You are on page 1of 138

‫جــامعـــــــة سوهاج‬

‫كليـة الزراعـــــــــة‬
‫قسم اإلرشاد الزراعى والمجتمع الريفى‬

‫محاضرات‬
‫فى‬
‫أساسيات المجتمع الريفي‬
‫‪2‬‬

‫الباب األول‪ :‬علم االجتماع‬


‫مفهوم علم االجتماع‪:‬‬
‫تعددت التعريفات التي تناولت علم االجتماع فلكل وجهة نظره الخاصة به واتجاهه‬
‫ومذهبه‪ ،‬وهى تعطى تصورًا لهذا المفهوم من وجهات نظر مختلفة كما أنها تعكس مرحلة‬
‫في اللغة اإلنجليزية نجد أنها‬ ‫‪sociology‬‬ ‫من مراحل تطور هذا العلم‪ .‬وبتحليل أصل الكلمة‬
‫تعنى دراسة على مستوى عال أو بمعنى " علم‬ ‫‪Logy‬‬ ‫خليط من أصل التيني يوناني فكلمة‬
‫دراسة المجتمع‬ ‫‪sociology‬‬ ‫إلى المجتمع وبهذا ليكون معنى‬ ‫‪Socio‬‬ ‫" بينما تشير كلمة‬
‫على مستوى عاًل من التعميم والتجريد‪.‬‬
‫ومن التعريفات التي أوضحت مفهوم علم االجتماع ما أورده رواد علم االجتماع حيث‬
‫علم االجتماع بأنه " الدراسة العلمية‬ ‫باج‪Maciver&Charles Pag‬‬ ‫عرف ماكيفر وتشارلز‬
‫للعالقات البشرية " وعرفه لستر وارد‬
‫بأنه " العلم الذي يدرس المجتمع "‪.‬‬ ‫‪Henry Giddings‬‬ ‫وهنرى جيد نجز‬ ‫‪Lestar Ward‬‬

‫وعرفه" فيرتشيلد ‪ H.P.Feirochild‬بأنه العلم الذي يدرس اإلنسان وبيئته في عالقتهما‬


‫وتأثيرهما ببعض"‪ .‬كما عرف بأنه " العلم الذي يقوم بدراسة البشر في إطار عالقاتهم مع‬
‫بعضهم البعض"‪.‬‬
‫بأنه العلم الذي يركز على دراسة الظواهر االجتماعية والثقافية‬ ‫‪Sorokin‬‬ ‫وعرفه سوركين‬
‫في مختلف أشكالها وعالقاتها المتداخلة مع بعضها البعض بهدف الوصول إلى تعميمات أو‬
‫عموميات تتصل بهذه الظواهر "‪.‬‬
‫بأنه "علم موضوعي تجريبي نظري يبحث من وجهة‬ ‫اولرخ‪Zdenek Ullrich‬‬ ‫وعرفه زدنك‬
‫نظر عامة في تفكير اإلنسان وسلوكه وإ نتاجه من ناحية صفاتها الشائعة وانتظام حدوثها‬
‫في حياة الناس معًا " ‪.‬‬
‫نشأة علم االجتماع ومراحل تطوره‪:‬‬
‫اشتق علم االجتماع من الدراسات المعروفة بالفلسفة االجتماعية‬
‫والتي نمت نموًا ملحوظًا في اليونان القديمة‪ ،‬وتبلورت في العصور‬ ‫‪Social Philosophy‬‬

‫الوسطي‪ ،‬وازدهرت في القرن الثامن عشر الذي سمي بعصر النهضة والتنوير وهو‬
‫‪3‬‬

‫العصر الذي سبق مباشرة ظهور علم االجتماع كعلم‪ .‬فلقد حدث مع بداية العصر الحديث‬
‫تطورًا كبيرًا في أساليب التفكير ومناهج البحث‪ ،‬وبعد أن كانت الفلسفة وحدها هي التي‬
‫تشتمل على كافة ألوان المعارف بما فيها المعرفة االجتماعية‪ ،‬أخذت العلوم تنفصل واحدة‬
‫تلو األخرى بداية من علم الفلك‪ ،‬ثم الرياضة فالطبيعة ثم الكيمياء ثم األحياء فالجيولوجيا‬
‫فعلم النفس وأخيرًا علم االجتماع الذي تعد الفلسفة االجتماعية أساسًا له‪.‬‬
‫ويعتبر علم االجتماع أحدث العلوم االجتماعية‪ ،‬حيث إهتم المفكرون والفالسفة بدرجة‬
‫كبيرة منذ أقدم العصور بمختلف شئون الحياة االجتماعية‪ ،‬مسجلين أحداثها ووقائعها‪،‬‬
‫ومفسرين لما يحدث فيها واضعين تصوراتهم عن أفضل النظم المعيشية التي تحقق األمن‬
‫والرفاهية لإلنسانية فلقد نادي أفالطون بالمدينة الفاضلة التي ليس فيها شرور أو آثام‬
‫لتنجلي الظلمة وتتبدد الجهالة ويسود العدل االجتماعي والسالم‪ ،‬ودعا ابن خلدون إلى‬
‫تأسيس علم مستقل لدراسة السلوك االجتماعي بهدف اكتشاف القوانين التي تحكم السلوك‬
‫البشرى‪ ،‬ودراسة الحياة االجتماعية وكل ما يعرض فيها من حضارة مادية وعقلية‪،‬‬
‫ودراسة الظواهر االجتماعية فكانت هذه المحاوالت بداية لعلم جديد يختص بدراسة تلك‬
‫الظواهر‪.‬‬
‫ويختلف العلماء حول تحديد نقطة النشأة لعلم االجتماع وتطوره إال أنهم يتفقون على أن‬
‫القرن التاسع عشر الميالدي هو تاريخ الميالد الحقيقي لعلم االجتماع كعلم منفصل على يد‬
‫الفيلسوف الفرنسي "أوجست كومت "‬
‫والذي أخرج مجموعة من المجلدات نشرت ما بين عامى‬ ‫‪1798 – 1857( Augeste comte‬م )‬

‫‪1882-1830‬م و يعد هو أول من أطلق على الدراسة العلمية للعالقات االجتماعية "علم‬
‫فلقد الحظ أن التفكير في السلوك االجتماعي ال يزال محكومًا بخليط‬ ‫‪Sociology‬‬ ‫االجتماع "‬
‫من التفكير الديني والفلسفي‪ ،‬وأن هناك ضرورة لوضع األساس العلمي لدراسة السلوك‬
‫االجتماعي من جميع جوانبه مطبقًا طرق بحث دقيقة تم تجربتها فظهر بذلك علم االجتماع‬
‫كعلم مستقل له قواعده ونظرياته ومناهجه الخاصة‪.‬‬
‫ولقد كانت بداية التفكير اإلنساني االجتماعي في مناطق متعددة من بالد الشرق من رواد‬
‫الفكر وعلماء االجتماع والحكماء والمصلحين االجتماعيين فهم أول من درسوا أصول‬
‫المدنيات والحضارات اإلنسانية‪،‬وتوصلوا لعديد من األفكار والنظريات‪ ،‬وهم بذلك كانوا‬
‫‪4‬‬

‫التربة الخصبة التي نشأت فيها بذور التفكير اإلنساني وفلسفته‪ ،‬وبالرغم من ذلك لم‬
‫يستفيدوا منها ‪ ،‬وتجاهل رواد الفلسفة اليونانية جهودهم فأخذوها ورددوها واستفادوا‬
‫منها‪ ،‬ورددها من جاء بعدهم‪،‬واقتدى بهم‪،‬وقاموا برعايتها وترتيبها وتنسيقها وتنظيمها حتى‬
‫وصلت إلى ما آلت إليه اآلن فظهرت الفلسفة اليونانية باعتبارها أول صورة للتفكير‬
‫اإلنساني المنظم تالها العديد من الفلسفات التى ناقشت أفكارًا مختلفة ‪.‬‬
‫العوامل التي ساهمت في نشأة علم االجتماع‪:‬‬
‫أشارت كثير من كتابات المفكرين االجتماعيين إلى وجود العديد من العوامل التي‬
‫ساهمت في نشأة علم االجتماع وهى‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬العوامل الفكرية‪:‬‬

‫صاحب عصر التنوير في أوربا قيام كثير من المدارس الفكرية التي أخذت تنادى‬
‫بضرورة تخليص المجتمع من األفكار القديمة التي غرسها رجال الدين المسيحي في‬
‫العقول باتهام كل من يتبنى أي أفكار علمية بالخروج عن التعاليم الدينية فقيدت أفكارهم‬
‫العلمية‪ ،‬ومع نشاط حركة التفكير والبحث العلمي أخذ هؤالء الفالسفة وضعهم الصحيح في‬
‫المجتمع وعملوا على أنقاد التراث الفكري القديم بوضع نظم جديدة تحكم سلوك أفراد‬
‫المجتمع وتنظم عالقاته االجتماعية‪ ،‬واستطاعوا بالفعل فتح آفاق جديدة للتفكير في شتى‬
‫مجاالت الحياة ومن أهم العوامل التي ساعدت على النهضة في المجتمع األوربي‪:‬‬

‫‪ -1‬ظهور فلسفة التنوير وازدهارها في القرن الثامن عشر‬

‫‪ -2‬انتشار حركة الكشف الجغرافي‬

‫‪ -3‬ظهور فلسفة التجاريين التي أمدت المجتمع الناهض بطريقة جديدة في التفكير‬

‫‪ -4‬قيام حركة اإلصالح الديني على يد " مارتن لوثر " ودعوته إلى جعل اإليمان‬
‫أساس العقيدة بدالً من األفعال الظاهرية‪ ،‬وترتب على ذلك ‪:‬‬

‫‪ -‬رفع شأن التفكير العقلي الرشيد‬

‫‪ -‬الحرية الفردية‬

‫‪ -‬والعمل الجاد والكسب المشروع‬


‫‪5‬‬

‫‪ -‬وظهور طبقة البرجوازية في المدن للقضاء على سيطرة اإلقطاعيين ونفوذهم‬

‫‪ -‬ظهور أيديولوجيات جديدة تقوم على نظرية الحق الطبيعي التي تجيز للشعب‬
‫الثورة على الحكومة ليصبح مصدرًا للسلطة‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬العوامل االقتصادية‪:‬‬

‫لقد كان للثورة الصناعية التي حدثت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر دورًا‬
‫فعاًال في إحداث التغيرات االجتماعية وبالتالي سببًا مباشرًا في ظهورعلم االجتماع‪،‬‬
‫وانتقلت مظاهر التغير بسببها من إنجلترا إلى بقية البالد األوربية وسائر أجزاء العالم‬
‫وبدرجات متفاوتة‪ .‬وحظيت هذه الثورة وإ حداثها باهتمام كبير من جانب المفكرين في هذه‬
‫البالد نظرًا لما أحدثته من تغيرات مختلفة كان من أهمها‪:‬‬

‫أ‪ -‬ظروف العمل‪:‬حيث كان هناك اهتماما كبيرًا بأحوال الطبقة العاملة من جانب المفكرين‬
‫االجتماعيين ببحثهم كيفية تحسين أوضاعهم المعيشية‪ ،‬وحفظ حقوقهم عن طريق إدخال‬
‫نظم التأمين والضمان االجتماع عليهم‪.‬‬

‫ب‪ -‬نظم الملكية ولقد أختلف المفكرون بشأن نظم الملكية السائدة فمن وجهة نظر فريق‬
‫منهم وهم المحافظون يرون أن الملكية تؤدى وظيفة اجتماعية ال يمكن االستغناء عنهــا‬
‫باعتبارها أساسًا لألسرة والكنيسة والدولة‪ ،‬بينما يرى الراديكاليون أنه يجب القضاء على‬
‫الملكيات الخاصة باعتبارها وسيلة من وسائل االستقالل‪.‬‬

‫ﺠ‪ -‬ظهور المدينة الصناعية ‪:‬ساعدت الثورة الصناعية في ظهور أنماط جديدة من المدن‪،‬‬
‫ونمو البعض اآلخر منها‪ ،‬مما أدى بدوره إلى انتشار الحضرية كأسلوب للحياة ونمط‬
‫للمعيشة يؤثر في تفكير الناس وسلوكهم‪ ،‬كذلك ارتبط نمو المدينة الصناعية بطغيان القيم‬
‫الفردية على القيم الجمعية وزيادة اغتراب اإلنسان عن الواقع االجتماعي الذي يعيش فيه‪،‬‬
‫وإ حساسه الدائم بالعزلة العقلية والنفسية‪ ،‬وظهور األحياء العشوائية التي تزداد فيها نسبة‬
‫االنحراف والجريمة‪.‬‬

‫د‪ -‬التقدم التكنولوجي وظهور نظم التصنيع الحديثة‪:‬حيث أثرت الثورة الصناعية بشكل‬
‫مباشر على المجتمع نتيجة التقدم التكنولوجي في جميع المجاالت‪ ،‬وبظهور نظم تصنيع‬
‫متطورة كان من أثارها أن تغيرت العالقة التاريخية بين الرجل والمرأة‪ ،‬والقضاء على‬
‫‪6‬‬

‫نظم العائلة التقليدية ‪ ،‬وإ زالة الحواجز الثقافية التي كانت تفصل بين القرية والمدينة‪،‬‬
‫وتحررت طاقة اإلنسان اإلنتاجية من القيود المفروضة عليه من الطبيعة والمجتمع‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬العوامل السياسية ‪:‬‬

‫وما صاحبها من إيديولوجيات وأفكار جديدة دورًا في‬ ‫‪ 1789‬م‬ ‫كان للثورة الفرنسية عام‬
‫تنظيم الحياة االجتماعية حيث أقرت ضوابط جديدة لحفظ حقوق اإلنسان في المجتمع‪ ،‬و‬
‫إعالن مبدأ حقوق اإلنسان والمواطن‪ ،‬ووضع قواعد لنظم الملكية‪ ،‬والزواج‪ ،‬والتنظيمات‬
‫السياسية كما فتحت األبواب أمام المفكرين وخاصة الفيلسوف الفرنسي " أوجست كومت‬
‫"الذي أفزعته الظروف التي عاشتها فرنسا قبل الثورة‪.‬‬

‫علم اإلجتماع كعلم‬


‫من أهم ما يميز النشاط اإلنساني أنه نمطي (قياسي‪ -‬موحد) ‪ Standardized‬فهو‬
‫مرتب بطريقة متشابهة مثل ترتيب الظواهر الطبيعية‪ ،‬ويمكن مالحظة توحيد ونمطية‬
‫النشاط اإلنساني في الحياة العادية التي يعيشها أعضاء مجتمع معين‪.‬ويمكن التحقق من ذلك‬
‫عند مالحظتك لسلوك زمالئك طوال اليوم من مأكل أو ملبس أو عادات‪ ،‬أو سلوكهم داخل‬
‫قاعة المحاضرات وتحليلها سوف تجد أن كلها أنماط سلوك يمكن التنبؤ بها إلى درجة‬
‫كبيرة‪.‬وإ ذا كان العلماء يصرون على وجود أربعة مصطلحات أو أفكار تتميز بها العلوم‬
‫الدقيقة هي االنتظام والبنيان والوظيفة والتغير فإن هناك مصطلحًا خامسًا تتميز به العلوم‬
‫االجتماعية عن غيرها هو "المعنى" فاألفراد يتفاعلون مع بعضهم طبقًا لتفسيرهم للموقف‪،‬‬
‫وقد يكون للموقف الواحد معاني مختلفة‪ ،‬ويتوقف تفسير الفرد للمعنى على الظروف‬
‫الثقافية فمثًال يختلف رد فعل الفرد الريفي عن الفرد الحضري عند مواجهتهما ألي ظروف‬
‫ومشكالت مماثلة‪ ،‬ولذلك يمكن التنبؤ في علم اإلجتماع لكون هذا العلم على درجة عالية‬
‫من الصدق والدقة خاصة إذا كان الباحث القائم بالتنبؤ لديه خلفية ثقافية للجماعة التي يقوم‬
‫بدراستها‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫الموضوعية في علم اإلجتماع‪:‬‬


‫يختلف علماء اإلجتماع عن غيرهم من العلماء وذلك النغماسهم شخصيًا في الظاهرة‬
‫المدروسة‪ ،‬وتعاملهم مع األنظمة األسرية والحكومية ومؤسسات أخرى وعادات وتقاليد‬
‫لديهم اتجاهات نحوها‪ .‬والسؤال كيف يمكن للباحث أن يكون موضوعيًا نحو مايقوم‬
‫بدراسته ؟ وتكمن اإلجابة على ذلك فيما يلى ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يستقطع وقتًا كبيرًا للتدريب على كيفية الوصول للموضوعية أو التغلب على‬
‫األفكار البديهية‪ ،‬والتحيزات العاطفية‪ ،‬والميل لعمل أحكام أخالقية‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم التحيز بأية نواح عاطفية أو دينية أو سياسية أو جنسية أو طبقية للظاهرة التى‬
‫يقوم بدراساتها‪.‬‬
‫‪ -3‬على الباحث أن يدرك أنه سيتعامل مع أفراد آخرين ومجتمعات متباينة لكل منها‬
‫قيمها وعاداتها وتقاليدها ومعاييرها التي تميزها عن غيرهاومن ثم عدم تأثره‬
‫بعاطفتي الحب والكراهية بحيث ال يقوم بإثبات أو تعديل أو تزكية أو تحقير رأى‬
‫معين أو فكرة معينة‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم تكوين أحكام على الظواهر المدروسة مسبقًا فالهدف األساسي اكتشاف‬
‫الحقائق والمعارف المتعلقة بهذه الظواهر وتشخيصها كما هي‪ ،‬وأن يضع الباحث‬
‫في اعتباره أن هناك اختالف بين مجتمعه والمجتمعات األخرى في القيم‬
‫واالعتقادات واآلراء واالتجاهات‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يضع في اإلعتبار تحيز اآلخرين حيث يواجه عالم اإلجتماع بمستمعين‬
‫يشعرون أنهم مؤهلين للتحدث عن نتائجه‪ ،‬ويعتقد كل فرد بأنه خبير فيما يعتبر‬
‫صحيحًا أو خطأ في العالقات اإلنسانية ناسيًا أنه ال يملك إال مشاركة ثقافية‬
‫محدودة‪.‬‬

‫وبالطبع ليس معنى الوصول للموضوعية العلمية أن يتخلى اإلنسان عن قيمه واعتقاداته‬
‫الدينية واألخالقية فاالجتماع كعلم يهتم بتلك الحقائق مثل ربط االعتبار األخالقي بأفعال‬
‫معينة أو سلوك معين لمجتمع معين‪ ،‬أو بالطرق المختلفة التي يعبد الناس بها إلههم أو‬
‫آلهتهم‪.‬ولكن االجتماعيون كعلماء ال يستطيعون الحكم بما هو صحيح أو خطأ أو أخالقي‬
‫‪8‬‬

‫في حد ذاته‪ ،‬وهذه المشكلة بطبيعة الحال يمكن دراستها موضوعيًا ولكن ال يمكن الحكم‬
‫عليها أنها خيرًا مطلقًا أو شًر مطلقًا عن طريق الوسائل العلمية‪ ،‬وهذه الحقيقة إذا أخذت‬
‫في االعتبار تجعل من الممكن للباحث أن يوفق أو يهادن بين اعتقاداته الدينية واالعتقادات‬
‫األخرى وبين أبحاثه العلمية‪.‬‬

‫فروع علم االجتماع وميادين دراسته وموضوعاته‬


‫تتعدد التقسيمات التي تناولت علم االجتماع أبرزها علماء كانت لهم إسهاماتهم الفعالة في‬
‫وضع أسسه ومبادئه من أهمها ما يلي‪:‬‬
‫أوًال تقسيم ابن خلدون ‪ :‬قسم ابن خلدون موضوعات علم االجتماع إلى أربعة أقسام يتناول‬
‫كل قسم منها طائفة من الظواهر االجتماعية المتجانسة في طبيعتها وهى‪:‬‬
‫وهى البحوث الخاصة بدراسة‬ ‫‪Social Structure‬‬ ‫أ ـ بحوث في تطور البنيان االجتماعي‬
‫البيئة االجتماعية‪ ،‬والجنس‪ ،‬والظواهر الجغرافية وما يتصل بها‪ ،‬وأثرها في ظواهر‬
‫العمران‪.‬‬
‫وهى البحوث التي تقوم بدراسة‬ ‫‪History Of Civilization‬‬ ‫ب ـ بحوث في أصول المدنيات‬
‫الظواهر المتصلة بالبداوة والتحضر وقيام المدن وأصول المدنيات القديمة‪.‬‬
‫وتتناول حجم السكان‪ ،‬وتوزيع السكان‪،‬‬ ‫‪Demographic Study‬‬ ‫ﺠ‪ -‬بحوث في السكان‬
‫وصفات السكان‪ ،‬والهجرة وأسبابها وعالقتها بتخطيط المدن‪.‬‬
‫وهى البحوث التي تشمل مختلف النظم‬ ‫‪Social Systems‬‬ ‫د ـ بحوث في النظم االجتماعية‬
‫االجتماعية مثل النظم السياسية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬والتربوية‪ ،‬وبعض الظواهر األسرية‬
‫واللغوية والدينية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬تقسيم إميل دور كايم‪Emil Dorkheim :‬وتضمن ثالثة أقسام هي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬فلسفة علم االجتماع‪ :‬ويمثل هذا القسم العمود الفقري للدراسات االجتماعية الختصاصه‬
‫بوضع أسس الدراسة‪ ،‬وقواعد المنهج البحثي‪ ،‬والشروط العلمية الضرورية للوصول إلى‬
‫القوانين االجتماعية ‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫ب ‪ -‬تركيب البنيان االجتماعي‪ :‬ويتضمن دراسة جغرافية البيئة من حيث سكانها وعالقته‬
‫بالتنظيم االجتماعي‪ ،‬ودراسة السكان من حيث توزيعهم ونسبتهم‪ ،‬ودراسة التخلخل‬
‫السكاني‪.‬‬
‫ﺠ‪ -‬علم الوظائف االجتماعية‪ :‬ويشمل علم االجتماع األخالق واللغوي وعلم االجتماع‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬تقسيم الخشاب ‪ :‬وقسم علم اإلجتماع تحت خمسة فروع رئيسية هي‪:‬‬

‫وهو المدخل األساسي لدراسة المجتمع‬ ‫‪General Sociology‬‬ ‫أ‪ -‬علم االجتماع العام‪:‬‬
‫ويتضمن تعريف علم االجتماع ونظرياته المختلفة‪ ،‬ودراسة المقومات العامة للحياة‬
‫االجتماعية‪ ،‬والبحث في طبيعة المجتمع اإلنساني وخصائصه‪ ،‬وظواهره ونظمه‪ ،‬كما‬
‫يبحث في موضوعات علم االجتماع من حيث نشأته وتطوره والعالقة بينه وبين غيره من‬
‫العلوم‪ ،‬وشروط وقواعد المنهج العلمي‪ ،‬وطرق الدراسة المالئمة لموضوعه‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫دراسة العالقات والروابط االجتماعية سواء بين األفراد أو الجماعات أو بين النظم‬
‫والظواهر االجتماعية‪ ،‬واالهتمام بتصنيف كل أنماط الجماعات والمجتمعات التي يتكون‬
‫منها المجتمع للكشف عن النظريات االجتماعية والقوانين التي تحكم الظواهر االجتماعية‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫ب ‪-‬علم أصول الحضارات وتطورها‪ :‬ويشتمل على دراسة األجناس خاصة الجانب‬
‫االجتماعي منها‪ ،‬ودراسة الثقافة وعناصرها ومظاهر التخلف الثقافي وأسبابه‪ ،‬ودراسة‬
‫التطور والتغير االجتماعي‪.‬‬
‫ﺠ‪ -‬دراسة ديموجرافيا السكان‪.‬‬
‫د ‪ -‬دراسة البيئة االجتماعية (األيكولوجى)‪.‬‬
‫ﻫ‪ -‬علم الوظائف االجتماعية‪:‬ويشتمل على‪:‬‬
‫‪ -1‬علم االجتماع األسرى‪:‬ويهتم بدراسة األسرة وما يتصل بها من نظم وظواهر‪.‬‬
‫‪ - 2‬علم االجتماع الريفي‪ :‬ويقوم بدراسة التطبيقات العملية لعلم االجتماع العام في القطاع‬
‫الريفي‪،‬كما يهتم بدراسة المجتمع الريفي وما به من ظواهر اجتماعية‪ ،‬ودراسة الحالة‬
‫االجتماعية للريفيين ‪ ،‬كما يدرس شئون المجتمع الريفي من حيث مشكالته‬
‫‪10‬‬

‫واحتياجاته‪،‬وإ عادة تخطيطه‪ ،‬واألجهزة الخدمية الالزمة للنهوض بها ‪ ،‬وأفضل الطرق‬
‫لالرتقاء بحياتهم ‪ ،‬ودراسة ما يميز المجتمعات الريفية عن غيرها من األنماط الثقافية ‪،‬‬
‫وطرق المعيشة ‪.‬‬
‫‪ -3‬علم االجتماع الحضري‪ :‬ويقوم بدراسة التطبيقات العملية لعلم االجتماع العام في‬
‫القطاع الحضري‪ ،‬ويقوم بدراسة المدنية من حيث نشأتها وتطورها ووظائفها وأجهزتها‬
‫اإلدارية والفنية وتقسيمها الطبقي والمهني ومستوياتها التكنولوجية‪ ،‬وكذلك دراسة‬
‫المشكالت التي تواجه المجتمع الحضري‪ ،‬ورسم طرق العالج واإلصالح‪ ،‬ومقارنة الحياة‬
‫الحضرية بالحياة الريفية‪ ،‬ودراسة تأثير التغيرات والتقدم التكنولوجي على عادات وتقاليد‬
‫وأخالقيات وقيم األفراد في المجتمع الحضري‪ ،‬ودراسة عالقاتهم مع بعضهم‪ ،‬ونظام‬
‫األسرة والتعليم وغيرها من النظم‪.‬‬
‫‪ -4‬علم االجتماع االقتصادي ويختص بدراسة الظواهر والنظم االقتصادية المختلفة ومدى‬
‫تأثيرها على المسائل االقتصادية‪ ،‬وأثر توزيع الثروة على نظام الطبقات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -5‬علم االجتماع السياسي ويقوم بدراسة الظواهر السياسية وما يتصل بها من مشاكل‬
‫دولية‪ ،‬ومدى تأثيرها على النظم االجتماعية األخرى‪ ،‬كما يدرس األصول االجتماعية‬
‫للعمليات السياسية‪.‬‬
‫‪ -6‬علم االجتماع الجنائي‪ :‬ويدرس الجوانب القانونية والقضائية والنظم المتصلة بالمسئولية‬
‫والجزاءات واالنحرافات والجرائم وما يتصل بها‪.‬‬
‫‪ -7‬علم االجتماع النفسي‪ :‬ويقوم بدراسة كل من نفسية الشعوب والقوى المؤثرة في‬
‫الجماهير‪،‬والزعامة ومقوماتها ومسئولياتها‪ ،‬والرأي العام‪ ،‬واتجاهاته‪ ،‬ويتناول العوامل‬
‫االجتماعية المفسرة للظاهرة النفسية مثل تكوين " األنا " أو " الذات " وأثر المجتمع في‬
‫تكوين ذلك بجانب دراسة اإلدراك الحسي واختالفه من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى‬
‫آخر‪.‬‬
‫‪ - 8‬االجتماع األخالقي‪:‬ويقوم بدراسة المعايير األخالقية والعرف والعادات والتقاليد وما‬
‫يتصل بذلك من قواعد وقوانين اجتماعية وأخالقية‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫‪ -9‬االجتماع التربوي‪:‬ويختص بدراسة النظام التعليمي كنظام اجتماعي وعالقته بالمجتمع‪،‬‬


‫ودراسة النواحي التربوية ونظم التعليم‪ ،‬ودراسة التنظيم االجتماعي للمدرسة ومن ثم‬
‫يتطرق منها إلى البناء االجتماعي للنظم التربوية‪ ،‬كما يهتم بدراسة العوامل الثقافية التي‬
‫تكمن وراء النظم التعليمية الرسمية وغير الرسمية في المجتمعات المختلفة‪ ،‬ودراسة أثر‬
‫المجتمع على مناهج الدراسة وطرقها وغيرها من مختلف نواحي العملية التعليمية‪.‬‬
‫‪ -10‬االجتماع الجمالي‪:‬ويدرس معايير الفن‪ ،‬والجمال واإلبداع‪ ،‬والتذوق الجمالي‪ ،‬ويدرس‬
‫الفن كظاهرة اجتماعية ‪.‬‬
‫‪ –11‬االجتماع اللغوي‪ :‬ويهتم بدراسة اللغة في نشأتها وتطورها‪ ،‬وعملية الصراع مع‬
‫غيرها من اللغات‪ ،‬كذلك يدرس عمليات انتقال التراث اللغوي عبر العصور ألن اللغة هي‬
‫مصدر التعبير عن آراء الجماعة وفيها تمثل ثقافاتها وإ نتاجها الفكري‪.‬‬
‫‪12‬ـ االجتماع الحربي‪ :‬ويختص بدراسة الحروب من حيث أسبابها ودوافعها‪ ،‬وآثارها‬
‫االجتماعية على المجتمعات ‪ ،‬وكذلك دراسة النظريات التي قامت بتفسيرها‪.‬‬
‫‪ -13‬االجتماع الديني‪ :‬ويهتم بدراسة الدين كنظام اجتماعي يقوم على معتقدات وطقوس‬
‫وعبادات‪ .‬كذلك يقوم بدراسة النشاط الديني للمجتمعات ‪ ،‬والعوامل التي أدت إلى تأثر‬
‫الشعائر باألوضاع الثقافية السائدة في كل مجتمع وكذلك تأثرها بعادات الناس وتقاليدهم ‪.‬‬
‫‪ -14‬االجتماع المهني‪ :‬ويقوم بدراسة المهن المختلفة واألعمال التي يؤديها األفراد‬
‫ودراسة العالقة التبادلية بين المهن والبناء االجتماعي وبين المهن والوظائف واألدوار‬
‫االجتماعية لألفراد‪.‬‬
‫‪ -15‬االجتماع الصناعي‪ :‬ويهتم بدراسة التقدم التكنولوجي أو اآللي‪ ،‬وتأثير عوامل التقدم‬
‫على اإلنتاج ونوعه وكميته‪ ،‬وتأثيرها على العالقات االجتماعية واإلنسانية‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫المجتمع الريفى‬
‫قد يبدو من المتناقضات من الناحية المنطقية أن يزداد اإلهتمام بعلم اإلجتماع الريفي في‬
‫الوقت الذى بدأ يتناقص فيه عدد السكان الريفيين فى كثير من دول العالم إما نتيجة للتطور‬
‫الصناعي وما يرتب علي ذلك من عمليات جذب للريفيين وانتقالهم لإلقامة بالمدن‪ ،‬أو لما أدت‬
‫إليه تطور التكنولوجيات الزراعية من االستغناء عن خدمات أعداد كبيرة من العمال‬
‫الزراعيين بالريف حيث لم يصبح اإلنتاج الزراعي في حاجة إلى خدماتهم ومن ثم هجرتهم‬
‫صحيحا ومنطقياً إال أن‬
‫ً‬ ‫تحت هذا الضغط إلى أماكن أخرى‪ ،‬غير أن هذا التناقض وإ ن بدا‬
‫كبيرا فى ميدان علم اإلجتماع الريفي الذى تطور وإ متد‬
‫ً‬ ‫تطورا‬
‫ً‬ ‫الحقيقة العملية أوضحت‬
‫ليشمل المناطق الريفية والمناطق المجاورة لها مما يدحض هذا التناقض الذى يؤيده منطق‬
‫علماء اإلجتماع الحضري القائل بأن المدينة هي مركز القوة والسيطرة والحكم‪ ،‬وهى عصب‬
‫اإلقتصاد والهدف الذى توجه لها الحكومات كل اهتماماتها مما يتضاءل معه اإلهتمام بالريف‪.‬‬
‫وهنا تواجهنا األسئلة التالية‪:‬‬
‫‪ -‬هل يتناقص اإلهتمام بعلم اإلجتماع الريفي إلى نقطة التالشي كنتيجة حتمية لتركيز الرعاية‬
‫واإلهتمام بالحضر‪.‬‬
‫‪ -‬هل يظل علم اإلجتماع الريفي محافظا على مركزه دون أن يصيبه أى تدهور‪.‬‬
‫‪ -‬هل يتطور علم اإلجتماع الريفي ويمتد بحثه ودراساته فيزداد اإلهتمام به رغم فقدانه‬
‫لبعض سكانه ورغم اإلهتمام بالحضر‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫وإ ذا كان الريف قد تطور من الناحيتين التكنولوجية واإلقتصادية فلقد تطور أيضا فى الناحية‬
‫اإلجتماعية ألنها محصلة هاتين الناحيتين معا‪ ،‬فمن ناحية تكونت فيه منظمات إجتماعية تعمل‬
‫على قدم المساواة كما في المجتمع الحضري مثل الجمعيات التعاونية الزراعية‪ ،‬وجمعيات‬
‫التسويق التعاوني واإلئتمان الزراعي والنقابات العمالية الزراعية ومن ناحية أخرى يعيش‬
‫المزارع في مسكن حديث يضم الكثير من وسائل الحياة الحديثة نتيجة التطور التكنولوجي‬
‫واإلقتصادى وما ترتب عليها من زيادة في الدخل‪ ،‬وبالتالي إرتفاع المستوى المعيشي‪،‬‬
‫باإلضافة الى توفر الخدمات العامة مثل التعليم والصحة وتوفر المرافق الخدمية مثل مياه‬
‫الشرب النقية والطرق الممهدة والمرصوفة(المعبدة) واإلنارة واإلتصاالت‪ .‬كل ذلك ساهم في‬
‫تطور المجتمع الريفي ونهضته فتخلفه في العصور الماضية كان ألسباب خارجة عن إرادته‪.‬‬
‫والشك أن مثل هذا التقدم الذى أحرزه قطاع الريف في هذه الميادين دفع المسئولين في‬
‫األجهزة الحكومية والهيئات والمنظمات الرسمية وغير الرسمية المحلية والدولية الى توجيه‬
‫عناية فائقة بالمناطق الريفية‪ ،‬فهي تمثل مصدرا هائال من مصادر الثروة والقوة البشرية‬
‫وكذلك مصدرا للسلطة والقوة مثلها مثل المناطق الحضرية بعد إزدياد نسب المتعلمين بها‪،‬‬
‫وأخذ الريفيين بأسباب الثقافة والحضارة وبمحاذاة ذلك تطورت الدراسات الريفية الحديثة‬
‫فإهتمت بدراسة أثر التيارات الثقافية والحضارية المتقدمة على الريفيين‪ ،‬وأثر الجانبين‬
‫الميكانيكي والذاتي للتحضر‪ ،‬وأثر التصنيع على العمالة الريفية التي تعمل كل أو بعض الوقت‬
‫في المصانع التي أنشأت في قلب الريف ولما لهذا التطور والتحول من آثار عميقة وجذرية‬
‫على العالقات اإلجتماعية الريفية أو على العالقات األسرية وما طرأ عليها من تغيير‪.‬‬
‫إن إهتمام علماء اإلجتماع الريفي في الدول المختلفة بدراسة مجتمعاتهم انعكس وتطور‬
‫بدرجة متقدمة بإتجاههم إلى الدراسات المقارنة بين المجتمعات الريفية التقليدية والمتطورة‬
‫والنامية‪ .‬وهم بهذا اإلتجاه يجعلون من علم اإلجتماع الريفي علم إجتماع مقارن يهدف إلى‬
‫اإلفادة من تنظيمات المجتمعات الريفية المتقدمة والنامية ووسائلها الحديثة في اإلنتاج‬
‫الزراعي ‪ ،‬وفى تطوير المجتمعات الريفية المتخلفة‪ ،‬وتضافرت معهم جهود المنظمات‬
‫الدولية مثل منظمة األغذية والزراعة لألمم المتحدة(‪ ، )F.A.O‬ولوال هذه الجهود التي يقوم‬
‫بها علماء اإلجتماع الريفي لظلت مناطق ريفية في العالم متخلفة إقتصاديا وتكنولوجيًا‬
‫وإ جتماعيًا‪.‬‬
‫مفهوم علم المجتمع الريفي‪:‬‬
‫‪14‬‬

‫يعتبر علم المجتمع الريفى أحد الفروع الخاصة لعلم اإلجتماع العام الذى يعنى ويهتم‬
‫بدراسة وتحليل العالقات القائمة بين الجماعات اإلنسانية التي تعيش في بيئة ريفية شأنه في‬
‫ذلك شأن أي فرع آخر من فروع علم المجتمع‪ ،‬والذى يتناول دراسة البنيان اإلجتماعى‬
‫الريفي‪ ،‬وأنواع العالقات وأنماط التفاعل السائدة في المجتمعات الريفية‪ ،‬والظواهر‬
‫اإلجتماعية‪ ،‬ودراسة المشكالت اإلجتماعية بالمناطق الريفية‪ ،‬ودراسة خواص السكان‬
‫الريفيين‪ ،‬والموارد البشرية بالمجتمع وأساليب النهوض بها‪ ،‬والمؤسسات اإلجتماعية القائمة‬
‫به‪.‬‬
‫كما أنه بذلك يعتبر الميدان التطبيقي للمبادىء والقواعد والنظريات الخاصة بعلم اإلجتماع‬
‫العام على المجتمع الريفى حتى يمكن أن يساهم في ضوء ما يكشف عنه من حقائق وقوانين‬
‫تحديد األفكار واألساليب والنظريات التي يمكن اإلهتداء بها للسيطرة على القوة اإلجتماعية‬
‫المتعلقة بنشأة المجتمع الريفي وتطوره وتركيبه هادفًا بذلك حل المشكالت اإلجتماعية الريفية‪،‬‬
‫وتحسين مستوى الحياة الريفية بوجه عام وفى النواحي التي ال تتطرق لها مباحث العلوم‬
‫الزراعية واإلجتماعية األخرى‪ ،‬كما تضفى دراسة الظواهر اإلجتماعية صفة التخصص على‬
‫المجتمع الريفي ‪ ،‬وتجعله ينفرد بدراسة تلك الظواهر دراسة متعمقة ومستفيضة ودقيقة‬
‫وشاملة لكل مظاهر السلوك اإلنساني‪ .‬ولهذا كان إهتمام علماء اإلجتماع بدراستها بهدف‬
‫الوصول الى الحقائق العلمية لهذه الظواهر‪ ،‬والوصول الى حلول مناسبة وسليمة للمشكالت‬
‫اإلجتماعية فى المجتمع الريفي ‪،‬وبدلك شكلت المبادْى والقواعد والوقائع التي توصلت إليها‬
‫بحوث هؤالء العلماء الى ما يسمى بعلم المجتمع الريفي‪.‬‬
‫وبالنظر الى مفهوم علم المجتمع الريفي فهناك تعريفات متعددة له تناولها كثير من‬
‫علمائه بالتحليل والدراسة‪ ،‬ولكل فى ذلك وجهة نظره الخاصة به واتجاهه ومذهبه‪.‬‬
‫وبإستعراض هذه التعريفات نجد أن كل منها يشير إلى مرحلة من مراحل تطور هذا العلم‬
‫‪،‬وفيما يلى بعض من هذه التعريفات ‪:‬‬
‫يعرف علم المجتمع الريفى بأنه " مجموعة القواعد التى تقوم على دراسة الريفيين فى‬
‫عالقاتهم الجماعية مستخدما فى ذلك الطرق والقواعد المطبقة فى علم اإلجتماع العام ويطبق‬
‫دراستها على الريفيين"‪.‬‬
‫‪ -‬ويعرفه (‪ ) Cuber‬بأنه "مجموعة من المعارف العلمية عن العالقات اإلنسانية"‪.‬‬
‫‪15‬‬

‫‪ -‬ويعرفه سميث ‪ Smith‬بأنه " علم إجتماع الحياة الريفية بما فيها من معلومات ومعرفة‬
‫منسقة عن العالقات اإلجتماعية الريفية "‪.‬‬
‫‪ -‬ويعرفه تايلور ‪ Taylor‬بأنه " العلم الذى يدرس السكان الريفيين وعالقاتهم اإلجتماعية‬
‫سواء كانت بين األفراد أو الجماعات المختلفة التي تعيش في المناطق الريفية "‪.‬‬
‫‪ -‬ويعرفه (‪ )1960( )Johnson‬بأنه العلم الذى يتناول دراسة الجماعات اإلجتماعية من‬
‫حيث أشكالها وطريقة تنظيمها والعمليات التى تعمل على المحافظة على أو تغيير هذه‬
‫األشكال من التنظيمات وكذا العالقة بين الجماعات"‪.‬‬
‫‪ -‬ويعرفه ساندرسن ‪ Sunderson‬بأنه " العلم الذى يدرس الحياة في البيئة الريفية ويتضمن‬
‫ذلك وصف دقيق للتجمعات البشرية والعالقات المختلفة الناجمة عن هذه التجمعات والعوامل‬
‫المؤثرة على عمل وتقدم ووظيفة هذه المجتمعات "‪.‬‬
‫ويعرف علم المجتمع الريفي كذلك بأنه "الجهود العلمية الموجهة لدراسة السكان الريفيين‬
‫وأهل الريف وما تربطهم من عالقات وصالت ووصف وتحليل الجماعات المختلفة التى‬
‫تعيش فى البيئة الريفية"‬
‫يمكن تعريف المجتمع الريفى بأنه " تلك الفئة من السكان الذين يسكنون القرى أو المناطق‬
‫الريفية ويعيشون فى مساكن ثابتة ومستقرة أو بيوت زراعية ‪ ،‬ويمارسون الزراعة أو الرعي‬
‫أو أية مهنة أخرى سواء كانت إدارية أم خدمية أم مهنية " وبذلك فهو يشمل المزارعين وغير‬
‫المزارعين إال أنه يعرف المجتمع الزراعي بأنه " تلك الفئة من السكان الذين يقيمون فى‬
‫مساكن ثابتة فى المناطق الزراعية داخل أو خارج القرى‪،‬ويمارسون الزراعة كمهنة رئيسية‬
‫‪ ،‬كما أنهم يقومون أيضا بتربية الحيوانات المز رعية كاألغنام أو األبقار بأعداد بسيطة وذلك‬
‫لغرض االستهالك المحلى أو لبيعها سدًا لبعض االحتياجات األسرية "‪.‬‬
‫نشأة علم المجتمع الريفي ومراحل تطوره ‪:‬‬
‫يمكن إرجاع نشأة علم المجتمع الريفي الى عام ‪1908‬م حينما كلف الرئيس األمريكي"‬
‫روزفلت" لجنة من المختصين فى العلوم الزراعية واإلجتماعية بالجامعات األمريكية‬
‫والهيئات الزراعية لدراسة المشاكل السائدة بالمجتمعات الريفية‪ ،‬مما كان له تأثيرًا كبيرا فى‬
‫تشجيع كثير من علماء اإلجتماع على البحث واإلهتمام بدراسة الحياة الريفية خاصة مع‬
‫ظهور تقرير تلك اللجنة والذى أوصى بضرورة إنشاء بعض األجهزة الخدمية فى المجتمعات‬
‫الريفية األمريكية وكان من أبرزها إنشاء الجهاز اإلرشادي الزراعي‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫وفى عام‪1912‬م كونت مجموعة من علماء اإلجتماع فرعًا من الجمعية السسيولوجية‬


‫األمريكية تختص بدراسة المجتمع الريفي‪ ،‬وفى عام ‪1915‬م قام‪ Kolb&Galpin‬فى والية‬
‫"وسكنسن" بدراسات متعددة عن المجتمع الريفي‪ ،‬وتبعهم كثيرون من علماء اإلجتماع‪ ،‬وفى‬
‫عام ‪1937‬م أسست الجمعية األمريكية للمجتمع الريفي مجلة ‪ Rural Sociology‬وهى مجلة‬
‫متخصصة فى دراسات المجتمع الريفي‪ ،‬ثم تلى ذلك تدريس علم اإلجتماع الريفى بالجامعات‬
‫األمريكية ضمن المقررات التي تقدمها أقسام اإلقتصاد الزراعي‪ ،‬ثم تم البدء فى إنشاء أقسام‬
‫خاصة بعلم المجتمع الريفي فى بعض الجامعات األمريكية بمنح درجات علمية متخصصة فى‬
‫المجتمع الريفي لمرحلة البكالوريوس والدراسات العليا والتى إهتمت بالدراسات الريفية‬
‫لمعرفة جوانب الحياة المتغيرة والمستقرة فى الريف‪ ،‬وتطوير مناهج البحث العلمى للمجتمع‬
‫الريفى‪ ،‬ومحاولة وضع سياسة عامة للحياة الريفية‪.‬‬
‫ويعتبر "رد فيلد "‪1955‬م أحد الرواد األوائل الذين درسوا المجتمع القروي من وجهة‬
‫النظر اإلنثروبولوجية حيث كشف الستار عن التغيرات اإلجتماعية واإلقتصادية التى شاهدها‬
‫فى كثير من الدول النامية‪.‬‬
‫أما في أوربا فلقد بدأ هذا النوع من الدراسة فى جامعاتها وخاصة فى هولندا وفرنسا‬
‫وإ نجلترا وألمانيا حيث أنشأت جمعية أوربية للدراسات المجتمعية الريفية على غرار الجمعية‬
‫األمريكية للمجتمع الريفى‪ ،‬ثم عقد المؤتمر الدولي للمجتمع الريفى فى فرنسا فى صيف‬
‫‪1964‬م وبهذا إتسع المجال لتبادل اآلراء‪ ،‬ونشر البحوث المعنية بالمشاكل المجتمعية الريفية‬
‫في العالم مع التركيز على المشاكل السائدة بالمجتمعات النامية‪.‬‬
‫علم المجتمع الريفى كعلم إجتماع خاص‬
‫يصنف علم اإلجتماع الريفى تحت مجموعة العلوم اإلجتماعية‪ ،‬وكدراسة يكون وحدة‬
‫واحدة ألنه نشأ نتيجة الحاجة لمعاملة العالقات اإلنسانية فى جملتها كوحدة متكاملة بغض‬
‫النظر عن كونها ريفية أو حضرية‪.‬ويقسم علم اإلجتماع إلى مجاالت عمومية ومجاالت‬
‫فرعية وينفرد علم المجتمع الريفى كأحد فروع العلوم اإلجتماعية بناحية التخصص حيث‬
‫يقتصر على معالجة طائفة معينة من الظواهر الخاصة بالمجتمع الريفى يختارها لدراستها‬
‫دراسة عميقة ومستفيضة‪ ،‬وهو ماال يستطيع أن يقوم به علم اإلجتماع العام عند دراسته‬
‫لجميع مظاهر السلوك اإلنساني فكل مجال فرعى مهمته الكشف عن الظواهر والعالقات التي‬
‫توجد في المجتمع القروي‪ ،‬وتوضيح الجوانب المشتركة بين جميع الظواهر اإلجتماعية وهذا‬
‫‪17‬‬

‫بدوره تطبيق لقواعد ومبادىء علم اإلجتماع العام‪ ،‬كما يأخذ في الحسبان دراسة المشاكل‬
‫اإلجتماعية القائمة فعًال بهدف الوصول إلى الحقائق التي تساهم في وضع الحلول المناسبة‬
‫والسليمة لتلك المشكالت‪.‬‬

‫ويمثل المجتمع المحلى أحد الوحدات األساسية التي يتألف منها البناء االجتماعي والكيان الذي‬
‫يحيا فيه اإلنسان ويتحرك فى إطاره‪.‬وللمجتمع المحلى أبعادًا متعددة ومن الصعب الحصول‬
‫على تعريفين متشابهين تمامًا فقد ركز بعض العلماء على المنطقة الجغرافية أو البيئية التي‬
‫يعيش فيها األفراد حيث عرف "بيرنارد فيليبس" ‪ Bernard Philips‬المجتمع المحلى بأنه‬
‫"جماعة تستغل منطقة معينة‪،‬ويتقاسم أعضائها أهدافًا واسعة المدى إلى درجة أن يقضى الفرد‬
‫حياته كليًة داخل هذه المنطقة"‬
‫كما عرفه "زاندن" ‪ Zanden‬بأنه "جمع من الناس الذين يتفاعلون معًا ويقيمون في منطقة‬
‫إقليمية محددة ويقومون فيها بجزء كبير من نشاطاتهم اليومية"‪.‬‬
‫كما ركز بعض منهم على اإلحساس بالرابطة النفسية أو العنصر النفسي فلقد عرف‬
‫"روبرتسون" ‪ Lan Robertson‬المجتمع المحلى بأنه " جماعة إجتماعية تشترك في إقليم‬
‫معين‪ ،‬ويشعر أعضائها باإلنتماء إليها ويتقاسمون مجموعة من المصالح العامة "‪ .‬وعرفه"‬
‫تيرنر" ‪ J.H.Turner‬بأنه " أنماط الفعل والتفاعل االجتماعي التي يتم تشكيلها عن طريق‬
‫نشاطات الناس اليومية فى مكان لإلقامة دائم نسبيا‪.‬‬
‫بينما يرى فريق ثالث من العلماء وجود عنصر آخر هو التنظيم الشامل للحياة‬
‫االجتماعية والتي تشمل العضوية المشتركة‪ ،‬واالنتماء المشترك‪ ،‬وعاطفة الجماعة حيث‬
‫عرفه " ماكيفر وبيج" &‪ Page Maciver‬بأنه " مساحة أو مكان للحياة االجتماعية يتميز‬
‫بدرجة من الترابط االجتماعي ‪ ،‬وأسسه الدائرة المكانية ‪،‬وعاطفة الجماعة‪ ،‬والوعي بالوحدة‬
‫المكانية أو اإلحساس باالنتماء "‪.‬‬
‫وعرفه "موريس جنزبرج" ‪ M.Gensberg‬بأنه عبارة عن المجتمع الكلى للسكان‬
‫القاطنين في بقعة معينة يجمع بين أفراده نسق مشترك من القواعد ينظم مجرى حياتهم ‪،‬‬
‫ويجعل للمجتمع تركيب مميز "‪.‬‬
‫‪18‬‬

‫ووفقًا للتعريفات السابقة وتحليل العناصر المختلفة يمكن تعريف المجتمع المحلى بأنه‬
‫" مجموعة من الناس يقيمون في منطقة جغرافية معينة وتجمعهم عالقات اجتماعية متبادلة‬
‫ويشتركون في األهداف والمصالح والمشكالت ويشعرون بعاطفة الجماعة واإلحساس بها‬
‫واالنتماء لمجتمعهم المحلى في ظل ثقافة مشتركة تتضمن القواعد المنظمة لحياتهم وطرق‬
‫معيشتهم "‪.‬‬
‫فؤائد دراسة علم المجتمع الريفى‬
‫يكشف علم المجتمع الريفى للفرد والمجتمع عن حقائق كثيرة تساعد على تدعيم كيان‬
‫المجتمع وهذه الفوائد هي ‪:‬‬
‫أ‪-‬الفوائد التي تعود على الفرد‬
‫‪ -1‬مساعدة الفرد على فهم حقيقة نفسه ومجتمعه‪ ،‬وحدود تصرفاته مع اآلخرين‪ ،‬وسلوك‬
‫اآلخرين نحوه‪ ،‬ودوافع هذا السلوك وأسبابه‪ ،‬واإللمام بنواحي ديناميكية الجماعات والعمل‬
‫اإلجتماعى وتنظيم المجتمع ليستطيع التخطيط لمتطلباته وإ حتياجاته‪.‬‬
‫‪ -2‬مساعدة الفرد على إدراك المعانى والقيم واإلتجاهات المتعلقة بالنظم اإلجتماعية التى‬
‫يقوم عليها مجتمعه‪ ،‬وهذا يجعله يتكيف وحياته األسرية واإلقتصادية والثقافية واإلجتماعية‬
‫وفق معايير المجتمع وسياساته‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلهتمام برأس المال البشرى بإعتباره أهم عوامل اإلنتاج والذى ال يقل أهمية عن‬
‫الموارد الطبيعية للدولة‪ ،‬ولذلك تعد تنمية مواهب أفراد المجتمع الريفى وتطوير قدراتهم‬
‫ضرورة لتطوير المجتمع‪.‬‬
‫‪ -4‬يساعد علم المجتمع الريفى فى التعرف على التغيرات الطارئة فى معدالت المواليد‬
‫والوفيات والموارد الطبيعية بما يؤدى الى معرفة نسبة الزيادة السكانية والموارد‪.‬وبذلك يمكن‬
‫لكل فرد أن يكيف حياته العائلية وإ نتاجه بما يالئم هذه الزيادة للتمتع بمستوى مناسب إجتماعيا‬
‫وإ قتصاديا ‪.‬‬
‫‪ -5‬إهتمام علم المجتمع الريفى بدراسة النظم اإلجتماعية بالمجتمع وعالقاتها مع بعضها‬
‫وأسلوب عملها مما يجعل الفرد على معرفة بحقوقه ويطالب بها ويلتزم بواجباته وبذلك يساهم‬
‫فى أوجه النشاط اإلجتماعى ويتمتع بخدماتها‪.‬‬
‫‪ -6‬التعرف على المشكالت اإلجتماعية ألفراد المجتمع الريفى‪ ،‬وتحديد أسبابها‪ ،‬والمساهمة‬
‫فى دراستها ووضع حلول لها ومعالجتها‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫‪ -7‬مساعدة الفرد على التعرف على عادات وتقاليد وقوانين المجتمعات األخرى لمقارنتها‬
‫بمجتمعه واإلستفادة منها‪.‬‬
‫ب –الفوائد التى تعود على المجتمع‬
‫‪ -1‬تكشف دراسات علم المجتمع الريفى عن المشاكل التى تواجهها المجتمعات الريفية‬
‫ومسبباتها‪.‬فدور البحوث اإلجتماعية التخطيط لحياة المجتمع‪ ،‬وإ رساء لقواعده على أسس‬
‫سليمة مثل البحث فى أسباب الطالق‪ ،‬وإ نتشار البطالة‪ ،‬واألمية والجريمة‪ ،‬واإلنحراف‬
‫اإلجتماعى وكل من هذه المشكالت ميادين للعمل اإلجتماعى‪ ،‬وتعد البحوث اإلجتماعية من‬
‫جانب علماء اإلجتماع وسائل مساعدة للتعرف على أسباب تلك المشكالت‪ ،‬وتحديد طرق‬
‫العالج المناسبة لها‪ ،‬وتقديمها لمن يهمهم أمر هذا المجتمع ليستعينوا بها فى رسم خططهم‬
‫اإلصالحية فى ضوء النتائج التي تم التوصل إليها بدراسة هذه المشاكل‪.‬‬
‫‪-2‬إن علم المجتمع الريفى يبحث فى أصل حضارة المجتمعات الريفية‪ ،‬وتوضيح‬
‫اإلختالفات القائمة بين هذا المجتمع وحضارة المجتمعات األخرى‪ ،‬وبهذا تتمكن المجتمعات‬
‫من إقتباس ما يناسبها من عناصر الحضارات األخرى‪ ،‬وكذلك التعرف على عاداتها وتقاليدها‬
‫ومعرفة األسباب التي أدت الى تكوينها‪ ،‬وأثرها على تقدم أو تأخر المجتمعات‪.‬‬
‫ولقد إتسع مجال اإلهتمام بدراسة المجتمعات الريفية ألن قسما كبيرا من سكان العالم‬
‫يعملون بالزراعة خصوصا في المجتمعات القديمة‪ ،‬ولقد كانت ومازالت الزراعة بالنسبة لهم‬
‫طريقة في الحياة متميزة عن غيرها بخصائص يمكن مالحظتها عن كثب األمر الذى أدى إلى‬
‫مزيد من التشابه بين هذه المجتمعات في إتجاهاتها العامة باإلضافة إلى أن اإلهتمام أيضا‬
‫بدراسة المجتمعات الحضرية والبدائية يمكن أن تمهد السبيل لعقد مقارنات حقيقية بين مختلف‬
‫نماذج الحياة اإلنسانية ومن ثم فهم واقعي للمجتمعات اإلنسانية‪.‬‬
‫أبعاد دراسة علم المجتمع الريفى‬
‫يذكر (الخولى‪ )1998،‬نقًالعن" لوري نيلسون " أن لعلم المجتمع الريفى ثالثة أبعاد‬
‫رئيسية تتضح من خاللها ميادين هذا العلم هى ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬الدراسة العرضية للمجتمع ‪:‬‬
‫حيث يتناول علم المجتمع الريفى دراسة الحياة فى المجتمع المحلى الريفى أو أجزاء منه‪،‬‬
‫كما يدرس كافة أشكال المنظمات فى إطارها المكاني (اإلطار المحلى)‪ ،‬ومن ثم دراسة جميع‬
‫الوظائف األساسية التي تربط أفراد المجتمع الريفى ببعضهم البعض فى وحدة إجتماعية‬
‫‪20‬‬

