You are on page 1of 21

‫اجمللد ‪ / 04‬الع ــدد‪ 03 :‬خاص (‪ ،)2021‬ص ‪129 -109‬‬ ‫جملـة االقتصاد والبيئة‬

‫مجلس اإلدارة وحوكمة املؤسسة العمومية‬


‫‪The Board of Directors and Corporate Governance‬‬
‫موالي علي‬
‫‪MOULAI Ali‬‬
‫جامعة وهران ‪( 1‬اجلزائر)‪moulai.ali@univ-oran1.dz ،‬‬
‫تاريخ النشر‪2021/11/10 :‬‬ ‫تاريخ القبول‪2021/11/06 :‬‬ ‫تاريخ االستالم‪2021/07/12 :‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على دور مجلس اإلدارة كآلية داخلية في حوكمة املؤسسات‬
‫العمومية االقتصادية على ضوء بعض النظريات التعاقدية وعلى ضوء املالحظات التجريبية امليدانية‪ .‬وقد‬
‫تمت معالجة موضوع الدراسة من زاويتين مختلفتين أساسيتين هما‪ :‬الهياكل واملهام‪ .‬كما تم إسقاط‬
‫الجانب النظري على املالحظات امليدانية في بعض املؤسسات العمومية االقتصادية وذلك على خلفية‬
‫نظرية الحوكمة ونظرية الوكالة‪.‬‬
‫وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها‪ :‬أن مجلس اإلدارة كآلية للحوكمة لم يؤثر على طبيعة‬
‫حوكمة املؤسسات االقتصادية العمومية ونجاعتها‪ ،‬إضافة إلى أن هذه الهيئة التنظيمية تنشط ضمن بيئة‬
‫اقتصادية الزالت تتميز ببصمة الدولة كقوة عمومية مؤثرة في قرارات املؤسسة العمومية االقتصادية‪.‬‬
‫كلمات مفتاحية‪ :‬حوكمة‪ ،‬مجلس إدارة‪ ،‬نماذج حوكمة املؤسسات‪ ،‬آلية داخلية للحوكمة‪.‬‬
‫تصنيفات ‪G30 :JEL‬؛ ‪G34‬؛ ‪G38‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The objective of this study is to highlights the role of the board of directors as an internal‬‬
‫‪mechanism in the governance of public economic institutions in the light of some contractual‬‬
‫‪theories and in the light of empirical field observations. The subject was addressed from two‬‬
‫‪different basic angles: structures and tasks.‬‬
‫‪Where rotation when analyzing, the theoretical aspect was dropped on field‬‬
‫‪observations in some public economic institutions, against the background of governance‬‬
‫‪theory and agency theory.‬‬
‫__________________________________________‬
‫املؤلف املرسل‪ :‬موالي علي‪ ،‬اإليميل‪moulai.ali@univ-oran1.dz :‬‬

‫‪109‬‬
‫موالي علي‬

‫‪Therefore, the study reached several results such as: the board of directors as a‬‬
‫‪governance mechanism did not affect the nature and efficiency of the governance of public‬‬
‫‪economic institutions. That, this regulatory body is active within an economic environment,‬‬
‫‪that is still characterized by the imprint of the state as a public force influencing the decisions‬‬
‫‪of the public economic institution.‬‬
‫‪Keywords: Governance; board director; corporate governance models, internal mechanism‬‬
‫‪of governance.‬‬
‫‪Jel Classification Codes : G30 ; G34 ; G38‬‬

‫‪ .1‬مقدمة‪:‬‬
‫إن دراسة موضوع حوكمة الشركات ال بد أن يشتمل على كتابات العاملين بارن ومينز‬
‫باعتبارهما أول من اهتم بدراسة هيكل امللكية وأثرها على أداء املؤسسات الحديثة ‪(BROUARD ,F‬‬
‫)‪ .)et DI VITO , 2008‬إذ يرتكز هذا االهتمام على العالقة القائمة بين املالكين واملديرين املسيرين‬
‫حيث يميل كل طرف إلى تجسيد هذه العالقة على النحو األمثل في سياق عالقة وكالة تكون بين‬
‫املالكين حملة األسهم واملديرين املسيرين أثناء تجسيد عملية الحوكمة‪.‬‬
‫في نموذج الحوكمة‪ ،‬تتميز الدراسات التجريبية بهيمنة اإلطار التعاقدي لنظرية الوكالة‬
‫) ‪ (Fama E F et Michael C.J, 1983‬أين يتم تسليط الضوء على مجلس اإلدارة (‪ )CA‬باعتباره ً‬
‫جهازا‬
‫ً‬
‫مركزيا للحكومة من خالل بعدين‪ :‬أحدهما يتعلق ببنيته والثاني بمهمته‪.‬‬
‫‪ 1.1‬إشكالية البحث‪:‬‬
‫مما تقدم يمكن طرح إشكالية الدراسة وفق الصيغة التالية‪:‬‬
‫هل كان ملجلس اإلدارة بصفته آلية داخلية لحوكمة املؤسسة دورفعال في حوكمة املؤسسات‬
‫العمومية االقتصادية في الجزائر ؟‬
‫‪ 2.1‬فرضيات البحث‪:‬‬
‫انطالقا من اإلشكالية املطروحة تقوم الدراسة باختبار الفرضيات التالية‪:‬‬
‫مجلس اإلدارة كآلية للحوكمة لم يؤثر على طبيعة حوكمة املؤسسات االقتصادية العمومية‪،‬‬ ‫•‬
‫ونجاعتها‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫مجلس اإلدارة وحوكمة املؤسسة العمومية‬

‫طريقة ممارسة الرقابة على املؤسسات االقتصادية العمومية كان لها اثر كبير على الحذر‬ ‫•‬
‫الشديد لدى أعضاء مجالس اإلدارة عند التصويت على اللوائح‪ ،‬وكبح مبادرات التسيير لدى‬
‫املسيرين الرئيسيين (املدراء العامين)‪.‬‬
‫‪ 3.1‬أهمية البحث‪:‬‬
‫تنبثق أهمية الدراسة من أن دور املؤسسات العمومية االقتصادية الزال مهما على مستوى‬
‫االقتصاد الوطني كموضوع الساعة‪ ،‬وكونه يتطرق إلى آلية من آليات حوكمة هذه املؤسسات فإنه‬
‫يضفي عليه صفة األصالة‪.‬‬
‫‪ 4.1‬أهداف البحث‪:‬‬
‫يتمثل هدف الدراسة في تسليط الضوء على هذين البعدين ودورهما في عمل هذه الهيئة‬
‫اإلدارية في املؤسسات العمومية‪ ،‬حيث تشمل هذه األبعاد ما يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬البعد الهيكلي‪ :‬الذي يتضمن‪:‬‬
‫تعيين أعضاء مجلس اإلدارة وانتخاب رئيس هذا املجلس‬ ‫‪-‬‬
‫مساهمات أعضاء مجلس اإلدارة الخارجيين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ب‪-‬البعد املهماتي ‪ :‬النابج عن قبول التفويض ‪ :‬يشمل ما يلي‪:‬‬
‫تحديد األهداف‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مراقبة وتقييم أداء الشركات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 4.1‬منهج البحث‪:‬‬
‫من أجل تحديد وتطويق عناصر اإلجابة على هذه اإلشكالية ارتكزنا من الناحية النظرية على‬
‫النظريات التعاقدية للمنظمات وال سيما نظرية الوكالة‪ ،‬من خالل االعتماد على املالحظات املستقاة‬
‫من وظائفنا املمارسة فعال على مستوى املؤسسات االقتصادية العمومية وذات الصلة مباشرة‬
‫بموضوع البحث (عضو في مجلس إدارة عدة مؤسسات عمومية‪ ،‬ورئيس مجلس إدارة‪ ،‬ومدير عام)‪،‬‬
‫يجعل من املنهجية املتبعة في كتابة هذه الدراسة منهجية نوعية أساسها إعادة تجربة مع سرد حقائق‬
‫مرصودة‪.‬‬
‫‪ 5.1‬هيكل البحث‪:‬‬
‫لتحقيق الغرض املرجو من البحث‪ ،‬قمنا بتناول الدراسة من خالل ثالثة محاور أساسية‬
‫واملتمثلة في‪:‬‬

