Professional Documents
Culture Documents
من بين كل تلك األسماء والشخصيات التي برزت في الساحة الفكرية والعلوم الفلسفية على مر تاريخ البشرية ،هناك
ثلة قليلة منهم بلغت ذروة المجد وقمة الشهرة ،ومن بين تلك القلة القليلة هناك السبعة الحكماء الذين بقيت أسماؤهم
حية على مر التاريخ ،فمن هم الحكماء السبعة؟ وكيف كانت حياتهم؟ وما هي فلسفتهم وأهم آرائهم؟
الترايخ ليس هو أن نتحدث عن الملوك والحروب ،والجيوش والدماء فقط ،بل تاريخ اإلنسانية هو أن نقف على مفاخر
البشرية وإنجازاتها العظيمة ،و أن نعرف شيئا عن كبار رجاالتها ،وأهم إبداعاتهم وأفكارهم ،فتعالوا بنا نقف اليوم على
.أعتاب علم الحكمة والفلسفة ،وأن نقطف بعضا من أقوال الفالسفة وآرائهم ،وأن نتعرف على تاريخهم وحياتهم
سنتحدث في هذا المقال عن الحكماء السبعة ،الذين خصص لهم الشهرستاني في كتابه الملل والنحل فصال كامال ،ولكن
الشهرستاني ركز فقط على آرائهم وأفكارهم ،وأقوالهم في الذات العلية ،ولم يلتفت كثيرا لحياتهم وسيرتهم ،وأنا إذ
أنطلق من كتاب الشهرستاني ،فإنني لن أقتص على ما اقتصر عليه ،بل سأضيف بعض المعلومات المهمة والمفيدة عن
.تاريخ هؤالء الحكماء السبعة ،فلننطلق في رحلتنا هاته لنكتشف أصول الفلسفة وكبار منظريها
:تاليس الملطي 1-
أول أوالئك الحكماء ومبتدع طريقتهم هو تاليس الملطي ،ويكتب البعض اسمه طاليس ،ولقد عاش في الفترة ما بين
624و 546قبل الميالد ،وهو عالم يوناني ،أصله من ملطة ،الجزيرة المعروفة ،فيلسوف وعالم رياضيات ،ومتضلع
في علوم الفلك ،حتى إنه استطاع التنبؤ بكسوف الشمس الكامل الذي حدث سنة 585قبل الميالد ،وتمكن من تحديد يوم
.وقوعه بدقة ،وهو يوم 28من أيار
من هم الحكماء السبعة؟ وكيف كانت حياتهم؟ وما هي فلسفتهم وأهم آرائهم؟ ⋆ التاريخ | سين و جيم
وينتمي تاليس إلى المدرسة األيونية ،وهي مدرسة فلسفية تمركزت بمدينتي ساموس واإلسكندرية ،وتميزت بشعرائها
وكتابتهم عن الحب واإلهداء وغيرها من األدبيات الشعرية ،ولقد استقت تسميتها من مدينة أيونية ،وهي مدينة إغريقية
.قديمة
ولقد تأثر تاليس المالطي بمجموعة من الفالسفة وعلماء الرياضيات اإلغريقيين واليونانيين ،وعلى رأسهم
.أناكسيماندر ،وأناكسيمانس
عاش أنكساغورس في الفترة ما بين 500و 428قبل الميالد ،وينتمي إلى أسرة واسعة الثراء ،ومع ذلك فإن ثراء
.أسرته لم يشغله عن العلم وطلب المعرفة
ولد بقرية كالزوميني ،وهي محاذية لمدينة أزمير ،ثم رحل إلى أثينا ،وكان عامال هاما في نشر الفلسفة بها ،وشخصية
.بارزة في الحركة الفكرية التي شهدتها أثينا واليونان بشكل عام
ولقد اتهمه بعض خصومه باإللحاد ،والمقصود بذلك عندهم أنه قال بأن الشمس جرم ملتهب ،وأن على القمر جبال
ووديانا كما هي على األرض ،وأن الكواكب األخرى شبيهة باألرض ،استنادا إلى األحجار المتساقطة من السماء ،وهذا
كالم غير مقبول عند اليونانيين ،لكونهم يعتقدون بأن الكواكب آلهة ،وليست مجرد أجرام عادية ،ولقد حكم عليه بناء
