Professional Documents
Culture Documents
كليـة الزراعـــــــــة
قسم اإلرشاد الزراعى والمجتمع الريفى
محاضرات
فى
أساسيات المجتمع الريفي
2
الوسطي ،وازدهرت في القرن الثامن عشر الذي سمي بعصر النهضة والتنوير وهو
3
العصر الذي سبق مباشرة ظهور علم االجتماع كعلم .فلقد حدث مع بداية العصر الحديث
تطورًا كبيرًا في أساليب التفكير ومناهج البحث ،وبعد أن كانت الفلسفة وحدها هي التي
تشتمل على كافة ألوان المعارف بما فيها المعرفة االجتماعية ،أخذت العلوم تنفصل واحدة
تلو األخرى بداية من علم الفلك ،ثم الرياضة فالطبيعة ثم الكيمياء ثم األحياء فالجيولوجيا
فعلم النفس وأخيرًا علم االجتماع الذي تعد الفلسفة االجتماعية أساسًا له.
ويعتبر علم االجتماع أحدث العلوم االجتماعية ،حيث إهتم المفكرون والفالسفة بدرجة
كبيرة منذ أقدم العصور بمختلف شئون الحياة االجتماعية ،مسجلين أحداثها ووقائعها،
ومفسرين لما يحدث فيها واضعين تصوراتهم عن أفضل النظم المعيشية التي تحقق األمن
والرفاهية لإلنسانية فلقد نادي أفالطون بالمدينة الفاضلة التي ليس فيها شرور أو آثام
لتنجلي الظلمة وتتبدد الجهالة ويسود العدل االجتماعي والسالم ،ودعا ابن خلدون إلى
تأسيس علم مستقل لدراسة السلوك االجتماعي بهدف اكتشاف القوانين التي تحكم السلوك
البشرى ،ودراسة الحياة االجتماعية وكل ما يعرض فيها من حضارة مادية وعقلية،
ودراسة الظواهر االجتماعية فكانت هذه المحاوالت بداية لعلم جديد يختص بدراسة تلك
الظواهر.
ويختلف العلماء حول تحديد نقطة النشأة لعلم االجتماع وتطوره إال أنهم يتفقون على أن
القرن التاسع عشر الميالدي هو تاريخ الميالد الحقيقي لعلم االجتماع كعلم منفصل على يد
الفيلسوف الفرنسي "أوجست كومت "
والذي أخرج مجموعة من المجلدات نشرت ما بين عامى 1798 – 1857( Augeste comteم )
1882-1830م و يعد هو أول من أطلق على الدراسة العلمية للعالقات االجتماعية "علم
فلقد الحظ أن التفكير في السلوك االجتماعي ال يزال محكومًا بخليط Sociology االجتماع "
من التفكير الديني والفلسفي ،وأن هناك ضرورة لوضع األساس العلمي لدراسة السلوك
االجتماعي من جميع جوانبه مطبقًا طرق بحث دقيقة تم تجربتها فظهر بذلك علم االجتماع
كعلم مستقل له قواعده ونظرياته ومناهجه الخاصة.
ولقد كانت بداية التفكير اإلنساني االجتماعي في مناطق متعددة من بالد الشرق من رواد
الفكر وعلماء االجتماع والحكماء والمصلحين االجتماعيين فهم أول من درسوا أصول
المدنيات والحضارات اإلنسانية،وتوصلوا لعديد من األفكار والنظريات ،وهم بذلك كانوا
4
التربة الخصبة التي نشأت فيها بذور التفكير اإلنساني وفلسفته ،وبالرغم من ذلك لم
يستفيدوا منها ،وتجاهل رواد الفلسفة اليونانية جهودهم فأخذوها ورددوها واستفادوا
منها ،ورددها من جاء بعدهم،واقتدى بهم،وقاموا برعايتها وترتيبها وتنسيقها وتنظيمها حتى
وصلت إلى ما آلت إليه اآلن فظهرت الفلسفة اليونانية باعتبارها أول صورة للتفكير
اإلنساني المنظم تالها العديد من الفلسفات التى ناقشت أفكارًا مختلفة .
العوامل التي ساهمت في نشأة علم االجتماع:
أشارت كثير من كتابات المفكرين االجتماعيين إلى وجود العديد من العوامل التي
ساهمت في نشأة علم االجتماع وهى:
أوًال :العوامل الفكرية:
صاحب عصر التنوير في أوربا قيام كثير من المدارس الفكرية التي أخذت تنادى
بضرورة تخليص المجتمع من األفكار القديمة التي غرسها رجال الدين المسيحي في
العقول باتهام كل من يتبنى أي أفكار علمية بالخروج عن التعاليم الدينية فقيدت أفكارهم
العلمية ،ومع نشاط حركة التفكير والبحث العلمي أخذ هؤالء الفالسفة وضعهم الصحيح في
المجتمع وعملوا على أنقاد التراث الفكري القديم بوضع نظم جديدة تحكم سلوك أفراد
المجتمع وتنظم عالقاته االجتماعية ،واستطاعوا بالفعل فتح آفاق جديدة للتفكير في شتى
مجاالت الحياة ومن أهم العوامل التي ساعدت على النهضة في المجتمع األوربي:
-3ظهور فلسفة التجاريين التي أمدت المجتمع الناهض بطريقة جديدة في التفكير
-4قيام حركة اإلصالح الديني على يد " مارتن لوثر " ودعوته إلى جعل اإليمان
أساس العقيدة بدالً من األفعال الظاهرية ،وترتب على ذلك :
-الحرية الفردية
-ظهور أيديولوجيات جديدة تقوم على نظرية الحق الطبيعي التي تجيز للشعب
الثورة على الحكومة ليصبح مصدرًا للسلطة.
لقد كان للثورة الصناعية التي حدثت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر دورًا
فعاًال في إحداث التغيرات االجتماعية وبالتالي سببًا مباشرًا في ظهورعلم االجتماع،
وانتقلت مظاهر التغير بسببها من إنجلترا إلى بقية البالد األوربية وسائر أجزاء العالم
وبدرجات متفاوتة .وحظيت هذه الثورة وإ حداثها باهتمام كبير من جانب المفكرين في هذه
البالد نظرًا لما أحدثته من تغيرات مختلفة كان من أهمها:
أ -ظروف العمل:حيث كان هناك اهتماما كبيرًا بأحوال الطبقة العاملة من جانب المفكرين
االجتماعيين ببحثهم كيفية تحسين أوضاعهم المعيشية ،وحفظ حقوقهم عن طريق إدخال
نظم التأمين والضمان االجتماع عليهم.
ب -نظم الملكية ولقد أختلف المفكرون بشأن نظم الملكية السائدة فمن وجهة نظر فريق
منهم وهم المحافظون يرون أن الملكية تؤدى وظيفة اجتماعية ال يمكن االستغناء عنهــا
باعتبارها أساسًا لألسرة والكنيسة والدولة ،بينما يرى الراديكاليون أنه يجب القضاء على
الملكيات الخاصة باعتبارها وسيلة من وسائل االستقالل.
ﺠ -ظهور المدينة الصناعية :ساعدت الثورة الصناعية في ظهور أنماط جديدة من المدن،
ونمو البعض اآلخر منها ،مما أدى بدوره إلى انتشار الحضرية كأسلوب للحياة ونمط
للمعيشة يؤثر في تفكير الناس وسلوكهم ،كذلك ارتبط نمو المدينة الصناعية بطغيان القيم
الفردية على القيم الجمعية وزيادة اغتراب اإلنسان عن الواقع االجتماعي الذي يعيش فيه،
وإ حساسه الدائم بالعزلة العقلية والنفسية ،وظهور األحياء العشوائية التي تزداد فيها نسبة
االنحراف والجريمة.
د -التقدم التكنولوجي وظهور نظم التصنيع الحديثة:حيث أثرت الثورة الصناعية بشكل
مباشر على المجتمع نتيجة التقدم التكنولوجي في جميع المجاالت ،وبظهور نظم تصنيع
متطورة كان من أثارها أن تغيرت العالقة التاريخية بين الرجل والمرأة ،والقضاء على
6
نظم العائلة التقليدية ،وإ زالة الحواجز الثقافية التي كانت تفصل بين القرية والمدينة،
وتحررت طاقة اإلنسان اإلنتاجية من القيود المفروضة عليه من الطبيعة والمجتمع.
وما صاحبها من إيديولوجيات وأفكار جديدة دورًا في 1789م كان للثورة الفرنسية عام
تنظيم الحياة االجتماعية حيث أقرت ضوابط جديدة لحفظ حقوق اإلنسان في المجتمع ،و
إعالن مبدأ حقوق اإلنسان والمواطن ،ووضع قواعد لنظم الملكية ،والزواج ،والتنظيمات
السياسية كما فتحت األبواب أمام المفكرين وخاصة الفيلسوف الفرنسي " أوجست كومت
"الذي أفزعته الظروف التي عاشتها فرنسا قبل الثورة.
وبالطبع ليس معنى الوصول للموضوعية العلمية أن يتخلى اإلنسان عن قيمه واعتقاداته
الدينية واألخالقية فاالجتماع كعلم يهتم بتلك الحقائق مثل ربط االعتبار األخالقي بأفعال
معينة أو سلوك معين لمجتمع معين ،أو بالطرق المختلفة التي يعبد الناس بها إلههم أو
آلهتهم.ولكن االجتماعيون كعلماء ال يستطيعون الحكم بما هو صحيح أو خطأ أو أخالقي
8
في حد ذاته ،وهذه المشكلة بطبيعة الحال يمكن دراستها موضوعيًا ولكن ال يمكن الحكم
عليها أنها خيرًا مطلقًا أو شًر مطلقًا عن طريق الوسائل العلمية ،وهذه الحقيقة إذا أخذت
في االعتبار تجعل من الممكن للباحث أن يوفق أو يهادن بين اعتقاداته الدينية واالعتقادات
األخرى وبين أبحاثه العلمية.
ب -تركيب البنيان االجتماعي :ويتضمن دراسة جغرافية البيئة من حيث سكانها وعالقته
بالتنظيم االجتماعي ،ودراسة السكان من حيث توزيعهم ونسبتهم ،ودراسة التخلخل
السكاني.
ﺠ -علم الوظائف االجتماعية :ويشمل علم االجتماع األخالق واللغوي وعلم االجتماع
االقتصادي.
ثالثًا :تقسيم الخشاب :وقسم علم اإلجتماع تحت خمسة فروع رئيسية هي:
وهو المدخل األساسي لدراسة المجتمع General Sociology أ -علم االجتماع العام:
ويتضمن تعريف علم االجتماع ونظرياته المختلفة ،ودراسة المقومات العامة للحياة
االجتماعية ،والبحث في طبيعة المجتمع اإلنساني وخصائصه ،وظواهره ونظمه ،كما
يبحث في موضوعات علم االجتماع من حيث نشأته وتطوره والعالقة بينه وبين غيره من
العلوم ،وشروط وقواعد المنهج العلمي ،وطرق الدراسة المالئمة لموضوعه ،باإلضافة إلى
دراسة العالقات والروابط االجتماعية سواء بين األفراد أو الجماعات أو بين النظم
والظواهر االجتماعية ،واالهتمام بتصنيف كل أنماط الجماعات والمجتمعات التي يتكون
منها المجتمع للكشف عن النظريات االجتماعية والقوانين التي تحكم الظواهر االجتماعية
المختلفة.
ب -علم أصول الحضارات وتطورها :ويشتمل على دراسة األجناس خاصة الجانب
االجتماعي منها ،ودراسة الثقافة وعناصرها ومظاهر التخلف الثقافي وأسبابه ،ودراسة
التطور والتغير االجتماعي.
ﺠ -دراسة ديموجرافيا السكان.
د -دراسة البيئة االجتماعية (األيكولوجى).
ﻫ -علم الوظائف االجتماعية:ويشتمل على:
-1علم االجتماع األسرى:ويهتم بدراسة األسرة وما يتصل بها من نظم وظواهر.
- 2علم االجتماع الريفي :ويقوم بدراسة التطبيقات العملية لعلم االجتماع العام في القطاع
الريفي،كما يهتم بدراسة المجتمع الريفي وما به من ظواهر اجتماعية ،ودراسة الحالة
االجتماعية للريفيين ،كما يدرس شئون المجتمع الريفي من حيث مشكالته
10
واحتياجاته،وإ عادة تخطيطه ،واألجهزة الخدمية الالزمة للنهوض بها ،وأفضل الطرق
لالرتقاء بحياتهم ،ودراسة ما يميز المجتمعات الريفية عن غيرها من األنماط الثقافية ،
وطرق المعيشة .
-3علم االجتماع الحضري :ويقوم بدراسة التطبيقات العملية لعلم االجتماع العام في
القطاع الحضري ،ويقوم بدراسة المدنية من حيث نشأتها وتطورها ووظائفها وأجهزتها
اإلدارية والفنية وتقسيمها الطبقي والمهني ومستوياتها التكنولوجية ،وكذلك دراسة
المشكالت التي تواجه المجتمع الحضري ،ورسم طرق العالج واإلصالح ،ومقارنة الحياة
الحضرية بالحياة الريفية ،ودراسة تأثير التغيرات والتقدم التكنولوجي على عادات وتقاليد
وأخالقيات وقيم األفراد في المجتمع الحضري ،ودراسة عالقاتهم مع بعضهم ،ونظام
األسرة والتعليم وغيرها من النظم.
-4علم االجتماع االقتصادي ويختص بدراسة الظواهر والنظم االقتصادية المختلفة ومدى
تأثيرها على المسائل االقتصادية ،وأثر توزيع الثروة على نظام الطبقات االجتماعية.
-5علم االجتماع السياسي ويقوم بدراسة الظواهر السياسية وما يتصل بها من مشاكل
دولية ،ومدى تأثيرها على النظم االجتماعية األخرى ،كما يدرس األصول االجتماعية
للعمليات السياسية.
-6علم االجتماع الجنائي :ويدرس الجوانب القانونية والقضائية والنظم المتصلة بالمسئولية
والجزاءات واالنحرافات والجرائم وما يتصل بها.
-7علم االجتماع النفسي :ويقوم بدراسة كل من نفسية الشعوب والقوى المؤثرة في
الجماهير،والزعامة ومقوماتها ومسئولياتها ،والرأي العام ،واتجاهاته ،ويتناول العوامل
االجتماعية المفسرة للظاهرة النفسية مثل تكوين " األنا " أو " الذات " وأثر المجتمع في
تكوين ذلك بجانب دراسة اإلدراك الحسي واختالفه من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى
آخر.
- 8االجتماع األخالقي:ويقوم بدراسة المعايير األخالقية والعرف والعادات والتقاليد وما
يتصل بذلك من قواعد وقوانين اجتماعية وأخالقية.
11
المجتمع الريفى
قد يبدو من المتناقضات من الناحية المنطقية أن يزداد اإلهتمام بعلم اإلجتماع الريفي في
الوقت الذى بدأ يتناقص فيه عدد السكان الريفيين فى كثير من دول العالم إما نتيجة للتطور
الصناعي وما يرتب علي ذلك من عمليات جذب للريفيين وانتقالهم لإلقامة بالمدن ،أو لما أدت
إليه تطور التكنولوجيات الزراعية من االستغناء عن خدمات أعداد كبيرة من العمال
الزراعيين بالريف حيث لم يصبح اإلنتاج الزراعي في حاجة إلى خدماتهم ومن ثم هجرتهم
صحيحا ومنطقياً إال أن
ً تحت هذا الضغط إلى أماكن أخرى ،غير أن هذا التناقض وإ ن بدا
كبيرا فى ميدان علم اإلجتماع الريفي الذى تطور وإ متد
ً تطورا
ً الحقيقة العملية أوضحت
ليشمل المناطق الريفية والمناطق المجاورة لها مما يدحض هذا التناقض الذى يؤيده منطق
علماء اإلجتماع الحضري القائل بأن المدينة هي مركز القوة والسيطرة والحكم ،وهى عصب
اإلقتصاد والهدف الذى توجه لها الحكومات كل اهتماماتها مما يتضاءل معه اإلهتمام بالريف.
وهنا تواجهنا األسئلة التالية:
-هل يتناقص اإلهتمام بعلم اإلجتماع الريفي إلى نقطة التالشي كنتيجة حتمية لتركيز الرعاية
واإلهتمام بالحضر.
-هل يظل علم اإلجتماع الريفي محافظا على مركزه دون أن يصيبه أى تدهور.
-هل يتطور علم اإلجتماع الريفي ويمتد بحثه ودراساته فيزداد اإلهتمام به رغم فقدانه
لبعض سكانه ورغم اإلهتمام بالحضر.
13
وإ ذا كان الريف قد تطور من الناحيتين التكنولوجية واإلقتصادية فلقد تطور أيضا فى الناحية
اإلجتماعية ألنها محصلة هاتين الناحيتين معا ،فمن ناحية تكونت فيه منظمات إجتماعية تعمل
على قدم المساواة كما في المجتمع الحضري مثل الجمعيات التعاونية الزراعية ،وجمعيات
التسويق التعاوني واإلئتمان الزراعي والنقابات العمالية الزراعية ومن ناحية أخرى يعيش
المزارع في مسكن حديث يضم الكثير من وسائل الحياة الحديثة نتيجة التطور التكنولوجي
واإلقتصادى وما ترتب عليها من زيادة في الدخل ،وبالتالي إرتفاع المستوى المعيشي،
باإلضافة الى توفر الخدمات العامة مثل التعليم والصحة وتوفر المرافق الخدمية مثل مياه
الشرب النقية والطرق الممهدة والمرصوفة(المعبدة) واإلنارة واإلتصاالت .كل ذلك ساهم في
تطور المجتمع الريفي ونهضته فتخلفه في العصور الماضية كان ألسباب خارجة عن إرادته.
والشك أن مثل هذا التقدم الذى أحرزه قطاع الريف في هذه الميادين دفع المسئولين في
األجهزة الحكومية والهيئات والمنظمات الرسمية وغير الرسمية المحلية والدولية الى توجيه
عناية فائقة بالمناطق الريفية ،فهي تمثل مصدرا هائال من مصادر الثروة والقوة البشرية
وكذلك مصدرا للسلطة والقوة مثلها مثل المناطق الحضرية بعد إزدياد نسب المتعلمين بها،
وأخذ الريفيين بأسباب الثقافة والحضارة وبمحاذاة ذلك تطورت الدراسات الريفية الحديثة
فإهتمت بدراسة أثر التيارات الثقافية والحضارية المتقدمة على الريفيين ،وأثر الجانبين
الميكانيكي والذاتي للتحضر ،وأثر التصنيع على العمالة الريفية التي تعمل كل أو بعض الوقت
في المصانع التي أنشأت في قلب الريف ولما لهذا التطور والتحول من آثار عميقة وجذرية
على العالقات اإلجتماعية الريفية أو على العالقات األسرية وما طرأ عليها من تغيير.
إن إهتمام علماء اإلجتماع الريفي في الدول المختلفة بدراسة مجتمعاتهم انعكس وتطور
بدرجة متقدمة بإتجاههم إلى الدراسات المقارنة بين المجتمعات الريفية التقليدية والمتطورة
والنامية .وهم بهذا اإلتجاه يجعلون من علم اإلجتماع الريفي علم إجتماع مقارن يهدف إلى
اإلفادة من تنظيمات المجتمعات الريفية المتقدمة والنامية ووسائلها الحديثة في اإلنتاج
الزراعي ،وفى تطوير المجتمعات الريفية المتخلفة ،وتضافرت معهم جهود المنظمات
الدولية مثل منظمة األغذية والزراعة لألمم المتحدة( ، )F.A.Oولوال هذه الجهود التي يقوم
بها علماء اإلجتماع الريفي لظلت مناطق ريفية في العالم متخلفة إقتصاديا وتكنولوجيًا
وإ جتماعيًا.
مفهوم علم المجتمع الريفي:
14
يعتبر علم المجتمع الريفى أحد الفروع الخاصة لعلم اإلجتماع العام الذى يعنى ويهتم
بدراسة وتحليل العالقات القائمة بين الجماعات اإلنسانية التي تعيش في بيئة ريفية شأنه في
ذلك شأن أي فرع آخر من فروع علم المجتمع ،والذى يتناول دراسة البنيان اإلجتماعى
الريفي ،وأنواع العالقات وأنماط التفاعل السائدة في المجتمعات الريفية ،والظواهر
اإلجتماعية ،ودراسة المشكالت اإلجتماعية بالمناطق الريفية ،ودراسة خواص السكان
الريفيين ،والموارد البشرية بالمجتمع وأساليب النهوض بها ،والمؤسسات اإلجتماعية القائمة
به.
كما أنه بذلك يعتبر الميدان التطبيقي للمبادىء والقواعد والنظريات الخاصة بعلم اإلجتماع
العام على المجتمع الريفى حتى يمكن أن يساهم في ضوء ما يكشف عنه من حقائق وقوانين
تحديد األفكار واألساليب والنظريات التي يمكن اإلهتداء بها للسيطرة على القوة اإلجتماعية
المتعلقة بنشأة المجتمع الريفي وتطوره وتركيبه هادفًا بذلك حل المشكالت اإلجتماعية الريفية،
وتحسين مستوى الحياة الريفية بوجه عام وفى النواحي التي ال تتطرق لها مباحث العلوم
الزراعية واإلجتماعية األخرى ،كما تضفى دراسة الظواهر اإلجتماعية صفة التخصص على
المجتمع الريفي ،وتجعله ينفرد بدراسة تلك الظواهر دراسة متعمقة ومستفيضة ودقيقة
وشاملة لكل مظاهر السلوك اإلنساني .ولهذا كان إهتمام علماء اإلجتماع بدراستها بهدف
الوصول الى الحقائق العلمية لهذه الظواهر ،والوصول الى حلول مناسبة وسليمة للمشكالت
اإلجتماعية فى المجتمع الريفي ،وبدلك شكلت المبادْى والقواعد والوقائع التي توصلت إليها
بحوث هؤالء العلماء الى ما يسمى بعلم المجتمع الريفي.
وبالنظر الى مفهوم علم المجتمع الريفي فهناك تعريفات متعددة له تناولها كثير من
علمائه بالتحليل والدراسة ،ولكل فى ذلك وجهة نظره الخاصة به واتجاهه ومذهبه.
وبإستعراض هذه التعريفات نجد أن كل منها يشير إلى مرحلة من مراحل تطور هذا العلم
،وفيما يلى بعض من هذه التعريفات :
يعرف علم المجتمع الريفى بأنه " مجموعة القواعد التى تقوم على دراسة الريفيين فى
عالقاتهم الجماعية مستخدما فى ذلك الطرق والقواعد المطبقة فى علم اإلجتماع العام ويطبق
دراستها على الريفيين".
-ويعرفه ( ) Cuberبأنه "مجموعة من المعارف العلمية عن العالقات اإلنسانية".
15
-ويعرفه سميث Smithبأنه " علم إجتماع الحياة الريفية بما فيها من معلومات ومعرفة
منسقة عن العالقات اإلجتماعية الريفية ".
-ويعرفه تايلور Taylorبأنه " العلم الذى يدرس السكان الريفيين وعالقاتهم اإلجتماعية
سواء كانت بين األفراد أو الجماعات المختلفة التي تعيش في المناطق الريفية ".
-ويعرفه ( )1960( )Johnsonبأنه العلم الذى يتناول دراسة الجماعات اإلجتماعية من
حيث أشكالها وطريقة تنظيمها والعمليات التى تعمل على المحافظة على أو تغيير هذه
األشكال من التنظيمات وكذا العالقة بين الجماعات".
-ويعرفه ساندرسن Sundersonبأنه " العلم الذى يدرس الحياة في البيئة الريفية ويتضمن
ذلك وصف دقيق للتجمعات البشرية والعالقات المختلفة الناجمة عن هذه التجمعات والعوامل
المؤثرة على عمل وتقدم ووظيفة هذه المجتمعات ".
ويعرف علم المجتمع الريفي كذلك بأنه "الجهود العلمية الموجهة لدراسة السكان الريفيين
وأهل الريف وما تربطهم من عالقات وصالت ووصف وتحليل الجماعات المختلفة التى
تعيش فى البيئة الريفية"
يمكن تعريف المجتمع الريفى بأنه " تلك الفئة من السكان الذين يسكنون القرى أو المناطق
الريفية ويعيشون فى مساكن ثابتة ومستقرة أو بيوت زراعية ،ويمارسون الزراعة أو الرعي
أو أية مهنة أخرى سواء كانت إدارية أم خدمية أم مهنية " وبذلك فهو يشمل المزارعين وغير
المزارعين إال أنه يعرف المجتمع الزراعي بأنه " تلك الفئة من السكان الذين يقيمون فى
مساكن ثابتة فى المناطق الزراعية داخل أو خارج القرى،ويمارسون الزراعة كمهنة رئيسية
،كما أنهم يقومون أيضا بتربية الحيوانات المز رعية كاألغنام أو األبقار بأعداد بسيطة وذلك
لغرض االستهالك المحلى أو لبيعها سدًا لبعض االحتياجات األسرية ".
نشأة علم المجتمع الريفي ومراحل تطوره :
يمكن إرجاع نشأة علم المجتمع الريفي الى عام 1908م حينما كلف الرئيس األمريكي"
روزفلت" لجنة من المختصين فى العلوم الزراعية واإلجتماعية بالجامعات األمريكية
والهيئات الزراعية لدراسة المشاكل السائدة بالمجتمعات الريفية ،مما كان له تأثيرًا كبيرا فى
تشجيع كثير من علماء اإلجتماع على البحث واإلهتمام بدراسة الحياة الريفية خاصة مع
ظهور تقرير تلك اللجنة والذى أوصى بضرورة إنشاء بعض األجهزة الخدمية فى المجتمعات
الريفية األمريكية وكان من أبرزها إنشاء الجهاز اإلرشادي الزراعي.
16
بدوره تطبيق لقواعد ومبادىء علم اإلجتماع العام ،كما يأخذ في الحسبان دراسة المشاكل
اإلجتماعية القائمة فعًال بهدف الوصول إلى الحقائق التي تساهم في وضع الحلول المناسبة
والسليمة لتلك المشكالت.
ويمثل المجتمع المحلى أحد الوحدات األساسية التي يتألف منها البناء االجتماعي والكيان الذي
يحيا فيه اإلنسان ويتحرك فى إطاره.وللمجتمع المحلى أبعادًا متعددة ومن الصعب الحصول
على تعريفين متشابهين تمامًا فقد ركز بعض العلماء على المنطقة الجغرافية أو البيئية التي
يعيش فيها األفراد حيث عرف "بيرنارد فيليبس" Bernard Philipsالمجتمع المحلى بأنه
"جماعة تستغل منطقة معينة،ويتقاسم أعضائها أهدافًا واسعة المدى إلى درجة أن يقضى الفرد
حياته كليًة داخل هذه المنطقة"
كما عرفه "زاندن" Zandenبأنه "جمع من الناس الذين يتفاعلون معًا ويقيمون في منطقة
إقليمية محددة ويقومون فيها بجزء كبير من نشاطاتهم اليومية".
كما ركز بعض منهم على اإلحساس بالرابطة النفسية أو العنصر النفسي فلقد عرف
"روبرتسون" Lan Robertsonالمجتمع المحلى بأنه " جماعة إجتماعية تشترك في إقليم
معين ،ويشعر أعضائها باإلنتماء إليها ويتقاسمون مجموعة من المصالح العامة " .وعرفه"
تيرنر" J.H.Turnerبأنه " أنماط الفعل والتفاعل االجتماعي التي يتم تشكيلها عن طريق
نشاطات الناس اليومية فى مكان لإلقامة دائم نسبيا.
بينما يرى فريق ثالث من العلماء وجود عنصر آخر هو التنظيم الشامل للحياة
االجتماعية والتي تشمل العضوية المشتركة ،واالنتماء المشترك ،وعاطفة الجماعة حيث
عرفه " ماكيفر وبيج" & Page Maciverبأنه " مساحة أو مكان للحياة االجتماعية يتميز
بدرجة من الترابط االجتماعي ،وأسسه الدائرة المكانية ،وعاطفة الجماعة ،والوعي بالوحدة
المكانية أو اإلحساس باالنتماء ".
وعرفه "موريس جنزبرج" M.Gensbergبأنه عبارة عن المجتمع الكلى للسكان
القاطنين في بقعة معينة يجمع بين أفراده نسق مشترك من القواعد ينظم مجرى حياتهم ،
ويجعل للمجتمع تركيب مميز ".
18
ووفقًا للتعريفات السابقة وتحليل العناصر المختلفة يمكن تعريف المجتمع المحلى بأنه
" مجموعة من الناس يقيمون في منطقة جغرافية معينة وتجمعهم عالقات اجتماعية متبادلة
ويشتركون في األهداف والمصالح والمشكالت ويشعرون بعاطفة الجماعة واإلحساس بها
واالنتماء لمجتمعهم المحلى في ظل ثقافة مشتركة تتضمن القواعد المنظمة لحياتهم وطرق
معيشتهم ".
فؤائد دراسة علم المجتمع الريفى
يكشف علم المجتمع الريفى للفرد والمجتمع عن حقائق كثيرة تساعد على تدعيم كيان
المجتمع وهذه الفوائد هي :
أ-الفوائد التي تعود على الفرد
-1مساعدة الفرد على فهم حقيقة نفسه ومجتمعه ،وحدود تصرفاته مع اآلخرين ،وسلوك
اآلخرين نحوه ،ودوافع هذا السلوك وأسبابه ،واإللمام بنواحي ديناميكية الجماعات والعمل
اإلجتماعى وتنظيم المجتمع ليستطيع التخطيط لمتطلباته وإ حتياجاته.
-2مساعدة الفرد على إدراك المعانى والقيم واإلتجاهات المتعلقة بالنظم اإلجتماعية التى
يقوم عليها مجتمعه ،وهذا يجعله يتكيف وحياته األسرية واإلقتصادية والثقافية واإلجتماعية
وفق معايير المجتمع وسياساته.
-3اإلهتمام برأس المال البشرى بإعتباره أهم عوامل اإلنتاج والذى ال يقل أهمية عن
الموارد الطبيعية للدولة ،ولذلك تعد تنمية مواهب أفراد المجتمع الريفى وتطوير قدراتهم
ضرورة لتطوير المجتمع.
-4يساعد علم المجتمع الريفى فى التعرف على التغيرات الطارئة فى معدالت المواليد
والوفيات والموارد الطبيعية بما يؤدى الى معرفة نسبة الزيادة السكانية والموارد.وبذلك يمكن
لكل فرد أن يكيف حياته العائلية وإ نتاجه بما يالئم هذه الزيادة للتمتع بمستوى مناسب إجتماعيا
وإ قتصاديا .
-5إهتمام علم المجتمع الريفى بدراسة النظم اإلجتماعية بالمجتمع وعالقاتها مع بعضها
وأسلوب عملها مما يجعل الفرد على معرفة بحقوقه ويطالب بها ويلتزم بواجباته وبذلك يساهم
فى أوجه النشاط اإلجتماعى ويتمتع بخدماتها.
-6التعرف على المشكالت اإلجتماعية ألفراد المجتمع الريفى ،وتحديد أسبابها ،والمساهمة
فى دراستها ووضع حلول لها ومعالجتها.
19
-7مساعدة الفرد على التعرف على عادات وتقاليد وقوانين المجتمعات األخرى لمقارنتها
بمجتمعه واإلستفادة منها.
ب –الفوائد التى تعود على المجتمع
-1تكشف دراسات علم المجتمع الريفى عن المشاكل التى تواجهها المجتمعات الريفية
ومسبباتها.فدور البحوث اإلجتماعية التخطيط لحياة المجتمع ،وإ رساء لقواعده على أسس
سليمة مثل البحث فى أسباب الطالق ،وإ نتشار البطالة ،واألمية والجريمة ،واإلنحراف
اإلجتماعى وكل من هذه المشكالت ميادين للعمل اإلجتماعى ،وتعد البحوث اإلجتماعية من
جانب علماء اإلجتماع وسائل مساعدة للتعرف على أسباب تلك المشكالت ،وتحديد طرق
العالج المناسبة لها ،وتقديمها لمن يهمهم أمر هذا المجتمع ليستعينوا بها فى رسم خططهم
اإلصالحية فى ضوء النتائج التي تم التوصل إليها بدراسة هذه المشاكل.
-2إن علم المجتمع الريفى يبحث فى أصل حضارة المجتمعات الريفية ،وتوضيح
اإلختالفات القائمة بين هذا المجتمع وحضارة المجتمعات األخرى ،وبهذا تتمكن المجتمعات
من إقتباس ما يناسبها من عناصر الحضارات األخرى ،وكذلك التعرف على عاداتها وتقاليدها
ومعرفة األسباب التي أدت الى تكوينها ،وأثرها على تقدم أو تأخر المجتمعات.
ولقد إتسع مجال اإلهتمام بدراسة المجتمعات الريفية ألن قسما كبيرا من سكان العالم
يعملون بالزراعة خصوصا في المجتمعات القديمة ،ولقد كانت ومازالت الزراعة بالنسبة لهم
طريقة في الحياة متميزة عن غيرها بخصائص يمكن مالحظتها عن كثب األمر الذى أدى إلى
مزيد من التشابه بين هذه المجتمعات في إتجاهاتها العامة باإلضافة إلى أن اإلهتمام أيضا
بدراسة المجتمعات الحضرية والبدائية يمكن أن تمهد السبيل لعقد مقارنات حقيقية بين مختلف
نماذج الحياة اإلنسانية ومن ثم فهم واقعي للمجتمعات اإلنسانية.
أبعاد دراسة علم المجتمع الريفى
يذكر (الخولى )1998،نقًالعن" لوري نيلسون " أن لعلم المجتمع الريفى ثالثة أبعاد
رئيسية تتضح من خاللها ميادين هذا العلم هى :
أوال :الدراسة العرضية للمجتمع :
حيث يتناول علم المجتمع الريفى دراسة الحياة فى المجتمع المحلى الريفى أو أجزاء منه،
كما يدرس كافة أشكال المنظمات فى إطارها المكاني (اإلطار المحلى) ،ومن ثم دراسة جميع
الوظائف األساسية التي تربط أفراد المجتمع الريفى ببعضهم البعض فى وحدة إجتماعية
20
واحدة والتي تتكون منها الحياة اإلجتماعية الريفية ،ودراسة هذه الوظائف هي دراسة عرضية
للمجتمع ،ويتسع هذا العلم في دراساته بقدر إتساع أشكال الحياة اإلجتماعية وإ ختالفها.
ثانيًا :الدراسة الطولية للمجتمع :
يتسم علم المجتمع الريفى بأنه علم ليس له عرض فقط ولكن له طول إذ أنه ال يكتفى
بمجرد وصف وتحليل المجتمع المحلى بل يأخذ فى حسبانه الموقف والمكان ،فالمجتمع
الحالي هو نتاج لعمليات عديدة قديمة ومستمرة ،وعمليات تطور وتغيير ،والباحث فى
المجتمع الريفى يقوم بدراسة الناحية التاريخية للمجتمع راجعا الى أصوله األولى ليستنبط
منها عوامل التغيير وأسبابها ونتائجها .وهذا يعنى أن هذه الدراسة تتبعية تطورية تحليلية
للمجتمع الذى هو محصلة فترة طويلة من التغير الثقافي والتكيف العلمى فلكل مجتمع تاريخ،
والدارس لعلم المجتمع الريفى يجب أيضا أن يكون لديه اإلدراك الكافي والكامل لقيمة الوقت
والذى يشمل معرفة القوى الداخلية أو الخارجية التي ساعدت فى الماضي على تشكيل
الظواهر اإلجتماعية الموجودة حاليا.ومن ثم فإن علم المجتمع الريفى له طول هو طول
التاريخ اإلجتماعى للمجتمع المبحوث.
ثالثا:العمق:
ويشير إلى الفهم الكامل للحياة اإلجتماعية ودراستها مكوناتها بشكل متناسق ومترابط،
ولذلك فهو يهتم بمعرفة المزيد عن طبيعة الفرد نفسه مثل إحتياجاته ،ودوافعه ،وبواعثه،
وإ تجاهاته ،وكل أشكال السلوك المستترة فاإلجابة مثًال عن أسئلة تتعلق بالدوافع التي تشكل
اإلستجابات الفردية والجماعية ؟ أو لماذا تتغير الطرائق الشعبية واآلداب اإلجتماعية مثل "
عادة تغيير طريقة تناول الطعام " أو " شكل المالبس " من مجتمع الى آخر وغيرها من
التساؤالت يمكن عن طريقها قياس عمق الحياة اإلجتماعية.
مباحث علم المجتمع الريفى
إن دراسة الظواهر والمشكالت اإلجتماعية في المجتمعات الريفية تتضمن نواحي متعددة.
ويمكن أن يعتبر كل منها مبحثا مستقال عن غيره .ومن التقسيمات التى تناولت المباحث
الرئيسية لعلم اإلجتماع الريفى ما يلى :
أوال :دراسة السكان الريفيين :ويشمل هذا المبحث دراسة السكان الريفيين من ناحيتين :
21
الناحية اإلستاتيكية :وتهتم بدراسة الخصائص الثابتة للسكان الريفيين من حيث عددهم،
وتوزيعهم على المناطق المختلفة ،ومن حيث الفئات العمرية ،والمهن أو الحرف المختلفة،
ومن حيث الدخل والحالة اإلجتماعية...الخ.
الناحية الديناميكية أو المتغيرة:وتتناول دراسة التغيرات الحادثة فى عدد السكان من وقت
إلى آخر ومن مكان إلى آخر ،كما تتضمن دراسة معدالت المواليد والوفيات والزيادة الطبيعية
في عدد السكان سنويًا ،وإ نتقال السكان وهجرتهم من منطقة الى أخرى ،وأنواع الهجرة،
وأثرها على مناطق األصل Places Of Originوعلى المناطق الجديدةAreas Of
Destinationالتي يهاجر إليها األفراد ،وصفات األفراد المهاجرين من والى المناطق
الريفية ،وطريقة تأقلمهم في المناطق الجديدة التي يهاجرون إليها .
ثانيًا :دراسة النظم اإلجتماعية والمؤسسات اإلجتماعيةSocial Institution:
يتضمن هذا المبحث دراسة كل من النظام األسرى ،والنظم اإلقتصادية السائدة وما
يتصل بها من مشاكل إقتصادية وإ جتماعية ،والنظام التعليمي ،والنظام الديني ،والنظام
الترويحي وغيرها من النظم التي قد توجد في المجتمعات الريفية من ناحية تركيبها البنائى
وخصائصها ،ووظائفها اإلجتماعية ،Social Functionsوأهمية الدور الذى تؤديه فى المجتمع
الريفى .وذلك يعنى دراسة المجتمع الريفى دراسة شاملة.
أهمية الدور الذى تلعبه األسرة في البنيان اإلجتماعى واإلقتصادى ،والمشكالت اإلجتماعية
واإلقتصادية التي تواجه األسرة في المجتمع الريفى.
