Professional Documents
Culture Documents
متهيد:
املطبقة ابجلزائر ،أّول ما استهدفت هي املؤسسة العمومية ،إذ كان أمل احلكومات أن تساعد
إ ّن اإلصالحات االقتصادية ّ
املؤسسات العمومية االقتصادية يف حتقيق عدد من النتائج اإلجيابية كتطوير القطاعات االسترياتيجية ،واحلفاظ على مستوايت عمالة
عالية ،ومل ينظر مللكية الدولة على أهنا معوقات كامنة أللداء يف هذه املؤسسات.
حيث تعترب طبيعة التنظيم الذي عرفته املؤسسات العمومية االقتصادية أحد األسباب األساسية يف عدم فعالية و كفاءة القطاع العمومي ،و ابلتايل اجتهت الدولة إىل
إعادة النظر يف عمل أو يف طريقة عمل هذه املؤسسات و هذا عن طريق اإلصالحات
بعدة مشاكل منها سوء التسيري اإلداري و اماليل، الضرورية للنهوض ابإلنتاج وزايدة املردودية ،فقد اصطدمت املؤسسات اجلزائرية
ازدواجية املهام (مهام اقتصادية و اجتماعية) ،مع مركزية القرار.
نتيجة لذلك ،عرفت املؤسسات العمومية االقتصادية يف اجلزائر عدة حتوالت سواء يف هيكلها أو يف سياسة متويلها،
وسنحاول من خالل هذا الفصل التطرق إىل خمتلف املراحل اهليكلية اليت مرت هبا هذه املؤسسات يف املبحث الثاين ،مث السياسة
التمويلية املتعلقة هبا من خالل سرد مراحل تطور نظام التمويل يف اجلزائر من خالل املبحث الثالث.
أهدافها ،وظائفها وكذا قبل هذا وذاك ،األبس أن نعاجل من خالل املبحث األول خمتلف أنواع املؤسسات االقتصادية،
خمتلف مصادر متويل احتياجاهتا .
1
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
لقد تعددت مفاهيم املؤسسة االقتصادية ابختالف األزمنة واالجتاهات ،وميكن أن جتمع بعضها يف
مفهوم املؤسسة: 1.
النقاط التالية :ابلنسبة
لرتوشي " "M.TRUCHYتعرف أبهنا الوحدة اليت جتمع فيها وتنسق العناصر البشرية وامالدية للنشاط االقتصادي
؛
أما ابلنسبة مالركس " ،" MARXفاملؤسسة الرأمسالية تكون متمثلة يف عدد كبري من العمال ،يعملون يف نفس الوقت حتت
إدارة نفس رأس امالل ويف نفس املكان من أجل إنتاج نفس النوع من السلع؛
ويضيف فرنسوا بريو PIROUX" "Françoisأن املؤسسة " شكل إنتاج ،بواسطته وضمن نفس الذمة )(Patrimoine
تدمج أسعار خمتلف عوامل االنتاج املقدمة من طرف أعوان متميزين عن مالك املؤسسة ،هبدف بيع سلع أو خدمات يف السوق من
أجل احلصول غلى دخل نقدي ينتج عن الفرق بني سلسلتني من األسعار"؛ وقد جاء لربينت "
"M.LEBRETONبتعريف املؤسسة كما يلي" :هي كل شكل تنظيم اقتصادي ،مستقل ماليا ،والذي
يقرتح نفسه إلنتاج سلع أو خدمات يف السوق " .ونالحظ أن
التعاريف السابقة 1مل تكن شاملة ملختلف جوانب املؤسسة ،حيث أن التعريفني األولني قد اقتصرا على وظيفة االنتاج
فقط ،يف حني أن املؤسسة ميكن أن تشمل عدة وظائف وتنتج أكثر من سلعة أو خدمة .ونظرا الختالف
املؤسسات فيما بينها يف أشكاهال وقدراهتا ،فال ميكن تعريف املؤسسة إال مبكوانهتا ،لكننا إذا حاولنا اجلمع
بينها يف تعريف عام ،ينطبق على الكل ،أمكن القول أن":املؤسسة عبارة عن منظمة ،جتمع بني خمتلف عوامل اإلنتاج ًـ العمل ،رأس امالل ،آالت ،خربات ،مواد
أولية ..ً.،ـ بطريقة مثالية للبحث عن الفعالية يف مجيع امليادين من أجل إنتاج سلعة أو تقدمي خدمة "
هذا التعريف ينطبق على مجيع املؤسسات إبختالف أحجامها ،جماالت عملها ،طابعها القانوين ،و النظام السياسي
السائد يف البلد املستقبل وكذا مستوى تطور هذا البلد.
خصائص املؤسسة :من التعاريف السابقة ،ميكن استخالص الصفات واخلصائص اليت تتصف هبا املؤسسة االقتصادية:2 2.
للمؤسسة شخصية معنوية مستقلة من حيث امتالكها حلقوق وصالحيات ،أو من حيث واجباهتا ومسؤولياهتا؛
هال القدرة على اإلنتاج أو أداء الوظيفة اليت وجدت من أجلها ؛
1انصر دادي عدون" ،اقتصاد املؤسسة " ،الطبعة ، 1دار احملمدية العامة ،اجلزائر ،1998 ،ص ص 9-10؛
2موساوي نور الدين" ،واقع االقرتاض املصريف للمؤسسة العمومية اجلزائرية" ،مذكرة ماجستري ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري ،جامعة اجلزائر،
؛41ص 2004/2003،
2
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
كون املؤسسة قادرة على البقاء مال يكفل هال من متويل كاف وظروف سياسية مواتية وعمالة كافية وقادرة على تكييف نفسها
مع الظروف املتغرية ؛
التحديد الواضح أللهداف االسترياتيجية ،والربامج ،وأساليب العمل ،فكل مؤسسة تضع أهدافا معينة تسعى لتحقيقها،
أهداف كمية ونوعية ،ابلنسبة إللنتاج لتحقيق رقم أعمال معني ؛
ضمان املوارد اماللية لكي تستمر عملياهتا ،ويكون ذلك إما عن طريق االعتمادات ،وإما عن طريق اإليرادات الكلية ،أو
القروض ،أو اجلمع بني هذه العناصر كلها أو بعضها ،حسب الظروف ؛
البد أن تكون املؤسسة مواتية للبيئة اليت وجدت فيها وتستجيب لتغرياهتا ،فاملؤسسة التوجد منعزلة ،وإن كانت معاكسة هلذه
الظروف فإهنا ميكن أن تعرقل عملياهتا وأهدافها ؛
جيب أن يشمل إصالح املؤسسة إمكانية زواهال ،إذا ضعف مربر وجودها أو تضاءلت كفاءهتا ؛
األهداف االقتصادية :ميكن مجع عدد من األهداف اليت تدخل ضمن هذا النوع كمايلي:
حتقيق الربح :إن استمرار املؤسسة يف الوجود ،الميكن أن يتم إال إذا استطاعت أن حتقق مستوى أدىن من الربح يضمن هال
إمكانية رفع رأمساهال ،وابلتايل توسيع نشاطها للصمود أمام املؤسسات األخرى يف نفس الفرع أو القطاع االقتصادي ،أو احلفاظ على مستوى معني من نشاطها ،وقبل
هذا استعمال الربح احملقق لتسديد الديون ،توزيع األرابح على الشركاء ،أو تكوين املؤوانت لتغطية
اخلسائر أو أعباء غري حمتملة .لذا يعترب الربح من بني املعايري األساسية لصحة املؤسسة اقتصاداي ؛
1حممد مسن" ،التدبري االقتصادي للمؤسسات ،تقنيات واستسراتيجيات" ،دار ساحل للنشر ،اجلزائر ،2001،ص 21؛
2عمر صخري" ،اقتصاد املؤسسة" ،ديوان املطبوعات اجالمعية ،اجلزائر ،1993،ص2؛
3
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
إن حتقيق املؤسسة لنتائجها مير عرب عملية تصريف أوبيع إنتاجها امالدي أو املعنوي وتغطية حتقيق متطلبات اجملتمع:
تكاليفها ،وعند القيام بعملية البيع ،فهي تغطي طلبات اجملتمع املوجًـودة بًـه ،سًـواء على املسًـتوى احمللي ،اجلهًـوي ،الًـًـوطين أو الًـًـدويل .فيمكن القًـول أن املؤسسًـة
االقتصادية حتقق هدفني يف نفس الوقت ،تغطية طلب اجملتمع وحتقيق األرابح ،وختتلف طبيعة هذه األخرية من املؤسسة العمومية إىل اخالصة ،حيث يعترب يًـًـف األوىًـًـل
1
وسيلة الستمرار نشاطها وتوسيعه من أجل تلبية حاجات متجددة وإضافية؛
عقلنة اإلنتاج :تستخدم املؤسسة املوارد املتاحة إلنتاج تشكيلة من املنتجات مستخدمة الكفاءة الفنية والكفاءة
االقتصادية ،واهلدف من ذلك هو تعظيم االنتاج الذي ميكن تصريفه ،وختفيض التكاليف يف أي مستوى ابملؤسسة ،حبيث يكون
اهلدف إجياد وفورات داخلية وخارجية واستنفاذها .ففي حالة
االنقطاع يف التموين تلجأ املؤسسة للمخزون ،وعند وجود خمزون أمان غري كايف أو انعدام املخزون تتوقف
املؤسسة عن االنتاج لكنها تبقى تتحمل جمموعة من التكاليف "دفع اإلجيار ،االهتالكات ،أتمني األجور...،اخل" اليت تسبب عجز
داخلي .ويف حالة عدم وجود خمزون املخرجات لتغطية السوق ،يتحول االنقطاع الداخلي إىل انقطاع خارجي .2
األهداف االجتماعية :من بني األهداف العامة للمؤسسة ،األهداف االجتماعية ،اليت تتمثل فيمايلي:
ضمان مستوى مقبول من األجور :يعترب العمال يف املؤسسة من بني املستفيدين األوائل من نشاطها ،حيث يتقاضون
أجورهم مقابل عملهم هبا ،إال أن مستوى وحجم هذه األجور يرتاوح بني االخنفاض واالرتفاع حسب طبيعة املؤسسة ،طبيعة النظام االقتصادي ،مستوى
املعيشة للمجتمع ،وحركة سوق العمل وغريها من العوامل املعقدة .وغالبا ما حتدد قوانني من طرف الدولة تضمن
للعامل مستوى من األجر يسمح له بتلبية حاجاته ،واحلفاظ على بقائه ،وهذا ما يسمى ابجلر األدىن املضمون؛
إقامة أمناط استهالكية معينة :تقوم املؤسسة االقتصادية عادة ابلتصرف يف العادات االستهالكية ملختلف طبقات اجملتمع،
وذلك بتقدمي منتوجات جديدة أو بواسطة التأثري يف أذواقهم عن طريق اإلشهار والدعاية سواء ملنتجات قدمية أو ملنتجات جديدة غري
موجودة سابقا؛
توفري التأمينات واملرافق للعمال :تعمل املؤسسات على توفري بعض التأمينات ،مثل التأمني الصحي والتأمني ضد حوادث
العمل وكذلك التقاعد .كما اهنا ختصص مساكن سواء الوظيفية منها أو العادية لعماهال أو احملتاجني منهم "ويظهر هذا أكثر يف
املؤسسات العمومية" ابإلضافة إىل املرافق العامة مثل تعاونيات االستهالك أو املطاعم...اخل .
األهداف التكنولوجية:ابإلضافة إىل ما سبق تؤدي املؤسسة دورا هاما يف امليدان التكنولوجي:
البحث والتنمية :تتنافس املؤسسات فيما بينها للوصول إىل أحسن طريقة إنتاجية وأحسن وسيلة من خالل عمليات
البحث والتطوير ،مما يؤدي إىل التأثري على اإلنتاج ورفع املردودية اإلنتاجية فيها .
كما أن املؤسسة تؤدي دورا مساندا للسياسة القائمة يف البالد يف جمال البحث والتطوير التكنولوجي ،نظرا مال متثله من وزن
يف جمموعها وخاصة الضخمة منها ،من خالل اخلطة التنموية العامة "للدولة" املتوسطة األجل ،اليت يتم من خالهال التنسيق بني العديد من اجلهات ابتداء من هيئات
ومؤسسات البحث العلمي ،اجالمعات ،واملؤسسات االقتصادية وكذا هيئات التخطيط األخرى كاجمللس
االقتصادي واالجتماعي .
