You are on page 1of 8

‫امرؤ القيس‬

‫م‬ ‫امرؤ القيس بن حجر الكندي واسمه ُح ندج (‪520‬‬


‫أن أبا عبيد سئل في خير الشعراء‬ ‫‪ 565 -‬م) شاعر وفارس عربي إذ روى األصمعي‬
‫فقال ‪":‬امرؤ القيس إذا ركب واألعشى إذا طرب وزهير إذا رغب والنابغة إذا رهب أحد أشهر‬
‫شعراء العصر الجاهلي رأس الطبقة األولى من الشعراء العرب والتي تشمل زهير بن‬
‫أبي سلمى والنابغة الذبياني واألعشى وأحد أصحاب المعلقات‬
‫المشهورة كان من أكثر شعراء عصره خروجًا عن نمطية التقليد‪ ،‬وكان سباقًا إلى‬ ‫السبع‬
‫العديد من المعاني والصور‪ .‬وامرؤ القيس صاحب أوليات في التشابيه واالستعارات وغير قليل‬
‫من األوصاف والملحات إذ كان أول من بكى وتباكى وَش َّب َه النساء بالظبيان البيض وقرون‬
‫الماعز بالعصي‬

‫نسبه‬
‫المرار) اِلكندي وَلُه ثالث كنى وهي‪:‬‬ ‫حندج بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر (آكل‬
‫أبو وهب وأبو الحارث وأبو زيد‪ .‬اشتهر بلقب إمرئ القيس ومعناه " رجل الشدة لقبه الرسول‬
‫وتوفي‬ ‫بالملك الضليل وعرف بذي القروح إلصابته بالجدري خالل عودته من القسطنطينية‬
‫عرفت في النصوص القديمة ب"أعراب سبأ"‪ .‬أقاموا مملكة‬ ‫بسببه وكندة قبيلة يمنية‬
‫بلغت أوجها في القرن الخامس للميالد وولد في نجد في اليمامة عند‬ ‫في نجد والبحرين‬
‫وهي فاطمة بنت‬ ‫أخواله من بنوتغلب إذ قيل أن أمه كانت أخت المهلهل بن ربيعة‬
‫ربيعة وقيل أن أمه تملك بنت عمرو الزبيدية من مذحج‬
‫والدته‬

‫سنة ‪ 520‬م‬ ‫يذهب لويس شيخو إلى أن امرأ القيس ولد في نجد‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬يذكر صاحب الروائع أن والدته سنة ‪500‬م وعّلق على ما قاله شيخو بصدد تاريخ والدته‬
‫قائًال‪ :‬قد رجعنا‪...‬ما يذكره مؤرخو الروم عن شاعرنا‪ ،‬وقارنا بين حوادث حياته وماجرى‬
‫على عهده في البالد العربية‪ .‬فرأينا أن نأخذ برأي دي برسفال الجاعل والدته حول سنة ‪500‬‬
‫م ووفاته حول ‪ 540‬م‪.‬‬

‫نشأته‬
‫مقالة مفصلة‪ :‬مملكة كندة‬ ‫‪‬‬

‫ونشأ مياال إلى الترف واللهو شأن أوالد الملوك وكان يتهتك في غزله ويفحش في‬ ‫ولد في نجد‬
‫سرد قصصه الغرامية وهو يعتبر من أوائل الشعراء الذين ادخلوا الشعر إلى مخادع‬
‫سلك امرؤ القيس‬ ‫النساء كان ماجنا كثير التسكع مع صعاليك العرب ومعاقرا للخمر (‪520‬‬
‫في الشعر مسلكًا خالف فيه تقاليد البيئة‪ ،‬فاتخد لنفسه سيرة الهية تأنفها الملوك كما يذكر ابن‬
‫حيث قال‪ :‬كان يسير في أحياء العرب ومعه أخالط من شذاذ العرب من طيء وكلب‬ ‫الكلبي‬
‫وسقاهم‬ ‫وبكر بن وائل فإذا صادف غديرًا أو روضة أو موضع صيد أقام فذبح وشرب الخمر‬
‫وتغنيه قيانة‪ ،‬اليزال كذلك حتى يذهب ماء الغدير وينتقل عنه إلى غيره‪ .‬التزم نمط حياة لم‬
‫بين أعمامه وبني قومه أمال في تغييره‪.‬‬ ‫يرق لوالده فقام بطرده ورده إلى حضرموت‬

‫لكن حندج استمر في ما كان عليه من مجون وأدام مرافقة صعاليك العرب وألف نمط حياتهم‬
‫من تسكع بين أحياء العرب والصيد والهجوم على القبائل األخرى وسبي متاعها‪.‬‬

‫وقال ابن قتيبة‪ :‬هو من أهل كندة من الطبقة اُالولى‪ .‬كان يعّد من عّشاق العرب‪ ،‬ومن أشهر من‬

