You are on page 1of 12

‫المقدمة‬

‫أعتبرت المؤسسات العمومية من الموضوعات الهامة والدقيقة في القانون االداري‪ ،‬فقد‬


‫بدأت فكرة المؤسسة العمومية تتطور منذ القرن التاسع عشر‪ ،‬وحتى منتصف ذلك القرن كان‬
‫يشوب مفهوم المؤسسة العمومية بعض الغموض والذي بدأ ينجلي ابتداء من سنة ‪.1856‬‬
‫لقد عرفت المؤسسة العمومية مفهوما تقليديا كان سائدا إلى زمن غير قصير‪ ،‬لكن تزايد تدخل‬
‫الدولة في مجاالت النشاط االقتصادي‪ ،‬وظهور مبادئ االقتصاد الموجه واتساع رقعة القطاع‬
‫العام نتيجة ظهور المشروعات العامة وليدة التأميم أو االنشاء المبتدأ من قبل الدولة‪ ،‬والتي‬
‫أخذت شكل المؤسسة العمومية جعل ذلك المفهوم ال يتالءم والدور الذي تقوم به الدولة‪ ،‬فولد‬
‫ذلك أزمة في مفهوم المؤسسة العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬المؤسسة اإلقتصادية العمومية‬
‫كثيرا ما يجري الربط بين القطاع العام و االشتراكية ‪،‬إال أن العودة الى تاريخ نشأته في الدول‬
‫النامية وفي الدول العربية خاصة والظروف الدولية المحلية المحيطة بتلك النشأة تبين أنها‬
‫جاءت نتيجة خيارات وطنية تحررية وتنموية سابقة على تجربة الدول االشتراكية ‪،‬متأثرة‬
‫بالفكر االقتصادي السائد في المراكزالرأسمالية المتقدمة‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم المؤسسة اإلقتصادية العمومية ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬المؤسسة اإلقتصادية‬
‫‪ 1.1‬تعريف المؤسسة اإلقتصادية ‪:‬‬
‫المؤسسة االقتصاديّة هي منظمة اقتصاديّة ذات استقالليّة‪ ،‬تتميز بأنّها تتخذ القرارات الماليّة‪،‬‬
‫واإلعالميّة‪ ،‬والماديّة‪ ،‬والمتعلقة بالموارد البشريّة؛ بهدف بناء قيمة مضافة ترتبط مع أهداف‬
‫عرف المؤسسة االقتصاديّة بأنّها عبارة‬ ‫ي‪ ،‬وت ُ َّ‬
‫ي وزمان ّ‬
‫المؤسسة االقتصاديّة ضمن نطاق مكان ّ‬
‫عن تجمع من األشخاص يستخدم مجموعة من الوسائل الماليّة والفكريّة؛ بهدف نقل وتحويل‬
‫وتوزيع الخدمات والسلع بناء على أهداف تُحدّدها اإلدارة؛ حتى تحقّق األرباح أو المنافع‬
‫االجتماعيّة هناك تعريفات أخرى للمؤسسة االقتصاديّة منها أنها وحدة اقتصاديّة تحتوي على‬
‫موارد ماديّة‪ ،‬وبشريّة تساعد في دعم العملية اإلنتاجيّة؛ من خالل توزيع المسؤوليّات والمهام‬
‫عرف المؤسسة االقتصاديّة بأنّها مؤسسة تنتج خدمات وسلعا‬ ‫بين األفراد في بيئة العمل‪ .‬كما ت ُ َّ‬
‫لألفراد الذين يتعاملون معها؛ م ّما يساهم في تحقيق أرباح ماليّة‪.‬‬
‫‪ 2.1‬خصائص المؤسسة االقتصاديّة ‪:‬‬
‫تتميز المؤسسة االقتصاديّة بالعديد من الخصائص ومنها‪:‬‬
‫االقتصادي‪ :‬هو الشكل الخاص بوسائل اإلنتاج أو الخدمات أو السلع التي يستخدمها‬
‫ّ‬ ‫الشكل‬
‫المستهلكون‪ ،‬ويساهم باستمرار عملية اإلنتاج وتحديد األهداف‪ ،‬واألساليب الخاصة بالعمل‬
‫وتوفير الموارد الماليّة؛ عن طريق الحصول على القروض الماليّة؛ لذلك تسعى ك ّل مؤسسة‬
‫اقتصاديّة إلى صناعة األهداف الخاصة بها‪ ،‬وتحرص على المساهمة في تحقيقها‪.‬‬
‫ي‪ :‬هو المفهوم الذي يشمل التقنيات الحديثة والتكنولوجيّة التي تتطور بشكل‬ ‫الشكل التقن ّ‬
‫مستمر؛ حيث تحصل كل دورة من دورات اإلنتاج على ُمدخالت جديدة‪ ،‬وتعطي معلومات‬
‫ي‪ :‬هو امتالك المؤسسة شخصيّة مستقلة وقانونيّة‪ ،‬واسما‬ ‫تكنولوجيّة جديدة‪ .‬الشكل القانون ّ‬
‫خاصا بها‪ ،‬وميزانيّة ماليّة‪ ،‬وصالحيات‪ ،‬وحقوقا تكون مسؤولة عنها أمام القانون‪ .‬الشكل‬
‫ي للمؤسسة االقتصاديّة بالنسبة للموظفين والعُمال‪ ،‬كما يشير‬‫ي‪ :‬هو الطابع االجتماع ّ‬‫االجتماع ّ‬