1انصر دادي عدون" ،اقتصاد املؤسسة" ،مرجع سبق ذكره ،ص 19؛
2موساوي نور الدين ،مرجع سبق ذكره ،ص43؛
4
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
املؤسسات اخالصة :وهي مؤسسات تعود ملكيتها ألشخاص خواص ،ميلكون حق اختاذ القرار ،وهي توجد على
نوعني":املؤسسات الفردية والشركات" .
املؤسسات الفردية :وهي املؤسسات اليت ميتلكها شخص واحد أو عائلة وهي متتاز بسهولة التنظيم واإلنشاء ،واملسؤول
األول واألخري فيها ،وعن إدارهتا وتسيريها هو صاحب املؤسسة .1تتمثل املؤسسة الفردية يف التجار الصغار واملهن احلرة كاألطباء
واحمالمني وغريهم ،ومن خصائصها:
السهولة يف التنظيم واالنشاء؛
صاحب املؤسسة هو املسؤول األول واألخري عن نتائج أعمال املؤسسة ،وهدا يكون دافعا له على العمل بكفاءة لتحقيق
أكرب إيراد ممكن؛
مالك املؤسسة هو املسؤول األول الوحيد عنها ،حيث يقوم إبدارهتا وتنظيمها وتسيريها ويرجع له األمر يف اختاد أي قرار
خيص مؤسسته ؛
قلة الشركاء يقلل من املشاكل وعدم التفاهم مما يؤدي إىل تفادي اإلنقطاعات النامجة عن سوء التفاهم وكثرة األراء؛
قلة رأس امالل ،إذ أن اماللك هو املمول نفسه فقد يؤدي دلك إىل وجود ديون انجتة عن قلة خربة اماللك وصعوبة احلصول
على متويل خارجي متمثل يف القروض البنكية.
الشركات :وهي عبارة عن مؤسسات تعود ملكيتها إىل شخصني أوأكثر ،حيث يلتزم كل واحد منهم بتقدمي حصة من امالل
أو العمال ،واقتسام ما قد ينشأ عن هده الشركة من أرابح أو خسائر ،وتنقسم بدورها إىل :
شركات أشخاص "شركات تضامن ":هي شركة قانونية تتكون من أشخاص يشرتكون يف احلصص اإلجتماعية لرأس ماهال¸
ويتقاسم الشركاء األرابح و اخلسائر ,كما يتقامسون أيضا املهام اإلدارية و تتعدى مسؤولية املشاركني يف تسديد الديون إىل أمواهلم
2
اخالصة ؛
شركات األموال :تستخدم شركات األموال للمؤسسات كبرية احلجم ,ومتثل شخصية اعتبارية هال احلقوق القانونية اليت
تتمتع هبا الشخصية الطبيعية ،أي أهنا تقوم مبمارسة نشاطات أعمال وامتالك األصول ،وبيع وشراء املنتجات ،واقرتاض األموال.
على العموم ميكن للمؤسسة التجارية أن أتخذ أشكال قانونية متعددة ،نذكر منها:3
شركات مغفلة اإلسم " ،"SAاليت ميكن أن أتخذ شكل التعاونيات ""SCOP؛
شركات ذات أسهم بسيطة ""SAS؛
1
؛ 10ص ذكره ،سبق مرجع صخري ،عمر
; 2Michel DARBELET et autres, « Economie d’entreprise », Ed foucher, Paris, 1994, P13
3
; www.encyclopedie.snyk.com « forme de l’entreprise », date du 02/04/05
5
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
املؤسسات العمومية :ابلنسبة هلذا النوع من املؤسسات ،يكون رأس امالل مملوكا جملموعة عمومية متمثلة يف الدولة أو
اجلماعات احمللية ،كما أن سلطة القرار ترجع إليها .يضاف إىل ذلك أن املؤسسة العمومية متلك تنظيمات " "statusخمتلفة:
مؤسسات وطنية ،منشآت عمومية ،وأيضا مؤسسات االقتصاد املختلط .
يف هذا الشكل ميكن تصنيف املؤسسات حسب معايري اقتصادية معينة ،فيمكن
التصنيف االقتصادي للمؤسسة: 2.
دراستها تبعا للنشاط االقتصادي ،أو تبعا حلجمها .
6
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
تبعا ح لجم املؤسسة :اعتمادا على جمموعة من املقاييس كعدد العمال ،قيمة رقم األعمال ،القيمة املضافة ،ميكن التمييز
بني املؤسسات الصغرية ،املتوسطة والكبرية .1
املؤسسات الصغرية واملتوسطة :وهي املؤسسات اليت يتحمل فيها املقاول شخصيا وبطريقة مباشرة كل املسؤوليات اماللية،
التقنية ،االجتماعية والتجارية وكذا املعنوية مهما كان شكلها القانوين ،وميكن أن تنمو هذه املؤسسات لتصبح مؤسسات كربى .2وحسب ميشال داربلي
،DARBELET" "Michelتعترب مؤسسة صغرية ومتوسطة كل مؤسسة يقل عدد عماهال عن 500عامل
ورقم أعماهال ال يتجاوز 100مليون فرنك فرنسي(سابقا)؛
املؤسسات الكربى :وهي املؤسسات اليت تشغل أكثر من 500عامل ،وتتميز مبا يلي:
ترتكز على مبدأ اقتصادايت احلجم ،أي هناك توسيع قدرات اإلنتاج لنحصل على ختفيض يف تكلفة الوحدة الواحدة ؛
القدرة على التفاوض ،أي للمؤسسة متعاونني فكلما كانت قدرة التفاوض عالية كلما أصبحت أقوى ،وهذا ما يؤثر على
تكاليفها ؛
اجملموعات groupes" :"lesوهي جمموعة من املؤسسات سواء كانت جتارية ،صناعية أو مالية ،مرتبطة بعقد ملكية وعلى
رأس هذه اجملموعة شركة أم اليت تعترب كحافظة" "holding؛
املؤسسات متعددة اجلنسيات :هي عبارة عن مؤسسات تتميز ابخلصائص التالية:
تزاول نشاطات جتارية وإنتاجية وتتواجد يف بلدان متنوعة؛
على رأسكل نوع يف بلد معني مواطن خاص ،مثال :الفرع الفرنسي على رأسه فرنسي؛
على مستوى املقر األصلي للمؤسسة مديرية عامة متكونة من أشخاص من خمتلف اجلنسيات؛
رأس مال املؤسسة موزع على املستوى العاملي .
1
; Michel DARBELET, op.cit, P14
2
; M.MARCHESNAY et C.FOURCADE, « gestion de la PME/PMI », ed NATHAN, Paris, 1997, P81
7
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
1.وظائف املؤسسة:
لقد كانت املؤسسة يف امالضي صغرية احلجم ،يقوم عدد حمدود من األشخاص مبجمل مهامها ،فكانت الوظائف جممعة
وغري واضحة املعامل .أما اليوم ،وقد أخذت أحجاما ضخمة واتسعت على نطاق عاملي ،أصبحت هال عدة وظائف تتمثل أمهها
فيمايلي :
الوظيفة اإلنتاجية :تعترب أهم الوظائف ،فاملؤسسة تتكون من األقسام والورشات اليت تتغري من حيث الكم واحلجم حسب
متطلبات اإلنتاج الذي حيدد التوزيع والتبادل واالستهالك .وهي جتمع بني
خمتلف عناصر اإلنتاج لتصنيع املنتج حسب اخلصائص احملددة من طرف قسم الدراسات ،واملواد واإلمكانيات اليت
يتيحها قسم التموين .إذن
تنصب هذه الوظيفة على حسن التدبري يف استخدام اإلمكانيات والقدرة املتاحة مبا يؤدي إىل االستفادة منها قدر اإلمكان يف رفع
اإلنتاجية حسب األهداف املسطرة؛
الوظيفة اإلدارية :لكل مؤسسة إدارة تضم وظائف القرار والتنسيق والرقابة والتمثيل يف الداخل واخالرج .وتكون وظيفة
اإلدارة على مستوى املؤسسة أو الوحدة أو املصلحة أو اجملموعة اجلهوية أو الوطنية أو العاملية .كما يزيد حجمها ونطاق صالحيتها أو
ينقص ،على نطاق مركز التدبري.
1
يتحمل مسؤولية اإلدارة العليا للمؤسسة أانس عادة ما يرتقون من مراكز دنيا ،بعدما اكتسبوا خربة ومؤهالت لذلك؛
الوظيفة التسويقية :تشكل هذه الوظيفة وجه املؤسسة اليت تظهر به يف السوق ،فهي تتكفل بعرض املنتج على الزبون ،و
تشهره لتحوله إىل أرابح .و هي تشكل الرابط األساسي بني إدارة املؤسسة و خمتلف األقسام (حبوث ،إنتاج ،...) ،و الزبون
2
املستهدف؛
الدراسة و البحث :وهتدف إىل :
دراسة احتياجات السوق للمنتج؛
تقدير سعر البيع للمنتج يف حالة التطوير؛
البحث عن خمتلف األدوات واآاللت االلزمة لعملية اإلنتاج؛
وضع املخططات؛
دراسة – ابلتنسيق مع الوظيفة التسويقية – السوق ،من حيث املنافسة ،براعات االخرتاع ،القوانني والتشريعات الصادرة من
طرف الدولة...،اخل؛
حتديث التكنولوجيا املستعملة من طرف املؤسسة.
8
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
الوظيفة التموينية:مع اتساع السوق واملنافسة ،أصبح التموين ابملواد األولية من أهم الوظائف اليت تشغل املسريين ،فهو
ابلتأثري املباشر على التكلفة والسعر وجودة املنتج وحجم املبيعات ،جيربهم على ضمان مايلي:
جودة التموين ،ابختيار أحسن املواد األولية اليت تضمن هال أجود املنتجات؛
أحسن األسعار ،مع مراعاة النسبة األساسية سعر/جودة؛
أحسن عالقة بني املؤسسة ومتوينها ،وما تضمنه من متييزات وتسهيالت وخدمات ما بعد البيع؛
حرية االختيار ما بني خمتلف املوردين ،الستغالل فرص املؤسسة وتفادي االحتكار وانقطاع التموين .
التوظيف :هي الوظيفة اليت تتعهد إببرام ومتابعة وإهناء عقود التشغيل يف املؤسسة فهي تسهر على تطبيق قوانني الشغل من
أجور وعطل وترقيات ومكافآت وعقوابت وخصومات ،وما إىل ذلك من انشغاالت تسيري املوارد البشرية .وتندرج ضمن هذه الوظيفة
األساسية عدة وظائف تكميلية مثل اخلدمات االجتماعية والتكوين املهين والعالقات النقابية وما إىل ذلك؛
الوظيفة التمويلية :تعترب الوظيفة التمويلية من أهم الوظائف يف نشاط األعمال ،فال ميكن ألي مؤسسة أن تقوم بنشاطها
من إنتاج وتسويق وغريها من الوظائف ،دون توفري األموال االلزمة لتمويل اإلدارات التشغيلية ،كما اهنا تقرر مع هًـًـذه اإلًـًـدارات حجم األمًـًـوال اليت تسًـًـتخدم
واألغراض اليت ستوجه إليها ،لذلك فإن اهلدف الرئيسي للسياسة اماللية هو االستخدام احلكيم والعقالين أللموال ،وأن العمليًـًـة األساسًـًـية اليت تنطًـًـوي عليهًـًـا هًـًـذه
املقارنة الرشيدة بني مزااي االستخدامات احملتملة وبني تكلفة املصًـادر البديلًـة احملتملًـة ،حًـًـبيث ميكن حتقيًـًـق األهًـًـداف امالليًـًـة الشًـًـاملة للمؤسسًـًـة .وهًـًـذا عن طريًـًـق مبًـًـدأ
املردودية اماللية اليت متثل املعيار الفاصل يف عملية
اختيار وتنفيذ االستثمارات ،وهذا بغية رفع فرتات اإلنتاج ابنتهاج استثمارات ذات طابع مكثف ومتسع.
مصادر م تويل املؤسسات االقتصادية :لتمويل نشاطها واستثماراهتا ،تتوفر أمام املؤسسات اإلقتصادية جمموعة من
املصادر اماللية ،بداية من مواردها اخالصة أي التمويل الذايت ،ابإلضافة إىل املوارد اخالرجية وذلك ابالقرتاض من البنوك وفقا لشروط معينة ،أو بدخوهال
البورصة وذلك إبصدار أسهم االكتتاب أو السندات .وميكن تقسيم هذه املصادر إىل :قصرية األجل ،متوسطة
األجل ،وطويلة األجل .
