Professional Documents
Culture Documents
الموسم الجامعي:
2441/2441هـ1211/1212 -م
2
الفكر االجتماعي والسياسي وجدا منذ وجد اإلنسان ،لكن التأريخ هلما يبدأ فقط مع اتريخ
احلضارات اليت هلا اتريخ مكتوب ،وقد مر هذا الفكر ،مبرحلتني ،املرحلة األوىل هي الفرتة العملية ،اليت
كانت الفعاليات اجملتمعية ،والعقل اجلمعي ،يضعان فيها أسس لتصرف أو طقس معني ،بشكل
عملي وانطالقا من التجربة الشخصية أو اجلماعية أو من االعتقادات الدينية السائدة ،وأخذا يف
احلسبان فقط الفائدة واملصلحة العامة اليت سيجلبها ذلك التصور االجتماعي للجماعة أو التجمع،
وسادت تلك املرحلة خالل حضارات البشرية التارخيية املبكرة مثل حضارة مصر القدمية وحضارة بالد
الرافدين ،مث بدأت املرحلة الثانية ،وهي مرحلة التفكري والتأصيل النظري اجملرد ،ويرجح أهنا انطلقت
مع الفالسفة اليواننيني ،الذين حاولوا ألول مرة ،التعبري بشكل جمرد وعقالين ،عن النظم والعالقات
اجملتمعية اليت سادت واليت جيب أن تسود.
-5األسس اليت صاغت الفكر االجتماعي عرب التاريخ:
كانت هناك جمموعة مؤثرات صاغت الفكر االجتماعي والسياسي عرب اتريخ البشرية ،ويف
ضوءها مت ابتكار النظم اجملتمعية ،ميكن أن نعدد أربعة ركائز:
-الغريزة البيولوجية :واليت كانت أول عامل تدخل يف صياغة التنظيمات االجتماعية والسياسية،
قبل أي شيء آخر ،وانطالقا من البحث عن البقاء.
-النزعة الدينية :اليت سادت خالل احلضارات القدمية ،ووسط كثري من اجملتمعات الدينية عرب
التاريخ ،واليت فسرت جل الظواهر الطبيعية أبسباب ميتافيزيقية خارجة عن إرادة البشر ،وصاغت نظم
حياهتا وفق ما خيدم االعتقاد.
-العقل والنزعة الفلسفية :سادت منذ احلضارة اليواننية ،بعد انتشار التفكري الفلسفي ،وحاولت
أن تنظم العالقات اجملتمعية بطريقة مثالية ،وفق املصلحة العليا للفرد واجلماعة.
-النزعة املادية :واليت بدأت تسود يف العصر احلديث ،وانطالقا من بداية الثورة الصناعية ،واليت
أمهلت كثري من اجلوانب الروحية ،وركزت على املصلحة املادية للفرد واجملتمع.
-6أبرز منظري الفكر االجتماعي والسياسي:
3
أ -عند اليوانن:
مثلت احلضارة اليواننية ،املهد الذي خرجت منه كثري منه الفلسفة ،واملنبع الذي أعطى القواعد
النظرية األولية جلل العلوم البشرية املعروفة ،ومنها الفكر االجتماعي والسياسي ،ومن أشهر األمساء
اليواننية اليت تركت بصمة ولو أولية يف هذا اجملال ،هناك سقراط الذي تناول الواجبات العامة
والفردية ،وهناك أفالطون الذي نظر جملتمعه ،من خالل مشروع املدينة الفاضلة ،الذي جسد نظرته
الطوابئية املثالية ملا جيب أن تكون عليه العالقات االجتماعية والسياسية البشرية ،وهناك أرسطو الذي
وضع جمموعة نظرايت عن اإلنسان واألسرة واجملتمع.
ب -املسلمني:
ومن أشهر علماء املسلمني الذين اهتموا ابلفكر االجتماعي والسياسي ،وبدراسة طبائع البشر
واألخالق والعالقات اإلنسانية والنظم ،وخلفوا ترااث يف هذا امليدان هناك :الفرايب ،وابن سينا ،وهناك
ابن ابجة وابن خلدون.
ج -الغربيني يف العصر احلديث واملعاصر:
حفل التاريخ الغريب احلديث واملعاصر بكثري من فالسفة وعلماء الفكر االجتماعي نذكر منهم:
مكيافليلي وتوماس مور وجان جاك روسو وأوغست كونت ،وإمييل دوركامي ،وسبنسر وتوينيب،
وابرسونز وماركس ولينني.
5
القديس بولس :يعترب القديس بولس ( 06-11م) ،الذي ولد من أسرة يهودية آبسيا
الصغرى ،هو من نشر تعاليم املسيحية للعامل ،وهو اثين أهم شخصية يف املسيحية بعد املسيح
نفسه ،وهو من سطر عقائد وتصورات املسيحيني الدينية واالجتماعية املبكرة ،وقد نشأ متأثرا
ابملفاهيم اليهودية واهليلنستية ،مما انعكس الحقا على أفكاره وتصوراته وتفسرياته لالعتقاد
املسيحي.
وكمثال على األفكار االجتماعية اليت صاغها ألتباع املسيحية ،تفسريه لقول املسيح":
أعطوا ما لقيصر لقيصر ,وما هلل هلل" ،بقوله" :لتخضع كل نفس للسالطني الفائقة ،ألنه ليس
سلطان إال من هللا ،والسالطني الكائنة هي مرتبة من عند هللا ،حأ أن من يقاوم السلطان يقاوم
ترتيب هللا" ،فأصل بولس بذلك لنظرية احلق اإلهلي للحاكم ،اليت ولدت الطغيان واالستبداد،
وجعلت النص الديين هو مصدر السلطات ،وليس الشعب
القديس أوغستني 326- 213( :م) من أهم منظري الفكر االجتماعي املسيحي ،نشأ
متأثرا برتبيته املسيحية وبتعليمه وثقافته الفلسفية والتارخيية الواسعة ،مما أثر على تصوراته اليت
اصطبغت ابلفلسفة اليواننية ،فوثق أفكاره يف كتاب مساه "مدينة هللا" ،ضمنه اعتقاده عن طبيعة
اجملتمع املثايل ،مزج فيه بني تعاليم املسيحية وفلسفة أفالطون ،وانقش احلق الطبيعي واحلق اإلهلي
والسلطة السياسية والسلطة الدينية ،وحتدث عن دور العقيدة الدينية يف أخلقة العالقات البشرية،
وواجب السلطة السياسية يف حتقيق العدالة االجتماعية ،ودعا إىل امللكية اجلماعية ،والوحدة
املعنوية بني البشر ،واعترب أن القانون الوضعي ضرورة اقتضتها خطااي األفراد ،وأن السلطة الزمنية
تستمد شرعيتها من هللا.
توما اإلكويين1331-1331( :م) ،من منظري الفكر املسيحي يف هناية القرون الوسطى،
أتثر ابلفلسفة اليواننية واإلسالمية ،خاصة ابن رشد وابن سينا ،وبثقافته الواسعة نتيجة دراسته
األكادميية ،وقد ترك جمموعة من املؤلفات ،تناول فيه شرح معتقدات املسيحية وأعمال أرسطو،
وحاول التوفيق يف تصوراته بني الدين والفلسفة.
6
وقد اعترب أن اجملتمع اإلنساين ضرورة ،وهو عدد من األفراد الذين جيمعهم االنتظام
واخلضوع املشرتك جملموعة من القوانني اليت تستهدف حتقيق العدالة ،وجيمعهم اهلدف واملطالب
الواحدة ،حتت سلطة القوة املنظمة اليت هي الدولة ،اليت تصبح بذلك ضرورة اجتماعية أيضا.
-2الفكر االجتماعي يف عصر اإلصالح الديين والنهضة األوربية:
مع هناية القرون الوسطى ،بدأ فجر األنوار يطل شيئا فشيئا على أورواب ،وتعالت األصوات
املنادية بضرورة مراجعة تلك التصورات االجتماعية املقدسة اليت حكمت القارة لعشرة قرون متوالية،
وابت دور الكنيسة والدين يف حياة الناس حمل مناقشة ،فظهر جمموعة فالسفة ومفكرين ،أعادوا
صياغة مفاهيم الناس حول دور الفرد والسلطة ،والعالقة بينهما ،وعن مهمة اجملتمع وقوانينه ،بعيدا
عن احلق اإلهلي ،وعن املقدس التارخيي ،واعتمادا فقط على ما يقره العقل والتفكري احلر ،البعيد عن
كل قيد وتوجيه ،وانتشر نقد النظام االجتماعي القائم ومفاسده ،وأعيد االعتبار للفكر العقالين
اإلنساين اليوانين الذي أمهلته الكنيسة طيلة القرون الوسطى.
وقد برزت عدة أمساء تركت بصمتها يف نقد الفكر االجتماعي القائم وطرحت تصورات بديلة
يف هذه الفرتة ،نذكر منها:
-حنا كالفن (0555-0511م) :يعترب من أهم املصلحني الدينيني واالجتماعيني األوربيني،
وقد أتثر بدراسته يف نفس الوقت لالهوت وللقانون الوضعي ،فجاءت طروحاته اليت وثقها يف كتابه
"املؤسسة املسيحية" ،وسطية ،بني ضرورة التوازن بني السلطة الدنيوية ومرجعية الكتاب املقدس،
فاإلنسان يستطيع أن يضع تنظيما اجتماعيا استجابة للحاجة الطبيعية لألفراد واعتمادا على عقله
فقط ،لكن هذا غري كايف اياه املطالب الروحية لإلنسان ،ابعتبار أن العامل خيضع إلرادة هللا ،فهناك
ابلنسبة لكالفن ،أهداف سامية للبشر ،يرجع فيها للكتاب املقدس ،وهناك أهداف اجتماعية دنيوية
يرجع فيها إىل التفاهم اإلنساين والنظام االجتماعي البشري.
