You are on page 1of 5

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫اللهم صل عىل محمد وآل محمد‬

‫داللة آية الوالية عىل اإلمامة‬


‫تنبيهات قبل البحث‬
‫التنبيه األول ‪ :‬هذا البحث مبني عىل االختصار‪ ،‬فهو ال يبتني عىل استقصاء متام اإلشكاالت املطروحة كام‬
‫أنه ال يبتني عىل تقرير مقدماته كامل التقرير‪.‬‬
‫التنبيه الثاين‪ :‬يستهدف هذا البحث بيان داللة اآلية عىل اإلمامة وفقا لتصور مذهب اإلمامية االثني‬
‫عرشية‪ ،‬وال يبتني عىل إثبات أن اإلمامة من أصول الدين أو رشط للنجاة يوم القيامة أو نحو ذلك من‬
‫املسائل املرتبطة باإلمامة‪.‬‬
‫التنبيه الثالث‪ :‬القرآن كالم الله‪ ،‬تُنال بعض معارفه بكل يُرس وسهولة‪ ،‬ويُقتنص بعضها بالتأمل والتدبر‪،‬‬
‫ومجرد كون اقتناص الفكرة متوقفا عىل التأمل والتدبّر ال يعني أن داللة اآلية عىل املطلب غري يقينية أو‬
‫غري حجة؛ إذ ال مالزمة بني األمرين‪.‬‬

‫االستدالل املُعتمد يف اآلية يبتني عىل مقدمات‪:‬‬


‫متويل شأن الغري وأمره‬
‫املقدمة األوىل‪ :‬مجيء الويل يف اللغة مبعنى ّ‬
‫ذكر اللغويون يف معنى الويل املتويل لشأن الغري‪ ،1‬والتابع امل ُح ّب‪ ،2‬والنارص‪ ،3‬وضد العدو‪ ،4‬والصهر‪.5‬‬
‫وذكروا أن ويل األمر هو األوىل به املالك ألمره‪ ،6‬وويل املرأة هو من ييل عقد النكاح عليها‪ ،7‬وويل اليتيم‬
‫يتوىل أمره ويقوم بشأنه‪ ،8‬وويل املقتول هو من يتوىل حقّه‪ ،9‬وال يخفى رجوع هذا كله إىل املعنى‬‫هو من ّ‬
‫األول للويل‪.‬‬