خامسًا :تنسيق المجتمع المحلى وتنميتهCommunity Organization:
ويشمل هذا المبحث التعرف على طريقة اإلنتفاع بالموارد الطبيعية والمادية واالجتماعية
بالبيئة الريفية للنهوض بها ،ورفع مستوى معيشة كافة أفراده ،ووضع خطوات منظمة
ومحددة للبرامج التي تستهدف تنمية المجتمع الريفى وبمشاركة األهالي أنفسهم وتعاون
الهيئات والمؤسسات المختلفة بالمجتمع.
سادسًا :اإلرشاد اإلجتماعىSocial Extenstion:
ويشمل هذا المبحث دراسة إنتشار األفكار واألساليب الجديدة ،والطرق والوسائل
المتبعة في نقل الرسائل اإلرشادية للمستفيدين من الزراع ،والمعوقات التي تواجه المرشدين
الزراعيين ،ودراسة أنجح الوسائل التي يمكن إتباعها للتغلب على تلك المشكالت ،كما
يتضمن هذا المبحث القيادة المحلية وأهميتها في المجتمع ،ودورها في إنتشار األفكار
واألساليب المستحدثة وغير ذلك من البرامج المتعلقة بهذا المبحث.
الظواهر اإلجتماعية فى المجتمع الريفى
تتعدد الظواهر اإلجتماعية Social Phenomenonالتي هي مجال لدراسات علم المجتمع
الريفى بتعدد جوانب الحياة اإلجتماعية التي يعيش فيها الفرد.
ويعرف " دور كايم " الظاهرة بأنها" ضرب من السلوك والتفكير والشعور توجد خارج
الفرد وقد زودت بقوة قهر تمكنها من فرض نفسها عليه "أو أنها عبارة عن نموذج من العمل
والتفكير واإلحساس لدى األفراد ،والتى يمكن أن تسود مجتمعًا من المجتمعات حيث يجد
األفراد أنفسهم مجبرين على إتباعها في عملهم وتفكيرهم وهى من وجهة نظره موضوع علم
اإلجتماع .
ويالحظ أن ما يقوم به الفرد أو الجماعة في أي مجتمع يعتبر محددًا مسبقًا بقواعـد أو
أعراف أو قوانين خلقها هذا المجتمع فتلك الظواهر القائمة والنظم اإلجتماعية كانت موجودة
من قبل والدته أو إنتقاله إليه ولذلك فهو مجبر على إتباعها وتقبلها ومسايرتها حتى وإ ن كانت
أفكاره وآراؤه تشير إلى عدم إقتناعه بمثل هذه الظواهر خاصة فيما يتعلق بالنظم اإلقتصادية
واإلجتماعية والثقافية والدينية السائدة في ذلك المجتمع والتي نشأت نتيجة لتفاعل األفراد
والجماعات.ومن هذا يتضح أن علم المجتمع الريفى يهتم بوصف ما هو كائن بالفعل بدراسة
23
الوقائع والظواهر اإلجتماعية دراسة تحليلية بقصد إكتشاف القواعد والقوانين التي تخضع
لها.
والواقع أن دراسة الظاهرة اإلجتماعية ال تقتصر على لون معين من ألوان الخبرات
اإلنسانية المتمثلة فى اإلدراك أو (الفكر)والوجدان أو (اإلحساس)والنزوع أو (العمل) بل
تشملها جميعًا ،وقد تكون مزيجًا منها جميعًا ولكن يغلب عليها لون دون غيره فمن أمثلة ما
يعتبر عمًال أو نزوعًا مايقوم به شعب ما فى الحفالت الوطنية والدينية واألعياد القومية من
زيارات ولبس زى معين وأكل طعام محدد ،وكذلك عادات الناس العملية كاألكل والشرب
بطريقة معينة وكذلك الجانب العملى من العبادات كالصالة والحج .أما ما يعتبر من الظواهر
اإلجتماعية الفكرية فتتمثل فى اآلراء والمعتقدات التى تسود فى شعب ما وتميزه عن غيره
كالدين ورأى الجماعة فى الحرب والسلم وفى المرأة ومساواتها بالرجل مثًال وتوليها
الوظائف ،وكذلك العقائد الخاصة بنظم الحكم...الخ .ومن الظواهر اإلجتماعية الوجدانية
الكراهية السائدة فى الشعوب لليهودية الصهيونية أو المجوسية ،وبغض العرب لإلستعمار
قديمه وحديثه ،وكإعتزاز بعض األجناس البشرية بنفسها ،وحب األوطان بدرجات متفاوتة.
خصائص الظواهر اإلجتماعية:
يتفق علماء اإلجتماع على أن للظاهرة اإلجتماعية خصائص تميزها عن غيرها عن غيرها
يمكن حصرها فيما يلى:
-1أن تكون الظاهرة مركبة وليست بسيطة :أى تكون نمطًا ونموذجًا من العمل والتفكير
والوجدان ،كالعادات والتقاليد التى تتكون من عدة أشياء متداخلة.
– 2أن وجودها خارج عن كل فرد على حده ومستقل عنه ألنها صفة المجتمع من حيث هو
كذلك ،ذلك أن وجودهما متوقف على وجود المجتمع ككل وفى حالة تكوينهم مجتمعًا فالعادات
والتقاليد اإلجتماعية موجودة من قبل أن يوجد هذا الفرد أو ذاك وال تفنى بفنائه.
– 3أن تكون الظاهرة سائدة فى المجتمع الذى توجد فيه أو فى الطائفة التى تتصف بها ،كما
تتميز الظواهر اإلجتماعية بالعمومية حيث تتكرر وفق تردد خاص على مر الزمن ،ولا تعتبر
ظاهرة إجتماعية إذا لم تنتشر فى مجتمع.
– 4أن تكون الظاهرة اإلجتماعية ملزمة ومجبرة :فالظواهر اإلجتماعية إلزامية حيث يشعر
األفراد بأنهم مجبرون على تطبيقها .ويلتزم األفراد بالخضوع لها وإ تباعها ماداموا يريدون
العيش فى إنسجام مع مجتمعهم ،وطالما هم حريصون على اإلنتماء إليه ،فمثال ًنجد بعض
24
الناس يغالون فى طلب المهور عند زواج بناتهم علمًا بأنهم رافضين لهذا الشأن إال أنهم فى
ذلك يجارون لتقاليد مجتمعهم خضوعًا لها نظرًا لما تمثله من ضغط إجتماعى على األفراد من
قبل المجتمع فينصاعون لها فالمجتمع ينبذ ويعزل من يشذ أو يخالف تقاليده ،وقد يتخذ وسائل
معينة لعقاب هؤالء المخالفين أدبيًا أو ماديًا ،وعند ذلك تصبح من الميراث اإلجتماعى لتنتقل
هذه الظاهرة من جيل إلى جيل.
– 5أن تكون الظاهرة مكتسبة - :تعتبر الظواهر اإلجتماعية صفات إنسانية مكتسبة وتنتقل
إلى األجيال المتعاقبة حيث اليولد أفراد المجتمع بالظواهر اإلجتماعية السائدة فال يولد طفل
بلغة معينة أو بعادة أو عرف معين وإ نما يكتسب ذلك من الوسط اإلجتماعى الذى ينشأ فيه،
وال تعارض هنا بين وصف الظاهرة بأنها ميراث وأنها مكتسبة فكونه ال يولد بها فهى
مكتسبة ،وألنها مفروضة عليه ومجبر على اإللتزام بها فهى موروثة.
– 6أن تكون الظاهرة مميزة :أى تميز المجتمع الذى توجد فيه عن غيره من المجتمعات
فمثال تختلف عادات الزواج فى مصرعنها ليبيا مثًال أو فى تونس أو فى لبنان أو سوريا وهى
بذلك تميزه عن غيره ،ألن الظواهر اإلجتماعية عادة ما تكون وليدة الظروف اإلقتصادية
واإلجتماعية والثقافية والتاريخية ومن ثم تختلف بإختالف المجتمعات .
– 7أن تكون الظاهرة ناشئة عن المجتمع :أن الظاهرة اإلجتماعية تتطلب وجود جماعة.
فاللغة مثًال ال يخترعها فرد ما بمفرده أوعن طريق عدة أفراد ال يجتمعون مع بعضهم
البعض ،وإ نما تنشأ نتيجة وجود جماعة ما عاشوا مع بعضهم البعض وإ ضطروا فى عيشهم
الجماعى إلى تبادل األفكار والشعور فكانت الرموز اللغوية وسيلة التعبير عن ذلك ،ويقترن
بهذا قبول المجتمع لها وسماحه لها باإلنتشار.
– 8أن تكون الظاهرة متغيرة ومتطورة :ألن الظاهرة اإلجتماعية ذات بعد تاريخي فهي تبدأ
وتنتهي في فترة محددة ،ومن صفاتها التطور والتغير فقلما توجد ظاهرة إجتماعية ثابتة مثل
إرتداء زى معين فى فترة زمنية معينة ،أو إنتشار كلمات إنجليزية وفرنسية فى لغة قطر من
األقطار العربية.
أشكال الظاهرة اإلجتماعية
للظاهرة اإلجتماعية أشكاًال متنوعة ولكل منها إسم خاص فنحن نسمع عنها فى صور
مختلفة مثل العادات والتقاليد والمعتقدات والعرف والنمط والسلوك الجمعى والنظام
25
اإلجتماعى...الخ وهى قد تتداخل مع بعضها البعض أو يمتزج مع األخر .وفيما يلى توضيح
لهذه المسميات:
-1العادة اإلجتماعية :يتميز كل مجتمع عن غيره بعادة أوبعدد من العادات مثل رفع األيدى
بطريقة معينة عند التحية،أو إنحناء الرأس،أو النطق بعبارات مقابلة عند التحية،ومثل طابع
إرتداء المالبس فالرداء النسائى ،والبدلة الرجالى، ،وطريقة األكل بالشوكة والسكين وكذلك
الشرب تمثل العادات السلوكية الشعبية ،ويالحظ أن هذه العادات اإلجتماعية عامة بين أبناء
المجتمع وتتم بشكل ألى وبدون تدبير سابق من الناس وبصفة خاصة من جانب الكبار الذين
تعودوا عليها،كما أنه من الواضح أنها تستمر لفترات طويلة قد تصل إلى أجيال عديدة،ومن
يخالف هذه العادات فالمجتمع ينتقده بوضوح.
-2التقاليد :وهى أقوى القوانين السلوكية غير المكتوبة وذات التأثير فى المجتمع نتيجة
إرتباطها الوثيق بالقيم اإلجتماعية السائدة وما يحيط بهذه القيم من عواطف وعقائد عميقة.
وللتقاليد تعاريف متعددة فلقد عرف " جنزبرج " التقاليد بأنها " جملة األفكار والعادات
الفردية والجماعية التى يسير على نهجها شعب من الشعوب ويتوارثها أفراده جيًال بعد جيل".
كما عرفها " سامبثون " بأنه " بعض عناصر الثقافة المنقولة التى تحوز القبول بواسطة
الجماعة" وهى بذلك تكون األشكال القياسية للسلوك والعمل المنتج بواسطة الجماعة وتنفذ
دون وعى منها وتؤدى إلى تماسكها.
كذلك عرفها " الخشاب" بأنها عبارة عن " قواعد السلوك الخاصة بطبقة أو طائفة أو بيئة
محلية معينة محدودة النطاق وتستمد قوتها من الطبقة أو الهيئة التى تتبعها ،وهى مزودة
بصفة الجبر واإللزام ،وهى فوق ذلك صفة مميزة للطبقة التى تأخذ بها ،وتستمر لفترة طويلة"
ولهذا فالتقاليد تعتبر ظاهرة إجتماعية إنحدرت للجماعة من الماضى وورثها الجيل
الحاضر عنه وتشمل كل عناصر الثقافة من لغة وعادات وتقاليد وعرف ورموز منقولة عن
طريق اإلتصال بين األجيال المتعاقبة ، .والتقليد فى األصل هو سلوك قامت به جماعة معينة
فى مناسبة معينة ،وللتقليد شيئ من اإلحترام والقداسة نظرًأ إلرتباطه بماضى األمة ويمثل
طورًا من أطوار حياتها ومن أمثلة التقليد اإلحتفال بمناسبات دينية معينة ،وتناول أطعمة
معينة فى بعض المناسبات ألن األجداد كانوا يتناولونها.
26
-3المعتقدات :وهى عبارة عن " األفكار التى تسرى بين الناس وخاصة العامة منهم
ويشعرون أنها ملزمة لهم ويجدون أنفسهم مضطرين لألخذ بها ".
-4العرف :وهو ما إتخذته الجماعة لنفسها من قواعد ونظم تنظم به حياتها وتحكم سلوكها،
ومن أمثلة ذلك عرف بعض الجماعات والقبائل أال يتزوج أبناء األسر إال من بناتها ،وعدم
السماح للبنت الصغرى بالزواج قبل الكبرى ،وشكوى أفراد القبيلة إلى رئيسها بدًال من
الحكومة.وفى بعض القبائل يكون اإللتزام بالعرف أشد وأقوى من العادات والتقاليد ،وقد يحل
العرف فى بعض المجتمعات محل القانون.
-5التقليعة :والتقاليع هى أضعف القوانين السلوكية ،وتكثر فى المجتمعات ذات الثقافات
الحديثة وتندر فى المجتمعات القديمة،ومن أمثلة التقاليع ظهور الحركات اإلجتماعية المؤيدة
لزى معين أو المناهضة له إال أنها ال تنتشر بشكل كبير،وال تستمر لفترة زمنية طويلة،وال
يقوم المجتمع بالضغط على من يؤيد أو يعارض مثل هذه الحركات.
-6الموضة :وهى معيار أقوى من التقليعة وأغلب تواجده فى أنماط الملبس،وتتضح
الموضة بشكل خاص فى أزياء السيدات .وتتسم الموضة بإنتشارها بين قطاع كبير من
السكان،وتستمر لفترة زمنية طويلة قد تصل إلى عام أو عدة أعوام،وإ ظهار المجتمع التأييد
لمتبعيها.
-7النمط الثقافى :وهو عبارة عن أسلوب التصرف الذى تصطنعه الجماعة حيال موقف
معين من مواقف الحياة ،أو من جانب من جوانب العيش ،ومن أمثلة ذلك حياة األسرة فى
مجتمع معين من حيث عالقة الزوج بزوجته وعالقة كل منهما بأقارب اآلخر وعالقة اآلباء
بأبنائهم والعكس.
-8السلوك الجمعى :وهو نوع من الظواهر اإلجتماعية الذى يغلب عليه السلوك والعمل،
ويعتبر رمز الجماعة ويعبر عنها مثل التعبير باأللعاب والرقصات الشعبية فى األعياد
والحفالت.
-9النظام اإلجتماعى :ويقصد به طريقة معينة آلداء وظيفة إجتماعية أو فى ممارسة نشاط
إجتماعى معين مثل النظام التعليمى أو القضائى أو نظام الشرطة فى المجتمعات المختلفة،
فهى تختلف من مجتمع إلى آخر ألن كل مجتمع إتخذ ما يناسبه منها بما يحقق أهدافه.
أشكال االستيطان السائدة فى المجتمعات الريفية:
27
إن طريقة تنظيم وإ قامة السكان الريفيين على األرض تعتبر أحد المظاهر الهامة
للتنظيم االجتماعي الريفي ،وأن طريقة السكان والترتيبات السكنية لألسر الريفية تختلف
جذريًا عن تلك الموجودة في المجتمعات الحضرية ،حيث يعيش السكان الحضريين في
مجتمعات المدينة ذات الكثافة السكانية العالية ،والتي تتميز بالتخطيط العمراني حيث الشوارع
المرصوفة والمخططة ،والمباني متعددة الطوابق والمنتظمة في صفوف طولية ،كما تتنوع
وتتعدد المرافق والخدمات من مؤسسات تعليمية وصحية ،وترفيهية ،وأمنية إلى غير ذلك ،
بينما نجد في المناطق الريفية أن السكان يقيمون في تجمعات صغيرة نسبيًا يطلق عليها القرى
،أو يقيمون في مزارع متناثرة تسمى (المزارع المنفردة) ويقل عدد المساكن متعددة الطوابق
،مع عدم انتظام شكل المساكن أو الشوارع ،وقلة عدد ونوع المنظمات والمرافق الخدمية
بهذه المجتمعات .
ويهتم علم اإلجتماع الريفي بدراسة التجمعات السكانية الريفية من حيث نشأتها
وتطورها ونموها وتركيبها ووظائفها وكذلك يتناول نظم اإلقامة بالمناطق الريفية بالدراسة
المستفيضة ألنها جزء أساسي من مكونات المجتمع الريفي ،بل إن شكل العالقات االجتماعية
بين السكان الريفيين يتحدد بناءًا على نمط االستيطان الموجود بينهم ،كما يتوقف عليها نوع
وعدد المؤسسات االجتماعية القائمة أو الممكن إقامتها ،ونوع المشاكل االقتصادية
واالجتماعية السائدة والتغيرات االجتماعية وتطوراتها عبر الزمان والمكان.
وقد استعمل الُك تاب عدد من المصطلحات والمفاهيم مثل شكل االستيطان ،ونوع
االستيطان ،وأنماط االستيطان وهذه المفاهيم تشير إلى الوحدات المسافية الموجودة بين
مساكن الريفيين وبعضها البعض من ناحية ،وبين هذه المساكن وأرضهم الزراعية من ناحية
أخرى ،وبناء على هذه العالقات المسافية تعددت أنماط االستيطان الريفي.
ويرى المهتمين بدراسة المجتمعات الريفية المحلية المعاصرة وجود أربعة أنواع من
هذه األشكال االستيطانية منها ما هو سائد ،ومنها ما هو نادر الوجود فقد يكون االستيطان في
شكل مزارع منفردة ،أو في القرى ،أو القرية عبر الطريق ،أو القرية الخطية .وقد يتفرع من
هذه األشكال أنواعًا أخرى تأثرًا بظروف المجتمع وفيما يلي توضيح لهذه األشكال:
أوًال:المزارع المنفردة:
28
ينتشر هذا الشكل من أشكال االستيطان في الدول ذات المساحات الزراعية الكبيرة مثل
أمريكا وكندا وبعض دول أوربا وبعض دول أمريكا الالتينية ،ويكون هذا الشكل أقرب ما
يكون لما يعرف في ريفنا العربي بالعزبة أو الضيعة حيث نجد منزل المالك للمزرعة
ومنشآت المزرعة من مخازن وحظائر ومساكن للعمال مقامة على أرض المالك نفسه ،كما
ظهر حديثًا هذا النمو االستيطاني فى بعض الدول العربية مثل مصر ،و في األراضي
الصحراوية التي يتم استصالحها وزراعتها حيث يقوم المستثمر صاحب األرض ببناء مسكنه
أو استراحته في مزرعته.وتتصف مساكن المزارعين بنفس المنطقة بأنها متفرقة ومتباعدة
عن بعضها البعض فينشأ عنها ما يسمى بـ " المجتمع الريفي المبعثر " الذي يتكون من المنازل
المسكونة بالمزارع المبعثرة المتفرقة في األراضي الزراعية وعلى مسافات قد تقترب أو
تبتعد تبعًا لكثافة السكان ونظام الملكية الزراعية.
مميزات نمط االستيطان بالمزارع المنفردة:
-1توفير الوقت والجهد الذي يبذله المزارع في االنتقال من مسكنه إلى حقله وذلك
إلقامته داخل المزرعة يوليها إشرافه واهتمامه بشكل دائم ومباشر ،ووضع كل
أدواته وآالته داخل منشأته ،وبالتالي انخفاض تكاليف اإلنتاج المزرعي.
-2تساعد أصحاب المزارع على مباشرة زروعهم النباتية وخاصة محاصيل الخضر
والتي تكون أكثر عرضة لإلصابة باألمراض واآلفات ،وبالتالي يستطيع التدخل
السريع قبل تفاقم الخطر من تقليل الخسارة قدر اإلمكان.
-3يستطيع المزارع تربية الأعداد التي يرغب تربيتها من الحيوانات داخل المزرعة،
كما أنها بذلك لن يراها أحد من الناس خوفًا عليها من الحسد.
-4توفر الحراسة الدائمة لمزروعاتهم إلقامته بالمزرعة وبالتالي يستطيع زراعة
محاصيل الخضر والفاكهة التي تمكنه من تحقيق عائد مجزي.
-5أحيانًا يساعد ُبعد المزارع عن بعضها ،وإستقاللية المزارعين على االبتكار واإلبداع
والتجديد حيث تحتم عليه الظروف أن يجتهد إليجاد حل لمشكلة تواجهه وال يجد من
يجاوره ألخذ مشورته ،وبالتالي قد يؤدى به اجتهاده إلى توصله إلى حلول لتلك
المشكالت.
29
-6إمكانية فصل الحظائر والمخازن عن المسكن وذلك لوجود المساحة التي تساعده
على ذلك وبالتالي يتوفر المسكن الصحي والذي يصعب توفره في نظام القرى.
-7إمكانية تنوع األنشطة المزرعية فيستطيع المزارع بناء الحظائر ،ومزارع الدواجن،
وتربية النحل ،والتصنيع الزراعي وذلك لتوفير مقومات هذا التنوع والتعدد في
األنشطة الستقاللية المكان ،والوحدة االجتماعية ووجود أوقات الفراغ ،مما يجعله
يبحث عن أنشطة للتسلية وشغل أوقات الفراغ في مجاالت إنتاجية تعود عليه بالنفع
المادي.
عيوب المزارع المنفردة:
-1ارتفاع تكاليف توريد السلع والخدمات الزراعية وغير الزراعية وذلك لبعد المزارع
عن بعضها البعض"وبُعدها كذلك عن مراكز تواجد هذه الخدمات.
-2ارتفاع تكاليف إنتاج ونقل المنتجات الزراعية وذلك لبعدها عن مراكز التجميع
والتسويق وصعوبة إنشاء الطرق الداخلية في المزرعة.
-3زيادة تكاليف إقامة الكثير من المنظمات والمؤسسات االقتصادية واالجتماعية
والصحية والتعليمية والدينية والمرافق العامة مثل مياه الشرب والكهرباء
واالتصاالت وذلك نتيجة انخفاض كثافة السكان.
-4البعد الطبيعي بين األسر يعني دائمًا بعدًا اجتماعيًا وانقطاع االتصال باآلخرين
وعالقات اجتماعية محدودة وعزلة اجتماعية نسبية تعيش في ظلها أسر المزارع
المنفردة وبالتالي قد يؤثر على تنشئة األطفال حيث ال يوجد رفاق للعب معهم أو
التسلية.
-5تعرض المزارع المنفردة خاصة الصغيرة منها لعمليات السطو عليها وسرقتها لعدم
توفر الظروف األمنية المناسبة.
ثانيًا :القرى:
وهى من نظم االستيطان التي عرفها اإلنسان منذ أن عرف الزراعة ،وارتبط
باألرض ،واستقر في منطقة محددة فأقام مسكن دائم له ،وقد أجبرته الظروف الطبيعية
30
واألمنية أن تكون المساكن متجاورة مع بعضها البعض لإلحساس باألمن والطمأنينة والحماية
من األعداء كالحيوانات المفترسة أو الجماعات المغيرة عليهم.
هذا ويعد نظام القرى الريفية من أقدم األشكال االستيطانية التي سادت ومازالت حتى
اآلن تسود معظم أرياف دول قارات آسيا وأفريقيا وأوربا وأمريكا الشمالية وأمريكا الالتينية،
حيث تتجمع فيها منازل الريفيين في شكل عنقودي وبطريقة عشوائية بجانب بعضها البعض
و في محيط واحد مكونة القرية تاركة الحقول والمراعى في المناطق المحيطة بها.فمنها ما
يتخذ الشكل الدائري أو المستطيل ومنها ما هو منتظم الشكل ،ويسود الريفيين في هذا الشكل
االستيطاني عالقات اجتماعية قوية كنتيجة حتمية لظاهرة اإلقامة في منازل متجاورة ،وأنه
من األمور الطبيعية أن يحتوي المسكن الريفي على مكان لإيواء الحيوانات والطيور ولعل
هذا نتيجة رواسب قديمة خوفًا من السرقة.
-1القرى غير المخططة أو المصممة والتي تتجمع فيه منازل الريفيين بجوار بعضها
البعض بدون خطة تنظم شكل ومكان هذا التجمع ،ويوجد هذا النوع في بعض الدول
مثل ألمانيا ومصر.
-2القرى المخططة والتي تقام وفقًا لنظام معين من حيث شكلها وموقعها وتكوينها.
وتنتشر هذه القرى في يوغسالفيا.
وتتميز جميع تلك القرى بوجود تنظيم اجتماعي خاص نشأ نتيجة القرب المكاني بين
مساكن الريفيين حيث زيادة التفاعل االجتماعي فيما بينهم ،وبالتالي قوة العالقات االجتماعية،
ومع أن نمط االستيطان بالقرى هو النمط الشائع ،إال أن له كثير من المزايا والعيوب والتي
يمكن إيجازها على النحو التالي :
-1يعتبر نمط االستيطان في القرى أفضل األنماط التي تناسب المجتمعات ذات الكثافة
السكانية العالية ،وضيق رقعة األراضي الزراعية مثل ما هو قائم في بعض
المجتمعات مثل المجتمع المصري والمجتمع الهندي.
31
-2إن تجمع السكان في كتلة سكنية واحدة (القرية) يقلل من نفقات توصيل الخدمات
والمرافق للسكان الريفيين ،ومن ثم فهم يستطيعون الحصول على السلع والخدمات
الزراعية والمنزلية بأسعار تقل كثيرًا عن تكاليفها في حالة اإلقامة بالمزارع
المنفردة.
-3إمكانية إقامة مراكز تجميع وتسويق المنتجات الزراعية بالقرية وبالتالي انخفاض
تكاليف النقل ويعود بالربح على المنتجين الزراعيين.
-4نظام اإلقامة بالقرى يحقق هدف اجتماعي هام وهو حب التجمع والعيش في جماعة
مما يقوي من العالقات االجتماعية بين الجيران ويوفر رفقاء اللعب لألطفال وبالتالي
ينشأوا أطفالًا أسوياء وتنمو لديهم صفة االجتماعية.
ُ -1بعد الريفيين عن أراضيهم الزراعية مما يقتضى بذلهم كثير من الوقت والجهد
لالنتقال فيما بين القرية واألراضي لنقل مواد الزراعة ومستلزمات اإلنتاج ،وهذا
يعني زيادة في التكاليف المز رعية خاصة إذا كانت هذه المسافة كبيرة.
-2إحجام بعض المزارعين عن زراعة محاصيل الخضر والفاكهة نتيجة لبعد إقامتهم
عن حقولهم على الرغم من كونها أكثر ربحية وعائدًا للمزارع وذلك بسبب تعرضها
للسرقة من ناحية ،وحاجتها إلى الرعاية المستمرة والتواجد اليومي للمزارع فيها
وهذا قد يصعب في حالة بعد المزرعة عن السكن.
-3صعوبة قيام المزارعين في كثير من األحيان تربية أعداد كبيرة من الحيوانات
خاصة هؤالء الذين تبتعد الحقول عن مساكنهم.
32
-4عدم قدرة المزارعين وعجزهم عن إقامة أية مشروعات لتربية الحيوانات أو غيرها
من المشروعات لعدم توفر المكان المناسب لذلك ،وكذلك عدم استطاعتهم توسعة
منازلهم لمقابلة الزيادة السكانية في أسرهم.
-5حدوث الحرائق بصفة مستمرة نتيجة لتجاور مساكن الريفيين وقيامهم بتخزين
األحطاب والقش على أسطح المنازل فتكون الخسارة فادحة وهذا ال يحدث في حالة
المزارع المنفردة.
كما يجب اإلشارة إلى أن هذا النمط االستيطاني ليس نمطًا خاصًا ولكنه يحدث
بصورة طبيعية ال دخل لإلنسان في اختياره حيث توجد األرض الزراعية في وادي ضيق ال
يسمح بإقامة أكثر من قرية فيه.
يعتبر المجتمع المصري من أقدم المجتمعات في العالم حيث أسس القدماء المصريين
حضارتهم منذ قديم الزمان وال زالت شاهدة على نبوغهم وفصاحتهم حتى وقتنا الحاضر وقد
قامت الحضارة المصرية حول وادي النيل حيث الخير الذي يجلبه النهر معه ،وإ ن كان نمط
توزيع السكان في مصر ،من األنماط الفريدة على مستوى العالم حيث يتركز %97من جملة
سكان مصر في شريط ضيق حول وادي النيل ال تزيد مساحته عن %4من جملة مساحة
مصر ،األمر الذي ارتبط معه ارتفاع معدالت الكثافة السكانية إلى أعلى معدالتها في كل من
المدن والريف على السواء .وزاد من معدل الزحف على األرض الزراعية واستنزافها للبناء
عليها وتفشي كثير من المشكالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية ،وقد تنبهت الحكومة إلى
أن العالج الوحيد لكل هذه المشاكل هو غزو الصحراء واستزراعها ،والخروج من الوادي
الضيق وإ قامة مجتمعات جديدة في الصحراء ،ولعل المشروع القومي العمالق الذي بدأت
الدولة في تنفيذه في الوادي هو خير دليل على اهتمام الدولة بغزو الصحراء ،وإ عادة السكان
من جديد بالشكل الذي يحقق أعلى مستويات التنمية والرخاء.
34
أما عن نمط االستيطان السائد فى الريف المصري فالقرى هي النمط الشائع من أقدم
العصور ،باإلضافة إلى العزب والكفور والنجوع ،والقرى الخطية ،وسيتم تناول كل نمط من
هذه األنماط على النحو التالي:
أوًال :القـرى:
تعد القرى النمط االستيطاني الشائع في الريف المصري من قديم الزمان ويوجد
نوعين من القرى:
أ -القرى التقليدية :وهي القرى التي أنشئت في الوادي والدلتا من قديم الزمان دون تخطيط،
ويمثل هذا النوع معظم القرى الموجودة في مصر والتي يبلغ عددها 4200قرية منتشرة في
جميع ربوع المجتمع المصري ،وتتميز بأنها عشوائية البناء واالمتداد ،ومنازل الريفيين فيها
متجاورة ومتالصقة تتخللها شوارع ضيقة وحواري غير منظمة ومتعرجة .وتأخذ المساكن
غالبًا أشكال عده فمنها ما هو مبني بالطوب األحمر واألخرى بالطوب اللبن أو الحجارة،
ومنها ما يعلوا لطابقين أومن طابق واحد وكل هذا يتحدد على أساس الحالة االقتصادية
واالجتماعية للريفيين.
ويوجد بالقرية عدد من المنظمات والمؤسسات الخدمية التي تخدمها العزب والكفور
التابعة لها فيوجد جمعية تعاونية زراعية ،وبنك قرية ،ووحدة صحية ،ووحدة بيطرية ،وبعض
المدارس (ابتدائي-إعدادي-ثانوي -معهد ديني) ،ومكتب بريد ،وتلغراف ،ومسجد أو أكثر
من ذلك ،وكنيسة إذا وجد عدد كبير من المسيحيين بالقرية ،كما يوجد بالقرية عدد من
المحالت التجارية والمقاهي والمطاعم.
ولقد نالت القرية المصرية فى السنوات األخيرة حظًا كبيرًا من الإهتمام والرعاية
سواء من جانب الدولة أو حتى من جانب أهل القرية أنفسهم ،فلم يعد هناك قرية أو عزبة أو
كفر إال ودخلتها الكهرباء ومياه الشرب النقية ،وعدد من المنظمات والمؤسسات الخدمية ،كما
كان دخول نظام اإلدارة المحلية ،ووجود وحدة محلية بالقرية األم أن أصبحت القرية وكأنها
دولة مستقلة تستطيع اإلشراف وتوجيه خطط التنمية واإلصالح للقرية دون الرجوع إلى
الجهات العليا في كل األمور ،كما ساعد ارتفاع مستوى التعليم بالريف ،والهجرة الخارجية
للعمالة الريفية إلى تحسن مستويات المعيشة ومشاركة الريفيين في المشروعات التنموية التي
35
تخدم قراهم .وقد تجلت أبدع صور االهتمام بالقرية المصرية في تنفيذ المشروع القومي
للتنمية الريفية المتكاملة "شروق" والذي يهدف إلى االرتقاء بمستوى الريف المصري
اقتصاديا واجتماعيا وسياسيًا وثقافيًا.
ب -القرى المخططــة أو الجديدة :وهو النوع الثاني من القرى في مصر والتي يتم إنشاؤها
في مناطق االستصالح واالستزراع حيث يراعى فيها الجوانب التخطيطية ،و تتولى الدولة
تسليمها للمستفيدين سواء كانوا من المزارعين أو شباب الخريجين ،وتمتاز هذه القرى بأن
بيوتها تأخذ شكل واحد ،والشوارع مستقيمة ومنتظمة ،وقد وصل عدد هذه القرى في مصر
إلى ما يقرب من ألف قرية ،ومخطط أن يصل عددها إلى 1500قرية خالل السنوات
القادمة ،أي ما يقرب من ثلث القرى التقليدية القائمة .
ويتم التخطيط واالستيطان في هذه القرى على النحو التالي:
-1تقسم األراضي المستصلحة إلى قطاعات مساحة كل قطاع نحو 50ألف فدان(
21ألف هكتار) ،ويقسم القطاع إلى 5مناطق مساحة كل منطقة 10آالف فدان (
4.2هكتار) ،وتقسم كل منطقة إلى 5مزارع مساحة كل مزرعة نحو 2000فدان(
8.4هكتار) .
-2أنشئت بكل مزرعة قرية فرعية بها الخدمات األساسية (جمعية استهالكية – مركز
إسعاف – مصلى).
-3أنشئ بكل منطقة من المناطق مبنى لتنمية المجتمع –و مدرسة للتعليم األساسي –
ومسجد –و سوق تجاري –و وحدة عالجية –و محطة إنتاج حيواني.
-4ينشأ على مستوى القطاع قرية مركزية تحتوي على مبنى للمجلس المحلي للقرية –
ونقطة الشرطة –و وحدة مطافئ –و مدرسة للتعليم األساسي – ومدرسة للتعليم
الثانوي والفني.ووحدة اجتماعية ريفية –و مستشفى سعة 20سرير – وجمعية
تعاونية زراعية –و سوق تجاري – ومسجد – ومحطة خدمة آلية – ومحطة وقود
وتشحيم – ومحطة إنتاج حيوان – ومكتب بريد وتلغراف – ونادي رياضي.
ﺠ -العزب والكفور والنجوع :أهم ما يميز القرى عن العزب والكفور والنجوع أن األولى
أكبر في عدد سكانها وتتركز بها المؤسسات والمنظمات الخدمية التي تقدم خدماتها (الصحية
36
– التعليمية – االقتصادية – لسكان هذه القرى ،وكذلك لسكان العزب والكفور والنجوع ،والتي
تمتاز بصغر عدد سكانها.
ويوجد نوعين من العزب والكفور والنجوع:
النوع األول :وهو ما يمكن أن يطلق عليه العزبة أو الضيعة حيث أن ملكية األرض الزراعية
تكون لفرد واحد ويوجد على هذه األرض بعض المباني والمنشآت الخاصة بسكنه وسكن
العاملين بالمزرعة والمخازن والحظائر .أي أنها أشبه بالمزارع المنفردة لكنها تختلف عنها
في وجود عدد كبير من مزارع العاملين بالمزرعة متجاورة ،كما أن هناك من الريفيين من
سكن بهذه العزب وبالتالي زاد عدد سكانها ولم يقتصر على العاملين بالمزرعة فقط.
أما النوع الثاني :فيشبه القرى إال أن مساحة األرض الزراعية أقل من مساحة القرية ،وملكية
األرض تكون موزعة على أكثر من أسرة وتتجمع المساكن بجوار بعضها دون تخطيط
وغالبًا ما يرتبط السكان مع بعضهم البعض بصالت قرابة ونسب ،ويقل أو ينعدم وجود
المؤسسات والمنظمات الخدمية بها وتعتمد في ذلك على المنظمات الموجودة في القرية األم،
وهذا النوع هو ما يطلق عليه الكفور أو النجوع .غير أن يد التطوير واالهتمام لم تغفل مثل
هذه التجمعات السكانية الريفية الصغيرة والمتمثلة في الكفور والنجوع بل شملتها أيضًا
فدخلتها الكهرباء ومياه الشرب النقية ويوجد على األقل بكل منها مدرسة للتعليم االبتدائي
ومندوبية للبنك ومسجد.
د -القـرى الخطيـة :وتتخذ هذه القرى وضعًا فريدًا يجمع بين مميزات كل من نظام القرى
والمزارع المنفردة ،وتعتبر قرية الشوبك الشرقي بمركز الصف محافظة الجيزة مثاًال للقرية
الخطية .حيث تمتد مبانيها وأرضها على شاطئ النيل.
مما سبق يتضح أن نمط االستيطان السائد في مصر هو القرى ويمكن إرجاع أسباب
انتشار هذا النمط واستيطان الريفيين المصريين في قرى إلى عدة عوامل هي-:
-1صغر حجم األرض الزراعية مما تولد عنه تفتيت الملكية الزراعية واتساع المحيط
العمراني للقرية بزيادة عدد سكانها.
-2نظرًا لقدم المجتمع المصري فقد تولدت فيه عادة السكن مع أفراد األسرة وبذلك
تجمعت األسر وإزداد حجمها ،حتى وإ ن تعلم أبناء هذه األسر ،وتقلدوا الوظائف فإن
37
عادة المعيشة مع األسرة ال زالت متأصلة خاصة إذا كان الوالد ال زال حيًا بين
أبنائه .ومع أن هذه العادة لها مميزاتها االجتماعية حيث زيادة التماسك األسري
والتآلف إال أن لها عيوبها خاصة عندما يزداد عدد أفراد األسرة وتنتشر فيها صفة
التواكل على الغير ويدب اإلهمال فيها فتكون الخسارة كبيرة.
-3الحاجة إلى التجمع للدفاع عن النفس كانت مصر ُتهاجم من جيرانها ،باإلضافة إلى
أن صفة التجمع مع الغير من الصفات االجتماعية المتأصلة في الجنس البشري،
وعندما عرف اإلنسان الزراعة المستقرة وعاش في المكان الذي اختاره لنفسه كان
البد من التوحد مع غيره للعيش في هذا المكان لتوفير الحماية واالعتماد المتبادل
فنشأت القرى.
-4سيطرة اإلقطاع والسخرة على مصر لفترة طويلة أدت إلى قيام أصحاب األرض
لتجميع المستأجرين أو العمال الزراعيين في مكان واحد ليمكن السيطرة عليهم.
ثانيًا :أنماط االستيطان في المجتمع الليبي:
تختلف أشكال المجتمعات اإلنسانية اختالفًا واضحًا نظرًا الختالف النشاط االقتصادي
والنظام السياسي أو نتيجة تقسيم العمل ،وكذلك نتيجة اختالف القيم االجتماعية واألعراف
والقوانين والعادات والتقاليد المميزة لمجتمع عن اآلخر ،ومن المجتمعات التي توجد بدول
العالم المختلفة المجتمعات البدائية ،والمجتمعات الشعبية وسكان الواحات والمجتمع البدوي،ثم
سكان المجتمع الريفي.
