دخلت الثقافة اإلنسانية العص ر ال برونزي و خل ط س بائك المع ادن و‬
‫صنع السيوف و الدروع‪ ,‬و خوذات حماية الرأس المعدنية و استئناس الخيل‪ .‬و في عام ‪ 1000‬سنة‬
‫قبل الميالد بدأ إنسان أوروبا يدخل العصر الحديدي و صناعات األس لحة و النق ود المعدني ة‪ ,‬و من‬
‫هنا اكتشف اإلنسان استخدام منابع جدي دة للط اقم ك الفحم‪ ,‬و الغ از ثم اآلل ة البخاري ة ثم الب ترول و‬
‫آالت االحتراق الداخلي التي دخلت اإلنسان إلى العصر الحديث‪.‬‬
‫هذا العصر الصناعي الذي يمتاز بظهور عدة مؤسسات اقتصادية تتواج د في محي ط تت أثر و ت ؤثر‬
‫فيه‪ ,‬حيث ظهرت عدة نظريات اهتمت بالثقافة التنظيمية في المؤسسة اإلقتصادية‪ ,‬من بينها نظري ة‬
‫(‪ ,)Z‬إذ تنط وي الثقاف ة عليه ا ه ذه النظري ة على مجموع ة متم يزة من القيم‪ ,‬ك التوظيف الطوي ل‬
‫المدى‪ ,‬و الثقة المتبادلة‪ ,‬و العالقات اإلنسانية الوثيقة‪ ,‬و من أهم األم ور ال تي تق وم عليه ا أو ت دعو‬
‫عليها نظرية (‪ ,)Z‬هي إعادة توجيه اإلهتمام إلى العالقات اإلنسانية في عالم المؤسسات في مختلف‬
‫المستويات التنظيمية‪.‬‬
‫كما أظهرت الدراسات في الثقافة التنظيمية لنظرية (‪ )Z‬أن األفراد الذين يعيشون في بيئة متكاملة‬
‫تقدم لهم الدعم النفسي‪ ,‬يكونون أكثر نجاحا في اإلحتفاظ بالعالقات اإلجتماعية الطبية خارج نط اق‬
‫العمل‪ ,‬و من األسس السليمة لثقافة التنظيم أن تتم عملية اتخ اذ الق رارات باإلجم اع و المش اركة‪ ,‬و‬
‫تعتبر عملية المشاركة من أهم الوسائل التي تمكن من انتشار المعلوم ات على نط اق واس ع و على‬
‫تكريس القيم و أخالقيات التنظيم‪.‬‬

‫تعريف الثقافة التنظيمية‪:‬‬


‫يعرفها ‪ Edgar Morin‬على أنها ‪ ":‬ذلك النظام الذي ينقل التجربة الموجودة لدى األفراد‬
‫و المعرفة الجماعية المركبة التي تتمث ل في اإلتجاه ات (المعتق دات)‪ ,‬القيم و المع ايير الس ائدة بين‬
‫الجماعات‪ ,‬األساطير و تاريخ المنظمات و الطقوس الجماعية"‪.‬‬

‫الثقافة الوطنية و الثقافة اجلهوية‬ ‫ضمان الرتابط و متابعة اجلماعة‬


‫شخصية املؤسسني‬
‫الثقافة املهنية لإلجراء‬ ‫حتسني االتصال بني األفراد‬
‫ثقافة املؤسسة‬
‫األحداث اليت عاشتها املؤسسة‬ ‫الذين لديهم رؤية خمتلفة‪.‬‬
‫و اليت سجلت تارخيها‬
‫"املصادر"‬ ‫"هناية اهلدف"‬

‫‪.‬‬

‫أما "شين ‪ "Shein‬فيعرفها في كتابه "الثقافة التنظيمية و القيادة" بأنها‪" :‬مجموع المبادئ األساس ية‬
‫التي اخترعتها أو اكتشفتها أو طورتها‪ ,‬أثناء حل مشكالتها للتكيف الخارجي و اإلندماج الداخلي‪ ,‬و‬
‫التي أثبتت فعاليتها و من ثم تعليمها لألعضاء الجدد كأحسن طريقة للشعور بالمش كالت و إدراكه ا‬
‫و فهمها"‪.‬‬
‫حيث يقصد بالمبادئ األساسية‪:‬‬
‫‪ -‬احترام المحيط الطبيعي أو التفتح على العالم الخارجي‪.‬‬

‫‪ -‬القيم التي تساعد على التكيف الداخلي نجد مبدأ االستماع للغير و احترام القواعد‪.‬‬

‫أما ‪ Hélene Denis‬يعرفها في كتابه "استراتيجيات المؤسسة و عدم التأكد م ع المحي ط" أنه ا ‪":‬‬
‫تلك المجموعة التي تربط كل من طريقة التفكير‪ ,‬الشعور‪ ,‬الحركة بطريقة مقننة (متعارف عليه ا)‪,‬‬
‫حيث تتقاسم و توزع بواسطة أغلبية األفراد‪ ,‬و أن هذه الطرق ت ركب ه ؤالء األف راد في مجموع ة‬
‫متعاونة خاصة و متميزة"‪.‬‬
‫ه ذا التعري ف واس ع ج دا‪ ,‬حيث أن الثقاف ة التنظيمي ة هي ال تي ترب ط ب بين األف راد فيم ا يخص‬
‫تصرفاتهم و إحساسهم و ذكائهم‪ ,‬هذا اإلرتباط ال ذي تبني ه الثقاف ة ه و في نفس ال وقت موض وعي‪,‬‬
‫بمعنى يمكن للثقافة أن تدرس‪ ,‬ترص د من ط رف مالح ظ خ ارجي من المحي ط‪ ,‬و في نفس ال وقت‬
‫رمزي أي بالمستوى الذي يأخذ و يوزع بين أفراد الجماعة‪ ,‬إذن هناك اشتراكية داخل المؤسسة‪.‬‬
‫هذه تترجم بواسطة ميكانيزمات االستقبال (رسمي أو غير رسمي)‪ ,‬و بواسطة الحركات الملموسة‪,‬‬
‫مثال الترقيات التي تعوض التصرفات المجهودة‪.‬‬
‫و حسب ‪ ,Jeun Langatte, Jaques Muller‬في كتابهم ا "اقتص اد المؤسس ة"‪ ,‬عرف ا ثقاف ة‬
‫التنظيمية على أنها‪":‬تتكون من مجموع مفاهيم المديرين‪ ,‬اتجاهاتهم (المعتق دات)‪ ,‬القيم اإلجتماعي ة‬
‫الموجودة لدى أفراد المؤسسة"‪.‬‬
‫و يمكن لكل ثقافة مؤسسة أن تتفصل على المحور األفقي كالتالي‪:‬‬

‫الثقافة الوطنية‪ -‬ثقافة اجملتمع‬ ‫تاريخ املنشأة‬ ‫الثقافات املهنية‬ ‫الثقافات الفردية‬

‫ثـقافـة الـمؤسسـة‬

‫‪ ‬الثقافة الوطنية‪ :‬بما فيها الثقافة الجهوية‪ ,‬لكل بلد ثقاف ة خاص ة ب ه‪ ,‬و التق ارب الموج ود بين‬
‫الدول هو جد مهم‪.‬‬
‫‪ ‬تاريخ المؤسس ة‪ :‬لك ل مؤسس ة تجرب ة ثقافي ة خاص ة به ا‪ ,‬ت اريخ المؤسس ة يجع ل إظه ار‬
‫للواجهة األحداث الكبيرة من أجل تحفيز العمال في الحاضر‪.‬‬
‫‪ ‬الثقافات المهنية‪ :‬لكل مهنة تركب على أساس القيم الموجودة حولها‪.‬‬
‫‪ ‬الثقافات الفردية‪ :‬كل فرد هو وحيد‪.‬‬
‫من هذه التعاريف يمكن لنا أن نعرف الثقافة التنظيمية على أنها‪ :‬مجموع سلوك األف راد‪ ,‬الم ديرين‪,‬‬
‫اتجاهاتهم‪ ,‬قيمهم‪ ,‬طريقة عملهم‪ ,‬تاريخ المنظمات و الطقوس الجماعية‪.‬‬
‫عرفها" ‪ " Taylor‬بأنها‪ ":‬ذلك الكل المعقد الذي يشمل المعرفة والعقيدة والفن واألخالق والقانون‬
‫‪1‬‬
‫والعادة وأية قدرات يكتسبها اإلنسان كعضو في المجتمع"‪.‬‬
‫كما عرفها " ‪ " lintoN‬بأنها‪ ":‬مجموعة السلوك ال‪88‬تي تتعلمه‪88‬ا الكائن‪88‬ات اإلنس‪88‬انية في أي مجتم‪88‬ع‬
‫‪2‬‬
‫من الكبار الذين تنتقل منهم إلى الصغار"‪.‬‬
‫كما عرفت الثقافة التنظيمية على أنها‪ " :‬مجموعة من العمليات التي تجمع أعض‪88‬اء المنظم‪88‬ة بن‪88‬اءا‬
‫على الشكل المش‪88‬ترك من القيم األساس‪88‬ية والمعتق‪88‬دات في المنظم‪8‬ة‪ ،‬ت‪88‬تيح ثقاف‪88‬ة المنظم‪88‬ة للمنظم‪8‬ة‬
‫معالجة مشاكل التكيف مع البيئة الخارجية والتكامل الداخلي لموارد المنظمة وتعمل ثقافة المنظم‪88‬ة‬
‫كأس‪88‬اس لنظ‪88‬ام إدارة المنظم‪88‬ة‪ ،‬وال‪88‬ذي يش‪88‬مل على ممارس‪88‬ات إداري‪88‬ة وس‪88‬لوكيات تع‪88‬زز المب‪88‬ادئ‬
‫األساسية التي يمتلكها أعضاء المنظمة"‬
‫وعرفها أحد الباحثين بأنه‪8‬ا‪" :‬االفتراض‪8‬ات الش‪8‬ائعة والمعتق‪8‬دات األساس‪8‬ية ال‪8‬تي يتم تطويره‪8‬ا عن‬
‫طريق المنظمة بمرور الوقت‪ ،‬وهي واحدة من المكونات األساسية للمنظمة‪".‬‬

‫التمييز بين الثقافة التنظيمية و الحضارة و مشروع المؤسسة‪:‬‬

‫مشروع المؤسسة‪:‬‬
‫يمثل تلك الوثيقة المرجعية التي يتقاسمها أغلبية األفراد ال ذين يعمل ون في المؤسس ة‪ ,‬يوج د‬
‫في تلك الوثيقة نص يتم إنشاؤه و تحريره و يوزع على األفراد ال ذين ينتم ون إلى المؤسس ة‪ ,‬و هي‬
‫تلزمهم على المدى الطويل و توحدهم و تشكل عادة بانسجام مع الثقافة التي تس تمد منه ا‪ ,‬إذن ذل ك‬
‫النص يحتوي على ثقافة المؤسسة‪ ,‬ويحتوي المشروع على ناهية المؤسس ة و م ا ه و لم راد منه ا‪,‬‬
‫‪3‬‬
‫إذن الثقافة هي جـزء أو تكون ضمن مشروع المؤسسة‪.‬‬
‫الحضارة‪:‬‬
‫تعني المدينة‪ ,‬مأخوذة من الالتينية (مدني‪ -‬حكومي)‪ ,‬أي أنها جملة إنجازات المجتمع المادية‬
‫و الروحية‪ ,‬و يقارن مفهوم الحضارة عادة بمفهوم الثقافة‪ ,‬و غالبا ما يع ني الفالس فة ال برجوازيون‬
‫بالحضارة إنجازات المجتمع المادية و التقنية‪ ,‬و يقصرون الثقافة على القيمة الروحية‪.‬‬

‫‪ 1‬حممدـ قاسم القريويت‪ ،‬السلوك التنظيمي‪ ،‬ط ‪ ،5‬دار وائل‪ ،‬األردن‪ ،2009 ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪ 2‬نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.173‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jean Langatte, Jaques Muller, opcit, P 98.‬‬
‫و الحضارة هي جمل ة الخ برات المادي ة‪ ,‬و ي ذهب "ش ينغلر" إلى أن الحض ارة مرحل ة من تط ور‬
‫‪4‬‬
‫المجتمع تحل عندما يعتري الجمود الثقافة كلها و تسير في دروب االنحطاط و الهالك‪.‬‬

