You are on page 1of 26

‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺑوﺿﯾﺎف ﺑﺎﻟﻣﺳﯾﻠﺔ‬

‫ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻻﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‬


‫ﻗﺳم ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع‬

‫ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ ﻣﻘﯾﺎس‬

‫علم االجتماع وقضايا الوطن العربي‬

‫إﻋداد‪ :‬ع‪.‬ﺟرار‬

‫اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪2021/2020 :‬‬


‫‪ .1‬مدخل لعلم االجتماع في الوطن العربي‪:‬‬

‫ظهر علم االجتماع (كما هو متداول عالميا) في العالم الغربي‪ ،‬ثم ارتحل إلى المجال العربي‪ ،‬وهذا ما‬

‫يستدعي عملية تأصيله في البيئة والثقافة العربية وتبيان أهم المناهج والمادة المعرفية التي اعتمد عليها‪،‬‬

‫وبذلك سنحاول من خالل هذه المحاضرات في مقياس "علم االجتماع وقضايا الوطن العربي" توضيح‬

‫االزمة التي تهيمن عليها الرؤية الوضعية على مفاهيم علم االجتماع ونظرياته وأدواته والعمل على محاولة‬

‫تفحص بعض االعمال واالبحاث التي قام بها بعض الباحثين في العالم العربي ألجل تأصيل علم‬

‫االجتماع‪ ،‬فيكون بذلك طرح لبديل لعلم االجتماع الغربي‪ ،‬بعلم االجتماع العربي الذي لديه مرجعية‬

‫معرفية عربية والذي يساهم في دراسة الفعل االنساني في إطار منظومة الثقافة والقيم العربية‪.‬‬

‫أكد العديد من الباحثين في ميدان العلوم االنسانية‪ ،‬أن الفكر االجتماعي يؤثر ويتأثر بالظروف‬

‫االقتصادية والسياسية واالجتماعية في المجتمع‪ ،‬فهو بذلك يكون في بعض االحيان أكثر توضيحا للواقع‬

‫ويتجاوزه في أحيان أخرى‪.‬‬

‫إن الواقع الذي ظهر فيه علم االجتماع في الوطن العربي هو واقع االستعمار الذي كان هدفه تقسيم‬

‫الوطن العربي إلى مناطق ودويالت سياسية يتم فيه وضع نفوذه الستغاللها مع تحالفاته الخارجية‪.‬‬

‫وقد أكد التاريخ أن الدراسات االجتماعية واالنثروبولوجية في تلك الحقبة االستعمارية كانت لخدمة مصالح‬

‫المستعمر‪ ،‬فكانت عبارة عن بحوث ميدانية ملمة بكل جوانب الحياة االقتصادية واالجتماعية والدينية في‬

‫مستعمراتهم مستخدمين طرق ومناهج بحثية عديدة استطاعت من خاللها وضع نتائج وحقائق تاريخية‬

‫اتخذت كمرجع في مستقبل البحوث االجتماعية‪ ،‬ال يستطيع التاريخ تجاهلها‪ ،‬وأصبحت أيضا بحوثا‬

‫أكاديمية في العديد من الجامعات والمعاهد على هيئة "نماذج إرشادية" كانت بمثابة قاعدة وأساس علم‬

‫االجتماع آنذاك‪.‬‬
‫أما بالنسبة لفترة "بعد االستقالل" فقد قام العديد من المختصين والباحثين في المجال االجتماعي بدراسات‬

‫وبحوث ساهم ت في خلق العديد من التخصصات في مجال العلوم االنسانية واالجتماعية في الجامعات‬

‫والمعاهد العربية التي استطاعت أن تقسم وتصنف هذا العالم إلى مستويات في مؤسسات تعليمية يمارس‬

‫فيها العديد من أشكال البحث االجتماعي والسوسيوثقافي الذي يلتزم شكال ومضمونا بالمنهج العلمي من‬

‫قبل أساتذة ومتخصصين في علم االجتماع‪.‬‬

‫وقد كانت معظم كتابات ومؤلفات الباحثين في تلك الحقبة ترتكز على التعريف بعلم االجتماع‬

‫وبموضوعاته وشرعيته وعاميته الفائقة لدراسة المجتمع ‪ ،‬لكنها تنادي بالتحديث والتغريب بمعنى أنها تقليد‬

‫للغرب وكدليل على ذلك كتاب "ينقوال حداد" الذي تطرق فيه للنظرية الداروينية والنظرية التطورية مترجما‬

‫أعمال "هربرت سبنسر"‪ ،‬فتميزت هذه المرحلة بصراع بين التحديثيين والتقليديين(علماء المشايخ)‪ ،‬فظهر‬

‫بذلك الصراع في علم االجتماع بين ماهو "ديني وعلمي" فحاولت معظم الدراسات جعل الدين مجرد تراث‬

‫ثقافي في االرث الحضاري ‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬أحمد ابراهيم خضر ( ‪ )2000‬اعترافات علماء االجتماع العرب (عقم النظرية وقصور المنهج‬

‫في علم االجتماع)‪ ،‬ط ‪ ،1‬لندن‪ :‬منشورات المنتدى االسالمي‪.‬‬

‫‪ . 2‬ابو بكر احمد بلقادر‪ ،‬عبد القادر عرابي ( ‪. )2006‬آفاق علم اجتماع عربي معاصر ‪ ،‬دمشق‪:‬‬

‫دار الفكر‪.‬‬

‫‪ . 3‬محمد أحمد الزغبي‪ .‬علم االجتماع في الوطن العربي‪ .‬موقع الحوار المتمدن‪ .‬تاريخ الرفع‬

‫‪www.ahewar.org 15.10.2019‬‬
‫محاضرة ‪02‬‬

‫‪ .1‬السوسيولوجيا الغربية في الوطن العربي‬


‫‪ 1.1‬السوسيولوجيا الغربية‪ ...‬مقاربة تاريخية‬

‫أجمع العديد من السوسيولوجيين على أن علم االجتماع جاء كرد فعل لمشكلة النظام في المجتمع‪،‬‬
‫وربما كان هذا من أسباب الترابط العميق بين النظرية السوسيولوجية والواقع الذي تفسره‪ ،‬فكل نظرية تعتبر‬
‫انعكاس لواقع اجتماعي معين‪ ،‬مهما كانت درجة التجديد في تلك النظرية‪ ،‬لذلك سنحاول فيما يلي‬
‫وباختصار شديد التطرق إلى تاريخ السوسيولوجيا الغربية مع الحديث عن االزمة التي تناولها العديد من‬
‫العلماء كل بطريقته وايديولوجيته‪.‬‬

‫إن علم االجتماع كما نعرفه اليوم والذي يتخذ من المجتمع والفرد موضوعا له‪ ،‬لم يقدر له الظهور لوال‬
‫التطور الذي شهدته مختلف العلوم االجتماعية األخرى والتي استلزمت وجود نماذج جديدة للنشاط الفكري‪،‬‬
‫واذا كان العرف يحدد والدته في القرن التاسع عشر‪ ،‬فإن العالم الغربي قد شهد قبل هذا التاريخ ثورات‬
‫عديدة‪ ،‬تمتد جذورها إلى عصر النهضة وذلك في كافة المستويات الدينية واالقتصادية والسياسية والعلمية‪،‬‬
‫هذه التحوالت العميقة وأخرى عديدة كانت بمثابة األرضية الموضوعية والخصبة لقيام علم االجتماع‬
‫وظهوره ضمن خريطة العلوم كعلم قائم بذاته يراد به فهم جل تلك التحوالت الجذرية التي عرفها الغرب‪،‬‬
‫وكان اوغست كونت(‪ )1857-1798‬وهو المؤسس الفعلي لعلم االجتماع متأث ار بتلك األوضاع الجديدة‬
‫التي خلفتها الثورات السياسية والصناعية على جسد المجتمع‪ ،‬لكنه بالمقابل يرى أن فهم المجتمع شيء‬
‫ممكن على ضوء العلم الجديد مستعينا بالعلم والمعرفة‪ ،‬وحسب اغست كونت فإن من بين األساليب التي‬
‫يعتمدها علم االجتماع كأسلوب جديد لمعرفة وفهم المجتمع هو اعتبارها تلك الظواهر االجتماعية كأشياء‬
‫كما هو الشأن بالنسبة للظاهرة المباشرة في العلوم الطبيعية‪ ،‬وبمعنى أخر لكي نحقق فهم صحيح للظاهرة‬
‫البد أن ننهج منهج العلوم الحقة‪ ،‬وان نتبع في ذلك المنهج الوضعي الذي برهنت العلوم الطبيعية انه وحده‬
‫الكفيل بتحقيق نتائج علمية حول الظواهر المختلفة‪ ،‬وأن الصبغة الوضعية العلمانية تمكننا من فهم ما‬
‫يحدث‪.‬‬
‫ولكن تلميذه دوركايم(‪ )1917-1858‬لم يكن ليتورط بسهولة في الصراع اإليديولوجي الذي كان الشغل‬
‫الشاغل لألب الروحي‪ ،‬بل كان همه أساسا هو تأسيس علم قائم بذاته يتخذ من الظواهر االجتماعية‬
‫موضوعا له‪ ،‬فقام بوضع منهج علمي يقوم على أسس إبستيمولوجية في كتاب له تحت عنوان " قواعد‬
‫المنهج السوسيولوجي " يبين فيه مختلف األساليب والمناهج التي البد منها في تفسير الظواهر‬
‫االجتماعية‪ ،‬ورغبة منه في تجاوز أراء معلمه أوغست كونت خصوصا تلك النظرة الفردية والتطور في‬
‫العقل التي يفسر بها تطور المجتمع‪.‬‬

‫إن دوركايم قام بتفسير الظاهرة االجتماعية باعتبارها قابله للتحليل والفهم كبقية الظواهر الطبيعة‪،‬‬
‫واعتبرها كشيء ولكي يمنحها طابعا موضوعيا دعا الباحث في علم االجتماع إلى ضرورة احداث قطيعة‬
‫و استبعاد األفكار المسبقة التي يكونها في دهنه عن الظاهرة ‪ ..... ،‬والمتفحص للمنهج الدوركايمي سيجد‬
‫على أن هذا األخير أقام تفسيره للظواهر االجتماعية على منهج هوالمي او شمولي يقتضي أسبقية‬
‫المجتمع على كل إرادة فردية‪ ،‬فاإلنسان عندما يولد يجد من حوله المجتمع‪ ،‬الثقافة‪ ،‬واللغة والمؤسسات‬
‫والتقاليد‪ ...‬كنظم اجتماعية خارجة وسابقة على وجوده‪ ،‬يتأثر بها ويخضع لسلطتها الحتمية‪ ،‬ومن بين‬
‫أكثر االنتقادات التي وجهت الى دوركايم وحتى اوغست كونت وسبنسر من قبله ‪،‬مبالغتهم في تشبيه‬
‫المجتمع بالكائن العضوي‪.‬‬

‫بعد ذلك يظهر كارل ماركس (‪ )1883_1818‬و يعطى لعلم االجتماع المعرفة طابعه العلمي من خالل‬
‫تحليله للمجتمع الرأسمالي بمنهج مادي وجدلي يكشف العالقة التي تربط الفكر بالواقع ‪ ،‬وبمادية تاريخية‬
‫ترى أن الواقع االجتماعي للناس هو الذي يحدد فكرهم وليس فكرهم هو الذي يحدد واقعهم‪ ،‬بمعنى أن كل‬
‫أشكال البنيات الفوقية من فن ودين وسياسة وأخالق‪ ...‬وباختصار االيديلوجية هي نتاج البنية التحتية‬
‫التي يجمعها ماركس هي األخرى في وسائل اإلنتاج وعالقات اإلنتاج والمال ومن هنا فان ماركس اعتبر‬
‫العمل اإلنتاجي هي العالقة التي تربط اإلنسان والطبيعة‪ ،‬وهذه السمة النوعية للحياة االجتماعية هي التي‬
‫جعلته يرفض فكرة تفسير المجتمع سواء باستخدام الففيزيقا االجتماعية او الفيزيولوجيا االجتماعية‪ ،‬كما‬
‫فعل كل من كونت ودوركايم ‪،‬وذلك فان تفسير الحياة االجتماعية البد من البحث فيه في األساس المادي‬
‫وفي اإلنتاج االجتماعي‪.‬‬

‫ومن يقول علم االجتماع الغربي يقول البنائية الوظيفية التي كانت تتمتع برواج كبير مند‬
‫األربعينيات الى منتصف الستينات‪ ،‬وبرز مع النظرية الوظيفية تالكوت بارسونز أكثر المنظرين‬
‫االجتماعيين‪ ،‬والبنائية الوظيفية هي من بين النظريات االجتماعية المعاصرة التي حضيت بإقبال كبير في‬
‫أواسط المفكرين والتي تعنى بتفسير المجتمع انطالقا من تصور نسقي‪ ،‬بحيث أن الجسم االجتماعي هو‬
‫كل مركب من انساق فرعية تتجه نحو تدعيم النسق العام‪ ،‬فهي تقارب المجتمع على أسس منهجية تفرض‬
‫النظام واالنتظام على النسق وتدعم فرضية االستقرار والتماسك االجتماعي والتكامل الوظيفي‪ ،‬حتى يتسنى‬
‫لها تحليل النسق االجتماعي بعيد عن الصراع والتغير واالضطرابات التي قد تخل بالنظام ‪ ،‬وربما من أهم‬
‫االنتقادات الموجهة لها تصب في هذا الجانب أي مقاربتها للمجتمع على رؤية ستاتيكية الشيء الذي دفع‬
‫القائم‪.‬‬ ‫الرأسمالي‬ ‫النظام‬ ‫تدعيم‬ ‫في‬ ‫إلفراطها‬ ‫المبتذلة‬ ‫بالنظرية‬ ‫وصفها‬ ‫على‬ ‫البعض‬
‫‪ 2.1‬السوسيولوجية الغربية والواقع العربي‪:‬‬