‫إلى مساهمة المؤسسة بتقديم العديد من الفوائد لألفراد في المجتمع‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ي للمؤسسة االقتصاديّة بالنسبة للموظفين والعُمال‪،‬‬
‫ي‪ :‬هو الطابع االجتماع ّ‬‫الشكل االجتماع ّ‬
‫كما يشير إلى مساهمة المؤسسة بتقديم العديد من الفوائد لألفراد في المجتمع‪.‬‬
‫‪ 3.1‬أهداف المؤسسة االقتصاديّة ‪:‬‬
‫تسعى المؤسسة االقتصاديّة إلى تحقيق العديد من األهداف من أهمها‪:‬‬
‫ي من بين أهداف المؤسسة االقتصاديّة؛ إذ تسعى إلى‬ ‫✓ تحقيق األرباح‪ :‬هو الهدف األساس ّ‬
‫ضمان تحقيق األرباح باالعتماد على استمرار نشاطها‪ ،‬وزيادة نمو وتطور أعمالها؛ من‬
‫خالل مجموعة من المعايير األساسيّة التي تضمن القوة للمؤسسة االقتصاديّة‪.‬‬
‫✓ تحقيق المتطلبات المجتمعيّة‪ :‬هو الهدف المرتبط بدور المؤسسة في إنتاج وبيع منتجاتها‪،‬‬
‫سواء أكانت خدمات أم سلعا؛ م ّما يساهم في تغطية الطلبات المجتمعيّة المحليّة‪.‬‬
‫✓ عقلنة اإلنتاج‪ :‬هو ترشيد المؤسسة لعوامل اإلنتاج؛ م ّما يؤدي إلى زيادة اإلنتاجيّة باالعتماد‬
‫على التخطيط الدقيق والجيد‪ ،‬مع الحرص على تفعيل دور الرقابة على عملية التنفيذ‪.‬‬
‫األهداف االجتماعيّة‪ :‬هي مجموعة من األهداف تُقسم إلى اآلتي‪:‬‬
‫✓ المساهمة في تطوير مستوى معيشة الموظفين‪.‬‬
‫✓ تأسيس أنماط استهالك محددة؛ من خالل التأثير في أذواق الجمهور باالعتماد على توفير‬
‫منتجات جديدة لهم‪.‬‬
‫ي‪.‬‬
‫✓ الحرص على تحقيق التماسك بين عمالء المؤسسة‪ ،‬والمساهمة في تحقيق الرضا الوظيف ّ‬
‫ي؛ بهدف تطوير المنتجات‪،‬‬ ‫األهداف التكنولوجيّة‪ :‬هي األهداف ال ُمرتبطة بتطبيق البحث العلم ّ‬
‫ي للمساهمة في المحافظة على القدرة التنافسيّة في السوق‬ ‫ومواكبة التطور التكنولوج ّ‬
‫ثانيا ‪ :‬المؤسسة العمومية‬
‫‪ 1.1‬تعريف المؤسسة العمومية‪:‬‬
‫تتنوع تعاريف المؤسسة العمومية وتتعدد لكن يبقى مصب هذه التعاريف واحدا ويمكن اجالء‬
‫ذلك في ما يلي ‪:‬‬
‫هي عبارة عن وحدات قطاع األعمال التي تدار من قبل الحكومة ‪،‬والتي يمكن أن تدار من‬
‫قبل القطاع الخاص وتقوم المؤسسة العامة بإنتاج السلع والخدمات وتقديمها إلى الجمهور‬
‫بأسعار إدارية ‪.‬‬
‫ويؤدي النشاط الحكومي إلدارة هذه المشروعات أو المؤسسات الى تعطيل آليات السوق‬
‫وتشويه المنظومة السعرية وعادة ما يرتبط القطاع العام بالتخطيط المركزي لالقتصاد ولكنه‬
‫غير ضروري لوجـوده ‪.‬‬
‫ويستهدف وجود القطاع العام تغيير للهيكل االقتصادي وتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‬
‫عند محاولة تخليصه من أية شوائب محلية أو أجنبية تقف في طريق استقالله االقتصادي‬

‫‪3‬‬
‫والسياسي ويعرفها ‪( LOCDE‬النظام الموحد للمحاسبة الوطنية ) على أنها ‪ :‬تلك المؤسسات‬
‫التي تنتج سلعا وتقدم خدمات مثل المؤسسات التجارية من أجل بيعها بسعر يغطي تقريبا سعر‬
‫التكلفة لكنها ممتلكة من طرف الدولة أو تخضع لمراقبتها‬
‫‪ 2.1‬خصائص المؤسسة العمومية‪:‬‬
‫أ‪ .‬المؤسسـة العموميـة منظمـة عامـة‪:‬‬
‫لما كانت المؤسسة العمومية منظمة عامة فإنه يجب التمييز بين المنظمات العامة والمنظمات‬
‫الخاصة‪ ،‬فإن وجدت نصوص تشريعية تحدد الطبيعة القانونية للمنظمة التي يراد معرفة‬
‫تكييفها القانوني فإنه يتعين التزام حكم هذه النصوص فإذا لم يوجد نص تشريعي وجب البحث‬
‫عن معيار يمكن بمقتضاه التمييز بين المنظمات العامة والخاصة‪ ،‬لذلك اضطلع الفقه بمحاولة‬
‫إجراء هذا التمييز‬
‫ب‪ .‬خضـوع المؤســسة العموميـة لمبدأ التخـصص‬
