Professional Documents
Culture Documents
أستاذ مساعد مكلف بالدروس بقسم علم االجتماع -جامعة محمد بوضياف
المـقــدمة:
"المثقف" قضية خالفية بين الكتّاب والمفكرين وال يوجد اتفاق بينهم على
تحديد من يمكن أن نطلق عليه "مثقفا" ومن ال يمكن اعتباره كذلك ،واختلفوا
أيضا بين تصنيفاتهم للمثقفين ،ولن ندخل في متاهة جدلهم التي قد ال تنتهي،
ولكن سنطرح بعض األمثلة التي من شأنها أن تساهم في إعادة التفكير عمن
يمكن أن يتم اعتباره "مثقفا" من خالل النظرة إلى "المثقفين" من حيث "تفردهم".
فالمثقف ليس خالقا ،فدوره يكمن في توكيد االختالف والفروقات فحيث تكون
الحقيقية ،فاالختالف طريق إلى الحرية .وبذلك تتركز مهمة المثقف بشكل
عرفه
أساسي على إظهار األفكار المشيرة إلى الوجود أو التنوير .والتنوير كما ّ
كانط هو" :خروج اإلنسان من حالة القصور التي يبقى هو المسؤول عن وجوده
فيها .والقصور هو حالة العجز عن استخدام الفكر (عند اإلنسان) خارج قيادة
الفكر ،وإ نما في انعدام القدرة على اتخاذ القرار وفقدان الشجاعة على ممارسته،
دون قيادة اآلخرين .لتكن تلك الشجاعة على استخدام فكرك بنفسك :ذلك هو
فرديا ال عالقة له مباشرة بمشاريع جماعية كبرى ،وال بأفعال تغيير وحركات
ثورة .لكن فوكو ربط فكرة التنوير عند كانط بـ"مشروع" الحداثة أو يمكن القول
بـ"موقف" الحداثة .وأوجز فوكو مسألة الحداثة "بسؤال الراهنية" و"أشكلة هذه
المتأصل في اإلنسان ،وهي "مؤشر استداللي" ألنها تظهر الفاعلية الحاضرة لهذا
التأهب H،وهي أيضا "مؤشر توقُّعي" ،ألنه ال يمكن مستقبال نسيان التأهب الذي
برز من خاللها حتى ولو كان من الجائر مراجعة بعض من نتائج الثورة فيما
يؤمن للثورة أن تكون درسا في التنوير،
بعد .هذا الفهم الفوكوي لقيمة "المؤشر" ّ
وبذلك تقوم مقولة فوكو حول التنوير على أن التنوير لم يكن عصرا وال
حقبة ،مثله مثل الحداثة ،بل شكل التنوير "خروجا" أو "منفذا" أو مقولة في
من مصطلح حول االستعمال الخاص واالستعمال العمومي للعقل H.وهو ما يعتقده
كانط بأن العقل يجب أن يكون حرا في استعماله العمومي بينما يجب أن يكون
اإلشكالية :
شهد التاريخ العربي المعاصر عدة أنماط لعالقات Hالمثقف ،ومن هذه
ونالتا اهتماماً نظرياً وفعالً واقعياً ،فهناك هاجس كبير للمثقف بالسياسة فوفق
نظر شريحة من المثقفين إن أفضل طريق لولوج المجتمع والتأثير عليه هو
الدخول له من باب السياسة التي تعتبر أكثر الوسائل قدرة على إحداث التغييرات
بما تملكه من سلطة ،فالسياسة تحول الفكرة إلى سياسة تطبق على أرض الواقع
اهتماماً بالشأن العام الذي يصب فعلها في النهاية في المجتمع ،كان دخول
المثقف للسياسة عن طريقين :إما طريق مباشر ويأخذ أشكال عدة أهمها
الوصول لمنصب سياسي أو التحالف Hمع السياسي أو الخضوع لرغبة السياسي ،
أو طريق غير مباشر وهذا أيضاً يأخذ أشكاالً عدة منها :المعارضة بإجبار
السياسي على تمثل رأيه أو تنازل السياسي ليشاركه الغير في إدارة الشأن
العام ،وحسب تجربة المثقف لم ينجح كثيراً الطريق غير المباشر بل يمكن
القول أنه – بتطبيقه على تجارب عديدة معاصرة -كان تجربة لم تكتمل ،وقد
يراها البعض أنها أقرب " للفشل " منها للنجاح ، Hومن هنا قد يكون من الصعوبة
وجود مثقف -على األقل في منظورنا القريب – يتجاهل أو يتغافل النظر
للمجتمع والسياسة.
مما تقدم ،تبرز عدة أسئلة ،منها ما مدى صحة ارتباط المثقف
وهل وضع المثقف أكثر جهوده في السياسة دون المجتمع ؟ بمعنى آخر لماذا
اتجه المثقف للسياسة ولم يذهب للمجتمع ؟ وهل أصاب المثقف عندما اهتم
عرف الفكر الغربي المعاصر تساؤالت جمة طالت العالقة المعقدة التي
تربط بين الثقافة والقوة ،ولن نتمكن من فهم وموضعة التساؤل في سياقه الحقيقي
مثل أدورنو وهابر ماس أو من نقاد العقل وتفكيكه من أمثال فوكو وديريدا
ودولوز إلى تطوير دراساتهم وبحوثهم حول الطابع األداتي الذي يكتنف العقل
الغربي.
ويكاد يجمع هؤالء على أن المفاتيح التحليلية واألدوات اإلجرائية الحصيفة التي
يمكن من خاللها مقاربة الحداثة الغربية المتسمة بالعقالنية واألنوار والفردانية ال
واالستبداد الديني ،ولهذا السبب بدأت ترتسم في األفق قيم جديدة تحوم على
ولكن بعد أن جاء نيتشه وبين بأن العالم تحركه إرادة القوة وليست إرادة
الفضيلة ،وتساير ذلك مع التفسير البيولوجي الدارويني الذي بين بأن أساس
بدأت تثار أسئلة ليس فقط حول العقل كما ذكرنا سابقا ،بل حول القيم
الجديدة وصل المجتمع الغربي إلى ما يمكن أن نطلق عليه أزمة القيم.