‫أكد العديد من المفكرين ومن بينهم مالك بن نبي أن السوسيولوجيا العربية التزال تعاني من‬
‫هويتها وأصولها الفكرية والنظرية‪ ،‬ونفهم من هذه الرسالة أن علم االجتماع العربي يعاني أزمة الهوية‪،‬‬
‫والتي تعد مشكلة من العديد من المشاكل التي يعاني منها هذا العلم نذكر منها ‪:‬‬

‫‪ ‬إن علم االجتماع العربي يحمل مع حقائقه العلمية مبادئ وضعية والتخلي عن االسالم‬
‫الذي يعتبر كمبدأ للمجتمعات العربية‪.‬‬
‫‪ ‬أغلبية نظرياته خاصة وموجهة للمجتمع الغربي ال يمكن تعميمها على المجتمع العربي‬
‫وتبين أنها اخفقت في فهم المشكالت المطروحة في العالم العربي ‪.‬‬
‫وباألخص لغته التي يتوجب‬ ‫‪ ‬المجتمع العربي له ثقافته وقيمه وعاداته وأيديولوجياته‬
‫دراستها وتحليلها بنظريات وأسس تملك نفس القالب‪.‬‬

‫من هنا يتضح بصورة واضحة وصريحة أن السوسيولوجيا الغربية ال تستطيع أن تعكس وتحلل الواقع‬
‫العربي من ظواهر ومشاكل اجتماعية ومن تحليالت استشرافية لما يعاش اليوم‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬أحمد زايد (‪ )2006‬علم الجتماع ‪ .‬النظرية الكالسيكية والنقدية‪ .‬ط‪ .1‬مصر‪ :‬دار النهظة‬
‫المصرية ‪.‬‬
‫‪ .2‬عبد هللا مد عبد الرحمن (‪.)2000‬النظرية في علم اتجامااع‪ ،‬الجامحل األول‪ ،‬النظرياة‬
‫الكالسايكية‪ .‬االسكندرية‪ :‬دار المعرفة الحديثة‬
‫‪www.ahewar.org .3‬‬
‫محاضرة ‪03‬‬

‫‪ .1‬النظرية الخلدونية‬
‫‪ 1.1‬مدخل إلى النظرية الخلدونية‬

‫ظا بين أبناء جلدته من العرب والمسلمين ومن‬


‫يعتبر ابن خلدون الباحث االجتماعي األوفر ح ً‬
‫العلماء والباحثين الغربيين‪ ،‬فقد أجمعت مجمل الدراسات في الشرق والغرب على ألمعيته وريادته في‬
‫المجاالت المعرفية التي لم يقتحمها أحد من الفالسفة والمؤرخين قبله‪ ،‬فقد فسرت نظرية ابن خلدون علم‬
‫االجتماع "العمران" بشكل مبسط‪ ،‬فشرح من خاللها واقع االجتماع السياسي من منظور التجارب‬
‫التاريخية‪.‬‬

‫فهو يعتبر االنسان كائن اجتماعي ال يستطيع العيش إال في مجتمعات وليس مهيأً للعيش وحده‪،‬‬
‫فاإلنسان مخلوق يملك مصيره ويتحمل مسؤوليته الفردية داخل مجتمعه اإلنساني‪ ،‬بحيث يصبح تحقيقها‬
‫مسؤولية جماعية في العمران االجتماعي‪ ،‬وقد أصلت نظرية ابن خلدون إشكاليات علم االجتماع إلى‬
‫ثالثة أقسام وهي‪:‬‬

‫قوته وأمانه‬
‫‪ ‬حاجة اإلنسان لالجتماع والعمران‪ :‬إن اإلنسان مخلوق اجتماعي مدني بطبيعته‪ ،‬وان ْ‬
‫ال يتحقق بقدرات شخصية فهو بحاجة إلى تكاتف جماعي مع بني جلدته ليحافظ على ديمومته‬
‫وقوته‪ ،‬فاالجتماع والعمران حاجة بشرية ‪ ،‬ولكنها بحاجة إلى ما يشد هذا النسيج‬
‫وبقائه ْ‬
‫"المْلك"‪.‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬وبحسب ابن خلدون هو ُ‬
‫‪ ‬حاجة اإلنسان إلى دولة النتظامه وعمرانه‪ :‬تعتبر الدولة الحاضن الوحيد الستقرار العمران‬
‫ويدور في محورها االجتماع البشري‪ ،‬فتحدث بشكل مفصل ومطول عن نشأتها وازدهارها وهرمها‬
‫ووهنها ثم انقراضها‪ ،‬فالدولة بحسب نظرية ابن خلدون مقومة العمران وهي الحافظ لوجوده‪ ،‬ولكنه‬
‫أيضا أن الدولة امتداد زماني ومكاني لعصبية ما‪.‬‬
‫اعتبر ً‬
‫‪ ‬فاعلية العمران ودور العصبية في ضبطه‪ :‬لم يختلف الباحثون في أن نظرية ابن خلدون أساسها‬
‫العصبية‪ ،‬وأن نظرته تمحورت حول بالد المسلمين وكانت مصدر تفسيره للقوة التي حركت‬
‫المْلك‬
‫العمران والدولة‪ ،‬فتحدث عن اللحمة والنسب وعن العصبية وغاية العصبية‪ ،‬وعن عالمات ُ‬
‫المْلك‪ ،‬وغير ذلك من مقومات العصبية وأطوار الدولة والترف واالنقياد والفساد وخراب‬
‫وطبائع ُ‬
‫العمران‪.‬‬

‫‪ 2.1‬االسس النظرية البن خلدون ‪:‬‬

‫أكد ابن خلدون في نظريته على االسس النظرية التالية‪:‬‬

‫‪ ‬النظرية االجتماعية‪:‬‬

‫اإلنسانية المستمدة من طبيعة اإلنسان؛ حيث‬


‫ّ‬ ‫االجتماعية عن االحتياجات‬
‫ّ‬ ‫تتحدث نظرية ابن خلدون‬
‫باألساسية أو‬
‫ّ‬ ‫يحتاج اإلنسان إلى الطّعام وال ّشراب‪ ،‬والمالبس‪ ،‬والمأوى‪ ،‬ويمكن تسمية هذه االحتياجات‬
‫األولية‪ ،‬وتؤدي الرغبة في تلبية هذه االحتياجات إلى دفع ال ّشخص الستخدام معرفته وتفكيره بشكل أوسع‪،‬‬
‫ّ‬
‫التحضر‪ ،‬التي يبحث فيها اإلنسان عن‬
‫ّ‬ ‫ثانوية‪ ،‬ثم تأتي مرحلة عملية‬
‫مؤديةً بدورها إلى نشوء احتياجات ّ‬
‫ّ‬
‫تطورت الحضارات‪ ،‬كما تجدر اإلشارة إلى‬
‫اء‪ ،‬ونتيجة لذلك ّ‬
‫الكماليات‪ ،‬لذا يجب عليه أن يكون أكثر ذك ً‬
‫تحدث ابن خلدون عن‬ ‫المادّية فقط‪ ،‬كما ّ‬
‫أن الحضارة تقوم على االحتياجات ّ‬
‫أن ابن خلدون لم يعني أبداً ّ‬
‫ّ‬
‫أن اإلنسان يتكون من‬
‫وبين ّ‬
‫طبيعة اإلنتاج وضرورة التّعاون بين أفراد المجتمع؛ لتلبية احتياجات اإلنتاج‪ّ ،‬‬
‫الخاصة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تصوراته‬
‫الجسدي‪ ،‬ولكل منهما ّ‬
‫ّ‬ ‫الروحي المندمج مع الجزء‬
‫الجسدي‪ ،‬والجزء ّ‬
‫ّ‬ ‫جزأين هما‪ :‬الجزء‬

‫‪ ‬النظرية االقتصادي‪:‬‬
‫أهمية التكنولوجيا‪،‬‬
‫االقتصادية تحليالً منهجياً آللية عمل االقتصاد‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫تناول ابن خلدون في نظريته‬
‫واالختصاصية‪ ،‬والتجارة الخارجية في الفائض االقتصادي‪ ،‬ودور الحكومة وسياساتها المستقرة في‬
‫تحقيق زيادة اإلنتاج والتوظيف‪ ،‬كما ّبين ابن خلدون مشكلة الضرائب المثلى‪ ،‬والخدمات الحكومية‬
‫المؤسسي لالقتصاد‪ ،‬والحوافز‪ ،‬والقانون‪ ،‬والنظام‪ ،‬والتوقّعات‪ ،‬واإلنتاج‪ ،‬ونظرية القيمة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الدنيا‪ ،‬واإلطار‬
‫لتقدم وتخلّف األمم‪.‬‬
‫يقدم تفسي اًر بيولوجياً ّ‬
‫اقتصادي ّ‬
‫ّ‬ ‫وأصبح ابن خلدون أول‬
‫‪ ‬النظرية العصبية‪:‬‬

‫تقدم‪ ،‬أو‬
‫قدم ابن خلدون نظرية "العصبية"‪ ،‬والتي اعتبرها أحد العناصر الحاسمة التي تؤثر على ّ‬
‫ّ‬
‫تخلف مجموعة من األشخاص‪ ،‬أو المجتمعات‪ ،‬وتُبنى "العصبية" على رابطة الدم‪ ،‬أو على وجود أو‬
‫تقاسم األفراد لمجموعة من المصالح المشتركة‪ ،‬والتي ّتزودهم بالقوة للبقاء معاً‪ ،‬والوقوف ضد مجموعات‬
‫أخرى تُهدد بإضعاف هذه الرابطة‪ ،‬كما أبدى ابن خلدون رأيه في كيفية تخليص بعض العناصر‬
‫اإلضافية‪ ،‬مثل الروح الدينية‪ ،‬أعضاء المجموعة من الغيرة‪ ،‬وجعلها أقوى‪ ،‬وبمجرد وصول المجموعة‬
‫فإن شعور "العصبية" يبدأ بالضعف والتراجع‬
‫ألفضل حاالتها‪ ،‬وتم ّكن أفرادها من العيش براحة ورفاهية‪ّ ،‬‬
‫يسبب تخلّف المجموعة‪ ،‬وعلى الرغم من عدم مرور جميع المجتمعات بنفس هذا التسلسل‪ّ ،‬إال‬
‫مما ّ‬
‫لديهم‪ّ ،‬‬
‫عصبية أكبر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أن الرفاهية الزائدة تجلب التخلف للمجموعة‪ ،‬لتُستبدل بمجموعة أخرى تمتلك‬
‫ّ‬

‫‪ .2‬السوسيوانثروبولوجيا وبناء الموضوع المحلي ‪:‬‬

‫مدخل الى السوسيوانثروبولوجيا ‪:‬‬

‫‪ ‬االنثروبولوجيا‪ :‬إن مصطلح االنثروبولوجيا هو اصطالح شامل وواسع حيث أنه يشمل دراسة التطور‬
‫البيولوجي والحضاري لإلنسان‪ ،‬العالقات البيولوجية والمبادئ التي تحكم عالقات الشعوب بعضها‬
‫ببعض‪ ،‬تتكون االنثروبولوجيا من كلمتين التينيتين هما انثروبوس وتعني اإلنسان ‪ ،‬لوقوس وتعني‬
‫العلم أي أن االنثروبولوجيا تعني علم اإلنسان‪ ،‬وهي كعلم تنقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫االنثروبولوجيا الفيزيقية أو البيولوجية‪.‬‬
‫االنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫تهتم االنثروبولوجيا الفيزيقية بدراسة تطور االنسان وسلوكه وكذلك الخصائص البيولوجية التي يتباين‬
‫فيها البشر القدامى والمحدثين‪ ،‬أما االنثروبولوجيا االجتماعية فتنقسم إلى ثالثة اقسام هي‪:‬‬
‫علم اللغويات ‪،‬علم اآلثار‪ ، Archéologie‬واألنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية‪ :‬التي تهتم بدراسة‬
‫المجتمعات والثقافات الكثيرة المتنوعة التي تسير عليها المجتمعات‪ ،‬وقد اختصت وعرف عليها أنها‬
‫تهتم بدراسة المجتمعات البدائية‪.‬‬
‫ومنه فاالنثروبولوجيا عامة تجتمع في علم واحد وتحت اسم واحد بين نظرتي كل من العلوم‬
‫البيولوجية والعلوم االجتماعية‪ ،‬فتركز مشكالتها من ناحية على اإلنسان ككائن بيولوجي وعلى سلوك‬
‫اإلنسان ككائن اجتماعي‪.‬‬
‫‪ ‬السوسيوانثروبولوجيا‪:‬‬
‫أول من استعمل كلمة السوسيوانثروبولوجيا أو االنثروبولوجيا االجتماعية هو "فريزر" سنة ‪ 1908‬في‬
‫محاضرة تحت عنوان ‪ :‬مجال االنثروبولوجيا االجتماعية‪ ،‬وعرفها بأنها "محاولة الكشف عن تسمية‬
‫القوانين العامة التي تحكم الظواهر وتفسر ماضي مجتمعات اإلنسان حتى نتمكن بفضلها من أن نتنبأ‬
‫بمستقبل البشرية استنادا إلى تلك القوانين السوسيولوجية العامة التي تنظم تاريخ اإلنسان" أما رادكليف‬
‫براون فيقول " يمكننا أن نعرف االنثروبولوجيا االجتماعية بأنها دراسة طبيعة المجتمع اإلنساني دراسة‬
‫منهجية منظمة تعتمد على مقارنة األشكال المختلفة للمجتمعات اإلنسانية بالتركيز على األشكال‬
‫األولية للمجتمع البدائي"‪.‬‬