‫مركبات الثقافة التنظيمية‪:‬‬


‫تتركب الثقافة التنظيمية من المركبات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلتجاهات (المعتقدات)‪ ,‬القيم و المعايير السائدة بين الجماعات‪.‬‬
‫‪ -2‬األساطير و تاريخ المنظمات (‪.)Muthe‬‬
‫‪ -3‬الطقوس الجماعية (‪. )rites‬‬
‫‪ -4‬الشفافية‬
‫‪ -5‬التصرفات‪.‬‬
‫‪ -6‬المحرمات‪.‬‬
‫‪ -7‬اللغة‪.‬‬
‫‪ -8‬الرموز‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلتجاهات‪:‬‬
‫و يقصد باالتجاهات‪:‬‬
‫‪ ‬ميل و استعداد ذهني و عصبي نحو األشياء من حوله‪.‬‬
‫‪ ‬ميل ذهني للتصرف بطريقة معينة؛‬
‫‪ ‬تمهيد ذهني للفرد يسبق تصرفه نحو شيء معين إيجابا أو سلبا‪.‬‬
‫‪ ‬ميول مسبقة تشكل رد الفعل الذي يتخذه الفرد نحو موقف أو فرد أو حدث معين‪.‬‬
‫‪ ‬تهيأ فكري و شعوري سبق سلوك الفرد نحو شيء معين‪.‬‬
‫إذن اإلتجاه ات تع بر عن حال ة فك رة أو مجموع ة من اآلراء في ذهن الف رد نح و األش ياء من‬
‫حوله‪ ,‬فإذا أحب الفرد وظيفته و كانت فكرته عنها إيجابية و يكون لديه اتجاه مساند للوظيفة‪ ,‬األم ر‬
‫الذي يجعله يرى الجوانب الحسنة فيها و يتغاضى عن صعوباتها و يدافع عنها إذ انتقدها أحد‪ ,‬و من‬
‫ثم فهو يقبل على أدائها بشغف ة يحرص على القي ام بأعبائه ا حس ب مس تويات اإلدارة المق ررة‪ ,‬و‬

‫‪ 4‬علي حممدـ أمحد‪ ,‬املوضوع‪" :‬خطر عوملة الثقافات و االستبداد بالعلم على الثقافة العربية"‪ ,‬الصراط‪ ,‬جملة كليةـ العلوم اإلسالمية للبحوث و الدراسات‬
‫املقارنة‪ ,‬مارس ‪ ,2002‬ص ‪.56‬‬
‫ربما أبدع فيها‪ ,‬و العكس صحيح‪.‬و من هنا يأتي السؤال كالتالي‪ :‬كيف تتكون االتجاهات لدى الف رد‬
‫و ما هي العوامل المؤثرة فيها ؟‬
‫إن االتجاه ات مكتس بة‪ ,‬و تتك ون ل دى الف رد على مراح ل مختلف ة من حيات ه‪ ,‬و يمكن أن تنقس م‬
‫العوامل التي تؤثر في االتجاهات إلى عوامل تربوية‪ ,‬تعليمية‪ ,‬اجتماعية‪ ,‬عوامل موقفي ة‪ ,‬جماع ات‬
‫العمل‪.‬‬
‫إذن االتجاهات شيء ملموس ال نستطيع التعرف عليه إالّ من خالل انعكاسه على س لوك األف راد و‬
‫عالق اتهم في العم ل و نح و ال زمالء و الرؤس اء و المرؤوس ين‪ ,‬و لكن من المهم في كث ير من‬
‫المواقف و بالنسبة لكثير من لقض ايا أن تتع رف اإلدارة على اتجاه ات الع املين‪ ,‬مثال عن د إدخ ال‬
‫آالت جديدة دون أن تنتظر حتى دخول آالت فعالً‪ ,‬و ترى ردود أفع الهم أو تص رفاتهم اتجاهه ا‪ ,‬أو‬
‫قد تريد التعرف على شعور العاملين نحو سياسة أو أسلوب من األساليب التي تتبعها‪.‬‬

‫من أهم السبل إلى ذلك‪:‬‬


‫إعطاء المعلومات و الحقائق الصحيحة عن المواقف أو الحدث الذي يواجهه األفراد‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫الربط بين تغيير االتجاهات في المس ار الس لم المرغ وب‪ ,‬و بين الح وافز ال تي يمكن أن‬ ‫‪-2‬‬

‫تعود على األفراد نتيجة ذلك‪.‬‬


‫إن لجماعة العمل أثر كبيراً على اتجاهات أعضائها‪ ,‬فإن الجماع ة من خالل المناقش ات‬ ‫‪-3‬‬

‫و اللقاءات تعتبر وسيلة فعّالة لتعديل اتجاهات األفراد‪.‬‬


‫إعطاء الفرصة لتجربة الشيء (مثال آلة جديدة)‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫إب راز الحاج ة للتغي ير و مخاطب ة الن اس على ق درة عق ولهم م ع اس تخدام مص ادر‬ ‫‪-5‬‬

‫المعلومات الموثوق بها‪.‬‬


‫‪ -2‬القيم‪:‬‬
‫عبارة عن شيء يحرص الفرد على اكتسابه و الحفاظ علي ه‪ ,‬و يعت بره أح د أس باب س عادته‬
‫الحياتي ة‪ ,‬كم ا ينظ ر للقيم على أنه ا تجم ع لن واحي الك ره و الحب‪ ,‬ع دم التفض يل و التفض يل‪ ,‬و‬
‫وجهات النظر و التحيزات‪ ,‬و النزعات الداخلية و الحكم الرش يد و الغ ير رش يد ال تي ترس م للف رد‬
‫صورة العالم من حوله‪.‬‬
‫كيف تتكـون القيـم ؟؟ تكتسب القيم من المجتمع الذي نعيش فيه‪ ,‬ذلـك من خالل‪ :‬التعليم‪ ,‬المالحظ ة‪,‬‬
‫اإلقتداء‪ ,‬االتجاهات‪ ,‬الخبرات العلمية‪ .‬كما أن هناك تصنيف يشتمل على القيم التالية‪:‬‬

‫‪ ‬القـيم النـظرية‪ :‬يعطي الف رد األهمي ة الكب يرة في ه ذه القيم للبحث عن الحقيق ة‪ ,‬فه و يهتم‬
‫بكشف القوانين التي تحكم الظ واهر و األش ياء‪ ,‬و يع زل حطم ه الشخص ي عن المعلوم ات‬
‫الموضوعية (ال ينظر إلى القيمة العلمية)‪.‬‬
‫‪ ‬القيـم اإلقتصاديـة‪ :‬و تتمثل في اهتمام الفرد بكل ما هو نافع محقق ا للكس ب الم ادي و النظ ر‬
‫إلى العالم باعتباره مصدراً لزيادة الثروة و تنميتها‪.‬‬
‫‪ ‬القيـم الجماليـة‪ :‬ينظر الفرد تبعا لهذه القيم إلى الجوانب الفنية للحياة‪ ,‬فهو يرى قيمة الشكل و‬
‫البعد و الحجم و االنسجام الشكلي و اللوني‪.‬‬
‫‪ ‬القيـم اإلجتماعيـة‪ :‬و تتمثل في اهتم ام الف رد ب اآلخرين‪ ,‬و تق ديم الع ون و المس اعدة لهم‪ ,‬و‬
‫النظر إليهم باعتبارهم غايات و السعي لخدمتهم‪.‬‬
‫‪ ‬القيـم السياسيـة‪ :‬و تتمثل في اهتمام الفرد بالسيطرة على اآلخرين‪ ,‬و قي ادتهم و التحكم فيهم‪,‬‬
‫و ينجح الفرد الذي يعطي القيم السياسية وزنا كب يرا في المناص ب ال تي يتمت ع فيه ا ب النفوذ‬
‫على اآلخرين‪.‬‬
‫‪ ‬القيـم الدينيـة‪ :‬و تتمثل في اهتمام الفرد بعالقة اإلنسان بربه‪ ,‬و السعي إلتباع التعاليم الدينية‪,‬‬
‫و تأمل غايات خلقه‪.‬‬
‫تعت بر القيم النظري ة‪ ,‬القيم الديني ة‪ ,‬القيم الجمالي ة‪ ,‬قيم تقليدي ة موروث ة‪ ,‬بينم ا القيم السياس ية‪ ,‬القيم‬
‫اإلقتصادية‪ ,‬و القيم اإلجتماعية قيم معاصرة تظهر باستمرار نتيجة التفاعل و التجدي د الحض اريين‪,‬‬
‫كما أنها معاصرة لواقع الفرد و إشغاالته (هذا ما يفسر وجود صراعات بين األجيال)‪.‬‬
‫و هن اك م ا يس مى ب القيم المحلي ة و القيم المس توردة‪ ,‬ف القيم المحلي ة هي نتيج ة تفاع ل العناص ر‬
‫الداخلي ة و ال تي ظه رت و تط ورت محلي ا‪ ,‬تماش يا م ع واق ع المجتم ع و مش اكله و اهتمامات ه و‬
‫طموحاته؛ أما القيم المستوردة فهي تلك التي تظهر و تتطور في أوساط حضارية أجنبية‪ ,‬شرقية‪ ,‬أم‬
‫غربية بقيمها و إنشغاالتها و أهدافها‪ ,‬ثم نقلت إلى مجتمعنا رغم اختالف الحض ارتين و المجتمعين‪,‬‬
‫و تتمثل هذه القيم في طرق اإلدارة و التنظيم و التسيير المستوردة مع التكنولوجيا‪.‬‬
‫و من هنا فإن اإلختالف و الصراع بين الحضارات ينق ل إلى داخ ل التنظيم ات نتيج ة االختالف و‬
‫التناقض بين القيم‪ ,‬فعندما تتناقض التوقعات أو المتطلبات التي يمليها المدير أو الرئيس المباش ر أو‬
‫إدارة المنظمة‪ ,‬مع القيم األساسية التي يعتنقها الفرد و سيعاني هذا األخير في هذه الحالة ص راعا و‬
‫نزاعا يسمى "نزاع الدور"‪ ,‬فهو من ناحية يريد أن يطيع أوامر رئيس ه‪ ,‬و لكن ه من جه ة أخ رى ال‬
‫يريد أن يسلك سلوكا ال يتسق مع قيمه‪.‬‬
‫و أيضاً‪ ,‬قد يحدث نفس الش يء بين الجماع ات أو المنظم ات أو اإلدارات أو األقس ام المختلف ة‪ ,‬في‬
‫قس م اإلنت اج و الج ودة و الس رعة و التنس يق‪... ,‬إلخ‪ .‬فق د يح دث ن زاع بين م دير اإلنت اج و م دير‬
‫المبيعات‪ ,‬فبينما يركز األخير على قيمة الربح و المنافسة و اإلنتشار الجغرافي و زيادة المبيعات و‬
‫تنويع المنتج‪ ,‬يركز األول على عنصر الكفاءة و ضغط التكاليف و تنميط المنتج‪.‬‬

‫‪ -3‬األساطير و تاريح المنظمات‪:‬‬


‫و كمثال على ذلك نذكر أهم و أك بر األح داث ال تي نجحت فيه ا المؤسس ة‪ ,‬مثال "كن ا نحن‬
‫األوائل" نجاحات الماضي‪ ,‬الجوائز التي تحص لت عليه ا المؤسس ات‪ ,‬و ه ذا س يحفز األف راد على‬
‫العمل و زيادة اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ -4‬اللغة‪:‬‬
‫و هي ج زء من دمج داخ ل عالمن ا الم ركب‪ ,‬طريق ة المخاطب ة‪ ,‬التع ريض على التص رفات‬
‫المختلفة‪ ,‬استعمال بعض المفردات‪ ,‬استعمال أو كيفية استعمال األسماء‪ ,‬الممارسات‪.‬‬

‫‪-5‬الرموز‪:‬‬
‫الصنف‪ ,‬ملحقات األلبسة‪ ,‬الجوائز‪ ,‬المكافآت‪...‬‬
‫‪ -6‬الحرم ‪:Tabous‬‬
‫أسرار الشخص‪ ,‬مثال هفوات المدير في الماضي‪ ,‬أسرار المهنة‪.‬‬
‫أهمية الثقافة التنظيمية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫لقد أص‪88‬بحت الثقاف‪8‬ة التنظيمي‪8‬ة جانب‪8‬ا مقب‪8‬وال وذا أولوي‪8‬ة في كث‪8‬ير من المنظم‪8‬ات ول‪88‬دى كث‪8‬ير من‬
‫المديرين‪ ،‬فالكثير من المديرين يعتبرون الثقافة كأصل هام‪ .‬ويمكن تلخيص أهمية الثقافة التنظيمية‬
‫‪1‬‬
‫في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ ‬الثقافة التنظيمية بمثابة دليل لإلدارة والموارد البشرية‪ ،‬تشكل لهم نماذج السلوك والعالقات‬
‫التي يجب إتباعها واالسترشاد بها فهي إطار فكري يوجه أعضاء المنظم‪88‬ة الواح‪88‬دة وينظم‬
‫أعمالهم‪ ،‬وعالقاتهم؛‬
‫‪ ‬تعبر الثقافة التنظيمية عن المالمح المميزة للمنظمة عن غيرها من المنظم‪8‬ات‪ ،‬وهي ك‪8‬ذلك‬
‫مصدر فخر واعتزاز للموظفين به‪88‬ا‪ ،‬وخاص‪88‬ة إذا ك‪88‬انت تؤك‪88‬د قيم‪88‬ا معين‪88‬ة مث‪88‬ل االبتك‪88‬ار‪،‬‬
‫والتميز‪ ،‬والريادة‪ ،‬والتغلب على المنافسين؛‬
‫‪ ‬الثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة القوي‪88‬ة تعت‪88‬بر عنص‪88‬را فع‪88‬اال ومؤي‪88‬دا لإلدارة ومس‪88‬اعدا له‪88‬ا على تحقي‪88‬ق‬
‫أهدافها وطموحاتها‪ .‬كما تس‪88‬هل مهم‪88‬ة اإلدارة‪ ،‬وق‪88‬ادة الف‪88‬رق‪ ،‬فال يلجئ‪88‬ون إلى اإلج‪88‬راءات‬
‫الرسمية أو الصارمة لتأكيد السلوك المطلوب؛‬
‫‪ ‬تعتبر الثقافة التنظيمية القوية ميزة تنافسية للمنظمة إذا كانت تؤك‪88‬د على س‪88‬لوكيات أخالقي‪88‬ة‬
‫كالتفاني في العمل‪ ،‬وخدمة العميل؛‬
‫‪ ‬تعتبر الثقافة التنظيمية عامال هاما في جذب الموارد البش‪88‬رية المالئم‪88‬ة فالمنظم‪88‬ات الرائ‪88‬دة‬
‫تجدب الموظفين الطموحين‪ ،‬والمنظمات‬
‫التي تبني قيم االبتكار التفوق تستهوي الموظفين المبدعين‪ ،‬والمنظمات التي تك‪88‬افئ التم‪88‬يز‬
‫والتطوير ينضم إليها الموظفون المجتهدون؛‬
‫‪ ‬تعتبر الثقافة التنظيمية عنصرا هاما يؤثر على قابلية المنظمة للتغيير وقدرتها على مواكب‪88‬ة‬
‫التطورات الجارية من حولها؛‬