في كنف كل هذا ،كيف يمكن لنا أن نحدد تلك العالقة المعقدة بين المثقف
والقوة؟
بالسلطة األجهزة الحكومية الفوقية فقط بل كل عالقة رمزية قائمة على الهيمنة
والنفوذ .فإن كان المثقف الريعي معروفا بتماهيه مع السلطة فإن هناك المثقف
من يعد جذريا مناهضا لكل الحيل واألالعيب التي تستخدمها السلطة
كاستراتيجيات للهيمنة؛ ولعل أحسن مثال يطلق على هذا النمط من المثقفين جون
للبقاء؛ Hخاصة بعدما بين بطريقة ذكية أن المعارضة الجذرية الراديكالية ال تنفي
لهذا بدأت في الفكر الغربي صيحات تنادي بنهاية المثقف الملتزم صاحب
أعطوا للمثقف دورا ثانويا في تحريك العالم والتاريخ ،وتفاؤليين :أي الذين
أرادوا أن يحافظوا على الدور الكبير المنوط بالمثقف كمبدع للمفاهيم بشرط أن
من البديهي أن المثقف -في أي مجتمع كان -يمتلك المقومات التي تؤهله
لقيادة المجتمع ،وهذا ما تجلي منذ دعوة أفالطون ألن (يكون الفيلسوف علي
رأس السلطة السياسية وهي أول دعوة تذكرها كتب التاريخ) (عالم الفكر معن
زيادة) ص - 2ص.5
(نفسه) ذلك ألن المثقف يمتلك رؤى ثاقبة ،ولديه مقدرة هائلة تؤهله للقيام
بالتحليل والتركيب إزاء أي ظاهرة ،أو حدث ،أو موقف ،ولعل رؤاه تتسم علي
الغالب Hبقوة البصيرة ،ومقاربة الموضوعية) ،كذلك أن المثقف الذي يمضي جل
ساعات يومه وهو ينهل من بطون الكتب ،غير موجودة البتة عند غير المشتغل
بالثقافة ،والجاهل بها ،مما يمنحه آفاقاً المتناهية تدفعه لالنحياز إلي
يتدرج شيئَاً ًَHفشيئاً نحو حب الذات H،ثم الشعور بالتمايز عن اآلخر ،وربما دونيته
في مواقع وحاالت معينه) وقد يتضخم بالتالي هذا اإلحساس السيما أمام رفض
اآلخر له ،أو االستعالء عليه بـ :المظهر -المال -السلطة -الجماهيرية -مما
ريب أن اختالف هذا الكائن البشري عن سواه ،إنما هو نتيجة لعوامل كثيرة،
- 2إن عالقة الكاتب Hمع أدواته الكتابية تؤثر علي نحو واضح علي
سلوكيته حيث أن إدمان القراءة H،أو الكتابة ،ومتطلباتها عادة من عزلة ،وطقوس
خاصة تؤثر علي نحو الفت علي عالقته مع المحيط وبل علي ذاته قبل كل
شيء فهو ينفر من طقوس اآلخرين راغب عنها ،يستتفه مشاغلهم ،وأساليب
وأنماط حياتهم ،وتضييعهم ألوقاتهم ،ومن هنا فهو يولد عالمه الخاص ،عالمه
األثير وكيف ال ،مادامت اهتماماته جد مختلفة تماماً عن اهتماماتهم ولعل هذا
التمايز كثيراً ما يجعل من الكاتب ،ضحية عالمه ،ضحية اهتماماته ،ضحية ذاته،
فهو سريع الغضب ،سريع الرضا H،األمر الذي يجعله منكفئاً علي الذات معتكفاً
منزوياً.
فإضافة إلي ما سبق ذكره عن االنسالخ الطبقي ،فإن هذا األنموذج
النيتشوي ليس شرطاً أن يكون عاماً ،ينضوي في صفة هؤالء الذين يكتوون
بأكثر من نار :نار األنظمة ،الحاكمة ونار الوضع الطبقي ونار قيادات أحزابهم
أيضاً H،هذه القيادات Hالتي تقع في تناقض صارخ أثناء تعاملها مع المثقف:
إنها تبدي خير تفهم لمقولة لينين في ضرورة استيعاب المثقف فتسرع إلي
احتوائه ،واعتباره في الغالب لسان حالها H،ومثقف المؤسسة ،بل وأحد رموزها
الذين تتباهي بهم في السراء والضراء H،وكثيرا ما تدفع به -تحت هذه الحمية -
إلي المقدمة ،وهذا ما هو واضح مرهون بتبعية قلم المثقف للمؤسسة ،وفي
بيد أنها سرعان ما تتراجع عن هذا الفهم وذلك إزاء تفاعل أبناء المؤسسة
بل والجماهير الشعبية مع خطاب هذا المثقف ،وتشكيله بالتالي خطراً علي
القبضة القيادية المستبدة ،التي تري في تألق أي اسم آخر ضمن المؤسسة
الحزبية خطرا كبيرا علي حضورها ،ال سيما إذا كانت مجترة لماضيها الثقافي
بل عاجزة عن مواجهة الطروحات التي يطرحها المثقف ضمن مؤسسته ،ناهيك
عن قضية خطيرة برأي هذا المؤسسة هي أنها سرعان ما تفقد صوابها فيما لو
انقلب المثقف علي ما تراه ركائز لها حتى وان كان ذلك إعادة تقويم شخصيات
ما ضمن هيكلها ،بعد انجالء غشاوة ما عن عينيه ،أو حتي اتخاذ مواقف
التنوير لم يكن عصرا وال حقبة ،وإ نما شكل "خروجا" أو "منفذا" أو مقولة
في االختالف .وأن دور المثقف يكمن في توكيده االختالف .وعليه يمكننا القول
بأن وجود المثقف العربي التنويري المتفرد لم يقتصر على حقبة زمنية بعينها
وإ نما وجد في الحقب الزمنية المختلفة H:حقبة ما قبل اإلسالم ،والحقبة اإلسالمية،
نموذجا لمثقف عربي على كل حقبة من تلك الحقب ،لنثبت بذلك بأن مشروع
التنوير العربي وجد بأكثر من حقبة زمنية ولم يقتصر على حقبه بعينها حيث
والحرية تتكون من ثالثة أجزاء وهي خلق حركة ،وتحكم باتجاه الحركة،
والمحافظة على نفس المثقف سليما معافى حتى بلوغ الغاية ،والمثقف العربي إن
لم يكن قد حافظ على الجزء الثالث Hمن الحرية في بعض األحيان ،إال أنه بتفرده
وخروجه واختالفه أستطاع أن يؤسس في أكثر من مرحلة مشروع تنوير عربي
تعاقد "عقل حر" مع "استبداد مستنير" وهو ما سنبينه من خالل األمثلة التي
ُ قوامه
جده غلب على اسم أبيه ،يمثل نموذجا للمثقف "الشاعر الصعلوك" في الحقبة ما
قبل اإلسالم .وقد تصعلك خارجا Hعلى عادات القبيلة التي عيرته بلونه األسود
ولم تعترف بنسبه ،وممزقا ألعراف القبيلة وقواعدها ،وذلك أنه كان ابن أمة
سوداء يقال لها زبيبة وكانت العرب في الجاهلية إذا كان للرجل منهم ولد من
لكنه أنه أبى إال أن يكون الشاعر نفسه وال شيء سواه فتنبع شجاعته من داخله
ال من خارجه ولونه األسود الذي تحتقره القبيلة ،فكان شديداً بطاشاً شجاعاً ,كريم
العبد ال يحسن
العرب على عبس وأستاقوا إبلهم فقال له أبوهُ :ك ّر يا عنترة فقالُ :
والصر ,فقال له أبوهُ :ك ّر وأنت ُحر ,فهب عنترة ال َكر ّإنما يحسن ِ
الحالب
ّ ُ ّ
كاإلعصار يدفعه حب الحرية إلى فعل المستحيل .فهزم األعداء ورد اإلبل
فادعاه أبوه وألحقه بنسبه .وبذلك نال حريته ،وشارك عنترة في حروب داحس
ّ
والغبراء ،حتى كان األبطال يخشون نزاله .وأصبحت شجاعته أسطورة يرددها
العرب إلى يومنا هذا .أحب عنترة عبلة بنت عمه مالك بن قراد العبسي ،وكان
عمه قد وعده بها ولكنه لم يف بوعده ،وإ نما كان يتنقل بها في قبائل العرب
ليبعدها عنه .لقد تفرد عنترة بحبه لعبلة وكان هذا التفرد من خالل قصائده
ومعلقاته التي لم تكد تخلو من ذكر محبوبته عبلة ،وهي سبب تلك المرارة
واللوعة اللتين ربما لم تكونا في شعره لوال حرمانه إياها ،وأصبح الحبيب
الصادق في حبه ،وبذلك خلد أسطورة الحب Hالصادقة إلى يومنا هذا.