‫مما سبق فالسوسيوانثروبولوجيا تعد علم أعمق من األنثروبولوجيا تتميز بالدراسة الميدانية لإلنسان في‬
‫المجتمع‪ .‬فهي تساهم بذلك في بناء الموضوع السوسيولوجي أو باألحرى الظاهرة السوسيولوجية ‪ ،‬عن‬
‫طريق المعايشة والتي تميز هذا العلم عن باقي العلوم فيستطيع بذلك الدارس في هذا المجال التعرف‬
‫بعمق على الثقافة والسلوك والعادات والتقاليد في ذلك المجتمع‪.‬‬

‫وما يميز هذا العلم اليوم هو انتقاله نحو دراسة المجتمعات الحديثة (العصرية) المحلية خاصة وهذا كي‬
‫تبين االختالف بين القديم والحديث وتحاول تبرير التحديث الذي اصبح مسعى وهدف كل الشعوب‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمجتمع العربي‪ ،‬أكدت العديد من االبحاث على وجود دراسات ميدانية سوسيوانثروبولوجية‬
‫اهتمت بدراسة المجتمعات المحلية مثل الفراعنة في مصر واالمازيغ في شمال افريقيا والتي ساهمت في‬
‫بناء العديد من المواضيع السوسيولوجية وتحليلها والتعمق فيها ومحاولة تفسيرها والتي تساهم في نفس‬
‫الوقت في استشراف المستقبل من الناحية الثقافية والسلوكية خاصة لألفراد‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬عبد الرزاق المكي (‪ .)1970‬الفكر الفلسفي عند ابن خلدون‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي ‪.‬‬
‫‪ .2‬محمد عبد الجابري (‪.)1971‬العصبية والدولة‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬الريشة ‪.‬‬
‫‪www.mawdoo3.com .3‬‬
‫‪ .4‬محمد عباس ابراهيم (‪ )2000‬االنثروبولوجيا مناهج وتطبيقات‪ .‬االسكندرية‪ :‬دار المعرفة الجامعية‪.‬‬
‫محاضرة ‪04‬‬

‫‪ .1‬االعمال االمبريقية الكبرى في السوسيولوجيا المحلية‪:‬‬


‫‪ 1.1‬علم االجتماع المحلي‪ ...‬العربي ‪:‬‬

‫إن علم االجتماع يدرس عالقة وسلوك الناس واألفراد ضمن المجموعات التي تحيط بهم‬

‫كاألصدقاء والعائلة والمجموعات اإلثنية‪ ،‬وخصوصاً عالقتهم بالسلطات األبوية (كالحكومة مثالً)‪ .‬ويعمل‬

‫على فهم قضايا المجتمع شرط االبتعاد عن التنظير‪ ،‬في هذا السياق تؤكد لنا الشواهد العلمية االمبريقية‬

‫أن علم االجتماع العربي يفتقد لفضاء إقليمي‪ ،‬من هنا تأتي أهمية ربطه بالعالم ونخص بالذكر علم‬

‫االجتماع الغربي‪ .‬لذلك فعلماء االجتماع العرب في حاجة إلى االندماج اإلقليمي ليصبح لديهم مجموعات‬

‫علمية اجتماعية ناشطة في العالم العربي وفي نفس الوقت على صلة بالعالم‪ ،‬تخرج الباحث العربي من‬

‫قوقعته وهذا لتطوير البحث العلمي العربي الذي ال ينجح إال ضمن المجموعة‪ .‬أي التالحم في االفكار‬

‫والمعطيات السوسيولوجية‪.‬‬

‫وفي هذا السياق أكد الباحث "ساري حنفي" أن الباحث في العالم العربي ينقسم إلى ثالث فئات‬

‫رئيسية‪ :‬األولى تتمثل في فئة علماء االجتماع الذين ال يهتمون بإنتاج المعرفة المحلية‪ ،‬ويكتفون بإنتاج‬

‫محلياً"‪ ،‬على عكس الثانية التي تهتم بإنتاج المعرفة‬


‫ّ‬ ‫المعرفة العالمية تحت شعار "أنشر عالمياً وأندثر‬

‫المحلية‪ ،‬وهي فئة محدودة‪ ،‬ال يرتبط إنتاجها بتطور علم االجتماع وترابطه بالقضايا االجتماعية حول‬

‫العالم‪ ،‬وهو أمر غير مفيد‪ .‬أما الفئة الثالثة‪ ،‬فتنتج معرفة ليست محلية وال عالمية‪ ،‬وتكتفي بالخطاب‬

‫التبسيطي‪ ،‬وهو ال يختلف عن الخطاب الصحافي الذي يهتم بالتحليل السريع والضروري كالحوادث‬

‫والكوارث‪...‬‬

‫نما علم االجتماع في الوطن العربي بصورة سريعة واستطاع تعريف موضوعاته وأهدافه‬

‫وامكانياته‪ .‬واذا قيست الفترة الزمنية التي رسخ فيها هذا العلم في الجامعات المصرية والعربية مقارنة بعدد‬
‫خريجيه‪ ،‬لعد ذلك تقدما ملحوظا لم يصل إلى نظيره في الجامعات الغربية والشرقية في الفترة ذاتها‪ .‬كما‬

‫شهد علم االجتماع في تطوره األكاديمي التنظيمي مراحل توسع ضخمة تركز أكثرها خالل السبعينيات‬

‫حيث افتتحت أقسام عديدة لعلم االجتماع في الجامعات العربية‪ ،‬سواء في مصر على امتداد رقعتها من‬

‫القاهرة حتى أسوان‪ ،‬أو على امتداد الوطن العربي من الكويت وبغداد والدوحة واإلمارات شرقا حتى فاس‬

‫والرباط غربا مرو ار بكل الجامعات الكبيرة والصغيرة حتى تلك الجامعات الدينية كجامعة األزهر وجامعة‬

‫األمام محمد ابن سعود اإلسالمية ‪.‬‬

‫ألقيت أول محاضرات في علم االجتماع في مصر في عام ‪ 1908‬وهو عام تأسيس أول جامعة‬

‫أهلية في مصر‪ ،‬وكانت الفترة من ‪ 1924‬إلى ‪ 1936‬هي فترة التحول التدريجي لما يسمونه بعلم‬

‫االجتماع العلمي‪ .‬وبفعل تأثير األفكار التي حملها رفاعة الطهطاوى واالحتكاك بالغرب في الحرب‬

‫العالمية األولى‪ ،‬تدفق إلى مصر‪ ،‬كم هائل من األفكار الجديدة التي قال عنها رجال االجتماع أنها تحدت‬

‫األفكار القديمة وأعدت لمرحلة االنقطاع عن الماضي‪.‬‬

‫وشهد عام ‪ 1924‬تأسيس الجامعة المصرية(جامعة القاهرة حاليا) كجامعة حكومية حلت محل‬

‫الجامعة األهلية‪ .‬ألقيت في هذه الجامعة أول محاضرات منظمة في علم االجتماع‪ ،‬ومع تأسيس الجامعة‬

‫األمريكية بالقاهرة في منتصف العشرينيات شهدت مصر أول برنامج منظم في علم االجتماع‪ .‬أما أول‬

‫كراسي األستاذية في علم االجتماع في مصر‪ ،‬فقد شغلها بالطبع أساتذة أجانب بارزون ‪ ،‬فشهدت هذه‬

‫الفترة انتشار أفكار الفلسفة الوضعية ألوجست كونت والمدرسة الفرنسية في علم االجتماع والمدرسة‬

‫األنثروبولوجية البريطانية واألفكار التحررية السائدة في الغرب‪.‬‬

‫وهذا ما ينطبق على دول العالم العربي ككل‪ ،‬فبداية علم االجتماع فيها كانت وال تزال غربية‪،‬‬

‫وهذا رأي أغلبية العلماء‪.‬‬


‫ويؤكد عبد الحليم مهورباشة في كتابه "علم االجتماع في العالم العربي" أن علم االجتماع العربي‬

‫يعاني من التعبئة المعرفية للحقل الغربي أي انها ازمة ابستيمولوجية في اساسها وليست فقط أزمة‬

‫أكاديمية‪ ،‬فهو يرى أن نشأة علم االجتماع في الوطن العربي لم تكن خاضعة لضوابط معرفية وقواعد‬

‫منهجية صارمة‪ ،‬فقد أكد ان بعض الباحثين يرون أن علم االجتماع العربي يفتقد إلى الطرح االستشكالي‬

‫للقضايا االجتماعية بمعنى انه لم ينطلق من فرضية عربية محددة ذات معنى‪ .‬وهذا ما اثر سلبا على‬

‫سيرورة وتقدم البحث في هذا العلم‪.‬‬

‫لكن في االخير هذا لم يمنع من وجود علم اجتماع في الوطن العربي حاول وال يزال يحاول لتفسير الواقع‬
‫االمبريقي العربي‪.‬‬

‫‪ 2.1‬أهم االعمال االمبريقية في الوطن العربي ‪:‬‬

‫أكدت العديد من االبحاث النظرية واالمبريقية تطور البحث السوسيولوجي العربي من خالل العديد من‬
‫المواضيع والمشاكل واالحداث التي حدثت في العالم بصفة عامة والعالم العربي بصفة خاصة من بينها‬
‫االرهاب المعنوي والمادي وكذلك العنف بأنواعه " االسري‪ ،‬المدرسي ‪ ،"...‬مشكلة الهوية والمواطنة خاصة‬
‫تزامنا مع العولمة والتطور التكنولوجي الذي عرفه العالم ككل ‪.‬‬

‫أما بالنسبة ألهم األعمال الميدانية في الوطن العربي التي يحاول أغلبية العلماء تحليلها وايجاد‬
‫حلول لها‪ ،‬لما لها من تأثيرات سلبية على الفرد والمجتمع نذكر منها ‪:‬‬

‫‪ ‬المخدرات‪.‬‬
‫‪ ‬العنف ضد المرأة‪.‬‬
‫‪ ‬عمالة االطفال‪.‬‬
‫‪ ‬البطالة‬
‫‪ ‬الجريمة بأنواعها خاصة االلكترونية‬
‫والعديد من القضايا التي يعمل العديد من الباحثين العرب على فهمها وعالجها من خالل أبحاث‬
‫أكاديمية‪ .‬لكن حسب الباحث "ساري حنفي" دائما فإن نتائج هذه االبحاث ال تزال بمرجعية غربية وهذا الن‬
‫علماء االجتماع العرب يعانون من عدم وضوح الرؤية في النظرية وفى البحث االجتماعي‪ ،‬وأنهم يميلون‬
‫في معظم األحيان إلى نقد كل ما يطرح في المجتمعات الغربية دون التوصل إلى نظرية للمجتمع العربي‬
‫وان إشكاليات بحوثهم ال تمت بصلة إلى الواقع المجتمعي العربي‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬عبد الحليم مهورباشة (‪ .)2017‬علم االجتماع في العالم العربي"من النقد إلى التأسيس"‪ .‬عمان‪:‬‬
‫مكتبة االردن عمان ‪.‬‬
‫‪www.almojtama3.com .2‬‬
‫‪ .3‬السيد الحسيني (‪ .)1985‬نحو نظرية اجتماعية نقدية‪ .‬بيروت لبنان ‪ :‬دار النهضة‬
‫محاضرة ‪ 05‬اﺷﻛﺎﻟﯾﺎت ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ‬

