Professional Documents
Culture Documents
تج اوز التش ريع التونس ي النظري ات الكالس يكية اليس ارية للمؤسس ة كخلي ة مص الح
متضاربة ومتنازعة وحاول إرساء النظرية اللبرالية الحديثة للمؤسسة كخلي ة إلتق اء مص الح
ليست بالضرورة متجانسة وبالتالي معرضة ألزمات ككل الخاليا االجتماعية .
ولكن ه ذا المفه وم الجدي د للمؤسس ة ال يكتم ل إال إذا تم التخلص من المفه وم الف ردي
الرأس مالي الكالس يكي للمؤسس ة كمل ك خ اص للم ؤجر يتص رف فيه ا كم ا ش اء ليح ل محل ه
المفه وم الح ديث للمؤسس ة ك ثروة وطني ة يتعين المحافظ ة عليه ا من ط رفي االنت اج ،وأن
األضرار بها هو إضرار بمصالح الطرفين معا وباالقتصاد التونسي بالدرجة األولى .
وتكريسا له ذه المف اهيم الجدي دة للمؤسس ة ح اول المش رع التونس ي إيج اد آلي ات إلدارة
األزمات داخل المؤسسة لتجنيبها هزات عنيفة قد تقضي على قدرتها التنافس ية في ه ذا الوض ع
االقتصادي المتحول الذي ال مكان فيه إال للمؤسسات ذات القدرة التنافسية العالية والمتجددة.
وق د أعطى المش رع األولوي ة إلدارة األزم ات المنج رة عن النزاع ات الفردي ة للعم ل
خاصة التأديبية منها عن طريق الهياكل الداخلية للمؤسس ات والمقص ود ب ذلك مج الس الت أديب
( الجزء األول) بينما أوكل أولوية إدارة األزمات المنجرة عن النزاعات الجماعية إلى هياكل
خارج المؤسسة بعد فشل محاولة إدارتها داخليا ( الجزء الثاني) .
-1-
وبالرغم من ال دور ال ذي تق وم ب ه الهياك ل التمثيلي ة للمؤسس ة مس اهمة منه ا في إدارة
األزمات عن طريق هياكل خارجة عن المؤسسة فإننا سنحاول االقتص ار على إب راز دوره ا في
إدارة هذه األزمات داخليا نظرا ألهمية هذا ال دور في التوص ل إلى حل ول تنب ع من المؤسس ة
وبالتالي تكون مبدئيا أنجع وأكثر دواما .
-2-
الجزء األول :
النزاع ات الفردي ة متع ددة داخ ل المؤسس ة من حيث األس باب وواح دة من حيث النت اج
المتمثلة في خلق أزمات متفاوتة الحدة ،ولع ل أهم ه ذه األزم ات تل ك الناتج ة عن القط ع التعس في
لعقد الشغل وهو ما يبرر إقتصارنا على هذا النوع من األزمات.
لــم تتعرض مجلــة الشغل إلــى إدارة هـــذا النوع مــن األزمـات داخل المؤسسة إال بصفة
عرضية وذلك بالتنصيص علــى أهــم األخطــاء ال تي تبــرر إنهــاء العالقـة الش غلية وإج راءات
هذا اإلنهاء بحيث كل إخالل بهذه الشروط واإلجراءات من شأنه أن يخلق أزمة داخل المؤسس ة
باعتبار أن صــاحب العمل تعسف فــي استعمــال حقـه وبالتالي ألح ق ضــرارا مادي ا ومعنوي ا
باألجير المعني مباشرة وبكــافة أجراء المؤسسة بطريقة غير مباشرة إذ قــد يستهدفون لنفس هــذا
التعسف مستقبال.
فالمشرع في مجلة الشغل أهمل بصفة تكاد كلي ة التع رض إلى إدارة األزم ة المندلع ة
داخل المؤسسة بسبب تعسف المؤجر في ممارسة حق إنهاء العالقة الشغلية باستثناء التنص يص
على بعض المسائل اإلجرائية البسيطة كاإلعالم واقتصر على تقنين نتاج األزمة من حيث المنح
والتعويضات .
