You are on page 1of 36

‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.

‬‬

‫متهيد‪:‬‬

‫املطبقة ابجلزائر‪ ،‬أّول ما استهدفت هي املؤسسة العمومية‪ ،‬إذ كان أمل احلكومات أن تساعد‬
‫إ ّن اإلصالحات االقتصادية ّ‬
‫املؤسسات العمومية االقتصادية يف حتقيق عدد من النتائج اإلجيابية كتطوير القطاعات االسترياتيجية‪ ،‬واحلفاظ على مستوايت عمالة‬
‫عالية‪ ،‬ومل ينظر مللكية الدولة على أهنا معوقات كامنة أللداء يف هذه املؤسسات‪.‬‬

‫حيث تعترب طبيعة التنظيم الذي عرفته املؤسسات العمومية االقتصادية أحد األسباب األساسية يف عدم فعالية و كفاءة القطاع العمومي‪ ،‬و ابلتايل اجتهت الدولة إىل‬
‫إعادة النظر يف عمل أو يف طريقة عمل هذه املؤسسات و هذا عن طريق اإلصالحات‬
‫بعدة مشاكل منها سوء التسيري اإلداري و اماليل‪،‬‬ ‫الضرورية للنهوض ابإلنتاج وزايدة املردودية‪ ،‬فقد اصطدمت املؤسسات اجلزائرية‬
‫ازدواجية املهام (مهام اقتصادية و اجتماعية)‪ ،‬مع مركزية القرار‪.‬‬

‫نتيجة لذلك‪ ،‬عرفت املؤسسات العمومية االقتصادية يف اجلزائر عدة حتوالت سواء يف هيكلها أو يف سياسة متويلها‪،‬‬
‫وسنحاول من خالل هذا الفصل التطرق إىل خمتلف املراحل اهليكلية اليت مرت هبا هذه املؤسسات يف املبحث الثاين‪ ،‬مث السياسة‬
‫التمويلية املتعلقة هبا من خالل سرد مراحل تطور نظام التمويل يف اجلزائر من خالل املبحث الثالث‪.‬‬

‫أهدافها‪ ،‬وظائفها وكذا‬ ‫قبل هذا وذاك‪ ،‬األبس أن نعاجل من خالل املبحث األول خمتلف أنواع املؤسسات االقتصادية‪،‬‬
‫خمتلف مصادر متويل احتياجاهتا ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املبحث األول ‪ :‬ماهية املؤسسة االقتصادية ‪.‬‬


‫ظاهرة املؤسسة ظاهرة معقدة‪ ،‬ولذلك جند وجهات نظر خمتلفة يف إعطاء تفسري ملفهوم املؤسسة‪ ،‬فهناك من لديهم نظرة‬
‫حمدودة وجزئية ملفهوم املؤسسة من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى هناك من يرى املؤسسة من جانب قانوين‪ ،‬وآخرون يهتمون ابجالنب اماليل‬
‫فقط‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬تعريف املؤسسة االقتصادية ‪.‬‬


‫من أجل تعريف املؤسسة‪ ،‬سنتطرق يف هذا املطلب إىل حتديد مفهومها‪ ،‬خصائصها وأهدافها ‪.‬‬

‫لقد تعددت مفاهيم املؤسسة االقتصادية ابختالف األزمنة واالجتاهات‪ ،‬وميكن أن جتمع بعضها يف‬
‫مفهوم املؤسسة‪:‬‬ ‫‪1.‬‬
‫النقاط التالية ‪ :‬ابلنسبة‬
‫لرتوشي "‪ "M.TRUCHY‬تعرف أبهنا الوحدة اليت جتمع فيها وتنسق العناصر البشرية وامالدية للنشاط االقتصادي‬
‫؛‬
‫أما ابلنسبة مالركس " ‪ ،" MARX‬فاملؤسسة الرأمسالية تكون متمثلة يف عدد كبري من العمال‪ ،‬يعملون يف نفس الوقت حتت‬
‫إدارة نفس رأس امالل ويف نفس املكان من أجل إنتاج نفس النوع من السلع؛‬
‫ويضيف فرنسوا بريو‪ PIROUX" "François‬أن املؤسسة " شكل إنتاج‪ ،‬بواسطته وضمن نفس الذمة )‪(Patrimoine‬‬
‫تدمج أسعار خمتلف عوامل االنتاج املقدمة من طرف أعوان متميزين عن مالك املؤسسة‪ ،‬هبدف بيع سلع أو خدمات يف السوق من‬
‫أجل احلصول غلى دخل نقدي ينتج عن الفرق بني سلسلتني من األسعار"؛ وقد جاء لربينت "‬
‫‪ "M.LEBRETON‬بتعريف املؤسسة كما يلي"‪ :‬هي كل شكل تنظيم اقتصادي‪ ،‬مستقل ماليا‪ ،‬والذي‬
‫يقرتح نفسه إلنتاج سلع أو خدمات يف السوق " ‪ .‬ونالحظ أن‬
‫التعاريف السابقة‪ 1‬مل تكن شاملة ملختلف جوانب املؤسسة‪ ،‬حيث أن التعريفني األولني قد اقتصرا على وظيفة االنتاج‬
‫فقط‪ ،‬يف حني أن املؤسسة ميكن أن تشمل عدة وظائف وتنتج أكثر من سلعة أو خدمة ‪ .‬ونظرا الختالف‬
‫املؤسسات فيما بينها يف أشكاهال وقدراهتا‪ ،‬فال ميكن تعريف املؤسسة إال مبكوانهتا‪ ،‬لكننا إذا حاولنا اجلمع‬
‫بينها يف تعريف عام‪ ،‬ينطبق على الكل‪ ،‬أمكن القول أن"‪:‬املؤسسة عبارة عن منظمة‪ ،‬جتمع بني خمتلف عوامل اإلنتاج ًـ العمل‪ ،‬رأس امالل‪ ،‬آالت‪ ،‬خربات‪ ،‬مواد‬
‫أولية‪ ..ً.،‬ـ بطريقة مثالية للبحث عن الفعالية يف مجيع امليادين من أجل إنتاج سلعة أو تقدمي خدمة "‬
‫هذا التعريف ينطبق على مجيع املؤسسات إبختالف أحجامها‪ ،‬جماالت عملها‪ ،‬طابعها القانوين‪ ،‬و النظام السياسي‬
‫السائد يف البلد املستقبل وكذا مستوى تطور هذا البلد‪.‬‬
‫خصائص املؤسسة‪ :‬من التعاريف السابقة‪ ،‬ميكن استخالص الصفات واخلصائص اليت تتصف هبا املؤسسة االقتصادية‪:2‬‬ ‫‪2.‬‬
‫للمؤسسة شخصية معنوية مستقلة من حيث امتالكها حلقوق وصالحيات‪ ،‬أو من حيث واجباهتا ومسؤولياهتا؛‬ ‫‪‬‬
‫هال القدرة على اإلنتاج أو أداء الوظيفة اليت وجدت من أجلها ؛‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬انصر دادي عدون‪" ،‬اقتصاد املؤسسة " ‪ ،‬الطبعة‪ ، 1‬دار احملمدية العامة ‪ ،‬اجلزائر‪ ،1998 ،‬ص ص ‪ 9-10‬؛‬
‫‪2‬موساوي نور الدين‪" ،‬واقع االقرتاض املصريف للمؤسسة العمومية اجلزائرية"‪ ،‬مذكرة ماجستري‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري‪ ،‬جامعة اجلزائر‪،‬‬
‫؛‪41‬ص ‪2004/2003،‬‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫كون املؤسسة قادرة على البقاء مال يكفل هال من متويل كاف وظروف سياسية مواتية وعمالة كافية وقادرة على تكييف نفسها‬ ‫‪‬‬
‫مع الظروف املتغرية ؛‬
‫‪ ‬التحديد الواضح أللهداف االسترياتيجية‪ ،‬والربامج‪ ،‬وأساليب العمل‪ ،‬فكل مؤسسة تضع أهدافا معينة تسعى لتحقيقها‪،‬‬
‫أهداف كمية ونوعية‪ ،‬ابلنسبة إللنتاج لتحقيق رقم أعمال معني ؛‬
‫‪ ‬ضمان املوارد اماللية لكي تستمر عملياهتا‪ ،‬ويكون ذلك إما عن طريق االعتمادات‪ ،‬وإما عن طريق اإليرادات الكلية‪ ،‬أو‬
‫القروض‪ ،‬أو اجلمع بني هذه العناصر كلها أو بعضها‪ ،‬حسب الظروف ؛‬
‫‪ ‬البد أن تكون املؤسسة مواتية للبيئة اليت وجدت فيها وتستجيب لتغرياهتا‪ ،‬فاملؤسسة التوجد منعزلة‪ ،‬وإن كانت معاكسة هلذه‬
‫الظروف فإهنا ميكن أن تعرقل عملياهتا وأهدافها ؛‬
‫جيب أن يشمل إصالح املؤسسة إمكانية زواهال‪ ،‬إذا ضعف مربر وجودها أو تضاءلت كفاءهتا ؛‬

‫والتقوم املؤسسة االقتصادية إال على األركان األساسية التالية ‪:1‬‬


‫‪ ‬القوانني الشرعية والقانون األساسي املنبثق عنه وتوابعه من مراسيم وتعليمات ؛‬
‫‪ ‬جمموع العقود واملعاهدات اليت تربمها املؤسسة مع املتعاملني معها ؛‬
‫‪ ‬املسؤول أو من ينوب عنه؛‬
‫‪ ‬املنتوج ومشتقاته ؛‬
‫‪ ‬الوسائل امالدية والبشرية والتنظيمية إللنتاج ؛‬
‫‪ ‬السوق ومراكز تبادل القيم ؛‬
‫‪ ‬الزابئن واملستهلكون للمنتوج ومشتقاته ؛‬
‫‪ ‬احمليط العام امالدي واملعنوي ‪.‬‬
‫تباينت أراء املفكرين حول أهداف املؤسسة‪ ،‬فمنهم من يرى أن هناك هدف واحد‬
‫أهداف املؤسسة االقتصادية‪:‬‬ ‫‪3.‬‬
‫يتمثل يف تعظيم الربح‪ ،‬بينما يقرالبعض اآلخر بتعددية األهداف‪ .‬ففي هذا اجمالل نقول أنه ليس مهما اإلقرار بوجود هدف واحد‬
‫للمؤسسة أو عدة أهداف بل األهم هو األخذ بعني االعتبار املكان والزمان الذي توجد فيه املؤسسة حمل الدراسة من حيث أهدافها ‪ .‬مبعىن ميكن أن جند‬
‫مؤسسة أو مؤسسات هال عدة أهداف وليس هدف واحد ألهنا وجدت يف السبعينات وكانت مهمتها حتقيق‬
‫خمططات التنمية‪ .‬وهذه األخرية تتضمن أهدافا اقتصادية واجتماعية‪ ،‬إذ أن أهدافها تتعلق أبهداف اجملتمع ‪.2‬‬
‫ميكن مجع أهداف املؤسسات االقتصادية يف النقاط التالية‪:‬‬

‫األهداف االقتصادية‪ :‬ميكن مجع عدد من األهداف اليت تدخل ضمن هذا النوع كمايلي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫حتقيق الربح ‪ :‬إن استمرار املؤسسة يف الوجود‪ ،‬الميكن أن يتم إال إذا استطاعت أن حتقق مستوى أدىن من الربح يضمن هال‬ ‫‪‬‬
‫إمكانية رفع رأمساهال‪ ،‬وابلتايل توسيع نشاطها للصمود أمام املؤسسات األخرى يف نفس الفرع أو القطاع االقتصادي‪ ،‬أو احلفاظ على مستوى معني من نشاطها‪ ،‬وقبل‬
‫هذا استعمال الربح احملقق لتسديد الديون‪ ،‬توزيع األرابح على الشركاء‪ ،‬أو تكوين املؤوانت لتغطية‬
‫اخلسائر أو أعباء غري حمتملة ‪ .‬لذا يعترب الربح من بني املعايري األساسية لصحة املؤسسة اقتصاداي ؛‬

‫‪1‬حممد مسن‪" ،‬التدبري االقتصادي للمؤسسات‪ ،‬تقنيات واستسراتيجيات"‪ ،‬دار ساحل للنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ،2001،‬ص‪ 21‬؛‬
‫‪2‬عمر صخري‪" ،‬اقتصاد املؤسسة"‪ ،‬ديوان املطبوعات اجالمعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،1993،‬ص‪2‬؛‬

‫‪3‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫إن حتقيق املؤسسة لنتائجها مير عرب عملية تصريف أوبيع إنتاجها امالدي أو املعنوي وتغطية‬ ‫‪ ‬حتقيق متطلبات اجملتمع‪:‬‬
‫تكاليفها‪ ،‬وعند القيام بعملية البيع‪ ،‬فهي تغطي طلبات اجملتمع املوجًـودة بًـه‪ ،‬سًـواء على املسًـتوى احمللي‪ ،‬اجلهًـوي‪ ،‬الًـًـوطين أو الًـًـدويل ‪ .‬فيمكن القًـول أن املؤسسًـة‬
‫االقتصادية حتقق هدفني يف نفس الوقت‪ ،‬تغطية طلب اجملتمع وحتقيق األرابح‪ ،‬وختتلف طبيعة هذه األخرية من املؤسسة العمومية إىل اخالصة‪ ،‬حيث يعترب يًـًـف األوىًـًـل‬
‫‪1‬‬
‫وسيلة الستمرار نشاطها وتوسيعه من أجل تلبية حاجات متجددة وإضافية؛‬
‫‪ ‬عقلنة اإلنتاج ‪ :‬تستخدم املؤسسة املوارد املتاحة إلنتاج تشكيلة من املنتجات مستخدمة الكفاءة الفنية والكفاءة‬
‫االقتصادية‪ ،‬واهلدف من ذلك هو تعظيم االنتاج الذي ميكن تصريفه‪ ،‬وختفيض التكاليف يف أي مستوى ابملؤسسة‪ ،‬حبيث يكون‬
‫اهلدف إجياد وفورات داخلية وخارجية واستنفاذها ‪ .‬ففي حالة‬
‫االنقطاع يف التموين تلجأ املؤسسة للمخزون‪ ،‬وعند وجود خمزون أمان غري كايف أو انعدام املخزون تتوقف‬
‫املؤسسة عن االنتاج لكنها تبقى تتحمل جمموعة من التكاليف "دفع اإلجيار‪ ،‬االهتالكات‪ ،‬أتمني األجور‪...،‬اخل" اليت تسبب عجز‬
‫داخلي ‪ .‬ويف حالة عدم وجود خمزون املخرجات لتغطية السوق‪ ،‬يتحول االنقطاع الداخلي إىل انقطاع خارجي ‪.2‬‬
‫األهداف االجتماعية‪ :‬من بني األهداف العامة للمؤسسة‪ ،‬األهداف االجتماعية‪ ،‬اليت تتمثل فيمايلي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬ضمان مستوى مقبول من األجور‪ :‬يعترب العمال يف املؤسسة من بني املستفيدين األوائل من نشاطها‪ ،‬حيث يتقاضون‬
‫أجورهم مقابل عملهم هبا‪ ،‬إال أن مستوى وحجم هذه األجور يرتاوح بني االخنفاض واالرتفاع حسب طبيعة املؤسسة‪ ،‬طبيعة النظام االقتصادي‪ ،‬مستوى‬
‫املعيشة للمجتمع‪ ،‬وحركة سوق العمل وغريها من العوامل املعقدة‪ .‬وغالبا ما حتدد قوانني من طرف الدولة تضمن‬
‫للعامل مستوى من األجر يسمح له بتلبية حاجاته‪ ،‬واحلفاظ على بقائه‪ ،‬وهذا ما يسمى ابجلر األدىن املضمون؛‬
‫‪ ‬إقامة أمناط استهالكية معينة ‪ :‬تقوم املؤسسة االقتصادية عادة ابلتصرف يف العادات االستهالكية ملختلف طبقات اجملتمع‪،‬‬
‫وذلك بتقدمي منتوجات جديدة أو بواسطة التأثري يف أذواقهم عن طريق اإلشهار والدعاية سواء ملنتجات قدمية أو ملنتجات جديدة غري‬
‫موجودة سابقا؛‬
‫توفري التأمينات واملرافق للعمال‪ :‬تعمل املؤسسات على توفري بعض التأمينات‪ ،‬مثل التأمني الصحي والتأمني ضد حوادث‬ ‫‪‬‬
‫العمل وكذلك التقاعد ‪ .‬كما اهنا ختصص مساكن سواء الوظيفية منها أو العادية لعماهال أو احملتاجني منهم "ويظهر هذا أكثر يف‬
‫املؤسسات العمومية" ابإلضافة إىل املرافق العامة مثل تعاونيات االستهالك أو املطاعم‪...‬اخل ‪.‬‬

‫األهداف التكنولوجية‪:‬ابإلضافة إىل ما سبق تؤدي املؤسسة دورا هاما يف امليدان التكنولوجي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫البحث والتنمية ‪ :‬تتنافس املؤسسات فيما بينها للوصول إىل أحسن طريقة إنتاجية وأحسن وسيلة من خالل عمليات‬ ‫‪‬‬
‫البحث والتطوير‪ ،‬مما يؤدي إىل التأثري على اإلنتاج ورفع املردودية اإلنتاجية فيها ‪.‬‬
‫‪ ‬كما أن املؤسسة تؤدي دورا مساندا للسياسة القائمة يف البالد يف جمال البحث والتطوير التكنولوجي‪ ،‬نظرا مال متثله من وزن‬
‫يف جمموعها وخاصة الضخمة منها‪ ،‬من خالل اخلطة التنموية العامة "للدولة" املتوسطة األجل‪ ،‬اليت يتم من خالهال التنسيق بني العديد من اجلهات ابتداء من هيئات‬
‫ومؤسسات البحث العلمي‪ ،‬اجالمعات‪ ،‬واملؤسسات االقتصادية وكذا هيئات التخطيط األخرى كاجمللس‬
‫االقتصادي واالجتماعي ‪.‬‬

‫‪1‬انصر دادي عدون‪" ،‬اقتصاد املؤسسة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 19‬؛‬
‫‪2‬موساوي نور الدين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪43‬؛‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬تصنيف املؤسسات االقتصادية‪.‬‬


‫ختتلف معايري تصنيف املؤسسات اإلقتصادية ‪،‬فمنها ما يصنف حسب صيغتها القانونية‪ ،‬مثل أن تكون شخصية أو عائلية‬
‫أو عمومية أو خاصة‪ ،‬حمدودة التبعية أوجمهولة أو خمتلطة ‪...،‬اخل‪ .‬ومنها مايصنف حسب تقنيات اإلنتاج أوقطاعاته أوحسب أنواع‬
‫اخلدمات‪.‬‬
‫وسنتعرض فيمايلي‪ ،‬إىل خمتلف معايري تصنيف املؤسسات اإلقتصادية‪.‬‬
‫التصنيف القانوين‪:‬على أساسه يتم تصنيف املؤسسة إىل نوعني‪ :‬املؤسسات اخالصة‪ ،‬املؤسسات العمومية ‪.‬‬ ‫‪1.‬‬