‫ﺃﻭﻻ ‪ -‬ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ‪:‬‬


‫ﻜﺎﻥ ﻟﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻭﺩﻭﺭﺍ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﺭﺘﻴﺏ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ ﻭﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻁﺎﻟﺘـﻪ‬
‫ﻓﻭﻀﻰ ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ‪ ،‬ﺤﻴﺙ ﻭﻀﻌﻪ ﺃﻭﺠﺴـﺕ ﻜﻭﻨـﺕ ‪ (1858- 1798) Auguste Comte‬ﻜﻬﻨﺩﺴـﺔ‬
‫ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬
‫ﻭﻜﺎﻥ ﻴﻬﺩﻑ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺒﻨﺎﺀ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺠﺩﻴﺩ ﺘﺴﻭﺩ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻀﻭﺍﺒﻁ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﺒـﺩﻻ ﻤـﻥ ﺼـﺭﺍﻉ‬
‫ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻀﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ‪ ،‬ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ‪ .‬ﻓﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺃﻥ ﻴﻨﺸﺄ ﻭﻴﺘﻁﻭﺭ ﻤﺎ ﻟـﻡ‬
‫ﻴﺤﻤل ﺍﻟﻬﻤﻭﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻭﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﺘﻜﻠﻡ ﺒﺼﻭﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻨﺼل ﺇﻟﻰ ﻁﺭﺡ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ‪ :‬ﻫل ﻗـﺎﻡ‬
‫ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ؟ ﻭﻫل ﺤﻤل ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺨﻼل ﻤﺴﻴﺭﺘﻪ ﺃﻡ ﺍﺼﻁﺒﻎ ﺒﺼﺒﻐﺔ ﻏﺭﺒﻴﺔ؟‬
‫ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺼﺩﺩ ﻴﺩﻋﻭ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻋﻨﺼﺭ ﺍﻟﻌﻴﺎﺸﻲ ﺠﻤﻴـﻊ ﺍﻟﺒـﺎﺤﺜﻴﻥ ﻓـﻲ ﺤﻘـل ﺍﻟﻌﻠـﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ‬
‫ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺒﻌﺙ ﻨﻘﺎﺵ ﻓﻜﺭﻱ ﺤﻭل ﻤﻜﺎﻨﺔ ﻭﺩﻭﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﺒـﻊ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻨـﺎ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫـﺎ‬
‫ﺇﻨﺘﺎﺠﺎ ﻟﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻤﺘﻤﻴﺯﺓ ‪ .‬ﻭﻴﺅﻜﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻋﺯﺕ ﺤﺠﺎﺯﻱ ﻗﺎﺌﻼ ‪" :‬ﺇﻨﻨﺎ ﻻ ﻨﻨﺘﺞ ﻋﻠﻤـﺎ ﺤﻘﻴﻘﻴـﺎ‪ ،‬ﻭﺇﻨﻤـﺎ‬
‫ﻨﺴﺘﻭﺭﺩ ﻭﻨﺴﺘﻬﻠﻙ ﺩﻭﻥ ﺘﺒﺼﺭ‪ ،‬ﻭﻨﺨﻠﻁ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺒﻴﻥ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻔﻴﺩ ﻭﻤﺎ ﻻ ﻏﻨﺎﺀ ﻓﻴﻪ" ‪ ، 1‬ﻭﻴﻀﻴﻑ ﺍﻋﺘﺭﺍﻓﺎ ﻓﻲ ﻤﻘـﺎﻡ‬
‫ﺁﺨﺭ ﺒﻘﻭﻟﻪ‪ " :‬ﻟﻘﺩ ﺒﻠﻎ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻴﻥ ﺒﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻐﺭﺒـﻲ ﺍﻟﻤﺜـﺎﻟﻲ‬
‫ﻭﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺒﺨﺎﺼﺔ‪ ،‬ﺴﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺇﻋﺩﺍﺩﻫﻡ ﺍﻷﻜﺎﺩﻴﻤﻲ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻬﻡ ﻟﻨﺸﺎﻁﻬﻡ ﻓـﻲ ﺍﻟﺘـﺩﺭﻴﺱ ﻭﺍﻟﺒﺤـﺙ‬
‫‪2‬‬
‫ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺤﺩ ﺍﻟﺘﻭﺤﺩ ﻤﻌﻪ ﻻ ﻋﻥ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﻟﻘﻴﻤﺘﻪ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻋﻥ ﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻨﻘﺹ ﺤﻴﺎﻟﻪ"‬
‫ﺃﻤﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﻨﺯ ﻓﻴﺭﻯ ﺃﻨﻪ "ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻨﺎ ﺘﻘﻭﻴﻡ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﻼﺩﻨﺎ ﺃﻤﻜﻨﻨﺎ ﻭﺼﻔﻬﺎ ﺒﺘﺒﻌﻴﺘﻬـﺎ‬
‫ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ‪ ...‬ﺘﺄﺨﺫ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺘﻜﺭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩ‪ ،‬ﺃﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩ ﻭﺍﻋﻴﺎ ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﻭﺍﻉ‪ ،‬ﻤﻤﺎ‬
‫‪3‬‬
‫ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﻌﻜﺎﺱ ﻭﺍﻨﺤﺭﺍﻑ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﻭﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺒﻨﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻌﺎﻟﻤﻨﺎ‪"...‬‬
‫ﻭﻴﻭﺍﺼل ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﻨﺯ ﻤﻌﺘﺭﻓﺎ " ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻼﺌﻤﺔ ﻟﺒﻴﺌﺘﻨﺎ‪ ،‬ﻜﻭﻨﻬﺎ ﺠﺭﺩﺕ‬
‫ﻤﻥ ﺇﻁﺎﺭﻫﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻭﺍﻨﻔﺼﻠﺕ ﻋﻥ ﻤﺴﺎﺭ ﺘﻜﻭﻴﻨﻬﺎ‪ ...‬ﻓﻜل ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻗﺩ ﻨﺘﺠﺕ ﻋـﻥ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻬـﺎ‬
‫ﻭﻗﻀﺎﻴﺎﻫﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺤﻘل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻤﺕ ﺒﺩﺍﺨﻠﻪ ﻭﻁﻭﺭﺕ ﻗﻀﺎﻴﺎﻫﺎ ﺍﻟﻤﺤﺩﺩﺓ‪ .‬ﻭﻴﻜﻤﻥ ﺨﻁﺄ ﻋﻠﻤـﺎﺀ‬
‫ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻓﻲ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻡ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺍﺴﺘﻴﺭﺍﺩ ﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁﻬﺎ ﺒﻬﺫﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻴﻥ ﺨﻁـﺄ‬
‫‪4‬‬
‫ﻓﺎﺩﺡ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﺘﺒﺎﺴﺎ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﺤﻘﻴﻘﻴﺎ "‬
‫ﺃﻤﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﺭﺍﺒﻲ ﻓﻴﻘﺭ ‪" :‬ﻻ ﻴﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺃﻥ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻜﺎﻥ ﻭﻤﺎﺯﺍل‬
‫ﺩﻭﻥ ﺁﻓﺎﻕ ﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ‪ ،‬ﻤﺎﺯﺍل ﻏﺭﻴﺒﺎ ﻭﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻷﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻭﻟﺩ ﻤﻥ ﺭﺤﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻟﻡ ﺘﺼﻠﺏ ﻋـﻭﺩﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ‬
‫‪5‬‬
‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻡ ﺘﻜﻭﻥ ﻫﻭﻴﺘﻪ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ"‬
‫ﺘﺩﺭﻴﺴﺎ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻭﺒﺤﺜﺎ ﺘﻭﺤﻲ‬
‫‪-‬‬
‫–‬

‫ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﺒﺴﻴﻁﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﻟﻰ ﺒﻬﺎ ﻤﺨﺘﺼﻭﻥ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ‬
‫ﺒﺄﻥ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻴﻌﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻥ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻴﺨﻲ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌـﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤـﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ‪،‬‬
‫ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻅﻭﺍﻫﺭﻩ ﻭﺍﻟﻔﻭﺍﻋل ﻓﻴﻪ ﻭﺴﻠﻭﻜﻴﺎﺘﻬﻡ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﻀـﻴﻊ‬
‫ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﺔ ﻟﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺃﺴﺎﺱ ﻗﻴﺎﻡ ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬ﻴﻌﺎﻴﺵ ﺃﻨﻤﺎﻁ ﺇﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﻤﺸﻭﻫﺔ‪ ،‬ﺯﺭﺍﻋﻴـﺔ‬
‫ﻭﺭﻋﻭﻴﺔ ﻴﺘﻌﺎﻴﺵ ﻤﻌﻬﺎ ﻨﺸﺎﻁ ﺘﺠﺎﺭﻱ‪ ،‬ﻓﻼ ﻫﻲ ﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻻﻫﻲ ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﻤﺎ ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻤﻥ ﺼﻭﺭ ﻟﻠﺘﺒﻌﻴﺔ‬
‫ﻴﻜﺎﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ‪ ،‬ﺤﻴﺙ ﺴﻌﻰ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ‪-‬ﺇﻨﺠﻠﻴﺯﻴﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﻓﺭﻨﺴﻴﺎ ﺃﻭ ﺇﻴﻁﺎﻟﻴﺎ‪ -‬ﺇﻟـﻰ‬
‫‪6‬‬
‫ﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻴﻼﺕ‪ ،‬ﻭﺤﺎﻭل ﻁﺒﻊ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﺒﻁﺎﺒﻊ ﻴﺨﺩﻡ ﻤﺼﺎﻟﺤﻪ ﻭﻴﺤﺎﻓﻅ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﺄﺴﺎﻟﻴﺏ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺩ ﻓﺭﻀﺕ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﻜل ﺍﻟﻼﻤﺘﻜﺎﻓﺊ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴـﺔ‪ ،‬ﺍﺴـﺘﺩﻤﺎﺝ‬
‫ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺩﻭل ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻓـﻲ ﻭﺍﻗـﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌـﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﺘﻤﻴـﺯ‬
‫ﺒﺨﺼﻭﺼﻴﺎﺕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻤﻤﺎ ﺃﻓﻘﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ‪ ،‬ﻭﺃﺼـﺒﺤﺕ‬
‫ﻋﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻨﻬﺎ ﺫﺍﺘﻴﺔ‪ .‬ﺤﻴﺙ ﻟﻡ ﻴﺸﻬﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺜﻭﺭﺍﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ‪ ،‬ﻜﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻬﺩﺘﻬﺎ‬
‫ﺃﻭﺭﺒﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺒﺎﻋﺙ ﻟﻤﻴﻼﺩ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻜﻭﺴﻴﻠﺔ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺒﻨﺎﺀ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺘﺤﻜﻤﻪ ﺍﻟﻀﻭﺍﺒﻁ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻡ‬
‫ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻤﺘﺤﺭﺭﺍ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﻭﺼﺎﻴﺎ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻼﻋﻠﻤﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﻨﺸﺄ ﻭﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻨﺘﻘل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻷﻤـﺭ‬
‫ﺍﻟﺫﻱ ﻁﺭﺡ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻻﻏﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻤﺤﺎﻜﺎﺓ ﻭﺘﻐﻠﻐل ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺤﻴﺙ ﺴـﻌﺕ‬
‫ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻻﺯﺍﻟﺕ ﺘﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﻨﻘل ﻭﺘﻠﻘﻴﻥ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﻭﻤﺴﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻜﻤﻌﻁﻰ‬
‫ﻻ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﻨﻘﺩ‪ .‬ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻁﺎﺭ ﻴﻌﺘﺭﻑ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﻨﺯ ﻗﺎﺌﻼ‪" :‬ﻋﺭﻑ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠـﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ ﺘﻁـﻭﺭﺍ‬
‫ﻤﺨﺘﻠﻔﺎ ﻜل ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ‪ .‬ﻋﻤﻠﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﻓﻲ ﺤﻘﺒﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻻﺤﻘﺔ ﻭﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺤﺎﺯﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻘﻼﻟﻬﺎ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺘﺸﻴﻴﺩ ﺠﺎﻤﻌﺎﺕ‬
‫ﺤﺩﻴﺜﺔ ﻨﻅﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ‪ ،‬ﻭﻭﺠﺩ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺃﻤﺎﻡ ﺘﺄﺨﺭ ﻜﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺼﻴل ﺍﻟﻌﻠﻤـﻲ ‪...‬‬
‫ﻓﻌﻤﺩﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺘﻬﺎﺝ ﻁﺭﻴﻕ ﻨﻘل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ‪ ،‬ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺼل ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻁﻭﺍل ﻗﺭﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ‪ ...‬ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻘل ﻟﻡ‬
‫ﻴﺘﻤﺸﻜل ﻀﻤﻥ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺒﻌﻴﺩ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ‪ ...‬ﺇﺫ ﻭﺠـﺩﻭﺍ‬
‫‪7‬‬
‫ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻭﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ﻭﻤﻘﻁﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺠﺫﻭﺭﻫﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ‪". ..‬‬
‫‪8‬‬
‫ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻁﺎﻫﺭ ﻟﺒﻴﺏ ﻓﻴﻘﻭل‪" :‬ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻐﺭﺒﻲ ﻴﻔﻬﻡ ﺩﺍﺌﻤـﺎ ﻋﺒﺭ ﻗﺭﺍﺀﺍﺕ ﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ "‬
‫ﻜﺫﻟﻙ ﻨﺸﻴﺭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺼﺩﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺠﺎﺀ ﺒﻪ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﺭﺤﻭﻡ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻭﺭﺩﻱ ‪-‬ﺃﺴﺘﺎﺫ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗـﻲ‪-‬‬
‫ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻟﺘﻔﺕ ﺇﻟﻰ ﻜﻭﻥ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻫﻭ ﻭﻟﻴﺩ ﺒﻴﺌﺘﻪ ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﻪ ﻭﺘﺭﺍﺜﻪ ﻭﺘﺎﺭﻴﺨﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ‪ ،‬ﻭﺍﻟـﺫﻱ ﻟـﻪ ﻤﻨﺘﺠـﺎﺕ ﻭﻤﺸـﺎﻜل‬
‫ﻭﺘﺼﻭﺭﺍﺕ ﻭﺘﺭﺍﻜﻴﺏ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﺤﺴﺏ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻫﻭﻴﺔ ﺍﻷﻤﺔ ﻭﻤﺭﺘﻜﺯﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ‪ ،‬ﺤﻴﺙ ﻴﺅﻜـﺩ‬
‫‪9‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻨﺎ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﺨﺎﺹ ﺒﻨﺎ ﻴﺴﺘﻤﺩ ﺇﻁﺎﺭﻩ ﻤﻥ ﺘﺭﺍﺜﻨﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻭﺍﻗﻌﻨﺎ"‬
‫ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺕ ﻟﻬﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺘﺅﻜﺩ ﻏﻴﺎﺏ ﻁﺭﺡ ﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻋﺭﺒـﻲ ﺸـﺭﻋﻲ‬
‫ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﻭﻋﻥ ﻫﻤﻭﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺤﻀﺭ ﻁﺭﺡ ﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻏﺭﺒﻲ ﻴﻌﺒﺭ ﻤﻀﻤﻭﻨﺎ ﻭﻤﻨﻬﺠﺎ ﻋﻥ‬
‫ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﻘﺒﺔ ﺯﻤﻨﻴﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ‪.‬‬
‫ﺜﺎﻨﻴﺎ‪-‬ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻟﻺ ﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ‪:‬‬
‫ﺃﻜﺩ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﻴﻥ ﺃﻥ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻷﻜﺎﺩﻴﻤﻲ ﻤﺎﺯﺍل ﺘﺎﺒﻌﺎ ﻟﻺﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴـﺔ‪ ،‬ﻓﻔـﻲ‬
‫ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻔﺭﺽ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻻﻜﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺘﺤﺼﻴل ﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴـﺭﻴﻌﺔ‪،‬‬
‫ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻴﺘﻭﺍﺠﺩ ﻓﻲ ﻋﻤﻕ ﺍﻷﺯﻤﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﻱ ﻋﻠﻡ ﺁﺨﺭ‪ ،‬ﻤﻤﺎ ﻴﻨﻌﻜﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺴـﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻲ‬
‫ﺘﺒﻘﻰ ﺒﺩﻭﺭﻫﺎ ﺘﺎﺒﻌﺔ ﻟﻠﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻀﻤﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺞ‪ ،‬ﻭﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺼﺩﺩ ﻴﻭﻀﺢ ﻋﻠـﻲ ﺍﻟﻜﻨـﺯ ﻗـﺎﺌﻼ‪" :‬ﺇﻥ‬
‫ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺘﻨﺎ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺠﻌﻠﺘﻨﺎ ﻨﺘﻘﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻌﻁﻨﺎ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻗﻀﺎﻴﺎ‬
‫ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻓﻲ ﺘﻜﻭﻴﻨﻪ ﻋﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺫﺍ ﺘﺒﻘﻰ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻷﺒﺤﺎﺙ ﻋﻘﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺇﺫ ﺘﺅﺩﻱ ﻓـﻲ ﺃﺤﺴـﻥ‬
‫‪10‬‬
‫ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺇﻟﻰ ﺘﺠﻤﻴﻊ ﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺘﺠﺭﻴﺒﻴﺔ ﻴﻌﺎﺩ ﺘﺭﻜﻴﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﺸﻜﺎﻻﺕ ﻤﺼﻁﻨﻌﺔ ﻻ ﺘﻼﺌﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ"‬
‫ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨﺹ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﻴﻘﺭ ﻓﻭﺯﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻀﻴﻔﺎ‪" :‬ﻴﻌﺎﻨﻲ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴـﺔ‪،‬‬
‫‪11‬‬
‫ﻭﻫﻡ ﻤﺘﺄﺜﺭﻭﻥ ﺒﺎﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺼﺭﻭﻫﺎ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ‪ ،‬ﻭﻤﺎﺯﺍﻟﻭﺍ ﻴﻜﺭﺴﻭﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻟﻬﺎ"‬