إذا كان الشنفرى الشاعر الصعلوك الخارج Hعن قومه والرافض لهم
والباحث Hعن قوم آخرين غير قومه متفردا بهذا الرفض لقومه ،فإن عنترة كان
الشاعر الصعلوك الذين رفضه قومه إال أنه أجبرهم على تقبلهم له وتفرد بكسر
عادات قومه وبهذا اإلجبار على قبوله .وقد مثّل عنترة (المثقف) مع القبيلة
(السلطة) مشروعا ناجحا H،فرغم كونه ينتمي إلى طبقة العبيد إال أنه تفرد عن
تلك الطبقة بأن حارب سلطة قبيلته من أجل الحصول على الحرية التي حلم بها
دوما وحارب من أجل تحقيقها ،فاستطاع أن يكسر حاجزا تقليديا سائدا بالقبيلة
بأن أجبر والده على إلحاقه بنسبه رغم أنه ابنا ألمة ،لم تكن تسمح عادات القبيلة
الطبقي الذي ثار عليه عنترة وتفرد خالله عن غيره بما قام به ،هذا الصراع
الطبقي هو ذاته العامل االجتماعي وهو أحد العوامل الثالثة التي أشار إليها
ظاهرة الصعلكة كانت بسبب ثالثة عوامل العامل البيئي والعامل االقتصادي
والعامل االجتماعي.
اإلسالمية الذي يموت من أجل الفكرة من أجل المواجهة .كان يحمل السلم
بالعرض ولم يحافظ على الحرية بجزئها األخير .المثقفون من وجهة نظر
جوليان بندا عصبة صغيرة من الملوك الفالسفة يجب "أن يتحلوا بالموهبة
االستثنائية وبالحس األخالقي الفذ ،وان يشكلوا ضمير البشرية" ،وفي كتابه
(خيانة المثقفين) تعرض إلى المثقف التراجيدي االنتحاري الذي لم يستطع أن
يحافظ على نفسه ،فخيانة المثقفين بالنسبة إليه ليس تزويرهم لمواقفهم وإ نما عدم
الحسين تربى في بيت النبوة وشهد سنة 35هـ مبايعة والده علي بن أبي
طالب بالخالفة ثم خروجه معه إلى الكوفة ،وشهد معه موقعة الجمل وصفين.
وكانت الحركات الثورية التي أخذت تنشأ منذ السنة األربعين للهجرة ،السنة التي
قتل فيها علي(رضي اهلل عنه) ،أرضا خصبة لنشوء كثير من عناصر التحول،
وبدأت هذه الحركات Hفي شكل معارضة للحكم األموي .وبعد استشهاد والده أقام
بالكوفة عند أخيه الحسن ورغم أنه لم يعجبه تنازل أخيه الحسن عن الخالفة
لمعاوية بن أبي سفيان وكان رأيه بالقتال ،إال أنه أطاع أخاه وبايع معاوية،
ورجع معه إلى المدينة وأقام معه إلى أن مات معاوية سنة 60هـ .لما تولى يزيد
بن معاوية الخالفة ،بعث إليه الوليد بن عتبة ليأخذ البيعة ،فامتنع الحسين عن
البيعة وخرج إلى مكة وأقام فيها .وقد تمثلت معارضة الحسين في ثالثة مبادئ
األول يقوم على أن أهل البيت أولى بالخالفة ،والثاني يقوم على أن أصحابH
والثالث أن من لم يغير الجور بالقول والفعل يكون هو نفسه بمنزلة الجائر H.ثم
أتته كتب أهل الكوفة في العراق تبايعه على الخالفة وتدعوه إلى الخروج إليهم.
كانت معركة كربالء غير متكافئة ،فقد كان جيش األمويين يزيد بـ ()30
ألف عن أنصار الحسين بن علي ،لذا فهي مذبحة في وضح النهار .إال أنه ثار
من أجل إصالح الوضع واإلطاحة بحكم يزيد ،وبموته نستطيع القول إن اإلسالم
أستطاع أن يلحق به أتباعا مخلصين له إلى يومنا هذا ،حيث أن اإلسالم لم يتجزأ
إلى سنة وشيعة إال بعد موته ،فالمذهب الشيعي قائم على أفكاره ،حيث يرى به
أتباعه مثال المثقف المخلص لفكرته التي ضحى بروحه من أجلها ولم يتنازل
عنها ،وبذلك فهو كان المثقف الذي تحدى السلطة المتمثلة في يزيد والدولة
األموية وثار عليها فلم تتقبل هذه السلطة هذه الثورة ضدها فما كان منها إال أن
قتلته.
ما وراء السياج موصول بالذات اآللهية ،وتنطلق التجربة الصوفية من أن
الوجود باطن وظاهر وأن الوجود الحقيقي هو الباطن ،واستلزمت فهم القرآن
فهما جديدا يغاير الفهم التقليدي ،ورافقها اتهام التجربة الصوفية بأنها خروج
على الشريعة ،والواقع بأن التجربة الصوفية لم تعتمد ،في الوصول إلى الحقيقة،
المنطق أو العقل H،ولم تعتمد كذلك ،الشريعة ،وإ نما اعتمدت ما اصطلحت على
تسميته بالذوق .وليس في الذوق حدود ،وهو يتجاوز األمر والنهي ،ألنه هو
البداية المستمرة التي تمحو كل أمر أو نهي .وحين يكون بين الحقيقة والشريعة،
أو ينشأ بينهما تناقض ،فإن الشريعة هي التي يجب أن تؤول بمقتضى الحقيقة .
الصوفي هو اهلل ،أو يصبح األنا هو األنت .وبذلك نقلت الصوفية تجربة الوجد
والمعرفة من إطار العقل والنقل إلى إطار القلب H.والصوفية تمثل حركة فدائية
حيث أن لدى الصوفي جاهزية عالية من أجل الموت في سبيل قضيته وفكرته،
فالصوفي يعد نفسه للذبح ،حيث يعتبر نفسه حمال جديدا هلل كما كان المسيح
وقد مرت الحركة الصوفية بما يعرف بقرن المحنة ،فمثّل الحالج صاحبH
قولته المشهورة "أنا الحق"حالة مميزة في هذا القرن ولم تستطع روحه المتمردة
الحالج Hالصوفية مبدأ الحلول واالتحاد وهو مبدأ أخذه الحالج من المؤثرات
الهندية التي تلقاها Hأثناء حياته ،وبحسب هذا المبدأ فإن "اإلنسان يفقد غيريته،
وفي نهاية مطاف المجاهدة الصوفية ليفنى في اإلله ويصبح متحدا فيه" .