‫واحدة والتي تتكون منها الحياة اإلجتماعية الريفية‪ ،‬ودراسة هذه الوظائف هي دراسة عرضية‬
‫للمجتمع‪ ،‬ويتسع هذا العلم في دراساته بقدر إتساع أشكال الحياة اإلجتماعية وإ ختالفها‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الدراسة الطولية للمجتمع ‪:‬‬
‫يتسم علم المجتمع الريفى بأنه علم ليس له عرض فقط ولكن له طول إذ أنه ال يكتفى‬
‫بمجرد وصف وتحليل المجتمع المحلى بل يأخذ فى حسبانه الموقف والمكان‪ ،‬فالمجتمع‬
‫الحالي هو نتاج لعمليات عديدة قديمة ومستمرة‪ ،‬وعمليات تطور وتغيير‪ ،‬والباحث فى‬
‫المجتمع الريفى يقوم بدراسة الناحية التاريخية للمجتمع راجعا الى أصوله األولى ليستنبط‬
‫منها عوامل التغيير وأسبابها ونتائجها‪ .‬وهذا يعنى أن هذه الدراسة تتبعية تطورية تحليلية‬
‫للمجتمع الذى هو محصلة فترة طويلة من التغير الثقافي والتكيف العلمى فلكل مجتمع تاريخ‪،‬‬
‫والدارس لعلم المجتمع الريفى يجب أيضا أن يكون لديه اإلدراك الكافي والكامل لقيمة الوقت‬
‫والذى يشمل معرفة القوى الداخلية أو الخارجية التي ساعدت فى الماضي على تشكيل‬
‫الظواهر اإلجتماعية الموجودة حاليا‪.‬ومن ثم فإن علم المجتمع الريفى له طول هو طول‬
‫التاريخ اإلجتماعى للمجتمع المبحوث‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬العمق‪:‬‬
‫ويشير إلى الفهم الكامل للحياة اإلجتماعية ودراستها مكوناتها بشكل متناسق ومترابط‪،‬‬
‫ولذلك فهو يهتم بمعرفة المزيد عن طبيعة الفرد نفسه مثل إحتياجاته‪ ،‬ودوافعه‪ ،‬وبواعثه‪،‬‬
‫وإ تجاهاته‪ ،‬وكل أشكال السلوك المستترة فاإلجابة مثًال عن أسئلة تتعلق بالدوافع التي تشكل‬
‫اإلستجابات الفردية والجماعية ؟ أو لماذا تتغير الطرائق الشعبية واآلداب اإلجتماعية مثل "‬
‫عادة تغيير طريقة تناول الطعام " أو " شكل المالبس " من مجتمع الى آخر وغيرها من‬
‫التساؤالت يمكن عن طريقها قياس عمق الحياة اإلجتماعية‪.‬‬
‫مباحث علم المجتمع الريفى‬
‫إن دراسة الظواهر والمشكالت اإلجتماعية في المجتمعات الريفية تتضمن نواحي متعددة‪.‬‬
‫ويمكن أن يعتبر كل منها مبحثا مستقال عن غيره ‪.‬ومن التقسيمات التى تناولت المباحث‬
‫الرئيسية لعلم اإلجتماع الريفى ما يلى ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬دراسة السكان الريفيين ‪ :‬ويشمل هذا المبحث دراسة السكان الريفيين من ناحيتين ‪:‬‬
‫‪21‬‬

‫الناحية اإلستاتيكية‪ :‬وتهتم بدراسة الخصائص الثابتة للسكان الريفيين من حيث عددهم‪،‬‬
‫وتوزيعهم على المناطق المختلفة‪ ،‬ومن حيث الفئات العمرية‪ ،‬والمهن أو الحرف المختلفة‪،‬‬
‫ومن حيث الدخل والحالة اإلجتماعية‪...‬الخ‪.‬‬
‫الناحية الديناميكية أو المتغيرة‪:‬وتتناول دراسة التغيرات الحادثة فى عدد السكان من وقت‬
‫إلى آخر ومن مكان إلى آخر‪ ،‬كما تتضمن دراسة معدالت المواليد والوفيات والزيادة الطبيعية‬
‫في عدد السكان سنويًا‪ ،‬وإ نتقال السكان وهجرتهم من منطقة الى أخرى‪ ،‬وأنواع الهجرة‪،‬‬
‫وأثرها على مناطق األصل‪ Places Of Origin‬وعلى المناطق الجديدة‪Areas Of‬‬
‫‪ Destination‬التي يهاجر إليها األفراد‪ ،‬وصفات األفراد المهاجرين من والى المناطق‬
‫الريفية‪ ،‬وطريقة تأقلمهم في المناطق الجديدة التي يهاجرون إليها ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬دراسة النظم اإلجتماعية والمؤسسات اإلجتماعية‪Social Institution:‬‬
‫يتضمن هذا المبحث دراسة كل من النظام األسرى‪ ،‬والنظم اإلقتصادية السائدة وما‬
‫يتصل بها من مشاكل إقتصادية وإ جتماعية‪ ،‬والنظام التعليمي‪ ،‬والنظام الديني‪ ،‬والنظام‬
‫الترويحي وغيرها من النظم التي قد توجد في المجتمعات الريفية من ناحية تركيبها البنائى‬
‫وخصائصها‪ ،‬ووظائفها اإلجتماعية‪ ،Social Functions‬وأهمية الدور الذى تؤديه فى المجتمع‬
‫الريفى‪ .‬وذلك يعنى دراسة المجتمع الريفى دراسة شاملة‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬دراسة البيئة اإلجتماعية بالمجتمعات الريفية‪Social Environ ment:‬‬


‫ويشمل هذا المبحث التعرف على طبيعة العالقات اإلجتماعية التي تحدث بين األفراد‬
‫والجماعات وبين الجماعات وبعضها البعض‪ ،‬وكذلك دراسة الثقافة السائدة بالمجتمعات‬
‫الريفية من حيث خصائصها وعناصرها ومركباتها المادية والالمادية‪ ،‬ودراسة القيم‬
‫وأنواعها‪ ،‬وطبيعة العادات والتقاليد‪ ،‬ومظاهر السلوك العامة‪ ،‬ودراسة التغير اإلجتماعى‬
‫‪ Social Change‬بالمجتمعات الريفية من وقت إلى آخر والمشكالت التي تواجه عملية التغير‬
‫اإلجتماعى‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬دراسة األسرة الريفية‪The Rural Family:‬‬
‫ويهتم هذا المبحث بدراسة األسرة الريفية من جميع النواحي سواء في تركيبها‪ ،‬وصفاتها‪،‬‬
‫وعالقة األفراد ببعضهم‪ ،‬وتوزيع األدوار على أفراد األسرة‪ ،‬ودرجة القرابة بين األزواج‪،‬‬
‫والسعادة الزوجية‪ ،‬ودراسة العوامل التي تؤثر على درجة التماسك األسرى‪ ،‬والتعرف على‬
‫‪22‬‬

‫أهمية الدور الذى تلعبه األسرة في البنيان اإلجتماعى واإلقتصادى‪ ،‬والمشكالت اإلجتماعية‬
‫واإلقتصادية التي تواجه األسرة في المجتمع الريفى‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬تنسيق المجتمع المحلى وتنميته‪Community Organization:‬‬
‫ويشمل هذا المبحث التعرف على طريقة اإلنتفاع بالموارد الطبيعية والمادية واالجتماعية‬
‫بالبيئة الريفية للنهوض بها‪ ،‬ورفع مستوى معيشة كافة أفراده‪ ،‬ووضع خطوات منظمة‬
‫ومحددة للبرامج التي تستهدف تنمية المجتمع الريفى وبمشاركة األهالي أنفسهم وتعاون‬
‫الهيئات والمؤسسات المختلفة بالمجتمع‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬اإلرشاد اإلجتماعى‪Social Extenstion:‬‬
‫ويشمل هذا المبحث دراسة إنتشار األفكار واألساليب الجديدة‪ ،‬والطرق والوسائل‬
‫المتبعة في نقل الرسائل اإلرشادية للمستفيدين من الزراع‪ ،‬والمعوقات التي تواجه المرشدين‬
‫الزراعيين‪ ،‬ودراسة أنجح الوسائل التي يمكن إتباعها للتغلب على تلك المشكالت‪ ،‬كما‬
‫يتضمن هذا المبحث القيادة المحلية وأهميتها في المجتمع‪ ،‬ودورها في إنتشار األفكار‬
‫واألساليب المستحدثة وغير ذلك من البرامج المتعلقة بهذا المبحث‪.‬‬
‫الظواهر اإلجتماعية فى المجتمع الريفى‬
‫تتعدد الظواهر اإلجتماعية ‪ Social Phenomenon‬التي هي مجال لدراسات علم المجتمع‬
‫الريفى بتعدد جوانب الحياة اإلجتماعية التي يعيش فيها الفرد‪.‬‬
‫ويعرف " دور كايم " الظاهرة بأنها" ضرب من السلوك والتفكير والشعور توجد خارج‬
‫الفرد وقد زودت بقوة قهر تمكنها من فرض نفسها عليه "أو أنها عبارة عن نموذج من العمل‬
‫والتفكير واإلحساس لدى األفراد‪ ،‬والتى يمكن أن تسود مجتمعًا من المجتمعات حيث يجد‬
‫األفراد أنفسهم مجبرين على إتباعها في عملهم وتفكيرهم وهى من وجهة نظره موضوع علم‬
‫اإلجتماع ‪.‬‬
‫ويالحظ أن ما يقوم به الفرد أو الجماعة في أي مجتمع يعتبر محددًا مسبقًا بقواعـد أو‬
‫أعراف أو قوانين خلقها هذا المجتمع فتلك الظواهر القائمة والنظم اإلجتماعية كانت موجودة‬
‫من قبل والدته أو إنتقاله إليه ولذلك فهو مجبر على إتباعها وتقبلها ومسايرتها حتى وإ ن كانت‬
‫أفكاره وآراؤه تشير إلى عدم إقتناعه بمثل هذه الظواهر خاصة فيما يتعلق بالنظم اإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية والثقافية والدينية السائدة في ذلك المجتمع والتي نشأت نتيجة لتفاعل األفراد‬
‫والجماعات‪.‬ومن هذا يتضح أن علم المجتمع الريفى يهتم بوصف ما هو كائن بالفعل بدراسة‬
‫‪23‬‬

‫الوقائع والظواهر اإلجتماعية دراسة تحليلية بقصد إكتشاف القواعد والقوانين التي تخضع‬
‫لها‪.‬‬
‫والواقع أن دراسة الظاهرة اإلجتماعية ال تقتصر على لون معين من ألوان الخبرات‬
‫اإلنسانية المتمثلة فى اإلدراك أو (الفكر)والوجدان أو (اإلحساس)والنزوع أو (العمل) بل‬
‫تشملها جميعًا‪ ،‬وقد تكون مزيجًا منها جميعًا ولكن يغلب عليها لون دون غيره فمن أمثلة ما‬
‫يعتبر عمًال أو نزوعًا مايقوم به شعب ما فى الحفالت الوطنية والدينية واألعياد القومية من‬
‫زيارات ولبس زى معين وأكل طعام محدد‪ ،‬وكذلك عادات الناس العملية كاألكل والشرب‬
‫بطريقة معينة وكذلك الجانب العملى من العبادات كالصالة والحج‪ .‬أما ما يعتبر من الظواهر‬
‫اإلجتماعية الفكرية فتتمثل فى اآلراء والمعتقدات التى تسود فى شعب ما وتميزه عن غيره‬
‫كالدين ورأى الجماعة فى الحرب والسلم وفى المرأة ومساواتها بالرجل مثًال وتوليها‬
‫الوظائف‪ ،‬وكذلك العقائد الخاصة بنظم الحكم‪...‬الخ‪ .‬ومن الظواهر اإلجتماعية الوجدانية‬
‫الكراهية السائدة فى الشعوب لليهودية الصهيونية أو المجوسية‪ ،‬وبغض العرب لإلستعمار‬
‫قديمه وحديثه‪ ،‬وكإعتزاز بعض األجناس البشرية بنفسها‪ ،‬وحب األوطان بدرجات متفاوتة‪.‬‬
‫خصائص الظواهر اإلجتماعية‪:‬‬
‫يتفق علماء اإلجتماع على أن للظاهرة اإلجتماعية خصائص تميزها عن غيرها عن غيرها‬
‫يمكن حصرها فيما يلى‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون الظاهرة مركبة وليست بسيطة‪ :‬أى تكون نمطًا ونموذجًا من العمل والتفكير‬
‫والوجدان‪ ،‬كالعادات والتقاليد التى تتكون من عدة أشياء متداخلة‪.‬‬
‫‪ – 2‬أن وجودها خارج عن كل فرد على حده ومستقل عنه ألنها صفة المجتمع من حيث هو‬
‫كذلك‪ ،‬ذلك أن وجودهما متوقف على وجود المجتمع ككل وفى حالة تكوينهم مجتمعًا فالعادات‬
‫والتقاليد اإلجتماعية موجودة من قبل أن يوجد هذا الفرد أو ذاك وال تفنى بفنائه‪.‬‬
‫‪ – 3‬أن تكون الظاهرة سائدة فى المجتمع الذى توجد فيه أو فى الطائفة التى تتصف بها‪ ،‬كما‬
‫تتميز الظواهر اإلجتماعية بالعمومية حيث تتكرر وفق تردد خاص على مر الزمن‪ ،‬ولا تعتبر‬
‫ظاهرة إجتماعية إذا لم تنتشر فى مجتمع‪.‬‬
‫‪ – 4‬أن تكون الظاهرة اإلجتماعية ملزمة ومجبرة‪ :‬فالظواهر اإلجتماعية إلزامية حيث يشعر‬
‫األفراد بأنهم مجبرون على تطبيقها‪ .‬ويلتزم األفراد بالخضوع لها وإ تباعها ماداموا يريدون‬
‫العيش فى إنسجام مع مجتمعهم‪ ،‬وطالما هم حريصون على اإلنتماء إليه‪ ،‬فمثال ًنجد بعض‬
‫‪24‬‬

‫الناس يغالون فى طلب المهور عند زواج بناتهم علمًا بأنهم رافضين لهذا الشأن إال أنهم فى‬
‫ذلك يجارون لتقاليد مجتمعهم خضوعًا لها نظرًا لما تمثله من ضغط إجتماعى على األفراد من‬
‫قبل المجتمع فينصاعون لها فالمجتمع ينبذ ويعزل من يشذ أو يخالف تقاليده‪ ،‬وقد يتخذ وسائل‬
‫معينة لعقاب هؤالء المخالفين أدبيًا أو ماديًا‪ ،‬وعند ذلك تصبح من الميراث اإلجتماعى لتنتقل‬
‫هذه الظاهرة من جيل إلى جيل‪.‬‬
‫‪ – 5‬أن تكون الظاهرة مكتسبة‪ - :‬تعتبر الظواهر اإلجتماعية صفات إنسانية مكتسبة وتنتقل‬
‫إلى األجيال المتعاقبة حيث اليولد أفراد المجتمع بالظواهر اإلجتماعية السائدة فال يولد طفل‬
‫بلغة معينة أو بعادة أو عرف معين وإ نما يكتسب ذلك من الوسط اإلجتماعى الذى ينشأ فيه‪،‬‬
‫وال تعارض هنا بين وصف الظاهرة بأنها ميراث وأنها مكتسبة فكونه ال يولد بها فهى‬
‫مكتسبة‪ ،‬وألنها مفروضة عليه ومجبر على اإللتزام بها فهى موروثة‪.‬‬
‫‪ – 6‬أن تكون الظاهرة مميزة‪ :‬أى تميز المجتمع الذى توجد فيه عن غيره من المجتمعات‬
‫فمثال تختلف عادات الزواج فى مصرعنها ليبيا مثًال أو فى تونس أو فى لبنان أو سوريا وهى‬
‫بذلك تميزه عن غيره ‪،‬ألن الظواهر اإلجتماعية عادة ما تكون وليدة الظروف اإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية والثقافية والتاريخية ومن ثم تختلف بإختالف المجتمعات ‪.‬‬
‫‪ – 7‬أن تكون الظاهرة ناشئة عن المجتمع‪ :‬أن الظاهرة اإلجتماعية تتطلب وجود جماعة‪.‬‬
‫فاللغة مثًال ال يخترعها فرد ما بمفرده أوعن طريق عدة أفراد ال يجتمعون مع بعضهم‬
‫البعض‪ ،‬وإ نما تنشأ نتيجة وجود جماعة ما عاشوا مع بعضهم البعض وإ ضطروا فى عيشهم‬
‫الجماعى إلى تبادل األفكار والشعور فكانت الرموز اللغوية وسيلة التعبير عن ذلك‪ ،‬ويقترن‬
‫بهذا قبول المجتمع لها وسماحه لها باإلنتشار‪.‬‬
‫‪ – 8‬أن تكون الظاهرة متغيرة ومتطورة‪ :‬ألن الظاهرة اإلجتماعية ذات بعد تاريخي فهي تبدأ‬
‫وتنتهي في فترة محددة‪ ،‬ومن صفاتها التطور والتغير فقلما توجد ظاهرة إجتماعية ثابتة مثل‬
‫إرتداء زى معين فى فترة زمنية معينة‪ ،‬أو إنتشار كلمات إنجليزية وفرنسية فى لغة قطر من‬
‫األقطار العربية‪.‬‬
‫أشكال الظاهرة اإلجتماعية‬
‫للظاهرة اإلجتماعية أشكاًال متنوعة ولكل منها إسم خاص فنحن نسمع عنها فى صور‬
‫مختلفة مثل العادات والتقاليد والمعتقدات والعرف والنمط والسلوك الجمعى والنظام‬
‫‪25‬‬

‫اإلجتماعى‪...‬الخ وهى قد تتداخل مع بعضها البعض أو يمتزج مع األخر‪ .‬وفيما يلى توضيح‬
‫لهذه المسميات‪:‬‬
‫‪ -1‬العادة اإلجتماعية‪ :‬يتميز كل مجتمع عن غيره بعادة أوبعدد من العادات مثل رفع األيدى‬
‫بطريقة معينة عند التحية‪،‬أو إنحناء الرأس‪،‬أو النطق بعبارات مقابلة عند التحية‪،‬ومثل طابع‬
‫إرتداء المالبس فالرداء النسائى ‪،‬والبدلة الرجالى‪، ،‬وطريقة األكل بالشوكة والسكين وكذلك‬
‫الشرب تمثل العادات السلوكية الشعبية ‪ ،‬ويالحظ أن هذه العادات اإلجتماعية عامة بين أبناء‬
‫المجتمع وتتم بشكل ألى وبدون تدبير سابق من الناس وبصفة خاصة من جانب الكبار الذين‬
‫تعودوا عليها‪،‬كما أنه من الواضح أنها تستمر لفترات طويلة قد تصل إلى أجيال عديدة‪،‬ومن‬
‫يخالف هذه العادات فالمجتمع ينتقده بوضوح‪.‬‬
‫‪ -2‬التقاليد‪ :‬وهى أقوى القوانين السلوكية غير المكتوبة وذات التأثير فى المجتمع نتيجة‬
‫إرتباطها الوثيق بالقيم اإلجتماعية السائدة وما يحيط بهذه القيم من عواطف وعقائد عميقة‪.‬‬
‫وللتقاليد تعاريف متعددة فلقد عرف " جنزبرج " التقاليد بأنها " جملة األفكار والعادات‬
‫الفردية والجماعية التى يسير على نهجها شعب من الشعوب ويتوارثها أفراده جيًال بعد جيل"‪.‬‬
‫كما عرفها " سامبثون " بأنه " بعض عناصر الثقافة المنقولة التى تحوز القبول بواسطة‬
‫الجماعة" وهى بذلك تكون األشكال القياسية للسلوك والعمل المنتج بواسطة الجماعة وتنفذ‬
‫دون وعى منها وتؤدى إلى تماسكها‪.‬‬
‫كذلك عرفها " الخشاب" بأنها عبارة عن " قواعد السلوك الخاصة بطبقة أو طائفة أو بيئة‬
‫محلية معينة محدودة النطاق وتستمد قوتها من الطبقة أو الهيئة التى تتبعها‪ ،‬وهى مزودة‬
‫بصفة الجبر واإللزام‪ ،‬وهى فوق ذلك صفة مميزة للطبقة التى تأخذ بها‪ ،‬وتستمر لفترة طويلة"‬
‫ولهذا فالتقاليد تعتبر ظاهرة إجتماعية إنحدرت للجماعة من الماضى وورثها الجيل‬
‫الحاضر عنه وتشمل كل عناصر الثقافة من لغة وعادات وتقاليد وعرف ورموز منقولة عن‬
‫طريق اإلتصال بين األجيال المتعاقبة‪ ، .‬والتقليد فى األصل هو سلوك قامت به جماعة معينة‬
‫فى مناسبة معينة‪ ،‬وللتقليد شيئ من اإلحترام والقداسة نظرًأ إلرتباطه بماضى األمة ويمثل‬
‫طورًا من أطوار حياتها ومن أمثلة التقليد اإلحتفال بمناسبات دينية معينة‪ ،‬وتناول أطعمة‬
‫معينة فى بعض المناسبات ألن األجداد كانوا يتناولونها‪.‬‬
‫‪26‬‬

‫‪ -3‬المعتقدات‪ :‬وهى عبارة عن " األفكار التى تسرى بين الناس وخاصة العامة منهم‬
‫ويشعرون أنها ملزمة لهم ويجدون أنفسهم مضطرين لألخذ بها "‪.‬‬
‫‪ -4‬العرف‪ :‬وهو ما إتخذته الجماعة لنفسها من قواعد ونظم تنظم به حياتها وتحكم سلوكها‪،‬‬
‫ومن أمثلة ذلك عرف بعض الجماعات والقبائل أال يتزوج أبناء األسر إال من بناتها‪ ،‬وعدم‬
‫السماح للبنت الصغرى بالزواج قبل الكبرى‪ ،‬وشكوى أفراد القبيلة إلى رئيسها بدًال من‬
‫الحكومة‪.‬وفى بعض القبائل يكون اإللتزام بالعرف أشد وأقوى من العادات والتقاليد‪ ،‬وقد يحل‬
‫العرف فى بعض المجتمعات محل القانون‪.‬‬
‫‪ -5‬التقليعة ‪ :‬والتقاليع هى أضعف القوانين السلوكية ‪،‬وتكثر فى المجتمعات ذات الثقافات‬
‫الحديثة وتندر فى المجتمعات القديمة‪،‬ومن أمثلة التقاليع ظهور الحركات اإلجتماعية المؤيدة‬
‫لزى معين أو المناهضة له إال أنها ال تنتشر بشكل كبير‪،‬وال تستمر لفترة زمنية طويلة‪،‬وال‬
‫يقوم المجتمع بالضغط على من يؤيد أو يعارض مثل هذه الحركات‪.‬‬
‫‪ -6‬الموضة ‪ :‬وهى معيار أقوى من التقليعة وأغلب تواجده فى أنماط الملبس‪،‬وتتضح‬
‫الموضة بشكل خاص فى أزياء السيدات ‪.‬وتتسم الموضة بإنتشارها بين قطاع كبير من‬
‫السكان‪،‬وتستمر لفترة زمنية طويلة قد تصل إلى عام أو عدة أعوام‪،‬وإ ظهار المجتمع التأييد‬
‫لمتبعيها‪.‬‬
‫‪ -7‬النمط الثقافى‪ :‬وهو عبارة عن أسلوب التصرف الذى تصطنعه الجماعة حيال موقف‬
‫معين من مواقف الحياة‪ ،‬أو من جانب من جوانب العيش‪ ،‬ومن أمثلة ذلك حياة األسرة فى‬
‫مجتمع معين من حيث عالقة الزوج بزوجته وعالقة كل منهما بأقارب اآلخر وعالقة اآلباء‬
‫بأبنائهم والعكس‪.‬‬
‫‪-8‬السلوك الجمعى‪ :‬وهو نوع من الظواهر اإلجتماعية الذى يغلب عليه السلوك والعمل‪،‬‬
‫ويعتبر رمز الجماعة ويعبر عنها مثل التعبير باأللعاب والرقصات الشعبية فى األعياد‬
‫والحفالت‪.‬‬
‫‪-9‬النظام اإلجتماعى‪ :‬ويقصد به طريقة معينة آلداء وظيفة إجتماعية أو فى ممارسة نشاط‬
‫إجتماعى معين مثل النظام التعليمى أو القضائى أو نظام الشرطة فى المجتمعات المختلفة‪،‬‬
‫فهى تختلف من مجتمع إلى آخر ألن كل مجتمع إتخذ ما يناسبه منها بما يحقق أهدافه‪.‬‬
‫أشكال االستيطان السائدة فى المجتمعات الريفية‪:‬‬
‫‪27‬‬

‫إن طريقة تنظيم وإ قامة السكان الريفيين على األرض تعتبر أحد المظاهر الهامة‬
‫للتنظيم االجتماعي الريفي‪ ،‬وأن طريقة السكان والترتيبات السكنية لألسر الريفية تختلف‬
‫جذريًا عن تلك الموجودة في المجتمعات الحضرية‪ ،‬حيث يعيش السكان الحضريين في‬
‫مجتمعات المدينة ذات الكثافة السكانية العالية‪ ،‬والتي تتميز بالتخطيط العمراني حيث الشوارع‬
‫المرصوفة والمخططة ‪ ،‬والمباني متعددة الطوابق والمنتظمة في صفوف طولية ‪،‬كما تتنوع‬
‫وتتعدد المرافق والخدمات من مؤسسات تعليمية وصحية‪ ،‬وترفيهية‪ ،‬وأمنية إلى غير ذلك ‪،‬‬
‫بينما نجد في المناطق الريفية أن السكان يقيمون في تجمعات صغيرة نسبيًا يطلق عليها القرى‬
‫‪ ،‬أو يقيمون في مزارع متناثرة تسمى (المزارع المنفردة) ويقل عدد المساكن متعددة الطوابق‬
‫‪ ،‬مع عدم انتظام شكل المساكن أو الشوارع ‪ ،‬وقلة عدد ونوع المنظمات والمرافق الخدمية‬
‫بهذه المجتمعات ‪.‬‬
‫ويهتم علم اإلجتماع الريفي بدراسة التجمعات السكانية الريفية من حيث نشأتها‬
‫وتطورها ونموها وتركيبها ووظائفها وكذلك يتناول نظم اإلقامة بالمناطق الريفية بالدراسة‬
‫المستفيضة ألنها جزء أساسي من مكونات المجتمع الريفي‪ ،‬بل إن شكل العالقات االجتماعية‬
‫بين السكان الريفيين يتحدد بناءًا على نمط االستيطان الموجود بينهم‪ ،‬كما يتوقف عليها نوع‬
‫وعدد المؤسسات االجتماعية القائمة أو الممكن إقامتها‪ ،‬ونوع المشاكل االقتصادية‬
‫واالجتماعية السائدة والتغيرات االجتماعية وتطوراتها عبر الزمان والمكان‪.‬‬
‫وقد استعمل الُك تاب عدد من المصطلحات والمفاهيم مثل شكل االستيطان‪ ،‬ونوع‬
‫االستيطان‪ ،‬وأنماط االستيطان وهذه المفاهيم تشير إلى الوحدات المسافية الموجودة بين‬
‫مساكن الريفيين وبعضها البعض من ناحية‪ ،‬وبين هذه المساكن وأرضهم الزراعية من ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬وبناء على هذه العالقات المسافية تعددت أنماط االستيطان الريفي‪.‬‬
‫ويرى المهتمين بدراسة المجتمعات الريفية المحلية المعاصرة وجود أربعة أنواع من‬
‫هذه األشكال االستيطانية منها ما هو سائد‪ ،‬ومنها ما هو نادر الوجود فقد يكون االستيطان في‬
‫شكل مزارع منفردة‪ ،‬أو في القرى‪ ،‬أو القرية عبر الطريق‪ ،‬أو القرية الخطية‪ .‬وقد يتفرع من‬
‫هذه األشكال أنواعًا أخرى تأثرًا بظروف المجتمع وفيما يلي توضيح لهذه األشكال‪:‬‬
‫أوًال‪:‬المزارع المنفردة‪:‬‬
‫‪28‬‬

‫ينتشر هذا الشكل من أشكال االستيطان في الدول ذات المساحات الزراعية الكبيرة مثل‬
‫أمريكا وكندا وبعض دول أوربا وبعض دول أمريكا الالتينية‪ ،‬ويكون هذا الشكل أقرب ما‬
‫يكون لما يعرف في ريفنا العربي بالعزبة أو الضيعة حيث نجد منزل المالك للمزرعة‬
‫ومنشآت المزرعة من مخازن وحظائر ومساكن للعمال مقامة على أرض المالك نفسه‪ ،‬كما‬
‫ظهر حديثًا هذا النمو االستيطاني فى بعض الدول العربية مثل مصر‪ ،‬و في األراضي‬
‫الصحراوية التي يتم استصالحها وزراعتها حيث يقوم المستثمر صاحب األرض ببناء مسكنه‬
‫أو استراحته في مزرعته‪.‬وتتصف مساكن المزارعين بنفس المنطقة بأنها متفرقة ومتباعدة‬
‫عن بعضها البعض فينشأ عنها ما يسمى بـ " المجتمع الريفي المبعثر " الذي يتكون من المنازل‬
‫المسكونة بالمزارع المبعثرة المتفرقة في األراضي الزراعية وعلى مسافات قد تقترب أو‬
‫تبتعد تبعًا لكثافة السكان ونظام الملكية الزراعية‪.‬‬
‫مميزات نمط االستيطان بالمزارع المنفردة‪:‬‬
‫‪ -1‬توفير الوقت والجهد الذي يبذله المزارع في االنتقال من مسكنه إلى حقله وذلك‬
‫إلقامته داخل المزرعة يوليها إشرافه واهتمامه بشكل دائم ومباشر‪ ،‬ووضع كل‬
‫أدواته وآالته داخل منشأته‪ ،‬وبالتالي انخفاض تكاليف اإلنتاج المزرعي‪.‬‬
‫‪ -2‬تساعد أصحاب المزارع على مباشرة زروعهم النباتية وخاصة محاصيل الخضر‬
‫والتي تكون أكثر عرضة لإلصابة باألمراض واآلفات‪ ،‬وبالتالي يستطيع التدخل‬
‫السريع قبل تفاقم الخطر من تقليل الخسارة قدر اإلمكان‪.‬‬
‫‪ -3‬يستطيع المزارع تربية الأعداد التي يرغب تربيتها من الحيوانات داخل المزرعة‪،‬‬
‫كما أنها بذلك لن يراها أحد من الناس خوفًا عليها من الحسد‪.‬‬
‫‪ -4‬توفر الحراسة الدائمة لمزروعاتهم إلقامته بالمزرعة وبالتالي يستطيع زراعة‬
‫محاصيل الخضر والفاكهة التي تمكنه من تحقيق عائد مجزي‪.‬‬
‫‪ -5‬أحيانًا يساعد ُبعد المزارع عن بعضها‪ ،‬وإستقاللية المزارعين على االبتكار واإلبداع‬
‫والتجديد حيث تحتم عليه الظروف أن يجتهد إليجاد حل لمشكلة تواجهه وال يجد من‬
‫يجاوره ألخذ مشورته‪ ،‬وبالتالي قد يؤدى به اجتهاده إلى توصله إلى حلول لتلك‬
‫المشكالت‪.‬‬
‫‪29‬‬

‫‪ -6‬إمكانية فصل الحظائر والمخازن عن المسكن وذلك لوجود المساحة التي تساعده‬
‫على ذلك وبالتالي يتوفر المسكن الصحي والذي يصعب توفره في نظام القرى‪.‬‬
‫‪ -7‬إمكانية تنوع األنشطة المزرعية فيستطيع المزارع بناء الحظائر‪ ،‬ومزارع الدواجن‪،‬‬
‫وتربية النحل‪ ،‬والتصنيع الزراعي وذلك لتوفير مقومات هذا التنوع والتعدد في‬
‫األنشطة الستقاللية المكان‪ ،‬والوحدة االجتماعية ووجود أوقات الفراغ‪ ،‬مما يجعله‬
‫يبحث عن أنشطة للتسلية وشغل أوقات الفراغ في مجاالت إنتاجية تعود عليه بالنفع‬
‫المادي‪.‬‬
‫عيوب المزارع المنفردة‪:‬‬
‫‪ -1‬ارتفاع تكاليف توريد السلع والخدمات الزراعية وغير الزراعية وذلك لبعد المزارع‬
‫عن بعضها البعض"وبُعدها كذلك عن مراكز تواجد هذه الخدمات‪.‬‬
‫‪ -2‬ارتفاع تكاليف إنتاج ونقل المنتجات الزراعية وذلك لبعدها عن مراكز التجميع‬
‫والتسويق وصعوبة إنشاء الطرق الداخلية في المزرعة‪.‬‬
‫‪ -3‬زيادة تكاليف إقامة الكثير من المنظمات والمؤسسات االقتصادية واالجتماعية‬
‫والصحية والتعليمية والدينية والمرافق العامة مثل مياه الشرب والكهرباء‬
‫واالتصاالت وذلك نتيجة انخفاض كثافة السكان‪.‬‬
‫‪ -4‬البعد الطبيعي بين األسر يعني دائمًا بعدًا اجتماعيًا وانقطاع االتصال باآلخرين‬
‫وعالقات اجتماعية محدودة وعزلة اجتماعية نسبية تعيش في ظلها أسر المزارع‬
‫المنفردة وبالتالي قد يؤثر على تنشئة األطفال حيث ال يوجد رفاق للعب معهم أو‬
‫التسلية‪.‬‬
‫‪ -5‬تعرض المزارع المنفردة خاصة الصغيرة منها لعمليات السطو عليها وسرقتها لعدم‬
‫توفر الظروف األمنية المناسبة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬القرى‪:‬‬

‫وهى من نظم االستيطان التي عرفها اإلنسان منذ أن عرف الزراعة‪ ،‬وارتبط‬
‫باألرض‪ ،‬واستقر في منطقة محددة فأقام مسكن دائم له‪ ،‬وقد أجبرته الظروف الطبيعية‬
‫‪30‬‬

‫واألمنية أن تكون المساكن متجاورة مع بعضها البعض لإلحساس باألمن والطمأنينة والحماية‬
‫من األعداء كالحيوانات المفترسة أو الجماعات المغيرة عليهم‪.‬‬

‫هذا ويعد نظام القرى الريفية من أقدم األشكال االستيطانية التي سادت ومازالت حتى‬
‫اآلن تسود معظم أرياف دول قارات آسيا وأفريقيا وأوربا وأمريكا الشمالية وأمريكا الالتينية‪،‬‬
‫حيث تتجمع فيها منازل الريفيين في شكل عنقودي وبطريقة عشوائية بجانب بعضها البعض‬
‫و في محيط واحد مكونة القرية تاركة الحقول والمراعى في المناطق المحيطة بها‪.‬فمنها ما‬
‫يتخذ الشكل الدائري أو المستطيل ومنها ما هو منتظم الشكل‪ ،‬ويسود الريفيين في هذا الشكل‬
‫االستيطاني عالقات اجتماعية قوية كنتيجة حتمية لظاهرة اإلقامة في منازل متجاورة‪ ،‬وأنه‬
‫من األمور الطبيعية أن يحتوي المسكن الريفي على مكان لإيواء الحيوانات والطيور ولعل‬
‫هذا نتيجة رواسب قديمة خوفًا من السرقة‪.‬‬

‫ويوجد نوعين من القرى هما‪:‬‬

‫‪ -1‬القرى غير المخططة أو المصممة والتي تتجمع فيه منازل الريفيين بجوار بعضها‬
‫البعض بدون خطة تنظم شكل ومكان هذا التجمع‪ ،‬ويوجد هذا النوع في بعض الدول‬
‫مثل ألمانيا ومصر‪.‬‬

‫‪ -2‬القرى المخططة والتي تقام وفقًا لنظام معين من حيث شكلها وموقعها وتكوينها‪.‬‬
‫وتنتشر هذه القرى في يوغسالفيا‪.‬‬

‫وتتميز جميع تلك القرى بوجود تنظيم اجتماعي خاص نشأ نتيجة القرب المكاني بين‬
‫مساكن الريفيين حيث زيادة التفاعل االجتماعي فيما بينهم‪ ،‬وبالتالي قوة العالقات االجتماعية‪،‬‬
‫ومع أن نمط االستيطان بالقرى هو النمط الشائع ‪ ،‬إال أن له كثير من المزايا والعيوب والتي‬
‫يمكن إيجازها على النحو التالي ‪:‬‬

‫مميزات نمط االستيطان بالقرى‪:‬‬

‫‪ -1‬يعتبر نمط االستيطان في القرى أفضل األنماط التي تناسب المجتمعات ذات الكثافة‬
‫السكانية العالية‪ ،‬وضيق رقعة األراضي الزراعية مثل ما هو قائم في بعض‬
‫المجتمعات مثل المجتمع المصري والمجتمع الهندي‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫‪ -2‬إن تجمع السكان في كتلة سكنية واحدة (القرية) يقلل من نفقات توصيل الخدمات‬
‫والمرافق للسكان الريفيين‪ ،‬ومن ثم فهم يستطيعون الحصول على السلع والخدمات‬
‫الزراعية والمنزلية بأسعار تقل كثيرًا عن تكاليفها في حالة اإلقامة بالمزارع‬
‫المنفردة‪.‬‬

‫‪ -3‬إمكانية إقامة مراكز تجميع وتسويق المنتجات الزراعية بالقرية وبالتالي انخفاض‬
‫تكاليف النقل ويعود بالربح على المنتجين الزراعيين‪.‬‬

‫‪ -4‬نظام اإلقامة بالقرى يحقق هدف اجتماعي هام وهو حب التجمع والعيش في جماعة‬
‫مما يقوي من العالقات االجتماعية بين الجيران ويوفر رفقاء اللعب لألطفال وبالتالي‬
‫ينشأوا أطفالًا أسوياء وتنمو لديهم صفة االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -5‬تجمع الريفيين في القرية يسهل من حصول المحتاجين والفقراء منهم على‬


‫المساعدات المتبادلة ويكون أفراد المجتمع على علم بحالة غيرهم وأيهم أشد احتياجًا‬
‫للمساعدات وبالتالي تتوفر حياة اجتماعية مستقرة يسودها الحب واإلخاء‪.‬‬

‫عيوب نمط االستيطان بالقرى‪:‬‬

‫‪ُ -1‬بعد الريفيين عن أراضيهم الزراعية مما يقتضى بذلهم كثير من الوقت والجهد‬
‫لالنتقال فيما بين القرية واألراضي لنقل مواد الزراعة ومستلزمات اإلنتاج‪ ،‬وهذا‬
‫يعني زيادة في التكاليف المز رعية خاصة إذا كانت هذه المسافة كبيرة‪.‬‬
‫‪ -2‬إحجام بعض المزارعين عن زراعة محاصيل الخضر والفاكهة نتيجة لبعد إقامتهم‬
‫عن حقولهم على الرغم من كونها أكثر ربحية وعائدًا للمزارع وذلك بسبب تعرضها‬
‫للسرقة من ناحية‪ ،‬وحاجتها إلى الرعاية المستمرة والتواجد اليومي للمزارع فيها‬
‫وهذا قد يصعب في حالة بعد المزرعة عن السكن‪.‬‬
‫‪ -3‬صعوبة قيام المزارعين في كثير من األحيان تربية أعداد كبيرة من الحيوانات‬
‫خاصة هؤالء الذين تبتعد الحقول عن مساكنهم‪.‬‬
‫‪32‬‬

‫‪ -4‬عدم قدرة المزارعين وعجزهم عن إقامة أية مشروعات لتربية الحيوانات أو غيرها‬
‫من المشروعات لعدم توفر المكان المناسب لذلك‪ ،‬وكذلك عدم استطاعتهم توسعة‬
‫منازلهم لمقابلة الزيادة السكانية في أسرهم‪.‬‬
‫‪ -5‬حدوث الحرائق بصفة مستمرة نتيجة لتجاور مساكن الريفيين وقيامهم بتخزين‬
‫األحطاب والقش على أسطح المنازل فتكون الخسارة فادحة وهذا ال يحدث في حالة‬
‫المزارع المنفردة‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ -‬القرى الخطيــة‪:‬‬


‫يجمع هذا النمط االستيطاني بين مميزات كل من نظم اإلقامة في القرى والمزارع‬
‫المنفردة وفيه نجد أن منازل الريفيين عادة ما تأخذ شكًال خطيًا حيث تتكون على جانبي شاطئ‬
‫نهر أو طريق عام‪ ،‬وتقع األرض الزراعية على طول امتداد هذه المنازل من الخلف في‬
‫شرائح ضيقة‪ ،‬وهذا النمط له ميزة اجتماعية حيث يوجد المسكن على حدود هذه األراضي أو‬
‫قريب جدًا منها‪ ،‬وينتشر في بعض الدول مثل فرنسا والواليات المتحدة األمريكية وجنوب‬
‫البرازيل ومصر‪.‬‬
‫ونظرًا لتميز هذا الشكل عاد لالنتشار مرة أخرى بسبب وجود شبكة طرق مواصالت‬
‫تربط بين األماكن المتباعدة وبعضها البعض‪ ،‬وسهولة عملية االنتقال من والى هذه األماكن‬
‫مثلما هو قائم في الطريق الساحلي في الجماهيرية العظمى والذي يقدم فيه المزارعون‬
‫خدماتهم للمارين به‪ ،‬وعرض منتجاتهم الزراعية النباتية أو الحيوانية أو ببناء مطاعم‬
‫ومتاجر‪ ،‬وانتشار أماكن الستراحة المسافرين وكل هذه الخدمات تعد بمثابة موردًا إضافيًا‬
‫للمزارعين بهذه المناطق‪.‬‬
‫ومن ناحية اإلدارة المزرعية فإن القرية الخطية تبدو أحسن من القرى العادية تحتفظ‬
‫بالمزايا االجتماعية لإلقامة المتقاربة حيث تتجاور مساكن الريفيين في صف واحد‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى المزايا االقتصادية التي تتمثل في إقامة كل مزارع في مزرعته‪ ،‬وانخفاض تكاليف تزويد‬
‫هذه القرى الخطية بالخدمات مثل إقامة الطرق وتوصيل الكهرباء‪ ،‬وإنشاء المدارس‪ ،‬ومراكز‬
‫التجميع والتسويق‪.‬‬
‫‪33‬‬

‫كما يجب اإلشارة إلى أن هذا النمط االستيطاني ليس نمطًا خاصًا ولكنه يحدث‬
‫بصورة طبيعية ال دخل لإلنسان في اختياره حيث توجد األرض الزراعية في وادي ضيق ال‬
‫يسمح بإقامة أكثر من قرية فيه‪.‬‬

‫رابعًا ‪ :‬القرية عبر الطريـق ‪:‬‬


‫هي محاولة لالحتفاظ بمزايا المزارع المنفردة مع اإلقالل من عيوبها‪ ،‬ففي هذا الشكل‬
‫من أشكال االستيطان يقوم المزارعين وهم أعداد قليلة ببناء منازلهم ومنشآتهم على أراضيهم‬
‫وعند نقطة التقاءها مع أمالك جيرانهم بتقاطع طريقين ‪ .‬وينتج عن ذلك عدد من المنازل في‬
‫مجتمع متقارب يضم بيوت المالك والعمال الزراعيين‪ .‬وهذا يخفف بدون شك من قسوة‬
‫الوحدة ويزيد من متعة االجتماع باآلخرين كما يقلل من نفقات المحافظة على األمن‪ ،‬ونفقات‬
‫توصيل الخدمات والمرافق العامة إلى هذا التجمع السكني‪.‬‬

‫أمثلة لبعض أنماط االستيطان بالمناطق الريفية‪:‬‬


‫أوًال‪ :‬أنماط االستيطان في المجتمع المصري‪:‬‬

‫يعتبر المجتمع المصري من أقدم المجتمعات في العالم حيث أسس القدماء المصريين‬
‫حضارتهم منذ قديم الزمان وال زالت شاهدة على نبوغهم وفصاحتهم حتى وقتنا الحاضر وقد‬
‫قامت الحضارة المصرية حول وادي النيل حيث الخير الذي يجلبه النهر معه‪ ،‬وإ ن كان نمط‬
‫توزيع السكان في مصر‪ ،‬من األنماط الفريدة على مستوى العالم حيث يتركز ‪ %97‬من جملة‬
‫سكان مصر في شريط ضيق حول وادي النيل ال تزيد مساحته عن ‪ %4‬من جملة مساحة‬
‫مصر‪ ،‬األمر الذي ارتبط معه ارتفاع معدالت الكثافة السكانية إلى أعلى معدالتها في كل من‬
‫المدن والريف على السواء‪ .‬وزاد من معدل الزحف على األرض الزراعية واستنزافها للبناء‬
‫عليها وتفشي كثير من المشكالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬وقد تنبهت الحكومة إلى‬
‫أن العالج الوحيد لكل هذه المشاكل هو غزو الصحراء واستزراعها‪ ،‬والخروج من الوادي‬
‫الضيق وإ قامة مجتمعات جديدة في الصحراء‪ ،‬ولعل المشروع القومي العمالق الذي بدأت‬
‫الدولة في تنفيذه في الوادي هو خير دليل على اهتمام الدولة بغزو الصحراء‪ ،‬وإ عادة السكان‬
‫من جديد بالشكل الذي يحقق أعلى مستويات التنمية والرخاء‪.‬‬
‫‪34‬‬

‫أما عن نمط االستيطان السائد فى الريف المصري فالقرى هي النمط الشائع من أقدم‬
‫العصور‪ ،‬باإلضافة إلى العزب والكفور والنجوع‪ ،‬والقرى الخطية‪ ،‬وسيتم تناول كل نمط من‬
‫هذه األنماط على النحو التالي‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬القـرى‪:‬‬
‫تعد القرى النمط االستيطاني الشائع في الريف المصري من قديم الزمان ويوجد‬
‫نوعين من القرى‪:‬‬
‫أ‪ -‬القرى التقليدية‪ :‬وهي القرى التي أنشئت في الوادي والدلتا من قديم الزمان دون تخطيط‪،‬‬
‫ويمثل هذا النوع معظم القرى الموجودة في مصر والتي يبلغ عددها ‪ 4200‬قرية منتشرة في‬
‫جميع ربوع المجتمع المصري‪ ،‬وتتميز بأنها عشوائية البناء واالمتداد‪ ،‬ومنازل الريفيين فيها‬
‫متجاورة ومتالصقة تتخللها شوارع ضيقة وحواري غير منظمة ومتعرجة‪ .‬وتأخذ المساكن‬
‫غالبًا أشكال عده فمنها ما هو مبني بالطوب األحمر واألخرى بالطوب اللبن أو الحجارة‪،‬‬
‫ومنها ما يعلوا لطابقين أومن طابق واحد وكل هذا يتحدد على أساس الحالة االقتصادية‬
‫واالجتماعية للريفيين‪.‬‬
‫ويوجد بالقرية عدد من المنظمات والمؤسسات الخدمية التي تخدمها العزب والكفور‬
‫التابعة لها فيوجد جمعية تعاونية زراعية‪ ،‬وبنك قرية‪ ،‬ووحدة صحية‪ ،‬ووحدة بيطرية‪ ،‬وبعض‬
‫المدارس (ابتدائي‪-‬إعدادي‪-‬ثانوي‪ -‬معهد ديني)‪ ،‬ومكتب بريد‪ ،‬وتلغراف‪ ،‬ومسجد أو أكثر‬
‫من ذلك‪ ،‬وكنيسة إذا وجد عدد كبير من المسيحيين بالقرية‪ ،‬كما يوجد بالقرية عدد من‬
‫المحالت التجارية والمقاهي والمطاعم‪.‬‬
‫ولقد نالت القرية المصرية فى السنوات األخيرة حظًا كبيرًا من الإهتمام والرعاية‬
‫سواء من جانب الدولة أو حتى من جانب أهل القرية أنفسهم‪ ،‬فلم يعد هناك قرية أو عزبة أو‬
‫كفر إال ودخلتها الكهرباء ومياه الشرب النقية‪ ،‬وعدد من المنظمات والمؤسسات الخدمية‪ ،‬كما‬
‫كان دخول نظام اإلدارة المحلية‪ ،‬ووجود وحدة محلية بالقرية األم أن أصبحت القرية وكأنها‬
‫دولة مستقلة تستطيع اإلشراف وتوجيه خطط التنمية واإلصالح للقرية دون الرجوع إلى‬
‫الجهات العليا في كل األمور‪ ،‬كما ساعد ارتفاع مستوى التعليم بالريف‪ ،‬والهجرة الخارجية‬
‫للعمالة الريفية إلى تحسن مستويات المعيشة ومشاركة الريفيين في المشروعات التنموية التي‬
‫‪35‬‬

‫تخدم قراهم‪ .‬وقد تجلت أبدع صور االهتمام بالقرية المصرية في تنفيذ المشروع القومي‬
‫للتنمية الريفية المتكاملة "شروق" والذي يهدف إلى االرتقاء بمستوى الريف المصري‬
‫اقتصاديا واجتماعيا وسياسيًا وثقافيًا‪.‬‬
‫ب ‪ -‬القرى المخططــة أو الجديدة‪ :‬وهو النوع الثاني من القرى في مصر والتي يتم إنشاؤها‬
‫في مناطق االستصالح واالستزراع حيث يراعى فيها الجوانب التخطيطية‪ ،‬و تتولى الدولة‬
‫تسليمها للمستفيدين سواء كانوا من المزارعين أو شباب الخريجين‪ ،‬وتمتاز هذه القرى بأن‬
‫بيوتها تأخذ شكل واحد‪ ،‬والشوارع مستقيمة ومنتظمة‪ ،‬وقد وصل عدد هذه القرى في مصر‬
‫إلى ما يقرب من ألف قرية‪ ،‬ومخطط أن يصل عددها إلى ‪ 1500‬قرية خالل السنوات‬
‫القادمة‪ ،‬أي ما يقرب من ثلث القرى التقليدية القائمة ‪.‬‬
‫ويتم التخطيط واالستيطان في هذه القرى على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬تقسم األراضي المستصلحة إلى قطاعات مساحة كل قطاع نحو ‪ 50‬ألف فدان(‬
‫‪21‬ألف هكتار)‪ ،‬ويقسم القطاع إلى ‪ 5‬مناطق مساحة كل منطقة ‪ 10‬آالف فدان (‬
‫‪ 4.2‬هكتار)‪ ،‬وتقسم كل منطقة إلى ‪ 5‬مزارع مساحة كل مزرعة نحو ‪ 2000‬فدان(‬
‫‪ 8.4‬هكتار) ‪.‬‬
‫‪ -2‬أنشئت بكل مزرعة قرية فرعية بها الخدمات األساسية (جمعية استهالكية – مركز‬
‫إسعاف – مصلى)‪.‬‬
‫‪ -3‬أنشئ بكل منطقة من المناطق مبنى لتنمية المجتمع –و مدرسة للتعليم األساسي –‬
‫ومسجد –و سوق تجاري –و وحدة عالجية –و محطة إنتاج حيواني‪.‬‬
‫‪ -4‬ينشأ على مستوى القطاع قرية مركزية تحتوي على مبنى للمجلس المحلي للقرية –‬
‫ونقطة الشرطة –و وحدة مطافئ –و مدرسة للتعليم األساسي – ومدرسة للتعليم‬
‫الثانوي والفني‪.‬ووحدة اجتماعية ريفية –و مستشفى سعة ‪ 20‬سرير – وجمعية‬
‫تعاونية زراعية –و سوق تجاري – ومسجد – ومحطة خدمة آلية – ومحطة وقود‬
‫وتشحيم – ومحطة إنتاج حيوان – ومكتب بريد وتلغراف – ونادي رياضي‪.‬‬
‫ﺠ‪ -‬العزب والكفور والنجوع‪ :‬أهم ما يميز القرى عن العزب والكفور والنجوع أن األولى‬
‫أكبر في عدد سكانها وتتركز بها المؤسسات والمنظمات الخدمية التي تقدم خدماتها (الصحية‬
‫‪36‬‬

