You are on page 1of 4

‫المحاضرة األولى‪ :‬تعريف الفلسفة‬

‫مدخل‪:‬‬
‫إن الحديث عن الفلسفة ال يرتبط حص ار بالحضارة اليونانية‪ ،‬ألن الفلسفة جز م ززن حضززارة ز‬
‫أ ة‪ .‬وعمو ا‪ ،‬فالسؤال الفلسفي قديم قدم اإلنسان ذاته‪ ،‬حيث لم يكن مكنا أن يعيش اإلنسان األول‬
‫بدون أن يتسامل عن الكون وعززن يعيهتززه‪ ،‬وعززن خالقززه و صززير ‪ ...‬وهززي ألززرلة اروالن االنسززان فززي‬
‫الحضاران المصرية وبالال الرافدين والحضارة الصينية والهنديززة وريرهززا ززن الحضززاران التززي لززبق‬
‫حضارة اليونان‪.‬‬
‫انطالقا ما لعق‪ ،‬يمكززن القززول إن الفلسززفة باعتبارهززا فززن التسززالل و حاولززة اإلنسززان الو ززول‬
‫إلى أقصى قدر ن الحكمة في فهم الهالم وفهم نفسه وعالقته بالهالم الطعيهي و ززا و ار ززه قديمززة قززدم‬
‫الحضاران الشرقية األولى‪ ،‬وإن ان المهنززى اال ززطالحي واالقززتقاقي لهززا لززم يهرفززا إال فززي الهصززر‬
‫اليوناني»‪ .‬وبالتالي التسالل هنا‪ :‬ا الفلسفة لغة وا طالحا؟ وه هناك اتفاق حول هذا المفهوم؟‬
‫‪ -‬تعريف الفلسفة‪.‬‬
‫أ‪ -‬التعريف اللغوي‪:‬‬
‫لمة "فلسفة" شتق ن اللفظ اليوناني "فيلولززوايا"‪ ،‬الززذي‬ ‫ن حيث االقتقاق اللغوي فإن أ‬
‫هززو لفززظ ر ززس ززن قسززمين‪" :‬فيلززو" ويهن ززي " حبززة"‪ ،‬و"لززوايا" ويهنززي "الحكم ززة"‪ ،‬فكلمززة فلسززفة ززن‬
‫الناحية اللغوية تهني " حبة الحكمة"‪ .‬والمقصوال بالحكمة هنا المهرفززة الهقليززة الراقيززة واالالراك الكلززي‬
‫لحقا ق الوجوال والتفكير التأ لي‪ ،‬الذي يتصدى للمشكالن الكعرى المهقدة‪.‬‬
‫وتختلز ززر الروايز ززان حز ززول ز ززن أول ز ززن الز ززتخدم هز ززذ الكلمز ززة‪ ،‬فقز ززد قي ز ز إن سقققق ار (‪–470‬‬
‫‪399‬ق‪.‬م‪ )Socrate‬هو أول ن التخدم هذ الكلمة‪ ،‬ويذ ر أن لعس اختيار هذا االلم هو تواضع‬
‫س ار حيززث ززان يهتززرا الا مززا بيهلززه‪ ،‬وأيضززا لمخالفززة السفسززطا يين الززذين يهززدون أنفسززهم حكمززام‪.‬‬
‫قعز ذلز بز ن ززن قعز المشززر سققولو علززى لسززان احززد حاوريززه‪ ،‬ولكززن أرلززس‬ ‫وقي إنها وضززه‬
‫الروايززان تشززير الززى أن فيثققارو ‪ 480-570(Pythagore‬ق‪.‬م) هززو أول ززن الززتخدم هززذ الكلمززة‬
‫فززي القززرن ال ز‪6‬ق‪.‬م‪ ،‬حينمززا أّززد أنزه لززيح حكيمززا ولكنززه حززس للحكمززة‪ ،‬ذلز ألن الحكمززة ال تليززق إال‬
‫باآللهززة ويكفززي اإلنسززان أن يكززون حبززا لهززا‪ .‬و ززان يقصززد نهززا البحززث عززن يعيهززة األقززيام‪ ،‬ززذل‬
‫التخد ها المززؤر هيققروتو (‪ 420-434‬ق‪.‬م)‪ ،‬وأراال بهززا يلززس الهلززم أو التمززاة المهرفززة فززي ريززر‬
‫ررض هين‪...‬‬
‫ب‪ -‬التعريف االصطالحي‪:‬‬
‫أما المعني االصطالحي – فكما اقرنا – ال نيد تهريفا واحدا جا هززا انهززا للفلسززفة‪ ،‬بز علززى‬