المتصوفة الذين خرجوا على السلطة بأشكالها المختلفة .وتقدم كتب التراث
صورا تفصيلية الشتهار أمر الحالج ومقتله في خالفة المقتدر باهلل ،بعد ما نسب
إليه من ادعاء الربوبة أو النبوة .لقد ظهر الحالج في فترة قلقة للنظام العباسي
الذي كان يتعرض لثورة القرامطة ويمعن في الجور فازداد ثورة على السائد
ودعوة للحب اإللهي الذي يصل بالمرء إلى التوحيد الحق ،فكثر أتباعه ،فخشي
أهل السلطة دعوته لهذا تمت مالحقته وسجنه وقتله مصلوبا ،وهذا القتل صار
اتصل الحالج بحركة الزنج والقرامطة وكلتاهما تحارب الدولة العباسية وما
تمثله من ظلم وعدوان ،فسلوك الحالج ومنهجه الفكري وروحه الثورية ودعوته
إلى اإلصالح السياسي واالجتماعي كان مشابها لنهج القرامطة وروحهم الثورية
واندفاعهم إلى تغيير النظم االجتماعية والسياسية . .الحالج تحرك إلقامة دولة
الحق وكان يغامر في إقامة الدولة المشاعية التي أقامها أصحابه القرامطة في
شرقي العربيا وسواد الكوفة وكان يريدها كبيرة تشمل ديار اإلسالم .لقد أحيا
الحالج Hفي قلوب كثير بفضل حميته المليئة بالمفارقات الرغبة باإلصالح
السواء .
اجتماعي لكنه قتل بسيف الشريعة .لما وقع دمه على األرض كتب بدمه اهلل
إشارة إلى توحيده ،في حين أنه لم يكتب بدم الحسين بن علي ذلك ألن الحسين
بن علي لم يحتج إلى تبرئة مثل الحالج ،كونه الحفيد المباشر للنبي وكون
بعد صلب الحالج ُختِ َم قَ َد ُره ،وأصبح شاهد التاريخ على معاناة األحرار
وكيد االستبداد ،وكان نموذج المثقف القديس االنتحاري الذي تحدث عنه جوليان
بندا .ورغم عدم محافظته على الحرية بجزئها الثالث ،إال أنه شكل مشروعا
تنويريا ناجحا في تعاقد المثقف مع السلطة ،فرغم أن سلطة الخليفة المقتدر قامت
بصلبه إال أن الحالج كان متفردا بمحنته التي فاقت غيرها من محن المتصوفين،
وتفرد بثباته على مبدئه واستطاع أن يثبت عند كثير من المسلمين المتفاوتين في
وقداسة .حيث كانت منحى حياة الحالج كله ومناظر محاكمته كلها تجعل منه
رغم أن طوق النجاة بدا أمامه في وجه واحد ،وهو أن يرجع عن موقفه
الفكري ،وأن يبصم على اختيار السلطان ،إال أنه اختار طوق نجاة آخر ،يعتصم
-4حقبة الحداثة:
سيد قطب هو نموذج المثقف اإلسالمي األصولي الذي يفسر ثقافته بناء
على نص ديني ،انتسب سيد قطب في بداية حياته لحزب الوفد ،وهو حزب
علماني وكان في بداية حياته مجرد أديب ومهووسا بشخصية العقاد وأفكاره،
وكان قطب يدعو في كثير من أفكاره للحداثة ،إال أن سيد قطب بعد العام 1964
كتب في مجلة المجتمع دعا فيها إلى تأسيس حزب إسالمي يبدأ من عند ما انتهى
اآلخرون من السابقين ،ودعا لنبذ األفكار الغربية جميعها وكان هذا إعالن
ضمني من سيد قطب بالبراءة من أفكاره السابقة ،وكانت تلك الفترة مرحلة
تحول في حياة سيد قطب من كاتب مؤيد للحداثة وداعي لها إلى كاتب أصولي
اغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر)- Hوحكم عليه بالسجن 15سنة ذاق
ألوانا من التعذيب والتنكيل الشديدين ،ومع ذلك أخرج كتبا منها "هذا
خاللها ً
الدين" و"المستقبل لهذا الدين" ،كما أكمل تفسيره "في ظالل القرآن" الذي أصبح
واإلنسانية ،وهذا يفسر قلة إنتاجه في القصة التي لم يكثر فيها بسبب انشغاله
بالدراسات النقدية ومن بعدها بالدراسات والبحوث اإلسالمية .وقد كتب سيد
قطب عن المجتمع الجاهلي والمجتمع اإلسالمي ،حيث تكاد تكون معظم اآلراء
الواردة في كتاب سيد قطب "معالم في الطريق" ترتد إلى محورين اثنين أو إلى
زوج مفهومي ،عنهما تكونت كل األفكار التي يضمها الكتاب :اإلسالم /الجاهلية
(أو المجتمع اإلسالمي /المجتمع الجاهلي) H.والجاهلية ،عند سيد قطب هي سمة
العصر الذي نعيش فيه اليوم وحيث يكون األمر على هذا النحو ،فإن الدعوة
الجاهلية) H،تمهيداً إللغائه إلغاء فعلياً عن طريق إزالته ،متى أمكن استجماع
األسباب الكافية لذلك .وألجل ذلك ال بد من صالبة في الموقف ومن صرامة في
إال أنه قبض عليه مرة أخرى بتاريخ ،9/8/1965وحكم عليه وعلى 7آخرين
ويعتبر سيد قطب مشروعا تنويريا ناجحا H،رغم أنه مثل نموذج المثقف
األصولي الملتزم بالنص الديني حيث بقي ملتزما حتى آخر أيامه بأفكاره كونه
مثقفا أصوليا ملتزما بالنص الديني ،بعد أن تخلى عن جميع أفكاره السابقة التي
كانت أكثر انفتاحا Hوتحرراً داعيا لنبذها ،كما أنه تفرد ألنه يعتبر مؤسس الفكر
الثوري اإلسالمي ،في السابق كانت األفكار الجديدة في اإلسالم ينبثق عنها
مذاهب جديدة بمسميات مختلفة ،أما في العصر الحديث أصبحت Hاألفكار الجديدة
ينبثق عنها حزبا إسالميا سياسيا يرادف المذهبية ،ومثال ذلك الحركة السلفية
حين دخلت لها أفكار أكثر راديكالية في تفسير النص الديني تحولت من الحركة
السلفية إلى جماعة السلفية الجهادية التي ينبثق عنها اليوم أنصار القاعدة أو
تنظيم القاعدة ككل .كما أنه تفرد ألنه صمد على موقفه بقوله الحق ضد السلطة
ومات في سبيل األفكار التي دعا إليها .وترك كتبه العلمية التي اعتبرت إرثا من
تدرس وتعتبر منهجا ألكبر الحركات اإلسالمية
بعده ال زالت بعض كتبه ّ
المثقف المنفي باعتباره الجئا فلسطينيا كان نفيه إجباريا H،وكذلك يمثل المثقف
النقدي الذي واجه السلطة بقول الحق في وجه السلطة وفي استعداده لتحمل
عواقب هذا الموقف بالحقيقة المرة ،كما يقول إدوارد سعيد في كتابه (صور