‫ﺜﺎﻟﺜﺎ‪ -‬ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﻀ ﻭﻉ‪:‬‬


‫ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﺒﺴﺘﻤﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻴﺸﻴﺭ ﺍﻟﻰ ﺒﻨﻴﺔ ﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ﻤﺘﻜﺎﻤﻠﺔ ﻭﻏﻴﺭ ﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ‪ ،‬ﺘﺘﻜﻭﻥ ﻤـﻥ‬
‫ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺃﻫﻤﻬﺎ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺘﺼﻭﺭﺍﺕ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﻤﺠﺭﺩﺓ ﻋﻥ ﻭﻗﺎﺌﻊ ﻤﺎﺩﻴﺔ "ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓـﺎﻻﺨﺘﻼﻑ ﻓـﻲ ﺘﺤﺩﻴـﺩ‬
‫ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺫﻫﻨﻲ ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ ﺃﻱ ﺃﻥ ﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﺭﻤﻭﺯ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﻜﺭ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﺓ‬
‫ﺘﺨﺘﻠﻑ ﺒﺎﺨﺘﻼﻑ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺒﺘﻌﺩﺩ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ‪ .‬ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﻨﻌﺩﺍﻡ ﺍﻹﻁﺎﺭ ﺍﻟﺘﺭﻤﻴـﺯﻱ ﻭﺍﻟﺘﺼـﻭﺭﻱ‬
‫ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺘﻌﺩﺩ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻭﺍﻟﺘﺼﻭﺭﺍﺕ ﻤﻤﺎ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺌﻴﺔ ﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ"‬
‫‪12‬‬

‫ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ‪ ،‬ﺃﻴﻥ ﻴﺘﻔﻕ ﻜل ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺤﻭل ﻨﻘﻁﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻫﻲ ﺼﻌﻭﺒﺔ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﻭﻀﻭﻉ‬
‫ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻋﻜﺱ ﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ ﺍﻷﺨﺭﻯ‪ ،‬ﻭﺴﺒﺏ ﺫﻟﻙ ﻴﻌﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻹ ﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻁـﺭ ﻭﺤـﺩﺩ‬
‫ﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﺭﻤﻴﺯ ﻭﺃﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﺭﻯ ﺍﻟﻨﻭﺭ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ﻭﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺒﺤﺴـﺏ‬
‫ﺍﻹﻁﺎﺭ ﺍﻹ ﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﻜﻠﻡ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻪ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ‪ .‬ﻭﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻕ ﻨﺼل ﺇﻟﻰ ﻁﺭﺡ ﺘﺴﺎﺅل ﻤﻔﺎﺩﻩ ‪:‬‬
‫ﻤﺎ ﻫﻲ ﺃﻫﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺎﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻜﻤﻭﻀﻭﻉ ﻟﻬﺎ؟ ﻭﻫل ﺘﻤﻜﻨﺕ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﻭﺘﻘﻨﻴﺎﺕ‬
‫ﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﻤﻼﺌﻤﺔ ﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ؟‬
‫ﺇﻥ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻴﺠﻴﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻭﻥ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺘﻬﻡ ‪ ،‬ﺤﻴﺙ ﻴﻘﻭل ﻋﺯﺕ ﺤﺠـﺎﺯﻱ‪:‬‬
‫"ﻤﻌﻅﻡ ﻤﺎ ﻋﺭﺽ ﻟﻪ ﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻭﻥ ﺒﺎﻟﻌﻠﻡ ﻭﺍﻟﺒﺤﺙ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺃﻭ ﻤﺸﻜﻼﺕ ﻴﻔﺘﻘﺭ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﻨﺼﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ‪ ،‬ﺃﻱ ﺃﻨﻪ‬
‫‪13‬‬
‫ﺘﻘﻠﻴﺩ ﺘﺠﺎﻭﺯﺘﻪ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ‪ ...‬ﺒﻌﻴﺩ ﻋﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺤﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺤﻴﻭﻱ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺭ "‬
‫ﺃﻤﺎ ﺴﺎﻟﻡ ﺴﺎﺭﻱ ﻓﻴﻘﻭل ‪" :‬ﻟﻡ ﺘﺨﺭﺝ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﺫﻟﻙ ﻋﻥ ﺃﻨﻤﺎﻁ ﺴﻠﻭﻜﻴﺔ ﻭﺃﻓﻌـﺎل ﺍﻨﺤﺭﺍﻓﻴـﺔ‪ ،‬ﻗـﻴﻡ‬
‫‪14‬‬
‫ﺒﺎﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﻅﻭﺍﻫﺭ ﻗﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﻤﻼﺤﻅﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻜﺎﺨﺘﻼﻻﺕ ﻓﺭﺩﻴﺔ"‬
‫ﻭﻴﻭﻀﺢ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﻨﺯ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺘﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨﺹ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺃﻨﻪ " ﻟﻡ ﺘﻌﻁﻨﺎ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ‬
‫ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻓﻲ ﺘﻜﻭﻴﻨﻪ ﻭﻴﺯﻴﺩ ﺘﻌﻘﻴﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻟﺫﺍ ﺘﺒﻘﻰ ﺍﻷﺒﺤﺎﺙ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴـﺔ‬
‫ﺒﺎﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﻴل ﻋﻘﻴﻡ‪ ،‬ﺇﺫ ﺘﺅﺩﻱ ﻓﻲ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﺇﻟﻰ ﺘﺠﻤﻴﻊ ﻁﺎﺌﻔﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻴﺔ ﻴﻌﺎﺩ ﺘﺭﻜﻴﺒﻬﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﻤﺼﻁﻨﻌﺔ ﻻ ﺘﻼﺌﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻟﻘﺩ ﺒﺭﻫﻨﺕ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺘﺤﻠﻴل ﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ﻤﻥ ﺤﻀـﺎﺭﺓ‬
‫‪15‬‬
‫ﺃﺨﺭﻯ ﻓﻲ ﺒﺤﻭﺙ ﻤﺤﻠﻴﺔ"‬
‫ﺃﻤﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺒﺎﺴﻁ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻁﻲ ﻓﻴﺭﻯ "ﺃﻥ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻑ‬
‫ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﻲ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘل ﻭﺍﻟﺘﺭﺠﻤﺔ ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺌﻴﺔ ﺤﻭل ﻤﺸﻜﻠﺔ ﻤﺤﺩﺩﺓ‪ ،‬ﺃﻭ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻤﺤـﺩﺩ ﻜﺎﻷﺴـﺭﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ‪ ،‬ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺩ ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ﺍﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﺒﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻷﺒﻌﺎﺩ ﻭﺍﻟﺜﻭﺍﺒﺕ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺇﻏﻔﺎل‬
‫‪16‬‬
‫ﺍﻷﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﺩﻴﻨﺎﻤﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ"‬
‫ﺘﻭﺤﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺕ ﺃﻥ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺘﻘﻑ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻔﻘﺭ ﺍﻻﺒﺴﺘﻤﻭﻟﻭﺠﻲ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﻅﺭﻱ‪ ،‬ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻥ ﻤﻀﺎﻤﻴﻨﻬﺎ ﻤﺤﻠﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﻤﻥ ﻴﻘﺭﺃ ﻟﻤﺎﻜﺱ ﻓﻴﺒﺭ ﻭﻤﺎﻨﻬﺎﻴﻡ ﻴﻘﺭﺃ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻤﻥ ﻴﻘﺭﺃ ﺃﻱ ﺒﺤﺙ ﺃﺠﻨﺒـﻲ ﻴﺴـﻬل‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻫﻭﻴﺘﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻭﻅﻴﻔﻲ‪ ،‬ﻤﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﺘﺎﺭﻴﺨﻲ‪ ،‬ﻭﻫﺫﻩ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺘﻠﻙ ﺘﺭﻓﺽ‬
‫ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ﻟﺘﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻨﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻘﺭﺃ ﺒﺤﺜﺎ ﺃﻭ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﻴﺭﺍﻭﺩﻙ ﺍﻟﺸﻙ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻓـﺔ ﺍﺘﺠـﺎﻩ ﻜﺎﺘﺒﻬـﺎ‪ ،‬ﻭﺇﺘﻘﺎﻨـﻪ‬
‫‪17‬‬
‫ﻷﺒﺠﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﺩﻭﺭ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻓﻴ ﻪ"‬
‫ﻭﺭﻏﻡ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘل ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻴﻨﺘﻤﻭﻥ ﺒﺤﺜﺎ ﻭﺘﺄﻟﻴﻔﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫـﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅـﺔ‬
‫ﻭﺍﻻﻤﺒﺭﻴﻘﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻓﺌﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺘﻨﺎﺼﺭ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘل ﻭﺍﻟﺘﺭﺠﻤﺔ‪ ،‬ﻭﻤﻥ ﻫﻨـﺎ ﻴﺒـﺭﺯ ﺍﻻﻫﺘﻤـﺎﻡ‬
‫ﺒﺎﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻻﺴﺘﺎﺘﻴﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺇﻫﻤﺎل ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺩﻴﻨﺎﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﺘﺒﻘﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻀﻴﻊ‪ ،‬ﻭﻗﻁﺎﻋﺎﺕ ﻋﺭﻴﻀﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ‬
‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻨﻅﻭﺭﺍ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﻭﺍﻀﻴﻊ ﻭﻗﻁﺎﻋﺎﺕ ﺴﺭﻴﺔ ﻴﻌﺩ ﻜﺸﻑ ﺍﻟﻨﻘﺎﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﺠﺭﻤﺎ – ﺍﻟﺴـﻠﻁﺔ ﻭﺁﻟﻴـﺎﺕ ﺍﻟﺴـﻴﻁﺭﺓ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﺠﻨﺴﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻘﻴﺩﺓ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻤﻭﺍﻀﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻴﻬﺎ ﺘﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻻﻤﺒﻴﺭﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻜﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻨﻲ ﻭﺍﻟﻤﻌﻁﻰ‪ ،‬ﻤﺘﺠﺎﻫﻠﺔ ﺍﻟﻜﺎﻤﻥ ﻭﺍﻟﺨﻔﻲ ﺍﻟﻤﺘﺠﺫﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻜل ﻭﺍﻟﺸـﻤﻭﻟﻲ ﻤـﻊ‬
‫‪18‬‬
‫ﺍﻟﺘﻁﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺃﻋﻠﻰ ﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ"‬