-ييقولو مكيافيلي ( :)0525-0461سياسي ودبلوماسي إيطايل من مدينة فلورنسا،
استقى أسس فكره من ممارسته السياسية وقراءته النهمة للتاريخ ،قدم فلسفته يف مؤلفني مها:
7
املطارحات واألمري ،حيث اعترب أن االجتماع البشري ونشوء السلطة جاء نتيجة اإلحساس ابخلطر،
ونشأت األخالق نتيجة املعامالت بني األفراد ،ورأى أن احلياة يف اجملتمعات تقوم على القوة بسبب
نزعة الشر يف اإلنسان ،ودعا إىل فصل األخالق عن السلطة وإبعاد الدين عن السياسة.
-إيرازموس اهلولندي (0536-0466م) :فيلسوف هولندي ،رائد تيار اإلنسانية ،حاول
التوفيق بني األفكار االجتماعية العقالنية اليت طرحها فالسفة اليوانن وبني تعاليم املسيحية ،دعا إىل
البساطة والتسامح واحملبة ونبذ املادة لصاحل الروح ،واعترب أن اإلنسان هو مركز الوجود وهو اهلدف
من كل تنظيم ومعرفة ،وأعلى من قيمة الرتاث اإلنساين الذي حيوي احلكمة والصالح مهما كان
مصدره ،من دون اإلخالل بدور الدين.
-توماس مور (0535-0451م) :فيلسوف إجنليزي ،أعاد طرح نظرية املدينة الفاضلة ،من
خالل كتابه "يوتوبيا" ،فوضع تصورا لنظام اجتماعي لدولة مثالية يف جزيرة خيالية ،يقوم على احتاد
فيدرايل بني جمموعة مدن ،تسود فيها العدالة واملساواة واحلرية ،وتصوره عبارة عن نوع من
االشرتاكية ،حيث ال توجد ملكية شخصية لكن يشرتك الناس يف كل الوسائل واألغراض ،ويتساوى
الناس يف الثروة ،ويف ساعات العمل ويف طراز البيوت ويف مساحة األراضي ،ويسود التسامح الديين،
وتقدس األسرة ،وهو نفس الطرح الذي ذهب إليه الفيلسوف اإلجنليزي فرانسيس بيكون
(1030 -1101م) ،من خالل مدينته األفالطونية الفاضلة أطالنطيس.
احملاضرة :3الفكر االجتماعي عند املسلمني
-0مصادر الفكر االجتماعي اإلسالمي:
-تعاليم اإلسالم :تعترب الداينة اإلسالمية أكثر رسالة احتوت على التشريعات االجتماعية ،اليت
مشلت جل صنوف املعيشة ،وضبطت خمتلف العالقات بني أفراد اجملتمع ،بني الرجل واملرأة ،بني
اجلريان ،بني الفرد واجملتمع ،بني الفرد والسلطة ،بني الغين والفقري ،بني الصغري والكبري ،بني املسلم
وغري املسلم ،وحضت على العدل واملساواة وعلى التسامح واحملبة واإليثار ،سواء من خالل آايت
القرن الكرمي مثل قوله تعاىل " :اي أيها الناس إان خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعواب
8
وقبائل لتعارف وا إن أكرمكم عند هللا أتقاكم ،إن هللا عليم خبري" ،وقوله" :وت عان وا على
الرب والتقوى وال تعاون وا على اإلمث والعد وان".
أو يف أحاديث الرسول عليه الصالة والسالم ،مثل قوله" :ال حتاسدوا وال تناجشوا وال
تباغضوا وال تدابروا ،وال يبع بعضكم على بيع بعض ،وكونوا عباد هللا إخواان ،املسلم أخو املسلم،
ال يظلمه وال خيذله".
-تقاليد العرب :رغم أن اإلسالم محل معه الكثري من النظم والتصورات النابعة من صلبه كشريعة
رابنية ،لكنه تسامح مع بعض األعراف والتنظيمات اليت كانت سارية عند العرب ،لتستمر يف
الوجود والتأثري ،مثال نظام القبيلة ،وسلطة الرجل يف األسرة ،ومثل بعض األخالق كالكرم
والشجاعة ونصرة املظلوم.
-تراث الشعوب واحلضارات األخرى :زايدة على ما سبق ،فلم يعدم املسلمون التأثر بطروحات
ونظم اإلنسانية وابقي الشعوب ،خاصة تراث الشعوب اليت اندجمت يف اإلسالم ،فظهرت الصوفية
مثال كانعكاس مباشر لدخول سكان املناطق املسيحية يف اإلسالم ،حاملني معهم اعتقاد الزهد
وتقديس رموز الدين ،وبدأ املسلمون يناقشون وجيتهدون يف التنظري ألفضل النظم االجتماعية،
نتيجة انطالق حركة الرتمجة للرتاث اليوانين بداية من العهد العباسي ،وخاصة يف عهد املأمون،
فبدأت تظهر بينهم مؤلفات فلسفية خصبة ،حتمل فكرا اجتماعيا قائما وحقيقيا.
-2الفكر االجتماعي اإلسالمي:
قام الفكر االجتماعي اإلسالمي على مقاصد الشريعة اإلسالمية اليت استهدفت أساسا محاية
وحفظ وتنزيه اإلنسان يف احلياة الدنيا ويف اآلخرة ،واشتمل القرآن والسنة ،مصدرا اإلسالم ،على
آالف القواعد العامة والتوجيهات ،اليت تضبط حياة اإلنسان وتنظمها ،ومحال الكثري من القصص
والتوصيفات لطبائع الفساد واالحنراف اجملتمعي ،ولطرق عالجها والتصدي هلا ،ومثال خزانة تشريعات
ضبطت أبسط السلوكات البشرية ،وهندست جل العالقات داخل اجملتمع املسلم.
9
فأفراد اجملتمع املسلم سواسية يف نظر الشرع اإلسالمي ،واجتماعهم ووحدهتم والتضامن
والتكاتف بينهم واجب ال يقبل النقاش ،والسلطة تفرضها املصلحة العامة ،وكل مظهر من مظاهر
اخلري والصالح مرحب به وجيازى عليه ،وكل مظهر من مظاهر الشر والفرقة والفساد مرفوض ويعاقب
عليه ،واحلياة الدنيا متهد للحياة اآلخرة الباقية والدائمة ،وخمتصر النظام اإلسالمي يلخصه قوله تعاىل:
"" إن هللا أيمر ابلعدل واإلحسان وإيتاء ذي القرىب وينهى عن الفحشاء واملنكر والبغي ،يعظكم لعلكم
تتقون".
-3الفكر االجتماعي اإلسالمي عند بعض املفكرين املسلمني:
رغم هيمنة تعاليم اإلسالم والعلوم الشرعية على حياة املسلمني وعلى احلياة العلمية يف بالد
اإلسالم ،لكن كان للفلسفة وعلوم الشعوب األخرى مثل اإلغريق والفرس مكانتها ،وأتثر كثري من
علماء املسلمني ابلنظرايت العلمية اإلنسانية ،وأنتجوا هم بدورهم فكرا فلسفيا واجتماعيا ،تعرض
للتنظيمات اليت تضبط احلياة ،ومن أبرز هؤالء:
-الفرايب (2231-251هف151-154/م) :يعترب حممد أبو النصر الفرايب مؤسس الفلسفة
اإلسالمية ،وقد ترك الكثري من املؤلفات ،اليت احتوت على أفكاره ورؤيته ملختلف الشؤون ومنها
احلياة االجتماعية مثل""آراء أهل املدينة الفاضلة" ،وقد أتثر يف ذلك أوال بتعاليم اإلسالم واثنيا
ابلفالسفة اليواننيني ،ورغم أنه يعترب وريث فكر أرسطو وجمدده ،إال أنه يف اجلانب االجتماعي أتثر
أبفالطون ومثاليته.
واعترب الفرايب أن االجتماع اإلنساين ضرورة إلشباع احلاجات ،وصنف الفرايب االجتماعات
اإلنسانية إىل اجتماعات كاملة وغري كاملة ،والكاملة ثالثة أنواع :العظمى ،وختص اجتماع البشر
كلهم يف املعمورة ،والوسطى هو اجتماع أمة يف جزء من املعمورة ،والصغرى اجتماع مدينة يف جزء
من أمة ،أما غري الكاملة ،فهي اجتماع أهل القرية وأهل احمللة وأهل السكة وأهل املنزل ،ويرى
الفرايب أن االجتماع املثايل يف املدينة الفاضلة يشبه اجلسد الصحيح ،الذي تتعاون أعضاؤه كلها
من أجل حفظ احلياة ،وكما أن اجلسد تتفاضل أعضاؤه وتتفاوت يف األمهية ،وفيه عضو يلعب
10
دور الرئيس هو القلب وأعضاء أدوار مساعدة وأعضاء اثنوية ،فكذلك املدينة حتتاج رئيس
وهيئات هلا مهام خمصصة ،وترتتب طبقات جمتمعها حسب ما تقدمه للمجتمع من فائدة وإنتاج.
-ابن سينا ( 425 -351هف0153-111 /م) :فيلسوف وطبيب مسلم ،يعترب أبو
الطب ،كانت له مسامهات فكرية عامة وأيضا يف ميدان الفكر االجتماعي ،ضمنها موسوعته
الفلسفية "الشفاء" ،فهو يرى أن اإلنسان يتميز أساسا عن احليوان ابحلياة االجتماعية ،واجملتمع
يقوم على التعاون بني عناصره ،واعترب أن التفاوت االجتماعي بني أفراد اجملتمع وطبقاته نعمة
إهلية ،وهو السر يف حفاظ البشر على بقائهم وحتقيقهم النمو والتطور ،ولو تساوى البشر يف
ثرواهتم وقدراهتم ،لتوقف التنافس بينهم وانتهى نشاطهم ،وانقرضوا وفين جنسهم ،ووضع ابن سينا
تصوره للنظام االجتماعي للمدينة الفاضلة ولرتتيب ولتقسيم وترتيب اجملتمع فيها ،ولطرق ونظام
العيش وتدبر الرزق.