‫‪ 1‬الجوهري‪ ،‬الصحاح‪ ،‬ج‪ 6‬ص‪2529‬؛ ابن األثير‪ ،‬النهاية في غريب الحديث واألثر‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪.227‬‬
‫‪ 2‬األزهري‪ ،‬تهذيب اللغة‪ ،‬ج‪ 15‬ص‪( 322‬عن ثعلب عن ابن األعرابي‪ ،‬ثم فسّر حديث الغدير بهذا المعنى)‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ابن نشوان الحميري‪ ،‬شمس العلوم‪ ،‬ج‪ 11‬ص‪.7286‬‬
‫‪ 4‬الجوهري‪ ،‬الصحاح‪ ،‬ج‪ 6‬ص‪.2529‬‬
‫‪5‬‬
‫الجوهري‪ ،‬الصحاح‪ ،‬ج‪ 6‬ص‪.2529‬‬
‫‪6‬‬
‫ابن دريد‪ ،‬جمهرة اللغة‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪246‬؛ الزمخشري‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬ص‪689‬؛ ابن نشوان الحميري‪ ،‬شمس العلوم‪ ،‬ج‪11‬‬
‫ص‪7287‬؛ ابن األثير‪ ،‬النهاية في غريب الحديث واألثر‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪ ،227‬المطرزي‪ ،‬المغرب في ترتيب المعرب‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.372‬‬
‫‪ 7‬األزهري‪ ،‬تهذيب اللغة‪ ،‬ج‪ 15‬ص‪323‬؛ ابن نشوان الحميري‪ ،‬شمس العلوم‪ ،‬ج‪ 11‬ص‪.7287‬‬
‫‪8‬‬
‫األزهري‪ ،‬تهذيب اللغة‪ ،‬ج‪ 15‬ص‪.323‬‬
‫‪9‬‬
‫الزمخشري‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬ص‪.689‬‬
‫وال بأس بذكر بعض الكلامت التي تُثبت مجيء الويل مبعنى متويل أمر الغري القائم بشأنه‪ ،‬قال ابن فارس‬
‫يدل عىل قرب‪ ،‬من ذلك ال َو ي ُيل‪ :‬الق يرب‪ ،‬يقال‪ :‬تَ َبا َع َد بعد َو ي ييل‪ ،‬أي قُ ير يب‪،‬‬ ‫أصل صحيح ُّ‬ ‫"الواو والالم والياء‪ٌ :‬‬
‫والصاحب‪ ،‬والحليف‪ ،‬وابن ال َع ّم‪،‬‬ ‫مام يَليني‪ ،‬أي يُقاربُني‪ ... ،‬ومن الباب امل َ يو َىل‪ :‬امل ُ يعت ُق وامل ُ يع َتق‪َّ ،‬‬ ‫و َجل ََس ّ‬
‫ويل أم َر آخ َر فهو وليُّه‪ ،"... ،‬وقال الجوهري يف‬ ‫وكل َمن َ‬ ‫كل هؤالء من ال َو ييل‪ ،‬وهو ال ُق يرب‪ُّ ،‬‬ ‫وال َّنارص‪ ،‬والجار؛ ُّ‬
‫مام يَل َيك‪ ،‬أي مام يقاربك‪ ... ،‬والي َو ُّيل‪ :‬ض ُّد العد ّو‪،‬‬ ‫كل ا‬ ‫القرب والدن ُّو‪ .‬يقال‪ :‬تبا َع َد بع َد َو ي يىل‪ ،‬و ي‬ ‫الصحاح "الي َو ييل‪ُ :‬‬
‫وكل من‬ ‫واحد فهو َول ُّي ُه"‪ ،‬وقال ابن األثري " ّ‬ ‫وكل من َو َيل أم َر ي‬ ‫يقال منه‪ :‬تَ َوالَّ ُه‪ ،‬والي َم يو َىل‪ ،... :‬والي َو ُّيل‪ :‬الص يه ُر‪ُّ ،‬‬
‫َو َيل أمرا أو قام به فهو مواله ووليّه"‪.‬‬
‫وقد جاء هذا املعنى للويل يف كتاب الله تعاىل من حيثيات متن ّوعة‪ ،‬قال تعاىل يف ويل السفيه والضعيف‬
‫والعاجز "فَإني كَانَ الَّذي َعلَييه الي َح ُّق َسفيهاً أَ يو ضَ عيفاً أَ يو ال يَ يستَطي ُع أَني ُُي َّل ُه َو فَلي ُي يمل يل َول ُّي ُه بالي َع يدل"‪،10‬‬