وقد يكون المشرع فوض سلطته التشريعية في هذا المجال الداخلي للمؤسس ة إلى األط راف
االجتماعية لتشرع لنفسها ما تراه مالئما إلدارة أزماتها صلب االتفاقيات المشتركة بك ل مس توياتها
التفاوضية واألنظمة األساسية للمنشآت العمومية.
-3-
فعلى عكس مجلة الشغل التي لم تتعرض إلى مجلس التأديب إال بالقول في الفصل 160
(جدي د) من مجل ة الش غل أن اللجن ة االستش ارية للمؤسس ة تنتص ب كمجلس ت أديب ف إن االتفاقي ة
المشتركة اإلطــارية واالتفاقيــات المشتركــة القطـــاعية واألنظمــة األســاسية للمنشـآت العمومية
تعرضت بأكثر دقة لهذا المجلس باعتب اره اآللي ة الرئيس ية إلدارة األزم ة المنج رة عن العقوب ات
التاديبية عامة وعن الفصل عن العمل خاصة .
ومــن خــالل القــانون التفــاوضي نتبين أن إدارة هــذا الص نف مــن األزمــات أوكــل
أساس لمجلس التأديب.فهل تسمح له تركيبت ه ب ذلك وه ل أس ندت ل ه الص لوحيات الالزم ة لض مان
موضوعويته ونجاعته؟
نرى أن مجلس التأديب يحمل في صلبه بذور عجزه وضعف نجاعت ه في إدارة األزم ات
المنجرة عن التعسف في ممارسة الحق التأديبي من طرف المؤجر وذلك لألسباب التالية :
باعتباره هيكال منبثقا عن اللجن ة االستش ارية للمؤسس ة فه و ي تركب تناص فا بين ممثلي
األجراء وممثلي صاحب العمل طبقا لتركيبة اللجنة المنبثق عنها فالفرع يتبع األصل.
ومن حيث المبدأ التركيبة التناصفية ال تعد عائقا في وج ه المجلس إلدارة األزم ات لكن
ترجيح صوت رئيسه هو الذي يضفي الخيال القانوني على التناصف الذي يتح ول من واق ع إلى
مجرد خيال ،فرئيس المجلس الذي هو المؤجر أو من يمثله يصوت كعضو ولكن في حالة تع ادل
األص وات ي رجح ص وته وبالت الي فه و ّ
ص وت كعض و ثم ك رئيس مم ا ي نزع الص فة التناص فية
الواقعية على تركيبة المجلس.
-4-
وبعض االتفاقيات المشتركة واألنظم ة األساس ية للمنش آت العمومي ة ح اولت الح د من
نفوذ رئيس المجلس وذلك بالتنصيص على أنــه فــي حالة تعادل األصوات يحــال الملف الت أديبي
إلى الم ؤجر ال ذي ال يمكن ه تش ديد العقوب ة المقترح ة من ط رف المجلس .ه ذه المحاول ة تبقى
محددوة الفاعلية إذا لم يتمتع المجلس بالموضوضعية والحي اد خاص ة في المؤسس ات ال تي ال
تكون فيها النقابة األساسية ممثلة في هذا الهيكل .
األمر عدد 30الم ؤرخ في 9ج انفي 1995وك ذلك النص وص المنظم ة للتمثي ل غ ير
النقابي داخل المنش آت العمومي ة لم تنص على ح ق النقاب ة األساس ية في التمثي ل ص لب مجلس
الت أديب ،فكم ا س لف ذك ره ينبث ق ه ذا المجلس عن اللجن ة االستش ارية أو اإلداري ة للمؤسس ة
(حسبما تكون منظمة باتفاقية مشتركة أو بنظام أساسي) وباعتبار أن الترشح لعضوية هذه اللجنة
مفتوح مبدائيا لكل أج راء المؤسس ة الق ارين الب الغين من العم ل 20س نة على األق ل وغ ير
مقتصر على األجراء النقابيين فقد تغيب النقابة األساسية عن ه ذه اللجن ة وال تك ون ممثل ة ول و
بطريقة غير مباشرة عن طريق أحد األجراء المنخرطين بها .