‫ﺭﺍﺒﻌﺎ‪ -‬ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ‪:‬‬


‫ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻬﺎﺠﺱ ﺍﻟﻤﻘﻠﻕ ﻟﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ‪ ،‬ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﻫﻭ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻠـﻡ ﻓـﻲ‬
‫ﺤﺩ ﺫﺍﺘﻪ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻨﺴﻕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺃﺼل ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻫﻭ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﻤﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻁﺭﻕ ﻭﻤﻨﺎﻫﺞ ﻭﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴـﺔ‬
‫ﻭﺘﻁﺒﻴﻘﻬﺎ ﺒﺤﺫﺍﻓﻴﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻤل ﺃﻥ ﻴﺴﺎﻋﺩ ﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺩﺭﺠـﺔ‬
‫ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﻠﻐﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺼﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺃﻓﻀل ﻓﻲ ﺃﺴﺭﻉ ﻭﻗﺕ ﻭﺃﻗل ﺠﻬﺩ ﻟﻡ ﻴﺴـﺘﻁﻊ‬
‫ﺃﻥ ﻴﺘﻼﺌﻡ ﻤﻊ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺘﺤ ﺩﺩ ﺒﻌﺩ‪ .‬ﻓﺘﻌﺩﺩﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺒﺘﻌﺩﺩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻀﻴﻊ‪ ،‬ﻭﺘﻔﺎﻗﻡ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﺩﺍﺨل‬
‫‪19‬‬
‫ﺍﻟﻨﺴﻕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ‪ ،‬ﻭﺃﺼﺒﺢ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻫﻭ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﺤﻭل ﺃ ﻓﻀل ﻤﻨﻬﺞ ﻭﺃﺤﺴﻥ ﺃﺩﺍﺓ ﻭﺃﺴﻠﻭﺏ"‬
‫ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹ ﻁﺎﺭ ﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﻁﻴﺏ ﺘﻴﺯﻴﻨﻲ ‪ -‬ﻓﻲ ﺘﻘﺩﻴﻤﻪ ﻟﻜﺘﺎﺏ ﻨﻘﺩ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻱ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ‪ -‬ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻋﻠـﻡ‬
‫ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﺨل ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﺭﻜﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻻﻤﺒﻴﺭﻴﻘـﻲ ﺍﻟﺘﺠﺯﻴﺌـﻲ ﺍﻟﻤﺒﺴـﻁ ﻓـﻲ‬
‫ﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ ﻤﺒﻌﺜﺭﺓ‪ ،‬ﻤﺴﻘﻁﺔ ﻤﻥ ﺤﺴﺎﺒﻬﺎ ﺍﻹﻁﺎﺭ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﺸﺎﻤل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺘﻭﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻤﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺤﺴﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺴـﺩﺍﺩ ﺍﻷﻓـﻕ‬
‫‪20‬‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ "‬
‫ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻟﻨﻭﻉ ﻤﻌﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻀﻴﻊ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻨﻌﻜﺱ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻡ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻲ ﻟﻠﺒﺤﻭﺙ ﻭﺘﻨﻔﻴﺫﻫﺎ ‪ .‬ﻓﻤﻥ ﺍﻟﺴﻬل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﺼﻔﺢ ﻟﻠﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ ﺃﻥ ﻴﻼﺤـﻅ ﺸـﻴﻭﻉ‬
‫ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ ﻷﺩﻭﺍﺕ ﺠﻤﻊ ﺍﻟﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻜﻤﻴﺔ ﻜﺎﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﻤﺎﺭﺓ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﺭﺍﺩﻓﺔ ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻨﻲ‪ ،‬ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺨﻁﺄ‬
‫ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ‪ ،‬ﺇﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻤﻬﺎ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺨﺎﻁﺌﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻨﻔﺭﺩﺓ ﺃﻭ ﻤﺘﻜﺎﻤﻠﺔ ﻤﻊ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺽ‪،‬‬
‫ﺃﻭ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻼﺌﻡ ﺃﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺃﻡ ﻻ‪ ،‬ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺘﺨﻀﻊ ﻤﺜل ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﻟﻠﻨﺴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻋـﺯﺕ‬
‫ﺤﺠﺎﺯﻱ ﻗﺎﺌﻼ ‪ ..." :‬ﻭﻤﻌﺭﻭﻑ ﺃﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺘﺨﻀﻊ ﻟﻠﻨﺴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻱ ﺘﺭﺘﺒﻁ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻭﺠﺩﻭﺍﻫﺎ ﺒﺎﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ‬
‫ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﺩ ﻭﺘﺴﺘﻌﻤل ﻓﻴﻪ ﺃﺼﻼ‪ ،‬ﻭﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﺴﺘﻴﺭﺍﺩﻫﺎ ﻤﻥ ﺴﻴﺎﻕ ﺤﻀﺎﺭﻱ ﺇﻟـﻰ ﺁﺨـﺭ ﻭﺍﺴـﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺘﻌـﺩﻴﻼﺕ‬
‫‪21‬‬
‫ﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ﺃﻤﺭﺍ ﻏﻴﺭ ﻤﻘﺒﻭل‪" ...‬‬
‫ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺤﺎﻴﺩﺓ‪ ،‬ﺤﻴﺙ ﻴﻨﻁﻭﻱ ﺇﻋﺩﺍﺩﻫﺎ ﻭﺘﻨﻔﻴﺫﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺒﻌﺎﺩ ﺇﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻤﻬﻤﺔ ﻭﻤـﺅﺜﺭﺓ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴـﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﻴﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻜﺎﻟﺒﺎﺤﺙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺩ ﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻡ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻲ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻨﻲ‬
‫ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﻓﻌﻼ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻤﺠﻴﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺩﻡ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ‪ ،‬ﺘﺘﻌﻘﺩ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﻭﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﺯﺍﺌﻑ ﺒﺎﻟﺒﺤـﺙ‬
‫‪22‬‬
‫ﻭﺃﻏﺭﺍﻀﻪ ﻭﺠﺩﻭﺍﻩ ‪ ،‬ﻭﺩﻭﺭ ﻜل ﻓﻴﻪ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺒﻌﻴﻨﻬﺎ ﻭﺍﺴﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺨﺎﻁﺌﺔ ﻭﺩﻭﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻟﻠﻌﺩﻴـﺩ ﻤـﻥ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴـﺩﺍﺕ ﻓـﻲ‬
‫ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻤﻬﺎ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺠﻭﺍﻨﺏ ﻗﺼﻭﺭ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ‪ ،‬ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺘﻭﺠﺩ ﻜﻨﻭﺯ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻁﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﻜـل ﻤﻭﻀـﻭﻉ ﻟـﻡ‬
‫ﺘﻜﺘﺸﻑ ﺒﻌﺩ‪ ،‬ﺒل ﺇﻥ ﺇﻤﻜﺎﻨﺎﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﻟﻡ ﺘﺴﺘﻐل ﺒﻌﺩ ‪ .‬ﻴﻘﻭل ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺒﺎﺴﻁ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻁﻲ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻁﺎﺭ‪ " :‬ﻨﻅـﺭﺍ ﻷﻥ‬
‫ﺍﻻﺴﺘﻤﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﺼﻤﻴﻤﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﺇﻁﺎﺭ ﻨﻅﺭﻱ ﻭﺍﻀﺢ ﻭﻤﺤﺩﺩ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺒﺎﺤﺙ ﻴﻀﻊ ﺒﻨﻭﺩﺍ ﻫﻲ ﻤﻥ ﺼﻨﻌﻪ ﻭﻴﺼﻭﻍ ﺃﺴﺌﻠﺔ‬
‫ﻴﺤﺎﺼﺭ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺤﻭﺙ ﻟﻴﺠﻴﺏ ﺇﺠﺎﺒﺎﺕ ﻴﺭﻴﺩﻫﺎ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻓﻴﺼﻴﺭ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻤﻔﺘﻌﻼ‪ ،‬ﻭﻨﺼل ﺇﻟﻰ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﻤﻥ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻨﻭﻉ‪ ،‬ﻭﻨﺯﻋﻡ‬
‫‪23‬‬
‫ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﻤﻨﻁﻠﻕ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ"‬
‫ﺨﺎﻤﺴﺎ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴـــﺔ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ‪:‬‬
‫‪-‬‬

‫ﺒﻌﺩ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻷﺩﻭﺍﺕ ﺒﺤﺙ ﻜﻤﻴﺔ ﺘﺭﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺼﻑ ﻭﺘﻘﺭﻴﺭ ﺨﺼﺎﺌﺹ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻭﺼـﻑ‬
‫ﻴﺄﺘﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺁﻟﻴﺎ ﻟﻠﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬ﺃﻗل ﻤﺎ ﻴﻘﺎل ﻋﻨﻪ ﺃﻨﻪ ﺴﻭﺴﻴﻭﻏﺭﺍﻓﻴﺎ ﺃﻭ ﻭﺼﻑ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟـﻪ ﺒﻌﻠـﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻉ‬
‫ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻅﻭﺍﻫﺭﻩ‪ .‬ﺤﻴﺙ ﻴﺴﺘﻁﺭﺩ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻓﻲ ﻋﺭﺽ ﺠﺩﺍﻭل ﻁﻭﻟﻴﺔ ﻭﻋﺭﻀﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻨﺎﺩﺭﺍ ﻤﺎ ﻴﺭﻓﻕ ﻫﺫﺍ ﺒﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻌـﺭﻑ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺘﺤﻤﻠﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﻤﻥ ﺩﻻﻻﺕ‪ ،‬ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﻤﺎ ﻴﻌﺭﻓﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻥ ﺘﺤﻭﻻﺕ ﺒﻨﻴﻭﻴﺔ ﻭﻭﻅﻴﻔﻴﺔ ‪ .‬ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻁﺎﺭ ﻴﻘـﺭ‬
‫ﻋﺯﺕ ﺤﺠﺎﺯﻱ‪ " :‬ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺘﻨﺘﻬﻲ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺒﻌﺩﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺎﺌﻼ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺠـﺩﺍﻭل‬
‫ﺘﺘﻭﺯﻉ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻴﻌﻠﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﻭﺼﻑ ﻤﻭﺠﺯ‪ ...‬ﻭﻴﺄﺘﻲ ﻨﺎﺘﺞ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻫﺯﻴﻼ ﻻ ﻴﻀﻴﻑ ﻜﺜﻴﺭﺍ‪ ،‬ﻭﻗﺩ ﻻ ﻴﻀﻴﻑ‬
‫‪24‬‬
‫ﺸﻴﺌﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﻌﺭﻓﻪ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ‪ ،‬ﺒل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻋﻥ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺒﺤﺙ "‬
‫ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺸﻜﺎل ﻴﻘﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺇﺸﻜﺎل ﺁﺨﺭ ﻫﻭ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻴل ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺤﺎﻻﺕ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻴﻜﺘﻔﻲ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻭﻥ‬
‫ﺒﺎﻹﺠﺎﺒﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻜﻴـــــــﻑ؟ ﻤﻊ ﺘﺠﺎﻫل ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻟﻤـﺎﺫﺍ؟‪ ،‬ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎل ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﻫﻤﺎ ﻅﺎﻫﺭﺘﺎﻥ ﺜﻘﺎﻓﻴﺘﺎﻥ ﺘﺭﺘﺒﻁﺎﻥ ﺒﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﺘﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺠﺩﺩﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺠﺏ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺘﺞ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴـﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺴﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﻭﺘﺘﺤﺎﻭﺭ ﻤﻌﻪ‪ ،‬ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﻁﻭﺭﻫﺎ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻭﻫﺒﻭﺍ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻟﻠﻌﻠﻡ‪ ،‬ﺤﻴﺙ ﻓﻬﻡ ﻫﺅﻻﺀ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠـﻡ‬
‫ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﻭﻋﻠﻤﻴﺔ ﺒﺎﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺱ ﻤﺠﺭﺩ ﻤﻬ ﻨﺔ ﺃﻭ ﻨﺸﺎﻁ ﺒﺤﺜﻲ ﻅﺭﻓﻲ‪ .‬ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻁـﺎﺭ ﻴﻌﺘـﺭﻑ‬
‫ﻋﺯﺕ ﺤﺠﺎﺯﻱ ﻗﺎﺌﻼ‪" :‬ﺘﺤﻭل ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻴﻥ ﺒﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺒﺄﺠﺭ‪ ،‬ﻴﺒﺤﺜﻭﻥ ﻭﻴﺩﺭﺴﻭﻥ ﻭﻴﻜﺘﺒﻭﻥ ﻓﻲ ﺤـﺩﻭﺩ‬
‫‪25‬‬
‫ﻤﺎ ﻴﻁﻠﺏ ﻤﻨﻬﻡ‪ ،‬ﻭﻴﺅﺠﺭﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺘﺭﺩﻯ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺩﻭﻥ ﻗﺼﺩ‪ ،‬ﻭﺘﻤﺎ ﺩﻯ ﺁﺨﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻻﻨﺘﻬﺎﺯﻴﺔ ‪"...‬‬
‫ﺴﺎﺩﺴﺎ‪ -‬ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ﻟﻠﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪:‬‬
‫ﺇﻥ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻓﻬﻡ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ﻟﻠﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﻘـﻕ‬
‫ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺘﺤﻠﻴل ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﻋﻲ ﺒﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻓﻘﻁ‪ ،‬ﺒل ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟـﻰ ﻓﻬـﻡ‬
‫ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻐﺭﺒـﻲ ﺍﻟﺭﺃﺴـﻤﺎﻟﻲ‬
‫ﻨﺎﻫﻴﻙ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺘﺄﺜﻴﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻋﻠﻰ ﻨﺸﺄﺓ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﻴﺩﺭﻙ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻔـﻭﺭ‬
‫‪26‬‬
‫ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺒﺎﻋﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﻨﺸﺄﺓ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻠﻡ‪.‬‬
‫ﻭﺘﺭﺠﻊ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ﻟﻠﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻏﺘـﺭﺍﺏ ﻋﻠـﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻉ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻋﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ‪ .‬ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل‪ :‬ﺇﻥ ﺍﻏﺘﺭﺍﺏ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻴﻤﺜل ﻤﻨﺘﻭﺠﺎ ﻭﺍﻗﻌﻴﺎ‬
‫ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺘﺼﺩﻴﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﺼﻭل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫـﺫﺍ ﺭﺍﺠـﻊ ﺇﻟـﻰ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﺭﺘﺒﻁﺕ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺜﺎﻤﻥ ﻋﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺩ ﺒﺸﺒﻜﺔ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺸﻜل ﻻ‬
‫ﻤﺘﻜﺎﻓﺊ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻗﺩ ﻓﺭﻀﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﺍﺴﺘﺩﻤﺎﺝ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ‪ ،‬ﻭﻤـﻥ‬
‫ﺜﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﻭﺘﻤﻔﺼﻠﻬﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ‪ .‬ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﻬﻤﺔ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺘﺘﺭﻜـﺯ‬
‫ﻓﻲ ﺘﺭﺴﻴﺦ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺘﺨﻠﻑ ﺍﻟﺘﺎﺒﻊ‪ ،‬ﻭﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﻭﻫﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺌﻴﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻻﻏﺘﺭﺍﺏ ﻫﻲ ﺍﻏﺘﺭﺍﺏ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﻨﻅﺭﻴﺎﺘﻪ ﻋﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻴﻅﻬﺭ ﺫﻟـﻙ‬
‫ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﻁﺭﺡ ﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻤﻜﺘﻤل ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺃﻭ ﺒﺎﻷﺤﺭﻯ ﻴﻅﻬﺭ ﺒﺩﻴل ﻟﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﺘﺒﻘﻰ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴـﺔ ﺍﻟﺴﻭﺴـﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻓـﻲ‬
‫ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻭﻡ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﻤﻠﺤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺒﺘﻜﺎﺭ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻭﺃﻁﺭ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺘﺄﺨـﺫ ﻓـﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫـﺎ ﺍﻟﻘﻀـﺎﻴﺎ ﺍﻟﻨﻭﻋﻴـ ﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ‪ ،‬ﻤﺅﻜﺩﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﻭﻻﺕ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻜﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﻭﺃﻭﻀـﺤﻨﺎ‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫ﺴﺎﺒﻌﺎ‪-‬ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﻨﻭﻁ ﺒﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ‪:‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﻤل ﻟﻠﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻴﺠﺩ ﺃ ﻨﻬﺎ ﺘﻨﺘﻤﻲ ﻟﻤﻜﻴﻨﺔ ﺍﻻﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓـﻲ‬
‫ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺃﻭ ﻏﻴﺭﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻤﺜل ﺁﺴﻴﺎ ﻭﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﺍﻟﻼﺘﻴﻨﻴﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﻭﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻟﻡ ﺘﺴﻬﻡ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﺸﻲﺀ ‪ .‬ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ‬
‫ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺃﺯﻤﺔ ﺤﺎﺩﺓ ﺍﻨﺘﺎﺒﺕ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻟﻠﺤﻘـل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓـﻲ‬
‫‪28‬‬
‫ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ‪.‬‬