‫– التعليمية – االقتصادية – لسكان هذه القرى‪ ،‬وكذلك لسكان العزب والكفور والنجوع‪ ،‬والتي‬
‫تمتاز بصغر عدد سكانها‪.‬‬
‫ويوجد نوعين من العزب والكفور والنجوع‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬وهو ما يمكن أن يطلق عليه العزبة أو الضيعة حيث أن ملكية األرض الزراعية‬
‫تكون لفرد واحد ويوجد على هذه األرض بعض المباني والمنشآت الخاصة بسكنه وسكن‬
‫العاملين بالمزرعة والمخازن والحظائر‪ .‬أي أنها أشبه بالمزارع المنفردة لكنها تختلف عنها‬
‫في وجود عدد كبير من مزارع العاملين بالمزرعة متجاورة‪ ،‬كما أن هناك من الريفيين من‬
‫سكن بهذه العزب وبالتالي زاد عدد سكانها ولم يقتصر على العاملين بالمزرعة فقط‪.‬‬
‫أما النوع الثاني‪ :‬فيشبه القرى إال أن مساحة األرض الزراعية أقل من مساحة القرية‪ ،‬وملكية‬
‫األرض تكون موزعة على أكثر من أسرة وتتجمع المساكن بجوار بعضها دون تخطيط‬
‫وغالبًا ما يرتبط السكان مع بعضهم البعض بصالت قرابة ونسب‪ ،‬ويقل أو ينعدم وجود‬
‫المؤسسات والمنظمات الخدمية بها وتعتمد في ذلك على المنظمات الموجودة في القرية األم‪،‬‬
‫وهذا النوع هو ما يطلق عليه الكفور أو النجوع‪ .‬غير أن يد التطوير واالهتمام لم تغفل مثل‬
‫هذه التجمعات السكانية الريفية الصغيرة والمتمثلة في الكفور والنجوع بل شملتها أيضًا‬
‫فدخلتها الكهرباء ومياه الشرب النقية ويوجد على األقل بكل منها مدرسة للتعليم االبتدائي‬
‫ومندوبية للبنك ومسجد‪.‬‬
‫د ‪ -‬القـرى الخطيـة‪ :‬وتتخذ هذه القرى وضعًا فريدًا يجمع بين مميزات كل من نظام القرى‬
‫والمزارع المنفردة‪ ،‬وتعتبر قرية الشوبك الشرقي بمركز الصف محافظة الجيزة مثاًال للقرية‬
‫الخطية‪ .‬حيث تمتد مبانيها وأرضها على شاطئ النيل‪.‬‬
‫مما سبق يتضح أن نمط االستيطان السائد في مصر هو القرى ويمكن إرجاع أسباب‬
‫انتشار هذا النمط واستيطان الريفيين المصريين في قرى إلى عدة عوامل هي‪-:‬‬
‫‪ -1‬صغر حجم األرض الزراعية مما تولد عنه تفتيت الملكية الزراعية واتساع المحيط‬
‫العمراني للقرية بزيادة عدد سكانها‪.‬‬
‫‪ -2‬نظرًا لقدم المجتمع المصري فقد تولدت فيه عادة السكن مع أفراد األسرة وبذلك‬
‫تجمعت األسر وإزداد حجمها‪ ،‬حتى وإ ن تعلم أبناء هذه األسر‪ ،‬وتقلدوا الوظائف فإن‬
‫‪37‬‬

‫عادة المعيشة مع األسرة ال زالت متأصلة خاصة إذا كان الوالد ال زال حيًا بين‬
‫أبنائه‪ .‬ومع أن هذه العادة لها مميزاتها االجتماعية حيث زيادة التماسك األسري‬
‫والتآلف إال أن لها عيوبها خاصة عندما يزداد عدد أفراد األسرة وتنتشر فيها صفة‬
‫التواكل على الغير ويدب اإلهمال فيها فتكون الخسارة كبيرة‪.‬‬
‫‪ -3‬الحاجة إلى التجمع للدفاع عن النفس كانت مصر ُتهاجم من جيرانها‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫أن صفة التجمع مع الغير من الصفات االجتماعية المتأصلة في الجنس البشري‪،‬‬
‫وعندما عرف اإلنسان الزراعة المستقرة وعاش في المكان الذي اختاره لنفسه كان‬
‫البد من التوحد مع غيره للعيش في هذا المكان لتوفير الحماية واالعتماد المتبادل‬
‫فنشأت القرى‪.‬‬
‫‪ -4‬سيطرة اإلقطاع والسخرة على مصر لفترة طويلة أدت إلى قيام أصحاب األرض‬
‫لتجميع المستأجرين أو العمال الزراعيين في مكان واحد ليمكن السيطرة عليهم‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أنماط االستيطان في المجتمع الليبي‪:‬‬
‫تختلف أشكال المجتمعات اإلنسانية اختالفًا واضحًا نظرًا الختالف النشاط االقتصادي‬
‫والنظام السياسي أو نتيجة تقسيم العمل‪ ،‬وكذلك نتيجة اختالف القيم االجتماعية واألعراف‬
‫والقوانين والعادات والتقاليد المميزة لمجتمع عن اآلخر‪ ،‬ومن المجتمعات التي توجد بدول‬
‫العالم المختلفة المجتمعات البدائية‪ ،‬والمجتمعات الشعبية وسكان الواحات والمجتمع البدوي‪،‬ثم‬
‫سكان المجتمع الريفي‪.‬‬
‫ولقد بدأت برامج التخطيط للتنمية في المجتمع الليبي في مطلع الستينيات إذ ظهرت‬
‫إلى حيز الوجود أول خطة خمسية في عام ‪1963‬م وتجاوزت مخصصاتها المالية مليار‬
‫دوالر كان نصيب القطاع الزراعي منها حوالي ‪ %17‬وكانت الخطة الثانية لمدة ثالث‬
‫سنوات (‪1975-1973‬م) وبمخصصات مالية حوالي ‪ 7.6‬مليار دوالر خصص منها‬
‫حوالى‪ 1.52‬مليار دوالر للقطاع الزراعي‪،‬ثم جاءت خطة التنمية الثالثة لمدة خمس سنوات(‬
‫‪1980 -1976‬م) وتجاوزت مخصصاتها ‪ 28‬مليار دوالر كان نصيب الزراعة منها حوالي‬
‫‪،% 17‬وكانت الخطة الرابعة للسنوات من (‪1986 -1981‬م) ورصد لها حوالي ‪ 60‬مليار‬
‫دوالر بلغ نصيب الزراعة منها حوالي ‪.% 18.2‬‬
‫‪38‬‬

‫ووفقًا لذلك تم استصالح ما يزيد عن مليون ونصف مليون هكتار موزعة على خمسة‬
‫مناطق رئيسية تم تقسيمها إلى عدد من المشروعات‪ ،‬وقسمت أراضى كل مشروع إلى قطع‬
‫زراعية تتراوح مساحة كل منها مابين ‪ 6‬هكتارات و ‪ 23‬هكتار وبحيث تزود كل مزرعة‬
‫بمنزل حديث يتكون فى المتوسط من أربع حجرات وصالة ومطبخ وحمام ويكون بالقرب‬
‫منها مخزن وحظائر للحيوانات وزودت األبنية بمياه الشرب‪ ،‬والطاقة الكهربائية ثم تلي ذلك‬
‫توطين السكان بها‪.‬‬
‫وفيما يلي توضيح ألنواع االستيطان القائمة بالمجتمع الليبي‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬نمط االستيطان العشوائي‪:‬‬
‫وهو أحد أنواع االستيطان الذي يتم دون تخطيط أو أي تدخل من الدولة‪ ،‬حيث تبنى‬
‫المنازل بطريقة عشوائية دون مراعاة لخط سير الشوارع الرئيسية والفرعية ومن ثم ينعدم‬
‫التنظيم والتناسق بين المساكن‪ ،‬وينتشر هذا النمط في المنطقة الواقعة إلى الغرب من قرية‬
‫سلطان شرق إجدابيا بحوالى ‪ 5‬كيلو مترات حيث توجد أربعة تجمعات سكنية تعرف جميعًا‬
‫باسم تجمعات " سيدي شهوان "‪ ،‬ويفصل بين كل مجتمع وأخر مسافة تتراوح بين ‪2-1‬‬
‫كيلومتر‪ ،‬ولا يزيد عدد منازل التجمع الواحد عن ‪ 20‬منزًال بني أغلبها بالحجر واألسمنت‬
‫ومسقوفة بالخشب‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬نمط االستيطان المخطط‪:‬‬
‫وهو نوع من التوطين المخطط له علميًا من البداية حيث وضع في االعتبار النواحي‬
‫االجتماعية والنفسية واالقتصادية للمواطنين بهدف الحفاظ على طابع الحياة التقليدية للبدو‬
‫ولضمان نجاح هذه المشاريع‪.‬وهو من أنجح أنواع االستيطان العتماده على أساليب علمية‬
‫متطورة في استغالل األراضي الزراعية وتطوير المراعى ومن أمثلة هذا النوع من‬
‫االستيطان المشاريع الزراعية ومنها مشروع غوط السلطان‪ ،‬ومشروع تاكنس بالجبل‬
‫األخضر ‪،‬والمشاريع الزراعية المقامة على األودية في منطقة سرت‪ .‬ويستفيد بالدرجة‬
‫األولى من هذه المشاريع البدو شبه الرحل‪ ،‬والبدو شبه المستقرين حيث يكون التغير الذي‬
‫يطرأ على حياتهم نتيجة انتقالهم لمثل هذه المشاريع هو تغير سكن بيت الشعر بسكن بيت‬
‫ثابت‪ ،‬ويكون التركيز على الزراعة أكثر من تربية الحيوان‪ ،‬وتحديد الملكية بعد أن كانت‬
‫مشاعة‪(.‬الزوى‪( )1991 ،‬التير‪)1992،‬‬
‫‪39‬‬

‫ولقد طبقت في هذا النمط االستيطاني ثالثة نماذج من حيث مكان المنزل بالنسبة للمزرعة‬
‫هي‪:‬‬
‫النموذج األول‪ :‬بناء قرية بها خدمات مثل المدرسة والمسجد والمستوصف والسوق‬
‫والمخازن والساحات ومحطة للنفط‪ .‬وبنيت جميع المنازل حول قرية الخدمات‪ ،‬وعبدت‬
‫الطرق ما بين المزارع فيعمل الفالحون فى مزارعهم أثناء النهار ويرجعون إلى منازلهم‬
‫ليًال‪.‬‬
‫النموذج الثاني‪ :‬تخطيط قرية تكون فيها الخدمات فى جانب من المشروع‪ ،‬وبنى كل منزل‬
‫في مزرعته مع مراعاة أن تكون فى زاوية المزرعة بحيث تأتى كل أربعة منازل متقابلة‪.‬‬
‫النموذج الثالث‪ :‬بناء قرية الخدمات في وسط المشروع‪ ،‬وبناء المنازل بحيث يكون كل منزل‬
‫في وسط المزرعة‪ ،‬وفيه تبدو المنازل متباعدة‪.‬‬
‫ووزعت المنازل على األفراد من نفس المنطقة التي تقع فيها القرية الزراعية‬
‫الجديدة‪ ،‬ويختارون من بين األفراد الذين يعملون مع غيرهم‪ ،‬أو يزاولون زراعة بدائية على‬
‫قطعة أرض صغيرة ال تكفى إحتياجاتهم‪ ،‬ويتسلم المزرعة ومعها كمية من البذور واألسمدة‪،‬‬
‫ومرتبا شهريًا يستمر لمدة ثالث‬
‫ً‬ ‫بجانب المعدات الزراعية الحديثة وعدد من الحيوانات‪،‬‬
‫سنوات من تاريخ تسلمه للمزرعة‪(.‬التير‪)1992،‬‬
‫ثالثًا‪ :‬نمط يخلط بين التوطين العشوائي والمخطط‪:‬‬
‫ويتكون هذا النمط نتيجة لتجمع بعض الجماعات البدوية حول مراكز تقديم الخدمات‬
‫التي تقيمها الدولة فى بعض المواقع البدوية كنقطة الشرطة‪ ،‬ومراكز تقديم الخدمات واإلدارة‬
‫المحلية‪ ،‬والمستوصفات وبعض هذه المراكز تهدف باإلضافة لتقديم الخدمات التي من أجلها‬
‫أنشئت للبدو إلى العمل على مراقبة أحوالهم ومحاولة إخضاعهم بالتدريج لسلطة الدولة‪.‬وعادة‬
‫ما تنمو هذه المراكز وتتحول إلى قرى نتيجة لتجمع البدو حولها أمًال في الحصول على‬
‫المساعدات واإلعانات التي تقدمها الدولة خاصة في سنوات الجفاف‪ ،‬أو لتعليم أبنائهم‪.‬‬
‫(الزوى‪)1991،‬‬
‫رابعًا ‪ :‬االستيطان العشوائي المشتت‪:‬‬
‫‪40‬‬

‫وهذا النوع من النمط االستيطاني لم يكن موجودًا حتى بداية الثمانينات وفيه تبنى‬
‫المساكن بطريقة عشوائية حسب موقع األراضي القبلية للساعين إلى التوطين ولذلك فهي تبدو‬
‫مشتتة‪ ،‬ويعد هذا النوع أحدث أنواع االستيطان وأقربها للحياة البدوية حيث يهدف إلى تشجيع‬
‫ساكني الخيام من البدو على اإلقامة في أراضيهم القبلية إقامة ثابتة مستقرة‪ ،‬وممارسة‬
‫الزراعة بشكل مكثف بدًال من التنقل الدائم‪.‬وال يشترط في هذه اإلقامة أن تكون على هيئة‬
‫قرية أو تجمعات سكنية مثل ما هو قائم في المشاريع الزراعية التي تشرف عليها الدولة‪،‬كما‬
‫ال تقوم الدولة بتحديد مساحة المزرعة أو الطريقة التي تدار بها أو الكيفية التي تبنى بها‬
‫مساكنهم وإ نما يترك ذلك إلمكانيات األفراد المادية ومساحة األرض المتاحة في نطاق الملكية‬
‫القبلية‪ .‬وينتشر هذا النوع من النمط االستيطاني في إجدابيا وسيدى شهوان‪ ،‬وغوط مريومة‪،‬‬
‫وآبار الخليطة في المنطقة الواقعة إلى الشرق من مدينة إجدابيا بنحو ‪ 25‬كيلومترًا‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬توطين البدو حول المنشآت النفطية‪:‬‬
‫وهذا النمط يمثل ظاهرة تنتشر في أماكن متعددة في الوطن العربي حول المواني‬
‫النفطية‪ ،‬ولقد كان البدو أول من عمل مع شركات النفط في ليبيا في فترات االستكشاف‬
‫والتنقيب فهم يستطيعون تحمل ظروف الصحراء القاسية والعمل المضني‪ ،‬وبمرور الزمن‬
‫اتخذ بعضهم العمل مع شركات النفط وسيلة مستديمة لكسب العيش حيث الرواتب المغرية‪،‬‬
‫وساعات العمل المحدودة مقارنة بأعمال الرعي والحرث التي كانوا يقومون بها ليًال ونهارًا‬
‫باإلضافة إلى دخلها المحدود‪.‬ومن أمثلة هذا النمط من التوطين القائم في مناطق البريقة‪،‬‬
‫والعرقوب وبالريش‪.‬‬
‫وبمرور الزمن تغيرت بيوت الشعر إلى أكواخ من الصفيح أو الخشب التي تطورت‬
‫أيضًا وتم بنائها باألحجار واألسمنت ولكن بطريقة عشوائية غير معتدلة‪ ،‬وطرق غير معبدة‬
‫لعدم توافر مخطط عمراني لها‪ ،‬ولا توجد بها أية مرافق أو خدمات باستثناء مدرسة‬
‫ومستوصف‪ ،‬والطاقة الكهربائية‪.‬‬

‫الخصائص االجتماعية والنفسية في المجتمعات الريفية ‪:‬‬


‫تختلف البيئة الحضرية ‪ Urban Environment‬عن البيئة الريفية ‪Rural Environment‬‬
‫في العديد من الخصائص التي يتميز بها أى منهما فالبيئة الحضرية أو المدينة أكبر حجمًا من‬
‫‪41‬‬

‫القرية‪،‬وأكثر تحررًا من العادات والتقاليد ‪ ،‬وسكانها أقل ارتباطا ببعضهم‪ ،‬وأكثر قابلية للتغير‬
‫السريع‪ .‬أما البيئة الريفية فهي جزء من المجتمع األكبر المحافظ على قيمه وعاداته وتقاليده‬
‫وال يقبل تغييرها بسهولة‪ ،‬ويعيش على موارد األرض التي يرتبط بها في نومه وفى يقظته‬
‫وفى نشاطه اليومي سواء في زراعة األرض أو امتهان حرفة الرعي والصيد‪ .‬وفيما يلي‬
‫عرض مختصر ألهم خصائص المجتمع الريفي مع مقارنة بينه وبين المجتمع الحضري‪:‬‬
‫‪-1‬البساطة‪ :‬حيث يتسم المجتمع الريفي بأنه بسيط في بناءه االجتماعي فهو يتكون في الغالب‬
‫من أسرة واحدة كبيرة‪ ،‬أو مجموعة من األسر يوجد بينها عالقات نسب ومصاهرة‪ ،‬كما أنه‬
‫بسيط في معالجته لشئونه الحيوية واالجتماعية فال يعرف التعقيد في أموره ويمتلك الحلول‬
‫التي يستطيع أن يواجه بها مشاكله في كل النظم االجتماعية القائمة‪ ،‬كذلك تتصف المباني‬
‫والمنشآت بالمجتمعات الريفية بالبساطة‪ ،‬وقلة تكاليف اإلنشاء على العكس من المجتمع‬
‫الحضري الذي تتعقد أموره ومشكالته بما يؤدى إلى صعوبة إيجاد حلول لها في كثير من‬
‫األحيان‪.‬‬
‫‪ -2‬االرتباط بالطبيعة‪ :‬ترتبط حياة اإلنسان في المجتمع الريفي بالطبيعة وعناصرها الرئيسية‬
‫أكثر من ارتباط أفراد المجتمع الحضري ببيئتهم‪ ،‬فامتهانهم الزراعة أو الرعي أو الصيد‬
‫جعلت حياتهم تسير وفقًا لظروف الطبيعة‪ ،‬وبالرغم من التقدم العلمي الهائل‪ ،‬ودخول‬
‫التكنولوجيا الجديدة في العمل الزراعي ال يزال هناك اعتقاد بين بعض الريفيين وخاصة كبار‬
‫السن بقوى الطبيعة‪ ،‬ويخافون من أن تضن عليهم السماء فال تمطر‪ ،‬أو تسلط عليهم اآلفات‬
‫والحشرات فتهلك الزرع‪ ،‬وتفتك بالضرع فيخشون غضبها ويرجون رضاها بعكس المجتمع‬
‫الحضري الذي يستطيع اإلنسان فيه السيطرة على قوى الطبيعة ويخضعها إلرادته وينظر‬
‫إليها نظرة استمتاع‪.‬‬
‫‪ -3‬العالقات االجتماعية بين أفراد المجتمع‪ :‬يمتاز المجتمع الريفي بالتماسك وقوة الشعور‬
‫بالمشاركة الوجدانية‪ ،‬وتقوم على العالقات الشخصية بين أفراده ومن ثم فهي قوية بقوة هذه‬
‫العالقات وعلى التفاعل والتالحم مع أصدقاءه وجيرانه بصفة مستمرة‪ ،‬ويساعد على ذلك‬
‫ضيق المجال الجغرافي الذي يتحرك ويعيش فيه‪ ،‬وتجعلهم في حديث دائم عن الزراعة‪،‬‬
‫والحيوانات‪ ،‬واآلفات واألمراض وكيفية مكافحتها‪.‬كما أنهم أكثر صراحة في التعبير عما‬
‫يجول بخاطرهم دون مراوغة أو مكر ولذلك نجد التماسك بين أفراد هذا المجتمع تماسك آلي‬
‫‪42‬‬

‫أو ميكانيكي في حين نجد العالقات االجتماعية في الحضر ضعيفة يغلب عليها الطابع‬
‫الرسمي وهى غالبًا عالقات غير مباشرة ‪،‬وتغلب الفردية على الحياة العائلية والتضامن بين‬
‫أفراده تضامن عضوي ‪.‬‬
‫‪ -4‬العادات والتقاليد‪ :‬تعتبر العادات الشعبية والعرف والتقاليد من المظاهر السائدة في‬
‫الريف‪ ،‬ويعمل أهله بمقتضاها‪ ،‬ويحافظون عليها‪،‬و يعيشون حياتهم الخاصة متأثرين بالقواعد‬
‫السلوكية والمعايير المنظمة لذلك‪ ،‬ومن يخالفهم يقع تحت طائلة عقوبات تختلف حسب قوة‬
‫هذه العادات والتقاليد ‪ ،‬بينما في المجتمعات الحضرية تحل القوانين والتشريعات الرسمية‬
‫محل العرف أو العادات والتقاليد ‪.‬‬
‫وبالرغم من ذلك نجد أن المجتمع الريفي أصبح في اآلونة األخيرة أكثر انفتاحا على العالم‬
‫الخارجي عن طريق انتشار وسائل اإلعالم بكافة أنواعها‪ ،‬والتوسع في التعليم ‪ ،‬وتغير في‬
‫بعض المفاهيم والقيم واالتجاهات إال أن هذا التغير هو تغير جزئي فما زال الكثير منها‬
‫راسخًا خاصة عند كبار السن منهم‪ ،‬ومن بيدهم اتخاذ القرار ‪.‬‬
‫‪ -5‬العمل والبطالة‪ :‬حيث تنتشر ظاهرة موسمية العمل الزراعي‪ ،‬وهى من أهم ظواهر‬
‫تكيف الطبيعة مع النشاط االقتصادي الزراعي‪ ،‬فاإلنتاج الزراعي للمحاصيل محدد في‬
‫بالمواسم التي تتميز بكثرة العمليات الزراعية ويقل الطلب عليه في المواسم األخرى‪،‬‬
‫وبالمقارنة مع النشاط االقتصادي في المجتمعات الحضرية نجد استمرارية اإلنتاج وبمعدل‬
‫ثابت طوال العام ولذلك فالطلب قائم بصفة مستمرة على العمال بجانب وجود نظام ثابت‬
‫ومحدد ألوقات وعدد ساعات العمل‪.‬‬
‫‪ -6‬البناء االجتماعي في الريف يقوم على أساس الحجم الصغير ‪ :‬يتميز البناء االجتماعي‬
‫في المجتمع الريفي بالتوحد في معظم األنساق االجتماعية القائمة وبالتالي بساطة شكل البناء‬
‫االجتماعي في هذه المجتمعات فمثال نجد أن النشاط الزراعي أحد مكونات النسق االقتصادي‬
‫لذا فالتوحد قائم بين الريفيين في أنه دخل أساسي لهم‪ ،‬وكذلك توحدهم في شكل الزواج السائد‬
‫لديهم سواء من داخل العائلة أو داخل القرية‪ ،‬وفى حل المشكالت بالطرق الودية عن طريق‬
‫العرف كنمط سائد للضبط االجتماعي‪ ،‬والتمسك بالقيم هو المحدد لسلوكهم في كثير من‬
‫األمور على العكس من المجتمعات الحضرية والتي يكون فيها حدود واضحة لمظاهر كل‬
‫نسق من أنساق البناء االجتماعي ومن ثم يتعقد شكل البناء االجتماعي‪.‬‬
‫‪43‬‬

‫‪ -7‬مستوى المعيشة‪ :‬تتسم الحياة االجتماعية في الريف بضآلة وضيق أبعادها‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫الدخول الفردية منخفضة بشدة إذا ما قورنت بالدخول الفردية العالية في المجتمعات الحضرية‬
‫نتيجة ارتفاع األجور في األعمال غير الزراعية‪ ،‬وزيادة الربح السنوي لرأس المال المستغل‬
‫في األنشطة غير الزراعية مما يؤثر إيجابيًا على كافة األبعاد االجتماعية واالقتصادية للسكان‬
‫الحضريين‪ ،‬يضاف إلى ذلك أن كبار مالك األراضي الزراعية يقيمون في المناطق الحضرية‬
‫وإ نفاقهم على السلع االستهالكية يحرم سوق المجتمع الريفي من السيولة النقدية التي تعمل‬
‫على زيادة النقد المتداول في السوق‪ ،‬هذا بجانب توفر الخدمات العامة في المجتمع الحضري‬
‫بصورة أكبر عن الخدمات المتوافرة في المجتمع الريفي مثل وسائل المواصالت‪ ،‬والطرق‬
‫الممهدة‪ ،‬والمستشفيات‪ ،‬وعيادات األطباء‪ ،‬والنوادي االجتماعية‪ ،‬والمؤسسات التعليمية‬
‫بمختلف مستوياتها‪.....‬الخ‪.‬‬
‫‪ -8‬السكان‪ :‬يقل عدد السكان وكثافتهم في المجتمع الريفي عنه في المجتمع الحضري حيث‬
‫يحتاج العمل الزراعي إلى أعداد أقل من العمال عنه في العمل غيرا لزراعي الذي يتطلب‬
‫أعدادًا أقل للعمل في مساحات شاسعة من األراضي‪.‬‬
‫‪ -9‬المهنة‪:‬تسود في المجتمعات الريفية مهنة الزراعة التي تشمل اإلنتاج النباتى والحيواني‪،‬‬
‫ومازال التنظيم الزراعي في كثير من دول العالم يرتكز على األسرة الريفية فالزراعة مهنة‬
‫عائلية يشترك فيها جميع أفراد األسرة ولذلك فالعالقات األسرية مترابطة متماسكة أكثر منها‬
‫في المجتمعات الحضرية التي توجد بها مهن متباينة ومتعددة في الصناعة والتجارة واإلدارة‬
‫واألعمال الحرفية المختلفة‪ ،‬وهى مهن يغلب عليها طابع التخصص‪ ،‬ويحتاج معظمها إلى‬
‫مهارات فنية وعلمية ال يمكن للفرد العادي غير المدرب أن يؤديها بكفاءة‪.‬‬
‫‪ -10‬الفوارق االجتماعية‪:‬‬
‫أن عدد الطبقات االجتماعية أقل في الريف عنها في الحضر‪.‬‬ ‫ا‪-‬‬
‫ب‪ -‬أن قمة الهرم الطبقي في المجتمع الريف ال تبعد كثيرًا عن القاعدة عكس المجتمع‬
‫الحضري‪.‬‬
‫ﺠ‪ -‬يغلب على الطبقات االجتماعية في الريف الطبقة المتوسطة‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫أن الحراك االجتماعي من طبقة اجتماعية إلى طبقة أخرى أسهل في المجتمع‬ ‫د‪-‬‬
‫الحضري عنه في المجتمع الريفي‪.‬‬
‫‪ -11‬التغير االجتماعي‪ :‬يعتبر التغير االجتماعي في المناطق الريفية بطيئًا نسبيًا إذا ما قورن‬
‫بالتغير االجتماعي في المجتمع الحضري ألن أهل الريف يحافظون بطبيعتهم على ما هو‬
‫قائم‪ ،‬وإ ن أي تغير يكون بصعوبة إذا لم تجد من الوسائل واألساليب اإلقناعية التي تؤكد أهمية‬
‫وضرورة التغيير لممارسة أي فكرة مستحدثة‪ ،‬وذلك عكس أفراد المجتمع الحضري الذين ال‬
‫يتمسكون بعناصر الثقافة القديمة بل يقبلون دائما على تطبيق الجديد من األفكار أمال في‬
‫تحقيق أعلى عائد مادي‪ ،‬وكذلك قبول العناصر والسمات الثقافية الجديدة‪.‬ولذلك يكون التغير‬
‫االجتماعي فيه سريع نسبيًا نتيجة تكيف وتمثيل العناصر الثقافية التي تنتشر في الثقافات‬
‫الخارجية مع الثقافة السائدة لدى أفراد هذا المجتمع‪.‬‬
‫‪ -12‬النظرة غير المحدودة للوقت والمسافات‪ :‬يتأثر المزارعون بموسمية اإلنتاج الزراعي‪،‬‬
‫وعدم انتظام العمل الزراعي‪ ،‬ومن ثم وجود فراغ كبير من الوقت فهو ال يلتزم بتوقيت محدد‬
‫للذهاب إلى أرضه أو في العودة منها وهذا األمر جعله ال يهتم بتحديد مواعيده عكس سكان‬
‫الحضر الذين يستغلون كل أوقات فراغهم وبالتالي فهم يقومون بتحديد مواعيد عملهم ويقظتهم‬
‫وراحتهم بحيث يتم استغالله االستغالل األمثل الذي يحقق مصالحهم وأهدافهم‪.‬‬
‫‪ -13‬التأثر العاطفي والتأثر بالعالقات الشخصية‪ :‬حيث نجد أهل الريف عاطفيون إلى درجة‬
‫كبيرة عن أهل المدن الذين يتحكمون نسبيًا في عواطفهم‪ ،‬كما يتأثر أفراد المجتمع الريفي‬
‫بالعالقات الشخصية واألحاديث الودية فال يستطيع رفض طلب زائر له في منزله‪ ،‬أو التنازل‬
‫عن بعض حقوقه لآلخرين‪ ،‬وقيامه بمساعدة المحتاجين‪ ،‬وتبادل األدوات واآلالت المز رعية‬
‫مع جيرانه‪.‬‬
‫‪ -14‬احترام السن‪ :‬تتسم المجتمعات الريفية باحترام صغار السن لكبارهم وأن أي مناقشة أو‬
‫احتداد أو اهانة للكبار من صغار السن تعتبر مخالفة للمعايير السائدة فتقابل بالنقد الشديد من‬
‫أفراد المجتمع‪.‬‬
‫‪ -15‬احترام الشجاعة والقوة‪ :‬تعد الجرأة والشجاعة من الصفات التي تجعل الفرد محل‬
‫تقدير وإ عجاب من اآلخرين خاصة فى المجتمعات الريفية لتحملهم الصعاب والقيام بالعمل‬
‫‪45‬‬

‫المضني‪ ،‬ودفع الخطر عن مزارعهم وأمالكهم‪ ،‬ويمقتون الضعفاء الذين ال يستطيعون‬


‫المحافظة على أمالكهم أو الحصول على حقوقهم‪ ،‬بينما ال تمثل هذه الصفات أى أهمية‬
‫ألفراد المجتمع الحضري‪.‬‬
‫‪ -16‬الكرم‪ :‬يتميز الفالح العربي بإكرامه للضيف‪ ،‬وعادة يتباهى الفالحين وخاصة في‬
‫المجتمع البدوي بذلك فال أحد منهم يريد أن يتهم أو يوصف بالبخل فهي إحدى الصفات غير‬
‫المرغوبة‪ ،‬وال تزال سائدة في بعض المناطق الريفية‪ ،‬بينما اندثرت أو ضعفت في أماكن‬
‫أخرى بعد أن توفرت عوامل التحضر كاالتصاالت ووسائل المواصالت‪ ،‬والخدمات المختلفة‬
‫بهذه المناطق‪.‬‬
‫‪ -17‬التدين‪ :‬يغلب على أفراد المجتمع الريفي التقوى والقرب من اهلل عز وجل فطبيعة‬
‫عملهم بالزراعة جعلتهم أكثر قربًا وأكثر شعورًا بقوة اهلل سبحانه وتعالى ألن نمو النبات تحت‬
‫تأثير الظواهر الطبيعية المختلفة التي ال يستطيع اإلنسان التحكم فيها تذكر المزارع دائما‬
‫بقدرة اهلل‪ ،‬وكمية اإلنتاج الزراعي تتأثر بعوامل المطر والصقيع والرياح والحشرات واآلفات‬
‫وهذه خارجة عن إرادة المزارع وبسببها يقوى شعوره بالحاجة إلى مساعدة اهلل في عمله‪ ،‬في‬
‫حين يقل أثر العوامل الطبيعية على النشاط الذي يقوم به أفراد المجتمع الحضري حيث التحكم‬
‫في النشاط الصناعي ومدخالته ونواتجه والقدرة على تحديدها بدقة‪ ،‬وكذلك تشغل مظاهر‬
‫الحضارة المادية المنتشرة في الحضر وطغيانها معظم سكانه عن التدين في معظم األحيان‪.‬‬

‫الفروق الريفية الحضرية‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫استرعى نظر المهتمين بدراسة المجتمع منذ زمن طويل وجود اختالف في طبيعة‬
‫المجتمعات حيث تميزت بوجود طابعين هما المجتمع الريفي والمجتمع الحضري‪ ،‬كما‬
‫اختلفت الدول في المعايير المتبعة لتحديد ما هو ريفي وما هو حضري بالرغم من أنهما‬
‫ينتميان إلى أصل واحد‪ ،‬وأتبعت في ذلك التحليالت العلمية من جانب علماء اإلجتماع‪ ،‬وبذلت‬
‫جهود لوضع نظريات تفسر هذه الفروق‪ ،‬وإ ن تباينت بين السطحية والتعمق وبين التسرع‬
‫وبعد النظر‪ ،‬وبين التصورات الخاطئة والتصورات الصائبة‪.‬ولقد كان ذلك كله رهنًا بالمرحلة‬
‫‪46‬‬

‫التطورية التي بلغها علم اإلجتماع‪ .‬وسوف نعرض فيما يلي االتجاهات النظرية والرؤى‬
‫المختلفة لتحليل خصائص المجتمع الريفي في مقابل المجتمع الحضري‪:‬‬
‫االتجاهات النظرية لتحليل المجتمعات الريفية والمجتمعات الحضرية‪:‬‬
‫ويقصد بها تلك األفكار واآلراء التي شاع استخدامها وتأثر بها عدد كبير ممن كتبوا في‬
‫هذا الموضوع‪،‬وتندرج هذه النظريات ضمن طائفتين أساسيتين على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرية المحك الواحد وانتقاداتها‪:‬‬
‫ويتخذ بعضًا من أصحاب هذه النظرية بعدًا واحدًا للتمييز بين المجتمعين الريفي‬
‫والحضري‪،‬حيث نجد مثًال أن من اتخذ منهم حجم السكان محورًا لهذا التمييز يرى أن‬
‫التحضر هو عملية التركز السكاني وهى عملية تتخذ طريقين أولهما‪ :‬تعدد مراكز التركز أي‬
‫نمو مراكز حضرية متعددة‪،‬وثانيهما‪ :‬نمو التركز السكاني القروي‪ ،‬وتضخم حجم القرية‬
‫وتحولها إلى مدينة‪ ،‬ووفقًا لهذا االتجاه يمكن تحديد القرية بأنها منطقة التخلخل السكاني بينما‬
‫المدينة منطقة التركز السكاني‪ .‬كما اتخذ البعض اآلخر المهنة كأساس وحيد للتمييز بين‬
‫الريف والحضر‪ ،‬واستند آخرون إلى عنصر القوة أو السلطة‪.‬وبالرغم من التباين في استخدام‬
‫المحكات المنفردة للتمييز إال أن حجم المجتمع هو المحك الوحيد الذي يشيع استخدامه بدرجة‬
‫واسعة في التمييز بين الريف والحضر بين أصحاب هذه النظريات‪.‬‬
‫ومن الواضح أن هذا المحك قد سهل كثيرًا عمليات القياس والمقارنة‪،‬إال أن من نقاط ضعفه‬
‫استخدام محكات أخرى معاونة وذلك عندما يقوم مستخدميه بتحليل بياناتهم من منظور‬
‫حضاري‪،‬فالمجتمعات السكانية التي تقع في الفئة السكانية من خمسة إلى عشرة آالف تتباين‬
‫فيما بينها تباينًا ملموسًا بالنظر إلى اإلطار االجتماعي الذي تنتمي إليه‪ ،‬وكذلك بالنظر إلى‬
‫مرحلة التقدم االقتصادي واالجتماعي التي وصلت إليها المجتمعات‪،‬كما يساعد التقدم‬
‫التكنولوجي على التركز السكاني الذي هو صنو التحضر في نظرهم‪.‬وانطالقا من ذلك‬
‫فالتكنولوجيا ومستوى التقدم لهما من االعتبار عند تحليل األنماط الريفية الحضرية في نماذج‬
‫مختلفة من المجتمعات‪.‬‬
‫‪ -2‬نظرية المحكات المتعددة وانتقاداتها‬
‫‪47‬‬

‫وهى تلك النظرية التي اعتمدت على محكات متعددة للتفرقة بين الريف والحضر ومن‬
‫رواد هذه النظرية سوركين ‪ Sorokin‬وزمرمان ‪ Zemarman‬ورد فيلد‪ Field R.Red‬وورث‬
‫‪ Worth‬وذلك كما يلي‪:‬‬

‫(أ) يميز سوركين وزمرمان بين الريف والحضر وفق مجموعة من األسس التي تأثر أيضًا‬
‫بها الكثيرون فيما بعد وتبنوا وجهة نظرهم أمثال" سميث "و"لومس" في مؤلفيهما عن‬
‫سسيولوجيا الحياة الريفية‪ ،‬واألنساق االجتماعية الريفية‪ ،‬ومن األسس التي وضعها" سوركين"‬
‫و"زمرمان" الفروق المهنية‪ ،‬واالختالفات البيئية‪ ،‬وحجم المجتمع‪ ،‬وكثافة السكان‪ ،‬وتجانس‬
‫السكان أو عدم تجانسهم نفسيًا واجتماعيا وثقافيًا‪ ،‬ودرجة الحراك االجتماعي واتجاهه‪ ،‬واتجاه‬
‫الهجرة‪ ،‬وشكل التباين االجتماعي‪ ،‬وأنساق التفاعل االجتماعي‪ .‬ولقد ارتكزا في ذلك على‬
‫العوامل االجتماعية الصارمة كالتجانس والتباين والتفاعل‪.‬‬
‫وهذا اإلطار التصنيفي الذي وضعه سوركين وزمرمان يساعد على تصنيف المجتمعات‬
‫المحلية وفقًا لشيوع عدد من الخصائص أو األبعاد فالمجتمع الريفي مجتمع متجانس بينما‬
‫المجتمع الحضري مجتمع غير متجانس‪ ،‬والتفاعل في المجتمع الريفي يأخذ الطابع األولى في‬
‫حين يكون التفاعل ثانوي في المجتمع الحضري‪ ،‬كما يتضح أنهما لم يقدما متغيرات بارزة‬
‫يمكن استخدامها في تفسير وجود االختالفات بين المجتمعات الحضرية والمجتمعات الريفية‪،‬‬
‫أي التفسير واإلجابة عن سؤالين مفادهما لماذا تتخذ الحياة القروية هذا الشكل وكذلك الحياة‬
‫الحضرية؟ وما هي العوامل التي شكلت الثقافة القروية في مقابل الثقافة الحضرية ؟مما يجعل‬
‫مسألة التعمق في دراسة أو معرفة أسباب وجود هذه االختالفات ضرورة قائمة‪.‬‬
‫(ب) أما " ورث و ردفيلد " فقد كانت رؤيتهما أن المدينة مسئولة إلى حد كبير عن وجود‬
‫الحياة القروية‪،‬أو هي متغير رئيسي في تفسير ظواهر اجتماعية معينة ومنها الفروق الريفية‬
‫الحضرية‪.‬فنجد روث مثًال في معالجته لموضوع الحضرية على أنها أسلوب للحياة وهو جهد‬
‫نظري لم يستند إلى الدراسة الواقعية‪.‬‬
‫ويرى" ورث" أن المدينة تتميز عن الريف بعدة خصائص هي‪:‬‬
‫‪ -1‬تتمتع بحجم أكبر من السكان‪.‬‬
‫‪ -2‬تزيد فيها شدة الكثافة السكانية‪.‬‬
‫‪48‬‬

‫‪ -3‬تتميز بالنمو والتضخم الذي يصاحبه ظهور طابع علماني وعقالني وانهيار النسيج‬
‫المعياري واألخالقي‪.‬‬
‫‪ -4‬المدينة غير متجانسة‪ ،‬حيث تضم نوعيات مختلفة من السكان‪ ،‬والطبقات االجتماعية‪،‬‬
‫والجماعات الفرعية‪ ،‬والمستويات التعليمية‪ ،‬والمهن‪.‬‬
‫‪ -5‬تشيع فيها العالقات الثانوية على حساب عالقات القرابة وغيرها من أشكال العالقات‬
‫األولية‪.‬‬
‫‪ -6‬يسود فيها الضبط االجتماعي الرسمي المتمثل في القانون وأجهزته على حساب‬
‫الضوابط االجتماعية غير الرسمية كالعادات والعرف واألخالق والمعايير وغير‬
‫ذلك‪.‬‬
‫كذلك فإن الحضرية من وجهة نظره أسلوب من الحياة غير مستقر‪،‬وفى حركة‬
‫دائبة‪،‬وغير محدد المعالم‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى صاغ ردفيلد ثنائيته التي تقابل بين مجتمع شعبي‪ ،‬وآخر حضري‪ ،‬واعتمد‬
‫في ذلك على دراسات واقعية لعدة مجتمعات محلية متدرجة تضم قرية صغيرة يسيطر عليها‬
‫طابع الثقافة الشعبية غير العلمية ومجتمعًا قرويًا أكبر ثم مركزًا حضريًا صغيرًا فمدينة‪.‬‬
‫ويلخص رد فيلد إطاره النظري في أن عزلة المجتمع وتجانسه يقفان معًا بوصفهما‬
‫متغيرين مستقلين‪ ،‬وأن تكامل الثقافة وتفككها‪ ،‬والعلمانية والفردية فهى متغيرات معتمدة‪ ،‬بما‬
‫يعنى أن العزلة والتجانس هما المحددان لثقافة القرية أو المدينة فكلما كان المجتمع منعزًال‬
‫ومتجانسًا ظهرت فيه الخصائص القروية كتكامل الثقافة والتفكير غير العلمي والجماعية‬
‫وغير ذلك بجانب عوامل أخرى يكون للعزلة والتجانس الدور األساسي فيها‪ ،‬وإ ذا ما تكسرت‬
‫العزلة‪ ،‬واتجه المجتمع إلى الالتجانس ظهرت الخصائص الحضرية كتفكك الثقافة والعلمانية‬
‫والفردية‪.‬‬
‫ولقد وصف ردفيلد خصائص المجتمع الشعبي أنه مجتمع صغير‪ ،‬منعزل‪ ،‬تشيع فيه األمية‪،‬‬
‫ويسوده شعور دافق بالتضامن الجماعي‪.‬‬
‫إنتقادات نظريات المحكات المتعددة‪:‬‬
‫‪49‬‬

‫على الرغم من الجهود التي قام بها كل من ورث وردفيلد وإ عطاء تفسيرات للفروق‬
‫الريفية الحضرية إال أنه يمكن وصف االنتقادات الموجهة إليهما على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬يذهب رد فيلد وورث إلى أن المجتمع الشعبي مغلق ومكتف ذاتيًا بينما تعد المدينة أو‬
‫المجتمع الحضري نظامًا جزئيًا أو جزء من كل‪ ،‬ومن ثم فإنهما يقعا على طرفي‬
‫نقيض‪ ،‬وهذا غير حقيقي في الواقع‪ ،‬ولا يمكن المقارنة بين القرية والمدينة على هذا‬
‫النحو‪.‬فالمقارنة تكون باعتبار كل منهما يشكل نسقًا أو نظامًا فرعيًا داخل مجتمع‬
‫أكثر اتساعا‪.‬كذلك إن جاز أن تنطبق هذه النظرة على المجتمع البدائي المعلق‬
‫المنعزل إال أنها ال تنطبق على مجتمع القرية الذي يرتبط بنطاق اجتماعي أكبر‬
‫متمثًال في الدولة أو المجتمع القومي‪ ،‬حيث تتأثر القرية في المجتمعات الحضارية‬
‫باألحداث المحيطة محليًا أو عالميًا‪.‬‬
‫ولقد سجلت كثير من الدراسات السسيولوجية الحديثة االتصال الوثيق‬
‫والمستمر بين القرية والنطاقات االجتماعية األكثر اتساعا في فترات تاريخية مختلفة‪،‬‬
‫فالثورة االتصالية كسرت الحواجز الباقية بين المجتمعات‪ ،‬وحققت درجة عالية من‬
‫التكامل االجتماعي والسياسي بين القرية وقضايا المجتمع القومي‪.‬‬
‫‪ -2‬افتراض رد فيلد وورث وكذلك سوركين وزمرمان أن المجتمع القروي يتميز بدرجة‬
‫عالية من التجانس واالستقرار بينما يتميز المجتمع الحضري بمعدل مرتفع من عدم‬
‫التجانس‪ ،‬وعدم االستقرار‪ ،‬والواقع قد يشير إلى غير ذلك فكثيرا ًمن المجتمعات‬
‫الريفية وفقًا لنظرية االقتصاد المحدود ما هي إال نموذجًا لما يمكن أن ينطوي عليه‬
‫مجتمع القرية من حقد وكراهية وصراع‪ ،‬وكذلك ما تحدث به من ثورات وتمرد‬
‫وصراع طبقي‪.‬‬
‫‪ -3‬المبالغة في تقدير ردفيلد وورث للتفكك الثقافي والمعياري واألخالقي الذي يتسم به‬
‫مجتمع المدينة‪ ،‬وهما في ذلك يتأثران بمجتمعهما في تلك الفترة والتي تميزت بتفكك‬
‫المجتمع وعدم االستقرار خالل فترة العشرينيات والثالثينيات في الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬كما لم يتمكنا من فهم وإ دراك اآلالف من التنظيمات االجتماعية غير‬
‫الرسمية داخل اإلطار الحضري وقد يرجع ذلك إلى أن التنظيمات غير الرسمية‬
‫الكائنة في المناطق المتخلفة في المدينة ليست على نفس عمق وشدة مثيلتها في‬
‫‪50‬‬

‫المناطق الريفية‪ .‬وهذا يعنى أن المدينة كما كانت مصدرًا للتغير في مرحلة ما قبل‬
‫الصناعة فإنها كانت مصدرًا للجمود واالستقرار أيضًا‪ ،‬ولكن كان اهتمام علماء‬
‫اإلجتماع بوظيفتها في مجال التغير وأغفلوا وظيفتها في نطاق الجمود‪ ،‬وكما أنه‬
‫وجدت مدنًا موطنًا للشرور واآلثام فإن هناك مدنًا تتمتع بدرجة عالية من القداسة‬
‫فمثًال بقيت مدينة القدس رمزًا مقدسًا لجماعات دينية عديدة‪ ،‬ومن أهم أركان اإلسالم‬
‫الحج إلى بيت اهلل الحرام بمكة لمن استطاع إليه سبيال‪.‬ولقد أدرك "ردفيلد" أخطاؤه‬
‫في كتابات الحقة عالج فيها القرية بوصفها مجتمعًا داخل مجتمعات‪ ،‬وكأجزاء ضمن‬
‫سياق اجتماعي أكبر يضمها جميعًا‪.‬‬
‫‪ -4‬أن أي شكل من أشكال االختالف بين القرية والمدينة إنما هو نتاج لنسق ثقافي‬
‫معين‪،‬ومن ثم فإن الفروق بين القرية والمدينة يمكن أن تختلف اختالفا واسعًا من‬
‫ثقافة إلى أخرى نتيجة التداخل والتشابك بين مكونات ثقافاتها فمثًال نجد في الهند أنه‬
‫قد يحدث نتيجة التداخل في البناء المهني أن مدنًا كبرى تضم أعدادًا كبيرة من‬
‫المزارعين‪،‬أو نتيجة ألن السكان الذين ينتمون إلى الطبقات الدنيا في الريف والمدينة‬
‫يشتركون فيما يسمى بثقافة الفقر حيث تقف الحالة االقتصادية السيئة التي تعانى منها‬
‫الطبقات الدنيا الحضرية والقروية عائقًا أمام مشاركتهم سواء فيما تتمتع به الصفوة‬
‫التقليدية أو الطبقة الصناعية الوسطى‪.‬‬
‫وكذلك من االنتقادات الموجهة لسوركين وزمرمان أن جهودهما كانت وصفية‬
‫وتصنيفية في المقام األول وليست جهودًا تفسيرية‪.‬‬
‫أن ظاهرة التشابك والتداخل بين القرية والمدينة في الدول النامية ظاهرة عامة‪،‬فقد‬
‫فشل الباحث الهندي"بوكوك" في إيجاد فروق فاصلة بين القرية والمدينة الهندية وتحدى بذلك‬
‫الميدان الحقيقي للدراسات الريفية الحضرية‪.‬‬
‫التقسيمات المختلفة للمجتمعات‪:‬‬
‫تتعدد وتختلف المقاييس المتبعة لتصنيف المجتمعات منها ما يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬التصنيف اإلحصائي ‪:‬‬
‫‪51‬‬

‫ويعتمد هذا التصنيف على حجم المجتمع من حيث عدد سكانه ففي الواليات المتحدة‬
‫األمريكية يعتبر المجتمع الريفي هو المجتمع الذي يقل عدد سكانه عن ‪ 2500‬نسمة بينما‬
‫يعتبر المجتمع حضريًا عندما يزداد عن هذا العدد‪.‬‬
‫‪ ‬في بتسوانا‪:‬المجتمع الحضري عبارة عن التجمعات السكنية التي تحوى ‪ 5000‬نسمة‬
‫فما فوق على أن يكون النشاط االقتصادي ممثًال لنسبة ‪.%75‬‬

‫وفى غينيا‪ :‬الحضر هو المراكز اإلدارية والتجمعات السكانية التي تحوى ‪ 300‬منزًال‬ ‫‪‬‬
‫فما فوق‪،‬أو ‪ 1500‬نسمة فما فوق‪.‬‬
‫‪ ‬و في كندا‪ :‬الحضر هو التجمعات السكانية التي يبلغ عددها ‪ 1000‬نسمة فما فوق‬
‫بشرط أن تصل الكثافة السكانية فيها إلى ‪ 400‬نسمة أو أكثر‪/‬كم‪.2‬‬
‫‪ ‬وفى فرنسا‪ :‬المجتمع الحضري هو عبارة عن التجمعات السكانية التي يبلغ عدد سكانها‬
‫‪ 2000‬نسمة فما فوق‪ ،‬ويسكنون في بيوت متقاربة بحيث ال تزيد المسافة الفاصلة بينها‬
‫عن‪ 200‬متر‪ ،‬والمراكز اإلدارية الرسمية التي يسكن أغلب سكانها في تجمعات تتصف‬
‫بنفس الصفات‪.‬‬
‫‪ ‬وفى سوريا‪:‬الحضر هو عبارة عن مراكز المحافظات وفروعها أو التجمعات السكانية‬
‫التي يبلغ عدد سكانها‪ 2000‬نسمة فما فوق‪.‬‬
‫‪ ‬وفى جغرافيا السكان يعرف الحضر بأنهم "األفراد الذين يسكنون المدن‪ ،‬ويمتهنون مهنًا‬
‫في قطاعي الصناعة والخدمات"‪ .‬أما سكان الريف فهم" األفراد الذين يسكنون القرى‬
‫ويمتهنون مهنًا في قطاع الزراعة"‪.‬ويصنف العاملون في صيد البحر والبر‪،‬وكذلك البدو‬
‫الرحل وأشباه الرحل ضمن السكان الريفيين‪.‬‬
‫ب‪ -‬التصنيف المهني‪:‬‬
‫ويعتمد هذا التصنيف على تقسيم المجتمعات وفقًا للمهن السائدة فالمجتمعات التي تعتمد‬
‫على الصناعات األولية في معيشتها مجتمعات ريفية‪ .‬وبناءًا على ذلك فالمجتمعات التي تعتمد‬
‫على مهنة الزراعة أو الصيد أو التعدين هي مجتمعات ريفية‪.‬‬
‫ج‪ -‬التصنيف اإلداري‪:‬‬
‫وهذا النوع من التصنيف يقسم المجتمع إلى وحدات ريفية وأخرى حضرية حيث اعتبرت‬
‫المناطق الحضرية هي تلك التي تقسم إداريًا كمراكز‪ ،‬وتفرض على المباني والمنشآت القائمة‬
‫‪52‬‬

‫بها عوائد‪ .‬أما المجتمع الريفي فهو المجتمع الذي ليس عاصمة لمحافظة أو إقليم أو لمركز‬
‫من المراكز اإلدارية‪.‬‬
‫د‪ -‬التقسيمات الثنائية ‪:‬‬
‫‪ -1‬تقسيم ابن خلدون‪:‬‬
‫من أوجه التفرقة الثنائية بين المجتمعين الريفي والحضري ما أشار به الرواد األوائل لهذا‬
‫العلم حيث أبرز ابن خلدون هذه التفرقة بين مجتمع البدو أو المجتمع الريفي ومجتمع الحضر‬
‫أو مجتمع المدينة فذكر أن البدو أقدم من أصل الحضر فالبادية أصل العمران وأن خشونة‬
‫البداوة تسبق رقة الحضارة‪ ،‬وأن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر‪ ،‬وأقرب إلى‬
‫الشجاعة منهم‪ ،‬وأن عمران البادية ناقص عن عمران الحضر فموارده محدودة والحرف به‬
‫غير متوفرة عكس المجتمع الحضري الذي تتعدد موارده‪ ،‬وتزداد به فرص العمل نتيجة تعدد‬
‫الحرف‪.‬‬
‫أرجع ابن خلدون الفرق بين البدو والحضر إلى االختالف في مصادر اإلنتاج والمهنة حيث‬
‫قال أن اختالف األجيال في أحوالهم إنما هو باختالف نحلتهم من المعاش فإن اجتماعهم إنما‬
‫هو للتعاون على تحصيله واالبتداء بما هو ضروري منه وبسيط قبل الحاجي والكمالي فمنهم‬
‫من يستعمل الفلح من الفراسة والزراعة ‪،‬ومنهم من ينتحل القيام على الحيوان من الغنم والبقر‬
‫والمعز والنحل والدود لنتاجها واستخراج فضالتها‪،‬وهؤالء القائمون على الفلح والحيوان‬
‫تدعوهم الضرورة والبد إلى البدو ألنه متسع لما ال يتسع له الحواضر من المزارع والفدن‬
‫والمسارح للحيوان وغير ذلك‪ .‬وبالرغم من أن الفروق الريفية الحضرية قد شغلت أذهان‬
‫الكثير من إعالم علماء اإلجتماع الذين اهتموا ببناء تصورات نظرية تشير إلى أنماط مختلفة‬
‫من الحياة االجتماعية إال أنه على أرض الواقع ال يمكن وضع خط فاصل بين ما هو ريفي‬
‫وما هو حضري فبين هذين النمطين من الحياة تداخل وتدرج في أشكال وأنواع المستوطنات‪،‬‬
‫وفى تنوع النشاط االقتصادي والمهني‪ ،‬وفى التراكيب والعالقات االجتماعية والثقافية‪ ،‬ولذا‬
‫فإنه يمكن تقسيم سكان الحضر إلى سكان المدن الكبرى‪ ،‬وسكان المدن الصناعية‪ ،‬ويقسم‬
‫سكان الريف إلى ريفيين زراعيين‪ ،‬وريفيين غير زراعيين‪.‬‬
‫‪ -2‬تقسيم"فرديناند تونيز‪F.Toennies :‬‬
‫‪53‬‬