‫أحب هي فاطمة بنت العبيد التي قال فيها في معّلقته الشهيرة[‪: ]7‬‬

‫أفاطم مهًال بعض هذا التدلل‪ ...‬وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي‬

‫وإن تك قد ساءتك مني خليقٌة ‪ ...‬فسلي ثيابي من ثيايك تنسل‬

‫أغرك مني أن حبك قاتلي‪ ...‬وأنك مهما تأمري القلب يفعل‬

‫وأنك قسمت الفؤاد فنصفه‪ ...‬قتيٌل ونصٌف بالحديد مكبل‬

‫وما ذرفت عيناك إال لتضربي‪ ...‬بسهميك في أعشار قلب مقتل‬

‫وبيضة خدٍر ال يرام خباؤها‪ ...‬تمتعت من لهو بها غير معجل‬

‫تجاوزت أحراسًا إليها ومعشرًا‪ ...‬علي حراصًا لو يسرون مقتلي‬

‫إذا ما الثريا في السماء تعرضت‪ ...‬تعرض أثناء الوشاح المفضل‬

‫فجئت‪ ،‬وقد نضت لنوم ثيابها‪ ...‬لدى الستر إال لبسة المتفضل‬

‫فقالت يمين هللا‪ ،‬ما لك حيلٌة ‪ ...‬وما إن أرى عنك الغواية تنجلي‬

‫خرجت بها أمشي تجر وراءنا‪ ...‬على أثرينا ذيل مرٍط مرحل‬
‫ديانته‬
‫كان دين امرئ القيس الوثنية وكان غير مخلص لها‪ .‬فقد روي أنه لما خرج لألخذ بثأر أبيه مر‬
‫بصنم للعرب تعظمه يقال له ذو خلصة‪ .‬فاستقسم بقداحه وهي ثالثة‪ :‬اآلمر والناهي‬
‫والمتربص‪ .‬فأجالها فخرج الناهي‪ .‬فعل ذلك ثالثًا فجمعها وكسرها‪ .‬وضرب بها وجه الصنم‪.‬‬
‫وقال‪" :‬لو كان أبوك قتل ما عقتني‬

‫موت والده‬
‫أعظم األثر على حياته ونقلة أشعرته بعظم‬ ‫كان لموت والده حجر على يد بني أسد‬
‫المسؤولية الواقعة على عاتقه‪ .‬رغم أنه لم يكن أكبر أبناء أبيه‪ ,‬إال أنه هو من أخذ بزمام األمور‬
‫وعزم االنتقام من قتلة أبيه إلنه الوحيد الذي لم يبكي ويجزع من إخوته فور وصول الخبر‬
‫إليهم يروى أنه قال بعد فراغه من اللهو ليلة مقتل أباه على يد بني أسد‪ :‬ضيعني صغيرا‪,‬‬
‫وحملني دمه كبيرا‪ .‬ال صحو اليوم وال سكر غدا‪ .‬اليوم خمر وغدا أمر أنشد شعرا وهو في‬
‫دمون (واد في شرق اليمن) قال فيه‬

‫تطاول الليل علينا دمون *** دمون إنا معشر يمانون‬

‫وإنا ألهلنا محبون‬

‫فلبس رداء الحرب في اليوم التالي وإتجه صوب بني أسد فخافوا منه وحاولوا استرضاءه إال‬
‫أنه لم يرض وقاتلهم حتى حتى أثخن فيهم الجراح وفاحت رائحة الجثث‪ .‬وذكر الكلبي‪ :‬أن امرأ‬
‫القيس أقبل براياته يريد قتال بني أسد حين قتلوا أباه‪ ،‬فمر بتبالة وبها ذو الخلصة (صنم من‬
‫أصنام العرب) وكانت العرب تستقسم عنده‪ ،‬فاستقسم فخرج القدح الناهي‪ ،‬ثم الثانية‪ ،‬ثم الثالثة‬
‫كذلك‪ ،‬فكسر القداح وضرب بها وجه ذي الخلصة وقال‪ :‬عضضت بأير أبيك لو كان أبوك‬
‫أن إمرؤ‬ ‫المقتول لما عوقتني‪ .‬ثم أغار على بني أسد فقتلهم قتال ذريعا‪ .‬ويروي اليعقوبي‬

‫فصاح قائال‪ " :‬ياللثارات"‬ ‫القيس قصد بني أسد في أول األمر ولكنه أوقع بــقوم من بني كنانة‬
‫مزهوا بما ظنه ثأرا من قتلة أبيه‪ .‬فأجابه القوم‪ " :‬وهللا ما نحن إال من كنانة "‪ .‬فأنشد قائال ‪:‬‬