-ابن رشد (515 -521هف0011 -0026 /م) :فيلسوف مسلم ترك أاثرا فكرية
عظيمة ،أتثر أبرسطو وأفالطون كثريا ،وضمن بعضا من آرائه االجتماعية يف كتابه "تلخيص
السياسة ألفالطون" ،وقد رأى بدوره يف االجتماع اإلنساين ضرورة ،ألن اإلنسان يعجز عن القيام
بشؤون احلياة مبفرده ،وحتدث عن خصال أصناف السكان وأصحاب املهن ،وعناصر املدينة
الفاضلة رؤساء ومرؤوسني.
-أبو حامد الغزايل (515 -451هف0000 -0151/م) :فقيه وفيلسوف وأحد أعالم
التصوف يف اإلسالم ،خلف ترااث كبريا ،أشهره كتابه "إحياء علوم الدين" ،وقد كانت له جهود
على صعيد اإلصالح االجتماعي ،وترك تصورات اجتماعية مهمة ،تقوم على التصوف واإلعالء
من شأن احلياة الروحية ،واالهتمام ابألخالق الباطنة وتزكية النفوس ،واألمر ابملعروف والنهي عن
املنكر.
11
-0التعريف اببن خلدون:
عبد الرمحن بن خلدون مؤرخ وسياسي وعامل اجتماع من أصول أندلسية ،ولد بتونس سنة
123ه1223/م ،وتويف مبصر سنة 868ه1360 /م ،أخذ عن علماء تونس يف عهد
احلفصيني وعلماء الدولة املرينية بعد توسعها إىل تونس ،وتفقه يف علوم الدين والفقه املالكي ويف علوم
اللغة والشعر والتاريخ والفلسفة والرايضيات واملنطق والطب ،ومن أشهر شيوخه :إبراهيم اآلبلي وأمحد
الزواوي وحممد اجلياين وأبو القاسم حممد القصري وبن برال األنصاري.
وقد متيز ابن خلدون بكثرة أسفاره ،بني عواصم العلم والسياسية ،فانتقل من تونس إىل بسكرة
مث تلمسان ومنها إىل جباية مث إىل فاس ابملغرب ،وشد الرحال كثريا إىل حواضر األندلس؛ غرانطة
وإشبيلية ،وعاد إىل تلمسان ومنها إىل تيهرت حيث كتب أشهر مؤلفاته كتاب العرب ،مث انتقل إىل
املشرق ،حيث قصد مكة حاجا واستقر أخريا ابلقاهرة.
وكان البن خلدون نشاط سياسي متميز ساهم إىل جانب حتصيله العلمي يف صقل شخصيته
وتنمية فكره ،فقد عمل كاتبا يف بالط احلفصيني ،مث التحق سنة 1213م ببالط األمري املريين أيب
عنان ،مث مبجلس وزير بين األمحر بغرانطة لسان الدين ابن اخلطيب ،وتوىل احلجابة وانل بعض
املناصب عند أمري جباية ،وتوىل يف آخر حياته القضاء مبصر ،كما كان له نشاط دبلوماسي فكثريا ما
ابتعث كسفري بني سالطني دول املغرب واألندلس.
وقد كانت له جمموعة مؤلفات يف شأ العلوم نذكر منها:
ديوان املبتدأ واخلرب. -
رحلة ابن خلدون. -
لباب احملصل يف أصول الدين . -
شرح الربدة للبصريي. -
ملخص املنطق . -
عدة مؤلفات لشرح أتليف ابن رشد يف الفلسفة. -
12
شرح لقصيدة لسان الدين بن اخلطيب يف الفقه. -
شفاء السائل لتهذيب املسائل ،ورسالة يف التصوف ومفاهيمه. -
-2مكاية ابن خلدون يف اتريخ العلوم والفكر والفلسفة:
ارتبط بزوغ جنم ابن خلدون ابكتشاف مؤلفه البالغ األمهية "املقدمة" ،من قبل الباحثني األوربيني،
والذي مثل سابقة يف اتريخ املؤلفات التارخيية ،حيث احتوى على منهجية غري مسبوقة ،قصد هبا
صاحبها تنظيم عملية الكتابة التارخيية ،عرب وضع ضوابط حمددة يتبعها املؤرخ ،كان أمهها حتليل
العمران البشري من أجل الوقوف على علل ومسببات احلوادث ،وإثبات صحتها من عدمها ،ويف
خضم هذا التحليل املستفيض لطبائع اجملتمعات والدول والسلطة ،أوجد ابن خلدون أركان علم
متكامل هو علم االجتماع.
ونتيجة ذلك اعترب ابن خلدون هو مؤسس علم االجتماع وواضع أهم النظرايت يف الفكر
االجتماعي والسياسي ،ونظر إليه الغرب والشرق بعني اإلجالل والتقدير ،وصنفوه كأحد أعظم
العقول واملفكرين عرب التاريخ ،وقد قال فيه الوزير ابن اخلطيب" :خاطب للحظ ،متقدم يف فنون
عقلية ونقلية ،سديد البحث ،كثري احلفظ ،صحيح التصور ،مفخر من مفاخر التخوم املغربية" ،وقال
فيه املؤرخ واملستشرق األملاين فرانز روزنتال" :من أعظم شخصيات الدهر كله" ،وقال فيه املؤرخ
الربيطاين أرنولد توينيب" :إن ابن خلدون قد تصور فلسفة هي بال شك أعظم إنتاج أبدعه أي ذهن
يف أي عصر ويف أي بلد".
-3حماور الفكر االجتماعي اخللدوين وأهم يظرايته:
يزخر الفكر االجتماعي اخللدوين ابلنظرايت واألفكار ،وميكن تصنيف مواضيعه إىل بضعة حماور
رئيسية:
-العمران البشري على العموم :وبرهن فيه ابن خلدون على ضرورة االجتماع البشري ،من أجل
البقاء ،وفصل يف أتثري البيئة يف ذلك االجتماع ويف طباع البشر وأحواهلم.
13
-العمران البدوي :وهو الشكل البدائي للتجمع البشري ،وقد تناول ابن خلدون فيه دراسة
سكان البدو والقبائل املتوحشة أو البعيدة عن األمصار واملدن وأساليب عيشها ،وأوجد عدة
نظرايت تفسر كيفيات نشوء هذا الطور ،وتربز خصائصه ومميزاته وسلبياته وأتثرياته ،مثل قوله:
"البدو أقدم من احلضر وسابق عليه ،والبادية أصل العمران" ،حيث أن اإلنسان يبدأ بطور البداوة،
عندما تكون حياته مقتصرة على الضروري ،لكنه ينتقل إىل التمدن والتحضر عندما يتجاوز عن
الضروري إىل الكماليات.
ومن أبرز ما طرحة ابن خلدون يف هذا احملور نظرية العصبية ،وهي أحد أهم ركائز االجتماع
البشري ونواته ،فيلتقي النا س بسبب العالقة القوية اليت تربطهم سواء عرب رابط الدم ،أو احللف،
وينشأ بينهم التضامن والتالحم والتعاون ،ويكون ذلك ممهدا لنشوء اجملتمع والدولة والسلطة وامللك
واحلضارة.
-العمران السياسي :ويتناول فيه ابن خلدون حتليل ودراسة مفاهيم الدولة والسلطة وامللك والتدافع
بني األمم ،وسنتطرق له يف حمور الفكر السياسي.
-العمران احلضري :وتطرق فيه ابن خلدون لطور احلضارة يف اتريخ االجتماع البشري ،وقدم عدة
نظرايت عن نشأة املدن واألمصار وازدهارها و ،وتناول كل أحوال ومظاهر احلياة احلضرية من أبنية
ومنشآت وعالقات وسكان ومنجزات حضارية.
-العمران االقتصادي :وتعرض فيه ابن خلدون لكل ما يتعلق ابلكسب واملعاش واحلرف والصنائع
والوظائف ،والفالحة والتجارة والفنون.
-العمران العلمي والفكري :وحتدث فيه ابن خلدون عن العلوم والتعليم وكل ما له عالقة هبما،
وأتثريمها وأتثرمها ابلعمران واحلضارة ،وفصل يف مجيع أنواع العلوم العقلية والنقلية،
14
-0يظرية العقد االجتماعي:
مفهوم العقد االجتماعي:
تقوم فكرة العقد االجتماعي على أن الناس كانوا يعيشون يف بدايت وجودهم على الغريزة
والطبيعة ،وحصول كل واحد منهم على ما يريد من حاجات ،ولو على حساب الناس ولو أدى ذلك
إىل احلروب والنزاعات ،لكن ذلك كان يتسبب يف أذى ومفاسد كبرية قد تكون أكرب من الفائدة
احملصلة فرداي ،فتطلب األمر وجود تنظيم مشرتك وقانون موحد ،يتنازل مبوجبه األفراد عن أاننيتهم وعن
جزء من حريتهم وحاجياهتم الطبيعية مقابل نشوء ذلك النظام املشرتك الذي حيفظ العدل ويضمن
حاجيات اجلميع وحيقق البقاء ،وقد عرفه جان جاك روسو قائال:
"ي ضع كل واحد منا شخصه ومجيع قوته شركة حتت إدارة اإلرادة العامة ،وحنن نلتقي –كهيئة -كل
عضو كجزء خفي من اجملموع".
