Professional Documents
Culture Documents
ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ ﻣﻘﯾﺎس
إﻋداد :ع.ﺟرار
ظهر علم االجتماع (كما هو متداول عالميا) في العالم الغربي ،ثم ارتحل إلى المجال العربي ،وهذا ما
يستدعي عملية تأصيله في البيئة والثقافة العربية وتبيان أهم المناهج والمادة المعرفية التي اعتمد عليها،
وبذلك سنحاول من خالل هذه المحاضرات في مقياس "علم االجتماع وقضايا الوطن العربي" توضيح
االزمة التي تهيمن عليها الرؤية الوضعية على مفاهيم علم االجتماع ونظرياته وأدواته والعمل على محاولة
تفحص بعض االعمال واالبحاث التي قام بها بعض الباحثين في العالم العربي ألجل تأصيل علم
االجتماع ،فيكون بذلك طرح لبديل لعلم االجتماع الغربي ،بعلم االجتماع العربي الذي لديه مرجعية
معرفية عربية والذي يساهم في دراسة الفعل االنساني في إطار منظومة الثقافة والقيم العربية.
أكد العديد من الباحثين في ميدان العلوم االنسانية ،أن الفكر االجتماعي يؤثر ويتأثر بالظروف
االقتصادية والسياسية واالجتماعية في المجتمع ،فهو بذلك يكون في بعض االحيان أكثر توضيحا للواقع
إن الواقع الذي ظهر فيه علم االجتماع في الوطن العربي هو واقع االستعمار الذي كان هدفه تقسيم
الوطن العربي إلى مناطق ودويالت سياسية يتم فيه وضع نفوذه الستغاللها مع تحالفاته الخارجية.
وقد أكد التاريخ أن الدراسات االجتماعية واالنثروبولوجية في تلك الحقبة االستعمارية كانت لخدمة مصالح
المستعمر ،فكانت عبارة عن بحوث ميدانية ملمة بكل جوانب الحياة االقتصادية واالجتماعية والدينية في
مستعمراتهم مستخدمين طرق ومناهج بحثية عديدة استطاعت من خاللها وضع نتائج وحقائق تاريخية
اتخذت كمرجع في مستقبل البحوث االجتماعية ،ال يستطيع التاريخ تجاهلها ،وأصبحت أيضا بحوثا
أكاديمية في العديد من الجامعات والمعاهد على هيئة "نماذج إرشادية" كانت بمثابة قاعدة وأساس علم
االجتماع آنذاك.
أما بالنسبة لفترة "بعد االستقالل" فقد قام العديد من المختصين والباحثين في المجال االجتماعي بدراسات
وبحوث ساهم ت في خلق العديد من التخصصات في مجال العلوم االنسانية واالجتماعية في الجامعات
والمعاهد العربية التي استطاعت أن تقسم وتصنف هذا العالم إلى مستويات في مؤسسات تعليمية يمارس
فيها العديد من أشكال البحث االجتماعي والسوسيوثقافي الذي يلتزم شكال ومضمونا بالمنهج العلمي من
وقد كانت معظم كتابات ومؤلفات الباحثين في تلك الحقبة ترتكز على التعريف بعلم االجتماع
وبموضوعاته وشرعيته وعاميته الفائقة لدراسة المجتمع ،لكنها تنادي بالتحديث والتغريب بمعنى أنها تقليد
للغرب وكدليل على ذلك كتاب "ينقوال حداد" الذي تطرق فيه للنظرية الداروينية والنظرية التطورية مترجما
أعمال "هربرت سبنسر" ،فتميزت هذه المرحلة بصراع بين التحديثيين والتقليديين(علماء المشايخ) ،فظهر
بذلك الصراع في علم االجتماع بين ماهو "ديني وعلمي" فحاولت معظم الدراسات جعل الدين مجرد تراث
المراجع:
.1أحمد ابراهيم خضر ( )2000اعترافات علماء االجتماع العرب (عقم النظرية وقصور المنهج
. 2ابو بكر احمد بلقادر ،عبد القادر عرابي ( . )2006آفاق علم اجتماع عربي معاصر ،دمشق:
دار الفكر.
. 3محمد أحمد الزغبي .علم االجتماع في الوطن العربي .موقع الحوار المتمدن .تاريخ الرفع
www.ahewar.org 15.10.2019
محاضرة 02
أجمع العديد من السوسيولوجيين على أن علم االجتماع جاء كرد فعل لمشكلة النظام في المجتمع،
وربما كان هذا من أسباب الترابط العميق بين النظرية السوسيولوجية والواقع الذي تفسره ،فكل نظرية تعتبر
انعكاس لواقع اجتماعي معين ،مهما كانت درجة التجديد في تلك النظرية ،لذلك سنحاول فيما يلي
وباختصار شديد التطرق إلى تاريخ السوسيولوجيا الغربية مع الحديث عن االزمة التي تناولها العديد من
العلماء كل بطريقته وايديولوجيته.
إن علم االجتماع كما نعرفه اليوم والذي يتخذ من المجتمع والفرد موضوعا له ،لم يقدر له الظهور لوال
التطور الذي شهدته مختلف العلوم االجتماعية األخرى والتي استلزمت وجود نماذج جديدة للنشاط الفكري،
واذا كان العرف يحدد والدته في القرن التاسع عشر ،فإن العالم الغربي قد شهد قبل هذا التاريخ ثورات
عديدة ،تمتد جذورها إلى عصر النهضة وذلك في كافة المستويات الدينية واالقتصادية والسياسية والعلمية،
هذه التحوالت العميقة وأخرى عديدة كانت بمثابة األرضية الموضوعية والخصبة لقيام علم االجتماع
وظهوره ضمن خريطة العلوم كعلم قائم بذاته يراد به فهم جل تلك التحوالت الجذرية التي عرفها الغرب،
وكان اوغست كونت( )1857-1798وهو المؤسس الفعلي لعلم االجتماع متأث ار بتلك األوضاع الجديدة
التي خلفتها الثورات السياسية والصناعية على جسد المجتمع ،لكنه بالمقابل يرى أن فهم المجتمع شيء
ممكن على ضوء العلم الجديد مستعينا بالعلم والمعرفة ،وحسب اغست كونت فإن من بين األساليب التي
يعتمدها علم االجتماع كأسلوب جديد لمعرفة وفهم المجتمع هو اعتبارها تلك الظواهر االجتماعية كأشياء
كما هو الشأن بالنسبة للظاهرة المباشرة في العلوم الطبيعية ،وبمعنى أخر لكي نحقق فهم صحيح للظاهرة
البد أن ننهج منهج العلوم الحقة ،وان نتبع في ذلك المنهج الوضعي الذي برهنت العلوم الطبيعية انه وحده
الكفيل بتحقيق نتائج علمية حول الظواهر المختلفة ،وأن الصبغة الوضعية العلمانية تمكننا من فهم ما
يحدث.
ولكن تلميذه دوركايم( )1917-1858لم يكن ليتورط بسهولة في الصراع اإليديولوجي الذي كان الشغل
الشاغل لألب الروحي ،بل كان همه أساسا هو تأسيس علم قائم بذاته يتخذ من الظواهر االجتماعية
موضوعا له ،فقام بوضع منهج علمي يقوم على أسس إبستيمولوجية في كتاب له تحت عنوان " قواعد
المنهج السوسيولوجي " يبين فيه مختلف األساليب والمناهج التي البد منها في تفسير الظواهر
االجتماعية ،ورغبة منه في تجاوز أراء معلمه أوغست كونت خصوصا تلك النظرة الفردية والتطور في
العقل التي يفسر بها تطور المجتمع.
إن دوركايم قام بتفسير الظاهرة االجتماعية باعتبارها قابله للتحليل والفهم كبقية الظواهر الطبيعة،
واعتبرها كشيء ولكي يمنحها طابعا موضوعيا دعا الباحث في علم االجتماع إلى ضرورة احداث قطيعة
و استبعاد األفكار المسبقة التي يكونها في دهنه عن الظاهرة ..... ،والمتفحص للمنهج الدوركايمي سيجد
على أن هذا األخير أقام تفسيره للظواهر االجتماعية على منهج هوالمي او شمولي يقتضي أسبقية
المجتمع على كل إرادة فردية ،فاإلنسان عندما يولد يجد من حوله المجتمع ،الثقافة ،واللغة والمؤسسات
والتقاليد ...كنظم اجتماعية خارجة وسابقة على وجوده ،يتأثر بها ويخضع لسلطتها الحتمية ،ومن بين
أكثر االنتقادات التي وجهت الى دوركايم وحتى اوغست كونت وسبنسر من قبله ،مبالغتهم في تشبيه
المجتمع بالكائن العضوي.
بعد ذلك يظهر كارل ماركس ( )1883_1818و يعطى لعلم االجتماع المعرفة طابعه العلمي من خالل
تحليله للمجتمع الرأسمالي بمنهج مادي وجدلي يكشف العالقة التي تربط الفكر بالواقع ،وبمادية تاريخية
ترى أن الواقع االجتماعي للناس هو الذي يحدد فكرهم وليس فكرهم هو الذي يحدد واقعهم ،بمعنى أن كل
أشكال البنيات الفوقية من فن ودين وسياسة وأخالق ...وباختصار االيديلوجية هي نتاج البنية التحتية
التي يجمعها ماركس هي األخرى في وسائل اإلنتاج وعالقات اإلنتاج والمال ومن هنا فان ماركس اعتبر
العمل اإلنتاجي هي العالقة التي تربط اإلنسان والطبيعة ،وهذه السمة النوعية للحياة االجتماعية هي التي
جعلته يرفض فكرة تفسير المجتمع سواء باستخدام الففيزيقا االجتماعية او الفيزيولوجيا االجتماعية ،كما
فعل كل من كونت ودوركايم ،وذلك فان تفسير الحياة االجتماعية البد من البحث فيه في األساس المادي
وفي اإلنتاج االجتماعي.