‫املؤسسات اخالصة‪ :‬وهي مؤسسات تعود ملكيتها ألشخاص خواص‪ ،‬ميلكون حق اختاذ القرار‪ ،‬وهي توجد على‬ ‫‪‬‬
‫نوعني"‪:‬املؤسسات الفردية والشركات" ‪.‬‬
‫املؤسسات الفردية‪ :‬وهي املؤسسات اليت ميتلكها شخص واحد أو عائلة وهي متتاز بسهولة التنظيم واإلنشاء‪ ،‬واملسؤول‬ ‫‪‬‬
‫األول واألخري فيها‪ ،‬وعن إدارهتا وتسيريها هو صاحب املؤسسة‪ .1‬تتمثل املؤسسة الفردية يف التجار الصغار واملهن احلرة كاألطباء‬
‫واحمالمني وغريهم‪ ،‬ومن خصائصها‪:‬‬
‫‪ ‬السهولة يف التنظيم واالنشاء؛‬
‫‪ ‬صاحب املؤسسة هو املسؤول األول واألخري عن نتائج أعمال املؤسسة‪ ،‬وهدا يكون دافعا له على العمل بكفاءة لتحقيق‬
‫أكرب إيراد ممكن؛‬
‫‪ ‬مالك املؤسسة هو املسؤول األول الوحيد عنها‪ ،‬حيث يقوم إبدارهتا وتنظيمها وتسيريها ويرجع له األمر يف اختاد أي قرار‬
‫خيص مؤسسته ؛‬
‫قلة الشركاء يقلل من املشاكل وعدم التفاهم مما يؤدي إىل تفادي اإلنقطاعات النامجة عن سوء التفاهم وكثرة األراء؛‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬قلة رأس امالل‪ ،‬إذ أن اماللك هو املمول نفسه فقد يؤدي دلك إىل وجود ديون انجتة عن قلة خربة اماللك وصعوبة احلصول‬
‫على متويل خارجي متمثل يف القروض البنكية‪.‬‬
‫الشركات‪ :‬وهي عبارة عن مؤسسات تعود ملكيتها إىل شخصني أوأكثر‪ ،‬حيث يلتزم كل واحد منهم بتقدمي حصة من امالل‬ ‫‪‬‬
‫أو العمال‪ ،‬واقتسام ما قد ينشأ عن هده الشركة من أرابح أو خسائر‪ ،‬وتنقسم بدورها إىل ‪:‬‬
‫شركات أشخاص "شركات تضامن‪ ":‬هي شركة قانونية تتكون من أشخاص يشرتكون يف احلصص اإلجتماعية لرأس ماهال¸‬ ‫‪‬‬
‫ويتقاسم الشركاء األرابح و اخلسائر‪ ,‬كما يتقامسون أيضا املهام اإلدارية و تتعدى مسؤولية املشاركني يف تسديد الديون إىل أمواهلم‬
‫‪2‬‬
‫اخالصة ؛‬
‫‪ ‬شركات األموال‪ :‬تستخدم شركات األموال للمؤسسات كبرية احلجم ‪ ,‬ومتثل شخصية اعتبارية هال احلقوق القانونية اليت‬
‫تتمتع هبا الشخصية الطبيعية‪ ،‬أي أهنا تقوم مبمارسة نشاطات أعمال وامتالك األصول‪ ،‬وبيع وشراء املنتجات‪ ،‬واقرتاض األموال‪.‬‬
‫على العموم ميكن للمؤسسة التجارية أن أتخذ أشكال قانونية متعددة‪ ،‬نذكر منها‪:3‬‬
‫‪ ‬شركات مغفلة اإلسم "‪ ،"SA‬اليت ميكن أن أتخذ شكل التعاونيات "‪"SCOP‬؛‬
‫‪ ‬شركات ذات أسهم بسيطة "‪"SAS‬؛‬

‫‪1‬‬
‫؛ ‪10‬ص ذكره‪ ،‬سبق مرجع صخري‪ ،‬عمر‬
‫; ‪2Michel DARBELET et autres, « Economie d’entreprise », Ed foucher, Paris, 1994, P13‬‬
‫‪3‬‬
‫; ‪www.encyclopedie.snyk.com « forme de l’entreprise », date du 02/04/05‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫شركات ذات أسهم بسيطة لشخص واحد "‪"SASU‬؛‬ ‫‪‬‬


‫شركات ذات مسؤولية حمدودة اليت ميكن أن أتخذ كذلك شكل التعاونيات "‪"SCOP‬؛‬ ‫‪‬‬
‫مؤسسة لشخص ذات مسؤولية حمدودة "‪ "EURL‬؛‬ ‫‪‬‬
‫شركة توصية بسيطة "‪ "SCS‬؛‬ ‫‪‬‬
‫شركة توصية ابألسهم ‪"SCA".‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬املؤسسات العمومية‪ :‬ابلنسبة هلذا النوع من املؤسسات‪ ،‬يكون رأس امالل مملوكا جملموعة عمومية متمثلة يف الدولة أو‬
‫اجلماعات احمللية‪ ،‬كما أن سلطة القرار ترجع إليها ‪ .‬يضاف إىل ذلك أن املؤسسة العمومية متلك تنظيمات "‪ "status‬خمتلفة‪:‬‬
‫مؤسسات وطنية‪ ،‬منشآت عمومية‪ ،‬وأيضا مؤسسات االقتصاد املختلط ‪.‬‬

‫يف هذا الشكل ميكن تصنيف املؤسسات حسب معايري اقتصادية معينة‪ ،‬فيمكن‬
‫التصنيف االقتصادي للمؤسسة‪:‬‬ ‫‪2.‬‬
‫دراستها تبعا للنشاط االقتصادي‪ ،‬أو تبعا حلجمها ‪.‬‬

‫تبعا للنشاط االقتصادي‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫حسب طبيعة نشاطها‪ ،‬ميكن تصنيف املؤسسات إىل ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسات احلرفية ‪ :‬وهي اليت متارس نشاطات يدوية؛‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسات التجارية ‪ :‬وهي مؤسسات هتتم ابلنشاط التجاري‪ ،‬حيث تشرتي سلع وتعيد بيعها بدون أن حتدث عليها أي‬ ‫‪‬‬
‫تغيريات ؛‬
‫املؤسسات الصناعية‪ :‬تقوم بتحويل املواد األولية‪ ،‬وتبيعها على شكل منتجات مصنعة أو نصف مصنعة‪ ،‬وتتميز ابحتياجها‬ ‫‪‬‬
‫لرأس مال كبري ويد عاملة‪ .‬وتنقسم هذه املؤسسات إىل ‪:‬‬
‫‪ ‬مؤسسات الصناعة الثقيلة‪ ،‬كمؤسسات احلديد والصلب ومؤسسات اهليدروكاربوانت؛‬
‫‪ ‬مؤسسات الصناعات التحويلية واخلفيفة‪ ،‬كمؤسسات املغزل والنسيح واجللود‪...‬اخل؛‬
‫‪ ‬املؤسسات الفالحية‪ :‬وهي املؤسسات اليت هتتم بزايدة إنتاجية األرض أو استصالحها‪ ،‬وتقوم هذه املؤسسات بتقدمي ثالثة‬
‫أنواع من اإلنتاج‪1،‬وهو االنتاج النبايت واالنتاج احليواين والصيد البحري‪ ،‬والشيء اماللحظ يف هذا القطاع أنه مرتبط ابألحوال اجلوية‬
‫واملخاطر املناخية رغم التطورات التكنولوجية؛‬
‫املؤسسات اخلدماتية‪ :‬هي املؤسسات اليت تقوم بتقدمي خدمة معينة‪ ،‬كالنقل‪ ،‬البحوث العلمية‪...‬اخل؛‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسات اماللية‪:‬هي املؤسسات اليت تقوم بنشاطات مالية كالبنوك ومؤسسات التأمني ومؤسسات الضمان االجتماعي ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كما ميكن تقسيمها حسب القطاع االقتصادي‪ ،‬بتحديد نشاطها الرئيسي إىل‪:2‬‬ ‫‪‬‬
‫القطاع األويل‪ :‬فالحة‪ ،‬صيد‪...،‬اخل؛‬ ‫‪‬‬
‫القطاع الثانوي‪ :‬صناعة‪ ،‬مباين وأشغال عمومية‪...،‬اخل؛‬ ‫‪‬‬
‫القطاع الثالثي‪ :‬قطاع اخلدمات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬موساوي نور الدين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 49‬؛‬


‫‪2‬‬
‫; ‪www.encyclopedie.snyk.com , op.cit‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫تبعا ح لجم املؤسسة‪ :‬اعتمادا على جمموعة من املقاييس كعدد العمال‪ ،‬قيمة رقم األعمال‪ ،‬القيمة املضافة‪ ،‬ميكن التمييز‬ ‫‪‬‬
‫بني املؤسسات الصغرية‪ ،‬املتوسطة والكبرية ‪.1‬‬
‫املؤسسات الصغرية واملتوسطة‪ :‬وهي املؤسسات اليت يتحمل فيها املقاول شخصيا وبطريقة مباشرة كل املسؤوليات اماللية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫التقنية‪ ،‬االجتماعية والتجارية وكذا املعنوية مهما كان شكلها القانوين‪ ،‬وميكن أن تنمو هذه املؤسسات لتصبح مؤسسات كربى‪ .2‬وحسب ميشال داربلي‬
‫‪ ،DARBELET" "Michel‬تعترب مؤسسة صغرية ومتوسطة كل مؤسسة يقل عدد عماهال عن ‪ 500‬عامل‬
‫ورقم أعماهال ال يتجاوز ‪ 100‬مليون فرنك فرنسي(سابقا)؛‬
‫املؤسسات الكربى ‪ :‬وهي املؤسسات اليت تشغل أكثر من ‪ 500‬عامل‪ ،‬وتتميز مبا يلي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬ترتكز على مبدأ اقتصادايت احلجم‪ ،‬أي هناك توسيع قدرات اإلنتاج لنحصل على ختفيض يف تكلفة الوحدة الواحدة ؛‬
‫‪ ‬القدرة على التفاوض‪ ،‬أي للمؤسسة متعاونني فكلما كانت قدرة التفاوض عالية كلما أصبحت أقوى‪ ،‬وهذا ما يؤثر على‬
‫تكاليفها ؛‬
‫اجملموعات ‪ groupes" :"les‬وهي جمموعة من املؤسسات سواء كانت جتارية‪ ،‬صناعية أو مالية‪ ،‬مرتبطة بعقد ملكية وعلى‬ ‫‪‬‬
‫رأس هذه اجملموعة شركة أم اليت تعترب كحافظة"‪ "holding‬؛‬
‫املؤسسات متعددة اجلنسيات‪ :‬هي عبارة عن مؤسسات تتميز ابخلصائص التالية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تزاول نشاطات جتارية وإنتاجية وتتواجد يف بلدان متنوعة؛‬ ‫‪‬‬
‫على رأسكل نوع يف بلد معني مواطن خاص‪ ،‬مثال‪ :‬الفرع الفرنسي على رأسه فرنسي؛‬ ‫‪‬‬
‫على مستوى املقر األصلي للمؤسسة مديرية عامة متكونة من أشخاص من خمتلف اجلنسيات؛‬ ‫‪‬‬
‫رأس مال املؤسسة موزع على املستوى العاملي ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬‬
‫; ‪Michel DARBELET, op.cit, P14‬‬
‫‪2‬‬
‫; ‪M.MARCHESNAY et C.FOURCADE, « gestion de la PME/PMI », ed NATHAN, Paris, 1997, P81‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬وظائف املؤسسة ومصادر متويلها‪ .‬من أجل‬


‫مزاولة نشاطها‪ ،‬تقسم املؤسسة إىل جمموعة من الوظائف اليت ختتلف حسب حجم وطبيعة النشاط‪ ،‬كما أهنا من أجل نفس الغرض فإهنا حتتاج إىل‬
‫مصادر مالية تقوم من خالهال بتغطية خمتلف احتياجاهتا‪ ،‬وميكننا إدراج فيمايلي وظائف املؤسسة‬
‫وخمتلف مصادر التمويل املمكنة ‪.‬‬

‫‪ 1.‬وظائف املؤسسة‪:‬‬
‫لقد كانت املؤسسة يف امالضي صغرية احلجم‪ ،‬يقوم عدد حمدود من األشخاص مبجمل مهامها‪ ،‬فكانت الوظائف جممعة‬
‫وغري واضحة املعامل‪ .‬أما اليوم‪ ،‬وقد أخذت أحجاما ضخمة واتسعت على نطاق عاملي‪ ،‬أصبحت هال عدة وظائف تتمثل أمهها‬
‫فيمايلي ‪:‬‬

‫الوظيفة اإلنتاجية ‪ :‬تعترب أهم الوظائف‪ ،‬فاملؤسسة تتكون من األقسام والورشات اليت تتغري من حيث الكم واحلجم حسب‬ ‫‪‬‬
‫متطلبات اإلنتاج الذي حيدد التوزيع والتبادل واالستهالك‪ .‬وهي جتمع بني‬
‫خمتلف عناصر اإلنتاج لتصنيع املنتج حسب اخلصائص احملددة من طرف قسم الدراسات‪ ،‬واملواد واإلمكانيات اليت‬
‫يتيحها قسم التموين‪ .‬إذن‬
‫تنصب هذه الوظيفة على حسن التدبري يف استخدام اإلمكانيات والقدرة املتاحة مبا يؤدي إىل االستفادة منها قدر اإلمكان يف رفع‬
‫اإلنتاجية حسب األهداف املسطرة؛‬

‫الوظيفة اإلدارية ‪ :‬لكل مؤسسة إدارة تضم وظائف القرار والتنسيق والرقابة والتمثيل يف الداخل واخالرج‪ .‬وتكون وظيفة‬ ‫‪‬‬
‫اإلدارة على مستوى املؤسسة أو الوحدة أو املصلحة أو اجملموعة اجلهوية أو الوطنية أو العاملية‪ .‬كما يزيد حجمها ونطاق صالحيتها أو‬
‫ينقص‪ ،‬على نطاق مركز التدبري‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫يتحمل مسؤولية اإلدارة العليا للمؤسسة أانس عادة ما يرتقون من مراكز دنيا‪ ،‬بعدما اكتسبوا خربة ومؤهالت لذلك؛‬

‫الوظيفة التسويقية‪ :‬تشكل هذه الوظيفة وجه املؤسسة اليت تظهر به يف السوق‪ ،‬فهي تتكفل بعرض املنتج على الزبون‪ ،‬و‬ ‫‪‬‬
‫تشهره لتحوله إىل أرابح‪ .‬و هي تشكل الرابط األساسي بني إدارة املؤسسة و خمتلف األقسام (حبوث‪ ،‬إنتاج‪ ،...) ،‬و الزبون‬
‫‪2‬‬
‫املستهدف؛‬
‫الدراسة و البحث‪ :‬وهتدف إىل ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬دراسة احتياجات السوق للمنتج؛‬
‫‪ ‬تقدير سعر البيع للمنتج يف حالة التطوير؛‬
‫‪ ‬البحث عن خمتلف األدوات واآاللت االلزمة لعملية اإلنتاج؛‬
‫‪ ‬وضع املخططات؛‬
‫‪ ‬دراسة – ابلتنسيق مع الوظيفة التسويقية – السوق‪ ،‬من حيث املنافسة‪ ،‬براعات االخرتاع‪ ،‬القوانني والتشريعات الصادرة من‬
‫طرف الدولة‪...،‬اخل؛‬
‫‪ ‬حتديث التكنولوجيا املستعملة من طرف املؤسسة‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬حممد مسن‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪24‬؛‬


‫; ‪www.encyclopedie.snyk.com, op.cit‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫الوظيفة التموينية‪:‬مع اتساع السوق واملنافسة‪ ،‬أصبح التموين ابملواد األولية من أهم الوظائف اليت تشغل املسريين‪ ،‬فهو‬ ‫‪‬‬
‫ابلتأثري املباشر على التكلفة والسعر وجودة املنتج وحجم املبيعات‪ ،‬جيربهم على ضمان مايلي‪:‬‬
‫جودة التموين‪ ،‬ابختيار أحسن املواد األولية اليت تضمن هال أجود املنتجات؛‬ ‫‪‬‬
‫أحسن األسعار‪ ،‬مع مراعاة النسبة األساسية سعر‪/‬جودة؛‬ ‫‪‬‬
‫أحسن عالقة بني املؤسسة ومتوينها‪ ،‬وما تضمنه من متييزات وتسهيالت وخدمات ما بعد البيع؛‬ ‫‪‬‬
‫حرية االختيار ما بني خمتلف املوردين‪ ،‬الستغالل فرص املؤسسة وتفادي االحتكار وانقطاع التموين ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التوظيف‪ :‬هي الوظيفة اليت تتعهد إببرام ومتابعة وإهناء عقود التشغيل يف املؤسسة فهي تسهر على تطبيق قوانني الشغل من‬ ‫‪‬‬
‫أجور وعطل وترقيات ومكافآت وعقوابت وخصومات‪ ،‬وما إىل ذلك من انشغاالت تسيري املوارد البشرية‪ .‬وتندرج ضمن هذه الوظيفة‬
‫األساسية عدة وظائف تكميلية مثل اخلدمات االجتماعية والتكوين املهين والعالقات النقابية وما إىل ذلك؛‬
‫الوظيفة التمويلية‪ :‬تعترب الوظيفة التمويلية من أهم الوظائف يف نشاط األعمال‪ ،‬فال ميكن ألي مؤسسة أن تقوم بنشاطها‬ ‫‪‬‬
‫من إنتاج وتسويق وغريها من الوظائف‪ ،‬دون توفري األموال االلزمة لتمويل اإلدارات التشغيلية‪ ،‬كما اهنا تقرر مع هًـًـذه اإلًـًـدارات حجم األمًـًـوال اليت تسًـًـتخدم‬
‫واألغراض اليت ستوجه إليها‪ ،‬لذلك فإن اهلدف الرئيسي للسياسة اماللية هو االستخدام احلكيم والعقالين أللموال‪ ،‬وأن العمليًـًـة األساسًـًـية اليت تنطًـًـوي عليهًـًـا هًـًـذه‬
‫املقارنة الرشيدة بني مزااي االستخدامات احملتملة وبني تكلفة املصًـادر البديلًـة احملتملًـة‪ ،‬حًـًـبيث ميكن حتقيًـًـق األهًـًـداف امالليًـًـة الشًـًـاملة للمؤسسًـًـة‪ .‬وهًـًـذا عن طريًـًـق مبًـًـدأ‬
‫املردودية اماللية اليت متثل املعيار الفاصل يف عملية‬
‫اختيار وتنفيذ االستثمارات‪ ،‬وهذا بغية رفع فرتات اإلنتاج ابنتهاج استثمارات ذات طابع مكثف ومتسع‪.‬‬
‫مصادر م تويل املؤسسات االقتصادية‪ :‬لتمويل نشاطها واستثماراهتا‪ ،‬تتوفر أمام املؤسسات اإلقتصادية جمموعة من‬
‫املصادر اماللية‪ ،‬بداية من مواردها اخالصة أي التمويل الذايت‪ ،‬ابإلضافة إىل املوارد اخالرجية وذلك ابالقرتاض من البنوك وفقا لشروط معينة‪ ،‬أو بدخوهال‬
‫البورصة وذلك إبصدار أسهم االكتتاب أو السندات‪ .‬وميكن تقسيم هذه املصادر إىل ‪ :‬قصرية األجل‪ ،‬متوسطة‬
‫األجل‪ ،‬وطويلة األجل ‪.‬‬