‫‪111‬‬
‫موالي علي‬

‫املحوراألول ‪ :‬مفهوم حوكمة الشركات واآلليات املرتبطة به‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫املحورالثاني‪ :‬مجلس اإلدارة كآلية حوكمة داخلية للمؤسسة العمومية‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬املحور الثالث‪ :‬خصائص عمل مجلس إدارة املؤسسة العمومية‪ ،‬كنتيجة اإلسقاط‬
‫النظري‬
‫‪ .2‬مفهوم حوكمة املؤسسات واآلليات املرتبطة بها‬
‫‪ 1.2‬مفهوم الحوكمة‪:‬‬
‫إن معنى املفهوم أو النظرية " هو مفهوم عملي بشكل بارز‪ ،‬وبالتالي الحاجة إلى استنطاق‬
‫العواقب املترتبة على تبنيه")‪(Létourneau.A.p. 01, 2009 , hors série 06‬‬
‫اذن فمن املهم للغاية أن نعود إلى معنى مفهوم الحوكمة وجدواه من املنظور العملي‪ ،‬مع العلم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بأن " الحوكمة كثيرا ما تشير إلى تعريف أكثر مرونة ملمارسة السلطة‪ ،‬استنادا إلى املزيد من االنفتاح‬
‫لعملية صنع القرار‪ ،‬والالمركزية‪ ،‬والوجود املتزامن لعدة أوضاع قانونية للجهات الفاعلة" ‪(Pitseys,‬‬
‫)‪J p214, 2010‬‬
‫من ثم فإن معنى هذا املفهوم يجب البحث عنه في أداء املنظمات حيث مشاكل التنسيق‪،‬‬
‫تظهر على مستوى املؤسسة أو الدولة أو املجتمع ‪.‬نحن نتحدث إذا عن حوكمة الشركات‪ ،‬ولكن أيضا‬
‫الحوكمة االجتماعية‪ ،‬والسياسة وغيرها‪.‬‬
‫أصل كلمة الحوكمة هي كلمة يونانية األصل ‪ ، kuberer‬و التي تعني قيادة سفينة ‪.‬تطورت‬
‫هذه الكلمة عبر التاريخ‪ ،‬ووفقا للمجتمعات التي تبنتها ‪ ،‬ولدت الفعل الالتيني ‪ ، gubernare‬من هناك‬
‫‪ ،‬جاءت عدة مصطلحات وبعدة لغات ‪ .‬نجدها في اللغة الفرنسية بمعنى الحكومة ‪ ،‬والحكم ‪ ،‬وترجمة‬
‫لكلمة "الحكم" في اللغة اإلنجليزية)‪ ، (H.Shorter 2019‬بل وحتى كلمة السلطة‪ ,‬و من خالل الترجمة‬
‫اإلنجليزية أعيد طرح مفهوم الحوكمة مرة أخرى لتعني فن أو أسلوب الحكم‪(Paye, o , 2005) .‬‬
‫لقد وضع مفهوم الحوكمة جانبا لفترة طويلة بسبب استخدامه باللغة الفرنسية لوصف‬
‫الوضع الخاص ملناطق معينة في الشمال الفرنس ي)‪ (conseil du département, 2015‬وحاالت‬
‫االستعمار‪ ،‬التي كان يشار إليها آنذاك بالحكومة و‪/‬أو املحافظات‪.‬‬
‫هذا املفهوم ال يرتبط بنظام أو مجال واحد‪ ،‬بل هو موجود في عدة مجاالت من النشاط وفي‬
‫عدة تخصصات‪ .‬في التسعينات ‪ ،‬اكتسح معظم العلوم االجتماعية‪:‬‬
‫• في العلوم االقتصادية‪ ،‬يسمح مفهوم الحوكمة‪ ،‬في املنظور املؤسس ي الذي افتتحه رونالد كوس‬
‫ويؤكد على الحاجة إلى إدخال مفهومي تكاليف املعامالت وحقوق امللكية ‪(Bertrand.Elodie, 2017).‬‬
‫‪112‬‬
‫مجلس اإلدارة وحوكمة املؤسسة العمومية‬

‫سمحت هذه املفاهيم ألوليفي ويليامسون بإضفاء الطابع الرسمي على اآلليات التي تضمن‬
‫تنسيق األنشطة االقتصادية داخل الشركة بخالف التبادل أو التسلسل الهرمي ‪(Chevalier,J,‬‬
‫‪2003).‬‬
‫• كما أن مفهوم الحوكمة مفهوم مركزي في نظرية العالقات الدولية‪ .‬وسوف يعمل هذا النظام‬
‫ً‬
‫على حساب األشكال الجديدة لتنظيم مجتمع دولي يتزايد تجزئته وتباينه ويظل السؤال مطروحا‬
‫بشأ ن "كيفية الجمع بين كل الجهات الفاعلة العاملة على الساحة الدولية لتنظيم املشاكل العاملية‬
‫‪ ،‬والتي لديها تعاريف مختلفة وال تهمها بنفس الدرجة‪(Smouts M.C p136, 1998).‬‬
‫في تخصصات أخرى‪ ،‬في العلوم السياسية مثال)‪ (Leca,Jean, 1995‬أو في العلوم اإلدارية‪ ،‬تم‬
‫تأكيد املفهوم بسبب التحوالت العميقة في العالقات بين الدولة والجهات الفاعلة العامة أو‬
‫الخاصة الوطنية أو الدولية في املجتمع )‪ ،(Chevalier.J, 2003‬التي تؤثر على الخيارات املشتركة‬
‫والتي أصبح من املهم تشكيلها والتفاوض بشأنها ‪.‬وهذه التغييرات في عالقات الدولة بشركائها هي‬
‫العواقب املترتبة على إعادة توزيع دورها (الدولة)‪.‬‬
‫وقد اختارت الدولة الجزائرية أن تعيد النظر في أحد أدوارها في هذه القضية‪ ،‬وهو دور املسير‪،‬‬
‫ً‬
‫وأن تنقله عمدا إلى جهات فاعلة أخرى (عامة أو خاصة ‪.‬واختارت الدولة أيضا أن تعيد النظر في‬
‫دورها في إدارة الشؤون الحضرية للمجتمع أو أن تبدي الرغبة في ذلك من خالل زيادة الالمركزية في‬
‫سلطتها على الصعيد املحلي‪.‬‬
‫وبعد ذلك‪ ،‬سوف يكون االتجاه‪ ،‬بفضل إعادة توزيع األدوار‪ ،‬هو منح الدولة مكان امليسر ‪،‬‬
‫والوسيط‪ ،‬والوكيل اإلقليمي للحوكمة)‪(Olivier Petit, 2003) (Pitseys .John, 2010‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فإن املالحظة هي أن مفهوم الحوكمة‪ ،‬بتنوع استخداماته في عدة مجاالت‪ ،‬يجعل‬
‫منه مفهوما متعدد الجوانب ‪.‬ويشير العديد من املؤلفين)‪(Paye .Olivier, (Gaudin.J.P, 2002‬‬
‫)‪ ، 2005‬إلى الجانب غير املحدد من مفهوم الحوكمة ‪ ،‬أو الجانب الشامل ‪(Lacroix, I, et Saint‬‬
‫)‪arnaud,p.o, 2012‬‬
‫ويقال إن مفهوم الحوكمة كان ضحية لنجاحه ‪ ،‬وأصبح أحد هذه الكلمات الشاملة ‪ ،‬وهو‬
‫أحد املفاهيم الجامعة التي أصبحت تلجأ إلى معاني شديدة التنوع‪.‬‬
‫وفي هذا التنوع في استخدام املفهوم‪ ،‬وفي سياق هذا املقال‪ ،‬فإن املفهوم الذي اعتمده‬
‫االقتصاديون هو الذي يهمنا‪ ،‬لذلك‪ ،‬فإننا مهتمون بحوكمة املؤسسات من منظور اآلليات التي تكفل‬
‫تنسيق األنشطة االقتصادية داخل املؤسسة‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫موالي علي‬

‫‪ 2.2‬حوكمة املؤسسات‪ :‬بين مفهوم إدارة األعمال ومفهوم القيادة‪:‬‬


‫لقد تم تعريف مفهوم الحوكمة بعدة طرق‪ ،‬مما يؤكد الجانب املتعدد لهذا املفهوم‪ ،‬الذي تم‬
‫توسيعه إلى حد يوصف فيه في كثير من األحيان بأنه مميع أو ملتبس أو غير واضح إذ غالبا ما يتم‬
‫الخلط بينه وبين مفاهيم إدارة األعمال أو القيادة في املؤسسة (‪)2019 ،.Pluchart‬‬
‫لقد تبين لنا أن التحوالت البنيوية التي شهدتها املؤسسة عقب الثورة الصناعية في نهاية‬
‫القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر‪ ،‬أدت إلى توسع املصانع آنذاك (‪،Braudel, F‬‬
‫‪. )2018‬وأدى ذلك إلى زيادة حجم األعمال التجارية مما نتج عنه تطوير وتنويع أنشطتها‪ ،‬وذلك كله‬
‫على خلفية تحول بيئة األعمال التجارية والتقدم التكنولوجي الذي أثر على عملها‪.‬‬
‫تعد هذه التحوالت مصدر قواعد جديدة لتنظيم وحوكمة املؤسسات في ظل نظام‬
‫اقتصادي يتسم بالالمركزية في اإلنتاج والتجارة؛ وسوق للمنافسة مما أدى إلى تطورها وتغيير‬
‫أساليب القيادة التي طغت عليها القيادة املوكلة إلى رأس املال وكذا الربحية التي اتخذت كمعيار‬
‫للقرار )‪. (Perroux.F, 1971‬‬
‫ظهور السوق التنافسية‪ ،‬وطغيان رأس املال في صنع القرار االقتصادي‪ ،‬والبحث املستمر‬
‫عن ربحية السوق‪ ،‬هي أسباب قوية شجعت على االنقراض التدريجي للمؤسسة الرأسمالية حيث‬
‫مروج الشركة واملدير‬ ‫املروج لها هو الرئيس واملدير‪ ،‬وظهور املؤسسة اإلدارية التي تفرق بين ِّ‬
‫يكون ِّ‬
‫املسير‪.‬‬
‫وهذا التغيير في املؤسسة يكرس مبدأ الفصل بين امللكية واإلدارة او التسيير حيث يقال أن‬
‫السوق تفتقر إلى تخصيص املوارد ‪.‬وفي بعض الحاالت‪ ،‬تعتبر السوق نفسها نمط مبادالت مكلف‬
‫للمعامالت التجارية وعمليات التبادل‪ ،‬نظرا لصعوبة تحديد جميع شروط التبادل في العقد بموجب‬
‫مبدأ العقالنية املحدودة‪(SIMON.H et MARCH.I.G, 1974).‬‬
‫ً‬
‫وانطالقا من تفكير بارن ومينز توصل جانسن وماكلينك إلى إضفاء الطابع الرسمي على نموذج‬
‫نضري متعلق بوضعية املسيرين بالنسبة ألرباب العمل وأصحاب رأس املال عندما يتعلق األمر بأخذ‬
‫القرار داخل املؤسسة‪.‬‬
‫هكذا تم تأسيس حوكمة املؤسسات‪ ،‬الحوكمة وتأسس هكذا مفهوم الحوكمة وأصبح مفهوم‬
‫مثير للجدل (‪. )Thépot.J.2007‬‬
‫وبخصوص هذا املوضوع‪ ،‬يالحظ ج‪ .‬شارو‪ ":‬إن الشعبية املتزايدة ملصطلح الحوكمة تعني أنه‬
‫يساء استخدامها على نحو متزايد لإلشارة إلى اإلدارة‪ ،‬أي أن حوكمة املؤسسة من ِّق َبل املديرين‬
‫‪114‬‬
‫مجلس اإلدارة وحوكمة املؤسسة العمومية‬

‫التنفيذيين‪ ،‬في حين تشير الحوكمة‪ ،‬باستخدام التعبير املأثور لروالند بيريز ‪ ،‬إلى انه يعني إدارة‬
‫اإلدارة ( ‪(Charreaux. et Schatt. , 2006, p. 5)"management du (management.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فإن حوكمة املؤسسات هي مجموعة القواعد التي تؤثر على عمل املؤسسة ال سيما‬
‫فيما يتعلق باتخاذ القرارات والرقابة‪ ،‬وبالتالي فهي تشمل "القواعد الرسمية وغير الرسمية‪،‬‬
‫واملمارسات املقبولة‪ ،‬وآليات التنفيذ وآليات املكافآت والجزاءات‪ ،‬الخاصة والعامة على حد سواء‪،‬‬
‫ً‬
‫والتي تحكم معا العالقة بين أولئك الذين يسيطرون بفعالية على املؤسسة (املسيرين) واملساهمين‪،‬‬
‫ً‬
‫أو بين املسيرين وأصحاب املصلحة‪ ،‬تبعا لتصميم الحوكمة املختار واملتبع" ( ‪Proulx et‬‬
‫‪.)2010 ،Larochelle2010 p3‬‬
‫‪ 3.2‬املناهج املختلفة في حوكمة املؤسسات‪:‬‬
‫نظرا لصعوبة تعريف مفهوم الحوكمة‪ ،‬يتم تحليل حوكمة املؤسسات باستخدام ثالثة‬
‫ً‬
‫عموما بأسماء مختلفة وهي ‪ :‬النهج التعاقدي (أو التقليدي) ‪ ،‬والنهج املع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرفي‬ ‫مناهج‪ ،‬يشار إليها‬
‫(أو اإليجابي) ‪ ،‬والنهج التنظيمي الذي نذكره باختصار شديد في هذا املقال‪.‬‬
‫‪ 1.3.2‬النهج التعاقدي أو التقليدي‪:‬‬
‫ً‬
‫طبقا لهذا النهج فإن حوكمة املؤسسات تغطي كل املؤسسات والقواعد واملمارسات التي‬
‫تضفي الشرعية على سلطة املسيرين (‪. )Charreaux.G 1997a‬‬
‫كان التعريف في أصله يشمل فقط العالقة بين املساهمين واملديرين املسيرين وغطى أيضا‬
‫العالقة بين املساهمين واملديرين املسيرين وافترض أن أنظمة الحوافز والتحكم الخاصة بهؤالء‬
‫تعتمد بشكل أساس ي على الهيكل التمويلي للمؤسسة‪ ،‬وال سيما تركيبة املساهمين ومجلس إدارتها‪.‬‬
‫وقد أظهر هذا النهج قصوره مع تطور املؤسسة من حيث الشكل والتنظيم واملسؤولية تجاه بيئتها‬
‫وأصحاب املصلحة فيها الن نظام حوكمة املؤسسات عليه أن يكون قادرا على خلق القيمة والحد من‬
‫التناقص غير الطبيعي و غير العادي في قيمة األصول (املادية أو املالية) التي تؤثر على هذه القيم‪(la .‬‬
‫)‪valeur partenariale‬تذبذب هذه القيمة حساس جدا ويتأثر كثيرا بنموذج وأسلوب حوكمة‬
‫املؤسسة ألن فعالية أنظمة الحوكمة ال يمكن أن تنشأ اال في إطار يسع جميع أصحاب املصلحة‪ .‬كما‬
‫يجب دراسة هذه الفعالية من منظور منهجي ‪ ،‬مع األخذ في االعتبار العمليات امللموسة لخلق القيمة‬
‫من قبل الشركة (‪.)Charreaux et Desbrières 1998‬‬

‫‪115‬‬
‫موالي علي‬

‫‪ 2.3.2‬النهج املعرفي أو اإليجابي‪:‬‬


‫يستند ما يسمى بالنهج املعرفي إلى أوجه القصور املوجودة في النهج التعاقدي ‪.‬ويشير هذا‬
‫النهج مرجعيته إلى النظريات التعاقدية للمنظمات ‪.‬هذه النظريات التعاقدية للمنظمات التي ال تزال‬
‫متأثرة بالنموذج الكالسيكي الجديد طورت من خالل نظرية تكاليف املعامالت حرصها على عدم‬
‫فقدان القيمة‪ .‬والحرص على عدم فقدان سلطة اتخاذ القرار بسبب حقوق امللكية هو أيضا في‬
‫نطاق اهتمامات النظريات التعاقدية للمنظمات‪.‬‬
‫وللمعالجة املوضوعية لهذا النهج املعرفي يجب أن نعود إلى النظريات املعرفية للمؤسسة علما‬
‫بان هذه النظريات تمثل قطيعة جذرية مع النموذج الكالسيكي الجديد‪.‬‬
‫ترفض هذه النظريات‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬فرضية العقالنية الحسابية ‪ -‬اين يتم اتخاذ القرارات‬
‫وفقا لحساب قائم على مقارنة النتائج ‪ ،-‬محدودة أم ال‪ ،‬لصالح العقالنية اإلجرائية‪(Charreaux, .‬‬ ‫ً‬
‫)‪. G, 2011‬‬
‫وفي النهج التعاقدي للمؤسسة‪ ،‬الذي يظل مهيمنا‪ ،‬تتخذ القرارات على أساس مقارنة‬
‫التكاليف‪ ،‬بين تكاليف السوق وتكاليف املؤسسة‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬يوجد دائما شكل من أشكال‬
‫العقالنية‪ .‬لم يعد يتم تقييم هذا الشكل من العقالنية على أساس عواقب القرارات املتخذة مهما‬
‫كانت مصادرها‪ ،‬ولكن على أساس عملية صنع القرار التي هم جزء منها )‪(Charreaux, G, 2011‬‬
‫يهدف النهج املعرفي إلى تحديد وتطوير املهارات واملعارف املطلوبة من اعضاء مجلس االدارة‬
‫واملديرين التنفيذيين املسيرين‪ ،‬وهذا من أجل تحفيز وتوجيه العملية اإلبداعية للمؤسسة ‪(Argyris‬‬
‫)‪ ، et Donald 2001‬وبالتالي ‪ ،‬تبقى ترمز املؤسسة الى منظمة معرفية ‪ ،‬تغطي مجموعة مفتوحة‬
‫وذاتية من التفسيرات ‪ -‬وبالتالي القرارات ‪ -‬التي تعتمد على النماذج املعرفية ملمثلي املنظمة والفاعلين‬
‫فيها)‪. (Argyris et Donald 2001‬‬
‫ومن هذا املنطق لتعاريف النهج املعرفي لحوكمة املؤسسات ‪ ،‬وإنتاج املعارف واملهارات‬
‫الخاصة باملؤسسة التي تتمتع بمظهر واضح من مظاهر التعلم‪ ،‬فإن نظام الحوكمة يكون اقرب منه‬
‫الى نظام تحكم في دوائر املعلومات وعمليات صنع القرار)‪ ، (Argyris et Donald 2001‬مقارنة بالقرار‬
‫نفسه‪ ،‬الش ئ الذي يلهم اآلثار املترتبة على تنظيم املؤسسة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وأيا كان النهج‪ ،‬البد وأن يكون نظام الحوكمة قادرا على خلق قيمة الشراكة ( ‪valeur‬‬
‫‪ partenariale‬والحد من االستهالك غير العادي لألصول (املادية أو املالية‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫مجلس اإلدارة وحوكمة املؤسسة العمومية‬