ومن يقول علم االجتماع الغربي يقول البنائية الوظيفية التي كانت تتمتع برواج كبير مند
األربعينيات الى منتصف الستينات ،وبرز مع النظرية الوظيفية تالكوت بارسونز أكثر المنظرين
االجتماعيين ،والبنائية الوظيفية هي من بين النظريات االجتماعية المعاصرة التي حضيت بإقبال كبير في
أواسط المفكرين والتي تعنى بتفسير المجتمع انطالقا من تصور نسقي ،بحيث أن الجسم االجتماعي هو
كل مركب من انساق فرعية تتجه نحو تدعيم النسق العام ،فهي تقارب المجتمع على أسس منهجية تفرض
النظام واالنتظام على النسق وتدعم فرضية االستقرار والتماسك االجتماعي والتكامل الوظيفي ،حتى يتسنى
لها تحليل النسق االجتماعي بعيد عن الصراع والتغير واالضطرابات التي قد تخل بالنظام ،وربما من أهم
االنتقادات الموجهة لها تصب في هذا الجانب أي مقاربتها للمجتمع على رؤية ستاتيكية الشيء الذي دفع
القائم. الرأسمالي النظام تدعيم في إلفراطها المبتذلة بالنظرية وصفها على البعض
2.1السوسيولوجية الغربية والواقع العربي:
أكد العديد من المفكرين ومن بينهم مالك بن نبي أن السوسيولوجيا العربية التزال تعاني من
هويتها وأصولها الفكرية والنظرية ،ونفهم من هذه الرسالة أن علم االجتماع العربي يعاني أزمة الهوية،
والتي تعد مشكلة من العديد من المشاكل التي يعاني منها هذا العلم نذكر منها :
إن علم االجتماع العربي يحمل مع حقائقه العلمية مبادئ وضعية والتخلي عن االسالم
الذي يعتبر كمبدأ للمجتمعات العربية.
أغلبية نظرياته خاصة وموجهة للمجتمع الغربي ال يمكن تعميمها على المجتمع العربي
وتبين أنها اخفقت في فهم المشكالت المطروحة في العالم العربي .
وباألخص لغته التي يتوجب المجتمع العربي له ثقافته وقيمه وعاداته وأيديولوجياته
دراستها وتحليلها بنظريات وأسس تملك نفس القالب.
من هنا يتضح بصورة واضحة وصريحة أن السوسيولوجيا الغربية ال تستطيع أن تعكس وتحلل الواقع
العربي من ظواهر ومشاكل اجتماعية ومن تحليالت استشرافية لما يعاش اليوم.
المراجع:
.1أحمد زايد ( )2006علم الجتماع .النظرية الكالسيكية والنقدية .ط .1مصر :دار النهظة
المصرية .
.2عبد هللا مد عبد الرحمن (.)2000النظرية في علم اتجامااع ،الجامحل األول ،النظرياة
الكالسايكية .االسكندرية :دار المعرفة الحديثة
www.ahewar.org .3
محاضرة 03
.1النظرية الخلدونية
1.1مدخل إلى النظرية الخلدونية
فهو يعتبر االنسان كائن اجتماعي ال يستطيع العيش إال في مجتمعات وليس مهيأً للعيش وحده،
فاإلنسان مخلوق يملك مصيره ويتحمل مسؤوليته الفردية داخل مجتمعه اإلنساني ،بحيث يصبح تحقيقها
مسؤولية جماعية في العمران االجتماعي ،وقد أصلت نظرية ابن خلدون إشكاليات علم االجتماع إلى
ثالثة أقسام وهي:
قوته وأمانه
حاجة اإلنسان لالجتماع والعمران :إن اإلنسان مخلوق اجتماعي مدني بطبيعته ،وان ْ
ال يتحقق بقدرات شخصية فهو بحاجة إلى تكاتف جماعي مع بني جلدته ليحافظ على ديمومته
وقوته ،فاالجتماع والعمران حاجة بشرية ،ولكنها بحاجة إلى ما يشد هذا النسيج
وبقائه ْ
"المْلك".
االجتماعي ،وبحسب ابن خلدون هو ُ
حاجة اإلنسان إلى دولة النتظامه وعمرانه :تعتبر الدولة الحاضن الوحيد الستقرار العمران
ويدور في محورها االجتماع البشري ،فتحدث بشكل مفصل ومطول عن نشأتها وازدهارها وهرمها
ووهنها ثم انقراضها ،فالدولة بحسب نظرية ابن خلدون مقومة العمران وهي الحافظ لوجوده ،ولكنه
أيضا أن الدولة امتداد زماني ومكاني لعصبية ما.
اعتبر ً
فاعلية العمران ودور العصبية في ضبطه :لم يختلف الباحثون في أن نظرية ابن خلدون أساسها
العصبية ،وأن نظرته تمحورت حول بالد المسلمين وكانت مصدر تفسيره للقوة التي حركت
المْلك
العمران والدولة ،فتحدث عن اللحمة والنسب وعن العصبية وغاية العصبية ،وعن عالمات ُ
المْلك ،وغير ذلك من مقومات العصبية وأطوار الدولة والترف واالنقياد والفساد وخراب
وطبائع ُ
العمران.
النظرية االجتماعية:
النظرية االقتصادي:
أهمية التكنولوجيا،
االقتصادية تحليالً منهجياً آللية عمل االقتصاد ،و ّ
ّ تناول ابن خلدون في نظريته
واالختصاصية ،والتجارة الخارجية في الفائض االقتصادي ،ودور الحكومة وسياساتها المستقرة في
تحقيق زيادة اإلنتاج والتوظيف ،كما ّبين ابن خلدون مشكلة الضرائب المثلى ،والخدمات الحكومية
المؤسسي لالقتصاد ،والحوافز ،والقانون ،والنظام ،والتوقّعات ،واإلنتاج ،ونظرية القيمة،
ّ الدنيا ،واإلطار
لتقدم وتخلّف األمم.
يقدم تفسي اًر بيولوجياً ّ
اقتصادي ّ
ّ وأصبح ابن خلدون أول
النظرية العصبية:
تقدم ،أو
قدم ابن خلدون نظرية "العصبية" ،والتي اعتبرها أحد العناصر الحاسمة التي تؤثر على ّ
ّ
تخلف مجموعة من األشخاص ،أو المجتمعات ،وتُبنى "العصبية" على رابطة الدم ،أو على وجود أو
تقاسم األفراد لمجموعة من المصالح المشتركة ،والتي ّتزودهم بالقوة للبقاء معاً ،والوقوف ضد مجموعات
أخرى تُهدد بإضعاف هذه الرابطة ،كما أبدى ابن خلدون رأيه في كيفية تخليص بعض العناصر
اإلضافية ،مثل الروح الدينية ،أعضاء المجموعة من الغيرة ،وجعلها أقوى ،وبمجرد وصول المجموعة
فإن شعور "العصبية" يبدأ بالضعف والتراجع
ألفضل حاالتها ،وتم ّكن أفرادها من العيش براحة ورفاهيةّ ،
يسبب تخلّف المجموعة ،وعلى الرغم من عدم مرور جميع المجتمعات بنفس هذا التسلسلّ ،إال
مما ّ
لديهمّ ،
عصبية أكبر.
ّ أن الرفاهية الزائدة تجلب التخلف للمجموعة ،لتُستبدل بمجموعة أخرى تمتلك
ّ
االنثروبولوجيا :إن مصطلح االنثروبولوجيا هو اصطالح شامل وواسع حيث أنه يشمل دراسة التطور
البيولوجي والحضاري لإلنسان ،العالقات البيولوجية والمبادئ التي تحكم عالقات الشعوب بعضها
ببعض ،تتكون االنثروبولوجيا من كلمتين التينيتين هما انثروبوس وتعني اإلنسان ،لوقوس وتعني
العلم أي أن االنثروبولوجيا تعني علم اإلنسان ،وهي كعلم تنقسم إلى قسمين:
االنثروبولوجيا الفيزيقية أو البيولوجية.
االنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية.
تهتم االنثروبولوجيا الفيزيقية بدراسة تطور االنسان وسلوكه وكذلك الخصائص البيولوجية التي يتباين
فيها البشر القدامى والمحدثين ،أما االنثروبولوجيا االجتماعية فتنقسم إلى ثالثة اقسام هي:
علم اللغويات ،علم اآلثار ، Archéologieواألنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية :التي تهتم بدراسة
المجتمعات والثقافات الكثيرة المتنوعة التي تسير عليها المجتمعات ،وقد اختصت وعرف عليها أنها
تهتم بدراسة المجتمعات البدائية.
ومنه فاالنثروبولوجيا عامة تجتمع في علم واحد وتحت اسم واحد بين نظرتي كل من العلوم
البيولوجية والعلوم االجتماعية ،فتركز مشكالتها من ناحية على اإلنسان ككائن بيولوجي وعلى سلوك
اإلنسان ككائن اجتماعي.