‫التمويل قصري األجل‪ :1‬يقصد ابلتمويل قصري األجل ‪,‬تلك األموال اليت حتصل عليها املنشأة من الغري تلتزم بردها خالل‬ ‫‪‬‬
‫فرتة التزيد عادة عن السنة ‪.‬‬
‫و تنقسم مصادر التمويل قصرية األجل إىل نوعني أساسيني ‪ :‬اإلئتمان املصريف واإلئتمان التجاري ‪.‬‬
‫اإلئتمان املصريف ‪ :‬يعرف اإلئتمان املصريف أبنه‪ ،‬القروض قصرية األجل اليت حتصل عليها املؤسسة من البنوك‪ ،‬وميكن أن‬ ‫‪‬‬
‫منيز فيه ‪:‬‬
‫القروض غري مكفولة بضمان معني‪ :‬وفق هذا النوع من القروض‪ ،‬يتم اإلتفاق بني املؤسسة والبنك على فتح اعتماد‬ ‫‪‬‬
‫للمؤسسة‪ ،‬ومعىن ذلك أن يسمح البنك للمؤسسة ابإلقرتاض كلما لزمها امالل بشرط أن التزيد املبالغ املقرتضة عن مبلغ معني يف أي‬
‫وقت ‪.‬‬
‫كما يلجأ البنك إىل وضع شرطني مها ‪:‬‬
‫جيب أن يرتك املقرتض يف حسابه اجالري لدى البنك قيمة ‪ 10%‬إىل‪ 20%‬من قيمة القرض املمنوح ابلفعل ؛‬ ‫‪‬‬
‫وجوب قيام العميل ابلسداد على األقل كل سنة مرة واحدة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ 1‬كنجو عبود كنجو وغريه‪" ،‬اإلدارة اماللية"‪ ،‬دار املستقبل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،1997 ،‬ص‪ 242‬؛‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫ويف هذا اجمالل من القروض ميكن أن جند القروض املفتوحة‪ ،‬القرض املتجدد "الدوري"‪ ،‬القروض اخالصة بعملية معينة ‪.‬‬
‫القروض املكفولة بضمان‪ :‬قد تطلب البنوك ضماان معينا جيب أن يقدمه املدين قبل منحه اإلئتمان‪ ،‬وقد يكون مضموان‬ ‫‪‬‬
‫أبحد األشكال األتية ‪:‬‬
‫‪ ‬القرض املضمون بضمان شخص آخر ؛‬
‫‪ ‬القرض املكفول بضمان أصل معني مثل حساابت العمالء املدنية وأوراق القبض أو األوراق اماللية األخرى أو‬
‫البضائع ‪.‬‬
‫اإلئتمان التجاري‪ :‬يتمثل اإلئتمان التجاري يف البضائع اليت ميكن أن حتصل عليها املؤسسة دون احالجة إىل دفع قيمتها‬ ‫‪‬‬
‫نقدا‪ ،‬وهذا اإلئتمان خيص غالبا البضائع وليس اآاللت أو األصول الثابتة ‪ .‬ويتوقف منحه على عدد من العوامل النامجة عن حالة‬
‫التجارة واملنافسة مثل ‪ :‬طبيعة السلعة املباعة‪ .‬وغالبا ما يتم منح اإلئتمان يف سلع تتمتع بطلب كبري ‪.‬‬
‫ومن أنواع اإلئتمان التجاري‪ :‬احلساب اجالري املفتوح‪ ،‬أوراق الدفع‪ ،‬السفتجة ‪.‬‬
‫ويطلق على اإلئتمان التجاري اإلمتان التلقائي‪ ،‬نظرا ألنه يزيد وينقص مع التقلبات يف حجم النشاط ‪.1‬‬
‫التمويل متوسط األجل‪ :‬يعرف التمويل متوسط األجل‪ ،‬أبنه ذلك النوع من القروض الذي يتم سداده يف فرتة تزيد عن‬ ‫‪‬‬
‫السنة وتقل عن سبعة سنوات‪ ،‬ينقسم إىل ‪:‬‬
‫قروض مباشرة متوسطة األجل‪ :‬متنح مثل هذه القروض من قبل البنوك وشركات التأمني‪ ،‬ويتم سدادها على مدار من‬ ‫‪‬‬
‫السنوات على شكل أقساط دورية‪ ،‬وهذه تسدد خالل فرتات حمددة ومتساوية "شهر‪ ،‬ثالثة أشهر‪،‬سداسي‪ ،‬سنة" ‪ .‬وعادة ما يكون‬
‫القرض مكفول بضمان معني‪ ،‬ابإلضافة إىل أن معدل الفائدة يف حالة القروض املتوسطة األجل يكون أكرب منه‬
‫يف حالة القروض قصرية األجل ‪.‬‬
‫القرض اإلجياري‪ 2:‬كان ظهور هذا النوع من التمويل يف الوااليت املتحدة األمريكية يف عام‪ ،1952‬مث شاع استخدامه يف‬ ‫‪‬‬
‫الستينات يف أورواب ‪ .‬إن‬
‫عقد القرض اإلجياري هو عقد إجيار مع اختيار املشرتايت‪ ،‬وهي تقنية متويل كغريها من التقنيات أين ميكن للمؤسسة أن ختتار‬
‫اإلستثمار ‪ ,‬وتتصل هبيئة مالية للقرض اإلجياري طالبة منها شراءه وإعادة استئجاره منها ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫يتخذ القرض اإلجياري أشكال عديدة من أمهها‪ :‬استئجار اخلدمة "االستئجار التشغيلي"‪ ،‬البيع مث اإلستئجار‪ ،‬اإلستئجار اماليل ؛‬
‫‪ ‬التمويل طويل األجل ‪ :‬تبلغ فرتة استحقاق األموال طويلة األجل‪ ،‬ما يزيد عن احلد األدىن هال‪ ،‬وهو سبعة سنوات‪ ،‬وميكن‬
‫أن يكون هذا التمويل من مصادر داخلية أو خارجية ‪.‬‬
‫التمويل الذايت‪ :‬التمويل الذايت للمؤسسة يعين قدرة املؤسسة على متويل نفسها بنفسها دون اللجوء إىل األطراف اخالرجية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وذلك من خالل اإلعتماد على النتيجة الصافية بعد إقتطاع الضرائب‪ ،‬واليت يوزع جزء منها على الشركاء والعمال‪ ،‬أما اجلزء الباقي فهو‬
‫املقدار الذي تستطيع املؤسسة التصرف فيه بعد هناية الدورة ‪ ،‬وحيسب التمويل الذايت وفق العالقة التالية ‪:‬‬

‫التمويل الذايت = األرابح الصافية غري املوزعة ‪ +‬اإلهتالكات ‪ +‬املؤوانت‪.‬‬

‫‪ 1‬رضوان وليد العمار‪" ،‬أساسيات يف اإلدارة اماللية"‪ ،‬دار امليسرة للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،1997 ،‬ص‪ 193‬؛‬
‫‪2‬‬
‫; ‪Stéphane GRIFFITHS, « gestion financière », ed Eyrolles, France, 1996, P22‬‬
‫‪3‬كنجو عبود كنجو وغريه‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪250.‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫ويلعب التمويل الذايت دورا ابرزا يف التأثري على هيكل املؤسسة الداخلي وقد يستعمل وفق مايلي‪:1‬‬
‫إمكانية متويل االستثمارات وابلتايل يؤخذ بعني اإلعتبار يف برامج اإلستثمار للمؤسسة؛‬ ‫‪‬‬
‫إمكانية دفع فوائد األسهم أو السندات؛‬ ‫‪‬‬
‫حتقيق شروط التوازن الدائم برفع األموال اخالصة بقيمة التمويل الذايت ؛‬ ‫‪‬‬
‫األسهم والسندات ‪ :‬األسهم هي وسيلة من الوسائل الرئيسية للتمويل طويل األجل‪ ،‬وتصدر شركات املسامهة يف الكثري من‬ ‫‪‬‬
‫احالالت األسهم‪ ،‬مرة واحدة خالل مدة حياهتا‪ ،‬و عرفت العديد من املؤسسات االقتصادية اجلزائرية هذه التجربة من خالل فتح رأمساهال اللكتتاب العام‪ ،‬و‬
‫خنص ابلذكر‪ ،‬مؤسسة صيدال أللدوية‪ ،‬مؤسسة الرايض للمواد الغذائية‪ ،‬فندق األوراسي‪ ،‬و عرفت التجربة‬
‫جناحا نسبيا‪ٍ ،‬رغم حداثة السوق اماللية الوطنية‪ .‬أما إذا كانت املؤسسة يف حاجة إىل متويل طويل املدى فبإمكاهنا إصدار سندات‬
‫يكتتب فيها اجلمهور‪ ،‬و السند هو معاهدة تربط املؤسسة ابملكتتب‪ ،‬يدفع من خالهال هذا األخري مثن السند يوم إصداره و تتعهد املؤسسة أن ترد له بعد أجل‬
‫معني يرتاوح بني سنة و مخس عشر سنة‪ ،‬و تدفع له عائدا من خالل معدل فائدة من القيمة االمسية‬
‫للسند ؛‬

‫اإلئتمان الطويل املدى‪ :‬يهدف هذا اإلئتمان إىل متويل اإلستثمار الثقيـل و تسـديده ميكـن أن يسـتغرق مـدة أكثـر مـن سـبع‬ ‫‪‬‬
‫سنوات دون أن تتجاوز ‪ 25‬سنة‪ .‬واجمالالت اليت يستخدم فيها هذا النمط من التمويل تتمثل على وجه اخلصًـًـوص يًـًـف شًـًـراء األراضًـًـي و العقًـارات املعقًـدة إليًـواء‬
‫النشاطات اإلنتاجية‪ ،‬املباين اليت أتوي الورشات أو املخازن أو املستودعات‪ ،‬و ابلنظر إىل املدة الطويلة لتجميد املــوارد الــيت يتطلبهــا هــذا النــوع مــن التمويــل فــإن‬
‫املصــريف يقــوم بتعليــل دقيــق ملخــاطر املشــروع و بخــذ بعــني اإلعتبــار العوامــل اإلجيابيــة و الس ـلبية قبــل اختــاذ قــرار التمويــل‪ ،‬فكــل حــادث أو تعثــر يف تنفيــذ املشــروع يًـًـف‬
‫مرحلــة مــن مراحلــه قــد يــؤدي إىل تقلــيص حظــوظ تســديد‬
‫أقساط التمويل يف آجاهال‪ ،‬وعليه فإن املصريف عادة ما يلجأ إىل طلب ضماانت عينية لتأمني اسرتجاع متويله أصال و فوائد ‪.‬‬

‫‪ 1‬انصر دادي عدون ‪" ،‬تقنيات مراقبة التسيري"‪ ،‬طبعة ‪ ،1‬دار احملمدية‪ ،‬اجلزائر‪ ، 2000 ،‬ص ‪ 84‬؛‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫اإلقتصادية اجلزائرية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املبحث الثاين‪:‬التطور اهليكل للمؤسسات‬
‫عرفت املؤسسة اجلزائرية تطورات و عمليات تصحيح قبل الوصول إىل مرحلة االستقاللية‪ ،‬وكان هذا التطور نتيجة ملعطيات‬
‫كل مرحلة اترخيية من خالل ظروف سياسية معينة ذات أبعاد اقتصادية‪ .‬فكانت الرغبة من عملية إصالح و هيكلـة القطـاع الصـناعي‬
‫الوطين أن يصبح أكثر مردودية ومصدر خللق الثروة يف اجملتمع‪.‬‬

‫املطلب األّول‪ :‬مرحلة ما قبل الثمانينات ‪.‬‬


‫تبعية خانقة مع فقدان التوازن العام‪ ،‬الناتج عن‬
‫يوصف االقتصاد اجلزائري يف فرتة ماقبل الثمانينات‪ ،‬ابالقتصاد التابع ّ‬
‫اإلقتصادية اليت كانت تتبعها وتنتهجها فرنسا خالل فرتة االستعمار‪ .‬وقد تركت االقتصاد اجلزائري يعاين من جمموعة من‬
‫ّ‬ ‫السياسة‬
‫وأمهها‪:1‬‬
‫العراقيل‪ّ ،‬‬
‫الصناعية اليت تلي الواحدة بعد األخرى‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬عدم التكامل بني القطاعات والتفكك داخل القطاع نفسه"االنعدام التام ملختلف الفروع‬
‫عملية اإلنتاج"؛‬
‫يف ّ‬
‫‪ ‬التبعيّة اإلقتصاديّة‪ :‬تبعيّة ماليّة‪ ،‬تقنيّة‪ ،‬وجتاريّة؛‬
‫‪ ‬اقتصاد خمتل وغري متوازن‪ ،‬إذ متركز القطاع االقتصادي يف الشمال‪،‬والصناعة يف املدن الكربى؛‬
‫‪ ‬الشغور االقتصادي الناجم عن توقف وجتميد جمموعة من االستثمارات‪ ،‬ابإلضافة إىل هجرة األوروبيني‪ ،‬أ ّدى إىل اخنفاض يف‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬حبيث اتبعها اخنفاض يف استرياد اآاللت واملع ّدات واملواد االستهالكية‪ ،‬هجرة رؤوس األموال‪ ،‬اخنفاض الصادرات‬
‫إىل اخالرج؛‬
‫داخلية غري منظمة‪ ،‬خا ّصة يف جمال التوزيع‪.‬‬
‫‪ ‬سوق ّ‬
‫السياسية آنذاك إىل فك االرتباط مبنطقة الفرنك الفرنسي سنة ‪ ،1963‬وذلك قصد تقليص‬
‫ّ‬ ‫هلذا فقد سارعت السلطة‬
‫عملية البناء االقتصادي واالجتماعي‪ 2.‬وتوجهت هذه املبادرة‬
‫التبعية اجتاه اخالرج وبعث قطاع اقتصادي اتبع للدولة‪ ،‬بخذ على عاتقه ّ‬
‫ّ‬
‫فرنسية يف معظمها‪.‬‬
‫العامة ابجلزائر آنذاك واليت كانت ّ‬
‫األجنبية ّ‬
‫مبجموعة من التأميمات للشركات ّ‬

‫التسيريالذايت‪ :‬طبقت عمليّة التسيري الذايت يف اجلزائر‪ ،‬نتيجة مغادرة مئات اآاللف من املستوطنني األوروبيني للجزائر‪،‬‬ ‫‪1.‬‬
‫اتركني مزارعهم‪ ،‬ومصانعهم ومتاجرهم اليت كانوا حيتلوهنا‪ ،‬هبدف إحداث فراغ كبري ميكن أن يهز البناء االقتصادي واالجتماعي للبالد‪ .‬من أجل تفادي استيالء‬
‫الوطنية على هذه الثروات ابإلضافة إىل ضعف السياسة‪ ،‬كانت ضرورة جتسيد التنظيم‬
‫الربجوازية ّ‬
‫والبشرية للخروج من حالة الفراغ القانوين‪ ،‬وهو ما ج ّسد التسيري الذايت‬
‫ّ‬ ‫اجلماعي لتسيري املؤسسات لتجسيد كل الطاقات امال ّدية‬
‫‪3‬‬
‫اشرتاكية يف ميدان اإلنتاج‪ ،‬واقتسام الناتج بني أفراد اجلماعة‪" .‬‬
‫ّ‬ ‫للمؤ ّسسات‪ ،‬الذي ّيعرفه أبنه"‪ :‬جتربة‬
‫تنظيمية للتسيري الذايت‪ ،‬منها‪:‬‬
‫من هنا برزت ع ّدة مراسيم ّ‬
‫العمومية؛‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬املرسوم املؤرخ يف ‪ 1962/11/23‬املتعلّق إبنشاء جلنة التسيري يف املؤسسات‬
‫املتعلق حبل مشاكل امللكيّات الشاغرة؛‬
‫‪ ‬املرسوم املؤرخ يف ‪ّ 1963/03/18‬‬

‫اإلقتصادية وعلوم التسيري‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬جوان ‪ ،1999‬ص ‪33‬؛ ‪P07 1986, Alger,‬‬ ‫كسرى مسعود"‪:‬تطور املؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة يف اجلزائر"‪ ،‬مذكرة ماجستري‪ّ ،‬‬
‫كلية العلوم‬ ‫‪1‬‬
‫ّ‬
‫‪OPU, », Algérienne l'entreprise de Stratégique Gestion « BELAIBOUD, 2Moukhtar‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ahmed BOUYACOUB, « La gestion de l'entreprise industriel publique en Algérie », Tome1, OPU, Alger, 1987,‬‬
‫;‪p30‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫العمومية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬املرسوم املؤرخ يف ‪ 1963/03/22‬املوضح للمعامل الكربى للتسيري الذايت للمؤ ّسسات‬
‫‪1‬‬
‫تتميز ابالستقاللية‬
‫معنوية من أشخاص القانون اخالص ّ‬
‫ذاتيا على أهنا "شخصية ّ‬
‫املسرية ّ‬
‫العمومية ّ‬
‫ّ‬ ‫منه ميكن تعريف املؤسسة‬
‫ميقراطية املباشرة‪".‬‬
‫املرفقية‪ ،‬وهي مسرية من طرف املنتجني وفق مبادىء الدّ ّ‬
‫لمركزية ّ‬
‫واال ّ‬
‫ذاتيا حبوايل ‪ 345‬مؤسسة‪ ،‬يف جانفي ‪ 2.1964‬إالّ أن التسيري الذايت‪ ،‬قد عان من ع ّدة‬
‫املسرية ّ‬
‫أحصي عدد املؤسسات ّ‬
‫مشاكل وعراقيل‪ ،‬حالت إىل إعاقة سريه‪ ،‬ومن أمهها‪:‬‬
‫‪ ‬إن التسيري الذايت كتنظيم ع ّمايل‪ ،‬رغم أتطريه بقانون خاص‪ ،‬إالّ أنه مل يساهم يف خلق مؤسسات جديدة‪ ،‬فهو مل يشمل إال‬
‫واحلرفية امله ّمشة‪ ،‬حيث أن ‪ 36%‬من املؤسسات تشغل أقل من ‪ 50‬عامل؛‬
‫ّ‬ ‫الوحدات ال ّصغرية‬
‫مالية واحتفاظها ابلطابع االستشاري؛‬
‫‪ ‬هتميش املشاركة الع ّ ّ‬
‫راجع للمستوى الثقايف‪ ،‬مما أ ّدى إىل‬ ‫‪ ‬نقص اإلطارات واليد العاملة امالهرة‪ ،‬وغياب الوعي الكايف عند معظم الع ّمال‪ ،‬وذلك‬
‫حدوث نزاعات بني جملس الع ّمال وجلنة التسيري من جهة وبني رئيس جلنة التسيري واملدير العام من جهة أخرى؛‬
‫‪ ‬سوء توزيع ال ّسلطة وسوء التنظيم والتنسيق‪ّ ،‬مما أ ّدى إىل احتكار السلطة من طرف اإلدارة؛‬
‫‪ ‬سوء توجيه اإلنتاج‪ ،‬وضعف جتنيد الع ّمال‪ ،‬وعدم تقاضي أغلب الع ّمال ألجورهم؛‬
‫‪ ‬وجود تناقض بني ال ّسلطة السياسيّة والواقع املعاش‪ ،‬فاألوىل ترفع شعارات االشرتاكية يف خطاابهتا مبشاركة الع ّمال يف التسيري‬
‫والنتائج‪ ،‬بينما مل ير الع ّمال حتقيق ذلك يف الواقع‪.3‬‬
‫أمام كل هذه املشاكل‪ ،‬مت التفكري يف نوع آخر من املؤ ّسسات االقتصادية‪.‬‬

‫الوطنية‪ :‬مع بداية ‪ 1965‬اختذت ع ّدة إجراءات كان من شأهنا تنظيم القطاع العام واستغالله أحسن استغالل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 2.‬الشركة‬
‫املخطط اإلستعجايل الثالثي‪ ،67-1969‬هتتم ابلنشاطات االقتصادية ذات‬
‫ّ‬ ‫مت إنشاء شركات وطنيّة يف إطار‬
‫وعلى هذا األساس ّ‬
‫العامة‪.‬‬
‫املنفعة ّ‬
‫إيديولوجيّة الشركة الوطنيّة تعتمد أساسا على مبدأ رأمساليّة ال ّدولة‪ ،‬وهي نوع من االشرتاكية تكون فيها وسائل اإلنتاج يف يد ال ّدولة‪ ،‬كما تعتمد على االستقاللية‬
‫فامللكية تعود لل ّدولة‪ ،‬بينما تسيري الشركة‬
‫امالليّة والتنظيميّة املوجودة يف إطار النظام ّالرأمسايل‪ّ .‬‬
‫ابستقاللية‪ ،‬دون مشاركة الع ّمال يف التسيري والنتائج‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يتمتع‬
‫الوطنية كشخص معنوي ّ‬
‫ّ‬
‫وطنية مؤ ّسسة عن طريق مرسوم قبل ‪ 1965‬أو أمر بعد ‪ 19‬جوان ‪ ،1965‬هال مقر اجتماعي ابجلزائر العاصمة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫شركة‬ ‫وكل‬
‫‪4‬‬
‫هدف اجتماعي ورأمسال‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫الوطنية على جهازين أساسيني مها‪:‬‬
‫يعتمد تنظيم الشركة ّ‬
‫حمرر فقط لنقص‬
‫‪ ‬اجمللس اإلداري‪ :‬الذي ميثل لل ّدولة كمساهم وحيد يف رأمسال املؤ ّسسة‪ ،‬وإىل غاية ‪ 1965‬مل يكن إالّ جهاز ّ‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫الكفاءات‪ ،‬وإبتداءا من سنة ‪ ،1965‬أصبح جهاز استشاري وهو جلنة لتوجيه ومراقبة مدير الشركة ّ‬

‫‪p46; op.cit, »,‬‬ ‫املديرية؛‬


‫ّ‬ ‫اجلمعية العاّمة‪ ،‬جملس الع ّمال‪ ،‬جلنة التسيري‪،‬‬
‫تتكون أساسا من‪ :‬جهاز ّ‬
‫ذاتيا‪ّ ،‬‬
‫املسرية ّ‬
‫ينص هذا املرسوم على أن اهليئات املكّونة للمؤ ّسسات ّ‬
‫‪1‬‬