المثقف) H،لم يكف مسعد عن ممارسة دوره وال يكتفي بمزاولة مهنته األكاديمية
كباحث وأستاذ محاضر ،بل يوظف معارفه في إبداء الرأي في الشأن العام
التي تثير حنقا كبيرا عليه فالحنق الذي يثيره جوزيف مسعد كأكاديمي عميق
الذكاء وغزير اإلنتاج في األوساط الصهيونية مفهوم ،ليس فقط ألنه من مدرسة
وأيضاً لطرحه مفهوماً جديداً في النظرة إلى يهود العالم والتفريق بينهم وبين
إسرائيل ،األمر الذي أثار عليه غضباً لم يتوقف وشنت ضده حملة صهيونية
منظمة ،فبالنسبة إلى مسعد تمثل الصهيونية أسوأ حاالت الالسامية المضادة
وعبر عنها في مقابلة على تلفزيون الجزيرة بقوله" :أي رأي معارض إلسرائيل
طرد من
وي َ
غير ُ
لسياسات الواليات المتحدة يجب أن يوقف عن عمله يجب أن ُي َ
الجامعة" .فاللوبي الصهيوني ينفق ماليين الدوالرات على تشويه واصطياد كل
شاردة وواردة لها عالقة بدراسات الشرق األوسط في تلك الجامعات H،ويريد من
رغم أن موقف المثقف الناقد للسلطة ليس جديدا إال أن مسعد تميز بدعواته
يرى أن منظمة التحرير الفلسطينية قد حولت نفسها إلى سلطة فلسطينية وتوقفت
عن تمثيل فلسطيني الشتات ،حدث هذا في مدريد وأوسلو ،ومن هنا يدعو مسعد
فلسطينيي الشتات إلى إجراء انتخابات Hحرة في الشتات من أجل انتخاب قيادة
جديدة ذات صفة تمثيلية قادرة على التفاوض مع إسرائيل والمجتمع الدولي نيابة
عن فلسطينيي الشتات .كما يدعو مسعد فلسطينيي الشتات من التحرر من القيادة
التي نصبت على فلسطينيي الضفة وغزة ،وأن يتملصوا من "عملية سالم" ال
تخاطب إال السكان األصليين من فلسطينيي الضفة وغزة .فليس أمام الالجئين
وفلسطينيي الشتات ما يربحونه من مثل تلك القيادة وهذه العملية ،بل كل ما
لقد مثل جوزيف مسعد مشروعا تنويرا ناجحا Hفي تعاقده مع السلطة فوقف
موقف الناقد من السلطة الوطنية الفلسطينية ،وكذلك موقفا ناقدا لسلطة االحتالل
يمارس ضده من تهديدات بالطرد من الجامعة التي يعمل بها ،إال أنه ثبت على
موقفه ولم يتراجع عنه .ولم يمنعه تواجده في الواليات المتحدة المعروفة
مقولته.
تتسم العالقة بين المثقف والمجتمع بأنها من النوع الجدلي بمعنى أن كالً
منهما يؤثر في اآلخر ،فليست العالقة بين المجتمع والمثقف عالقة عامل مستقل
نتاج مجتمعه ألنه فرد في مجتمع ،فالمثقف يتأثر بما يحمل المجتمع من قيم
سلبية أو إيجابية ويما ويوجد فيه من تعقيدات ،المثقف وليد تأثيرات المجتمع ،
فال يمكن للمثقف العيش أو التفكير مع افتراض انعدام تأثير األوضاع االجتماعية
واالقتصادية والسياسية في مجتمعه عليه ،فمن الصعوبة تصور نشوء مثقف من
فراغ بل هو نتاج ظروف معينة تمر وتؤثر عليه بقوة ،فالمثقف مشدود للواقع
الذي يحيط به ،إال إذا أراد المثقف االنعزال بوعي منه لذلك أو من دون وعي
بذلك ،ومن هنا تتكون مواقف وأفكار ورؤى المثقف ،فمثالً مطالبة عدد من
المثقفين العرب بالديمقراطية كان نتيجة لوجود حاالت القمع واالستبداد تمارس
في المجتمع من قبل أفراد أو جهات ضد غيرهم ،أو مطالبة بعض المثقفين
العرب بالعدالة االجتماعية كان نتيجة وجود تفاوت طبقي كبير في المجتمع
وهناك من يستفيد أو يتسلط على أموال وأحوال المجتمع ويهيمن عليها دون ترك
المثقف التي يلزم على المثقف سلوكها ،فقد يمارس المجتمع على المثقف دوراً
سلبياً بممارسة الرقابة السلبية عليه ،التي قد تكون أحياناً أقسى من رقابة السياسة
،ومن هنا قد تبدأ مشاكل المثقف مع المجتمع ومن ثم يتواجه معه ،وتأخذ هذه
.1أن " ينسلخ " المثقف عن مجتمعه ،ولكن هل بمقدور المثقف االنسالخ
الموقف الجذري قد يكون فيه بعض الحق في نظرته للقضايا ، Hولكنه قد يكون
أحياناً متطرفاً في وجهة نظره وال يقبل إال بوجهة النظر الحدية ،واإلشكالية
التي تواجه أصحاب النظرات الحدية عدم قدرتهم على القيام بأي دور أو تأثير ،
.2أن يعيش حالة عزلة ،وإ ن كانت هذه الحالة أقل من الحالة السابقة إال
أنها قد تكون مقدمة لها أحياناً ،ولهذه العزلة درجات كثيرة أقصاها Hحالة
االنسالخ ،ويعيش المثقف العزلة فيكون بدون أي تأثير على المجتمع أيضاً كلما
زادت عزلته عن المجتمع ،والتي قد تصل أن ينسى المجتمع هذا المثقف ،أو أن
يهاجر المثقف بعيداً عن مجتمعه عند عدم قدرته على العيش أو التكيف مع
.3أن يرفض المثقف الحالتين السابقتين ويبقى مصرَاً ًَHعلى ممارسة دوره
الناقد ،وهذا النوع يبقى على صدقه مع نفسه بغض النظر عن نوعية أفكاره ،
فإما يلتزم بهذا الدور وهذا قد يأخذ مسارين يرفض المجتمع أفكار هذا المثقف أو
ال يسمع له فتكون للمثقف ردة فعل سلبية ،أي يبادل المجتمع عدم االهتمام بما
يقوله المجتمع عنه ،مع البقاء على ممارسة هذا النوع من النقد للمجتمع مؤمناً
أن له رسالة عليه السعي لتحقيقها ،وكذلك مع بقاء لومه للمجتمع لعدم االستفادة
منه كمثقف يحمل الفكر والتنوير ،أو يحاول المثقف أن يكون إيجابياً مع
المجتمع بصورة أخرى ،بأن يتواصل معه ويحاول إقناع المجتمع بأفكاره ورؤاه
،صحيح يبقى هناك نوع من عدم قيام المجتمع بالتفهم أو عدم األخذ بما يقوله
المثقف في هذه الصورة ،ولكن هذا المثقف ينظر لذاته باعتبارها جزءاً من
المجتمع ويقع على كاهله واجب مواجهة األخطاء االجتماعية بالتفاعل اإليجابي
ليحرك مياه المجتمع الراكدة فيبقى على اتصال بالمجتمع ألن ذلك قدره كمثقف.