التمويل قصري األجل :1يقصد ابلتمويل قصري األجل ,تلك األموال اليت حتصل عليها املنشأة من الغري تلتزم بردها خالل
فرتة التزيد عادة عن السنة .
و تنقسم مصادر التمويل قصرية األجل إىل نوعني أساسيني :اإلئتمان املصريف واإلئتمان التجاري .
اإلئتمان املصريف :يعرف اإلئتمان املصريف أبنه ،القروض قصرية األجل اليت حتصل عليها املؤسسة من البنوك ،وميكن أن
منيز فيه :
القروض غري مكفولة بضمان معني :وفق هذا النوع من القروض ،يتم اإلتفاق بني املؤسسة والبنك على فتح اعتماد
للمؤسسة ،ومعىن ذلك أن يسمح البنك للمؤسسة ابإلقرتاض كلما لزمها امالل بشرط أن التزيد املبالغ املقرتضة عن مبلغ معني يف أي
وقت .
كما يلجأ البنك إىل وضع شرطني مها :
جيب أن يرتك املقرتض يف حسابه اجالري لدى البنك قيمة 10%إىل 20%من قيمة القرض املمنوح ابلفعل ؛
وجوب قيام العميل ابلسداد على األقل كل سنة مرة واحدة .
1كنجو عبود كنجو وغريه" ،اإلدارة اماللية" ،دار املستقبل للنشر والتوزيع ،عمان ،1997 ،ص 242؛
9
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
ويف هذا اجمالل من القروض ميكن أن جند القروض املفتوحة ،القرض املتجدد "الدوري" ،القروض اخالصة بعملية معينة .
القروض املكفولة بضمان :قد تطلب البنوك ضماان معينا جيب أن يقدمه املدين قبل منحه اإلئتمان ،وقد يكون مضموان
أبحد األشكال األتية :
القرض املضمون بضمان شخص آخر ؛
القرض املكفول بضمان أصل معني مثل حساابت العمالء املدنية وأوراق القبض أو األوراق اماللية األخرى أو
البضائع .
اإلئتمان التجاري :يتمثل اإلئتمان التجاري يف البضائع اليت ميكن أن حتصل عليها املؤسسة دون احالجة إىل دفع قيمتها
نقدا ،وهذا اإلئتمان خيص غالبا البضائع وليس اآاللت أو األصول الثابتة .ويتوقف منحه على عدد من العوامل النامجة عن حالة
التجارة واملنافسة مثل :طبيعة السلعة املباعة .وغالبا ما يتم منح اإلئتمان يف سلع تتمتع بطلب كبري .
ومن أنواع اإلئتمان التجاري :احلساب اجالري املفتوح ،أوراق الدفع ،السفتجة .
ويطلق على اإلئتمان التجاري اإلمتان التلقائي ،نظرا ألنه يزيد وينقص مع التقلبات يف حجم النشاط .1
التمويل متوسط األجل :يعرف التمويل متوسط األجل ،أبنه ذلك النوع من القروض الذي يتم سداده يف فرتة تزيد عن
السنة وتقل عن سبعة سنوات ،ينقسم إىل :
قروض مباشرة متوسطة األجل :متنح مثل هذه القروض من قبل البنوك وشركات التأمني ،ويتم سدادها على مدار من
السنوات على شكل أقساط دورية ،وهذه تسدد خالل فرتات حمددة ومتساوية "شهر ،ثالثة أشهر،سداسي ،سنة" .وعادة ما يكون
القرض مكفول بضمان معني ،ابإلضافة إىل أن معدل الفائدة يف حالة القروض املتوسطة األجل يكون أكرب منه
يف حالة القروض قصرية األجل .
القرض اإلجياري 2:كان ظهور هذا النوع من التمويل يف الوااليت املتحدة األمريكية يف عام ،1952مث شاع استخدامه يف
الستينات يف أورواب .إن
عقد القرض اإلجياري هو عقد إجيار مع اختيار املشرتايت ،وهي تقنية متويل كغريها من التقنيات أين ميكن للمؤسسة أن ختتار
اإلستثمار ,وتتصل هبيئة مالية للقرض اإلجياري طالبة منها شراءه وإعادة استئجاره منها .
3
يتخذ القرض اإلجياري أشكال عديدة من أمهها :استئجار اخلدمة "االستئجار التشغيلي" ،البيع مث اإلستئجار ،اإلستئجار اماليل ؛
التمويل طويل األجل :تبلغ فرتة استحقاق األموال طويلة األجل ،ما يزيد عن احلد األدىن هال ،وهو سبعة سنوات ،وميكن
أن يكون هذا التمويل من مصادر داخلية أو خارجية .
التمويل الذايت :التمويل الذايت للمؤسسة يعين قدرة املؤسسة على متويل نفسها بنفسها دون اللجوء إىل األطراف اخالرجية،
وذلك من خالل اإلعتماد على النتيجة الصافية بعد إقتطاع الضرائب ،واليت يوزع جزء منها على الشركاء والعمال ،أما اجلزء الباقي فهو
املقدار الذي تستطيع املؤسسة التصرف فيه بعد هناية الدورة ،وحيسب التمويل الذايت وفق العالقة التالية :
1رضوان وليد العمار" ،أساسيات يف اإلدارة اماللية" ،دار امليسرة للنشر والتوزيع ،مصر ،1997 ،ص 193؛
2
; Stéphane GRIFFITHS, « gestion financière », ed Eyrolles, France, 1996, P22
3كنجو عبود كنجو وغريه ،مرجع سبق ذكره ،ص 250.
10
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
ويلعب التمويل الذايت دورا ابرزا يف التأثري على هيكل املؤسسة الداخلي وقد يستعمل وفق مايلي:1
إمكانية متويل االستثمارات وابلتايل يؤخذ بعني اإلعتبار يف برامج اإلستثمار للمؤسسة؛
إمكانية دفع فوائد األسهم أو السندات؛
حتقيق شروط التوازن الدائم برفع األموال اخالصة بقيمة التمويل الذايت ؛
األسهم والسندات :األسهم هي وسيلة من الوسائل الرئيسية للتمويل طويل األجل ،وتصدر شركات املسامهة يف الكثري من
احالالت األسهم ،مرة واحدة خالل مدة حياهتا ،و عرفت العديد من املؤسسات االقتصادية اجلزائرية هذه التجربة من خالل فتح رأمساهال اللكتتاب العام ،و
خنص ابلذكر ،مؤسسة صيدال أللدوية ،مؤسسة الرايض للمواد الغذائية ،فندق األوراسي ،و عرفت التجربة
جناحا نسبياٍ ،رغم حداثة السوق اماللية الوطنية .أما إذا كانت املؤسسة يف حاجة إىل متويل طويل املدى فبإمكاهنا إصدار سندات
يكتتب فيها اجلمهور ،و السند هو معاهدة تربط املؤسسة ابملكتتب ،يدفع من خالهال هذا األخري مثن السند يوم إصداره و تتعهد املؤسسة أن ترد له بعد أجل
معني يرتاوح بني سنة و مخس عشر سنة ،و تدفع له عائدا من خالل معدل فائدة من القيمة االمسية
للسند ؛
اإلئتمان الطويل املدى :يهدف هذا اإلئتمان إىل متويل اإلستثمار الثقيـل و تسـديده ميكـن أن يسـتغرق مـدة أكثـر مـن سـبع
سنوات دون أن تتجاوز 25سنة .واجمالالت اليت يستخدم فيها هذا النمط من التمويل تتمثل على وجه اخلصًـًـوص يًـًـف شًـًـراء األراضًـًـي و العقًـارات املعقًـدة إليًـواء
النشاطات اإلنتاجية ،املباين اليت أتوي الورشات أو املخازن أو املستودعات ،و ابلنظر إىل املدة الطويلة لتجميد املــوارد الــيت يتطلبهــا هــذا النــوع مــن التمويــل فــإن
املصــريف يقــوم بتعليــل دقيــق ملخــاطر املشــروع و بخــذ بعــني اإلعتبــار العوامــل اإلجيابيــة و الس ـلبية قبــل اختــاذ قــرار التمويــل ،فكــل حــادث أو تعثــر يف تنفيــذ املشــروع يًـًـف
مرحلــة مــن مراحلــه قــد يــؤدي إىل تقلــيص حظــوظ تســديد
أقساط التمويل يف آجاهال ،وعليه فإن املصريف عادة ما يلجأ إىل طلب ضماانت عينية لتأمني اسرتجاع متويله أصال و فوائد .
1انصر دادي عدون " ،تقنيات مراقبة التسيري" ،طبعة ،1دار احملمدية ،اجلزائر ، 2000 ،ص 84؛
11
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
اإلقتصادية اجلزائرية.
ّ املبحث الثاين:التطور اهليكل للمؤسسات
عرفت املؤسسة اجلزائرية تطورات و عمليات تصحيح قبل الوصول إىل مرحلة االستقاللية ،وكان هذا التطور نتيجة ملعطيات
كل مرحلة اترخيية من خالل ظروف سياسية معينة ذات أبعاد اقتصادية .فكانت الرغبة من عملية إصالح و هيكلـة القطـاع الصـناعي
الوطين أن يصبح أكثر مردودية ومصدر خللق الثروة يف اجملتمع.
التسيريالذايت :طبقت عمليّة التسيري الذايت يف اجلزائر ،نتيجة مغادرة مئات اآاللف من املستوطنني األوروبيني للجزائر، 1.
اتركني مزارعهم ،ومصانعهم ومتاجرهم اليت كانوا حيتلوهنا ،هبدف إحداث فراغ كبري ميكن أن يهز البناء االقتصادي واالجتماعي للبالد .من أجل تفادي استيالء
الوطنية على هذه الثروات ابإلضافة إىل ضعف السياسة ،كانت ضرورة جتسيد التنظيم
الربجوازية ّ
والبشرية للخروج من حالة الفراغ القانوين ،وهو ما ج ّسد التسيري الذايت
ّ اجلماعي لتسيري املؤسسات لتجسيد كل الطاقات امال ّدية
3
اشرتاكية يف ميدان اإلنتاج ،واقتسام الناتج بني أفراد اجلماعة" .
ّ للمؤ ّسسات ،الذي ّيعرفه أبنه" :جتربة
تنظيمية للتسيري الذايت ،منها:
من هنا برزت ع ّدة مراسيم ّ
العمومية؛
ّ املرسوم املؤرخ يف 1962/11/23املتعلّق إبنشاء جلنة التسيري يف املؤسسات
املتعلق حبل مشاكل امللكيّات الشاغرة؛
املرسوم املؤرخ يف ّ 1963/03/18
اإلقتصادية وعلوم التسيري ،جامعة اجلزائر ،جوان ،1999ص 33؛ P07 1986, Alger, كسرى مسعود":تطور املؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة يف اجلزائر" ،مذكرة ماجستريّ ،
كلية العلوم 1
ّ
OPU, », Algérienne l'entreprise de Stratégique Gestion « BELAIBOUD, 2Moukhtar
3
Ahmed BOUYACOUB, « La gestion de l'entreprise industriel publique en Algérie », Tome1, OPU, Alger, 1987,
;p30
12
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
العمومية.
ّ املرسوم املؤرخ يف 1963/03/22املوضح للمعامل الكربى للتسيري الذايت للمؤ ّسسات
1
تتميز ابالستقاللية
معنوية من أشخاص القانون اخالص ّ
ذاتيا على أهنا "شخصية ّ
املسرية ّ
العمومية ّ
ّ منه ميكن تعريف املؤسسة
ميقراطية املباشرة".