‫ويقصد به أن كل مؤسسة عمومية يناط بها القيام بأعمال محددة في نص إنشائها‪ ،‬وهي ملزمة‬
‫بأن ال تحيد عنها وتمارس نشاط غير النشاط المذكور في نص إنشائها فالمؤسسة العمومية‬
‫إذن تنشأ لتحقيق أغراض محددة ليس لها الخروج عليها‪ ،‬ولذلك يترتب على هذه القاعدة نتيجة‬
‫رئيسية مقتضاها أن المؤسسة العمومية ال تستطيع قبول هبة أو وصية لتحقيق غايات ليس‬
‫منوطا بالمؤسسة تحقيقها وفي حالة ممارستها لنشاط خارج عن تخصصها يعتبر هذا العمل‬
‫غير مشروع تترتب عليه مسؤوليتها في حالة الضرر فهي تسعى فقط لتحقيق األغراض‬
‫المحددة‪ ،‬والخدمات المعينة بالذات وذلك وفقا لنص إنشائها‪ ،‬وبذلك تتعدد األنظمة التي تحكم‬
‫المؤسسات العمومية وهذا باختالف نوع المؤسسة‬
‫ثالثا‪ :‬المؤسسة العمومية أسلوب إداري ال مركزي‪:‬‬
‫يرتكز كل تنظيم إداري على أساس المركزية أو الالمركزية‪ ،‬ويعتبر النظام اإلداري مركزيا‪،‬‬
‫عندما يتجه لتوحيد كل السلطات بين يدي السلطة المركزية‪ 3‬وتتشكل هذه المركزية على‬
‫أساس نظام السلم اإلداري لموظفي الدولة فهي تمثل صورة التدرج الهرمي‪ ،‬الذي يندرج فيه‬
‫هؤالء الموظفون حيث يكون رئيس السلطة التنفيذية في قمة الهرم‪ ،‬وتملك السلطة المركزية‬
‫توجيه جميع الشؤون اإلدارية وبالمثل سلطات التقريروالتنسيق والتوحيد‬

‫‪4‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تطور المؤسسة اإلقتصادية العمومية‬
‫‪ )1‬اإلنتاج األسري البسيط ‪:‬‬
‫لقد إعتبر اإلنسان زراعة األرض و تربية المواشي من أهم النشاطات و أهم موارد حياته و‬
‫ذلك لتلبية حاجاته األساسية و المتمثلة في المأكل و الملبس و المشرب و قد إستعمل بعض‬
‫األدوات البسيطة و التي يقوم بنحتها و تحضيرها كبار األسر‪ ،‬وكان هذا النشاط يتم داخل‬
‫األسر و في الحقول أو المدن ‪ ،‬كما أن التجارة لم تعرف أنذاك ‪ ،‬حيث كانت المنتجات اليدوية‬
‫تصنع وفق طلبات معينة من أفراد المجتمعات و عادة تتم المبادلة بالمقايضة بين األسر التي‬
‫تصنع وفق طلبات المجتمع وأهم الحرف اليدوية التي كانت سائدة في تلك األزمنة‬
‫النجارة‪،‬الحدادة‪،‬الدباغة‪،‬و صناعة المنتجات الجلدية كانعال و السروج ‪،‬وكذلك الغزل و النسيج‬
‫و صناعة السالسل ‪.‬‬
‫‪ )2‬ظهور الوحدات الحرفية ‪:‬‬
‫بعد أن تهيأت الظروف المتمثلة في تكوين تجمعات حضرية و إرتفاع الطلب نوعا ما على‬
‫المنتوجات الحرفية من مالبس و أدوات إنتاج و لوازم مختلفة باإلضافة إلى ظهولر و لألول‬
‫مرة عمال بدون عمل أو بأعمال مستقلة في منازلهم كل هذا أدى إلى تكوين محالت أو‬
‫ورشات يتجمع فيها أصحاب الحرف المتشابهة من أجل إنتاج أشياء معينة تحت إشراف‬
‫كبيرهم أو أقدمهم في الحرفة علي شكل أسري يغيب فيه اإلستغالل أو القسوة و هكذا فقد‬
‫وجدت عدة ورشات حرفية للتاجرين‪،‬النحاسين‪،‬الحدادين‪...‬إلخ‬
‫‪ )3‬التكتالت و الشركات متعددة الجنسيات ‪:‬‬
‫مع التطور الذي شهده اإلقتصاد الرأسمالي كانت هناك ضرورة للمؤسسات إلتباع عدة‬
‫إستراتياجيات تتكتل فيما بينها (التكتل اإلقتصادي) وكذا الخول إلى األسواق الخارجية ليس‬
‫في صورة موزعة للسلع و الخدمات فقط بل أيضا كمنتج في أكثر من بلد خارجي و هي ما‬
‫يدعى الشركات متعددة الجنسيات ‪.‬‬
‫‪ )4‬المؤسسة الصناعية اآللية ‪:‬‬
‫بعد أن توفرت األسباب من إكتشاف عملية موجهة نحو اإلنتاج الصناعي و إتساع السوق‬
‫أكثر فأكثر‪ ،‬و لعب الجهاز المصرفي دورا هاما في التطور اإلقتصادي ‪،‬ظهرت المؤسسات‬
‫اآللية األولى التي كانت فيها وسائل العمل اآللية بعد أن كانت في المانيفاكتورة يدوية‪،‬و حسب‬