‫يس الَّتي َح َّر َم اللَّ ُه إالَّ بالي َح اق َو َم ين قُت َل َمظيلُوماً فَ َق يد َج َعلينَا ل َول ايه‬ ‫وقال يف ويل املقتول " َوال تَ يقتُلُوا النَّف َ‬
‫َاس ُموا باللَّه لَنُبَ ايتَنَّ ُه َوأَ يهلَ ُه ثُ َّم لَنَقُول ََّن ل َولياه‬
‫نصوراً" ‪ ،‬وقال "قَالُوا تَق َ‬
‫‪11‬‬
‫ُسليطَاناً فَال يُ يرس يف يف الي َقتيل إنَّ ُه كَانَ َم ُ‬
‫َما شَ ه يدنَا َم يهل َك أَ يهله َوإنَّا ل ََصادقُونَ "‪ ،12‬وقال يف ويل البيت الحرام " َو َما لَهُ يم أَالَّ يُ َع اذبَ ُه يم اللَّ ُه َو ُه يم يَ ُص ُّدو َن‬
‫َع ين الي َم يسجد الي َح َرام َو َما كَانُوا أَ يول َيا َءهُ إني أَ يول َياؤُهُ إالَّ الي ُمتَّقُونَ َولَك َّن أَك َ َيث ُه يم ال يَ يعلَ ُمونَ "‪ ،13‬وقال يف ويل‬
‫ايل م ين َو َراِئ َوكَان يَت ا يم َرأَِت َعاقراً فَ َه يب يل م ين لَ ُدن َيك َول ّياً * يَرثُني َويَرثُ م ين آل‬ ‫يت الي َم َو َ‬
‫اإلرث " َوإ اِّن خف ُ‬
‫ُوب َوا يج َعلي ُه َر اب َرض ّياً" ‪ ،‬وقال يف ويل أمور املسلمني –عىل ما سيأِت تحقيقه قريبا بإذن الله‪" -‬يَا أَيُّ َها‬ ‫‪14‬‬
‫يَ يعق َ‬
‫ين آ َمنُوا َم ين يَ يرتَ َّد مني ُك يم َع ين دينه ف ََس يو َف يَأيِت اللَّ ُه ب َق يومي يُح ُّب ُه يم َويُحبُّونَ ُه أَذلَّ ية َع َىل الي ُم يؤمن َني أَع َّز ية َع َىل‬ ‫الَّذ َ‬
‫ين يُ َجاه ُدونَ يف َسبيل اللَّه َوال يَخَافُو َن لَ يو َم َة الئمي ذَل َك فَضي ُل اللَّه يُ يؤتيه َم ين يَشَ ا ُء َواللَّ ُه َواس ٌع َعلي ٌم‬ ‫اليكَافر َ‬
‫الصال َة َويُ يؤتُونَ ال َّز كَا َة َو ُه يم َراك ُعونَ * َو َم ين يَتَ َولَّ‬ ‫ين يُقي ُمونَ َّ‬ ‫* إَّنَّ َا َول ُّيكُ يم اللَّ ُه َو َر ُسولُ ُه َوالَّذ َ‬
‫ين آ َمنُوا الَّذ َ‬
‫‪15‬‬
‫ين آ َمنُوا فَإنَّ ح يز َب اللَّه ُه يم اليغَالبُونَ " ‪.‬‬ ‫اللَّ َه َو َر ُسولَ ُه َوالَّذ َ‬
‫متويل شأن الغري القائم به‪.‬‬
‫والحاصل من هذه املق ّدمة أو الويل يأِت مبعنى ّ‬
‫املقدمة الثانية‪ :‬داللة "إَّنا" عىل الحرص‬
‫ال إشكال يف أن "إَّنا" من أدوات الحرص‪ ،‬ومل يُناقش يف ذلك إال من ق ّل تحصيله يف اللغة‪ ،‬ومتابعة رسيعة‬
‫الستعامل العرب لـ"إَّنا" كفيل بالقطع بثبوت داللتها عىل الحرص‪ ،‬وال بأس بذكر بعض الشواهد القاطعة‬
‫عىل داللة "إَّنا" عىل الحرص‪.‬‬
‫الشاهد األول‪ :‬قال تعاىل " َوات ُيل َعلَ ييه يم نَ َبأَ ابي َن يي آ َد َم بالي َح اق إذي قَ َّربَا قُ يربَاناً فَ ُت ُق اب َل م ين أَ َحده َام َولَ يم يُ َت َقبَّ يل‬
‫م ين اآلخَر ق ََال ألَقيتُلَنَّ َك ق ََال إَّنَّ َا يَتَ َق َّب ُل اللَّ ُه م ين الي ُمتَّق َني" ‪ ،‬فال معنى لنئ ّ‬
‫‪16‬‬
‫يبني ابن آدم امل ُه ّدد بالقتل أن‬