‫غالبا ما ينتج هذا االنخفاض أو فقدان القيمة أو عجز في األداء من الصراعات بين أصحاب‬
‫املصلحة في املؤسسة عند تخصيص املوارد املالية للشركة (فحص امليزانية السنوية أو تقسيم األرباح‬
‫وتخصيصها‪.‬‬
‫إن اإلصالحات االقتصادي)‪ (NACEUR HADJ, 1989‬التي بدأتها الجزائر في أوائل تسعينيات‬
‫ً‬
‫القرن العشرين تندرج في هذا السياق اذ تمثل جزءا من هذا املنطق حيث اضطرت البنوك‬
‫واملؤسسات املالية إلى لعب دور املمول والوفاء بكل تعهدات هذه املؤسسات لفترة طويلة (قبل‬
‫اإلصالحات)‪.‬‬
‫إن الهدف األساس ي من هذه اإلصالحات هو تمكين املؤسسات العمومية من إنتاج الثروة‪،‬‬
‫من خالل شكل آخر من أشكال الحوكمة حيث تؤول قيادة املؤسسة العمومية الى مجلس اإلدارة‪.‬‬
‫‪ .3‬مجلس اإلدارة كآلية حوكمة داخلية للمؤسسة العمومية‬
‫إن مجلس اإلدارة هو إحدى آليات الحوكمة‪ ،‬حتى إنه يمثل في بعض األحيان مركز بعض‬
‫تعريفات الحوكمة (‪. )Charreaux, G 1997b‬وهي مدرجة كآلية داخلية لدورها في السلوك‬
‫االستراتيجي للمؤسسة‪ ،‬وفي حل تضارب املصالح (‪ ، ).Fama .E.F et Jensen M.C 1983a‬األمر الذي‬
‫دفعنا إلى االهتمام بأدائها الفعلي على مستوى املؤسسة العمومية االقتصادية‪.‬‬
‫ً‬
‫مجلس اإلدارة هو هيئة غير محايدة من وجهة نظريات الحوكمة‪ .‬فضال عن نموذج الكفاءة‬
‫ً‬
‫واألداء‪ ،‬فإن مجلس اإلدارة يقدم نفسه أيضا باعتباره "أداة للقوة‪ ،‬والهيمنة‪ ،‬والسعي إلى الحصول‬
‫على الريع (االستيالء على القيم)‪ ،‬خلق معايير اجتماعية لإلنتاج وما إلى ذلك")‪. (Charreaux, G 2000‬‬
‫ال يمكن إجراء تحليل لعمل مجلس اإلدارة على مستوى املؤسسة العمومية إال فيما يتعلق باملهام‬
‫والخصائص التالية الخاصة بهذه الهيئة والتي تشكل الجزء الثالث من هذا املقال‪.‬‬
‫‪ .4‬خصائص عمل مجلس إدارة املؤسسة العمومية‪ ،‬كنتيجة اإلسقاط النظري‬
‫يتسم عمل مجلس إدارة املؤسسة العمومية كآلية خارجية للحوكمة بالعوامل التالية‪:‬‬
‫‪ 1.4‬حجم مجلس اإلدارة وتعيين أعضائه‪:‬‬
‫يشير حجم مجلس اإلدارة إلى عدد أعضائه حيث يمكن لعدد األعضاء داخل أي مجلس إدارة‬
‫أن يؤثروا على أداء املؤسسة وفعاليتها‪ .‬لقد أوضحا بيرس و زهرا)‪(Pearce, J A et Zahra S. A 1992‬‬
‫العالقة اإليجابية بين حجم مجلس اإلدارة واألداء‪ .‬لقد أكد هذه العالقة على نحو مماثل‪ ،‬دالتون‬
‫)‪(Dalton, Daily ,Johnson,Ellstrand 1999‬وعلى نحو خاص بالنسبة للمؤسسات الصغيرة واعتبر‬
‫هذه العالقة سلبية‪ .‬هذا هو الحال أيضا مع يرماك‪ .‬دال ‪ ،‬الذي يبرز العالقة السلبية بين حجم‬
‫‪117‬‬
‫موالي علي‬

‫مجلس اإلدارة واألداء‪ .‬ويؤكد هذه النتيجة كل من ‪ (Godard, L 1998) Godard‬في فرنسا ودالتون‬
‫في الواليات املتحدة‪.‬‬
‫لكن عند ممارسة الحوكمة‪ ،‬يمكن مالحظة أن حجم مجلس اإلدارة غير ثابت و يتقلب ويتغير‬
‫من مؤسسة إلى أخرى ‪ ،‬وبنسب كبيرة ومتفاوتة‪.‬‬
‫مورين ‪ ،‬فرانسوا )‪ (Morin, F1974‬توصل إلى أن متوسط حجم مجلس اإلدارة يكون في حدود‬
‫‪ , 09‬لكن بالنسبة ملاتي)‪ ، (Maati, J.1998.‬فقد أكد أن الحجم املتوسط ملجلس اإلدارة يكون في‬
‫حدود ً‪ 14‬عضوا‪.‬‬
‫وفيما يخص حجم مجلس إدارة املؤسسة العمومية فقد حدده القانون التجاري في املادة ‪610‬‬
‫من القانون التجاري املعدل ويخص املؤسسة العمومية االقتصادية ذات األسهم‪ .‬املالك هم من‬
‫يحدد عدد أعضاء مجلس االدارة‪ .‬يكون حجم مجلس االدارة في حدود ‪ 03‬إلى ‪ 12‬عضو وطوال املدة‬
‫ً‬
‫املحددة قانونا لألعضاء)‪. (Maati, J.1998.‬‬
‫عدد أعضاء مجلس االدارة في املؤسسة العمومية االقتصادية هي مسألة امتثال تنظيمي أكثر‬
‫ً‬
‫من كونه هدفا إلدارة حقوق التصويت عند اتخاذ القرارات اإلستراتيجية التي تحدد قابلية املؤسسة‬
‫لالستمرار وأدائها‪ .‬وهذا ناتج عن طبيعة املساهمين وعددهم‪ .‬ما معنى أن يكون األعضاء كلهم يمثلون‬
‫مصالح مساهم واحد املتمثل في الدولة أوفي الحامل ألسهم الدولة ؟ هذا تساؤل هام بالنظر إلى‬
‫كيفية اخذ القرار داخل املؤسسة العمومية االقتصادية وابان مداوالت أعضاء مجلس اإلدارة‪.‬‬
‫‪(Moulai.A, 2021).‬‬
‫يحدد عدد أعضاء مجلس اإلدارة امتثاال لألحكام املنصوص عليها في القانون التجاري الن‬
‫ً ً‬
‫االهتمام بتنظيم القرار داخل هذه الهيئة ليس هدفا مهما بالنسبة للمؤسسة‪ ،‬وذلك راجع إلى نظام‬
‫اتخاذ القرار في املؤسسة االقتصادية العمومية ‪ ,‬أين تقع مسؤولية صنع القرار االستراتيجي‪ ،‬التي‬
‫تشكل املهمة الرئيسية للهيئة‪ ،‬على عاتق جهات فاعلة وهيئات إدارية أخرى تعمل كمالك وحملة‬
‫أسهم مفوضين من طرف الدولة‪ .‬والحظنا في بعض املؤسسات العمومية الناشطة في قطاع األشغال‬
‫العمومية‪ ،‬أن حجم مجلس اإلدارة الذي يعد تسعة اعضاء ينتمون الى قطاعات مختلفة‪ ،‬يعوق‬
‫األداء السليم لهذه الهيئة اإلدارية ويزيد من تعقيد مهامها ويمدد اجال اتخاذ القرارات وهذا ما يراه‬
‫مثال ‪ ، (Jenssen.M1993) Jensen.‬الذي يؤيد فكرة أن مجالس اإلدارة التي تتألف من عدد كبير من‬
‫سبعة أو ثمانية أعضاء ال يعملون بفعالية ومن السهل على املسير الرئيس ي أن يسيطر عليهم‪ .‬لذا‬

