Professional Documents
Culture Documents
االستقراء ،لغة:
يق ول ابن منظ ور يف الس ان الع رب( :ق رأ األم ر واق رتاه تتبع ه ...يق ال :اإلنس ان يق رتي فالن ا بقول ه ويق رتي س بيال
1
ويقروه أي يتبعه ...وَقَرْو ُت البالد َقْرًوا وَقريُتها َقْرًيا واقَرتيُتها واستقريتها إذا تتبعتها خترج من أرض إىل أرض).
وعرفه اإلمام الرازي بأنه :من قرأ األمر أي تتبعه ،ونظر يف حاله ،وهناك من يرى أنه من ق رأت الشيء مبعىن مجعته
2
و ضممت بعضه إىل بعض لريى توافقه واختالفه ،و كال األمرين يعين التتبع ملعرفة أحوال شيء ما.
االستقراء في االصطالح:
تأسيسا على أصله اللغوي االستقراء يف االصطالح يفيد معىن التتبع والتصفح يف املاديات أو املعنويات للوصول
إىل األحكام الكليات 3،وقد عرفه‘ أبو حامد الغ زايل (ت 505هـ) بقوله( :تصفح أمور جزئية لنحكم حبكمها
4
على أمر يشمل تلك اجلزئيات).
5
وعرفه أبو البقاء الكفوي (ت 1094هـ) بأنه( :تتبع جزئيات الشيء)
6
وعرفه الرفاعي بأنه( :عملية مالحظة الظواهر وجتميع البيانات عنها للتوصل إىل مبادئ عامة وعالقات كلية).
والمنهج االستقرائي :يكون بتتبع املوضوع واستقرائه يف مظانه ،ومجع املعلومات املتعلقة به من هذه املظان،
واالستقراء قد يكون ناقصًا ،كما لو اقتصر يف استقرائه لفكرة معينة على بعض املصادر دون بعض ،وقد يكون
كامًال كما إذا مت استقراؤها يف مجيع املصادر اليت حددها ،وهذا املنهج ال يستغىن عنه يف أحباث الدراسات
اإلسالمية ،بل يعترب أساسًا يف كل حبث منها كاستقراء حكم واقعة يف املذاهب الفقهية ،واستقراء جرح راو أو
7
تعديله عند علماء اجلرح والتعديل ،واستقراء فكرة يف كتاب اهلل تعاىل ويف سنة رسوله اخل.
يراد بالفقه "العلم باألحكام الشرعية العملية املكتسبة من أدلتها التفصيلية" ،ولذا كان موضوع علم الفقه :أعمال
املكلفني 8.ومما الشك أن لالستقراء أثرًا بارزًا يف مسائل فقهية كثرية ،يدل على ذلك كثرة استدالل الفقهاء به،
9
قال :الزركشي احتج الشافعي باالستقراء يف مواضع كثرية.
ويظهر من تصرفات الفقهاء أن أثر االستقراء يف الفقه ظهر من خالل أمور متعددة منها :
ذهب احلنفية؛ إىل انتقاض الوضوء بالقهقهة داخل الصالة دون خارجها ،ومما يبطل قوهلم استقراء نواقض
الوضوء ،إذ إن شهادة األصول الشرعية مل تفرق يف نواقض الطهارة بني داخل الصالة وخارجها ،فيلحق هذا الفرد
10
باألعم األغلب ،إذ ليس هناك دليل صحيح خيرجه.
علم العقيدة:
هذه قاعدة عقدية دل عليها استقراء القرآن ،إذ جاءت نصوص كثرية أخذ منها هذا الكلي من ذلك قوله تعاىل:
(وما النصر إال من عند اهلل العزيز احلكيم) ''ال عمران ،"126 :وقولهَ( :وَم ا النصر إال
من عند اهلل إن اهلل عزيز حكيم) "األنفال ، "10 :وقوله ُ( :قل ال َيْع َلُم من يِف الَّس َم اَواِت َواَأْلْر ِض اْلَغْيَب إال اهلل)
"النمل ،"65 :وقولهُ( :قْل ِإَمَّنا ِعلمها عند ريب ال َجُيليها لوقتها إال هو)" األعراف ،"187 :وقوله (:وما يعلم
تأويله إال اهلل) " آل عمران."7 :
واآليات كثرية يف هذا املعىن .واملعىن الكلي هنا هو نفي شيء عن اخللق وإتباثه هلل ،وقد وجد يف كل فرد من أفراد
هذا األمرحكم اطرد معها؛ وهو أنه ال يشاركه يف هذا اإلثبات أحد فدل على أن ذلك قاعدة عامة حىت لو مل
12
يأت بصيغة احلصر .
إذن" :فمن تتبع جزئيات الشريعة وفروعها يف العبادات والعادات واملعامالت وغريها من األبواب ،وجد معظم
األحكام املعللة منوطة بتحقيق مصاحل الدارين ودرء مفاسدمها ،ومن تأمل يف أحكام الشريعة مما مل ينص الشارع
على علته ،التمس هلا حكما ومصاحل ال خُي تلف يف أهنا منوطة هبا وإن حصل اخلالف يف حتديدها ،لكن ال
14
خالف على اجلملة يف مقصود الشارع منها"
مناهج البحث وقواعد التأليف في الدراسات اإلسالمية ،للدكتورة حبيبة أبو زيد ،ص.34 : 14