Professional Documents
Culture Documents
االدب والتصوف
(العالقة بين االدب والتصوف)
1
إبن منظور ،لسان العرب ،بيروت ،دار صادر ،مج.9
بالعلوم الحقيقّية واستعمال ماهو أولى على ما هو أولى على األبدّي ة والّنص ح لجمي ع األّم ة والوف اء هلل على الحقيقي ة
واّتباع الّرسول (ص) في الّش ريعة.
هناك من وقف عند الغاية األخالقّية التي تقضي بته ذيب الّنفس وض بط اإلرادة وإل زام اإلنس ان ب األخالق الفاض لة،
وهناك من أّك د تجاوزها إلى حّد معرفة هللا وكشف أسرار وجوده ،ومن خالل مناهج المعرفة وأدواتها .وهن اك أيًض ا
من رأى أّن الّتصّوف فلسفة اّتخاذ المواقف من الكون مع المحاولة إليجاد تفس ير ل ه“ ،وتحدي د ص لته بخالق ه وص لة
اإلنس ان باهلل على أّن الم ذاهب الّص وفّية المص طبغة بالّص بغة الفلس فّية ال ينبغي أن تؤخ ذ على أّنه ا م ذاهب فلس فّية
بالمعنى الّد قيق للكلمة ،وإّنما هي مذاهب قائمة على أساس من الّذ وق مهما بدت في ثوٍب فلسفي.
لذلك رأى البعض أّن الّتجربة الّصوفّية هي تجربة خاّص ة ،يعّبر فيها بطريقٍة فنّية يعتمد فيه ا على االس تبطان ،وعلى
الّر مز ،تجربة تحمل معاني الّز هد والّتقّش ف وإنكار الّذ ات واإليثار واإلنصراف عن ال ّد نيا إاّل الضروري منه ا ،قي ل
2
في الّتصّوف أن “ُتظهر الغنى ،وأن تكون مجهواًل حّتى ال يعرفك الخلق وأن تعّف كل ماال خير فيه.
2
إبن الفارض ،عمر بن علي ،ديوان ابن الفارض ،تح درويش الجويدي ،بيروت ،المكتبة العصرّية ،الط.2008 ،
بو قرورة ،عمر أحمد ،دراسات في الّش عر الجزائري المعاصر ،الجزائر ،دار الُهدى ،الط.2004 ، 3
ومتاعها وعكفت على نفس ها تطهره ا بالعب ادة المتص لة من أدران الفج ور والضالل وتنش د االتص ال ال روحي
باهلل".
ونلحظ في هذه الفترة الزمني ة قل ة ع دد الش عراء وقل ة األش عار الص وفية ،وربم ا يع ود ه ذا إلى ع دم تبل ور قضية
التصّو ف بالشكل الصحيح حتى عند المتصوفة أنفسهم.
المرحلة الثانية :وهذه المرحلة تشمل قرنيين من الزمان :الثالث والرابع الهجريين ،وقد كان الشعر الصوفي في ه ذه
المرحلة في نهضة وازدهار ،ومن شعرائه :أبي تراب عسكر بن الحسين النخشبي ،وأبو حمزة الخراساني .وتع د
هذه المرحلة بداي ة التص ّو ف الحقيقي ودور المواج د والكش ف واألذواق .ومن ش واهد الش عر الص وفي في ه ذه
المرحلة قول (أبو تراب عسكر بن الحسين النخشبي (ت 245هـ).
ال تخدعن ما للحبيب دالئل ولديه من ُتحف الحبيب َو َس اِئُل
وسروره في ُك ِّل َم ا هو َفاِع ُل منها تنعمة بمربالئه
والفقر إكرام وُبْر َعاِج ل فالمنُع ِم ْن ه عطية مقبولة
المرحلة الثالثة :وتشمل الق رنين الخ امس والس ادس وفيه ا يتج ه األدب الص وفي إلى الحب اإللهي ،وم دح الرس ول
الكريم صلى هللا عليه وسّلم -والشوق إلى األماكن المقدسة ويدعو إلى الفضائل اإلس المية ،وفي ه ذه الف ترة نش أ
األدب الصوفي ،الفارسي ،وعد هذا الدور دور الكالم والتحرر" ،ومن ذلك قول البرعي:
هيجُتموا َيْو َم الرحيل فؤادي ياراحلين إلى منى بقيادي
4
سرُتْم وسار دليلكم يا وحشتي الشوُق َأَفَلِقي َو َص وُت الَح اِد ي
المرحلة الرابعــة :وتشمل الق رن الس ابع الهج ري ،وفي ه بل غ الش عر الص وفي قم ة النهضة ،ومن أعالم ه عم ر بن
الفارض (ت 632هـ) ،ومحي الدين بن عربي (ت 638هـ) .ومن شعر هذه المرحلة قـول عم ر بن الف ارض في
الذات اإللهية:
خبير أجْل ِع ندي بأوصاِفَها ِع ْلُم َيُقوُلوَن ِلي ِص ْفَها َفَأْنَت ِبوصفها
صَفاٌء َو اَل َم اًء وُلُّطُف َو ال َهوا وُنوٌر َو اَل َناُر َو ُروُح َو اَل ِج ْسم
قديمًا وال شكل ُهناَك َو ال َر ْس ُم َتَقَّد َم ُك ِّل الَك اِئَناِت َح ديثها
المرحلة الخامسة :وتبدأ " من القرن الثامن الهج ري ح تى يومن ا ه ذا ،ومن أش هر أعالم التص وف في ه الش عراني،
والنابلسي ،وسواهما فقد " كان التصوف حاًال فصار كارًا ،وكان احتس ابًا فص ار اكتس ابًا ،وك ان اس تنارًا فص ار
اشتهارًا؛ إتباعا للسلف فصار تكلفًا ،وكان تخلفا فصار تخلفا ،وكان سقمًا فصار لقمًا ،وكان قناعة فصار مجاع ة،
5
وكان تجريدًا فصار ترديد.