السوسيوانثروبولوجيا:
أول من استعمل كلمة السوسيوانثروبولوجيا أو االنثروبولوجيا االجتماعية هو "فريزر" سنة 1908في
محاضرة تحت عنوان :مجال االنثروبولوجيا االجتماعية ،وعرفها بأنها "محاولة الكشف عن تسمية
القوانين العامة التي تحكم الظواهر وتفسر ماضي مجتمعات اإلنسان حتى نتمكن بفضلها من أن نتنبأ
بمستقبل البشرية استنادا إلى تلك القوانين السوسيولوجية العامة التي تنظم تاريخ اإلنسان" أما رادكليف
براون فيقول " يمكننا أن نعرف االنثروبولوجيا االجتماعية بأنها دراسة طبيعة المجتمع اإلنساني دراسة
منهجية منظمة تعتمد على مقارنة األشكال المختلفة للمجتمعات اإلنسانية بالتركيز على األشكال
األولية للمجتمع البدائي".
مما سبق فالسوسيوانثروبولوجيا تعد علم أعمق من األنثروبولوجيا تتميز بالدراسة الميدانية لإلنسان في
المجتمع .فهي تساهم بذلك في بناء الموضوع السوسيولوجي أو باألحرى الظاهرة السوسيولوجية ،عن
طريق المعايشة والتي تميز هذا العلم عن باقي العلوم فيستطيع بذلك الدارس في هذا المجال التعرف
بعمق على الثقافة والسلوك والعادات والتقاليد في ذلك المجتمع.
وما يميز هذا العلم اليوم هو انتقاله نحو دراسة المجتمعات الحديثة (العصرية) المحلية خاصة وهذا كي
تبين االختالف بين القديم والحديث وتحاول تبرير التحديث الذي اصبح مسعى وهدف كل الشعوب.
أما بالنسبة للمجتمع العربي ،أكدت العديد من االبحاث على وجود دراسات ميدانية سوسيوانثروبولوجية
اهتمت بدراسة المجتمعات المحلية مثل الفراعنة في مصر واالمازيغ في شمال افريقيا والتي ساهمت في
بناء العديد من المواضيع السوسيولوجية وتحليلها والتعمق فيها ومحاولة تفسيرها والتي تساهم في نفس
الوقت في استشراف المستقبل من الناحية الثقافية والسلوكية خاصة لألفراد.
المراجع:
.1عبد الرزاق المكي ( .)1970الفكر الفلسفي عند ابن خلدون .القاهرة :دار الفكر العربي .
.2محمد عبد الجابري (.)1971العصبية والدولة .الدار البيضاء :الريشة .
www.mawdoo3.com .3
.4محمد عباس ابراهيم ( )2000االنثروبولوجيا مناهج وتطبيقات .االسكندرية :دار المعرفة الجامعية.
محاضرة 04
إن علم االجتماع يدرس عالقة وسلوك الناس واألفراد ضمن المجموعات التي تحيط بهم
كاألصدقاء والعائلة والمجموعات اإلثنية ،وخصوصاً عالقتهم بالسلطات األبوية (كالحكومة مثالً) .ويعمل
على فهم قضايا المجتمع شرط االبتعاد عن التنظير ،في هذا السياق تؤكد لنا الشواهد العلمية االمبريقية
أن علم االجتماع العربي يفتقد لفضاء إقليمي ،من هنا تأتي أهمية ربطه بالعالم ونخص بالذكر علم
االجتماع الغربي .لذلك فعلماء االجتماع العرب في حاجة إلى االندماج اإلقليمي ليصبح لديهم مجموعات
علمية اجتماعية ناشطة في العالم العربي وفي نفس الوقت على صلة بالعالم ،تخرج الباحث العربي من
قوقعته وهذا لتطوير البحث العلمي العربي الذي ال ينجح إال ضمن المجموعة .أي التالحم في االفكار
والمعطيات السوسيولوجية.
وفي هذا السياق أكد الباحث "ساري حنفي" أن الباحث في العالم العربي ينقسم إلى ثالث فئات
رئيسية :األولى تتمثل في فئة علماء االجتماع الذين ال يهتمون بإنتاج المعرفة المحلية ،ويكتفون بإنتاج
المحلية ،وهي فئة محدودة ،ال يرتبط إنتاجها بتطور علم االجتماع وترابطه بالقضايا االجتماعية حول
العالم ،وهو أمر غير مفيد .أما الفئة الثالثة ،فتنتج معرفة ليست محلية وال عالمية ،وتكتفي بالخطاب
التبسيطي ،وهو ال يختلف عن الخطاب الصحافي الذي يهتم بالتحليل السريع والضروري كالحوادث
والكوارث...
نما علم االجتماع في الوطن العربي بصورة سريعة واستطاع تعريف موضوعاته وأهدافه
وامكانياته .واذا قيست الفترة الزمنية التي رسخ فيها هذا العلم في الجامعات المصرية والعربية مقارنة بعدد
خريجيه ،لعد ذلك تقدما ملحوظا لم يصل إلى نظيره في الجامعات الغربية والشرقية في الفترة ذاتها .كما
شهد علم االجتماع في تطوره األكاديمي التنظيمي مراحل توسع ضخمة تركز أكثرها خالل السبعينيات
حيث افتتحت أقسام عديدة لعلم االجتماع في الجامعات العربية ،سواء في مصر على امتداد رقعتها من
القاهرة حتى أسوان ،أو على امتداد الوطن العربي من الكويت وبغداد والدوحة واإلمارات شرقا حتى فاس
والرباط غربا مرو ار بكل الجامعات الكبيرة والصغيرة حتى تلك الجامعات الدينية كجامعة األزهر وجامعة
ألقيت أول محاضرات في علم االجتماع في مصر في عام 1908وهو عام تأسيس أول جامعة
أهلية في مصر ،وكانت الفترة من 1924إلى 1936هي فترة التحول التدريجي لما يسمونه بعلم
االجتماع العلمي .وبفعل تأثير األفكار التي حملها رفاعة الطهطاوى واالحتكاك بالغرب في الحرب
العالمية األولى ،تدفق إلى مصر ،كم هائل من األفكار الجديدة التي قال عنها رجال االجتماع أنها تحدت
وشهد عام 1924تأسيس الجامعة المصرية(جامعة القاهرة حاليا) كجامعة حكومية حلت محل
الجامعة األهلية .ألقيت في هذه الجامعة أول محاضرات منظمة في علم االجتماع ،ومع تأسيس الجامعة
األمريكية بالقاهرة في منتصف العشرينيات شهدت مصر أول برنامج منظم في علم االجتماع .أما أول
كراسي األستاذية في علم االجتماع في مصر ،فقد شغلها بالطبع أساتذة أجانب بارزون ،فشهدت هذه
الفترة انتشار أفكار الفلسفة الوضعية ألوجست كونت والمدرسة الفرنسية في علم االجتماع والمدرسة
وهذا ما ينطبق على دول العالم العربي ككل ،فبداية علم االجتماع فيها كانت وال تزال غربية،
يعاني من التعبئة المعرفية للحقل الغربي أي انها ازمة ابستيمولوجية في اساسها وليست فقط أزمة
أكاديمية ،فهو يرى أن نشأة علم االجتماع في الوطن العربي لم تكن خاضعة لضوابط معرفية وقواعد
منهجية صارمة ،فقد أكد ان بعض الباحثين يرون أن علم االجتماع العربي يفتقد إلى الطرح االستشكالي
للقضايا االجتماعية بمعنى انه لم ينطلق من فرضية عربية محددة ذات معنى .وهذا ما اثر سلبا على
لكن في االخير هذا لم يمنع من وجود علم اجتماع في الوطن العربي حاول وال يزال يحاول لتفسير الواقع
االمبريقي العربي.
أكدت العديد من االبحاث النظرية واالمبريقية تطور البحث السوسيولوجي العربي من خالل العديد من
المواضيع والمشاكل واالحداث التي حدثت في العالم بصفة عامة والعالم العربي بصفة خاصة من بينها
االرهاب المعنوي والمادي وكذلك العنف بأنواعه " االسري ،المدرسي ،"...مشكلة الهوية والمواطنة خاصة
تزامنا مع العولمة والتطور التكنولوجي الذي عرفه العالم ككل .
أما بالنسبة ألهم األعمال الميدانية في الوطن العربي التي يحاول أغلبية العلماء تحليلها وايجاد
حلول لها ،لما لها من تأثيرات سلبية على الفرد والمجتمع نذكر منها :
المخدرات.
العنف ضد المرأة.
عمالة االطفال.
البطالة
الجريمة بأنواعها خاصة االلكترونية
والعديد من القضايا التي يعمل العديد من الباحثين العرب على فهمها وعالجها من خالل أبحاث
أكاديمية .لكن حسب الباحث "ساري حنفي" دائما فإن نتائج هذه االبحاث ال تزال بمرجعية غربية وهذا الن
علماء االجتماع العرب يعانون من عدم وضوح الرؤية في النظرية وفى البحث االجتماعي ،وأنهم يميلون
في معظم األحيان إلى نقد كل ما يطرح في المجتمعات الغربية دون التوصل إلى نظرية للمجتمع العربي
وان إشكاليات بحوثهم ال تمت بصلة إلى الواقع المجتمعي العربي.