‫قدم عالم اإلجتماع األلماني فرديناند تونيز في أوائل القرن العشرين مقارنته بين‬
‫الثنائية " ريفي وحضري " حيث قارن بين المجتمع ذو الطابع الريفي أو المجتمع المحلى‬
‫المغلق الذي تسوده العالقات األولية والقرابية ‪ ،Gemeinschaft‬وبين المجتمع الحضري أو‬
‫المجتمع المحلى المفتوح ‪ Gesselechaft‬الذي تسوده العالقات القانونية والتعاقدية بين‬
‫أفراده‪.‬وتتمثل الفروق بين هذين المجتمعين في اآلتي‪:‬‬
‫ا‪ -‬المجتمع المحلى المغلق وحدة محدودة النطاق أما المجتمع العام المفتوح فهو أكبر من‬
‫المجتمع المحلى‪.‬‬
‫ب‪ -‬يخضع المجتمع المحلى لسلطان الدين والعادات والتقاليد بينما يخضع المجتمع العام‬
‫لقوة القانون وزيادة العالقات والروابط التعاقدية والطبقية‪ ،‬ومستوى منخفض من‬
‫التضامن والتكامل بما يؤدى إلى مستوى عال من االغتراب وفقدان المعايير‪.‬‬
‫ﺠ‪ -‬تسيطر العواطف والمشاركات االجتماعية في المجتمع المحلى المغلق أما المجتمع‬
‫العام فتسيطر عليه العالقات القائمة على المصلحة ويسوده التنافس والنزاع‬
‫والصراع والتشريع‪.‬‬
‫تعتبر األسرة وحدة المجتمع المحلى بينما الجماعات هي وحدة بناء المجتمع العام‪،‬‬ ‫د‪-‬‬
‫وتتنوع هذه الجماعات بتنوع مظاهر النشاط االجتماعي فقد تكون سياسية أو‬
‫اقتصادية أو دينية أو ترفيهية‪.‬‬
‫‪ -3‬تقسيم هوارد بيكر ‪H.Becker :‬‬

‫ولقد كان" لهوارد بيكر"منظور مختلف في رؤيته لكال المجتمعين فالمجتمع الريفي‬
‫يتميز بثقافة بطيئة التغير أما المجتمع العلماني ‪Seculer‬‬ ‫مجتمع مقدس ‪Sacred Society‬‬
‫‪ Society‬فيتسم بثقافة متحررة متغيرة‪.‬‬
‫‪ -4‬تقسيم إميل دور كايم‪E.Durkhiem :‬‬

‫قدم العالم الفرنسي إميل دور كايم تفرقة بين هذين المستويين االجتماعيين من منظور‬
‫العالقات االجتماعية فالمجتمع الريفي تسوده العالقات الميكانيكية أو التضامن اآللي حيث‬
‫تقوم عالقاتهم واستجاباتهم على التلقائية الميكانيكية التي تعتمد على التماثل بين أعضاء‬
‫المجتمع ويكون للضمير الجمعي قوة ملحوظة‪ ،‬ويشير الضمير الجمعي إلى المجموع الكلى‬
‫‪54‬‬

‫للمتغيرات والعواطف العامة بين معظم أعضاء المجتمع والتي تشكل نسقًا له طابع مميز‪،‬‬
‫وهذا الضمير الجمعي يعيش بين األفراد ويتخلل حياتهم ويكتسب نوع من القوة التي تحكم‬
‫سلوكهم وتضبط تصرفاتهم وال يجوز ألحد من هذه المجتمعات التعدي عليه أو حتى االختفاء‬
‫من سلطته‪.‬أما المجتمع الحضري فهو مجتمع عالقاته معقدة وتقوم على التضامن العضوي‬
‫التي أساسها المنفعة المتبادلة‪ ،‬ويتسم بخاصية عدم التجانس ويظهر فيه تقسيم العمل‬
‫والتخصص واالعتماد المتبادل بين أفراده وطوائفه وتقل أهمية الضمير الجمعي‪ ،‬وتظهر‬
‫أساليب جديدة تحكم سلوكيات وتصرفات أفراده‪.‬‬
‫االنتقادات الموجهة لفكرة التقسيمات الثنائية‪.:‬‬
‫بالرغم من تعدد األفكار المستخدمة في التقسيمات الثنائية(الريفية‪ -‬الحضرية) إال أن‬
‫بعض العلماء المعاصرين وجهوا نقدًا شديدًا لها وذلك لألسباب اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬عدم استيعابها لجميع أشكال المجتمعات التي مرت بها عبر تاريخها الطويل‪.‬‬
‫‪ -2‬وجود تشابه واضح بينهما فعلماء اإلجتماع األوائل يقابلون بين نمط معين من‬
‫المجتمعات تسيطر فيه الجماعة على الفرد‪ ،‬وترسم له موقفًا ثابتًا ال يتغير ونمط آخر‬
‫من مجتمعات أخرى يعبر فيه الفرد عن نفسه ويتمتع باالستقاللية‪.‬‬
‫‪ -3‬أن التفرقة التي أوجدها بعض علماء اإلجتماع قامت على مجتمعات مختلفة فعلى‬
‫سبيل المثال التفرقة التي أشار إليها " تونيز" ما هي إال تفرقة بين المجتمعات‬
‫الرأسمالية الحديثة والمجتمعات التقليدية القائمة على العرف والتقاليد‪.‬‬
‫‪ -4‬صعوبة االعتماد عليها في التمييز بين المجتمعين الريفي والحضري بشكل شامل‬
‫فهي ال تمثل سوى وسيلة مبدئية للتفرقة بينهما‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم وجود خط فاصل للتفرقة بين المجتمع الريفي والمجتمع الحضري فكثيرًا من‬
‫المجتمعات كانت في فترة سابقة مجتمعات قروية تطورت تدريجيًا وتحولت إلى‬
‫مجتمعات مدنية‪.‬‬
‫والشك أن تلك المحاوالت للتفرقة بين المجتمعات الريفية أو البدوية وبين المجتمعات‬
‫الحضرية لها داللتها وقيمتها خاصة في مراحل الدراسات االجتماعية األولى حيث ساعدت‬
‫‪55‬‬

‫على زيادة المعارف المتعلقة بطبيعة وأسلوب الحياة االجتماعية في هذين النمطين المتغايرين‬
‫من المجتمعات‪.‬‬
‫ونظرًا العتقاد بعض علماء اإلجتماع بفشل فكرة الثنائيات فلقد اتجه البعض إلى اتخاذ‬
‫أساليب جديدة للتمييز بين الريف والحضر في أي مجتمع تقوم على فكرة المتصل الريفي‬
‫الحضري سواء باالعتماد على محكًا واحدًا مثل عدد السكان أو المهنة أو استخدام المحكات‬
‫المتعددة مثل الفروق التي تبنى على أساس الفروق المهنية‪ ،‬وحجم المجتمع‪ ،‬وكثافة السكان‪،‬‬
‫والتجانس بين السكان‪ ،‬والحراك االجتماعي‪.‬‬
‫ﻫ‪ -‬التقسيمات القائمة على فكرة المتصل الريفي الحضري‪:‬‬
‫وهى تلك التقسيمات القائمة على متصل "ريفي حضري " حيث يوجد المجتمع الريفي‬
‫بطابعه البسيط العائلي‪ ،‬وثقافته التقليدية الريفية بطيئة التغير‪ ،‬وكذلك يوجد المجتمع الحضري‬
‫بطابع حياته المعقد‪ ،‬والعالقات القائمة على المصلحة والمنفعة الشخصية‪ ،‬والثقافة الديناميكية‬
‫سريعة التغير‪ .‬ويشار إليهما في هذه التقسيمات كطرفين متضادين من صور المجتمع تستخدم‬
‫للمقارنة والقياس‪ .‬وتقوم فكرة المتصل الريفي الحضري على وجود نوع من التدرج القائم‬
‫بين مناطق المجتمع المختلفة حيث أصبح من السهل أن يقع أي تجمع سكاني داخل الدولة على‬
‫نقطة معينة في هذا المتصل الريفي الحضري‪.‬ويبدأ هذا المتصل بالقرية الصغيرة المنعزلة‬
‫جغرافيًا ثم يتدرج إلى القرية األكبر‪ ،‬ثم إلى المدينة األصغر‪ ،‬فالمدينة األكبر كما هو الحال‬
‫في المجتمعات الحديثة‪،‬ومن هذه المقاييس ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬مقياس "لومس وبيجل" ‪Loomis &Beegle‬‬

‫أن هذا المقياس يبرز الفروق القائمة بين المجتمعين المجتمع العائلي " الريفي" والمجتمع‬
‫العقدي"الحضري" وقررا أن طابع األنساق االجتماعية يتدرج على مقياس أحد طرفيه يشير‬
‫إلى الصفة العائلية البحتة والطرف الثاني يشير إلى الصفة العقدية البحتة‪.‬وأجريا تقسيم‬
‫المقياس على النحو التالي‪:‬‬
‫شكل رقم(‪ )1‬المقياس المتصل المتدرج العائلي العقدي‬
‫الطرف البدائي ‪ 5 4 3 2 1 0 1 2 3 4 5‬الطرف الرسمي‬

‫العقدي(حضري)‬ ‫العائلي(ريفي)‬
‫‪56‬‬

‫ولقد حاول لومس وبيجل في هذا المقياس إبراز الفوارق القائمة بين عناصر‬
‫المنظمتين اللتين تقعا عند طرفي المقياس حيث اعتبر أن كل منظمة تقع عند كل طرف تمثل‬
‫هذا الطرف فالمنظمة االجتماعية عند الرقم ( ‪ ) 5‬جهة اليمين تمثل الحالة البدائية العائلية‬
‫وهذا النوع تتصف عالقات أفراده بالصفة العائلية " الريفية" أما الرقم ( ‪ ) 5‬من جهة اليسار‬
‫فيشير إلى المجتمع الحضري العقدي الذي يمكن وصف العالقات القائمة بين أفراده بأنها‬
‫رسمية ومعقدة بينما الوضع الذي في المنتصف ويشير إليه الرقم (‪ )0‬فيبين الحالة الوسطية‬
‫بين الطرفين األيمن واأليسر ‪ .‬ومابين الرقمين الطرفيين األيمن واأليسر توجد عدة أرقام‬
‫ذات خصائص متفاوتة في درجة الريفية أو درجة الحضرية ذلك أن هذا المقياس لم يفرق‬
‫بشكل قاطع بين الريفية أو الحضرية فال يوجد مجتمع في حالة حضرية ‪ Ubanization‬بنسبة‬
‫مائة في المائة‪ ،‬كما ال توجد مجتمعات في حالة ريفية ‪ Ruralization‬بنسبة مائة في المائة‪.‬وقد‬
‫اتخذ العالمان الصفات التالية لمقارنة المنظمة البدائية"الريف " بالمنظمة الرسمية العقدية "‬
‫الحضر" ‪:‬‬
‫جدول رقم (‪ )1‬مقارنة بين المجتمع العائلي والمجتمع العقدي" الريف – الحضر"‪.‬‬

‫أوجه المقارنة‬ ‫المجتمع العائلي‬ ‫المجتمع العقدي‬

‫العالقة بين األفراد‬ ‫عالقة ذات اتجاهين ومتبادلة يتساوى فيها‬ ‫العالقة رسمية وذات اتجـاه واحد‬
‫تأثير أفراد الجماعة على بعضهم كما‬ ‫وتأثيرها من طرف واحد واستجابة‬
‫تتســاوى استجاباتهم للمؤثرات‬ ‫من الطرف اآلخر‪ ،‬وتتسم العالقـة‬
‫المتماثلة‪.‬وتكون هذه العالقة اختيارية تقوم‬ ‫بينهما بالرسـمية أو العالقة الجبرية‬
‫على أساس الرغبة في تكوين العالقة لذاتها‬ ‫أو اإللزامية‪.‬‬
‫وبشكل تطوعي كما في حالة الصداقة‪.‬‬

‫تماسك الجماعة‬ ‫اشتراك أعضاء الجماعة في نفس نواحي‬ ‫ضعف التماسك الجماعي فلكل فرد‬
‫االهتمام واألهداف والدوافع والقيم مما‬ ‫هدفه الخاص بـه‪ ،‬وتتحقـق علـى‬
‫يعبر عن التماسك القوى‪.‬‬ ‫حساب اآلخرين وقد يتصادمون في‬
‫اهتماماتهم ودوافعهم وقيمهم‪.‬‬

‫االتصال‬ ‫يقوم االتصال بين أفراده على المواجـهة‬ ‫يتضمن االتصال بين أفراده اتصاًال‬
‫أو االتصال المباشر قصير المـدى وغير‬ ‫مباشرًا أو غير مباشر ويستمر‬
‫‪57‬‬

‫الرسمي مثل الكالم المباشر أو استخدام‬ ‫لفترة طويلة‪ ،‬ويغلب عليه الطابع‬
‫التعبيرات بالوجه‪.‬‬ ‫الرسمي بواسطة الخطابات‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫الثقافة المقدسة‬ ‫ترتبط فيه ثقافة المجتمع بعـقائد األفراد‬ ‫تتميز الثقافة في هذا المجتمع بأنها‬
‫المكونين له‪ ،‬والذين يقاومـون بشدة أي‬ ‫متحـررة ومتطورة بما يتالءم مع‬
‫انحراف عن هذه الثقافة فنمط المعيشة مرتبط‬ ‫أهدافها التي تسعى إلى تحقـيقها‪،‬‬
‫تمامًا بعقيدة األفراد‪.‬‬ ‫وينظر إلى نمط المعيشة على أنه‬
‫مجرد وسائل لتحقيق األهداف‪.‬‬

‫السلوك‬ ‫يتميز أفراده بالسـلوك التقليدي الذي يتمشى‬ ‫وجود السلوك المنطقي الكفء‬
‫المتزن الذي يتفـق مع ما تم التوصل مع الـتقاليد السـائدة دون االهتمام بنتائج هذا‬
‫السلوك‪.‬‬ ‫نتائج‪ ،‬وإ ذا‬ ‫إليه من‬
‫لم يؤدى النتائج المرغوبة فهو‬
‫سلوك غير مقبول‪.‬‬

‫يتسم سلوك األفراد في المجتمع الريفي بوجود السلوك العاطفي‬ ‫يقـوم سـلوك األفراد في هذا المجتمع‬
‫المتزن والمرسوم‬ ‫على الطابـع الرسمي‪ ،‬ويتأثر بقواعد عاطفة قوية تؤثر على‬
‫تصرفات األفراد وما يتخـذونه من‬ ‫تنظيم العمل في التفكير والتخطيط‪.‬‬
‫قرارات ولكن بشكل غير رسمي‪.‬‬

‫السلطة الشخصية‬ ‫تعتمد السلطة على الجوانب الشخصية للفرد‬ ‫السلطة في هذا المجتمع رسمية‬
‫وغير الشخصية‬ ‫أي على شخصية صاحبها‪.‬‬ ‫تعتمد على النظام وليـس على‬
‫األشـخاص الذين يشغلون هذه‬
‫المناصب‪.‬‬

‫الوضوح‬ ‫عـدم وضـوح السـلطة والحـقوق والمسئوليات‬ ‫تتسم حدود السلطة بالوضوح‬
‫بين أفراده فهي شائعة بينهـم بالتساوي ويعتبر‬ ‫والمسئولية المحددة‪.‬‬
‫الكل نفسه سائًال ومسئوًال عن الجماعة‪.‬‬

‫تكامل األدوار‬ ‫محافظة أفراد المجتمع العائلي علـى إتباع‬ ‫ال توجد عالقة بين دور الفرد‬
‫‪58‬‬

‫الـتقاليـد والمعايـير والقواعـد السلوكية سواء‬ ‫وتصرفاته داخل الجماعة‬


‫كان الفرد داخل الجماعة أو خارجها أثناء‬ ‫وخارجها‪.‬‬
‫تعامله مع الجماعات األخرى‪.‬‬

‫ويالحظ أن جميع أوجه المقارنة التي يجب أن تكون قائمة في ( رقم ‪ ) 5‬سواء كانت‬
‫للطرف العائلي أو الطرف الرسمي هي وصف لحاالت فرضية يصعب أن تكون موجودة‬
‫فعًال في أي منظمة اجتماعية‪ .‬ولذلك عند دراسة أي منظمة تتقارب صفات عناصرها مع‬
‫صفات عناصر طرفي المدرج يتعين وضعها عليه بناءًا على ذلك‪.‬فإذا قارنا خصائص‬
‫المجتمع المحلى كمنظمة اجتماعية بخصائص كال الطرفين ووجدنا تشابهًا في صفاته مع‬
‫صفات الطرف العائلي توضع على المدرج في مكان يقرب من هذا الطرف ويميل له كلما‬
‫تشابهت خصائص المجتمع المحلى وصفاته مع خصائص وصفات الطرف العائلي‪.‬‬
‫‪ -2‬مقياس" رد فيلد " ‪Field R.Red‬‬
‫وهو مقياس وضعه " رد فيلد " للتفرقة بين المجتمعين الريفي والحضري كما هو موضح‬
‫بالشكل التالي‪:‬‬
‫شكل رقم (‪ )2‬المقياس المتصل المتدرج الريفي الحضري‬
‫هـ المجتمع الحضري‬ ‫د‬ ‫جـ‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫المجتمع الريفي‬
‫وهذا المقياس كما هو موضح بالشكل السابق اتخذ منه " رد فيلد " آداه تحليلية للمقارنة بين‬
‫المجتمعات القائمة وبعضها البعض حيث تشكل النقطة (ا) على هذا المقياس نوعية المجتمع‬
‫الريفي والنقطة (هـ) نوعية المجتمع الحضري والنقاط التي بينهما توضح المستوى الذي‬
‫وصل إليه المجتمع على مقياس "ريفي ـ حضري"‪ .‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪ )2‬مقارنة بين خصائص البيئة الريفية والبيئة الحضرية‬

‫المتغير‬ ‫الريف‬ ‫الحضر‬

‫المهنة‬ ‫يعـمل غالبية سكـانه بالزراعة بينما‬ ‫يعمل غالبية سكانه بالصناعة أو التجارة‬
‫يعمل األقلية في حرف تخدم الزراعة‬ ‫أو في حرف أو مهن مختلفة أو أعمال‬
‫حكومية‬
‫‪59‬‬

‫البيئة‬ ‫يرتبط اإلنسان الريفي بالبيئة ارتباطا‬ ‫يرتبـط اإلنسان بها ارتباطا ثانـويًا من‬
‫وظـيفيًا حيث المؤثرات البـيئـية‬ ‫أجل االستمتاع بها‪ ،‬ويمـكنه التغـيير في‬
‫والظروف المناخية‪.‬‬ ‫بعض خصائصها لكي تتفق مع ما يريد‪.‬‬

‫حجم المجتمع‬ ‫يتسم بانخفاض الكثافة السـكانـية‪،‬‬ ‫الكثافة السكانية مرتفعة واالرتباط مع‬
‫واالرتباط اإليجابي بينها وبين المناطق‬ ‫غيرها من المناطق الحضرية ارتباط‬
‫القروية األخرى‪.‬‬ ‫إيجابي ‪.‬‬

‫التجانس‬ ‫تميز الريف بالتجانس السكاني‬ ‫عدم وجود تجانس بين السكان‬

‫التباين‬ ‫انخفاض درجة التباين بين أفراد‬ ‫توجد عالقة إيجابية بين درجة التحضر‬
‫المجتمع الريفي‪ ،‬وإ ذا وجد فإنه يرتبط‬ ‫وبين التباين والتدرج االجتماعي‪.‬‬
‫بالملكية الزراعية‪.‬‬

‫الحراك‬ ‫تميز المجتمع الريفي بانعدام الحراك‬ ‫يزداد به الحراك الرأسي عن الحراك‬
‫االجتماعي‬ ‫الرأسي بينما يوجد الحراك األفقي‬ ‫األفقي‬

‫نموذج التفاعل‬ ‫يقوم التفاعل االجتماعي في المجتمع‬ ‫يقوم التفاعل غالبًا على أساس العالقات‬
‫االجتماعي‬ ‫الريفي على أساس المواجهة والعالقة‬ ‫غير المباشرة‪ ،‬وقد تكون مباشرة ولكنها‬
‫المباشرة بين أعضاؤه‪.‬‬ ‫عرضية‬

‫‪ -3‬مقياس ليكرت‪Likert:‬‬

‫وهو مقياس وضع ليساعد على التخلص من عيوب المقياسين السابقين حتى يمكن التفرقة‬
‫بشكل دقيق بين المجتمع الريفي والمجتمع الحضري وذلك كما يلي‪:‬‬
‫شكل رقم(‪ )3‬مقياس ليكرت للتفرقة بين المجتمع الريفي والمجتمع الحضري‪.‬‬
‫‪100‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪50/50‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪100‬‬
‫المجتمع الحضري‬ ‫‪+2‬‬ ‫‪+1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬ـ‬ ‫‪2‬ـ‬ ‫المجتمع الريفي‬

‫حيث يشير الرقم(‪ )-2‬إلى مجتمع ريفي بنسبة ‪% 100‬باعتبار أن المهنة السائدة في‬
‫هذا المجتمع هي مهنة الزراعة أو المهن ذات العالقة بها مثل تجارة المحاصيل ويطلق على‬
‫مثل هذا المجتمع مصطلح ‪ ،Rural‬أما الرقم(‪ )-1‬فهو يشير إلى مجتمع ريفي بنسبة ‪75‬‬
‫‪60‬‬

‫‪%‬على اعتبار أن ‪ %25‬تقريبًا من مجموع السكان تركوا مهنة الزراعة إلى مهن أخرى شبه‬
‫حضرية وكذلك لالتجار في السلع الحضرية‪ .‬أما الرقم(‪ )0‬فيشير إلى مجتمع نصفه ريفي‬
‫ونصفه اآلخر حضري‪ ،‬في حين أن الرقم (‪ )+1‬فيشير إلى مجتمع حضري بنسبة ‪%75‬‬
‫حيث يعمل ‪% 25‬من سكانه في مهن زراعية ومثل هذا المجتمع المحلى يطلق عليه مصطلح‬
‫‪ Town‬أما الرقم(‪)+2‬فيشير إلى مجتمع حضري بنسبة ‪ %100‬تقريبًا‪ ،‬أي أن جميع سكانه‬
‫يعملون في مهن غير زراعية‪ ،‬ومثل هذا المجتمع المحلى يطلق عليه مصطلح ‪.City‬غير أنه‬
‫نريد أن نؤكد على أن هذه النسب ليست ثابتة فمن السهل أن ترتفع أو تنخفض طبقا لظروف‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫********‬

‫المجتمعات اإلنسانية‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يميل اإلنسان باعتباره كائن اجتماعي إلى التجمع مع غيره من بنى جنسه‪ ،‬وينفر من العيش‬
‫منعزًال عن اآلخرين ‪ ،‬وهذا السلوك يحدث تلقائيًا ودون قصد فعمليات التعاون والتوافق‬
‫والتكيف مع اآلخرين لتحقيق األهداف سواء الفردية أو الجماعية هي التي أدت إلى قيام هذه‬
‫الجماعات‪ ،‬ومن ثم نشأة المجتمعات اإلنسانية فكانت تجمعاتهم حول األنهار واألماكن‬
‫الخصبة الصالحة للزراعة والرعي‪ ،‬وتحولت هذه التجمعات من تجمعات بسيطة إلى تجمعات‬
‫أكبر ثم أصبحت دوًال انتشرت في جميع أنحاء المعمورة ‪.‬‬
‫وتختلف المجتمعات فيما بينها في شكل هذه التجمعات حيث تؤثر ثقافة المجتمع ونظامه‬
‫االقتصادي واالجتماعي في حياة هذه المجتمعات ومستوى معيشتها‪ ،‬فمثًال نجد أن خصائص‬
‫المجتمع اإلقطاعي تختلف عن خصائص المجتمع االنتقالي أو المجتمعات الريفية‪ ،‬كما تتحكم‬
‫الظروف الطبيعية والجغرافية في الشكل االستيطاني للمجتمعات وكذلك حجم السكان‪ ،‬ودرجة‬
‫التقدم الحضاري‪ ،‬ولقد كان للثورة الصناعية في أوربا أكبر األثر على حياة سكان الريف‬
‫بطريقة مباشرة وغير مباشرة فزعزعت من استقرارهم وجعلتهم ينزحون إلى مناطق أكثر‬
‫مدنية وتحضرًا‪.‬‬
‫مفهوم المجتمع‪:‬‬
‫‪61‬‬

‫يعتبر مصطلح المجتمع ‪ Society‬من أكثر المصطلحات شموًال فى علم اإلجتماع فلقد رأى‬
‫قدماء المفكرين والفالسفة أنه مصطلح مرادف لكلمة اإلنسانية‪.‬‬
‫وتتعدد تعريفاته حيث عرف " إيوبانك" ‪ Eubnk‬و" يونج "‪ Young‬و"ماك "‪ Mack‬المجتمع‬
‫على أنه " جماعة من الناس عاشوا معًا وعملوا مع بعضهم لفترة طويلة نسبيًا تمكنهم من‬
‫الوصول إلى درجة معينة من التنظيم بحيث يعتبرون أنفسهم وحدة اجتماعية لها حدودها‬
‫المعروفة " والمجتمع بهذا الشكل يتسم أفراده بوعيهم وارتباطهم مع بعضهم البعض بمصالح‬
‫واهتمامات مشتركة ‪.‬‬
‫كما عرف " موريس جنزبرج ‪ M.Gensberg‬المجتمع بأنه " نسيج من العالقات البشرية‬
‫سواء المنظمة أو غير المنظمة كما تطلق كلمة مجتمع على "كل مجموعة من األفراد تربطهم‬
‫رابطة ما ولها أثر دائم أو مؤقت فى حياتهم وفى عالقاتهم مع بعضهم" فيقال مثًال مجتمع‬
‫المسلمين أو مجتمع العرب أو مجتمع المدينة أو مجتمع القرية أو مجتمع المدرسة‪.‬‬
‫أنواع المجتمعات‪:‬‬
‫ويمكن التمييز بين خمسة أنواع من المجتمعات كما يلي‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬المجتمع العالمي‪ :‬ويقصد به مجموعة الدول الموجودة فى العالم‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬المجتمع القومي ‪ :‬ويقصد به مجتمع معين كأن يقال المجتمع الليبي أو المجتمع‬
‫األلماني أو المجتمع التونسي إلى غير ذلك ‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬المجتمع المحلى‪ :‬وهم مجموعة السكان الذين يقيمون فى منطقة جغرافية محدودة‬
‫وبينهم عالقات اجتماعية واستطاعوا عن طريق نشاطهم المشترك أن يقيموا المنظمات‬
‫والمرافق المختلفة التي عن طريقها يشبعون احتياجاتهم االجتماعية واالقتصادية والنفسية‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬المجتمع الحضري‪ :‬ويقصد به " ذلك الجزء من المجتمع القومي الذى حدد على أنه‬
‫مناطق حضرية‪ ،‬ونشأت بين أفراده عالقات إنسانية وجماعات ومنظمات ونظم اجتماعية‬
‫حضرية‪ ،‬وأصبح لهم بحق الجيرة المكانية والمصالح المشتركة ثقافة وحضارة خاصة بهم "‬
‫خامسًا‪ :‬المجتمع الريفي‪ :‬ويقصد به ذلك الجزء من المجتمع القومي الذى يقيم فيه السكان‬
‫وفى المناطق التي تحدد على أنها مناطق ريفية‪.‬‬
‫خصائص المجتمعات المحلية‪:‬‬
‫‪62‬‬

‫ب‪ -‬يشغل المجتمع المحلى مساحة من األرض تختلف من حيث حجمها فقد تكون قرية‪،‬‬
‫أو حي في مدينة أو مدينة أو إقليم أو مقاطعة أو دولة وذلك يرجع إلى إمكانية الفرد‬
‫في أن يحيا حياة كاملة ويشبع فى إطارها جميع احتياجاته‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن الدائرة المكانية شرط ضروري لقيام المجتمعات المحلية إال أنها وحدها ال تؤدى‬
‫إلى قيام المجتمع المحلى بل تتطلب معها عاطفة الجماعة واإلحساس باالنتماء ألنها‬
‫تخلق مجال للحياة المشتركة‪ ،‬والتي تقترن بإدراك من يحيوها بأنهم يشاركون غيرهم‬
‫في طريقة الحياة وفى األرض التي يعيشون عليها‪ ،‬وقد تكون المشاركة في االنتماء‬
‫لموضوع ما أو لعقيدة أو أليديولوجية أو لمصالح أو أهداف‪.‬‬
‫ﺠ‪ -‬أن المجتمع المحلى له أنماط وأشكال تختلف فيما بينها وفقًا لمعيار التصنيف التالي‪:‬‬
‫(‪ )1‬حسب العامل النفسي‪ :‬حيث يكفى لقيام المجتمع اإلحساس بالعضوية القائم على‬
‫الرابطة الروحية أو القيم أو المعتقدات ويقوم هذا المجتمع بين أفراد متفرقون في‬
‫أرجاء األرض كما هو الحال في القبائل التي ليس لها مكان ثابت مثل قبائل الغجر‬
‫واألرمن واألكراد‪.‬‬
‫(‪ )2‬حسب اإلقامة‪ :‬ويطلق عليه المجتمع األيكولوجى ومن أهم أنماطه المجتمعات الريفية‬
‫والمجتمعات الحضرية‪.‬‬

‫المجتمعات المحلية الريفية ومراحل تطورها‪:‬‬


‫مرت المجتمعات الريفية أو البدوية بمراحل متعددة من التطور حيث تكونت من ثالثة‬
‫أطوار تعبر كل واحدة منها عن مرحلة تطورية وهذه‬
‫األطوار هي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ المجتمع البدائي المحلى‪:‬‬

‫ويتكون هذا المجتمع من جماعة من الناس شعروا بحاجات ملحة تربطهم وأهداف يسعون‬
‫إلى تحقيقها‪ ،‬واستطاعوا إقامة عالقات اجتماعية مع بعضهم البعض‪ ،‬واستأنسوا الحيوان‬
‫وقاموا بزراعة األرض وعمارتها فظهر المجتمع البدائي في شكل تجمعات بشرية سكنت‬
‫بجوار بعضها البعض في بيوت طينية أو كهوف أو أكواخ تتوسط المنطقة التي يعيشون عليها‬
‫‪63‬‬

‫بحيواناتهم‪ .‬وتدريجيا نشأت عالقات اجتماعية وتفاعالت بين أفراد هذه الجماعة بشكل أكثر‬
‫تعقيدًا ساهمت في خلق حاجات جديدة‪ ،‬وميول نفسية وعاطفية ساعدت على نموها الطبيعة‬
‫البشرية فنشأت النظم االجتماعية المختلفة إلشباع هذه االحتياجات‪.‬‬

‫ويتصف المجتمع البدائي بعدد من السمات من أهمها روابط القرابة والدم‪ ،‬وعدم معرفة‬
‫القراءة والكتابة‪ ،‬والملكية المشاع‪ ،‬واالكتفاء الذاتي‪ ،‬والتجاور السكنى‪ ،‬وإ تحاد أفكارهم‬
‫وسلوكهم الجماعي‪.‬ومازالت هذه المجتمعات قائمة حتى الوقت الراهن وفى مناطق عدة في‬
‫أفريقيا وآسيا‪ ،‬وكل ما تحمله هذه المجتمعات من ثقافة هي تجاربها وخبراتها مع البيئة‬
‫الموروثة عبر السنين‪ ،‬كما أن هذه المجتمعات تعيش في عزلة وبؤس وحرمان‪ ،‬فأتاحت‬
‫الفرصة فيما بعد لالستعمار أن يتحكم فيها‪ ،‬ويحتكرها‪ ،‬وينعم بخيراتها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مجتمع ا لفال حين ‪:‬‬

‫وهو مجتمع أكثر تطورًا ورقيًا من المجتمعات البدائية فلقد واكب انتشار الكتابة فنظمت بها‬
‫حياتهم وعالقاتهم االجتماعية وطقوسهم الدينية فدخلت عاداتهم وتقاليدهم وقيمهم مرحلة جديدة‬
‫صادفتها ثقافات أخرى أكثر تقدمًا ومن ثم استفادوا منها في أنشطة متعددة كالتجارة وطرق‬
‫المواصالت التي يسرت عملية تبادل السلع والخدمات‪ ،‬وظهور التخصص في تلك‬
‫المجتمعات‪ ،‬ومن أمثلة مظاهر تلك المجتمعات ظهور المجتمع اإلقطاعي في أوربا والذي‬
‫كان فيه النبيل يملك السكان واألرض معًا ‪ ،‬فنشأت بذلك طبقتين "الطبقة العليا" التي تملك‬
‫األرض وتحكم من يقيمون عليها‪ ،‬و"الطبقة الدنيا " وهى طبقة الفالحين الذين يعملون في‬
‫األرض فيأكلون عندما تتوفر لد يهم القوة الجسمانية ‪ ،‬ويموتون جوعًا عندما يفقدون تلك‬
‫القوة‪ .‬واستمر هذا النظام ردحًا من الزمن يدعمه الحكام واألمراء والملوك لوجود مصلحتهم‬
‫فيه‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ المجتمع الريفي الجديد‪:‬‬


‫وهو مجتمع عصري قام على أنقاض مجتمع الفالحين بانتهاء النظام اإلقطاعي وتحرر‬
‫الفالح من الظلم والطغيان فأخذ يتمتع بالحرية الثقافية والفكرية‪ ،‬وانفتح على العالم الخارجي‬
‫وعلى المجتمعات المجاورة‪ ،‬وتعرض لعناصر ثقافية حديثة‪ ،‬وتمتع بحقوق لم تكن متاحة له‬
‫‪64‬‬

‫من قبل‪ ،‬والتزم بمسئوليات وواجبات تجاه مجتمعه‪ ،‬وانتشر العلم بين ربوع هذا المجتمع‬
‫ليتناسب مع مرحلة التطور التي هي عليه اآلن‪.‬‬

‫الباب الرابع‬
‫السكان الريفيون‬
‫مقدمـة‪:‬‬
‫يمثل العنصر اإلنساني األساس الذي يقوم عليه بناء أي مجتمع‪ ،‬ولقد إحتلت قضية السكان‬
‫مكانة كبيرة فى تفكير كثير من العلماء والمفكرين وكانت لهم نظرياتهم التي تفسر مختلف‬
‫جوانب تلك القضية‪ ،‬بل وتخصصت معاهد أكاديمية وبحثية فى دراسة السكان والمشكالت‬
‫الناجمة عن التغير فى السكان فى المناطق المختلفة سواء بالزيادة أو النقصان‪.‬‬
‫ولكن لماذا ندرس السكان؟ هذا السؤال طرحه على نفسه عالم السكان "هال هلمان" فى‬
‫مؤلفه عن مشكلة تضخم السكان‪.‬وبصورة أخرى مبسطة يسأل أى أهمية لطفل وليد؟ ويجيب‬
‫على نفسه أنه بالنسبة لألسرة فم جديد يحتاج إلى طعام‪ ،‬وإ ضافة للرقم القائم فعًال فى عدد‬
‫السكان‪ ،‬وعدد أكبر للمستفيدين من الخدمات التعليمية والصحية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬
‫والنقل واإلتصاالت بجانب الخدمات الخاصة بمياه الشرب والصرف الصحى واإلسكان وبما‬
‫يتوافق مع متطلباتهم وإ حتياجاتهم منها‪.‬‬
‫وفى نفس اإلطار ينظر المهتمين بدراسة السكان إلى أن الكتل السكانية مهما بلغ حجمها‬
‫من الكبر واإلتساع أو من الصغر واإلنكماش‪ ،‬ومهما كان موقعها الجغرافى‪ ،‬وتكوينها‬
‫العرقى‪ ،‬وتركيبها اإلجتماعى واإلقتصادى والثقافى فإنها تشترك جميعًا فى صفة أساسية‬
‫واحدة هي الحركة بمعنى التغير وعدم الثبات حيث يتغير فى صفاته ومكوناته‪ ،‬ويمر‬
‫بمراحل القوة والشباب والكهولة والشيخوخة‪.‬وتنبعث هذه التغيرات بسبب نوعين من‬
‫التحرك هما‪:‬‬
‫‪65‬‬

‫أوًال‪ :‬حركة تنتج من التوازن بين المواليد والوفيات داخل إطار الكتلة السكانية سواء‬
‫بالزيادة الطبيعية عن طريق التوالد أو التناقص الطبيعى عن طريق الوفاة‪ ،‬مما يجعل حجم‬
‫السكان وتركيبهم يتغير من وقت إلى آخر ويسمى بالتحرك الزمانى‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬حركة تنتج من التوازن بين السكان الوافدين على الكتلة السكانية من كتل سكانية‬
‫أخرى‪ ،‬والسكان المغادرين من الكتلة السكانية إلى مناطق أخرى‪ ،‬وهى التى تؤدى إلى‬
‫حركة السكان من مكان إلى مكان فتعمل على تغيير وضع السكان مكانيًا‪.‬‬

‫المشكلـة السكانيـة‪:‬‬
‫من الحقائق االجتماعية الواضحة التزايد السريع لسكان العالم في القرنين الماضيين‬
‫م وفقًا لبيان أصدره صندوق األمم المتحدة ‪ 5‬بليون‬ ‫‪1987‬‬ ‫فقد بلغ عدد سكان العالم عام‬
‫نسمة وبمعدل زيادة سنوية تصل إلى ‪ 80‬مليون نسمة وبمعدل يومي ‪ 220‬ألف نسمة‪،‬‬
‫وبمعدل ‪ 150‬نسمة في الدقيقة الواحدة‪ .‬كما يذكر البيان أن ‪ % 95‬من هذه الزيادة تحدث‬
‫في البلدان النامية‪ ،‬ومن المتوقع أن يزداد معدل النمو السكاني بمعدالت تفوق القدرة‬
‫على إحداث التوازن بين هذه الزيادة وبين نمو الموارد اإلقتصادية‪.‬‬
‫وفى مصر بلغ عدد السكان عام ‪2000‬م ‪67،64‬مليون نسمة ‪ ،‬نسبة ‪ %42،8‬يعشون فى‬
‫الحضر بينما نسبة ‪ %57،2‬يعيشون فى الريف‪ ،‬وفى عام ‪ 2010‬بلغ عدد السكان‬
‫‪ 81،12‬مليون نسمة ‪ ،‬نسبة ‪ %43،4‬يعيشون فى الحضر‪ ،‬نسبة ‪ %56،6‬يعيشون فى‬
‫الريف‬
‫تعتبر إحدى الظواهر‬ ‫‪Population Explosion‬‬ ‫وعمومًا فإن ظاهرة االنفجار السكانى‬
‫الهامة التي تستلفت النظر في العصر الحديث‪ ،‬والتي تتصف بإنخفاض معدل الوفيات من‬
‫‪ 1000/ 45:25‬من السكان في الدول المتخلفة والى ‪1000 / 10‬من السكان في‬
‫الدول المتقدمة تكنولوجيًا وإ قتصاديًا‪ ،‬يقابلها فى الجانب اآلخر إرتفاع فى معدالت‬
‫المواليد‪.‬وذلك يعنى أن نمو السكان المتزايد في العالم يرجع إلى حد كبير إلى تقدم وسائل‬
‫الوقاية والرعاية الصحية والطبية والتمريضية‪ ،‬والسيطرة على األوبئة واألمراض‪،‬‬
‫وكذلك نتيجة لتحسين المستوى الغذائى خاصة في الدول النامية‪ ،‬وتقدم وسائل النقل‪،‬‬
‫وإ نتشار الوسائل التكنولوجية مع إرتفاع معدالت المواليد‪.‬‬
‫‪66‬‬

‫ولقد تعددت النداءات والتحذيرات بشأن خطورة المشكلة السكانية حيث تشير‬
‫الدراسات إلى أن ‪ 815‬مليون نسمة فى دول العالم يعانون من نقص التغذية منهم حوالى‬
‫‪777‬مليون نسمة فى الدول النامية‪ ،‬ويموت سنويًا نحو ‪20‬مليون نسمة من جراء نقص‬
‫التغذية أو سوءها ‪ .‬ولقد كان " مالتس" أول من أثار اإلنتباه للمشكالت الناجمة عن الزيادة‬
‫السكانية‪.‬‬
‫‪Malts‬‬ ‫نظرية "مالتس فى السكان‬
‫يعد مالتس أول من تصدى لمحاولة وضع نظرية علمية واضحة المعالم فى هذا‬
‫المجال‪ ،‬حيث يرى أن إشباع رغبات اإلنسان وتنمية أوجه نشاطه الطبيعية والعقلية‬
‫والروحية ال يكون إال بالطعام أوًال وقبل كل شيء‪ .‬وليس إنتاج الثروة إال وسيلة لهذا‬
‫الطعام الذي يقيم به أوده‪ ،‬فيتمكن من أن ينشط ويعمل ويفكر‪.‬كما يرى أن المشكالت‬
‫اإلجتماعية كالفقر والمجاعات والحروب توجد نتيجة للتوالد االنسانى السريع‪ ،‬وعدم‬
‫توازن سرعة هذا التوالد مع حجم المواد الغذائية التي يمكن أن يعيش عليها اإلنسان‪.‬‬
‫و تقوم نظرية "مالتس" على األسس التالية‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن الطعام ضروري لوجود اإلنسان‪ ،‬والشهوة اإلنسانية ضرورية وستظل على‬
‫حالتها الراهنة‪.‬‬
‫‪ - 2‬هناك تناسب طردي بين أعداد السكان في أي مجتمع وبين الموارد الغذائية‪ ،‬أي أن‬
‫عدد السكان تحدده الموارد الغذائية المتاحة‪ ،‬أوان أي زيادة في عدد السكان البد وأن تكون‬
‫مصحوبة بزيادة مضطردة في الموارد الغذائية‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن السكان إذا ما تركوا دون إتخاذ أى إجراء يحد من تناسلهم فإنهم سيتزايدون‬
‫بمتوالية هندسية‪ ،‬بينما تتزايد الموارد فى نفس الوقت بمتوالية حسابية‪،‬وفى هذه الحالة‬
‫سيتضاعف عددهم مرة كل ‪25‬سنة وذلك حسب الترتيب التالى‪:‬‬
‫مقارنة بين الزيادة وفقًا لمتوالية هندسية وعددية‬
‫‪100‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪1‬‬ ‫السنوات‪:‬‬
‫‪( 16‬متوالية هندسية)‬ ‫‪8‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫السكان‪:‬‬
‫(متوالية عددية)‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الموارد‪:‬‬
‫ويعنى ذلك أن قدرة اإلنسان على التناسل أكبر من قدرة األرض على إنتاج ما يتطلبه‬
‫النوع اإلنساني من غذاء يضمن له بقاءه فسكان العالم يزدادون وفقًا لمتوالية هندسية (‪، 1‬‬
‫‪67‬‬

‫‪ .. 16 ، 8 ، 4 ، 2‬الخ) بينما تطرد الزيادة في الموارد الغذائية على أساس متوالية‬


‫عددية أو حسابية ( ‪ .. ، 4 ، 3 ، 2 ، 1‬الخ) ويتضاعف سكان العالم كل ‪ 25‬سنة إذا لم‬
‫‪.‬‬ ‫يكن هناك عائق قوي وال يوجد هذا التضاعف في الموارد الغذائية‬
‫وفى مجال الزراعة والتي تعتبر المهنة الرئيسية لغالبية سكان تلك الدول نجد زيادة في‬
‫حجم اإلستيراد من الحبوب ليصل إلى ‪ 145‬مليون طن سنويًا في الوقت الذى إرتفعت فيه‬
‫أسعار المواد الغذائية في األسواق العالمية‪ ،‬وتحول الغذاء إلى سلع استراتيجية مما أدى‬
‫إلى حدوث عجز في ميزان المدفوعات لتلك الدول ليصل إلى ‪ 118‬مليار دوالر فى عام‬
‫‪ 1982‬والى ‪ 160‬مليار دوالر عام ‪ 2000‬بعد أن كان ‪ 10.9‬مليار دوالر عام‬
‫‪ 1970‬وهذا العجز يمثل نسبة ‪ % 5‬من الناتج القومي االجمالى و‪ %25‬من صادرات‬
‫السلع والخدمات لتلك الدول‪ .‬كما إزدادت الديون الخارجية لتلك الدول من ‪ 74‬مليار‬
‫دوالر عام ‪ 1970‬الى ‪ 812‬مليار دوالر عام ‪ ،1984‬وإ لى ‪ 950‬مليار دوالر عام‬
‫‪.2010‬‬
‫‪- 4‬إن الطبيعة البد أن تفرض قيودًا على النمو السكاني حتى يتم التوازن بينهما‪.‬‬
‫ولم يكتب "مالتس" إسمه على هذا المقال خوفًا من إتهامه بالتشاؤم‪ ،‬إال أنه بعد مرور‬
‫خمس سنوات وفى إحدى زياراته ألوربا لجمع مادة علمية وبيانات يثبت فيها ما جاء في‬
‫إستنتاجاته ذكر أن هناك عوائق وقائية أو مانعة تقف ضد زيادة عدد السكان تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬عوامل البؤس التي تقضي على اإلنسان كالحرف الشاقة واألعمال الضارة‬
‫بالصحة‪ ،‬وعمالة األطفال‪ ،‬واإلزدحام‪ ،‬واإلفراط في الطعام والشراب‪.‬‬
‫‪ -‬تجنب الرذيلة كالفوضى الجنسية والموانع األخالقية المتمثلة في تأخير سن الزواج‬
‫مع إنتشار العفة‪ ،‬علمًا بأن الموانع األخالقية ال تستطيع أن تقف وحدها لمنع‬
‫حدوث الزيادة السكانية السريعة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن نظرية "مالتس" قد لفتت األنظار إلى خطورة االنفجار السكاني‬
‫إال أنه وجهت إليها بعض اإلنتقادات تمثلت فى ‪:‬‬
‫عدم زيادة عدد سكان العالم بالمعدالت التي إفترضها حيث عانت دول غرب أوربا‬ ‫‪-1‬‬
‫من االنخفاض الملحوظ في عدد السكان‪.‬‬
‫‪68‬‬

‫تجاهل "مالتس" عند تقديم نظريته األثر الذي يمكن أن يحدثه التقدم العلمي والتقدم‬ ‫‪-2‬‬
‫التكنولوجى من زيادة في اإلنتاج تقابل احتياجات الزيادة السكانية‪.‬‬
‫إغفال دور الموارد الطبيعية األخرى التي ال تتصل باإلنتاج الزراعي مثل المعادن‬ ‫‪-3‬‬
‫والبترول والفحم وغيرها من الموارد األرضية‪.‬‬
‫تجاهل مالتس إستخدام وسائل لتنظيم األسرة وإ عتباره ذلك من الرذائل‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫تجاهل األثر الذي يمكن أن يعكسه التنظيم االجتماعي‪ ،‬واأليديولوجيات‪ ،‬ونسق‬ ‫‪-5‬‬
‫القيم على الوضع السكاني ‪،‬وعلى معدل الزيادة الطبيعية ‪.‬‬
‫وبعد نظرية "مالتس" بدأ االهتمام بدراسة السكان عالميًا خاصة بعد الحرب العالمية‬
‫األولى نتيجة االقتناع بأن إنتاج العالم من الطعام وصل إلى حده األقصى‪ ،‬وما لم تستخدم‬
‫وسائل تحد من معدالت الزيادة السكانية أو ابتكار طرق جديدة لزيادة اإلنتاج الغذائي‬
‫فسوف تحل كارثة ال يمكن تجنب عواقبها‪.‬‬
‫أسباب المشكلة السكانيــة وأساليب عالجها‪:‬‬
‫يمكن حصر أسباب المشكلة السكانية فيما يلي ‪- :‬‬
‫‪-1‬التقدم الصحي والرعاية الصحية وزيادة الخدمات الصحية مما أدى إلى انخفاض‬
‫معدالت الوفيات بدرجة كبيرة وزيادة نسبة العالج للمرضى بالعقم‪.‬‬
‫‪ - 2‬إستمرار معدل المواليد المرتفع والتي ترجع أسبابه إلى ‪- :‬‬
‫أ ‪-‬عادة الزواج المبكر خصوصًا في المناطق الريفية وبين الذين لم يكملوا تعليمهم‬
‫الجامعي‪.‬‬
‫ب ‪-‬اإلنتعاش اإلقتصادي إذ تستغل زيادة الدخل في الزواج المبكر أوالزواج بأكثر من‬
‫واحدة‪.‬‬
‫ج ‪-‬اإلعتقاد في أن الزواج واإلنجاب تأمين على الحياة وخاصة بالنسبة للمرأة غير‬
‫المتعلمة وغير العاملة‪.‬‬
‫د – زيادة اإلنجاب لتعويض اإلرتفاع في نسبة وفيات األطفال فعلى الرغم من إنخفاضها‬
‫إال أنها ال تزال مرتفعة فى المناطق الريفية‪.‬‬
‫‪69‬‬

‫هـ ‪-‬إعتبار األوالد مكسب مادي وأدبي وهذا يحدث في بعض األسر الريفية إذ يعتبرون‬
‫األوالد عزوة ويمكن أن يكونوا مصدرًا آخر للدخل فى األسرة وذلك بتشغيلهم في سن‬
‫مبكرة‪.‬‬
‫و ‪ -‬الخوف من الشيخوخة يدفع إلى الزواج واإلنجاب المبكر ومن ثم عدم التعود على‬
‫تنظيم األسرة‪.‬‬
‫وتنحصر إمكانيات عالج المشكلة السكانية في أسلوبين رئيسيين هما‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ :‬وأن نتعامل مع الواقع الذي يقول أن هناك مشكلة‬
‫سكانية وذلك عن طريق‪-:‬‬
‫زيادة المساحة المنزرعة باستصالح أراضي جديدة "التوسع األفقي"‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تكثيف اإلنتاج الزراعي "التوسع الرأسي"‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫زيادة اإلنتاج الصناعي‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫التوسع في تعليم المرأة وتشجيعها على العمل‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫خفض معدالت وفيات األطفال‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ثانيًا‪ :‬رسم سياسة سكانية تتفق مع إمكانية الدولة وقيم المجتمع‪ :‬وذلك عن طريق‪:‬‬
‫‪-1‬تشجيع تنظيم األسرة وتعريف الزوجات الطرق المؤدية إليها وتيسيرها لكل من‬
‫يرغبها‪.‬‬
‫‪- 2‬الموانع األخالقية وتتمثل في تأخير سن الزواج والعفـة‪.‬‬
‫‪-3‬الموانع التي تفرضها الطبيعة على اإلنسان مثل األوبئة والقحط والمجاعات‬
‫والحروب‬
‫الطاحنة‪ ،‬ويرجع اليها تحقيق التوازن بين أعداد السكان والموارد فى بعض دول العالم‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬إستخدام وسائل اإلعالم‪ ،‬وتنظيم البرامج التدريبية للتوعية بخطورة الزيادة السكانية‬
‫بإعتبار أن تزايد السكان هو بالدرجة األولى مشكلة عادات وتقاليد ونقص فى الدراية‪،‬‬
‫وعدم الوعى بأبعاد هذا التزايد ومخاطره‪.‬‬
‫مجال الدراسات السكانية ‪- :‬‬
‫تتضمن دراسة السكان الريفيين دراسة الخصائص الثابتة للسكان مثل عددهم‬
‫وتوزيعهم على فئات السن‪ ،‬والمهن‪ ،‬ومستويات التعليم‪ ،‬والدخل‪ ،‬وكذلك توزيعهم على‬
‫‪70‬‬

‫األماكن المختلفة وغير ذلك من الصفات الثابتة للسكان‪ ،‬كما تتضمن أيضًا دراسة توزيع‬
‫السكان وما يطرأ على هذا التوزيع من تغيير وأثره على حالة السكان بصفة عامة‪،‬‬
‫ودراسة خصائص أخرى مثل صفات السكان‪ ،‬ومدى إختالف هذه الصفات من مجتمع إلى‬
‫آخر وأثر هذه الصفات على السكان‪ ،‬هذا بجانب دراسة الزيادة الطبيعية للسكان للوقوف‬
‫على النمو السكاني ومعدالته النمو السكاني وتأثيراتها الداخلية والخارجية‪ ،‬وآثارها على‬
‫مناطق األصل‪ ،‬والمعوقات التي يتعرض لها المهاجرون‪ ،‬ومعرفة العوامل التى تساعد‬
‫على تكيف المهاجرين إجتماعيًا مع الظروف البيئية الجديدة‪.‬‬
‫هذا ويمكن تناول مجاالت الدراسات السكانية تحت أربعة أنواع هى‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬حجم السكان‪( :‬المواليد – الوفيات – الهجرة )‬
‫ويقصد بحجم السكان عدد األفراد في منطقة معينة وفي وقت محدد وذلك حتى‬
‫يستطيع القائمين على أمر هذا المجتمع والمخططين وواضعي السياسة إتخاذ التدابير‬
‫الالزمة لمواجهة الزيادة السكانية المتوقعة في هذا المجتمع مثل إقامة المدارس والوحدات‬
‫الصحية والمستشفيات والمواصالت ونوادي الشباب‪.‬وحتى التفكير في وضع أساليب‬
‫لتشجيع أفراد المجتمع وتحفيزهم لإلنتقال لمناطق أخرى أكثر اتساعًا‪.‬‬
‫ويمكن قياس الكثافة السكانية بعدة طرق‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الكثافة الحسابية‪:‬‬