فغياب التمثيل النقابي صلب مجلس التأديب ليس عامال مساعدا إلدارة ه ذه األزم ات وق د
يحد بشكل كبير من نجاعة هذا الهيكل نظرا للثقل التمثيلي الذي للنقابة داخل المؤسس ة مقارن ة
باللجنة االستشارية أو اإلدارية للمؤسسة وكذلك بسبب إختالف الطبيعة والمه ام فالنقاب ة هيك ل
نظالي واللجنة هيكل استشاري توفيقي.
قد يكون دور المجلس أنجع لو أن القانون التفاوض ي في القط اعين الخ اص والع ام وك ذلك
النصوص القانونية والترتيبية ذات الصلة نصت على وجوب التمثي ل النق ابي اآللي ب المجلس إلى
جانب التمثيل غير النقابي إن اقتضى األمر .فهذا التمثي ل ق د يض في مص داقية أك بر على دور ه ذا
الهيكل في إدارة األزمات واكتسابه مزيدا من الموضوعية والحي اد والخ وف من أن تتح ول اللجن ة
-5-
االستش ارية أو اإلداري ة أو مجلس الت أديب إلى نقاب ة في غ ير موض عه نظ را الختالف مه ام ه ذه
الهياكل عن مهام النقابة .
اإلنحياز اآللي وغير المشروط للمثلي اإلدارة للمؤجر وممثلي األجراء لألجير المعني يفقد
المجلس الكثير من نجاعته في إدارة األزمات .
وعلى المستوى الواقعي العملي يب دو أن اللجن ة االستش ارية أو اإلداري ة للمؤسس ة تعم ل
باألساس كمجلس تأديب على حساب مهامها األخرى المتعددة والتي من شأنها أن تساهم في الوقاي ة
من األزمات داخل المؤسسة .
وانحي از ممثلي اإلدارة وفي بعض األحي ان ممثلي األج راء خاص ة في غي اب التمثي ل
النق ابي للم ؤجر س واء خوف ا أو تقرب ا من ه يجع ل من ه ذا المجلس أداة لتعمي ق األزم ات وليس
إلدارتها حيث يتحول إلى مجرد هيكل إضفاء الص بغة القانوني ة المبدئي ة على عقوب ات تعس فية
قد يكون المؤجر إتخذها مسبقا أو أمر بآتخاذها مهما ك انت األدل ة المقدم ة للمجلس على ب راءة
األجير مما يطرح خاصة إشكالية غياب حماية ناجعة لممثلي العملة بالمجلس.
نص الفصل ( 166جديد) من مجلة الشغل على حماي ة ألعض اء مجلس الت أديب ض د
تعس ف الم ؤجر باعتب ارهم أعض اء باللجن ة االستش ارية للمؤسس ة غ ير أن ه ذه الحماي ة تبقى
ض عيفة الج دوى وال تس اعد المجلس على إدارة األزم ات بموض وعية وحي اد وذل ك لع دة
أسباب أهمها :
-6-
)1إقتص ار الحماي ة على ممثلي العمل ة وإقص اء ممثلي اإلدارة مم ا يعم ق من تبعيتهم
االّمشروطة للمؤجر والخضوع ألوامره المسبقة وبالت الي فق دان الموض وعية والحي اد
في إدارة األزمة هذا إضافة إلى إمكانية استبدالهم بأعض اء أخ رين حس ب رغب ة الم ؤجر
ومصالحه
)2إقتصار الحماية على الطرد دون غيره من العقوبات التأديبية .