‫التهززاريا ززن فيلسززوا الززى رخززر و ززن عصززر الززى رخززر‪ ،‬وذل ز ألن‬ ‫الهكززح ززن ذل ز ا فقززد اختلف ز‬
‫الفلسفة تصطبغ عاالة بالطابع الفرالي‪ ،‬وتهتمد على التيارب الشخصية لك فيلسوا حسس ظروفززه‬
‫هذا االختالا الى الرجززة يمكننززا القززول بززأن تهريززا الفلسززفة هززو فززي‬ ‫حياته و يتمهه وعصر ‪ ،‬و‬
‫ذاته شكلة فلسفية‪.‬‬
‫ونيد س ار يرفض اعتبار الفلسفة بحثا في يعيهة الكون وعنا ر و كوناته‪ ،‬و را الفلسفة‬
‫عن الرالة الطعيهة إلززى ال ارلززة اإلنسززان فحولهززا إلززى ال ارلززة شززكالن النززاة وقضززايا حيززاتهم وال ارلززة‬
‫األخالق والسيالة وجه المعدأ‪ :‬أيهززا اإلنسززان أعززرا نفسز » نطلززق نهيززه الفلسززفي‪ ،‬ولززذل قيز‬
‫أن‪ :‬لقراط ان ل الفلسفة ن السمام الى األرض» (شيشرو )‪.‬‬
‫يهززرا الفلسززفة بأنهززا علززم الحقززا ق المطلقززة الكا نززة‬ ‫(‪348–428‬ق‪.‬م‪:)Plato‬‬ ‫أ ززا أفالطققو‬
‫ورام ظواهر األقيام»‪ ،‬وهذا التهريا يهكح لنا فلسفة أفالطو ويسير في اتساق ززع رليتززه للهززالم‪.‬‬
‫إذ أن أفالطو يقسم الهالم إلى عالمين‪ :‬عالم االي لفلي حسوة وهو عززالم الواقززع‪ ،‬وعززالم ثززالي‬
‫علوي هقول وهو عالم المث الهليا الثابتة ثباتا طلقا‪.‬‬
‫‪ 322‬ق‪.‬م‪ )Aristote‬بززين فلسززفة أولززى تبحززث فززي الوجزوال بمززا‬ ‫أ سققطو(‪- 384‬‬ ‫فززي حززين يز‬
‫باعتبززار الموج زوال‬ ‫هززو وج زوال‪ ،‬وقززد أيلززق عليهززا بالحكمززة أو الهلززم اإللهززي ألن أهززم باحثهززا هززو‬
‫األول والموجد األول للوجوال‪ ،‬قاب ذل هناك فلسفة ثانية تمث الهلم الطعيهي‪.‬‬
‫أ ززا إخققوا ال قققفا فق ززد عرف زوا الفلس ززفة بق ززولهم ‪ :‬الفلس ززفة أوله ززا حب ززة الحكم ززة وأول ززطها هرف ززة‬
‫حقا ق الموجوالان بحسس الطاقة اإلنسانية وأخرها القول والفه بما يوافق الهلم‬
‫الهقلي الذي يسهى إلى تحصي‬ ‫حيث إن هذا التهريا ال يكتفي بكون الفلسفة هي ذل التأ‬
‫المهرفة وإنما يتهدا إلى تطعيق الفكرة و والهم بها بمهنى اعتبار الفلسفة أللوب في الحياة‪.‬‬
‫وفززي الهصززر الحززديث نيززد تيكققا (‪ :)R.Descartes1650–1596‬يهززرا الفلسززفة بأنهززا هززي‬
‫يهتع ززر‬ ‫الهل ززم اله ززام ليمي ززع الهل ززوم» و هرف ززة الهنا ززر اليوهري ززة ززن ز ز عل ززم»‪ ...‬إذن تيكقققا‬
‫ح التهعيرز في الغاية وقرا المرتبة‪.‬‬ ‫الفلسفة علما‪ ،‬لكنها تختلر عن "الهلم" ز إن‬
‫الفلس ززفة ال ارل ززة الهقز ز البش ززري » و هن ززى ه ززذا‬ ‫‪:)J.‬‬ ‫‪Locke1704‬‬ ‫جقققو لقققو (‪- 1632‬‬
‫التهريا أن لو جهز الفلسززفة هززي ال ارلززة اإلنسززان بالميمز ‪ ،‬فززاختالا هززذا التهريززا عززن ززا لززبقه‬
‫إنمززا يززدل علززى أن الفلسززفة والفيلسززوا لززيح نفصززالن عززن الهصززر الززذي تنشززأ ايززه الفلسززفة‪ ،‬فتتلززون‬
‫بلون الهصر وتصطبغ بثقافته‪.‬‬