‫‪ 1‬حممدـ بن علي بن حسن الليثي‪ " ،‬الثقافة التنظيمية لمدير المدرسة ودورها في اإلبداع اإلداري"‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬السعودية‪،2008 ،‬‬
‫ص ص‪،19- 16 :‬غري منشورة‪.‬‬
‫‪ ‬الثقافة التنظيمية كأي عنصر آخر من عناصر المنظمة تحتاج إلى مجهودات واعية تغ‪88‬ذيها‬
‫وتقويها‪ ،‬وتضمن لها االستقرار النسبي ورسوخها في أذهان الموظفين وإتباعهم لتعليماته‪88‬ا‬
‫والذي ينعكس جليا على سلوكهم وعالقاتهم‪.‬‬

‫أنواع الثقافات‪:‬‬
‫إن معظم المراجع حول ثقافة المؤسسة تفترض وجود عالقة مباشرة بين ثقاف ة المؤسس ة‪ ,‬و‬
‫نجاح المؤسسة‪ ,‬و الذي يتجسد من خالل أدائها المرتفع‪ .‬كما نميز عدة أنواع من الثقاف ات‪ ,‬منه ا م ا‬
‫يضمن النجاح المستمر‪ ,‬و منها من ال يحقق ذلك‪ ,‬و هذه األنواع تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -1‬الثقافات القوية‪:‬‬
‫فالمؤسسة ذات الثقافة القوية تكتسب شهرة تستمد من خصوص ية معين ة‪ ,‬و هي نت اج قيمه ا‬
‫التي تتميز بالثبات‪ ,‬فتنش ئ ه ذه المؤسس ات قيمه ا و فلس فتها من خالل تب ني مش روع مؤسس ة‪ ,‬أو‬
‫تحديد مهمة عمل يعمل الجميع على تحقيقها‪.‬‬
‫فنجد أن أفراد المؤسسة يتقاسمون مجموعة من القيم و السلوكات المتش ابهة و المتماثل ة‪ ,‬و يعمل ون‬
‫على زرعه ا و ترس يخها في األعض اء الج دد بمج رد انض مامهم إليهم‪ ,‬و أي ف رد يخ الف ق انون‬
‫المؤسسة‪ ,‬يكون دوما محل المراقبة‪.‬‬

‫إيجابياتها‪:‬‬
‫‪ ‬تحفيز األفراد على العمل‪ ,‬من خالل االحتكام إلى مجموعة من القيم و النظم المش تركة مم ا‬
‫يخلق نوعا من اإلنسجام‪.‬‬
‫‪ ‬االعتراف المتبادل و المسؤول‪ ,‬مما يقوي الشعور باإلنتماء‪.‬‬
‫‪ ‬المساواة و التكامل‪ ,‬مما ينتج عنه رضا نفسي مرتفع باالستغالل الكامل لطاقاتهم و قدراتهم‪.‬‬
‫‪ ‬تثمين العمل و تطويره‪.‬‬
‫‪ ‬مبدأ المشاركة في وضع األهداف‪ ,‬التي يبعث الشعور باإللتزام لتحقي ق األه داف التنظيمي ة‬
‫بنجاح‪.‬‬
‫‪ ‬تفترض فلسفة للتنظيم‪.‬‬
‫‪ ‬تتم يز ب ذهنيات مفتح ة على المخ اطرة‪ ,‬الثق ة و حب التص رف‪ ,‬ح تى يق وم األف راد تلقائي ا‬
‫بتجديد جهودهم من أجل إيجاد حلول للمشكالت و كذا تنفيذها‪.‬‬
‫‪ ‬مسايرة التغير و التكيف معه‪.‬‬
‫و في هذا الصدد‪ ,‬هناك مجموعة من األبحاث التي قام بها ‪ J. Heskett & J. kotter‬س محت‬
‫بالوصول إلى خالصة مهمة وواضحة‪.‬‬
‫ففي المرحلة األولى‪ ,‬أجرى الباحثان دراسة على ‪ 207‬مؤسسة من أك بر المؤسس ات األمريكي ة‪ ,‬و‬
‫النتائج كانت معاكسة للتوقعات‪ ,‬باعتبار أن هناك عالقة ضعيفة بين الثقاف ة القوي ة و امتي از األداء‪,‬‬
‫حيث تبين أن بعض المؤسسات ذات الثقافات القوية حققت نت ائج متوس طة‪ ,‬و ذل ك راج ع بالدرج ة‬
‫األولى بسبب المركزي ة في اتخ اذ الق رارات و البيروقراطي ة الثقيل ة‪ ,‬و ه ذا ك ان س ببا في النت ائج‬
‫السلبية المحققة‪.‬‬
‫فالثقافات القوية يمكن أن تأثر س لبا على األداء من خالل خل ق وظيف ة س لبية داخ ل المؤسس ة‪ ,‬له ا‬
‫قدرة على حث األف راد على اعتم اد س لوكات غ ير معقول ة‪ ,‬كم ا يمكن أن ينجم عنه ا أث راً إيجابي ا‬
‫يتجسد في إحداث التحسينات‪ ,‬الرفع من الج ودة‪ ,‬إث راء اإلب داع و تط ويره‪ ,‬فض ال عن تنمي ة روح‬
‫اإلنتماء و الوالء للمؤسسة‪.‬‬
‫و في المرحلة الثانية‪ ,‬قام الباحثان ‪ J. Heskett & J. kotter‬بدراسة حول ‪ 22‬مؤسسة محل‬
‫الدراسة لغرض معرفة أهمية القي ادة في المؤسس ة‪ ,‬أي التس اؤل ح ول المكان ة ال تي تمنحه ا ثقاف ة‬
‫المؤسسة إلى القيادة‪ ,‬و توصلوا إلى أن سبب نجاح المؤسسة األكثر أداء‪ ,‬يعود إلى قيادة المس يرين‪,‬‬
‫روح المؤسسة‪ ,‬االستعداد و المخاطرة‪ ,‬التفتح‪ ,‬اإلبداع و المرونة‪ ,‬و استنتجوا أن هناك عالقة سببية‬
‫مباش رة بين الثقاف ة ال تي تثمن القائ د و األداء المرتف ع‪ ,‬و اإلهتم ام بالثالثي ة (زب ائن‪ -‬مس اهمين –‬
‫موارد بشرية)‪.‬‬
‫عكس المؤسس ات األق ل أداء ال تي تمت از بالبيروقراطي ة‪ ,‬و البحث عن النت ائج في الم دى القص ير‬
‫فحسب‪ ,‬إضافة إلى أنها ال تولي اهتماما بالغا بالثالثية ( زبائن – مساهمين – موارد بشرية)‪.‬‬
‫و اعتماداً على كل ما سبق‪ ,‬توصل الباحثان إلى أن هذه الفرض ية ليس ت خاطئ ة تمام اً‪ ,‬ففك رة أن‬
‫فريقا من األفراد منظم ز مسير من خالل مجموعة من المبادئ و القيم‪ ,‬تمثل ق وة محتمل ة يمكن أن‬
‫تساهم في رفع األداء و تحسينه‪ ,‬كما أن للقائد دور هام في الثقافات اإليجابية و المتطورة‪ ,‬مهما كان‬
‫المستوى السلمي المتواجد فيه‪ ,‬و هو تنفيذ و تشجيع التغيرات اإلستراتيجية و التكتيكية التي تفرض‬
‫نفسها‪ ,‬لكونها كفيلة بإرضاء كل المساهمين‪ ,‬الزبائن‪ ,‬الموارد البشرية‪.‬‬

‫الثقافات السلبية‪:‬‬
‫لدراسة العالقة بين الثقافة باألداء‪ ,‬قام الباحثان ‪ J. Heskett & J. kotter‬بتحليل تاريخ‬
‫‪ 20‬مؤسسة في الفترة ما بين ‪ ,1970-1980‬و ق د وج دا أن ثقافتهم ا مختلف ة عن األنظم ة الثقافي ة‬
‫المتبناة في المؤسسات ذات األداء المرتفع في تلك الفترة‪.‬‬
‫في بداية تاريخها نجد مسيريها أكفاء‪ ,‬و استراتيجيتها فعّالة‪ ,‬و لها رؤية واضحة مس تقبلية‪ ,‬و نظ را‬
‫لغياب منافسة حادة و فعلية‪ ,‬تحوز المؤسسة على وضعية مسيطرة في السوق أو عدة أسواق‪.‬‬
‫غير أن استمرار النمو أحدث تقلبات داخل المؤسسة‪ ,‬مما استوجب تجنيد الموارد البش رية و إع ادة‬
‫هيكلتها‪ ,‬و هو ما ساهم في تعقيد التسيير اليومي‪ ,‬و لمواجهة هذه التغ يرات ق امت اإلدارة بتوظي ف‬
‫إطارات يملكون المعلومات الالزمة فيما يخص التسيير و المالي ة‪ ,‬و لكن يفتق رون لرؤي ة واض حة‬
‫مستقبلية للمؤسسة‪ ,‬و قدرة على وضع استراتيجية تعتمد على الثقافة‪.‬‬
‫فتغيير األفراد و سهولة تحقيق النجاح في ظل غياب المنافسة‪ ,‬أدى إلى إهمال و نسيان القيم الثقافية‬
‫التي سمحت بنجاحهم‪ ,‬فبدأت الثقافة السلبية بالظهور شيئا ً فشيئاً‪ ,‬و من أهم خصائصها أو سلبياتها‪:‬‬
‫‪ ‬سلوك تحيز المسؤولين ألفك ارهم‪ ,‬و النج اح المتك رر للمؤسس ة‪ ,‬و اعتب ار أنفس هم ح املين‬
‫للحقيقة‪.‬‬
‫‪ ‬عدم أخذ المسيرين بعين اإلعتب ار متطلب ات الزب ائن‪ ,‬مص الح المس اهمين‪ ,‬و ك ذا متطلب ات‬
‫الموارد البشرية‪.‬‬
‫‪ ‬اتسام هذه الثقافات بالعدائية‪ ,‬و ذهنية اتخاذ القرار‪.‬‬
‫و بعد هذا النوع من الثقافة رهان لمستقبل المؤسس ة‪ ,‬باعتب ار أن ه ال يس اعد على التغي ير‪ ,‬و نظ را‬
‫إلصدار المسيرين على تطبيق استراتيجيات تجاوزته ا األح داث‪ ,‬و رفض تحم ل المس ؤولين إزاء‬
‫التغيير‪ ,‬إما القتراب نهاي ة حي اتهم المهني ة‪ ,‬أو لخش ية اإلص طدام بمعارض ة اآلخ رين‪ ,‬أو لك ونهم‬
‫يفتقدون الشجاعة‪.‬‬