)3غي اب حماي ة خاص ة ب الممثلين النق ابيين داخ ل المجلس حيث يتمتع ون بالحماي ة
المخصصة ألعضاء اللجنة االستشارية للمؤسسة باعتبار أن تم ثيلهم ب المجلس ليس على
أساس صفتهم النقابية بل على أساس عضويتهم باللجنة المذكورة .
)4الصبغة الشكلية للحماية حيث أنها تقتصر على أخ ذ رأي اللجن ة االستش ارية ثم أخ ذ
رأي متفقد الشغل فاألمر يقتصر على مج رد إج راءات يتعين على الم ؤجر القي ام به ا
دون وجوب اإلل تزام بم ا تس فر عن ه حيث يبقى ص احب الق رار األخ ير وق د ال يعت بر
قراره تعسفيا بالرغم من مخالفته لرأي اللجنة ورأي متفقد الشغل معا ش ريطة إقن اع
المحكمة بما قرره .
)5غي اب نص ق انون أو تعاق دي يج بر الم ؤجر على إرج اع ممثلي العمل ة ب المجلس
المطرودين تعس فيا وإن ك ان من الناحي ة القانوني ة ال ش يء يمن ع المح اكم من القض اء
باإلرج اع للعم ل وإبط ال الط رد إستئناس يا بق رارات محكم ة التعقيب القاض ية بإبط ال
عقوبات تأديبية تعسفية أقل درجة من الطرد .
لكن إبطال الطرد والقضاء باإلرجاع في غي اب نص ق انوني يج بر الم وجر على تنفي ذ
األحكام تحت طائل ة عقوب ات ردعي ة يص بح مض يعة ل وقت األج ير ال ذي ليس ل ه إال
الرجوع مجددا للقضاء للمطالبة بالتعويض عن الطرد .
)6غياب تعويض خ اص بممثلي العمل ة المط رودين تعس فيا حيث ك ان ربم ا إلض فاء
بعض النجاعة والفاعلية على هذه الحماية أن ينص المشرع على حرية القاضي في تقدير
غرامة الطرد التعسفي لممثل العملة أو أن يضبط لها سقفا أعلى من السقف المحدد لباقي
العملة وكذلك الشأن بالنسبة لمكافأة نهاية الخدمة إلثناء أصحاب العمل على أخذ قرارات
تعسفية ضد ممثلي العملة حماي ة للتمثي ل العم الي داخ ل المؤسس ة لكي يق وم ب دور فع ال
-7-
ومس تقل في إدارة األزم ات دون خ وف من رد فع ل ص احب العم ل ب الرغم من أن ه يبقى
صاحب القرار األخير خاصة في حالة تعادل األص وات بحكم غي اب ط رف محاي د يفص ل
بين الموقفين .
وت دخل ط رف محاي د في ه ذه الحال ة في إدارة األزم ة داخلي ا ي نزع عن األج ير ص فة
الخصم والحكــم التــي تجعــل مــن اجتمـــاع المجلس مجـــرد إجراء شكلــي إلضفــاء الشرعيــة
على عقوبات قد تكــون تعسفية وتضــفي علــى هذا الهيكل بعض النجاعة المتمثلة في الصبغة
اإللزامية المبدئية للطرفين لرأي المحكم غير أنه بإمكانهم ا ع دم اإلل تزام به ذا ال رأي ش ريطة
إثبات مخالفته للصواب أمام القضاء عند عرض الخالف عليه .
أما والحالة على ما هي عليه من تدخل بعض المؤجرين لتوجيه مجلس الت أديب في بعض
المؤسسات الخاصة أو العامة وفي بعض األحيان تقرير ما يجب اتخ اذه ف إن م ا ورد في بعض
اإلتفاقيات المش تركة واألنظم ة األساس ية من وج وب إحال ة المل ف على الم ؤجر في حال ة تع ادل
األصوات أو من عدم جواز التشديد في العقوبة المقترحة يبقى محدود الجدوى .