ولقد بدأت برامج التخطيط للتنمية في المجتمع الليبي في مطلع الستينيات إذ ظهرت
إلى حيز الوجود أول خطة خمسية في عام 1963م وتجاوزت مخصصاتها المالية مليار
دوالر كان نصيب القطاع الزراعي منها حوالي %17وكانت الخطة الثانية لمدة ثالث
سنوات (1975-1973م) وبمخصصات مالية حوالي 7.6مليار دوالر خصص منها
حوالى 1.52مليار دوالر للقطاع الزراعي،ثم جاءت خطة التنمية الثالثة لمدة خمس سنوات(
1980 -1976م) وتجاوزت مخصصاتها 28مليار دوالر كان نصيب الزراعة منها حوالي
،% 17وكانت الخطة الرابعة للسنوات من (1986 -1981م) ورصد لها حوالي 60مليار
دوالر بلغ نصيب الزراعة منها حوالي .% 18.2
38
ووفقًا لذلك تم استصالح ما يزيد عن مليون ونصف مليون هكتار موزعة على خمسة
مناطق رئيسية تم تقسيمها إلى عدد من المشروعات ،وقسمت أراضى كل مشروع إلى قطع
زراعية تتراوح مساحة كل منها مابين 6هكتارات و 23هكتار وبحيث تزود كل مزرعة
بمنزل حديث يتكون فى المتوسط من أربع حجرات وصالة ومطبخ وحمام ويكون بالقرب
منها مخزن وحظائر للحيوانات وزودت األبنية بمياه الشرب ،والطاقة الكهربائية ثم تلي ذلك
توطين السكان بها.
وفيما يلي توضيح ألنواع االستيطان القائمة بالمجتمع الليبي:
أوًال :نمط االستيطان العشوائي:
وهو أحد أنواع االستيطان الذي يتم دون تخطيط أو أي تدخل من الدولة ،حيث تبنى
المنازل بطريقة عشوائية دون مراعاة لخط سير الشوارع الرئيسية والفرعية ومن ثم ينعدم
التنظيم والتناسق بين المساكن ،وينتشر هذا النمط في المنطقة الواقعة إلى الغرب من قرية
سلطان شرق إجدابيا بحوالى 5كيلو مترات حيث توجد أربعة تجمعات سكنية تعرف جميعًا
باسم تجمعات " سيدي شهوان " ،ويفصل بين كل مجتمع وأخر مسافة تتراوح بين 2-1
كيلومتر ،ولا يزيد عدد منازل التجمع الواحد عن 20منزًال بني أغلبها بالحجر واألسمنت
ومسقوفة بالخشب.
ثانيًا :نمط االستيطان المخطط:
وهو نوع من التوطين المخطط له علميًا من البداية حيث وضع في االعتبار النواحي
االجتماعية والنفسية واالقتصادية للمواطنين بهدف الحفاظ على طابع الحياة التقليدية للبدو
ولضمان نجاح هذه المشاريع.وهو من أنجح أنواع االستيطان العتماده على أساليب علمية
متطورة في استغالل األراضي الزراعية وتطوير المراعى ومن أمثلة هذا النوع من
االستيطان المشاريع الزراعية ومنها مشروع غوط السلطان ،ومشروع تاكنس بالجبل
األخضر ،والمشاريع الزراعية المقامة على األودية في منطقة سرت .ويستفيد بالدرجة
األولى من هذه المشاريع البدو شبه الرحل ،والبدو شبه المستقرين حيث يكون التغير الذي
يطرأ على حياتهم نتيجة انتقالهم لمثل هذه المشاريع هو تغير سكن بيت الشعر بسكن بيت
ثابت ،ويكون التركيز على الزراعة أكثر من تربية الحيوان ،وتحديد الملكية بعد أن كانت
مشاعة(.الزوى( )1991 ،التير)1992،
39
ولقد طبقت في هذا النمط االستيطاني ثالثة نماذج من حيث مكان المنزل بالنسبة للمزرعة
هي:
النموذج األول :بناء قرية بها خدمات مثل المدرسة والمسجد والمستوصف والسوق
والمخازن والساحات ومحطة للنفط .وبنيت جميع المنازل حول قرية الخدمات ،وعبدت
الطرق ما بين المزارع فيعمل الفالحون فى مزارعهم أثناء النهار ويرجعون إلى منازلهم
ليًال.
النموذج الثاني :تخطيط قرية تكون فيها الخدمات فى جانب من المشروع ،وبنى كل منزل
في مزرعته مع مراعاة أن تكون فى زاوية المزرعة بحيث تأتى كل أربعة منازل متقابلة.
النموذج الثالث :بناء قرية الخدمات في وسط المشروع ،وبناء المنازل بحيث يكون كل منزل
في وسط المزرعة ،وفيه تبدو المنازل متباعدة.
ووزعت المنازل على األفراد من نفس المنطقة التي تقع فيها القرية الزراعية
الجديدة ،ويختارون من بين األفراد الذين يعملون مع غيرهم ،أو يزاولون زراعة بدائية على
قطعة أرض صغيرة ال تكفى إحتياجاتهم ،ويتسلم المزرعة ومعها كمية من البذور واألسمدة،
ومرتبا شهريًا يستمر لمدة ثالث
ً بجانب المعدات الزراعية الحديثة وعدد من الحيوانات،
سنوات من تاريخ تسلمه للمزرعة(.التير)1992،
ثالثًا :نمط يخلط بين التوطين العشوائي والمخطط:
ويتكون هذا النمط نتيجة لتجمع بعض الجماعات البدوية حول مراكز تقديم الخدمات
التي تقيمها الدولة فى بعض المواقع البدوية كنقطة الشرطة ،ومراكز تقديم الخدمات واإلدارة
المحلية ،والمستوصفات وبعض هذه المراكز تهدف باإلضافة لتقديم الخدمات التي من أجلها
أنشئت للبدو إلى العمل على مراقبة أحوالهم ومحاولة إخضاعهم بالتدريج لسلطة الدولة.وعادة
ما تنمو هذه المراكز وتتحول إلى قرى نتيجة لتجمع البدو حولها أمًال في الحصول على
المساعدات واإلعانات التي تقدمها الدولة خاصة في سنوات الجفاف ،أو لتعليم أبنائهم.
(الزوى)1991،
رابعًا :االستيطان العشوائي المشتت:
40
وهذا النوع من النمط االستيطاني لم يكن موجودًا حتى بداية الثمانينات وفيه تبنى
المساكن بطريقة عشوائية حسب موقع األراضي القبلية للساعين إلى التوطين ولذلك فهي تبدو
مشتتة ،ويعد هذا النوع أحدث أنواع االستيطان وأقربها للحياة البدوية حيث يهدف إلى تشجيع
ساكني الخيام من البدو على اإلقامة في أراضيهم القبلية إقامة ثابتة مستقرة ،وممارسة
الزراعة بشكل مكثف بدًال من التنقل الدائم.وال يشترط في هذه اإلقامة أن تكون على هيئة
قرية أو تجمعات سكنية مثل ما هو قائم في المشاريع الزراعية التي تشرف عليها الدولة،كما
ال تقوم الدولة بتحديد مساحة المزرعة أو الطريقة التي تدار بها أو الكيفية التي تبنى بها
مساكنهم وإ نما يترك ذلك إلمكانيات األفراد المادية ومساحة األرض المتاحة في نطاق الملكية
القبلية .وينتشر هذا النوع من النمط االستيطاني في إجدابيا وسيدى شهوان ،وغوط مريومة،
وآبار الخليطة في المنطقة الواقعة إلى الشرق من مدينة إجدابيا بنحو 25كيلومترًا.
خامسًا :توطين البدو حول المنشآت النفطية:
وهذا النمط يمثل ظاهرة تنتشر في أماكن متعددة في الوطن العربي حول المواني
النفطية ،ولقد كان البدو أول من عمل مع شركات النفط في ليبيا في فترات االستكشاف
والتنقيب فهم يستطيعون تحمل ظروف الصحراء القاسية والعمل المضني ،وبمرور الزمن
اتخذ بعضهم العمل مع شركات النفط وسيلة مستديمة لكسب العيش حيث الرواتب المغرية،
وساعات العمل المحدودة مقارنة بأعمال الرعي والحرث التي كانوا يقومون بها ليًال ونهارًا
باإلضافة إلى دخلها المحدود.ومن أمثلة هذا النمط من التوطين القائم في مناطق البريقة،
والعرقوب وبالريش.
وبمرور الزمن تغيرت بيوت الشعر إلى أكواخ من الصفيح أو الخشب التي تطورت
أيضًا وتم بنائها باألحجار واألسمنت ولكن بطريقة عشوائية غير معتدلة ،وطرق غير معبدة
لعدم توافر مخطط عمراني لها ،ولا توجد بها أية مرافق أو خدمات باستثناء مدرسة
ومستوصف ،والطاقة الكهربائية.
القرية،وأكثر تحررًا من العادات والتقاليد ،وسكانها أقل ارتباطا ببعضهم ،وأكثر قابلية للتغير
السريع .أما البيئة الريفية فهي جزء من المجتمع األكبر المحافظ على قيمه وعاداته وتقاليده
وال يقبل تغييرها بسهولة ،ويعيش على موارد األرض التي يرتبط بها في نومه وفى يقظته
وفى نشاطه اليومي سواء في زراعة األرض أو امتهان حرفة الرعي والصيد .وفيما يلي
عرض مختصر ألهم خصائص المجتمع الريفي مع مقارنة بينه وبين المجتمع الحضري:
-1البساطة :حيث يتسم المجتمع الريفي بأنه بسيط في بناءه االجتماعي فهو يتكون في الغالب
من أسرة واحدة كبيرة ،أو مجموعة من األسر يوجد بينها عالقات نسب ومصاهرة ،كما أنه
بسيط في معالجته لشئونه الحيوية واالجتماعية فال يعرف التعقيد في أموره ويمتلك الحلول
التي يستطيع أن يواجه بها مشاكله في كل النظم االجتماعية القائمة ،كذلك تتصف المباني
والمنشآت بالمجتمعات الريفية بالبساطة ،وقلة تكاليف اإلنشاء على العكس من المجتمع
الحضري الذي تتعقد أموره ومشكالته بما يؤدى إلى صعوبة إيجاد حلول لها في كثير من
األحيان.
-2االرتباط بالطبيعة :ترتبط حياة اإلنسان في المجتمع الريفي بالطبيعة وعناصرها الرئيسية
أكثر من ارتباط أفراد المجتمع الحضري ببيئتهم ،فامتهانهم الزراعة أو الرعي أو الصيد
جعلت حياتهم تسير وفقًا لظروف الطبيعة ،وبالرغم من التقدم العلمي الهائل ،ودخول
التكنولوجيا الجديدة في العمل الزراعي ال يزال هناك اعتقاد بين بعض الريفيين وخاصة كبار
السن بقوى الطبيعة ،ويخافون من أن تضن عليهم السماء فال تمطر ،أو تسلط عليهم اآلفات
والحشرات فتهلك الزرع ،وتفتك بالضرع فيخشون غضبها ويرجون رضاها بعكس المجتمع
الحضري الذي يستطيع اإلنسان فيه السيطرة على قوى الطبيعة ويخضعها إلرادته وينظر
إليها نظرة استمتاع.
-3العالقات االجتماعية بين أفراد المجتمع :يمتاز المجتمع الريفي بالتماسك وقوة الشعور
بالمشاركة الوجدانية ،وتقوم على العالقات الشخصية بين أفراده ومن ثم فهي قوية بقوة هذه
العالقات وعلى التفاعل والتالحم مع أصدقاءه وجيرانه بصفة مستمرة ،ويساعد على ذلك
ضيق المجال الجغرافي الذي يتحرك ويعيش فيه ،وتجعلهم في حديث دائم عن الزراعة،
والحيوانات ،واآلفات واألمراض وكيفية مكافحتها.كما أنهم أكثر صراحة في التعبير عما
يجول بخاطرهم دون مراوغة أو مكر ولذلك نجد التماسك بين أفراد هذا المجتمع تماسك آلي
42
أو ميكانيكي في حين نجد العالقات االجتماعية في الحضر ضعيفة يغلب عليها الطابع
الرسمي وهى غالبًا عالقات غير مباشرة ،وتغلب الفردية على الحياة العائلية والتضامن بين
أفراده تضامن عضوي .
-4العادات والتقاليد :تعتبر العادات الشعبية والعرف والتقاليد من المظاهر السائدة في
الريف ،ويعمل أهله بمقتضاها ،ويحافظون عليها،و يعيشون حياتهم الخاصة متأثرين بالقواعد
السلوكية والمعايير المنظمة لذلك ،ومن يخالفهم يقع تحت طائلة عقوبات تختلف حسب قوة
هذه العادات والتقاليد ،بينما في المجتمعات الحضرية تحل القوانين والتشريعات الرسمية
محل العرف أو العادات والتقاليد .
وبالرغم من ذلك نجد أن المجتمع الريفي أصبح في اآلونة األخيرة أكثر انفتاحا على العالم
الخارجي عن طريق انتشار وسائل اإلعالم بكافة أنواعها ،والتوسع في التعليم ،وتغير في
بعض المفاهيم والقيم واالتجاهات إال أن هذا التغير هو تغير جزئي فما زال الكثير منها
راسخًا خاصة عند كبار السن منهم ،ومن بيدهم اتخاذ القرار .
-5العمل والبطالة :حيث تنتشر ظاهرة موسمية العمل الزراعي ،وهى من أهم ظواهر
تكيف الطبيعة مع النشاط االقتصادي الزراعي ،فاإلنتاج الزراعي للمحاصيل محدد في
بالمواسم التي تتميز بكثرة العمليات الزراعية ويقل الطلب عليه في المواسم األخرى،
وبالمقارنة مع النشاط االقتصادي في المجتمعات الحضرية نجد استمرارية اإلنتاج وبمعدل
ثابت طوال العام ولذلك فالطلب قائم بصفة مستمرة على العمال بجانب وجود نظام ثابت
ومحدد ألوقات وعدد ساعات العمل.
-6البناء االجتماعي في الريف يقوم على أساس الحجم الصغير :يتميز البناء االجتماعي
في المجتمع الريفي بالتوحد في معظم األنساق االجتماعية القائمة وبالتالي بساطة شكل البناء
االجتماعي في هذه المجتمعات فمثال نجد أن النشاط الزراعي أحد مكونات النسق االقتصادي
لذا فالتوحد قائم بين الريفيين في أنه دخل أساسي لهم ،وكذلك توحدهم في شكل الزواج السائد
لديهم سواء من داخل العائلة أو داخل القرية ،وفى حل المشكالت بالطرق الودية عن طريق
العرف كنمط سائد للضبط االجتماعي ،والتمسك بالقيم هو المحدد لسلوكهم في كثير من
األمور على العكس من المجتمعات الحضرية والتي يكون فيها حدود واضحة لمظاهر كل
نسق من أنساق البناء االجتماعي ومن ثم يتعقد شكل البناء االجتماعي.
43
-7مستوى المعيشة :تتسم الحياة االجتماعية في الريف بضآلة وضيق أبعادها ،ومن ثم فإن
الدخول الفردية منخفضة بشدة إذا ما قورنت بالدخول الفردية العالية في المجتمعات الحضرية
نتيجة ارتفاع األجور في األعمال غير الزراعية ،وزيادة الربح السنوي لرأس المال المستغل
في األنشطة غير الزراعية مما يؤثر إيجابيًا على كافة األبعاد االجتماعية واالقتصادية للسكان
الحضريين ،يضاف إلى ذلك أن كبار مالك األراضي الزراعية يقيمون في المناطق الحضرية
وإ نفاقهم على السلع االستهالكية يحرم سوق المجتمع الريفي من السيولة النقدية التي تعمل
على زيادة النقد المتداول في السوق ،هذا بجانب توفر الخدمات العامة في المجتمع الحضري
بصورة أكبر عن الخدمات المتوافرة في المجتمع الريفي مثل وسائل المواصالت ،والطرق
الممهدة ،والمستشفيات ،وعيادات األطباء ،والنوادي االجتماعية ،والمؤسسات التعليمية
بمختلف مستوياتها.....الخ.
-8السكان :يقل عدد السكان وكثافتهم في المجتمع الريفي عنه في المجتمع الحضري حيث
يحتاج العمل الزراعي إلى أعداد أقل من العمال عنه في العمل غيرا لزراعي الذي يتطلب
أعدادًا أقل للعمل في مساحات شاسعة من األراضي.
-9المهنة:تسود في المجتمعات الريفية مهنة الزراعة التي تشمل اإلنتاج النباتى والحيواني،
ومازال التنظيم الزراعي في كثير من دول العالم يرتكز على األسرة الريفية فالزراعة مهنة
عائلية يشترك فيها جميع أفراد األسرة ولذلك فالعالقات األسرية مترابطة متماسكة أكثر منها
في المجتمعات الحضرية التي توجد بها مهن متباينة ومتعددة في الصناعة والتجارة واإلدارة
واألعمال الحرفية المختلفة ،وهى مهن يغلب عليها طابع التخصص ،ويحتاج معظمها إلى
مهارات فنية وعلمية ال يمكن للفرد العادي غير المدرب أن يؤديها بكفاءة.
-10الفوارق االجتماعية:
أن عدد الطبقات االجتماعية أقل في الريف عنها في الحضر. ا-
ب -أن قمة الهرم الطبقي في المجتمع الريف ال تبعد كثيرًا عن القاعدة عكس المجتمع
الحضري.
ﺠ -يغلب على الطبقات االجتماعية في الريف الطبقة المتوسطة.
44
أن الحراك االجتماعي من طبقة اجتماعية إلى طبقة أخرى أسهل في المجتمع د-
الحضري عنه في المجتمع الريفي.
-11التغير االجتماعي :يعتبر التغير االجتماعي في المناطق الريفية بطيئًا نسبيًا إذا ما قورن
بالتغير االجتماعي في المجتمع الحضري ألن أهل الريف يحافظون بطبيعتهم على ما هو
قائم ،وإ ن أي تغير يكون بصعوبة إذا لم تجد من الوسائل واألساليب اإلقناعية التي تؤكد أهمية
وضرورة التغيير لممارسة أي فكرة مستحدثة ،وذلك عكس أفراد المجتمع الحضري الذين ال
يتمسكون بعناصر الثقافة القديمة بل يقبلون دائما على تطبيق الجديد من األفكار أمال في
تحقيق أعلى عائد مادي ،وكذلك قبول العناصر والسمات الثقافية الجديدة.ولذلك يكون التغير
االجتماعي فيه سريع نسبيًا نتيجة تكيف وتمثيل العناصر الثقافية التي تنتشر في الثقافات
الخارجية مع الثقافة السائدة لدى أفراد هذا المجتمع.
-12النظرة غير المحدودة للوقت والمسافات :يتأثر المزارعون بموسمية اإلنتاج الزراعي،
وعدم انتظام العمل الزراعي ،ومن ثم وجود فراغ كبير من الوقت فهو ال يلتزم بتوقيت محدد
للذهاب إلى أرضه أو في العودة منها وهذا األمر جعله ال يهتم بتحديد مواعيده عكس سكان
الحضر الذين يستغلون كل أوقات فراغهم وبالتالي فهم يقومون بتحديد مواعيد عملهم ويقظتهم
وراحتهم بحيث يتم استغالله االستغالل األمثل الذي يحقق مصالحهم وأهدافهم.
-13التأثر العاطفي والتأثر بالعالقات الشخصية :حيث نجد أهل الريف عاطفيون إلى درجة
كبيرة عن أهل المدن الذين يتحكمون نسبيًا في عواطفهم ،كما يتأثر أفراد المجتمع الريفي
بالعالقات الشخصية واألحاديث الودية فال يستطيع رفض طلب زائر له في منزله ،أو التنازل
عن بعض حقوقه لآلخرين ،وقيامه بمساعدة المحتاجين ،وتبادل األدوات واآلالت المز رعية
مع جيرانه.
-14احترام السن :تتسم المجتمعات الريفية باحترام صغار السن لكبارهم وأن أي مناقشة أو
احتداد أو اهانة للكبار من صغار السن تعتبر مخالفة للمعايير السائدة فتقابل بالنقد الشديد من
أفراد المجتمع.
-15احترام الشجاعة والقوة :تعد الجرأة والشجاعة من الصفات التي تجعل الفرد محل
تقدير وإ عجاب من اآلخرين خاصة فى المجتمعات الريفية لتحملهم الصعاب والقيام بالعمل
45
التطورية التي بلغها علم اإلجتماع .وسوف نعرض فيما يلي االتجاهات النظرية والرؤى
المختلفة لتحليل خصائص المجتمع الريفي في مقابل المجتمع الحضري:
االتجاهات النظرية لتحليل المجتمعات الريفية والمجتمعات الحضرية:
ويقصد بها تلك األفكار واآلراء التي شاع استخدامها وتأثر بها عدد كبير ممن كتبوا في
هذا الموضوع،وتندرج هذه النظريات ضمن طائفتين أساسيتين على النحو التالي:
-1نظرية المحك الواحد وانتقاداتها:
ويتخذ بعضًا من أصحاب هذه النظرية بعدًا واحدًا للتمييز بين المجتمعين الريفي
والحضري،حيث نجد مثًال أن من اتخذ منهم حجم السكان محورًا لهذا التمييز يرى أن
التحضر هو عملية التركز السكاني وهى عملية تتخذ طريقين أولهما :تعدد مراكز التركز أي
نمو مراكز حضرية متعددة،وثانيهما :نمو التركز السكاني القروي ،وتضخم حجم القرية
وتحولها إلى مدينة ،ووفقًا لهذا االتجاه يمكن تحديد القرية بأنها منطقة التخلخل السكاني بينما
المدينة منطقة التركز السكاني .كما اتخذ البعض اآلخر المهنة كأساس وحيد للتمييز بين
الريف والحضر ،واستند آخرون إلى عنصر القوة أو السلطة.وبالرغم من التباين في استخدام
المحكات المنفردة للتمييز إال أن حجم المجتمع هو المحك الوحيد الذي يشيع استخدامه بدرجة
واسعة في التمييز بين الريف والحضر بين أصحاب هذه النظريات.
ومن الواضح أن هذا المحك قد سهل كثيرًا عمليات القياس والمقارنة،إال أن من نقاط ضعفه
استخدام محكات أخرى معاونة وذلك عندما يقوم مستخدميه بتحليل بياناتهم من منظور
حضاري،فالمجتمعات السكانية التي تقع في الفئة السكانية من خمسة إلى عشرة آالف تتباين
فيما بينها تباينًا ملموسًا بالنظر إلى اإلطار االجتماعي الذي تنتمي إليه ،وكذلك بالنظر إلى
مرحلة التقدم االقتصادي واالجتماعي التي وصلت إليها المجتمعات،كما يساعد التقدم
التكنولوجي على التركز السكاني الذي هو صنو التحضر في نظرهم.وانطالقا من ذلك
فالتكنولوجيا ومستوى التقدم لهما من االعتبار عند تحليل األنماط الريفية الحضرية في نماذج
مختلفة من المجتمعات.
-2نظرية المحكات المتعددة وانتقاداتها
47
وهى تلك النظرية التي اعتمدت على محكات متعددة للتفرقة بين الريف والحضر ومن
رواد هذه النظرية سوركين Sorokinوزمرمان Zemarmanورد فيلد Field R.Redوورث
Worthوذلك كما يلي:
(أ) يميز سوركين وزمرمان بين الريف والحضر وفق مجموعة من األسس التي تأثر أيضًا
بها الكثيرون فيما بعد وتبنوا وجهة نظرهم أمثال" سميث "و"لومس" في مؤلفيهما عن
سسيولوجيا الحياة الريفية ،واألنساق االجتماعية الريفية ،ومن األسس التي وضعها" سوركين"
و"زمرمان" الفروق المهنية ،واالختالفات البيئية ،وحجم المجتمع ،وكثافة السكان ،وتجانس
السكان أو عدم تجانسهم نفسيًا واجتماعيا وثقافيًا ،ودرجة الحراك االجتماعي واتجاهه ،واتجاه
الهجرة ،وشكل التباين االجتماعي ،وأنساق التفاعل االجتماعي .ولقد ارتكزا في ذلك على
العوامل االجتماعية الصارمة كالتجانس والتباين والتفاعل.
وهذا اإلطار التصنيفي الذي وضعه سوركين وزمرمان يساعد على تصنيف المجتمعات
المحلية وفقًا لشيوع عدد من الخصائص أو األبعاد فالمجتمع الريفي مجتمع متجانس بينما
المجتمع الحضري مجتمع غير متجانس ،والتفاعل في المجتمع الريفي يأخذ الطابع األولى في
حين يكون التفاعل ثانوي في المجتمع الحضري ،كما يتضح أنهما لم يقدما متغيرات بارزة
يمكن استخدامها في تفسير وجود االختالفات بين المجتمعات الحضرية والمجتمعات الريفية،
أي التفسير واإلجابة عن سؤالين مفادهما لماذا تتخذ الحياة القروية هذا الشكل وكذلك الحياة
الحضرية؟ وما هي العوامل التي شكلت الثقافة القروية في مقابل الثقافة الحضرية ؟مما يجعل
مسألة التعمق في دراسة أو معرفة أسباب وجود هذه االختالفات ضرورة قائمة.
(ب) أما " ورث و ردفيلد " فقد كانت رؤيتهما أن المدينة مسئولة إلى حد كبير عن وجود
الحياة القروية،أو هي متغير رئيسي في تفسير ظواهر اجتماعية معينة ومنها الفروق الريفية
الحضرية.فنجد روث مثًال في معالجته لموضوع الحضرية على أنها أسلوب للحياة وهو جهد
نظري لم يستند إلى الدراسة الواقعية.
ويرى" ورث" أن المدينة تتميز عن الريف بعدة خصائص هي:
-1تتمتع بحجم أكبر من السكان.
-2تزيد فيها شدة الكثافة السكانية.
48
-3تتميز بالنمو والتضخم الذي يصاحبه ظهور طابع علماني وعقالني وانهيار النسيج
المعياري واألخالقي.
-4المدينة غير متجانسة ،حيث تضم نوعيات مختلفة من السكان ،والطبقات االجتماعية،
والجماعات الفرعية ،والمستويات التعليمية ،والمهن.
-5تشيع فيها العالقات الثانوية على حساب عالقات القرابة وغيرها من أشكال العالقات
األولية.
-6يسود فيها الضبط االجتماعي الرسمي المتمثل في القانون وأجهزته على حساب
الضوابط االجتماعية غير الرسمية كالعادات والعرف واألخالق والمعايير وغير
ذلك.
كذلك فإن الحضرية من وجهة نظره أسلوب من الحياة غير مستقر،وفى حركة
دائبة،وغير محدد المعالم.
ومن جهة أخرى صاغ ردفيلد ثنائيته التي تقابل بين مجتمع شعبي ،وآخر حضري ،واعتمد
في ذلك على دراسات واقعية لعدة مجتمعات محلية متدرجة تضم قرية صغيرة يسيطر عليها
طابع الثقافة الشعبية غير العلمية ومجتمعًا قرويًا أكبر ثم مركزًا حضريًا صغيرًا فمدينة.
ويلخص رد فيلد إطاره النظري في أن عزلة المجتمع وتجانسه يقفان معًا بوصفهما
متغيرين مستقلين ،وأن تكامل الثقافة وتفككها ،والعلمانية والفردية فهى متغيرات معتمدة ،بما
يعنى أن العزلة والتجانس هما المحددان لثقافة القرية أو المدينة فكلما كان المجتمع منعزًال
ومتجانسًا ظهرت فيه الخصائص القروية كتكامل الثقافة والتفكير غير العلمي والجماعية
وغير ذلك بجانب عوامل أخرى يكون للعزلة والتجانس الدور األساسي فيها ،وإ ذا ما تكسرت
العزلة ،واتجه المجتمع إلى الالتجانس ظهرت الخصائص الحضرية كتفكك الثقافة والعلمانية
والفردية.
ولقد وصف ردفيلد خصائص المجتمع الشعبي أنه مجتمع صغير ،منعزل ،تشيع فيه األمية،
ويسوده شعور دافق بالتضامن الجماعي.
إنتقادات نظريات المحكات المتعددة:
49
على الرغم من الجهود التي قام بها كل من ورث وردفيلد وإ عطاء تفسيرات للفروق
الريفية الحضرية إال أنه يمكن وصف االنتقادات الموجهة إليهما على النحو التالي:
-1يذهب رد فيلد وورث إلى أن المجتمع الشعبي مغلق ومكتف ذاتيًا بينما تعد المدينة أو
المجتمع الحضري نظامًا جزئيًا أو جزء من كل ،ومن ثم فإنهما يقعا على طرفي
نقيض ،وهذا غير حقيقي في الواقع ،ولا يمكن المقارنة بين القرية والمدينة على هذا
النحو.فالمقارنة تكون باعتبار كل منهما يشكل نسقًا أو نظامًا فرعيًا داخل مجتمع
أكثر اتساعا.كذلك إن جاز أن تنطبق هذه النظرة على المجتمع البدائي المعلق
المنعزل إال أنها ال تنطبق على مجتمع القرية الذي يرتبط بنطاق اجتماعي أكبر
متمثًال في الدولة أو المجتمع القومي ،حيث تتأثر القرية في المجتمعات الحضارية
باألحداث المحيطة محليًا أو عالميًا.
ولقد سجلت كثير من الدراسات السسيولوجية الحديثة االتصال الوثيق
والمستمر بين القرية والنطاقات االجتماعية األكثر اتساعا في فترات تاريخية مختلفة،
فالثورة االتصالية كسرت الحواجز الباقية بين المجتمعات ،وحققت درجة عالية من
التكامل االجتماعي والسياسي بين القرية وقضايا المجتمع القومي.
-2افتراض رد فيلد وورث وكذلك سوركين وزمرمان أن المجتمع القروي يتميز بدرجة
عالية من التجانس واالستقرار بينما يتميز المجتمع الحضري بمعدل مرتفع من عدم
التجانس ،وعدم االستقرار ،والواقع قد يشير إلى غير ذلك فكثيرا ًمن المجتمعات
الريفية وفقًا لنظرية االقتصاد المحدود ما هي إال نموذجًا لما يمكن أن ينطوي عليه
مجتمع القرية من حقد وكراهية وصراع ،وكذلك ما تحدث به من ثورات وتمرد
وصراع طبقي.
-3المبالغة في تقدير ردفيلد وورث للتفكك الثقافي والمعياري واألخالقي الذي يتسم به
مجتمع المدينة ،وهما في ذلك يتأثران بمجتمعهما في تلك الفترة والتي تميزت بتفكك
المجتمع وعدم االستقرار خالل فترة العشرينيات والثالثينيات في الواليات المتحدة
األمريكية ،كما لم يتمكنا من فهم وإ دراك اآلالف من التنظيمات االجتماعية غير
الرسمية داخل اإلطار الحضري وقد يرجع ذلك إلى أن التنظيمات غير الرسمية
الكائنة في المناطق المتخلفة في المدينة ليست على نفس عمق وشدة مثيلتها في
50
المناطق الريفية .وهذا يعنى أن المدينة كما كانت مصدرًا للتغير في مرحلة ما قبل
الصناعة فإنها كانت مصدرًا للجمود واالستقرار أيضًا ،ولكن كان اهتمام علماء
اإلجتماع بوظيفتها في مجال التغير وأغفلوا وظيفتها في نطاق الجمود ،وكما أنه
وجدت مدنًا موطنًا للشرور واآلثام فإن هناك مدنًا تتمتع بدرجة عالية من القداسة
فمثًال بقيت مدينة القدس رمزًا مقدسًا لجماعات دينية عديدة ،ومن أهم أركان اإلسالم
الحج إلى بيت اهلل الحرام بمكة لمن استطاع إليه سبيال.ولقد أدرك "ردفيلد" أخطاؤه
في كتابات الحقة عالج فيها القرية بوصفها مجتمعًا داخل مجتمعات ،وكأجزاء ضمن
سياق اجتماعي أكبر يضمها جميعًا.
-4أن أي شكل من أشكال االختالف بين القرية والمدينة إنما هو نتاج لنسق ثقافي
معين،ومن ثم فإن الفروق بين القرية والمدينة يمكن أن تختلف اختالفا واسعًا من
ثقافة إلى أخرى نتيجة التداخل والتشابك بين مكونات ثقافاتها فمثًال نجد في الهند أنه
قد يحدث نتيجة التداخل في البناء المهني أن مدنًا كبرى تضم أعدادًا كبيرة من
المزارعين،أو نتيجة ألن السكان الذين ينتمون إلى الطبقات الدنيا في الريف والمدينة
يشتركون فيما يسمى بثقافة الفقر حيث تقف الحالة االقتصادية السيئة التي تعانى منها
الطبقات الدنيا الحضرية والقروية عائقًا أمام مشاركتهم سواء فيما تتمتع به الصفوة
التقليدية أو الطبقة الصناعية الوسطى.
وكذلك من االنتقادات الموجهة لسوركين وزمرمان أن جهودهما كانت وصفية
وتصنيفية في المقام األول وليست جهودًا تفسيرية.
أن ظاهرة التشابك والتداخل بين القرية والمدينة في الدول النامية ظاهرة عامة،فقد
فشل الباحث الهندي"بوكوك" في إيجاد فروق فاصلة بين القرية والمدينة الهندية وتحدى بذلك
الميدان الحقيقي للدراسات الريفية الحضرية.
التقسيمات المختلفة للمجتمعات:
تتعدد وتختلف المقاييس المتبعة لتصنيف المجتمعات منها ما يلي:
أ-التصنيف اإلحصائي :
51
ويعتمد هذا التصنيف على حجم المجتمع من حيث عدد سكانه ففي الواليات المتحدة
األمريكية يعتبر المجتمع الريفي هو المجتمع الذي يقل عدد سكانه عن 2500نسمة بينما
يعتبر المجتمع حضريًا عندما يزداد عن هذا العدد.
في بتسوانا:المجتمع الحضري عبارة عن التجمعات السكنية التي تحوى 5000نسمة
فما فوق على أن يكون النشاط االقتصادي ممثًال لنسبة .%75
وفى غينيا :الحضر هو المراكز اإلدارية والتجمعات السكانية التي تحوى 300منزًال
فما فوق،أو 1500نسمة فما فوق.
و في كندا :الحضر هو التجمعات السكانية التي يبلغ عددها 1000نسمة فما فوق
بشرط أن تصل الكثافة السكانية فيها إلى 400نسمة أو أكثر/كم.2
وفى فرنسا :المجتمع الحضري هو عبارة عن التجمعات السكانية التي يبلغ عدد سكانها
2000نسمة فما فوق ،ويسكنون في بيوت متقاربة بحيث ال تزيد المسافة الفاصلة بينها
عن 200متر ،والمراكز اإلدارية الرسمية التي يسكن أغلب سكانها في تجمعات تتصف
بنفس الصفات.
وفى سوريا:الحضر هو عبارة عن مراكز المحافظات وفروعها أو التجمعات السكانية
التي يبلغ عدد سكانها 2000نسمة فما فوق.
وفى جغرافيا السكان يعرف الحضر بأنهم "األفراد الذين يسكنون المدن ،ويمتهنون مهنًا
في قطاعي الصناعة والخدمات" .أما سكان الريف فهم" األفراد الذين يسكنون القرى
ويمتهنون مهنًا في قطاع الزراعة".ويصنف العاملون في صيد البحر والبر،وكذلك البدو
الرحل وأشباه الرحل ضمن السكان الريفيين.
ب -التصنيف المهني:
ويعتمد هذا التصنيف على تقسيم المجتمعات وفقًا للمهن السائدة فالمجتمعات التي تعتمد
على الصناعات األولية في معيشتها مجتمعات ريفية .وبناءًا على ذلك فالمجتمعات التي تعتمد
على مهنة الزراعة أو الصيد أو التعدين هي مجتمعات ريفية.
ج -التصنيف اإلداري:
وهذا النوع من التصنيف يقسم المجتمع إلى وحدات ريفية وأخرى حضرية حيث اعتبرت
المناطق الحضرية هي تلك التي تقسم إداريًا كمراكز ،وتفرض على المباني والمنشآت القائمة
52
بها عوائد .أما المجتمع الريفي فهو المجتمع الذي ليس عاصمة لمحافظة أو إقليم أو لمركز
من المراكز اإلدارية.
د -التقسيمات الثنائية :
-1تقسيم ابن خلدون:
من أوجه التفرقة الثنائية بين المجتمعين الريفي والحضري ما أشار به الرواد األوائل لهذا
العلم حيث أبرز ابن خلدون هذه التفرقة بين مجتمع البدو أو المجتمع الريفي ومجتمع الحضر
أو مجتمع المدينة فذكر أن البدو أقدم من أصل الحضر فالبادية أصل العمران وأن خشونة
البداوة تسبق رقة الحضارة ،وأن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر ،وأقرب إلى
الشجاعة منهم ،وأن عمران البادية ناقص عن عمران الحضر فموارده محدودة والحرف به
غير متوفرة عكس المجتمع الحضري الذي تتعدد موارده ،وتزداد به فرص العمل نتيجة تعدد
الحرف.
أرجع ابن خلدون الفرق بين البدو والحضر إلى االختالف في مصادر اإلنتاج والمهنة حيث
قال أن اختالف األجيال في أحوالهم إنما هو باختالف نحلتهم من المعاش فإن اجتماعهم إنما
هو للتعاون على تحصيله واالبتداء بما هو ضروري منه وبسيط قبل الحاجي والكمالي فمنهم
من يستعمل الفلح من الفراسة والزراعة ،ومنهم من ينتحل القيام على الحيوان من الغنم والبقر
والمعز والنحل والدود لنتاجها واستخراج فضالتها،وهؤالء القائمون على الفلح والحيوان
تدعوهم الضرورة والبد إلى البدو ألنه متسع لما ال يتسع له الحواضر من المزارع والفدن
والمسارح للحيوان وغير ذلك .وبالرغم من أن الفروق الريفية الحضرية قد شغلت أذهان
الكثير من إعالم علماء اإلجتماع الذين اهتموا ببناء تصورات نظرية تشير إلى أنماط مختلفة
من الحياة االجتماعية إال أنه على أرض الواقع ال يمكن وضع خط فاصل بين ما هو ريفي
وما هو حضري فبين هذين النمطين من الحياة تداخل وتدرج في أشكال وأنواع المستوطنات،
وفى تنوع النشاط االقتصادي والمهني ،وفى التراكيب والعالقات االجتماعية والثقافية ،ولذا
فإنه يمكن تقسيم سكان الحضر إلى سكان المدن الكبرى ،وسكان المدن الصناعية ،ويقسم
سكان الريف إلى ريفيين زراعيين ،وريفيين غير زراعيين.
-2تقسيم"فرديناند تونيزF.Toennies :
53
قدم عالم اإلجتماع األلماني فرديناند تونيز في أوائل القرن العشرين مقارنته بين
الثنائية " ريفي وحضري " حيث قارن بين المجتمع ذو الطابع الريفي أو المجتمع المحلى
المغلق الذي تسوده العالقات األولية والقرابية ،Gemeinschaftوبين المجتمع الحضري أو
المجتمع المحلى المفتوح Gesselechaftالذي تسوده العالقات القانونية والتعاقدية بين
أفراده.وتتمثل الفروق بين هذين المجتمعين في اآلتي:
ا -المجتمع المحلى المغلق وحدة محدودة النطاق أما المجتمع العام المفتوح فهو أكبر من
المجتمع المحلى.