المراجع:
.1عبد الحليم مهورباشة ( .)2017علم االجتماع في العالم العربي"من النقد إلى التأسيس" .عمان:
مكتبة االردن عمان .
www.almojtama3.com .2
.3السيد الحسيني ( .)1985نحو نظرية اجتماعية نقدية .بيروت لبنان :دار النهضة
محاضرة 05اﺷﻛﺎﻟﯾﺎت ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ
ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﺒﺴﻴﻁﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﻟﻰ ﺒﻬﺎ ﻤﺨﺘﺼﻭﻥ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ
ﺒﺄﻥ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻴﻌﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻥ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻴﺨﻲ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌـﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤـﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ،
ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻅﻭﺍﻫﺭﻩ ﻭﺍﻟﻔﻭﺍﻋل ﻓﻴﻪ ﻭﺴﻠﻭﻜﻴﺎﺘﻬﻡ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﻀـﻴﻊ
ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﺔ ﻟﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺃﺴﺎﺱ ﻗﻴﺎﻡ ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻴﻌﺎﻴﺵ ﺃﻨﻤﺎﻁ ﺇﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﻤﺸﻭﻫﺔ ،ﺯﺭﺍﻋﻴـﺔ
ﻭﺭﻋﻭﻴﺔ ﻴﺘﻌﺎﻴﺵ ﻤﻌﻬﺎ ﻨﺸﺎﻁ ﺘﺠﺎﺭﻱ ،ﻓﻼ ﻫﻲ ﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻻﻫﻲ ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﻤﺎ ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻤﻥ ﺼﻭﺭ ﻟﻠﺘﺒﻌﻴﺔ
ﻴﻜﺎﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ،ﺤﻴﺙ ﺴﻌﻰ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ -ﺇﻨﺠﻠﻴﺯﻴﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﻓﺭﻨﺴﻴﺎ ﺃﻭ ﺇﻴﻁﺎﻟﻴﺎ -ﺇﻟـﻰ
6
ﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻴﻼﺕ ،ﻭﺤﺎﻭل ﻁﺒﻊ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﺒﻁﺎﺒﻊ ﻴﺨﺩﻡ ﻤﺼﺎﻟﺤﻪ ﻭﻴﺤﺎﻓﻅ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﺄﺴﺎﻟﻴﺏ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ.
ﻭﻗﺩ ﻓﺭﻀﺕ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﻜل ﺍﻟﻼﻤﺘﻜﺎﻓﺊ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴـﺔ ،ﺍﺴـﺘﺩﻤﺎﺝ
ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺩﻭل ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻓـﻲ ﻭﺍﻗـﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌـﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﺘﻤﻴـﺯ
ﺒﺨﺼﻭﺼﻴﺎﺕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﻤﻤﺎ ﺃﻓﻘﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ،ﻭﺃﺼـﺒﺤﺕ
ﻋﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻨﻬﺎ ﺫﺍﺘﻴﺔ .ﺤﻴﺙ ﻟﻡ ﻴﺸﻬﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺜﻭﺭﺍﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻜﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻬﺩﺘﻬﺎ
ﺃﻭﺭﺒﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺒﺎﻋﺙ ﻟﻤﻴﻼﺩ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻜﻭﺴﻴﻠﺔ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺒﻨﺎﺀ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺘﺤﻜﻤﻪ ﺍﻟﻀﻭﺍﺒﻁ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻡ
ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻭﻤﺘﺤﺭﺭﺍ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﻭﺼﺎﻴﺎ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻼﻋﻠﻤﻴﺔ.
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﻨﺸﺄ ﻭﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻨﺘﻘل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻷﻤـﺭ
ﺍﻟﺫﻱ ﻁﺭﺡ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻻﻏﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻤﺤﺎﻜﺎﺓ ﻭﺘﻐﻠﻐل ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﺤﻴﺙ ﺴـﻌﺕ
ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻻﺯﺍﻟﺕ ﺘﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﻨﻘل ﻭﺘﻠﻘﻴﻥ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﻭﻤﺴﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻜﻤﻌﻁﻰ
ﻻ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﻨﻘﺩ .ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻁﺎﺭ ﻴﻌﺘﺭﻑ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﻨﺯ ﻗﺎﺌﻼ" :ﻋﺭﻑ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠـﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ ﺘﻁـﻭﺭﺍ
ﻤﺨﺘﻠﻔﺎ ﻜل ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ .ﻋﻤﻠﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﻓﻲ ﺤﻘﺒﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻻﺤﻘﺔ ﻭﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺤﺎﺯﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺘﺸﻴﻴﺩ ﺠﺎﻤﻌﺎﺕ
ﺤﺩﻴﺜﺔ ﻨﻅﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ،ﻭﻭﺠﺩ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺃﻤﺎﻡ ﺘﺄﺨﺭ ﻜﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺼﻴل ﺍﻟﻌﻠﻤـﻲ ...
ﻓﻌﻤﺩﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺘﻬﺎﺝ ﻁﺭﻴﻕ ﻨﻘل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺼل ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻁﻭﺍل ﻗﺭﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ...ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻘل ﻟﻡ
ﻴﺘﻤﺸﻜل ﻀﻤﻥ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺒﻌﻴﺩ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ،ﻭﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ...ﺇﺫ ﻭﺠـﺩﻭﺍ
7
ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻭﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ﻭﻤﻘﻁﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺠﺫﻭﺭﻫﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ". ..
8
ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻁﺎﻫﺭ ﻟﺒﻴﺏ ﻓﻴﻘﻭل" :ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻐﺭﺒﻲ ﻴﻔﻬﻡ ﺩﺍﺌﻤـﺎ ﻋﺒﺭ ﻗﺭﺍﺀﺍﺕ ﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ "
ﻜﺫﻟﻙ ﻨﺸﻴﺭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺼﺩﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺠﺎﺀ ﺒﻪ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﺭﺤﻭﻡ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻭﺭﺩﻱ -ﺃﺴﺘﺎﺫ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗـﻲ-
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻟﺘﻔﺕ ﺇﻟﻰ ﻜﻭﻥ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻫﻭ ﻭﻟﻴﺩ ﺒﻴﺌﺘﻪ ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﻪ ﻭﺘﺭﺍﺜﻪ ﻭﺘﺎﺭﻴﺨﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ ،ﻭﺍﻟـﺫﻱ ﻟـﻪ ﻤﻨﺘﺠـﺎﺕ ﻭﻤﺸـﺎﻜل
ﻭﺘﺼﻭﺭﺍﺕ ﻭﺘﺭﺍﻜﻴﺏ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﺤﺴﺏ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻫﻭﻴﺔ ﺍﻷﻤﺔ ﻭﻤﺭﺘﻜﺯﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺅﻜـﺩ
9
ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻨﺎ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﺨﺎﺹ ﺒﻨﺎ ﻴﺴﺘﻤﺩ ﺇﻁﺎﺭﻩ ﻤﻥ ﺘﺭﺍﺜﻨﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻭﺍﻗﻌﻨﺎ"
ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺕ ﻟﻬﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺘﺅﻜﺩ ﻏﻴﺎﺏ ﻁﺭﺡ ﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻋﺭﺒـﻲ ﺸـﺭﻋﻲ
ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻭﻋﻥ ﻫﻤﻭﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺤﻀﺭ ﻁﺭﺡ ﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻏﺭﺒﻲ ﻴﻌﺒﺭ ﻤﻀﻤﻭﻨﺎ ﻭﻤﻨﻬﺠﺎ ﻋﻥ
ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﻘﺒﺔ ﺯﻤﻨﻴﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ.