يبدو من خالل م ا عرض ناه بالنس بة إلدارة األزم ات المنج رة عن النزاع ات الفردي ة أن
المشرع لم يوفر آلية ذات نجاعة عالية إلدارة هذه األزمات داخليا فهل وفق في وضع آليات ناجعة
-8-
إلدارة األزمات المنجرة عن النزاعات الجماعية بحكم تأثيره ا ال ذي يك ون مب دئيا أش د س لبية على
المناخ االجتماعي من النزاعات الفردية ؟ .
ومحاولة منه توفير أكثر ما يمكن من فرص إنجاح إدارة هذه األزمات داخليا أوكل المشرع لللجنة
االستشارية للمؤسسة دورا توفيقيا بين المؤجر والنقابة فهل وفق في ذلك ؟.
-9-
الجــزء الثــاني :
خالف ا إلدارة النزاع ات الفردي ة داخ ل المؤسس ة ال تي أوك ل المش رع تنظيمه ا أس اس
لألطراف االجتماعية في النصوص التفاوض ية فق د إنف رد بتنظيم إدارة األزم ات المنج رة عن
النزاعات الجماعية باعتبارها تنعكس مباشرة على النظام العام.
واألهمية التي أوالها المشرع إلدارة األزمات المنجرة عن النزاعات الجماعية بمختل ف
أسبابها تبرز جليا من خالل مراجعة أحاكم مجلة الشغل المتعلقة بالنزاعات الجماعية للشغل ،فمن ذ
صدور مجلة الشغل سنة 1966أكثر الفصول التي خضعت للمراجعة تلك المتعلقة بإدارة األزمات
المنج رة عن النزاع ات الجماعي ة به دف تجنب اإلض رابات بك ل الوس ائل وض ع آلي ات داخ ل
المؤسس ة وخارجه ا م ع الح رص على تناس ق التش ريع التونس ي م ع االتفاقي ات الدولي ة ذات
الصلة وخاصة االتفاقية رقــم . 87
وق د أوك ل المش رع مس ؤولية إدارة ه ذه األزم ات داخ ل المؤسس ة للنقاب ات تجنب ا ألي
تعارض مع االتفاقيات الدولية وفقه قضاء لجنة الخبراء بالمنظمة الدول ة للعم ل بش أن الحري ات
النقابية .
-10-
أوال :إدارة األزمات عن طريق اللجنة االستشارية للمؤسسة :
نص الفصل ( 376جديد ) من مجلة الشغل على وجوب ":عرض كــل صــعوبة تنشــأ بين
المؤجر والعملة من شأنها أن تثير نزاع شغل جمــاعي على اللجنــة االستشــارية للمؤسســة قصــد
إيجاد حلول ترضي طرفي النزاع ،وإذا لم يتم فض الخالف داخل المؤسسة يقع عرضه وجوبــا
من قبل أكثر الطرفين حرصا على المكتب الجهوي للتصالح"...
نرى أن المشرع ق د أقحم اللجن ة االستش ارية للمؤسس ة في إدارة أزم ة ال عالق ة له ا به ا
وبالتالي من الصعب أن يكون تدخلها ذا جدوى كبيرة بل من شأنه أن يقسم الوحدة العمالي ة إلى
مؤيد ومناهض لكيفية إدارة األزمة وه ذا وإن يب دو ظاهري ا لفائ دة الم ؤجر لكن في الواق ع ه ذا
التقسيم قد يؤدي إلى تعميق األزمة وصعوبة إدارتها سلميا.
وحتى وإن تم حلها فإن تأثير هذا التقسيم سيكون عميقا على األمد القصير وربم ا المتوس ط
وسينعكس على المناخ االجتماعي داخل المؤسس ة وبالت الي على ق درتها االنتاجي ة والتنافس ية في
هذا الوضع االقتصادي الذي ما انفكت تشتد فيه المنافسة.