ب -يخضع المجتمع المحلى لسلطان الدين والعادات والتقاليد بينما يخضع المجتمع العام
لقوة القانون وزيادة العالقات والروابط التعاقدية والطبقية ،ومستوى منخفض من
التضامن والتكامل بما يؤدى إلى مستوى عال من االغتراب وفقدان المعايير.
ﺠ -تسيطر العواطف والمشاركات االجتماعية في المجتمع المحلى المغلق أما المجتمع
العام فتسيطر عليه العالقات القائمة على المصلحة ويسوده التنافس والنزاع
والصراع والتشريع.
تعتبر األسرة وحدة المجتمع المحلى بينما الجماعات هي وحدة بناء المجتمع العام، د-
وتتنوع هذه الجماعات بتنوع مظاهر النشاط االجتماعي فقد تكون سياسية أو
اقتصادية أو دينية أو ترفيهية.
-3تقسيم هوارد بيكر H.Becker :
ولقد كان" لهوارد بيكر"منظور مختلف في رؤيته لكال المجتمعين فالمجتمع الريفي
يتميز بثقافة بطيئة التغير أما المجتمع العلماني Seculer مجتمع مقدس Sacred Society
Societyفيتسم بثقافة متحررة متغيرة.
-4تقسيم إميل دور كايمE.Durkhiem :
قدم العالم الفرنسي إميل دور كايم تفرقة بين هذين المستويين االجتماعيين من منظور
العالقات االجتماعية فالمجتمع الريفي تسوده العالقات الميكانيكية أو التضامن اآللي حيث
تقوم عالقاتهم واستجاباتهم على التلقائية الميكانيكية التي تعتمد على التماثل بين أعضاء
المجتمع ويكون للضمير الجمعي قوة ملحوظة ،ويشير الضمير الجمعي إلى المجموع الكلى
54
للمتغيرات والعواطف العامة بين معظم أعضاء المجتمع والتي تشكل نسقًا له طابع مميز،
وهذا الضمير الجمعي يعيش بين األفراد ويتخلل حياتهم ويكتسب نوع من القوة التي تحكم
سلوكهم وتضبط تصرفاتهم وال يجوز ألحد من هذه المجتمعات التعدي عليه أو حتى االختفاء
من سلطته.أما المجتمع الحضري فهو مجتمع عالقاته معقدة وتقوم على التضامن العضوي
التي أساسها المنفعة المتبادلة ،ويتسم بخاصية عدم التجانس ويظهر فيه تقسيم العمل
والتخصص واالعتماد المتبادل بين أفراده وطوائفه وتقل أهمية الضمير الجمعي ،وتظهر
أساليب جديدة تحكم سلوكيات وتصرفات أفراده.
االنتقادات الموجهة لفكرة التقسيمات الثنائية.:
بالرغم من تعدد األفكار المستخدمة في التقسيمات الثنائية(الريفية -الحضرية) إال أن
بعض العلماء المعاصرين وجهوا نقدًا شديدًا لها وذلك لألسباب اآلتية:
-1عدم استيعابها لجميع أشكال المجتمعات التي مرت بها عبر تاريخها الطويل.
-2وجود تشابه واضح بينهما فعلماء اإلجتماع األوائل يقابلون بين نمط معين من
المجتمعات تسيطر فيه الجماعة على الفرد ،وترسم له موقفًا ثابتًا ال يتغير ونمط آخر
من مجتمعات أخرى يعبر فيه الفرد عن نفسه ويتمتع باالستقاللية.
-3أن التفرقة التي أوجدها بعض علماء اإلجتماع قامت على مجتمعات مختلفة فعلى
سبيل المثال التفرقة التي أشار إليها " تونيز" ما هي إال تفرقة بين المجتمعات
الرأسمالية الحديثة والمجتمعات التقليدية القائمة على العرف والتقاليد.
-4صعوبة االعتماد عليها في التمييز بين المجتمعين الريفي والحضري بشكل شامل
فهي ال تمثل سوى وسيلة مبدئية للتفرقة بينهما.
-5عدم وجود خط فاصل للتفرقة بين المجتمع الريفي والمجتمع الحضري فكثيرًا من
المجتمعات كانت في فترة سابقة مجتمعات قروية تطورت تدريجيًا وتحولت إلى
مجتمعات مدنية.
والشك أن تلك المحاوالت للتفرقة بين المجتمعات الريفية أو البدوية وبين المجتمعات
الحضرية لها داللتها وقيمتها خاصة في مراحل الدراسات االجتماعية األولى حيث ساعدت
55
على زيادة المعارف المتعلقة بطبيعة وأسلوب الحياة االجتماعية في هذين النمطين المتغايرين
من المجتمعات.
ونظرًا العتقاد بعض علماء اإلجتماع بفشل فكرة الثنائيات فلقد اتجه البعض إلى اتخاذ
أساليب جديدة للتمييز بين الريف والحضر في أي مجتمع تقوم على فكرة المتصل الريفي
الحضري سواء باالعتماد على محكًا واحدًا مثل عدد السكان أو المهنة أو استخدام المحكات
المتعددة مثل الفروق التي تبنى على أساس الفروق المهنية ،وحجم المجتمع ،وكثافة السكان،
والتجانس بين السكان ،والحراك االجتماعي.
ﻫ -التقسيمات القائمة على فكرة المتصل الريفي الحضري:
وهى تلك التقسيمات القائمة على متصل "ريفي حضري " حيث يوجد المجتمع الريفي
بطابعه البسيط العائلي ،وثقافته التقليدية الريفية بطيئة التغير ،وكذلك يوجد المجتمع الحضري
بطابع حياته المعقد ،والعالقات القائمة على المصلحة والمنفعة الشخصية ،والثقافة الديناميكية
سريعة التغير .ويشار إليهما في هذه التقسيمات كطرفين متضادين من صور المجتمع تستخدم
للمقارنة والقياس .وتقوم فكرة المتصل الريفي الحضري على وجود نوع من التدرج القائم
بين مناطق المجتمع المختلفة حيث أصبح من السهل أن يقع أي تجمع سكاني داخل الدولة على
نقطة معينة في هذا المتصل الريفي الحضري.ويبدأ هذا المتصل بالقرية الصغيرة المنعزلة
جغرافيًا ثم يتدرج إلى القرية األكبر ،ثم إلى المدينة األصغر ،فالمدينة األكبر كما هو الحال
في المجتمعات الحديثة،ومن هذه المقاييس ما يلي:
-1مقياس "لومس وبيجل" Loomis &Beegle
أن هذا المقياس يبرز الفروق القائمة بين المجتمعين المجتمع العائلي " الريفي" والمجتمع
العقدي"الحضري" وقررا أن طابع األنساق االجتماعية يتدرج على مقياس أحد طرفيه يشير
إلى الصفة العائلية البحتة والطرف الثاني يشير إلى الصفة العقدية البحتة.وأجريا تقسيم
المقياس على النحو التالي:
شكل رقم( )1المقياس المتصل المتدرج العائلي العقدي
الطرف البدائي 5 4 3 2 1 0 1 2 3 4 5الطرف الرسمي
العقدي(حضري) العائلي(ريفي)
56
ولقد حاول لومس وبيجل في هذا المقياس إبراز الفوارق القائمة بين عناصر
المنظمتين اللتين تقعا عند طرفي المقياس حيث اعتبر أن كل منظمة تقع عند كل طرف تمثل
هذا الطرف فالمنظمة االجتماعية عند الرقم ( ) 5جهة اليمين تمثل الحالة البدائية العائلية
وهذا النوع تتصف عالقات أفراده بالصفة العائلية " الريفية" أما الرقم ( ) 5من جهة اليسار
فيشير إلى المجتمع الحضري العقدي الذي يمكن وصف العالقات القائمة بين أفراده بأنها
رسمية ومعقدة بينما الوضع الذي في المنتصف ويشير إليه الرقم ( )0فيبين الحالة الوسطية
بين الطرفين األيمن واأليسر .ومابين الرقمين الطرفيين األيمن واأليسر توجد عدة أرقام
ذات خصائص متفاوتة في درجة الريفية أو درجة الحضرية ذلك أن هذا المقياس لم يفرق
بشكل قاطع بين الريفية أو الحضرية فال يوجد مجتمع في حالة حضرية Ubanizationبنسبة
مائة في المائة ،كما ال توجد مجتمعات في حالة ريفية Ruralizationبنسبة مائة في المائة.وقد
اتخذ العالمان الصفات التالية لمقارنة المنظمة البدائية"الريف " بالمنظمة الرسمية العقدية "
الحضر" :
جدول رقم ( )1مقارنة بين المجتمع العائلي والمجتمع العقدي" الريف – الحضر".
العالقة بين األفراد عالقة ذات اتجاهين ومتبادلة يتساوى فيها العالقة رسمية وذات اتجـاه واحد
تأثير أفراد الجماعة على بعضهم كما وتأثيرها من طرف واحد واستجابة
تتســاوى استجاباتهم للمؤثرات من الطرف اآلخر ،وتتسم العالقـة
المتماثلة.وتكون هذه العالقة اختيارية تقوم بينهما بالرسـمية أو العالقة الجبرية
على أساس الرغبة في تكوين العالقة لذاتها أو اإللزامية.
وبشكل تطوعي كما في حالة الصداقة.
تماسك الجماعة اشتراك أعضاء الجماعة في نفس نواحي ضعف التماسك الجماعي فلكل فرد
االهتمام واألهداف والدوافع والقيم مما هدفه الخاص بـه ،وتتحقـق علـى
يعبر عن التماسك القوى. حساب اآلخرين وقد يتصادمون في
اهتماماتهم ودوافعهم وقيمهم.
االتصال يقوم االتصال بين أفراده على المواجـهة يتضمن االتصال بين أفراده اتصاًال
أو االتصال المباشر قصير المـدى وغير مباشرًا أو غير مباشر ويستمر
57
الرسمي مثل الكالم المباشر أو استخدام لفترة طويلة ،ويغلب عليه الطابع
التعبيرات بالوجه. الرسمي بواسطة الخطابات
اإلدارية.
الثقافة المقدسة ترتبط فيه ثقافة المجتمع بعـقائد األفراد تتميز الثقافة في هذا المجتمع بأنها
المكونين له ،والذين يقاومـون بشدة أي متحـررة ومتطورة بما يتالءم مع
انحراف عن هذه الثقافة فنمط المعيشة مرتبط أهدافها التي تسعى إلى تحقـيقها،
تمامًا بعقيدة األفراد. وينظر إلى نمط المعيشة على أنه
مجرد وسائل لتحقيق األهداف.
السلوك يتميز أفراده بالسـلوك التقليدي الذي يتمشى وجود السلوك المنطقي الكفء
المتزن الذي يتفـق مع ما تم التوصل مع الـتقاليد السـائدة دون االهتمام بنتائج هذا
السلوك. نتائج ،وإ ذا إليه من
لم يؤدى النتائج المرغوبة فهو
سلوك غير مقبول.
يتسم سلوك األفراد في المجتمع الريفي بوجود السلوك العاطفي يقـوم سـلوك األفراد في هذا المجتمع
المتزن والمرسوم على الطابـع الرسمي ،ويتأثر بقواعد عاطفة قوية تؤثر على
تصرفات األفراد وما يتخـذونه من تنظيم العمل في التفكير والتخطيط.
قرارات ولكن بشكل غير رسمي.
السلطة الشخصية تعتمد السلطة على الجوانب الشخصية للفرد السلطة في هذا المجتمع رسمية
وغير الشخصية أي على شخصية صاحبها. تعتمد على النظام وليـس على
األشـخاص الذين يشغلون هذه
المناصب.
الوضوح عـدم وضـوح السـلطة والحـقوق والمسئوليات تتسم حدود السلطة بالوضوح
بين أفراده فهي شائعة بينهـم بالتساوي ويعتبر والمسئولية المحددة.
الكل نفسه سائًال ومسئوًال عن الجماعة.
تكامل األدوار محافظة أفراد المجتمع العائلي علـى إتباع ال توجد عالقة بين دور الفرد
58
ويالحظ أن جميع أوجه المقارنة التي يجب أن تكون قائمة في ( رقم ) 5سواء كانت
للطرف العائلي أو الطرف الرسمي هي وصف لحاالت فرضية يصعب أن تكون موجودة
فعًال في أي منظمة اجتماعية .ولذلك عند دراسة أي منظمة تتقارب صفات عناصرها مع
صفات عناصر طرفي المدرج يتعين وضعها عليه بناءًا على ذلك.فإذا قارنا خصائص
المجتمع المحلى كمنظمة اجتماعية بخصائص كال الطرفين ووجدنا تشابهًا في صفاته مع
صفات الطرف العائلي توضع على المدرج في مكان يقرب من هذا الطرف ويميل له كلما
تشابهت خصائص المجتمع المحلى وصفاته مع خصائص وصفات الطرف العائلي.
-2مقياس" رد فيلد " Field R.Red
وهو مقياس وضعه " رد فيلد " للتفرقة بين المجتمعين الريفي والحضري كما هو موضح
بالشكل التالي:
شكل رقم ( )2المقياس المتصل المتدرج الريفي الحضري
هـ المجتمع الحضري د جـ ب أ المجتمع الريفي
وهذا المقياس كما هو موضح بالشكل السابق اتخذ منه " رد فيلد " آداه تحليلية للمقارنة بين
المجتمعات القائمة وبعضها البعض حيث تشكل النقطة (ا) على هذا المقياس نوعية المجتمع
الريفي والنقطة (هـ) نوعية المجتمع الحضري والنقاط التي بينهما توضح المستوى الذي
وصل إليه المجتمع على مقياس "ريفي ـ حضري" .وذلك على النحو التالي:
جدول رقم ( )2مقارنة بين خصائص البيئة الريفية والبيئة الحضرية
المهنة يعـمل غالبية سكـانه بالزراعة بينما يعمل غالبية سكانه بالصناعة أو التجارة
يعمل األقلية في حرف تخدم الزراعة أو في حرف أو مهن مختلفة أو أعمال
حكومية
59
البيئة يرتبط اإلنسان الريفي بالبيئة ارتباطا يرتبـط اإلنسان بها ارتباطا ثانـويًا من
وظـيفيًا حيث المؤثرات البـيئـية أجل االستمتاع بها ،ويمـكنه التغـيير في
والظروف المناخية. بعض خصائصها لكي تتفق مع ما يريد.
حجم المجتمع يتسم بانخفاض الكثافة السـكانـية، الكثافة السكانية مرتفعة واالرتباط مع
واالرتباط اإليجابي بينها وبين المناطق غيرها من المناطق الحضرية ارتباط
القروية األخرى. إيجابي .
التجانس تميز الريف بالتجانس السكاني عدم وجود تجانس بين السكان
التباين انخفاض درجة التباين بين أفراد توجد عالقة إيجابية بين درجة التحضر
المجتمع الريفي ،وإ ذا وجد فإنه يرتبط وبين التباين والتدرج االجتماعي.
بالملكية الزراعية.
الحراك تميز المجتمع الريفي بانعدام الحراك يزداد به الحراك الرأسي عن الحراك
االجتماعي الرأسي بينما يوجد الحراك األفقي األفقي
نموذج التفاعل يقوم التفاعل االجتماعي في المجتمع يقوم التفاعل غالبًا على أساس العالقات
االجتماعي الريفي على أساس المواجهة والعالقة غير المباشرة ،وقد تكون مباشرة ولكنها
المباشرة بين أعضاؤه. عرضية
-3مقياس ليكرتLikert:
وهو مقياس وضع ليساعد على التخلص من عيوب المقياسين السابقين حتى يمكن التفرقة
بشكل دقيق بين المجتمع الريفي والمجتمع الحضري وذلك كما يلي:
شكل رقم( )3مقياس ليكرت للتفرقة بين المجتمع الريفي والمجتمع الحضري.
100 75 50/50 75 100
المجتمع الحضري +2 +1 0 1ـ 2ـ المجتمع الريفي
حيث يشير الرقم( )-2إلى مجتمع ريفي بنسبة % 100باعتبار أن المهنة السائدة في
هذا المجتمع هي مهنة الزراعة أو المهن ذات العالقة بها مثل تجارة المحاصيل ويطلق على
مثل هذا المجتمع مصطلح ،Ruralأما الرقم( )-1فهو يشير إلى مجتمع ريفي بنسبة 75
60
%على اعتبار أن %25تقريبًا من مجموع السكان تركوا مهنة الزراعة إلى مهن أخرى شبه
حضرية وكذلك لالتجار في السلع الحضرية .أما الرقم( )0فيشير إلى مجتمع نصفه ريفي
ونصفه اآلخر حضري ،في حين أن الرقم ( )+1فيشير إلى مجتمع حضري بنسبة %75
حيث يعمل % 25من سكانه في مهن زراعية ومثل هذا المجتمع المحلى يطلق عليه مصطلح
Townأما الرقم()+2فيشير إلى مجتمع حضري بنسبة %100تقريبًا ،أي أن جميع سكانه
يعملون في مهن غير زراعية ،ومثل هذا المجتمع المحلى يطلق عليه مصطلح .Cityغير أنه
نريد أن نؤكد على أن هذه النسب ليست ثابتة فمن السهل أن ترتفع أو تنخفض طبقا لظروف
المجتمع.
********
المجتمعات اإلنسانية
مقدمة:
يميل اإلنسان باعتباره كائن اجتماعي إلى التجمع مع غيره من بنى جنسه ،وينفر من العيش
منعزًال عن اآلخرين ،وهذا السلوك يحدث تلقائيًا ودون قصد فعمليات التعاون والتوافق
والتكيف مع اآلخرين لتحقيق األهداف سواء الفردية أو الجماعية هي التي أدت إلى قيام هذه
الجماعات ،ومن ثم نشأة المجتمعات اإلنسانية فكانت تجمعاتهم حول األنهار واألماكن
الخصبة الصالحة للزراعة والرعي ،وتحولت هذه التجمعات من تجمعات بسيطة إلى تجمعات
أكبر ثم أصبحت دوًال انتشرت في جميع أنحاء المعمورة .
وتختلف المجتمعات فيما بينها في شكل هذه التجمعات حيث تؤثر ثقافة المجتمع ونظامه
االقتصادي واالجتماعي في حياة هذه المجتمعات ومستوى معيشتها ،فمثًال نجد أن خصائص
المجتمع اإلقطاعي تختلف عن خصائص المجتمع االنتقالي أو المجتمعات الريفية ،كما تتحكم
الظروف الطبيعية والجغرافية في الشكل االستيطاني للمجتمعات وكذلك حجم السكان ،ودرجة
التقدم الحضاري ،ولقد كان للثورة الصناعية في أوربا أكبر األثر على حياة سكان الريف
بطريقة مباشرة وغير مباشرة فزعزعت من استقرارهم وجعلتهم ينزحون إلى مناطق أكثر
مدنية وتحضرًا.
مفهوم المجتمع:
61
يعتبر مصطلح المجتمع Societyمن أكثر المصطلحات شموًال فى علم اإلجتماع فلقد رأى
قدماء المفكرين والفالسفة أنه مصطلح مرادف لكلمة اإلنسانية.
وتتعدد تعريفاته حيث عرف " إيوبانك" Eubnkو" يونج " Youngو"ماك " Mackالمجتمع
على أنه " جماعة من الناس عاشوا معًا وعملوا مع بعضهم لفترة طويلة نسبيًا تمكنهم من
الوصول إلى درجة معينة من التنظيم بحيث يعتبرون أنفسهم وحدة اجتماعية لها حدودها
المعروفة " والمجتمع بهذا الشكل يتسم أفراده بوعيهم وارتباطهم مع بعضهم البعض بمصالح
واهتمامات مشتركة .
كما عرف " موريس جنزبرج M.Gensbergالمجتمع بأنه " نسيج من العالقات البشرية
سواء المنظمة أو غير المنظمة كما تطلق كلمة مجتمع على "كل مجموعة من األفراد تربطهم
رابطة ما ولها أثر دائم أو مؤقت فى حياتهم وفى عالقاتهم مع بعضهم" فيقال مثًال مجتمع
المسلمين أو مجتمع العرب أو مجتمع المدينة أو مجتمع القرية أو مجتمع المدرسة.
أنواع المجتمعات:
ويمكن التمييز بين خمسة أنواع من المجتمعات كما يلي:
أوًال :المجتمع العالمي :ويقصد به مجموعة الدول الموجودة فى العالم.
ثانيًا :المجتمع القومي :ويقصد به مجتمع معين كأن يقال المجتمع الليبي أو المجتمع
األلماني أو المجتمع التونسي إلى غير ذلك .
ثالثًا :المجتمع المحلى :وهم مجموعة السكان الذين يقيمون فى منطقة جغرافية محدودة
وبينهم عالقات اجتماعية واستطاعوا عن طريق نشاطهم المشترك أن يقيموا المنظمات
والمرافق المختلفة التي عن طريقها يشبعون احتياجاتهم االجتماعية واالقتصادية والنفسية.
رابعًا :المجتمع الحضري :ويقصد به " ذلك الجزء من المجتمع القومي الذى حدد على أنه
مناطق حضرية ،ونشأت بين أفراده عالقات إنسانية وجماعات ومنظمات ونظم اجتماعية
حضرية ،وأصبح لهم بحق الجيرة المكانية والمصالح المشتركة ثقافة وحضارة خاصة بهم "
خامسًا :المجتمع الريفي :ويقصد به ذلك الجزء من المجتمع القومي الذى يقيم فيه السكان
وفى المناطق التي تحدد على أنها مناطق ريفية.
خصائص المجتمعات المحلية:
62
ب -يشغل المجتمع المحلى مساحة من األرض تختلف من حيث حجمها فقد تكون قرية،
أو حي في مدينة أو مدينة أو إقليم أو مقاطعة أو دولة وذلك يرجع إلى إمكانية الفرد
في أن يحيا حياة كاملة ويشبع فى إطارها جميع احتياجاته.
ج -أن الدائرة المكانية شرط ضروري لقيام المجتمعات المحلية إال أنها وحدها ال تؤدى
إلى قيام المجتمع المحلى بل تتطلب معها عاطفة الجماعة واإلحساس باالنتماء ألنها
تخلق مجال للحياة المشتركة ،والتي تقترن بإدراك من يحيوها بأنهم يشاركون غيرهم
في طريقة الحياة وفى األرض التي يعيشون عليها ،وقد تكون المشاركة في االنتماء
لموضوع ما أو لعقيدة أو أليديولوجية أو لمصالح أو أهداف.
ﺠ -أن المجتمع المحلى له أنماط وأشكال تختلف فيما بينها وفقًا لمعيار التصنيف التالي:
( )1حسب العامل النفسي :حيث يكفى لقيام المجتمع اإلحساس بالعضوية القائم على
الرابطة الروحية أو القيم أو المعتقدات ويقوم هذا المجتمع بين أفراد متفرقون في
أرجاء األرض كما هو الحال في القبائل التي ليس لها مكان ثابت مثل قبائل الغجر
واألرمن واألكراد.
( )2حسب اإلقامة :ويطلق عليه المجتمع األيكولوجى ومن أهم أنماطه المجتمعات الريفية
والمجتمعات الحضرية.
ويتكون هذا المجتمع من جماعة من الناس شعروا بحاجات ملحة تربطهم وأهداف يسعون
إلى تحقيقها ،واستطاعوا إقامة عالقات اجتماعية مع بعضهم البعض ،واستأنسوا الحيوان
وقاموا بزراعة األرض وعمارتها فظهر المجتمع البدائي في شكل تجمعات بشرية سكنت
بجوار بعضها البعض في بيوت طينية أو كهوف أو أكواخ تتوسط المنطقة التي يعيشون عليها
63
بحيواناتهم .وتدريجيا نشأت عالقات اجتماعية وتفاعالت بين أفراد هذه الجماعة بشكل أكثر
تعقيدًا ساهمت في خلق حاجات جديدة ،وميول نفسية وعاطفية ساعدت على نموها الطبيعة
البشرية فنشأت النظم االجتماعية المختلفة إلشباع هذه االحتياجات.
ويتصف المجتمع البدائي بعدد من السمات من أهمها روابط القرابة والدم ،وعدم معرفة
القراءة والكتابة ،والملكية المشاع ،واالكتفاء الذاتي ،والتجاور السكنى ،وإ تحاد أفكارهم
وسلوكهم الجماعي.ومازالت هذه المجتمعات قائمة حتى الوقت الراهن وفى مناطق عدة في
أفريقيا وآسيا ،وكل ما تحمله هذه المجتمعات من ثقافة هي تجاربها وخبراتها مع البيئة
الموروثة عبر السنين ،كما أن هذه المجتمعات تعيش في عزلة وبؤس وحرمان ،فأتاحت
الفرصة فيما بعد لالستعمار أن يتحكم فيها ،ويحتكرها ،وينعم بخيراتها.
وهو مجتمع أكثر تطورًا ورقيًا من المجتمعات البدائية فلقد واكب انتشار الكتابة فنظمت بها
حياتهم وعالقاتهم االجتماعية وطقوسهم الدينية فدخلت عاداتهم وتقاليدهم وقيمهم مرحلة جديدة
صادفتها ثقافات أخرى أكثر تقدمًا ومن ثم استفادوا منها في أنشطة متعددة كالتجارة وطرق
المواصالت التي يسرت عملية تبادل السلع والخدمات ،وظهور التخصص في تلك
المجتمعات ،ومن أمثلة مظاهر تلك المجتمعات ظهور المجتمع اإلقطاعي في أوربا والذي
كان فيه النبيل يملك السكان واألرض معًا ،فنشأت بذلك طبقتين "الطبقة العليا" التي تملك
األرض وتحكم من يقيمون عليها ،و"الطبقة الدنيا " وهى طبقة الفالحين الذين يعملون في
األرض فيأكلون عندما تتوفر لد يهم القوة الجسمانية ،ويموتون جوعًا عندما يفقدون تلك
القوة .واستمر هذا النظام ردحًا من الزمن يدعمه الحكام واألمراء والملوك لوجود مصلحتهم
فيه.
من قبل ،والتزم بمسئوليات وواجبات تجاه مجتمعه ،وانتشر العلم بين ربوع هذا المجتمع
ليتناسب مع مرحلة التطور التي هي عليه اآلن.
الباب الرابع
السكان الريفيون
مقدمـة:
يمثل العنصر اإلنساني األساس الذي يقوم عليه بناء أي مجتمع ،ولقد إحتلت قضية السكان
مكانة كبيرة فى تفكير كثير من العلماء والمفكرين وكانت لهم نظرياتهم التي تفسر مختلف
جوانب تلك القضية ،بل وتخصصت معاهد أكاديمية وبحثية فى دراسة السكان والمشكالت
الناجمة عن التغير فى السكان فى المناطق المختلفة سواء بالزيادة أو النقصان.
ولكن لماذا ندرس السكان؟ هذا السؤال طرحه على نفسه عالم السكان "هال هلمان" فى
مؤلفه عن مشكلة تضخم السكان.وبصورة أخرى مبسطة يسأل أى أهمية لطفل وليد؟ ويجيب
على نفسه أنه بالنسبة لألسرة فم جديد يحتاج إلى طعام ،وإ ضافة للرقم القائم فعًال فى عدد
السكان ،وعدد أكبر للمستفيدين من الخدمات التعليمية والصحية واإلقتصادية واإلجتماعية،
والنقل واإلتصاالت بجانب الخدمات الخاصة بمياه الشرب والصرف الصحى واإلسكان وبما
يتوافق مع متطلباتهم وإ حتياجاتهم منها.
وفى نفس اإلطار ينظر المهتمين بدراسة السكان إلى أن الكتل السكانية مهما بلغ حجمها
من الكبر واإلتساع أو من الصغر واإلنكماش ،ومهما كان موقعها الجغرافى ،وتكوينها
العرقى ،وتركيبها اإلجتماعى واإلقتصادى والثقافى فإنها تشترك جميعًا فى صفة أساسية
واحدة هي الحركة بمعنى التغير وعدم الثبات حيث يتغير فى صفاته ومكوناته ،ويمر
بمراحل القوة والشباب والكهولة والشيخوخة.وتنبعث هذه التغيرات بسبب نوعين من
التحرك هما:
65
أوًال :حركة تنتج من التوازن بين المواليد والوفيات داخل إطار الكتلة السكانية سواء
بالزيادة الطبيعية عن طريق التوالد أو التناقص الطبيعى عن طريق الوفاة ،مما يجعل حجم
السكان وتركيبهم يتغير من وقت إلى آخر ويسمى بالتحرك الزمانى.
ثانيًا :حركة تنتج من التوازن بين السكان الوافدين على الكتلة السكانية من كتل سكانية
أخرى ،والسكان المغادرين من الكتلة السكانية إلى مناطق أخرى ،وهى التى تؤدى إلى
حركة السكان من مكان إلى مكان فتعمل على تغيير وضع السكان مكانيًا.
المشكلـة السكانيـة:
من الحقائق االجتماعية الواضحة التزايد السريع لسكان العالم في القرنين الماضيين
م وفقًا لبيان أصدره صندوق األمم المتحدة 5بليون 1987 فقد بلغ عدد سكان العالم عام
نسمة وبمعدل زيادة سنوية تصل إلى 80مليون نسمة وبمعدل يومي 220ألف نسمة،
وبمعدل 150نسمة في الدقيقة الواحدة .كما يذكر البيان أن % 95من هذه الزيادة تحدث
في البلدان النامية ،ومن المتوقع أن يزداد معدل النمو السكاني بمعدالت تفوق القدرة
على إحداث التوازن بين هذه الزيادة وبين نمو الموارد اإلقتصادية.
وفى مصر بلغ عدد السكان عام 2000م 67،64مليون نسمة ،نسبة %42،8يعشون فى
الحضر بينما نسبة %57،2يعيشون فى الريف ،وفى عام 2010بلغ عدد السكان
81،12مليون نسمة ،نسبة %43،4يعيشون فى الحضر ،نسبة %56،6يعيشون فى
الريف
تعتبر إحدى الظواهر Population Explosion وعمومًا فإن ظاهرة االنفجار السكانى
الهامة التي تستلفت النظر في العصر الحديث ،والتي تتصف بإنخفاض معدل الوفيات من
1000/ 45:25من السكان في الدول المتخلفة والى 1000 / 10من السكان في
الدول المتقدمة تكنولوجيًا وإ قتصاديًا ،يقابلها فى الجانب اآلخر إرتفاع فى معدالت
المواليد.وذلك يعنى أن نمو السكان المتزايد في العالم يرجع إلى حد كبير إلى تقدم وسائل
الوقاية والرعاية الصحية والطبية والتمريضية ،والسيطرة على األوبئة واألمراض،
وكذلك نتيجة لتحسين المستوى الغذائى خاصة في الدول النامية ،وتقدم وسائل النقل،
وإ نتشار الوسائل التكنولوجية مع إرتفاع معدالت المواليد.
66
ولقد تعددت النداءات والتحذيرات بشأن خطورة المشكلة السكانية حيث تشير
الدراسات إلى أن 815مليون نسمة فى دول العالم يعانون من نقص التغذية منهم حوالى
777مليون نسمة فى الدول النامية ،ويموت سنويًا نحو 20مليون نسمة من جراء نقص
التغذية أو سوءها .ولقد كان " مالتس" أول من أثار اإلنتباه للمشكالت الناجمة عن الزيادة
السكانية.
Malts نظرية "مالتس فى السكان
يعد مالتس أول من تصدى لمحاولة وضع نظرية علمية واضحة المعالم فى هذا
المجال ،حيث يرى أن إشباع رغبات اإلنسان وتنمية أوجه نشاطه الطبيعية والعقلية
والروحية ال يكون إال بالطعام أوًال وقبل كل شيء .وليس إنتاج الثروة إال وسيلة لهذا
الطعام الذي يقيم به أوده ،فيتمكن من أن ينشط ويعمل ويفكر.كما يرى أن المشكالت
اإلجتماعية كالفقر والمجاعات والحروب توجد نتيجة للتوالد االنسانى السريع ،وعدم
توازن سرعة هذا التوالد مع حجم المواد الغذائية التي يمكن أن يعيش عليها اإلنسان.
و تقوم نظرية "مالتس" على األسس التالية:
- 1أن الطعام ضروري لوجود اإلنسان ،والشهوة اإلنسانية ضرورية وستظل على
حالتها الراهنة.
- 2هناك تناسب طردي بين أعداد السكان في أي مجتمع وبين الموارد الغذائية ،أي أن
عدد السكان تحدده الموارد الغذائية المتاحة ،أوان أي زيادة في عدد السكان البد وأن تكون
مصحوبة بزيادة مضطردة في الموارد الغذائية.
- 3أن السكان إذا ما تركوا دون إتخاذ أى إجراء يحد من تناسلهم فإنهم سيتزايدون
بمتوالية هندسية ،بينما تتزايد الموارد فى نفس الوقت بمتوالية حسابية،وفى هذه الحالة
سيتضاعف عددهم مرة كل 25سنة وذلك حسب الترتيب التالى:
مقارنة بين الزيادة وفقًا لمتوالية هندسية وعددية
100 75 50 25 1 السنوات:
( 16متوالية هندسية) 8 4 2 1 السكان:
(متوالية عددية) 5 4 3 2 1 الموارد:
ويعنى ذلك أن قدرة اإلنسان على التناسل أكبر من قدرة األرض على إنتاج ما يتطلبه
النوع اإلنساني من غذاء يضمن له بقاءه فسكان العالم يزدادون وفقًا لمتوالية هندسية (، 1
67
تجاهل "مالتس" عند تقديم نظريته األثر الذي يمكن أن يحدثه التقدم العلمي والتقدم -2
التكنولوجى من زيادة في اإلنتاج تقابل احتياجات الزيادة السكانية.
إغفال دور الموارد الطبيعية األخرى التي ال تتصل باإلنتاج الزراعي مثل المعادن -3
والبترول والفحم وغيرها من الموارد األرضية.
تجاهل مالتس إستخدام وسائل لتنظيم األسرة وإ عتباره ذلك من الرذائل. -4
تجاهل األثر الذي يمكن أن يعكسه التنظيم االجتماعي ،واأليديولوجيات ،ونسق -5
القيم على الوضع السكاني ،وعلى معدل الزيادة الطبيعية .
وبعد نظرية "مالتس" بدأ االهتمام بدراسة السكان عالميًا خاصة بعد الحرب العالمية
األولى نتيجة االقتناع بأن إنتاج العالم من الطعام وصل إلى حده األقصى ،وما لم تستخدم
وسائل تحد من معدالت الزيادة السكانية أو ابتكار طرق جديدة لزيادة اإلنتاج الغذائي
فسوف تحل كارثة ال يمكن تجنب عواقبها.
أسباب المشكلة السكانيــة وأساليب عالجها:
يمكن حصر أسباب المشكلة السكانية فيما يلي - :
-1التقدم الصحي والرعاية الصحية وزيادة الخدمات الصحية مما أدى إلى انخفاض
معدالت الوفيات بدرجة كبيرة وزيادة نسبة العالج للمرضى بالعقم.
- 2إستمرار معدل المواليد المرتفع والتي ترجع أسبابه إلى - :
أ -عادة الزواج المبكر خصوصًا في المناطق الريفية وبين الذين لم يكملوا تعليمهم
الجامعي.
ب -اإلنتعاش اإلقتصادي إذ تستغل زيادة الدخل في الزواج المبكر أوالزواج بأكثر من
واحدة.
ج -اإلعتقاد في أن الزواج واإلنجاب تأمين على الحياة وخاصة بالنسبة للمرأة غير
المتعلمة وغير العاملة.
د – زيادة اإلنجاب لتعويض اإلرتفاع في نسبة وفيات األطفال فعلى الرغم من إنخفاضها
إال أنها ال تزال مرتفعة فى المناطق الريفية.
69
هـ -إعتبار األوالد مكسب مادي وأدبي وهذا يحدث في بعض األسر الريفية إذ يعتبرون
األوالد عزوة ويمكن أن يكونوا مصدرًا آخر للدخل فى األسرة وذلك بتشغيلهم في سن
مبكرة.
و -الخوف من الشيخوخة يدفع إلى الزواج واإلنجاب المبكر ومن ثم عدم التعود على
تنظيم األسرة.
وتنحصر إمكانيات عالج المشكلة السكانية في أسلوبين رئيسيين هما:
أوًال :التنمية االقتصادية واالجتماعية :وأن نتعامل مع الواقع الذي يقول أن هناك مشكلة
سكانية وذلك عن طريق-:
زيادة المساحة المنزرعة باستصالح أراضي جديدة "التوسع األفقي". -1
تكثيف اإلنتاج الزراعي "التوسع الرأسي". -2
زيادة اإلنتاج الصناعي. -3
التوسع في تعليم المرأة وتشجيعها على العمل. -4
خفض معدالت وفيات األطفال. -5
ثانيًا :رسم سياسة سكانية تتفق مع إمكانية الدولة وقيم المجتمع :وذلك عن طريق:
-1تشجيع تنظيم األسرة وتعريف الزوجات الطرق المؤدية إليها وتيسيرها لكل من
يرغبها.
- 2الموانع األخالقية وتتمثل في تأخير سن الزواج والعفـة.
-3الموانع التي تفرضها الطبيعة على اإلنسان مثل األوبئة والقحط والمجاعات
والحروب
الطاحنة ،ويرجع اليها تحقيق التوازن بين أعداد السكان والموارد فى بعض دول العالم.
ثالثًا :إستخدام وسائل اإلعالم ،وتنظيم البرامج التدريبية للتوعية بخطورة الزيادة السكانية
بإعتبار أن تزايد السكان هو بالدرجة األولى مشكلة عادات وتقاليد ونقص فى الدراية،
وعدم الوعى بأبعاد هذا التزايد ومخاطره.
مجال الدراسات السكانية - :
تتضمن دراسة السكان الريفيين دراسة الخصائص الثابتة للسكان مثل عددهم
وتوزيعهم على فئات السن ،والمهن ،ومستويات التعليم ،والدخل ،وكذلك توزيعهم على
70
األماكن المختلفة وغير ذلك من الصفات الثابتة للسكان ،كما تتضمن أيضًا دراسة توزيع
السكان وما يطرأ على هذا التوزيع من تغيير وأثره على حالة السكان بصفة عامة،
ودراسة خصائص أخرى مثل صفات السكان ،ومدى إختالف هذه الصفات من مجتمع إلى
آخر وأثر هذه الصفات على السكان ،هذا بجانب دراسة الزيادة الطبيعية للسكان للوقوف
على النمو السكاني ومعدالته النمو السكاني وتأثيراتها الداخلية والخارجية ،وآثارها على
مناطق األصل ،والمعوقات التي يتعرض لها المهاجرون ،ومعرفة العوامل التى تساعد
على تكيف المهاجرين إجتماعيًا مع الظروف البيئية الجديدة.