إال أن الجدير ذكره هنا ،أن المثقف قد يدعي أنه يمارس نقداً للمجتمع ،
ويمارس دوراً " إعالمياً " لنفسه بأنه ال يتأثر بما يحتوي المجتمع من سلبيات ،
ففي أحياناً يمارس المثقف دوراً إعالمياً لذاته ال يقل عن وظيفة وزارة اإلعالم
والمؤسسات التابعة لها في الدول العربية لدعم توجهات النظام الحاكم فيها ،
فيدعي المثقف أنه يقف موقفاً نقدياً من سلبيات المجتمع ،لكن واقعياً ال يمتلك
هذا المثقف القدرة على تجاوز هذه السلبيات ،فمثالً في المجتمعات العربية نجد
أن المثقف ينتقد العائلية /القبلية /العشائرية /الطائفية ولكن قد تمارس عليه
ضغوطاً من مجتمعه فيتماهى معها ،أو أنه يرى أن مصلحته تتطلب هذا
التماهي ،أو إن ينتقد المثقف أحدها بينما يتماهى مع غيرها ،وأحياناً يقع
المثقف في فخ " عدم الصدق مع النفس " فكالمه ينبئ أنه ضد المحسوبيات
والوساطات والرشاوى ولكنه يمارسها واقعاً ،بل أحياناً ال يستطيع االستغناء
التي ال يستطيع االستغناء عنها ،بل قد تكون حياته العملية قائمة عليها ،
وبالتالي ال يمكن لمثقفين يتمثلون هذه الصورة تحريك مياه المجتمع الراكدة
ولكن السؤال الذي يتبادر للذهن هنا ،هل يمكن أن تصل حالة مواجهة بين
المثقف والمجتمع أكثر مما هي عليها اآلن كما في بعض نماذج المثقفين ؟ أي
هل يستطيع المثقف مواجهة المجتمع بصورة أكثر جرأة وموضوعية بأن يكون
مغضوباً عليه ؟؟؟ بمعنى هل يمكن أن تصل الحالة بالمجتمع التنكر للثقافة
وللمثقف وال يرى للثقافة وال للمثقف أي قيمة أم يحدث العكس ؟.
تتمسك بتقاليدها وموروثها وقيمها ودينها ،على سبيل المثال التراث الذي يأخذ
منحى مهماً في حياة المجتمعات العربية ،والذي بحاجة في نفس الوقت لتجديد
النظرة له ،فما لم يقم المثقف بتجديد نظرته لتراثه فال يمكنه القيام بدوره في
المجتمع ،يقول المنصف الوناس في عالقة المثقف بالتراث " وقد تكون عالقة
ليتمكن من السير في طريق يحقق له طموحاته ،كأن " يكون ذا نفس طويل " ،
صابراً ،ال تثبطه الظروف االجتماعية الصعبة أو عدم استجابة لمجتمع له ،
بمجرد أن تحدث أزمات ينسحب ألنه ال يستطيع تحملها ،مع التنويه على ،أن
الذي يبديها البعض لمثل هذه األوضاع ،ولكن هذا قدر من يحمل الوعي
إن حديث مثقفينا اليوم عن " دور المثقف " ،و" رسالته " حديث يخلط عادة
وضعيتهم الحقيقية في الواقع الفعلي .وحصيلة هذا الخلط هو وعي شقي لديهم
أو بأنظمة الحكم ،ولكن ما سيتم التركيز عليه هنا هو السلطة السياسية
الحاكمة ،فقد تكون السلطة أوسع من السلطة السياسية حيث السلطة االجتماعية
النظرية حيث السياسة العملية ،و يمكن أن يأخذ حديث السلطة السياسية عدة
أنحاء منها :األول وهو سلطة أنظمة الحكم والثاني " سلطة " األحزاب السياسية
والثالث " سلطة " المعارضة السياسية ،وبينما تكون أثر األولى على كافة
الشعب بصورة مباشرة تكون أثر " السلطتين " الثانية والثالثة على أتباعها
بصورة مباشرة وواضحة وقد يكون لها " سلطة " على اآلخرين من خارج
أتباعها ،وألن األحزاب السياسية والمعارضة السياسية ذات أثر أضعف في
العام للمجتمعات العربية يتمثل في مسائل عدة أهمها إدارة مؤسسات الدولة
ولكن قبل الدخول في مناقشة هذه المسألة هناك حاجة لتوضيح نقاط عدة :
ويمارس السياسة ،فالسياسة تتعلق بمسائل الدولة بصورة أشمل من أنها تتعلق
بالسياسيين وهم ليسوا داخل السلطة الحاكمة كالمعارضين ،أو أنهم من المحللين
السياسيين الذين ال يمارسون السياسة ،وما تؤكد عليه هذه الدراسة أن المراد
من السياسي هنا هو الذي في السلطة الحاكمة أو الذي ينتمي إليها أو يتبعها ،
وقد يكون هناك تعرض للسياسي الذي قد يكون معارضاً أو حزبياً ،إذا حدث أن
هناك انطباقاً في الفعل بين السياسي خارج السلطة والسياسي داخل السلطة أو
الثانية -هناك حالتان أساسيتان لكيفية النظر لعالقة السلطة – المثقف ،
األولى هي نظرة مثالية ،وهي تفترض أن تكون هناك عالقة طبيعية ال تخلو
من الصراع وكل طرف بحاجة لآلخر ،وأن المفروض أن يتعايشا ويتعاونا
لتحقيق الصالح العام بما فيه صالح الطرفين ،والثانية نظرة واقعية ،وهي ترى
أن ما هو واقع هو عدم وجود توافق بين المثقف وبين السلطة باعتبار تكوين
مثقف السلطة أي سلطة كانت هي عدم ممارسة النقد بصورة واسعة تجاه السلطة
التي ينتمي إليها أو يبرر ممارستها ،وإ ن وجدت فعادة ما تكون داخل أروقة
السلطة ذاتها ال تخرج عنها ،فهو بمجرد أن يكون مع السلطة كحال مؤيدي
السلطة وليس ضرورياً أن يكون موظفاً فيها فهو يقوم بالدور التبريري ألفعال
ومن هنا نرى أن مثقف السلطة يفقد مضمون المثقف ألنه يفقد مقوماً مهماً
من مقومات المثقف وهو النقد حيث يوصف بأنه موظف للسلطة ،وقد يتعدد
توجه مثقف السلطة السياسية فقد يكون دينياً أي ذو مرجعية دينية أو يكون
يؤديان وظيفة مهمة واحدة وهي التبرير ،ففي مثال النموذج األول هناك الفقهاء
والمفتون ومن ُيشغلون المناصب الدينية في الدولة كاإلفتاء أو في مؤسسات
عندما يشتغلون في داخل السلطة سواء كان عملهم إعالمياً كما في وزارات
اإلعالم والصحف والمجالت التابعة لها ،أو ثقافياً كما في وزارات الثقافة ،أو
تحديداً ،وهذا يعني أن المثقف يفتقد المصداقية واالستقاللية في الرأي ،إال أنه
يلزم التدارك هنا ،حيث أن من يشتغل في مناصب وبصورة أكثر تحديداً في
وظائف الدولة وال يمارس دوراً تبريرياً لما تقوم به السلطة يعتبر خارج عن هذا
هذا يقودنا إلى توضيح ما ذكرناه سابقاً عن تبعية المثقفين معيشياً أو
الناهية ،وإ ذا لم يهاجر المثقف أو كان ال يقدر على إقامة مشروع اقتصادي
خاص ،فإنه سيضطر على األرجح ألن يعمل لدى الدولة بشروطها االقتصادية
والسياسية ،أو يبقى عاطالً عن العمل .غير أن عمل المثقف لدى الدولة ال يفي
عندئذ بالضرورة أنه مؤيد للسلطة .فال نستطيع أن نحكم على المثقفين الموظفين
سلفاً ،وإ ن كان اإلغراء أحيانَاً ًَHقوياً ،والضغط أقوى ،واالنزالق كثير
االحتماالتH.