وقد كان باإلمكان للجنة االستشارية للمؤسسة أن تقوم بدور أنجع في إدارة ه ذه األزم ة
لو كانت تركيبتها مختلف ة لم ا هي علي ه اآلن بحيث يك ون الط رف النق ابي ممثال فيه ا آلي ا أو أن
يوكل للنقابة األساسية أولوية تقديم الترش حات لعض وية ه ذه اللجن ة أو تزكي ة ه ذه الترش حات
بحيث ال تقبل الترشحات األخرى إال في حالة عدم قيام النقاب ة به ذا ال دور كم ا ه و في العدي د من
البلدان األخرى لتجنب المنافسة السلبية بين التمثيل النقابي والتمثيل غ ير النق ابي .ووج ود تمثي ل
نقابي داخل اللجنة االستشارية للمؤسسة من شأنه تنسيق المواق ف بين النقاب ة األساس ية وبين ه ذا
الهيكل في إدارة األزمة.
-11-
أما بتركيبتها الحالية فمن الصعب تحقيق النجاعة الكافية إلدارته ا ألزم ة من المف روض
أن تتم إدارتها من طرف النقابة بالتفاوض مع الم ؤجر أي بين الط رفين المعن يين به ا مباش رة
وليس مع من ليس طرفا فيها .
وحتى على المستوى القانوني من الصعب تطبيق الفصل ( 376جديد) السالف الذكر بالرغم
من أنه ورد في صيغة الوجوب "يتعين" ويدخل في باب اإلجراءات القانوني ة لص حة اإلض راب
ألن محاول ة إدارة ه ذه األزم ة من ط رف اللجن ة من المف روض أن يك ون خالل م دة التنبي ه
باإلضراب المحددة بعشرة أيام فالمقصود من قول المشرع " من شأنها أن تثير نزاع شغل جماعي
" هو التهديد بإضراب.
كما أنه خالل هذا األجل يتعين اللجوء إلى الهياكل الصلحية خارج المؤسسة بعد فشل اللجنة
في التوصل إلى حل يرضي الطرفين لمحاولة الصلح بينهما.
ونتساءل عن مدى تطابق ه ذا اإلج راء المتمث ل في اللج وء إلى اللجن ة االستش ارية للمؤسس ة من
طرف النقابة باعتبارها الطرف الحريص على إضفاء الصبغة القانونية على اإلض راب ب احترام
كافة اإلجراءات المنصوص عليها مع روح اإلتفاقي ات الدولي ة بش أن الحري ات النقابي ة وخاص ة
فقه قضاء لجنة خبراء المكتب الدولي للعمل الذي يؤكد على إزاح ة ك ل إج راء من ش أنه أن يح ّد
من الممارسة الحرة للحق النق ابي وخاص ة ح ق اإلض راب ال ذي يمكن اعتب اره كطريق ة إلدارة
أزمة داخل المؤسسة من طرف النقابة.
باعتبار أن النقابة هي عادة الهيكل األك ثر تمثيلي ة داخ ل المؤسس ة وبص فتها الم دافع عن
الحقوق المعنوية والمادية ألجراء المؤسسة فهي القادرة دون غيره ا على إدارة األزم ات المنج رة
عن النزاعات الجماعية للعمل .
-12-
وتطور العمل النقابي في تونس يبرز خاص ة من خالل ع دم تقوق ع النقاب ات في دوره ا
المطل بي الم ادي التقلي دي ال ذي تعدت ه إلى المطالب ة ب الحقوق المعنوي ة لمنخرطيه ا وبتحس ين
ظروف وبئة العمل عموما .
وقد تنشأ بعض األزمات داخل المؤسسة بين النقاب ة وص احب العم ل عن د قيامه ا بمهامه ا
توصف بالنزاعات الجماعية باعتبارها تتعلق بحقوق ومط الب تهم مجموع ة من العم ال أو كلهم .
ومن خالل مجلة الشغل نتبين جليا أن المش رع أعطى األولوي ة المطلق ة للح وار في إدارة ه ذا
النوع من األزمات .