‫وهي حاصل قسمة عدد السكان على إجمالي مساحة الدولة أو قسمة مجموع عدد سكان‬
‫منطقة ما على المساحة الكلية لتلك المنطقة‪.‬‬
‫‪ -2‬الكثافة الفسيولوجية ‪:‬‬
‫وهي عبارة عن" حاصل قسمة عدد السكان على المساحة المأهولة بهم‪ ".‬أى المساحة‬
‫التي يعيشون عليها‪ ،‬وهو من أفضل المقاييس المستخدمة في قياس الكثافة السكانية‪ .‬وهو‬
‫نمط أكثر تحديدًا وأقرب إلى العالقة الحقيقية بين اإلنسان واألرض التى يعيش عليها‪.‬‬
‫وترتفع الكثافة الفسيولوجية فى المناطق التى تزداد فيها نسبة التحضر كالمدن الكبرى‬
‫واألقاليم‪ ،‬وفى مناطق إزدهار الصناعات الثقيلة والتعدين حيث تتركز المدن العمالية‬
‫المزدحمة التى تنتشر فيها األسواق التجارية الكبرى والموانىء‪ ،‬كذلك ترتفع هذه الكثافة‬
‫‪71‬‬

‫فى مناطق الزراعات الكثيفة فى أحواض األنهار الكبرى‪ ،‬ومناطق السهول الزراعية‬
‫الغنية‪.‬‬
‫‪ -3‬الكثافة الزراعية‪:‬‬
‫وهو نمط متخصص من الكثافة السكانية ويستخدم بصفة خاصة فى البالد الزراعية‬
‫بهدف فهم نوعية اإلنتاج الزراعى‪ ،‬وتوزيعه وتطوره‪ ،‬ويعتمد هذا المقياس على‬
‫تحديد"وظيفة األرض" إذ يحسب بقسمة عدد السكان المشتغلين بالزراعة فقط على مساحة‬
‫األرض المستثمرة فقط فى الزراعة‪.‬‬
‫عدد السكان العاملين فى قطاع الزراعة‬
‫‪----------------------------------------‬‬ ‫الكثافة الزراعية =‬
‫مساحة األرض الزراعية‬
‫هذا ويتأثر حجم السكان في أى دولة بعدد من المحددات هي‪:‬‬
‫المواليد‪Crude Birth Rate:‬‬ ‫أ ـ معدل‬
‫يقاس معدل المواليد من خالل معرفة النسبة بين عدد المواليد األحياء فى السنة إلى‬
‫إجمالى عدد السكان فى منتصف السنة لمنطقة جغرافية معينة‪.‬‬
‫ويحسب هذا المعدل بقسمة عدد المواليد األحياء في سنة معينة على عدد السكان في نفس‬
‫السنة × ‪ 1000‬أى لكل ‪ 1000‬من السكان ‪ ،‬ويمكن من خالله مقارنة المواليد في‬
‫األقطار المختلفة‪.‬‬

‫عدد المواليد األحياء في سنة معينة‬


‫×‪1000‬‬ ‫‪-------------------------‬‬ ‫معدل المواليد الخام =‬
‫إجمالى عدد السكان في منتصف السنـة*‬

‫الخصوبة‪Fertility Rates:‬‬ ‫ـ معدالت‬


‫وتعبر الخصوبة عن قدرة الرجال والنساء على المشاركة فى اإلنجاب‪،‬وهى السلوك‬
‫اإلنجابى للذكور واإلناث فى كل مجتمع وتقاس بعدة مقاييس هى‪:‬‬
‫‪1‬ـ حجم األسرة المكتملة‪ :‬ويشير إلى متوسط عدد الوالدات الذين تنجبهم إمرأة واحدة‬
‫خالل حياتها‪،‬أى طول الفترة التى تكون فيها المرأة قادرة على اإلنجاب(‪45-15‬سنة)‪.‬‬
‫‪72‬‬

‫‪2‬ـ المعدل العام للخصوبة‪ General Fertility Rate‬أو معدل الخصوبة الفعلية فيكون نتيجة‬
‫قسمة عدد المواليد فى سنة معينة على عدد النساء فى مرحلة اإلنجاب (المرحلة العمرية‬
‫من ‪ 45-15‬سنة)‪.‬‬
‫عدد المواليد األحياء فى السنة‬
‫معدل الخصوبة العام = ‪1000 ×-----------------------------------‬‬
‫عدد النساء فى سن الحمل ( ‪ 15‬ـ ‪ 45‬سنة )‬

‫‪ 3‬ـ معدل الخصوبة الزواجية‪ : Marital Fertility‬وهو عبارة عن عدد المواليد األحياء فى السنة لكل‬
‫‪ 1000‬من النساء المتزوجات فى سن الحمل‪.‬‬

‫عدد المواليد األحياء فى السنة‬


‫معدل الخصوبة الزواجية = ‪1000× -----------------------------------------‬‬
‫عدد النساء المتزوجات فى سن الحمل ( ‪ 15‬ــ‪ 45‬سنة )‬

‫‪ :‬ويستخدم للمقارنة بين قدرة‬ ‫معين‪Age Specific Fertility Rate‬‬ ‫‪ 4‬ـ معدل خصوبة عمر‬
‫مجموعات من النساء على اإلنجاب فى أعمار مختلفة‪.‬‬
‫عدد المواليد لمجموعة من النساء ذو سن معينة فى السنة‬
‫×‪1000‬‬ ‫معدل خصوبة عمر معين =‪---------------------‬‬
‫إجمالى عدد النساء فى تلك المجموعة‬

‫‪ 5‬ـ نسبة الخصوبة ‪ : Fertility Ratio‬ويقصد بها نسبة األطفال تحت سن الخامسة إلى النساء فى سن‬
‫الحمل‪.‬‬
‫عدد األطفال تحت سن الخامسة‬
‫×‪1000‬‬ ‫ــــــــــــــــــ‬ ‫=‬ ‫نسبة الخصوبة‬
‫عدد النساء فى سن ‪ 45-15‬سنة‬
‫‪ 6‬ـ معدل اإلنجاب ‪:Fecundity Rate‬وهو القدرة البيولوجية لألنثى على إنجاب األطفال‪ ،‬أو‬
‫عدد األطفال الذين تستطيع إمرأة أن تنجبهم طوال حياتها الزواجية‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ النسبة الجنسية‪ :‬وهى عبارة عن عدد الذكور لكل مائة أنثى وتحسب بقسمة عدد‬
‫الذكور على عدد اإلناث×‪.100‬‬
‫عدد الذكور‬
‫×‪100‬‬ ‫ـــــــــــــــــ‬ ‫النسبة الجنسية =‬
‫‪73‬‬

‫عدد اإلناث‬
‫وال يقل تأثير العوامل اإلجتماعية فى حركة الوالدات عن تأثير العوامل الديموجرافية‬
‫واإلقتصادية‪ ،‬فالسمات اإلجتماعية التى توجه سلوك أفراد الجماعات البشرية ينعكس‬
‫تأثيرها بوضوح على معدالت المواليد فيها حيث تؤثر عوامل التمسك بالتقاليد القديمة‬
‫والعادات المتوارثة مثل الزواج المبكر والتفاخر بكثرة النسل‪ ،‬والترابط العائلى والتمسك‬
‫بالعقيدة والفضائل الدينية كلما كان ذلك عامًال إيجابيًا فى التأثير فى المواليد وإ رتفاع‬
‫معدالتها‪.‬وذلك بعكس المجتمعات الصناعية والحضرية التى إنتشرت فيها القيم المادية‬
‫الحديثة‪ ،‬وتفككت أواصر القرابة األسرية‪ ،‬وإ ختفت العادات والتقاليد القديمة فى تأخير سن‬
‫الزواج مما ينتج عنه إنخفاض معدالت المواليد‪.‬‬
‫وتوجد عدة عوامل تؤدي إلى إنخفاض معدالت المواليد من أهمها اإلقامة في البيئات‬
‫الحضرية والصناعية‪ ،‬وتقدم أساليب اإلنتاج‪ ،‬وتناقص أهمية األسرة كوحدة إنتاجية‪،‬‬
‫وإ رتفاع المستوى التعليمي للزوجة‪ ،‬والتحرر من القيم التقليدية‪ ،‬وإ تباع الموانع األخالقية‬
‫مثل تأخير سن الزواج وتشجيع تنظيم األسرة‪ ،‬وتعريف الزوجات بالطرق المؤدية إليها‪،‬‬
‫وتيسيرها لمن يرغبها‪.‬‬
‫‪Crude Death Rate:‬‬ ‫ب ـ معدل الوفيات‬
‫أن ظاهرة الوفيات ال تقل أهمية عن ظاهرة المواليد فى الدراسات السكانية ألن‬
‫حركة التوازن الحيوى للبنية الديموجرافية ألى مجموعة سكانية إنما تتكون من حركة‬
‫تزايد طبيعى عن طريق المواليد‪،‬تقابلها حركة تناقص طبيعى عن طريق الوفيات فتحدث‬
‫التوازن الطبيعى فى الكتلة السكانية‪ .‬ولذلك تساعد دراسة معدالت الوفيات فى فهم‬
‫األوضاع اإلقتصادية واإلجتماعية والديموجرافية والصحية للمجتمع‪،‬وتبين مدى التقدم أو‬
‫التخلف الذى وصل إليه مجتمع ما‪.‬‬
‫ويمكن تحديد معدالت أو نسب الوفيات بقسمة عدد المتوفين خالل سنة معينة على‬
‫مجمل عدد السكان فى منتصف السنة مضروبًا فى ‪. 1000‬وهناك عدد من المعايير‬
‫اإلحصائية التى يعتمد عليها فى دراسة وفهم حركة الوفيات فى الكتلة السكانية هى ‪:‬‬
‫‪ -1‬معدل الوفيات‪ :‬وهو عبارة عن " عدد الوفيات فى العام بالنسبة لكل ألف من السكان "‬
‫‪.‬ويحسب هذا المعدل كالتالي‪:‬‬
‫عدد الوفيات فى العام‬
‫‪74‬‬

‫معدل الوفيات = ‪1000 × -----------------------‬‬


‫إجمالى عدد السكان فى منتصف العام‬
‫كما يحسب معدل الوفيات الخام بقسمة عدد الوفيات خالل السنة على متوسط عدد‬
‫السكان فى نفس السنة مضروبًا فى ‪. 1000‬‬
‫‪ -2‬معدل وفيات األمهات بسبب الحمل والوالدة‪:‬‬
‫عدد الوفيات المتعلقة باألمومة‬
‫معدل وفيات األطفال بسبب الحمل والوالدة = ‪1000× ---------------------‬‬
‫عدد المواليد األحياء‬
‫‪ 3‬ـ حساب معدالت الوفيات حسب األعمار كما يلى‪:‬‬
‫( أ) معدل وفيات األطفال أقل من ‪ 28‬يوم‪ :‬حيث يمكن حسابه بحصر عدد وفيات‬
‫األطفال األقل من ‪ 28‬يوما فى سنة معينة لكل ‪1000‬من المواليد فى تلك السنة‪.‬‬
‫(ب) معدل وفيات األطفال الرضع‪ :‬ويشير الى عدد الوفيات التى تحدث للمواليد فى عمر‬
‫اقل من سنة واحدة لكل ‪ 1000‬من المواليد األحياء فى سنة معينة‪.‬‬
‫عدد الوفيات بين األطفال اقل من سنة واحدة فى العام‬
‫معدل وفيات األطفال الرضع = ‪1000× --------------------------------‬‬
‫إجمالى عدد المواليد الذين ولدوا خالل نفس العام‬
‫(ج) معدل وفيات األطفال من السنة األولى حتى آخر السنة الرابعة من عمرهم‪ ،‬وتسمى‬
‫بوفيات الطفولة المبكرة‪.‬‬
‫(د ) معدل وفيات صغار السن‪:‬أى األطفال من بداية السنة الخامسة حتى نهاية السنة‬
‫الرابعة عشرة من أعمارهم‪.‬وتسمى بوفيات الطفولة المتأخرة‪.‬‬
‫(هـ) معدل وفيات الشباب‪،‬ويحدد الشباب من بداية السنة الخامسة عشرة حتى نهاية السنة‬
‫التاسعة والعشرين من أعمارهم‪.‬‬
‫(و) معدل وفيات الناضجين أو الكهولة ويخص الفئة من بداية السنة الثالثون حتى نهاية‬
‫السنة الرابعة والستون من أعمارهم‪.‬‬
‫( ز) معدل وفيات كبار السن أو الشيوخ وهم الفئة من بداية السنة الخامسة والستي وحتى‬
‫آخر األعمار‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ معدل الوفيات حسب النوع‪:‬‬
‫عدد وفيات الذكور (أو اإلناث)‬
‫‪75‬‬

‫×‪1000‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫=‬


‫عدد الذكور (أو األناث)‬
‫وتشير نتائج البحوث والدراسات المختلفة في هذا المجال إلى أن نسب الوفيات في‬
‫المجتمعات المتقدمة أقل بكثير من مثيالتها في المجتمعات النامية‪ ،‬وكذلك الحال بالنسبة‬
‫لوفيات األطفال‪ .‬ويرجع ذلك إلى ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬أن المجتمعات المتقدمة تنظر للطفل على أنه رأس مال مستثمر ينبغي المحافظة عليه‪،‬‬
‫أما في المجتمعات النامية ال تستطيع األسرة تلبية االحتياجات الكافية له من الناحية‬
‫المعيشية او الرعاية الصحية للمحافظة عليه‪.‬‬
‫ب ـ إنتشار األمراض المتوطنة بالمجتمعات النامية واألوبئة والتي تزداد مع نقص وسوء‬
‫األغذية‪ ،‬وإ نخفاض المستوى اإلقتصادى‪ ،‬والوعي الصحي‪ ،‬وعدم المعرفة بقواعد الطب‬
‫الوقائي‪.‬‬
‫ج ـ نقص أعداد األطباء والممرضين والممرضات فى غالبية المجتمعات النامية‬
‫د‪ -‬إتساع فرص الحياة أمام األفراد في المجتمعات المتقدمة‪ ،‬وعدم وجود تناسب بينها‬
‫وبين المتاح منها فى المجتمعات النامية مما يعرض أفراد المجتمعات النامية لضغوط‬
‫كثيرة تودي بحياة الكثير منهم خاصة من يعملون فى المهن الشاقة‪.‬‬
‫وتعتبر الزيادة الطبيعية أمرًا طبيعيًا ألي شعب من الشعوب‪ .‬ولكنها تصبح مشكلة عند‬
‫زيادتها عن الوضع الطبيعي‪ ،‬فمثًال نجد أن الدول المتقدمة تزداد فيها المعدالت السكانية‬
‫زيادة تتناسب مع حجم الموارد‪ ،‬فبلجيكا يتضاعف عدد سكانها كل ‪ 347‬سنة‪ ،‬وهولندا‬
‫يتضاعف كل ‪ 147‬سنة‪ ،‬ومالطة يتضاعف كل ‪ 92‬سنة‪ ،‬وسنغافورة يتضاعف كل ‪51‬‬
‫سنة‪.‬بينما فى الدول النامية ودول العالم الثالث نجد أن الزيادة السكانية مختلفة فتونس‬
‫يتضاعف عدد سكانها كل ‪ 33‬سنة والبحرين كل ‪ 29‬سنة ومصر وقطر كل‪ 28‬سنة‬
‫واألردن واليمن كل ‪ 20‬سنة‪ .‬مما ينبغى على بعض الدول خلق نوع من اإلتزان بين‬
‫معدل الزيادة فى عدد السكان ومعدالت إنتاج الغذاء لتتناسب مع محدودية الموارد‬
‫واإلمكانيات ‪.‬‬
‫‪Emigration‬‬ ‫جـ ـ الهجــرة‪:‬‬
‫تعتبر الهجرة من أهم الظواهر اإلجتماعية التي شغلت ومازالت تثير كثيرًا من‬
‫إهتمامات علماء اإلجتماع والمتخصصين فى مجال الدراسات السكانية لتأثيراتها العديدة‬
‫‪76‬‬

‫والمتشعبة فى كافة مجاالت الحياة فهي إحدى دعائم المنظومة الثالثية للتغير السكاني ألي‬
‫مجتمع من المجتمعات بجانب كل من المواليد والوفيات‪.‬‬
‫والهجرة ظاهرة قديمة عرفتها المجتمعات اإلنسانية منذ أقدم العصور‪ ،‬ومن خالل‬
‫الهجرات الكثيرة التي حدثت عبر التاريخ تفاعل الناس مع بعضهم البعض وإ متزجت‬
‫الحضارات المختلفة وتطورت طرق الحياة وأساليبها‪ .‬وكان لها تأثيرها المزدوج على كل‬
‫من مجتمعي الطرد والجذب فى آن واحد ‪.‬‬
‫ووفقًا للمنظور اإلجتماعي عرفت الهجرة بأنها "إنتقال الفرد أو الجماعة من مكان إلى‬
‫آخر داخل حدود الدولة الواحدة أو من دولة إلى أخرى بقصد اإلقامة الدائمة أوالمؤقتة‬
‫وبصورة إجبارية أو اختيارية أو ألي سبب من األسباب "‪.‬‬
‫أنواع الهجرة‪:‬‬
‫‪Internal Migration‬‬ ‫‪ -1‬الهجرة الداخلية‪:‬‬
‫وهى التي تحدث داخل المجتمع الواحد أو داخل الدائرة المكانية للدولة وحدودها‬
‫السياسية كما هو الحال فى الهجرة من الريف إلى الحضر‪ ،‬والهجرة من الريف إلى‬
‫الريف‪ ،‬وهجرة من الحضر إلى الحضر‪ ،‬وهجرة من الحضر إلى الريف‪.‬إال أن النمط‬
‫السائد هو نمط الهجرة من الريف إلى الحضر نتيجة إلنخفاض الدخل ومستوى المعيشة‪،‬‬
‫ووجود فائض فى األيدى العاملة الزراعية‪.‬‬

‫الخارجية‪International Migration :‬‬ ‫‪ -2‬الهجرة‬


‫تعنى الهجرة الخارجية إنتقال المواطن من مكان إقامته األصلى الذى ولد وعاش فيه‬
‫فترة زمنية محددة إلى مكان آخر وذلك رغبة فى تحسين ظروفه اإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬
‫ويكون هذا اإلنتقال من دولة إلى أخرى‪ .‬وتحدث عادة تحت وطأة بعض الظروف فى‬
‫الدولة المهاجر منها ووجود عوامل جذب فى الدولة المهاجر إليها‪.‬‬
‫قياس الهجرة‪:‬‬
‫تقاس الهجرة الكلية سواء بالقدوم أوبالمغادرة فى خالل سنة معينة كما يلى‪:‬‬

‫عدد الوافدين ‪ +‬عدد المغادرون خالل سنة معينة‬


‫‪1000× ---------------------------‬‬ ‫الهجرة الكلية =‬
‫‪77‬‬

‫إجمالى عدد السكان خالل نفس السنة‬


‫أما بالنسبة لحساب الهجرة الصافية فيتم حسابها لمعرفة ما إذا كانت هذه الكتلة السكانية‬
‫قد كسبت سكانًا جدد عن طريق الهجرة الوافدة أو خسرت سكانًا مهاجرين منها عن طريق‬
‫الهجرة الصافية‪.‬ويحسب معدل الهجرة الصافية كاألتى‪:‬‬
‫عدد الوافدون – عدد المغادرين خالل سنة معينة‬
‫معدل الهجرة الصافية = ‪1000× --------------------------‬‬
‫إجمالى عدد السكان خالل نفس السنة‬

‫األهمية اإلقتصادية و اإلجتماعية للهجرة من الريف إلى الحضر‪:‬‬


‫و تبرز تلك األهمية فى األتى‪:‬‬
‫أنها الطريقة التي يعيد بها الفرد تكيف نفسه في النظام اإلجتماعي واإلقتصادي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تعتبر طريقة لتصحيح ظاهرة عدم التوازن بين السكان والموارد الطبيعية في‬ ‫‪-2‬‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫تحدث تغييرًا كبيرًا في توزيع السكان حسب السن والجنس وباقي التوزيعات‬ ‫‪-3‬‬
‫األخرى‪.‬‬
‫تسبب قطع الروابط اإلجتماعية وتؤثر في عالقاتها بالنظم والمؤسسات اإلجتماعية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫تؤثر في النظام اإلقتصادي من حيث حركة األفراد ويتأثر بها كل من البلد الطارد‬ ‫‪-5‬‬
‫والبلد المستقبل على السواء‪.‬‬

‫صفات المهاجرين‪:‬‬
‫تتطلب الفئات المهاجرة سواء الداخلية منها أو الخارجية بعض الصفات الخاصة‬
‫والمهارات والقدرات العقلية والجسمية عن غيرهم من األفراد ومن هذه الصفات ما يلى‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تتركز فئة المهاجرين فى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ‪ 20‬ـ ‪ 40‬سنة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أنهم من األشخاص األكثر تعليمًا وتدريبًا‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أنهم أكثر قدرة على التكيف‪ ،‬ولديهم حب اإلستطالع والمخاطرة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ يمثل الذكور غالبية المهاجرين ماعدا المهاجرين إلى أمريكا الجنوبية فهم من النساء‬
‫حيث تجد المرأة فرص للعمل داخل المدن‪.‬‬
‫‪78‬‬

‫أما المهاجرين خارج الدولة فقد لوحظ أنهم يتميزون بكفاءتهم العلمية العالية‪ ،‬وأن أكثرهم‬
‫من الذكور‪ ،‬وأن بعضهم من ذوى اإلتجاهات السياسية أو الدينية ويواجهون مشكالت‬
‫ومصاعب فى مجتمعاتهم‪ ،‬وأن بعضهم قد تعود على الحياة خارج موطنه األصلى‪،‬‬
‫باإلضافة إلى توفر بعض المغريات مثل فرص العمل‪ ،‬والزواج‪ ،‬ومزاولة أنشطة‬
‫إقتصادية رئيسية‪.‬‬
‫العوامل المؤثرة على الهجرة ‪:‬‬
‫تحدث الهجرة بأنواعها المختلفة ويؤثر عليها نوعين من العوامل هما‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ عوامل الدفع‪:‬وهذه العوامل يمكن حصرها فى ثالث مجموعات هى‪:‬‬
‫أ ـ الهيكل الديموجرافى الذى يتيح لها أن تمتلك أكبر قوة عمل مدربة ومهيأة لإلنتشار‬
‫السريع‪.‬‬
‫ب ـ الهيكل اإلقتصادي الذى يتسم بإنخفاض الناتج المحلى والمدخرات المحلية‪ ،‬وعدم‬
‫عدالة توزيع الدخل‪ ،‬وإ نتشار البطالة بكافة صورها‪.‬‬
‫ج ـ الدوافع الفردية والتى ترتبط بمدى إدراك الفرد للقوى المؤثرة على حياته وعلى‬
‫الفرص المتاحة أمامه‪ ،‬وتبدو واضحة فى الهجرة الداخلية من المناطق الريفية إلى‬
‫المناطق الحضرية بسبب ضيق الرقعة الزراعية‪ ،‬وعدم توفر فرص عمل أو مصادر‬
‫أقوى للحصول على متطلبات المعيشة‪ ،‬وعدم وجود أراضى جديدة قابلة لإلستصالح‪،‬‬
‫وإ نتشارالبطالة الموسمية والمقنعة بين العاملين بمهنة الزراعة‪ ،‬وإ نخفاض األجور‪ ،‬وسوء‬
‫األحوال اإلقتصادية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ عوامل الجذب ‪:‬توجد عدة عوامل تمثل قوة جاذبة للهجرة سواء الخارجية منها أو‬
‫الداخلية وتتمثل فى األتى‪:‬‬
‫أ‪ -‬عوامل جذب للمهاجرين إلى الخارج وتتمثل فى إمتالك الدولة المهاجر إليها لموارد‬
‫تمويلية ضخمة مع قلة العناصر المهرة المدربة إلنخفاض عدد السكان‪ ،‬وإ رتفاع نسبة من‬
‫هم دون سن العمل‪ ،‬وإ نعدام مشاركة المرأة فى األنشطة اإلقتصادية‪ ،‬وإ نخفاض المستوى‬
‫التعليمي‪ ،‬وإ رتفاع األجور بتلك الدولة مقارنة باألجور فى موطنه األصلى‪.‬‬
‫ب ‪ -‬عوامل جذب الهجرة الداخلية وتتمثل فى إتساع مجاالت وفرص العمل بالمناطق‬
‫الحضرية‪ ،‬وإ رتفاع المستوى اإلقتصادي بها‪ ،‬وإ رتفاع األجور‪ ،‬وإ نتشار ونمو الصناعة‬
‫‪79‬‬

‫وتنوعها وخاصة فى المدن الكبرى‪ ،‬وتركيز التجارة الخارجية بها ورواجها‪ ،‬وتركيز‬
‫األجهزة الحكومية‪ ،‬وإ نتشار الجامعات والمعاهد الفنية العالية بها‪ ،‬وتوفر وتنوع وسائل‬
‫المواصالت ورخصها‪ ،‬ووجود المرافق واألجهزة الخدمية‪ ،‬وإ نتشار وسائل الترفيه على‬
‫إختالف أنواعها‪.‬‬
‫اآلثار المختلفة للهجرة‪:‬‬
‫يترتب على ظاهرة الهجرة وجود نوعين من اآلثار المترتبة عليهما هما‪:‬‬
‫‪ : 1‬اآلثار االيجابية والسلبية للهجرة الخارجية‪ :‬من أهم اآلثار اإليجابية للهجرة‬
‫الخارجية مساهمة المهاجرين فى تمويل الكثير من المشروعات التنموية ببالدهم األصلية‪،‬‬
‫وتوفير إحتياجات الدولة من النقد األجنبى لمواجهة خطط التنمية‪ ،‬وتدعيم ميزان‬
‫المدفوعات‪ ،‬ونقل العائدين من الهجرة للتقنيات الحديثة إلى بلده‪ ،‬وخفض معدالت البطالة‪،‬‬
‫وتحرير جزء من الموارد الموجهة نحو الوفاء بإحتياجاته اإلستهالكية والخدمية‪،‬‬
‫والتغيرات التى تطرأ على سلوك المهاجر فى مسكنه وملبسه وإ ستثماراته‪.‬‬
‫أما اآلثار السلبية فتتمثل فى نقص القوى العاملة المزرعية‪ ،‬وإ رتفاع أجورهم‪ ،‬ودخول‬
‫األطفال والنساء سوق العمل لسد العجز الناشْى عن الهجرة رغم خبراتهم المحدودة‪،‬‬
‫وإ رتفاع أسعار الحاصالت الزراعية‪ ،‬ومحاكاة قيم وأنماط المهجر‪ ،‬وإ هتزاز النظام القيمى‬
‫فى الريف‪ ،‬وتغير النظرة بعد العودة للعمل الزراعي‪ ،‬وترك فراغ واضح داخل القطاعات‬
‫اإلنتاجية الحيوية مما اثر على مستوى الكفاءة اإلنتاجية لهذه القطاعات‪ ،‬وإ رتفاع أسعار‬
‫المنتجات الزراعية‪ ،‬ووجود حالة من اإلغتراب لدى المهاجر‪ ،‬واإلنفاق البذخى‬
‫اإلستهالكي للسلع والمعدات الكهربائية المنزلية‪ ،‬وشراء األراضي والعقارات‪ ،‬وإ نتشار‬
‫الظواهر اإلجتماعية المصاحبة للهجرة مثل التفكك األسرى‪ ،‬وضعف مركز كبير العائلة‪.‬‬

‫‪ : 2‬اآلثار السلبية للهجرة الداخلية على كل من المجتمعين الريفي والحضري‪:‬‬


‫تؤثر الهجرة السكانية من الريف إلى الحضر تأثيرًٍا كبيرًا على الخطط التنموية للدولة‬
‫وبرامجها لما تحدثه من مشكالت إجتماعية وإ قتصادية‪ .‬ومن أهم المشكالت الناجمة عن‬
‫الهجرة الداخلية ما يلى ‪:‬‬
‫أ ـ اآلثار اإلجتماعية‪:‬‬
‫‪80‬‬

‫وتنطوي هذه اآلثار على عدم قدرة المهاجرين من الريف إلى المدينة على التكيف مع‬
‫حياة المدينة فهم يحملون معهم عاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم إلى المدينة ويتعايشون بها ‪،‬‬
‫ومن ثم فإن طريقة معيشتهم وأسلوب حياتهم ال يتوافق مع حياة المدن ‪ .‬ويعنى ذلك زيادة‬
‫درجة عدم التجانس بين سكان الحضر مما يؤدي إلى ظهور جماعات فرعية متعددة داخل‬
‫المناطق الحضرية‪ ،‬ومواجهة المهاجرين للكثير من المشكالت النفسية واإلجتماعية‪،‬‬
‫وإ رتفاع معدل الجريمة خاصة فى المناطق المكتظة بالسكان والسيما في المراحل األولى‬
‫للهجرة ‪.‬‬
‫ب ـ اآلثار اإلقتصادية وتتمثل فى إهمال اإلنتاج الزراعي نتيجة فقد القوة العاملة التى‬
‫هاجرت الى المدينة مما أدى إلى إنخفاض اإلنتاجية ‪ ،‬وإ رتفاع أجر العامل الزراعي‬
‫بالريف ‪ ،‬وإ نخفاض أجور العمال بالمدن نتيجة تزاحم القوة العاملة‪ .‬وذلك سوف يؤثر سلبًا‬
‫على المجتمعين الريفي والحضري من الناحية االقتصادية‪،‬باإلضافة إلى المشاكل األخرى‬
‫مثل عدم توفير الخدمات اإلجتماعية المطلوبة للمهاجرين الجدد فى اإلسكان والمواصالت‬
‫والتعليم والصحة‪......‬الخ ‪.‬‬
‫تؤثر‬ ‫اآلثار الديموجرافية ‪:‬‬
‫الهجرة على المجتمع من الناحية الجغرافية حيث تحدث خلًال كبيرًا وتغيرًا فى التركيب‬
‫السكاني ‪ ،‬وتوزيع السكان من حيث خصائصهم كالعمر والجنس والمهنة‪ ،‬وتمثل هجرة‬
‫الشباب والمتعلمين جانبًا هامًا على اإلنتاج الزراعي فى الريف ‪ .‬وقد لوحظ أن معظم‬
‫الشباب الذين خرجوا من القرى للدراسة والتدريب فى المدينة ال يعودون إليها لوجود‬
‫عوامل جذب شديدة ‪ ،‬وال يبقى فى الريف إال كبار السن والنساء واألطفال‪.‬‬

‫الحلول المقترحة لمشكالت الهجرة الداخلية ‪:‬‬


‫للتخلص من مشاكل الهجرة الداخلية أو التخفيف من حدتها ينبغي أن تعمل الدولة وفقًا‬
‫لخطط علمية مدروسة لمواجهة الهجرة من الريف الى الحضر‪ ،‬ووضع خطط طويلة‬
‫وأخرى قصيرة المدى تتضمن ما يلي ‪:‬‬
‫‪81‬‬

‫‪ 1‬ـ ضرورة اإلهتمام بالمناطق الريفية وتوفير الخدمات الشاملة بها وفى مختلف النواحي‪،‬‬
‫وكذلك المؤسسات اإلجتماعية والمرافق خاصة فى المناطق النائية لتشجيع اإلقامة بها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ مواكبة ومسايرة التطور الحضاري حتى ال يفقد الريف مقوماته أو أهميته االقتصادية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ضرورة تطوير المساكن الريفية لتكون مساكن صحية‪ ،‬وتشجيع اإلقامة فى المناطق‬
‫الريفية‪ ،‬وتوفير فرص العمل فى المجاالت الزراعية والصناعية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ اإلهتمام بقضية التوازن السكاني وفقًا لمؤشرات اإلحصاءات السكانية الخاصة‬
‫بمعدالت الزيادة الطبيعية‪ ،‬ومعدالت المواليد والوفيات‪ ،‬والخصوبة فى الريف وكذلك فى‬
‫المدن حتى يمكن إعادة التوزيع السكاني حتى ال يتمركز السكان فى منطقة معينة‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ يجب أال يقتصر التخطيط العمراني على المجتمعات الحضرية بل توضع المجتمعات‬
‫الريفية فى اإلعتبار‪ ،‬وتوفير اإلمكانيات الالزمة إلقامة المساكن أو إلنشاء المشروعات‬
‫اإلقتصادية فى تلك المناطق ‪.‬‬
‫‪Population Distribution‬‬ ‫ثانيًا ‪-‬توزيع السكان ‪:‬‬
‫ويقصد بتوزيع السكان "كيفية إنتشار السكان على حدود جغرافية معينة "وهى الصورة‬
‫التى تعكس النتيجة النهائية للتفاعل بين عناصر البيئة الطبيعية وعناصر النشاط البشرى‬
‫على سطح األرض‪.‬‬
‫كما أنه بواسطة توزيع السكان يمكن معرفة درجة تركيز التواجد البشرى على سطح‬
‫األرض وإ ختالفه من منطقة إلى أخرى‪ ،‬ومن وقت إلى أخر‪ ،‬والعوامل التى أدت إلى هذا‬
‫التباين واإلختالف‪ ،‬ومعرفة نوع النشاط اإلقتصادي القائم بين السكان‪ ،‬ونوع المجتمع‬
‫فمثًال نجد أن المجتمعات الحضرية والصناعية يزداد تركيز السكان فيها‪ ،‬وتقل بإطراد في‬
‫المناطق الريفية نتيجة نزوح الريفيين إلى تلك المناطق مما يجعل المناطق الريفية فى‬
‫حاجة شديدة إلى األيدى العاملة الزراعية‪.‬‬
‫ويرتبط توزيع السكان أساسًا بتوزيع كتل اليابس والماء على سطح الكرة األرضية‪،‬‬
‫فنتيجة لوقوع أغلب كتل اليابس وأغلب مناطق المعمور شمال خط اإلستواء نجد أن‪%90‬‬
‫من سكان العالم يعيشون فى النصف الشمالى للكرة األرضية‪ ،‬واليسكن فى نصف الكرة‬
‫الجنوبى إال نسبة ‪ %10‬فقط‪.‬‬
‫‪82‬‬

‫وأشارت معظم الدراسات العلمية أن سكان العالم ال يتوزعون بصورة منتظمة بين‬
‫قارات العالم المختلفة‪،‬وإ نما توجد بعض اإلختالفات الجوهرية بين القارات واألقاليم‬
‫والدول المختلفة من حيث الحجم والكثافة فى كل منطقة‪،‬كما توجد الكثير من العوامل التى‬
‫التى تؤثر بصورة مباشرة فى توزيع السكان ومن بين هذه العوامل الظروف البيئية‬
‫كالمناخ والطبيعة‪،‬والموارد الطبيعية‪،‬ووجود التنظيم اإلجتماعى والخدمات العامة‪،‬كما أن‬
‫تركيز السكان غالبًا ما يكون فى السهول الساحلية واألودية واألنهار والمناطق المدارية‬
‫والمعتدلة ويقل تركيزهم فى األقاليم القطبية وفى المناطق الصحراوية القاحلة‪.‬‬
‫وهناك عوامل متعددة ساهمت فى إختالف التوزيع السكانى فى دول العالم منها‪:‬‬
‫‪ -1‬العوامل الطبيعية والتى تتمثل فى تأثير الموقع الجغرافى‪ ،‬والتضاريس والتربة‪،‬‬
‫وتأثير المناخ والغطاء النباتى‪ ،‬والموارد الطبيعية من المعادن والطاقة والمياه‪.‬‬
‫‪ -2‬العوامل البشرية مثل تأثير العوامل اإلقتصادية كتلك المرتبطة بالنشاط الزراعى‪،‬‬
‫والتطور الصناعى‪ ،‬والعوامل التاريخية اإلجتماعية مثل تأثير الحضارات المختلفة مثل‬
‫حضارة الشرق القديم التى قامت فى اليابان والصين والهند‪ ،‬وكذلك تأثيراألحداث التاريخية‬
‫مثل الحربين العالميتين وما أدت إليه أحداثهما من تغيير فى خريطة توزيع السكان فى‬
‫أوربا وآسيا وأفريقيا‪.‬‬
‫وكال العاملين مكمالن لبعضهما البعض فى التأثير على توزيع السكان فى المناطق‬
‫المختلفة‪ ،‬فالعوامل البشرية تلعب دورًا اليقل أهمية عن تلك التى تحدثها العوامل الطبيعية‪،‬‬
‫والعوامل الطبيعية ال تؤثر إال من خالل النشاط البشرى فاألمطار والتربة والموارد‬
‫الطبيعية ال يظهر تأثيرهما اإليجابى فى جذب السكان وإ ستقرارهم فى المناطق التى توجد‬
‫بها إال عن طريق إستثمار اإلنسان لهذه الموارد‪.‬‬

‫الوضع السكانى فى جمهورية مصر العربية‪:‬‬


‫توحي خريطة توزيع السكان إلى إختالف شكل توزيع السكان فى جمهورية مصر‬
‫العربية عن باقي دول العالم‪ ،‬حيث يتركز معظم السكان في شريط ضيق على إمتداد نهر‬
‫النيل والدلتا‪ ،‬بينما تتخلخل الكثافة السكانية بشدة كلما ابتعدنا عن هذا الوادي‪ .‬وتشير‬
‫االحصاءات إلى أن ‪ %98‬من مجموع سكان مصر يعيشون في مساحة ال تتعدى ‪%4‬‬
‫‪83‬‬

‫من جملة المساحة الكلية لمصر‪ ،‬في حين نجد أن ‪ %2‬فقط من السكان موزعين على‬
‫‪ %96‬من المساحة الكلية في الصحراء الشرقية والغربية والوادي الجديد‪ .‬ولهذا كانت‬
‫خطط الدولة الطموحة إلعادة هيكل التوزيع السكاني المصري من جديد ‪ ،‬والخروج إلى‬
‫الصحراء ‪ ،‬وإ قامة المدن الجديدة‪ ،‬واستزراع الصحارى ‪ ،‬وإ قامة مجتمعات ريفية جديدة‬
‫مثل مدن ‪ 6‬أكتوبر‪ ،‬والعاشر من رمضان ‪،‬وبدر ‪،‬والسادات ‪،‬و‪ 15‬مايو‪،‬‬
‫والعبور‪،‬والشروق وتوشكي باإلضافة إلى ما يقرب من ‪ 1000‬قرية جديدة ‪ ،‬وال تزال‬
‫خطط التوسع في المدن والقرى الجديدة تسير بأعلى معدالتها أمًال في إعادة التوزيع‬
‫السكاني بالشكل الذي يساعد على تحقيق أعلى معدالت النمو والرخاء‪.‬‬
‫يعتبر سكان أي دولة هم المواد الخام‬ ‫‪Population Discription‬‬ ‫ثالثًا‪ -‬صفـات السكـان ‪:‬‬
‫لبناء المجتمع‪ ،‬وهذه الخامات تتنوع وتتعدد فمنها الرجال والنساء واألطفال والمتزوجين‬
‫وغير المتزوج واألرامل والمطلقين‪ ،‬ومنهم العاملين بالحرف المختلفة كالزراعة‬
‫والصناعة والتجارة والتعليم والصحة‪ ،‬ومنهم المتعلمين و األميين‪ .‬وهكذا نجد أن أي‬
‫مجتمع ما هو إال نسيج مختلف من الخصائص والصفات‪ ،‬وهذا اإلختالف هو الذي يعطيه‬
‫اإلستمرارية واإلستقرار والتكامل‪ ،‬وكلما زاد تعقد المجتمع زاد الالتجانس في صفات‬
‫وخصائص سكانه‪.‬‬
‫ولذا كان االهتمام بدراسة هذه الخصائص والصفات لوضعها فى اإلعتبار عند معالجة‬
‫قضايا هذا المجتمع فى ضوء هذه الصفات‪ ،‬و حتى يمكن للمخططين والقائمين على أمر‬
‫هذا المجتمع إتخاذ التدابير الالزمة فإذا كانت القاعدة العريضة من الهرم السكاني من‬
‫األطفال صغار السن فإنه يتوقع إرتفاع نسبة اإلعالة فى هذا المجتمع‪ ،‬وحاجة هؤالء‬
‫األطفال إلى مصانع للعب األطفال ومالبسهم‪ ،‬ويقاس على ذلك مختلف الصفات فتتضح‬
‫صورة المجتمع وإ حتياجاته من خالل معرفة صفات سكانه‪.‬‬

‫‪Population Develop‬‬ ‫رابعًا‪ :‬نمـو السكـان‪- :‬‬


‫ويقصد بنمو السكان " إختالف حجم سكان مجتمع ما خالل فترات زمنية معينة‬
‫"‪.‬ويتكون النمو السكانى من الزيادة الطبيعية الممثلة فى الفرق بين معدالت المواليد‬
‫ومعدالت الوفيات‪ ،‬والزيادة غير الطبيعية الممثلة فى الفرق بين معدالت الهجرة الوافدة‬
‫‪84‬‬

‫ومعدالت الهجرة المغادرة‪ ،‬وبهذا تعد الزيادة الطبيعية العنصر األساسى واألكثر أهمية فى‬
‫نمو السكان‪.‬‬
‫كما يرتبط مفهوم النمو بمفهومي التضخم السكانى‪ ،‬وأزمة السكان وكلها مفاهيم ال‬
‫تنفصل عن فكرة حركة السكان وتغيرها‪ .‬فإذا كان المجتمع في حالة عدم ثبات فإن‬
‫المجتمع يخضع لحركة دائمة ولعوامل تغيير مستمرة وهذا التغير والتحرك قد يكون في‬
‫اتجاه النمو والزيادة بفعل عوامل المواليد والهجرة إلى هذا المجتمع أو السير في اإلتجاه‬
‫العكسي بفعل الوفيات والهجرة النازحة من هذا المجتمع‪.‬‬
‫ويمكن من خالل عد د من المحددات حساب عدد السكان فى أى دولة فى سنة ما وذلك‬
‫بمعرفة معدل الزيادة أو النقص فى عدد السكان خالل سنة معينة بسبب فائض المواليد أو‬
‫عجز الوفيات ويعبر عنه كنسبة الى العدد االساسى للسكان‪.‬‬
‫عدد المواليد ــ عدد الوفيات‬
‫×‪1000‬‬ ‫‪----------------------‬‬ ‫عدد السكان =‬
‫عدد السكان فى منتصف العام‬
‫اى أن عدد السكان هو عبارة عن عدد السكان االصلى ‪ +‬الزيادة الطبيعية ‪+‬أو –‬
‫صافى الهجرة‪.‬‬
‫ونتيجة للتفاوت بين المجتمعات المختلفة فيما يحدث من تغير في معدالت المواليد‬
‫والوفيات تنش أربعة أنواع من المجتمعات هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬مجتمعات ترتفع فيها كل من نسبة المواليد ونسبة الوفيات مما يؤدى إلى إنخفاض‬
‫متوسطات األعمار‪ ،‬وإ نخفاض المستوى اإلجتماعي واإلقتصادي‪ ،‬وسوء الحالة الصحية‬
‫واإلجتماعية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬مجتمعات ترتفع فيها نسبة المواليد وتنخفض نسبة الوفيات‪ ،‬وهى مجتمعات يزداد‬
‫عدد أفرادها‪ ،‬وترتفع فيها متوسطات أعمارهم‪ ،‬وتمتاز هذه المجتمعات بالعزة القومية‬
‫والتقدم الصناعى والحربى‪ ،‬وإ رتفاع مستوى الطموح السياسي ألفرادها‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬مجتمعات تنخفض فيها كل من نسبة المواليد ونسبة الوفيات‪ ،‬وهذه المجتمعات تأخذ‬
‫في التناقص النسبي وتصبح مهددة بمشكلة تناقص السكان‪ ،‬ولكنها تمتاز بإرتفاع مستويات‬
‫المعيشة والمستوى الصحى والمستوى الثقافي‪.‬‬
‫‪85‬‬

‫د‪ -‬مجتمعات تنخفض فيها نسبة المواليد وتزداد نسبة الوفيات‪ ،‬ومثل هذه المجتمعات‬
‫مهددة باإلنهيار اإلجتماعي واإلنحالل األخالقى‪.‬‬
‫إن معرفة مرحلة النمو التى تمر بها الكتلة السكانية تساعد على تحديد سلبيات‬
‫وإ يجابيات بنائها الديموجرافى وتركيباته المختلفة‪ ،‬إال أنها ال تعد دليًال حاسمًا على إرتفاع‬
‫أو إنخفاض مستوى المعيشة فيها حيث توجد بعض الدول ذات معدالت النمو المنخفض‬
‫ومستوى الدخل المرتفع ولكنها تعانى من مشاكل إقتصادية عنيفة تعرقل إرتفاع مستوى‬
‫المعيشة بها‪ ،‬كما توجد بعض المجتمعات يمر بمرحلة إستقرار وذات نمو منخفض‪ ،‬ومن‬
‫ثم تواجه مشكالت مختلفة وهكذا تختلف الدول فى درجة النمو مما يدعو الى العمل على‬
‫دراسة وفهم األوضاع المعيشية للسكان عن طريق دراسة التوازن بين نمو السكان ونمو‬
‫الموارد واإلنتاج فى كل قطر من األقطار‪.‬‬

‫‪Social Institutions‬‬ ‫النظم اإلجتماعية‬


‫ولقد نشأت النظم اإلجتماعية إستجابة لدوافع اإلنسان الحيوية ورغباته النفسية ومتطلباته‬
‫الحياتية‪ ،‬فاإلنسان ككائن إجتماعي ال يكشف عن خصائصه اإلجتماعية إال عن طريق‬
‫تفاعله مع الجماعات التي يعيش فيها‪ .‬وتطلق كلمة جهاز عادة على كل ترتيب معين من‬
‫شأنه أن يقوم بوظائف معينة‪ ،‬ولذلك فالنظم اإلجتماعية هي دستور المجتمع الذي ينظم‬
‫‪86‬‬

‫مجموعة القيم واألحكام التي إرتضاهاعقل الجماعة لتنتظم به حياة األفراد أو هي النسق‬
‫المعقد الذى يتضمن قواعد ونماذج للتصرف والتي يتوقع من كل فرد في الجماعة أن‬
‫يتصرف بمقتضاها‪ ،‬وهي سابقة في وجودها على وجود األفراد إذ ينشأ هؤالء األفراد في‬
‫الحياة اإلجتماعية‪ ،‬ويجدون أنفسهم أمام مجموعة من أساليب التفكير وقوالب العمل‬
‫متعارف ومتفق عليها‪ ،‬ويرون أنفسهم ملزمين بأن يصبوا قوالب تفكيرهم‪ ،‬وأنماط‬
‫سلوكهم‪ ،‬ومواقفهم اإلجتماعية وفقًا لهذه المعايير‪.‬‬
‫مفهوم النظم اإلجتماعية‬
‫يرى جيلين (‪ )Gillin‬أن النظم اإلجتماعية هي" األنساق المنظمة الدائمة نسبيًا للتصرف‬
‫واإلتجاهات واألغراض واألشياء المادية والرموز والمثل التي توجه أغلب نواحي الحياة‬
‫اإلجتماعية"‪.‬‬
‫ويصفها وليم أوجبرن (‪ )W.Ogburn‬بأنها "الطرق التي ينشئها أفراد المجتمع لتحقيق‬
‫حاجات إنسانية ضرورية "‪.‬ومن أمثلتها النظام األسرى‪ ،‬والنظام اإلقتصادى ‪ ،‬والنظام‬
‫السياسى ‪ ،‬والنظام الدينى ‪..‬الخ ‪.‬‬
‫اإلجتماعية‪Social Orgonizations:‬‬ ‫مفهوم المنظمات‬
‫‪ -‬المنظمة اإلجتماعية هى عبارة عن" وحدات مخططة أنشئت بقصد وذلك بغرض‬
‫الحصول على أهداف معينة"‪.‬‬
‫‪ -‬المنظمة هى " مجموعة من الناس يكونوا وحدة إجتماعية تقوم من أجل تحقيق أهداف‬
‫رئيسية بشرط أن يلتزم كل عضو في تأدية واجباته بالشكل المنظم والمتفق عليه"‪.‬‬
‫وتؤدى المنظمات اإلجتماعية دورًا هامًا فى حياة اإلنسان فى المجتمع المعاصر الذى‬
‫أصبح يتكون من العديد من المنظمات العاملة فى مختلف المجاالت بهدف إشباع إحتياجات‬
‫اإلنسان الغذائية‪ ،‬أو لكي يحصل على التعليم‪ ،‬أو أن ينتقل من مكان إلى آخر‪،‬أو يمارس‬
‫أنشطته اإلجتماعية المختلفة فإنه يتعامل مع منظمات مختلفة‪.‬لذلك أطلق على المجتمع‬
‫الحديث مجتمع المنظمات‪ ،‬فهي حقيقة واقعية في كل المجتمعات وال يوجد مجتمع بدون‬
‫منظمات‪.‬‬
‫أهداف المنظمات اإلجتماعية‬
‫‪87‬‬

‫تسعى المنظمات اإلجتماعية إلى تحقيق أهداف محددة وهى أهم خاصية تميزها عن‬
‫األنساق اإلجتماعية األخرى‪ ،‬والتنظيم هو األداة التى تتحقق بها األهداف المقررة‬
‫للجماعة‪ ،‬فوجود أهداف واضحة ومحددة للمنظمات اإلجتماعية تخدم وظائف متعددة‬
‫وللمنظمات أهداف رئيسية‬ ‫ومختلفة من شأنها زيادة كفاءة وفاعلية هذه المنظمات‪،‬‬
‫مدونة فى سندات تأسيسها والئحتها‪ ،‬وفى تقاريرها السنوية أو التصريحات الرسمية التى‬
‫تصدر من رجال اإلدارة العامة فى المنظمة‪ ،‬كما أن لها أهداف إجرائية أو تشغيلية وهى‬
‫األهداف الفعلية للمنظمة‪ ،‬والتى توجه المنظمة معظم وسائلها وإ مكانياتها لتحقيقها‪.‬‬
‫وبذلك يمكن تقسيم أهداف المنظمات كاألتي‪:‬‬
‫‪ -1‬األهداف الخاصة بالمجتمع‪:‬‬
‫تهتم المنظمات اإلجتماعية بإعتبارها جزءًا من المجتمع على أن يكون من بين‬
‫أهدافها ما يحقق بعض أهداف المجتمع‪ ،‬ويشبع جانب من إحتياجات أفراده سواء كانت‬
‫إجتماعية أو إقتصادية‪ .‬وبذلك تضمن المنظمة الدعم المالي واألدبي من البيئة المحيطة‬
‫على أساس أن المجتمع يعترف بأن هذه المنظمة تقدم له إشباعا لبعض الحاجات األساسيةً‪.‬‬
‫‪ -2‬األهداف الخاصة بالعمالء‪:‬‬
‫وهى األهداف التى ترتبط بعمالء المنظمة‪،‬أو الجماهير التي تتلقى خدماتها وتتعامل‬
‫معها‪،‬والبد أن تكون هذه األهداف مواكبة إلحتياجات الجماهير‪،‬وقد تساهم عملية تغير‬
‫إحتياجات الجماهير وتطلعاتها فى تطور وتغير تلك المنظمة‪،‬ويتوقف تعامل الجماهير مع‬
‫المنظمة على مدى وضوح أهداف المنظمة الخاصة بالعمالء وعلى مدى تمشيها مع‬
‫إحتياجاتهم‪.‬‬
‫‪ -3‬األهداف الخاصة بالمشاركين‪:‬‬
‫يقبل األفراد على اإلشتراك فى نشاط أى منظمة إذا وجدوا ضمن أهدافها ما‬
‫يشجعهم على ذلك وأن هذا اإلشتراك سوف يحقق لهم أهدافهم ويشبع إحتياجاتهم ولذلك‬
‫تحرص المنظمات على أن يكون ضمن أهدافها أهداف خاصة بمن يقبل اإلشتراك فى‬
‫عضويتها أو نشاط تلك المنظمات‪.‬وبذلك تستمر المنظمة وتبقى فى المجتمع‪،‬وقد يكون‬
‫المشاركين هيئات أو منظمات أخرى كما هو الحال فى اإلتحادات العامة أو النوعية‪.‬‬
‫‪ -4‬األهداف المتعلقة بالمنظمة‪:‬‬
‫‪88‬‬