املرفقية ،وهي مسرية من طرف املنتجني وفق مبادىء الدّ ّ
لمركزية ّ
واال ّ
ذاتيا حبوايل 345مؤسسة ،يف جانفي 2.1964إالّ أن التسيري الذايت ،قد عان من ع ّدة
املسرية ّ
أحصي عدد املؤسسات ّ
مشاكل وعراقيل ،حالت إىل إعاقة سريه ،ومن أمهها:
إن التسيري الذايت كتنظيم ع ّمايل ،رغم أتطريه بقانون خاص ،إالّ أنه مل يساهم يف خلق مؤسسات جديدة ،فهو مل يشمل إال
واحلرفية امله ّمشة ،حيث أن 36%من املؤسسات تشغل أقل من 50عامل؛
ّ الوحدات ال ّصغرية
مالية واحتفاظها ابلطابع االستشاري؛
هتميش املشاركة الع ّ ّ
راجع للمستوى الثقايف ،مما أ ّدى إىل نقص اإلطارات واليد العاملة امالهرة ،وغياب الوعي الكايف عند معظم الع ّمال ،وذلك
حدوث نزاعات بني جملس الع ّمال وجلنة التسيري من جهة وبني رئيس جلنة التسيري واملدير العام من جهة أخرى؛
سوء توزيع ال ّسلطة وسوء التنظيم والتنسيقّ ،مما أ ّدى إىل احتكار السلطة من طرف اإلدارة؛
سوء توجيه اإلنتاج ،وضعف جتنيد الع ّمال ،وعدم تقاضي أغلب الع ّمال ألجورهم؛
وجود تناقض بني ال ّسلطة السياسيّة والواقع املعاش ،فاألوىل ترفع شعارات االشرتاكية يف خطاابهتا مبشاركة الع ّمال يف التسيري
والنتائج ،بينما مل ير الع ّمال حتقيق ذلك يف الواقع.3
أمام كل هذه املشاكل ،مت التفكري يف نوع آخر من املؤ ّسسات االقتصادية.
الوطنية :مع بداية 1965اختذت ع ّدة إجراءات كان من شأهنا تنظيم القطاع العام واستغالله أحسن استغالل،
ّ 2.الشركة
املخطط اإلستعجايل الثالثي ،67-1969هتتم ابلنشاطات االقتصادية ذات
ّ مت إنشاء شركات وطنيّة يف إطار
وعلى هذا األساس ّ
العامة.
املنفعة ّ
إيديولوجيّة الشركة الوطنيّة تعتمد أساسا على مبدأ رأمساليّة ال ّدولة ،وهي نوع من االشرتاكية تكون فيها وسائل اإلنتاج يف يد ال ّدولة ،كما تعتمد على االستقاللية
فامللكية تعود لل ّدولة ،بينما تسيري الشركة
امالليّة والتنظيميّة املوجودة يف إطار النظام ّالرأمسايلّ .
ابستقاللية ،دون مشاركة الع ّمال يف التسيري والنتائج.
ّ يتمتع
الوطنية كشخص معنوي ّ
ّ
وطنية مؤ ّسسة عن طريق مرسوم قبل 1965أو أمر بعد 19جوان ،1965هال مقر اجتماعي ابجلزائر العاصمة، ّ شركة وكل
4
هدف اجتماعي ورأمسال.
5
الوطنية على جهازين أساسيني مها:
يعتمد تنظيم الشركة ّ
حمرر فقط لنقص
اجمللس اإلداري :الذي ميثل لل ّدولة كمساهم وحيد يف رأمسال املؤ ّسسة ،وإىل غاية 1965مل يكن إالّ جهاز ّ
الوطنية.
الكفاءات ،وإبتداءا من سنة ،1965أصبح جهاز استشاري وهو جلنة لتوجيه ومراقبة مدير الشركة ّ
13
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
اجالمعية ،اجلزائر ،1992 ،ص23؛
ّ 5بعلي حم ّمد الصغري"،إشكالية تنظيم القطاع العام ي ف اجلزائر" ،ديوان املطبوعات
14
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
1
لكن احنصرت طبيعتها يف النقاط التالية:
ّ صناع ّية املؤ ّسسة؛ قدرهتا على حتقيق الرتاكم وخلق الثروة ،وذلك عن طريق تسيري الوحدات ال
قدرهتا على إدارة فرع كامل؛
مسامهتها يف التكامل االقتصادي عن طريق تنمية العالقات مابني القطاعات.
كما أهنا اصطدمت بع ّدة مشاكل ،منها:
غياب نسيج قانوين وتقين ،ممّا جعلها عرضة لكلّ التقلبات ال ّداخليّة واخالرجيّة؛
مكونة ،واليت وإن وجدت فهي غري مستعملة كما جيب؛ غياب إطارات ّ
سوء توزيع السلطة االقتصادية وتفشي البريوقراطيّة؛
كل البعد عن املؤ ّسسة ،وحىت طبيعة هذه القرارات فهي بعيدة عن الواقع املعاشّ ،مما اختاذ القرارات يف مستوايت وأجهزة بعيدة ّ
إمكانية جتسيدها؛
يستبعد ّ
التمثيلية للع ّمال؛
صالحيات ّ غياب قانون خاص ابلع ّمال ،األمر الذي أ ّدى إىل اختالط الوظائف واملهام بني اإلدارة وال ّ ّ
التكنولوجية املطبقة ؛
ّ صناعية واختالف املستوايت
التشتت اجلغرايف للوحدات ال ّ ّ
متيز ابالزدواجية يف إدارة املؤ ّسسة ،ولقد متثلت هذه االزدواجية يف وجود رئيس جملس اإلدارة ومدير يف آن واحًـد.ممًـّا أثًـر على كما أن اجلهاز التنفيذي ّ
ال ّسري احلسن ملتابعة املشاريع من جهة.ومن انحية أخرى كانت إدارة املؤ ّسسًـة خاضًـعة للوصًـاية.فب ًّـالرغم من األمهيًـّة الظاهريًـّة ملًـدير املًـؤ ّسسًـة فًـإن
الوزير يف الواقع العملي هو الذي كان يشرف على تسيري املؤ ّسسة عن طريق ما يس ّمى ابجمللس
2
اإلستشاري.
كلّ هذه ال ّصعوابت ،أ ّدت إىل ظهور أسلوب جديد وهي املؤسسة اإلشرتاكية .
3 .املؤسسة االشرتاكية :إن إصدار قانون التسيري االشرتاكي للمؤ ّسسات حاول إعادة ترتيب العالقات داخل املؤ ّسسة
العموميّة ،ويعترب هذا القانون منوذجا جديدا لتجسيد اإليديولوجية االشرتاكية وحل مشاكل املؤ ّسسات العموميّة وإسهام الع ّمال يف
1
;Ahmed BOUYACOUB, « La gestion de l'entreprise industriel publique en Algérie », op.cit, P97
2بعلي حم ّمد الصغري ،مرجع سبق ذكره ،ص 21؛
15
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
1
Abdelmadjid BOUZIDI, « 25 Questions sur le mode de fonctionnement de l'économie Algérienne », Alger,
; 1988, P46
2
; A, BRAHIMI, op.cit, PP 223, 225
16
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
"1980
لقد متيّزت املرحلة األوىل اليت امتدت ما بني"1962 الثمانينات: املميزة ملرحلة ما قبل
اخلصائص ّ 4.
ـ
بتسجيل نتائج ميكن التعرف عليها فيما يلي:
األولوية للصناعة الثقيلة
ومت فيه إعطاء ّ
املصنعة ّ
اتسمت هذه املرحلة بتطبيق النموذج التنموي الذي يعتمد على ال ّصناعات ّ
اجلهوية ،وتدعيم االستقالل االقتصادي؛
ال ّدافعة إىل إنتاج وسائل اإلنتاج لتحديث الزراعة والقضاء على الفوارق ّ
ميزانيات املؤ ّسسات
صناعية الكربى وإمداد ّ
لقد ساعدت ضخامة عائدات احملروقات خالل تلك الفرتة على متويل املشاريع ال ّ ّ
اماللية.
الطابع االجتماعي على نشاطها دون االهتمام مبردوديتها ّالعمومية ابألموال لتغطية اخلسائر اليت كانت تتح ّملها نتيجة إلضفاء ّ
ّ
لوجية ،أصبحت املؤ ّسسات على إثرها
صناعية أ ّدى إىل تبعية تكنو ّ
ّ ّ كما أن تشجيع إقامة املشاريع الكربى والّرهان على كسب املعركة ال
مستهلك لتكنولوجيا مستوردة من البلدان املتق ّدمة؛
تعطل اآاللت ساعاتالتكنولوجية املستوردة من قبل العامل اجلزائري أ ّدى يف كثري من األحيان إىل ّّ إن عدم التحكم يف هذه
العمومية تكاليف
طويلة يف اليوم ،ممّا تسبّب يف ارتفاع تكاليف اإلنتاج للمنتوج املتمثلة يف تكاليف تشغيل اآاللت ،وتتح ّمل املؤسسة ّ
ال ّصيانة الباهضة ،وحجم الفضالت واملهمالت الغري قابلة للبيع ،الناجتة على التشغيل السيئ آلللة ابإلضافة إىل مشاكل أخرى مرتبطة
ابلرتكيز اجلغرايف لل ّصناعات الكربى .
املنهجية :يف ّ
منهجية تطبيق نصوص إعادة هيكلة املؤسسات العمومية االقتصادية ،كان الب ّد من أن أتخذ بعني ّ املبادىء
اإلعتبار األمور التالية:
الشمولية:حيث جيب أن تكون إعادة اهليكلة ذات مضمون شامل نظرا لكون املشاكل اليت تعاجلها معق ّدة ج ّدا ،حبيث
ّ مبدأ
الميكن مناقشتها على حدى؛
1
; A, BRAHIMI, op.cit, P339
العموميكككة االقتصكككادية يف اجلزائكككر" ،م ــذكرة ماجس ــتريّ ،كلي ــة العل ــوم االقتص ــادية وعلـــوم التس ــيري ،جامع ــة اجلزائ ــر،
ّ املؤسسكككة
2قطّ ــاف ليل ــى" ،إشككككاليّة تطككك ّور ّ
؛ 52، 56ص ص 1999/1998،
17
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
يتعني إنشاء
اإلنتاجية أو املؤ ّسسات املتخ ّصصة ،كما ّ
ّ مبدأ التنسيق:وذلك عن طريق توضيح العالقات على مستوى الوحدة
هيئات هتتم ابلتنسيق بني خمتلف القطاعات ،فيما خي ّص:اإلنتاج ،التمويل ،التوزيع.
التقنية:وهذه املبادئ توضح الوسائل والطرق اليت جيب اتباعها تقنيّا للوصول إىل الغاية ،من بينها جند أن اجلزائر قد
املبادىء ّ
ّركزت على :
التخصص:وهو تقليص عدد منتجات املؤ ّسسات وذلك خبلق مؤ ّسسات جديدة ختتص مبنتوج ّمعني أومبه ّمة ّ
معينة ،هبدف ّ مبدأ
اإلنتاجية والعمل مبزااي التخ ّصص وتقسيم املهام؛
حتسني الطاقة ّ
معينة أو خدمة ما ،يف حني حتيل مه ّمة التسويق ملؤ ّسسة مبدأ فصل اإلنتاج عن التسويق:أي ّ
تتكفل مؤ ّسسة إبنتاج سلعة ّ
وعملية الفصل هذه تتم وفق ثالثة أصناف من ال ّسلع:
أخرىّ ،
سلع موجهة للتجهيز املنزيل؛
وسيطية ،سلع التجهيز؛
ّ صناعية،
ّ سلع
اخالرجية.
ّ منتوجات موجهة لل ّسوق
مبدأ حتسني ودعم التسيري:ومن مجلة إصالحات اإلدارة والتسيري جند:
احمللية؛
للمديرايت واجلماعات ّ
مسؤولية عمليّة اإلنتاج ّ
ّ إستقاللية يف التسيري مع حتميل
ّ
جغرافية قريبة لوحدات اإلنتاج ،لكن مع مراعاة توفري
ّ العامة من العاصمة إلعادة تركيزها يف مناطق
املديرايت ّ
حتويل ّ
املديرايت؛
كل الشروط هلذه ّ
ّ
املديرايت وحتديدهم من أجل التنسيق امليداين للوحدات.
ّ موظفي من التقليل
1
موزعة بني خمتلف القطاعات. مبوجب هذا النموذج ّحتولت املؤ ّسسات اليت كان عددها 80مؤ ّسسة إىل حوايل 460مؤ ّسسة ّ
املصرفية املتزايدةّ 2متت
ّ املديونية
ّ اماللية :نظرا لوجود عجز يف اإلستغالل لدى املؤ ّسسة االشرتاكية بسبب
2.إعادة اهليكلة ّ
املردودية
ّ سلبية
تتميز مبا يليّ :
إجراء عمليّة اهليكلة امالليّة حيث كانت الوضعيّة اماللية للمؤسسات ّ
ّ صحة والتكوين ،ويف املقابل األساسية كال ولية املستوردة ،وكذا الوظائف غري
ّ اماللية الرتفاع ّالتكاليف ،منها املواد ّاأل ّ
ّ
احلقيقية؛
حتديد أسعار املنتجات دون األخذ بعني اإلعتبار التكاليف ّ
املديونية ،فاملشاريع ال تنتهي يف مواعيدها ،وهلذا تبحث على متويل قصري املدى يف ظلّ عدم تسديد ال ّديون ال ّسابقة؛
ّ إرتفاع درجة
الندرة ،لصعوبة للتخوف من
املتغرية بوجود فائض يرجع ّ
وضعية املخزوانت ّسلبية رأس امالل العامل اليت ترجع من جهة إىل ّّ
واللجوء إىل القروض قصرية األجل لتحقيقها.