‫الثقافات المتكيفة مع اإلستراتيجية‪:‬‬


‫إن الفرضية التي ت درس العالق ة بين األداء و الثقاف ة‪ ,‬ترك ز أك ثر على تك ييف الثقاف ة م ع‬
‫محيطه ا‪ ,‬فجوهره ا ال يكمن في ق وة الثقاف ة‪ ,‬و إنم ا في تكييفه ا‪ ,‬و ال ذي يتجس د من خالل الحال ة‬
‫العامة للمؤسسة‪ ,‬األهداف التي تعمل على تحقيقها‪ ,‬و شكل االستراتيجية المقررة‪.‬‬
‫أي أن الغرض األساسي لوجود الثقاف ة ه و تحف يز الم ورد البش ري و توجي ه نش اطاته‪ ,‬أخ ذ بعين‬
‫اإلعتبار طبيعة اإلطار الذي تندرج ضمنه‪ .‬و في هذا السياق تبين أن امتياز األداء ه و نت اج الثقاف ة‬
‫المحترمة لإلستراتيجية المحترمة‪ ,‬بحيث كلما كان التكيف مرتفع كلمـا كان األداء متميـز‪ ,‬و العكس‬
‫صحيح‪.‬‬
‫و نشير في األخير‪ ,‬إلى أن الفرض ية لقت ص دى كب ير في العدي د من المؤسس ات‪ ,‬و تعت بر مكمل ة‬
‫للفرع األول‪ ,‬إال أن اإلنتقاد الموجه لها كونها غير فعّالة بمجرد تغير المحيط‪ ,‬إضافة إلى أنه عن دما‬
‫يتغير مصير المؤسسة‪ ,‬نجد أن الثقافة تتطور ببطء‪ ,‬و يؤدي إلى إنخفاض األداء‪.‬‬
‫و في هذا الصدد نشير إلى الدراسات التي قام بها ‪ , J. Heskett & J. kotter‬حيث اختار من‬
‫بين ‪ 207‬مؤسسة ‪ 22‬مؤسسة تنتمي إلى ‪ 10‬قطاعات مختلفة و تمتلك كلها ثقافة قوية‪ ,‬و استنتج ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أن لثقافة المؤسسة أثر إيجابي في المؤسسات األكثر أداء‪ ,‬و أثر سلبي في المؤسس ات األق ل‬
‫أداء‪ ,‬و هذا راجع لنوع الثقافة المطبقة التي تعد مصدر النجاح أو الفشل‪.‬‬
‫‪ ‬ثقافة المؤسسات األكثر أداء ج ّد متكيفة مع استراتيجيتها مع السوق‪ ,‬م ع المحي ط‪ ,‬التنافس ي‪,‬‬
‫المحيط التكنولوجي و البيئة بمختلف أبعادها‪.‬‬

‫الفرق بين الثقافة اإليجابية و الثقافة السلبية‪:‬‬

‫الثقافات المحافظة – السلبية‪-‬‬ ‫الثقافات المتطورة –اإليجابية‪-‬‬


‫‪ -‬ي ولي المس يرون االهتم ام ‪ -‬ال ي ولي المس يرون اهتمام ا‬ ‫القيم األساسية‬

‫بالثالثية‪.‬‬ ‫بالثالثي ة زب ائن –مس اهمين–‬


‫موارد بشرية‪.‬‬
‫‪ -‬تثمين األفراد و المس ارات ال تي‬
‫‪ -‬تفضل الحذر على المبادرة‪.‬‬ ‫من المحتم ل أن تق دم تغي ير‬
‫إيجابي‪.‬‬
‫‪ -‬يأخ ذ المس يرون باالعتب ار‬ ‫السلوكات‬
‫‪ -‬المسيرون يتص رفون بأتوقراطي ة‬
‫العناصر الثالث (المف اتيح)‪ ,‬م ع‬
‫و بيروقراطية‪.‬‬
‫التركيز على الزبائن‪.‬‬
‫‪ -‬يق ف المس يرين ع اجزين على‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬كما يشجعون التغي ير ال ذي من‬
‫تكييف االستراتيجية مع تقلبات‬
‫المحتمل أن يكون إيجابي ا و أن‬
‫البيئة‪.‬‬
‫حمل مخاطر‬
‫المصدر‪.John P. Kotter & James Heskett, « culture performance », P 60 :‬‬ ‫‪.2‬‬
‫خصائص الثقافة التنظيمية‪:‬‬
‫يجب إدراك أنه ال توجد منظمة ثقافتها مشابهة لثقافة منظمة أخرى حتى ل‪88‬و ك‪88‬انت تعم‪88‬ل في نفس‬
‫‪1‬‬
‫القطاع‪ .‬وفيما يلي عرض موجز ألهم خصائص ثقافة المنظمة‪:‬‬
‫‪ ‬االنتظام في السلوك والتقيد ب ه‪ :‬نتيج‪88‬ة التفاع‪88‬ل بن أف‪88‬راد المنظم‪88‬ة ف‪8‬إنهم يس‪8‬تخدمون لغ‪8‬ة‬
‫ومص‪888‬طلحات وعب‪888‬ارات وطقوس‪888‬ا مش‪888‬تركة ذات عالق‪888‬ة بالس‪888‬لوك من حيث االح‪888‬ترام‬
‫والتصرف‪8.‬‬
‫‪ ‬المعاييـــــــــــــــــر‪ :‬هناك معايير سلوكية فيما يتعلق بحجم العمل الواجب إنجازه (مثال‪ :‬ال‬
‫تعمل كثيرا جدا‪ ،‬وال قليال جدا)‪.‬‬
‫‪ ‬القيم المتحكمــــة‪ :‬توجد قيم أساسية تتبناها المنظم‪88‬ة ويتوق‪88‬ع من ك‪88‬ل عض‪88‬و فيه‪88‬ا االل‪88‬تزام‬
‫بها‪.‬‬
‫‪ ‬الفلسفـــــــــــــــة‪ :‬لكل منظمة سياساتها الخاصة في معاملة العاملين بها والعمالء‪8.‬‬
‫‪ ‬القواعــــــــــــــــــد‪ :‬عبارة عن تعليمات تصدر عن المنظمة وتختلف في شدتها من منظمة‬
‫إلى أخرى‪ .‬والفرد يعمل في المنظمة وفقا للقواعد المرسومة له‪.‬‬
‫‪ ‬المناخ التنظيمــي‪ :‬عبارة عن مجموعة من الخصائص التي تميز البيئ‪88‬ة الداخلي‪88‬ة للمنظم‪88‬ة‬
‫التي يعمل األفراد ضمنها فتؤثر على قيمهم واتجاهاتهم وإدراكهم وذلك ألنها تتمتع بدرج‪88‬ة‬
‫عالية من االستقرار والثبات النسبي‪.‬‬
‫عناصر وأنواع الثقافة التنظيمية‪:‬‬
‫‪ .1‬عناصر الثقافة التنظيمية‬
‫‪ 1‬حممود سليمانـ العميان‪ ،‬السلوك التنظيمي في منظمات األعمال‪ ،‬ط‪ ،2‬دار وائل‪ ،‬األردن‪2004 ،‬ص ص‪.316-314 :‬‬
‫‪1‬‬
‫تتكون الثقافة التنظيمية من مجموعة عناصر والتي يمكن توضيحها كما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬القيم التنظيمية‪ :‬القيم التنظيمي‪88‬ة تتمث‪88‬ل في القيم ال‪88‬تي تنعكس وتظه‪88‬ر في مك‪88‬ان أو بيئ‪88‬ة‬
‫العمل‪ ،‬بحيث تعمل هذه القيم على توجيه‬
‫سلوك الموظفين ضمن الظروف التنظيمية المختلفة‪ .‬كأمثل‪88‬ة على القيم التنظيمي‪88‬ة المس‪88‬اواة بين‬
‫العاملين‪ ،‬االهتمام بإدارة الوقت‪ ،‬االهتمام باألداء‪...‬الخ‪8.‬‬
‫‪ ‬المعتقدات التنظيمية‪ :‬هي عبارة عن أفكار مشتركة حول طبيعة العمل والحياة االجتماعي‪88‬ة‬
‫في بيئة العمل‪ ،‬وكيفي‪8‬ة انج‪8‬از العم‪8‬ل والمه‪88‬ام التنظيمي‪8‬ة‪ ،‬ومن ه‪88‬ذه المعتق‪88‬دات على س‪88‬بيل‬
‫المثال أهمية مشاركة الموظفين في صنع القرارات‪ ،‬والمساهمة في العمل الجماعي‪.‬‬
‫‪ ‬التوقعات التنظيمية‪ :‬تتمثل التوقعات التنظيمية بالتعاقد البسيكولوجي غير المكت‪88‬وب وال‪88‬ذي‬
‫يعني مجموعة من التوقعات التي يحددها أو يتوقعها الفرد أو المنظمة كل منهما من اآلخ‪88‬ر‬
‫خالل ف‪88‬ترة عم‪88‬ل الف‪88‬رد في المنظم‪88‬ة‪ ،‬مث‪88‬ل ذل‪88‬ك توقع‪88‬ات الرؤس‪88‬اء من المرؤوس‪88‬ين‪،‬‬
‫والمرؤوسين من الرؤساء‪ ،‬والمتمثلة في التقدير واالحترام المتبادل‪ ،‬وتوف‪88‬ير بيئ‪88‬ة تنظيمي‪88‬ة‬
‫ومناخ تنظيمي يساعد ويدعم احتياجات الفرد العامل النفسية واالقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬األعراف التنظيمية‪ :‬عبارة عن معايير يل‪8‬تزم به‪88‬ا الع‪88‬املون في المنظم‪88‬ة على اعتب‪8‬ار أنه‪88‬ا‬
‫معايير مفيدة للمنظمة‪ ،‬على سبيل المثال التزام المنظم‪88‬ة بع‪88‬دم تع‪88‬يين األب واالبن في نفس‬
‫المنظمة‪ ،‬ويفترض أن تكون هذه األعراف غير مكتوبة وواجبة اإلتباع‪.‬‬
‫‪.2‬أنواع الثقافة التنظيمية‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫تميز أدبيات الفكر اإلداري المعاصر بين نوعين من الثقافة التنظيمية هما‪:‬‬
‫‪ ‬الثقافة القوية والثقافة الضعيفة‪ :‬هي التي يهتم فيها المديرون والق‪88‬ادة ب‪88‬العمالء وأص‪88‬حاب‬
‫األسهم وبالموظفين اهتماما ملحوظا‪.‬‬
‫‪ ‬الثقاف ة الض عيفة‪ :‬فهي ال‪88‬تي ال يهتم فيه‪88‬ا الم‪88‬ديرون إال بأنفس‪88‬هم أو بالعم‪88‬ل المباش‪88‬ر أو‬
‫بالتكنولوجيا‪ ،‬ويعطون اهتماما قليال بالناس والعمالء والمالك والموظفين‪.‬‬
‫‪ ‬وإلى جانب هذا التقسيم الع‪8‬ام للثقاف‪8‬ة يم‪8‬يز العدي‪8‬د من الب‪8‬احثين بين ع‪8‬دة أنم‪8‬اط من الثقاف‪8‬ة‬
‫باعتبار الطابع العام لها على النحو التالي‪:‬‬

‫أسعد حممدـ عكاشة‪ ،‬أثر الثقافة التنظيمية على مستوى األداء الوظيفي‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬اجلامعة اإلسالمية‪ ،‬فلسطني‪ ،2008 ،‬ص ص‪،15-13 :‬غري‬ ‫‪1‬‬