‫‪Algérie en publique industriel l'entreprise de gestion La « BOUYACOUB, 2Ahmed‬‬


‫‪3‬‬
‫;‪Necib Redjem, « L'entreprise publique Algérienne », OPU, Alger, 1987, p36‬‬
‫‪4‬‬
‫;‪A- BRAHIMI,"L'économie Algérienne", OPU, Alger, 1991, P103‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬
‫اجالمعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،1992 ،‬ص‪23‬؛‬
‫ّ‬ ‫‪ 5‬بعلي حم ّمد الصغري‪"،‬إشكالية تنظيم القطاع العام ي ف اجلزائر"‪ ،‬ديوان املطبوعات‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫اخلية‪ ،‬وهي متارس على الشركة الوطنيّة وصاية ذات‬


‫والد ّ‬
‫اماللية ّ‬
‫الصناعة‪ ،‬التجارة‪ّ ،‬‬ ‫يتكّون اجمللس من ممثلني من ع ّدة وزارات‪ّ :‬‬
‫طابع تقين‪ ،‬اقتصادي ومايل‪ .‬ويقوم اجمللس اإلداري مبهام اإلدارة والتسيري واختاذ خمتلف قرارات اإلنتاج؛‬

‫اإلدارية لسري نشاط الشركة‪ ،‬منها التمثيل أمام الغري‪.‬‬


‫الوصية‪ ،‬ميارس خمتلف املهام ّ‬
‫‪ ‬املدير‪ّ :‬يعني مبرسوم رائسي‪ ،‬ابقرتاح من الوزارة ّ‬
‫سياسية‪ ،‬اقتصادية واجتماعية مثل‪:‬‬
‫عملت الشركات الوطنية على حتقيق أهداف ّ‬
‫العمومية يف خمتلف فروع االقتصاد الوطين؛‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬توحيد مركز القرارات ابعتباره الوسيلة املفضلة ملمارسة أعمال القوة‬
‫‪ ‬التشغيل بتوظيف أكرب عدد ممكن دون االهتمام ابلكفاءات؛‬
‫القاعدية‪ ،‬خا ّصة منها جمال احملروقات؛‬
‫ّ‬ ‫األولوية للصناعات‬
‫‪ ‬حتقيق االستثمارات وإعطاء ّ‬
‫‪ ‬التسيري احلسن لوحدات اإلنتاج؛‬
‫الضرورية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الوطنية ابملواد‬
‫‪ ‬متوين السوق ّ‬

‫‪1‬‬
‫لكن احنصرت طبيعتها يف النقاط التالية‪:‬‬
‫ّ صناع ّية املؤ ّسسة؛‬ ‫‪ ‬قدرهتا على حتقيق الرتاكم وخلق الثروة‪ ،‬وذلك عن طريق تسيري الوحدات ال‬
‫‪ ‬قدرهتا على إدارة فرع كامل؛‬
‫‪ ‬مسامهتها يف التكامل االقتصادي عن طريق تنمية العالقات مابني القطاعات‪.‬‬
‫كما أهنا اصطدمت بع ّدة مشاكل‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ ‬غياب نسيج قانوين وتقين‪ ،‬ممّا جعلها عرضة لكلّ التقلبات ال ّداخليّة واخالرجيّة؛‬
‫مكونة‪ ،‬واليت وإن وجدت فهي غري مستعملة كما جيب؛‬ ‫‪ ‬غياب إطارات ّ‬
‫‪ ‬سوء توزيع السلطة االقتصادية وتفشي البريوقراطيّة؛‬
‫كل البعد عن املؤ ّسسة‪ ،‬وحىت طبيعة هذه القرارات فهي بعيدة عن الواقع املعاش‪ّ ،‬مما‬ ‫‪ ‬اختاذ القرارات يف مستوايت وأجهزة بعيدة ّ‬
‫إمكانية جتسيدها؛‬
‫يستبعد ّ‬
‫التمثيلية للع ّمال؛‬
‫صالحيات ّ‬ ‫‪ ‬غياب قانون خاص ابلع ّمال‪ ،‬األمر الذي أ ّدى إىل اختالط الوظائف واملهام بني اإلدارة وال ّ ّ‬
‫التكنولوجية املطبقة ؛‬
‫ّ‬ ‫صناعية واختالف املستوايت‬
‫‪ ‬التشتت اجلغرايف للوحدات ال ّ ّ‬
‫متيز ابالزدواجية يف إدارة املؤ ّسسة‪ ،‬ولقد متثلت هذه االزدواجية يف وجود رئيس جملس اإلدارة ومدير يف آن واحًـد‪.‬ممًـّا أثًـر على‬ ‫‪ ‬كما أن اجلهاز التنفيذي ّ‬
‫ال ّسري احلسن ملتابعة املشاريع من جهة‪.‬ومن انحية أخرى كانت إدارة املؤ ّسسًـة خاضًـعة للوصًـاية‪.‬فب ًّـالرغم من األمهيًـّة الظاهريًـّة ملًـدير املًـؤ ّسسًـة فًـإن‬
‫الوزير يف الواقع العملي هو الذي كان يشرف على تسيري املؤ ّسسة عن طريق ما يس ّمى ابجمللس‬
‫‪2‬‬
‫اإلستشاري‪.‬‬
‫كلّ هذه ال ّصعوابت‪ ،‬أ ّدت إىل ظهور أسلوب جديد وهي املؤسسة اإلشرتاكية ‪.‬‬

‫‪ 3 .‬املؤسسة االشرتاكية‪ :‬إن إصدار قانون التسيري االشرتاكي للمؤ ّسسات حاول إعادة ترتيب العالقات داخل املؤ ّسسة‬
‫العموميّة‪ ،‬ويعترب هذا القانون منوذجا جديدا لتجسيد اإليديولوجية االشرتاكية وحل مشاكل املؤ ّسسات العموميّة وإسهام الع ّمال يف‬

‫‪1‬‬
‫;‪Ahmed BOUYACOUB, « La gestion de l'entreprise industriel publique en Algérie », op.cit, P97‬‬
‫‪ 2‬بعلي حم ّمد الصغري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪21‬؛‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املدنية واالستقالل اماليل‪ ،‬وتعد العنصر الّرئيسي لتحقيق‬


‫ابلشخصية ّ‬
‫ّ‬ ‫معنوية‪ ،‬تتمتع‬
‫عملية التسيري‪ .‬وتعترب املؤ ّسسة االشرتاكية شخصية ّ‬
‫ّ‬
‫املخططة واملكان املفضل ملمارسة مبادىء التسيري االشرتاكي عن طريق مشاركة الع ّمال يف التسيري‪ .‬يكمن اهلدف األساسي‬ ‫أهداف التنمية ّ‬
‫للتسيري االشرتاكي يف إنشاء مؤ ّسسات متجانسة إبمكاهنا تطوير سياسات متوافقة يف مجيع ميادين‬
‫النشاط خا ّصة يف وحدات اإلنتاج‪.‬‬
‫الوطنية إىل شكل املؤ ّسسات االشرتاكية كان قد أتثر مبجموعة من العوامل‪ ،‬حنصرها فيما يلي‪:‬‬
‫إن االنتقال من الشركة ّ‬
‫عصرية قادرة على إجناز‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬اجتاه النظام القائم عقب التصحيح الثوري سنة ‪ ،1965‬إىل ضرورة إقامة دولة تقوم على مؤ ّسسات‬
‫االعتماد وتطبيق منهج وأسلوب التخطيط يف النشاط‬ ‫وعمليات التنمية الشاملة عرب تنفيذ املخطط الوطين‪ ،‬بعد‬
‫متطلّبات ّ‬
‫االقتصادي؛‬
‫مالية يف التسيري؛‬
‫إجيابياهتا وسلبيّاهتا ابعثا على ضرورة إجياد صبغة لبعث املشاركة الع ّ ّ‬
‫بكل ّ‬ ‫‪ ‬كانت جتربة التسيري الذايت ّ‬
‫‪ ‬الرغبة يف توحيد أشكال املشروعات العاّمة للحد من املصاعب املرتتبة عن تع ّدد أشكال إدارة النشاط االقتصادي‪.‬وقد‬
‫شهدت تلك املرحلة ظهور ع ّدة مواثيق وقوانني تكّرس الطابع االشرتاكي يف التنمية وتوحيد أنظمة التسيري بصدور ميثاق التسيري‬
‫االشرتاكي للمؤ ّسسات سنة ‪1971 .‬‬
‫ولقد متثلت هذه املواثيق والقوانني يف‪:‬‬
‫‪ ‬امليثاق الوطين لسنة ‪1976‬؛‬
‫‪ ‬دستور ‪1976‬؛‬
‫‪ ‬القانون العام للع ّمال ‪ 1975‬املنظم لعالقات العمل؛‬
‫املخطط العام الفرنسي من قبل‬
‫ّ‬ ‫املخطط الوطين احمالسيب ال ّصادر يف سنة ‪ 1975‬والذي وضع بذلك ح ّدا الستخدام‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫التعرف على حالتها امالليّة‬
‫العمومية االقتصادية بغية تسهيل عمليّة ّ‬
‫ّ‬ ‫الوطنية‪.‬كما أنه مسح بتوحيد احلساابت بني املؤ ّسسات‬
‫الشركات ّ‬
‫وتسهيل مراقبتها‪.‬‬
‫أساسيني مها‪:‬‬
‫وقد قام هذا التنظيم على جهازين ّ‬
‫‪ ‬جملس الع ّمال؛‬
‫املديرية؛‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬جملس‬
‫وفيما خيص املشاكل اليت عرفها النظام‪ ،‬فقد متثلت يف النقاط التالية‪:‬‬
‫سلمية وبطء اختاذ القرار نظرا ملبدأ توحيد التسيري بني الع ّمال واإلدارة؛‬
‫‪ ‬ضخامة اهلياكل ال ّ ّ‬
‫الثقافية ملعظم الع ّمال‪ ،‬خا ّصة املمثلني؛‬
‫‪ ‬تدين فعاليّة القرارات املتعلّقة ابلتسيري نظرا لتدين املستوايت ّ‬
‫‪ ‬وقوع ع ّدة جتاوزات متس اآلداب العاّمة يف ميدان العمل وشجع الع ّمال على الكسل وعدم حتفيزهم على بذل اجملهودات؛‬
‫املقرر ممّا ساعد على وقوع نزاعات وتضارابت يف العالقات‪1‬؛‬ ‫‪ ‬األسلوب التنظيمي املعتمد مل ّيفرق بني العون التنفيذي والعون ّ‬
‫‪ ‬االختالل الكبري يف ميدان االستثمارات‪ ،‬حيث أ ّدى سوء الربجمة والتقييم غري احلقيقي للمشاريع إىل التأثري سلبا على إجنازها‬
‫‪2‬‬
‫وعدم احرتام مواعيد تسليمها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Abdelmadjid BOUZIDI, « 25 Questions sur le mode de fonctionnement de l'économie Algérienne », Alger,‬‬
‫; ‪1988, P46‬‬
‫‪2‬‬
‫; ‪A, BRAHIMI, op.cit, PP 223, 225‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫‪"1980‬‬
‫لقد متيّزت املرحلة األوىل اليت امتدت ما بني‪"1962‬‬ ‫الثمانينات‪:‬‬ ‫املميزة ملرحلة ما قبل‬
‫اخلصائص ّ‬ ‫‪4.‬‬
‫ـ‬
‫بتسجيل نتائج ميكن التعرف عليها فيما يلي‪:‬‬
‫األولوية للصناعة الثقيلة‬
‫ومت فيه إعطاء ّ‬
‫املصنعة ّ‬
‫‪ ‬اتسمت هذه املرحلة بتطبيق النموذج التنموي الذي يعتمد على ال ّصناعات ّ‬
‫اجلهوية‪ ،‬وتدعيم االستقالل االقتصادي؛‬
‫ال ّدافعة إىل إنتاج وسائل اإلنتاج لتحديث الزراعة والقضاء على الفوارق ّ‬
‫ميزانيات املؤ ّسسات‬
‫صناعية الكربى وإمداد ّ‬
‫‪ ‬لقد ساعدت ضخامة عائدات احملروقات خالل تلك الفرتة على متويل املشاريع ال ّ ّ‬
‫اماللية‪.‬‬
‫الطابع االجتماعي على نشاطها دون االهتمام مبردوديتها ّ‬‫العمومية ابألموال لتغطية اخلسائر اليت كانت تتح ّملها نتيجة إلضفاء ّ‬
‫ّ‬
‫لوجية‪ ،‬أصبحت املؤ ّسسات على إثرها‬
‫صناعية أ ّدى إىل تبعية تكنو ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫كما أن تشجيع إقامة املشاريع الكربى والّرهان على كسب املعركة ال‬
‫مستهلك لتكنولوجيا مستوردة من البلدان املتق ّدمة؛‬
‫تعطل اآاللت ساعات‬‫التكنولوجية املستوردة من قبل العامل اجلزائري أ ّدى يف كثري من األحيان إىل ّ‬‫ّ‬ ‫‪ ‬إن عدم التحكم يف هذه‬
‫العمومية تكاليف‬
‫طويلة يف اليوم‪ ،‬ممّا تسبّب يف ارتفاع تكاليف اإلنتاج للمنتوج املتمثلة يف تكاليف تشغيل اآاللت‪ ،‬وتتح ّمل املؤسسة ّ‬
‫ال ّصيانة الباهضة‪ ،‬وحجم الفضالت واملهمالت الغري قابلة للبيع‪ ،‬الناجتة على التشغيل السيئ آلللة ابإلضافة إىل مشاكل أخرى مرتبطة‬
‫ابلرتكيز اجلغرايف لل ّصناعات الكربى ‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬إعادة هيكلة املؤ ّسسات االقتصادية‪.‬‬


‫لقد بدأت عمليّة إعادة اهليكلة يف الثمانينات‪ ،‬وذلك بسبب اإلختااللت املتع ّددة يف االستثمار واالستغالل اليت كان يعاين‬
‫منها اجلهاز اإلنتاجي‪ .‬كما أن طبيعة التنظيم الذي عرفته املؤ ّسسات العموميّة‪ ،‬هو أحد األسباب يف عدم فعاليًـّة وكفًـًـاءة القطًـًـاع العمًـًـومي‪ ،‬لًـًـذلك اجتهت ال‬
‫ّدولة إىل إعادة النظر يف سبل اإلصالحات اليت متكنها من زايدة اإلنتاج‪ .‬فجاءت إعًـادة اهليكلًـة للقضًـاء على هًـذه العناصًـر‪ ،‬وحتسًـني ظًـروف املًـؤ ّسسًـة العموميًـّة و‬
‫ودميقراطية التسيري‪ ،‬ابإلضافة إىل إختاذ‬
‫ّ‬ ‫لمركزية‬
‫ضعيتها‪.‬اب ّلرفع من اإلنتاج وحتقيق اال ّ‬
‫حجم ّمعني للمؤ ّسسات من شأنه التح ّكم فيها وتسيريها بكلّ عقا ّلنية‪.‬‬
‫واملتعلق إبعادة‬
‫ّ‬ ‫يعترب اتريخ ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1980‬منعرجا جديدا يف تطوير املؤ ّسسة العموميّة‪ ،‬حيث صدر املرسوم ‪240/80‬‬
‫مالية‪.‬‬
‫هيكلة املؤ ّسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬فسبقت إعادة اهليكلة العضويّة مثّ تلتها إعادة هيكلة ّ‬
‫مؤسسات صغرية احلجم‪ ،‬حىت يتم ّكن‬
‫املؤسسات إىل ّ‬‫العضوية "تقسيم ّ‬
‫ّ‬ ‫يقصد إبعادة اهليكلة‬ ‫‪ 1.‬إعادة اهليكلة العضويّة‪:‬‬
‫واإلقتصادية‪"1‬‬
‫ّ‬ ‫اماللية‬
‫املس ّ يرون من التحكم فيها وحتسني مردوديتها ّ‬
‫منهجية‬
‫عملية تقسيم املؤ ّسسات‪ ،‬وفقا جملموعة من املبادىء اليت تنقسم إىل جمموعتني‪ّ ،‬‬
‫وطنية بتنفيذ ّ‬
‫ّ صدد‪ ،‬كلّفت جلنة ّ‬ ‫يف هذا ال‬
‫وتقنيّة‪.2‬‬

‫املنهجية‪ :‬يف ّ‬
‫منهجية تطبيق نصوص إعادة هيكلة املؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬كان الب ّد من أن أتخذ بعني‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬املبادىء‬
‫اإلعتبار األمور التالية‪:‬‬
‫الشمولية‪:‬حيث جيب أن تكون إعادة اهليكلة ذات مضمون شامل نظرا لكون املشاكل اليت تعاجلها معق ّدة ج ّدا‪ ،‬حبيث‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬مبدأ‬
‫الميكن مناقشتها على حدى؛‬

‫‪1‬‬
‫; ‪A, BRAHIMI, op.cit, P339‬‬
‫العموميكككة االقتصكككادية يف اجلزائكككر"‪ ،‬م ــذكرة ماجس ــتري‪ّ ،‬كلي ــة العل ــوم االقتص ــادية وعلـــوم التس ــيري‪ ،‬جامع ــة اجلزائ ــر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫املؤسسكككة‬
‫‪ 2‬قطّ ــاف ليل ــى‪" ،‬إشككككاليّة تطككك ّور ّ‬
‫؛‪ 52، 56‬ص ص ‪1999/1998،‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫يتعني إنشاء‬
‫اإلنتاجية أو املؤ ّسسات املتخ ّصصة‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬مبدأ التنسيق‪:‬وذلك عن طريق توضيح العالقات على مستوى الوحدة‬
‫هيئات هتتم ابلتنسيق بني خمتلف القطاعات‪ ،‬فيما خي ّص‪:‬اإلنتاج‪ ،‬التمويل‪ ،‬التوزيع‪.‬‬