‫‪118‬‬
‫مجلس اإلدارة وحوكمة املؤسسة العمومية‬

‫فان مجلس اإلدارة الذي يتجاوز حجمه سبعة‪ ،‬يتوقع أن يسيطر عليه املسير ويتحكم فيه و في‬
‫قراراته‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن تأثير حجم مجلس اإلدارة على قدرته اإلشرافية وعلى أداء الشركة ال يزال‬
‫غامضا بسبب تباين النتائج ومشاكل الوكالة (ليبتون ولورش))‪. (Lorsch.M et J W1992‬‬ ‫ً‬
‫زيادة على طريقة تحديد حجم مجلس اإلدارة ‪ ،‬التي تميز املؤسسات االقتصادية العمومية‪ ،‬فإن‬
‫عملية تعيين اعضائه هي نفسها حاملة للخصائص التي ثبت أنها سبب التضارب بين األعضاء أثناء‬
‫اتخاذ القرارات داخل هذه الهيئة وهذا ناتج عن طرق التعيين‪.‬‬
‫إن عملية التعيين هذه تشبه إلى حد ما عملية تعيين مديري الوحدات أو املديرين العامين في‬
‫زمن املؤسسة االشتراكية و‪/‬أو العمومية )‪ (Bouyacoub, A 1987‬بحيث لم تؤثر التغييرات‬
‫التنظيمية املختلفة التي مست تسيير وإدارة رأس املال السوقي للدولة على طريقة التعيين‪ .‬يتم‬
‫التفويض من طرف حامل األسهم الوحيد املمثل للدولة على أسس ال يعلمها إال من له صالحية‬
‫التفويض‪ .‬لهذا يشكل التعيين ملجالس إدارة املؤسسات االقتصادية العمومية عائقا آخر في نظام‬
‫حوكمتها ويؤثر مباشرة على الغرض املقصود من املؤسسة العمومية االقتصادية والذي أسست له‬
‫الدولة بموجب قانون استقاللية املؤسسات أال وهو خلق وإنتاج الثروة‪.‬‬
‫‪ 2.4‬دورأعضاء مجلس اإلدارة الخارجيين‪:‬‬
‫إن أعضاء مجلس اإلدارة الخارجيين هم قائمين باإلدارة توكل لهم مهام عن طريق تفويض من‬
‫أصحاب رأس املال أي املالك لكي يشكلوا في مجلس إدارة املؤسسة إال أنهم ال ينتمون إلى املؤسسة‬
‫نفسها وال حتى إلى القطاع الذي تنشط فيه املؤسسة‪.‬‬
‫ثم إن التحليل النظري ملجلس اإلدارة يعطي دورا مركزيا ملا يسمى بأعضاء مجلس اإلدارة‬
‫الخارجيين الذين يكونون مسؤولون عن حماية مصالح املساهمين وأصحاب رأس املال الذين‬
‫فوضوهم لحماية مصالحهم داخل املؤسسة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وقد أظهرت الدراسات)‪ (Baysinger,et Butler.1985‬ان هناك تأثيرا إيجابيا وعالقة بين‬
‫األداء الذي ينتظره املساهمين والنسبة املئوية للقائمين باإلدارة الخارجيين في مجلس االدارة‪ .‬بينما‬
‫أظهرت دراسات أخرى‪ (Hermalin,et Weisbach 2003-4) ،‬أن املؤسسات التي يتدهور أداؤها تميل‬
‫اكثر إلى زيادة نسبة القائمين باإلدارة الخارجيين مع اإلشارة إلى أنها مؤسسات يعتمد نظام حوكمتها‬
‫على معايير مالية بحتة كمؤشرات لألداء ‪ .‬تخص هذه املعايير عائد االستثمار أو التغيير اإليجابي في‬
‫قيمة السهم أو أي مؤشر اخر يمكنها من تحقيق ذلك‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫موالي علي‬

‫وهذا ال ينطبق على املؤسسة العمومية‪ ،‬ألن الغرض منها يختلف عن الغرض من املؤسسة‬
‫ً‬
‫الخاصة تماما‪.‬‬
‫تخضع أهداف املؤسسة العمومية ملنطق االقتصاد الكلي‪ ،‬على الرغم من أن التعبير عنها‬
‫(االهداف) يكون على مستوى االقتصاد الجزئي‪ .‬إن مؤشر معدل استخدام الط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاقة اإلنتاجية‪،‬‬
‫أو معدل رقم األعمال املحقق‪ ،‬والتي ال تزال قيد االستخدام كمؤشرات نجاعة على مستوى‬
‫املؤسسات العمومية‪ ،‬هو التعبير القوي عن هذا املنطق‪.‬‬
‫يختلف تصور القائم باإلدارة الخارجي في مجلس إدارة املؤسسة العمومية عنه في املؤسسة‬
‫الخاصة الن على مستوى مجالس إدارة املؤسسات العمومية املالحظة ميدانيا ‪ ،‬يتم تعيين أعضاء‬
‫مجلس اإلدارة الخارجيين ‪ ،‬بالرجوع إلى أرباب عملهم وليس بالرجوع إلى مهاراتهم الخاصة اذ ً‬
‫غالبا‬
‫ما يرتبط وجود أعضاء مجلس اإلدارة الخارجيين في مجالس اإلدارة للمؤسسة العمومية إلى طبيعة‬
‫القيود والعراقيل اإلدارية لهذه املؤسسة إذ تعتقد‪ ،‬أنها يمكن بهذه الطريقة إيجاد أجوبة وحلول‬
‫لهذه القيود‪ .‬نحن ندعم هذا االدعاء بموجب مالحظاتنا امليدانية الخاصة ببنية بعض مجالس إدارة‬
‫املؤسسات العمومية‪.‬‬
‫بالنسبة لبعض هذه املجالس ومما الحظناه في بعض املؤسسات العمومية التابعة لقطاع‬
‫مواد البناء‪ ،‬تتسم بنيتهم بوجود قائمين باإلدارة خارجيين ينتمون إلى القطاع املصرفي وقد ارتبط‬
‫اختيارهم ارتباطا وثيقا بالبرنامج االستثماري لهذه املؤسسات الذي شهد تأخيرا في معالجته على‬
‫املستوى املصرفي‪ .‬وتنطبق نفس املالحظة على مجالس إدارة مؤسسات عمومية أخرى تنشط في‬
‫قطاع األشغال العامة‪.‬‬
‫ويميل أصحاب رأس املال واملالك(العموميين) إلى تفويض بعض القائمين باالدارة الخارجيين‬
‫نسبة إلى طبيعة نشاط مؤسساتهم األصلية كاملؤسسات االقتصادية الناشطة في قطاع الصيـ ـ ـ ـ ـانة‬
‫أو حتى املؤسسات املنافسة طمعا في نقل خبرتهم الخاصة ومقاربتهم ونظرتهم إلى حوكمة املؤسسات‬
‫وحوكمة الوظيفة التي ينتمون إليها (الصيانة أو املالية)‪.‬‬
‫تبين في الواقع من بنية بعض مجالس إدارة املؤسسات العمومية التي انتهجت هذه السياسة‬
‫في التفويض إن هؤالء القائمين باإلدارة الخارجيين بارعين في نقل نموذج مؤسسة االنتماء في‬
‫الحوكمة أكثر من تحسين مستوى حوكمة املؤسسة التي ينشطونا فيها كقائمين باإلدارة‪ ،‬وبالتالي فان‬
‫أداء هؤالء يعكس خلل في اختيار مالك املؤسسة وتفويضاتهم‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫مجلس اإلدارة وحوكمة املؤسسة العمومية‬