التصريف وارتفاع األسعار ،ومن جهة أخرى إىل إنعدام ال ّسيولة ّ
اماللية،
اإلستقاللية ّ
ّ اماللية يف جمموعة من التدابري املتخذة من طرف ال ّدولة واملؤ ّسسة قصد جتسيد
متثل مضمون إعادة اهليكلة ّ
وإدخال معيار املردوديّة كمبدأ أساسي يف التسيري ،ومن أجل ذلك إختذت اإلجراءات التالية :تكليف البنك
الوطين للتنمية بتمويل املؤسسة اليت تعاين من عجز بقروض متو ّسطة وطويلة األجل بدل من القصري ،اهلدف من
مت احلصول على فائض من رأس امالل3؛
هذا هو تغطية األصول التابعة وجعل ال ّسحب على املكشوف مبستوايت مقبولةّ ،
1
; A, BRAHIMI, op.cit, p339
2
;H.BENISSAD, « Algérie : Restructuration et reformes économiques 1979 -1993 », OPU, Alger, p4
3
A.CHAREF, A.BOUZIDI, « L'entreprise publique en Algérie », La revue de CENEAP N:1, Alger, Mars 1985,
;P58
18
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
العمومية غري قابل إللسرتجاع بغية التخفيف من ح ّدة العجز اهليكلي ،ومن جانب آخر تقّرر
ّ ختصيص تسبيق من طرف اخلزينة
إمكانية التسديد خالل 8سنوات ومبع ّدل فائدة يق ّدر بـ تدعيم النشاطات ال
الطويل "30سنة" مع ّ صناعية أبموال مؤقتة على املدى ّ
ّ ّ
%2س ّنواي 1؛
إعادة هيكلة ديون املؤ ّسسة عرب وضع رزانمة لتسديد الفوائد واألصول؛
تصفية ال ّديون فيما بني املؤ ّسسات.
كما حاولت عمليّة إعادة اهليكلة التدخل وتصحيح ع ّدة أنظمة موجودة تتمثل يف:
نوعية ال ّسلع ،تكاليف اإلنتاج وهامش ّالربح؛
نظام األسعار:ابألخذ بعني اإلعتبار ّ
إصالح النظام اجلبائي بشكل يساعد على تنشيط نتائج اإلستغالل وختفيض الضغط على خزينة املؤ ّسسة.
3 .املشاكل النامجة عن إعادة اهليكلة :ترتب عن تطبيق عمليّة إعادة اهليكلة ع ّدة مشاكل ،ميكن ذكرها فيما يلي:
إن اإلنتقال من فكرة حجم أكرب إىل فكرة حجم أصغر ،ترتب عنه إرهاق هذه املؤ ّسسات بتكاليف إعادة هيكلة ابهضة ،وهي
من نوع التكاليف الثابتة املرتبطة ابإلدارة؛
التوزيعية املوجودة يف مناطق بعيدة؛
ّ العامة والوحدات
صعوبة اإلتصال بني اإلدارة ّ
أجنر عنه تناقص قدرهتا على التحكم ّجيدا يف اجالنب التكنولوجي ،واخنفاض إمكانياهتا يف
تقسيم املؤ ّسسات إىل وحدات ضعيفة ّ
املوردين األجانب؛ مل
التفاوض وضعف قدرهتا على التعامل مع ّ
مت التعامل
العمومية مؤقتا ،حيث مل تقضي على أسباب التدهور ،إذ ّ ّ إال يف أتجيل مشاكل املؤ ّسسة
اماللية ّ
تساهم إعادة اهليكلة ّ
مع آاثر العجز وليس مع أسبابه ،وهلذا مل يتح ّسن التسيري؛
العمومية.
ّ كما مل يوضع ح ّد للخلل املوجود يف التسيري ،وال ملظاهر التبذير ،اإلختالس ،وااللّمباالة اليت ّمتيز املؤ ّسسة
مالية كبرية مولت من خزينة ال ّدولة ،لكن اماللحظ أن هذه العمليّة مل تسمح
اإلقتصادية مبالغ ّ
ّ العمومية
ّ واماللية للمؤ ّسسات
ّ العضوية
ّ عملية إعادة اهليكلة
وقد كلّفت ّ
بتحقيق األهداف املنتظرة منها ،بل أكثر من ذلك أ ّدت إىل إختااللت هيكليّة داخل اإلقتصاد
سلبية كإنتشار السوق املوازية والبطالة والتضخم.األمر الذي إنعكس سلبا على النمو اإلقتصادي.
الوطين ،وظهور ظواهر ّ
العمومية،
ّ والعضوية وفشل حماوالت إعادة اإلصالح ،وطغيان تدخل ال ّدولة يف تسيري نشاط املؤ ّسسة
ّ اماللية
إن تعثر إعادة اهليكلة ّ
حرية املبادرة يف إختاذ القرارات اليت خت ّص فعاليتها .هذا الوضع أ ّدى ّمرة أخرى إىل إصالحات جديدة متس كلها عوامل جعلتها تفقد ّ
إستقاللية ّاتمة يف التسيري ،ومتكينها من تبين املعايري
العمومية ّ
ّ العمومية.وكانت هذه اإلصالحات ترمي إىل إعطاء املؤ ّسسة
ّ املؤ ّسسة
العمومية.
ّ ابستقاللية املؤ ّسسات
ّ واماللية اليت تضمن هال االستمرار وال ّدميومة.ولقد عرفت هذه اإلصالحات
اإلقتصادية ّ
ّ
العمومية.
ّ املطلب الثالث :استقاللية املؤ ّسسات
اإلقتصادية ،وذلك من
ّ منذ عام ،1988ابشرت اجلزائر إصالحات إقتصاديّة عرفت إبسم إستقالليّة املؤ ّسسات العموميّة
أجل النهوض هبا وترقيتها عن طريق حترير نشاطها من التدخل املباشر ألجهزة ال ّدولة والّرقابة اليت كانت مفروضة عليها.حيث رافقت
1
;BOUZIDI Abdelmadjid , ‹‹25 questions.......››, op.cit ,p82
19
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
1 .مفهوم وأهداف إستقالليّة املؤ ّسسات اإلقتصاديّة :إن مفهوم إستقالليّة املؤ ّسسات يعين منح املؤ ّسسات مزيدا من حرية
النظامية للمؤ ّسسات وإختاذ إجراءات كثرية وتدابري
ّ مركزية مع تطبيق إعادة اهليكلة
املبادرة يف إطار العمل على التجسيد الفعلي ّالل ّ
3
العمومية.
ّ متنوعة للتخفيف من ضغوط احمليط على املؤ ّسسات
ّ
4
العمومية ،إىل حتقيق األهداف التالية:
ّ إستقاللية املؤ ّسسات
تسعى ال ّسلطات من خالل تطبيق ّ
اإلستقالليةإلىتطبيق قواعد التسيري التجاري على مستوى املؤ ّسسات،
ّ وضع منهج لتنظيم اإلقتصاد الوطين ،حبيث ّتؤدي
خمططات قصرية املدى؛ وإدخال نشاطهم يف إطار التخطيط الوطين ،من خالل ّ
العمومية اإلقتصاديّة؛
فعالية املؤ ّسسة ّ
حتسني ّ
البشرية؛
التسيري األحسن للموارد ّ
العمومية؛
ّ وهوية املؤ ّسسة
إحياء شخصية ّ
رفع التدخل املباشر لل ّدولة .أسباب
اإلقتصادية فيما
ّ إستقاللية املؤ ّسسات
ّ العمومية :ميكن جتميع األسباب اليت أ ّدت إىل إنتهاج
ّ إستقالليّة املؤ ّسسات
5
يلي:
املشاكل النامجة عن إعادة اهليكلة وعجز هذه األخرية يف التحكم ابإلقتصاد الوطين والنهوض به من حالة ّالركود الذي م ّسه
وحلّ عقدة املؤ ّسسات اليت تكاد ح ّىت أن حتقق املستوى التوازين؛
ضعف التحكم وال ّسيطرة على جهاز التخطيط الذي يتميّز بنوع من ال ّصالبة وعدم اإلستعمال العقالين أللدوات
اإلقتصادية؛
ّ
اقتصادية؛
ّ وكقوة
سياسية ّ
التداخل الكبري بني مهام الدولة كسلطة ّ
حتميل املؤ ّسسة ألعباء ال عالقة هال ابلنشاط األساسي؛
1
Mustafa M'KIDECHE, « L'Algérie entre l'économie de rente et économie émergente », Ed Dahleb, Alger, 2000,
;p36
2
Ahmed BOUYACOUB, « La difficile adaptation de l'entreprise aux mécanismes de marché », cahier de CREAD,
;N°45, 1998
قطاف ليلى ،مرجع سبق ذكره ،ص71؛
ّ 3
4
Chakib CHRIF, « Privatisation de l'entreprise publique économique Algérien, Raisons et avantages »,
;Economie, N33, Mai1996, p17
إطلع على :قطاف ليلى،مرجع سابق،ص ص 74ـ77؛
5للمزيد ّ
20
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
مديرايت الوصاية يف تسيري املؤ ّسسة وأخذ القرارات أ ّدى إىل ثقل فاتورة اجلهاز البريوقراطي الذي أصبح يعيق سريان
تدخل ّ
اإلقتصاد.
ّ صادر يف 12جانفي 1988من خالل املواد 7" ،6 ،5 ،"3على ّ ص القانون رقم 88ـ اجالنب القانوين :ين
01ال 1
مايلي:
21
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
1
;A. BRAHIMI, op.cit, PP 412,413
22
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
بعد أن حتصلت املؤ ّسسات العم ّويمة على استقالليتها ،أصبحت ال ّدولة بصفتها مالكة 3 .صناديق املسامهة:
1
التالية:
بعملية التسيري ،بل أنشأت هياكل خا ّصة تس ّمى صناديق املسامهة ،واليت أوكلت هال املهام ّ
ومسامهة يف رأس امالل ،التقوم ّ
اإلقتصادية حلساب
ّ العمومية
ّ امللكية على املؤ ّسسات
صندوق املسامهة ّمكلف بتسيري حمفظة القيم املنقولة ،وتطبيق حق ّ
اإلسرتاتيجية؛
ّ يتطلب القيام مبه ّمة املراقبة
ال ّدولة ،الشيء الذي ّ
يعترب ضامن لقيمة األسهم ،السندات والقيم األخرى ،حيث أن املؤ ّسسات تقوم إبصدار أسهم لفائدة ال ّدولة ،وهذه األخرية
ّحتوهال إىل صناديق املسامهة مقابل سندات2؛
اإلقتصادية؛
ّ العمومية
ّ كل اإلجراءات الكفيلة بتحقيق اإلنتعاش اإلقتصادي واماليل للمؤ ّسسات
يقوم بدراسة ووضع ّ
اماللية ،فهي تساعد يف توسيع ال ّسوق ،وتبحث يف فرص توظيف األموال قصد حتقيق تؤد ّي صناديق املسامهة دور الشركات ّ
األرابح وابلتايل تراكم املوارد امال ّلية؛
ابلعملة احلصص امالليّة اإلقتصادية ،كاألسعارّ ،الرواتب ،الضرائب ،ال ّديون ،وتوزيع التنظيمية تساهم يف دراسة الوسائل
ّ ّ
ال ّصعبة؛
يعمل صندوق املسامهة عوان ائتمانيا لل ّدولة اليت تسند إليه رؤوس أموال ّعامة ّيتوىل تسيريها اماليل ،وهبذا ال ّصد ّيتوىل
العمومية.وهبذا يشكل حافظة
ّ إقتصادية حلساب ال ّدولة ،السيما عن طريق املسامهة يف رأس مال املؤ ّسسة
ّ الصندوق القيام ابستثمارات
لقيم املنقولة اليت ي ّتوىل تسيريها.