‫التقنية‪:‬وهذه املبادئ توضح الوسائل والطرق اليت جيب اتباعها تقنيّا للوصول إىل الغاية‪ ،‬من بينها جند أن اجلزائر قد‬
‫‪ ‬املبادىء ّ‬
‫ّركزت على‪ :‬‬
‫التخصص‪:‬وهو تقليص عدد منتجات املؤ ّسسات وذلك خبلق مؤ ّسسات جديدة ختتص مبنتوج ّمعني أومبه ّمة ّ‬
‫معينة‪ ،‬هبدف‬ ‫ّ‬ ‫مبدأ‬
‫اإلنتاجية والعمل مبزااي التخ ّصص وتقسيم املهام؛‬
‫حتسني الطاقة ّ‬
‫معينة أو خدمة ما‪ ،‬يف حني حتيل مه ّمة التسويق ملؤ ّسسة‬ ‫‪ ‬مبدأ فصل اإلنتاج عن التسويق‪:‬أي ّ‬
‫تتكفل مؤ ّسسة إبنتاج سلعة ّ‬
‫وعملية الفصل هذه تتم وفق ثالثة أصناف من ال ّسلع‪:‬‬
‫أخرى‪ّ ،‬‬
‫‪ ‬سلع موجهة للتجهيز املنزيل؛‬
‫وسيطية‪ ،‬سلع التجهيز؛‬
‫ّ‬ ‫صناعية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫سلع‬ ‫‪‬‬
‫اخالرجية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬منتوجات موجهة لل ّسوق‬
‫‪ ‬مبدأ حتسني ودعم التسيري‪:‬ومن مجلة إصالحات اإلدارة والتسيري جند‪:‬‬
‫احمللية؛‬
‫للمديرايت واجلماعات ّ‬
‫مسؤولية عمليّة اإلنتاج ّ‬
‫ّ‬ ‫إستقاللية يف التسيري مع حتميل‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫جغرافية قريبة لوحدات اإلنتاج‪ ،‬لكن مع مراعاة توفري‬
‫ّ‬ ‫العامة من العاصمة إلعادة تركيزها يف مناطق‬
‫املديرايت ّ‬
‫‪ ‬حتويل ّ‬
‫املديرايت؛‬
‫كل الشروط هلذه ّ‬
‫ّ‬
‫املديرايت وحتديدهم من أجل التنسيق امليداين للوحدات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫موظفي‬ ‫من‬ ‫التقليل‬ ‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫موزعة بني خمتلف القطاعات‪.‬‬ ‫مبوجب هذا النموذج ّحتولت املؤ ّسسات اليت كان عددها ‪ 80‬مؤ ّسسة إىل حوايل ‪ 460‬مؤ ّسسة ّ‬
‫املصرفية املتزايدة‪ّ 2‬متت‬
‫ّ‬ ‫املديونية‬
‫ّ‬ ‫اماللية‪ :‬نظرا لوجود عجز يف اإلستغالل لدى املؤ ّسسة االشرتاكية بسبب‬
‫‪ 2.‬إعادة اهليكلة ّ‬
‫املردودية‬
‫ّ‬ ‫سلبية‬
‫تتميز مبا يلي‪ّ  :‬‬
‫إجراء عمليّة اهليكلة امالليّة حيث كانت الوضعيّة اماللية للمؤسسات ّ‬
‫ّ صحة والتكوين‪ ،‬ويف املقابل‬ ‫األساسية كال‬ ‫ولية املستوردة‪ ،‬وكذا الوظائف غري‬
‫ّ‬ ‫اماللية الرتفاع ّالتكاليف‪ ،‬منها املواد ّاأل ّ‬
‫ّ‬
‫احلقيقية؛‬
‫حتديد أسعار املنتجات دون األخذ بعني اإلعتبار التكاليف ّ‬
‫املديونية‪ ،‬فاملشاريع ال تنتهي يف مواعيدها‪ ،‬وهلذا تبحث على متويل قصري املدى يف ظلّ عدم تسديد ال ّديون ال ّسابقة؛‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬إرتفاع درجة‬
‫الندرة‪ ،‬لصعوبة‬ ‫للتخوف من‬
‫املتغرية بوجود فائض يرجع ّ‬
‫وضعية املخزوانت ّ‬‫سلبية رأس امالل العامل اليت ترجع من جهة إىل ّ‬‫‪ّ ‬‬
‫واللجوء إىل القروض قصرية األجل لتحقيقها‪.‬‬
‫التصريف وارتفاع األسعار‪ ،‬ومن جهة أخرى إىل إنعدام ال ّسيولة ّ‬
‫اماللية‪،‬‬
‫اإلستقاللية ّ‬
‫ّ‬ ‫اماللية يف جمموعة من التدابري املتخذة من طرف ال ّدولة واملؤ ّسسة قصد جتسيد‬
‫متثل مضمون إعادة اهليكلة ّ‬
‫وإدخال معيار املردوديّة كمبدأ أساسي يف التسيري‪ ،‬ومن أجل ذلك إختذت اإلجراءات التالية‪  :‬تكليف البنك‬
‫الوطين للتنمية بتمويل املؤسسة اليت تعاين من عجز بقروض متو ّسطة وطويلة األجل بدل من القصري‪ ،‬اهلدف من‬
‫مت احلصول على فائض من رأس امالل‪3‬؛‬
‫هذا هو تغطية األصول التابعة وجعل ال ّسحب على املكشوف مبستوايت مقبولة‪ّ ،‬‬

‫‪1‬‬
‫; ‪A, BRAHIMI, op.cit, p339‬‬
‫‪2‬‬
‫;‪H.BENISSAD, « Algérie : Restructuration et reformes économiques 1979 -1993 », OPU, Alger, p4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪A.CHAREF, A.BOUZIDI, « L'entreprise publique en Algérie », La revue de CENEAP N:1, Alger, Mars 1985,‬‬
‫;‪P58‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫العمومية غري قابل إللسرتجاع بغية التخفيف من ح ّدة العجز اهليكلي‪ ،‬ومن جانب آخر تقّرر‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬ختصيص تسبيق من طرف اخلزينة‬
‫إمكانية التسديد خالل ‪ 8‬سنوات ومبع ّدل فائدة يق ّدر بـ‬ ‫تدعيم النشاطات ال‬
‫الطويل‪ "30‬سنة" مع ّ‬ ‫صناعية أبموال مؤقتة على املدى ّ‬
‫ّ ّ‬
‫‪ %2‬س ّنواي ‪1‬؛‬
‫‪ ‬إعادة هيكلة ديون املؤ ّسسة عرب وضع رزانمة لتسديد الفوائد واألصول؛‬
‫‪ ‬تصفية ال ّديون فيما بني املؤ ّسسات‪.‬‬
‫كما حاولت عمليّة إعادة اهليكلة التدخل وتصحيح ع ّدة أنظمة موجودة تتمثل يف‪:‬‬
‫نوعية ال ّسلع‪ ،‬تكاليف اإلنتاج وهامش ّالربح؛‬
‫‪ ‬نظام األسعار‪:‬ابألخذ بعني اإلعتبار ّ‬
‫‪ ‬إصالح النظام اجلبائي بشكل يساعد على تنشيط نتائج اإلستغالل وختفيض الضغط على خزينة املؤ ّسسة‪.‬‬
‫‪ 3 .‬املشاكل النامجة عن إعادة اهليكلة‪ :‬ترتب عن تطبيق عمليّة إعادة اهليكلة ع ّدة مشاكل‪ ،‬ميكن ذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إن اإلنتقال من فكرة حجم أكرب إىل فكرة حجم أصغر‪ ،‬ترتب عنه إرهاق هذه املؤ ّسسات بتكاليف إعادة هيكلة ابهضة‪ ،‬وهي‬
‫من نوع التكاليف الثابتة املرتبطة ابإلدارة؛‬
‫التوزيعية املوجودة يف مناطق بعيدة؛‬
‫ّ‬ ‫العامة والوحدات‬
‫‪ ‬صعوبة اإلتصال بني اإلدارة ّ‬
‫أجنر عنه تناقص قدرهتا على التحكم ّجيدا يف اجالنب التكنولوجي‪ ،‬واخنفاض إمكانياهتا يف‬
‫‪ ‬تقسيم املؤ ّسسات إىل وحدات ضعيفة ّ‬
‫املوردين األجانب؛ ‪ ‬مل‬
‫التفاوض وضعف قدرهتا على التعامل مع ّ‬
‫مت التعامل‬
‫العمومية مؤقتا‪ ،‬حيث مل تقضي على أسباب التدهور‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ّ‬ ‫إال يف أتجيل مشاكل املؤ ّسسة‬
‫اماللية ّ‬
‫تساهم إعادة اهليكلة ّ‬
‫مع آاثر العجز وليس مع أسبابه‪ ،‬وهلذا مل يتح ّسن التسيري؛‬
‫العمومية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬كما مل يوضع ح ّد للخلل املوجود يف التسيري‪ ،‬وال ملظاهر التبذير‪ ،‬اإلختالس‪ ،‬وااللّمباالة اليت ّمتيز املؤ ّسسة‬
‫مالية كبرية مولت من خزينة ال ّدولة‪ ،‬لكن اماللحظ أن هذه العمليّة مل تسمح‬
‫اإلقتصادية مبالغ ّ‬
‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫واماللية للمؤ ّسسات‬
‫ّ‬ ‫العضوية‬
‫ّ‬ ‫عملية إعادة اهليكلة‬
‫وقد كلّفت ّ‬
‫بتحقيق األهداف املنتظرة منها‪ ،‬بل أكثر من ذلك أ ّدت إىل إختااللت هيكليّة داخل اإلقتصاد‬
‫سلبية كإنتشار السوق املوازية والبطالة والتضخم‪.‬األمر الذي إنعكس سلبا على النمو اإلقتصادي‪.‬‬
‫الوطين‪ ،‬وظهور ظواهر ّ‬
‫العمومية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والعضوية وفشل حماوالت إعادة اإلصالح‪ ،‬وطغيان تدخل ال ّدولة يف تسيري نشاط املؤ ّسسة‬
‫ّ‬ ‫اماللية‬
‫إن تعثر إعادة اهليكلة ّ‬
‫حرية املبادرة يف إختاذ القرارات اليت خت ّص فعاليتها‪ .‬هذا الوضع أ ّدى ّمرة أخرى إىل إصالحات جديدة متس‬ ‫كلها عوامل جعلتها تفقد ّ‬
‫إستقاللية ّاتمة يف التسيري‪ ،‬ومتكينها من تبين املعايري‬
‫العمومية ّ‬
‫ّ‬ ‫العمومية‪.‬وكانت هذه اإلصالحات ترمي إىل إعطاء املؤ ّسسة‬
‫ّ‬ ‫املؤ ّسسة‬
‫العمومية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ابستقاللية املؤ ّسسات‬
‫ّ‬ ‫واماللية اليت تضمن هال االستمرار وال ّدميومة‪.‬ولقد عرفت هذه اإلصالحات‬
‫اإلقتصادية ّ‬
‫ّ‬

‫العمومية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬استقاللية املؤ ّسسات‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬وذلك من‬
‫ّ‬ ‫منذ عام ‪ ،1988‬ابشرت اجلزائر إصالحات إقتصاديّة عرفت إبسم إستقالليّة املؤ ّسسات العموميّة‬
‫أجل النهوض هبا وترقيتها عن طريق حترير نشاطها من التدخل املباشر ألجهزة ال ّدولة والّرقابة اليت كانت مفروضة عليها‪.‬حيث رافقت‬

‫‪1‬‬
‫;‪BOUZIDI Abdelmadjid , ‹‹25 questions.......››, op.cit ,p82‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫االلزمة لتطبيق استقاللية املؤ ّسسات ودخوهال يف اقتصاد‬


‫التشريعية لتهيئة الشروط ّ‬
‫ّ‬ ‫هذه اإلصالحات صدور جمموعة من القوانني‬
‫‪2‬‬
‫والفعالية‪ ،‬وتتمثل هذه القوانني فيما يلي‪:‬‬
‫املردودية ّ‬
‫ّ‬ ‫السوق‪ 1.‬وابلتايل إخضاعها لقانون املتاجرة لتحقيق‬
‫للمؤسسات العموميّة االقتصادية؛‬
‫املؤرخ يف ‪ 12‬جانفي ‪ ،1988‬يتضمن القانون التوجيهي ّ‬ ‫‪ ‬قانون ‪88‬ـ‪ّ 01‬‬
‫املؤرخ يف ‪ 12‬جانفي ‪1988‬املتعلّق ابلتخطيط؛‬
‫‪ ‬قانون ‪88‬ـ‪ّ 02‬‬
‫املؤرخ يف ‪ 12‬جانفي ‪1988‬املتعلّق بصناديق املسامهة؛‬
‫‪ ‬قانون ‪88‬ـ‪ّ 03‬‬
‫املؤسسات‬
‫اخالصة املطبّقة على ّ‬
‫ّ‬ ‫وحيدد القواعد‬
‫املؤرخ يف ‪ 12‬جانفي ‪1988‬املتعلّق بتعديل القانون التجاري ّ‬
‫‪ ‬قانون ‪88‬ـ‪ّ 04‬‬
‫العمومية االقتصادية‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ 1 .‬مفهوم وأهداف إستقالليّة املؤ ّسسات اإلقتصاديّة‪ :‬إن مفهوم إستقالليّة املؤ ّسسات يعين منح املؤ ّسسات مزيدا من حرية‬
‫النظامية للمؤ ّسسات وإختاذ إجراءات كثرية وتدابري‬
‫ّ‬ ‫مركزية مع تطبيق إعادة اهليكلة‬
‫املبادرة يف إطار العمل على التجسيد الفعلي ّالل ّ‬
‫‪3‬‬
‫العمومية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫متنوعة للتخفيف من ضغوط احمليط على املؤ ّسسات‬
‫ّ‬
‫‪4‬‬
‫العمومية‪ ،‬إىل حتقيق األهداف التالية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫إستقاللية املؤ ّسسات‬
‫تسعى ال ّسلطات من خالل تطبيق ّ‬
‫اإلستقالليةإلىتطبيق قواعد التسيري التجاري على مستوى املؤ ّسسات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬وضع منهج لتنظيم اإلقتصاد الوطين‪ ،‬حبيث ّتؤدي‬
‫خمططات قصرية املدى؛‬ ‫وإدخال نشاطهم يف إطار التخطيط الوطين‪ ،‬من خالل ّ‬
‫العمومية اإلقتصاديّة؛‬
‫فعالية املؤ ّسسة ّ‬
‫حتسني ّ‬ ‫‪‬‬
‫البشرية؛‬
‫التسيري األحسن للموارد ّ‬ ‫‪‬‬
‫العمومية؛‬
‫ّ‬ ‫وهوية املؤ ّسسة‬
‫إحياء شخصية ّ‬ ‫‪‬‬
‫رفع التدخل املباشر لل ّدولة‪ .‬أسباب‬ ‫‪‬‬
‫اإلقتصادية فيما‬
‫ّ‬ ‫إستقاللية املؤ ّسسات‬
‫ّ‬ ‫العمومية‪ :‬ميكن جتميع األسباب اليت أ ّدت إىل إنتهاج‬
‫ّ‬ ‫إستقالليّة املؤ ّسسات‬ ‫‪‬‬
‫‪5‬‬
‫يلي‪:‬‬
‫املشاكل النامجة عن إعادة اهليكلة وعجز هذه األخرية يف التحكم ابإلقتصاد الوطين والنهوض به من حالة ّالركود الذي م ّسه‬ ‫‪‬‬
‫وحلّ عقدة املؤ ّسسات اليت تكاد ح ّىت أن حتقق املستوى التوازين؛‬
‫‪ ‬ضعف التحكم وال ّسيطرة على جهاز التخطيط الذي يتميّز بنوع من ال ّصالبة وعدم اإلستعمال العقالين أللدوات‬
‫اإلقتصادية؛‬
‫ّ‬
‫اقتصادية؛‬
‫ّ‬ ‫وكقوة‬
‫سياسية ّ‬
‫التداخل الكبري بني مهام الدولة كسلطة ّ‬ ‫‪‬‬
‫حتميل املؤ ّسسة ألعباء ال عالقة هال ابلنشاط األساسي؛‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Mustafa M'KIDECHE, « L'Algérie entre l'économie de rente et économie émergente », Ed Dahleb, Alger, 2000,‬‬
‫;‪p36‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ahmed BOUYACOUB, « La difficile adaptation de l'entreprise aux mécanismes de marché », cahier de CREAD,‬‬
‫;‪N°45, 1998‬‬
‫قطاف ليلى‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪71‬؛‬
‫‪ّ 3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Chakib CHRIF, « Privatisation de l'entreprise publique économique Algérien, Raisons et avantages »,‬‬
‫;‪Economie, N33, Mai1996, p17‬‬
‫إطلع على‪ :‬قطاف ليلى‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ص ‪74‬ـ‪77‬؛‬
‫‪ 5‬للمزيد ّ‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫مديرايت الوصاية يف تسيري املؤ ّسسة وأخذ القرارات أ ّدى إىل ثقل فاتورة اجلهاز البريوقراطي الذي أصبح يعيق سريان‬
‫تدخل ّ‬ ‫‪‬‬
‫اإلقتصاد‪.‬‬

‫استقاللية املؤ ّسسات على رفع أدائها والتحكم يف تسيريها‪،‬‬


‫ّ‬ ‫يعمل مبدأ‬ ‫اإلقتصادية‪:‬‬ ‫إستقاللية املؤ ّسسات‬ ‫‪ 2.‬مبادىء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولتجسيده يؤخذ بعني اإلعتبار‪ ،‬ثالثة جوانب‪:‬‬

‫ّ صادر يف ‪ 12‬جانفي ‪ 1988‬من خالل املواد ‪ 7" ،6 ،5 ،"3‬على‬ ‫ّ ص القانون رقم ‪88‬ـ‬ ‫اجالنب القانوين‪ :‬ين‬ ‫‪‬‬
‫‪ 01‬ال‬ ‫‪1‬‬
‫مايلي‪:‬‬

‫مسرية وفقا لقواعد القانون التجاري؛‬


‫معنوية ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلقتصادية‬
‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫املؤ ّسسة‬ ‫‪‬‬
‫لل ّدولة و‪/‬أو‬
‫ملك بطريقة مباشرة‬ ‫مسؤولية حمدودة‪ ،‬رأمساهال‬
‫ّ‬ ‫اإلقتصادية شركة مسامهة أو شركة ذات‬
‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬املؤ ّسسة‬
‫اجلماعات احملليّة"؛‬
‫وحمرر حسب احاللة بطريقة مباشرة أو غري مباشرة عن‬ ‫اإلقتصادية‪ ،‬متلك رأس مال إجتماعي‪ ،‬مكتتب ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬املؤسسة العموميّة‬
‫احمللية؛‬
‫طريق ال ّدولة أو عن طريق اجلماعات ّ‬
‫مالية متكنها األخذ بعني االعتبار سياسة التمويل الذايت إنطالقا من‬
‫ابستقاللية ّ‬
‫ّ‬ ‫العمومية اإلقتصاديّة‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬هبذا تتمتع املؤ ّسسة‬
‫مصادرها اخال ّصة املشكلة من احلصص ذات الطابع االحتياطي واألرابح غري املوزعة؛‬
‫املختصة‬
‫ّ‬ ‫استقاللية من خالل هيئاهتا‬
‫ّ‬ ‫القانونية للتعامل‪ ،‬اإللتزام والتعاقد‪ ،‬بكلّ‬
‫اإلقتصادية كامل القدرة ّ‬
‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬للمؤ ّسسة‬
‫والتجارية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املدنية‬
‫هلذه األغراض‪ ،‬وفقا للقوانني املعمول هبا يف اجمالل التجاري‪ ،‬والتشريعات املعمول هبا يف جمال اإللتزامات ّ‬
‫املركزية "ال ّدولة" واملؤ ّسسة‪ّ ،‬مما جعل منها مركز للقرار املستقل‪ ،‬فبعدما كانت‬
‫ّ‬ ‫اجالنب اإلداري‪ّ :‬‬
‫مت فصل املهام بني اهليئات‬ ‫‪‬‬
‫لمسريين إلختاذ القرار يف إطار سياسة تنمويّة شاملة‪.‬‬
‫الوصية‪ ،‬أتيحت الفرصة ل ّ‬
‫يف املرحلة ال ّسابقة ّختول للوزارة والسلطة ّ‬
‫اإلقتصادية ومن أجل حتقيق التنمية‪ ،‬جمموعة من املهام‪ ،‬بناءا على القانون‬
‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫اجالنب اإلقتصادي‪ :‬أوكلت للمؤسسة‬ ‫‪‬‬
‫‪ 88‬ـ ‪ ،01‬يف ما ّدته ‪09‬؛‬
‫‪ ‬إنتاج الثروات و ضعها يف خدمة ّاألمة واإلقتصاد؛‬
‫إلنتاجية العمل ورأس امالل؛‬
‫املستمر ّ‬
‫التحسني ّ‬ ‫‪‬‬
‫تعميق الطابع الدميقراطي يف إدارهتا وتسيريها؛‬ ‫‪‬‬
‫تطوير املستوى العلمي والتكنولوجي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اإلستقاللية يف‬
‫ّ‬ ‫إستقاللية املؤ ّسسات اإلقتصاديّة يف االستقاللية يف إختاذ القرار‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تتجلى مظاهر‬
‫ومن خالل ما سبق ذكره‪ّ ،‬‬
‫اإلستقاللية يف املراقبة وتقييم اآلداء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلستقاللية امال ّلية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الربامج والتسيري‪،‬‬