على تلك التهم بالموت ،إال أنه نجا بفضل تدخل صديقه بركليس ،وهو زعيم سياسي واسع النفوذ ،ثم فر بعدها إلى
.مصر ،وجاب عدة أقطار ،ثم آب في األخير إلى بلدته ومسقط رأسه كالزوميني ،وبها توفي
:وأما بالنسبة لرأيه في أصل األشياء فقد أورد عنه الشهرستاني أنه قال
!".إن أصل األشياء جسم واحد موضوع الكل ،ال نهاية له ،ومنه تخرج كل األجسام واألنواع واألوصاف”
:أنكسيمانس 3-
أنكسيمانس واحد من الفالسفة الملطيين ،عاش في الفترة ما بين 588و 525قبل الميالد ،ويعتبر واحدا من آخر
الفالسفة الذين يمثلون المدرسة اإليونية ،وهو فيلسوف وعالم في الرياضيات والفلك ،من تالميذ أناكسيماندر ،ومتأثر
بأفكار ونظريات تاليس الملطي ،ولكنه يختلف معه في كون المادة األصلية التي يرجع إليها الكون ونشأ منها هي الهواء
.وليس الماء كما قال تاليس
.مولده ووفاته بميليونس ،وهي مدينة قديمة بآسيا الصغرى ،وتدعى اليوم بأالتا
ومن أبرز آرائه أنه اعتقد بأن الهواء بعد تكثيفه يمكن أن يرى ،وقال بأن الماء عبارة عن هواء بلغ حالة من التكثيف،
! وكذلك التراب ،وقال بإمكانية تحويل الهواء إلى تراب بعد تكثيفه ،وتحويل التراب إلى هواء بعد تقليل كثافته
:أنباقليدس 4-
فيلسوف يوناني ،هو أول الحكماء الخمسة عند العالمة القفطي ،بينما عده الشهرستاني رابع الحكماء السبعة ،عاش في
الفترة ما بين 490و 319قبل الميالد ،وهو من كبراء الفلسفة والحكمة،
".دقيق النظر في العلوم ،رقيق الحال في األعمال”
ويقال بأنه كان معاصرا لنبي هللا داود عليه السالم ،رحل إليه ولقيه وأخذ عنه العلم والحكمة ،ويحكى أيضا أنه سافر
.إلى لقمان الحكيم واقتبس منه ونهل من معين حكمته ومعارفه
.ولقد ارتبط بحياته وموته الكثير من األساطير ،ومن أهم أعماله كتابان :كتاب في الطبيعة ،وكتاب في التطهير
:ومن أفكاره التي تحدث عنها الشهرستاني قوله
إن العالم مركب من العناصر األربعة" ،وقال أيضا ” :الهواء ال يستحيل نارا ،وال الماء هواء ،وإنما ذلك بتكاثف ”
وتخلخل ،وبكمون وظهور ،وتركيب وتحلل ،وإنما التركب في الم ركبات بالمحبة يكون ،والتحلل في المتحلالت بالغلبة
!".يكون
.فهو يرجع جل الظواهر إما للمحبة أو الغلية
:فيثاغورس 5-
فيثاغورس فيلسوف وعالم رياضيات يوناني األصل ،عاش في الفترة ما بين 560و 495قبل الميالد ،كان شغوفا
باألرقام ،شديد الحب للرقم عشرة على وجه التحديد ،ولولعه بالرياضيات قال بأن األرقام هي مبدأ كل شيء ،وكان له
.فضل كبير في تطور علم الرياضيات والهندسة ،وال زالت بعض نظرياته تدرس إلى يومنا هذا
جعل حياته حكرا على دراسة الحكمة وخدمة أتباعه ،وعاش معهم حياة زهد وتقشف ،وتمثل زهدهم في ليس الثياب
.البيضاء خاص ،وعدم أكل اللحوم ،وممارس الرياضات الروحية
:ويقول الشهرستاني عن رأيه في األرقام والعدد
إن لفيثاغورس رأيا في العدد والمعدود قد خالف فيه جميع الحكماء قبله… وقال :مبدأ الموجودات هو العدد ،وهو ”