كما أنه خالف إلدارة األزمات المنجرة عن النزاعات الفردية للعمل أولى المشرع األولوية
إلدارة األزمات المنجرة عن النزاعات الجماعية لهياكــل صلحية خارجــة عن المؤسســة لكن
دون تهميش الهيكل النقابي الذي يبقى الطرف األساسي في التوصل إلى اتفاق صلحي.
وإعطاء المشرع األهمية البالغة للحوار كطريق ة إلدارة األزم ات داخ ل المؤسس ة ال يح ول دون
حق النقابة في اللجوء لإلضراب بعد فشل الحوار داخل وخارج المؤسسة وإال فإن التشريع التونسي
يصبح متناقضا مع االتفاقيات الدولية المتعلقة بالحريات النقابية .
ونرى أن اإلضراب ليس أزمة في حد ذاته بقدر ما هو آلية إلدارة أزمة .فاألزمة ق د تتعل ق
بعدم قيام المؤجر بأحد إلتزاماته القانونية أو التعاقدية كعدم إحترام الحق النقابي أو عدم دفع األج ور
في أجالها أو عدم تنفيذ إتفاق أبرمه أو غير ذلك من اإللتزامات .
وقد تظطر النقابة بعد فشل الحوار إلى إدارة هذه األزمة عن طريق اإلضراب لدفع صاحب
العمل نحو تنفيذ إلتزماته وبالتالي الوصول إلى ح ل له ذه األزم ة ق د يخل ف انعكاس ات س لبية على
المناخ االجتماعي داخل المؤسسة .
-13-
وبالرغم من أن ه من المب ادئ القانوني ة أن اإلض راب الق انوني يعل ق العالق ة الش غلية فإن ه
يتعين عدم الخلط بين عقد الشغل الذي يج ّمد بفعل اإلضراب وبين عقد الوكال ة ال ذي بموجب ه أوك ل
العمال مهمة الدفاع عن حقوقهم المادي ة والمعنوي ة لمن يمثلهم في إط ار نقاب ة أساس ية وال ذي يبقى
قائما خالل اإلضراب.
فالعالقة الشغلية تنبثق عن إرادة المؤجر كطرف وبالتالي له أن يعلقها بينم ا العالق ة النقابي ة
التمثلية تنبثق عن إرادة العمال وال يمكن لغيرهم تعليقها حيث ال دخل للمؤجر فيها .وقيام العالق ة
التمثيلية للممثليين النقابيين وغير النقابيين تمكنهم من مواصلة مه امهم التمثيلي ة ب الرغم من تعلي ق
عقود شغلهم بسبب اإلضراب أو اإليقاف عن العمل بعقوبة تأديبية والهدف من إبقاء الصفة التمثيلية
هو تمكين هؤالء من إدارة األزمة بكل الوسائل من الحوار إلى اإلضراب .
ومن الخطاء القول أن الصفة التمثلية النقابية أو غير النقابية تج د مص درها في عق د الش غل
وفي صفة ممثل العملة في أنه أجير قبل كل شئ ألن في ذل ك إفش ال ك ل مح اوالت إدارة األزم ات
داخل المؤسسة للتوصل لحلول لها .
فإذا علقت الصفة التمثلية لألجير كنتيج ة لتعلي ق عق د ش غلهم تنتفي عن ه ك ل ص فة قانوني ة
إلدارة األزم ات وإب رام اتفاقي ة ص لحية م ع الم ؤجر لحله ا بص رف النظ ر عن نوعي ة األزم ات
وأسبابها وإبرام االتفاقات لحلها ال يكون إال من طرف النقابة دون غيرها باعتبارها الهيكل التمثلي
الوحيد الذي يتمتع بالشخص ية القانوني ة وال تي يس تمدها من المركزي ة النقابي ة كف رع منه ا بخالف
اللجنة االستشارية للمؤسسة التي تفتقد لهذه الشخصية التي تخولها إلى إداراة األزمات المنج رة عن
النزاعات الجماعية وحلها بمقتضى إبرام اتفاقات مع المؤجر.