‫أ ززا إيمانويققل كققان (‪ :)E. Kant1804-1727‬فززإن الفلسززفة عنززد هززي‪ :‬علززم الق زوانين الت ززي‬
‫تنكشززر للفكززر عنززد ا ينقززد نشززايه ويهيززد النفززر فززي ذاتززه‪ .‬فتكززون بززذل الفلسززفة هززي المهرفززة الهقليزة‬
‫تززأثير الثززورة الكوبرنيكيزة و ززا أحززر الهلززم ززن تقززدم بززدأ‬ ‫الناقززرة ززن المهززاني المدر ززة بالهقز ‪ ،‬وتحز‬
‫الهق ز الغربززي يهيززد النفززر فززي المهرفززة الهلميززة ويبحززث فززي الهق ز ذاتززه ويبحززث فززي باال ززه األولززى‬
‫لززه أن كققان وجزه الفلسززفة وجهززة نقديززة‪ :‬نقززد المهرفززة والهمز‬ ‫وقززروط المهرفززة الهلميزة‪ ،‬و هنززى ذلز‬
‫اإلنسانيين‪ ،‬حاوال بذل أن ييد المهايير الثابتة للمهرفة والهم ‪.‬‬
‫أسباب تعدت تعريف الفلسفة‪:‬‬
‫ا‪ -‬غياب موضوع محدت‪:‬‬
‫وضززو‬ ‫الفلسززفة ال تززدرة وضززوعا حززدالا بهينززه‪ ،‬وإنمززا هززي تتسززم بالشززمولية‪ ،‬و ززن ثززم فك ز‬
‫يصلح ألن يكون ضمن اهتما ان الفاللفة االام يتسم بطابهه اإلقكالي‪ .‬فالفلسفة تدرة ز قززيم‬
‫بما في ذل نفسها‪.‬‬
‫ب‪ -‬غياب منهج موحد‪:‬‬
‫لك ز فيلس ززوا نهي ززه الخ ززاه‪ ،‬ال ززذي يتخ ززذ ل ززعيال يو ززله إل ززى اليق ززين‪ .‬وق ززد يت ززأثر الفيلس ززوا‬
‫ثال الززذي اقتززبح نهيززه ززن الرياضززيان)‪ .‬لكززن‪ ،‬فززي‬ ‫ببهض الهلوم ايقتبح نها ناهيها (تيكا‬
‫رالس األحيان للفاللفة ناهيهم الخا ة ( ثال المنهج التوليدي عند سق ار ‪ ،‬المززنهج اليززدلي عنززد‬
‫هيجل)‪.‬‬
‫جق‪ -‬ا تبا الفلسفة بالع ر‪:‬‬
‫انه وعصر ‪ ،‬هي التي تملي عليه المواضيع واإلقكاليان‪ ،‬ولع‬ ‫إن الفيلسوا رتبط بقضايا‬
‫التفكيززر‪ ،‬ويعيهززة المهززارا التززي يسززتخد ها‪ ..‬ذل ز ألن الفلسززفة زررة عصززرها‪ ،‬حيززث تهكززح يم ز‬
‫األحوال الفكرية والهلمية والسيالية واالجتماعية واالقتصاالية لميتمع ا‪.‬‬
‫ت‪ -‬قناعا الفيلسوف الخاصة‪:‬‬
‫إن الفيلسوا في تهريفه للفلسفة يهكح إلى حد بهيد وجهة نفززر الخا ززة ايمززا يز ار ززن وظيفززة‬
‫و وضو البحث الفلسفي‪ ،‬وحتى ولو الفاللفة انتموا إلى نفح الهصر أو لهصور تقاربة‪ ،‬فززذل ال‬
‫يمنع وجوال اختالفان بينهم‪ ،‬حيث إن لك فيلسوا قناعاته الفرالية تكون سؤولة عن تميز وتفزرال ‪،‬‬
‫واتسام فلسفته باليدة واأل الة وعدم التقليد‪.‬‬
‫اإل ساك بحقيقة الفلسفة والغايززة التززي تطلعهززا والمززنهج‬ ‫خالصة‪:‬هذ جملة ن التهاريا حاول‬
‫الذي تتبهززه لعلززوح الحقيقززة‪ ،‬تتفززق فززي الميمز علززى يابههززا الهقلززي التززأ لي النفززري الميزرال للفلسززفة‪،‬‬
‫وتيمع لها على أن الفلسفة اهي اال يلس للمهرفة ولززهي نحززو الكمززال اإلنسززاني‪ .‬وفززي المحصززلة‬
‫وض ززوعا وإنم ززا ه ززي نش ززاط‪ ،‬وتبه ززا ل ززذل فاإلنس ززان ال يدرل ززها بز ز‬ ‫يمك ززن الق ززول إن الفلس ززفة ليسز ز‬
‫يمارلها‪.‬‬

You might also like