Professional Documents
Culture Documents
االجتهاد يف اللغة :بذل اجلهد واستفراغ الوسع يف فعل وال يستعمل إال فيما فيه
جهد يقال :اجتهد يف محل الرحى وال يقال :اجتهد يف محل خردلة وهو يف عرف
1
الفقهاء خمصوص ببذل اجلهد يف العلم بأحكام الشرع
وذكر أن االجتهاد لغة :بذل الوسع والطاقة ،وال يستعمل إال فيما فيه جهد ومشقة،
2
يقال :اجتهد يف محل الرحى ،وال يقال :اجتهد يف محل النواة
واالجتهاد مصدر (جهد) اجليم واهلاء والدال أصُلُه املشَّق ة ،مث حُي َم ل عليه ما
يقاِر ُبه .يقال َجَه ْد ُت نفسي وأْجَه دت واُجلْه د الَّطاَقة .قال اهلل تعاىل{ :واَّلِذ يَن َال ِجَي ُد وَن
1
روضة الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل البن قدامة املقدسي ( )3/366مؤسسة الرّيان
للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة الثانية 1423هـ2002-م
2
معامل أصول الفقه عند أهل السنة واجلماعة ص 421 :لمحَّم د بْن حَس نْي بن َح سْن اجليزاين الطبعة اخلامسة 1427 ،هـ
إَّال ُج ْه َد ُه ْم } .ويقال إّن اجملهود اللنب الذي ُأخِر َج ُز ْبده ،وال يكاد ذلك [يكوُن ] إّال
3
5
الشرعية».
أ -أن االجتهاد هو بذل الوسع يف النظر يف األدلة ،فهو بذلك أعم من القياس؛ إذ
القياس هو إحلاق الفرع باألصل ،أما االجتهاد فإنه يشمل القياس وغريه.
ب -أن االجتهاد ال جيوز إال من فقيه ،عامل باألدلة وكيفية االستنباط منها؛ إذ النظر
"االستنباط".
د -وقد تضمن قيد "الستنباط" أيًض ا بيان أن االجتهاد إمنا هو رأي اجملتهد واجتهاده،
وذلك حماولة منه لكشف حكم اهلل ،وال ُيسمى ذلك تشريًعا؛ فإن التشريع هو الكتاب
6
والسنة ،أما االجتهاد فهو رأي الفقيه أو حكم احلاكم.
7جملة دراسات العلوم اإلنسانية ص 14/215العدد العاشر 1987م ،حبث للعيد خليــل م ــدرس يف قس ــم الفق ــه بكليــة
التعريف الثاين:
(ختصيص مهمة البحث واستنباط األحكام مبجموعة حمدودة من العلماء واخلرباء
واملتخصصني سواء ما رسوا ذلك بالشورى املرسلة ،أم جملس يتشاورون فيه ويتداولون
حىت يصلوا إىل رأي يتفقون عليه ،أو ترجحه األغلبية ،ويصدر قرارهم بالشورى ولكنه
8
يكون يف صورة فتوى.
التعريف الثالث:
(استفراغ أغلب الفقهاء اجلهد لتحصيل ظٍن حبكم شرعي بطريق االستنباط ،واتفاقهم
مجيعًا أو أغلبهم على احلكم بعد التشاور).9
التعريف الرابع:
(اتفاق أغلبية اجملتهدين يف نطاق جممع أو هيئة أو مؤسسة شرعية ينظمها ويل األمر يف
دولة إسالمية على حكم شرعي عملي ،مل يرد به نص قطعي الثبوت والداللة بعد بذل
10
غاية اجلهد فيما بينهم يف البحث والتشاور)
9
الاجهتاد امجلاعي يف الترشيع اإلساليم لعبد اجمليد السوسوة الرشيف ص ،46وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية -قطر̈ العدد - ٦٢السنة ١٧
سنة الطبع١٤١٨:هـ
10
ﵟِإَّن ِفيَٰذ ِلَك ٓأَلَٰي ٖت ِّلَقۡو ٖم َيۡع ِقُلوَن ٤ﵞ [الرعد ]4 :وقوله جل
شأنه : :ﵟِإَّنٓاَأنَز ۡل َنٓاِإَلۡي َك ٱۡل ِكَٰت َب ِبٱۡل َح ِّق ِلَتۡح ُك َم َبۡي َن ٱلَّناِس ِبَم ٓا َأَر ٰى َك ٱُۚهَّلل
َو اَل َتُك ن ِّلۡل َخ ٓاِئِنيَن َخ ِص يٗم ا ١٠٥ﵞ [النساء ]105 :وقوله سبحانه:
﴿فاعتربوا يا أويل األبصارَ ﴾(احلشر )٢ :وهي صرحية يف إقرار االجتهاد عن طريق
القياس ,كما قال بعض العلماء ومن اآليات الصرحية يف مشروعية االجتهاد :اآليات اليت
حتث على املشاورةَ ِ وتبادل الرأي ,مثل قول ااهلل تعاىل لرسوله صلى ااهلل عليه وسلم:
ﵟَو َش اِو ۡر ُهۡم ِفي ٱَأۡلۡم ِۖر ﵞ [آل عمران ]159 :وكـذلك وصـف
املؤمنني بأن أمـرهم شـورى بيـنهم ,كـما يف قولـه تعـاىل ﵟَو َأۡم ُر ُهۡم ُش وَر ٰى
َبۡي َنُهۡم ﵞ [الشورى]38 :
ومن اآليات الواضحة يف ذلك قولـه تعـاىل :ﵟَو َلۡو َر ُّد وُه ِإَلى ٱلَّرُسوِل
َو ِإَلٰٓى ُأْو ِلي ٱَأۡلۡم ِر ِم ۡن ُهۡم َلَعِلَم ُه ٱَّلِذ يَن َيۡس َتۢن ِبُطوَن ۥُه ِم ۡن ُهۗۡم ﵞ [النساء]83 :
قال القرطيب(( :واالستنباط يف اللغة :االستخراج ,وهو يدل على االجتهـاد إذا عدم
11
النص واإلمجاع))
من السنة النبوية:
– ١روى سعيد بن املـسيب عـن عـلي – رضي ااهلل عنـه – أنـه قـال :قلـت :يا
رسول ااهلل :األمر ينزل بنا مل ينزل فيه القـرآن ,ومل متـض فيـه سـنة منـك ،قال :امجعوا له
العاملني – أو قال العابدين – من املؤمنني ,فـاجعلوه شـورى بيـنكم وال تقضوا فيه برأي
12
واحد
أخرج ابن عدي والبيهقي يف شعب اإليـمان بـسند حـسن عـن ابـن عباس رضي ااهلل
عـنهما قـال :ملـا نزلـت :ﵟَو َش اِو ۡر ُهۡم ِفي ٱَأۡلۡم ِۖر ﵞ [آل عمران]159 :
قال رسول ااهلل صلى ااهلل عليه وسلم(( :أما إن ااهلل ورسوله لغنيان عنها ,ولكن جعلها
. 11اجلامع ألحكام القرآن ()5/292
. 12رواه ابن عبد الرب يف اجلامع ( )1612 ،1611واخلطيب يف الفقيه واملتفقه ()1/191
13
ااهلل رمحة ألميت ,فمن استشار منهم مل يعدم رشدا ,ومن تركها مل يعدم غيا
مر االجتهاد اجلماعي يف تارخيه مبراحل أربع :األوىل :بدايته على يد اخللفاء
الراشدين رضي اهلل عنهم ،فكانوا جيمعون رؤوس النــاس من ذوي الرأي يف املسجد،
فيستشريوهنــم يف األم ــور اخلطيــرة ،واستمر يف بعض عصور الدولة األموية ،مث توقفه
وهيمنة االجتهاد الفردي ،فكان كل جمتهد يستقل برأيه وفهمه يف اجتهاده ،مث الدعوة
إىل وقف االجتهاد عمومًا بسبب خوف أتباع املذاهب األربعة يف القرن الرابع وما بعده
من دخول من ليس أهال لالجتهاد والنظر ،مث املرحلة الرابعة ،وهي فرتة اشتداد احلاجة
ِإليه يف العصر احلديث ،واهتمام العلماء بالدعوة ِإليه وتنشيطه ،ليكون هو سبيل األمة يف
معاجلتها لقضاياها املعاصرة وتقنني نظمها وتشريعاهتا.
االجتهاد اجلماعي له أمهية كربى يف التشريع ،ملا حيققه من أمور كثرية ،ولعل من
أبرزها أنه حيقق مبدأ الشورى يف االجتهاد ،ويكون لذلك أكرب األثر يف دقة الرأي
وِإصابته ،وجتنيب االجتهاد األخطاء اليت قد تقع يف حالة االجتهاد الفردي ،وبذلك
يستمر االجتهاد ،ويقطع الطريق على من قد حياول إرباكه ..كما أن االجتهاد اجلماعي
حيقق لألمة ما فقدت بغياب اجملتهد املطلق وتعّذ ر اِإل مجاع ،ويعوضها عن ذلك بالتكامل
الذي حيققه اجملتهدون مبجموعهم ..كما أن االجتهاد اجلماعي يعترب من أجنح السبل إىل
توحيد النظم التشريعية لألمة ،كما أنه أفضل وسيلة ملعاجلة قضايانا املعاصرة ،اليت
تشابكت فيها األمور ،وتداخلت فيها العلوم ،وأصبح النظر واالجتهاد فيها ال يتحقق
14
سليمًا ِإال برؤية مجاعية.