وقد بدأت إرهاصات هذا املفهوم منذ عهد اإلغريق ،حيث أورد أفالطون هذا الطرح على لسان
الفيلسوف السوفسطائي غلوكون ،حيث أن اإلنسان مييل إىل الظلم والتعدي ،ملا يف ذلك من
مكاسب شخصية ،ولكنه أيضا عرضة للظلم ،وهناك من ليس له القدرة على رد العدوان ،فتميل
الناس إىل ترك الظلم مقابل عدم تعرضها للظلم ،فيحدث تفاهم أو اتفاق مشرتك وسط ،لكن هذه
الفلسفة برزت على يد فالسفة عهد التنوير هوبز وروسو وغريهم.
أبرز منظري العقد االجتماعي:
-توماس هوبز ( :)0651-0511فيلسوف إجنليزي وأحد فالسفة العقد االجتماعي ،رأى
أن اإلنسان غري اجتماعي بطبعه ،ولكن فرض عليه السعي للبقاء والعيش يف أمن ،التجمع واالتفاق
والتنازل عن جزء من حريته وحقوقه ،وهلذا السلطة املطلقة ضرورة.
-جون لوك (0514 -0632م) :فيلسيوف وطبيب وسياسي إجنليزي ،ومنظر الثورة
اإلجنليزية واألمريكية ،خالف هوبز يف كون اإلنسان أانين وعدواين بطبعه ،وأن احلالة الطبيعية البدائية
كانت خالية من احلرية والعدالة والقوانني ،بل رأى أهنا فقط كانت حتتاج إىل قوانني واضحة وسلطة
15
حمددة ،لذا حدث تفاهم بني أفراد اجملتمع على تنازل كل عضو منهم عن بعض حقوقه الطبيعية،
لصاحل اجلماعة ،اليت تعني أفرادا ملهمة السلطة ،من أجل تنفيذ القوانني واحلفاظ على امللكية ومنع
التنازع ومعاقبة املعتدين ال أكثر ،فالسلطة وديعة سلمها األفراد هليئة معينة ،ميكن استبداهلا مأ
قصرت.
-جون جاك روسو (0551 -0502م) :فيلسوف سويسري فرنسي ،من أبرز دعاة نظرية
العقد االجتماعي ،واليت ضمنها كتابه " العقد االجتماعي" ،وقد وضع أسس هاته النظرية ،اليت
تقوم على توحيد إرادة األفراد يف هيئة مشرتكة ،حتمي بقوهتا اجملتمعة حقوق كل فرد منها ،مع حفظ
حريته الشخصية ،اليت ال تضر االحتاد ،والتساوي أمام القانون املشرتك ،وخيضع اجلميع للسلطة
املشرتكة ،يف حدود قدرات كل فرد ويف حدود التزام تلك السلطة بتنفيذ القانون وحتقيق العدل ،فإذا
ما نقض امليثاق االجتماعي اسرتجع كل فرد حقوقه األوىل واسرتد حريته الطبيعية.
-2املاركسية:
مفهومها:
نظرية اجتماعية تنسب إىل كارل ماركس ،أتسست على يد الفيلسوفان األملان ،ماركس
وصديقه فريديرك اجنلز ،نشأت كرد فعل على ما يتعرض له العمال والفقراء من اضطهاد ومن
استغالل ،اعتربت أن الصراع الطبقي هو جوهر التاريخ وهو حمركه الرئيسي ،وأن اجملتمع ينقسم أساسا
إىل طبقتني ،العمال والكادحني أو الربوليتاراي وطبقة الربجوازيني املتحكمة ،وتبنت املاركسية فكرة
اجملتمع امل ثايل ،الذي تلغى فيه الطبقات االجتماعية ويتساوى فيه الناس يف مجيع احلقوق ،وتلغى فيه
امللكية اجلماعية وتتحول إىل ممتلكات عامة مشرتكة ،ويتعاون األفراد يف التسيري.
وفسرت املاركسية الوجود تفسريا ماداي حبتا ،ومل تعرتف ابلدين وال أبي تفسري ميتافيزيقي ،ونفت
وجود حمرك أويل (اخلالق) لألشياء واألحداث ،بل اعتربت أن الوجود يستمد حركيته من ذاته ،كما
16
حاولت أن تطبق القوانني العلمية املادية على التصرفات االجتماعية ،واعتربت الفكر جمرد انعكاس
للمادة ،وتبنت اجلدل املادي "الدايلكيتك املادي" ،انطالقا من تفسريها املادي للكون واعتمادها
أسلوب اجلدل واحملاججة والنقد يف فهم التغريات احلاصلة يف الطبيعة واجملتمع ،والذي يوصل،
حسبها ،إىل احلقيقة ،وقد اقتبست املاركسية هذا املفهوم بدمج فلسفتني ،جدلية هيغل ،ومادية
فويرابخ.
أبرز منظري املاركسية:
-كارل ماركس (0113 -0101م) :فيلسوف أملاين من أصول يهودية ،مؤسس الفلسفة
املادية اجلدلية ،أصدر رفقة أجنلز البيان الشيوعي سنة 1838م ،ويعترب األب الروحي للشيوعية،
له عدة مؤلفات أشهرها كتاب "رأس املال" ،الذي ضمنه كثري من أطروحاته عن االقتصاد السياسي
وعن الصراع الطبقي ،ويعترب مؤسس تيار اجتماعي سيعرف ابملاركسية.
-فريديرك اجنلز ( :)0115 -0121فيلسوف وصحفي ورجل أعمال أملاين ،رفيق ماركس
وشريكه يف إصدار البيان الشيوعي سنة 1838م ،ويعترب أحد أهم منظري الشيوعية بعد ماركس،
ألف العديد من الكتب واملقاالت ،من أشهرها "حالة الطبقة العاملة يف إجنلرتا" ،وله أفكار
اجتماعية مهمة كلها تصب يف وعاء املاركسية.
-فالدمري لينني ( :)0124 -0151حمام وفيلسوف وثوري روسي ،يعترب اثلث أبرز منظر
للشيوعية ،وهو أب الثورة الشيوعية البلشفية الروسية وأهم زعماء احلزب الشيوعي الروسي ،ومؤسس
االحتاد السوفيايت ،له مؤلفات عديدة أشهرها" :ما العمل" " ،الدولة والثورة".
-3البنائية الوظيفية:
مفهومها:
وهي فلسفة اجتماعية ترى أن بنيات أي جمتمع وجدت نتيجة ضرورة وظيفية ،ونظرت إىل
اجملتمع كبناء مستقر واثبت يتألف من جمموعة عناصر متكاملة ،يؤدي كل منها وظيفة إجيابية يف
البناء العام ،يف إطار من التعاون والتنسيق.
17
أبرز منظري البنائية الوظيفية:
-أوغست كويت(0151 -0511م) :فيلسوف اجتماعي فرنسي ،وهو أب علم االجتماع
احلديث والفلسفة الوضعية ،دعا إىل تطبيق القوانني الوضعية والعلمية على اجملتمع والظواهر
االجتماعية ،وصنف مراحل الفكر االجتماعي إىل ثالث مراحل ،املرحلة الالهوتية ،واملرحلة
امليتافيزيقية ،واملرحلة الوضعية ،حيث االعتماد على العقل يف تفسري األحداث والظواهر ،ووضع
نظرايت عن استقرار اجملتمع وحركيته بناء على مدى تناسق وتعاون بنيات اجملتمع وأجزائه وأفراده.
-إمييل دوركامي (0105 -0151م) :فيلسوف فرنسي ،من أصول يهودية ،وضع منهجية
علم االجتماع املعاصر ،انتهج املنهج التفسريي االستقرائي للظواهر االجتماعية ،وخالف كونت يف
التفسري العقلي للظواهر االجتماعية ،وخالف سبنسر يف التفسري البيولوجي هلا ،وابتكر نظرية
استقالل علم االجتماع عن ابقي العلوم ،واعترب أن الظاهرة االجتماعية حتدث نتيجة قوانني
جمتمعية عامة ،خارج إرادة الفرد ،وتتأثر بكثري من عوامل احمليط والبيئة والزمن ،وكان ممن اهتموا
ابلبىن والوظائف االجتماعية ،ووضع نظرايت اجتماعية عديدة ،وله مؤلفات عديدة يف علم
االجتماع منها "تقسيم العمل االجتماعي" ،و"قواعد املنهاج يف علم االجتماع".
-هربرت سبنسر (0113 -0121م) :فيلسوف بريطاين ،فسر الظاهرة االجتماعية
انطالقا من علم األحياء ومن نظرية التطور لداروين ،واعترب أن اجملتمع شأنه شأن أي كائن حي،
يبدأ متجانسا مث مييل إىل التعقيد والاليانس ،وكل ما تطور زاد ظهور وحدات متخصصة داخله،
ألف كتاب "الرجل ضد الدولة".
-اتلكوت ابرسويز (0151 -0112م) :من رواد علم االجتماع األمريكي ونظرية
البنيوية الوظيفية ،له كتاب "النسق االجتماعي" ،نظر إىل الفعل االجتماعي كنسق من السلوك،
ميكن يزئته إىل مكوانت خمتلفة لدراستها ،فهناك الفاعل ،واملوقف ،وهناك املوجه أو الدافع،
والذي قد يكون احلاجة الغريزية أو جمموعة القيم.
-4العوملة:
18
مفهوم العوملة:
هلا تعريفات عديدة منها :انفتاح الدول والشعوب على بعضها ،وذوابن احلدود وانتشار
املعلومة ،وتشابه اجملتمعات واملؤسسات والطبائع االجتماعية ،ومنها :سهولة حركة لناس واملعلومات
والسلع بني الدول ،ويعرفها عامل االجتماعي الربيطاين "روانلد روبرتسون" أهنا :اياه اترخيي حنو
انكماش العامل ،فهي أساسا مفهوم اقتصادي لكن صار هلا تبعات سياسية واجتماعية.