‫وهى األهداف التى تضمن للمنظمة تحقيق توازنها وإ ستقرارها وإ ستمرارها ونموها‪،‬‬
‫وهذه األهداف قد تتضمن الموارد المالية أو البشرية أو التكامل بين الوحدات البنائية‬
‫للمنظمة حتى ال تتعرض ألزمات تهدد إستقرارها أو إستمرارها فى المجتمع‪.‬‬
‫‪ -5‬األهداف اإلنتاجية‪:‬‬
‫وهى تلك األهداف التى تصيغ طبيعة اإلنتاج المتخصص للمنظمة‪ ،‬أو نوعية الخدمات‬
‫التى توفرها للعمالء‪ ،‬ويمكن أن تتكامل أو تتماثل كل من األهداف اإلنتاجية واألهداف‬
‫المتعلقة بالعمالء كلما توفر لدى المنظمة من مرونة تسمح لها باإلستجابة السريعة‬
‫إلحتياجات العمالء‪.‬‬
‫‪ -6‬أهداف ثانوية‪:‬‬
‫وهى األهداف المرتبطة أو الناتجة عن الوظائف األساسية فى المنظمة‪ ،‬وتنصب على‬
‫تكنيك األداء أو أيديولوجية األهداف العامة‪.‬‬
‫للنظم اإلجتماعية عدد من الخصائص العامة والتي على أساس كل منها تنشأ‬
‫مجموعة من النظم المعينة التى تتصف بهذه الصفة والتي يمكن إجمالها فيما يلي‪- :‬‬
‫خصائص النظم اإلجتماعية‪:‬‬
‫‪-1‬التلقائيـة‪ :‬وهي النظم التي تنشأ تلقائيًا إلشباع حاجات الناس الضرورية‪ ،‬والتى‬
‫تختلف فيما بينها فى تطورها‪ ،‬فمنها ما يتطور بشكل غير مقصود مثل تطور النظم‬
‫األسرية وقواعد اللغة والفن‪ ،‬ومنها ما ينمو بطريقة شعورية ويسير وفقًا لخطة مرسومة‬
‫كالنظم القضائية واإلقتصادية الموجهة‪.‬‬
‫‪- 2‬الموضوعيـة‪ :‬وهى النظم التي ال يرتبط وجودها بوجود أفراد معينين‪ ،‬فهي توجد في‬
‫كل مجتمع وتستمر من جيل إلى جيل وال تتأثر أو تتغير بتغير األفراد‪ ،‬كما أن أغلبها‬
‫مدون في صورة قوانين‪ ،‬أو تشريعات‪ ،‬أو فى صورة متعارف عليها ومن أمثلتها النظم‬
‫الدينية والسياسية واإلقتصادية وغيرها من النظم‪.‬‬
‫‪- 3‬النسبيـة‪ :‬وهى النظم التي تختلف أنماطها وفقًا لظروف كل مجتمع‪ ،‬وثقافاته‪،‬‬
‫وعاداته‪ ،‬وتقاليده فتعدد األزواج نظام مقبول لدى بعض قبائل اإلسكيمو‪ ،‬وعند أقوام‬
‫الباهيما وهم من أقسام البانتو فى أفريقيا فى الوقت الذى يعتبر فيه تعدد األزواج جريمة‬
‫يعاقب عليها القانون فى غالبية المجتمعات‪ ،‬وتختلف أهمية النظم اإلجتماعية بإختالف‬
‫‪89‬‬

‫األزمنة والمجتمعات فبينما يعتبر النظام الديني من أهم النظم في المجتمعات المنعزلة نجد‬
‫أن النظام االقتصادي من أهم النظم في المجتمعات الحديثة‪.‬‬
‫‪- 4‬الجبر واإللـزام‪ :‬وهى النظم األساسية التى توجد فى مجتمع ما لتحقيق الضبط‬
‫والنظام‪ ،‬وفيها ال يستطيع األفراد الخروج عما رسمته النظم اإلجتماعية من حدود‪ ،‬نظرًا‬
‫لما تفرضه من جزاءات على الخارجين عن حدودها‪ .‬وإ ن كان الضغط ال يشعر به‬
‫األفراد ألن التنشئة اإلجتماعية‪ ،‬والتربية المقصودة يعمالن على ترويض الفرد لتقبل‬
‫األوضاع اإلجتماعية‪ ،‬والتمسك بمعايير المجتمع‪ ،‬ومن ثم فهو يحترمها ويعمل على‬
‫صيانتها‪ .‬وهذه الخاصية يسميها بعض العلماء "بالجاذبية" حيث تخفف من شعور األفراد‬
‫بجبرية النظم اإلجتماعية ومن أمثلتها األنظمة السياسية والدينية‪.‬‬
‫‪- 5‬الترابط‪ :‬فالنظم اإلجتماعية يؤثر بعضها في البعض اآلخر ويتأثر به‪ ،‬وكل تغير‬
‫يحدث في أى منهما وفى وظائفها تتأثر به النظم األخرى‪ ،‬فطبيعة النظم اإلجتماعية‬
‫تستهدف تحقيق غايات وأهداف واحدة هي تأمين المجتمع وضمان بقائه وتطوره‪.‬‬
‫‪- 6‬التطــور‪ :‬وهي خاصية ليست ثابتة فى كل النظم اإلجتماعية وإ نما تتعرض للتغير من‬
‫وقت إلى آخر فى البناء والوظائف‪ ،‬فاألسرة مثًال تحولت من األسر الكبيرة إلى األسر‬
‫صغيرة الحجم وتغيرت وفقًا لذلك وظائف أفراد األسرة‪.‬‬
‫فوائـد النظـم اإلجتماعية‪:‬‬
‫تتلخص فوائد النظم اإلجتماعية فيما يلى‪:‬‬
‫‪- 1‬العمل على تيسير تعامل الفرد مع غيره من أفراد المجتمع‪ ،‬وذلك فى ضوء قواعد‬
‫سلوكية محددة تجعل مهمة التعامل سهلة وواضحة على الفرد‪.‬‬
‫‪- 2‬تساعد على تقبل الفرد ألساليب الضغط اإلجتماعى‪ ،‬فمن خالل أساليب التنشئة‬
‫اإلجتماعية يتجاوب مع أنماط السلوك المتعلقة بكل نظام من النظم اإلجتماعية فيألفها‬
‫ويتفاعل معها لتحقيق أهدافه وإ شباع إحتياجاته‪.‬‬
‫‪ - 3‬تحدد النظم اإلجتماعية األدوار االجتماعية لألفراد و أوضاعهم‪،‬فيكتسب الفرد من‬
‫خاللها الكفاءات والقدرات التي تساعدهم على شغل أوضاع اجتماعية مختلفة فى المجتمع‬
‫كأن يكون رئيسًا في عمل‪ ،‬أو عضوًا عاديًا في نادي إجتماعي وفقًا لما يسمح به النظام‬
‫فذلك يعد من األدوار التي يقوم بها‪ ،‬ومن ثم يتحدد وفقًا لها مركزه أو وضعه اإلجتماعى‪.‬‬
‫‪90‬‬

‫‪ - 4‬مساهمة النظم االجتماعية في إحداث التجديد والتغيير للمجتمعات بما يؤدي إلى‬
‫تطورها‪.‬‬
‫و للمنظمات اإلجتماعية أهمية كبرى فى حياة األفراد والجماعات والمجتمعات فهى‬
‫تشبع العديد من اإلحتياجات البشرية العاطفية والروحية والعقلية واإلقتصادية‪ ،‬فلقد تم‬
‫تكوينها بطريقة مفيدة لتحقيق أهداف يكون تحقيقها أفضل لو تمت بصورة جماعية‪ ،‬فهذه‬
‫المنظمات تملك اإلمكانيات البشرية والمادية والتى بواسطتها يمكنها التحكم والتأثير فى‬
‫المجتمع المحلى‪ ،‬وإ ذا ما أحسنت فى أداء مهمتها وتم توفير إحتياجاتها أمكنها اإلسراع فى‬
‫عملية التنمية الريفية‪ ،‬كما تستطيع أن تؤدى دورًا فعاًال فى غرس الصفات الطيبة فى‬
‫المواطنين مثل الرغبة والقدرة على التعاون مع اآلخرين‪ ،‬والمشاركة الفعالة فى خدمة‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫النظم اإلجتماعية البارزة في المجتمع‪:‬‬
‫تبدو أهمية أي نظام إجتماعي في مدى ما يقوم به من نشاط وما يؤديه من وظائف فلقد‬
‫وجد كل نظام ليؤدي وظيفة أساسية وهذه الوظيفة هي التي تحدده وتميزه عن األنظمة‬
‫األخرى فوجد ال‬
‫نظام الزراعي مثًال إلنتاج الغذاء‪ ،‬ووجدت األسرة للتربية والتنشئة االجتماعية‪ ،‬والدولة‬
‫لتحكم‪ ،‬والنظام الديني للعبادة‪.....‬وهكذا‪ .‬ويتفرع تحت هذه النظم أنظمة فرعية أخرى‬
‫فمثًال النظم اإلقتصادية تتفرع منها نظم إقتصادية فرعية مثل النظام الرأسمالي‪ ،‬والنظام‬
‫الشيوعي‪ ،‬والنظام االشتراكي‪ ،‬وتتفرع تحت األنظمة السياسية أنظمة فرعية أخرى مثل‬
‫النظم الدستورية التي يتبعها كل بلد كالنظام الملكي‪ ،‬أو الجمهوري‪ ،‬أو الجماهيري‪..‬الخ‬
‫من مختلف األنظمة‪.‬‬
‫ونظرًا لتعدد رغبات اإلنسان وتعدد وسائل إشباعها أصبح في حاجة لعدد كبير من هذه‬
‫النظم كي يتمكن من تحقيق رغباته‪ ،‬ولكن توجد بصفة عامة بعض النظم اإلجتماعية التى‬
‫ال يكاد يخلو منها أى مجتمع سواء كانت نظم تلقائية أو مقننة‪ ،‬أساسية أو مساعدة مثل‬
‫األنظمة اإلقتصادية والسياسية والدينية والتعليمية والصحية واألسرية‪ .‬وفيما يلى توضيح‬
‫لهذه النظم وهي‪:‬‬
‫أوًال ‪ -‬النظام اإلقتصادي‪:‬‬
‫‪91‬‬

‫يعتبر النظام اإلقتصادي أحد األنظمة اإلجتماعية وأكثرها أهمية في أى مجتمع‪ ،‬فهو‬
‫العمود الفقري الذى من خالله يحيا المجتمع‪ ،‬ويشبع إفراده حاجاتهم المتشابكة والتي ال‬
‫يمكن أن تتحقق إال بواسطته‪ .‬فإنتاج السلع والموارد المختلفة التي يحتاجون إليها هى أحد‬
‫مكوناته‪ ،‬وإ ستخدام فنون الصناعة في زيادة اإلنتاج اليفى وحده بإقامة اقتصاد المجتمع‪،‬‬
‫وتوزيع اإلنتاج توزيعًا منظمًا عادًال بين أفراد المجتمع نشاط إقتصادي ضروري‪،‬‬
‫باإلضافة الى الثروة المعدنية والمواصالت والتجارة‪ .‬ولذا فالنظام اإلقتصادي يشير إلى‬
‫تلك األنشطة التي يشترك فيها جميع أبناء المجتمع ‪.‬‬
‫يقصد بالنظام السياسي في اى مجتمع طريقة حكم ذلك المجتمع وعالقة الحاكم‬
‫بالمحكوم‪ ،‬وتجديد القوانين واإلجراءات التي توضح العالقات المختلفة داخل البناء ‪.‬‬
‫ثانيًا‪:‬النظام السياسى‪:‬‬
‫اإلجتماعى‪ .‬فالسياسة هي" علم الدولة الذى يختص بممارسة الدولة لسلطاتها والتنظيمات‬
‫القائمة والحكومة وأسلوب الحكم وعالقة الحاكم بالمحكوم"‬
‫وال يخلو أى مجتمع من وجود جهاز أو نظام مهمته تأمين أفراد المجتمع داخليًا‬
‫وخارجيًا‪ ،‬فمن الناحية الداخلية مهمته تأسيس وتنظيم عملية إستعمال القوة والعنف بين‬
‫األفراد والجماعات بهدف إستقرار النظام‪ ،‬وتطبيق القانون‪ ،‬وتوفير خدمات معينة‬
‫ضرورية‪ ،‬وتحقيق العدالة بينهم ‪ ،‬وحماية الضعفاء من ظلم األقوياء وسيطرتهم ‪ .‬أما من‬
‫الناحية الخارجية فالدولة كنظام سياسي مهمتها مواجهة أى عدوان خارجي يهدد سالمة‬
‫الدولة وآمنها‪ ،‬واليمكن ألي نظام آخر القيام بهذه الوظائف‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬النظام الديني‪:‬‬
‫نشأ النظام الدينى إستجابة إلحتياجات نفسية يشعر بها اإلنسان نتيجة إحساسه بوجود‬
‫فراغ داخلي نابع من عدم قدرته على تحديد هذه اإلحتياجات ومن ثم عدم إشباعها‪،‬‬
‫باإلضافة إلى عجزه عن تفسير كثير من الظواهر التي ليس له قدرة السيطرة عليها‪.‬‬

‫وظائف النظام الديني في المجتمع الريفي‪:‬‬


‫‪1‬ـ يساهم في تماسك المجتمع وترابط أفراده‪ ،‬وسيادة روح التعاون بينهم لوجود قيم‬
‫ومفاهيم مشتركة أساسها العدل واإليمان بأهداف الجماعة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ يقوم بوظيفة تعليمية تثقيفية هامة يتسع مداها فى المجتمعات األقل تقدمًا‪.‬‬
‫‪92‬‬

‫‪3‬ـ تفسير كثير من الظواهر المجهولة التي تثير الجدل وتراود التفكير كظاهرة الحياة بعد‬
‫الموت‪ ،‬والظواهر فوق الطبيعة مما يساعد على تهيئة الراحة النفسية والتغلب على‬
‫صعوبات الفشل في الحياة‪.‬‬
‫‪4‬ـ تنظيم الدين للكثير من عالقات الناس مع بعضهم البعض خاصة تلك التي تتعلق‬
‫بمشاكل الزواج والطالق والمواريث وغيرها‪.‬‬
‫‪5‬ـ تقوية الدين لعملية الضبط اإلجتماعى داخل المجتمع فهو يوحد إيديولوجية األفراد‬
‫وقيمهم‪ ،‬ويحدد نواحي الخير والشر والثواب والعقاب‪ ،‬ويعلم قواعدالسلوك‪ ،‬ويعتمد على‬
‫الضمير الذى يعتبر العامل األساسى فى تكوين وترسيخ الضبط االجتماعى‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬النظام التعليمي‪:‬‬
‫نشأ النظام التعليمي مثل كل النظم اإلجتماعية نتيجة الحاجة والرغبة من الناس في فهم‬
‫حياتهم وظروفهم البيئية‪ ،‬ورغبتهم في تطوير أنفسهم‪ ،‬وتحسين ظروفهم‪ ،‬وإ ستخدام الجديد‬
‫من المعارف والتقنيات الحديثة وتطويعها وفقًا للظروف البيئية رغبة في الوصول إلى‬
‫حالة أفضل يشعرون معها باإلرتياح النفسي والجسمي‪ ،‬ويحققون بها طموحاتهم‬
‫اإلجتماعية والثقافية واإلقتصادية‪.‬‬
‫ويعرف النظام التعليمي بأنه" ذلك النظام اإلجتماعى الذى يقوم بنقل الثقافة الموروثة‬
‫عبر األجيال‪ ،‬وإ يجاد الرغبات والدوافع عند الناس لخلق الجديد‪ ،‬ثم محاولة إبتكار وإ يجاد‬
‫ذلك الجديد ونشره فى شكل معارف جديدة "‬
‫وظائف النظام التعليمى‪:‬‬
‫يؤدى النظام التعليمي في المجتمع ثالثة وظائف أساسية هامة هي‪:‬‬
‫أ ـ نقل الخبرات والمعلومات من األجيال السابقة إلى األجيال الحاضرة‪.‬‬
‫ب ـ اإلبتكار والوصول إلى الجديد المفيد ونقله إلى المجتمع‪.‬‬
‫ج ـ تربية اإلتجاهات الحديثة والقيم المرغوبة بين المواطنين‪ ،‬وتكوين شخصياتهم تكوينًا‬
‫يتفق مع أهداف المجتمع وذلك بالعمل على وضع التدابير الالزمة للتنشئة اإلجتماعية‬
‫السليمة والمخططة التي يتخطى بها األفراد ثقافة المجتمع التقليدية‪ ،‬واإلنطالق نحو ثقافة‬
‫اإلبتكار والتفكير العلمي المنظم القائم على إتباع المنهج العلمي وخطواته‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬النظام الصحى‪:‬‬
‫‪93‬‬

‫‪ -1‬تشير الحالة الصحية ألي مجتمع إلى الحالة العامة له‪ ،‬فإذا ما توفرت الرعاية‬
‫الصحية‪ ،‬وتقدمت وسائل وطرق الوقاية من األمراض كان تأثيرها إيجابيًا على‬
‫المجتمع وأفراده إقتصاديًا وإ جتماعيًا‪ ،‬أما إذا ما تدهورت الحالة الصحية كان التأثير‬
‫سلبيًا‪.‬والصحة ال تعنى فقط غياب المرض والوهن وإ نما هى حالة كاملة للسالمة‬
‫البدنية والذهنية واإلجتماعية ‪.‬‬
‫ويعبر عن الحالة الصحية في أى مجتمع بعدد من المؤشرات من أهمها نسبة الوفيات‬
‫العامة‪،‬ونسبة وفيات األطفال الرضع‪ ،‬وعدد المصابين باألمراض المزمنة‪ ،‬ومتوسط عمر‬
‫الفرد‪ ،‬وعدد المستشفيات والوحدات الصحية‪ ،‬وعدد األطباء والممرضات‪ ،‬وعدد األِس رة‬
‫لكل ‪ 1000‬مواطن‪ ،‬ومشروعات تحسين البيئة‪ ،‬ورعاية األمومة والطفولة‪ ،‬وتطعيم‬
‫األطفال‪ ،‬وتوفير مياه الشرب الصحية‪ ،‬واإلهتمام ببرامج الوقاية والعالج فى كافة أنحاء‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫ولقد إتخذت العديد من الدول بعض البرامج الوقائية لتحسين ظروف سكان المناطق‬
‫الريفية مثل ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ انشاء الوحدات السكنية فى المناطق الريفية وبالمواصفات الصحية للمسكن من حيث‬
‫التهوية الجيدة‪ ،‬وتوفيرالمرحاض الصحى‪ ،‬والمطبخ الجيد‪ ،‬وفصل حظيرة المواشى‬
‫والمخازن جزئيًا عن وحدات المعيشة‪ ،‬ودهان الحوائط بحيث ال تساعد على إحتواء‬
‫الحشرات‪ ،‬وتربية نباتات الزينة مما تجعل المسكن مريحًا نفسيًا لصاحبه‪.‬‬
‫‪2‬ـ تحسين مياه الشرب بإنشاء شبكات مياه جديدة‪ ،‬وتنقيتها‪ ،‬وإ ستغالل المياه الجوفية بطرق‬
‫علمية‪.‬‬
‫‪3‬ـ اإلهتمام بالبرامج الصحية المعنية باألمومة والطفولة‪ ،‬وتحسين الوعى الصحى والغذائى‬
‫للسكان فى مختلف المناطق الريفية‪.‬‬
‫‪4‬ـ مكافحة األمراض المعدية والتحصين وتطعيم األطفال ومكافحة الحشرات‪.‬‬
‫‪5‬ـ إقامة المشروعات الحرفية والفنية لتحسين وضع المواطن الريفى‪.‬‬
‫‪6‬ـ بناء العديد من المدارس الخاصة أو الحكومية ذات الفصل الواحد فى المناطق الريفية‪.‬‬
‫‪7‬ـ اإلهتمام بقضية محو األمية وجعل التعليم هو المحور األساسى فى البرامج الحكومية‪،‬‬
‫وله أولوية عن البرامج االخرى‪.‬‬
‫‪94‬‬

‫‪8‬ـ إعادة بناء القرية الريفية وتخطيطها بشكل افضل ‪ ،‬وإ نشاء شبكات الطرق والمواصالت‬
‫وإ إلتصاالت لتربط بين المناطق الريفية والحضرية‪ ،‬وإ نارة القرى والمناطق النائية‪،‬‬
‫وزيادة عدد المؤسسات والمنظمات الحكومية‪.‬‬
‫‪-9‬العناية ببرامج التثقيف واإلرشاد الصحى والصحة المدرسية‪.‬‬
‫‪-10‬اإلهتمام بالدراسات والبحوث المتعلقة بالخدمات الصحية وبالعوامل اإلقتصادية‬
‫والثقافية والنفسية التى تؤثر على المستوى الصحى‪.‬‬
‫‪-11‬تنمية القوى العاملة الصحية المحلية‪ ،‬وتنفيذ برامج التعليم والتدريب الصحى‬
‫بمستوياته المختلفة‪ ،‬وتوفير إحتياجات المرافق الصحية من المهارات الوطنية الالزمة‪.‬‬
‫سادسًا ‪ :‬النظام الترويحي ‪:‬‬
‫وهو النظام الخاص بطرق قضاء وقت الفراغ وما يتصل به من نشاط سواء فى‬
‫الموسيقى أو الرقص أو اإلحتفاالت الدينية واإلجتماعية والرياضية وما شابهها‪ ،‬وتتعدد‬
‫المناشط التى يتضمنها النظام الترويحي وتختلف عادة من دولة إلى أخرى ومن منطقة إلى‬
‫منطقة ومن بيئة إلى بيئة وفقًا لثقافة المجتمع وتوجهاته‪.‬‬
‫ويعرف النظام الترويحي أنه" النشاط الحر لألفراد أو الجماعات وبدافع شخصي بغرض‬
‫جلب السرور والمتعة أو قتل الفراغ "‪.‬‬
‫أهداف النظام الترويحي وأثره فى تنمية المجتمع الريفي ‪:‬‬
‫أـ تعليم الريفيين كيفية التعاون بين األفراد والجماعات وأن ذلك التعاون يحقق فائدة‬
‫تنعكس على جميع األعمال واألنشطة وفى جو من المرح والحرية‪.‬‬
‫ب ـ تقوية الشعور باإلنتماء الى المجتمع الكبير‪.‬‬
‫ج ـ رفع معنويات الزراع وإ رشادهم وتوجيههم‪.‬‬
‫دـ مساعدة المزارعين على تنظيم حياتهم ومن ثم سيكون ذلك بمثابة نوع من التربية‬
‫اإلجتماعية ووسيلة ترفيه وتسلية‪.‬‬
‫هـ تنمية الهوايات وصقلها بين الفالحين وأبناء الريف‪ ،‬وتعريفهم بأنواع المشروعات التى‬
‫يمكن بواسطتها زيادة دخولهم‪ ،‬ورفع مستوى معيشتهم‪.‬‬
‫وـ الترويح عن النفس‪ ،‬وتجديد النشاط‪ ،‬وإ تاحة الفرصة لممارسة هواياته الخاصة‪ ،‬وتنمية‬
‫ميولهم‪.‬‬
‫‪95‬‬

‫سابعًا‪ :‬النظام األسرى‪:‬‬


‫تعتبر األسرة أهم منظمات المجتمع‪ ،‬وأصغر وحدة فى الجماعات البشرية‪ ،‬وأساس‬
‫التركيب اإلجتماعى فى كل المجتمعات اإلنسانية فهي نواة أى مجتمع و تعكس صفاته‪،‬‬
‫كما أنها الخلية األولى في جسم المجتمع‪ ،‬وهى أصغر وحدة فى الجماعات البشرية‪،‬‬
‫والنقطة األولى التي يبدأ منها التطور‪ ،‬والوسط الطبيعي اإلجتماعى الذي يترعرع فيه‬
‫الفرد‪.‬‬
‫مفهـوم األسـرة‪:‬‬
‫يعد النظام األسرى من النظم اإلجتماعية القديمة التي مارستها كل الجماعات اإلنسانية‬
‫لما له من أهمية في المجتمع بإعتبار أن األسرة هي حجر األساس فى أى نظام إجتماعى‬
‫بدائيًا أو متحضرًا قديمًا أو حديثًا‪.‬‬
‫ويشير مصطلح األسرة إلى" تلك المنظمة اإلجتماعية التي تنشأ نتيجة للزواج‪ ،‬والتي‬
‫تتكون بإتحاد فردين من جنسين مختلفين (رجل وامرأة) مع ما قد يضاف إليهما من أطفال"‬
‫واألسرة وفقًا لهذا المفهوم اإلجتماعي التجريدي تمثل مجموعة من المكانات واألدوار‬
‫المميزة التي تتحقق من خالل الزواج واإلنجاب‪ ،‬وعليه فإن من المنطقي أن ينظر للزواج‬
‫على أنه شرط مبدئي وسابق لوجود األسرة كمنظمة إجتماعية في معظم المجتمعات‪.‬‬
‫ينظر (‪ )Maciver&Page‬إلى األسرة بأنها " إتحاد بين إثنين رجل وامرأة وأوالدهما"‪.‬‬
‫ويتسم هذا اإلتحاد بسمات وخصائص إجتماعية واضحة يمكن اإلعتماد عليها فى تحديد‬
‫معنى علمي و دقيق لألسرة‪.‬‬
‫كما عرف ‪ Peel&Fogel‬األسرة بأنها وحدة بنائية تتكون من رجل وامرأة يرتبطان‬
‫بطريقة منظمة إجتماعيًا مع أطفالهما سواء عن طريق الدم أو التبني "‪ ،‬ونظرًا ألن بعض‬
‫األطفال في األسرة يصبحون أعضاء فيها عن طريق التبني فال يلزم أن يكون األطفال‬
‫مرتبطين بيولوجيًا بها‪.‬‬
‫وتتسم األسرة بعدد من الخصائص التى تميزها عن أى جماعة أخرى ومن أهم هذه‬
‫الخصائص ما يلى‪:‬‬
‫‪- 1‬تقوم األسرة على عالقات زواجية في نطاق موافقة الجميع‪.‬‬
‫‪96‬‬

‫‪- 2‬تتكون األسرة من أفراد إرتبطوا بروابط الزواج والدم ( أو التبني ) تبعًا للعادات‬
‫والتقاليد السائدة والمأخوذ بها في المجتمع‪.‬‬
‫‪- 3‬يعيش أفراد األسرة تحت سقف واحد‪ ،‬ويشاركون في إستخدام مأوى لتحقيق مصالحهم‬
‫وحاجاتهم الحياتية دون أن يبدي أي منهم إعتراضًا على وسيلة اإلستخدام‪.‬‬
‫‪- 4‬األسرة وحدة إجتماعية تتكون من أفراد يتفاعلون معًا تفاعًال متبادًال‪ ،‬ويؤدي كل منهم‬
‫دورًا معينًا حدده المجتمع وظروف األسرة من ناحية ونظم المجتمع من ناحية أخرى‪،‬‬
‫وتقّو يه التجربة‪ .‬ويحقق هذا التفاعل إشباع الحاجات اإلقتصادية والنفسية واإلجتماعية‬
‫ألفرادها وترتبط بعمليات إنجاب األطفال وتربيتهم‪.‬‬
‫‪- 5‬يتميز أفراد األسرة بإنتسابهم إلى إسم عائلي موحد يحملون إسمه ويرتبطون بروابط‬
‫القرابة واإلنحدار من أصل موحد‪.‬‬
‫‪- 6‬تحتفظ األسرة بثقافة شائعة تنبثق من الثقافة العامة إال أنه في بعض المجتمعات‬
‫تختص كل أسرة بما يميزها ‪.‬‬
‫البنيان األسرى ‪:Family Structure :‬‬
‫إن الصفة األساسية المميزة لألسرة هو تركيبها البيولوجى حيث تربط بين أفرادها‬
‫صالت الدم التى تحدد بدورها العالقات والواجبات والحقوق‪ .‬وينتمي الفرد طبيعيًا إلى‬
‫عضوية نوعين مختلفين من األسر هما ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ األسرة األصل [الموجهة]‪ Family Of Orientation:‬وهى األسر التي عن طريقها‬
‫يكتسب الشخص الكثير من القيم واآلداب التي تطبع بطابع مميز وشخصية فريدة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ األسرة اإلنجابية‪ Family Of Procreation‬وهى التي ينجب فيها الفرد أطفاًال‬
‫يخلفونه‪.‬‬
‫وفى كال النوعين يعتبر الفرد هو الصلة الوحيدة التى تربط بينهما‪ ،‬ويبدأ تكوين‬
‫األسرة بالزواج‪ ،‬وتتكامل باألبناء وتنتهي بموت أحد طرفي العقد‪ ،‬أو بالطالق لذلك فإن‬
‫تكوينها يتطلب طول أجلها حتى تستطيع بلورة أفرادها وصياغتهم صياغة مالئمة لظروف‬
‫الحضارة التى يعيشون فيها‪.‬‬
‫أشكـال األسـرة‪:‬‬
‫‪97‬‬

‫على الرغم من أن جميع المجتمعات عبر العصور المختلفة مثلت فيها األسرة‬
‫عنصرًا أساسيًا إال أنها اتخذت أشكاًال متعددة من حيث الشكل أو الحجم وفقًا لطبيعة‬
‫الشعوب وظروفها الحضارية وثقافاتها‪ .‬فال يوجد مجتمع يقتصر على نمط واحد فقط من‬
‫األسر بل يوجد به أنماط متعددة لألسرة‪ ،‬كما أنه يوجد تباين بين المجتمعات سواء‬
‫المتقدمة أو النامية وأحيانا بين المجتمع الواحد‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذا التباين بين المجتمعات من حيث أشكال األسرة إال أن يمكن رصد‬
‫ثالثة أشكال من األسر على النحو التالي‪- :‬‬
‫‪- 1‬األسرة النووية ‪Family Nuclear Or Biological‬‬
‫تعرف األسرة النواة بأنها " األسرة التىتشمل األب واألم معًا وأوالدهما " أي تضم‬
‫جيًال واحدًا أو جيلين بحد أقصى وقد يطلق على هذه األسرة مسميات متعددة مثل األسرة‬
‫الزواجية أو الحضرية أو األحادية أواألسرة البسيطة نظرًا لما تتميز به من صغر الحجم‬
‫فهي تتكون من الزوج والزوجة وأبنائهما غير المتزوجين‪ ،‬ويقيمون في مسكن واحد‬
‫ويعيشون حياة مشتركة‪ ،‬وهى ظاهرة تنتشر فى الدول المتقدمة وبدأت فى اإلنتشار فى‬
‫المجتمعات النامية حاليًا حيث ال يفكر الرجل في الزواج قبل أن يجد المسكن المناسب‬
‫ألسرته الجديدة‪.‬‬
‫‪- 2‬األسرة المركبة‪Complex Family :‬‬
‫وهي األسرة التي تضم أكثر من أسرة بسيطة‪ .‬ولكنها تضم جيلين إثنين فقط‪ ،‬أى‬
‫التي يكون للرجل زوجتان أو أكثر ويقيمان معًا في مسكن واحد‪ ،‬وذلك يعني أن فردًا‬
‫واحدًا يمثل محور الربط بين عديد من األسر البسيطة لتكون األسر المركبة التي هي نتاج‬
‫لنظام الزواج المتعدد‪ .‬وينتشر هذا الشكل فى غالبية المجتمعات الريفية‪.‬‬
‫‪ - 3‬األسرة الممتدة ‪Extended Family‬‬
‫تعرف األسرة الممتدة بأنها " تلك األسرة التي تتكون بنائيًا من ثالثة أجيال حيث تضم‬
‫األجداد وأبناؤهم المتزوجـين وأحفادهم " ‪ ،‬وتقوم على أساس إمتداد األجيال الموجودة في‬
‫األسرة إمتدادًا رأسيًا أكثر منه إمتدادا أفقيًا ‪ ،‬فالفرد النشء يكون أسرة بسيطة جديدة تنضم‬
‫إلى األسرة األصلية مما ينتج عنه أن تشمل األسرة الممتدة أكثر من وحدة أسرية بسيطة‬
‫وكذلك أكثر من جيلين في آن واحد ‪.‬‬
‫‪98‬‬

‫وتتفوق األسرة الممتدة على سائر األنماط األسرية المعروفة فى العالم الصناعى من‬
‫حيث درجة اإلستقاللية التى تتمتع بها فاألسرة الهندية القديمة مثًال تميزت ككيان إجتماعى‬
‫إقتصادى بأنها محور تقديس وإ جالل لكافة أفرادها نظرًا لحالة التوحد بين األحياء والموتى‬
‫من أفراد األسرة‪ ،‬وكذلك بين األحياء رؤساء ومرؤسين‪.‬‬
‫ويعد هذا الشكل من األسر هو النمط السائد في المجتمعات الريفية نظرًا لوجود روابط‬
‫قوية بين أفراد األسرة حيث الملكية العامة لكل أفراد األسرة‪ ،‬وسكن العائلة الذي‬
‫يستوعب كل األجيال الجديدة‪.‬وإ ن كان وجوده بدأ في اإلضمحالل ليحل محله األسرة‬
‫البسيطة أو النووية بسبب اإلستقالل اإلقتصادي لألبناء نتيجة هجرتهم للعمل في الخارج‪،‬‬
‫أو عملهم في وظائف حكومية‪ ،‬أو إتجاههم للمشروعات اإلقتصادية الخاصة بعيدًا عن‬
‫العمل الزراعي في أرض العائلة‪.‬‬
‫حجم األسرة ‪:‬‬
‫تعطى مؤشرات متوسطات حجم األسرة فى المجتمع دالالت هامة لفهم األوضاع‬
‫اإلجتماعية واإلقتصادية والديموجرافية للكتل السكانية فكلما إرتفع حجم األسرة كلما إرتفع‬
‫معدل اإلعالة اإلقتصادية‪ ،‬وإ نخفض مستوى المعيشة‪،‬وهى دالالت أيضاً إلرتفاع معدالت‬
‫اإلنجاب وزيادة نسبة صغار السن‪ ،‬وعلى جانب آخر فهى داللة على قوة الترابط األسرى‬
‫والعالقات اإلجتماعية بين أفراد المجتمع‪.‬‬
‫وبمقارنة متوسطات حجم األسرة بين الدول المختلفة نجد أن متوسط حجم األسرة فى‬
‫ساحل العاج سنة ‪1995‬م بلغ ‪ 6‬أشخاص‪،‬وفى الهند ‪ 5.5‬شخص‪ ،‬وفى البرازيل‪4.7‬‬
‫شخص وفى البالد العربية بلغ أعلى معدل لمتوسط حجم األسرة ‪ 7‬أفراد فى كل من‬
‫الجزائر وسلطنة عمان‪ ،‬وأقل متوسط لحجم األسرة سجل فى مصر حيث بلغ ‪4.9‬‬
‫شخص‪.‬فى حين بلغ متوسط حجم األسرة فى كندا ‪ 2.8‬شخصًا‪ ،‬وفى الواليات المتحدة‬
‫األمريكية ‪ ، 2.7‬وفى فرنسا ‪ 2.6‬فرد‪،‬وفى الدنمارك ‪ 2.3‬فرد ‪،‬وإ رتفع قليًال ليصل‬
‫المتوسط إلى ‪ 3‬أشخاص فى كل من مالطة وايرلندا واليونان‪ .‬ويبدوا الفارق واضحًا بين‬
‫متوسطات حجم األسرة فى الدول النامية والدول الصناعية‪.‬‬
‫الوظائف اإلجتماعية لألسرة‪:‬‬
‫ومن أهم الوظائف التي تؤديها األسرة ‪:‬‬
‫‪99‬‬

‫‪-1‬إستمرارية الجماعـة‬
‫تقوم األسرة بإمداد المجتمع بأفراد جدد يحتاج إليهم ليحتلوا األماكن والوظائف التي‬
‫تخلو إما بإحالة من كانوا يشغلونها للتقاعد‪ ،‬أو الموت أو العجز أو ألي سبب آخر‪ ،‬وتقابل‬
‫األسرة هذه اإلحتياجات باإلنجاب بإعتبار ذلك أولى وظائفها اإلجتماعية والتي تهتم بها‬
‫الجماعات ألنها تحقق لها اإلستمرارية‪ ،‬وتبدو أهمية هذه الوظيفة فى المجتمعات الريفية‬
‫التي يعتمد ويعيش الجانب األكبر من سكانها على الزراعة حيث ترتفع معدالت الزيادة‬
‫الطبيعية بها عن المجتمعات الصناعية‪.‬‬
‫‪- 2‬رعاية وتدريب الصغار‪:‬‬
‫يظل الطفل –بعكس صغار الحيوانات ‪ -‬لسنوات عديدة قاصرًا فى اإلعتماد على‬
‫نفسه‪ ،‬ويحتاج إلى رعاية الكبار وعنايتهم فيتولونه ويدبرون له كل أموره حتى يشب عن‬
‫الطوق‪ ،‬ويختلف المدى الزمني لهذه اإلعالة بإختالف درجة التحضر في المجتمع الذى‬
‫توجد به األسرة فهي قصيرة في المجتمعات البدوية والرعوية والريفية وتزداد هذه الفترة‬
‫الزمنية مع درجة تقدم المجتمع وتطوره كما فى المجتمعات الحضرية والصناعية‪.‬‬
‫وفي إطار األسرة يشبع الطفل رغباته وإ حتياجاته بجانب إشباع الجوانب البيولوجية‬
‫والنفسية واإلجتماعية‪ ،‬حيث تعتبر األسرة هي المسئولة عن تنشئة الطفل اإلجتماعية فتنقل‬
‫إليه خبراتها الثقافية لتساعده فيما بعد على المزيد من إكتساب الخبرات والثقافات‬
‫والمهارات‪ ،‬وتمكنه من المشاركة والتفاعل مع اآلخرين‪ ،‬وتحقق له التضامن والتكافل مع‬
‫بقية أعضاء المجتمع اللذين يتعاونون معه فى إطار التفاعل اإلجتماعي‪.‬‬
‫‪ -3‬إعطاء المركز اإلجتماعي للصغار‪:‬‬
‫يتحدد مركز الطفل اإلجتماعي في مراحل حياته األولى بمركز أسرته‪ ،‬ويظل هذا‬
‫المركز سمة للفرد مدة قد تطول أو تقصر تبعًا إلمكانية الحراك اإلجتماعى المتاحة في‬
‫المجتمع‪ ،‬ففي المجتمع الريفي في وقتنا المعاصر نجد أن كثيرًا من الريفيين قد غيروا من‬
‫هذا المركز اإلجتماعي نتيجة للتعليم الذي حصلوا عليه‪ ،‬أو نتيجة للمهنة التى يعملون بها‬
‫وتحولهم من طبقة اُألجراء أو المستأجرين إلى طبقة المالك فى بعض األنظمة‪.‬‬
‫‪- 4‬إشباع وتنظيم الرغبات الجنسية والدوافع األبوية ‪:‬‬
‫تتركز مهمة األسرة حول تنظيم العالقة الجنسية‪ ،‬وتنظيم عملية اإلشباع الجنسي‬
‫ألفرادها إشباعًا منظمًا‪ ،‬وإ شباع دوافع األبوة واألمومة عن طريق الزواج الذى يعتبر‬
‫‪100‬‬

‫الوسيلة القانونية التى يقرها المجتمع إلتمام العملية الجنسية وإلنجاب األطفال إنجابًا‬
‫شرعيًا‪ .‬وهي نظم قديمة مارستها كل الجماعات اإلنسانية لما لتنظيم هذه العالقة من أهمية‬
‫كبرى في الجماعات قديمًا وحديثًا‪ ،‬بدائية ومتحضرة‪ .‬وإ ن إختلفت نظم األسرة والزواج‬
‫من مجتمع آلخر ومن وقت آلخر‪.‬‬
‫‪ - 5‬إشباع الناحية العاطفية‪:‬‬
‫األسرة هى الجماعة األولية التي توفر للصغار أكبر قدر من الحنان والعطف‪ .‬وتؤدي‬
‫األسرة هذه الوظيفة لجميع أفرادها أو الغالبية منهم‪ ،‬وهى بذلك تحميهم من العزلة النفسية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬وتجنبهم آثارها وما ينجم عنها من إضطرا بات عصبية ونفسية‪ ،‬كما يؤدي‬
‫إشباع الناحية العاطفية إلى إستقرار األطفال وثبات وتكامل شخصياتهم‪.‬‬
‫‪- 6‬توريث الممتلكات‪:‬‬
‫إن انتماء الفرد إلى األسرة يحدد مركز قرابته فيها‪ ،‬ويعطي له الحق في توريث‬
‫ممتلكاتها‪ .‬وبدون النسق القرابي في نطاق األسرة التي ينتمي إليها الفرد يواجه المجتمع‬
‫مشكلة توزيع ثرواته على مستحقيها‪ .‬ويختلف نظام التوريث بإختالف النظام القائم‬
‫بالمجتمع وثقافاته السائدة‪.‬‬
‫‪ -7‬تنشئة الفـرد ‪:‬‬
‫تعد تنشئة الفرد من أخطر وأهم الوظائف اإلجتماعية لألسرة فهي حجر الزاوية فى‬
‫بناء المجتمع فتقدم صغارها له كأفراد صالحين للقيام بأدوارهم كاملة‪ ،‬وهى المسئولة عن‬
‫تفسير سلوك أفرادها وال شك أن اإلنحراف السلوكي والوظيفي يقع في أساسه على قصور‬
‫الدور األسرى في تأدية واجباتها المقدسة وأفضلها على اإلطالق وهى عملية التنشئة‬
‫اإلجتماعية‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ وظائف أخرى ذات طابع خاص‪:‬‬
‫حيث تقوم األسرة الريفية ببعض الوظائف ذات الطابع الخاص من أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪- 1‬الوظيفة اإلنتاجية والتي يتعاون فيها أفراد األسرة تعاونًا وثيقًا في العمل اإلنتاجي‬
‫الزراعي بتقسيم وتنسيق األدوار فيما بينهم‪.‬‬
‫‪- 2‬تقوم األسرة الريفية بدور هام في تحديد المكانات اإلجتماعية ألفرادها‪.‬‬
‫مقارنة بنيان األسرة الريفية واألسرة الحضرية‪:‬‬
‫‪101‬‬

‫يخضع للنظام اإلجتماعي للعوامل اآلتية‪:‬‬


‫أ ‪-‬تنتج السالالت الوراثية في األسرة الممتدة وبين األقارب بصلة عامة ساللة ضعيفة‬
‫على الرغم من ذلك فإن الزواج من داخل األسرة هو السمة السائدة في المجتمعات‬
‫الريفية‪.‬‬
‫ب ‪-‬يفسد الزواج بين أفراد األسرة الكبيرة شعور القرابة وتماسكها عندما يهددها بالتفكك‬
‫إذا ما حدثت حاالت من الطالق‪.‬‬
‫جـ أن هذه المحرمات ليست قاصرة على المجتمعات التي تدين بأديان سماوية بل إن مثل‬
‫هذه المحرمات كانت وال تزال موجودة بين المجتمعات المختلفة‪ ،‬فهي مثقلة بأوامر‬
‫التحريم والكف والنواهي المعروفة والمرتبطة بثقافة مجتمعاتهم‪.‬‬
‫د ‪-‬يعطي اآلباء ألبنائهم الذكور إسم العائلة ولقبها كما يعطونه لإلناث‪ ،‬ويحدد اللقب‬
‫ودرجة القرابة بين األخوة واألخوات من ناحية وبين أفراد األسرة الكبيرة من ناحية‬
‫أخرى وهو رباط قوي ومصدر عزة وعزوة‪ .‬غير أن الريفيين والجماعات األولية أكثر‬
‫إعتزازًا بلقب األسرة الريفية‪ .‬فالوالدين أو من يقوم مقامها يوكل إليهما عملية اإلختيار‪،‬‬
‫غير أن هذا اإلتجاه أخذ األن في التغير بالنسبة للفئة المثقفة التي تنفرد بنفس اإلختيار وإ ن‬
‫كان الشائع تقريبًا في نطاق األسرة الواحدة الكبيرة‪.‬‬
‫‪- 5‬تفوق أبناء وبنات األسرة الحضرية فى مجال التعليم والعمل بعد أن يتناولوا قسطهم‬
‫من التعليم أو يؤهلون إلى العمل سواء في داخل القطر أو خارجه‪ .‬وهذا ما ال تتسم به‬
‫األسرة الريفية التي يتحتم وجود أعضائها في تكامل لغلبة الطابع الزراعي الجمعي والذي‬
‫يدعو إلى التكتل ال إلى التفرد واإلستقالل‪ .‬غير أن هذه السمة بدأت فى االختفاء‬
‫التدريجى تحت وطأة التغير اإلجتماعي الذي بدأ يصيب أالسرة الريفية نتيجة إلنتشار‬
‫التعليم والثقافة الريفية‪ ،‬والتفكير في الهجرة لتحسين الحالة اإلقتصادية‪ ،‬ولكن مع هذا لم‬
‫يفقد الفرد الريفى صلته بأسرته بل تظل بموروثاتها الثقافية وتقاليدها ووظيفتها‬
‫السيكولوجية والترابط العائلي والحنين إلى مسقط الرأس تشد الفرد إليها‪ ،‬فيظل على والئه‬
‫وتفانيه لها ويستمر ذلك على األقل حتى الجيل الثالث والرابع الذي يفقد عالقاته‬
‫اإلجتماعية بها‪.‬‬
‫‪102‬‬

‫‪- 6‬يتمتع أفراد األسرة الحضرية بالمساواة الحقيقية بين أفرادها الذكور واإلناث‪ ،‬وتتضح‬
‫هذه المساواة في مشاركتهم النقاش في المسائل العائلية‪ ،‬وأن ما يصلون إليه من نتائج هو‬
‫إتفاق جماعي نابع من إرادتهم الجماعية فينتفعون به‪ ،‬كما تتضح المساواة أيضا في أداء‬
‫الواجبات والتمتع بالحقوق فال فرق بين أبناء األسرة الواحدة‪ ،‬وال تمييز أو محاباة لكبير‬
‫على صغير أو ذكور على إناث‪ ،‬ويكون أداة لتفكك الروابط األسرية أو مدعاة‬
‫إلضطرابات عصبية أو عقد نفسية أو أحقاد إجتماعية‪ .‬أما األسرة الريفية فال زالت‬
‫متمسكة بعاداتها وتقاليدها فى حق الكبير وسلطته على الصغير وله إحترامه وحظوته‪،‬‬
‫وللذكور أفضلية على اإلناث‪ ،‬ووفقًا لهذا التدرج في الترتيب يكون هناك تدرج في الحقوق‬
‫والواجبات غير المتساوية‪.‬‬
‫ومن هذا العرض اإلجمالي العام للنظام األسري نخرج بمالحظتين أساسيتين مفاداهما‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬أن األسرة الريفية تؤدي وظائفها دائمًا بصورة أكثر اهتمامًا و بمسئوليات أكبر تجاه‬
‫أبنائها وخاصة من ذوي القربى قبل المحتاجين من غير ذوي القربى‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن تغير العالقات األسرية تغيرًا طفيفًا كان نتيجة حتمية إجتماعية لما أصاب الحياة‬
‫الريفية من تغير إقتصادي‪ ،‬وثقافي‪ ،‬وتطور ثقافي وأيديولوجي‪ ،‬وحراك إجتماعي‪ .‬ولكن‬
‫رغم هذا التغير فإن األسرة الريفية لم تفقد في النهاية وظائفها الكلية وال تقترب إال قليًال‬
‫مما أصاب أسرة المدينة من تغير نتيجة بطء في اإلستجابة وتردد في قبول عوامل‬
‫التغيير‪.‬‬
‫خصائص األسرة الريفية‪ :‬تتسم األسرة الريفية بوجود العديد من الخصائص المميزة لها‬
‫من أهمها‪-:‬‬
‫‪- 1‬االشتغال بالزراعة‪ :‬فاألسرة الريفية تعمل بصفة أساسية بالزراعة وتعطي للعمل‬
‫الزراعي مرتبة عليا في نسقها القيمي‪ ،‬وغالبًا ما ينظر أعضاؤها إلى أي مهنة أخرى على‬
‫أنها أقل قيمة من العمل الزراعي‪ ،‬وان بدأ هذا في التغيير حيث ينظر اآلخرون الى مهنة‬
‫الزراعة كمهنة ثانوية أو إضافية‪ ،‬وال تتحقق للفرد أهدافه أو طموحاته‪ ،‬وتتماثل تلك‬
‫الرؤيا مع الوضع القائم بالمجتمع الحضري الذى يعمل أعضاؤه فى مهن متنوعة‪.‬‬
‫‪103‬‬

‫‪- 2‬العمل لألسرة‪ :‬إذ يتصف النشاط اإلقتصادي لألسرة الريفية بأنه نشاط جماعي حيث‬
‫يعمل جميع األعضاء المكونين لها لصالح األسرة وليس لصالح فرد معين كما هو قائم فى‬
‫األسرة الحضرية التي غالبًا ما يكون عمل كل فرد فيها منفصل عن اآلخرين‪.‬‬
‫‪- 3‬اإلرتباط بين البيت والمزرعة‪:‬‬
‫فاألسرة الريفية ال تفصل في عملها بين البيت والحقل‪ ،‬ففي الحقل تتم العمليات الزراعية‬
‫لإلنتاج النباتي‪ ،‬وفي المنزل تتم العمليات المتصلة باإلنتاج الحيواني بجانب العمليات‬
‫المنزلية األساسية‪ ،‬وفي أحيان كثيرة يكون المنزل داخل المزرعة فيحدث التداخل بين‬
‫العمل الحقلي والمنزلي مما يصعب معه الفصل بين ميزانية األسرة االستهالكية وبين‬
‫الميزانية اإلنتاجية للمزرعة‪ ،‬ومن ثم صعوبة تقدير الدخل الصافي لألسرة الريفية من‬
‫اإلنتاج المزرعى‪ .‬وعلى سبيل المثال صعوبة تقدير قيمة ما يتم إستهالكه من الحبوب‬
‫والخضروات واأللبان والبيض والطيور وغيرها من المواد الغذائية التي تستهلكها األسرة‬
‫من ناتج المزرعة وال تدفع مبالغ نقدية مقابل لها ‪ ،‬على عكس الحال في األسرة‬
‫الحضريةالذى يكون اإلنفصال واضحًا بين المنزل ومكان العمل مما يؤدى الى سهولة‬
‫حساب ميزانيتها وتطور الدخل بها‪.‬‬
‫‪- 4‬عدم التخصص‪:‬‬
‫تميل مهارات أعضاء األسرة الريفية غالبًا إلى العمومية‪ ،‬فكل منهم لديه حصيلة من‬
‫المعلومات والخبرات المتصلة بمختلف شئون الزراعة بشقيها النباتي والحيواني‪ ،‬فالمزارع‬
‫يعرف بعض المعلومات المتعلقة بالطبيعة‪ ،‬ومواعيد الزراعة‪ ،‬ومواعيد بذر التقاوي‪ ،‬وري‬
‫األرض‪ ،‬وطرق رعاية وتربية النبات‪ ،‬وعمليات الحصاد‪ ،‬والتعبئة والتخزين‪ ،‬كما أن لديه‬
‫بعض المعلومات عن الحيوانات وطباعها وأمراضها ووسائل عالجها‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫بعض األعمال المتصلة باإلنتاج الزراعي والمكملة له مثل قطع األخشاب وإ صالح‬
‫الجسور‪ ،‬وإ ستخدام اآلالت الزراعية‪ ،‬وهذا الضيق النسبي لمعارفه ومعلوماته يرجع فى‬
‫غالبية األحوال الى طبيعة العمل الزراعي غير المتخصصة فهو نشاط عام يستوعب‬
‫الكثير من األفكار والتجارب‪ ،‬بينما نجد التخصص فى األسرة الحضرية حيث أن لكل فرد‬
‫منهم عمل واحد يتخصص فيه‪.‬‬
‫‪-5‬بساطة الحيـاة ‪:‬‬
‫‪104‬‬

‫ترجع بساطة حياة األسرة الريفية إلى بساطة األعمال التي يقوم بها أعضائها‪ ،‬والتي‬
‫لها شكل متكرر على مر السنين وإ لى بساطة األهداف التي تسعى األسرة الى تحقيقها‪ ،‬فقد‬
‫تنحصر هذه األهداف فى إدخار األموال‪ ،‬أما محاولة التفوق على الجار بزيادة المحصول‪،‬‬
‫أو الرغبة في التميز عن األقران إجتماعيًا‪ ،‬وإ عطاء أهمية للكماليات المنزلية فهذه أمور ال‬
‫تبدو هامة لديهم ويستطيعون فى أحيانًا كثيرة االستغناء عنها‪ .‬هذا بخالف األسرة‬
‫الحضرية التي تتسم حياتها بالتعقيد والتركيز على اقتناء األساسيات والكماليات المنزلية‬
‫على حد سواء‪.‬‬
‫‪- 6‬كبـر حجـم األسرة‪:‬‬
‫تمتاز األسرة الريفية بكثرة عدد أفرادها نسبيًا نظرًا لطبيعة العمل الزراعي وحاجته‬
‫لهذا العدد وخاصة فى الزراعات التقليدية التى ال تعتمد على اآلالت‪ ،‬وإ عتمادها على‬
‫األيدي العاملة عكس األسرة الحضرية التى يميل حجمها إلى الصغر‪ ،‬وإ عتبار األطفال‬
‫عبئًا ثقيًال على األسرة‪.‬‬
‫‪- 7‬السلطة األبوية‪:‬‬
‫من الخصائص المميزة لألسرة الريفية إحتالل الرجل مركزًا أعلى من المرأة حيث‬
‫تتركز السلطة غالبًا فى يد رب األسرة‪ ،‬وبالتالي فاألسرة الريفية ذات سلطة أبوية ويبدو‬
‫ذلك واضحًا فى كثير من التفرقة اإلجتماعية السائدة بين الجنسين‪،‬اذ تحتل األنثى موقعًا‬
‫أدنى من الرجل‪ ،‬وتحصر كافة المسئوليات فى يد رب األسرة ‪،‬وعلى الرغم من ذلك فلقد‬
‫بدأت هذه السلطة السيادية تتراجع حيث وجد أن هناك نفوذًا للمرأة الريفية البأس به على‬
‫أفراد أسرتها يتكامل مع نفوذ رب األسرة و ال يوحي بوجود سلطة األب المطلقة‪ ،‬وإ ن‬
‫كانت هذه السلطة ظاهرية فالمرأة تتخذ وتشترك فى إتخاذ الكثير من القرارات خاصة تلك‬
‫التي تتعلق بمساحة األرض‪ ،‬ونوع المحصول‪ ،‬ووسائل التسويق ‪.‬‬
‫آثار التغيير التكنولوجي على األسرة الريفية ‪:‬‬
‫طرأت على األسرة الريفية في السنوات األخيرة بعض التغييرات التكنولوجية التى كان‬
‫لها تأثيرها المباشر وغير المباشر على األسرة الريفية ووظائفها من ناحية وعلى العالقات‬
‫القائمة بين أفرادها من ناحية أخرى وهى‪:‬‬
‫‪105‬‬