هذا ويمكن تناول مجاالت الدراسات السكانية تحت أربعة أنواع هى:
أوًال :حجم السكان( :المواليد – الوفيات – الهجرة )
ويقصد بحجم السكان عدد األفراد في منطقة معينة وفي وقت محدد وذلك حتى
يستطيع القائمين على أمر هذا المجتمع والمخططين وواضعي السياسة إتخاذ التدابير
الالزمة لمواجهة الزيادة السكانية المتوقعة في هذا المجتمع مثل إقامة المدارس والوحدات
الصحية والمستشفيات والمواصالت ونوادي الشباب.وحتى التفكير في وضع أساليب
لتشجيع أفراد المجتمع وتحفيزهم لإلنتقال لمناطق أخرى أكثر اتساعًا.
ويمكن قياس الكثافة السكانية بعدة طرق:
فى مناطق الزراعات الكثيفة فى أحواض األنهار الكبرى ،ومناطق السهول الزراعية
الغنية.
-3الكثافة الزراعية:
وهو نمط متخصص من الكثافة السكانية ويستخدم بصفة خاصة فى البالد الزراعية
بهدف فهم نوعية اإلنتاج الزراعى ،وتوزيعه وتطوره ،ويعتمد هذا المقياس على
تحديد"وظيفة األرض" إذ يحسب بقسمة عدد السكان المشتغلين بالزراعة فقط على مساحة
األرض المستثمرة فقط فى الزراعة.
عدد السكان العاملين فى قطاع الزراعة
---------------------------------------- الكثافة الزراعية =
مساحة األرض الزراعية
هذا ويتأثر حجم السكان في أى دولة بعدد من المحددات هي:
المواليدCrude Birth Rate: أ ـ معدل
يقاس معدل المواليد من خالل معرفة النسبة بين عدد المواليد األحياء فى السنة إلى
إجمالى عدد السكان فى منتصف السنة لمنطقة جغرافية معينة.
ويحسب هذا المعدل بقسمة عدد المواليد األحياء في سنة معينة على عدد السكان في نفس
السنة × 1000أى لكل 1000من السكان ،ويمكن من خالله مقارنة المواليد في
األقطار المختلفة.
2ـ المعدل العام للخصوبة General Fertility Rateأو معدل الخصوبة الفعلية فيكون نتيجة
قسمة عدد المواليد فى سنة معينة على عدد النساء فى مرحلة اإلنجاب (المرحلة العمرية
من 45-15سنة).
عدد المواليد األحياء فى السنة
معدل الخصوبة العام = 1000 ×-----------------------------------
عدد النساء فى سن الحمل ( 15ـ 45سنة )
3ـ معدل الخصوبة الزواجية : Marital Fertilityوهو عبارة عن عدد المواليد األحياء فى السنة لكل
1000من النساء المتزوجات فى سن الحمل.
:ويستخدم للمقارنة بين قدرة معينAge Specific Fertility Rate 4ـ معدل خصوبة عمر
مجموعات من النساء على اإلنجاب فى أعمار مختلفة.
عدد المواليد لمجموعة من النساء ذو سن معينة فى السنة
×1000 معدل خصوبة عمر معين =---------------------
إجمالى عدد النساء فى تلك المجموعة
5ـ نسبة الخصوبة : Fertility Ratioويقصد بها نسبة األطفال تحت سن الخامسة إلى النساء فى سن
الحمل.
عدد األطفال تحت سن الخامسة
×1000 ــــــــــــــــــ = نسبة الخصوبة
عدد النساء فى سن 45-15سنة
6ـ معدل اإلنجاب :Fecundity Rateوهو القدرة البيولوجية لألنثى على إنجاب األطفال ،أو
عدد األطفال الذين تستطيع إمرأة أن تنجبهم طوال حياتها الزواجية.
7ـ النسبة الجنسية :وهى عبارة عن عدد الذكور لكل مائة أنثى وتحسب بقسمة عدد
الذكور على عدد اإلناث×.100
عدد الذكور
×100 ـــــــــــــــــ النسبة الجنسية =
73
عدد اإلناث
وال يقل تأثير العوامل اإلجتماعية فى حركة الوالدات عن تأثير العوامل الديموجرافية
واإلقتصادية ،فالسمات اإلجتماعية التى توجه سلوك أفراد الجماعات البشرية ينعكس
تأثيرها بوضوح على معدالت المواليد فيها حيث تؤثر عوامل التمسك بالتقاليد القديمة
والعادات المتوارثة مثل الزواج المبكر والتفاخر بكثرة النسل ،والترابط العائلى والتمسك
بالعقيدة والفضائل الدينية كلما كان ذلك عامًال إيجابيًا فى التأثير فى المواليد وإ رتفاع
معدالتها.وذلك بعكس المجتمعات الصناعية والحضرية التى إنتشرت فيها القيم المادية
الحديثة ،وتفككت أواصر القرابة األسرية ،وإ ختفت العادات والتقاليد القديمة فى تأخير سن
الزواج مما ينتج عنه إنخفاض معدالت المواليد.
وتوجد عدة عوامل تؤدي إلى إنخفاض معدالت المواليد من أهمها اإلقامة في البيئات
الحضرية والصناعية ،وتقدم أساليب اإلنتاج ،وتناقص أهمية األسرة كوحدة إنتاجية،
وإ رتفاع المستوى التعليمي للزوجة ،والتحرر من القيم التقليدية ،وإ تباع الموانع األخالقية
مثل تأخير سن الزواج وتشجيع تنظيم األسرة ،وتعريف الزوجات بالطرق المؤدية إليها،
وتيسيرها لمن يرغبها.
Crude Death Rate: ب ـ معدل الوفيات
أن ظاهرة الوفيات ال تقل أهمية عن ظاهرة المواليد فى الدراسات السكانية ألن
حركة التوازن الحيوى للبنية الديموجرافية ألى مجموعة سكانية إنما تتكون من حركة
تزايد طبيعى عن طريق المواليد،تقابلها حركة تناقص طبيعى عن طريق الوفيات فتحدث
التوازن الطبيعى فى الكتلة السكانية .ولذلك تساعد دراسة معدالت الوفيات فى فهم
األوضاع اإلقتصادية واإلجتماعية والديموجرافية والصحية للمجتمع،وتبين مدى التقدم أو
التخلف الذى وصل إليه مجتمع ما.
ويمكن تحديد معدالت أو نسب الوفيات بقسمة عدد المتوفين خالل سنة معينة على
مجمل عدد السكان فى منتصف السنة مضروبًا فى . 1000وهناك عدد من المعايير
اإلحصائية التى يعتمد عليها فى دراسة وفهم حركة الوفيات فى الكتلة السكانية هى :
-1معدل الوفيات :وهو عبارة عن " عدد الوفيات فى العام بالنسبة لكل ألف من السكان "
.ويحسب هذا المعدل كالتالي:
عدد الوفيات فى العام
74
والمتشعبة فى كافة مجاالت الحياة فهي إحدى دعائم المنظومة الثالثية للتغير السكاني ألي
مجتمع من المجتمعات بجانب كل من المواليد والوفيات.
والهجرة ظاهرة قديمة عرفتها المجتمعات اإلنسانية منذ أقدم العصور ،ومن خالل
الهجرات الكثيرة التي حدثت عبر التاريخ تفاعل الناس مع بعضهم البعض وإ متزجت
الحضارات المختلفة وتطورت طرق الحياة وأساليبها .وكان لها تأثيرها المزدوج على كل
من مجتمعي الطرد والجذب فى آن واحد .
ووفقًا للمنظور اإلجتماعي عرفت الهجرة بأنها "إنتقال الفرد أو الجماعة من مكان إلى
آخر داخل حدود الدولة الواحدة أو من دولة إلى أخرى بقصد اإلقامة الدائمة أوالمؤقتة
وبصورة إجبارية أو اختيارية أو ألي سبب من األسباب ".
أنواع الهجرة:
Internal Migration -1الهجرة الداخلية:
وهى التي تحدث داخل المجتمع الواحد أو داخل الدائرة المكانية للدولة وحدودها
السياسية كما هو الحال فى الهجرة من الريف إلى الحضر ،والهجرة من الريف إلى
الريف ،وهجرة من الحضر إلى الحضر ،وهجرة من الحضر إلى الريف.إال أن النمط
السائد هو نمط الهجرة من الريف إلى الحضر نتيجة إلنخفاض الدخل ومستوى المعيشة،
ووجود فائض فى األيدى العاملة الزراعية.
صفات المهاجرين:
تتطلب الفئات المهاجرة سواء الداخلية منها أو الخارجية بعض الصفات الخاصة
والمهارات والقدرات العقلية والجسمية عن غيرهم من األفراد ومن هذه الصفات ما يلى:
1ـ تتركز فئة المهاجرين فى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20ـ 40سنة.
2ـ أنهم من األشخاص األكثر تعليمًا وتدريبًا.
3ـ أنهم أكثر قدرة على التكيف ،ولديهم حب اإلستطالع والمخاطرة.
4ـ يمثل الذكور غالبية المهاجرين ماعدا المهاجرين إلى أمريكا الجنوبية فهم من النساء
حيث تجد المرأة فرص للعمل داخل المدن.
78
أما المهاجرين خارج الدولة فقد لوحظ أنهم يتميزون بكفاءتهم العلمية العالية ،وأن أكثرهم
من الذكور ،وأن بعضهم من ذوى اإلتجاهات السياسية أو الدينية ويواجهون مشكالت
ومصاعب فى مجتمعاتهم ،وأن بعضهم قد تعود على الحياة خارج موطنه األصلى،
باإلضافة إلى توفر بعض المغريات مثل فرص العمل ،والزواج ،ومزاولة أنشطة
إقتصادية رئيسية.
العوامل المؤثرة على الهجرة :
تحدث الهجرة بأنواعها المختلفة ويؤثر عليها نوعين من العوامل هما:
1ـ عوامل الدفع:وهذه العوامل يمكن حصرها فى ثالث مجموعات هى:
أ ـ الهيكل الديموجرافى الذى يتيح لها أن تمتلك أكبر قوة عمل مدربة ومهيأة لإلنتشار
السريع.
ب ـ الهيكل اإلقتصادي الذى يتسم بإنخفاض الناتج المحلى والمدخرات المحلية ،وعدم
عدالة توزيع الدخل ،وإ نتشار البطالة بكافة صورها.
ج ـ الدوافع الفردية والتى ترتبط بمدى إدراك الفرد للقوى المؤثرة على حياته وعلى
الفرص المتاحة أمامه ،وتبدو واضحة فى الهجرة الداخلية من المناطق الريفية إلى
المناطق الحضرية بسبب ضيق الرقعة الزراعية ،وعدم توفر فرص عمل أو مصادر
أقوى للحصول على متطلبات المعيشة ،وعدم وجود أراضى جديدة قابلة لإلستصالح،
وإ نتشارالبطالة الموسمية والمقنعة بين العاملين بمهنة الزراعة ،وإ نخفاض األجور ،وسوء
األحوال اإلقتصادية.
2ـ عوامل الجذب :توجد عدة عوامل تمثل قوة جاذبة للهجرة سواء الخارجية منها أو
الداخلية وتتمثل فى األتى:
أ -عوامل جذب للمهاجرين إلى الخارج وتتمثل فى إمتالك الدولة المهاجر إليها لموارد
تمويلية ضخمة مع قلة العناصر المهرة المدربة إلنخفاض عدد السكان ،وإ رتفاع نسبة من
هم دون سن العمل ،وإ نعدام مشاركة المرأة فى األنشطة اإلقتصادية ،وإ نخفاض المستوى
التعليمي ،وإ رتفاع األجور بتلك الدولة مقارنة باألجور فى موطنه األصلى.
ب -عوامل جذب الهجرة الداخلية وتتمثل فى إتساع مجاالت وفرص العمل بالمناطق
الحضرية ،وإ رتفاع المستوى اإلقتصادي بها ،وإ رتفاع األجور ،وإ نتشار ونمو الصناعة
79
وتنوعها وخاصة فى المدن الكبرى ،وتركيز التجارة الخارجية بها ورواجها ،وتركيز
األجهزة الحكومية ،وإ نتشار الجامعات والمعاهد الفنية العالية بها ،وتوفر وتنوع وسائل
المواصالت ورخصها ،ووجود المرافق واألجهزة الخدمية ،وإ نتشار وسائل الترفيه على
إختالف أنواعها.
اآلثار المختلفة للهجرة:
يترتب على ظاهرة الهجرة وجود نوعين من اآلثار المترتبة عليهما هما:
: 1اآلثار االيجابية والسلبية للهجرة الخارجية :من أهم اآلثار اإليجابية للهجرة
الخارجية مساهمة المهاجرين فى تمويل الكثير من المشروعات التنموية ببالدهم األصلية،
وتوفير إحتياجات الدولة من النقد األجنبى لمواجهة خطط التنمية ،وتدعيم ميزان
المدفوعات ،ونقل العائدين من الهجرة للتقنيات الحديثة إلى بلده ،وخفض معدالت البطالة،
وتحرير جزء من الموارد الموجهة نحو الوفاء بإحتياجاته اإلستهالكية والخدمية،
والتغيرات التى تطرأ على سلوك المهاجر فى مسكنه وملبسه وإ ستثماراته.
أما اآلثار السلبية فتتمثل فى نقص القوى العاملة المزرعية ،وإ رتفاع أجورهم ،ودخول
األطفال والنساء سوق العمل لسد العجز الناشْى عن الهجرة رغم خبراتهم المحدودة،
وإ رتفاع أسعار الحاصالت الزراعية ،ومحاكاة قيم وأنماط المهجر ،وإ هتزاز النظام القيمى
فى الريف ،وتغير النظرة بعد العودة للعمل الزراعي ،وترك فراغ واضح داخل القطاعات
اإلنتاجية الحيوية مما اثر على مستوى الكفاءة اإلنتاجية لهذه القطاعات ،وإ رتفاع أسعار
المنتجات الزراعية ،ووجود حالة من اإلغتراب لدى المهاجر ،واإلنفاق البذخى
اإلستهالكي للسلع والمعدات الكهربائية المنزلية ،وشراء األراضي والعقارات ،وإ نتشار
الظواهر اإلجتماعية المصاحبة للهجرة مثل التفكك األسرى ،وضعف مركز كبير العائلة.
وتنطوي هذه اآلثار على عدم قدرة المهاجرين من الريف إلى المدينة على التكيف مع
حياة المدينة فهم يحملون معهم عاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم إلى المدينة ويتعايشون بها ،
ومن ثم فإن طريقة معيشتهم وأسلوب حياتهم ال يتوافق مع حياة المدن .ويعنى ذلك زيادة
درجة عدم التجانس بين سكان الحضر مما يؤدي إلى ظهور جماعات فرعية متعددة داخل
المناطق الحضرية ،ومواجهة المهاجرين للكثير من المشكالت النفسية واإلجتماعية،
وإ رتفاع معدل الجريمة خاصة فى المناطق المكتظة بالسكان والسيما في المراحل األولى
للهجرة .
ب ـ اآلثار اإلقتصادية وتتمثل فى إهمال اإلنتاج الزراعي نتيجة فقد القوة العاملة التى
هاجرت الى المدينة مما أدى إلى إنخفاض اإلنتاجية ،وإ رتفاع أجر العامل الزراعي
بالريف ،وإ نخفاض أجور العمال بالمدن نتيجة تزاحم القوة العاملة .وذلك سوف يؤثر سلبًا
على المجتمعين الريفي والحضري من الناحية االقتصادية،باإلضافة إلى المشاكل األخرى
مثل عدم توفير الخدمات اإلجتماعية المطلوبة للمهاجرين الجدد فى اإلسكان والمواصالت
والتعليم والصحة......الخ .
تؤثر اآلثار الديموجرافية :
الهجرة على المجتمع من الناحية الجغرافية حيث تحدث خلًال كبيرًا وتغيرًا فى التركيب
السكاني ،وتوزيع السكان من حيث خصائصهم كالعمر والجنس والمهنة ،وتمثل هجرة
الشباب والمتعلمين جانبًا هامًا على اإلنتاج الزراعي فى الريف .وقد لوحظ أن معظم
الشباب الذين خرجوا من القرى للدراسة والتدريب فى المدينة ال يعودون إليها لوجود
عوامل جذب شديدة ،وال يبقى فى الريف إال كبار السن والنساء واألطفال.
1ـ ضرورة اإلهتمام بالمناطق الريفية وتوفير الخدمات الشاملة بها وفى مختلف النواحي،
وكذلك المؤسسات اإلجتماعية والمرافق خاصة فى المناطق النائية لتشجيع اإلقامة بها.
2ـ مواكبة ومسايرة التطور الحضاري حتى ال يفقد الريف مقوماته أو أهميته االقتصادية.
3ـ ضرورة تطوير المساكن الريفية لتكون مساكن صحية ،وتشجيع اإلقامة فى المناطق
الريفية ،وتوفير فرص العمل فى المجاالت الزراعية والصناعية.
4ـ اإلهتمام بقضية التوازن السكاني وفقًا لمؤشرات اإلحصاءات السكانية الخاصة
بمعدالت الزيادة الطبيعية ،ومعدالت المواليد والوفيات ،والخصوبة فى الريف وكذلك فى
المدن حتى يمكن إعادة التوزيع السكاني حتى ال يتمركز السكان فى منطقة معينة.
5ـ يجب أال يقتصر التخطيط العمراني على المجتمعات الحضرية بل توضع المجتمعات
الريفية فى اإلعتبار ،وتوفير اإلمكانيات الالزمة إلقامة المساكن أو إلنشاء المشروعات
اإلقتصادية فى تلك المناطق .
Population Distribution ثانيًا -توزيع السكان :
ويقصد بتوزيع السكان "كيفية إنتشار السكان على حدود جغرافية معينة "وهى الصورة
التى تعكس النتيجة النهائية للتفاعل بين عناصر البيئة الطبيعية وعناصر النشاط البشرى
على سطح األرض.
كما أنه بواسطة توزيع السكان يمكن معرفة درجة تركيز التواجد البشرى على سطح
األرض وإ ختالفه من منطقة إلى أخرى ،ومن وقت إلى أخر ،والعوامل التى أدت إلى هذا
التباين واإلختالف ،ومعرفة نوع النشاط اإلقتصادي القائم بين السكان ،ونوع المجتمع
فمثًال نجد أن المجتمعات الحضرية والصناعية يزداد تركيز السكان فيها ،وتقل بإطراد في
المناطق الريفية نتيجة نزوح الريفيين إلى تلك المناطق مما يجعل المناطق الريفية فى
حاجة شديدة إلى األيدى العاملة الزراعية.
ويرتبط توزيع السكان أساسًا بتوزيع كتل اليابس والماء على سطح الكرة األرضية،
فنتيجة لوقوع أغلب كتل اليابس وأغلب مناطق المعمور شمال خط اإلستواء نجد أن%90
من سكان العالم يعيشون فى النصف الشمالى للكرة األرضية ،واليسكن فى نصف الكرة
الجنوبى إال نسبة %10فقط.
82
وأشارت معظم الدراسات العلمية أن سكان العالم ال يتوزعون بصورة منتظمة بين
قارات العالم المختلفة،وإ نما توجد بعض اإلختالفات الجوهرية بين القارات واألقاليم
والدول المختلفة من حيث الحجم والكثافة فى كل منطقة،كما توجد الكثير من العوامل التى
التى تؤثر بصورة مباشرة فى توزيع السكان ومن بين هذه العوامل الظروف البيئية
كالمناخ والطبيعة،والموارد الطبيعية،ووجود التنظيم اإلجتماعى والخدمات العامة،كما أن
تركيز السكان غالبًا ما يكون فى السهول الساحلية واألودية واألنهار والمناطق المدارية
والمعتدلة ويقل تركيزهم فى األقاليم القطبية وفى المناطق الصحراوية القاحلة.
وهناك عوامل متعددة ساهمت فى إختالف التوزيع السكانى فى دول العالم منها:
-1العوامل الطبيعية والتى تتمثل فى تأثير الموقع الجغرافى ،والتضاريس والتربة،
وتأثير المناخ والغطاء النباتى ،والموارد الطبيعية من المعادن والطاقة والمياه.
-2العوامل البشرية مثل تأثير العوامل اإلقتصادية كتلك المرتبطة بالنشاط الزراعى،
والتطور الصناعى ،والعوامل التاريخية اإلجتماعية مثل تأثير الحضارات المختلفة مثل
حضارة الشرق القديم التى قامت فى اليابان والصين والهند ،وكذلك تأثيراألحداث التاريخية
مثل الحربين العالميتين وما أدت إليه أحداثهما من تغيير فى خريطة توزيع السكان فى
أوربا وآسيا وأفريقيا.
وكال العاملين مكمالن لبعضهما البعض فى التأثير على توزيع السكان فى المناطق
المختلفة ،فالعوامل البشرية تلعب دورًا اليقل أهمية عن تلك التى تحدثها العوامل الطبيعية،
والعوامل الطبيعية ال تؤثر إال من خالل النشاط البشرى فاألمطار والتربة والموارد
الطبيعية ال يظهر تأثيرهما اإليجابى فى جذب السكان وإ ستقرارهم فى المناطق التى توجد
بها إال عن طريق إستثمار اإلنسان لهذه الموارد.
من جملة المساحة الكلية لمصر ،في حين نجد أن %2فقط من السكان موزعين على
%96من المساحة الكلية في الصحراء الشرقية والغربية والوادي الجديد .ولهذا كانت
خطط الدولة الطموحة إلعادة هيكل التوزيع السكاني المصري من جديد ،والخروج إلى
الصحراء ،وإ قامة المدن الجديدة ،واستزراع الصحارى ،وإ قامة مجتمعات ريفية جديدة
مثل مدن 6أكتوبر ،والعاشر من رمضان ،وبدر ،والسادات ،و 15مايو،
والعبور،والشروق وتوشكي باإلضافة إلى ما يقرب من 1000قرية جديدة ،وال تزال
خطط التوسع في المدن والقرى الجديدة تسير بأعلى معدالتها أمًال في إعادة التوزيع
السكاني بالشكل الذي يساعد على تحقيق أعلى معدالت النمو والرخاء.
يعتبر سكان أي دولة هم المواد الخام Population Discription ثالثًا -صفـات السكـان :
لبناء المجتمع ،وهذه الخامات تتنوع وتتعدد فمنها الرجال والنساء واألطفال والمتزوجين
وغير المتزوج واألرامل والمطلقين ،ومنهم العاملين بالحرف المختلفة كالزراعة
والصناعة والتجارة والتعليم والصحة ،ومنهم المتعلمين و األميين .وهكذا نجد أن أي
مجتمع ما هو إال نسيج مختلف من الخصائص والصفات ،وهذا اإلختالف هو الذي يعطيه
اإلستمرارية واإلستقرار والتكامل ،وكلما زاد تعقد المجتمع زاد الالتجانس في صفات
وخصائص سكانه.
ولذا كان االهتمام بدراسة هذه الخصائص والصفات لوضعها فى اإلعتبار عند معالجة
قضايا هذا المجتمع فى ضوء هذه الصفات ،و حتى يمكن للمخططين والقائمين على أمر
هذا المجتمع إتخاذ التدابير الالزمة فإذا كانت القاعدة العريضة من الهرم السكاني من
األطفال صغار السن فإنه يتوقع إرتفاع نسبة اإلعالة فى هذا المجتمع ،وحاجة هؤالء
األطفال إلى مصانع للعب األطفال ومالبسهم ،ويقاس على ذلك مختلف الصفات فتتضح
صورة المجتمع وإ حتياجاته من خالل معرفة صفات سكانه.
ومعدالت الهجرة المغادرة ،وبهذا تعد الزيادة الطبيعية العنصر األساسى واألكثر أهمية فى
نمو السكان.
كما يرتبط مفهوم النمو بمفهومي التضخم السكانى ،وأزمة السكان وكلها مفاهيم ال
تنفصل عن فكرة حركة السكان وتغيرها .فإذا كان المجتمع في حالة عدم ثبات فإن
المجتمع يخضع لحركة دائمة ولعوامل تغيير مستمرة وهذا التغير والتحرك قد يكون في
اتجاه النمو والزيادة بفعل عوامل المواليد والهجرة إلى هذا المجتمع أو السير في اإلتجاه
العكسي بفعل الوفيات والهجرة النازحة من هذا المجتمع.
ويمكن من خالل عد د من المحددات حساب عدد السكان فى أى دولة فى سنة ما وذلك
بمعرفة معدل الزيادة أو النقص فى عدد السكان خالل سنة معينة بسبب فائض المواليد أو
عجز الوفيات ويعبر عنه كنسبة الى العدد االساسى للسكان.
عدد المواليد ــ عدد الوفيات
×1000 ---------------------- عدد السكان =
عدد السكان فى منتصف العام
اى أن عدد السكان هو عبارة عن عدد السكان االصلى +الزيادة الطبيعية +أو –
صافى الهجرة.
ونتيجة للتفاوت بين المجتمعات المختلفة فيما يحدث من تغير في معدالت المواليد
والوفيات تنش أربعة أنواع من المجتمعات هي:
أ -مجتمعات ترتفع فيها كل من نسبة المواليد ونسبة الوفيات مما يؤدى إلى إنخفاض
متوسطات األعمار ،وإ نخفاض المستوى اإلجتماعي واإلقتصادي ،وسوء الحالة الصحية
واإلجتماعية.
ب -مجتمعات ترتفع فيها نسبة المواليد وتنخفض نسبة الوفيات ،وهى مجتمعات يزداد
عدد أفرادها ،وترتفع فيها متوسطات أعمارهم ،وتمتاز هذه المجتمعات بالعزة القومية
والتقدم الصناعى والحربى ،وإ رتفاع مستوى الطموح السياسي ألفرادها.
جـ -مجتمعات تنخفض فيها كل من نسبة المواليد ونسبة الوفيات ،وهذه المجتمعات تأخذ
في التناقص النسبي وتصبح مهددة بمشكلة تناقص السكان ،ولكنها تمتاز بإرتفاع مستويات
المعيشة والمستوى الصحى والمستوى الثقافي.
85
د -مجتمعات تنخفض فيها نسبة المواليد وتزداد نسبة الوفيات ،ومثل هذه المجتمعات
مهددة باإلنهيار اإلجتماعي واإلنحالل األخالقى.
إن معرفة مرحلة النمو التى تمر بها الكتلة السكانية تساعد على تحديد سلبيات
وإ يجابيات بنائها الديموجرافى وتركيباته المختلفة ،إال أنها ال تعد دليًال حاسمًا على إرتفاع
أو إنخفاض مستوى المعيشة فيها حيث توجد بعض الدول ذات معدالت النمو المنخفض
ومستوى الدخل المرتفع ولكنها تعانى من مشاكل إقتصادية عنيفة تعرقل إرتفاع مستوى
المعيشة بها ،كما توجد بعض المجتمعات يمر بمرحلة إستقرار وذات نمو منخفض ،ومن
ثم تواجه مشكالت مختلفة وهكذا تختلف الدول فى درجة النمو مما يدعو الى العمل على
دراسة وفهم األوضاع المعيشية للسكان عن طريق دراسة التوازن بين نمو السكان ونمو
الموارد واإلنتاج فى كل قطر من األقطار.
مجموعة القيم واألحكام التي إرتضاهاعقل الجماعة لتنتظم به حياة األفراد أو هي النسق
المعقد الذى يتضمن قواعد ونماذج للتصرف والتي يتوقع من كل فرد في الجماعة أن
يتصرف بمقتضاها ،وهي سابقة في وجودها على وجود األفراد إذ ينشأ هؤالء األفراد في
الحياة اإلجتماعية ،ويجدون أنفسهم أمام مجموعة من أساليب التفكير وقوالب العمل
متعارف ومتفق عليها ،ويرون أنفسهم ملزمين بأن يصبوا قوالب تفكيرهم ،وأنماط
سلوكهم ،ومواقفهم اإلجتماعية وفقًا لهذه المعايير.
مفهوم النظم اإلجتماعية
يرى جيلين ( )Gillinأن النظم اإلجتماعية هي" األنساق المنظمة الدائمة نسبيًا للتصرف
واإلتجاهات واألغراض واألشياء المادية والرموز والمثل التي توجه أغلب نواحي الحياة
اإلجتماعية".
ويصفها وليم أوجبرن ( )W.Ogburnبأنها "الطرق التي ينشئها أفراد المجتمع لتحقيق
حاجات إنسانية ضرورية ".ومن أمثلتها النظام األسرى ،والنظام اإلقتصادى ،والنظام
السياسى ،والنظام الدينى ..الخ .
اإلجتماعيةSocial Orgonizations: مفهوم المنظمات
-المنظمة اإلجتماعية هى عبارة عن" وحدات مخططة أنشئت بقصد وذلك بغرض
الحصول على أهداف معينة".
-المنظمة هى " مجموعة من الناس يكونوا وحدة إجتماعية تقوم من أجل تحقيق أهداف
رئيسية بشرط أن يلتزم كل عضو في تأدية واجباته بالشكل المنظم والمتفق عليه".
وتؤدى المنظمات اإلجتماعية دورًا هامًا فى حياة اإلنسان فى المجتمع المعاصر الذى
أصبح يتكون من العديد من المنظمات العاملة فى مختلف المجاالت بهدف إشباع إحتياجات
اإلنسان الغذائية ،أو لكي يحصل على التعليم ،أو أن ينتقل من مكان إلى آخر،أو يمارس
أنشطته اإلجتماعية المختلفة فإنه يتعامل مع منظمات مختلفة.لذلك أطلق على المجتمع
الحديث مجتمع المنظمات ،فهي حقيقة واقعية في كل المجتمعات وال يوجد مجتمع بدون
منظمات.
أهداف المنظمات اإلجتماعية
87
تسعى المنظمات اإلجتماعية إلى تحقيق أهداف محددة وهى أهم خاصية تميزها عن
األنساق اإلجتماعية األخرى ،والتنظيم هو األداة التى تتحقق بها األهداف المقررة
للجماعة ،فوجود أهداف واضحة ومحددة للمنظمات اإلجتماعية تخدم وظائف متعددة
وللمنظمات أهداف رئيسية ومختلفة من شأنها زيادة كفاءة وفاعلية هذه المنظمات،
مدونة فى سندات تأسيسها والئحتها ،وفى تقاريرها السنوية أو التصريحات الرسمية التى
تصدر من رجال اإلدارة العامة فى المنظمة ،كما أن لها أهداف إجرائية أو تشغيلية وهى
األهداف الفعلية للمنظمة ،والتى توجه المنظمة معظم وسائلها وإ مكانياتها لتحقيقها.
وبذلك يمكن تقسيم أهداف المنظمات كاألتي:
-1األهداف الخاصة بالمجتمع:
تهتم المنظمات اإلجتماعية بإعتبارها جزءًا من المجتمع على أن يكون من بين
أهدافها ما يحقق بعض أهداف المجتمع ،ويشبع جانب من إحتياجات أفراده سواء كانت
إجتماعية أو إقتصادية .وبذلك تضمن المنظمة الدعم المالي واألدبي من البيئة المحيطة
على أساس أن المجتمع يعترف بأن هذه المنظمة تقدم له إشباعا لبعض الحاجات األساسيةً.
-2األهداف الخاصة بالعمالء:
وهى األهداف التى ترتبط بعمالء المنظمة،أو الجماهير التي تتلقى خدماتها وتتعامل
معها،والبد أن تكون هذه األهداف مواكبة إلحتياجات الجماهير،وقد تساهم عملية تغير
إحتياجات الجماهير وتطلعاتها فى تطور وتغير تلك المنظمة،ويتوقف تعامل الجماهير مع
المنظمة على مدى وضوح أهداف المنظمة الخاصة بالعمالء وعلى مدى تمشيها مع
إحتياجاتهم.
-3األهداف الخاصة بالمشاركين:
يقبل األفراد على اإلشتراك فى نشاط أى منظمة إذا وجدوا ضمن أهدافها ما
يشجعهم على ذلك وأن هذا اإلشتراك سوف يحقق لهم أهدافهم ويشبع إحتياجاتهم ولذلك
تحرص المنظمات على أن يكون ضمن أهدافها أهداف خاصة بمن يقبل اإلشتراك فى
عضويتها أو نشاط تلك المنظمات.وبذلك تستمر المنظمة وتبقى فى المجتمع،وقد يكون
المشاركين هيئات أو منظمات أخرى كما هو الحال فى اإلتحادات العامة أو النوعية.
-4األهداف المتعلقة بالمنظمة:
88
وهى األهداف التى تضمن للمنظمة تحقيق توازنها وإ ستقرارها وإ ستمرارها ونموها،
وهذه األهداف قد تتضمن الموارد المالية أو البشرية أو التكامل بين الوحدات البنائية
للمنظمة حتى ال تتعرض ألزمات تهدد إستقرارها أو إستمرارها فى المجتمع.
-5األهداف اإلنتاجية:
وهى تلك األهداف التى تصيغ طبيعة اإلنتاج المتخصص للمنظمة ،أو نوعية الخدمات
التى توفرها للعمالء ،ويمكن أن تتكامل أو تتماثل كل من األهداف اإلنتاجية واألهداف
المتعلقة بالعمالء كلما توفر لدى المنظمة من مرونة تسمح لها باإلستجابة السريعة
إلحتياجات العمالء.
-6أهداف ثانوية:
وهى األهداف المرتبطة أو الناتجة عن الوظائف األساسية فى المنظمة ،وتنصب على
تكنيك األداء أو أيديولوجية األهداف العامة.
للنظم اإلجتماعية عدد من الخصائص العامة والتي على أساس كل منها تنشأ
مجموعة من النظم المعينة التى تتصف بهذه الصفة والتي يمكن إجمالها فيما يلي- :
خصائص النظم اإلجتماعية:
-1التلقائيـة :وهي النظم التي تنشأ تلقائيًا إلشباع حاجات الناس الضرورية ،والتى
تختلف فيما بينها فى تطورها ،فمنها ما يتطور بشكل غير مقصود مثل تطور النظم
األسرية وقواعد اللغة والفن ،ومنها ما ينمو بطريقة شعورية ويسير وفقًا لخطة مرسومة
كالنظم القضائية واإلقتصادية الموجهة.
- 2الموضوعيـة :وهى النظم التي ال يرتبط وجودها بوجود أفراد معينين ،فهي توجد في
كل مجتمع وتستمر من جيل إلى جيل وال تتأثر أو تتغير بتغير األفراد ،كما أن أغلبها
مدون في صورة قوانين ،أو تشريعات ،أو فى صورة متعارف عليها ومن أمثلتها النظم
الدينية والسياسية واإلقتصادية وغيرها من النظم.
- 3النسبيـة :وهى النظم التي تختلف أنماطها وفقًا لظروف كل مجتمع ،وثقافاته،
وعاداته ،وتقاليده فتعدد األزواج نظام مقبول لدى بعض قبائل اإلسكيمو ،وعند أقوام
الباهيما وهم من أقسام البانتو فى أفريقيا فى الوقت الذى يعتبر فيه تعدد األزواج جريمة
يعاقب عليها القانون فى غالبية المجتمعات ،وتختلف أهمية النظم اإلجتماعية بإختالف
89
األزمنة والمجتمعات فبينما يعتبر النظام الديني من أهم النظم في المجتمعات المنعزلة نجد
أن النظام االقتصادي من أهم النظم في المجتمعات الحديثة.
- 4الجبر واإللـزام :وهى النظم األساسية التى توجد فى مجتمع ما لتحقيق الضبط
والنظام ،وفيها ال يستطيع األفراد الخروج عما رسمته النظم اإلجتماعية من حدود ،نظرًا
لما تفرضه من جزاءات على الخارجين عن حدودها .وإ ن كان الضغط ال يشعر به
األفراد ألن التنشئة اإلجتماعية ،والتربية المقصودة يعمالن على ترويض الفرد لتقبل
األوضاع اإلجتماعية ،والتمسك بمعايير المجتمع ،ومن ثم فهو يحترمها ويعمل على
صيانتها .وهذه الخاصية يسميها بعض العلماء "بالجاذبية" حيث تخفف من شعور األفراد
بجبرية النظم اإلجتماعية ومن أمثلتها األنظمة السياسية والدينية.
- 5الترابط :فالنظم اإلجتماعية يؤثر بعضها في البعض اآلخر ويتأثر به ،وكل تغير
يحدث في أى منهما وفى وظائفها تتأثر به النظم األخرى ،فطبيعة النظم اإلجتماعية
تستهدف تحقيق غايات وأهداف واحدة هي تأمين المجتمع وضمان بقائه وتطوره.
- 6التطــور :وهي خاصية ليست ثابتة فى كل النظم اإلجتماعية وإ نما تتعرض للتغير من
وقت إلى آخر فى البناء والوظائف ،فاألسرة مثًال تحولت من األسر الكبيرة إلى األسر
صغيرة الحجم وتغيرت وفقًا لذلك وظائف أفراد األسرة.
فوائـد النظـم اإلجتماعية:
تتلخص فوائد النظم اإلجتماعية فيما يلى:
- 1العمل على تيسير تعامل الفرد مع غيره من أفراد المجتمع ،وذلك فى ضوء قواعد
سلوكية محددة تجعل مهمة التعامل سهلة وواضحة على الفرد.
- 2تساعد على تقبل الفرد ألساليب الضغط اإلجتماعى ،فمن خالل أساليب التنشئة
اإلجتماعية يتجاوب مع أنماط السلوك المتعلقة بكل نظام من النظم اإلجتماعية فيألفها
ويتفاعل معها لتحقيق أهدافه وإ شباع إحتياجاته.
- 3تحدد النظم اإلجتماعية األدوار االجتماعية لألفراد و أوضاعهم،فيكتسب الفرد من
خاللها الكفاءات والقدرات التي تساعدهم على شغل أوضاع اجتماعية مختلفة فى المجتمع
كأن يكون رئيسًا في عمل ،أو عضوًا عاديًا في نادي إجتماعي وفقًا لما يسمح به النظام
فذلك يعد من األدوار التي يقوم بها ،ومن ثم يتحدد وفقًا لها مركزه أو وضعه اإلجتماعى.
90
- 4مساهمة النظم االجتماعية في إحداث التجديد والتغيير للمجتمعات بما يؤدي إلى
تطورها.
و للمنظمات اإلجتماعية أهمية كبرى فى حياة األفراد والجماعات والمجتمعات فهى
تشبع العديد من اإلحتياجات البشرية العاطفية والروحية والعقلية واإلقتصادية ،فلقد تم
تكوينها بطريقة مفيدة لتحقيق أهداف يكون تحقيقها أفضل لو تمت بصورة جماعية ،فهذه
المنظمات تملك اإلمكانيات البشرية والمادية والتى بواسطتها يمكنها التحكم والتأثير فى
المجتمع المحلى ،وإ ذا ما أحسنت فى أداء مهمتها وتم توفير إحتياجاتها أمكنها اإلسراع فى
عملية التنمية الريفية ،كما تستطيع أن تؤدى دورًا فعاًال فى غرس الصفات الطيبة فى
المواطنين مثل الرغبة والقدرة على التعاون مع اآلخرين ،والمشاركة الفعالة فى خدمة
المجتمع.