‫منشورة‬
‫عبد اهلل جاد فودة‪ ،‬الثقافة التنظيمية وأثرها على االنتماء الوظيفي‪ ،‬بصائر املعرفة‪ ،‬مصر‪ ،2007 ،‬ص ص‪.66-63 :‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ ‬الثقاف ة البيروقراطي ة‪ :‬في ه‪88‬ذا الن‪88‬وع يتم تحدي‪88‬د المس‪88‬ؤوليات والس‪88‬لطات‪ ،‬فيك‪88‬ون العم‪88‬ل‬
‫منظم‪88‬ا ويتم التنس‪88‬يق بين الوح‪88‬دات وتسلس‪88‬ل الس‪88‬لطة بش‪88‬كل ه‪88‬رمي وتق‪88‬وم على التحكم‬
‫وااللتزام‪.‬‬
‫‪ ‬ثقافـــــة القـــــــوة‪ :‬وهي قريب‪88‬ة من نم‪88‬ط الثقاف‪88‬ة األول ومن أهم س‪88‬مات ه‪88‬ذا الن‪88‬وع من‬
‫الثقافة النظام واالستقرار حيث أن القيادة عادلة وتوحد الجهود خلف القائد‪ ،‬كما يقوم القائ‪88‬د‬
‫بحماية التابعين‪ ،‬المخلصين‪ ،‬باإلضافة لذلك يتم تحفيز األف‪88‬راد عن طري‪88‬ق أس‪88‬لوب الث‪88‬واب‬
‫والعقاب‪.‬‬
‫‪ ‬الثقاف ة اإلبداعيــة‪ :‬هي الثقاف‪88‬ة ال‪88‬تي تق‪8‬وم بتوف‪88‬ير بيئ‪88‬ة العم‪8‬ل المش‪8‬جعة والمس‪88‬اعدة على‬
‫اإلبداع‪ ،‬ويتصف أفرادها بالجرأة والمخاطرة في اتخاذ القرارات ومواجهة التحديات‪.‬‬
‫‪ ‬الثقاف ة المسانــدة‪ :‬من أهم س‪88‬مات ه‪88‬ذا الن‪88‬وع أن اإلدارة تعام‪88‬ل الع‪88‬املين معه‪88‬ا بص‪88‬فتهم‬
‫اإلنسانية وليس باعتبارهم آالت‪.‬‬
‫‪ ‬ثقافة العمليــــات‪ :‬ينحصر اهتم‪88‬ام ثقاف‪88‬ة العملي‪88‬ات في طريق‪88‬ة انج‪88‬از العم‪88‬ل وليس النت‪88‬ائج‬
‫التي تتحقق‪ ،‬فينتشر الحذر والحيطة بين األفراد‪.‬‬
‫‪ ‬ثقافة المهمـــــة‪ :‬ترك‪88‬ز ه‪88‬ذه الثقاف‪88‬ة على تحقي‪88‬ق األه‪88‬داف وانج‪88‬از العم‪88‬ل وتهتم بالنت‪88‬ائج‬
‫وتحاول استخدام الموارد بطريقة مثالية من أجل تحقيق أفضل النتائج بأقل التكاليف‪.‬‬
‫‪ ‬ثقافة االنجــــاز‪ :‬وتقترب س‪88‬ماتها من س‪88‬مات الن‪88‬وع الس‪88‬ابق من الثقاف‪88‬ة حيث يتم الترك‪88‬يز‬
‫على األهداف‪ ،‬إذ للعاملين التزام مشترك وحماس قوي للوصول‪ 8‬إلى األهداف‪.‬‬
‫‪ ‬ثقافـــــة ال دور‪ :‬وينص‪88‬ب تركيزه‪88‬ا على ن‪88‬وع التخص‪88‬يص ال‪88‬وظيفي وبالت‪88‬الي األدوار‬
‫الوظيفية أكثر من الفرد وتهتم بالقواعد واألنظمة‪.‬‬
‫نماذج الثقافة التنظيمية وطرق قياسها‪:‬‬
‫‪.1‬نم ادج الثقاف ة التنظيمي ة‪ :‬يعت‪88‬بر نم‪88‬وذج إط‪88‬ار القيم المتنافس‪88‬ة ونم‪88‬وذج "دينس‪88‬ون" من أك‪88‬ثر‬
‫النماذج استخداما في الدراسات الحديثة لقياس وتشخيص ثقافة المنظمة وسيتم تن‪88‬اول ه‪88‬ذه النم‪88‬اذج‬
‫‪1‬‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬نموذج القيم المتنافسة‪ :‬يعد إطار القيم المتنافسة واحدا من أهم ‪ 40‬نموذج‪88‬ا تم اس‪88‬تخدامها‬
‫لدراسة منظمات األعم‪88‬ال ح‪88‬ول الع‪88‬الم‪ ،‬وق‪88‬د ط‪88‬ور ه‪88‬ذا النم‪88‬وذج في الس‪88‬تينات من الق‪88‬رن‬
‫زيد صالح حسن سميع‪ " ،‬أثر الثقافة التنظيمية على األداء الوظيفي"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة حلوان‪ ،‬اليمن‪ ،2009 ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪،80-73 :‬غير منشورة‪.‬‬


‫الماض‪88‬ي وذل‪88‬ك لدراس‪88‬ة الفعالي‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة بش‪88‬كل متكام‪88‬ل‪ .‬ويرك‪88‬ز ه‪88‬ذا النم‪88‬وذج على‬
‫الصراعات الكامن‪88‬ة في أي تنظيم يض‪88‬م مجموع‪88‬ة من األف‪88‬راد ويرك‪88‬ز بش‪88‬كل أساس‪88‬ي على‬
‫الص‪88‬راع م‪88‬ابين االس‪88‬تقرار والتغي‪88‬ير‪ ،‬والص‪88‬راع بين البيئ‪88‬ة الداخلي‪88‬ة للمنظم‪88‬ة وبين بيئته‪88‬ا‬
‫الخارجي‪88‬ة‪ ،‬ومن خالل الترك‪88‬يز على ه‪88‬ذه الص‪88‬راعات الكامن‪88‬ة في الحي‪88‬اة التنظيمي‪88‬ة يمكن‬
‫معرف‪88‬ة التناقض‪88‬ات والظ‪88‬واهر المثبط‪88‬ة لتحقي‪88‬ق الفعالي‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة والعم‪88‬ل على تغييره‪88‬ا‬
‫وإحداث التوازن ما بين هذه الصراعات والتناقضات‪.‬‬
‫‪ ‬نم وذج "دينس ون"‪ :‬ق‪88‬دم "دينس‪88‬ون" نموذج‪88‬ا عملي‪88‬ا يمكن من خالل‪88‬ه فهم وقي‪88‬اس الثقاف‪88‬ة‬
‫التنظيمي‪88‬ة ودوره‪88‬ا في زي‪88‬ادة الفعالي‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة‪ ،‬ويرك‪88‬ز ه‪88‬ذا النم‪88‬وذج على أربع‪88‬ة أبع‪88‬اد‬
‫رئيسية كما يلي‪:‬‬
‫‪-‬بعد االحتواء والترابط‪ :‬يعكس هذا البعد مدى اندماج األف‪88‬راد بقل‪88‬وبهم وعق‪88‬ولهم في العم‪88‬ل بحيث‬
‫يشعرون بأنهم جزء من المنظمة‪ ،‬ويتضمن ه‪88‬دا البع‪88‬د عناص‪88‬ر الثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة اآلتي‪88‬ة‪ :‬التمكين‪،‬‬
‫والتوجه نحو الفريق‪ ،‬وتطوير قدرات العاملين‪.‬‬
‫‪-‬بعد االتساق والتجانس‪ :‬يعكس هذا البعد ما إذا ك‪88‬ان للمنظم‪88‬ة ثقاف‪88‬ة قوي‪88‬ة متماس‪88‬كة‪ ،‬كم‪88‬ا يعكس‬
‫درجة االندماج السائدة بين العاملين في المنظم‪88‬ة‪ ،‬ويتض‪88‬من ه‪88‬ذا البع‪88‬د عناص‪88‬ر الثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة‬
‫اآلتية‪ :‬وضوح القيم الجوهرية‪ ،‬واالتفاق‪ ،‬والتنسيق والتكامل‪.‬‬
‫‪-‬بعد التكيــــــف‪ :‬يركز هذا البعد على قدرة المنظم‪88‬ة على س‪88‬رعة التكي‪88‬ف واالس‪88‬تجابة لإلش‪88‬ارات‬
‫ال‪88‬واردة من البيئ‪88‬ة الخارجي‪88‬ة بم‪88‬ا في ذل‪88‬ك العمالء والس‪88‬وق ويش‪88‬مل ه‪88‬ذا البع‪88‬د عناص‪88‬ر الثقاف‪88‬ة‬
‫التنظيمية اآلتية‪ :‬خلق التغيير‪ ،‬والتعلم التنظيمي‪ ،‬والتركيز على العمالء‪.‬‬
‫‪-‬بع د المهمـــــــــــة‪ :‬يعكس هذا البع‪88‬د م‪88‬دى امتالك المنظم‪88‬ة حس‪88‬ا واض‪88‬حا باله‪88‬دف ال‪88‬ذي يح‪88‬دد‬
‫توجهاتها المستقبلية طويلة األجل‪ ،‬وتنبع أهمية بعد المهمة من تحديده ما إذا كانت المنظم‪88‬ة تع‪88‬اني‬
‫من قصر النظر أم أنها مهتمة بتحديد االستراتيجية وخطط العمل بشكل منظم‪ ،‬ويتضمن هذا البع‪88‬د‬
‫عناصر الثقافة التنظيمية اآلتية‪ :‬الرؤية‪ ،‬واالستراتيجية‪ ،‬واألهداف والغايات‪.‬‬
‫‪.2‬قياس الثقافة التنظيمية‪:‬‬
‫تسعى المنظمات إلى قياس وتقييم ثقافتها التنظيمية تحقيقا لألهداف التالية‪:‬‬
‫‪ ‬التعرف على النمط الثقافي السائد في المنظمة؛‬
‫‪ ‬الرب‪88‬ط بين الثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة والمتغ‪88‬يرات‪ 8‬التنظيمي‪88‬ة والبيئي‪88‬ة المختلف‪88‬ة من حيث العالق‪88‬ة‬
‫المتبادلة وطبيعة األثر الموجود بينها؛‬
‫‪ ‬التحقق من مدى التواؤم بين قيم األفراد والقيم التنظيمية التي يدركونها؛‬
‫‪ ‬بشكل عام ارتبط مفهوم الثقافة التنظيمية بالمدخل الكمي والمدخل الوصفي كمدخلين لقياس‬
‫الثقافة التنظيمية‪ ،‬وسنقوم بتناول المدخلين بالشرح‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫المدخل الوصفي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫اعتمدت الدراسات األولى للثقافة التنظيمي‪88‬ة على الم‪88‬دخل الوص‪88‬في حيث يعتم‪88‬د ه‪88‬ذا الم‪88‬دخل عن‪88‬د‬
‫قياسه للظاهرة التنظيمية على أساليب القياس التقليدية التي تتمثل في المقابالت الشخصية المتعمقة‬
‫والمالحظة الشخصية‪ .‬وتنهج الدراسات التي تستخدم المدخل الوصفي لقياس الثقافة طرق‪8‬ا مختلف‪88‬ة‬
‫للقي‪88‬اس حيث تس‪88‬عى في األج‪88‬ل الطوي‪88‬ل إلى المالحظ‪88‬ة الدقيق‪88‬ة لتص‪88‬رفات األف‪88‬راد في المنظم‪88‬ة‬
‫وتدوينها‪ ،‬بينما تسعى في األجل القصير إلى محاول‪88‬ة التع‪88‬رف على القيم واالفتراض‪88‬ات األساس‪88‬ية‬
‫من خالل المقابالت المتعمق‪88‬ة‪ ،‬وك‪88‬ذا دراس‪88‬ة القص‪88‬ص وتفس‪88‬يرها وتحلي‪88‬ل المحادث‪88‬ات بين األف‪88‬راد‬
‫الستنتاج طبيعة اللغة الخاصة‪ ،‬ودراسة الرموز المادية‪.‬‬
‫ويرى بعض المفكرين في حقل الثقافة التنظيمية أن المدخل الوصفي هو المدخل األمث‪88‬ل لقي‪88‬اس‬
‫ثقاف‪88‬ة المنظم‪88‬ة بش‪88‬كل متكام‪88‬ل‪ ،‬حيث أش‪88‬ار "م‪88‬ارتن" أن مالحظ‪88‬ة العملي‪88‬ات التنظيمي‪88‬ة األساس‪88‬ية‬
‫وتدوينها بشكل حيوي وفعال يعد األسلوب األمثل للفهم العميق للخ‪88‬برات التنظيمي‪88‬ة واالفتراض‪88‬ات‬
‫األساسية‪ ،‬وال يتسنى ذلك إال من خالل المقابالت المتعمقة والمالحظة الشخصية‪.‬‬
‫ومن ناحي‪88‬ة أخ‪88‬رى يمت‪88‬از الم‪88‬دخل الوص‪88‬في‪ 8‬بمس‪88‬اعدة الب‪88‬احثين على التع‪88‬رف بوض‪88‬وح على‬
‫التجليات المادية للثقافة (األشكال الثقافية)‪ ،‬حيث يسهل من خالل المالحظة التع‪88‬رف على الرم‪88‬وز‬
‫الثقافي‪88‬ة والطق‪88‬وس الس‪88‬ائدة والقص‪88‬ص المتداول‪88‬ة واللغ‪88‬ة الدارج‪88‬ة والممارس‪88‬ات اإلداري‪88‬ة‪ ،‬إال أن‪88‬ه‬
‫وبالرغم من تميز المدخل الوصفي في توفير معلوم‪88‬ات متعمق‪88‬ة عن الثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة فق‪88‬د وجهت‬
‫إليه مجموعة من االنتقادات التي جعلته غير كاف لقياس الظاهرة الثقافي‪88‬ة من بين ه‪88‬ذه االنتق‪88‬ادات‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬ال يساعد في توضيح العالقة بين الثقافة التنظيمية والمتغيرات‪ 8‬التنظيمية والبيئي‪88‬ة المرتبط‪88‬ة‬
‫بالثقافة؛‬