ﺜﺎﻨﻴﺎ-ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻟﻺ ﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ:
ﺃﻜﺩ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﻴﻥ ﺃﻥ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻷﻜﺎﺩﻴﻤﻲ ﻤﺎﺯﺍل ﺘﺎﺒﻌﺎ ﻟﻺﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴـﺔ ،ﻓﻔـﻲ
ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻔﺭﺽ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻻﻜﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺘﺤﺼﻴل ﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴـﺭﻴﻌﺔ،
ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻴﺘﻭﺍﺠﺩ ﻓﻲ ﻋﻤﻕ ﺍﻷﺯﻤﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﻱ ﻋﻠﻡ ﺁﺨﺭ ،ﻤﻤﺎ ﻴﻨﻌﻜﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺴـﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻲ
ﺘﺒﻘﻰ ﺒﺩﻭﺭﻫﺎ ﺘﺎﺒﻌﺔ ﻟﻠﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻀﻤﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ،ﻭﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺼﺩﺩ ﻴﻭﻀﺢ ﻋﻠـﻲ ﺍﻟﻜﻨـﺯ ﻗـﺎﺌﻼ" :ﺇﻥ
ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺘﻨﺎ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺠﻌﻠﺘﻨﺎ ﻨﺘﻘﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ،ﺇﻻ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻌﻁﻨﺎ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻗﻀﺎﻴﺎ
ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻓﻲ ﺘﻜﻭﻴﻨﻪ ﻋﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﻟﺫﺍ ﺘﺒﻘﻰ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻷﺒﺤﺎﺙ ﻋﻘﻴﻤﺔ ،ﺇﺫ ﺘﺅﺩﻱ ﻓـﻲ ﺃﺤﺴـﻥ
10
ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺇﻟﻰ ﺘﺠﻤﻴﻊ ﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺘﺠﺭﻴﺒﻴﺔ ﻴﻌﺎﺩ ﺘﺭﻜﻴﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﺸﻜﺎﻻﺕ ﻤﺼﻁﻨﻌﺔ ﻻ ﺘﻼﺌﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ"
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨﺹ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﻴﻘﺭ ﻓﻭﺯﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻀﻴﻔﺎ" :ﻴﻌﺎﻨﻲ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴـﺔ،
11
ﻭﻫﻡ ﻤﺘﺄﺜﺭﻭﻥ ﺒﺎﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺼﺭﻭﻫﺎ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ،ﻭﻤﺎﺯﺍﻟﻭﺍ ﻴﻜﺭﺴﻭﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻟﻬﺎ"
ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ،ﺃﻴﻥ ﻴﺘﻔﻕ ﻜل ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺤﻭل ﻨﻘﻁﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻫﻲ ﺼﻌﻭﺒﺔ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﻭﻀﻭﻉ
ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻋﻜﺱ ﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ ﺍﻷﺨﺭﻯ ،ﻭﺴﺒﺏ ﺫﻟﻙ ﻴﻌﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻹ ﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻁـﺭ ﻭﺤـﺩﺩ
ﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﺭﻤﻴﺯ ﻭﺃﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﺭﻯ ﺍﻟﻨﻭﺭ ،ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ﻭﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺒﺤﺴـﺏ
ﺍﻹﻁﺎﺭ ﺍﻹ ﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﻜﻠﻡ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻪ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ .ﻭﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻕ ﻨﺼل ﺇﻟﻰ ﻁﺭﺡ ﺘﺴﺎﺅل ﻤﻔﺎﺩﻩ :
ﻤﺎ ﻫﻲ ﺃﻫﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺎﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻜﻤﻭﻀﻭﻉ ﻟﻬﺎ؟ ﻭﻫل ﺘﻤﻜﻨﺕ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﻭﺘﻘﻨﻴﺎﺕ
ﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﻤﻼﺌﻤﺔ ﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ؟
ﺇﻥ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻴﺠﻴﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻭﻥ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺘﻬﻡ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻘﻭل ﻋﺯﺕ ﺤﺠـﺎﺯﻱ:
"ﻤﻌﻅﻡ ﻤﺎ ﻋﺭﺽ ﻟﻪ ﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻭﻥ ﺒﺎﻟﻌﻠﻡ ﻭﺍﻟﺒﺤﺙ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺃﻭ ﻤﺸﻜﻼﺕ ﻴﻔﺘﻘﺭ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﻨﺼﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ،ﺃﻱ ﺃﻨﻪ
13
ﺘﻘﻠﻴﺩ ﺘﺠﺎﻭﺯﺘﻪ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ...ﺒﻌﻴﺩ ﻋﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺤﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺤﻴﻭﻱ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺭ "
ﺃﻤﺎ ﺴﺎﻟﻡ ﺴﺎﺭﻱ ﻓﻴﻘﻭل " :ﻟﻡ ﺘﺨﺭﺝ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﺫﻟﻙ ﻋﻥ ﺃﻨﻤﺎﻁ ﺴﻠﻭﻜﻴﺔ ﻭﺃﻓﻌـﺎل ﺍﻨﺤﺭﺍﻓﻴـﺔ ،ﻗـﻴﻡ
14
ﺒﺎﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ،ﺃﻭ ﻅﻭﺍﻫﺭ ﻗﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﻤﻼﺤﻅﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻜﺎﺨﺘﻼﻻﺕ ﻓﺭﺩﻴﺔ"
ﻭﻴﻭﻀﺢ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﻨﺯ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺘﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨﺹ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺃﻨﻪ " ﻟﻡ ﺘﻌﻁﻨﺎ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ
ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻓﻲ ﺘﻜﻭﻴﻨﻪ ﻭﻴﺯﻴﺩ ﺘﻌﻘﻴﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﻟﺫﺍ ﺘﺒﻘﻰ ﺍﻷﺒﺤﺎﺙ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴـﺔ
ﺒﺎﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﻴل ﻋﻘﻴﻡ ،ﺇﺫ ﺘﺅﺩﻱ ﻓﻲ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﺇﻟﻰ ﺘﺠﻤﻴﻊ ﻁﺎﺌﻔﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻴﺔ ﻴﻌﺎﺩ ﺘﺭﻜﻴﺒﻬﺎ ﻓﻲ
ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﻤﺼﻁﻨﻌﺔ ﻻ ﺘﻼﺌﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻟﻘﺩ ﺒﺭﻫﻨﺕ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺘﺤﻠﻴل ﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ﻤﻥ ﺤﻀـﺎﺭﺓ
15
ﺃﺨﺭﻯ ﻓﻲ ﺒﺤﻭﺙ ﻤﺤﻠﻴﺔ"
ﺃﻤﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺒﺎﺴﻁ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻁﻲ ﻓﻴﺭﻯ "ﺃﻥ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻑ
ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﻲ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘل ﻭﺍﻟﺘﺭﺠﻤﺔ ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺌﻴﺔ ﺤﻭل ﻤﺸﻜﻠﺔ ﻤﺤﺩﺩﺓ ،ﺃﻭ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻤﺤـﺩﺩ ﻜﺎﻷﺴـﺭﺓ
ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺩ ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ﺍﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﺒﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻷﺒﻌﺎﺩ ﻭﺍﻟﺜﻭﺍﺒﺕ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺇﻏﻔﺎل
16
ﺍﻷﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﺩﻴﻨﺎﻤﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ"
ﺘﻭﺤﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺕ ﺃﻥ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺘﻘﻑ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻔﻘﺭ ﺍﻻﺒﺴﺘﻤﻭﻟﻭﺠﻲ
ﻭﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ،ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﻤﻀﺎﻤﻴﻨﻬﺎ ﻤﺤﻠﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺔ.
ﺇﻥ ﻤﻥ ﻴﻘﺭﺃ ﻟﻤﺎﻜﺱ ﻓﻴﺒﺭ ﻭﻤﺎﻨﻬﺎﻴﻡ ﻴﻘﺭﺃ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ،ﻭﻤﻥ ﻴﻘﺭﺃ ﺃﻱ ﺒﺤﺙ ﺃﺠﻨﺒـﻲ ﻴﺴـﻬل
ﻋﻠﻴﻪ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻫﻭﻴﺘﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻭﻅﻴﻔﻲ ،ﻤﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺘﺭﻓﺽ
ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ﻟﺘﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻭﻟﻜﻨﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻘﺭﺃ ﺒﺤﺜﺎ ﺃﻭ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﻴﺭﺍﻭﺩﻙ ﺍﻟﺸﻙ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻓـﺔ ﺍﺘﺠـﺎﻩ ﻜﺎﺘﺒﻬـﺎ ،ﻭﺇﺘﻘﺎﻨـﻪ
17
ﻷﺒﺠﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﺩﻭﺭ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻓﻴ ﻪ"
ﻭﺭﻏﻡ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘل ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻴﻨﺘﻤﻭﻥ ﺒﺤﺜﺎ ﻭﺘﺄﻟﻴﻔﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫـﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅـﺔ
ﻭﺍﻻﻤﺒﺭﻴﻘﻴﺔ ،ﻭﻓﺌﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺘﻨﺎﺼﺭ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘل ﻭﺍﻟﺘﺭﺠﻤﺔ ،ﻭﻤﻥ ﻫﻨـﺎ ﻴﺒـﺭﺯ ﺍﻻﻫﺘﻤـﺎﻡ
ﺒﺎﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻻﺴﺘﺎﺘﻴﻜﻴﺔ ،ﻭﺇﻫﻤﺎل ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺩﻴﻨﺎﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﺘﺒﻘﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻀﻴﻊ ،ﻭﻗﻁﺎﻋﺎﺕ ﻋﺭﻴﻀﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻨﻅﻭﺭﺍ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﻭﺍﻀﻴﻊ ﻭﻗﻁﺎﻋﺎﺕ ﺴﺭﻴﺔ ﻴﻌﺩ ﻜﺸﻑ ﺍﻟﻨﻘﺎﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﺠﺭﻤﺎ – ﺍﻟﺴـﻠﻁﺔ ﻭﺁﻟﻴـﺎﺕ ﺍﻟﺴـﻴﻁﺭﺓ،
ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﺠﻨﺴﻲ ،ﺍﻟﻌﻘﻴﺩﺓ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ،ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻤﻭﺍﻀﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻴﻬﺎ ﺘﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻻﻤﺒﻴﺭﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻜﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻨﻲ ﻭﺍﻟﻤﻌﻁﻰ ،ﻤﺘﺠﺎﻫﻠﺔ ﺍﻟﻜﺎﻤﻥ ﻭﺍﻟﺨﻔﻲ ﺍﻟﻤﺘﺠﺫﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻜل ﻭﺍﻟﺸـﻤﻭﻟﻲ ﻤـﻊ
18
ﺍﻟﺘﻁﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺃﻋﻠﻰ ﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ"
ﺒﻌﺩ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻷﺩﻭﺍﺕ ﺒﺤﺙ ﻜﻤﻴﺔ ﺘﺭﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺼﻑ ﻭﺘﻘﺭﻴﺭ ﺨﺼﺎﺌﺹ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ ،ﻓﺈﻥ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻭﺼـﻑ
ﻴﺄﺘﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺁﻟﻴﺎ ﻟﻠﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺃﻗل ﻤﺎ ﻴﻘﺎل ﻋﻨﻪ ﺃﻨﻪ ﺴﻭﺴﻴﻭﻏﺭﺍﻓﻴﺎ ﺃﻭ ﻭﺼﻑ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟـﻪ ﺒﻌﻠـﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻉ
ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻅﻭﺍﻫﺭﻩ .ﺤﻴﺙ ﻴﺴﺘﻁﺭﺩ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻓﻲ ﻋﺭﺽ ﺠﺩﺍﻭل ﻁﻭﻟﻴﺔ ﻭﻋﺭﻀﻴﺔ ،ﻭﻨﺎﺩﺭﺍ ﻤﺎ ﻴﺭﻓﻕ ﻫﺫﺍ ﺒﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻌـﺭﻑ
ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺘﺤﻤﻠﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﻤﻥ ﺩﻻﻻﺕ ،ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﻤﺎ ﻴﻌﺭﻓﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻥ ﺘﺤﻭﻻﺕ ﺒﻨﻴﻭﻴﺔ ﻭﻭﻅﻴﻔﻴﺔ .ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻁﺎﺭ ﻴﻘـﺭ
ﻋﺯﺕ ﺤﺠﺎﺯﻱ " :ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺘﻨﺘﻬﻲ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺒﻌﺩﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺎﺌﻼ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺠـﺩﺍﻭل
ﺘﺘﻭﺯﻉ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻨﻴﺔ ،ﻭﻴﻌﻠﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﻭﺼﻑ ﻤﻭﺠﺯ ...ﻭﻴﺄﺘﻲ ﻨﺎﺘﺞ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻫﺯﻴﻼ ﻻ ﻴﻀﻴﻑ ﻜﺜﻴﺭﺍ ،ﻭﻗﺩ ﻻ ﻴﻀﻴﻑ
24
ﺸﻴﺌﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﻌﺭﻓﻪ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ،ﺒل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻋﻥ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺒﺤﺙ "
ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺸﻜﺎل ﻴﻘﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺇﺸﻜﺎل ﺁﺨﺭ ﻫﻭ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻴل ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ،ﻓﻔﻲ ﺤﺎﻻﺕ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻴﻜﺘﻔﻲ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻭﻥ
ﺒﺎﻹﺠﺎﺒﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻜﻴـــــــﻑ؟ ﻤﻊ ﺘﺠﺎﻫل ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻟﻤـﺎﺫﺍ؟ ،ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎل ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ،
ﻭﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﻫﻤﺎ ﻅﺎﻫﺭﺘﺎﻥ ﺜﻘﺎﻓﻴﺘﺎﻥ ﺘﺭﺘﺒﻁﺎﻥ ﺒﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﺘﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺠﺩﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺠﺏ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺘﺞ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴـﺎﺕ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺴﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﻭﺘﺘﺤﺎﻭﺭ ﻤﻌﻪ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﻁﻭﺭﻫﺎ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻭﻫﺒﻭﺍ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻟﻠﻌﻠﻡ ،ﺤﻴﺙ ﻓﻬﻡ ﻫﺅﻻﺀ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠـﻡ
ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﻭﻋﻠﻤﻴﺔ ﺒﺎﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻤﺠﺭﺩ ﻤﻬ ﻨﺔ ﺃﻭ ﻨﺸﺎﻁ ﺒﺤﺜﻲ ﻅﺭﻓﻲ .ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻁـﺎﺭ ﻴﻌﺘـﺭﻑ
ﻋﺯﺕ ﺤﺠﺎﺯﻱ ﻗﺎﺌﻼ" :ﺘﺤﻭل ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻴﻥ ﺒﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺒﺄﺠﺭ ،ﻴﺒﺤﺜﻭﻥ ﻭﻴﺩﺭﺴﻭﻥ ﻭﻴﻜﺘﺒﻭﻥ ﻓﻲ ﺤـﺩﻭﺩ
25
ﻤﺎ ﻴﻁﻠﺏ ﻤﻨﻬﻡ ،ﻭﻴﺅﺠﺭﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺘﺭﺩﻯ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺩﻭﻥ ﻗﺼﺩ ،ﻭﺘﻤﺎ ﺩﻯ ﺁﺨﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻻﻨﺘﻬﺎﺯﻴﺔ "...
ﺴﺎﺩﺴﺎ -ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ﻟﻠﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ:
ﺇﻥ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻓﻬﻡ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ﻟﻠﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﻘـﻕ
ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺘﺤﻠﻴل ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﻋﻲ ﺒﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻓﻘﻁ ،ﺒل ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟـﻰ ﻓﻬـﻡ
ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻐﺭﺒـﻲ ﺍﻟﺭﺃﺴـﻤﺎﻟﻲ
ﻨﺎﻫﻴﻙ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺘﺄﺜﻴﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻋﻠﻰ ﻨﺸﺄﺓ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﻴﺩﺭﻙ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻔـﻭﺭ
26
ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺒﺎﻋﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﻨﺸﺄﺓ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻠﻡ.
ﻭﺘﺭﺠﻊ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ﻟﻠﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻏﺘـﺭﺍﺏ ﻋﻠـﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻉ
ﻭﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻋﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ .ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل :ﺇﻥ ﺍﻏﺘﺭﺍﺏ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻴﻤﺜل ﻤﻨﺘﻭﺠﺎ ﻭﺍﻗﻌﻴﺎ
ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺘﺼﺩﻴﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﺼﻭل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﻫـﺫﺍ ﺭﺍﺠـﻊ ﺇﻟـﻰ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﺭﺘﺒﻁﺕ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺜﺎﻤﻥ ﻋﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺩ ﺒﺸﺒﻜﺔ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺸﻜل ﻻ
ﻤﺘﻜﺎﻓﺊ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻗﺩ ﻓﺭﻀﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﺍﺴﺘﺩﻤﺎﺝ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﻤـﻥ
ﺜﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻭﺘﻤﻔﺼﻠﻬﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ .ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﻬﻤﺔ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺘﺘﺭﻜـﺯ
ﻓﻲ ﺘﺭﺴﻴﺦ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺘﺨﻠﻑ ﺍﻟﺘﺎﺒﻊ ،ﻭﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﻭﻫﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ.
ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺌﻴﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻻﻏﺘﺭﺍﺏ ﻫﻲ ﺍﻏﺘﺭﺍﺏ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﻨﻅﺭﻴﺎﺘﻪ ﻋﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﻴﻅﻬﺭ ﺫﻟـﻙ
ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﻁﺭﺡ ﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻤﻜﺘﻤل ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺃﻭ ﺒﺎﻷﺤﺭﻯ ﻴﻅﻬﺭ ﺒﺩﻴل ﻟﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﺘﺒﻘﻰ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴـﺔ ﺍﻟﺴﻭﺴـﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻭﻡ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﻤﻠﺤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺒﺘﻜﺎﺭ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻭﺃﻁﺭ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺘﺄﺨـﺫ ﻓـﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫـﺎ ﺍﻟﻘﻀـﺎﻴﺎ ﺍﻟﻨﻭﻋﻴـ ﺔ
ﻭﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ،ﻤﺅﻜﺩﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﻭﻻﺕ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻜﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﻭﺃﻭﻀـﺤﻨﺎ.
27
ﺴﺎﺒﻌﺎ-ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﻨﻭﻁ ﺒﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ:
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﻤل ﻟﻠﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻴﺠﺩ ﺃ ﻨﻬﺎ ﺘﻨﺘﻤﻲ ﻟﻤﻜﻴﻨﺔ ﺍﻻﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓـﻲ
ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺃﻭ ﻏﻴﺭﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻤﺜل ﺁﺴﻴﺎ ﻭﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﺍﻟﻼﺘﻴﻨﻴﺔ .ﻓﺎﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﻭﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻟﻡ ﺘﺴﻬﻡ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﺸﻲﺀ .ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ
ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺃﺯﻤﺔ ﺤﺎﺩﺓ ﺍﻨﺘﺎﺒﺕ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻟﻠﺤﻘـل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓـﻲ
28
ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ.