‫ﻭﻋﻥ ﻤﺩﻯ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭ ﺭﺠﺎل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻭﻋﺩﻡ ﻨﺠﺎﺤﻬﻡ ﻓﻲ ﺘﻁـﻭﻴﺭ ﻤﻔـﺎﻫﻴﻡ ﺃﺼـﻴﻠﺔ‬
‫ﻟﺘﺤﻠﻴل ﻭﺍﻗﻊ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻨﺎ ﻴﻘﻭل ﺴﺎﻟﻡ ﺴﺎﺭﻱ ‪" :‬ﻴﻜﺘﺏ ﺭﺠﺎل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺘﻁﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﻴﻁﻬﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ‪،‬‬
‫ﻓﻠﻡ ﻴﻁﻭﺭﻭﺍ ﺇﻻ ﻗﻠﻴﻼ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻷﺼﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﻭﺘﺘﻭﺠـﻪ ﺇﻟـﻰ‬
‫ﺘﻐﻴﻴﺭﻩ‪ ،‬ﻭﻟﻡ ﻴﻅﻬﺭ ﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺘﺼل ﺒﺎﻟﻤﺸﻜ ﻼﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴـﺔ ﺇﻻ‬
‫‪29‬‬
‫ﺘﻁﺎﺒﻘﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺒﻤﺴﻠﻤﺎﺘﻬﺎ ﻭﺍﻓﺘﺭﺍﻀﺎﺘﻬﺎ ﻭﺍﺭﺘﺒﺎﻁﺎﺘﻬﺎ"‬
‫ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨﺹ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻴﻘﺭ ﺍﻷﻨﺜﺭﺒﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻤﻭﺴﺎﻭﻱ ﺒﺄﻨﻨﺎ ﺒﻌﻴـﺩﻭﻥ‬
‫ﻜل ﺍﻟﺒﻌﺩ‬
‫ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﻨﻭﻁ ﺒﺎﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺇﺫ ﻴﻔﺼل ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﺴـﺒﻘﻨﺎ‬
‫ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻤﺩﻯ ﺒﻌﻴﺩ ﻤﻤﺎ ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺘﺭﺍﺜﻨﺎ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ‪ .‬ﺇﺫ ﻴﻘﻭل ‪ " :‬ﻟﻘﺩ ﺘﻡ ﺘﺒﻨﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ‬
‫ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﻟﻴﺱ ﻟﻔﻀﺎﺌﻠﻪ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻓﺤﺴﺏ‪ ،‬ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎﺩ ﺒﻌﺫﺭﻴﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺒـﺩﻴﻼ‬
‫ﻟﻼﺜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻴﺔ‪ .‬ﺇﻥ ﺃﻋﻤﺎل ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻭﻗﺘﺌﺫ ﻟﻴﺴﺕ ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ‪،‬‬
‫ﻟﻜﻥ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺒﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ‪ .‬ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺤﺎل ﺇﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻁﻠﺒﻪ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻤـﻥ‬
‫‪30‬‬
‫ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻫﻭ ﻟﻌﺏ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻌﺒﺘﻪ ﺍﻻﺜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻱ "‬
‫ﻟﻘﺩ ﺘﺒﻨﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺘﻨﻤﻭﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﺘﺒﺎﻋﻬﺎ ﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﺍﻷﺯﻤﺔ‪ ،‬ﻭﻗﺩ ﻓﺭﻀﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺇﻗﺤﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌـﺔ‬
‫ﻜﻁﺭﻑ ﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ‪ ،‬ﻭﺒﺼﻭﺭﺓ ﺁﻟﻴﺔ ﺨﻀﻌﺕ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺴﺔ ﻨﻔﺴـﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻟﻠﺨﻁـﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺃﺼﺒﺢ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻻﻨﺨﺭﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻭﻴـﺔ ﺍﻟﻭﺍﺴـﻌﺔ ﺍﻟﺘـﻲ‬
‫ﺘﺨﻭﻀﻬﺎ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﺍﻟﺭﺍﻤﻴﺔ ﺒﺎﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺒﺠﻤﻴﻊ ﺃﺸﻜﺎﻟﻬﺎ‪ .‬ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺃﺼﺒﺢ ﻋﻠـﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻉ ﻋﻠﻤـﺎ‬
‫ﺘﺤﺭﺭﻴﺎ ﻴﻬﺩﻑ ﺇ ﻟﻰ ﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻪ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﻴﺠـﺎﺩ ﺍﻟﺤﻠـﻭل ﻟﻠﻤﺸـﻜﻼﺕ‬
‫ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺒﻤﺼﺎﻟﺢ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﺭﺍﺌﺢ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺜﺎﻤﻨﺎ‪ -‬ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺘﻜﺎﻤل ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻜﻤﻲ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻜﻴﻔﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪:‬‬
‫ﻴﻌﺘﺭﻑ ﺴﻌﺩ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻓﻲ ﻨﺩﻭﺓ ﺤﻭل ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﻗ ﻀﺎﻴﺎ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗـﺎﺌﻼ‪" :‬ﻓـﻲ ﻨﻅـﺭﻱ ﺃﻥ ﻋﻠـﻡ‬
‫ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻤﻲ ﻫﻭ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻨﻤﻭ ﻤﺴﺘﻤﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺤﻴـﺙ ﻨﻼﺤـﻅ ﺃﻥ ﻫﻨـﺎﻙ ﻨﻤـﻭﺍ‬
‫ﻤﻠﺤﻭﻅﺎ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻨﻭﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﻭﻫـﻭ ﻤـﺎﻨﻌﻜﺱ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ‪ .‬ﻭﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻕ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻨﻭﻋﻲ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻟﻡ ﻴﺘﻼﺌﻡ ﻤﻊ ﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻷﺨـﺭﻯ‬
‫ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻪ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴـﺩ ﻟﻠﻤﺴـﺘﻘﺒل ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ‪ ،‬ﺇﺫ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﺴﺎﻫﻤﻭﺍ ﺒﺎﻟﻘﺩﺭ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﻭﺘﻔﺴـﻴﺭﻫﺎ ‪ ...‬ﻭﻋﻠﻴـﻪ ﻨﺄﻤـل ﺃﻥ‬
‫‪31‬‬
‫ﻴﺘﻜﺎﻤل ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻜﻤﻲ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻜﻴﻔﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻤﻭﻤﺎ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﻭﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻡ ﺘﺴﻨﺩ ﺇﻟﻴﻪ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻬﻭﺍﻤﺵ‪:‬‬
‫‪ .1‬ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ‪ :‬ﺇﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺕ ﻋﻠﻤﺎ ﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺏ )ﻋﻘﻡ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻭﻗﺼﻭﺭ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ( ‪ ،‬ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ‬
‫ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ‪ ،‬ﻁ‪ ،1‬ﻟﻨﺩﻥ‪ ،2000 ،‬ﺹ‪. 27‬‬
‫‪ .2‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.29‬‬
‫‪ .3‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.30‬‬
‫‪ .4‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.31‬‬
‫‪ .5‬ﺃﺒﻭ ﺒﻜﺭ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﺎﻗﺎﺩﺭ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﺭﺍﺒﻲ‪ :‬ﺁﻓﺎﻕ ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﻋﺭﺒﻲ ﻤﻌﺎﺼﺭ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ‪ ،‬ﺩﻤﺸﻕ‪ ،2006 ،‬ﺹ ‪117‬‬
‫‪ .6‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺒﺎﺴﻁ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻁﻲ‪ :‬ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ‪ ،‬ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ‪ ، 1998 ،‬ﺹ ﺹ ‪. 170 169‬‬
‫‪-‬‬

‫‪ .7‬ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ‪ ،‬ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪.32 31‬‬


‫‪-‬‬

‫‪ .8‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪39‬‬


‫‪ .9‬ﺤﻤﻴﺩ ﺍﻟﺸﺎﻜﺭ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﻁﺭﺤﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ‪ ،2009‬ﻤﺩﻭﻨﺔ ﺤﺭﺍﺀ ﺍﻻﻟﻜﺘﺭﻭﻨﻴـﺔ ﻤﺩﻭﻨـﺔ ﻓﻜﺭﻴـﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ‬
‫ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻨﻅﺭ ﺍﻟﻤﻭﻗﻊ ‪.http://www.hiramagazine.com/ :‬‬
‫‪ .10‬ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﻨﺯ‪ :‬ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ ‪ ،99‬ﻨﻘﻼ ﻋﻥ ﻤﺴﺎﻙ ﺃﻤﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓـ ﻲ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌـﺔ‬
‫ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺒﺭﺍﻤﺞ ﺍﻷﻜﺎﺩﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺘﺭﺒﻭﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ‪ ،‬ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﻤﺨﺒﺭ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤﺤﻤﺩ ﺨﻴﻀﺭ ﺒﺴﻜﺭﺓ )ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ (‪،‬‬
‫‪-‬‬

‫ﺠﺎﻨﻔﻲ ‪. 2009‬‬
‫‪ .11‬ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ‪ ،‬ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ‪ ،‬ﺹ‪.39‬‬
‫‪ .12‬ﻋﻤﺎﺩ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺨﻭﺍﻨﻲ ‪ :‬ﺘﻁﻭﺭ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﻰ ﺍﻷﺯﻤﺔ ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻹﻨﺴـﺎﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌـﺩﺩ ‪، 12‬‬
‫ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺎﺘﻨﺔ‪ ،2005 ،‬ﺹ‪106‬‬
‫‪ .13‬ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭ ﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ‪ ،‬ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ‪ ،‬ﺹ ﺹ ‪. 28 27‬‬
‫‪-‬‬

‫‪ .14‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.33‬‬


‫‪ .15‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.31‬‬
‫‪ .16‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺒﺎﺴﻁ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻁﻲ‪ ،‬ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ‪ ،‬ﺹ ‪.188‬‬
‫‪ .17‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.181‬‬

‫‪ .18‬ﺍﻟﻌﻴﺎﺸﻲ ﻋﻨﺼﺭ‪ :‬ﻨﺤﻭ ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﻨﻘﺩﻱ‪ ،‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻭﺘﻁﺒﻴﻘﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺠﺯﺍﺌ ﺭ‪ ،‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﻁﺒﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ‪ ،‬ﻁ ‪ ، 3‬ﺍﻟﺠﺯﺍﺌـﺭ‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ﺹ‪. 101‬‬
‫‪ .19‬ﻋﻤﺎﺩ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺨﻭﺍﻨﻲ‪ ،‬ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺎﺒﻕ‪ ،‬ﺹ ‪107‬‬
‫‪ .20‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺒﺎﺴﻁ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻁﻲ‪ ،‬ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ ‪ ،‬ﺹ ‪.189‬‬
‫‪ .21‬ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ‪ ،‬ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ‪ ،‬ﺹ ‪.28‬‬
‫‪ .22‬ﺃﻨﻁﻭﻨﻲ ﻏﻴﺩﻨﺯ‪ :‬ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻓﺎﻴﺯ ﺍﻟﺼﻴﺎﻍ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻠﺘﺭﺠﻤﺔ‪ ،‬ﻁ‪ ،1‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،2005 ،‬ﺹ ‪. 673‬‬
‫‪ .23‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺒﺎﺴﻁ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻁﻲ‪ ،‬ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ‪ ،‬ﺹ‪.189‬‬
‫‪ .24‬ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ‪ ،‬ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ‪ ،‬ﺹ‪. 28‬‬
‫‪ .25‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪. 27‬‬
‫‪ .26‬ﺸﺎﺩﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﻗﻨﺎﻭﻱ ‪ :‬ﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺃﺯﻤﺔ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﻗﺒﺎﺀ ﻟﻠﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪ ، 2000 ،‬ﺹ‬
‫‪.167‬‬
‫‪ .27‬ﺴﻬﻰ ﺤﻤﺯﺍﻭﻱ‪ ،‬ﺴﺎﻤﻴﺔ ﻜﻭﺍﺸﻲ‪ :‬ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺇﺼﺩﺭﺍﺕ ﻤﺨﺒﺭ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ‬
‫ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ‪ ،‬ﻋﺩﺩ ﺨﺎﺹ ﺒﺄﻋﻤﺎل ﺍﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺤﻭل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ‬
‫ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺴﻜﺭﺓ‪ً ،2013 ،‬ﺹ ﺹ ‪.116 115‬‬
‫‪-‬‬