‫هذا التأكيد تدعمه املالحظات امليدانية خالل السنوات من ‪ 1999‬إلى ‪ 2002‬في إحدى‬
‫املؤسسات العمومية الناشطة في صناعة االسمنت واآلجر الكلس ي وحتى قطاع األشغال العمومية‪.‬‬
‫لقد أدى التفويض وبحجم مبالغ فيه‪ ،‬للقائمين باإلدارة الخارجيين غير املدركين وغير امللمين‬
‫بصناعة األسمنت‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬إلى تأييد بعض القرارات التي تفضل أنواع االستثمار التي ليس‬
‫لها تأثير بتاتا على تحسين أداء نظام اإلنتاج من حيث معدالت استخدام القدرات اإلنتاجية للمصنع‪.‬‬
‫الترجمة امليدانية لهذه القرارات تمثلت في تدهور الكفاءة التقنية للمصنع باإلضافة إلى التضارب‬
‫الدائم مع الشريك االجتماعي الذي سجل تراجع في مستوى األجور نتيجة تراجع اإلنتاج و بالتالي‬
‫تراجع و غياب العالوات الشهرية املدفوعة نضير تحقيق األهداف اإلنتاجية الشهرية‪. .‬‬
‫هذه النتائج دفعت املالك من بعد ما تبين له خطأه االستراتيجي إلى اتخاذ قرار بشأن إعادة‬
‫تشكيل مجلس إدارة هذه املؤسسة‪ .‬من ضمن املالحظات األخرى التي تؤيد االتجاه النضري الغير‬
‫مؤيد لتعيين القائمين باإلدارة الخارجيين في مجالس إدارة املؤسسات ما عرفه مجلس إدارة مؤسسة‬
‫عمومية إلنتاج الطوب الكلس ي‪ .‬لقد تم تعيين قائمين باإلدارة خارجيين ينتمون إلى مؤسسات إنتاجية‬
‫منافسة تنتج منتوج موجه لنفس االستعمال وبسعر أعلى‪.‬‬
‫هذه البنية ملجلس إدارة هذه املؤسسة قادها مباشرة وببساطة إلى التصفية بسبب تضارب‬
‫املصالح داخل مجلس اإلدارة‪ ،‬حيث ال يمكن لقائم باإلدارة أن يتخذ قرارات في غير صالح مؤسسته‬
‫األصلية‪.‬‬
‫‪ 3.4‬تحديد األهداف‪:‬‬
‫غالبا ما نجد األهداف املسطرة أساس قياس أداء املؤسسة العمومية اإلنتاجية التي ترتكز‬
‫على معايير كمية حيث يعتبر معدل استغالل الطاقة اإلنتاجية للمصانع املعيار األساس ي املعبر عن‬
‫الكفاءة التقنية وعن نجاعة الحوكمة‪.‬‬
‫ويعد تحديد وتحقيق األهداف املسطرة أهم شروط عقد العمل الخاص باملدير العام‬
‫(املسير الرئيس ي) في املؤسسات العمومية لسببين رئيسيين‪:‬‬
‫أ‪ -‬األهداف هي املرجع املثالي لقطع عالقة العمل املفروض قيامها على أساس عالقة وكالة‬
‫(خالد الزعبي‪ )2013 ،‬أين يكون املفوض هو ممثل املساهم العمومي والوكيل هو املدي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر العام‬
‫أو الرئيس املدير العام‪.‬‬
‫ب‪ -‬األهداف هي األساس لتحديد تعويض املسير الرئيس ي عند فسخ العقد‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫موالي علي‬

‫وهذان السببان وخاصة السبب الثاني يفسران استخدام املالك العمومي لنظام (الحوافز‪-‬‬
‫الرقابة)‪ ،‬الذي يمكن أن يفعل من خالل مجلس اإلدارة‪ ،‬وهو ما يفسر االهتمام الذي يبديه املالك‬
‫العمومي من اجل التحكم مسبقا في تعيين أعضاء مجلس اإلدارة ‪.‬‬
‫في الوقت الذي يجب أن تسير املؤسسة ً‬
‫وفقا للرؤية النظرية الكالسيكية الجديدة بما يحقق‬
‫مصلحة املساهمين وحدهم (تعظيم الربح وتحسين قيمة األسهم)‪ ،‬يجب علي املؤسسة العمومية‬
‫االقتصادية إن تستجيب ألهداف ذات صلة مع وظيفة فعالة تؤديها كأداة ‪(the instrumentale‬‬
‫)‪ function‬نيابة عن الدولة بضفتها املساهم الرئيس ي واملالك الوحيد للمؤسسات االقتصادية‪.‬‬
‫وقد تبين أن األهداف املتصلة بالوظيفة األساسية للمؤسسة كانت هي األنسب لفهم ومعرفة‬
‫دور مجلس اإلدارة في تحقيق أهداف املؤسسة العمومية االقتصادية‪ ،‬وتمثل الفعالية التقنية‬
‫أفضل مؤشر على تحقيق األهداف‪ ،‬وهي أداة السياسة االقتصادية للدولة داخل املؤسسة‬
‫العمومية‪.‬‬
‫إن املؤسسة العمومية حتى وأنها اقتصادية إال أن األهداف التي تحددها هي مهام أكثر منها‬
‫أهداف‪ .‬فمكافحة التضخم عن طريق التدخل في األسعار بتحديد هامش الربح )‪(SGP/GICA, 2003‬‬
‫مثال والبطالة عن طريق فرض التوظيف )‪ (DRH GICA OUEST, 2005 ET 2006‬وإشباع السوق‬
‫الوطنية للسلع والخدمات بغض النضر عن التكلفة الحقيقية للسلعة‪.‬‬
‫وينبغي تحقيق جميع هذه األهداف بزيادة معدل استخدام الطاقة اإلنتاجية للمصانع‬
‫بتحسين أداءها وزيادة فعاليتها التي ال يوجد لضعفها تبرير “…‪ .‬وأيا كانت األهداف األخرى‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن ثقلها‪ ،‬ال يوجد مبرر لعدم الفعالية التقنية " (‪.)1996 Pestieau P, Gathon H-J p1226‬‬
‫وعدم الفعالية التقنية هو الذي اتسمت به سياسة تحديد األهداف على مستوى املؤسسات‬
‫العمومية االقتصادية‪ ،‬وهو خيار يمثل صلب تقييم أداء املؤسسة العمومية االقتصادية وأداء‬
‫املسير الرئيس ي أو املدير العام‪.‬‬
‫‪ 4.4‬طريقة وأسلوب تقييم أداء املؤسسة العمومية االقتصادية‪:‬‬
‫كثيرا ما تكون مؤشرات أداء املؤسسات العمومية االقتصادية ذات طابع كمي‪ ،‬مثل معدل‬
‫استخدام القدرة اإلنتاجية‪ ،‬ومستوى رقم األعمال املحقق‪ ،‬أو مزيج من أكثر املؤشرات شيوعا في‬
‫تحديد األهداف وكلها يغلب عليها الطابع الكمي‪.‬‬
‫ويشكل استخدام هذه األنواع من األهداف جزءا من منطق الغرض من املؤسسات‬
‫العمومية حتى ولو كانت اقتصادية‪ .‬ويمكن قياس هذه املؤشرات بسهولة‪ ،‬ويستخدمها املالك أو‬
‫‪122‬‬
‫مجلس اإلدارة وحوكمة املؤسسة العمومية‬

‫ممثليه لتقييم أداء املؤسسة وفعالية حوكمتها بحيث يكون مجلس اإلدارة هو الهيئة املسؤولة عن‬
‫تنفيذ شروط تحقيق هذه األهداف‪ .‬وهو األداة القانونية األنسب لتقييم مستوى األداء الذي تم‬
‫تحقيقه‪.‬‬
‫مستوى األداء هذا منصوص عليه مسبقا في عقد العمل القائم على أساس عالقة وكالة قائمة‬
‫بين املفوض وهو مجلس اإلدارة في هذه الحالة واملوكل وهو املسير الرئيس ي‪.‬‬
‫يبين عقد العمل صراحة األهداف التي تحدد للمسير مع طريقة حسابها وآليات تقييمها‪.‬‬
‫وبجدر بنا القول من منضور املالحظات التي الحظناها عند املفاوضات حول عقد العمل املنشأ‬
‫لعالقة وكالة بين الطرفين أن تحديد مستوى األهداف يختلف باختالف العالقة القائمة بين املفوض‬
‫او ممثله والوكيل من جهة وبين الوكيل ومجلس إدارته من جهة أخرى‪.‬‬
‫تحوي بعض عقود العمل أهداف مبالغ فيها وأخرى متقاعس فيها مع غموض آليات تقييمها‪.‬‬
‫هذه الطريقة في حوكمة األهداف لم تكن لتحسن من أسلوب حوكمة املؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية‪ ،‬بل تصبح جوهر النزاعات بين أعضاء مجلس اإلدارة واملسير الرئيس ي من جهة وحتى‬
‫بين أعضاء مجلس اإلدارة واملساهمين أو ممثليهم‪.‬‬
‫تؤدي املبالغة في تحديد األهداف إلى اإلخالل بعقد العمل لعدم تحقيق األهداف‪ ،‬وهو شرط‬
‫محدد بوضوح في عقد العمل ‪.‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن التقليل من شأن هذه األهداف او التقاعس‬
‫فيها يؤدي إلى االستفادة من عالوات تحقيق األهداف مع االستفادة من املشاركة في األرباح بالقدر‬
‫الذي يحدده املالك في آخر السنة املالية‪.‬‬
‫وتكمن مخاطر األهداف في تصميمها بل في تقييمها بصفة رئيسية‪ .‬ويندرج هذا التقييم في‬
‫نطاق سلطة وصالحيات مجلس اإلدارة ألنه يحدد القواعد التي يتم إدماجها في عقد عمل املسير‬
‫الرئيس ي‪.‬‬
‫إن هذا العقد‪ ،‬بأهدافه وطريقة تقييمه املفروضتين التي ال تمت للعالقات التعاقدية بصلة‬
‫)‪ ، (Moulai.A, 2003‬ال يعكس أي عالقة وكالة بين املفوض والوكيل ويكون بهذا سبب في جعل‬
‫عملية فهو يعقد مهمة املراقبة والتقييم التي يمارسها مجلس اإلدارة وتزيد من فرص النزاعات التي‬
‫غالبا ما تكون لصالح الوكيل‪ .‬وعليه فانه سرعان ما تتحول مراقبة حوكمة املؤسسة وطبيعة العالقة‬
‫مع املالك آو مع ممثله وطريقة تقييم األداء املنتهجة أما إلى أدلة لصالح الوكيل أو ضده وهذا حسب‬
‫ما أريد باملسير الرئيس ي من طرف مجلس إدارة املؤسسة الذي يستند في قراراته على مستويات األداء‬
‫املحققة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن الشروط الالزمة إلقامة عالقة وكالة تكون غير مستوفاة ويبقى تقييم نجاعة‬
‫‪123‬‬
‫موالي علي‬

