Professional Documents
Culture Documents
ولد أفالطون في أثينا عام 427قبل الميالد .ووفًق ا للكاتبة جوليا أناس فإن “اسم “أفالطون” هو
اسم مستعار واسمه الحقيقي أريسطوقليس .واسم جده أريسطوقليس وكان شائًع ا وقتئذ أن يسمى
االبن على اسم جده من أبيه” “ .”1ومعنى “أفالطون” هو عريض الِمنَك َب ْين.
عندما بلغ حوالي العشرين عاًما أصبح تلميًذ ا لسقراط أبو الفلسفة الغربية .في عام 399قبل
الميالد ،حوكم سقراط بتهمة إفساد شباب أثينا وُأِدين ،وأدى به هذا إلى االنتحار .وكان لسقراط
تأثير على أفكاره وفلسفته .استغل أفالطون شخصية وأفكار سقراط بشكل رئيس حيث إنه
استخدمه كشخصية مركزية في كل حواراته الفلسفية (.)Dialogues
تخلى عن جميع أفكار الحياة السياسية بعد انتحار سقراط ،وكرس نفسه للفلسفة .سافر حول البحر
األبيض المتوسط ،ودرس الفلسفة والهندسة والدين وعلوم عصره .عاد أفالطون إلى أثينا في
عام 387ق .م .لتأسيس أكاديميته وكان الهدف منها تثقيف أفراد المجتمع اليوناني فلسفًيا .سميت
األكاديمية “الجامعة األوروبية األولى” ،حيث ليست الفلسفة فقط هي التي كانت تدرس فيها،
ولكن جميع العلوم المعروفة وقتئذ.
قيل إن أفالطون نفسه ألقى العديد من المحاضرات في األكاديمية .وكان أرسطو ،معلم البشرية
األول ،من بين أشهر طالب األكاديمية ،الذي ذهب الحًق ا لتأسيس مدرسته الخاصة “ليسيوم”.
وكانت أكاديمية أفالطون تعلم نبالء مدينة أثينا لعدة قرون متفوقة معظم المدارس الفلسفية الرئيسة
في العالم الغربي.
المحاورات ()Dialogues
تأخذ معظم كتابات أفالطون الفلسفية شكل حوارات أو مناظرات .ويبلغ عدد جميع الحوارات التي
كتبها أفالطون اثنين وأربعين حواًر ا .وُيعتقد أن هذا العدد فقط من الحوارات هو كل ما كتبه” .
ُك تَب ت هذه الحوارات للعامة (على عكس النخبة في أكاديميته) من أجل اهتمامهم بالفلسفة” (تايلور
.)10إن حوارات أفالطون هي مناقشات فلسفية بين فردين أو أكثر وتركز هذه المناقشات على
مواضيع مثل العدل والصداقة الفضيلة.
دور الفلسفة بالنسبة ألفالطون هو االرتفاع بالروح إلى المستوى الذي يمكنها من االنسجام مع
عالم المعقوالت الخالدة وهو العالم الذي سبق لها العيش فيه قبل سقوطها على األرض .في
محاورة “الندوة” ( ،)Symposiumيميز أفالطون بين نوعين من الحب ( )Erosوهما :اإليروس
الدنيء( )Vulgarواإليروس اإللهي ( .)Divineواإليروس الدنيء هو انجذاب جنسي نحو جسد
مادي والحافز فقط هو المتعة
والتكاثر .بينما اإليروس اإللهي هو تحول هذا المفهوم من اإلله إيروس الحًق ا إلى مصطلح الحب
األفالطوني ،أي إن أفالطون نفسه لم يستخدم هذا المصطلح.
محاورات أفالطون ليست مجرد أعمال فلسفية عظيمة؛ بل تعتبر أعمااًل أدبية عظيمة كذلك.
فالحوارات مكتوبة بعناية وبالغة .تختلف الطريقة المحددة التي يستخدم بها شخصية سقراط إلى
حد ما خالل الفترات المختلفة التي كتب فيها أفالطون.
في الباب السابع من كتابه “الجمهورية” ،يروي أفالطون أسطورة الكهف على لسان معلمه
“سقراط” .وهي ترمز إلى أن النفس اإلنسانية مثل أشخاص مقيدين بسالسل في كهف ،وخلفهم
نار ملتهبة تضيء األشياء وتطرح ظاللها على السور الذي أمامهم فهم ال يرون األشياء الحقيقية،
بل يرون ظاللها المتحركة ،ويظنون أنها هي الحقائق .وإذا خرج أحدهم ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻬﻒ يعرف ﺃﻥ
ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺑﺪﺍﺧﻠﻪ وإن هذه األشياء ما هي إال ﻇﻼﻝ لألشياء التي
تقع خارج الكهف .وإذا أراد الشخص الذي خرج من الكهف أن يخبر األشخاص الذين في الكهف
ﻭيعلمهم أنهم يعيشون أوهاًما سيكذبونه ﺑﻞ وسيريدون الفتك به.
“فالكهف في هذه األسطورة هو العالم المحسوس ،والظالل هي المعرفة الحسية ،واألشياء الحقيقية
التي ُتْح دث خارج هذه الظالل هي الُم ُثل ،ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺴﺠﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﻗﻴﻮﺩﻩ ﻭﺍﻟﺼﻌﻮﺩ
ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻜﻬﻒ ،إنما ﻳﺮﻣﺰ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ””2“ .
يستخدم أفالطون أيًض ًا أسطورة الكهف من ناحية فلسفية .الناس الذين يجب أن يحكموا هم فقط
الذين لديهم المقدرة للخروج من الكهف ورؤية الواقع الحقيقي (عالم المثل) .والجدير بالذكر أن
أفالطون كان ضد الواقع السياسي في أثينا .كان يعتقد أن الناس المميزين هم وحدهم من يصلحون
للحكم .أي أن الحاكم المثالي هو الملك-الفيلسوف ،ألن الفالسفة هم وحدهم لديهم القدرة على رؤية
عالم الُمثل .يحاجج أفالطون بأنه فقط عندما يعتلي الفيلسوف العرش ،سيتمكن المواطنون
بالخروج من الكهف ورؤية ضوء الشمس.
“أي فلسفة بعد أفالطون ما هي إال مجرد هوامش على أعماله الكبيرة”