‫تعريفات بعض اإلقتصاديين فإن اآللة أنذاك لم تكن سوى جهاز مكون من مجموعة من‬
‫األجزاء كانت ذات شكل يدوي و عند آخرين فإن األدوات في الحرف كانت تستعمل طاقة‬
‫محركةيدوية في حين أن اآللة هي أداة تستعمل طاقة محركة حيوانيا أو مائيا أو من الريح‬
‫‪.......‬إلخ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وبهذا إستعرضنا في هذا المطلب نشأة و تطور المؤسسة بدءا بالنشاط الذي كان يقوم به‬
‫اإلنسان البدائي وصوال الى الشركات الحالية و التي يكون فيها طابع التكتل في صادرهذه‬
‫الشركات و ذلك للوصول الي األسواق الخارجية و بالتالي الدخول في األسواق العالمية ‪.‬‬
‫ومن خالل هذه المراحل يتضح لنا أن المؤسسة اإلقتصادية لم تظهر بشكل واحد بل ظهرت‬
‫بأنواع مختلفة كل منها ذا أهمية واسعة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المؤسسة االقتصادية الجزائرية‬
‫لقد مرت المؤسسة باالقتصادية الجزائرية بمراحل عديدة منذ االستقالل إلى يومنا هذا‪ ،‬متأثرة‬
‫بالسياسات المنتهجة من قبل الدولة و النظام االقتصادي المعتمد‬
‫المطلب األول ‪ :‬مراحل تطور المؤسسة االقتصادية الجزائرية‬
‫سنتطرق في هذا المطلب ال مختلف المراحل ‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬من االستقالل إلى نهاية السبعينات‬
‫و لقد مرت المؤسسة االقتصادية في هذه المرحلة بثالثة أطوار هي ‪:‬‬
‫ا‪ -‬الطور األول‪ :‬التسيير الذاتي للمؤسسات االقتصادية‪ :‬لقد تم اإلقرار بنظام التسيير الذاتي‬
‫و بدأ العمل به ابتداء من مارس ‪ 1963‬باسترجاع المؤسسات االقتصادية التي تركنها‬
‫االستعمار الفرنسي‪ ،‬و التي كانت تقدر بـ ‪ 400‬مؤسسة إنتاجية صغيرة تنشط نسبة (‪)%34.2‬‬
‫منها في مجال إنتاج مواد البناء‪ ،‬نسبة (‪ )%19.8‬في مجال صناعات الحديد و الصلب و‬
‫الميكانيك و المعادن‪ ،‬نسبـة (‪ )%14.5‬منهـا في مـجال الخشب و مشتقاته نسبة (‪)%14‬‬
‫في الصناعات الغذائية‪ ،‬هذا إضافة إلى مجموعة من المزارع الفالحية‪.‬‬
‫و لم تدم مرحة التسيير الذاتي فترة طويلة‪ ،‬حيث بدأت عمليات التأميم و تحولت المؤسسات‬
‫و تحت‬ ‫المسيرة ذاتيا إلى شركات وطنية محددة الوظائف ( إنتاج‪ ،‬تسويق‪)...،‬‬
‫الرقابة المباشرة ألجهزة الدولة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الطور الثاني‪ :‬إنشاء الشركات الوطنية ‪ :‬مع بداية سنة ‪ 1965‬بدأ متخذوا القرار في إنشاء‬
‫الشركات الوطنية‪ ،‬حيث تم في هذه السنة إنشاء الشركة الوطنية للنفط و الغاز‬
‫"سوناطراك"‪ ،‬الشركة الوطنية للحديد و الصلب‪ ،‬الشركة الوطنية للصناعات النسيجية‬
‫و الشركة الوطنية للتأمين‪ ،‬و لقد أنشأ ت هذه الشركات من خالل عملية التأميم الكلي أو‬
‫الجزئي للشركات األجنبية التي بقيت تعمل في الجزائر بعد االستقالل‪ ،‬و أيضا من خالل‬
‫تحويل بعض المؤسسات المسيرة ذاتيا إلى شركات وطنية‪.‬‬
‫و في نهاية هذا الطور أ ي في سنة ‪ 1970‬وصل عدد الشركات الوطنية إلى ‪ 30‬شركة‪،‬‬
‫و التي كانت تستحوذ على نسبة (‪ )%90‬من المؤسسات ( ‪ 345‬من أصل ‪ 393‬مؤسسة)‬
‫و حوالي نسبة (‪ %(95‬من العاملين األجراء (‪ 61600‬من أصل ‪ 65000‬عامل)‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫و لقد كانت الشركات الوطنية بمثابة أداة أساسية للتحكم في االقتصاد الوطني و االنطالق في‬
‫المرحلة التنموية‪ ،‬حيث كان تحديد وظائف و أهداف هذه الشركات يتم من طرف الجهاز‬
‫المركزي للدولة‪ ،‬و ذلك في إطار اإلستراتيجية العامة للتنمية و الشيء الذي ميز الشركات‬