‫‪ .28‬ﺴﺎﺴﻲ ﺴﻔﻴﺎﻥ‪ :‬ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺭﻗﻡ ﻭﻟﻐﺔ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻋﻲ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻷﻭل‪ ،‬ﻤﺨﺒﺭ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺴﻜﺭﺓ‪ ،2016 ،‬ﺹ‪. 137‬‬
‫‪ .29‬ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ‪ ،‬ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ‪ ،‬ﺹ‪.33‬‬
‫‪ .30‬ﺴﻠﻴﻡ ﺩﺭﻨﻭﻨﻲ‪ :‬ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ )ﺇﺭﻫﺎﺼﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻭﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل(‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺩﺩ‬
‫ﺍﻷﻭل‪ ،‬ﻤﺨﺒﺭ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺴﻜﺭﺓ‪ ،2016 ،‬ﺹ ﺹ ‪.95 94‬‬
‫‪-‬‬

‫‪ .31‬ﺴﻌﺩ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻭﺁﺨﺭﻭﻥ‪ :‬ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﻨﺤﻭ ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﻋﺭﺒﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻉ ﻭﺍﻟﻤﺸـﻜﻼﺕ‬
‫‪-‬‬

‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻜﺘﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ‪ ،7‬ﻤﺭﻜﺯ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻁ‪ ،3‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،2010 ،‬ﺹ ‪. 200‬‬
‫‪-‬‬
‫المحاضرة ‪ 60‬عالقة اإلبستيمولوجيا بالسوسيولوجيا‪:‬‬
‫إن العالقة بين اإلبستيمولوجيا والعلوم االجتماعية عالقة جدلية تبادلية‪ ،‬لذا كانت النقد اإلبستمولوجي‬
‫للمعرفة االجتماعية يسمع بتوفير المبررات الضرورية للمعرفة التي تعالجها وفق تصورات منهجية تشكل‬
‫في النهاية البنية التأسيسية لمعرفة علم اجتماعية‪ ،‬فإذا كانت هذه الوظيفة اإلبستمولوجية داخل النسق‬
‫المعرفي للعلوم االجتماعية‪ ،‬فإن هذه األخيرة تمد التفكير اإلبستمولوجي بالبعد االجتماعي في عملية إنتاج‬
‫المعرفة انطالقا من المبادئ و األحكام التي تصل إليها من خالل ممارستها للفعل السوسيولوجي داخل‬
‫المجتمع ذلك أن المعرفة اإلنسانية و المعرفة العلمية بشكل خاص تنمو وتتطور خالل سيرورة الممارسة التي‬

‫تسعى لتقديم حلول معقولة وفعالة للمشكالت التي تفرزها الحياة االجتماعية فمن خالل هذا التبادل‬
‫الوظيفي يبقى التفكير اإلبستمولوجي يستجيب للتطورات التاريخية التي تمس البنية المعرفية للمعرفة‬
‫العلمية والذي يعطي المصداقية للنقد اإلبستمولوجي والذي بدوره يعطي الشرعية التأسيسية العلمية لهذه‬
‫العلوم‪.‬‬
‫إن أهمية النقد اإلبستمولوجي داخل النسق المعرفي للعلوم االجتماعية يبدو أكثر إلحاحا وأبعد أثرا‪،‬‬
‫ألن هذه الممارسات االجتماعية ال تخلو من التوظيفات الالعلمية اإليديولوجية السياسية التي استغلت‬
‫التفكير من أجل الهيمنة على المؤسسات االجتماعية‪ ،‬ولذلك فإن العلوم اإلنسانية لم تساهم في غالب‬
‫السوسيولوجي األح يان في إنتاج معرفة علمية‪ ،‬بل أنتجت خطابا إيديولوجيا تبريريا‪ ،‬كما أنها لم تنتج‬
‫مثقفين نقديين بل أنتجت شريحة من المثقفين العضويين الذين خدموا السلطة السياسية ومشاريعها ‪.‬‬

‫إن الظروف التاريخية التي أدت إلى نشأة التفكير السوسيولوجي الحديث جاءت في مرحلة متميزة‪ ،‬مليئة‬
‫باألزمات والصراعات االجتماعية والسياسية (في أوربا خاصة)‪ ،‬وبعد أن عجزت المنظومة الفلسفية في‬
‫إقناع وإخماد الثورات المتالحقة‪ ،‬جاء التفكير السوسيولوجي كوسيلة جديدة ابتكرها االرتيابية والعدمية لكي‬
‫ترمي رداء العجز على كل معرفة [‪...‬لذلك] يبدو لنا أن األسباب العميقة ألزمة سوسيولوجيا المعرفة‬
‫الراهنة تكمن في ممكن آخر في التبعية الشديدة‪ ،‬حتى ال نقول العبودية‪ ،‬التي يعيشها علم اجتماع المعرفة‬
‫تجاه الموقف الفلسفي المسبق‪ ،‬المعلن أو المضمر فالعالقة بين المعرفة السوسيولوجية والنسق‬
‫اإليديولوجي منذ البداية‪ ،‬عالقة واضحة وعضوية‪ ،‬ولعبت الفلسفة دور الوسيط بين هذين النسقين لالقتراب‬
‫أكثر والتعاون أفضل يحدد جورج غرفتش في كتابه "األطر االجتماعية للمعرفة" العالقة بين السوسيولوجيا‬
‫واألصولية فمن خالل وجود معارف جماعية يطرح على األصولية مسائل جديدة‪:‬‬
‫أ‪ -‬مسألة الفعلة الجماعيين‪ ،‬وصالحية أعمالهم المعرفية وقيمتها بالنسبة إلى المعارف الفردية‪.‬‬
‫ب‪ -‬مسألة الرموز االجتماعية‪ ،‬الفكرية (ذات الصياغة المفهومية المتنوعة)‪ ،‬ومدى صحتها‪.‬‬
‫ج‪ -‬مسألة اإلشارات االجتماعية المعرفية غير الرمزية (كالروائز من كل نوع ومسألة فمن خالل فاعليتها‬
‫هذا اإلطار المشترك يمكن لإلبستيمولوجيا والسوسيولوجيا التعاون من أجل اإلحاطة بالمعرفة االجتماعية‬
‫والمتميزة عن األشكال المعرفية األخرى‪ ،‬فيتحدد من خالل المنظور اإلبستمولوجي اإلطار العام للمعرفة‬
‫السوسيولوجية (الموضوع)‪ ،‬والذي يسمح بتفسير وفهم الظاهرة السوسيولوجية بعيدا عن الخلط والتداخل مع‬
‫أطر معرفية أخرى‪.‬‬
‫من جهة ثانية تطرح السوسيولوجيا على اإلبستيمولوجيا مسألة صحة الكثرة شبه الالمتناهية‬
‫لمنظورات المعرفة‪ ،‬وعلى األصولية أن تحل بوسائلها الخاصة مسألة ما إذا كانت هذه المنظورات أكانت‬
‫"أيديولوجية" أم"طوبوية" أم "أسطورية"‪...‬الخ صالحة كلها‪ ،‬أم إذا كان بعضها أقل صالحا من البعض‬
‫اآلخر لهذه األهمية الكبرى‪ ،‬انكب جميع مؤسسي السوسيولوجيا على دراسة اإلبستيمولوجيا ومن خاللها‬
‫علم اجتماع المعرفة‪ ،‬من أوغست كونت إلى خصميه برودون وماركس(المتخاصمين بدورهما)‪ ،‬وزعيمهم‬
‫سان سيمون‪ ،‬واهتم الجيل الثاني من علماء االجتماع بذلك (دوركايم‪ ،‬لفي بريل‪ ،‬ماكس شللر كارل‬
‫مانهايم‪ ،‬سوركين) ‪ ،‬كوندرسيه فيؤكد على وجود توافق تام بين الواقع االجتماعي والنسق المعرفي فال‬
‫مجال لالرتياب بصحة كون المعرفة ظاهرة اجتماعية [‪ ]...‬أما سان سيمون ذلك المعارض الشديد لمثالية‬
‫كوندرسيه العقالنية‪ ..‬لكنه يؤكد من جهته على وجود توافق ثابت في كل العصور ولدى جميع الشعوب ما‬
‫بين المؤسسة االجتماعية واألفكار‪.‬‬
‫واستمر هذا االهتمام المتزايد في تحديد العالقة بين السوسيولوجيا واإلبستيمولوجيا ويظهر ذلك‬
‫بقوة عند دوركايم ‪ ،‬الذي كان يأمل أن يساعد علم االجتماع اإلبستيمولوجيا على تطوير نظرية‬
‫سوسيولوجية للمعرفة‪ ،‬فالعالقة والرابطة بين الذات والبنى االجتماعية ‪ -‬عند دوركايم –والمعارف متغيرة‬
‫بعامل العنصر البشري‪.‬‬

‫في الجهة المقابلة تظهر العالقة بين اإلبستيمولوجيا والسوسيولوجيا عن الماركسيين كأساس‬
‫للنظرية الماركسية التي تنطلق أن الوجود االجتماعي هو الذي يحدد الوعي‪ ،‬فعلى خالف علم اجتماع‬
‫الذي أنشأه أوغست كونت وسار في خطاه علماء االجتماع البورجوازيين‪ ،‬وجوهر هذا االختالف يكمن في‬
‫أن ماركس يربط المسائل المعرفية المطروحة بمسائل الوعي الطبقي واإليديولوجية الطبقية المتنوعة ‪ ،‬فعلم‬
‫االجتماع الماركسي هو محصلة لإلبستيمولوجيا المادية التي تسلم بأن المعرفة (مهما كانت) ما هي إال‬
‫انعكاسا للوجود‪ ،‬فيقول انجلز في ذلك‪ :‬ليس العقل ذاته سوى إيديولوجية البورجوازية المنتصرة[‪ ]...‬إن علم‬
‫اجتماع المعرفي الماركسي يولي ثقة ساذجة إلزالة االرتهان المعرفي في المجتمع الالطبقي أي لزوال‬
‫المعامل االجتماعي المعرفي‪.‬‬
‫يعتبر جورج غريفتش أن علم االجتماع المعرفي لدى ماكس شللر‪ ،‬وسوركين ومانهايم هو ردود‬
‫فعل اتجاه أزمات ومصاعب النسق السوسيولوجي الماركسي‪ ،‬حيث تمثل تصورات كارل مانهايم ومفاهيمه‬
‫محاولة التوفيق بين علم اجتماع المعرفي الماركسي عند شللر وعلم االجتماع عند البراغماتيكي األمريكي‬
‫ديوي [‪]...‬يشدد مانهايم على الدور اإليجابي المعطى لكثرة المنظورات السوسيولوجية المعرفية‪ ،‬وعلى‬
‫السمة التحريرية للعقل الذي يحلق بكل حرية ويتجسد في النخبة المثقفة‬
‫إن العالقة بين اإلبستيمولوجيا والسوسيولوجيا‪ -‬كما أوضحنا من قبل‪ ،‬ليس عالقة أحادية التأثير‪،‬‬
‫بل هي عالقة جدلية تبادلية بأتم معنى الكلمة‪ ،‬إذ يتعلق األمر بتعاون مشروع بين العلمين‪ ،‬يتبادالن‬
‫الخدمات وال يمكن لإلمبريالية أن تدخل بينها‪ ،‬فهما يترصدان بعضهما ويستحثان بعضهما للعمل‪،‬انها‬
‫مواجهة مقلقة‪ ،‬لكنها مثمرة‪ ،‬فهنا يفرض نفسه التأخي وسياسة اليد الممدودة‪ ،‬وهذا األمر ال يستبعد مع‬
‫ذلك كل انصهار وكل التباس بين هذين العلمين‪ ،‬الذي يفترض بهما ان يظال مستقلين‪.‬‬
‫إن هذه المواجهة بين السوسيولوجيا واإلبستيمولوجيا تطرح مسألة الخصوصية بشكل عميق‪ ،‬لذلك‬
‫فتحليل سوسيولوجيا اآلخر‪ ،‬األنا" يجب أن ترتبط المبادئ بدعوة أخرى إلى ضرورة بعث فكر إبستمولوجي‬
‫أصيل‪ ،‬يصوغ والمعايير الخاصة بتحليل وتقييم المعارف المحققة في تلك العلوم بعد توطينها‪ ،...‬وهذا‬
‫بالطبع يشكل دعوة إلى إخضاع مناهج البحث وتقنياته وكذلك األطر المفاهيمية لنظرة نقدية فاحصة من‬
‫أجل تطويعها وتطويرها‪.‬‬

You might also like