النظم اإلجتماعية البارزة في المجتمع:
تبدو أهمية أي نظام إجتماعي في مدى ما يقوم به من نشاط وما يؤديه من وظائف فلقد
وجد كل نظام ليؤدي وظيفة أساسية وهذه الوظيفة هي التي تحدده وتميزه عن األنظمة
األخرى فوجد ال
نظام الزراعي مثًال إلنتاج الغذاء ،ووجدت األسرة للتربية والتنشئة االجتماعية ،والدولة
لتحكم ،والنظام الديني للعبادة.....وهكذا .ويتفرع تحت هذه النظم أنظمة فرعية أخرى
فمثًال النظم اإلقتصادية تتفرع منها نظم إقتصادية فرعية مثل النظام الرأسمالي ،والنظام
الشيوعي ،والنظام االشتراكي ،وتتفرع تحت األنظمة السياسية أنظمة فرعية أخرى مثل
النظم الدستورية التي يتبعها كل بلد كالنظام الملكي ،أو الجمهوري ،أو الجماهيري..الخ
من مختلف األنظمة.
ونظرًا لتعدد رغبات اإلنسان وتعدد وسائل إشباعها أصبح في حاجة لعدد كبير من هذه
النظم كي يتمكن من تحقيق رغباته ،ولكن توجد بصفة عامة بعض النظم اإلجتماعية التى
ال يكاد يخلو منها أى مجتمع سواء كانت نظم تلقائية أو مقننة ،أساسية أو مساعدة مثل
األنظمة اإلقتصادية والسياسية والدينية والتعليمية والصحية واألسرية .وفيما يلى توضيح
لهذه النظم وهي:
أوًال -النظام اإلقتصادي:
91
يعتبر النظام اإلقتصادي أحد األنظمة اإلجتماعية وأكثرها أهمية في أى مجتمع ،فهو
العمود الفقري الذى من خالله يحيا المجتمع ،ويشبع إفراده حاجاتهم المتشابكة والتي ال
يمكن أن تتحقق إال بواسطته .فإنتاج السلع والموارد المختلفة التي يحتاجون إليها هى أحد
مكوناته ،وإ ستخدام فنون الصناعة في زيادة اإلنتاج اليفى وحده بإقامة اقتصاد المجتمع،
وتوزيع اإلنتاج توزيعًا منظمًا عادًال بين أفراد المجتمع نشاط إقتصادي ضروري،
باإلضافة الى الثروة المعدنية والمواصالت والتجارة .ولذا فالنظام اإلقتصادي يشير إلى
تلك األنشطة التي يشترك فيها جميع أبناء المجتمع .
يقصد بالنظام السياسي في اى مجتمع طريقة حكم ذلك المجتمع وعالقة الحاكم
بالمحكوم ،وتجديد القوانين واإلجراءات التي توضح العالقات المختلفة داخل البناء .
ثانيًا:النظام السياسى:
اإلجتماعى .فالسياسة هي" علم الدولة الذى يختص بممارسة الدولة لسلطاتها والتنظيمات
القائمة والحكومة وأسلوب الحكم وعالقة الحاكم بالمحكوم"
وال يخلو أى مجتمع من وجود جهاز أو نظام مهمته تأمين أفراد المجتمع داخليًا
وخارجيًا ،فمن الناحية الداخلية مهمته تأسيس وتنظيم عملية إستعمال القوة والعنف بين
األفراد والجماعات بهدف إستقرار النظام ،وتطبيق القانون ،وتوفير خدمات معينة
ضرورية ،وتحقيق العدالة بينهم ،وحماية الضعفاء من ظلم األقوياء وسيطرتهم .أما من
الناحية الخارجية فالدولة كنظام سياسي مهمتها مواجهة أى عدوان خارجي يهدد سالمة
الدولة وآمنها ،واليمكن ألي نظام آخر القيام بهذه الوظائف.
ثالثًا :النظام الديني:
نشأ النظام الدينى إستجابة إلحتياجات نفسية يشعر بها اإلنسان نتيجة إحساسه بوجود
فراغ داخلي نابع من عدم قدرته على تحديد هذه اإلحتياجات ومن ثم عدم إشباعها،
باإلضافة إلى عجزه عن تفسير كثير من الظواهر التي ليس له قدرة السيطرة عليها.
3ـ تفسير كثير من الظواهر المجهولة التي تثير الجدل وتراود التفكير كظاهرة الحياة بعد
الموت ،والظواهر فوق الطبيعة مما يساعد على تهيئة الراحة النفسية والتغلب على
صعوبات الفشل في الحياة.
4ـ تنظيم الدين للكثير من عالقات الناس مع بعضهم البعض خاصة تلك التي تتعلق
بمشاكل الزواج والطالق والمواريث وغيرها.
5ـ تقوية الدين لعملية الضبط اإلجتماعى داخل المجتمع فهو يوحد إيديولوجية األفراد
وقيمهم ،ويحدد نواحي الخير والشر والثواب والعقاب ،ويعلم قواعدالسلوك ،ويعتمد على
الضمير الذى يعتبر العامل األساسى فى تكوين وترسيخ الضبط االجتماعى.
رابعًا :النظام التعليمي:
نشأ النظام التعليمي مثل كل النظم اإلجتماعية نتيجة الحاجة والرغبة من الناس في فهم
حياتهم وظروفهم البيئية ،ورغبتهم في تطوير أنفسهم ،وتحسين ظروفهم ،وإ ستخدام الجديد
من المعارف والتقنيات الحديثة وتطويعها وفقًا للظروف البيئية رغبة في الوصول إلى
حالة أفضل يشعرون معها باإلرتياح النفسي والجسمي ،ويحققون بها طموحاتهم
اإلجتماعية والثقافية واإلقتصادية.
ويعرف النظام التعليمي بأنه" ذلك النظام اإلجتماعى الذى يقوم بنقل الثقافة الموروثة
عبر األجيال ،وإ يجاد الرغبات والدوافع عند الناس لخلق الجديد ،ثم محاولة إبتكار وإ يجاد
ذلك الجديد ونشره فى شكل معارف جديدة "
وظائف النظام التعليمى:
يؤدى النظام التعليمي في المجتمع ثالثة وظائف أساسية هامة هي:
أ ـ نقل الخبرات والمعلومات من األجيال السابقة إلى األجيال الحاضرة.
ب ـ اإلبتكار والوصول إلى الجديد المفيد ونقله إلى المجتمع.
ج ـ تربية اإلتجاهات الحديثة والقيم المرغوبة بين المواطنين ،وتكوين شخصياتهم تكوينًا
يتفق مع أهداف المجتمع وذلك بالعمل على وضع التدابير الالزمة للتنشئة اإلجتماعية
السليمة والمخططة التي يتخطى بها األفراد ثقافة المجتمع التقليدية ،واإلنطالق نحو ثقافة
اإلبتكار والتفكير العلمي المنظم القائم على إتباع المنهج العلمي وخطواته.
خامسًا :النظام الصحى:
93
-1تشير الحالة الصحية ألي مجتمع إلى الحالة العامة له ،فإذا ما توفرت الرعاية
الصحية ،وتقدمت وسائل وطرق الوقاية من األمراض كان تأثيرها إيجابيًا على
المجتمع وأفراده إقتصاديًا وإ جتماعيًا ،أما إذا ما تدهورت الحالة الصحية كان التأثير
سلبيًا.والصحة ال تعنى فقط غياب المرض والوهن وإ نما هى حالة كاملة للسالمة
البدنية والذهنية واإلجتماعية .
ويعبر عن الحالة الصحية في أى مجتمع بعدد من المؤشرات من أهمها نسبة الوفيات
العامة،ونسبة وفيات األطفال الرضع ،وعدد المصابين باألمراض المزمنة ،ومتوسط عمر
الفرد ،وعدد المستشفيات والوحدات الصحية ،وعدد األطباء والممرضات ،وعدد األِس رة
لكل 1000مواطن ،ومشروعات تحسين البيئة ،ورعاية األمومة والطفولة ،وتطعيم
األطفال ،وتوفير مياه الشرب الصحية ،واإلهتمام ببرامج الوقاية والعالج فى كافة أنحاء
المجتمع.
ولقد إتخذت العديد من الدول بعض البرامج الوقائية لتحسين ظروف سكان المناطق
الريفية مثل :
1ـ انشاء الوحدات السكنية فى المناطق الريفية وبالمواصفات الصحية للمسكن من حيث
التهوية الجيدة ،وتوفيرالمرحاض الصحى ،والمطبخ الجيد ،وفصل حظيرة المواشى
والمخازن جزئيًا عن وحدات المعيشة ،ودهان الحوائط بحيث ال تساعد على إحتواء
الحشرات ،وتربية نباتات الزينة مما تجعل المسكن مريحًا نفسيًا لصاحبه.
2ـ تحسين مياه الشرب بإنشاء شبكات مياه جديدة ،وتنقيتها ،وإ ستغالل المياه الجوفية بطرق
علمية.
3ـ اإلهتمام بالبرامج الصحية المعنية باألمومة والطفولة ،وتحسين الوعى الصحى والغذائى
للسكان فى مختلف المناطق الريفية.
4ـ مكافحة األمراض المعدية والتحصين وتطعيم األطفال ومكافحة الحشرات.
5ـ إقامة المشروعات الحرفية والفنية لتحسين وضع المواطن الريفى.
6ـ بناء العديد من المدارس الخاصة أو الحكومية ذات الفصل الواحد فى المناطق الريفية.
7ـ اإلهتمام بقضية محو األمية وجعل التعليم هو المحور األساسى فى البرامج الحكومية،
وله أولوية عن البرامج االخرى.
94
8ـ إعادة بناء القرية الريفية وتخطيطها بشكل افضل ،وإ نشاء شبكات الطرق والمواصالت
وإ إلتصاالت لتربط بين المناطق الريفية والحضرية ،وإ نارة القرى والمناطق النائية،
وزيادة عدد المؤسسات والمنظمات الحكومية.
-9العناية ببرامج التثقيف واإلرشاد الصحى والصحة المدرسية.
-10اإلهتمام بالدراسات والبحوث المتعلقة بالخدمات الصحية وبالعوامل اإلقتصادية
والثقافية والنفسية التى تؤثر على المستوى الصحى.
-11تنمية القوى العاملة الصحية المحلية ،وتنفيذ برامج التعليم والتدريب الصحى
بمستوياته المختلفة ،وتوفير إحتياجات المرافق الصحية من المهارات الوطنية الالزمة.
سادسًا :النظام الترويحي :
وهو النظام الخاص بطرق قضاء وقت الفراغ وما يتصل به من نشاط سواء فى
الموسيقى أو الرقص أو اإلحتفاالت الدينية واإلجتماعية والرياضية وما شابهها ،وتتعدد
المناشط التى يتضمنها النظام الترويحي وتختلف عادة من دولة إلى أخرى ومن منطقة إلى
منطقة ومن بيئة إلى بيئة وفقًا لثقافة المجتمع وتوجهاته.
ويعرف النظام الترويحي أنه" النشاط الحر لألفراد أو الجماعات وبدافع شخصي بغرض
جلب السرور والمتعة أو قتل الفراغ ".
أهداف النظام الترويحي وأثره فى تنمية المجتمع الريفي :
أـ تعليم الريفيين كيفية التعاون بين األفراد والجماعات وأن ذلك التعاون يحقق فائدة
تنعكس على جميع األعمال واألنشطة وفى جو من المرح والحرية.
ب ـ تقوية الشعور باإلنتماء الى المجتمع الكبير.
ج ـ رفع معنويات الزراع وإ رشادهم وتوجيههم.
دـ مساعدة المزارعين على تنظيم حياتهم ومن ثم سيكون ذلك بمثابة نوع من التربية
اإلجتماعية ووسيلة ترفيه وتسلية.
هـ تنمية الهوايات وصقلها بين الفالحين وأبناء الريف ،وتعريفهم بأنواع المشروعات التى
يمكن بواسطتها زيادة دخولهم ،ورفع مستوى معيشتهم.
وـ الترويح عن النفس ،وتجديد النشاط ،وإ تاحة الفرصة لممارسة هواياته الخاصة ،وتنمية
ميولهم.
95
- 2تتكون األسرة من أفراد إرتبطوا بروابط الزواج والدم ( أو التبني ) تبعًا للعادات
والتقاليد السائدة والمأخوذ بها في المجتمع.
- 3يعيش أفراد األسرة تحت سقف واحد ،ويشاركون في إستخدام مأوى لتحقيق مصالحهم
وحاجاتهم الحياتية دون أن يبدي أي منهم إعتراضًا على وسيلة اإلستخدام.
- 4األسرة وحدة إجتماعية تتكون من أفراد يتفاعلون معًا تفاعًال متبادًال ،ويؤدي كل منهم
دورًا معينًا حدده المجتمع وظروف األسرة من ناحية ونظم المجتمع من ناحية أخرى،
وتقّو يه التجربة .ويحقق هذا التفاعل إشباع الحاجات اإلقتصادية والنفسية واإلجتماعية
ألفرادها وترتبط بعمليات إنجاب األطفال وتربيتهم.
- 5يتميز أفراد األسرة بإنتسابهم إلى إسم عائلي موحد يحملون إسمه ويرتبطون بروابط
القرابة واإلنحدار من أصل موحد.
- 6تحتفظ األسرة بثقافة شائعة تنبثق من الثقافة العامة إال أنه في بعض المجتمعات
تختص كل أسرة بما يميزها .
البنيان األسرى :Family Structure :
إن الصفة األساسية المميزة لألسرة هو تركيبها البيولوجى حيث تربط بين أفرادها
صالت الدم التى تحدد بدورها العالقات والواجبات والحقوق .وينتمي الفرد طبيعيًا إلى
عضوية نوعين مختلفين من األسر هما :
1ـ األسرة األصل [الموجهة] Family Of Orientation:وهى األسر التي عن طريقها
يكتسب الشخص الكثير من القيم واآلداب التي تطبع بطابع مميز وشخصية فريدة.
2ـ األسرة اإلنجابية Family Of Procreationوهى التي ينجب فيها الفرد أطفاًال
يخلفونه.
وفى كال النوعين يعتبر الفرد هو الصلة الوحيدة التى تربط بينهما ،ويبدأ تكوين
األسرة بالزواج ،وتتكامل باألبناء وتنتهي بموت أحد طرفي العقد ،أو بالطالق لذلك فإن
تكوينها يتطلب طول أجلها حتى تستطيع بلورة أفرادها وصياغتهم صياغة مالئمة لظروف
الحضارة التى يعيشون فيها.
أشكـال األسـرة:
97
على الرغم من أن جميع المجتمعات عبر العصور المختلفة مثلت فيها األسرة
عنصرًا أساسيًا إال أنها اتخذت أشكاًال متعددة من حيث الشكل أو الحجم وفقًا لطبيعة
الشعوب وظروفها الحضارية وثقافاتها .فال يوجد مجتمع يقتصر على نمط واحد فقط من
األسر بل يوجد به أنماط متعددة لألسرة ،كما أنه يوجد تباين بين المجتمعات سواء
المتقدمة أو النامية وأحيانا بين المجتمع الواحد.
وعلى الرغم من هذا التباين بين المجتمعات من حيث أشكال األسرة إال أن يمكن رصد
ثالثة أشكال من األسر على النحو التالي- :
- 1األسرة النووية Family Nuclear Or Biological
تعرف األسرة النواة بأنها " األسرة التىتشمل األب واألم معًا وأوالدهما " أي تضم
جيًال واحدًا أو جيلين بحد أقصى وقد يطلق على هذه األسرة مسميات متعددة مثل األسرة
الزواجية أو الحضرية أو األحادية أواألسرة البسيطة نظرًا لما تتميز به من صغر الحجم
فهي تتكون من الزوج والزوجة وأبنائهما غير المتزوجين ،ويقيمون في مسكن واحد
ويعيشون حياة مشتركة ،وهى ظاهرة تنتشر فى الدول المتقدمة وبدأت فى اإلنتشار فى
المجتمعات النامية حاليًا حيث ال يفكر الرجل في الزواج قبل أن يجد المسكن المناسب
ألسرته الجديدة.
- 2األسرة المركبةComplex Family :
وهي األسرة التي تضم أكثر من أسرة بسيطة .ولكنها تضم جيلين إثنين فقط ،أى
التي يكون للرجل زوجتان أو أكثر ويقيمان معًا في مسكن واحد ،وذلك يعني أن فردًا
واحدًا يمثل محور الربط بين عديد من األسر البسيطة لتكون األسر المركبة التي هي نتاج
لنظام الزواج المتعدد .وينتشر هذا الشكل فى غالبية المجتمعات الريفية.
- 3األسرة الممتدة Extended Family
تعرف األسرة الممتدة بأنها " تلك األسرة التي تتكون بنائيًا من ثالثة أجيال حيث تضم
األجداد وأبناؤهم المتزوجـين وأحفادهم " ،وتقوم على أساس إمتداد األجيال الموجودة في
األسرة إمتدادًا رأسيًا أكثر منه إمتدادا أفقيًا ،فالفرد النشء يكون أسرة بسيطة جديدة تنضم
إلى األسرة األصلية مما ينتج عنه أن تشمل األسرة الممتدة أكثر من وحدة أسرية بسيطة
وكذلك أكثر من جيلين في آن واحد .
98
وتتفوق األسرة الممتدة على سائر األنماط األسرية المعروفة فى العالم الصناعى من
حيث درجة اإلستقاللية التى تتمتع بها فاألسرة الهندية القديمة مثًال تميزت ككيان إجتماعى
إقتصادى بأنها محور تقديس وإ جالل لكافة أفرادها نظرًا لحالة التوحد بين األحياء والموتى
من أفراد األسرة ،وكذلك بين األحياء رؤساء ومرؤسين.
ويعد هذا الشكل من األسر هو النمط السائد في المجتمعات الريفية نظرًا لوجود روابط
قوية بين أفراد األسرة حيث الملكية العامة لكل أفراد األسرة ،وسكن العائلة الذي
يستوعب كل األجيال الجديدة.وإ ن كان وجوده بدأ في اإلضمحالل ليحل محله األسرة
البسيطة أو النووية بسبب اإلستقالل اإلقتصادي لألبناء نتيجة هجرتهم للعمل في الخارج،
أو عملهم في وظائف حكومية ،أو إتجاههم للمشروعات اإلقتصادية الخاصة بعيدًا عن
العمل الزراعي في أرض العائلة.
حجم األسرة :
تعطى مؤشرات متوسطات حجم األسرة فى المجتمع دالالت هامة لفهم األوضاع
اإلجتماعية واإلقتصادية والديموجرافية للكتل السكانية فكلما إرتفع حجم األسرة كلما إرتفع
معدل اإلعالة اإلقتصادية ،وإ نخفض مستوى المعيشة،وهى دالالت أيضاً إلرتفاع معدالت
اإلنجاب وزيادة نسبة صغار السن ،وعلى جانب آخر فهى داللة على قوة الترابط األسرى
والعالقات اإلجتماعية بين أفراد المجتمع.
وبمقارنة متوسطات حجم األسرة بين الدول المختلفة نجد أن متوسط حجم األسرة فى
ساحل العاج سنة 1995م بلغ 6أشخاص،وفى الهند 5.5شخص ،وفى البرازيل4.7
شخص وفى البالد العربية بلغ أعلى معدل لمتوسط حجم األسرة 7أفراد فى كل من
الجزائر وسلطنة عمان ،وأقل متوسط لحجم األسرة سجل فى مصر حيث بلغ 4.9
شخص.فى حين بلغ متوسط حجم األسرة فى كندا 2.8شخصًا ،وفى الواليات المتحدة
األمريكية ، 2.7وفى فرنسا 2.6فرد،وفى الدنمارك 2.3فرد ،وإ رتفع قليًال ليصل
المتوسط إلى 3أشخاص فى كل من مالطة وايرلندا واليونان .ويبدوا الفارق واضحًا بين
متوسطات حجم األسرة فى الدول النامية والدول الصناعية.
الوظائف اإلجتماعية لألسرة:
ومن أهم الوظائف التي تؤديها األسرة :
99
-1إستمرارية الجماعـة
تقوم األسرة بإمداد المجتمع بأفراد جدد يحتاج إليهم ليحتلوا األماكن والوظائف التي
تخلو إما بإحالة من كانوا يشغلونها للتقاعد ،أو الموت أو العجز أو ألي سبب آخر ،وتقابل
األسرة هذه اإلحتياجات باإلنجاب بإعتبار ذلك أولى وظائفها اإلجتماعية والتي تهتم بها
الجماعات ألنها تحقق لها اإلستمرارية ،وتبدو أهمية هذه الوظيفة فى المجتمعات الريفية
التي يعتمد ويعيش الجانب األكبر من سكانها على الزراعة حيث ترتفع معدالت الزيادة
الطبيعية بها عن المجتمعات الصناعية.
- 2رعاية وتدريب الصغار:
يظل الطفل –بعكس صغار الحيوانات -لسنوات عديدة قاصرًا فى اإلعتماد على
نفسه ،ويحتاج إلى رعاية الكبار وعنايتهم فيتولونه ويدبرون له كل أموره حتى يشب عن
الطوق ،ويختلف المدى الزمني لهذه اإلعالة بإختالف درجة التحضر في المجتمع الذى
توجد به األسرة فهي قصيرة في المجتمعات البدوية والرعوية والريفية وتزداد هذه الفترة
الزمنية مع درجة تقدم المجتمع وتطوره كما فى المجتمعات الحضرية والصناعية.
وفي إطار األسرة يشبع الطفل رغباته وإ حتياجاته بجانب إشباع الجوانب البيولوجية
والنفسية واإلجتماعية ،حيث تعتبر األسرة هي المسئولة عن تنشئة الطفل اإلجتماعية فتنقل
إليه خبراتها الثقافية لتساعده فيما بعد على المزيد من إكتساب الخبرات والثقافات
والمهارات ،وتمكنه من المشاركة والتفاعل مع اآلخرين ،وتحقق له التضامن والتكافل مع
بقية أعضاء المجتمع اللذين يتعاونون معه فى إطار التفاعل اإلجتماعي.
-3إعطاء المركز اإلجتماعي للصغار:
يتحدد مركز الطفل اإلجتماعي في مراحل حياته األولى بمركز أسرته ،ويظل هذا
المركز سمة للفرد مدة قد تطول أو تقصر تبعًا إلمكانية الحراك اإلجتماعى المتاحة في
المجتمع ،ففي المجتمع الريفي في وقتنا المعاصر نجد أن كثيرًا من الريفيين قد غيروا من
هذا المركز اإلجتماعي نتيجة للتعليم الذي حصلوا عليه ،أو نتيجة للمهنة التى يعملون بها
وتحولهم من طبقة اُألجراء أو المستأجرين إلى طبقة المالك فى بعض األنظمة.
- 4إشباع وتنظيم الرغبات الجنسية والدوافع األبوية :
تتركز مهمة األسرة حول تنظيم العالقة الجنسية ،وتنظيم عملية اإلشباع الجنسي
ألفرادها إشباعًا منظمًا ،وإ شباع دوافع األبوة واألمومة عن طريق الزواج الذى يعتبر
100
الوسيلة القانونية التى يقرها المجتمع إلتمام العملية الجنسية وإلنجاب األطفال إنجابًا
شرعيًا .وهي نظم قديمة مارستها كل الجماعات اإلنسانية لما لتنظيم هذه العالقة من أهمية
كبرى في الجماعات قديمًا وحديثًا ،بدائية ومتحضرة .وإ ن إختلفت نظم األسرة والزواج
من مجتمع آلخر ومن وقت آلخر.
- 5إشباع الناحية العاطفية:
األسرة هى الجماعة األولية التي توفر للصغار أكبر قدر من الحنان والعطف .وتؤدي
األسرة هذه الوظيفة لجميع أفرادها أو الغالبية منهم ،وهى بذلك تحميهم من العزلة النفسية
واإلجتماعية ،وتجنبهم آثارها وما ينجم عنها من إضطرا بات عصبية ونفسية ،كما يؤدي
إشباع الناحية العاطفية إلى إستقرار األطفال وثبات وتكامل شخصياتهم.
- 6توريث الممتلكات:
إن انتماء الفرد إلى األسرة يحدد مركز قرابته فيها ،ويعطي له الحق في توريث
ممتلكاتها .وبدون النسق القرابي في نطاق األسرة التي ينتمي إليها الفرد يواجه المجتمع
مشكلة توزيع ثرواته على مستحقيها .ويختلف نظام التوريث بإختالف النظام القائم
بالمجتمع وثقافاته السائدة.
-7تنشئة الفـرد :
تعد تنشئة الفرد من أخطر وأهم الوظائف اإلجتماعية لألسرة فهي حجر الزاوية فى
بناء المجتمع فتقدم صغارها له كأفراد صالحين للقيام بأدوارهم كاملة ،وهى المسئولة عن
تفسير سلوك أفرادها وال شك أن اإلنحراف السلوكي والوظيفي يقع في أساسه على قصور
الدور األسرى في تأدية واجباتها المقدسة وأفضلها على اإلطالق وهى عملية التنشئة
اإلجتماعية.
8ـ وظائف أخرى ذات طابع خاص:
حيث تقوم األسرة الريفية ببعض الوظائف ذات الطابع الخاص من أهمها ما يلي:
- 1الوظيفة اإلنتاجية والتي يتعاون فيها أفراد األسرة تعاونًا وثيقًا في العمل اإلنتاجي
الزراعي بتقسيم وتنسيق األدوار فيما بينهم.
- 2تقوم األسرة الريفية بدور هام في تحديد المكانات اإلجتماعية ألفرادها.
مقارنة بنيان األسرة الريفية واألسرة الحضرية:
101
- 6يتمتع أفراد األسرة الحضرية بالمساواة الحقيقية بين أفرادها الذكور واإلناث ،وتتضح
هذه المساواة في مشاركتهم النقاش في المسائل العائلية ،وأن ما يصلون إليه من نتائج هو
إتفاق جماعي نابع من إرادتهم الجماعية فينتفعون به ،كما تتضح المساواة أيضا في أداء
الواجبات والتمتع بالحقوق فال فرق بين أبناء األسرة الواحدة ،وال تمييز أو محاباة لكبير
على صغير أو ذكور على إناث ،ويكون أداة لتفكك الروابط األسرية أو مدعاة
إلضطرابات عصبية أو عقد نفسية أو أحقاد إجتماعية .أما األسرة الريفية فال زالت
متمسكة بعاداتها وتقاليدها فى حق الكبير وسلطته على الصغير وله إحترامه وحظوته،
وللذكور أفضلية على اإلناث ،ووفقًا لهذا التدرج في الترتيب يكون هناك تدرج في الحقوق
والواجبات غير المتساوية.
ومن هذا العرض اإلجمالي العام للنظام األسري نخرج بمالحظتين أساسيتين مفاداهما:
أوًال :أن األسرة الريفية تؤدي وظائفها دائمًا بصورة أكثر اهتمامًا و بمسئوليات أكبر تجاه
أبنائها وخاصة من ذوي القربى قبل المحتاجين من غير ذوي القربى.
ثانيًا :أن تغير العالقات األسرية تغيرًا طفيفًا كان نتيجة حتمية إجتماعية لما أصاب الحياة
الريفية من تغير إقتصادي ،وثقافي ،وتطور ثقافي وأيديولوجي ،وحراك إجتماعي .ولكن
رغم هذا التغير فإن األسرة الريفية لم تفقد في النهاية وظائفها الكلية وال تقترب إال قليًال
مما أصاب أسرة المدينة من تغير نتيجة بطء في اإلستجابة وتردد في قبول عوامل
التغيير.
خصائص األسرة الريفية :تتسم األسرة الريفية بوجود العديد من الخصائص المميزة لها
من أهمها-:
- 1االشتغال بالزراعة :فاألسرة الريفية تعمل بصفة أساسية بالزراعة وتعطي للعمل
الزراعي مرتبة عليا في نسقها القيمي ،وغالبًا ما ينظر أعضاؤها إلى أي مهنة أخرى على
أنها أقل قيمة من العمل الزراعي ،وان بدأ هذا في التغيير حيث ينظر اآلخرون الى مهنة
الزراعة كمهنة ثانوية أو إضافية ،وال تتحقق للفرد أهدافه أو طموحاته ،وتتماثل تلك
الرؤيا مع الوضع القائم بالمجتمع الحضري الذى يعمل أعضاؤه فى مهن متنوعة.
103
- 2العمل لألسرة :إذ يتصف النشاط اإلقتصادي لألسرة الريفية بأنه نشاط جماعي حيث
يعمل جميع األعضاء المكونين لها لصالح األسرة وليس لصالح فرد معين كما هو قائم فى
األسرة الحضرية التي غالبًا ما يكون عمل كل فرد فيها منفصل عن اآلخرين.
- 3اإلرتباط بين البيت والمزرعة:
فاألسرة الريفية ال تفصل في عملها بين البيت والحقل ،ففي الحقل تتم العمليات الزراعية
لإلنتاج النباتي ،وفي المنزل تتم العمليات المتصلة باإلنتاج الحيواني بجانب العمليات
المنزلية األساسية ،وفي أحيان كثيرة يكون المنزل داخل المزرعة فيحدث التداخل بين
العمل الحقلي والمنزلي مما يصعب معه الفصل بين ميزانية األسرة االستهالكية وبين
الميزانية اإلنتاجية للمزرعة ،ومن ثم صعوبة تقدير الدخل الصافي لألسرة الريفية من
اإلنتاج المزرعى .وعلى سبيل المثال صعوبة تقدير قيمة ما يتم إستهالكه من الحبوب
والخضروات واأللبان والبيض والطيور وغيرها من المواد الغذائية التي تستهلكها األسرة
من ناتج المزرعة وال تدفع مبالغ نقدية مقابل لها ،على عكس الحال في األسرة
الحضريةالذى يكون اإلنفصال واضحًا بين المنزل ومكان العمل مما يؤدى الى سهولة
حساب ميزانيتها وتطور الدخل بها.
- 4عدم التخصص:
تميل مهارات أعضاء األسرة الريفية غالبًا إلى العمومية ،فكل منهم لديه حصيلة من
المعلومات والخبرات المتصلة بمختلف شئون الزراعة بشقيها النباتي والحيواني ،فالمزارع
يعرف بعض المعلومات المتعلقة بالطبيعة ،ومواعيد الزراعة ،ومواعيد بذر التقاوي ،وري
األرض ،وطرق رعاية وتربية النبات ،وعمليات الحصاد ،والتعبئة والتخزين ،كما أن لديه
بعض المعلومات عن الحيوانات وطباعها وأمراضها ووسائل عالجها ،باإلضافة إلى
بعض األعمال المتصلة باإلنتاج الزراعي والمكملة له مثل قطع األخشاب وإ صالح
الجسور ،وإ ستخدام اآلالت الزراعية ،وهذا الضيق النسبي لمعارفه ومعلوماته يرجع فى
غالبية األحوال الى طبيعة العمل الزراعي غير المتخصصة فهو نشاط عام يستوعب
الكثير من األفكار والتجارب ،بينما نجد التخصص فى األسرة الحضرية حيث أن لكل فرد
منهم عمل واحد يتخصص فيه.
-5بساطة الحيـاة :
104
ترجع بساطة حياة األسرة الريفية إلى بساطة األعمال التي يقوم بها أعضائها ،والتي
لها شكل متكرر على مر السنين وإ لى بساطة األهداف التي تسعى األسرة الى تحقيقها ،فقد
تنحصر هذه األهداف فى إدخار األموال ،أما محاولة التفوق على الجار بزيادة المحصول،
أو الرغبة في التميز عن األقران إجتماعيًا ،وإ عطاء أهمية للكماليات المنزلية فهذه أمور ال
تبدو هامة لديهم ويستطيعون فى أحيانًا كثيرة االستغناء عنها .هذا بخالف األسرة
الحضرية التي تتسم حياتها بالتعقيد والتركيز على اقتناء األساسيات والكماليات المنزلية
على حد سواء.
- 6كبـر حجـم األسرة:
تمتاز األسرة الريفية بكثرة عدد أفرادها نسبيًا نظرًا لطبيعة العمل الزراعي وحاجته
لهذا العدد وخاصة فى الزراعات التقليدية التى ال تعتمد على اآلالت ،وإ عتمادها على
األيدي العاملة عكس األسرة الحضرية التى يميل حجمها إلى الصغر ،وإ عتبار األطفال
عبئًا ثقيًال على األسرة.
- 7السلطة األبوية:
من الخصائص المميزة لألسرة الريفية إحتالل الرجل مركزًا أعلى من المرأة حيث
تتركز السلطة غالبًا فى يد رب األسرة ،وبالتالي فاألسرة الريفية ذات سلطة أبوية ويبدو
ذلك واضحًا فى كثير من التفرقة اإلجتماعية السائدة بين الجنسين،اذ تحتل األنثى موقعًا
أدنى من الرجل ،وتحصر كافة المسئوليات فى يد رب األسرة ،وعلى الرغم من ذلك فلقد
بدأت هذه السلطة السيادية تتراجع حيث وجد أن هناك نفوذًا للمرأة الريفية البأس به على
أفراد أسرتها يتكامل مع نفوذ رب األسرة و ال يوحي بوجود سلطة األب المطلقة ،وإ ن
كانت هذه السلطة ظاهرية فالمرأة تتخذ وتشترك فى إتخاذ الكثير من القرارات خاصة تلك
التي تتعلق بمساحة األرض ،ونوع المحصول ،ووسائل التسويق .
آثار التغيير التكنولوجي على األسرة الريفية :
طرأت على األسرة الريفية في السنوات األخيرة بعض التغييرات التكنولوجية التى كان
لها تأثيرها المباشر وغير المباشر على األسرة الريفية ووظائفها من ناحية وعلى العالقات
القائمة بين أفرادها من ناحية أخرى وهى:
105
- 1عدم قيام األسرة بجميع الوظائف التي كانت تقوم بها سابقًا ،وحملت مؤسسات أخرى
على عاتقها مهمة القيام بتلك الوظائف ،مثل المدارس والمساجد والنوادي لتقوم بالدور
التعليمي والديني والترفيهي.
- 2تغير شكل العالقة القائمة بين اآلباء واألبناء ،وأصبح أساس قيام هذه العالقة التفاهم
المبني على اإلحــترام بدًال من الترهيب واإلصالح القائم على خوف األبناء من اآلباء.
- 3تغير شكل السلطة األبوية الذى يسيطر على األسرة وإ رادته نافدة وأصبح جميع أفراد
األسرة متعاونين فى إبداء الرأي ،والمشاركة فى إتخاذ القرار السيما األم واألب وأحيانًا
األوالد.
- 4تحول دور المرأة الريفية من الدور السلبي إلى الدور اإليجابي بعد أن اتيحت لها
فرصة التعليم والعمل خارج المنزل ،ومشاركة الرجل فى تحمل مسئوليات األسرة
إقتصاديًا وإ جتماعيًا.
- 5ضعف الروابط األسرية التى كانت تتميز بالقوة فى الماضي حيث لم تعد األسرة فى
إستطاعتها جمع كل أفرادها في منزل واحد كما كان يحدث سابقًا إما بسبب التعليم خارج
مناطقهم ،أوالهجرة للعمل بعيدًا عن مقر األسرة األصلى ،وقل تدريجيًا تبعًا لذلك اإلنتماء
األسرى ،ولم تعد الرابطة القوية بين اآلباء وأبنائهم هى السائدة كما كانت سابقًا ،وحلت
األسرة الصغيرة رويدًا محل األسرة الممتدة.
- 6ميل حجم األسرة إلى التقلص من الحجم الكبير إلى الحجم الصغير وأصبح هناك كثير
ممن يفضلون األسرة صغيرة الحجم التى ينتشر التعليم بين أفرادها ،وإ رتفاع مستوى
معيشتهم.
المشكالت التى تواجه السكان الريفيين تلقى إهتمامًا خاصًا من جانب علماء اإلجتماع
واإلقتصاد ودراستها بعمق ،حتى يمكن لراسمي السياسات اإلصالحية وواضعي برامج
التنمية معرفة درجة تواجد هذه المشكالت ومسبباتها ،ومدى حدتها حتى يمكن وضع البرامج
الخاصة بهاعلى أسس واضحة ،وبحيث يضمن لها النجاح فى معالجة تلك المشكالت
والتخفيف من حدتها ،ومن ثم النهوض بتلك المجتمعات.
نشأة المشكالت اإلجتماعية:
تنشأ المشكالت اإلجتماعية في أي مجتمع نتيجة لحدوث فجوة ثقافية ،وتفكك إجتماعى
وتضارب قيمى داخل بنيان هذا المجتمع ،ولكل من هذه الجوانب دورًا هامًا فى نمو هذه
المشكالت،فمن ناحية الهوة الثقافية أو الفجوة فتعنى إختالل التوازن فى سرعة النمو بين
عناصر المجتمع مثل زيادة عدد السكان وما يترتب عليه من زيادة اإلستهالك وضعف فى
اإلنتاج،وكذلك فإن التوسع فى التعليم نتيجة الزيادة السكانية يساهم فى زيادة معدل الخريجين
بمعدل يفوق نمو الفرص المتاحة للتشغيل أو العمل مما يؤدى لمشكلة البطالة.
أما التضارب القيمى فيقصد به إختالف قيم األفراد والجماعات داخل المجتمع الواحد مثل
ذلك التضارب الحادث بين المجتمعات الغنية والفقيرة،أو بين قيم المتعلمين واألميين،أو بين
قيم الريفيين المهاجرين إلى المجتمعات الحضرية وقيم السكان األصليين القاطنيين لهذه
المجتمعات.في حين يشير التفكك اإلجتماعى الى حدوث تغير فى العالقات اإلنسانية فى
المجتمع نتيجة للتغير الثقافي به مما يظهر الكثير من المشكالت اإلجتماعية ،وإ ن كان
المجتمع يسعى وبمرور الزمن إلى تحقيق تنظيم جديد ليتوافق مع األوضاع الجديدة وأبرزها
ما يحدث فى المجتمعات القروية عند تحويلها إلى مجتمعات حضرية.
وتحدث المشكالت اإلجتماعية فى كل المجتمعات تقريبًا ألنها تعبير صادق عن خلل ما
فى التنظيم الثقافي في المجتمع ،وهو بدوره يؤدى إلى فشل هذا التنظيم فى إشباع حاجات
أفراده ،وذلك يتطلب القيام بتعديل الكيان الثقافي للمجتمع ليصبح التنظيم الثقافي فيه قادرًا
على إشباع هذه الحاجات أو اإلحتياجات المتجددة.
والثقافة المجتمعية هى تنظيم إجتماعى إنسانى وصل إليه أفراد المجتمع لتنظيم
عالقاتهم مع بعضهم البعض ،ومع البيئة التي يعيشون فيها ومع المجتمعات األخرى
والجماعات التي يتصلون بها لكي يحققوا من خالله األسلوب المعيشي المناسب إلشباع
107
الحاجات،وأي خلل داخل البناء الثقافي ينتج عنه فشل هذا التنظيم في تحقيق إحتياجات أفراد
المجتمع.