‫اإلقتصادية ويتم تدخلها يف احلياة‬


‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫من خالل القانون رقم ‪88‬ـ‪ 01‬تعترب ال ّدولة املساهم األساسي يف املؤ ّسسات‬
‫اإلقتصادية هلذه املؤ ّسسات عن طريق صناديق املسامهة‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫;‪A. BRAHIMI, op.cit, PP 412,413‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫بعد أن حتصلت املؤ ّسسات العم ّويمة على استقالليتها‪ ،‬أصبحت ال ّدولة بصفتها مالكة‬ ‫‪ 3 .‬صناديق املسامهة‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫التالية‪:‬‬
‫بعملية التسيري‪ ،‬بل أنشأت هياكل خا ّصة تس ّمى صناديق املسامهة‪ ،‬واليت أوكلت هال املهام ّ‬
‫ومسامهة يف رأس امالل‪ ،‬التقوم ّ‬
‫اإلقتصادية حلساب‬
‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫امللكية على املؤ ّسسات‬
‫‪ ‬صندوق املسامهة ّمكلف بتسيري حمفظة القيم املنقولة‪ ،‬وتطبيق حق ّ‬
‫اإلسرتاتيجية؛‬
‫ّ‬ ‫يتطلب القيام مبه ّمة املراقبة‬
‫ال ّدولة‪ ،‬الشيء الذي ّ‬
‫‪ ‬يعترب ضامن لقيمة األسهم‪ ،‬السندات والقيم األخرى‪ ،‬حيث أن املؤ ّسسات تقوم إبصدار أسهم لفائدة ال ّدولة‪ ،‬وهذه األخرية‬
‫ّحتوهال إىل صناديق املسامهة مقابل سندات‪2‬؛‬
‫اإلقتصادية؛‬
‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫كل اإلجراءات الكفيلة بتحقيق اإلنتعاش اإلقتصادي واماليل للمؤ ّسسات‬
‫‪ ‬يقوم بدراسة ووضع ّ‬
‫اماللية‪ ،‬فهي تساعد يف توسيع ال ّسوق‪ ،‬وتبحث يف فرص توظيف األموال قصد حتقيق‬ ‫‪ ‬تؤد ّي صناديق املسامهة دور الشركات ّ‬
‫األرابح وابلتايل تراكم املوارد امال ّلية؛‬
‫ابلعملة‬ ‫احلصص امالليّة‬ ‫اإلقتصادية‪ ،‬كاألسعار‪ّ ،‬الرواتب‪ ،‬الضرائب‪ ،‬ال ّديون‪ ،‬وتوزيع‬ ‫التنظيمية‬ ‫تساهم يف دراسة الوسائل‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال ّصعبة؛‬
‫يعمل صندوق املسامهة عوان ائتمانيا لل ّدولة اليت تسند إليه رؤوس أموال ّعامة ّيتوىل تسيريها اماليل‪ ،‬وهبذا ال ّصد ّيتوىل‬ ‫‪‬‬
‫العمومية‪.‬وهبذا يشكل حافظة‬
‫ّ‬ ‫إقتصادية حلساب ال ّدولة‪ ،‬السيما عن طريق املسامهة يف رأس مال املؤ ّسسة‬
‫ّ‬ ‫الصندوق القيام ابستثمارات‬
‫لقيم املنقولة اليت ي ّتوىل تسيريها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ّأما مصادر متويل صناديق املسامهة‪ ،‬فهي عبارة عن‪:‬‬
‫مسامهة ال ّدولة؛‬ ‫‪‬‬
‫اإلشرتاك ّاألويل يف رأس مال املؤ ّسسات العموميّة؛‬ ‫‪‬‬
‫سندية مضمونة أو غري مضمونة عن طريق ال ّدولة‪.‬‬ ‫إصدار قروض ّ‬ ‫‪‬‬
‫كل صندوق يسّري أنشطة‬
‫مت إنشاؤها مثانية"‪ ،"08‬بغية إجياد تنظيم جديد لتوزيع املهام‪ ،‬وقد كان ّ‬
‫وقد بلغ عدد الصناديق اليت ّ‬
‫قطاع ّمعني‪ ،‬حسب ما يلي‪:‬‬
‫والصيد؛‬
‫الغذائية ّ‬
‫‪ 1.‬صندوق الصناعات ّ‬
‫‪ 2.‬صندوق املناجم‪ ،‬احملروقات والطّاقة؛‬
‫‪ 3.‬صندوق مستلزمات التّجهيز؛‬
‫‪ 4.‬صندوق البناء واألشغال العموميّة؛‬
‫والصيدلة؛‬
‫‪ 5.‬صندوق الكيمياء‪ ،‬الكيمياء البرتولية ّ‬
‫‪ 6.‬صندوق اإللكرتونيّات‪ ،‬اإلتصال واإلعالم اآليل؛‬
‫النسيجية‪ ،‬اجللود‪ ،‬األحذية والتأثيث؛‬
‫ّ‬ ‫‪ 7.‬صندوق الصناعات‬
‫‪ 8.‬صندوق اخلدمات‪.‬‬

‫املتعلق بصناديق املسامهة‪ ،‬الصادر ابجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية‪1988 ،‬؛‬


‫املؤرخ يف ‪ّ 1988/01/12‬‬
‫راجع املواد ‪(2‬ـ )‪ 9‬من القانون ‪88‬ـ ‪ّ 03‬‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫;‪A. BRAHIMI, op.cit, p 413‬‬
‫‪3‬‬
‫;‪Ibidem, p 414‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫هكذا أصبحت هذه الصناديق الوسيلة اماللئمة لوضع املؤ ّسسات وإخضاعها لقواعد ال ّسوق دون خوصصتها حسب نظرة‬
‫القائمني على شؤون التنظيم اإلقتصادي‪ .‬ولكن هذه‬
‫امالدية‬
‫اجلزائرية ال تستطيع إنتاج قيم مضافة مبا متلكه من موارد وخا ّصة ّ‬
‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫اإلجراءات ابءت ابلفشل ألن املؤ ّسسات‬
‫منها‪ ،‬فهي حتقق العجز من سنة ألخرى يف ميزانيتها اخلتاميّة‪.‬‬
‫العمومية"‪"Holding‬‬
‫ّ‬ ‫مع إجتاه اجلزائر حنو إقتصاد السوق وجب التغيري‪ ،‬ومنه عوضت صناديق املسامهة ابلشركات القابضة‬

‫صناعية‪.‬‬
‫املطلب الرابع ‪ :‬سياسة إعادة اهليكلة ال ّ ّ‬
‫تعترب إعادة هيكلة الصناعية عنصرا ّهاما يف تصحيح اإلقتصاد الوطين‪ ،‬حيث أهنا مت ّس املؤ ّسسة بصفة خا ّصة واالقتصاد‬
‫الوطنية قصد ّالرفع من فعاليتها ومن مقدار تنافسيتها‬
‫بصفة ّعامة‪ ،‬وقد ظهرت يف الثمانينات يف إطار إعادة التنظيم العضوي واماليل وتوسيع وعصرنة أداة اإلنتاج ّ‬
‫وإدماجها يف التقسيم ال ّدويل للعمل‪ ،‬من خالل تقليص عدد الع ّمال‪ ،‬إعطاء أكثر فرصة إللطارات‬
‫العمالية‪ ،‬وكذا للرأس امالل اخالص كمورد خارجي إضايف‪،‬‬‫اإلقتصادية للمشاركة ّ‬
‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫املؤهلة يف التسيري‪ ،‬فتح رأس مال املؤ ّسسة‬
‫‪1‬‬
‫وتؤدي إىل احلصول على قطاع إنتاجي متناسق‪ ،‬متوازن‪ ،‬ومبردودية كافية لتمويل النمو‪ .‬وهلذا الغرض أحدثت وزارة‬
‫التبعية لل ّدولة ‪ّ ،‬‬
‫وتقليص عوامل ّ‬
‫اإلقتصادية عن طريق‬
‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫وضعية املؤ ّسسات‬
‫الصناعة وإعادة اهليكلة‪ ،‬اليت تعمل على حتسني ّ‬
‫خمطط إصالح داخلي‪ ،‬خا ّصة لتلك اليت تعاين من عجز‪ 2.‬واألهداف األساسيّة اليت ترمي إليها سياسة‬ ‫تطهريها ماليّا‪ ،‬وإعداد هال ّ‬
‫يتمثل يف‪:‬‬
‫الصناعية ّ‬
‫ّ‬ ‫إعادة اهليكلة‬
‫املردودية واملنافسة؛‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬حتسني إستعمال املوارد من قبل املؤ ّسسات إبخضاعها خا ّصة ملقياسي‬
‫حتقيق منو مستمر يسمح إبدماج اإلقتصاد الوطين يف السوق العامليّة؛‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬إهناء األزمة اليت يعرفها جهاز اإلنتاج الوطين؛‬
‫التطور من أجل ختفيف مع ّدالت البطالة؛‬
‫إمكانية ّ‬
‫رد اإلعتبار للمؤ ّسسات اليت هال ّ‬ ‫‪‬‬
‫مث يف هذا اإلطار‬
‫لعملية التنمية‪ ،‬حيث ّ‬
‫اإلنفتاح على القطاع اخالص الوطين واألجنيب ّاللذان يشكالن احملّرك األساسي ّ‬ ‫‪‬‬
‫املصادقة على قانون االستثمارات‪ ،‬وإنشاء وزارة املؤ ّسسات الصغرية واملتوسطة ابإلضافة إىل إنشاء وكالة اإلستثمار‬
‫‪3‬‬
‫حاليا‪".‬‬
‫واملسامهة) (‪" APSI‬الوكالة الوطنيّة لدعم اإلستثمار‪ّ ANDI‬‬

‫اإلقتصادية املتبعة‪ّ ،‬حلت صناديق املسامهة لتسيري أموال ال ّدولة‪ ،‬وذلك‬


‫ّ‬ ‫إقتصادية‪ :‬يف إطار اإلصالحات‬
‫ّ‬ ‫إنشاء جم ّمعات‬ ‫‪1.‬‬
‫جممع‪،‬‬
‫يف ديسمرب‪ ،1995‬لعدم وجود تنسيق بني هذه الصناديق الثمانية‪ ،‬وعّوضت ابلصناديق القابضة"‪ ،"Holding‬وهي ‪ّ 11‬‬
‫جتمع ضمنها كلّ املؤ ّسسات العاّمة حسب نوع النشاط اإلقتصادي‪.‬‬
‫جم ّمع املناجم؛‬ ‫‪1.‬‬
‫جم ّمع امليكانيك؛‬ ‫‪2.‬‬
‫جم ّمع احلديد والفوسفات؛‬ ‫‪3.‬‬
‫جم ّمع اإللكرتونيك؛‬ ‫‪4.‬‬
‫جم ّمع الكيمياء وال ّصيدلة؛‬ ‫‪5.‬‬
‫‪1‬‬
‫;‪M, MKIDECHE, « Privatisation et reformes économique », Séminaire sur la privatisation, 1992, P06‬‬
‫‪2‬‬
‫سنتطرق هلذا املوضوع بنوع من التفصيل يف الفصل الثاين؛‬
‫ّ‬
‫‪ 3‬انصر دادي ع ّدون‪" ،‬اقتصاد املؤسسة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪109‬؛‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫األساسية؛‬
‫ّ‬ ‫الغذائية‬
‫‪ 6 .‬جم ّمع صناعة املواد ّ‬
‫الغذائية املختلفة؛‬
‫‪ 7 .‬جم ّمع املواد ّ‬
‫اإلنشائية ومواد البناء؛‬
‫ّ‬ ‫‪ 8.‬جم ّمع صناعة اآاللت‬
‫‪ 9.‬جم ّمع اإلجناز واألشغال الكربى؛‬
‫‪10.‬جم ّمع الصناعات املختلفة؛‬
‫‪11.‬جم ّمع اخلدمات‪.‬‬
‫من املهام اليت أوكلت هلذه اجمل ّمعات مايلي‪:‬‬
‫العمومية؛‬
‫ّ‬ ‫العمومية اإلقتصاديّة إىل الشركات القابضة‬
‫ّ‬ ‫حتويل بيع األمالك اليت متلكها ال ّدولة أو املؤ ّسسة‬ ‫‪‬‬
‫التجارية التابعة لل ّدولة وإدارهتا وتنظيمها يف شكل شركات مسامهة؛‬‫تسيري رؤوس األموال ّ‬ ‫‪‬‬
‫تص ّدر مجيع القيم املنقولة أو تشرتيها؛‬ ‫‪‬‬
‫املشاركة يف تنفيذ السياسة اإلقتصاديّة للحكومة؛‬ ‫‪‬‬
‫إسرتاتيجيات وسياسات اإلستثمار‪ ،‬وكيفيّة متويل الشركات التابعة هال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حتديد وتطوير‬ ‫‪‬‬

‫اإلقتصادية‪ :‬إذ تتمثل اخلوصصة يف القيام مبعاملة أو معامالت ّ‬


‫جتارية تتج ّسد يف‬ ‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫خوصصة املؤ ّسسات‬ ‫‪2.‬‬
‫عمومية أو جزء من رأمساهال‪ ،‬أو ّكله لصاحل أشخاص طبيعيّني أو معنويّني‪ ،‬وبتحويل‬
‫ّ‬ ‫حتويل كلّ األموال امالديّة واملعنويّة من مؤ ّسسة‬
‫‪1‬‬
‫التعاقدية‪.‬‬
‫معنويني بواسطة الوسائل ّ‬
‫طبيعيني أو ّ‬
‫عمومية إىل أشخاص ّ‬
‫تسيري مؤ ّسسة ّ‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬مع تدين املساعدات اماللية للجزائر من جهة‪ ،‬ويف ظلّ‬
‫ّ‬ ‫يف ظلّ الظروف املتدهورة للمؤ ّسسات العموميّة‬
‫ميزانية ال ّدولة بسبب هبوط أسعار البرتول‪ ،‬مع ختصيص نسبة معتربة منها خلدمة ال ّدين‪ ،‬مل جتد اجلزائر‬
‫اإلخنفاض املستمر إليرادات ّ‬
‫التالية‪:‬‬
‫مساعدات وقروض‪ ،‬فلجأت إىل صندوق النقد الدويل الذي اشرتط على اجلزائر القيام إبصالحات عميقة‪ ،‬وحتقيق الشروط ّ‬
‫‪ 1.‬ختفيض قيمة ال ّدينار؛‬
‫‪ 2 .‬توقيف دعم األسعار وحتريرها؛‬
‫اإلقتصادية اليت تعاين من عجز‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫‪ 3.‬خوصصة املؤ ّسسات‬
‫بدأ التطبيق التدرجيي هلذه االتفاقية‪ ،‬حيث متّ ختفيض قيمة ال ّدينار يف ‪ 1994‬بنسبة ‪ ،40%‬ابإلضافة إىل ّالرفع التدرجيي‬
‫الضرورية‪ ،‬على أن يصل إىل ّالرفع النهائي لل ّدعم الحقا‪ .‬تبقى خوصصة‬
‫ّ‬ ‫لل ّدعم على خمتلف األسعار‬
‫املؤكد‬
‫املؤ ّسسات الشرط األكثر صعوبة‪ ،‬نظرا لسعيها حنو حتقيق اهلدف اإلجتماعي من خالل نشاطها‪ ،‬ومن ّ‬
‫اإلقتصادية ال ّسابقة‪ ،‬فهي هتدف إىل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أن اخلوصصة هتدف إىل حتقيق ما عجزت عن حتقيقه اإلصالحات‬
‫اإلقتصادية؛‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬زايدة املنافسة وحتسني األداء والكفاءة‬
‫تنشيط وتطوير أسواق امالل؛‬ ‫‪‬‬
‫خفض العجز اماليل للحكومة؛‬ ‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫امللكية‪.‬‬
‫توسيع قاعدة ّ‬ ‫‪‬‬

‫العمومية ال ّصادر يف ‪ 26‬أوت ‪ 1995‬الصادر يف اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية الفصل‬


‫املتعلق خبو ّصصة املؤ ّسسة ّ‬
‫امالدة األوىل من القانون رقم ‪95‬ـ‪ّ 22‬‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬

‫الثالث رقم ‪ 48‬؛‬


‫‪2‬‬
‫املصرية"‪،‬دار النهضة ّ‬
‫العربية‪ ،‬مصر‪ ،1995 ،‬ص‪20‬؛‬ ‫ّ‬ ‫إيهاب ال ّدسوقي‪" ،‬التخصّصيّة واإلصالح اإلقتصادي يف ال ّدول النامية مع دراسة التجربة‬

‫‪25‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املبحث الثالث ‪ :‬تطور السياسة التمويلية للمؤسسات اإلقتصادية اجلزائرية‬


‫بعد االستقالل انتهجت اجلزائر النموذج املخطط القائم على التخطيط املركزي عامة والتخطيط اماليل خاصة‪ ،‬وهلذا ابدرت‬
‫السلطات إىل وضع جهاز مصريف ومايل وطين يتالءم مع متطلبات ومنوذج التنمية‪ ،‬وحلماية مؤسسات الدولة من التمويل األجنيب‬
‫اختذت جمموعة من اإلجراءات االستعجالية املتمثلة فيمايلي‪: 1‬‬
‫إنشاء البنك املركزي يف ديسمرب‪ 1962‬كبنك إصدار‪ ،‬وإنشاء اخلزينة العمومية ؛‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬إصدار العملة الوطنية يف ‪" 1964‬الدينار اجلزائري" ؛‬
‫‪ ‬إنشاء الصندوق اجلزائري للتنمية سنة ‪ ،1963‬الذي أصبح فيما بعد البنك اجلزائري للتنمية‪ ،‬وإنشاء صندوق التوفري‬
‫واالحتياط سنة ‪ 1964‬؛‬
‫‪ ‬وضع إجراءات إنشاء البنوك الوطنية وأتميم البنوك األجنبية املوجودة ‪.‬‬
‫متت عملية أتميم البنوك سنة ‪ ،1966‬وأنشئ أول بنك جتاري جزائري يف ‪ 13‬ماي ‪ 1966‬وهو البنك الوطين اجلزائري‬
‫الذي أخذ حمل عدة بنوك أجنبية‪ ،‬بعد ذلك أنشئ القرض الشعيب اجلزائري‪ ،‬والبنك اخالرجي اجلزائري ‪ .‬هذا ما جعل هذه البنوك‬
‫التجارية تتدخل لتقدمي القروض متوسطة وقصرية املدى ‪.‬‬

‫لكن عرفت السياسية التمويلية يف املؤسسات االقتصادية تطورا عرب خمتلف حمطات اإلصالح‪ ،‬وهذا ما يفرض علينا التطرق‬
‫إليه من خالل هذا املبحث من أجل التعرف على أنظمة التمويل املنتهجة ومدى أثرها على املؤسسة االقتصادية اجلزائرية ‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬نظام متويل املؤسسة اجلزائرية قبل استقاللية املؤسسات‪.‬‬


‫ميز نظام التمويل يف هذا املرحلة فرتتني‪ ،‬فرتة ما قبل ‪ ،1971‬وفرتة ما بعد ‪ ،1971‬حيث مت إرساء قواعد االشرتاكية يف‬
‫تطبيق التخطيط اماليل‪.‬‬

‫الفرتة األوىل "قبل‪ 1971":‬يف هذه الفرتة كان على املؤسسات أن تضمن متويل استثماراهتا عن طريق البنك املركزي‬ ‫‪1.‬‬
‫اجلزائري وكذا املصارف التجارية‪ ،‬لكن سرعان ما تبني أن الصندوق اجلزائري للتنمية جهاز ممركز الستثمارات املؤسسة‪ ،‬حىت ولو‬
‫تضمن التمويل األويل‪ .‬حيث واجهت هذه األخرية مشكلة عدم قدرهتا يف احلصول على قروض من البنوك التجارية‪ ،‬وهذا الرفض يعود إىل ختوف البنوك من‬
‫املخاطر‪ ،‬ابإلضافة إىل أن القروض تتم حسب ميزانية املعدات اليت من املفروض أن يسريها الصندوق اجلزائري‬
‫للتنمية من خالل األموال اليت يتقاضاها من اخلزينة‪ 2.‬ولكن لوحظ أن الصندوق اجلزائري للتنمية يعترب وسيط بني خزينة الدولة‬
‫واملؤسسات العمومية‪ ،‬إذ ساهم يف إنشاء املؤسسات اجلزائرية األوىل ويف القيام ببعض عمليات اخلزينة العمومية اليت تتعلق بتسيري ميزانية‬
‫‪3‬‬
‫التجهيز إىل غاية ‪.1966‬‬

‫تفحص طلبات القروض من طرف اجمللس اإلداري للمؤسسات‪ ،‬وتبعث إىل هيئة القرض اليت تعطي رأيها حول قيمة القرض‬
‫املطلوب والذي سيمنح من طرف اخلزينة‪ .‬هذه األخرية تضع األموال حتت تصرف الصندوق اجلزائري للتنمية على حسب احالجات‪،‬‬

‫‪1‬القزويين شاكر‪" ،‬حماضرات ي ف اقتصاد البنوك"‪ ،‬ط‪ ،2‬ديوان املطبوعات اجالمعية‪ ،1992 ،‬اجلزائر‪ ،‬ص‪ 56‬؛‬
‫‪2‬موساوي نور الدين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 158‬؛‬
‫‪3‬القزويين شاكر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 64‬؛‬