لدى الدولة التسلطية األمان االقتصادي ،وال األمان السياسي والثقافي ،الذي
يحتاجه كمثقف مستقل أو نقدي ،سواء كان يعمل لديها في أحد المجاالت الثقافية
أو يمارس نشاطاً ثقافياً باالرتباط مع عمله الوظيفي أو إلى جانب العمل الوظيفي
السياسية الحاكمة التي استحوذت على المجتمع بعد أن استحوذت على الدولة
أن المساحات Hالتي يستطيع المثقف االستقالل داخلها من دون أن يكون هناك
تأثير للسلطة السياسية على هذه المساحات Hقليلة جداً ،فمثالً هناك قلة من
ذاته فإن هذه القنوات الفضائية أتاحت لغيره االستفادة من ذلك ،فحتى من
يعملون في أجهزة استخبارات Hالدولة الذين ليس هدفهم حفظ الدولة بمكوناتها بل
همهم حفظ أمن النظام الحاكم يظهرون في هذه القنوات ويقومون بالتشكيك بما
يقوله المثقف وغير المثقف الذين ال يتفقون مع السلطة السياسية الحاكمة وترسيخ
ما تراه هذه ،بل استطاع نفس الحاكم أو الرئيس الظهور بنفسه وتوجيه ما يريد
يذهب عبد الرحمن منيف بعيداً في عالقة المثقف بالسياسي ،فهو يرى أن
واضحة أو حادة في فترات معينة ،خاصة في أزمنة الرخاء والصعود ،ما دام
السياسي قادراً على تسخير الثقافة لخدمة عمله اليومي ،وما دام المثقف متقبالً
القيام بمهمة اإلفتاء والتبرير والتسويغ ،إضافة إلى بروزه أيضاً من خالل
المنظمة السياسية.
أما إذا مارس المثقف حقه الديمقراطي بالنقد واالختالف ،أو لم يقم بالدور
الموكل إليه ،فعندئذ ال بد أن يقع الخالف بين الطرفين ،وغالباً ما يلجأ السياسي
ليس إلى معاقبة المثقف وحده بل ومعاقبة الثقافة أيضاً ،معتبراً إياها ترفاً أو
خياالً ،ألنها تعيق العمل السياسي وتخلق له الصعوبات ،ويركز بالمقابل على
أنه تتنازع المثقف مواقف أربعة رئيسية أحدها االلتحاق بالسلطة وقد سار عدد
كبير من المثقفين في هذا الطريق ولكن لعوامل ال تتعلق بالجبن واالنتهازية "
موقف االلتحاق بالسلطة من منظور خدمتها والعمل تحت إشرافها .وفي هذه
الحالة بتحول المثقف إلى موظف أو خبير فني يقدم خبرته للسياسي البيروقراطي
،لكن ليس له أي دور في إنضاج القرار أو المشاركة فيه ،إن على مستوى
الرأي العام أو على مستوى األحزاب أو الدولة .وقد سار قسم كبير من المثقفين
في هذا الطريق ألنه الوحيد الذي يضمن للكتلة األساسية البقاء والحد األدنى من
الرفاه المادي ،وربما الحماية الذاتية .وما حصل في المجتمعات العربية ال
يختلف عما كان يمكن أن يحصل في كل المجتمعات H.فال يتعلق هذا االلتحاق
بالجبن أو باالنتهازية وال يرتبط بمسألة أخالقية .إنه موضوع اجتماعي سياسي
ألنه يتعلق بظاهرة جماعية خارجة عن إرادة الفرد وقدراته الذاتية .
الثقافي العربي ،فإن المتطلع على الخطاب العربي المعاصر سيجد من ينادي
ويمكن أن نعتبر المفكر اللبناني علي حرب من المنادين إلى ذلك في كتابه
"أوهام النخبة" .إذ يرى بأن نموذج المفكر والمثقف صاحب المشاريع وصل إلى
أفوله وال بد من اقتراح مفهوم جديد للمثقف يرتكز على المستجدات الحديثة التي
وجدت أفكار على حرب صدى عند بعض الكتاب الشباب خاصة الباحثH
الجزائري القاطن في فرنسا محمد شوقي الزين.لخص هذا الباحث أفكاره حول
تقترب كثيرا من أفكار المفكر علي حرب فقط استبدل الباحث Hمصطلح النهاية
بالتناهي .فالتناهي حسب رأيه يجعل المثقف وقافا عند حدوده وطاقاته ،ويخول
حسب إدوارد ،يعد االختصاص حيلة من حيل السلطة ما دام المثقف يبقى
قابعا في مجاالته؛ إذ يتسنى للسلطة بهذا التوزيع التحكم في زمام األمور بطريقة
شاملة ،واألخطر بكثير أن تكون من العواقب الوخيمة لهذا االختصاص سقوط
المثقف في العقل الذري ،فال يفسر األشياء والعالم من منظور شمولي؛ بل يصبح
لهذا يدعو إدوارد صراحة المثقف أن يكون هاويا؛ أي أن يحشر أنفه في
كل األشياء كي يقلق ويخربط أالعيب السلط ،ليس المقصود من كون المثقف
هاويا ومتطفال تعالما ما ،بل المقصود من ذلك تسجيل حضور ،ألن الحضور
في بحث له بعنوان "ارث النهضة وأزمة الراهن" ،يتساءل المفكر المغربي
عبد اهلل العروي في إطار بحثه عن أزمة الراهن :هل عرف أي قطر عربي في
أي فترة من تاريخه حالة تسبيق المجتمع على الدولة؟ لنقل معه حالة توظف فيها
قدرات الدولة لتأسيس المجتمع على شكل يؤهله لالستغناء الحقا وبالتدريج عن
كثير من صالحيات الدولة؟ (انظر مقدمات ليبرالية ،المركز الثقافي العربي ،
.)2000
بعيدة ،حتى قبل أخطبوط الدولة التسلطية التي أكلت األخضر واليابس وأزهقت
أرواح البالد والعباد والتي يستفيض خلدون النقيب في رسم صورتها البشعة
والكريهة ،لم يعرف تلك الحالة ،وكل ما يملكه ،لنقل ،كل رصيده في العقود
بلغ ذروته في الحرب األهلية العربية التي انتهت بانتصار السلطة/الغول على
المجتمع وتجييره لحسابها ،بحيث أصبح المجتمع العربي شاهد زور لصالح
أدخل االثنان من الخرم الضيق لدولة شرق المتوسط حيث كان على الحداثة أن
تحل كحليف لها .وعلى مدى العقود الثالثة الماضية من قرننا المنصرم ،كان
جل ما تطمح إليه النخب المثقفة الجديدة كما يسميها هشام شرابي والتي بنيت
عليها آمال عراض في تحديث المجتمع العربي بكيفية شاملة ومسترسلة كما
كتب العروي ذات مرة ،هو عقدا اجتماعيا بصيغة مجازية ،على أمل أن يكون
شريعة للمتعاقدين.