‫نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.83-81 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪ ‬ال يسمح بتعميم النتائج التي تم التوصل إليها على كل المنظمات؛‬
‫‪ ‬ال يش‪88‬جع أس‪88‬لوب المقابل‪88‬ة الشخص‪88‬ية على التع‪88‬رف بوض‪88‬وح على القيم والمعتق‪88‬دات‪ 8‬ال‪88‬تي‬
‫يحملها األفراد‪ ،‬حيث يتولد شعور لدى المقابل بع‪88‬دم االرتي‪88‬اح عن‪8‬دما تك‪8‬ون المقابل‪88‬ة وجه‪88‬ا‬
‫لوجه‪ ،‬كم‪8‬ا ق‪8‬د يتعم‪8‬د األف‪8‬راد إعط‪8‬اء إجاب‪8‬ات ال تعكس معتق‪8‬داتهم وآرائهم وذل‪8‬ك إلعط‪8‬اء‬
‫الباحث انطباع جيد عن مستواهم وثقافتهم؛‬
‫‪ ‬يشجع أسلوب المالحظة الشخصية على تصرف األفراد بصورة مختلفة وبشكل أفض‪88‬ل في‬
‫الغالب؛‬
‫‪ ‬احتمالية التحيز تكون عالية في الم‪8‬دخل الوص‪8‬في فق‪8‬د ي‪8‬دخل عنص‪8‬ر العاطف‪8‬ة ويك‪8‬ون ه‪8‬و‬
‫الغالب أثناء المقابل‪88‬ة الشخص‪8‬ية‪ ،‬فيتح‪8‬يز الب‪8‬احث لش‪8‬خص م‪88‬ا س‪88‬لبا أو إيجاب‪88‬ا‪ ،‬ومن ناحي‪8‬ة‬
‫أخرى تتأثر المالحظة بالمزاج الشخصي للباحث وباتجاهاته ومشاعره تجاه ما يالحظه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المدخل الكمـــــــــــي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يعتمد هذا المدخل عند قياسه للظاهرة الثقافية على قائمة االستقصاء‪ ،‬الذي يتم من خاللها طرح‬
‫مجموعة من األسئلة تتعلق بالقيم والمعتقدات واألبعاد الثقافي‪88‬ة وذل‪88‬ك للتع‪88‬رف على مالمح وأنم‪88‬اط‬
‫الثقافة التنظيمية السائدة‪ ،‬وقد صنف "أشكانزي‪ "Achkansy‬قوائم االستقصاء المستخدمة لقي‪88‬اس‬
‫الثقافة التنظيمية إلى صنفين رئيسيين كما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬مقاييس تصنيف الثقافة التنظيمية‪:‬‬
‫قوم هذه المقاييس بتصنيف الثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة إلى أص‪88‬ناف متع‪88‬ددة‪ ،‬ويك‪88‬ون ك‪88‬ل ص‪88‬نف مص‪88‬حوبا‬
‫بالوصف الدقيق لمع‪88‬ايير الس‪88‬لوك والقيم والمعتق‪88‬دات‪ .‬وكمث‪88‬ال على ه‪88‬ذا مقي‪88‬اس أداة تق‪88‬ييم الثقاف‪88‬ة‬
‫التنظيمية المعتمد على إطار القيم المتنافسة‪ ،‬الذي يقسم الثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة إلى أربع‪88‬ة أنم‪88‬اط (ثقاف‪88‬ة‬
‫الفريق‪ ،‬الثقافة البيروقراطية‪ ،‬ثقافة السوق‪ ،‬والثقافة التطويرية)‪ .‬وأهم ما يم‪88‬يز مق‪88‬اييس التص‪88‬نيف‬
‫أنه يسهل من خاللها إجراء المقارنات بين المنظمات المختلفة من حيث ثقافتها التنظيمية‪ ،‬كما أنها‬
‫تسهل من عملية التغيير التنظيمي‪.‬‬

‫نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.85-83 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪ ‬مقاييس مالمح الثقافة التنظيمية‪:‬‬
‫يقوم مقياس مالمح الثقافة التنظيمية على فكرة مفادها أن الخصائص المهمة للثقافة التنظيمية يمكن‬
‫التعرف عليها من خالل مجموعة من المتغيرات المختلفة التي تضم العدي‪88‬د من الخص‪88‬ائص‪ ،‬ومن‬
‫خالل هذه المتغيرات يمكن التعبير عن مجموعة من األبعاد القابلة للقياس‪ .‬كما يقوم ه‪88‬ذا النم‪88‬وذج‬
‫بقياس مدى قوة أو ضعف ثقافة المنظمة‪ ،‬وصوال إلى وصف شامل للثقافة التنظيمية السائدة‪.‬‬

‫األداء في المؤسسة‪:‬‬
‫أثارت مشكلة األداء و تقييمه اهتمام الكثير من المفكرين و الباحثين في الع الم الع ربي‪ ,‬ليس‬
‫فقط على مستوى المفهوم النظ ري‪ ,‬و لكن أيض ا على مس توى التص ورات و التطبيق ات العملي ة و‬
‫المؤسسية لهذا األداء‪ .‬ولألداء أهمية بالغة على التنمية اإلقتص ادية‪ ,‬فه و يعت بر كعالج لح ل الكث ير‬
‫من المشكالت في المجتمع‪ ,‬مثل مشكلة البطالة‪ ,‬الذي يرتبط بكفاءة األداء في القطاعات اإلقتصادية‬
‫المختلفة‪.‬‬
‫و تظهر أهمية األداء خاصة في المرحلة اإلنتقالية التي تمر بها الدول النامية‪ ,‬حيث أن هذه األخيرة‬
‫تجد نفسها في مواجهة مشكلة كبرى‪ ,‬أال و هي كيفية إرضاء اإلحتياجات المتزايدة للجماهير‪ ,‬األمر‬
‫الذي يتطلب اإلهتمام بأداء المؤسسات العامة و الخاصة‪.‬‬

‫مفهوم األداء‪:‬‬
‫"األداء في المؤسسة هو حصيلة تفاعل عوامل داخلية تتعلق ب التنظيم ال داخلي للمؤسس ة‪ ,‬و‬
‫عوامل خارجية تتعلق بالبيئة الخارجية المحيطة بالمؤسسة‪ ,‬إضافة إلى عوام ل ذاتي ة أو الشخص ية‬
‫و هي العوامل المتعلقة بالمتصرف ذاته"‪.‬‬

‫مفهوم تقييم أداء‪:‬‬


‫هناك عدة تعاريف لتقييم األداء من قب ل الب احثين‪ ,‬و ه ذا م ا س بب في ع دم وج ود تعري ف‬
‫شامل و موحد لألداء‪ ,‬و من بينها نذكر التعاريف التالية‪:‬‬
‫التعريف األول‪:‬‬
‫يعبر تقييم األداء عن تقييم نشاط الوحدة اإلقتصادية في ضوء ما توصلت إلي ه من نت ائج في‬
‫نهاية فترة مالية معينة‪ ,‬و هي السنة المالية‪ ,‬و هو يهتم ب‪:‬‬
‫التحقق من بلوغ الهداف‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫قياس كفاءة الوحدة في استخدام الموارد المتاحة‪ ,‬سواءا كانت مواردها موارد بش رية أو‬ ‫‪-2‬‬
‫رأسمالية‪.‬‬
‫من هذا التعريف نستنتج أن تقييم األداء يتعلق في المقام األول باألداء‪ ,‬و النجاح المالي و ذلك خالل‬
‫فترة زمنية معينة‪.‬‬

‫تعريف ثاني‪:‬‬
‫" تقييم األداء هو الدراسات و البح وث ال تي تس تهدف التع رف على العالق ات بين الم وارد‬
‫البشرية و المادية و المالية المتاحة‪ ,‬و بين كفاءة استخدامها في الوحدة اإلنتاجية‪ ,‬و كيفية تطور هذه‬
‫العالقات خالل فترة زمنية واحدة‪ ,‬و ذلك بمقارنة مع ما تحقق فعال بما كان س يهدف إلى تحقيق ه‪ ,‬و‬
‫كذا بمقارنة ما تحقق فعال بمعايير نمطية لما كان يمكن تحقيقه‪.‬‬
‫ومن الكتاب من يركز على عنصر الكفاءة و الفاعلي ة‪ ,‬من خالل مفه وم األداء‪ ,‬ف يرى " أن‬
‫الهدف من عملية التقييم هو التوصل إلى حطم عام على درجة كف اءة و فاعلي ة الوح دة اإلقتص ادية‬
‫ككل‪ ,‬و لكافة جوانب النشاط و العالقات المختلف ة‪ ,‬و أن عملي ة التق ييم ه ذه‪ ,‬يجب أن تك ون ش املة‬
‫لكل جزئيات و أقسام نشاط الوحدة‪ ,‬فيتم تقييم كل مركز على حدى‪ ,‬ثم تجم ع النت ائج ليتم تق ييم ك ل‬
‫المراك ز لتص ل إلى التق ييم الش امل للوح دة كك ل‪ ,‬حيث أن األنش طة ال تي تق وم به ا الوح دة رغم‬
‫اختالفها‪ ,‬تتميز بالترابط‪ ,‬لتكامل مما يجعل كفاءة المركز الواحد تؤثر على المراكز األخرى‪.‬‬
‫و منهم من يعتبر عملية التقييم األداء ج زءا من الوظيف ة الرقابي ة في المؤسس ة‪ ,‬دون األخ ذ‬
‫في اإلعتبار أن عملي ة تق ييم األداء الب د أن تالزم بقي ة الوظ ائف اإلداري ة األخ رى في المؤسس ة‪,‬‬
‫كالتنبؤ‪ ,‬التخطيط‪ ,‬الهيكلة و التحفيز‪ ,‬و في هذا المجال نذكر التعريف التالي‪:‬‬
‫" تقييم األداء يمث ل خط وة رئيس ية في العملي ة الرقابي ة‪ ,‬و يكمن ج وهر عملي ة التق ييم في مقارن ة‬
‫األداء الفعلي بمؤشرات محددة مقدما‪ ,‬و الوقوف على االنحرافات و تبريره ا‪ ,‬و تحدي د المس ؤولية‬
‫المالية و اإلدارية عنها‪ ,‬ثم اتخاذ الخطوات التصحيحية كلما أمكن ذلك"‪.‬‬
‫عناصر ومحددات األداء الوظيفي‪:‬‬
‫سيتم من خالل هذا العنصر شرح مختلف العناصر المكونة لألداء الوظيفي وكذا مح‪88‬ددات ه‪88‬ذا‬
‫المتغير باعتبارها مهمة جدا لتعميق فهم األداء الوظيفي‪8.‬‬

‫‪-1‬عناص ر األداء ال وظيفي‪ :‬يت‪88‬ألف األداء ال‪88‬وظيفي من مجموع‪88‬ة عناص‪88‬ر وال‪88‬تي يمكن توض‪88‬يح‬
‫‪1‬‬
‫أهمها في اآلتي‪:‬‬
‫‪-‬المعرفة بمتطلبات الوظيفة‪ :‬وتشمل المعارف العامة‪ ،‬والمهارات الفنية‪ ،‬والمهنية والخلفية العامة‬
‫عن الوظيفة والمجاالت المرتبطة بها‪.‬‬
‫‪-‬نوعي ة العمل ‪ :‬وتتمثل في م‪88‬دى ما يدركه الف‪88‬رد عن عمله ال‪88‬ذي يق‪88‬وم به وما يمتلكه من رغبة‬
‫ومهارات وبراعة وقدرة على التنظيم وتنفيذ العمل دون الوقوع في األخطاء‪.‬‬
‫‪ -‬كمية العمل المنجز‪ :‬أي مقدار العمل الذي يستطيع الموظف إنجازه في الظروف العادية للعم‪88‬ل‪،‬‬
‫ومقدار سرعة هذا اإلنجاز‪.‬‬
‫‪ -‬المثابرة والوثوق‪ :‬وتشمل الجدية والتفاني في العمل وقدرة الموظف على تحمل مسئولية العمل‬
‫وإنج‪888‬از األعم‪888‬ال في أوقاتها المح‪888‬ددة‪ ،‬وم‪888‬دى حاجة ه‪888‬ذا الموظف لإلرش‪888‬اد والتوجيه من قبل‬
‫المشرفين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ .2‬محددات األداء الوظيفي‪:‬‬
‫يحاط أداء الفرد بالعديد من المحددات المترابطة والمتداخلة‪ ،‬وحتى يتسنى إدارة األفراد بكف‪88‬اءة‬
‫البد أوال من فهم العوامل والمحددات التي من شأنها تحديد طبيعة السلوك الذي سيسلكه الفرد عن‪88‬د‬
‫أدائه لمهام وظيفته‪ ،‬وقد سعى الباحثون في علم اإلدارة إلى تحديد أهم تلك المحددات وق‪88‬د خلص‪88‬وا‬
‫إلى أن أداء الفرد يحدث نتيجة للتفاعل ما بين القدرة على العمل والدافعية في العمل ودرجة الدعم‬
‫التنظيمي‪ ،‬كما هو موضح المعادلة التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أسعد أمحد حممد عكاشة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،2008 ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪ 2‬زيد صاحل حسن مسيع‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.101-97 :‬‬
‫أداء الفرد = الدافعية‪ +‬القدرة ‪ +‬الدعم التنظيمي‪ +‬اإلدراك‪.‬‬
‫‪-‬الدافعية‪:‬‬
‫تعرف الدافعية بأنها "منبع السلوك ووقود األداء‪ ،‬وتشير إلى م‪88‬دى ق‪88‬وة الرغب‪88‬ة ل‪88‬دى الف‪88‬رد للقي‪88‬ام‬
‫بمهام العمل المحددة‪ ،‬واالندفاع الذاتي والفوري ألداء هذه المهام"‪.‬‬
‫‪ -‬القدرات‪:‬‬
‫القدرات عبارة عن الخصائص الشخصية التي يستخدمها الفرد العامل في أداء عمله‪ ،‬مث‪88‬ل الق‪88‬درة‬
‫على القيام بالعمل كما هو مخطط له‪ ،‬القدرة على االتصال لتحسين النتائج من خالل اكتساب أكبر‬
‫قدر من المعلومات‪ ،‬القدرة على االستيعاب والفهم الصحيح لما ه‪88‬و مطل‪88‬وب للقي‪88‬ام بالعم‪88‬ل بش‪88‬كل‬
‫صحيح‪ ،‬وهذه القدرات ال تتغ‪88‬ير ع‪88‬بر ف‪88‬ترة زمني‪88‬ة قص‪88‬يرة‪ ،‬ويمكن بن‪88‬اء ه‪88‬ذه الق‪88‬درات من خالل‬
‫عملية التدريب‪ ،‬التعلم‪ ،‬ويجب أن تكون هذه القدرات تتناسب مع الوظيفة التي يتم أداؤها‪.‬‬
‫‪ -‬الدعم التنظيمي‪:‬‬
‫يشير الدعم التنظيمي إلى الق‪88‬در ال‪88‬ذي تهتم في‪88‬ه المنظم‪88‬ة برعاي‪88‬ة ورفاهي‪88‬ة أعض‪88‬ائها من خالل‬
‫معاملتهم بعدالة‪ ،‬ومساعدتهم في حل ما يواجهونه من مشكالت واإلنصات لشكواهم‪ .‬وبمعنى آخر‬
‫فالدعم التنظيمي ينعكس في صورة اهتم‪88‬ام القيم التنظيمي‪88‬ة ب‪88‬األفراد الع‪88‬املين‪ ،‬وتق‪88‬ديم المس‪88‬اعدات‬
‫والمساهمات والعناية بهم وبصحتهم النفسية وتبدو إيجابية وفعالية المنظمة في اس‪88‬تمرارية العناي‪88‬ة‬
‫واالهتمام‪ ،‬مما ينعكس في صورة إدراك األفراد لهذا التأييد والدعم‪.‬‬