‫‪26‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫تعطى هذه القروض حسب بنسبة فائدة ‪ ،٪4‬تقسم كما يلي ‪ ٪3 :‬للخزينة و‪ ٪1‬للصندوق اجلزائري للتنمية ‪ .‬فكان هذا األخري‬
‫يتحمل مسؤولية االستحقاقات اليت ترد إىل اخلزينة‪.‬‬

‫ونظرا للعجز الكبري الذي أحدثته املؤسسات العمومية اليت كانت تعاين اختاالل يف بنيتها منذ بداية نشاطها‪ ،‬فإن مواصلة‬
‫عملية متويل هذه األخرية تطلبت من البنوك التجارية اللجوء املتزايد إىل سلفات البنك املركزي واالستدانة اخالرجية‪ 1‬للحصًـًـول على املًـًـوارد الناقصًـًـة‪ ،‬فيتم تًـًـوفري‬
‫السيولة عن طريق اإلصدار النقدي بدون مقابل‪ ،‬ودون مراقبة القًـًـروض املوزعًـًـة‪ 2‬وال أيًـًـة متابعًـًـة لتقًـًـدمي املشاريع‪ ،‬سواء من طًـرف اخلزينًـة أو من طًـرف‬
‫اخلزينة أو من طرف مديرية التخطيط الذين جتاوزهتما ضخامة هذا العمل‪ ،‬وال على‬
‫مستوى البنوك التجارية ‪.3‬‬

‫والشكل املوايل يبني طريقة متويل خمتلف قروض االستغالل واالستثمار من طرف اجلهاز املصريف واخلزينة العمومية قبل‬
‫‪1971‬‬
‫الشكل رقم ‪ 01:‬هياكل وقنوات التمويل لقروض االستثمار واالستغالل يف هناية الستينات ‪.‬‬
‫قروض االستثمار‬
‫الخزينة العمومية‬ ‫البنك المركزي الج ازئري‬

‫الشًـًـًـًـركة‬ ‫البنك‬ ‫البنك‬ ‫القًـًـًـًـرض‬ ‫البنك‬


‫الصندوق الج ازئري للتنمية‬ ‫الوطنيًـًـًـًـًـة‬ ‫الشعبي‬ ‫الخارجي‬ ‫الشعبي الج‬ ‫الوطني‬
‫للقرض‬ ‫العربي‬ ‫الج ازئري‬ ‫ازئري‬ ‫الج ازئري‬

‫تـمـويـل نـشـاطـات االسـتـغــالل‬

‫‪Source: H.BENISSAD, économie et développement en Algérie, OPU, Alger, 1982, P219.‬‬

‫مميزات نظام التمويل ي ف هذه الفرتة‪ :‬لقد كان األمر الذي مييز هذه الفرتة‪ ،‬هو البحث عن كيفية ضمان استمرار‬ ‫‪‬‬
‫متويل االقتصاد الوطين أمام قلة املوارد اماللية من جهة‪ ،‬وعدم قيام القطاع املصريف األجنيب بدوره من جهة أخرى ‪ .‬لكن أسلوب التمويل‬

‫‪1‬اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي‪" ،‬إشكالية إصالح املنظومة املصرفية‪ :‬عناصر من أجل فتح نقاش اجتماع "‪ ،‬الدورة السادسة عشر‪ ،‬نوفمرب‪،‬‬
‫؛‪16‬ص ‪2000،‬‬
‫‪2‬‬
‫‪DEBBOUB Youcef, « Régularisation des investissements dans le secteur d’état industriel et réformes‬‬
‫; ‪économiques en Algérie : 1970/1990 », thèse de doctorat d’état, université d’Alger, 1990, P73‬‬
‫‪3‬اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي‪" ،‬إشكالية إصالح املنظومة املصرفية‪ :‬عناصر من أجل فتح نقاش اجتماع "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 17‬؛‬

‫‪27‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املنتهج متيز بتعارض طرق التمويل مع أهداف التنمية (أهداف القطاع املصريف وأهداف املؤسسات الوطنية)‪ ،‬وميكن تلخيص مميزات‬
‫سياسة التمويل يف النقاط التالية‪: 1‬‬
‫غياب القرض املصريف يف متويل املؤسسات وتكفل اخلزينة بذلك ؛‬ ‫‪‬‬
‫اعتبار التسبيقات اليت متنحها اخلزينة للمؤسسات العمومية مبثابة هبات ؛ عدم إعطاء األمهية‬ ‫‪‬‬
‫لتكاليف املشروع وملردودية رؤوس األموال من طرف األعوان االقتصاديني (مؤسسات عمومية‪ ،‬هيئات‬ ‫‪‬‬
‫القرض) ؛‬
‫تعارض اجلهاز املصريف (الذي يبحث عن املردودية اماللية) واحتياجات متويل املؤسسات العمومية (اليت تتميز بدرجة كبرية‬ ‫‪‬‬
‫من اخلطورة)‪ ،‬مما أدى إىل وجود اختااللت يف التمويل ‪.‬‬
‫كل هذا أدى ابلسلطات إىل القيام إبصالحات مالية سنة ‪ ،1971‬أعطت رؤية جديدة لعالقات التمويل‪ ،‬وحددت أيضا‬
‫طرق متويل االستثمارات ‪.‬‬

‫الفرتة الثانية ‪ "1971-1987":‬لقد كانت أغلب االستثمارات متول يف هذه الفرتة عن طريق القروض‪ ،‬واليت ميكن‬ ‫‪2.‬‬
‫حتديدها فيما يلي‪: 2‬‬
‫‪ ‬قروض بنكية متوسطة األجل‪ ،‬تتم بواسطة سندات قابلة للخصم لدى البنك املركزي ؛‬
‫‪ ‬قروض طويلة األجل ممنوحة من طرف مؤسسات مالية متخصصة مثل البنك اجلزائري للتنمية ؛‬
‫وتتمثل مصادر هذه القروض يف اإليرادات اجلبائية‪ ،‬وموارد اإلدخارات املعبأةمن طرف اخلزينة واليت منح أمر تسيريها إىل هذه‬
‫املؤسسات املتخصصة ‪.‬‬
‫‪ ‬التمويل عن طريق القروض اخالرجية املكتتبة من طرف اخلزينة والبنوك التجارية واملؤسسات ‪.‬‬

‫املباديء العامة إلصالحات ‪ 1971:‬لقد حددت هذه املباديء فيمايلي ‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫إجبار البنوك على متويل املؤسسة االشرتاكية‪ :‬حيث أصبح البنك جمرب على متويل االستثمارات عن طريق القروض‬ ‫‪‬‬
‫املتوسطة وطويلة األجل‪ ،‬إذ اعترب وسيلة ختطيط يف يد الدولة‪ ،‬يتم من خالله التمويل بقروض قابلة للتسديد مع إلغاء التمويل بقروض هنائية‪ ،‬بسبب وجود مقابل من‬
‫السلع واخلدمات القابلة للبيع واليت ميكن من خالهال تسديد القروض‪ .‬اهلدف من هذا حسب وزير‬
‫اماللية‬
‫آنذاك هو التمكن من معرفة القدرة اماللية والصناعية لكل مؤسسة ومعرفة مستوى مردوديتها‪ 3‬؛‬

‫إخضاع املؤسسة اجلزائرية لرقابة البنك‪ :‬واليت تتمثل حسب قانون اماللية لسنة ‪ 1971‬يف‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫التوطني املصريف‪ :‬وهو متركز حساابت املؤسسة وعملياهتا املصرفية لدى بنك واحد فقط‪ ،‬أي حمدودية البنك‪ ،‬وهذا املبدا‬ ‫‪‬‬
‫مفروض لعدة أسباب ‪:‬‬

‫‪1‬فرحية نشيدة‪" ،‬التمويل الداخل اللستثمارات العمومية املنتجة يف اجلزائر"‪ ،‬مذكرة ماجستري‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري‪ ،‬جامعة اجلزائر‪،‬‬
‫؛‪،67‬ص‪1997/1996‬‬
‫; ‪P83‬‬ ‫لطرش الطاهر‪" ،‬تقنيات البنوك"‪ ،‬ديوان املطبوعات اجالمعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،2000 ،‬ص‪ 181‬؛‬ ‫‪2‬‬

‫‪op.cit, Algérie», en publique industriel l’entreprise de gestion la « BOUYACOUB, 3Ahmed‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫‪‬التوزيع احلسن للقروض ؛‬


‫‪‬خلق عالقة ثقة ما بني البنك واملؤسسة ؛‬
‫‪‬التسيري السهل خلزينة املؤسسة ‪.‬‬
‫إلغاء التمويل الذايت‪ :‬منعت هذه اإلصالحات املؤسسات من اللجوء إىل التمويل الذايت وأرغمتها على إيداع كل أمواهال يف‬ ‫‪‬‬
‫البنك‪ ،‬حىت تتمكن الدولة من ختطيط مركزي يتحكم يف املوارد‪ ،‬وتوزيعها بنفسها على البنوك والقطاعات اليت جتدها يف حاجة إليها ‪ .‬وعليه فالبنك التجاري هو املسري‬
‫حلساابت املؤسسة فيما خيص القروض قصرية األجل‪ ،‬بينما البنك اجلزائري للتنمية يزودها ابلقروض‬
‫الطويلة ؛‬
‫منع التعامل بني املؤسسات وإجبارها على املشاركة يف ميزانية الدولة‪ :‬ابستثناء القروض اخالرجية‪ ،‬متنع املؤسسات من‬ ‫‪‬‬
‫تقدمي قروض وتسبيقات مالية لبعضها البعض‪ ،1‬واملشاركة بفائضها يف ميزانية الدولة‪ ،‬كمقابل مايل مللكية الدولة‪ ،‬وهذا يف هناية كل‬
‫ثالثي بصفة تقديرية‪ 2‬؛‬

‫البنك املركزي على حصول املؤسسات على القروض‬ ‫حيث جيب موافقة‬ ‫‪ ‬احلصول على تصريح من البنك املركزي‪:‬‬
‫اخالرجية‪ ،‬حىت تتمكن من ختفيض التكاليف هلذا النوع من القروض ؛‬
‫مركزية قرارات االستثمار‪ :‬واليت تعترب من صالحية جهاز التخطيط التابع للدولة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مميزات نظام التمويل ي ف هذه الفرتة‪ :‬إن األوضاع االقتصادية واماللية اليت ميزت هذه الفرتة‪ ،‬مل تكن تدعو إىل التفاؤل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إذ اتصفت بتدهور أوضاع املؤسسات االقتصادية واماللية‪ ،‬مما أدى إىل الشروع يف عملية إعادة اهليكلة اماللية والعضوية قصد حتسني‬
‫فعاليتها ‪.‬‬

‫كما لوحظ ختلي البنوك عن دورها يف مراقبة استعمال القروض من طرف املؤسسات االقتصادية‪ ،‬األمر الذي أدى إىل إنشاء‬
‫بنك الفالحة والتنمية الريفية يف ‪ 13‬مارس ‪ 1982‬الذي اهتم بتمويل هياكل وأنشطة اإلنتاج الفالحي والزراعي‪ ،‬مث تاله بعد ذلك‬
‫بنك التنمية احمللية يف ‪ 30‬أفريل ‪ 1985‬الذي اهتم بتمويل عمليات االستثمار اإلنتاجي املخطط من طرف اجلماعات احمللية ‪.‬‬

‫لتحسني العالقة بني املؤسسات واجلهاز املصريف‪ ،‬قامت السلطات بتعديل القوانني واملراسيم‪ ،‬واليت جتسدت يف قانون ‪86-‬‬
‫‪ 12‬املتعلق ابلبنك والقرض الذي وضع قواعد جديدة للتعامل على أساس اخلطة الوطنية للقرض‪ .‬لكن عدم إصدار مراسيم تنفيذية‬
‫هلذا القانون أدى إىل عدم فعاليته على مستوى البنوك واملؤسسات االقتصادية‪ ،‬مما أدى إىل تعديله بنصوص جديدة الستقاللية‬
‫املؤسسات سنة ‪. 1988‬‬
‫اجلدول رقم‪ :‬قيمة القروض املوجهة اللقتصاد مابني ‪1970-1987.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬نظام التمويل بعد استقاللية املؤسسات ‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫; ‪DEBBOUB Youcef, « Régularisation des investissements….. », op.cit, P84‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Abdelkrim HARCHAOUI, «Analyse dynamique de l’équilibre et des modes de financement de l’entreprise‬‬
‫‪nationale », Mémoire de Magistère, Faculté des sciences économiques et de gestion, Université d’Alger, 1989,‬‬
‫; ‪P40‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫متيزت هذه الفرتة بصدور قانون ‪ 88-01‬املتعلق ابستقاللية املؤسسات‪ ،‬والذي أكد بشكل خاص على الطابع التجاري‬
‫تتميز ابلشخصية املعنوية‪ ،‬والقدرة على إبرام العقود بكل استقاللية طبقا لقوانني‬ ‫للمؤسسات العمومية االقتصادية ومنه البنوك اليت‬
‫التجارة واألحكام التشريعية املعمومل هبا‪.‬‬

‫املرحلة األوىل "قبل إصدار قانون النقد والقرض ‪ 10/90":‬يف ظل االستقاللية وجب على املؤسسة العمومية‬ ‫‪1.‬‬
‫االقتصادية انتهاج سياسة متويلية حقيقية تسمح هال بتجنيد األموال االلزمة واليت تتالءم مع تشغيلها‪ ،‬من أجل جتنب اختالل التوازن‬
‫اماليل واهليكلي‪ ،‬وابلتايل االختيار األمثل لوسائل التمويل بتطوير التمويل الذايت والقروض املصرفية‪ .‬ومبا أن البنوك التجارية ما‬
‫هي إال مؤسسات عمومية اقتصادية مستقلة‪ ،‬فإهنا تسعى إىل حتقيق الربح من خالل تنويع منتجاهتا اماللية‬
‫وحتسني تسيري قروضها‪ .‬لذلك اعتمدت على املباديء التقليدية اليت تتحكم يف منح القروض للمؤسسات‪ ،‬واليت تتمثل فيما يلي‪: 1‬‬

‫املردودية‪ :‬حيث متلك البنوك حق رفض منح القرض للمؤسسة ما إذا مل تكن هال مردودية‪ .‬إذ المينح القرض للمؤسسة إال‬ ‫‪‬‬
‫بعد تقييم إمجايل ملردوديتها‪ ،‬وذلك ابخلذ بعني االعتبار أهدافها املسطرة والوسائل اليت حبوزهتا وكذا أتثري احمليط عليها ؛‬

‫التعويضات‪ :‬تعوض للبنك القروض املمنوحة يف اآلجال احملددةاليت تتناسب مع القواعد العامة للتحركات الفعلية ملوارد‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسة املرحية والقرض ؛‬

‫الضمان‪ :‬مبا أن املخاطرة موجودة‪ ،‬فالبد من توفر القيم امالدية اليت متلكها املؤسسة كضمان‪ ،‬وهذه الضماانت نوعني ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الضماانت احلقيقية‪ :‬تظهر هذه الضماانت عندما خيصص املدين ملكا له عوضا عن القرض يف حالة العجز عن تسديده‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن بني هذه الضماانت جند‪ :‬الرهن‪ ،‬الرهن احليازي؛‬
‫الضماانت الشخصية‪ :‬تشكل تعهد شخص واحد أو عدة أشخاص بتسديد الدين يف حالة ما إذا مل يلتزم املدين بتعهداته‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وتتمثل هذه الضماانت يف عقد الكفالة ‪.‬‬

‫من أجل متويل االستثمار‪ ،‬تعتمد املؤسسة إما على التمويل الذايت‪ ،‬االدخار العمومي‪ ،‬أو القرض املصريف‪ .‬عندما يكون‬
‫االستثمار مربجما‪ ،‬يتطلب حتقيق قرض مصريف التوجه بطلب لدى البنك املعين‪ ،‬مرفقا مبلف اقتصادي ومايل‪ ،‬حيتوي على ‪:‬‬
‫أتثري االستثمار على اإلنتاج أو الطاقة اإلنتاجية ؛‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬مصري اإلنتاج اإلضايف ؛‬
‫‪ ‬أتثري التكاليف على اإلنتاج ؛‬
‫‪ ‬ميزانية العملة الصعبة ؛‬
‫‪ ‬هيكل متويل االستثمار ؛‬
‫‪ ‬تغيريات رأس امالل العامل ؛‬
‫‪ ‬الوضعية اماللية للمؤسسة ‪.‬‬

‫‪1‬موساوي نور الدين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 169‬؛‬

‫‪30‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫أما فيما خيص متويل االستغالل‪ ،‬فيتم بقروض قصرية املدى‪ ،‬بعد قيام البنك بدراسة مالية هتدف إىل حتديد القرض وتقييم‬
‫شدة املخاطرة‪ .‬ابإلضافة إىل أصناف اخرى من القروض قصرية املدى بدال من التسبيقات املصرفية‪ ،‬وهذا ب ‪:‬‬
‫مراقبة التغيريات والرصيد املتوسط للحساب اجالري ؛‬ ‫‪‬‬
‫مجيع املعلومات عن الوضعية العامة‪ ،‬وعن القطاع الذي تنتمي إليه املؤسسة ؛‬ ‫‪‬‬
‫حتليل امليزانية وجدول حساابت النتائج ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ويوضح لنا اجلدول املوايل كيفية توزيع القروض على االقتصاد خالل الفرتة املمتدة ما بني ‪ 1986‬و‪. 1990‬‬
‫اجلدول رقم‪ 01:‬توزيع قروض االقتصاد ما بني ‪( 1986-1990‬الوحدة‪ :‬مليار دينار‪).‬‬
‫‪1990‬‬ ‫‪1989‬‬ ‫‪1988‬‬ ‫‪1987‬‬ ‫‪1986‬‬ ‫قروض البنك املركزي‬
‫‪65.7‬‬ ‫‪30.7‬‬ ‫‪16.9‬‬ ‫‪18.2‬‬ ‫‪23.2‬‬ ‫حقوق على البنوك التجارية‬
‫‪98.9‬‬ ‫‪110.4‬‬ ‫‪104.4‬‬ ‫‪82.4‬‬ ‫‪65.9‬‬ ‫حقوق على اخلزينة العمومية‬
‫‪Source : NAAS Abdelkrim, « le système bancaire Algérien de la décolonisation à l’économie‬‬
‫‪de marché », ed INAS, Paris 2003, P179.‬‬
‫إن األرقام املبينة يف اجلدول أعاله‪ ،‬تظهر على أمهية القروض املوجهة للخزينة العمومية مقارنة ابلبنوك التجارية‪ ،‬مما يدل على‬
‫قلة عمليات متويل اإلنتاج بسبب تفوق التسهيالت املقدمة للدولة من جهة‪ ،‬وغياب مراقبة توزيع القروض من طرف البنك املركزي من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬

‫وابلتايل‪ ،‬فإن عدم الصرامة يف تطبيق القانون ووجود عدة عراقيل‪ ،‬جعل السلطات تتوجه حنو نظام بنكي جديد متثل يف‬
‫قانون النقد والقرض ‪ 10/90‬الذي اعترب اإلطار احلقيق لتطبيق اإلصالح اماليل والنقدي‪ ،‬إبدخال مفهوم الرقابة البنكية‪ ،‬من أجل حتسًـًـني عمليًـًـة التمويًـًـل وتوزيًـًـع‬
‫القرض ليصبح قابل للتسديد يف إطار عالقة جديدة بني البنك واملؤسسة العمومية االقتصادية ‪ ،‬تتصف ابلتعاقدية والقواعد التجارية‪ .‬والعالقة اجلديًـًـدة بًـًـني املؤسسًـًـة والبنًـًـك تعطي‬
‫احلرية هلذا األخري يف رفض منح قرض للزبون الذي يعاين من‬
‫‪1‬‬
‫وضعية مالية متدهورة ‪.‬‬

‫لقد حاول قانون النقد والقرض إعطاء نفس جديد لبنك اجلزائر من خالل الوظائف اليت حددت له للتأثري على كل من‬
‫اإلصدار النقدي‪ ،‬السوق النقدية‪ ،‬سوق الصرف‪ ،‬حتويل الدينار‪ ،‬مراقبة البنوك التجارية‪ ،‬وتسيري املديونية اخالرجية ‪ .‬إذ كان يعمل‬
‫قانون النقد والقرض على ‪:‬‬