‫حوكمة املؤسسة العمومية االقتصادية ذاتيا‪ ،‬مما يثير يعيد طرح إشكالية الرقابة في املؤسسة‬
‫العمومية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ .4‬خاتمة‬
‫من خالل مالحظاتنا التجريبية والجانب النظري وانطالقا من نظرية الوكالة التي تم حشدها‬
‫لهذه املناسبة‪ ،‬نستنتج أن املؤسسة العمومية االقتصادية لم يكن بمقدرتها التميز واالبتعاد عن‬
‫منطق الحوكمة املبني على العالقات الهرمية وعلى السلطة‪ .‬هذه العالقات هي التي ميزت دائما نشاط‬
‫املؤسسة العمومية من خالل كل مراحل تحولها (من املؤسسة االشتراكية إلى املؤسسة العمومية إلى‬
‫املؤسسة العمومية االقتصادية)‪.‬‬
‫لم تتمكن اإلصالحات االقتصادية املنبثقة عن قانون استقاللية املؤسسات‪ ،‬الذي أسس‬
‫مجالس إدارة املؤسسات االقتصادية العمومية كآليات حوكمة تتماش ى مع الغرض الجديد‬
‫للمؤسسة االقتصادية‪ ،‬من تعطيل العالقات الهرمية كأسلوب للحوكمة‪.‬‬
‫وجود نظام تعاقد مبني على عالقات تعاقدية رسمية على مختلف املستويات الهرمية‬
‫والتنظيمية في املؤسسة العمومية االقتصادية ال يجعل منه بديال عن العالقات الهرمية والعالقات‬
‫السل طوية التي ميزت املؤسسة العمومية ألنه لم يؤثر على إشكالية اخذ القرار داخل املؤسسة‬
‫العمومية االقتصادية‪.‬‬
‫إن نظام العقود الحرة‪ ،‬ال ينتج تأثيراته على أسلوب حوكمة املؤسسة العمومية االقتصادية‬
‫إال إذا تم تفعيل نظام "الحافز – الرقابة" (‪. ،(Guery.L, 2010 n 08) )Guery.L‬‬
‫وال يزال هذا الثنائي محدودا للغاية ويعيقه نظام صنع القرار في املؤسسة العمومية‬
‫االقتصادية وال يمكن أن يكون األمر على العكس من ذلك‪ ،‬حيث أن اإلصالحات االقتصادية "لم‬
‫ً‬
‫تستهدف علنا أي انتقال إلى اقتصاد السوق")‪ ، (BOUYACOUB.A, 1997‬وبالتالي‪ ،‬تقلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص‬
‫أو استبعاد تام لتدخل الدولة‪.‬‬
‫اتضح أن هذا الزوج "الحافز – الرقابة" ‪ ،‬مثل آليات الحوكمة ‪ ،‬رهينة الطبيعة العمومية‬
‫لرأس مال املؤسسة ‪ ،‬مما يؤثر على صالحية الرقابة علما بأنها تعود قانونا إلى مجلس اإلدارة‪ .‬طبيعة‬
‫رأس مال املؤسسة العمومية االقتصادية وتداخل مفهوم الدولة كمالك وكسلطة قوض من‬
‫الصالحيات القانونية ملجلس اإلدارة كهيئة لحوكمة املؤسسة العمومية‪.‬‬
‫من هذا استنتجنا أن مجلس إدارة املؤسسة العمومية االقتصادية في الوقع وحقيقة ما هو‬
‫إال هيئة لتكييف قرارات املالك الحقيقي لرأس املال (الدولة) ولم يرق إلى أن يكون آلية للحوكمة‬
‫‪124‬‬
‫مجلس اإلدارة وحوكمة املؤسسة العمومية‬

‫يؤثر على طبيعة حوكمة املؤسسات االقتصادية العمومية ‪ ,‬ونجاعتها او هيئة تنظيمية فعالة‬
‫لحوكمة ممتلكات الدولة في إطار عالقة وكالة كاملة‪.‬‬
‫ال يمكن لهذه الهيئة (مجلس اإلدارة) أن تتصرف أو تحدد أي من سياسات املؤسسة‬
‫العمومية االقتصادية‪.‬‬
‫ال يمكن ملجلس اإلدارة مثال أن يقوم بتحديد أجر املسير الرئيس ي‪ ،‬الذي يشكل أساس نظام‬
‫الرقابة‪ ،‬أو يحدد سياسات األسعار أو األجور واألحكام واالستهالك واالندماج والتنازالت‪.‬‬
‫كل هذه القرارات‪ ،‬التي تدخل ضمن السلطة والصالحيات املصرح بها قانونا ملجلس اإلدارة‬
‫الزالت بيد الدولة وهذا ما يشكل التناقض الرئيس ي بين صالحيات هذه الهيئة وحقيقة ممارسة هذه‬
‫الصالحيات‪.‬‬
‫في الواقع مجالس إدارة املؤسسات العمومية االقتصادية ‪ ،‬تقوم فقط باعتماد القرارات‬
‫التي تتخذها الدولة وممثليها‪ .‬مثل الهامش األقص ى ملنتجات معينة‪ ،‬والتحويالت املجانية للمعدات‬
‫بين الشركات‪ ،‬ومستويات األحكام الواجب اتخاذها ومقصدها‪ ،‬والنظم ومعدالت االستهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالك التي‬
‫ال تزال مركزية‪ .‬فمثل هذه القرارات‪ ،‬التي تفلت عن صالحيات هذه اآللية الداخلية للحوكمة‪،‬‬
‫تكشف لنا أن إعادة توزيع القوة االقتصادية‪ ،‬وإعادة تنظيم الوضع االجتماعي‪ ،‬وتحويل توزيع‬
‫الدخل‪ ،‬لم تحدث (بيناشنو ‪ .)1998 ،‬إنها تبين عناد الدولة في مراقبة املؤسسات العمومية وسلوكها‬
‫االستراتيجي من خالل آليات تنظيمية موازية تستند إلى حجم مجلس اإلدارة‪ ،‬والقائمين باإلدارة‬
‫الخارجيين‪ ،‬وتحديد األهداف‪ ،‬وتعيين محافظي الحسابات وغيرها‪ ،‬وتتأكد بهذا صحة الفرضية‬
‫الثانية للمقال‪.‬‬
‫مجالس إدارة املؤسسات العمومية لم تتمكن من االرتقاء إلى مستوى آليات الحوكمة‬
‫الداخلية‪ ،‬األمر الذي يؤكد أن املؤسسة العمومية وإن كانت اقتصادية ال تزال في خدمة الدولة كقوة‬
‫عمومية ولم تستطع أن تفرض عالقتها مع الدولة كمالك لوسائل اإلنتاج ولرأس املال‪.‬‬
‫لهذا السبب فإن الدولة كقوة عمومية مطالبة بتحديد موقفها من عاملين أساسيين كليهما‬
‫يختص بمجلس اإلدارة كآلية داخلية للحوكمة‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫أوال‪ :‬البعد الرقابي لحوكمة املؤسسة العمومية االقتصادية من منطق الدولة كقوة عمومية‬
‫ثانيا‪ :‬املكانة الحقيقة للعقد بصفته وسيلة قانونية قادرة على التحكيم بين الثنائي " الحافز‬
‫واملراقبة" معا‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫موالي علي‬

‫هذا املوقف من الدولة املالكة من شأنه أن يعزز فكرة جنسية الشركات التي أثارت الوطنية‬
ً
. (Cohin.E 2006)‫ والتي يتم االحتجاج بها علنا في اقتصاديات أخرى‬،‫االقتصادية‬
:‫ قائمة املراجع‬.5
• hadj Naceur .A.R .)1989( .les cahiers de la réforme 1 .ALGER: ENAG.
• Argyris et Donald 2001 .Apprentissage organisationnel .De Boeck Supérieur.
• Baysinger,et Butler.1985 .)‫ (بال تاريخ‬.Corporate governance and the board of directors:
Performance effects of changes in board composition . Journal of Law, Economics & ,
Organization 1.124–101 ‫ الصفحات‬،
• Bertrand.Elodie .)2017 ,4( .Ronald coase, un siécle d'économie .idées économiques et
sociales.57–52 ‫ الصفحات‬،
• Bouyacoub, A 1987 .La gestion de l’entreprise industrielle publique en Algérie T1 .
ORAN :Office des publications universitaires.
• Bouyacoub.A .)1997( .L'entreprise publique et l'économie de marché .LES CAHIERS DU
CREAD V11 39.34-23 ‫ الصفحات‬،
• Braudel, F .)2018( .La dynamique du capitalisme .Flammarion.
• BROUARD ,F et DI VITO .)2008( . Identification des mécanismes de gouvernance
applicable au PME .communication présentée lors du CIFEPME ,9éme congrés
international francophone en entrepreneuriat et PME . LOUVAIN- La Neuve, Belgique.
• Charreaux et Desbrières 1998 .)‫ (بال تاريخ‬.Gouvernance des entreprises: valeur
partenariale contre valeur actionnariale .Finance contrôle stratégie 1–57 ‫ الصفحات‬،
.88
• Charreaux, G 1997b .Le gouvernement des entreprises: Corporate Governance,
théories et faits .Paris, France.: les éditions Economica.
• Charreaux, G 2000 .)‫ (بال تاريخ‬.Le conseil d’administration dans les théories de la
gouvernance . Revue du financier 127.17–6 ‫ الصفحات‬،
• Charreaux, G .)2011( .Quelle théorie pour la gouvernance? De la gouvernance
actionnariale à la gouvernance cognitive et comportementale .Université de

126
‫مجلس اإلدارة وحوكمة املؤسسة العمومية‬

Bourgogne-CREGO EA7317 Centre de recherches en gestion des entreprises .


bourgogne.
• Charreaux .et Schatt : .)2006 ,01( . .
https://www.researchgate.net/publication/23731416 ‫ من‬،2021 ,07 ‫ تاريخ االسترداد‬.La
recherche française en gouvernance d’entreprise:un panorama.
• Charreaux.G 1997a .)‫ (بال تاريخ‬.Gouvernement des entreprises et efficacité des
entreprises publiques .Revue française de Gestion 115.56–38 ‫ الصفحات‬،
• Chevalier,J .)2003 ,1( .La gouvernance , un nouveau paradigme étatique ?rRevue
francaiose d'administration publique.217–203 ‫ الصفحات‬،
• Chevalier.J .)2003 ,1( .La gouvernance, un nouveau paradigme étatique ?Revue
française d’administration publique.217–203 ‫ الصفحات‬،
• Cohin.E 2006 .)‫ (بال تاريخ‬.Après Arcelor , tout le CAC 40 à l'encan .le Monde du 14/02. /
• conseil du département( .mars, 2015 .)pasdecallais.fr ‫ تاريخ االسترداد‬.juin, 2021 ‫ من‬،
www.pasdecallais.fr print histoire-du-département.: www.pasdecallais.fr
• Dalton, Daily ,Johnson,Ellstrand 1999 .)‫ (بال تاريخ‬.Number of Directors and Financial
Performance: A Meta-Analysis .The Academy of management JournalVol. 42, No. 6.
• DRH GICA OUEST 2005( .ET 2006 .)Compte rendu de réunion avec les autorités de la
daira de Zahana .
• Fama .E.F et Jensen M.C 1983a .)‫ (بال تاريخ‬.Agency problems and residual claims .The
journal of law and Economics 26.349–327 ‫ الصفحات‬،
• Fama E F et Michael C.J .) 1983 ,2( .Agency problems and residual claims . The journal
of law and Economics.349–327 ‫ الصفحات‬، 26
• Gaudin.J.P .)2002( .Pourquoi la gouvernance ?Les Presses de Sciences Po.
• Godard, L 1998 .)‫ (بال تاريخ‬.Les déterminants du choix entre un conseil d’administration
et un conseil de surveillance . Finance Contrôle Stratégie1.61–39 ‫ الصفحات‬،
• Hermalin,et Weisbach 2003-4 .)‫ (بال تاريخ‬.Les conseils d'administration en tant
qu'institution déterminée de maniére endogéne : une étude de la littérature
économique . examen de la politique économique .J STOR , pp. Hermalin.
127
‫موالي علي‬

• Jenssen.M1993 .)‫ (بال تاريخ‬.La révolution industrielle moderne, la sortie et l'échec des
systémes de controle .journal of finance vol48.
• Lacroix, I, et Saint arnaud,p.o .)2012 ,3( .La gouvernance: tenter une définition .Cahiers
de recherche en politique appliquée 4.37–19 ‫ الصفحات‬،
• Leca,Jean .)1995( .Gouvernance et institutions publiques: L’Etat entre sociétés
nationales et globalisation .Paris: commissariat général du plan.
• Létourneau.A.p. 01 , 2009( .hors série 06 .)les théories de la gouvernance .pluralité de
discours et enjeux éthiques .revue en sciences de l'environement.
• Lorsch.M et J W1992 .)‫ (بال تاريخ‬.A modest proposal for improved corporate governance .
The business lawyer.77–59 ‫ الصفحات‬،
• Maati, J.1998 .)‫ (بال تاريخ‬.Taille optimale et interconnexions des conseils
d’administration .marché financier et gouvernement de l'entreprise.
• Morin, F1974 .La structure financière du capitalisme français: situations et
transformations .Calmann-Lévy.
• Moulai.A 2021 .)‫ (بال تاريخ‬.Processus de Décision et Entreprise publique .Revue
Algérienne d'économie et gestion.
• Moulai.A( .juin, 2021 .)Processus de décision et entreprise publique .Revue Algérienne
D'Economie et de Gestion.1082-1058 ‫ الصفحات‬،
• Moulai.A .)2003( .Rapport d'Audit du contrat de travail de cadre dirigeant .
• Olivier Petit( .Janvier, 2003 .)le role de l'Etat dans le cadre de la decentralisation . ,
document du centre de documentation de l'urbanisme DGUHC ، Olivier petit : Le rôle
de l’Etat dans le cadre de la décentralisation, document du Centre de Documentation
de l’Urbanisme DGUHC Janvier 2003. .
• Paye .Olivier .)2005 ,1( .la gouvernance:d'une notion polysémique à un concept
politologique .Etudes Internationales.40–13 ‫ الصفحات‬، 36
• Paye, o .)2005 ,1( . La gouvernance: D’une notion polysémique à un concept
politologique .Études internationales 36.40–13 ‫ الصفحات‬،

128
‫مجلس اإلدارة وحوكمة املؤسسة العمومية‬

• Pearce, J A et Zahra S. A 1992 .)‫ (بال تاريخ‬.Board composition from a strategic


contingency perspective . Journal of management studies 29.438–411 ‫ الصفحات‬،
• Perroux.F .)1971( .Structuralisme, modèles économiques, structures économiques .
paris.
• Pestieau P, Gathon H-J p1226 .)‫ (بال تاريخ‬.1996 La performance des entreprises
publiques .une question de propriéte ou de concurence ? Revue économique volume
47 N ‫ الصفحات‬، 06°pp. 1225-1238.
• Pitseys .John .)2010 ,2( .Le concept de gouvernance . Revue interdisciplinaire d’études
juridiques 65.228–207 ‫ الصفحات‬،
• Pitseys, J p214 .)2010 ,2( .Le concept de gouvernance .Revue interdisciplinaire d’études
juridiques 65.228–207 ‫ الصفحات‬،
• Pluchart J .)2019 ,1( .Les nouvelles approches de la gouvernance des entreprises ‫ تاريخ‬.
‫ من‬،2021 ‫االسترداد‬www.finance-gestion.com: Jean – Pluchart Jacques: Les nouvelles
approches de la gouvernance des entreprises, in www.finance-gestion.com le
24/01/2019
• Proulx et Larochelle2010 p3 .)2010 ,2( .éthique et gouvernance d’entreprise .
Management Avenir.53–36 ‫ الصفحات‬،
• SGP/GICA .)2003( .Marges commerciales .Instructions aux groupes ciments . alger.
• SIMON.H et MARCH.I.G .)1974( .Les organisations . PARIS: DUNOD.
• Smouts M.C p136 .)1998( .ch5 La coopération internationale: de la cohéxistence à la
gouvernance mondiale . les nouvelles relations internationales pratiques et théories .
Paris: Smouts M.C p 136. (1998). chapitre 5 La coopération internationale: de la
cohéxistence à la gouvernance mondiale . les nouvelles relations internationales
pratiques et théories, paris ,press de science politique , p. 135à .160
• SODEPAC .)2008( .Rapport sur l'évolution du projet Granulats .ZAHANA.
• Stevenot.A et Guery.L.)‫ (بال تاريخ‬.

129

You might also like