أسباب العوملة:
-الثورة املعلوماتية ،اليت ياوزت احلدود ،وسهلت نقل املعلومة ،وابلتايل نشرت األفكار واملفاهيم.
-اهليمنة االقتصادية :ظهور ما يسمى ابلشركات العظمى املتعددة اجلنسيات ،والرغبة يف فتح
الدول أمام السلع واملنتجات.
-التقارب الثقايف بني البشر ،وهيمنة النموذج الليربايل الغريب.
اآلاثر االجتماعية للعوملة:
رغم أن العوملة ذات منشأ اقتصادي وهدفت أساسا إىل حتقيق مكاسب مالية ،لكن
انعكاسها الثقايف واالجتماعي غري خاف على أحد ،بل هناك من جيعل اجلانب الثقايف
واأليديولوجي قاطرة للظاهرة ،حيث أدت إىل هيمنة النموذج الثقايف الغريب ،وعموم منوذج اجتماعي
واحد عرب العامل ،وحدوث تشابه يف التقاليد والطبائع بني البشر غري مسبوق يف التاريخ ،وذوابن
الثقافات احمللية وانداثرها ،وظهور هرمية جمتمعية جديدة ،على رأسها الشركات العظمى ،وحتول
اجملتمع إىل طبقتني :األثرايء والفقراء.
19
السلطة الزمنية أو السياسية ،ممثلة يف اإلمرباطور وجهازه اإلداري وأتباعه من اإلقطاعيني ،والسلطة
الدينية ،ممثلة يف اباب الكنيسة واملنظومة الكهنوتية ،امتثاال لقول املسيح ": ":أعطوا ما لقيصر لقيصر،
وما هلل هلل" ،واثنيا مبسامهة تعاليم املسيحية يف تكريس قوة وشرعية السلطة السياسية وخضوع الناس
هلا.
لقد كانت أبرز ركائز ومرجعية الفكر السياسي يف بداايت هاته الفرتة هي تعاليم املسيحية
ورسائل املسيح ،اليت نقلها للناس ،مبشرين مثل بولس الرسول ،فحلت إصحاحات اإلجنيل مثل ذلك
الذي ورد يف أحد رسائل بولس" :لتخضع كل نفس للسالطني ،ألنه ليس سلطان إال من هللا" ،حمل
الفلسفة اليواننية والنظرايت البشرية العقلية.
وكان ال بد أن تنشأ نتيجة هذه الثنائية يف السلطة مشكلة السلطة العليا اليت هلا األولوية
ومعضلة عالقة الدين ابلدولة ،فكثريا ما حدث خالف يف الصالحيات بني الباابوات وبني األابطرة
الرومان ،فكتب أسقف قرطبة هوسيوس إىل اإلمرباطور الروماين قسطنطيوس يف منتصف القرن الرابع
امليالدي قائال ":هللا وضع يف يدك اململكة ،وإلينا سلم أمور الكنيسة ،ليس من حقنا أن منارس أمور
الدنيا وليس من حقك أن حترق البخور" ،لكن السلطة السياسية فرضت نفوذها يف القرون األوىل،
ووضعت هي التشريعات السياسية ،خاصة يف روما الشرقية ،لكن منذ تتويج شارملان يف بداية القرن
التاسع امليالدي ،ظهر ما يسمى ابلسمو البابوي ،حيث من ميلك حق التتويج ميلك حق احلرمان،
فقام البااب جرجيوري السابع سنة سنة 1610م ،إبصدار قرار حرمان كنسي ضد امللك األملاين
هنري الرابع ،وفعل البااب جرجيوري التاسع نفس الشيء مع اإلمرباطور فريدريك الثاين سنة
1321م ،وهو ا ألمر الذي دفع الناس للتفكري يف أصل السلطة ،ويف مرجعيتها ويف صحة تدخل
الكنيسة يف الشؤون السياسية ،وكان الصراع بني الكنيسة والدولة وسلطة اإلقطاع ،هو أهم ميزة خالل
القرون الوسطى وهو ما طبع الفكر السياسي الذي أصدر خالهلا.
فلسفة القديس أوغسطني:
20
يعد فكر القديس أوغسطني هو البداية الفعلية للفكر الفلسفي املسيحي ،رغم أنه مل يكن بعيدا
عن أتثري تعاليم املسيحية ،وقد قامت فلسفته السياسية اليت ضمنها كتابه "مدينة هللا" ،على املزج
بني املسيحية والفلسفة اليواننية العقالنية ،ودافع عن مكانة ودور املسيحية وأمهية احلياة الروحية يف
الدولة ،فالدولة يف رأيه تقوم على االرتباط ابهلل وابلفضيلة ويف نفس الوقت تقوم على العدل وحتقيق
مصاحل الناس ،فأوجد بذلك العالقة بني الدين والدولة.
احملاضرة :15الفكر السياسي الغريب من هناية القرون الوسطى وحىت الثورة الفريسية
-0الفكر السياسي األوريب يف عصر النهضة:
أسس الفكر السياسي يف عصر النهضة:
متيزت فرتة ما بعد القرون الوسطى ،ببداية حتلل النظم السياسية السائدة ،القائمة على دولة
اإلمرباطورية والكنيسة واإلقطاع ،ومتيز الفكر السياسي يف عصر النهضة مبجموعة خصائص ومميزات
وأسس جعلته يعترب ثورة على تراث القرون الوسطى:
-االنفتاح على تراث احلضارة اليواننية ،وياوز قيود املسيحية اليت طبعت القرون الوسطى.
21
-إعالء قيمة الفن واألدب واجلمال.
-إعالء قيمة احلرية.
-إعالء قيمة العقل ،وتبين التفسريات العقالنية.
-ارتفاع مكانة العلوم الوضعية ،وتوظيف مناهجها ونظرايهتا.
-األنسنة ،وصعود الفلسفة اليت تعلي من قيمة اإلنسان.
-الفردانية ،تنامي النزعة الشخصية.
-ظهور فكرة الدولة القومية أو الدولة -األمة ،مكان الدولة الدينية.
-ظهور فكرة الدولة املركزية ،اليت تفرض سلطتها اإلدارية يف جزء منها.
-تراجع منط اإلقطاع الفالحي ،وصعود الرأمسالية التجارية.
-التأثر أبفكار اإلصالح الديين ،والصراعات املذهبية.
أبرز منظري الفكر السياسي يف عصر النهضة:
-مكيافيلي :يعد أول وأبرز منظري الفكر السياسي يف عصر النهضة ،ويعترب كتابه "األمري"،
منوذجا مهما عن الفكر السياسي ،خلص فيه عقيدته السياسية ،ووضع تصورا متكامال للدولة
الوضعية املركزية ،وأبرز فيه أفضل طرق احلكم واستقرار الدولة ،وبسط نفوذها ،وحتقيق والء رعاايها،
عرب السياسة الربغماتية والواقعية حأ لو خلت من الفضيلة واخلري.
-جان بودان (0516 -0531م) :مفكر وسياسي وقانوين فرنسي ،طرح فكرة سيادة
الدولة ،واليت متيزها عن ابقي التجمعات ،وهي استقالل السلطة العليا وقراراهتا عن أي إرادة أو جهة
داخلية وخارجية ،وخضوع املواطنني هلا ،وتكون مطلقة وشاملة ودائمة وال ترجع ألي جهة لتفسري
تصرفاهتا أو يف إنشاء قوانينها ،ورغم أنه استبعد احلق اإلهلي يف نشوء الدولة ،لكنه مل يعرتف ابلعقد
االجتماعي ،وأرجع أصل الدولة إىل غلبة جمموعة أو عصبية ضد البقية ،واليت خيرج منها امللك أو
احلاكم ،يف اقتباس لكالم ابن خلدون ،وهو بذلك يساند نظرية احلاكم الوحيد املستبد ،لكنه يعترب
ذلك ضرورة لتجنب الفوضى والصراع ،وللحفاظ على استقرار الدولة ،وقد رأى البعض أنه قد أتثر
22
ابلصراع املذهيب يف أورواب هذه الفرتة ،وله مؤلفني مهمني يف الفكر السياسي" :منهج لتيسري التاريخ"
و"اجلمهورية".
-توماس مور (0535-0451م) :احملامي والفيلسوف اإلجنليزي الذي أعاد طرح نظرية
املدينة الفاضلة ،يف كتابه "يوتوبيا" ،واليت اعتربت تصورا ألفضل أشكال احلكم ،واليت تقوم على
املساواة واالنتخاب احلر ،وعلى امللكية اجلماعية لوسائل اإلنتاج وللثروة ،وعلى تدخل الدولة لتنظيم
كل شؤون احلياة ،مع مراعاة األخالق والفضيلة ،وهي نوع من إرهاصات الشيوعية واالشرتاكية غري
امللحدة.
-ماراتن لوثر ( :)0546 -0413الراهب األملاين وأحد رموز حركة اإلصالح الديين واملذهب
الربوتسانيت ،رغم ثورته على النظام الديين القائم ،وعلى تغول الكنيسة ،لكنه أصل الحرتام السلطة
الزمنية ،واخلضوع للنظام السياسي القائم ،كما يرد يف رسالته" :حبث حول السلطة الزمنية وحدود
طاعة الواجبة هلا" سنة 1132م ،الذي برر فيه حأ استخدام السيف من قبل السلطة حلفظ النظام
والقانون.
-حنا كالفن (0555-0511م) :أحد رموز حركة اإلصالح الديين ،وصاحب نظرية سياسية
طرحها يف كتابه "مؤسسة الدين املسيحي" ،دعت إىل اجلمع بني النظام املدين ،القائم على القوانني
الوضعية وعلى النظام التيوقراطي ،ذو املرجعية الدينية ،واقرتح منوذجا للملكية الدستورية ،حيث ميكن
أن توجد جمالس منتخبة تساعد وتصحح مسار امللك ذو السلطة املطلقة.