‫الوطنية في هذه المرحلة هو النقص الكبير في اإلطارات الكفأة و اليد العاملة المؤهلة‪ ،‬و لهذا‬
‫لجت الدولة إلى إجراء إصالحات جذرية في قطاع التعليم العالي حيث يأخذ على عاتقه مهمة‬
‫تكوين اإلطارات التي تحتاجها عملية التنمية التي شرعت فيها الدولة‪ ،‬هذا إضافة إلى إنشاء‬
‫العديد من المعاهد التكنولوجية التي أوكلت نلها مهمة تكوين اإلطارات المتوسطة لصالح‬
‫الشركات الوطنية‪ ،‬و األهم من هذا هو فتح ورشات داخل الشركات لتكوين العمال الذين كانوا‬
‫في غالبيتهم أميين‪ ،‬و ليس لهم أي تكوين‪.‬‬
‫ج‪ -‬الطور الثالث‪ :‬التسيير االشتراكي للمؤسسات‪ :‬مع بداية سنة ‪ ،1971‬كانت الشركات‬
‫الوطنية تنتج حوالي (‪ )%85‬من إجمالي المنتجات الصناعية‪ ،‬و توظف حوالي (‪ )%80‬من‬
‫إجمالي القوى العاملة‪ ،‬و نظرا لألهمية التي أصبحت تحتلها هذه الشركات في االقتصاد‬
‫الوطني فإن الدولة فكرت بجدية في إيجاد نمط فعال لتسييرها‪ ،‬و بما أن النظام االقتصادي‬
‫الذي كانت تتبعه الجزائر هو النظام االشتراكي‪ ،‬فقد كان نمط التسيير االشتراكي هو األنسب‪،‬‬
‫و هذا من خالل إشراك العمال في تسيير و مراقبة المؤسسات التي يعملون فيها عن طريق‬
‫مجلس العمال المنتخب‪ ،‬الذي يعمل باالشتراك مع إدارة المؤسسة في رسم السياسة العامة‬
‫لها‪ ،‬و مراقبة نشاطها‪ ،‬غير أن إشراك العمال في التسيير كان شكليا ألن القرارات األساسية‬
‫كانت تتخذ على مستوى الجهاز المركزي للدولة‪ ،‬بدعوى تحقيق التنسيق بين القرارات المتخذة‬
‫على المستوى المركزي و إنجاز األهداف المسطرة لتحقيق التنمية الشاملة‪.‬‬
‫و‬ ‫و لقد تميزت المؤسسات في هذه المرحلة بكبر حجمها و ارتفاع عدد وحداتها‬
‫عمالها‪،‬و لعل هذا ما صعب من عملية التحكم في التسيير الجيد لها‪ ،‬فظهرت فيها عدة مشاكل‬
‫كضعف اإلنتاجية و انعدام المردودية‪ ،‬إضافة إلى عدم التحكم في التكنولوجيا المستخدمة فيها‪،‬‬
‫و أمام هذا الوضع الصعب لهذه المؤسسات قامت الدولة بإجراء إصالحات عميقة عليها تمثلت‬
‫في إعادة هيكلتها مع بدابة الثمانينات‪.‬‬
‫المرحلة الثانية ‪ :‬إحداث المؤسسات العمومية (‪)1990-1980‬‬
‫لقد توصلت عملية التشخيص التي قامت بها وزارة التخطيط للفترة ما بين سنتي (‪ 1967‬و‬
‫‪ )1980‬مجموعة من النتائج‪ ،‬مفادها أن كبر حجم المؤسسات االشتراكية يعتبر من أهم‬
‫األسباب التي صعبت عملية تسييرها‪ ،‬و بالتالي تم اتخاذ قرار يقضي بإعادة هيكلة هذه‬
‫المؤسسات الكبرى إلى مؤسسات عمومية صغيرة الحجم‪ ،‬حتى يسهل تسييرها و التحكم فيها‪،‬‬
‫و تتحسن وضعيتها المالية اتي كانت سلبية‪ ،‬و لقد انطلقت عملية إعادة الهيكلة في الميدان بعد‬
‫صدور مرسوم ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1980‬ضمن المخطط الخماسي األول للتنمية ( ‪)1984-1980‬‬
‫حيث أنشأت على إثرها النخبة الوطنية إلعادة الهيكلة التي أوكلت لها مهمة القيام بهذه العملية‪،‬‬
‫و لقد بدأت هذه العمليـة بإعـادة الهيكلة العضويـة و التي مفادها تقسيم كل مؤسسة كبيرة إلى‬

‫‪7‬‬
‫مجموعة من المؤسسات الصغيرة‪ ،‬حتى يسهل تسييرها و التحكم فيها‪ ،‬و كنتيجة لهذه العملية‬
‫ارتفع عدد المؤسسات من ‪ 100‬مؤسسة اشتراكية إلى ‪ 460‬مؤسسة عمومية‪.‬‬
‫وقد أعقبت عملية إعادة الهيكلة العضوية عملية أخرى سميت بإعادة الهيكلة المالية و التي‬
‫شملت كل المؤسسات المنبثقة عن إعادة الهيكلة العضوية‪ ،‬و هذا لمساعدتها على االنطالق‬
‫في النشاط االقتصادي من جديد‪.‬‬
‫و لقد كان الهدف من إعادة الهيكلة هو التخلص من المركزية البيروقراطية التي كانت تعرقل‬