‫‪ 10‬البقرة‪.282:‬‬
‫‪11‬‬
‫اإلسراء‪.33:‬‬
‫‪ 12‬النمل‪.49:‬‬
‫‪ 13‬األنفال‪.34:‬‬
‫‪ 14‬مريم‪.6-5:‬‬
‫‪15‬‬
‫المائدة‪.56-54:‬‬
‫‪16‬‬
‫المائدة‪.27:‬‬
‫الله يتقبل من املتقني‪ ،‬بل ال بد من أن يكون املراد أن قبول الله تعاىل العمل ال يكون إال من املتقني‪،‬‬
‫وهذا يقتيض داللة "إَّنا" عىل الحرص‪.‬‬
‫الشاهد الثاِّن‪ :‬قال تعاىل " َوإني كَانَ ك ُ ََُب َع َليي َك إ يع َراضُ ُه يم فَإني ياستَطَ يع َت أَني تَبيتَغ َي نَفَقاً يف األَ يرض أَ يو ُسلَّامً يف‬
‫يب الَّذي َن‬‫الس َامء فَتَأيت َي ُه يم بآيَ ية َولَ يو شَ ا َء اللَّ ُه لَ َج َم َعهُ يم َع َىل الي ُه َدى فَال تَكُون ََّن م ين الي َجاهل َني * إَّنَّ َا يَ يستَج ُ‬
‫َّ‬
‫‪17‬‬
‫يَ يس َم ُعونَ َوالي َم يو ََت يَ يب َعثُ ُه يم اللَّ ُه ثُ َّم إلَ ييه يُ ير َج ُعونَ " ‪ ،‬فال معنى يف هذا السياق ملجرد بيان استجابة من‬
‫يسمع‪ ،‬بل ال بد ليرتابط السياق من أن يكون املراد أن االستجابة منحرصة مبن يسمع‪ ،‬وأما من ال يسمع‬
‫فال فائدة من إهالك النفس إلصالحه وهدايته‪.‬‬
‫الشاهد الثالث‪ :‬قال تعاىل " َوإذَا لَ يم تَأيته يم بآيَ ية قَالُوا لَ يوال ا يجتَبَييتَ َها ق يُل إَّنَّ َا أَتَّب ُع َما يُو َحى إ َ َّيل م ين َر اِّب َهذَا‬
‫بَ َصائ ُر م ين َربا ُك يم َو ُه ًدى َو َر يح َم ٌة ل َق يومي يُ يؤمنُونَ "‪ ،18‬إذ ال يخفى أنه ال يصلح أن يكون قوله تعاىل "إَّنا اتبع‬
‫ما يوحى إليه" ردا عليهم إال إن أريد الحرص بـ"إَّنا"‪.‬‬
‫ول َوا يح َذ ُروا َفإني تَ َولَّييتُ يم فَا يعلَ ُموا أََّنَّ َا َع َىل َر ُسول َنا‬
‫الشاهد الرابع‪ :‬قال تعاىل " َوأَطي ُعوا اللَّ َه َوأَطي ُعوا ال َّر ُس َ‬
‫الي َبال ُغ الي ُمب ُني"‪ ،19‬وقال " فَإ ين تَ َولَّ يوا فَإَّنَّ َا َعلَ يي َك الي َبال ُغ الي ُمب ُني"‪20‬؛ فإنه ال يخفى أن املراد من اآلية حرص‬
‫وظيفة النبي –ص‪ -‬بالبالغ يف مقابل إجبار املعاندين أو محاسبتهم‪ ،‬وهذا نظري قوله تعاىل "كَذَل َك فَ َع َل‬
‫ين م ين قَ يبله يم فَ َه يل َع َىل ال ُّر ُسل إالَّ الي َبال ُغ الي ُمب ُني"‪ 21‬الذي جاء فيه الحرص بداللة النفي واإلثبات ال‬ ‫الَّذ َ‬
‫بـ"إَّنا"‪.‬‬
‫املقدمة الثالثة‪ :‬ظهور الواو يف "وهم راكعون" يف أنها واو حالية من "ويؤتون الزكاة"‬
‫إن املتبادر من مجيء الواو قبل جملة اسمية مص ّدرة بضمري راجع إىل فاعل الجملة السابقة للواو هو‬
‫الحالية ال محالة‪ ،‬ولذلك مل يرتدد أحد يف حمل الواو يف قوله تعاىل " َحتَّى يُ يعطُوا اليج يزيَ َة َع ين يَ يد َو ُه يم‬
‫َصاغ ُرونَ "‪ 22‬وقوله "إَّنَّ َا يُري ُد اللَّ ُه ل ُي َع اذبَ ُه يم ب َها يف الي َح َياة ال ُّدنييَا َوتَ يز َه َق أَنف ُُسهُ يم َو ُه يم كَاف ُرونَ "‪ 23‬وقوله‬
‫" َو َماتُوا َو ُه يم كَاف ُرونَ "‪ 24‬عىل الواو الحالية‪.‬‬
‫املقدمة الرابعة‪ :‬الركوع هو االنحناء يف اللغة‬
‫أصل واح ٌد ُّ‬
‫يدل عىل‬ ‫من واضحات اللغة أن الركوع هو االنحناء‪ ،‬قال ابن فارس "الراء والكاف والعني ٌ‬
‫كل منحني راكع"‪.‬‬ ‫انحنا يء يف اإلنسان وغريه‪ ،‬يقال ركَ َع ال ّر ُ‬
‫جل إذا انحنى‪ ،‬و ُّ‬
‫املقدمة الخامسة‪ :‬داللة املقابلة‬