‫‪- 1‬عدم قيام األسرة بجميع الوظائف التي كانت تقوم بها سابقًا‪ ،‬وحملت مؤسسات أخرى‬
‫على عاتقها مهمة القيام بتلك الوظائف‪ ،‬مثل المدارس والمساجد والنوادي لتقوم بالدور‬
‫التعليمي والديني والترفيهي‪.‬‬
‫‪- 2‬تغير شكل العالقة القائمة بين اآلباء واألبناء‪ ،‬وأصبح أساس قيام هذه العالقة التفاهم‬
‫المبني على اإلحــترام بدًال من الترهيب واإلصالح القائم على خوف األبناء من اآلباء‪.‬‬
‫‪ - 3‬تغير شكل السلطة األبوية الذى يسيطر على األسرة وإ رادته نافدة وأصبح جميع أفراد‬
‫األسرة متعاونين فى إبداء الرأي‪ ،‬والمشاركة فى إتخاذ القرار السيما األم واألب وأحيانًا‬
‫األوالد‪.‬‬
‫‪ - 4‬تحول دور المرأة الريفية من الدور السلبي إلى الدور اإليجابي بعد أن اتيحت لها‬
‫فرصة التعليم والعمل خارج المنزل‪ ،‬ومشاركة الرجل فى تحمل مسئوليات األسرة‬
‫إقتصاديًا وإ جتماعيًا‪.‬‬
‫‪ - 5‬ضعف الروابط األسرية التى كانت تتميز بالقوة فى الماضي حيث لم تعد األسرة فى‬
‫إستطاعتها جمع كل أفرادها في منزل واحد كما كان يحدث سابقًا إما بسبب التعليم خارج‬
‫مناطقهم‪ ،‬أوالهجرة للعمل بعيدًا عن مقر األسرة األصلى‪ ،‬وقل تدريجيًا تبعًا لذلك اإلنتماء‬
‫األسرى‪ ،‬ولم تعد الرابطة القوية بين اآلباء وأبنائهم هى السائدة كما كانت سابقًا‪ ،‬وحلت‬
‫األسرة الصغيرة رويدًا محل األسرة الممتدة‪.‬‬
‫‪- 6‬ميل حجم األسرة إلى التقلص من الحجم الكبير إلى الحجم الصغير وأصبح هناك كثير‬
‫ممن يفضلون األسرة صغيرة الحجم التى ينتشر التعليم بين أفرادها‪ ،‬وإ رتفاع مستوى‬
‫معيشتهم‪.‬‬

‫المشكالت اإلجتماعية فى المجتمعات الريفية‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫نظرًا ألهمية الدور الذى تلعبه الزراعة فى حياة المجتمعات الريفية بإعتبارها المهنة‬
‫الرئيسية لغالبية سكانها‪ ،‬ولما لها من تأثير بالغ على عملية التنمية اإلقتصادية للدول فإن‬
‫‪106‬‬

‫المشكالت التى تواجه السكان الريفيين تلقى إهتمامًا خاصًا من جانب علماء اإلجتماع‬
‫واإلقتصاد ودراستها بعمق‪ ،‬حتى يمكن لراسمي السياسات اإلصالحية وواضعي برامج‬
‫التنمية معرفة درجة تواجد هذه المشكالت ومسبباتها‪ ،‬ومدى حدتها حتى يمكن وضع البرامج‬
‫الخاصة بهاعلى أسس واضحة‪ ،‬وبحيث يضمن لها النجاح فى معالجة تلك المشكالت‬
‫والتخفيف من حدتها‪ ،‬ومن ثم النهوض بتلك المجتمعات‪.‬‬
‫نشأة المشكالت اإلجتماعية‪:‬‬
‫تنشأ المشكالت اإلجتماعية في أي مجتمع نتيجة لحدوث فجوة ثقافية‪ ،‬وتفكك إجتماعى‬
‫وتضارب قيمى داخل بنيان هذا المجتمع‪ ،‬ولكل من هذه الجوانب دورًا هامًا فى نمو هذه‬
‫المشكالت‪،‬فمن ناحية الهوة الثقافية أو الفجوة فتعنى إختالل التوازن فى سرعة النمو بين‬
‫عناصر المجتمع مثل زيادة عدد السكان وما يترتب عليه من زيادة اإلستهالك وضعف فى‬
‫اإلنتاج‪،‬وكذلك فإن التوسع فى التعليم نتيجة الزيادة السكانية يساهم فى زيادة معدل الخريجين‬
‫بمعدل يفوق نمو الفرص المتاحة للتشغيل أو العمل مما يؤدى لمشكلة البطالة‪.‬‬
‫أما التضارب القيمى فيقصد به إختالف قيم األفراد والجماعات داخل المجتمع الواحد مثل‬
‫ذلك التضارب الحادث بين المجتمعات الغنية والفقيرة‪،‬أو بين قيم المتعلمين واألميين‪،‬أو بين‬
‫قيم الريفيين المهاجرين إلى المجتمعات الحضرية وقيم السكان األصليين القاطنيين لهذه‬
‫المجتمعات‪.‬في حين يشير التفكك اإلجتماعى الى حدوث تغير فى العالقات اإلنسانية فى‬
‫المجتمع نتيجة للتغير الثقافي به مما يظهر الكثير من المشكالت اإلجتماعية‪ ،‬وإ ن كان‬
‫المجتمع يسعى وبمرور الزمن إلى تحقيق تنظيم جديد ليتوافق مع األوضاع الجديدة وأبرزها‬
‫ما يحدث فى المجتمعات القروية عند تحويلها إلى مجتمعات حضرية‪.‬‬
‫وتحدث المشكالت اإلجتماعية فى كل المجتمعات تقريبًا ألنها تعبير صادق عن خلل ما‬
‫فى التنظيم الثقافي في المجتمع‪ ،‬وهو بدوره يؤدى إلى فشل هذا التنظيم فى إشباع حاجات‬
‫أفراده‪ ،‬وذلك يتطلب القيام بتعديل الكيان الثقافي للمجتمع ليصبح التنظيم الثقافي فيه قادرًا‬
‫على إشباع هذه الحاجات أو اإلحتياجات المتجددة‪.‬‬
‫والثقافة المجتمعية هى تنظيم إجتماعى إنسانى وصل إليه أفراد المجتمع لتنظيم‬
‫عالقاتهم مع بعضهم البعض‪ ،‬ومع البيئة التي يعيشون فيها ومع المجتمعات األخرى‬
‫والجماعات التي يتصلون بها لكي يحققوا من خالله األسلوب المعيشي المناسب إلشباع‬
‫‪107‬‬

‫الحاجات‪،‬وأي خلل داخل البناء الثقافي ينتج عنه فشل هذا التنظيم في تحقيق إحتياجات أفراد‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫وفى غالبية األحوال ترتبط المشكالت التى تواجه أفراد المجتمع الريفى بما يتم إدخاله‬
‫من أساليب تقنية حديثة‪ ،‬وميكنة العمليات اإلنتاجية‪ ،‬وطغيان ثقافة الحضر على المجتمعات‬
‫الريفية‪ ،‬وهجرة سكان الريف إلى الحضر سعيًا وراء عمل أفضل وأجر مرتفع مثلما حدث‬
‫فى الجماهيرية الليبية عند ظهور البترول وترك أهالي الريف أعمالهم من رعى وزراعة‬
‫المحاصيل إلى األعمال التي ترتبت على إستخراج البترول‪ ،‬باإلضافة إلى هجرة القيادات‬
‫المتعلمة من المجتمعات الريفية مما أفقد الريف أهم مقومات اإلرتقاء بمستوى حياته‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية‪..‬‬
‫كذلك من أهم مشكالت المجتمعات الريفية اإلنخفاض الشديد فى مستوى المعيشة سواء‬
‫على مستوى األفراد أو على مستوى الجماعات على الرغم من اإلتجاه السائد نحو التصنيع‪،‬‬
‫وإ شتغال عدد كبير من سكان الريف بالصناعة‪.‬وأنه بمقارنة دخل الفرد الحقيقى فى بعض‬
‫المجتمعات نجد أن متوسط دخل الفرد فى مصر مثًال يساوى ‪1/10‬من دخل الفرد في‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪،‬و‪ 1/8‬من دخل الفرد فى إنجلترا ‪،‬وأقل من‪ 1/3‬من دخل الفرد‬
‫فى لبنان‪،‬مما يشير إلى ضئآلة نصيب الفرد من الدخل ‪.‬ويؤثر حجم السكان بال شك فى‬
‫ضعف نصيب الفرد من الدخل العام سنويًا‪ ،‬باإلضافة إلى التخلف الصحي والتعليمي اللذين‬
‫اليمكن بدونهما النهوض بأي مجتمع‪.‬‬
‫مفهوم المشكالت اإلجتماعية‪:‬‬
‫عرفها ‪"Fuller&Myers‬بأنها حالة أو ظاهرة يراها غالبية األفراد بما فى ذلك ذوى‬
‫النفوذ اإلجتماعى فى مجتمع وزمن معينين إنحرافًا عن قيم إجتماعية يحترمها ويقدسها‬
‫ويخضع لها أفراد المجتمع وتتحكم فى أنماط السلوك العام"‪.‬‬
‫ويعرفها معجم العلوم اإلجتماعية بأنها "ظاهرة تتكون من عدة أحداث أو وقائع متشابكة‬
‫وممتزجة ببعضها البعض لفترة من الوقت ويكتنفها الغموض واللبس‪ ،‬تواجه الفرد والجماعة‬
‫ويصعب حلها قبل معرفة أسبابها والظروف المحيطة بها وتحليلها للوصول إلى إتخاذ قرار‬
‫بشأنها"‪.‬‬
‫‪108‬‬

‫كما عرفها ‪ Waish&Furfey‬بأنها" إنحراف أو خروج عن المثل اإلجتماعية يجرى‬


‫تقويمه بالجهد الجماعي‪،‬ويفترض أن وجود عنصرين للمشكلة هما قيام وضع ينظر إليه على‬
‫أنه غير مرغوب فيه أو شاذ‪،‬واإلدراك بأن معالجة هذا الوضع ال يتم إال بالجهد الجماعي ‪.‬‬
‫أن المشكلة اإلجتماعية عبارة‬ ‫عن( مصطفى‪)1994،‬‬ ‫ويرى ‪ Merton&Nisbet‬نقًال‬
‫عن "هوة كبيرة بين المعايير اإلجتماعية والواقع اإلجتماعى أو السلوك الفعلى يرى عدد كبير‬
‫من أفراد المجتمع أنه وضع غير مقبول البد من حشد الجهود الجماعية إلصالحه ومعالجته‬
‫"‪.‬‬
‫ونظرًا إلختالف المشكالت التى تواجه المجتمعات الريفية يلزم وضع النقاط التالية فى‬
‫وهى‪:‬‬ ‫اإلعتبار عند دراستها‬
‫‪-1‬إختالف المعوقات من مجتمع إلى آخر‪ ،‬كما تختلف من منظمة إجتماعية إلى أخرى وفقًا‬
‫أليديولوجية المجتمع وموارده‪.‬‬
‫‪ -2‬أن المشكالت اإلجتماعية ال تنفصل عن الموقف فهى توجد فى سياق معين وظروف‬
‫إجتماعية وإ قتصادية وثقافية محددة‪ ،‬كما أنها متداخلة ومتشابكة‪.‬‬
‫‪ -3‬أن وجود المشكالت اإلجتماعية تحول دون تحقيق األهداف التى تسعى الجماعة إلى‬
‫الوصول اليها‪.‬‬
‫‪ -4‬أن المشكالت اليمكن إرجاعها إلى سبب واحد مهما كانت قوة هذا السبب‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم وجود معايير ثابتة تقاس عليها المشكالت أو المعوقات‪.‬‬
‫تصنيف المشكالت اإلجتماعية‪:‬‬
‫تعانى معظم دول فى أنحاء العالم سواء حضرية أم ريفية من مشكالت متعددة إجتماعية‬
‫ومؤسسية وإ قتصادية فليست المشكالت القائمة فيه هي فقط مشكالت زراعية إنما توجد‬
‫‪:‬‬ ‫مشكالت أخرى‪.‬ولقد صنفت هذه المشكالت إلى ما يلي‬
‫‪ -1‬مشكالت فجائية وهى التي تنتج بشكل فجائي بسبب حدوث بعض الظواهر غير‬
‫المتوقعة‪.‬‬
‫‪ -2‬مشكالت تظهر بشكل تدريجي وهى مشكلة كانت بسيطة فى بدايتها أو أنها ظهرت بشكل‬
‫ال يدعو للقلق ولكنها لو تركت بدون حل فسوف تتدرج إلى الخطورة‪.‬‬
‫‪ -3‬مشكلة متفاقمة وهى مشكلة ظهرت بصورة خطيرة وسريعة ولم تواجه بالسرعة‬
‫والكيفية المطلوبة وعادة ما يكون لها جذور تاريخية معروفة‪.‬‬
‫‪109‬‬

‫‪ -4‬مشكالت مادية وهى تلك المشكالت التي ترتبط بالبيئة المادية لمنطقة ريفية معينة مثل‬
‫مشكالت نقص المياه الالزمة للرى‪ ،‬والمياه الصالحة للشرب‪ ،‬وضعف البنية األساسية‪،‬‬
‫واإلفتقار إلى المرافق مثل الصحة‪ ،‬واإلتصاالت‪ ،‬واألمن‪ ،‬والرعاية األسرية‪ ،‬واإلستهالك‪،‬‬
‫وعدم توفر مستلزمات اإلنتاج‪ ،‬والعمالة الزراعية‪ ،‬والمنافذ التسويقية‪ ،‬والخدمة اآللية‪،‬‬
‫والتمويل التعاوني‪ ،‬وتعرية التربة‪.‬وفى هذه الحالة يمكن لبرامج التنمية الريفية دراسة طبيعة‬
‫كل مشكلة من هذه المشكالت ومداها‪ ،‬وإ قتراح اإلجراءات المناسبة لحلها‪.‬‬
‫‪ -5‬المشكالت غير المادية‪:‬وهى تلك المشكالت التى تكون أكثر إرتباطًا بالظروف‬
‫اإلجتماعية والسياسية التى يعيش فيها هؤالء المزارعين مثل الفرص المحدودة في الحصول‬
‫على األراضي‪ ،‬وعدم وجود أى إتصاالت مع الهيئات الحكومية‪ ،‬أو التبعية لكبار‬
‫المزارعين‪ .‬هذا باإلضافة على المشكالت االرضية المائية مثل قلة مياه الرى‪ ،‬وعدم إنتظام‬
‫وصول المياه‪ ،‬وزيادة ملوحتها‪ ،‬وقلة عملية صيانة خطوط الرى‪ ،‬والمشكالت الزراعية مثل‬
‫عدم توفر كل من مستلزمات اإلنتاج‪ ،‬وعدم وجود منافذ تسويقية لتسويق المنتجات الزراعية‪،‬‬
‫وعدم توفر التمويل التعاونى والخدمة اآللية لألراضى خاصة المستصلحة منها‪ ،‬والمشكالت‬
‫الخدمية مثل ضعف وندرة الخدمات الصحية واإلتصالية واإلنتقالية واإلستهالكية‪ ،‬وإ رتفاع‬
‫األسرية‪(.‬الحفنى‪)1995،‬‬ ‫أسعارالسلع الغذائية‪ ،‬وإ رتفاع نسبة األمية‪ ،‬وإ رتفاع نسبة اإلعالة‬
‫ولقد توصل (زهران ‪)1985،‬إلى أن المشكالت اإلجتماعية تنقسم وفقًا ًإلدراك أفراد‬
‫المجتمع لها إلى خمسة فئات هم المنغمسون فى المشكالت اإلجتماعية‪،‬والمدركون لها‬
‫‪،‬ومتوسطى اإلدراك لها ‪،‬وقليلوا اإلدراك‪،‬والالمبالون للمشكالت المجتمعية‪.‬‬
‫وتتسم كافة المجتمعات بوجود مشاكل إجتماعية ذات طابع خاص مميز لكل منها‬
‫فالمجتمع الريفى ذو طبيعة معينة تميز حياة الغالبية من سكانه حيث تعتمد إقتصادياتها على‬
‫الزراعة عكس الحال فى المجتمعات الحضرية‪.‬ولذا فإن هذه المشكالت تؤثر على حياة‬
‫األفراد فى هذه المجتمعات‪.‬‬
‫أنواع المشكالت اإلجتماعية‪:‬‬
‫يمكن تقسيم المشكالت التى تتعرض لها المجتمعات إلى نوعين من المشكالت هما‪:‬‬
‫أوًال‪:‬مشاكل المجتمعات الريفية‪:‬‬
‫وتتمثل هذه المشكالت فيما يلى ‪:‬‬
‫‪ -1‬المشكلة السكانية‪:‬‬
‫‪110‬‬

‫المشكلة السكانية " بأنها" خلل فى التوازن بين موارد الدولة‬ ‫(أبوالسعود‪)2002،‬‬ ‫يعرف‬
‫وحاجات السكان"‪ .‬تمثل اإلحتياجات البشرية المطردة عبئًا على قاعدة الموارد الطبيعية فى‬
‫البيئة التى نعيش فيها‪ ،‬فالعالقة بين السكان والموارد البيئية أصبحت معقدة فالزيادة غير‬
‫المتوازنة فى عدد السكان وال يقابلها زيادة مماثلة فى اإلنتاج تؤدى إلى حدوث خلًال واضحًا‪،‬‬
‫تمثل فيه الفجوة الغذائية والكسائية واإلسكانية وما يترتب عليها من زحف المباني على‬
‫األراضي الزراعية واستقطاعها لصالح المباني‪ ،‬وصعوبة توفير الغذاء‪ ،‬وسوء التوزيع‬
‫الناتج عن الكثافة السكانية فى وحدة المساحة والمشكالت الخاصة بالصحة والتلوث البيئى‬
‫الناشىء عن اإلزدحام السكاني مصدرًا أساسيًا لتفاقم مشكالت أخرى أكثر خطورة‪.‬‬
‫كذلك يترتب على زيادة أعداد السكان وجود نسبة إعالة عالية فى المجتمعات بصفة عامة‬
‫وفى األسر الريفية بزيادة أعداد األطفال والنساء غير المنتجين‪،‬ومن ثم تزداد األعباء‬
‫المعيشية الملقاة على األسر محدودي الموارد واإلنتاج الضئيل مما ال يسمح بتوفير‬
‫اإلحتياجات الضرورية‪.‬كما تؤدى الزيادة السكانية إلى زيادة الضغط السكاني على األراضي‬
‫الزراعية وبالتالي هبوط نصيب الفرد من هذه األراضى حيث لم تتعدى المساحة التي تخص‬
‫الفرد أكثر من‪% 0.3‬وهى ال تحقق اإلشباع الكامل من الغذاء النباتي وما يتبعه من‬
‫حيوانات‪.‬ومن المعروف أن الحد األدنى للمساحة التى تضمن إستغالًال إقتصاديًا لألرض‬
‫يجب أال تقل عن ثالثة أفدنة فمثل هذه المساحة تكفى ألسرة متوسطة الحجم مكونة من ستة‬
‫أفراد‪.‬‬
‫ونتيجة لكل هذه العوامل مجتمعة ال يحظى السكان الريفيين بالمستوى الغذائي المناسب‪،‬‬
‫ومن ثم إنخفاض حجم السعرات الحرارية الالزمة للفرد فى معظم الدول النامية‪،‬وبالتالى‬
‫تنتشر أمراض سوء التغذية مثل البالجرا واألنيميا‪،‬ويعتبر إنخفاض المستوى الصحي لألسرة‬
‫الريفية مؤشرًا لزيادة معدل الوفيات العامة‪،‬ومعدل وفيات األطفال الرضع ‪،‬كما ال تتوفر‬
‫بالمجتمع الريفى الرعاية الطبية والصحية الوقائية مقارنة بالمناطق الحضرية فتنتشر‬
‫األمراض المتوطنة مثل البلهارسيا واإلنكلستوما والمالريا وغيرها بين نسبة كبيرة من‬
‫السكان الريفيين‪،‬بجانب عدم قدرة المرافق على تقديم كافة الخدمات والمنافع الضرورية مثل‬
‫المياه النقية‪،‬والكهرباء واإلتصاالت من تلبية إحتياجات كافة أفراد المجتمع‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫كذلك توجد عالقة مطردة بين النمو السكانى والتدهور البيئى فأشجار الغابات التى يتم‬
‫إقتطاعها تؤدى إلى زحف الصحراء عليها وفقد نحو ‪ 220‬مليون هكتار سنويًا من األراضى‬
‫الزراعية المنتجة‪ ،‬كما تحول نحو ‪ 650‬مليون هكتار من األراضى الزراعية فى أفريقيا‬
‫جنوب الصحراء إلى صحراء مع بداية النصف األخير من القرن الماضى وحتى اليوم‪،‬‬
‫ويتعرض اآلن ثلث مساحة العالم للخطر داته مما يجعل هناك مزيد من الضحايا وفى مقدمتها‬
‫الدول النامية‪.‬‬
‫‪ -2‬المشكالت الصحية‪:‬‬
‫يشير الوضع القائم بالمجتمعات الريفية إلى أن معظم الريفيين يعانون من مشكالت‬
‫صحية كنتيجة حتمية لما يؤدونه من أعمال ترتبط باألرض والمياه والحيوانات‪....‬الخ ومن‬
‫ثم فهو يتعرض لمصادر اإلصابة باألمراض المختلفة بجانب تدهور الخدمة العالجية‬
‫المجانية وعجزها عن مواكبة الزيادة السكانية‪ ،‬وظهور أمراض جديدة نتيجة التلوث‬
‫الكيماوي والميكروبي اثناء التعامل مع المبيدات المستخدمة فى مكافحة اآلفات الزراعية‪.‬‬
‫كذلك يواجه أفراد المجتمعات الريفية مشكالت أخرى تتعلق بطبيعة المساكن التى‬
‫يقيمون بها فمعظمها صغيرة الحجم‪ ،‬سيئة التهوية‪ ،‬وتكدس األعداد المقيمة بها‪ ،‬حيث يبلغ‬
‫متوسط عدد أفراد األسرة للغرفة الواحدة معدل يتراوح بين ‪ 3-2‬أفراد فى الغرفة الواحدة‪،‬‬
‫كما أن مادة البناء فى غالبية المساكن الريفية من الطوب اللبنى‪ ،‬ومسقوفة بالمواد الخشبية‬
‫واألحطاب وجذوع النخيل‪ ،‬كذلك وجود نسبة ملحوظة من السكان تستخدم مياه اآلبار والترع‬
‫فى الشرب‪.‬أما بالنسبة للتهوية واإلضاءة داخل هذه المساكن فيالحظ سوء التهوية واإلضاءة‬
‫كما أن إلتصاق هذه المساكن بأماكن تربية الحيوانات ينجم عنه روائح كريهة‪ ،‬تضاف إلى‬
‫سوء التهوية الداخلية الناتج عن التدخين باألفران والمواقد البلدية‪ ،‬وخلو كثير من تلك‬
‫المساكن من المراحيض الصحية‪ ،‬والمنافع الضرورية‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالوضع الصحى فلقد كان للتحول الديموجرافى والتقدم اإلقتصادى‬
‫واإلجتماعى آثاره بتحسن المؤشرات الصحية بصورة عامة حيث إرتفع معدل عمر الفرد‬
‫وإ نخفضت وفيات األطفال واألمهات وصاحب ذلك إنخفاض فى معدل الخصوبة والوفيات‪،‬‬
‫كما ساعدت الخطط والبرامج اإلنمائية المتعاقبة على اإلرتفاع بمستوى دخل الفرد‪ ،‬وتغيير‬
‫نمط حياته‪ ،‬وتحقيق معدالت نمو مستديمة فى قطاعات الخدمات الصحية واإلجتماعية ترتب‬
‫عليها تراجع العديد من األمراض التى تتصل عادة بأمراض التخلف‪.‬‬
‫‪112‬‬

‫وبالرغم من هذه المؤشرات إال أنه كأى قطاع داخل المجتمع يعانى من بعض المشكالت‬
‫أوردتها تقارير التنمية البشرية والتى أمكن حصرها فى تعدد آليات التخطيط الصحى بنسبة‬
‫‪ ،%87‬ثم المشكالت الخاصة بالصيانة بنسبة ‪ ،%67‬ثم مشكلة اإلنفاق بنسبة ‪،%60‬‬
‫باإلضافة إلى مشكالت عدم توفر المعدات الصحية بنسبة ‪ ،%43‬وعدم توفر القوى العاملة‬
‫الصحية بنسبة ‪ ،%40‬وصعوبة توزيع الخدمات الصحية بنسبة ‪ ،%30‬ونوعية الخدمات‬
‫الصحية العامة المقدمة بنسبة ‪.%27‬‬
‫‪ -3‬المشكالت التعليمية‪:‬‬
‫تمثل مشكلة التعليم إحدى أهم المشكالت الرئيسية التى تعانى منها بعض المجتمعات‬
‫الريفية حيث تعد مشكلة األمية من المشكالت ذات األثر الخطير على تلك المجتمعات خاصة‬
‫تلك التى تتسم بالتخلف الشديد والبدائية فى إستخدام التقنيات الحديثة‪ ،‬والتى تسيطر عليها‬
‫العادات والتقاليد‪ ،‬والعصبيات القبلية أو الطائفية أو الدينية‪ ،‬وما يترتب على ذلك من مشكالت‬
‫تؤثر على حياة األسرة الريفية‪ ،‬ولهذا تبذل الدول جهودًا مضنية للوصول إلى حلول جذرية‬
‫لها وغالبًا ما يعلل الجوع والفقر والمرض فى المناطق الريفية بجهل السكان حيث يعتقد بأن‬
‫تحسين ظروف الحياة مشكلة تعليمية فى المقام األول‪.‬‬
‫ولقد لوحظ أن اإلستثمارات التعليمية فى الدول النامية لم تحقق النمو اإلقتصادى‬
‫المرتقب‪ ،‬كما لفتت الخبرات الفاشلة أنظار مخططي التعليم والتنمية‪ ،‬وإ ستفادوا منها فى‬
‫تحديد خواص مناسبة للمنهج التربوي للتنمية حيث يجب أال تفهم العملية التعليمية على أنها‬
‫مواءمة وسعى نحو الكمال ولكن بإعتبارها عملية تعليمية للمجتمع المحلى ككل‪ ،‬ويجب أال‬
‫تفصل عملية التعليم المجتمعي عن اإلطار المدرسي المؤسسي‪ ،‬وأن تكتسب المعارف‬
‫واألنماط السلوكية الجديدة من خالل التغييرات المادية والثقافية‪.‬‬
‫وترتفع نسبة األميين فى المجتمعات الريفية عن المجتمعات الحضرية‪ ،‬وتنسب الى‬
‫السكان فوق سن ‪ 15‬سنة‪ .‬وبعيدًا عن الظروف غير العادية فإنه يالحظ أن اآلباء فى‬
‫المجتمعات الريفية خاصة فى الدول النامية يفضلون إيجاد فرص تعليمية لألبناء بدرجة أكبر‬
‫من تعليم البنات‪.‬ويرجع إنحدار التعليم فى المجتمعات الريفية لألسباب اآلتية‪:‬‬
‫أـ العرض التعليمي المحدود فى الريف ‪.‬‬
‫ب ـ إرتفاع تكلفة وصعوبة اإلنتقال من وإ لى المدرسة‪.‬‬
‫جـ ـ نقص تحفيز اآلباء للتعليم‪.‬‬
‫‪113‬‬

‫د ـ اإلهتمام األقل بالتعليم المدرسي فى األسر الريفية‬


‫هـ الخوف من عدم الوفاء بإحتياجات التعليم األعلى‪.‬‬
‫و ـ الحاجة إلى مساعدة األطفال فى العمل الزراعي‪.‬‬
‫ز ـ الخوف من مفارقة الجماعة الخاصة التي ينتمي إليها الفرد‪.‬‬
‫ولقد اشار تقرير التنمية البشرية عام ‪ 1999‬أن من أهم مظاهر التنمية البشرية‬
‫والتغيرات اإلجتماعية الواضحة فى المجتمع خالل العقود الثالثة األخيرة إرتفاع القيمة‬
‫اإلجتماعية للتعليم وتصاعد رصيدها فى إطار النسق القيمى األوسع للمجتمع تمثل فى زيادة‬
‫نسبة الملتحقين بالتعليم فى مراحله المختلفة ‪.‬‬
‫ولقد أشار نفس التقرير السابق إلى إرتكاز عملية تطوير التعليم على المحاور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلستمرار فى إعطاء األولوية للتوسع الكمى واإلستجابة للطلب اإلجتماعى على التعليم‬
‫النظامى كما هو متبع حاليًا‪.‬‬
‫‪ -2‬تركيز األولوية على جودة التعليم بأبعادها المختلفة ومواكبة المدرسة للتطورات‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية والمتغيرات الحديثة‪.‬‬
‫‪ -3‬وضع األولويات وفقًا إلحتياجات القوى العاملة الوطنية‪ ،‬وتوجيه التعليم النظامى وغير‬
‫النظامى لسد هذه اإلحتياجات فى أقصر مدة ممكنة‪.‬‬
‫‪ -4‬التركيز على أولويات ترشيد اإلنفاق‪ ،‬وكلفة النظام التعليمى‪ ،‬وإ ستخدام المستحدثات‪،‬‬
‫وإ ستبدال سياسات التوسع األفقى المشتت لبعض المستويات التعليمية‪ ،‬وتوجيه الجهد المالى‬
‫لتحسين النوعية‪.‬‬

‫‪ -4‬مشكلة البطالة‪:‬‬
‫تمثل قضية البطالة بأنواعها المختلفة فى الوقت الحالي إحدى المشكالت الرئيسية التى‬
‫تواجه المجتمعات الريفية فى غالبية دول العالم حيث تتواجد بنسب متفاوتة فى كافة الدول‬
‫المتقدمة والنامية على السواء‪.‬‬
‫وتشير اإلحصائيات إلى أنه يوجد حوالى مليار عاطل عن العمل موزعين على مختلف‬
‫أنحاء المعمورة فى حالة بطالة كاملة أو جزئية‪ ،‬ففى تقرير التنمية البشرية عام ‪1977‬م‬
‫أشار إلى أن حجم البطالة فى أسبانيا بلغ ‪،%22.7‬وفى إيطاليا ‪ ،%12.2‬وفى فرنسا‬
‫‪114‬‬

‫‪ ،%11.6‬وفى المملكة المتحدة نحو ‪ ،%8.7‬وفى الواليات المتحدة األمريكية نحو ‪5.5‬‬
‫‪%‬وذلك من إجمالى قوة العمل فى تلك الدول‪.‬‬
‫كما تشير اإلحصائيات إلى أن إرتفاع نسبة البطالة يرجع فى بعض الدول إلى تفاعل‬
‫العديد من العوامل الداخلية والخارجية مثل التوسع فى إنشاء المدارس والجامعات اإلقليمية‬
‫والتى تلقى باآلالف من الخريجين الجدد كل عام دون مراعاة لحجم سوق العمل وإ حتياجاته‪،‬‬
‫وإ نحسار الطلب الخارجي نسبيًا نحو العمالة خاصة بين المتعلمين فى الدول النفطية‪.‬ولقد بلغ‬
‫متوسط نسبة البطالة بتلك الدول حوالي ‪ %10.7‬حيث يوجد حوالى‪ 1.4‬مليون عاطل منهم‬
‫نسبة ‪ %12.4‬فى المجتمع الحضري‪،‬و‪ % 9.2‬في المجتمع الريفى‪.‬‬
‫أما عن سوق العمل فتنتشر ظاهرة البطالة فى بعض الدول بمعدالت مرتفعة ففى مصر‬
‫وعلى سبيل المثال نجد أن إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة واإلحصاء تشير إلى‬
‫تزايد معدل البطالة السافرة بصورة مضطردة خالل عقدي السبعينيات والثمانينيات عنه في‬
‫عقد التسعينيات فبينما كان هذا المعدل عند مستوى ‪ %2‬عام ‪ 1960‬فإنه إرتفع عام ‪1976‬‬
‫ليصل إلى ‪ ،%8‬ثم توالى إرتفاعه بصورة أكبر ليصل إلى ‪%12‬عام ‪1986‬م وإ نخفض مرة‬
‫أخرى ليصل الى ‪ %8.9‬عام ‪1998‬م‪.‬‬
‫هذا وقد بلغت نسبة البطالة فى المجتمع الريفى والحضري مقارنة بنسبة حجم البطالة‬
‫الكلية فىعام ‪1991‬م إلى ‪ %48.4‬فى المجتمع الريفى بينما بلغت هذه النسبة ‪ %51.6‬فى‬
‫المجتمع الحضري‪.‬‬
‫اآلثار اإلجتماعية للبطالة‪:‬‬
‫الشك أن تواجد قدر من البطالة فى أي إقتصاد أمرًا طبيعيًا‪ ،‬ولكن إذا تجاوزت حدودًا‬
‫معينة تصبح مشكلة لها خطورتها على المجتمع حيث تتضح آثارها السلبية فى جميع‬
‫الجوانب اإلقتصادية واإلجتماعية والسياسية‪ .‬فالبطالة تعبر عن طاقة معطلة إقتصاديًا بسبب‬
‫عدم تشغيل عنصر العمل بأكمله‪ ،‬واإلستغالل غير الكفء للموارد‪ ،‬وإ هدار وتبديد إنتاج كان‬
‫يمكن تحقيقه وإ ستخدامه فى توفير إشباع أفضل للحاجات‪ ،‬ويمس حياة أفراد المجتمع كما‬
‫وإ تجاهاتهم‪(.‬الخولى‪.)1999،‬‬
‫يؤثر سلبيًا وبشدة على سلوكياتهم‬
‫‪ -5‬مشكلة الغذاء‪:‬‬
‫يعتمد النمو الجسمي والعقلي لإلنسان وقدرته على مقاومة األمراض على الغذاء حيث‬
‫يستمد منه قوته وقدرته على إنجاز األعمال‪ ،‬وبدونه أو عدم كفايته فإنه يؤدى إلى سوء‬
‫‪115‬‬

‫التغذية وما يصاحبها من نقص فى التركيب الغذائي للجسم‪ ،‬وما يجب أن يحتويه من عناصر‬
‫غذائية الزمة لبناءه من الفيتامينات واألمالح المعدنية‪.‬‬
‫وتتفاوت التقديرات بالنسبة للحالة التغذوية للسكان الريفيين فأكثر المناطق تعرضًا‬
‫للمجاعات أو نقص الغذاء هي المناطق الريفية‪ ،‬وتمثل مشكلة إجتماعية أكثر خطورة‪،‬‬
‫فبالرغم من توافر الحاجات الكافية للسكان الريفيين إال أن التغذية الغنية بالعناصر هي التى‬
‫يحتاجها هؤالء السكان‪ ،‬مثل البروتين الحيواني والخضروات والفاكهة التي تحتوى فى‬
‫مكوناتها على الفيتامينات‪ ،‬والحديد‪ ،‬واليود‪ ،‬والماء الصحي‪.‬‬
‫وقد يرجع سوء التغذية فى المناطق الريفية لعدة أسباب لعل من أهمها الجهل بالتغذية‬
‫الصحيحة وطرقها المختلفة‪ ،‬أو نتيجة لعجز القدرة الشرائية لديهم فى سد النقص من المواد‬
‫الغذائية عالية القيمة‪ ،‬أو اإلتجاه إلى الزراعة التجارية التى تنخفض فيها العناصر الغذائية‪،‬‬
‫ولجوء الفالحين إلى بيع هذه المنتجات نتيجة لقسوة الظروف ومتطلبات األسرة‪ ،‬هذا فضًال‬
‫عن جهلهم بعوامل اإلنتاج المختلفة وعدم معرفتهم بتكنولوجيا اإلنتاج العالى‪ ،‬أو بظروف‬
‫اإلنتاج اإلقليمية‪ ،‬أو بأفضل المنتجات التى يمكن أن تجود بها مناطقهم‪ ،‬أو عدم إستطاعتهم‬
‫إستخدام التقنيات الحديثة فى اإلنتاج بسبب عوامل إقتصادية أوثقافية أو إجتماعية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مشاكل المجتمعات الحضرية‪:‬‬
‫من أهم مشاكل المجتمعات الحضرية هي تلك الناشئة عن فشل النظام األسرى فى القيام‬
‫بمسئولياته ووظائفه وإ شباع إحتياجات أفراده‪ ،‬وتنقسم المشاكل اإلجتماعية بالمجتمع‬
‫الحضري إلى ثالثة أقسام هي‪:‬‬
‫‪ -1‬مشكالت تتصل بالفرد‪:‬‬
‫وتتمثل فى مشكالت الجريمة‪ ،‬واألمراض العقلية والنفسية‪ ،‬واإلدمان‪ ،‬وتعاطى المخدرات‪،‬‬
‫والبغاء‪.‬وتلك المشكالت السلوكية وثيقة الصلة بثقافة المجتمع وما يحدث به من تغيرات‪،‬‬
‫وتنتشر هذه المشكالت مع وجود الفجوة الثقافية‪ ،‬وحدوث اإلنحالل األخالقى‪.‬ويكون التنظيم‬
‫اإلجتماعى هو المسئول عن هذه المشكالت‪.‬‬
‫‪ -2‬مشكالت تتصل باألسرة‪:‬‬
‫وهى التى تتعرض فيها األسرة الريفية لمشكالت متعددة ومتنوعة تساعد على إنحالل وتفكك‬
‫األسرة ومن أبرزها مشكالت الطالق وتعدد الزوجات‪ ،‬واإلختالفات العائلية‪ ،‬وإ همال‬
‫األطفال‪ ،‬واألمراض الوبائية‪.‬‬
‫‪ -3‬مشكالت تتصل بالمجتمع‪:‬‬
‫‪116‬‬

‫وتبدو هذه المشكالت واضحة وفى صور متعددة من أهمها الزيادة السكانية وما ينجم‬
‫عنها من مشكالت البطالة‪ ،‬وضعف الضبط اإلجتماعى مما يستوجب العمل على حل هذه‬
‫المشكالت وفق دراسة ومنهج مخطط له‪.‬‬
‫إستراتيجيات حل المشكالت اإلجتماعية بالمجتمعات الريفية‪:‬‬
‫مما سبق يتبين تأثير المشكالت اإلجتماعية تأثيرًأ بالغًا على المجتمعات بصفة عامة‬
‫والريفية على وجه الخصوص‪ ،‬حيث تؤدى إلى صعوبة تكيف الفرد مع المجتمع الجديد‬
‫وظروفه‪.‬لذلك يجب التفكير فى شئون المجتمع الريفى ‪،‬ومراعاة كل أنواع المشكالت اليومية‬
‫والحياتية التى يواجهها المزارعون فى مناطقهم‪.‬ومن هذا المنطلق فإنه ينبغى وجود‬
‫إستراتيجية لحل هذه المشكالت مع األخذ في اإلعتبار أنه ال توجد إستراتيجية منفردة تصلح‬
‫لعالج كافة المشكالت فى جميع المناطق الريفية وفى المناطق المختلفة التى تواجه مشكالت‬
‫متباينة‪.‬ومن ثم يجب أن تصاغ اإلستراتيجيات وفقًا لهذه اإلختالفات‪،‬ومن اإلستراتيجيات التى‬
‫مايلى‪(:‬جارفورث‪)1990،‬‬
‫يمكن إتباعها‬
‫أوًال‪ :‬اإلستراتيجية التكنولوجية‪:‬‬
‫والتى يجب أن تركز على التغير التكنولوجى الذى يشمل شتى أوجه المجتمع الريفى ومن‬
‫ذلك تحسين األساليب الزراعية أو مستوى إمدادات المياه‪ ،‬وتوفير المدخالت والمهارات‬
‫الالزمة لتحقيق هذا التغيير‪.‬‬
‫ثانيًا‪:‬اإلستراتيجية اإلصالحية‪:‬‬
‫ويكون اإلهتمام منصبًا فيها على التغير التكنولوجى مع بذل جهود لتوفير الوسائل التى‬
‫تتضمن مشاركة المزارعين بقدر أكبر فى نشاطات التنمية الريفية وذلك من خالل التنمية‬
‫التنظيمية أو المشاركة فى برامج التنمية الريفية‪.‬‬
‫ثالثًا‪:‬اإلستراتيجية الهيكلية‪:‬‬
‫وترمى هذه اإلستراتيجية إلى تغيير طبيعة العالقات اإلقتصادية واإلجتماعية والسياسية‬
‫السائدة فى المناطق الريفية بصورة تؤدى إلى تحسين أوضاع الفئات التى كانت محرومة من‬
‫قبل ‪،‬وتنفيذ برامج هذه اإلستراتيجية عن طريق برامج التنمية واإلصالح الزراعي‪.‬‬
‫وهذه اإلستراتيجيات ليست نماذج ثابتة ينبغي إتباعها دون تعديل أو نقاش فالمشكالت التى‬
‫يواجهها المزارعون تحتاج إلى تدابير مختلفة على كافة المستويات إذا ما أريد معالجتها‬
‫بصوره شاملة نظرًا لتنوعها مع األخذ فى اإلعتبار ما يلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬تحديد نوعية المشكلة بوضوح‪.‬‬
‫‪117‬‬

‫ب‪-‬تحديد نوع األضرار التى لحقت باألفراد والمؤسسات نتيجة وجود هذه المشكلة‪.‬‬
‫جـ‪-‬مناقشة المشكلة مع آخرين على إلمام كافى بها مع وضع البدائل المختلفة واآلراء‬
‫والمقترحات التى تساعد فى حل المشكلة‪.‬‬
‫د‪ -‬وضع معايير مختلفة يتم على أساسها إختيار أولويات حل المشكالت‪.‬‬
‫هـ‪ -‬تحديد األهمية النسبية لألولويات‪.‬‬
‫و‪ -‬التفكير فى األولويات من حيث نتائجها وتوقيت تنفيذها‪.‬‬
‫ز‪ -‬تنفيذ الحلول وفقًا لألولويات‪.‬‬
‫حـ‪ -‬أخذ اإلمكانيات المتاحة فى اإلعتبار‪ ،‬وكذلك القوى التى تساعد على التغيير أو تعوقه‬
‫والتعامل معها بشكل مناسب‪.‬‬

‫الهدف من دراسة المشكالت االجتماعية‪:‬‬


‫‪-1‬اإلدراك بها‪.‬‬
‫‪118‬‬

‫‪-2‬الوعي بآثارها‪ .‬معرفة وفهم الحقيقة‪.‬‬


‫‪-3‬فهم أسباب المشاكل االجتماعية وكيفية نشؤها ومدى درجة تأثر الناس بها‪.‬‬
‫‪-4‬الترابط الوثيق بن اإلدراك النظري والجانب العملي‪.‬‬
‫ومن األمور التي يجب مراعاتها عند دراسة المشكالت االجتماعية‬
‫‪-1‬النظم االجتماعية مترابطة ترابطًا عضويًا‪.‬‬
‫‪-2‬المشاكل االجتماعية مترابطة ترابطًا عضويًا‪.‬‬
‫‪-3‬حل المشاكل االجتماعية يمكن أن يؤدي إلى تغير كلي لطابع الحياة االجتماعية‪.‬‬
‫‪-4‬المشاكل االجتماعية تعكس التوجه القيمي للمجتمــع‪ ،‬ولــذلك تعتــبر دراســة القيم مــدخل‬
‫أساسي لفهم طابع المشكلة‪.‬‬
‫‪-5‬تتغير مقاييس الخطأ والصواب والخير والشر في الزمان والمكان‪.‬‬
‫‪-6‬يجب أال تتم دراس ـ ــة المش ـ ــكالت االجتماعي ـ ــة بمع ـ ــزل عن فهم االرتب ـ ــاط الوثي ـ ــق بين‬
‫الثقافة والمجتمع‪.‬‬
‫‪-7‬تؤدي الحياة االجتماعية إلى انحرافات في أدوار الناس ومراكزهم نتيجة للتصــدعات‬
‫التي تصيب البناء االجتماعي‪.‬‬
‫‪-8‬ليس ــت هن ــاك حتمي ــة في أن المش ــكلة االجتماعي ــة ذات ص ــفة عمومي ــة في ك ــل أنح ــاء‬
‫المجتمــع لتكــون أهًال للدراســة‪ ،‬فالبــاحث يــدرس المشــكلة االجتماعيــة إمــا على المســتوى‬
‫المحلي أو اإلقليمي أو على مستوى المجتمع بأكمله‪.‬‬
‫كيفية َح ِّل المشكالت االجتماعَّية‪:‬‬
‫هن ــاك خط ــوات ُم َح َّد دة للتفك ــير المنطقي المنظم ِلَح ِّل أِّي مش ــكلة‪ِ ،‬بَغ ِّض النظ ــر عن َك ْو نه ــا‬
‫اجتماعَّية أو نفسَّية أو علمَّية‪ ...‬إلخ‪ ،‬وهذه الخطوات َقَّد َم ها الفيلسوف األمـريكي جـون ديـوي‬
‫على الَّنحو التالي‪:‬‬
‫‪-1‬الُّش عور بأَّن هناك مشكلة تقتضي الحل‪.‬‬
‫‪-2‬تحديد المشكلة‪.‬‬
‫‪-3‬اقتراح الُح ُلول‪.‬‬
‫‪-4‬مناقشة الُفُر وض أِو الحلول‪.‬‬
‫‪-5‬ترجيح أحد الفروض‪.‬‬
‫‪119‬‬

‫علًم ا بـأَّن البعض من النـاس قـد يقفـز خالل خطـوة تحديـد المشـكلة إلى الحـل‪ ،‬أو مَن الشـعور‬
‫بالمشكلة إلى الفروض‪ ،‬واألمر يعتمد على ذكاء الشخص‪ ،‬ومدى خبرته‪.‬‬
‫المشكالت االجتماعية بالريف المصري‪:‬‬
‫تتميز كل قرية عن غيرها بما يتشابك فيها من عالقات ومصالح وعادات وطرق حياة ‪ ،‬إال‬
‫أن هن ــاك مجموع ــة من المش ــكالت العام ــة يش ــترك فيه ــا أه ــل الري ــف بص ــفة عام ــة أوج ــدتها‬
‫عوامل كثيرة على مدى العصور ‪ ،‬وإ ن كانت تختلف فى حدتها من قرية الى اخرى‪.‬‬
‫ومن أهم المشاكل التى تعانى منها القرية المصرية التزايد المطرد فى عدد الســكان و اســتمرار‬
‫تأكــل األراضــي المزروعــة نتيجــة لزيــادة الكتلــة العمرانيــة الســكنية من جــانب و زيــادة عمليــات‬
‫التجريــف من جــانب أخــر و عمليــات التبــوير لصــالح إنشــاء مشــروعات خدميــة أو صــناعية أو‬
‫مرافق عامة من جانب ثالث ‪.‬هذا باإلضافة إلى وجود ظاهرة تفتيت ملكية األراضي الزراعية‬
‫حيث يقــوم معظم الورثــة بتقســيم قطعــة األرض الــتى يرثونهــا إلى مســاحات صــغيرة ال تســاعد‬
‫الفالح على أن يعيش فى مستوى مناسب ‪ ,‬كما أنها ال تمثل وحدة إنتاجية اقتصادية‪.‬‬
‫هـذا باإلضـافة إلى حـدوث تغـير نـوعى فى العمالـة المشـتغلة فى الريـف حيث أصـبحت تضـم‬
‫شــرائح عديــدة من المهن و الحــرف الــتى ال ص ــلة لهــا بالزراعــة مــع وجــود اتجــاه متزايــد نحــو‬
‫االعتم ــاد على العمال ــة الم ــأجورة بس ــبب هج ــرة العمال ــة الزراعي ــة س ــواء ب ــالهجرة الداخلي ــة أو‬
‫الخارجية دون أن يصاحب ذلك إحالل األلة الزراعية بالقدر الكافي محل العمل اليدوي ‪ .‬ولقــد‬
‫تغيرت نظرة الفالح لألرض بعد أن أصبح يقارن بين الدخل المتولد عنها و الدخل المتولـد عن‬
‫األنشطة األخرى كما تغير الشكل العمرانى للقرية حيث أصبح ‪ ٪25‬تقريبًا من مســاكن القــرى‬
‫تتخذ نمط الشقة السكنية بدًال من المـنزل الـريفى التقليـدى و ذلـك بسـبب ضــيق المنـاطق السـكنية‬
‫و قوانين البناء التى تحد من البناء على األراضي الزراعية األمر الــذى غــير من نمــط المعيشــة‬
‫للفالح و من ســلوكياته ‪ .‬كمــا أثــرت مشــاريع مــد المرافــق و الخــدمات العامــة و شــبكة الطــرق و‬
‫اإلتصــاالت على القريــة المصــرية و على نمــط المعيشــة للفالح بــأثر ســلبى لم يكن فى الحســبان‬
‫عند التخطيط لتوفير و بناء تلك المشاريع ‪.‬‬
‫مم ــا ادى ذل ــك الى ت ــدنى االوض ــاع االقتص ــادية فى الري ــف والناتج ــة عن س ــوء توزي ــع ملكي ــة‬
‫األراض ــي الزراعي ــة ‪ ،‬انخف ــاض مس ــتوى ال ــدخل ‪ ،‬انتش ــار البطال ــة بين العمال ــة الزراعي ــة ‪،‬‬
‫‪120‬‬

‫وارتفــاع القيم ــة اإليجاري ــة لألرض الزراعي ــة ‪،‬عــدم وج ــود مص ــادر بديل ــة لل ــدخل ال ــزراعي‬
‫وغيرها من المشكالت االقتصادية بالريف المصري‪.‬‬
‫هذا باإلضافة الى المشكالت االجتماعية التى تعانى منها القرية المصرية والتى تتمثل العــادات‬
‫والتقاليد الريفية المعوقة لعمليات التطوير والتحديث بالمجتمع الــريفي‪ ،‬مثــل كــثرة االنجــاب ‪،‬‬
‫الزواج المبكر ‪ ،‬تدنى االهتمام بالتعليم ‪ ،‬وهجرة الشباب المتعلمين من القرية الى المدينة‪.‬‬
‫وتعــانى القريــة الصــرية أيضــا من بعض المشــكالت التعليميــة والــتى تتمثــل فى ارتفــاع نســبة‬
‫األميــة‪ ،‬حيث يوجــد تفاوتــا كبــيرا بين نســبة األميــة فى الريــف عن الحضــر ويرجــع ذلــك الى‬
‫اإلهمال والحرمان الذى عانى منه الريف المصري ولسنوات طويلــة من الجــانب الحكــومي‪،‬‬
‫وباإلض ــافة الى وج ــود الكث ــير من الع ــادات والتقالي ــد ب ــالريف وال ــتى ك ــانت تح ــرم االن ــاث من‬
‫االلتحاق بالتعليم مما رفع نسبة األمية بين االناث بصفة خاصة وبالريف بصفة عامة‪.‬‬
‫أهم المشاكل التى تواجه المجتمع الريفي المصري‬

‫أوال‪ -‬األمية‪:‬‬

‫بلغت نسبة األمية في مصر عام ‪1997‬م ‪ %48.6‬من عدد السكان‪.‬‬

‫وعلى الــرغم من تبــني مصــر لسياســة مكافحــة األميــة منــذ عــام ‪ ،1976‬فــإن أحــدث تقريــر‬
‫ناقشته لجنة التعليم في البرلمان يؤكد أن عـدد من تم محـو أميتهم منـذ ذلـك التـاريخ بلـغ ‪4.5‬‬
‫مليون مصري فقط‪ ،‬وهو رقم أصاب اللجنــة باإلحبــاط ‪ ,‬وكشــف تقريــر للهيئــة القوميــة لمحــو‬
‫األميــة وتعليم الكبــار في مصــر أنــه وفق ـًا لإلحصــائيات الرســمية فــإن عــدد المصــريين الــذين‬
‫ك ــانوا يجهل ــون الق ــراءة والكتاب ــة ك ــان ‪ 14‬ملي ــون م ــواطن في ع ــام ‪ 1976‬ووص ــل إلى ‪17‬‬
‫مليون أمي أخيرا‪ .‬وقــال إن الهيئـة‪ ،‬ومنـذ إنشـائها قبـل سـنوات‪ ،‬نجحت في محـو أميـة نصــف‬
‫مليون مواطن‪ ،‬الفتًا إلى أن محو أمية الفرد الواحد ال تتكلف سوى‪158‬جنيهًا فقط‪.‬‬

‫وأوضح التقرير أن الفئة المستهدف محو أميتها هي الفئة الـتي تقـع في المرحلـة العمريـة من‬
‫‪ 15‬إلى ‪ 45‬عامًا‪ ،‬مؤكدًا أن محو أمية الفرد تستغرق فترة زمنيـة تـتراوح مـا بين ثالثـة إلى‬
‫ستة أشهر و يذكر أن األمية كانت أحد األسباب الرئيسـية في تـأخر تـرتيب مصـر في تقريـر‬
‫التنميـ ــة البشـ ــرية لعـ ــام ‪ 2005‬الصـ ــادر عن األمم المتحـ ــدة حيث احتلت مصـ ــر المرتبـ ــة رقم‬
‫‪121‬‬

‫‪ 119‬نتيجــة وضــع مصــر ضــمن أكــبر تســع دول في عــدد األمــيين في العــالم‪ ،‬وهــو مــا يؤكــد‬
‫رؤية بعض مثقفي مصر الذين أعلنوا أن نسبة األميين في مصر تقـترب من نسـبة الخمسـين‬
‫في المائـ ـ ــة وليس كمـ ـ ــا أشـ ـ ــارت التقـ ـ ــارير الرسـ ـ ــمية ‪ .‬كمـ ـ ــا أن نسـ ـ ــبة األميـ ـ ــة طبق ـ ـ ـًا آلخـ ـ ــر‬
‫اإلحصــائيات الــتي أشــرف عليهــا مكتب اليونســكو هي ‪ %28.6‬وغالبيتهــا بين الفئــة العمريــة‬
‫‪ 15‬و‪ 45‬عامًا‪.‬‬

‫أسباب فشل خطط مكافحة األمية لتحقيق أهدافها تمثلت بشكل عام في ‪:‬‬

‫‪ -1‬عــدم وجــود الدافعيــة لـــدي األمـــيين لاللتح ــاق بفص ــول مح ــو األمي ــة حيث بلغت نســـبة‬
‫المنتظم الفعلي بالفصول حوالي ‪ %30‬علي الرغم من افتتاح أعداد كبيرة من الفصول‪.‬‬

‫‪ -2‬عدم تحديد ادوار للجهات و ترك تحديد األدوار لمراحل الحقة مما أدي إلي عـدم تنفيـذ‬
‫هذه الجهات ألدوارها المحددة‪.‬‬