-0الفكر السياسي الغريب يف عصر التنوير وحىت الثورة الفريسية:
عصر التنوير هو الفرتة اليت أعقبت عصر النهضة األوربية ،وميتد من هناية القرن السادس عشر
وحأ الثورة الفرنسية ،وقد متيزت فلسفة هذا العصر ،ابالعتماد على املنهاج العلمي ،وبتوظيف
القوانني العلمية ،ومبادئ الرايضيات والفيزايء وعلوم الطبيعة يف تفسري الظواهر وبناء األفكار ،واستمر
السعي خلف البحث أن أفضل النظم السياسية.
23
-توماس هوبز (0651 -0511م) :من فالسفة العقد االجتماعي ،حيث الدولة تنشأ على
تعاقد أفراد الشعب وتفويض سلطتهم إىل هيئة حاكمة ،ورغم أتثره ابملنهج العلمي ومبادئ عصر
التنوير العقلية والتجريبية ،لكنه احناز للسلطة املطلقة ،متأثرا حبالة اخلوف اليت الزمته من واقع بالده
إجنلرتا أثناء فرتة الثورات والفوضى اليت أملت هبا ،فاعترب يف كتابه الذي احتوى جممل أفكاره السياسية
"اللفيااثن"" ،أن حقوق األفراد تزول مبجرد تنازهلم للسلطة املشرتكة ،اليت يصبح من حقها ابسم
اجلميع تطبيق القوانني اليت تضعها وحتقيق السالم ،ولو حبد السيف ،وال حقوق لألفراد إال ما تقره
هذه السلطة.
-جون لوك ( :)0514 -0632أحد أهم فالسفة العقد االجتماعي ،قام فكره السياسي
الذي عرب عنه مؤلفه":رسالتان يف احلكم" ،على التوازن بني حقوق السلطة واألرستقراطية والشعب،
واعتبار الشعب منشأ السلطة ،حيث يتعاقد األفراد على التنازل عن حقوقهم لسلطة مركزية ،تقيم
العدل وحتمي الثروات ،لكن ال يعين هذا إلغاء احلقوق واحلرايت الفردية ،بل الدولة جمرد منظم
ومنسق وحامي ،ومن حق الشعب الثورة عليها إذا أخلت بدورها واخرتقت احلقوق الفردية ،وهلذا
اعترب جون لوك أبو الليربالية احلديثة.
-جون جاك روسو(0551 -0502م) :يعد رأس فالسفة العقد االجتماعي ،وهو من وضع
أسس نظرية العقد االجتماعي يف مؤلفه الذي حيمل نفس االسم ،حيث الشعب هو املرجعية
الوحيدة للسلطة ،اليت تنشأ ابتفاق وشراكة مجاعية بني األفراد ،على التنازل عن بعض خصوصياهتم
للسلطة املركزية اليت ترعى احلقوق وحتفظ األمن ،ويتم سحب ذلك التفويض فورا إذا ما أخلت تلك
السلطة حبدود العقد املربم ،واعترب هذا الفكر هو األرضية اليت مهدت لقيام اجلمهورايت احلديثة.
-مويتسكيو (0555 -0611م) :فيلسوف وأديب ورجل قانون فرنسي ،أهم مؤلفاته" :روح
القوانني" ،والذي ضمنه معامل فكره السياسي ،ويعترب أبو نظرية :الفصل بني السلطات ،وأحد اآلابء
الروحيني لليربالية والنظام اجلمهوري ،الذي هو أفضل نظام لضمان حرية اإلنسان املقدسة.
24
-فولتري (0551-0614م) :كاتب وفيلسوف فرنسي ،من أعالم احلركة الرومنسية ،من
دعاة امللكية املعتدلة واالستبداد املنري.
-دفيد هيوم (0556 -0500م) :فيلسوف ومؤرخ اسكتلندي ،مل تكن له أعمال سياسية
مستقلة ،لكن له آراء يف الدولة واحلكومة ،يف بعض املؤلفات ،مثل ":مقاال أخالقية وسياسية".
25
صلى هللا عليه وسلم من سنة نقلية ،أثبتت وجود أركان تلك الدولة ،ودعت لطاعة والهتا ما
التزموا ابحلق.
املصلحة العامة وما يقتضيه العقل :حيث ذهب كثري من فقهاء اإلسالم إىل وجوب اخلالفة
والدولة مبقتضى العقل ،وما تفرضه مصلحة العامة واخلاصة من وجود سلطة لتنظم حياة الناس
ومتنع اخلصومات وتؤدي احلقوق.
-2فلسفة احلكم يف اإلسالم:
قامت فلسفة السياسة اإلسالمية على جمموعة أسس وأركان ومقاصد ،وهنا جيب التفريق بني
أحكام اإلسالم ال نظرية وبني فلسفته اجملردة ،وبني التطبيقات والنماذج اإلسالمية اليت عرفها التاريخ
اإلسالمي:
وجوب وجود اخلالفة أو اإلمامة أو الدولة :رغم اخلالف على مرجع الوجوب الشرعي والعقلي،
وعلى شكل الدولة ،لكن اتفق بني اجلميع على وجوب قيام الدولة ،اليت تسوس أمور املسلمني.
مقصد وجود الدولة :هو حلفظ الدين وسياسة الدنيا ،أي لتطبيق أحكام الشريعة ،اليت جزء مهم
منها مثل ركن الزكاة ومثل احلدود ،ال يطبق إال يف وجود إمام املسلمني ،وحلفظ مصاحل الناس
الدنيوية ،من تطبيق للقوانني وحفظ للحقوق وحتقيق العدل.
مرجعية الدولة الشريعة اإلسالمية :أي احلكم مبا أنزل هللا ،من قرآن وسنة نبوية ،رجوعا إىل ما
نص عليه القرآن الكرمي" :ومن مل حيكم مبا أنزل هللا فأولئك هم الكافرون" و"فال وربك ال
يؤمنون حأ حيكموك فيما شجر بينهم مث ال جيدوا يف أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا
تسليما".
الشورى هي ركيزة الدولة وعماد احلكم :امتثاال ألمر هللا " وأمرهم شورى بينهم" ،ولكثري من
وصااي الرسول عليه الصالة والسالم.
26
الرضا بني احلاكم واحملكوم :حيث تشددت أحكام اإلسالم يف رفض إمامة املغتصب املرفوض
من مجهور األمة ،كما تثبته كثري من الشواهد ،مثل حديث" :ثالثة ال تقبل صالهتم ،رجل أم
قوم وهم له كارهون" ،وإمامة األمة حممولة على إمامة صالة.
طريقة اختيار احلاكم أو اإلمام :اختلف فيها ،بني النموذج النبوي والراشد ،الذي قام على
االختيار احلر ،بني خنبة األمة ،وهم من اصطلح عليهم فيما بعد أبهل احلل والعقد ،وبني
التوريث الذي اقتبسته التجارب السياسية الالحقة ،أتثرا ابلنماذج الفارسية والرومانية.
البيعة شرط لصحة تويل اإلمام أو احلاكم :واختلف بني بيعة أهل احلل والعقد ،وبيعة العامة،
لكن هناك اتفاق على وجوب أخذ البيعة ،وقبول األمة ابحلاكم.
عدالة احلاكم وعلمه وورعه وكفاءته ،شروط ملزمة ،لتويل منصب اإلمامة الكربى.
احلاكم جيمع السلطة الدينية والزمنية ،بوصفه أمريا للمؤمنني.
أولوية درء الفتنة على تطبيق العدل.
-3أبرز أعالم الفكر السياسي يف التاريخ اإلسالمي:
لقد انقسم مفكرو اإلسالم السياسيني بني تيار فقهي واقعي ،انطلق من الواقع السياسي وبىن فكره
على ما أفرزه التدافع السياسي اإلسالمي التارخيي ،وبني تيار فلسفي مثايل ،انطلق من النموذج
املنشود ال النموذج املطبق:
املاوردي (451 -364هف0151 -155 /م) :فقيه شافعي كبري وقاضي قضاة
وسياسي يف أواخر عهد الدولة العباسية ،كانت له مؤلفات فقهية عظيمة ،ترك مصنفات سياسية
غاية يف األمهية ،أشهرها :األحكام السلطانية ،الذي يعترب موسوعة سياسية ،احتوت أهم أركان
وأسس ومظاهر الفلسفة السياسية ،لدى املسلمني ،ال حسب املثالية النظرية ،لكن حسب ما
جسده واقع تعامل املسلمني السياسي.
الفرايب :رائد الفلسفة اإلسالمية والفكر السياسي ا إلسالمي ،قام مذهبه السياسي على التوفيق
بني تعاليم اإلسالم والفلسفة اليواننية ،فهو مذهب فكري علمي جمرد ،أتثر أبفكار أفالطون ،وخلف
27
العديد من املصنفات السياسية مثل":آراء أهل املدينة الفاضلة" ،و"حتصيل السعادة" ،والسياسات
املدنية" ،احتوت على الكثري من التصورات عن النظم السياسة املنشودة ،وعلى هيكل الدولة
السياسي املثايل ،وكثري من النظرايت ا لسياسية غري املسبوقة إسالميا ،مثل نظرية احلاكم الفيلسوف،
واجمللس الرائسي.
ابن سينا :الطبيب والفيلسوف اإلسالمي املشهور ،له اجتهادات ونظرايت تصنف ضمن الفكر
السياسي ،مثلما جاء يف الفصل اخلامس من املقالة العاشرة من الكتاب األول من مصنفه الشفاء،
حتت عنوان" :فصل يف اخلليفة واإلمام ووجوب طاعتها ،واإلشارة إىل السياسات واملعامالت
واألخالق".