وفى غالبية األحوال ترتبط المشكالت التى تواجه أفراد المجتمع الريفى بما يتم إدخاله
من أساليب تقنية حديثة ،وميكنة العمليات اإلنتاجية ،وطغيان ثقافة الحضر على المجتمعات
الريفية ،وهجرة سكان الريف إلى الحضر سعيًا وراء عمل أفضل وأجر مرتفع مثلما حدث
فى الجماهيرية الليبية عند ظهور البترول وترك أهالي الريف أعمالهم من رعى وزراعة
المحاصيل إلى األعمال التي ترتبت على إستخراج البترول ،باإلضافة إلى هجرة القيادات
المتعلمة من المجتمعات الريفية مما أفقد الريف أهم مقومات اإلرتقاء بمستوى حياته
اإلقتصادية واإلجتماعية..
كذلك من أهم مشكالت المجتمعات الريفية اإلنخفاض الشديد فى مستوى المعيشة سواء
على مستوى األفراد أو على مستوى الجماعات على الرغم من اإلتجاه السائد نحو التصنيع،
وإ شتغال عدد كبير من سكان الريف بالصناعة.وأنه بمقارنة دخل الفرد الحقيقى فى بعض
المجتمعات نجد أن متوسط دخل الفرد فى مصر مثًال يساوى 1/10من دخل الفرد في
الواليات المتحدة األمريكية،و 1/8من دخل الفرد فى إنجلترا ،وأقل من 1/3من دخل الفرد
فى لبنان،مما يشير إلى ضئآلة نصيب الفرد من الدخل .ويؤثر حجم السكان بال شك فى
ضعف نصيب الفرد من الدخل العام سنويًا ،باإلضافة إلى التخلف الصحي والتعليمي اللذين
اليمكن بدونهما النهوض بأي مجتمع.
مفهوم المشكالت اإلجتماعية:
عرفها "Fuller&Myersبأنها حالة أو ظاهرة يراها غالبية األفراد بما فى ذلك ذوى
النفوذ اإلجتماعى فى مجتمع وزمن معينين إنحرافًا عن قيم إجتماعية يحترمها ويقدسها
ويخضع لها أفراد المجتمع وتتحكم فى أنماط السلوك العام".
ويعرفها معجم العلوم اإلجتماعية بأنها "ظاهرة تتكون من عدة أحداث أو وقائع متشابكة
وممتزجة ببعضها البعض لفترة من الوقت ويكتنفها الغموض واللبس ،تواجه الفرد والجماعة
ويصعب حلها قبل معرفة أسبابها والظروف المحيطة بها وتحليلها للوصول إلى إتخاذ قرار
بشأنها".
108
-4مشكالت مادية وهى تلك المشكالت التي ترتبط بالبيئة المادية لمنطقة ريفية معينة مثل
مشكالت نقص المياه الالزمة للرى ،والمياه الصالحة للشرب ،وضعف البنية األساسية،
واإلفتقار إلى المرافق مثل الصحة ،واإلتصاالت ،واألمن ،والرعاية األسرية ،واإلستهالك،
وعدم توفر مستلزمات اإلنتاج ،والعمالة الزراعية ،والمنافذ التسويقية ،والخدمة اآللية،
والتمويل التعاوني ،وتعرية التربة.وفى هذه الحالة يمكن لبرامج التنمية الريفية دراسة طبيعة
كل مشكلة من هذه المشكالت ومداها ،وإ قتراح اإلجراءات المناسبة لحلها.
-5المشكالت غير المادية:وهى تلك المشكالت التى تكون أكثر إرتباطًا بالظروف
اإلجتماعية والسياسية التى يعيش فيها هؤالء المزارعين مثل الفرص المحدودة في الحصول
على األراضي ،وعدم وجود أى إتصاالت مع الهيئات الحكومية ،أو التبعية لكبار
المزارعين .هذا باإلضافة على المشكالت االرضية المائية مثل قلة مياه الرى ،وعدم إنتظام
وصول المياه ،وزيادة ملوحتها ،وقلة عملية صيانة خطوط الرى ،والمشكالت الزراعية مثل
عدم توفر كل من مستلزمات اإلنتاج ،وعدم وجود منافذ تسويقية لتسويق المنتجات الزراعية،
وعدم توفر التمويل التعاونى والخدمة اآللية لألراضى خاصة المستصلحة منها ،والمشكالت
الخدمية مثل ضعف وندرة الخدمات الصحية واإلتصالية واإلنتقالية واإلستهالكية ،وإ رتفاع
األسرية(.الحفنى)1995، أسعارالسلع الغذائية ،وإ رتفاع نسبة األمية ،وإ رتفاع نسبة اإلعالة
ولقد توصل (زهران )1985،إلى أن المشكالت اإلجتماعية تنقسم وفقًا ًإلدراك أفراد
المجتمع لها إلى خمسة فئات هم المنغمسون فى المشكالت اإلجتماعية،والمدركون لها
،ومتوسطى اإلدراك لها ،وقليلوا اإلدراك،والالمبالون للمشكالت المجتمعية.
وتتسم كافة المجتمعات بوجود مشاكل إجتماعية ذات طابع خاص مميز لكل منها
فالمجتمع الريفى ذو طبيعة معينة تميز حياة الغالبية من سكانه حيث تعتمد إقتصادياتها على
الزراعة عكس الحال فى المجتمعات الحضرية.ولذا فإن هذه المشكالت تؤثر على حياة
األفراد فى هذه المجتمعات.
أنواع المشكالت اإلجتماعية:
يمكن تقسيم المشكالت التى تتعرض لها المجتمعات إلى نوعين من المشكالت هما:
أوًال:مشاكل المجتمعات الريفية:
وتتمثل هذه المشكالت فيما يلى :
-1المشكلة السكانية:
110
المشكلة السكانية " بأنها" خلل فى التوازن بين موارد الدولة (أبوالسعود)2002، يعرف
وحاجات السكان" .تمثل اإلحتياجات البشرية المطردة عبئًا على قاعدة الموارد الطبيعية فى
البيئة التى نعيش فيها ،فالعالقة بين السكان والموارد البيئية أصبحت معقدة فالزيادة غير
المتوازنة فى عدد السكان وال يقابلها زيادة مماثلة فى اإلنتاج تؤدى إلى حدوث خلًال واضحًا،
تمثل فيه الفجوة الغذائية والكسائية واإلسكانية وما يترتب عليها من زحف المباني على
األراضي الزراعية واستقطاعها لصالح المباني ،وصعوبة توفير الغذاء ،وسوء التوزيع
الناتج عن الكثافة السكانية فى وحدة المساحة والمشكالت الخاصة بالصحة والتلوث البيئى
الناشىء عن اإلزدحام السكاني مصدرًا أساسيًا لتفاقم مشكالت أخرى أكثر خطورة.
كذلك يترتب على زيادة أعداد السكان وجود نسبة إعالة عالية فى المجتمعات بصفة عامة
وفى األسر الريفية بزيادة أعداد األطفال والنساء غير المنتجين،ومن ثم تزداد األعباء
المعيشية الملقاة على األسر محدودي الموارد واإلنتاج الضئيل مما ال يسمح بتوفير
اإلحتياجات الضرورية.كما تؤدى الزيادة السكانية إلى زيادة الضغط السكاني على األراضي
الزراعية وبالتالي هبوط نصيب الفرد من هذه األراضى حيث لم تتعدى المساحة التي تخص
الفرد أكثر من% 0.3وهى ال تحقق اإلشباع الكامل من الغذاء النباتي وما يتبعه من
حيوانات.ومن المعروف أن الحد األدنى للمساحة التى تضمن إستغالًال إقتصاديًا لألرض
يجب أال تقل عن ثالثة أفدنة فمثل هذه المساحة تكفى ألسرة متوسطة الحجم مكونة من ستة
أفراد.
ونتيجة لكل هذه العوامل مجتمعة ال يحظى السكان الريفيين بالمستوى الغذائي المناسب،
ومن ثم إنخفاض حجم السعرات الحرارية الالزمة للفرد فى معظم الدول النامية،وبالتالى
تنتشر أمراض سوء التغذية مثل البالجرا واألنيميا،ويعتبر إنخفاض المستوى الصحي لألسرة
الريفية مؤشرًا لزيادة معدل الوفيات العامة،ومعدل وفيات األطفال الرضع ،كما ال تتوفر
بالمجتمع الريفى الرعاية الطبية والصحية الوقائية مقارنة بالمناطق الحضرية فتنتشر
األمراض المتوطنة مثل البلهارسيا واإلنكلستوما والمالريا وغيرها بين نسبة كبيرة من
السكان الريفيين،بجانب عدم قدرة المرافق على تقديم كافة الخدمات والمنافع الضرورية مثل
المياه النقية،والكهرباء واإلتصاالت من تلبية إحتياجات كافة أفراد المجتمع.
111
كذلك توجد عالقة مطردة بين النمو السكانى والتدهور البيئى فأشجار الغابات التى يتم
إقتطاعها تؤدى إلى زحف الصحراء عليها وفقد نحو 220مليون هكتار سنويًا من األراضى
الزراعية المنتجة ،كما تحول نحو 650مليون هكتار من األراضى الزراعية فى أفريقيا
جنوب الصحراء إلى صحراء مع بداية النصف األخير من القرن الماضى وحتى اليوم،
ويتعرض اآلن ثلث مساحة العالم للخطر داته مما يجعل هناك مزيد من الضحايا وفى مقدمتها
الدول النامية.
-2المشكالت الصحية:
يشير الوضع القائم بالمجتمعات الريفية إلى أن معظم الريفيين يعانون من مشكالت
صحية كنتيجة حتمية لما يؤدونه من أعمال ترتبط باألرض والمياه والحيوانات....الخ ومن
ثم فهو يتعرض لمصادر اإلصابة باألمراض المختلفة بجانب تدهور الخدمة العالجية
المجانية وعجزها عن مواكبة الزيادة السكانية ،وظهور أمراض جديدة نتيجة التلوث
الكيماوي والميكروبي اثناء التعامل مع المبيدات المستخدمة فى مكافحة اآلفات الزراعية.
كذلك يواجه أفراد المجتمعات الريفية مشكالت أخرى تتعلق بطبيعة المساكن التى
يقيمون بها فمعظمها صغيرة الحجم ،سيئة التهوية ،وتكدس األعداد المقيمة بها ،حيث يبلغ
متوسط عدد أفراد األسرة للغرفة الواحدة معدل يتراوح بين 3-2أفراد فى الغرفة الواحدة،
كما أن مادة البناء فى غالبية المساكن الريفية من الطوب اللبنى ،ومسقوفة بالمواد الخشبية
واألحطاب وجذوع النخيل ،كذلك وجود نسبة ملحوظة من السكان تستخدم مياه اآلبار والترع
فى الشرب.أما بالنسبة للتهوية واإلضاءة داخل هذه المساكن فيالحظ سوء التهوية واإلضاءة
كما أن إلتصاق هذه المساكن بأماكن تربية الحيوانات ينجم عنه روائح كريهة ،تضاف إلى
سوء التهوية الداخلية الناتج عن التدخين باألفران والمواقد البلدية ،وخلو كثير من تلك
المساكن من المراحيض الصحية ،والمنافع الضرورية.
وفيما يتعلق بالوضع الصحى فلقد كان للتحول الديموجرافى والتقدم اإلقتصادى
واإلجتماعى آثاره بتحسن المؤشرات الصحية بصورة عامة حيث إرتفع معدل عمر الفرد
وإ نخفضت وفيات األطفال واألمهات وصاحب ذلك إنخفاض فى معدل الخصوبة والوفيات،
كما ساعدت الخطط والبرامج اإلنمائية المتعاقبة على اإلرتفاع بمستوى دخل الفرد ،وتغيير
نمط حياته ،وتحقيق معدالت نمو مستديمة فى قطاعات الخدمات الصحية واإلجتماعية ترتب
عليها تراجع العديد من األمراض التى تتصل عادة بأمراض التخلف.
112
وبالرغم من هذه المؤشرات إال أنه كأى قطاع داخل المجتمع يعانى من بعض المشكالت
أوردتها تقارير التنمية البشرية والتى أمكن حصرها فى تعدد آليات التخطيط الصحى بنسبة
،%87ثم المشكالت الخاصة بالصيانة بنسبة ،%67ثم مشكلة اإلنفاق بنسبة ،%60
باإلضافة إلى مشكالت عدم توفر المعدات الصحية بنسبة ،%43وعدم توفر القوى العاملة
الصحية بنسبة ،%40وصعوبة توزيع الخدمات الصحية بنسبة ،%30ونوعية الخدمات
الصحية العامة المقدمة بنسبة .%27
-3المشكالت التعليمية:
تمثل مشكلة التعليم إحدى أهم المشكالت الرئيسية التى تعانى منها بعض المجتمعات
الريفية حيث تعد مشكلة األمية من المشكالت ذات األثر الخطير على تلك المجتمعات خاصة
تلك التى تتسم بالتخلف الشديد والبدائية فى إستخدام التقنيات الحديثة ،والتى تسيطر عليها
العادات والتقاليد ،والعصبيات القبلية أو الطائفية أو الدينية ،وما يترتب على ذلك من مشكالت
تؤثر على حياة األسرة الريفية ،ولهذا تبذل الدول جهودًا مضنية للوصول إلى حلول جذرية
لها وغالبًا ما يعلل الجوع والفقر والمرض فى المناطق الريفية بجهل السكان حيث يعتقد بأن
تحسين ظروف الحياة مشكلة تعليمية فى المقام األول.
ولقد لوحظ أن اإلستثمارات التعليمية فى الدول النامية لم تحقق النمو اإلقتصادى
المرتقب ،كما لفتت الخبرات الفاشلة أنظار مخططي التعليم والتنمية ،وإ ستفادوا منها فى
تحديد خواص مناسبة للمنهج التربوي للتنمية حيث يجب أال تفهم العملية التعليمية على أنها
مواءمة وسعى نحو الكمال ولكن بإعتبارها عملية تعليمية للمجتمع المحلى ككل ،ويجب أال
تفصل عملية التعليم المجتمعي عن اإلطار المدرسي المؤسسي ،وأن تكتسب المعارف
واألنماط السلوكية الجديدة من خالل التغييرات المادية والثقافية.
وترتفع نسبة األميين فى المجتمعات الريفية عن المجتمعات الحضرية ،وتنسب الى
السكان فوق سن 15سنة .وبعيدًا عن الظروف غير العادية فإنه يالحظ أن اآلباء فى
المجتمعات الريفية خاصة فى الدول النامية يفضلون إيجاد فرص تعليمية لألبناء بدرجة أكبر
من تعليم البنات.ويرجع إنحدار التعليم فى المجتمعات الريفية لألسباب اآلتية:
أـ العرض التعليمي المحدود فى الريف .
ب ـ إرتفاع تكلفة وصعوبة اإلنتقال من وإ لى المدرسة.
جـ ـ نقص تحفيز اآلباء للتعليم.
113
-4مشكلة البطالة:
تمثل قضية البطالة بأنواعها المختلفة فى الوقت الحالي إحدى المشكالت الرئيسية التى
تواجه المجتمعات الريفية فى غالبية دول العالم حيث تتواجد بنسب متفاوتة فى كافة الدول
المتقدمة والنامية على السواء.
وتشير اإلحصائيات إلى أنه يوجد حوالى مليار عاطل عن العمل موزعين على مختلف
أنحاء المعمورة فى حالة بطالة كاملة أو جزئية ،ففى تقرير التنمية البشرية عام 1977م
أشار إلى أن حجم البطالة فى أسبانيا بلغ ،%22.7وفى إيطاليا ،%12.2وفى فرنسا
114
،%11.6وفى المملكة المتحدة نحو ،%8.7وفى الواليات المتحدة األمريكية نحو 5.5
%وذلك من إجمالى قوة العمل فى تلك الدول.
كما تشير اإلحصائيات إلى أن إرتفاع نسبة البطالة يرجع فى بعض الدول إلى تفاعل
العديد من العوامل الداخلية والخارجية مثل التوسع فى إنشاء المدارس والجامعات اإلقليمية
والتى تلقى باآلالف من الخريجين الجدد كل عام دون مراعاة لحجم سوق العمل وإ حتياجاته،
وإ نحسار الطلب الخارجي نسبيًا نحو العمالة خاصة بين المتعلمين فى الدول النفطية.ولقد بلغ
متوسط نسبة البطالة بتلك الدول حوالي %10.7حيث يوجد حوالى 1.4مليون عاطل منهم
نسبة %12.4فى المجتمع الحضري،و % 9.2في المجتمع الريفى.
أما عن سوق العمل فتنتشر ظاهرة البطالة فى بعض الدول بمعدالت مرتفعة ففى مصر
وعلى سبيل المثال نجد أن إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة واإلحصاء تشير إلى
تزايد معدل البطالة السافرة بصورة مضطردة خالل عقدي السبعينيات والثمانينيات عنه في
عقد التسعينيات فبينما كان هذا المعدل عند مستوى %2عام 1960فإنه إرتفع عام 1976
ليصل إلى ،%8ثم توالى إرتفاعه بصورة أكبر ليصل إلى %12عام 1986م وإ نخفض مرة
أخرى ليصل الى %8.9عام 1998م.
هذا وقد بلغت نسبة البطالة فى المجتمع الريفى والحضري مقارنة بنسبة حجم البطالة
الكلية فىعام 1991م إلى %48.4فى المجتمع الريفى بينما بلغت هذه النسبة %51.6فى
المجتمع الحضري.
اآلثار اإلجتماعية للبطالة:
الشك أن تواجد قدر من البطالة فى أي إقتصاد أمرًا طبيعيًا ،ولكن إذا تجاوزت حدودًا
معينة تصبح مشكلة لها خطورتها على المجتمع حيث تتضح آثارها السلبية فى جميع
الجوانب اإلقتصادية واإلجتماعية والسياسية .فالبطالة تعبر عن طاقة معطلة إقتصاديًا بسبب
عدم تشغيل عنصر العمل بأكمله ،واإلستغالل غير الكفء للموارد ،وإ هدار وتبديد إنتاج كان
يمكن تحقيقه وإ ستخدامه فى توفير إشباع أفضل للحاجات ،ويمس حياة أفراد المجتمع كما
وإ تجاهاتهم(.الخولى.)1999،
يؤثر سلبيًا وبشدة على سلوكياتهم
-5مشكلة الغذاء:
يعتمد النمو الجسمي والعقلي لإلنسان وقدرته على مقاومة األمراض على الغذاء حيث
يستمد منه قوته وقدرته على إنجاز األعمال ،وبدونه أو عدم كفايته فإنه يؤدى إلى سوء
115
التغذية وما يصاحبها من نقص فى التركيب الغذائي للجسم ،وما يجب أن يحتويه من عناصر
غذائية الزمة لبناءه من الفيتامينات واألمالح المعدنية.
وتتفاوت التقديرات بالنسبة للحالة التغذوية للسكان الريفيين فأكثر المناطق تعرضًا
للمجاعات أو نقص الغذاء هي المناطق الريفية ،وتمثل مشكلة إجتماعية أكثر خطورة،
فبالرغم من توافر الحاجات الكافية للسكان الريفيين إال أن التغذية الغنية بالعناصر هي التى
يحتاجها هؤالء السكان ،مثل البروتين الحيواني والخضروات والفاكهة التي تحتوى فى
مكوناتها على الفيتامينات ،والحديد ،واليود ،والماء الصحي.
وقد يرجع سوء التغذية فى المناطق الريفية لعدة أسباب لعل من أهمها الجهل بالتغذية
الصحيحة وطرقها المختلفة ،أو نتيجة لعجز القدرة الشرائية لديهم فى سد النقص من المواد
الغذائية عالية القيمة ،أو اإلتجاه إلى الزراعة التجارية التى تنخفض فيها العناصر الغذائية،
ولجوء الفالحين إلى بيع هذه المنتجات نتيجة لقسوة الظروف ومتطلبات األسرة ،هذا فضًال
عن جهلهم بعوامل اإلنتاج المختلفة وعدم معرفتهم بتكنولوجيا اإلنتاج العالى ،أو بظروف
اإلنتاج اإلقليمية ،أو بأفضل المنتجات التى يمكن أن تجود بها مناطقهم ،أو عدم إستطاعتهم
إستخدام التقنيات الحديثة فى اإلنتاج بسبب عوامل إقتصادية أوثقافية أو إجتماعية.
ثانيًا :مشاكل المجتمعات الحضرية:
من أهم مشاكل المجتمعات الحضرية هي تلك الناشئة عن فشل النظام األسرى فى القيام
بمسئولياته ووظائفه وإ شباع إحتياجات أفراده ،وتنقسم المشاكل اإلجتماعية بالمجتمع
الحضري إلى ثالثة أقسام هي:
-1مشكالت تتصل بالفرد:
وتتمثل فى مشكالت الجريمة ،واألمراض العقلية والنفسية ،واإلدمان ،وتعاطى المخدرات،
والبغاء.وتلك المشكالت السلوكية وثيقة الصلة بثقافة المجتمع وما يحدث به من تغيرات،
وتنتشر هذه المشكالت مع وجود الفجوة الثقافية ،وحدوث اإلنحالل األخالقى.ويكون التنظيم
اإلجتماعى هو المسئول عن هذه المشكالت.
-2مشكالت تتصل باألسرة:
وهى التى تتعرض فيها األسرة الريفية لمشكالت متعددة ومتنوعة تساعد على إنحالل وتفكك
األسرة ومن أبرزها مشكالت الطالق وتعدد الزوجات ،واإلختالفات العائلية ،وإ همال
األطفال ،واألمراض الوبائية.
-3مشكالت تتصل بالمجتمع:
116
وتبدو هذه المشكالت واضحة وفى صور متعددة من أهمها الزيادة السكانية وما ينجم
عنها من مشكالت البطالة ،وضعف الضبط اإلجتماعى مما يستوجب العمل على حل هذه
المشكالت وفق دراسة ومنهج مخطط له.
إستراتيجيات حل المشكالت اإلجتماعية بالمجتمعات الريفية:
مما سبق يتبين تأثير المشكالت اإلجتماعية تأثيرًأ بالغًا على المجتمعات بصفة عامة
والريفية على وجه الخصوص ،حيث تؤدى إلى صعوبة تكيف الفرد مع المجتمع الجديد
وظروفه.لذلك يجب التفكير فى شئون المجتمع الريفى ،ومراعاة كل أنواع المشكالت اليومية
والحياتية التى يواجهها المزارعون فى مناطقهم.ومن هذا المنطلق فإنه ينبغى وجود
إستراتيجية لحل هذه المشكالت مع األخذ في اإلعتبار أنه ال توجد إستراتيجية منفردة تصلح
لعالج كافة المشكالت فى جميع المناطق الريفية وفى المناطق المختلفة التى تواجه مشكالت
متباينة.ومن ثم يجب أن تصاغ اإلستراتيجيات وفقًا لهذه اإلختالفات،ومن اإلستراتيجيات التى
مايلى(:جارفورث)1990،
يمكن إتباعها
أوًال :اإلستراتيجية التكنولوجية:
والتى يجب أن تركز على التغير التكنولوجى الذى يشمل شتى أوجه المجتمع الريفى ومن
ذلك تحسين األساليب الزراعية أو مستوى إمدادات المياه ،وتوفير المدخالت والمهارات
الالزمة لتحقيق هذا التغيير.
ثانيًا:اإلستراتيجية اإلصالحية:
ويكون اإلهتمام منصبًا فيها على التغير التكنولوجى مع بذل جهود لتوفير الوسائل التى
تتضمن مشاركة المزارعين بقدر أكبر فى نشاطات التنمية الريفية وذلك من خالل التنمية
التنظيمية أو المشاركة فى برامج التنمية الريفية.
ثالثًا:اإلستراتيجية الهيكلية:
وترمى هذه اإلستراتيجية إلى تغيير طبيعة العالقات اإلقتصادية واإلجتماعية والسياسية
السائدة فى المناطق الريفية بصورة تؤدى إلى تحسين أوضاع الفئات التى كانت محرومة من
قبل ،وتنفيذ برامج هذه اإلستراتيجية عن طريق برامج التنمية واإلصالح الزراعي.
وهذه اإلستراتيجيات ليست نماذج ثابتة ينبغي إتباعها دون تعديل أو نقاش فالمشكالت التى
يواجهها المزارعون تحتاج إلى تدابير مختلفة على كافة المستويات إذا ما أريد معالجتها
بصوره شاملة نظرًا لتنوعها مع األخذ فى اإلعتبار ما يلى:
أ -تحديد نوعية المشكلة بوضوح.
117
ب-تحديد نوع األضرار التى لحقت باألفراد والمؤسسات نتيجة وجود هذه المشكلة.
جـ-مناقشة المشكلة مع آخرين على إلمام كافى بها مع وضع البدائل المختلفة واآلراء
والمقترحات التى تساعد فى حل المشكلة.
د -وضع معايير مختلفة يتم على أساسها إختيار أولويات حل المشكالت.
هـ -تحديد األهمية النسبية لألولويات.
و -التفكير فى األولويات من حيث نتائجها وتوقيت تنفيذها.
ز -تنفيذ الحلول وفقًا لألولويات.
حـ -أخذ اإلمكانيات المتاحة فى اإلعتبار ،وكذلك القوى التى تساعد على التغيير أو تعوقه
والتعامل معها بشكل مناسب.
علًم ا بـأَّن البعض من النـاس قـد يقفـز خالل خطـوة تحديـد المشـكلة إلى الحـل ،أو مَن الشـعور
بالمشكلة إلى الفروض ،واألمر يعتمد على ذكاء الشخص ،ومدى خبرته.
المشكالت االجتماعية بالريف المصري:
تتميز كل قرية عن غيرها بما يتشابك فيها من عالقات ومصالح وعادات وطرق حياة ،إال
أن هن ــاك مجموع ــة من المش ــكالت العام ــة يش ــترك فيه ــا أه ــل الري ــف بص ــفة عام ــة أوج ــدتها
عوامل كثيرة على مدى العصور ،وإ ن كانت تختلف فى حدتها من قرية الى اخرى.
ومن أهم المشاكل التى تعانى منها القرية المصرية التزايد المطرد فى عدد الســكان و اســتمرار
تأكــل األراضــي المزروعــة نتيجــة لزيــادة الكتلــة العمرانيــة الســكنية من جــانب و زيــادة عمليــات
التجريــف من جــانب أخــر و عمليــات التبــوير لصــالح إنشــاء مشــروعات خدميــة أو صــناعية أو
مرافق عامة من جانب ثالث .هذا باإلضافة إلى وجود ظاهرة تفتيت ملكية األراضي الزراعية
حيث يقــوم معظم الورثــة بتقســيم قطعــة األرض الــتى يرثونهــا إلى مســاحات صــغيرة ال تســاعد
الفالح على أن يعيش فى مستوى مناسب ,كما أنها ال تمثل وحدة إنتاجية اقتصادية.
هـذا باإلضـافة إلى حـدوث تغـير نـوعى فى العمالـة المشـتغلة فى الريـف حيث أصـبحت تضـم
شــرائح عديــدة من المهن و الحــرف الــتى ال ص ــلة لهــا بالزراعــة مــع وجــود اتجــاه متزايــد نحــو
االعتم ــاد على العمال ــة الم ــأجورة بس ــبب هج ــرة العمال ــة الزراعي ــة س ــواء ب ــالهجرة الداخلي ــة أو
الخارجية دون أن يصاحب ذلك إحالل األلة الزراعية بالقدر الكافي محل العمل اليدوي .ولقــد
تغيرت نظرة الفالح لألرض بعد أن أصبح يقارن بين الدخل المتولد عنها و الدخل المتولـد عن
األنشطة األخرى كما تغير الشكل العمرانى للقرية حيث أصبح ٪25تقريبًا من مســاكن القــرى
تتخذ نمط الشقة السكنية بدًال من المـنزل الـريفى التقليـدى و ذلـك بسـبب ضــيق المنـاطق السـكنية
و قوانين البناء التى تحد من البناء على األراضي الزراعية األمر الــذى غــير من نمــط المعيشــة
للفالح و من ســلوكياته .كمــا أثــرت مشــاريع مــد المرافــق و الخــدمات العامــة و شــبكة الطــرق و
اإلتصــاالت على القريــة المصــرية و على نمــط المعيشــة للفالح بــأثر ســلبى لم يكن فى الحســبان
عند التخطيط لتوفير و بناء تلك المشاريع .
مم ــا ادى ذل ــك الى ت ــدنى االوض ــاع االقتص ــادية فى الري ــف والناتج ــة عن س ــوء توزي ــع ملكي ــة
األراض ــي الزراعي ــة ،انخف ــاض مس ــتوى ال ــدخل ،انتش ــار البطال ــة بين العمال ــة الزراعي ــة ،
120
وارتفــاع القيم ــة اإليجاري ــة لألرض الزراعي ــة ،عــدم وج ــود مص ــادر بديل ــة لل ــدخل ال ــزراعي
وغيرها من المشكالت االقتصادية بالريف المصري.
هذا باإلضافة الى المشكالت االجتماعية التى تعانى منها القرية المصرية والتى تتمثل العــادات
والتقاليد الريفية المعوقة لعمليات التطوير والتحديث بالمجتمع الــريفي ،مثــل كــثرة االنجــاب ،
الزواج المبكر ،تدنى االهتمام بالتعليم ،وهجرة الشباب المتعلمين من القرية الى المدينة.
وتعــانى القريــة الصــرية أيضــا من بعض المشــكالت التعليميــة والــتى تتمثــل فى ارتفــاع نســبة
األميــة ،حيث يوجــد تفاوتــا كبــيرا بين نســبة األميــة فى الريــف عن الحضــر ويرجــع ذلــك الى
اإلهمال والحرمان الذى عانى منه الريف المصري ولسنوات طويلــة من الجــانب الحكــومي،
وباإلض ــافة الى وج ــود الكث ــير من الع ــادات والتقالي ــد ب ــالريف وال ــتى ك ــانت تح ــرم االن ــاث من
االلتحاق بالتعليم مما رفع نسبة األمية بين االناث بصفة خاصة وبالريف بصفة عامة.
أهم المشاكل التى تواجه المجتمع الريفي المصري
أوال -األمية:
وعلى الــرغم من تبــني مصــر لسياســة مكافحــة األميــة منــذ عــام ،1976فــإن أحــدث تقريــر
ناقشته لجنة التعليم في البرلمان يؤكد أن عـدد من تم محـو أميتهم منـذ ذلـك التـاريخ بلـغ 4.5
مليون مصري فقط ،وهو رقم أصاب اللجنــة باإلحبــاط ,وكشــف تقريــر للهيئــة القوميــة لمحــو
األميــة وتعليم الكبــار في مصــر أنــه وفق ـًا لإلحصــائيات الرســمية فــإن عــدد المصــريين الــذين
ك ــانوا يجهل ــون الق ــراءة والكتاب ــة ك ــان 14ملي ــون م ــواطن في ع ــام 1976ووص ــل إلى 17
مليون أمي أخيرا .وقــال إن الهيئـة ،ومنـذ إنشـائها قبـل سـنوات ،نجحت في محـو أميـة نصــف
مليون مواطن ،الفتًا إلى أن محو أمية الفرد الواحد ال تتكلف سوى158جنيهًا فقط.
وأوضح التقرير أن الفئة المستهدف محو أميتها هي الفئة الـتي تقـع في المرحلـة العمريـة من
15إلى 45عامًا ،مؤكدًا أن محو أمية الفرد تستغرق فترة زمنيـة تـتراوح مـا بين ثالثـة إلى
ستة أشهر و يذكر أن األمية كانت أحد األسباب الرئيسـية في تـأخر تـرتيب مصـر في تقريـر
التنميـ ــة البشـ ــرية لعـ ــام 2005الصـ ــادر عن األمم المتحـ ــدة حيث احتلت مصـ ــر المرتبـ ــة رقم
121
119نتيجــة وضــع مصــر ضــمن أكــبر تســع دول في عــدد األمــيين في العــالم ،وهــو مــا يؤكــد
رؤية بعض مثقفي مصر الذين أعلنوا أن نسبة األميين في مصر تقـترب من نسـبة الخمسـين
في المائـ ـ ــة وليس كمـ ـ ــا أشـ ـ ــارت التقـ ـ ــارير الرسـ ـ ــمية .كمـ ـ ــا أن نسـ ـ ــبة األميـ ـ ــة طبق ـ ـ ـًا آلخـ ـ ــر
اإلحصــائيات الــتي أشــرف عليهــا مكتب اليونســكو هي %28.6وغالبيتهــا بين الفئــة العمريــة
15و 45عامًا.
أسباب فشل خطط مكافحة األمية لتحقيق أهدافها تمثلت بشكل عام في :
-1عــدم وجــود الدافعيــة لـــدي األمـــيين لاللتح ــاق بفص ــول مح ــو األمي ــة حيث بلغت نســـبة
المنتظم الفعلي بالفصول حوالي %30علي الرغم من افتتاح أعداد كبيرة من الفصول.
-2عدم تحديد ادوار للجهات و ترك تحديد األدوار لمراحل الحقة مما أدي إلي عـدم تنفيـذ
هذه الجهات ألدوارها المحددة.
-1ضرورة تبني أفكار جديدة للقضاء على تلك المشكلة في مقدمتها االستفادة من األعـداد
الكبــيرة لطالب الجامعــات ،وضــرورة اســتبدال مــادة التربيــة العســكرية في المــدارس الثانويــة
بإلزام الطالب بتعليم عدد من األميين.
-2االســتفادة من األعــداد الكبــيرة للمــوظفين في بعض الهيئ ــات ال ــتي تع ــاني من التك ــدس
بمنحهم إجازة بمرتب كامل مقابل تعليم عدد من األميين.
-3تطبيق نفس النظام علي الملتحقين بالخدمــة العامــة مقابــل 150جنيهــا شــهريا مســتغلين
قدراتهم علي االتصال بالمواطنين في التسويق لهذا العمل.
ثانيا -البطالة:
122
تعتبر البطالة كارثة تستوجب الوقــوف ..ولفت االنتبــاه ..فــالواقع يؤكــد أن معــدالت البطالــة
في تزايد مستمر ،الجميع يحاول البحث عن طريـق للخـروج من األزمـة ولكن الواضـح أنـه
يزداد ابتعادا!!
و البطالة هي ظاهرة اقتصـادية بـدأ ظهورهـا بشـكل ملمـوس مـع ازدهـار الصـناعة إذ لم يكن
للبطالــة معــنى في المجتمعــات الريفيــة التقليديــة .طبقـا لمنظمــة العمــل الدوليــة فــإن العاطــل هــو
كــل قــادر على العمــل وراغب فيــه ،ويبحث عنــه ،ويقبلــه عنــد مســتوى األجــر الســائد ،ولكن
دون جدوى.
من خالل هذا التعريف يتضح أنه ليس كل من ال يعمل عاطل فالتالميذ والمعاقين والمسنين
والمتقاع ــدين ومن فق ــد األم ــل في العث ــور على عم ــل وأص ــحاب العم ــل الم ــؤقت ومن هم في
غـ ــنى عن العمـ ــل ال يتم اعتبـ ــارهم عـ ــاطلين عن العمـ ــل و قـ ــد نتجت عن البطالـ ــة الكثـ ــير من
األمــراض االجتماعيــة مثــل زيــادة الهجــرة غــير الشــرعية إلي الــدول األوروبيــة و إقبــال عــدد
من الشباب المصري علي االنتحار للشعور باليأس بسبب البطالة و عدم قــدرتهم علي إعالــة
أسرهم.
معدل البطالة:
معدل البطالة = عدد العاطلين مقسوما على عدد القوة العاملة مضروبًا في مائة.
معدل مشاركة القوة العاملة = قوة العمالة مقسوما على النسبة الفاعلة مضروبًا في مائة.
وتعتبر نسب البطالة في صفوف الشباب العربي هي األعلى عالميًا ،وهي مرشحة للتصاعد
في الكثـ ــير من الحـ ــاالت .فالمعـ ــدل بالنسـ ــبة للـ ــدول العربيـ ــة هـ ــو %25طبق ـ ـًا لبيانـ ــات األمم
المتحدة ،أما في بعض البلدان فهي تصل أحيانا إلى %40وبذلك تتضح حقيقــة حجم مشــكلة
البطالــة حيث يتوقــع أن حجم البطالــة الحقيقي ال يقــل بــأي حــال من األحــوال عن : % 17
% 20من حجم قوة العمل. ..
حلول للبطالة:
123
ال يرى االقتصاديون من الطبقة البورجوازية حًال لمشكلة البطالة إال في اتجاهين أساسيين:
االتجاه األول :يرى للخروج من البطالـة ضـرورة رفـع وتـيرة النمـو االقتصـادي بشـكل يمكن
من خلق مناصب الشغل .
االتجــاه الثــاني :يــرى للخــروج من أزمــة البطالــة ضــرورة تــدخل الدولــة لضــبط الفوضــى و
تحقيق التوازن االجتماعي و هذا االتجاه اخذ يتواري بفضل ضغط العولمة.
** أما الحل الجذري لقضية البطالة فيتطلب إعادة هيكلة االقتصاد علي قاعدة نطــاق الــربح
الرأس ــمالي ,أي بن ــاء لوس ــائل اإلنت ــاج و تلبي ــة الحاج ــات األساس ــية لك ــل البش ــر خ ــارج العيش
المترف علي حساب عجز األغلبية في الوصول إلي الحد األدنى من العيش الكريم.
-1تأهيل الباحثين عن العمل في مختلف المجاالت مثــل النجــارة والحــدادة وصــيد األســماك
وغيرهــا من المشــاريع الوطنيــة الهامــة للمجتمــع حــتى يتم قبــولهم في المؤسســات الخاصــة أو
العامة أما بالنسبة للفتيات فيتم تــدريبهن في جمعيــات خاصــة بــالمرأة حــتى يتم تكــوين األســرة
المنتجة .
-2على الدولــة أن تبحث عن ســوق محلي وعــالمي لــدعم وتســويق المشــاريع الــتي ينتجهــا
الشباب واألسر المنتجة .
ثالثا -الفقر:
أفــاد تقريــر األمم المتحــدة عن التنميــة البشــرية لعــام 2007أن مصــر تحتــل المركــز الـ 111
بين دول العالم األكثر فقرا و أن 14مليون من سكان مصـر يعيشـون تحت خـط الفقـر بينهم
أربعة ماليين ال يجدون قوت يومهم .
و من أكثر المحافظــات فقـرا محافظــة المنوفيــة تليهــا محافظــة الدقهليــة ثم الشــرقية و القليوبيــة
و القاهرة و اإلسماعيلية و اإلسكندرية و البحيرة و الغربية.
124
يرجع سبب زيادة نسبة الفقر في مصر إلي السياسات االقتصادية المتبعة التي ال تعمل علي
مبدأ العدالة و ارتفاع معدالت التضخم في توزيع الثروات مما أدي إلي زيادة تفشــي ظــاهرة
الفقر األمر الذي يؤكـد أن انتشـار الفقـر هـو انعكـاس لرفــع يـد الدولـة عن المرافــق والخـدمات
األساســية المنصــوص عليهــا في المواثيــق و يســاهم انتشــار الفقــر في تفجــر العنــف و ارتفــاع
معدالت الجريمة بكافة أشكالها.