3
ّأما مصادر متويل صناديق املسامهة ،فهي عبارة عن:
مسامهة ال ّدولة؛
اإلشرتاك ّاألويل يف رأس مال املؤ ّسسات العموميّة؛
سندية مضمونة أو غري مضمونة عن طريق ال ّدولة. إصدار قروض ّ
كل صندوق يسّري أنشطة
مت إنشاؤها مثانية" ،"08بغية إجياد تنظيم جديد لتوزيع املهام ،وقد كان ّ
وقد بلغ عدد الصناديق اليت ّ
قطاع ّمعني ،حسب ما يلي:
والصيد؛
الغذائية ّ
1.صندوق الصناعات ّ
2.صندوق املناجم ،احملروقات والطّاقة؛
3.صندوق مستلزمات التّجهيز؛
4.صندوق البناء واألشغال العموميّة؛
والصيدلة؛
5.صندوق الكيمياء ،الكيمياء البرتولية ّ
6.صندوق اإللكرتونيّات ،اإلتصال واإلعالم اآليل؛
النسيجية ،اجللود ،األحذية والتأثيث؛
ّ 7.صندوق الصناعات
8.صندوق اخلدمات.
2
;A. BRAHIMI, op.cit, p 413
3
;Ibidem, p 414
23
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
هكذا أصبحت هذه الصناديق الوسيلة اماللئمة لوضع املؤ ّسسات وإخضاعها لقواعد ال ّسوق دون خوصصتها حسب نظرة
القائمني على شؤون التنظيم اإلقتصادي .ولكن هذه
امالدية
اجلزائرية ال تستطيع إنتاج قيم مضافة مبا متلكه من موارد وخا ّصة ّ
ّ العمومية
ّ اإلجراءات ابءت ابلفشل ألن املؤ ّسسات
منها ،فهي حتقق العجز من سنة ألخرى يف ميزانيتها اخلتاميّة.
العمومية""Holding
ّ مع إجتاه اجلزائر حنو إقتصاد السوق وجب التغيري ،ومنه عوضت صناديق املسامهة ابلشركات القابضة
صناعية.
املطلب الرابع :سياسة إعادة اهليكلة ال ّ ّ
تعترب إعادة هيكلة الصناعية عنصرا ّهاما يف تصحيح اإلقتصاد الوطين ،حيث أهنا مت ّس املؤ ّسسة بصفة خا ّصة واالقتصاد
الوطنية قصد ّالرفع من فعاليتها ومن مقدار تنافسيتها
بصفة ّعامة ،وقد ظهرت يف الثمانينات يف إطار إعادة التنظيم العضوي واماليل وتوسيع وعصرنة أداة اإلنتاج ّ
وإدماجها يف التقسيم ال ّدويل للعمل ،من خالل تقليص عدد الع ّمال ،إعطاء أكثر فرصة إللطارات
العمالية ،وكذا للرأس امالل اخالص كمورد خارجي إضايف،اإلقتصادية للمشاركة ّ
ّ العمومية
ّ املؤهلة يف التسيري ،فتح رأس مال املؤ ّسسة
1
وتؤدي إىل احلصول على قطاع إنتاجي متناسق ،متوازن ،ومبردودية كافية لتمويل النمو .وهلذا الغرض أحدثت وزارة
التبعية لل ّدولة ّ ،
وتقليص عوامل ّ
اإلقتصادية عن طريق
ّ العمومية
ّ وضعية املؤ ّسسات
الصناعة وإعادة اهليكلة ،اليت تعمل على حتسني ّ
خمطط إصالح داخلي ،خا ّصة لتلك اليت تعاين من عجز 2.واألهداف األساسيّة اليت ترمي إليها سياسة تطهريها ماليّا ،وإعداد هال ّ
يتمثل يف:
الصناعية ّ
ّ إعادة اهليكلة
املردودية واملنافسة؛
ّ حتسني إستعمال املوارد من قبل املؤ ّسسات إبخضاعها خا ّصة ملقياسي
حتقيق منو مستمر يسمح إبدماج اإلقتصاد الوطين يف السوق العامليّة؛
إهناء األزمة اليت يعرفها جهاز اإلنتاج الوطين؛
التطور من أجل ختفيف مع ّدالت البطالة؛
إمكانية ّ
رد اإلعتبار للمؤ ّسسات اليت هال ّ
مث يف هذا اإلطار
لعملية التنمية ،حيث ّ
اإلنفتاح على القطاع اخالص الوطين واألجنيب ّاللذان يشكالن احملّرك األساسي ّ
املصادقة على قانون االستثمارات ،وإنشاء وزارة املؤ ّسسات الصغرية واملتوسطة ابإلضافة إىل إنشاء وكالة اإلستثمار
3
حاليا".
واملسامهة) (" APSIالوكالة الوطنيّة لدعم اإلستثمارّ ANDI
24
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
األساسية؛
ّ الغذائية
6 .جم ّمع صناعة املواد ّ
الغذائية املختلفة؛
7 .جم ّمع املواد ّ
اإلنشائية ومواد البناء؛
ّ 8.جم ّمع صناعة اآاللت
9.جم ّمع اإلجناز واألشغال الكربى؛
10.جم ّمع الصناعات املختلفة؛
11.جم ّمع اخلدمات.
من املهام اليت أوكلت هلذه اجمل ّمعات مايلي:
العمومية؛
ّ العمومية اإلقتصاديّة إىل الشركات القابضة
ّ حتويل بيع األمالك اليت متلكها ال ّدولة أو املؤ ّسسة
التجارية التابعة لل ّدولة وإدارهتا وتنظيمها يف شكل شركات مسامهة؛تسيري رؤوس األموال ّ
تص ّدر مجيع القيم املنقولة أو تشرتيها؛
املشاركة يف تنفيذ السياسة اإلقتصاديّة للحكومة؛
إسرتاتيجيات وسياسات اإلستثمار ،وكيفيّة متويل الشركات التابعة هال.
ّ حتديد وتطوير
25
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
لكن عرفت السياسية التمويلية يف املؤسسات االقتصادية تطورا عرب خمتلف حمطات اإلصالح ،وهذا ما يفرض علينا التطرق
إليه من خالل هذا املبحث من أجل التعرف على أنظمة التمويل املنتهجة ومدى أثرها على املؤسسة االقتصادية اجلزائرية .
الفرتة األوىل "قبل 1971":يف هذه الفرتة كان على املؤسسات أن تضمن متويل استثماراهتا عن طريق البنك املركزي 1.
اجلزائري وكذا املصارف التجارية ،لكن سرعان ما تبني أن الصندوق اجلزائري للتنمية جهاز ممركز الستثمارات املؤسسة ،حىت ولو
تضمن التمويل األويل .حيث واجهت هذه األخرية مشكلة عدم قدرهتا يف احلصول على قروض من البنوك التجارية ،وهذا الرفض يعود إىل ختوف البنوك من
املخاطر ،ابإلضافة إىل أن القروض تتم حسب ميزانية املعدات اليت من املفروض أن يسريها الصندوق اجلزائري
للتنمية من خالل األموال اليت يتقاضاها من اخلزينة 2.ولكن لوحظ أن الصندوق اجلزائري للتنمية يعترب وسيط بني خزينة الدولة
واملؤسسات العمومية ،إذ ساهم يف إنشاء املؤسسات اجلزائرية األوىل ويف القيام ببعض عمليات اخلزينة العمومية اليت تتعلق بتسيري ميزانية
3
التجهيز إىل غاية .1966
تفحص طلبات القروض من طرف اجمللس اإلداري للمؤسسات ،وتبعث إىل هيئة القرض اليت تعطي رأيها حول قيمة القرض
املطلوب والذي سيمنح من طرف اخلزينة .هذه األخرية تضع األموال حتت تصرف الصندوق اجلزائري للتنمية على حسب احالجات،
1القزويين شاكر" ،حماضرات ي ف اقتصاد البنوك" ،ط ،2ديوان املطبوعات اجالمعية ،1992 ،اجلزائر ،ص 56؛
2موساوي نور الدين ،مرجع سبق ذكره ،ص 158؛
3القزويين شاكر ،مرجع سبق ذكره ،ص 64؛
26
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
تعطى هذه القروض حسب بنسبة فائدة ،٪4تقسم كما يلي ٪3 :للخزينة و ٪1للصندوق اجلزائري للتنمية .فكان هذا األخري
يتحمل مسؤولية االستحقاقات اليت ترد إىل اخلزينة.
ونظرا للعجز الكبري الذي أحدثته املؤسسات العمومية اليت كانت تعاين اختاالل يف بنيتها منذ بداية نشاطها ،فإن مواصلة
عملية متويل هذه األخرية تطلبت من البنوك التجارية اللجوء املتزايد إىل سلفات البنك املركزي واالستدانة اخالرجية 1للحصًـًـول على املًـًـوارد الناقصًـًـة ،فيتم تًـًـوفري
السيولة عن طريق اإلصدار النقدي بدون مقابل ،ودون مراقبة القًـًـروض املوزعًـًـة 2وال أيًـًـة متابعًـًـة لتقًـًـدمي املشاريع ،سواء من طًـرف اخلزينًـة أو من طًـرف
اخلزينة أو من طرف مديرية التخطيط الذين جتاوزهتما ضخامة هذا العمل ،وال على
مستوى البنوك التجارية .3
والشكل املوايل يبني طريقة متويل خمتلف قروض االستغالل واالستثمار من طرف اجلهاز املصريف واخلزينة العمومية قبل
1971
الشكل رقم 01:هياكل وقنوات التمويل لقروض االستثمار واالستغالل يف هناية الستينات .
قروض االستثمار
الخزينة العمومية البنك المركزي الج ازئري
مميزات نظام التمويل ي ف هذه الفرتة :لقد كان األمر الذي مييز هذه الفرتة ،هو البحث عن كيفية ضمان استمرار
متويل االقتصاد الوطين أمام قلة املوارد اماللية من جهة ،وعدم قيام القطاع املصريف األجنيب بدوره من جهة أخرى .لكن أسلوب التمويل
1اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي" ،إشكالية إصالح املنظومة املصرفية :عناصر من أجل فتح نقاش اجتماع " ،الدورة السادسة عشر ،نوفمرب،
؛16ص 2000،
2
DEBBOUB Youcef, « Régularisation des investissements dans le secteur d’état industriel et réformes
; économiques en Algérie : 1970/1990 », thèse de doctorat d’état, université d’Alger, 1990, P73
3اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي" ،إشكالية إصالح املنظومة املصرفية :عناصر من أجل فتح نقاش اجتماع " ،مرجع سبق ذكره ،ص 17؛
27
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
املنتهج متيز بتعارض طرق التمويل مع أهداف التنمية (أهداف القطاع املصريف وأهداف املؤسسات الوطنية) ،وميكن تلخيص مميزات
سياسة التمويل يف النقاط التالية: 1
غياب القرض املصريف يف متويل املؤسسات وتكفل اخلزينة بذلك ؛
اعتبار التسبيقات اليت متنحها اخلزينة للمؤسسات العمومية مبثابة هبات ؛ عدم إعطاء األمهية
لتكاليف املشروع وملردودية رؤوس األموال من طرف األعوان االقتصاديني (مؤسسات عمومية ،هيئات
القرض) ؛
تعارض اجلهاز املصريف (الذي يبحث عن املردودية اماللية) واحتياجات متويل املؤسسات العمومية (اليت تتميز بدرجة كبرية
من اخلطورة) ،مما أدى إىل وجود اختااللت يف التمويل .
كل هذا أدى ابلسلطات إىل القيام إبصالحات مالية سنة ،1971أعطت رؤية جديدة لعالقات التمويل ،وحددت أيضا
طرق متويل االستثمارات .
الفرتة الثانية "1971-1987":لقد كانت أغلب االستثمارات متول يف هذه الفرتة عن طريق القروض ،واليت ميكن 2.
حتديدها فيما يلي: 2
قروض بنكية متوسطة األجل ،تتم بواسطة سندات قابلة للخصم لدى البنك املركزي ؛
قروض طويلة األجل ممنوحة من طرف مؤسسات مالية متخصصة مثل البنك اجلزائري للتنمية ؛
وتتمثل مصادر هذه القروض يف اإليرادات اجلبائية ،وموارد اإلدخارات املعبأةمن طرف اخلزينة واليت منح أمر تسيريها إىل هذه
املؤسسات املتخصصة .
التمويل عن طريق القروض اخالرجية املكتتبة من طرف اخلزينة والبنوك التجارية واملؤسسات .