‫‪ 17‬األنعام‪.36-35:‬‬
‫‪ 18‬األعراف‪.203:‬‬
‫‪19‬‬
‫المائدة‪.92:‬‬
‫‪ 20‬النحل‪.82:‬‬
‫‪ 21‬النحل‪.35:‬‬
‫‪ 22‬التوبة‪2:‬‬
‫‪23‬‬
‫التوبة‪.55:‬‬
‫‪24‬‬
‫التوبة‪.125:‬‬
‫الظاهر من اآلية أن املؤمنني الذين ثبتت لهم الوالية مغايرون للمؤمنني املخاطبني باآلية؛ فإن الظاهر أن‬
‫املخاطب بـ"وليكم" مغاير لنفس الويل؛ فإن اليشء ال يُضاف إىل نفسه‪ ،‬وتقتيض هذه النكتة أن الذين‬
‫آمنوا يف اآلية جامعة خاصة من املؤمنني خارجني عن الخطاب العام بـ"يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ين آ َم ُنوا"‪ ،‬ويجب أن‬
‫ين آ َمنُوا"؛ فإن من غري املناسب‬ ‫تكون هذه الجامعة قليلة عددا ليحسن خطاب غريهم بعنوان "يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫الخطاب بـ"يا أيها الذين آمنوا" مع إخراج جامعة كبرية من املؤمنني من الخطاب بهذه الطريقة‪.‬‬
‫املقدمة السادسة‪ :‬داللة الجمع يف "والذين آمنوا"‬
‫الظاهر من قوله تعاىل "والذين آمنوا الذين يقيمون الصالة ويؤتون الزكاة وهم راكعون" والجمع الذي‬
‫أقله ثالثة‪ ،‬وهذا ظهر يف أن الويل من املؤمنني جامعة وليس شخصا واحدا‪.‬‬