فمن صالح المؤجر أن يكون بالمؤسسة هياكل تمثلية للعملة وخاصة نقاب ة أساس ية أو ن واب
نقابيين كما في صالحه أو تكون هذه النقابة قوية ألن ه في حال ة إن دالع أزم ة داخ ل المؤسس ة يمكن
إدارتها وحلها عن طريق الممثلين النق ابيين وفي غي اب ه ؤالء ق د تس تفحل ه ذه األزم ة ويص عب
حلها.
-14-
وحتى إن توصل المؤجر إلى حلها بطريقة آحادية الجانب أو عن طريق هيك ل آخ ر غ ير
النقابة قد يكون هذا الحل آنيا وبالتالي ال يحق ق إال س لما اجتماعي ا س طحيا ومص طنعا ي ؤثر س لبا
على إنتاج المؤسسة كما وكيفا بالتالي على قدرتها التنافسية الضامنة الوحيد لبقائها في هذا الظ رف
االقتصادي المتحول .
كما أن إضعاف النقابة داخل المؤسسة قد يخ دم مص لحة الم ؤجر ظاهري ا لكن عن د إن دالع
األزمات تعجز هذه النقابات على إدارتها والتوصل إلى حل لها ألنها قد تكون فق دت الش يء الكث ير
من مصداقيتها إزاء منخرطيها وبالتالي من األنجع واألنفع للمؤجر التعام ل م ع نقاب ة قوي ة ذات
مصداقية أفضل من التعامل مع نقابة ضعيفة فاقدة المصداقية الكافية التي تمكنها من إدارة األزمات
وحلها بنجاعة لثقة األجراء فيها.
وبالرغم من التأكيد على دور النقابات في إدارة األزمات داخل المؤسس ة بص فة مباش رة أو
غير مباشرة من خالل مختلف النصوص الصادرة عن المنظمة الدولية للعمل ذات الصلة وتك ريس
هذا الدور وطنيا واقعا وقانونا ،صراحة وضمنيا فإن المشرع التونسي خالف ا لعدي د التش ريعات في
البلدان األخرى مازال متمسكا بعدم تمتيع النائب النقابي بحماية خاصة ضد تعسف المؤجر أو ح تى
توسيع الحماية التي يتمتع بها النواب غ ير النق ابيين ب الرغم من محدودي ة نجاعته ا لتش مل الن واب
النقابيين.
وهذه الحماية من شأنها أن ترفع في مردودية النواب النقابيين عند إدارتهم لألزم ات داخ ل
المؤسسة بالتوصل إلى حل ول جذري ة ونهائي ة تجنب إن دالع ه ذه األزم ات من جدي د بس بب قب ول
جزئية خوفا من تعسف صاحب العمل ضد الممثلين النقابيين الذي يصل إلى حد الطرد.
-15-
وغياب حماية قانونية ناجعة للممث ل النق ابي في ح د ذات ه منب ع لألزم ات داخ ل المؤسس ة
خاصة عند قيام المؤجر بطرده حيث تض طر النقاب ة األساس ية إلى إرس اء حماي ة واقعي ة تعويض ا
للحماية القانونية المفقودة وذلك بفرض إرجاع النائب النقابي المطرود تعسفيا إلى س الف عمل ه عن
طريق التهديد باإلضراب أو حتى شنه إن إقتضى األمر ذلك وهي حماي ة أنج ع بكث ير من الحماي ة
القانونية التي أقصى منها المشرع النواب النقابيين.
كان إذن بإمكان المشرع تجنيب المؤسسة عديد األزمات الناتجة عن غياب حماية النواب
النقابيين لو نص على مثل هذه الحماية لفائدتهم حيث يتم اللجوء إلى القضاء عوضا عن اللجوء
إلى اإلضرابات لفرض الحماية المنشودة وهو ما يؤك د ض رورة مص ادقة ت ونس على اإلتفاقي ة
الدولية بشأن حماية النواب النقابيين .
-16-