‫المؤسسات االشتراكية الوطنية عن النشاط االقتصادي الفعال‪ ،‬و عن حرية تحديد إستراتيجيتها‬
‫و تنفيذها و تحمل مسييري هذه المؤسسات لنتائج أعمالهم و بالتالي التخلص من العبء‬
‫المالي الكبير الذي كانت تشكله هذه المؤسسات على خزينة الدولة‪ ،‬إال أن هذه العبء بقي‬
‫مستمرا‪ ،‬ألن إعادة الهيكلة لم تحقق النتائج المنتظرة منها و فشلت في تحسين وضعية‬
‫المؤسسات العمومية و ذلك لعدة أسباب‪ ،‬فمثال على مستوى الموارد البشرية لم يكن هناك‬
‫إدماج فعلي للعمال و اإلطارات في عملية إعادة الهيكلة و تم إجراءها بطرق غير شفافة‪،‬‬
‫إضافة إلى استمرار تدخل الجهات المركزية في سياسة التشغيل و األجور في هذه المؤسسات‬
‫أثر سلبا على تسيير الموارد البشرية فيها‪ ،‬حيث لم تكن لها الحرية في وضع سلم أجور خاص‬
‫بها يمكنها من تحفيز عمالها و مكافأتهم حسب مردوديتهم‪ ،‬إضافة إلى سياسة التشغيل التي‬
‫و موضوعية‪ ،‬حيث كان التوظيف يتم بعدد أكثر مما‬ ‫لم تكن تخضع لمعايير واضحة‬
‫تحتاجه المؤسسة‪ ،‬و االختيار كان يتم على أساس المحسوبية و المحاباة و ليس حسب الشهادات‬
‫و الكفاءات‪ ،‬زيادة على غياب طرق التسيير الحديثة في هذه المؤسسات‪ ،‬الشيء الذي ساهم‬
‫في بقائها على الحالة التي كانت عليها قبل إعادة الهيكلة‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬اقتصاد السوق من ‪ 1990‬إلى يومنا هذا‬
‫لم تحقق عملية إعادة هيكلة المؤسسات االقتصادية العمومية التي تمت في المرحلة السابقة‬
‫األهداف المنتظرة منها‪ ،‬و أمام الوضعية الصعبة التي مر بها االقتصاد الوطني خالل‬
‫الثمانينيات‪ ،‬أين شهدت أسعار البترول انخفاضا كبيرا‪ ،‬الشيء الذي جعل الدولة في وضع‬
‫مالي حرج‪ ،‬و للخروج من هذه الوضعية الصعبة جاءت اإلصالحات االقتصادية التي ترافقت‬
‫مع اإلصالحات الجذرية في المجال السياسي‪ ،‬و التي انبثقت عن الدستور الجديد لسنة ‪1989‬‬
‫الذي كرس التعددية السياسية و حرية التعبير‪ ،‬و قد تمثلت اإلصالحات االقتصادية الجديدة‬
‫في إعطاء االستقاللية للمؤسسات العمومية‪ ،‬حيث تغير شكلها القانوني و أصبحت شركات‬
‫أو حصصها للدولة‪،‬‬ ‫مساهمة أو شركات محدودية المسؤولية تعود ملكية كل أسهمها‬
‫و تتمتع باالستقاللية‬ ‫و بهذا أصبحت هذه المؤسسات ذات شخصية معنوية لها رأسمال‬
‫المالية‪ ،‬و تسير طبقا لمبدأ الربحية ‪ ،‬و بالتالي تم الفصل بشكل واضح بين حق الملكية من‬
‫جهة‪ ،‬و اإلدارة و التسيير من جهة أخرى‪ ،‬فالدولة مالكة رأس المال هذه المؤسسات لكن ال‬
‫تسيرها‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫لكن رغم هذه االستقاللية التي منحت للمؤسسات العمومية إال أنها لم تستطيع الخروج من‬
‫وضعية العجز و سوء التسيير التي ميزتها تراكمـات ضعف ضبـط تنظيم و تسيير المراحل‬
‫السابقة‪ ،‬مما زاد في تأزم االقتصاد الوطني وزاد من ثقل العبء المالي للدولة‪ ،‬خاصة أمام‬
‫الضائقة المالية التي عرفتها البالد خالل هذه المرحلة جراء انخفاض أسعار البترول‪ ،‬و ارتفاع‬
‫حجم المديونية و خدمتها‪ ،‬مما تسبب في ارتفاع التضخم إلى أكثر من (‪ )%30‬و ارتفاع نسبة‬
‫البطالة التي تجاوزت (‪ )%25‬و كذا اختالل في ميزانية الدولة الناتج عن عجز مؤسسات‬
‫القطاع العام التي أصبحت تمتص ‪ 5/4‬من إرادات الصادرات ‪ ،‬و هذا كله ادخل االقتصاد‬
‫في حالة ركود شامل‪ ،‬و أمام هذه الوضعية الصعبة قامت الدولة بإعادة الهيكلة االقتصادية و‬
‫الصناعية للمؤسسات العمومية‪ ،‬و ذلك وفق ركيزتين أساسيتين‪:‬‬
‫* إعادة الهيكلة للمؤسسات االقتصادية‪ :‬و هي تخص المؤسسات اإلستراتيجية و التي ترغب‬