مؤشرات الفقر:
الفقـ ــر المطلـ ــق :يعـ ــرف بأنـ ــه الحالـ ــة الـ ــتي ال يسـ ــتطيع فيهـ ــا اإلنسـ ــان عـ ــبر التصـ ــرف بدخلـ ــه
الوص ــول إلي إش ــباع الحاج ــات األساس ــية المتمثل ــة بالغ ــذاء و المس ــكن و الملبس و التعليم و
الصحة.
الفقر المدقع :يعرف بأنه الحالة التي ال يستطيع فيها اإلنسان عبر التصرف بدخلــه الوصــول
إلي إشـ ــباع الحاجـ ــة الغذائيـ ــة المتمثلـ ــة بعـ ــدد معين من السـ ــعرات الحراريـ ــة الـ ــتي تمكنـ ــه من
مواصلة حياته عند حدود معينة.
الب ــد من دراس ــة وض ــعية الفق ــر في مص ــر و معالج ــة أس ــبابه ع ــبر جم ــع المعلوم ــات علي إن
تكـون نقطـة البدايـة تحليـل الفقـر و الفقـراء و تصـنيفها و تبويبهـا و تحليلهـا إضـافة إلي تحديـد
مفه ــوم الفق ــر و جوانب ــه و قي ــاس مس ــتوياته و يتمث ــل اله ــدف الرئيس ــي له ــذه االس ــتراتيجية في
تأهيـ ــل الفقـ ــراء ليصـ ــبحوا أناسـ ــا يسـ ــاهمون في تنميـ ــة المجتمـ ــع بـ ــدال من أن يكونـ ــوا مجـ ــرد
مســتهلكين و بالتــالي فــان مكافحــة الفقــر تصــب في التنميــة البشــرية بمفهومهــا الشــامل و تأخــذ
هــذه االســتراتيجية في اعتبارهــا الــدروس المســتفادة من تجــارب الــدول االخــري الــتي حققت
نتائج سريعة في مجال تقليص الفقر .
تعتــبر ظــاهرة أطفــال الشــوارع في مصــر بمثابــة القنبلــة الموقوتــة الــتي ينتظــر انفجارهــا بين
حين وآخـ ــر ،حيث يشـ ــير تقريـ ــر الهيئـ ــة العامـ ــة لحمايـ ــة الطف ــل أن أع ــدادهم وصـ ــل في عـــام
1999إلى 2مليــون طفــل وفي تزايــد مســتمر ممــا يجعلهم عرضــة لتبــني الســلوك اإلجــرامي
في المجتمع المصري.
تظهــر البحــوث الــتي تجــرى على أطفــال الشــوارع في مصــر تعــدد للعوامــل الــتي تــؤدي إلى
ظه ـ ــور وتن ـ ــامي المش ـ ــكلة ،ويتفـ ــق اغلبه ـ ــا على أن األس ـ ــباب الرئيس ـ ــية للمش ـ ــكلة هي الفقـ ــر،
البطال ــة ،التفك ــك األس ــري ،إي ــذاء الطف ــل ،اإلهم ــال ،التس ــرب من الم ــدارس ،عم ــل األطف ــال،
وعوامل أخرى اجتماعية نفسية لها صلة بالمحيط االجتماعي أو شخصية الطفل مثل البحث
عن اإلثارة.
تشــير إحصــائيات اإلدارة العامــة للــدفاع االجتمــاعي إلى زيــادة حجم الجنح المتصــلة بتعــرض
أطف ـ ــال الشـ ـ ــوارع النتهـ ـ ــاك الق ـ ــانون ،حيث كـ ـ ــانت أكـ ـ ــثر الجنح هي السـ ـ ــرقة بنسـ ـ ــبة ،%56
والتع ـ ــرض للتش ـ ــرد بنس ـ ــبة ،%16.5والتس ـ ــول بنس ـ ــبة ،%13.9والعن ـ ــف بنس ـ ــبة ،%5.2
والجنوح بنسبة . .%2.9
وتقــول دراســة قــام بهــا مكتب األمم المتحــدة المعــني بالمخــدرات والجريمــة في شــمال أفريقيــا
والشــرق األوســط "أن أطفــال الشــوارع في مصــر يواجهــون مشــاكل وأخطــار كثــيرة من بينهــا
العنــف الــذي يمثــل الجــانب األكــبر من حيــاتهم اليوميــة ســواء العنــف بين مجموعــات األطفــال
صغيري السن ،أو العنف من المجتمع المحيط بهم ،أو العنف أثناء العمل.
ويتع ــرض األطف ــال أيض ــا ل ــرفض المجتم ــع لك ــونهم أطف ــال غ ــير مرغ ــوب فيهم في من ــاطق
مجتمعـات معينـة بسـبب مظهـرهم العـام وسـلوكهم ،كمـا يخشـى الكثـير منهم القبض عليهم من
رجـ ــال الشـ ــرطة وبالتـ ــالي إعـ ــادتهم إلى ذويهم أو أجهـ ــزة الرعايـ ــة .باإلضـ ــافة إلى تعرضـ ــهم
لمشـ ــاكل صـ ــحية مختلفـ ــة ،ومشـ ــاكل نفسـ ــية بسـ ــبب فشـ ــلهم في التكيـ ــف مـ ــع حيـ ــاة الشـ ــارع ,
126
وأضافت دراسة أن أطفـال الشـوارع في مصـر لـديهم احتياجـات مباشـرة وغـير مباشـرة منهـا
تعليم مهنة ،الحصول على عمل يرتزقون منه إلعاشتهم وإ عاشة عائالتهم في حالة الرجــوع
إليهم.
تتواجــد ظــاهرة عمالــة األطفــال بوضــوح في مصــر شــانها شــان معظم البلــدان الــتي لهــا نفس
الظ ــروف االقتص ــادية واالجتماعي ــة ،فق ــد ت ــبين من مس ــح أج ــرى في 1999في الق ــاهرة أن
العمال األطفال من الجنسين كانوا يعملون أكثر من 9ساعات يومــا في المتوســط وأكــثر من
ستة أيام أسبوعيا وهـو مـا يتجـاوز أوقــات العمـل الـتي يقضــيها الكبـار داخـل العينـة ذاتهـا وقــد
تبين أن جميع األطفال العاملين ،تقريبـا يعملـون بصــورة غـير رسـمية وبـدون بطاقــات عمـل
أو شهادات صحية مما يعـنى أنهم ال يتمتعـون بـأي حمايـة قانونيـة كمـا أوضــحت الدراسـة أن
نس ــبة من ه ــؤالء األطف ــال " ح ــوالي الثلث " يع ــانون من المعامل ــة الس ــيئة والعدي ــد من أش ــكال
العنف التي يلقونه من أرباب العمل والمشرفين عليهم.
وفي مص ـ ــر ب ـ ــالرغم من ص ـ ــدور ق ـ ــانون الطف ـ ــل رقم ( ) 12ال ـ ــذي يحظ ـ ــر عم ـ ــل األطف ـ ــال
وتحتــوي بنــوده على الكثــير من النصــوص الــتي تكفــل حمايــة حقــوق األطفــال إال أن التطــبيق
العملي ي ــؤدي إلي انته ــاك حق ــوق األطف ــال حيث يص ــل ع ــدد األطف ــال الع ــاملين إلي أك ــثر من
ثالثــة مليــون طفــل عامــل معظمهم يعمــل في ظــروف عمــل خطــرة خاصــة العــاملين في منهم
في مج ــال الزراع ــة .وتش ــير بعض التق ــارير إلى ت ــدهور ظ ــروف تش ــغيل األطف ــال من حيث
تدني األجر وعدم وجود أجازات باإلضافة إلي إهمال مؤسسـات الدولـة لكفالـة حقـوق هـؤالء
األطفال في التعليم والرعاية الصــحية واالجتماعيـة وغيرهـا من صــور الرعايـة و تشـير هـذه
التق ــارير أن على ال ــرغم من عم ــل المنظم ــات غ ــير الحكومي ــة لح ـ ــماية حق ـ ــوق األطف ــال في
مص ــر إال أن ه ــذه الجه ــود ال تص ــل إلي حل ــول لمش ــكالت األطف ــال وأس ــرهم المتراكم ــة مم ــا
يــؤدى الســتمرار عمــل األطفــال ســواء في المــدن أو الريــف على حــد ســواء وتزايــدها بســبب
التخلـ ــف االقتصـ ــادي واالجتمـ ــاعي وعـ ــدم التوزيـ ــع العـ ــادل للـ ــثروة بين الريـ ــف والحضـ ــر أو
العاملين باجر وأصحاب األعمال والمزارع الكبيرة.
127
البــد من تطــوير قــانون الطفــل المصــري بمــا يتوافــق مــع االنتهاكــات الــتي يتعــرض لهــا
الطفل المصري و أن يتضمن الحماية الالزمة من كافة االنتهاكات الـتي يتعـرض لهـا الطفـل
المص ـ ــري عن طري ـ ــق تجمي ـ ــع و تط ـ ــوير كاف ـ ــة الم ـ ــواد القانوني ـ ــة المنتش ـ ــرة في الق ـ ــوانين و
التشريعات المصرية في قانون جامع لحماية الطفل المصري في كافة الظروف.
أن التس ــرب من التعليم من أخط ــر المش ــكالت ال ــتي تواج ــه مص ــر ،كم ــا أنه ــا أح ــد األس ــباب
الجذرية للمشكلة السكانية حيث تؤدى إلى تدنى الخصائص السكانية وتكريس الفقر من جيل
إلى آخر.
و مشــكلة التســرب من التعليم ال تخص وزارة التربيــة والتعليم فقــط ،ولكنهــا مشــكلة تتطلب
تنس ــيق وزارات أخ ــرى مث ــل وزارة األس ــرة والس ــكان ووزارة التض ــامن االجتم ــاعي لتغطي ــة
األبع ــاد الثقافي ــة واالجتماعي ــة واالقتص ــادية للمش ــكلة ،مؤك ــدة على ض ــرورة رص ــد الم ــوارد
الكافي ــة لتفعي ــل إدارة مكافح ــة التس ــرب وإ ع ــادة النظ ــر في الق ــوانين الحاكم ــة إلع ــادة األطف ــال
المتسـ ـ ــربين من التعليم .كمـ ـ ــا أن نسـ ـ ــبة التسـ ـ ــرب من التعليم في المرحلـ ـ ــة االبتدائيـ ـ ــة تبلـ ـ ــغ
،%1.23فيما تبلغ في المرحلة اإلعدادية .%2.06
إن معظم الفئـ ــات المتسـ ــربة من التعليم هم األطفـ ــال الـ ــذين يتجهـ ــون لسـ ــوق العمـ ــل ألسـ ــباب
مختلفة سواء لعدم توافقهم مع العملية التعليمية أو لظروفهم األسرية.
128
و يعتــبر رصــد التســرب من التعليم هــو التحــدي األكــبر الــذي يجب مواجهتــه لحــل المشــكلة و
البد من مراجعة آليات رصد التسرب الموجـود حاليـا ومحاولـة الوصـول إلى صـياغة جديـدة
تسمح بمتابعة األفواج التعليمية عبر سنوات مراحـل التعليم المختلفـة ودراسـة حالـة كـل طفـل
لمحاولة إعادته إلى النسق التعليمي المناسب.
و البـ ــد أن يركـ ــز الخطـ ــاب الـ ــديني على أن الحرمـ ــان من التعليم هـ ــو تكـ ــريس للفقـ ــر ويحث
األه ـ ــالي على تعليم أوالدهم ،موض ـ ــحة أن أفق ـ ــر الفئ ـ ــات ال ت ـ ــرى ج ـ ــدوى أو قيم ـ ــة مادي ـ ــة
ومعنوي ــة من التعليم ،وبعض األه ــالي يخت ــارون حرم ــان أوالدهم من التعليم وي ــزج بهم في
سوق العمل مما يعنى المساهمة في زيادة البطالة بالنسبة للبالغين.
هي عدم التـوازن بين عـدد السـكان والمـوارد والخـدمات وهي زيـادة عـدد السـكان دون تزايـد
فـ ــرص التعليم والمرافـ ــق الصـ ــحية وفـ ــرص العمـ ــل وارتفـ ــاع المسـ ــتوى االقتصـ ــادي فتظهـ ــر
المشكلة بشكل واضح وتتمثل بمعدالت زيادة سكانية مرتفعة ومعــدالت تنميــة ال تتماشــى مــع
معــدالت الزيــادة الســكانية وانخفـاض مســتوى المعيشــة ،أي أنــه ال ينظــر إلى الزيــادة الســكانية
كمشكلة فى حد ذاتها وانما ينظر إليهـا فى ضــوء التـوازن بين السـكان والمـوارد فهنـاك كثـير
من الدول ترتفع فيها الكثافة السكانية ولكنها ال تعانى من مشـكلة سـكانية النهـا حققت توازًن ا
بين السكان والموارد.
والمش ــكلة الس ــكانية ال تتمث ــل فق ــط بالزي ــادة الس ــكانية إنم ــا تتمث ــل أيضـ ـًا بالنقص ــان الس ــكاني،
وبالتــالي فــإن األزمــات والمشــكالت المرتبطــة بالمشــكلة الســكانية تعــرب عن نفســها من خالل
نقص األيدي العاملة وتدني مسـتوى االنتاجيـة ومشـاكل مرتبطـة باألسـرة ..الخ ،بهـذا المعـنى
نجــد أن المشــكلة الســكانية ال يوجــد لهــا قــانون عــام وال تأخــذ نفس المعــنى والنتــائج نفســها في
129
ك ـ ـ ــل المجتمع ـ ـ ــات وعلى اختالف المراح ـ ـ ــل ،ب ـ ـ ــل لك ـ ـ ــل مجتم ـ ـ ــع ولك ـ ـ ــل مرحل ـ ـ ــة معطياته ـ ـ ــا
االقتصادية ..الخ هي التي تحدد طبيعة هذه المشكلة السكانية..
تع ـ ــد المش ـ ــكلة الس ـ ــكانية في مص ـ ــر من أك ـ ــبر المش ـ ــكالت البيئي ـ ــة ونش ـ ــأت كنتيج ـ ــة طبيعي ـ ــة
للتزايد السكاني الكبير تبعًا الرتفاع معدل مواليد وقلة معدل الوفيات ,وهذا التزايــد الســكاني
الســريع يفــوق كــل معــدالت التنميــة االقتصــادية واالجتماعيــة ,وهــو بهــذا يهــدد خطــط التنميــة
المستقبلية وبالتالي يؤثر على وجود ورفاهية واستقرار البنيان المصري في النهاية .
وال ــذي أدي إلي ظه ــور مث ــل ه ــذه المش ــكالت ه ــو اختالل العالق ــة بين اإلنس ــان وبيئت ــه ال ــتي
يعيش فيها باإلضافة إلى أسباب أخرى خارجة عن إرادته .مما ال شك فيه أنها مشكلة تمس
حياة المواطن المصري اجتماعيًا واقتصاديًا ونفسيًا وثقافيـًا وأمنيـًا ونـؤثر فيهـا تـأثيرًا مباشـرًا
وخصوصـًا أن زيــادة الســكان عن الحجم األمثــل من شــأنه أن يــؤثر في النهايــة على مقــدرات
المجتمع وموارده وعدم القدرة على رفع مستوى المعيشة وتوفير الحيــاة المســتقرة المزدهــرة
للمواطـ ــنين .وتأخ ــذ المش ــكلة الس ــكانية فى مص ــر ثالثــة أبع ــاد كم ــا يؤك ــد تقري ــر المجلس
القومى للخدمات والتنمية اإلجتماعية:
فالبعــد األول هـو :النمــو الســكانى الســريع والنــاتج عن تزايــد الخصــوبة وانخفــاض معــدالت
الوفيــات وارتفــاع معــدالت الهجــرة للخــارج وتعويــق المفــاهيم الثقافيــة اســتخدام وســائل تنظيم
األسرة لتعارضها مع المعتقدات الدينية اإلســالمية والخـوف من األعـراض الجانبيـة وقصــور
مستوى الخدمات الصحية ونقص التمويل الالزم لمعالجة هذا القصور
التوزيــع الجغــرافى غــير المتــوازن للســكان ورغم أن المســاحة الكليــة لمصــر حــوالى مليــون
كيلومــتر مربــع إال أن الســكان يــتركزون فى شــريط ضــيق على وادى النيــل مســاحته %4.9
وبلغت الكثافة السكانية على أسـاس المسـاحة المأهولـة 1.8ألـف نسـمة فى الكيلومـتر المربـع
وفى القـ ــاهرة وحـ ــدها 38.5ألـ ــف نسـ ــمة فى الكيلومـ ــتر المربـ ــع ممـ ــا أدى الى تزايـ ــد العبء
130
والضــغط على الخــدمات فى المــدن وظهــرت مشــكالت جديــدة تشــمل قصــور المرافــق وتلــوث
البيئة وزحف المبانى على األراضى الزراعية المحددة وإ نتشار العشوائيات .
أما البعد الثالث :فلقـد فجــرت األزمــة الســكانية مشــكالت اجتماعيــة واقتصــادية خطــيرة أهمهــا
ارتفــاع مســتوى البطالــة الــذى وصــل الى %10.7من اجمــالى قــوة العمــل للســكان بــدءا من
15عام فأكثر طبقا لبيانات تعداد 1986ثم انخفض الى %9عام 2000وانخفضــت نســبة
مس ــاهمة الم ــرأة فى ق ــوة العم ــل وبلغت ع ــام 1984نس ــبة %18فى الفئ ــة العمري ــة من 12
حتى 64عاما وارتفعت الى %22عام . 1977
وتنبـ ــع المشـ ــكلة السـ ــكانية في مصـ ــر أساس ـ ـًا من عـ ــدم التـ ــوازن بين عـ ــدد السـ ــكان الـ ــذي بلـ ــغ
ح ــتى م ــايو 2008ح ــوالى ٧٨.٧ملي ــون نس ــمة ،وفقـ ـًا آلخ ــر تع ــداد س ــكاني ،وبين الم ــوارد
والخــدمات ،وهــو مــا يفّس ر عــدم إحســاس المصــريين بثمــار التنميــة .وقــد وصــل عــدد الســكان
إلى نح ــو 7ر 76ملي ــون نس ــمة في تع ــداد ع ــام 2006مقاب ــل نح ــو 5ر 61ملي ــون نس ــمة في
تع ــداد ع ــام 1996بارتف ــاع بلغت نس ــبته 7ر 24في المئ ــة في عش ــرة أع ــوام .وتوق ــع مس ــح
ديم ــوغرافي أخ ــير أن يص ــل ع ــدد س ــكان مص ــر إلى نح ــو 6ر 94ملي ــون نس ــمة بحل ــول ع ــام
2017ونحو 6ر 118مليون نسمة بحلول عام 2030في حال ثبوت معــدل اإلنجــاب الكلي
الحالي .أضف إلى هذا ارتفاع الكثافة السكانية التي نتفوق بها علي الصــين حيث تبلــغ هنــاك
حـ ــوالي ٩00في الكيلـ ــو مـ ــتر المربـ ــع بينمـ ــا هي ٢000بنفس الوحـ ــدة في بلـ ــدنا الـ ــتي تبلـ ــغ
إجمالي مساحتها مليون كيلو متر مربع بينما يعيش %84من السكان على مساحة %6من
المســاحة الكليــة لمصــر .كمــا ال تقتصــر المشــكلة الســكانية في مصــر على زيــادة عـدد الســكان
فقط ،بل أيضًا على التوزيع العمري لهــؤالء الســكان ،حيث إن نســبة كبــيرة من ســكان مصــر
تحت سّن الـ ١٥عامًا ،باإلضافة إلى النمو الحضري العشوائي الذي أدى إلى تفـاقم المشـكلة،
بســبب ســوء توزيــع الســكان على رقعــة الدولــة ،حيث يمثــل ســكان الحضــر حــوالى ٪٥٦.٩١
من إجم ــالي س ــكان مص ــر ،وه ــو م ــا يع ــني انخف ــاض الع ــاملين في الزراع ــة ،وقّل ة المنتج ــات
الزراعي ــة وارتف ــاع أس ــعارها ،وه ــو م ــا ي ــؤّد ي إلى الفج ــوة الغذائي ــة .أض ــف إلى ذل ــك ت ــدنى
الخصائص البشرية (الصحية – التعليميه – االجتماعيه -االقتصادية).
تحسن األوضاع الصحية أدى إلى انخفاض نسبة الوفيات بين األطفال باإلضــافة إلى ارتفــاع
نسبة المواليد ترتب عليه زيادة عدد السكان.
تحســن األوضــاع الصــحية أدى إلى زيــادة متوســط عمــر الفــرد ممــا تــرتب عليــه زيــادة كبــار
السن وزيادة نسبة اإلعالة.
تنتشر في المجتمع المصرى بعض القيم المرتبطة بزيادة النسل واإلنجاب مثل:
زي ــادة ع ــدد األوالد ي ــؤدى إلى رب ــط ال ــزوج ،والرغب ــة في إنج ــاب ال ــذكور ،ك ــثرة اإلنج ــاب
والرغبــة في تكــوين عــزوة ،زيــادة اإلنجــاب للمســاعدة في العمــل في المجتمعــات الزراعيــة.
وشيوع معتقدات دينية خاطئة عند بعض الفئات من المجتمع ،وضــعف االقتنــاع بمبــدأ طفلين
لكــل أســرة مــع عــدم وضــوح الفــرق بين انجــاب طفلين أو ثالثــة أطفــال لــدي كثــير من األســر
باالض ــافة الي رغب ــة األس ــرة في إنج ــاب طف ــل من ك ــل ن ــوع ح ــتي ول ــو اض ــطرهم ذل ــك الي
انجــاب طفــل ثــالث للحصــول علي النــوع المطلــوب وخاصــة الطفــل الــذكر وهــو مــايعتبر من
الموروثات االجتماعية الخاطئة.
-4عدم استخدام وسائل تنظيم األسرة بــالرغم من الرغبــة في منــع أو تأجيــل الحمــل خوف ـًا
من اآلث ـ ــار الجانبي ـ ــة للوس ـ ــائل ,وقص ـ ــور دور اإلعالم الجم ـ ــاهيري ،وع ـ ــدم كفاي ـ ــة الرائ ـ ــدات
الريفيات .
--1عج ــز في الم ــوارد الغذائي ــة ( الح ــظ طوابـ ــير العيش والصـ ــراع في الحصـ ــول على
رغيف الخبز(
132
-2عجز في فرص التعليم المتاحة الحظ الفـترات في المدرسـة الواحـدة وأعـداد تالميـذ كـل
فصل.
" وه ـ ــذا م ـ ــا نالحظ ـ ــه بوض ـ ــوح في المستش ـ ــفيات المكتظ ـ ــة بالمرض ـ ــى وض ـ ــرورة االتف ـ ــاق
المسبق لحجز سرير قبل الشروع في إجراء عملية جراحية .
-6عجز في الخدمات العامة ( نالحــظ ذلــك بوضــوح في وســائل المواصــالت بكــل أنواعهــا
وانفجار مواسير الصرف الصحي في كثير من األحياء.
-1زيادة اإلنتاج والبحث عن موارد جديدة .واالهتمــام بتوفــير فــرص العمــل للقضــاء علي
الفقـــر وإ نشـ ــاء مشـ ــروعات صـ ــغيرة خاصـ ــة في المنـ ــاطق العشـ ــوائية وذات الزيـ ــادة السـ ــكانية
ويفضل االستفادة من فكرة بنك القروض المتناهية في الصغر.
رفع سـن الـزواج ،وربـط عالوات العمـل واالعفـاءات الضـريبية بعـدد األبنـاء ،بمعـنى إعفـاء
األسر محدودة الدخل من أنواع معينة من الرسوم والضرائب أو منحها تأمينــا صــحيا شــامال
أو الحص ـ ــول علي دعم غ ـ ــذائي مج ـ ــاني أو منح األم ال ـ ــتي تبل ـ ــغ الخمس ـ ــين مكاف ـ ــأة مالي ـ ــة إذا
الــتزمت بطفلين وترفــع عنهــا هــذه الممــيزات إذا تجــاوزت هــذا الشــرط .وتقــديم حــوافز للقــري
والمــدن الــتي تحقــق انضــباطا في وقــع الزيــادة الســكانية عــبر خــدمات ومشــروعات تقــام فيهــا.
واالس ــتفادة من تط ــبيق الق ــوانين ال ــتى ص ــدرت م ــؤخرًا ،وخاص ــة ق ــانون الطف ــل ال ــذى يج ــرم
عمالة األطفال كأحد المداخل المهمة وغير المباشرة لمواجهة المشكلة السكانية.
133
-3يجب وضع إستراتيجية إعالمية متكاملة تستهدف إقناع األسر المصرية بثقافة الطفلين
فق ـ ـ ــط ،والرب ـ ـ ــط بين القض ـ ـ ــية الس ـ ـ ــكانية والقض ـ ـ ــايا األخ ـ ـ ــرى المتص ـ ـ ــلة به ـ ـ ــا مث ـ ـ ــل األمي ـ ـ ــة
والمسـ ـ ــاهمة االقتصـ ـ ــادية للمـ ـ ــرأة وعمالـ ـ ــة االطفـ ـ ــال والتسـ ـ ــرب من التعليم ،وتنميـ ـ ــة الثقافـ ـ ــة
السكانية .والتوعية بمشكالتها.
-4عودة القطاع الخاص للمســاهمة في حــل المشــكلة الســكانية أصــبح ضــرورة ملحــة ممثال
في قط ــاع رج ــال األعم ــال والش ــركات الك ــبري وص ــوال إلي المس ــاجد والكن ــائس والم ــدارس
الريفية وذات الفصل الواحد.
-5االهتمــام بالخصــائص الســكانية وتب ــني ب ــرامج فعال ــة للتنمي ــة البش ــرية في مح ــو األمي ــة
والتعليم والصحة لمردودها المباشر علي السكان.
-6أهمية التركيز علي فئة الشباب في المرحلة المقبلـة لترســيخ مفــاهيم األســرة الصــغيرة
والتخطيــط االنجــابي والمســاواة بين الجنســين حيث انهم يمثلــون آبــاء وأمهــات المســتقبل وهم
الطريق الي تحقيقـا لهـدف القـومي المتمثـل في طفلين لكـل أسـرة ,وإ عطـاء دور أكـبر للشـباب
في المس ــاهمة في ح ــل ه ــذه المش ــكلة من خالل نش ــر التوعي ــة والتح ــذير من خط ــورة الزي ــادة
السكانية وأثرها على التنمية ،والتحلي بقيم اإلخالص والعطاء والوالء للوطن ،والعمــل على
االسـ ــتفادة بكـــل طاقاتـــه في إكتســـاب المعـــارف والق ــدرات ال ــتي تؤهل ــه للتعامـــل مـــع العصـ ــر
بمقتضى معطياته.
-7تفعيل فكرة التوزيع السـكاني من خالل خطــط جــذب الســكان للمنــاطق الجديــدة ،وغــزو
الصــحراء وإ عــادة النظــر في خريطــة توزيــع الســكان؛ فمصــر من الناحيــة العدديــة تســتوعب
ضعف عددها الحالي ذلك أن المصريين يعيشون على %6من مسـاحة مصــر ،بينمـا تحتـاج
%94من مسـ ـ ــاحة مصـ ـ ــر أن تكـ ـ ــون مأهول ـ ـ ـًة بالسـ ـ ــكان ،وأن المصـ ـ ــريين مكَّد سـ ـ ــون في 3
محافظات ،وباقي المحافظات بها خلخل سكاني رهيب.
-8زي ــادة االهتم ــام بص ــعيد مص ــر؛ حيث إن %25من سـ ــكان مصـ ــر يسـ ــكنون فى ريـ ــف
الص ــعيد ،وهم مس ــئولون عن %41من الزي ــادة الس ــكانية ،كم ــا أن للرج ــل فى ص ــعيد مص ــر
134
دورا مهمــا وكبــيرا فى مواجهــة المشــكلة الســكانية ،حيث إن الرجــل هــو صــاحب القــرار فى
الصعيد .ومن بين األساليب غيرالتقليدية إحياء مشـروع "الـدوار" ،وذلـك لمناقشـة الرجـال فى
كــل مــا يتعلــق بتنطيم األســرة ،وســيكون لهم فاعليــة فى إنجــاح بــرامج تنظيم األســرة وخاصــه
فى الريــف ،كمــا يجب دخــال رجــال الــدين والعمــده ،وجميــع الفئــات الفاعلــة والعاملــة فى هــذا
المجال خاصة المجالس الشعبية والتنفيذية .
ظاهرة تفشت في المجتمع المصري وال نبالغ عندما نقول أنها أصــبحت مهنــة مربحــة للغايــة
يلجأ إليهـا الكثـير لتحسـين المسـتوى االجتمـاعي ال ألنـه في حالـة احتيـاج مـادي حقيقي ،وإ نمـا
ألنه يبحث عن مستوى أعلى من تغطية احتياجه .إنه "التســول" الوبــاء االجتمــاعي الــذي ســاد
في المجتم ــع المص ــري في اآلون ــة األخ ــيرة وأص ــبح عمًال لقطاع ــات عريض ــة من أبن ــاء ه ــذا
المجتمع أصبح للتسول مفهوم حديث يتناســب مــع روح العصــر والمجتمــع أيضـًا الــذي تظهــر
في ــه الظ ــاهرة ،وعلى ال ــرغم من أن معظم الق ــائمين ب ــه من الفئ ــة ال ــتي لم تن ــل من العلم م ــا
يؤهلها لدراسة المجتمع إال أنهم يعلمون جيدًا كيفية الوصول للفئة التي يتســولون منهــا و من
المالحظ أيضا أن نسبة التسول في النساء واألطفال واضحة بشــكل ظــاهر مــع تراجعهــا عنــد
الرجال بشكل ملحوظ .
أن المتســول ليس مريضـًا نفســيًا وأنــه ال عالقــة بين المــرض والتســول ،أمــا الظــاهرة ترجــع
ألسباب عديدة من بينها الفقر والبطالـة وتفـاقم ظـاهرة أوالد الشـوارع الـتي تعـد قنبلـة موقوتـة
أقــترب انفجارهــا كمــا أن الحقــد االجتمــاعي يلعب دورًا فيهــا ،فالمتســول يعتقــد خطــأ أنــه يأخــذ
حقه من المواطنين الذين سلبوه حقـه في الحيــاة الكريمــة وان مــا يقـوم بــه أفضــل الطــرق بــدًال
من اللجوء للسرقة أو النصب.
و يعتبر التسول مشروع اقتصـادي مـربح لبعض فئـات المجتمـع من الـتي تسـتغل من هم أقـل
منهم و تعلم ط ــرق التحاي ــل على الق ــانون ه ــذه الفئ ــة تعلم جي ــدا س ــبل االس ــتغالل الجي ــد لفئ ــة
135
أخــرى يغفــل عنهــا المجتمــع وهم أطفــال الشــوارع المســتغلين في كــل الوظــائف الــتي تســبب
ضررا للمجتمع مثل (التسول ،ترويج المخدرات ،السرقة ،االعتداء الجنسي) وكلها أمــراض
تسبب اآلالم للمجتمع المصري الذي يحــاول التــبرير للظــاهرة عـادًة وال يضــع يــده على نقـاط
القوة والضعف فيها .
دعا اإلسالم إلى التعفف وأكد على مكانة الفقراء الذين يرفضون التسول حفاظًا على أنفسهم
وتعففـًا حــتى لــو اضــطروا ألي شــيء المهم أنهم يرفضــون النظــرة الــدنيا من اآلخــرين ،وأكــد
علمـاء الـدين ورجـال الفقـه أن اآليـات القرآنيـة واألحـاديث النبويـة اقتضــت التنفـير الشـديد من
التسول ،أما إذا كان اإلنسان في حالة احتيـاج حقيقي وال يجـد حًال أخـر فال لـوم عليـه ،وإ نمـا
اللــوم على من رفض مســاعدته ،أمــا من يــؤثر التســول وهــو بإمكانــه أن يســتغنى فحكمــه هــو
الكراهيـ ــة الشـ ــديدة حيث أكـ ــدت اآليـ ــات على التنفـ ــير والتحـ ــذير من ذلـ ــك فـ ــالتالعب والكـ ــذب
والتضليل واستعمال األطفال وما يشبه ذلك أعمال محرمة والشك في تحريمها.
عالج هــذه الظــاهرة يحتــاج إلى تكــاتف المجتمــع بأكملــه لمناهضــة التســول بداي ـًة من توســيع
المشاركة العلمية في حل قضية أطفال الشوارع ،واالهتمـام بـالتعليم ،وزيـادة الـوعي بأهميـة
قبــول اآلخــر ،خاصــة ممن نشــأ في ظــروف اجتماعيــة واقتصــادية ســيئة كمــا أن األمــر يحتــاج
لمزي ــد من اإلص ــرار ووض ــع خط ــط جي ــدة للقض ــاء عليه ــا بش ــكل نه ــائي و التس ــول ظ ــاهرة
متشــابكة ومعقــدة تســتوجب االهتمــام بهــا ومحاصــرة القــائمين عليهــا بكــل الطــرق حــتى نتمكن
من تقليل النسبة على األقل والقضاء عليها بشكل تدريجي تعتبر الزكاة الحـل األساسـي لمثـل
هذه الظاهرة ألنها ركن من أركان اإلسالم ولو طبق هذا الــركن ســيكون حًال جــذريًا كمــا أن
التط ــبيق الفعلي للق ــانون يلعب دورا مهم ــا في القض ــاء علي ه ــذه الظ ــاهرة فق ــد نص الق ــانون
علي توقيــع عقوبــة الحبس ،الــتي تقــع بين شــهر على األقــل وســنة على األكــثر ،لمن يمارســه
دون وجه حق
136
التدخين:
أظهــرت احــد البحــوث البريطانيــة أن دخــان الســجائر يــؤدي إلي تلــوث الهــواء بنســبة اكــبر(
10م ــرات) من عــادم الس ــيارة ال ــتي تعم ــل بوق ــود ال ــديزل و أك ــدت دراس ــة أخ ــري أن دخ ــان
السجائر ال يقتصر ضرره علي المدخنين فحسب و إنما يمتــد الضــرر ليشــمل غـير المــدخنين
أيضـ ــا كمـ ــا أشـ ــارت الدراسـ ــة إلمكانيـ ــة حـ ــدوث حرائـ ــق و كـ ــوارث من جـ ــراء إلقـ ــاء أعقـ ــاب
السـ ــجائر مشـ ــتعلة وخاصـ ــة قـ ــرب األشـ ــياء سـ ــريعة االشـ ــتعال ممـ ــا يـ ــؤدي إلي تلـ ــوث الهـ ــواء
بالدخان مما يتسبب في اإلصابة بأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب.
إن أخطار التدخين و عواقبه الوخيمة من تعرض لألمــراض أو الوفــاة و المرتبطــة بالتــدخين
سواء كان اختياريا أو باإلكراه أي استنشاق دخان التبغ المنبعث من ســجائر اآلخــرين عنــدما
يكون المرء معهم في مكان مغلق كمـا انـه يقلـل العمـر المتوقـع للمـدخن و يزيـد من العجـز و
الضـ ــعف و يزيـ ــد نسـ ــبة التغيب عن العمـ ــل كمـ ــا انـ ــه يسـ ــبب سـ ــرطان الرئـ ــة و هـ ــو من اشـ ــد
األمــراض الســرطانية خطــورة و أكــثر ســببا للمــوت فقــد أدي هــذا المــرض إلي وفــاة األلــوف
بسببه و تقول التقارير أن التدخين مسئول عن اإلصابة بأمراض السرطان بنسبة %75لــدي
الم ــدخنين و الج ــدير بال ــذكر أن مخ ــاطر الت ــدخين تط ــال غ ــير الم ــدخنين أيض ــا و الواق ــع أن
المدخنين ليسوا فقـط الـذين يشـربون الـدخان بـل يعتـبر الـذين يستنشـقون الـدخان من المـدخنين
أيضا.
المخدرات:
مص ـ ــر دول ـ ــة مس ـ ــتهلكة للمخ ـ ــدرات من بعض ال ـ ــدول األوروبي ـ ــة و األس ـ ــيوية و العربي ـ ــة و
األمريكية كما أن موقعها الجغرافي جعل منها دولة عبور تمـر المخـدرات عبرهـا من الـدول
المنتجة إلي الدول المستهلكة.
137
أن المتعـ ــاطي يفقـ ــد السـ ــيطرة على سـ ــلوكه ومن ثم يصـ ــبح أسـ ــير مـ ــا يتعاطـ ــاه يعتمـ ــد عليـ ــه
للحصـول على نشـوة زائفـة هي في حقيقـة األمـر مـدمرة لكيانـه ولوعيـه بنفسـه ولعالقاتـه بمن
يحيط بهم ويتحول إلى كـائن وال حـول لـه وال قـوة .فاإلدمـان يمثـل خطـرا داهمـا على الفـرد
والمجتم ــع فمن مخ ــاطره ان ــه يك ــون وراء المش ــكالت الزوجي ــة ومش ــاكل العم ــل والمخالف ــات
القانونيــة وحــوادث الطــرق والــديون والســلوك العــدواني ولــه أيضــا مخــاطر صــحية كالتهــاب
المعـدة وقرحـة اإلحـدى عشـرية والتهـاب األعصـاب وتليـف الكبـد وااللتهـاب الرئـوي وااليـدز
وأيضا إلى إمراض نفسية وعقلية كالقلق واالكتئـاب ومحاولـة االنتحـار والجنـون ويـؤدى إلى
ظهـ ـ ــور كثـ ـ ــير من المشـ ـ ــكالت االجتماعيـ ـ ــة كـ ـ ــاالنحراف والتفكـ ـ ــك االجتمـ ـ ــاعي والالمبـ ـ ــاالة
والمشكالت األسرية ويـؤثر على اإلنتـاج حيث يفقـد المـدمن القـدرة على العمـل ويـؤدى كـذلك
إلى ضـ ــياع جـــانب كبـــير من ميزانيـــة الدول ــة في العالج ويرتب ــط اإلدم ــان بالجريمـــة كالقتـــل
والسرقة.
أن اإلقالع عن اإلدمــان ســواء كــان إدمــان للتــدخين أو المخــدرات البــد أن يكــون نابعــا من
داخل الفرد المدمن حتى يؤتي ثماره كما انه البد من زيادة حمالت التوعية ضد مخــاطر
الوقوع في دائرة اإلدمان و تطبيق القوانين أيضا يمكن أن يلعب دورا مهما في الحد من
ه ــذه الظ ــاهرة الخط ــيرة ك ــذلك الب ــد من تنمي ــة ال ــوعي ال ــديني و األخالقي و القيمي ل ــدي
الشباب لحمايتهم من الوقوع في خطر اإلدمان كما تمثل الرعاية األسرية عامال هاما في
التص ــدي لتل ــك الظ ــاهرة و التخفي ــف من أثاره ــا الس ــلبية في حال ــة ح ــدوثها و أخ ــيرا أنن ــا
ننصح كل المدمنين باإلقالع فورا عن هذه اآلفة الخطيرة الــتي ثبت ضــررها في مختلــف