6زيدان ،يوسف ،الطريق إلى الّصوفي وفروع القادرّية بمصر ،بيروت ،دار الجيل ،ط.1991 ،1
7التفتازاني ،أبو الوفا الغنيمي ،مدخل إلى التصّو ف اإلسالمي ،القاهرة ،دار الثقافة للّن شر والّت وزيع ،ط.1979 ،3
المحاسبي ويدعو في أوائل القرن السادس 12م إلى قراءة أحياء علوم الدين وقد أفلح في تحسيس الوس ط الفك ري في
تلمسان بأهمية األحياء وقيمة أفكاره الصوفية وبهذه الطريقة شرع التلمسانيون في نسخ األحياء وحفظه.
وبقلعة بن حماد انتص ب الص وفي أب و الفضل ابن النح وي 513هـ 1119/م مدرس ا لإلحي اء واستنس خه في ثالثين
جزءا فإذا دخل شهر رمضان ق را ك ل ي وم ج زء ،ولش دة تمس كه باإلحي اء نق ل عن ه قول ه( :وددت أني لم أنظ ر في
عمري سواه ،واستطاع أن يؤلف من حوله كوكبة من القلعيين ينهجون أفكاره الغزالية ،وكذلك في بجاية التي حل بها
أبو مدين شعيب ت 594هـ 1189منذ 559هـ م 1163م ومكث به ا خمس ة عش رة عام ا جع ل من الكت اب إحي اء
علوم الدين أفضل كتب التذكير لديه.
وأكثرها قراءة في مجلس تذكيره كما درس الرسالة القشيرية واطلع الطلبة على رعاية المحاسبي" .أم ا معاص ره أب ا
علي الحسن بن علي المسيلي توفي أواخر القرن 6هـ 12م فقد نسج على من وال األحي اء كت اب التفك ر فيم ا تش تمل
عليه السور واآليات من المبادئ والغايات) أحاط فيه بالفقه والتصوف حتى لقب بأبي حامد الصغير وأضحى الكت اب
متداوال بين البجائيين وغطى بشهرته شهرة اإلحياء أن ذاك.
كما شكلت مصنفات المغرب األقصى أهمية كبيرة في بلورة أفكار األدب الصوفي وص نع مخيال ه من خالل مؤلف ات
أبي محمد صالح الماجريت 631هـ 1234م شيخ رباط أسفي التي دخلت بجاية وقلع ة ب ني حم اد م ع الص وفي أبي
عبد هللا محمد بن أبي القاسم السجلماس ي ت في النص ف الث اني من الق رن 7هـ 13 /م وهي كت اب (بداي ة الهداي ة) و
(تلقين المريد) وشرح المقصد األسني في شرح أسماء هللا الحسنى ألبي حامد الغزالي وشرح الرسالة القشيرية فضال
عن كتاب (قطب العارفين ومقامات األبرار واألصفياء الصديقين لعبد الرحمان بن يوسف البجائي في النصف الث اني
من القرن 6هـ 12 /م وإس هامات أبي زكري ا يحي بن محجوب ة القريش ي الس طيفي ت 673هـ /1278 /م من خالل
8
كتابه شرح أسماء هللا الحسنى.
8الخطيب ،علي ،اّت جاهات األدب الّصوفي بين الحاّل ج وابن عربي ،القاهرة ،دار المعارف ،الط ،الت.
9سهير حسانين :العبارة الصوفية في الشعر العربي الحديث ،ط ،1دار شرقيات القاهرة ،مصر.2000 ،
10عبد الحق متصف :أبعاد التجربة الصوفية (الحب ،اإلنصات ،الحكاية) ،دط ،الدار البيضاء ،المغرب.2007 ،
الدعاء باالندماج والفناء :يركز الصوفية على فك رة الفن اء في هللا ،حيث يس عى الف رد لالن دماج الكام ل في .3
إرادة هللا .الدعاء يعبر عن رغبة الفرد في أن يصبح جزًء ا من وحدة الكون وإرادة هللا.
الدعاء باالستسالم :يرتبط الدعاء في األدب الصوفي بفهم عميق لإلستسالم إلرادة هللاُ .يظهر الفرد استعداده .4
11
لقبول ما يأتي من هللا بقلب مطمئن وراٍض.
الدعاء بالحكمة والعدالة :يعتبر الصوفية أن ال دعاء يجب أن يتم ب روح الحكم ة والعدال ةُ .يش جع على طلب .5
12
الخير للناس جميًعا وعلى التفكير في النية والغاية النبيلة والصافية.
في النهايةُ ،يعت بر ال دعاء في األدب الص وفي تعب يًرا عن العالق ة العميق ة بين اإلنس ان وهللا ،ويش مل على العناص ر
الروحية والعاطفية التي تهدف إلى تحقيق التواصل الداخلي والروحي مع الحقيقة اإللهية.