‫أال يا لهف نفسي‪ ،‬بعد قوم***هم كانوا الشفاء‪ ،‬فلم يصابوا‬

‫وقاهم جدهم ببني أبيهم *** وباألشقين ما كان العقاب‬

‫وأفلتهن علباء جريضًا *** ولو أدركنه صفر الوطاب‬

‫قائال‪:‬‬ ‫وحينها أنشد قاتل أبيه عبيد بن األبرص األسدي‬


‫يا ذا المعيرنا بقتل*** أبيه إذالًال وحينا‬

‫أزعمت أنك قد قتلت*** سراتنا كذبًا ومينا‬

‫هال على حجر بن أم*** قطام تبكي ال علينا‬

‫إنا إذا عض الثقاف*** برأس صعدتنا لوينا‬

‫نحمي حقيقتنا‪ ،‬وبعض*** القوم يسقط بين بينا‬

‫وفي هذا يقول أيضًا في قصيدة له طويلة‪:‬‬

‫يا أيها السائل عن مجدنا *** إنك مستغبى بنا جاهل‬

‫إن كنت لم تأتك أنباؤنا *** فاسأل بنا يا أيها السائل‬

‫سائل بنا حجرًا‪ ،‬غداة الوغى *** يوم يؤتى جمعه الحافل‬
‫يوم لقوا سعدًا على مأقط *** وحاولت من خلفه كاهل‬

‫فأوردوا سربًا له ذبًال *** كأنهن اللهب الشاعل‬

‫وأقام بها زمانا يطلب مددا من قومه‪ .‬فجمع جمعا‬ ‫وإتجه إمرؤ القيس إلى اليمن‬
‫أمده بهم الملك ذي جذن الحميري‪ .‬فأتجه صوب بني أسد بذلك الجمع‬ ‫من حمير ومذحج‬
‫أسد‪ .‬حينها أنشد الشاعر قائال مزهوا‬ ‫وانتقم من قاتل أبيه وذبح عمرو بن األشقر سيد بني‬
‫بنصره [‪:]8‬‬

‫قوال لدودان نجد عبيد العصا *** ما غركم باألسد الباسل‬

‫قد قرت العينان من مالك *** ومن بني عمرو ومن كاهل‬

‫ومن بني غنم بن دودان إذ *** نقذف أعالهم على السافل‬

‫نطعنهم سلكى ومخلوجة *** لفتك ألمين على نابل‬

‫إذ هن أقساط كرجل الدبى *** أو كقطا كاظمة الناهل‬

‫حتى تركناهم لدى معرك *** أرجلهم كالخشب الشائل‬

‫حلت لي الخمر وكنت أمرأ *** عن شربها في شغل شاغل‬

‫فاليوم أسقى غير مستحقب *** إثما من هللا وال واغل‬


‫نهاية حياته‬
‫لم تكن حياة امرؤ القيس طويلة بمقياس عدد السنين ولكنها كانت طويلة وطويلة جدا بمقياس‬
‫تراكم اإلحداث وكثرة اإلنتاج ونوعية اإلبداع‪ .‬لقد طوف في معظم إرجاء ديار العرب وزار‬
‫كثيرا من مواقع القبائل بل ذهب بعيدا عن جزيرة العرب ووصل إلى بالد الروم‬
‫ونصر واستنصر وحارب وثأر بعد حياة مألتها في البداية باللهو والشراب‬ ‫إلى القسطنطينية‬
‫ثم توجها بالشدة والعزم إلى أن تعب جسده وأنهك وتفشى فيه وهو في أرض الغربة داء‬
‫بعينه فلقي حتفه هناك في أنقرة في سنة ال يكاد يجمع على تحديدها‬ ‫كالجدري أو هو الجدري‬
‫المؤرخون وان كان بعضهم يعتقد أنها سنه ‪540‬م‪ ،‬وقبره يقع اآلن في تلة هيديرليك بأنقرة‬
‫لقد ترك خلفه سجال حافال من ذكريات الشباب وسجال حافال من بطوالت الفرسان وترك مع‬
‫هذين السجلين ديوان شعر ضم بين دفتيه عددا من القصائد والمقطوعات التي جسدت في‬
‫تاريخ شبابه ونضاله وكفاحه‪ .‬وعلى الرغم من صغر ديوان شعره الذي يضم اآلن ما يقارب‬
‫مئة قصيدة ومقطوعة إال أنه جاء شاعرًا متميزًا فتح أبواب الشعر وجال المعاني الجديدة ونوع‬
‫اإلغراض واعتبره القدماء مثاال يقاس عليه ويحتكم في التفوق أو التخلف إليه‪.‬‬

‫ولذلك فقد عني القدماء بشعره واحتفوا به نقدًا ودراسة وتقليدًا كما نال إعجاب المحدثين‬
‫والمستشرقين‪ ،‬فأقبلوا على طباعته منذ القرن الماضي‪ ،‬القرن التاسع عشر‬ ‫من العرب‬
‫[‬
‫وغيرها من البلدان التي تهتم بشؤون الفكر والثقافة‬ ‫في سورية ومصر وفرنسا وألمانيا‬
‫‪]4‬‬

You might also like