-”.أول مبدع أبدعه الباري -تعالى
:سقراط 6-
هو واحد من الفالسفة اليونانيين المشهورين ،واسمه يتردد على كل األلسنة ،حتى إن عوام الناس يعرفون هذا االسم،
.ويوظفونه في بعض محادثاتهم
ولد سقراط وترعرع في أثينا ،وعاش في الفترة ما بين 469و 399قبل الميالد ،ويعد أحد أبرز مؤسسي الفلسفة
.اليونانية خاصة ،والفلسفة الغربية على وجه العموم ،كما يعتبر لدى البعض مؤسسا لعلم األخالق
رهن حياته ووقته للعلم والتدريس ،ومن أبرز تالميذه أفالطون ،وزينوفون ،وسقراط ،ولم تصلنا أعماله المباشرة،
ولكن التاريخ حفظ لنا جزءا من آثاره وأفكاره من خالل ما ألفه تالميذه عنه ،وبخاصة حوارات كل من أفالطون
وزينوفو ن ،ولقد كان معاصرا لمرحلة أفول نجم أثينا وانهيار حكمها ،إثر هزيمتها في معركة البلوبونيز ضد
.االسبرتيين ،ولقد أشرنا إليها في مقالنا عن أهم المؤرخين القدامى
وأما بالنسبة لوفاته فإنه قد مات منتحرا بالسم ،بعد أن أجبر على شربه ،إثر محاكمة قضت بموته ،ولقد وصف
.زينوفون تلك المحاكمة واللحظات األخيرة من حياة سقراط في حواراته
:ويقول الشهرستاني في حقه
الحكيم الفاضل الزاهد… كان قد اقتبس الحكمة من فيثاغورس وأرساالوس ،واقتصر على اإللهيات واألخالقيات… ”
".نهى الرؤساء عن الشرك وعبادة األوثان فثوروا عليه العامة وألجأوا ملكهم إلى قتله ،فحبسه الملك ،ثم سقاه السم
.عندما قتشت عن علة الحياة ألفيت الموت ،وعندما وجدت الموت ألفيت الحياة الدائمة
.للحياة حدان؛ أحدهما األمل ،والثاني األجل ،فباألول بقاؤها وباآلخر فناؤها
:أفالطون 7-
:وأما بالنسبة لهذا الفيلسوف الشهير فقد عرفه الشهرستاني بقوله
".أفالطون بن أرسطن بن أرسطوقليس ،من أثينة ،وهو آخر المتقدمين األوائل األساطين ،معروف بالتوحيد والحكمة”
عاش أفالطون في الفترة ما بين 427و 347قبل الميالد ،وكان اسمه في البداية هو ارستوكليس بن أرسطن ،ثم
اشتهر بأفالطون ،وتعني في اللغة اإلغريقية عريض المنكبين ،وذا بسطة في الجسم ،تتلمذ على يد سقراط ،وبعد وفاة
.معلمه قام مقامه وجلس على كرسيه يدرس الفلسفة وسائر العلوم التي برع فيها من رياضيات وفلك وغيرها
.ولقد خلف الكثير من التالميذ الذين حملوا مشعل الفلسفة من بعده ،ومن أشهرهم أرسطو
وأهم األعمال التي خلفها كتاب الجمهورية المعروف بجمهمورية أفالطون ،وكتاب الشرائع ،وهو المسمى النواميس،
.ومحاوراته الكثيرة
:وينقل الشهرستاني عن كتاب النواميس قول أفالطون
".إن من األشياء التي ال ينبغي لإلنسان أن يجهلها :أن له صانعا ،وأن صانعه يعلم أفعاله”
أولئك هم الحماء السبعة ،وتلك نتف من آرائهم وأقواهم ،ولعلك تجدها كما وجدتها غريبة أحيانا ،تدفعنا للتساؤل
.والتأمل ،وتحتم علينا التوقف للتفكير مليا قبل إصدار أية أحكام
الزير اسطورة العرب
معلومات عن العضو 17:52 - 2020/09/05 أضف رد سريع رد على الموضوع بإضافة نص هذه المشاركة
بإقتباس لهذا الرد