‫الدولة في االستغناء عنها‪ ،‬و ذلك من خالل إتباع برنامج تعديل هيكلي وفق خطة متوسطة‬
‫األجل‪ ،‬عن طريق عقد نجاعة بين الجهات المعنية ( البنوك‪ ،‬الوزارة الوصية‪ )..،‬و الهدف‬
‫من هذه العملية هو الوصول بهذه المؤسسات لتحقيق فعالية و كفاءة تمكنانها من دخول اقتصاد‬
‫السوق بكل ثقة‪.‬‬
‫* عملية الخوصصة‪ :‬و تمس المؤسسات غير اإلستراتيجية التي ترغب الدولة في التنازل‬
‫عنها للخواص‪ ،‬و يمكن التمييز بين طريقتين للخوصصة هما ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الطريقة األولى‪ :‬و هي الخوصصة التي ال تمس ملكية المؤسسة‪ ،‬بل تقتصر على تنازل‬
‫الدولة في تسيير هذه المؤسسة للقطاع الخاص‪ ،‬و ذلك عن طريق تأجيرها أو إبرام عقد تسيير‬
‫معه أو طلب مساعدته في التسيير‪.‬‬
‫ب‪ -‬الطريقة الثانية‪ :‬و هي الخوصصة التي تمس ملكية الدولة للمؤسسة‪ ،‬و ذلك من خالل‬
‫التحويل الجزئي أو الكلي لهذه الملكية للقطاع الخاص بواسطة عدة تقنيات منها‪ :‬دخول العمال‬
‫كشركاء في رأس مال المؤسسة العمومية أو بيع أصولها و تصفيتها‪.‬‬
‫و تطبيقا للمرسوم الرئاسي رقم ‪ 95 /22‬و المتعلق بخوصصة بعض المؤسسات االقتصادية‬
‫العمومية تم االنطالق في هذه العملية في أفريل ‪ ،1996‬حيث مست ‪ 200‬مؤسسة عمومية‬
‫محلية صغيرة ينشط معظمها في قطاع الخدمات‪ ،‬و بعد إنشاء ‪ 03‬شركات جهوية قابضة في‬
‫‪ 1996‬تسارعت عملية حل و خوصصة أكثر من ‪ 800‬مؤسسة محلية إلى غاية أفريل ‪.1998‬‬
‫و لعل أكبر قطاع مسته عملية الخوصصة هو قطاع الصناعة بنسبة ‪ %54‬من مجموع‬
‫المؤسسات‪ ،‬يليه قطاع البناء و األشغال العمومية بنسبة ‪ %30‬من المؤسسات و قد بلغ عدد‬
‫العمال المسرحين من عملهم إلى غاية ‪ 1998‬حوالي ‪ 213‬ألف عامل‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫و إلى غاية ‪ 2009‬مازالت هناك مجموعة كبيرة من المؤسسات العمومية لم يفصل في أمرها‬
‫و تنتظر مصيرها إما الغلق أو الخوصصة‪ ،‬و هذا نتيجة عدم وجود عروض مقبولة لشراء‬
‫هذه المؤسسات من قبل الخواص أو بسبب معارضة العمال لعملية الخوصصة‪.‬‬
‫و خالل هذه المرحلة بدأ يبرز دور القطاع الخاص في االقتصاد الوطني شيئا فشيئا و ذلك‬
‫من خالل شراء المؤسسات العمومية المخوصصة‪ ،‬و من خالل إنشاء مؤسسات جديدة خاصة‬
‫بعد إنشاء الوكالة الوطنية لالستثمار الخاص سنة ‪ 1994‬و القيام بإجراءات تحفيزية على‬
‫االستثمار كمنح األراضي بأسعار رمزية و التخفيف من الضرائب و تقديم القروض البنكية‬
‫و غيرها ‪.‬‬
‫ولقد تدعمت مكانة القطاع الخاص في االقتصاد الوطني بصورة واضحة خاصة قطاع‬
‫المؤسسات الصغيرة و المتوسطة‪ ،‬من خالل سياسة اإلصالح االقتصادي التي شرعت فيها‬
‫الجزائر منذ مطلع التسعينات‪ ،‬حيث أولت الدولة أهمية بالغة لترقية و دعم القطاع ألخذ مكانته‬
‫في إنجاح عملية اإلنعاش االقتصادي‪ ،‬و إعادة الديناميكية للقطاع الصناعي الذي كان شبه‬
‫معطل باعتباره من أهم القطاعات القادرة على خلق االستثمارات‪ ،‬و توفير مناصب شغل‬
‫جديدة‪ ،‬إضافة إلى مساهمته الفعالة في إعادة تنشيط المحيط االقتصادي و تحقيق التنمية‪.‬‬
‫أما فيما يخص التشغيل‪ ،‬فإن المؤسسات الصغيرة و المتوسطة تساهم مساهمة فعالة في خلق‬
‫و هي‬ ‫مناصب عمل جديدة‪ ،‬فقد بلغت نسبة مساهمتها في التشغيل ‪ %18‬سنة ‪1997‬‬
‫نسبة جد معتبرة لم تستطع قطاعات هامة تحقيقها‪.‬‬
‫و لقد واصل القطاع الخاص تطوره في مجال المؤسسات الصغيرة و المتوسطة مع بداية‬