ﻭﻋﻥ ﻤﺩﻯ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭ ﺭﺠﺎل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺏ ،ﻭﻋﺩﻡ ﻨﺠﺎﺤﻬﻡ ﻓﻲ ﺘﻁـﻭﻴﺭ ﻤﻔـﺎﻫﻴﻡ ﺃﺼـﻴﻠﺔ
ﻟﺘﺤﻠﻴل ﻭﺍﻗﻊ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻨﺎ ﻴﻘﻭل ﺴﺎﻟﻡ ﺴﺎﺭﻱ " :ﻴﻜﺘﺏ ﺭﺠﺎل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺘﻁﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﻴﻁﻬﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ،
ﻓﻠﻡ ﻴﻁﻭﺭﻭﺍ ﺇﻻ ﻗﻠﻴﻼ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻷﺼﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﻭﺘﺘﻭﺠـﻪ ﺇﻟـﻰ
ﺘﻐﻴﻴﺭﻩ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻅﻬﺭ ﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺘﺼل ﺒﺎﻟﻤﺸﻜ ﻼﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴـﺔ ﺇﻻ
29
ﺘﻁﺎﺒﻘﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺒﻤﺴﻠﻤﺎﺘﻬﺎ ﻭﺍﻓﺘﺭﺍﻀﺎﺘﻬﺎ ﻭﺍﺭﺘﺒﺎﻁﺎﺘﻬﺎ"
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨﺹ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻴﻘﺭ ﺍﻷﻨﺜﺭﺒﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻤﻭﺴﺎﻭﻱ ﺒﺄﻨﻨﺎ ﺒﻌﻴـﺩﻭﻥ
ﻜل ﺍﻟﺒﻌﺩ
ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﻨﻭﻁ ﺒﺎﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺇﺫ ﻴﻔﺼل ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﺴـﺒﻘﻨﺎ
ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻤﺩﻯ ﺒﻌﻴﺩ ﻤﻤﺎ ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺘﺭﺍﺜﻨﺎ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ .ﺇﺫ ﻴﻘﻭل " :ﻟﻘﺩ ﺘﻡ ﺘﺒﻨﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﻟﻴﺱ ﻟﻔﻀﺎﺌﻠﻪ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻓﺤﺴﺏ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎﺩ ﺒﻌﺫﺭﻴﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺒـﺩﻴﻼ
ﻟﻼﺜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻴﺔ .ﺇﻥ ﺃﻋﻤﺎل ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻭﻗﺘﺌﺫ ﻟﻴﺴﺕ ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ،
ﻟﻜﻥ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺒﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ .ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺤﺎل ﺇﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻁﻠﺒﻪ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻤـﻥ
30
ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻫﻭ ﻟﻌﺏ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻌﺒﺘﻪ ﺍﻻﺜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻱ "
ﻟﻘﺩ ﺘﺒﻨﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺘﻨﻤﻭﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﺘﺒﺎﻋﻬﺎ ﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﺍﻷﺯﻤﺔ ،ﻭﻗﺩ ﻓﺭﻀﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺇﻗﺤﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌـﺔ
ﻜﻁﺭﻑ ﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ،ﻭﺒﺼﻭﺭﺓ ﺁﻟﻴﺔ ﺨﻀﻌﺕ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺴﺔ ﻨﻔﺴـﻬﺎ ،ﻭﻟﻠﺨﻁـﺎﺏ
ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺃﺼﺒﺢ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻻﻨﺨﺭﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻭﻴـﺔ ﺍﻟﻭﺍﺴـﻌﺔ ﺍﻟﺘـﻲ
ﺘﺨﻭﻀﻬﺎ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﺍﻟﺭﺍﻤﻴﺔ ﺒﺎﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺒﺠﻤﻴﻊ ﺃﺸﻜﺎﻟﻬﺎ .ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺃﺼﺒﺢ ﻋﻠـﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻉ ﻋﻠﻤـﺎ
ﺘﺤﺭﺭﻴﺎ ﻴﻬﺩﻑ ﺇ ﻟﻰ ﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻪ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﻴﺠـﺎﺩ ﺍﻟﺤﻠـﻭل ﻟﻠﻤﺸـﻜﻼﺕ
ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺒﻤﺼﺎﻟﺢ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﺭﺍﺌﺢ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.
ﺜﺎﻤﻨﺎ -ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺘﻜﺎﻤل ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻜﻤﻲ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻜﻴﻔﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ:
ﻴﻌﺘﺭﻑ ﺴﻌﺩ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻓﻲ ﻨﺩﻭﺓ ﺤﻭل ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﻗ ﻀﺎﻴﺎ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗـﺎﺌﻼ" :ﻓـﻲ ﻨﻅـﺭﻱ ﺃﻥ ﻋﻠـﻡ
ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻤﻲ ﻫﻭ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻨﻤﻭ ﻤﺴﺘﻤﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ،ﺤﻴـﺙ ﻨﻼﺤـﻅ ﺃﻥ ﻫﻨـﺎﻙ ﻨﻤـﻭﺍ
ﻤﻠﺤﻭﻅﺎ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻨﻭﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻭﻫـﻭ ﻤـﺎﻨﻌﻜﺱ
ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ .ﻭﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻕ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻨﻭﻋﻲ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻟﻡ ﻴﺘﻼﺌﻡ ﻤﻊ ﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻷﺨـﺭﻯ
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻪ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴـﺩ ﻟﻠﻤﺴـﺘﻘﺒل ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ،ﺇﺫ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﺴﺎﻫﻤﻭﺍ ﺒﺎﻟﻘﺩﺭ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﻭﺘﻔﺴـﻴﺭﻫﺎ ...ﻭﻋﻠﻴـﻪ ﻨﺄﻤـل ﺃﻥ
31
ﻴﺘﻜﺎﻤل ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻜﻤﻲ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻜﻴﻔﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻤﻭﻤﺎ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﻭﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻡ ﺘﺴﻨﺩ ﺇﻟﻴﻪ.
ﺍﻟﻬﻭﺍﻤﺵ:
.1ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ :ﺇﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺕ ﻋﻠﻤﺎ ﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﺭﺏ )ﻋﻘﻡ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻭﻗﺼﻭﺭ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ( ،ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ
ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﻁ ،1ﻟﻨﺩﻥ ،2000 ،ﺹ. 27
.2ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ .29
.3ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ.30
.4ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ.31
.5ﺃﺒﻭ ﺒﻜﺭ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﺎﻗﺎﺩﺭ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﺭﺍﺒﻲ :ﺁﻓﺎﻕ ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﻋﺭﺒﻲ ﻤﻌﺎﺼﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ،ﺩﻤﺸﻕ ،2006 ،ﺹ 117
.6ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺒﺎﺴﻁ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻁﻲ :ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ،ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ،ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ،
ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ ، 1998 ،ﺹ ﺹ . 170 169
-
ﺠﺎﻨﻔﻲ . 2009
.11ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ ،ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ ،ﺹ.39
.12ﻋﻤﺎﺩ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺨﻭﺍﻨﻲ :ﺘﻁﻭﺭ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﻰ ﺍﻷﺯﻤﺔ ،ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻹﻨﺴـﺎﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﻌـﺩﺩ ، 12
ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺎﺘﻨﺔ ،2005 ،ﺹ106
.13ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭ ﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ ،ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ ،ﺹ ﺹ . 28 27
-
.18ﺍﻟﻌﻴﺎﺸﻲ ﻋﻨﺼﺭ :ﻨﺤﻭ ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﻨﻘﺩﻱ ،ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻭﺘﻁﺒﻴﻘﻴﺔ ،ﺍﻟﺠﺯﺍﺌ ﺭ ،ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﻁﺒﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ،ﻁ ، 3ﺍﻟﺠﺯﺍﺌـﺭ،
،2003ﺹ. 101
.19ﻋﻤﺎﺩ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺨﻭﺍﻨﻲ ،ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ 107
.20ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺒﺎﺴﻁ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻁﻲ ،ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ ،ﺹ .189
.21ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ ،ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ ،ﺹ .28
.22ﺃﻨﻁﻭﻨﻲ ﻏﻴﺩﻨﺯ :ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ،ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻓﺎﻴﺯ ﺍﻟﺼﻴﺎﻍ ،ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻠﺘﺭﺠﻤﺔ ،ﻁ ،1ﺒﻴﺭﻭﺕ ،2005 ،ﺹ . 673
.23ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺒﺎﺴﻁ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻁﻲ ،ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ ،ﺹ.189
.24ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ ،ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ ،ﺹ. 28
.25ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ. 27
.26ﺸﺎﺩﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﻗﻨﺎﻭﻱ :ﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺃﺯﻤﺔ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ،ﺩﺍﺭ ﻗﺒﺎﺀ ﻟﻠﻨﺸﺭ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ، 2000 ،ﺹ
.167
.27ﺴﻬﻰ ﺤﻤﺯﺍﻭﻱ ،ﺴﺎﻤﻴﺔ ﻜﻭﺍﺸﻲ :ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﺇﺼﺩﺭﺍﺕ ﻤﺨﺒﺭ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ
ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﻋﺩﺩ ﺨﺎﺹ ﺒﺄﻋﻤﺎل ﺍﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺤﻭل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺴﻜﺭﺓً ،2013 ،ﺹ ﺹ .116 115
-
.28ﺴﺎﺴﻲ ﺴﻔﻴﺎﻥ :ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺭﻗﻡ ﻭﻟﻐﺔ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ،ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻋﻲ،
ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻷﻭل ،ﻤﺨﺒﺭ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺴﻜﺭﺓ ،2016 ،ﺹ. 137
.29ﺃﺤﻤﺩ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ ،ﻤﺭﺠﻊ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ ،ﺹ.33
.30ﺴﻠﻴﻡ ﺩﺭﻨﻭﻨﻲ :ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ )ﺇﺭﻫﺎﺼﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻭﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل( ،ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺍﻟﻌﺩﺩ
ﺍﻷﻭل ،ﻤﺨﺒﺭ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺴﻜﺭﺓ ،2016 ،ﺹ ﺹ .95 94
-
.31ﺴﻌﺩ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻭﺁﺨﺭﻭﻥ :ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻨﺤﻭ ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﻋﺭﺒﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻉ ﻭﺍﻟﻤﺸـﻜﻼﺕ
-
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻜﺘﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،7ﻤﺭﻜﺯ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻁ ،3ﺒﻴﺭﻭﺕ ،2010 ،ﺹ . 200
-
المحاضرة 60عالقة اإلبستيمولوجيا بالسوسيولوجيا:
إن العالقة بين اإلبستيمولوجيا والعلوم االجتماعية عالقة جدلية تبادلية ،لذا كانت النقد اإلبستمولوجي
للمعرفة االجتماعية يسمع بتوفير المبررات الضرورية للمعرفة التي تعالجها وفق تصورات منهجية تشكل
في النهاية البنية التأسيسية لمعرفة علم اجتماعية ،فإذا كانت هذه الوظيفة اإلبستمولوجية داخل النسق
المعرفي للعلوم االجتماعية ،فإن هذه األخيرة تمد التفكير اإلبستمولوجي بالبعد االجتماعي في عملية إنتاج
المعرفة انطالقا من المبادئ و األحكام التي تصل إليها من خالل ممارستها للفعل السوسيولوجي داخل
المجتمع ذلك أن المعرفة اإلنسانية و المعرفة العلمية بشكل خاص تنمو وتتطور خالل سيرورة الممارسة التي
تسعى لتقديم حلول معقولة وفعالة للمشكالت التي تفرزها الحياة االجتماعية فمن خالل هذا التبادل
الوظيفي يبقى التفكير اإلبستمولوجي يستجيب للتطورات التاريخية التي تمس البنية المعرفية للمعرفة
العلمية والذي يعطي المصداقية للنقد اإلبستمولوجي والذي بدوره يعطي الشرعية التأسيسية العلمية لهذه
العلوم.