املباديء العامة إلصالحات 1971:لقد حددت هذه املباديء فيمايلي ،
إجبار البنوك على متويل املؤسسة االشرتاكية :حيث أصبح البنك جمرب على متويل االستثمارات عن طريق القروض
املتوسطة وطويلة األجل ،إذ اعترب وسيلة ختطيط يف يد الدولة ،يتم من خالله التمويل بقروض قابلة للتسديد مع إلغاء التمويل بقروض هنائية ،بسبب وجود مقابل من
السلع واخلدمات القابلة للبيع واليت ميكن من خالهال تسديد القروض .اهلدف من هذا حسب وزير
اماللية
آنذاك هو التمكن من معرفة القدرة اماللية والصناعية لكل مؤسسة ومعرفة مستوى مردوديتها 3؛
إخضاع املؤسسة اجلزائرية لرقابة البنك :واليت تتمثل حسب قانون اماللية لسنة 1971يف:
التوطني املصريف :وهو متركز حساابت املؤسسة وعملياهتا املصرفية لدى بنك واحد فقط ،أي حمدودية البنك ،وهذا املبدا
مفروض لعدة أسباب :
1فرحية نشيدة" ،التمويل الداخل اللستثمارات العمومية املنتجة يف اجلزائر" ،مذكرة ماجستري ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري ،جامعة اجلزائر،
؛،67ص1997/1996
; P83 لطرش الطاهر" ،تقنيات البنوك" ،ديوان املطبوعات اجالمعية ،اجلزائر ،2000 ،ص 181؛ 2
28
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
البنك املركزي على حصول املؤسسات على القروض حيث جيب موافقة احلصول على تصريح من البنك املركزي:
اخالرجية ،حىت تتمكن من ختفيض التكاليف هلذا النوع من القروض ؛
مركزية قرارات االستثمار :واليت تعترب من صالحية جهاز التخطيط التابع للدولة .
مميزات نظام التمويل ي ف هذه الفرتة :إن األوضاع االقتصادية واماللية اليت ميزت هذه الفرتة ،مل تكن تدعو إىل التفاؤل.
إذ اتصفت بتدهور أوضاع املؤسسات االقتصادية واماللية ،مما أدى إىل الشروع يف عملية إعادة اهليكلة اماللية والعضوية قصد حتسني
فعاليتها .
كما لوحظ ختلي البنوك عن دورها يف مراقبة استعمال القروض من طرف املؤسسات االقتصادية ،األمر الذي أدى إىل إنشاء
بنك الفالحة والتنمية الريفية يف 13مارس 1982الذي اهتم بتمويل هياكل وأنشطة اإلنتاج الفالحي والزراعي ،مث تاله بعد ذلك
بنك التنمية احمللية يف 30أفريل 1985الذي اهتم بتمويل عمليات االستثمار اإلنتاجي املخطط من طرف اجلماعات احمللية .
لتحسني العالقة بني املؤسسات واجلهاز املصريف ،قامت السلطات بتعديل القوانني واملراسيم ،واليت جتسدت يف قانون 86-
12املتعلق ابلبنك والقرض الذي وضع قواعد جديدة للتعامل على أساس اخلطة الوطنية للقرض .لكن عدم إصدار مراسيم تنفيذية
هلذا القانون أدى إىل عدم فعاليته على مستوى البنوك واملؤسسات االقتصادية ،مما أدى إىل تعديله بنصوص جديدة الستقاللية
املؤسسات سنة . 1988
اجلدول رقم :قيمة القروض املوجهة اللقتصاد مابني 1970-1987.
29
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
متيزت هذه الفرتة بصدور قانون 88-01املتعلق ابستقاللية املؤسسات ،والذي أكد بشكل خاص على الطابع التجاري
تتميز ابلشخصية املعنوية ،والقدرة على إبرام العقود بكل استقاللية طبقا لقوانني للمؤسسات العمومية االقتصادية ومنه البنوك اليت
التجارة واألحكام التشريعية املعمومل هبا.
املرحلة األوىل "قبل إصدار قانون النقد والقرض 10/90":يف ظل االستقاللية وجب على املؤسسة العمومية 1.
االقتصادية انتهاج سياسة متويلية حقيقية تسمح هال بتجنيد األموال االلزمة واليت تتالءم مع تشغيلها ،من أجل جتنب اختالل التوازن
اماليل واهليكلي ،وابلتايل االختيار األمثل لوسائل التمويل بتطوير التمويل الذايت والقروض املصرفية .ومبا أن البنوك التجارية ما
هي إال مؤسسات عمومية اقتصادية مستقلة ،فإهنا تسعى إىل حتقيق الربح من خالل تنويع منتجاهتا اماللية
وحتسني تسيري قروضها .لذلك اعتمدت على املباديء التقليدية اليت تتحكم يف منح القروض للمؤسسات ،واليت تتمثل فيما يلي: 1
املردودية :حيث متلك البنوك حق رفض منح القرض للمؤسسة ما إذا مل تكن هال مردودية .إذ المينح القرض للمؤسسة إال
بعد تقييم إمجايل ملردوديتها ،وذلك ابخلذ بعني االعتبار أهدافها املسطرة والوسائل اليت حبوزهتا وكذا أتثري احمليط عليها ؛
التعويضات :تعوض للبنك القروض املمنوحة يف اآلجال احملددةاليت تتناسب مع القواعد العامة للتحركات الفعلية ملوارد
املؤسسة املرحية والقرض ؛
الضمان :مبا أن املخاطرة موجودة ،فالبد من توفر القيم امالدية اليت متلكها املؤسسة كضمان ،وهذه الضماانت نوعني :
الضماانت احلقيقية :تظهر هذه الضماانت عندما خيصص املدين ملكا له عوضا عن القرض يف حالة العجز عن تسديده،
ومن بني هذه الضماانت جند :الرهن ،الرهن احليازي؛
الضماانت الشخصية :تشكل تعهد شخص واحد أو عدة أشخاص بتسديد الدين يف حالة ما إذا مل يلتزم املدين بتعهداته،
وتتمثل هذه الضماانت يف عقد الكفالة .
من أجل متويل االستثمار ،تعتمد املؤسسة إما على التمويل الذايت ،االدخار العمومي ،أو القرض املصريف .عندما يكون
االستثمار مربجما ،يتطلب حتقيق قرض مصريف التوجه بطلب لدى البنك املعين ،مرفقا مبلف اقتصادي ومايل ،حيتوي على :
أتثري االستثمار على اإلنتاج أو الطاقة اإلنتاجية ؛
مصري اإلنتاج اإلضايف ؛
أتثري التكاليف على اإلنتاج ؛
ميزانية العملة الصعبة ؛
هيكل متويل االستثمار ؛
تغيريات رأس امالل العامل ؛
الوضعية اماللية للمؤسسة .
30
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
أما فيما خيص متويل االستغالل ،فيتم بقروض قصرية املدى ،بعد قيام البنك بدراسة مالية هتدف إىل حتديد القرض وتقييم
شدة املخاطرة .ابإلضافة إىل أصناف اخرى من القروض قصرية املدى بدال من التسبيقات املصرفية ،وهذا ب :
مراقبة التغيريات والرصيد املتوسط للحساب اجالري ؛
مجيع املعلومات عن الوضعية العامة ،وعن القطاع الذي تنتمي إليه املؤسسة ؛
حتليل امليزانية وجدول حساابت النتائج .
ويوضح لنا اجلدول املوايل كيفية توزيع القروض على االقتصاد خالل الفرتة املمتدة ما بني 1986و. 1990
اجلدول رقم 01:توزيع قروض االقتصاد ما بني ( 1986-1990الوحدة :مليار دينار).
1990 1989 1988 1987 1986 قروض البنك املركزي
65.7 30.7 16.9 18.2 23.2 حقوق على البنوك التجارية
98.9 110.4 104.4 82.4 65.9 حقوق على اخلزينة العمومية
Source : NAAS Abdelkrim, « le système bancaire Algérien de la décolonisation à l’économie
de marché », ed INAS, Paris 2003, P179.
إن األرقام املبينة يف اجلدول أعاله ،تظهر على أمهية القروض املوجهة للخزينة العمومية مقارنة ابلبنوك التجارية ،مما يدل على
قلة عمليات متويل اإلنتاج بسبب تفوق التسهيالت املقدمة للدولة من جهة ،وغياب مراقبة توزيع القروض من طرف البنك املركزي من
جهة أخرى.
وابلتايل ،فإن عدم الصرامة يف تطبيق القانون ووجود عدة عراقيل ،جعل السلطات تتوجه حنو نظام بنكي جديد متثل يف
قانون النقد والقرض 10/90الذي اعترب اإلطار احلقيق لتطبيق اإلصالح اماليل والنقدي ،إبدخال مفهوم الرقابة البنكية ،من أجل حتسًـًـني عمليًـًـة التمويًـًـل وتوزيًـًـع
القرض ليصبح قابل للتسديد يف إطار عالقة جديدة بني البنك واملؤسسة العمومية االقتصادية ،تتصف ابلتعاقدية والقواعد التجارية .والعالقة اجلديًـًـدة بًـًـني املؤسسًـًـة والبنًـًـك تعطي
احلرية هلذا األخري يف رفض منح قرض للزبون الذي يعاين من
1
وضعية مالية متدهورة .
لقد حاول قانون النقد والقرض إعطاء نفس جديد لبنك اجلزائر من خالل الوظائف اليت حددت له للتأثري على كل من
اإلصدار النقدي ،السوق النقدية ،سوق الصرف ،حتويل الدينار ،مراقبة البنوك التجارية ،وتسيري املديونية اخالرجية .إذ كان يعمل
قانون النقد والقرض على :
إرساء قواعد اقتصاد السوق لتطوير عملية ختصيص املوارد ،وخلق عالقة جديدة بني اجلهاز البنكي واملؤسسات العمومية
االقتصادية تقوم على االستقاللية التجارية والتعاقديةيف ظل جو تنافسي جديد؛
جلب املستثمر األجنيب وتشجيعه إبجراءات مسهلة يضعها بنك اجلزائر ،ومنه متهيد األرضية القانونية اللستثمار بصدور
قانون االستثمارات وإنشاء سوق مايل .
1بن طلحة صليحة" ،اجلهاز املصريف اجلزائري ومتويل املؤسسة العمومية" ،مذكرة ماجستري ،جامعة اجلزائر ،1997/1996 ،ص61؛
31
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
املرحلة الثانية "بعد قانون النقد والقرض 10/90":متيزت هذه الفرتة ابلفرق بني التطبيق البنكي وعمل املؤسسات 2.
العمومية االقتصادية اليت كانت تتلقى أحياان رفض التمويل من طرف اجلهاز البنكي ،حيث أن البنوك التجارية كانت تقوم بدراسة
معمقة وتقدم قروض أقل من متطلبات املؤسسات العمومية . 1إن اجلهاز
البنكي ال يبحث عن اجلو اماللئم لتدعيم املؤسسات ذات الصحة اماللية اجليدة ،نظرا النغالقه على نفسه ،إضافة
إىل نقص الدعم اماليل الكايف والضروري لتعزيز وتوسيع نشاطات املؤسسة.
ويف سبيل حتسني العالقة بني البنك واملؤسسة العمومية االقتصادية ،وضعت استرياتيجية للبنك عوضا عن استرياتيجية الدولة،
وذلك من خالل مايلي: 2
ما جيب اإلشارة إليه هو أن هذه الفرتة متيزت بتطبيق برانمج دعم اإلنعاش اإلقتصادي ،الذي ظهرت من خاهلل عدة
خمططات حمالولة إخراج املؤسسة العمومية االقتصادية من حالة العجز اليت كانت والزالت تعاين منها ،ومن بينها التطهري اماليل وخمطط التصحيح الداخلي
وبرانمج أتهيل املؤسسات االقتصادية .كما ظهرت عدة مؤسسات تعمل على دعم املؤسسات الصغرية واملتوسطة
كالوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب وغريها .
إثر هذا عرفت القروض املقدمة من البنوك اللقتصاد خاصة املؤسسات االقتصادية ،سواء العمومية أو اخالصة ،ارتفاعا
ملحوظا خالل السنوات اليت تقرر فيها تطبيق هذا الربانمج ،حيث انتقلت مبالغ القروض من 731.1مليار دينار سنة 1998إىل
3
893.3مليار دينار سنة 2001إىل 1266مليار سنة 2002.