‫‪ -3‬نقص األعتمادات المالية و ارتفاع تكلفة التنفيذ و ضعف المشاركة الشعبية‪.‬‬

‫مقترحات للقضاء علي األمية‪:‬‬

‫‪ -1‬ضرورة تبني أفكار جديدة للقضاء على تلك المشكلة في مقدمتها االستفادة من األعـداد‬
‫الكبــيرة لطالب الجامعــات‪ ،‬وضــرورة اســتبدال مــادة التربيــة العســكرية في المــدارس الثانويــة‬
‫بإلزام الطالب بتعليم عدد من األميين‪.‬‬

‫‪ -2‬االســتفادة من األعــداد الكبــيرة للمــوظفين في بعض الهيئ ــات ال ــتي تع ــاني من التك ــدس‬
‫بمنحهم إجازة بمرتب كامل مقابل تعليم عدد من األميين‪.‬‬

‫‪ -3‬تطبيق نفس النظام علي الملتحقين بالخدمــة العامــة مقابــل ‪ 150‬جنيهــا شــهريا مســتغلين‬
‫قدراتهم علي االتصال بالمواطنين في التسويق لهذا العمل‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬البطالة‪:‬‬
‫‪122‬‬

‫تعتبر البطالة كارثة تستوجب الوقــوف ‪ ..‬ولفت االنتبــاه ‪ ..‬فــالواقع يؤكــد أن معــدالت البطالــة‬
‫في تزايد مستمر ‪ ،‬الجميع يحاول البحث عن طريـق للخـروج من األزمـة ولكن الواضـح أنـه‬
‫يزداد ابتعادا!!‬

‫و البطالة هي ظاهرة اقتصـادية بـدأ ظهورهـا بشـكل ملمـوس مـع ازدهـار الصـناعة إذ لم يكن‬
‫للبطالــة معــنى في المجتمعــات الريفيــة التقليديــة‪ .‬طبقـا لمنظمــة العمــل الدوليــة فــإن العاطــل هــو‬
‫كــل قــادر على العمــل وراغب فيــه‪ ،‬ويبحث عنــه‪ ،‬ويقبلــه عنــد مســتوى األجــر الســائد‪ ،‬ولكن‬
‫دون جدوى‪.‬‬

‫من خالل هذا التعريف يتضح أنه ليس كل من ال يعمل عاطل فالتالميذ والمعاقين والمسنين‬
‫والمتقاع ــدين ومن فق ــد األم ــل في العث ــور على عم ــل وأص ــحاب العم ــل الم ــؤقت ومن هم في‬
‫غـ ــنى عن العمـ ــل ال يتم اعتبـ ــارهم عـ ــاطلين عن العمـ ــل و قـ ــد نتجت عن البطالـ ــة الكثـ ــير من‬
‫األمــراض االجتماعيــة مثــل زيــادة الهجــرة غــير الشــرعية إلي الــدول األوروبيــة و إقبــال عــدد‬
‫من الشباب المصري علي االنتحار للشعور باليأس بسبب البطالة و عدم قــدرتهم علي إعالــة‬
‫أسرهم‪.‬‬

‫معدل البطالة‪:‬‬

‫معدل البطالة = عدد العاطلين مقسوما على عدد القوة العاملة مضروبًا في مائة‪.‬‬

‫معدل مشاركة القوة العاملة = قوة العمالة مقسوما على النسبة الفاعلة مضروبًا في مائة‪.‬‬

‫وتعتبر نسب البطالة في صفوف الشباب العربي هي األعلى عالميًا‪ ،‬وهي مرشحة للتصاعد‬
‫في الكثـ ــير من الحـ ــاالت‪ .‬فالمعـ ــدل بالنسـ ــبة للـ ــدول العربيـ ــة هـ ــو ‪ %25‬طبق ـ ـًا لبيانـ ــات األمم‬
‫المتحدة‪ ،‬أما في بعض البلدان فهي تصل أحيانا إلى ‪ %40‬وبذلك تتضح حقيقــة حجم مشــكلة‬
‫البطالــة حيث يتوقــع أن حجم البطالــة الحقيقي ال يقــل بــأي حــال من األحــوال عن ‪: % 17‬‬
‫‪ % 20‬من حجم قوة العمل‪. ..‬‬

‫حلول للبطالة‪:‬‬
‫‪123‬‬

‫ال يرى االقتصاديون من الطبقة البورجوازية حًال لمشكلة البطالة إال في اتجاهين أساسيين‪:‬‬

‫االتجاه األول‪ :‬يرى للخروج من البطالـة ضـرورة رفـع وتـيرة النمـو االقتصـادي بشـكل يمكن‬
‫من خلق مناصب الشغل ‪.‬‬

‫االتجــاه الثــاني‪ :‬يــرى للخــروج من أزمــة البطالــة ضــرورة تــدخل الدولــة لضــبط الفوضــى و‬
‫تحقيق التوازن االجتماعي و هذا االتجاه اخذ يتواري بفضل ضغط العولمة‪.‬‬

‫** أما الحل الجذري لقضية البطالة فيتطلب إعادة هيكلة االقتصاد علي قاعدة نطــاق الــربح‬
‫الرأس ــمالي‪ ,‬أي بن ــاء لوس ــائل اإلنت ــاج و تلبي ــة الحاج ــات األساس ــية لك ــل البش ــر خ ــارج العيش‬
‫المترف علي حساب عجز األغلبية في الوصول إلي الحد األدنى من العيش الكريم‪.‬‬

‫مقترحات للقضاء علي البطالة‪:‬‬

‫‪ -1‬تأهيل الباحثين عن العمل في مختلف المجاالت مثــل النجــارة والحــدادة وصــيد األســماك‬
‫وغيرهــا من المشــاريع الوطنيــة الهامــة للمجتمــع حــتى يتم قبــولهم في المؤسســات الخاصــة أو‬
‫العامة أما بالنسبة للفتيات فيتم تــدريبهن في جمعيــات خاصــة بــالمرأة حــتى يتم تكــوين األســرة‬
‫المنتجة ‪.‬‬

‫‪ -2‬على الدولــة أن تبحث عن ســوق محلي وعــالمي لــدعم وتســويق المشــاريع الــتي ينتجهــا‬
‫الشباب واألسر المنتجة ‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬الفقر‪:‬‬

‫أفــاد تقريــر األمم المتحــدة عن التنميــة البشــرية لعــام ‪ 2007‬أن مصــر تحتــل المركــز الـ ‪111‬‬
‫بين دول العالم األكثر فقرا و أن ‪ 14‬مليون من سكان مصـر يعيشـون تحت خـط الفقـر بينهم‬
‫أربعة ماليين ال يجدون قوت يومهم ‪.‬‬

‫و من أكثر المحافظــات فقـرا محافظــة المنوفيــة تليهــا محافظــة الدقهليــة ثم الشــرقية و القليوبيــة‬
‫و القاهرة و اإلسماعيلية و اإلسكندرية و البحيرة و الغربية‪.‬‬
‫‪124‬‬

‫أسباب الفقر ‪:‬‬

‫يرجع سبب زيادة نسبة الفقر في مصر إلي السياسات االقتصادية المتبعة التي ال تعمل علي‬
‫مبدأ العدالة و ارتفاع معدالت التضخم في توزيع الثروات مما أدي إلي زيادة تفشــي ظــاهرة‬
‫الفقر األمر الذي يؤكـد أن انتشـار الفقـر هـو انعكـاس لرفــع يـد الدولـة عن المرافــق والخـدمات‬
‫األساســية المنصــوص عليهــا في المواثيــق و يســاهم انتشــار الفقــر في تفجــر العنــف و ارتفــاع‬
‫معدالت الجريمة بكافة أشكالها‪.‬‬

‫مؤشرات الفقر‪:‬‬

‫الفقـ ــر المطلـ ــق‪ :‬يعـ ــرف بأنـ ــه الحالـ ــة الـ ــتي ال يسـ ــتطيع فيهـ ــا اإلنسـ ــان عـ ــبر التصـ ــرف بدخلـ ــه‬
‫الوص ــول إلي إش ــباع الحاج ــات األساس ــية المتمثل ــة بالغ ــذاء و المس ــكن و الملبس و التعليم و‬
‫الصحة‪.‬‬

‫الفقر المدقع‪ :‬يعرف بأنه الحالة التي ال يستطيع فيها اإلنسان عبر التصرف بدخلــه الوصــول‬
‫إلي إشـ ــباع الحاجـ ــة الغذائيـ ــة المتمثلـ ــة بعـ ــدد معين من السـ ــعرات الحراريـ ــة الـ ــتي تمكنـ ــه من‬
‫مواصلة حياته عند حدود معينة‪.‬‬

‫خطة لمكافحة الفقر‪:‬‬

‫الب ــد من دراس ــة وض ــعية الفق ــر في مص ــر و معالج ــة أس ــبابه ع ــبر جم ــع المعلوم ــات علي إن‬
‫تكـون نقطـة البدايـة تحليـل الفقـر و الفقـراء و تصـنيفها و تبويبهـا و تحليلهـا إضـافة إلي تحديـد‬
‫مفه ــوم الفق ــر و جوانب ــه و قي ــاس مس ــتوياته و يتمث ــل اله ــدف الرئيس ــي له ــذه االس ــتراتيجية في‬
‫تأهيـ ــل الفقـ ــراء ليصـ ــبحوا أناسـ ــا يسـ ــاهمون في تنميـ ــة المجتمـ ــع بـ ــدال من أن يكونـ ــوا مجـ ــرد‬
‫مســتهلكين و بالتــالي فــان مكافحــة الفقــر تصــب في التنميــة البشــرية بمفهومهــا الشــامل و تأخــذ‬
‫هــذه االســتراتيجية في اعتبارهــا الــدروس المســتفادة من تجــارب الــدول االخــري الــتي حققت‬
‫نتائج سريعة في مجال تقليص الفقر ‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬أطفال الشوارع‪:‬‬


‫‪125‬‬

‫تعتــبر ظــاهرة أطفــال الشــوارع في مصــر بمثابــة القنبلــة الموقوتــة الــتي ينتظــر انفجارهــا بين‬
‫حين وآخـ ــر‪ ،‬حيث يشـ ــير تقريـ ــر الهيئـ ــة العامـ ــة لحمايـ ــة الطف ــل أن أع ــدادهم وصـ ــل في عـــام‬
‫‪ 1999‬إلى ‪ 2‬مليــون طفــل وفي تزايــد مســتمر ممــا يجعلهم عرضــة لتبــني الســلوك اإلجــرامي‬
‫في المجتمع المصري‪.‬‬

‫أسباب ظاهرة أطفال الشوارع في مصر‪:‬‬

‫تظهــر البحــوث الــتي تجــرى على أطفــال الشــوارع في مصــر تعــدد للعوامــل الــتي تــؤدي إلى‬
‫ظه ـ ــور وتن ـ ــامي المش ـ ــكلة‪ ،‬ويتفـ ــق اغلبه ـ ــا على أن األس ـ ــباب الرئيس ـ ــية للمش ـ ــكلة هي الفقـ ــر‪،‬‬
‫البطال ــة‪ ،‬التفك ــك األس ــري‪ ،‬إي ــذاء الطف ــل‪ ،‬اإلهم ــال‪ ،‬التس ــرب من الم ــدارس‪ ،‬عم ــل األطف ــال‪،‬‬
‫وعوامل أخرى اجتماعية نفسية لها صلة بالمحيط االجتماعي أو شخصية الطفل مثل البحث‬
‫عن اإلثارة‪.‬‬

‫سلبيات ظاهرة أطفال الشوارع‪:‬‬

‫تشــير إحصــائيات اإلدارة العامــة للــدفاع االجتمــاعي إلى زيــادة حجم الجنح المتصــلة بتعــرض‬
‫أطف ـ ــال الشـ ـ ــوارع النتهـ ـ ــاك الق ـ ــانون‪ ،‬حيث كـ ـ ــانت أكـ ـ ــثر الجنح هي السـ ـ ــرقة بنسـ ـ ــبة ‪،%56‬‬
‫والتع ـ ــرض للتش ـ ــرد بنس ـ ــبة ‪ ،%16.5‬والتس ـ ــول بنس ـ ــبة ‪ ،%13.9‬والعن ـ ــف بنس ـ ــبة ‪،%5.2‬‬
‫والجنوح بنسبة ‪. .%2.9‬‬

‫وتقــول دراســة قــام بهــا مكتب األمم المتحــدة المعــني بالمخــدرات والجريمــة في شــمال أفريقيــا‬
‫والشــرق األوســط "أن أطفــال الشــوارع في مصــر يواجهــون مشــاكل وأخطــار كثــيرة من بينهــا‬
‫العنــف الــذي يمثــل الجــانب األكــبر من حيــاتهم اليوميــة ســواء العنــف بين مجموعــات األطفــال‬
‫صغيري السن‪ ،‬أو العنف من المجتمع المحيط بهم‪ ،‬أو العنف أثناء العمل‪.‬‬

‫ويتع ــرض األطف ــال أيض ــا ل ــرفض المجتم ــع لك ــونهم أطف ــال غ ــير مرغ ــوب فيهم في من ــاطق‬
‫مجتمعـات معينـة بسـبب مظهـرهم العـام وسـلوكهم‪ ،‬كمـا يخشـى الكثـير منهم القبض عليهم من‬
‫رجـ ــال الشـ ــرطة وبالتـ ــالي إعـ ــادتهم إلى ذويهم أو أجهـ ــزة الرعايـ ــة‪ .‬باإلضـ ــافة إلى تعرضـ ــهم‬
‫لمشـ ــاكل صـ ــحية مختلفـ ــة‪ ،‬ومشـ ــاكل نفسـ ــية بسـ ــبب فشـ ــلهم في التكيـ ــف مـ ــع حيـ ــاة الشـ ــارع ‪,‬‬
‫‪126‬‬

‫وأضافت دراسة أن أطفـال الشـوارع في مصـر لـديهم احتياجـات مباشـرة وغـير مباشـرة منهـا‬
‫تعليم مهنة‪ ،‬الحصول على عمل يرتزقون منه إلعاشتهم وإ عاشة عائالتهم في حالة الرجــوع‬
‫إليهم‪.‬‬

‫خامسا‪ -‬عمالة األطفال ‪:‬‬

‫تتواجــد ظــاهرة عمالــة األطفــال بوضــوح في مصــر شــانها شــان معظم البلــدان الــتي لهــا نفس‬
‫الظ ــروف االقتص ــادية واالجتماعي ــة‪ ،‬فق ــد ت ــبين من مس ــح أج ــرى في ‪ 1999‬في الق ــاهرة أن‬
‫العمال األطفال من الجنسين كانوا يعملون أكثر من ‪ 9‬ساعات يومــا في المتوســط وأكــثر من‬
‫ستة أيام أسبوعيا وهـو مـا يتجـاوز أوقــات العمـل الـتي يقضــيها الكبـار داخـل العينـة ذاتهـا وقــد‬
‫تبين أن جميع األطفال العاملين ‪ ،‬تقريبـا يعملـون بصــورة غـير رسـمية وبـدون بطاقــات عمـل‬
‫أو شهادات صحية مما يعـنى أنهم ال يتمتعـون بـأي حمايـة قانونيـة كمـا أوضــحت الدراسـة أن‬
‫نس ــبة من ه ــؤالء األطف ــال " ح ــوالي الثلث " يع ــانون من المعامل ــة الس ــيئة والعدي ــد من أش ــكال‬
‫العنف التي يلقونه من أرباب العمل والمشرفين عليهم‪.‬‬

‫وفي مص ـ ــر ب ـ ــالرغم من ص ـ ــدور ق ـ ــانون الطف ـ ــل رقم ( ‪) 12‬ال ـ ــذي يحظ ـ ــر عم ـ ــل األطف ـ ــال‬
‫وتحتــوي بنــوده على الكثــير من النصــوص الــتي تكفــل حمايــة حقــوق األطفــال إال أن التطــبيق‬
‫العملي ي ــؤدي إلي انته ــاك حق ــوق األطف ــال حيث يص ــل ع ــدد األطف ــال الع ــاملين إلي أك ــثر من‬
‫ثالثــة مليــون طفــل عامــل معظمهم يعمــل في ظــروف عمــل خطــرة خاصــة العــاملين في منهم‬
‫في مج ــال الزراع ــة ‪.‬وتش ــير بعض التق ــارير إلى ت ــدهور ظ ــروف تش ــغيل األطف ــال من حيث‬
‫تدني األجر وعدم وجود أجازات باإلضافة إلي إهمال مؤسسـات الدولـة لكفالـة حقـوق هـؤالء‬
‫األطفال في التعليم والرعاية الصــحية واالجتماعيـة وغيرهـا من صــور الرعايـة و تشـير هـذه‬
‫التق ــارير أن على ال ــرغم من عم ــل المنظم ــات غ ــير الحكومي ــة لح ـ ــماية حق ـ ــوق األطف ــال في‬
‫مص ــر إال أن ه ــذه الجه ــود ال تص ــل إلي حل ــول لمش ــكالت األطف ــال وأس ــرهم المتراكم ــة مم ــا‬
‫يــؤدى الســتمرار عمــل األطفــال ســواء في المــدن أو الريــف على حــد ســواء وتزايــدها بســبب‬
‫التخلـ ــف االقتصـ ــادي واالجتمـ ــاعي وعـ ــدم التوزيـ ــع العـ ــادل للـ ــثروة بين الريـ ــف والحضـ ــر أو‬
‫العاملين باجر وأصحاب األعمال والمزارع الكبيرة‪.‬‬
‫‪127‬‬

‫كيفية التصدي لظاهرة عمالة األطفال‪:‬‬

‫البــد من تطــوير قــانون الطفــل المصــري بمــا يتوافــق مــع االنتهاكــات الــتي يتعــرض لهــا‬
‫الطفل المصري و أن يتضمن الحماية الالزمة من كافة االنتهاكات الـتي يتعـرض لهـا الطفـل‬
‫المص ـ ــري عن طري ـ ــق تجمي ـ ــع و تط ـ ــوير كاف ـ ــة الم ـ ــواد القانوني ـ ــة المنتش ـ ــرة في الق ـ ــوانين و‬
‫التشريعات المصرية في قانون جامع لحماية الطفل المصري في كافة الظروف‪.‬‬

‫سادسا‪ -‬التسرب من التعليم‪:‬‬

‫أن التس ــرب من التعليم من أخط ــر المش ــكالت ال ــتي تواج ــه مص ــر ‪ ،‬كم ــا أنه ــا أح ــد األس ــباب‬
‫الجذرية للمشكلة السكانية حيث تؤدى إلى تدنى الخصائص السكانية وتكريس الفقر من جيل‬
‫إلى آخر‪.‬‬

‫و مشــكلة التســرب من التعليم ال تخص وزارة التربيــة والتعليم فقــط ‪ ،‬ولكنهــا مشــكلة تتطلب‬
‫تنس ــيق وزارات أخ ــرى مث ــل وزارة األس ــرة والس ــكان ووزارة التض ــامن االجتم ــاعي لتغطي ــة‬
‫األبع ــاد الثقافي ــة واالجتماعي ــة واالقتص ــادية للمش ــكلة ‪ ،‬مؤك ــدة على ض ــرورة رص ــد الم ــوارد‬
‫الكافي ــة لتفعي ــل إدارة مكافح ــة التس ــرب وإ ع ــادة النظ ــر في الق ــوانين الحاكم ــة إلع ــادة األطف ــال‬
‫المتسـ ـ ــربين من التعليم ‪ .‬كمـ ـ ــا أن نسـ ـ ــبة التسـ ـ ــرب من التعليم في المرحلـ ـ ــة االبتدائيـ ـ ــة تبلـ ـ ــغ‬
‫‪ ،%1.23‬فيما تبلغ في المرحلة اإلعدادية ‪.%2.06‬‬

‫أسباب ظاهرة التسرب من التعليم‪:‬‬

‫إن معظم الفئـ ــات المتسـ ــربة من التعليم هم األطفـ ــال الـ ــذين يتجهـ ــون لسـ ــوق العمـ ــل ألسـ ــباب‬
‫مختلفة سواء لعدم توافقهم مع العملية التعليمية أو لظروفهم األسرية‪.‬‬
‫‪128‬‬

‫الجهود المبذولة للتصدي لظاهرة التسرب من التعليم‪:‬‬

‫و يعتــبر رصــد التســرب من التعليم هــو التحــدي األكــبر الــذي يجب مواجهتــه لحــل المشــكلة و‬
‫البد من مراجعة آليات رصد التسرب الموجـود حاليـا ومحاولـة الوصـول إلى صـياغة جديـدة‬
‫تسمح بمتابعة األفواج التعليمية عبر سنوات مراحـل التعليم المختلفـة ودراسـة حالـة كـل طفـل‬
‫لمحاولة إعادته إلى النسق التعليمي المناسب‪.‬‬

‫و البـ ــد أن يركـ ــز الخطـ ــاب الـ ــديني على أن الحرمـ ــان من التعليم هـ ــو تكـ ــريس للفقـ ــر ويحث‬
‫األه ـ ــالي على تعليم أوالدهم ‪ ،‬موض ـ ــحة أن أفق ـ ــر الفئ ـ ــات ال ت ـ ــرى ج ـ ــدوى أو قيم ـ ــة مادي ـ ــة‬
‫ومعنوي ــة من التعليم ‪ ،‬وبعض األه ــالي يخت ــارون حرم ــان أوالدهم من التعليم وي ــزج بهم في‬
‫سوق العمل مما يعنى المساهمة في زيادة البطالة بالنسبة للبالغين‪.‬‬

‫سابعا‪ -‬الزيادة السكانية (كما سبق)‬

‫التعريف بالمشكلة السكانية‪:‬‬

‫هي عدم التـوازن بين عـدد السـكان والمـوارد والخـدمات وهي زيـادة عـدد السـكان دون تزايـد‬
‫فـ ــرص التعليم والمرافـ ــق الصـ ــحية وفـ ــرص العمـ ــل وارتفـ ــاع المسـ ــتوى االقتصـ ــادي فتظهـ ــر‬
‫المشكلة بشكل واضح وتتمثل بمعدالت زيادة سكانية مرتفعة ومعــدالت تنميــة ال تتماشــى مــع‬
‫معــدالت الزيــادة الســكانية وانخفـاض مســتوى المعيشــة‪ ،‬أي أنــه ال ينظــر إلى الزيــادة الســكانية‬
‫كمشكلة فى حد ذاتها وانما ينظر إليهـا فى ضــوء التـوازن بين السـكان والمـوارد فهنـاك كثـير‬
‫من الدول ترتفع فيها الكثافة السكانية ولكنها ال تعانى من مشـكلة سـكانية النهـا حققت توازًن ا‬
‫بين السكان والموارد‪.‬‬

‫والمش ــكلة الس ــكانية ال تتمث ــل فق ــط بالزي ــادة الس ــكانية إنم ــا تتمث ــل أيضـ ـًا بالنقص ــان الس ــكاني‪،‬‬
‫وبالتــالي فــإن األزمــات والمشــكالت المرتبطــة بالمشــكلة الســكانية تعــرب عن نفســها من خالل‬
‫نقص األيدي العاملة وتدني مسـتوى االنتاجيـة ومشـاكل مرتبطـة باألسـرة‪ ..‬الخ‪ ،‬بهـذا المعـنى‬
‫نجــد أن المشــكلة الســكانية ال يوجــد لهــا قــانون عــام وال تأخــذ نفس المعــنى والنتــائج نفســها في‬
‫‪129‬‬

‫ك ـ ـ ــل المجتمع ـ ـ ــات وعلى اختالف المراح ـ ـ ــل‪ ،‬ب ـ ـ ــل لك ـ ـ ــل مجتم ـ ـ ــع ولك ـ ـ ــل مرحل ـ ـ ــة معطياته ـ ـ ــا‬
‫االقتصادية‪ ..‬الخ هي التي تحدد طبيعة هذه المشكلة السكانية‪..‬‬

‫تع ـ ــد المش ـ ــكلة الس ـ ــكانية في مص ـ ــر من أك ـ ــبر المش ـ ــكالت البيئي ـ ــة ونش ـ ــأت كنتيج ـ ــة طبيعي ـ ــة‬
‫للتزايد السكاني الكبير تبعًا الرتفاع معدل مواليد وقلة معدل الوفيات ‪ ,‬وهذا التزايــد الســكاني‬
‫الســريع يفــوق كــل معــدالت التنميــة االقتصــادية واالجتماعيــة‪ ,‬وهــو بهــذا يهــدد خطــط التنميــة‬
‫المستقبلية وبالتالي يؤثر على وجود ورفاهية واستقرار البنيان المصري في النهاية ‪.‬‬

‫وال ــذي أدي إلي ظه ــور مث ــل ه ــذه المش ــكالت ه ــو اختالل العالق ــة بين اإلنس ــان وبيئت ــه ال ــتي‬
‫يعيش فيها باإلضافة إلى أسباب أخرى خارجة عن إرادته‪ .‬مما ال شك فيه أنها مشكلة تمس‬
‫حياة المواطن المصري اجتماعيًا واقتصاديًا ونفسيًا وثقافيـًا وأمنيـًا ونـؤثر فيهـا تـأثيرًا مباشـرًا‬
‫وخصوصـًا أن زيــادة الســكان عن الحجم األمثــل من شــأنه أن يــؤثر في النهايــة على مقــدرات‬
‫المجتمع وموارده وعدم القدرة على رفع مستوى المعيشة وتوفير الحيــاة المســتقرة المزدهــرة‬
‫للمواطـ ــنين‪ .‬وتأخ ــذ المش ــكلة الس ــكانية فى مص ــر ثالثــة أبع ــاد كم ــا يؤك ــد تقري ــر المجلس‬
‫القومى للخدمات والتنمية اإلجتماعية‪:‬‬

‫فالبعــد األول هـو‪ :‬النمــو الســكانى الســريع والنــاتج عن تزايــد الخصــوبة وانخفــاض معــدالت‬
‫الوفيــات وارتفــاع معــدالت الهجــرة للخــارج وتعويــق المفــاهيم الثقافيــة اســتخدام وســائل تنظيم‬
‫األسرة لتعارضها مع المعتقدات الدينية اإلســالمية والخـوف من األعـراض الجانبيـة وقصــور‬
‫مستوى الخدمات الصحية ونقص التمويل الالزم لمعالجة هذا القصور‬

‫أما البعد الثانى للمشكلة هو‪:‬‬

‫التوزيــع الجغــرافى غــير المتــوازن للســكان ورغم أن المســاحة الكليــة لمصــر حــوالى مليــون‬
‫كيلومــتر مربــع إال أن الســكان يــتركزون فى شــريط ضــيق على وادى النيــل مســاحته ‪%4.9‬‬
‫وبلغت الكثافة السكانية على أسـاس المسـاحة المأهولـة ‪ 1.8‬ألـف نسـمة فى الكيلومـتر المربـع‬
‫وفى القـ ــاهرة وحـ ــدها ‪ 38.5‬ألـ ــف نسـ ــمة فى الكيلومـ ــتر المربـ ــع ممـ ــا أدى الى تزايـ ــد العبء‬
‫‪130‬‬

‫والضــغط على الخــدمات فى المــدن وظهــرت مشــكالت جديــدة تشــمل قصــور المرافــق وتلــوث‬
‫البيئة وزحف المبانى على األراضى الزراعية المحددة وإ نتشار العشوائيات ‪.‬‬

‫أما البعد الثالث‪ :‬فلقـد فجــرت األزمــة الســكانية مشــكالت اجتماعيــة واقتصــادية خطــيرة أهمهــا‬
‫ارتفــاع مســتوى البطالــة الــذى وصــل الى ‪ %10.7‬من اجمــالى قــوة العمــل للســكان بــدءا من‬
‫‪ 15‬عام فأكثر طبقا لبيانات تعداد ‪ 1986‬ثم انخفض الى ‪ %9‬عام ‪ 2000‬وانخفضــت نســبة‬
‫مس ــاهمة الم ــرأة فى ق ــوة العم ــل وبلغت ع ــام ‪ 1984‬نس ــبة ‪ %18‬فى الفئ ــة العمري ــة من ‪12‬‬
‫حتى ‪ 64‬عاما وارتفعت الى ‪ %22‬عام ‪. 1977‬‬

‫وتنبـ ــع المشـ ــكلة السـ ــكانية في مصـ ــر أساس ـ ـًا من عـ ــدم التـ ــوازن بين عـ ــدد السـ ــكان الـ ــذي بلـ ــغ‬
‫ح ــتى م ــايو ‪ 2008‬ح ــوالى ‪ ٧٨.٧‬ملي ــون نس ــمة‪ ،‬وفقـ ـًا آلخ ــر تع ــداد س ــكاني‪ ،‬وبين الم ــوارد‬
‫والخــدمات‪ ،‬وهــو مــا يفّس ر عــدم إحســاس المصــريين بثمــار التنميــة‪ .‬وقــد وصــل عــدد الســكان‬
‫إلى نح ــو ‪7‬ر‪ 76‬ملي ــون نس ــمة في تع ــداد ع ــام ‪ 2006‬مقاب ــل نح ــو ‪5‬ر‪ 61‬ملي ــون نس ــمة في‬
‫تع ــداد ع ــام ‪ 1996‬بارتف ــاع بلغت نس ــبته ‪7‬ر‪ 24‬في المئ ــة في عش ــرة أع ــوام‪ .‬وتوق ــع مس ــح‬
‫ديم ــوغرافي أخ ــير أن يص ــل ع ــدد س ــكان مص ــر إلى نح ــو ‪6‬ر‪ 94‬ملي ــون نس ــمة بحل ــول ع ــام‬
‫‪ 2017‬ونحو ‪6‬ر‪ 118‬مليون نسمة بحلول عام ‪ 2030‬في حال ثبوت معــدل اإلنجــاب الكلي‬
‫الحالي‪ .‬أضف إلى هذا ارتفاع الكثافة السكانية التي نتفوق بها علي الصــين حيث تبلــغ هنــاك‬
‫حـ ــوالي ‪ ٩00‬في الكيلـ ــو مـ ــتر المربـ ــع بينمـ ــا هي ‪ ٢000‬بنفس الوحـ ــدة في بلـ ــدنا الـ ــتي تبلـ ــغ‬
‫إجمالي مساحتها مليون كيلو متر مربع بينما يعيش ‪ %84‬من السكان على مساحة ‪ %6‬من‬
‫المســاحة الكليــة لمصــر‪ .‬كمــا ال تقتصــر المشــكلة الســكانية في مصــر على زيــادة عـدد الســكان‬
‫فقط‪ ،‬بل أيضًا على التوزيع العمري لهــؤالء الســكان‪ ،‬حيث إن نســبة كبــيرة من ســكان مصــر‬
‫تحت سّن الـ‪ ١٥‬عامًا‪ ،‬باإلضافة إلى النمو الحضري العشوائي الذي أدى إلى تفـاقم المشـكلة‪،‬‬
‫بســبب ســوء توزيــع الســكان على رقعــة الدولــة‪ ،‬حيث يمثــل ســكان الحضــر حــوالى ‪٪٥٦.٩١‬‬
‫من إجم ــالي س ــكان مص ــر‪ ،‬وه ــو م ــا يع ــني انخف ــاض الع ــاملين في الزراع ــة‪ ،‬وقّل ة المنتج ــات‬
‫الزراعي ــة وارتف ــاع أس ــعارها‪ ،‬وه ــو م ــا ي ــؤّد ي إلى الفج ــوة الغذائي ــة‪ .‬أض ــف إلى ذل ــك ت ــدنى‬
‫الخصائص البشرية (الصحية – التعليميه – االجتماعيه ‪ -‬االقتصادية)‪.‬‬

‫أسباب المشكلة السكانية في مصر‪:‬‬


‫‪131‬‬

‫‪ -1‬انخفاض نسبة الوفيات بين األطفال‪:‬‬

‫تحسن األوضاع الصحية أدى إلى انخفاض نسبة الوفيات بين األطفال باإلضــافة إلى ارتفــاع‬
‫نسبة المواليد ترتب عليه زيادة عدد السكان‪.‬‬

‫‪ -2‬زيادة متوسط عمر الفرد‪:‬‬

‫تحســن األوضــاع الصــحية أدى إلى زيــادة متوســط عمــر الفــرد ممــا تــرتب عليــه زيــادة كبــار‬
‫السن وزيادة نسبة اإلعالة‪.‬‬

‫‪ -3‬القيم االجتماعية المرتبطة باإلنجاب‪:‬‬

‫تنتشر في المجتمع المصرى بعض القيم المرتبطة بزيادة النسل واإلنجاب مثل‪:‬‬

‫زي ــادة ع ــدد األوالد ي ــؤدى إلى رب ــط ال ــزوج‪ ،‬والرغب ــة في إنج ــاب ال ــذكور‪ ،‬ك ــثرة اإلنج ــاب‬
‫والرغبــة في تكــوين عــزوة‪ ،‬زيــادة اإلنجــاب للمســاعدة في العمــل في المجتمعــات الزراعيــة‪.‬‬
‫وشيوع معتقدات دينية خاطئة عند بعض الفئات من المجتمع‪ ،‬وضــعف االقتنــاع بمبــدأ طفلين‬
‫لكــل أســرة مــع عــدم وضــوح الفــرق بين انجــاب طفلين أو ثالثــة أطفــال لــدي كثــير من األســر‬
‫باالض ــافة الي رغب ــة األس ــرة في إنج ــاب طف ــل من ك ــل ن ــوع ح ــتي ول ــو اض ــطرهم ذل ــك الي‬
‫انجــاب طفــل ثــالث للحصــول علي النــوع المطلــوب وخاصــة الطفــل الــذكر وهــو مــايعتبر من‬
‫الموروثات االجتماعية الخاطئة‪.‬‬

‫‪ -4‬عدم استخدام وسائل تنظيم األسرة بــالرغم من الرغبــة في منــع أو تأجيــل الحمــل خوف ـًا‬
‫من اآلث ـ ــار الجانبي ـ ــة للوس ـ ــائل‪ ,‬وقص ـ ــور دور اإلعالم الجم ـ ــاهيري‪ ،‬وع ـ ــدم كفاي ـ ــة الرائ ـ ــدات‬
‫الريفيات ‪.‬‬

‫ولقد أدى التزايد السكاني إلى ‪-:‬‬

‫‪ --1‬عج ــز في الم ــوارد الغذائي ــة ( الح ــظ طوابـ ــير العيش والصـ ــراع في الحصـ ــول على‬
‫رغيف الخبز(‬
‫‪132‬‬

‫‪ -2‬عجز في فرص التعليم المتاحة الحظ الفـترات في المدرسـة الواحـدة وأعـداد تالميـذ كـل‬
‫فصل‪.‬‬

‫‪ -3‬عجز في الخدمات الصحية‬

‫" وه ـ ــذا م ـ ــا نالحظ ـ ــه بوض ـ ــوح في المستش ـ ــفيات المكتظ ـ ــة بالمرض ـ ــى وض ـ ــرورة االتف ـ ــاق‬
‫المسبق لحجز سرير قبل الشروع في إجراء عملية جراحية ‪.‬‬

‫‪ --4‬عجز في فرص العمل‪.‬‬

‫‪ -5‬عجز في الدخل السنوي‪.‬‬

‫‪ -6‬عجز في الخدمات العامة ( نالحــظ ذلــك بوضــوح في وســائل المواصــالت بكــل أنواعهــا‬
‫وانفجار مواسير الصرف الصحي في كثير من األحياء‪.‬‬

‫ومن أساليب مواجهة المشكلة السكانية‪:‬‬

‫‪ -1‬زيادة اإلنتاج والبحث عن موارد جديدة‪ .‬واالهتمــام بتوفــير فــرص العمــل للقضــاء علي‬
‫الفقـــر وإ نشـ ــاء مشـ ــروعات صـ ــغيرة خاصـ ــة في المنـ ــاطق العشـ ــوائية وذات الزيـ ــادة السـ ــكانية‬
‫ويفضل االستفادة من فكرة بنك القروض المتناهية في الصغر‪.‬‬

‫‪ -2‬الحد من زيادةالسكان بإصدار التشريعات‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫رفع سـن الـزواج‪ ،‬وربـط عالوات العمـل واالعفـاءات الضـريبية بعـدد األبنـاء‪ ،‬بمعـنى إعفـاء‬
‫األسر محدودة الدخل من أنواع معينة من الرسوم والضرائب أو منحها تأمينــا صــحيا شــامال‬
‫أو الحص ـ ــول علي دعم غ ـ ــذائي مج ـ ــاني أو منح األم ال ـ ــتي تبل ـ ــغ الخمس ـ ــين مكاف ـ ــأة مالي ـ ــة إذا‬
‫الــتزمت بطفلين وترفــع عنهــا هــذه الممــيزات إذا تجــاوزت هــذا الشــرط‪ .‬وتقــديم حــوافز للقــري‬
‫والمــدن الــتي تحقــق انضــباطا في وقــع الزيــادة الســكانية عــبر خــدمات ومشــروعات تقــام فيهــا‪.‬‬
‫واالس ــتفادة من تط ــبيق الق ــوانين ال ــتى ص ــدرت م ــؤخرًا‪ ،‬وخاص ــة ق ــانون الطف ــل ال ــذى يج ــرم‬
‫عمالة األطفال كأحد المداخل المهمة وغير المباشرة لمواجهة المشكلة السكانية‪.‬‬
‫‪133‬‬

‫‪ -3‬يجب وضع إستراتيجية إعالمية متكاملة تستهدف إقناع األسر المصرية بثقافة الطفلين‬
‫فق ـ ـ ــط‪ ،‬والرب ـ ـ ــط بين القض ـ ـ ــية الس ـ ـ ــكانية والقض ـ ـ ــايا األخ ـ ـ ــرى المتص ـ ـ ــلة به ـ ـ ــا مث ـ ـ ــل األمي ـ ـ ــة‬
‫والمسـ ـ ــاهمة االقتصـ ـ ــادية للمـ ـ ــرأة وعمالـ ـ ــة االطفـ ـ ــال والتسـ ـ ــرب من التعليم‪ ،‬وتنميـ ـ ــة الثقافـ ـ ــة‬
‫السكانية‪ .‬والتوعية بمشكالتها‪.‬‬

‫‪ -4‬عودة القطاع الخاص للمســاهمة في حــل المشــكلة الســكانية أصــبح ضــرورة ملحــة ممثال‬
‫في قط ــاع رج ــال األعم ــال والش ــركات الك ــبري وص ــوال إلي المس ــاجد والكن ــائس والم ــدارس‬
‫الريفية وذات الفصل الواحد‪.‬‬

‫‪ -5‬االهتمــام بالخصــائص الســكانية وتب ــني ب ــرامج فعال ــة للتنمي ــة البش ــرية في مح ــو األمي ــة‬
‫والتعليم والصحة لمردودها المباشر علي السكان‪.‬‬

‫‪ -6‬أهمية التركيز علي فئة الشباب في المرحلة المقبلـة لترســيخ مفــاهيم األســرة الصــغيرة‬
‫والتخطيــط االنجــابي والمســاواة بين الجنســين حيث انهم يمثلــون آبــاء وأمهــات المســتقبل وهم‬
‫الطريق الي تحقيقـا لهـدف القـومي المتمثـل في طفلين لكـل أسـرة‪ ,‬وإ عطـاء دور أكـبر للشـباب‬
‫في المس ــاهمة في ح ــل ه ــذه المش ــكلة من خالل نش ــر التوعي ــة والتح ــذير من خط ــورة الزي ــادة‬
‫السكانية وأثرها على التنمية‪ ،‬والتحلي بقيم اإلخالص والعطاء والوالء للوطن‪ ،‬والعمــل على‬
‫االسـ ــتفادة بكـــل طاقاتـــه في إكتســـاب المعـــارف والق ــدرات ال ــتي تؤهل ــه للتعامـــل مـــع العصـ ــر‬
‫بمقتضى معطياته‪.‬‬

‫‪ -7‬تفعيل فكرة التوزيع السـكاني من خالل خطــط جــذب الســكان للمنــاطق الجديــدة‪ ،‬وغــزو‬
‫الصــحراء وإ عــادة النظــر في خريطــة توزيــع الســكان؛ فمصــر من الناحيــة العدديــة تســتوعب‬
‫ضعف عددها الحالي ذلك أن المصريين يعيشون على ‪ %6‬من مسـاحة مصــر‪ ،‬بينمـا تحتـاج‬
‫‪ %94‬من مسـ ـ ــاحة مصـ ـ ــر أن تكـ ـ ــون مأهول ـ ـ ـًة بالسـ ـ ــكان‪ ،‬وأن المصـ ـ ــريين مكَّد سـ ـ ــون في ‪3‬‬
‫محافظات‪ ،‬وباقي المحافظات بها خلخل سكاني رهيب‪.‬‬

‫‪ -8‬زي ــادة االهتم ــام بص ــعيد مص ــر؛ حيث إن ‪ %25‬من سـ ــكان مصـ ــر يسـ ــكنون فى ريـ ــف‬
‫الص ــعيد‪ ،‬وهم مس ــئولون عن ‪ %41‬من الزي ــادة الس ــكانية‪ ،‬كم ــا أن للرج ــل فى ص ــعيد مص ــر‬
‫‪134‬‬

‫دورا مهمــا وكبــيرا فى مواجهــة المشــكلة الســكانية‪ ،‬حيث إن الرجــل هــو صــاحب القــرار فى‬
‫الصعيد‪ .‬ومن بين األساليب غيرالتقليدية إحياء مشـروع "الـدوار"‪ ،‬وذلـك لمناقشـة الرجـال فى‬
‫كــل مــا يتعلــق بتنطيم األســرة‪ ،‬وســيكون لهم فاعليــة فى إنجــاح بــرامج تنظيم األســرة وخاصــه‬
‫فى الريــف‪ ،‬كمــا يجب دخــال رجــال الــدين والعمــده‪ ،‬وجميــع الفئــات الفاعلــة والعاملــة فى هــذا‬
‫المجال خاصة المجالس الشعبية والتنفيذية ‪.‬‬

‫ثامنا‪ -‬ظاهرة التسول‪:‬‬

‫ظاهرة تفشت في المجتمع المصري وال نبالغ عندما نقول أنها أصــبحت مهنــة مربحــة للغايــة‬
‫يلجأ إليهـا الكثـير لتحسـين المسـتوى االجتمـاعي ال ألنـه في حالـة احتيـاج مـادي حقيقي‪ ،‬وإ نمـا‬
‫ألنه يبحث عن مستوى أعلى من تغطية احتياجه‪ .‬إنه "التســول" الوبــاء االجتمــاعي الــذي ســاد‬
‫في المجتم ــع المص ــري في اآلون ــة األخ ــيرة وأص ــبح عمًال لقطاع ــات عريض ــة من أبن ــاء ه ــذا‬
‫المجتمع أصبح للتسول مفهوم حديث يتناســب مــع روح العصــر والمجتمــع أيضـًا الــذي تظهــر‬
‫في ــه الظ ــاهرة ‪ ،‬وعلى ال ــرغم من أن معظم الق ــائمين ب ــه من الفئ ــة ال ــتي لم تن ــل من العلم م ــا‬
‫يؤهلها لدراسة المجتمع إال أنهم يعلمون جيدًا كيفية الوصول للفئة التي يتســولون منهــا و من‬
‫المالحظ أيضا أن نسبة التسول في النساء واألطفال واضحة بشــكل ظــاهر مــع تراجعهــا عنــد‬
‫الرجال بشكل ملحوظ ‪.‬‬

‫أسباب ظاهرة التسول‪:‬‬

‫أن المتســول ليس مريضـًا نفســيًا وأنــه ال عالقــة بين المــرض والتســول ‪ ،‬أمــا الظــاهرة ترجــع‬
‫ألسباب عديدة من بينها الفقر والبطالـة وتفـاقم ظـاهرة أوالد الشـوارع الـتي تعـد قنبلـة موقوتـة‬
‫أقــترب انفجارهــا كمــا أن الحقــد االجتمــاعي يلعب دورًا فيهــا‪ ،‬فالمتســول يعتقــد خطــأ أنــه يأخــذ‬
‫حقه من المواطنين الذين سلبوه حقـه في الحيــاة الكريمــة وان مــا يقـوم بــه أفضــل الطــرق بــدًال‬
‫من اللجوء للسرقة أو النصب‪.‬‬

‫و يعتبر التسول مشروع اقتصـادي مـربح لبعض فئـات المجتمـع من الـتي تسـتغل من هم أقـل‬
‫منهم و تعلم ط ــرق التحاي ــل على الق ــانون ه ــذه الفئ ــة تعلم جي ــدا س ــبل االس ــتغالل الجي ــد لفئ ــة‬
‫‪135‬‬

‫أخــرى يغفــل عنهــا المجتمــع وهم أطفــال الشــوارع المســتغلين في كــل الوظــائف الــتي تســبب‬
‫ضررا للمجتمع مثل (التسول‪ ،‬ترويج المخدرات‪ ،‬السرقة‪ ،‬االعتداء الجنسي) وكلها أمــراض‬
‫تسبب اآلالم للمجتمع المصري الذي يحــاول التــبرير للظــاهرة عـادًة وال يضــع يــده على نقـاط‬
‫القوة والضعف فيها ‪.‬‬

‫موقف اإلسالم من التسول‪:‬‬

‫دعا اإلسالم إلى التعفف وأكد على مكانة الفقراء الذين يرفضون التسول حفاظًا على أنفسهم‬
‫وتعففـًا حــتى لــو اضــطروا ألي شــيء المهم أنهم يرفضــون النظــرة الــدنيا من اآلخــرين‪ ،‬وأكــد‬
‫علمـاء الـدين ورجـال الفقـه أن اآليـات القرآنيـة واألحـاديث النبويـة اقتضــت التنفـير الشـديد من‬
‫التسول‪ ،‬أما إذا كان اإلنسان في حالة احتيـاج حقيقي وال يجـد حًال أخـر فال لـوم عليـه‪ ،‬وإ نمـا‬
‫اللــوم على من رفض مســاعدته ‪ ،‬أمــا من يــؤثر التســول وهــو بإمكانــه أن يســتغنى فحكمــه هــو‬
‫الكراهيـ ــة الشـ ــديدة حيث أكـ ــدت اآليـ ــات على التنفـ ــير والتحـ ــذير من ذلـ ــك فـ ــالتالعب والكـ ــذب‬
‫والتضليل واستعمال األطفال وما يشبه ذلك أعمال محرمة والشك في تحريمها‪.‬‬

‫كيفية التصدي لظاهرة التسول‪:‬‬

‫عالج هــذه الظــاهرة يحتــاج إلى تكــاتف المجتمــع بأكملــه لمناهضــة التســول بداي ـًة من توســيع‬
‫المشاركة العلمية في حل قضية أطفال الشوارع‪ ،‬واالهتمـام بـالتعليم ‪ ،‬وزيـادة الـوعي بأهميـة‬
‫قبــول اآلخــر‪ ،‬خاصــة ممن نشــأ في ظــروف اجتماعيــة واقتصــادية ســيئة كمــا أن األمــر يحتــاج‬
‫لمزي ــد من اإلص ــرار ووض ــع خط ــط جي ــدة للقض ــاء عليه ــا بش ــكل نه ــائي و التس ــول ظ ــاهرة‬
‫متشــابكة ومعقــدة تســتوجب االهتمــام بهــا ومحاصــرة القــائمين عليهــا بكــل الطــرق حــتى نتمكن‬
‫من تقليل النسبة على األقل والقضاء عليها بشكل تدريجي تعتبر الزكاة الحـل األساسـي لمثـل‬
‫هذه الظاهرة ألنها ركن من أركان اإلسالم ولو طبق هذا الــركن ســيكون حًال جــذريًا كمــا أن‬
‫التط ــبيق الفعلي للق ــانون يلعب دورا مهم ــا في القض ــاء علي ه ــذه الظ ــاهرة فق ــد نص الق ــانون‬
‫علي توقيــع عقوبــة الحبس‪ ،‬الــتي تقــع بين شــهر على األقــل وســنة على األكــثر‪ ،‬لمن يمارســه‬
‫دون وجه حق‬
‫‪136‬‬

‫عاشرا‪ -‬اإلدمان(التدخين و المخدرات(‬

‫التدخين‪:‬‬

‫أظهــرت احــد البحــوث البريطانيــة أن دخــان الســجائر يــؤدي إلي تلــوث الهــواء بنســبة اكــبر(‬
‫‪ 10‬م ــرات) من عــادم الس ــيارة ال ــتي تعم ــل بوق ــود ال ــديزل و أك ــدت دراس ــة أخ ــري أن دخ ــان‬
‫السجائر ال يقتصر ضرره علي المدخنين فحسب و إنما يمتــد الضــرر ليشــمل غـير المــدخنين‬
‫أيضـ ــا كمـ ــا أشـ ــارت الدراسـ ــة إلمكانيـ ــة حـ ــدوث حرائـ ــق و كـ ــوارث من جـ ــراء إلقـ ــاء أعقـ ــاب‬
‫السـ ــجائر مشـ ــتعلة وخاصـ ــة قـ ــرب األشـ ــياء سـ ــريعة االشـ ــتعال ممـ ــا يـ ــؤدي إلي تلـ ــوث الهـ ــواء‬
‫بالدخان مما يتسبب في اإلصابة بأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب‪.‬‬

‫اخطار التدخين علي الفرد و المجتمع‪:‬‬

‫إن أخطار التدخين و عواقبه الوخيمة من تعرض لألمــراض أو الوفــاة و المرتبطــة بالتــدخين‬
‫سواء كان اختياريا أو باإلكراه أي استنشاق دخان التبغ المنبعث من ســجائر اآلخــرين عنــدما‬
‫يكون المرء معهم في مكان مغلق كمـا انـه يقلـل العمـر المتوقـع للمـدخن و يزيـد من العجـز و‬
‫الضـ ــعف و يزيـ ــد نسـ ــبة التغيب عن العمـ ــل كمـ ــا انـ ــه يسـ ــبب سـ ــرطان الرئـ ــة و هـ ــو من اشـ ــد‬
‫األمــراض الســرطانية خطــورة و أكــثر ســببا للمــوت فقــد أدي هــذا المــرض إلي وفــاة األلــوف‬
‫بسببه و تقول التقارير أن التدخين مسئول عن اإلصابة بأمراض السرطان بنسبة ‪%75‬لــدي‬
‫الم ــدخنين و الج ــدير بال ــذكر أن مخ ــاطر الت ــدخين تط ــال غ ــير الم ــدخنين أيض ــا و الواق ــع أن‬
‫المدخنين ليسوا فقـط الـذين يشـربون الـدخان بـل يعتـبر الـذين يستنشـقون الـدخان من المـدخنين‬
‫أيضا‪.‬‬

‫المخدرات‪:‬‬

‫مص ـ ــر دول ـ ــة مس ـ ــتهلكة للمخ ـ ــدرات من بعض ال ـ ــدول األوروبي ـ ــة و األس ـ ــيوية و العربي ـ ــة و‬
‫األمريكية كما أن موقعها الجغرافي جعل منها دولة عبور تمـر المخـدرات عبرهـا من الـدول‬
‫المنتجة إلي الدول المستهلكة‪.‬‬
‫‪137‬‬

‫مخاطر المخدرات علي الفرد و المجتمع‪:‬‬

‫أن المتعـ ــاطي يفقـ ــد السـ ــيطرة على سـ ــلوكه ومن ثم يصـ ــبح أسـ ــير مـ ــا يتعاطـ ــاه يعتمـ ــد عليـ ــه‬
‫للحصـول على نشـوة زائفـة هي في حقيقـة األمـر مـدمرة لكيانـه ولوعيـه بنفسـه ولعالقاتـه بمن‬
‫يحيط بهم ويتحول إلى كـائن وال حـول لـه وال قـوة ‪ .‬فاإلدمـان يمثـل خطـرا داهمـا على الفـرد‬
‫والمجتم ــع فمن مخ ــاطره ان ــه يك ــون وراء المش ــكالت الزوجي ــة ومش ــاكل العم ــل والمخالف ــات‬
‫القانونيــة وحــوادث الطــرق والــديون والســلوك العــدواني ولــه أيضــا مخــاطر صــحية كالتهــاب‬
‫المعـدة وقرحـة اإلحـدى عشـرية والتهـاب األعصـاب وتليـف الكبـد وااللتهـاب الرئـوي وااليـدز‬
‫وأيضا إلى إمراض نفسية وعقلية كالقلق واالكتئـاب ومحاولـة االنتحـار والجنـون ويـؤدى إلى‬
‫ظهـ ـ ــور كثـ ـ ــير من المشـ ـ ــكالت االجتماعيـ ـ ــة كـ ـ ــاالنحراف والتفكـ ـ ــك االجتمـ ـ ــاعي والالمبـ ـ ــاالة‬
‫والمشكالت األسرية ويـؤثر على اإلنتـاج حيث يفقـد المـدمن القـدرة على العمـل ويـؤدى كـذلك‬
‫إلى ضـ ــياع جـــانب كبـــير من ميزانيـــة الدول ــة في العالج ويرتب ــط اإلدم ــان بالجريمـــة كالقتـــل‬
‫والسرقة‪.‬‬

‫كيفية التصدي لظاهرة اإلدمان‪:‬‬

‫أن اإلقالع عن اإلدمــان ســواء كــان إدمــان للتــدخين أو المخــدرات البــد أن يكــون نابعــا من‬
‫داخل الفرد المدمن حتى يؤتي ثماره كما انه البد من زيادة حمالت التوعية ضد مخــاطر‬
‫الوقوع في دائرة اإلدمان و تطبيق القوانين أيضا يمكن أن يلعب دورا مهما في الحد من‬
‫ه ــذه الظ ــاهرة الخط ــيرة ك ــذلك الب ــد من تنمي ــة ال ــوعي ال ــديني و األخالقي و القيمي ل ــدي‬
‫الشباب لحمايتهم من الوقوع في خطر اإلدمان كما تمثل الرعاية األسرية عامال هاما في‬
‫التص ــدي لتل ــك الظ ــاهرة و التخفي ــف من أثاره ــا الس ــلبية في حال ــة ح ــدوثها و أخ ــيرا أنن ــا‬
‫ننصح كل المدمنين باإلقالع فورا عن هذه اآلفة الخطيرة الــتي ثبت ضــررها في مختلــف‬

‫الميادين الصحية و االجتماعية و االقتصادية‪.‬‬


138

You might also like