‫األلفية الثالثة مقارنة مع القطاع العمومي‪ ،‬و هذا سواء من حيث عدد المؤسسات التي أنشأها‬
‫أم من حيث عدد المناصب التي وفـرهـا في إطـار ما يسمى بالتدعيم للشبـاب و تشغيله‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تكوين الموارد البشرية في المؤسسات االقتصادية‬
‫يعرف القرن الحادي و العشرين توسعا كبيرا في ظاهرة العولمة‪ ،‬و التي امتدت إلى كل‬
‫المجاالت و من بينها المجال االقتصادي‪ ،‬حيث زالت الحواجز بين الدول و أصبح التنافس‬
‫شديدا في المؤسسات االقتصادية في األسواق العالمية‪ ،‬و يقوم هذا التنافس أساسا على التقدم‬
‫العلمي و اإلبداع التكنولوجي‪ ،‬هذا األخير يستند على العلم و المعرفة التي ينتجها المورد‬
‫البشري و الذي يفوق في قيمته كل الموارد المادية األخرى و ال يمكن للمورد البشري أن‬
‫يقوم بدوره على أكمل وجه‪ ،‬و أن يعطي للمؤسسة ميزة تنافسية تتفوق بها على منافسيها ما‬
‫لم يكن له تكوينا جيدا و موافقا الحتياجات هذه المؤسسة‪ ،‬حتى يكون أكثر كفاءة و فعالية‪.‬‬
‫و من خالل هذا العنصر سنتطرق لمفهوم التكوين‪ ،‬أهميته‪ ،‬أنواعه و مختلف أساليبه‪.‬‬
‫أهمية التكوين‪:‬‬
‫التكوين الذي يعتبر في الماضي تكلفة إضافية تتحملها المؤسسة أصبح اليوم يسمى استثمارا‬
‫في الرأس المال البشري يجب على أي مؤسسة القيام به‪ ،‬ألنه يسمح لها بتطوير و تنويع‬
‫مؤهالت عمالها‪ ،‬مما يزيد في كفاءاتهم الفردية و الجماعية في أداء العمل‪ ،‬و لم يعد التكوين‬
‫يقتصر على الجانب المعرفي و التقني فحسب‪ ،‬بل أصبح يشمل الجوانب النفسية‪ ،‬و كذا‬
‫جوانب االتصال و التواصل مع اآلخرين‪ ،‬ألن العامل في المؤسسة يعمل ضمن جماعة من‬
‫األفراد يشكلون مجتمعا صغيرا داخل هذه المؤسسة‪.‬‬
‫و تحتاج المؤسسات االقتصادية على اختالف أنواعها إلى موارد بشرية مؤهلة لتحقيق أهدافها‬
‫بفعالية‪ ،‬و تزداد حاجة هذه المؤسسات إلى تكوين و تأهيل مواردها البشرية مع إدخالها‬
‫لتكنولوجيات جديدة في مختلف نشاطاتها‪ ،‬و هذا لسد النقص الذي قد يظهر لدى هذه الموارد‬
‫البشرية‪ ،‬فيكتسي بذلك التكوين أهمية بالغة للفرد و للمؤسسة و تتمثل هذه األهمية فيما يأتي‪:‬‬
‫اهمية التكوين بالنسبة للمؤسسة‪:‬‬
‫تتمثل فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬يرفع التكوين و يحسن من أداء و إنتاجية المؤسسة من خالل زيادة إنتاجية عمالها المتكونين‪.‬‬
‫‪ -‬يساهم في تنويع و تطوير منتجات المؤسسة مما يزيد في تنافسيتها‪.‬‬
‫‪ -‬يم ّكن المؤسسة من مسايرة مختلف التطورات الحاصلـة في طـرق و أسـاليب العمل و‬
‫التحكم فيها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الخاتمة‬

‫تمثل المؤسسة العمومية االقتصادية الركيزة األساسية في االقتصاد الوطني عموما‪ ،‬وفي‬
‫عملية إحــــــــداث التنمية خصوصا‪ ،‬لذلك اعتبرتـــــها الدول وسيلة فعالة لتحقيق التنمية‬
‫الوطنية‪ ،‬وقد عرفت هذه المؤسسات ظروف سياسية واقتصاديـــــة واجتماعية ساهمت في‬
‫تشكلها‪ ،‬ومرت بمراحــــل خـــــــالل هــــــذه الفتـــــــرة‪ ،‬حيث خــــــــاضت عــــــــدة‬
‫تجــارب سياسية واقتصاديــــــة وتنظيمية تبحث في كـــــل تجربــــــــــة عن الهويــــــــة‬
‫المناسبة التي تمكنـــــــها من تحقيق التنمية في مختلف المياديـــــن‪ ،‬وهـــــــذا مــــــا نهدف‬
‫إلى توضيحه في هــــــــذا البحث من خـــــــالل إبـــــــــــراز ظروف تطور المؤسسة‬
‫العموميـــــــة االقتصاديـــــــة والدور األساسي الذي كانت تلعبه في عملية التنمية‪ ،‬وأسباب‬
‫فشلها في تحقيق ذلك‪.‬‬

‫‪12‬‬

You might also like