دعا سعد الدين إبراهيم الذي قضى عقوبة في السجن مدتها سبع سنوات ،إلى
تجسير الفجوة بين المثقف واألمير .كانت الدعوة إلى تجسير الفجوة اقل بكثير
من مستوى العقد االجتماعي الذي تطمح إليه األمة .ولكنها كانت دعوة إلى
المصالحة بين المفكر وصناع القرار H.دعوة تجد طريقها إما على جسر ذهبي
يلتقي عليه المثقف واألمير أو فضي أو خشبي ،وعلى األغلب خشبي يزحف
عليه المثقف وهو مطأطئ الرأس باتجاه األمير داعيا له بالسالمة وطول البقاء.
كانت الدعوة الى تجسير الفجوة بين المثقف واألمير ،أو إلى عقد اجتماعي
يمهد إلى المصالحة ،قد تزامنت مع التحول على صعيد الخطاب العربي
المعاصر H،وأقصد التحول من الثورة غلى النهضة ،وقاد الحقا إلى تراجع
المثقف العربي الثوري الذي تشكل بتأثير خارجي والذي بنى عليه العروي آماال
كبيرة في عقلنة الماضي والحاضر بكيفية شاملة ومسترسلة .فكثر الحديث عن
أزمة المثقف وأوهام النخبة ونهاية الداعية وتراجع دور المثقف/النبي H...الخ.
وفي سياق هذا التحول قام بعض المفكرون العرب بإعادة اعتبار للمثقف
المبدئي الذي يقول كلمة الحق في وجه السلطة كما يرى ادوارد سعيد في "صور
وذات نزعة نقدية اجتماعية تشتغل باسم حقوق الروح كما يقول محمد أركون،
والتي ينتظر منها المجتمع العربي مهام محسوسة الن الحال العربية ال تحتمل
التأجيل H،وهذا ما يدعو إليه حليم بركات في كتابه (المجتمع العربي في القرن
الفدائي كما يسميه قسطنطين زريق أو المثقف المبدع كما يسميه حليم بركات.
لنقل عن دور كبير للمثقف في المشروع النهضوي الجديد الذي راح يبشر به
سياسي يرمي إلى إصالح الدولة وتحديث المجتمع العربي وتحرير المرأة ويلقي
كان إصالح الدولة يعني بالنسبة للمثقف االرتقاء بالدولة من دولة العصبية
إلى الدولة الحديثة ،دولة جميع المواطنين .وهذا يعني أن تكون الدولة في خدمة
أهداف المجتمع وليس العكس .وكان يعني هذا أن المثقف سوف يرتطم بصخرة
السلطة وامتيازاتها التي ال تعد وال تحصى .وهذا ما حصل بالفعل ،فعلى طول
المسافة التاريخية الممتدة من ستينيات القرن المنصرم إلى بداية القرن الحالي،
كانت "أزمة المثقفين" شاهدا باستمرار على أن السلطة العربية ال تقبل المشاركة
في صنع القرار وال في الحياة السياسية ،وان الديموقراطية المرفوعة كشعار ال
تزيد عن كونها لعبة بهدف خداع الجماهير H،وان الوطن ال يزيد عن كونه ملكية
عقارية للمؤسسة العسكرية والضباط األحرار ،كما يعلق أنور عبد الملك في
ينتهي إلى أنفاق مسدودة تفضي إلى الباحة الخلفية للسجن باعتباره العالمة
الفارقة لدولة شرق المتوسط على حد تعبير الروائي عبد الرحمن منيف ،التي
قامت باختراق المجتمع العربي وتجييره لصالحها Hوالحؤول دون كل عملية تغيير
من شأنها أن تمس امتيازات السلطة العربية التي عاهدت نفسها على الثبات ضد
خـــاتمـــــة:ـ
شهد التاريخ العربي المعاصر عدة أنماط لعالقات Hالمثقف ،منها خمسة
وعالقته بالغرب وعالقته بالدين وعالقته بذاته ،وتختلف اتجاهات Hهذه العالقات
من حيث أنها تارة تكون " إيجابية " وأخرى" سلبية " ،ففي عالقة المثقف
بمجتمعه ،تارة يعمل من أجل تطور المجتمع وتقدمه ويعتبر نفسه جزءاً من هذا
المجتمع ،وال يمكنه االنفصال عنه لحظة ،وأخرى ال يهتم بالمجتمع أو يرى أن
المجتمع ال يمكنه التقدم لمعوقات اجتماعية ذاتية ،أو قد يالقي ما ال يحبذه من
المجتمع فيتخذ خيار العزلة ،فيترك االهتمام بالمجتمع ويصب كل اهتمامه بنفسه
،وفي عالقته بالسلطة السياسية ،تارة يكون موظفاً لدى السلطة سواء أكان
يعمل في الجانب اإلعالمي لها أو الجانب " Hاالستشاري " أو في أحيان أقل
الوصول لمنصب رفيع في نظام الحكم ،وأخرى يعمل خارج السلطة السياسية ،
وقد يكون معارضاً وقد تصل حالة المعارضة قيام السلطة باغتياله في أسوء
الحاالت. H
وفي عالقة المثقف بالغرب ،تارة يكون داعية للغرب وثقافته أو بصورة
نادرة جداً يعمل ضمن حكومات دول غربية توصف عالقة هذه الدول
شعوب هذه المجتمعات التي يعيش فيها ضد الغرب وضد أنظمة الحكم أو
تجده إما مع الدين وأحياناً يصل في مواقفه مدافع عن السلطات الدينية وما
ٍ
منضو تحتها ،وتارة أخرى يقف موقفاً معادياً للدين ولكل تسيطر عليه أو
تجليات المسألة الدينية في المجتمع ،وفي عالقة المثقف بذاته ،تارة يعلي من
شان المثقف والدور الذي يقوم به والدور الموكل له ،وأخرى يحاول قتل هذا
المثقف بقتل دوره والحكم على هذا الدور باإلعدام ..وال حاجة للتأكيد من أن
عرض نماذج العالقات Hالسابقة للمثقف ليس على أساس أنها القاعدة بل هو
قائمة المراجع:
.128-127
?http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php
http://www.cihrs.org/periodicals/Sawasiah/A_45- ،45-45
46/Sawasiah_A_45-46_16-17.htm
ونوس أنية الوقائع ،مجلة فصول ،المجلد السادس عشر ،العدد األول ،الهيئة
الحديث H،مجلة األقالم ،عدد خاص من المسرح العربي المعاصر H،العدد ،6بغداد
.1980
.20سعد اهلل ونوس ،بيانات لمسرح عربي ،دار الفكر الجديد ،بيروت
.1988
.21سعد اهلل ونوس ،الملك هو الملك ،دار األدب ،ط .2002 ،5
.1984 ،3
.25د .فاضل خليل ،سعد اهلل ونوس الملك هو الملك أنموذجا ،المسرح
،25/7/2002شبكة سوريانا،
?http://www.souriana.com/modules/news/print.php
storyid=474
.27نديم معال ،يوم من زماننا لسعد اهلل ونوس شهادة على الراهن،