‫‪ ‬إرساء قواعد اقتصاد السوق لتطوير عملية ختصيص املوارد‪ ،‬وخلق عالقة جديدة بني اجلهاز البنكي واملؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية تقوم على االستقاللية التجارية والتعاقديةيف ظل جو تنافسي جديد؛‬
‫جلب املستثمر األجنيب وتشجيعه إبجراءات مسهلة يضعها بنك اجلزائر‪ ،‬ومنه متهيد األرضية القانونية اللستثمار بصدور‬ ‫‪‬‬
‫قانون االستثمارات وإنشاء سوق مايل ‪.‬‬

‫‪ 1‬بن طلحة صليحة‪" ،‬اجلهاز املصريف اجلزائري ومتويل املؤسسة العمومية"‪ ،‬مذكرة ماجستري‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،1997/1996 ،‬ص‪61‬؛‬

‫‪31‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املرحلة الثانية "بعد قانون النقد والقرض‪ 10/90":‬متيزت هذه الفرتة ابلفرق بني التطبيق البنكي وعمل املؤسسات‬ ‫‪2.‬‬
‫العمومية االقتصادية اليت كانت تتلقى أحياان رفض التمويل من طرف اجلهاز البنكي‪ ،‬حيث أن البنوك التجارية كانت تقوم بدراسة‬
‫معمقة وتقدم قروض أقل من متطلبات املؤسسات العمومية‪ . 1‬إن اجلهاز‬
‫البنكي ال يبحث عن اجلو اماللئم لتدعيم املؤسسات ذات الصحة اماللية اجليدة‪ ،‬نظرا النغالقه على نفسه‪ ،‬إضافة‬
‫إىل نقص الدعم اماليل الكايف والضروري لتعزيز وتوسيع نشاطات املؤسسة‪.‬‬

‫ويف سبيل حتسني العالقة بني البنك واملؤسسة العمومية االقتصادية‪ ،‬وضعت استرياتيجية للبنك عوضا عن استرياتيجية الدولة‪،‬‬
‫وذلك من خالل مايلي‪: 2‬‬

‫تعويض الرخصة اإلمجالية اللسترياد مبيزانية العملة الصعبة للمؤسسات ؛‬ ‫‪‬‬


‫للمؤسسة العمومية احلق يف اختيار نوع البنك الذي تتعامل معه ؛‬ ‫‪‬‬
‫يكون التمويل من طرف البنك تبعا ملفاوضات بني املؤسسة والبنك ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ما جيب اإلشارة إليه هو أن هذه الفرتة متيزت بتطبيق برانمج دعم اإلنعاش اإلقتصادي‪ ،‬الذي ظهرت من خاهلل عدة‬
‫خمططات حمالولة إخراج املؤسسة العمومية االقتصادية من حالة العجز اليت كانت والزالت تعاين منها‪ ،‬ومن بينها التطهري اماليل وخمطط التصحيح الداخلي‬
‫وبرانمج أتهيل املؤسسات االقتصادية‪ .‬كما ظهرت عدة مؤسسات تعمل على دعم املؤسسات الصغرية واملتوسطة‬
‫كالوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب وغريها ‪.‬‬

‫إثر هذا عرفت القروض املقدمة من البنوك اللقتصاد خاصة املؤسسات االقتصادية‪ ،‬سواء العمومية أو اخالصة‪ ،‬ارتفاعا‬
‫ملحوظا خالل السنوات اليت تقرر فيها تطبيق هذا الربانمج‪ ،‬حيث انتقلت مبالغ القروض من ‪ 731.1‬مليار دينار سنة ‪ 1998‬إىل‬
‫‪3‬‬
‫‪ 893.3‬مليار دينار سنة‪ 2001‬إىل ‪1266‬مليار سنة ‪2002.‬‬

‫ومن اجلدير ابلذكر أنه على الرغم من حتسن القدرات اماللية لدى البنوك العمومية اليت يعرف خزينتها ارتفاعا ملحوظا من‬
‫حيث حجم السيولة‪ ،‬إذ قدرت حبوايل ‪ 1378‬مليار سنة ‪ 2003‬مث ارتفعت بنسبة ‪ ٪8.8‬يف جوان ‪ ،2004‬يبقى املتعًـًـاملون االقتصًـًـاديون مبًـًـا فيهم‬
‫اخلواص يعانون من صعوابت االستفادة من القروض البنكية اليت مًـازالت حًـذرة إبفًـراط فيمًـا خيص التسًـيري‪ .‬إذ أن الصًـًـعوابت املوجًـودة بًـني مقًـدمي رؤوس األمًـوال‬
‫واملستثمرين تزيد من مشاكل متويل االستثمار ومن مجود النظام البنكي يف سياق وفرة‬
‫الريع الناجم عن النظام االقتصادي احاليل ‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬فإن غياب وغموض النصوص املسرية للعقار والذي يعد عنصر ضروري ملفهوم الضماانت البنكية‪ ،‬قد‬
‫زادت من تعقيد مشكل التمويل‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق ابمللكيات األصلية وتنظيم سندات ملكية األراضي‪ .‬لذلك ينبغي إعداد‬
‫سياسات متويل مبراعاة عجز الضمان‪ ،‬وهلذا متكنت السلطات العمومية ابلتعاون مع املؤسسات اماللية وابالستفادة من جتارب الدول‬

‫‪1‬‬
‫; ‪BENHLIMMA Ammour, « Le système bancaire algérien : textes et réalités », ed Dahleb, Alger, 1996, P16‬‬
‫‪ 2‬بوزعرور عمار‪" ،‬دور اجلهاز املصريف من منظور اإلصالحات االقتصادية الكلية"‪ ،‬مذكرة ماجستري‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري‪ ،‬جامعة‬
‫اجلزائر‪ ،1998 ،‬ص ص‪31-32 :‬؛‬
‫‪3‬‬
‫; ‪Banque d’Algérie, « Rapport 2002, évolution économique et monétaire en Algérie », Juin 2003 ; P54‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫األخرى يف جمال مرافقة االستثمار‪ ،‬من إنشاء هياكل دعم املستثمرين (شركات أو صناديق رأس امالل املخاطرة‪ ،‬صندوق ضمان قروض‬
‫املستثمرين للمؤسسات والصناعات الصغرية واملتوسطة‪...).،‬‬

‫إن التحفضات فيما خيص متويل االستثمارات جترب املؤسسات االقتصادية اجلزائرية على تعطيل منوها واحلد من استثماراهتا‪،‬‬
‫ومع إنشاء صندوق الضمان على الودائع (املؤسسات الصغرية واملتوسطة) الذي مت مبوجب مرسوم تشريعي بتاريخ ‪،2004/08/19‬‬
‫فإن احمليط البنكي قد يعرف شروطا مشجعة بنسبة متكنه من تلبية طلبات القروض ‪ .1‬كما أن إنشاء شركة‬
‫إعادة التمويل والتأمني وشركة ضمان القرض العقاري‪ ،‬قد غري املخطط العام للقطاع اماليل وآليته‬
‫التقليدية‪ .‬وقد كان هلذا التغيري أمهية ملموسة‪ ،‬سيما إبعطاء أكثر سيولة يف السوق اماللية‪ ،‬وسيسهل املتعاملون اجلدد من مسار توسيع سوق عمليات التمويل التأمينية‬
‫ليشمل كل البنوك التجارية‪ ،‬كما سيسامهون يف تشجيع املؤسسات اماللية األخرى على املشلركة يف‬
‫عمليات القروض التأمينية يف إطار ضمان اإلئتماانت بواسطة سندات امللكية احملددة بوضوح‪. 2‬‬

‫حتسني ظروف متويل االستثمارات يقدم تعميم تقنيات إجيار‪-‬بيع فرصة جديدة فيما خيص عراقيل متويل‬ ‫ويف جمال‬
‫االستثمارات ‪.‬‬

‫ومن بني األسباب اليت تعرقل نشاط املؤسسات االقتصادية هو غياب معايري دولية فيما يتعلق بنشاطات البورصة‪ ،‬وعدم‬
‫جناعة دوائر التمويل املصريف اللقتصاد الوطين بصفة عامة ‪ .‬أما على‬
‫املستوى التقين فإن منط التمويل يف السوق اجلزائري‪ ،‬يعاين من عدة اختااللت مبا فيها نقص الديناميكية على مستوى‬
‫مؤسسة البورصة وغياب التأهيل الفعلي للتقنيات املتطورة على مستوى البنوك ‪.‬‬

‫تتمثل أحد مميزات احمليط املصريف الوطين يف غياب ثقافة متويل تتكفل ابالستثمارات طويلة األجل‪ ،‬وهذا ما يؤكد على غياب‬
‫النظام الذي يعاجل اهلندسة اماللية من برامج نشاطات البنوك‪ ،‬وبصفة عامة‪ ،‬ينحص جهازان البنكي على عدد حمدود من العمليات‬
‫تتمثل يف‪: 3‬‬
‫‪ ‬حركة املكشوف يف احلساب اجالري لتمويل استغالل املؤسسة؛‬
‫‪ ‬القرض املتوسط املدى الذي يعاد خصمه من البنك املركزي لتمويل االستثمارات ؛‬
‫إستعمال القرض الواثئقي كسند مايل رئيسي يف العالقات التجارية واماللية اخالرجية ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فيما خيص التمويالت طويلة املدى‪ ،‬فإن اخلطوط اخالرجية كافية لكن االستفادة منها صعب‪ ،‬وبسبب غياب أدوات مالية‬
‫حقيقة‪ ،‬يتم االعتماد يف متويل االستثمار على القروض املصرفية فقط‪ ،‬والعراقيل اليت متنع االستفادة من التمويل تتمثل يف العراقيل‬
‫املرتبطة بتكلفة القروض‪ ،‬العراقيل البريوقراطية‪ ،‬عراقيل احلذر ابإلضافة إىل مشاكل السيولة وضعف األموال اليت متنحها البنوك ‪.‬‬
‫ويبني اجلدول املوايل نسبة طبيعة القروض املمنوحة من طرف البنوك خالل الفرتة املمتدة ما بني ‪1996-2001.‬‬
‫اجلدول رقم‪ 02:‬هيكل التمويل البنكي اللقتصاد حسب اآلجال (الوحدة‪ :‬نسبة مئوية)‬

‫‪ 1‬اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي‪" ،‬مشروع التقرير التمهيدي حول الظرف االقتصادي واالجتماع للسداس األول من سنة "‪ ،2004‬الدورة‬
‫‪2‬‬
‫العامة العادية ‪ ،25‬ديسمرب ‪ ،2004‬ص‪33‬؛‬
‫اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي‪" ،‬مشروع التقرير التمهيدي حول الظرف االقتصادي واالجتماع للسداس األول من سنة "‪ ،2003‬الدورة‬
‫العامة العادية ‪ ،23‬ديسمرب ‪ ،2003‬ص‪148‬؛‬
‫‪ 3‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪ 40‬؛‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫‪2001‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪1996‬‬ ‫القروض‬


‫‪61‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪77‬‬ ‫قصرية األجل‬
‫‪39‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪23‬‬ ‫طويلة ومتوسطة األجل‬
‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫اجملموع‬
‫‪Source : NAAS Abdelkrim, op.cit, P240 et 275.‬‬
‫إذا كانت اإلرادة يف عدم التدخل يف الدائرة االقتصادية شبه مؤكدة‪ ،‬فإن إجراءات السلطات العمومية ال تصب يف غالبيتها‬
‫يف اجتاه تشجيع العرض االقتصادي أللمالك واخلدمات وكذا األموال ‪.‬‬

‫هذا يستوجب التكفل احلقيقي للدولة بسياسة هتدف إىل عصرنة الدائرة النقدية واماللية‪ ،‬كما جيب أن تندرج يف إطار رؤية‬
‫جديدة تبىن على اإلجراءات التالية ‪:‬‬

‫املشاركة الفعالة للدولة كمتعامل اقتصادي يف إعادة تنشيط السوق اماللية ؛‬ ‫‪‬‬
‫تشجيع املتعاملني يف سياق نشاط األسواق اماللية ؛‬ ‫‪‬‬
‫اإلسراع يف حتقيق اجمالل اماليل اماللئم ؛‬ ‫‪‬‬
‫مساندة املؤسسات اماللية يف حتقيق اإلصالحات الشاملة واليت كان من املفروض استكماهال بصفة عامة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫خالصة الفصل األول ‪:‬‬


‫املؤسسة هي الوحدة االقتصادية اليت تتجمع فيها املوارد البشرية وامالدية االلزمة إللنتاج اإلقتصادي‪ ،‬وهي الوحدة اإلقتصادية‬
‫اليت متارس النشاط اإلنتاجي والنشاطات املتعلقة به من ختزين‪ ،‬شراء وبيع‪ ،‬بغية حتقيق األهداف اليت أوجدت من أجلهًـًـا سًـًـواء كًـًـانت اقتصًـًـادية أو اجتماعيًـًـة‪ .‬ومن‬
‫أجل موازلة نشاطها تعتمد املؤسسة يف تغطيًـة احتياجًـات على جمموعًـة من املًـوارد امالليًـة اليت تسًـتطيع أن تتحصًـل عليهًـا إمًـا عن طريًـق مصًـادرها اخالصًـة‬
‫كالتمويل الذايت ورأس امالل اجلماعي‪ ،‬أو عن طريق املصادر اخالرجية كالتمويل البنكي‬
‫أو التمويل عن طريق البورصة ‪.‬‬

‫ومبا أن املؤسسة هي مصدر خلق الثروة‪ ،‬فقد سعت الدولة اجلزائرية إىل أتسيس اقتصاد قوي من خالل حماولة تطوير‬
‫املؤسسات اإلقتصادية‪ .‬إذ هذه األخرية حتوالت و عمليات تصحيح عديدة‪ ،‬فمن أتميم إىل إعادة هيكلًـة‪ ،‬إىًـل اسًـتقاللية إىًـل خوصصًـة ‪ .‬وكًـًـان هًـًـذا التطًـًـور نتيجًـًـة‬
‫ملعطيات كل مرحلة اترخيية بسبب ظروف سياسية معينة ذات أبعاد اقتصادية‪ .‬وكانت الرغبة يف كل مرة من‬
‫عملية إصالح و هيكلة املؤسسات االقتصادية أن تصبح أكثر مردودية ومصدر خللق الثروة يف اجملتمًـًـع‪ .‬إذ شًـًـرع يًـًـف أوائًـًـل‬
‫السبعينات إبصالح املؤسسة العمومية االقتصادية الستكمال مسار منوذج التنمية االشرتاكية بوضع قانون‬
‫التسيري االشرتاكي‪ .‬ونظرا إللختااللت املتع ّددة يف االستثمار واالستغالل اليت كان يعاين منها اجلهاز اإلنتاجي‪ ،‬ابإلضافة إىًـًـل طبيعًـًـة التنظيم وضخامة احلجم الًـًـذي عرفتًـًـه‬
‫املؤ ّسسات العموميّة والذي يعترب أحد األسباب املؤدية لعجزها‪ ،‬جاءت عملية إعادة اهليكلة العضوية اليت مت مبوجبها تقسيم املؤسسة الواحدة إىل جمموعة‬
‫مؤسسات أقل حجما‪ ،‬مث تلتها إعادة اهليكلة اماللية أين مت تطهري ديون‬
‫املؤسسًـًـات العموميًـًـة االقتصًـًـادية‪ .‬وكًـًـان‬
‫للظروف االقتصادية واالجتماعية اليت شهدهتا اجلزائر يف أواخر الثمانينات‪ ،‬واستمرار العجز اماليل للمؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية‪ ،‬ابلغ األثر يف تسريع إصالح هذه املؤسسات‪ ،‬بدءا من االستقاللية إىل تطبيق قواعد اقتصاد السوق‪ ،‬ومن مث إعادة اهليكلة‬
‫الصناعية اليت كانت مبثابة متهيد خلوصصة املؤسسات العمومية االقتصادية ‪.‬‬

‫أما ابلنسبة لتمويل هذه املؤسسات‪ ،‬فقد متيز نظام التمويل قبل استقاللية املؤسسات سنة ‪ 1988‬إبرساء قواعد االشرتاكية‬
‫يف تطبيق التخطيط اماليل؛ وميكن تقسيم هذه املرحلة إىل فرتتني‪ ،‬فرتة ما قبل ‪ 1971‬وفرتة ما بعد ‪ 1971.‬فقبل إصالح ‪ ،1971‬لوحظ غياب القرض املصريف يف‬
‫متويل املؤسسات وتكفل اخلزينة بذلك واعتبار التسبيقات اليت متنحها اخلزينة للمؤسسات العمومية مبثابة هبات‪ ،‬ابإلضافة إىًـل عًـدم إعطًـاء األمهيًـة لتكًـاليف املشًـروع‬
‫وملردودية رؤوس األموال من طرف األعًـوان االقتصًـاديني (مؤسسًـات عموميًـة‪ ،‬هيئًـات القًـرض) ‪.‬ومًـع إصًـًـالحات ‪ ،1971‬أصًـًـبحت البنًـوك جمربًـة على متويًـل‬
‫املؤسسات االشرتاكية‪ ،‬مع إلغاء التمويل الذايت‬
‫للمؤسسات ‪.‬‬
‫لتحسني العالقة بني املؤسسات واجلهاز املصريف‪ ،‬قامت السلطات بتعديل القوانني واملراسيم‪ ،‬واليت جتسدت يف قانون ‪86-‬‬
‫‪ 12‬املتعلق ابلبنك والقرض الذي وضع قواعد جديدة للتعامل على أساس اخلطة الوطنية للقرض‪.‬‬
‫يف ظل االستقاللية أصبحت البنوك التجارية مؤسسات عمومية اقتصادية مستقلة‪ ،‬تسعى إىل حتقيق الربح واحلفاظ على‬
‫توازهنا اماليل‪ ،‬فاعتمدت على املباديء التقليدية اليت تتحكم يف منح القروض كاملردودية والضماانت والتعويض‪ ،‬كما أتيحت الفرصة أمام املؤسسة العمومية االقتصادية‬
‫انتهاج سياسة متويلية تعتمد على التمويل الذايت‪ .‬مث اجتهت حنو نظام بنكي جديد متثل يف قانون النقد والقرض ‪ 10/90‬الذي اعترب اإلطار احلقيقي لتطبيق اإلصالح‬
‫اماليل والنقدي‪ ،‬من أجل حتسني عملية التمويل وتوزيع القرض ليصبح قابل للتسديد يف إطار عالقة جديًـدة بًـني البنًـك واملؤسسًـة العموميًـة االقتصًـادية ‪ ،‬تتصًـف ابلتعاقديًـة‬
‫والقواعد التجارية‪ ،‬اليت‬
‫تعطي احلرية للبنوك يف رفض أو قبول طلبات القروض ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫يبقى نظام التمويل يعاين حاليا من عدة مشاكل كالعراقيل املرتبطة بتكلفة القروض‪ ،‬العراقيل البريوقراطية‪ ،‬عراقيل احلذر ابإلضافة إىل مشاكل السيولة وضعف األموال‬
‫اليت متنحها البنوك ‪ ،‬كما يزيد نشكل العقار الذي يعد عنصر ضروري ملفهوم الضماانت البنكية‪ ،‬من تعقيد مشكل التمويل‪ .‬ابإلضافة إىل نقص الديناميكية على مستوى‬
‫مؤسسة البورصة وغياب التأهيل الفعلي للتقنيات املتطورة على مستوى البنوك‪ .‬كل هذا أدى إىل إنشاء مؤسسات دعم االستثمار كشركات أو صناديق رأس‬
‫امالل املخاطرة‪ ،‬وصندوق‬
‫ضمان قروض املستثمرين للمؤسسات والصناعات الصغرية واملتوسطة‪ ،‬وتشجيع تقنيات إجيار بيع ‪.‬‬

‫إن فشل سياسات متويل املؤسسات االقتصادية وضعف النظام اماليل ابإلضافة إىل مشاكل أخرى متعلقة ابملؤسسة‪ ،‬أدى إىل‬
‫عجز هيكلي زامن خمتلف مراحل املؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬وهذا ما سنحاول التطرق إليه يف الفصل الثاين ابلرتكيز على أسباب‬
‫العجز ‪.‬‬

‫‪36‬‬

You might also like