ومن اجلدير ابلذكر أنه على الرغم من حتسن القدرات اماللية لدى البنوك العمومية اليت يعرف خزينتها ارتفاعا ملحوظا من
حيث حجم السيولة ،إذ قدرت حبوايل 1378مليار سنة 2003مث ارتفعت بنسبة ٪8.8يف جوان ،2004يبقى املتعًـًـاملون االقتصًـًـاديون مبًـًـا فيهم
اخلواص يعانون من صعوابت االستفادة من القروض البنكية اليت مًـازالت حًـذرة إبفًـراط فيمًـا خيص التسًـيري .إذ أن الصًـًـعوابت املوجًـودة بًـني مقًـدمي رؤوس األمًـوال
واملستثمرين تزيد من مشاكل متويل االستثمار ومن مجود النظام البنكي يف سياق وفرة
الريع الناجم عن النظام االقتصادي احاليل .
من جهة أخرى ،فإن غياب وغموض النصوص املسرية للعقار والذي يعد عنصر ضروري ملفهوم الضماانت البنكية ،قد
زادت من تعقيد مشكل التمويل ،خصوصا فيما يتعلق ابمللكيات األصلية وتنظيم سندات ملكية األراضي .لذلك ينبغي إعداد
سياسات متويل مبراعاة عجز الضمان ،وهلذا متكنت السلطات العمومية ابلتعاون مع املؤسسات اماللية وابالستفادة من جتارب الدول
1
; BENHLIMMA Ammour, « Le système bancaire algérien : textes et réalités », ed Dahleb, Alger, 1996, P16
2بوزعرور عمار" ،دور اجلهاز املصريف من منظور اإلصالحات االقتصادية الكلية" ،مذكرة ماجستري ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري ،جامعة
اجلزائر ،1998 ،ص ص31-32 :؛
3
; Banque d’Algérie, « Rapport 2002, évolution économique et monétaire en Algérie », Juin 2003 ; P54
32
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
األخرى يف جمال مرافقة االستثمار ،من إنشاء هياكل دعم املستثمرين (شركات أو صناديق رأس امالل املخاطرة ،صندوق ضمان قروض
املستثمرين للمؤسسات والصناعات الصغرية واملتوسطة...).،
إن التحفضات فيما خيص متويل االستثمارات جترب املؤسسات االقتصادية اجلزائرية على تعطيل منوها واحلد من استثماراهتا،
ومع إنشاء صندوق الضمان على الودائع (املؤسسات الصغرية واملتوسطة) الذي مت مبوجب مرسوم تشريعي بتاريخ ،2004/08/19
فإن احمليط البنكي قد يعرف شروطا مشجعة بنسبة متكنه من تلبية طلبات القروض .1كما أن إنشاء شركة
إعادة التمويل والتأمني وشركة ضمان القرض العقاري ،قد غري املخطط العام للقطاع اماليل وآليته
التقليدية .وقد كان هلذا التغيري أمهية ملموسة ،سيما إبعطاء أكثر سيولة يف السوق اماللية ،وسيسهل املتعاملون اجلدد من مسار توسيع سوق عمليات التمويل التأمينية
ليشمل كل البنوك التجارية ،كما سيسامهون يف تشجيع املؤسسات اماللية األخرى على املشلركة يف
عمليات القروض التأمينية يف إطار ضمان اإلئتماانت بواسطة سندات امللكية احملددة بوضوح. 2
حتسني ظروف متويل االستثمارات يقدم تعميم تقنيات إجيار-بيع فرصة جديدة فيما خيص عراقيل متويل ويف جمال
االستثمارات .
ومن بني األسباب اليت تعرقل نشاط املؤسسات االقتصادية هو غياب معايري دولية فيما يتعلق بنشاطات البورصة ،وعدم
جناعة دوائر التمويل املصريف اللقتصاد الوطين بصفة عامة .أما على
املستوى التقين فإن منط التمويل يف السوق اجلزائري ،يعاين من عدة اختااللت مبا فيها نقص الديناميكية على مستوى
مؤسسة البورصة وغياب التأهيل الفعلي للتقنيات املتطورة على مستوى البنوك .
تتمثل أحد مميزات احمليط املصريف الوطين يف غياب ثقافة متويل تتكفل ابالستثمارات طويلة األجل ،وهذا ما يؤكد على غياب
النظام الذي يعاجل اهلندسة اماللية من برامج نشاطات البنوك ،وبصفة عامة ،ينحص جهازان البنكي على عدد حمدود من العمليات
تتمثل يف: 3
حركة املكشوف يف احلساب اجالري لتمويل استغالل املؤسسة؛
القرض املتوسط املدى الذي يعاد خصمه من البنك املركزي لتمويل االستثمارات ؛
إستعمال القرض الواثئقي كسند مايل رئيسي يف العالقات التجارية واماللية اخالرجية .
فيما خيص التمويالت طويلة املدى ،فإن اخلطوط اخالرجية كافية لكن االستفادة منها صعب ،وبسبب غياب أدوات مالية
حقيقة ،يتم االعتماد يف متويل االستثمار على القروض املصرفية فقط ،والعراقيل اليت متنع االستفادة من التمويل تتمثل يف العراقيل
املرتبطة بتكلفة القروض ،العراقيل البريوقراطية ،عراقيل احلذر ابإلضافة إىل مشاكل السيولة وضعف األموال اليت متنحها البنوك .
ويبني اجلدول املوايل نسبة طبيعة القروض املمنوحة من طرف البنوك خالل الفرتة املمتدة ما بني 1996-2001.
اجلدول رقم 02:هيكل التمويل البنكي اللقتصاد حسب اآلجال (الوحدة :نسبة مئوية)
1اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي" ،مشروع التقرير التمهيدي حول الظرف االقتصادي واالجتماع للسداس األول من سنة " ،2004الدورة
2
العامة العادية ،25ديسمرب ،2004ص33؛
اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي" ،مشروع التقرير التمهيدي حول الظرف االقتصادي واالجتماع للسداس األول من سنة " ،2003الدورة
العامة العادية ،23ديسمرب ،2003ص148؛
3نفس املرجع ،ص 40؛
33
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
هذا يستوجب التكفل احلقيقي للدولة بسياسة هتدف إىل عصرنة الدائرة النقدية واماللية ،كما جيب أن تندرج يف إطار رؤية
جديدة تبىن على اإلجراءات التالية :
املشاركة الفعالة للدولة كمتعامل اقتصادي يف إعادة تنشيط السوق اماللية ؛
تشجيع املتعاملني يف سياق نشاط األسواق اماللية ؛
اإلسراع يف حتقيق اجمالل اماليل اماللئم ؛
مساندة املؤسسات اماللية يف حتقيق اإلصالحات الشاملة واليت كان من املفروض استكماهال بصفة عامة.
34
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
ومبا أن املؤسسة هي مصدر خلق الثروة ،فقد سعت الدولة اجلزائرية إىل أتسيس اقتصاد قوي من خالل حماولة تطوير
املؤسسات اإلقتصادية .إذ هذه األخرية حتوالت و عمليات تصحيح عديدة ،فمن أتميم إىل إعادة هيكلًـة ،إىًـل اسًـتقاللية إىًـل خوصصًـة .وكًـًـان هًـًـذا التطًـًـور نتيجًـًـة
ملعطيات كل مرحلة اترخيية بسبب ظروف سياسية معينة ذات أبعاد اقتصادية .وكانت الرغبة يف كل مرة من
عملية إصالح و هيكلة املؤسسات االقتصادية أن تصبح أكثر مردودية ومصدر خللق الثروة يف اجملتمًـًـع .إذ شًـًـرع يًـًـف أوائًـًـل
السبعينات إبصالح املؤسسة العمومية االقتصادية الستكمال مسار منوذج التنمية االشرتاكية بوضع قانون
التسيري االشرتاكي .ونظرا إللختااللت املتع ّددة يف االستثمار واالستغالل اليت كان يعاين منها اجلهاز اإلنتاجي ،ابإلضافة إىًـًـل طبيعًـًـة التنظيم وضخامة احلجم الًـًـذي عرفتًـًـه
املؤ ّسسات العموميّة والذي يعترب أحد األسباب املؤدية لعجزها ،جاءت عملية إعادة اهليكلة العضوية اليت مت مبوجبها تقسيم املؤسسة الواحدة إىل جمموعة
مؤسسات أقل حجما ،مث تلتها إعادة اهليكلة اماللية أين مت تطهري ديون
املؤسسًـًـات العموميًـًـة االقتصًـًـادية .وكًـًـان
للظروف االقتصادية واالجتماعية اليت شهدهتا اجلزائر يف أواخر الثمانينات ،واستمرار العجز اماليل للمؤسسات العمومية
االقتصادية ،ابلغ األثر يف تسريع إصالح هذه املؤسسات ،بدءا من االستقاللية إىل تطبيق قواعد اقتصاد السوق ،ومن مث إعادة اهليكلة
الصناعية اليت كانت مبثابة متهيد خلوصصة املؤسسات العمومية االقتصادية .
أما ابلنسبة لتمويل هذه املؤسسات ،فقد متيز نظام التمويل قبل استقاللية املؤسسات سنة 1988إبرساء قواعد االشرتاكية
يف تطبيق التخطيط اماليل؛ وميكن تقسيم هذه املرحلة إىل فرتتني ،فرتة ما قبل 1971وفرتة ما بعد 1971.فقبل إصالح ،1971لوحظ غياب القرض املصريف يف
متويل املؤسسات وتكفل اخلزينة بذلك واعتبار التسبيقات اليت متنحها اخلزينة للمؤسسات العمومية مبثابة هبات ،ابإلضافة إىًـل عًـدم إعطًـاء األمهيًـة لتكًـاليف املشًـروع
وملردودية رؤوس األموال من طرف األعًـوان االقتصًـاديني (مؤسسًـات عموميًـة ،هيئًـات القًـرض) .ومًـع إصًـًـالحات ،1971أصًـًـبحت البنًـوك جمربًـة على متويًـل
املؤسسات االشرتاكية ،مع إلغاء التمويل الذايت
للمؤسسات .
لتحسني العالقة بني املؤسسات واجلهاز املصريف ،قامت السلطات بتعديل القوانني واملراسيم ،واليت جتسدت يف قانون 86-
12املتعلق ابلبنك والقرض الذي وضع قواعد جديدة للتعامل على أساس اخلطة الوطنية للقرض.
يف ظل االستقاللية أصبحت البنوك التجارية مؤسسات عمومية اقتصادية مستقلة ،تسعى إىل حتقيق الربح واحلفاظ على
توازهنا اماليل ،فاعتمدت على املباديء التقليدية اليت تتحكم يف منح القروض كاملردودية والضماانت والتعويض ،كما أتيحت الفرصة أمام املؤسسة العمومية االقتصادية
انتهاج سياسة متويلية تعتمد على التمويل الذايت .مث اجتهت حنو نظام بنكي جديد متثل يف قانون النقد والقرض 10/90الذي اعترب اإلطار احلقيقي لتطبيق اإلصالح
اماليل والنقدي ،من أجل حتسني عملية التمويل وتوزيع القرض ليصبح قابل للتسديد يف إطار عالقة جديًـدة بًـني البنًـك واملؤسسًـة العموميًـة االقتصًـادية ،تتصًـف ابلتعاقديًـة
والقواعد التجارية ،اليت
تعطي احلرية للبنوك يف رفض أو قبول طلبات القروض .
35
الفصل األول :املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر .
يبقى نظام التمويل يعاين حاليا من عدة مشاكل كالعراقيل املرتبطة بتكلفة القروض ،العراقيل البريوقراطية ،عراقيل احلذر ابإلضافة إىل مشاكل السيولة وضعف األموال
اليت متنحها البنوك ،كما يزيد نشكل العقار الذي يعد عنصر ضروري ملفهوم الضماانت البنكية ،من تعقيد مشكل التمويل .ابإلضافة إىل نقص الديناميكية على مستوى
مؤسسة البورصة وغياب التأهيل الفعلي للتقنيات املتطورة على مستوى البنوك .كل هذا أدى إىل إنشاء مؤسسات دعم االستثمار كشركات أو صناديق رأس
امالل املخاطرة ،وصندوق
ضمان قروض املستثمرين للمؤسسات والصناعات الصغرية واملتوسطة ،وتشجيع تقنيات إجيار بيع .
إن فشل سياسات متويل املؤسسات االقتصادية وضعف النظام اماليل ابإلضافة إىل مشاكل أخرى متعلقة ابملؤسسة ،أدى إىل
عجز هيكلي زامن خمتلف مراحل املؤسسات العمومية االقتصادية ،وهذا ما سنحاول التطرق إليه يف الفصل الثاين ابلرتكيز على أسباب
العجز .
36