‫تقريب االستدالل‬
‫يتم تقريب االستدالل من خالل ثالث نقاط‪:‬‬
‫متويل شأن الغري القائم به يف اللغة ويأِت مبعاني أخرى كمجيئه مبعنى‬
‫النقطة األوىل‪ :‬يأِت الويل مبعنى ّ‬
‫املحب والنارص (املقدمة األوىل)‪.‬‬
‫النقطة الثانية‪ :‬تدل اآلية عىل انحصار الوالية يف الله يف رسوله وجامعة خاصة من املؤمنني‪ ،‬ويتقرر ذلك‬
‫ببيانني‪:‬‬
‫البيان األول‪ :‬داللة "إَّنا" عىل الحرص تقتيض انتفاء الوالية عن غري الله والرسول واملؤمنني يف اآلية‪ ،‬وداللة‬
‫الواو عىل الحالية مع داللة الركوع عىل االنحناء مع داللة الجمع يف "والذين" تقتيض كون "والذين آمنوا‬
‫الذين يقيمون الصالة ويؤتون الزكاة وهم راكعون" منطبقة عىل جامعة خاصة؛ فإنه مل يتعارف عند‬
‫املؤمنني أن يؤتوا الزكاة أثناء الركوع (املقدمة الثانية ‪ +‬املقدمات الثالثة والرابعة والسادسة)‪.‬‬
‫البيان الثاِّن‪ :‬داللة "إَّنا عىل الحرص تقتيض انتفاء الوالية عن غري الله والرسول واملؤمنني يف اآلية‪ ،‬وداللة‬
‫املقابلة مع داللة الجمع يف "والذين آمنوا" تقتضيان كون "والذين آمنوا الذين يقيمون الصالة ويؤتون‬
‫الزكاة وهم راكعون" منطبقة عىل جامعة خاصة؛ فالذين آمنوا هم جامعة قليلة غري ُمخاطبة باآلية‬
‫الكرُية‪ ،‬وهذا يقتيض كونها جامعة خاصة من املؤمنني (املقدمة الثانية ‪ +‬املقدمات الخامسة والسادسة)‪.‬‬
‫فكل من هذين البيانني يُنتج انحصار الوالية يف الله والرسول وجامعة خاصة من الذين آمنوا‪ ،‬ويرتتب عىل‬
‫ذلك أن الوالية يف اآلية مبعنى تويل أمور الغري والقيام بشؤونهم؛ ألن من املعلوم أن والية املحبة والنرصة‬
‫عامة يف املؤمنني ال تنحرص بالله والرسول وجامعة خاصة من املؤمنني‪ ،‬فهذا دليل ُمحكم عىل أن الوالية‬
‫تويل شؤون الغري املساوق للسلطنة والحكم واإلمامة‪.‬‬‫يف اآلية مبعنى ّ‬
‫تويل الشأن من جهة السلطنة لجامعة خاصة يقتيض وجود أشخاص مع ّينني‬ ‫النقطة الثالثة‪ :‬ثبوت معنى ّ‬
‫قاموا بإقامة الصالة وإيتاء الزكاة وهم راكعون‪ ،‬وال يوجد من يُحتمل يف حقه هذا املعنى إال عيل بن أِّب‬
‫طالب –ع‪ -‬وجامعة من أوالده –ع‪-‬؛ فإنه ال توجد شبهة يف عدم انطباق الوالية عىل غريهم بينام يوجد‬
‫احتامل يف انطباقها عليهم –ع‪ ،-‬وإذا دار األمر بني ما يُحتمل وما يُقطع بعدمه صار ما يُحتمل مقطوعا‬
‫به كام ال يخفى‪.‬‬
‫فلام مل يكن‬
‫واملنشأ يف عدم احتامل ثبوتها لغريهم هو أن اآلية لو كانت يف غريهم لشاع ذلك وبان‪ّ ،‬‬
‫لنزولها يف غريهم عني وال أثر بطلت دعوى نزولها فيهم‪.‬‬

‫بعض الشبهات‬
‫الشبهة األوىل‪ :‬إشكالية سياق اآلية‬
‫الشبهة الثانية‪ :‬منافة التزيك للخشوع‬
‫الشبهة الثالثة‪ :‬منافاة إيتاء الزكاة لفقر أمري املؤمنني –ع‪-‬‬
‫الشبهة الرابعة‪ :‬منافاة الجمع إلرادة أمري املؤمنني –ع‪ -‬من اآلية‪.‬‬
‫الشبهة الخامسة‪ :‬داللة "وليكم" عىل االتصاف الفعيل باإلمامة مع أن األمئة –ع‪ -‬ليسوا أولياء يف زمان‬
‫النبي –ص‪.-‬‬
‫الشبهة السادسة‪ :‬نزول اآلية يف عبادة بن الصامت‬
‫الشبهة السابعة‪ :‬داللة التويل عىل املحبة والنرصة‬

You might also like