‫‪-‬اإلدراك‪ :‬يشير اإلدراك إلى‪" :‬العملية المعرفية األساسية الخاصة بتنظيم المعلومات أو أنه عملي‪88‬ة‬
‫استقبال المؤثرات الخارجية وتفسيرها من قبل الف‪88‬رد تمهي‪88‬دا لترجمته‪88‬ا إلى س‪88‬لوك معين‪ ،‬ل‪88‬ذا ف‪88‬إن‬
‫هذه العملية هي األساس الذي تقوم عليه سائر العمليات األخرى‪ ،‬وبدونها ال يستطيع الفرد أن يعي‬
‫أو أن يتعلم‪ ،‬وتج‪88‬در اإلش‪88‬ارة إلى أن اإلدراك يختل‪88‬ف بين األف‪88‬راد‪ ،‬ل‪88‬ذا ال ب‪88‬د من تفهم ق‪88‬درات‬
‫الموظفين وأسلوب تنظيمها للمعلومات الواردة إليها"‪.‬‬

‫ثالثا أنماط األداء الوظيفي‪:‬‬


‫ش‪88‬هدت نظري‪88‬ات نم‪88‬اذج األداء ال‪88‬وظيفي تط‪88‬ورا كب‪88‬يرا من‪88‬ذ ظهوره‪88‬ا‪ ،‬ويمكن إب‪88‬راز أهم ه‪88‬ذه‬
‫‪1‬‬
‫النظريات في اآلتي‪:‬‬
‫‪-1‬أداء المهمة واألداء السياقي‪:‬‬
‫‪ .1.1‬أداء المهمة‪ :‬تعد نماذج أداء المهمة تلخيصا لألبع‪88‬اد ال‪88‬تي تع‪88‬بر عن األنش‪88‬طة والس‪88‬لوكيات‬
‫التي تشير إلى مدى وفاء الفرد بمجموعة محددة من المهام المتصلة مباشرة بوظيفته‪ .‬ويحوي ه‪8‬ذا‬
‫النموذج األبعاد التقليدية للقدرة والمتمثلة في كمية األداء؛ اإلتقان؛ الكفاءة؛ الوقت المحدد لإلنج‪88‬از‪.‬‬
‫وقد أشار البعض إلى أن األبعاد السابقة ذات فعالية أكبر في تنبئها بأداء الفرد في القطاع الس‪88‬لعي؛‬
‫أم‪88‬ا المنظم‪88‬ات الخدمي‪88‬ة فإنه‪88‬ا ال تحت‪88‬وي أداء الف‪88‬رد بش‪88‬كل كام‪88‬ل ل‪88‬ذا س‪88‬عت الدراس‪88‬ات المهتم‪88‬ة‬
‫بمؤشرات األداء إلى التعرف على أبعاد أخرى (باإلضافة إلى أبعاد الق‪88‬درة التقليدي‪88‬ة) تك‪88‬ون أك‪88‬ثر‬
‫تنبؤا بأداء الفرد في المنظمات ذات النشاط الخدمي تتمثل أهم هده األبعاد في اإللمام بك‪88‬ل ج‪88‬وانب‬
‫الوظيفة؛ االلتزام الوظيفي؛ اإلبداع واالبتكار في أداء الوظيفة؛ حسن إص‪88‬دار األحك‪88‬ام والق‪88‬رارات‬
‫المرتبطة بالوظيفة‪.‬‬
‫‪2.1‬األداء السياقي‪ :‬يسمي البعض أنماط األداء الس‪88‬ياقي بأنم‪88‬اط األداء خ‪88‬ارج ال‪88‬دور وذل‪88‬ك لع‪88‬دم‬
‫اتص‪88‬الها مباش‪88‬رة ب‪88‬األداء وإنم‪88‬ا تقيس ج‪88‬وانب األداء ال‪88‬تي ال ترتب‪88‬ط بمه‪88‬ام مح‪88‬ددة‪ .‬وق‪88‬د أش‪88‬ارت‬
‫األبحاث إلى الدرجة التي يس‪8‬هم فيه‪8‬ا الع‪88‬املون ‪-‬في س‪8‬ياق العم‪8‬ل وبش‪8‬كل غ‪88‬ير مباش‪88‬ر‪-‬في تعظيم‬
‫وزي‪88‬ادة الفعالي‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة‪ 8.‬وتص‪88‬نف بعض الدراس‪88‬ات األداء الس‪88‬ياقي إلى مجموع‪88‬تين تض‪88‬م‬
‫المجموعة األولى عددا من األبعاد في شأنها تعزيز أداء المه‪88‬ام المح‪88‬ددة (العم‪88‬ل الش‪88‬اق‪-‬التط‪88‬وع‪-‬‬
‫االنتماء للمنظمة؛ تأييد األهداف التنظيمية)؛ بينما تض‪88‬م المجموع‪88‬ة الثاني‪88‬ة ع‪88‬ددا من األبع‪88‬اد ال‪88‬تي‬
‫تيسر التفاعل بين األفراد (التعاون‪-‬مساعدة اآلخرين)‪.‬‬
‫‪-2‬األداء السلبي واألداء المتكيف‪:‬‬
‫‪1.2‬األداء السلبي‪ :‬يشير إلى تلك السلوكيات التي ينتج عنها اختالل وظيفي في أداء الفرد لمهام‪88‬ه‬
‫الوظيفية؛ ويعد سلوك الرغبة في االنسحاب وترك العمل أك‪88‬ثر الس‪88‬لوكيات تنب‪88‬ؤا ب‪88‬األداء الس‪88‬لبي؛‬
‫حيث يبدأ الفرد من هذا السلوك في صرف انتباهه عن المهام الوظيفية الموكلة إليه والن‪88‬أي بنفس‪88‬ه‬
‫عن وظيفت‪88‬ه؛ عن‪88‬دها يب‪88‬دأ الف‪88‬رد في التغيب عن العم‪88‬ل ب‪88‬دون ع‪88‬ذر؛ وغي‪88‬اب اإلتق‪88‬ان في أدائ‪88‬ه‬
‫وانخفاض اإلنتاجية‪.‬‬

‫‪ 1‬زيد صاحل حسن مسيع‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.97-91 :‬‬
‫‪2.2‬األداء المتكيف‪ :‬أصبح األداء المتكي‪88‬ف أك‪88‬ثر حض‪88‬ورا في ظ‪88‬ل التغ‪88‬ير الس‪88‬ريع في متطلب‪88‬ات‬
‫العمل الناجم عن االبتكارات التكنولوجية؛ االن‪88‬دماج؛ إع‪88‬ادة الهيكل‪88‬ة؛ تقليص حجم المنظم‪88‬ة؛ ال‪88‬ذي‬
‫يستلزم قدرة الفرد على التعلم السريع والتكيف مع الوضع الجديد ليكون ق‪88‬ادرا على المنافس‪88‬ة على‬
‫الوظائف والمهام المستحدثة‪ .‬ويشير األداء المتكيف إلى "ذلك السلوك الذي يع‪88‬بر عن م‪88‬دى كف‪88‬اءة‬
‫الفرد وقدرته على تغيير سلوكه وذلك لمقابلة متطلبات التغير في البيئة واالنتقال المستمر من حال‬
‫إلى آخر"‪.‬‬
‫بعض النماذج حول ثقافة المؤسسة‪:‬‬
‫‪ -1‬النموذج الناجح – اليابان‪-‬‬
‫إن معدل دوران العمل في المؤسسة اليابانية ضعيف جداً‪ ,‬و أيضا الميكانيزمات اإلجتماعي ة‬
‫و اإلقتصادية موجودة داخل المؤسسة‪ ,‬أين نجد‪:‬‬
‫اليد العاملة المؤهلة يحتفظ بها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الرغبة الموجودة عند العامل مرتبطة بمؤسسة و فقط‪ ,‬بمعنى أن أي مؤسسة أخرى ال تتحمل‬ ‫‪-‬‬

‫الخطر في أن توظفه ( المستهلك الياباني غيور على المنتج)‪.‬‬


‫ال توجد انفرادية في المؤسسة‪ ,‬أي المصلحة العامة تغلب على المصلحة الخاصة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫هناك عالقات من نوع أبوي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫إعطاء أهمية كبرى لإلجتماعات الغير رسمية و تبرز األهمية في‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫أداة للتحكم في عدم التأكد من المعلومات‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫الفرد داخل التنظيم رسمي يكون وف ُُُ‬
‫ي في مقارنة مع وجوده في التنظيم الرسمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫فيما يخص أخذ القرار‪ ,‬المسير في المؤسس ة الياباني ة لدي ه نس بة قليل ة ج داً فيم ا يخص أخ ذ‬ ‫‪-‬‬

‫القرار‪ ,‬و أن القاعدة في أخذ القرارات تكون عموما ً من طرف الجماعة‪ ,‬ال فردياً‪.‬‬
‫ال يوبخ الفرد في حالة أخذه لقرار غير صائب‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫القرارات تأخذ بمراحل‪ ,‬و هذا ما يفسر طول فترة إنتظار‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫هن اك مس تخدمين ب العقود‪ ,‬مثال مؤق تين‪ ,‬تحت المعالج ة (‪ ,)soutraitance‬فرع يين و‬ ‫‪-‬‬

‫مستخدمين دائمين‪ ,‬حيث أكبر نسبة تكون لمستخدمين بالعقود‪.‬‬


‫النموذج ي‪:‬‬
‫أقيمت دراسة على ‪ 07‬وح دات لص ناعات النس يج‪ ,‬و تم اس تجواب أك ثر من ‪ 400‬ش خص‬
‫حول العوامل المؤثرة في فعاليات التنظيمات‪ ,‬و تم استنتاج ما يلي‪:‬‬
‫الزالت نظرة المجتمع لدور الم رأة نظ رة تقليدي ة (عمله ا في ال بيت)‪ ,‬مم ا جع ل الكث ير من‬ ‫‪-‬‬

‫العامالت تركن العمل بمجرد زواجهن أو إنج ابهن للمول ود األول‪ ,‬ه ذا م ا أدى إلى ص عوبة‬
‫بالنسبة للوحدات التي تشغل الع امالت‪ ,‬و أيض ا تك وين مس تمر تحس با ً ل زواج أي عامل ة أو‬
‫تركها العمل‪.‬‬
‫الحظ أن العامالت في تلك المؤسسات عادة ما ت ُك َّن سببا ً لعدة مشاكل عاطفية‪ ,‬و ثقافية و ه ذا‬ ‫‪-‬‬

‫نظرا لوجود نظرة اجتماعية سلبية للعمل المختلط بين الجنسين‪.‬‬


‫عدم احترام الوقت و المواص لة في العم ل‪ ,‬و اعتم اد أوق ات فضفاض ة‪ ,‬في ض بط المواعي د‬ ‫‪-‬‬

‫(وقت الظهر‪ ,‬وقت العصر‪.)...‬‬


‫إلتماس األعذار لتبرير مخالفاتهم كقلة المواصالت‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫للمناسبات العائلية و الظروف األسرية أولوية على الشغل‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تكاثر الغيابات أيام السوق األسبوعية و خاصة في المدن الصغيرة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تكاثر الغيابات أثناء المباراة و خاصة الدولية في رياضة كرة القدم باألخص‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫معدل دوران العمل كبير جداً‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫إهمال إجراءات األمن بسبب عدم التعود على األعمال الص ناعية و المخ اطر المحيط ة به ا‪,‬‬ ‫‪-‬‬