ابن رشد :فيلسوف إسالمي عظيم ،له مؤلفات كثرية مهمة ،مزج بني التأثر ابلفقه اإلسالمي
الذي تشرب به يف وسطه العائلي العلمي ابألندلس ،وابلعقالنية اليواننية وآراء فالسفتها العظام
خاصة أرسطو وأفالطون ،وله آراء سياسية مهمة يف مصنفه" :تلخيص السياسة" ،عن السلطة
والدستور األفضل لسياسة املدن وحكم الشعب ،يتمحور فكره حول نظرية املدينة الفاضلة.
ابن خلدون :سيأيت احلديث عنه يف احملاضرة القادمة.
28
فجاء فكر ابن خلدون السياسي يف شق منه أتصيل ملا هو موجود من أشكال السلطة املتعارف
عليها يف الدول اإلسالمية حأ ذلك الوقت أي نظرة استقرائية اترخيية ،ويف جزء منه نظرايت عامة
مبنية على العقل والتفكري والتحليل ،تصلح لكل زمان ومكان ،وتقوم على شروط ومنهج علمي
وعلى االستنباط ،فهي تنظري علمي.
-2يظرية ابن خلدون يف يشأة وأصل الدولة والسلطة:
يعترب ابن خلدون أحد رواد نظرية ضرورة االجتماع البشري ،و"أن اإلنسان مدين بطبعه" ،وألن
هذا االجتماع ال يستقيم إال بوجود وازع أو حاكم يرجعون إليه للفصل يف التخاصم والتنازع ،فوجود
السلطة أيضا ضرورة الستقامة احلياة ،واقتضاها وجود االجتماع نفسه ،أما القوانني فمرجعها إما ديين
وإهلي ،أو عقلي يضعه الناس حلفظ مصاحلهم.
ويعترب ابن خلدون أن التجمعات البدوية هي أصل اجملتمع والعمران والدولة ،حيث كان الناس
يتجمعون على ما حيفظ بقائهم مثل الزراعة أو الرعي ،ومقصده يف ذلك أوىل التجمعات البشرية
املتوحشة اليت كانت على الفطرة ،وال تتوفر سوى على األدوات الضرورية للحياة ،وبعد مرور الزمن،
تطورت عوائدهم ،وياوزوا عن الضروري إىل الكمايل ،فظهرت البيوت واملدن واألمصار وكثرت
األقوات واملالبس واألواين ،وظهرت التجارة والصناعة.
ويرجع ابن خلدون أصل السلطة والدولة إىل عنصر (العصبية) ،وهو مفهوم جوهري يف اجملتمع
والدولة عنده ،يعرفه أبنه :تكتل ينشأ داخل أي يمع ،عبارة عن التحام ابلنسب أو ابحللف والوالء،
يلتف حول رئيس أو زعيم أو كبري ،تتشكل مبوجبه نزعة للمناصرة والنعرة ،وله أصناف ،فهناك
العصبية القريبة األشد االلتحاما ،ملن جيمعهم النسب الواحد والدم الواحد ،وهناك العصبية العامة،
يمع العصائب اخلاصة واألنساب البعيدة.
والعصبية يف رأي ابن خلدون هي من منشأ السلطة ،حيث يقوم تدافع بني العصبيات داخل
أي جمتمع ،والعصبية الغالبة هي اليت ترأس التجمع ،ويذعن البقية هلا ،ويكون الرئيس هو صلب
وقلب العصبية املتفوقة ،ويرى ابن خلدون أن العصبية إذا سادت يف مكان واستقر هلا األمر ،تتجاوز
29
إىل إخضاع عصبيات أخرى عددية ،حأ يتوسع سلطاهنا وتنشأ جراء ذلك دولة ،ويقوم امللك،
وامللك مرتبة أكثر من الرائسة يف رأي ابن خلدون ،فهي قائمة على اإلتباع ،وامللك قائم على التغلب
واحلكم والقهر.
-3يظرايت ابن خلدون يف مظاهر ولوازم السلطة:
وقد فصل ابن خلدون يف كل ما يتعلق بشكل السلطة واجلهاز اإلداري للدولة ،وأصناف
احلكم ،وطريقة تعيني احلكام ،وشروط تويل اإلمارة وخمتلف ألقاب موظفي الدولة يف الدول
واحلضارات املختلفة ،ولوازم منصب احلاكم ،والشارات واملظاهر والشكليات اليت ترافقه ،وشرح العديد
من املفاهيم مثل :اخلالفة واإلمامة وامللك ،ووالية العهد والبيعة والبابوية والوزارة وديوان اجلباية والشرطة
والسكة.
-4يظرايت ابن خلدون يف التدافع بني االدول:
خلف ابن خلدون العديد من النظرايت اليت تفسر ظواهر التدافع بني الدول وقيام
احلروب وغلبة أمة على أمة ،ومن تلك النظرايت" :أن األمم الوحشية أقدر على التغلب على
سواها"" ،أن الدولة العامة االستيالء العظيمة امللك ،أصلها إما نبوة أو دعوة حق" ،ويقصد هنا أن
اإلمرباطورايت العظيمة تقوم عل ى إيديولوجيا أو فلسفة حقانية عادلة" ،الدولة املستجدة تستويل على
الدولة املستقرة ابملطاولة ال ابملناجزة" ،أي أن الدولة احلديثة أقدر على االنتصار على الدولة القدمية،
لكن ابلصرب واملثابرة ،وليس ابحلروب" ،أن املغلوب مولع بتقليد الغالب" " ،أن األمة املغلوبة التابعة
يسرع إليها الفناء".
-5يظرايت ابن خلدون يف االقتصاد السياسي:
سبق ابن خلدون املفكرين والفالسفة ،يف طرح نظرايت عظيمة تتعلق بتأثري السياسة
والسلطة يف االقتصاد ويف نشاط اإلنسان املعيشي ،وأصل للمنتجات احلضارية اليت تفرزها الدول
والتجمعات اإلنسانية ،ومن ذلك" :أن املدن العظيمة واهلياكل املرتفعة يشيدها امللك الكثري" ،وقصده
أن املنجزات احلضارية العظيمة ،ختلفها احلضارات الكبرية ،و"التجارة من السلطان مضرة ابلرعااي
30
مفسدة للجباية" ،وقصده أن مزامحة السلطة للمواطنني يف التجارة وتكسب احلاكم وحاشيته ،يؤدي
إىل فساد االقتصاد وركوده ،و"النقص يف العطاء من السلطان نقص يف اجلباية" ،أي أن إحجام
السلطة عن ضخ األموال يف االقتصاد ،يؤدي إىل ركوده ،وهذه النظرية هي عماد نظرية كينزي
املعاصرة يف تسيري االقتصاد.
-6يظرايت ابن خلدون يف عمر الدولة وشروط قوهتا وعوامل ضعفها:
ويعترب هذا اجلانب هو األهم يف الفكر السياسي اخللدوين ،حيث خلد الرجل امسه مبجموعة
نظرايت علمية ،عن أحوال الدول وأطوارها وأسباب قوهتا وعوامل ضعفها ،أثبتت التاريخ والعلم
صحتها وعبقريتها ،فإليه تنسب نظرية "أن الدولة هلا أعمار طبيعية كما لألشخاص" ،ونظرية" أن
للدولة أطوارا متر هبا" ،حيث أن كل دولة وحضارة متر بثالثة أطوار ،طور النهوض والتأسيس ،يكون
بداية على عهد جيل البداوة واخلشونة والكفاح ،مث أييت اجليل الثاين الذي يستفيد من الرخاء والقوة
اليت بناها اجليل األول ،فيكون أقل قوة ،لكن الدولة تستمر يف عهده لوجود بعض مقومات البقاء ،مث
أييت الطور الثالث مع اجليل األخري ،الذي ينغمس يف اللذات والرفاهية الكبرية اليت نتجت عن عظم
الدولة وقوة حضارهتا فتقدم الدولة على اهلرم وتضعف تسقط ،وهناك نظرية" أن العصبية تنتج القوة
والق وة تنتج امللك ،وامللك ينتج الرفاهية ،والرفاهية تسقط الدولة" ،وهناك نظرية" :الظلم مؤذن خبراب
العمران" ،وهناك نظرايت أخرى كثرية كلها تؤصل لنهوض الدول واألحوال اليت تطرأ عليها ،والعوامل
اليت تؤدي لسقوطها.
31
وصقلت عرب الزمن ،وتقوم فلسفتها السياسية ،على وجوب احلد من صالحيات السلطة
السياسية ،ومنعها من التدخل يف احلياة الشخصية والعالقات االجتماعية أو حأ يف االقتصاد
والدين ،وقصر وجودها على تنظيم احلياة ومحاية حقوق وحرايت األفراد ،فيه بذلك تدعو إىل حرية
املعتقد وحرية التعبري وحرية التملك وحرية اإلنتاج واملنافسة واالغتناء.
مبادئ الليربالية :تقوم الليربالية على جمموعة أسس ومبادئ:
-املساواة بني البشر :فتلغي الطبقات واالمتيازات.
-احلرية :وتشمل احلرية الفكرية واالجتماعية والسياسية واالقتصادية.
-الفردايية :حيث حرية الفرد وحقوقه الشخصية مقدمة على اجملتمع ،وال يتدخل اجملتمع يف الفرد
إال عندما يضر به.
-حياد السلطة :وعدم تدخلها يف حتديد أي منط اجتماعي أو فكري أو اقتصادي أو فين.
-عدم وجود مرجعية للدولة :ال دينية وال أيديولوجية وال عرقية ،ومرجعها الوحيد هو الشعب.