إن أهمية النقد اإلبستمولوجي داخل النسق المعرفي للعلوم االجتماعية يبدو أكثر إلحاحا وأبعد أثرا،
ألن هذه الممارسات االجتماعية ال تخلو من التوظيفات الالعلمية اإليديولوجية السياسية التي استغلت
التفكير من أجل الهيمنة على المؤسسات االجتماعية ،ولذلك فإن العلوم اإلنسانية لم تساهم في غالب
السوسيولوجي األح يان في إنتاج معرفة علمية ،بل أنتجت خطابا إيديولوجيا تبريريا ،كما أنها لم تنتج
مثقفين نقديين بل أنتجت شريحة من المثقفين العضويين الذين خدموا السلطة السياسية ومشاريعها .
إن الظروف التاريخية التي أدت إلى نشأة التفكير السوسيولوجي الحديث جاءت في مرحلة متميزة ،مليئة
باألزمات والصراعات االجتماعية والسياسية (في أوربا خاصة) ،وبعد أن عجزت المنظومة الفلسفية في
إقناع وإخماد الثورات المتالحقة ،جاء التفكير السوسيولوجي كوسيلة جديدة ابتكرها االرتيابية والعدمية لكي
ترمي رداء العجز على كل معرفة [...لذلك] يبدو لنا أن األسباب العميقة ألزمة سوسيولوجيا المعرفة
الراهنة تكمن في ممكن آخر في التبعية الشديدة ،حتى ال نقول العبودية ،التي يعيشها علم اجتماع المعرفة
تجاه الموقف الفلسفي المسبق ،المعلن أو المضمر فالعالقة بين المعرفة السوسيولوجية والنسق
اإليديولوجي منذ البداية ،عالقة واضحة وعضوية ،ولعبت الفلسفة دور الوسيط بين هذين النسقين لالقتراب
أكثر والتعاون أفضل يحدد جورج غرفتش في كتابه "األطر االجتماعية للمعرفة" العالقة بين السوسيولوجيا
واألصولية فمن خالل وجود معارف جماعية يطرح على األصولية مسائل جديدة:
أ -مسألة الفعلة الجماعيين ،وصالحية أعمالهم المعرفية وقيمتها بالنسبة إلى المعارف الفردية.
ب -مسألة الرموز االجتماعية ،الفكرية (ذات الصياغة المفهومية المتنوعة) ،ومدى صحتها.
ج -مسألة اإلشارات االجتماعية المعرفية غير الرمزية (كالروائز من كل نوع ومسألة فمن خالل فاعليتها
هذا اإلطار المشترك يمكن لإلبستيمولوجيا والسوسيولوجيا التعاون من أجل اإلحاطة بالمعرفة االجتماعية
والمتميزة عن األشكال المعرفية األخرى ،فيتحدد من خالل المنظور اإلبستمولوجي اإلطار العام للمعرفة
السوسيولوجية (الموضوع) ،والذي يسمح بتفسير وفهم الظاهرة السوسيولوجية بعيدا عن الخلط والتداخل مع
أطر معرفية أخرى.
من جهة ثانية تطرح السوسيولوجيا على اإلبستيمولوجيا مسألة صحة الكثرة شبه الالمتناهية
لمنظورات المعرفة ،وعلى األصولية أن تحل بوسائلها الخاصة مسألة ما إذا كانت هذه المنظورات أكانت
"أيديولوجية" أم"طوبوية" أم "أسطورية"...الخ صالحة كلها ،أم إذا كان بعضها أقل صالحا من البعض
اآلخر لهذه األهمية الكبرى ،انكب جميع مؤسسي السوسيولوجيا على دراسة اإلبستيمولوجيا ومن خاللها
علم اجتماع المعرفة ،من أوغست كونت إلى خصميه برودون وماركس(المتخاصمين بدورهما) ،وزعيمهم
سان سيمون ،واهتم الجيل الثاني من علماء االجتماع بذلك (دوركايم ،لفي بريل ،ماكس شللر كارل
مانهايم ،سوركين) ،كوندرسيه فيؤكد على وجود توافق تام بين الواقع االجتماعي والنسق المعرفي فال
مجال لالرتياب بصحة كون المعرفة ظاهرة اجتماعية [ ]...أما سان سيمون ذلك المعارض الشديد لمثالية
كوندرسيه العقالنية ..لكنه يؤكد من جهته على وجود توافق ثابت في كل العصور ولدى جميع الشعوب ما
بين المؤسسة االجتماعية واألفكار.
واستمر هذا االهتمام المتزايد في تحديد العالقة بين السوسيولوجيا واإلبستيمولوجيا ويظهر ذلك
بقوة عند دوركايم ،الذي كان يأمل أن يساعد علم االجتماع اإلبستيمولوجيا على تطوير نظرية
سوسيولوجية للمعرفة ،فالعالقة والرابطة بين الذات والبنى االجتماعية -عند دوركايم –والمعارف متغيرة
بعامل العنصر البشري.
في الجهة المقابلة تظهر العالقة بين اإلبستيمولوجيا والسوسيولوجيا عن الماركسيين كأساس
للنظرية الماركسية التي تنطلق أن الوجود االجتماعي هو الذي يحدد الوعي ،فعلى خالف علم اجتماع
الذي أنشأه أوغست كونت وسار في خطاه علماء االجتماع البورجوازيين ،وجوهر هذا االختالف يكمن في
أن ماركس يربط المسائل المعرفية المطروحة بمسائل الوعي الطبقي واإليديولوجية الطبقية المتنوعة ،فعلم
االجتماع الماركسي هو محصلة لإلبستيمولوجيا المادية التي تسلم بأن المعرفة (مهما كانت) ما هي إال
انعكاسا للوجود ،فيقول انجلز في ذلك :ليس العقل ذاته سوى إيديولوجية البورجوازية المنتصرة[ ]...إن علم
اجتماع المعرفي الماركسي يولي ثقة ساذجة إلزالة االرتهان المعرفي في المجتمع الالطبقي أي لزوال
المعامل االجتماعي المعرفي.
يعتبر جورج غريفتش أن علم االجتماع المعرفي لدى ماكس شللر ،وسوركين ومانهايم هو ردود
فعل اتجاه أزمات ومصاعب النسق السوسيولوجي الماركسي ،حيث تمثل تصورات كارل مانهايم ومفاهيمه
محاولة التوفيق بين علم اجتماع المعرفي الماركسي عند شللر وعلم االجتماع عند البراغماتيكي األمريكي
ديوي []...يشدد مانهايم على الدور اإليجابي المعطى لكثرة المنظورات السوسيولوجية المعرفية ،وعلى
السمة التحريرية للعقل الذي يحلق بكل حرية ويتجسد في النخبة المثقفة
إن العالقة بين اإلبستيمولوجيا والسوسيولوجيا -كما أوضحنا من قبل ،ليس عالقة أحادية التأثير،
بل هي عالقة جدلية تبادلية بأتم معنى الكلمة ،إذ يتعلق األمر بتعاون مشروع بين العلمين ،يتبادالن
الخدمات وال يمكن لإلمبريالية أن تدخل بينها ،فهما يترصدان بعضهما ويستحثان بعضهما للعمل،انها
مواجهة مقلقة ،لكنها مثمرة ،فهنا يفرض نفسه التأخي وسياسة اليد الممدودة ،وهذا األمر ال يستبعد مع
ذلك كل انصهار وكل التباس بين هذين العلمين ،الذي يفترض بهما ان يظال مستقلين.
إن هذه المواجهة بين السوسيولوجيا واإلبستيمولوجيا تطرح مسألة الخصوصية بشكل عميق ،لذلك
فتحليل سوسيولوجيا اآلخر ،األنا" يجب أن ترتبط المبادئ بدعوة أخرى إلى ضرورة بعث فكر إبستمولوجي
أصيل ،يصوغ والمعايير الخاصة بتحليل وتقييم المعارف المحققة في تلك العلوم بعد توطينها ،...وهذا
بالطبع يشكل دعوة إلى إخضاع مناهج البحث وتقنياته وكذلك األطر المفاهيمية لنظرة نقدية فاحصة من
أجل تطويعها وتطويرها.