‫مما جع ل العم ال ال يس تطيعون الص بر على اس تعمال األلبس ة الواقي ة من أقنع ة و قف ازات‬
‫‪...‬إلخ‪.‬‬
‫التعرف على طبيعة العالقة الموجودة بين الثقافة التنظيمية واألداء الوظيفي سيتم عرض بعض‬
‫الدراسات السابقة في الموضوع محل الدراسة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الدراسات السابقة‬
‫‪.1‬شامي صليحة (‪ )2010‬بعنوان‪ :‬المناخ التنظيمي وتأثيره على األداء الوظيفي للعاملين دراسة‬
‫حالة جامعة "أمحمد بوقرة" بومرداس وقد توصلت إلى النتائج التالية‪:‬‬
‫‪-‬محاولة الوقوف على العناصر التي من شأنها أن تعمل على خلق توجهات سلبية على المناخ‬

‫التنظيمي السائد لدى الموظفين ومحاولتهم مواجهتها والتغلب عليها؛‬


‫‪ -‬منح وإعطاء الثقة للموظفين إلظهار إبداعاتهم وذلك من خالل إتباع األسلوب الديمقراطي‬

‫التشاوري في اإلدارة وتفويض الصالحيات لهم األمر الذي يشعرهم بمكانتهم وبثقة اإلدارة فيهم‬
‫وكذا ثقتهم بنفسهم ومضاعفة نشاطهم كي يبدو أهال لتحمل المزيد من الواجبات‪ ،‬األمر الذي يتأمل‬
‫أن يؤثر إيجابا على أدائهم الوظيفي‪8.‬‬
‫‪-2‬قام الباحث "‪ " Mathew‬وآخرون س‪88‬نة ‪ 2012‬بدراس‪88‬ة الثقاف‪88‬ة ومخرج‪88‬ات عم‪88‬ل الم‪88‬وظفين‬
‫وأدائهم بمنظم‪88‬ات ص‪88‬ناعة ال‪88‬برامج االلكتروني‪88‬ة بالهن‪88‬د‪ ،‬حيث توص‪88‬ل الب‪88‬احثون إلى أن األداء‬
‫الوظيفي بهذه المؤسس‪88‬ات ك‪88‬ان مرتف‪88‬ع وال‪88‬ذي تم قياس‪88‬ه عن طري‪88‬ق قي‪88‬اس إنتاجي‪88‬ة العم‪88‬ل‪ ،‬ج‪88‬ودة‬
‫العمل‪ ،‬ودرجة االعتماد على االبتكار ألداء الوظيفة الموكلة للموظف‪ ،‬ويع‪88‬ود ه‪88‬ذا األداء المرتف‪88‬ع‬
‫كنتيجة للثقافة السائدة في هذه المنظمات‪ .‬باإلض‪88‬افة إلى أن ه‪88‬ذا األث‪88‬ر اإليج‪88‬ابي للثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة‬
‫على األداء ال‪88‬وظيفي ك‪88‬ان مص‪88‬دره ق‪88‬وة عناص‪88‬ر الثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة ال‪88‬تي تمتلكه‪88‬ا ه‪88‬ذه المنظم‪88‬ات‬
‫والمتمثلة في الرسالة التنظيمية‪ ،‬الثقة الموجودة بين الموظفين‪ ،‬التعلم التنظيمي‪ ،‬تمكين الم‪88‬وظفين‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وكذلك القيم األساسية‪.‬‬
‫‪-3‬درس كل من "‪ »Kwantes‬و "‪ "Boglarsk‬سنة ‪ 2007‬أثر إدراك الثقافة التنظيمية على‬
‫فاعلية كل من القائد وأفراد المنظمة‪ ،‬حيث تمت الدراسة باستخدام قاعدة بيانات من ستة دول في‬
‫كندا‪ ،‬هون‪88‬غ كون‪88‬غ‪ ،‬نيوزيالن‪88‬دا‪ ،‬جن‪88‬وب إفريقي‪88‬ا‪ ،‬المملك‪88‬ة المتح‪88‬دة (إنكل‪88‬ترا)‪ 8‬والوالي‪88‬ات المتح‪88‬دة‬
‫األمريكية‪ .‬وتوصل الباحثين إلى أن قوة إدراك الثقافة التنظيمية ل‪88‬ه ص‪88‬لة وثيق‪88‬ة بفاعلي‪88‬ة ك‪88‬ل من‬
‫القائد والم‪88‬وظفين‪ ،‬إذ ك‪88‬ان أث‪88‬ر الثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة على فاعلي‪88‬ة القائ‪88‬د أك‪88‬بر من أث‪88‬ره على فاعلي‪88‬ة‬
‫الم‪88‬وظفين باعتب‪88‬ار أن ق‪88‬ادة المنظم‪88‬ة أك‪88‬ثر إدراك‪88‬ا لثقافته‪88‬ا التنظيمي‪88‬ة‪ 8.‬عالوة على ه‪88‬ذا للثقاف‪88‬ة‬
‫‪2‬‬
‫التنظيمية أثر إيجابي على الرضا الوظيفي‪8.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Mathew. J., Ogbonna. E., & Harris. L. C, “Culture, employee work outcomes and performance: An empirical‬‬
‫‪.analysis of Indian software firms”, Journal of World Business, 2012, PP. 194–203‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Kwantes. C. T., & Boglarsky. C. A, “Perceptions of organizational culture, leadership effectiveness and personal‬‬
‫‪.effectiveness across six countries”, Journal of International Management, 2007, PP. 204-230‬‬
‫‪-4‬س‪88‬نة ‪ 2007‬درس "‪ "Macintosh‬و "‪ "Dohherty‬كيفي‪88‬ة تعزي‪88‬ز وتوس‪88‬يع نط‪88‬اق الثقاف‪88‬ة‬
‫التنظيمية‪ ،‬وقد أجريت الدراسة بكندا‪ .‬من نتائج هذه الدراسة هي أن الثقافة التنظيمي‪88‬ة عب‪88‬ارة عن‬
‫معرفة القيم‪ ،‬والمعتقدات الموجهة للقادة والموظفين‪ 8.‬إضافة إلى هذا الثقافة التنظيمية تؤثر إيجاب‪88‬ا‬
‫على س‪88‬لوك ومواق‪88‬ف الم‪88‬وظفين‪ ،‬وه‪88‬ذا من ش‪88‬أنه أن ي‪88‬ؤثر إيجاب‪88‬ا على األداء ال‪88‬وظيفي‪ .‬وأك‪88‬د‬
‫‪1‬‬
‫الباحثان أن األداء الوظيفي الجيد يؤدي إلى رضا العمالء‪.‬‬
‫‪-5‬أكد "‪ "Deshpandé‬و "‪ "Farley‬في دراسة قاما بها سنة ‪ 2004‬حول الثقافة التنظيمي‪88‬ة‪،‬‬
‫التوج‪88‬ه التس‪88‬ويقي‪ ،‬اإلب‪88‬داع وأداء المنظم‪88‬ة‪ 8.‬توص‪88‬ل الباحث‪88‬ان إلى أن ك‪88‬ل من الثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة‪،‬‬
‫التوجه التسويقي واإلبداع تؤثر إيجابا على األداء الوظيفي‪ 8.‬ويرى الباحث‪88‬ان أن الثقاف‪88‬ة التنظيمي‪88‬ة‬
‫تخلق مناخ عمل جيد مبني على الثقة المتبادلة بين األفراد فه‪8‬ذا يخل‪88‬ق نوع‪8‬ا من االل‪88‬تزام بالعم‪8‬ل‬
‫‪2‬‬
‫مما يؤدي إلى تحسين في األداء الوظيفي‪8.‬‬
‫‪-6‬في س‪888‬نة ‪ 2002‬درس "‪ "Tepeci‬و "‪ "Bartleu‬ص‪888‬ورة الثقاف‪888‬ة التنظيمي‪888‬ة في القط‪888‬اع‬
‫االستشفائي‪ .‬تشير نتائج هذه الدراسة إلى أنه يوجد ترابط بين سلوك الم‪88‬وظفين واتجاه‪88‬اتهم ال‪88‬تي‬
‫‪3‬‬
‫تؤثر على األداء الوظيفي‪ ،‬وهذه السلوكيات تتأثر بالثقافة التنظيمية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬النتائج المستخلصة من الدراسات السابقة‬


‫من خالل االطالع على الدراسات السابقة تم التوصل إلى مجموعة من النتائج وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬محاولة الوقوف على عناصر الثقافة التنظيمية التي من شأنها أن تؤثر على األداء الوظيفي؛‬

‫‪ -‬األداء الوظيفي بالمؤسسات الصناعية كان مرتفع والذي تم قياسه عن طريق قياس إنتاجية‬

‫العمل‪ ،‬جودة العمل‪ ،‬ودرجة االعتماد على االبتكار ألداء الوظيفة الموكلة للموظف؛‬

‫‪1‬‬
‫‪MacIntosh, E., & Doherty. A, “Extending the Scope of Organizational Culture: The Extnernal hception of an‬‬
‫‪.Internal Phenomenon”, Sport Management Review, 2007, PP. 45-64‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Deshpandé. R., & Farley. J. U, “Organizational culture, market orientation, innovativeness, and firm‬‬
‫‪.performance: an international research odyssey”, International Journal of Research in Marketing, 2004, PP. 3-22‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Tepeci, M.,‬‬ ‫‪&Bartlett, B, “The hospitality industry culture profile: a measure of individual values,‬‬
‫‪organizational culture, and person–organization fit as predictors of job satisfaction and behavioral intentions”,‬‬
‫‪.Hospitality Management, 2002, PP. 151–170‬‬
‫‪ -‬األثر اإليجابي للثقافة التنظيمية على األداء الوظيفي كان مصدره قوة عناصر الثقافة التنظيمية‬

‫التي تمتلكها هذه المنظمات والمتمثلة في الرسالة التنظيمية‪ ،‬الثقة الموجودة بين الموظفين‪ ،‬التعلم‬
‫التنظيمي‪ ،‬تمكين الموظفين‪ ،‬وكذلك القيم األساسية؛‬
‫‪-‬قوة إدراك الثقافة التنظيمية له صلة وثيقة بفاعلية كل من القائد والموظفين؛‬

‫‪ -‬الثقافة التنظيمية عبارة عن معرفة القيم‪ ،‬والمعتقدات الموجهة للقادة والموظفين‪ .‬إضافة إلى هذا‬

‫الثقافة التنظيمية تؤثر إيجابا على سلوك ومواقف الموظفين‪ ،‬وهذا من شأنه أن يؤثر إيجابا على‬
‫األداء الوظيفي‪ .‬وأكد الباحثان أن األداء الوظيفي الجيد يؤدي إلى رضا العمالء؛‬
‫‪ -‬كل من الثقافة التنظيمية‪ ،‬التوجه التسويقي واإلبداع تؤثر إيجابا على األداء الوظيفي؛‬

‫‪ -‬تشير نتائج هذه الدراسة إلى أنه يوجد ترابط بين سلوك الموظفين واتجاهاتهم التي تؤثر على‬

‫األداء الوظيفي‪ ،‬وهذه السلوكيات تتأثر بالثقافة التنظيمية‪8.‬‬


‫ومن خالل دراستنا لهذا الموضوع اعتمدنا على مجموعة من األبعاد وهي الرس‪88‬الة التنظيمي‪88‬ة‪،‬‬
‫التعلم التنظيمي‪ ،‬تمكين الم‪88‬وظفين‪ ،‬والقيم األساس‪88‬ية وهي تمث‪88‬ل أبع‪88‬اد المتغ‪88‬ير المس‪88‬تقل (الثقاف‪88‬ة‬
‫التنظيمية)‪ ،‬بينما األداء الوظيفي تم اختيار ثالث أبعاد له متكاملة فيم‪88‬ا بينه‪88‬ا وهي إنتاجي‪88‬ة العم‪88‬ل‪،‬‬
‫جودة العمل‪ ،‬االبتكار في العمل‪ ،‬لتشكل هذه األبعاد أبعادا للمتغير التابع‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫إن دراس ة اإلط ار الثق افي للمنظم ة يس اعد على فهم و تفس ير س لوك األف راد‪ ,‬و‬
‫بسيكولوجياتهم‪ ,‬و القيـم التي يؤمنـون به ا‪ ,‬فـأهـميـة ال وقت‪ ,‬السلـوك الـمنظـم‪ ,‬الـمثابـرة‪,‬‬
‫الرغب ة في اإلنـجاز‪ ,‬اإلرادة و إتقـان العمـل‪ ...‬كلـها سـمـات ض رورية للنج اح في أي‬
‫ميـدان‪ ,‬و أن كيفيـة استخدامهـا تختلـف باختالف الثقـافـات‪.‬‬
‫كـل هذه المعلومات تساعـد رجال التسيير على تحليل تصرفات العمال و التنبـأ بهذا السلوك‬
‫و التحكم فيه‪ ,‬و بنـاءاً كـل هذه المعطيات‪ ,‬يمكن إلدارة المؤسسـة رسـم السيـاسـات النـاجحة‬
‫الكفيلـة بتوجيـه سلـوك األفـراد‪.‬‬

You might also like