-النفعية :كأساس لألخالق والتصرفات ،فاألفعال تكون صوااب بقدر ما تنتج من سعادة،
والعكس صحيح ،والرغبة يف حتقيق أكرب قدر من السعادة هي دافع الفرد وسبب وجود الدولة.
أبرز منظري الليربالية:
توجد جذور لليربالية يف الفلسفة اإلغريقية القدمية ،لكنها ظهرت فعليا يف عصر التنوير،
وتطورت خالل القرنني الثامن والتاسع عشر ،وساهم فيها الكثري من الفالسفة ،بعضهم سبق ذكرهم
مثل :توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو ومنتسكيو ودفيد هيوم وآخرين سيأيت ذكرهم.
-أدمويد بريك (0515 -0525م) :سياسي أيرلندي ،وليربايل واألب الروحي للتيار احملافظ
املعاصر ،ورغم مناصرته لتوازن السلطات والحرتام الدستور وللحرية الشخصية ،لكنه كان ينتصر
للتقاليد والعرف وللدين والنظم التقليدية القائمة ،ويصنف كعدو للثورة الفرنسية ،مل سببته من
فوضى واستبداد ابسم احلرية ،وأهم مصنف سياسي له هو" :أتمالت يف الثورة الفرنسية".
32
-جون مل ستيوارت (0153 -0116م) :فيلسوف واقتصادي إجنليزي ،من رواد املذهب
النفعي ،ويعترب من أهم منظري الليربالية ،حيث له نظرايت حول احلرية الشخصية وحول السلطة
وكثري من قضااي اجملتمع مثل العبودية واالستعمار واالستبداد والدميقراطية والربملان والتمثيل واملساواة
وحقوق النساء واالشرتاكية ،له مؤلفات كثرية يف الفلسفة واالقتصاد والسياسة.
-ألكسي دي توكفيل (0151 -0115م) :مؤرخ ومنظر سياسي فرنسي ،ليربايل كالسيكي
من أنصار احلكم الربملاين ،ومعارضي الدميقراطية املفتوحة ،من أشهر أعماله" :يف الدميقراطية
األمريكية".
-آدم مسيث (0511 -0523م) :فيلسوف ورجل اقتصاد اسكتلندي ،يعترب مؤسس
الليربالية االقتصادية وأب االقتصاد احلديث ،حيث دعا إىل حرية املبادرة لشخصية ونزع القيود
أمام الفرد ليعمل وينتج ويتملك ويغتين ،من أشهر أعماله "ثروة األمم".
-2االشرتاكية:
مفهوم االشرتاكية:
هي فلسفة سياسية ،ظهرت يف بداية القرن التاسع عشر كرد فعل على انتشار الرأمسالية والثورة
الصناعية ،تقوم على امللكية اجلماعية لوسائل اإلنتاج ،وإشراف الدولة على شؤون احلياة وعلى
االقتصاد ،واستهدفت القضاء على كل أشكال االستغالل والتفاوت الطبقي ،وحتقيق العدالة
االجتماعية وحترير البشر من العمل لدى اآلخرين ،بل جعل اجملتمع حكرا على العمال والفالحني،
حيث تنبثق السلطة منهم بشكل مجاعي.
جذور االشرتاكية عرب التاريخ:
ظهرت بواكري االشرتاكية يف العصور القدمية يف فكر أفالطون عندما دعا إىل اشرتاك الناس
يف بعض املمتلكات واملرافق درءا للنزاع ،ويف فكر مزدك بن موبذان الفارسي مؤسس املزدكية يف
بداية القرن السادس امليالدي ،اليت دعت إىل اشرتاك الناس يف األموال واملنافع ،كما كانت هناك
33
بعض مالحمها يف اإلسالم ،حني دعت تعاليمه إىل العدالة االجتماعية وإىل اشرتاك الناس يف املرافق
العامة ،كما جاء يف حديث" :الناس شركاء يف ثالث؛ املاء والنار والكأل".
وقد ظهرت إرهاصات االشرتاكية احلديثة يف أفكار توماس مور ،حني دعا إىل بناء املدينة
املثالية اليت تقوم على امللكية اجلماعية لوسائل اإلنتاج والثروة وعلى تدخل الدولة لتنظيم شؤون
احلياة ،مث تبلورت معاملها على يد فالسفة القرن التاسع عشر ،مثل سان سيمون وشارل فورييه
وماركس وأجنلز.
مدارس اإلشرتاكية:
تنقسم االشرتاكية من حيث املنظرين واألفكار واألسس إىل جمموعة مدارس:
-االشرتاكية الطوابوية :أو املثالية ،ترتكز على النزعة اإلنسانية واألخالقية يف مواجهة الرأمسالية،
دعت إىل تعاون كل طبقات اجملتمع لتحقيق العدالة االجتماعية واملساواة والقضاء على النظام
الطبقي واختفاء النبالء ،وتوفري التعليم الشامل والعمل التعاوين وإحالل الرفاهية والسعادة ،وهذا
كله بطرق سلمية بعيدا عن العنف الثوري ،ومن أبرز رموز هذه املدرسة :هنري كلود سان سيمون
(1831-1106م) وشارل فورييه (1821 -1113م) يف فرنسا ،وروبرت أوين
( )1818 -1111ووليم كودين (1820-1110م) يف إجنلرتا ،ولودفيغ فويرابخ
(1813 -1863م) يف أملانيا.
-املدرسة العلمية :حياول منظروها أن يبنوا أفكارهم على منطلقات علمية ،يف نقد الرأمسالية،
وعلى ما ميسى ابلدايلكتيك التارخيي ،ويتطرفون يف رفض الرأمسالية ،وتبين العنف الثوري ،من أجل
إحالل اجملتمع االشرتاكي ،الذي تنعدم فيه الطبقات وتسيطر فيه الدولة بشكل كامل ،والذي
يصل يف النهاية إىل الشيوعية املطلقة ،حيث تلغى الدولة ،ومن أبرز منظريه كارل ماركس وفريديرك
إجنلز.
-3الدميقراطية:
مفهوم الدميقراطية:
34
عرفها كثري من املفكرين بكوهنا اإلدارة أو السلطة اليت يتفق عليها الشعب ،واليت هتدف إىل
اإلشراف على تنظيمه وحفظ مصاحله وعالقاته وحتقق اخلري العام ،فهي انبثاق السلطة من أغلبية
الشعب ،عرب اختيار حر وعادل ،ينتج عنه اصطفاء خنبة متثل الشعب وحتكم ابمسه.
أسس الدميقراطية:
-االيتخاابت :احلرة العادلة املمثلة ،واليت يصل عربها ممثلو الشعب إىل أجهزة احلكم.
-احلرايت املديية :حرية التعبري والصحافة والتجمع واملعارضة وتشكيل أحزاب سياسية.
-فصل السلطات واستقالل القضاء :مبا حيقق التوازن ،ويضمن عدم تغول أي سلطة ،ويضمن
أن يصل كل مواطن حلقه ،أو يعاقب على جرمه.
-سيادة القايون :واليت يعل مجيع املواطنني سواسية ،وتنزع احلصانة عن أي شخص أو طرف أو
مؤسسة.
-تكافؤ الفرص :أمام اجلميع يف السياسة واالقتصاد وكل اجملاالت.
أشكال وأصناف الدميقراطية:
-الدميقراطية املباشرة :وهي مشاركة مجيع أفراد الشعب يف اختاذ القرارات السياسية.
-الدميقراطية التمثيلية :وهي نيابة خنبة من اجملتمع يف متثيل مجوع الشعب يف ممارسة السياسة.
-الدميقراطية االجتماعية :وهي مرادف لالشرتاكية ،وترتكز على العدالة االجتماعية.
أيواع النظم الدميقراطية:
-الدميقراطية الرائسية :حيث خيتار الرئيس والربملان بشكل منفصل ،وتتوزع الصالحيات بني
الرئيس وبني الربملان ،وللرئيس احلق يف اختيار اجلهاز التنفيذي ،وللربملان احلق يف التشريع واختيار
املراقبة.
-الدميقراطية الربملايية :ينتخب الشعب أساسا ممثليه يف الربملان ،ومنه ينبثق اجلهاز التنفيذي،
ويوجد يف النظم امللكية الدستورية أو اجلمهورايت الربملانية.
اتريخ الدميقراطية:
35
وجدت الدميقراطية فكرا وتطبيقا يف كثري من النماذج السياسية منذ احلضارات القدمية،
وحتديدا منذ عهد اإلغريق حيث وجدت تقاليد دميقراطية ولو غري انضجة ،عرب مشاركة املواطنني
املتمتعني حبقوق املواطنة يف مناقشة شؤون السلطة ،ومن خالل مناقشة الكثري من الفالسفة حلقوق
الشعب وأشكال السلطة ،مثل أفالطون يف "اجلمهورية".
وظهرت مالمح دميقراطية تقوم على متثيل النخبة للمجتمع يف عهد اخلالفة الراشدة يف اجملتمع
اإلسالمي ،وظهرت مناذج مشوهة من الدميقراطية يف املدن اإليطالية يف مستهل عصر النهضة،
وخالل بعض التجمعات الفالحية البسيطة عرب مناطق العامل ،وحأ وسط بعض األخوايت املسيحية
أو الدينية األخرى ،لكن الدميقراطية بشكلها احلديث ظهرت بعد أتثري أفكار فالسفة عصر التنوير
عن العقد االجتماعي واملساواة وفصل السلطات ،فظهرت امللكية الدستورية يف بريطانية بعد الثورة
اجمليدة سنة 1088م ،مث جاءت الثورة الفرنسية سنة 1181م ،لتكون أكرب مؤثر يف ميالد
الدميقراطية احلديثة ،ومبوازاهتا قامت الثورة األمريكية ،لتعلن والدة مجهورية الوالايت املتحدة
األمريكية ،أحد أبرز مناذج ويليات الدميقراطية.
36